Professional Documents
Culture Documents
ما رواه الأساطين
ما رواه الأساطين
أخرج أبو داود ،والرتمذي وحسنه ،والنسائي ،والبيهقي يف « شعب اإلميان » ،عن ابن عباس ،رضي اهلل
عنهما ،عن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال « :من سكن البادية جفا ،ومن اتبع الصيد غفل ،ومن أتى
أبواب السالطني افتنت ».
وأخرج أو داود ،والبيهقي ،عن أبي هريرة ،رضي اهلل عنه ،عن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال « :من بدا
فقد جفا ،ومن ا تبع الصيد غفل ،ومن أتى أبواب السالطني افتنت ،وما ازداد عبد من السلطان دنوا إال
ازداد من اهلل بعدا ».
وأخرج أمحد يف مسنده ،والبيهقي بسند صحيح ،عن أبي هريـرة رضـي اهلل عنـه ،قـال :قـال رسـول اهلل
صلى اهلل عليه وسلم « :من بدا جفا ،ومن اتبع الصيد غفل ،ومن أتى أبواب السلطان افتنت ،وما ازداد
أحد من السلطان قرباً ،إال ازداد من اهلل بعداً ».
وأخـرج ابــن عــدي عــن أبــي هريــرة رضــي اهلل عنـه ،قــال :قــال رســول اهلل صــلى اهلل عليــه وســلم « :إن يف
جهنم وادياً تستعيذ منه كل يوم سبعني مرة ،أعده اهلل للقراء املرائني يف أعماهلم وإن أبغض اخللق
إىل اهلل عامل السلطان ».
وأخرج ابن الل واحلافظ أبو الفتيان الدهستاني يف كتاب « التحذير من علماء السوء » ،والرافعي
يف « تاريخ قزوين » ،عن أبي هريرة ،قال :قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم « :إن أبغض اخللق إىل
اهلل تعاىل العامل يزور العمال ».
ولفظ أبي الفتيان « :إن أهون اخللق على اهلل :العامل يزور العمال ».
وأخرج ابن ماجه ،عن أبي هريرة ،قال :قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم « :إن أبغض القراء إىل اهلل
تعاىل الذين يزورون األمراء ».
للحافظ جالل الدين السيوطي ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [] 3
وأخرج الديلمي يف « مسند الفردوس » عـن أبـي هريـرة رضـي اهلل عنـه قـال :قـال رسـول اهلل صـلى اهلل
عليه وسلم « :إذا رأيت العامل خيالط السلطان خمالطة كثرية فاعلم أنه لص ».
وأخرج ابن ماجه بسند رواته ثقات ،عن ابن عباس رضي اهلل عنه عن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال:
« إن أناســا مــن أمــق ســيتفقهون يف الــدين ،ويقــروون القــرتن ،ويقولــون ن ـ تي األمــراء ،فنصــيب مــن
دنياهم ،ونعتزهلم بديننا وال يكون ذلك كمـا ال تـتم مـن القتـاد إال ال ـول ،كـذلك ال تتنـى
من قربهم إال اخلطايا ».
وأخرج الطرباني يف « األوسط » بسند رواته ثقات ،عن ثوبان رضي اهلل عنه موىل رسول اهلل صلى اهلل
عليه وسلم قال :يا رسول اهلل من أهل البيت أنا؟ فسكت ،ثم قال يف الثالثة « :نعم ما مل تقم على باب
سدة ،أو ت تي أمرياً فتس له ».
قال احلافظ املنذري يف « الرتغيب والرتهيب » املراد بالسدة هنا ،باب السلطان وحنوه.
وأخرج الرتمـذي وصـححه ،والنسـائي ،واحلـاكم وصـححه ،قـال رسـول اهلل صـلى اهلل عليـه وسـلم« :
سيكون بعدي أمراء ،فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم ،وأعـانهم علـى ملمهـم ،فلـي ،مـم ،ولسـت
منه ،ولي ،بوارد علي احلوض ،ومن مل يدخل عليهم ،ومل يعنهم على ملمهم ،ومل يصدقهم بكذبهم،
فهو مم ،وأنا منه ،وهو وارد علي احلوض ».
وأخرج أمحد ،وأبو يعلى ،وابـن حبـان يف صـحيحه عـن أبـي سـعيد اخلـدري رضـي اهلل عنـه ،عـن الـنيب
صلى اهلل عليه وسلم « :تكون أمراء تغ اهم غواش وحواش من الناس ».
وأخرج أمحد ،والبزار ،وابن حبان ،يف صحيحه عن جابر بن عبد اهلل رضي اهلل عنه أن رسول اهلل صلى
اهلل عليه وسلم قال « :سيكون أمراء ،من دخل عليهم وأعانهم على ملمهم ،وصدقهم بكذبهم ،فلي،
مم ولست منه ،ولن يرد علي احلوض .ومن مل يدخل عليهم ،ومل يعنهم على ملمهم ،ومل يصدقهم
بكذبهم فهو مم وأنا منه وسريد علي احلوض ».
وأخرج ال ـريازي يف « األلقـاب » عـن ابـن عمـر رضـي اهلل عنهمـا قـال :قـال رسـول اهلل صـلى اهلل عليـه
وسلم « :إنها ستكون أمراء ،فمن صد قهم بكذبهم ،وأعانهم على ملمهم ،وغ ي أبوابهم ،فلـي ،مـم
للحافظ جالل الدين السيوطي ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [] 4
ولســت منــه ،وال يــرد علــي احلــوض ،ومــن مل يصــدقهم بكــذبهم ،ومل يعــنهم علــى ملمهــم ،ومل يغ ـ
أبوابهم ،فهو مم وسريد علي احلوض ».
وأخرج احلسن بن سفيان يف مسنده ،واحلاكم يف تارخيه ،وأبو نعيم ،والعقيلي ،والديلمي ،والرافعي
يف تارخيه ،عن أن ،بن مالك ،رضـي اهلل عنـه قـال :قـال رسـول اهلل صـلى اهلل عليـه وسـلم « :العلمـاء
أمنــاء الرســل علــى عبــاد اهلل مــا مل خيــالطوا الســلطان فــاذا خــالطوا الســلطان ،فقــد خــانوا الرســل
فاحذروهم ،واعتزلوهم ».
وأخرج العسكري ،عن علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه قال :قـ ال رسـول اهلل صـلى اهلل عليـه وسـلم« :
الفقهاء أمناء الرسل ،ما مل يدخلوا يف الدنيا ويتبعوا السطان ،فاذا فعلوا ذلك فاحذروهم » .
وأخرج احلاكم يف تارخيه ،والديلمي ،عن معاذ بن جبل رضي اهلل عنه قال :قال رسـول اهلل صـلى اهلل
عليه وسلم « :ما من عامل أتى صاحب سلطان طوع اً ،إال كـان شـريكه يف كـل لـون يعـذب بـه يف نـار
جهنم ».
وأخرج أبو ال يخ يف « الثواب » عن معاذ بن جبل رضي اهلل عنه ،قال :قال رسـول اهلل صـلى اهلل عليـه
وسلم « :إذا قرأ الرجل القرتن وتفقه يف الدين ،ثم أتى بـاب السـطانَ ،ت َم القـ ًا إليـه ،وطمعـا ملـا يف يـده،
خاض بقدر خطاه يف نار جهنم ».
وأخرج الديلمي ،عن ابن عباس رضي اهلل عنهما قال :قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم « :يكون يف
تخــر الزمــان علمــاء يرغبــون النــاس يف اغخــرة وال يرغبــون ،ويزهــدون النــاس يف الــدنيا وال يزهــدون،
وينهون عن غ يان األمراء وال ينتهون ».
وأخرج الديلمي عن عمر بن اخلطاب رضي اهلل عنه قـال :قـال رسـول اهلل صـلى اهلل عليـه وسـلم « :إن
اهلل حيب األمراء إذا خالطوا العلمـاء ،وميقـت العلمـاء إذا خـالطوا األمـراء ،ألن العلمـاء إذا خـالطوا
األمراء رغبوا يف الدنيا ،واألمراء إذا خالطوا العلماء رغبوا يف اغخرة ».
وأخرج أبو عمرو الداني يف كتاب « الفنت » عن احلسن ،قال :قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم« :
ال تزال هذه األمة حتت يد اهلل وكنفه ،ما مل مياري قراوها أمراءها ».
للحافظ جالل الدين السيوطي ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [] 5
وأخرج احلاكم ،وصححه ،عن عبد اهلل بن ال خري رضي اهلل عنه قال :قال رسول اهلل صلى اهلل عليه
وسلم « :أقلوا الدخول على األغ نياء ،فانه أجدر أال تزدروا نعمة اهلل ».
وأخرج احلكيم الرتمذي يف « نوادر األصول » عن عمر بن اخلطاب ،رضي اهلل عنه ،قال :أتـاني رسـول
اهلل صلى اهلل عليه وسلم وأنا أعرف احلزن يف وجهه ،ف خذ بلحيته ،فقال « :إِنّا لِلَّهِ وَإِنّا إِلَيهِ راجِعون
أتاني جربيل تنفاً ،فقال لي :إن أمتك مفتتنه بعك بقليـل مـن الـدهر ،غـري كـثري ،قلـت :ومـن أيـن
ذلك!؟ قال :من قبل قرائهم وأمـرائهم ،مينـع األمـراء النـاس حقـوقهم ،فـال يعطونهـا ،وتتبـع القـراء
أهواء األمراء قلت :يا جربيل! فبم يسلم من يسلم منهم؟ قال :بالكف والصرب ،إن أعطوا الـذي هلـم
أخذوه وإن منعوه تركوه ».
وأخرج احلاكم ،عن عبد اهلل بن احلارث رضي اهلل عنه :أنه مسع النيب صلى اهلل عليه وسلم يقول« :
سيكون بعدي سالطني ،الفنت على أبوابهم كمبارل اإلبل ،ال يعطون أحداً شيئاً ،إال أخذوا من دينه
مثله ».
وأخرج الـديلمي ،عـن أبـي األعـور السـلمي رضـي اهلل تعـاىل عنـه ،قـال :قـال رسـول اهلل صـلى اهلل عليـه
وسلم « :إياكم ،وأبواب السلطان ».
وأخرج احلسن بـن سـفيان يف مسـنده والـديلمي ،عـن ابـن عمـر رضـي اهلل عنهمـا قـال :قـال رسـول اهلل
صلى اهلل عليه وسلم « :اتقوا أبواب السلطان وحواشيها ،فان أقرب الناس منها أبعدهم من اهلل ،ومن
تثر سل طان على اهلل ،جعل الفتنة يف قلبه ماهرة وباطنة ،وأذهب عنه الورع وتركه حريان ».
وأخـرج ابـن عســاكر ،عـن ابـن عبــاس رضـي اهلل عنهمـا قــال :قـال رسـول الــه صـلى اهلل عليـه وســلم« :
سيكون قوم بعدي من أمق ،يقروون القرتن ،ويتفقهون يف الدين ،ي تيهم ال يطان ،فيقول :لو أتيـتم
الس لطان ،ف صلح من دنياكم ،واعتزلوهم بدينكم! وال يكون ذلك ،كمـا ال تتنـى مـن القتـاد ،إال
ال ول ،كذلك ال تتنى من قربهم إال اخلطايا ».
وأخرج هناد بن السري يف « الزهد » ،عن عبيد بن عمري رضـي اهلل عنـه أن رسـول اهلل صـلى اهلل عليـه
وسلم قال « :ما ازداد رجل من السلطان قرباً إال ازداد من اهلل بعداً ».
للحافظ جالل الدين السيوطي ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [] 6
وأخرج الديلمي ،عن أن ،رضي اهلل عنه ،قال :قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم « :من تقرب من ذي
سلطان ذراعاً ،تباعد اهلل منه باعاً ».
وأخرج الديلمي ،عن أبي الدرداء ،قال :قال رسول اهلل صلى اهلل عليـه وسـلم « :مـن م ـى إىل سـلطان
جائر طوعاً ،من ذات نفسه ،متلقـ ًا إليـه بلقائـه ،والسـالم عليـه ،خـاض نـار جهـنم بقـدر خطـاه ،إىل أن
يرجع من عنده إىل منزله ،فان مال إىل هواه ،أو شد على عضـده مل حيلـل بـه مـن اهلل لعنـة إال كـان
عليه مثلها ،ومل يعذب يف النار بنوع من العذاب ،إال عذب مبثله ».
وأخرج أبو ال يخ ،عن ابن عمر رضي اهلل عنهما قال :قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم « :من قـرأ
القرتن ،وتفقه يف الدين ثم أتى صاحب سلطان طمعاً ملا يف يديه ،طبع اهلل على قلبه ،وعذب كل يوم
بلونني من العذاب ،مل يعذب به قبل ذلك ».
وأخرج احلاكم يف تارخيه عن معاذ رضي اهلل عنه ،قال :قـال رسـول اهلل صـلى اهلل عليـه وسـلم « :مـن
قرأ القرتن وتفقه يف الدين ثم أتى صاحب سلطان طمعاً ملا يف يديه خاض بقدر خطاه يف نـار جهـنم
».
وأخرج البيهقي ،عن رجل من بم سليم ،قال :قال رسول اهلل صلى اهلل عليـه وسـلم « :إيـاكم وأبـواب
السلطان ».
وأخرج الديلمي ،عن علي ،قال :قال رسول اهلل صـلى اهلل عليـه وسـلم « :إيـاكم واالسـة السـلطان،
فانه ذهاب الدين ،وإياكم ومعونته فانكم ال حتمدون أمره ».
وأخرج ابن أبي شيبة ،والطرباني عن ابن عباس رضي اهلل عنهما ،قال :قال رسول اهلل صلى اهلل عليـه
وســلم « :إنهــا ســتكون أمــراء تعرفــون ،وتنكــرون فمــن نــاوأهم ،ــا ،ومــن اعتــزهلم ســلم ،أو كــاد ،ومــن
خالطهم هلك ».
وأخرج البيهقي ،عن علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه ،قال « :اتقوا أبواب السلطان ».
للحافظ جالل الدين السيوطي ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [] 7
ويف « الفردوس » مـن حـديع علـي رضـي اهلل عنـه مرفوعـاً « :أفضـل التـابعني مـن أمـق مـن ال يقـرب
أبواب السالطني ».
وأخرج البيهقي ،عن ابن مسعود رضي اهلل عنه ،قال « :إن على أبواب السلطان فتناً كمبارل اإلبل ،ال
تصيبون من دنياهم شيئاً إال أصابوا من دينكم مثله ».
وأخرج الدارمي يف مسنده عن ابن مسعود رضي اهلل عنه قال « :من أراد أن يكرم دينه ،فال يدخل على
السلطان ،وال خيلون بالنسوان وال خياصمن أصحاب األهواء ».
وأخرج البخاري يف تارخيه وابن سـعد يف « الطبقـات » عـن ابـن مسـعود رضـي اهلل عنـه قـال « :يـدخل
الرجل على السلطان ومعه دينه ،فيخرج وما معه شيء ».
وأخرج ابن سعد يف « الطبقات » عن سلمة بن نبيط قال « :قلت ألبي -وكان قد شهد النيب صلى
اهلل عليه وسلم ورته ومسع منـه -يـا أبـت لـو أتيـت هـذا السـلطان ف صـبت مـنهم وأصـاب قومـك يف
جناحك؟ قال :أي بم إني أخاف أن أجل ،منهم الساً يدخلم النار ».
وأخرج الدارمي ،عن ابن مسعود رضي اهلل عنـه قـال « :مـن طلـب العلـم ألربـع دخـل النـار :ليبـاهي بـه
العلماء ،ومياري به السفهاء ،أو لي صرف به وجوه الناس إليه ،أو ي خذ به من األمراء ».
وأخرج ابن ماجه ،والبيهقي ،عن ابن مسعود ،قال :لو أن أهل العلم صانعوا العلم ،ووضعوه عند أهله،
لسادوا به أهل زمانهم ولكنهم بذلوه ألهل الدنيا لينالوا به من دنياهم ،فهانوا عليهم.
مسعت نبيكم صلى اهلل عليه وسلم يقول « :من جعل اهلم هماً واحداً هم تخرته ،كفـاه اهلل مـا همـه
من أمر دنياه ومن ت عبت به اهلموم يف أحوال الدنيا مل يبال اهلل يف أي أوديتها هلك ».
وأخرج ابن أبي شيبة ،عن حذيفـة بـن اليمـان رضـي اهلل تعـاىل عنـه قـال « :أال! ال مي ـني رجـل مـنكم
شربًا إىل ذي سلطان ».
للحافظ جالل الدين السيوطي ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [] 8
وأخ ـ رج ابــن أبــي شــيبة ،وأبــو نعــيم يف « احلليــة » ،عــن حذيفــة رضــي اهلل تعــاىل عنــه قــال « :إيــاكم
ومواقــف الفــنت! قيــل ومــا مواقــف الفــنت؟ قــال أبــواب األمــريأل يــدخل الرجــل علــى األمــري ،فيصــدقه
بالكذب ،ويقول ما لي ،فيه ».
وأخرج ابن عساكر ،عن أبي أمامة الباهلي ،قال :قال النيب صلى اهلل عليه وسلم « :أبعد اخللق مـن
اهلل ،رجل تال ،األمراء ،فما قالوا من جور صدقهم عليه ».
وأخرج البيهقي ،عن وهب بن منبه ،أنه قال لعطاء « :إيال وأبواب السلطان! فان على أبواب السلطان
فتن ًا كمبارل اإلبل ،ال تصيب من دنياهم شيئاً إال أصابوا من دينك مثله ».
وأخرج ا بن أبي شيبة ،والبيهقي ،عن سلمة بن قي ،،قـال :لقيـت أبـا ذر ،فقـال « :يـا سـلمة بـن قـي!،
ثالث فاحفظها :ال جتمع بـني الضـرائر فانـك لـن تعـدل ولـو حرصـت ،وال تعمـل علـى الصـدقة ،فـان
ذات سلطان فانك ال تصيب من دنياهم شيئاً ،إال أصابوا من صاحب الصدقة زائد وناقص ،وال تغ
دينك أفضل منه ».
فصل
ذهب مجهور العلماء من السلف ،وصلحاء اخللف إىل أن هذه األحاديع واغثار جارية علـى إطالقهـا
سواء دعوه إىل اجملـيء إلـيهم أم ال ،وسـواء دعـوه ملصـلحة دينيـة أم لغريهـا .قـال سـفيان الثـوري « :إن
دعول لتقرأ عليهم :قل هو اهلل أحد ،فال ت تهم » رواه البيهقي ،ك ما تقدم وروى أبو نعـيم يف احلليـة
عن ميمون بن مهران :أن عبد اهلل بن عبد امللك بن مروان قدم املدينة ،فبعـع حاجبـه إىل سـعيد بـن
املسيب فقال له :أجب أمري املؤمنني! قال :وما حاجته؟ قال :لتتحدث معه .فقال :لسـت مـن حداثـه.
فرجع احلاجب إليه ف خربه ،قال :دعه.
قال البخاري يف تارخيـه « :مسعـت تدم بـن أبـي إيـاس يقـول :شـهدت محـاد بـن سـلمة ودعـاه السـلطان
فقال :اذهب إىل هؤالء! ال واهلل ال فعلت ».
للحافظ جالل الدين السيوطي ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [] 9
وروى اخلطيـب ،عـن محــاد بـن سـلمة :أن بعــض اخللفـاء أرسـل إليــه رسـوال يقـول لــه :إنـه قـد عرضــت
مس لة ،ف تنا نس لك .فقال للرسول :قل له « :إنا أدركنا أقوام ا ال ي تونا أحدا ملا بلغهم من احلديع
فان كانت لك مس لة فاكتبها يف رقعة نكتب لك جوابها ».
وأخرج أبو احلسن بن فهر يف كتاب « فضائل مالك » ،عن عبد اهلل بن رافع وغريه قال :قـدم هـارون
الرشيد املدينة ،فوجه الربمكي إىل مالك ،وقـال لـه :امحـل إلـ ّي الكتـاب الـذي صـنفته حتـى أمسعـه
منك » .فقال للربمكي « :أقرئه السالم وقل له :إن العلم يزار وال يزور » فرجع الربمكـي إىل هـارون
الرشيد ،فقال له :يا أمري املؤمنني! يبلغ أهل العراق أنك وجهت إىل مالك يف أمر فخالفـك! أعـزم
عليه حتى ي تيك .ف رسل إليه فقال :قل له يا أمري املؤمنني ال تكن أول مـن وضـع العلـم فيضـيعك
اهلل.
وروى غنجار يف تارخيه عن ابن منري :أن سلطان خباري ،بعع إىل حممد بن إمساعيل البخاري يقول:
امحل إليّ كتاب « اجلامع » و « التاريخ » ألمسع منك .فقال البخاري لرسوله « :قل له أنا ال أذل
العلم ،وال تتي أبواب السالطني فان كانت لك حاجة إىل شيء منـه ،فلتحضـرني يف مسـجدي أو يف
داري ».
وقال نعيم بن اهليصم يف جزئه امل هور « :أخربنا خلف بن متيم عن أبي همام الكالعي ،عن احلسـن
أنه مر ببعض القراء على بعض أبواب السالطني ،فقال :أقرحتم جباهكم ،وفرطحتم نعالكم ،وجئتم
بالعلم حتملونه على رقابكم إىل أبوابهم؟! أما إنكم ،لو جلستم يف بيوتكم لكان خريا لكم ،تفرقوا فرق
اهلل بني أعضائكم ».
وقــال الزجــاجي يف أماليــه « :أنب نــا أبــو بكــر حممــد بــن احلســن ،أخربنــي عبــد الــرمحن ابــن أخــي
األصمعي ،عن عمه قال :مر احلسن البصري بباب عمر بن هبرية وعليه القراء فسـلم ،ثـم قـال « :مـا
لكم جلوسا قد أحفيتم شواربكم وحلقتم رووسكم ،وقصرمت أكمامكم ،وفلطحتم نعالكم! أما واهلل!
لو زهدمت فيما عندهم ،لرغبوا فيمـا عنـدكم ،ولكـنكم رغبـتم فيمـا عنـدهم ،فزهـدوا فيمـا عنـدكم
فضحتم القراء فضحكم اهلل ».
للحافظ جالل الدين السيوطي ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [] 11
وأخرج ابن النجار ،عن احلسن أنه قال « :إن سركم أن تسلموا ويسلم لكم دين كم ،فكفوا أيديكم عن
دماء املسلمني ،وكفوا بطونكم عن أمواهلم ،وكفوا ألسنتكم عن أعراضهم وال جتالسوا أهل البدع،
وال ت توا امللول فيلبسوا عليكم دينكم ».
وأخ ــرج أب ــو نع ــيم يف احللي ــة ع ــن وهي ــب ب ــن ال ــورد ق ــال « :بلغن ــا أن العلم ــاء ث ــالث ،فع ــامل يتعلم ــه
للسالطني ،وعامل يتعلمه لينفذ به عند التجار ،وعامل يتعلمـه لنفسـه ،ال يريـد بـه إال أنـه خيـاف أن
يعمل بغري علم ،فيكون ما يفسد أكثر مما يصلح ».
وأخرج أبو نعيم ،عن أبي صاحل األنطاكي ،قال :مسعت ابن املبارل يقول « :مـن خبـل بـالعلم ابتلـى
بثالث :إما مبوت فيذهب علمه ،وإما ينسى ،وإما يلزم السلطان فيذهب علمه ».
وقال اخلطيب البغدادي يف كتاب رواه مالك « :كتب إىلّ القاضي أبو القاسـم احلسـن بـن حممـد
بن األنباري ،من مصر ،أنب نا حممد بن أمحد بن املسور ،نب نا املقدام بن داود الرعيم ،نب نا علي ابن
معبد ،نب نا إسحاق بن حييى ،عن مالك بـن أنـ ،رمحـه اهلل ،قـال « :أدركـت بضـعة ع ـر رجـال مـن
التابعني يقولون ال ت توهم ،وال ت مروهم ،يعم السلطان ».
وقال ابن باكويه ال ريازي يف « أخبار الصوفية » « :حدثنا سالمة بن أمحد التكريم أنب نا يعقوب
ابن اسحاق ،نب نا عبيد اهلل بن حممد القرشي ،قال :كنا مع سفيان الثوري مبكة ،فجاءه كتاب من
عياله من الكوفة :بلغت بنا احلاجة أنا نقلي النوى فن كله فبكى سفيان .فقال له بعض أصحابه :يا
أبــا عبــد اهلل! لــو مــررت إىل الســلطان ،صــرت إىل مــا تريــد! فقــال ســفيان « :واهلل ال أس ـ ل الــدنيا مــن
ميلكها ،فكيف أس هلا من ال ميلكها ».
حــدثنا عبــد الواحــد ،نب نــا أمحــد بــن حممــد بــن محــدون ،نب نــا أبــو عيســى األنبــاري ،نب نــا ،فــتح بــن
شخرف ،نب نا عبد اهلل بن حسني ،عن سفيان الثوري :إنه كان يقول « :تعززوا على أبناء الدنيا برتل
السالم عليهم ».
حدثنا عبد اهلل بن حممد بن جعفر ،نب نا ابن حسـان ،نب نـا أمحـد بـن أبـي احلـواري قـال :قلـت ألبـي
سليما ن ختالف العلماء؟ فغضب وقال « :أرأيت عاملاً ي تي باب السلطان في خذ دراهمهم ».
للحافظ جالل الدين السيوطي ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [] 11
مسعت عبد الواحد بن بكر يقول :مسعت حممد بن داود الدينوري يقـول :مسعـت أمحـد بـن الصـلت
يقول « :جاء رجل إىل ب ر بن احلارث ،فقال له :يا سيدي! السلطان يطلب الصاحلني ،فـرتى لـي أن
أختبئ؟ فقال له ب ر « :جز من بني يدي ،ال توز محار ال ول فيطرحك علينا ».
أخربنا أبو العالء ،مسعت أمحد بن حممد التسرتي ،مسعت زيـاد بـن علـي الدم ـقي يقـول :مسعـت
صـاحل بــن خليفــة الكـويف ،يقــول :مسعــت سـفيان الثــوري يقــول « :إن فجـار القــراء اختــذوا ســلماً إىل
الدنيا فقالوا :ندخل على األمراء نفرج عن مكروب ونكلم يف حمبوس ».
وقال أبو علي اغمدي يف تعليقه « :حدثم أبو حممد جعفر بن مصعب ابن الـزبري ،عـن جـدة الـزبري
بن بكار ،قال :حدثم أبو املكرم عقبة بن مكرم بن عقبـة الضـيب عـن بريـد بـن كميـت ،عـن عمـار بـن
سيف ،أنه مسع سفيان الثوري يقول « :النظر إىل السلطان خطيئة ».
وأخرج ابن باكويه ،عن الفضيل بن عياض ،قال « :لو أن أهـل العلـم أكرمـوا علـى أنفسـهم وشـحوا
على دينهم ،وأعزوا العلم وصانوه ،وأنزلـوه حيـع أنزلـه اهلل ،خلضـعت هلـم رقـاب اجلبـابرة وانقـاد هلـم
الناس ،واشتغلوا مبا يعنيهم ،وعز اإلسالم وأهلـه لكـنهم اسـتذلوا أ نفسـهم ومل يبـالوا مبـا نقـص مـن
دينهم ،إذا سلمت هلم دنياهم وبذلوا علمهم ألبناء الدنيا ليصيبوا ما يف أيديهم ،فـذلوا وهـانوا علـى
الناس ».
قال اغمدي :حدثم أبو العباس ،قال :مسعت :قدم طاهر بن عبد اهلل بن طاهر من خراسان يف حياة
أبيه يريد احلج :فنزل يف دار إسحاق بن إبراهيم فوجه إسحاق إىل العلماء ،ف حضرهم لرياهم طاهر،
ويقرأ عليهم فحضر أصحاب احلديع والفقه وأحضر ابن األعرابي ،وأبا نصر صاحب األصمعي ووجه
إىل أبي عبيد القاسم بن سالم يف احلضور ،فـ بى أن حيضـر وقـال :العلـم يقصـد فغضـب إسـحاق مـن
قوله ورسالته ،وكان عبد اهلل بن طاهر جرى له يف ال هر ألفي درهم فلم يوجه إليه إسحاق ،وقطـع
الرزق عنه ،وكتب إىل عبد اهلل باخلرب فكتب إليه :قد صدق أبو عبيد يف قوله ،وقد أضعفت الرزق له
من أجل فعله ف عطاه ف ته ورد عليه بعد ذلك ما يستحقه.
وأخرج ابن عساكر ،من طريق ابن وهب ،عن عبد الرمحن بن يزيد ،قا ل :حدثنا أبو حازم أن سليمان
بن ه ام بن عبد امللك قدم املدينة ف رسل إىل أبي حازم فدخل عليه فقال :فسلمت وأنا متكـئ علـى
عصاي فقيل أال تتكلم!؟ قلت :وما أتكلم به!؟ ليست لـي حاجـة فـ تكلم فيهـا ،وإئـا جئـت حلـاجتكم
للحافظ جالل الدين السيوطي ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [] 12
الق أرسلتم إليّ فيها ،وما كل من يرسل إىل تتيه ،ولوال اخلوف من شركم ما جئتكم .إني أدركت
أهل الدنيا تبعا ألهل العلم حيع كانوا ،يقضي أهل العلم ألهل الدنيا حوائج دنياهم وأخراهم ،وال
يستغم أهل الدنيا عن أهل العلم لنصيبهم من العلم ثم حال الزمـان ،فصـار أهـل العلـم تبعـا ألهـل
الــدنيا حيــع كــانوا ،فــدخل الــبالء علــى الفــريقني مجيعــا .تــرل أهــل الــدنيا النصــيب الــذي كــانوا
يتمســكون بــه مــن العلــم حيــع رأوا أهــل العلــم قــد جــاووهم ،وض ـيّع أهــل العلــم جســيم مــا قســم هلــم
باتباعهم أهل الدنيا ».
وأخرج ابن أبي الدنيا ،واخلرائطي ،وابن عساكر ،عن زمعة بن صاحل ،قال :كتب بعض بم أمية إىل
أبي حازم أن يرفع إليه حوائجه ،فكتب إليه « :أما بعد فقد جاءني كتابك بعـزم أن ترفـع حـوائجي
إليك وهيهات! رفعت حوائجي إىل موالي فما أعطاني منها قبلت ،وما أمسك عم منها رضيت ».
وأخرج ابن عساكر ،عن عبد اجلبار بن عبد العزيز أبي حازم عن أبيه ،عن جده :أن سليمان بن عبـد
امللك دخل املدينة ،ف قام بها ثالثا .فقال :ههنا رجل ممن أدرل أصحاب حممد صلى اهلل عليه وسلم
وحيدثنا؟ فقيل له :بلى ههنا رجل يقال له أبو حازم فبعع إليه ،فجاءه ،فقال له سليمان :يا أبا حازم!
ما هذا اجلفاء أتاني وجوه املدينة كلهم ومل ت تم!؟ قال أبو حازم :إن الناس ملا كانوا على الصواب،
كانت األمراء حتتاج إىل العلماء ،وكانت العلماء تفر بدينها من األمراء ،فلمـا رأى ذلـك قـوم مـن
أذلة الناس تعلموا العلم وأتوا به إىل األمراء فاستغنت به عن العلماء ،واجتمـع القـوم علـى املعصـية
فسقطوا أو تعسوا أو تنسكوا ولو كان علماونا هؤالء يصونون علمهم ،مل تزل األمراء تهابهم ».
وأخرج البيهقي ،وابن عساكر ،عن زمعة بن صاحل قال :قال الزهري لسليمان أو ه ام :أال تس ل أبا
حازم ما قال يف العلماء؟ قال يا أبا حازم :ما قلت يف العلماء؟ قال « :وما عسيت أن أقـول يف العلمـاء
إال خريا ،إني أدركت العلماء وقد استغنوا بعملهم عن أهل الدنيا ،ومل تستغن أهـل الـدنيا بـدنياهم
عن علمهم فلما رأى ذلك هذا وأصحابه تعلموا العلم فلم يستغنوا به واستغنى أهل الدنيا بدنياهم
عن علمهم ..فلما رأوا ذلك ،قذفوا بعلمهم إىل أهل الدنيا ومل ينلهم أهل الدنيا من دنياهم شيئا ،إن
هذا وأصحابه ليسوا علماء إئا هم رواة ».
وأخرج أبو نعيم ،وابن عساكر ،عن يوسف بن أسباط قال :أخربنا ،ـم :أن بعـض األمـراء أرسـل إىل
أبي حازم ف تاه ،وعنده اإلفريقي ،والزهري وغريهما فقال له :تكلم يـا أبـا حـازم فقـال أبـو حـازم « :إن
خري األمراء من أحب العلماء ،وأن شر العلماء من أحب األمراء .وكانوا فيما مضى إذا بعع األمراء
للحافظ جالل الدين السيوطي ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [] 13
إىل العلم ــاء مل يــ توهم ،وإذا ســ لوهم مل يرخص ــوا هل ــم وك ــان األم ــراء يــ تون العلم ــاء يف بي ــوتهم
فيس لونهم ،وكان يف ذلك صالح لألمراء وصالح للعلماء .فلما رأى ذلك ناس من الناس ،قالوا :ما
لنــا ال نطلــب العلــم حتــى نكــون مثــل هــؤالء! وطلبــوا العلــم ف ـ توا األم ـ راء فحــدثوهم فرخصــوا هلــم
فخربت العلماء على األمراء ،وخربت ،األمراء على العلماء.
وأخرج البيهقي يف « الزهد » ،وابن عساكر ،عن سفيان :قال :قال بعض األمراء ألبي حازم :ارفع إلي
حاجتك قال :هيهات! هيهات! رفعتها إىل من ال ختتزن احلوائج دونه ،فما أعطاني منها قنعت ،وما
زوى عم منها رضيت ،كان العلماء فيما مضى يطلبهم السلطان وهم يفرون منه ،وأن العلماء اليوم
طلبــوا العلــم حتــى إذا مجعــوه أــذافريه ،أتــوا بــه أبــواب الســالطني ،والســالطني يفــرون مــنهم ،وهــم
يطلبونهم ».
وأخرج ابن عساكر ،عن حممد بن عجالن املدني ،قال :أرسل سليمان بن ه ام إىل أبـي حـازم ،فقـال
له :تكلم! قال « :ما لي من حاجة أتكلم بها ،ولوال اتقاء شركم ما جئتكم لقد أتى علينا زمان وإئا
األمـراء تطلـب العلمـاء فت خــذ ممـا يف أيـديهم فتنتفــع بـه ،فكـان يف ذلــك صـالح للفـريقني مجيعــا،
فطلبت اليوم العلماء األمراء وركنوا إليهم واشتهوا ما يف أيدي هم ،فقالت األمراء ما طلب هؤالء ما
يف أيدينا حتـى كـان مـا يف أيـدينا خـريا ممـا يف أيـديهم ،فكـان يف ذلـك فسـاد للفـريقني كليهمـا »
فقال سليمان بن ه ام :صدقت.
وأخـرج ابـن عسـاكر ،مـن طريـق أبـي قالبـة عبـد امللـك بـن حممـد الرقاشـي قـال :حـدثنا أبـو سـعيد
األصمعي ،عن أبي الزناد ،عن أبيه ،قال « :كان الفقهاء كلهم باملدينة ي تون عمر بـن عبـد العزيـز،
خال سعيد بن املسيب ،فان عمر كان يرضى أن يكون بينهما رسول ،وكنت الرسول بينهما.
وأخرج ابن عساكر ،عن األوزاعي ،قال :قدم عطاء اخلراساني على ه ام بن عبـد امللـك فنـزل علـى
مكحول ،فقال عطاء ملكحول :ههنا أحد حيركنا؟ -يعم يعظنا -قال « :نعم ،يزيد بـن ميسـرة
ف توه ،فقال له عطاء :حركنا رمحك اهلل ،قال :نعـم ،كانـت العلمـاء إذا علمـوا عملـوا ،فـاذا عملـوا
شغلوا ،فاذا شغلوا فقدوا ،فاذا فقدوا طلبوا ،فاذا طلبوا هربوا » قـال :أعـد علـي ،ف عـاد عليـه .فرجـع
ومل يلق ه اما.
للحافظ جالل الدين السيوطي ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [] 14
وأخ رج اخلطيب وابن عساكر ،عن مقاتـل بـن صـاحل اخلراسـاني قـال :دخلـت علـى محـاد بـن سـلمة،
فبينا أنا عنده جال ،،إذ دق داق الباب فقال « :يا صبية أخرجي فانظري من هذا! فقالت :هذا رسول
حممد بن سليمان اهلامشي -وهـو أمـري البصـرة والكوفـة -قـال :قـولي لـه يـدخل وحـده ،فـدخل
وسلم فناو له كتابـه ،فقـال :اقـرأه فـاذا فيـه « :بسـم اهلل الـرمحن الـرحيم مـن سـليمان إىل محـاد بـن
سلمة .أما بعد :فصبحك اهلل مبا صبح به أولياءه وأهل طاعته .وقعت مس لة ف تينا نس لك عنها »
فقال « :يا صبية هلمي الدواة! » ثم قال :لي « :اقلب الكتاب وكتب :أما بعد فقد صبحك اهلل مبـا
صبح به أولياءه وأهل طاعته ،إنا أدركنا العلماء وهم ال ي تون أحدا ،فان وقعت مس لة ف تنا فاس لنا
عما بدا لك! وإن أتيتم ،فال ت تم إال وحدل ،وال ت تم خبيلك ورجلك ،فال أنصحك وال أنصـح
نفسي ،والسالم » فبينما أنـا عنـده ،إذ دق داق البـاب فقـال « :يـا صـبية أخرجـي فـانظري مـن هـذا! »
قالت « :هذا حممد بن سليمان ،قال « :قولي له يدخل وحده » فدخل ،فسلم ثم جل ،بن يديه ،ثـم
ابتدأ ،فقال :ما لي إذا نظرت إليك امتألت رعبا!؟ فقال محاد « :مسعت ثابت البناني يقول :مسعت
أن ،بن مالك يقول :مسعت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يقـول « :إن العـامل إذا أراد بعلمـه وجـه
اهلل هابه كل شيء ،وإذا أراد به أن يكثر به الكنوز ،هاب من كل شيء » وذكر بقية القصة.
وأخرج ابن النجار يف تارخيه عن مفلح بن األسود ،قال :قال امل مون ليحيى بن أكثم :إني أشتهي أن
أرى ب ر بن احلارث .قال :إذا اشتهيت يا أمري املؤمنني ،فاىل الليلة وال يكون معنا ب ر .فركبا ،فدق
حييى الباب فقال ب ـر :مـن هـذا؟ قـال :مـن جتـب عليـك طاعتـه .قـال :وأي شـيء تريـد؟ قـال :أحـب
لقــال فقــال ب ــر :طائعــا أو مكرهــا قــال :ففهــم املـ مون ،فقــال ليحيــى :اركــب فمــر علــى رجــل يقــيم
الصالة صالة الع اء اغخرة فدخال يصليان ف اذا اإلمام حسن القراءة فلما أصبح امل مون وجه إليـه،
فجاء به فجعل ينامره يف الفقـه ،وجعـل الرجـل خيالفـه ،ويقـول :القـول يف هـذه املسـ لة خـالف هـذا
فغضب امل مون .فلما كثر خالفه قال « :عهدي بك ،ك نك تذهب إىل أصحابك فتقـول :خطـ ت
أمري املؤمنني .فقال :واهلل يا أمري املؤمن ني إني ألسـتحي مـن أصـحابي أن يعلمـوا أنـي جئتـك! فقـال
امل مون :احلمد هلل الذي جعل يف رعيق من يستحي أن تيئم ،ثم سجد هلل شكرا .والرجل إبـراهيم
بن إسحاق احلربي.
« وأخرج ابن النجار يف تارخيه عن سفيان الثوري قـال « :مـا زال العلـم عزيـزا ،حتـى محـل إىل أبـواب
امللول ف خ ذوا عليه أجرا ،فنزع اهلل احلالوة من قلوبهم ومنعهم العلم به ».
للحافظ جالل الدين السيوطي ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [] 15
وأخرج البيهقي يف « شعب اإلميان » عن ب ر احلايف قال « :ما أقبح أن يطلب العامل ،فيقال :هو بباب
األمري ».
وأخرج أيضا عن الفضيل بن عيـاض ،قـال :إن تفـة القـراء العجـب ،واحـذروا أبـواب امللـول فانهـا تزيـل
ا لنعم فقيل :كيف؟ قال :الرجل يكون عليـه مـن اهلل نعمـة ليسـت لـه إىل خلـق حاجـة فـاذا دخـل إىل
هؤالء فرأى ما بسط هلم يف الدور واخلدم استصغر ما هو فيه من خري ثم تزول النعم ».
فصل
عقد الغزالي يف « اإلحياء » بابا يف خمالطة السالطني ،وحكم غ يان االستهم ،والدخول عليهم،
قال فيه « :اعلـم أن لـك مـع األمـراء والعمـال الظلمـة ،ثالثـة أحـوال :احلـال األوىل :وهـي شـرها ،أن
تدخل عليهم.
والثالثة - :وهي األسلم : -أن تعتزل عنهم ،وال تراهم وال يرول.
أمــا احلالــة األوىل :وهــي الــدخول علــيهم ،فهــي مذمومــة جــدا يف ال ــرع وفيــه تغليظــات وت ــديدات
تواردت بها األخبار واغثار فننقلها لتعرف ذم ال رع له .ثم نتعرض ملا حيرم منه ،وما يباح وما يكره،
على ،ما تقتضيه الفتوى يف ماهر العلم » ثم سرد كثريا من األحاديع واغثـار الـق سـبق ذكرهـا.
ومما أورده مما مل يسبق له ذكر « :قال سفيان :يف جهنم واد ال يسكنه إال القراء الزوارون للملول ».
وقال األوزاعي « :ما شيء أبغض إىل اهلل من عامل يـزور عـامال » .وقـال إسـحاق « :مـا أمسـج بالعـامل
يؤتى السه وال يوجد فيس ل عنه فيقال :إنه عند األمري .وكنت أمسع أنه يقال :إذا رأيـتم العـامل
يزور السلطان فاتهموه عل ى دينكم .أنا ما دخلت قط على هذا إال وحاسبت نفسي بعد اخلروج ،ف رمي
عليها الدرل مع ما أواجههم به من الغلظـة واملخالفـة هلـواهم » .وكـان سـعيد بـن املسـيب يتجـر يف
الزيت ويقول « :إن يف هذا لغنى عن هؤالء السالطني ».
للحافظ جالل الدين السيوطي ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [] 16
وقال وهب « :هؤالء الذين يدخلون على امللول ،هلم أضر على األمة من املقامرين » .وقال حممد ابن
مسلمة « :الذباب على العذرة ،أحسن من قارئ على باب هؤالء » وملا خالط الزهري السلطان كتب
له أخ يف الدين « :عافانا اهلل وإيال يا أبا بكر مـن الفـنت ،فقـد أصـبحت أـال ينبغـي ملـن يعرفـك أن
يدعو لك ويرمحك ،أصبحت شيخا كبريا وقد أث قلتك نعم اهلل ملـا فهمـك مـن كتابـه وعلمـك
من سنة نبيه صلى اهلل عليه وسلم ،ولي ،كذلك أخذ اهلل امليثاق على العلماء .واعلـم أن أيسـر مـا
ارتكبت ،وأخف ما احتملت ،أنك أنست وح ة الظامل ،وسهلت سبيل الغي ،بدنول ممن مل يؤد حقا،
ومل يرتل باطال حني أدنال ،اختذل قطبـا تـدور عل يـك رحايـا ملمهـم ،وجسـرا يعـربون عليـك إىل
بالئهم وسلما يصعدون فيه إىل ضاللتهم ،يدخلون بك ال ـك علـى العلمـاء ويغتـالون بـك قلـوب
اجلهال ،فما أيسر ما عمروا لك يف جنب ما أخربوا عليك ،وما أكثر ما أخذوا منك فيما أفسدوا
عليــك مــن دينــك فمــا يؤمنــك أن تكــون ممــن قــال اهلل فــيهم { :فَخَلَ ـفَ مِــن بَع ـدِهِم خَل ـفا أَضــاعوا
الصَلواةَ وَاِتَبَعوا ال َهَواتِ} ،وإنك تعامل من ال تهل ،وحيفظ عليك من ال يغفل ،فداو دينك فقد
دخله سـقم وهـيء زادل فقـد حضـره سـفر بعيـد ،ومـا خيفـى علـى اهلل شـيء يف األرض وال يف السـماء
والسالم ».
قال « :فهذه األخبار واغثار تد ل على ما يف خمالطة السالطني من الفنت وأنواع الفساد ولكنا نفصل
ذلك تفصيال فقهيا ،ئيز فيه احملظور عن املكروه واملباح.
فنقـول :الـداخل علـى السـلطان متعـرض ألن يعصـي اهلل إمـا بفعلـه ،وإمـا بسـكوته ،وإمـا بقولـه ،وإمـا
باعتقاده وال ينفك عن أحد هذه األمور.
أما الفعل :فا لدخول عليهم يف غالب األحوال يكون إىل دار مغصوبة ،وختطيهـا والـدخول فيهـا بغـري
إذن املالك حرام والتواضع للظامل ال يباح إال مبجرد السالم .ف ما تقبيل اليد واالحنناء يف اخلدمة
فمعصية.
وقد بالغ بعض السلف ،حتى امتنع عـن رد جـوابهم يف السـالم .واإلعـراض عـنهم اسـتحقارا هلـم مـن
حماسن القربات .واجللوس على بساطهم ،إذا كان أغلب أمواهلم حراما ،ال توز.
وأمـا السـكوت فانــه يـرى يف الســهم مـن الفــرش احلريـر ،وأوانــي الفضـة واحلريــر وامللبـوس علــيهم،
وعلـى غلمـانهم مـا هـو حــرام .وكـل مـن رأى سـيئة وسـكت عليهــا ،فهـو شـريك يف تلـك السـيئة .بــل
للحافظ جالل الدين السيوطي ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [] 17
يسمع من كالم هم ما هو فح ،وكذب وشتم ،وإيذاء ،والسكوت عن مجيع ذلك حرام .فان ما هو
فح ،وكذب وشتم ،وإيذاء ،والسكوت عن مجيع ذلك حرام .فان قلت :إنه خياف علـى نفسـه ،وهـو
معذور يف السكوت فهذا حق ولكنه مستغن عن أن يعرض نفسه الرتكاب ما ال يباح إال بعـذر ،فانـه لـو
مل يدخل ومل ي اه د مل يتوجه عليه اخلطاب باحلسبة ،حتى يسقط عنه بالعذر .ومن علم فسادا يف
موضـع ،وعلــم أنــه ال يقــدر علــى إزالتــه ال تــوز لــه أن حيضــر ليجــري ذلــك بــني يديــه ،وهــو ي ــاهده
ويسكت بل حيتزر عن م اهدته.
وأمــا القــول :فانــه يــدعو للظــامل ،أو يــثم عليــه ،أو يصــدقه فيمــا يقــول مــن باطــل بصــريح قولــه ،أو
بتحريك رأسه ،أو باستب ار يف وجهه أو يظهر له احلب واملواالة ،واالشتياق إىل لقائه ،واحلرص على
طول عمره وبقائه.
فانه يف الغالب ال يقتصر على السالم ،بل يتكلم وال يعدو كالمه هذا اإلمام.
وأما دعاوه فال حيل له إال أن يقول « :أصلحك ،أو وفقك اهلل للخري ات أو طول اهلل عمرل يف طاعته
» أو ما تري يف هذا اجملرى .ف ما الـدعاء لـه باحلراسـة وطـول البقـاء وإسـبام النعمـة ،مـع اخلطـاب
باملوىل وما يف معناه ،فغري جائز ،وقال صلى اهلل عليه وسلم « :من دعى لظامل بالبقاء ،فقد أحب أن
يعصى اهلل يف أرضه » .فان جاوز الدعاء إىل الثن اء فيذكر ما لي ،فيـه ،فيكـون كاذبـا أو منافقـا أو
مكرما لظامل .وهذه ثالث معاص ،وقد قال صلى اهلل عليه وسلم « :إن اهلل ليغضـب إذا مـدح الفاسـق
» .ويف خرب تخر « :من أكرم فاسقا فقد أعـان علـى هـدم اإلسـالم فـان جـاوز ذلـك إىل التصـديق لـه
فيما يقول ،والتزكية على ما يعمل ،كان عاصيا بالتصديق وباإلعانة .فان التزكية ،والثناء إعانة
على املعصية وحتريك للرغبة فيها كما أن التكذيب واملذمة والتقبيح زجر عنه وتضعيف لدواعيه.
واإلعانة على املعصية معصية ولو ب طر كلمة .وقد سئل سفيان عـن مـامل أشـرف علـى اهلـالل يف
برية :هل يسقى شربة ماء؟ فقال « :ال ،دعه ميوت فان ذلك إعانة له » .وأيضـا فـال يسـلم مـن فسـاد
يتطرق إىل قلبه فانه ينظر إىل توسعه يف النعمة ويزدري نعمة اهلل عليه ويكون مقتحمـا نهـي رسـول
اهلل صلى اهلل عليه وسلم حيع قال « :يا مع ر املهاجرين ال تدخلوا على أهل الدنيا فانها مسـخطة
للرزق » .وهذا مع ما في ه من اقتداء غريه يف الدخول ،ومن تكثري سواد الظلمة بنفسه وحتميله إياهم
إن كان ممن به وكل ذلك إما مكروهات أو حمظورات فال توز الدخول عليهم إال بعذرين.
أحدهما :أن يكون من جهتهم أمر إلزام ،ال إكرام ،وعلم أنه لو امتنع أوذي.
للحافظ جالل الدين السيوطي ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [] 18
والثــاني :أن يــدخل علــيهم يف دفــع الظلــم عــن مســلم ،فــذلك رخصــة ب ــرط أن ال يكــذب ،وال يــدع
نصيحة يتوقع هلا قبوال ».
ثم قال « :فان قلت :فلقد كان علمـاء السـلف يـدخلون علـى السـالطني فـ قول :نعـم تعلـم الـدخول
منهم ،ثم أدخل عليهم! فقـد حكـي :أن ه ـام بـن عبـد امللـك ،قـدم حاجـا إىل مكـة فلمـا دخلـها قـال:
ائتوني برجل من الصحابة » فقيل :يا أمري املـؤمنني! فقـد تفـانوا قـال :مـن التـابعني .فـ تي بطـاوس
اليماني فلما دخل عليه ،خلع نعليه أاشية البساط ،ومل يسلم بامرة املؤمنني ،ولكن قال « :السالم
عليك يا ه ام! » ومل يكنه وجل ،بازائه وقال « :كيف أنت يا ه ام! » فغضب ه ام غضبا شديدا
حتى هم بقتله وقال له « :ما محلك على ما صنعت؟! » قال « :وما الذي صنعت؟! ».
فازداد غضبا وغيظا ،فقال « :خلعت نعلك أاشية بساطي ،ومـا قبلـت يـدي ،ومل تسـلم علـي بـامرة
املؤمنني ،ومل تكنم وجلسـت بـازاي بغـري إذن ،وقلـت « :كيـف أنـت يـا ه ـام؟ » فقـال :أمـا قولـك« :
خلعت نعلي ،أاش ية بساطك ،ف نا أخلعها بني يدي رب العاملني كل يوم مخ ،مـرات وال يعـاقبم
وال يغضب علي .وأما قولك « :مل تقبل يدي فاني مسعت علي بن أبي طالب قال «:ال حيل لرجل أن
يقبل يد أحد ،إال امرأته ب هوة أو ولده برمحة » .وأما قولك :مل تسلم بـامرة املـؤمنني ،فلـي ،كـل
الناس راض بامرتك ،فكرهت أن أكذب .وأما قولك « :مل تكنم فان اهلل تعاىل مسى أولياءه وقال:
يا داود ،يا حييى ،يا عيسى وكم أعـداءه فقـال» :تَبَّـت يَـداَ أَبـي لَهَـب« وأمـا قولـك :جلسـت بـازائي
فـاني مسعــت علــي بــن أبـي طالــب يقــول « :إذا أردت أن تنظــر إىل رجــل مـن أهــل النــار ،انظــر إىل رجــل
جال ،وحوله قوم قيام » فقال ه ام :عظم؟.
قال « :مسعت علي بن أبي طالب يقول « :إن يف جهنم حيات كالقالل ،وعقارب كالبغال تلدم كل
أمري ال يعدل يف رعيته » ثم قام وخرج.
وعن سفيان الثوري قال « :دخلت على أبي جعفر مبنـى ،فقـال لـي :ارفـع حاجتـك؟ فقلـت لـه «:اتـق
اهلل! فانك قد مألت األرض جـورا وملمـا » .قـال :فط طـ رأسـه ،ثـم رفـع وقـال :ارفـع لنـا حاجتـك؟
فقلت « :إئا أنزلت هذه املنزلة بسيوف املهاجرين واألنصار ،وأبناوهم ميوتون جوعا ،فاتق اهلل وأوصل
إليهم حقوقهم » .قال :فط ط رأسه ثم رفع وقال :ارفع إلينا حاجتك؟ قلت « :حج عمر بن اخلطاب
رضي اهلل عنه فقال خلازنه :كم أنفقت؟ قال :بضعة ع ر درهما ،وأرى هاهنا أمورا ال تطيق اجلمال
محلها ».
للحافظ جالل الدين السيوطي ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [] 19
فهكذا كانوا يدخلون على السالطني إذا أكرهوا فكانوا يفرون ب رواحهم يف اهلل أعم علماء اغخرة،
ف مــا علمــاء الــدنيا فيــدخلون ليتقربــوا إىل قلــوبهم ،فيــدلونهم علــى الــرخص ،ويســتنبطون بــدقائق
احليل السعة فيما يوافق أغراضهم » انتهى كالم الغزالي ملخصا.
ويف « أمالي » ال يخ عز الدين بن عبد السالم الق علقها عنه تلميذه ال ـيخ شـهاب الـدين القـرايف
أحد أئمة املالكية ،ما نصه « :ومن مجلة كالمه -يعم ال ـيخ عـز الـدين رضـي اهلل عنـه -وقـد
كتب إليه بعض أرباب الدولة حيضه على االجتماع مبلك وقتهم ،والرتدد إليه ليكون ذلك مقيما
جلاهه وكاتبا لعدوه .فقال رضي اهلل عنه « :قرأت العلم ألكون سفرياً بـني اهلل وبـني خلقـه ،وأتـردد
إىل أبواب هؤالء! » قال القرايف « :ف شار رضي اهلل تعاىل عنه إىل من محل العلم ،فقد صار ينقل عن
اهلل إىل عباده ،فهو يف مقام الرسالة ومن كان له هذا ال رف ال حيسن منه ذلك ».
وقال ابن احلاج يف « املدخل » « :ينبغي للعامل ،بل يتعني عليه أن ال يرتدد ألحد من أبناء الدنيا ،ألن
العامل ينبغي أن يكون الناس على بابه ،ال عك ،احلال أن يكون هو على بابهم وال حجة له يف كونه
خياف من عدو أو حاسد وما أشبههما مبن خي ى أن ي وش عليه ،أو يرجو أحد منهم دفع شيء مما
خي اه أو يرجو أن يكون ذلـك شـيئا لقضـاء حـوائج املسـلمني مـن جلـب مصـلحة هلـم أو دفـع مضـرة
عنهم فهذا لي ،فيه عذر ينفعـه .أمـا األول :فألنـه إذا أخـذ ذلـك باشـراف نفـ ،مل يبـارل فيـه .وإذا
كان خائفا مما ذكر ،فذلك أعظم من إشراف النف ،،وقد يسلط عليه من يرتدد إليه يف مصلحة
عقوبة لـه معجلـة .وأمـا الثـاني :فهـو يرتكـب أمـرا حمظـورا حمققـا ألجـل حمـذور مظنـون توقعـه يف
املستقبل .وقد يكون ،وقد ال يكون وهو مطلوب يف الوقت بعدم ارتكاب ذلك ا لفعل املذموم شرعا ،بـل
اإلعانة على قضاء حوائجه وحوائج املسلمني إئا هو باالنقطاع عن أبواب هؤالء ،والتعويل على اهلل
سبحانه والرجوع إليه فانه سبحانه هو القاضي للحوائج ،والدافع للمخاوف ،واملسخر لقلوب اخللق،
واملقبل بها على ما شاء ،كيف شاء .قال تعاىل خطابا لسيد اخللق » :لَو أَنفَقتَ ما يف األَرضِ جَميعاً
مّا أَلَّفتَ بَنيَ قُلوبِهِم وَلَكِنَّ اللَهَ أَلَّفَ بَينَهم« .فذكر سبحانه هذا يف معرض االمتنان على نبيه صلى
اهلل عليه وسلم .والعامل إذا كان متبعا لـه عليـه أفضـل الصـالة والسـالم سـيما يف التعويـل علـى ربـه
سبحانه وا لسكون إليه دون خملوقاته فانه سبحانه يعاملـه بهـذه املعاملـة اللطيفـة الـق عامـل نبيـه
صلى اهلل عليه وسلم ،ولربكة االتباع له صلى اهلل عليه ويسـلم بـذلك مـن الـرتدد إىل أبـواب هـؤالء
كالذي يفعله بعض الناس ،وهو سم قاتل .ويا ليتهم لو اقتصروا على ما ذكر ال غـري .بـل يضـمون
إىل ذلك ما هو أشد وأشنع ،وهو أنهم يقولون أن تـرددهم إىل أبـوابهم مـن بـاب التواضـع ،أو مـن بـاب
للحافظ جالل الدين السيوطي ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [] 21
إرشادهم إىل اخلري إىل غري ذلك مما خيطر هلم ،وهو كثري قد عمت به البلوى ،وإذا اعتقدوا ذلك
فقد قل الرجاء من توبتهم ورجـوعهم .وقـد نقـل بعـض علمائنـا أن العـدل إذا تـردد إىل بـاب القاضـي
يكون ذلك حرجة يف حقه وترد به شهادته .فاذا كان هذا يف الرتدد إىل باب القاضي وهـو عـامل مـن
علماء املسلمني ،سامل السه مما تري من اال ،هؤالء ،فكيف الـرتدد إىل غـري القاضـي ،فمـن
بــاب أوىل وأوجــب املنــع مــن ذلــك » .وقــال يف موضــع تخــر «:ينبغــي للعــامل أنــه إذا قطــع عنــه معلــوم
املدرسة ال يرتل ما كان منه من االجتهاد وال يتربم ،وال يضجر ألنه قد يكون املعلـوم قـد قطـع عنـه
اختبارا من اهلل تعاىل لكي يرى صدقه يف علمه وعمله ،فان رزقه مضمون له ال ينحصـر يف جهـة غـري
أخرى .قال عليه الصالة والسالم « :من طلب العلم تكفل اهلل برزقه » ومعناه يسره له من غـري تعـب
وال م قة ،وإن كان اهلل تعاىل تكلف برزق اخللق أمجعني ،لكن حكمة ختصيص العـامل بالـذكر أن
ذلك ييسر له بال تعب ،وال م ـقة ،فجعـل نصـيبه مـن التعـب وامل ـقة يف الـدرس واملطالعـة والـتفهم
للمسـائل وإلقائهــا وذلــك مــن اهلل تعـاىل علــى ســبيل اللطــف بــه واإلحسـان إليــه وهــذا مــن كرامــات
العلمــاء ،أعــم فهــم املســائل وحســن إلقائهــا ،واملعرفــة بسياســة النــاس يف تعلمهــا ،كمــا أن كرامــات
األولياء فيهـا أشـياء أخـرى يطـول تعـدادها مثـل امل ـي علـى املـاء والطـريان يف اهلـواء .وينبغـي لـه أن
يصون هذا املنصب ال ريف من الرتدد ملن يرجى أن يعني على إطالق املعلوم ،أو التحدث فيه أو إن اء
معلوم عوضه .وقد حدثم من أثق به أنه رأى بعض العلماء ،وكان يدرس يف مدرسة وانقطع املعلوم
عنه وعن طلبته فقالوا للمدرس :لعلك أن مت ي إىل فالن! وكان من أبناء الدنيا لتجتمع به عسى
أن ي مر باطالق املعلـوم فقـال « :واهلل إنـي ألسـتحي مـ ن ربـي عـز وجـل أن تكـذب هـذه ال ـيبة عنـده »
فقالوا له :وكيف ذلك!؟ فقال « :إني أصبح كل يوم ،أقول :اللهم ال مانع ملا أعطيت ،وال معطي ملا
منعت » ف قول هذا وأقف بني يدي خملوق أس له يف ذلك واهلل ال فعلته » والعامل أوىل من يثق بربه
عــز وجــل يف املنــع والعطــاء ،وال عــذر لــه يف الطلــب ألجــل العائلــة ألنــه إن تــرل ذلــك تقيــة علــى هــذا
املنصب ال ريف مل يضيع اهلل الكريم قصده وأتاه به أو فتح له من غيبه ما هـو أحسـن لـه مـن ذلـك
وأعانه وسد خلته على ما شاء ،كيف شـاء ،ولـي ،رزقـه مبخصـوص يف جهـة بعينهـا ،وعـادة اهلل أبـدا
املستمرة على أنه سبحانه وتعاىل يـ رزق مـن هـذا حالـه مـن غـري بـاب يقصـده ،أو يؤملـه ،ألن مـراد اهلل
تعـاىل مـن العلمـاء انقطـاعهم إليـه ،وتعويلـهم يف كـل أمـورهم عليـه ،وال ينظـرون إىل األسـباب وإىل
مسبب األسباب ومدبرها ،والقادر عليها ،وكيف ال يكون العامل كذلك وهو املرشد للخلق واملوضح
الطريق املستقيم للسلول إليه سبحانه ،ومن ترل شيئا هلل عوضه اهلل خريا منه من حيع ال حيتسب
» انته ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى.
للحافظ جالل الدين السيوطي ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [] 21
ويف « طبقات احلنفية » يف ترمجة علي بن احلسن الصندلي « :أن السلطان ملك شاة قال له « :مل
ال تيء إلي؟ قال :أردت أن تكون من خري امللول ،حيع تزور العلماء ،وال أكون من شر العلماء حيع
أزور امللول ».
وقال ابن عدي يف « الكامل » « :مسعت أبا احلسني حممد بن املظفر يقول :مسعت م ائخنا مبصر
يعرتفــون ألبــي عبــد الــرمحن النســائي بالتقــدم واإلمامــة ويصــفون مــن اجتهــاده يف العبــادة بالليــل،
وموامبته على االجتهاد ،وأنـه خـرج إىل الغـزو مـع والـي مصـر فوصـف مـن شـهامته ،وإقامتـه السـنن
امل ثورة ،واحرتازه عن االسة السلطان الذي خرج معه ومل يزل ذلك دأبه إىل أن است هد رضي اهلل
عنه ».
ويف « تهذيب الكمال » للمزي يف ترمجة أبي حييى أمحد بن عبد امللك احلراني شيخ البخـاري ،مـا
نصه « :قال أبو احلسن امليموني :س لت أمحد بن حنبل عنه فقال « :قد كان عندنا ورأيتـه كيسـا،
وما رأيت به ب سا ،رأيته حافظا حلديثه ،وما رأيت إال خريا فقلت :رأيت مجاعة يسيئون الثناء عليه.
قال :هو يغ ى السلطان بسبب ضيعة له ».
ويف « تهذيب الكمال » أيضا بسنده عن رشدين بن سعد قال :مسعت إبراهيم بن أدهم يقول :مسعت
« أعــز األشــيا ء يف تخــر الزمــان ثالثــة :أخ يف اهلل يؤتســى وكســب درهــم مــن حــالل ،وكلمــة حــق عنــد
سلطان ».
وَال أَراهم رَضوا يف العَي ِ بِالدونِ أَرى أُناساً بِ َدنى الدي ِن قَد قَنَعوا
كَما اِستَغنى املُلولُ بِدنياهم عَنِ الدينِ ل
فَاِستَغنِ بِاللَ ِه عَن دنيا املُلو ِ
وقـال القــالي يف أماليــه « :حــدثنا أبـو بكــر ابــن األنبــاري ،حــدثم أبـي قــال :بعــع ســليمان املهلــيب إىل
اخليل بن أمحد مبائة ألف درهم ،وس له يف صحبته فرد عليه املائة ألف وكتب إليه ب بيات:
وَيف غِنى غَريَ َأنّي لَست ذا مالِ أَبلِغ سلَيمانَ َأنّي عَنه يف سَعَة
يَموت هزالً وَال يَبقى عَلى حالِ سخِيٌّ بِنَفسي َأنّي ال أَرى أَحَداً
َ
للحافظ جالل الدين السيوطي ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [] 22
وأخـرج أبـو نعــيم يف « احلليـة » عـن حممــد بـن وهيـب بــن ه ـام قـال :أن ــدني بعـض أصـحابي البــن
املبارل رمحه اهلل تعاىل:
َواِجعَلَن ذلِكَ طَعاماً تَنج مِن حَرِّ السَعريِ كُلِ اجلاورسَ وَاألَرزَ بِاخلُبزِ ال َعريِ
وان ى ما استطعت هدال اهلل عن باب األمري
وأخرج أبو نعيم يف « احللية » عن أمحد بن مجيل املـروزي قـال :قيـل لعبـد اهلل بـن املبـارل رضـي اهلل
عنه وأرضاه أن إمساعيل بن علية قد ولي الصدقات فكتب إليه ابن املبارل:
ونظري هذ ا مـا أخرجـه ابـن عسـاكر يف تارخيـه مـن طريـق البيهقـي ،عـن احلـاكم قـال :أخربنـي أبـو
الفضل بن أبي نصر ،نب نا علي بن احلسن بن حبيب الدم ـقي ،قـال :مسعـت الناقوسـي ،وكـان مـن
أهل القرتن والعلم ،قال مسعت حممد بن عبد اهلل بن احلكم يقول :مسعت ال افعي يقول « :كـان
لي صديق يقال ل ه حصني ،وكان يربني ويصلم فواله أمري املؤمنني السينب ،قال فكتب إليه:
لَم تغ ِن عَنكَ وِاليَةَ البَحرَي ِن فَاِذا الثَالث أَتَتكَ مِنّي طائِعاً
حَتّى اِسوَدَّ وَجه كُلِّ حَصنيِ لَم أَرضَ أَن أَهجرَ حَصيناً وَحدَه
وأخرج أبو نعيم عن حممد بن وهب ،قال :أن دني بعض أصحابنا البن املبارل:
وقال بعضهم:
قَد ضَلَّ والِج أَبوابَ السَالطنيِ هَيهاتَ اِغتَر بِالسلطانِ تَ تيهِ
وقال اجلمال اللغوي يف كتاب « املعجب » ومن خطه نقلت :أخربني بعض الفضـالء :أن األمـري عـز
الدين حرسك بعع إىل ال يخ ال اطيب يدعوه للحضور عنده ،ف مر ال يخ بعض أصحابه أن يكتب
إليه هذه األبيات وهي قوله:
ح فَطنٍ نَبيهِ
مِن ناصِ ٍ قُل لِألَمريِ مَقالَةً
ري فيهِ
أَبوابَكُم ال خَ َ إِنَّ الفَقيهَ إِذا أَتى
للحافظ جالل الدين السيوطي ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [] 24
ويف « التذييل » للبدر النابلسي :قال سعيد بن إبراهيم بن عبد ربـه وقـد انقـبض عـن امللـول يف تخـر
عمره:
ب خا ِلقِ
وَطولِ اِنبِساطي يف مَذاهِ ِ أَمِن بَع ِد غَوصي يف علومِ احلَقائِقِ
أَرى طالِباً رِزقاً إِىل غَريِ رازِقي وَيف حنيِ إِشرايف عَلى مَلَكوتِهِ
ت سابِقي
َوأَسرَعَ يف سوقي إِىل املَو ِ وَقَد أَ ِذنَت نَفسي بِتَفويضِ خِلِّها
اِستَوسَعَ فيكَ ال امِتنيَ املَراجِما دونَكَ يا مَن يَرى النصحَ ذِلَةً
شيوخهم فيكَ الصروفَ الفَواتِحا إِذ لَعِبَت صِبيانهم بِكَ َواِبتَغَت
نَجى احلَ ا وَالدَمع يَنهَل حاجِما فَقُلت مجيب ًا لَي َ،يسعِدني سِوى
رب لَو كُنت حازِما
وَهَذا زَمان الصَ ِ إِىل اللَهِ أَشكو وَحدَتي يف مَصائِيب
حَكيما يَبيع العِلمَ بِاجلو ِر حاكِما وَكَم زَفَرا تَحتَ الضلو ِع لَهيجها
إِىل أَط َيبَ أَنفاسِ احلَياةِ تَواسِما َن جِنابَ العِلمِ يَسمو بِ َهلِهِ
وَكَ َّ
نَجعَةِ األُخرى فَيَرتاد حائِما يَردّونَ درتَ بِهِ زَه َرةَ الدنيا إِىل
وأخرج ابن عساكر يف تارخيه عن زيد بن أسلم قال :كنت مع أبي حازم ف رسل إليه عبد الرمحن بن
خالــد األمــري أن ائتنــا حتــى نس ـ لك وحتــدثنا .فقــال أبــو حــازم « :معــاذ اهلل أدركــت أهــل العلــم ال
حيملون العلم ألهل الدنيا فلن أكون أول من فعل ذلك فان كان لك حاجة ،ف بلغنا » ف رسل إليه
عبد الرمحن قد ازددت عندنا بهذا كرامة.
انتهى
وحسبنا اهلل ونعم الوكيل
وال قوة إال باهلل العلي العظيم