You are on page 1of 24

‫للحافظ جالل الدين السيوطي‬ ‫ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [‪] 1‬‬

‫ما رواه األساطني‬


‫يف‬
‫عدم اجمليء إىل السالطني‬

‫لإلمام احلافظ جالل الدين السيوطي‬


‫املتويف سنة ‪ 199‬هـ‬
‫للحافظ جالل الدين السيوطي‬ ‫ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [‪] 2‬‬

‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫هذا ما رواه األساطني‪ ،‬يف عدم اجمليء إىل السالطني‪:‬‬

‫أخرج أبو داود‪ ،‬والرتمذي وحسنه‪ ،‬والنسائي‪ ،‬والبيهقي يف « شعب اإلميان »‪ ،‬عن ابن عباس‪ ،‬رضي اهلل‬
‫عنهما‪ ،‬عن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال‪ « :‬من سكن البادية جفا‪ ،‬ومن اتبع الصيد غفل‪ ،‬ومن أتى‬
‫أبواب السالطني افتنت »‪.‬‬

‫وأخرج أو داود‪ ،‬والبيهقي‪ ،‬عن أبي هريرة‪ ،‬رضي اهلل عنه‪ ،‬عن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال‪ « :‬من بدا‬
‫فقد جفا‪ ،‬ومن ا تبع الصيد غفل‪ ،‬ومن أتى أبواب السالطني افتنت‪ ،‬وما ازداد عبد من السلطان دنوا إال‬
‫ازداد من اهلل بعدا »‪.‬‬

‫وأخرج أمحد يف مسنده‪ ،‬والبيهقي بسند صحيح‪ ،‬عن أبي هريـرة رضـي اهلل عنـه‪ ،‬قـال‪ :‬قـال رسـول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪ « :‬من بدا جفا‪ ،‬ومن اتبع الصيد غفل‪ ،‬ومن أتى أبواب السلطان افتنت‪ ،‬وما ازداد‬
‫أحد من السلطان قرباً‪ ،‬إال ازداد من اهلل بعداً »‪.‬‬

‫وأخـرج ابــن عــدي عــن أبــي هريــرة رضــي اهلل عنـه‪ ،‬قــال‪ :‬قــال رســول اهلل صــلى اهلل عليــه وســلم‪ « :‬إن يف‬
‫جهنم وادياً تستعيذ منه كل يوم سبعني مرة‪ ،‬أعده اهلل للقراء املرائني يف أعماهلم وإن أبغض اخللق‬
‫إىل اهلل عامل السلطان »‪.‬‬

‫وأخرج ابن الل واحلافظ أبو الفتيان الدهستاني يف كتاب « التحذير من علماء السوء »‪ ،‬والرافعي‬
‫يف « تاريخ قزوين » ‪ ،‬عن أبي هريرة‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ « :‬إن أبغض اخللق إىل‬
‫اهلل تعاىل العامل يزور العمال »‪.‬‬

‫ولفظ أبي الفتيان‪ « :‬إن أهون اخللق على اهلل‪ :‬العامل يزور العمال »‪.‬‬

‫وأخرج ابن ماجه‪ ،‬عن أبي هريرة‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ « :‬إن أبغض القراء إىل اهلل‬
‫تعاىل الذين يزورون األمراء »‪.‬‬
‫للحافظ جالل الدين السيوطي‬ ‫ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [‪] 3‬‬

‫وأخرج الديلمي يف « مسند الفردوس » عـن أبـي هريـرة رضـي اهلل عنـه قـال‪ :‬قـال رسـول اهلل صـلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪ « :‬إذا رأيت العامل خيالط السلطان خمالطة كثرية فاعلم أنه لص »‪.‬‬

‫وأخرج ابن ماجه بسند رواته ثقات‪ ،‬عن ابن عباس رضي اهلل عنه عن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال‪:‬‬
‫« إن أناســا مــن أمــق ســيتفقهون يف الــدين‪ ،‬ويقــروون القــرتن‪ ،‬ويقولــون ن ـ تي األمــراء‪ ،‬فنصــيب مــن‬
‫دنياهم‪ ،‬ونعتزهلم بديننا وال يكون ذلك كمـا ال تـتم مـن القتـاد إال ال ـول‪ ،‬كـذلك ال تتنـى‬
‫من قربهم إال اخلطايا »‪.‬‬

‫وأخرج الطرباني يف « األوسط » بسند رواته ثقات‪ ،‬عن ثوبان رضي اهلل عنه موىل رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم قال‪ :‬يا رسول اهلل من أهل البيت أنا؟ فسكت‪ ،‬ثم قال يف الثالثة‪ « :‬نعم ما مل تقم على باب‬
‫سدة‪ ،‬أو ت تي أمرياً فتس له »‪.‬‬

‫قال احلافظ املنذري يف « الرتغيب والرتهيب » املراد بالسدة هنا‪ ،‬باب السلطان وحنوه‪.‬‬

‫وأخرج الرتمـذي وصـححه‪ ،‬والنسـائي‪ ،‬واحلـاكم وصـححه‪ ،‬قـال رسـول اهلل صـلى اهلل عليـه وسـلم‪« :‬‬
‫سيكون بعدي أمراء ‪ ،‬فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم‪ ،‬وأعـانهم علـى ملمهـم‪ ،‬فلـي‪ ،‬مـم‪ ،‬ولسـت‬
‫منه‪ ،‬ولي‪ ،‬بوارد علي احلوض‪ ،‬ومن مل يدخل عليهم‪ ،‬ومل يعنهم على ملمهم‪ ،‬ومل يصدقهم بكذبهم‪،‬‬
‫فهو مم‪ ،‬وأنا منه‪ ،‬وهو وارد علي احلوض »‪.‬‬

‫وأخرج أمحد‪ ،‬وأبو يعلى‪ ،‬وابـن حبـان يف صـحيحه عـن أبـي سـعيد اخلـدري رضـي اهلل عنـه‪ ،‬عـن الـنيب‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪ « :‬تكون أمراء تغ اهم غواش وحواش من الناس »‪.‬‬

‫وأخرج أمحد‪ ،‬والبزار‪ ،‬وابن حبان‪ ،‬يف صحيحه عن جابر بن عبد اهلل رضي اهلل عنه أن رسول اهلل صلى‬
‫اهلل عليه وسلم قال‪ « :‬سيكون أمراء‪ ،‬من دخل عليهم وأعانهم على ملمهم‪ ،‬وصدقهم بكذبهم‪ ،‬فلي‪،‬‬
‫مم ولست منه‪ ،‬ولن يرد علي احلوض‪ .‬ومن مل يدخل عليهم‪ ،‬ومل يعنهم على ملمهم‪ ،‬ومل يصدقهم‬
‫بكذبهم فهو مم وأنا منه وسريد علي احلوض »‪.‬‬

‫وأخرج ال ـريازي يف « األلقـاب » عـن ابـن عمـر رضـي اهلل عنهمـا قـال‪ :‬قـال رسـول اهلل صـلى اهلل عليـه‬
‫وسلم‪ « :‬إنها ستكون أمراء‪ ،‬فمن صد قهم بكذبهم‪ ،‬وأعانهم على ملمهم‪ ،‬وغ ي أبوابهم‪ ،‬فلـي‪ ،‬مـم‬
‫للحافظ جالل الدين السيوطي‬ ‫ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [‪] 4‬‬

‫ولســت منــه‪ ،‬وال يــرد علــي احلــوض‪ ،‬ومــن مل يصــدقهم بكــذبهم‪ ،‬ومل يعــنهم علــى ملمهــم‪ ،‬ومل يغ ـ‬
‫أبوابهم‪ ،‬فهو مم وسريد علي احلوض »‪.‬‬

‫وأخرج احلسن بن سفيان يف مسنده‪ ،‬واحلاكم يف تارخيه‪ ،‬وأبو نعيم‪ ،‬والعقيلي‪ ،‬والديلمي‪ ،‬والرافعي‬
‫يف تارخيه‪ ،‬عن أن‪ ،‬بن مالك‪ ،‬رضـي اهلل عنـه قـال‪ :‬قـال رسـول اهلل صـلى اهلل عليـه وسـلم‪ « :‬العلمـاء‬
‫أمنــاء الرســل علــى عبــاد اهلل مــا مل خيــالطوا الســلطان فــاذا خــالطوا الســلطان‪ ،‬فقــد خــانوا الرســل‬
‫فاحذروهم‪ ،‬واعتزلوهم »‪.‬‬

‫وأخرج العسكري‪ ،‬عن علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه قال‪ :‬قـ ال رسـول اهلل صـلى اهلل عليـه وسـلم‪« :‬‬
‫الفقهاء أمناء الرسل‪ ،‬ما مل يدخلوا يف الدنيا ويتبعوا السطان‪ ،‬فاذا فعلوا ذلك فاحذروهم » ‪.‬‬

‫وأخرج احلاكم يف تارخيه‪ ،‬والديلمي‪ ،‬عن معاذ بن جبل رضي اهلل عنه قال‪ :‬قال رسـول اهلل صـلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪ « :‬ما من عامل أتى صاحب سلطان طوع اً‪ ،‬إال كـان شـريكه يف كـل لـون يعـذب بـه يف نـار‬
‫جهنم »‪.‬‬

‫وأخرج أبو ال يخ يف « الثواب » عن معاذ بن جبل رضي اهلل عنه‪ ،‬قال‪ :‬قال رسـول اهلل صـلى اهلل عليـه‬
‫وسلم‪ « :‬إذا قرأ الرجل القرتن وتفقه يف الدين‪ ،‬ثم أتى بـاب السـطان‪َ ،‬ت َم القـ ًا إليـه‪ ،‬وطمعـا ملـا يف يـده‪،‬‬
‫خاض بقدر خطاه يف نار جهنم »‪.‬‬

‫وأخرج الديلمي‪ ،‬عن ابن عباس رضي اهلل عنهما قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ « :‬يكون يف‬
‫تخــر الزمــان علمــاء يرغبــون النــاس يف اغخــرة وال يرغبــون‪ ،‬ويزهــدون النــاس يف الــدنيا وال يزهــدون‪،‬‬
‫وينهون عن غ يان األمراء وال ينتهون »‪.‬‬

‫وأخرج الديلمي عن عمر بن اخلطاب رضي اهلل عنه قـال‪ :‬قـال رسـول اهلل صـلى اهلل عليـه وسـلم‪ « :‬إن‬
‫اهلل حيب األمراء إذا خالطوا العلمـاء‪ ،‬وميقـت العلمـاء إذا خـالطوا األمـراء‪ ،‬ألن العلمـاء إذا خـالطوا‬
‫األمراء رغبوا يف الدنيا‪ ،‬واألمراء إذا خالطوا العلماء رغبوا يف اغخرة »‪.‬‬

‫وأخرج أبو عمرو الداني يف كتاب « الفنت » عن احلسن‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪« :‬‬
‫ال تزال هذه األمة حتت يد اهلل وكنفه‪ ،‬ما مل مياري قراوها أمراءها »‪.‬‬
‫للحافظ جالل الدين السيوطي‬ ‫ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [‪] 5‬‬

‫وأخرج احلاكم‪ ،‬وصححه‪ ،‬عن عبد اهلل بن ال خري رضي اهلل عنه قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪ « :‬أقلوا الدخول على األغ نياء‪ ،‬فانه أجدر أال تزدروا نعمة اهلل »‪.‬‬

‫وأخرج احلكيم الرتمذي يف « نوادر األصول » عن عمر بن اخلطاب‪ ،‬رضي اهلل عنه‪ ،‬قال‪ :‬أتـاني رسـول‬
‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم وأنا أعرف احلزن يف وجهه‪ ،‬ف خذ بلحيته‪ ،‬فقال‪ « :‬إِنّا لِلَّهِ وَإِنّا إِلَيهِ راجِعون‬
‫أتاني جربيل تنفاً‪ ،‬فقال لي‪ :‬إن أمتك مفتتنه بعك بقليـل مـن الـدهر‪ ،‬غـري كـثري‪ ،‬قلـت‪ :‬ومـن أيـن‬
‫ذلك!؟ قال‪ :‬من قبل قرائهم وأمـرائهم‪ ،‬مينـع األمـراء النـاس حقـوقهم‪ ،‬فـال يعطونهـا‪ ،‬وتتبـع القـراء‬
‫أهواء األمراء قلت‪ :‬يا جربيل! فبم يسلم من يسلم منهم؟ قال‪ :‬بالكف والصرب‪ ،‬إن أعطوا الـذي هلـم‬
‫أخذوه وإن منعوه تركوه »‪.‬‬

‫وأخرج احلاكم‪ ،‬عن عبد اهلل بن احلارث رضي اهلل عنه‪ :‬أنه مسع النيب صلى اهلل عليه وسلم يقول‪« :‬‬
‫سيكون بعدي سالطني‪ ،‬الفنت على أبوابهم كمبارل اإلبل‪ ،‬ال يعطون أحداً شيئاً‪ ،‬إال أخذوا من دينه‬
‫مثله »‪.‬‬

‫وأخرج الـديلمي‪ ،‬عـن أبـي األعـور السـلمي رضـي اهلل تعـاىل عنـه‪ ،‬قـال‪ :‬قـال رسـول اهلل صـلى اهلل عليـه‬
‫وسلم‪ « :‬إياكم‪ ،‬وأبواب السلطان »‪.‬‬

‫وأخرج احلسن بـن سـفيان يف مسـنده والـديلمي‪ ،‬عـن ابـن عمـر رضـي اهلل عنهمـا قـال‪ :‬قـال رسـول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪ « :‬اتقوا أبواب السلطان وحواشيها‪ ،‬فان أقرب الناس منها أبعدهم من اهلل‪ ،‬ومن‬
‫تثر سل طان على اهلل‪ ،‬جعل الفتنة يف قلبه ماهرة وباطنة‪ ،‬وأذهب عنه الورع وتركه حريان »‪.‬‬

‫وأخـرج ابـن عســاكر‪ ،‬عـن ابـن عبــاس رضـي اهلل عنهمـا قــال‪ :‬قـال رسـول الــه صـلى اهلل عليـه وســلم‪« :‬‬
‫سيكون قوم بعدي من أمق‪ ،‬يقروون القرتن‪ ،‬ويتفقهون يف الدين‪ ،‬ي تيهم ال يطان‪ ،‬فيقول‪ :‬لو أتيـتم‬
‫الس لطان‪ ،‬ف صلح من دنياكم‪ ،‬واعتزلوهم بدينكم! وال يكون ذلك‪ ،‬كمـا ال تتنـى مـن القتـاد‪ ،‬إال‬
‫ال ول‪ ،‬كذلك ال تتنى من قربهم إال اخلطايا »‪.‬‬

‫وأخرج هناد بن السري يف « الزهد » ‪ ،‬عن عبيد بن عمري رضـي اهلل عنـه أن رسـول اهلل صـلى اهلل عليـه‬
‫وسلم قال‪ « :‬ما ازداد رجل من السلطان قرباً إال ازداد من اهلل بعداً »‪.‬‬
‫للحافظ جالل الدين السيوطي‬ ‫ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [‪] 6‬‬

‫وأخرج الديلمي‪ ،‬عن أن‪ ،‬رضي اهلل عنه‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ « :‬من تقرب من ذي‬
‫سلطان ذراعاً‪ ،‬تباعد اهلل منه باعاً »‪.‬‬

‫وأخرج الديلمي‪ ،‬عن أبي الدرداء‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليـه وسـلم‪ « :‬مـن م ـى إىل سـلطان‬
‫جائر طوعاً‪ ،‬من ذات نفسه‪ ،‬متلقـ ًا إليـه بلقائـه‪ ،‬والسـالم عليـه‪ ،‬خـاض نـار جهـنم بقـدر خطـاه‪ ،‬إىل أن‬
‫يرجع من عنده إىل منزله‪ ،‬فان مال إىل هواه‪ ،‬أو شد على عضـده مل حيلـل بـه مـن اهلل لعنـة إال كـان‬
‫عليه مثلها‪ ،‬ومل يعذب يف النار بنوع من العذاب‪ ،‬إال عذب مبثله »‪.‬‬

‫وأخرج أبو ال يخ‪ ،‬عن ابن عمر رضي اهلل عنهما قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ « :‬من قـرأ‬
‫القرتن‪ ،‬وتفقه يف الدين ثم أتى صاحب سلطان طمعاً ملا يف يديه‪ ،‬طبع اهلل على قلبه‪ ،‬وعذب كل يوم‬
‫بلونني من العذاب‪ ،‬مل يعذب به قبل ذلك »‪.‬‬

‫وأخرج احلاكم يف تارخيه عن معاذ رضي اهلل عنه‪ ،‬قال‪ :‬قـال رسـول اهلل صـلى اهلل عليـه وسـلم‪ « :‬مـن‬
‫قرأ القرتن وتفقه يف الدين ثم أتى صاحب سلطان طمعاً ملا يف يديه خاض بقدر خطاه يف نـار جهـنم‬
‫»‪.‬‬

‫وأخرج البيهقي‪ ،‬عن رجل من بم سليم‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليـه وسـلم‪ « :‬إيـاكم وأبـواب‬
‫السلطان »‪.‬‬

‫وأخرج الديلمي‪ ،‬عن علي‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول اهلل صـلى اهلل عليـه وسـلم‪ « :‬إيـاكم واالسـة السـلطان‪،‬‬
‫فانه ذهاب الدين‪ ،‬وإياكم ومعونته فانكم ال حتمدون أمره »‪.‬‬

‫وأخرج ابن أبي شيبة‪ ،‬والطرباني عن ابن عباس رضي اهلل عنهما‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليـه‬
‫وســلم‪ « :‬إنهــا ســتكون أمــراء تعرفــون‪ ،‬وتنكــرون فمــن نــاوأهم ‪،‬ــا‪ ،‬ومــن اعتــزهلم ســلم‪ ،‬أو كــاد‪ ،‬ومــن‬
‫خالطهم هلك »‪.‬‬

‫وأخرج البيهقي‪ ،‬عن علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه‪ ،‬قال‪ « :‬اتقوا أبواب السلطان »‪.‬‬
‫للحافظ جالل الدين السيوطي‬ ‫ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [‪] 7‬‬

‫ويف « الفردوس » مـن حـديع علـي رضـي اهلل عنـه مرفوعـاً‪ « :‬أفضـل التـابعني مـن أمـق مـن ال يقـرب‬
‫أبواب السالطني »‪.‬‬

‫وأخرج البيهقي‪ ،‬عن ابن مسعود رضي اهلل عنه‪ ،‬قال‪ « :‬إن على أبواب السلطان فتناً كمبارل اإلبل‪ ،‬ال‬
‫تصيبون من دنياهم شيئاً إال أصابوا من دينكم مثله »‪.‬‬

‫وأخرج الدارمي يف مسنده عن ابن مسعود رضي اهلل عنه قال‪ « :‬من أراد أن يكرم دينه‪ ،‬فال يدخل على‬
‫السلطان‪ ،‬وال خيلون بالنسوان وال خياصمن أصحاب األهواء »‪.‬‬

‫وأخرج البخاري يف تارخيه وابن سـعد يف « الطبقـات » عـن ابـن مسـعود رضـي اهلل عنـه قـال‪ « :‬يـدخل‬
‫الرجل على السلطان ومعه دينه‪ ،‬فيخرج وما معه شيء »‪.‬‬

‫وأخرج ابن سعد يف « الطبقات » عن سلمة بن نبيط قال‪ « :‬قلت ألبي ‪ -‬وكان قد شهد النيب صلى‬
‫اهلل عليه وسلم ورته ومسع منـه ‪ -‬يـا أبـت لـو أتيـت هـذا السـلطان ف صـبت مـنهم وأصـاب قومـك يف‬
‫جناحك؟ قال‪ :‬أي بم إني أخاف أن أجل‪ ،‬منهم الساً يدخلم النار »‪.‬‬

‫وأخرج الدارمي‪ ،‬عن ابن مسعود رضي اهلل عنـه قـال‪ « :‬مـن طلـب العلـم ألربـع دخـل النـار‪ :‬ليبـاهي بـه‬
‫العلماء‪ ،‬ومياري به السفهاء‪ ،‬أو لي صرف به وجوه الناس إليه‪ ،‬أو ي خذ به من األمراء »‪.‬‬

‫وأخرج ابن ماجه‪ ،‬والبيهقي‪ ،‬عن ابن مسعود‪ ،‬قال‪ :‬لو أن أهل العلم صانعوا العلم‪ ،‬ووضعوه عند أهله‪،‬‬
‫لسادوا به أهل زمانهم ولكنهم بذلوه ألهل الدنيا لينالوا به من دنياهم‪ ،‬فهانوا عليهم‪.‬‬

‫مسعت نبيكم صلى اهلل عليه وسلم يقول‪ « :‬من جعل اهلم هماً واحداً هم تخرته‪ ،‬كفـاه اهلل مـا همـه‬
‫من أمر دنياه ومن ت عبت به اهلموم يف أحوال الدنيا مل يبال اهلل يف أي أوديتها هلك »‪.‬‬

‫وأخرج ابن أبي شيبة‪ ،‬عن حذيفـة بـن اليمـان رضـي اهلل تعـاىل عنـه قـال‪ « :‬أال! ال مي ـني رجـل مـنكم‬
‫شربًا إىل ذي سلطان »‪.‬‬
‫للحافظ جالل الدين السيوطي‬ ‫ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [‪] 8‬‬

‫وأخ ـ رج ابــن أبــي شــيبة‪ ،‬وأبــو نعــيم يف « احلليــة » ‪ ،‬عــن حذيفــة رضــي اهلل تعــاىل عنــه قــال‪ « :‬إيــاكم‬
‫ومواقــف الفــنت! قيــل ومــا مواقــف الفــنت؟ قــال أبــواب األمــريأل يــدخل الرجــل علــى األمــري‪ ،‬فيصــدقه‬
‫بالكذب‪ ،‬ويقول ما لي‪ ،‬فيه »‪.‬‬

‫وأخرج ابن عساكر‪ ،‬عن أبي أمامة الباهلي‪ ،‬قال‪ :‬قال النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ « :‬أبعد اخللق مـن‬
‫اهلل‪ ،‬رجل تال‪ ،‬األمراء‪ ،‬فما قالوا من جور صدقهم عليه »‪.‬‬

‫وأخرج البيهقي‪ ،‬عن وهب بن منبه‪ ،‬أنه قال لعطاء‪ « :‬إيال وأبواب السلطان! فان على أبواب السلطان‬
‫فتن ًا كمبارل اإلبل‪ ،‬ال تصيب من دنياهم شيئاً إال أصابوا من دينك مثله »‪.‬‬

‫وأخرج ا بن أبي شيبة‪ ،‬والبيهقي‪ ،‬عن سلمة بن قي‪ ،،‬قـال‪ :‬لقيـت أبـا ذر‪ ،‬فقـال‪ « :‬يـا سـلمة بـن قـي‪!،‬‬
‫ثالث فاحفظها‪ :‬ال جتمع بـني الضـرائر فانـك لـن تعـدل ولـو حرصـت‪ ،‬وال تعمـل علـى الصـدقة‪ ،‬فـان‬
‫ذات سلطان فانك ال تصيب من دنياهم شيئاً‪ ،‬إال أصابوا من‬ ‫صاحب الصدقة زائد وناقص‪ ،‬وال تغ‬
‫دينك أفضل منه »‪.‬‬

‫فصل‬

‫ذهب مجهور العلماء من السلف‪ ،‬وصلحاء اخللف إىل أن هذه األحاديع واغثار جارية علـى إطالقهـا‬
‫سواء دعوه إىل اجملـيء إلـيهم أم ال‪ ،‬وسـواء دعـوه ملصـلحة دينيـة أم لغريهـا‪ .‬قـال سـفيان الثـوري‪ « :‬إن‬
‫دعول لتقرأ عليهم‪ :‬قل هو اهلل أحد‪ ،‬فال ت تهم » رواه البيهقي‪ ،‬ك ما تقدم وروى أبو نعـيم يف احلليـة‬
‫عن ميمون بن مهران‪ :‬أن عبد اهلل بن عبد امللك بن مروان قدم املدينة‪ ،‬فبعـع حاجبـه إىل سـعيد بـن‬
‫املسيب فقال له‪ :‬أجب أمري املؤمنني! قال‪ :‬وما حاجته؟ قال‪ :‬لتتحدث معه‪ .‬فقال‪ :‬لسـت مـن حداثـه‪.‬‬
‫فرجع احلاجب إليه ف خربه‪ ،‬قال‪ :‬دعه‪.‬‬

‫قال البخاري يف تارخيـه‪ « :‬مسعـت تدم بـن أبـي إيـاس يقـول‪ :‬شـهدت محـاد بـن سـلمة ودعـاه السـلطان‬
‫فقال‪ :‬اذهب إىل هؤالء! ال واهلل ال فعلت »‪.‬‬
‫للحافظ جالل الدين السيوطي‬ ‫ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [‪] 9‬‬

‫وروى اخلطيـب‪ ،‬عـن محــاد بـن سـلمة‪ :‬أن بعــض اخللفـاء أرسـل إليــه رسـوال يقـول لــه‪ :‬إنـه قـد عرضــت‬
‫مس لة‪ ،‬ف تنا نس لك‪ .‬فقال للرسول‪ :‬قل له‪ « :‬إنا أدركنا أقوام ا ال ي تونا أحدا ملا بلغهم من احلديع‬
‫فان كانت لك مس لة فاكتبها يف رقعة نكتب لك جوابها »‪.‬‬

‫وأخرج أبو احلسن بن فهر يف كتاب « فضائل مالك » ‪ ،‬عن عبد اهلل بن رافع وغريه قال‪ :‬قـدم هـارون‬
‫الرشيد املدينة‪ ،‬فوجه الربمكي إىل مالك‪ ،‬وقـال لـه‪ :‬امحـل إلـ ّي الكتـاب الـذي صـنفته حتـى أمسعـه‬
‫منك »‪ .‬فقال للربمكي‪ « :‬أقرئه السالم وقل له‪ :‬إن العلم يزار وال يزور » فرجع الربمكـي إىل هـارون‬
‫الرشيد‪ ،‬فقال له‪ :‬يا أمري املؤمنني! يبلغ أهل العراق أنك وجهت إىل مالك يف أمر فخالفـك! أعـزم‬
‫عليه حتى ي تيك‪ .‬ف رسل إليه فقال‪ :‬قل له يا أمري املؤمنني ال تكن أول مـن وضـع العلـم فيضـيعك‬
‫اهلل‪.‬‬

‫وروى غنجار يف تارخيه عن ابن منري‪ :‬أن سلطان خباري‪ ،‬بعع إىل حممد بن إمساعيل البخاري يقول‪:‬‬
‫امحل إليّ كتاب « اجلامع » و « التاريخ » ألمسع منك‪ .‬فقال البخاري لرسوله‪ « :‬قل له أنا ال أذل‬
‫العلم‪ ،‬وال تتي أبواب السالطني فان كانت لك حاجة إىل شيء منـه‪ ،‬فلتحضـرني يف مسـجدي أو يف‬
‫داري »‪.‬‬

‫وقال نعيم بن اهليصم يف جزئه امل هور‪ « :‬أخربنا خلف بن متيم عن أبي همام الكالعي‪ ،‬عن احلسـن‬
‫أنه مر ببعض القراء على بعض أبواب السالطني‪ ،‬فقال‪ :‬أقرحتم جباهكم‪ ،‬وفرطحتم نعالكم‪ ،‬وجئتم‬
‫بالعلم حتملونه على رقابكم إىل أبوابهم؟! أما إنكم‪ ،‬لو جلستم يف بيوتكم لكان خريا لكم‪ ،‬تفرقوا فرق‬
‫اهلل بني أعضائكم »‪.‬‬

‫وقــال الزجــاجي يف أماليــه‪ « :‬أنب نــا أبــو بكــر حممــد بــن احلســن‪ ،‬أخربنــي عبــد الــرمحن ابــن أخــي‬
‫األصمعي‪ ،‬عن عمه قال‪ :‬مر احلسن البصري بباب عمر بن هبرية وعليه القراء فسـلم‪ ،‬ثـم قـال‪ « :‬مـا‬
‫لكم جلوسا قد أحفيتم شواربكم وحلقتم رووسكم‪ ،‬وقصرمت أكمامكم‪ ،‬وفلطحتم نعالكم! أما واهلل!‬
‫لو زهدمت فيما عندهم‪ ،‬لرغبوا فيمـا عنـدكم‪ ،‬ولكـنكم رغبـتم فيمـا عنـدهم‪ ،‬فزهـدوا فيمـا عنـدكم‬
‫فضحتم القراء فضحكم اهلل »‪.‬‬
‫للحافظ جالل الدين السيوطي‬ ‫ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [‪] 11‬‬

‫وأخرج ابن النجار‪ ،‬عن احلسن أنه قال‪ « :‬إن سركم أن تسلموا ويسلم لكم دين كم‪ ،‬فكفوا أيديكم عن‬
‫دماء املسلمني‪ ،‬وكفوا بطونكم عن أمواهلم‪ ،‬وكفوا ألسنتكم عن أعراضهم وال جتالسوا أهل البدع‪،‬‬
‫وال ت توا امللول فيلبسوا عليكم دينكم »‪.‬‬

‫وأخ ــرج أب ــو نع ــيم يف احللي ــة ع ــن وهي ــب ب ــن ال ــورد ق ــال‪ « :‬بلغن ــا أن العلم ــاء ث ــالث‪ ،‬فع ــامل يتعلم ــه‬
‫للسالطني‪ ،‬وعامل يتعلمه لينفذ به عند التجار‪ ،‬وعامل يتعلمـه لنفسـه‪ ،‬ال يريـد بـه إال أنـه خيـاف أن‬
‫يعمل بغري علم‪ ،‬فيكون ما يفسد أكثر مما يصلح »‪.‬‬

‫وأخرج أبو نعيم‪ ،‬عن أبي صاحل األنطاكي‪ ،‬قال‪ :‬مسعت ابن املبارل يقول‪ « :‬مـن خبـل بـالعلم ابتلـى‬
‫بثالث‪ :‬إما مبوت فيذهب علمه‪ ،‬وإما ينسى‪ ،‬وإما يلزم السلطان فيذهب علمه »‪.‬‬

‫وقال اخلطيب البغدادي يف كتاب رواه مالك‪ « :‬كتب إىلّ القاضي أبو القاسـم احلسـن بـن حممـد‬
‫بن األنباري‪ ،‬من مصر‪ ،‬أنب نا حممد بن أمحد بن املسور‪ ،‬نب نا املقدام بن داود الرعيم‪ ،‬نب نا علي ابن‬
‫معبد‪ ،‬نب نا إسحاق بن حييى‪ ،‬عن مالك بـن أنـ‪ ،‬رمحـه اهلل‪ ،‬قـال‪ « :‬أدركـت بضـعة ع ـر رجـال مـن‬
‫التابعني يقولون ال ت توهم‪ ،‬وال ت مروهم‪ ،‬يعم السلطان »‪.‬‬

‫وقال ابن باكويه ال ريازي يف « أخبار الصوفية »‪ « :‬حدثنا سالمة بن أمحد التكريم أنب نا يعقوب‬
‫ابن اسحاق‪ ،‬نب نا عبيد اهلل بن حممد القرشي‪ ،‬قال‪ :‬كنا مع سفيان الثوري مبكة‪ ،‬فجاءه كتاب من‬
‫عياله من الكوفة‪ :‬بلغت بنا احلاجة أنا نقلي النوى فن كله فبكى سفيان‪ .‬فقال له بعض أصحابه‪ :‬يا‬
‫أبــا عبــد اهلل! لــو مــررت إىل الســلطان‪ ،‬صــرت إىل مــا تريــد! فقــال ســفيان‪ « :‬واهلل ال أس ـ ل الــدنيا مــن‬
‫ميلكها‪ ،‬فكيف أس هلا من ال ميلكها »‪.‬‬

‫حــدثنا عبــد الواحــد‪ ،‬نب نــا أمحــد بــن حممــد بــن محــدون‪ ،‬نب نــا أبــو عيســى األنبــاري‪ ،‬نب نــا‪ ،‬فــتح بــن‬
‫شخرف‪ ،‬نب نا عبد اهلل بن حسني‪ ،‬عن سفيان الثوري‪ :‬إنه كان يقول‪ « :‬تعززوا على أبناء الدنيا برتل‬
‫السالم عليهم »‪.‬‬

‫حدثنا عبد اهلل بن حممد بن جعفر‪ ،‬نب نا ابن حسـان‪ ،‬نب نـا أمحـد بـن أبـي احلـواري قـال‪ :‬قلـت ألبـي‬
‫سليما ن ختالف العلماء؟ فغضب وقال‪ « :‬أرأيت عاملاً ي تي باب السلطان في خذ دراهمهم »‪.‬‬
‫للحافظ جالل الدين السيوطي‬ ‫ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [‪] 11‬‬

‫مسعت عبد الواحد بن بكر يقول‪ :‬مسعت حممد بن داود الدينوري يقـول‪ :‬مسعـت أمحـد بـن الصـلت‬
‫يقول‪ « :‬جاء رجل إىل ب ر بن احلارث‪ ،‬فقال له‪ :‬يا سيدي! السلطان يطلب الصاحلني‪ ،‬فـرتى لـي أن‬
‫أختبئ؟ فقال له ب ر‪ « :‬جز من بني يدي‪ ،‬ال توز محار ال ول فيطرحك علينا »‪.‬‬

‫أخربنا أبو العالء‪ ،‬مسعت أمحد بن حممد التسرتي‪ ،‬مسعت زيـاد بـن علـي الدم ـقي يقـول‪ :‬مسعـت‬
‫صـاحل بــن خليفــة الكـويف‪ ،‬يقــول‪ :‬مسعــت سـفيان الثــوري يقــول‪ « :‬إن فجـار القــراء اختــذوا ســلماً إىل‬
‫الدنيا فقالوا‪ :‬ندخل على األمراء نفرج عن مكروب ونكلم يف حمبوس »‪.‬‬

‫وقال أبو علي اغمدي يف تعليقه‪ « :‬حدثم أبو حممد جعفر بن مصعب ابن الـزبري‪ ،‬عـن جـدة الـزبري‬
‫بن بكار‪ ،‬قال‪ :‬حدثم أبو املكرم عقبة بن مكرم بن عقبـة الضـيب عـن بريـد بـن كميـت‪ ،‬عـن عمـار بـن‬
‫سيف‪ ،‬أنه مسع سفيان الثوري يقول‪ « :‬النظر إىل السلطان خطيئة »‪.‬‬

‫وأخرج ابن باكويه‪ ،‬عن الفضيل بن عياض‪ ،‬قال‪ « :‬لو أن أهـل العلـم أكرمـوا علـى أنفسـهم وشـحوا‬
‫على دينهم‪ ،‬وأعزوا العلم وصانوه‪ ،‬وأنزلـوه حيـع أنزلـه اهلل‪ ،‬خلضـعت هلـم رقـاب اجلبـابرة وانقـاد هلـم‬
‫الناس‪ ،‬واشتغلوا مبا يعنيهم‪ ،‬وعز اإلسالم وأهلـه لكـنهم اسـتذلوا أ نفسـهم ومل يبـالوا مبـا نقـص مـن‬
‫دينهم‪ ،‬إذا سلمت هلم دنياهم وبذلوا علمهم ألبناء الدنيا ليصيبوا ما يف أيديهم‪ ،‬فـذلوا وهـانوا علـى‬
‫الناس »‪.‬‬

‫قال اغمدي‪ :‬حدثم أبو العباس‪ ،‬قال‪ :‬مسعت‪ :‬قدم طاهر بن عبد اهلل بن طاهر من خراسان يف حياة‬
‫أبيه يريد احلج‪ :‬فنزل يف دار إسحاق بن إبراهيم فوجه إسحاق إىل العلماء‪ ،‬ف حضرهم لرياهم طاهر‪،‬‬
‫ويقرأ عليهم فحضر أصحاب احلديع والفقه وأحضر ابن األعرابي‪ ،‬وأبا نصر صاحب األصمعي ووجه‬
‫إىل أبي عبيد القاسم بن سالم يف احلضور‪ ،‬فـ بى أن حيضـر وقـال‪ :‬العلـم يقصـد فغضـب إسـحاق مـن‬
‫قوله ورسالته‪ ،‬وكان عبد اهلل بن طاهر جرى له يف ال هر ألفي درهم فلم يوجه إليه إسحاق‪ ،‬وقطـع‬
‫الرزق عنه‪ ،‬وكتب إىل عبد اهلل باخلرب فكتب إليه‪ :‬قد صدق أبو عبيد يف قوله‪ ،‬وقد أضعفت الرزق له‬
‫من أجل فعله ف عطاه ف ته ورد عليه بعد ذلك ما يستحقه‪.‬‬

‫وأخرج ابن عساكر‪ ،‬من طريق ابن وهب‪ ،‬عن عبد الرمحن بن يزيد‪ ،‬قا ل‪ :‬حدثنا أبو حازم أن سليمان‬
‫بن ه ام بن عبد امللك قدم املدينة ف رسل إىل أبي حازم فدخل عليه فقال‪ :‬فسلمت وأنا متكـئ علـى‬
‫عصاي فقيل أال تتكلم!؟ قلت‪ :‬وما أتكلم به!؟ ليست لـي حاجـة فـ تكلم فيهـا‪ ،‬وإئـا جئـت حلـاجتكم‬
‫للحافظ جالل الدين السيوطي‬ ‫ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [‪] 12‬‬

‫الق أرسلتم إليّ فيها‪ ،‬وما كل من يرسل إىل تتيه‪ ،‬ولوال اخلوف من شركم ما جئتكم‪ .‬إني أدركت‬
‫أهل الدنيا تبعا ألهل العلم حيع كانوا‪ ،‬يقضي أهل العلم ألهل الدنيا حوائج دنياهم وأخراهم‪ ،‬وال‬
‫يستغم أهل الدنيا عن أهل العلم لنصيبهم من العلم ثم حال الزمـان‪ ،‬فصـار أهـل العلـم تبعـا ألهـل‬
‫الــدنيا حيــع كــانوا‪ ،‬فــدخل الــبالء علــى الفــريقني مجيعــا‪ .‬تــرل أهــل الــدنيا النصــيب الــذي كــانوا‬
‫يتمســكون بــه مــن العلــم حيــع رأوا أهــل العلــم قــد جــاووهم‪ ،‬وض ـيّع أهــل العلــم جســيم مــا قســم هلــم‬
‫باتباعهم أهل الدنيا »‪.‬‬

‫وأخرج ابن أبي الدنيا‪ ،‬واخلرائطي‪ ،‬وابن عساكر‪ ،‬عن زمعة بن صاحل‪ ،‬قال‪ :‬كتب بعض بم أمية إىل‬
‫أبي حازم أن يرفع إليه حوائجه‪ ،‬فكتب إليه‪ « :‬أما بعد فقد جاءني كتابك بعـزم أن ترفـع حـوائجي‬
‫إليك وهيهات! رفعت حوائجي إىل موالي فما أعطاني منها قبلت‪ ،‬وما أمسك عم منها رضيت »‪.‬‬

‫وأخرج ابن عساكر‪ ،‬عن عبد اجلبار بن عبد العزيز أبي حازم عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ :‬أن سليمان بن عبـد‬
‫امللك دخل املدينة‪ ،‬ف قام بها ثالثا‪ .‬فقال‪ :‬ههنا رجل ممن أدرل أصحاب حممد صلى اهلل عليه وسلم‬
‫وحيدثنا؟ فقيل له‪ :‬بلى ههنا رجل يقال له أبو حازم فبعع إليه‪ ،‬فجاءه‪ ،‬فقال له سليمان‪ :‬يا أبا حازم!‬
‫ما هذا اجلفاء أتاني وجوه املدينة كلهم ومل ت تم!؟ قال أبو حازم‪ :‬إن الناس ملا كانوا على الصواب‪،‬‬
‫كانت األمراء حتتاج إىل العلماء‪ ،‬وكانت العلماء تفر بدينها من األمراء‪ ،‬فلمـا رأى ذلـك قـوم مـن‬
‫أذلة الناس تعلموا العلم وأتوا به إىل األمراء فاستغنت به عن العلماء‪ ،‬واجتمـع القـوم علـى املعصـية‬
‫فسقطوا أو تعسوا أو تنسكوا ولو كان علماونا هؤالء يصونون علمهم‪ ،‬مل تزل األمراء تهابهم »‪.‬‬

‫وأخرج البيهقي‪ ،‬وابن عساكر‪ ،‬عن زمعة بن صاحل قال‪ :‬قال الزهري لسليمان أو ه ام‪ :‬أال تس ل أبا‬
‫حازم ما قال يف العلماء؟ قال يا أبا حازم‪ :‬ما قلت يف العلماء؟ قال‪ « :‬وما عسيت أن أقـول يف العلمـاء‬
‫إال خريا‪ ،‬إني أدركت العلماء وقد استغنوا بعملهم عن أهل الدنيا‪ ،‬ومل تستغن أهـل الـدنيا بـدنياهم‬
‫عن علمهم فلما رأى ذلك هذا وأصحابه تعلموا العلم فلم يستغنوا به واستغنى أهل الدنيا بدنياهم‬
‫عن علمهم‪ ..‬فلما رأوا ذلك‪ ،‬قذفوا بعلمهم إىل أهل الدنيا ومل ينلهم أهل الدنيا من دنياهم شيئا‪ ،‬إن‬
‫هذا وأصحابه ليسوا علماء إئا هم رواة »‪.‬‬

‫وأخرج أبو نعيم‪ ،‬وابن عساكر‪ ،‬عن يوسف بن أسباط قال‪ :‬أخربنا ‪،‬ـم‪ :‬أن بعـض األمـراء أرسـل إىل‬
‫أبي حازم ف تاه‪ ،‬وعنده اإلفريقي‪ ،‬والزهري وغريهما فقال له‪ :‬تكلم يـا أبـا حـازم فقـال أبـو حـازم‪ « :‬إن‬
‫خري األمراء من أحب العلماء‪ ،‬وأن شر العلماء من أحب األمراء‪ .‬وكانوا فيما مضى إذا بعع األمراء‬
‫للحافظ جالل الدين السيوطي‬ ‫ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [‪] 13‬‬

‫إىل العلم ــاء مل يــ توهم‪ ،‬وإذا ســ لوهم مل يرخص ــوا هل ــم وك ــان األم ــراء يــ تون العلم ــاء يف بي ــوتهم‬
‫فيس لونهم‪ ،‬وكان يف ذلك صالح لألمراء وصالح للعلماء‪ .‬فلما رأى ذلك ناس من الناس‪ ،‬قالوا‪ :‬ما‬
‫لنــا ال نطلــب العلــم حتــى نكــون مثــل هــؤالء! وطلبــوا العلــم ف ـ توا األم ـ راء فحــدثوهم فرخصــوا هلــم‬
‫فخربت العلماء على األمراء‪ ،‬وخربت‪ ،‬األمراء على العلماء‪.‬‬

‫وأخرج البيهقي يف « الزهد » ‪ ،‬وابن عساكر‪ ،‬عن سفيان‪ :‬قال‪ :‬قال بعض األمراء ألبي حازم‪ :‬ارفع إلي‬
‫حاجتك قال‪ :‬هيهات! هيهات! رفعتها إىل من ال ختتزن احلوائج دونه‪ ،‬فما أعطاني منها قنعت‪ ،‬وما‬
‫زوى عم منها رضيت‪ ،‬كان العلماء فيما مضى يطلبهم السلطان وهم يفرون منه‪ ،‬وأن العلماء اليوم‬
‫طلبــوا العلــم حتــى إذا مجعــوه أــذافريه‪ ،‬أتــوا بــه أبــواب الســالطني‪ ،‬والســالطني يفــرون مــنهم‪ ،‬وهــم‬
‫يطلبونهم »‪.‬‬

‫وأخرج ابن عساكر‪ ،‬عن حممد بن عجالن املدني‪ ،‬قال‪ :‬أرسل سليمان بن ه ام إىل أبـي حـازم‪ ،‬فقـال‬
‫له‪ :‬تكلم! قال‪ « :‬ما لي من حاجة أتكلم بها‪ ،‬ولوال اتقاء شركم ما جئتكم لقد أتى علينا زمان وإئا‬
‫األمـراء تطلـب العلمـاء فت خــذ ممـا يف أيـديهم فتنتفــع بـه‪ ،‬فكـان يف ذلــك صـالح للفـريقني مجيعــا‪،‬‬
‫فطلبت اليوم العلماء األمراء وركنوا إليهم واشتهوا ما يف أيدي هم‪ ،‬فقالت األمراء ما طلب هؤالء ما‬
‫يف أيدينا حتـى كـان مـا يف أيـدينا خـريا ممـا يف أيـديهم‪ ،‬فكـان يف ذلـك فسـاد للفـريقني كليهمـا »‬
‫فقال سليمان بن ه ام‪ :‬صدقت‪.‬‬

‫وأخـرج ابـن عسـاكر‪ ،‬مـن طريـق أبـي قالبـة عبـد امللـك بـن حممـد الرقاشـي قـال‪ :‬حـدثنا أبـو سـعيد‬
‫األصمعي‪ ،‬عن أبي الزناد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬قال‪ « :‬كان الفقهاء كلهم باملدينة ي تون عمر بـن عبـد العزيـز‪،‬‬
‫خال سعيد بن املسيب‪ ،‬فان عمر كان يرضى أن يكون بينهما رسول‪ ،‬وكنت الرسول بينهما‪.‬‬

‫وأخرج ابن عساكر‪ ،‬عن األوزاعي‪ ،‬قال‪ :‬قدم عطاء اخلراساني على ه ام بن عبـد امللـك فنـزل علـى‬
‫مكحول‪ ،‬فقال عطاء ملكحول‪ :‬ههنا أحد حيركنا؟ ‪ -‬يعم يعظنا ‪ -‬قال‪ « :‬نعم‪ ،‬يزيد بـن ميسـرة‬
‫ف توه‪ ،‬فقال له عطاء‪ :‬حركنا رمحك اهلل‪ ،‬قال‪ :‬نعـم‪ ،‬كانـت العلمـاء إذا علمـوا عملـوا‪ ،‬فـاذا عملـوا‬
‫شغلوا‪ ،‬فاذا شغلوا فقدوا‪ ،‬فاذا فقدوا طلبوا‪ ،‬فاذا طلبوا هربوا » قـال‪ :‬أعـد علـي‪ ،‬ف عـاد عليـه‪ .‬فرجـع‬
‫ومل يلق ه اما‪.‬‬
‫للحافظ جالل الدين السيوطي‬ ‫ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [‪] 14‬‬

‫وأخ رج اخلطيب وابن عساكر‪ ،‬عن مقاتـل بـن صـاحل اخلراسـاني قـال‪ :‬دخلـت علـى محـاد بـن سـلمة‪،‬‬
‫فبينا أنا عنده جال‪ ،،‬إذ دق داق الباب فقال‪ « :‬يا صبية أخرجي فانظري من هذا! فقالت‪ :‬هذا رسول‬
‫حممد بن سليمان اهلامشي ‪ -‬وهـو أمـري البصـرة والكوفـة ‪ -‬قـال‪ :‬قـولي لـه يـدخل وحـده‪ ،‬فـدخل‬
‫وسلم فناو له كتابـه‪ ،‬فقـال‪ :‬اقـرأه فـاذا فيـه‪ « :‬بسـم اهلل الـرمحن الـرحيم مـن سـليمان إىل محـاد بـن‬
‫سلمة‪ .‬أما بعد‪ :‬فصبحك اهلل مبا صبح به أولياءه وأهل طاعته‪ .‬وقعت مس لة ف تينا نس لك عنها »‬
‫فقال‪ « :‬يا صبية هلمي الدواة! » ثم قال‪ :‬لي‪ « :‬اقلب الكتاب وكتب‪ :‬أما بعد فقد صبحك اهلل مبـا‬
‫صبح به أولياءه وأهل طاعته‪ ،‬إنا أدركنا العلماء وهم ال ي تون أحدا‪ ،‬فان وقعت مس لة ف تنا فاس لنا‬
‫عما بدا لك! وإن أتيتم‪ ،‬فال ت تم إال وحدل‪ ،‬وال ت تم خبيلك ورجلك‪ ،‬فال أنصحك وال أنصـح‬
‫نفسي‪ ،‬والسالم » فبينما أنـا عنـده‪ ،‬إذ دق داق البـاب فقـال‪ « :‬يـا صـبية أخرجـي فـانظري مـن هـذا! »‬
‫قالت‪ « :‬هذا حممد بن سليمان‪ ،‬قال‪ « :‬قولي له يدخل وحده » فدخل‪ ،‬فسلم ثم جل‪ ،‬بن يديه‪ ،‬ثـم‬
‫ابتدأ‪ ،‬فقال‪ :‬ما لي إذا نظرت إليك امتألت رعبا!؟ فقال محاد‪ « :‬مسعت ثابت البناني يقول‪ :‬مسعت‬
‫أن‪ ،‬بن مالك يقول‪ :‬مسعت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يقـول‪ « :‬إن العـامل إذا أراد بعلمـه وجـه‬
‫اهلل هابه كل شيء‪ ،‬وإذا أراد به أن يكثر به الكنوز‪ ،‬هاب من كل شيء » وذكر بقية القصة‪.‬‬

‫وأخرج ابن النجار يف تارخيه عن مفلح بن األسود‪ ،‬قال‪ :‬قال امل مون ليحيى بن أكثم‪ :‬إني أشتهي أن‬
‫أرى ب ر بن احلارث‪ .‬قال‪ :‬إذا اشتهيت يا أمري املؤمنني‪ ،‬فاىل الليلة وال يكون معنا ب ر‪ .‬فركبا‪ ،‬فدق‬
‫حييى الباب فقال ب ـر‪ :‬مـن هـذا؟ قـال‪ :‬مـن جتـب عليـك طاعتـه‪ .‬قـال‪ :‬وأي شـيء تريـد؟ قـال‪ :‬أحـب‬
‫لقــال فقــال ب ــر‪ :‬طائعــا أو مكرهــا قــال‪ :‬ففهــم املـ مون‪ ،‬فقــال ليحيــى‪ :‬اركــب فمــر علــى رجــل يقــيم‬
‫الصالة صالة الع اء اغخرة فدخال يصليان ف اذا اإلمام حسن القراءة فلما أصبح امل مون وجه إليـه‪،‬‬
‫فجاء به فجعل ينامره يف الفقـه‪ ،‬وجعـل الرجـل خيالفـه‪ ،‬ويقـول‪ :‬القـول يف هـذه املسـ لة خـالف هـذا‬
‫فغضب امل مون‪ .‬فلما كثر خالفه قال‪ « :‬عهدي بك‪ ،‬ك نك تذهب إىل أصحابك فتقـول‪ :‬خطـ ت‬
‫أمري املؤمنني‪ .‬فقال‪ :‬واهلل يا أمري املؤمن ني إني ألسـتحي مـن أصـحابي أن يعلمـوا أنـي جئتـك! فقـال‬
‫امل مون‪ :‬احلمد هلل الذي جعل يف رعيق من يستحي أن تيئم‪ ،‬ثم سجد هلل شكرا‪ .‬والرجل إبـراهيم‬
‫بن إسحاق احلربي‪.‬‬

‫« وأخرج ابن النجار يف تارخيه عن سفيان الثوري قـال‪ « :‬مـا زال العلـم عزيـزا‪ ،‬حتـى محـل إىل أبـواب‬
‫امللول ف خ ذوا عليه أجرا‪ ،‬فنزع اهلل احلالوة من قلوبهم ومنعهم العلم به »‪.‬‬
‫للحافظ جالل الدين السيوطي‬ ‫ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [‪] 15‬‬

‫وأخرج البيهقي يف « شعب اإلميان » عن ب ر احلايف قال‪ « :‬ما أقبح أن يطلب العامل‪ ،‬فيقال‪ :‬هو بباب‬
‫األمري »‪.‬‬

‫وأخرج أيضا عن الفضيل بن عيـاض‪ ،‬قـال‪ :‬إن تفـة القـراء العجـب‪ ،‬واحـذروا أبـواب امللـول فانهـا تزيـل‬
‫ا لنعم فقيل‪ :‬كيف؟ قال‪ :‬الرجل يكون عليـه مـن اهلل نعمـة ليسـت لـه إىل خلـق حاجـة فـاذا دخـل إىل‬
‫هؤالء فرأى ما بسط هلم يف الدور واخلدم استصغر ما هو فيه من خري ثم تزول النعم »‪.‬‬

‫فصل‬

‫عقد الغزالي يف « اإلحياء » بابا يف خمالطة السالطني‪ ،‬وحكم غ يان االستهم‪ ،‬والدخول عليهم‪،‬‬
‫قال فيه‪ « :‬اعلـم أن لـك مـع األمـراء والعمـال الظلمـة‪ ،‬ثالثـة أحـوال‪ :‬احلـال األوىل‪ :‬وهـي شـرها‪ ،‬أن‬
‫تدخل عليهم‪.‬‬

‫والثانية‪ :‬وهي دونها أن يدخلوا عليك‪.‬‬

‫والثالثة‪ - :‬وهي األسلم ‪ : -‬أن تعتزل عنهم‪ ،‬وال تراهم وال يرول‪.‬‬

‫أمــا احلالــة األوىل‪ :‬وهــي الــدخول علــيهم‪ ،‬فهــي مذمومــة جــدا يف ال ــرع وفيــه تغليظــات وت ــديدات‬
‫تواردت بها األخبار واغثار فننقلها لتعرف ذم ال رع له‪ .‬ثم نتعرض ملا حيرم منه‪ ،‬وما يباح وما يكره‪،‬‬
‫على‪ ،‬ما تقتضيه الفتوى يف ماهر العلم » ثم سرد كثريا من األحاديع واغثـار الـق سـبق ذكرهـا‪.‬‬
‫ومما أورده مما مل يسبق له ذكر‪ « :‬قال سفيان‪ :‬يف جهنم واد ال يسكنه إال القراء الزوارون للملول »‪.‬‬

‫وقال األوزاعي‪ « :‬ما شيء أبغض إىل اهلل من عامل يـزور عـامال »‪ .‬وقـال إسـحاق‪ « :‬مـا أمسـج بالعـامل‬
‫يؤتى السه وال يوجد فيس ل عنه فيقال‪ :‬إنه عند األمري‪ .‬وكنت أمسع أنه يقال‪ :‬إذا رأيـتم العـامل‬
‫يزور السلطان فاتهموه عل ى دينكم‪ .‬أنا ما دخلت قط على هذا إال وحاسبت نفسي بعد اخلروج‪ ،‬ف رمي‬
‫عليها الدرل مع ما أواجههم به من الغلظـة واملخالفـة هلـواهم » ‪ .‬وكـان سـعيد بـن املسـيب يتجـر يف‬
‫الزيت ويقول‪ « :‬إن يف هذا لغنى عن هؤالء السالطني »‪.‬‬
‫للحافظ جالل الدين السيوطي‬ ‫ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [‪] 16‬‬

‫وقال وهب‪ « :‬هؤالء الذين يدخلون على امللول‪ ،‬هلم أضر على األمة من املقامرين »‪ .‬وقال حممد ابن‬
‫مسلمة‪ « :‬الذباب على العذرة‪ ،‬أحسن من قارئ على باب هؤالء » وملا خالط الزهري السلطان كتب‬
‫له أخ يف الدين‪ « :‬عافانا اهلل وإيال يا أبا بكر مـن الفـنت‪ ،‬فقـد أصـبحت أـال ينبغـي ملـن يعرفـك أن‬
‫يدعو لك ويرمحك‪ ،‬أصبحت شيخا كبريا وقد أث قلتك نعم اهلل ملـا فهمـك مـن كتابـه وعلمـك‬
‫من سنة نبيه صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ولي‪ ،‬كذلك أخذ اهلل امليثاق على العلماء‪ .‬واعلـم أن أيسـر مـا‬
‫ارتكبت‪ ،‬وأخف ما احتملت‪ ،‬أنك أنست وح ة الظامل‪ ،‬وسهلت سبيل الغي‪ ،‬بدنول ممن مل يؤد حقا‪،‬‬
‫ومل يرتل باطال حني أدنال‪ ،‬اختذل قطبـا تـدور عل يـك رحايـا ملمهـم‪ ،‬وجسـرا يعـربون عليـك إىل‬
‫بالئهم وسلما يصعدون فيه إىل ضاللتهم‪ ،‬يدخلون بك ال ـك علـى العلمـاء ويغتـالون بـك قلـوب‬
‫اجلهال‪ ،‬فما أيسر ما عمروا لك يف جنب ما أخربوا عليك‪ ،‬وما أكثر ما أخذوا منك فيما أفسدوا‬
‫عليــك مــن دينــك فمــا يؤمنــك أن تكــون ممــن قــال اهلل فــيهم‪ { :‬فَخَلَ ـفَ مِــن بَع ـدِهِم خَل ـفا أَضــاعوا‬
‫الصَلواةَ وَاِتَبَعوا ال َهَواتِ} ‪ ،‬وإنك تعامل من ال تهل‪ ،‬وحيفظ عليك من ال يغفل‪ ،‬فداو دينك فقد‬
‫دخله سـقم وهـيء زادل فقـد حضـره سـفر بعيـد‪ ،‬ومـا خيفـى علـى اهلل شـيء يف األرض وال يف السـماء‬
‫والسالم »‪.‬‬

‫قال‪ « :‬فهذه األخبار واغثار تد ل على ما يف خمالطة السالطني من الفنت وأنواع الفساد ولكنا نفصل‬
‫ذلك تفصيال فقهيا‪ ،‬ئيز فيه احملظور عن املكروه واملباح‪.‬‬

‫فنقـول‪ :‬الـداخل علـى السـلطان متعـرض ألن يعصـي اهلل إمـا بفعلـه‪ ،‬وإمـا بسـكوته‪ ،‬وإمـا بقولـه‪ ،‬وإمـا‬
‫باعتقاده وال ينفك عن أحد هذه األمور‪.‬‬

‫أما الفعل‪ :‬فا لدخول عليهم يف غالب األحوال يكون إىل دار مغصوبة‪ ،‬وختطيهـا والـدخول فيهـا بغـري‬
‫إذن املالك حرام والتواضع للظامل ال يباح إال مبجرد السالم‪ .‬ف ما تقبيل اليد واالحنناء يف اخلدمة‬
‫فمعصية‪.‬‬

‫وقد بالغ بعض السلف‪ ،‬حتى امتنع عـن رد جـوابهم يف السـالم‪ .‬واإلعـراض عـنهم اسـتحقارا هلـم مـن‬
‫حماسن القربات‪ .‬واجللوس على بساطهم‪ ،‬إذا كان أغلب أمواهلم حراما‪ ،‬ال توز‪.‬‬

‫وأمـا السـكوت فانــه يـرى يف الســهم مـن الفــرش احلريـر‪ ،‬وأوانــي الفضـة واحلريــر وامللبـوس علــيهم‪،‬‬
‫وعلـى غلمـانهم مـا هـو حــرام‪ .‬وكـل مـن رأى سـيئة وسـكت عليهــا‪ ،‬فهـو شـريك يف تلـك السـيئة‪ .‬بــل‬
‫للحافظ جالل الدين السيوطي‬ ‫ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [‪] 17‬‬

‫يسمع من كالم هم ما هو فح ‪ ،‬وكذب وشتم‪ ،‬وإيذاء‪ ،‬والسكوت عن مجيع ذلك حرام‪ .‬فان ما هو‬
‫فح ‪ ،‬وكذب وشتم‪ ،‬وإيذاء‪ ،‬والسكوت عن مجيع ذلك حرام‪ .‬فان قلت‪ :‬إنه خياف علـى نفسـه‪ ،‬وهـو‬
‫معذور يف السكوت فهذا حق ولكنه مستغن عن أن يعرض نفسه الرتكاب ما ال يباح إال بعـذر‪ ،‬فانـه لـو‬
‫مل يدخل ومل ي اه د مل يتوجه عليه اخلطاب باحلسبة‪ ،‬حتى يسقط عنه بالعذر‪ .‬ومن علم فسادا يف‬
‫موضـع‪ ،‬وعلــم أنــه ال يقــدر علــى إزالتــه ال تــوز لــه أن حيضــر ليجــري ذلــك بــني يديــه‪ ،‬وهــو ي ــاهده‬
‫ويسكت بل حيتزر عن م اهدته‪.‬‬

‫وأمــا القــول‪ :‬فانــه يــدعو للظــامل‪ ،‬أو يــثم عليــه‪ ،‬أو يصــدقه فيمــا يقــول مــن باطــل بصــريح قولــه‪ ،‬أو‬
‫بتحريك رأسه‪ ،‬أو باستب ار يف وجهه أو يظهر له احلب واملواالة‪ ،‬واالشتياق إىل لقائه‪ ،‬واحلرص على‬
‫طول عمره وبقائه‪.‬‬
‫فانه يف الغالب ال يقتصر على السالم‪ ،‬بل يتكلم وال يعدو كالمه هذا اإلمام‪.‬‬

‫وأما دعاوه فال حيل له إال أن يقول‪ « :‬أصلحك‪ ،‬أو وفقك اهلل للخري ات أو طول اهلل عمرل يف طاعته‬
‫» أو ما تري يف هذا اجملرى‪ .‬ف ما الـدعاء لـه باحلراسـة وطـول البقـاء وإسـبام النعمـة‪ ،‬مـع اخلطـاب‬
‫باملوىل وما يف معناه‪ ،‬فغري جائز‪ ،‬وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ « :‬من دعى لظامل بالبقاء‪ ،‬فقد أحب أن‬
‫يعصى اهلل يف أرضه »‪ .‬فان جاوز الدعاء إىل الثن اء فيذكر ما لي‪ ،‬فيـه‪ ،‬فيكـون كاذبـا أو منافقـا أو‬
‫مكرما لظامل‪ .‬وهذه ثالث معاص‪ ،‬وقد قال صلى اهلل عليه وسلم‪ « :‬إن اهلل ليغضـب إذا مـدح الفاسـق‬
‫»‪ .‬ويف خرب تخر‪ « :‬من أكرم فاسقا فقد أعـان علـى هـدم اإلسـالم فـان جـاوز ذلـك إىل التصـديق لـه‬
‫فيما يقول‪ ،‬والتزكية على ما يعمل‪ ،‬كان عاصيا بالتصديق وباإلعانة‪ .‬فان التزكية‪ ،‬والثناء إعانة‬
‫على املعصية وحتريك للرغبة فيها كما أن التكذيب واملذمة والتقبيح زجر عنه وتضعيف لدواعيه‪.‬‬
‫واإلعانة على املعصية معصية ولو ب طر كلمة‪ .‬وقد سئل سفيان عـن مـامل أشـرف علـى اهلـالل يف‬
‫برية‪ :‬هل يسقى شربة ماء؟ فقال‪ « :‬ال‪ ،‬دعه ميوت فان ذلك إعانة له » ‪ .‬وأيضـا فـال يسـلم مـن فسـاد‬
‫يتطرق إىل قلبه فانه ينظر إىل توسعه يف النعمة ويزدري نعمة اهلل عليه ويكون مقتحمـا نهـي رسـول‬
‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم حيع قال‪ « :‬يا مع ر املهاجرين ال تدخلوا على أهل الدنيا فانها مسـخطة‬
‫للرزق »‪ .‬وهذا مع ما في ه من اقتداء غريه يف الدخول‪ ،‬ومن تكثري سواد الظلمة بنفسه وحتميله إياهم‬
‫إن كان ممن به وكل ذلك إما مكروهات أو حمظورات فال توز الدخول عليهم إال بعذرين‪.‬‬

‫أحدهما‪ :‬أن يكون من جهتهم أمر إلزام‪ ،‬ال إكرام‪ ،‬وعلم أنه لو امتنع أوذي‪.‬‬
‫للحافظ جالل الدين السيوطي‬ ‫ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [‪] 18‬‬

‫والثــاني‪ :‬أن يــدخل علــيهم يف دفــع الظلــم عــن مســلم‪ ،‬فــذلك رخصــة ب ــرط أن ال يكــذب‪ ،‬وال يــدع‬
‫نصيحة يتوقع هلا قبوال »‪.‬‬

‫ثم قال‪ « :‬فان قلت‪ :‬فلقد كان علمـاء السـلف يـدخلون علـى السـالطني فـ قول‪ :‬نعـم تعلـم الـدخول‬
‫منهم‪ ،‬ثم أدخل عليهم! فقـد حكـي‪ :‬أن ه ـام بـن عبـد امللـك‪ ،‬قـدم حاجـا إىل مكـة فلمـا دخلـها قـال‪:‬‬
‫ائتوني برجل من الصحابة » فقيل‪ :‬يا أمري املـؤمنني! فقـد تفـانوا قـال‪ :‬مـن التـابعني‪ .‬فـ تي بطـاوس‬
‫اليماني فلما دخل عليه‪ ،‬خلع نعليه أاشية البساط‪ ،‬ومل يسلم بامرة املؤمنني‪ ،‬ولكن قال‪ « :‬السالم‬
‫عليك يا ه ام! » ومل يكنه وجل‪ ،‬بازائه وقال‪ « :‬كيف أنت يا ه ام! » فغضب ه ام غضبا شديدا‬
‫حتى هم بقتله وقال له‪ « :‬ما محلك على ما صنعت؟! » قال‪ « :‬وما الذي صنعت؟! »‪.‬‬

‫فازداد غضبا وغيظا‪ ،‬فقال‪ « :‬خلعت نعلك أاشية بساطي‪ ،‬ومـا قبلـت يـدي‪ ،‬ومل تسـلم علـي بـامرة‬
‫املؤمنني‪ ،‬ومل تكنم وجلسـت بـازاي بغـري إذن‪ ،‬وقلـت‪ « :‬كيـف أنـت يـا ه ـام؟ » فقـال‪ :‬أمـا قولـك‪« :‬‬
‫خلعت نعلي‪ ،‬أاش ية بساطك‪ ،‬ف نا أخلعها بني يدي رب العاملني كل يوم مخ‪ ،‬مـرات وال يعـاقبم‬
‫وال يغضب علي‪ .‬وأما قولك‪ « :‬مل تقبل يدي فاني مسعت علي بن أبي طالب قال‪ «:‬ال حيل لرجل أن‬
‫يقبل يد أحد‪ ،‬إال امرأته ب هوة أو ولده برمحة » ‪ .‬وأما قولك‪ :‬مل تسلم بـامرة املـؤمنني‪ ،‬فلـي‪ ،‬كـل‬
‫الناس راض بامرتك‪ ،‬فكرهت أن أكذب‪ .‬وأما قولك‪ « :‬مل تكنم فان اهلل تعاىل مسى أولياءه وقال‪:‬‬
‫يا داود‪ ،‬يا حييى‪ ،‬يا عيسى وكم أعـداءه فقـال‪» :‬تَبَّـت يَـداَ أَبـي لَهَـب« وأمـا قولـك‪ :‬جلسـت بـازائي‬
‫فـاني مسعــت علــي بــن أبـي طالــب يقــول‪ « :‬إذا أردت أن تنظــر إىل رجــل مـن أهــل النــار‪ ،‬انظــر إىل رجــل‬
‫جال‪ ،‬وحوله قوم قيام » فقال ه ام‪ :‬عظم؟‪.‬‬

‫قال‪ « :‬مسعت علي بن أبي طالب يقول‪ « :‬إن يف جهنم حيات كالقالل‪ ،‬وعقارب كالبغال تلدم كل‬
‫أمري ال يعدل يف رعيته » ثم قام وخرج‪.‬‬

‫وعن سفيان الثوري قال‪ « :‬دخلت على أبي جعفر مبنـى‪ ،‬فقـال لـي‪ :‬ارفـع حاجتـك؟ فقلـت لـه‪ «:‬اتـق‬
‫اهلل! فانك قد مألت األرض جـورا وملمـا » ‪ .‬قـال‪ :‬فط طـ رأسـه‪ ،‬ثـم رفـع وقـال‪ :‬ارفـع لنـا حاجتـك؟‬
‫فقلت‪ « :‬إئا أنزلت هذه املنزلة بسيوف املهاجرين واألنصار‪ ،‬وأبناوهم ميوتون جوعا‪ ،‬فاتق اهلل وأوصل‬
‫إليهم حقوقهم » ‪ .‬قال‪ :‬فط ط رأسه ثم رفع وقال‪ :‬ارفع إلينا حاجتك؟ قلت‪ « :‬حج عمر بن اخلطاب‬
‫رضي اهلل عنه فقال خلازنه‪ :‬كم أنفقت؟ قال‪ :‬بضعة ع ر درهما‪ ،‬وأرى هاهنا أمورا ال تطيق اجلمال‬
‫محلها »‪.‬‬
‫للحافظ جالل الدين السيوطي‬ ‫ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [‪] 19‬‬

‫فهكذا كانوا يدخلون على السالطني إذا أكرهوا فكانوا يفرون ب رواحهم يف اهلل أعم علماء اغخرة‪،‬‬
‫ف مــا علمــاء الــدنيا فيــدخلون ليتقربــوا إىل قلــوبهم‪ ،‬فيــدلونهم علــى الــرخص‪ ،‬ويســتنبطون بــدقائق‬
‫احليل السعة فيما يوافق أغراضهم » انتهى كالم الغزالي ملخصا‪.‬‬

‫ويف « أمالي » ال يخ عز الدين بن عبد السالم الق علقها عنه تلميذه ال ـيخ شـهاب الـدين القـرايف‬
‫أحد أئمة املالكية‪ ،‬ما نصه‪ « :‬ومن مجلة كالمه ‪ -‬يعم ال ـيخ عـز الـدين رضـي اهلل عنـه ‪ -‬وقـد‬
‫كتب إليه بعض أرباب الدولة حيضه على االجتماع مبلك وقتهم‪ ،‬والرتدد إليه ليكون ذلك مقيما‬
‫جلاهه وكاتبا لعدوه‪ .‬فقال رضي اهلل عنه‪ « :‬قرأت العلم ألكون سفرياً بـني اهلل وبـني خلقـه‪ ،‬وأتـردد‬
‫إىل أبواب هؤالء! » قال القرايف‪ « :‬ف شار رضي اهلل تعاىل عنه إىل من محل العلم‪ ،‬فقد صار ينقل عن‬
‫اهلل إىل عباده‪ ،‬فهو يف مقام الرسالة ومن كان له هذا ال رف ال حيسن منه ذلك »‪.‬‬

‫وقال ابن احلاج يف « املدخل »‪ « :‬ينبغي للعامل‪ ،‬بل يتعني عليه أن ال يرتدد ألحد من أبناء الدنيا‪ ،‬ألن‬
‫العامل ينبغي أن يكون الناس على بابه‪ ،‬ال عك‪ ،‬احلال أن يكون هو على بابهم وال حجة له يف كونه‬
‫خياف من عدو أو حاسد وما أشبههما مبن خي ى أن ي وش عليه‪ ،‬أو يرجو أحد منهم دفع شيء مما‬
‫خي اه أو يرجو أن يكون ذلـك شـيئا لقضـاء حـوائج املسـلمني مـن جلـب مصـلحة هلـم أو دفـع مضـرة‬
‫عنهم فهذا لي‪ ،‬فيه عذر ينفعـه‪ .‬أمـا األول‪ :‬فألنـه إذا أخـذ ذلـك باشـراف نفـ‪ ،‬مل يبـارل فيـه‪ .‬وإذا‬
‫كان خائفا مما ذكر‪ ،‬فذلك أعظم من إشراف النف‪ ،،‬وقد يسلط عليه من يرتدد إليه يف مصلحة‬
‫عقوبة لـه معجلـة‪ .‬وأمـا الثـاني‪ :‬فهـو يرتكـب أمـرا حمظـورا حمققـا ألجـل حمـذور مظنـون توقعـه يف‬
‫املستقبل‪ .‬وقد يكون‪ ،‬وقد ال يكون وهو مطلوب يف الوقت بعدم ارتكاب ذلك ا لفعل املذموم شرعا‪ ،‬بـل‬
‫اإلعانة على قضاء حوائجه وحوائج املسلمني إئا هو باالنقطاع عن أبواب هؤالء‪ ،‬والتعويل على اهلل‬
‫سبحانه والرجوع إليه فانه سبحانه هو القاضي للحوائج‪ ،‬والدافع للمخاوف‪ ،‬واملسخر لقلوب اخللق‪،‬‬
‫واملقبل بها على ما شاء‪ ،‬كيف شاء‪ .‬قال تعاىل خطابا لسيد اخللق‪ » :‬لَو أَنفَقتَ ما يف األَرضِ جَميعاً‬
‫مّا أَلَّفتَ بَنيَ قُلوبِهِم وَلَكِنَّ اللَهَ أَلَّفَ بَينَهم« ‪ .‬فذكر سبحانه هذا يف معرض االمتنان على نبيه صلى‬
‫اهلل عليه وسلم‪ .‬والعامل إذا كان متبعا لـه عليـه أفضـل الصـالة والسـالم سـيما يف التعويـل علـى ربـه‬
‫سبحانه وا لسكون إليه دون خملوقاته فانه سبحانه يعاملـه بهـذه املعاملـة اللطيفـة الـق عامـل نبيـه‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ولربكة االتباع له صلى اهلل عليه ويسـلم بـذلك مـن الـرتدد إىل أبـواب هـؤالء‬
‫كالذي يفعله بعض الناس‪ ،‬وهو سم قاتل‪ .‬ويا ليتهم لو اقتصروا على ما ذكر ال غـري‪ .‬بـل يضـمون‬
‫إىل ذلك ما هو أشد وأشنع‪ ،‬وهو أنهم يقولون أن تـرددهم إىل أبـوابهم مـن بـاب التواضـع‪ ،‬أو مـن بـاب‬
‫للحافظ جالل الدين السيوطي‬ ‫ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [‪] 21‬‬

‫إرشادهم إىل اخلري إىل غري ذلك مما خيطر هلم‪ ،‬وهو كثري قد عمت به البلوى‪ ،‬وإذا اعتقدوا ذلك‬
‫فقد قل الرجاء من توبتهم ورجـوعهم‪ .‬وقـد نقـل بعـض علمائنـا أن العـدل إذا تـردد إىل بـاب القاضـي‬
‫يكون ذلك حرجة يف حقه وترد به شهادته‪ .‬فاذا كان هذا يف الرتدد إىل باب القاضي وهـو عـامل مـن‬
‫علماء املسلمني ‪ ،‬سامل السه مما تري من اال‪ ،‬هؤالء‪ ،‬فكيف الـرتدد إىل غـري القاضـي‪ ،‬فمـن‬
‫بــاب أوىل وأوجــب املنــع مــن ذلــك »‪ .‬وقــال يف موضــع تخــر‪ «:‬ينبغــي للعــامل أنــه إذا قطــع عنــه معلــوم‬
‫املدرسة ال يرتل ما كان منه من االجتهاد وال يتربم‪ ،‬وال يضجر ألنه قد يكون املعلـوم قـد قطـع عنـه‬
‫اختبارا من اهلل تعاىل لكي يرى صدقه يف علمه وعمله‪ ،‬فان رزقه مضمون له ال ينحصـر يف جهـة غـري‬
‫أخرى‪ .‬قال عليه الصالة والسالم‪ « :‬من طلب العلم تكفل اهلل برزقه » ومعناه يسره له من غـري تعـب‬
‫وال م قة‪ ،‬وإن كان اهلل تعاىل تكلف برزق اخللق أمجعني‪ ،‬لكن حكمة ختصيص العـامل بالـذكر أن‬
‫ذلك ييسر له بال تعب‪ ،‬وال م ـقة‪ ،‬فجعـل نصـيبه مـن التعـب وامل ـقة يف الـدرس واملطالعـة والـتفهم‬
‫للمسـائل وإلقائهــا وذلــك مــن اهلل تعـاىل علــى ســبيل اللطــف بــه واإلحسـان إليــه وهــذا مــن كرامــات‬
‫العلمــاء‪ ،‬أعــم فهــم املســائل وحســن إلقائهــا‪ ،‬واملعرفــة بسياســة النــاس يف تعلمهــا‪ ،‬كمــا أن كرامــات‬
‫األولياء فيهـا أشـياء أخـرى يطـول تعـدادها مثـل امل ـي علـى املـاء والطـريان يف اهلـواء‪ .‬وينبغـي لـه أن‬
‫يصون هذا املنصب ال ريف من الرتدد ملن يرجى أن يعني على إطالق املعلوم‪ ،‬أو التحدث فيه أو إن اء‬
‫معلوم عوضه‪ .‬وقد حدثم من أثق به أنه رأى بعض العلماء‪ ،‬وكان يدرس يف مدرسة وانقطع املعلوم‬
‫عنه وعن طلبته فقالوا للمدرس‪ :‬لعلك أن مت ي إىل فالن! وكان من أبناء الدنيا لتجتمع به عسى‬
‫أن ي مر باطالق املعلـوم فقـال‪ « :‬واهلل إنـي ألسـتحي مـ ن ربـي عـز وجـل أن تكـذب هـذه ال ـيبة عنـده »‬
‫فقالوا له‪ :‬وكيف ذلك!؟ فقال‪ « :‬إني أصبح كل يوم‪ ،‬أقول‪ :‬اللهم ال مانع ملا أعطيت‪ ،‬وال معطي ملا‬
‫منعت » ف قول هذا وأقف بني يدي خملوق أس له يف ذلك واهلل ال فعلته » والعامل أوىل من يثق بربه‬
‫عــز وجــل يف املنــع والعطــاء‪ ،‬وال عــذر لــه يف الطلــب ألجــل العائلــة ألنــه إن تــرل ذلــك تقيــة علــى هــذا‬
‫املنصب ال ريف مل يضيع اهلل الكريم قصده وأتاه به أو فتح له من غيبه ما هـو أحسـن لـه مـن ذلـك‬
‫وأعانه وسد خلته على ما شاء‪ ،‬كيف شـاء‪ ،‬ولـي‪ ،‬رزقـه مبخصـوص يف جهـة بعينهـا‪ ،‬وعـادة اهلل أبـدا‬
‫املستمرة على أنه سبحانه وتعاىل يـ رزق مـن هـذا حالـه مـن غـري بـاب يقصـده‪ ،‬أو يؤملـه‪ ،‬ألن مـراد اهلل‬
‫تعـاىل مـن العلمـاء انقطـاعهم إليـه‪ ،‬وتعويلـهم يف كـل أمـورهم عليـه‪ ،‬وال ينظـرون إىل األسـباب وإىل‬
‫مسبب األسباب ومدبرها‪ ،‬والقادر عليها‪ ،‬وكيف ال يكون العامل كذلك وهو املرشد للخلق واملوضح‬
‫الطريق املستقيم للسلول إليه سبحانه‪ ،‬ومن ترل شيئا هلل عوضه اهلل خريا منه من حيع ال حيتسب‬
‫» انته ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى‪.‬‬
‫للحافظ جالل الدين السيوطي‬ ‫ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [‪] 21‬‬

‫ويف « طبقات احلنفية » يف ترمجة علي بن احلسن الصندلي‪ « :‬أن السلطان ملك شاة قال له‪ « :‬مل‬
‫ال تيء إلي؟ قال‪ :‬أردت أن تكون من خري امللول‪ ،‬حيع تزور العلماء‪ ،‬وال أكون من شر العلماء حيع‬
‫أزور امللول »‪.‬‬

‫وقال ابن عدي يف « الكامل »‪ « :‬مسعت أبا احلسني حممد بن املظفر يقول‪ :‬مسعت م ائخنا مبصر‬
‫يعرتفــون ألبــي عبــد الــرمحن النســائي بالتقــدم واإلمامــة ويصــفون مــن اجتهــاده يف العبــادة بالليــل‪،‬‬
‫وموامبته على االجتهاد‪ ،‬وأنـه خـرج إىل الغـزو مـع والـي مصـر فوصـف مـن شـهامته‪ ،‬وإقامتـه السـنن‬
‫امل ثورة‪ ،‬واحرتازه عن االسة السلطان الذي خرج معه ومل يزل ذلك دأبه إىل أن است هد رضي اهلل‬
‫عنه »‪.‬‬

‫ويف « تهذيب الكمال » للمزي يف ترمجة أبي حييى أمحد بن عبد امللك احلراني شيخ البخـاري‪ ،‬مـا‬
‫نصه‪ « :‬قال أبو احلسن امليموني‪ :‬س لت أمحد بن حنبل عنه فقال‪ « :‬قد كان عندنا ورأيتـه كيسـا‪،‬‬
‫وما رأيت به ب سا‪ ،‬رأيته حافظا حلديثه‪ ،‬وما رأيت إال خريا فقلت‪ :‬رأيت مجاعة يسيئون الثناء عليه‪.‬‬
‫قال‪ :‬هو يغ ى السلطان بسبب ضيعة له »‪.‬‬

‫ويف « تهذيب الكمال » أيضا بسنده عن رشدين بن سعد قال‪ :‬مسعت إبراهيم بن أدهم يقول‪ :‬مسعت‬
‫« أعــز األشــيا ء يف تخــر الزمــان ثالثــة‪ :‬أخ يف اهلل يؤتســى وكســب درهــم مــن حــالل‪ ،‬وكلمــة حــق عنــد‬
‫سلطان »‪.‬‬

‫وعن خلف بن متيم قال‪ :‬مسعت إبراهيم بن أدهم ين د‪:‬‬

‫وَال أَراهم رَضوا يف العَي ِ بِالدونِ‬ ‫أَرى أُناساً بِ َدنى الدي ِن قَد قَنَعوا‬
‫كَما اِستَغنى املُلولُ بِدنياهم عَنِ الدينِ‬ ‫ل‬
‫فَاِستَغنِ بِاللَ ِه عَن دنيا املُلو ِ‬

‫وقـال القــالي يف أماليــه‪ « :‬حــدثنا أبـو بكــر ابــن األنبــاري‪ ،‬حــدثم أبـي قــال‪ :‬بعــع ســليمان املهلــيب إىل‬
‫اخليل بن أمحد مبائة ألف درهم‪ ،‬وس له يف صحبته فرد عليه املائة ألف وكتب إليه ب بيات‪:‬‬

‫وَيف غِنى غَريَ َأنّي لَست ذا مالِ‬ ‫أَبلِغ سلَيمانَ َأنّي عَنه يف سَعَة‬
‫يَموت هزالً وَال يَبقى عَلى حالِ‬ ‫سخِيٌّ بِنَفسي َأنّي ال أَرى أَحَداً‬
‫َ‬
‫للحافظ جالل الدين السيوطي‬ ‫ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [‪] 22‬‬

‫ل فيهِ حَولَ محتالِ‬


‫وَال يَزي َد َ‬ ‫فَالرِزق عَن قَدرٍ ال العَجزِ ينقِصه‬
‫َومِثل ذالَ الغِنى يف النَف‪ ِ،‬ال املالِ‬ ‫وَالفَقر يف النَف‪ ِ،‬ال يف املالِ تَعرِفُه‬

‫وأخـرج أبـو نعــيم يف « احلليـة » عـن حممــد بـن وهيـب بــن ه ـام قـال‪ :‬أن ــدني بعـض أصـحابي البــن‬
‫املبارل رمحه اهلل تعاىل‪:‬‬

‫َواِجعَلَن ذلِكَ طَعاماً تَنج مِن حَرِّ السَعريِ‬ ‫كُلِ اجلاورسَ وَاألَرزَ بِاخلُبزِ ال َعريِ‬
‫وان ى ما استطعت هدال اهلل عن باب األمري‬

‫وأخرج أبو نعيم يف « احللية » عن أمحد بن مجيل املـروزي قـال‪ :‬قيـل لعبـد اهلل بـن املبـارل رضـي اهلل‬
‫عنه وأرضاه أن إمساعيل بن علية قد ولي الصدقات فكتب إليه ابن املبارل‪:‬‬

‫يَصطاد أَموالَ املَساكنيِ‬ ‫يا جاعِلَ العِل ِم لَه بازِياً‬


‫بِحيلَة تَذهَب بِالدَينِ‬ ‫اِحتَلتَ الدنيا وَلَذّاتَها‬
‫كُنتَ دَوا ًء لِلمَجاننيِ‬ ‫فَصِرتَ مَجنوناً بِها بَعدَما‬
‫لِتَرلِ أَبوابِ السَالطنيِ‬ ‫أَينَ رِوايَتكَ يف سَردِها‬
‫َعنِ اِب ِن عَونِ وَاِب ِن سريينِ‬ ‫أَينَ رِوايَتكَ فيما مَضى‬
‫َل عَمّار العِلمِ يف الطنيِ‬
‫ز َّ‬ ‫إِن قُلت أُكرِهت فَذا باطِلا‬

‫قال‪ :‬فلما قرأ الكتاب بكى واستعفى‪.‬‬

‫ونظري هذ ا مـا أخرجـه ابـن عسـاكر يف تارخيـه مـن طريـق البيهقـي‪ ،‬عـن احلـاكم قـال‪ :‬أخربنـي أبـو‬
‫الفضل بن أبي نصر‪ ،‬نب نا علي بن احلسن بن حبيب الدم ـقي‪ ،‬قـال‪ :‬مسعـت الناقوسـي‪ ،‬وكـان مـن‬
‫أهل القرتن والعلم‪ ،‬قال مسعت حممد بن عبد اهلل بن احلكم يقول‪ :‬مسعت ال افعي يقول‪ « :‬كـان‬
‫لي صديق يقال ل ه حصني‪ ،‬وكان يربني ويصلم فواله أمري املؤمنني السينب‪ ،‬قال فكتب إليه‪:‬‬

‫مِنّي وَلَي‪ َ،‬طَالق ذاتِ البَنيِ‬ ‫ك فَاِنَّ و َّدلَ طالِقا‬


‫خذها إِلَي َ‬
‫ني‬
‫ل عَلى ثِنتَ ِ‬
‫َويَدوم و ُّد َ‬ ‫ت فَاِنَّها تَطليقَةٌ‬
‫فَاِنِ اِرعَوَي َ‬
‫وَتَكون تَطليقَتَنيِ يف حَيضَنيِ‬ ‫ت شَفَعتَها بِمِثالِها‬
‫َوإِنِ اِلتَوَي َ‬
‫للحافظ جالل الدين السيوطي‬ ‫ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [‪] 23‬‬

‫لَم تغ ِن عَنكَ وِاليَةَ البَحرَي ِن‬ ‫فَاِذا الثَالث أَتَتكَ مِنّي طائِعاً‬
‫حَتّى اِسوَدَّ وَجه كُلِّ حَصنيِ‬ ‫لَم أَرضَ أَن أَهجرَ حَصيناً وَحدَه‬

‫وأخرج أبو نعيم عن حممد بن وهب‪ ،‬قال‪ :‬أن دني بعض أصحابنا البن املبارل‪:‬‬

‫َوبِاِبنِ مَغولٍ إِذ يَجمَعهم الوَرَع‬ ‫أَال اِقتَدَيتم بِسفيانَ َومِسعَرِكُم‬


‫زَين البِالدِ جَميع ًا خَري ُة فَرِع‬ ‫َوبِالتَقِيِّ أَخي طَي ّء فَرابِعهم‬
‫سهد العيو ِن فَال غُمضا وَال َهجَع‬ ‫مِثل الفِراخِ تَراهم يف تَهَجُّدِهِم‬
‫إِلا النَوا ِئبَ أَو تزعِجهم اجلُمَع‬ ‫ت جثوماً يف مَنازِلِهِم‬
‫جلَّ‪ ،‬البيو ِ‬
‫ال يَطمَعونَ حَراماً خِ يَةَ الفَزَعِ‬ ‫خمص البطونِ مَعَ األَكبا ِد جائِعَةٌ‬
‫عِندَ احلَصادِ القَوم ما َزرَعوا‬ ‫لِلناسِ هَمّ وَهمُّ القَومِ أَنفُسهم‬

‫وقال بعضهم‪:‬‬
‫قَد ضَلَّ والِج أَبوابَ السَالطنيِ‬ ‫هَيهاتَ اِغتَر بِالسلطانِ تَ تيهِ‬

‫وقال اإلمام أبو القاسم ال اطيب صاحب القصيدة امل هورة‪:‬‬


‫ني سِمت األَكارِما‬
‫وَمالي مليماً ح َ‬ ‫يَلومونَم إِذ ما وَجَدت مالئِماً‬
‫بِسِحرِ نِفاقٍ يَس َتحِقُّ العَزائِما‬ ‫وَقالوا تَعَلَّمَ العلومَ نِفاقَها‬
‫يدني أُنوفَ ال امِخاتِ رَواغِما‬ ‫ال قَلباً بِما‬
‫وَقَلِّب جِناها حَو ً‬
‫وَجاه يف الدُّنيا يَكُفُّ املَظالِما‬ ‫وَال بدَّ مِن مالٍ بِهِ العِلم يعتَلى‬
‫عَلى مُلُماتِ السّبيلِ بِاحلَقِ قائِما‬ ‫ني لَم َتجِد‬
‫وَلَوال مَصابيح السَالط ِ‬
‫ك عالِماً‬
‫تَنَل بِهِم عِزّاً يسَمّي َ‬ ‫فَخالِطهم وَاِصبِر لِذ ِّل حجّابِهِم‬

‫وقال اجلمال اللغوي يف كتاب « املعجب » ومن خطه نقلت‪ :‬أخربني بعض الفضـالء‪ :‬أن األمـري عـز‬
‫الدين حرسك بعع إىل ال يخ ال اطيب يدعوه للحضور عنده‪ ،‬ف مر ال يخ بعض أصحابه أن يكتب‬
‫إليه هذه األبيات وهي قوله‪:‬‬

‫ح فَطنٍ نَبيهِ‬
‫مِن ناصِ ٍ‬ ‫قُل لِألَمريِ مَقالَةً‬
‫ري فيهِ‬
‫أَبوابَكُم ال خَ َ‬ ‫إِنَّ الفَقيهَ إِذا أَتى‬
‫للحافظ جالل الدين السيوطي‬ ‫ما رواه األساطين في عدم المجيء إلى السالطين [‪] 24‬‬

‫ويف « التذييل » للبدر النابلسي‪ :‬قال سعيد بن إبراهيم بن عبد ربـه وقـد انقـبض عـن امللـول يف تخـر‬
‫عمره‪:‬‬

‫ب خا ِلقِ‬
‫وَطولِ اِنبِساطي يف مَذاهِ ِ‬ ‫أَمِن بَع ِد غَوصي يف علومِ احلَقائِقِ‬
‫أَرى طالِباً رِزقاً إِىل غَريِ رازِقي‬ ‫وَيف حنيِ إِشرايف عَلى مَلَكوتِهِ‬
‫ت سابِقي‬
‫َوأَسرَعَ يف سوقي إِىل املَو ِ‬ ‫وَقَد أَ ِذنَت نَفسي بِتَفويضِ خِلِّها‬
‫اِستَوسَعَ فيكَ ال امِتنيَ املَراجِما‬ ‫دونَكَ يا مَن يَرى النصحَ ذِلَةً‬
‫شيوخهم فيكَ الصروفَ الفَواتِحا‬ ‫إِذ لَعِبَت صِبيانهم بِكَ َواِبتَغَت‬
‫نَجى احلَ ا وَالدَمع يَنهَل حاجِما‬ ‫فَقُلت مجيب ًا لَي‪ َ،‬يسعِدني سِوى‬
‫رب لَو كُنت حازِما‬
‫وَهَذا زَمان الصَ ِ‬ ‫إِىل اللَهِ أَشكو وَحدَتي يف مَصائِيب‬
‫حَكيما يَبيع العِلمَ بِاجلو ِر حاكِما‬ ‫وَكَم زَفَرا تَحتَ الضلو ِع لَهيجها‬
‫إِىل أَط َيبَ أَنفاسِ احلَياةِ تَواسِما‬ ‫َن جِنابَ العِلمِ يَسمو بِ َهلِهِ‬
‫وَكَ َّ‬
‫نَجعَةِ األُخرى فَيَرتاد حائِما‬ ‫يَردّونَ درتَ بِهِ زَه َرةَ الدنيا إِىل‬

‫وقال احلافظ أبو نصر بن ما كوال‪:‬‬

‫عَلِمت بِما لَم يَعلَمِ الثَقِالنِ‬ ‫ل لِآتي‬


‫تَجَمَّعَت أَبواب املُلو ِ‬
‫مِ َن ال َم‪ ِ،‬إِلا مِن مَقامِ هَوانِ‬ ‫ال لَم يَحد عَن طَريقِهِ‬
‫َرأَيت سهَي ً‬

‫وأخرج ابن عساكر يف تارخيه عن زيد بن أسلم قال‪ :‬كنت مع أبي حازم ف رسل إليه عبد الرمحن بن‬
‫خالــد األمــري أن ائتنــا حتــى نس ـ لك وحتــدثنا‪ .‬فقــال أبــو حــازم‪ « :‬معــاذ اهلل أدركــت أهــل العلــم ال‬
‫حيملون العلم ألهل الدنيا فلن أكون أول من فعل ذلك فان كان لك حاجة‪ ،‬ف بلغنا » ف رسل إليه‬
‫عبد الرمحن قد ازددت عندنا بهذا كرامة‪.‬‬

‫انتهى‬
‫وحسبنا اهلل ونعم الوكيل‬
‫وال قوة إال باهلل العلي العظيم‬

You might also like