Professional Documents
Culture Documents
5 C 07 Aaf 787 C 04
5 C 07 Aaf 787 C 04
مكية
سورة الفاتحة ّ
قال وحدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن النضر ابن سويد عن أبي بصير عن أبي عبد هللا عليه السالم في
قوله الحمد هلل قال الشكر هلل في قوله رب العالمين قال خلق المخلوقين الرحمن بجميع خلقه الرحيم بالمؤمنين خاصة
مالك يوم الدين قال يوم الحساب والدليل على ذلك قوله وقالوا ياويلنا هذا يوم الدين يعنى يوم الحساب.
ِ
ين
َّاك َن ْستَع ُ ِإي َ
َّاك َن ْعُب ُد َوإِي َ
الـم
ِ ِ ِِ ِ ِ
اب الَ َرْي َب فيه ُه ًدى ّلْل ُمتَّق َ
ين * َذل َك اْلكتَ ُ
{الم ذلك الكتاب ال ريب فيه هدى للمتقين} [ ]2-1قال أبو الحسن علي بن إبراهيم حدثنى أبي عن يحيى بن أبي
عمران عن يونس عن سعدان بن مسلم عن أبي بصير عن أبي عبد هللا عليه السالم قال الكتاب علي عليه السالم ال
شك فيه هدى للمتقين.
قال بيان لشيعتنا قوله{ :الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصالة ومما رزقناهم ينفقون} قال :مما علمناهم ينبئون ومما
علمناهم من القرآن يتلون وقال ألم هو حرف من حروف اسم هللا األعظم المتقطع في القرآن الذي خوطب به النبي
صلى هللا عليه وآله واإلمام فإذا دعا به أُجيب والهداية في كتاب هللا على وجوه أربعة فمنها ما هو للبيان للذين
يؤمنون بالغيب قال يصدقون بالبعث والنشور والوعد والوعيد واإليمان في كتاب هللا على أربعة أوجه فمنه إقرار
باللسان قد سماه هللا إيمانا ومنه تصديق بالقلب ومنه ِ
اإلداء ومنه التأييد.
(األول) اإليمان الذي هو إقرار باللسان وقد سماه هللا تبارك وتعالى إيماناً ونادى أهله به لقوله{ :يا أيها الذين آمنوا
خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعاً وإن منكم لمن ليبطئن فإن أصابتكم مصيبة قال قد أنعم هللا علي إذ لم أكن
معهم شهيداً ولئن أصابكم فضل من هللا ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودة ياليتني كنت معهم فأفوز فو اًز عظيماً}
[النساء ]73-71 :قال الصادق عليه السالم لو أن هذه الكلمة قالها أهل المشرق وأهل المغرب لكانوا بها خارجين من
اإليمان ولكن قد سماهم هللا مؤمنين بإقرارهم وقوله{ :يا أيها الذين آمنوا آمنوا باهلل ورسوله} فقد سماهم هللا مؤمنين
بإقرارهم ثم قال لهم صدقوا.
(الثاني) اإليمان الذي هو التصديق بالقلب فقوله{ :الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي اآلخرة}
[يونس ]64 :يعني صدقوا وقوله {وقالوا لن نؤمن لك حتى نرى هللا جهرة} أي ال نصدقك وقوله {يا أيها الذين آمنوا
آمنوا} [النساء ]136 :اي يا أيها الذين أقروا صدقوا فاإليمان الحق هو التصديق وللتصديق شروط ال يتم التصديق
إال بها وقوله {ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن باهلل واليوم اآلخر والمالئكة
والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصالة
وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم
المتقون} [البقرة ]177 :فمن أقام بهذه الشروط فهو مؤمن مصدق.
(الثالث) اإليمان الذي هو األداء فهو قوله لما حول هللا قبلة رسوله إلى الكعبة قال أصحاب رسول هللا يا رسول هللا
صلواتنا إلى بيت المقدس بطلت فانزل هللا تبارك وتعالى {وما كان هللا ليضيع إيمانكم} [البقرة ]143 :فسمى الصالة
إيمان ًا.
و َّال ِذين يؤ ِمُنو َن ِبمآ أ ُْن ِزل ِإَليك ومآ أ ُْن ِزل ِمن َقبلِك وب ِ
ِاآلخ َرِة ُه ْم ُيوِقُنو َن ْ َ َ َ َ َْ ََ َ َ ُْ
قوله{ :والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك} قال بما أنزل من القرآن إليك وما أنزل على األنبياء قبلك من
الكتب.
آء َعَل ْي ِه ْم ءأَن َذ ْرتَ ُه ْم أ َْم َل ْم تُْن ِذ ْرُه ْم الَ ُي ْؤ ِمُنو َن َّ ِ
ِإ َّن الذ َ
ين َكَف ُروْا َس َو ٌ
َ
قوله{ :إن الذين كفروا سواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم ال يؤمنون} فإنه حدثني أبي عن بكر بن صالح عن أبي
عمر الزبيدي (الزبيري ط) عن أبي عبد هللا عليه السالم قال الكفر في كتاب هللا على خمسة وجوه فمنه كفر بجحود
وهو على وجهين جحود بعلم وجحود بغير علم فأما الذين جحدوا بغير علم فهم الذين حكاه هللا عنهم في قوله {وقالوا
ما هي إال حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إال الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إال يظنون}[الجاثية]24 :
وقوله {إن الذين كفروا سواء عليهم أانذرتهم أم لم تنذرهم ال يؤمنون} فهؤآلء كفروا وجحدوا بغير علم وأما الذين كفروا
وجحدوا بعلم فهم الذين قال هللا تبارك وتعالى {وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا
به}[البقرة ]89 :فهؤآلء كفروا وجحدوا بعلم قال وحدثني أبي عن ابن أبي عمير عن حماد عن حريز عن أبي عبد هللا
عليه السالم قال هذه اآلية نزلت في اليهود والنصارى بقول هللا تبارك وتعالى {الذين آتيناهم الكتاب -يعني التوراة
وِ
اإلنجيل -يعرفونه -يعني رسول هللا صلى هللا عليه وآله -كما يعرفون أبناءهم} ألن هللا عز وجل قد أنزل عليهم
في التوراة والزبور واإلنجيل صفة محمد صلى هللا عليه وآله وصفة أصحابه ومبعثه وهجرته وهو قوله {محمد رسول
هللا والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضالً من هللا رضواناً سيماهم في وجوههم
من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في ِ
اإلنجيل} [الفتح ]29 :هذه صفة رسول هللا صلى هللا عليه وآله
وأصحابه في التوراة و ِ
اإلنجيل فلما بعثه هللا عرفه أهل الكتاب كما قال جل جالله {فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به}
[البقرة ]89 :فكانت اليهود يقولون للعرب قبل مجيء النبي أيها العرب هذا أوان نبي يخرج بمكة ويكون هجرته
بالمدينة وهو آخر األنبياء وأفضلهم ،في عينيه حمرة وبين كتفيه خاتم النبوة يلبس الشملة ويجتزي بالكسرة والتميرات
ويركب الحمار عرية وهو الضحوك القتال يضع سيفه على عاتقه وال يبالي بمن القى يبلغ سلطانه منقطع الخف
والحافر وليقتلنكم هللا به يا مشعر العرب قتل عاد ،فلما بعث هللا نبيه بهذه الصفة حسدوه وكفروا به كما قال هللا
{وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به}[البقرة ]89 :ومنه كفر البراءة وهو قوله {ثم
يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض} [العنكبوت ]25 :أي يتب أر بعضكم من بعض ،ومنه كفر الشرك لما أمر هللا وهو
قوله {وهلل على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيالً ومن كفر} [آل عمران ]97 :أي ترك الحج وهو مستطيع فقد
كفر ،ومنه كفر النعم وهو قوله {ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر} [النمل - ]40 :أي
ومن لم يشكر -نعمة هللا فقد كفر فهذه وجوه الكفر في كتاب هللا.
آمُنوا َو َما َي ْخ َد ُعو َن ِإالَّ أ َْنُف َس ُهم اآلخ ِر وما هم ِبمؤ ِمِنين * يخ ِادعون َّ َّ ِ اَّللِ وبِاْليو ِم ِ ِ الن ِ
َو ِم َن َّ
َّللاَ َوالذي َن َ َُ ُ َ َ َ ُ ُْ َ آمَّنا ب َّ َ َ ْ ول َ اس َمن َيُق ُ
يل َل ُه ْم الَ تُْف ِس ُدوْا ِفي ِ ِ اب أَلِ ِ ِ
يم ب َما َك ُانوا َي ْكذُبو َن * َوإِ َذا ق َ
َّللاُ َم َرضاً َوَل ُهم َع َذ ٌ ٌ َو َما َي ْش ُع ُرو َن * في ُقُلوبِ ِهم َّم َر ٌ
ض َف َزَاد ُه ُم َّ
آم َن َّ ِ ِ ِ َّ ِ ِ ض َقاُلوْا ِإَّنما َنحن م ِ األ َْر ِ
اس
الن ُ صل ُحو َن * أَال إَّن ُه ْم ُه ُم اْل ُمْفس ُدو َن َوَلـٰكن ال َي ْش ُع ُرو َن * َوإِ َذا قي َل َل ُه ْم آمُنوْا َك َمآ َ َ ُْ ُ ْ
آمَّنا َوإِ َذا َخَل ْوْا ِإَل ٰى َّ ِ ِ َّ آء أَال ِإَّن ُه ْم ُه ُم ُّ ِ
آء َوَلـٰكن ال َي ْعَل ُمو َن * َوإِ َذا َلُقوْا الذ َ
ين آ َمُنوْا َقاُلوا َ السَف َه ُ السَف َه ُ
آم َن ُّ
َقاُلوْا أَُن ْؤم ُن َك َمآ َ
ط ْغَي ِان ِه ْم َي ْع َم ُهو َن َشي ِ
اط ِين ِه ْم َقاُلوْا ِإَّنا َم َع ُك ْم ِإَّن َما َن ْح ُن ُم ْستَ ْه ِزُءو َن * َّ
َّللاُ َي ْستَ ْه ِز ُ ِب ِه ْم َوَي ُمُّد ُه ْم ِفي ُ َ
قوله{ :ومن الناس من يقول آمنا باهلل واليوم اآلخر وما هم بمؤمنين} [ ]8فإنها نزلت في قوم منافقين أظهروا لرسول
هللا اإلسالم وكانوا إذا أروا الكفار قالوا {إنا معكم} واذا لقوا المؤمنين قالوا نحن مؤمنون وكانوا يقولون للكفار {إنا معكم
إنما نحن مستهزؤن} [ ]14فرد هللا عليهم {هللا يستهز بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون} [ ]15واالستهزاء من هللا هو
العذاب {ويمدهم في طغيانهم يعمهون} أي يدعهم.
ِ َّ ِ ِ ِ ِ َّ ِ
استَ ْوَق َد َنا اًر َفَل َّمآ
ين * َمَثُل ُه ْم َك َمَثل الذي ْ الضَلـَٰل َة ِباْل ُه َد ٰى َف َما َرب َ
ِح ْت تّ َج َارتُ ُه ْم َو َما َك ُانوْا ُم ْهتَد َ اشتَ َرُوْا َّ
ين ْ أ ُْوَلـٰئ َك الذ َ
ص ُرو َن ظُل ٰم ٍت الَّ يب ِ ِ َّللا ِبُن ِ ِ
ُْ وره ْم َوتَ َرَك ُه ْم في ُ َ آء ْت َما َح ْوَل ُه َذ َه َب َّ ُ
َض َ أَ
قوله{ :أولئك الذين اشتروا الضاللة بالهدى} [ ]16والضاللة هنا الحيرة والهدى هو البيان واختاروا الحيرة والضاللة
على الهدى وعلى البيان فضرب هللا فيهم مثال فقال {مثلهم كمثل الذي استوقد نا اًر فلما أضاءت ما حوله ذهب هللا
بنورهم وتركهم في ظلمات ال يبصرون}[ ].17
َّللاِ ِإن ُك ْنتُم ٰ ِ ِ ِ ِ وإِن ُكنتم ِفي ري ٍب ِم َّما نَّ ْزلنا عَلى عب ِدنا َفأْتوْا ِبس ٍ ِ ِ ِ ِ
ين
ص دق َ آء ُكم ّمن ُدون َّ ْ ْ َ ورة ّمن ّم ْثله َو ْاد ُعوْا ُش َه َد َ
َْ ّ َ َ َ ٰ َْ َ ُ ُ َ ْ ُْ َ
قوله {فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم -يعني الذين عبدوهم وأطاعوهم -من دون هللا إن كنتم صادقين}
َن َل ُه ْم َج َّٰن ٍت تَ ْجرِي ِمن تَ ْحِت َها األ َْن َٰه ُر ُكَّل َما ُرِزُقوْا ِم ْن َها ِمن ثَ َم َرٍة ِّرْزقاً َقاُلوْا َهـٰ َذا َّال ِذي أ َّ الصـٰلِ َٰح ِت
آمُنوْا َو َع ِمُلوْا َّ ِ َّ ِ
َوَب ّش ِر الذين َ
يها َٰخلِ ُدو َن ِ
ط َّه َرةٌ َو ُه ْم ف َ
ٰج ُّم َ
يهآ أ َْزَوٌ
فَ
ِ ُرِزْقَنا ِمن َقْب ُل َوأُتُوْا ِب ِه ُمتَ َٰشِبهاً َوَل ُه ْم
قوله{ :كلما رزقوا منها من ثمرة رزقاً قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابهاً} قال يؤتون من فاكهة واحدة على
ألوان متشابهة قوله {ولهم فيها أزواج مطهرة} أي ال يحضن وال يحدثن.
َما َّال ِذين آمنوْا َفيعَلمون أََّنه اْلح ُّق ِمن َّربِ ِهم وأ َّ َّ ِ ِإ َّن َّ
ين َكَف ُروْا
َما الذ َ ّ ْ َ َ َُ َْ ُ َ ُ َ ض ِر َب َمثَالً َّما َب ُع َ
وض ًة َف َما َف ْوَق َها َفأ َّ َّللاَ الَ َي ْستَ ْحى أَن َي ْ
َّللاِ َّ ِ ِ ِ َّ ٰ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
ضو َن َع ْه َد َّ ين َينُق ُين * الذ َ َّللاُ ِب َهـٰ َذا َمثَالً ُيض ُّل ِبه َكثي اًر َوَي ْهدي ِبه َكثي اًر َو َما ُيض ُّل ِبه ِإال اْلَفسق َ
َفَيُقوُلو َن َما َذآ أ ََرَاد َّ
ض أُوَل ِـئ َك ُهم اْل َٰخ ِس ُرو َن
األر ِ ِ ِ طعون مآ أَمر َّ ِ ِ ِ ِ ِٰ ِ ِ
ُ وص َل َوُيْفس ُدو َن في ْ َّللاُ به أَن ُي َ من َب ْعد ميثَقه َوَيْق َ ُ َ َ َ َ
أما قوله{ :إن هللا ال يستحيي أن يضرب مثالً ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما
الذين كفروا فيقولون ماذا أراد هللا بهذا مثال يضل به كثي اًر ويهدي به كثي اًر} [ ]26فإنه قال الصادق عليه السالم أن
هذا القول من هللا عز وجل رد على من زعم أن هللا تبارك وتعالى يضل العباد ثم يعذبهم على ضاللتهم فقال هللا عز
وجل إن هللا ال يستحيي أن يضرب مثالً ما بعوضة فما فوقها قال وحدثنى أبي عن النضر بن سويد عن القسم بن
سليمان عن المعلى بن خنيس عن أبي عبد هللا عليه السالم أن هذا المثل ضربه هللا ألمير المؤمنين عليه السالم
فا لبعوضة أمير المؤمنين عليه السالم وما فوقها رسول هللا صلى هللا عليه وآله والدليل على ذلك قوله {فأما الذين آمنوا
فيعلمون أنه الحق من ربهم} يعني أمير المؤمنين كما أخذ رسول هللا صلى هللا عليه وآله الميثاق عليهم له {وأما الذين
كفروا فيقولون ماذا أراد هللا بهذا مثالً يضل به كثي اًر ويهدي به كثي اًر} فرد هللا عليهم فقال {وما يضل به إال الفاسقين}.
{الذين ينقضون عهد هللا من بعد ميثاقه -في علي -ويقطعون ما أمر هللا به أن يوصل} [ ]27يعني من صلة أمير
المؤمنين عليه السالم واألئمة عليهم السالم {ويفسدون في األرض أولئك هم الخاسرون}.
قوله{ :كيف تكفرون باهلل وكنتم أمواتاً فأحياكم} أي نطفة ميتة وعلقة وأجرى فيكم الروح فأحياكم {ثم يميتكم -بعد -
ثم يحييكم} في القيامة {ثم إليه ترجعون} والحياة في كتاب هللا على وجوه كثيرة ،فمن الحياة ابتداء خلق اإلنسان في
قوله {فإذا سويته ونفخت فيه من روحي} [الحجر ]29 :فهي الروح المخلوق خلقه هللا وأجرى في اإلنسان {فقعوا له
ساجدين}[الحجر.]29 :
والوجه الثاني من الحياة يعني به إنبات األرض وهو قوله {يحيي األرض بعد موتها} [الروم ]19 :واألرض الميتة التي
ال نبات لها فاحياؤها بنباتها.
ووجه آخر من الحياة وهو دخول الجنة وهو قوله {استجيبوا هلل وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم} [األنفال ]24 :يعني
الخلود في الجنة والدليل على ذلك قوله {وأن الدار اآلخرة لهي الحيوان}[العنكبوت.]64 :
ِٰ وِإ ْذ ُقْلنا لِْلم َٰلِئ َك ِة اسجدوْا ألَدم َفسجدوْا ِإالَّ ِإبلِيس أَبى واستَ ْكبر وَك ِ
ان م َن اْل َكف ِر َ
ين ْ َ َ ٰ َ ْ ََ َ َ ْ ُُ َ َ َ َُ َ َ َ
أما قوله{ :وإذ قلنا للمالئكة اسجدوا آلدم فسجدوا إال إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين} فإنه حدثني أبي عن ابن
أبي عمير عن جميل عن أبي عبد هللا عليه السالم قال سئل عما ندب هللا الخلق إليه أدخل فيه الضاللة؟ قال نعم
والكافرون دخلوا فيه ألن هللا تبارك وتعالى أمر المالئكة بالسجود آلدم فدخل في أمره المالئكة وإبليس فإن إبليس كان
فحدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن عمرو بن (أبى ط) مقدام عن ثابت الحذاء عن جابر بن يزيد الجعفي عن
أبي جعفر محمد بن على بن الحسين عن أبيه عن آبائه عليهم السالم عن أمير المؤمنين عليه السالم قال إن هللا
تبارك وتعالى أراد أن يخلق خلقاً بيده وذلك بعد ما مضى من الجن والنسناس في األرض سبعة آالف سنة وكان من
شأنه خلق آدم كش عن أطباق السماوات قال للمالئكة انظروا إلى أهل األرض من خلقي من الجن والنسناس فلما
أروا ما يعملون فيها من المعاصي وسفك الدماء والفساد في األرض بغير الحق عظم ذلك عليهم وغضبوا وتأسسوا
على أهل االرض ولم يملكوا غضبهم قالوا ربنا إنك أنت العزيز القادر الجبار القاهر العظيم الشأن وهذا خلقك
الضعيف الذليل يتقلبون في قبضتك ويعيشون برزقك ويتمتعون بعافيتك وهم يعصونك بمثل هذه الذنوب العظام ال
تأسف عليهم وال تغضب وال تنتقم لنفسك لما تسمع منهم وترى وقد عظم ذلك علينا وأكبرناه فيك قال فلما سمع ذلك
من المالئكة قال {إني جاعل في األرض خليفة} يكون حجة لي في األرض على خلقي فقالت المالئكة سبحانك
{أتجعل فيها من يفسد فيها} كما أفسد بنو الجان ويسفكون الدماء كما سفك بنو الجان ويتحاسدون ويتباغضون فاجعل
ذلك الخليفة منا فإنا ال نتحاسد وال نتباغض وال نسفك الدماء ونسبح بحمدك ونقدس لك قال عز وجل {إني أعلم ما ال
تعلمون} إني أريد أن أخلق خلقاً بيدي واجعل من ذريته أنبياء ومرسلين وعباداً صالحين أئمة مهتدين واجعلهم خلفاء
على خلقي في أرضي ينهونهم عن معصيتي وينذرونهم من عذابي ويهدونهم إلى طاعتي ويسلكون بهم طريق سبيلي
وأجعلهم لي حجة عليهم وأبيد النسناس من أرضي وأطهرها منهم وأنقل مردة الجن العصاة من بريتي وخلقي وخيرتي
وأسكنهم في الهواء في أقطار األرض فال يجاورون نسل خلقي وأجعل بين الجن وبين خلقي حجاباً فال يرى نسل
خلقي الجن وال يجالسونهم وال يخالطونهم فمن عصاني من نسل خلقي الذين اصطفيتهم وأسكنتهم مساكن العصاة
أوردتهم مواردهم وال آبالي قال فقالت المالئكة يا ربنا افعل ما شئت {ال علم لنا إال ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم}
قال فباعدهم هللا من العرش مسيرة خمس مائة عام ،قال فالذوا بالعرش وأشاروا باألصابع فنظر الرب عز وجل إليهم
ونزلت الرحمة فوضع لهم البيت المعمور فقال طوفوا به ودعوا العرش فإنه لي رضى فطافوا به وهو البيت الذي
يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ال يعودون أبداً فوضع هللا البيت المعمور توبة ألهل السماء ووضع الكعبة توبة ألهل
األرض فقال هللا تبارك وتعالى {إني خالق بش اًر من صلصال من حمأ مسنون فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا
له ساجدين} [الحجر ]29-28 :قال وكان ذلك من هللا تعالى في آدم قبل أن يخلقه واحتجاجاً منه عليهم (قال)
ين * َّٰ ِ ِ وُقْلنا يآءادم اس ُكن أ َْنت وَزوجك اْلجَّن َة وُكالَ ِم ْنها رَغداً حي ُث ِش ْئتُما والَ تَْقربا هـ ِٰذِه ال َّشجرة َفتَ ُك ِ
ونا م َن اْلظلم َ َ َ ََ َ َ ََ َ َْ َ َ َ َ َ َ َُ ْ ْ َ َ ْ ُ َ َ َ
ٰ ض َع ُدٌّو وَل ُكم ِفي األ َْر ِ
ض ُم ْستََقٌّر َو َمتَ ٌع ِإَل ٰى َ ْ
ض ُكم لَِب ْع ٍ
طوْا َب ْع ُ ْ اهِب ُ ِ ِ ِ
َخ َر َج ُه َما م َّما َك َانا فيه َوُقْلَنا ْ الش ْي َٰ
ط ُن َع ْن َها َفأ ْ َفأ ََزَّلهما َّ
َُ
ِح ٍ
ين
أما قوله{ :وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكال منها رغداً حيث شئتما وال تقربا هذه الشجرة فتكونا من
الظالمين} [ ]35فإنه حدثني أبي رفعه قال سئل الصادق عليه السالم عن جنة آدم أمن جنان الدنيا كانت أم من
جنان اآلخرة فقال كانت من جنان الدنيا تطلع فيها الشمس والقمر ولو كانت من جنان اآلخرة ما أخرج منها أبدا آدم
ولم يدخلها إبليس قال أسكنه هللا الجنة وأتى جهالة إلى الشجرة فأخرجه ألنه خلق خلقة ال تبقى إال باألمر والنهي
واللباس واألكنان والنكاح وال يدرك ما ينفعه مما يضره إال بالتوقيف فجاءه إبليس فقال إنكما إن أكلتما من هذه
الشجرة التي نهاكما هللا عنها صرتما ملكين وبقيتما في الجنة أبداً وإن لم تأكال منها أخرجكما هللا من الجنة وحلف
لهما إنه لهما ناصح كما قال هللا تعالى حكاية عنه {ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إال أن تكونا ملكين أو تكونا من
الخالدين وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين} [األعراف ]21-20 :فقبل آدم قوله فأكال من الشجرة فكان كما حكى هللا
{بدت لهما سوءاتهما} [األعراف ]22 :وسق عنهما ما ألبسهما هللا من لباس الجنة وأقبال يستتران بورق الجنة
أما قوله{ :فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم} فإنه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن أبان
بن عثمان عن أبي عبد هللا عليه السالم قال إن آدم عليه السالم بقي على الصفا أربعين صباحاً ساجداً يبكي على
الجنة وعلى خروجه من الجنة من جوار هللا عز وجل فنزل عليه جبرئيل عليه السالم فقال يا آدم مالك تبكي فقال يا
جبرائيل مالي ال أبكي وقد أخرجني هللا من الجنة من جواره وأهبطني إلى الدنيا فقال يا آدم تب إليه قال وكيف أتوب
فأنزل هللا عليه قبة من نور فيه موضع البيت فسطع نورها في جبال مكة فهو الحرم فأمر هللا جبرئيل أن يضع عليه
أما قوله{ :وعلم آدم األسماء كلها} [ ]31قال أسماء الجبال والبحار واألودية والنبات والحيوان ثم قال هللا عز وجل
للمالئكة {أنبئوني بأسماء هؤآلء إن كنتم صادقين} [ ]31فقالوا كما حكى هللا {سبحانك ال علم لنا إال ما علمتنا إنك
أنت العليم الحكيم} [ ]32فقال هللا {يا آدم انبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم} [ ]33فقال هللا {ألم أقل لكم أني أعلم
غيب السماوات واألرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون} [ ]33فجعل آدم عليه السالم حجة عليهم.
أما قوله{ :يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون} فإنه حدثني
أبي عن محمد بن أبي عمير عن جميل عن أبي عبد هللا عليه السالم قال له رجل جعلت فداك إن هللا يقول {ادعونى
أستجب لكم} [غافر ]60 :وإنا ندعو فال يستجاب لنا ،قال ألنكم ال تفون هللا بعهده وإن هللا يقول{ :أوفوا بعهدي أوف
بعهدكم} وهللا لو وفيتم هلل لوفى هللا لكم.
أما قوله{ :أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم} قال نزلت في القصاص والخطاب وهو قول أمير المؤمنين عليه
السالم وعلى كل منبر منهم خطيب مصقع يكذب على هللا وعلى رسوله وعلى كتابه ،وقال الكميت في ذلك.
لما قال فيها ،مخطئ حين ينزل مصيب على األعواد يوم ركوبها
طبيب يداوي الناس وهو عليل وغير تقي يأمر الناس بالتقى
قوله جل ذكره{ :واستعينوا بالصبر والصالة} قال الصبر الصوم {وإنها لكبيرة إال على الخاشعين} يعني الصالة.
ظُّنو َن أََّن ُهم ُّمَلـُٰقوْا َرّبِ ِه ْم َوأََّن ُه ْم ِإَل ْي ِه َٰرِج ُعو َن
ين َي ُ َّ ِ
الذ َ
أما قوله{ :يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين} قال لفظ العالمين عام
ومعناه خاص وإنما فضلهم على عالمي زمانهم بأشياء خصهم بها مثل المن والسلوى والحجر الذي انفجر منه اثنتا
عشرة عيناً.
{واتقوا يوماً ال تجزي نفس عن نفس شيئاً وال يقبل منها شفاعة وال يؤخذ منها عدل} وهو قوله :عليه السالم وهللا لو
أن كل ملك مقرب أو نبي مرسل شفعوا في ناصب ما شفعوا.
قوله{ :وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم} وأن فرعون لما بلغه أن
بني إسرائيل يقولون يولد فينا رجل يكون هالك فرعون وأصحابه على يده كان يقتل أوالدهم الذكور ويدع اإلناث.
ين َلْيَل ًة ثُ َّم اتَّ َخ ْذتُ ُم اْل ِع ْج َل ِمن َب ْع ِدِه َوأ َْنتُ ْم َٰ
ظلِ ُمو َن ِ
وس ٰى أ َْرَبع َ
ٰع ْدَنا ُم َ
َوإِ ْذ َو َ
أما قوله{ :وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة} اآلية فإن هللا تبارك وتعالى أوحى إلى موسى عليه السالم أني أنزل عليكم
التوراة وفيها األحكام التي يحتاج إليها إلى أربعين يوماً وهو ذو القعدة وعشرة من ذي الحجة فقال موسى عليه السالم
ألصحابه إن هللا قد وعدني أن ينزل علي التوراة واأللواح إلى ثالثين يوماً فأمره هللا أن ال يقول لهم إلى أربعين يوماً
فتضيق صدورهم ونكتب خبره في سورة طه.
قوله{ :وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير
لكم} فان موسى عليه السالم لما خرج إلى الميقات ورجع إلى قومه وقد عبدوا العجل قال لهم {يا قوم إنكم ظلمتم
أنفسكم} فقالوا وكيف نقتل أنفسنا فقال لهم موسى اغدوا كل واحد منكم إلى بيت المقدس ومعه سكين أو حديدة أو
سيف فإذا صعدت أنا منبر بني إسرائيل فكونوا انتم متلثمين ال يعرف أحد صاحبه فاقتلوا بعضكم بعضاً فاجتمعوا
سبعين ألف رجل ممن كانوا عبدوا العجل إلى بيت المقدس فلما صلى بهم موسى عليه السالم وصعد المنبر أقبل
بعضهم يقتل بعضاً حتى نزل جبرائيل فقال قل لهم يا موسى ارفعوا القتل فقد تاب هللا عليكم فقتل عشرة آالف وأنزل
هللا {ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم}.
قوله{ :وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى هللا جهرة} اآلية فهم السبعون الذين اختارهم موسى ليسعموا كالم هللا
فلما سمعوا الكالم قالوا لن نؤمن لك يا موسى حتى نرى هللا جهرة فبعث هللا عليهم صاعقة فاحترقوا ثم أحياهم هللا بعد
ذلك وبعثهم أنبياء فهذا دليل على الرجعة في أمة محمد صلى هللا عليه وآله فانه قال صلى هللا عليه وآله لم يكن في
بني إسرائيل شيء إال وفي أمتي مثله.
قوله{ :وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى} اآلية فإن بني إسرائيل لما عبر بهم موسى البحر نزلوا في
مفازة فقالوا يا موسى أهلكتنا وقتلتنا وأخرجتنا من العمران إلى مفازة ال ظل وال شجر وال ماء وكانت تجيء بالنهار
غمامة تظلهم من الشمس وينزل عليهم بالليل المن فيقع على النبات والشجر والحجر فيأكلونه وبالعشي يأتيهم طائر
مشوي ف يقع على موايدهم فإذا أكلوا وشبعوا طار وكان مع موسى حجر يضعه في وس العسكر ثم يضربه بعصاة
فينفجر منه اثنتا عشرة عينا كما حكى هللا فيذهب كل سب في رحله وكانوا اثنى عشر سبطاً فلما طال عليهم األمد
قالوا يا موسى {لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت األرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها
وبصلها}.
ض ِمن َبْقلِ َها َوِقثَّ ِآئ َها َوُفو ِم َها ِ ٍِ
َّك ُي ْخ ِرْج َلَنا م َّما تُْنِب ُت األ َْر ُ صِب َر َعَل ٰى َ
ط َعا ٍم َواحد َف ْادعُ َلَنا َرب َ وس ٰى َلن َّن ْ ٰ
َوإِ ْذ ُقْلتُ ْم َي ُم َ
ض ِرَب ْت َعَل ْي ِه ُم ال ِّذَّل ُة ص اًر َفِإ َّن َل ُك ْم َّما َسأَْلتُ ْم َو ُ
وعد ِسها وبصلِها َقال أَتَستَب ِدُلو َن َّال ِذي هو أ َْدنى ِب َّال ِذي هو خير اهِب ُ ِ
طوْا م ْ َُ َ ٌْ ْ َُ َ ٰ َ ََ َ َ َ َ َ َ ْ ْ
ِٰ ِ النِبِّي َ ِ َّللاِ َوَيْقُتُلو َن َّ َّللاِ َذلِك ِبأََّنهم َكانوْا ي ْكُفرون ِبآي ِ واْلمس َكن ُة وبآءو ِب َغ ٍ ِ
صوْا َّوَك ُانوْا ين ب َغ ْي ِر اْل َح ِّق ذل َك ب َما َع َ ات َّ ضب ّم َن َّ َ ُ ْ ُ َ ُ َ َ َ َ َ ْ َ ََ ُ
َي ْعتَ ُدو َن
{لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت األرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها}
والفوم الحنطة فقال لهم موسى {أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مص اًر فإن لكم ما سألتم} فقالوا {يا
موسى إن فيها قوماً جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون} [المائدة ]22 :فنصفت
قوله{ :إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين} قال الصائبون قوم ال مجوس ال يهود وال نصارى وال
مسلمين وهم يعبدون الكواكب والنجوم.
قوله{ :وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة} فان موسى عليه السالم لما رجع إلى بني إسرائيل
ومعه التوراة لم يقبلوا منه فرفع هللا جبل طور سينا عليهم وقال لهم موسى لئن لم تقبلوا ليقعن الجبل عليكم وليقتلنكم
فنكسوا رؤوسهم فقالوا نقبله.
أما قوله{ :وإذ قال موسى لقومه إن هللا يأمركم أن تذبحوا بقرة} [ ]67اآلية قال حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن
بعض رجالهم عن أبي عبد هللا عليه السالم قال إن رجال من خيار بني إسرائيل وعلمائهم خطب إمرأة منهم فأنعمت
له وخطبها ابن عم لذلك الرجل وكان فاسقاً ردياً فلم ينعموا له فحسد ابن عمه الذي أنعموا له فقعد له فقتله غيلة ثم
حمله إلى موسى عليه السالم فقال يا نبي هللا هذا ابن عمي قد قتل قال موسى من قتله؟ قال ال أدري وكان القتل في
بني إسرائيل عظيماً جداً فعظم ذلك على موسى فاجتمع إليه بنو إسرائيل فقالوا ما ترى يا نبي هللا؟ وكان في بني
إسرائيل رجل له بقرة وكان له ابن بار وكان عند ابنه سلعة فجاء قوم يطلبون سلعته وكان مفتاح بيته تحت رأس أبيه
وكان نائماً وكره ابنه ان ينبهه وينغض عليه نومه فانصرف القوم ولم يشتروا سلعته فلما انتبه أبوه قال له يابني ماذا
صنعت في سلعتك؟ قال هي قائمة لم أبعها ألن المفتاح كان تحت رأسك فكرهت أن أنبهك وأنغض عليك نومك قال
له أبوه قد جعلت هذه البقرة لك عوضاً عما فاتك من ربح سلعتك وشكر هللا البنه ما فعل بأبيه وأمر بني إسرائيل أن
يذبحوا تلك البقرة بعينها فلما اجتمعوا إلى موسى وبكوا وضجوا قال لهم موسى {إن هللا يأمركم أن تذبحوا بقرة} فتعجبوا
فقالوا {أتتخذنا هزواً} نأتيك بقتيل فتقول اذبحوا بقرة فقال لهم موسى {أعوذ باهلل أن أكون من الجاهلين} فعلموا أنهم قد
أخطأوا فقالوا {ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة ال فارض وال بكر} [ ]68والفارض التي قد ضربها
الفحل وال تحمل والبكر التي لم يضربها الفحل {قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع
لونها} [ ]69أي شديدة الصفرة {تسر الناظرين قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء هللا
لمهتدون قال إنه يقول إنها بقرة ال ذلول تثير األرض} [ ]71-69أي لم تذلل {وال تسقي الحرث} [ ]71أي ال تسقي
ون ُه ِمن َب ْع ِد َما َعَقُلوهُ َو ُه ْم َي ْعَل ُمو َن * َوإِ َذا َلُقوْا طمعون أَن يؤ ِمنوْا َل ُكم وَقد َكان َف ِريق ِمنهم يسمعون َكالَم َّ ِ
َّللا ثُ َّم ُي َحِّرُف َ َ ٌ ّْ ُ ْ َ ْ َ ُ َ ْ َ ْ َ ُْ ُ أََفتَ ْ َ ُ َ
وكم ِب ِه ِع ْن َد َرّب ُ
ِك ْم أََفالَ آج ُ َّللاُ َعَل ْي ُك ْم لُِي َح ُّ
ون ُهم ِب َما َفتَ َح َّ ِ ض ُهم ِإَل ٰى َب ْع ٍ
ض َقاُلوْا أَتُ َحّدثُ َ آمَّنا َوِإ َذا َخالَ َب ْع ُ ْ
آمُنوْا َقاُلوْا َ ين َ
َّ ِ
الذ َ
َّللا يعَلم ما ي ِسُّرو َن وما يعلِنو َن * و ِم ْنهم أ ُِميُّو َن الَ يعَلمو َن اْل ِكتَاب ِإالَّ أَم ِان َّي وإِن هم ِإالَّ تَ ْعِقُلو َن * أ ََوالَ َي ْعَل ُمو َن أ َّ
َ َ ْ ُْ َ َْ ُ َ ُْ ّ َ َ ُْ ُ َن َّ َ َ ْ ُ َ ُ
َّللاِ لَِي ْشتَُروْا ِب ِه ثَ َمناً َقلِيالً َفَوْي ٌل َّل ُه ْم ِّم َّما َكتََب ْت
اب ِبأ َْي ِدي ِه ْم ثُ َّم َيُقوُلو َن َهـٰ َذا ِم ْن ِع ْن ِد َّ ِ َِّ ِ
ظُّنو َن * َف َوْي ٌل ّللذ َ
ين َي ْكتُُبو َن اْلكتَ َ َي ُ
أ َْي ِدي ِه ْم َوَوْي ٌل َّل ُه ْم ِّم َّما َي ْك ِسُبو َن
قوله{ :أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كالم هللا ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون}
اآلية [ ]75فإنما نزلت في اليهود وقد كانوا أظهروا اإلسالم وكانوا منافقين وكانوا إذا أروا رسول هللا قالوا إنا معكم وإذا
أروا اليهود قالوا إنا معكم وكانوا يخبرون المسلمين بما في التوراة من صفة رسول هللا صلى هللا عليه وآله وأصحابه
وقالوا لهم كبراؤهم وعلماؤهم {أتحدثونهم بما فتح هللا عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفال تعقلون} [ ]76فرد هللا عليهم
فقال {أوال يعلمون أن هللا يعلم ما يسرون وما يعلنون ومنهم أميون} [ ]78-77أي من اليهود {ال يعلمون الكتاب إال
أماني وإن هم إال يظنون} [ ]78وكان قوم منهم يحرفون التوراة وأحكامه ثم يدعون أنه من عند هللا فأنزل هللا فيهم
{فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند هللا ليشتروا به ثمناً قليالً فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل
لهم مما يكسبون}[ ].79
قوله{ :وقالوا لن تمسنا النار إال أياما معدودة} [ ]80قال بنو إسرائيل لن تمسنا النار ولن نعذب إال األيام المعدودات
التي عبدنا فيها العجل فرد هللا عليهم فقال وقالوا لن تمسنا النار إال أياما معدودة قل يا محمد لهم {أتخذتم عند هللا
عهداً فلن يخلف هللا عهده أم تقولون على هللا ما ال تعلمون} وقوله {وقولوا للناس حسناً} [ ]83نزلت في اليهود ثم
نسخت بقوله {اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}[التوبة.]5 :
َخ ْذَنا ِميثَا َق ُك ْم الَ تَ ْسِف ُكو َن ِد َمآء ُك ْم َوالَ تُ ْخ ِر ُجو َن أ َْنُف َس ُك ْم ِّمن ِدَي ِارُك ْم ثُ َّم أَ ْق َرْرتُ ْم َوأ َْنتُ ْم تَ ْش َه ُدو َن
َوإِ ْذ أ َ
َ
أما قوله{ :وإذ أخذنا ميثاقكم ال تسفكون دماءكم وال تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون} اآلية وإنما
نزلت في أبي ذر رحمة هللا عليه وعثمان بن عفان وكان سبب ذلك لما أمر عثمان بنفي أبي ذر إلى الربذة دخل عليه
أبو ذر وكان عليالً متوكئاً على عصاه وبين يدي عثمان مائة ألف درهم قد حملت إليه من بعض النواحي وأصحابه
حوله ينظرون إليه ويطمعون أن يقسمها فيهم فقال أبو ذر لعثمان ما هذا المال؟ فقال عثمان مائة الف درهم حملت
إلي من بعض النواحي أريد أضم إليها مثلها ثم أرى فيها رأي فقال أبو ذر "يا عثمان أيما أكثر مائة ألف درهم أو
أما قوله{ :وأُشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم} [ ]93أحبوا العجل حتى عبدوه ثم قالوا نحن أولياء هللا فقال هللا عزوجل
إن كنتم أولياء هللا كما تقولون {فتمنوا الموت إن كنتم صادقين} [ ]94ألن في التوراة مكتوب أن أولياء هللا يتمنون
الموت وال يرهبونه.
قوله{ :قل من كان عدواً لجبريل فإنه نزل على قلبك بإذن هللا مصدقاً لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين} []97
فإنما نزلت في اليهود الذين قالوا لرسول هللا صلى هللا عليه وآله إن لنا في المالئكة أصدقاء وأعداء فقال رسول هللا
صلى هللا عليه وآله من صديقكم ومن عدوكم؟ فقالوا جبرئيل عدونا ألنه يأتي بالعذاب ولو كان الذي ينزل عليك
القرآن ميكائيل آلمنا بك فإن ميكائيل صديقنا وجبريل ملك الفضاضة والعذاب وميكائيل ملك الرحمة فأنزل هللا {قل من
كان عدواً لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن هللا مصدقاً لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين من كان عدواً هلل
ومالئكته ورسله وجبريل وميكال فإن هللا عدو للكافرين}[ ].98-97
ِ
الس ْح َر َو َمآ أ ُْن ِزَل ين َكَف ُروْا ُي َعِّل ُمو َن َّ ٰطين عَلى مْل ِك سَليمـٰن وما َكَفر سَليمـٰن وَلـ ِٰك َّن َّ ِ َّ ِ َّ
اس ّ الن َ الشَيـٰط َ َواتَب ُعوْا َما تَْتُلوْا الشَيـ ُ َ ٰ ُ ُ ْ َ َ َ َ َ ُ ْ َ ُ َ
َح ٍد َحتَّ ٰى َيُقوالَ ِإَّن َما َن ْح ُن ِف ْتَن ٌة َفالَ تَ ْكُف ْر َفَيتَ َعَّل ُمو َن ِم ْن ُه َما َما ُيَفِّرُقو َن عَلى اْلمَل َكي ِن ِبباِبل هـٰروت ومـٰروت وما يعّلِم ِ ِ
ان م ْن أ َ َ ْ َ َ َ ُ َ َ َ ُ َ َ َ َُ َ َ
ضُّرُه ْم َوالَ َي َنف ُع ُه ْم َوَلَق ْد َعلِ ُموْا َل َم ِن ْ َّ ِب ِه بين اْلمرِء وزو ِج ِه وما هم ِبض ِآرين ِب ِه ِمن أَح ٍد ِإالَّ ِبِإ ْذ ِن َّ ِ
اشتََراهُ َما َّللا َوَيتَ َعل ُمو َن َما َي ُ ْ َ َْ َ َ ْ َ َ ْ َ َ ُ َ ّ َ
ِ اآلخ َرِة ِم ْن َخ َٰل ٍ
ـق َوَلِب ْئ َس َما َش َرْوْا ِبه أ َْنُف َس ُه ْم َل ْو َك ُانوْا َي ْعَل ُمو َن َله ِفي ِ
ُ
قوله{ :واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما
أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقوال إنما نحن فتنة فال تكفر فيتعلمون منهما ما
يفرقون به بين المرء وزوجه إلى قوله -كانوا يعلمون} فإنه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن أبان بن عثمان عن
أبي بصير عن أبي جعفر عليه السالم قال إن سليمان بن داود أمر الجن واإلنس فبنوا له بيتاً من قوارير قال فبينما
هو متكئ على عصاه ينظر إلى الشياطين كيف يعملون وينظرون إليه إذا حانت منه التفاتة فإذا هو برجل معه في
القبة ،ففزع منه وقال من أنت؟ قال أنا الذي ال أقبل الرشى وال أهاب الملوك ،أنا ملك الموت ،فقبضه وهو متكئ على
عصاه فمكثوا سنة يبنون وينظرون إليه ويدانون له ويعملون حتى بعث هللا األرضة فأكلت منسأته وهى العصا {فلما
خر تبينت ِ
اإلنس أن لو كان الجن يعلمون الغيب} ما لبثوا سنة في العذاب المهين فالجن تشكر األرضة بما عملت
أما قوله{ :يا أيها الذين آمنوا ال تقولوا راعنا وقولوا انظرنا} أي ال تقولوا تخليطا وقولوا افهمنا.
قوله{ :ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها} فقوله ننسها أي نتركها ونترك حكمها فسمى الترك
بالنسيان في هذه اآلية وقوله {أو مثلها} فهي زيادة إنما نزل {نأت بخير مثلها}.
ين َّل ُه ْم َّ ِ ِ ِ ِ ِ ظَلم ِم َّمن َّمنع مسا ِجد َّ ِ
وهآ ِإال َخآئف َ اس ُم ُه َو َس َع ٰى في َخ َارِب َهآ أ ُْوَلـٰئ َك َما َك َ
ان َل ُه ْم أَن َي ْد ُخُل َ يها ْ
َّللا أَن ُي ْذ َك َر ف َ َو َم ْن أَ ْ ُ ْ َ َ َ َ َ
ِ ِ ِ ِفي ُّ ِ
يم
اب َعظ ٌ الد ْنَيا خ ْزٌي َوَل ُه ْم في اآلخ َرِة َع َذ ٌ
أما قوله{ :ومن أظلم ممن منع مساجد هللا أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها} فإنما نزلت في قريش حين منعوا
رسول هللا صلى هللا عليه وآله دخول مكة.
أما قوله{ :وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماماً} قال هو ما ابتاله هللا مما أراه في نومه
بذبح ولده فأتمها إبراهيم عليه السالم وعزم عليها وسلم فلما عزم وعمل بما أمره هللا قال هللا تعالى {إني جاعلك للناس
إماماً} قال إبراهيم ومن ذريتي قال ال ينال عهدي الظالمين ال يكون بعهدي إمام ظالم ثم أنزل عليه الحنيفية وهي
الطهارة وهي عشرة أشياء خمسة في الرأس وخمسة في البدن فأما التي في الرأس فأخذ الشارب ،وإعفاء اللحى وطم
الشعر والسواك والخالل وأما التي في البدن فحلق الشعر من البدن والختان وقلم األظفار والغسل من الجنابة والطهور
بالماء فهذه خمسة في البدن وهو الحنفية الطهارة التي جاء بها إبراهيم فلم تنسخ إلى يوم القيامة وهو قوله {واتبع ملة
إبراهيم حنيفاً}.
وقوله {طه ار بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود} قال الصادق عليه السالم يعني نحا عن المشركين وقال لما بنى
ابراهيم البيت وحج الناس شكت الكعبة إلى هللا تبارك وتعالى ما تلقى من أيدي المشركين وأنفاسهم فأوحى هللا إليها
قرى كعبة فإني أبعث في آخر الزمان قوماً يتنظفون بقضبان الشجر ويتخللون.
قوله{ :وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم باهلل واليوم اآلخر} فإنه دعا إبراهيم ربه أن يرزق من آمن به فقال هللا
يا إبراهيم ومن كفر أيضاً أرزقه {فأمتعه قليالً ثم أَضطره إلى عذاب النار وبئس المصير}.
يمِ اعد ِمن اْلبي ِت وإِس ٰم ِعيل ربَّنا تََقبَّل ِمَّنآ ِإَّنك أَنت َّ ِ
ِ ِ ِٰ
يع اْل َعل ُ
السم ُ َ َ ْ يم اْلَق َو َ َ َ ْ َ ْ َ ُ َ َ َوإِ ْذ َي ْرَف ُع إ ْب َره ُ
فلما بلغ إسماع يل مبلغ الرجال أمر هللا إبراهيم عليه السالم أن يبني البيت فقال يا رب في أي بقعه قال في البقعة
التي أنزلت على آدم القبة فأضاء لها الحرم فلم تزل القبة التي أنزلها هللا على آدم قائمة حتى كان أيام الطوفان أيام
فلما بناه وفرغ منه حج إبراهيم عليه السالم وإسماعيل ونزل عليهما جبرائيل عليه السالم يوم التروية لثمان من ذي
الحجة فقال يا إبراهيم قم فارتوا من الماء ألنه لم يكن بمنى وعرفات ماء فسميت التروية لذلك ثم أخرجه إلى منى
فبات بها ففعل به ما فعل بآدم عليه السالم فقال إبراهيم لما فرغ من بناء البيت {رب اجعل هذا بلداً آمناً وارزق أهله
من الثمرات من آمن منهم باهلل واليوم اآلخر} قال من ثمرات القلوب أي حببهم إلى الناس لينتابوا إليهم ويعودوا إليهم.
أما قوله{ :ربنا وابعث فيهم رسوالً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم}
فإنه يعني من ولد إسماعيل عليه السالم فلذلك قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله "إنا دعوة أبي إبراهيم عليه السالم
".
ِ َّللا وهو َّ ِ اهتَ َدوْا َّوِإن تَوَّل ْوْا َفِإَّنما ُهم ِفي ِشَق ٍ
اق َف َسَي ْكِف َ ِ ِ ِِ ِ
يم
يع اْل َعل ُ
السم ُ يك ُه ُم َّ ُ َ ُ َ َ ْ َ آم ْنتُ ْم ِبه َفَقد ْ
آمُنوْا بم ْثل َمآ َ
ِ
َفإ ْن َ
َّللاِ ِ
ص ْب َغ ًة َوَن ْح ُن َل ُه َعاِبدو َن َح َس ُن ِم َن َّ صبغ َة َّ ِ
ِ َْ
َّللا َو َم ْن أ ْ
قوله{ :صبغة هللا ومن أحسن من هللا صبغة} يعني به ِ
اإلسالم.
قوله{ :سيقول السفهاء من الناس ما والهم عن قبلتهم التي كانوا عليها} فإن هذه اآلية متقدمة على قوله {قد نرى
تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها} ألنه نزل أوالً {قد نرى تقلب وجهك في السماء} ثم نزل {سيقول السفهاء
من الناس ما والهم عن قبلتهم التي كانوا عليها} وذلك إن اليهود كانوا يعيرون برسول هللا ويقولون أنت تابع لنا تصلي
إلى قبلتنا فاغتم من ذلك رسول هللا صلى هللا عليه وآله غماً شديداً وخرج في جوف الليل ينظر في آفاق السماء
ينتظر بأمر هللا تبارك وتعالى في ذلك ،فلما أصبح وحضرت صالة الظهر كان في مسجد بني سالم قد صلى بهم
الظهر ركعتين ،فنزل جبرائيل عليه السالم فأخذ بعضديه فحوله إلى الكعبة ،فأنزل هللا عليه {قد نرى تقلب وجهك في
السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام} فصلى ركعتين إلى الكعبة فقالت اليهود والسفهاء ما
وليهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ،وتحولت القبلة إلى الكعبة بعد ما صلى رسول هللا صلى هللا عليه وآله بمكة ثالث
عشرة سنة إلى بيت المقدس وبعد مهاجرته إلى المدينة صلى إلى البيت المقدس سبعة أشهر ،ثم حول هللا عز وجل
القبلة إلى البيت الحرام.
قال هللا عز وجل{ :وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئال يكون للناس عليكم حجة إال الذين ظلموا منهم} يعني وال
الذين ظلموا منهم "وإال" في موضع "وال" وليست هي استثناء.
ِ َِّ
ول َعَل ْي ُك ْم َش ِهيداً َو َما َج َعْلَنا اْلقْبَل َة التي ُك َ
نت َعَل ْي َهآ الن ِ
اس َوَي ُكو َن َّ
الرُس ُ ونوْا ُش َه َدآء َعَلى َّ
َ ُم ًة َو َسطاً ّلِتَ ُك ُ َوَك َذلِ َك َج َعْلَن ُ
اك ْم أ َّ
ض ِ َّللا وما َكان َّ ِ ِ َّ ِ َّ ِ ِ ِ الرس ِ ِ َّ ِ
يم َان ُك ْم
يع إ َ َّللاُ لُي َ ين َه َدى َّ ُ َ َ َ ول م َّمن َينَقل ُب َعَل ٰى َعقَب ْيه َوِإن َك َان ْت َل َكِب َيرًة ِإال َعَلى الذ َ ِ
إال لَن ْعَل َم َمن َيتَّب ُع َّ ُ َ
يم ِ الن ِ َّللاَ ِب َّ
ِإ َّن َّ
وف َّرح ٌ
اس َل َرُء ٌ
أما قوله{ :وكذلك جعلناكم أمة وسطاً} يعنى أئمة وسطاً أي عدالً وواسطة بين الرسول والناس والدليل على أن هذا
مخاطبة لألئمة عليهم السالم قوله في سورة الحج {ويكون الرسول شهيداً عليكم} يا معشر األئمة {وتكونوا -أنتم -
شهداء على الناس} وإنما نزلت {وكذلك جعلناكم أئمة وسطاً}.
قوله{ :إن الصفا والمروة من شعائر هللا فمن حج البيت أو اعتمر فال جناح عليه أن يطوف بهما} فإن قريشاً كانت
وضعت أصنامهم بين الصفا والمروة وكانوا يتمسحون بها إذا سعوا فلما كان من أمر رسول هللا صلى هللا عليه وآله ما
كان في غزاة الحديبية وصده عن البيت وشرطوا له أن يخلوا له البيت في عام قابل حتى يقضي عمرته ثالثة أيام ثم
يخرج عنها فلما كان عمرة القضاء في سنة سبع من الهجرة دخل مكة وقال لقريش ارفعوا أصنامكم من بين الصفا
والمروة حتى أسعى ،فرفعوها فسعى رسول هللا صلى هللا عليه وآله بين الصفا والمروة وقد رفعت األصنام ،وبقي رجل
من الطواف ردت قريش األصنام بين الصفا والمروة فجاء الرجل الذي لم يسع إلى رسول هللا صلى هللا عليه وآله فقال
قد ردت قريش األصنام بين الصفا والمروة ولم أسع فأنزل هللا عز وجل{ :إن الصفا والمروة من شعائر هللا فمن حج
البيت أو اعتمر فال جناح عليه ان يطوف بهما} واالصنام فيهما.
قوله{ :أولئك يلعنهم هللا ويلعنهم الالعنون} قال كل من قد لعنه هللا من الجن واإلنس يلعنهم.
اؤ ُه ْم الَ َي ْعِقُلو َن َش ْيئاً َوالَ َي ْهتَُدو َن ِ َِّ ِ
ان آَب ُ َّللاُ َقاُلوْا َب ْل َنتب ُع َمآ أَْلَف ْيَنا َعَل ْيه َآب َ
آءَنآ أ ََوَل ْو َك َ يل َل ُه ُم اتَِّب ُعوا َمآ أ َ
َنزَل َّ َوإِ َذا ق َ
قوله{ :ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما ال يسمع إال دعاء ونداء صم بكم عمي فهم ال يعقلون} فإنما البهائم
إذا زجرها صاحبها فإنها تسمع الصوت وال تدري ما يريد وكذلك الكفار إذا قرأت عليهم وعرضت عليهم ِ
اإليمان ال
يعلمون مثل البهايم.
قوله{ :فمن اضطر غير با ٍغ وال عاد} فالباغي من يخرج في غير طاعة هللا ،والعادي الذي يعتدي على الناس
ويقطع الطريق.
الن ِار
َصَب َرُه ْم َعَلى َّ الضالََل َة ِباْله َد ٰى واْلع َذ ِ ِ ِ
اشتَ َرُوْا َّ ِ َّ ِ
اب باْل َم ْغف َرة َف َمآ أ ْ
ُ َ َ َ ين ْ
أُوَلـٰئ َك الذ َ
النِبِّي َ
اب َو َّ الئ َك ِة واْل ِكتَ ِ اَّللِ واْليو ِم ِ
اآلخ ِر واْلم ِ ِ ِ ِ ِ ِ
ِق ِ ُّ
ل ْي َس اْلِبَّر أَن تَُولوْا ُو ُج َ
َّ
ين َ َ َ آم َن ب َّ َ َ ْ وه ُك ْم قَب َل اْل َم ْشر َواْل َم ْغ ِرب َوَلـٰك َّن اْلبَّر َم ْن َ
وة وآتَى َّ اب وأََقام َّ ٰ ين وِفي ِّ ِ يل و َّ ِ ِ
ين واب َن َّ ِ ِ ِ ِِ ِ
اة
الزَك َ الصل َ َ الرَق َ َ السآئل َ َ السب َ ام ٰى َواْل َم َساك َ َ ْ ال َعَل ٰى ُحّبه َذوي اْلُق ْرَب ٰى َواْلَيتَ َ َوآتَى اْل َم َ
ص َدُقوْا َوأُوَلـِٰئ َك ُهم اْل ُمتَُّقو َن آء و ِحين اْلبأ ِ ِ َّ ِ الصاِب ِرين ِفي اْلبأْس ِآء و َّ ِ ِِ
ُ ين َ
ْس أُوَلـٰئ َك الذ َ الضَّر َ َ َ َ َ َ اه ُدوْا َو ََّواْل ُموُفو َن ِب َع ْهده ْم ِإ َذا َع َ
قوله {والصابرين في البأساء والضراء} قال في الجوع والعطش والخوف والمرض {وحين البأس} قال عند القتل.
َخ ِ
يه ٰيأَيُّها َّال ِذين آمُنوْا ُكِتب عَلي ُكم اْلِقصاص ِفي اْلَق ْتَلى اْلحُّر ِباْلح ِر واْلعب ُد ِباْلعب ِد واألُنثَ ٰى ِباأل ُْنثَ ٰى َفم ْن عِفي َله ِم ْن أ ِ
َ ُ َ ُ ُّ َ َْ َْ َ ُ َ َْ ُ َ ُ َ َ َ
ِ ِ ٰ ِ ِ ِ ٰ ِ
آء ِإَل ْيه ِبِإ ْح َس ٍ ِ ِ ِ
يم
اب أَل ٌ ِك ْم َوَر ْح َم ٌة َف َم ِن ْ
اعتََد ٰى َب ْع َد ذل َك َفَل ُه َع َذ ٌ يف ّمن َّرّب ُ
ان ذل َك تَ ْخف ٌ َش ْي ٌء َفاتَّباعٌ باْل َم ْع ُروف َوأ ََد ٌ
قوله{ :كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد واألنثى باألنثى} فهي ناسخة لقوله النفس بالنفس.
قوله{ :ولكم في القصاص حياة يا أولي األلباب} قال يعني لوال القصاص لقتل بعضكم بعضاً.
قوله{ :كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خي اًر الوصية للوالدين واألقربين بالمعروف حقاً على المتقين}
فإنما هي منسوخة بقوله {يوصيكم هللا في أوالدكم للذكر مثل حظ األنثيين}.
قوله{ :فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن هللا سميع عليم} [ ]181يعني بذلك بعد الوصية ثم
ٍ
موص جنفاً أو إثماً فأصلح بينهم فال إثم عليه} [ ]182قال الصادق عليه السالم إذا رخص فقال {فمن خاف من
أوصى الرجل بوصية فال يحل للوصي أن يغير وصيته يوصيها ،بل يمضيها على ما أوصى ،إال أن يوصي بغير ما
أمر هللا فيعصي في الوصية ويظلم فالموصى إليه جائز له أن يرده إلى الحق مثل رجل يكون له ورثة فيجعل المال
كله لبعض ورثته ويحرم بعضاً فالوصي جائز له أن يرده إلى الحق وهو قوله {جنفاً أو إثماً} فالجنف الميل إلى بعض
ورثته دون بعض واإلثم أن يأمر بعمارة بيوت النيران واتخاذ المسكر فيحل للوصي أن ال يعمل بشيء من ذلك.
ين ِمن َقْبلِ ُك ْم َل َعَّل ُك ْم تَتَُّقو َن َّ ِ ِ ٰيأَيُّها َّال ِذين آمنوْا ُكِتب عَلي ُكم ِ
ام َك َما ُكت َب َعَلى الذ َ
الصَي ُ
َ َْ ُ ّ َ َُ َ
قوله{ :كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} فإنه قال أول ما فرض هللا الصوم لم يفرضه
في شهر رمضان على األنبياء ،ولم يفرضه على األمم ،فلما بعث هللا نبيه صلى هللا عليه وآله خصه بفضل شهر
رمضان هو وأمته ،وكان الصوم قبل أن ينزل شهر رمضان يصوم الناس أياما ثم نزل:
{شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن} قال وسئل الصادق عليه السالم عن شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن كيف
كان ،وإنما أنزل القرآن في طول عشرين سنة؟ فقال إنه نزل جملة واحدة في شهر رمضان إلى البيت المعمور ،ثم
نزل من البيت المعمور إلى النبي صلى هللا عليه وآله في طول عشرين سنة.
اس َّل ُه َّن َعلِ َم َّ ِ الرَف ُث ِإَلى ِنس ِآئ ُكم ه َّن لِب َّ ُح َّل َل ُكم َليَل َة ِ
أِ
اب َعَل ْي ُك ْم َّللاُ أََّن ُك ْم ُكنتُ ْم تَ ْخ ُ
تانو َن أ َْنُف َس ُك ْم َفتَ َ اس ل ُك ْم َوأ َْنتُ ْم لَب ٌ
ٰ َ ْ ُ َ ٌ الصَيا ِم َّّ ْ ْ
َسَوِد ِم َن ِ ِ ِ
ض م َن اْل َخ ْي األ ْ َّن َل ُك ُم اْل َخ ْي ُ األ َْبَي ُ اش َرُبوْا َحتَّ ٰى َيتََبي َ
َّللاُ َل ُك ْم َوُكُلوْا َو ْ اآلن َٰبش ُر ُ
وه َّن َو ْابتَ ُغوْا َما َكتَ َب َّ َو َعَفا َع ْن ُك ْم َف َ
َّللاُ َء َٰايِت ِه
وها َك ٰذلِ َك ُيَبِّي ُن َّ الصيام ِإَلى َّاللي ِل والَ ت ٰب ِشروه َّن وأَنتم ٰع ِكُفون ِفي اْلم ٰس ِج ِد ِتْلك حدود َّ ِ
َّللا َفالَ تَْق َرُب َ َ ُُ ُ ََ ْ َ َُ ُ ُ َ ْ ُ ْ َ َ ِ ِ ِ
اْلَف ْجر ثُ َّم أَت ُّموْا ّ َ َ
اس َل َعَّل ُه ْم َيتَُّقو َن
لِ َّلن ِ
قوله{ :أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم هللا أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب
عليكم وعفى عنكم} فإنه حدثني أبي رفعه قال :قال الصادق عليه السالم :كان النكاح واألكل محرمان في شهر
رمضان بالليل بعد النوم يعني كل من صلى العشاء ونام ولم يفطر ثم انتبه حرم عليه ِ
اإلفطار وكان النكاح حراماً في
الليل والنهار في شهر رمضان ،وكان رجل من أصحاب رسول هللا صلى هللا عليه وآله يقال له خوات بن جبير
األنصاري أخو عبدهللا بن جبير الذي كان رسول هللا صلى هللا عليه وآله وكله بفم الشعب يوم أحد في خمسين من
الرماة ففارقه أصحابه وبقي في اثني عشر رجالً فقتل على باب الشعب ،وكان أخوه هذا خوات بن جبير شيخاً كبي اًر
ضعيفاً وكان صائماً مع رسول هللا صلى هللا عليه وآله في الخندق فجاء إلى أهله حين أمسى فقال عندكم طعام؟
فقالوا ال ،نم حتى نصنع لك طعاماً فأبطئت أهله بالطعام فنام قبل أن يفطر فلما انتبه قال ألهله قد حرم هللا علي
األكل في هذه الليلة فلما أصبح حضر حفر الخندق فأغمي عليه ،فرآه رسول هللا صلى هللا عليه وآله فرق له ،وكان
قوم من الشباب ينكحون بالليل س اًر في شهر رمضان فأنزل هللا عز وجل {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن
لباس لكم وأنتم لباس لهن علم هللا أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فاآلن باشروهن وابتغوا ما كتب
هللا لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخي األبيض من الخي األسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل} وأحل هللا
تبارك وتعالى النكاح بالليل في شهر رمضان واألكل بعد النوم إلى طلوع الفجر لقوله {حتى يتبين لكم الخي األبيض
من الخي األسود من الفجر} قال هو بياض النهار من سواد الليل.
ان َفْلَي ْستَ ِج ُيبوْا لِي َوْلُي ْؤ ِمُنوْا ِبي َل َعَّل ُه ْم َي ْرُش ُدو َن
الدا ِع ِإ َذا َد َع ِ
يب َد ْع َوَة َّ وإِ َذا سأََل َك ِعب ِادي َعِّني َفِإِّني َق ِر ٌ ِ
يب أُج ُ َ َ َ
قوله{ :وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} فإنه حدثني أبي عن القاسم بن محمد عن
سليمان بن داود المنقري عن حماد قال قلت ألبي عبد هللا عليه السالم اشغل نفسي بالدعاء إلخواني وألهل الوالية فما
ترى في ذلك؟ فقال إن هللا تبارك وتعالى يستجيب دعاء غائب لغائب ومن دعا للمؤمنين والمؤمنات وألهل مودتنا رد
هللا عليه من آد م إلى أن تقوم الساعة لكل مؤمن حسنة ثم قال إن هللا فرض الصلوات في أفضل الساعات ،عليكم
بالدعاء في إدبار الصالة ثم دعا لي ولمن حضره ،وقوله {وال تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام
لتأكلوا فريقاً من أموال الناس باإلثم} قال العالم عليه السالم قد علم هللا إنه يكون حكاماً يحكمون بغير الحق فنهى أن
يتحاكم إليهم فإنهم ال يحكمون بالحق فتبطل األموال.
ورَها َوَلـ ِٰك َّن اْلِبَّر َم ِن اتََّق ٰى َوأْتُوْا وت ِمن ُ يت لِ َّلن ِ ِ ِ ِ َّ ِ
ظ ُه ِ اس َواْل َح ِّج َوَل ْي َس اْلِبُّر ِبأَن تَأْتُوْا اْلُبُي َ ون َك َع ِن األَهلة ُق ْل ه َي َم َواق ُ َي ْسأَُل َ
وت ِم ْن أ َْب َواِب َها َواتَُّقوْا َّ
َّللاَ َل َعَّل ُك ْم تُْفلِ ُحو َن اْلُبُي َ
وأ ما قوله {ليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها} قال نزلت في أمير
المؤمنين عليه السالم لقول رسول هللا صلى هللا عليه وآله "أنا مدينة العلم وعلي عليه السالم بابها وال تدخلوا المدينة
إال من بابها
".
قوله{ :وأتموا الحج والعمرة هلل فان أحصرتم فما استيسر من الهدي وال تحلقوا رؤسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان
منكم مريضاً أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} فإنه إذا عقد الرجل ِ
اإلحرام بالتمتع بالعمرة إلى
الحج وأحرم ثم أصابته غلة في طريقه قبل أن يبلغ إلى مكة وال يستطيع أن يمضي ،فإنه يقيم في مكانه الذي حوصر
فيه ويبعث من عنده هدياً إن كان غنياً فبدنة وإن كان بين ذلك فبقرة وإن كان فقي اًر فشاة ،ال بد منها وال يزال مقيماً
على إحرامه ،وإن كان في رأسه وجع أو قروح حلق شعره وأحل ولبس ثيابه ويفدي فأما أن يصوم ستة أيام أو يتصدق
على عشرة مساكين أو نسك وهو الدم يعني ذبح شاة ،فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فعليه أن يشترط عند اإلحرام فيقول
"اللهم إني أريد التمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك وسنة نبيك فإن عاقني عائق أو حبسني حابس فحلني حيث
حبستني بقدرتك التي قدرت علي" ثم يلبي من الميقات الذي وقته رسول هللا صلى هللا عليه وآله فيلبي ويقول" :لبيك
اللهم لبيك لبيك ال شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك ال شريك لك لبيك حجة (بحجة ط) بعمرة تمامها
وبالغها عليك".
فإذا دخل مكة ونظر إلى أبيات مكة قطع التلبية وطاف بالبيت سبعة أشواط ،وصلى عند مقام إبراهيم ركعتين وسعى
بين الصفا والمروة سبعة أشواط ثم يحل ويتمتع بالثياب والنساء والطيب ويقيم على الحج إلى يوم التروية فإذا كان يوم
التروية أحرم عند زوال الشمس من عند المقام بالحج ثم خرج ملبياً إلى منى فال يزال ملبياً إلى يوم عرفة عند زوال
الشمس ،فإذا زالت الشمس يوم عرفة قطع التلبية ويقف بعرفات في الدعاء والتكبير والتهليل والتحميد ،فإذا غابت
الشمس رجع إلى المزدلفة فبات بها فإذا أصبح قام بالمشعر الحرام ودعا وهلل هللا وسبحه وكبره ثم ازدلف منها إلى
منى ورمي الجمار وذبح وحلق ،إن كان غنياً فعليه بدنة وإن كان بين ذلك فعليه بقرة وإن كان فقي اًر فعليه شاة ،فمن لم
يجد ذلك فعليه أن يصوم ثالثة أيام بمكة فإذا رجع إلى منزله صام سبعة أيام فتقوم هذه األيام العشرة مقام الهدي
الذي كان عليه وهو قوله {فمن لم يجد فصيام ثالثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة} وذلك لمن ليس
هو مقيم بمكة وال من أهل مكة ،أما أهل مكة ومن كان حول مكة على ثمانية وأربعين ميالً فليست لهم متعة وإنما
يفردون الحج لقوله {ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام}.
أما قوله{ :فمن فرض فيهن الحج فال رفث وال فسوق وال جدال في الحج} فالرفث الجماع ،والفسوق الكذب ،والجدال
الخصومة ،وهي قول "ال وهللا وبلى وهللا".
قوله{ :فاذكروا هللا كذكركم آبائكم أو أشد ذك اًر} [ ]200قال كانت العرب إذا وقفوا بالمشعر يتفاخرون بآبائهم فيقولون
ال وأبيك ال وأبي وأمر هللا أن يقولوا ال وهللا وبلى وهللا.
وقوله {فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وما له في اآلخرة من خالق} فإنه حدثني أبي عن سليمان بن
داود المنقري عن سفيان بن عيينة عن أبي عبد هللا عليه السالم قال سأل رجل من أبي عبد هللا عليه السالم بعد
منصرفه من الموقف فقال أترى يجيب هللا هذا الخلق كله؟ فقال أبو عبد هللا عليه السالم ما وقف بهذا الموقف أحد
من الناس مؤمن وال كافر إال غفر هللا له ،إال أنهم في مغفرتهم على ثالث منازل ،مؤمن غفر هللا له ما تقدم من ذنبه
وما تأخر واعتقه من النار وذلك قوله {ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي اآلخرة حسنة وقنا عذاب النار}
وقوله {واذكروا هللا في أيام معدودات} قال أيام التشريق الثالثة ،واأليام المعلومات العشرة من ذي الحجة.
أم ا قوله{ :يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل هللا وكفر به والمسجد الحرام
وإخراج أهله منه أكبر عند هللا والفتنة أكبر من القتل} فإنه كان سبب نزولها أنه لما هاجر رسول هللا صلى هللا عليه
وآله إلى المدينة بعث السرايا إلى الطرقات التي تدخل مكة تتعرض لغير قريش ،حتى بعث عبد هللا ابن جحش في
نفر من أصحابه إلى نخلة ،وهي بستان بني عامر ليأخذوا عير قريش حين أقبلت من الطائف عليها الزبيب واألدم
والطعام ،فوافوها وقد نزلت العير وفيهم عمر بن عبد هللا الحضرمي وكان حليفاً لعتبة بن ربيعة ،فلما نظر الحضرمي
إلى عبد هللا بن جحش وأصحابه فزعوا وتهيؤا للحرب وقالوا هؤالء أصحاب محمد ،فأمر عبد هللا بن جحش أصحابه
أن ينزلوا ويحلقوا رؤسهم ،فنزلوا فحلقوا رؤسهم فقال ابن الحضرمي هؤالء قوم عباد ليس علينا منهم بأس ،فلما اطمأنوا
ووضعوا السالح حمل عليهم عبدهللا بن جحش فقتل ابن الحضرمي وأفلت أصحابه وأخذوا العير بما فيها وساقوها إلى
صلِ ِح ِ ِ صالَ ٌح َّل ُه ْم َخ ْيٌر َوإِ ْن تُ َخالِ ُ الد ْنيا و ِ ِ
وه ْم َفِإ ْخَو ُان ُك ْم َو َّ
َّللاُ َي ْعَل ُم اْل ُمْفس َد م َن اْل ُم ْ ط ُ ِ
ام ٰى ُق ْل إ ْ اآلخ َرِة َوَي ْسأَُل َ
ون َك َع ِن اْلَيتَ َ في ُّ َ َ
ِ َعَنتَ ُك ْم ِإ َّن َّ
َّللاَ َع ِز ٌيز َحك ٌ
يم َّللاُ أل ْ
آء َّ
َوَل ْو َش َ
قوله{ :يسألونك عن اليتامى قل إصالح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم} فإنه حدثني أبي عن صفوان عن عبد هللا
بن مسكان عن أبي عبد هللا عليه السالم أنه لما أنزلت{ :إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم
نا اًر وسيصلون سعي اًر} [النساء ]10 :أخرج كل من كان عنده يتيم وسألوا رسول هللا صلى هللا عليه وآله في إخراجهم،
فأنزل هللا تعالى{ :ويسألونك عن اليتامى }..الخ وقال الصادق عليه السالم ال بأس أن تخل طعامك بطعام اليتيم فإن
الصغير يوشك أن يأكل الكبير معه وأما الكسوة وغيره فيحسب على كل رأس صغير وكبير كما يحتاج إليه.
قوله{ :ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض وال تقربوهن حتى يطهرن} يعني النساء ال
تأتوهن في الفرج حتى يغتسلن {فإذا تطهرن} أي :اغتسلن {فأتوهن من حيث أمركم هللا}.
ِ ِ
اعَل ُموْا أََّن ُك ْم ُّمالَُقوهُ َوَب ّش ِر اْل ُم ْؤ ِمن َ
ين آؤُك ْم َح ْر ٌث َّل ُك ْم َفأْتُوْا َح ْرثَ ُك ْم أََّن ٰى ِش ْئتُ ْم َوَقِّد ُموْا أل َْنُف ِس ُك ْم َواتَُّقوْا َّ
َّللاَ َو ْ
ِ
ن َس ُ
قوله{ :نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم} أي متى شئتم وتأولت العامة في قوله "أنى شئتم" أي :حيث شئتم في
القبل والدبر ،وقال الصادق عليه السالم "أنى شئتم" أي :متى شئتم في الفرج والدليل على قوله في الفرج قوله تعالى
{نساؤكم حرث لكم} فالحرث الزرع في الفرج في موضع الولد ،وقال الصادق عليه السالم من أتى امرأته في الفرج في
أول أيام حيضها فعليه أن يتصدق بدينار وعليه ربع حد الزاني خمسة وعشرون جلدة ،وأن أتاها في آخر أيام حيضها
فعليه أن يتصدق بنصف دينار ويضرب اثني عشر جلدة ونصف.
قوله{ :ويهلك الحرث والنسل} قال الحرث في هذا الموضع الدين ،والنسل الناس ،ونزلت في فالن ويقال في معاوية.
قوله{ :ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات هللا} قال ذلك أمير المؤمنين عليه السالم ومعنى يشرى نفسه أي
يبذل.
قوله{ :ادخلوا في السلم كافة} قال في والية أمير المؤمنين عليه السالم.
اس ِفيما اختَلُفوْا ِف ِ َنزَل َم َع ُهم اْل ِك ٰتَ َب ِباْل َح ِّق لَِي ْح ُكم َب ْي َن َّ ِ ِ ُم ًة َٰو ِح َد ًة َفَب َع َث َّ
يه الن ِ َ ْ َ َ ُ ين َو ُمنذ ِر َ
ين َوأ َ ين ُمَب ّش ِر َ النِبِّي َ
َّللاُ َّ اس أ َّ ان َّ
الن ُ َك َ
َّللا َّال ِذين آمنوْا لِما اختَلُفوْا ِف ِ
يه ِم َن اْل َح ِّق ِ ِ وما اخَتَل ِ ِ َّ َّ ِ
آء ْت ُه ُم اْلَبِّي َٰن ُت َب ْغياً َب ْيَن ُه ْم َف َه َدى َّ ُ َ َ ُ َ ْ َ ين أُوتُوهُ من َب ْعد َما َج َ ف فيه ِإال الذ َ ََ ْ َ
ٍ ِ
آء ِإَل ٰى ص َٰرط ُّم ْستَِقي ٍم َّللاُ َي ْهدي َمن َي َش ُ
ِ ِبِإ ْذِن ِه َو َّ
قوله{ :كان الناس أمة واحدة} قال قبل نوح على مذهب واحد ،فاختلفوا {فبعث هللا النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل
معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه}
وقوله {كتب عليكم القتال وهو كره لكم} نزلت بالمدينة ونسخت آية {كفوا أيديكم} [النساء]77 :التي نزلت بمكة.
ين َحتَّ ٰى ُي ْؤ ِمُنوْا َوَل َع ْبٌد ِ ٍ ِ ِ ِ
َوالَ تَْنك ُحوْا اْل ُم ْش ِرَكات َحتَّ ٰى ُي ْؤ ِم َّن َوأل ََم ٌة ُّم ْؤ ِمَن ٌة َخ ْيٌر ّمن ُّم ْش ِرَكة َوَل ْو أ ْ
َع َجَب ْت ُك ْم َوالَ تُْنك ُحوْا اْل ُم ْش ِرِك َ
َّللاُ َي ْد ُعوْا ِإَلى اْل َجَّن ِة واْلم ْغِف َرِة ِبِإ ْذِن ِه وُيَبِّي ُن َآي ِات ِه لِ َّلن ِ
اس َع َجَب ُك ْم أ ُْوَلـِٰئ َك َي ْد ُعو َن ِإَلى َّ
الن ِار َو َّ ٍ ِ
ُّم ْؤ ِم ٌن َخ ْيٌر ّمن ُّم ْش ِرك َوَل ْو أ ْ
َ َ َ
َل َعَّل ُه ْم َيتَ َذ َّك ُرو َن
أما قوله{ :وال تنكحوا المشركات حتى يؤمن وألمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم وال تنكحوا المشركين حتى
يؤمنوا} فقوله{ :وال تنكحوا المشركات حتى يؤمن} منسوخ بقوله{ :والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من
قبلكم}[المائدة ]5 :وقوله {وال تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا} على حاله لم ينسخ.
قوله{ :وال تجعلوا هللا عرضة أليمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس} قال هو قول الرجل في كل حالة ال وهللا
وبلى وهللا.
أما قوله{ :للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن هللا غفور رحيم وإن عزموا الطالق فإن هللا
سميع عليم} فإنه حدثني أبي عن صفوان بن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد هللا عليه السالم قال اإليالء هو أن
يحلف الرجل على امرأته أال يجامعها فان صبرت عليه فلها أن تصبر ،فإن رفعته إلى اإلمام أنظره أربعة أشهر ثم
يقول له بعد ذلك أما أن ترجع إلى المناكحة وأما أن تطلق وإال حبستك أبداً ،وروي عن أمير المؤمنين عليه السالم
أنه بنى حظيرة من قصب وجعل فيها رجل آلى من امرأته بعد أربعة أشهر وقال له إما ترجع إلى المناكحة أو أن
تطلق وإال أحرقت عليك الحظيرة.
قوله{ :والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثالثة قروء} قال والمطلقة تعتد ثالثة قروء إن كانت تحيض قوله {وال يحل لهن
أن يكتمن ما خلق هللا في أرحامهن إن كن يؤمن باهلل واليوم اآلخر} قال ال يحل للمرأة أن تكتم حملها أو حيضها أو
طهرها وقد فرض هللا على النساء ثالثة أشياء الطهر والحيض والحبل وقوله {وللرجال عليهن درجة} قال حق الرجال
على النساء أفضل من حق النساء على الرجال.
فأما طالق الرجعة ،فإنه يدعها حتى تحيض وتطهر ثم يطلقها بشهادة شاهدين ثم يراجعها ويواقعها ثم ينتظر بها
الطهر ،فإن حاضت وطهرت أشهد شاهدين على تطليقة أخرى ثم يراجعها ويواقعها ثم ينتظر بها الطهر فإن حاضت
وطهرت أشهد شاهدين على التطليقة الثالثة كل تطليقة على طهر بمراجعة ،وال تحل له حتى تنكح زوجاً غيره وعليها
أن تعتد ثالثة أقرء من يوم طلقها التطليقة الثالثة لدنس النكاح ،وهما يتوارثان ما دامت في العدة ،فإن طلقها واحدة
على طهر بشهود ثم انتظر بها حتى تحيض وتطهر ثم طلقها قبل أن يراجعها لم يكن طالقه الثاني طالقاً جائ اًز ،ألنه
طلق طالقاً ألنه إذا كانت المرأة مطلقة من زوجها كانت خارجة من ملكه حتى يراجعها ،فإذا راجعها صارت في ملكه
ما لم يطلق التطليقة الثالثة فإذا طلقها التطليقة الثالثة فقد خرج ملك الرجعة من يده فإن طلقها على طهر بشهود ثم
راجعها وانتظر بها الطهر من غير مواقعة فحاضت وطهرت وهي عنده ثم طلقها قبل أن يدنسها بمواقعة بعد الرجعة
لم يكن طالقه لها طالقاً ألنه طلقها التطليقة الثانية في طهر األولى ،وال ينقض الطهر إال بمواقعة بعد الرجعة وكذلك
ال تكون التطليقة الثالثة إال بمراجعة ومواقعة بعد الرجعة ثم حيض وطهر بعد الحيض ثم طالق بشهود حتى يكون
لكل تطليقة طهر من تدنيس مواقعة بشهود.
ِ اج َعآ ِإن َ طَّلَقها َفالَ تَ ِح ُّل َله ِمن بعد حتَّى تَْن ِكح َزوجاً َغيره َفِإن ََّ
اح َعَل ْي ِه َمآ أَن َيتَ َر َ ِ
ود ظَّنآ أَن ُيق َ
يما ُح ُد َ طلَق َها َفالَ ُجَن َ َُْ َ ْ َُْ َ ٰ ُ َفإ ْن َ َ
َّللاِ ُيَبِّيُن َها لَِق ْو ٍم َي ْعَل ُمو َن َّ ِ
َّللا َوِتْل َك ُح ُد ُ
ود َّ
قوله{ :فإن طلقها فال تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره} يعني الطالق الثالث ،وقوله{ :فال جناح عليهما أن
يتراجعا} في الطالق األول والثاني.
قوله{ :إذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فامسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف وال تمسكوهن ض ار اًر لتعتدوا} قال إذا
طلقها ال يجوز له أن يراجعها إن لم يردها فيضربها وهو قوله وال تمسكوهن ض ار اًر أي ال تحبسوهن.
أما قوله{ :وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فال تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف} يعني إذا
رضيت المرأة بالتزويج الحالل.
قوله{ :والوالدات يرضعن أوالدهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن
بالمعروف} يعني إذا مات الرجل وترك ولداً رضيعاً ال ينبغي للوارث أن يضر بنفقة المولود بل ينبغي له أن يجزي
عليه بالمعروف وقوله {ال تضار والدة بولدها وال مولود له بولده} فإنه حدثني أبي عن محمد بن الفضيل عن أبي
الصباح الكناني عن أبي عبد هللا عليه السالم قال ال ينبغي للرجل أن يمتنع من جماع المرأة فيضار بها إذا كان لها
ولد مرضع ،ويقول لها ال أقربك فإني أخاف عليك الحبل فتقتلين ولدي وكذا المرأة ال يحل لها أن تمتنع عن الرجل،
فتقول إني أخاف أن أحبل فأقتل ولدي فهذه المضارة في الجماع على الرجل والمرأة وقوله {وعلى الوارث مثل ذلك} ال
تضار المرأة التي لها ولد وقد توفي زوجها فال يحل للوارث أن يضار أم الولد في النفقة فيضيق عليها وقوله {فإن
أرادا فصاالً عن تر ٍ
اض منهما وتشاور فال جناح عليهما} يعني إذا اصطلحت األم والوارث فيقول خذي الولد واذهبي
به حيث شئت.
قوله{ :والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعش اًر} فهي ناسخة لقوله{ :والذين يتوفون
منكم ويذرون أزواجاً وصية ألزواجهم متاعاً إلى الحول غير إخراج} فقد قدمت الناسخة على المنسوخة في التأليف.
قوله{ :وال جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم} فهو أن يقول الرجل للمرأة في العدة
اذا توفي عنها زوجها ال تحدثي حدثاً ،وال يصرح لها النكاح والتزويج ،فنهى هللا عز وجل عن ذلك والسر في النكاح
وقال {وال تواعدوهن س اًر إال أن تقولوا قوالً معروفاً} وقال من السر أيضاً أن يقول الرجل في عدة المرأة للمرأة موعدك
بيت فالن وقال األعشى في ذلك.
{وال تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله} أي تعتد وتبلغ الذي في الكتاب أجله أربعة أشهر وعش اًر.
ِ ِ
وه َّن َعَلى اْلم ِ
وس ِع َق َد ُرهُ َو َعَلى اْل ُمْقت ِر َق َد ُرهُ ُ ضوْا َل ُه َّن َف ِر َ
يض ًة َو َمتّ ُع ُ وه َّن أ َْو تَْف ِر ُ
آء َما َل ْم تَ َم ُّس ُ طَّلْقتُ ُم ِّ
الن َس َ اح َعَل ْي ُك ْم ِإن َ َّ
ال ُجَن َ
ِِ ِ
َمتَاعاً ِباْل َم ْع ُروف َحّقاً َعَلى اْل ُم ْحسن َ
ين
أما قوله{ :ال جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة} فهو أن يطلق الرجل المرأة التي
قد تزوجها ولم يدخل بها ولم يسم لها صداقاً ،فعليه إذا طلقها أن يمتعها على قدر حاله كما قال هللا عز وجل {على
قوله{ :إال أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح} وهو الولي واألب وال يعفوان إال بأمرها وهو قوله {وإن
طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إال أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة
النكاح} وتتزوج من ساعتها وال عدة عليها والعدة على اثنين وعشرين وجهاً فالمطلقة تعتد ثالثة اقرء ،والقرء هو
اجتماع الدم في الرحم ،والعدة الثانية إذا لم تحض فثالثة أشهر بيض وإذا كانت تحيض في الشهر األقل أو األكثر
وطلقت ثم حاضت قبل أن يأتي لها ثالثة أشهر حيضة واحدة فال تبين من زوجها إال بالحيض ،وإن مضي ثالثة
أشهر لها ولم تحض فإنها تبين باألشهر البيض ،فإن حاضت قبل أن يمضي لها ثالثة أشهر فإنها تبين بالدم،
والمطلقة التي ليس للزوج عليها رجعة فال تبين حتى تطهر من الدم الثالث ،والمطلقة الحامل ال تبين حتى تضع ما
في بطنها فإن طلقها اليوم ووضعت في الغد فقد بانت ،والمتوفى عنها زوجها وهي الحامل تعتد بأبعد األجلين فإن
وضعت قبل أن يمضي لها أربعة أشهر وعش اًر فلتتم أربعة أشهر وعش اًر فإن مضى لها أربعة أشهر وعش اًر فلم تضع
فعدتها أن تضع ،والمطلقة وزوجها غائب عنها تعتد من يوم طلقها إذا شهد عندها شاهدان عدالن أنه طلقها في يوم
معروف تعتد من ذلك اليوم فإن لم يشهد عندها أحد ولم تعلم أي يوم طلقها تعتد من يوم يبلغها ،والمتوفى عنها
زوجها وهو غائب تعتد من يوم يبلغها ،والتي لم يدخل بها زوجها ثم طلقها فال عدة عليها ،فإن مات عنها ولم يدخل
لها تعتد أربعة أشهر وعش اًر.
والعدة على الرجال أيضاً إن كان له أربعة نسوة وطلق أحديهن لم يحل له أن يتزوج حتى تعتد التي طلقها ،فإذا أراد
أن يتزوج أخت امرأته لم تحل له حتى يطلق امرأته وتعتد ثم يتزوج أختها ،والمتوفى عنها زوجها تعتد حيث شاءت،
وعدة المتعة خمسة وأربعون يوم ًا ،وعدة السبي استبراء الرحم ،فهذه وجوه العدة.
وأما المرأة التي ال تحل لزوجها أبداً فهي التي طلقها زوجها ثالث تطليقات على طهر من غير جماع بشهادة شاهدين
وتتزوج زوجاً غيره فيطلقها ويتزوج بها األول الذي كان طلقها ثالث تطليقات ثم يطلقها أيضاً ثالث تطليقات للعدة
(على طهر من غير جماع بشهادة عدلين ط) فتتزوج زوجاً آخر ثم يطلقها فيتزوجها األول الذي قد طلقها ست
تطليقات على طهر وتزوجت زوجين غير زوجها األول ثم يطلقها هذا زوجها األول ثالث تطليقات على طهر واحد
من غير جماع بشهادة عدلين ،فهذه التي ال تحل لزوجها األول أبداً ألنه قد طلقها تسع تطليقات وتزوج بها تسع
مرات ،وتزوجت ثالثة أزواج فال تحل للزوج األول أبداً ،ومن طلق إمرأته من غير أن تحيض أو كانت في دم الحيض
أو نفساء من قبل أن تطهر فطالقه باطل.
ين ِ ٰ ِِ
وموْا ََّّلل َقنت َ الص َٰلوِة اْل ُو ْس َ
ط ٰى َوُق ُ الصَل َٰو ِت و َّ َح ِاف ُ
ظوْا َعَلى َّ
قوله{ :حافظوا على الصلوات والصالة الوسطى وقوموا هلل قانتين} فإنه حدثني أبي عن النضر بن سويد عن ابن
سنان أبي عبد هللا عليه السالم أنه ق أر {حافظوا على الصلوات والصالة الوسطى صالة العصر وقوموا هلل قانتين}
فقوله {قوموا هلل قانتين} قال إقبال الرجل على صالته ومحافظته حتى ال يلهيه وال يشغله عنها شيء.
ونوْا تَ ْعَل ُمو َن إن ِخْفتُ ْم َف ِر َجاالً أ َْو ُرْكَباناً َفِإ َذآ أ َِمنتُ ْم َفا ْذ ُك ُروْا َّ
َّللاَ َك َما َعَّل َم ُكم َّما َل ْم تَ ُك ُ َف ْ
قوله{ :فإن خفتم فرجاالً أو ركباناً} فهي رخصة بعد العزيمة للخائف أن يصلي راكباً وراجالً ،وصالة الخوف على
ثالثة وجوه قال هللا تبارك وتعالى {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصالة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا
سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم} فهذا وجه.
والوجه الثاني من صالة الخوف فهو الذي يخاف اللصوص والسباع في السفر فإنه يتوجه إلى القبلة ويفتتح الصالة
ويمر على وجه األرض الذي هو فيه فإذا فرغ من القراءة وأراد أن يركع ويسجد ولي وجهه إلى القبلة إن قدر عليه
وإن لم يقدر عليه ركع وسجد حيث ما توجه وإن كان راكباً أومأ برأسه.
وصالة المجادلة (المجاهدة ط) وهي المضاربة في الحرب إذا لم يقدر أن ينزل ،يصلي ويكبر ولكل ركعة تكبيرة
ويصلي وهو راكب فإن أمير المؤمنين عليه السالم صلى وأصحابه خمس صلوات بصفين على ظهور الدواب لكل
ركعة تكبيرة وصلى وهو راكب حيث ما توجهوا.
ومنها صالة الحيرة على ثالثة وجوه ،فوجه منها هو أن الرجل يكون في مفازة وال يعرف القبلة يصلي إلى أربعة
جوانب ،والوجه الثاني ،من فاتته الصالة ولم يعرف أي صالة هي فإنه يجب أن يصلي ثالث ركعات وأربع ركعات
وركعتين فإن كانت المغرب فقد قضاها ،وإن فاتته العتمة فقد قضاها وإن كانت الفجر فقد قضاها وإن كانت الظهر
والعصر فقد قامت األربعة مقامها ،ومن كان عليه ثوبان فأصاب أحدهما بول أو قذر أو جنابة ولم يدر أي الثوبين
أصاب القذر ،فإنه يصلي في هذا وفي هذا فإذا وجد الماء غسلهما جميعاً.
أما قوله{ :ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم هللا موتوا ثم أحياهم} فإنه كان وقع
الطاعون بالشام في بعض الكور فخرج منهم خلق كثير كما حكى هللا هرباً من الطاعون فصاروا إلى مفازة فماتوا في
ليلة واحدة كلهم ،فبقوا حتى كانت عظامهم يمر بهم المار فينحيها برجله عن الطريق ثم أحياهم هللا وردهم إلى منازلهم
فبقوا ده اًر طويالً ثم ماتوا ودفنوا.
ال َه ْل َع َس ْيتُ ْم يل َّ ِ إل ِمن بِني ِإسرِائيل ِمن بع ِد موسى ِإ ْذ َقاُلوْا لَِنِب ٍي َّلهم ابع ْث َلَنا ملِكاً ُّنَق ِاتل ِفي سِب ِ أََلم تَ َر ِإَلى اْلم ِ
َّللا َق َ َ ْ َ ّ ُُ َْ َْ ُ َ َْ َ َ َ ْ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
ُخر ْجَنا من دَيارَنا َوأ َْبَنآئَنا َفَل َّما ُكت َب َعَل ْيه ُم ِ ِ ِ ِ ِ َّ ِ َّ ِ ِ ِ
َّللا َوَق ْد أ ْ
ال أَال تَُقاتُلوْا َقاُلوْا َو َما َلَنآ أَال ُنَقات َل في َسبيل َّ
إن ُكت َب َعَل ْي ُك ُم اْلقتَ ُ
َّ ِ ِ اْلِقتَال تَوَّلوْا ِإالَّ َقلِيالً ِم ْنهم و َّ ِ
يم ِبالظالم َ
ين َّللاُ َعل ٌ ّ ُْ َ ُ َْ
قوله{ :ألم تر إلى المالء من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم إبعث لنا ملكاً نقاتل في سبيل هللا -إلى
قوله -وهللا عليم بالظالمين} قال حدثني أبي عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن هارون بن خارجة عن أبي
ب صير عن أبي جعفر عليه السالم إن بني إسرائيل بعد موسى عليه السالم عملوا المعاصي وغيروا دين هللا وعتوا عن
أمر ربهم ،وكان فيهم نبي يأمرهم وينهاهم فلم يطيعوه ،وروي أنه أرميا النبي ،فسل هللا عليهم جالوت ،وهو من القب
فأذلهم وقتل رجالهم وأخرجهم من ديارهم وأموالهم واستعبد نساءهم ،ففزعوا إلى نبيهم وقالوا سل هللا أن يبعث لنا ملكاً
قوله{ :فقال لهم نبيهم إن هللا قد بعث لكم طالوت ملكاً} [ ]247فغضبوا من ذلك {وقالوا أنى يكون له الملك علينا
ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال} وكانت النبوة في ولد ألوي والملك في ولد يوسف ،وكان طالوت من
ولد بن يامين أخي يوسف ألمه لم يكن من بيت النبوة وال من بيت المملكة ،فقال لهم نبيهم {إن هللا اصطفاه عليكم
وزاده بسطة في العلم والجسم وهللا يؤتي ملكه من يشاء وهللا واسع عليم} وكان أعظمهم جسماً وكان شجاعاً قوياً وكان
أعلمهم إال أنه كان فقي اًر فعابوه بالفقر فقالوا لم يؤت سعة من المال ،فقال {لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت
فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله المالئكة} [ ]248وكان التابوت الذي أنزل هللا على
موسى فوضعته فيه أمه وألقته في اليم ،فكان في بني إسرائيل معظماً يتبركون به ،فلما حضر موسى الوفاة وضع فيه
األلواح وما كان عنده من آيات النبوة وأودعه يوشع وصيه ،فلم يزل التابوت بينهم حتى استخفوا به وكان الصبيان
يلعبون به في الطرقات فلم يزل بنو إسرائيل في عز وشرف ما دام التابوت عندهم فلما عملوا بالمعاصي واستخفوا
بالتابوت رفعه هللا عنهم فلما سألوا النبي بعث هللا طالوت عليهم يقاتل معهم رد هللا عليهم التابوت وقوله {فيه سكينة
فأوحى هللا إلى نبيهم أن جالوت يقتله من يستوي عليه درع موسى عليه السالم وهو رجل من ولد الوي بن يعقوب
عليه السالم اسمه داود بن اسي ،وكان آسي راعياً وكان له عشرة بنين أصغرهم داود ،فلما بعث طالوت إلى بني
إسرائيل وجمعهم لحرب جالوت بعث إلى آسي أن أحضر ولدك ،فلما حضروا دعا واحداً واحداً من ولده فألبسه درع
موسى عليه السالم ،منهم من طالت عليه ومنهم من قصرت عنه فقال آلسي هل خلفت من ولدك أحداً؟ قال نعم
أصغرهم تركته في الغنم يرعاها فبعث إليه ابنه فجاء به فلما دعي أقبل ومعه مقالع قال فنادته ثالث صخرات في
طريقه فقالت يا داود خذنا فأخذها في مخالته وكان شديد البطش قوياً في بدنه شجاعاً ،فلما جاء إلى طالوت ألبسه
درع موسى فاستوت عليه ،ففصل طالوت بالجنود وقال لهم نبيهم يا بني إسرائيل {إن هللا مبتليكم بنهر} [ ]249في
هذه المفازة فمن شرب منه فليس من حزب هللا ،ومن لم يشرب منه فإنه من حزب هللا إال من اغترف غرفة بيده ،فلما
وردوا النهر أطلق هللا لهم أن يغرف كل واحد منهم غرفة بيده {فشربوا منه إال قليالً منهم} فالذين شربوا منه كانوا ستين
ألفا وهذا امتحان امتحنوا به كما قال هللا ،وروي عن أبي عبد هللا عليه السالم أنه قال القليل الذين لم يشربوا ولم
يغترفوا ثلثمائة عشر رجالً ،فلما جاوزوا النهر ونظروا إلى جنود جالوت قال الذين شربوا منه {ال طاقة لنا اليوم
بجالوت وجنوده} وقال الذين لم يشربوا {ربنا أفرغ علينا صب اًر وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين} [ ]250فجاء
داود عليه السالم حتى وقف بحذاء جالوت ،وكان جالوت على الفيل وعلى رأسه التاج وفي ياقوت يلمع نوره وجنوده
بين يديه ،فأخذ داود من تلك األحجار حج اًر فرمى به في ميمنة جالوت ،فمر في الهواء ووقع عليهم فانهزموا وأخذ
حج اًر آخر فرمى به في ميسرة جالوت فوقع عليهم فانهزموا ورمى جالوت بحجر ثالث فصك الياقوتة في جبهته
ووصل إلى دماغه ووقع إلى االرض ميتاً فهو قوله {فهزموهم بإذن هللا وقتل داود جالوت وآتاه هللا الملك والحكمة}
[]251
وأما قوله {ولوال دفع هللا الناس بعضهم ببعض لفسدت األرض ولكن هللا ذو فضل على العالمين} فإنه حدثني أبي عن
ابن أبي عمير عن جميل قال قال أبو عبد هللا عليه السالم إن هللا يدفع بمن يصلي من شيعتنا عمن ال يصلي من
شيعتنا ،ولو أجمعوا على ترك الصالة لهلكوا ،وإن هللا يدفع بمن يزكي من شيعتنا عمن ال يزكي من شيعتنا ولو
أجمعوا على ترك الزكاة لهلكوا ،وإن هللا ليدفع بمن يحج من شيعتنا عمن ال يحج من شيعتنا ولو أجمعوا على ترك
الحج لهلكوا ،وهو قول هللا {ولوال دفع هللا الناس بعضهم ببعض }..الخ.
ِ ِ ِ ٍ ض ِّم ْن ُه ْم َّمن َكَّل َم َّ ض ُهم َعَل ٰى َب ْع ٍ ِتْل َك ُّ
الرُس ُل َف َّ
َد َرَجات َوآتَْيَنا عي َسى ْاب َن َم ْرَي َم اْلَبّيَنات َوأَي َّْدَناهُ ض ُه ْم َّللاُ َوَرَف َع َب ْع َ ضْلَنا َب ْع َ ْ
ِ ِ ِِ ِ َّللا ما ا ْقتََتل َّال ِذ ِ
آم َن َو ِم ْن ُه ْم َّمن ات َوَلـ ِٰك ِن ْ
اخَتَلُفوْا َفم ْن ُه ْم َّم ْن َ اْلَبِّيَن ُ آء ْت ُه ُم
ين من َب ْعدهم ّمن َب ْعد َما َج َ َ َ آء َّ ُ َ
ِ
ب ُرو ِح اْلُق ُدس َوَل ْو َش َ
ِ
َّللاُ َما ا ْقتََتُلوْا َوَلـ ِٰك َّن َّ
َّللاَ َيْف َع ُل َما ُي ِر ُيد آء َّ
َكَف َر َوَل ْو َش َ
أما قوله{ :تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم هللا ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى بن مريم
البينات وأيدناه بروح القدس} اآلية فإنه جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السالم يوم الجمل فقال يا علي على ما
تقاتل أصحاب رسول هللا ومن شهد أن ال إله إال هللا وأن محمداً رسول هللا؟ فقال على آية في كتاب هللا أباحت لي
قتالهم ،فقال وم ا هي؟ قال قوله تعالى {تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم هللا ورفع بعضهم درجات
وآتينا عيسى بن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء هللا ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات
ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء هللا ما اقتتلوا ولكن هللا يفعل ما يريد} فقال الرجل كفر وهللا القوم.
قوله{ :يوم ال بيع فيه وال خلة وال شفاعة} أي :صداقة.
ض من َذا َّال ِذي ي ْشَفع ِع ْنده ِإالَّ ِ ِ َّللا الَ ِإَلـٰه ِإالَّ هو اْلح ُّي اْلَقيُّوم الَ تَأْخ ُذه ِسن ٌة والَ نوم َّله ما ِفي َّ ِ
َ ُ َُ الس َٰم َٰوت َو َما في األَْر َ ُ ُ َ َ َْ ٌ ُ َ ُ َُ َ َ َّ ُ
طون ِب َشي ٍء ِمن ِعْل ِم ِه ِإالَّ ِبما َشآء وِسع ُكرِسيُّه َّ ِ ِ ِِ
ودهُ
ض َوالَ َي ُؤ ُ الس َٰم َٰوت َواأل َْر َ َ َ َ ْ ُ َ ْ ّْ ِبِإ ْذنه َي ْعَل ُم َما َب ْي َن أ َْيدي ِه ْم َو َما َخْلَف ُه ْم َوالَ ُي ِحي ُ َ
اَّللِ َفَق ِد
وت َوْي ْؤ ِمن ِب َّاغ ِ الرْشد ِمن اْل َغ ِي َفمن ي ْكُفر ِب َّ
الط ُ ّ َْ َ ْ َّن ُّ ُ َ ين َقد تََّبي َ
ظهما وهو اْلعلِ ُّي اْلع ِظيم * الَ ِإ ْكراه ِفي ِ
الد ِ
ّ ََ َ ُ حْف ُ ُ َ َ ُ َ َ
ِ
ين الن ِ َّ ِ ات ِإَلى ُّ الظُلم َِّللا ولِ ُّي َّال ِذين آمنوْا ي ْخ ِرجهم ِمن ُّ ِ انفصام َلها و َّ ِ ِ ِ ِ
ور َوالذ َ َ َ َُ ُ ُ ُ ْ ّ َ يم * َّ ُ َ يع َعل ٌ َّللاُ َسم ٌ استَ ْم َس َك باْل ُع ْرَوة اْل ُوْثَق ٰى الَ َ َ َ َ ْ
ِ ِ ِ ِ ُّ الن ِ ِ ِ َّ
يها َخال ُدو َن الن ِار ُه ْم ف َ
اب َّ
َص َح ُور إَلى الظُل َمات أ ُْوَلـٰئ َك أ ْ ون ُه ْم ّم َن ُّوت ُي ْخ ِر ُج َ
اغ ُ آؤ ُه ُم الط ُ َكَف ُروْا أ َْولَِي ُ
أما آية الكرسي فإنه حدثني أبي عن الحسين بن خالد أنه ق أر أبو الحسن الرضا عليه السالم:
{الم هللا ال إله إال هو الحي القيوم ال تأخذه سنة وال نوم له ما في السماوات وما في األرض وما بينهما وما تحت
الثرى عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم من ذا الذي يشفع عنده إال بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم} []255
قال {ما بين أيديهم} فأمور األنبياء وما كان "وما خلفهم" اي ما لم يكن بعد ،قوله "اال بما شاء" اي بما يوحى اليهم
{وال يؤده حفظهما} اي ال يثقل عليه حفظ ما في السماوات وما في االرض وقوله {ال إكراه في الدين} [ ]256أي ال
يكره أحد على دينه إال بعد أن قد تبين له الرشد من الغي {فمن يكفر بالطاغوت} وهم الذين غصبوا آل محمد حقهم
{فقد استمسك بالعروة الوثقى} يعني الوالية {ال انفصام لها} أي حبل ال انقطاع له يعني أمير المؤمنين واألئمة بعده
عليهم السالم {هللا ولي الذين آمنوا} [ ]257وهم الذين اتبعوا آل محمد عليهم السالم {يخرجهم من الظلمات إلى النور
والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت} هم الظالمون آل محمد والذين اتبعوا من غضبهم {يخرجونهم من النور إلى الظلمات
أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون والحمد هلل رب العالمين} كذا نزلت ،حدثني أبي عن النضر بن سويد عن موسى
بن بكر عن ز اررة عن أبي عبد هللا عليه السالم في قوله {وسع كرسيه السماوات واالرض} سألته أيما أوسع الكرسي
او السماوات واألرض؟ قال ال بل الكرسي وسع السماوات واألرض وكل شيء خلق هللا في الكرسي.
حدثني أبي عن إسحاق بن الهيثم عن سعد بن ظريف عن األصبغ بن نباتة أن علياً عليه السالم سئل عن قول هللا
عز وجل {وسع كرسيه السماوات واألرض}.
ِ ِ اهيم رب َّ ِ َّللا الملك ِإذ قال ِإبر ِ اهيم ِفي رب ِأََلم تَر ِإَلى َّال ِذي ح َّ ِ ِ
ُحِيـي َوأُم ُ
يت ال أََنا أ ْ ِي الذي ُي ْحِيـي َوُيم ُ
يت َق َ َ ّ ْ َ ُ ُ ْ ُْ َ ْ َ َ َْ ُ َ ّ َ
ِه أَن آتاه َّ آج إ ْب َر َ َ ْ َ
ِ ِ َّ ِ ِ َّ ِ ِ
ِق َفأْت ِب َها م َن اْل َم ْغ ِر ِب َفُب ِه َت الذي َكَف َر َو َّ ِ
س م َن اْلم ْشر ِ ِ
َّللا َيأْتي ِب َّ
الش ْم ِ ِ
َقال ِإ ْب َراه ِ
ين
َّللاُ الَ َي ْهدي اْلَق ْوَم الظالم َ َ يم َفإ َّن َّ َ
ُ َ
قوله{ :ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه هللا الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي
وأميت قال إبراهيم فإن هللا يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب} فإنه لما ألقى نمرود إبراهيم عليه السالم
في النار وجعلها هللا عليه برداً وسالماً قال نمرود يا إبراهيم من ربك؟ قال ربي الذي يحيي ويميت ،قال نمرود أنا
أحيي وأميت فقال له إبراهيم كيف تحيي وتميت؟ قال إلي برجلين ممن قد وجب عليهما القتل فاطلق عن واحد وقتل
واحداً فأكون قد أحييت وأمت ،فقال إبراهيم إن كنت صادقاً فأحيي الذي قتلته ثم قال دع هذا فإن ربي يأتيني بالشمس
من المشرق فأت بها من المغرب فكان كما قال هللا عز وجل {فبهت الذي كفر} أي انقطع وذلك أنه علم أن الشمس
أقدم منه.
أما قوله{ :أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه هللا بعد موتها} فإنه حدثني أبي عن
النضر بن سويد عن يحيي الحلبي عن هارون بن خارجة عن أبي عبد هللا عليه السالم قال لما عملت بنو إسرائيل
المعاصي وعتوا عن أمر ربهم فأراد هللا أن يسل عليهم من يذلهم ويقتلهم فأوحى هللا تعالى إلى إرميا يا إرميا ما بلد
انتخبته من بين البلدان وغرست فيه من كرائم الشجر فأخلف فأنبت خرنوبا؟ فأخبر إرميا أخيار علماء بني اسرائيل
فقالوا له راجع ربك ليخبرنا ما معنى هذا المثل؟ فصام إرميا سبعاً ،فأوحى هللا إليه يا إرميا أما البلد فبيت المقدس وأما
ما أنبت فيها فبنو إسرائيل الذين أسكنتهم فيها فعملوا بالمعاصي وغيروا ديني وبدلوا نعمتي كف اًر ،فبي حلفت ألمتحننهم
بفتنة يظل الحكيم فيها حيراناً وألسلطن عليهم شر عبادي والدة وشرهم طعاماً فليسلطن عليهم بالجبرية فيقتل مقاتليهم
ويسبي حريمهم ويخرب ديارهم التي يغترون بها ويلقي حجرهم الذي يفتخرون به على الناس في المزابل مائة سنة،
فأخبر إرمياً أحبار بني إسرائيل فقالوا له راجع ربك فقل له ما ذنب الفقراء والمساكين والضعفاء ،فصام إرميا سبعاً ثم
أكل أكلة فلم يوح إليه شيء ثم صام سبعاً وأكل أكلة ولم يوح إليه شيء ثم صام سبعاً فأوحى هللا إليه يا إرميا لتكفن
عن هذا أو ألردن وجهك في قفاك ،قال ثم أوحى هللا تعالى إليه قل لهم ألنكم رأيتم المنكر فلم تنكروه ،فقال إرميا رب
أعلمني من هو حتى آتيه وآخذ لنفسي وأهل بيتي منه أماناً قال إيت موضع كذا وكذا فانظر إلى غالم أشدهم زماناً
وأخبثهم والدة وأضعفهم جسماً وشرهم غذاءاً فهو ذلك ،فأتى إرميا ذلك البلد فإذا هو غالم في خان زمن ملقى على
مزبلة وس الخان وإذا له أم تزنى بالكسر وتفت الكسر في القصعة وتحلب عليه خنزيرة لها ثم تدنيه من ذاك الغالم
فيأكله ،فقال إرميا إن كان في الدنيا الذي وضعه هللا فهو هذا ،فدنا منه فقال له ما اسمك؟ فقال بخت نصر ،فعرفه
إنه هو فعالجه حتى ب أر ثم قال له تعرفني؟ قال ال أنت رجل صالح ،قال أنا إرميا نبي بني إسرائيل ،أخبرني هللا أنه
فدعا إلى حرب بني إسرائيل فأجابوه وكان مسكنهم في بيت المقدس وأقبل بخت نصر نحو بيت المقدس واجتمع إليه
بشر كثير ،فلما بلغ إرميا إقباله نحو بيت المقدس استقبله على حمار له ومعه األمان الذي كتب له بخت نصر فلم
يصل إليه إرميا من كثرة جنوده وأصحابه ،فصير األمان على قصبة ورفعها ،فقال من أنت؟ فقال أنا إرميا النبي الذي
بشرتك بأنك سيسلطك هللا على بني إسرائيل وهذا أمانك لي ،قال أما أنت فقد أمنتك وأما أهل بيتك فإني أرمى من ها
هنا إلى بيت المقدس فإن وصلت رميتي إلى بيت المقدس فال أمان لهم عندي وإن لم تصل فهم آمنون ،وانتزع قوسه
ورمى نحو بيت المقدس فحملت الريح النشابة حتى علقتها في بيت المقدس ،فقال ال أمان لهم عندي ،فلما وافى نظر
إلى جبل من تراب وس المدينة وإذا دم يغلي وسطه كلما ألقي عليه التراب خرج وهو يغلي فقال ما هذا فقالوا هذا؟
دم نبي كان هلل فقتله ملوك بني إسرائيل ودمه يغلي وكلما ألقينا عليه التراب خرج يغلي ،فقال بخت نصر ألقتلن بني
إسرائيل أبداً حتى يسكن هذا الدم وكان ذلك الدم دم يحيى بن زكريا عليه السالم وكان في زمانه ملك جبار يزني
بنساء بني إسرائيل وكان يمر بيحيى بن زكريا فقال له يحيى اتق هللا أيها الملك ،ال يحل لك هذا فقالت له امرأة من
اللواتي كان يزني بهن حين سكر "أيها الملك اقتل هذا" فأمر أن يؤتى برأسه فأتوا برأس يحيى عليه السالم في طشت
وكان الرأس يكلمه ويقول له يا هذا اتق هللا ال يحل لك هذا ،ثم غلى الدم في طشت حتى فاض إلى األرض فخرج
يغلي وال يسكن ،وكان بين قتل يحيى وبين خروج بخت نصر مائة سنة ،ولم يزل بخت نصر يقتلهم وكان يدخل قرية
قرية فيقتل الرجال والنساء والصبيان وكل حيوان والدم يغلي وال يسكن حتى أفناهم ،فقال أبقي أحد في هذه البالد؟
قالوا عجوز في موضع كذا وكذا فبعث إليها فضرب عنقها على الدم فسكن ،وكانت آخر من بقي ،ثم أتى بابل فبنى
بها مدينة وأقام وحفر بئ اًر فألقى فيها دانيال وألقى معه اللبوة فجعلت اللبوة تأكل من طين البئر ويشرب دانيال لبنها
فلبث بذلك زماناً ،فأوحى هللا إلى النبي الذي كان ببيت المقدس أن اذهب بهذا الطعام والشراب إلى دانيال واقرأه مني
السالم ،قال :وأين دانيال يارب؟ قال :في بئر ببابل في موضع كذا وكذا قال فأتاه فاطلع في البئر فقال :يا دانيال،
فقال :لبيك صوت غريب قال إن ربك يقرؤك السالم وقد بعث إليك بالطعام والشراب فأداله إليه فقال دانيال "الحمد هلل
الذي ال يخيب من دعاه الحمد هلل الذي من توكل عليه كفاه الحمد هلل الذي ال ينسى من ذكره الحمد هلل الذي ال يخيب
من دعاه الحمد هلل الذي من وثق به لم يكله إلى غيره الحمد هلل الذي يجزي باإلحسان إحساناً الحمد هلل الذي يجزي
بالصبر نجاة الحمد هلل الذي يكشف حزننا (ضرنا ط) عند كربتنا الحمد هلل الذي هو ثقتنا حين تنقطع الحيل منا الحمد
هلل الذي هو رجاؤنا حين ساء ظننا بأعمالنا".
فخرج إرميا على حماره ومعه تين قد تزوده وشيء من عصير فنظر إلى سباع البر وسباع البحر وسباع الجو تأكل
تلك الجيف ففكر في نفسه ساعة ثم قال أنى يحيي هذه هللا بعد موتها وقد أكلهم السباع ،فأماته هللا مكانه وهو قول
هللا تبارك وتعالى {أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيى هذه هللا بعد موتها فأماته هللا مئة
عام ثم بعثه} أي أحياه فلما رحم هللا بني إسرائيل وأهلك بخت نصر رد بني إسرائيل إلى الدنيا ،وكان عزيز لما سل
هللا بخت نصر على بني اسرائيل هرب ودخل في عين وغاب فيها وبقي إرميا ميتا مائة سنة ثم أحياه هللا تعالى فأول
ما أحيا منه عينيه في مثل غرقيء البيض فنظر فأوحى هللا تعالى إليه {كم لبثت قال لبثت يوماً} ثم نظر إلى الشمس
وقد ارتفعت فقال {او بعض يوم} فقال هللا تعالى {بل لبثت مائة فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه -أي لم يتغير
-وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحماً} فجعل ينظر إلى العظام
البالية المتفطرة تجمع إليه وإلى اللحم الذي قد أكلته السباع يتألف إلى العظام من ها هنا وها هنا ويلتزق بها حتى قام
وقام حماره فقال {أعلم إن هللا على كل شيء قدير}.
أما قوله{ :وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيى الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة
من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزء ثم ادعهن يأتينك سعياً واعلم أن هللا عزيز حكيم} فإنه
حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب عن أبي بصير عن أبي عبد هللا عليه السالم أن إبراهيم عليه السالم
نظر إلى جيفة على ساحل البحر تأ كله سباع البر وسباع البحر ثم تحمل السباع بعضها على بعض فيأكل بعضها
بعضاً فتعجب إبراهيم عليه السالم {فقال رب أرني كيف تحيي الموتى }..الخ فأخذ إبراهيم عليه السالم الطاووس
والديك والحمام والغراب فقال هللا عز وجل{ :فصرهن إليك} ،أي قطعهن ثم اخل لحمهن وفرقهن على عشرة جبال ثم
خذ مناقيرهن وادعهن يأتينك سعي ًا ،ففعل إبراهيم ذلك وفرقهن على عشرة جبال ثم دعاهن فقال اجيبنني بإذن هللا
تعالى ،فكانت تجمع ويتألف لحم كل واحد وعظمه إلى رأسه وطارت إلى إبراهيم ،فعند ذلك قال إبراهيم أن هللا عزيز
حكيم.
قوله{ :والذين ينفقون أموالهم في سبيل هللا ثم ال يتبعون ما أنفقوا مناً وال أذى} اآلية فإنه قال الصادق عليه السالم
قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله :من أسدى إلى مؤمن معروفاً ثم آذاه بالكالم أو من عليه فقد أبطل هللا صدقته ثم
ضرب هللا فيه مثالً فقال {كالذي ينفق ماله رئاء الناس وال يؤمن باهلل واليوم اآلخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب
فأصابه وابل فتركه صلداً ال يقدرون على شيء مما كسبوا وهللا ال يهدي القوم الكافرين} وقال من أكثر منه وآذاه لمن
يتصدق عليه بطلت صدقته كما يبطل التراب الذي يكون على صفوان ،والصفوان الصخرة الكبيرة التي تكون على
مفازة فيجيء المطر فيغسل التراب عنها ويذهب به ،فضرب هللا هذا المثل لمن اصطنع معروفاً ثم اتبعه بالمن واألذى
ُكَلها ِ
ض ْعَف ْي ِن ِ ِ ٍِ ٍ ِِ ات َّ ِ ِ ِ ومَثل َّال ِذين ي ْنِفُقون أَم ٰوَلهم ابِت َغآء مرض ِ
َّللا َوتَ ْثبيتاً ّم ْن أ َْنُفسه ْم َك َمَثل َجَّنة ب َرْب َوة أ َ
َص َاب َها َواب ٌل َف َآت ْت أ ُ َ َ ُ َ ْ ُُ ْ َ َْ َ ََ ُ
اب تَ ْج ِري ِمن تَ ْحِت َها
َعَن ٍيل َوأ ْصير * أَيوُّد أَح ُد ُكم أَن تَ ُكو َن َل ُه جَّن ٌة ِمن َّن ِخ ٍ
َ ّ ََ َ ْ
ِ
َّللاُ ِب َما تَ ْع َمُلو َن َب ٌ
َفِإن َّلم ي ِ
ص ْب َها َواِب ٌل َف َ
ط ٌّل َو َّ ْ ُ
احتَ َرَق ْت َك َذلِ َك ُيَبِّي ُن َّ ِِ ِ ِ األ َْنهار َله ِف ِ ِ َّ ِ
َّللاُ َل ُك ُم ص ٌار فيه َن ٌار َف ْ
َص َاب َهآ إ ْع َ
آء َفأ َ َص َاب ُه اْلكَب ُر َوَل ُه ُذِّرَّي ٌة ُ
ض َعَف ُ يها من ُك ّل الث َم َرات َوأ َ َُ ُ َ
األي ِت َل َعَّل ُك ْم تَتََف َّك ُرو َن
َٰ
ضرب مثل المؤمنين {مثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات هللا وتثبيتاً من أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل
فأتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل وهللا بما تعملون بصير} [ ]265قال {مثلهم كمثل جنة} أي بستان في
موضع مرتفع {أصابها وابل} أي :مطر{ .فآتت أكلها ضعفين} أي :يتضاعف ثمرها كما يتضاعف أجر من أنفق ماله
{ابتغاء مرضات هللا} والطل ما يقع بالليل على الشجر والنبات ،وقال أبو عبدهللا عليه السالم{ :وهللا يضاعف لمن
يشاء} لمن أنفق ماله ابتغاء مرضات هللا ،قال فمن انفق ماله ابتغاء مرضات هللا ثم امتن على من تصدق عليه كان
كما قال هللا{ :أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها األنهار له فيها من كل الثمرات وأصابه
الكبر وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت} [ ]266قال اإلعصار الرياح ،فمن امتن على من تصدق
عليه كمن كان له جنة كثيرة الثمار وهو شيخ ضعيف له أوالد صغار ضعفاء فتجيء ريح أو نار فتحرق ماله كله.
أما قوله{ :يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من األرض وال تيمموا الخبيث منه تنفقون
ولستم بآخذيه} فإنه كان سبب نزولها أن قوماً كانوا إذا صرموا النخل عمدوا إلى أرذل تمورهم فيتصدقون بها ،فنهاهم
هللا عن ذلك ،فقال {وال تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه} أي أنتم لو دفع ذلك إليكم لم تأخذوه.
أما قوله{ :الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء} فإن الشيطان يقول ال تنفق فإنك تفتقر {وهللا يعدكم مغفرة منه
وفضالً} أي :يغفر لكم إن أنفقتم هلل {وفضالً} قال يخلف عليكم.
ي ْؤِتي اْل ِح ْكم َة من ي َشآء ومن ي ْؤ َت اْل ِح ْكم َة َفَق ْد أُوِتي َخ ْي اًر َكِثي اًر وما ي َّذ َّكر ِإالَّ أُوُلوْا األَْلب ِ
اب َ ْ ََ َ ُ َ َ َ َ َ ُ ََ ُ ُ
قوله{ :إن تبدوا الصدقات فنعما هي} قال الزكاة المفروضة تخرج عالنية وتدفع عالنية وبعد ذلك غير الزكاة إن
دفعته س اًر فهو أفضل.
قوله{ :للفقراء الذين أحصروا في سبيل هللا ال يستطيعون ضرباً في األرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف
تعرفهم بسيماهم ال يسئلون الناس إلحافاً} فهم الذين ال يسئلون الناس إلحافاً من الراضين والمتجملين في الدين الذين
ال يسألون الناس إلحافاً وال يقدرون أن يضربوا في األرض فيحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف عن السؤال.
قوله{ :الذين يأكلون الربا ال يقومون إال كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس} فإنه حدثني أبي عن ابن أبي
عمير عن هشام عن أبي عبد هللا عليه السالم قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله لما أسري بي إلى السماء رأيت
قوماً يريد أحدهم أن يقوم فال يقدر أن يقوم من عظم بطنه ،فقلت من هؤالء يا جبرائيل؟ قال هؤالء الذين يأكلون الربا
ال يقومون إال كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس.
قوله{ :يمحق الربا ويربي الصدقات} قال قيل للصادق عليه السالم قد نرى الرجل يربى وماله يكثر فقال يمحق هللا
دينه وإن كان ماله يكثر.
صَّد ُقوْا َخ ْيٌر َّل ُك ْم ِإن ُك ْنتُ ْم تَ ْعَل ُمو َن ٍ ٍ ِ ِ
ان ُذو ُع ْس َرة َفَنظ َرةٌ إَل ٰى َم ْي َس َرة َوأَن تَ َ
َوإِن َك َ
أما قوله{ :وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} فإنه حدثني أبي عن السكوني عن مالك بن مغيرة عن حماد بن
سلمة عن جذعان عن سعيد بن المسيب عن عائشة أنها قالت سمعت رسول هللا صلى هللا عليه وآله يقول ما من
غريم ذهب بغريمه إلى و ِ
ال من والة المسلمين واستبان للوالي عسرته اال بر هذا المعسر من دينه وصار دينه على
والي المسلمين فيما في يديه من أموال المسلمين ،قال عليه السالم ومن كان له على رجل مال أخده ولم ينفقه في
إسراف أو في معصية فعسر عليه أن يقضيه فعلى من له المال أن ينظره حتى يرزقه هللا فيقضيه ،وإن كان اإلمام
العادل قائما فعليه أن يقتضي عنه دينه لقول رسول هللا صلى هللا عليه وآله من ترك ماالً فلورثته ومن ترك ديناً أو
ِ ِ ِ ين آمُنوْا ِإ َذا تَ َداينتُم ِب َدي ٍن ِإَل ٰى أ ٍ ٰيأَي َّ ِ
َن َي ْكتُ َب َك َما
ْب َكات ٌب أ ْ َجل ُّم َس ًّمى َفا ْكتُُبوهُ َوْلَي ْكتُب َّب ْيَن ُك ْم َكات ٌب ِباْل َع ْدل َوالَ َيأ َ َ ْ َ ُّها الذ َ َ َ
ِ
ان َّال ِذي َعَل ْيه اْل َح ُّق َسِفيهاً أ َْو ِ ِ
َّللاُ َفْلَي ْكتُ ْب َوْلُي ْملِ ِل َّال ِذي َعَل ْيه اْل َح ُّق َوْلَيتَّ ِق َّ
َعَّل َم ُه َّ
َّه َوالَ َي ْب َخ ْس م ْن ُه َش ْيئاً َفإن َك َ َّللاَ َرب ُ
ِ
استَ ْش ِه ُدوْا َش ِه َيد ْي ِن ّمن ِّر َجالِ ُك ْم َفِإن َّل ْم َي ُك َ
ونا َرُجَل ْي ِن َف َرُج ٌل ض ِعيفاً أَو الَ يستَ ِطيع أَن ي ِم َّل ُهو َفْليملِل ولِي ُ ِ ِ
ُّه باْل َع ْدل َو ْ َ ُْ ْ َ ْ َْ ُ ُ َ
الشه َد ِ ُخ َر ٰى والَ َيأ َ ُّ ِ ِ ان ِم َّمن تَرضو َن ِمن ُّ ِ
َموْاآء إ َذا َما ُد ُعوْا َوالَ تَ ْسأ ُ ْب َ ُ اه َما األ ْ َ اه َما َفتُ َذ ّك َر ِإ ْح َد ُالش َه َدآء أَن تَض َّل ِإ ْح َد ُ َ ْ َْ ام َأرَتَ ِ
َو ْ
لش ٰهد ِة وأ َْدنى أَالَّ تَرتَابوْا ِإالَّ أَن تَ ُكو َن ِت ٰجرة ح ِ أَن ت ْكتبوه ص ِغي اًر أَو َكِبي اًر ِإَلى أَجلِ ِه َذلِ ُكم أَ ْقس ُ ِعند َّ ِ
اض َرًة َ ًَ َ ْ ُ وم لِ َّ َ َ َ َ ٰ َّللا َوأَ ْق ُ َ ْ َ ٰ َ َ ُُ ُ َ
ض َّآر َكاِت ٌب َوالَ َش ِه ٌيد َوإِن تَْف َعُلوْا َفِإَّن ُه ُف ُسو ٌق ِب ُك ْم َّ ِ
َش ِه ُدوْا ِإ َذا تََب َاي ْعتُ ْم َوالَ ُي َ
وها َوأ ْ
اح أَال تَ ْكتُُب َ
ون َها َب ْيَن ُك ْم َفَل ْي َس َعَل ْي ُك ْم ُجَن ٌ
تُد ُير َ
يمٍ ِ َّللا و َّ ِ ِ ِ َواتَُّقوْا َّ
َّللاُ ب ُك ّل َش ْيء َعل ٌ َّللاَ َوُي َعّل ُم ُك ُم َّ ُ َ
أما قوله{ :يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ...بما تعملون عليم} فقد روي في الخبر أن
في سورة البقرة خمس مائة حكم وفي هذه اآلية خمسة عشر حكماً وهو قوله {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى
أجل مسمى فاكتبوه ويكتب بينكم كاتب بالعدل وال يأب كاتب أن يكتب كما علمه هللا} ثالثة أحكام {فليكتب} أربعة
أحكام {وليملل الذي عليه الحق} خمسة أحكام وهو إق ارره إذا أمأل {وليتق هللا ربه وال يبخس منه شيئاً} وال يخونه ستة
أحكام {فإن كان الذي عليه الحق سفيهاً أو ضعيفاً أو ال يستطيع أن يمل هو} أي ال يحسن أن يمل {فليملل وليه
بالعدل} يعني ولي المال سبعة أحكام {استشهدوا شهيدين من رجالكم} ثمانية أحكام {فإن لم يكونا رجلين فرجل
وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما األخرى} يعني أن تنسى إحديهما فتذكر أخرى
تسعة أحكام {وال يأب الشهداء إذا ما دعوا } عشرة أحكام {وال تسأموا أن تكتبوه صغي اًر أو كبي اًر إلى أجله} أي :ال
تضجروا أن تكتبوه صغير السن أو كبي اًر أحد عشر حكماً {ذلكم أقس عند هللا وأقوم للشهادة وأدنى أن ال ترتابوا} أي:
ال تشكوا {إال أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح أال تكتبوها} اثنا عشر حكماً {واشهدوا إذا
تبايعتم} ثالثة عشر حكماً {وال يضار كاتب وال شهيد} أربعة عشر حكماً {وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم} خمسة عشر
حكماً {واتقوا هللا ويعلمكم هللا وهللا بكل شئ عليم}.
قوله{ :وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتباً فرهان مقبوضة فإن أمن بعضكم بعضاً} أي :يأخذ منه رهناً فإن أمنه ولم
يأخذ منه رهناً {وليتق هللا ربه} الذي أخذ المال وقوله {وال تكتموا الشهادة} معطوف على قوله {واستشهدوا شهيدين من
رجالكم}.
أما قوله{ :آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه} [ ]285فإنه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن هشام عن أبي عبد
هللا عليه السالم أن هذه اآلية مشافهة هللا تعالى لنبيه صلى هللا عليه وآله ليلة أسرى به إلى السماء ،قال النبي صلى
هللا عليه وآله :انتهيت إلى محل سدرة المنتهى وإذا بورقة منها تظل أمة من األمم فكنت من ربي كقاب قوسين أو
قوله{ :وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون} قال:
نزلت في قوم من اليهود قالوا آمنا بالذي جاء به محمد بالغداة وكفرنا به بالعشي وفي رواية أبي الجارود عن أبي
جعفر عليه السالم أن رسول هللا صلى هللا عليه وآله لما قدم المدينة وهو يصلي نحو بيت المقدس أعجب اليهود من
ذلك فلما صرفه هللا عن بيت المقدس إلى بيت الحرام وجدت وكان صرف القبلة صالة الظهر فقالوا صلى محمد
الغداة واستقبل قبلتنا فآمنوا بالذي أنزل على محمد وجه النهار واكفروا آخره ،يعنون القبلة حين استقبل رسول هللا صلى
هللا عليه وآله المسجد الحرام ،لعلهم يرجعون إلى قبلتنا.
يل * ِمن ِ َّللا ال ِإَلـٰه ِإالَّ هو اْلح ُّي اْلَقيُّوم * نَّزل عَليك اْل ِك ٰتَب ِباْلح ِق م ِ
ِ ِ صّدقاً ّلِ َما َب ْي َن َي َد ْيه َوأ َ
َنزَل التَّ ْوَراةَ َواإل ْنج َ َ َّ َُ َ َ ََْ ُ َُ َ َ الم * َّ ُ
اب َش ِد ٌيد َو َّ
َّللاُ َع ِز ٌيز ُذو ْانِتَقا ٍم ات َّ ِاس وأَ َنزل اْلُفرَقان ِإ َّن َّال ِذين َكَفروْا ِبآي ِ ِ
َّللا َل ُه ْم َع َذ ٌ َ ُ َ َقْب ُل ُه ًدى ّل َّلن ِ َ َ ْ َ
{الم هللا ال إله إال هو الحي القيوم} فإنه حدثني أبي عن النضر بن سويد عن عبد هللا بن سنان عن أبي عبد هللا
عليه السالم قال :سألته عن قول هللا تبارك وتعالى{ :الم هللا ال إله إال هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب بالحق
مصدقاً لما بين يديه وأنزل التوراة و ِ
اإلنجيل من قبل ،هدى للناس وأنزل الفرقان} قال الفرقان هو كل أمر محكم
والكتاب هو جملة القرآن الذي يصدقه من كان قبله من األنبياء.
{وهو الذي يصوركم في األرحام كيف يشاء} يعني ذك اًر أو أنثى وأسود وأبيض وأحمر وصحيحاً وسقيم ًا.
قوله{ :هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات} فأما المحكم من القرآن فهو
ما تأويله في تنزيله مثل قوله تعالى{ :يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصالة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق
وامسحوا برؤسكم وأرجلكم إلى الكعبين} [المائدة ]6 :ومثل قوله {حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم
وخاالتكم} [النساء ]23 :إلى آخر اآلية ومثله كثير محكم مما تأويله في تنزيله.
وأما المتشابه فما كان في القرآن مما لفظه واحد ومعاينه مختلفة مما ذكرنا من الكفر الذي هو على خمسة أوجه
وِ
اإليمان على أربعة وجوه ومثل الفتنة والضالل الذي هو على وجوه وتفسير كل آية نذكره في موضعه إن شاء هللا
تعالى.
وأما قوله {فأما الذين في قلوبهم زيغ} أي :شك وقوله{ :وما يعلم تأويله إال هللا والراسخون في العلم} فإنه حدثني أبي
عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن يزيد بن معاوية عن أبي جعفر عليه السالم قال :إن رسول هللا صلى هللا عليه
وآله أفضل الراسخين في العلم قد علم جميع ما أنزل هللا عليه من التنزيل والتأويل وما كان هللا لينزل عليه شيئاً لم
يعلمه تأويله وأوصياؤه من بعده يعلمونه كله ،قال :قلت جعلت فداك إن أبا الخطاب كان يقول فيكم قوالً عظيماً ،قال
وبَنا َب ْع َد ِإ ْذ َه َد ْيتََنا َو َه ْب َلَنا ِمن َّل ُد ْن َك َر ْح َم ًة ِإَّن َك أ َْن َت اْل َوهَّا ُب َربََّنا الَ تُ ِز ْ
غ ُقُل َ
قوله{ :ربنا ال تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا} أي :ال نشك وقوله {أولئك هم وقود النار} يعني حطب النار.
َّللاِ ان َل ُكم آي ٌة ِفي ِفَئتَي ِن اْلتََقتَا ِفَئ ٌة تَُق ِاتل ِفي سِب ِ ِ َِّ ِ
يل َّ َ ُ ْ ين َكَف ُروْا َستُ ْغَلُبو َن َوتُ ْح َش ُرو َن ِإَل ٰى َج َهَّن َم َوبِ ْئ َس اْلم َه ُاد * َق ْد َك َ ْ َ ُق ْل ّللذ َ
ص ِار ِ ِ ِ ِٰ ِ َّللا ُي َؤّي ُِد ِبَن ِ ِ ِ ِ
ص ِره َمن َي َشآ ُء إ َّن في ذل َك َلع ْب َرًة أل ُْولي األ َْب َ
ْ ْي اْل َع ْي ِن َو َّ ُ
ُخ َر ٰى َكاف َرةٌ َي َرْوَن ُه ْم ّم ْثَل ْيه ْم َأر َ
َوأ ْ
قوله{ :قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد} فإنها نزلت بعد بدر لما رجع رسول هللا صلى هللا
عليه وآله من بدر أتى بني قينقاع وهو يناديهم وكان بها سوق يسمى سوق النب فأتاهم رسول هللا فقال يا معشر
اليهود قد علمتم ما نزل بقريش وهم أكثر عدداً وسالماً وكراعاً منكم فادخلوا في اإلسالم ،فقالوا يا محمد إنك تحسب
حربنا مثل حرب قومك؟ وهللا لو لقيتنا للقيت رجاالً ،فنزل عليه جبرائيل فقال يا محمد{ :قل للذين كفروا ستغلبون
وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل هللا} يعني فئة المسلمين وفئة
الكفار {وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين} أي :كانوا مثلي المسلمين {وهللا يؤيد بنصره من يشاء} يعني رسول هللا
صلى هللا عليه وآله يوم بدر {إن في ذلك لعبرة ألولي األبصار}.
ض ِة َواْل َخْي ِل اْل ُم َسَّو َم ِة َواأل َْن َعا ِم َواْل َح ْر ِث طرِة ِمن َّ
الذ َه ِب َواْلِف َّ النس ِاء واْلبِنين واْلَقن ِ
اط ِ
ير اْل ُمَق ْن َ َ َ
اس ح ُّب َّ ِ ِ ِ
الش َه َوات م َن ّ َ َ َ َ َ َ ُزي ِ
ِن ل َّلن ِ ُ َّ
َّللا ِع ْن َده حس ُن اْلم ِ
آب َ ٰذلِ َك َمتَاعُ اْل َحَي ِاة ُّ
الد ْنَيا َو َّ ُ ُ ُ ْ
قوله{ :زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة واألنعام
والحرث} قال القناطير جلود الثيران مملوءة ذهباً {والخيل المسومة} يعني الراعية واألنعام "والحرث" يعني الزرع {وهللا
عنده حسن المآب} أي حسن المرجع إليه.
قال{ :أؤنبئكم بخير من ذلكم الذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها األنهار خالدين فيها} [ ]15ثم أخبر أن
هذا للذين {يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر ذنوبنا وقنا عذاب النار -إلى قوله -والمستغفرين باألسحار} ثم أخبر أن
هؤالء هم {الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين باألسحار} [ ]17-16وهم الدعاؤن وأما قوله:
{وأزواج مطهرة} قال في الجنة ال يحضن وال يحدثن.
حدثني أبي عن إسماعيل بن أبان عن عمر (عمير ط) بن عبد هللا الثقفي قال أخرج هشام بن عبد الملك أبا جعفر
محمد بن علي زين العابدين عليهم السالم من المدينة إلى الشام ،وكل ينزله معه فكان يقعد مع الناس في مجالسهم
فبينما هو قاعد وعنده جماعة من الناس يسألونه إذ نظر إلى النصارى يدخلون في جبل هناك فقال ما لهؤالء القوم
ألهم عيد اليوم؟ قالوا ال يابن رسول هللا ولكنهم يأتون عالماً لهم في هذا الجبل في كل سنة في مثل هذا اليوم
فيخرجونه ويسألونه عما يريدون وعما يكون في عامهم ،قال أبو جعفر عليه السالم وله علم؟ فقالوا هو من أعلم الناس
قد أدرك أصحاب الحواريين من أصحاب عيسى عليه السالم ،قال لهم نذهب إليه ،فقالوا ذاك إليك يابن رسول هللا،
قال فقنع أبو جعفر رأسه بثوبه ومضى هو وأصحابه فاختلطوا بالناس حتى أتوا الجبل ،قال فقعد أبو جعفر وس
النصارى هو وأصحابه ،فأخرج النصارى بساطاً ثم وضعوا الوسائد ثم دخلوا فأخرجوه ثم ربطوا عينيه فقلب عينيه
كأنهما عينا أفعى ،ثم قصد أبا جعفر عليه السالم فقال أمنا أنت أم من األمة المرحومة؟ فقال أبو جعفر عليه السالم
من األمة المرحومة ،قال فمن علمائهم أنت أم من جهالهم؟ قال لست من جهالهم ،قال النصراني أسألك أو تسألني؟
فقال أبو جعفر عليه السالم :سلني ،فقال يا معشر النصارى رجل من أمة محمد يقول اسألني إن هذا لعالم بالمسائل
ثم قال يا عبد هللا أخبرني عن ساعة ما هي من الليل وال هي من النهار أي ساعة هي؟ قال أبو جعفر عليه السالم:
ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ،قال النصراني فإذا لم يكن من ساعات الليل وال من ساعات النهار فمن أي
الساعات هي؟ فقال أبو جعفر عليه السالم :من ساعات الجنة وفيها تفيق مرضى ،فقال النصراني أصبت فأسألك أو
تسألني؟ قال ابو جعفر عليه السالم :سلني ،قال :يا معشر النصارى إن هذا لمليء بالمسائل أخبرني عن أهل الجنة
كيف صاروا يأكلون وال يتغوطون؟ أعطني مثله في الدنيا ،قال أبو جعفر عليه السالم :هذا هو الجنين في بطن أمه
يأكل مما تأكل أمه وال يتغوط ،قال النصران ي أصبت ألم تقل ما أنا من علمائهم؟ قال أبو جعفر عليه السالم :إنما
قوله{ :شهد هللا أنه ال إله إال هو والمالئكة وأولوا العلم قائماً بالقس } قال :قائماً بالقس معطوف على قوله شهد هللا
والقس العدل.
{إن الدين عند هللا اإلسالم} قال التسليم هلل وألوليائه وهو التصديق ،وقد سمى هللا اإليمان تصديقاً حدثني أبي عن
الحسن بن محبوب عن علي بن رياب عن حمران بن أعين عن أبي عن أبي جعفر عليه السالم قال إن هللا فضل
اإليمان على ِ
اإلسالم بدرجة كما فضل الكعبة على المسجد الحرام بدرجة قال وحدثني محمد بن يحيى البغدادي رفع ِ
الحديث إلى أمير المؤمنين عليه السالم أنه قال النسبن ِ
اإلسالم نسبة لم ينسبها أحد قبلي وال ينسبها أحد بعدي
اإلقرار ،و ِ
اإلقرار هو األداء ،واألداء هو اإلسالم هو التسليم ،والتسليم هو اليقين ،واليقين هو التصديق ،فالتصديق هو ِ
ِ
العمل والمؤمن من أخذ دينه عن ربه إن المؤمن يعرف إيمانه في عمله وإن الكافر يعرف كفره بإنكاره ،يا أيها الناس
دينكم دينكم فإن السيئة فيه خير من الحسنة في غيره ،وإن السيئة فيه تغفر ،وإن الحسنة في غيره ال تقبل.
قوله{ :ال يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من هللا في شيء إال أن تتقوا منهم
تقاة} فإن هذه اآلية رخصة ظاهرها خالف باطنها يدان بظاهرها وال يدان بباطنها إال عند التقية ،أن التقية رخصة
للمؤمن أن يراه الكافر فيصلي بصالته ويصوم بصيامه إذا اتقاه في الظاهر وفي الباطن يدين هللا بخالف ذلك.
قوله{ :قل إن كنتم تحبون هللا فاتبعوني يحببكم هللا} اآلية فحب هللا للعباد رحمة منه لهم وحب العباد هلل طاعتهم له.
قوله{ :إن هللا اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين} فلفظ اآلية عام ومعناه خاص وإنما فضلهم
على عالمي زمانهم وقال العالم عليه السالم نزل "وآل عمران وآل محمد على العالمين" فاسقطوا آل محمد من الكتاب.
ِ طِني محَّر اًر َفتََقبَّل ِمِّني ِإَّنك أَنت َّ ِ ِ ِإ ْذ َقاَل ِت ام أرَت ِعمر ِ ِ
يم
يع اْل َعل ُ
السم ُ َ َ ْ ان َر ّب ِإّني َن َذ ْر ُت َل َك َما في َب ْ ُ َ
َْ ُ َْ َ
قوله{ :إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محر اًر فتقبل مني إنك أنت السميع العليم} فإن هللا تبارك
وتعالى أوحى إلى عمران إني واهب لك ذك اًر مباركاً يبر األكمه واألبرص ويحيي الموتى بإذن هللا ،فبشر عمران
الذ َكر َكاأل ُْنثَى وإِِّني س َّميتُها مريم ِوإِِّني أ ِ َّللا أَعَلم ِبما وضع ْت وَليس َّ ِ
ُعي ُذ َها َ ْ َ َ ْ ََ ٰ َ ُ ض ْعتُ َهآ أ ُْنثَ ٰى َو َّ ُ ْ ُ َ َ َ َ َ ْ َ ض َع ْت َها َقاَل ْت َر ِّب ِإّني َو َ َفَل َّما َو َ
َنبتَ َها َنَباتاً َح َسناً َوَكَّفَل َها َزَك ِريَّا ُكَّل َما َد َخ َل َعَل ْي َها َزَك ِريَّا ٍ
ُّها ِبَقُبول َح َس ٍن َوأ َ
ان َّ ِ طِ ِب َك وُذِّريَّتَها ِم َن َّ
الرجي ِم * َفتََقَّبَل َها َرب َ الش ْي َ َ َ
ِ ٍ
آء ب َغ ْي ِر ح َساب * ُهَنال َك ِ ِ ق ِ ِ ِ ِ ِ ِ
ٰم ْرَي ُم أََّن ٰى َلك َهـٰ َذا َقاَل ْت ُه َو م ْن عند َّ ِ ِ
َّللاَ َي ْرُز ُ َمن َي َش ُ َّللا إ َّن ًّ اب َو َج َد ع َند َها ِرْزقاً َق َ
ال ي َ اْلم ْح َر َ
صّلِي ِفي ِ ِ طِيب ًة ِإَّنك س ِميع ُّ ِ ِ ِ َّ ِ
الد َعآء * َفَن َاد ْت ُه اْل َمالئ َك ُة َو ُه َو َقائ ٌم ُي َ ال َر ّب َه ْب لي من ل ُد ْن َك ُذِّرَّي ًة َ ّ َ َ َ ُ َد َعا َزَك ِريَّا َرب ُ
َّه َق َ
ال َر ِّب أََّن ٰى َي ُكو ُن ِلي َّللاِ وسِيداً وحصو اًر وَنِبياً ِمن َّ ِ ِ ِ ٍ ِ َّللا يب ِّشرك ِبيحيـى م ِ اْل ِم ْحر ِ
الصالحي َن * َق َ صّدقاً ِب َكل َمة ّم َن َّ َ َ ّ َ َ ُ َ ّ ّ َ َن َّ َ ُ َ ُ َ َ ْ َ ٰ ُ َ اب أ َّ َ
اس ِ َّ
ال َآيتُ َك أَال تُ َكّلم َّ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
الن َ َ اج َع ْل ّلي َآي ًة َق َ ال َر ّب ْ آء * َق َ َّللاُ َيْف َع ُل َما َي َش ُ
ال َك َذل َك َّام َأرَتي َعاقٌر َق َ ُغالَ ٌم َوَق ْد َبَل َغني اْلكَب ُر َو ْ
َّك َكِثي اًر وسِّب ْح ِباْل َع ِش ِي و ِ
اإل ْب َك ِار َّ
ثَالَثَ َة أَيَّا ٍم ِإال َرْم اًز َوا ْذ ُكر َّرب َ
ّ َ ََ
{فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى وهللا أعلم بما وضعت وليس الذكر كاألنثى} [ ]36وأنت وعدتني ذك اًر
{وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم} فوهب هللا لمريم عيسى عليه السالم قال وحدثني أبي
عن الحسن بن محبوب عن علي بن رياب عن أبي بصير عن أبي عبد هللا عليه السالم قال إن قلنا لكم في الرجل
منا قوالً فلم يكن فيه كان في ولده أو ولد ولده فال تنكروا ذلك أن هللا أوحى إلى عمران إني واهب لك ذك اًر مباركاً يبر
األكمه واألبرص ويحيي الموتى بإذنى وجاعله رسوالً إلى بني إسرائيل فحدث بذلك امرأته حنة وهي أم مريم فلما
حملت بها كان حملها عند نفسها غالماً {فلما وضعتها أنثى قالت رب إني وضعتها أنثى وليس الذكر كاألنثى} ألن
البنت ال تكون رسوالً يقول هللا {وهللا أعلم بما وضعت} فلما وهب هللا لمريم عيسى عليه السالم كان هو الذي بشر هللا
به عمران ووعده إياه فإذا قلنا لكم في الرجل منا شيئاً فكان في ولده أو ولد ولده فال تنكروا ذلك.
فلما بلغت مريم صارت في المحراب وأرخت على نفسها ست اًر وكان ال ي ارها أحد وكان يدخل عليها زكريا المحراب
فيجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف ،فكان يقول لها أنى لك هذا؟ فتقول {هو من عند هللا
قوله{ :إذ قالت المالئكة يا مريم إن هللا اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين} قال اصطفاها مرتين ،أما
األولى اصطفاها أي :اختارها وأما الثانية فإنها حملت من غير فحل فاصطفاها بذلك على نساء العالمين.
الد ْنيا و ِ
اآلخ َرِة َو ِم َن ِ ِ َّللا يب ِّشرِك ِب َكلِم ٍة ِم ْنه اسمه اْلم ِس ِ ِ ِ
ٰم ْرَي ُم ِإ َّن َّ َ ُ َ ُ ِ
يسى ْاب ُن َم ْرَي َم َوجيهاً في ُّ َ َ
يح ع َ
َ ّ ُ ْ ُُ َ ُ إ ْذ َقاَلت اْل َمالئ َك ُة ي َ
ِين
اْل ُمَقَّرب َ
{إذ قالت المالئكة يا مريم ان هللا يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم وجيهاً في الدنيا واآلخرة ومن
المقربين} أي :ذا وجه وجاه ونكتب مولده وخبره في سورة مريم.
قال علي بن إبراهيم في قوله{ :وألحل لكم بعض الذي حرم عليكم} وهو السبت والشحوم والطير الذي حرمه هللا على
بني اسرائيل.
اَّللِ َو ْ
اش َه ْد ِبأََّنا ُم ْسلِ ُمو َن آمَّنا ِب َّ َّللاِ َقال اْلحو ِاريُّون نحن أَنصار َّ ِ
َّللا َ َنصارِي ِإَلى َّ َ َ َ َ َ ْ ُ ْ َ ُ ال َم ْن أ َ
ِ
يس ٰى م ْن ُه ُم اْل ُكْف َر َق َ
ِ
َح َّس ع َ
َفَل َّمآ أ َ
ين َكَف ُروْا ِإَل ٰى َي ْو ِم َّ ِ ِ َّ ِ ط ِهر ِ َّ ِ ِ ِ ِ ِإ ْذ َقال َّ ِ
ين َكَف ُروْا َو َجاع ُل الذي َن اتََّب ُع َ
وك َف ْو َق الذ َ ك م َن الذ َ يك َوَراف ُع َك ِإَل َّي َو ُم َ ّ ُ َ يس ٰى ِإّني ُمتََوّف َ َّللاُ يٰع َ َ
ِ ِ ِ ِ اْلِقي ِ
يما ُكنتُ ْم فيه تَ ْخَتلُفو َن امة ثُ َّم ِإَل َّي َم ْرِج ُع ُك ْم َفأ ْ
َح ُك ُم َب ْيَن ُك ْم ف َ ََ
أما قوله{ :إذ قال هللا يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين
كفروا إلى يوم القيامة} فإنه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن جميل بن صالح عن حمران بن أعين عن أبي جعفر
عليه السالم قال إن عيسى عليه السالم وعد أصحابه ليلة رفعه هللا إليه ،فاجتمعوا إليه عند المساء وهم اثنا عشر
رجالً فأدخلهم بيتاً ثم خرج عليهم من عين في زاوية البيت وهو ينفض رأسه من الماء ،فقال إن هللا أوحى إلي أنه
رافعي إليه الساعة ومطهري من اليهود فأيكم يلقى عليه شبحي فيقتل ويصلب ويكون معي في درجتي ،فقال شاب
منهم أنا يا روح هللا قال :فأنت هوذا فقال لهم عيسى عليه السالم :أما أن منكم لمن يكفر بي قبل أن يصبح اثنتي
عشرة كفرة ،فقال له رجل منهم أنا هو يا نبي هللا؟ فقال عيسى أن تحس بذلك في نفسك فلتكن هو ثم قال لهم عيسى
عليه السالم :أما أنكم ستفترقون بعدي على ثلث فرق فرقتين مفتريتين على هللا في النار وفرقة تتبع شمعون صادقة
على هللا في الجنة ثم رفع هللا عيسى إليه من زاوية البيت وهم ينظرون إليه ،ثم قال أبو جعفر عليه السالم :إن اليهود
جاءت في طلب عيسى عليه السالم من ليلتهم فأخذوا الرجل الذي قال له عيسى عليه السالم إن منكم لمن يكفر بي
من قبل أن يصبح اثنتي عشرة كفرة وأخذوا الشاب الذي ألقي عليه شبح عيسى فقتل وصلب وكفر الذي قال له عيسى
عليه السالم تكفر قبل أن تصبح اثنتي عشرة كفرة.
ين * ِ
ِك َفالَ تَ ُك ْن ّمن اْل ُم ْمتَ ِر َ
ِ
ال َل ُه ُكن َفَي ُكو ُن * اْل َح ُّق من َّرّب َ ٍ ِ ِإ َّن مَثل ِعيس ٰى ِع َند َّ ِ ِ
َّللا َك َمَثل َء َاد َم َخَلَق ُه من تَُراب ثُ َّم َق َ َ َ َ
آء ُك ْم َوأ َْنُف َسَنا وأ َْنُف َس ُك ْم ثُ َّم َن ْبتَ ِه ْل ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ َفمن ح َّ ِ
آءَنا َون َس َ
آء ُك ْم َون َس َ
آءَنا َوأ َْبَن َ
ك م َن اْلعْل ِم َفُق ْل تَ َعاَل ْوْا َن ْدعُ أ َْبَن َ
آء َ
آج َك فيه من َب ْعد َما َج َ َْ َ
ِ َفنجعل َّلعنت َّ ِ
َّللا َعَلى اْل َكاذِب َ
ين َ ْ َ َْ َ
أما قوله{ :إن مثل عيسى عند هللا كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون -إلى قوله -فمن حاجك فيه من
بعد ما جاءك من العلم} [ ]61-59فإنه حدثني أبي عن النضر بن سويد عن ابن سنان عن أبي عبد هللا عليه السالم
أن نصارى نجران لما وفدوا على رسول هللا صلى هللا عليه وآله وكان سيدهم األهتم والعاقب والسيد وحضرت صالتهم
فأقبلوا يضربون بالناقوس وصلوا ،فقال أصحاب رسول هللا صلى هللا عليه وآله هذا في مسجدك فقال :دعوهم فلما
فرغوا دنوا من رسول هللا صلى هللا عليه وآله فقالوا :إلى ما تدعون؟ فقال إلى شهادة "أن ال إله إال هللا وأني رسول هللا
وأن عيسى عبد مخلوق يأكل ويشرب ويحدث" قالوا فمن أبوه؟ فنزل الوحي على رسول هللا صلى هللا عليه وآله فقال
قل لهم ما تقولون في آدم عليه السالم أكان عبداً مخلوقاً يأكل ويشرب وينكح فسألهم النبي صلى هللا عليه وآله فقالوا
نعم :فقال فمن أبوه؟ فبهتوا فبقوا ساكتين فأنزل هللا{ :إن مثل عيسى عند هللا كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن
فيكون} اآلية إلى قوله{ :فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم -إلى قوله -فنجعل لعنة هللا على الكاذبين}
فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله فباهلوني فإن كنت صادقاً أنزلت اللعنة عليكم وإن كنت كاذباً نزلت علي ،فقالوا
انصفت فتواعدوا للمباهلة ،فلما رجعوا إلى منازلهم قال رؤساؤهم السيد والعاقب واالهتم إن باهلنا بقومه باهلناه ،فإنه
ليس بنبي وإن باهلنا بأهل بيته خاصة فال نباهله فإنه ال يقدم على أهل بيته إال وهو صادق ،فلما أصبحوا جاؤوا إلى
رسول هللا صلى هللا عليه وآله ومعه أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين صلوات هللا عليهم ،فقال النصارى من
هؤالء فقيل لهم هذا إبن عمه ووصيه وختنه علي بن أبي طالب وهذه بنته فاطمة وهذان ابناه الحسن والحسين عليهم
السالم ،فعرفوا وقالوا لرسول هللا صلى هللا عليه وآله نعطيك الرضى فأعفنا من المباهلة ،فصالحهم رسول هللا صلى
هللا عليه وآله على الجزية وانصرفوا.
ِ ِ ِ ِِ َّ ِ ُنزَل ِت التَّوراةُ و ْ ِ اب لِم تُح ُّ ن ِ ِ ِ َهل اْل ِكتَ ِ
يما يل ِإال من َب ْعده أََفالَ تَ ْعقُلو َن * ٰهأ َْنتُ ْم َه ُؤالء َح َ
اج ْجتُ ْم ف َ اإلنج ُ َ َ اهيم َو َمآ أ ِ
آجو َ في إ ْب َر َ َ َ ٰيأ ْ َ
َّللاُ َي ْعَلم َوأ َْنتُ ْم الَ تَ ْعَل ُمو َن ِِ ِ َل ُكم ِب ِه ِعلم َفلِم تُح ُّ ِ
آجو َن ف َ
يما َل ْي َس َل ُك ْم به عْل ٌم َو َّ ُ ٌ َ َ
قوله{ :يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة و ِ
اإلنجيل إال من بعده أفال تعقلون} [ ]65ثم قال{ :ها
أنتم هؤالء} [ ]66أي :أنتم يا هؤالء {حاججتم فيما لكم به علم} يعني بما في التوراة و ِ
اإلنجيل {فلم تحاجون فيما ليس
لكم به علم} يعني بما في صحف إبراهيم {وهللا يعلم وأنتم ال تعلمون}.
اه َّ َِّ ِ ِِ ِ ِ اهيم يهوِدياً والَ نصرِانياً وَل ِكن َكان حِنيفاً ُّمسلِماً وما َك ِ ما َك ِ ِ
ين
يم َللذ َ ان م َن اْل ُم ْش ِرِك َ
ين * إ َّن أ َْوَلى الناس بإ ْب َر َ ْ ََ َ َ َ ان إ ْب َر ُ َ ُ ّ َ َ ْ َ ّ َ َ َ
ِ َّ ِ
ينَّللاُ َولِ ُّي اْل ُم ْؤ ِمن َ
آمُنوْا َو َّ النِب ُّي َوالذ َ
ين َ اتََّب ُعوهُ َو َهـٰ َذا َّ
قال{ :ما كان إبراهيم يهودياً وال نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين} [ ]67ثم وصف هللا عز
وجل من أول ى الناس بإبراهيم يحتج به ،فقال{ :إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا وهللا ولي
المؤمنين} [ ] 68قال حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن منصور بن يونس عن عمر بن يزيد قال أبو عبد هللا عليه
السالم أنتم وهللا من آل محمد فقلت من أنفسهم جعلت فداك؟ قال نعم وهللا من أنفسهم ثالثاً ثم نظر إلي ونظرت إليه
فقال يا عمر إن هللا يقول في كتابه {إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا وهللا ولي المؤمنين}.
قوله{ :يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون} أي :تعلمون ما في التوراة من صفة
رسول هللا صلى هللا عليه وآله وتكتمونه.
ط ٍار ُي َؤِّدِه ِإَل ْي َك َو ِم ْن ُه ْم َّم ْن ِإن تَأ َْم ْن ُه ِب ِد َين ٍار الَّ ُي َؤِّدِه ِإَل ْي َك ِإالَّ َما ُد ْم َت َعَل ْي ِه َق ِآئماً ٰذِل َك
َه ِل اْل ِك ٰتَ ِب َم ْن ِإن تَأ َْم ْن ُه ِبِق ْن َ
َو ِم ْن أ ْ
َّللاِ اْل َك ِذ َب َو ُه ْم َي ْعَل ُمو َن
يل َوَيُقوُلو َن َعَلى َّ ين َسِب ٌ
ِ ِ
ِبأََّن ُه ْم َقاُلوْا َل ْي َس َعَل ْيَنا في األ ُّمِّي َ
قال علي بن إبراهيم في قوله{ :ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار ال يؤده
إليك إال ما دمت عليه قائماً ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في األميين سبيل} فإن اليهود قالوا :يحل لنا أن نأخذ مال
األُميين واألُمييون الذين ليس معهم كتاب ،فرد هللا عليهم فقال{ :ويقولون على هللا الكذب وهم يعلمون}.
قوله{ :إن الذين يشترون بعهد هللا وأيمانهم ثمناً قليالً} قال يتقربون إلى الناس بأنهم مسلمون فيأخذون منهم
ويخونونهم وما هم بمسلمين على الحقيقة.
قوله{ :وإن منهم لفريقاً يلون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند هللا وما
هو من عند هللا} قال :كان اليهود يقولون شيئاً ليس في التوراة ويقولون هو في التوراة فكذبهم هللا.
ِ اس ُكونوْا ِعباداً ِّلي ِمن دو ِن َّ ِ ما َكان لِب َش ٍر أَن يؤِتيه َّ ِ ٰ
ين ِب َما َّللا َوَلـ ِٰكن ُك ُ
ونوْا َرَّبـٰنِّي َ ُ ول ل َّلن ِ ُ َ
النبَّوَة ثُ َّم يُق ِ
َ َ َّللاُ اْلكتَ َب َواْل ُح ْك َم َو ُّ ُ ُْ ُ َ َ َ
ِما ُك ْنتُ ْم تَ ْد ُرُسو َن ِٰ ِ
ُكنتُ ْم تُ َعّل ُمو َن اْلكتَ َب َوب َ
النِبِّي ْي َن َل َمآ النِبِيين أَرباباً أَيأْمرُكم ِباْل ُكْف ِر بعد ِإ ْذ أ َْنتُم ُّمسلِمو َن * وإِ ْذ أَخ َذ َّ ِ ِ ِ
اق َّ
َّللاُ ميثَ َ َ َ ْ ْ ُ ََْ ْم َرُك ْم أَن تَتَّخ ُذوْا اْل َمالَئ َك َة َو َّ ّ ْ َ ْ َ َ ُ ُ
َوالَ َيأ ُ
ِٰ ِ ِ ِِ اب و ِح ْكم ٍة ثُ َّم جآء ُكم رسول ُّم ِ ِ ِ ِ ٍ
صرِي نص ُرَّن ُه َق َ
ال أَأَ ْق َرْرتُ ْم َوأ َ
َخ ْذتُ ْم َعَل ٰى ذل ُك ْم إ ْ صّد ٌق ّل َما َم َع ُك ْم َلتُ ْؤمُن َّن به َوَلتَ ُ
َ َ ْ َُ ٌ َ آتَْيتُ ُكم ّمن كتَ َ َ
اشهدوْا وأَن ْا مع ُكم ِمن َّ ِ ِ
ين
الشاهد َ ال َف ْ َ ُ َ َ َ َ ْ ّ َ َقاُلوْا أَ ْق َرْرَنا َق َ
قوله{ :وال يأمركم أن تتخذوا المالئكة والنبيين أرباباً} [ ]80قال :كان قوم يعبدون المالئكة ،وقوم من النصارى زعموا
أن عيسى رب ،واليهود قالوا عزير ابن هللا فقال ،هللا ال يأمركم أن تتخذوا المالئكة والنبيين أرباباً.
وأما قوله{ :وإذ أخذ هللا ميثاق النبيين لما أتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به
ولتنصرنه} [ ] 81فإن هللا أخذ ميثاق نبيه أي :محمد صلى هللا عليه وآله على األنبياء أن يؤمنوا به وينصروه ويخبروا
أممهم بخبره ،حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن ابن مسكان عن أبي عبد
هللا عليه السالم قال :ما بعث هللا نبياً من لدن آدم فهلم ج ار إال ويرجع إلى الدنيا وينصر أمير المؤمنين عليه السالم
وهو قوله{ :لتؤمنن به} يعني رسول هللا صلى هللا عليه وآله {ولتنصرنه} يعني أمير المؤمنين عليه السالم ثم قال لهم
في الذر {ءأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري} أي :عهدي {قالوا أقررنا قال} هللا للمالئكة {فاشهدوا وأنا معكم من
الشاه دين} وهذه مع اآلية التي في سورة األحزاب في قوله{ :وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح} [األحزاب:
] 7اآلية واآلية التي في سورة األعراف قوله{ :وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم} [األعراف ]172 :قد
كتبت هذه الثالث آيات في ثالث سور.
ط ْوعاً َوَك ْرهاً َوإَِل ْي ِه ُي ْرَج ُعو َن الس ٰم ٰو ِت واأل َْر ِ
ض َ ِ ين َّ ِ
َّللا َي ْب ُغو َن َوَل ُه أ َْسَل َم َمن في َّ َ َ َ أََف َغ ْي َر ِد ِ
قال عز وجل{ :أفغير دين هللا يبغون} قال أغير هذا الذي قلت لكم أن تقروا بمحمد ووصيه {وله أسلم من في
السماوات واألرض طوعاً وكرهاً} أي :فرقاً من السيف.
يس ٰى ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ُقل آمَّنا ِب َّ ِ
وس ٰى َوع َ وب َواألَ ْسَباط َو َما أُوت َي ُم َ اق َوَي ْعُق َيل َوإِ ْس َح َ
يم َوإِ ْس َماع َ
اَّلل َو َمآ أُنزَل َعَل ْيَنا َو َمآ أُنزَل َعَل ٰى إ ْب َراه َ ْ َ
ِ ِ ِ ِ
َحد م ْنهم وَن ْح ُن َل ُه مسلمو َن * ومن َي ْبتَ ِغ َغ ْي َر ِ ِ ٍ ِق ِ ِ و َِّ
اإل ْسالَ ِم ديناً َفَل ْن ُيْقَب َل م ْن ُه َو ُهَو في ََ ُْ ُ النبيُّو َن من َّرِّبه ْم الَ ُنَفّر ُ َب ْي َن أ َ ّ ُ ْ َ َ
ِ ِ ِ
اآلخ َرِة م َن اْل َخاس ِر َ
ين
أمر نبيه ِ
باإلقرار باألنبياء والرسل والكتب فقال قل يا محمد{ :آمنا باهلل وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم
وإسماعيل وإسحاق ويعقوب واألسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم ال نفرق بين أحد منهم
ونحن له مسلمون} وقوله{ :ومن يبتغ غير ِ
اإلسالم دينا فلن يقبل منه} فإنه محكم.
ذكر هللا عز وجل الذين ينقضون عهد هللا في أمير المؤمنين وكفروا بعد رسول هللا صلى هللا عليه وآله فقال {كيف
يهدي هللا قوماً كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات وهللا ال يهدي القوم الظالمين أولئك جزاؤهم
أن عليهم لعنة هللا والمالئكة والناس أجمعين خالدين فيها ال يخفف عنهم العذاب وال هم ينظرون ...إن الذين كفروا
وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء األرض ذهباً ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين}
فهذه كلها في أعداء آل محمد.
يمَلن تََناُلوْا اْلِبَّر حتَّ ٰى تُْنِفُقوْا ِم َّما تُ ِحبُّو َن وما تُْنِفُقوْا ِمن َشي ٍء َفِإ َّن َّ ِ ِ ِ
َّللاَ به َعل ٌ ْ ََ َ
أما قوله{ :كل الطعام كان حالً لبني إسرائيل إال ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة} قال :إن يعقوب
كان يصيبه عرق النساء فحرم على نفسه لحم الجمل فقال اليهود إن لحم الجمل محرم في التوراة ،فقال عز وجل لهم:
{فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين} إنما حرم هذا إسرائيل على نفسه ولم يحرمه على الناس وهذا حكاية عن اليهود
ولفظه لفظ الخبر.
طاعَ ِإَل ْي ِه َسِبيالً َو َمن َكَف َر َفِإ َّن هللا ِ آمناً َوََّّللِ َعَلى َّ
الن ِ ِ
اس ح ُّج اْلَب ْيت َم ِن ْ
استَ َ ٰت َّمَقام ِإب ٰرِهيم ومن دخَله َكان ِ
ُ َْ َ َ َ َ َ ُ َ
ِ
ِفيه َء َٰاي ٌت َبِّيَنـ ٌ
ِ ِ
َغن ٌّي َع ِن اْل َٰعَلم َ
ين
قوله{ :ومن دخله كان آمناً} فإنه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن حفص بن البحتري عن أبي عبد هللا عليه
السالم في الرجل يجني الجناية في غير الحرم ثم يلجأ إلى الحرم قال ال يقام عليه الحد وال يكلم وال يسقى وال يطعم
وال يباع منه ،إذا فعل ذلك به يوشك أن يخرج فيقام عليه الحد وإذا جنى في الحرم جناية أقيم عليه الحد في الحرم
ألنه لم ير للحرم حرمة ،وقوله{ :وهلل على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيالً ومن كفر} أي :من ترك الحج وهو
مستطيع فقد كفر ،واالستطاعة هي القوة والزاد والراحلة.
َّللاَ َح َّق تَُق ِات ِه َوالَ تَ ُموتُ َّن ِإالَّ َوأ َْنتُ ْم ُّم ْسلِ ُمو َن
آمُنوْا اتَُّقوْا َّ
ين َ
ٰيأَي َّ ِ
ُّها الذ َ
َ
قوله{ :اتقوا هللا حق تقاته} فإنه منسوخ بقوله{ :اتقوا هللا ما استطعتم}[التغابن.]16 :
قوله{ :واعتصموا بحبل هللا جميعاً} قال :التوحيد والوالية وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في
قوله{ :وال تفرقوا} قال :إن هللا تبارك وتعالى علم أنهم سيفترقون بعد نبيهم ويختلفون فنهاهم عن التفرق كما نهى من
كان قبلهم فأمرهم أن يجتمعوا على والية آل محمد عليهم السالم وال يتفرقوا.
وقال علي بن إبراهيم في قوله{ :واذكروا نعمة هللا عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم} فإنها نزلت في األوس
والخزرج كان الحرب بينهم مائة سنة ال يضعون السالح بالليل وال بالنهار حتى ولد عليه األوالد فلما بعث هللا نبيه
أصلح بينهم فدخلوا في ِ
اإلسالم وذهبت العداوة من قلوبهم برسول هللا صلى هللا عليه وآله وصاروا إخواناً.
وف َوَي ْن َه ْو َن َع ِن اْل ُم ْن َك ِر َوأ ُْوَلـِٰئ َك ُهم اْل ُمْفلِ ُحو َن
ُم ٌة ي ْدعو َن ِإَلى اْلخي ِر ويأْمرو َن ِباْلمعر ِ
َ ُْ َ ْ َ َ ُُ
ِ
َوْلتَ ُكن ّم ْن ُك ْم أ َّ َ ُ
ُ
في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله{ :ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير} فهذه اآلية آلل
محمد صلى هللا عليه وآله ومن تابعهم يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
قال علي بن إبراهيم في قوله{ :يوم تبيض وجوه وتسود وجوه -إلى قوله -ففي رحمة هللا هم فيها خالدون} [-106
]107فإنه حدثني أبي عن صفوان بن يحيى عن أبي الجارود عن عمران بن هيثم عن مالك بن ضمرة عن أبي ذر
رحمة هللا عليه قال لما نزلت هذه اآلية يوم {تبيض وجوه وتسود وجوه} قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله :يرد علي
أمتي يوم القيامة على خمس رايات ،فراية مع عجل هذه األمة فاسألهم ما فعلتم بالثقلين من بعدي فيقولون أما األكبر
فحرفناه ونبذناه ورآء ظهورنا وأما األصغر فعاديناه وأبغضناه وظلمناه ،فأقول ردوا النار ظمآء مظمئين مسودة
وجوهكم ،ثم يرد علي راية مع فرعون هذه األمة ،فأقول لهم ما فعلتم بالثقلين من بعدي فيقولون أما األكبر فحرفناه
ومزقناه وخالفناه وأما األصغر فعاديناه وقاتلناه ،فأقول ردوا النار ظماء مظمئين مسودة وجوهكم ،ثم ترد علي راية مع
سامري هذه األمة فأقول لهم ما فعلتم بالثقلين من بعدي فيقولون أما األكبر فعصيناه وتركناه وأما األصغر فخذلناه
وضيعناه وضعنا به كل قبيح فأقول ردوا النار ظمآء مظمئين مسودة وجوهكم ثم ترد علي راية ذي الثدية مع أول
الخوارج وآخرهم فأسألهم ما فعلتم بالثقلين من بعدي فيقولون أما األكبر ففرقناه (فمزقناه ط) وبرئنا منه وأما األصغر
فقاتلناه وقتلناه ،فأقول ردوا النار ظمآء مظمئين مسودة وجوهكم ،ثم ترد علي راية مع إمام المتقين وسيد الوصيين
وقائد الغر المحجلين ووصي رسول رب العالمين ،فأقول لهم ما فعلتم بالثقلين من بعدي فيقولون أما األكبر فاتبعناه
وأطعناه وأما األصغر فأحببناه وواليناه ووازرناه ونصرناه حتى أهرقت فيهم دماؤنا ،فأقول ردوا الجنة رواء مرويين
مبيضة وجوهكم ثم تال رسول هللا صلى هللا عليه وآله{ :يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم
أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة هللا هم فيها خالدون}.
ض ِرَب ْت َعَل ْي ِه ُم اْل َم ْس َكَن ُة اس وبآءوا ِبغض ٍب ِمن َّ ِ َّللاِ َو َحْب ٍل ِّم َن َّ
ض ِرَب ْت َعَل ْي ِه ُم ال ِّذَّل ُة أ َْي َن َما ثُِقُفوْا ِإالَّ ِب َحْب ٍل ِّم َن َّ
َّللا َو ُ الن ِ َ َ ُ َ َ ّ َ ُ
ِٰ ِ َّللاِ وَيْقُتُلو َن األ َْنِبَي ِ ِ ِ ِٰ ِ
آء ب َغ ْي ِر َح ٍّق ذل َك ب َما َع َ
ص ْوْا َّوَك ُانوْا َي ْعتَُدو َن
َ ذل َك بأََّن ُه ْم َك ُانوْا َي ْكُف ُرو َن ب َآيات َّ َ
قوله{ :ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إال بحبل من هللا وحبل من الناس وبآؤ بغضب من هللا} يعني بعهد من هللا
وعقد من رسول هللا {وضربت عليهم المسكنة} أي :الجوع.
َّللاُ
ظَل َم ُه ُم َّ
َهَل َك ْت ُه َو َما َ
ظَل ُموْا أ َْنُف َس ُه ْم َفأ ْ
َص َاب ْت َح ْر َث َق ْو ٍم َ ِ
يها صٌّر أ َ
ِ ِ َمَث ُل َما ُي ْنِفُقو َن ِفي َهـ ِٰذِه اْل َحَي ِاة ُّ
الد ْنَيا َك َمَثل ِري ٍح ف َ
َوَلـ ِٰك ْن أ َْنُف َس ُه ْم َي ْ
ظلِ ُمو َن
ثم ضرب للكفار من أنفق ماله في غير طاعة هللا مثالً فقال{ :مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها
صر} أي :برد {أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته ( -إلى زرعهم) -وما ظلمهم هللا ولكن كانوا أنفسهم
يظلمون}.
طان ًة ِمن دوِن ُكم الَ ي ْأُلون ُكم خباالً وُّدوْا ما عِنتُّم َقد بد ِت اْلب ْغضآء ِمن أَ ْفو ِ
اه ِه ْم َو َما تُ ْخِفي ٰيأَي َّ ِ
َ َ ُ ْ َ آمُنوْا الَ تَتَّ ِخ ُذوْا ِب َ َ ّ ُ ْ َ َ ْ َ َ َ َ َ ْ ْ َ َ ين َ ُّها الذ َ َ
ِ ِ
اآليات ِإ ْن ُك ْنتُ ْم تَ ْعقُلو َن
ورُه ْم أَ ْكَب ُر َق ْد َبيََّّنا َل ُك ُم َ
ص ُد ُ
ُ
قوله{ :وإذ غدوت من أهلك تبو المؤمنين مقاعد للقتال وهللا سميع عليم} فإنه حدثني أبي عن صفوان عن ابن
مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد هللا عليه السالم قال :سبب نزول هذه اآلية أن قريشاً خرجت من مكة تريد حرب
رسول هللا صلى هللا عليه وآله فخرج يبغي موضعاً للقتال.
قوله{ :إذ همت طائفتان منكم أن تفشال} نزلت في عبد هللا بن أبي وقوم من أصحابه اتبعوا رأيه في ترك الخروج عن
نصرة رسول هللا صلى هللا عليه وآله قال وكان سبب غزوة أحد أن قريشاً لما رجعت من بدر إلى مكة وقد أصابهم ما
أصابهم من القتل واألسر ألنه قتل منهم سبعون وأسر منهم سبعون ،فلما رجعوا إلى مكة قال أبو سفيان يا معشر
قريش ال تدعوا النساء تبكي على قتالكم فإن البكاء والدمعة إذا خرجت أذهبت الحزن والحرقة والعداوة لمحمد ويشمت
بنا محمد وأصحابه ،فلما غزوا رسول هللا صلى هللا عليه وآله يوم أحد أذنوا لنساءهم بعد ذلك في البكاء والنوح ،فلما
فلما بلغ رسول هللا صلى هللا عليه وآله ذلك جمع أصحابه وأخبرهم أن هللا قد أخبره أن قريشاً قد تجمعت تريد المدينة،
وحث أصحابه على الجهاد والخروج ،فقال عبد هللا بن أبي (سلول ط) وقومه يا رسول هللا ال تخرج من المدينة حتى
نقاتل في ازقتها ،فيقاتل الرجل الضعيف والمرأة والعبد واألمة على أفواه السكك وعلى السطوح فما أرادنا قوم ق فظفروا
بنا ونحن في حصوننا ودورنا وما خرجنا إلى أعدائنا ق إال كان الظفر لهم ،فقام سعد بن معاذ رحمه هللا وغيره من
األوس فقالوا يا رسول هللا ما طمع فينا أحد من العرب ونحن مشركون نعبد األصنام فكيف يطمعون فينا وأنت فينا ال،
حتى نخرج إليهم فنقاتلهم فمن قتل منا كان شهيداً ومن نجى منا كان قد جاهد في سبيل هللا فقبل رسول هللا قوله
وخرج مع نفر من أصحابه يبتغون موضع القتال كما قال هللا {وإذ غدوت من أهلك تبوء المؤمنين -إلى قوله -إذ
همت طائفتان منكم أن تفشال} يعني عبدهللا بن أبي وأصحابه ،فضرب رسول هللا صلى هللا عليه وآله معسكره مما يلي
من طريق العراق وقعد عبد هللا بن أبي وقومه من الخزرج اتبعوا رأيه ،ووافت قريش إلى أحد وكان رسول هللا صلى هللا
عليه وآله عد أصحابه وكانوا سبعمائة رجالً ،فوضع عبد هللا بن جبير في خمسين من الرماة على باب الشعب وأشفق
أن يأتي كمينهم في ذلك المكان فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله لعبد هللا ابن جبير وأصحابه إن رأيتمونا قد
هزمناهم حتى أدخلناهم مكة فال تخرجوا من هذا المكان وإن رأيتموهم قد هزمونا حتى أدخلونا المدينة فال تبرحوا
والزموا مراكزكم ،ووضع أبو سفيان خالد بن الوليد في مأئتي فارس كميناَ ًً ،وقال لهم إذا رأيتمونا قد اختلطنا بهم
فاخرجوا عليهم من هذا الشعب حتى تكونوا من ورائهم.
فلما أقبلت الخيل واصطفوا وعبأ رسول هللا صلى هللا عليه وآله أصحابه دفع الراية إلى أمير المؤمنين صلوات هللا
عليه فحملت األنصار على مشركي قريش فانهزموا هزيمة قبيحة ووقع أصحاب رسول هللا في سوادهم وانح خالد بن
الوليد في مأتي فارس ،فلقي عبد هللا بن جبير فاستقبلوهم بالسهام فرجعوا ونظر أصحاب عبد هللا بن جبير إلى
أصحاب رسول هللا ينهبون سواد القوم ،قالوا لعبد هللا بن جبير تقيمنا ها هنا وقد غنم أصحابنا ونبقى نحن بال غنيمة،
فقال لهم عبد هللا اتقوا هللا فإن رسول هللا صلى هللا عليه وآله قد تقدم إلينا أن ال نبرح ،فلم يقبلوا منه وأقبل ينسل رجل
فرجل حتى أخلوا من مركزهم وبقي عبد هللا بن جبير في اثنى عشر رجالً ،وقد كانت راية قريش مع طلحة بن أبي
طلحة العدوي من بني عبد الدار فبرز ونادى يا محمد! تزعمون أنكم تجهزونا بأسيافكم إلى النار ونجهزكم بأسيافنا
إلى الجنة فمن شاء أن يلحق بجنته فليبرز إلي ،فبرز أليه أمير المؤمنين عليه السالم يقول:
فقال طلحة من انت يا غالم؟ قال أنا علي بن أبي طالب قال قد علمت ياقضيم إنه ال يجسر علي أحد غيرك ،فشد
عليه طلحة فضربه فإتقاه أمير المؤمنين عليه السالم بالجحفة ثم ضربه أمير المؤمنين عليه السالم على فخذيه
فقطعهما جميعاً فسق على ظهره ،وسقطت الراية ،فذهب علي عليه السالم ليجهز عليه فحلفه بالرحم فانصرف عنه
فقال المسلمون أال أجهزت عليه؟ قال قد ضربته ضربة ال يعيش منها أبداً ،وأخذ الراية أبو سعيد بن أبي طلحه فقتله
علي عليه السالم وسقطت الراية على األرض ،فأخذها شافع (مسافع ط) بن أبي طلحة فقتله علي عليه السالم
فسقطت الراية إلى األرض فأخذها عثمان بن أبي طلحة فقتله علي عليه السالم فسقطت الراية إلى األرض فأخذها
الحارث بن أبي طلحة فقتله علي عليه السالم ،فسقطت الراية إلى األرض ،وأخذها أبو عذير بن عثمان فقتله علي
عليه السالم وسقطت الراية إلى األرض فأخذها عبد هللا بن أبي جميلة بن زهير فقتله علي عليه السالم وسقطت الراية
إلى األرض ،فقتل أمير المؤمنين عليه السالم التاسع من بني عبد الدار وهو أرطاة بن شرحبيل مبارزة وسقطت الراية
إلى األرض ،فأخذها موالهم صواب فضربه أمير المؤمنين عليه السالم على يمينه فقطعها وسقطت الراية إلى األرض
فأخذها بشماله فضربه أمير المؤمنين عليه السالم على شماله فقطعها وسقطت الراية إلى األرض ،فاحتضنها بيديه
المقطوعتين ثم قال يا بني عبد الدار هل أعذرت فيما بيني وبينكم؟ فضربه أمير المؤمنين عليه السالم على رأسه
فقتله ،وسقطت الراية إلى األرض ،فأخذتها عمرة بنت علقمة الحارثية فقبضتها.
وانح خالد بن الوليد على عبد هللا بن جبير وقد فر أصحابه وبقي في نفر قليل فقتلوهم على باب شعب واستعقبوا
المسلمين فوضعوا فيهم السيف ،ونظرت قريش في هزيمتها إلى الراية قد رفعت فالذوا بها وأقبل خالد بن الوليد يقتلهم،
فانهزم أصحاب رسول هللا صلى هللا عليه وآله هزيمة قبيحة وأقبلوا يصعدون في الجبال وفي كل وجه ،فلما رأى رسول
هللا صلى هللا عليه وآله الهزيمة كشف البيضة عن رأسه وقال" :إني أنا رسول هللا إلى أين تفرون عن هللا وعن رسوله
" ؟.
وحدثني أبي عن ابن أبي عمير عن هشام عن أبي عبد هللا عليه السالم أنه سئل عن معنى قول طلحة بن أبي طلحة
لما بارزه علي عليه السالم يا قضيم ،قال إن رسول هللا صلى هللا عليه وآله كان بمكة لم يجسر عليه أحد لموضع أبي
وروي عن أبي واثلة شقيق بن سلمة قال كنت أماشي فالناً إذ سمعت منه همهمة ،فقلت له مه ،ماذا يافالن؟ قال
ويحك أما ترى الهزبر القضم ابن القضم ،والضارب بالبهم ،الشديد علي من طغى وبغى ،بالسيفين والراية ،فالتفت فإذا
هو علي بن أبي طالب ،فقلت له يا هذا هو علي بن أبي طالب ،فقال إدن مني أحدثك عن شجاعته وبطولته ،بايعنا
النبي يوم أحد على أن ال نفر ومن فر منا فهو ضال ومن قتل منا فهو شهيد والنبي زعيمه ،إذ حمل علينا مائة
صنديد تحت كل صنديد مائة رجل أو يزيدون فازعجونا عن طحونتنا فرأيت علياً كالليث يتقي الذر (الدر ط) وإذ قد
حمل كفاً من حصى فرمى به في وجوهنا ثم قال شاهت الوجوه وقطت وبطت ولطت ،إلى أين تفرون ،إلى النار ،فلم
ترجع ،ثم كر علينا الثانية وبيده صفيحة يقطر منها الموت ،فقال بايعتم ثم نكثتم ،فوهللا ألنتم أولى بالقتل ممن قتل،
فنظرت إلى عينيه كأنهما سليطان يتوقدان نا اًر ،أو كالقدحين المملوئين دماً ،فما ظننت إال ويأتي علينا كلنا ،فبادرت
أنا إليه من بين أصحابي فقلت يا أبا الحسن هللا هللا ،فإن العرب تكر وتفر وإن الكرة تنفي الفرة ،فكأنه عليه السالم
استحيى فولى بوجهه عني ،فما زلت أسكن روعة فؤادي ،فوهللا ما خرج ذلك الرعب من قلبي حتى الساعة.
ولم يبق مع رسول هللا صلى هللا عليه وآله إال أبو دجانة األنصاري ،وسماك بن خرشة وأمير المؤمنين عليه السالم،
فكلما حملت طائفة على رسول هللا صلى هللا عليه وآله استقبلهم أمير المؤمنين فيدفعهم عن رسول هللا ويقتلهم حتى
انقطع سيفه ،وبقيت مع رسول هللا صلى هللا عليه وآله نسيبة بنت كعب المازنية ،وكانت تخرج مع رسول هللا صلى
هللا عليه وآله في غزواته تداوي الجرحى ،وكان ابنها معها فأراد أن ينهزم ويتراجع ،فحملت عليه فقالت يا بني إلى أين
تفر عن هللا وعن رسوله؟ فردته ،فحمل عليه رجل فقتله ،فأخذت سيف ابنها فحملت علي الرجل فضربته على فخذه
فقتلته ،فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله بارك هللا عليك يا نسيبة وكانت تقي رسول هللا صلى هللا عليه وآله بصدرها
وثدييها ويديها حتى أصابتها جراحات كثيرة ،وحمل ابن قميتة (قمية ط) على رسول هللا صلى هللا عليه وآله فقال
أروني محمداً ال نجوت إن نجا محمد ،فضربه علي حبل عاتقه ،ونادى قتلت محمداً والالت والعزى ،ونظر رسول هللا
صلى هللا عليه وآله إلى رجل من المهاجرين قد ألقى ترسه خلف ظهره وهو في الهزيمة ،فناداه "ياصاحب الترس ألق
ترسك ومر إلى النار" فرمى بترسه ،فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله يا نسيبة خذي الترس فاخذت الترس وكانت
تقاتل المشركين ،فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله" :لمقام نسيبة أفضل من مقام فالن وفالن".
وكانت هند بنت عتبة في وس العسكر ،فكلما انهزم رجل من قريش رفعت إليه ميالً ومكحلة وقالت إنما أنت امرأة
فاكتحل ب هذا ،وكان حمزة بن عبد المطلب يحمل على القوم فإذا رأوه انهزموا ولم يثبت له واحد وكانت هند بنت عتبة
قد أعطت وحشياً عهداً ألن قتلت محمداً أو علياً أو حمزة ألعطيتك رضاك وكان وحشي عبداً لجبير بن مطعم حبشياً،
فقال وحشي أما محمد فال أقدر عليه وأما علي فرأيته رجالً حذ اًر كثير االلتفات فلم أطمع فيه قال :فكمنت لحمزة
فرأيته يهد الناس هداً فمر بي فوطى على جرف نهر فسق ،فأخذت حربتي فهززتها ورميته فوقعت في خاصرته
وخرجت من مثانته مغمسة بالدم فسق فأتيته فشققت بطنه وأخذت كبده وأتيت بها إلى هند فقلت لها هذه كبد حمزة،
فأخذتها في فيها فالكتها فجعلها هللا في فيها مثل الداغصة فلفظتها ورمت بها فبعث هللا ملكاً فحملها وردها إلى
موضعها ،فقال أبو عبد هللا عليه السالم :يأبى هللا أن يدخل شيئاً من بدن حمزة النار ،فجاءت إليه هند فقطعت
مذاكيره وقطعت أذنيه وجعلتهما خرصين وشدتهما في عنقها ،وقطعت يديه ورجليه وتراجعت الناس فصارت قريش
على الجبل ،فقال أبو سفيان وهو على الجبل "أعال هبل" فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ألمير المؤمنين عليه
السالم قل له" :هللا أعال وأجل" فقال يا علي إنه قد أنعم علينا فقال علي عليه السالم :بل هللا أنعم علينا ثم قال أبو
سفيان :يا علي أسألك بالالت والعزى هل قتل محمد؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السالم لعنك هللا ولعن هللا الالت
والعزى معك ،وهللا ما قتل محمد صلى هللا عليه وآله وهو يسمع كالمك ،فقال :أنت أصدق ،لعن هللا ابن قميته زعم
أنه قتل محمداً.
وكان عمرو بن قيس قد تأخر إسالمه فلما بلغه أن رسول هللا صلى هللا عليه وآله في الحرب أخذ سيفه وترسه وأقبل
كالليث العادي يقول أشهد أن ال إله إال هللا وأن محمدأ رسول هللا ثم خال القوم فاستشهد فمر به رجل من األنصار
فرآه صريعاً بين القتلى فقال يا عمرو أنت على دينك األول؟ فقال معاذ هللا ،وهللا إني أشهد أن ال إله إال هللا وأن
وكان حنظلة بن أبي عامر رجل من الخزرج ،قد تزوج في تلك الليلة التي كان في صبيحتها حرب أُحد ،بنت عبدهللا
بن أبي سلول ودخل بها في تلك الليلة ،واستأذن رسول هللا صلى هللا عليه وآله أن يقيم عندها فأنزل هللا{ :إنما
المؤمنون الذين آمنوا باهلل ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنونك أولئك
الذين يؤمنون باهلل ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم} [النور ]62 :فأذن له رسول هللا صلى
هللا عليه وآله ،فهذه اآلية في سورة النور وأخبار أُحد في سورة آل عمران فهذا دليل على أن التأليف على خالف ما
أنزله هللا ،فدخ ل حنظلة باهله وواقع عليها فأصبح وخرج وهو جنب ،فحضر القتال فبعث امرأته إلى أربعة نفر من
األنصار لما أراد حنظلة أن يخرج من عندها وأشهدت عليه أنه قد واقعها فقيل لها لم فعلت ذلك؟ قالت رأيت في هذه
الليلة في نومي كأن السماء قد انفرجت فوقع فيها حنظلة ثم انظمت ،فعلمت أنها الشهادة فكرهت أن ال أشهد عليه،
فحملت منه.
فلما حضر القتال نظر حنظلة إلى أبي سفيان على فرس يجول بين العسكرين فحمل عليه فضرب عرقوب فرسه
فاكتسعت الفرص وسق أبو سفيان إلى األرض وصاح يا معشر قريش أنا أبو سفيان وهذا حنظلة يريد قتلي وعدا أبو
سفيان ومر ح نظلة في طلبه فعرض له رجل من المشركين فطعنه فمشى إلى المشرك في طعنه فضربه فقتله ،وسق
حنظلة إلى األرض بين حمزة وعمرو بن الجموح وعبد هللا بن حزام وجماعة من األنصار ،فقال رسول هللا صلى هللا
عليه وآله :رأيت المالئكة يغسلون حنظلة بين السماء واألرض بماء المزن في صحائف من ذهب ،فكان يسمى غسيل
المالئكة.
وروي أن مغيرة بن العاص كان رجالً أعسر فحمل في طريقة إلى أُحد ثالثة أحجار ،فقال :بهذه أقتل محمداً ،فلما
حضر القتال نظر إلى رسول هللا صلى هللا عليه وآله وبيده السيف فرماه بحجر ،فأصاب به رسول هللا صلى هللا عليه
وآله فسق السيف من يده فقال قتلته والالت والعزى فقال أمير المؤمنين عليه السالم كذب لعنه هللا ،فرماه بحجر آخر
فأصاب جبهته فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله اللهم حيره ،فلما انكشف الناس تحير فلحقه عمار بن ياسر فقتله،
وسل هللا على ابن قميته الشجر فكان يمر بالشجرة فيقع وسطها فتأخذ من لحمه فلم يزل كذلك حتى صار مثل
الصرر ومات لعنه هللا.
اه ُدوْا ِم ُ أَم ح ِسبتُم أَن تَدخُلوْا اْلجَّن َة وَل َّما يعَل ِم َّ َّ ِ
الصاِب ِر َ
ين نك ْم َوَي ْعَل َم َّ ين َج َ
َّللاُ الذ َ َ َ َْ ُْ ْ َ ْْ
رجع المنهزمون من أصحاب رسول صلى هللا عليه وآله فأنزل هللا على رسوله{ :أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم
هللا الذين جاهدوا منكم} يعني ولما يرى ألنه عز وجل قد علم قبل ذلك من يجاهد ومن ال يجاهد فأقام العلم مقام
الرؤية ألنه يعاقب الناس بفعلهم ال بعلمه.
َوَلَق ْد ُك ْنتُ ْم تَ َمَّن ْو َن اْل َم ْو َت ِمن َقْب ِل أَن َتْلَق ْوهُ َفَق ْد َأرَْيتُ ُموهُ َوأ َْنتُ ْم تَن ُ
ظ ُرو َن
قوله{ :ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون} وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر
عليه السالم في قوله{ :ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه} اآلية فإن المؤمنين لما أخبرهم هللا بالذي فعل
بشهدائهم يوم بدر ومنازلهم من الجنة رغبوا في ذلك فقالوا اللهم أرنا القتال نستشهد فيه فأراهم هللا إياه في يوم أحد فلم
يثبتوا إال من شاء هللا منهم ،فذلك قوله{ :ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه}.
أما قوله{ :وما محمد إال رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم} فإن رسول هللا صلى
هللا عليه وآله لما خرج يوم أُحد وعهد العاهد به على تلك الحال فجعل الرجل يقول لمن لقيه إن رسول هللا صلى هللا
عليه وآله قد قتل ،النجاء فلما رجعوا إلى المدينة أنزل هللا {وما محمد إال رسول قد خلت من قبله الرسل -إلى قوله -
انقلبتم على أعقابكم} يقول إلى الكفر.
َّللاُ ُي ِح ُّب
استَ َك ُانوْا َو َّ يل َّ ِوَكأَِين ِمن َّنِب ٍي َق َاتل مع ُه ِربِيُّو َن َكِثير َفما و َهُنوْا لِمآ أَصابهم ِفي سِب ِ
ض ُعُفوْا َو َما ْ َّللا َو َما َ َ َ َ َُ ْ ٌ َ َ ّ َ ََ ّ َ ّ ّ
ِ ِ ِ َّ
ان َق ْوَل ُه ْم ِإال أَن َقاُلوْا ربََّنا ْ
ص ْرَنا َعَلى اْلَق ْو ِم وبَنا َوإِ ْس َارَفَنا في أ َْم ِرَنا َوثَّب ْت أَ ْق َد َ
امَنا و ْان ُ اغف ْر َلَنا ُذُن َ الصاِب ِر َ
ين * َو َما َك َ َّ
ِ
اْل َكاف ِر َ
ين
قوله{ :وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير} يقول كأي من نبي قبل محمد قاتل معه ربيون كثير والربيون الجموع
الكثيرة والربوة الواحدة عشرة آالف يقول هللا تبارك وتعالى{ :فما وهنوا لما أصابهم في سبيل هللا} من قبل نبيهم {وما
ضعفوا وما استكانوا وهللا يحب الصابرين وما كان قولهم إال أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا} يعنون
خطاياهم {وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين}.
قال علي بن إبراهيم في قوله{ :يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين} يعني
عبد هللا بن أبي حيث خرج مع رسول هللا صلى هللا عليه وآله ثم رجع يجبن أصحابه قال للمؤمنين يوم أُحد يوم
الهزيمة ارجعوا إلى دينكم عن علي عليه السالم.
{بل هللا موالكم وهو خير الناصرين سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب} يعني قريش {بما أشركوا باهلل}.
قوله{ :ولقد صدقكم هللا وعده} يعني أن ينصركم هللا عليهم {إذ تحسونهم بإذنه} إذ تقتلونهم بإذن هللا {حتى إذا فشلتم
وتنازعتم في األمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون ،منكم من يريد الدنيا} يعني أصحاب عبد هللا بن جبير الذين
تركوا مركزهم ومروا للغنيمة ،قوله{ :ومنكم من يريد اآلخرة} يعني عبد هللا بن جبير وأصحابه الذين بقوا حتى قتلوا {ثم
صرفكم عنهم ليبتليكم} أي :يختبركم {ولقد عفا عنكم وهللا ذو فضل على المؤمنين}.
ذكر المنهزمين من أصحاب رسول هللا صلى هللا عليه وآله ،فقال{ :إذ تصعدون وال تلوون على أحد والرسول
يدعوكم} [ ]153إلى قوله {خبير بما تعملون} وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله {فأثابكم
غماً بغم} فأما الغم األول فالهزيمة والقتل ،وأما الغم اآلخر فإشراف خالد بن الوليد عليهم يقول{ :لكيال تحزنوا على ما
فاتكم} من الغنيمة {وال ما أصابكم} يعني قتل إخوانهم {فاهلل خبير بما تعملون ثم أنزل عليكم من بعد الغم} [-153
]154قال يعني الهزيمة ،ورجع إلى تفسير علي بن إبراهيم.
قال وتراجع أصحاب رسول هللا صلى هللا عليه وآله المجروحون وغيرهم ،فأقبلوا يعتذرون إلى رسول هللا صلى هللا
عليه وآله فأحب هللا يعرف رسوله من الصادق منهم ومن الكاذب ،فأنزل هللا عليهم النعاس في تلك الحالة حتى كانوا
يسقطون إلى األرض وكان المنافقون الذين يكذبون ال يستقرون قد طارت عقولهم وهم يتكلمون بكالم ال يفهم عنهم
َّللاُ َع ْن ُه ْم ِإ َّن َّ ان ِبَب ْع ِ ان ِإَّنما استَ َزَّلهم َّ َّ ِ َّ ِ
ور
َّللاَ َغُف ٌ ض َما َك َسُبوْا َوَلَق ْد َعَفا َّ طُ الش ْي َ َ ْ ُُ
نك ْم َي ْوم اْلتََقى اْل َج ْم َع ِ ِإ َّن الذ َ
ين تََول ْوْا م ُ َ
يمِ
َحل ٌ
قوله{ :إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان} أي :خدعهم حتى طلبوا الغنيمة{ :ببعض ما
كسبوا} قال :بذنوبهم {ولقد عفا هللا عنهم}.
قال{ :يا أيها الذين آمنوا ال تكونوا كالذين كفروا} يعني عبد هللا بن أبي وأصحابه الذين قعدوا عن الحرب {وقالوا
إلخوانهم إذا ضربوا في األرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل هللا ذلك حسرة في قلوبهم وهللا
يحيي ويميت وهللا بما تعملون بصير}.
استَ ْغِف ْر َل ُه ْم َو َش ِاوْرُه ْم ِفي ظ اْلَقْل ِب الَْنَف ُّ ِ ظاً َغلِي َ َفِبما رحم ٍة ِمن َّ ِ
ف َع ْن ُه ْم َو ْ ضوْا م ْن َح ْولِ َك َف ْ
اع ُ َّللا لِ َ
نت َل ُه ْم َوَل ْو ُك ْن َت َف ّ َ َ َْ َّ
َّللاُ َفالَ َغالِ َب َل ُك ْم َوإِن َي ْخ ُذْل ُك ْم َف َمن َذا َّال ِذي
نص ْرُك ُم َّ ِ ِِ َّللاِ ِإ َّن َّ ِ
األ َْم ِر َفِإ َذا َع َزْم َت َفتََوَّك ْل َعَلى َّ
ين * إن َي ُ َّللاَ ُيح ُّب اْل ُمتََوّكل َ
َّللاِ َفْلَيتََوَّك ِل اْل ُم ْؤ ِمُنو َن
نص ُرُكم ِّم ْن َب ْع ِدِه َو َعَلى َّ
َي ُ
قال لنبيه{ :فبما رحمة من هللا لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب النفضوا من حولك} [ ]159أي :انهزموا ولم يقيموا
معك ثم قال تأديباً لرسوله {فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم هم في األمر فإذا عزمت فتوكل على هللا إن هللا يحب
المتوكلين إن ينصركم هللا فال غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى هللا فليتوكل المؤمنون}
[].160-159
في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله{ :ما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم
القيامة} وصدق هللا لم يكن هللا ليجعل نبياً غاالً {ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة} ومن غل شيئاً رآه يوم القيامة في
النار ثم يكلف أن يدخل إليه فيخرجه من النار {ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم ال يظلمون}.
اب َواْل ِح ْك َم َة َوإِن ِ ِ ِِ ِ ِ ِ ِ ِ
ين ِإ ْذ َب َع َث في ِه ْم َرُسوالً ّم ْن أ َْنُفس ِه ْم َي ْتُلوْا َعَل ْي ِه ْم َآياته َوُي َزّكي ِه ْم َوُي َعّل ُم ُه ُم اْلكتَ َ
َّللاُ َعَلى اْل ُمؤ ِمن َ
َلَق ْد َم َّن َّ
ض ٍ
الل ُّمِب ٍ
ين ِ ِ
َك ُانوْا من َقْب ُل َلفي َ
أما قوله{ :لقد من هللا على المؤمنين إذ بعث فيهم رسوالً من أنفسهم} فهذه اآلية آلل محمد صلى هللا عليه وآله.
فلما سكن القتال قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله :من له علم بسعد بن الربيع فقال رجل أنا أطلبه فأشار رسول هللا
صلى هللا عليه وآله إلى موضع فقال :أطلبه هناك فإني قد رأيته في ذلك الموضع قد شرعت حوله اثنا عشر رمحاً،
قال فأتيت ذلك الموضع فإذا هو صريع بين القتلى ،فقلت يا سعد ،فلم يجبني ثم قلت يا سعد فلم يجبني فقلت يا سعد
إن رسول هللا صلى هللا عليه وآله قد سأل عنك ،فرفع رأسه فانتعش كما ينتعش الفرخ ثم قال :إن رسول هللا صلى هللا
عليه وآله لحي؟ قلت أي وهللا إنه لحي وقد أخبرني إنه رأى حولك اثني عشر رمحاً فقال الحمد هلل صدق رسول هللا
صلى هللا عليه وآله لقد طعنت اثنتي عشرة طعنة كلها قد جأفتني أبلغ قومي األنصار السالم وقل لهم وهللا ما لكم
عند هللا عذر إن تشوك رسول هللا شوكة وفيكم عين تطرف ،ثم تنفس فخرج منه مثل دم الجزور وقد كان اختفى في
جوفه وقضى نحبه رحمه هللا ثم جئت إلى رسول هللا صلى هللا عليه وآله فأخبرته فقال رحم هللا سعداً نصرنا حياً
وأوصى بنا ميت ًا.
ثم قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله من له علم بعمي حمزة ،فقال الحرث بن سمية أنا أعرف موضعه فجاء حتى
وقف على حمزة فكره أن يرجع إلى رسول هللا فيخبره فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ألمير المؤمنين عليه السالم
يا علي أطلب عمك فجاء علي عليه السالم فوقف على حمزة فكره أن يرجع إليه ،فجاء رسول هللا صلى هللا عليه وآله
حتى وقف عليه فلما رأى ما فعل به بكى ثم قال وهللا ما وقفت موقفاً ق أغيظ علي من هذا المكان ألن أمكنني هللا
من قريش ألمثلن بسبعين رجالً منهم ،فنزل عليه جبرائيل عليه السالم فقال {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به
ولئن صبرتم لهو خير للصابرين}[النحل ]126 :فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله بل أصبر ،فهذه اآلية في سورة
النحل وكان يجب أن تكون في هذه السورة التي فيها أخبار أحد ،فألقى رسول هللا صلى هللا عليه وآله على حمزة بردة
كانت عليه فكانت إذا مدها على رأسه بدت رجاله وإذا مدها على رجليه بدا رأسه ،فمدها على رأسه وألقى على رجليه
الحشيش وقال :لوال أني أحذر نساء بني عبد المطلب لتركته للعادية والسباع حتى يحشر يوم القيامة من بطون
قال وتؤامرت قريش على أن يرجعوا على المدينة فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله من رجل يأتينا بخبر القوم؟ فلم
يجبه أحد ،فقال أمير المؤمنين عليه السالم أنا أتيك بخبرهم ،قال اذهب فإن كانوا ركبوا الخيل وجنبوا اإلبل فهم
يريدون المدينة وهللا ألن أرادوا المدينة ال يأذن هللا فيهم ،وإن كانوا ركبوا اإلبل وجنبوا الخيل فإنهم يريدون مكة ،فمضى
أمير المؤمنين عليه السالم على ما به من األلم والجراحات حتى كان قريباً من القوم فرآهم قد ركبوا اإلبل وجنبوا
الخيل فرجع أمير المؤمنين إلى رسول هللا صلى هللا عليه وآله فأخبره فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله أرادوا مكة.
فلما دخل رسول هللا المدينة نزل عليه جبرئيل فقال يا محمد إن هللا يأمرك أن تخرج في أثر القوم وال يخرج معك إال
من به جراحة ،فأمر رسول هللا صلى هللا عليه وآله منادياً ينادي يا معشر المهاجرين واألنصار من كانت به جراحة
فليخرج ومن لم يكن به جراحة فليقم ،فأقبلوا يضمدون جراحاتهم ويداوونها فأنزل هللا على نبيه {وال تهنوا في ابتغاء إن
تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من هللا ما ال يرجون}[النساء ]104 :وهذه اآلية في سورة النساء
ويجب أن تكون في هذه السورة قال عز وجل {إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك األيام نداولها بين الناس
وليعلم هللا الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء} [آل عمران ]140 :فخرجوا على ما بهم من األلم والجراح فلما بلغ رسول
هللا صلى هللا عليه وآله بحمراء األسد وقريش قد نزلت الروحا قال عكرمة بن أبي جهل والحارث بن هشام وعمرو بن
عاص وخالد بن الوليد نرجع فنغير على المدينة فقد قتلنا سراتهم وكبشهم يعني حمزة ،فوافاهم رجل خرج من المدينة
فسألوه الخبر فقال تركت محمداً وأصحابه بحمراء األسد يطلبونكم جد الطلب فقال أبو سفيان هذا النكد والبغي قد
ظفرنا بالقوم وبغينا وهللا ما أفلح قوم ق بغوا ،فوافاهم نعيم بن مسعود األشجعي فقال أبو سفيان أين تريد؟ قال المدينة
ألمتار ألهلي طعاماً ،قال :هل لك أن تمر بحمراء األسد وتلقى أصحاب محمد وتعلمهم أن حلفاءنا وموالينا قد وافونا
أما قوله{ :وال تحسبن الذين قتلوا في سبيل هللا أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم هللا من فضله}
[ ] 170-169فإنه حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن أبي عبيدة الحذاء عن أبي بصير عن أبي عبد هللا عليه
السالم قال هم وهللا شيعتنا إذا دخلوا الجنة واستقبلوا الكرامة من هللا استبشروا بمن لم يلحق بهم من إخوانهم من
المؤمنين في الدنيا {أال خوف عليهم وال هم يحزنون} وهو رد على من يبطل الثواب والعقاب بعد الموت.
طَّوُقون ما ب ِخُلوْا ِب ِه يوم اْلِقيام ِة وََّّللِ َّ َّ َّللا ِمن َف ِ ِ َّ ِ
َْ َ َ َ َ ضله ُه َو َخ ْي اًر ل ُه ْم َب ْل ُه َو َشٌّر ل ُه ْم َسُي َ َ َ َْ اه ُم َّ ُ ين َي ْب َخُلو َن ِب َمآ آتَ ُ
َوالَ َي ْح َسَب َّن الذ َ
َّللاُ ِب َما تَ ْع َمُلو َن َخِب ٌير الس ٰم ٰو ِت واأل َْر ِ
ض َو َّ ِم َير ُ
اث َّ َ َ َ
أما قوله{ :وال يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم هللا من فضله هو خي اًر لهم بل هو شر لهم} قال من بخل ولم ينفق
ماله في طاعة هللا صار ذلك يوم القيامة طوقاً من نار في عنقه وهو قوله {سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة}.
َغِنَيآء سَن ْكتُ ُب ما َقاُلوْا وَق ْتَلهم األَنِبَي ِ َّللا َقول َّال ِذين َقاُلوْا ِإ َّن َّ ِ ِ َّ
اب اء ب َغ ْي ِر َح ٍّق َوَنُق ُ
ول ُذوُقوْا َع َذ َ َ َ ُُ َ َّللاَ َفق ٌير َوَن ْح ُن أ ْ ُ َ َ لَق ْد َسم َع َّ ُ ْ َ
اْل َح ِر ِ
يق
النار ُقل َق ْد جآء ُكم رسل ِمن َقبلِي ِباْلبِين ِ ول َحتَّ ٰى َيأِْتَيَنا ِبُق ْرَب ٍ
َّللا َع ِه َد ِإَليَنا أَالَّ ُن ْؤ ِم َن لِرس ٍ ِ َّ ِ
ات َّ َ َ َ ْ ُُ ٌ ّ ْ ْكُل ُه َّ ُ ْ
ان تَأ ُ َُ ْ ين َقاُلوْا إ َّن َّ َ
الذ َ
ين ِال ِذي ُقْلتُم َفلِم َقَتْلتُموهم ِإن ُكنتُم ِ ِ وب َّ
صادق َ ْ َ ْ َ ُ ُْ َ
أما قوله{ :الذين قالوا إن هللا عهد إلينا أن ال نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار} فإن قوماً من اليهود قالوا
لرسول هللا صلى هللا عليه وآله لن نؤمن لك حتى تأتينا بقربان تأكله النار وكان عند بني اسرائيل طست كانوا يقربون
القربان فيضعونه في الطست فتجيئ نار فتقع فيه فتحرقه ،فقالوا لرسول هللا صلى هللا عليه وآله لن نؤمن لك حتى
تأتينا بقربان تأكله النار كما كان لبني اسرائيل فقال هللا قل لهم يا محمد{ :قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي
قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين}.
في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله{ :فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاؤا بالبينات} هي
اآليات (والزبر) وهي كتب األنبياء بالنبوة {والكتاب المنير} الحالل والحرام.
قال علي بن إبراهيم وأما قوله{ :كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل
الجنة فقد فاز} أي :نجا من النار {وما الحياة الدنيا إال متاع الغرور} حدثني أبي عن سليمان الديلمي عن أبي بصير
عن أبي عبد هللا عليه السالم قال إذا كان يوم القيامة يدعى محمد صلى هللا عليه وآله فيكسى حلة وردية ثم يقام على
يمين العرش ثم يدعى بإبراهيم عليه السالم فيكسى حلة بيضاء فيقام عن يسار العرش ،ثم يدعى بعلي أمير المؤمنين
عليه السالم فيكسى حلة وردية فيقا م على يمين النبي صلى هللا عليه وآله ثم يدعي بإسماعيل فيكسى حلة بيضاء
فيقام على يسار إبراهيم ،ثم يدعى بالحسن عليه السالم فيكسى حلة وردية فيقام على يمين أمير المؤمنين عليه السالم
ثم يدعى بالحسين عليه السالم فيكسى حلة وردية فيقام على يمين الحسن عليه السالم ثم يدعى باألئمة فيكسون حلالً
وردية ويقام كل واحد على يمين صاحبه ،ثم يدعى بالشيعة فيقومون أمامهم ثم يدعى بفاطمة ونسائها من ذريتها
وشيعتها فيدخلون الجنة بغير حساب ،ثم ينادي مناد من بطنان العرش من قبل رب العزة واألفق األعلى نعم األب
أبوك يا محمد وهو إبراهيم ونعم األخ أخوك وهو علي بن أبي طالب عليه السالم ونعم السبطان سبطاك وهما الحسن
والحسين ونعم الجنين جنينك وهو محسن ونعم األئمة الراشدون من ذريتك وهم فالن وفالن ،ونعم الشيعة شيعتك أال
إن محمداً ووصيه وسبطيه واألئمة من ذريته هم الفائزون ثم يؤمر بهم إلى الجنة وذلك قوله{ :فمن زحزح عن النار
وأدخل الجنة فقد فاز}.
في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله{ :وإذ أخذ هللا ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس وال
تكتمونه} وذلك أن هللا أخذ ميثاق الذين أوتوا الكتاب في محمد لتبيننه للناس إذا خرج وال يكتمونه {فنبذوه وراء
ظهورهم} يقول نبذوا عهد هللا وراء ظهورهم {واشتروا به ثمناً قليالً فبئس ما يشترون}.
قال علي بن إبراهيم في قوله{ :ال تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لما يفعلوا} نزلت في المنافقين
الذين يحبون أن يحمدوا على غير فعل ،وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم قوله {وال تحسبنهم بمفازة
من العذاب} يقول ببعيد من العذاب {ولهم عذاب أليم}.
وبَنا َوَكِّف ْر َعَّنا َسِّيَئ ِاتَنا َوتََوَّفَنا َم َع األ َْب َر ِار * َربََّنا َو ِآتَنا َما َو َعدتََّنا َعَل ٰى ِكم َفآمَّنا ربََّنا َف ْ ِ
اغف ْر َلَنا ُذُن َ
ان أ ِ
َن آمُنوْا ِب َرّب ُ ْ َ َ يم ِ ْ ِِ
لإل َ
ِ ِ رسلِك والَ تخ ِزنا يوم اْلِقي ِ
يع َادف اْلم َ امة ِإَّن َك الَ تُ ْخل ُ
ُ ُ َ َ ُ ْ َ َْ َ َ َ
قال علي بن إبراهيم في قوله{ :الذين يذكرون هللا قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم} [ ]191يعني الصحيح يصلي قائماً
والمريض يصلي جالساً وعلى جنوبهم يعني مضطجعاً يؤمي إيماءاً إلى قوله {ما للظالمين من أنصار} [ ]192فهو
محكم {ربنا إننا سمعنا منادياً ينادي لإليمان} [ ]193يعني رسول هللا ينادي إلى ِ
اإليمان إلى قوله {إنك ال تخلف
الميعاد}[ ].194
ُخ ِر ُجوْا ِمن ام ٍل ِمن ُكم ِمن َذ َك ٍر أَو أُنثَى بعض ُكم ِمن بع ٍ َّ ِ ُضيع عمل ع ِ ِ َفاستَجاب َلهم رب ِ
اج ُروْا َوأ ْ
ين َه َ ض َفالذ َ ْ ْ ٰ َْ ُ ّ َْ ّْ ْ ّ ُّه ْم أَّني الَ أ ُ َ َ َ َ
ْ َ َ ُْ َ ُ
َّللاِ
ٰت تَ ْجرِي ِمن تَ ْحِت َها األ َْن َهـ ُٰر ثََواباً ِّمن ِع ِند َّ
ُكِّفرَّن ع ْنهم سِيَئ ِات ِهم وأل ُْد ِخَلَّنهم جَّنـ ٍ ِ ِ ِِ ِ ِ
ُْ َ دَيـ ِٰره ْم َوأُوُذوْا في َسبيلي َوَقـَٰتُلوْا َوُقتُلوْا أل َ َ َ ُ ْ َ ّ ْ َ
َّللا ِع َنده حس ُن الثَّو ِ
اب َ َو َّ ُ ُ ُ ْ
ثم ذكر أمير المؤمنين عليه السالم وأصحابه المؤمنين فقال{ :فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم} يعني أمير
المؤمنين وسلمان وأبا ذر حين أخرج {وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا ألكفرن عنهم سيئاتهم وألدخلنهم جنات تجري من
تحتها األنهار ثواباً من عند هللا وهللا عنده حسن الثواب}.
قال لنبيه{ :ال يغرنك تقلب الذين كفروا في البالد متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد}[ ].197-196
َّللاِ ثَ َمناً َقلِيالً أ ُْولـِٰئ َك َل ُه ْم ُنزل ِإَلي ِهم ٰخ ِش ِعين ََّّللِ الَ ي ْشتَرون ِبآيـ ِ
ٰت َّ َ ُ َ َ اَّللِ َو َمآ أ ِ
ُنزَل ِإَل ْي ُك ْم َو َمآ أ ِ َ ْ ْ َ َ َه ِل اْل ِك ٰتَ ِب َل َمن ُي ْؤ ِم ُن ِب َّ ِ
َوإِ َّن م ْن أ ْ
َّللا س ِريع اْل ِحس ِ ِ ِ ِ
اب َج ُرُه ْم ع َند َرِّبه ْم إ َّن َّ َ َ ُ َ أْ
أما قوله{ :وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن باهلل وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين هلل} فهم قوم من اليهود
والنصارى دخلوا في ِ
اإلسالم ،منهم النجاشي وأصحابه.
أما قوله{ :اصبروا وصابروا ورابطوا} فإنه حدثني أبي عن أبي بصير (ابن أبي عمير ط) عن ابن مسكان عن أبي
عبد هللا عليه السالم قال اصبروا على المصائب وصابروا على الفرائض ورابطوا على األئمة عليهم السالم ،وحدثني
أبي عن الحسن (الحسين ط) بن خالد عن الرضا عليه السالم قال إذا كان يوم القيامة ينادي مناد أين الصابرون؟
قوله{ :لكن هللا يشهد بما أنزل اليك أنزله بعلمه} فإنه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن أبي بصير عن أبي عبد هللا
عليه السالم قال إنما أنزلت {لكن هللا يشهد بما أنزل إليك في علي أنزله بعلمه والمالئكة يشهدون وكفى باهلل شهيداً}
وق أر أبوعبد هللا عليه السالم إن الذين كفروا وظلموا آل محمد حقهم لم يكن هللا ليغفر لهم وال ليهديهم طريقاً إال طريق
جهنم خالدين فيها أبداً وكان ذلك على هللا يسي اًر.
{يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة} يعني آدم عليه السالم {وخلق منها زوجها} يعني حواء برأها
هللا من أسفل أضالعه {وبث منهما رجاالً كثي اًر ونساء واتقوا هللا الذي تساءلون به واألرحام} قال يساءلون يوم القيامة
عن التقوى هل اتقيتم ،وعن األرحام هل وصلتموها ،وقوله {إن هللا كان عليكم رقيباً} أي :كفيالً ،وفي رواية أبي
الجارود الرقيب الحفيظ.
قال علي بن ابراهيم في قوله{ :وآتوا اليتامى أموالهم وال تتبدلوا الخبيث بالطيب وال تأكلوا أموالهم إلى أموالكم} يعني ال
فقير فليأكل بالمعروف}
تأكلوا مال اليتيم ظلماً فتسرفوا وتتبدلوا الخبيث بالطيب والطيب ما قال هللا{ :ومن كان ا
[النساء ]6 :وال تأكلوا أموالهم إلى أموالكم يعني مال اليتيم {إنه كان حوباً كبي اًر} أي :إثماً عظيماً.
الن َس ِآء َم ْثَن ٰى َوُث َٰل َث َوُرَٰب َع َفِإ ْن ِخْفتُ ْم أَالَّ تَ ْع ِدُلوْا َف َٰو ِح َد ًة أ َْو َما
اب َل ُك ْم ِّم َن ِّ
ط َ
طوْا ِفي اْليتَامى َف ِ
انك ُحوْا َما َ َ َٰ َوإِ ْن ِخْفتُ ْم أَالَّ تُْق ِس ُ
َمَل َك ْت أ َْي َٰمُن ُك ْم ٰذلِ َك أ َْدَن ٰى أَالَّ تَ ُعوُلوْا
أما قوله{ :وإ ن خفتم أال تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثالث ورباع} قال :نزلت مع قوله
تعالى{ :ويستفتونك في النساء قل هللا يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء الالتي ال تؤتوهن ما
كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن} [النساء{ ]127 :فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثالث ورباع} فنصف اآلية
في أول السورة ونصفها على رأس المائة وعشرين آية ،وذلك أنهم كانوا ال يستحلون أن يتزوجوا يتيمة قد ربوها فسألوا
الرسول صلى هللا عليه وآله عن ذلك فأنزل هللا تعالى يستفتونك في النساء إلى قوله مثنى وثالث ورباع.
قوله {فإن خفتم أال تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى أال تعولوا} أي :ال تتزوجوا ما ال تقدرون أن تعولوا.
ص ُد َٰقِت ِه َّن ِن ْحَل ًة َفِإن ِط ْب َن َل ُك ْم َعن َشي ٍء ِّم ْن ُه َنْفساً َف ُكُلوهُ َهِنيئاً َّم ِريئ ًا
آء َ َوَءاتُوْا ِّ
الن َس َ
ْ
{وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} أي :هبة{ .فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً} يعني ما يهبه لها من
مهرها إن ردته عليه فهو هنيء مريء.
وه ْم َوُقوُلوْا َل ُه ْم َق ْوالً َّم ْع ُروفاً َّللا َل ُكم ِق ٰيماً وارُزُق ِ َِّ
يها َوا ْك ُس ُ
وه ْم ف َ
آء أ َْم َواَل ُك ُم التي َج َع َل َّ ُ ْ َ َ ْ ُ
السَف َه َ
َوالَ تُ ْؤتُوْا ُّ
في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله{ :وال تؤتوا السفهاء أموالكم} فالسفهاء النساء والولد ،إذا
علم الرجل أن امرأته سفيهة مفسدة وولده سفيه مفسد ال ينبغي له يسل واحداً منهما على ماله الذي جعله هللا له
(قياماً) يقول معاشاً قال {وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قوال معروفاً} المعروف العدة قال علي بن إبراهيم حدثني
أبي عن ابن أبي عمير عن أبي بصير عن أبي عبد هللا عليه السالم قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله شارب
الخمر ال تصدقوه إذا حدث وال تزوجوه إذا خطب وال تعودوه إذا مرض وال تحضروه إذا مات وال تأتمنوه على أمانة
فمن ائتمنه على أمانة فأهلكها فليس على هللا أن يخلف عليه وال أن يأجره عليها ،ألن هللا يقول وال تؤتوا السفهاء
أموالكم وأي سفيه أسفه من شارب الخمر
.
وهآ ِإ ْس َرافاً َوب َِدا اًر أَن َي ْكَب ُروْا َو َمن اح َفِإ ْن َآن ْستُ ْم ِّم ْن ُه ْم ُرْشداً َف ْاد َف ُعوْا ِإَل ْي ِه ْم أ َْم َواَل ُه ْم َوالَ تَأ ُ
ْكُل َ ام ٰى َحتَّ ٰى ِإ َذا َبَل ُغوْا ِّ
الن َك َ َو ْابَتُلوْا اْلَيتَ َ
اَّللِ َح ِسيباً
َش ِه ُدوْا َعَل ْي ِه ْم َوَكَف ٰى ِب َّ ْكل ِباْلمعر ِ
وف َفِإ َذا َد َف ْعتُ ْم ِإَل ْي ِه ْم أ َْم َواَل ُه ْم َفأ ْ َكان َغِنياً َفْليستَعِفف ومن َك ِ
ان َفقي اًر َفْلَيأ ُ ْ َ ْ ُ َ َ ّ َْ ْ ْ ََ
أما قوله{ :وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم وال تأكلوها إسرافاً وبدا اًر أن
يكبروا} قال :من كان في يده مال اليتامى فال يجوز له أن يعطيه حتى يبلغ النكاح ،فإذا احتلم وجب عليه الحدود
َّللاَ َوْلَيُقوُلوْا َق ْوالً َس ِديداً ش َّال ِذين َلو تَرُكوْا ِمن خْلِف ِهم ُذ ِرَّي ًة ِ
ض َعافاً َخا ُفوْا َعَل ْي ِه ْم َفْلَيتَُّقوْا َّ ْ َ ْ ّ َ ْ َ َوْلَي ْخ َ
أما قوله{ :وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا عليهم فليتقوا هللا وليقولوا قوالً سديداً} فإن هللا عز وجل
يقول ال تظلموا اليتامى فيصيب أوالدكم مثل ما فعلتم باليتامى وإن هللا تبارك وتعالى يقول إذا ظلم الرجل اليتيم وكان
مستحالً لم يحفظ ولده ووكلهم إلى أبيهم ،وإن كان صالحاً حفظ ولده في صالح أبيهم ،والدليل على ذلك قوله تبارك
وتعالى {وأما الجدار فكان لغالمين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحاً} -إلى قوله -
{رحمة من ربك} [الكهف ]82 :ألن هللا ال يظلم اليتامى لفساد أبيهم ولكن يكل الولد إلى أبيه فإن كان صالحاً حفظ
ولده بصالحه.
ان واألَْقربو َن ِم َّما َق َّل ِم ْنه أَو َكثُر ن ِ ِ ص ِ ِ ِ ِ ك اْل َوالِ َد ِ ِ ّلِ ِلرج ِ
صيباً ُ ْ َ َ ك اْل َوال َد ِ َ َ ُ ان َواألَْق َرُبو َن َولِ ّلن َسآء َن ٌ
يب ّم َّما تَ َر َ ال َنصِي ٌب ّم َّما تَ َر َ َّ
َّمْف ُروضاً
معنى قوله{ :للرجال نصيب مما ترك الوالدان واألقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان واألقربون مما قل منه أو
كثر نصيباً مفروضاً} فهي منسوخة بقوله {يوصيكم هللا في أوالدكم}[النساء.]11 :
أما قوله{ :إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم نا اًر وسيصلون سعي اًر} اآلية فإنه حدثني أبي
عن ابن أبي عمي ر عن هشام بن سالم عن أبي عبد هللا عليه السالم قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله لما
أسري بي إلى السماء رأيت قوماً تقذف في أجوافهم النار وتخرج من أدبارهم ،فقلت من هؤالء يا جبرائيل؟ فقال هؤالء
الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً
اح َد ًة َفَل َها َ َ ََ َ ْ ُ َ ً ْ َْ َّللاُ ِفي أ َْوَٰل ِد ُك ْم لِ َّلذ َك ِر ِم ْث ُل َح ِّ
ظ األ ُْنثَيي ِن َفِإن ُك َّن ِنسآء َفو َق ا ْثَنتَي ِن َفَله َّن ُثُلثَا ما تَرك وإِن َك َان ْت و ِ يك ُم َّ ي ِ
وص ُ ُ
ان َله وَلٌد َفِإن َّلم ي ُك ْن َّله وَلٌد ووِرثَه أَبواه َفأل ُِم ِه ُّ اح ٍد ِّم ْن ُه َما ُّ
الس ُد ُس ِم َّما تَ َر َ ِ النصف وألَبوي ِه لِ ُك ِل و ِ ِ
الثُل ُث َفِإن َك َ
ان ُ َ َ َ ُ ََ ُ ّ ْ َ ك إن َك َ ُ َ ّ َ ّ ْ ُ َ ََ ْ
َّللاِ
يض ًة ِّم َن َّ ِ ِ ٍ ِ ِ ُم ِه ُِّ
َبناؤُك ْم الَ تَ ْد ُرو َن أَُّي ُه ْم أَ ْق َر ُب َل ُك ْم َنْفعاً َف ِر َ الس ُد ُس من َب ْعد َوصيَّة ُيوصي ِب َهآ أ َْو َد ْي ٍن َآب ُ
آؤُك ْم َوأ ُ ِ
َل ُه إ ْخ َوةٌ َفأل ّ
ان َعلِيماً َح ِكيم ًا ِإ َّن َّ
َّللاَ َك َ
قوله{ :يوصيكم هللا في أوالدكم للذكر مثل حظ األنثيين} قال إذا مات الرجل وترك بنين وبنات فللذكر مثل حظ
األنثيين وقوله {فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك} يعني إذا مات الرجل وترك أبوبن وابنتين فلألبوين
السدسان ولإلبنتين الثلثان ،فإن كانت البنت واحدة فلها النصف وألبويه لكل واحد منهما السدس ،وبقي سهم يقسم على
خمسة أسهم فما أصاب ثالثة أسهم فللبنت وما أصاب اثنين فلألبوين ،وقوله{ :فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فألمه
الثلث} يعني إذا ترك أبوين فلألم الثلث ولألب الثلثان {من بعد وصية يوصي بها أو دين} أي :ال تكون الوصية على
المضارة يعني بولده.
ين ِب َهآ ِ ِ ٍ ِ ِ وَل ُكم ِنصف ما تَرك أ َْزٰوج ُكم ِإن َّلم ي ُكن َّله َّن وَلٌد َفِإن َكان َله َّن وَلٌد َفَل ُكم ُّ ِ
الرُب ُع م َّما تَ َرْك َن من َب ْعد َوصيَّة ُيوص َ ُ َ ُ َ َ ْ ْ ُ َ ََ َُ ْ ْ ْ َ ْ ُ َ
وصو َن ِب َهآ ِ ِ ٍ ِ ُّ ِ َّ َّ أَو دي ٍن وَله َّن ُّ ِ
الرُب ُع م َّما تَ َرْكتُ ْم ِإن ل ْم َي ُك ْن ل ُك ْم َوَلٌد َفِإن َك َ
ان َل ُك ْم َوَلٌد َفَل ُه َّن الث ُم ُن م َّما تَ َرْكتُم ّمن َب ْعد َوصيَّة تُ ُ ْ َْ َ ُ
وقول ه{ :وإن كان رجل يورث كاللة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس} فهذه كاللة األم وهي األخوة
واألخوات من األم فإن كانوا أكثر من ذلك فهم يأخذون الثلث ،فيقتسمون فيما بينهم بالسوية الذكر واألنثى فيه سواء،
فإن كان للميت أخوة وأخوات من قبل األب واألم أو من قبل األب وحده فألمه السدس ولألب خمسة أسداس ،فإن
األخوة واألخوات من قبل األب هم في عيال األب ويلزمه مؤنتهم فهم يحجبون األم عن الثلث وال يرثون.
قوله{ :والالتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فامسكوهن في البيوت حتى
يتوفاهن الموت أو يجعل هللا لهن سبيالً} فإنه في الجاهلية كان إذا زنى الرجل المرأة كانت تحبس في بيت إلى أن
تموت ثم نسخ ذلك بقوله {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة}[النور.]2 :
َّللاُ َعلِيماً َح ِكيماً ِ ٍ ِ ٍ ِإَّنما التَّوب ُة عَلى َّ ِ َِّ ِ
َّللاُ َعَل ْي ِه ْم َوَك َ
ان َّ وب َّ وء ِب َج َهاَلة ثُ َّم َيتُ ُ
وبو َن من َق ِريب َفأ ُْوَلـٰئ َك َيتُ ُ ين َي ْع َمُلو َن ُّ
الس َ َّللا للذ َ َ َْ َ
قوله{ :إنما التوبة على هللا للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب هللا عليهم وكان هللا عليماً
حكيماً} فإنه محكم.
ين َي ُموتُو َن َو ُه ْم ُكَّف ٌار َّ ِ وَليس ِت التَّوب ُة لَِّل ِذين يعمُلون َّ ِ
ات حتَّى ِإ َذا حضر أَحدهم اْلموت َق ِ
ال ِإّني تُْب ُت َ
اآلن َوالَ الذ َ َ َ َ َ َ ُُ َ ْ ُ َ السِّيَئ َ ٰ َ َْ َ َ َْ َ َْ
َعتَ ْدَنا َل ُه ْم َع َذاباً أَلِيماً ِ
أ ُْوَلـٰئ َك أ ْ
قوله{ :ليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت اآلن} فإنه حدثني أبي عن
ابن فضال عن علي ابن عقبة عن أبي عبد هللا عليه السالم قال نزل في القرآن أن زعلون تاب حيث لم تنفعه التوبة
ولم تقبل منه.
وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله {يا أيها الذين آمنوا ال يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاَ ًً}
فإنه كان في الجاهلية في أول ما أسلموا من قبائل العرب إذا مات حميم الرجل وله امرأة ألقى الرجل ثوبه عليها فورث
نكاحها بصداق حميمه الذى كان أصدقها فكان يرث نكاحها كما يرث ماله ،فلما مات أبو قيس بن األسلب (أبو قيس
بن األسلت ط) ألقى محصن بن أبي قيس ثوبه على امرأة أبيه وهي كبيثة (كبيشة ط) بنت معمر بن معبد فورث
نكاحها ثم تركها ال يدخل به وال ينفق عليها فأتت رسول هللا صلى هللا عليه وآله فقالت يا رسول هللا مات أبو قيس بن
األسلب فورث ابنه محصن نكاحي فال يدخل علي وال ينفق علي وال يخلى سبيلى فالحق باهلي ،فقال رسول هللا صلى
هللا عليه وآله ارجعي إلى بيتك فإن يحدث هللا في شأنك شيئاً أعلمتك به ،فنزل {وال تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء
إال ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتاً وساء سبيالً} [ ]22فلحقت بأهلها ،وكانت نساء في المدينة قد ورث نكاحهن كما
ورث نكاح كبيثة غير أنه ورثهن عن األبناء فأنزل هللا {يا أيها الذين آمنوا ال يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً} وقوله:
{وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل هللا فيه خي اًر كثي اًر} يعني الرجل يكره أهله فأما أن
يمسكها فيعطفه هللا عليها وأما أن يخلي سبيلها فيتزوجها غيره فيرزقها هللا الود والولد ففي ذلك قد جعل هللا خي اًر كثي اًر
قال{ :وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطا اًر فال تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتاناً وإثماً مبيناً} []20
وذلك إذا كان الرجل هو الكاره للمرأة ،فنهى هللا ان يسيء إليها حتى تفتدي منه يقول هللا {وكيف تأخذونه وقد أفضى
بعضكم إلى بعض} [ ]21واإلفضاء المباشرة يقول هللا {وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً} والميثاق الغليظ الذي اشترطه هللا
للنساء على الرجال إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.
قال علي بن ابراهيم في قوله{ :وال تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إال ما قد سلف} فإن العرب كانوا ينكحون نساء
آبائهم فكان إذا كان للرجال أوالد كثيرة وله أهل ولم تكن أمهم ادعى كل واحد فيها فحرم هللا مناكحتهم وله أهل.
َخ َٰوتُ ُكم ِّم َن َِّٰ ات األُ ْخ ِت َوأ َّ ٰ
ُم َٰهتُ ُك ُم التي أ َْر َ
ض ْعَن ُك ْم َوأ َ َخ َوَبَن ُ َخ َٰوتُ ُك ْم َو َع َّٰمتُ ُك ْم َو َخاَلتُ ُك ْم َوَبَن ُ
ات األ ِ ُم َٰهتُ ُك ْم َوَب َٰنتُ ُك ْم َوأ َ
ُحِّرَم ْت َعَل ْي ُك ْم أ َّ
ُم ٰهت ِنس ِآئ ُكم ورب ِائب ُكم َّٰالِتي ِفي حج ِ ِ ِ ِ ٰ ِ الر ٰ ِ
ونوْا َد َخْلتُ ْم ِب ِه َّن َفالَ ُجَن َ
اح ورُك ْم ّمن ّن َسآئ ُك ُم َّالتي َد َخْلتُ ْم ِب ِه َّن َفِإن َّل ْم تَ ُك ُ ُُ ض َعة َوأ َّ َ ُ َ ْ َ َ َ ُ ُ َّ َ
َّ عَليكم وح َٰلِئل أَبن ِائكم َّال ِذين ِمن أ ٰ
ان َغُفو اًر َّرِحيماً ف ِإ َّن َّ
َّللاَ َك َ َصَلِب ُك ْم َوأَن تَ ْج َم ُعوْا َب ْي َن األُ ْخ َت ْي ِن ِإال َما َق ْد َسَل َ َ ْ ْ َ ْ ُ ْ َ َ ُ َْ ُ ُ
قال{ :حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخاالتكم وبنات األخ وبنات األخت وأمهاتكم الالتي أرضعنكم
وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم} اآلية فإن هذه المحرمات هي محرمة وما فوقها إلي أقصاها وكذلك البنت
واألخت ،وأما التي هي محرمة بنفسها وبنتها حالل فالعمة والخالة هي محرمة بنفسها وبنتها حالل وأمهات النساء
أمها محرمة وبنتها حالل إذا ماتت ابنتها األولى التي هي امرأته أو طلقها وأما قوله {وربائبكم الالتي في حجوركم من
نسائكم} فالخوارج زعمت أن الرجل إذا كانت ألهله بنت ولم يربها ولم تكن في حجره حلت له لقول هللا{ :والالتي في
حجوركم} قال الصادق عليه السالم ال تحل له{ :وحالئل أبنائكم الذين من أصالبكم} يعني امرأة الولد.
ِِ ِ ُح َّل َل ُكم َّما ور ٰ ِ َّللاِ عَلي ُكم وأ ِ ِٰ واْلمحص ٰنت ِمن ِّ ِ ِ َّ
ين َغ ْي َراء َذل ُك ْم أَن تَْبتَ ُغوْا ِبأَ ْم َٰول ُك ْم ُّم ْحصن َ ْ ََ َ الن َسآء إال َما َمَل ْك َت أ َْي َٰمُن ُك ْم ك َت َب َّ َ ْ ْ َ َ ُْ ََُ َ
ان يض ِة ِإ َّن َّ
َّللاَ َك َ
ِ ِ ِ
ض ْيتُ ْم ِبه من َب ْعد اْلَف ِر َ يما تَ َٰر َ
ِ
ورُه َّن َف ِر َ
يض ًة َوالَ ُجَنا َح َعَل ْي ُك ْم ف َ وه َّن أ ُ
ُج َ
ِ ِ
استَ ْم َت ْعتُ ْم ِبه م ْن ُه َّن َفآتُ ُ
ِِ
ُم َٰسفح َ
ين َف َما ْ
َعلِيماً َح ِكيماً
قوله{ :ومن لم يستطع منكم طوالً أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات} قال:
ومن لم يستطع أن ينكح الحرة فاإلماء بإذن أصحابهن {وهللا أعلم بأيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن باذن أهلهن
وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات} قال :غير خديعة وال فسق وال فجور وقوله {وال متخذات أخدان}
أي :ال يتخذها صديقة وقوله {فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة مبينة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب}
يعني به العبيد واإلماء إذا زنيا ضربا نصف الحد ،فمن عاد فمثل ذلك حتى يفعلوا ذلك ثماني مرات ففي الثامنة
يقتلون ،قال الصادق عليه السالم وإنما صار يقتل في الثامنة ألن هللا رحمه أن يجمع عليه ربق الرق وحد الحر.
ان ِب ُك ْم
َّللاَ َك َ ْكُلوْا أ َْم ٰوَل ُكم َب ْيَن ُكم ِباْل َٰب ِط ِل ِإالَّ أَن تَ ُكو َن ِت َٰج َرًة َعن تَ َر ٍ
اض ِّم ْن ُك ْم َوالَ تَْقُتُلوْا أ َْنُف َس ُك ْم ِإ َّن َّ آمُنوْا الَ تَأ ُ ٰيأَي َّ ِ
ْ َ ْ ين َ
ُّها الذ َ
َ َ
َرِحيم ًا
قوله{ :يا أيها الذين آمنوا ال تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} يعني الربا {إال أن تكون تجارة عن تراض منكم} يعني
الشرى والبيع الحالل {وال تقتلوا أنفسكم} قال كان الرجل إذا خرج مع رسول هللا صلى هللا عليه وآله في الغزو يحمل
على العدو وحده من غير أن يأمره رسول هللا صلى هللا عليه وآله فنهى هللا أن يقتل نفسه من غير أمر رسول هللا
صلى هللا عليه وآله.
ِإن تَ ْجتَِنُبوْا َكَب ِآئ َر َما تُْن َه ْو َن َع ْن ُه ُن َكِّف ْر َع ْن ُك ْم َسِّيَئـِٰت ُك ْم َوُن ْد ِخْل ُك ْم ُّم ْد َخالً َك ِريم ًا
قوله{ :إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه} قال هي سبعة :الكفر وقتل النفس ،وعقوق الوالدين ،وأكل مال اليتيم وأكل
الربا ،والفرار من الزحف ،والتعرب بعد الهجرة ،وكلما وعد هللا في القرآن عليه النار فهو من الكبائر ،ثم قال {نكفر
عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخالً كريماً}.
قوله{ :وال تتمنوا ما فضل هللا به بعضكم على بعض} قال ال يجوز للرجل أن يتمنى امرأة رجل مسلم أو ماله ولكن
يسأل هللا من فضله {إن هللا كان بكل شيء عليماً}.
ان َعَل ٰى ُك ِّل َش ْي ٍء َش ِهيداً ان واألَْقربو َن و َّال ِذين عَقد ْت أَي ٰمن ُكم َفآتُوهم ن ِ ِ ِ ِ
ص َيب ُه ْم ِإ َّن َّ
َّللاَ َك َ ُْ َ ك اْل َٰول َد ِ َ َ ُ َ َ َ َ ْ َ ُ ْ َولِ ُك ٍّل َج َعْلَنا َم َٰول َي م َّما تَ َر َ
قوله{ :ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان واألقربون والذين عقدت أيمانكم} وكان المواريث في الجاهلية على األخوة
ال على الرحم وكانوا يورثون الحليف والموالي الذين اعتقوهم ثم نزل بعد ذلك {وأولوا األرحام بعضهم أولى ببعض في
كتاب هللا} [األنفال ]75 :نسخت هذه.
قوله{ :الرجال قوامون على النساء بما فضل هللا بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم} يعني فرض هللا على
الرجال أن ينفقوا على النساء ثم مدح هللا النساء فقال{ :فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ هللا} يعني تخفظ
نفسها إذا غاب زوجها عنها ،وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله {قانتات} يقول مطيعات
وقوله {والالتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ،فإن أطعنكم فال تبغوا عليهن سبيالً}
وذلك إن نشزت المرأة عن فراش زوجها قال زوجها اتقي هللا وارجعي إلى فراشك ،فهذه الموعظة ،فإن أطاعته فسبيل
ذلك وإال سبها وهو الهجر فإن رجعت إلى فراشها فذلك وإال ضربها ضرباً غير مبرح فإن أطاعته وضاجعته يقول هللا
{فإن أطعنكم فال تبغوا عليهن سبيالً} يقول ال تكلفوهن الحب فإنما جعل الموعظة والسب والضرب لهن في المضجع
{إن هللا كان علياً كبي اًر}.
ان َعلِيماً
َّللاَ َك َ ص َٰلحاً ُي َوِّف ِق َّ
َّللاُ َب ْيَن ُه َمآ ِإ َّن َّ ِ َهِل ِه و َح َكماً ِم ْن أ ْ ِ ِ
َهل َهآ إن ُي ِر َيدآ إ ْ ّ
ِ وإِ ْن ِخْفتُم ِشَق َ ِ ِ
اق َب ْينه َما َف ْاب َعثُوْا َح َكماً ّم ْن أ ْ َ ْ َ
ِ
َخبي اًر
قوله{ :وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها} فبما حكم به الحكمان فهو جائز يقول هللا {إن
يريدا إصالحاً يوفق هللا بينهما} يعني الحكمين فإذا كانا عدلين دخل حكم المرأة فيقول أخبريني ما في نفسك ،فإني ال
أحب أن أقطع شيئاً دونك ،فإن كانت هي الناشزة قالت أعطوه من مالي ما شاء وفرق بيني وبينه ،وإن لم تكن ناشزة
قالت أنشدك هللا أن ال تفرق بيني وبينه ،ولكن استزد لي في النفقة فإنه مسيء ويخلو حكم الرجل يجيء إلى الرجل
فيقول حدثني بما في نفسك فإني ال أحب أن أقطع شيئاً دونك ،فإن كان هو الناشز قال خذ لي منها ما استطعت
وفرق بيني وبينها فال حاجة لي فيها ،وإن لم يكن ناش اًز قال أنشدك هللا أن ال تفرق بيني وبينها فإنها أحب الناس ،إلي
فأرضها من مالي بما شئت ،ثم يلتقي الحكمان وقد علم كل واحد منهما ما أفضى به إليه صاحبه فأخذ كل واحد
قال وأتى علي بن أبي طالب عليه السالم رجل وامرأته على هذه الحال فبعث حكماً من أهله وحكماً من أهلها وقال
للحكمين هل تدريان ما تحكمان؟ إن شئتما فرقتما وإن شئتما جمعتما ،فقال الزوج ال أرضى بحكم فرقة وال أطلقها،
فأوجب عليه نفقت ها ومنعه أن يدخل عليها ،وإن مات على ذلك الحال الزوج ورثته ،وإن ماتت لم يرثها إذا رضيت منه
بحكم الحكمين وكره الزوج ،فإن رضي الزوج وكرهت المرأة أنزلت بهذه المنزلة ،إن كرهت لم يكن لها عليه نفقة وإن
مات لم ترثه وإن ماتت ورثها حتى ترجع إلى حكم الحكمين.
َّللاَ َوالَ تُ ْش ِرُكوْا ِب ِه َش ْيئاً َوبِاْل َٰولِ َد ْي ِن ِإ ْح َساناً َوب ِِذي اْلُق ْرَب ٰى َواْلَي ٰتَ َم ٰى َواْل َم َٰس ِك ِ
ين َواْل َج ِار ِذي اْلُق ْرَب ٰى َواْل َج ِار اْل ُجُن ِب اعُب ُدوْا َّ
َو ْ
َّ ِ ِ السِب ِ
يل َو َما َمَل َك ْت أ َْي َٰمُن ُك ْم ِإ َّن َّ الج ْن ِب َو ْاب ِن َّ و َّ ِ ِ
ْم ُرو َن
ين َي ْب َخُلو َن َوَيأ ُ
ان ُم ْختَاالً َف ُخو اًر * الذ َ َّللاَ الَ ُيح ُّب َمن َك َ الصاحب ِب َ َ
ِ ِ َّللا ِمن َف ِ ِ
ين َع َذاباً ُّم ِهيناً
َعتَ ْدَنا لْل َكاف ِر َ
ضله َوأ ْْ اس ِباْلُب ْخ ِل َوَي ْكتُ ُمو َن َمآ آتَ ُ
اه ُم َّ ُ َّ
الن َ
قال علي بن إبراهيم في قوله{ :واعبدوا هللا وال تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين
والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب} [ ]36يعني صاحبك في السفر {وابن السبيل} يعني أبناء الطريق
الذين يستعينون بك في طريقهم {وما ملكت أيمانكم} يعني األهل والخادم {إن هللا ال يحب من كان مختاالً فخو اًر،
الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم هللا من فضله واعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً} [ ]37-36فسمى
هللا البخيل كاف اًر.
ذكر المنافقين فقال{ :والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس وال يؤمنون باهلل وال باليوم اآلخر ومن يكن الشيطان له قريناً
فساء قريناً} [ ]38ثم قال{ :وماذا عليهم لو آمنوا باهلل واليوم اآلخر وأنفقوا مما رزقهم هللا وكان هللا بهم عليماً} []39
قال أنفقوا في طاعة هللا.
َج اًر َع ِظيماً ِ ِ َّ ظلِم ِم ْثَقال َذَّرٍة وإِن تَك حسن ًة ي ٰ ِ
ضعْف َها َوُي ْؤت من ل ُد ْن ُه أ ُْ َ ََ ُ َ َ َ ِإ َّن َّ
َّللاَ الَ َي ْ ُ
قوله{ :إن هللا ال يظلم مثقال ذرة} معطوفة على قوله {واعبدوا هللا وال تشركوا به شيئاً}[النساء.]36 :
قوله{ :فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد} يعني األئمة صلوات هللا عليهم أجمعين {وجئنا بك} يا محمد {على هؤالء
شهيداً} يعني على األئمة ،فرسول هللا صلى هللا عليه وآله شهيد على األئمة وهم شهداء على الناس.
قوله{ :يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم األرض وال يكتمون هللا حديثاً} قال يتمنى الذين غصبوا
أمير المؤمنين عليه السالم أن تكون األرض ابتلعتهم في اليوم الذي اجتمعوا فيه على غصبه وأن لم يكتموا ما قاله
رسول هللا صلى هللا عليه وآله فيه.
وة وأ َْنتُم س َٰكر ٰى حتَّ ٰى تَعَلموْا ما تَُقوُلو َن والَ جُنباً ِإالَّ َعاِبرِي سِب ٍ
يل َحتَّ ٰى تَ ْغتَ ِسُلوْا َوِإ ْن يا أَيُّها َّال ِذين آمنوْا الَ تقربوْا َّ ٰ
َ َ ُ ْ ُ َ الصَل َ َ ْ ُ َ َ َْ َ ُ َ َُ َ َ
ام َس ُحوْا ِ ِ ِ ِ ٰ ِ ِ ِ ِ ٍ
طّيباً َف ْصعيداً َ آء َفتََي َّم ُموْا َ
آء َفَل ْم تَج ُدوْا َم ً
الن َس َ
َحٌد ّم ْن ُك ْم ّمن اْل َغآئ أ َْو َل َم ْستُ ُم ّ
آء أ َ
ض ٰى أ َْو َعَل ٰى َسَفر أ َْو َج َ
ُك ْنتُ ْم َّم ْر َ
ان َعُفّواً َغُفو اًر
َّللاَ َك َ ِب ُو ُجوِه ُك ْم َوأ َْي ِد ُ
يك ْم ِإ َّن َّ
قوله{ :ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يشترون الضاللة} يعني ضلوا في أمير المؤمنين {ويريدون أن تضلوا
السبيل} يعني أخرجوا الناس من والية أمير المؤمنين ،وهو الصراط المستقيم.
قوله{ :وهللا أعلم بأعدائكم وكفى باهلل ولياً ،وكفى باهلل نصي اًر ،من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون
سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع} قال نزلت في اليهود.
قوله{ :إن هللا ال يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} فإنه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن هشام
عن أبي عبد هللا عليه السالم قال :قلت له دخلت الكبائر في االستثناء؟ قال :نعم.
قوله{ :ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل هللا يزكي من يشاء} قال هم الذين سموا أنفسهم بالصديق والفاروق وذي
النورين (ط) ،وقوله{ :وال يظلمون فتيالً} قال :القشرة التي على النواة.
كنى عنهم فقال{ :انظر كيف يفترون على هللا الكذب} وهم الذين غاصبوا آل محمد حقهم.
قوله{ :ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤالء أهدى من
الذين آمنوا سبيالً} قال نزلت في اليهود حين سألهم مشركوا العرب ،فقالوا ديننا أفضل أم دين محمد؟ قالوا بل دينكم
أفضل.
اس َنِقي اًر يب ِّم َن اْل ُمْل ِك َفِإذاً الَّ ُي ْؤتُو َن َّ ِ ِ ِ َّ ِ
الن َ َّللاُ َفَلن تَ ِج َد َل ُه َنصي اًر * أ َْم َل ُه ْم َنص ٌ
َّللاُ َو َمن َيْل َع ِن َّ
ين َل َعَن ُه ُم َّ
أ ُْوَلـٰئ َك الذ َ
وقد روي فيه أيضاً أنها نزلت في الذين غصبوا آل محمد حقهم وحسدوا منزلتهم ،فقال هللا تعالى{ :أولئك الذين لعنهم
هللا ومن يلعن هللا فلن تجد له نصي اًر ،أم لهم نصيب من الملك فإذا ال يؤتون الناس نقي اًر} [ ]53-52يعني النقطة في
ظهر النواة.
اه ْم ُّمْلكاً َع ِظيم ًا ِ َّللا ِمن َفضلِ ِه َفَق ْد آتَينآ آل ِإب ٰرِه ِ ٰ ٰ أ َْم َي ْح ُس ُدو َن َّ
يم اْلكتَ َب َواْلح ْك َم َة َو َآت ْيَن ُ
َْ َ ْ َ َ ْ اس َعَل ٰى َمآ آتَ ُه ُم َّ ُ
الن َ
قال{ :أم يحسدون الناس} يعني بالناس ها هنا أمير المؤمنين واألئمة عليهم السالم {على ما آتاهم هللا من فضله فقد
آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكاً عظيماً} وهي الخالفة بعد النبوة ،وهم األئمة عليهم السالم ،حدثنا علي
بن الحسين عن أحمد بن أبي عبد هللا عن أبيه عن يونس عن أبي جعفر األحول عن حنان عن أبي عبد هللا عليه
السالم قال :قلت قوله{ :فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب} قال :النبوة ،قلت :والحكمة؟ قال :الفهم والقضاء قلت :وآتيناهم
ملكاً عظيماً؟ قال :الطاعة المفروضة.
قال علي بن إبراهيم في قوله{ :فمنهم من آمن به} [ ]55يعني أمير المؤمنين عليه السالم وهم سلمان وأبو ذر
والمقداد وعمار رضي هللا عنهم {ومنهم من صد عنه} وهم غاصبوا آل محمد صلى هللا عليه وآله حقهم ،ومن تبعهم
قال فيهم نزلت {وكفى بجهنم سعي اًر} ثم ذكر عز وجل ما قد أعده لهؤالء الذين قد تقدم ذكرهم وغصبهم فقال{ :إن
الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نا اًر} [ ]56قال اآليات أمير المؤمنين واألئمة عليهم السالم ،وقوله{ :كلما نضجت
جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب إن هللا كان عزي اًز حكيماً} فقيل ألبي عبدهللا عليه السالم كيف تبدل جلود
غيرها؟ قال :أرأيت لو أخذت لبنة فكسرتها وصيرتها تراباً ثم ضربتها في القالب أهي التي كانت ،إنما هي ذلك،
تفسير آخر واألصل واحد.
اً وحدث
َّ ِ ات تَجرِي ِمن تَحِتها األ َْنهار َخالِ ِد ِ و َّال ِذين آمنوْا وع ِمُلوْا َّ ِ ِ
ات سن ْد ِخُلهم جَّن ٍ
ط َّه َرةٌ
اج ُّم َ يهآ أََبداً ل ُه ْم ف َ
يهآ أ َْزَو ٌ ين ف َ
َ َُ ْ َ ْ الصال َح َ ُ ُ ْ َ َ َ َُ َ َ
َوُن ْد ِخُل ُه ْم ِظـالًّ َ
ظلِيالً
ذكر المؤمنين المقرين بوالية آل محمد عليهم السالم بقوله{ :والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري
من تحتها األنهار خالدين فيها أبداً لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظالً ظليالً} ثم خاطب األئمة عليهم السالم ،فقال:
{إن هللا يأمركم أن تؤدوا األمانات إلى أهلها} [النساء ]58 :قال فرض هللا على اإلمام ان يؤدي األمانة إلى الذي أمره
هللا من بعده.
ظ ُك ْم ِب ِه ِإ َّن َّ
َّللاَ َّللاَ ِن ِع َّما َي ِع ُ
اس أَن تَ ْح ُك ُموْا ِباْل َع ْد ِل ِإ َّن َّ َهلِ َها َوإِ َذا َح َك ْمتُ ْم َب ْي َن َّ
الن ِ ِ
ؤدوْا األ ََم َانات ِإَلى أ ْ
ْم ُرُك ْم أَن تُ ُّ ِإ َّن َّ
َّللاَ َيأ ُ
َكان س ِميعاً ب ِ
صي اًر َ َ َ
فرض على اإلمام أن يحكم بين الناس بالعدل فقال{ :وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل}.
الرس ِ
ول ِإن ُك ْنتُ ْم الرسول وأُولِي األَم ِر ِمن ُكم َفِإن تنازعتم ِفي شي ٍء َفرُّدوه ِإَلى َّ ِ َطيعوْا َّ ِ ِ يا أَي َّ ِ
َّللا َو َّ ُ َ ْ ُ ُ ََ َ ْ ُ ْ ْ ْ ْ يعوْا َّ ُ َ َ ْ َّللاَ َوأَط ُ آمُنوْا أ ُين َ ُّها الذ ََ َ
َح َس ُن تَأ ِْويالً ِ ٰ ِ ِ ِ
تُ ْؤ ِمُنو َن ب َّ
اَّلل َواْلَي ْو ِم اآلخ ِر ذل َك َخ ْيٌر َوأ ْ
فرض على الناس طاعتهم فقال{ :يا أيها الذين آمنوا أطيعوا هللا وأطيعوا الرسول وأولي األمر منكم} يعني أمير
المؤمنين عليه السالم حدثني أبي عن حماد عن حريز عن أبي عبد هللا عليه السالم قال نزلت{ :فإن تنازعتم في
شيء} فارجعوه إلى هللا والرسول وأولي األمر منكم.
قوله{ :ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد
أمروا أن يكفروا به} فإنها نزلت في الزبير بن العوام فإنه نازع رجالً من اليهود في حديقة فقال الزبير ترضى بابن
شيبة اليهودي فقال اليهودي ترضى بمحمد؟ فأنزل هللا{ :ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا }..الخ.
قوله{ :وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل هللا وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدوداً} وهم أعداء آل محمد
كلهم جرت فيهم هذه اآلية.
قال هللا{ :أولئك الذين يعلم هللا ما في قلوبهم} يعني من العداوة لعلي في الدنيا {فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في
أنفسهم قوالً بليغاً} أي :أبلغهم في الحجة عليهم وآخر أمرهم إلى يوم القيامة.
قوله{ :وما أرسلنا من رسول إال ليطاع بإذن هللا} أي :بأمر هللا وقوله{ :ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك فاستغفروا
هللا} فإنه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن ابن أُذينة عن ز اررة عن أبي جعفر عليه السالم قال "ولو أنهم إذ ظلموا
أنفسهم جاؤوك يا علي فاستغفروا هللا واستغفر لهم الرسول لوجدوا هللا تواباً رحيم ًا" هكذا نزلت.
ض ْي َت َوُي َسِّل ُموْا تَ ْسلِيماً * َوَل ْو ِ ِ ِ َفالَ وربِك الَ يؤ ِمُنو َن حتَّى يح ِّكم ِ
يما َش َج َر َب ْيَن ُه ْم ثُ َّم الَ َي ِج ُدوْا في أ َْنُفس ِه ْم َح َرجاً ّم َّما َق َ
وك ف َ
َ ٰ َُ ُ َ َ َّ َ ُْ
ِ اخرجوْا ِمن ِدي ِارُكم َّما َفعُلوه ِإالَّ َقلِ ِ
ظو َن ِبه َل َك َ
ان َخ ْي اًر وع ُ يل ّم ْن ُه ْم َوَل ْو أََّن ُه ْم َف َعُلوْا َما ُي َ
ٌ َ ُ َ ْ أََّنا َكتَْبَنا َعَل ْي ِه ْم أ ِ
َن ا ْقُتُلوْا أ َْنُف َس ُك ْم أ َِو ْ ُ ُ
َشَّد تَ ْثِبيتاً * وإِذاً ألَتَي ٰنهم ِمن َّلدَّنـآ أَج اًر ع ِظيماً * وَلهديناهم ِ
ص َراطاً ُّم ْستَِقيماً َّل ُه ْم َوأ َ
َ َ َ َْ ُ ْ َْ ُ ّ ُ ْ َ َ
قال{ :فال وربك ال يؤمنون حتى يحكموك} [ ]65يا علي {فيما شجر بينهم} يعني فيما تعاهدوا وتعاقدوا عليه من
خالفك بينهم وغصبك ثم {ال يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت} عليهم يا محمد على لسانك من واليته {ويسلموا
تسليماً} لعلي عليه السالم ثم قال{ :ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم} [ ]66إلى قوله{ :ولهديناهم صراطاً مستقيماً}
[ ]68فإنه محكم.
أما قوله{ :ومن يطع هللا والرسول فأولئك مع الذين أنعم هللا عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن
أولئك رفيقاً} قال النبيين رسول هللا صلى هللا عليه وآله ،والصديقين علي عليه السالم والشهداء الحسن والحسين
عليهما السالم ،والصالحين األئمة ،وحسن أولئك رفيقاً ،القائم من آل محمد عليهم السالم.
ِ ات أ َِو ْانِف ُروْا َج ِميعاً* وإِ َّن ِم ْن ُكم َلمن َّلُيَب ِّ ِ
انفروْا ثُب ٍ
ِ ِ ٰيأَي َّ ِ
ال َق ْد أ َْن َع َم طَئ َّن َفإ ْن أ َٰ
َصَب ْت ُك ْم ُّمص َيب ٌة َق َ ْ َ َ ءامُنوْا ُخ ُذوْا ح ْذ َرُك ْم َف ُ َ ين َ ُّها الذ َ َ َ
َك ْن َّم َع ُه ْم َش ِهيداً
َّللاُ َعَل َّي ِإ ْذ َل ْم أ ُ
َّ
قوله{ :يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعاً وإن منكم لمن ليبطئن فإن أصابتكم مصيبة قال
قد أنعم هللا علي إذ لم أكن معهم شهيداً} [ ]72-71قال الصادق عليه السالم :وهللا لو قال هذه الكلمة أهل الشرق
والغرب لكانوا بها خارجين من اإليمان ولكن هللا قد سماهم مؤمنين بإقرارهم.
قوله{ :فليقاتل في سبيل هللا الذين يشرون الحياة الدنيا باآلخرة} أي :يشترون.
قوله{ :وما لكم ال تقاتلون في سبيل هللا والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان} [ ]75بمكة معذبين فقاتلوا حتى
يتخلصوا وهم يقولون{ :ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك ولياً واجعل لنا من لدنك نصي اًر
الذين آمنوا} [ ]76-75يعني المؤمنين من أصحاب النبي {يقاتلون في سبيل هللا والذين كفروا يقاتلون في سبيل
الطاغوت} وهم مشركوا قريش يقاتلون على األصنام.
يق ِّم ْن ُه ْم َي ْخ َش ْو َن َّ ِ ِ ِ الص َٰلوة وآتُوْا َّ ٰ ِ ُّ ِ أََلم تَر ِإَلى َّال ِذ ِ
اس
الن َ ال ِإ َذا َف ِر ٌ
وة َفَل َّما ُكت َب َعَل ْيه ُم اْلقتَ ُ
الزَك َ يموْا َّ َ َيل َل ُه ْم ُكفوْا أ َْيدَي ُك ْم َوأَق ُ
ين ق ََ ْ َ
الد ْنيا َقلِيل و ِ ٍ ٍ َشَّد َخ ْشَي ًة وَقاُلوْا َربََّنا لِم َكتَْب َت َعَل ْيَنا اْلِقتَال َلوال أ َّ ِ ِ ِ
اآلخ َرةُ َخ ْيٌر َخ ْرتََنا إَل ٰى أَ َجل َق ِريب ُق ْل َمتَاعُ ُّ َ ٌ َ َ ْ َ َ َّللا أ َْو أ َ
َك َخ ْشَية َّ
ظَل ُمو َن َفِتيالً
ّلِ َم ِن اتََّق ٰى َوالَ تُ ْ
قوله{ :ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصالة وآتوا الزكاة} فإنها نزلت بمكة قبل الهجرة فلما هاجر
رسول هللا صلى هللا عليه وآله إلى المدينة وكتب عليهم القتال نسخ هذا ،فجزع أصحابه من هذا فأنزل هللا {ألم تر إلى
الذين قيل لهم كفوا أيديكم} ألنهم سألوا رسول هللا صلى هللا عليه وآله بمكة أن يأذن لهم في محاربتهم فأنزل هللا {كفوا
أيديكم وأقيموا الصالة وآتوا الزكاة} فلما كتب عليهم القتال بالمدينة {قالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لوال أخرتنا إلى أجل
قريب} فقال هللا قل لهم يا محمد {متاع الدنيا قليل واآلخرة خير لمن اتقى وال تظلمون فتيالً} الفتيل القشر الذي في
َّللاِ وإِن تُ ِ
ص ْب ُه ْم َسِّيَئ ٌة ِِ ِ ِ ِ ِ ٍ ِ ُّ
ونوْا ُي ْد ِركك ُم اْل َم ْو ُت َوَل ْو ُكنتُ ْم في ُب ُرو ٍج ُّم َشي ََّدة َوإِن تُص ْب ُه ْم َح َسَن ٌة َيُقوُلوْا َهـٰذه م ْن عند َّ َ
أ َْيَن َما تَ ُك ُ
َّللاِ
َص َاب َك ِم ْن َح َسَن ٍة َف ِم َن َّ ِ ِ ك ُقل ُك ٌّل ِم ْن ِع ِند َّ ِ ِ ِِ ِ ِ ِ
َّللا َف َمال َهـ ُٰؤالء اْلَق ْو ِم الَ َي َك ُادو َن َيْفَق ُهو َن َحديثاً * َّمآ أ َ ّ َيُقوُلوْا َهـٰذه م ْن عند َ ْ
اَّللِ َش ِهيداً
اس َرُسوالً َوَكَف ٰى ِب َّ اك لِ َّلن ِ ِ ٍ ِ ِ
َص َاب َك من َسِّيَئة َفمن َّنْفس َك َوأ َْرَسْلَن َ َو َمآ أ َ
قوله{ :وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند هللا وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند هللا} []78
يعني الحسنات والسيئات ثم قال في آخر اآلية {ما أصابك من حسنة فمن هللا وما أصابك من سيئة فمن نفسك} []79
وقد اشتبه هذا على عدة من العلماء ،فقالوا يقول هللا وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند هللا وإن تصبهم سيئة يقولوا
هذه من عندك قل كل من عند هللا الحسنة والسيئة ،ثم قال في آخر اآلية {وما أصابك من حسنة فمن هللا وما أصابك
من سيئة فمن نفسك} ،فكيف هذا وما معنى القولين؟ فالجواب في ذلك أن معنى القولين جميعاً عن الصادقين عليهم
السالم أنهم قالوا الحسنات في كتاب هللا على وجهين والسيئات على وجهين (فمن الحسنات) التي ذكرها هللا ،الصحة
والسالمة واألمن والسعة والرزق وقد سماها هللا حسنات {وإن تصبهم سيئة} يعني بالسيئة ها هنا المرض والخوف
والجوع والشدة {يطيروا بموسى ومن معه} أي يتشاءموا به (والوجه الثاني من الحسنات) يعني به أفعال العباد وهو
قوله{ :من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} ومثله كثير وكذلك السيئات على وجهين فمن السيئات الخوف والجوع
والشدة وهو ما ذكرناه في قوله{ :وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه} [األعراف ]131 :وعقوبات الذنوب فقد
سماها هللا السيئات (والوجه الثاني من السيئات) يعني بها؟ أفعال العباد التي يعاقبون عليها فهو قوله{ :ومن جاء
بالسيئة فكبت وجوهم في النار} وقوله{ :ما أصابك من حسنة فمن هللا وما أصابك من سيئة فمن نفسك} يعني ما
عملت من ذنوب فعوقبت عليها في الدنيا واآلخرة فمن نفسك بافعالك الن السارق يقطع وال ازني يجلد ويرجم والقاتل
يقتل فقد سمى هللا تعالى العلل والخوف والشدة وعقوبات الذنوب كلها سيئات فقال ما أصابك من سيئة فمن نفسك
بأعمالك وقوله {قل كل من عند هللا} يعني الصحة والعافية والسعة والسيئات التي هي عقوبات الذنوب من عند هللا.
ض َع ْن ُه ْم َوتََوَّك ْل َّ ِ طاع ٌة َفِإ َذا برُزوْا ِمن ِع ِندك بيَّت َ ِ ِ
َّللاُ َي ْكتُ ُب َما ُيَبِّيتُو َن َفأ ْ
َع ِر ْ ول َو َّ
طآئَف ٌة ّم ْن ُه ْم َغ ْي َر الذي تَُق ُ َ َ َ ْ ََ َوَيُقوُلو َن َ َ
اَّللِ َو ِكيالً
َّللاِ َوَكَف ٰى ِب َّ
َعَلى َّ
قوله عز وجل يحكي قول المنافقين فقال{ :ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول
وهللا يكتب ما يبيتون} أي :يبدلون {فأعرض عنهم وتوكل على هللا وكفى باهلل وكيالً}.
ين َي ْستَْنِب ُ ِ َّ ِ ِ الرس ِ ِ ف أَ َذ ِ ِ جآءهم أَمر ِمن األَم ِن أ َِو اْلخو ِ
ون ُه
طَ ول َوإَِل ٰى أ ُْولِي األ َْم ِر م ْن ُه ْم َل َعل َم ُه الذ َ اعوْا به َوَل ْو َرُّدوهُ إَلى َّ ُُ َْ َ َ ُْ ٌْ ّ َ ْ َوإِ َذا
ان ِإالَّ َقلِيالً
طَ َّللاِ َعَل ْي ُكم وَر ْحمتُ ُه الَتََّب ْعتُم َّ
الش ْي َ ض ُل َّ
َوَل ْوالَ َف ْ ِم ْن ُه ْم
ُ ْ َ َ
قوله{ :وإذا جاء هم أمر من األمن والخوف أذاعوا به} أي :أخبروا به {لو ردوه إلى الرسول وإلى أولي األمر منهم}
يعني أمير المؤمنين عليه السالم {لعلمه الذين يستنبطونه منهم} أي :الذين يعلمون منهم وقوله{ :ولوال فضل هللا عليكم
ورحمته} قال الفضل رسول هللا صلى هللا عليه وآله والرحمة أمير المؤمنين عليه السالم {التبعتم الشيطان إال قليالً}.
َّللاُ َعَل ٰى ُك ِّل َشي ٍء ُّمِقيت ًا َّ ِ ِ ٰ ص ِ َّ ِ ٰ
ْ يب ّم ْن َها َو َمن َي ْشَف ْع َشَف َع ًة َسِّيَئ ًة َي ُك ْن ل ُه كْف ٌل ّم ْن َها َوَك َ
ان َّ َّمن َي ْشَف ْع َشَف َع ًة َح َسَن ًة َي ُك ْن ل ُه َن ٌ
قوله{ :من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها} قال يكون كفيل ذلك
الظلم الذي يظلم صاحب الشفاعة وقوله{ :وكان هللا على كل شيء مقيتاً} أي :مقتد اًر.
قوله{ :وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن هللا كان على كل شيء حسيباً} أو ردوها قال السالم وغيره
من البر.
قوله{ :هللا ال إله إال هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة ال ريب فيه -إلى قوله -فلن تجد له سبيالً} فإنه محكم.
قوله{ :ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فال تنخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل هللا فإن تولوا فخذوهم
واقتلوهم حيث وجدتموهم وال تتخذوا منهم ولياً وال نصي اًر} [ ]89فإنها نزلت في أشجع وبني ضمرة (وهما قبيلتان) وكان
من خبرهما أنه لما خرج رسول هللا صلى هللا عليه وآله إلى غزاة الحديبية (بدر ط) مر قريباً من بالدهم وقد كان
رسول هللا صلى هللا عليه وآله هادن بني ضمرة ووادعهم قبل ذلك فقال اصحاب رسول هللا صلى هللا عليه وآله ،يا
رسول هللا هذه بنو ضمرة قريباً منا ونخاف أن يخالفونا إلى المدينة او يعينوا علينا قريشاً فلو بدأنا بهم؟ فقال رسول هللا
صلى هللا عليه وآله كال إنهم أبر العرب بالوالدين ،وأوصلهم للرحم ،وأوفاهم بالعهد ،وكان أشجع بالدهم قريباً من بالد
بني ضمرة وهم بطن من كنانة وكانت أشجع بينهم وبين بني ضمرة حلف في المراعات واألمان ،فأجدبت بالد أشجع
وأخصبت بالد بني ضمرة فصارت أشجع إلى بالد بني ضمرة فلما بلغ رسول هللا صلى هللا عليه وآله مسيرهم إلى بني
ضمرة تهيأ للمصير إلى أشجع فيغزوهم للموادعة التي كانت بينه وبين بني ضمرة فأنزل هللا ودوا لو تكفرون كما
كفروا..الخ ثم استثنى بأشجع فقال{ :إال الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق أو جاءوكم حصرت صدورهم أن
يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم ولو شاء هللا لسلطهم عليكم فلقاتلوكم فإن اعتزلوكم ولم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل هللا
لكم عليهم سبيالً} [ ]90وكانت أشجع محالها البيضاء والجبل والمستباح ،وقد كانوا قربوا من رسول هللا صلى هللا عليه
وآله فهابوا لقربهم من رسول هللا صلى هللا عليه وآله أن يبعث إليهم من يغزوهم وكان رسول هللا صلى هللا عليه وآله
قد خافهم أن يصيبوا من أطرافه شيئاً فهم بالمسير إليهم فبينما هو على ذلك إذ جاءت أشجع ورئيسها مسعود بن
وك ْم َوَيأ َْمُنوْا َق ْو َم ُه ْم ُك َّل َما ُرُّدوْا ِإَلى اْلِف ْتِن ِة أ ُْرِك ُسوْا ِفِي َها َفِإن َّل ْم َي ْعتَ ِزُل ُ
وك ْم َوُيْلُقوْا ِإَل ْي ُك ُم ين ُي ِر ُيدو َن أَن َيأ َْمُن ُ آخ ِر ََستَ ِج ُدو َن َ
وه ْم َوأ ُْوَلـِٰئ ُك ْم َج َعْلَنا َل ُك ْم َعَل ْي ِه ْم ُسْل َ ِ ِ
طاناً ُّمِبيناً وه ْم َح ْي ُث ثَقْفتُ ُم ُ السَل َم َوَي ُكُّفوْا أ َْيدَي ُه ْم َف ُخ ُذ ُ
وه ْم َوا ْقُتُل ُ َّ
قوله{ :ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كلما ردوا إلى الفتنة أُركسوا فيها} نزلت في عيينة بن
حصين الفزاري أجدبت بالدهم ،فجاء إلى رسول هللا صلى هللا عليه وآله ووادعه على أن يقيم ببطن نخل ،وال يتعرض
له وكان منافقاً ملعوناً ،وهو الذي سماه رسول هللا صلى هللا عليه وآله األحمق المطاع في قومه ،ثم قال {فإن لم
يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأولئك جعلنا لكم عليهم سلطاناً مبيناً}.
قوله{ :وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إال خطأً} أي :ال عمداً وال خطأ وإال في موضع ال وليست باستثناء {ومن قتل
مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إال أن يصدقوا} يعني يعفوا ثم قال{ :فإن كان من قوم عدو لكم
وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة} وليست له دية يعني إذا قتل رجل من المؤمنين وهو نازل في دار الحرب فال دية
للمقتول وعلى القاتل تحرير رقبة مؤمنة لقول رسول هللا صلى هللا عليه وآله لمن نزل دار الحرب فقد برئت الذمة ثم
قال {وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة} يعني إن كان المؤمن نازالً في
دار الحرب ،وبين أهل الشرك وبين الرسول أو اإلمام عهد ومدة ثم قتل ذلك المؤمن وهو بينهم فعلى القاتل دية مسلمة
إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة {فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من هللا وكان هللا عليماً حكيماً}.
َعَّد َل ُه َع َذاباً َع ِظيماً ِ ومن يْقُتل مؤ ِمناً ُّمتَع ِمداً َفج َزآؤه جهَّنم ٰخلِداً ِفيها و َغ ِ
َّللاُ َعَل ْيه َوَل َعَن ُه َوأ َ
ض َب َّ َ َ َ ّ َ ُُ َ َ ُ َ َ َ َ ْ ُْ
قوله{ :ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب هللا عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً} قال :من قتل
مؤمناً على دينه لم تقبل توبته ،ومن قتل نبياً أو وصي نبي فال توبة له ألنه ال يكون له مثله فيقاد به ،وقد يكون
الرجل بين المشركين واليهود والنصارى يقتل رجالً من المسلمين على أنه مسلم فإذا دخل في اإلسالم محاه هللا عنه
لقول رسول هللا ص لى هللا عليه وآله اإلسالم يجب ما كان قبله أي :يمحو ،ألن أعظم الذنوب عند هللا هو الشرك باهلل
فإذا قبلت توبته في الشرك قبلت فيما سواه وأما قول الصادق عليه السالم ليست له توبة فإنه عنى من قتل نبياً أو
وصياً فليست له توبة فإنه ال يقاد أحد باألنبياء إال األنبياء وباألوصياء إال األوصياء واألنبياء واألوصياء ال تقتل
بعضهم بعضاً وغير النبي والوصي ال يكون مثل النبي والوصي فيقاد به وقاتلهما ال يوفق للتوبة.
قوله{ :يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل هللا فتبينوا وال تقولوا لمن ألقى إليكم السالم لست مؤمناً تبتغون عرض
الحياة الدنيا} [ ]94فإنها نزلت لما رجع رسول هللا صلى هللا عليه وآله من غزوة خيبر وبعث أسامة بن زيد في خيل
إلى بعض قرى اليهود في ناحية فدك ليدعوهم إلى اإلسالم ،وكان رجل من اليهود يقال له مرداس بن نهيك الفدكي
في بعض القرى فلما أحس بخيل رسول هللا صلى هللا عليه وآله جمع أهله وماله وصار في ناحية الجبل فأقبل يقول
أشهد ان ال إله إال هللا وأن محمداً رسول هللا صلى هللا عليه وآله ،فمر بأُسامة بن زيد فطعنه فقتله ،فلما رجع إلى
رسول هللا صلى هللا عليه وآله أخبر بذلك فقال له رسول هللا صلى هللا عليه وآله قتلت رجالً شهد أن ال إله اال هللا
وأني رسول هللا فقال يا رسول هللا إنما قال تعوذاً من القتل فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله فال شققت الغطاء عن
قلبه وال ما قال بلسانه قبلت وال ما كان في نفسه علمت فحلف بعد ذلك أنه ال يقتل أحداً شهد أن ال إله إال هللا وأن
محمداً رسول هللا صلى هللا عليه وآله ،فتخلف عن أمير المؤمنين عليه السالم في حروبه ،وأنزل هللا في ذلك {وال
تقولوا لمن ألقى إليكم السالم لست مؤمناً }..الخ ثم ذكر فضل المجاهدين على القاعدين فقال {ال يستوي القاعدون
من المؤمنين غير أولي الضرر} [ ]95يعني الزمن كما ليس على األعمى حرج {والمجاهدون في سبيل هللا بأموالهم
وأنفسهم} إلى آخر اآلية.
قوله{ :إن الذين توفاهم المالئكة ظالمي أنفسهم} قال نزلت فيمن اعتزل أمير المؤمنين عليه السالم ولم يقاتل معه
فقالت المالئكة لهم عند الموت {فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في األرض} أي :لم نعلم مع من الحق فقال هللا {ألم
تكن أرض هللا واسعة فتهاجروا فيها} أي :دين هللا وكتاب هللا واسع فتنظروا فيه {فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصي اًر}
ثم استثنى فقال{ :إال المستضعفين من الرجال والنساء والولدان ال يستطيعون حيلة وال يهتدون سبيالً} حدثني أبي عن
يحيى (عن أبي عمران عن يونس عن حماد عن ابن طيار عن أبي جعفر عليه السالم ط) بن يحيى عن ابن أبي
عمير عن يونس عن حماد بن الظبيان عن أبي جعفر عليه السالم قال سألت عن المستضعف فقال هو الذي ال
يستطيع حيلة الكفر فيكفر وال يهتدي سبيالً إلى اإليمان ال يستطيع أن يؤمن وال يستطيع أن يكفر فهم الصبيان ،ومن
كان من الرجال والنساء على مثل عقول الصبيان من رفع عنه القلم.
َّللاِ َوَرُسوِل ِه ثُ َّم ُي ْد ِرْك ُه ض م ٰرَغماً َكِثي اًر وسع ًة ومن ي ْخرْج ِمن ب ْيِت ِه مه ِ
اج اًر ِإَلى َّ َ َُ َََ ََ َ ُ
يل َّ ِ ِ ِ
َّللا َيج ْد في األ َْر ِ ُ َ
اجر ِفي سِب ِ
َ َو َمن ُي َه ِ ْ
َّللاُ َغُفو اًر َّرِحيم ًا
ان َّ اْلموت َفَقد وَقع أَجره على َّ ِ
َّللا َوَك َ َ ْ ُ ْ َ َ ْ ُُ َ َ
قوله{ :ومن يهاجر في سبيل هللا يجد في األرض مراغماً كثي اًر وسعة} أي :يجد خي اًر إذا جاهد مع اإلمام وقوله{ :ومن
يخرج من بيته مهاج اًر إلى هللا ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على هللا} قال إذا خرج إلى اإلمام ثم مات قبل
أن يبلغه.
ِ َّ ِ ِ ِ ض فَليس عَليكم جناح أَن تقصروْا ِمن َّ ٰ ِ
ين َك ُانوْا الصَلوِة ِإ ْن خْفتُ ْم أَن َيْفتَن ُك ُم الذ َ
ين َكَف ُروْا ِإ َّن اْل َكاف ِر َ َ َْ ُ ُ ض َرْبتُ ْم في األ َْر ِ َ ْ َ َ ْ ُ ْ ُ َ ٌ َوإِ َذا َ
َل ُك ْم َع ُدّواً ُّمِبين ًا
قوله{ :وإذا ضربتم في األرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصالة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} فإنه
حدثني أبي عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد هللا عليه السالم قال قال أمير المؤمنين عليه السالم :ستة ال
يقصرون الصالة ،الجباة الذين يدورون في جبايتهم ،والتاجر الذي يدور في تجارته من سوق إلى سوق واألمير الذي
يدور في إمارته والراعي الذي يطلب مواقع القطر ومنبت الشجر والرجل يخرج في طلب الصيد يريد لهواً للدنيا
والمحارب الذي يقطع الطريق.
ط ِآئَف ٌة ِم ْنهم َّمعك وْليأْخ ُذوْا أَسلِحتَهم َفِإ َذا سجدوْا َفْلي ُكونوْا ِمن ورِآئ ُكم وْلتَأ ِ
ْت وة َفْلتَُق ْم َ وإِ َذا كنت ِفي ِهم فأَقمت َلهم َّ ٰ
ََ ْ َ َ َُ َ ُ ْ َ ُْ ّ ُْ َ َ َ َ ُ الصَل َ ْ َ َْ َ ُُ َ ُ َ
َسلِ َحِت ُك ْم َوأ َْمِت َعِت ُك ْم َّ ِ ِ ُخر ٰى َلم يصُّلوْا َفْليصُّلوْا معك وْليأ ُ ِ َِ
ين َكَف ُروْا َل ْو تَ ْغُفُلو َن َع ْن أ ْ
ْخ ُذوْا ح ْذ َرُه ْم َوأ َْسل َحتَ ُه ْم َوَّد الذ َ ُ َ ََ َ َ َ طآئَف ٌة أ ْ َ ْ ُ َ
ض ُعوْا أ َْسلِ َحتَ ُك ْم َو ُخ ُذوْا ان ِب ُك ْم أَ ًذى ِّمن َّم َ
ط ٍر أ َْو ُكنتُ ْم َّم ْر َ
ضى أَن تَ َ اح َعَل ْي ُك ْم ِإن َك َ
ِ ِ
َفَيميُلو َن َعَل ْي ُك ْم َّمْيَل ًة َواح َد ًة َوالَ ُجَن َ
ين َع َذاباً ُّم ِهيناً َّللا أ ِ ِ ِ
ح ْذ َرُك ْم ِإ َّن َّ َ َ
َعَّد لْل َكاف ِر َ
أما قوله{ :وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصالة فلتقم طائفة منهم معك} اآلية فإنها نزلت لما خرج رسول هللا صلى هللا
عليه وآله إلى الحديبية يريد مكة فلما وقع الخبر إلى قريش بعثوا خالد بن الوليد في مائتي فارس كميناً ليستقبل رسول
هللا صلى هللا عليه وآله على الجبال ،فلما كان في بعض الطريق وحضرت صلوة الظهر فأذن بالل فصلى رسول هللا
قوله{ :وإذا قضيتم الصالة فاذكروا هللا قياماً وقعوداً وعلى جنوبكم} قال الصحيح يصلي قائماً والعليل يصلي جالساً
فمن لم يقدر فمضطجعاً يؤمي إيماءا وقوله {إن الصالة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً} أي :موجوبة.
َّللاُ َعلِيماً والَ ت ِهنوْا ِفي ابِتغ ِآء اْلَقو ِم ِإن ت ُكونوْا ت ْأَلمون َفِإَّنهم ي ْأَلمون َكما ت ْأَلمون وترجون ِمن َّ ِ
َّللا َما الَ َي ْر ُجو َن َوَك َ
ان َّ َ ُ َ ُ َ ُ ْ َ ُ َ َ َ َ َ َْ ُ َ َ ْ ْ َ َ َ ُ
َح ِكيم ًا
قوله{ :إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك هللا وال تكن للخائنين خصيماً} [ ]105فإنه كان سبب
نزولها أن قوماً من األنصار من بني ابيزق أخوة ثالثة كانوا منافقين بشير وبشر ومبشر ،فنقبوا على عم قتادة بن
النعمان وكان قتادة بدرياً وأخرجوا طعاماً كان أعده لعياله وسيفاً ودرعاً فشكى قتادة ذلك إلى رسول هللا صلى هللا عليه
وآله فقال يا رسول هللا إن قوماً نقبوا على عمي وأخذوا طعاماً كان أعده لعياله ودرعاً وسيفاً وهم أهل بيت سوء ،وكان
معهم في الرأي رجل مؤمن يقال له لبيد بن سهل فقال بنو ابيزق لقتادة هذا عمل لبيد بن سهل ،فبلغ ذلك لبيدا فأخذ
سيفه وخرج عليهم فقال يا بني ابيزق اترمونني بالسرقة وأنتم أولى به مني وأنتم المنافقون تهجون رسول هللا صلى هللا
عليه وآله وتنسبون إلى قريش لتبينن ذلك أو ألمالن سيفي منكم ،فداروه فقالوا له ارجع يرحمك هللا فانك بريء من
ذلك ،فمشوا بنو ابيزق إلى رجل من رهطهم يقال له أسيد بن عروة وكان منطيقاً بليغاً فمشى إلى رسول هللا صلى هللا
عليه وآله فقال يا رسول هللا أن قتادة بن النعمان عمد إلى أهل بيت منا أهل شرف ونسب وحسب فرماهم بالسرقة،
واتهمهم بما ليس فيهم ،فاغتم رسول هللا صلى هللا عليه وآله لذلك وجاء إليه قتادة فأقبل عليه رسول هللا صلى هللا عليه
وآله فقال له عمدت أهل بيت شرف وحسب نسب فرميتهم بالسرقة فعاتبه عتاباً شديداً فاغتم قتادة من ذلك ورجع إلى
عمه وقال يا ليتني مت ولم أكلم رسول هللا صلى هللا عليه وآله فقد كلمني بما كرهته ،فقال عمه هللا المستعان فأنزل
هللا في ذلك على نبيه صلى هللا عليه وآله {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك هللا وال تكن
للخائنين خصيماً واستغفر هللا إن هللا كان غفو اًر رحيماً وال تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن هللا ال يحب من كان
خواناً آثيماً يستخفون من الناس وال يستخفون من هللا وهو معهم إذ يبيتون ما ال يرضى من القول} []108-105
يعني الفعل فوقع القول مقام الفعل.
* َو َمن َي ْع َم ْل َّللاَ َع ْن ُه ْم َي ْوَم اْلِق َٰي َم ِة أ َْم َّمن َي ُكو ُن َعَل ْي ِه ْم َو ِكيالً
الد ْنَيا َف َمن ُي َٰج ِد ُل َّ
الء َٰج َدْلتُ ْم َع ْن ُه ْم ِفي اْل َح َٰيوِة ُّ ٰهأَْنتُم هـٰؤ ِ
َ ْ َُ
َّللاُ َعلِيماً
ان ََّوَك َ َّللاَ َغُفو اًر َّرِحيماً * َو َمن َي ْك ِس ْب ِإ ْثماً َفِإَّن َما َي ْك ِسُب ُه َعَل ٰى َنْف ِس ِه َّللاَ َي ِج ِد َّ
ظلِ ْم َنْف َس ُه ثُ َّم َي ْستَ ْغِف ِر َّ
ُسوءاً أ َْو َي ْ
احتَ َم َل ُب ْهتَاناً َوِإ ْثماً ُّمِبيناً ِ ِ ِ ِ ِ
َحكيماً * َو َمن َي ْكس ْب َخط َيئ ًة أ َْو ِإ ْثماً ثُ َّم َي ْرِم ِبه َب ِريئاً َفَقد ْ
قال{ :ها أنتم هؤالء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل هللا عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيالً ومن
يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر هللا يجد هللا غفو اًر رحيماً ،ومن يكسب إثماً فإنما يكسبه على نفسه وكان هللا
عليماً حكيماً ،ومن يكسب خطيئة أو إثماً ثم يرم به بريئاً} [ ]112-109يعني لبيد بن سهل {فقد احتمل بهتاناً وإثماً
مبيناً} وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم قال إن أناساً من ره بشير االدنين قالوا انطلقوا إلى رسول
هللا صلى هللا عليه وآله وقالوا نكلمه في صاحبنا ونعذره وإن صاحبنا بريء فلما أنزل هللا{ :يستخفون من الناس وال
يستخفون من هللا وهو معهم} -إلى قوله { -وكيالً} [النساء ]108 :فأقبلت ره بشير فقال يا بشير استغفر هللا وتب
هللا من الذنب فقال والذي أحلف به ما سرقها إال لبيد فنزلت {ومن يكسب خطيئة أو إثماً يرم به بريئاً فقد احتمل بهتاناً
وإثماً مبيناً} ثم أن بشي اًر كفر ولحق بمكة وأنزل هللا في النفر الذين اعذروا بشي اًر وأتوا النبي ليعذروه.
اس ومن يْفعل ٰذلِك ابِت َغآء مرض ِ ِ ٍ ٍ اهم ِإالَّ م ْن أ ِ الَّ خير ِفي َكِث ٍ ِ
ات الن ِ َ َ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ صالَ ٍح َب ْي َن َّ
ص َد َقة أ َْو َم ْع ُروف أ َْو إ ْ
َم َر ب َ
َ َ ير ّمن َّن ْج َو ُ ْ َ َْ
ِ ِ َّ ِ
َج اًر َعظيماً ف ُن ْؤِتيه أ ْ
َّللا َف َس ْو َ
قال علي بن إبراهيم في قوله{ :ال خير في كثير من نجواهم} وقال ال خير في كثير من كالم الناس ومحاوراتهم إال
من أمر بصدقة أو معروف أو إصالح بين الناس {ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات هللا فسوف نؤتيه أج اًر عظيماً}
حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن حماد عن أبي عبد هللا عليه السالم قال :أن هللا فرض التحمل (التمحل ن) في
القرآن ،قلت وما التحمل؟ جعلت فداك ،قال أن يكون وجهك أعرض من وجه أخيك فتحمل له وهو قوله{ :ال خير في
كثير من ن جواهم} حدثني أبي عن بعض رجاله رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السالم قال إن هللا فرض عليكم زكاة
جاهكم كما فرض عليكم زكاة ما ملكت أيديكم.
قوله{ :من يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى} أي :يخالفه {نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصي اًر}.
ِإن َي ْد ُعو َن ِمن ُدوِن ِه ِإالَّ ِإ َٰنثاً َوإِن َي ْد ُعو َن ِإالَّ َش ْي َٰ
طناً َّم ِريداً
قوله{ :إن يدعون من دونه إال إناثاً} قال :قالت قريش إن المالئكة هم بنات هللا {وإن يدعون ...إال شيطاناً مريداً}
قال كانوا يعبدون الجن.
ان األ َْن َٰع ِم َوأل َُم َرَّن ُه ْم ِ ِ ِ َّ َّللا وَقال ألَتَّ ِخ َذ َّن ِمن ِعب ِاد ِ َّ
ك َنصيباً َّمْف ُروضاً * َوألُضلَّن ُه ْم َوأل َُمّنَيَّن ُه ْم َوأل َُم َرَّن ُه ْم َفَلُيَبتّ ُك َّن َءا َذ َ ْ َ َ ل َعَن ُه َّ ُ َ َ
َّللاِ َفَق ْد َخ ِس َر ُخ ْس َراناً ُّمِبيناً الش ْي َٰ
ط َن َولِّياً ِّمن ُدو ِن َّ َّللاِ ومن َيتَّ ِخ ِذ َّ ِ َّن
َفَلُي َغّي ُر َخْل َق َّ َ َ
قوله {ألتخذن من عبادك نصيباً مفروضاً} [ ]118يعني إبليس حيث قال{ :وألضلنهم وألمنينهم وآلمرنهم فليبتكن آذان
األنعام وآلمرنهم فليغيرن خلق هللا} [ ]119أي :أمر هللا.
َّللاِ ولِياً والَ ن ِ ِ ِ َّل ْيس ِبأَمـِٰنِّي ُكم وال أَم ِان ِي أ ْ ِ ِ ِ
صي اًر وءا ُي ْج َز ِبه َوالَ َي ِج ْد َل ُه من ُدو ِن َّ َ ّ َ َ
َهل اْلكتَاب َمن َي ْع َم ْل ُس ً َ َ ْ َ َ ّ
قوله{ :ليس بأمانيكم وال أماني أهل الكتاب} يعني ليس ما تتمنون انتم وال أهل الكتاب أن ال تعذبوا بأفعالكم.
الصلِ َٰح ِت ِمن َذ َك ٍر أ َْو أ ُْنثَ ٰى َو ُه َو ُم ْؤ ِم ٌن َفأ ُْوَلـِٰئ َك َي ْد ُخُلو َن اْل َجَّن َة َوالَ ُي ْ
ظَل ُمو َن َنِقي اًر َو َمن َي ْع َم ْل ِم َن َّٰ
يم َخلِيالً ومن أَحسن ِديناً ِم َّمن أَسَلم وجهه هلل وهو مح ِسن واتَّبع ِمَّل َة ِإب ٰرِهيم حِنيفاً واتَّخ َذ َّ ِ ِ
َّللاُ إ ْب َراه َ َْ َ َ َ َ ْ ْ َ َ ْ َ ُ َ َُ ُ ْ ٌ َ َ ََْ َْ ُ
ون ُه َّن َما ُكِت َب َل ُه َّن يكم ِفي ِه َّن وما ي ْتَلى عَلي ُكم ِفي اْل ِك ٰتَ ِب ِفي ي ٰتَمى ِّ ِ ٰ ِ النس ِآء ُق ِل َّ ِ ِ ِ
الن َسآء اَّلتي الَ تُ ْؤتُ َ ََ ََ ُ ٰ َ ْ ْ َّللاُ ُيْفت ُ ْ ون َك في ّ َ َوَي ْستَْفتُ َ
ان ِب ِه َعلِيماً وموْا لِْلَي ٰتَ َم ٰى ِباْلِق ْس ِ َو َما تَْف َعُلوْا ِم ْن َخ ْي ٍر َفِإ َّن َّ
َّللاَ َك َ ضعِف َ ِ ِ ٰ
ين م َن اْلوْل َد ِن َوأَن تَُق ُ وه َّن َواْل ُم ْستَ ْ َ
ِ
َوتَ ْرَغُبو َن أَن تَنك ُح ُ
ض َر ِت الصْلح خير وأُح ِ
صْلحاً َو ُّ ُ َ ْ ٌ َ ْ
* وإِ ِن ام أرَةٌ َخا َف ْت ِمن بعلِها ُن ُشو اًز أَو ِإعراضاً َفالَ جَن ْاح عَلي ِهمآ أَن ي ِ
صل َحا َب ْيَن ُه َما ُ ُْ ُ َ َْ َ ْ َْ َْ َ َ َْ
ِ ِ ِ ِ ِ
ان ِب َما تَ ْع َمُلو َن َخِبي اًر * َوَلن تَ ْستَط ُ الش َّح َوإِن تُ ْحسُنوْا َوتَتَُّقوْا َفِإ َّن َّ
صتُ ْم األنُف ُس ُّ
الن َسآء َوَل ْو َح َر ْ
يعوْا أَن تَ ْعدُلوْا َب ْي َن ّ َّللاَ َك َ ْ
ان َغُفو اًر َّرِحيم ًا صلِ ُحوْا َوتَتَُّقوْا َفِإ َّن َّ ِ َّ ِ
َّللاَ َك َ وها َكاْل ُم َعلَقة َوإِن تُ ْ َفالَ تَميُلوْا ُك َّل اْل َمْي ِل َفتَ َذ ُر َ
قوله{ :ويستفتونك في النساء قل هللا يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء الالتي ال تؤتوهن ما
كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن} [{ ]127فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلث ورباع} [النساء ]3 :وأما قوله:
{وإن امرأة خافت من بعلها نشو اًز أو إعراضاً فال جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً والصلح خير} [ ]128قال :إن
خافت المرأة من زوجها أن يطلقها ويعرض عنها فتقول له قد تركت لك كلما عليك وال أسألك نفقة فال تطلقني وال
تعرض عني فإني أكره شماتة األعداء ،فال جناح عليه أن يقبل ذلك وال يجري عليها شيئاً ،وفي رواية أبي الجارود
عن أبي جعفر عليه السالم في قوله {ويستفتونك في النساء} فإن نبي هللا صلى هللا عليه وآله سئل عن النساء ما لهن
من الميراث فأنزل هللا الربع والثمن ،وقوله{ :وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء} فإن الرجل كان يكون في
حجره يتيمة فتكون ذميمة أو ساقطة يعني حمقاء فيرغب الرجل عن أن يزوجها وال يعطيها مالها فينكحها غيره من
أخذ مالها ويمنعها النكاح ويتربص بها الموت ليرثها فنهى هللا عن ذلك وقوله {والمستضعفين من الولدان} فإن أهل
قال علي بن ابراهيم في قوله{ :وأحضرت األنفس الشح} قال أحضرت الشح فمنها ما اختارته ومنها ما لم تختره
وقوله{ :ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء} إنه روي أنه سأل رجل من الزنادقة أبا جعفر األحول فقال أخبرني عن
قوله{ :فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثالث ورباع فإن خفتم أال تعدلوا فواحدة} وقال في آخر السورة {ولن
تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فال تميلوا كل الميل} فبين القولين فرق ،فقول أبو جعفر األحول فلم يكن
في ذلك عندي جواب فقدمت المدينة ،فدخلت على أبي عبدهللا عليه السالم فسألته عن اآليتين ،فقال أما قوله{ :فإن
خفتم أال تعدلوا فواحدة} فإنما عنى به النفقة وقوله{ :ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء} فإنما عنى به المودة ،فإنه ال
يقدر أحد أن يعدل بين امرأتين في المودة ،فرجع أبو جعفر األحول إلى الرجل فأخبره ،فقال هذا حملته اإلبل من
بالحجاز.
ِين ِإن َي ُك ْن َغِنّياً أ َْو َفِقي اًر َف َّ ِ ِ ٰيأَيُّها َّال ِذين آمنوْا ُكونوْا َق َّٰو ِمين ِباْلِقس ِ شهد ِ
اَّللُ أ َْوَل ٰى آء ََّّلل َوَل ْو َعَلى أ َْنُفس ُك ْم أ َِو اْل َٰول َد ْي ِن َواألَْق َرب َْ ُ ََ َ َ ُ َ َُ َ َ
ان ِب َما تَ ْع َمُلو َن َخِبي اًر ضوْا َفِإ َّن َّ ِ
َّللاَ َك َ ِب ِه َما َفالَ تَتَِّب ُعوْا اْل َه َو ٰى أَن تَ ْعدُلوْا َوِإن َتْل ُووْا أ َْو تُ ْع ِر ُ
أما قوله{ :يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقس شهداء هلل ولو على أنفسكم أو الوالدين واألقربين إن يكن غنياً أو
فقي اًر فاهلل أولى بهما -إلى قوله -فإن هللا كان بما تعملون خبي اًر} فإن هللا أمر الناس أن يكونوا قوامين بالقس أي:
بالعدل ولو على أنفسهم أو على والديهم أو على قراباتهم ،قال أبو عبد هللا عليه السالم إن على المؤمن سبع حقوق،
فأوجبها أن يقول الرجل حقاً وأن كان على نفسه أو على والديه فال يميل لهم عن الحق ثم قال{ :فال تتبعوا الهوى أن
تعدلوا أو أن تلوا أو تعرضوا} يعني :عن الحق {فإن هللا كان بما تعملون خبي اًر}.
اَّللِ
َنزَل ِمن َقْب ُل َو َمن َي ْكُف ْر ِب َّ ِ ِ ِ ِ امنوْا ِب َّ ِ ٰيأَي َّ ِ
اَّلل َوَرُسولِه َواْل ِك ٰتَ ِب َّالذي َنَّزَل َعَل ٰى َرُسوِله َواْل ِك ٰتَ ِب َّالذي أ َ ِ
امُنوْا َء ُ
ين َء َ ُّها الذ َ َ َ
ضالَالً َب ِعيداً ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
ض َّل ََو َمآلئ َكته َوُكتُِبه َوُرُسله َواْلَي ْو ِم اآلخ ِر َفَق ْد َ
قوله{ :يا أيها الذين آمنوا آمنوا باهلل ورسوله} يعني أيها الذين أقروا صدقوا.
قوله{ :إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كف اًر} قال :نزلت في الذين آمنوا برسول هللا إق ار اًر ال
تصديقاً ثم كفروا لما كتبوا الكتاب فيما بينهم أن ال يردوا األمر إلى أهل بيته أبداً فلما نزلت الوالية وأخذ رسول هللا
صلى هللا عليه وآله الميثاق عليهم ألمير المؤمنين عليه السالم آمنوا إق ار اًر ال تصديقاً ،فلما مضى رسول هللا صلى هللا
عليه وآله كفروا وازدادوا كف اًر {لم يكن هللا ليغفر لهم وال ليهديهم سبيالً} يعني طريقاً إال طريق جهنم.
قوله{ :الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة هلل جميعاً} يعني القوة ،قال
نزلت :في بني أمية حيث خالفوا نبيهم على أن ال يردوا األمر في بني هاشم.
قوله{ :وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات هللا يكفر بها ويسته أز بها فال تقعدوا معهم حتى يخوضوا في
حديث غيره إنكم إذاً مثلهم} قال آيات هللا هم األئمة عليهم السالم.
َّللاِ َقاُلوْا أََلم ن ُكن َّمع ُكم وإِن َكان لِْل َك ِاف ِر ِ
ان َل ُك ْم َف ْت ٌح ِّم َن َّ َّ ِ
يب َقاُلوْا أََل ْم َن ْستَ ْح ِو ْذ َعَل ْي ُك ْمين َنص ٌ َ َ ْ َ ْ َ ْ َ َّصو َن ِب ُك ْم َفِإن َك َين َيتَ َرب ُ
الذ َ
ين َسِبيالً ِ اَّلل يح ُكم بيَن ُكم يوم اْلِقيام ِة وَلن يجعل َّ ِ ِ ِ ِ
ين َعَلى اْل ُم ْؤ ِمن ََّللاُ لْل َكاف ِر َ ين َف َّ ُ َ ْ ُ َ ْ ْ َ ْ َ َ َ َ َ ْ َ َ َوَن ْمَن ْع ُك ْم ّم َن اْل ُم ْؤ ِمن َ
قوله{ :الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من هللا قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ
عليكم ونمنعكم من المؤمنين} فإنها نزلت في عبد هللا ابن أبي وأصحابه الذين قعدوا عن رسول هللا صلى هللا عليه وآله
يوم أحد ،فكان إذا ظفر رسول هللا صلى هللا عليه وآله بالكفار قالوا له ألم نكن معكم وإذا ظفرتم؟ الكفار قالوا ألم
نستحوذ أن نعينكم ولم نعن عليكم قال هللا{ :فاهلل يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل هللا للكافرين على المؤمنين
سبيالً}.
أما قوله{ :إن المنافقين يخادعون هللا وهو خادعهم} [ ]142قال :الخديعة من هللا العذاب قوله{ :إذا قاموا} مع رسول
هللا صلى هللا عليه وآله {إلى الصالة قاموا كساال يراؤن الناس} أنهم مؤمنون {وال يذكرون هللا إال قليالً مذبذبين بين
ذلك ال إلى هؤالء وال إلى هؤالء} [ ]143-142أي :لم يكونوا من المؤمنين وال من اليهود ثم قال{ :إن المنافقين في
الدرك األسفل من النار} [ ]145نزلت في عبد هللا بن أبي وجرت في كل منافق ومشرك.
قوله{ :ال يحب هللا الجهر بالسوء من القول إال من ظلم} أي :ال يحب أن يجهر الرجل بالظلم والسوء ويظلم إال من
ظلم فقد أطلق له أن يعارضه بالظلم ،وفي حديث آخر في تفسير هذا قال إن جاءك رجل وقال فيك ما ليس فيك من
الخير والثناء والعمل الصالح فال تقبله منه وكذبه فقد ظلمك.
قوله{ :ان الذين يكفرون باهلل ورسله ويريدون أن يفرقوا بين هللا ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض} []150
قال هم الذين أقروا برسول هللا صلى هللا عليه وآله وأنكروا أمير المؤمنين عليه السالم {ويريدون أن يتخذوا بين ذلك
سبيالً أولئك هم الكافرون حقاً}[ ].151
قوله{ :فبما نقضهم ميثاقهم} يعني فبنقضهم ميثاقهم {وكفرهم بآيات هللا وقتلهم األنبياء بغير حق} قال :هؤالء لم يقتلوا
األنبياء وإنما قتلهم أجدادهم وأجداد أجدادهم فرضوا هؤالء بذلك فألزمهم هللا القتل بفعل أجدادهم ،فكذلك من رضي
بفعل فقد لزمه وإن لم يفعله ،والدليل على ذلك أيضاً قوله في سورة البقرة {فلم تقتلون أنبياء هللا من قبل إن كنتم
مؤمنين}[البقرة ]91 :فهؤالء لم يقتلوهم ولكنهم رضوا بقتل آبائهم فألزمهم فعلهم.
َّللاِ وما َقتُلوه وما صَلبوه وَلـ ِٰكن شِبه َلهم وإِ َّن َّال ِذين اختَلُفوْا ِف ِ
يه َلِفي َش ٍّك وَقولِ ِهم ِإَّنا َقَتْلنا اْلم ِس ِ
َ َْ َُّ ُْ َ ول َّ َ َ َ ُ َ َ َ ُ ُ َ يسى ْاب َن َم ْرَي َم َرُس َ يح ع َ َ َ َ َ ْ ْ
ِ َّ ِ َّ ِ ِ ِ ِ
اع الظ ِّن َو َما َقَتُلوهُ َيقيناًّم ْن ُه َما َل ُه ْم ِبه م ْن عْل ٍم ِإال اتَّب َ
وقوله{ :قولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول هللا} لما رفعه هللا إليه.
قوله{ :وإن من أهل الكتاب إال ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيداً} فإنه روى أن رسول هللا صلى
هللا عليه وآله إذا رجع آمن به الناس كلهم.
قوله{ :فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل هللا كثي اًر} فإنه حدثني أبي عن ابن
محبوب عن عبد هللا بن أبي يعقوب (يعقود ط) قال :سمعت أبا عبد هللا عليه السالم يقول من زرع حنطة في أرض
فلم يزك في أرضه وزرعه وخرج زرعه كثير الشعير فبظلم عمله في ملك رقبة األرض أو بظلم مزارعه وأكرته ألن هللا
يقول فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم الطيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل هللا كثي اًر هكذا أنزلها هللا فاقرؤها هكذا
وما كان هللا ليحل شيئاً في كتابه ثم يحرمه من بعد ما أحله وال أن يحرم شيئاً ثم يحله من بعد ما حرمه ،قلت وكذلك
أيضاً قوله :ومن اإلبل والبقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما ،قال نعم ،قلت فقوله إال ما حرم إسرائيل على نفسه ،قال:
اإلبل يهيج عليه وجع الخاصرة فحرم على نفسه لحم ِ
اإلبل وذلك من قبل أن تنزل إن إسرائيل كان إذا أكل من لحم ِ
التوراة ،فلما أنزلت التوراة لم يحرمه ولم يأكله.
الصٰلوةَ واْلم ْؤتُو َن َّ ِِ ُنزل ِإَليك ومآ أ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ َّلـ ِٰك ِن َّ ِ
اة
الزَك َ ين َّ َ ُ ُنزَل من َقْبل َك َواْل ُمقيم َ الراس ُخو َن في اْلعْل ِم م ْن ُه ْم َواْل ُم ْؤمُنو َن ُي ْؤمُنو َن ب َمآ أ ِ َ َ َ َ
ين ِمن َب ْع ِدِه َج اًر َع ِظيماً * ِإَّنآ أ َْو َح ْيَنآ ِإَل ْي َك َك َمآ أ َْو َح ْيَنآ ِإَل ٰى ُنو ٍح َو َّ ِ ِ واْلمؤ ِمنون ِب َّ ِ
النِبِّي َ اَّلل َواْلَي ْو ِم اآلخ ِر أ ُْوَلـٰئ َك َسُن ْؤِتي ِه ْم أ ْ َ ُْ ُ َ
ود َزُبو اًر * ان َوآتَْيَنا َد ُاو َون َس َو َه ُارو َن َو ُسَل ْي َم َ ُّوب َوُي ُيس ٰى َوأَي َ وب واأل ِ ِ ِ ِ ِ ِ
َسَباط َوع َ اق َوَي ْعُق َ َ ْ إس َح َ
يل َو ْ يم َوإِ ْس َماع ََوأ َْو َح ْيَنآ إَل ٰى إ ْب َراه َ
َّللا موسى تَ ْكلِيماً * ُّرسالً ُّمب ِّش ِرين وم ِنذ ِرين لَِئالَّ َّ َّ ِ
ُ َ َ َُ َ ص ُه ْم َعَل ْي َك َوَكل َم َّ ُ ُ َ ٰ
صْ اه ْم َعَل ْي َك من َقْب ُل َوُرُسالً ل ْم َنْق ُ صَن ُ
صْ َوُرُسالً َق ْد َق َ
َّللاُ َع ِزي اًز َح ِكيماً
ان َّ َّللاِ ُح َّجةٌ َب ْع َد ُّ
الرُس ِل َوَك َ َي ُكو َن لِ َّلن ِ
اس َعَلى َّ
قوله{ :لكن الراسخون في العلم -إلى قوله -وكان هللا عزي اًز حكيماً} فإنه محكم.
اها ِإَل ٰى رسول َّ ِ ِ َّللاِ ِإالَّ اْلح َّق ِإَّنما اْلم ِس ِ اب الَ تَ ْغُلوْا ِفي ِد ِين ُك ْم َوالَ تَُقوُلوْا َعَلى ََّهل اْل ِكتَ ِ
َّللا َوَكل َمتُ ُه أَْلَق َ َُ ُ يسى ْاب ُن َم ْرَي َميح ع َ َ َ ُ َ ٰيأ ْ َ
ِ َّ َّللا ِإَلـٰه و ِ َّ ِ آمنوْا ِب َّ ِ ِ ِ ِ ِ
أَن َي ُكو َن َل ُه َوَلٌد ل ُه َما في احٌد ُس ْب َح َان ُه اَّلل َوُرُسله َوالَ تَُقوُلوْا ثَالَثَ ٌة انتَ ُهوْا َخ ْي اًر ل ُك ْم إَّن َما َّ ُ ٌ َ َم ْرَي َم َوُروٌح ّم ْن ُه َف ُ
اَّللِ َو ِكيالً الس ٰم ٰو ِت وما ِفي األ َْر ِ
ض َوَكَف ٰى ِب َّ َّ َ َ َ َ
قوله{ :فآمنوا باهلل ورسوله وال تقولوا ثالثة} فهم الذين قالوا باهلل وبعيسى ومريم فقال هللا{ :انتهوا خي اًر لكم إنما هللا إله
واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في األرض وكفى باهلل وكيالً}.
الئ َك ُة اْلمَقَّربون ومن يستن ِكف عن ِعبادِت ِه ويست ْكِبر َفسيحشرهم ِإَل ِ
يه نكف اْلم ِسيح أَن ي ُكون عبداً ََّّللِ والَ اْلم ِ
ِ َّ
ُ ُ َ َ َ َ ْ َْ ْ َ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ ُ ُ ُ ْ َ َ لن َي ْستَ َ َ ُ َ َ َ ْ
َج ِميع ًا
قوله{ :لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً هلل} أي :ال يأنف أن يكون عبداً هلل {وال المالئكة المقربون ومن يستنكف
عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعاً}.
قوله{ :يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نو اًر مبيناً} فالنور إمامة أمير المؤمنين عليه السالم.
اَّللِ واعتَصموْا ِب ِه َفسي ْد ِخُلهم ِفي رحم ٍة ِم ْنه وَفض ٍل ويه ِدي ِهم ِإَلي ِه ِ
ص َراطاً ُّم ْستَِقيم ًا ِ َفأ َّ َّ ِ
َ ْ َ ّ ُ َ ْ ََْ ْ ْ َُ ُْ آمُنوْا ب َّ َ ْ َ ُ
ين َ
َما الذ َ
قال{ :فأما الذين آمنوا باهلل واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل} وهم الذين تمسكوا بوالية أمير المؤمنين
واألئمة عليهم السالم.
ك َو ُهَو َي ِرثُ َهآ ِإن َّل ْم َي ُك ْن َّل َهآ ف َما تََر َ صُ
ِ ِِ َّللا يْفِت ُ ِ يستَْفتُ َ ِ
ُخ ٌت َفَل َها ن ْ ام ُرٌؤ َهَل َك َل ْي َس َل ُه َوَلٌد َوَل ُه أ ْ
يك ْم في اْل َكالََلة إن ْ ون َك ُقل َّ ُ ُ َْ
ظ األُنثََي ْي ِن ُيَبِّي ُن َّ
َّللاُ َل ُك ْم أَن آء َفلِ َّلذ َك ِر ِم ْث ُل َح ِّ ِ ِ ِ
ك َوإِن َك ُانوْا إ ْخ َوةً ّر َجاالً َون َس ً
الثُلثَ ِ ِ
ان م َّما تَ َر َ
وَلٌد َفِإن َك َانتَا ا ْثَنتَي ِن َفَلهما ُّ
ْ َُ َ
يمٍ ِ ضُّلوْا و َّ ِ ِتَ ِ
َّللاُ ب ُك ّل َش ْيء َعل ٌ َ
قوله{ :يستفتونك ،قل هللا يفتيكم في الكاللة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم
يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجاالً ونساءاً فللذكر مثل حظ األنثيين} فإنه حدثني
أبي عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن بكير عن أبي جعفر عليه السالم قال :إذا مات الرجل وله أخت تأخذ
نصف ما ترك من الميراث ،لها نصف الميراث باآلية كما تأخذ البنت لو كانت ،والنصف الباقي يرد عليها بالرحم إذا
لم يكن للميت وارث أقرب منها ،فإن كان موضع األخت أخ أخذ الميراث كله باآلية لقوله هللا{ :وهو يرثها إن لم يكن
لها ولد} وإن كانتا أختين أخذتا الثلثين باآلية والثلث الباقي بالرحم وإن كانوا أخوة رجاالً ونساء فللذكر مثل حظ
األُنثيين وذلك كله إذا لم يكن للميت ولد أو أبوان أو زوجة.
{يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة األنعام} فإنه حدثني أبي عن النضر بن سويد عن عبد هللا بن
سنان عن أبي عبد هللا عليه السالم قوله{ :أوفوا بالعقود} قال بالعهود ،وأخبرنا الحسين بن محمد بن عامر عن المعلى
بن محمد البصري عن ابن أبي عمير عن أبي جعفر الثاني عليه السالم في قوله{ :يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود}
قال إن رسول هللا صلى هللا عليه وآله عقد عليهم لعلي بالخالفة في عشرة مواطن ،ثم أنزل هللا{ :يا أيها الذين آمنوا
أوفوا بالعقود} التي عقدت عليكم ألمير المؤمنين عليه السالم وقال علي بن إبراهيم في قوله{ :أحلت لكم بهيمة
األنعام} قال الجنين في بطن أمه إذا أوبر وأشعر فذكاته ذكاة أمه فذلك الذى عناه هللا ،وقوله{ :أُحلت لكم بهيمة
األنعام} دليل على أن غير األنعام محرم.
قوله{ :يا أيها الذين آمنوا ال تحلوا شعائر هللا وال الشهر الحرام وال الهدي وال القالئد وال آمين البيت الحرام} فالشعائر
ِ
اإلحرام ،والطواف والصالة في مقام إبراهيم ،والسعي بين الصفا والمروة ،ومناسك الحج كلها من شعائر هللا ،ومن
الشعائر إذا ساق الرجل بدنة في الحج ثم أشعرها أي قطع سنامها أو جللها أو قلدها ليعلم الناس أنها هدي فال
تتعرض لها أحد ،وإنما سميت الشعائر لتشعر الناس بها فيعرفونها ،وقوله{ :وال الشهر الحرام} وهو ذو الحجة وهو من
األشهر الحرام ،وقوله{ :وال الهدي} وهو الذي يسوقه إذا أحرم {وال القالئد} قال :يقلدها النعل الذي قد صلى فيه وقوله:
{وال آمين البيت الحرام} قال :الذين يحجون البيت الحرام وقوله{ :وإذا حللتم فاصطادوا} فأحل لهم الصيد بعد تحريمه
اذا أحلوا ،وقوله{ :وال يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا} أي ال يحملنكم عداوة قريش إن
صدوك عن المسجد الحرام في غزوة حديبية أن تعتدوا عليهم وتظلموهم ثم نسخت هذه اآلية بقوله{ :فاقتلوا المشركين
حيث وجدتموهم}[التوبة.]5 :
السُب ُع
َك َل َّ يح ُة َو َمآ أ َ َّللاِ ِب ِه واْلمنخِنَق ُة واْلموُقوَذة واْلمتَرِدي ُة و َّ ِير َو َمآ أ ُِه َّل لِ َغ ْي ِر َّ
َواْلَّدم َوَل ْحم اْل ِخ ْن ِز ِ
ُحِّرَم ْت َعَل ْي ُك ُم اْل َم ْيتَ ُة
النط َ َ ُْ َ َ َ ْ ُ َ ُ َّ َ َ ُ ُ
ِ ِ ِ ِ َّ ِ ِ ِ ٰ ِ ِإالَّ َما َذ َّك ْيتُ ْم َو َما ُذِب َح
ين َكَف ُروْا من دين ُك ْم َفالَ تَ ْخ َش ْو ُه ْم َن تَ ْستَْقس ُموْا ِباأل َْزالَ ِم ذل ُك ْم ف ْس ٌق اْلَي ْوَم َيئ َس الذ َ ص ِب َوأ ْ َعَلى ُّ
الن ُ
ص ٍة َغ ْي َر اإلسٰلم ِديناً َفم ِن اض ُ ِ
طَّر في َم ْخ َم َ َ ْ ِ ِ ِ ِ ِ
اخ َش ْو ِن اْلَي ْوَم أَ ْك َمْل ُت َل ُك ْم د َين ُك ْم َوأ َْت َم ْم ُت َعَل ْي ُك ْم ن ْع َمتي َوَرض ُ
يت َل ُك ُم ْ َ َو ْ
يم ِ ف ِإل ْث ٍم َفِإ َّن َّ متَج ِان ٍ
ور َّرح ٌ َّللاَ َغُف ٌ ُ َ
أما قوله{ :حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير هللا به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما
أكل السبع إال ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا باألزالم ذلكم فسق} فالميتة والدم ولحم الخنزير معروف،
وما أهل لغير هللا به يعني به ما ذبح لألصنام ،والمنخنقة :فإن المجوس كانوا ال يأكلون الذبائح ويأكلون الميتة ،وكانوا
يخنقون البقر والغنم فإذا ماتت أكلوها ،والموقوذة :كانوا يشدون عينيها وأرجلها ويضربونها حتى تموت ،فإذا ماتت
وقوله{ :اليوم يئس الذين كفروا من دينكم} قال :ذلك لما نزلت والية أمير المؤمنين عليه السالم وأما قوله{ :اليوم
أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم اإلسالم ديناً} فإنه حدثني أبي عن صفوان بن يحيى عن العال
عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السالم قال :آخر فريضة أنزلها هللا الوالية ثم لم ينزل بعدها فريضة ثم أنزل
{اليوم أكملت لكم دينكم} بكراع الغنم فأقامها رسول هللا صلى هللا عليه وآله بالجحفة فلم ينزل بعدها فريضة وأما قوله:
{فمن اضطر في مخمصة غير متجانف إلثم} فهو رخصة للمضطر أن يأكل الميتة والدم ولحم الخنزير ،والمخمصة
الجوع وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله :غير متجانف إلثم ،قال يقول غير متعمد إلثم،
وقال علي بن إبراهيم في قوله غير متجانف الثم ،أي :غير مائل في ِ
اإلثم فال يأكل الميتة اذا اضطر إليها إذا كان
في سفر غير حق ،وكذلك إن كان في قطع الطريق أو ظلم أو جور.
ٰت ِ ِ طعام ُكم ِح ٌّل َّلهم واْلمحصنـ ِ طعام َّال ِذين أُوتُوْا اْل ِكتَـ ِ َّ َّ اْليوم أ ِ
صَنـ ُ
ٰت م َن اْل ُم ْؤمَنـٰت َواْل ُم ْح َ
ُْ َ ُ ْ َ َ ُ ٰب ح ٌّل ل ُك ْم َو َ َ ُ ْ
َ َ ٰت َو َ َ ُ ُح َّل َل ُك ُم الطّيَبـ ُ َْ َ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ َّ ِ
يم ِن ِ ِ
ان َو َمن َي ْكُف ْر باإل َٰ َخ َد ٍين َوالَ ُمتَّ ِخذي أ ْ ِ
ين َغ ْي َر ُم َٰسفح َ
ورُه َّن ُم ْحصن َ وه َّن أ ُ
ُج َ
ِ
ٰب من َقْبل ُك ْم ِإ َذا ءاتَْيتُ ُم ُ ين أُوتُوْا اْلكتَـ َ
م َن الذ َ
ِٰ ِ ِ ِ
َفَق ْد َحِب َ َع َمُل ُه َو ُه َو في اآلخ َرِة م َن اْل َخس ِر َ
ين
قوله{ :أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم} قال عني بطعامهم الحبوب والفاكهة غير الذبائح التي
يذبحونها فإنهم ال يذكرون اسم هللا على ذبائحهم ،ثم قال :وهللا ما استحلوا ذبائحكم فكيف تستحلون ذبائحهم.
وقوله{ :والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم} فقد أحل هللا نكاح أهل الكتاب بعد تحريمه في قوله في سورة
البقرة{ :وال تنكحوا المشركات حتى يؤمن} [البقرة ]221 :وإنما يحل نكاح أهل الكتاب الذين يؤدون الجزية على ما
يجب فأما إذا كانوا في دار الشرك ولم يؤدوا الجزية لم يحل مناكحتهم وقوله{ :ومن يكفر ِ
باإليمان فقد حب عمله} قال
من آمن ثم أطاع أهل الشرك فقد حب عمله وكفر ِ
باإليمان {وهو في اآلخرة من الخاسرين}.
وه ُكم وأ َْي ِدَي ُكم ِإَلى اْلم َرِاف ِق وا ْمس ُحوْا ِب ُرُؤ ِ
وس ُك ْم َوأ َْر ُجَل ُك ْم ِإَلى اْل َك ْعَب ِ
ين الصٰلوِة ْ ِ آمُنوْا ِإ َذا ُق ْمتُ ْم ِإَلى يا أَي َّ ِ
َ َ َ ْ فاغسُلوْا ُو ُج َ ْ َ َّ ين َ ُّها الذ َ َ َ
آء ِ ِ ِِ َّمرضى أَو عَلى سَف ٍر أَو جآء أ ِ ِ َّ
آء َفَل ْم تَج ُدوْا َم ً َحٌد ّم ْن ُك ْم ّم َن اْل َغائ أ َْو الَ َم ْستُ ُم ا ّلن َس َ
ْ َ ْ َ ٰ َ ْ َ َ َ َوإِن ُكنتُ ْم ُجُنباً َفاط َّه ُروْا َوإِن ُكنتُم
ط ِّه َرُك ْم َولُِيِت َّم ِن ْع َمتَ ُه
َّللاُ لَِي ْج َع َل َعَل ْي ُكم ِّم ْن َح َرٍج َوَلـ ِٰكن ُي ِر ُيد لُِي َ ام َس ُحوْا ِب ُو ُجوِه ُك ْم َوأ َْي ِد ُ
يك ْم ِّم ْن ُه َما ُي ِر ُيد َّ َفتََي َّمموْا ص ِعيداً َ ِ
طّيباً َف ْ ُ َ
َعَل ْي ُك ْم َل َعَّل ُك ْم تَ ْش ُك ُرو َن
قوله{ :يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصالة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق} يعني :من المرفق وهو محكم.
الص ُد ِ َّللا علِيم ِب َذ ِ ط ْعَنا واتَُّقوْا َّ ِ ِ ِِ ِ َّ ِ ِ وا ْذ ُكروْا ِنعم َة َّ ِ
ور ات ُّ َّللاَ إ َّن َّ َ َ ٌ َّللا َعَل ْي ُك ْم َوميثَا َق ُه الذي َواثََق ُكم به إ ْذ ُقْلتُ ْم َسم ْعَنا َوأَ َ َ َ ُ َْ
قوله{ :واذكروا نعمة هللا عليكم وميثاقه الذي واثقكم به} قال :لما أخذ رسول هللا صلى هللا عليه وآله الميثاق عليهم
بالوالية قالوا :سمعنا وأطعنا ،ثم نقضوا ميثاقهم.
قوله{ :اذكروا نعمة هللا عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم} يعني :أهل مكة من قبل أن
فتحها فكف أيديهم بالصلح يوم الحديبية.
قوله{ :فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم} يعني :نقض عهد أمير المؤمنين عليه السالم {وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم
عن مواضعه} قال :من نحي أمير المؤمنين عليه السالم عن موضعه ،والدليل على ذلك أن الكلمة أمير المؤمنين
عليه السالم قوله{ :وجعلها كلمة باقية في عقبه} [الزخرف ]28 :يعني به ِ
اإلمامة وقوله{ :وال تزال تطلع على خائنة
منهم إال قليالً منهم فاعف عنهم واصفح} قال :منسوخة بقوله{ :اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}.
علي عليه السالم :إن عيسى بن مريم عبد مخلوق فجعلوه رباً
ٌ
قوله{ :ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم} قال
{فنسوا حظا مما ذكروا به}.
ير َقد جآء ُكم ِمن َّ ِ ِ اب َق ْد جآء ُكم رسوُلَنا يبِّي ُن َل ُكم َكِثي اًر ِم َّما ُك ْنتُم تُ ْخُفو َن ِم َن اْل ِكتَ ِ
َهل اْل ِكتَ ِ
ور
َّللا ُن ٌ اب َوَي ْعُفوْا َعن َكث ٍ ْ َ َ ْ ّ َ ْ ّ ْ َُ َ َ ْ َُ َيا أ ْ َ
اب ُّمِب ٌ
ين َو ِكتَ ٌ
قوله{ :يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثي اًر مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفوا عن كثير} قال يبين النبي
صلى هللا عليه وآله ما أخفيتموه مما في التوراة من أخباره ويدع كثي اًر ال يبينه {قد جاءكم من هللا نور وكتاب مبين}
يعني بالنور أمير المؤمنين واألئمة عليهم السالم .وقوله{ :قد جاءكم رسولنا يبين لكم} مخاطبة ألهل الكتاب.
قوله{ :اذكروا نعمة هللا عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكاً} يعني في بني إسرائيل لم يجمع هللا لهم النبوة والملك
في بيت واحد ،ثم جمع ذلك لنبيه.
يها َق ْوماً ِ ِ
وس ٰى إ َّن ف َ ام َين * َقاُلوا َي ُ
ِ ِٰ المَقَّد َس َة َّالِتي َكتَ َب َّ
َّللاُ َل ُك ْم َوالَ تَ ْرتَُّدوا َعَل ٰى أ َْدَب ِارُك ْم َفتَْنَقلُبوا َخس ِر َ ض ُ َٰيَق ْو ِم ْاد ُخُلوا األ َْر َ
ِ َّ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
ال َرُجالَ ِن م َن الذ َ
ين َي َخاُفو َن أ َْن َع َم َّ
َّللاُ ين َوإَِّنا َلن َّن ْد ُخَل َها َحتَّ ٰى َي ْخ ُر ُجوْا م ْن َها َفإن َي ْخ ُر ُجوْا م ْن َها َفإَّنا َداخُلو َن * َق َ َجب ِ
َّار َ
ِ عَلي ِهما ادخُلوْا عَلي ِهم اْلباب َفِإ َذا دخْلتموه َفِإَّن ُكم غالِبون وعَلى َّ ِ
وسى ِإَّنا َل ْن ام َين * َقاُلوْا َي َُّللا َفتََوَّكُلوْا ِإن ُكنتُم ُّم ْؤ ِمن َ ْ َ ُ َ ََ َ َ ُُ ُ َْ َ ُْ َْ ُ َ َ
قوله{ :يا قوم ادخلوا األرض المقدسة التي كتب هللا لكم} [ ]21فإن ذلك نزل لما قالوا {لن نصبر على طعام
واحد}[البقرة ،]61 :فقال لهم موسى اهبطوا مص اًر فإن لكم ما سألتم ،فقالوا {إن فيها قوماً جبارين وإنا لن ندخلها حتى
يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون} فنصف اآلية ها هنا ونصفها في سورة البقرة ،فلما قالوا لموسى إن فيها
قوماً جبارين ،وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها ،قال لهم موسى البد أن تدخلوها ،فقالوا له{ :فاذهب انت وربك فقاتال
إنا ها هنا قاعدون} [ ]24فأخذ موسى بيد هارون وقال كما حكى هللا {إني ال أملك إال نفسي وأخي} [ ]25يعني:
هارون {فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين} فقال هللا{ :فإنها محرمة عليهم أربعين سنة} [ ]26يعني مصر لن يدخلوها
أربعين سنة {يتيهون في األرض} فلما أراد موسى أن يفارقهم فزعوا وقالوا إن خرج موسى من بيننا نزل علينا العذاب
ففزعوا إليه وسألوه أن يقيم معهم ويسأل هللا أن يتوب عليهم ،فأوحى هللا إليه قد تبت عليهم على أن يدخلوا مصر
وحرمتها عليهم أربعين سنة يتيهون في األرض عقوبة لقولهم اذهب أنت وربك فقاتال فدخال كلهم في التيه البرقادون،
(االقارون ط) فكانوا يقومون في أول الليل ويأخذون في قراءة التوراة فإذا أصبحوا على باب مصر دارت بهم األرض،
فردتهم إلى مكانهم وكان بينهم وبين مصر أربع فراسخ ،فبقوا في ذلك أربعين سنة ،فمات هارون وموسى في التيه
ودخلها أبناؤهم وأبناء أبنائهم.
وروي أن الذي حفر قبر موسى ملك الموت في صورة آدمي ،ولذلك ال تعرف بنو إسرائيل قبر موسى ،وسئل النبي
صلى هللا عليه وآله وسلم عن قبره فقال عند الطريق األعظم عند الكثيب األحمر ،قال وكان بين موسى وداود خمس
مائة سنة وبين داود وعيسى ألف ومائة سنة.
اآلخ ِر َقال ألَْقُتَلَّن َك َق ِ نبأَ ابني ءادم ِباْلح ِق ِإ ْذ َقَّربا ُقرباناً َفتُُقِبل ِمن أَح ِد ِهما وَلم يتََقب ِ َو ْات ُل َعَل ْي ِه ْم
َّللاُ
َّل َّ ال إَّن َما َيتََقب ُ
َ َ َّل م َن َ َ َ َ ْ ُ ْ َّ َ َْ ََ ْ َ ْ َ َ َ َ ّ
ِ ِ ِ ِ ٍ ِ ِ ِ ِ ِ
ين * ِإّني أ ُِر ُيد َّللاَ َر َّب اْل َعاَلم َ
ف َّ ك لِتَْقُتَلني َمآ أََن ْا ِبَباس َيد َي ِإَل ْي َك ألَْقُتَل َك ِإّني أ َ
َخا ُ طت ِإَل َّي َي َد َ
* َلئن َب َس َ ينم َن اْل ُمتَّق َ
أما قوله {واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قرباناً فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من اآلخر} [ ]27فإنه حدثني أبي
عن الحسن بن محبوب عن هشام بن سالم عن أبي حمزة الثمالي عن ثوير بن أبى فاختة قال سمعت علي بن
الحسين عليهما السالم يحدث رجال من قريش قال لما قرب ابنا آدم القربان ،قرب أحدهما أسمن كبش كان في ظأنيته
وقرب اآلخر ضغثاً من سنبل ،فقبل من صاحب الكبش وهو هابيل ولم يتقبل من اآلخر فغضب قابيل فقال لهابيل
وهللا ألقتلنك ،فقال هابيل{ :إنما يتقبل هللا من المتقين لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباس يدي إليك ألقتلك إني
أخاف هللا رب العالمين إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزآؤا الظالمين فطوعت له
نفسه قتل أخيه} [ ]30-27فلم يدر كيف يقتله حتى جاء إبليس فعلمه ،فقال ضع رأسه بين حجرين ثم اشدخه ،فلما
قتله لم يدر ما يصنع به فجاء غرابان فأقبال يتضاربان حتى قتل أحدهما صاحبه ثم حفر الذي بقي األرض بمخالبه
ودفن فيما صاحبه ،قال قابيل {يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي فأصبح من النادمين}
[ ]31فحفر له حفيرة ودفنه فيها فصارت سنة يدفنون الموتى فرجع قابيل إلى أبيه فلم ير معه هابيل ،فقال له آدم أين
تركت ابني؟ قال له قابيل :أرسلتني عليه راعياً؟ فقال آدم انطلق معي إلى مكان القربان وأوجس قلب آدم بالذي فعل
قابيل ،فلما بلغ المكان استبان قتله ،فلعن آدم األرض التي قبلت دم هابيل وأمر آدم أن يلعن قابيل ونودي قابيل من
السماء لعنت كما قتلت أخاك ولذلك ال تشرب األرض الدم ،فانصرف آدم فبكى على هابيل أربعين يوماً وليلة فلما
جزع عليه شكى ذلك إلى هللا فأوحى هللا إليه إني واهب لك ذك اًر يكون خلفاً من هابيل ،فولدت حواء غالماً زكيا
مباركا ،فلما كان اليوم السابع أوحى هللا إليه يا آدم إن هذا الغالم هبة مني لك فسمه هبة هللا ،فسماه آدم هبة هللا.
قال وحدثني أبي عن عثمان بن عيسى عن (أبي ط) أيوب عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السالم قال كنت
جالساً معه في المسجد الحرام فإذا طاووس في جانب الحرم يحدث أصحابه حتى قال أتدري أي يوم قتل نصف
الناس ،فأجابه أبو جعفر عليه السالم فقال أو ربع الناس يا طاووس ،فقال أو ربع الناس ،فقال أتدري ما صنع
ب القاتل؟ فقلت إن هذه المسألة ،فلما كان من الغد غدوت على أبي جعفر عليه السالم فوجدته قد لبس ثيابه وهو قاعد
على الباب ينتظر الغالم أن يسرج له ،فاستقبلني بالحديث قبل أن أسأله فقال ،إن بالهند أو من وراء الهند رجالً معقوالً
برجله أي واحدة ،لبس المسح موكل به عشرة نفر كلما مات رجل منهم أخرج أهل القرية بدله فالناس يموتون والعشرة
ال ينقصون يستقبلونه بوجه الشمس حين تطلع ويديرونه معها حين تغيب ثم يصبون عليه في البرد الماء البارد وفي
الحر الماء الحار ،قال فمر به رجل من الناس فقال له من أنت يا عبد هللا؟ فرفع رأسه ونظر إليه ثم قال له إما أن
تكون أحمق الناس وإما أن تكون أعقل الناس ،إني لقائم ها هنا منذ قامت الدنيا ما سألني أحد غيرك من أنت ،ثم قال
يزعمون إنه ابن آدم.
قال هللا عز وجل{ :من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل إنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في األرض فكأنما قتل
الناس جميعاً} فلفظ اآلية خاص في بني إسرائيل ومعناه جار في الناس كلهم ،وقوله{ :ومن أحياها فكأنما أحيا الناس
جميعاً} قال :من أنقذها من حرق أو غرق أو هدم أو سبع أو كلفة حتى يستغني أو أخرجه من فقر إلى غنى ،وأفضل
من ذلك إن أخرجه من ضالل إلى هدى ،وقوله فكأنما أحيا الناس جميعاً ،قال :يكون مكانه كمن أحيا الناس جميع ًا.
أما قوله{ :إنما جزاء الذين يحاربون هللا ورسوله ويسعون في األرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم
وأرجلهم من خالف أو ينفوا من األرض} فإنه حدثني أبي عن علي بن حسان عن أبي جعفر عليه السالم قال من
حارب هللا وأخذ المال وقتل كان عليه أن يقتل ويصلب ،ومن حارب وقتل ولم يأخذ المال كان عليه أن يقتل وال
استثنى عز وجل فقال{ :إال الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم} يعني :يتوب من قبل أن يأخذهم ِ
اإلمام.
ِ اب يو ِم اْلِقي ِِ ِِ ِ ِ َن َلهم َّما ِفي األَر ِ ِ َّ ِ
امة َما تُُقِّب َل م ْن ُه ْم َوَل ُه ْم َع َذ ٌ
اب ََ ض َجميعاً َو ِم ْثَل ُه َم َع ُه لَيْفتَ ُدوْا به م ْن َع َذ َ ْ ْ ين َكَف ُروْا َل ْو أ َّ ُ ْ
الذ َ ِإ َّن
ط ُعوْا أ َْي ِدَي ُه َما ِق َو َّ
الس ِارَق ُة َفا ْق َ السار ُيم * َو َّ ِ
اب ُّمق ٌ
الن ِار وما هم ِبخ ِارِج ِ
ين م ْن َها َوَل ُه ْم َع َذ ٌ
َ
ِ
* ُي ِر ُيدو َن أَن َي ْخ ُر ُجوْا م َن َّ َ َ ُ َ يم ِ
أَل ٌ
ور
َّللاَ َغُف ٌ
َّ وب َعَل ْي ِه ِإ َّن َصَل َح َفِإ َّن َّ
َّللاَ َيتُ ُ
َّللا ع ِزيز ح ِكيم * َفمن تاب ِمن بع ِد ُ ِ ِ
ظْلمه َوأ ْ َْ َ َ َ َّللا َو َّ ُ َ ٌ َ ٌ
جزآء ِبما َكسبا ن َكاالً ِمن َّ ِ
َّ ََ ً َ َ َ َ
َق ِد ٌير َّللاُ َعَل ٰى ُك ِّل َشي ٍء آء َو َّ ِ ِ ِ ِ َّللا َله مْلك َّ ِ
الس َٰم َٰوت َواأل َْرض ُي َع ّذ ُب َمن َي َش ُ
آء َوَي ْغف ُر ل َمن َي َش ُ َن َّ َ ُ ُ ُيم * أََل ْم تَ ْعَل ْم أ َّ ِ
َّرح ٌ
ْ
قوله{ :إن الذين كفروا لو أن لهم ما في األرض جميعاً ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم -
إلى قوله -وهللا على كل شيء قدير} [ ]40-36فإنه محكم.
ِ ِ َنزلَنآ ِإَل ْي َك اْل ِكتَاب ِباْلح ِّق مصِّدقاً ِّلما ب ْي َن ي َد ْي ِه ِم َن اْل ِكتَ ِ
آء ُه ْم َّللاُ َوالَ تَتَِّب ْع أ ْ
َهَو َ اح ُكم َب ْيَن ُهم ِب َمآ أ َ
َنزَل َّ اب َو ُم َه ْيمناً َعَل ْيه َف ْ َ َ َ َ َ َُ َوأ َ ْ
اح َد ًة َوَلـ ِٰكن ّلَِيْبُلَوُك ْم ِفي َمآ آتَ ُ
اكم ُم ًة و ِ ِ ع َّما جآءك ِمن اْلح ِق لِ ُك ٍل جعْلنا ِم ُ ِ
َّللاُ َل َج َعَل ُك ْم أ َّ َ
آء َّ
نك ْم ش ْرَع ًة َوم ْن َهاجاً َوَل ْو َش َ َ َ َ َ َ َ ّ ّ ََ َ
ات ِإَلى هللا مرِجع ُكم ج ِميعاً َفينِبُئ ُكم ِبما ُكنتم ِف ِ
يه تَ ْخَتلُِفو َن َفاستَِبُقوا الخير ِ
َ ُْ َُ ّ َْ ُ ْ َ ٰ َ َْ ْ
قوله{ :لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً} قال لكل نبي شريعة وطريق {ولكن ليبلوكم فيما آتاكم} أي :يختبركم.
َّللاُ أَن َيأِْتي ِباْلَف ْت ِح أ َْو أ َْم ٍر ِّم ْن َفتَرى َّال ِذين ِفي ُقُلوب ِِهم َّمرض يس ِارعو َن ِفي ِهم يُقوُلو َن ن ْخ َشى أَن تُ ِ
ص َيبَنا َد ِآئ َرةٌ َف َع َسى َّ
َ َ ٰ ْ َ َ ٌ َُ ُ َ َ
ِِ ِ ِ ِع ِندِه َفُي ِ
َسُّروْا في أ َْنُفس ِه ْم َنادم َ
ين صب ُحوْا َعَل ٰى َمآ أ َْ
قال لنبيه {فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة} وهو قول عبد هللا بن أبي
لرسول هللا صلى هللا عليه وآله ال تنقض حكم بني النضير فإنا نخاف الدوائر ،فقال هللا تعالى {فعسى هللا أن يأتي
بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين}.
ِ َّللا ِبَقو ٍم ي ِحبُّهم وي ِحبُّونه أ َِذَّل ٍة عَلى اْلمؤ ِمِن ِ نكم عن ِد ِين ِه َفسو ِ ِ ٰيأَي َّ ِ
ين أَعَّزٍة َعَلى اْل َكاف ِر َ
ين ُْ َ َ ف َيأْتي َّ ُ ْ ُ ُ ْ َ ُ َ ُ َْ َ آمُنوْا َمن َي ْرتََّد م ُ ْ َ
ين َ
ُّها الذ َ
َ
ِ يه من ي َشآء و َّ ِ الئ ٍم ٰذلِك َفضل َّ ِ ِ ِ َّللاِ والَ يخا ُفون َلوم َة ِ ِ ِ ِ ِ
يم
َّللاُ َواس ٌع َعل ٌ َّللا ُي ْؤت َ َ ُ َ َ ْ ُ ُي َجاه ُدو َن في َسبيل َّ َ َ َ َ ْ َ
أما قوله {يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي هللا بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة
على الكافرين يجاهدون في سبيل هللا} قال هو مخاطبة ألصحاب رسول هللا صلى هللا عليه وآله الذين غصبوا آل
محمد حقهم وارتدوا عن دين هللا {فسوف يأتي هللا بقوم يحبهم ويحبونه} نزلت في القائم عليه السالم وأصحابه
{يجاهدون في سبيل هللا وال يخافون لومة الئم}.
الزَكاة وهم ر ِ َّللا ورسوُله و َّال ِذين آمنوْا َّال ِذين يِقيمون َّ ٰ ِإَّن َما َولِي ُ
اك ُعو َن الصلوةَ َوُي ْؤتُو َن َّ َ َ ُ ْ َ َ ُ ُ َ ُّك ُم َّ ُ َ َ ُ ُ َ َ َ ُ
أما قوله{ :إنما وليكم هللا ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصالة ويؤتون الزكاة وهم راكعون} فإنه حدثني أبي عن
صفوان عن أبان بن عثمان بن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السالم قال بينما رسول هللا صلى هللا عليه وآله
جالس وعنده قوم من اليهود فيهم عبد هللا بن سالم ،إذ نزلت عليه هذه اآلية فخرج رسول هللا صلى هللا عليه وآله إلى
المسجد فاستقبله سائل ،فقال :هل أعطاك أحد شيئاً؟ قال نعم ،ذاك المصلي فجاء رسول هللا صلى هللا عليه وآله فإذا
هو علي أمير المؤمنين عليه السالم.
َعَلم ِب َما َك ُانوْا َي ْكتُ ُمو َن آمَّنا َوَق ْد َّد َخُلوْا ِباْل ُكْف ِر َو ُه ْم َق ْد َخ َر ُجوْا ِب ِه َو َّ
َّللاُ أ ْ ُ وك ْم َقاُلوْا َ
آء ُ
َوإِ َذا َج ُ
قوله{ :وإذا جاؤكم قالوا آمنا} قال :نزلت في عبد هللا بن أبي لما أظهر اإلسالم {وقد دخلوا في الكفر} قال :وخرجوا
به من اإليمان.
قوله {وأكلهم السحت} قال السحت هو بين الحالل والحرام وهو أن يؤاجر الرجل نفسه على حمل المسكر ولحم
الخنزير واتخاذ المالهي فأجارته نفسه خالل ومن جهة ما يحمل ويعلم هو سحت.
وحدثني أبي عن النوفل عن السكوني عن أبي عبد هللا عليه السالم قال قال أمير المؤمنين عليه السالم من السحت
ثمن الميتة ،وثمن الكلب ،ومهر البغي ،والرشوة في الحكم ،وأجر الكاهن.
آء َوَلَي ِز َيد َّن َكِثي اًر ِّم ْن ُهم َّمآ طتَ ِ ِ يه ْم َوُل ِعُنوْا ِب َما َقاُلوْا َب ْل َي َداهُ َم ْب ُسو ََّللاِ م ْغُلوَل ٌة ُغَّل ْت أ َْي ِد ِ ِ
ف َي َش ُ ان ُينف ُق َك ْي َ ود َي ُد َّ ََوَقاَلت اْلَي ُه ُ
َّللاُ
َها َّ طَفأ َام ِة ُكَّل َمآ أَ ْوَق ُدوْا َنا اًر ّلِْل َح ْر ِب أَ ْ ِ ض ِ
ط ْغَياناً َوُكْف اًر َوأَْلَق ْيَنا َب ْيَن ُه ُم اْل َع َد َاوَة َواْلَب ْغ َ َ
آء إَل ٰى َي ْو ِم اْلقَي َ ِك ُ ِ
ُنزَل ِإَل ْي َك من َّرّب َ
أِ
ين ِِ ِ وَي ْس َع ْو َن ِفي األ َْر ِ
َّللاُ الَ ُيح ُّب اْل ُمْفسد َ
ض َف َساداً َو َّ َ
قوله{ :قالت اليهود يد هللا مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان} قال :قالوا قد فرغ هللا من األمر ال
يحدث هللا غير ما قد قدره في التقدير األول ،فرد هللا عليهم فقال بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء أي يقدم ويؤخر
ويزيد وينقص وله البداء والمشية.
ص َدةٌ َوَكِث ٌير َكُلوْا ِمن َف ْوِق ِه ْم َو ِمن تَ ْح ِت أ َْر ُجلِ ِهم ِّم ْن ُه ْم أ َّ
ُم ٌة ُّمْقتَ ِ ُنزَل ِإَلي ِه ْم ِّمن َّرّب ِِه ْم أل َ
يل َو َمآ أ ِ ِ ِ
اموْا التَّ ْوَرَاة َواإل ْنج َ
َوَل ْو أََّن ُه ْم أََق ُ
ِّم ْن ُه ْم َسآء َما َي ْع َمُلو َن
َ
قوله{ :كلما أوقدوا نا اًر للحرب أطفأها هللا} [المائدة ]64 :قال كلما أراد جبار من الجبابرة هالك آل محمد قصمه هللا،
وقوله{ :ولو أنهم أقاموا التوراة و ِ
اإلنجيل وما أنزل إليهم من ربهم} يعني اليهود والنصارى {ألكلوا من فوقهم ومن تحت
أرجلهم} قال من فوقهم المطر ومن تحت أرجلهم النبات وقوله {منهم أمة مقتصدة} قال قوم من اليهود دخلوا في
ِ
اإلسالم فسماهم هللا مقتصدة.
قوله{ :يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} قال :نزلت هذه اآلية في علي {وإن لم تفعل فما بلغت رسالته وهللا
يعصمك من الناس} قال :نزلت هذه اآلية في منصرف رسول هللا صلى هللا عليه وآله من حجة الوداع وحج رسول هللا
صلى هللا عليه وآله حجة الوداع لتمام عشر حجج من مقدمه المدينة ،فكان من قوله بمنى أن حمد هللا وأثنى عليه ثم
قال:
" أيها الناس اسمعوا قولي واعقلوه عني ،فإني ال أدري ال ألقاكم بعد عامي هذا ،ثم قال :هل تعلمون أي يوم أعظم
حرمة؟ قال الناس :هذا اليوم ،قال :فأي شهر؟ قال الناس :هذا ،قال :وأي بلد أعظم حرمة؟ قالوا :بلدنا هذا ،قال :فإن
دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربكم فيسألكم
عن أعمالكم ،أال هل بلغت أيها الناس؟ قالوا نعم ،قال :اللهم أشهد ،ثم قال :أال وكل مأثره أو بدعة كانت في الجاهلية
أو دم أو مال فهو تحت قدمي هاتين ،ليس أحد أكرم من أحد إال بالتقوى ،أال هل بلغت؟ قالوا نعم؟ قال اللهم اشهد،
ثم قال أال وكل ربا كان في الجاهلية فهو موضوع ،وأول موضوع منه ربا العباس بن عبد المطلب ،أال وكل دم كان
في الجاهلية فهو موضوع ،وأول موضوع دم ربيعة ،أال هل بلغت؟ قالوا :نعم ،قال :اللهم إشهد ،ثم قال :أال وإن
الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم هذه ولكنه راض بما تحتقرون من أعمالكم ،أال وإنه إذا أطيع فقد عبد ،أال أيها
الناس إن المسلم أخو المسلم حقاً ،ال يحل ألمرىء مسلم دم امرىء مسلم وماله إال ما أعطاه بطيبة نفس منه ،وإني
أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا ال إله إال هللا فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إال بحقها وحسابهم على
هللا ،أال هل بلغت ايها الناس؟ قالوا :نعم ،قال :اللهم إشهد ،ثم قال :أيها الناس احفظوا قولي تنتفعوا به بعدي وافهموه
تنعشوا أال ال ترجعوا بعدي كفا اًر يضرب بعضكم رقاب بعض بالسيف على الدنيا ،فإن فعلتم ذلك ولتفعلن لتجدوني في
كتيبة بين جبرائيل وميكائيل أضرب وجوهكم بالسيف ،ثم التفت عن يمينه فسكت ساعة ثم قال -إن شاء هللا أو علي
.
فلما كان آخر يوم من أيام التشريق أنزل هللا{ :إذا جاء نصر هللا والفتح} [النصر ،]1 :فقال رسول هللا صلى هللا عليه
وآله :نعيت إلى نفسي ثم نادى الصالة جامعة في مسجد الخيف فاجتمع الناس فحمد هللا وأثنى عليه ثم قال :نصر
هللا امرءاً ،سمع مقالتي فوعاها وبلغها من لم يسمعها ،فرب حامل فقه غير فقيه ،ورب حامل فقه إلى من هو أفقه
منه ،ثالث ال يغل عليهن قلب امرء مسلم أخلص العمل هلل والنصيحة ألئمة المسلمين ولزم جماعتهم فإن دعوتهم
محيطة من ورائهم ،المؤمنون أخوة تتكافأ دماؤهم ،يسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم.
أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين ،قالوا يا رسول هللا وما الثقالن؟ قال :كتاب هللا وعترتي أهل بيتي ،فإنه قد نبأني
اللطيف الخبير إنهما لن يفترفا حتى يردا علي الحوض كأصبعي هاتين ،وجمع بين سبابتيه وال أقول كهاتين وجمع
سبابته والوسطى ،فتفضل هذه على هذه ،فاجتمع قوم من أصحابه وقالوا :يريد محمد أن يجعل اإلمامة في أهل بيته
فخرج أربعة نفر منهم إلى مكه ودخلوا الكعبة تعاهدوا وتعاقدوا وكتبوا فيما بينهم كتاباً إن مات محمد أو قتل أن ال
يردوا هذا األمر في أهل بيته أبداً فانزل هللا على نبيه في ذلك {أم أبرموا أم اًر فإنا مبرمون أم يحسبون أنا ال نسمع
سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون} [الزخرف ]80-79 :فخرج رسول هللا صلى هللا عليه وآله من مكة يريد
المدينة حتى نزل منزالً يقال له غدير خم ،وقد علم الناس مناسكهم وأوعز إليهم وصيته إذ نزلت عليه هذه اآلية {يا
أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك فإن لم تفعل فما بلغت رسالته وهللا يعصمك من الناس} فقام رسول هللا صلى
هللا عليه وآله فقال بعد أن حمد هللا وأثنى عليه ثم قال أيها الناس هل تعلمون من وليكم؟ فقالوا :نعم هللا ورسوله ،ثم
قال :ألستم تعلمون إني أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا بلى ،قال :اللهم اشهد فأعاد ذلك عليهم ثالثاً كل ذلك يقول مثل
قوله األول ويقول الناس كذلك ويقول اللهم اشهد ،ثم أخذ بيد أمير المؤمنين عليه السالم فرفعها حتى بدا للناس بياض
إبطيهما ثم قال" :أال من كنت مواله فهذا علي مواله اللهم وال من وااله وعاد من عاداه وانصر من نصره وأخذل من
خذله وأحب من أحبه ثم رفع رأسه إلى السماء فقال اللهم اشهد عليهم وإنا من الشاهدين" فاستفهمه عمر فقام من بين
أصحابه فقال يا رسول هللا هذا من هللا ومن رسوله؟ فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله نعم من هللا ورسوله إنه أمير
المؤمنين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين ،يقعده هللا يوم القيامة على الصراط فيدخل أولياءه الجنة وأعدائه النار،
فقال أصحابه الذين ارتدوا بعده قد قال محمد في مسجد الخيف ما قال وقال ها هنا ما قال وإن رجع إلى المدينة
يأخذنا بالبيعة له فاجتمعوا أربعة عشر نف اًر وتآمروا على قتل رسول هللا صلى هللا عليه وآله وقعدوا في العقبة ،وهي
فحدثني أبي عن مسلم بن خالد عن محمد بن جابر عن ابن مسعود قال :قال لي رسول هللا صلى هللا عليه وآله لما
رجع من حجة الوداع يا بن مسعود قد قرب األجل ونعيت إلي نفسي فمن لذلك بعدي؟ فأقبلت أعد عليه رجالً رجالً،
فبكى رسول هللا صلى هللا عليه وآله ثم قال ثكلتك الثواكل فأين أنت عن علي بن أبي طالب لم ال تقدمه على الخلق
أجمعين ،يا بن مسعود إنه إذا كان يوم القيامة رفعت لهذه األمة أعالم ،فأول األعالم لوائي األعظم مع علي بن أبي
طالب والناس أجمعين تحت لوائه ينادي مناد هذا الفضل يا بن أبي طالب.
ثم نزل كتاب هللا يخبر عن أصحاب رسول هللا صلى هللا عليه وآله فقال {وحسبوا أال تكون فتنة} أي :ال يكون
اختبار وال يمتحنهم هللا بأمير المؤمنين عليه السالم {فعموا وصموا} قال :حيث كان رسول هللا صلى هللا عليه وآله بين
أظهرهم {ثم عموا وصموا} حين قبض رسول هللا صلى هللا عليه وآله وأقام أمير المؤمنين عليه السالم عليهم فعموا
وصموا فيه حتى الساعة.
ثم احتج عز وجل على النصارى في عيسى فقال{ :ما المسيح ابن مريم إال رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه
صديقة كانا يأكالن الطعام} يعني كانا يحدثان فكنى هللا عن الحدث وكل من أكل الطعام يحدث.
اب الَ تَ ْغُلوْا ِفي ِد ِين ُكم َغير اْلح ِق والَ تَتَِّبعوْا أَهوآء َقو ٍم َق ْد ضُّلوْا ِمن َقبل وأَضُّلوْا َكِثي اًر وضُّلوْا عن سو ِ
آء َهل اْل ِكتَ ِ
َ ََ َ َ ُْ َ َ َ ُ َْ َ ْ ْ َْ َ ّ َ ُق ْل َيـٰأ ْ َ
السِب ِ
يل َّ
ق أر أبو عبد هللا عليه السالم هذه اآلية {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم -إلى
قوله -ولكن كثي اًر منهم فاسقون} قال الخنازير على لسان داود والقردة على لسان عيسى.
قوله{ :كانوا ال يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون} قال كانوا يأكلون لحم الخنزير ويشربون الخمر ويأتون
النساء أيام حيضهن.
اب ُه ْم َخالِ ُدو َن * َوَل ْو َّللا َعَل ْي ِهم وِفي اْلع َذ ِ ِ ين َكَف ُروْا َلِب ْئ َس َما َقَّد َم ْت َل ُه ْم أ ُ َّ َّ ِ ِ ِ
َ ْ َ َنف ُس ُه ْم أَن َسخ َ َّ ُ تَ َر ٰى َكثي اًر ّم ْن ُه ْم َيتََول ْو َن الذ َ
َِّ ِ َشَّد ا َّلن ِاسُقو َن * َلتَ ِج َد َّن أ َالنِب ِي وما أ ُْن ِزل ِإَلي ِه ما اتَّخ ُذوهم أَولِيآء وَلـ ِٰك َّن َكِثي اًر ِم ْنهم َف ِ ِ ِ
ين
اس َع َد َاوًة ّللذ َ ّ ُْ َ ْ َ َ ُْ ْ َ َ َ َك ُانوا ُي ْؤمُنو َن باهلل و َّ ّ َ َ
ين َوُرْهَباناً َوأََّن ُه ْم َشرُكوْا وَلتَ ِجد َّن أَ ْقربهم َّموَّدة ِّلَّل ِذين آمنوْا َّال ِذين َقاُلوْا ِإَّنا نصار ٰى ٰذلِك ِبأ َّ ِ ِ ِ ِ آمنوْا اْليه َّ ِ
َن م ْن ُه ْم ق ّسيس َ َ ََ َ َ ين أ ْ َ َ َ َ َ ُ ْ َ ً َ َ ُ ود َوالذ َ َُ َ ُ َ
آمَّنا ِ ول تَرى أَعينهم تَِفيض ِمن َّ ِ ُنزل ِإَلى َّ ِ ِ ِ
الد ْم ِع م َّما َع َرُفوْا م َن اْل َح ِّق َيُقوُلو َن َربََّنآ َ ُ َ الرُس َ ْ ُ َ ُ ْ الَ َي ْستَ ْكب ُرو َن * َوإِ َذا َسم ُعوْا َمآ أ ِ َ
طمع أَن ي ْد ِخَلَنا رُّبَنا مع اْلَقو ِم َّ ِ ِ ِ اه ِدين * وما َلنا الَ نؤ ِمن ِب َّ ِ َفا ْكتُبنا مع َّ ِ
ين *
الصالح َ َ ََ ْ آءَنا م َن اْل َح ِّق َوَن ْ َ ُ ُ
اَّلل َو َما َج َ َ َ َ ُْ ُ الش َ َْ َ َ
ين ِِ ِٰ ات تَجرِي ِمن تَحِتها األ َْنهار َخالِ ِد ِ َّللا ِبما َقاُلوْا جَّن ٍ
آء اْل ُم ْحسن َ يها َوذل َك َج َز ُ
ين ف َ
َ َُ ْ َ ْ َ َفأَثَ َاب ُه ُم َّ ُ َ
احتج هللا على المؤمنين الموالين للكفار {وترى كثي اًر منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم -إلى قوله
-ولكن كثي اًر منهم فاسقون} [ ]81-80فنهى هللا عز وجل أن يوالي المؤمن الكافر إال عند التقية.
وأما قوله {لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا
نصارى} [ ] 82فإنه كان سبب نزولها أنه لما اشتدت قريش في أذى رسول هللا صلى هللا عليه وآله وأصحابه الذين
آمنوا به بمكة قبل الهجرة أمرهم رسول هللا صلى هللا عليه وآله أن يخرجوا إلى الحبشة ،وأمر جعفر بن أبي طالب
عليه السالم أن يخرج معهم ،فخرج جعفر ومعه سبعون رجالً من المسلمين حتى ركبوا البحر ،فلما بلغ قريش خروجهم
بعثوا عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد إلى النجاشي ليردوهم ،وكان عمرو وعمارة متعاديين ،فقالت قريش كيف
نبعث رجلين متعاديين فبرئت بنو مخزوم من جناية عمارة وبرئت بنو سهم من جناية عمرو بن العاص ،فخرج عمارة
وكان حسنن؟ الوجه شاباً مترفاً فأخرج عمرو بن العاص أهله معه فلما ركبوا السفينة شربوا الخمر ،فقال عمارة لعمرو
بن العاص ،قل ألهلك تقبلني ،فقال عمرو :أيجوز هذا سبحان هللا فسكت عمارة فلما انتشأ عمرو وكان على صدر
السفينة ،دفعه عمارة وألقاه في البحر فتشبث عمرو بصدر السفينة وأدركوه فاخرجوه ،فوردوا على النجاشي وقد كانوا
حملوا إليه هدايا فقبلها منهم ،فقال عمرو بن العاص أيها الملك إن قوماً منا خالفونا في ديننا وسبوا آلهتنا وصاروا
إليك فردهم إلينا ،فبعث النجاشي إلى جعفر فجاؤا به ،فقال يا جعفر ما يقول هؤالء؟ فقال جعفر أيها الملك وما
يقولون؟ قال يسألون أن أردكم إليهم ،قال أيها الملك سلهم أعبيد نحن لهم؟ فقال عمرو ال بل أحرار كرام ،قال :فسلهم
ألهم علينا ديون يطالبوننا بها؟ قال :ال مالنا عليكم ديون ،قال :فلكم في أعناقنا دماء تطالبوننا بها؟ قال :عمرو ال،
قال :فما تريدون منا آذيتمونا فخ رجنا من بالدكم ،فقال عمرو بن العاص أيها الملك خالفونا في ديننا وسبوا آلهتنا
ورجع عمرو إلى قريش فأخبرهم أن جعفر في أرض الحبشة في أكرم كرامة فلم يزل بها حتى هادن رسول هللا صلى
هللا عليه وآله قريشاً وصالحهم وفتح خيبر فوافى بجميع من معه وولد لجعفر بالحبشة من أسماء بنت عميس عبد هللا
بن جعفر ،وولد للنجاشي ابن فسماه محمداً ،وكانت أم حبيب بنت أبي سفيان تحت عبد هللا فكتب رسول هللا صلى هللا
عليه وآله إلى النجاشي يخطب أم حبيب ،فبعث إليها النجاشي فخطبها لرسول هللا صلى هللا عليه وآله فأجابته،
فزوجها منه وأصدقها أربعمائة دينار وساقها عن رسول هللا صلى هللا عليه وآله ،وبعث إليها بثياب وطيب كثير
وجهزها وبعثها إلى رسول هللا صلى هللا عليه وآله ،وبعث إليه بمارية القبطية أم إبراهيم ،وبعث إليه بثياب وطيب
وفرس ،وبعث ثالثين رجال من القسيسين ،فقال لهم انظروا إلى كالمه وإلى مقعده ومشربه ومصاله فلما وافوا المدينة
دعاهم رسول هللا صلى هللا عليه وآله إلى اإلسالم وق أر عليهم القرآن {وإذ قال هللا يا عيسى بن مريم اذكر نعمتي عليك
وعلى والدتك} -إلى قوله { -فقال الذين كفروا منهم إن هذا إال سحر مبين} [المائدة ]110 :فلما سمعوا ذلك من
رسول هللا صلى هللا عليه وآله يكوا وآمنوا ورجعوا إلى النجاشي فأخبروه خبر رسول هللا صلى هللا عليه وآله وق أروا عليه
ما ق أر عليهم ،فبكى النجاشي وبكى القسيسون وأسلم النجاشي ولم يظهر للحبشة إسالمه وخافهم على نفسه وخرج من
ين * َوُكُلوْا ِم َّما َرَزَق ُك ُم َّ ِ ِ َّللاُ َل ُك ْم َوالَ تَ ْعتَ ُدوْا ِإ َّن َّ ٰيأَيُّها َّال ِذين آمنوْا الَ تُح ِرموْا َ ِ
َّللاُ َحَلـٰالً َّللاَ الَ ُيح ُّب اْل ُم ْعتَد َ طِّيَبات َمآ أ َ
َح َّل َّ َّ ُ َ َُ َ
ِ ِ ِ اخ ُذ ُكم َّ َّ ِ ِ ِ طِيباً واتَُّقوْا َّ َّ ِ
َّللاُ ِبالل ْغ ِو في أ َْي َمان ُك ْم َوَلـٰكن ُي َؤاخ ُذ ُكم ِب َما َعَّقدتُّ ُم األ َْي َم َ
ان َف َكَّف َارتُ ُه ِ ن ِ
َّللاَ الذي أَنتُم به ُم ْؤمُنو َ * الَ ُي َؤ ُ َّ َ
ٰ ِ ِ َّ ٍ ِ اكين ِمن أَوس ِ ما تُ ْ ِ ِ
يك ْم أ َْو ك ْس َوتُ ُه ْم أ َْو تَ ْح ِر ُير َرَقَبة َف َمن ل ْم َي ِج ْد َفصَيا ُم ثَالَثَة أَيَّا ٍم ذلِ َك َكَّف َارةُ َهلِ ُطع ُمو َن أ ْ ام َع َش َرة َم َس َ ْ ْ َ َ
ِ
ط َع ُِإ ْ
َّللاُ َل ُك ْم َآي ِات ِه َل َعَّل ُك ْم تَ ْش ُك ُرو َن
ظوْا أ َْي َم َان ُك ْم َك ٰذلِ َك ُيَبِّي ُن َّ ِ
أ َْي َمان ُك ْم ِإ َذا َحَلْفتُ ْم َو ْ
احَف ُ
أما قوله{ :يا أيها الذين آمنوا ال تحرموا طيبات ما أحل هللا لكم} [ ]87فإنه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن بعض
رجاله عن أبي عبد هللا عليه السالم قال :نزلت هذه اآلية في أمير المؤمنين عليه السالم وبالل وعثمان بن مظعون،
فأما أمير المؤمنين عليه السالم فحلف أن ال ينام بالليل أبداً وأما بالل فإنه حلف أن ال يفطر بالنهار أبداً ،وأما
عثمان بن مظعون فإنه حلف أن ال ينكح أبداً فدخلت امرأة عثمان على عائشة وكانت امرأة جميلة ،فقالت عائشة ما
لي أراك معطلة فقالت ولمن أتزين فوهللا ما قاربني زوجي منذ كذا وكذا ،فإنه قد ترهب ولبس المسوح وزهد في الدنيا،
فلما دخل رسول هللا صلى هللا عليه وآله أخبرته عائشة بذلك ،فخرج فنادى الصالة جامعة ،فاجتمع الناس فصعد
المنبر فحمد هللا وأثنى عليه ثم قال ما بال أقوام يحرمون على أنفسهم الطيبات أال أني أنام بالليل وأنكح وأفطر بالنهار
فمن رغب عن سنتي فليس مني ،فقاموا هؤالء فقالوا يا رسول هللا فقد حلفنا على ذلك فأنزل هللا تعالى{ :ال يؤاخذكم هللا
باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم األيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوس ما تطعمون أهليكم أو
كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثالثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم} [ ]89اآلية.
في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله{ :يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر واألنصاب
واألزالم} أما الخمر فكل مسكر من الشراب خمر إذا أخمر فهو حرام؟ وأما المسكر كثيره وقليله حرام وذلك أن األول
شرب قبل أن يحرم الخمر فسكر فجعل يقول الشعر ويبكي على قتلى المشركين من أهل بدر ،فسمع رسول هللا صلى
هللا عليه وآله فقال :اللهم أمسك على لسانه ،فأمسك على لسانه فلم يتكلم حتى ذهب عنه السكر فأنزل هللا تحريمها
بعد ذلك ،وإنما كانت الخمر يوم حرمت بالمدينة فضيخ البسر والتمر فلما نزل تحريمها خرج رسول هللا صلى هللا عليه
وآله فقعد في المسجد ثم دعا بآنيتهم التي كانوا ينبذون فيها فأكفأ كلها ثم قال هذه كلها خمر وقد حرمها هللا ،فكان
أكثر شيء أكفئ من ذلك يومئذ من األشربة الفضيخ ،وال أعلم أكفئ يومئذ من خمر العنب شيء إال إناء واحد كان
فيه زبيب وتمر جميعاً ،وأما عصير العنب فلم يكن يومئذ بالمدينة منه شيء ،حرم هللا الخمر قليلها وكثيرها وبيعها
وشراء ها واالنتفاع بها ،وقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله :من شرب الخمر فأجلدوه ومن عاد فاجلدوه ومن عاد
فأجلدوه ومن عاد في الرابعة فاقتلوه ،وقال حق على هللا أن يسقي من شرب الخمر مما يخرج من فروج المومسات،
والمومسات الزواني يخرج من فروجهن صديد والصديد قيح ودم غليظ مختل يؤذي أهل النار حره ونتنه ،قال رسول
هللا صلى هللا عليه وآله :من شرب الخمر لم تقبل له صالة أربعين ليلة ،فإن عاد فأربعين ليلة من يوم شربها فإن مات
في تلك األربعين ليلة من غير توبة سقاه هللا يوم القيامة من طينة خبال وسمي المسجد الذي قعد فيه رسول هللا صلى
هللا عليه وآله يوم اكفئت المشربة مسجد الفضيخ من يومئذ ،ألنه كان أكثر شيء أكفئ من األشربة الفضيخ.
وأما الميسر فالنرد والشطرنج وكل قمار ميسر ،وأما األنصاب فاألوثان التي كانوا يعبدونها المشركون ،وأما األزالم
فاألقداح التي كانت تستقسم بها مشركوا العرب في الجاهلية ،كل هذا بيعه وشراه واالنتفاع بشئ من هذا حرام من هللا
محرم ،وهو رجس من عمل الشيطان ،فقرن هللا الخمر والميسر مع األوثان.
أما قوله {أطيعو هللا وأطيعوا الرسول واحذروا} [ ]92يقول ال تعصوا وال تركنوا إلى الشهوات من الخمر والميسر {فإن
توليتم} يقول عصيتم {فاعلموا أنما على رسولنا البالغ المبين} إذ قد بلغ وبين فانتهوا ،وقال رسول هللا صلى هللا عليه
وآله إنه سيكون قوم يبيتون وهم على شرب الخمر واللهو والغناء فبينما هم كذلك إذ مسخوا من ليلتهم وأصبحوا قردة
وخنازير وهو قوله {واحذروا} أن تعتدوا كما اعتدى أصحاب السبت ،فقد كان أملي لهم حتى أثروا وقالوا إن السبت لنا
حالل وإنما كان حرم على أولينا وكانوا يعاقبون على استحاللهم السبت ،فأما نحن فليس علينا حرام وما زلنا بخير منذ
استحللناه وقد كثرت أموالنا وصحت أجسامنا ،ثم أخذهم هللا ليالً وهم غافلون فهو قوله {واحذروا} أن يحل بكم مثل ما
حل بمن تعدى وعصى فلما نزل تحريم الخمر والميسر والتشديد في أمرهما قال الناس من المهاجرين واألنصار يا
رسول هللا قتل أصحابنا وهم يشربون الخمر وقد سماه هللا رجساً وجعله من عمل الشيطان وقد قلت ما قلت أفيضر
أصحابنا ذلك شيئاً بعد ما ماتوا؟ فأنزل هللا {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا} [ ]93اآلية
فهذا لمن مات أو قتل قبل تحريم الخمر ،والجناح هو اإلثم على من شربها بعد التحريم.
قال علي بن إبراهيم في قوله{ :يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم هللا بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ليعلم هللا من
يخافه بالغيب} قال نزلت في غزاة الحديبية قد جمع هللا عليهم الصيد فدخل بين رحائلهم ليبلونهم هللا أي :يختبرهم
وقوله {ليعلم هللا من يخافه بالغيب} قبل ذلك ولكنه عز وجل ال يعذب أحداً إال بحجة بعد إظهار الفعل.
قوله{ :يا أيها الذين آمنوا ال تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم} فواجب لفظ
اآلية أن الفداء يجب على من قتل الصيد متعمداً وفي المعنى والتفسير يجب الجزاء على من قتل الصيد متعمداً أو
خطأ.
حدثني محمد بن الحسين (الحسن ط) عن محمد بن عون النصيبي قال لما أراد المأمون أن يزوج أبا جعفر محمد بن
علي بن موسى عليه السالم ابنته أ م الفضل اجتمع إليه أهل بيته األدنين منه فقالوا له يا أمير المؤمنين ننشدك هللا أن
ال تخرج عنا أم اًر قد ملكناه وتنزع عنا ع اًز قد ألبسنا هللا فقد عرفت األمر الذي بيننا وبين آل علي قديماً وحديثاً ،قال
المأمون اسكتوا فوهللا ألقبلت من أحدكم في أمره ،فقالوا يا أمير المؤمنين أفتزوج قرة عينك صبياً لم يتفقه في دين هللا
وال يعرف فريضة وال سنة وال يميز بين الحق والباطل ،وألبي جعفر عليه السالم يومئذ عشرة سنين أو أحد عشرة سنة،
فلو صبرت عليه حتى يتأدب ويق أر القرآن ويعرف فرضاً من سنته ،فقال لهم المأمون وهللا إنه ألفقه منكم وأعلم باهلل
وبرسوله وفرائضه وسننه وأحكامه واق أر بكتاب هللا وأعلم بمحكمه ومتشابهه وخاصه وعامة وناسخه ومنسوخه وتنزيله
وتأويله منكم فاسألوه فإن كان األمر كما قلتم قبلت منكم في أمره وإن كان كما قلت علمتم أن الرجل خير منكم،
فخرجوا من عنده وبعثوا إلى يحيى بن أكثم واطمعوه في هدايا أن يحتال على أبي جعفر عليه السالم بمسألة ال يدري
كيف الجواب فيها عند المأمون إذا اجتمعوا للتزويج ،فلما حضروا وحضر أبو جعفر عليه السالم قالوا يا أمير
المؤمنين هذا يحيى بن أكثم إن أذنت له أن يسأل أبا جعفر عليه السالم عن مسألة ،فقال المأمون يا يحيى سل أبا
جعفر عليه السالم عن مسألة في الفقه لننظر كيف فقهه ،فقال يحيى يا أبا جعفر أصلحك هللا ما تقول في محرم قتل
صيداً؟ فقال أبو جعفر عليه السالم قتله في حل أو حرم ،عالماً أو جاهالً ،عمداً أو خطأ ،عبداً أو ح اًر ،صغي اًر أو
الحمد هلل إق ار اًر بنعمته وال إله إال هللا إخالصاً لعظمته وصلى هللا على محمد عند ذكره وقد كان من فضل هللا على
األنام إن أغناهم بالحالل عن الحرام فقال وانكحوا األيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم أن يكونوا فقراء يغنهم
هللا من فضله وهللا واسع عليم ثم إن محمد بن علي ذكر أم الفضل بنت عبد هللا وبذل لها من الصداق خمسمائة درهم
وقد زوجتك فهل قبلت يا أبا جعفر ،قال أبو جعفر عليه السالم نعم يا أمير المؤمنين قد قبلت هذا التزويج بهذا
الصداق ثم أولم عليه المأمون وجاء الناس على مراتبهم الخاص والعام ،قال فبينما نحن كذلك إذ سمعنا كالماً كأنه
من كالم المالحين في مجاوباتهم فإذا نحن بالخدم يجرون سفينة من فضة وفيها نسائج إبريسم مكان القلوس مملؤة
غالية فخضبوا أهل الخاص بها ثم مروا بها إلى دار العامة فطيبوهم ،فلما تفرق الناس قال المأمون :يا أبا جعفر إن
رأيت أن تبين لنا ما الذي يجب على كل صنف من هذه األصناف التي ذكرت في قتل الصيد؟ فقال أبو جعفر عليه
السالم نعم يا أمير المؤمنين إن المحرم إذا قتل صيداً في الحل والصيد من ذوات الطير من كبارها فعليه شاة ،وإذا
أصابه في الحرم فعليه الجزاء مضاعفاً ،وإذا قتل فرخاً في الحل فعليه جمل قد فطم وليس عليه قيمته ألنه ليس في
الحرم ،وإذا قتله في الحرم فعليه الجمل وقيمته ألنه في الحرم ،وإذا كان من الوحش فعليه في حمار الوحش بدنة
وكذلك في النعامة ،فإن لم يقدر فعليه إطعام ستين مسكيناً ،فإن لم يقدر فصيام ثمانية عشر يوماً ،وإن كانت بقرة
فعليه بقرة فإن لم يقدر فعليه إطعام ثالثين مسكيناً ،فمن لم يقدر فليصم تسعة أيام ،وإن كان ظبياً فعليه شاة ،فإن لم
يقدر فإطعام عشرة مساكين ،فإن لم يقدر فصيام ثالثة أيام ،وإن كان في الحرم فعليه الجزاء مضاعفاً هدياً بالغ الكعبة
حقاً واجباً عليه أن ينحره ،وإن كان في حج بمنى حيث ينحر الناس فإن كان في عمرة ينحره بمكة ويتصدق بمثل
ثمنه حتى يكون مضاعفاً ،وكذلك إذا أصاب أرنبا فعليه شاة وإذا قتل الحمامة تصدق بدرهم أو يشتري به طعاماً
لحمامة الحرم ،وفي الفرخ نصف درهم ،وفي البيضة ربع درهم.
وكلما أتى به المحرم بجهالة فال شيء عليه فيه إال الصيد فإن عليه الفداء بجهالة كان أو بعلم بخطأ كان أو بعمد،
وكلما أتى به العبد فكفارته على صاحبه بمثل ما يلزم صاحبه ،وكلما أتى به الصغير الذي ليس ببالغ فال شيء عليه
فيه ،وإن كان ممن عاد فهو ممن ينتقم هللا منه ليس عليه كفارة والنقمة في اآلخرة ،وإن دل على الصيد وهو محرم
فقتل فعليه الفداء ،والمصر عليه يلزمه بعد الفداء عقوبة في اآلخرة ،والنادم عليه ال شيء عليه بعد الفداء وإذا أصاب
ليالً في وكرها خطأ فال شيء عليه إال أن يتعمده فإن تعمد بليل أو نهار فعليه الفداء ،والمحرم بالحج ينحر الفداء
بمنى حيث ينحر الناس والمحرم للعمرة ينحر بمكة فأمر المأمون أن يكتب ذلك كله عن أبي جعفر عليه السالم ثم
دعا أهل بيته الذين أنكروا تزويجه عليه فقال لهم هل فيكم أحد يجيب بمثل هذا الجواب؟ قالوا ال وهللا وال القاضي ،ثم
أو ما علمتم أن أباه علياً آمن بالنبي صلى هللا عليه وآله وهو ابن اثني عشر سنة وقبل هللا ورسوله منه إيمانه ولم
يقبل من طفل غيره ،وال دعا رسول هللا صلى هللا عليه وآله طفالً غيره إلى اإليمان أو ما علمتم أنها ذرية بعضها من
بعض يجري آلخرهم مثل ما يجري ألولهم ،فقالوا صدقت يا أمير المؤمنين كنت أنت أعلم به منا.
قال ثم أمر المأمون أن ينثر على أبي جعفر عليه السالم ثالثة أطباق رقاع زعفران ومسك معجون بماء الورد وجوفها
رقاع على طبق رقاع عماالت ،والثاني ضياع طعمة لمن أخذها ،والثالث فيه بدر فأمر أن يفرق الطبق الذي عليه
عماالت على بني هاشم خاصة ،والذي عليه ضياع طعمة على الوزراء ،والذي عليه البدر على القواد ،ولم يزل
مكرماً ألبي جعفر عليه السالم أيام حياته حتى كان يؤثره على ولده وأما قوله{ :أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك
صياماً} فإنه حدثني أبي عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن سفين بن عيينة عن الزهري عن علي
ابن الحسين عليهما السالم قال قال يوماً يا زهري من أين جئت؟ قلت من المسجد قال :فيم كنتم ،قلت تذاكرنا أمر
الصوم فاجتمع رأيي و أري أصحابي إنه ليس من الصوم شيء واجب إال صوم شهر رمضان ،فقال يا زهري ليس كما
قلتم الصوم على أربعين وجهاً ،فعشرة أوجه منها واجبة كوجوب شهر رمضان وأربعة عشر وجهاً صاحبها فيها
بالخيار إن شاء صام وإن شاء أفطر ،وعشرة أوجه منها حرام ،وصوم األذن على ثالثة أوجه ،وصوم التأديب وصوم
اإلباحة وصوم السفر والمرض ،فقلت فسرهن لي جعلت فداك ،فقال أما الواجب فصوم شهر رمضان ،وصيام شهرين
متتابعين فيمن أفطر يوماً من شهر رمضان متعمداً ،وصيام شهرين متتابعين في قتل الخطأ لمن لم يجد العتق
واجب ،قال هللا{ :ومن قتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبه مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله} [النساء ]92 :وقوله{ :فمن لم يجد
فصيام شهرين متتابعين} [النساء ]92 :وصيام شهرين متتابعين في كفارة الظهار لمن لم يجد العتق واجب قال هللا
تعالى{ :فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا}[المجادلة ]4وصيام ثالثة أيام في كفارة اليمين واجب
لمن لم يجد االطعام قال هللا تعالى{ :فمن لم يجد فصيام ثالثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم} [المائدة ]89 :كل
ذلك متتايع وليس بمتفرق ،وصيام أذى حلق الرأس واجب قال هللا{ :أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو
نسك} [البقرة ]196 :فصاحبها فيها بالخيار فان شاء صام ثالثة أيام ،وصوم دم المتعة واجب لمن لم يجد الهدي قال
هللا{ :فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثالثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك
عشرة كاملة} [البقرة ]196 :وصوم جزاء الصيد واجب قال هللا تعالى{ :ومن قتله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من
النعم يحكم به ذوا عدل منكم هدياً بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياماً} أو تدري كيف يكون عدل
ذلك صياماً يا زهري؟ قلت ال ،قال :يقوم الصيد قيمته ثم تنقض تلك القيمة على البر ،ثم يكال ذلك البر أصواعاً
قوله{ :أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرماً} [ ]96وقوله{ :وجعل
هللا الكعبة البيت الحرام قياماً للناس} [ ]97قال ما دامت الكعبة قائمة ويحج الناس إليها لم يهلكوا فإذا هدمت وتركوا
الحج هلكوا وأما قوله{ :يا أيها الذين آمنوا ال تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم} [ ]102فإنه حدثني أبي عن حنان
بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر عليه السالم أن صفية بنت عبد المطلب مات ابن لها فأقبلت فقال لها الثاني غطي
قرطك فإن قرابتك من رسول هللا صلى هللا عليه وآله ال تنفعك شيئاً ،فقالت له هل رأيت لي قرطاً يابن اللخناء ،ثم
دخلت على رسول هللا صلى هللا عليه وآله فأخبرته بذلك وبكت ،فخرج رسول هللا صلى هللا عليه وآله فنادى الصالة
جامعة ،فاجتمع الناس فقال ما بال أقوام يزعمون أن قرابتي ال تنفع لو قد قربت المقام المحمود لشفعت في أحوجكم،
ال يسألني اليوم أحد من أبواه إال أخبرته ،فقام إليه رجل فقال من أبي فقال أبوك غير الذي تدعى له أبوك فالن بن
فالن ،فقام آخر فقال من أبي يا رسول هللا؟ فقال أبوك الذي تدعى له ثم قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ما بال
الذي يزعم أن قرابتي ال تنفع ال يسئلني عن أبيه ،فقام إليه الثاني فقال له أعوذ باهلل من غضب هللا وغضب رسوله
أعف عني عفى هللا عنك فأنزل هللا تعالى {يا أيها الذين آمنوا ال تسئلوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم -إلى قوله -ثم
أصبحوا بها كافرين}.
أما قوله{ :ما جعل هللا من بحيرة وال سائبة وال وصيلة وال حام} فإن البحيرة كانت إذا وضعت الشاة خمسة أبطن ففي
السادسة قالت العرب قد بحرت فجعلوها للصنم وال تمنع ماءاً وال مرعى ،والوصيلة إذا وضعت الشاة خمسة أبطن ثم
وضعت في السادسة جدياً وعناقاً في بطن واحد جعلوا األنثى للصنم ،وقالوا وصلت أخاها وحرموا لحمها على النساء،
والحام كان اذا كان الفحل من اإلبل جداً لجد قالوا قد حمي ظهره فسموه حاماً فال يركب وال يمنع ماءاً وال مرعى ،وال
قوله{ :يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم ال يضركم من ضل إذا اهتديتم} قال أصلحوا أنفسكم وال تتبعوا عورات الناس
وال تذكروهم فإنه ال يضركم ضاللتهم إذا كنتم أنتم صالحين.
ان ِم ْن َغ ْي ِرُك ْم ِإ ْن ِ صي ِيِآ أَيُّها َّال ِذين آمنوْا َشهادة بيِن ُكم ِإ َذا حضر أَحد ُكم اْلموت ِحين اْلو ِ
ان َذ َوا َع ْد ٍل ّم ْن ُك ْم أ َْو َ
آخ َر ِ َّة ا ْثَن ِ َ َ َ ََ ُ َْ ُ َ َ َ َ ُ َ َ ُ َْ ْ َ
اَّللِ ِإ ِن ْارتَْبتُ ْم الَ َن ْشتَرِي ِب ِه ثَ َمناً الصٰلوِة َفُيْق ِس َم ِ
ان ِب َّ ون ُه َما ِمن َب ْع ِد َّ ِ ِ
َص َاب ْت ُكم ُّمص َيب ُة اْل َم ْوت تَ ْحِب ُس َ ِ ِ
ض َرْبتُ ْم في األ َْرض َفأ َ
أَنتُ ْم َ
ِِ َّ ِ وَلو َكان َذا ُقربى والَ ن ْكتم شهادة َّ ِ
َّللا ِإَّنآ ِإ َذاً لم َن اآلَثم َ
ين ْ َ ٰ َ َ ُُ َ َ َ َ َْ َ
قوله{ :يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من
غيركم إن أنتم ضربتم في األرض فأصابكم مصيبة الموت} فإنها نزلت في ابن بندي وابن أبي مارية النصرانيين،
وكان رجل يقال له تميم الدارمي مسلم خرج معهما في سفر ،وكان مع تميم خرج ومتاع وآنية منقوشة بالذهب وقالدة
أخرجها إلى بعض أسواق العرب ليبيعها ،فلما مروا بالمدينة اعتل تميم فلما حضره الموت دفع ما كان معه إلى ابن
قال عز وجل{ :فإن عث ار على أنهما استحقا إثماً} [ ]107أي حلفا على كذب {فآخران يقومان مقامهما} يعني من
أولياء المدعي {من الذين استحق عليهم األوليان} فيقسمان باهلل أي :يحلفان باهلل {لشهادتنا أحق من شهادتهما وما
اعتدينا إنا إذاً لمن الظالمين} وإنهما قد كذبا فيما حلفا باهلل {ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن ترد
أيمان بعد أيمانهم} [ ]108فأمر رسول هللا صلى هللا عليه وآله أولياء تميم الدارمي أن يحلفوا باهلل على ما أمرهم به
فأخذ اآلنية والقالدة من ابن بندي وابن أبي مارية وردهما على أولياء تميم.
أما قوله{ :يوم يجمع هللا الرسل فيقول ما ذا أجبتم} فإنه حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن العال بن العال عن
محمد عن أبي جعفر عليه السالم قال ماذا أجبتم في أوصيائكم يسأل هللا تعالى يوم القيامة فيقولون ال علم لنا بما
فعلوا بعدنا بهم.
قوله{ :إذ قال هللا يا عيسى بن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك -إلى قوله -واشهد باننا مسلمون} [-110
]111فإنه محكم.
ِ ِإ ْذ َقال اْلحو ِاريُّو َن ي ِٰعيسى ابن مريم هل يستَ ِطيع ربُّك أَن ينِّزل عَلينا م ِآئدة ِمن َّ ِ
ين * َّللاَ ِإن ُك ْنتُم ُّم ْؤ ِمن َ
ال اتَُّقوْا َّ
الس َمآء َق َ َُ َ َ ْ َ َ َ ً ّ َ َ ْ َ َ ْ ََ َ ْ َ ْ ُ َ َ َ ََ
اه ِدين * َقال ِعيسى ابن مريم َّ
الل ُه َّم طمِئ َّن ُقُلوبنا ونعَلم أَن َقد صد ْقتَنا ون ُكون عَليها ِمن َّ ِ َقاُلوْا ن ِريد أَن َّنأ ُ ِ
َ َ ْ ُ َ ْ ََ الش َ ْ َ َ َ ََ َ َ َْ َ َُ َ َ ْ َ ْك َل م ْن َها َوتَ ْ َ ُ ُ
َّللاُ ِإِّني الر ِازِقي َن * َق َ
ال َّ ِ السم ِآء تَ ُكو ُن َلَنا ِعيداً ألََّولَِنا و ِ
آخ ِرَنا َو َآي ًة ّم ْن َك َو ْارُزْقَنا َوأ َ
َنت َخ ْي ُر َّ َ
ِ ِ َربََّنآ أ ِ
َنز ْل َعَل ْيَنا َمآئ َد ًة ّم َن َّ َ
َحداً ِّم َن اْل َعاَل ِمي َن نكم َفِإِني أُع ِّذبه ع َذاباً الَّ أ ِ ِ
ُع ّذُب ُه أ َ
َ ُمَنِّزُل َها َعَل ْي ُك ْم َف َمن َي ْكُف ْر َب ْع ُد م ُ ْ ّ َ ُ ُ َ
أما قوله{ :إذ قال الحواريون يا عيسى بن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء} [ ]112قال
عيسى{ :اتقو هللا إن كنتم مؤمنين} قالوا كما حكى هللا{ :نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون
عليها من الشاهدين} [ ]113فقال عيسى{ :اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيداً ألولنا وآخرنا وآية
منك وارزقنا وأنت خير ال ارزقين} [ ]114فقال هللا احتجاجاً عليهم{ :إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه
عذاباً ال أعذبه أحداً من العالمين} [ ]115فكانت تنزل المائدة عليهم فيجتمعون عليها ويأكلون حتى يشبعون ثم ترفع،
فقال كبراؤهم ومترفوهم ال تدع سفلتنا يأكلون منها فرفع هللا المائدة ومسخوا قردة وخنازير.
ات تَجرِي ِمن تَحِتها األ َْنهار خالِ ِدين ِفيهآ أَبداً َّر ِ الص ِاد ِق ِ
ضوْا
َّللاُ َع ْن ُه ْم َوَر ُ
ضي َّ
َ َُ َ َ َ َ ْ َ ين ص ْد ُق ُه ْم َل ُه ْم َجَّن ٌ ْ
َ َّللاُ َهـٰ َذا َي ْوُم َي َنف ُع َّ
ال َّ
َق َ
يم ِ ِٰ
َع ْن ُه ذل َك اْلَف ْوُز اْل َعظ ُ
حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن محمد بن النعمان عن ضريس عن أبي جعفر عليه السالم في قوله {هذا يوم
ينفع الصادقين صدقهم} قال إذا كان يوم القيامة وحشر الناس للحساب فيمرون بأهوال يوم القيامة فال ينتهون إلى
العرصة حتى يجهدوا جهداً شديداً ،قال فيقفون بفناء العرصة ويشرف الجبار عليهم وهو على عرشه فأول من يدعى
بنداء يسمع الخالئق أجمعون أن يهتف باسم محمد بن عبد هللا النبي القرشي العربي ،قال فيتقدم حتى يقف على يمين
العرش ،قال ثم يدعى بصاحبكم علي عليه السالم ،فيتقدم حتى يقف على يسار رسول هللا صلى هللا عليه وآله ،ثم
يدعى بأمة محمد فيقفون على يسار علي عليه السالم ثم يدعى بنبي نبي وأمته معه من أول النبيين إلى آخرهم
وأمتهم معهم ،فيقفون عن يسار العرش ،قال ثم أول من يدعى للمسائلة القلم قال فيتقدم ،فيقف بين يدي هللا في صورة
اآلدميين ،فيقول هللا هل سطرت في اللوح ما ألهمتك وأمرتك به من الوحي؟ فيقول القلم نعم ،يا رب قد علمت أني قد
سطرت في اللوح ما أمرتني والهمتني به من وحيك فيقول هللا فمن يشهد لك بذلك ،فيقول يا رب وهل أطلع على
مكنون سرك خلق غيرك ،قال :فيقول له هللا أفلحت حجتك ،قال ثم يدعى باللوح فيتقدم في صورة اآلدميين حتى يقف
مع القلم ،فيقول له هل سطر فيك القلم ما ألهمته وأمرته به من وحيي ،فيقول اللوح نعم يا رب وبلغته إسرافيل ،فيتقدم
مع القلم واللوح في صورة اآلدميين ،فيقول هللا هل بلغك اللوح ما سطر فيه القلم من وحيي؟ فيقول نعم يا رب وبلغته
جبرائيل ،فيدعى بجبرائيل فيتقدم حتى يقف مع إسرافيل ،فيقول هللا هل بلغك إسرافيل ما بلغ فيقول نعم يا رب وبلغته
جميع أنبيائك وأنفذت إليهم جميع ما انتهى إلي من أمرك وأديت رسالتك إلى نبي نبي ورسول رسول وبلغتهم كل
وحيك وحكمتك وكتبك وإن آخر من بلغته رساالتك ووحيك وحكمتك وعلمك وكتابك وكالمك محمد بن عبد هللا العربي
ين َكَف ُروْا ِب َرِّب ِه ْم َي ْع ِدُلو َن َّ ِ الظُل َٰم ِت َو ُّ
الس ٰم ٰو ِت واألَرض وجعل ُّ ِ َّ ِ
ور ْث َّم الذ َ
الن َ اْل َح ْم ُد ََّّلل الذي َخَل َق َّ َ َ َ ْ َ َ َ َ َ
{الحمد هلل الذي خلق السماوات واألرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون} فإنه حدثني أبي عن
الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضا عليه السالم قال :نزلت األنعام جملة واحدة ويشيعها سبعون ألف ملك لهم
زجل بالتسبيح والتهليل والتكبير فمن قرأها سبحوا له إلى يوم القيامة.
أما قوله{ :هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجالً وأجل مسمى عنده} فإنه حدثني أبي عن النضر بن سويد عن
الحلبي عن عبد هللا عن مسكان عن أبي عبد هللا عليه السالم قال األجل المقضي هو المحتوم الذي قضاه هللا وحتمه
والمسمى هو الذي فيه البداء يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء ،والمحتوم ليس فيه تقديم وال تأخير ،وحدثني ياسر عن
الرضا عليه السالم قال ما بعث هللا نبياً إال بتحريم الخمر وأن يقر له بالبداء أن يفعل هللا ما يشاء وأن يكون في تراثه
الكندر.
قوله{ :وهو هللا في السماوات وفي األرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون} قال السر ما أسر في نفسه والجهر
ما أظهره والكتمان ما عرض بقلبه ثم نسيه.
قوله{ :وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إال كانوا عنها معرضين -إلى قوله -وأنشأنا من بعدهم قرناً آخرين ولو
نزلنا عليك كتاباً في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إال سحر مبين} [ ]7-4فإنه محكم.
قال حكاية عن قريش{ :وقالوا لوال أنزل عليه ملك} يعني رسول هللا صلى هللا عليه وآله {ولو أنزلنا ملكاً لقضي األمر
ثم ال ينظرون} فأخبر عز وجل أن اآلية إذا جاءت والملك إذا نزل ولم يؤمنوا هلكوا ،فاستعفى النبي صلى هللا عليه
وآله من اآليات رأفة ورحمة على أمته وأعطاه هللا الشفاعة.
قال لهم قل لهم يا محمد{ :سيروا في األرض ثم انظروا} أي :انظروا في القرآن وأخبار األنبياء فانظروا {كيف كان
عاقبة المكذبين}.
قال قل لهم{ :لمن ما في السماوات واألرض} ثم رد عليهم فقال قل لهم{ :هللا كتب على نفسه الرحمة ليجمعنكم إلى
يوم القيامة} يعني أوجب الرحمة على نفسه.
قوله{ :وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم} يعني ما خلق بالليل والنهار هو كله هلل.
وقوله{ :وهو يطعم وال يطعم -إلى قوله -وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير} [ ]18-14فإنه محكم.
في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله{ :قل أي شيء أكبر شهادة قل هللا شهيد بيني وبينكم}
وذلك أن مشركي أهل مكة قالوا يا محمد ما وجد هللا رسوالً يرسله غيرك ،ما نرى أحداً يصدقك بالذي تقول ،وذلك في
أول ما دعاهم وهو يومئذ بمكة ،قالوا ولقد سألنا عنك اليهود والنصارى وزعموا أنه ليس لك ذكر عندهم فتأتينا من
يشهد أنك رسول هللا ،قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله{ :هللا شهيد بيني وبينكم} اآلية قال إنكم لتشهدون أن مع هللا
آلهة أخرى ،يقول هللا لمحمد فإن شهدوا فال تشهد معهم ،قال{ :ال أشهد قل إنما هو إله واحد وإنني بريء مما
تشركون} وأما قوله{ :الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم} اآلية فإن عمر بن الخطاب قال لعبد هللا بن
سالم هل تعرفون محمداً في كتابكم؟ قال :نعم وهللا نعرفه بالنعت الذي نعت هللا لنا إذا رأيناه فيكم كما يعرف أحدنا
ابنه إذا رآه مع الغلمان والذي يحلف به ابن سالم ألنا بمحمد هذا أشد معرفة مني بابني.
قال هللا{ :الذين خسروا أنفسهم فهم ال يؤمنون} وقال علي بن إبراهيم ثم قال قل لهم يا محمد{ :أي شيء أكبر شهادة}
[األنعام ]19 :يعني :أي شيء أصدق قوالً ثم قال{ :قل هللا شهيد بيني وبينكم وأوحى إلي هذا القرآن ألنذركم به ومن
بلغ} [األنعام ] 19 :قال :من بلغ هو اإلمام قال محمد ينذر وأنا نقول كما أنذر به النبي صلى هللا عليه وآله.
قوله{ :ومن أظلم ممن افترى على هللا كذباً أو كذب بآياته إنه ال يفلح الظالمون} فإنه محكم.
َّللاِ
ين ُكنتُ ْم تَ ْزُع ُمو َن * ثُ َّم َل ْم تَ ُك ْن ِف ْتَنتُ ُه ْم ِإالَّ أَن َقاُلوْا َو َّ َّ ِ ويوم نح ُشرهم ج ِميعاً ثُ َّم نُق َِّ ِ
آؤُك ُم الذ َ
َش َرُكوْا أ َْي َن ُش َرَك ُ
ين أ ْ
ول للذ ََ ُ َ َْ َ َ ْ ُ ُ ْ َ
َرّبَِنا َما ُكَّنا ُم ْش ِرِك َ
ين
قوله{ :ويوم نحشرهم جميعاً ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون ثم لم تكن فتنتهم} [ ]23-22أي:
كذبهم {إال أن قالوا وهللا ربنا ما كنا مشركين} والدليل على أن الفتنة ها هنا الكذب.
قوله{ :انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون} أي :ضل عنهم كذبهم.
َكَّن ًة أَن َيْفَق ُهوهُ َوِفي َءا َذ ِان ِه ْم َوْق اًر َوإِن َي َرْوْا ُك َّل َء َاي ٍة الَّ ُي ْؤ ِمُنوْا ِب َها َحتَّ ٰى ِإ َذا
و ِم ْنهم َّمن يس َت ِمع ِإَليك وجعْلَنا عَلى ُقُلوب ِِهم أ ِ
ْ َْ ُ ْ َ َ ََ َ ٰ َ ُْ
ِ ِ َّ ِ ِ ِ َّ ِ ٰ
ين
َسط ُير األََّول َ ين َكَف ُروْا إ ْن َهـٰ َذآ إال أ َٰ
ول الذ َون َك َيُق ُ
وك ُي َجدُل َ
آء َ
َج ُ
ذكر قريشاً فقال{ :ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه} يعني :غطاء {وفي آذانهم وق اًر} أي:
صمماً {وإن يروا كل آية ال يؤمنوا بها حتى إذا جاؤك يجادلونك} أي :يخاصمونك {يقول الذين كفروا إن هذا إال
أساطير األولين} أي :أكاذيب األولين.
قوله{ :وهم ينهون عنه وينؤن عنه} قال بنو هاشم كانوا ينصرون رسول هللا صلى هللا عليه وآله ويمنعون قريشاً عنه
وينأون عنه أي :يباعدون عنه ويساعدونه وال يؤمنون.
قوله{ :ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد وال نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين} قال :نزلت في بني
أمية.
َب ْل َب َدا َل ُه ْم َّما َك ُانوْا ُي ْخُفو َن ِمن َقْب ُل َوَل ْو ُرُّدوْا َل َع ُادوْا لِ َما ُن ُهوْا َع ْن ُه َوإَِّن ُه ْم َل َك ِاذُبو َن
قال{ :بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل} قال :من عداوة أمير المؤمنين عليه السالم{ :ولو ُّ
ردوا لعادوا لما نهوا عنه
وإنهم لكاذبون}.
ال أََل ْي َس َهـٰ َذا ِباْل َح ِّق َقاُلوْا َبَل ٰى َوَرّبَِنا ِ ِ
ين * َوَل ْو تَ َر ٰى إ ْذ ُوِقُفوْا َعَل ٰى َرِّبه ْم َق َ َوَقاُلوْا ِإ ْن ِهي ِإالَّ َحَياتَُنا ُّ
الد ْنَيا َو َما َن ْح ُن ِب َم ْب ُعوِث َ َ
ِ ِ ِ
ين َكذُبوْا ِبلَقآء َّ َّ ِ َّ ِ َّ ِ
ٰح ْس َرتََنا َعَل ٰىاع ُة َب ْغتَ ًة َقاُلوْا ي َالس َ
آء ْت ُه ُم َّ
َّللا َحت ٰى إ َذا َج َ اب ِب َما ُكنتُ ْم تَ ْكُف ُرو َن * َق ْد َخس َر الذ َ الع َذ َ
ال َف ُذوُقوْا ََق َ
ورِه ْم أَالَ َسآء َما َي ِزُرو َن
َ يها َو ُه ْم َي ْح ِمُلو َن أ َْوَزَارُه ْم َعَل ٰى ُ
ظ ُه ِ ما َفَّر ْ ِ
طَنا ف َ َ
حكى عز وجل قول الدهرية فقال{ :وقالوا إن هي إال حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين} [ ]29فقال هللا{ :ولو ترى إذ
وقفوا على ربهم} [ ]30قال قال حكاية عن قول من أنكر قيام الساعة فقال{ :قد خسر الذين كذبوا بلقاء هللا حتى إذا
جاءتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم أال ساء ما يزرون} []31
يعني :آثامهم.
قوله{ :وما الحياة الدنيا إال لعب ولهو وللدار اآلخرة خير للذين يتقون أفال تعقلون} محكم.
قوله{ :قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم ال يكذبونك ولكن الظالمين بآيات هللا يجحدون} [ ]33فإنها قرئت على
أبي عبد هللا عليه السالم فقال بلى وهللا لقد كذبوه أشد التكذيب وإنما نزل {ال يأتونك} أي :ال يأتون بحق يبطلون
حقك ،حدثني أبي عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث (البختري ط) قال :قال أبو
عبد هللا عليه السالم يا حفص إن من صبر صبر قليالً وإن من جزع جزع قليالً ثم قال عليك بالصبر في جميع
أمورك فإن هللا بعث محمداً وأمره بالصبر والرفق فقال{ :واصبر على ما يقولون واهجرهم هج اًر جميالً} [المزمل]10:
فقال{ :ادفع بالتي هي أحسن السيئة فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} [السجدة ]34:فصبر رسول هللا
صلى هللا عليه وآله حتى قابلوه بالعظائم ورموه بها فضاق صدره ،فأنزل هللا {ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون}
[الحجر]97:
ثم كذبوه ورموه فحزن لذلك فأنزل هللا تعالى {قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم ال يكذبونك ولكن الظالمين بآيات
هللا يجحدون ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا} [ ]34-33فالزم نفسه الصبر
صلى هللا عليه وآله فقعدوا وذكروا هللا تبارك وتعالى بالسوء وكذبوه ،فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله قد صبرت في
نفسي وأهلي وعرضي وال صبر لي على ذكرهم إلهي فأنزل هللا":ولقد خلقنا السماوات واألرض وما بينهما في ستة أيام
وما مسنا من لغوب فاصبر على ما يقولون" [ق ]38:فصبر رسول هللا صلى هللا عليه وآله في جميع أحواله ،ثم بشر
في األئمة من عترته ووصفوا بالصبر {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون} [السجدة]24:
فعند ذلك قال عليه السالم الصبر من ِ
اإليمان كالرأس من البدن فشكر هللا له ذلك فأنزل هللا عليه{ :وتمت كلمة ربك
الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون} [األعراف ]137:فقال
رسول هللا صلى هللا عليه وآله آية بشرى وانتقام ،فأباح هللا قتل المشركين حيث وجدوا فقتلهم على يدي رسول هللا
صلى هللا عليه وآله وأحبائه وعجل هللا له ثواب صبره مع ما ادخر له في اآلخرة.
في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله{ :وإن كان كبر عليك إعراضهم} قال :كان رسول هللا
صلى هللا عليه وآله يحب إسالم الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف دعاه رسول هللا صلى هللا عليه وآله أن
يسلم فغلب عليه الشقاء فشق ذلك على رسول هللا صلى هللا عليه وآله فأنزل هللا {وإن كان كبر عليك إعراضهم -إلى
قوله -نفقاً في األرض} يقول سرباً ،فقال علي بن إبراهيم في قوله{ :نفقاً في األرض أو سلماً في السماء} قال إن
قدرت أن تحفر األرض وتصعد السماء أي ال تقدر على ذلك ،ثم قال{ :ولو شاء هللا لجمعهم على الهدى} أي :جعلهم
كلهم مؤمنين وقوله{ :فال تكونن من الجاهلين} مخاطبة للنبي والمعنى للناس.
قال {إنما يستجيب الذين يسمعون} يعني :يعقلون ويصدقون {والموتى يبعثهم} هللا أي :يصدقون بأن الموتى يبعثهم
هللا.
{وقالوا لوال نزل عليه آية} أي :هال أنزل عليه آية ،قال{ :إن هللا قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم ال يعلمون}
قال :ال يعلمون أن اآلية إذا جاءت ولم يؤمنوا بها ليهلكوا وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله
{إن هللا قادر على أن ينزل آية} وسيريكم في آخر الزمان آيات ،منها دابة في األرض ،والدجال ،ونزول عيسى بن
مريم عليه السالم وطلوع الشمس من مغربها.
قوله{ :وما من دابة في األرض وال طائر يطير بجناحيه إال أمم أمثالكم} يعني :خلق مثلكم ،وقال كل شيء مما خلق
خلق مثلكم {ما فرطنا في الكتاب من شيء} أي :ما تركنا {ثم إلى ربهم يحشرون}.
صر ٍ
اط ُّم ْستَِقي ٍم ِ َّللا ي ْ ِ ُّ ِ ِ َّ ِ ِ َّ ِ
ضلْل ُه َو َمن َي َش ْأ َي ْج َعْل ُه َعَل ٰى َ ص ٌّم َوُب ْك ٌم في الظُل َمات َمن َي َشِإ َّ ُ ُ
ين َكذُبوْا ب َآياتَنا ُ
َوالذ َ
حدثنا أحمد بن محمد قال :حدثنا جعفر بن عبد هللا قال :حدثنا كثير بن عياش عن أبي الجارود عن أبي جعفر
صلوات هللا عليه في قوله{ :الذين كذبوا بآياتنا صم بكم} يقول صم عن الهدى وبكم ال يتكلمون بخير {في الظلمات}
يعني :ظلمات الكفر {من يشاء هللا يظلله ومن يشاء يجعله على صراط مستقيم} وهو رد على قدرية هذه األمة،
يحشرهم هللا يوم القيامة مع الصابئين والنصارى والمجوس ،فيقولون{ :وهللا ربنا ما كنا مشركين} يقول هللا{ :أنظر
كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون} [األنعام ]24:قال :فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله :إال أن
لكل أمة مجوس ،ومجوس هذه األمة الذين يقولون ال قدر ويزعمون أن المشية والقدرة إليهم ولهم أخبرنا الحسين بن
محمد عن المعلى بن محمد عن علي بن أسباط عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد هللا عليه السالم
في قوله {وهللا ربنا ما كنا مشركين} [األنعام ]23 :بوالية علي عليه السالم ،حدثنا جعفر بن أحمد قال حدثنا عبد
الكريم قال حدثنا محمد بن علي قال حدثنا محمد بن الفضيل عن أبي حمزة قال سألت أبا جعفر عليه السالم عن
قول هللا عز وجل {الذين كذبوا بآياتنا صم بكم في الظلمات من يشاء هللا يضلله ومن يشاء يجعله على صراط
مستقيم} فقال أبو جعفر نزلت في الذين كذبوا بأوصيائهم ،صم بكم ،كما قال هللا في الظلمات ،من كان من ولد إبليس
فإنه ال يصدق باألوصياء وال يؤمن بهم أبداً وهم الذين أضلهم هللا ،ومن كان من ولد آدم آمن باألوصياء فهم على
صراط مستقيم ،قال وسمعته يقول كذبوا بآياتنا كلها في بطن القرآن إن كذبوا باألوصياء كلهم.
قال قل لهم يا محمد{ :أرأيتكم إن أتاكم عذاب هللا أو أتتكم الساعة أغير هللا تدعون إن كنتم صادقين}.
ضَّرُعو َن َخ ْذ َٰنهم ِباْلبأْس ِآء و َّ ِ َّ وَلَق ْد أَرس َلنآ ِإَل ٰى أ ِ ِ
الضَّرآء َل َعل ُه ْم َيتَ َ ُم ٍم ّمن َقْبل َك َفأ َ ُ ْ َ َ َ
َ َْ َ
قوله عز وجل لنبيه صلى هللا عليه وآله{ :ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون}
يعني :كي يتضرعوا.
قال{ :فلوال إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون} [ ]43فلما لم يتضرعوا
فتح هللا عليهم الدنيا وأغناهم عقوبة لفعلهم الردي فلما {فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون} [ ]44أي:
آيسون وذلك قول هللا تبارك وتعالى في مناجاته لموسى عليه السالم ،حدثني أبي عن القاسم بن محمد عن سليمان بن
داود المنقري عن حفص بن غياث عن أبي عبد هللا عليه السالم قال :كانت مناجاة هللا لموسى عليه السالم يا موسى
إذا رأيت الفقر مقبالً فقل مرحباً بشعار الصالحين ،وإذا رأيت الغنى مقبالً فقل ذنب عجلت عقوبته ،فما فتح هللا على
أحد هذه الدنيا إال بذنب لينسيه ذلك فال يتوب فيكون إقبال الدنيا عليه عقوبة لذنوبه.
حدثنا جعفر بن أحمد قال حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم عن محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة
قال :سألت أبا جعفر عليه السالم عن قول هللا عز وجل{ :فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء} قال
أما قوله{ :فلما نسوا ما ذكروا به} يعني :فلما تركوا والية علي أمير المؤمنين عليه السالم وقد أمروا به {فتحنا عليهم
أبواب كل شيء} يعني دولتهم في الدنيا وما بس لهم فيها وأما قوله{ :حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم
مبلسون} يعني بذلك قيام القائم حتى كانهم لم يكن لهم سلطان ق ،فذلك قوله بغتة فنزلت بخبره هذه اآلية على محمد
صلى هللا عليه وآله.
قوله{ :فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد هلل رب العالمين} فإنه حدثني أبي عن القاسم بن محمد عن سليمان بن
داود المنقري عن فضيل بن عياض عن أبي عبد هللا عليه السالم قال :سألته عن الورع فقال الذي يتورع عن محارم
قوله{ :قل أرأيتم إن أخذ هللا سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من إله غير هللا يأتيكم به انظر كيف نصرف اآليات
ثم هم يصدفون} قال" :قل لقريش إن أخذ هللا سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من يرد ذلكم عليكم إال هللا" وقوله:
{ثم هم يصدفون} أي :يكذبون ،وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله{ :قل أرأيتم إن أخذ هللا
سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم} يقول إن أخذ هللا منكم الهدى من آله غير هللا يأتيكم به انظر كيف نصرف
اآليات ثم هم يصدفون يقول يعترضون.
قوله{ :وما نرسل المرسلين إال مبشرين ومنذرين فمن آمن وأصلح فال خوف عليهم وال هم يحزنون والذين كذبوا بآياتنا
يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون -ثم قال قل لهم يا محمد -ال أقول لكم عندي خزائن هللا وال أعلم الغيب وال أقول
لكم إني ملك إن أتبع إال ما يوحى إلي} [ ]50-48قال ما أملك لكم خزائن هللا وال أعلم الغيب وأما قوله إنها من عند
هللا -ثم قال { -هل يستوي األعمى والبصير} أي :من يعلم ومن ال يعلم {أفال تتفكرون} ثم قال{ :وأنذر به} []51
يعني بالقران {الذين يخافون} أي :يرجون {أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي وال شفيع لعلهم يتقون}.
أما قوله{ :وال تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك
عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين} فإنه كان سبب نزولها إنه كان بالمدينة قوم فقراء مؤمنون يسمون
أصحاب الصفة ،وكان رسول هللا صلى هللا عليه وآله أمرهم أن يكونوا في الصفة يأوون إليها ،وكان رسول هللا صلى
هللا عليه وآله يتعاهدهم بنفسه وربما حمل اليهم ما يأكلون ،وكانوا يختلفون إلى رسول هللا صلى هللا عليه وآله فيقربهم
ويقعد معهم ويؤنسهم وكان إذا جاء األغنياء والمترفون من أصحابه أنكروا عليه ذلك ويقولون له اطردهم عنك فجاء
يوماً رجل من األنصار إلى رسول هللا صلى هللا عليه وآله وعنده رجل من اصحاب الصفة قد لزق برسول هللا صلى
هللا عليه وآله ورسول هللا صلى هللا عليه وآله يحدثه ،فقعد األنصاري بالبعد منهما ،فقال له رسول هللا صلى هللا عليه
وآله تقدم فلم يفعل ،فقال له رسول هللا صلى هللا عليه وآله لعلك خفت أن يلزق فقره بك فقال األنصاري اطرد هؤالء
عنك ،فأنزل هللا {وال تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه}..الخ.
قال{ :وكذلك فتنا بعضهم ببعض} أي :اختبرنا األغنياء بالغناء لننظر كيف مواساتهم للفقراء وكيف يخرجون ما
فرض هللا عليهم في أموالهم ،فاختبرنا الفقراء لننظر كيف صبرهم على الفقر وعما في أيدي األغنياء {وليقولوا} أي:
الفقراء {أهؤالء} األغنياء {من هللا عليهم من بيننا أليس هللا بأعلم بالشاكرين} ثم فرض هللا على رسوله صلى هللا عليه
وآله أن يسلم على التوابين والذين عملوا السيئات ثم تابوا.
ٍ
وءا ِب َج َٰهَلة ثُ َّم تَ َ
اب نك ْم ُس ً ين ُي ْؤ ِمُنو َن ِب َآي ِاتَنا َفُق ْل َس َٰل ٌم َعَل ْي ُك ْم َكتَ َب َرُّب ُك ْم َعَل ٰى َنْف ِس ِه َّ
الر ْح َم َة أََّن ُه َمن َع ِم َل ِم ُ وإِ َذا جآء َّ ِ
ك الذ َ َ َ ََ
ِ ِِ ِ
يم
ور َّرح ٌ َصَل َح َفأََّن ُه َغُف ٌمن َب ْعده َوأ ْ
قال{ :وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سالم عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة} يعني أوجب الرحمة لمن تاب
والدليل على ذلك قوله{ :إنه من عمل منكم سوءاً بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم}.
ِ
ات ولِتَستَِب َ ِ وَك َذلِك َنف ِ
يل اْل ُم ْج ِرِم َ
ين ين َسب ُ اآلي َ ْ ص ُل َ
َ َ ّ
قوله{ :وكذلك نفصل اآليات ولتستبين سبيل المجرمين} يعني :مذهبهم وطريقتهم تستبين إذا وصفناهم.
ين * ُق ْل ِإِّني ِ ِ َّ ُقل ِإِني ن ِهيت أَن أَعبد َّال ِذين تدعون ِمن دو ِن َّ ِ
ضَلْل ُت ِإذاً َو َمآ أََن ْا م َن اْل ُم ْهتَد َ
آء ُك ْم َق ْد ََه َو ََّللا ُق ْل ال أَتَِّب ُع أ ْ ُ َ َْ ُ َ ْ ّ ُ ُ ْ ْ َُ
ين ِ ِ ٰ
ص اْل َح َّق َو ُهَو َخ ْي ُر اْلَفصل َ َعَل ٰى َبِّيَن ٍة ِّمن َّرّبِي َوَك َّذ ْبتُم ِبه َما عندي َما تَ ْستَ ْع ِجُلو َن ِبه ِإ ِن اْل ُح ْك ُم ِإال ََّّلل َيُق ُّ
ِ َّ ِ ِ ِ ِ
ظُل َٰم ِت و ِعنده مَف ِاتح اْلغي ِب الَ يعَلمهآ ِإالَّ هو ويعَلم ما ِفي اْلب ِر واْلبح ِر وما تسُق ُ ِمن ورَق ٍة ِإالَّ يعَلمها والَ حب ٍ
َّة ِفي ُ َْ ُ َ َ َ ََ َّ َ َ ْ َ َ َ ْ َُ َ َ ْ ُ َ َْ َُ َ َ ُ َ ُ َْ
س ِإالَّ ِفي ِك ٰتَ ٍب ُّمِب ٍ
ين ط ٍب والَ َياِب ٍ ِ
األ َْرض َوالَ َر ْ َ
قوله{ :وعنده مفاتح الغيب} يعني :عالم الغيب {ال يعلمها إال هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسق من ورقة إال
يعلمها وال حبة في ظلمات األرض وال رطب وال يابس إال في كتاب مبين} قال الورقة السق ،والحبة الولد ،وظلمات
األرض األرحام ،والرطب ما يبقى ويحيي ،واليابس ما تغيض األرحام ،وكل ذلك في كتاب مبين.
َج ٌل ُّم َس ًّمى ثُ َّم ِإَل ْي ِه َم ْرِج ُع ُك ْم ثُ َّم ُيَنِّبُئ ُكم ِب َما ُكنتُ ْم ِِِ و ُهو َّال ِذي يتَوَّٰف ُكم ِب َّال ِ
يل َوَي ْعَلم َما َج َر ْحتُم ِب َّ
الن َه ِار ثُ َّم َي ْب َعثُ ُك ْم فيه لُيْق َ
ض ٰى أ َ ُ ََ َ َ
تَ ْع َمُلو َن
قوله{ :وهو الذي يتوفاكم بالليل} يعني :بالنوم {ويعلم ما جرحتم بالنهار} يعني ما عملتم بالنهار وقوله{ :ثم يبعثكم
فيه} يعني ما عملتم من الخير والشر وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله {ليقضي أجل
مسمى} قال هو الموت {ثم إليه مرجعكم ثم ينبئكم بما كنتم تعملون}.
* ثُ َّم ُرُّدوْا ِإَل ٰى َح َد ُك ُم اْل َم ْو ُت تََوَّف ْت ُه ُرُسُلَنا َو ُه ْم الَ ُيَفِّر ُ
طو َن اه ُر َفو َق ِعَب ِادِه وُي ْرِسل َعَل ْي ُكم َحَف َ َّ ِ وهو اْلَق ِ
آء أ َ
ظ ًة َحت ٰى إ َذا َج َ َ ُ ْ َ َُ
يكم ِمن ُ ِ ِ ِ َّ ِ
ضُّرعاً َو ُخْفَي ًة تَ َ ظُل َمات اْلَبِّر َواْلَب ْح ِر تَ ْد ُع َ
ون ُه ين * ُق ْل َمن ُيَن ّج ُ ْ ّ َس َرعُ اْل َحاسِب َ
َّللا َم ْوالَ ُه ُم اْل َح ِّق أَالَ َل ُه اْل ُح ْك ُم َو ُه َو أ ْ
يك ْم ِّم ْن َها َو ِمن ُك ِّل َك ْر ٍب ثُ َّم أَنتُ ْم تُ ْش ِرُكو َن ين * ُق ِل َّ
َّللاُ ُيَن ِّج ُ ون َّن ِمن َّ ِ ِ ِِ َِّ
الشاك ِر َ َنج َانا م ْن َهـٰذه َلَن ُك َ َ
لئ ْن أ َ
أما قوله{ :وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة} يعني :المالئكة الذين يحفظونكم ويحفظون أعمالكم {حتى إذا
جاء أحدكم الموت توفته رسلنا} وهم المالئكة {وهم ال يفرطون} أي :ال يقصرون {ثم ردوا إلى هللا موالهم الحق أال له
الحكم وهو أسرع الحاسبين} وقوله{ :قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعاً وخفية} إلى قوله{ :ثم أنتم
تشركون} فانه محكم.
أ َْرُجلِ ُك ْم أ َْو َف ْوِق ُك ْم أ َْو ِمن تَ ْح ِت ف تَ ْعَل ُمو َن * ُق ْل ُه َو اْلَق ِاد ُر َعَل ٰى أَن َي ْب َع َث َعَل ْي ُك ْم َع َذاباً ِّمن ِ
ّل ُك ِّل َنَبٍإ ُّم ْستََقٌّر َو َس ْو َ
َو ُهَو اْل َح ُّق ُقل * َوَك َّذ َب ِب ِه َق ْو ُم َك ظر َكيف نص ِرف اآلي ِ
ات َل َعَّل ُه ْم َيْفَق ُهو َن ض ْان ُ ْ ْ َ ُ َ ّ ُ َ ْس َب ْع ٍ
ض ُك ْم َبأ َ
ِ ِ
َيْلِب َس ُك ْم شَيعاً َوُيذ َ
يق َب ْع َ
َّلس ُت َعَلي ُكم ِبو ِك ٍ
يل ْ ْ َ ْ
قوله{ :قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس
بعض} [ ]65فقوله{ :يبعث عليكم عذاباً من فوقكم} قال السلطان الجائر {أو من تحت أرجلكم} قال السفلة ومن ال
خير فيه{ :أو يلبسكم شيعاً} قال العصبية{ :ويذيق بعضكم بأس بعض} قال :سوء الجوار ،وفي رواية أبي الجارود
عن أبي جعفر عليه السالم في قوله{ :وهو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم} هو الدخان والصيحة {أو
من تحت أرجلكم} وهو الخسف {أو يلبسكم شيعاً} وهو اختالف في الدين وطعن بعضكم على بعض {ويذيق بعضكم
بأس بعض} وهو أن يقتل بعضكم بعضاً .وكل هذا في أهل القبلة كذا يقول هللا{ :انظر كيف نصرف اآليات لعلهم
يفقهون وكذب به قومك} [ ]66-65وهم قريش وقوله{ :لكل نبأ مستقر} [ ]67يقول لكل نبأ حقيقة {وسوف تعلمون}
وايضاً قال{ :انظر كيف نصرف اآليات لعلهم يفقهون} يعني :كي يفقهوا وقوله{ :وكذب به قومك وهو الحق} يعني:
القرآن كذبت به قريش {قل لست عليكم بوكيل لكل نبأ مستقر} أي :لكل خبر وقت وسوف تعلمون.
قوله{ :وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره} يعني الذين يكذبون بالقرآن
ويستهزؤن ،ثم قال فإن أنساك الشيطان في ذلك الوقت عما أمرتك به {فال تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين} أخبرنا
أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن سيف بن عميرة عن عبد األعلى
بن أعين قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله :من كان يؤمن باهلل واليوم اآلخر فال يجلس في مجلس يسب فيه
إمام أو يغتاب فيه مسلم إن هللا يقول في كتابه{ :وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا }..الخ
.
ين َيتَُّقو َن ِم ْن ِح َساِب ِهم ِّمن َشي ٍء َوَلـ ِٰكن ِذ ْك َر ٰى َل َعَّل ُه ْم َيتَُّقو َن َّ ِ
َو َما َعَلى الذ َ
ْ
قوله{ :وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء} أي :ليس يؤخذ المتقون بحساب الذين ال يتقون {ولكن ذكرى}
أي :أذكر {لعلهم يتقون} كي يتقوا.
قال{ :وذر الذين اتخذوا دينهم لعباً ولهواً وغرتهم الحياة الدنيا} يعني :المالهي {وذكر به أن تبسل نفس} أي :تسلم
{ليس لها من دون هللا ولي وال شفيع وإن تعدل كل عدل ال يؤخذ منها} يعني يوم القيامة ال يقبل منها فداء وال صرف
{أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا} أي أسلموا بأعمالهم {لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون}.
ين ِفي َّللا َك َّال ِذي استَهوْته َّ ِ ِ ضُّرَنا وُن َرُّد َعَل ٰى أ ْ ِ ُقل أَندعوْا ِمن دو ِن َّ ِ
الشَياط ُ ْ َْ ُ َعَقابَنا َب ْع َد إ ْذ َه َد َانا َّ ُ َّللا َما الَ َي َنف ُعَنا َوالَ َي ُ َ ُ ْ َْ ُ
ِ ِ ِ ِ ِ ض حيران َله أَصحاب يدعونه ِإَلى اْلهدى ا ْئِتنا ُقل ِإ َّن هدى َّ ِ
َّللا ُه َو اْل ُه َد ٰى َوأُم ْرَنا لُن ْسل َم ل َر ِّب اْل َعاَلم َ
ين َُ َ ْ َُ األ َْر ِ َ ْ َ َ ُ ْ َ ٌ َ ْ ُ َ ُ
قوله احتجاجاً على عبدة األوثان{ :قل -لهم -أندعوا من دون هللا ما ال ينفعنا وال يضرنا ونرد على أعقابنا بعد إذ
هدانا هللا} وقوله{ :كالذى استهوته الشياطين} أي :خدعتهم في األرض فهو (حيران).
وقوله{ :له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا} يعني :ارجع إلينا وهو كناية عن إبليس فرد هللا عليهم فقال قل لهم يا
محمد{ :إن هدى هللا هو الهدى وأمرنا لنسلم لرب العالمين}.
قوله{ :وأن أقيموا الصالة واتقوه وهو الذى إليه تحشرون وهو الذي خلق السماوات واألرض بالحق ويوم يقول كن
فيكون قوله الحق وله الملك يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير} [ ]73-72فإنه محكم.
ثم حكى عز وجل قول إبراهيم عليه السالم{ :وإذ قال إبراهيم ألبيه آزر أتتخذ أصناماً آلهة إني أراك وقومك في
ضالل مبين} فإنه محكم.
أما قوله {وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات واألرض وليكون من الموقنين} فإنه حدثني أبي عن إسماعيل بن
ضرار (مرار ط) عن يونس بن عبد الرحمن عن هشام عن أبي عبد هللا عليه السالم قال كش له عن األرض ومن
ال َهـٰ َذا َرّبِي َفَل َّمآ ين * َفَل َّمآ َأرَى اْلَق َم َر َب ِازغاً َق َ
ِِ ِ
ال ال أُح ُّب اآلفل َ َق َ ال َهـٰ َذا َرّبِي َفَل َّمآ أََف َل َّ
اْللْي ُل َأرَى َك ْوَكباً َق َ َفَل َّما َج َّن َعَل ْي ِه
َّ َّ
* َفَلما َأرَى الش ْم َس َب ِازَغ ًة َق َ
ال َهـٰ َذا َرّبِي َهـٰ َذآ أَ ْكَب ُر َفَل َّمآ أََفَل ْت ين ون َّن ِمن اْلَقو ِم َّ ِ
الضاّل َ َك َ َ ْ َي ْه ِدِني َرّبِي أل ُ ال َلِئن َّل ْم أََف َل َق َ
ِ ِ طر َّ ِ َِّ ِ ِ َقال ٰيَقو ِم ِإِّني ب ِر ِ
ض َحنيفاً َو َمآ أََن ْا م َن اْل ُم ْش ِرِك َ
ين الس َٰم َٰوت َواأل َْر َ يء ّم َّما تُ ْش ِرُكو َن * ِإّني َو َّج ْه ُت َو ْج ِه َي للذي َف َ َ
َ ٌ َ ْ
أما قوله {فلما جن عليه الليل رأى كوكباً قال هذا ربي فلما أفل} [ ]76أي غاب {قال ال أحب اآلفلين} فإنه حدثني
أبي عن صفوان عن ابن مسكان قال قال أبو عبد هللا عليه السالم إن آزر أبا ابراهيم كان منجماً لنمرود بن كنعان
فقال له إني أرى في حساب النجوم أن هذا الزمان يحدث رجالً فينسخ هذا الدين ويدعو إلى دين آخر ،فقال نمرود
في أي بالد يكون؟ قال في هذه البالد ،وكان منزل نمرود بكونى ربا (كوثي ريا خ ل) فقال له نمرود قد خرج إلى
الدنيا؟ قال آزر ال ،قال فينبغي أن يفرق بين الرجال والنساء ،ففرق بين الرجال والنساء ،وحملت أم إبراهيم عليه
السالم ولم تبين حملها ،فلما حان والدتها قالت يا آزر إني قد اعتللت وأريد أن اعتزل عنك ،وكان في ذلك الزمان
المرأة إذا اعتلت اعتزلت عن زوجها ،فخرجت واعتزلت عن زوجها واعتزلت في غار ،ووضعت بإبراهيم عليه السالم
فهيئته وقمطته ،ورجعت إلى منزلها وسدت باب الغار بالحجارة ،فأجرى هللا ِإلبراهيم عليه السالم لبناً من إبهامه،
وكانت أمه تأتيه ووكل نمرود بكل امرأة حامل فكان يذبح كل ولد ذكر ،فهربت أم إبراهيم بإبراهيم من الذبح ،وكان
يشب إبراهيم في الغار يوماً كما يشب غيره في الشهر ،حتى أتى له في الغار ثالثة عشر سنة فلما كان بعد ذلك
ازرته أمه ،فلما أرادت أن تفارقه تشبث بها ،فقال يا أمي أخرجيني ،فقالت له يا بني إن الملك إن علم إنك ولدت في
هذا الزمان قتلك ،فلما خرجت أمه وخرج من الغار وقد غابت الشمس نظر إلى الزهرة في السماء ،فقال هذا ربي فلما
وسئل أبو عبد هللا عليه السالم عن قول إبراهيم هذا ربي أشرك في قوله هذا ربي؟ فقال ال من قال هذا اليوم فهو
مشرك ،ولم يكن من إبراهيم شرك وإنما كان في طلب ربه وهو من غيره شرك ،فلما دخلت أم إبراهيم بإبراهيم دارها
نظر إليه آزر فقال من هذا الذي قد بقى في سلطان الملك والملك يقتل أوالد الناس فقالت هذا ابنك ولدته في وقت
كذا وكذا حين اعتزلت عنك ،فقال ويحك إن علم الملك بهذا زالت منزلتنا عنده وكان آزر صاحب أمر نمرود ووزيره
وكان يتخذ األصنام له وللناس ويدفعها إلى ولده ويبيعونها ،فقالت أم إبراهيم آلزر ال عليك إن لم يشعر الملك به ،بقي
لنا ولدنا وإن شعر به كفيتك االحتجاج عنه وكان آزر كلما نظر إلى إبراهيم أحبه حباً شديداً وكان يدفع إليه األصنام
ليبيعها كما يبيع إخوته ،فكان يعلق في أعناقها الخيوط ويجرها على األرض ويقول من يشتري ما (ال ط) يضره وال
ينفعه ويغرقها في الماء والحماة ،ويقول لها كلي واشربي وتكلمي ،فذكر أخوته ذلك ألبيه فنهاه فلم ينته فحبسه في
منزله ولم يدعه يخرج ،وحاجه قومه فقال إبراهيم {أتحاجوني في هللا وقد ِ
هدان} أي :بين لي {وال أخاف ما تشركون به
إال أن يشاء ربي شيئاً وسع ربي كل شيء علماً أفال تتذكرون} ثم قال لهم{ :وكيف أخاف ما أشركتم وال تخافون أنكم
أشركتم باهلل ما لم ينزل به عليكم سلطاناً فأي الفريقين أحق باألمن إن كنتم تعلمون} أي أنا أحق باألمن حيث أعبد هللا
وأنتم الذين تعبدون األصنام.
وأما قوله{ :الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} أي :صدقوا ولم ينكثوا ولم يدخلوا في المعاصي فيبطل إيمانهم ثم
قال{ :أولئك لهم األمن وهم مهتدون وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم}
يعني ما قد احتج إبراهيم على أبيه وعليهم.
قوله{ :ووهبنا له إسحاق ويعقوب} [ ]84يعني إلبراهيم {كالً هدينا ونوحاً هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان
وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين وإسماعيل
واليسع ويونس ولوطاً وكالً فضلنا على العالمين ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم} [ ]87-84أي :اختبرناهم
{وهديناهم إلى صراط مستقيم} فإنه محكم وحدثني أبي عن ظريف بن ناصح عن عبد الصمد بن بشير عن أبي
الجارود عن أبي جعفر عليه السالم قال قال لي أبو جعفر عليه السالم يا أبا الجارود ما يقولون في الحسن والحسين؟
قلت ينكرون علينا أنهما ابنا رسول هللا صلى هللا عليه وآله قال فبأي شيء احتججتم عليهم؟ قلت يقول هللا عز وجل
في عيسى بن مريم{ :ومن ذريته داود وسليمان -إلى قوله -وكذلك نجزي المحسنين} فجعل عيسى بن مريم من
ذرية إبراهيم ،قال فبأي شيء قالوا لكم؟ قلت قالوا قد يكون ولد االبنة من الولد وال يكون من الصلب ،قال فبأي شيء
احتججتم عليهم؟ قال :قلت احتججنا عليهم بقول هللا{ :قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا
وأنفسكم} [آل عمران ]61 :قال فأي شيء قالوا لكم؟ قلت قالوا قد يكون في كالم العرب أبناء رجل واآلخر يقول
أبناؤنا قال :فقال أبو جعفر عليه السالم :وهللا يا أبا الجارود ألعطينك من كتاب هللا أنهما من صلب رسول هللا صلى
هللا عليه وآله وال يردها إال كافر ،قال :قلت جعلت فداك وأين؟ قال من حيث قال هللا{ :حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم
وأخواتكم} [النساء ]23 :اآلية إلى أن ينتهي إلى قوله{ :وحالئل أبنائكم الذين من أصالبكم} [النساء ]23 :فسلهم يا أبا
الجارود هل حل لرسول هللا صلى هللا عليه وآله نكاح حليلتيهما؟ فإن قالوا نعم فكذبوا وهللا وفجروا وإن قالوا ال فهما
وهللا أبناؤه لصلبه وما حرمتا عليه إال للصلب.
قال عز وجل{ :ذلك هدى هللا يهدي به من يشاء من عباده ولو أشركوا} يعني :األنبياء الذين قد تقدم ذكرهم {لحب
عنهم ما كانوا يعملون}.
قال{ :أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها هؤالء} يعني أصحابه وقريش ومن أنكروا بيعة أمير
المؤمنين عليه السالم {فقد وكلنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين} يعني شيعة أمير المؤمنين عليه السالم.
قال تأديباً لرسول هللا صلى هللا عليه وآله{ :أولئك الذين هدى هللا فبهداهم اقتده} يا محمد ثم قال قل لقومك{ :ال
أسئلكم عليه أج اًر} يعني على النبوة والقرآن أج اًر {إن هو إال ذكرى للعالمين}.
قوله{ :وما قدروا هللا حق قدره} قال :لم يبلغوا من عظمة هللا أن يصفوه بصفاته {إذ قالوا ما أنزل هللا على بشر من
شيء} وهم قريش واليهود فرد هللا عليهم واحتج وقال قل لهم يا محمد {من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نو اًر وهدى
للناس تجعلونه قراطيس تبدونها} يعني تقرؤن ببعضها {وتخفون كثي اًر} يعني من أخبار رسول هللا صلى هللا عليه وآله
{وعلمتم ما لم تعلموا أنتم وال آباؤكم قل هللا ثم ذرهم في خوضهم يلعبون} يعني فيما خاضوا فيه من التكذيب.
قوله{ :ومن أظلم ممن افترى على هللا كذباً أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل هللا}
فإنها نزلت في عبد هللا بن سعد بن أبي سرح وكان أخا عثمان بن عفان من الرضاعة ،حدثني أبي عن صفوان عن
ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد هللا عليه السالم قال :إن عبد هللا بن سعد بن أبي سرح أخا عثمان بن عفان
من الرضاعة قدم المدينة وأسلم وكان له خ حسن وكان إذا نزل الوحي على رسول هللا صلى هللا عليه وآله دعاه
فكتب ما يمليه عليه رسول هللا صلى هللا عليه وآله من الوحي وكان إذا قال له رسول هللا صلى هللا عليه وآله سميع
بصير يكتب سميع عليم وإذا قال وهللا بما تعملون خبير يكتب بصير ،ويفرق بين التاء والياء وكان رسول هللا صلى
هللا عليه وآله يقول هو واحد ،فارتد كاف اًر ورجع إلى مكة وقال لقريش وهللا ما يدري محمد ما يقول أنا أقول مثل ما
يقول فال ينكر علي ذلك فأنا أنزل مثل ما أنزل هللا فأنزل هللا على نبيه صلى هللا عليه وآله في ذلك {ومن أظلم ممن
افترى على هللا كذباً }...الخ فلما فتح رسول هللا صلى هللا عليه وآله مكة أمر رسول هللا صلى هللا عليه وآله بقتله،
فجاء به عثمان قد أخذ بيده ورسول هللا صلى هللا عليه وآله في المسجد فقال يا رسول هللا اعف عنه فسكت رسول هللا
صلى هللا عليه وآله ثم أعاد فسكت رسول هللا صلى هللا عليه وآله ثم أعاد فقال هو لك ،فلما مر قال رسول هللا
ألصحابه ألم أقل من رآه فليقتله ،فقال رجل كانت عيني إليك يا رسول هللا أن تشير إلي فأقتله ،فقال رسول هللا صلى
هللا عليه وآله إن األنبياء ال يقتلون ِ
باإلشارة ،فكان من الطلقاء ثم حكى عز وجل ما يلقى أعداء آل محمد عليه وآله
السالم عند الموت فقال{ :ولو ترى إذ الظالمون -آل محمد حقهم -في غمرات الموت والمالئكة باسطوا أيديهم
أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون} قال :العطش {بما كنتم تقولون على هللا غير الحق وكنتم عن آياته
تستكبرون} قال :ما أنزل هللا في آل محمد تجحدون به.
َّ ِ ونا ُف َٰرَد ٰى َك َما َخَلْق َٰن ُك ْم أََّو َل َمَّرٍة َوتَ َرْكتُ ْم َّما َخَّوْل َٰن ُك ْم َوَراء ُ ِ
ين َزَع ْمتُ ْم أََّن ُه ْم ظ ُهورُك ْم َو َما َن َر ٰى َم َع ُك ْم ُشَف َع َ
آء ُك ُم الذ َ َ َوَلَق ْد ِج ْئتُ ُم َ
َّ ِف ُ
ض َّل َعن ُكم َّما ُكنتُ ْم تَ ْزُع ُمو َن آء َلَقد تََّقط َع َب ْيَن ُك ْم َو َ يك ْم ُش َرَك ُ
قال{ :ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم
أنهم فيكم شركاء} والشركاء أئمتهم {لقد تقطع بينكم} يعني :المودة {وضل عنكم} أي :بطل {ما كنتم تزعمون} حدثني
أبي عن أبي ه عن بعض أصحابنا عن أبي عبد هللا عليه السالم أنه قال نزلت هذه اآلية في معاوية وبني أمية
وشركائهم وأئمتهم.
الن َو ٰى ُي ْخ ِرُج اْل َح َّي ِم َن اْل َمِّي ِت َو ُم ْخ ِرُج اْل َمِّي ِت ِم َن اْل َح ِي ٰذلِ ُك ُم َّ
َّللاُ َفأََّن ٰى تُ ْؤَف ُكو َن َّللاَ َفالِ ُق اْل َح ِّب َو َّ
ِإ َّن َّ
ّ
قوله{ :إن هللا فالق الحب والنوى} قال الحب ما أحبه والنوى ما ناء عن الحق وقال أيضاً الحب أن يفلق العلم من
األئمة والنوى ما بعد عنه {يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي} قال المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن
{ذلكم هللا فأنى تؤفكون} أي :تكذبون.
قوله{ :فالق اإلصباح وجعل الليل سكناً} فقوله فالق اإلصباح يعني مجيء النهار والضوء بعد الظلمة.
اآلي ِت لَِق ْو ٍم َي ْعَل ُمو َن ظُل َٰم ِت اْلَبِّر َواْلَب ْح ِر َق ْد َف َّ
وم لِتَ ْهتَ ُدوْا ِب َها ِفي ُ َّ ِ
صْلَنا َٰ ُّ
َو ُه َو الذي َج َع َل َل ُك ُم الن ُج َ
قوله{ :وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر} قال :النجوم آل محمد عليهم السالم.
اآلي ِت لَِق ْو ٍم َيْفَق ُهو َن س َٰو ِح َد ٍة َف ُم ْستََقٌّر َو ُم ْستَ ْوَدعٌ َق ْد َف َّ
صْلَنا َٰ َكم ِمن َّنْف ٍ َو ُه َو َّال ِذي أَ َ
نشأ ُ ّ
قوله{ :وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة} قال من آدم {فمستقر ومستودع} قال المستقر ِ
اإليمان الذي يثبت في قلب
الرجل إلى أن يموت والمستودع هو المسلوب منه ِ
اإليمان.
الن ْخ ِل ِمن ض اًر ُّن ْخ ِرج ِم ْنه حباً ُّمتَر ِ َخرجنا ِم ْنه خ ِ ٍ ِ َنزل ِمن َّ ِ َّ ِ
اكباً َو ِم َن َّ ُ ُ َّ َ ات ُك ِّل َش ْيء َفأ ْ َ ْ َ ُ َ َخ َر ْجَنا ِبه َنَب َ
آء َفأ ْ
الس َمآء َم ً َو ُه َو الذي أ َ َ َ
ظ ُروْا ِإلِ ٰى ثَ َم ِِره ِإ َذآ أَ ْث َم َر َوَي ْن ِع ِه ِإ َّن ِفي ٰذِل ُك ْمان ُم ْشتَِبهاً َو َغ ْي َر ُمتَ َٰشِب ٍه ْان ُ اب و َّ
الزْيتُو َن َو ُّ
الرَّم َ ان َد ِاني ٌة وج َّٰن ٍت ِم ْن أ ْ ٍ َِ ِ
َعَن َ طْلع َها ق ْن َو ٌ َ َ َ ّ
صُفو َن أل َٰي ٍت ّلَِقو ٍم يؤ ِمنو َن * وجعُلوْا ََّّللِ ُشرَكآء اْل ِج َّن وخَلَقهم وخرُقوْا َله بِنين وب ٰن ٍت ِب َغي ِر ِعْل ٍم سب ٰحنه وتَ ٰعَلى ع َّما ي ِ
ُ ْ ََ ُ َ َ ٰ َ َ ْ ُ َ َ َ ََ َ َ ُْ َ ََ َ َ َ ََ ْ ُْ ُ َ
قوله{ :وهو الذي أنزل من السماء ماءاً فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خض اًر نخرج منه حباً متراكباً} []99
يعني :بعضه على بعض {ومن النخل من طلعها قنوان دانية} وهو العنقود {وجنات من أعناب} يعني :البساتين
وقوله{ :انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه} أي بلوغه {إن في ذلكم آليات لقوم يؤمنون وجعلوا هلل شركاء الجن} [-99
]100قال :وكانوا يعبدون الجن {وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم} أي :موهوا وحرفوا.
فقال هللا عز وجل رداً عليهم{ :بديع السماوات واألرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو
بكل شئ عليم}.
قوله{ :ال تدركه األبصار} أي :ال تحي به {وهو يدرك األبصار} أي يحي بها وخلق كل شيء {وهو اللطيف
الخبير}.
ص َر َفلَِنْف ِس ِه َو َم ْن َع ِمي َف َعَل ْي َها َو َمآ أََن ْا َعَل ْي ُك ْم ِب َحِفي ٍظ ص ِآئ ُر ِمن َّرّب ُ
ِك ْم َف َم ْن أ َْب َ آء ُك ْم َب َ
َق ْد َج َ
َ
قوله{ :قد جاء كم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها} يعني على النفس وذلك الكتسابها المعاصي
وهو رد على المجبرة الذين يزعمون أنه ليس لهم فعل وال اكتساب.
قوله{ :وكذلك نصرف اآليات وليقولوا درست ولنبينه لقوم يعلمون} قال كانت قريش تقول لرسول هللا صلى هللا عليه
وآله إن الذي تخبرنا به من األخبار تتعلمه من علماء اليهود وتدرسه.
قوله{ :اتبع ما أوحي إليك من ربك ال إله إال هو وأعرض عن المشركين} منسوخ بقوله {اقتلوا من أصالبكم}[النساء:
.]23
ُم ٍة َع َمَل ُه ْم ثُ َّم ِإَل ٰى َرّب ِِه ْم َّم ْرِج ُع ُه ْم َفُيَنِّبُئ ُه ْم َّللاِ َفَي ُسُّبوْا َّ
َّللاَ َع ْدواً ِب َغ ْي ِر ِعْل ٍم َك َذلِ َك َزيََّّنا لِ ُك ِّل أ َّ ين َي ْد ُعو َن ِمن ُدو ِن َّ َّ ِ
َوالَ تَ ُسُّبوْا الذ َ
ِب َما َك ُانوْا َي ْع َمُلو َن
قوله{ :وال تسبوا الذين يدعون من دون هللا فيسبوا هللا عدواً بغير علم} فإنه حدثني أبي عن مسعدة بن صدقة عن أبي
عبد هللا عليه السالم قال :إنه سئل عن قول النبي صلى هللا عليه وآله إن الشرك أخفى من دبيب النمل على صفاة
سوداء في ليلة ظلماء ،فقال كان المؤمنون يسبون ما يعبد المشركون من دون هللا وكان المشركون يسبون ما يعبد
المؤمنون فنهى هللا المؤمنين عن سب آلهتم لكيال يسب الكفار إله المؤمنين فيكونوا المؤمنون قد أشركوا باهلل من حيث
ال يعلمون فقال{ :وال تسبوا الذين يدعون من دون هللا فيسبوا هللا عدواً بغير علم} وقوله{ :كذلك زينا لكل أمة عملهم}
يعني :بعد اختبارهم ودخولهم فيه فنسبه هللا إلى نفسه والدليل على أن ذلك لفعلهم المتقدم قوله{ :ثم إلى ربهم مرجعهم
فينبئهم بما كانوا يعملون}.
َّللاِ َو َما ُي ْش ِع ُرُك ْم أََّن َهآ ِإ َذا َجآء ْت الَ ُي ْؤ ِمُنو َن
اآلي ُت ِع َند َّ َّ
آء ْت ُه ْم َآي ٌة لُي ْؤ ِمُن َّن ِب َها ُق ْل ِإَّن َما َٰ
ِِ ِ وأَ ْقسموْا ِب َّ ِ
َ اَّلل َج ْه َد أ َْي َٰمنه ْم َلئن َج َ َ َُ
ثم حكى قولهم وهم قريش فقال{ :وأقسموا باهلل جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها} فقال هللا عز وجل{ :قل إنما
اآليات عند هللا وما يشعركم أنها إذا جاءت ال يؤمنون} يعني :قريشاً.
قوله{ :ونقلب أفئدتهم وأبصارهم} وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله{ :ونقلب أفئدتهم
وأبصارهم} يقول ننكس قلوبهم فيكون أسفل قلوبهم أعالها ونعمي أبصارهم فال يبصرون بالهدى ،وقال علي بن أبي
طالب عليه السالم إن أول ما يغلبون (يقلبون خ ل) عليه من الجهاد .الجهاد بأيديكم ثم الجهاد بألسنتكم ثم الجهاد
بقلوبكم فمن لم يعرف قلبه معروفاً ولم ينكر منك اًر نكس قلبه فجعل أسفله أعاله فال يقبل خي اًر أبداً {كما لم يؤمنوا به
أول مرة} يعني :في الذر والميثاق {ونذرهم في طغيانهم يعمهون} أي :يضلون ثم عرف هللا نبيه صلى هللا عليه وآله
ما في ضمائرهم وأنهم منافقون.
{ولو أننا نزلنا إليهم المالئكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبالً} أي :عياناً {ما كانوا ليؤمنوا إال أن يشاء
هللا} وهذا أيضاً ما يحتجون به المجبرة ومعنى قوله إال أن يشاء هللا إال أن يجبرهم على ِ
اإليمان.
ِ ِ ِ َّ ِ
ين الَ ُي ْؤ ِمُنو َن ِباآلخ َرِة َولَِي ْر َ
ض ْوهُ َولَِيْقتَ ِرُفوْا َما ُهم ُّمْقتَ ِرُفو َن ص َغى ِإَل ْيه أَ ْفئ َدةُ الذ َ
َولِتَ ْ
قوله{ :ولتصغى إليه أفئدة الذين ال يؤمنون باألخرة} تصغي إليه أي يستمع لقوله المنافقون ويرضونه بألسنتهم وال
يؤمنون بقلوبهم {وليقترفوا} أي :ينتظروا {ما هم مقترفون}.
ِك ِباْل َح ِّق ِ ِ َّ ِ ِ َّ ِ أََف َغير َّ ِ ِ
اب َي ْعَل ُمو َن أََّن ُه ُمَنَّزٌل ّمن َّرّب َ
اه ُم اْلكتَ َ
ين آتَْيَن ُ
صالً َوالذ َ َّللا أ َْبتَغي َح َكماً َو ُه َو الذي أََن َزَل ِإَل ْي ُك ُم اْلكتَ َ
اب ُمَف َّ َْ
ِ
ون َّن م َن اْل ُم ْمتَ ِر َ
ين َفالَ تَ ُك َ
ثم قال قل لهم يا محمد {أفغير هللا أبتغي حكماً وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصالً} يعني يفصل بين الحق
والباطل.
قوله{ :وتمت كلمة ربك صدقاً وعدالً ال مبدل لكلماته وهو السميع العليم} فحدثني أبي عن ابن أبي عمير عن ابن
مسكان عن أبي عبد هللا عليه السالم قال :إذا خلق هللا اإلمام في بطن أمه يكتب على عضده األيمن {وتمت كلمة
ربك صدقاً وعدالً ال مبدل لكلماته وهو السميع العليم} وحدثني أبي عن حميد بن شعيب عن الحسن بن راشد قال:
قال أبو عبد هللا عليه السالم :إن هللا إذا أحب أن يخلق ِ
اإلمام أخذ شربة من تحت العرش من ماء المزن أعطاها ملكاً
اإلمام ،فإذا ولد بعث هللا ذلك الملك إلى ِ
اإلمام أن يكتب بين عينيه {وتمت كلمة ربك فسقاها أباه فمن ذلك يخلق ِ
صدقاً وعدالً ال مبدل لكلماته وهو السميع العليم} فإذا مضى ذلك ِ
اإلمام الذي قبله رفع له منا اًر يبصر به أعمال
العباد ،فلذلك يحتج به على خلقه.
صو َن ِ َّ ِ َّ َّ يل َّ ِ ِ َِّ وك َعن سِب ِ وإِن تُ ِطع أَ ْكثَر من ِفي األَر ِ ِ ُّ
َّللا إن َيتب ُعو َن إال الظ َّن َوإِ ْن ُه ْم إال َي ْخ ُر ُ َ ض ُيضل َ ْ ْ َ َ َ
قال عز وجل لنبيه عليه السالم{ :وإن تطع أكثر من في األرض يضلوك عن سبيل هللا} يعني :يحيروك عن ِ
اإلمام
فإنهم مختلفون فيه {إن يتبعون إال الظن وإن هم إال يخرصون} أي :يقولون بال علم بالتخمين والتقريب.
قال{ :وما لكم أال تأكلوا مما ذكر اسم هللا عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم} يعني :بين لكم {إال ما اضطررتم إليه
وإن كثي اًر ليضلون بأهوائهم بغير علم إن ربك هو أعلم بالمعتدين}.
ين َي ْك ِسُبو َن ِ
اإل ْثم َسُي ْج َزْو َن ِب َما َك ُانوْا َيْقتَ ِرُفو َن
َ
َّ ِ ِ
اإل ْث ِم َوَباطَن ُه ِإ َّن الذ َ َوَذ ُروْا َٰ
ظ ِه َر ِ
وه ْم ِإَّن ُك ْم وحو َن ِإَلى أ َْولَِي ِآئ ِه ْم لُِي َٰج ِدُل ُ َّللاِ عَلي ِه وِإَّنه َلِفسق وِإ َّن َّ ِ والَ تَأ ُ ِ
وك ْم َوِإ ْن أَ َ
ط ْعتُ ُم ُ الش َٰيط َ
ين َلُي ُ اس ُم َّ َ ْ َ ُ ْ ٌ َ ْكُلوْا م َّما َل ْم ُي ْذ َك ِر ْ َ
َل ُم ْش ِرُكو َن
قوله{ :أو من كان ميتاً فأحييناه} قال جاهالً عن الحق والوالية فهديناه إليها {وجعلنا له نو اًر يمشي به في الناس} قال
النور الوالية {كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها} يعني :في والية غير األئمة عليهم السالم {كذلك زين للكافرين
ما كانوا يعملون}.
قوله{ :فمن يرد هللا أن يهديه يشرح صدره لإلسالم ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً} فالحرج الذي ال
مدخل له فيه والضيق ما يكون له المدخل الضيق {كأنما يصعد في السماء} قال :يكون مثل شجرة حولها أشجار
كثيرة فال تقدر أن تلقي أغصانها يمنة ويسرة فتمر في السماء وتسمى حرجة ،فضرب بها مثالً ثم قال{ :كذلك يجعل
هللا الرجس على الذين ال يؤمنون}.
صْلنا اآلي ِ
ات لَِق ْو ٍم َي َّذ َّك ُرو َن ِ وهـٰ َذا ِ
ِك ُم ْستَقيماً َق ْد َف َّ َ َ
ط َرّب َ
ص َار ُ ََ
قوله{ :هذا صراط ربك مستقيماً} يعني :الطريق الواضح {قد فصلنا اآليات لقوم يذكرون}.
قوله{ :ويوم يحشرهم جميعاً يا معشر الجن قد استكثرتم من اإلنس وقال أولياؤهم من اإلنس ربنا استمتع بعضنا
ببعض} قال :كل من والى قوماً فهو منهم وإن لم يكن من جنسهم {ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت
لنا} يعني القيامة.
قوله{ :وكذلك نولي بعض الظالمين بعضاً بما كانوا يكسبون} قال :نولي كل من تولى أولياءهم فيكونون معهم يوم
القيامة.
آء َي ْو ِم ُك ْم َهـٰ َذا َقاُلوْا َش ِه ْدَنا َعَل ٰى أ َْنُف ِسَنا صو َن عَلي ُكم آي ِاتي وي ِنذر َ ِ س أََل ْم َيأِْت ُك ْم ُرُس ٌل ِّم ْن ُك ْم َيُق ُّ َٰيم ْع َش َر اْل ِج ِّن و ِ
اإل ْن ِ
ون ُك ْم لَق َ َ ْ ْ َ َُ ُ َ َ
ِ ِ
الد ْنَيا َو َش ِه ُدوْا َعَل ٰى أ َْنُفس ِه ْم أََّن ُه ْم َك ُانوْا َكاف ِر َ
ين َو َغَّرْت ُهم اْل َحَياةُ ُّ
ُ
ذكر عز وجل احتجاجاً على الجن واإلنس يوم القيامة فقال{ :يا معشر الجن و ِ
اإلنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون
عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا
كافرين}.
قوله{ :ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون} يعني :ال يظلم أحداً حتى يبين لهم ما يرسل إليهم فإذا
لم يؤمنوا هلكوا.
{ولكل درجات مما عملوا} يعني :لهم درجات على قدر أعمالهم {وما ربك بغافل عما يعملون}.
ِ َنشأ ُ ِ ِ الرحم ِة ِإن ي َش ْأ ي ْذ ِهب ُكم ويستَ ْخلِ ِ ِ
آخ ِر َ
ين َك ْم ّمن ُذِّريَّة َق ْو ٍم َ آء َك َمآ أ َ
ف من َب ْعد ُك ْم َّما َي َش ُ
ْ َ ُ ْ ْ ََْ ُّك اْل َغن ُّي ُذو َّ ْ َ
َوَرب َ
قال{ :وربك الغني ذو الرحمة إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين}.
ٍ
وع ُدو َن آلت َو َمآ أَنتُم ِب ُم ْع ِج ِز َ
ين ِإ َّن َما تُ َ
قوله{ :إن ما توعدون آلت} يعني :من القيامة والثواب والعقاب {وما أنتم بمعجزين}.
َّللاِ صيباً َفَقاُلوْا هـٰ َذا ََّّللِ ِب َزع ِم ِهم وهـٰ َذا لِ ُشرَك ِآئنا َفما َكان لِ ُشرَك ِآئ ِهم َفالَ ي ِ
ص ُل ِإَل ٰى َّ وجعُلوْا ََّّللِ ِم َّما َذ أَر ِمن اْلحر ِث واأل َْن ٰع ِم ن ِ
َ َ َ َ َ َ ْ ْ ْ ََ َ َ َ َْ َ َ َ َ ََ
ِ ِ ِ
ان ََّّلل َف ُه َو َيص ُل ِإَل ٰى ُش َرَكآئ ِه ْم َسآء َما َي ْح ُك ُمو َن
َ َو َما َك َ
قوله{ :وجعلوا هلل مما ذ أر من الحرث واألنعام نصيباً فقالوا هذا هلل بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فال يصل
إلى هللا وما كان هلل فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون} فإن العرب إذا زرعوا زرعاً قالوا هذا هلل وهذا آللهتنا
وكانوا إذا سقوها فحرف الماء من الذي هلل في الذي لألصنام لم يسدوه وقالوا هللا أغنى ،وإذا حرف من الذي لألصنام
في الذي هلل سدوه وقالوا هللا أغنى ،وإذا وقع شيء من الذي هلل في الذي لألصنام لم يردوه وقالوا هللا أغنى ،وإذا وقع
شيء من الذي لألصنام في الذي هلل ردوه وقالوا هللا أغنى ،فأنزل هللا في ذلك على نبيه صلى هللا عليه وآله وحكى
فعلهم ،وقولهم فقال{ :وجعلوا هلل مما ذ أر من الحرث واألنعام نصيباً }...الخ.
قوله{ :وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أوالدهم شركاؤهم} قال يعني أسالفهم زينوا لهم قتل أوالدهم {ليردوهم
وليلبسوا عليهم دينهم} يعني :يغيروهم {ولو شاء هللا ما فعلوه فذرهم وما يفترون}.
قوله{ :وقالوا هذه أنعام وحرث حجر} [ ]138قال :الحجر المحرم {ال يطعمها إال من نشاء بزعمهم} قال :كانوا
يحرمونها على قوم {وأنعام حرمت ظهورها} يعني :البحيرة والسائبة والوصية والحام {وأنعام ال يذكرون اسم هللا عليها
افتراء عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون وقالوا ما في بطون هذه األنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا وإن يكن
ميتة فهم فيه شركاء} [ ]139-138فكانوا يحرمون الجنين الذي يخرجوه من بطون األنعام يحرمونه على النساء فإذا
كان ميتاً يأكلوه الرجال والنساء ،فحكى هللا قولهم لرسول هللا صلى هللا عليه وآله فقال{ :وقالوا ما في بطون هذه
األنعام} -إلى قوله { -سيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم}.
ين ِ َّللاِ َق ْد ُّ َق ْد خ ِسر َّال ِذين َقَتُلوْا أَوَٰلدهم سَفهاً ِب َغي ِر ِعْل ٍم وحَّرموْا ما رَزَقهم َّ ِ
ضلوْا َو َما َك ُانوْا ُم ْهتَد ََ آء َعَلى َّ
َّللاُ ا ْفت َر ً َ َ ُ َ َ ُُ ْ ْ َ ُْ َ َ َ َ
قال{ :قد خسر الذين قتلوا أوالدهم سفهاً بغير علم} أي :بغير فهم {وحرموا ما رزقهم هللا} وهم قوم يقتلون أوالدهم من
البنات للغيرة وقوم كانوا يقتلون أوالدهم من الجوع ،وهذا معطوف على قوله{ :وكذلك زين لكثير من المشركين قتل
أوالدهم شركاؤهم} [األنعام ]173 :فقال هللا{ :وال تقتلوا أوالدكم خشية إمالق نحن نرزقكم وإياهم}[اإلسراء.]31 :
ان ُمتَ َٰشِبهاً َو َغ ْي َر ُمتَ َٰشِب ٍه ُكُلوْا ُكُل ُه و َّ ِ الن ْخ َل و َّ وش ٍت و َغير معر َٰ ٍ ٰ وهو َّال ِذي أ َ ٰ ٍ
الزْيتُو َن َو ُّ
الرَّم َ ُم ْخَتلفاً أ ُ َ ع
الزْر َ وشت َو َّ َ َنشأَ َجَّنت َّم ْع ُر َ َ ْ َ َ ْ ُ َ َُ
اْل ُم ْس ِرِف َ
ين ص ِادِه َوالَ تُ ْس ِرُفوْا ِإَّن ُه الَ ُي ِح ُّب َّ ِِ
من ثَ َم ِره إ َذآ أَ ْث َم َر َوآتُوْا َحق ُه َي ْوَم َح َ
ِ
قوله{ :وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات} قال البساتين وقوله{ :والنخل والزرع مختلفاً أكله والزيتون
والرمان متشابهاً وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر} وقوله{ :وآتوا حقه يوم حصاده} قال :يوم حصاد وكذا نزلت،
قال فرض هللا يوم الحصاد من كل قطعة أرض قبضة للمساكين وكذا في جزاز (جذاذ خ ل) النخل وفي الثمرة وكذا
عند البذر أخبرنا أحمد بن إدريس قال حدثنا أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن أبان بن عثمان عن شعيب
العقرقوفي قال :سألت أبا عبد هللا عليه السالم عن قوله{ :وآتوا حقه يوم حصاده} قال :الضغث من السنبل والكف من
التمر إذا خرص ،قال :سألت هل يستقيم إعطاؤه إذا أدخله بيته؟ قال :ال هو أسخى لنفسه قبل أن يدخله بيته ،وعنه
عن أحمد البرقي عن سعد بن سعد عن الرضا عليه السالم قال :قلت فإن لم يحضر المساكين وهو يحصد كيف
يصنع؟ قال :ليس عليه شيء.
الش ْي َٰ
ط ِن ِإَّن ُه َل ُك ْم َع ُدٌّو ُّمِب ٌ
ين ط ٰو ِت َّ َِّ َو ِم َن األ َْن َٰع ِم َح ُموَل ًة َوَف ْرشاً ُكُلوْا ِم َّما َرَزَق ُك ُم َّ
َّللاُ َوالَ تَتب ُعوْا ُخ ُ َ
قوله{ :ومن األنعام حمولة وفرشاً} يعني الثياب من الفرش {كلوا مما رزقكم هللا وال تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم
عدو مبين}.
ام األُنثََي ْي ِن َنِّبُئوِني ِ ْن ا ْثَني ِن و ِمن اْلمع ِز ا ْثَني ِن ُقل ء َّ
آلذ َك َرْي ِن َحَّرَم أَ ِم األُنثََي ْي ِن أ َّ ثَ َٰمِنَي َة أ َْزَٰو ٍج ِّم َن َّ
اشتَ َمَل ْت َعَل ْيه أ َْرَح ُ َما ْ ْ ْ َ الضأ ِ ْ َ َ َ ْ
ِ اإلب ِل ا ْثَني ِن و ِمن اْلبَق ِر ا ْثَني ِن ُقل ء َّ ِب ِعْل ٍم ِإن ُكنتُم ٰ ِ ِ
ام
اشتَ َمَل ْت َعَل ْيه أ َْرَح ُ َما ْ آلذ َك َرْي ِن َحَّرَم أَ ِم األُْنثََي ْي ِن أ َّ ْ ْ َ ْ َ َ َ ين * َو ِم َن ِ ْ ص دق َ ْ َ
ِ ِ
اس ِب َغ ْي ِر عْل ٍم ِإ َّن َّ
َّللاَ الَ َي ْهدي ض َّل َّ ِ
َّللا َكذباً لِي ِ ِ ظَل ُم ِم َّم ِن ا ْفتَ َر ٰى َعَلى َّ
َّللاُ ِب َهـٰ َذا َف َم ْن أَ ْ آء ِإ ْذ َو َّٰ ِ
الن َ ُ ص ُك ُم َّ األ ُْنثََي ْين أ َْم ُكنتُ ْم ُش َه َد َ
ين َّٰ ِ ِ
اْلَق ْوَم الظلم َ
قوله{ :ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين قل آالذكرين حرم أم األنثيين أما اشتملت عليه أرحام األنثيين
نبئوني بعلم إن كنتم صادقين ،ومن اإلبل اثنين ومن البقر اثنين قل آالذكرين حرم أم األنثيين أما اشتملت عليه أرحام
األُنثيين} [ ]144-143فهذه التي أحلها هللا في كتابه في قوله{ :وأنزل لكم من األنعام ثمانية أزواج} [الزمر ]6:ثم
فسرها في هذه اآلية فقال :من الضأن اثنيين ومن المعز اثنين ومن اإلبل اثنين ومن البقر اثنين ،فقال :صلى هللا
عليه وآله {من الضأن اثنين} عنى األهلي والجبلي {ومن المعز اثنين} عني األهلي والوحشي الجبلي {ومن البقر
اثنين} يعني :األهلي والوحشي الجبلي {ومن اإلبل اثنين} يعني البخاتي والعراب فهذه أحلها هللا ،وقد احتج قوم بهذه
اآلية.
ير َفِإَّن ُه ِر ْج ٌس ط َع ُم ُه ِإالَّ أَن َي ُكو َن َم ْيتَ ًة أ َْو َدماً َّم ْسُفوحاً أ َْو َل ْحم ِخ ِ
نز ٍ ط ِ
اع ٍم َي ْ ُقل الَّ أَ ِج ُد ِفي َمآ أ ُْو ِح َي ِإَل َّي ُم َحَّرماً َعَل ٰى َ
َ
ِ ٍ أَو ِفسقاً أ ُِه َّل لِغي ِر َّ ِ ِ
يم
ور َّرح ٌ َّك َغُف ٌطَّر َغ ْي َر َبا ٍغ َوالَ َعاد َفِإ َّن َرب َ
اض َُّللا ِبه َف َم ِن ْ َْ ْ ْ
{قل ال أجد فيما أوحي إلي محرماً على طاعم يطعمه إال أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه رجس أو
فسقاً أهل لغير هللا به} فتأولوا هذه اآلية إنه ليس شيء محرماً إال هذا ،وأحلوا كل شيء من البهائم ،القردة والكالب
ورُه َما أ َِو اْل َحَو َايآ أ َْو وم ُه َمآ ِإالَّ َما َح َمَل ْت ُ
ظ ُه ُ ِ ِ
ظُف ٍر َوم َن اْلَبَق ِر َواْل َغَن ِم َحَّرْمَنا َعَل ْيه ْم ُش ُح َ ين َه ُادوْا َحَّرْمَنا ُك َّل ِذي ُ َّ ِ
َو َعَلى الذ َ
ص ِد ُقو َن ٰ ِ ِِ ِ اخَتَل َ ِبع ْ ٰ ِ
ظ ٍم ذل َك َج َزْيَن ُهم بَب ْغيه ْم وإَِّنا َل َٰ َ َما ْ
قوله{ :وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر} يعني :اليهود ،حرم هللا عليهم لحوم الطير ،وحرم عليهم الشحوم وكانوا
يحبونها إال ما كان على ظهور الغنم أو في جانبه خارجاً من البطن وهو قوله{ :وحرمنا عليهم شحومهما إال ما
حملت ظهورهما أو الحوايا} أي :الجنبين {أو ما اختل بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون} ومعنى قوله جزيناهم
ببغيهم إنه كان ملوك بني إسرائيل يمنعون فقراءهم من أكل لحم الطير والشحوم فحرم هللا ذلك عليهم ببغيهم على
فقراءهم.
قال هللا لنبيه صلى هللا عليه وآله{ :فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة وال يرد بأسه عن القوم المجرمين} -ثم
قال { -سيقول الذين أشركوا لو شاء هللا ما أشركنا وال آباؤنا وال حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى
ذاقوا بأسنا} [ ]148-147قل يا محمد لهم{ :هل عندكم من علم فنخرجوه لنا إن تتبعون إال الظن وإن أنتم إال
تخرصون}.
قال قل لهم{ :فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين} قال لو شاء لجعلكم كلكم على أمر واحد ولكن جعلكم على
اختالف.
ِ َّ ِ َّ َّللا حَّرم هـٰ َذا َفِإن َش ِهدوْا َفالَ تَ ْشهد معهم والَ تَتَِّبع أَهو َّ ِ َّ ِ
ين َكذُبوْا ِب َآياتَنا َوالذ َ
ين آء الذ َْ َْ َ َْ ََُْ َ ُ َن َّ َ َ َ َ ين َي ْش َه ُدو َن أ َّ الذ َ آء ُك ُم
ُق ْل َهلُ َّم ُش َه َد َ
َو ُهم ِب َرِّب ِه ْم َي ْع ِدُلو َن الَ يؤ ِمُنو َن ِب ِ
اآلخ َرِة ُْ
قال لنبيه صلى هللا عليه وآله قل لهم{ :تعالوا اتل ما حرم ربكم عليكم أال تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً} قال
الوالدين رسول هللا صلى هللا عليه وآله وأمير المؤمنين صلوات هللا عليه.
وقوله{ :وال تقتلوا أوالدكم من إمالق نحن نرزقكم وإياهم وال تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن وال تقتلوا النفس
التي حرم هللا إال بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون} فإنه محكم.
قوله{ :وال تقربوا مال اليتيم إال بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقس ال نكلف نفساً إال
وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد هللا أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون} فهذا كله محكم.
ثُ َّم آتَينا موسى اْل ِكتَاب َتماماً عَلى َّال ِذي أَحسن وتَْف ِ
صيالً ّلِ ُك ِّل َشي ٍء َو ُه ًدى َوَر ْح َم ًة َّل َعَّل ُه ْم ِبلَِق ِآء َرّب ِِه ْم ُي ْؤ ِمُنو َن
ْ ََْ َ َ َ َ َْ ُ َ
ك َفاتَِّب ُعوهُ َواتَُّقوْا َل َعَّل ُك ْم تُ ْر َح ُمو َن َو َهـٰ َذا ِك ٰتَ ٌب أ َ ْ
َنزلَنـ ُٰه ُمَب َار ٌ
قوله{ :وهذا كتاب أنزلناه} يعني :القرآن {مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون} يعني :كي ترحموا.
ِِ ط ِآئَف َتي ِن ِمن َقبلِنا وإِن ُكَّنا عن ِدر ِ أَن تَُقوُلوْا ِإَّنمآ أ ِ ِ
است ِه ْم َل َغافل َ
ين َ ََ َْ َ اب َعَل ٰى َ ْ
ُنزَل اْلكتَ ُ َ
قوله{ :أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين} يعني :اليهود والنصارى وإن
كنا لم ندرس كتبهم.
ظَلم ِم َّمن َك َّذب ِبآي ِ آء ُك ْم َبِّيَن ٌة ِّمن َّرّب ُ ِ ِ
ات َ َ ِك ْم َو ُه ًدى َوَر ْح َم ٌة َف َم ْن أَ ْ ُ اب َل ُكَّنآ أ ْ
َه َد ٰى م ْن ُه ْم َفَق ْد َج َ
أ َْو تَُقوُلوْا َل ْو أََّنآ أ ِ
ُنزَل َعَل ْيَنا اْلكتَ ُ
ص ِدُفو َن ِ ِ ِ ين َي ْ ِ ن َّ ِ َّ ِ
وء اْل َع َذاب ب َما َك ُانوْا َي ْ صد ُفو َ َع ْن َآياتَنا ُس َ ف َع ْن َها َسَن ْجزِي الذ َ ص َد َ َّللا َو َ
{أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم} يعني :قريشاً ،قالوا لو أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى وأطوع منهم
{فقد جاء كم بينة من ربكم وهدى ورحمة} يعني :القرآن {فمن أظلم ممن كذب بآيات هللا وصدف عنها} يعني :دفع
عنها {سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا} أي :يدفعون ويمنعون عن آياتنا {سوء العذاب بما كانوا يصدفون}.
قال{ :هل ينظرون إال أن تأتيهم المالئكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك} فإنه
حدثني أبي عن صفوان عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السالم في قوله{ :يوم يأتي بعض آيات
ربك ال ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خي اًر} قال نزلت {أو اكتسبت في إيمانها خي اًر}
{قل انتظروا إنا معكم منتظرون} قال إذا طلعت الشمس من مغربها فكل من آمن في ذلك اليوم ال ينفعه إيمانه.
قوله{ :من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فال يجزي إال مثلها وهم ال يظلمون} فهذه ناسخة لقوله:
{من جاء بالحسنة فله خير منها}[النمل.]89 :
ِ
اهيم حِنيفاً وما َك ِ ِ ِ ِ ِ َّ ِ ٍ ِ ِ
ُق ْل ِإَّنني َه َداني َرّبِي ِإَل ٰى ص َراط ُّم ْستَقي ٍم ديناً قَيماً ّمل َة ِإ ْب َر َ َ َ َ َ
ان م َن اْل ُم ْش ِرِك َ
ين
{قل إن صالتي ونسكي ومحياي ومماتي هلل رب العالمين ال شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين}[ -162
].163
قال قل لهم يا محمد{ :أغير هللا أبغي رباً وهو رب كل شيء وال تكسب كل نفس إال عليها وال تزر وازرة وزر أخرى}
أي :ال تحمل آثمة إثم أخرى ثم {إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون}.
قوله{ :وهو الذي جعلكم خالئف األرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات} قال في القدر والمال {ليبلوكم} أي:
يختبركم {فيما آتاكم إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم}.
{المص كتاب انزل اليك} [ ]2-1مخاطبة لرسول هللا صلى هللا عليه وآله {فال يكن في صدرك حرج منه} أي ضيق
{لتنذر به وذكرى للمؤمنين} حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن علي بن رياب عن محمد بن قيس عن ابي جعفر
عليه السالم قال إن حي بن أخطب وأخاه أبا ياسر بن أخطب ونف اًر من اليهود من أهل نجران أتوا رسول هللا صلى هللا
عليه وآله فقالوا له أليس فيما تذكر فيما أنزل إليك الم؟ قال بلى ،قالوا أتاك بها جبرائيل من عند هللا؟ قال نعم ،قالوا
لقد بعثت أنبياء قبلك ،ما نعلم نبياً منهم أخبر ما مدة ملكه وما أكل أمته غيرك ،قال عليه السالم فأقبل حي ابن
أخطب على أصحابه ،فقال لهم األلف واحد والالم ثالثون والميم أربعون فهذه إحدى وسبعون سنة ،فعجب ممن يدخل
في دينه ومدة ملكه وأكل أمته إحدى وسبعون سنة ،قال عليه السالم ثم أقبل على رسول هللا صلى هللا عليه وآله فقال
له :يا محمد هل مع هذا غيره؟ قال نعم ،قال هاته ،قال آلمص قال أثقل وأطول ،األلف واحد والالم ثالثون والميم
أربعون والصاد تسعون فهذه مائة واحد وستون سنة ،ثم قال لرسول هللا صلى هللا عليه وآله هل مع هذا غيره؟ قال نعم
قال هات ،قال الرا ،قال هذا أثقل وأطول ،األلف واحد والالم ثالثون والراء مائتان فهل مع هذا غيره؟ قال نعم ،قال
هات ،قال :الم ار قال هذا أثقل وأطول ،األلف واحد والالم ثالثون والميم أربعون والراء مائتان ،ثم قال فهل مع هذا
غيره؟ قال نعم ،قال لقد التبس علينا أمرك فما ندري ما أعطيت ،ثم قالوا عنه ثم قال أبو ياسر لحي أخيه :وما يدريك
لعل محمداً قد جمع هذا كله وأكثر منه ،فقال أبو جعفر عليه السالم إن هذه اآليات أنزلت منهن آيات محكمات هن
أم الكتاب وأخر متشابهات وهي تجري في وجوه أخر على غير ما تأول به حي وأبو ياسر وأصحابه.
ِك ْم َوالَ تَتَِّب ُعوْا ِمن ُدوِن ِه أ َْولَِيآء َقلِيالً َّما تَ َذ َّك ُرو َن
ُنزَل ِإَل ْي ُك ْم ِّمن َّرّب ُ
اتَِّب ُعوْا َمآ أ ِ
َ
خاطب هللا تبارك وتعالى الخلق فقال{ :اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم وال تتبعوا من دونه أولياء} غير محمد {قليالً ما
تذكرون}.
قوله{ :وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتاً} أي :عذاباً بالليل {أو هم قائلون} يعني :نصف النهار.
ين َفما َكان دعواهم ِإ ْذ جآءهم بأْسنآ ِإالَّ أَن َقاُلوْا ِإَّنا ُكَّنا َ ِ ِ
ظالم َ َ َ ُْ َ ُ َ َ َ َ َْ ُْ
قوله{ :فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إال أن قالوا إنا كنا ظالمين} فإنه محكم.
ِ َّ ِ
ين أ ُْرِس َل ِإَل ْي ِه ْم َوَلَن ْسأََل َّن اْل ُم ْرَسل َ
ين َفَلَن ْسأََل َّن الذ َ
ِ ِ
ص َّن َعَل ْي ِهم ِبعْل ٍم َو َما ُكَّنا َغآئِب َ
ين َفَلَنُق َّ
قوله{ :فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين} قال :لم نغب عن أفعالهم.
ظلِ ُمو َن * َواْلَوْزُن َي ْو َمِئ ٍذ اْل َح ُّق َف َمن ثَُقَل ْت َمَو ِاز ُين ُه
ين َخ ِس ُروْا أ َْنُف َس ُهم ِب َما َك ُانوْا ِب َآي ِاتَنا ِي ْ ِ َّ ِ
َو َم ْن َخَّف ْت َم َو ِاز ُين ُه َفأ ُْوَلـئ َك الذ َ
َفأ ُْوَلـِٰئ َك ُهم اْل ُمْفلِ ُحو َن
ُ
قوله{ :والوزن يومئذ الحق} [ ]8قال المجازات باألعمال إن خي اًر فخير وإن ش اًر فشر وهو قوله {فمن ثقلت موازينه
فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون} [ ]9-8قال :باألئمة
يجحدون.
قوله{ :ولقد مكناكم في األرض وجعلنا لكم فيها معايش} أي :مختلفة {قليالً ما تشكرون} أي :ال تشكرون هللا.
الس ِ ِ
يس َل ْم َي ُك ْن ِّم َن ََّّ ِ ِ ِ ِ
ين
اجد َ اس ُج ُدوْا أل ََد َم َف َس َج ُدوْا ِإال ِإْبل َ
اك ْم ثُ َّم ُقْلَنا لْل َمالئ َكة ْ
صَّوْرَن ُ
اك ْم ثُ َّم َ
َوَلَق ْد َخَلْقَن ُ
قوله{ :ولقد خلقناكم ثم صورناكم} أي خلقناكم في أصالب الرجال وصورناكم في أرحام النساء ثم قال وصور ابن
مريم في الرحم دون الصلب وإن كان مخلوقاً في أصالب األنبياء ،ورفع وعليه مدرعة من صوف ،حدثنا أحمد بن
محمد عن جعفر بن عبد هللا المحمدي قال حدثنا كثير ابن عياش عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في
قوله{ :ولقد خلقناكم ثم صورناكم} أما خلقناكم فنطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظماً ثم لحماً ،وأما صورناكم فالعين
واألنف واألذنين والفم واليدين والرجلين صور هذا ونحوه ثم جعل الدميم والوسيم والطويل والقصير وأشباه هذا.
أما قوله{ :آلتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم} أما بين أيديهم فهو من قبل اآلخرة
ألخبرنهم أنه ال جنة وال نار وال نشور ،وأما خلفهم يقول من قبل دنياهم آمرهم بجمع األموال وآمرهم أن ال يصلوا في
أموالهم رحماً وال يعطوا منه حقاً وآمرهم أن يقللوا على ذرياتهم وإخوفهم عليهم الضيعة ،وأما عن أيمانهم يقول من قبل
دينهم فإن كانوا على ضاللة زينتها لهم وإن كانوا على أهدى جهدت عليهم حتى أخرجهم منه ،وأما عن شمائلهم يقول
من قبل اللذات والشهوات ،يقول هللا ولقد صدق عليكم إبليس ظنه.
نكم أ ِ ِ اخ ُرْج ِم ْن َها َم ْذ ُءوماً َّم ْد ُحو اًر َّل َمن تَِب َع َك ِم ْن ُه ْم أل َْمأل َّ
ين َن َج َهَّن َم م ُ ْ ْ
َج َمع َ ال ْ
َق َ
أما قوله{ :اخرج منها مذؤماً مدحو اًر} فالمذؤم المعيب والمدحور المقصر وقوله{ :اخرج منها مذؤماً مدحو اًر} أي ملقى
في جهنم.
قوله{ :يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكال من حيث شئتما وال تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين}.
كان كما حكى هللا {فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما وري عنهما من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه
الشجرة إال أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما} [ ]21-20أي حلفهما {إني لكما لمن الناصحين} روي
عن أبي عبد هللا عليه السالم قال لما أخرج آدم من الجنة نزل جبرائيل عليه السالم فقال يا آدم أليس هللا خلقك بيده
فنفخ فيك من روحه وأسجد لك مالئكته وزوجك حواء أمته وأسكنك الجنة وأباحها لك ونهاك مشافهة أن ال تأكل من
هذه الشجرة فأكلت منها وعصيت هللا .فقال آدم عليه السالم يا جبرائيل إن إبليس حلف لي باهلل إنه لي ناصح فما
ظننت أن أحداً من خلق هللا يحلف باهلل كاذباً.
قوله{ :فدالهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما} حدثنا أحمد بن إدريس أخبرنا أحمد بن محمد عن ابن
أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد هللا عليه السالم في قوله{ :بدت لهما سوءاتهما} قال كانت سوءاتهما ال
ِ ِ
ين َنف َسَنا َوإِن َّل ْم تَ ْغِف ْر َلَنا َوتَ ْر َح ْمَنا َلَن ُك َ
ون َّن م َن اْل َخاس ِر َ ظَل ْمَنآ أ ُ
َقاالَ َربََّنا َ
قاال كما حكى هللا{ :ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين}.
قال هللا{ :اهبطوا بعضكم لبعض عدو} يعني :آدم وإبليس {ولكم في األرض مستقر ومتاع إلى حين} يعني :إلى
القيامة.
َّللاِ َل َعَّل ُه ْم َي َّذ َّك ُرو َن َنزلنا عَلي ُكم لِباساً يوارِي سوء ِات ُكم وِريشاً ولِباس التَّْقو ٰى ٰذلِك خير ٰذلِك ِمن آي ِ
ات َّ َ َ ٌْ َ ْ َ َ ََ ُ ََْ ْ َ
ِٰ
َيَبني َء َاد َم َق ْد أ َ ْ َ َ ْ ْ َ ُ َ
قوله{ :يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوءاتكم وريشاً ولباس التقوى ذلك خير} قال :لباس التقوى لباس
البياض وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله{ :يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري
سوءاتكم وريشاً} فأما اللباس فالثياب التي يلبسون ،وأما الرياش فالمتاع والمال ،وأما لباس التقوى فالعفاف ألن العفيف
ال تبدو له عورة وإن كان عارياً من الثياب ،والفاجر بادي العورة وإن كان كاسياً من الثياب ،يقول {ولباس التقوى ذلك
خير} يقول العفاف خير {ذلك من آيات هللا لعلهم يذكرون}.
قوله{ :يا بني آدم ال يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة} فإنه محكم.
أما قوله{ :وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا وهللا أمرنا بها} قال الذين عبدوا األصنام ،فرد هللا عليهم فقال قل
لهم{ :إن هللا ال يأمر بالفحشاء أتقولون على هللا ما ال تعلمون قل أمر ربي بالقس } أي بالعدل {وأقيموا وجوهكم عند
كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين كما بدأكم تعودون} أي :في القيامة.
.
ِ
اش َرُبوْا َوالَ تُ ْس ِرُفوْا ِإَّن ُه الَ ُيح ُّب اْل ُم ْس ِرِف َ
ين َي َابِني َء َاد َم ُخ ُذوْا ِز َينتَ ُك ْم ِع َند ُك ِّل َم ْس ِج ٍد ُ
وكُلوْا َو ْ
أما قوله{ :خذوا زينتكم عند كل مسجد} فإن أناساً كانوا يطوفون عراة بالبيت الرجال بالنهار والنساء بالليل ،فأمرهم هللا
بلبس الثياب وكانوا ال يأكلون إال قوتاً فأمرهم هللا أن يأكلوا ويشربوا وال يسرفوا.
قوله{ :قل من حرم زينة هللا التي أخرج لعباده} وهي الثياب {والطيبات من الرزق} وهي الحالل {قل هي للذين آمنوا
في الحياة الدنيا} اشترك فيها البر والفاجر {خالصة يوم القيامة للذين آمنوا كذلك نفصل اآليات لقوم يعلمون} وقوله:
{يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد} قال :في العيدين والجمعة يغتسل ويلبس ثياباً بيضاً ،وروي أيضاً المش عند
كل صالة ،وقوله{ :قل من حرم زينة هللا التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق} وهي حكاية معناها قالوا من حرم زينة
هللا التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق فقال هللا قل لهم هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة ،قل
من آمن في الدنيا فهذه الطيبات لهم خالصة عند هللا يوم القيامة.
قال قل لهم{ :إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن} قال من ذلك أئمة الجور {و ِ
اإلثم} يعني به الخمر
{والبغي بغير الحق وأن تشركوا باهلل ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على هللا ما ال تعلمون} وهذا رد على من قال في
دين هللا بغير علم وحكم فيه بغير حكم هللا فعليه مثل ما على من أشرك باهلل واستحل المحارم والفواحش ،فالقول على
هللا محرم بغير علم مثل هذه المعاني.
آء ْت ُه ْم ُرُسُلَنا َيتََوَّف ْوَن ُه ْم ِ ِ ِ َّ ِ ِ َّ ِ ِ ِ ِ ظَلم ِم َّم ِن ا ْفتَر ٰى عَلى َّ ِ ِ
َّللا َكذباً أ َْو َكذ َب ب َآياته أ ُْوَلـٰئ َك َيَناُل ُه ْم َنص ُيب ُهم ّم َن اْلكتَاب َحت ٰى إ َذا َج َ َ َ َف َم ْن أَ ْ ُ
ِ ِ َّللاِ َقاُلوْا ُّ
َقاُلوْا أ َْي َن َما ُكنتُ ْم تَ ْد ُعو َن ِمن ُدو ِن َّ
ضلوْا َعَّنا َو َش ِه ُدوْا َعَل ٰى أ َْنُفس ِه ْم أََّن ُه ْم َك ُانوْا َكاف ِر َ
ين َ
قال أيضاً{ :وقالت أوالهم ألخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون} قالوا :شماتة بهم.
السم ِآء والَ يدخُلون اْلجَّن َة حتَّى يلِج اْلجمل ِفي س ِم اْل ِخي ِ َّ ِ ِ َّ ِ
اط َّ َ اب َّ َ َ َ ْ ُ َ َ َ ٰ َ َ َ َ ُ اس َت ْكَب ُروْا َع ْن َها الَ تَُفتَّ ُح َل ُه ْم أ َْب َو ُ ِإ َّن الذ َ
ين َكذُبوْا ب َٰآيتَنا َو ْ
ِٰ
َوَكذل َك َن ْجزِي اْل ُم ْج ِرِم َ
ين
أما قوله {إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها ال تفتح لهم أبواب السماء وال يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم
الخياط} فإنه حدثني أبي عن فضالة عن أبان بن عثمان عن ضريس عن أبي جعفر عليه السالم قال :نزلت هذه
اآلية في طلحة والزبير والجمل جملهم ،والدليل على أن جنان الخلد في السماء قوله{ :ال تفتح لهم أبواب السماء وال
يدخلون الجنة} والدليل أيضاً على أن النيران في األرض قوله في سورة مريم{ :ويقول اإلنسان أإذا ما مت لسوف
أخرج حياً أو ال يذكر اإلنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئاً فوربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم
جثياً} [مريم ]68-67 :ومعنى حول جهنم البحر المحي بالدنيا يتحول نيراناً وهو قوله{ :واذا البحار سجرت}
[التكوير ]6 :ثم يحضرهم هللا حول جهنم ويوضع الصراط من األرض إلى الجنان وقوله جثياً أي :على ركبهم ثم قال:
{ونذر الظالمين فيها جثياً} [مريم ]72 :يعني في األرض إذا تحولت نيراناً.
َّ ِ ِ َلهم ِمن جهَّنم ِمه ٌاد و ِمن َفوِق ِهم َغو ٍ ٰ ِ
اش َوَكذل َك َن ْجزِي الظالم َ
ين ْ ْ َ ُْ ّ ََ َ َ َ
قوله{ :لهم من جهنم مهاد} أي :مواضع {ومن فوقهم غواش} أي :نار تغشاهم.
يها َخالِ ُدو َن ِ ِ ِ ِ َّ ِ و َّال ِذين آمنوْا وع ِمُلوْا َّ ِ ِ
اب اْل َجَّنة ُه ْم ف َ
َص َح ُ
ف َنْفساً إال ُو ْس َع َها أ ُْوَلـٰئ َك أ ْ
الصال َحات الَ ُن َكّل ُ َ َ َُ َ َ
قوله{ :ال نكلف نفساً إال وسعها} أي :ما يقدرون عليه.
قوله{ :ونزعنا ما في صدورهم من غل} قال العداوة ينزع منهم أي :من المؤمنين في الجنة فإذا دخلوا الجنة قالوا كما
حكى هللا {الحمد هلل الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لوال أن هدانا هللا لقد جاءت رسل ربنا بالحق ونودوا أن تلكم الجنة
أورثتموها بما كنتم تعملون}.
أما قوله{ :ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً قالوا نعم
فأذن مؤذن بينهم أن لعنة هللا على الظالمين} فإنه حدثني أبي عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السالم قال
المؤذن أمير المؤمنين صلوات هللا عليه يؤذن أذاناً يسمع الخالئق كلها ،والدليل على ذلك قول هللا عز وجل في سورة
البراءة {وأذان من هللا ورسوله} [التوبة ]3 :فقال أمير المؤمنين عليه السالم كنت أنا األذان في الناس.
أما قوله{ :وبينهما حجاب وعلى األعراف رجال يعرفون كالً بسيماهم} فإنه حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن
أبي أيوب عن بريد (يزيد ط) عن أبي عبد هللا عليه السالم قال األعراف كثبان بين الجنة والنار ،والرجال األئمة
صلوات هللا عليهم ،يقفون على األعراف مع شيعتهم وقد سيق المؤمنون إلى الجنة بال حساب ،فيقول األئمة لشيعتهم
من أصحاب الذنوب انظروا إلى إخوانكم في الجنة قد سيقوا (سبقوا ط) إليها بال حساب ،وهو قوله تبارك وتعالى
{سالم عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون}.
ثم يقال لهم انظروا إلى اعدائكم في النار وهو قوله{ :وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا ال تجعلنا
مع القوم الظالمين ونادى أصحاب األعراف رجاالً يعرفونهم بسيماهم} [ ]48-47في النار ف {قالوا ما أغنى عنكم
جمعكم} في الدنيا {وما كنتم تستكبرون} ثم يقولون لمن في النار من أعدائهم أهؤالء شيعتي وإخواني الذين كنتم أنتم
تحلفون في الدنيا أن ال ينالهم هللا برحمة.
ٍ أ ِ َّ ِ
َّللاُ ِب َر ْح َمة ْاد ُخُلوْا اْل َجَّن َة الَ َخ ْو ٌ
ف َعَل ْي ُك ْم َوالَ أَنتُ ْم تَ ْح َزُنو َن ين أَ ْق َس ْمتُ ْم الَ َيَناُل ُه ُم َّ
َه ُـؤالء الذ َ
َ
ثم يقول األئمة لشيعتهم {ادخلوا الجنة ال خوف عليكم وال أنتم تحزنون}.
حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن أبي حمزة الثمالي عن أبي الربيع قال حججت مع أبي جعفر عليه السالم في
السنة التي حج فيها هشام بن عبد الملك ،وكان معه نافع مولى عمر بن الخطاب ،فنظر نافع إلى أبي جعفر عليه
السالم في ركن البيت وقد اجتمع عليه الناس فقال يا أمير المؤمنين من هذا الذي تكافأ عليه الناس؟ قال هذا ابن
(بنى ط) أهل الكوفة محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السالم ،فقال آلتينه فألسألنه عن
مسائل ال يجيبني فيها إال نبي أو وصي نبي ،قال فاذهب إليه فاسأله لعلك تخجله ،فجاء نافع حتى اتكأ على الناس
فأشرف على أبي جعفر عليه السالم فقال يا محمد بن علي إني قرأت التوراة و ِ
اإلنجيل والزبور والفرقان وقد عرفت
حاللها وحرامها وقد جئت أسألك عن مسائل ال يجيب فيها إال نبي أو وصي نبي أو ابن نبي ،فرفع أبو جعفر عليه
السالم رأسه فقال سل عما بدا لك ،قال :أخبرني كم كان بين عيسى ومحمد عليهما السالم من سنة؟ فقال أخبرك
بقولك أم بقولي؟ قال أخبرني بالقولين جميعاً ،قال أما في قولي فخمس مائة سنة ،وأما في قولك فستمائة سنة ،قال
أخبرنى عن قول هللا تعالى {واسأَل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون} [الزخرف:
]45من الذي سأله محمد صلى هللا عليه وآله؟ وكان بينه وبين عيسى خمسمائة سنة ،قال فتال أبو جعفر عليه
السالم هذه اآلية{ :سبحان الذي أسرى بعبده ليالً من المسجد الحرام إلى المسجد األقصى الذي باركنا حوله لنريه من
آياتنا} [اإلسراء ]1 :كان من اآليات التي أراها محمداً صلى هللا عليه وآله حيث أسرى به إلى البيت المقدس أنه حشر
هللا له األولين واآلخرين من النبيين والمرسلين ثم أمر جبرئيل عليه السالم فأذن شفعاً وأقام شفعاً وقال في إقامته حي
على خير العمل ،ثم تقدم محمد صلى هللا عليه وآله فصلى بالقوم فلما انصرف قال هللا له :سل يا محمد من أرسلنا
من قبلك من رسلنا اجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون ،فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله على ما تشهدون وما
كنتم تعبدون؟ قالوا نشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له وأنك رسول هللا صلى هللا عليه وآله أخذت على ذلك
عهودنا ومواثيقنا ،قال نافع صدقت يا أبا جعفر ،فأخبرني عن قول هللا تعالى{ :يوم تبدل األرض غير األرض
والسماوات} [إبراهيم ]48 :بأي أرض الذي تبدل؟ فقال أبو جعفر عليه السالم بخبزة بيضاء يأكلون منها حتى يفرغ هللا
من حساب الخالئق ،فقال نافع إنهم عن األكل لمشغولون ،فقال أبو جعفر عليه السالم أهم حينئذ أشغل أو وهم في
النار؟ فقال نافع :بل وهم في النار ،قال عليه السالم فقد قال هللا{ :ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا
علينا من الماء أو مما رزقكم هللا} ما شغلهم إذا دعوا الطعام فأطعموا الزقوم ودعوا بالشراب فسقوا الحميم ،فقال
صدقت يا بن رسول هللا صلى هللا عليه وآله وبقيت مسألة واحدة ،قال وما هي؟ قال :أخبرني عن هللا متى كان؟ قال
ويلك أخبرني متى لم يكن حتى أخبرك متى كان ،سبحان من لم يزل وال يزال فرداً صمداً لم يتخذ صاحبة وال ولداً ،ثم
قال عليه السالم يا نافع أخبرني عما أسألك عنه ،فقال هات يا أبا جعفر ،قال عليه السالم :ما تقول في أصحاب
النهروان؟ قال :فإن قلت إن أمير المؤمنين قتلهم بحق فقد ارتددت أي رجعت إلى الحق وإن قلت إنه قتلهم باطالً فقد
نسـ ُٰه ْم َك َما َن ُسوْا لَِقآء َي ْو ِم ِه ْم َهـٰ َذا َو َما َك ُانوْا ِب َٰآيِتَنا َي ْج َح ُدو َن ين اتَّ َخ ُذوْا ِد َين ُه ْم َل ْهواً َوَل ِعباً َو َغَّرْت ُهم اْل َح َٰيوةُ ُّ
الد ْنَيا َفاْلَي ْوَم َن َ
َّ ِ
الذ َ
َ ُ
قال عز وجل{ :الذين اتخذوا دينهم لهواً ولعباً وغرتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم} أي :نتركهم والنسيان منه عز وجل
هو الترك.
آء َّ ِ ِ ِ ِ ظرون ِإالَّ تَأ ِْويَله يوم يأِْتي تَأ ِْويُله يُق َّ ِ
آء ْت ُرُس ُل َرّبَِنا باْل َح ّق َف َهل لَنا من ُشَف َع َ ين َن ُسوهُ من َقْب ُل َق ْد َج َ ول الذ َ َُ ُ ُ َْ َ َ َه ْل َين ُ ُ َ
ِ َّ ِ
َفَي ْشَف ُعوْا َلَنآ أ َْو ُن َرُّد َفَن ْع َم َل َغ ْي َر الذي ُكَّنا َن ْع َم ُل َق ْد َخس ُروْا أ َْنُف َس ُه ْم َو َ
ض َّل َع ْن ُه ْم َّما َك ُانوْا َيْفتَ ُرو َن
قوله{ :هل ينظرون إال تأويله يوم يأتي تأويله} فهو من اآليات التي تأويلها بعد تنزيلها ،قال :ذلك في القائم عليه
السالم ،ويوم القيامة {يقول الذين نسوه من قبل} أي :تركوه {قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا}
قال هذا يوم القيامة {أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل قد خسروا أنفسهم وضل عنهم} أي :بطل عنهم {ما كانوا
يفترون}.
طُلُب ُه َحِثيثاً و َّ ش ُي ْغ ِشي َّالي َل َّ َّللا َّال ِذي خَلق الس ٰم ٰو ِت واألَر ِ ِ َّ ِ
الش ْم َس َ الن َه َار َي ْ استَو ٰى َعَلى اْل َع ْر ِ
ض في ستة أَيَّا ٍم ثُ َّم ْ َ َ َ َ ََ َ ْ َ ِإ َّن َرب ُ
َّك ُم َّ ُ
ِ ٍ
ين
َّللاُ َر ُّب اْل َعاَلم َ
ك َّوم ُم َس َّخ َرات ِبأ َْم ِِره أَالَ َل ُه اْل َخْل ُق َواأل َْم ُر تََب َار َ ُّ
َواْلَق َم َر َوالن ُج َ
قوله{ :إن ربكم هللا الذي خلق السماوات واألرض في ستة أيام} قال في ستة أوقات {ثم استوى على العرش} أي :عال
بقدرته على العرش {يغشى الليل النهار يطلبه حثيثاً} أي :سريع ًا.
ِ ِ
ضُّرعاً َو ُخْفَي ًة ِإَّن ُه الَ ُيح ُّب اْل ُم ْعتَد َ
ين َّك ْم تَ َ
ْاد ُعوْا َرب ُ
قوله{ :وال تفسدوا في األرض بعد إصالحها وادعوه خوفاً وطعماً إن رحمة هللا قريب من المحسنين} قال أصلحها
برسول هللا صلى هللا عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السالم فأفسدوها حين تركوا أمير المؤمنين عليه السالم وذريته
عليهم السالم.
قوله{ :وهو الذي يرسل الرياح بش اًر بين يدي رحمته -إلى قوله -كذلك نخرج الموتى} دليل على البعث والنشور
وهو رد على الزنادقة.
قوله{ :ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه} نكتب خبر نوح وهود وصالح وشعيب في سورة هود إن شاء هللا تعالى.
قوله{ :أولم يهد للذين يرثون األرض} يعني :أو لم يبين {من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم} اآلية.
َّللاُ آء ْت ُه ْم ُرُسُل ُهم ِباْلَبِّي َٰن ِت َف َما َك ُانوْا لُِي ْؤ ِمُنوْا ِب َما َك َّذُبوْا ِمن َقْب ُل َك َٰذلِ َك َي ْ
طَب ُع َّ ص عَليك ِمن أ ِ ِ
تْل َك اْلُق َر ٰى َنُق ُّ َ ْ َ ْ َ
َنبآئ َها َوَلَق ْد َج َ
عَلى ُقُل ِ ٰ ِ
وب اْل َكف ِر َ
ين َ ٰ
قال{ :تلك القرى نقص عليك -يا محمد -من أنبائها} يعني من أخبارها {فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل} في
الذر األول قال :ال يؤمنون في الدنيا بما كذبوا في الذر األول وهي رد على من أنكر الميثاق في الذر األول.
قال{ :وما وجدنا ألكثرهم من عهد} أي :ما عهدنا عليهم في الذر لم يغوا به في الدنيا {وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين}.
قوله{ :وقال المأل من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في األرض ويذرك وآلهتك} قال كان فرعون يعبد
األصنام ثم ادعى بعد ذلك الربوبية ،فقال فرعون{ :سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون}.
ُّكم أَن ُي ْهلِ َك َع ُدَّوُكم وَي ْستَ ْخلَِف ُكم ِفي األ َْر ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
ف
ظ َر َك ْي َ
ض َفَين ُ ْ ْ َ َقاُلوْا أُوذ َينا من َقْبل أَن تَأْت َينا َو ِمن َب ْعد َما ج ْئتََنا َق َ
ال َع َس ٰى َرب ُ ْ
تَ ْع َمُلو َن
قوله{ :قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا} قال :قال الذين آمنوا يا موسى قد أوذينا قبل مجيئك بقتل
أوالدنا ومن بعد ما جئتنا لما حبسهم فرعون إليمانهم بموسى ،فقال موسى{ :عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم
في األرض فينظر كيف تعملون} ومعنى ينظر أي :يرى كيف تعملون فوضع النظر مكان الرؤية.
قوله{ :ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات} يعني بالسنين الجدبة لما أنزل هللا عليهم الطوفان والج ارد
والضفادع والدم ،وأما قوله{ :فاذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه} قال :الحسنة ها هنا الصحة والسالمة واألمن والسعة
{وإن تصبهم سيئة} قال السيئة ها هنا الجوع والخوف والمرض {يطيروا بموسى ومن معه} أي يتشاءموا بموسى ومن
معه.
أما قوله{ :وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل
والضفادع والدم آيات مفصالت فاستكبروا وكانوا قوماً مجرمين} [ ]133-132فإنه لما سجد السحرة ومن آمن به من
الناس قال هامان لفرعون إن الناس قد آمنوا بموسى فأنظر من دخل في دينه فأحبسه فحبس كل من آمن به من بني
قوله{ :وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق األرض ومغاربها التي باركنا فيها} يعني :بني إسرائيل لما أهلك
هللا فرعون ورثوا األرض وما كان لفرعون ،وقوله {وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا} يعني:
الرحمة بموسى تمت لهم {ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون} يعني المصانع والعريش والقصور.
أما قوله{ :وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم} [ ]138فإنه لما غرق هللا فرعون
وأصحابه وعبر موسى وأصحابه البحر نظر أصحاب موسى إلى قوم يعكفون على أصنام لهم ،فقالوا لموسى{ :يا
موسى اجعل لنا آلها كما لهم آلهة} فقال موسى{ :إنكم قوم تجهلون ،إن هؤالء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا
يعملون ،قال أغير هللا أبغيكم إلها وهو فضلكم على العالمين وإذ أنجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يقتلون
أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بالء من ربكم عظيم} [ ]141-138وهو محكم.
فلما أنزل هللا عليه التوراة وكلمه {قال ربي أرني أنظر إليك} فأوحى هللا {لن تراني} أي :ال تقدر على ذلك {ولكن
انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني} قال فرفع هللا الحجاب ونظر إلى الجبل فساخ الجبل في البحر فهو
يهوى حتى الساعة ونزلت المالئكة وفتحت أبواب السماء ،فأوحى هللا إلى المالئكة :ادركوا موسى ال يهرب ،فنزلت
المالئكة وأحاطت بموسى وقالوا تب يا بن عمران :فقد سألت هللا عظيماً ،فلما نظر موسى إلى الجبل قد ساخ
والمالئكة قد نزلت ،وقع على وجهه ،فمات من خشية هللا وهول ما رأى ،فرد هللا عليه روحه فرفع رأسه وأفاق وقال:
{سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين} أي :أول من أصدق إنك ال ترى.
الشاك ِر َ
ين َ ْ َ َ ْ َّ اس ِب ِرَساالَِتي َوب َِك َ
ال ِمي َف ُخ ْذ مآ آتَيتُك وُكن ِمن َّ ِ الن ِ
طَف ْيتُ َك َعَلى َّ
اص َ ِِ
وس ٰى إّني ْ
ٰم َ
ال ي ُ
َق َ
قال هللا له{ :يا موسى إني اصطفيتك على الناس برساالتي وبكالمي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين} فناداه جبرائيل
يا موسى أنا أخوك جبرائيل.
قوله{ :وكتبنا له في األلواح من كل شيء موعظة وتفصيالً} أي :كل شيء بأنه مخلوق وقوله{ :فخذها بقوة} أي :قوة
القلب {وأمر قومك يأخذوا بأحسنها} أي :بأحسن ما فيها من األحكام ،وقوله{ :سأريكم دار الفاسقين} أي :يجيئكم قوم
فساق تكون الدولة لهم.
الرْش ِد الَ ِ ِ ٍ َّ ين َيتَ َكب َُّرو َن ِفي األ َْر ِ ِ ِ َّ ِ
ض ب َغ ْي ِر اْل َح ِّق َوإِن َي َرْوْا ُك َّل َآية ال ُي ْؤ ِمُنوْا ب َها َوإِن َي َرْوْا َسب َ
يل ُّ ف َع ْن َآياتي الذ َ َص ِر ُ
َسأ ْ
ِِ ِ َّ ِٰ ِ ِ
يل اْل َغ ِّي َيتَّخ ُذوهُ َسِبيالً ذل َك ِبأََّن ُه ْم َكذُبوْا ِب َآياتَنا َوَك ُانوْا َع ْن َها َغافل َ
ين ِ ِ
َيتَّخ ُذوهُ َسبيالً َوإِن َي َرْوْا َسب َ
قوله{ :سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في األرض بغير الحق} يعني أصرف القرآن عن الذين يتكبرون في
األرض بغير الحق {وإن يروا كل آية ال يؤمنو بها وإن يروا سبيل الرشد ال يتخذوه سبيالً} قال إذا أروا ِ
اإليمان
والصدق والوفاء والعمل الصالح ال يتخذوه سبيالً وإن يروا الشرك والزنا والمعاصي يأخذوا بها ويعملوا بها.
َع َماُل ُه ْم َه ْل ُي ْج َزْو َن ِإالَّ َما َك ُانوْا َي ْع َمُلو َن و َّال ِذين َك َّذبوْا ِبآي ِاتَنا ولَِق ِآء ِ
اآلخ َرِة َحِب َ
ط ْت أ ْ َ َ ُ َ َ
قوله{ :والذين كذبوا بآياتنا ولقاء اآلخرة حبطت أعمالهم هل يجزون إال ما كانوا يعملون} فإنه محكم وقوله{ :هذا
إلهكم وإله موسى فنسي} [طه ]88 :أي :ترك وقوله{ :أفال يرون أال يرجع إليهم قوالً} [طه ]89 :يعني ال يتكلم العجل
وليس له منطق.
أما قوله {ولما سق في أيديهم} يعني :لما جاءهم موسى وأحرق العجل قالوا{ :لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن
من الخاسرين}.
{ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفاً قال بئسما خلفتموني من بعدي أعجلتم أمر ربكم والقى األلواح وأخذ برأس
أخيه يجره اليه -إلى قوله -إن ربك من بعدها لغفور رحيم} [ ]153-150فإنه محكم.
قوله{ :واختار موسى قومه سبعين رجالً لميقاتنا فلما أخذتهم الرجفة قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي} []155
فإن موسى عليه السالم لما قال لبني إسرائيل إن هللا يكلمني ويناجيني لم يصدقوه ،فقال لهم اختاروا منكم من يجيء
معي حتى يسمع كالمه ،فاختاروا سبعين رجالً من خيارهم وذهبوا مع موسى إلى الميقات فدنا موسى فناجا ربه وكلمه
هللا تعالى ،فقال موسى ألصحابه اسمعوا واشهدوا عند بني إسرائيل بذلك فقالوا له لن نؤمن ،حتى نرى هللا جهرة فاسئله
أن يظهر لنا ،فأنزل هللا عليهم صاعقة فاحترقوا وهو قوله{ :وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى هللا جهرة
فأخذتهم الصاعقة وأنتم تنظرون ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون} [البقرة ]56-55 :فهذه اآلية في سورة البقرة
وهي مع هذه اآلية في سورة األعراف فنصف اآلية في سورة البقرة ونصفها في سورة األعراف ها هنا ،فلما نظر
موسى إلى أصحابه قد هلكوا حزن عليهم فقال{ :رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا}
وذلك أن موسى عليه السالم ظن أن هؤالء هلكوا بذنوب بني إسرائيل فقال{ :إن هي إال فتنتك تضل بها من تشاء
وتهدي من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي اآلخرة إنا هدنا
إليك} [ ]156-155فقال هللا تبارك وتعالى{ :عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء ،فسأكتبها للذين
يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون}.
ِ ِ َّ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
النِب َّي األ ُّم َّي َّالذي َي ِج ُد َ
َّ ِ
اه ْم َع ِن ْم ُرُهم ِباْل َم ْع ُروف َوَي ْن َه ُون ُه َم ْكتُوباً ع َند ُه ْم في الت ْوَراة َواإل ْنجيل َيأ ُ ول َّ ين َيتَِّب ُعو َن َّ
الرُس َ الذ َ
آمُنوْا ِب ِه
ين َ
َّ ِ َِّ
َغالَ َل التي َك َان ْت َعَل ْي ِه ْم َفالذ َص َرُه ْم َواأل ْ ِ ِ َّ ِ ِ
اْل ُم ْن َك ِر َوُيح ُّل َل ُه ُم الطِّيَبات َوُي َحِّرُم َعَل ْي ِه ُم اْل َخَبآئ َث َوَي َ
ض ُع َع ْن ُه ْم إ ْ
ور َّال ِذي أ ِ
ُنزَل َم َع ُه أ ُْوَلـِٰئ َك ُهم اْل ُمْفلِ ُحو َن ص ُروهُ َواتََّب ُعوْا ُّ
الن َ َّ
ُ َو َعزُروهُ َوَن َ
ثم ذكر فضل النبي صلى هللا عليه وآله وفضل من تبعه فقال {الذين يتبعون الرسول النبي األمي الذي يجدونه
مكتوباً عندهم في التوراة و ِ
اإلنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث
ويضع عنهم إصرهم واألغالل التي كانت عليهم} يعني :الثقل الذي كان على بني إسرائيل وهو أنه فرض هللا عليهم
حدثني أبي عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حفض ابن غياث عن أبي عبد هللا عليه السالم
قال جاء إبليس لعنه هللا إلى موسى عليه السالم وهو يناجي ربه ،فقال له ملك من المالئكة ويلك ما ترجو منه وهو
على هذه الحالة يناجي ربه ،فقال أرجو منه ما رجوت من أبيه آدم وهو في الجنة ،وكان مما ناجى هللا موسى عليه
السالم يا موسى إني ال أقبل الصالة إال لمن تواضع لعظمتي والزم قلبه خوفي وقطع نهاره بذكري ولم يبت مص اًر
على الخطيئة وعرف حق أوليائي وأحبائي ،فقال موسى يا رب تعني بأوليائك وأحبائك إبراهيم وإسحاق ويعقوب؟ قال
هو ك ذلك إال أني أردت بذلك من من أجله خلقت آدم وحواء ومن أجله خلقت الجنة والنار ،فقال ومن هو يارب؟ فقال
محمد أحمد شققت اسمه من اسمي ألني أنا المحمود ،وهو محمد فقال موسى يا رب اجعلني من امته.
فقال يا موسى أنت من أمته إذا عرفته وعرفت منزلته ومنزلة أهل بيته وان مثله ومثل أهل بيته فيمن خلقت كمثل
الفردوس في الجنان ال ينتثر ورقها وال يتغير طعمها ،فمن عرفهم وعرف حقهم جعلت له عند الجهل علماً وعند
الظلمة نو اًر أجيبنه قبل أن يدعوني وأعطينه قبل أن يسألني.
يا موسى إذا رأيت الفقر مقبالً فقل مرحباً بشعار الصالحين ،وإذا رأيت الغنى مقبالً فقل ذنب تعجلت عقوبته.
يا موسى إن الدنيا دار عقوبة عاقبت فيها آدم عند خطيئته وجعلتها ملعونة ملعونة بمن فيها إال ما كان فيها لي.
يا موسى إن عبادي الصالحين زهدوا فيها بقدر علمهم وسائرهم من خلقي رغبوا فيها بقدر جهلهم ،وما أحد من خلقي
عظمها فقرت عيناه فيها ،ولم يحقرها إال تمتع بها ،ثم قال أبو عبدهللا عليه السالم إن قدرتم أن ال تعرفوها فافعلوا وما
عليك إن لم يثن عليك الناس وما عليك أن تكون مذموماً عند الناس وكنت عند هللا محموداً ،إن أمير المؤمنين عليه
أما قوله{ :وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطاً أمماً} أي :ميزناهم به.
الس ْب ِت ِإ ْذ تَأِْتي ِه ْم ِحيتَ ُان ُه ْم َي ْوم َس ْبِت ِه ْم ُشَّرعاً َوَي ْوم الَ َي ْسِبتُو َن
اض َرَة اْلَب ْح ِر ِإ ْذ َي ْع ُدو َن ِفي َّ وسَئْلهم ع ِن اْلَقري ِة َّالِتي َكان ْت ح ِ
َ َ َ َ َْ َ ْ ُْ َ
َّللاُ ُم ْهلِ ُك ُه ْم أ َْو ُم َع ِّذُب ُه ْم َع َذاباً َش ِديداً ُم ٌة ِّم ْن ُه ْم لِ َم تَ ِع ُ
ظو َن َق ْوماً َّ وهم ِب َما َك ُانوا َيْف ُسُقو َن * َوِإ ْذ َقاَل ْت أ َّ الَ تَأِْت ِ ِ
يه ْم َك َذل َك َنْبُل ُ
َّ ِ َّ ِ ِ
ظَلموْا ِبع َذ ٍ
اب ين َ ُ َ َخ ْذَنا الذ َ ين َي ْن َه ْو َن َع ِن الس ِ
وء َوأ َ ُ َنج ْيَنا الذ َ
ِ َّ َّ
ِك ْم َوَل َعل ُه ْم َيتَُّقو َن * َفَلما َن ُسوْا َما ُذ ّك ُروْا ِبه أ َ َقاُلوْا َم ْع ِذ َرًة ِإَل ٰى َرّب ُ
َبِئ ٍ
يس ِب َما َك ُانوْا َيْف ُسُقو َن
حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن علي بن رياب عن أبي عبيدة عن أبي جعفر عليه السالم قال :وجدنا في
كتاب علي عليه السالم أن قوماً من أهل أيكة من قوم ثمود وإن الحيتان كانت سبقت إليهم يوم السبت ليختبر هللا
طاعتهم في ذلك فشرعت إليهم يوم سبتهم في ناديهم وقدام أبوابهم في أنهارهم وسواقيهم فبادروا إليها فأخذوا
يصطادونها فلبثوا في ذلك ما شاء هللا ال ينهاهم عنها األحبار وال يمنعهم العلماء من صيدها ،ثم إن الشيطان أوحى
إلى طائفة منهم إنما نهيتم عن أكلها يوم السبت فلم تنهوا عن صيدها ،فاصطادوا يوم السبت وكلوها فيما سوى ذلك
من األيام ،فقالت طائفة منهم اآلن نصطادها ،فعتت ،وانحازت طائفة أخرى منهم ذات اليمين فقالوا ننهاكم عن عقوبة
هللا أن تتعرضوا لخالف أمره واعتزلت طائفة منهم ذات اليسار فسكتت فلم تعظهم ،فقالت للطائفة التي وعظتهم لم
تعظون قوماً هللا مهلكم أو معذبهم عذاباً شديداً ،فقالت الطائفة التي وعظتهم {معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون} []164
قال فقال هللا جل وعز{ :فلما نسوا ما ذكروا به} [ ]165يعني :لما تركوا ما وعظوا به مضوا على الخطيئة ،فقالت
الطائفة التي وعظتهم ال وهللا ال نجامعكم وال نبايتكم الليلة في مدينتكم هذه التي عصيتم هللا فيها مخافة أن ينزل بكم
البالء فيعمنا معكم ،قال فخرجوا عنهم من المدينة مخافة أن يصيبهم البالء فنزلوا قريباً من المدينة فباتوا تحت السماء
فلما أصبح أولياء هللا المطيعون ألمر هللا غدواً لينظروا ما حال أهل المعصية ،فأتوا باب المدينة فإذا هو مصمت،
فدقوه فلم يجابوا ولم يسمعوا منها خبر واحد فوضعوا سلماً على سور المدينة ثم اصعدوا رجالً منهم فأشرف على
المدينة فنظر فإذا هو بالقوم قردة يتعاوون ،فقال الرجل ألصحابه يا قوم أرى وهللا عجباً ،قالوا وما ترى قال أرى القوم
اإلنس ولم تعرف ِ
اإلنس أنسابها من قد صاروا قردة يتعاوون ولها أذناب ،فكسروا الباب قال فعرفت القردة أنسابها من ِ
القردة ،فقال القوم للقردة ألم ننهكم فقال علي عليه السالم والذي فلق الحبة وب أر النسمة إني ألعرف أنسابها من هذه
األمة ال ينكرون وال يغيرون بل تركوا ما أمروا به فتفرقوا وقد قال هللا عز وجل{ :فبعداً للقوم الظالمين}[المؤمنون:
،]41فقال هللا{ :وأنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون}.
ِ َّك َلس ِريع اْل ِعَق ِ ِ ِ وِإ ْذ تأ ََّذن ربُّك َليبعثَ َّن عَلي ِهم ِإَلى يو ِم اْلِقي ِ
يم اب َوِإَّن ُه َل َغُف ٌ
ور َّرح ٌ وء اْل َع َذاب إ َّن َرب َ َ ُ
وم ُه ْم ُس َ
امة َمن َي ُس ُ
ََ َ َ َ َ َ َْ َ َ ْ ْ ٰ َْ
أما قوله{ :وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم} يعني يعلم ربك {إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب إن ربك لسريع
العقاب وإنه لغفور رحيم} نزلت في اليهود ال يكون لهم دولة أبداً.
السِيَئ ِ
ات َل َعَّل ُه ْم َي ْرِج ُعو َن ِ ِٰ ض أُمماً ِم ْنهم َّ ِ
اهم ِفي األ َْر ِ َّ
اه ْم ِباْل َح َسَنات َو َّ ّ
الصال ُحو َن َو ِم ْن ُه ْم ُدو َن ذل َك َوَبَل ْوَن ُ َ ّ ُُ َوَقط ْعَن ُ ْ
قوله{ :وقطعناهم في األرض} أي :ميزهم {أُمماً منهم الصالحون ومنهم دون ذلك وبلوناهم} أي :اختبرناهم {بالحسنات
والسيئات} يعني :بالسعة واألمن والفقر والفاقة والشدة {لعلهم يرجعون} يعني :كي يرجعوا.
قوله{ :فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا األدنى} [ ]169يعني :ما يعرض لهم من الدنيا
{ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن ال يقولوا على هللا إال الحق ودرسوا
ما فيه} يعني :ضيعوه ثم قال{ :والدار اآلخرة خير للذين يتقون أفال تعقلون والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصالة إنا
ال نضيع أجر المصلحين} [ ]170-169وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله الذين يمسكون
بالكتاب قال نزلت في آل محمد وأشياعهم.
وأما قوله{ :وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب} فهم في أُمة محمد يسومون أهل
الكتاب سوء العذاب يأخذون منهم الجزية.
أما قوله{ :وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم} قال الصادق عليه السالم :لما أنزل هللا التوراة على
بني إسرائيل لم يقبلوه فرفع هللا عليهم جبل طور سيناء ،فقال لهم موسى عليه السالم إن لم تقبلوه وقع عليكم الجبل،
فقبلوه وطأطؤا رؤوسهم.
أما قوله{ :وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى} فإنه حدثني
أبي عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن ابن سنان قال :قال أبو عبد هللا عليه السالم :أول من سبق من
الرسل إلى بلى محمد رسول هللا صلى هللا عليه وآله وذلك أنه كان أقرب الخلق إلى هللا تبارك وتعالى ،وكان بالمكان
الذي قال له جبرائيل لما أسرى به إلى السماء "تقدم يا محمد فقد وطأت موطئاً لم يطأه ملك مقرب وال نبي مرسل"
ولوال أن روحه ونفسه كانت من ذلك المكان لما قدر أن يبلغه ،فكان من هللا عز وجل .كما قال هللا قاب قوسين أو
أدنى أي :بل أدنى ،فلما خرج األمر من هللا وقع إلى أوليائه عليهم السالم ،فقال الصادق عليه السالم كان الميثاق
مأخوذاً عليهم هلل بالربوبية ولرسوله بالنبوة وألمير المؤمنين واألئمة ِ
باإلمامة؛ فقال ألست بربكم ومحمد نبيكم وعلي
إمامكم واألئمة إلهاً دون أئمتكم؟ فقالوا بلى شهدنا فقال هللا تعالى{ :أن تقولوا يوم القيامة} أي :لئال تقولوا يوم القيامة
{إنا كنا عن هذا غافلين} فأول ما أخذ هللا عز وجل الميثاق على األنبياء له بالربوبية وهو قوله{ :وإذ أخذنا من النبيين
ميثاقهم} [األحزاب ]7 :فذكر جملة األنبياء ثم أبرز أفضلهم باألسماء فقال ومنك يا محمد ،فقدم رسول هللا صلى هللا
عليه وآله ألنه أفضلهم ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم ،فهؤالء الخمسة أفضل األنبياء ورسول هللا صلى
هللا عليه وآله أفضلهم ،ثم أخذ بعد ذلك ميثاق رسول هللا صلى هللا عليه وآله على األنبياء باإليمان به وعلى أن
ينصروا أمير المؤمنين عليه السالم فقال{ :وإذ أخذ هللا ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول
مصدق لما معكم} [آل عمران ]81 :يعني :رسول هللا صلى هللا عليه وآله {لتؤمنن به ولتنصرنه} [آل عمران]81 :
يعني أمير المؤمنين عليه السالم وأخبروا أُممكم بخبره وخبر وليه من األئمة عليه السالم حدثني أبي عن محمد بن
أبي عمير عن عبد هللا بن مسكان عن أبي عبد هللا عليه السالم وعن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السالم في
قوله{ :لتؤمنن به ولتنصرنه} [آل عمران ]81 :قال :قال ما بعث هللا نبياً من لدن آدم فهلم ج ار إال ويرجع إلى الدنيا
فيقاتل وينصر رسول هللا صلى هللا عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السالم ثم أخذ أيضاً ميثاق األنبياء على رسول هللا
صلى هللا عليه وآله فقال :قل يا محمد آمنا باهلل وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب
واألسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم ال نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون.
وحدثني أبي عن ابن أبي عمير عن ابن مسكان عن أبي عبد هللا عليه السالم{ :وإذ أخذ ربك من بني آدم من
ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى} قلت :معاينة كان هذا قال :نعم فثبتت المعرفة ونسوا
ض َواتََّب َع ين * َوَل ْو ِش ْئَنا َل َرَف ْعَناهُ ِب َها َوَلـ ِٰكَّن ُه أ ْ
َخَل َد ِإَلى األ َْر ِ طان َف َك ِ
ان م َن اْل َغ ِاو َ
َ ءاتَْيَناه ء َاي ِاتَنا َف ْانسَل َخ ِم ْنها َفأ َْتَب َع ُه َّ
الش ْي َ ُ َ َ َ ُ َ
ص ِ ِ ِ َّ ِ َّ ِ َّ ِ ِ ِ ِ ِ
ص َصص اْلَق َ َه َواهُ َف َمَثُل ُه َك َمَثل اْل َكْلب إن تَ ْحم ْل َعَل ْيه َيْل َه ْث أ َْو تَ ْت ُرْك ُه َيْل َهث ذل َك َمَث ُل اْلَق ْو ِم الذي َن َكذُبوْا ب َآياتَنا َفا ْق ُ
َل َعَّل ُه ْم َيتََف َّك ُرو َن
أما قوله{ :واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين} فإنها نزلت في بلعم بن
باعو ار وكان من بني إسرائيل ،وحدثني أبي عن الحسن (الحسين ط) بن خالد عن أبي الحسن الرضا عليه السالم أنه
أعطي بلعم بن باعو ار االسم األعظم ،فكان يدعو به فيستجاب له فمال إلى فرعون .فلما مر فرعون في طلب موسى
وأصحابه قال فرعون لبلعم ادعو هللا على موسى وأصحابه ليحبسه علينا فركب حمارته ليمر في طلب موسى
وأصحابه فامتنعت عليه حمارته فأقبل يضربها فأنطقها هللا عز وجل فقالت ويلك على ما تضربني أتريد أن أجيء
معك لتدعو على موسى نبي هللا وقوم مؤمنين ،فلم يزل يضربها حتى قتلها وانسلخ االسم األعظم من لسانه ،وهو قوله
{فانسلخ منها فأَتبعه الشيطان فكان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى األرض واتبع هواه فمثله كمثل
الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث} وهو مثل ضربه ،فقال الرضا عليه السالم فال يدخل الجنة من البهائم إال
ثالثة حمارة بلعم وكلب أصحاب الكهف والذئب وكان سبب الذئب أنه بعث ملك ظالم رجالً شرطياً ليحشر قوماً من
المؤمنين ويعذبهم وكان للشرطي ابن يحبه ،فجاء ذئب فأكل ابنه فحزن الشرطي عليه فأدخل هللا ذلك الذئب الجنة لما
أحزن الشرطي.
قوله{ :وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون} فهذه اآلية آلل محمد واتباعهم ،وقوله {عسى أن يكون قد اقترب
أجلهم} [األعراف ]185 :هو هالكهم.
ين َك َّذُبوْا ِب َٰآيِتَنا َسَن ْستَ ْد ِر ُج ُه ْم ِّم ْن َح ْي ُث الَ َي ْعَل ُمو َن َّ ِ
َوالذ َ
قوله{ :والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث ال يعلمون} قال :تجديد النعم عند المعاصي.
ِ ِ
َوأ ُْملِي َل ُه ْم ِإ َّن َك ْيدي َمت ٌ
ين
قوله{ :وأملي لهم} أي :أصبر لهم {إن كيدي متين} أي :عذابي شديد.
قال{ :أو لم يتفكروا} يعني قريش {ما بصاحبهم من جنة} يعني رسول هللا صلى هللا عليه وآله أي :ما هو مجنون كما
يزعمون {إن هو إال نذير مبين}.
قوله{ :أو لم ينظروا في ملكوت السماوات واألرض وما خلق هللا من شيء وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأي
حديث بعده} يعني بعد القرآن {يؤمنون} أي :يصدقون.
الس ٰم ٰو ِت واأل َْر ِ ِ ِع ْند ربِي الَ يجّلِ ِ ِ ِ َّ َّان ُم ْر َٰس َها ُق ْل ِإَّن َما ِعْل ُم َها الس ِ
ض الَ يها ل َوْقت َهآ إال ُهَو ثَُقَل ْت في َّ َ َ َ َُ َ َ َّ ون َك َع ِن َّ َ
اعة أَي َ َي ْسأَُل َ
َّللاِ وَلـ ِٰك َّن أَ ْكثََر َّ
الن ِ
اس الَ َي ْعَل ُمو َن ِ ِ ون َك َكأََّن َك َحِف ٌّي َع ْن َها ُق ْل ِإَّن َما تَأِْت ُ َّ
يك ْم ِإال َب ْغتَ ًة َي ْسأَُل َ
عْل ُم َها ع َند َّ َ
أما قوله{ :يسألونك عن الساعة أيان مرساها} فإن قريشاً بعثت العاص بن وايل السهمي والنضر بن حارث بن كلدة
وعتبة بن أبي معي إلى نجران ليتعلموا من علماء اليهود مسائل ويسألوا بها رسول هللا صلى هللا عليه وآله ،وكان
فيها سلوا محمداً متى تقوم الساعة؟ فإن ادعى علم ذلك فهو كاذب ،فإن قيام الساعة لم يطلع هللا عليه ملكاً مقرباً وال
نبياً مرسالً :فلما سألوا رسول هللا صلى هللا عليه وآله متى تقوم الساعة؟ أنزل هللا تعالى{ :يسألونك عن الساعة أيان
مرساها قل إنما علمها عند ربي ال يجليها لوقتها إال هو ثقلت في السماوات واألرض ال تأتيكم إال بغتة يسئلونك كأنك
حفي عنها} أي :جاهل بها قل لهم يا محمد {إنما علمها عند هللا ولكن أكثر الناس ال يعلمون}.
وء ِإ ْن أََن ْا َعَل ُم اْل َغ ْي َب الَ ْستَ ْكثَ ْر ُت ِم َن اْل َخ ْي ِر َو َما َم َّسِن َي ُّ
الس ُ نت أ ْ
َّللاُ َوَل ْو ُك ُ
آء َّ ِ َّ
ضّاًر إال َما َش َ
َّ ِ ِ ِ
ُقل ال أ َْمل ُك لَنْفسي َنْفعاً َوالَ َ
ِإالَّ َن ِذ ٌير َوَب ِش ٌير ّلَِق ْو ٍم ُي ْؤ ِمُنو َن
قوله{ :ولو كنت أعلم الغيب الستكثرت من الخير وما مسني السوء} قال :كنت أختار لنفسي الصحة والسالمة.
اها َح َمَل ْت َح ْمالً َخِفيفاً َف َمَّر ْت ِب ِه َفَل َّمآ أَ ْثَقَل ْت َّ ِ ِ هو َّال ِذي خَلَق ُكم ِمن َّنْف ٍ ِ ٍ
س َواح َدة َو َج َع َل م ْن َها َزْو َج َها لَي ْس ُك َن ِإَل ْي َها َفَلما تَ َغ َّش َ َ ْ ّ َُ
اك ِرين * َفَل َّمآ آتَاهما صالِحاً جعالَ َله ُشرَك ِ ون َّن ِمن َّ ِ َّللا ربَّهما َلِئن آتَيتََنا ِ َّ
َّللاُ
اه َما َفتَ َعاَلى َّ يمآ آتَ ُ آء ف َ ََ ُ َ َ َُ َ الش َ صالحاً لَن ُك َ َ َّد َع َوا َّ َ َ ُ َ ْ ْ َ
َع َّما ُي ْش ِرُكو َن * أَُي ْش ِرُكو َن َما الَ َي ْخُل ُق َش ْيئاً َو ُه ْم ُي ْخَلُقو َن
أما قوله {هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حمالً خفيفاً فمرت به
فلما أثقلت دعوا هللا ربهما لئن آتيتنا صالحاً لنكونن من الشاكرين فلما آتاهما صالحاً جعال له شركاء فيما آتاهما}
[ ] 190-189حدثني أبي قال :حدثني الحسن بن محبوب عن محمد بن النعمان األحول عن بريد العجلي عن أبي
جعفر عليه السالم لما علقت حواء من آدم وتحرك ولدها في بطنها قالت آلدم إن في بطني شيئاً يتحرك ،فقال لها آدم
الذي في بطنك نطفة مني استقرت في رحمك يخلق هللا منها خلقاً ليبلونا فيه فأتاها إبليس ،فقال لها كيف أنت؟ فقالت
له أما أني قد علقت وفي بطني من آدم ولد قد تحرك ،فقال لها إبليس أما أنك إن نويت أن تسميه عبد الحارث ولدتيه
غالماً وبقي وعاش وإن لم تنو أن تسميه عبد الحارث مات بعدما تلدينه بستة أيام ،فوقع في نفسها مما قال لها شيء
فأخبرت بما قال آدم ،فقال لها آدم قد جاءك الخبيث ال تقبلي منه فإني أرجو أن يبقى لنا ويكون بخالف ما قال لك،
ووقع في نفس آدم مثل ما وقع في نفس حواء من مقالة الخبيث ،فلما وضعته غالماً لم يعش إال ستة أيام حتى مات
فقالت آلدم قد جاءك الذي قال لنا الحارث فيه ،ودخلهما من قول الخبيث ما شككهما ،قال فلم تلبث أن علقت من آدم
حمالً آخر فأتاها إبليس ،فقال لها كيف أنت؟ فقالت له قد ولدت غالماً ولكنه مات اليوم السادس فقال لها الخبيث أما
أنك لو كنت نويت أن تسميه عبد الحارث لعاش وبقي ،وإنما هو الذي في بطنك كبعض ما في بطون هذه األنعام
التي بحضرتكم إما ناقة وإما بقرة وأما ضأن وأما معز فدخلها من قول الخبيث ما استمالها إلى تصديقه والركون إلى
ما أخبرها الذي كان تقدم إليها في الحمل األول ،وأخبرت بمقالته آدم فوقع في قلبه من قول الخبيث مثل ما وقع في
قلب حواء {فلما أثقلت دعو هللا ربهما لئن آتيتنا صالحاً لنكونن من الشاكرين فلما آتاهم صالحاً} أي :لم تلد ناقة أو
بقرة أو ضانا أو مع اًز فأتاهما الخبيث ،فقال لها كيف أنت؟ فقالت له :قد ثقلت وقربت والدتي ،فقال :أما أنك ستندمين
وترين من الذي في بطنك ما تكرهين ويدخل آدم منك ومن ولدك شيء لو قد ولدتيه ناقة أو بقرة أو ضاناً أو مع اًز
فاستمالها إلى طاعته والقبول لقوله ،ثم قال لها إعلمي إن أنت نويت أن تسميه عبد الحارث وجعلت لي فيه نصيباً
أخبرنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن موسى ابن بكر عن الفضل عن أبي جعفر عليه
السالم في قول هللا{ :فلما آتاهما صالحاً جعال له شركاء فيما آتاهما} فقال هو آدم وحواء وإنما كان شركهما شرك
طاعة ولم يكن شرك عبادة فأنزل هللا على رسوله هللا صلى هللا عليه وآله{ :هو الذي خلقكم من نفس واحدة -إلى
قوله -فتعالى هللا عما يشركون} قال جعال للحارث نصيباً في خلق هللا ولم يكن أشركا إبليس في عبادة هللا ثم قال:
{أيشركون ما ال يخلق شيئاً وهم يخلقون}[ ].191
ص ِاد ِقي َن * أََل ُه ْم أ َْر ُج ٌل َي ْم ُشو َن ِب َهآ أ َْم َل ُه ْم ِ ِ ِإ َّن َّال ِذين تَ ْدعون ِمن دو ِن َّ ِ ِ
وه ْم َفْلَي ْستَج ُيبوْا َل ُك ْم إن ُكنتُ ْم َ
َّللا عَب ٌاد أ َْمثَاُل ُك ْم َف ْاد ُع ُ ُ َ ُ َ
نظ ُرو ِن * ِإ َّن صرون ِبهآ أَم َلهم آ َذان يسمعون ِبها ُق ِل ادعوْا ُشرَكآء ُكم ثُ َّم ِكيدو ِن َفالَ تُ ِ ِ ٍ ِ
ُ ُْ َ َ ْ َعُي ٌن ُي ْب ُ َ َ ْ ُ ْ ٌ َ ْ َ ُ َ َ أ َْيد َي ْبط ُشو َن ِب َهآ أ َْم َل ُه ْم أ ْ
ِ ِ ِ َّ ِ َّللا َّال ِذي َنَّزل اْل ِكتَاب وهو يتَوَّلى َّ ِ ِ ولِِي
ص َرُك ْم َوال أ َْنُف َس ُه ْم ين تَ ْد ُعو َن من ُدوِنه الَ َي ْستَط ُ
يعو َن َن ْ ين * َوالذ َ الصالح َ َ َ َُ َ َ َ ـي َّ ََُّ
ظرو َن ِإَليك وهم الَ يب ِ
ص ُرو َن ْ َ َ ُ ْ ُْ وه ْم ِإَلى اْل ُه َد ٰى الَ َي ْس َم ُعوْا َوتَ َٰرُه ْم َين ُ ُ
ص ُرو َن * َوإِن تَ ْد ُع َُي ْن ُ
احتج على الملحدين فقال{ :والذين تدعون من دونه ال يستطيعون نص اًر وال أنفسهم ينصرون -إلى قوله -وتراهم
ينظرون إليك وهم ال يبصرون}[ ].198-194
أدب هللا رسوله صلى هللا عليه وآله فقال{ :خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين}.
قال{ :وإما ينزغنك من الشيطان نزغ} قال :إن عرض في قلبك منه شيء ووسوسة {فاستعذ باهلل إنه سميع عليم}.
قال{ :إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون} قال :وإذا ذكرهم الشيطان المعاصي
وحملهم عليها يذكرون هللا فإذاهم مبصرون ،قال :وإذا ذكرهم الشيطان وإخوانهم من الجن.
ٍ
ص ِآئ ُر ِمن َّرّب ُ
ِك ْم َو ُه ًدى َوَر ْح َم ًة ِّلَق ْو ٍم ِ ِ
اجتََب ْي َت َها ُق ْل ِإَّن َمآ أَتَِّب ُع َما ِي َ
وح ٰى إَل َّي من َّرّبِي َهـٰ َذا َب َ
ِ
َوإِ َذا َل ْم تَأْت ِه ْم ِب َآية َقاُلوْا َل ْوالَ ْ
ُي ْؤ ِمُنو َن
{وإذا لم تأتهم بآية قالوا} قريش {لوال اجتبيتها} وجواب هذا في األنعام في قوله{ :قل} لهم -يا محمد { -لو أن عندي
ما تستعجلون به} [األنعام ]58 :يعني :من اآليات {لقضي األمر بيني وبينكم} [األنعام ]58 :وقوله في بني إسرائيل:
{وما نرسل باآليات إال تخويفاً}[اإلسراء.]59 :
ين ِع َند َّ ِ ِِ ِ ضُّرعاً و ِخ َيف ًة وُدو َن اْلجه ِر ِم َن اْلَقو ِل ِباْل ُغ ُد ِو واآلص ِ َّك ِفي َنْف ِس َك
ين * ِإ َّن الذ َ
ال َوالَ تَ ُك ْن ّم َن اْل َغافل َ ّ َ َ ْ َْ َ َ تَ َ َوا ْذ ُكر َّرب َ
ِ ِِ
عَب َادته َوُي َسِّب ُح َ
ون ُه َوَل ُه َي ْس ُج ُدو َن ِك الَ َي ْستَ ْكِب ُرو َن َع ْن
َرّب َ
{واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة} قال في الظهر والعصر {ودون الجهر من القول بالغدو واآلصال} [ ]205قال
بالغداة والعشي {وال تكن من الغافلين إن الذين عند ربك} يعني األنبياء والرسل واألئمة عليهم السالم {ال يستكبرون
عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون}[ ].206-205
أما قوله {إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل هللا فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين
كفروا إلى جهنم يحشرون} قال :نزلت في قريش لما وافاهم ضمضم وأخبرهم بخروج رسول هللا صلى هللا عليه وآله في
طلب العير فأخرجوا أموالهم وحملوا وأنفقوا وخرجوا إلى محاربة رسول هللا صلى هللا عليه وآله ببدر فقتلوا وصاروا إلى
النار وكان ما أنفقوا حسرة عليهم.
َّللا ِبما يعمُلو َن ب ِ ِ الد ُ ُّ ِ ِ ِ وَق ِاتُلوهم حتَّى الَ تَ ُكون ِف ْتن ٌة وي ُكون ِ
ص ٌير َ ين ُكل ُه َّلل َفإ ِن ْانتَ َه ْوْا َفإ َّن َّ َ َ َ ْ َ َ َ ََ َ ّ ُْ َ ٰ َ
قوله{ :وقاتلوهم حتى ال تكون فتنة} أي :كف اًر وهي ناسخة لقوله {كفوا أيديكم} [النساء ]77 :ولقوله{ :ودع
أذاهم}[األحزاب.]48 :
قوله{ :وإذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى} يعني :قريشاً حيث نزلوا بالعدوة اليمانية ورسول هللا صلى هللا عليه
وآله حيث نزل بالعدوة الشامية {والركب أسفل منكم} وهي العير التي أفلتت ثم قال ولو تواعدتم للحرب لما وفيتم ولكن
هللا جمعكم من غير ميعاد كان بينكم {ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة} قال يعلم من بقي أن هللا
نصره.
الص ُد ِ َّللا سَّلم ِإَّنه علِيم ِب َذ ِ ِ ِ امك َقلِيالً وَلو أَر َ ِ َّ ِ
ِ يكهم َّ ِ ِ ِ
ور ات ُّ اك ُه ْم َكثي اًر لَفشْلتُ ْم َوَلتََن َاز ْعتُ ْم في األ َْم ِر َوَلـٰك َّن َّ َ َ َ ُ َ ٌ َْ َ َّللاُ في َمَن َ إ ْذ ُير َ ُ ُ
قوله{ :إذ يريكهم هللا في منامك قليالً ولو أراكهم كثي اًر لفشلتم ولتنازعتم في األمر} فالمخاطبة لرسول هللا صلى هللا
عليه وآله والمعنى ألصحابه أراهم هللا قريشاً في نومهم إنهم قليل ولو أراهم كثي اًر لفزعوا.
اب ِعند َّ ِ َّ ِ
ين َكَف ُروْا َف ُه ْم الَ ُي ْؤ ِمُنو َن
َّللا الذ َ الد َو ِّ َ
ِإ َّن َشَّر َّ
حدثنا جعفر بن أحمد قال حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم عن محمد بن على عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة
عن أبي جعفر صلوات هللا عليه في قوله{ :إن شر الدواب عند هللا الذين كفروا فهم ال يؤمنون} قال أبو جعفر عليه
السالم :نزلت في بني أمية فهم شر خلق هللا هم الذين كفروا في باطن القرآن فهم ال يؤمنون.
ين َكَف ُروْا َسَبُقوْا ِإَّن ُه ْم الَ َّ ِ َّللا الَ ي ِح ُّب ِ ِ ٍ ِ ِ
ين * َوالَ َي ْح َسَب َّن الذ َ الخائن َ
َ َوإِ َّما تَ َخا َف َّن من َق ْو ٍم خَي َان ًة َف ْانِب ْذ ِإَل ْي ِه ْم َعَل ٰى َس َوآء ِإ َّن َّ َ ُ
ين ِمن ُدوِن ِه ْم الَ اط اْلخي ِل ترِهبون ِب ِه عدَّو َّ ِ
طعتُم ِمن ُقَّوٍة و ِمن ِرب ِ ِ ِ
آخ ِر َ
َّللا َو َع ُدَّوُك ْم َو َ َْ َ ْ ُْ ُ َ َ َّ استَ َ ْ ْ ّ ُي ْعج ُزو َن * َوأَعُّدوْا َل ُه ْم َّما ْ
َّللاِ ُي َو َّ
ف ِإَل ْي ُك ْم َوأ َْنتُ ْم الَ تُ ْ
ظَل ُمو َن َّللا يعَلمهم وما تُ ِنفُقوْا ِمن َشي ٍء ِفي سِب ِ
يل َّ َ ون ُه ُم َّ ُ َ ْ ُ ُ ْ َ َ
تَ ْعَل ُم َ
ْ
قوله{ :وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء} نزلت في معاوية لما خان أمير المؤمنين عليه السالم.
قوله{ :وإن جنحوا للسلم فاجنح لها} قال هي منسوخة بقوله{ :وال تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم األعلون وهللا معكم}
[محمد ] 35 :نزلت هذه اآلية أعني قوله{ :وإن جنحوا للسلم} قبل نزول قوله{ :يسئلونك عن األنفال} [األنفال ]1 :وقبل
الحرب ،وقد كتبت في آخر السورة بعد إنقضاء أخبار بدر.
قوله{ :وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك هللا هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في
األرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن هللا ألف بينهم إنه عزيز حكيم} [ ]63-62قال :نزلت في األوس والخزرج.
وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم قال :إن هؤالء قوم كانوا معه من قريش فقال هللا{ :فإن حسبك هللا
هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم} إلى آخر اآلية فهم األنصار كان بين األوس والخزرج حرب
شديدة وعداوة في الجاهلية فألف هللا بين قلوبهم ونصر بهم نبيه صلى هللا عليه وآله فالذين ألف بين قلوبهم هم
األنصار خاصة ،رجع إلى رواية علي بن إبراهيم.
ف َي ْغلُِبوْا أَْلَف ْي ِن ِبِإ ْذ ِن صاِب َرةٌ َي ْغلُِبوْا ِمَئتَْي ِن َوإِن َي ُكن ِّم ُ
نك ْم أَْل ٌ
يكم ضعفاً َفِإن ي ُكن ِم ُ ِ
نك ْم ّمَئ ٌة َ َ ْ ّ
نكم وعلِم أ َّ ِ
َن ف ُ ْ َ ْ َّللاُ َع ُ ْ َ َ َ
ف َّاآلن َخَّف َ
َ
الصاِب ِر َ
ين َّللاِ َو َّ
َّللاُ َم َع َّ َّ
علم هللا أن فيهم ضعفاً ال يقدرون على ذلك فأنزل هللا{ :أآلن خفف هللا عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً فإن يكن منكم مائة
صابرة يغلبوا مائتين} ففرض هللا عليهم أن يقاتل رجل من المؤمنين رجلين من الكفار فإن فر منهما فهو الفار من
الزحف ،فإن كانوا ثالثة من الكفار وواحد من المسلمين ففر المسلم منهم فليس هو الفار من الزحف.
ِ يل َّ ِ َّ ِ اه ُدوْا ِبأَموالِ ِهم وأ َْنُف ِس ِهم ِفي سِب ِ َّ ِ
ض ُهم أ َْولَِيآء َب ْع ٍ
ض ُ ص ُروْا أ ُْوَلـٰئ َك َب ْع ُ ْين َء َاووْا َّوَن َ
َّللا َوالذ َ َ ْ َْ ْ َ اج ُروْا َو َج َ
آمُنوْا َو َه َ
ين َ ِإ َّن الذ َ
ص ُر ِإالَّ َعَل ٰى ين َف َعَل ْي ُكم َّ وكم ِفي ِ
الد ِ ِ ٍ َّ ِِ ِ ِ ِ َّ ِ
الن ْ ُ ّ نص ُر ُ ْ
استَ َ آمُنوْا َوَل ْم ُي َهاج ُروْا َما َل ُك ْم ّمن َوالََيتهم ّمن َش ْيء َحت ٰى ُي َهاج ُروْا َوإِ ِن ْ ين َ َوالذ َ
ص ٌير َّللا ِبما َتعمُلو َن ب ِ ِ
َ اق َو َّ ُ َ ْ َ َق ْو ٍم َب ْيَن ُك ْم َوَب ْيَن ُه ْم ّميثَ ٌ
{والذين كفروا بعضهم أولياء بعض} يعني :هم يوالي بعضهم بعضاً ثم قال{ :إال تفعلوه} يعني إن لم تفعلوه فوضع
حرف مكان حرف {تكن فتنة في األرض وفساد كبير}.
قال{ :والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولوا األرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب هللا}
قال :نسخت قول{ :والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم}[النساء.]33 :
يمناً َو َعَل ٰى َرّب ِِه ْم َيتََوَّكُلو َن ِ ِ ٰ ِ ين ِإ َذا ُذ ِكر َّ ِ َّ ِ
وب ُه ْم َوإِ َذا ُتلَي ْت َعَل ْيه ْم َء َايتُ ُه َزَاد ْت ُه ْم إ َٰ
َّللاُ َوجَل ْت ُقُل ُ َ ِإَّن َما اْل ُم ْؤ ِمُنو َن الذ َ
َّن َكأََّن َما ُي َساُقو َن َخرجك ربُّك ِمن بيِتك ِباْلح ِق وإِ َّن َف ِريقاً ِمن اْلمؤ ِمِنين َل َك ِارهو َن * يج ِادُل َ ِ
ون َك في اْل َح ِّق َب ْع َد َما تََبي َ َُ ُ ّ َ ُْ َ َْ َ َ ّ َ َك َمآ أ ْ َ َ َ َ َ
الش ْوَك ِة تَ ُكو ُن َل ُك ْم َوُي ِر ُيد َّ
َّللاُ
ات َّ َن َغير َذ ِ َّ ِ ِ ِإَلى اْل َم ْو ِت َو ُه ْم َين ُ
ظ ُرو َن * َوإِ ْذ َي ِع ُد ُك ُم َّ
َّللاُ ِإ ْح َدى الطآئَفت ْي ِن أََّن َها َل ُك ْم َوتََوُّدو َن أ َّ ْ َ
طع داِبر اْل َك ِاف ِرين * لِي ِح َّق اْلح َّق ويب ِطل اْلب ِ ِ ِِ ِ
اط َل َوَل ْو َك ِرَه اْل ُم ْج ِرُمو َن َ َ ُْ َ َ ُ َ الح َّق ِب َكل َماته َوَيْق َ َ َ َأَن ُيح َّق َ
قال{ :كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقاً من المؤمنين لكارهون يجادلونك في الحق بعد ما تبين كأنما
يساقون إلى الموت وهم ينظرون} [ ]6-5وكان سبب ذلك أن عي اًر لقريش خرجت إلى الشام فيها خزائنهم ،فأمر رسول
هللا أصحابه بالخروج ليأخذوها فأخبرهم أن هللا قد وعده إحدى الطائفتين أما العير وأما قريش أن أظفر بهم ،فخرج في
ثالث مائة وثالثة عشر رجالً ،فلما قارب بدر كان أبو سفيان في العير فلما بلغه أن الرسول صلى هللا عليه وآله قد
خرج يتعرض العير خاف خوفاً شديداً ومضى إلى الشام فلما وافى البهرة اكترى ضمضم الخزاعي بعشرة دنانير وأعطاه
قلوصاً وقال له امض إلى قريش واخبرهم أن محمداً والصباة من أهل يثرب قد خرجوا يتعرضون لعيركم فأدركوا العير
وأوصاه أن يخرم ناقته ويقطع أذنها حتى يسيل الدم ويشق ثوبه من قبل ودبر فإذا دخل مكة ولى وجهه إلى ذنب
البعير وصاح بأعلى صوته يا آل غالب! اللطيمة اللطيمة العير العير ادركوا ادركوا! وما أراكم تدركون ،فإن محمداً
والصباة من أهل يثرب قد خرجوا يتعرضون لعيركم ،فخرج ضمضم يبادر إلى مكة ورأت عاتكه بنت عبد المطلب قبل
قدوم ضمضم في منامها بثالثة أيام كأن راكباً قد دخل مكة ينادي يا آل عذر يا آل فهر اغدوا إلى مصارعكم صبح
ثالث ثم وافى بجملة على أبي قبيس فأخذ حج اًر فدهده من الجبل فما ترك من دور قريش إال أصابها منه فلذة وكان
وادي مكة قد سال من أسفله دماً فانتبهت ذعرة فأخبرت العباس بذلك فأخبر العباس عتبة بن ربيعة ،فقال عتبة
مصيبة تحدث في قريش وفشت الرؤيا في قريش وبلغ ذلك أبا جهل فقال ما رأت عاتكة هذه الرؤيا وهذه نبية ثانية في
بني عبد المطلب والالت والعزى لننتظر ثالثة أيام فإن كان ما رأت حقاً فهو كما رأت وإن كان غير ذلك لنكتبن بيننا
نساء من بني هاشم ،فلما مضى يوم قال أبو جهل هذا يوم قد
كتاباً إنه ما من أهل بيت من العرب أكذب رجاالً وال ً
وخرج رسول هللا صلى هللا عليه وآله في ثالث مائة وثالثة عشر رجالً ،فلما كان بقرب بدر على ليلة منها بعث بشير
بن أبي الرعبا (بن أبي الدعناء خ ل) ومجد بن عمرو يتجسسان خبر العير فأتيا ماء بدر وأناخا راحلتيهما واستعذبا
من الماء ،وسمعا جاريتين قد تشبثت احديهما باألخرى وتطالبها بدرهم كان لها عليها فقالت عير قريش نزلت أمس
في موضع كذا وكذا وهي تنزل غداً ها هنا وأنا أعمل لهم وأقضيك ،فرجع أصحاب رسول هللا صلى هللا عليه وآله إليه
فأخبراه بما سمعا ،فأقبل أبو سفيان بالعير فلما شارف بدر تقدم العير وأقبل وحده حتى انتهى إلى ماء بدر وكان بها
جل من جهينة يقال له كسب الجهني فقال له يا كسب هل لك علم بمحمد وأصحابه؟ قال ال ،قال والالت والعزى ألن
كتمتنا أمر محمد ال يزال قريش معادية لك آخر الدهر فإنه ليس أحد من قريش إال وله في هذه العير النش فصاعداً
فال تكتمي ،فقال وهللا ما لي علم بمحمد وما بال محمد وأصحابه بالتجار أال واني رأيت في هذا اليوم راكبين أقبال
واستعذبا من الماء وأناخا راحلتيهما ورجعا فال أدري من هما ،فجاء أبو سفيان إلى موضع مناخ إبلهما ففت أبعار
ِ
اإلبل بيده فوجد فيها النوى فقال هذه عاليف يثرب هؤالء عيون محمد ،فرجع مسرعاً وأمر بالعير فأخذ بها نحو ساحل
البحر وتركوا الطريق ومروا مسرعين ونزل جبرائيل على رسول هللا صلى هللا عليه وآله فأخبره أن العير قد افلتت وأن
قريشاً قد أقبلت لتمنع عن عيرها وأمره بالقتال ووعده النصر ،وكان نازالً ماء الصفراء فأحب أن يبلو األنصار ألنهم
إنما وعدوه أن ينصروه في الدار ،فأخبرهم أن العير قد جازت وإن قريشاً قد أقبلت لتمنع عن عيرها وأن هللا قد أمرني
بمحاربتهم ،فجزع أصحاب رسول هللا صلى هللا عليه وآله من ذلك وخافوا خوفاً شديداً ،فقال رسول هللا صلى هللا عليه
وآله اشيروا علي ،فقام األول فقال يا رسول هللا إنها قريش وخيالؤها ما آمنت منذ كفرت وال ذلت مند عزت ،ولم يخرج
علي هيئة الحرب ،فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله له اجلس فجلس قال اشيروا علي فقام الثاني فقال مثل مقالة
االول فقال صلى هللا عليه وآله اجلس فجلس ثم قام المقداد فقال يا رسول هللا وإنا قد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما
جئت به حق من عند هللا ولو أمرتنا أن نخوض جمر الغضا وشوك اله ارش خضنا معك وال نقول لك ما قالت بنو
وأقبلت قريش فنزلت بالعدوة اليمانية ،وبعثت عبيدها تستعذب من الماء فأخذهم أصحاب رسول هللا صلى هللا عليه
وآله وحبسوهم ،فقالوا لهم من أنتم؟ قالوا نحن عبيد قريش ،قالوا فأين العير؟ قالوا ال علم لنا بالعير ،فأقبلوا يضربونهم،
وكان رسول هللا صلى هللا عليه وآله يصلي فانفتل من صالته فقال إن صدقوكم ضربتموهم وإن كذبوكم تركتموهم علي
ّ
بهم ،فأتوا بهم فقال لهم من أنتم؟ قالوا يا محمد نحن عبيد قريش ،قال كم القوم قالوا ال علم لنا بعددهم ،قال كم
ينحرون في كل يوم جزو اًر؟ قالوا تسعة أو عشرة ،فقال صلى هللا عليه وآله تسعمائة أو ألف ،ثم قال فمن فيهم من
بني هاشم؟ قال العباس بن عبد المطلب ونوفل بن الحارث وعقيل بن أبي طالب ،فأمر رسول هللا صلى هللا عليه وآله
بهم فحبسوهم ،وبلغ قريشاً ذلك فخافوا خوفاً شديداً ،ولقي عتبة بن ربيعة أبا البختري بن هشام (بن هاشم بن عبد
المطلب ك) فقال له أما ترى هذا البغي وهللا ما أبصر موضع قدمي خرجنا لنمنع عيرنا وقد أفلتت فجئنا بغياً وعدواناً،
وهللا ما أفلح قوم ق بغوا ولوددت أن ما في العير من أموال بني عبد مناف ذهب كله ولم نسر هذا الميسر ،فقال له
أبو البختري إنك سيد من سادات قريش ،تحمل العير التي أصابها محمد صلى هللا عليه وآله وأصحابه بنخلة (بنخيلة
خ ل) ودم ابن الحضرمي فإنه حليفك ،فقال عتبة أنت علي بذلك وما علي أحد منا خالف إال ابن حنظلة يعني :أبا
جهل فسر إليه وأعلمه إني قد تحملت العير التي قد أصابها محمد ودم ابن الحضرمي.
رجع الحديث إلى تفسير اآليات التي لم تكتب في قوله{ :وإذ يعدكم هللا إحدى الطائفتين أنها لكم} [ ]7قال العير أو
قريش وقوله{ :وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم} قال :ذات الشوكة الحرب قال :تودون العير ال الحرب {ويريد
هللا أن يحق الحق بكلماته} قال الكلمات األئمة عليهم السالم.
بلغ أصحاب رسول هللا صلى هللا عليه وآله كثرة قريش ففزعوا فزعاً شديداً وبكوا واستغاثوا فأنزل هللا على رسوله{ :إذ
تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من المالئكة مردفين وما جعله هللا إال بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما
النصر إال من عند هللا إن هللا عزيز حكيم} [ ]10-9فلما مشى رسول هللا صلى هللا عليه وآله وجنه الليل ألقى هللا
على أصحابه النعاس حتى ناموا وأنزل هللا تبارك وتعالى عليهم السماء وكان نزل الوليد في موضع ال يثبت فيه القدم.
أنزل هللا عليهم السماء حتى تثبت أقدامهم على األرض وهو قول هللا تعالى{ :إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل
عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان} [ ]11وذلك أن بعض أصحاب النبي صلى هللا عليه
وآله احتلم {وليرب على قلوبكم ويثبت به األقدام} وكان المطر على قريش مثل العزالى وكان على أصحاب رسول هللا
صلى هللا عليه وآله رذاذاً بقدر ما لبد األرض.
وخافت قريش خوفاً شديداً فأقبلوا يتحارسون يخافون البيات فبعث رسول هللا صلى هللا عليه وآله عمار بن ياسر وعبد
هللا بن مسعود فقال ادخال في القوم وأتياني بأخبارهم ،فكانا يجوالن في عسكرهم ال يرون إال خائفاً ذع اًر إذا صهل
الفرس وثب علي جحفلته فسمعوا منبة بن الحجاج يقول:
قال صلى هللا عليه وآله :وهللا كانوا شباعى (سباعى) ولكنهم من الخوف قالوا هذا وألقى هللا على قلوبهم الرعب كما
قال هللا تعالى {سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب} [ ]12فلما أصبح رسول هللا صلى هللا عليه وآله عبأ أصحابه
وكان في عسكره صلى هللا عليه وآله فرسان فرس للزبير بن العوام وفرس للمقداد ،وكان في عسكره سبعون جمالً
يتعاقبون عليها ،فكان رسول هللا صلى هللا عليه وآله ومرثد بن أبي مرثد الغنوي وعلي بن أبي طالب عليه السالم علي
جمل يتعاقبون عليه والجمل لمرثد وكان في عسكر قريش أربعمائة فرس.
فعبأ رسول هللا صلى هللا عليه وآله أصحابه بين يديه وقال غضوا أبصاركم ال تبدوهم بالقتال وال يتكلمن أحد ،فلما
نظر قريش إلى قلة أصحاب رسول هللا صلى هللا عليه وآله قال أبو جهل :ما هم إال أكلة رأس ولو بعثنا إليهم عبيدنا
ألخذوهم أخذاً باليد ،فقال عتبة بن ربيعة أترى لهم كميناً ومدداً؟ فبعثوا عمر بن وهب الجمحي ،وكان فارساً شجاعاً
فجال بفرسه حتى طاف إلى معسكر رسول هللا صلى هللا عليه وآله ثم صعد الوادي وصوت ثم رجع إلى قريش ،فقال
وفزع أصحاب رسول هللا صلى هللا عليه وآله حين نظروا إلى كثرة قريش وقوتهم فأنزل هللا على رسوله{ :وإن جنحوا
للسلم فاجنح لها وتوكل على هللا} [األنفال ]61 :وقد علم هللا أنهم ال يجنحون وال يجيبون إلى السلم وإنما أراد سبحانه
بذلك ليطيب قلوب أصحاب رسول هللا صلى هللا عليه وآله فبعث رسول هللا صلى هللا عليه وآله إلى قريش ،فقال يا
أك
معشر قريش ما أحد من العرب أبغض إلي ممن بدأ بكم خلوني والعرب فإن أك صادقاً فأنتم اعلى بي عيناً وإن ُ
كاذباً كفتكم ذؤبان العرب أمري فارجعوا ،فقال عتبة وهللا ما أفلح قوم ق ردوا هذا ،ثم ركب جمالً له أحمر فنظر إليه
رسول هللا صلى هللا عليه وآله يجول في العسكر وينهى عن القتال ،فقال إن يكون عند أحد خير فعند صاحب الجمل
األحمر فإن يطيعوه يرجعوا ويرشدوا ،فأقبل عتبة يقول يا معشر قريش اجتمعوا واستمعوا ثم خطبهم فقال يمن رحب
فرحب مع يمن يا معشر قريش! اطيعوني اليوم واعصوني الدهر وارجعوا إلى مكة واشربوا الخمور وعانقوا الحور فإن
محمداً له أل وذمة وهو ابن عمكم فارجعوا وال تنبذوا رأيي وإنما تطالبون محمداً بالعير التي أخذها محمد صلى هللا
عليه وآله بنخيلة ودم ابن الحضرمي وهو حليفي وعلي عقله ،فلما سمع أبو جهل ذلك عاظه وقال إن عتبة أطول
الناس لساناً وأبلغه م في الكالم ولئن رجعت قريش بقوله ليكونن سيد قريش آخر الدهر ثم قال يا عتبة! نظرت إلى
سيوف بني عبد المطلب وجبنت وانتفخ سحرك وتأمر الناس بالرجوع وقد رأينا ثأرنا بأعيننا ،فنزل عتبة عن جمله
وحمل على أبي جهل وكان على فرس فأخذ بشعره فقال الناس يقتله ،فعرقب فرسه وقال أمثلي يجبن وستعلم قريش
اليوم أينا ألئم وأجبن وأينا المفسد لقومه ،ال يمشي إال أنا وأنت إلى الموت عياناً ثم قال :هذا حبائي وخياره فيه ،وكان
جان يده إلى فيه (ثم أخذ بشعره يجره ك) فاجتمع الناس فقالوا يا أبا الوليد هللا هللا ال تفت في أعضاد الناس تنهى عن
شيء وتكون أوله .فخلصوا أبا جهل من يده فنظر عتبة إلى أخيه شيبة ،ونظر إلى ابنه الوليد ،فقال قم يا بني فقام ثم
لبس درعه وطلبوا له بيضة تسع رأسه ،فلم يجدوها لعظم هامته ،فاعتم بعمامتين ثم أخذ سيفه وتقدم هو وأخوه وابنه،
ونادى يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قريش .فبرز إليه ثالثة نفر من األنصار عود ومعود وعوف من بني عفرا،
فقال عتبة من أنتم؟ انتسبوا لنعرفكم فقالوا نحن بنو عف ار أنصار هللا وأنصار رسول هللا صلى هللا عليه وآله ،قالوا
ارجعوا ،فإنا لسنا إياكم نريد ،إنما نريد األكفاء من قريش؛ فبعث إليهم رسول هللا أن ارجعوا فرجعوا وكره أن يكون أول
الكرة باألنصار ،فرجعوا ووقفوا موقفهم ،ثم نظر رسول هللا صلى هللا عليه وآله إلى عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب،
وكان له سبعون سنة ،فقال له قم ياعبيدة! فقام بين يديه بالسيف ،ثم نظر إلى حمزة بن عبد المطلب ،فقال قم يا عم!
ثم نظر إلى أمير ا لمؤمنين عليه السالم فقال له قم يا علي! وكان أصغرهم ،فقال فاطلبوا بحقكم الذي جعله هللا لكم قد
جاء ت قريش بخيالئها وفخرها تريد أن تطغي نور هللا ويابى هللا إال أن يتم نوره ،ثم قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله
ياعبيدة عليك بعتبة ،وقال لحمزة عليك بشيبة .وقال لعلي عليك بالوليد بن عتبة ،فمروا حتى أنتهو إلى القوم ،فقال
وحمل أمير المؤمنين عليه السالم على الوليد بن عتبة فضربه على عاتقه فأخرج السيف من إبطه ،فقال علي عليه
السالم فأخذ يمينه المقطوعة بيساره فضرب بها هامتي فظننت أن السماء وقعت على األرض ،ثم اعتنق حمزة وشيبة
فقال المسلمون يا علي أما ترى الكلب قد أبهر عمك ،فحمل علي عليه السالم ثم قال يا عم طأطأ رأسك وكان حمزة
أطول من شيبة فأدخل حمزة رأسه في صدره فضربه أمير المؤمنين عليه السالم على رأسه فطير نصفه ،ثم جاء إلى
عتبة وبه رمق فأجهز عليه ،وحمل عبيدة بين حمزة وعلي حتى أتيا به رسول هللا صلى هللا عليه وآله فنظر إليه رسول
هللا صلى هللا عليه وآله واستعبر ،فقال يا رسول هللا بأبي أنت وأمي ألست شهيدا؟ فقال بلي أنت أول شهيد من أهل
بيتي قال أما لو كان عمك حياً لعلم أني أولى بما قال منه ،قال وأي أعمامي تعني؟ قال أبو طالب حيث يقول عليه
السالم:
فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله أما ترى ابنه كالليث العادي بين يدي هللا ورسوله وابنه اآلخر في جهاد هللا بأرض
الحبشة فقال يا رسول هللا أسخطت علي في هذه الحالة فقال ما سخطت عليك ولكن ذكرت عمي فانقبضت لذلك.
وقال أبو جهل لقريش ال تعجلوا وال تبطروا كما عجل وبطر أبناء ربيعة ،عليكم بأهل يثرب فاجزروهم جز اًر وعليكم
بقريش فخذوهم أخذاً حتى ندخلهم مكة فنعرفهم ضاللتهم التي كانوا عليها وكان فتية من قريش أسلموا بمكة فاحتبسهم
آباؤهم فخرجوا مع قريش إلى بدر وهم على الشك واالرتياب والنفاق منهم قيس بن الوليد بن المغيرة وأبو قيس بن
الفاكهة والحارث بن ربيعة وعلي ابن أمية بن خلف والعاص بن المنية.
ص َعَل ٰى َعِقَب ْي ِه اس َوإِِّني َج ٌار َّل ُك ْم َفَل َّما تَ َرآء ِت اْلِفَئتَ ِ
ان َن َك َ َ
ال الَ َغالِ َب َل ُكم اْلَي ْوم ِم َن َّ
الن ِ
ُ َ َع َماَل ُه ْم َوَق َ
ان أ ْ
طُ َّن َلهم َّ
الش ْي َ َوإِ ْذ َزي َ ُ ُ
ين ِفي ُقُلوب ِِهم َّ ِ ِ ِ ِ ِ َّللا و َّ ِ وَقال ِإِّني ب ِر ِ
ول اْل ُمَنافُقو َن َوالذ ََّللاُ َشد ُيد اْلعَقاب * إ ْذ َيُق ُ اف َّ َ َ َخ ُ يء ّم ْن ُك ْم ِإَّني أ ََر ٰى َما الَ تَ َرْو َن ِإَّني أ َ
َ ٌ َ َ
ِ َّللاِ َفِإ َّن َّ
َّللاَ َع ِز ٌيز َحك ٌ
يم الء ِد ُين ُه ْم َو َمن َيتََوَّك ْل َعَلى َّ
َّمرض َغَّر هـٰؤ ِ
َُ َ ٌ
فلما نظروا إلى قلة أصحاب رسول هللا صلى هللا عليه وآله قالوا مساكين هؤالء غرهم دينهم فيقتلون الساعة ،فأنزل هللا
على رسوله{ :إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤالء دينهم ومن يتوكل على هللا فإن هللا عزيز حكيم}
[ ]49وجاء إبليس إلى قريش في صورة سراقة بن مالك فقال لهم أنا جاركم ادفعوا إلي رايتكم ،فدفعوها إليه وجاء
بشياطينه يهول بهم على أصحاب رسول هللا ويخيل إليهم ويفزعهم وأقبلت قريش يقدمها إبليس معه الراية فنظر إليه
رسول هللا صلى هللا عليه وآله ،فقال :غضوا أبصاركم وعضوا على النواجذ وال تسلوا سيفاً حتى آذن لكم ثم رفع يده
إلى السماء وقال" :يا رب أن تهلك هذه العصابة لم تعبد وإن شئت ان ال تعبد ال تعبد" ثم أصابه الغشي فسري عنه
وهو يسلت العرق عن وجهه ويقول :هذا جبرائيل قد أتاكم في ألف من المالئكة مردفين قال فنظرنا فإذا بسحابة سوداء
فيها برق الئح قد وقعت على عسكر رسول هللا وقائل يقول أقدم حيزوم أقدم حيزوم! وسمعنا قعقعة السالم من الجو
ونظر إبليس إلى جبرائيل فتراجع ورمى باللواء فأخذ منية بن الحجاج بمجامع ثوبة ثم قال ويلك يا سراقة تفت في
أعضاد الناس فركله إبليس ركلة في صدره وقال إني أرى ما ال ترون إني أخاف هللا وهو قول هللا {وإذ زين لهم
الشيطان أعمالهم وقال ال غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني
بريء منكم إني أرى ما ال ترون إني أخاف هللا وهللا شديد العقاب}[ ].48
ِ َّ ِ
اب اْل َح ِر ِ
يق ض ِرُبو َن ُو ُج َ
وه ُه ْم َوأ َْدَب َارُه ْم َوُذوُقوْا َع َذ َ َوَل ْو تَ َر ٰى ِإ ْذ َيتََوَّفى الذ َ
ين َكَف ُروْا اْل َمالئ َك ُة َي ْ
قال عز وجل{ :ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا المالئكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق}.
رب أنجز لي ما وعدتني من البقاء إلى يوم الدين، قال وحمل جبرائيل على إبليس فطلبه حتى غاص في البحر ،وقال ِّ
روي في الخبر أن إبليس إلتفت إلى جبرائيل وهو في الهزيمة فقال يا هذا أبدا لكم فيما أعطيتمونا؟ فقيل ألبي عبد هللا
عليه السالم أترى كان يخاف أن يقتله؟ فقال ال ولكنه كان يضربه ضرباً يشينه منها إلى يوم القيامة.
َّللاَ ودوْا َن ُع ْد َوَلن تُ ْغِني َع ْن ُك ْم ِفَئتُ ُك ْم َش ْيئاً َوَل ْو َكثَُر ْت َوأ َّ
َن َّ َّ
آء ُك ُم اْلَف ْت ُح َوإِن تَنتَ ُهوْا َف ُه َو َخ ْيٌر ل ُك ْم َوإِن تَ ُع ُ
ِ
إن تَ ْستَْفت ُحوْا َفَق ْد َج َ
ِ
َ
ِ
َم َع اْل ُم ْؤ ِمن َ
ين
خرج أبو جهل من بين الصفين فقال إن محمداً صلى هللا عليه وآله قطعنا الرحم واتانا بما ال نعرفه فاحنه الغداة
فانزل هللا علي رسوله {إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خير لكم وإن تعودوا نعد ولن تغني عنكم فئتكم
شيئاً ولو كثرت وأن هللا مع المؤمنين} ثم أخذ رسول هللا صلى هللا عليه وآله كفاً من حصى فرمى به وجوه قريش وقال
"شاهت الوجوه" فبعث هللا رياحاً تضرب في وجوه قريش فكانت الهزيمة ،فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله اللهم ال
يفلتن فرعون هذه األمة أبو جهل بن هشام ،فقتل منهم سبعون ،وأسر منهم سبعون ،والتقى عمرو بن الجموح مع أبي
جهل فضرب عمرو أبا جهل بن هشام علي فخذيه وضرب أبو جهل عمرو على يده فأبانها من العضد فتعلقت بجلدة
ُخ َذ ِم ُ
نك ْم َوَي ْغِف ْر َل ُك ْم َو َّ ِكم َخي اًر يؤِت ُكم َخي اًر ِم َّمآ أ ِ َّ ِ َس َر ٰى ِإن َي ْعَل ِم ُقل ّلِمن ِفي أَي ِد ُ ِ النِب ُّي
ُّها َّ
َّللاُ َّللاُ في ُقُلوب ُ ْ ْ ُ ْ ْ ْ ّ يك ْم ّم َن األ ْ ْ َ ٰيأَي َ
يم ِ َقبل َفأَم َكن ِم ْنهم و َّ ِ ِ ِ
* َوإِن ُي ِر ُيدوْا خَي َانتَ َك َفَق ْد َخ ُانوْا َّ ِ
يم َحك ٌ َّللاُ َعل ٌ ْ ُ ْ َ ُْ َ َّللاَ من يم
ور َّرح ٌَغُف ٌ
أنزل هللا على رسوله في ذلك{ :يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من األسرى إن يعلم هللا في قلوبكم خي اًر يؤتكم خي اًر
مما أخذ منكم ويغفر لكم وهللا غفور رحيم} [ ]70ثم قال {وإن يريدوا خيانتك -في علي -فقد خانوا هللا من قبل
فأمكن منهم وهللا عليم حكيم} [ ]71ثم قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله لعقيل .قد قتل هللا يا أبا يزيد أبا جهل بن
هشام وعتبة بن ربيعة وشبيب بن ربيعة ومنية وبنية ابني الحجاج ونوفل بن خويلد وسهيل بن عمرو والنظر بن
وكان القتلى ببدر سبعين واألسرى سبعين قتل منهم أمير المؤمنين عليه السالم سبعة وعشرين ولم يؤسر أحداً،
فجمعوا األسارى وقرنوهم في الجمال وساقوهم على أقدامهم وجمعوا الغنائم ،وقتل من أصحاب رسول هللا صلى هللا
عليه وآله تسعة رجال فمنهم سعد بن خثيمة وكان من النقباء فرحل رسول هللا صلى هللا عليه وآله ونزل ِ
اإلثيل عند
غروب الشمس وهو من بدر على ستة أميال فنظر رسول هللا صلى هللا عليه وآله إلى عقبة بن أبي معي والنضر بن
الحارث بن كلدة وهما في قران واحد ،فقال النضر لعقبة يا عقبة أنا وأنت من المقتولين فقال عقبة من بين قريش قال
علي بالنضر وعقبة
نعم ألن محمداً قد نظر إلينا نظرة رأيت فيها القتل ،فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله يا علي َّ
وكان النضر رجالً جميالً عليه شعر فجاء علي فأخذ بشعره فجره إلى رسول هللا صلى هللا عليه وآله فقال النضر يا
محمد أسألك بالرحم الذي بيني وبينك إال أجريتني كرجل من قريش إن قتلتهم قتلتني وإن فاديتهم فاديتني وإن أطلقتهم
أطلقتني فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ال رحم بيني وبينك قطع هللا الرحم ِ
باإلسالم قدمه يا علي فاضرب عنقه،
فقال عقبة يا محمد ألم تقل ال تصبر قريش أي :ال يقتلون صب اًر ،قال :أفأنت من قريش؟ إنما أنت علج من أهل
صفورية ألنت في الميالد أكبر من أبيك الذي تدعى له لست منها قدمه يا علي فاضرب عنقه ،فقدمه وضرب عنقه
فلما قتل رسول هللا صلى هللا عليه وآله النضر وعقبة خافت األنصار أن يقتل األسرى كلهم فقاموا إلى رسول هللا
صلى هللا عليه وآله فقالوا يا رسول هللا صلى هللا عليه وآله قد قتلنا سبعين وأسرنا سبعين وهم قومك وأسراك هبهم لنا
يا رسول هللا وخذ منهم الفداء وأطلقهم فأنزل هللا عليهم {ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في األرض تريدون
عرض الدنيا وهللا يريد اآلخرة وهللا عزيز حكيم لوال كتاب من هللا سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم فكلوا مما
غنمتم حالالً طيباً} [األنفال ]69-67 :فأطلق لهم أن يأخذوا الفداء ويطلقوهم وشرط أنه يقتل منهم في عام قابل بعدد
من يأخذوا منهم الفداء فرضوا منه بذلك فلما كان يوم أحد قتل من أصحاب رسول هللا صلى هللا عليه وآله سبعون
رجالً فقال من بقي من أصحابه يا رسول هللا صلى هللا عليه وآله ما هذا الذي أصابنا وقد كنت تعدنا بالنصر! فأنزل
هللا عز وجل فيهم {أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها} [آل عمران ]165 :ببدر قتلتم سبعين وأسرتم سبعين (قلتم
أنى هذا قل هو من عند أنفسكم) [آل عمران ]165 :بما اشترطتم.
قوله{ :ذلك بأنهم شاقوا هللا ورسوله} أي :عادوا هللا ورسوله.
وهم األ َْدبار * ومن يوّلِ ِهم يومِئ ٍذ ُدبره ِإالَّ متَح ِرفاً ّلِِقتَ ٍ
ال أ َْو ُمتَ َحِّي اًز ُّ ِ َّ ِ
آمُنوْا ِإ َذا َلقيتُ ُم الذ َ
ٰيأَي َّ ِ
َ َ َُ ْ َ ْ َ َُ ُ ُ َ ّ ين َكَف ُروْا َز ْحفاً َفالَ تَُول ُ ُ َ َ ين َ ُّها الذ َ َ َ
ِ ِ ِ
ض ٍب ّم َن َّ ٍ ِ
َّللا َو َمأ َْواهُ َج َهَّن ُم َوِب ْئ َس اْل َمص ُير آء ِب َغ َ إَل ٰى فَئة َفَق ْد َب َ
ِ
قال عز وجل{ :يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً} [ ]15أي يدنوا بعضكم من بعض {فال تولوهم األدبار
ومن يولهم يومئذ دبره إال متحرفاً لقتال} [ ]16-15يعني يرجع {أو متحي اًز إلى فئة} يعني :يرجع إلى صاحبه وهو
الرسول أو ِ
اإلمام ،فقد كفروا {باء بغضب من هللا ومأواه جهنم وبئس المصير}.
ِ َّللا رمى ولِيبلِي اْلمؤ ِمِنين ِم ْنه بالء حسناً ِإ َّن َّ ِ ِ ِ وه ْم َوَلـ ِٰك َّن َّ
يم
يع َعل ٌ
َّللاَ َسم ٌ َّللاَ َقَتَل ُه ْم َو َما َرَم ْي َت إ ْذ َرَم ْي َت َوَلـٰك َّن َّ َ َ َ ٰ َ ُْ َ ُ ْ َ ُ َ ً َ َ َفَل ْم تَْقُتُل ُ
قال{ :ذلكم وأن هللا موهن كيد الكافرين} أي :مضعف كيدهم وحيلتهم ومكرهم.
قوله{ :يا أيها الذين آمنوا استجيبوا هلل وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم} قال الحياة الجنة وقوله{ :واعلموا أن هللا يحول
بين المرء وقلبه} أي :يحول بين ما يريد هللا وبين ما يريده.
حدثنا أحمد بن محمد عن جعفر بن عبد هللا عن كثير بن عياش عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في
قوله{ :يا أيها الذين آمنوا استجيبوا هلل وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم} يقول :والية علي بن ابي طالب عليه السالم
قوله{ :واتقوا فتنة ال تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} فهذه في أصحاب النبي صلى هللا عليه وآله ،قال الزبير يوم
هزم أصحاب الجمل لقد قرأت هذه اآلية وما أحسب أني من أهلها حتى كان اليوم ،لقد كنت أتقيها وال أعلم أني من
أهلها.
رجع إلى تفسير علي بن إبراهيم قوله{ :واتقوا فتنة ال تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} قال نزلت في الزبير وطلحة
لما حاربا أمير المؤمنين عليه السالم وظلموه.
قوله{ :واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في األرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من
الطيبات لعلكم تشكرون} نزلت في قريش خاصة.
قوله{ :يا أيها الذين آمنوا ال تخونوا هللا والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون} نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر
فلفظ اآلية عام ومعناها خاص وهذه اآلية نزلت في غزوة بني قريظة في سنة خمس من الهجرة ،وقد كتبت في هذه
السورة مع أخبار بدر وكانت بدر على رأس ستة عشر شه اًر من مقدم رسول هللا صلى هللا عليه وآله المدينة ونزلت
مع اآلية التي في سورة التوبة قوله{ :آخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عمالً صالحاً وآخر سيئاً} [التوبة ]102 :اآلية
نزلت في أبي لبابة فهذا دليل على أن التأليف على خالف ما أنزله هللا على نبيه صلى هللا عليه وآله.
وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله {يا أيها الذين آمنوا ال تخونوا هللا والرسول وتخونوا
أماناتكم وأنتم تعلمون} فخيانة هللا والرسول معصيتهما وأما خيانة األمانة فكل إنسان مأمون على ما افترض هللا عليه.
رجع إلى تفسير علي بن إب ارهيم قوله{ :يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا هللا يجعل لكم فرقاناً} يعني :العلم الذي تفرقون به
بين الحق والباطل {ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم وهللا ذو الفضل العظيم}.
قوله{ :وإذا يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر هللا وهللا خير الماكرين} فإنها نزلت
بمكة قبل الهجرة وكان سبب نزولها أنه لما أظهر رسول هللا صلى هللا عليه وآله الدعوة بمكة قدمت عليه األوس
والخزرج ،فقال لهم رسول هللا صلى هللا عليه وآله تمنعوني وتكونون لي جا اًر حتى أتلو عليكم كتاب ربي وثوابكم على
هللا الجنة؟ فقالوا نعم خذ لربك ولنفسك ما شئت ،فقال لهم موعدكم العقبة في الليلة الوسطى من ليالي التشريق فحجوا
ورجعوا إلى منى ،وكان فيهم ممن قد حج بشر كثير ،فلما كان اليوم الثاني من أيام التشريق قال لهم رسول هللا صلى
هللا عليه وآله إذا كان الليل فاحضروا دار عبد المطلب على العقبة وال تنبهوا نائماً ولينسل واحد فواحد ،فجاء سبعون
رجالً من األوس والخزرج فدخلوا الدار ،فقال لهم رسول هللا صلى هللا عليه وآله تمنعوني وتجيروني حتى أتلو عليكم
كتاب ربي وثوابكم على هللا الجنة؟ فقال سعد بن ز اررة والبراء بن مغرور (معرور ط) وعبد هللا بن حزام نعم يا رسول
هللا اشترط لربك ولنفسك ما شئت ،فقال أما ما اشترط لربي فأن تعبدوه وال تشركوا به شيئاً واشترط لنفسي أن تمنعوني
مما تمنعون أنفسكم وتمنعوا أهلي مما تمنعون أهاليكم وأوالدكم ،فقالوا وما لنا على ذلك؟ فقال الجنة في اآلخرة
إلي ًّ ًَ منكم اثني عشر نقيباً وتملكون العرب وتدين لكم العجم في الدنيا ..........،فقالوا قد رضينا ،فقال اخرجوا
ّ
يكونون شهداء عليكم بذلك كما أخذ موسى من بني إسرائيل اثني عشر نقيباً فأشار إليهم جبرائيل فقال هذا نقيب هذا
نقيب تسعة من الخزرج وثالثة من األوس فمن الخزرج سعد بن ز اررة والبراء بن مغرور وعبد هللا بن حزام و (وهوك)
أبو جابر بن عبد هللا ورافع بن مالك وسعد بن عبادة والمنذر بن عمر وعبد هللا بن رواحة وسعد بن الربيع وعبادة بن
الصامت ومن االوس ابو الهشيم بن التيهان وهو من اليمن واسد بن حصين وسعد ابن خثيمة ،فلما اجتمعوا وبايعوا
فلما أخذوا مجلسهم قال أبو جهل يا معشر قريش إنه لم يكن أحد من العرب أعز منا ،نحن أهل هللا تغدو إلينا العرب
في السنة مرتين ويكرموننا ونحن في حرم هللا ال يطمع فينا طامع فلم نزل كذلك حتى نشأ فينا محمد بن عبد هللا فكنا
نسميه األمين لصالحه وسكونه وصدق لهجته حتى إذا بلغ ما بلغ وأكرمناه ادعى أنه رسول هللا صلى هللا عليه وآله
وأن أخبار السماء تأتيه فسفه أحالمنا وسب آلهتنا وأفسد شبابنا وفرق جماعتنا وزعم أنه من مات من أسالفنا ففي
النار فلم يرد علينا شيء أعظم من هذا ،وقد رأيت فيه رأياً قالوا وما رأيت؟ قال رأيت أن ندس إليه رجالً منا ليقتله،
فإن طلبت بنو هاشم بدمه أعطيناهم عشر ديات ،فقال الخبيث هذا رأي خبيث قالوا وكيف ذلك؟ قال ألن قاتل محمد
مقتول ال محالة فمن ذا الذي يبذل نفسه للقتل منكم؟ فإنه إذا قتل محمد تغضب بنو هاشم وحلفاؤهم من خزاعة وإن
بني هاشم ال ترضى أن يمشي قاتل محمد على األرض فيقع بينكم الحروب في حرمكم وتتفانوا .فقال آخر منهم
فعندي رأي آخر ،قال وما هو؟ قال نثبته في بيت ونلقى إليه قوته حتى يأتي عليه ريب المنون فيموت كما مات زهير
والنابغة وامرؤ القيس ،فقال إبليس هذا أخبث من اآلخر .قال وكيف ذلك؟ قال ألن بني هاشم ال ترضى بذلك ،فإذا
جاء موسم من مواسم العرب استغاثوا بهم واجتمعوا عليكم فأخرجوه ،قال آخر منهم ال ولكنا نخرجه من بالدنا ونتفرغ
نحن لعبادة آلهتنا ،قال إبليس هذا أخبث من الرأيين المتقدمين قالوا وكيف ذاك؟ قال ألنكم تعمدون إلى أصبح الناس
وجهاً وأنطق الناس لساناً وأفصحهم لهجة فتحملونه إلى وادي العرب فيخدعهم ويسحرهم بلسانه فال يفجأكم إال وقد
مألها عليكم خيالً ورجالً ،فبقوا حائرين ثم قالوا ِإلبليس فما الرأي فيه يا شيخ؟ قال ما فيه إال رأي واحد ،قالوا وما هو؟
قال يجتمع من كل بطن من بطون قريش واحد ويكون معهم من بني هاشم رجل ،فيأخذون سكينة أو حديدة أو سيفاً
فيدخلون عليه فيضربونه كلهم ضربة واحدة حتى يتفرق دمه في قريش كلها ،فال يستطيع بنو هاشم أن يطلبوا بدمه
وقد شاركوا فيه ،فإن سألوكم أن تعطوا الدية فأعطوهم ثالث ديات فقالوا نعم وعشر ديات ،ثم قالوا الرأي رأي الشيخ
النجدي ،فاجتمعوا ودخل معهم في ذلك أبو لهب عم النبي ،ونزل جبرئيل عليه السالم على رسول هللا صلى هللا عليه
فلما أمسى رسول هللا صلى هللا عليه وآله جاءت قريش ليدخلوا عليه فقال أبو لهب ال أدعكم أن تدخلوا عليه بالليل
ونساء وال نأمن أن تقع بهم يد خاطئة فنحرسه الليلة ،فإذا أصبحنا دخلنا عليه ،فناموا حول
ً فإن في الدار صبياناً
حجرة رسول هللا صلى هللا عليه وآله وأمر رسول هللا صلى هللا عليه وآله أن يفرش له ففرش له فقال لعلي بن ابي
طالب افدني بنفسك ،قال نعم يا رسول هللا قال نم على فراشي والتحف ببردتي فنام علي على فراش رسول هللا صلى
هللا عليه وآله والتحف ببردته وجاء جبرائيل فأخذ بيد رسول هللا صلى هللا عليه وآله فأخرجه على قريش وهم نيام وهو
يق أر عليهم {وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم ال يبصرون} [يس ]9 :وقال له جبرائيل خذ
على طريق ثور ،وهو جبل على طريق منى له سنام كسنام الثور ،فدخل الغار وكان من أمره ما كان فلما أصبحت
قريش وأتوا إلى الحجرة وقصدوا الفراش ،فوثب علي في وجوههم ،فقال ما شأنكم؟ قالوا له أين محمد؟ قال أجعلتموني
عليه رقيباً؟ ألستم قلتم نخرجه من بالدنا ،فقد خرج عنكم ،فأقبلوا يضربون أبا لهب ويقولون أنت تخدعنا منذ الليلة،
فتفرقوا في الجبال ،وكان فيهم رجل من خزاعة يقال له أبو كرز يقفو اآلثار ،فقالوا له يا أبا كرز اليوم اليوم ،فوقف
بهم على باب حجرة رسول هللا صلى هللا عليه وآله فقال :هذه قدم محمد وهللا إنها ألخت القدم التي في المقام وكان
أبو بكر استقبل رسول هللا صلى هللا عليه وآله فرده معه ،فقال أبو كرز وهذه قدم ابن أبي قحافة أو أبيه ثم قال وها
هنا عبر ابن أبي قحافة فما زال بهم حتى أوقفهم على باب الغار ،ثم قال ما جاو از هذا المكان إما أن يكونا صعدا
إلى السماء أو دخال تحت األرض ،وبعث هللا العنكبوت فنسجت على باب الغار ،وجاء فارس من المالئكة حتى وقف
على باب الغار ثم قال ما في الغار واحد فتفرقوا في الشعاب وصرفهم هللا عن رسوله صلى هللا عليه وآله ثم أذن لنبيه
في الهجرة.
قوله{ :وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم} فإنها
نزلت لما قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله لقريش إن هللا بعثني أن أقتل جميع ملوك الدنيا وأجر الملك إليكم
فأجيبوني إلى ما أدعوكم إليه تملكوا بها العرب وتدين لكم بها العجم وتكونوا ملوكاً في الجنة ،فقال أبو جهل اللهم أن
كان هذا الذي يقوله محمد صلى هللا عليه وآله هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو آتنا بعذاب
أليم ،حسداً لرسول هللا صلى هللا عليه وآله ثم قال كنا وبنو هاشم كفرسي رهان نحمل إذا حملوا ونطعن إذا طعنوا
ونوقد إذا أوقدوا فلما استوى بنا وبهم الركب قال قائل منهم منا نبي ،ال نرضى بذلك أن يكون في بني هاشم وال يكون
في بني مخزوم.
قال غفرانك اللهم فأنزل هللا في ذلك{ :وما كان هللا ليعذبهم وأنت فيهم وما كان هللا معذبهم وهم يستغفرون} حين قال
غفرانك اللهم ،فلما هموا بقتل رسول هللا صلى هللا عليه وآله وأخرجوه من مكة.
قال هللا{ :وما لهم أال يعذبهم هللا وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أولياءه} يعني :قريشاً ما كانوا أولياء مكة
{إن أولياؤه إال المتقون} أنت وأصحابك يا محمد فعذبهم هللا بالسيف يوم بدر فقتلوا ،قال وحدثني أبي عن حنان بن
سدير عن أبيه عن أبي جعفر عليه السالم قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله مقامي بين أظهركم خير لكم فإن
هللا يقول{ :وما كان هللا ليعذبهم وأنت فيهم} [األنفال ]33 :ومفارقتي إياكم خير لكم فقالوا يا رسول هللا مقامك بين
أظهرنا خير لنا فكيف تكون مفارقتك خي اًر لنا؟ قال أما إن مفارقتي إياكم خير لكم فإن أعمالكم تعرض علي كل
خميس واثنين فما كان من حسنة حمدت هللا عليها وما كان من سيئة استغفرت هللا لكم.
وكانت سيرة رسول هللا صلى هللا عليه وآله قبل نزول سورة البراءة أن ال يقاتل إال من قاتله وال يحارب إال من حاربه
وأراده وقد كان نزل عليه في ذلك من هللا عز وجل{ :فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل هللا لكم
عليهم سبيالً}[النساء ]90 :فكان رسول هللا صلى هللا عليه وآله ال يقاتل أحداً قد تنحى عنه واعتزله حتى نزلت عليه
سورة البراء ة وأمره هللا بقتل المشركين من اعتزله ومن لم يعتزله إال الذين قد كان عاهدهم رسول هللا صلى هللا عليه
وآله يوم فتح مكة إلى مدة ،منهم صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو ،فقال هللا عز وجل{ :براءة من هللا ورسوله إلى
الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في األرض أربعة أشهر} ثم يقتلون حيث ما وجدوا فهذه أشهر السياحة عشرون
من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع األول وعشرة من شهر ربيع اآلخر ،فلما نزلت اآليات من أول براءة دفعها
رسول هللا صلى هللا عليه وآله إلى أبي بكر وأمره أن يخرج إلى مكة ويقرأها على الناس بمنى يوم النحر ،فلما خرج
أبو بكر نزل جبرائيل على رسول هللا صلى هللا عليه وآله فقال يا محمد ال يؤدي عنك إال رجل منك ،فبعث رسول هللا
صلى هللا عليه وآله أمير المؤمنين عليه السالم في طلبه فلحقه بالروحا فأخذ منه اآليات فرجع أبو بكر إلى رسول هللا
في شيء؟ قال ال إن هللا أمرني أن ال يؤدي عني إال أنا أو رجل مني.
صلى هللا عليه وآله فقال يا رسول هللا نزل هللا َّ
قال فحدثني أبي عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الرضا قال :قال أمير المؤمنين عليه السالم إن رسول هللا
صلى هللا عليه وآله أمرني أن أبلغ عن هللا أن ال يطوف بالبيت عريان وال يقرب المسجد الحرام مشرك بعد هذا العام
قال :وحدثني أبي عن فضالة بن أيوب عن أبان بن عثمان عن حكيم بن جبير عن علي بن الحسين عليهما السالم
في قوله{ :وأذان من هللا ورسوله} قال :اآلذان أمير المؤمنين عليه السالم وفي حديث آخر قال :أمير المؤمنين عليه
السالم كنت أنا اآلذان في الناس وقوله{ :يوم الحج األكبر} قال :هو يوم النحر.
َحداً َفأَِت ُّموْا ِإَل ْي ِه ْم َع ْه َد ُه ْم ِإَل ٰى ُمَّدِت ِه ْم ِإ َّن َّ وكم َشيئاً وَلم ي َ ِ ِ َّ َّ ِ
َّللاَ ظاه ُروْا َعَل ْي ُك ْم أ َ ص ُْ ْ َ ْ ُ ين ثُ َّم َل ْم َينُق ُاهدتُّم ّم َن اْل ُم ْش ِرِك َين َع َ ِإال الذ َ
ِ ِ ِ
وه ْم َوا ْق ُع ُدوْا َل ُه ْم ُك َّل
ص ُر ُ اح ُوه ْم َو ْ وه ْم َو ُخ ُذ ُ ين َح ْي ُث َو َجدتُّ ُم ُ َش ُه ُر اْل ُح ُرُم َفا ْقُتُلوْا اْل ُم ْش ِرِك َ انسَل َخ األ ْين * َفإ َذا َ ُيح ُّب اْل ُمتَّق َ
ِ وة َف َخُّلوْا َسِبيَل ُه ْم ِإ َّن َّ الص َٰلوة وءاتَوْا َّ ٰ م ْر ٍ ِ
يم
ور َّرح ٌ َّللاَ َغُف ٌ الزَك َ اموْا َّ َ َ َ ُ صد َفإن تَ ُابوْا َوأََق ُ َ َ
َّللاِ ثُ َّم أَْبلِ ْغ ُه َمأ َْمَن ُه ٰذلِ َك ِبأََّن ُه ْم َق ْوٌم الَّ َي ْعَل ُمو َن ك َفأ ِ
َج ْرهُ َحتَّ ٰى َي ْس َم َع َكالَ َم َّ استَ َج َار َ
وإِن أ ِ
َحٌد ّم َن اْل ُم ْش ِرِك َ
ين ْ َ ْ َ
قال{ :وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كالم هللا ثم أبلغه مأمنه} قال إق أر عليه وعرفه ال تتعرض له
حتى يرجع إلى مأمنه.
ان َل ُه ْم َل َعَّل ُه ْم َينتَ ُهو َن ِ ِ ِ ِِ َوإِن َّن َكثُوْا أ َْي َم َان ُهم ِّمن َب ْع ِد َع ْه ِد ِه ْم َو َ
ط َعُنوْا في دين ُك ْم َفَقاتُلوْا أَئ َّم َة اْل ُكْف ِر ِإَّن ُه ْم الَ أ َْي َم َ
أما قوله {وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم ال أيمان لهم لعلهم ينتهون} فإنها
نزلت في أصحاب الجمل وقال أمير المؤمنين عليه السالم يوم الجمل وهللا ما قاتلت هذه الفئة الناكثة إال بآية من
كتاب هللا عز وجل يقول هللا{ :وإن نكثوا أيمانهم من بعد بعهدهم وطعنوا في دينكم} إلى آخر اآلية فقال أمير المؤمنين
عليه السالم في خطبته الزهراء" :وهللا لقد عهد إلي رسول هللا صلى هللا عليه وآله غير مرة وال اثنتين وال ثالث وال
َّللاُ َخِب ٌير ِ ِ نكم وَلم يتَّ ِخ ُذوْا ِمن دو ِن َّ ِ ِ ح ِسبتُم أَن تُ ْترُكوْا وَل َّما يعَل ِم َّ َّ ِ
يج ًة َو َّ َّللا َوالَ َرُسولِه َوالَ اْل ُم ْؤ ِمن َ
ين َولِ َ ُ اه ُدوْا م ُ ْ َ ْ َ
ين َج َ
َّللاُ الذ َ َ َ َْ َ ْْ أ َْم
تَ ْع َمُلو َن ِب َما
قوله{ :أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم هللا الذين جاهدوا منكم} أي :لما ير فأقام العلم مقام الرؤية ألنه قد علم قبل أن
يعلموا.
وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله{ :ولم يتخذوا من دون هللا وال رسوله وال المؤمنين وليجة}
يعني :بالمؤمنين آل محمد والوليجة البطانة.
الن ِار ُه ْم َٰخلِ ُدو َن ين َعَل ٰى أ َْنُف ِس ِه ْم ِباْل ُكْف ِر أ ُْوَلِئ َك َحِب َ ِ ٰ ِ ما َك ِ
َع َٰمُل ُه ْم َوِفي َّ
ط ْت أ ْ ين أَن َي ْع ُم ُروْا َم َٰس ِج َد هللا َش ِهد َ
ان لْل ُم ْش ِرِك َ
َ َ
ِ ش ِإالَّ َّ الص َٰلوة وء َاتى َّ ٰ اَّللِ واْليو ِم ِ َّللاِ م ْن ء ِ ِ ِ
ونوْا
َّللاَ َف َع َس ٰى أ ُْوَلـٰئ َك أَن َي ُك ُ وة َوَل ْم َي ْخ َ
الزَك َ اآلخ ِر َوأََق َام َّ َ َ َ ٰ إَّن َما َي ْع ُم ُر َم َٰسج َد َّ َ َ َ
ام َن ب َّ َ َ ْ
ين ِ ِ
م َن اْل ُم ْهتَد َ
قال{ :إنما يعمر مساجد هللا من آمن باهلل واليوم اآلخر }..اآلية وهي محكمة.
َّللاِ َو َّ
َّللاُ َّللاِ الَ َي ْس َتُوو َن ِع َند َّ اه َد ِفي سِب ِ
يل َّ َ
ِ اج و ِعمارة اْلمس ِج ِد اْلح ار ِم َكمن آمن ِب َّ ِ
اَّلل َواْلَي ْو ِم اآلخ ِر َو َج َ ََ َ ْ َ َ
ِ
َج َعْلتُ ْم سَق َاي َة اْل َح ِّ َ َ َ َ َ ْ
أَ
ين َّ ِ ِ ِ
الَ َي ْهدي اْلَق ْوَم الظالم َ
أما قوله{ :أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن باهلل واليوم اآلخر وجاهد في سبيل هللا ال يستوون
عند هللا} فإنه حدثني أبي عن صفوان عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السالم قال نزلت في علي
وحمزة والعباس وشيبة قال العباس أنا أفضل ألن سقاية الحاج بيدي وقال شيبة أنا أفضل ألن حجابة البيت وقال
حمزة أنا أفضل ألن عمارة البيت بيدي وقال علي :أنا أفضل آمنت قبلكم ثم هاجرت وجاهدت فرضوا برسول هللا
صلى هللا عليه وآله حكماً فأنزل هللا {أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام -إلى قوله -عنده أجر عظيم}.
وصف علي بن أبي طالب عليه السالم {الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل هللا بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند
هللا وأولئك هم الفائزون}.
ِ ات َّلهم ِفيها ن ِعيم ُّمِقيم * خالِ ِدين ِفيهآ أَبداً ِإ َّن َّ ِ
ان وجَّن ٍ ٍ ِ ِ
يم
َجٌر َعظ ٌ
َّللاَ ع َندهُ أ ْ َ َ َ َ ُْ َ َ ٌ ٌ ُّهم ِب َر ْح َمة ّم ْن ُه َوِر ْ
ض َو ٍ َ َ ُيَب ّش ُرُه ْم َرب ُ
وصف ما لعلي عليه السالم عنده فقال{ :يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم خالدين فيها
أبداً إن هللا عنده أجر عظيم}[ ].22-21
ِ ِ
وها َوِت َج َارةٌ تَ ْخ َش ْو َن َك َس َاد َها َو َم َساك ُن تَ ْر َ
ض ْوَن َهآ ال ا ْقتَ َرْفتُ ُم َ اج ُك ْم َو َعش َيرتُ ُك ْم َوأ َْم َو ٌ
آؤُك ْم َوِإ ْخ َو ُان ُك ْم َوأ َْزَو ُ
اؤُك ْم َوأ َْبَن ُ ُق ْل ِإن َك َ
ان َآب ُ
ين ِِ ِ َّصوْا َحتَّ ٰى َيأِْتي َّ
َّللاُ ِبأ َْم ِِره َو َّ ِِ ِ ٍ ِ ِ ِِ أَح َّب ِإَلي ُكم ِمن َّ ِ
َّللاُ الَ َي ْهدي اْلَق ْوَم اْلَفاسق َ َ َّللا َوَرُسوله َوج َهاد في َسبيله َفتَ َرب ُ ْ ْ َّ َ
قوله{ :قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها} يقول :اكتسبتموها.
وقال علي بن إبراهيم لما أذن أمير المؤمنين عليه السالم بمكة أن ال يدخل المسجد الحرام مشرك بعد ذلك العام
جزعت قريش جزعاً شديداً وقالوا ذهبت تجارتنا وضاعت عيالنا وخربت دورنا فأنزل هللا عز وجل في ذلك قل يا محمد
{إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها
أحب إليكم من هللا ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي هللا بأمره وهللا ال يهدي القوم الفاسقين}.
ِ ِ َلَق ْد َنصرُكم َّ ِ
ض ِب َما َرُحَب ْت
ضاَق ْت َعَل ْي ُك ُم األ َْر ُ
نك ْم َش ْيئاً َو َ َّللاُ في َم َواط َن َكث َيرٍة َوَي ْوَم ُحَن ْي ٍن ِإ ْذ أ ْ
َع َجَب ْت ُك ْم َك ْث َرتُ ُك ْم َفَل ْم تُ ْغ ِن َع ُ ََ ُ
َّ
ثُ َّم َول ْيتُم ُّم ْدِب ِر َ
ين
قوله{ :لقد نصركم هللا في مواطن كثيرة} حدثني محمد بن عمير قال :كان المتوكل قد اعتل علة شديدة فنذر إن
عافاه هللا أن يتصدق بدنانير كثيرة أو قال بدراهم كثيرة فعوفي ،فجمع العلماء فسألهم عن ذلك فاختلفوا عليه ،قال
أحدهم عشرة آالف وقال بعضهم مائة ألف فلما اختلفوا قال له عبادة ابعث إلي ابن عمك على بن محمد بن على
الرضا عليهم السالم فاسأله فبعث إليه فسأله فقال الكثير ثمانون ،فقالوا له رد إليه الرسول فقل من أين قلت ذلك؟ فقال
وبلغ رسول هللا صلى هللا عليه وآله اجتماع هوازن باوطاس فجمع القبائل ورغبهم في الجهاد ووعدهم النصر وإن هللا
قد وعده أن يغنمه أموالهم ونساءهم وذ ارريهم فرغب الناس وخرجوا على راياتهم وعقد اللواء األكبر ودفعه إلى أمير
المؤمنين عليه السالم وكل من دخل مكة براية أمره أن يحملها ،وخرج في اثني عشر ألف رجل عشرة آالف ممن
كانوا معه.
وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم قال وكان معه من بني سليم ألف رجل رئيسهم عباس بن مرداس
السلمي ومن مزينة ألف رجل ،رجع الحديث إلى علي بن ابراهيم قال فمضوا حتى كان من القوم على مسيرة بعض
ليلة قال :وقال مالك بن عوف لقومه :ليصير كل رجل منكم أهله وماله خلف ظهره واكسروا جفون سيوفكم واكمنوا في
شعاب هذا الوادي وفي الشجر فإذا كان في غلس الصبح فاحملوا حملة رجل واحد وهدوا القوم فإن محمداً لم يلق أحداً
يحسن الحرب قال فلما صلى رسول هللا صلى هللا عليه وآله الغداة انحدر في وادي حنين وهو و ٍاد له انحدار بعيد
ثم رفع رسول هللا صلى هللا عليه وآله يده فقال :اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان ،فنزل جبرائيل عليه
السالم عليه فقال له يا رسول هللا دعوت بما دعا به موسى حين فلق هللا له البحر ونجاه من فرعون ثم قال رسول هللا
صلى هللا عليه وآله ألبي سفيان بن الحارث ناولني كفاً من حصى فناوله فرماه في وجوه المشركين ثم قال :شاهت
الوجوه ثم رفع رأسه إلى السماء وقال" :اللهم أن تهلك هذه العصابة لم تعبد وإن شئت أن ال تعبد ال تعبد" فلما سمعت
األنصار نداء العباس عطفوا وكسروا جفون سيوفهم وهم يقولون لبيك ومروا برسول هللا صلى هللا عليه وآله واستحيوا
أن يرجعوا إليه ولحقوا بالراية ،فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله للعباس من هؤالء يا أبا الفضل؟ فقال يا رسول هللا
هؤالء األنصار ،فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله اآلن حمي الوطيس ونزل النصر من السماء وانهزمت هوازن
فكانوا يسمعون قعقعة السالح في الجو وانهزموا في كل وجه وغنم هللا رسوله أموالهم ونساءهم وذ ارريهم وهو قول هللا:
{لقد نصركم هللا في مواطن كثيرة ويوم حنين}.
قوله{ :قاتلوا الذين ال يؤمنون باهلل وال باليوم اآلخر وال يحرمون ما حرم هللا ورسوله وال يدينون دين الحق من الذين
أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون} حدثنا محمد بن عمير وقال حدثني إبراهيم بن مهزيار عن
َّللاِ واْلم ِسيح ابن مريم ومآ أ ُِمروْا ِإالَّ لِيعب ُدوْا ِإَلـٰهاً و ِ
احداً الَّ ِإَلـ َٰه ِإالَّ ُهَو ُس ْب َح َان ُه ِ
َ َُْ َحَب َارُه ْم َوُرْهَب َان ُه ْم أ َْرَباباً ّمن ُدو ِن َّ َ َ َ ْ َ َ ْ َ َ َ َ ُ
اتَّ َخ ُذوْا أ ْ
َع َّما ُي ْش ِرُكو َن
في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله{ :اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون هللا والمسيح بن
مريم} أما المسيح فعصوه وعظموه في أنفسهم حتى زعموا أنه إله وأنه ابن هللا وطائفة منهم قالوا ثالث ثالثة وطائفة
منهم قالوا هو هللا وأما أحبارهم ورهبانهم فإنهم أطاعوهم وأخذوا بقولهم واتبعوا ما أمروهم به ودانوا بهم بما دعوهم إليه
فاتخذوهم أرباباً بطاعتهم لهم وتركهم ما أمر هللا وكتبه ورسله فنبذوه وراء ظهورهم وما أمرهم به األحبار والرهبان
اتبعوه وأطاعوهم وعصموا هللا وإنما ذكر هذا في كتابنا لكي نتعظ بهم فعير هللا بني إسرائيل بما صنعوا يقول هللا {وما
أمروا إال ليعبدوا إلهاً واحداً ال إله إال هو سبحانه عما يشركون}.
قال علي بن إبراهيم في قوله{ :هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون}
فإنها نزلت في القائم من آل محمد وهو الذي ذكرناه مما تأويله بعد تنزيله.
في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله{ :والذين يكنزون الذهب والفضة وال ينفقونها في سبيل هللا
فبشرهم بعذاب أليم} فإن هللا حرم كنز الذهب والفضة وأمر بإنفاقه في سبيل هللا.
ورُه ْم َهـٰ َذا َما َكَن ْزتُ ْم ألَْنُف ِس ُك ْم َف ُذوُقوْا َما ُكنتُ ْم َت ْكِن ُزو َن
ظ ُه ُ
نوب ُه ْم َو ُ
اه ُه ْم َو ُج ُ
ِ
َي ْوَم ُي ْح َم ٰى َعَل ْي َها في َن ِار َج َهَّن َم َفتُ ْك َو ٰى ِب َها ِجَب ُ
ين اْلَقِّي ُم َفالَ الس ٰم ٰو ِت واألَرض ِمنهآ أَربع ٌة حرم ٰذلِك ِ اب َّ ِ َّللاِ ا ْثَنا َع َشر َش ْه اًر ِفي ِكتَ ِ ور ِع َند َّ الش ُه ِ ِإ َّن ِعَّد َة ُّ
الد ُ
َّللا َي ْوَم َخَل َق َّ َ َ َ ْ َ ْ َ ْ َ َ ُ ُ ٌ َ ّ َ
ِ ِ ِ تَ ْ ِ ِ
َّللاَ َم َع اْل ُمتَّق َ
ين ون ُك ْم َك َّآف ًة َو ْ
اعَل ُموْا أ َّ
َن َّ ين َك َّآف ًة َك َما ُيَقاتُل َ
ظل ُموْا في ِه َّن أ َْنُف َس ُك ْم َوَقاتُلوْا اْل ُم ْش ِرِك َ
قال علي بن إبراهيم في قوله{ :إن عدة الشهور عند هللا اثني عشر شه اًر في كتاب هللا يوم خلق السماوات واألرض
منها أربعة حرم ذلك الدين القيم} فاآلن يعد الحرم منها ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ثالث متواليات ورجب مفرد
وحرم هللا فيها القتال.
وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله{ :وقاتلوا المشركين كافة} يقول جميعاً كما يقاتلونكم كافة.
قال على بن إبراهيم في قوله{ :إنما النسيء زيادة في الكفر} الخ فإنه كان سبب نزولها أن رجالً من كنانة كان يقف
في الموسم فيقول قد أحللت دماء المحدين؟ من طيء وخثعم في شهر المحرم وانسأته وحرمت بدله صفر فإذا كان
العام المقبل يقول قد أحللت صفر وانسأته وحرمت بدله شهر المحرم فأنزل هللا{ :إنما النسيء زيادة في الكفر -إلى
قوله -زين لهم سوء أعمالهم}.
قوله{ :انفروا خفافاً وثقاالً} قال شباباً وشيوخاً يعني إلى غزوة تبوك.
في رواية أبي الجارود عن أبى جعفر عليه السالم في قوله{ :لو كان عرضاً قريباً} يقول غنيمة قريبة {التبعوك} وقال
علي بن إبراهيم في قوله{ :ولكن بعدت عليهم الشقة} يعني :إلى تبوك وذلك أن رسول هللا صلى هللا عليه وآله لم
الصيافة كانوا يقدمون المدينة من الشام معهم الدرموك والطعام
ّ يسافر سف اًر أبعد منه وال أشد منه وكان سبب ذلك أن
وهم األنباط فأشاعوا بالمدينة أن الروم قد اجتمعوا يريدون غزوة رسول هللا صلى هللا عليه وآله في عسكر عظيم وأن
هرقل قد سار في جنود رحلت معهم غسان وجذام (حزام ك) وبهراء (فه اًر ك) وعاملة وقد قدم عساكره البلقاء ونزل هو
حمص ،فأمر رسول هللا صلى هللا عليه وآله أصحابه بالتهيؤ إلى تبوك وهي من بالد البلقاء وبعث إلى القبائل حوله
وإلى مكة وإلى من أسلم من خزاعة ومزينة وجهينة فحثهم على الجهاد ،وأمر رسول هللا صلى هللا عليه وآله بعسكره
وضرب في ثنية الوداع وأمر أهل الجدة أن يعينوا من ال قوة به ومن كان عنده شيء أخرجه وحملوا وقووا وحثوا على
ذلك وخطب رسول هللا صلى هللا عليه وآله فقال بعد أن حمد هللا وأثنى عليه" :أيها الناس إن أصدق الحديث كتاب هللا
وأولى القول كلمة التقوى وخير الملل ملة إبراهيم ،وخير السنن سنة محمد ،وأشرف الحديث ذكر هللا ،وأحسن القصص
هذا القرآن وخير األمور عزايمها وشر األمور محدثاتها وأحسن الهدى األنبياء ،وأشرف القتل قتل الشهداء ،وأعمى
العمى الضاللة بعد الهدى ،وخير األعمال ما نفع ،وخير الهدى ما اتبع ،وشر العمى عمى القلب ،واليد العليا خير
من اليد السفلى ،وما قل وكفى خير مما كثروا لهي ،وشر المعذرية حين يحضر الموت وشر الندامة يوم القيامة ،ومن
الناس من ال يأتي الجمعة إال نز اًر ومنهم من ال يذكر هللا إال هج اًر ،ومن أعظم خطايا اللسان الكذب ،وخير الغنى
غنى النفس ،وخير الزاد التقوى ،ورأس الحكمة مخافة هللا ،وخير ما القي في القلب اليقين ،واالرتياب من الكفر،
في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله{ :إن تصبك حسنة تسوءهم وإن تصبك مصيبة} []50
أما الحسنة فالغنيمة والعافية وأما المصيبة فالبالء والشدة {يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولوا وهم فرحون قل لن
يصيبنا إال ما كتب هللا لنا هو موالنا وعلى هللا فليتوكل المؤمنون}[ ].51-50
َّصوْا ِإَّنا صيب ُكم َّ ِ ٍ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ُق ْل َه ْل تَ َربَّصو َن ِبَنآ ِإالَّ ِإ ْح َدى اْل ُحسَنَي ْي ِن وَن ْح ُن َنتَ َرب ُ ِ
َّللاُ ب َع َذاب ّم ْن عنده أ َْو بأ َْيد َينا َفتََرب ُ َّص ب ُك ْم أَن ُي َ ُ َ ْ ُ
ِصو َنَم َع ُك ْم ُّمتَ َرّب ُ
قوله{ :قل هل تربصون بنا إال إحدى الحسنيين} يقول الغنيمة والجنة إلى قوله{ :إنا معكم متربصون}.
َّللاِ َوَقاُلوْا الَ تَ ِنف ُروْا ِفي اْل َحِّر يل َّ َ ْ َْ ْ َ
َّللاِ وَك ِرهوْا أَن يج ِ
اه ُدوْا ِبأَموالِ ِهم وأ َْنُف ِس ِهم ِفي سِب ِ
َُ ول َّ َ ُ ف رس ِ ِ ِِ ِ َّ
َف ِرَح اْل ُم َخلُفو َن ب َمْق َعده ْم خالَ َ َ ُ
ض َح ُكوْا َقلِيالً َوْلَي ْب ُكوْا َكِثي اًر َج َزآ ًء ِب َما َك ُانوْا َي ْك ِسُبو َن * َفِإن َّرَج َع َك َّ
َّللاُ ِإَل ٰى َّ ُق ْل َن ُار َج َهَّن َم أ َ
َشُّد َحّاًر ل ْو َك ُانوا َيْفَق ُهو َن * َفْلَي ْ
ط ِآئَف ٍة ِم ْنهم َفاستَ ْأ َذنوك لِْلخرو ِج َفُقل َّلن تَ ْخرجوْا م ِعي أَبداً وَلن تَُق ِاتُلوْا م ِعي عدواً ِإَّن ُكم ر ِ
ضيتُ ْم ِباْلُق ُعوِد أََّو َل َمَّرٍة َفا ْق ُع ُدوْا َ
ْ َ َ َ َُّ ُُ َ َ َ َ ْ ّ ُْ ْ ُ َ ُُ
اَّللِ ورسولِ ِه وماتُوْا وهم َف ِ ِ ِِ مع اْلخالِِفين * والَ تُص ِل عَلى أ ٍ ِ
اسُقو َن * َوالَ ات أََبداً َوالَ تَُق ْم َعَل ٰى َق ْب ِره إَّن ُه ْم َكَف ُروْا ب َّ َ َ ُ َ َ َ ُ ْ َحد ّم ْن ُهم َّم َ
َ َ ّ َ ٰ َ ََ َ َ
ُنزَل ْت سورةٌ أَن ِ
آمُنوْا َنف ُس ُه ْم َو ُه ْم َكف ُرو َن * َوإِ َذآ أ ِ ُ َ ْ
ِٰ َّللاُ أَن ُي َع ِّذَب ُه ْم ِب َها ِفي ُّ
الد ْنَيا َوتَ ْزَه َق أ ُ تُ ْع ِج ْب َك أ َْم َٰوُل ُه ْم َوأ َْوَلـ ُٰد ُه ْم ِإَّن َما ُي ِر ُيد َّ
ونوْا مع اْل َخوالِ ِ ِِ َّ ِ ِ ِ ِب َّ ِ
ف ضوْا بأَن َي ُك ُ َ َ َ
ين * َر ُ ِ استَ ْأ َذَن َك أ ُْوُلوْا الط ْو ِل م ْن ُه ْم َوَقاُلوْا َذ ْرَنا َن ُك ْن َّم َع اْلَقاعد َ
اَّلل َو َجاه ُدوْا َم َع َرُسولِه ْ
ِ ِ َّ ِ طِب َع َعَل ٰى ُقُلوبِ ِه ْم َف ُه ْم الَ َيْفَق ُهو َن * َلـ ِٰك ِن َّ
اه ُدوْا ِبأ َْم َوالِ ِه ْم َوأ َْنُفس ِه ْم َوأ ُْوَلـٰئ َك َل ُه ُم اْل َخ ْي َر ُ
ات آمُنوْا َم َع ُه َج َ
ين َ ول َوالذ َ
الرُس ُ َو ُ
ِ ات تَجرِي ِمن تَحِتها األ َْنهار َخالِ ِدين ِف ٰ ِ َّللا َلهم جَّن ٍ ِ ِ
آء
يم * َو َج َ يها ذل َك اْلَف ْوُز اْل َعظ ُ َ َ َُ ْ َ ْ َعَّد َّ ُ ُ ْ َ َوأ ُْوَلـٰئ َك ُه ُم اْل ُمْفل ُحو َن * أ َ
يم * َّل ْي َس َعَلى صيب َّال ِذين َكَفروْا ِم ْنهم ع َذ ِ ِ َّ ِ اْلمع ِّذرو َن ِمن األَعر ِ ِ
اب أَل ٌ ُْ َ ٌ َ ُ َّللاَ َوَرُسوَل ُه َسُي ُ ين َك َذُبوْا َّ اب لُي ْؤَذ َن َل ُه ْم َوَق َع َد الذ َ َْ َ َُ ُ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ َّ ِ
ين من ص ُحوْا ََّّلل َوَرُسولِه َما َعَلى اْل ُم ْحسن َ ين الَ َيج ُدو َن َما ُينفُقو َن َح َرٌج إ َذا َن َ ض ٰى َوالَ َعَلى الذ َ الض َعَفآء َوالَ َعَل ٰى اْل َم ْر َ ُّ
نزل أيضاً في الجد بن قيس في رواية علي بن إبراهيم لما قال لقومه ال تخرجوا في الحر {فرح المخلفون بمقعدهم
خالف رسول هللا وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل هللا وقالوا ال تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد ح اًر لو
كانوا يفقهون -إلى قوله -وماتوا وهم فاسقون} [ ]84-81ففضح هللا الجد بن قيس وأصحابه فلما اجتمع لرسول هللا
صلى هللا عليه وآله الخيول رحل من ثنية الوداع وخلف أمير المؤمنين عليه السالم على المدينة فأوجف المنافقون
بعلي عليه السالم فقالوا ما خلفه إال تشائماً به فبلغ ذلك علياً فأخذ سيفه وسالحه ولحق برسول هللا صلى هللا عليه
وآله بالجرف ،فقال له رسول هللا يا علي ألم أخلفك علي المدينة؟ قال نعم ولكن المنافقين زعموا أنك خلفتني تشائماً
بي ،فقال كذب المنافقون يا علي أما ترضى أن تكون أخي وأنا أخوك بمنزلة هارون من موسى إال أنه ال نبي بعدي
وإن كان بعدي نبى لقلت أنت وأنت خليفتي في أُمتي وأنت وزيري وأخي في الدنيا واآلخرة ،فرجع علي عليه السالم
إلى المدينة وجاء البكاؤن إلى رسول هللا صلى هللا عليه وآله وهم سبعة من بني عمرو بن عوف سالم بن عمير قد
شهد بد اًر ال اختالف فيه ومن بنى واقف هدمي (هرمي ط مدعى ك) بن عمير ومن بني جارية علية بن زيد (يزيد خ
ل) وهو الذي تصدق بعرضه وذلك أن رسول هللا صلى هللا عليه وآله أمر بصدقة فجعل الناس يأتون بها فجاء علية
فقال يا رسول هللا وهللا ما عندي ما أتصدق به وقد جعلت عرضي حالً فقال له رسول هللا صلى هللا عليه وآله قد قبل
هللا صدقتك ومن بني مازن بن النجار أبو ليلى عبد الرحمن بن كعب ومن بني سلمة عمرو بن غنمة (عتمة ط) ومن
بني زريق سلمة بن صخر ومن بني العرياض ناصر بن سارية السلمي هؤالء جاؤوا إلى رسول هللا صلى هللا عليه
وآله يبكون فقالوا يا رسول هللا ليس بنا قوة أن تخرج معك فأنزل هللا فيهم{ :ليس على الضعفاء وال على المرضى وال
على الذين ال يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا هلل ورسوله ما على المحسنين من سبيل وهللا غفور رحيم وال على
الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت ال أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزناً أال يجدوا ما ينفقون}
[ ]92-91قال وإنما سألوا هؤالء البكاؤن نعالً يلبسونها.
في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله{ :عفى هللا عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا
وتعلم الكاذبين} يقول تعرف أهل الغدر والذين جلسوا بغير عذر.
في رواية علي بن إبراهيم قوله{ :ال يست ْئذنك الذين يؤمنون باهلل واليوم اآلخر -إلى قوله -ما زادوكم إال خباالً}
[ ]47-44أي :وباالً {وألوضعوا خاللكم} أي :يهربوا عنكم.
وكان أبو ذر رحمه هللا تخلف عن رسول هللا صلى هللا عليه وآله ثالثة أيام وذلك أن جمله كان أعجف فلحق بعد
ثالثة أيام به ووقف عليه جمله في بعض الطريق فتركه وحمل ثيابه على ظهره فلما ارتفع النهار نظر المسلمون إلى
شخص مقبل ،فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله كن أبا ذر فقالوا هو أبو ذر ،فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله
ادركوه بالماء فإنه عطشان فادركوه بالماء ووافى أبو ذر رسول هللا صلى هللا عليه وآله ومعه أداوة فيها ماء فقال
رسول هللا صلى هللا عليه وآله يا أبا ذر معك ماء وعطشت؟ فقال نعم يا رسول هللا بأبي أنت وأمي انتهيت إلى صخرة
وعليها ماء السماء فذقته فإذا هو عذب بارد ،فقلت ال أشربه حتى يشربه حبيبي رسول هللا صلى هللا عليه وآله فقال
رسول هللا" :يا أبا ذر أرحمك هللا تعيش وحدك وتموت وحدك وتبعث وحدك ،وتدخل الجنة وحدك ،يسعد بك قوم من
أهل العراق يتولون غسلك وتجهيزك والصالة عليك ودفنك" فلما سير به عثمان إلى الربذة فمات بها ابنه ذر ،فوقف
على قبره فقال رحمك هللا يا ذر لقد كنت كريم الخلق با اًر بالوالدين وما علي في موتك من غضاضة وما بي إلى غير
هللا من حاجة ،وقد شغلني االهتمام لك عن االغتمام بك ،ولوال هول المطلع الحببت أن أكون مكانك ،فليت شعري ما
قالوا لك وما قلت لهم ،ثم رفع يده فقال :اللهم إنك فرضت لك عليه حقوقاً وفرضت لي عليه حقوقاً فإني قد وهبت له
ما فرضت لي عليه من حقوقي فهب له ما فرضت عليه من حقوقك فإنك أولى بالحق وأكرم مني.
وكانت ألبي ذر غنيمات يعيش هو وعياله منها فأصابها داء يقال له النقار ،فماتت كلها فأصاب أبا ذر وابنته الجوع
فماتت أهله ،فقالت ابنته أصابنا الجوع وبقينا ثالثة أيام لم نأكل شيئاً فقال لي أبي يا بنية قومي بنا إلى الرمل نطلب
القت وهو نبت له حب فصرنا إلى الرمل فلم نجد شيئاً فجمع أبي رمالً ووضع رأسه عليه ورأيت عينه قد انقلبت،
فبكيت وقلت له يا أبت كيف أصنع بك وأنا وحيدة؟ فقال يا بنتي ال تخافي فإني إذا مت جاءك من أهل العراق من
يكفيك أمري ،فإنه أخبرني حبيبي رسول هللا صلى هللا عليه وآله في غزوة تبوك فقال يا أبا ذر تعيش وحدك وتموت
قالت ابنته فلما مات مددت الكساء على وجهه ثم قعدت على طريق العراق فجاء نفر فقلت لهم يا معشر المسلمين
هذا أبو ذر صاحب رسول هللا صلى هللا عليه وآله قد توفي فنزلوا ومشوا يبكون فجاؤوا فغسلوه وكفنوه ودفنوه وكان
فيهم األشتر فروي أنه قال دفنته في حلة كانت معي قيمتها أربعة آالف درهم فقالت ابنته فكنت أصلي بصالته
وأصوم بصيامه فبينما أنا ذات ليلة نائمة عند قبره إذ سمعته يتهجد بالقرآن في نومي كما كان يتهجد به في حياته
فقلت يا ابة ماذا فعل بك ربك؟ فقال يا بنية قدمت على رب كريم فرضي عني ورضيت عنه ،وأكرمني وحباني
فاعملي فال تغتري.
وكان مع رسول هللا صلى هللا عليه وآله بتبوك رجل يقال له المضرب من كثرة ضرباته التي أصابته ببدر واحد ،فقال
له رسول هللا عد لي أهل العسكر فعددهم فقال هم خمسة وعشرون ألف رجل سوى العبيد والتباع ،فقال عد المؤمنين
فعدهم فقال هم خمسة وعشرون رجالً ،وقد كان تخلف عن رسول هللا صلى هللا عليه وآله قوم من المنافقين وقوم من
المؤمنين مستبصرين لم يعثر عليهم في نفاق منهم كعب بن مالك الشاعر ومرادة بن الربيع وهالل بن أمية الواقفي
(المواقفى ط) فلما تاب هللا عليهم قال كعب ما كنت ق أقوى مني في ذلك الوقت الذي خرج رسول هللا صلى هللا
عليه وآله إلى تبوك وما اجتمعت لي راحلتان ق إال في ذلك اليوم وكنت أقول أخرج غداً أخرج بعد غد فإني قوي
وتوانيت وبقيت بعد خروج النبي صلى هللا عليه وآله أياما أدخل السوق فال أقضى حاجة فلقيت هالل بن أمية ومرادة
بن الربيع وقد كانا تخلفا أيضاً فتوافقنا أن نبكر إلى السوق ولم نقض حاجة فما زلنا نقول نخرج غداً بعد غد حتى
بلغنا إقبال رسول هللا فندمنا فلما وافى رسول هللا صلى هللا عليه وآله استقبلناه نهنئه بالسالمة فسلمنا عليه فلم يرد
علينا السالم وأعرض عنا وسلمنا على إخواننا فلم يردوا علينا السالم فبلغ ذلك أهلونا فقطعوا كالمنا وكنا نحضر
المسجد فال يسلم علينا أحد وال يكلمنا فجئن نساؤنا إلى رسول هللا صلى هللا عليه وآله فقلن قد بلغنا سخطك على
أزواجنا فنعتزلهم فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ال تعتزلنهم ولكن ال يقربوكن ،فلما رأى كعب بن مالك وصاحباه
ما قد حل بهم قالوا ما يقعدنا بالمدينة وال يكلمنا رسول هللا صلى هللا عليه وآله وال إخواننا وال أهلونا فهلموا نخزج إلى
هذا الجبل فال نزال فيه حتى يتوب هللا علينا أو نموت ،فخرجوا إلى ذناب جبل بالمدينة فكانوا يصومون وكان أهلوهم
يأتونهم بالطعام فيضعونه ناحية ثم يولون عنهم فال يكلمونهم ،فبقوا على هذا أياما كثيرة يبكون بالليل والنهار ويدعون
يق ِّم ْن ُه ْم ثُ َّم ِ ِ النِب ِي واْلمها ِج ِرين واألَنص ِار َّال ِذين اتَّبعوه ِفي س ِ
وب َف ِر ٍ اعة اْل ُع ْس َرِة من َب ْعد َما َك َاد َي ِز ُ
يغ ُقلُ ُ َ َ َ َُ ُ َ َ َ اب هللاُ َعَل ٰى َّ ّ َ ُ َ َلَق ْد تَ َ
ِ
يم اب َعَل ْي ِه ْم ِإَّن ُه ِب ِه ْم َرُء ٌ
وف َّرح ٌ تَ َ
قوله{ :لقد تاب هللا بالنبي على المهاجرين واألنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة} قال الصادق عليه السالم :هكذا
نزلت وهو أبو ذر وأبو خثيمة وعمر بن وهب الذين تخلفوا ثم لحقوا برسول هللا صلى هللا عليه وآله.
َّللاِ
ظُّنوْا أَن الَّ َمْل َجأَ ِم َن َّ ِ ِ َّ ِ
ضا َق ْت َعَل ْي ِه ْم أ ُ
َنف ُس ُه ْم َو َ ض ِب َما َر ُحَب ْت َو َ
ضا َق ْت َعَل ْي ِه ُم األ َْر ُ َو َعَلى الثَّالَثَة الذ َ
ين ُخّلُفوْا َحتَّ ٰى ِإ َذا َ
َّللا هو التََّّواب َّ ِ اب َعَل ْي ِهم لَِيتُ ُ ِ َّ ِ
يم
الرح ُ ُ وبوْا إ َّن َّ َ ُ َ ْ ِإال ِإَل ْيه ثُ َّم تَ َ
وة ِإالَّ َو ُه ْم ُك َساَل ٰى َوالَ ُي ِنفُقو َن ِإالَّ َو ُه ْم اَّللِ وبِرسولِ ِه والَ يأْتُون َّ ٰ
الصل َ َو َما َمَن َع ُه ْم أَن تُْقَب َل ِم ْن ُه ْم َنَفَقاتُ ُه ْم ِإالَّ أََّن ُه ْم َكَف ُروْا ِب َّ َ َ ُ َ َ َ
َنف ُس ُه ْم َو ُه ْم َٰكِف ُرو َن َّللاُ لُِي َع ِّذَب ُه ْم ِب َها ِفي اْل َح َٰيوِة ُّ
الد ْنَيا َوتَ ْزَه َق أ ُ َك ِارُهو َن * َفالَ تُ ْع ِج ْب َك أ َْم َٰوُل ُه ْم َوالَ أ َْوَلـ ُٰد ُه ْم ِإَّن َما ُي ِر ُيد َّ
قوله في المنافقين قل لهم يا محمد{ :أنفقوا طوعاً أو كرهاً لن يتقبل منكم إنكم كنتم قوماً فاسقين -إلى قوله -وتزهق
أنفسهم وهم كافرون}[ ].55-54
نها ِإ َذا ُه ْم َي ْس َخ ُ طوْا ِم ْنها رضوْا وإِن َّلم يع َ ِ و ِم ْنهم َّمن يْل ِم ُزك ِفي َّ ِ
طو َن ط ْوْا م َ َ َ ُ َ ْ ُْ الص َد َقات َفِإ ْن أ ْ
ُع ُ َ َ َ ُْ
قوله{ :ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون} فإنها نزلت لما
جاءت الصدقات وجاء األغنياء وظنوا أن رسول هللا صلى هللا عليه وآله يقسمها بينهم فلما وضعها في الفقراء تغامزوا
رسول هللا صلى هللا عليه وآله ولمزوه وقالوا نحن الذين نقوم في الحرب ونغزو معه ونقوي أمره.
يدفع الصدقات إلى هؤالء الذين ال يعينونه وال يغنون عنه شيئاً فأنزل هللا {ولو أنهم رضوا ما آتاهم هللا ورسوله وقالوا
حسبنا هللا سيؤتينا هللا من فضله ورسوله َّإنا إلى هللا راغبون}.
فسر هللا الصدقات لمن هي وعلى من تجب فقال{ :إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم
وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل هللا وابن السبيل فريضة من هللا وهللا عليم حكيم} فأخرج هللا من الصدقات جميع
الناس إال هذه الثمانية األصناف الذين سماهم هللا ،وبين الصادق عليه السالم منهم فقال الفقراء هم الذين ال يسألون
وعليهم مؤنات من عيالهم والدليل على أنهم هم الذين ال يسألون قول هللا في سورة البقرة{ :للفقراء الذين أحصروا في
سبيل هللا ال يستطيعون ضرباً في األرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم ال يسئلون الناس إلحافاً}
[البقرة ]273 :والمساكين هم أهل الزمانة من العميان والعرجان والمجذومين وجميع األصناف الزمني الرجال والنساء
والصبيان {والعاملين عليها} هم السعاة والجباة في أخذها وجمعها وحفظها حتى يردوها إلى من يقسها {والمؤلفة
قلوبهم} قوم وحدوا هلل ولم تدخل المعرفة في قلوبهم من أن محمداً رسول هللا صلى هللا عليه وآله ،فكان رسول هللا
صلى هللا عليه وآله يتألفهم ويعلمهم كيما يعرفوا فجعل هللا لهم نصيباً في الصدقات لكي يعرفوا ويرغبوا.
وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم قال المؤلفة قلوبهم أبو سفيان بن حرب بن أمية وسهيل بن عمرو
وهو من بني عامر بن لوي وهمام بن عمرو وأخوه وصفوان بن أمية بن خلف القرشي ثم الجشمي الجمحي واألقرع
بن حابس التميمي ثم عمر أحد بني حازم وعيينة بن حصين الفزاري ومالك بن عوف وعلقمة بن عالقة ،بلغني أن
رسول هللا صلى هللا عليه وآله كان يعطي الرجل منهم مائة من من ِ
اإلبل ورعاتها وأكثر من ذلك وأقل ،رجع إلى
تفسير علي بن إبراهيم في قوله{ :وفي الرقاب} قوم قد لزمهم كفارات في قتل الخطأ وفي الظهار وقتل الصيد في
الحرم وفي ِ
اإليمان وليس عندهم ما يكفرون وهم مؤمنون فجعل هللا لهم منها سهماً في الصدقات ليكفر عنهم
{والغارمين} قوم قد وقعت عليهم ديون انفقوها في طاعة هللا من غير إسراف فيجب على ِ
اإلمام أن يقضي ذلك عنهم
ويفكهم من مال الصدقات {وفي سبيل هللا} قوم يخرجون في الجهاد وليس عندهم ما ينفقون ،أو قوم من المسلمين
ليس عندهم ما يحجون به أو في جميع سبل الخير فعلى ِ
اإلمام أن يعطيهم من مال الصدقات حتى ينفقوا به على
الحج والجهاد و {ابن السبيل} أبناء الطريق الذين يكونون في األسفار في طاعة هللا فيقطع عليهم ويذهب ما لهم فعلى
َِّ ِ ِ ِ النِبي ويُِقوُلون هو أُ ُذن ُقل أُ ُذن خي ٍر َّل ُكم يؤ ِمن ِب َّ ِ َّ ِ
آمُنوْا ِم ُ
نك ْم ين َ اَّلل َوُي ْؤ ِم ُن لْل ُم ْؤ ِمن َ
ين َوَر ْح َم ٌة ّللذ َ ْ ُْ ُ َ َُ ٌ ْ ُ َ ْ َّ َو ِم ْن ُه ُم الذ َ
ين ُي ْؤُذو َن َّ َ
َّللاِ َلهم ع َذ ِ َّ ِ
يم
اب أَل ٌ
ول َّ ُ ْ َ ٌ ين ُي ْؤُذو َن َرُس َ
َوالذ َ
قوله{ :ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن} فإنه كان سبب نزولها أن عبد هللا بن نفيل كان منافقاً وكان يقعد
لرسول هللا صلى هللا عليه وآله فيسمع كالمه وينقله إلى المنافقين وينم عليه ،فنزل جبرائيل على رسول هللا صلى هللا
عليه وآله فقال يا محمد إن رجالً من المنافقين ينم عليك وينقل حديثك إلى المنافقين ،فقال رسول هللا صلى هللا عليه
وآله من هو؟ فقال الرجل األسود الكثير شعر الرأس ينظر بعينين كأنهما قدران وينطق بلسان شيطان ،فدعاه رسول
هللا صلى هللا عليه وآله فأخبره فحلف أنه لم يفعل فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله قد قبلت منك فال تقعد فرجع إلى
أصحابه فقال إن محمداً أذن أخبره هللا إنى أنم عليه وأنقل أخباره فقبل وأخبرته أني لم أفعل ذلك فقبل فأنزل هللا على
نبيه{ :ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن باهلل ويؤمن للمؤمنين} أي :يصدق هللا فيما
يقول له ويصدقك فيما تعتذر إليه في الظاهر وال يصدقك في الباطن وقوله{ :ويؤمن للمؤمنين} يعني :المقرين
ِ
باإليمان من غير اعتقاد.
قوله{ :يحلفون باهلل لكم ليرضوكم} فإنها نزلت في المنافقين الذين كانوا يحلفون للمؤمنين أنهم منهم لكي يرضى عنهم
المؤمنين فقال هللا{ :وهللا ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين}.
قوله{ :يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزؤا إن هللا مخرج ما تحذرون} قال :كان
قوم من المنافقين لما خرج رسول هللا صلى هللا عليه وآله إلى تبوك كانوا يتحدثون فيما بينهم ويقولون أيرى محمد أن
حرب الروم مثل حرب غيرهم ال يرجع منهم أحد أبداً ،فقال بعضهم ما أخلفه أن يخبر هللا محمداً بما كنا فيه وبما في
قلوبنا وينزل عليه بهذا قرآناً يقرأه الناس وقالوا هذا على حد االستهزاء فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله لعمار بن
ياسر الحق القوم فإنهم قد احترقوا فلحقهم عمار فقال ما قلتم قالوا ما قلنا شيئاً إنما كنا نقول شيئاً على حد اللعب
والمزاح فأنزل هللا {ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أباهلل وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن ال تعتذروا قد
كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين}.
وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله{ :ال تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم} قال هؤالء قوم كانوا
مؤمنين صادقين ارتابوا وشكوا ونافقوا بعد إيمانهم وكانوا أربعة نفر وقوله{ :إن نعف عن طائفة منكم} كان أحد
األربعة محتبر (نحشى ط) بن الحمير واعترف وناب وقال يا رسول هللا أهلكني اسمي فسماه رسول هللا صلى هللا عليه
وآله عبد هللا بن عبد الرحمن فقال يا رب اجعلني شهيداً حيث ال يعلم أحد أين أنا فقتل يوم اليمامة ولم يعلم أحد أين
قتل فهو الذي عفى هللا عنه.
ين ِمن َّ ِ ِ يها ِهي َح ْسُب ُه ْم َوَل َعَن ُه ُم َّ ات والكَّفار نار جهَّنم خالِ ِدين ِف وعد هللا المن ِافِقين والمن ِافق ِ
يم * َكالذ َ اب ُّمق ٌ َّللاُ َوَل ُه ْم َع َذ ٌ َ َ َ ُ ْ َُ َ َ ْ َُ َ َ ْ ُ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ
ين ِمن َقْبلِ ُك ْم َّ ِ ِ ِ ِ ِِ َشَّد ِم ُ
َقْبلِ ُك ْم َك ُانوْا أ َ
استَ ْمتَ َع الذ َاستَ ْمتَ ْعتُ ْم ب َخالَق ُك ْم َك َما ْ استَ ْمتَ ُعوْا ب َخالقه ْم َف ْنك ْم ُقَّوةً َوأَ ْكثَ َر أ َْم َواالً َوأ َْوالَداً َف ْ
َّ ِ ِ ِ ِ اضوْا أ ُْوَلـِٰئ َك َحِب َ َّ ِ
ين ِ
الدنَيا َواآلخ َرِة َوأ ُْوَلئ َك ُه ُم اْل َخاس ُرو َن * أََل ْم َي ْأت ِه ْم َنَبأُ الذ َ َع َماُل ُه ْم ِفي ْ ط ْت أ ْ ضتُ ْم َكالذي َخ ُ
ِ
ِب َخالَق ِه ْم َو ُخ ْ
ظلِ َم ُه ْم َوَلـ ِٰكن
َّللاُ لَِي ْ ِ ِ ِ ود وَقو ِم ِإ ْب ٰرِهيم وأَصحـ ِ
ٰب َم ْدَي َن َواْل ُم ْؤتَف َكـٰت أَتَ ْت ُه ْم ُرُسُل ُه ْم ِباْلَبِّيَنـٰت َف َما َك َ
ٍ ِ ِ
ان َّ من َقْبل ِه ْم َق ْو ِم ُنو ٍح َو َعاد َوثَ ُم َ َ ْ َ َ َ ْ َ
ظلِ ُمو َن
َك ُانوْا أ َْنُف َس ُه ْم َي ْ
قال علي بن إبراهيم ذكر المنافقين فقال{ :المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض -إلى قوله -ولكن كانوا أنفسهم
يظلمون} [ ]70-68فإنه محكم.
ان ِّم َن ِ اكن َ ِ ِ ات تَجرِي ِمن تَحِتها األ َْنهار َخالِ ِد ِ
ات جَّن ٍِ ِ
طِّيَب ًة في َجَّنات َع ْد ٍن َوِر ْ
ضَو ٌ يها َو َم َس َ
ين ف َ
َ َُ ْ َ ْ ين َواْل ُم ْؤ ِمَن ََّللاُ اْل ُم ْؤ ِمن َ
َو َع َد َّ
ِ ِٰ َّ ِ
َّللا أَ ْكَب ُر ذل َك ُه َو اْلَف ْوُز اْل َعظ ُ
يم
ثم ذكر المؤمنين فقال{ :وعد هللا المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها األنهار} اآلية محكمة.
قوله{ :يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم} قال إنما نزلت" :يا أيها النبي جاهد الكفار بالمنافقين" ألن
النبي صلى هللا عليه وآله لم يجاهد المنافقين بالسيف .قال حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن أبي بصير عن أبي
جعفر عليه السالم قال جاهد الكفار والمنافقين بالزام الفرائض.
قوله {يحلفون باهلل ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد اسالمهم} قال نزل في الذين تحالفوا في الكعبة أال يردوا
هذا األمر في بني هاشم ،فهى كلمة الكفر ثم قعدوا لرسول هللا صلى هللا عليه وآله في العقبة وهموا لقتله وهو قوله:
{وهموا بما لم ينالوا} حدثنا أحم د بن الحسن التاجر قال حدثنا الحسن بن علي بن عثمان الصوفي قال حدثنا زكريا بن
محمد عن محمد بن علي عن جعفر بن محمد عليهما السالم قال :لما أقام رسول هللا صلى هللا عليه وآله أمير
المؤمنين يوم غدير خم كان بحذائه سبعة نفر من المنافقين وهم فالن وفالن وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي
وقاص وأبوعبيده وسالم مولى أبي حذيفه والمغيره بن شعبة قال الثاني أما ترون عينه كأنما عينا مجنون يعني النبي
الساعة يقوم ويقول قال لي ربي فلما قام قال أيها الناس من أولى بكم من أنفسكم قالوا هللا ورسوله قال اللهم فأشهد ثم
ذكر البخالء وسماهم منافقين وكاذبين فقال{ :ومنهم من عاهد هللا لئن آتانا من فضله -إلى قوله -أخلفوا هللا ما
وعدوه وبما كانوا يكذبون} [ ]76-75وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم قال هو ثعلبة بن خاطب بن
عمرو بن عوف كان محتاجاً فعاهد هللا فلما آتاه هللا بخل به.
ذكر المنافقين فقال{ :ألم يعلموا أن هللا يعلم سرهم ونجواهم وأن هللا عالم الغيوب}.
أما قوله{ :الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين ال يجدون إال جهدهم فيسخرون منهم} فجاء
سالم بن عمير األنصاري بصاع من تمر فقال يا رسول هللا كنت ليلتي أجي اًر لجرير حتى نلت صاعين تم اًر أما
أحدهما فأمسكته وأما اآلخر فأقرضه ربي ،فأمر رسول هللا صلى هللا عليه وآله أن ينثره في الصدقات ،فسخر منه
المنافقون وقالوا وهللا إن هللا يغني عن هذا الصاع ما يصنع هللا بصاعه شيئاً ولكن أبا عقيل أراد أن يذكر نفسه
ليعطي من الصدقات فقال{ :سخر هللا منهم ولهم عذاب أليم}.
قوله{ :استغفر لهم أو ال تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر هللا لهم} قال علي بن إبراهيم إنها نزلت لما
رجع رسول هللا صلى هللا عليه وآله إلى المدينة ومرض عبد هللا ابن أبي وكان ابنه عبد هللا بن عبد هللا مؤمناً فجاء
إلى رسول هللا صلى هللا عليه وآله وأبوه يجود بنفسه فقال يا رسول هللا بأبي أنت وأمي إنك إن لم تأت أبي كان ذلك
عا اًر علينا ،فدخل إليه رسول هللا صلى هللا عليه وآله والمنافقون عنده ،فقال ابنه عبد هللا بن عبد هللا يا رسول هللا
استغفر له فاستغفر له ،فقال الثاني ألم ينهك هللا يا رسول هللا أن تصلي عليهم أو تستغفر لهم فأعرض عنه رسول هللا
صلى هللا عليه وآله فأعاد عليه فقال له ويلك إني خيرت فاخترت أن هللا يقول{ :استغفر لهم أو ال تستغفر لهم أن
اه ْم َج َهَّنم َج َزآء ِب َما َك ُانوْا َي ْك ِسُبو َن ِ ِب َّ ِ َسَي ْحلُِفو َن
ً ُ ضوْا َع ْن ُه ْم ِإَّن ُه ْم ِر ْج ٌس َو َمأَْو ُ َع ِر ُ
ضوْا َع ْن ُه ْم َفأ ْ اَّلل َل ُك ْم ِإ َذا ْانَقَل ْبتُ ْم ِإَل ْي ِه ْم لتُ ْع ِر ُ
ِِ ض ْوْا َع ْن ُه ْم َفِإ َّن َّ ِ * َي ْحِلُفو َن
ض ٰى َع ِن اْلَق ْو ِم اْلَفاسق َ
ين َّللاَ الَ َي ْر َ ض ْوْا َع ْن ُه ْم َفِإن تَ ْر َ َل ُك ْم لتَ ْر َ
قال ولما قدم النبي صلى هللا عليه وآله من تبوك كان أصحابه المؤمنون يتعرضون للمنافقين ويؤذونهم وكانوا يحلفون
لهم أنهم على الحق وليس هم بمنافقين لكي يعرضوا عنهم ويرضوا عنهم فانزل هللا{ :سيحلفون باهلل لكم إذا انقلبتم
إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس ومأواهم جهنم جزآء بما كانوا يكسبون يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن
ترضوا عنهم فإن هللا ال يرضى عن القوم الفاسقين}[ ].96-95
وصف األعراب فقال{ :األعراب أشد كف اًر ونفاقاً وأجدر أن ال يعلموا حدود ما أنزل هللا على رسوله وهللا عليم حكيم
ومن األعراب من يتخذ ما ينفق مغرماً ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء وهللا سميع عليم ومن األعراب من
يؤمن باهلل واليوم اآلخر}.
ذكر السابقين فقال{ :والسابقون األولون من المهاجرين واألنصار} وهم النقباء أبو ذر والمقداد وسلمان وعمار ومن
آمن وصدق وثبت على والية أمير المؤمنين عليه السالم {والذين اتبعوهم بإحسان رضي هللا عنهم ورضوا عنه وأعد
لهم جنات تجري من تحتها األنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم}.
قوله{ :وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عمالً صالحاً وآخر سيئاً عسى هللا أن يتوب عليهم إن هللا غفور رحيم} []102
نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر وكان رسول هللا صلى هللا عليه وآله لما حاصر بني قريظة قالوا له ابعث إلينا أبا
لبابة نستشيره في أمرنا ،فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله يا أبا لبابة ائت حلفاءك ومواليك فأتاهم فقالوا له يا أبا
لبابة ما ترى ننزل على حكم محمد؟ فقال :انزلوا واعلموا أن حكمه فيكم هو الذبح وأشار إلى حلقه ثم ندم على ذلك،
فقال خنت هللا ورسوله ونزل من حصنهم ولم يرجع إلى رسول هللا صلى هللا عليه وآله ومر إلى المسجد وشد في عنقه
حبالً ثم شده إلى االسطوانة التي تسمى اسطوانة التوبة وقال ال أحله حتى أموت أو يتوب هللا علي ،فبلغ رسول هللا
صلى هللا عليه وآله فقال :أما لو أتانا الستغفرنا هللا له ،فأما إذا قصد إلى ربه فاهلل أولى به ،وكان أبو لبابة يصوم
النهار ويأكل بالليل ما يمسك به رمقه فكانت ابنته تأتيه بعشائه وتحله عند قضاء الحاجة فلما كان بعد ذلك ورسول
هللا صلى هللا عليه وآله في بيت أم سلمة نزلت توبته فقال يا أم سلمة ،قد تاب هللا على أبي لبابة ،فقالت يا رسول هللا
أفأوذنه بذلك؟ فقال لتفعلن ،فأخرجت رأسها من الحجرة ،فقالت يا أبا لبابة أبشر لقد تاب هللا عليك ،فقال الحمد هلل
فوثب المسلمون ليحلوه فقال ال وهللا حتى يحلني رسول هللا فجاء رسول هللا صلى هللا عليه وآله فقال يا أبا لبابة قد
تاب هللا عليك توبة لو ولدت من أمك يومك هذا لكفاك ،فقال يا رسول هللا أفأتصدق بمالي كله؟ قال ال قال فبثلثيه
قال ال قال فبنصفه قال ال قال فبثلثه قال نعم فأنزل هللا{ :وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عمالً صالحاً وآخر سيئاً
عسى هللا أن يتوب عليهم إن هللا غفور رحيم خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صالتك
سكن لهم وهللا سميع عليم ألم يعلموا أن هللا هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن هللا هو التواب الرحيم}
[].104-102
يم ِ َّللاِ ِإ َّما يع ِّذبهم وِإ َّما يتُوب عَلي ِهم و َّ ِ
آخ ُرو َن ُم ْر َج ْو َن أل َْم ِر َّ
يم َحك ٌ
َّللاُ َعل ٌ َُ ُُ ْ َ َ ُ َ ْ ْ َ َو َ
أما قوله{ :وآخرون مرجون ألمر هللا إما يعذبهم وإما يتوب عليهم} قال :فإنه حدثني أبي عن يحيى بن أبي عمران
عن يونس عن أبي الطيار قال :قال أبو عبد هللا عليه السالم المرجون ألمر هللا قوم كانوا مشركين قتلوا حمزة وجعفر
اإلسالم فوحدوا هللا وتركوا الشرك ولم يعرفوا ِ
اإليمان بقلوبهم فيكونوا من وأشباههما من المؤمنين ثم دخلوا بعد ذلك في ِ
المؤمنين فتجب لهم الجنة ولم يكونوا على جحودهم فتجب لهم النار فهم على تلك الحالة مرجون ألمر هللا إما يعذبهم
وإما يتوب عليهم.
قوله{ :والذين اتخذوا مسجداً ض ار اًر وكف اًر} [ ]107فإنه كان سبب نزولها إنه جاء قوم من المنافقين إلى رسول هللا
صلى هللا عليه وآله فقالوا يا رسول هللا أتأذن لنا أن نبني مسجداً في بني سالم للعليل والليلة المطيرة والشيخ الفاني
فأذن لهم رسول هللا صلى هللا عليه وآله وهو على الخروج إلى تبوك فقالوا يا رسول هللا لو أتيتنا فصليت فيه قال
صلى هللا عليه وآله أنا على جناح السفر فإذا وافيت إن شاء هللا أتيته فصليت فيه فلما أقبل رسول هللا صلى هللا عليه
وآله من تبوك نزلت عليه هذه اآلية في شأن المسجد وأبي عامر الراهب وقد كانوا حلفوا لرسول هللا صلى هللا عليه
وآله أنهم يبنون ذلك للصالح والحسنى فأنزل هللا على رسوله{ :والذين اتخذوا مسجداً ض ار اًر وكف اًر وتفريقاً بين المؤمنين
وإرصاداً لمن حارب هللا ورسوله من قبل} يعني :أبا عامر الراهب كان يأتيهم فيذكر رسول هللا صلى هللا عليه وآله
وأصحابه {وليحلفن إن أردنا إال الحسنى وهللا يشهد إنهم لكاذبون ال تقم فيه أبداً لمسجد أسس على التقوى من أول
يوم} [ ]108-107يعني مسجد قبا {أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا وهللا يحب المطهرين} قال كانوا
يتطهرون بالماء.
قوله{ :أفمن أسس بنيانه على تقوى من هللا ورضوان خير من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار
جهنم وهللا ال يهدى القوم الظالمين} وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم قال :مسجد ضرار الذى
{أسس على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم}.
قال علي ابن إبراهيم قوله{ :ال يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلى أن تقطع قلوبهم} إلى في موضع حتى
تنقطع قلوبهم {وهللا عليم حكيم} فبعث رسول هللا صلى هللا عليه وآله مالك بن الدجشم (دجشم خ ل) الخزاعي وعامر
بن عدي أخا بني عمرو بن عوف على أن يهدموه ويحرقوه فجاء مالك فقال لعامر انتظرني حتى أخرج نا اًر من منزلي
فدخل فجاء بنار وأشعل في سعف النخل ثم أشعله في المسجد فتفرقوا وقعد زيد بن حارثة حتى احترقت البنية ثم أمر
بهدم حائطه.
َّللاِ َفَيْقُتُلو َن َوُيْقَتُلو َن َو ْعداً َعَل ْي ِه َحّقاً ِفي َن َلهم اْلجَّن َة يَق ِاتُلو َن ِفي سِب ِ
يل َّ َ ِبأ َّ ُ ُ َ ُ َنف َس ُه ْم َوأ َْم َواَل ُه ْم ِ ِ
اشتَ َر ٰى م َن اْل ُم ْؤ ِمن َ
ين أ ُ ِإ َّن َّ
َّللاَ ْ
يم ِ ِِ ِ َّللاِ َف ِ ِ ِ َّ ِ آن َو َم ْن أ َْوَف ٰى ِب َع ْه ِدِه ِم َن يل َواْلُق ْر ِ التَّوَرِاة و ِ
اإل ْن ِج ِ
استَْبش ُروْا بَب ْيع ُك ُم الذي َب َاي ْعتُ ْم به َوَذل َك ُه َو اْلَف ْوُز اْل َعظ ُ
َّ ْ ْ َ
أما قوله {إن هللا اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة} قال :نزلت في األئمة فالدليل على أن ذلك فيهم
خاصة حين مدحهم وحالهم.
وصفهم بصفة ال يجوز في غيرهم فقال{ :التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون اآلمرون
بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود هللا} فاآلمرون بالمعروف هم الذين يعرفون المعروف كله صغيره
وكبيره ودقيقه وجليه والناهون عن المنكر هم الذين يعرفون المنكر كله صغيره وكبيره والحافظون لحدود هللا هم الذين
يعرفون حدود هللا صغيرها وكبيرها ودقيقها وجليها وال يجوز أن يكون بهذه الصفة غير األئمة عليهم السالم قال
حدثني أبي عن بعض رجاله قال لقي الزهرى علي بن الحسين عليه السالم في طريق الحج فقال له يا علي بن
الحسين تركت الجهاد وصعوبته وأقبلت على الحج ولينته إن هللا يقول {إن هللا اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم
بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل هللا فيقتلون ويقتلون وعداً عليه حقاً في التوراة و ِ
اإلنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من
هللا فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم} [التوبة ]111 :قال له علي بن الحسين إنهم األئمة فقال:
{التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون اآلمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود
هللا وبشر المؤمنين} فقال علي ابن الحسين عليه السالم :إذا رأينا هؤالء الذين هذه صفتهم فالجهاد معهم أفضل من
الحج.
قوله{ :ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى} أي :ولو كانوا قراباتهم.
قوله{ :وما كان استغفار إبراهيم ألبيه إال عن موعدة وعدها إياه} قال إبراهيم ألبيه إن لم تعبد األصنام استغفرت لك
فلما لم يدع األصنام تب أر منه إبراهيم {إن إبراهيم ألواه حليم} أي :دعاء ،وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه
السالم قال األواه المتضرع إلى هللا في صالته وإذا خال في قفرة في (من خ ل) األرض وفي الخلوات.
قوله{ :يا أيها الذين آمنوا اتقوا هللا وكونوا مع الصادقين} يقول :كونوا مع علي بن أبي طالب وآل محمد عليهم السالم
والدليل على ذلك قول هللا {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا هللا عليه فمنهم من قضى نحبه} [األحزاب ]23 :فهو
حمزة {ومنهم من ينتظر} [األحزاب ]23 :وهو علي بن أبي طالب عليه السالم يقول هللا{ :وما بدلوا تبديالً}
[األحزاب ] 23 :وقال هللا تعالى{ :اتقوا هللا وكونوا مع الصادقين} وهم آل محمد عليهم السالم قال علي ابن إبراهيم في
قوله{ :يا أيها آمنوا اتقوا هللا وكونوا مع الصادقين} هم األئمة عليهم السالم وهو معطوف على قوله{ :وبشر
المؤمنين}[التوبة.]112 :
َّللاِ َوالَ َي ْرَغُبوْا ِبأ َْنُف ِس ِه ْم َعن َّنْف ِس ِه ٰذِل َك ِبأََّن ُه ْم الَ
ول َّاب أَن يتَ َخَّلُفوْا َعن َّرس ِ
ُ َ
َعر ِ ِ ما َكان أل ِ ِ ِ
َهل اْل َمد َينة َو َم ْن َح ْوَل ُه ْم ّم َن األ ْ َ
َ َ ْ
ظ اْل ُكَّف َار َوالَ َيَناُلو َن ِم ْن َع ُدٍّو َّن ْيالً ِإالَّ ُكِت َب َل ُه ْم َّللاِ َوالَ َي َ
طأُو َن َم ْو ِطئاً َي ِغي ُ يل َّظمأٌ والَ َنصب والَ م ْخمص ٌة ِفي سِب ِ
َ ُيص ُيب ُه ْم َ َ َ َ ٌ َ َ َ َ
ِ
قوله{ :ما كان ألهل المدينة ومن حولهم من األعراب أن يتخلفوا عن رسول هللا وال يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك
بأنهم ال يصيبهم ظمأ} أي :عطش {وال نصب} أي :عناء {وال مخمصة في سبيل هللا} أي :جوع {وال يطؤن موطئاً
يغيظ الكفار} يعني :ال يدخلون بالد الكفار {وال ينالون من عدو نيالً} يعني :قتالً وأس اًر {إال كتب لهم به عمل صالح
إن هللا ال يضيع أجر المحسنين}.
قوله{ :وال ينفقون نفقة صغيرة وال كبيرة وال يقطعون وادياً إال كتب لهم ليجزيهم هللا أحسن ما كانوا يعملون} قال كلما
فعلوا من ذلك هلل جازاهم هللا عليه.
قوله{ :ما كان المؤمنون لينفروا كافة فلوال نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا
إليهم} يعني :إذا بلغهم وفاة ِ
اإلمام يجب أن يخرج من كل بالد فرقة من الناس وال يخرجوا كلهم كافة ولم يفرض هللا
أن يخرج الناس كلهم فيعرفوا خبر اإلمام ولكن يخرج طائفة ويؤدوا ذلك إلى قومهم {لعلهم يحذرون} كي يعرفوا اليقين.
قوله{ :يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة} قال يجب على كل قوم أن يقاتلوا الذين
من يليهم ممن يقرب من بالدهم من الكفار وال يجوزوا ذلك الموضع والغلظة أي :غلظوا لهم القول والقتل.
قوله{ :وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيماناً فأما الذين آمنوا فزادتهم إيماناً وهم يستبشرون وأما
الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً إلى رجسهم} [ ]125-124أي :شكاً إلى شكهم فهو رد على من يزعم أن
ِ
اإليمان ال يزيد وال ينقص ومثله في سورة األنفال في قوله{ :إنما المؤمنون الذين إذا ذكر هللا وجلت قلوبهم وإذا تليت
عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون} [األنفال ]2 :ومثله كثير مما حكى هللا من زيادة ِ
اإليمان.
قوله{ :أو ال يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين} أي :يمرضون {ثم ال يتوبون وال هم يذكرون}.
َّللاُ ُقُلوَب ُهم ِبأََّن ُه ْم َق ْوٌم الَّ َيْفَق ُهو َن ٍ ض ه ل ير ُ ِ
ف َّص َر َ اك ْم ّم ْن أَ َحد ثُ َّم َ
انص َرُفوْا َ ض ُه ْم ِإَل ٰى َب ْع ٍ َ ْ َ َ ورةٌ َّن َ
ظ َر َب ْع ُ َوِإ َذا َمآ أ ِ
ُنزَل ْت ُس َ
قوله{ :وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض} يعني :المنافقين {ثم انصرفوا} أي :تفرقوا {صرف هللا قلوبهم}
عن الحق إلى الباطل باختيارهم الباطل على الحق ثم خاطب هللا عز وجل الناس.
واحتج عليهم برسول هللا فقال{ :لقد جاءكم رسول من أنفسكم} أي :مثلكم في الخلقة ويق أر من أنفسكم أي :أشرفكم
{عزيز عليه ما عنتم} أي أنكرتم وجحدتم {حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم}.
َّللاُ ال ِإَلـ َٰه ِإالَّ ُهو َعَل ْي ِه تَوَّكْل ُت و ُهو َر ُّب اْل َع ْر ِ
ش اْل َع ِظي ِم َفِإن تََوَّل ْوْا َفُق ْل َح ْسِبي َّ
َ َ َ َ َ
عطف بالمخاطبة على النبي صلى هللا عليه وآله فقال{ :فإن تولوا} يا محمد عما تدعوهم إليه {فقل حسبي هللا ال إله
إال هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم}.
{الر تلك آيات الكتاب الحكيم} قال ال ار هو حرف من حروف االسم األعظم المنقطع في القرآن فإذا ألفه الرسول أو
ِ
اإلمام فدعا به أجيب.
قوله{ :إن ربكم هللا الذي خلق السماوات واألرض في ستة أيام ثم استوى على العرش -إلى قوله -آليات لقوم
يتقون} [ ]6-3فإنه محكم.
ين ُه ْم َع ْن َآي ِاتَنا َغ ِافُلو َن َّ ِ ضوْا ِباْل َحيٰوِة ُّ نِ َّ ِ
ط َمأَُّنوْا ِب َها َوالذ َ
الد ْنَيا َوا ْ آءَنا َوَر ُ ِإ َّن الذ َ
ين الَ َي ْر ُجو َ لَق َ
يها الن ِعي ِم * دعو ِ ات يه ِدي ِهم ربُّهم ِبِإيم ِان ِهم تَجرِي ِمن تَحِت ِهم األ َْنهار ِفي جَّن ِ
ات َّ ِإ َّن َّال ِذين آمنوْا وع ِمُلوْا َّ ِ ِ
اه ْم ف َ
َ َْ ُ َ ْ ُ َُ الصال َح َ ْ ْ َ ُ ْ َ ْ ْ َ َُ َ َ
ِ ِ ِ ِ ِ َّ
َن اْل َح ْم ُد ََّّلل َر ِّب اْل َعاَلم َ
ين اه ْم أ ِ
يها َسالَ ٌم َوآخ ُر َد ْع َو ُ
ُس ْب َح َان َك الل ُه َّم َوتَحيَّتُ ُه ْم ف َ
قوله{ :إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري
من تحتهم األنهار في جنات النعيم دعواهم فيها} [ ]10-9أي :تسبيحهم في الجنة
قوله{ :ولو يعجل هللا للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم
يفرغ من أجلهم.
قوله{ :وإذا مس اإلنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعداً أو قائماً فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه}
قال دعانا لجنبه العليل الذي ال يقدر أن يجلس أو قاعداً الذي ال يقدر أن يقوم أو قائماً قال الصحيح وقوله{ :فلما
كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه} أي ترك ومر ونسي كأن لم يدعنا إلى ضر مسه.
ِٰ ِ ِ َهَل ْكَنا اْلُق ُرو َن ِمن َقْبلِ ُك ْم َل َّما َ
آء ْت ُه ْم ُرُسُل ُهم ِباْلَبِّيَنات َو َما َك ُانوْا لُي ْؤ ِمُنوْا َكذل َك َن ْجزِي اْلَق ْوَم اْل ُم ْج ِرِم َ
ين ظَل ُموْا َو َج َ َوَلَق ْد أ ْ
قوله{ :ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات} يعني :عاداً وثمود ومن أهلكه هللا.
قال{ :ثم جعلناكم خالئف في األرض من بعدهم لننظر كيف تعملون} يعني حتى نرى فوضع النظر مكان الرؤية.
قوله{ :وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين ال يرجون لقاءنا ائت
بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إال ما
يوحى إلي} فإن قريشاً قالت لرسول هللا صلى هللا عليه وآله ائتنا بقرآن غير هذا
قال علي بن إبراهيم في قوله{ :ويعبدون من دون هللا ما ال يضرهم وال ينفعهم ويقولون هؤالء شفعاؤنا عند هللا} قال
كانت قريش يعبدون األصنام ويقولون إنما نعبدهم ليقربونا إلى هللا زلفى فإنا ال نقدر على عبادة هللا فرد هللا عليهم
فقال قل لهم يا محمد{ :أتنبئون هللا بما ال يعلم} أي :ليس فوضع حرفاً مكان حرف أي :ليس له شريك يعبد.
قوله{ :وما كان الناس إال أمة واحدة فاختلفوا} أي على مذهب واحد {ولوال كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم} أي:
كان ذلك في علم هللا السابق أن يختلفوا ويبعث فيهم األنبياء واألئمة من بعد األنبياء ولوال ذلك لهلكوا عند اختالفهم.
َخ َذ ِت ِ ِإَّن َما َمَث ُل اْل َحَي ِاة ُّ
ام َحتَّ ٰى ِإ َذآ أ َ
اس َواأل َْن َع ُ ض ِم َّما َيأ ُ
ْك ُل َّ
الن ُ الس َم ِآء َف ْ
اخَتَل َ ِبه َنَب ُ
ات األ َْر ِ َنزلَناهُ ِم َن َّ
الد ْنَيا َك َم ٍآء أ َ ْ
صيداً َكأَن َّلم تَ ْغ َن ِباأل َْم ِ ظ َّن أَهُلهآ أََّنهم َق ِادرو َن عَليهآ أَتَاهآ أَمرنا َليالً أَو نها اًر َفجعْلناها ح ِ
س ْ ََ َ َ َ َ ْ َُ ْ ْ َ َ َ َْ ض ُز ْخ ُرَف َها َو َّازيََّن ْت َو َ ْ َ ُ ْ ُ األ َْر ُ
صل اآلي ِ
ات لَِق ْو ٍم َيتََف َّك ُرو َن ِ ِٰ
َكذل َك ُنَف ّ ُ َ
قوله{ :إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختل به نبات األرض مما يأكل الناس واألنعام حتى إذا
أخذت األرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليالً أو نها اًر فجعلناها حصيداً كأن لم تغن
باألمس} فإنه حدثني أبي عن محمد بن الفضيل عن أبيه عن أبي جعفر عليه السالم قال :قلت له جعلت فداك بلغنا
أن آلل جعفر راية وآلل العباس رايتين فهل انتهى إليك من علم ذلك شيء؟ قال :أما آل جعفر فليس بشيء وال إلى
شيء وأما آل العباس فإن لهم ملكاً مبطناً يقربون فيه البعيد ويبعدون فيه القريب وسلطانهم عسر ليس يسر حتى إذا
آمنوا مكر هللا وآمنوا عقابه صيح فيهم صيحة ال يبقى لهم منال يجمعهم وال (رجال تمنعهم ك) وهو قول هللا حتى إذا
أخذت األرض زخرفها اآلية ،قلت جعلت فداك فمتى يكون ذلك قال أما أنه لم يوقت لنا فيه وقت ولكن إذا حدثناكم
بشيء فكان كما نقول فقولوا صدق هللا ورسوله وإن كان بخالف ذلك فقولوا صدق هللا ورسوله تؤجروا مرتين ولكن إذا
مساء ،فقلت جعلت فداك
ً اشتدت الحاجة والفاقة وأنكر الناس بعضهم بعضاً فعند ذلك توقعوا هذا األمر صباحاً أو
صر ٍ
اط ُّم ْستَِقي ٍم ِ ِ
آء ِإَل ٰى َ َّللاُ َي ْد ُعوْا ِإَل ٰى َد ِار َّ
السالَ ِم َوَي ْهدي َمن َي َش ُ َو َّ
ويكلمه بغير الكالم الذي كان يكلمه قوله{ :وهللا يدعوا إلى دار السالم ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} يعني:
الجنة.
قوله{ :للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} قال :النظر إلى وجه هللا عز وجل وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه
السالم في قوله للذين أحسنوا الحسنى وزيادة فأما الحسنى الجنة وأما الزيادة فالدنيا ما أعطاهم هللا في الدنيا لم
يحاسبهم به في اآلخرة ويجمع ثواب الدنيا واآلخرة ويثيبهم بأحسن أعمالهم في الدنيا واآلخرة يقول هللا{ :وال يرهق
وجوههم قتر وال ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون} قال على بن إبراهيم في قوله وال يرهق وجوههم قتر وال ذلة
القتر الجوع والفقر والذلة الخوف.
في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله{ :والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما
لهم من هللا من عاصم} قال هؤالء أهل البدع والشبهات والشهوات يسود هللا وجوههم ثم يلقونه يقول هللا {كأنما أغشيت
وجوههم قطعاً من الليل مظلماً} يسود هللا وجوههم يوم القيامة ويلبسهم الذل والصغار يقول هللا{ :أولئك أصحاب النار
هم فيها خالدون}.
قال علي بن إبراهيم في قوله{ :ويوم نحشرهم جميعاً ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم} قال:
يبعث هللا نا اًر تزيل بين الكفار والمؤمنين.
ض َّل َع ْن ُه ْم َّما َك ُانوْا َيْفتَ ُرو َن س َّمآ أَسَلَفت ورُّدوْا ِإَلى َّ ِ
ُهَنالِ َك تَْبُلوْا ُك ُّل َنْف ٍ
َّللا َم ْوالَ ُه ُم اْل َح ِّق َو َ ْ ْ َُ
قوله{ :هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت} أي :تتبع ما قدمت {وردوا إلى هللا موالهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون}
أي :بطل عنهم ما كانوا يفترون وقوله{ :قل من يرزقكم من السماء واألرض}[يونس - ]31 :إلى قوله { -وادعوا من
استطعتم من دون هللا إن كنتم صادقين} [يونس ]38 :فإنه محكم.
َمن الَّ ي ِهِّدي ِإالَّ ِ ُقل هل ِمن ُشرَك ِآئ ُكم َّمن يه ِدي ِإَلى اْلح ِق ُق ِل َّ ِ ِ
َ َّللاُ َي ْهدي لْل َح ِّق أََف َمن َي ْهدي ِإَلى اْل َح ِّق أ َ
َح ُّق أَن ُيتََّب َع أ َّ َّ َْ َ ْ ْ َْ
ف تَ ْح ُك ُمو َن
أَن ُي ْه َد ٰى َف َما َل ُك ْم َك ْي َ
في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله{ :أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن ال يهدي إال
أن يهدى فما لما لكم كيف تحكمون} فأما من يهدي إلى الحق فهم محمد وآل محمد من بعده وأما من ال يهدي إال أن
يهدى فهو من خالف من قريش وغيرهم أهل بيته من بعده.
َّ ِ ِ ِ ين ِمن َقْبلِ ِه ْم َفا ْن ُ ِ َّ َّ ِ ِ بل َك َّذبوْا ِبما َلم ي ِحي ُ ِ ِ ِ
ين
ان َعاقَبةُ الظالم َ
ف َك َ
ظ ْر َك ْي َ طوْا ِبعْلمه َوَل َّما َيأْت ِه ْم تَأ ِْويُل ُه َك َذل َك َكذ َب الذ َ َْ ُ َ ْ ُ
قال علي بن إبراهيم في قوله{ :بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتيهم تأويله} أي :لم يأتهم تأويله {كذلك كذب
الذين من قبلهم} قال :نزلت في الرجعة كذبوا بها أي :أنها ال تكون.
ثم قال{ :ومنهم من يؤمن به ومنهم من ال يؤمن به وربك أعلم بالمفسدين} وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر
عليه السالم في قوله ومنهم من ال يؤمن به وفهم أعداء محمد وآل محمد من بعده {وربك أعلم بالمفسدين} والفساد
المعصية هلل ولرسوله.
قال علي بن إبراهيم في قوله{ :وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم -إلى قوله -ما كانوا مهتدين} فإنه محكم ثم
قال{ :وأما نرنيك -يا محمد -بعض الذي نعدهم} من الرجعة وقيام القائم {أو نتوفينك} قبل ذلك {فإلينا مرجعهم ثم
هللا شهيد على ما يفعلون}.
اك ْم َع َذ ُاب ُه َبَياتاً أ َْو َن َها اًر َّما َذا َي ْستَ ْع ِج ُل ِم ْن ُه اْل ُم ْج ِرُمو َن
َرَْيتُ ْم ِإ ْن أَتَ ُ
ُق ْل أ َأ
في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله{ :قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتاً} يعني :ليالً {أو نها اًر
ماذا يستعجل منه المجرمون} فهذا عذاب ينزل في آخر الزمان على فسقة أهل القبلة وهم يجحدون نزول العذاب
عليهم.
اب اْل ُخْل ِد َه ْل تُ ْج َزْو َن ِإالَّ ِب َما أَثُ َّم ِإ َذا ما وَقع آمنتُم ِب ِه اآلن وَقد ُكنتُم ِب ِه تَستَع ِجُلون * ثُ َّم ِق َِّ ِ
ظَل ُموْا ُذوُقوْا َع َذ َ
ين َ
يل للذ ََ ْ ْ َ َ َ ْ َ َ َ َْ ْ
ُكنتُ ْم َت ْك ِسُبو َن
فيقال لهم {اآلن} تؤمنون يعني بأمير المؤمنين عليه السالم {وقد كنتم به تستعجلون ثم قيل للذين ظلموا} []52-51
آل محمد حقهم {ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إال بما كنتم تكسبون}.
قال{ :ويستنبئونك} يا محمد أهل مكة في علي {أحق هو} أي :إمام {قل ِإي وربي إنه لحق} إمام.
قال{ :ولو أن لكل نفس ظلمت} آل محمد حقهم {ما في األرض جميعاً الفتدت به} في ذلك الوقت يعني الرجعة
وقوله{ :وأسروا الندامة لما أروا العذاب وقضي بينهم بالقس وهم ال يظلمون} حدثني محمد بن جعفر قال :حدثني
محمد بن أحمد عن أحمد بن الحسين عن صالح بن أبي عمار عن الحسن بن موسى الخشاب عن رجل عن حماد
يت َوإَِل ْي ِه تُ ْرَج ُعو َن ِ ِ ض أَالَ ِإ َّن وعد َّ ِ
َّللا َح ٌّق َوَلـٰك َّن أَ ْكثَ َرُه ْم الَ َي ْعَل ُمو َن * ُهَو ُي ْحِيـي َوُيم ُ َ َْ الس ٰم ٰو ِت واأل َْر ِ ِ ِ ِ
أَال إ َّن ََّّلل َما في َّ َ َ َ
قوله{ :أال أن هلل ما في السماوات واألرض أال إن وعد هللا حق ولكن أكثرهم ال يعلمون هو يحيي ويميت وإليه
ترجعون} [ ]56-55فإنه محكم رجع إلى رواية علي بن إبراهيم بن هاشم قال.
َّللاِ َوب َِر ْح َمِت ِه َفِب َذلِ َك َفْلَيْف َر ُحوْا ُه َو َخ ْيٌر ِّم َّما َي ْج َم ُعو َن
ض ِل َّ
ُق ْل ِبَف ْ
قال قل لهم يا محمد{ :بفضل هللا وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون} قال :الفضل رسول هللا صلى هللا
عليه وآله ،ورحمته أمير المؤمنين عليه السالم فبذلك فليفرحوا ،قال فليفرح شيعتنا هو خير مما أعطوا أعداؤنا من
الذهب والفضة.
قوله{ :قل أرأيتم ما أنزل هللا لكم من رزق فجعلتم منه حراماً وحالالً قل آهلل أذن لكم أم على هللا تفترون}.
وهو ما أحلته وحرمته أهل الكتاب بقوله{ :وقالوا ما في بطون هذه األنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا}
[األنعام ]136 :وقوله{ :وجعلوا هلل مما ذ أر من الحرث واألنعام نصيباً[ }..األنعام ]136 :اآلية فاحتج هللا عليهم فقال
قل لهم{ :آهلل أذن لكم أم على هللا تفترون}.
آن والَ تعمُلون ِمن عم ٍل ِإالَّ ُكَّنا عَلي ُكم شهوداً ِإ ْذ تِفيضون ِف ِ ِ ِ َو َما تَ ُكو ُن ِفي َشأ ٍ
يه َو َما َي ْع ُز ُب َعن ُ ُ َ َ ْ ْ ُُ ْن َو َما تَْتُلوْا م ْن ُه من ُق ْر ٍ َ َ ْ َ َ ْ َ َ
السم ِآء والَ أَص َغر ِمن ٰذلِ َك وال أَ ْكبر ِإالَّ ِفي ِكتَ ٍ
اب ُّمِبي ٍن ِ ال َذَّرٍة ِفي األ َْر ِِك ِمن ِم ْثَق ِ
َ ََ ض َوالَ في َّ َ َ ْ َ ّ َّرّب َ
أما قوله{ :وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن} مخاطبة لرسول هللا صلى هللا عليه وآله {وال تعملون من عمل
بكاء شديداً ،ومعنى قوله وما
إال كنا عليكم شهوداً} قال :كان رسول هللا صلى هللا عليه وآله إذا ق أر هذه اآلية بكى ً
تكون في شأن أي :في عمل نعمله خي اًر أو ش اًر {وما يعزب عن ربك} أي :ال يغيب عنه {من مثقال ذرة في األرض
وال في السماء وال أصغر من ذلك وال أكبر إال في كتاب مبين}.
ِ ات َّ ِ ٰ ِ
اآلخرِة الَ تَب ِديل لِ َكلِم ِ
الد ْنيا وِفي ِ ِ ِ َّ َّ ِ
يم
َّللا ذل َك ُهَو اْلَف ْوُز اْل َعظ ُ ْ َ َ َ آمُنوْا َوَك ُانوْا َيتُقو َن * َل ُه ُم اْلُب ْش َر ٰى في اْل َحياة ُّ َ َ
ين َ
الذ َ
قوله{ :الذين آمنوا} [ ]63أي :صدقوا {وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي اآلخرة ال تبديل لكلمات هللا}
[ ]64-63قال البشرى في الحياة الدنيا الرؤيا الحسنة يراها المؤمن وفي اآلخرة عند الموت وهو قول هللا {الذين
تتوفاهم المالئكة طيبين يقولون سالم عليكم ادخلوا الجنة} [النحل ]32 :وقوله{ :ال تبديل لكلمات هللا} أي :ال تغير
اإلمامة والدليل.
َّ ِ الس ٰم ٰو ِت وم ْن ِفي األ َْر ِ ِ ِ ِِ ِ والَ يح ُزنك َقوُلهم ِإ َّن اْل ِعَّزة ََِّّللِ ج ِميعاً هو َّ ِ
ض َو َما َيتَِّب ُع الذ َ
ين يم * أَال إ َّن ََّّلل َمن في َّ َ َ َ َ
يع اْل َعل ُ
السم ُ َُ َ َ َ َ ْ َ ْ ُْ
الظ َّن وإِن هم ِإالَّ يخرصون * هو َّال ِذي جعل َل ُكم َّاليل لِتس ُكنوْا ِف ِ يدعون ِمن دو ِن َّ ِ
يه َو َّ
الن َه َار ََ َ ُ َ َْ ُ َُ آء ِإن َيتَِّب ُعو َن ِإالَّ َّ َ ْ ُ ْ َ ْ ُ ُ َ َّللا ُش َرَك َ ُ َْ ُ َ
الس ٰم ٰوت وما ِفي األ َْر ِ
ض ِ ِ * َقاُلوْا اتَّ َخ َذ َّ ص اًر ِإ َّن ِفي ٰذلِك آلي ٍ
ات ّلَِق ْو ٍم َي ْس َم ُعو َن مب ِ
َّللاُ َوَلداً ُس ْب َح َان ُه ُه َو اْل َغن ُّي َل ُه َما في َّ َ َ َ َ َ َ ُْ
َّللاِ اْل َك ِذ َب الَ ُيْفلِ ُحو َن * َّ ِ َّ ِ
َّللا َما الَ تَ ْعَل ُمو َن * ُق ْل ِإ َّن الذ َ
ين َيْفتَ ُرو َن َعَلى َّ ان ِب َهـٰ َذآ أَتُقوُلو َن َعَلىطٍ ِ
ِإ ْن ع َند ُك ْم ِّمن ُسْل َ
الش ِد َيد ِب َما َك ُانوْا َي ْكُف ُرو َن
اب َّ ِ ِ َمتَاعٌ ِفي ُّ
الد ْنَيا ثُ َّم ِإَل ْيَنا َم ْرج ُع ُه ْم ثُ َّم ُنذيُق ُه ُم اْل َع َذ َ
قوله{ :وال يحزنك قولهم ِإن العزة هلل جميعاً هو السميع العليم -إلى قوله -بما كانوا يكفرون} [ ]70-65فإنه محكم.
َج ِم ُعوْا أ َْم َرُك ْم َّللاِ َفعَلى َّ ِ ِ ِ ِ و ْاتل عَلي ِهم نبأَ نو ٍح ِإ ْذ َق ِ ِ
َّللا تََوَّكْل ُت َفأ ْ ان َكُب َر َعَل ْي ُك ْم َّمَقامي َوتَ ْذكيرِي ِب َآيات َّ َ
ال لَق ْو ِمه ٰيَق ْو ِم ِإن َك َ
َ َ ُ َ ْ ْ ََ ُ
و ُشرَكآء ُكم ثُ َّم الَ ي ُكن أَمرُكم عَلي ُكم غ َّم ًة ثُ َّم ا ْقضوْا ِإَل َّي والَ تُ ِ
نظ ُرو َن َ ُ َ ْ ُْ ْ َ ْ ْ ُ َ َ َ ْ
قوله{ :واتل عليهم} مخاطبة لمحمد صلى هلل عليه وآله {نبأ نوح} أي :خبر نوح {إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر
عليكم مقامي وتذكيري بآيات هللا فعلى هللا توكلت فاجمعوا أمركم وشركاءكم} الذين تعبدون {ثم ال يكن أمركم عليكم
غمة} أي :ال تغتموا {ثم اقضوا إلي} أي :ادعوا علي {وال تنظرون}.
َّللاِ تََوَّكْلَنا َربََّنا الَ تَ ْج َعْلَنا ِف ْتَن ًة ّلِْلَق ْو ِم ِِ ِ وَقال موسى ٰيَقو ِم ِإن ُكنتم آمنتم ِب َّ ِ
اَّلل َف َعَل ْيه تََوَّكُلوْا ِإن ُكنتُم ُّم ْسلم َ
ين * َفَقاُلوْا َعَل ٰى َّ ُْ َ ُْ َ َ ُ َٰ ْ
ين َّ ِ ِ
الظالم َ
في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله{ :وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم باهلل فعليه توكلوا إن
كنتم مسلمين فقالوا على هللا توكلنا ربنا ال تجعلنا فتنة للقوم الظالمين} [ ]85-84فإن قوم موسى استعبدهم آل فرعون
وقالوا لو كان لهؤالء على هللا كرامة كما يقولون ما سلطنا عليهم فقال موسى لقومه يا قوم إن كنتم آمنتم باهلل فعليه
توكلوا إن كنتم مسلمين فقالوا على هللا توكلنا ربنا ال تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ونجنا برحمتك من القوم الكافرين.
قال علي بن إبراهيم في قوله{ :وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتاً واجعلوا بيوتكم قبلة} يعني:
بيت المقدس حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا جعفر بن محمد بن مالك عن عباد بن يعقور (معقودك يعقوب ط عن
محمد بن يعفور) عن أبي جعفر عن أبي إبراهيم عليه السالم قال لما خافت بنو إسرائيل جبابرتها أوحى هللا إلى
موسى وهارون عليهما السالم أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتاً واجعلوا بيوتكم قبلة قال أمروا أن يصلوا في بيوتهم.
قال علي بن إبراهيم في قوله{ :وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون ومأله زينة} أي :ملكاً {وأمواالً في الحياة الدنيا ربنا
ليضلوا عن سبيلك} أي :يفتنوا الناس باألموال والعطايا ليعبدوه وال يعبدوك {ربنا اطمس على أموالهم} أي :أهلكها
{واشدد على قلوبهم فال يؤمنوا حتى يروا العذاب األليم}.
فقال هللا عز وجل{ :قد أجيبت دعوتكما فاستقيما وال تتبعان سبيل الذين ال يعلمون} أي :ال تتبعا طريق فرعون
وأصحابه.
قول هللا{ :اآلن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين} يقول كنت من العاصين.
{فاليوم ننجيك ببدنك} قال إن قوم فرعون ذهبوا أجمعين في البحر فلم ير منهم أحد هو وافى البحر (إال هوى
بجسمه) إلى النار وأما فرعون فنبذه هللا وحده فألقاه بالساحل لينظروا إليه وليعرفوه ليكون لمن خلفه آية ولئال يشك أحد
في هالكه وأنهم كانوا اتخذوه رباً فأراهم هللا إياه جيفة ملقاة بالساحل ليكون لمن خلفه عبرة وعظة يقول هللا{ :وإن كثي اًر
من الناس عن آياتنا لغافلون}.
وقال علي بن إبراهيم قال الصادق عليه السالم :ما أتى جبرائيل رسول هللا صلى هللا عليه وآله إال كئيباً حزيناً ولم يزل
كذلك منذ أهلك هللا فرعون فلما أمره هللا بنزول هذه اآلية{ :اآلن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين} [يونس]91 :
نزل عليه وهو ضاحك مستبشر ،فقال له رسول هللا صلى هللا عليه وآله ما أتيتني يا جبرائيل إال وتبينت الحزن في
وجهك حتى الساعة ،قال يا محمد لما أغرق هللا فرعون قال :آمنت أنه ال إله إال هللا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا
من المسلمين ،فأخذت حماة فوضعتها في فيه ثم قلت له اآلن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين ،وعملت ذلك من
غير أمر هللا خفت أن تلحقه الرحمة من هللا ويعذبني على ما فعلت فلما كان اآلن وأمرني هللا ان أؤدى إليك ما قلته
أنا لفرعون آمنت وعلمت أن ذلك كان هلل رضى وقوله{ :فاليوم ننجيك ببدنك} فإن موسى عليه السالم أخبر بني
إسرائيل أن هللا قد أغرق فرعون فلم يصدقوه فأمر هللا البحر فلفظ به على ساحل البحر حتى رأوه ميتاً.
قوله{ :ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق} قال :ردهم إلى مصر وغرق فرعون.
قوله{ :فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فسئل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك} يعني :األنبياء حدثني أبي عن عمرو
(عمران ط) بن سعيد الراشدي عن ابن مسكان عن أبي عبد هللا عليه السالم قال :لما أسري برسول هللا صلى هللا
عليه وآله إلى السماء فأوحى هللا إليه في علي صلوات هللا عليه ما أوحى ما يشاء من شرفه وعظمه عند هللا ورد إلى
البيت المعمور وجمع له النبيين فصلوا خلفه عرض في نفس رسول هللا صلى هللا عليه وآله من عظم ما أوحى إليه
في علي عليه السالم فأنزل هللا{ :فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسئل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك} يعني:
األنبياء فقد أنزلنا عليهم في كتبهم من فضله ما أنزلنا في كتابك {لقد جاءك الحق من ربك فال تكونن من الممترين وال
تكونن من الذين كذبوا بآيات هللا فتكون من الخاسرين} فقال الصادق عليه السالم :فوهللا ما شك وما سأل.
ِ َّ ِ
ين َحَّق ْت َعَل ْي ِه ْم َكل َم ُت َرّب َ
ِك الَ ُي ْؤ ِمُنو َن ِإ َّن الذ َ
قوله{ :إن الذين حقت عليهم كلمة ربك ال يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب األليم} قال الذين جحدوا
أمير المؤمنين عليه السالم وقوله{ :إن الذين حقت عليهم كلمة ربك ال يؤمنون} قال :عرضت عليهم الوالية وقد فرض
هللا عليهم ِ
اإليمان بها فلم يؤمنوا بها.
اه ْم ِإَل ٰى اب ال ِخ ْزِي ِفي اْل َحَي ِاة ُّ
الد ْنَيا َو َمتَّ ْعَن ُ آمُنوْا َك َشْفَنا َع ْن ُه ْم َع َذ َ
ون َس َل َّمآ َ
َّ
يم ُان َها ِإال َق ْوَم ُي ُ ِ
آمَن ْت َفَنَف َع َهآ إ َ
َفَل ْوالَ َك َان ْت َق ْرَي ٌة َ
ينِح ٍ
قوله{ :فلوال كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إال قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا
ومتعناهم إلى حين} فإنه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن جميل قال :قال لي أبي عبد هللا عليه السالم :ما رد هللا
العذاب إال عن قوم يونس ،وكان يونس يدعوهم إلى ِ
اإلسالم فيأبوا ذلك ،فهم أن يدعو عليهم وكان فيهم رجالن عابد
وعا لم ،وكان اسم أحدهما مليخا واآلخر اسمه روبيل ،فكان العابد يشير على يونس بالدعاء عليهم وكان العالم ينهاه
ويقول ال تدع عليهم فإن هللا يستجيب لك وال يحب هالك عباده فقبل قول العابد ولم يقبل من العالم ،فدعا عليهم
فأوحى هللا عز وجل إليه يأتيهم العذاب في سنة كذا وكذا في شهر كذا وكذا في يوم كذا وكذا فلما قرب الوقت خرج
يونس من بينهم مع العابد وبقي العالم فيها فلما كان في ذلك اليوم نزل العذاب فقال العالم لهم يا قوم افزعوا إلى هللا
فلعله يرحمكم ويرد العذاب عنكم ،فقالوا كيف نصنع؟ قال اجتمعوا واخرجوا إلى المفازة وفرقوا بين النساء واألوالد وبين
اإلبل وأوالدها وبين البقر وأوالدها وبين الغنم وأوالدها ثم أبكوا وادعوا فذهبوا وفعلوا ذلك وضجوا وبكوا فرحمهم هللا
وصرف عنهم العذاب وفرق العذاب على الجبال وقد كان نزل وقرب منهم ،فأقبل يونس لينظر كيف أهلكهم هللا فرأى
الزارعين يزرعون في أرضهم ،قال لهم ما فعل قوم يونس؟ فقالوا له ولم يعرفوه أن يونس دعا عليهم فاستجاب هللا له
ونزل للعذاب عليهم فاجتمعوا وبكوا ودعوا فرحمهم هللا وصرف ذلك عنهم وفرق العذاب على الجبال فهم إذاً يطلبون
يونس ليؤمنوا به ،فغضب يونس ومر على وجهه مغاضباً هلل كما حكى هللا حتى انتهى إلى ساحل البحر فإذا سفينة
قد شحنت وأرادوا أن يدفعوها فسألهم يونس أن يحملوه فحملوه ،فلما توسطوا البحر بعث هللا حوتاً عظيماً فحبس عليهم
السفينة من قدامها فنظر إليه يونس ففزع منه وصار إلى مؤخر السفينة فدار إليه الحوت وفتح فاه فخرج أهل السفينة
فقالوا فينا عاص فتساهموا فخرج سهم يونس وهو قول هللا عز وجل{ :فساهم فكان من المدحضين} [الصافات]141 :
فأخرجوه فألقوه في البحر فالتقمه الحوت ومر به في الماء.
وقد سأل بعض اليهود أمير المؤمنين عليه السالم عن سجن طاف أقطار األرض بصاحبه ،فقال يا يهودي أما
السجن الذي طاف أقطار األرض بصاحبه فإنه الحوت الذي حبس يونس في بطنه فدخل في بحر القلزم ثم خرج إلى
قال هللا لنبيه صلى هللا عليه وآله{ :ولو شاء ربك آلمن من في األرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا
مؤمنين} يعني :لو شاء هللا أن يجبر الناس كلهم على ِ
اإليمان لفعل.
وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم قال :لبث يونس في بطن الحوت ثالثة أيام ونادى في الظلمات
ظلمة بطن الحوت وظلمة الليل وظلمة البحر أن ال إله إال أنت سبحانك (تبت إليك ط) إني كنت من الظالمين،
فاستجاب هللا له فأخرجه الحوت إلى الساحل ثم قذفه فألقاه بالساحل وأنبت هللا عليه شجرة من يقطين وهو القرع فكان
قوله{ :قل انظروا ماذا في السماوات واألرض وما تغني اآليات والنذر عن قوم ال يؤمنون} أخبرني الحسين بن محمد
عن المعلي بن محمد قال حدثني أحمد بن محمد بن عبد هللا (عن ط) عن أحمد بن هالل عن أمية بن علي عن
داؤد بن كثير الرقي قال سألت أبا عبد هللا عليه السالم عن قول هللا{ :وما تغني اآليات والنذر عن قوم ال يؤمنون}
قال :اآليات األئمة والنذر األنبياء عليهم السالم.
َّللا اَّل ِذي يتَوَّف ُ ِ الناس ِإن ُكنتُم ِفي َش ٍك ِمن ِد ِيني َفالَ أَعبد َّال ِذين تَعبدو َن ِمن دو ِن َّ ِ ِ
َن
اك ْم َوأُم ْر ُت أ ْ ََ َعُب ُد َّ َ
َّللا َوَلـٰك ْن أ ْ ُ َ ْ ُُ ْ ُُ ّ ّ ْ َّ ُ ُّها
ُق ْل ٰيأَي َ
ِ َكو َن ِم َن
اْل ُم ْؤ ِمن َ
ين أُ
قال علي بن إبراهيم في قوله قل يا محمد{ :يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني فال أعبد الذين تعبدون من دون
هللا ولكن أعبد هللا الذي يتوفاكم} فإنه محكم.
قوله{ :وال تدع من دون هللا ما ال ينفعك وال يضرك فإن فعلت فإنك إذاً من الظالمين} فإنه مخاطبة للنبي صلى هللا
عليه وآله والمعني الناس.
قال{ :واتبع} يا محمد {ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم هللا وهو خير الحاكمين}.
قوله{ :فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك أن يقولوا لوال أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك إنما أنت
نذير وهللا على كل شئ وكيل} فإنه حدثني أبي عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن ابن مسكان عن عمارة بن
سويد عن أبي عبد هللا عليه السالم أنه قال :سبب نزول هذه اآلية أن رسول هللا صلى هللا عليه وآله خرج ذات يوم
فقال لعلي يا علي إني سألت هللا الليلة بأن يجعلك وزيري ففعل وسألته أن يجعلك وصيي ففعل وسألته أن يجعلك
خليفتي في أمتي ففعل ،فقال رجل من أصحابه المنافقين وهللا لصاع من تمر في شن بال أحب إلي مما سأل محمد
قوله{ :أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون هللا إن كنتم صادقين} يعني:
قولهم أن هللا لم يأمره بوالية علي عليه السالم وإنما يقول من عنده فيه.
َّللاِ َوأَن الَّ ِإَلـ َٰه ِإالَّ ُه َو َف َه ْل أَنتُ ْم ُّم ْسلِ ُمو َن
ُنزَل ِب ِعْل ِم َّ َّ
َفِإل ْم َي ْستَ ِج ُيبوْا َل ُك ْم َف ْ
اعَل ُموْا أََّن َمآ أ ِ
قال هللا عز وجل{ :فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا إنما أنزل بعلم هللا} أي :والية أمير المؤمنين عليه السالم من عند
هللا.
ف ِإَلي ِهم أَعماَلهم ِفيها وهم ِفيها الَ يب َخسو َن * أُوَلـِٰئك َّال ِذين َليس َلهم ِفي ِ
اآلخ َرِة ِ
َ ْ َ ُْ ْ َ ُْ ُ الد ْنَيا َوِز َين َت َها ُن َو ّ ْ ْ ْ َ ُ ْ َ َ ُ ْ َ ان ُي ِر ُيد اْل َحَي َ
اة ُّ َمن َك َ
النار وحِب َ ما صنعوْا ِفيها وب ِ َّ
اط ٌل َّما َك ُانوْا َي ْع َمُلو َن ِإال َّ ُ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ
قوله{ :من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها ال يبخسون أولئك الذين ليس لهم في
اآلخرة إال النار} [ ]16-15قال :من عمل الخير على أن يعطيه هللا ثوابه في الدنيا أعطاه ثوابه في الدنيا وكان له
في اآلخرة النار.
وس ٰى ِإ َماماً َوَر ْح َم ًة أُْوَلـِٰئ َك ُي ْؤ ِمُنو َن ِب ِه َو َمن َي ْكُف ْر ِب ِه ِم َنُم َ اب ِِ ِ ِ ِ ِ ٍ ِ
ان َعَل ٰى َبِّيَنة ّمن َّرّبِه َوَي ْتُلوهُ َشاهٌد ّم ْن ُه َو ِمن َقْبله كتَ ُ أََف َمن َك َ
َوَلـ ِٰك َّن أَ ْكثَ َر َّ ِ ِ ِ ٍ ِ َح َز ِ
اس الَ ُي ْؤ ِمُنو َن الن ِ الن ُار َم ْو ِع ُدهُ َفالَ تَ ُك في م ْرَية ّم ْن ُه ِإَّن ُه اْل َح ُّق من َّرّب َ
ِك اب َف َّ األ ْ
قوله{ :أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماماً ورحمة أولئك يؤمنون به -إلى
قوله -ال يؤمنون} فإنه حدثني أبي عن يحيى بن أبي عمران عن يونس عن أبي بصير والفضيل عن أبي جعفر
عليه السالم قال :إنما نزلت أفمن كان على بينة من ربه ،يعني رسول هللا صلى هللا عليه وآله ويتلوه شاهد منه إماماً
ورحمة ومن قبله كتاب موسى أولئك يؤمنون به فقدموا وأخروا في التأليف.
ين َك َذُبوْا َعَل ٰى َرِّب ِه ْم أَالَ َل ْعَن ُة ِ َّ ِ ِ ِ ظَلم ِم َّم ِن ا ْفتَر ٰى عَلى َّ ِ ِ
َش َه ُاد َهـ ُٰؤالء الذ َ ضو َن َعَل ٰى َرّبِه ْم َوَيُق ُ
ول األ ْ َّللا َكذباً أ ُْوَلـٰئ َك ُي ْع َر ُ َ َ َو َم ْن أَ ْ ُ
ين َّ ِ ِ َّ ِ
َّللا َعَلى الظالم َ
قوله{ :ومن أظلم ممن افترى على هللا كذباً أولئك يعرضون على ربهم ويقول األشهاد هؤالء الذين كذبوا على ربهم}
يعني :باألشهاد األئمة عليهم السالم {أال لعنة هللا على الظالمين} آلل محمد صلى هلل عليه وآله حقهم.
قوله{ :أولئك الذين خسروا أنفسهم وضل} أي :بطل {عنهم ما كانوا يفترون} يعني :يوم القيامة بطل الذين دعوا غير
أمير المؤمنين عليه السالم {وقال إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم} أي :تواضعوا هلل وعبدوه.
قوله{ :مثل الفريقين كاألعمى واألصم والبصير والسميع هل يستويان مثالً أفال تذكرون} يعني المؤمنين والخاسرين.
ين ُه ْم أ ََرِاذُلَنا َب ِاد َي َّأ َّ َّ ِ ِ َفَقال اْلمألُ َّال ِذين َكَفروْا ِمن ِقو ِم ِه ما نر َّ
ْي َو َما َن َر ٰى َل ُك ْم
الر ِ اك اتََّب َع َك ِإال الذ َ
اك ِإال َب َش اًر ّم ْثَلَنا َو َما َن َر َ
ْ َ ََ َ َ ُ َ َ
ِ ض ٍل َب ْل َن ُ ِ
ظُّن ُك ْم َكاذِب َ
ين َعَل ْيَنا من َف ْ
قوله{ :إال الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل} يعني الفقراء والمساكين الذين تراهم بادي الرأي.
ِ ِ ِِ ِ ِ ٍ ِ
نت َعَل ٰى َبِّيَنة ّمن َّرّبِي َوآتَاني َر ْح َم ًة ّم ْن عنده َف ُع ّمَي ْت َعَل ْي ُك ْم أَُنْل ِزُم ُك ُم َ
وها َوأَنتُ ْم َل َها َك ِارُهو َن َرَْيتُ ْم ِإن ُك ُ
ال ٰيَق ْو ِم أ َأ
َق َ
{فعميت عليكم} األنباء أي :اشتبهت عليكم حتى لم تعرفوها ولم تفهموها.
ول ِإِّني ت َذ َّكرون * والَ أَُقول َل ُكم ِع ِندي خزِآئن َّ ِ َّللاِ ِإن َ
ط َردتُّ ُه ْم أََفالَ نص ُ ِرني ِم َن َّ
َّللا َوالَ أَ ْعَل ُم اْل َغ ْي َب َوالَ أَُق ُ ََ ُ ُ ْ َ َ ُ َ َوٰيَق ْو ِم َمن َي ُ
ٰ
َّ ِ ِ َّ ِ ِ ِ ِ مَلك والَ أَُق َِّ ِ
َعَل ُم ِب َما في أ َْنُفس ِه ْم ِإّني ِإذاً لم َن الظلم َ
ين َّللاُ أ ْ
َّللاُ َخ ْي اًر َّ
َّ َعُيُن ُك ْم َلن ُي ْؤِتَي ُه ُم
ين تَ ْزَدرِي أ ْ
ول للذ َ ُ َ ٌ َ
قوله{ :ويا قوم من ينصرني من هللا إن طردتهم أفال تذكرون وال أقول لكم عندي خزائن هللا وال أعلم الغيب -إلى
قوله -للذين تزدري أعينكم} [ ]31-30أي :تقصر أعينكم عنهم وتستحقرونهم {لن يؤتيهم هللا خي اًر هللا أعلم بما في
أنفسهم إني إذاً لمن الظالمين}.
قوله{ :وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إال من قد آمن فال تبتئس بما كانوا يفعلون} فإنه حدثني أبي عن ابن
أبي عمير عن ابن سنان عن أبي عبد هللا عليه السالم قال بقي نوح في قومه ثالثمائة سنة يدعوهم إلى هللا فلم يجيبوه
فلما أتى عليهم تسعمائة سنة هم أن يدعو عليهم فأنزل هللا عز وجل {أنه لن يؤمن من قومك إال من قد آمن فال
تبتئس بما كانوا يفعلون} فقال نوح{ :رب ال تذر على األرض من الكافرين ديا اًر إنك إن تذرهم يضلوا عبادك وال يلدوا
إال فاج اًر كفا اًر} [نوح ]27-26 :فأمره هللا أن يغرس النخل فكان قومه يمرون به فيسخرون منه ويستهزؤن به ويقولون
شيخ قد أتى له تسعمائة سنة يغرس النخل وكانوا يرمونه بالحجارة فلما أتى لذلك خمسون سنة وبلغ النخل واستحكم
أمر بقطعه فسخروا منه وقالوا بلغ النخل مبلغه وهو قوله{ :وكلما مر عليه مأل من قومه سخروا منه قال إن تسخروا
منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون} فأمره هللا أن ينحت السفينة وأمر جبرائيل أن ينزل عليه ويعلمه
كيف يتخذها فقدر طولها في األرض ألفاً ومائتي ذراع وعرضها ثمانمائة ذراع ،وطولها في السماء ثمانون ذراعاً فقال
ناد في قومك من أعانني عليها ونجر منها شيئاً صار ما ينجره ذهباً يا رب من يعينني على اتخاذها؟ فأوحى هللا إليه ِ
وفضة ،فنادى نوح فيهم بذلك فأعانوه عليها وكانوا يسخرون منه ويقولون ينحت سفينة في البر.
قال :حدثني أبي عن صفوان عن أبي بصير عن أبي عبد هللا عليه السالم قال لما أراد هللا عز وجل هالك قوم نوح
عقم أرحام النساء أربعين سنة فلم يولد فيهم مولود فلما فرغ نوح من اتخاذ السفينة أمره هللا أن ينادي بالسريانية ال يبقى
بهيمة وال حيوان إال حضر ،فأدخل من كل جنس من أجناس الحيوان زوجين في السفينة وكان الذين آمنوا به من
جميع الدنيا ثمانين رجالً.
آم َن َو َمآ ِ حتَّى ِإ َذا جآء أَمرنا وَفار التَُّّنور ُقْلنا اح ِمل ِفيها ِمن ُك ٍل َزوجي ِن ا ْثني ِن وأ ِ َّ
َهَل َك إال َمن َسَب َق َعَل ْيه اْلَق ْو ُل َو َم ْن َ
ّ ْ َ ْ َْ َ ْ ُ َ ْ ْ َ َ َ ْ َُ َ َ َ ٰ
ِ َّ
آم َن َم َع ُه ِإال َقل ٌ
يل َ
قال هللا عز وجل{ :احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إال من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إال قليل}
وكان نجر السفينة في مسجد الكوفة (المدينة ك) فلما كان في اليوم الذي أراد هللا هالكهم كانت امرأة نوح تخبز في
الموضع الذي يعرف بفار التنور في مسجد الكوفة وقد كان نوح اتخذ لكل ضرب من أجناس الحيوان موضعاً في
السفينة وجمع لهم فيها ما يحتاجون من الغذاء ،فصاحت امرأته لما فار التنور فجاء نوح إلى التنور فوضع عليها طيناً
وختمه حتى أدخل جميع الحيوان السفينة ثم جاء إلى التنور ففض الخاتم ورفع الطين وانكسفت الشمس وجاء من
السماء ماء منهمر صب بال قطر وتفجرت األرض عيوناً وهو قوله عز وجل{ :ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر
وفجرنا األرض عيوناً فالتقى الماء على أمر قد قدر وحملناه على ذات ألواح ودسر}[القمر.]13-11 :
قال هللا عز وجل{ :اركبوا فيها بسم هللا مجراها ومرساها} يقول مجريها أي :مسيرها ومرسيها أي :موقفها فدارت
السفينة.
نظر نوح إلى ابنه يقع ويقوم فقال له {يا بني اركب معنا وال تكن مع الكافرين}.
قال ابنه كما حكى هللا عز وجل{ :سآوي إلى جبل يعصمني من الماء} قال نوح{ :ال عاصم اليوم من أمر هللا إال من
رحم} هللا.
فقال هللا{ :يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فال تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من
الجاهلين}.
ِ َقال ر ِب ِإِّني أَعوُذ ِبك أَن أَسأََلك ما َليس لِي ِب ِه ِعْلم وِإالَّ تَ ْغِفر لِي وتَرحمِني أ ُ ِ
َكن ّم َن اْل َخاس ِر َ
ين َ َْْ ْ ٌ َ َ ْ ْ َ َ َْ ُ َ َّ
{رب إني أعوذ بك أن أسئلك ما ليس لي به علم وإال تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين} قال نوح كما حكى هللاِّ :
فكان كما حكى هللا {وحال بينهما الموج فكان من المغرقين}[هود ]43 :فقال أبو عبد هللا عليه السالم فدارت السفينة
وضربتها األمواج حتى وافت مكة وطافت بالبيت وغرق جميع الدنيا إال موضع البيت إنما سمي البيت العتيق ألنه
أعتق من الغرق فبقي الماء ينصب من السماء أربعين صباحاً ومن األرض العيون حتى ارتفعت السفينة فمسحت
السماء قال :فرفع نوح يده فقال يا رهمان أخفرس (اتغرك) تفسيرها ِّ
رب أحسن.
يل ُب ْعداً ِّلْلَق ْو ِم ِ ِ وِقيل ٰيأَرض ابَل ِعي مآء ِك ويٰسم ِ ِ
استََو ْت َعَلى اْل ُجود ِّي َوِق َ
آء َوُقض َي األ َْم ُر َو ْ آء أَْقلعي َو ِغ َ
يض اْل َم ُ َ َ َ ََ ُ َ َ ْ ُ ْ
ين َّ ِ ِ
الظالم َ
أمر هللا األرض أن تبلع ماءها وهو قوله{ :وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي} يعني :امسكي {وغيض الماء
وقضي األمر واستوت على الجودي} فبلعت األرض ماءها فأراد ماء السماء أن يدخل في األرض فامتنعت األرض
من قبولها وقالت إنما أمرني هللا عز وجل أن أبلع مائي فبقي ماء السماء على وجه األرض واستوت السفينة على
جبل الجودي وهو بالموصل جبل عظيم ،فبعث هللا جبرائيل فساق الماء إلى البحار حول الدنيا.
يمات عَليك وعَل ٰى أُم ٍم ِم َّمن َّمعك وأُمم سُنمِّتعهم ثُ َّم يم ُّسهم ِمَّنا ع َذ ِ
رك ٍ
اهِب ْ ِب َسالَ ٍم ِّمَّنا َوَب َ ِ
اب أَل ٌ
َ َ َ ٌَ َ َ ُ ُ ْ ََ ُ ْ ّ َ ٌ َ ّ ََْ ََ يل يُٰنو ُح ْ
ق َ
أنزل هللا على نوح {يا نوح اهب بسالم منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب
أليم} فنزل نوح بالموصل من السفينة مع الثمانين وبنوا مدينة الثمانين وكانت لنوح ابنة ركبت معه في السفينة فتناسل
الناس منها وذلك قول النبي صلى هللا عليه وآله نوح أحد األبوين.
قال هللا عز وجل لنبيه{ :تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت وال قومك من قبل هذا فاصبر إن
العاقبة للمتقين} وروي في الخبر أن اسم نوح عبد الغفار وإنما سمي نوحاً ألنه كان ينوح على نفسه أخبرنا أحمد بن
إدريس قال حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان األحمر عن
موسى بن أكيل النميري عن العال بن سيابة عن أبي عبد هللا عليه السالم في قول هللا ونادى نوح ابنه فقال ليس بابنه
إنما هو ابنه من زوجته على لغة طي يقولون البن المرأة ابنه.
قال علي بن إبراهيم ثم حكى هللا عز وجل خبر هود عليه السالم وهالك قومه فقال{ :وإلى عاد أخاهم هوداً قال يا
قوم اعبدوا هللا ما لكم من إله غيره إن أنتم إال مفترون يا قوم ال أسئلكم عليه أج اًر إن أجري إال على الذي فطرني أفال
تعقلون} [ ]51-50قال إن عاداً كانت بالدهم في البادية من الشقيق إلى األجفر أربعة منازل وكان لهم زرع ونخيل
كثير ولهم أعمار طويلة وأجسام طويلة فعبدوا األصنام فبعث هللا إليهم هوداً يدعوهم إلى ِ
اإلسالم وخلع األنداد فأبوا
ولم يؤمنوا بهود وآذوه فكفت السماء عنهم سبع سنين حتى قحطوا وكان هود زراعاً وكان يسقي الزرع فجاء قوم إلى
بابه يريدونه ،فخرجت عليهم امرأة شمطاء عوراء فقالت من أنتم؟ فقالوا نحن من بالد كذا وكذا اجدبت بالدنا فجئنا
إلى هود نسأله أن يدعو هللا حتى تمطر وتخصب بالدنا ،فقالت لو استجيب لهود لدعا لنفسه فقد احترق زرعه لقلة
الماء ،قالوا فأين هو؟ قالت هو في موضع كذا وكذا فجاؤوا إليه فقالوا يا نبي هللا قد أجدبت بالدنا ولم تمصر فاسأل
َّ ِ
آء َعَل ْي ُك ْم ّم ْد َار اًر َوَي ِزْد ُك ْم ُقَّوًة ِإَل ٰى ُقَّوِت ُك ْم َوالَ تَتََول ْوْا ُم ْج ِرِم َ
ين وبوْا ِإَل ْي ِه ُي ْرِس ِل َّ
الس َم َ استَ ْغِف ُروْا َرب ُ
َّك ْم ثُ َّم تُ ُ َوٰيَق ْو ِم ْ
أنزل هللا عليهم المطر وهو قوله عز وجل{ :يا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مد ار اًر ويزدكم قوة
إلى قوتكم وال تتولوا مجرمين}.
قالوا كما حكى هللا{ :يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين} إلى آخر اآلية
فلما لم يؤمنوا أرسل هللا عليهم الريح الصرصر يعني :الباردة وهو قوله :في سورة اقتربت {كذبت عاد فكيف كان
قال فحدثني أبي عن ابن أبي عمير عن عبد هللا بن سنان عن معروف بن خربوذ عن أبي جعفر عليه السالم قال
الريح العقيم تخرج من تحت األرضين السبع وما يخرج منها شيء ق إال على قوم عاد حين غضب هللا عليهم فأمر
الخزان أن يخرجوا منها مثل سعة الخاتم فعصت على الخزنة فخرج منها مثل مقدار منخر الثور تغيظاً منها على قوم
عاد فضج الخزنة إلى هللا من ذلك وقالوا يا ربنا إنها قد عتت علينا ونحن نخاف أن يهلك من لم يعصك من خلقك
وعمار بالدك فبعث هللا جبرائيل فردها بجناحه وقال لها اخرجي على ما أمرت به فرجعت وخرجت على ما أمرت به
فأهلكت قوم عاد ومن كان بحضرتهم.
َنشأ ُ ِ ٍ
ض واستَعمرُكم ِفيها َف ِ
استَ ْغف ُروهَُك ْم ّم َن األَْر ِ َ ْ ْ َ َ ْ َ ْ َّللاَ َما َل ُك ْم ِّم ْن ِإَلـٰه َغ ْي ُرهُ ُه َو أ َ
اعُب ُدوْا َّ
ال ٰيَق ْو ِم ْ
َخاهم ِ
صالحاً َق َ
ود أ َ ُ ْ َ
َوإَِل ٰى ثَ ُم َ
اؤَنا َوإَِّنَنا َلِفي ثُ َّم تُوبوْا ِإَلي ِه ِإ َّن ربِي َق ِريب ُّم ِجيب * َقاُلوْا يٰصالِح َق ْد ُك ِ
نت ف َينا َم ْر ُجّواً َقْب َل َهـٰ َذا أَتَْن َه َانآ أَن َّن ْعُب َد َما َي ْعُب ُد َآب ُ
َ َ ُ ٌ ٌ َّ ُ ْ
ونآ ِإَل ْي ِه م ِر ٍ
يب ِ
َش ٍّك ّم َّما تَ ْد ُع َ
ُ
أما قوله{ :وإلى ثمود أخاهم صالحاً قال يا قوم اعبدوا هللا ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من األرض واستعمركم فيها
فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب} إلى قوله{ :وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب} فإن هللا تبارك وتعالى
بعث صالحاً إلى ثمود وهو ابن ست عشر سنة ال يجيبوه إلى خير وكان لهم سبعون صنماً يعبدونها من دون هللا فلما
رأى ذلك منهم قال لهم يا قوم بعثت إليكم وأنا ابن ست عشر سنة وقد بلغت عشرين ومائة سنة وأنا أعرض عليكم
إمرين إن شئتم فاسألوني مهما أردتم حتى أسأل إلهي فيجيبكم وإن شئتم سألت آلهتكم فإن أجابتني خرجت عنكم،
فقالوا انصفت فامهلنا فأقبلوا يتعبدون ثالثة أيام ويتمسحون باألصنام ويذبحون لها وأخرجوها إلى سفح الجبل وأقبلوا
يتضرعون إليها ،فلما كان اليوم الثالث قال لهم صالح عليه السالم قد طال هذا األمر فقالوا له سل من شئت؛ فدنا
وكان لقريتهم ماء وهي الحجر التي ذكرها هللا تعالى في كتابه وهو قوله{ :كذب أصحاب الحجر المرسلين} [الحجر:
]80فقال لهم صالح لهذه الناقة شرب أي تشرب ماءكم يوماً وتدر لبنها عليكم يوماً وهو قوله عز وجل{ :لها شرب
ولكم شرب يوم معلوم وال تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم} [الشعراء ]156-155 :فكانت تشرب ماءهم يوماً
وإذا كان من الغد وقفت وس قريتهم فال يبقى في القرية أحد إال حلب منها حاجته وكان فيهم تسعة من رؤسائهم كما
ذكر هللا في سورة النمل{ :وكان في المدينة تسعة ره يفسدون في األرض وال يصلحون} [النمل ]48 :فعقروا الناقة
ورموها حتى قتلوها وقتلوا الفصيل فلما عقروا الناقة قالوا لصالح {ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين}[األعراف:
.]77
وها َفَقال تَمتَّعوْا ِفي َد ِارُكم ثَالَثَ َة أَيَّا ٍم ٰذلِ َك و ْعٌد َغ ْير م ْك ُذ ٍ
وب َف َعَق ُر َ
ُ َ َ ْ َ َ ُ
قال صالح{ :تمتعوا في داركم ثالثة أيام ذلك وعد غير مكذوب} ثم قال لهم وعالمة هالككم أنه تبيض وجوهكم غداً
وتحمر بعد غ د وتسود في اليوم الثالث فلما كان من الغد نظروا إلى وجوههم وقد ابيضت مثل القطن فلما كان اليوم
ين َفَل َّما جآء أَمرنا ن َّجينا صالِحاً و َّال ِذين آمنوْا معه ِبرحم ٍة ِمَّنا و ِمن ِخ ْزِي يو ِمِئ ٍذ ِإ َّن ربَّك هو اْلَق ِو ُّي اْلع ِزيز * وأ َّ ِ
َخ َذ الذ َ
َ َ َ ُ َ َ َُ َْ َ َ َُ َ َ ُ َ ْ َ ّ َ ْ َ َ ْ ُ َ َ َْ َ
ِ َّ ِِ ِ ِ
َّه ْم أَالَ ُب ْعداً ِّلثَ ُم َ
ود فروْا َرب ُ يهآ أَالَ ِإ َّن ثَ ُم َ
ود َك ُ َصَب ُحوْا في دَي ِارِه ْم َجاثم َ
ين * َكأَن ل ْم َي ْغَن ْوْا ف َ الص ْي َح ُة َفأ ْ
ظَل ُموْا َّ
َ
فما تخلص منهم غير صالح وقوم مستضعفين مؤمنين وهو قوله{ :فلما جاء أمرنا نجينا صالحاً -إلى قوله -أال إن
ثمود كفروا ربهم أال بعداً لثمود}[ ].68-66
اهيم ِباْلب ْـشر ٰى َقاُلوْا سالَماً َقال سالَم َفما َلِب َث أَن جآء ِب ِعج ٍل حِن ٍيذ * َفَل َّما أرَى أَي ِديهم الَ تَ ِ ِ
ص ُل َ ْ َُ ْ َ َ ْ َ َ َ ٌ َ َ آء ْت ُرُسُلَنآ ِإ ْب َر َ ُ َ
َوَلَق ْد َج َ
ِإَلي ِه ن ِكرهم وأَوجس ِمنهم ِخ َيف ًة َقاُلوْا الَ تَخف ِإَّنا أُرِسْلنا ِإَلى َقو ِم ُل ٍ
وط ْ َ ٰ ْ َ ْ ْ َ َ ُْ َ ْ َ َ ْ ُ ْ
أما قوله{ :ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سالماً قال سالم فما لبث أن جاء بعجل حنيذ} [ ]69أي :مشوي
نضج فإنه لما ألقى نمرود إبراهيم عليه السالم في النار فجعلها هللا عليه برداً وسالماً بقي إبراهيم مع نمرود وخاف
نمرود من إبراهيم فقال يا إبراهيم أخرج من بالدي وال تساكني فيها ،وكان إبراهيم عليه السالم قد تزوج بسارة وهي بنت
خاله وقد كانت آمنت به ،وآمن له لوط وكان غالماً ،وقد كان إبراهيم عليه السالم عنده غنيمات وكان معاشه منها
وضعت يدها على وجهها فقالت{ :يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخاً إن هذا لشيء عجيب}.
قال لها جبرائيل {أتعجبين من أمر هللا ورحمة هللا وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد فلما ذهب عن إبراهيم
الروع وجاءته البشرى} [ ]74-73بإسحاق أقبل يجادل كما حكى هللا عز وجل{ :يجادلنا في قوم لوط إن إبراهيم لحليم
أواه منيب} [ ]75-74فقال إبراهيم لجبرائيل بما إذا أرسلت قال :بهالك قوم لوط فقال إبراهيم{ :إن فيها لوطاً}
[العنكبوت ] 32 :قال جبرائيل نحن أعلم بمن فيها لننجيه وأهله{ :إال امرأته كانت من الغابرين} [األعراف ]83 :قال
إبراهيم يا جبرائيل إن كان في المدينة مائة رجل من المؤمنين يهلكهم هللا قال :ال قال :فإن كان فيهم خمسون قال :ال
قال فإن كان فيهم عشرة رجال قال :ال قال :فإن كان واحد قال :ال وهو قوله فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين
فقال إبراهيم يا جبرئيل راجع ربك فيهم فأوحى هللا كلمح البصر {يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم
ءاتيهم عذاب غير مردود} [ ]76فخرجوا من عند إبراهيم عليه السالم فوقفوا على لوط في ذلك الوقت وهو يسقي زرعه
فقال لهم لوط من أنتم قالوا :نحن أبناء السبيل أضفنا الليلة ،فقال لهم يا قوم إن أهل هذه القرية قوم سوء لعنهم هللا
وأهلكهم ينكحون الرجال ويأخذون األموال فقالوا فقد أبطأنا فأضفنا فجاء لوط إلى أهله وكانت منهم فقال لها إنه قد
أتاني أضياف في هذه الليلة فاكتمي عليهم حتى أعفو عنك جميع ما كان منك إلى هذا الوقت ،قالت افعل وكانت
العالمة بينها وبين قومها إذا كان عند لوط أضياف بالنهار تدخن فوق السطح وإذا كان بالليل توقد النار ،فلما دخل
جبرائيل والمالئكة معه بيت لوط عليه السالم وثبت امرأته على السطح فأوقدت نا اًر فعلم أهل القرية وأقبلوا إليه من كل
ناحية كما حكى هللا عز وجل{ :وجاءه قومه يهرعون إليه} [ ]78أي :يسرعون ويعدون فلما صاروا إلى باب البيت
قالوا يا لوط أو لم ننهك عن العالمين فقال لهم كما حكى هللا{ :هؤالء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا هللا وال تخزون في
ضيفي أليس منكم رجل رشيد}.
حدثني أبي عن محمد بن عمرو رحمه هللا في قول لوط عليه السالم{ :هؤالء بناتي هن أطهر لكم} [هود ]78 :قال:
عني به أزواجهم وذلك أن النبي أبو أمته ،فدعاهم إلى الحالل ولم يكن يدعوهم إلى الحرام ،فقال أزواجكم هن أطهر
لكم {قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد} فقال لوط لما يئس {لو أن لي بكم قوة أو آوى إلى
ركن شديد} [ ] 80أخبرنا الحسن بن علي بن مهزيار عن أبيه عن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد هللا
عليه السالم قال ما بعث هللا نبياً بعد لوط إال في عز من قومه ،وحدثني محمد بن جعفر قال حدثنا محمد بن أحمد
(مسلم ط) عن محمد بن الحسين عن موسى بن سعدان عن عبد هللا بن القاسم عن صالح عن أبي عبد هللا عليه
السالم قال في قوله قوة قال القوة القائم عليه السالم والركن الشديد ثالثمائة وثالثة عشر قال علي بن إبراهيم فقال
جبرائيل لو علم ما له من القوة ،فقال من أنتم؟ فقال جبرائيل أنا جبرائيل ،فقال لوط بماذا أمرت قال بهالكهم فسأله
الساعة قال{ :موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب} [ ]81فكسروا الباب ودخلوا البيت فضرب جبرائيل بجناحه على
وجوههم فطمسها وهو قول هللا عز وجل{ :ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر} [القمر]37 :
فلما أروا ذلك وعلموا أنهم قد أتاهم العذاب فقال جبرائيل يا لوط {فأسر بأهلك بقطع من الليل} واخرج من بينهم أنت
وولدك {وال يلتفت منكم أحد إال امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم} وكان في قوم لوط رجل عالم فقال لهم يا قوم قد
جاء كم العذاب الذي كان يعدكم لوط فاحرسوه وال تدعوه يخرج من بينكم فإنه ما دام فيكم ال يأتيكم العذاب ،فاجتمعوا
حول داره يحرسونه فقال جبرائيل يا لوط أخرج من بينهم فقال كيف أخرج وقد اجتمعوا حول داري ،فوضع بين يديه
عموداً من نور فقال له اتبع هذا العمود وال يلتفت منكم أحد فخرجوا من القرية من تحت األرض فالتفتت امرأته فأرسل
هللا عليها صخرة فقتلتها ،فلما طلع الفجر صارت المالئكة األربعة كل واحد في طرف من قريتهم فقلعوها من سبع
أرضين إلى تخوم األرض ثم رفعوها في الهواء حتى سمع أهل السماء نباح الكالب وصراخ الديكة ثم قلبوها عليهم
وأمطرهم هللا {حجارة من سجيل منضودة مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد} [ ]83-82قوله{ :منضود}
يعني :بعضها على بعض منضدة وقوله {مسومة} أي :منقوطة.
اك ْم ِب َخ ْي ٍر َوإِِّني ِ ِ ٍ
ان ِإِّني أ ََر ُ ِ
ال َواْلم َيز َ
ِ
صوْا اْلم ْكَي َ َّللاَ َما َل ُك ْم ّم ْن إَلـٰه َغ ْي ُرهُ َوالَ تَنُق ُ
اعُب ُدوْا َّال ٰيَق ْو ِم ْ اه ْم ُش َع ْيباً َق َ
َخ ُ َوإَِل ٰى َم ْدَي َن أ َ
َشَيآء ُهم والَ تَ ْعثَ ْوْا ِفي األ َْر ِ
ض ان ِباْلِق ْس ِ َوالَ تَْب َخ ُسوْا َّ ِ ِ ِ ٍ
اس أ ْ َ ْ َ الن َ ال َواْلم َيز َ
اب َي ْو ٍم ُّمحي * َوٰيَق ْو ِم أ َْوُفوْا اْلم ْكَي َ اف َعَل ْي ُك ْم َع َذ ََخ ُ أَ
يظ * قاُلوْا يٰشعيب أ ٰ َّللاِ خير َّل ُكم ِإن ُكنتُم ُّمؤ ِمِنين ومآ أَن ْا عَلي ُكم ِبحِف ٍ ِ ِِ
ك َما ك أَن َّن ْت ُر َْم ُر َ
َصَلوتُ َك تَأ ُ
ُ َْ ُ َ َ ْ َ ََ َ َ ْ ْ َ َّت َّ َ ْ ٌ ْ ين * َبقي ُ ُمْفسد َ
نت َعَل ٰى َبِّيَن ٍة ِّمن َّرّبِي ال ٰيَق ْو ِم أََأرَْيتُ ْم ِإن ُك ُ
الرِش ُيد * َق َ يم َّ ِ
َنت اْل َحل ُاء ِإَّن َك أل َ ِ ِ َّ
اؤَنآ أ َْو أَن نْف َع َل في أ َْم َوالَنا َما َن َش ُ ءاب َُي ْعُب ُد َ
اَّللِ
ط ْع ُت َو َما تَ ْوِف ِيقي ِإالَّ ِب َّ ِ َّ ِ ِ ِ
استَ َ
صالَ َح َما ْ
ِ
اك ْم َع ْن ُه إ ْن أ ُِر ُيد إال اإل ْ ُخالَِف ُك ْم ِإَل ٰى َمآ أ َْن َه ُ
َن أ ََوَرَزَقني م ْن ُه ِرْزقاً َح َسناً َو َمآ أ ُِر ُيد أ ْ
صالِ ٍح ٍ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ َّ
اب َق ْوَم ُنو ٍح أ َْو َق ْوَم ُهود أ َْو َق ْوَم َ * َوٰيَق ْو ِم الَ َي ْج ِرَمَّن ُك ْم شَقاقي أَن ُيص َيب ُكم ّم ْث ُل َمآ أ َ
َص َ يب
َعَل ْيه تََوكْل ُت َوإَِل ْيه أُن ُ
ِ ِ ِ َّكم ثُ َّم تُ ُ ِ ِ ِ *و ِ نكم ِبَب ِع ٍيد
وط ِّم ُوما َقوم ُل ٍ
ول
ٰش َع ْي ُب َما َنْفَق ُه َكثي اًر ّم َّما تَُق ُ
ود * َقاُلوْا ي ُ وبوْا إَل ْيه إ َّن َرّبِي َرح ٌ
يم َوُد ٌ استَ ْغف ُروْا َرب ُ ْ َ ْ ََ ُْ
يز * َقال ٰيَقو ِم أَره ِطي أَعُّز عَلي ُكم ِمن َّ ِ َنت َعَل ْيَنا ِب َع ِز ٍ ض ِعيفاً َوَل ْوالَ َرْه ُ وإَِّنا َلَنر ِ
َّللا َواتَّ َخ ْذتُ ُموهُ َ َ ْ َّ َ ْ َْ اك َو َمآ أ َ َل َر َج ْمَن َ ط َك اك ف َينا َ َ َ َ
ِِ ِ ِ ِ ِ ِ
ابف تَ ْعَل ُمو َن َمن َيأْتيه َع َذ ٌ اع َمُلوْا َعَل ٰى َم َك َانت ُك ْم ِإّني َٰعم ٌل َس ْو َ ُمحي ٌ * َوٰيَق ْو ِم ْ َوَرآء ُك ْم ظ ْه ِرّياً ِإ َّن َرّبِي ِب َما تَ ْع َمُلو َن
َ
َخ َذ ِت ٍ ِ َّ ِ ِ ِ يخ ِز ِ
يه َو َم ْن ُه َو َٰك ِذ ٌب
آمُنوْا َم َع ُه ِب َر ْح َمة ّمَّنا َوأ َ
ين َ
آء أ َْم ُرَنا َن َّج ْيَنا ُش َع ْيباً َوالذ َ يب * َوَل َّما َج َ َو ْارتَقُبوْا ِإّني َم َع ُك ْم َرِق ٌ ُْ
ِ ِ َّ ِِ ِ ِ َّ ِ
يهآ أَالَ ُب ْعداً ّلِ َم ْدَي َن َك َما َبع َد ْت ثَ ُم ُ
ود ين * َكأَن ل ْم َي ْغَن ْوْا ف َ َصَب ُحوْا في دَي ِارِه ْم َجاثم َ َفأ ْ الص ْي َح ُة
ظَل ُموْا َّ ين َ الذ َ
ذكر عز وجل هالك أهل مدين فقال{ :وإلى مدين أخاهم شعيباً -إلى قوله -وال تعثوا في األرض مفسدين} [-84
]85قال :بعث هللا شعيباً إلى مدين وهي قرية على طريق الشام فلم يؤمنوا به وحكى هللا قولهم {قالوا يا شعيب
أصالتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا -إلى قوله -الحليم الرشيد} [ ]87قال :قالوا إنك ألنت السفيه الجاهل فكنى
هللا عز وجل قولهم فقال{ :إنك ألنت الحليم الرشيد} وإنما أهلكهم هللا بنقص المكيال والميزان {قال يا قوم أرأيتم إن
كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقاً حسناً وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إال اإلصالح ما
استطعت وما توفيقي إال باهلل عليه توكلت وإليه أنيب} [ ]88ثم ذكرهم وخوفهم بما نزل باألمم الماضية فقال{ :يا قوم
ال يجر منكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد قالوا يا
ين * ِإَل ٰى ِف ْرَع ْو َن َو َمَلِئ ِه َفاتََّب ُعوْا أ َْم َر ِف ْرَع ْو َن َو َمآ أ َْم ُر ِف ْرَع ْو َن ِب َرِش ٍيد * َيْق ُد ُم َق ْو َم ُه ان ُّمِب ٍ طٍ وس ٰى ِب َآي ِاتَنا َو ُسْل َ
َوَلَق ْد أ َْرَسْلَنا ُم َ
ود ام ِة ِب ْئ َس ِّ
الرْف ُد اْل َم ْرُف ُ
ِ ِ ِ ِِ ام ِة َفأ َْوَرَد ُهم َّ
الن َار َوبِ ْئ َس اْل ِوْرُد اْل َم ْوُر ُ
ِ
ود * َوأ ُْتب ُعوْا في َهـٰذه َل ْعَن ًة َوَي ْوَم اْلقَي َ ُ َي ْوَم اْلقَي َ
ذكر عز وجل قصة موسى عليه السالم فقال{ :ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين -إلى قوله -واتبعوا في
هذه لعنة} [ ]99-96يعني :الهالك والغرق {ويوم القيامة بئس الرفد المرفود} أي :يرفدهم هللا بالعذاب.
قال لنبيه صلى هللا عليه وآله{ :ذلك من أنباء القرى} [ ]100أي :أخبارها {نقصه عليك -يا محمد -منها قائم
وحصيد -إلى قوله -وما زادوهم غير تتبيب} [ ]101-100أي :غير تخسير.
َخ َذه أَلِيم َش ِد ٌيد * ِإ َّن ِفي ٰذلِك آلي ًة ِّلم ْن َخاف ع َذاب ِ
اآلخ َرِة ٰذِل َك َي ْوٌم َخ َذ اْلُق َر ٰى وِهي َ ِ ِ ِك ِإ َذا أ َ َوَك ٰذلِ َك أ ْ
َ َ َ َ َ َ ظال َم ٌة إ َّن أ ْ ُ ٌ َ َ َخ ُذ َرّب َ
ٰ َّم ْج ُموعٌ َّل ُه َّ
اس َوَذلِ َك َي ْوٌم َّم ْش ُه ٌ
ود الن ُ
{وما نؤخره إال ألجل معدود يوم يأت ال تكلم نفس إال بإذنه فمنهم شقي وسعيد فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها
زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السماوات واألرض} [ ]107-104فهذا هو في نار الدنيا قبل القيامة ما دامت
السماوات واألرض.
آء َغ ْي َر َم ْج ُذوٍذ الس ٰم ٰوت واألَر ِ َّ َما َّال ِذين س ِعدوْا َفِفي اْلجَّن ِة خالِِدين ِفيها ما د ِ
طً ُّك َع َ
آء َرب َ
ض إال َما َش َامت َّ َ َ ُ َ ْ ُ َ َ َ َ َ َ َ َ ُ ُ َوأ َّ
قوله{ :وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها} يعني :في جنات الدنيا التي تنقل إليها أرواح المؤمنين {ما دامت
السماوات واألرض إال ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ} يعني :غير مقطوع من نعيم اآلخرة في الجنة يكون متصالً به
وهو رد على من ينكر عذاب القبر والثواب والعقاب في الدنيا في البرزخ قبل يوم القيامة.
َع َماَل ُه ْم ِإَّن ُه ِب َما َي ْع َمُلو َن َخِب ٌير ِ ًّ َّ
َوإِ َّن ُكـال ل َّما َلُي َوّفَيَّن ُه ْم َرب َ
ُّك أ ْ
قوله{ :وإن كال لما ليوفينهم ربك أعمالهم} قال :في القيامة.
قال لنبيه{ :فاستقم كما أمرت ومن تاب معك وال تطغوا} أي :في الدنيا ال تطغوا.
{وال تركنوا إلى الذين ظلموا} قال ركون مودة ونصيحة وطاعة {وما لكم من دون هللا من أولياء ثم ال تنصرون}.
قوله{ :أقم الصالة طرفي النهار} الغداة والمغرب {وزلفاً من الليل} العشاء اآلخرة {إن الحسنات يذهبن السيئات} فإن
صالة المؤمنين في الليل تذهب ما عملوا بالنهار من السيئات والذنوب.
ِ ِ ك ِفي َهـ ِٰذِه اْل َح ُّق َو َم ْو ِع َ ِ ص َعَل ْي َك ِم ْن أ َْنَب ِاء ُّ
َوُكـالًّ َّنُق ُّ
ظ ٌة َوِذ ْك َر ٰى لْل ُم ْؤ ِمن َ
ين آء َ الرُس ِل َما ُنثَِّب ُت ِبه ُف َؤ َاد َ
ك َو َج َ
ثم خاطب هللا نبيه فقال{ :وكال نقص عليك من أنباء الرسل} أي :أخبارهم {ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق}
في القرآن وهذه السورة من أخبار األنبياء وهالك األمم.
ض َوإَِل ْي ِه
الس ٰم ٰو ِت واأل َْر ِ ِِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
اع َمُلوْا َعَل ٰى َم َك َانت ُك ْم إَّنا َعامُلو َن * َو ْانتَظ ُروْا إَّنا ُمنتَظ ُرو َن * َوََّّلل َغ ْي ُب َّ َ َ َ ين الَ ُي ْؤ ِمُنو َن ْ
َِّ ِ
َوُقل ّللذ َ
ُّك ِب َغ ِاف ٍل َع َّما تَ ْع َمُلو َن ِ ُّ
اعُب ْدهُ َوتََوَّك ْل َعَل ْيه َو َما َرب َ
ُي ْر َج ُع األ َْم ُر ُكل ُه َف ْ
قال{ :وقل للذين ال يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون} [ ]121أي :نعاقبكم {وانتظروا إنا منتظرون وهلل غيب
السماوات واألرض وإليه يرجع األمر كله فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون}[ ].123-122
{الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير} يعني :من عند هللا.
َج ٍل ُّم َس ًّمى ِ ِ استَ ْغِف ُروْا َرب ُ َّللاَ ِإَّنِني َل ُك ْم ِّم ْن ُه َن ِذ ٌير َوَب ِش ٌير * َوأ ِ
أَالَّ تَ ْعُب ُدوْا ِإالَّ َّ
وبوْا ِإَل ْيه ُي َمتّ ْع ُك ْم َّمتَاعاً َح َسن ًا ِإَل ٰى أ َ
ثُ َّم تُ ُ َّك ْم َن ْ
ِ ِ ِ
يرَكِب ٍ اب َي ْو ٍم
اف َعَل ْي ُك ْم َع َذ َ ضَل ُه َوإِن تََوَّل ْوْا َفِإّني أ َ
َخ ُ ض ٍل َف ْ َوُي ْؤت ُك َّل ذي َف ْ
{أال تعبدوا إال هللا إنني لكم منه نذير وبشير وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعاً حسناً إلى أجل مسمى
ويؤت كل ذي فضل فضله} وهو محكم ،وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم{ :الر كتاب أحكمت
آياته} قال هو القرآن {من لدن حكيم خبير} قال من عند حكيم خبير {وأن استغفروا ربكم} يعني :المؤمنين قوله:
{ويؤت كل ذي فضل فضله} فهو علي بن أبي طالب عليه السالم وقوله{ :وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم
كبير} قال الدخان والصيحة.
الص ُد ِ
ور أَال ِإَّنهم ي ْثنون صدورهم لِيستَ ْخُفوْا ِم ْنه أَال ِحين يستَ ْغ ُشون ِثيابهم يعَلم ما ي ِسُّرون وما يعلِنون ِإَّنه علِيم ِب َذ ِ
ات ُّ َ َ َُ ْ َْ ُ َ ُ َ َ َ ُْ ُ َ ُ َ ٌ َ َْ ُ ُ ْ َ ُ َ ُ ُ َ ُْ َ ْ
قوله{ :أال إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه} يقول يكتمون ما في صدورهم من بغض علي ،وقال رسول هللا صلى
هللا عليه وآله إن آية المنافق بغض علي فكان قوم يظهرون المودة لعلي عليه السالم عند النبي صلى هللا عليه وآله
ويسرون بغضه فقال{ :أال حين يستغشون ثيابهم} فإنه كان إذا حدث بشيء من فضل علي بن أبي طالب عليه
َّللاِ ِرْزُقها وي ْعَلم مستََقَّرَها ومس َتوَد َعها ُك ٌّل ِفي ِكتَ ٍ
اب ُّمِب ٍ
ين ض ِإالَّ َعَلى َّ وما ِمن دآب ٍ
َّة ِفي األ َْر ِ َ
َُْ ْ َ َ ََ ُ ُ ْ ََ
قوله{ :وما من دابة في األرض إال على هللا رزقها} يقول يكفل بأرزاق الخلق قوله{ :ويعلم مستقرها} يقول حيث يأوي
بالليل {ومستودعها} حيث يموت.
قوله{ :وهو الذي خلق السماوات واألرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء} وذلك في مبتداء الخلق ،إن الرب
تبارك وتعالى خلق الهواء ثم خلق القلم فأمره أن يجري فقال يا رب بما أجري؟ فقال بما هو كائن ثم خلق الظلمة من
الهواء وخلق النور من الهواء وخلق الماء من الهواء وخلق العرش من الهواء وخلق العقيم من الهواء وهو الريح الشديد
وخ لق النار من الهواء وخلق الخلق كلهم من هذه الستة التي خلقت من الهواء فسل العقيم على الماء فضربته فأكثرت
الموج والزبد وجعل يثور دخانه في الهواء فلما بلغ الوقت الذي أراد قال للزبد :اجمد فجمد وقال للموج :اجمد فجمد
قال علي بن إبراهيم في قوله{ :ليبلوكم أيكم أحسن عمالً} معطوف على قوله{ :الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من
لدن حكيم خبير} [هود{ -]1 :ليبلوكم أيكم أحسن عمالً}.
اق ِب ِهم َّما َك ُانوْا ِب ِه ِِ ِ ُم ٍة َّمعد ٍ َّ
اب ِإَل ٰى أ َّ ْ ُ َ
ودة لَيُقوُل َّن َما َي ْحب ُس ُه أَالَ َي ْوَم َيأْتيه ْم َل ْي َس َم ْ
ص ُروفاً َع ْن ُه ْم َو َح َ َوَلِئ ْن أ َّ
َخ ْرَنا َع ْن ُه ُم اْل َع َذ َ
َي ْستَ ْه ِزءو َن
ُ
قوله{ :ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة} قال :إن متعناهم في هذه الدنيا إلى خروج القائم فنردهم ونعذبهم
{ليقولن ما يحبسه} أي :يقولون أما ال يقوم القائم وال يخرج ،على حد االستهزاء فقال هللا{ :أال يوم يأتيهم ليس مصروفاً
عنهم وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن} أخبرنا أحمد بن إدريس قال :حدثنا أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن
سيف عن حسان عن هشام بن عمار عن أبيه وكان من أصحاب علي عليه السالم عن علي عليه السالم في قوله
تعالى{ :ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن ما يحبسه} قال :األمة المعدودة أصحاب القائم الثالثمائة
والبضعة عشر ،قال علي بن إبراهيم واألمة في كتاب هللا على وجوه كثيرة فمنه المذهب وهو قوله{ :كان الناس أمة
واحدة} [البقرة ]213 :أي :على مذهب واحد ،ومنه الجماعة من الناس وهو قوله{ :وجد عليه أمة من الناس يسقون}
[القصص ]23 :أي :جماعة ،ومنه الواحد قد سماه هللا أمة قوله{ :إن إبراهيم كان أمة قانتاً هلل حنيفاً}[النحل]120 :
قال{ :إال الذين صبروا وعملوا الصالحات} قال :صبروا في الشدة وعملوا الصالحات في الرخاء.
ين * ِإَّنآ أ َْن َ ْزلَناهُ ُق ْرآناً َع َربِّياً َّل َعَّل ُك ْم تَ ْعِقُلو َن ات اْل ِكتَ ِ
اب اْل ُمِب ِ ِ
الر تْل َك َآي ُ
{الر تلك آيات الكتاب المبين َّإنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون} أي :كي تعقلوا.
خاطب هللا نبيه فقال{ :نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن
الغافلين}.
قال علي بن إبراهيم فحدثني أبي عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السالم أنه كان من خبر يوسف
عليه السالم أنه كان له أحد عشر أخاً فكان له من أمه أخ واحد يسمى بنيامين وكان يعقوب إسرائيل هللا ومعنى
إسرائيل هللا خالص هللا بن إسحاق نبي هللا ابن إبراهيم خليل هللا ،فرأى يوسف هذه الرؤيا وله تسع سنين فقصها على
أبيه.
قال يعقوب{ :يا بني ال تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيداً إن الشيطان لإلنسان عدو مبين} {يكيدوا لك
كيداً} أي :يحتالوا عليك.
وب َك َمآ أَتَ َّم َهآ َعَل ٰى أََب َوْي َك ِمن َقْب ُل ِ يل األ ِ ِ ِ ِ ُّك ويعّلِم َك ِمن تَأ ِْو ِ ِٰ
َحاديث َوُيت ُّم ن ْع َمتَ ُه َعَل ْي َك َو َعَل ٰى َءال َي ْعُق َ
َ َوَكذل َك َي ْجتَِب َ
يك َرب َ َ ُ َ ُ
ِ اهيم وِإسحاق ِإ َّن رب ِ ِ
يم
يم َحك ٌ
َّك َعل ٌ
َ َ ِإ ْب َر َ َ ْ َ َ
قال يعقوب ليوسف{ :وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل األحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها
على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق إن ربك عليم حكيم} وكان يوسف من أحسن الناس وجهاً وكان يعقوب يحبه
ويؤثره على أوالده.
فحسده إخوته على ذلك وقالوا فيما بينهم كما حكى هللا عز وجل{ :إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن
عصبة} أي جماعة {إن أبانا لفي ضالل مبين} فعمدوا على قتل يوسف فقالوا نقتله حتى يخلو لنا وجه أبينا فقال الوي
ال يجوز قتله ولكن نغيبه عن أبينا ونخلو نحن به.
قالوا كما حكى هللا عز وجل{ :يا أبانا مالك ال تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون أرسله معنا غداً يرتع ويلعب} أي:
يرعى الغنم ويلعب.
{وإنا له لحافظون} فأجرى هللا على لسان يعقوب {إني ليحزنني أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه
غافلون}.
وه ِفي َغ َٰيَب ِت اْل ُج ِّب َوأ َْو َح ْيَنآ ِإَل ْي ِه َلتَُنِّبَئَّن ُه ْم ِبأ َْم ِرِه ْم َهـٰ َذا َو ُه ْم الَ َي ْش ُع ُرو َن ِ
َفَل َّما َذ َهُبوْا ِبه َوأ ْ
َج َم ُعوْا أَن َي ْج َعُل ُ
في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله{ :لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم ال يشعرون} يقول :ال يشعرون
أنك أنت يوسف أتاه جبرائيل وأخبره بذلك قال علي بن إبراهيم فقال ألوي ألقوه في هذا الجب {يلتقطه بعض السيارة إن
كنتم فاعلين} [يوسف ]10 :فأدنوه من رأس الجب فقالوا له انزع قميصك فبكى وقال يا إخوتي ال تجردوني ،فسل واحد
منهم عليه السكين وقال لئن لم تنزعه ألقتلنك فنزعه فألقوه في اليم وتنحوا عنه فقال يوسف في الجب يا إله إبراهيم
وإسحاق ويعقوب إرحم ضعفي وقلة حيلتي وصغري ،فنزلت سيارة من أهل مصر ،فبعثوا رجالً ليستقي لهم الماء من
الجب فلما أدلى الدلو على يوسف تشبث بالدلو فجروه فنظروا إلى غالم من أحسن الناس وجهاً فعدوا إلى صاحبهم
فقالوا يا بشرى هذا غالم فنخرجه ونبيعه ونجعله بضاعة لنا فبلغ إخوته فجاؤوا وقالوا هذا عبد لنا ،ثم قالوا ليوسف لئن
لم تقر بالعبودية لنقتلنك فقالت السيارة ليوسف ما تقول قال نعم أنا عبدهم ،فقالت السيارة أفتبيعونه منا؟ قالوا نعم
فباعوه منهم على أن يحملوه إلى مصر.
{وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين} قال الذي بيع بها يوسف ثمانية عشر درهماً وكان عندهم
كما قال هللا تعالى{ :وكانوا فيه من الزاهدين} أخبرنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن
محمد عن أبي بصير عن الرضا عليه السالم في قول هللا{ :وشروه بثمن بخس دراهم معدودة} قال كانت عشرين
درهماً والبخس النقص وهي قيمة كلب الصيد إذا قتل كان قيمته عشرين درهماً.
آءوا َكَله ال ِّذ ْئب ومآ أَنت ِبمؤ ِم ٍن َّلَنا وَلو ُكَّنا ِ ِ ِ َقاُلوْا ٰيأَبانآ ِإَّنا َذهبنا نستَِبق وتَرْكنا يوس ِ
ين * َو َج ُ
صادق َ َ َْ ُ َ َ َ ُْ ف ع َند َمتَاعَنا َفأ َ ُ ََْ َ ْ ُ َ َ َ ُ ُ َ َََ
َّللا اْلمستَعان عَلى ما تَ ِ
صُفو َن ِ ِ ِ ِِ ٍِ
يل َو َّ ُ ُ ْ َ ُ َ ٰ َ ص ْبٌر َجم ٌ َنف ُس ُك ْم أ َْم اًر َف َ
ال َب ْل َسَّوَل ْت َل ُك ْم أ ُ
َعَل ٰى َقميصه ب َد ٍم َكذب َق َ
في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله{ :وجاءوا على قميصه بدم كذب} [ ]18قال إنهم ذبحوا
جدياً على قميصه ،قال علي بن إبراهيم ورجع إخوته فقالوا نعمد إلى قميصه فنلطخه بالدم ونقول ألبينا إن الذئب أكله
فلما فعلوا ذلك قال لهم الوي يا قوم ألسنا بني يعقوب إسرائيل هللا بن إسحاق نبي هللا بن إبراهيم خليل هللا أفتظنون أن
هللا يكتم هذا الخبر عن أنبيائه ،فقالوا وما الحيلة؟ قال نقوم ونغتسل ونصلي جماعة ونتضرع إلى هللا تعالى أن يكتم
ذلك الخبر عن نبيه فإنه جواد كريم ،فقاموا واغتسلوا وكان في سنة إبراهيم وإسحاق ويعقوب إنهم ال يصلون جماعة
حتى يبلغوا أحد عشر رجالً فيكون واحد منهم إماماً وعشرة يصلون خلفه فقالوا كيف نصنع وليس لنا إمام فقال الوي
عشاء يبكون ومعهم القميص
ً نجعل هللا أمامنا فصلوا وتضرعوا وبكوا وقالوا يا رب اكتم علينا هذا ثم جاؤوا إلى أبيهم
قد لطخوه بالدم فقالوا{ :يا أبانا َّإنا ذهبنا نستبق} [ ]17أي :نعدو {وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت
بمؤمن لنا ولو كنا صادقين -إلى قوله -على ما تصفون} ثم قال يعقوب ما كان أشد غضب ذلك الذئب على
يوسف وأشفقه على قميصه حيث أكل يوسف ولم يمزق قميصه.
ف ِفي األ َْر ِ ٰ ِ َّ ِ َّ ِ اشتَ َراهُ ِمن ِم ْ ِ ِ ِ ِ ال َّال ِذي ْ
ض ص َر ال ْم َأرَته أَ ْك ِرمي َم ْث َواهُ َع َس ٰى أَن َي َنف َعَنآ أ َْو َنتخ َذهُ َوَلداً َوَكذل َك َمكَّنا لُي ُ
وس َ ّ َوَق َ
الن ِ
اس الَ َي ْعَل ُمو َن َّللاُ َغالِ ٌب َعَل ٰى أ َْم ِِره َوَلـ ِٰك َّن أَ ْكثَ َر َّ يل األَح ِاد ِ
يث َو َّ ولُِنعّلِم ُه ِمن تَأ ِْو ِ
َ َ َ َ
قال فحملوا يوسف إلى مصر وباعوه من عزيز مصر فقال العزيز{ :المرأته أكرمي مثواه} أي :مكانه {عسى أن
ينفعنا أو نتخذه ولداً} ولم يكن له ولد فأكرموه وربوه فلما بلغ أشده هوته امرأة العزيز وكانت ال تنظر إلى يوسف امرأة
إال هوته وال رجل إال أحبه وكان وجهه مثل القمر ليلة البدر.
اي ِإَّن ُه الَ ُيْفلِ ُح وراود ْته َّالِتي هو ِفي بيِتها عن َّنْف ِس ِه وغَّلَق ِت األَبواب وَقاَلت هيت َلك َقال معا َذ َّ ِ
َّللا ِإَّن ُه َرّبِي أ ْ
َح َس َن َم ْث َو َ َْ َ َ ْ َْ َ َ َ َ َ ََ َْ َ َ َُ ََ ََ ُ
َّ
الظالِ ُمو َن
فراودته امرأة العزيز وهو قوله{ :وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت األبواب وقالت هيت لك قال معاذ هللا إنه
ربي أحسن مثواي إنه ال يفلح الظالمون} فما زالت تخدعه حتى كان كما قال هللا جل وعز{ :ولقد همت به وهم بها
لوال أن رأى برهان ربه}[يوسف.]24 :
ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
ين * آء ِإَّن ُه م ْن عَبادَنا اْل ُم ْخَلص َ وء َواْلَف ْح َش َ
الس َ
ف َع ْن ُه ُّ ص ِر َ ان َرّبِه َك َذل َك لَن ْ َوَلَق ْد َه َّم ْت ِبه َو َه َّم ِب َها َل ْوال أَن َّأرَى ُب ْرَه َ
وءا ِإالَّ أَن ُي ْس َج َن أ َْو اب َقاَل ْت ما ج َزآء م ْن أَرَاد ِبأ ِ
َهل َك ُس ً ْ َ َ ُ َ َ
واستَبَقا اْلباب وَقَّد ْت َق ِميص ُه ِمن ُدب ٍر وأَْلَفيا سِّي َد َها َل َدى اْلب ِ
َ ُ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ َ
ِ ٍ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ع َذ ِ
ص َد َق ْت َو ُه َو م َن يص ُه ُقَّد من ُقُبل َف َ ان َقم ُ َهل َهآ ِإن َك َ ال ه َي َرَاوَد ْتني َعن َّنْفسي َو َش ِه َد َشاهٌد ّم ْن أ ْ يم * َق َ اب أَل ٌَ ٌ
ال ِإَّن ُه ِمن ِ ِ الك ِاذِبين * وإِن َكان َق ِميصه ُقَّد ِمن دب ٍر َف َك َذب ْت وهو ِمن َّ ِ
ِ
يص ُه ُقَّد من ُدُب ٍر َق َ ين * َفَل َّما َأرَى َقم َ الصادق َ َ َ َُ ُُ ُ ُ َ ْ َ َ َ
ال ِن ْسَوةٌ ِفي ِِ َكي ِد ُك َّن ِإ َّن َكيد ُك َّن ع ِظيم * يوسف أَع ِرض عن هـٰ َذا و ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
استَ ْغفرِي ل َذنبك إَّنك ُكنت م َن اْل َخاطئي َن * َوَق َ ُ ُ ُ ْ ْ َْ َ َ ْ َ ٌ َْ ْ
ِ
ين * َفَل َّما َسم َع ْت ِب َم ْك ِرِه َّن أ َْرَسَل ْت ٍ
ضالَل ُّمِب ٍ ِ ِ ِ ِ ِ
اها في َ اها َعن َّنْفسه َق ْد َش َغَف َها ُحّباً ِإَّنا َلَن َر َ يز تَُرِاوُد َفتَ َ ام َأرَةُ اْل َع ِز ِ
اْل َمد َينة ْ
ِ اخرج عَلي ِه َّن َفَل َّما أرَينه أَ ْكبرنه وَق َّ ِ ِِ ِ ٍ ِ
ط ْع َن أ َْيدَي ُه َّن َوُقْل َن َح َ
اش َ َْ ُ َْ َ ُ َ ِإَل ْي ِه َّن َوأ ْ
ُمتَّ َكئاً َوآتَ ْت ُك َّل َواح َدة ّم ْن ُه َّن س ّكيناً َوَقاَلت ْ ُ ْ َ ْ
َعتَ َد ْت َل ُه َّن
ص َم َوَلِئن َّل ْم َيْف َع ْل ِِ ُّ ِ ِِ ٰ ِ َّ ِ ََِّّللِ َما َهـٰ َذا َب َش اًر ِإ ْن
ِ َّ
يم * َقاَل ْت َفذل ُك َّن الذي ُل ْمتَُّنني فيه َوَلَق ْد َارَودت ُه َعن َّنْفسه َف َ
استَ ْع َ َهـٰ َذآ إال َمَل ٌك َك ِر ٌ
ف َعِّني َك ْي َد ُه َّن السجن أَح ُّب ِإَل َّي ِم َّما ي ْدع ِ ِ ِ َّ
ِ ِ مآ آمره َليسجن َّن وَلي ُكوناً ِمن َّ ِ
ص ِر ْ
ونني إَل ْيه َوإِال تَ ْ
َ ُ َ ال َر ّب ّ ْ ُ َ الصاغ ِر َ
ين * َق َ ّ َ ُُُ ُ ْ َ َ َ َ
ين ِِ أَصب ِإَلي ِه َّن وأ ُ ِ
َكن ّم َن اْل َجاهل َ ْ ُ ْ َ
{ولقد همت به وهم بها لوال أن رأى برهان ربه} [ ]24فقامت امرأة العزيز وغلقت األبواب فلما هما رأى يوسف صورة
يعقوب في ناحية البيت عاضاً على اصبعيه يقول يا يوسف! أنت في السماء مكتوب في النبيين وتريد أن تكتب في
األرض من الزناة؟ فعلم أنه قد أخطأ وتعدى ،وحدثني أبي عن بعض رجاله رفعه قال :قال أبو عبد هللا عليه السالم:
لما همت به وهم بها قامت إلى صنم في بيتها فألقت عليه المالءة لها فقال لها يوسف ما تعملين؟ قالت أُلقي على
هذا الصنم ثوباً ال يرانا فإني أستحيي منه ،فقال يوسف فأنت تستحين من صنم ال يسمع وال يبصر وال استحي أنا من
ربي فوثب وعداً وعدت من خلفه وأدركهما العزيز على هذه الحالة وهو قول هللا تعالى{ :واستبقا الباب وقدت قميصه
من دبر وألفيا سيدها لدا الباب} [ ]25فبادرت امرأة العزيز فقالت للعزيز{ :ما جزاء من أراد بأهلك سوءاً إال أن يسجن
أو عذاب أليم} فقال يوسف للعزيز{ :هي راودتني عن نفسي وشهد شاهد من أهلها} [ ]26فألهم هللا يوسف أن قال
للملك سل هذا الصبي في المهد فإنه يشهد أنها راودتني عن نفسي ،فقال العزيز للصبي فأنطق هللا الصبي في المهد
ليوسف حتى قال{ :إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو
من الصادقين} [ ]27-26فلما رأى قميصه قد تخرق من دبر قال المرأته {إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم} [ ]28ثم
قال ليوسف{ :أعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين} [ ]29وشاع الخبر بمصر وجعلت النساء
يتحدثن بحديثها ويعيرنها ويذكرنها وهو قوله{ :وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه} [ ]30فبلغ
ذلك امرأة العزيز فبعثت إلى كل امرأة رئيسة فجمعتهن في منزلها وهيئت لهن مجلساً ودفعت إلى كل امرأة اترنجة
وسكيناً فقالت اقطعن ثم قالت ليوسف{ :اخرج عليهن} [ ]31وكان في بيت فخرج يوسف عليهن فلما نظرن إليه أقبلن
ان َقال أَحدهمآ ِإِّني أَرِاني أَع ِ ِ ثُ َّم بدا َلهم ِمن بع ِد ما أرَوْا اآلي ِ
ات َلَي ْس ُجُنَّن ُه َحتَّ ٰى ِح ٍ
ص ُر ْ َ الس ْج َن َفتََي ِ َ َ ُ ُ َ ين * َوَد َخ َل َم َع ُه ّ ََ ُ ْ ّ َ ْ َ َ ُ َ
ِِ الطير ِم ْنه نِب ْئنا ِبتَأ ِْويلِ ِه ِإَّنا نر ِ
َّ َح ِم ُل َف ْو َق َأر ِْسي ُخ ْب اًز تَأ ُ ِ ِ
ال الَ
ين * َق َ اك م َن اْل ُم ْحسن َ
ََ َ ْك ُل ْ ُ ُ َّ َ اآلخ ُر ِإّني أ ََراني أ ْ
ال َ َخ ْم اًر َوَق َ
اَّللِ َو ُه ْم ام تُ ْرَزَق ِان ِه ِإالَّ َنَّبأْتُ ُك َما ِبتَأ ِْويلِ ِه َقْب َل أَن َيأِْت ُ
يك َما ٰذلِ ُك َما ِم َّما َعَّل َمِني َرّبِي ِإِّني تََرْك ُت ِمَّل َة َق ْو ٍم الَّ ُي ْؤ ِمُنو َن ِب َّ ط َع ٌ َيأِْت ُ
يك َما َ
ٍ ٰ ِ اهيم وإِسحاق ويعُقوب ما َكان َلنآ أَن ُّن ْش ِرك ِب َّ ِ ِ ِ ِ ِ
ض ِل اَّلل من َش ْيء ذلِ َك من َف ْ َ اآلخ َرِة ُه ْم َك ِاف ُرو َن * َواتََّب ْع ُت مَّل َة َآبآئـي ِإ ْب َر َ َ ْ َ َ َ َ ْ َ َ َ َ ِب ِ
َّللا اْلو ِ الس ْج ِن ءأ َْرَب ٌ َِّ اس الَ ي ْش ُكرو َن * ي ِ
الن ِ َ ُ اس َوَلـ ِٰك َّن أَ ْكثَ َر َّ الن ِ َّللاِ َعَل ْيَنا َو َعَلى َّ
اح ُد اْلَق َّه ُار اب ُّمتَف ِّرُقو َن َخ ْيٌر أَ ِم َّ ُ َ َ ٰصاحَب ِي ّ َ َّ
ان ِإ ِن اْلح ْكم ِإالَّ ََّّللِ أَمر أَالَّ تَعبدوْا ِإالَّ
طٍ َّللاُ ِب َها ِمن ُسْل َ ِ ِ ِ َّ ِ
ْ ُُ ََ ُ ُ َنزَل َّ
آؤُك ْم َّمآ أ َ
وهآ أَنتُ ْم َو َآب ُ
آء َس َّم ْيتُ ُم َ * َما تَ ْعُب ُدو َن من ُدونه إال أ ْ
َس َم ً
اآلخ ُر ِ ِ
الس ْج ِن أ َّ اس الَ يعَلمو َن * ي ِ الن ِ ين اْلَقِّيم وَلـ ِٰك َّن أَ ْكثَ َر َّ ِإيَّاه ٰذلِك ِ
َما َ َّه َخ ْم اًر َوأ َّ
َح ُد ُك َما َفَي ْسقي َرب ُ
َمآ أ َ ٰصاحَب ِي ّ َ َْ ُ الد ُ ُ َ ُ َ ّ
ِ ال لَِّل ِذي َ
ظ َّن أََّنه ن ٍ ِ ضي األَمر َّال ِذي ِف ِ
يه تَ ْستَْفِتَي ِ َّ ِ ِ ِ ِ
اج ّم ْن ُه َما ا ْذ ُك ْ ِرني ع َند َرّب َ
ِك َُ ان * َوَق َ ْك ُل الط ْي ُر من َّأرْسه ُق َ ْ ُ صَل ُب َفتَأ ُ
َفُي ْ
ِِ ِ ِ ِ ِ ط ِ
ين
ض َع سن َ الس ْج ِن ِب ْ
ان ذ ْك َر َرّبِه َفَلب َث في ّ
َفأ َْنساه َّ
الش ْي َ ُ َ ُ
في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله{ :ثم بدا لهم من بعد ما أروا اآليات ليسجننه حتى حين}
[ ]35فاآليات شهادة الصبي والقميص المخرق من دبر واستباقهما الباب حتى سمع مجاذبتها إياه على الباب فلما
عصاها فلم تزل ملحة بزوجها حتى حبسه {ودخل معه السجن فتيان} [ ]36يقول عبدان للملك أحدهما خباز واآلخر
صاحب الشراب والذي كذب ولم ير المنام هو الخباز ،رجع عليه السالم إلى حديث علي بن إبراهيم قال ووكل الملك
بيوسف رجلين يحفظانه فلما دخال السجن قاال له ما صناعتك؟ قال أعبر الرؤيا فرأى أحد الموكلين في نومه كما قال
هللا عز وعال{ :أعصر خم اًر} قال يوسف :تخرج وتصير على شراب الملك وترتفع منزلتك عنده وقال اآلخر{ :إني
ُّها اْل َمألُ أَ ْفتُوِني ِ ٍ ٍ ِ وَقال اْلملِك ِإِّني أَر ٰى سبع بَقر ٍ
ات ِس َم ٍ
ض ٍر َوأُ َخ َر َياب َسات ٰيأَي َ
اف َو َس ْب َع ُس ْنُبالَت ُخ ْ ْكُل ُه َّن َس ْب ٌع ع َج ٌ
ان َيأ ُ َ ََْ َ َ َ َ َ ُ
ِ ِ َّ ِ ِ ِ ِ ِ
ال الذي َن َجا م ْن ُه َما ين * َوَق َ َحالَ ِم ِب َعالم َ
َحالَ ٍم َو َما َن ْح ُن ِبتَأ ِْويل األ ْ
اث أ ْ
َض َغ ُاي ِإن ُكنتُ ْم ل ُّلرْءَيا تَ ْعُب ُرو َن * َقاُلوْا أ ْ
في ُرْؤَي َ
ِ ات ِس َم ٍالص ِديق أَ ْفِتنا ِفي سب ِع بَقر ٍ ِ ِ ِ ِ ِِ ِ ِ و َّاد َكر بعد أ َّ ٍ
ْكُل ُه َّن َس ْب ٌع ع َج ٌ
اف ان َيأ ُ َْ َ َ ُّها ّ ّ ُ َ ف أَي َ ُمة أََن ْا أَُنّبُئ ُك ْم بتَأْويله َفأ َْرسُلون * ُي ُ
وس ُ َ َ ََْ
صدتُّ ْم ِِ الن ِ َّ وسب ِع سنبالَ ٍت خض ٍر وأُخر ياِبس ٍ
ات َّل َعّلِي أ َْرِج ُع ِإَلى َّ
ال تَ ْزَرُعو َن َس ْب ُع سن َ
ين َدأَباً َف َما َح َ اس َل َعل ُه ْم َي ْعَل ُمو َن * َق َ ُ ْ َ ََ َ َ َ َْ ُ ُ
ْكْلن ما َق َّدمتُم َله َّن ِإالَّ َقلِيالً ِم َّما تُح ِ ِ ٰ ِ ِ ِ ِ
صُنو َن ّ ْ
ِ
ْكُلو َن * ثُ َّم َيأْتي من َب ْعد ذل َك َس ْب ٌع ش َد ٌاد َيأ ُ َ َ ْ ْ ُ َف َذ ُروهُ ِفي ُس ُنبلِه ِإالَّ َقلِيالً ِّم َّما تَأ ُ
ال ْارِج ْع ِ ِِ ِ ِ ِ * ثُ َّم يأِْتي ِمن بع ِد ٰذلِك عام ِف ِ
ول َق َ
الرُس ُ
آءهُ َّ اس َوِفيه َي ْعص ُرو َن * َوَق َ
ال اْل َمل ُك ا ْئتُوني به َفَل َّما َج َ
اث َّ
الن ُ يه ُي َغ ُ َ ٌَ َْ َ
قال علي بن إبراهيم ثم أن الملك رأى رؤياً فقال لوزرائه إني رأيت في نومي {سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف}
[ ]43أي :مهازيل ،ورأيت {سبع سنبالت خضر وأخر يابسات} وق أر أبو عبد هللا عليه السالم سبع سنابل خضر ثم
قال{ :يا أيها المأل أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون} فلم يعرفوا تأويل ذلك ،فذكر الذي كان على رأس الملك
رؤياه التي رآها وذكر يوسف بعد سبع سنين وهو قوله{ :وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة} [ ]45أي :بعد حين
{أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون} فجاء إلى يوسف فقال{ :أيها الصديق أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف
وسبع سنبالت خضر وأخر يابسات} [ ]46قال يوسف{ :تزرعون سبع سنين دأباً} [ ]47أي :والءاً {فما حصدتم فذروه
في سنبله إال قليالً مما تأكلون} أي :ال تدوسوه فإنه ينفسد في طول سبع سنين وإذا كان في سنبله ال ينفسد {ثم يأتي
من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن} [ ]48أي :سبع سنين مجاعة شديدة يأكلن ما قدمتم لهن في السبع سنين
الماضية قال الصادق عليه السالم إنما نزل ما قربتم لهن {ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون}
[ ]49أي :يمطرون ،وقال أبو عبد هللا عليه السالم ق أر رجل على أمير المؤمنين عليه السالم ثم يأتي من بعد ذلك
عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون قال ويحك أي شيء يعصرون أيعصرون الخمر؟ قال الرجل يا أمير المؤمنين
كيف اقرؤها؟ قال :إنما نزلت {عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون} أي :يمطرون بعد سنين المجاعة والدليل على
ذلك قوله{ :وأنزلنا من المعصرات ماءاً ثجاجاً} فرجع الرجل إلى الملك فأخبره بما قال يوسف فقال الملك{ :ائتوني به
فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك} [ ]50يعني :إلى الملك {فسئله ما بال النسوة الالتي قطعن أيديهن إن ربي
بكيدهن عليم} فجمع الملك النسوة فقال لهن{ :ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش هلل ما علمنا عليه من
سوء قالت امرأة العزيز اآلن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب
وأن هللا ال يهدي كيد الخائنين} [ ]52-51أي :ال أكذب عليه اآلن كما كذبت عليه من قبل ثم قالت{ :وما أبر
نفسي إن النفس ألمارة بالسوء} [ ]53أي :تأمر بالسوء فقال الملك {ائتوني به أستخلصه لنفسي} [ ]54فلما نظر إلى
يوسف {قال إنك اليوم لدينا مكين أمين} سل حاجتك {قال اجعلني على خزائن األرض إني حفيظ عليم} [ ]55يعني:
يتبوء منها حيث يشاء} [ ]56فأمر
على الكناديج واألنابير فجعله عليها وهو قوله{ :وكذلك مكنا ليوسف في األرض ُ
يوسف أن يبني كناديج من صخر وطينها بالكلس ثم أمر بزروع مصر فحصدت ودفع إلى كل إنسان حصته وترك
الباقي في سنبله لم يدسه؛ فوضعها في الكناديج ففعل ذلك سبع سنين فلما جاء سني الجدب فكان يخرج السنبل فيبيع
بما شاء ،وكان بينه وبين أبيه ثمانية عشر يوماً وكانوا في بادية وكان الناس من اآلفاق يخرجون إلى مصر ليمتاروا
ِ
ِّم ْن أَِب ُ
يك ْم أَالَ ال ا ْئتُوِني ِبأَ ٍخ َّل ُك ْم ِ ِ ِ
ف َف َد َخُلوْا َعَل ْيه َف َع َرَف ُه ْم َو ُه ْم َل ُه ُمنك ُرو َن * َوَل َّما َج َّه َزُهم ب َج َه ِازه ْم َق َ وس َ و َج ِ
آء إ ْخ َوةُ ُي ُ
َ َ
ِ
ين * َفِإن َّل ْم تَأْتُوِني ِبه َفالَ َكْي َل َل ُك ْم ِع ِندي َوالَ تَْق َرُبو ِن * َقاُلوْا ِ
َسُن َرِاوُد َع ْن ُه أََباهُ تَ َرْو َن أَّني أُوِفي اْل َكْي َل َوأََن ْا َخ ْي ُر اْل ُم ْن ِزلِ َ
َهلِ ِه ْم َل َعَّل ُه ْم َي ْرِج ُعو َن * َفَل َّما اعُلون * وَق ِِ ِ ِ ِ
اعتَ ُه ْم ِفي ِر َحالِ ِه ْم َل َعَّل ُه ْم َي ْع ِرُف َ
ون َهآ ِإ َذا ْانَقَلُبوْا ِإَل ٰى أ ْ ض َ اج َعُلوْا ِب َ ال لف ْتَيانه ْ َ َ َوإَِّنا َلَف َ
آمُن ُك ْم َعَل ْي ِه ِإالَّ َك َمآال َه ْل َ ظو َن * َق َ َخ َانا َن ْكَت ْل َوإَِّنا َل ُه َل َح ِاف ُ ِ ِ
َر َج ُعوا ِإَل ٰى أَِبي ِه ْم َقاُلوْا ٰيأََب َانا ُمن َع مَّنا اْل َكْي ُل َفأ َْرِس ْل َم َعَنآ أ َ
اعتَ ُه ْم ُرَّد ْت ِإَل ْي ِه ْم َقاُلوْا اَّلل خير ح ِافظاً وهو أَرحم َّ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
ض َ اع ُه ْم َو َج ُدوْا ِب َ
ين * َوَل َّما َفتَ ُحوْا َمتَ َ الراحم َ َ َُ ْ َ ُ أَمنتُ ُك ْم َعَل ٰى أَخيه من َقْب ُل َف َّ ُ َ ْ ٌ َ
ِ َخ َانا وَن ْزَد ُاد َكيل ب ِع ٍ ٰ ِ ِ ِِ ِ
ال َل ْن أ ُْرِسَل ُهير ذل َك َكْي ٌل َيس ٌير * َق َ َْ َ ظ أَ َ اعتَُنا ُرَّد ْت ِإَل ْيَنا َوَنم ُير أ ْ
َهَلَنا َوَن ْحَف ُ ض َ ٰيأََب َانا َما َن ْبغي َهـٰذه ِب َ
َّللاِ َلتَأْتَُّنِني ِب ِه ِإالَّ أَن ُي َحا َ ِ
َم َع ُك ْم َحتَّ ٰى تُ ْؤتُو ِن َم ْوِثقاً ِّم َن َّ
ال
يل * َوَق َ ول َو ِك ٌَّللاُ َعَل ٰى َما َنُق ُ ط ب ُك ْم َفَل َّمآ آتَ ْوهُ َم ْوِثَق ُه ْم َق َ
ال َّ
َّللاِ ِمن َشي ٍء ِإ ِن اْل ُح ْك ُم ِإالَّ ََّّللِ َعَل ْي ِه تََوَّكْل ُت
نك ْم ِّم َن َّ ُغِني َع ُ ٍ اب وا ِح ٍد و ْاد ُخُلوْا ِم ْن أ َْبو ٍ
اب ُّمتََفِّرَقة َو َمآ أ ْ َ
ٍ ِ
يَٰبن َّي الَ تَ ْد ُخُلوْا من َب َ َ
ِ
ْ
اج ًة ِفي ٍ َّ وعَلي ِه َفْليتَوَّك ِل اْلمتَوِّكُلو َن * وَل َّما دخُلوْا ِمن حي ُث أَمرهم أَبوهم َّما َكان ي ْغِني ع ْنهم ِمن َّ ِ ِ
َّللا من َش ْيء ِإال َح َ َ ُْ ّ َ َ ُ ْ َْ ََ ُْ ُ ُ َ ََ َُ ََْ ََ
ِ اها وإَِّن ُه َل ُذو ِعْل ٍم ِّلما َعَّل ْمَناهُ وَلـ ِٰك َّن أَ ْكثَ َر َّ ِ
َخاهُف َآوى ِإَل ْيه أ َ وس َالناس الَ َي ْعَل ُمو َن * َوَل َّما َد َخُلوْا َعَل ٰى ُي ُ َ َ ض َ َ وب َق َ س َي ْعُق َ َنْف ِ
َخ ِ
يه ثُ َّم أ ََّذ َن ُم َؤِّذ ٌن ِ
السَقاي َة ِفي رح ِل أ ِ وك َفالَ تَْبتَِئ ْس ِب َما َك ُانوْا َي ْع َمُلو َن َق ِ
َْ * َفَل َّما َج َّه َزُه ْم ِب َج َه ِازِه ْم َج َع َل ّ َ ال ِإّني أََن ْا أَ ُخ َ َ
ير َوأََن ْا ِب ِه اع اْل َملِ ِك َولِ َمن َجآء ِب ِه ِح ْم ُل َب ِع ٍ
َ
ِ ِ
َّما َذا تَْفق ُدو َن * َقالُوْا َنْفق ُد ُ
صَو َ
ِ
أَيَّتُ َها اْلع ُير ِإَّن ُك ْم َل َس ِارُقو َن * َقاُلواْ َوأَ ْقَبُلوْا َعَل ْي ِه ْم
ين * َقاُلوْا ِ
آؤهُ ِإن ُكنتُ ْم َكاذِب َ
ين * َقاُلوْا َف َما َج َز ُ ض َو َما ُكَّنا َس ِارِق َ اَّللِ َلَق ْد َعلِ ْمتُم َّما ِج ْئَنا لُِنْف ِس َد ِفي األ َْر ِ
يم * َقاُلوْا تَ َّ ِ
ْ َزع ٌ
يه ثُ َّم استَ ْخرجها ِمن ِوع ِ
آء الظالِ ِمين * َفبدأَ ِبأَو ِعيِت ِهم َقبل ِوع ِآء أَ ِخ ِ ج َزآؤه من و ِجد ِفي رحلِ ِه َفهو ج َزاؤه َك ٰذلِك نجزِي َّ
َ ْ َ ََ ََ ْ َ ْ ْ َ َ َ َ َْ َ ْ ُ َ َ ُُ َ ُُ َ ُ َ
ِ ِ
آء َوَف ْو َق ُك ِّل ذي عْل ٍم َّ ٍ َّ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِٰ ِ
َّللاُ َن ْرَف ُع َد َرَجات َّمن ن َش ُ
آء َّ
َخاهُ في دين اْل َملك إال أَن َي َش َ ْخ َذ أ َان لَيأ ُ ف َما َك َ وس َأَخيه َكذل َك ك ْدَنا لُي ُ
ِ ِِ َخ َّله ِمن َقبل َفأَسَّرها يوس ِ ِ
َعَل ُم
َّللاُ أ ْ
َشٌّر َّم َكاناً َو َّ ال أ َْنتُ ْم
ف في َنْفسه َوَل ْم ُي ْبد َها َل ُه ْم َق َ ُْ َ َ ُ ُ ُ ِق َفَق ْد َس َر َق أ ٌ ُيم * َقاُلوْا ِإن َي ْسر ْ َعل ٌ
َّللاِ أَن
ال َم َعا َذ َّ* َق َ ين ِِ
اك م َن اْل ُم ْحسن َ
صُفو َن * َقاُلوْا ٰيأَيُّها اْلع ِز ُيز ِإ َّن َله أَباً َشيخاً َكِبي اًر َفخ ْذ أَحدنا م َكانه ِإَّنا نر ِ
ُ َ َ َ َ َ ُ ََ َ ْ ُ َ َ
ِبما تَ ِ
َ
ال َكِب ُيرُه ْم أََل ْم تَ ْعَل ُموْا أ َّ ِ ظالِمو َن * َفَل َّما استَيأ ِ ِ ِ َّ ِ َّ
اك ْم َق ْد
َن أََب ُ صوْا َنجّياً َق َ َسوْا م ْن ُه َخَل ُ
ْ ْ ُ ْخ َذ ِإال َمن َو َج ْدَنا َمتَ َ
اعَنا ع َندهُ إَّنـآ إذاً ل َ ُ َّنأ ُ
َّللاُ لِي َو ُهَو َخ ْي ُر
ض َحتَّ ٰى َي ْأ َذ َن لِي أَِبي أ َْو َي ْح ُك َم َّ ف َفَل ْن أ َْب َرَح األ َْر َ
وس َ
ِ َخ َذ َعَل ْي ُكم َّم ْوِثقاً ِم َن َّ ِ ِ
َّللا َومن َقْب ُل َما َفَّرطتُ ْم في ُي ُ ّ ْ أَ
فلما دخلوا إخوته على يوسف عرفهم ولم يعرفوه كما حكى هللا عز وجل{ :وهم له منكرون ولما جهزهم بجهازهم}
[ ] 58وأعطاهم وأحسن إليهم في الكيل قال لهم من أنتم؟ قالوا نحن بنو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل هللا الذي
ألقاه نمرود في النار فلم يحترق وجعلها هللا عليه برداً وسالماً ،قال :فما فعل أبوكم؟ قالوا شيخ ضعيف ،قال فلكم أخ
غيركم؟ قالوا لنا أخ من أبينا ال من أمنا ،قال :فإذا رجعتم إلي فأتوني به وهو قوله{ :ائتوني بأخ لكم من أبيكم أال
ترون أني أوفي الكيل وأنا خير المنزلين فإن لم تأتوني به فال كيل لكم عندي وال تقربون قالوا سنراود عنه أباه وإنا
لفاعلون} [ ] 59ثم قال يوسف لقومه ردوا هذه البضاعة التي حملوها إلينا واجعلوها فيما بين رحالهم حتى إذا رجعوا
إلى منازلهم ورأوها رجعوا إلينا وهو قوله{ :وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى
أهلهم لعلهم يرجعون} [ ]62يعني :كي يرجعوا {فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا يا أبانا منع منا الكيل فأرسل معنا أخانا
نكتل وإنا له لحافظون} [ ]63فقال يعقوب{ :هل آمنكم عليه إال كما آمنتكم على أخيه من قبل فاهلل خير حافظاً وهو
أرحم الراحمين فلما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم} [ ]65-64في رحالهم التي حملوها إلى مصر {قالوا يا
أبانا ما نبغي} أي :ما نريد {هذه بضاعتنا ردت إلينا ونمير أهلنا ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير ذلك كيل يسير} فقال
يعقوب {لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقاً من هللا لتأتنني به إال أن يحاط بكم فلما آتوه موثقهم} [ ]66قال يعقوب:
{هللا على ما نقول وكيل} فخرجوا وقال لهم يعقوب{ :ال تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة -إلى قوله -
أكثر الناس ال يعلمون} [ ]68-67فخرجوا وخرج معهم بنيامين وكان ال يؤاكلهم وال يجالسهم وال يكلمهم فلما وافوا
مصر ودخلوا على يوسف وسلموا فنظر يوسف إلى أخيه فعرفه فجلس منهم بالبعد ،فقال يوسف أنت أخوهم؟ قال:
نعم ،قال :فلم ال تجلس معهم؟ قال :ألنهم أخرجوا أخي من أبي وأمي ثم رجعوا ولم يردوه وزعموا أن الذئب أكله فآليت
على نفسي أال اجتمع معهم على أمر ما دمت حياً ،قال فهل تزوجت؟ قال :بلى ،قال :فولد لك ولد؟ قال :بلى ،قال:
كم ولد لك؟ قال ثالث بنين ،قال :فما سميتهم؟ قال :سميت واحداً منهم الذئب وواحداً القميص وواحداً الدم ،قال وكيف
اخترت هذه األسماء؟ قال لئال أنسى أخي كلما دعوت واحداً من ولدي ذكرت أخي ،قال يوسف لهم :اخرجوا وحبس
بنيامين عنده فلما خرجوا من عنده قال يوسف ألخيه :أنا أخوك يوسف {فال تبتئس بما كانوا يعملون} [ ]69ثم قال
له :أنا أحب أن تكون عندي ،فقال ال يدعوني إخوتي فإن أبي قد أخذ عليهم عهد هللا وميثاقه أن يردوني إليه ،قال:
فأنا أحتال بحيلة فال تنكر إذا رأيت شيئاً وال تخبرهم فقال ال ،فلما جهزهم بجهازهم وأعطاهم وأحسن إليهم قال لبعض
قوامه :اجعلوا هذا الصواع في رحل هذا وكان الصواع الذي يكيلون به من ذهب فجعلوه في رحله من حيث لم يقفوا
عليه فلما ارتحلوا بعث إليهم يوسف وحبسهم ثم أمر منادياً ينادي {أيتها العير إنكم لسارقون} [ ]70فقال أخوة يوسف
{ماذا تفقدون قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم} [ ]72-71أي :كفيل فقال أخوة يوسف
ليوسف{ :تاهلل لقد علمتم ما جئنا لنفسد في األرض وما كنا سارقين} [ ]73قال يوسف{ :فما جزاؤه إن كنتم كاذبين
قالوا جزاؤه من وجد في رحله} فخذه فاحبسه {فهو جزاؤه كذلك نجزي الظالمين فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم
قال ولما أمر الملك بحبس يوسف في السجن ألهمه هللا تأويل الرؤيا فكان يعبر ألهل السجن فلما سأاله الفتيان الرؤيا
وعبر لهما وقال للذي ظن أنه نا ٍج منهما اذكرنى عند ربك ولم يفزع في تلك الحالة إلى هللا فأوحى هللا إليه من أراك
الرؤيا التي رأيتها؟ قال يوسف أنت يا رب قال :فمن حببك إلى أبيك؟ قال :أنت يا رب ،قال :فمن وجه إليك السيارة
التي رأيتها؟ قال :أنت يا رب ،قال فمن علمك الدعاء الذي دعوت به حتى جعلت لك من الجب فرجاً؟ قال :أنت يا
رب قال :فمن أنطق لسان الصبي بعذرك؟ قال :أنت يا رب قال :فمن ألهمك تأويل الرؤيا؟ قال أنت يا رب ،قال
فكيف استعنت بغيري ولم تستعن بي وأملت عبداً من عبيدي ليذكرك إلى مخلوق من خلقي وفي قبضتي ولم تفزع إلي
ولبثت السجن بضع سنين! فقال يوسف" :اسئلك بحق آبائي وأجدادي عليك إال فرجت عني" فأوحى هللا إليه يا يوسف
وأي حق آلبائك وأجدادك علي؟ إن كان أبوك آدم خلقته بيدي ونفخت فيه من روحي وأسكنته جنتي وأمرته أن ال
يقرب شجرة منها فعصاني وسألني فتبت عليه ،وإن كان أبوك نوح انتجبته من بين خلقي وجعلته رسوالً إليهم فلما
عصوا دعاني فاستجبت له وأغرقتهم وأنجيته ومن معه في الفلك ،وإن كان أبوك إبراهيم اتخذته خليالً وأنجيته من النار
وجعلتها برداً وسالماً ،وإن كان أبوك يعقوب وهبت له اثني عشر ولداً فغيبت عنه واحداً فما زال يبكي حتى ذهب
بصره وقعد في الطريق يشكوني إلى خلقي فأي حق آلبائك وأجدادك علي؟ قال :فقال جبرائيل يا يوسف قل :أسألك
بمنك العظيم وسلطانك القديم فقالها فرأى الملك الرؤيا فكان فرجه فيها.
وحدثني أبي عن العباس بن هالل عن أبي الحسن الرضا عليه السالم قال :قال السجان ليوسف إني ألحبك؟ فقال
يوسف :ما أصابني بالء إال من الحب إن كانت عمتي (خالتي ط) احبتني فسرقتني وإن كان أبي أحبني فحسدوني
وه ْم ِإِّني صي اًر وأْتُوِني ِبأَهلِ ُكم أَجم ِعين * وَل َّما َف ِ ِ ِ
ْت ب ِ ِ ا ْذهبوْا ِبَق ِم ِ
ال أَُب ُ
صَلت اْلع ُير َق َ
َ َ ْ ْ َْ َ َ َفأَْلُقوهُ َعَل ٰى َو ْجه أَِبي َيأ َ يصي َهـٰ َذا َُ
أَن تَُفِّن ُدو ِن ف َل ْوالَ
وس َ
يح ُي ُ
ِ
ألَج ُد ِر َ
أما قوله{ :اذهبوا بقميصي هذا فألقوة على وجه أبي يأت بصي اًر وأتوني بأهلكم أجمعين} [ ]93فإنه حدثني أبي عن
علي بن مهزي ار عن إسماعيل السراج عن يونس بن يعقوب عن المفضل الجعفي عن أبي عبد هللا عليه السالم قال:
قال أخبرني ما كان قميص يوسف؟ قلت :ال أدري قال :إن إبراهيم لما أوقدت لما له النار أتاه جبرائيل بثوب من ثياب
الجنة فألبسه إياه فلم يصبه معه حر وال برد ،فلما حضر إبراهيم الموت جعله تميمة وعلقه على إسحاق وعلقه إسحاق
على يعقوب فلما ولد ليعقوب يوسف علقه عليه فكان في عنقه حتى كان من أمره ما كان فلما أخرج يوسف القميص
من التميمة وجد يعقوب ريحه وهو قوله{ :إني ألجد ريح يوسف لوال أن تفندون} [ ]94وهو ذلك القميص الذي أنزل
من الجنة قلت له جعلت فداك فإلى من صار ذلك القميص؟ فقال إلى أهله ثم قال كل نبي ورث علماً أو غيره فقد
انتهى إلى محمد عليه وآله السالم وكان يعقوب بفلسطين وفصلت العير من مصر فوجد يعقوب ريحه وهو من ذلك
القميص الذي أخرج من الجنة ونحن ورثته صلى هللا عليه وآله.
َّللاِ َما الَ تَ ْعَل ُمو َن * َقاُلوْا ٰيأََب َانا َعَل ُم ِم َن َّ َّ ِ
ال أََل ْم أَُق ْل ل ُك ْم ِإّني أ ْ
ِ ِِ ِ
آء اْلَبش ُير أَْلَقاهُ َعَل ٰى َو ْجهه َف ْارتََّد َبصي اًر َق َ َفَل َّمآ أَن َج َ
اطِئين * َقال سوف أَستَ ْغِفر َل ُكم ربِي ِإَّنه هو اْل َغُفور َّ ِ ِ ِ
ف وس َيم * َفَل َّما َد َخلُوْا َعَل ٰى ُي ُ الرح ُ ُ ُ َُ َ َ ْ َ ْ ُ ْ َّ وبَنآ ِإَّنا ُكَّنا َخ َ استَ ْغف ْر َلَنا ُذُن َ
ْ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
ال ٰيأََبت َهـٰ َذا تَأ ِْو ُ
يل ش َو َخُّروْا َل ُه ُس َّجداً َوَق َ ين * وَرَف َع أََبوْيه َعَلى اْل َع ْر ِ
َ َ َّللاُ آمن َ
آء َّص َر إن َش َ ال ْاد ُخُلوْا م ْ َآو ٰى إَل ْيه أََب َوْيه َوَق َ
ان
طُ غ َّ
الش ْي َ آء ِب ُك ْم ِّم َن اْلَب ْد ِو ِمن َب ْع ِد أَن َّنز َ َخ َر َجِني ِم َن ِّ ِ
الس ْجن َو َج َ َح َس َن َبي ِإ ْذ أ ْ رؤي ِ
اي من َقْب ُل َق ْد َج َعَل َها َرّبِي َحّقاً َوَق ْد أ ْ ُ َْ َ
ِ ِ يف ّلِ َما َي َش ِ َّ ِ ِ
يم
يم اْل َحك ُ
آء إن ُه ُه َو اْل َعل ُ
ُ َب ْيني َوَب ْي َن ِإ ْخ َوِتي ِإ َّن َرّبِي َلط ٌ
قال علي بن إبراهيم ثم رحل يعقوب وأهله من البادية بعد ما رجع إليه بنوه بالقميص فألقوه على وجهه فارتد بصي اًر
فقال لهم{ :ألم أقل لكم إني أعلم من هللا ما ال تعلمون قالوا له يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين قال لهم سوف
أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم} [ ]98-96قال أخره إلى السحر ألن الدعاء واالستغفار فيه مستجاب ،فلما
وافى يعقوب وأهله وولده مصر قعد يوسف على سريره ووضع تاج الملك على رأسه فأراد أن يراه أبوه على تلك الحالة،
فلما دخل أبوه لم يقم له فخروا كلهم له سجداً فقال يوسف{ :يا ِ
أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقاً وقد
أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما
يشاء إنه هو العليم الحكيم}[ ].100
حدثني محمد بن عيسى عن يحيى بن أكثم وقال سأل موسى بن محمد بن علي بن موسى مسائل فعرضها على أبي
الحسن عليه السالم فكانت أحديها أخبرني عن قول هللا عز وجل ورفع أبويه على العرش وخروا له سجداً سجد يعقوب
وولده ليوسف وهم أنبياء ،فأجاب أبو الحسن عليه السالم أما سجود يعقوب وولده ليوسف فإنه لم يكن ليوسف وإنما
كان ذلك من يعقوب وولده طاعة هلل وتحية ليوسف كما كان السجود من المالئكة آلدم ولم يكن آلدم إنما كان ذلك
منهم طاعة هلل وتحية آلدم فسجد يعقوب وولده وسجد يوسف معهم شكر هللا الجتماع شملهم ألم تر أنه يقول في شكره
ذلك الوقتِّ :
{رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل األحاديث فاطر السماوات واألَرض أنت وليي في الدنيا
واآلخرة توفني مسلماً وألحقني بالصالحين} [ ]101فنزل جبرائيل فقال له يا يوسف أخرج يدك فأخرجها فخرج من بين
أصابعه نور ،فقال ما هذا النور يا جبرائيل؟ فقال هذه النبوة أخرجها هللا من صلبك ألنك لم تقم ألبيك فح هللا نوره
ومحى النبوة من صلبه وجعلها في ولد الوي أخي يوسف وذلك ألنهم لما أرادوا قتل يوسف قال{ :ال تقتلوا يوسف
وألقوه في غيابت الجب} فشكر هللا له ذلك ولما أرادوا أن يرجعوا إلى أبيهم من مصر وقد حبس يوسف أخاه قال{ :لن
أبرح األرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم هللا لي وهو خير الحاكمين} فشكر هللا له ذلك فكان أنبياء بني إسرائيل من
ولد الوي وكان موسى من ولد الوي وهو موسى بن عمران بن يهصر بن واهث (واهب ك) بن الوي بن يعقوب بن
إسحاق بن إبراهيم ،فقال يعقوب البنه يا بني أخبرني ما فعل بك أخوتك حين أخرجوك من عندي؟ قال يا أبت أعفني
من ذلك ،قال أخبرني ببعضه؟ فقال يا أبت إنهم لما أدنوني من الجب قالوا انزع قميصك فقلت لهم يا اخوتي اتقوا هللا
وال تجردوني فسلوا علي السكين وقالوا ألن لم تنزع لنذبحنك فنزعت القميص وألقو بي في الجب عرياناً ،قال فشهق
يعقوب شهقة واغمي عليه فلما أفاق قال يا بني حدثني فقال يا ِ
أبت أسألك بإله إبراهيم وإسحاق ويعقوب إال أعفيتني
فأعفاه.
قوله{ :وكأين من آية في السماوات واألرض يمرون عليها وهم عنها معرضون} [ ]105قال الكسوف :والزلزلة
والصواعق وقوله{ :وما يؤمن أكثرهم باهلل إال وهم مشركون} [ ]106فهذا شرك الطاعة أخبرنا أحمد بن إدريس قال
حدثنا أحمد ابن محمد عن علي بن الحكم عن موسى بن بكر عن الفضيل عن أبي جعفر عليه السالم في قول هللا
تبارك وتعالى {وما يؤمن أكثرهم باهلل إال وهم مشركون} قال :شرك طاعة وليس شرك عبادة والمعاصي التي يرتكبون
شرك طاعة أطاعوا فيها الشيطان فأشركوا باهلل في الطاعة لغيره وليس بإشراك عبادة أن يعبدوا غير هللا.
في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله{ :قل هذه سبيلي أدعوا إلى هللا على بصيرة أنا ومن
اتبعني} يعني :نفسه ومن تبعه يعني علي بن أبي طالب وآل محمد عليهم السالم ،قال علي بن إبراهيم حدثني أبي
عن علي بن أسباط قال :قلت ألبي جعفر الثاني عليه السالم يا سيدي إن الناس ينكرون عليك حداثة سنك قال :وما
ينكرون علي من ذلك فوهللا لقد قال هللا لنبيه صلى هللا عليه وآله{ :قل هذه سبيلي أدعوا إلى هللا على بصيرة أنا ومن
اتبعني} فما اتبعه غير علي عليه السالم وكان ابن تسع سنين وأنا ابن تسع سنين.
قوله{ :حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا} [ ]110فإنه حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير
عن أبي بصي ر عن أبي عبد هللا عليه السالم قال وكلهم هللا إلى أنفسهم فظنوا أن الشياطين قد تمثلت لهم في صورة
المالئكة ثم قال عز وجل{ :لقد كان في قصصهم عبرة ألولي األلباب} [ ]111يعني :ألولي العقول {ما كان حديثاً
وهدى ورحمة لقوم
ً يفترى} يعني القرآن {ولكن تصديق الذي بين يديه} يعني :من كتب األنبياء {وتفصيل كل شيء
يؤمنون}.
{الر تلك آيات الكتاب والذي أنزل إليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس ال يؤمنون هللا الذي رفع السماوات بغير
عمد ترونها} [ ]2-1يعني بغير اسطوانة ترونها {ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجري ألجل
مسمى -إلى قوله -يتفكرون} [ ]3-2فإنه محكم.
اح ٍد ونَف ِ
ٍ ِ ص ْنوان و َغير ِ
اب وَزرعٌ ون ِخ ِ ات وجَّن ٌ ِ ض ِق َ
ض َها ان ُي ْسَق ٰى ِب َمآء َو َ ُ ّ
ض ُل َب ْع َ ص ْن َو ٍ يل َ ٌ َ ْ ُ َعَن ٍ َ ْ َ َ ٌ ات ّم ْن أ ْ ط ٌع ُّمتَ َج ِاوَر ٌ َ َ وِفي األ َْر ِ
َ
ُك ِل ِإ َّن ِفي ٰذلِك آلي ٍ
ات ِّلَق ْو ٍم َي ْعِقُلو َن ض ِفي األ َُعَل ٰى َب ْع ٍ
َ َ
{وفي األرض قطع متجاورات} أي :متصلة بعضها إلى بعض {وجنات من أعناب} أي :بساتين {وزرع ونخيل
صنوان} والصنوان الفتالة التي نبتت من أصل الشجرة {وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في
األكل} فمنه حلو ومنه حامض ومنه مر يسقى بماء واحد {إن في ذلك آليات لقوم يعقلون}.
َعَن ِاق ِه ْم َوأ ُْوَلـِٰئ َك ِ ين َكَف ُروْا ِب َرِّب ِه ْم َوأ ُْوَلِئ َك األ ْ ِ ٍ ِ َّ ِ ِ
َغالَ ُل في أ ْ َوإِن تَ ْع َج ْب َف َع َج ٌب َق ْوُل ُه ْم أَِإ َذا ُكَّنا تَُراباً أَِإَّنا َلفي َخْل ٍق َجديد أ ُْوَلـٰئ َك الذ َ
يها َخالِدو َن ِ
الن ِار ُه ْم ف َ
اب َّ َص َح ُ أْ
حكى عز وجل قول الدهرية من قريش فقال{ :وإن تعجب فعجب قولهم أَِإذا كنا تراباً أإنا لفي خلق جديد} ثم قال:
{أولئك الذين كفروا بربهم وأولئك األغالل في أعناقهم وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}.
كانوا يستعجلون العذاب فقال هللا عز وجل{ :ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثالت} أي:
العذاب.
ام َو َما تَ ْزَد ُاد َوُك ُّل َشي ٍء ِع َندهُ ِب ِمْق َد ٍار
يض األ َْر َح ُ
ِ ِ
َّللاُ َي ْعَل ُم َما تَ ْحم ُل ُك ُّل أُنثَ ٰى َو َما تَغ ُ
َّ
ْ
أما قوله{ :هللا يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض األرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار} ما تغيض أي :ما
تسق من قبل التمام {وما تزداد} يعني :على تسعة أشهر كلما رأت المرأة من حيض في أيام حملها زاد ذلك على
حملها.
في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله{ :سواء منكم من أسر القول ومن جهر به} فالسر
والعالنية عنده سواء وقوله{ :مستخف بالليل} مستخف في جوف بيته ،وقال علي بن إبراهيم في قوله {وسارب
بالنهار} يعني :تحت األرض فذلك كله عند هللا عز وجل واحد يعلمه.
ال ِ
اب الثَّق َ
الس َح َ
ىء َّ ِ
ط َمعاً َوُي ْنش ُ ُه َو َّال ِذي ُي ِر ُ
يك ُم اْلَب ْر َق َخ ْوفاً َو َ
قوله{ :هو الذي يريكم البرق خوفاً وطمعاً} يعني :يخافه قوم ويطمع فيه قوم أن يمطروا {وينشئ السحاب الثقال}
يعني :يرفعها من األرض.
{ويسبح الرعد} الملك الذي يسوق السحاب {والمالئكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون
في هللا وهو شديد المحال} أي :شديد الغضب.
اس ِ َكَّف ْي ِه ِإَلى اْل َم ِآء لَِيْبُل َغ َفاهُ َو َما ُهَو ِبَبالِ ِغ ِه َو َما
َله دعوة اْلح ِق و َّال ِذين ي ْدعو َن ِمن دوِن ِه الَ يستَ ِجيبو َن َلهم ِب َشي ٍء ِإالَّ َكب ِ
َ ُ َْ ُ ُ ُ َ َُْ َ ّ َ َ َ ُ
ْ
ضالَ ٍل دعآء اْل َك ِاف ِر َّ ِ
ين ِإال في َ َ َُ ُ
في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله{ :والذين يدعون من دونه ال يستجيبون لهم بشيء إال
كباس كفيه إلى الماء ليبلغ فاه} فهذا مثل ضربه هللا للذين يعبدون األصنام والذين يعبدون آلهة من دون هللا فال
يستجيبون لهم بشيء وال ينفعهم إال كباس كفيه إلى الماء ليبلغ فاه ليتناوله من بعيد وال يناله ،وقال علي بن إبراهيم
في قوله{ :وما دعاء الكافرين إال في ضالل} أي في بطالن وحدثني أبي عن أحمد بن النضر عن عمرو بن شمر
عن جابر عن أبي جعفر عليه السالم قال :جاء رجل إلى النبي صلى هللا عليه وآله فقال يا رسول هللا رأيت أم اًر
عظيماً فقال وما رأيت؟ قال :كان لي مريض ونعت له ماء من بئر ِ
باإلحقاف يستشفي به في برهوت قال :فانتهيت
ومعي قربة وقدح آلخذ من مائها وأصب في القربة وإذا بشيء قد هب من جو السماء كهيئة السلسلة وهو يقول يا هذا
اسقني الساعة أموت ،فرفعت رأسي ورفعت إليه القدح ألسقيه فإذا رجل في عنقه سلسلة فلما ذهبت أناوله القدح
فاجتذب مني حتى علق بالشمس ثم أقبلت على الماء أغرف إذ أقبل الثانية وهو يقول العطش العطش أسقني يا هذا
الساعة أموت فرفعت القدح ألسقيه فاجتذب مني حتى علق بالشمس حتى فعل ذلك ثالثة فقمت وشددت قربتي ولم
أسقه فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ذلك قابيل بن آدم الذي قتل أخاه وهو قول هللا عز وجل{ :والذين يدعون من
دونه ال يستجيبون لهم بشيء -إلى قوله -إال في ضالل}
.
قوله{ :وهلل يسجد من في السماوات واألرض طوعاً وكرهاً وظاللهم بالغدو واآلصال} قال بالعشي قال :ظل المؤمن
يسجد طوعاً وظل الكافر يسجد كرهاً وهو نموهم وحركتهم وزيادتهم ونقصانهم.
وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله{ :وهلل يسجد من في السماوات واألرض طوعاً وكرهاً}
اآلية أما من يسجد من أهل السماوات طوعاً فالمالئكة يسجدون هلل طوعاً ومن يسجد من أهل األرض طوعاً فمن ولد
في االسالم فهو يسجد له طوعاً وأما من يسجد كرهاً فمن اجبر على االسالم وأما من لم يسجد فظله يسجد له بالغداة
والعشي.
ماء فسالت
وقال علي بن إبراهيم في قوله{ :قل رب السماوات واألرض قل هللا} اآلية محكمة وقوله{ :أنزل من السماء ً
أودية بقدرها فاحتمل السيل زبداً رابياً} أي :مرتفعاً {ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية} يعني :ما يخرج من الماء
من الجواهر وهو مثل أي :يثبت الحق في قلوب المؤمنين وفي قلوب الكفار ال يثبت {كذلك يضرب هللا الحق والباطل
جفاء} يعني :بطل {وأما ما ينفع الناس فيمكث في األرض} وهذا مثل للمؤمنين والمشركين فقال عز فأما الزبد فيذهب ً
وجل {كذلك يضرب هللا األمثال للذين استجابوا لربهم الحسنى والذين لم يستجيبوا له لو أن لهم ما في األرض جميعاً
ومثله معه الفتدوا به أولئك لهم سوء الحساب ومأواهم جهنم وبئس المهاد} [ ]18-17فالمؤمن إذا سمع الحديث ثبت
في قلبه وأجابه وآمن به فهو مثل الماء الذي يبقى في األرض فينبت النبات والذي ال ينتفع به يكون مثل الزبد الذي
تضربه الرياح فيبطل وقوله{ :وبئس المهاد} قال :يمهدون في النار.
صُلون مآ أَمر َّ ِ ِ
َّللاِ والَ ينُقضو َن اْل ِميثَاق * و َّال ِذين ي ِ ِ َّ ِ
وء ن وص َل َوَي ْخ َش ْو َن َرب ُ
َّه ْم َوَي َخاُفو َ ُس َ َّللاُ به أَن ُي َ َ َ ََ َ َ َ َ ين ُيوُفو َن ِب َع ْهد َّ َ َ ُ
الذ َ
ابالحس ِِ
َ
قوله{ :الذين يوفون بعهد هللا وال ينقضون الميثاق والذين يصلون ما أمر هللا به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون
سوء الحساب} [ ]21-20فإنه حدثني أبي عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السالم قال إن رحم آل محمد
صلى هللا عليه وآله معلقة بالعرش يقول اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني وهي تجري في كل رحم ونزلت هذه
اآلية في آل محمد وما عاهدهم عليه وما أخذ عليهم من الميثاق في الذر من والية أمير المؤمنين عليه السالم
واألئمة عليهم السالم بعده وهو قوله{ :الذين يوفون بعهد هللا وال ينقضون الميثاق} اآلية.
قوله {والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصالة وأنفقوا مما رزقناهم س اًر وعالنية ويدرؤن بالحسنة السيئة} يعني:
يدفعون وحدثني أبي عن حماد عن أبي بصير عن أبي عبد هللا عليه السالم قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله
لعلي يا علي ما من دار فيها فرحة إال تبعها ترحة وما من هم إال وله فرج إال هم أهل النار فإذا عملت سيئة فاتبعها
بحسنة تمحها سريعاً وعليك بصنائع الخير فإنها تدفع مصارع السوء وإنما قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله ألمير
المؤمنين عليه السالم على حد التأديب للناس ال بأن أمير المؤمنين عليه السالم له سيئات عملها.
وحدثني أبي عن النضر بن سويد عن محمد بن قيس عن ابن أبي يسار عن أبي عبد هللا عليه السالم قال أقبل
رسول هللا صلى هللا عليه وآله يوماً واضعاً يده على كتف العباس فاستقبله أمير المؤمنين عليه السالم فعانقه رسول
هللا صلى هللا عليه وآله وقبل ما بين عينيه ثم سلم العباس على علي فرد عليه رداً خفيفا فغضب العباس فقال يا
رسول هللا صلى هللا عليه وآله ال يدع على زهوه فقال رسول هللا :يا عباس ال تقل ذلك في علي فأني لقيت جبرائيل
آنفا فقال لي :لقيني الملكان الموكالن بعلي الساعة فقاال ما كتبنا عليه ذنباً منذ ولد إلى هذا اليوم.
قوله{ :جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والمالئكة يدخلون عليهم من كل باب سالم
عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار} قال :نزلت في األئمة عليهم السالم وشيعتهم الذين صبروا وحدثني أبي عن ابن
أبي عمير عن جميل عن أبي عبد هللا عليه السالم قال :نحن صبرنا وشيعتنا أصبر منا ألنا صبرنا بعلم وصبروا
على ما ال يعلمون.
قوله{ :الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر هللا} [ ]28قال :الذين آمنوا الشيعة وذكر هللا أمير المؤمنين واألئمة عليهم
السالم ثم قال{ :أال بذكر هللا تطمئن القلوب الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب} [ ]29-28أي:
حسن مرجع وحدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن علي بن رياب عن أبي عبيدة عن أبي عبد هللا عليه السالم
قال :طوبى شجرة في الجنة في دار أمير المؤمنين عليه السالم وليس أحد من شيعته إال وفي داره غصن من
أغصانها وورقة من أوراقها يستظل تحتها أمة من األمم وعنه قال :كان رسول هللا صلى هللا عليه وآله يكثر تقبيل
فاطمة عليها السالم فأنكرت ذلك عائشة ،فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله يا عائشة إني لما أسري بي إلى السماء
ماء في ظهري فلما هبطت
دخلت الجنة فأدناني جبرائيل من شجرة طوبى وناولني من ثمارها فأكلت فحول هللا ذلك ً
إلى األرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة فما قبلتها ق إال وجدت رائحة شجرة طوبى منها.
آمُنوْا أَن طعت ِب ِه األَرض أَو ُكِّلم ِب ِه اْلموتَى بل ََّّللِ األَمر ج ِميعاً أََفَلم ييأ ِ َّ ِ ِ ِ ِِ ِ َوَل ْو أ َّ
ين َ َس الذ َ ْ َْ ُْ َ َْ ٰ َ ْ ُ ْ َ ال أ َْو ُق ّ َ ْ
َن ُق ْرآناً ُسّي َر ْت به اْلجَب ُ
صَن ُعوْا َق ِارَعةٌ أ َْو تَ ُح ُّل َق ِريباً ِّمن َد ِارِه ْم َحتَّ ٰى َيأِْتي َو ْع ُد ِ ِ َّللا َلهدى الَّناس ج ِميعاً والَ يز َّ ِ َّ
َ ين َكَف ُروْا تُص ُيب ُهم ب َما َ
ال الذ ََ ََ ُ َ َ آء َّ ُ َ َ ل ْو َي َش ُ
يع َاد ِ
ف اْلم َ
ِ َّللاِ ِإ َّن َّ
َّللاَ الَ ُي ْخل ُ َّ
قوله{ :ولو أن قرآناً سيرت به الجبال أو قطعت به األرض أو كلم به الموتى بل هلل األمر جميعاً} قال :لو كان شيء
من القرآن كذلك لكان هذا.
وقوله{ :أفلم ييئس الذين آمنوا أن لو يشاء هللا لهدى الناس جميعاً} يعني :جعلهم كلهم مؤمنين وقوله{ :وال يزال الذين
كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة} أي عذاب.
وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله{ :وال يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة} وهي
النقمة {أو تحل قريباً من دارهم} فتحل بقوم غيرهم فيرون ذلك ويسمعون به والذين حلت بهم عصاة كفار مثلهم ،وال
يتعظ بعضهم ببعض ولن يزالوا كذلك {حتى يأتي وعد هللا} الذي وعد المؤمنين من النصر ويخزي هللا الكافرين.
قال علي بن إبراهيم في قوله{ :فأمليت للذين كفروا ثم أخذتهم} أي :طولت لهم األمل ثم أهلكتهم.
ظِ
اه ٍر ِّم َن ون ُه ِبما الَ َي ْعَلم ِفي األ َْر ِ
ض أَم ِب َ ِ ِِ ِ ٍ ِ ِ
ُ تَُنّبُئ َ َ وه ْم أ َْم أََف َم ْن ُه َو َقآئ ٌم َعَل ٰى ُك ّل َنْفس ب َما َك َسَب ْت َو َج َعُلوْا ََّّلل ُش َرَك َ
آء ُق ْل َس ُّم ُ
َل ُه ِم ْن َه ٍاد ضلِ ِل َّ
َّللاُ َف َما يل َو َمن ُي ْالسِب ِصُّدوْا َع ِن َّ ين َكَف ُروْا َم ْك ُرُه ْم َو ُ
اْلَقو ِل بل زي َِّ ِ
ِن للذ َ ْ َ ْ ُّ َ
في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله{ :أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت وجعلوا هلل
شركاء قل سموهم أم تنبؤنه بما ال يعلم في األرض أم بظاهر من القول} الظاهر من القول هو الرزق.
َّللاِ ِمن و ٍ
اق َش ُّق َو َما َل ُهم ِّم َن َّ الد ْنيا وَلع َذاب ِ
اآلخ َرِة أ َ ِ َّلهم ع َذ ِ
اب في اْل َحَياة ُّ َ َ َ ُ
ُْ َ ٌ
َ
قال علي بن إبراهيم في قوله{ :وما لهم من هللا من و ٍ
اق} أي :من دافع.
ِ
ين اتََّقوْا َّو ُعْقَبى اْل َكاف ِر َ
ين َّ
الن ُار َّ ِ ِ ِ ُّ ِ َّمَث ُل اْل َجَّن ِة َّالِتي ُو ِع َد اْل ُمتَُّقو َن تَ ْجرِي ِمن تَ ْحِت َها األ َْن َه ُار أ ُ
ُكُل َها َدآئ ٌم ِوظل َها تْل َك ُعْقَب ٰى الذ َ
{وعقبى الكافرين النار} أي :عاقبة ثوابهم النار قال أبو عبد هللا عليه السالم إن ناركم هذه جزؤ من سبعين جزءاً من
نار جهنم وقد اطفئت سبعين مرة بالماء ثم إلتهبت ولوال ذلك ما استطاع آدمي أن يطفيها وإنها ليؤت بها يوم القيامة
حتى توضع على النار فتصرخ صرخة ال يبقى ملك مقرب وال نبي مرسل إال جثى على ركبتيه فزعاً من صرختها.
ك ِب ِه
ُش ِر َ
َّللاَ َوال أ ْ
َعُب َد َّ
َن أ ْ
ِ
ض ُه ُق ْل ِإَّن َمآ أُم ْر ُت أ ْ
ِ َح َز ِ
اب َمن ُينك ُر َب ْع َ ُنزَل ِإَل ْي َك َو ِم َن األ ْ
اب َيْف َر ُحو َن ِب َمآ أ ِ ِ
اه ُم اْلكتَ َ
ين آتَْيَن ُ
َّ ِ
َوالذ َ
ِإَل ْي ِه أ َْد ُعوْا وإَِل ْي ِه م ِ
آب َ َ
في رواية أبي الجارود في قوله{ :الذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك} فرحوا بكتاب هللا إذا تلي عليهم وإذا
تلوه تفيض أعينهم دمعاً من الفزع والحزن وهو علي بن أبي طالب عليه السالم وهي في قراءة ابن مسعود {والذي
أنزلنا إليك الكتاب هو الحق ومن يؤمن به} أي :علي بن أبي طالب يؤمن به {ومن األحزاب من ينكر بعضه} انكروا
من تأويل ما أنزله في علي وآل محمد صلوات هللا عليهم وآمنوا ببعضه فأما المشركون فأنكروه كله أوله وآخره وأنكروا
أن محمداً رسول هللا.
َّللاِ لِ ُك ِل أ ٍ ِ ٍ َّ ِ وَلَق ْد أَرسْلَنا رسالً ِمن َقبلِ َك وجعْلَنا َلهم أ َْزواجاً وُذ ِرَّي ًة وما َك َ ِ ٍ
اب * ان ل َرُسول أَن َيأْت َي ِب َآية ِإال ِبِإ ْذ ِن َّ ّ َ
َجل كتَ ٌ ْ َ ُ ُ ّ ْ َ ََ ُْ َ َ ّ َ َ َ
َّللا ما ي َشآء وي ْثِب ُت و ِع َنده أ ُُّم اْل ِكتَابِ
َ ُ َي ْم ُحوْا َّ ُ َ َ ُ َ ُ
قال علي بن إبراهيم في قوله{ :لكل أجل كتاب يمحوا هللا ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب} [ ]39-38فإنه حدثني
أبي عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن عبد هللا بن مسكان عن أبي عبد هللا عليه السالم قال إذا كانت ليلة
القدر نزلت المالئكة والروح والكتبة إلى سماء الدنيا فيكتبون وما يكون من قضاء هللا تبارك وتعالى في تلك السنة فإذا
أراد هللا أن يقدم أو يؤخر أو ينقص شيئاً أو يزيده أمر هللا أن يمحوا ما يشاء ثم أثبت الذي أراد ،قلت وكل شيء عنده
بمقدار مثبت في كتابه؟ قال :نعم قلت :فأي شيء يكون بعده قال :سبحان هللا ثم يحدث هللا أيضاً ما يشاء تبارك هللا
وتعالى.
قوله{ :أولم يروا أنا نأتي األرض ننقصها من أطرافها} فقال موت علمائها {وهللا يحكم ال معقب لحكمه} أي :ال مانع.
ين ِمن َقْبلِ ِهم َفلَِّل ِه اْلم ْك ُر َج ِميعاً َي ْعَلم ما تَ ْك ِس ُب ُك ُّل َنْف ٍ
س َو َسَي ْعَلم اْل ُكَّفا ُر لِ َم ْن ُعْقَبى َّ
الد ِار َّ ِ
َوَق ْد َم َك َر الذ َ
ُ ُ َ َ ْ
قوله{ :وقد مكر الذين من قبلهم فلله المكر جميعاً} قال المكر من هللا هو العذاب {وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار}
أي :ثواب القيامة.
قوله{ :قل كفى باهلل شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب} فإنه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة
عن أبي عبد هللا عليه السالم قال الذي عنده علم الكتاب هو أمير المؤمنين عليه السالم وسئل عن الذي عنده علم
من الكتاب أعلم أم الذي عنده علم الكتاب فقال ما كان علم الذي عنده علم من الكتاب عند الذي عنده علم الكتاب
إال بقدر ما تأخذ البعوضة بجناحها من ماء البحر ،فقال أمير المؤمنين عليه السالم أال إن العلم الذى هب به آدم
من السماء إلى األرض وجميع ما فضلت به النبيون إلى خاتم النبيين في عترة خاتم النبيين صلى هللا عليه وآله.
قوله{ :هللا الذي له ما في السماوات وما في األرض -إلى قوله -وهو العزيز الحكيم} فهو محكم.
قوله{ :ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام هللا} قال أيام هللا ثالثة :يوم
القائم ويوم الموت ويوم القيامة.
ُّك ْم َلِئن َش َك ْرتُ ْم أل َِز َيدَّن ُك ْم َوَلِئن َكَف ْرتُ ْم ِإ َّن َع َذاِبي َل َش ِد ٌيد
َوإِ ْذ تَأ ََّذ َن َرب ُ
قوله{ :وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم ألزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد} فهذا كفر النعم ثم قال أبو عبد هللا عليه
السالم أيما عبد أنعم هللا عليه بنعمة فعرفها بقلبه وحمد هللا عليها بلسانه لم تنفد حتى يأمر هللا له بالزيادة وهو قوله:
{لئن شكرتم ألزيدنكم}.
َّللا جآء ْتهم رسُلهم ِباْلبِينـ ِ َّ ِِ أََلم يأِْت ُكم نبأُ َّال ِذين ِمن َقبلِ ُكم َقو ِم نو ٍح وع ٍاد وثَمود و َّال ِذ ِ
ٰت َف َرُّدوْا ين من َب ْعده ْم الَ َي ْعَل ُم ُه ْم ِإال َّ ُ َ َ ُ ْ ُ ُ ُ ْ َّ َ ْ ْ ْ ُ ََ َ ُ َ َ َ َ ْ َ ْ ََ
ِ ِ ِ ِ ِ
أ َْيدَي ُه ْم ِفي أَ ْف َوٰه ِه ْم َوَقاُلوْا ِإَّنا َكَف ْرَنا ِب َمآ أ ُْرِسْلتُ ْم ِبه َوإَِّنا َلفي َش ّك ّم َّما تَ ْد ُع َ
ونَنآ ِإَل ْيه م ِر ٍ
يب ٍ ِ
ُ
قوله{ :ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح -إلى قوله -فردوا أيديهم في أفواههم} يعني في أفواه األنبياء {وقالوا إنا
كفرنا بما أرسلتم به و َّإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب}.
ين * َوَلُن ْس ِكَنَّن ُـك ُم َّ ِ ِ ِ ِ ِ َِّ ِ ِ وَق َّ ِ
ُّه ْم َلُن ْهل َك َّن الظالم َ ِ ِ ين َكَف ُروْا لِ ُرُسلِ ِه ْم َلُن ْخ ِر َجَّن ُـك ْم ّم ْن أ َْرضَنآ أ َْو َلتَ ُع ُ
ود َّن في ملتَنا َفأ َْو َح ٰى إَل ْيه ْم َرب ُ ال الذ ََ َ
امي وخاف و ِعيدِ األَرض ِمن بع ِد ِهم ٰذلِك لِمن خاف مَق ِ
ََ َ َ َْ ْ َ َ ْ َ َ َ ْ َ
قوله{ :وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا} [ ]13فإنه حدثني أبي رفعه إلى النبي
صلى هللا عليه وآله قال من آذى جاره طمعاً في مسكنه ورثه هللا داره وهو قوله {وقال الذين كفروا -إلى قوله -
فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكننكم األرض من بعدهم}[ ].14-13
قوله{ :واستفتحوا} أي دعوا {وخاب كل جبار عنيد} أي خسروا وفي رواية أبي الجارود قال العنيد المعرض عن
الحق.
قال علي بن إبراهيم في قوله{ :من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد} قال ما يخرج من فروج الزواني.
قوله{ :يتجرعه وال يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت} قال :يقرب إليه فيكرهه وإذا أدني منه شوى
وجهه ووقعت فروة رأسه فإذا شرب تقطعت أمعاؤه ومزقت إلى تحت قدميه وأنه ليخرج من أحدهم مثل الوادي صديداً
وقيحاً ثم قال :وإنهم ليبكون حتى تسيل من دموعهم فوق وجوههم جداول ثم تنقطع الدموع فتسيل الدماء حتى لو أن
السفن أجريت فيها لجرت وهو قوله{ :وسقوا ماء حميماً فقطع أمعاءهم}[محمد.]15 :
ف الَّ َيْق ِد ُرو َن ِم َّما َك َسُبوْا َعَل ٰى َشي ٍء ٰذلِ َك ُهَو الريح ِفي يو ٍم ع ِ
اص ٍ ِ َع َماُل ُه ْم َك َرَم ٍاد ْ َّ ِ
ْ َْ َ اشتََّد ْت ِبه ِّ ُ ين َكَف ُروْا ِب َرِّب ِه ْم أ ْ َّمَث ُل الذ َ
الضالَ ُل اْلَب ِع ُيد
َّ
قوله{ :مثل الذين كف روا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف} قال من لم يقر بوالية أمير المؤمنين
عليه السالم بطل عمله مثل الرماد الذي يجيئ الريح فتحمله.
َّللاِ ِمن َشي ٍء َقاُلوْا َل ْو ين استَ ْكبروْا ِإَّنا ُكَّنا َل ُكم تَبعا َفه ْل أَنتُم ُّم ْغُنو َن َعَّنا ِم ْن َع َذ ِ
اب َّ ْ ْ ًَ َ
الضعَف َِّ ِ
اء للذ َ ْ َ ُ ال ُّ َ ُ
ِِ ِ
َوَب َرُزوْا ََّّلل َجميعاً َفَق َ
ْ
َج ِز ْعَنآ أَم صَب ْرَنا ما َلَنا ِمن َّم ِح ٍ
يص آء َعَل ْيَنآ أ َ
َ ْ َ اك ْم َس َو ٌ
َّللاُ َل َه َد ْيَن ُ
َه َد َانا َّ
ٍ
ماض. {وبرزوا هلل جميعاً} معناه مستقبل أنهم يبرزون واللفظ
وقوله{ :لو هدانا هللا لهديناكم} فالهدي ها هنا هو الثواب {سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص} أي مفر.
{وقال الشيطان لما قضي األمر} أي :لما فرغ من أمر الدنيا من من أوليائه {إن هللا وعدكم وعد الحق ووعدتكم
فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إال أن دعوتكم فاستجبتم لي فال تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم}
أي :بمعينكم {وما أنتم بمصرخي} أي :بمعيني {إني كفرت بما أشركتمون من قبل} يعني في الدنيا.
طِيب ًة َكشجرٍة َ ِ ٍ
الس َم ِآء * تُ ْؤِتي أ ُ
ُكَل َها ُك َّل ِح ٍ
ين ِبِإ ْذ ِن َصُل َها ثَاِب ٌت َوَف ْرُع َها ِفي َّ
طّيَبة أ ْ
ِ
َّللاُ َمثَالً َكل َم ًة َ ّ َ َ َ ض َر َب َّ ف َ أََل ْم تَ َر َك ْي َ
اس َل َعَّل ُه ْم َيتَ َذ َّك ُرو َنال لِ َّلن ِ ض ِر ُب َّ
َّللاُ األ َْمثَ َ ِها َوَي ْ
َرّب َ
قال عز وجل{ :ألم تر كيف ضرب هللا مثالً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل
حين بإذن ربها ويضرب هللا األمثال للناس لعلهم يتذكرون} [ ]25-24فحدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن أبي
جعفر األحول عن سالم بن المستنير عن أبي جعفر عليه السالم قال سألته عن قول هللا{ :مثالً كلمة طيبة} اآلية قال
الشجرة رسول هللا صلى هللا عليه وآله أصلها نسبه ثابت في بني هاشم وفرع الشجرة علي بن أبي طالب عليه السالم
وغصن الشجرة فاطمة عليها السالم وثمرتها األئمة من ولد علي وفاطمة عليهم السالم وشيعتهم ورقها وإن المؤمن من
شيعتنا ليموت فتسق من الشجرة ورقة وإن المؤمن ليولد فتورق الشجرة ورقة قلت أرأيت قوله{ :تؤتي أكلها كل حين
بإذن ربها} قال :يعني بذلك ما يفتون به األئمة شيعتهم في كل حج وعمرة من الحالل والحرام.
ضرب هللا ألعداء محمد مثالً فقال{ :ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق األرض ما لها من قرار} وفي
رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم قال :كذلك الكافرون ال تصعد أعمالهم إلى السماء وبنو أمية ال
يذكرون هللا في مجلس وال في مسجد وال تصعد أعمالهم إلى السماء إال قليل منهم.
ض ُّل َّ َّ ِ ِ
اآلخرِة وي ِ
الد ْنيا وِفي ِ ِ ِ ِ َّ ِ ِ ِ يثَِبت َّ َّ ِ
آء
َّللاُ َما َي َش ُ
ين َوَيْف َع ُل َّ
َّللاُ الظالم َ َ َُ آمُنوْا باْلَق ْول الثابت في اْل َحَياة ُّ َ َ
ين َ
َّللاُ الذ َ ُُّ
قال علي بن إبراهيم في قوله تعالى{ :يثبت هللا الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي اآلخرة ويضل هللا
الظالمين} فإنه حدثني أبي عن علي بن مهزيار عن عمر بن عثمان عن المفضل بن صالح عن جابر عن إبراهيم بن
العلي عن سويد بن علقمة (غفلة ط) عن أمير المؤمنين عليه السالم قال :إن ابن آدم إذا كان في آخر يوم من أيام
الدنيا وأول يوم من أيام اآلخرة مثل له أهله وما له وولده وعمله فيلتفت إلى ماله فيقول وهللا إني كنت عليك لحريصاً
شحيحاً فما عندك؟ فيقول خذ مني كفنك ثم يلتفت إلى ولده فيقول وهللا إني كنت لكم لمحباً وإني كنت عليكم لمحامياً
فماذا عندكم؟ فيقولون نؤديك إلى حفرتك ونواريك فيها ،ثم يلتفت إلى عمله فيقول وهللا إني كنت فيك لزاهداً وإنك كنت
علي لثقيالً فماذا عندك؟ فيقول أنا قربتك في قبرك ويوم حشرك حتى أعرض أنا وأنت على ربك فإن كان هلل ولياً أتاه
أطيب الناس ريحاً وأحسنهم منظ اًر وأزينهم رياشاً فيقول أبشر بروح من هللا وريحان وجنة نعيم وقد قدمت خير مقدم
فيقول من أنت؟ فيقول أنا عملك الصالح أرتحل من الدنيا إلى الجنة وأنه ليعرف غاسله ويناشد حامله أن يعجله فإذا
َحُّلوْا َق ْو َم ُه ْم َد َار اْلَب َو ِار أََلم تر ِإَلى َّال ِذين بَّدُلوْا ِنعمت َّ ِ
َّللا ُكْف اًر َوأ َ َْ َ َ َ ْ ََ
قوله{ :ربنا إني أسكنت من ذريتي بو ٍاد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصالة فاجعل أفئدة من الناس
تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات} أي :من ثمرات القلوب {لعلهم يشكرون} يعني :كي يشكروا وحدثني أبي عن حماد
عن أبي جعفر عليه السالم في قوله{ :ربنا إني أسكنت من ذريتي} اآلية قال نحن وهللا بقية تلك العترة.
أما قوله{ :ربنا اغفر لي ولوالدي} قال إنما نزلت "ولولدي إسماعيل وإسحاق".
قوله{ :وال تحسبن هللا غافالً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه األبصار} قال تبقى أعينهم مفتوحة
من هول جهنم ال يقدرون أن يطرفوها.
قال{ :وأنذر الناس -يا محمد -يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع
الرسل أولم تكونوا أقسمتم} أي :حلفتم {من قبل ما لكم من زوال} أي :ال تهلكون.
َّللاِ ِ َّ ِ ِ
ال * َوَق ْد َم َك ُروْا َم ْك َرُه ْم َو ِع َند َّ ف َف َعْلَنا ِب ِه ْم َو َ
ض َرْبَنا َل ُك ُم األ َْمثَ َ ظَل ُموْا أَ ُنف َس ُه ْم َوتََبي َ
َّن َل ُك ْم َك ْي َ َو َس َكنتُ ْم في َم َسـٰك ِن الذ َ
ين َ
ال ِ م ْكرهم وإِن َكان م ْكرهم لِتَ ُز ِ
ول م ْن ُه اْلجَب ُ َ َ َ ُ ُْ َ ُ ُْ َ
{وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم} [ ]45يعني ممن هلكوا من بني أمية {وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا
لكم األمثال وقد مكروا مكرهم وعند هللا مكرهم -ثم قال -وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} [ ]46-45قال مكر
بني فالن.
قوله{ :يوم تبدل األرض غير األرض} قال تبدل خبزة بيضاء نقية في الموقف يأكل منها المؤمنون.
{وترى المجرمين يومئذ مقرنين في األصفاد} قال مقيدين بعضهم إلى بعض.
قال علي بن إبراهيم في قوله {هذا بالغ للناس} يعني :محمداً {ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولو
األلباب} أي :أولو العقول.
ْخ ُرو َن * َوَقاُلوْا ٰيأَُّي َها َّال ِذي ُنِّزَل َعَل ْي ِه
ُم ٍة أَجَلها وما يستَأ ِ ِ ِ
وم * َّما تَ ْسب ُق م ْن أ َّ َ َ َ َ َ ْ
اب َّم ْعُل ٌ
ِ ٍ َّ ِ
َهَل ْكَنا من َق ْرَية ِإال َوَل َها كتَ ٌ
َو َمآ أ ْ
ين الئ َك ِة ِإن ُكنت ِمن َّ ِ ِ
ال ِّذ ْكر ِإَّنك َلمجنو ٌن * َّلو ما تَأِْتينا ِباْلم ِ
الصادق َ َ َ َ َ ْ َ ُ َ َ ُْ
قوله{ :وما أهلكنا من قرية إال ولها كتاب معلوم} [ ]4أي :أجل مكتوب ثم حكى قول قريش لرسول هللا صلى هللا
عليه وآله{ :وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون لو ما تأتينا بالمالئكة إن كنت من الصادقين} []7-6
أي :هال تأتينا.
رد هللا عز وجل عليهم فقال{ :ما ننزل المالئكة إالَّ بالحق وما كانوا إذاً منظرين} فقال لو أنزلنا المالئكة لم ينظروا
وهلكوا.
ِ ِ السم ِاء َف َُّ ِ ِ ِ ِ طٍ ِ اها ِمن ُك ِّل َش ْي َ َو َحِف ْ
ظلوْا فيه َي ْع ُرُجو َن * َلَقاُلوْا إَّن َما ُس ّك َر ْت أ َْب َ
ص ُارَنا ان َّرجي ٍم * َوَل ْو َفتَ ْحَنا َعَل ْيهم َباباً ّم َن َّ َ ظَن َ
ِ استَ َر َق َّ ِ َّ السم ِاء بروجاً وزيََّّن ِ ِ ِ
اب
الس ْم َع َفأ َْتَب َع ُه ش َه ٌ ين * إال َم ِن ْ اها ل َّلناظ ِر َ
ََ َ ورو َن * َوَلَق ْد َج َعْلَنا في َّ َ ُ ُ َب ْل َن ْح ُن َق ْوٌم َّم ْس ُح ُ
ُّمِب ٌ
ين
قال{ :ولو فتحنا} [ ]14أيضاً {عليهم باباً من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم
مسحورون ولقد جعلنا في السماء بروجاً} [ ]16-14قال :منازل الشمس والقمر {وزيناها للناظرين} بالكواكب
{وحفظناها من كل شيطان رجيم إال من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين} [ ]18-17قال :لم تزل الشياطين تصعد
إلى السماء وتتجسس حتى ولد النبي صلى هللا عليه وآله وروي عن آمنة أم النبي صلى هللا عليه وآله أنها قالت لما
حملت برسول هللا صلى هللا عليه وآله لم أشعر بالحمل ولم يصبني ما يصيب النساء من ثقل الحمل ورأيت في نومي
كأن آتياً أتاني فقال لي قد حملت بخير األنام ثم وضعته يتقي (قابض ك) األرض بيديه وركبتيه ورفع رأسه إلى
السماء وخرج مني نور أضاء ما بين السماء إلى األرض ورميت الشياطين بالنجوم وحجبوا من السماء ورأت قريش
الشهب تتحرك وتزول وتسير في السماء ففزعوا وقالوا هذا قيام الساعة واجتمعوا إلى الوليد بن المغيرة وكان شيخاً
فلما رميت الشياطين بالنجوم وأنكروا ذلك اجتمعوا إلى إبليس فقالوا قد منعنا من السماء وقد رمينا بالشهب فقال اطلبوا
فإن أم اًر قد حدث في الدنيا فرجعوا وقالوا لم نر شيئاً فقال إبليس أنا له بنفسي فجال ما بين المشرق والمغرب حتى
انتهى إلى الحرم فرآه محفوفاً بالمالئكة وجبرائيل على باب الحرم بيده حربة فأراد إبليس أن يدخل فصاح به جبرائيل
فقال إخسأ يا ملعون فجاء من قبل حراء فصار مثل الصد ثم قال يا جبرائيل حرف اسئلك عنه؟ قال وما هو قال ما
هذا وما اجتماعكم في الدنيا فقال هذا نبي هذه األمة قد ولد وهو آخر األنبياء وأفضلهم قال هل لي فيه نصيب قال ال
قال ففي أمته؟ قال بلى قال :قد رضيت.
ش َو َمن َّل ْستُ ْم َل ُه ِ ٍ اها وأَْلَقيَنا ِفيها رو ِاسي وأ َْنب ْتَنا ِف ِ ِ
يها َم َعايِ َ ٍ
يها من ُك ّل َش ْيء َّم ْوُزون * َو َج َعْلَنا َل ُك ْم ف َ
َ ض َم َد ْدَن َ َ ْ َ َ َ َ َ َ َواأل َْر َ
ِب َر ِازِق َ
ين
قوله{ :واألرض مددناها وألقينا فيها رواسي} [ ]19أي :الجبال {وأنبتنا فيها من كل شيء موزون وجعلنا لكم فيها
معايش ومن لستم له ب ارزقين} [ ]20-19قال :لكل ضرب من الحيوان قدرنا شيئاً مقد اًر.
َوإِن ِّمن َشي ٍء ِإالَّ ِع َندَنا َخ َزِائُن ُه َو َما ُنَنِّزُل ُه ِإالَّ ِبَق َد ٍر َّم ْعُلو ٍم
ْ
قال علي بن إبراهيم في قوله{ :وإن من شيء إال عندنا خزائنه وما ننزله إال بقدر معلوم} قال الخزانة الماء الذي ينزل
من السماء وينبت لكل ضرب من الحيوان ما قدر هللا له من الغذاء.
ين اكموهُ ومآ أ َْنتُم َل ُه ِب َخ ِِ َنزلنا ِمن َّ ِ ِ َوأ َْرَسْلَنا ِّ
ازن َ َسَق ْيَن ُ ُ َ َ ْ اء َفأ ْ
الس َمآء َم ً اح َل َواق َح َفأ َ ْ َ َ
الرَي َ
ِ
َو َّإنا َلَن ْح ُن ُن ْحِيي َوُنم ُ
يت َوَن ْح ُن اْل َو ِارثُو َن
{وإنا لنحن نحيي ونميت ونحن الوارثون} أي :نرث األرض ومن عليها.
قوله{ :ولقد خلقنا اإلنسان من صلصال} قال :الماء المتصلصل بالطين {من حمأ مسنون} قال حمأ متغير.
لما كانت ليلة الهرير بصفين جاء إلى أمير المؤمنين عليه السالم قوله{ :وإذ قال ربك للمالئكة إني خالق بش اًر من
صلصال} فقد كتبنا خبره.
قوله{ :وإن جهنم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم} [ ]44-43قال يدخل في كل باب
أهل ملة وللجنة ثمانية أبواب وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله{ :إن جهنم لموعدهم
أجمعين} فوقوفهم على الصراط وأما لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم فبلغني وهللا أعلم أن هللا جعلها سبع
درجات أعالها :الجحيم يقوم أهلها على الصفا منها تغلي أدمغتهم فيها كغلي القدور بما فيها والثانية :لظى نزاعة
للشوى تدعو من أدبر وتولى وجمع فأوعى والثالثة :سقر ال تبقى وال تذر لواحة للبشر عليها تسعة عشر ،والرابعة:
الحطمة ترمي بشرر كالقصر كأنها جماالت صفر ،تدق كل من صار إليها مثل الكحل ،فال تموت الروح كلما صاروا
مثل الكحل عادوا ،والخامسة :الهاوية فيها ملك يدعون يا مالك أغثنا فإذا أغاثهم جعل لهم آنية من صفر من نار فيها
صديد ماء يسيل من جلودهم كأنه مهل فإذا رفعوه ليشربوا منه تساق لحم وجوههم فيها من شدة حرها وهو قول هللا
{وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفق ًا} [الكهف ]29 :ومن هوى فيها هوى
سبعين عاماً في النار كلما احترق جلده بدل جلد غيره ،والسادسة :السعير فيها ثالث مائة سرادق من نار في كل
سرادق ثالث مائة قصر من نار ،في كل قصر ثالث مائة بيت من نار ،وفي كل بيت ثالث مائة لون من عذاب
النار ،فيها حيات من نار وعقارب من نار وجوامع من نار وسالسل وأغالل من نار وهو الذي يقول هللاَّ :
{إنا أعتدنا
للكافرين سالسل وأغالالً وسعي اًر} [اإلنسان ]4 :والسابعة جهنم وفيها الفلق وهو جب في جهنم إذا فتح أسعر النار
سع اًر وهو أشد النار عذاباً وأما صعود ،فجبل من صفر من نار وس جهنم وأما أثاماً فهو و ٍاد من صفر مذاب يجري
حول الجبل فهو أشد النار عذاباً.
قوله{ :نبئ عبادي} [ ]49أي :أخبرهم {إني أنا الغفور الرحيم وإن عذابي هو العذاب األليم ونبئهم عن ضيف
إبراهيم} [ ]51-49فقد كتبنا خبرهم.
قوله{ :وقضينا إليه ذلك األمر} أي :أعلمناه {أن دابر هؤالء} يعني قوم لوط {مقطوع مصبحين}.
قوله{ :لعمرك} أي :وحياتك يا محمد {إنهم لفي سكرتهم يعمهون} فهذه فضيلة لرسول هللا صلى هللا عليه وآله على
األنبياء.
قال علي بن إبراهيم في قوله{ :الذين جعلوا القرآن عضين} [ ]91قال :قسموا القرآن ولم يؤلفوه على ما أنزله هللا
فقال{ :لنسئلنهم أجمعين عما كانوا يعملون}[ ].93-92
وقوله {فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين} [ ]95-94فإنها نزلت بمكة بعد أن نبأ
رسول هللا صلى هللا عليه وآله بثالث سنين وذلك أن النبوة نزلت على رسول هللا يوم االثنين وأسلم علي يوم الثالثاء ثم
أسلمت خديجة بنت خويلد زوجة النبي صلى هللا عليه وآله ثم دخل أبو طالب إلى النبي صلى هللا عليه وآله وهو
يصلي وعلي عليه السالم بجنبه وكان مع أبي طالب عليه السالم جعفر فقال له أبو طالب صل جناح ابن عمك
فوقف جعفر على يسار رسول هللا صلى هللا عليه وآله فبدر رسول هللا صلى هللا عليه وآله من بينهما فكان رسول هللا
صلى هللا عليه وآله يصلي وعلي وجعفر وزيد بن حارثة وخديجة يأتمون به فلما أتى لذلك ثالث سنين أنزل هللا عليه:
{فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين} والمستهزؤن برسول هللا صلى هللا عليه وآله خمسة:
الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل واألسود بن عبد المطلب (المطلب ط) واألسود بن عبد يغوث والحرث بن طالطلة
الخزاعي ،أما الوليد فكان رسول هللا صلى هللا عليه وآله دعا عليه لما كان يبلغه من أذائه واستهزائه فقال اللهم أعم
بصره واثكله بولده فعمي بصره وقتل ولده ببدر (وكذلك دعا على األسود بن يغوث والحارث بن طالطلة ط) فمر
الوليد بن المغيرة برسول هللا صلى هللا عليه وآله ومعه جبرائيل عليه السالم فقال جبرائيل :يا محمد هذا الوليد بن
فخرج رسول هللا صلى هللا عليه وآله فقام على الحجر فقال" :يا معشر قريش يا معشر العرب أدعوكم إلى شهادة أن
ال إله إال هللا وأني رسول هللا وآمركم بخلع األنداد واألصنام فأجيبوني تملكوا بها العرب وتدين لكم العجم وتكونوا ملوكاً
في الجنة" فاستهزؤا منه وقالوا جن محمد بن عبد هللا ولم يجسروا عليه لموضع أبي طالب فاجتمعت قريش إلى أبي
طالب فقالوا يا أبا طالب إن ابن أخيك قد سفه أحالمنا وسب آلهتنا وأفسد شباننا وفرق جماعتنا فإن كان يحمله على
ذلك العدم جمعنا له ماالً فيكون أكثر قريش ماالً ونزوجه أي امرأة شاء من قريش ،فقال له أبو طالب ما هذا يابن
أخي؟ فقال :يا عم هذا دين هللا الذي ارتضاه ألنبيائه ورسله بعثني هللا رسوالً إلى الناس ،فقال يا بن أخي إن قومك قد
أتوني يسألوني أن أسئلك أن تكف عنهم ،فقال يا عم ال استطيع أن أخالف أمر ربي فكف عنه أبو طالب ثم اجتمعوا
إلى أبي طالب فقالوا أنت سيد من ساداتنا فادفع إلينا محمداً لنقتله وتملك علينا ،فقال أبو طالب قصيدته الطويلة يقول
فيها:
ولما نطاعن دونه ونناضل كذبتم وبيت هللا يبرؤ محمد (نبر محمداً ط)
فلما اجتمعت قريش على قتل رسول هللا صلى هللا عليه وآله وكتبوا الصحيفة القاطعة جمع أبو طالب بني هاشم
وحلف لهم بالبيت والركن والمقام والمشاعر في الكعبة ألن شاكت محمداً شوكة ألبثن عليكم بني هاشم فادخله الشعب
وحدثني أبي عن ابن أبي عمير عن سيف بن عميرة وعبد هللا بن سنان وابن أبي حمزة الثمالي قالوا سمعنا أبا عبد هللا
جعفر بن محمد عليهم السالم يقول لما حج رسول هللا صلى هللا عليه وآله حجة الوداع نزل ِ
باإلبطح ووضعت له
بكاء شديداً ثم قال :يا رب إنك وعدتني في أبي وأمي وعمي أن ال
وسادة فجلس عليها ثم رفع يده إلى السماء وبكى ً
تعذبهم بالنار ،قال فأوحى هللا إليه إني آليت على نفسي أن ال يدخل جنتي إال من شهد أن ال إله إال هللا وأنك عبدي
ورسولي ولكن أئت الشعب فنادهم فإن أجابوك فقد وجبت لهم رحمتي ،فقام النبي صلى هللا عليه وآله إلى الشعب
فناداهم وقال يا أبتاه ويا أماه ويا عماه فخرجوا ينفضون التراب عن رؤوسهم فقال لهم رسول هللا أال ترون إلى هذه
الكرامة التي أكرمني هللا بها فقالوا نشهد أن ال إله إال هللا وأنك رسول هللا حقاً حقاً وأن جميع ما أتيت به من عند هللا
فهو الحق فقال ارجعوا إلى مضاجعكم.
ودخل رسول هللا صلى هللا عليه وآله إلى مكة وقدم إليه علي بن أبي طالب صلى هللا عليه وآله من اليمن فقال رسول
هللا صلى هللا عليه وآله :أال أبشرك يا علي! فقال أمير المؤمنين بأبي أنت وأمي لم تزل مبش اًر ،فقال أال ترى إلى ما
رزقنا هللا تبارك وتعالى في سفرنا هذا وأخبره الخبر فقال له علي عليه السالم الحمد هلل قال وأشرك رسول هللا صلى
هللا عليه وآله في بدنته أباه وأمه وعمه.
الس ِ ِ
ِك َوُك ْن ِّم َن َّ ِ ِ
ين
اجد َ ك ِب َما َيُقوُلو َن * َف َسِّب ْح ِب َح ْمد َرّب َ
ص ْد ُر َ َوَلَق ْد َن ْعَل ُم أََّن َك َيض ُ
يق َ
َّللاِ َفالَ تَ ْستَ ْع ِجُلوهُ ُس ْب َح َان ُه َوتَ َعاَل ٰى َع َّما ُي ْش ِرُكو َن
أَتَ ٰى أ َْم ُر َّ
{أتى أمر هللا فال تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون} قال :نزلت لما سألت قريش رسول هللا صلى هللا عليه وآله
أن ينزل عليهم العذاب فأنزل هللا تبارك وتعالى{ :أتى أمر هللا فال تستعجلوه}.
َن أ َْن ِذ ُروْا أََّن ُه الَ ِإَلـ َٰه ِإالَّ أََن ْا َفاتَُّقو ِن الئ َك َة ِباْلُّرو ِح ِمن أَم ِِره عَلى من ي َش ِ ِ ِ ِ
آء م ْن عَباده أ ْ
ينِّزل اْلم ِ
َُ ُ َ
ْ ْ َ ٰ َ َ ُ
قول ه{ :ينزل المالئكة بالروح من أمره} يعني :بالقوة التي جعلها هللا فيهم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه
السالم في قوله{ :على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه ال إله إال أنا فاتقون} يقول بالكتاب والنبوة.
يم ُّمِب ٌ
ين ِ ان ِمن ُّن ْ ٍ ِ َخَل َق ِ
طَفة َفإ َذا ُه َو َخص ٌ اإل ْن َس َ
قوله{ :ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون} قال حين ترجع من المرعى وحين تسرحون حين تخرج إلى
المرعى.
وها َوِز َين ًة َوَي ْخُل ُق َما الَ تَ ْعَل ُمو َن ِ ِ ِ
ال َواْل َحم َير لتَ ْرَكُب َ
َواْل َخْي َل َواْلب َغ َ
قال{ :والخيل والبغال والحمير لتركبوها} ولم يقل عز وجل لتركبوها وتأكلوا منها كما قال في األنعام{ :ويخلق ما ال
تعلمون} قال العجائب التي خلقها هللا في البحر والبر.
ِ وتح ِمل أَ ْثَقاَل ُكم ِإَلى بَل ٍد َّلم ت ُكونوْا بالِ ِغ ِ
يه ِإالَّ ِب ِش ِّق األ ُ
يم
وف َّرح ٌ س ِإ َّن َرب ُ
َّك ْم َل َرُؤ ٌ َنف ِ ْ ٰ َ ْ َ ُ َ ََ ْ ُ
{وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إال بشق األنفس} قال إلى مكة والمدينة وجميع البلدان.
{وعلى هللا قصد السبيل ومنها جائر} يعني :الطريق {ولو شاء لهداكم أجمعين} يعني الطريق.
يمو َن ِِ ِ السم ِاء مآء َّل ُكم ِم ْن ُه َش َر ٌ ِ ِ َّ ِ
اب َوم ْن ُه َش َجٌر فيه تُس ُ ّ ُه َو الذي أ َْن َزَل م َن َّ َ َ ً
ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون} أي :تزرعون.
قوله عز وجل{ :هو الذي أنزل من السماء ً
قال{ :ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل واألعناب ومن كل الثمرات} يعني :بالمطر {إن في ذلك آلية لقوم
يتفكرون}.
قوله{ :وما ذ أر لكم في األرض} أي :خلق وأخرج {مختلفاً ألوانه إن في ذلك آلية لقوم يذكرون}.
ضلِ ِه ِ ط ِرياً وتستخ ِرجوْا ِمنه ِحْلي ًة تْلبسونها وترى اْلُفْلك مو ِ ِ ِ
اخ َر فيه َولِتَْبتَ ُغوْا من َف ْ َ ََ
وهو َّال ِذي س َّخر اْلبحر لِتَأ ُ ِ
ْكُلوْا م ْن ُه َل ْحماً َ ّ َ َ ْ َ ْ ُ ْ ُ َ َ َ ُ َ َ َ ََ َ َ َ َْ َ َُ
َوَل َعَّل ُك ْم تَ ْش ُك ُرو َن
قوله عز وجل{ :وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحماً طرياً وتستخرجوا منه حلية تلبسونها} يعني ما يخرج من
البحر من أنواع الجواهر {وترى الفلك مواخر فيه} يعني السفن.
ض َرَو ِاسي أَن تَ ِم َيد ِب ُك ْم َوأ َْن َها اًر َو ُسُبالً َّل َعَّل ُك ْم تَ ْهتَ ُدو َن
وأَْلَق ٰى ِفي األ َْر ِ
َ
َ
{وألقى في األرض رواسي أن تميد بكم} يعني الجبال وأنها اًر وسبالً أي طرقاً {لعلكم تهتدون} يعني :كي تهتدوا.
وعالم ٍ
ات َوب َّ
ِالن ْج ِم ُه ْم َي ْهتَ ُدو َن ََ َ
قوله عز وجل{ :وعالمات وبالنجم هم يهتدون} فإنه حدثني أبي عن النضر بن سويد عن القسم بن سليمان عن
المعلي بن خنيس عن أبي عبد هللا عليه السالم قال النجم رسول هللا صلى هللا عليه وآله والعالمات األئمة عليهم
السالم.
قوله{ :والذين يدعون من دون هللا ال يخلقون شيئاً وهم يخلقون} فإنه رد على عبدة األصنام.
قوله{ :وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير األولين} يعني :أكاذيب األولين.
حدثني جعفر بن أحمد قال حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم عن محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن أبي
حمزة الثمالي قال سمعت أبا جعفر عليه السالم يقول في قوله{ :فالذين ال يؤمنون باآلخرة} يعني :إنهم ال يؤمنون
بالرجعة أنها حق {قلوبهم منكرة} يعني أنها كافرة {وهم مستكبرون} يعني أنهم عن والية علي مستكبرون.
{ال جرم أن هللا يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه ال يحب المستكبرين} عن والية علي وقال نزلت هذه اآلية هكذا" :وإذا
قيل لهم ماذا أنزل ربكم في علي قالوا أساطير األولين" وقال علي ابن إبراهيم فقال هللا عز وجل{ :ليحملوا أوزارهم
كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم} [النحل ]25 :قال يحملون آثامهم يعني :الذين غصبوا أمير
المؤمنين عليه السالم وآثام كل من اقتدى بهم وهو قول الصادق عليه السالم وهللا ما أهريقت محجمة من دم وال قرع
قال علي بن ابراهيم حدثني أبي عن ابن عمير عن جميل عن أبي عبد هللا عليه السالم قال خطب أمير المؤمنين
عليه السالم بعد ما بويع له بخمسة أيام خطبة فقال فيها" :واعلموا أن لكل حق طالباً ولكل دم ثائ اًر والطالب (بحقنا
ط) كقيام الثائر بدمائنا والحاكم في حق نفسه هو العادل الذي ال يحيف والحاكم الذي ال يجور وهو هللا الواحد القهار،
واعلموا أن على كل شارع بدعة وزره ووزر كل مقتد به من بعده من غير أن ينقص من أو ازره العاملين شيء وسينتقم
هللا من الظلمة مأكالً بمأكل ومشرباً بمشرب من لقم العلقم ومشارب الصبر األدهم فيشربوا بالصب من الراح السم
المذاق وليلبسوا دثار الخوف ده اًر طويالً ولهم بكل ما أتوا وعملوا من أفاويق الصبر األدهم فوق ما أتوا وعملوا ،أما
أنه لم يبق إال الزمهرير من شتائهم وما لهم من الصيف إال رقدة ويحهم ما تزودوا وجمعوا على ظهورهم من اآلثام فيا
مطايا الخطايا (ويا رزء الزورك) وزاد اآلثام مع الذين ظلموا اسمعوا واعقلوا وتوبوا وابكوا على أنفسكم فسيعلم الذين
ظلموا أي منقلب ينقلبون ،فأقسم ثم أقسم ليتحملنها بنو أمية من بعدي وليعرفنها في دار غيرهم عما قليل فال يبعد هللا
إال من ظلم وعلى البادي (يعني األول) ما سهل لهم من سبيل الخطايا مثل أوزارهم وأوزار كل من عمل بوزرهم إلى
يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم أال ساء ما يزرون".
اب ِم ْن َح ْي ُث الَ السْق ِ ِِ ِ ين ِم ْن َقْبلِ ِه ْم َفأَتَى َّ َّ ِ
ف من َف ْوِق ِه ْم َوأَتَ ُ
اه ُم اْل َع َذ ُ َّللاُ ُب ْنَي َان ُه ْم ّم َن اْلَق َواعد َف َخَّر َعَل ْي ِه ُم َّ ُ َق ْد َم َك َر الذ َ
َي ْش ُع ُرو َن
حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن أبي أيوب عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السالم في قوله{ :قد
مكر الذين من قبلهم فأتى هللا بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث ال يشعرون}
قال :ثبت مكرهم أي :ماتوا فألقاهم هللا في النار وهو مثل ألعداء آل محمد عليه وعليهم السالم.
ِ ِ ِ ثُ َّم يوم اْلِقيام ِة يخ ِزي ِهم ويُقول أَين ُشرَك ِآئي َّال ِذين ُكنتُم تُ َش ُّاقون ِفي ِهم َق َّ ِ
ين أُوتُوْا اْلعْل َم إ َّن اْلخ ْز َي اْلَي ْوَم َواْل ُّس َ
وء َعَلى ال الذ َ
َ ْ َ َ ْْ َْ َ َ َ ُ ْ ْ َ َ ُ ْ َ َ َ
ِ
اْل َكاف ِر َ
ين
{ثم يوم القيامة يخزيهم ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم قال الذين أوتوا العلم إن الخزي اليوم والسوء على
الكافرين} قال الذين أوتوا العلم األئمة عليهم السالم يقولون ألعدائهم أين شركاؤكم ومن أطعتموهم في الدنيا.
يم ِب َما ُك ْنتُ ْم تَ ْع َمُلو َن * َف ْاد ُخُلوْاوء بَل ٰى ِإ َّن َّ ِ ِ ظالِ ِمي أ َْنُف ِس ِه ْم َفأَْلَق ُوْا َّ َّال ِذين تَتَوَّفاهم اْلم ِ
َّللاَ َعل ٌ السَل َم َما ُكَّنا َن ْع َم ُل من ُس ٍ َ الئ َك ُة َ َ َ ُُ َ
أَبواب جهَّنم َخالِ ِد ِ
يها َفَلِب ْئ َس َم ْث َوى اْل ُمتَ َكِّب ِر َ
ين ين ف ََ َْ َ َ َ َ
قال فيهم أيضاً{ :الذين تتوفاهم المالئكة ظالمي أنفسهم فألقوا السلم} [ ]28أي :سلموا لما أصابهم من البالء ثم
يقولون{ :ما كنا نعمل من سوء} فرد هللا عليهم فقال{ :بلى إن هللا عليم بما كنتم تعملون فادخلوا أبواب جهنم خالدين
فيها فلبئس مثوى المتكبرين}[ ].29-28
الم َعَل ْي ُكم ْاد ُخُلوْا اْل َجَّن َة ِب َما ُك ْنتُ ْم تَ ْع َمُلو َن َّال ِذين تَتَوَّفاهم اْلم ِ
ُ طِّيِب َ
ين َيُقوُلو َن َس ٌ الئ َك ُة َ َ َ ُُ َ
ذكر المؤمنين فقال{ :الذين تتوفاهم المالئكة طيبين يقولون سالم عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون} قوله طيبين
قال هم المؤمنون الذين طابت مواليدهم في الدنيا.
َّللاُ َولـ ِٰكن َك ُانوْا أ َْنُف َس ُه ْم ين ِمن َقْبلِ ِه ْم َو َما َ َّ ِ ِ ِ ِ ِ َّ
ظَل َم ُه ُم َّ ظ ُرو َن ِإال أَن تَأْتَي ُه ُم اْل َمالئ َك ُة أ َْو َيأْت َي أ َْم ُر َرّب َ
ِك َك َذل َك َف َع َل الذ َ َه ْل َي ْن ُ
ظلِ ُمو َن َي ْ
قوله{ :هل ينظرون إال أن تأتيهم المالئكة أو يأتي أمر ربك} من العذاب والموت وخروج القائم {كذلك فعل الذين من
قبلهم وما ظلمهم هللا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون}.
اؤَنا َوالَ َحَّرْمَنا ِمن ُدوِن ِه ِمن َشي ٍء َك ٰذلِ َك َف َع َل ٍ ِ ِ ِ
َّللاُ َما َعَب ْدَنا من ُدوِنه من َش ْيء َّن ْح ُن َوال َآب ُ
آء ََّش َرُكوْا َل ْو َش َ
ين أ ْ وَق َّ ِ
ال الذ َ َ َ
ْ
َّ ِ ِ ِ َّ ِ
الرُسل ِإال اْلَبالغُ اْل ُمِب ُ
ين ين من َقْبل ِه ْم َف َه ْل َعَلى ُّ الذ َ
قوله{ :وقال الذين أشركوا -إلى قوله -البالغ المبين} فإنه محكم.
قوله{ :واجتنبوا الطاغوت} يعني :األصنام قوله{ :فسيروا في األرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين} أي :انظروا
في أخبار من هلك من قبل.
قوله{ :إن تحرص على هداهم} مخاطبة للنبي صلى هللا عليه وآله {فإن هللا ال يهدي} أي :ال يثيب {من يضل} أي:
يعذب.
وت َبَل ٰى و ْعداً َعَل ْي ِه َحّقاً ولـ ِٰك َّن أَ ْكثَ َر اْلَّن ِ
اس الَ َي ْعَل ُمو َن اَّللِ َج ْه َد أ َْي َم ِان ِه ْم الَ َي ْب َع ُث َّ
َّللاُ َمن َي ُم ُ َوأَ ْق َس ُموْا ِب َّ
َ َ
قوله{ :وأقسموا باهلل جهد أيمانهم ال يبعث هللا من يموت بلى وعداً عليه حقاً ولكن أكثر الناس ال يعلمون} فإنه حدثني
أبي عن بعض رجاله يرفعه إلى أبى عبد هللا عليه السالم قال ما يقول الناس فيها؟ قال :يقولون نزلت في الكفار قال:
إن الكفار كانوا ال يحلفون باهلل وإنما نزلت في قوم من أمة محمد صلى هللا عليه وآله قيل لهم ترجعون بعد الموت قبل
القيامة فحلفوا أنهم ال يرجعون فرد هللا عليهم فقال ليبينن لهم الذي يختلفون فيه {وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين}
يعني :في الرجعة يردهم فيقتلهم ويشفي صدور المؤمنين فيهم.
ْخ َذ ُه ْم ِفي َّللا ِب ِهم األَرض أَو يأِْتيهم اْلع َذ ِ ِ أََفأ َِمن َّال ِذين م َكروْا َّ ِ
اب م ْن َح ْي ُث الَ َي ْش ُع ُرو َن * أ َْو َيأ ُ
ف َّ ُ ُ ْ َ ْ َ َ ُ ُ َ ُ السِّيَئات أَن َي ْخس َ َ َ ُ َ
ُّ
تََقلِب ِه ْم َف َما ُهم ِب ُم ْع ِج ِز َ
ين
قوله{ :أفأمن الذين مكروا السيئات} [ ]45يا محمد وهو استفهام {أن يخسف هللا بهم األرض أو يأتيهم العذاب من
حيث ال يشعرون أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين} [ ]46-45قال إذا جاؤوا وذهبوا في التجارات وفي أعمالهم
فيأخذهم في تلك الحالة.
ين واْل َّشم ِآئ ِل س َّجداً ََِّّللِ وهم َد ِ ِ َّللا ِمن َشي ٍء يتََفي ِ ِ
اخ ُرو َن َ ُْ ُ َّؤْا ظالَُل ُه َع ِن اْلَيم ِ َ َ
ْ َ ُ أ ََوَل ْم َي َرْوْا إَل ٰى َما َخَل َق َّ ُ
قوله{ :أولم يروا إلى ما خلق هللا من شيء يتفيؤا ظالله عن اليمين والشمائل سجداً هلل وهم داخرون} قال :تحويل كل
ظل خلقه هللا وهو سجود هلل ألنه ليس شيء إال له ظل يتحرك بتحريكه وتحريكه سجوده.
َّه ْم ِّمن َف ْوِق ِه ْم َوَيْف َعُلو َن ِ ِ ٍ الس ٰم ٰو ِت وما ِفي األَر ِ ِ ِ ِِ
ض من َدآبَّة َواْل َمالئ َك ُة َو ُه ْم الَ َي ْستَ ْكب ُرو َن * َي َخاُفو َن َرب ُ ْ َوََّّلل َي ْس ُج ُد َما في َّ َ َ َ َ
َما ُي ْؤ َم ُرو َن
قوله{ :وهلل يسجد ما في السماوات وما في األرض من دابة والمالئكة وهم ال يستكبرون يخافون ربهم من فوقهم
ويفعلون ما يؤمرون} [ ]50-49قال المالئكة ما قدر هللا لهم يمرون فيه.
احتج عز وجل على الثنوية فقال{ :ال تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فإياي فارهبون}.
ذكر تفضله فقال{ :وما بكم من نعمة فمن هللا ثم إذا مسكم الضر فإليه تجئرون} أي :تفزعون وترجعون والنعمة هي
الصحة والسعة والعافية.
اَّللِ َلتُسأَُل َّن ع َّما ُك ْنتُم تَْفتَرون * ويجعُلون ََِّّللِ اْلبن ِ ِ ِ ِ
ات ُس ْب َح َان ُه َوَل ُه ْم َّما ََ ََ ْ َ َ ْ ُ َ َ اه ْم تَ َّ َْوَي ْج َعُلو َن ل َما الَ َي ْعَل ُمو َن َنصيباً ّم ّما َرَزْقَن ُ
َي ْشتَ ُهو َن
قوله{ :ويجعلون لما ال يعلمون نصيباً مما رزقناهم} [ ]56وهو الذي وصفناه مما كانت العرب يجعلون لألصنام
نصيباً في زرعهم وإبلهم وغنمهم فرد هللا عليهم فقال{ :تاهلل لتسئلن عما كنتم تفترون ويجعلون هلل البنات سبحانه ولهم
ما يشتهون} [ ]57-56قال قالت قريش إن المالئكة هم بنات هللا فنسبوا ما ال يشتهون إلى هللا فقال هللا عز وجل:
{ويجعلون هلل البنات سبحانه ولهم ما يشتهون} يعني :من البنين.
قال{ :وإذا بشر أحدهم باألُنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون}
[ ]59-58أي :يستهين به {أم يدسه في التراب أال ساء ما يحكمون}.
ٍ
َّة وٰل ِكن يؤ ِّخرهم إَل ٰى أَج ٍل ُّمس ًّم ٰى َفِإ َذا جآء أَجُلهم الَ يستَأ ِ ِ الناس ِب ُ ِ وَلو يؤ ِ
ْخ ُرو َن َ َ َ ُْ َْ َ َ َُ ُ ُْ ظْلم ِه ْم َّما تَ َر َ
ك َعَل ْي َها من َدآب َ َّللاُ َّ َ اخ ُذ َّ َ ْ َُ
اع ًة َوالَ َي ْستَْق ِد ُمو َن
َس َ
قوله{ :ولو يؤاخذ هللا الناس بظلمهم} أي :عند معصيتهم وظلمهم {ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل
مسمى فإذا جاء أجلهم ال يستأخرون ساعة وال يستقدمون}.
قوله{ :ويجعلون هلل ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب} يقول ألسنتهم الكاذبة {أن لهم الحسنى ال جرم أن لهم النار
وأنهم مفرطون} أي :معذبون.
قوله{ :وإن لكم في األنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبناً خالصاً سائغاً للشاربين} قال الفرث ما
في الكرش.
آلي ًة ّلَِق ْو ٍم َي ْعِقُلو َن ِ ِٰ ِ يل واأل ِ ِ و ِمن ثَمر ِ
ات َّ ِ
النخ ِ َ ْ
َعَناب تَتَّخ ُذو َن م ْن ُه َس َك اًر َوِرْزقاً َح َسناً ِإ َّن في ذل َك َ ََ َ
قوله{ :ومن ثمرات النخيل واألعناب تتخذون منه سك اًر} قال الخل{ :ورزقاً حسناً} قال الزبيب.
قوله{ :وأوحى ربك إلى النحل} قال وحي إلهام تأخذ النحل من جميع النور ثم تتخذه عسالً .
وحدثني أبي عن الحسن بن علي الوشاء عن رجل عن حريز بن عبد هللا عن أبي عبد هللا عليه السالم في قوله
{وأوحى ربك إلى النحل} قال نحن النحل التي أوحى هللا إليها {أن اتخذي من الجبال بيوتاً} أمرنا أن نتخذ من العرب
شيعة {ومن الشجر} يقول من العجم {ومما يعرشون} يقول من الموالي.
الذي {يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه} العلم الذي يخرج منا إليكم.
قوله{ :وهللا خلقكم ثم يتوفاكم -إلى قوله -لكي ال يعلم من بعد علم شيئاً} قال :إذا كبر ال يعلم ما علمه قبل ذلك.
آء أََفِبِن ْع َم ِة ِِ ِِ ض ِفي اْل ِرْز ِق َفما َّال ِذين ُف ِ ِ ِ
ضُلوْا ب َر ّآدي ِرْزقه ْم َعَل ٰى َما َمَل َك ْت أَْي َم ُان ُه ْم َف ُه ْم فيه َسَو ٌ
َ ّ َ ّ ض ُكم َعَل ٰى َب ْع ٍ
ض َل َب ْع َ ْ َّللاُ َف َّ
َو َّ
َّللاِ َي ْج َح ُدو َن
َّ
قوله{ :وهللا فضل بعضكم على بعض في الرزق فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء}
قال :ال يجوز للرجل أن يخص نفسه بشيء من المأكول دون عياله.
ات أََفِباْلب ِ
اط ِل ُي ْؤ ِمُنو َن َوبِِن ْع َم ِت الطِيب ِ
َّ ِ ِ ِ ِ ِ
َ َّللاُ َج َع َل َل ُك ْم ّم ْن أ َْنُفس ُك ْم أ َْزَواجاً َو َج َع َل َل ُك ْم ّم ْن أ َْزَوا ِج ُكم َبن َ
ين َو َحَف َد ًة َوَرَزَق ُكم ّم َن ّ َ َو َّ
َّللاِ ُه ْم َي ْكُف ُرو َن
َّ
قوله{ :وهللا جعل لكم من أنفسكم أزواجاً} يعني :حواء خلقت من آدم {وحفدة} قال األختان.
َّللاُ َمثَالً َع ْبداً َّم ْمُلوكاً الَّ َيْق ِد ُر َعَل ٰى َشي ٍء َو َمن َّرَزْقَناهُ ِمَّنا ِرْزقاً َح َسناً َف ُهَو ُي ْنِف ُق ِم ْن ُه ِسّاًر َو َج ْه اًر َه ْل َي ْستَُوو َن ض َر َب َّ َ
ْ
اْل َح ْم ُد ََِّّللِ َب ْل أَ ْكثَ ُرُه ْم الَ َي ْعَل ُمو َن
قوله{ :ضرب هللا مثالً عبداً مملوكاً ال يقدر على شيء} قال ال يتزوج وال يطلق.
هه الَ يأ ِ
ْت ِب َخ ْي ٍر َه ْل َي ْستَ ِوي ِ ٍ ِ
َّللاُ َمثَالً َّر ُجَل ْي ِن أ َ
َح ُد ُه َمآ أ َْب َك ُم الَ َيْقد ُر َعَل ٰى َش ْيء َو ُه َو َك ٌّل َعَل ٰى َم ْوالهُ أ َْيَن َما ُي َو ّج ُّ َ ض َر َب ََّو َ
صر ٍ
اط ُّم ْستَِقي ٍم ِ ِ
ْم ُر ِباْل َع ْدل َو ُه َو َعَل ٰى َ ُه َو َو َمن َيأ ُ
ضرب هللا مثالً في الكفار فقال{ :وضرب هللا مثالً رجلين أحدهما أبكم ال يقدر على شيء وهو كل على مواله أينما
يوجهه ال يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم} قال كيف يستوى هذا وهذا الذي يأمر
بالعدل أمير المؤمنين واألئمة عليهم السالم.
قوله{ :وهللا أخرجكم من بطون أمهاتكم -إلى قوله -إن في ذلك آليات لقوم يؤمنون} [ ]79-78فإنه محكم.
قوله{ :وهللا جعل لكم من بيوتكم سكناً} يعني :المساكن {وجعل لكم من جلود األنعام بيوتاً} يعني :الخيم والمضارب
{تستخفونها يوم ظعنكم} أي :يوم سفركم {ويوم إقامتكم} يعني :في مقامكم {ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثاً
ومتاعاً إلى حين} وفي رواية أبي الجارود في قوله{ :أثاثاً} قال المال و {متاعاً} قال المنافع {إلى حين} أي :إلى حين
بالغها.
قال علي بن إبراهيم في قوله{ :وهللا جعل لكم مما خلق ظالالً} قال ما يستظل به {وجعل لكم من الجبال أكنانا
وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر} يعني :القمص وإنما جعل ما يجعل منه {وسرابيل تقيكم بأسكم} يعني :الدروع.
ون َها َوأَ ْكثَ ُرُهم اْل َك ِاف ُرو َن َّللاِ ثُ َّم ي ِ
َي ْع ِرُفو َن ِن ْع َم َت َّ
ُ نك ُر َ ُ
قوله{ :يعرفون نعمة هللا ثم ينكرونها} قال نعمة هللا هم األئمة والدليل على أن األئمة نعمة هللا قول هللا تعالى{ :ألم تر
إلى الذين بدلوا نعمة هللا كف اًر} [إبراهيم ]28 :قال الصادق عليه السالم :نحن وهللا نعمة هللا التي أنعم هللا بها على
عباده وبنا فاز من فاز.
قوله{ :ويوم نبعث من كل أمة شهيداً} قال :لكل زمان وأمة إمام يبعث كل أمة مع إمامها.
قوله{ :والذين كفروا وصدوا عن سبيل هللا زدناهم عذاباً فوق العذاب} قال كفروا بعد النبي صلى هللا عليه وآله وصدوا
عن أمير المؤمنين عليه السالم {زدناهم عذاباً فوق العذاب بما كانوا يفسدون}.
اب ِت ْبَياناً ِّل ُك ِّل َشي ٍء ِ ِ ِ ِ ِ ويوم نبع ُث ِفي ُك ِل أ َّ ٍ
ْ ُمة َش ِهيداً َعَل ْي ِه ْم ّم ْن أ َْنُفس ِه ْم َوج ْئَنا ِب َك َش ِهيداً َعَل ٰى َهـ ُٰؤآلء َوَنَّ ْزلَنا َعَل ْي َك اْلكتَ َ ّ َ َْ َ َْ َ
ِ ِِ
َو ُه ًدى َوَر ْح َم ًة َوُب ْش َر ٰى لْل ُم ْسلم َ
ين
قال{ :ويوم نبعث في كل أمة شهيداً عليهم من أنفسهم} يعني :من األئمة ثم قال لنبيه صلى هللا عليه وآله{ :وجئنا
بك -يا محمد -شهيداً على هؤالء} يعني :على األئمة فرسول هللا شهيد على األئمة وهم شهداء على الناس.
قال علي بن إبراهيم في قوله{ :وأوفوا بعهد هللا إذا عاهدتم وال تنقضوا األَيمان بعد توكيدها وقد جعلتم هللا عليكم
كفيالً} فإنه حدثني أبي رفعه قال :قال أبو عبد هللا عليه السالم :لما نزلت الوالية وكان من قول رسول هللا صلى هللا
عليه وآله بغدير خم سلموا على علي بإمرة المؤمنين عليه السالم فقالوا :أمن هللا ورسوله؟ فقال لهم :نعم حقاً من هللا
الصرط فيدخل
ا ورسوله ،فقال :إنه أمير المؤمنين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين يقعده هللا يوم القيامة على
أولياءه الجنة ويدخل أعداءه النار وأنزل هللا عز وجل {وال تنقضوا األيمان بعد توكيدها }..الخ يعني :قول رسول هللا
صلى هللا عليه وآله من هللا ورسوله.
ضرب لهم مثال فقال{ :وال تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً تتخذون أيمانكم دخالً بينكم} [ ]92وفي
رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم قال :التي نقضت غزلها امرأة من بني تيم بن مرة يقال لها رابطة
(ريطة ط) بنت كعب بن سعد بن تيم بن كعب بن لوي بن غالب كانت حمقاء تغزل الشعر فإذا غزلت نقضته ثم
عادت فغزلته فقال هللا كالتي نقضت غزلها قال إن هللا تبارك وتعالى أمر بالوفاء ونهى عن نقض العهد فضرب لهم
مثالً.
رجع إلى رواية علي بن إبراهيم في قوله( :أن تكون أئمة هي أزكى من أئمتكم) فقيل يا بن رسول هللا نحن نقرؤها
{هي أربى من أمة} قال :ويحك وما أربى؟ وأومأ بيده بطرحها {إنما يبلوكم هللا به} يعني :بعلي بن أبي طالب عليه
السالم يختبركم {وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون ولو شاء هللا لجعلكم أمة واحدة} [ ]93-92قال على
مذهب واحد وأمر واحد {ولكن يضل من يشاء} قال يعذب بنقض العهد {ويهدي من يشاء} قال يثيب {ولتسئلن عما
كنتم تعملون وال تتخذوا أيمانكم دخالً بينكم} [ ]94-93قال هو مثل ألمير المؤمنين عليه السالم {فتزل قدم بعد
وء بما صددتم عن سبيل هللا} يعني عن علي {ولكم الس َ
ثبوتها} يعني بعد مقالة النبي صلى هللا عليه وآله فيه {وتذوقوا ُّ
عذاب عظيم وال تشتروا بعهد هللا ثمناً قليالً} [ ]95-94معطوف على قوله{ :وأوفوا بعهد هللا إذا عاهدتم}[النحل:
.]91
قال{ :ما عندكم ينفد وما عند هللا باق} إلى ما عندكم من األموال والنعمة تزول وما عند هللا مما تقدموه من خير أو
شر فهو باق.
ِ ِ
َج َرُهم ِبأ ْ
َح َس ِن َما َك ُانوْا َي ْع َمُلو َن طِّيَب ًة َوَلَن ْج ِزَيَّن ُه ْم أ ْ صالِحاً ّمن َذ َك ٍر أ َْو أ ُْنثَ ٰى َو ُه َو ُم ْؤ ِم ٌن َفَلُن ْحِيَيَّن ُه َحَي ً
اة َ َم ْن َعم َل َ
قوله{ :من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة} قال القنوع بما رزقه هللا.
قوله{ :إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون} قال ليس له أن يزيلهم عن الوالية فأما الذنوب فإنهم
ينالون منه كما ينالون من غيره.
قوله {وإذا بدلنا آية مكان آية وهللا أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر} قال كانت إذا نسخت آية قالوا لرسول هللا صلى
هللا عليه وآله أنت مفتر.
رد هللا عليهم فقال{ :قل لهم -يا محمد -نزله روح القدس من ربك بالحق} يعني جبرائيل عليه السالم وفي رواية
أبي الجارود في قوله روح القدس قال هو جبرائيل عليه السالم والقدس الطاهر {ليثبت الذين آمنوا} هم آل محمد
{وهدى وبشرى للمسلمين}.
وَلَق ْد نعَلم أََّنهم يُقوُلو َن ِإَّنما يعّلِمه ب َشر ّلِسان َّال ِذي يْل ِحدو َن ِإَلي ِه أ ِ
ِي ُّمِب ٌ
ين َع َجم ٌّي َو َهـٰ َذا لِ َس ٌ
ان َع َرب ٌّ ْ ْ ُ ُ َ َُ ُ ُ َ ٌ َ ُ َ َْ ُ ُ ْ َ
أما قوله{ :ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي} وهو لسان أبي فكيهة مولى ابن
الحضرمي كان أعجمي اللسان وكان قد اتبع نبي هللا وآمن به وكان من أهل الكتاب فقالت قريش هذا وهللا يعلم محمداً
بلسانه يقول هللا{ :وهذا لسان عربي مبين}.
يقول هللا "ذلك بأن هللا ختم على سمعهم وأبصارهم وقلوبهم وأولئك هم الغافلون ال جرم أنهم في اآلخرة هم األخسرون"
هكذا في قراءة ابن مسعود وقوله {أولئك الذين طبع هللا على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم} [ ]108اآلية هكذا في القراءة
المشهورة هذا كله في عبد هللا بن سعد بن أبي سرح كان عامالً لعثمان بن عفان على مصر ونزل فيه أيضاً {ومن
قال سأنزل مثل ما أنزل هللا ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت} [األنعام ]93 :وقال علي بن إبراهيم.
يم ِ ِ ثُ َّم ِإ َّن ربَّك لَِّل ِذين هاجروْا ِمن بع ِد ما ُفِتنوْا ثُ َّم جاهدوْا وصبروْا ِإ َّن رب ِ
ور َّرح ٌ
َّك من َب ْعد َها َل َغُف ٌ
َ َ َ َُ َ َ َُ َْ َ ُ َ َ َُ َ َ
قوله{ :وضرب هللا مثالً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم هللا فأذاقها هللا لباس
الجوع والخوف بما كانوا يصنعون} قال :نزلت في قوم كان لهم نهر يقال له الثلثان (الثرثار ك ط) وكانت بالدهم
خصبة كثيرة الخير فكانوا يستنجون بالعجين ويقولون هو ألين لنا ،فكفروا بأنعم هللا واستنجوا (واستخفوا خ ل) بنعمة
هللا فحبس هللا عنهم الثلثان فجدبوا حتى أحوجهم هللا إلى أكل ما كانوا يستنجون به حتى كانوا يتقاسمون عليه.
َّللاِ اْل َك ِذ َب الَ َّ ِ صف أَْل ِسنتُ ُكم اْل َك ِذب هـٰ َذا حالَل وهـٰ َذا حرام ّلِتَْفتَروْا عَلى َّ ِ ِ
َّللا اْل َكذ َب ِإ َّن الذ َ
ين َيْفتَ ُرو َن َعَل ٰى َّ َ َ َ ٌ َ َ ََ ٌ ُ َ ٰ َ ُ
ِ ِ
َوالَ تَُقوُلوْا ل َما تَ ُ
ُيْفلِ ُحو َن
قال عز وجل{ :وال تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حالل وهذا حرام لتفتروا على هللا الكذب} قال هو ما كانت
اليهود يقولون ما في بطون هذه األنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا.
صر ٍ
اط ُّم ْستَِقي ٍم ِ ِِ ِ ِ اهيم َكان أ َّ ِ ِ ِ ِ ِ
اجتََباهُ َو َه َداهُ ِإَل ٰى َ ُم ًة َقانتاً ََّّلل َحنيفاً َوَل ْم َي ُك م َن اْل ُم ْش ِرِك َ
ين * َشاك اًر أل َْن ُعمه ْ ِإ َّن ِإ ْب َر َ َ
قوله{ :إن إبراهيم كان أُمة قانتاً هلل حنيفاً} أي طاه اًر {اجتباه} أي :اختاره {وهداه إلى صراط مستقيم} قال :إلى الطريق
الواضح.
ِ
اهيم حِنيفاً وما َك ِ ِ َّ
َن اتَِّب ْع مل َة ِإ ْب َر َ َ َ َ َ
ان م َن اْل ُم ْش ِرِك َ
ين ثُ َّم أ َْو َح ْيَنآ ِإَل ْي َك أ ِ
قال لنبيه صلى هللا عليه وآله{ :ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً} وهي الحنفية العشر التي جاء بها إبراهيم
عليه السالم خمسة في البدن وخمسة في الرأس فأما التي في البدن :فالغسل من الجنابة ،والطهور بالماء وتقليم
األظفار وحلق الشعر من البدن ،والختان ،وأما التي في الرأس :فطم الشعر ،وأخذ الشارب ،وإعفاء اللحى ،والسواك،
والخالل ،فهذه لم تنسخ إلى يوم القيامة.
يه وإِ َّن ربَّك َليح ُكم بينهم يوم اْلِقيام ِة ِفيما َكانوْا ِف ِ
ِ َّ ِ ِإَّن َما ُج ِع َل َّ
يه َي ْخَتلُِفو َن اخَتَلُفوْا ِف َ َ َ َ ْ ُ َ ْ َ ُ ْ َ ْ َ َ َ َ ُ ين ْ
الس ْب ُت َعَل ٰى الذ َ
قوله{ :إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه }..اآلية وقد كتبنا خبره في سورة األعراف.
وأما قوله{ :إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه وإن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون} وذلك أن
موسى أمر قومه أن يتفرغوا إلى هللا في كل سبعة أيام يوماً يجعله هللا عليهم وهم الذين اختلفوا فيه.
قوله{ :وجادلهم بالتي هي أحسن} قال :بالقرآن وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر في قوله{ :إن إبراهيم كان أمة
قانتاً هلل حنيفاً} [النحل ]120 :وذلك أنه كان على دين لم يكن عليه أحد غيره فكان أمة واحدة وإنما قال قانتاً فالمطيع
وأما الحنيف فالمسلم قال وما كان من المشركين.
أما قوله{ :وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين} وذلك أن المشركين يوم أُحد مثلوا
بأصحاب النبي صلى هللا عليه وآله الذين استشهدوا ،منهم حمزة فقال المسلمون أما وهللا ألن أوالنا هللا عليهم لنمثلن
بأخيارهم ،فذلك قول هللا{ :وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} يقول باألموات{ :ولئن صبرتم لهو خير للصابرين}.
صا َّال ِذي َب َارْكَنا َح ْوَل ُه لُِن ِرَي ُه ِم ْن َآي ِاتَنآ ِإَّن ُه ُهَو ِِ ِ ِِ ِ ِ ِِ
َس َر ٰى ب َع ْبده َل ْيالً ّم َن اْل َم ْسجد اْل َح َار ِم إَل ٰى اْل َم ْسجد األَْق َ
سبح َّ ِ
ان الذى أ ْ ُْ َ َ
ِ
البص ُير َّ ِ
يع َ
السم ُ
قال فصعد جبرائيل وصعدت معه إلى سماء الدنيا وعليها ملك يقال له إسماعيل وهو صاحب الخطفة التي قال هللا
وجل{ :إال من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب} [الصافات ]10 :وتحته سبعون ألف ملك تحت كل ملك َّ
عز َّ
سبعون ألف ملك ،فقال يا جبرائيل من هذا معك؟ فقال :محمد صلى هللا عليه وآله قال أوقد بعث؟ قال نعم ففتح الباب
فسلمت عليه وسلم علي واستغفرت له واستغفر لي وقال مرحباً باالخ الناصح والنبي الصالح وتلقتني المالئكة حتى
دخلت سماء الدنيا فما لقيني ملك إال كان ضاحكاً مستبش اًر حتى لقيني ملك من المالئكة لم أر أعظم خلقاً منه كريه
ثم مضيت فرأيت رجالً ادماً جسيماً فقلت من هذا يا جبرائيل ،فقال هذا أبوك آدم فإذا هو يعرض عليه ذريته فيقول
روح طيب وريح طيبة من جسد طيب ثم تال رسول هللا صلى هللا عليه وآله سورة المطففين على رأس سبعة عشر آية
{كال إن كتاب األبرار لفي عليين وما أدراك ما عليون كتاب مرقوم} [المطففين ]20-18 :إلى آخرها ،قال فسلمت
على أبي آدم وسلم علي واستغفرت له واستغفر لي ،وقال مرحباً باالبن الصالح والنبي الصالح والمبعوث في الزمن
الصالح.
ثم مررت بملك من المالئكة وهو جالس وإذا جميع الدنيا بين ركبتيه وإذا بيده لوح من نور فيه كتاب ينظر فيه وال
يلتفت يميناً وال شماالً مقبالً عليه كهيئة الحزين فقلت من هذا يا جبرائيل؟ فقال :هذا ملك الموت دائب في قبض
األرواح فقلت يا جبرائيل ادنني منه حتى أكلمه ،فأدناني منه فسلمت عليه ،وقال له جبرائيل هذا محمد نبي الرحمة
الذي أرسله هللا إلى العباد فرحب بى وحياني بالسالم وقال :أبشر يا محمد فإني أرى الخير كله في أمتك فقلت :الحمد
هلل المنان ذي النعم على عباده ذلك من فضل ربي ورحمته علي ،فقال جبرائيل :هو أشد المالئكة عمالً فقلت أكل من
مات أو هو ميت فيما بعد هذا تقبض روحه؟ قال :نعم قلت :تراهم حيث كانوا وتشهدهم بنفسك؟ فقال نعم ،فقال ملك
الموت :ما الدنيا كلها عندي فيما سخرها هللا لي ومكنني منها إال كالدرهم في كف الرجل يقلبه كيف يشاء وما من دار
إال وأنا أتصفحها كل يوم خمس مرات وأقول إذا بكى أهل الميت على ميتهم ال تبكوا عليه فإن لي فيكم عودة وعودة
حت ى ال يبقى منكم أحد ،فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله كفى بالموت طامة يا جبرائيل فقال جبرائيل إن ما بعد
الموت أطم وأطم من الموت.
قال ثم مضيت فإذا أنا بقوم بين أيديهم موائد من لحم طيب ولحم خبيث يأكلون الخبيث ويدعون الطيب ،فقلت من
هؤالء يا جبرائيل فقال :هؤالء الذين يأكلون الحرام ويدعون الحالل وهم من أمتك يا محمد ،فقال رسول هللا صلى هللا
قال ثم مررنا بمالئكة من مالئكة هللا عز وجل خلقهم هللا كيف شاء ووضع وجوههم كيف شاء ليس شيء من أطباق
أجسادهم إال وهو يسبح هللا ويحمده من كل ناحية بأصوات مختلفة أصواتهم مرتفعة بالتحميد والبكاء من خشية هللا
فسألت جبرائيل عنهم ،فقال كما ترى خلقوا أن الملك منهم إلى جنب صاحبه ما كلمه ق وال رفعوا رؤوسهم إلى ما
فوقها وال خفضوها إلى ما تحتهم خوفاً من هللا خشوعاً فسلمت عليهم فردوا علي إيماءاً برؤسهم ال ينظرون إلي من
الخشوع فقال لهم جبرائيل :هذا محمد نبي الرحمة أرسله هللا إلى العباد رسوالً ونبياً وهو خاتم النبيين وسيدهم أفال
تكلمونه؟ قال فلما سمعوا ذلك من جبرائيل أقبلوا علي بالسالم وأكرمونى وبشروني بالخير لي وألمتي.
قال ثم صعد بي إلى السماء الثانية فإذا فيها رجالن متشابهان فقلت من هذان يا جبرائيل؟ فقال لي أبناء الخالة يحيى
وعيسى بن مريم فسلمت عليهما وسلما علي واستغفرت لهما واستغف ار لي وقاال مرحباً باألخ الصالح والنبي الصالح
وإذا فيها من المالئكة مثل ما في السماء األولى وعليهم الخشوع قد وضع هللا وجوههم كيف شاء ليس منهم ملك إال
يسبح هلل ويحمده بأصوات مختلفة.
ثم صعدنا إلى السماء الرابعة وإذا فيها رجل ،قلت من هذا يا جبرائيل؟ قال هذا إدريس رفعه هللا مكاناً علياً فسلمت
عليه وسلم علي واستغفرت له واستغفر لي وإذا فيها من المالئكة عليهم من الخشوع مثل ما في السماوات ،فبشروني
بالخير لي وألمتي ،ثم رأيت ملكاً جالساً على سرير تحت يديه سبعون ألف ملك تحت كل ملك سبعون ألف ملك فوقع
في نفس رسول هللا صلى هللا عليه وآله أنه هو ،فصاح به جبرائيل فقال :قم فهو قائم إلى يوم القيامة ،ثم صعدنا إلى
السماء الخامسة فإذا فيها رجل كهل عظيم العين لم أر كهالً أعظم منه حوله ثلة من أمته فأعجبتني كثرتهم فقلت من
هذا يا جبرائيل؟ قال :هذا المحبب في قومه هارون ابن عمران فسلمت عليه وسلم علي واستغفرت له واستغفر لي وإذا
فيها من المالئكة الخشوع مثل ما في السماوات.
ثم صعدنا إلى السماء السادسة وإذا فيها رجل آدم طويل عليه سمرة ولوال أن عليه قميصين لنفذ شعره منهما فسمعته
يقول تزعم بنو إسرائيل أني أكرم ولد آدم على هللا وهذا رجل أكرم على هللا مني فقلت من هذا يا جبرائيل؟ قال :هذا
أخوك موسى بن عمران ،فسلمت عليه وسلم علي واستغفرت له واستغفر لي وإذا فيها من المالئكة الخشوع مثل ما في
السماوات.
ثم صعدنا إلى السماء السابعة فما مررت بملك من المالئكة إال قالوا يا محمد احتجم وأمر امتك بالحجامة ،وإذا فيها
رجل أشم الرأس واللحية ،جالس على كرسي فقلت يا جبرائيل من هذا الذي في السماء السابعة على باب البيت
المعمور في جوار هللا؟ فقال :هذا أبوك إبراهيم وهذا محلك ومحل من اتقى من أمتك ،ثم ق أر رسول هللا صلى هللا عليه
وآله{ :إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا وهللا ولي المؤمنين} [آل عمران ]68 :قال صلى
هللا عليه وآله" :فسلمت عليه وسلم علي وقال مرحباً بالنبي الصالح واالبن الصالح والمبعوث في الزمن الصالح واذا
فيها من المالئكة الخشوع مثل ما في السماوات ،فبشروني بالخير لي وألمتي.
ثم قال مضيت مع جبرائيل فدخلت البيت المعمور فصليت فيه ركعتين ومعي أناس من أصحابي عليهم ثياب جدد
وآخرون عليهم ثياب خلقان فدخل أصحاب الجدد وحبس أصحاب الخلقان ثم خرجت فانقاد لي نهران نهر يسمى
الكوثر ،ونهر يسمى الرحمة فشربت من الكوثر واغتسلت من الرحمة ثم انقادا لي جميعاً حتى دخلت الجنة فإذا على
حافتيها بيوتي وبيوت أزواجي وإذا ترابها كالمسك فإذا جارية تنغمس في أنهار الجنة فقلت لمن أنت يا جارية؟ فقالت
لزيد بن حارثة فبشرته بها حين أصبحت ،وإذا بطيرها كالبخت وإذا رمانها مثل الدالء العظام ،وإذا شجرة لو أرسل
طائر في أصلها ما دارها تسعمائة سنة ،وليس في الجنة منزل إال وفيها فرع منها فقلت ما هذه يا جبرائيل؟ فقال :هذه
شجرة طوبى ،قال هللا {طوبى لهم وحسن مآب}[الرعد ،]29 :قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله" :فلما دخلت الجنة
رجعت إلى نفسي فسألت جبرائيل عن تلك البحار وهولها وأعاجيبها قال :هي سرادقات الحجب التي احتجب هللا بها
ولوال تلك الحجب لهتك نور العرش كل شئ فيه ،وانتهيت إلى سدرة المنتهى فإذا الورقة منها تظل به أمة من األمم
فكنت منها كما قال هللا تبارك وتعالى :كـ {قاب قوسين أو أدنى} [النجم ]9 :فناداني {آمن الرسول بما أنزل إليه من
ربه} [البقرة ] 285 :وقد كتبنا ذلك في سورة البقرة فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله" :يا رب أعطيت أنبيائك فضائل
فاعطني ،فقال هللا قد أعطيتك فيما أعطيتك كلمتين من تحت عرشي" :ال حول وال قوة إال باهلل وال منجا منك إال إليك"
قال :وعلمتني المالئكة قوالً أقوله إذا أصبحت وأمسيت( :اللهم أن ظلمي أصبح مستجي اًر بعفوك وذنبي أصبح مستجي اًر
بمغفرتك وذلي أصبح مستجي اًر بعزك وفقري أصبح مستجي اًر بغناك ووجهي الفاني البالي أصبح مستجي اًر بوجهك الدائم
قوله{ :ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبداً شكو اًر} فإنه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن أحمد بن النضر عن
عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السالم قال كان نوح إذا أمسى وأصبح يقول أمسيت أشهد أنه ما
أمسى بي من نعمة في دين أو دنيا فإنها من هللا وحده ال شريك له له الحمد علي بها كثي اًر والشكر كثي اًر فأنزل هللا أنه
كان عبداً شكو اًر فهذا كان شكره.
ض َمَّرتَْي ِن َوَلتَ ْعُل َّن ُعُلّواً َكِبي اًر ض ْيَنآ ِإَل ٰى بِني ِإسرِائيل ِفي اْل ِكتَ ِ
اب َلتُْف ِس ُد َّن ِفي األ َْر ِ َوَق َ
َْ َ َ
أما قوله{ :وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب} أي أعلمناهم ثم انقطعت مخاطبة بني إسرائيل وخاطب أمة محمد
صلى هللا عليه وآله فقال {لتفسدن في األرض مرتين} يعني فالناً وفالناً وأصحابهما ونقضهم العهد {ولتعلن علواً كبي اًر}
يعني ما ادعوه من الخالفة.
{فإذا جاء وعد أوالهما} يعني يوم الجمل {بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد} يعني أمير المؤمنين عليه السالم
وأصحابه {فجاسوا خالل الديار} أي طلبوكم وقتلوكم {وكان وعداً مفعوالً} يعني يتم.
وه ُك ْم َولَِي ْد ُخُلوْا اْل َم ْس ِج َد َك َما َد َخُلوهُ أََّو َل َمَّرٍة ِِِ ِ ِ
وءوْا ُو ُج َ
آء َو ْع ُد اآلخ َرة لَي ُس ُ
َسأْتُ ْم َفَل َها َفإ َذا َج َ
َح َس ْنتُ ْم أل َْنُفس ُك ْم َوإِ ْن أ َ ِإ ْن أ ْ
َح َس ْنتُ ْم أ ْ
َولُِيتَِّب ُروْا َما َعَل ْوْا تَ ْتِبي اًر
{إن أحسنتم أحسنتم ألنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد اآلخرة} يعني القائم وأصحابه {ليسوؤا وجوهكم} يعني
يسودون وجوههم {وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة} يعني رسول هللا صلى هللا عليه وآله وأصحابه وأمير المؤمنين
عليه السالم وأصحابه {وليتبروا ما علوا تتبي اًر} أي يعلوا عليكم فيقتلوكم.
ُّكم أَن يرحم ُكم وإِن عدتُّم ع ْدنا وجعْلنا جهَّنم لِْل َك ِاف ِرين ح ِ
صي اًر َ َ َع َس ٰى َرب ُ ْ َ ْ َ َ ْ َ ْ ُ ْ ُ َ َ َ َ َ َ َ َ
ثم عطف على آل محمد عليه السالم فقال{ :عسى ربكم أن يرحمكم} أي ينصركم على عدوكم ثم خاطب بني أمية
فقال{ :وإن عدتم عدنا} يعني عدتم بالسفياني عدنا بالقائم من آل محمد عليه السالم {وجعلنا جهنم للكافرين حصي اًر}
أي حبساً يحصرون فيها.
عطف على بني أميه فقال{ :وأن الذين ال يؤمنون باآلخرة اعتدنا لهم عذاباً أليماً}.
َن َل ُه ْم أَ ْج اًر َكِبي اًر الصالِح ِ ِإ َّن هـٰ َذا اْلُقرآن يه ِدي لَِّلِتي ِهي أَ ْقوم ويب ِّشر اْلمؤ ِمِن َّ ِ
ات أ َّ ين َي ْع َمُلو َن َّ َ
ين الذ ََ َ ُ َ َُ ُ ُ ْ َ ْ َ َْ َ
وجل{ :إن هذا القرآن يهدي} أى يبين {للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين} يعني آل محمد عليهم السالم {الذين قال َّ
عز َّ
يعملون الصالحات أن لهم أج اًر كبي اًر}.
ِكم ولِتَعَلموْا عدد ِ ِ ِ ِ النهار آيتَي ِن َفمحوَنآ آي َة َّال ِ َّ
ين
السن َ الن َه ِار ُم ْبص َرًة لِتَْبتَ ُغوْا َف ْ
ضالً ّمن َّرّب ُ ْ َ ْ ُ َ َ َ ّ يل َو َج َعْلَنآ َآي َة َّ يل َو َّ َ َ َ ْ َ َ ْ َ َو َج َعْلَنا ال َ
صيالً صْلناه تَْف ِ ٍ ِ
اب َوُك َّل َش ْيء َف َّ َ َُواْلح َس َ
قوله{ :وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة} قال المحو في القمر وحدثني أبي عن
الحسن بن محبوب عن عبد هللا بن سنان (سيار خ ل) عن معروف بن خربوذ عن الحكم بن المستنير عن علي بن
الحسين عليهما السالم قال إن من األوقات التي قدرها هللا للناس مما يحتاجون إليه البحر الذي خلق هللا بين السماء
واألرض وإن هللا قدر فيه مجاري الشمس والقمر والنجوم والكواكب ثم قدر ذلك كله على الفلك ثم وكل بالفلك ملكاً
معه سبعون ألف ملك يديرون الفلك فإذا دارت الشمس والقمر والنجوم والكواكب معه نزلت في منازلها التي قدرها هللا
فيها ل يومها وليلتها وإذا كثرت ذنوب العباد وأراد هللا أن يستعتبهم بآية من آياته أمر الملك الموكل بالفلك أن يزيل
الفلك الذي عليه مجاري الشمس والقمر والنجوم والكواكب ،فيأمر الملك أولئك السبعين ألف ملك أن يزيلوا الفلك عن
مجاريه قال فيزيلونه فتصير الشمس في البحر الذي يجري فيه الفلك فيطمس حرها ويغير لونها فإذا أراد هللا أن يعظم
األية طمست الشمس في البحر على ما يحب هللا أن يخوف خلقه باآلية فذلك عند شدة انكساف الشمس وكذلك يفعل
بالقمر فإذا أراد هللا أن يخرجهما ويردهما إلى مجريهما أمر الملك الموكل بالفلك أن يرد الشمس إلى مجريها فيرد
الملك الفلك إلى مجراه فتخرج الماء وهي كدرة والقمر مثل ذلك ثم قال علي بن الحسين عليه السالم أنه ال يفزع لهما
وال يرهب إال من كان من شيعتنا فإذا كان ذلك فافزعوا إلى هللا وارجعوا.
ام ِة ِكتَاباً َيْلَقاهُ َم ْن ُشو اًر ِ ِِ ان أَْل َزمَناه َ ِ ِ
طآئ َرهُ في ُعُنقه َوُن ْخ ِرُج َل ُه َي ْوَم اْلقَي َ
ِ
َوُك َّل إ ْن َس ٍ ْ ُ
قوله{ :وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه} قال قدره الذي قدره عليه ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشو اًر.
ا ْق ْأر ِك ٰتَبك َكَفى ِبنْف ِسك اْليوم عَليك ح ِسيباً * َّم ِن اهتَد ٰى َفِإَّنما يهتَدي لِنْف ِس ِه ومن ض َّل َفِإَّنما ي ِ
ض ُّل َعَل ْي َها َوالَ تَ ِزُر َو ِازَرةٌ َ َ ََ َ َ َ َْ َْ َ َ َ ٰ َ َ َْ َ َ ْ َ َ
ِ
ُخ َر ٰى َو َما ُكَّنا ُم َع ّذِب َ
ين َحتَّ ٰى َن ْب َع َث َرُسوالً ِوْزَر أ ْ
قال علي بن إبراهيم في قوله{ :وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها} أي كثرنا جبابرتها {ففسقوا فيها فحق عليها
القول فدمرناها تدمي اًر}.
قوله{ :من كان يريد العاجلة} يعني أموال الدنيا {عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد} في الدنيا {ثم جعلنا له جهنم} في
اآلخرة {يصالها مذموماً مدحو اًر} يعني يلقى في النار.
الء ِمن ع َ ِ
الء وهـٰؤ ِ
ِ ًّ ِ ِ ِ
ِك
طآء َرّب َ ْ َ َو َم ْن أ ََرَاد اآلخ َرةَ َو َس َع ٰى َل َها َس ْعَي َها َو ُه َو ُم ْؤ ِم ٌن َفأُوَلئ َك َك َ
ان َس ْعُي ُهم َّم ْش ُكو اًر * ُكال ُّنمُّد َهـ ُٰؤ َ َ ُ
ظو اًر
ِك َم ْح ُ آء َرّب َطُان َع ََو َما َك َ
ذكر من عمل لآلخرة فقال{ :ومن أراد اآلخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكو اًر -ثم قال -
كال نمد هؤالء وهؤالء من عطاء ربك} [ ]20-19يعني من أراد الدنيا من اآلخرة ومعنى نمد أي نعطي {وما كان
عطاء ربك محظو اًر} أي ممنوعاً.
الَّ تجعل مع َّ ِ
َّللا ِإَلـٰهاً َ
آخ َر َفتَْق ُع َد َم ْذ ُموماً َّم ْخ ُذوالً ََْ َ َ
قوله{ :ال تجعل مع هللا إلهاً آخر فتقعد مذموماً مخذوالً} أي في النار وهو مخاطبة للنبي والمعنى للناس وهو قول
الصادق عليه السالم أن هللا بعث نبيه "بإياك أعني واسمعي يا جارة".
قوله{ :وقضى ربك أال تعبدوا إال إياه وبالوالدين إحساناً ِإما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كالهما فال تقل لهما أف}
قال لو علم أن شيئاً أقل من أف لقاله{ :وال تنهرهما} أي ال تخاصمهما وفي حديث آخر أفاً باأللف أي وال تقل لهما
أفاً {وقل لهما قوال كريماً} أي حسناً.
{واخفض لهما جناح الذل من الرحمة} [ ]24فقال تذلل لهما وال تتجبر عليهما {وقل رب ارحمهما كما ربياني صغي اًر
ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان لألوابين} [ ]25-24يعني للتوابين {غفو اًر}.
قوله{ :وال تجعل يدك مغلولة إلى عنقك وال تبسطها كل البس فتقعد ملوماً محسو اًر} فإنه كان سبب نزولها إن رسول
هللا صلى هللا عليه وآله كان ال يرد أحداً يسأله شيئاً عنده فجاءه رجل فسأله فلم يحضره شيء فقال يكون إن شاء
هللا ،فقال يا رسول هللا اعطني قميصك وكان عليه السالم ال يرد أحداً عما عنده فأعطاه قميصه فأنزل هللا{ :وال تجعل
يدك مغلولة إلى عنقك }..الخ فنهاه أن يبخل أو يسرف ويقعد محسو اًر من الثياب ،فقال الصادق عليه السالم
المحسور العريان.
ان ِخ ْ
طئاً َكِبي ًار إن َق ْتَل ُه ْم َك َ الد ُكم َخ ْشَي َة ِإ ْم ٍ
الق َّن ْح ُن َن ْرُزُق ُه ْم َوإِي ُ
َّاكم َّ َوالَ تَْقُتُلوْا أ َْو َ ْ
قوله{ :وال تقتلوا أوالدكم خشية إمالق} يعني مخافة الفقر والجوع فإن العرب كانوا يقتلون أوالدهم لذلك فقال هللا َّ
عز
وجل{ :نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطأ كبي اًر}.
َّ
قوله{ :وال تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيالً} فإنه محكم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم
في قوله{ :وال تقربوا الزنا إنه كان فاحشة} يقول معصية ومقتاً فإن هللا يمقته ويبغضه قوله{ :وساء سبيالً} وهو أشد
النار عذاباً والزنا من أكبر الكبائر.
قال علي بن إبراهيم في قوله{ :وال تقتلوا النفس التي حرم هللا إال بالحق ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً} أي
سلطاناً على القاتل {فال يسرف في القتل إنه كان منصو اًر} يعني ينصر ولد المقتول على القاتل.
ِ ِ َّ َِّ ِ
َشَّدهُ َوأ َْوُفوْا ِباْل َع ْهد ِإ َّن اْل َع ْه َد َك َ
ان َم ْس ُؤوالً ال اْلَيتي ِم ِإال ِبالتي ه َي أ ْ
َح َس ُن َحتَّ ٰى َيْبُل َغ أ ُ َوالَ تَْق َرُبوْا َم َ
قوله{ :وال تقربوا مال اليتيم إال بالتي هي أحسن} يعني بالمعروف وال يسرف وقوله{ :وأوفوا بالعهد} يعني إذا عاهدت
إنساناً فأوف له {إن العهد كان مسئوالً} يعني يوم القيامة.
َح َس ُن تَأ ِْويالً ِ ِٰ ط ِ وأَوُفوا اْل َكيل ِإذا ِكْلتُم وِزُنوْا ِب ِ
اس اْل ُم ْستَقي ِم ذل َك َخ ْيٌر َوأ ْ الق ْس َ ْ َ َْ َْ
قوله{ :وال تقف ما ليس لك به علم} قال ال ترم أحداً بما ليس لك به علم فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله من
بهت مؤمناً أو مؤمنة أقيم في طينة خبال أو يخرج مما قال ،وقال علي بن إبراهيم في قوله{ :وال تقف ما ليس لك به
علم} أي ال تقل {إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئوال} قال يسأل السمع عما سمع والبصر عما نظر
والفؤاد عما اعتقد عليه.
طوالً
ال ُ ِ ِق األ َْر َ
ض َوَلن تَْبُل َغ اْلجَب َ ش ِفي األ َْر ِ
ض َم َرحاً ِإَّن َك َلن تَ ْخر َ والَ تَ ْم ِ
َ
حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السالم قال قال رسول هللا صلى هللا
عليه وآله ال يزول قدم عبد يوم القيامة من بين يدي هللا حتى يسأله عن أربع خصال عمرك فيما أفنيته وجسدك فيما
أبليته ومالك من أين كسبته وأين وضعته وعن حبنا أهل البيت وقوله{ :وال تمش في األرض مرحاً} أي بط اًر أو فرحاً
{إنك لن تخرق األرض} أي لم تبلغها كلها {ولن تبلغ الجبال طوالً} أي ال تقدر أن تبلغ قلل الجبال.
آخ َر َفُتْلَق ٰى ِفي َج َهَّن َم َمُلوماً َّم ْد ُحو اًر َذلِك ِم َّمآ أَوحى ِإَليك ربُّك ِمن اْل ِح ْكم ِة والَ تجعل مع َّ ِ
َّللا ِإَلـٰهاً َ َ َ ََْ ْ َ َ َْٰ َْ َ َ َ َ
قوله{ :ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة} يعني القرآن وما فيه من األنباء ثم قال{ :وال تجعل مع هللا إلها آخر
فتلقى في جهنم ملوماً مدحو اًر} فالمخاطبة للنبي والمعنى للناس.
قوله{ :أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من المالئكة إناثاً} هو رد على قريش فيما قالوا إن المالئكة هن بنات هللا.
قوله{ :وما يزيدهم إال نفو اًر} قال :إذا سمعوا القرآن ينفروا عنه ويكذبوه.
ان م َع ُه آلِ َه ٌة َكما َيُقوُلو َن ِإذاً الَّْبتَ َغ ْوْا ِإَل ٰى ِذي اْل َع ْر ِ
ش َسِبيالً َّ
َ ُق ْل ل ْو َك َ َ
وجل على الكفار الذين يعبدون األوثان فقال قل لهم يا محمد {لو كان معه آلهة كما يقولون إذا البتغوا إلى احتج َّ
عز َّ
ذي العرش سبيالً} قال لو كانت األصنام آلهة كما يزعمون لصعدوا إلى العرش.
قال هللا لذلك {سبحانه وتعالى عما يقولون علواً كبي اًر}.
وجل. قوله{ :وإن من شيء إال يسبح بحمده} فحركة كل شيء تسبيح هللا َّ
عز َّ
قوله{ :وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين ال يؤمنون باآلخرة حجاباً مستو اًر} يعني يحجب هللا عنك الشياطين.
ان َو ْح َدهُ َوَّل ْوْا َعَل ٰى أ َْد َٰب ِرِه ْم ُنُفو اًر
َّك ِفي اْلُق ْرء ِ ِ ِ
َ َو َج َعْلَنا َعَل ٰى ُقُلوب ِِه ْم أَكَّن ًة أَن َيْفَق ُهوهُ َوِفي َءا َذان ِه ْم َوْق اًر َوإِ َذا َذ َك ْر َت َرب َ
َّنحن أَعَلم ِبما يستَ ِمعو َن ِب ِه ِإ ْذ يستَ ِمعو َن ِإَليك وإِ ْذ هم نجو ٰى ِإ ْذ يُقول َّ
الظالِ ُمو َن ِإن تَتَِّب ُعو َن ِإالَّ َرُجالً َّم ْس ُحو اًر َ ُ ْ َ َ ُْ َ ْ َ َْ ُ ْ ُ ْ ُ َ َْ ُ
قوله{ :نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى} يعني اذ هم في السر يقولون هو ساحر وهو قوله:
{إذ يقول الظالمون إن تتبعون إال رجالً مسحو اًر} ثم حكى لرسول هللا صلى هللا عليه وآله قول الدهرية فقال{ :وقالوا
ءاذا كنا عظاماً ورفاتاً َءإنا لمبعوثون خلقاً جديداً}.
قال{ :قل كونوا حجارة أو حديداً أو خلقاً مما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة
فسينغضون إليك} [ ]51-50والنغض تحريك الرأس {ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريباً} وفي رواية أبي
الجارود عن أبي جعفر عليه السالم قال الخلق الذي يكبر في صدوركم الموت.
قال علي بن إبراهيم في قوله{ :وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم} أي يدخل بينهم يحثهم
على المعاصي.
قوله{ :ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم -إلى قوله -زبو اًر} [ ]55-54فهو محكم.
قوله{ :وإن من قرية إال نحن مهلكوها} أي أهلها {قبل يوم القيامة أو معذبوها عذاباً شديداً} يعني بالخسف والموت
والهالك {كان ذلك في الكتاب مسطورا} أي مكتوب ًا.
قوله{ :وما منعنا أن نرسل باآليات إال أن كذب بها األولون} نزلت في قريش {وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها
وما نرسل باآليات إال تخويفاً} فعطف على قوله وما منعنا أن نرسل باآليات.
وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله{ :وما منعنا أن نرسل باآليات} وذلك أن محمداً صلى هللا
عليه وآله سأله قومه أن يأتيهم بآية فنزل جبرائيل قال إن هللا يقول وما منعنا أن نرسل باآليات إلى قومك إال أن كذب
بها األولون وكنا إذا أرسلنا إلى قرية آية فلم يؤمنوا بها أهلكناهم فلذلك أخرنا عن قومك اآليات.
وقال علي بن إبراهيم في قوله{ :وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إال فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن} قال :نزلت
لما رأى النبي في نومه كأن قروداً تصعد منبره فساءه ذلك وغمه غماً شديداً فأنزل هللا {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك
إال فتنة لهم ليعمهوا فيها والشجرة الملعونة في القرآن} كذا نزلت وهم بنو أمية.
َعَل َّي َلِئ ْن َرَْيتَ َك َهـٰ َذا َّال ِذي َكَّرْم َت ِ ِ َّ ِ ِ ِ ِ
ال أ َأ َس ُج ُد ل َم ْن َخَلْق َت طيناً * َق َ ال أَأ ْ اس ُج ُدوْا أل ََد َم َف َس َج ُدوْا إَال ِإْبل َ
يس َق َ َوإِ ْذ ُقْلَنا لْل َمالئ َكة ْ
ِ ِ َّ ِ َخرتَ ِن ِإَلى يو ِم اْلِقيام ِة أل ِ
* اء َّم ْوُفو اًر ال ا ْذ َه ْب َف َمن تَِب َع َك م ْن ُه ْم َفِإ َّن َج َهَّن َم َج َز ُ
آؤُك ْم َج َز ً َحتَن َك َّن ُذِّريَّتَ ُه إال َقليالً * َق َ
ْ ََ ٰ َْ أ َّ ْ
ال واألَو ِ
الد َو ِع ْد ُه ْم َو َما َي ِع ُد ُه ُم ِ ِ ِِ ِ ِ ِ طع َت ِم ْنهم ِبصوِتك وأ ِ
َجل ْب َعَل ْيهم ب َخْيل َك َوَرجل َك َو َش ِارْك ُه ْم في األ َْمَو َ ْ ُْ َ ْ َ َ ْ استَْف ِزْز َم ِن ْ
استَ َ ْ َو ْ
ان ِإالَّ ُغ ُرو اًر
طُ َّ
الش ْي َ
وجل خبر إبليس فقال{ :وإذ قلنا للمالئكة اسجدوا آلدم فسجدوا إال إبليس -إلى قوله -ألحتنكن ذريته إال حكى َّ
عز َّ
وجل{ :اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاءاً موفو اًر} قليالً} [ ]62-61أي ألفسدنهم إال قليالً فقال هللا َّ
عز َّ
[ ]63وهو محكم {واستفزز} [ ]64أي اخدع {من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في
األموال واألوالد} قال ما كان من مال حرام فهو شرك الشيطان فإذا اشترى به ِ
اإلماء ونكحهن وولد له فهو شرك
الشيطان كما تلد يلزمه منه ويكون مع الرجل إذا جامع فيكون الولد من نطفته ونطفة الرجل إذا كان حراماً ،وفي
حديث آخر إذا جامع الرجل أهله ولم يسم شاركه الشيطان.
ان ِب ُك ْم َرِحيم ًا ُّكم َّال ِذي يزِجي َل ُكم اْلُفْلك ِفي اْلبح ِر لِتبتغوْا ِمن َف ِ ِ
ضله ِإَّن ُه َك َْ َ ْ َْ َ ُ َ ُ ُْ َّرب ُ ُ
قال{ :ربكم الذي يزجى لكم الفلك} [ ]66أي السفن {في البحر لتبتغوا من فضله إنه كان بكم رحيماً وإذا مسكم الضر
في البحر ضل من تدعون إال إياه} [ ]67-66أي بطل من تدعون غير هللا {فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان
ِ
اإلنسان كفو اًر}.
أرهبهم فقال{ :أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصباً} [ ]68أي عذاباً وهالكاً {ثم ال تجدوا لكم
وكيالً أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى} [ ]69-68أي مرة أخرى {فيرسل عليكم قاصفاً من الريح} أي تجيء من كل
جانب {فيغرقكم بما كفرتم ثم ال تجدوا لكم علينا به تبيعاً} وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في
قوله{ :قاصفاً من الريح} قال هي العاصف وقوله "تبيعاً" يقول وكيالً ويقال كفيالً ويقال ثائ اًر.
قال علي بن إبراهيم ثم ذكر بني آدم فقال{ :ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات
وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيالً} حدثنا جعفر بن محمد (أحمد ط) قال حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم قال
حدثنا محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السالم قال إن هللا ال يكرم
روح كافر ولكن يكرم أرواح المؤمنين وإنما كرامة النفس والدم بالروح والرزق الطيب هو العلم.
ام ِه ْم َف َم ْن أُوِت َي ِكتَ َاب ُه ِبَي ِم ِين ِه َفأ ُْوَلـِٰئ َك َيْق َرؤو َن ِكتَ َاب ُه ْم َوالَ ُي ْ
ظَل ُمو َن َفِتيالً اس ِبِإم ِ
َ
َي ْوم َن ْد ُعوْا ُك َّل أَُن ٍ
َ
أخبرنا أحمد بن إدريس قال حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن ربعي
بن عبد هللا بن الفضيل بن يسار (سيار ط) عن أبي جعفر عليه السالم في قول هللا تعالى{ :يوم ندعوا كل أناس
بإمامهم} قال يجيء رسول هللا صلى هللا عليه وآله في فرقة وعلى في فرقة والحسن في فرقة والحسين في فرقة وكل
من مات بين ظهراني قوم جاؤوا معه وقال علي بن إبراهيم في قوله{ :يوم ندعوا كل أناس بإمامهم} قال ذلك يوم
القيامة ينادي مناد ليقم فالن وشيعته وفالن وشيعته وفالن وشيعته وعلي وشيعته وقوله{ :وال يظلمون فتيالً} قال
الجلدة التي في ظهر النواة.
أما قوله{ :ومن كان في هذه أعمى فهو في اآلخرة أعمى وأضل سبيالً} فإنه حدثني أبي عن حماد بن عيسى عن
إبراهيم بن عمر اليماني عن أبي الطفيل عن أبي جعفر عليه السالم قال جاء رجل إلى أبي على بن الحسين عليهما
السالم فقال إن ابن عباس يزعم أنه يعلم كل آية نزلت في القرآن في أي يوم نزلت وفي من نزلت فقال أبي عليه
السالم سله فيمن نزلت {ومن كان في هذه أعمى فهو في اآلخرة أعمى وأضل سبيالً} وفيمن نزلت{ :ال ينفعكم نصحي
إن أردت أن أنصح لكم إن كان هللا يريد أن يغويكم} [هود ]34 :وفيمن نزلت {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا
ورابطوا} [آل عمران ]200 :فأتاه الرجل فسأله ،فقال وددت أن الذي أمرك بهذا واجهني به فاسأله عن العرش مم
خلقه هللا ومتى خلق؟ وكم هو وكيف هو؟ فانصرف الرجل إلى أبي فقال أبي فهل أجابك باآليات؟ فقال ال.
قال أبي :لكن أجيبك فيها بعلم ونور غير مدع وال منتحل أما قوله :ومن كان في هذه أعمى فهو في اآلخرة أعمى
وأضل سبيالً ففيه نزل وفي أبيه ،وأما قوله :وال ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم ففي أبيه نزلت وأما األخرى
ففي أبيه (ابنه ك) نزلت وفينا ،ولم يكن الرباط الذي أمرنا به وسيكون ذلك من نسلنا المراب ومن نسله المراب ،وأما
ما سأل عنه من العرش مم خلقه هللا ،فإن هللا خلقه أرباعاً ،لم يخلق قبله إال ثالثة أشياء الهواء والقلم والنور ،ثم خلقه
من ألوان أنوار مختلفة ،ومن ذلك النور نور أخضر ومنه اخضرت الخضرة ونور أصفر منه اصفرت الصفرة ،ونور
أحمر منه احمرت الحمرة ،ونور أبيض وهو نور األنوار ،ومنه ضوء النهار ثم جعله سبعين ألف طبق غلظ كل طبق
ألول (كاول ك) العرش إلى أسفل السافلين وليس من ذلك طبق إال ويسبح بمد ربه ويقدسه بأصوات مختلفة وألسنة
غير مشتبهة لو أذن للسان واحد فاسمع شيئاً مما في تحته لهدم الجبال والمدائن والحصون وكشف البحار ولهلك ما
دونه ،له ثمانية أركان يحمل كل ركن منها من المالئكة ما ال يحصي عددهم إال هللا يسبحون الليل والنهار ال يفترون
ولو أحس حس (ولو أحسر -ك) شيء مما فوقه ما قام لذلك طرفة عين ،بينه وبين ِ
اإلحساس الجبروت والكبرياء
والعظمة والقدس والرحمة والعلم وليس وراء هذا مقال لقد طمع الحاير في غير مطمع أما إن في صلبه وديعة قد
ذرأت لنار جهنم فيخرجون أقواماً من دين هللا وستصبغ األرض بدماء فراخ من أفراخ محمد تنهض تلك الفراخ في
غير وقت وتطلب غير مدرك وتراب الذين آمنوا ويصبرون ويصابرون حتى يحكم هللا بيننا وهو خير الحاكمين.
قال أبوعبد هللا عليه السالم أيضاً :ومن كان في هذه أعمى فهو في اآلخرة أعمى وأضل سبيالً قال نزلت فيمن
يسوف الحج حتى مات ولم يحج فهو أعمى فعمي عن فريضة من فرايض هللا قوله{ :وإن كادوا ليفتنونك عن الذي
أوحينا إليك لتفتري علينا غيره} قال يعني أمير المؤمنين عليه السالم {إذاً التخذوك خليالً} أي صديقاً لو أقمت غيره.
قال{ :ولوال أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليالً إذاً ألذقناك ضعف الحياة وضعف الممات} [ ]75-74من يوم
الموت إلى أن تقوم الساعة.
قال{ :وإن كادوا ليستفزونك من األرض} يعني أهل مكة {ال يلبثون خالفك إال قليالً} حتى قتلوا ببدر.
أما قوله{ :أقم الصالة لدلوك الشمس إلى غسق الليل} قال :دلوكها زوالها وغسق الليل انتصافه {وقرآن الفجر} صالة
الغداة {إن قرآن الفجر كان مشهوداً} قال تشهده مالئكة الليل ومالئكة النهار.
ِ ِ َّ َّ
َو ِم َن اْللْي ِل َفتَ َه َّج ْد ِبه َنافَل ًة ل َك َع َس ٰى أَن َي ْب َعثَ َك َرب َ
ُّك َمَقاماً َّم ْح ُمودًا
قال{ :ومن الليل فتهجد به نافلة لك} قال :صالة الليل وقال :سبب النور في القيامة الصالة في جوف الليل وأما
قوله{ :عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً} فإنه حدثني أبي عن الحسن ابن محبوب عن زراعة (زرعة خ ل) عن
سماعة عن أبي عبد هللا عليه السالم قال :سألته عن شفاعة النبي صلى هللا عليه وآله يوم القيامة فقال :يلجم الناس
يوم القيامة العرق فيقولون :انطلقوا بنا إلى آدم يشفع لنا عند ربنا فيأتون آدم ،فيقولون :يا آدم اشفع لنا عند ربك
فيقول :إن لي ذنباً وخطيئة فعليكم بنوح فيأتون نوحاً فيردهم إلى من يليه ويردهم كل نبي إلى من يليه حتى ينتهوا إلى
طاناً َّن ِ
اج َعل ّلِي ِمن َّل ُد ْن َك ُسْل َ ِ ص ْد ٍق وأ ْ ِ
وُقل َّر ِب أ َْد ِخْلِني م ْدخل ِ
صي اًر َخ ِر ْجني ُم ْخ َرَج ص ْد ٍق َو ْ َ ُ ََ ّ َ
{وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطاناً نصي اًر} فإنها نزلت يوم فتح مكة
لما أراد رسول هللا صلى هللا عليه وآله دخولها أنزل هللا قل يا محمد ادخلني مدخل صدق اآلية وقوله :سلطاناً نصي اًر
أي معين ًا.
ِ ِ
آء اْل َح ُّق َوَزَه َق اْلَباط ُل ِإ َّن اْلَباط َل َك َ
ان َزُهوقاً َوُق ْل َج َ
{وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً} فارتجت مكة من قول أصحاب رسول هللا صلى هللا عليه وآله:
جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً.
َه َد ٰى َسِبيالً
َعَل ُم ِب َم ْن ُه َو أ ْ اكَلِت ِه َف َرب ُ
ُّك ْم أ ْ
ُقل ُك ٌّل يعمل عَلى َش ِ
َْ َ ُ َ ٰ ْ
قوله{ :قل كل يعمل على شاكلته} قال :على نيته {فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيالً} فإنه حدثني أبي عن جعفر بن
إبراهيم عن أبي الحسن الرضا عليه السالم قال :إذا كان يوم القيامة أوقف المؤمن بين يديه فيكون هو الذي يتولى
حسابه فيعرض عليه عمله فينظر في صحيفته ،فأول ما يرى سيئاته فيتغير لذلك لونه وترتعش فرائصه وتفزع نفسه،
ثم يرى حسناته فتقر عينه وتسر نفسه وتفرح روحه ،ثم ينظر إلى ما أعطاه هللا من الثواب فيشتد فرحه ثم يقول هللا
للمالئكة هلموا الصحف التي فيها األعمال التي لم يعملوها ،قال :فيقرؤنها ثم يقولون وعزتك إنك لتعلم أنا لم نعمل
منها شيئاً ،فيقول :صدقتم نويتموها فكتبناها لكم ثم يثابون عليها.
الرو ُح ِم ْن أ َْم ِر َرّبِي َو َمآ أُوِتيتُم ِّم َن اْل ِعْل ِم ِإالَّ َقلِيالً
الرو ِح ُق ِل ُّ
ون َك َع ِن ُّ
َوَي ْسأَُل َ
أما قوله{ :ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي} فإنه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن أبي بصير عن أبي
عبد هللا عليه السالم قال :هو ملك أعظم من جبرائيل وميكائيل وكان مع رسول هللا صلى هللا عليه وآله وهو مع
األئمة وفي خبر آخر هو من الملكوت.
يل َو ِعَن ٍب َفتَُف ِّج َر األ َْن َه َار ِخالَل َها ض َي ْنُبوعاً * أ َْو تَ ُكو َن َل َك َجَّن ٌة ِّمن
َّن ِخ ٍ وَقاُلوْا َلن ُّن ْؤ ِم َن َل َك َحتَّ ٰى تَْف ُج َر َلَنا ِم َن األ َْر ِ
َ
ف أ َْو* أَو ي ُكو َن َلك بي ٌت ِمن ُز ْخر ٍ ِ ِ ِ
اَّلل َواْل َمالئ َكة َقِبيالً ِ ِ
آء َك َما َزَع ْم َت َعَل ْيَنا ك َسفاً أ َْو تَأْتي ِب َّ ِ
تَْف ِجي اًر * أ َْو تُ ْسق َ َّ
ُ َ َْ ّ ْ َ َ الس َم َ
نت ِإالَّ َب َش اًر َّرُسوالً
ان َرّبِي َه ْل ُك ُ
ِ ِ تَرَقى ِفي َّ ِ
الس َمآء َوَلن ُّن ْؤ ِم َن ل ُرِقِّي َك َحتَّى تَُنِّزَل َعَل ْيَنا كتَاباً َّنْق َرُؤهُ ُق ْل ُس ْب َح َ ْ ٰ
أما قوله{ :وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من األرض ينبوعاً} [ ]90فإنها نزلت في عبد هللا بن أبي أمية أخي أم
سلمة رحمة هللا عليها وذلك أنه قال هذا لرسول هللا بمكة قبل الهجرة ،فلما خرج رسول هللا صلى هللا عليه وآله إلى فتح
مكة استقبله عبد هللا بن أبي أمية فسلم على رسول هللا صلى هللا عليه وآله فلم يرد عليه السالم فأعرض عنه ولم
يجبه بشيء وكانت اخته ام سلمة مع رسول هللا صلى هللا عليه وآله فدخل إليها فقال :يا اختي إن رسول هللا صلى هللا
عليه وآله قد قبل إسالم الناس كلهم ورد علي إسالمي وليس يقبلني كما قبل غيري فلما دخل رسول هللا صلى هللا عليه
وآله إلى أم سلمة قالت بأبي أنت وأمي يا رسول هللا صلى هللا عليه وآله سعد بك جميع الناس إال أخي من بين قريش
والعرب رددت إسالمه وقبلت اسالم الناس كلهم ،فقال رسول هللا صلى هللا عليه وآله" :يا أم سلمة إن أخاك كذبني
قوله{ :قل لو كان في األرض مالئكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكاً رسوالً} [ ]95فإنه حدثني أبي
عن أحمد بن النضر عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السالم قال :بينا رسول هللا صلى هللا عليه
وآله جالس وعنده جبرائيل إذ حانت من جبرائيل عليه السالم نظرة قبل السماء فامتقع لونه حتى صار كأنه كركمة ثم
الذ برسول هللا صلى هللا عليه وآله ،فنظر رسول هللا صلى هللا عليه وآله إلى حيث نظر جبرائيل فإذا شيء قد مأل ما
بين الخافقين مقبالً حتى كان كقاب من األرض ثم قال :يا محمد إني رسول هللا إليك أخبرك أن تكون ملكاً رسوالً
أحب إليك أو تكون عبداً رسوالً فالتفت رسول هللا صلى هللا عليه وآله إلى جبرائيل وقد رجع إليه لونه ،فقال جبرائيل:
أما قوله{ :ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات} فقال :الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والحجر والعصا ويده
والبحر.
قوله يحكى قول موسى {وإني ألظنك يا فرعون مثبو اًر} أي هالكاً تدعو بالثبور.
في رواية أبي الجارود في قوله{ :فأراد أن يستفزهم من األرض} [ ]103أي أراد أن يخرجهم من األرض وقد علم
فرعون وقومه ما أنزل تلك اآليات إال هللا وأما قوله{ :فإذا جاء وعد اآلخرة جئنا بكم لفيفاً} [ ]104يقول جميعاً وفي
رواية علي بن إبراهيم {فأراد} يعني فرعون {أن يستفزهم من األرض} أي يخرجهم من مصر {فأغرقناه ومن معه جميعاً
وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا األرض فإذا جاء وعد اآلخرة جئنا بكم لفيفاً} أي من كل ناحية.
قوله{ :وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث} أي على مهل {ونزلناه تنزيالً}.
ين أُوتُوْا اْل ِعْلم ِمن َقْبلِ ِه ِإ َذا ُي ْتَل ٰى َعَل ْي ِه ْم َي ِخُّرو َن لِألَ ْذَق ِ
ان ُس َّجداً َّ ِ ِ ِ
ُق ْل آمُنوْا ِبه أ َْو الَ تُ ْؤ ِمُنوْا ِإ َّن الذ َ
َ
قال :يا محمد {قل آمنوا به أو ال تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبله} يعني من أهل الكتاب الذين آمنوا برسول هللا
{إذا يتلى عليهم يخرون لألذقان سجداً} قال :الوجه.
{ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعوالً ويخرون لألذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً} [ ]109-108وهم قوم من
أهل الكتاب آمنوا باهلل.
حدثني أبي عن الصباح عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد هللا عليه السالم في قوله{ :وال تجهر بصالتك وال
تخافت بها} قال :الجهر بها رفع الصوت والتخافت ما لم تسمع بأذنك واق أر ما بين ذلك وحدثني أبي عن الصباح عن
إسحاق بن عمار عن أبي عبد هللا عليه السالم في قوله{ :وال تجهر بصالتك وال تخافت بها} قال :رفع الصوت عالياً
ومخافته ما لم تسمع نفسك ،قال قلت له :رجل بين عينيه قرحة ال يستطيع أن يسجد عليها قال :يسجد ما بين طرف
شعره فإن لم يقدر سجد على حاجبه األيمن فإن لم يقدر فعلى حاجبه األيسر فإن لم يقدر فعلى ذقنه قلت :على ذقنه
وجل{ :يخرون لألذقان سجداً} وروي أيضاً عن أبي جعفر الباقر عليه السالم في قال :نعم أما تق أر كتاب هللا َّ
عز َّ
وُق ِل اْلحم ُد ََِّّللِ َّال ِذي َلم يتَّ ِخ ْذ وَلداً وَلم ي ُك ْن َّله َش ِريك ِفي اْلمْل ِك وَلم ي ُك ْن َّله ولِ ٌّي ِمن ُّ
الذ ِّل َوَكِّب ْرهُ تَ ْكِبي اًر ُ َ َّ ُ َ ْ َ ٌ ُ ْ َ َ َ َ َْ َ
قال{ :وقل الحمد هلل الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبي اًر} قال :لم
يذل فيحتاج إلى ولي فينصره.