You are on page 1of 1627

‫حقائق التفسير‬

‫سورة الفاتحة (من اآلية ‪ 1‬الى اآلية ‪)1‬‬

‫الرِحيـ ِم‬ ‫ِبس ِم هللاِ َّ‬


‫الر ْح ٰم ِن َّ‬

‫بدءا‪.‬‬ ‫الرح ٰم ِن َّ ِ‬
‫الرحيـمِ} إشارة إلى المودة ً‬ ‫قال أبو القاسم الحكيم‪{ :‬بسم هللا َّ ْ‬

‫ُحكى عن العباس بن عطاء أنه قال‪ :‬الباء بره ألرواح األنبياء بإلهام الرسالة والنبوة‪ ،‬والسين سره مع أهل المعرفة‬
‫بإلهام القربة واألنس‪.‬‬

‫والميم منته على المريدين بدوام نظره إليهم بعين الشفقة والرحمة‪.‬‬

‫الرِحيـمِ}‪ :‬بسم هللا هيبته‪ ،‬وفي الرحمن عونه‪ ،‬وفي الرحيم مودته ومحبته‪ .‬وقيل الباء‬
‫الر ْح ٰم ِن َّ‬
‫وقال الجنيد في {بسم هللا َّ‬
‫في {بسم هللا} باهلل ظهرت األنبياء وبه فنيت وبتجليه حسنت المحاسن وباستناره فتحت وسمحت‪.‬‬

‫ُّ‬
‫وصفوا قلوبهم هلل‪،‬‬ ‫وحكى عن الجنيد رحمه هللا أنه قال‪ :‬إن أهل المعرفة نفوا عن قلوبهم كل شئ سوى هللا عز وجل‪،‬‬
‫وكان أول ما وهب هللا تعالى لهم فناهم عن كل شئ سوى هللا قولوا بسم هللا إلينا فانتسبوا ودعوا انتسابكم إلى آدم عليه‬
‫السالم‪.‬‬

‫وقيل أيضاً‪ :‬إن {بسم} لبقاء هياكل الخلق‪ ،‬فلو افتتح كتابه باسمه؛ لذابت تحت حقيقتها الخالئق إال من كان من نبى‬
‫أو ولى‪ ،‬واالسم بنور نعيم الحق على قلوب أهل معرفته‪.‬‬

‫وقيل في {بسم هللا}‪ :‬إنه صفاة أهل الحقيقة لئال يتزينوا إال بالحق‪ ،‬وال يقسموا إال به‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال أبو بكر بن طاهر‪ :‬الباء سر هللا بالعارفين‪ ،‬والسين السالم عليهم‪ ،‬والميم محبته لهم‪.‬‬

‫وروى عن النبي صلى هللا عليه وسلم ْ‬


‫إن صح هذا‪ ،‬الباء بهاؤه والسين سناؤه‪ ،‬والميم مجده‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬إن الباء في {بسم هللا} إلينا وصلهم إلى {بسم هللا}‪.‬‬

‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم اإلسكندرانى يقول‪ :‬سمعت أبا جعفر الملطى يذكر عن على بن‬
‫القاسم موسى الرضا عن أبيه عن جعفر بن محمد عليه السالم قال‪{ :‬بسم} الباء بقاؤه والسين أسماؤه والميم ملكه‪،‬‬
‫فإيمان المؤمن ذكره ببقائه وخدمة المريد ذكره بأسمائه‪ ،‬والعارف عن المملكة بالمالك لها‪.‬‬

‫أسر بها النبي صلى هللا‬


‫وقال أيضاً‪{ :‬بسم} ثالثة أحرف‪ :‬باء وسين وميم فالباء باب النبوة‪ ،‬والسين سر النبوة الذي َّ‬
‫عليه وسلم به إلى خواص أمته‪ ،‬والميم مملكة الدين الذى أنعم به لألبيض واألسود‪ ،‬وأما {هللا} فإن محمد بن موسى‬
‫الواسطى قال‪ :‬ما دعى هللا أحد باسم من أسمائه‪ ،‬إال ولنفسه في ذلك نصيب إال قوله {هللا}‪ ،‬فإن هذا االسم يدعوه‬

‫عوضا عند الدعاء إال {هللا}‪ ،‬فإنه اسم تفرد الحق‬


‫ً‬ ‫إلى الوحدانية وليس للنقص فيه نصيب‪ ،‬وقيل‪ :‬كل أسمائه تقتضى‬
‫به‪ .‬وقيل‪ :‬كل من قال‪{ :‬هللا} فمن عادة قالها إال من غيب عن شاهده‪ ،‬وقام الحق بتوليته عنه‪ ،‬عند ذاك زالت العيوب‬
‫والزلل‪.‬‬

‫وقال الحسين‪ :‬بسم هللا منك منزلة "كن" منه فإذا أحسنت أن تقول‪{ :‬بسم هللا} وأنكرت فيه فضل من هللا أن تقول هللا‬
‫وأنتم عند الغفلة والحيرة تحققت األشياء بقولك {بسم هللا} كما يتحقق له كن‪.‬‬

‫وحكى عن الشبلى أنه قال‪ :‬ما قال هللا أحد سوى هللا‪ ،‬فإن كل من قاله قاله بحظ و َّأنى يدرك الحقائق الحظوظ‪.‬‬
‫ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال أبو سعيد الخراز في كتاب درجات المريدين‪ :‬ومنهم من جاوز نسيان حظوظ نفسه‪ ،‬فوقع في نسيان حظه من هللا‬
‫ونسيان حاجته إلى هللا فهو يقول‪ :‬ال أوركها أريد وما أقواه وما أنا ومن أين أنا‪ ،‬ضاع اسمى فال اسم لى‪ ،‬وجهلت فال‬
‫علم لى‪ ،‬وضللت فال جهل لى‪ ،‬وأسوق إلى من يعرف أقول فيساعدنى فيما أقول‪ ،‬وإذا قيل ألحدهم ما تريد قال‪ :‬هللا‬
‫وما تقول هللا قال وما علمت قال‪ :‬هللا فلو تكلمت جوارحه لقالت‪ :‬هللا وأعضاؤه ومفاصله ممتلئة من نور هللا المخزون‬
‫عنده‪ ،‬ثم يصيرون فى القرب إلى غاية ال يقدر أحد منهم أن يقول هللا؛ ألنه ورد في الحقيقة على الحقيقة ومن هللا‬
‫على هللا وال حيرة‪ ،‬ومعناه ال حيرة فيما فيه الحيرة‪.‬‬

‫وسئل الحسين بن منصور هل ذكره أحد على الحقيقة فقال‪ :‬كيف يذكر على الحقيقة من ال أمد لكونه وال علة لفعله‬ ‫ُ‬
‫هدك له من األسماء معناها والحروف مجراها إذ الحروف مبدوعة واألنفاس مصنوعة‪،‬‬ ‫كدك‪ ،‬وال لغيبه َّ‬
‫ليس له ُّ‬
‫والحروف قول القائل تنزغن ذلك من األحوال خلقة‪ ،‬رجع الوصف في الموصف‪ ،‬وعمى العقل عن الفهم‪ ،‬والفهم عن‬
‫الدرك‪ ،‬والدرك عن االستنباط‪ ،‬ودار الملك في ِ‬
‫الملك‪ ،‬وانتهى المخلوق إلى‬ ‫ُ ُ‬

‫مثله‪ ،‬عدا قدره الظن‪ ،‬ودها نوره الغيبة‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬إن األلف األول من اسمه هللا ابتداؤه‪ ،‬والالم األول الم المعرفة‪ ،‬والالم الثاني الم اآلالء والنعماء والسطر الذي‬
‫بين الالمين معانى مخاطبات األمر والنهى‪ ،‬والهاء نهاية مما تكن العبادة عنه من الحقيقة ال غير‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬إن األلف آالء هللا‪ ،‬والالم لطف هللا والالم الثانى لقاء هللا والهاء هيبة بآالء هللا َفَولِ َه به المحبون والمشتاقون‬
‫حين عجزوا عن علم شئ منه‪.‬‬

‫وحكى أن أبا الحسين النورى بقى في منزله سبعة أيام لم يأكل ولم ينم ولم يشرب‪ ،‬ويقول في وَل ِهه ودهشه‪ :‬هللا هللا‪،‬‬
‫وهو قائم يدور فأُخبر الجنيد بذلك فقال‪ :‬انظروا أمحفوظ عليه أوقاته أم ال؟ فقيل‪ :‬إنه يصلى الفرائض فقال‪ :‬الحمد هلل‬
‫الذى لم يجعل للشيطان عليه سبيالً ثم قال‪ :‬قوموا حتى نزوره إما نستفيد منه أو نفيده فدخل عليه وهو في ولهه قال‪:‬‬
‫على فقال له الجنيد‪ :‬انظر هل قولك هللا هللا أم قولك قولك إن‬
‫يا أبا الحسين ما الذي دهاك؟ قال‪ :‬أقول‪ :‬هللا هللا زيدوا َّ‬
‫كنت القائل هللا فاهلل ولست القائل له وإن كنت تقوله بنفسك فأنت مع نفسك فما معنى الوله فقال‪ :‬نعم الود فسكنت‬
‫ضدا‪.‬‬
‫وسكن عن ولهه فكان الشبلى يقول‪ :‬هللا فقيل له لم ال يقول ال إله إال هللا؟ فقال‪ :‬ال أنفى به ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقيل في قوله‪ :‬هللا هو المانع الذى يمنع الوصول إليه لما امتنع هذا االسم عن الوصول إليه حقيقة كانت اللذات أشد‬
‫امتناعاً لعجزهم في إظهار اسم هللا‪ ،‬ليعلموا بذلك عجزهم عن ذكر ذاته‪.‬‬

‫وقيل في قوله هللا‪ :‬األلف إشارة إلى الوحدانية والالم إشارة إلى محو اإلشارة‪ ،‬والالم الثانى إشارة إلى محو المحو في‬
‫كشف الهاء‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬إن اإلشارة في األلف هو قيام الحق بنفسه وانفصاله عن جميع خلقه وال اتصال له بشئ من خلقه كامتناع‬
‫األلف أن يتصل بشئ من الحروف ابتداء بل تتصل الحروف به على حد االحتياج إليه واستغنائه عنها‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬إنه ليس من أسماء هللا عز وجل اسم يبقى على إسقاط كل حرف منه اسم‬

‫هللا إال هللا فإنه هللا‪ ،‬فإذا أسقطت منه األلف يكون {هللا} فإذا أسقطت إحدى الميه يكون "له" فإذا أسقطت الالمين بقى‬
‫"الهاء" وهو غاية اإلشارات‪.‬‬

‫وأما َوَل ِه الخلق في تولهم فمنهم من َولِ َه سره في عظمة جالله‪ ،‬ومنهم من َولِ َه قلبه في وجوه معرفته‪ ،‬ومنهم من َولِ َه‬
‫لسانه بدوام ذكره‪.‬‬

‫وحكى عن ابن الشبلى قال في تجلى الجنيد في ولهه‪ :‬هللا فقال له الجنيد‪ :‬يا أبا بكر الغيبة حرام أى أن ذكر الغائب‬
‫غائبا فالذكر غيبه وإن كنت تذكره عن مشاهدة فهو ترك الحرمة‪.‬‬
‫غيبة فإن كنت ً‬

‫وقيل‪ :‬من قال هللا بالحروف‪ ،‬فإنه لم يقل هللا ألنه خارج عن الحروف والخصوص واألوهام ولكن رضى منك بذلك‬
‫ألنه ال سبيل إلى توحيده من حيث ال حال وال قال‪.‬‬

‫وقيل إن معنى قول هللا‪ :‬إن األسماء كلها داخل فى هذا االسم وخارج منه‪ ،‬يخرج من هذا االسم معنى األسماء كلها‬
‫وال يخرج هذا االسم من اسم سواه وذلك أن هللا عز وجل يفرد به االسم دون خلقه وشارك خلقه في اشتقاقات أساميه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال بعض البغدادين‪ :‬ليس هللا ما يبدو لكم وبكم ووهللا وهللا ما هذا فهو هللا هذه حروف تبدو لكم وبكم‪ ،‬فإذا انظهر‬
‫انتقيت فمعناه ها هو هللا‪ ،‬وقال أبو العباس بن عطاء‪ :‬قوله {هللا} هو إظهار هيبته وكبريائه‪.‬‬

‫وكتب أبو سعيد الخراز إلى بعض إخوانه‪ :‬هل هو إال هللا‪ ،‬وهل يقدر أحد أن يقول هللا إال هللا‪ ،‬وهل يرى هللا إال هللا‪،‬‬
‫وهل عرف هللا أو يعرفه إال هللا‪ ،‬وهل كان قبل العبد وقبل الخلق إال هللا‪ ،‬وهل اآلن فى السماوات وفى األرضين وما‬
‫بينهما إال هللا؟ إذ لم تكونوا فكونوا باهلل وهلل‪.‬‬

‫قال أبو سعيد الخراز‪ :‬رأيت حكيماً من الحكماء فقلت له‪ :‬ما غاية هذا األمر قال‪:‬‬

‫هللا‪ .‬قلت‪ :‬فما معنى قولك هللا؟ قال‪ :‬يقول اللهم دلنى عليك وثبتنى عند وجودك وال‬

‫تجعلنى ممن يرضى بجميع ما هو ذلك عوضاً وأقر قرارى عند لقائك‪.‬‬

‫وقال أبو سعيد‪ :‬إن هللا عز وجل أول ما دعا عباده دعاهم إلى كلمة واحدة فمن‬

‫فهمها فقد فهم ما وراءها وهى قوله {هللا} أال يراه يقول قل هو هللا فتم به الكالم ألهل‬

‫بيانا لألولياء فقال‪ :‬الصمد‪ ،‬ثم زاد‬


‫بيانا للخاص فقال‪ :‬أحد‪ ،‬ثم زاد ً‬
‫الحقائق ثم زاد ً‬

‫كفوا أحد‪ ،‬فأهل الحقائق استغنوا‬


‫بيانا للعوام‪ ،‬فقال‪ :‬لم يلد ولم يولد ولم يكن له ً‬
‫ً‬

‫باسمه هللا وهذه الزيادات لمن نزلت مرتبته عن مراتبهم‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬إن كل أسمائه تتهيئ أن يتخلق به إال قوله هللا فإنما هو للتعلق دون التخلق‬

‫وقيل‪ :‬إن اإلشارة في {هللا} هو اتصال الالمين والهاء وانفصال األلف عنه أى إنما‬

‫أشرتم به إلى هللا من ألف التعريف منفصل عنى ال بكم بإياكم‪.‬‬

‫يقولون‪ :‬وما كان من صفاتى فإنه متصل به كلله حيث اتصلت حروفه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سمعت منصو اًر بإسناده عن جعفر أنه قال فى قوله {هللا}‪ :‬إنه اسم تام ألنه أربعة‪:‬‬

‫أحرف األلف وهى عمود التوحيد والالم األول لوح القلم والالم الثانى لوح النبوة‬

‫والهاء النهاية فى اإلشارة‪ ،‬وهللا هو االسم المتفرد ال يضاف إلى شئ بل تضاف األشياء‬

‫كلها إليه‪ ،‬وتفسير المعبود الذى هو إله الخلق منزه عن درك ماهيته واإلحاطة بكيفيته‬

‫وهو المستور عن األبصار‪ ،‬واألفهام والمتحجب بجالله عن اإلدراك‪.‬‬

‫{الر ْح ٰم ِن}‪.‬‬
‫قوله تعالى‪َّ :‬‬

‫باسم الرحمن خرجت جميع الكرامات للمؤمنين مثل اإليمان والطاعات والوالية والعصمة وسائر المنن وكل نعمة تدوم‬
‫وال يستحق أحد من المخلوقين هذا االسم إلن المخلوق عاجز عن إعطاء شئ ألحد يدوم ويبقى‪.‬‬

‫أيضا فإن رحمة الرحمانية للمريدين بها ينفصلون عما دون الرحمن‪ ،‬ولما عمت رحمته في العاجلة على الولى والعدو‬
‫و ً‬
‫في معايشهم وأرزاقهم وغير ذلك سمى رحمن‪.‬‬

‫وقيل فى اسمه الرحمن‪ :‬حالوة المنة ومشاهدة القربة ومحافظة الخدمة‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬إن المحبين يتنعمون بأسرارهم فى رياض معانى اسمه الرحمن فيجتنون منها ثمرة األنس ويشربون منها ماء‬
‫القربة ويتنعمون على ضفاف أنهار القدس ويرجعون منها برؤية اآلالء والنعماء‪ ،‬والخائفون يتلذذون فى قلوبهم فى‬
‫معانى اسمه الرحمن ويتزودون منها حالوة السكون واألمن‪ ،‬والتائبون يتروحون بأسرارهم فى معانى اسمه‬

‫الرحمن فيرجعون منها بصفا السر وطهارة القلوب‪ ،‬والعاصون يمرون على ميادين اسمه‬

‫الرحمن فيرجعون منها بالندم واالستغفار‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال ابن عطاء‪ :‬فى اسمه الرحمن عونه ونصرته‪.‬‬

‫وقال الواسطى‪ :‬الرحمن ال يتقرب إليه أحد إال بصرف رحمانيته‪ ،‬والرحيم يتقرب إليه بالطاعات ألنه يشارك فيه رسول‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يم} [التوبة‪.]128 :‬‬
‫وف َّرح ٌ‬ ‫هللا صلى هللا عليه وسلم وقال‪ِ { :‬باْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين َرُء ٌ‬

‫{الرِحيـمِ}‪.‬‬
‫قوله تعالى‪َّ :‬‬

‫يتسموا‬
‫يقال‪ :‬إن معنى الرحيم هو ما يخرج من الرحمة الرحيمية لمعاش الخلق ومصالح أبدانهم فلذلك لم يمنعوا أن َّ‬
‫بالرحيم ومنعوا بالتسمية بالرحمن‪.‬‬

‫محمدا صلى هللا عليه وسلم في قوله‪{ :‬‬


‫ً‬ ‫وقيل‪ :‬إن معنى الرحيم أى بالرحيم وصلتم إلى هللا وإلى الرحمن والرحيم بعث‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يم } [التوبة‪ ]128 :‬كأن معناه يقول بسم هللا الرحمن الرحيم وبالرحيم محمد وصلتم إلى أن قلتم‬
‫وف َّرح ٌ‬ ‫ِباْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين َرُء ٌ‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‪ ،‬والرحيم هو الذى يقبلك بجميع عيوبك إذا أقبلت عليه‪ ،‬ويحفظك أتم الحفظ فى العاجلة وإن‬
‫ومدبر‪.‬‬
‫ًا‬ ‫أدبرت عنه‪ ،‬الستغنائه عنك مقبالً‬

‫الرِحيـمِ} قال‪:‬‬
‫{الر ْح ٰم ِن َّ‬
‫منصور بإسناده عن جعفر فى قوله َّ‬
‫ًا‬ ‫{الرِحيـمِ} مودته ورحمته‪ ،‬سمعت‬
‫قال ابن عطاء‪ :‬فى اسمه َّ‬
‫هو واقع على المريدين والمرادين‪ ،‬فاسم الرحمن للمرادين الستغراقهم فى األنوار والحقائق‪ ،‬والرحيم للمريدين لبقائهم مع‬
‫أنفسهم واشتغالهم بإصالح الظواهر‪ ،‬والرحمن المنتهى بكرامته إلى ما غاية له ألنه قد أوصل الرحمة باألزل وهو غاية‬
‫بدءا وعاقبة‪ ،‬والرحيم وصل رحمته بالياء والميم‬
‫الكرامة ومنتهاه ً‬
‫وهو ما يتصل به من رحمة الدنيا والهدى واألرزاق‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الفاتحة (من اآلية ‪ 2‬الى اآلية ‪)2‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اْل َح ْم ُد ََّّلل َر ِب اْل َعاَلم َ‬
‫ين‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬معناه الشكر هلل إذا كان منه االمتنان على تعليمنا إياه حتى حمدناه‪.‬‬

‫حمدا هلل إال هللا‪ .‬وقيل الحمد هلل أى‪ :‬أنت المحمود لجميع صفاتك وأحوالك‪.‬‬
‫وقيل معنى الحمد هلل أى‪ :‬ال ً‬

‫قال الواسطى‪ :‬الناس في الحمد على ثالث درجات‪ ،‬قالت العامة‪ :‬الحمد هلل على العادة‪ ،‬وقالت الخاصة الحمد هلل‬
‫شكر على اللذة وقالت اآلية‪ :‬الحمد هلل الذى لم ينزلنا منزلة استقطعنا النعمة عن شواهد ما أشهدنا الحق من حقه‪.‬‬
‫ًا‬

‫وُذكر عن جعفر الصادق فى قوله {اْل َح ْم ُد ََّّللِ} فقال‪َ :‬من حمده بجميع صفاته كما وصف نفسه فقد حمده‪ ،‬ألن الحمد‬
‫حاء وميم ودال فالحاء من الوحدانية والميم من الملك والدال من الديمومة فمن عرفه بالوحدانية والملك والديمومة فقد‬
‫عرفه‪.‬‬

‫ِ‬
‫{ر ِب اْل َعاَلم َ‬
‫ين} فقال الرجل ومن‬ ‫وقال رجل بين يدى الجنيد رحمه هللا‪ :‬الحمد هلل فقال ألتمها كما قال هللا تعالى قل َ‬
‫العالمين حتى يذكر مع الحق فقال قله يا أخى فإن المحدث إذا قرن بالقديم ال يبقى له أثر‪.‬‬

‫وذكر عن عطاء أو غيره أنه قال‪ :‬الحمد هلل إقرار المؤمنين بوحدانيته وإقرار الموحدين بفردانيته وإقرار العارفين‬
‫باستحقاق ربوبيته‪ ،‬فاألول إقرار باإللهية والثانى إقرار بالربوبية والثالث إقرار بالتعظيم‪.‬‬

‫وقيل الحمد‪ :‬هو الثناء هلل فثناء المؤمنين فى قراءة فاتحة الكتاب وثناء المريدين بالذكر في الخلوات وثناء العارفين في‬
‫الشوق إليه واألنس به‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال الحسين‪ :‬ما من نعمة إال والحمد أفضل منها‪ ،‬والحمد النبى صلى هللا عليه وسلم والمحمود هللا‬

‫والحامد العبد والحميد حاله التى توصل بالمريد‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬الحمد هلل رب العالمين عن العالمين قبل العالمين لعلمه بعجز العالمين عن أداء حمد رب العالمين‪.‬‬
‫وقيل ً‬

‫وقيل هذا رحمة للعالمين بإضافته إياهم إليه أنه ربهم‪.‬‬

‫وقيل في الحمد هلل رب العالمين‪ :‬إن الحمد يكون على السراء والضراء والشكر ال يكون إال على النعماء‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬الحمد هلل يكون الستغراق الحامد فى النعمة والشكر الستزاده‪.‬‬

‫وقيل فى قوله‪ :‬الحمد هلل رب العالمين أى منطق العالمين لحمده‪.‬‬

‫وذكر عن ابن عطاء فى قوله الحمد هلل رب العالمين أى‪ :‬مربى أفضل العارفين بنور اليقين والتوفيق وقلوب المؤمنين‬
‫بالصبر واإلخالص وقلوب المريدين بالصدق والوفاء وقلوب العارفين بالفكرة والعبرة‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬رب العالمين أى هو الذى ب أر العالمين بين رحمته الرحمن الرحيم حتى يؤهلهم لتمجيده بقولهم‪ :‬الحمد هلل رب‬
‫العالمين‪ ،‬أى سبق الحمد منى لنفسى قبل أن يحمدنى أحد من العالمين‪ ،‬وحمدى نفسى لنفسى فى األزل لم يكن لعلة‪،‬‬
‫وحمد الخلق إياى‬

‫مشوب بالعلل‪ ،‬وقيل رب العالمين أى‪ :‬ملهم العالمين بحمده وحده‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬لما علم عجز عباده عن حمده حمد نفسه بنفسه فى األزل فاستراح طوق عباده هو محل العجز عن حمده و َّأنى‬
‫ينازع الحدث القدم‪ ،‬أال ترى سيد المرسلين كيف أظهر العجز بقوله " ال أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫‪".‬‬

‫وأنشد‪:‬‬

‫فأنت كما ُنثنى وفوق الذى ُنثنى‬ ‫إذا نحن أثنينا عليك بصالح‬

‫وحمد نفسه باألزل لما علم من كثرة نعمه على عباده وعجزهم عن القيام بواجب حمده فحمد نفسه عنهم؛ لتكون النعمة‬
‫أهنأ لديهم‪ ،‬حيث أسقط عنهم به ثقل رؤية المنة‪.‬‬

‫وسئل جعفر بن محمد عن قوله‪ :‬الحمد هلل رب العالمين قال‪ :‬معناه الشكر هلل فهو المنعم بجميع نعمائه على خلقه‬
‫ُ‬
‫وحسن صنيعته وجميل بالئه‪ ،‬فاأللف الحمد من اآلية وهو الواحد فباآلية أهل معرفته من سخطه وسوء قضائه‪ ،‬والالم‬
‫من لطفه وهو الواحد فبلطفه إذا فهم حالوة عطفه وسقاهم كأس سره والحاء فمن حمده وهو السابق يحمد‬

‫نفسه قبل خلقه‪ ،‬فبسابق حمده استقرت النعم على خلقه وقدروا على حمده‪ ،‬والميم فمن مجده فبجالل مجده زينهم بنور‬
‫قدسه‪ ،‬والدال فمن دينه اإلسالم فهو السالم ودينه اإلسالم وداره السالم وتحيتهم فيها سالم ألهل السالم فى دار‬
‫السالم‪.‬‬

‫سورة الفاتحة (من اآلية ‪ 3‬الى اآلية ‪)3‬‬

‫الرِحي ِم‬
‫الر ْحمـ ِٰن َّ‬
‫َّ‬

‫باإلشراف على أسرار أوليائه والتجلى ألرواح أنبيائه والرحيم بالعطف على أنفس الخالئق برهم وفاجرهم يبسط‬
‫معايشهم فى الدنيا‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬الرحمن خاص االسم خاص الفعل والرحيم عام االسم عام الفعل‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقيل‪ :‬الرحمن بالنعمة والرحيم بالعصمة‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬الرحمن بالتجلى والرحيم بالتولى‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬الرحمن بكشف األنوار والرحيم لحفظ ودائع األسرار‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬الرحمن بذاته والرحيم فى نعوته وصفاته وجل الحق أن يدرك حقيقة أساميه أحد؛ ألن أسماءه بال علة‪ ،‬وإنما‬
‫يظهر للخلق نصيبهم من األسامى ال حقيقة حقه فمن‬

‫بعيدا؛ ألنه أظهر األسامى لإلثبات رحمة لخلقه ال إش ارًفا على‬


‫ظن أنه يفسر أساميه على حقيقة حقه فقد ضل ضالالً ً‬
‫طو َن ِب ِه ِعْلماً } [طه‪ ]110 :‬وكيف يدرك شئ من صفات من الجهات ال‬
‫صفاته ونعوته قال هللا تعالى { َوالَ ُي ِحي ُ‬
‫يضمنه والسمات ال يأخذه واألوقات ال تداوله ومصنوع ٌة ال تجاوله والترجمة ال تجليه واآلداب ال تؤدبه واإلشارات ال‬
‫حال وال ينازعه باك‪ ،‬ال الصفات أوجدته وال األسامى زينته‪،‬‬
‫تدانيه‪ ،‬لم تلتبس به ٌ‬

‫بل هو موجد كل موجود وخالق كل موصوف ‪ -‬جل وتعالى‪-.‬‬

‫اهر وباطناً‪ ،‬فرزق الظاهر األقوات من‬


‫منصور بإسناده يقول عن جعفر قال‪ :‬الرحمن الذى يرزق الخلق ظ ًا‬
‫ًا‬ ‫سمعت‬
‫المأكوالت والمشروبات والعوافى‪ ،‬والباطن العقل والمعرفة والفهم وما ركب فيه من أنواع البدائع كالسمع والبصر والشم‬
‫والذوق واللمس والهمة والظن‪.‬‬

‫سورة الفاتحة (من اآلية ‪ 4‬الى اآلية ‪)4‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫مـٰلِ ِك يو ِم ِ‬
‫الد ِ‬
‫ين‬ ‫َ َْ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬مجازى يوم الحساب كل صنف بمقصودهم وهمتهم‪ُ ،‬يجازى العارفين بالقرب منه والنظر إلى وجهه‬
‫الكريم‪ ،‬ويجازى أرباب المعامالت بالجنات‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬من حق العبيد إذا شاهدوا مليكهم أن ينسوا المملكة عند مشاهدة مليكهم‪.‬‬

‫عالما أنك فى ملكه حيث ما كنت‪.‬‬


‫حذر ً‬‫وقيل‪ :‬إنه لمن يزل وال يزال قلقاً فكن فى الدنيا كما تكون فى اآلخرة‪َ .‬والِهاً ًا‬

‫وقيل‪ :‬ملك يوم الدين‪ ،‬يوم الكشف واإلشهاد { لِتُ ْج َز ٰى ُك ُّل َنْف ٍ‬
‫س ِب َما تَ ْس َع ٰى } [طه‪.]15 :‬‬

‫الوَله والربوبية رؤية المنة‬


‫وقيل‪ :‬إنها خمسة أسامى هلل ورب العالمين والرحمن والرحيم ومالك فاستدعى اإللهية َ‬
‫والرحمن رؤية الشفقة‪ ،‬والرحيم رؤية التعطف‪ ،‬والمالك القطع عن المملكة باالتصال بمالكها‪.‬‬

‫سورة الفاتحة (من اآلية ‪ 5‬الى اآلية ‪)5‬‬

‫ِ‬
‫ين‬
‫َّاك َن ْستَع ُ‬ ‫ِإي َ‬
‫َّاك َن ْعُب ُد َوإِي َ‬

‫على ترك زكاتنا‪ ،‬وأيضاً إياك نعبد بالعمل الخالص أى‪ :‬إياك نعبد بقطع العالئق واألعواض‪ ،‬وإياك نستعين على‬
‫الثبات على هذه الحال فإنا بك ال بنا‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫أيضا إياك نعبد باإلخالص وإياك نستعين على المكاشفة ألس اررنا‪.‬‬
‫و ً‬

‫أيضا إياك نعبد باإلرادة وإياك نستعين عليه بالهمة‪.‬‬


‫و ً‬

‫أيضا إياك نعبد بالعلم وإياك نستعين عليه بالمعرفة‪.‬‬


‫و ً‬

‫أيضا إياك نعبد عبادة َمن يعلم أنه بتوفيقك وتيسيرك قد عبدك وبك نستعين على قبولها وتصحيحها من عندك‪.‬‬
‫و ً‬

‫أيضا إياك نعبد بأمرك وإياك نستعين عليها بفضلك‪.‬‬


‫و ً‬

‫أيضا إياك نعبد بالدعاوى وإياك نستعين أن تسقط عنا الدعاوى تمررنا إلى رياض الحقائق‪.‬‬
‫و ً‬

‫باطنا‪ ،‬إياك نعبد فأسقط بإياك عنا رؤية العبادة‪ ،‬وإياك نستعين فأزل عنا‬
‫ظاهر وإياك نستعين عليها ً‬
‫ًا‬ ‫أيضا إياك نعبد‬
‫و ً‬
‫بإياك رؤية االستعانة‪.‬‬

‫أيضا إياك نعبد فأهلنا لعبادتك وإياك نستعين فال تحرمنا معونتك إياك نعبد فأخلص عبادتنا وإياك نستعين فأعذنا من‬
‫و ً‬
‫رؤية عبادتنا‪.‬‬

‫أيضا إياك نعبد على المشاهدة‪ ،‬وإياك نستعين على النازلة‪.‬‬


‫و ً‬

‫قال الجنيد‪ :‬إن هللا عز وجل خص قوماً بمعرفة عبوديته‪ ،‬فأفردوا له العبودية ثم أخرجهم عن ذلك فعرفوا أنفسهم‪ ،‬وما‬
‫تولى هللا من ذلك لهم فقالوا‪ :‬وإياك نستعين على عبادتنا إذ ال يمكن أداؤها إال بك‪ ،‬فبك عبدنا كذلك‪ ،‬وبك استعنا على‬
‫شكر‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫النعمة فيه‪.‬‬

‫وقال القاسم‪ :‬إياك نعبد بالتوفيق‪ ،‬وإياك نستعين على شكر ما وفقتنا له من عبادتك‪.‬‬

‫سمعت محمد بن عبد هللا بن شاذان يقول‪ :‬سمعت أبا جعفر الفرغلى يقول‪ :‬من أقر بإياك نعبد وإياك نستعين فقد برئ‬
‫من الجبر والقدر‪.‬‬

‫سورة الفاتحة (من اآلية ‪ 6‬الى اآلية ‪)6‬‬

‫يم‬ ‫ِ‬ ‫اه ِدنا ِ‬


‫ط اْل ُم ْستَق َ‬
‫الص َار َ‬ ‫ْ َ‬

‫قيل معناه‪ِ :‬مل بقلوبنا إليك وأقم بهممنا بين يديك وكن دليلنا منك إليك؛ حتى ال ينقطع عما بك لك‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬اهدنا الصراط المستقيم أى‪ :‬أرشدنا إلى طرق المعرفة؛ حتى نستقيم معك بخدمتك فهذا دعاء المريدين فى هذه‬
‫اآلية‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬اهدنا أى‪ :‬أرنا طريق هدايتك كى نستقيم معك على توحيدك فهذا دعاء المؤمنين‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬اهدنا أى‪ :‬أرنا طريق أنسك فنفرح ونطرب بقربك فهذا دعاء العارفين‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقيل‪ :‬اهدنا بك إليك‪ ،‬لنستعين ببدايتك عن وسائط المقامات والمجاهدات‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬اهدنا بفناء أوصافنا فبنا الطريق إلى أوصافك التى لم تزل وال تزال‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬اهدنا بكشف الغفلة عنا طريق الوصول إلى رضاك‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬اهدنا هدى العيان بعد البيان؛ لنستقيم لك على حب إرادتك فينا‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬اهدنا هدى من أنت المتولى لهدايته طريق حقيقة معرفتك؛ لنستقيم لك بفناء أوصافنا فيك‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬اهدنا هدى من يكون منك مبداه؛ حتى يكون إليك منتهاه‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬اهدنا أى‪ :‬اكشف عنا ظلمات أحوالنا لننظر فى خفى غيبك نظرة االستقامة‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬اهدنا الصراط المستقيم بالغيبوبة عن الصراط ليالً يكون من يوطأ بالصراط‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬اهدنا بك وال تشغلنا بموارد الصراط واالستقامة عنك‪.‬‬

‫ُحكى عن أبى عثمان فى قوله‪ :‬اهدنا الصراط المستقيم أى‪ :‬أرشدنا الستعمال السنن فى أداء فرائضك‪.‬‬

‫ُحكى عن ُفضيل بن عياض فى قوله اهدنا الصراط المستقيم قال‪ :‬طريق الحج صراط الذين أنعمت عليهم من األنبياء‬
‫واألولياء غير المغضوب عليهم وال الضالين غير‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫اليهود والنصارى‪ ،‬فإنك قطعت عليهم طريق الحج بقولك‪َ { :‬فالَ َيْق َرُبوْا اْل َم ْس ِج َد اْل َح َر َام } [التوبة‪.]28 :‬‬

‫يم } [األعراف‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫وقيل‪ :‬اهدنا الصراط المستقيم لنستعين بهدايتك على الشيطان‪ ،‬فإنه قال‪ { :‬ألَْقعد َّن َلهم ِ‬
‫ط َك اْل ُم ْستَق َ‬
‫ص َار َ‬ ‫َُ ُ ْ‬
‫‪.]16‬‬

‫وقيل‪ :‬اهدنا الصراط المستقيم وهو االفتقار إليك‪ ،‬كما قيل ألبى حفص النيسابورى رحمه هللا‪ :‬فإذاً تقدم على ربك‪،‬‬
‫قال‪ :‬وما للفقير أن يقدم به على الغنى سوى فقره‪.‬‬

‫وقال سهل بن عبد هللا‪ :‬أرشدنا بمعونتك الطريق إليك‪.‬‬

‫ين‬ ‫َّ ِ‬
‫قيل أليس قد هداه الصراط المستقيم حتى صلى وسأل فقال‪ :‬إنما سأل هللا زيادة هدى‪ ،‬كما قال هللا تعالى‪َ { :‬والذ َ‬
‫اهتَ َد ْوْا َزَاد ُه ْم ُه ًدى } [محمد‪ ]17 :‬بسؤالهم اهدنا الصراط المستقيم‪.‬‬
‫ْ‬

‫وقال الجنيد‪ :‬إن القوم إنما سألوا الهداية من الحيرة التي قدرت عليهم من أسماء صفات األزلية‪ ،‬فسألوا الهداية إلى‬
‫أوصاف العبودية ليالً؛ ليستغرقوا في رؤية صفات األزلية‪.‬‬

‫سورة الفاتحة (من اآلية ‪ 7‬الى اآلية ‪)7‬‬

‫وب عَلي ِهم والَ َّ ِ‬


‫ض ِ‬ ‫ص ار َ َّ ِ‬‫ِ‬
‫ين‬
‫الضآل َ‬ ‫َْ َ‬ ‫ين أ َْن َع ْم َت َعَل ْي ِه ْم َغ ْي ِر اْل َم ْغ ُ‬
‫ط الذ َ‬ ‫َ‬

‫ين أ َْن َع ْم َت َعَل ْي ِه ْم}‪.‬‬ ‫{ص ار َ َّ ِ‬


‫قوله تعالى‪ِ :‬‬
‫ط الذ َ‬ ‫َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫صراط الذين أنعمت عليهم أى‪ :‬مقام الدين‪ .‬أنعمت عليهم بالمعرفة وهم العارفون‪ ،‬وأنعم على األولياء بالصدق‬
‫والرضا واليقين‪ ،‬وأنعم على األبرار بالحلم والرأفة وأنعم‬

‫على المريدين بحالوة الطاعة‪ ،‬وأنعم على المؤمنين باالستقامة‪ ،‬هذا قول ابن عطاء‪.‬‬

‫وحكى عن أبى عثمان أنه قال‪ :‬صراط الذين أنعمت عليهم بأن َعَّرفتهم مهالك الصراط ومكايد الشيطان وخيانة‬
‫ُ‬
‫النفس‪.‬‬

‫وحكى عن محمد بن الفضل أنه قال‪ :‬صراط الذين أنعمت عليهم لقبول ما افترضت عليهم‪.‬‬
‫ُ‬

‫وقال أبو الحسن الوراق‪ :‬صراط الذين أنعمت عليهم بالعناية على االستقامة فى طريق مناجاتك‪.‬‬

‫وقال بعضهم صراط الذين أنعمت عليهم فى سابق األزل بالسعادة‪.‬‬

‫وحكى عن بعض البغداديين أنه قال‪َ :‬من أفنيته عن النظر إلى النعمة بدوام التنعم بقربك ومؤانستك‪.‬‬
‫ُ‬

‫وقال بعضهم‪ :‬صراط الذين أنعمت عليهم بالنظر إلى جريان ما جرى عليهم فى األزل فلم يشغلهم كشف ذلك لهم عن‬
‫الشغل بك‪.‬‬

‫ين أ َْن َع ْم َت َعَل ْي ِه ْم} فقال‪ :‬متابعة النبى صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬ ‫{ص ار َ َّ ِ‬
‫وحكى عن مالك بن أنس أنه سئل عن قوله ِ‬
‫ط الذ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫وقال بعضهم‪ :‬صراط الذين أنعمت عليهم باإليمان والهداية والتوفيق والرعاية والمراقبة والكالءة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال جعفر بن محمد‪ :‬صراط الذين أنعمت عليهم بالعلم بك والفهم عنك‪.‬‬

‫وقال بعض البغداديين‪ :‬صراط الذين أنعمت عليهم بفناء حظوظهم وقيامهم معك حسن األدب‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬صراط الذين أنعمت عليهم بمشاهدة المنعم بغير النعمة‪.‬‬

‫اه َرًة َوَبا ِطَن ًة }‬


‫ظِ‬ ‫َسَب َغ َعَل ْي ُك ْم ِن َع َم ُه َ‬
‫باطنا‪ .‬قال هللا تعالى { َوأ ْ‬
‫ظاهر واإليمان ً‬
‫ًا‬ ‫وقيل‪ :‬صراط الذين أنعمت عليهم باإلسالم‬
‫[لقمان‪ ]20 :‬وقيل‪ :‬صراط الذين أنعمت عليهم بإزالة ظلمات األكوان عن سرائرهم وطهرت أرواحهم بنور قدسك‬
‫فشاهدوك بهممهم‪ ،‬ولم يشاهدوا معك سواك‪.‬‬

‫وقال محمد بن على‪ :‬صراط الذين أنعمت عليهم قال الذين زممت جوارحهم بالهيبة عند خدمتك‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬صراط الذين أنعمت عليهم من غيبك المستتر بأنوار هدايتك‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬صراط الذين أنعمت عليهم بعبادتك على المشاهدة‪ .‬كما روى عن النبى صلى هللا عليه وسلم " أن تعبد هللا‬
‫كأنك تراه‪".‬‬

‫السنة‪.‬‬
‫وسئل سهل بن عبد هللا عن قوله صراط الذين أنعمت عليهم قال‪ :‬متابعة ُّ‬
‫ُ‬

‫وقيل أيضاً‪ :‬صراط الذين أنعمت عليهم بأن أذنت لهم فى مناجاتك وسؤالك‪.‬‬

‫أخبرنا نصر بن محمد األندلسى قال‪ :‬حدثنا أبو عمر أحمد بن هالل بن نزار العطار قال‪ :‬حدثنا الحسن بن محمد بن‬
‫حيان الفريانى قال‪ :‬حدثنا أحمد بن عبد الواحد قال‪:‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫حدثنا محمد بن ميمون قال حدثنا معاذ بن هالل قال‪ :‬حدثنا إسماعيل بن حسام عن الحسن فى قوله صراط الذين‬
‫أنعمت عليهم قال‪ :‬أبو بكر وعمر رضى هللا عنهم‪.‬‬

‫وب عَلي ِهم والَ َّ ِ‬


‫ض ِ‬
‫ين}‪.‬‬
‫الضآل َ‬ ‫َْ َ‬ ‫{غ ْي ِر اْل َم ْغ ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬غير المخذولين وال المطرودين وال المهانين وال الضالين الذين ضلوا عن طريق هدايتك ومعرفتك‬
‫وسبيل واليتك‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬غير المغضوب عليهم فى طريق الهلكى‪ ،‬وال الضالين عن طريق الهدى باتباع الهوى‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬غير المغضوب عليهم المستهلكين فى مفاوز الشيطان‪ ،‬وال الضالين المطرودين عن طاعة الرحمن‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬غير المغضوب عليهم برؤية األفعال وال الضالين عن رؤية المنن‪ ،‬وقيل غير المغضوب عليهم بطلب‬
‫األعواض على أعمالهم وال الضالين عن طريق الشكر بتيسير‬

‫الخدمة عليهم‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬غير المغضوب عليهم بترك حسن األدب فى أوقات القيام بخدمتك‪ ،‬وال الضالين عن‪ ...‬فيستغفر وينيب‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬غير المغضوب عليهم بالرياء وال الضالين بترك السنن فى أركان العبادات‪.‬‬

‫وقال أبو عثمان‪ :‬غير المغضوب عليهم بترك قراءة هذه السورة فى صلواتهم‪ ،‬وال الضالين عن ترك قراءتها‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬غير المغضوب عليهم بأن وكلتهم إلى أنفسهم وال الضالين بقطعك االعتصام عنهم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقيل‪ :‬غير المغضوب عليهم باتباع البدع وال الضالين عن سنن الهدى والسنة فى قول القائل آمين بعد قراءة هذه‬
‫السورة فى صالته والجهر به‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬أى كذلك فافعل وال تكلنى إلى نفسى طرفة عين‪.‬‬

‫وقال جعفر‪ :‬آمين أى‪ :‬قاصدين نحوك وأنت أكرم من أن تجيب قاصدك‪.‬‬

‫وقال الجنيد رحمه هللا‪ :‬معنى آمين أى‪ :‬عاجزين عن بلوغ الثناء عليك بصفاتنا إال باتباع محمد األمين فيه‪.‬‬

‫وقال بعض العراقيين‪ :‬آمين أى‪ :‬راجين إلجابة هذه الدعوات التى دعوتك بها‪.‬‬

‫وقال بعضهم مستقيلين من جميع اسؤَلِتنا؛ ألن حسن اختيارك لنا خير من اختيارنا‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬آمين أى‪ :‬راضين بما قضيت علينا ولنا‪.‬‬

‫سورة الفاتحة (من اآلية ‪ 0‬الى اآلية ‪)0‬‬

‫سورة فاتحة الكتاب‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫"سبع آيات"‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫قيل‪ :‬إنها سميت فاتحة الكتاب ألنه فتح عليك فاتحته لذيذ مناجاته فكانت فاتحة لكل خير‪ ،‬وقيل أيضاً‪ :‬فاتحة‬
‫الكتاب؛ أنه أوائل ما فتحناك من خطابنا‪ ،‬فإن تأدبت وإال ُحرمت لطائف ما بعده من لطائفه‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 1‬الى اآلية ‪)1‬‬

‫الـم‬

‫قيل‪ :‬إن األلف ألف الوحدانية والالم الم اللطف والميم ميم الملك‪ .‬معناه‪ :‬من وجدنى على الحقيقة بإسقاط العالئق‬
‫واألغراض فلطفت له فى معناه فأخرجته من رق العبودية إلى الملك األعلى‪ ،‬وهو االتصال بمالك الملك بعد االشتغال‬
‫بشئ من الملك‪.‬‬

‫وقيل {الم}‪ :‬سر الحق إلى حبيبه صلى هللا عليه وسلم وال يعلم سر الحبيب‪ ،‬أال تراه يقول‪ " :‬لو تعلمون ما أعلم " أى‬
‫من حقائق سر الحق وهو الحروف المفردة فى الكتاب‪.‬‬

‫وقيل {الم}‪ :‬معناه أنا هللا أعلم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقيل {الم}‪ :‬معنى األلف أى أفرد سرك لى والالم لين جوارحك لعبادتى والميم أتم معى بحور شوقك وصفاتك أذبتك‬
‫بصفات األنس بى ولمشاهدة آياتى‪ ،‬والقرب منى‪.‬‬

‫وقال سهل بن عبد هللا‪ :‬األلف هو هللا والالم جبريل والميم محمد صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫وقال بعض العراقيين‪َ :‬حيَّر عقول الخلق فى ابتداء خطابه وهو محل الفهم ليعلموا أن ال سبيل ألحد إلى معرفة حقائق‬
‫خطابه إال بعلمهم بالعجز عن معرفة خطابه‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪{ :‬الم} أى‪ :‬أنزلت عليك هذا الكتاب من اللوح المحفوظ‪.‬‬

‫منسى‪ ،‬وسره فى القرآن هذه الحروف فى أوائل السور‪.‬‬


‫ٌّ‬ ‫وقال بعضهم‪ :‬لكل كتاب أنزله هللا على النبيين‬

‫وقيل األلف‪ :‬ألف الوحدانية والالم الم اإللهية والميم ميم المهيمنية‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 2‬الى اآلية ‪)2‬‬

‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اب الَ َرْي َب فيه ُه ًدى لْل ُمتَّق َ‬
‫ين‬ ‫َذل َك اْلكتَ ُ‬

‫اب}‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ذل َك اْلكتَ ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قيل‪ :‬ذلك الكتاب الذى كتبت علىالخلق بالسعادة والشقاوة واألجل والرزق‪ ،‬ال ريب فيه‪ :‬ال مبدل له‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬ذلك الكتاب الذى كتبت فى قلوب أوليائى من محبتى ومعرفتى فى الرضا بموارد قضائى‪ ،‬والكتاب هو العهد‬
‫إلى الحبيب وموضع السر‪ ،‬والنبى صلى هللا عليه وسلم مشرف على أسرار ما خوطب به‪ ،‬واألولياء والصديقون بعده‬
‫على حب معرفتهم وحب الكشف لهم‬

‫عن لطائفه‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬ذلك الكتاب الذى كتبت على نفسى فى األزل " إن رحمتى سبقت غضبى " وقيل ال ريب فيه‪ :‬ال شك فيه لمن‬
‫فتحت سره وزينت قلبه بالفهم عنى‪ ،‬وقيل ال ريب فيه‪ :‬لمن طهرت سره بنور االطالع على لطائف معانيه‪.‬‬

‫ِ ِ‬
‫{ه ًدى لْل ُمتَّق َ‬
‫ين}‪.‬‬ ‫قوله تعالى‪ُ :‬‬

‫حقاً ألهل المعرفة وزيادة بيان وهدى‪.‬‬

‫وقال سهل‪ :‬بيان لمن تكبر أمر حوله وقوته‪.‬‬

‫هدى للمتقين‪ ،‬وصلة للمنقطعين عن األعيان‪.‬‬


‫وقال الجنيد رحمه هللا‪ً :‬‬

‫وقال أبو يزيد رحمه هللا‪ :‬المتقى من إذا قال‪ :‬قال هلل وإذا عمل عمل هلل‪.‬‬

‫وقال الدارانى‪ :‬المتقون الذين نزع من قلوبهم حب الشهوات‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 3‬الى اآلية ‪)3‬‬

‫اه ْم ُي ْنِفُقو َن‬ ‫َّال ِذين يؤ ِمنون ِباْلغي ِب ويِقيمون َّ ٰ‬


‫مما َرَزْقَن ُ‬
‫وة َو َّ‬
‫الصل َ‬ ‫َ ُْ ُ َ َْ َ ُ ُ َ‬

‫ين ُي ْؤ ِمُنو َن ِباْل َغ ْي ِب}‪.‬‬ ‫َّ ِ‬


‫قوله تعالى‪{ :‬الذ َ‬

‫قيل‪ :‬الغيب هو هللا‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬إن اإليمان بالغيب للعام‪ ،‬ألن اإليمان بالغيب قطع عن مغيب الغيب حجبهم بالغيب عن مغيبه‪.‬‬

‫وقال‪ :‬بعض العراقيين‪ :‬الغيب هو مشاهدات الملك بعين الحق‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬الذين يؤمنون بالغيب‪ :‬الذين يصدقون ما أظهره على أوليائك من اآليات والكرامات‪.‬‬

‫وقال أبو يزيد رحمة هللا عليه‪ :‬ال يؤمن بالغيب من لم يكن معه سراج الغيب‪.‬‬

‫مطلعا عليهم فى جميع‬


‫ً‬ ‫وقال بعض العراقيين‪ :‬إنهم بغيب القرآن عاينوا غيب اآلخرة‪ ،‬ثم بغيب الغيب شاهدوا الحق‬
‫األوقات‪ ،‬فغابوا باطالعه عليهم مشاهدة عن مشاهدة كل ما سواه‪ ،‬فهم قائمون معه على المشاهدة‪ ،‬وهذا هو اإليمان‬
‫بالغيب‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال فارس‪ :‬اإليمان بالغيب تعظيم الحقيقة وصون الشريعة والرضا بالقضية‪ ،‬حتى تستيقن أن ليس لك من األمر‬
‫شىء‪.‬‬

‫الة}‪.‬‬ ‫يمو َن َّ‬ ‫قوله تعالى‪ِ :‬‬


‫الص َ‬ ‫{وُيق ُ‬
‫َ‬

‫وباطنا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ظاهر‬
‫ًا‬ ‫وإقامتها‪ :‬حفظ حدودها‬

‫وقال بعضهم‪ :‬النية فى إقامة الصالة أى‪ :‬ال أواصلك بها وال أواصلك بتركها‪ ،‬ولكنها اتباع األمر والنهى‪.‬‬

‫وقيل ال يكن حظك من صالتك إقامتها دون السرور بما أحلت له من القربة والمناجاة‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬ال يكن همك فيها إقامتها دون الهيبة والتعظيم والخوف عن كيفية إقامتها ورؤية التقصير فيها‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬إقامة الصالة فيها حفظ حدودها مع حفظ السر مع هللا أى‪ :‬ال يختلج بسرك سواه‪.‬‬

‫اه ْم ُي ْنِفُقو َن}‪.‬‬


‫مما َرَزْقَن ُ‬
‫{و َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعض العراقيين‪ :‬فى اإلمساك لذة وفى اإلنفاق لذة‪ ،‬وكل ما يلتذ به العبد فهو يعبد من عين الحق‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬مما رزقناهم ينفقون أى‪ :‬مما خصصناهم به من أنوار المعرفة يفيضون بركتها ونورها على متبعيهم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقيل‪ :‬الذين يؤمنون بالغيب حظ قلبك ويعلمون حظ بدنك‪ ،‬ومما رزقناهم ينفقون حظ مالك معناه تجرد قلبك وتتعب‬
‫بدنك في خدمتى وتنفق مالك فى مرضاتى ألوصلك إلى معرفتى‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 5‬الى اآلية ‪)5‬‬

‫أ ُْوَلـِٰئ َك َعَل ٰى ُه ًدى ِمن َّربِ ِه ْم َوأ ُْوَلـِٰئ َك ُهم اْل ُمْفلِ ُحو َن‬
‫ُ‬
‫الذين لزموا طريق المواصلة باالنفصال عما سوى الحق فأفلحوا فانقطعت الحجب عن قلوبهم فشاهدوا‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 6‬الى اآلية ‪)6‬‬

‫آء َعَل ْي ِه ْم ءأَن َذ ْرتَ ُه ْم أ َْم َل ْم تُْن ِذ ْرُه ْم الَ ُي ْؤ ِمُنو َن‬ ‫َّ ِ‬
‫ِإ َّن الذ َ‬
‫ين َكَف ُروْا َس َو ٌ‬
‫َ‬

‫آء َعَل ْي ِه ْم} اآلية‪.‬‬ ‫َّ ِ‬


‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن الذ َ‬
‫ين َكَف ُروْا َس َو ٌ‬

‫معناه‪ :‬إن الذين ضلوا عن رؤية منتى عليهم فى السبق سواء عليهم من شاهد األعواض فى خدمتى ومن شاهد‬
‫العوض ألخلص سرائرهم‪ ،‬وال يثبت لهم اإليمان الغيبى‪ ،‬وإنما إيمانهم على العادة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 7‬الى اآلية ‪)7‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬


‫يم‬ ‫ص ِرِه ْم غ َش َاوةٌ َوَل ُه ْم َع َذ ٌ‬
‫اب عظ ٌ‬ ‫ِهم َو َعَل ٰى َس ْمعه ْم َو َعَل ٰى أ َْب َٰ‬
‫َّللاُ َعَل ٰى ُقُلوب ْ‬
‫َختَ َم َّ‬

‫ِهم}‪.‬‬
‫َّللاُ َعَل ٰى ُقُلوب ْ‬
‫{ختَ َم َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫فال يقول عن الحق فهوم مخاطباته‪ ،‬على سمعهم فلم يسمعوا منه لذيذ كالمه‪ ،‬وعلى أبصارهم فلم يبصروا المغيبات‬
‫بعين الغرامة‪ ،‬غشاوة غشيتهم ظلمات أنفسهم فلم تضئ لهم أنوار قلوبهم‪ ،‬ولهم عذاب عظيم سكوتهم إلى هذه األحوال‬
‫واكتفاؤهم بها‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬أهل البصر نظروا من هللا إلى األشياء فشاهدوها فى سر القدرة‪ ،‬وأهل النظر استدلوا باألشياء على هللا‬
‫تعالى محجتهم عقولهم واستداللهم عن بلوغ كنه المعرفة باهلل‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 8‬الى اآلية ‪)8‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اس من يُقول آمَّنا ِب َّ ِ‬


‫اَّلل َوبِاْلَي ْو ِم اآلخ ِر َو َما ُهم ِب ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين‬ ‫الن َ َ ُ َ‬
‫و ِم َن َّ ِ‬
‫َ‬

‫قيل فيه‪ :‬إن الناس اسم جنس واسم الجنس ال يخاطب به األولياء‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال بعضهم‪ :‬ليس اإليمان ما يتزين به العبد قوالً وفعالً لكن اإليمان جرى السعادة فى سابق األزل وأما ظهورها على‬
‫الهياكل فربما تكون عوارى وربما تكون حقائق‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 9‬الى اآلية ‪)9‬‬

‫آمُنوا َو َما َي ْخ َد ُعو َن ِإالَّ أ َْنُف َس ُهم َو َما َي ْش ُع ُرو َن‬ ‫يخ ِادعون َّ َّ ِ‬
‫ين َ‬
‫َّللاَ َوالذ َ‬ ‫َُ ُ َ‬

‫{ي َخ ِاد ُعو َن َّ‬


‫َّللاَ‪ }...‬اآلية‪.‬‬ ‫قوله تعالى‪ُ :‬‬

‫قال بعض العراقيين‪ :‬الخداع والمكر تنبيه من جهة شهود السعايات واالكتفاء إلى الطاعات حتى ال يعتقد فيها بأنها‬
‫أسباب الوصول إلى الحق‪ .‬كال‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬إنما يخادع من ال يعرف البواطن‪ ،‬فأما من عرف البواطن فمن دخل معه فى الخداع فإنما يخادع نفسه‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 10‬الى اآلية ‪)10‬‬

‫يم ِب َما َك ُانوا َي ْك ِذُبو َن‬‫َّللا مرضاً وَلهم ع َذ ِ‬


‫اب أَل ٌ‬
‫َ ُ َ ٌ‬
‫ِ‬
‫في ُقُلوب ِِهم َّم َر ٌ‬
‫ض َف َزَاد ُه ُم َّ ُ َ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬في ُقُلوبِ ِهم َّم َر ٌ‬
‫ض}‪.‬‬

‫لخلوها من العصمة والتوفيق والرعاية‪.‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬فى قلوبهم مرض لسكونهم إلى الدنيا وحبهم لها وغفلتهم عن‬

‫وكَل ُه ْم إلى أنفسهم وجمع عليهم هموم الدنيا‪ ،‬فلم يتفرغوا من ذلك إلى‬
‫اآلخرة وإعراضهم عنها‪ ،‬فزادهم هللا مرضاً بأنه َ‬
‫اهتمام الدين‪ ،‬ولهم عذاب أليم باشتغالهم بما يغنى عما يبقى‪.‬‬

‫وقال الجنيد رحمه هللا‪ :‬علل القلب من اتباع الهوى‪ ،‬كما أن علة الجوارح من مرض البدن‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 11‬الى اآلية ‪)11‬‬

‫صلِ ُحو َن‬ ‫ِ‬ ‫يل َل ُهم الَ تُْف ِس ُدوْا ِفي األ َْر ِ‬ ‫ِ‬
‫ض َقاُلوْا إَّن َما َن ْح ُن ُم ْ‬ ‫َوإِ َذا ق َ ْ‬
‫يل َل ُهم الَ تُْف ِس ُدوْا ِفي األ َْر ِ‬
‫ض‪ }...‬اآلية‪.‬‬ ‫ِ‬
‫{وإِ َذا ق َ ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫حسنا‪ ،‬أال إنهم هم المفسدون بعصيان الناصحين لهم‪ ،‬ولكن ال‬


‫باتباع الهوى مصلحون زين لهم سوء أعمالهم فرأوها ً‬
‫يشعرون ألنهم محجوبون عن طرق اإلنابة والهداية‪.‬‬

‫صلِ ُحو َن} قيل من أظهر الدعوى كذب‪ ،‬أال ترى هللا يقول‪{ :‬أَال ِإَّن ُه ْم ُه ُم اْل ُمْف ِس ُدو َن} [اآلية‪:‬‬ ‫ِ‬
‫قوله تعالى {إَّن َما َن ْح ُن ُم ْ‬
‫‪.]12‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 15‬الى اآلية ‪)15‬‬

‫ط ْغَي ِان ِه ْم َي ْع َم ُهو َن‬


‫ِئ ِب ِه ْم َوَي ُمُّد ُه ْم ِفي ُ‬
‫َّللاُ َي ْستَ ْهز ُ‬
‫َّ‬

‫ىء ِب ِه ْم} أى‪ُ :‬ي َح ِسن فى أعينهم قبائح أفعالهم‪.‬‬‫ِ‬


‫{َّللاُ َي ْستَ ْهز ُ‬
‫قوله تعالى‪َّ :‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 17‬الى اآلية ‪)17‬‬

‫ظُل ٰم ٍت الَّ يب ِ‬
‫ص ُرو َن‬ ‫ِ‬ ‫َّللا ِبُن ِ ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫ُْ‬ ‫وره ْم َوتَ َرَك ُه ْم في ُ َ‬ ‫آء ْت َما َح ْوَل ُه َذ َه َب َّ ُ‬
‫َض َ‬
‫استَ ْوَق َد َنا اًر َفَل َّمآ أ َ‬
‫َمَثُل ُه ْم َك َمَثل الذي ْ‬

‫استَ ْوَق َد َنا اًر‪ }...‬اآلية‪.‬‬ ‫ِ َّ ِ‬


‫{مَثُل ُه ْم َك َمَثل الذي ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال أبو الحسن الوراق‪ :‬هذا مثل ضربه هللا عز وجل لمن لم تصح له أحوال اإلرادة بدءاً فارتقى من تلك األحوال‬
‫بالدعاوى إلى أحوال األكابر من يضئ عليه أحوال إرادته لو صححتها بمالزمة آدابها‪ ،‬فلما مزجها بالدعاوى أذهب‬
‫هللا عنه تلك األنوار وبقى فى ظلمات دعاوية ال يبصر طريق الخروج منها‪.‬‬

‫اموْا} [اآلية‪.]20 :‬‬ ‫ِ‬ ‫{كَّلما أَضآء َلهم َّمشوْا ِف ِ‬


‫يه َوإِ َذآ أَ ْ‬
‫ظَل َم َعَل ْيه ْم َق ُ‬ ‫قال الحسن‪ْ َ ْ ُ َ َ َ ُ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال‪ :‬إذا أضاء لهم مرادهم من الدنيا والدين ألقوه‪ ،‬وإذا أظلم عليهم من خالف معقولهم قاموا مجهولين‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 21‬الى اآلية ‪)21‬‬

‫ين ِمن َقْبلِ ُك ْم َل َعَّل ُك ْم تَتَُّقو َن‬ ‫َّ ِ‬ ‫الناس اعبدوْا رب ُ َّ ِ‬


‫َّك ُم الذي َخَلَق ُك ْم َوالذ َ‬ ‫َٰيـأَي َ‬
‫ُّها َّ ُ ْ ُ ُ َ‬

‫َّك ُم}‪.‬‬
‫اعُب ُدوْا َرب ُ‬
‫اس ْ‬ ‫ُّها َّ‬
‫الن ُ‬ ‫{ياأَي َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬وحدوا ربكم‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬أخلصوا عبادة ربكم من غير اتخاذ الشريك فيه‪ ،‬فتوصلكم الوحدانية واإلخالص إلى التقوى‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 22‬الى اآلية ‪)22‬‬

‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َنزل ِمن َّ ِ‬ ‫َّال ِذي َج َع َل َل ُكم األ َْر َ ِ ٰ‬
‫َخ َرَج ِبه م َن الثَّ َم َٰرت ِرْزقاً ل ُك ْم َفالَ تَ ْج َعُلوْا ََّّلل أ َ‬
‫َنداداً‬ ‫آء َفأ ْ‬
‫الس َمآء َم ً‬ ‫آء َوأ َ َ َ‬ ‫السم ِ‬
‫اء بَن ً‬
‫ض ف َرشاً َو َّ َ َ‬ ‫ُ‬
‫َوأ َْنتُ ْم تَ ْعَل ُمو َن‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫آء}‪.‬‬ ‫السم ِ‬ ‫{ال ِذي جعل َل ُكم األَر ِ‬
‫قوله تعالى‪َّ :‬‬
‫اء بَن ً‬
‫ض ف َراشاً َو َّ َ َ‬
‫ََ َ ُ ْ َ‬

‫أحدا من‬
‫طعاما وال تعبد ً‬
‫ً‬ ‫طيبا والكأل‬
‫غطاء والماء ً‬
‫ً‬ ‫وطئا والسماء‬
‫أعلمكم فى هذه اآلية سبيل الفقر بأن يجعل األرض ً‬
‫الخلق بسبب الدنيا‪ ،‬فإن هللا قد أباح لك ما ال ُبَّد لك منه من غير ِمَّنة ألحد عليك‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 28‬الى اآلية ‪)28‬‬

‫يك ْم ثُ َّم ِإَل ْي ِه تُ ْر َج ُعو َن‬


‫َح َٰي ُك ْم ثُ َّم ُي ِميتُ ُك ْم ثُ َّم ُي ْحِي ُ‬ ‫َكيف ت ْكُفرون ِب َّ ِ‬
‫اَّلل َوُك ْنتُ ْم أ َْم َٰوتاً َفأ ْ‬ ‫َْ َ ُ َ‬

‫اك ْم}‪.‬‬ ‫{كيف ت ْكُفرون ِب َّ ِ‬


‫َحَي ُ‬
‫اَّلل َوُك ْنتُ ْم أ َْم َواتاً َفأ ْ‬ ‫قوله تعالى‪َ ُ َ َ ْ َ :‬‬

‫قيل فيه كنتم أمواتًا بالشرك وأحياكم بالتوحيد‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬كنتم أمواتًا بالجهل فأحياكم بالعلم‪.‬‬

‫وقيل فيه‪ :‬كنتم أمواتًا بالخالف فأحياكم باالئتالف‪.‬‬

‫قال بعض البغداديين‪ :‬كنتم أمواتاً بحياة نفوسكم فأحياكم بإماتة نفوسكم وإحياء قلوبكم‪.‬‬

‫وقال الشبلى‪ :‬كنتم أمواتًا عنه فأحياكم به‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال ابن عطاء‪ :‬كنتم أمواتًا بالظواهر فأحياكم بمكاشفة السرائر‪.‬‬

‫وقال فارس‪ :‬كنتم أمواتًا بشواهدكم فأحياكم بشاهده ثم يميتكم عن شواهدكم ثم يحييكم بقيام الحق عنه‪ .‬ثم إليه ترجعون‬
‫عن جميع ما لكم وكنتم له‪.‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬ويختم بها غاية التوبيخ ألن الموات والجماد ال ينازع ما نور فى شىء‪ ،‬إنما المنازعة من الهياكل‬
‫الروحانية‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 29‬الى اآلية ‪)29‬‬

‫ٍ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ض ج ِميعاً ثُ َّم استَو ٰى ِإَلى َّ ِ ٰ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬


‫الس َمآء َف َسَّو ُه َّن َس ْب َع َس َٰم َٰوت َو ُهَو ب ُكل َش ْيء َعل ٌ‬
‫يم‬ ‫ْ َ‬ ‫ُه َو الذي َخَل َق َل ُك ْم َّما في األ َْر ِ َ‬
‫{هو َّال ِذي َخَل َق َل ُكم َّما ِفي األ َْر ِ‬
‫ض َج ِميعاً}‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫قوله تعالى‪َ ُ :‬‬

‫قال‪ :‬تستعينوا لتقووا به على طاعته ال لتصرفوه فى وجوه معصيته‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬خلق لكم ما فى األرض َلي ُعَّد نعمه عليكم فيقتضى الشكر من نفسك لطلب المزيد منه‪.‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬وهب لك الكل وسخره لك؛ لتستدل به على سعة جوده وتسكن إلى ما ضمنه لك من جزيل العطاء‬
‫فى المعاد وال تستقل كثير بره على قليل عملك‪ ،‬فقد ابتداك تعظيم النعم قبل العمل وهو التوحيد‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ض َج ِميعاً} ليكون الكون كله لك وتكون هلل كالً تشتغل عمن أنت له‪.‬‬
‫{خَل َق َل ُكم َّما ِفي األ َْر ِ‬
‫ْ‬ ‫وقال ابن عطاء‪َ :‬‬

‫ض َج ِميعاً} أنعم بها عليك‪ ،‬فإن الخلق عبدة النعم باستيالء‬


‫{خَل َق َل ُكم َّما ِفي األ َْر ِ‬
‫ْ‬ ‫وقال بعض البغداديين فى قوله‪َ :‬‬
‫النعمة عليهم فمن طهر للحضرة أسقط عنه فالمنعم رؤية النعم‪.‬‬

‫وقال أبو الحسن النورى‪ :‬على مقامات أهل الحقائق انقطاعهم عن العالئق‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 30‬الى اآلية ‪)30‬‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اعل ِفي األَر ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإِ ْذ َقال رب ِ ٰ ِ ِ ِ‬


‫آء َوَن ْح ُن ُن َسِب ُح ِب َح ْمد َ‬
‫ك‬ ‫يها َوَي ْسف ُك الد َم َ‬
‫يها َمن ُيْفس ُد ف َ‬
‫ض َخل َيف ًة َقاُلوْا أَتَ ْج َع ُل ف َ‬ ‫ْ‬ ‫ُّك لْل َمَلئ َكة ِإني َج ٌ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫َعَلم َما الَ تَ ْعَل ُمو َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وُنَقد ُس َل َك َق ِ‬
‫ال إني أ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اعل ِفي األَر ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يها}‪.‬‬
‫يها َمن ُيْفس ُد ف َ‬
‫ض َخل َيف ًة َقاُلوْا أَتَ ْج َع ُل ف َ‬ ‫ْ‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إني َج ٌ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬إن المالئكة جعلوا دعاءهم وسيلة إلى هللا‪ ،‬فأمر هللا النار فأحرقت منهم ساعة واحدة ألوًفا فأقروا‬
‫{س ْب َح َان َك الَ ِعْل َم َلَنآ} [اآلية‪.]32 :‬‬
‫بالعجز وقالوا ُ‬

‫باهوا بأعمالهم وتسبيحهم وتقديسهم ضربهم كلهم بالجهل حتى قالوا‪ :‬ال علم لنا‪.‬‬
‫قال جعفر‪ :‬لما َ‬

‫وقال بعضهم‪ :‬عجزهم عن درك المكتوبات عرفهم بذلك قصورهم عن حقائق الحق‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال بعضهم‪ :‬من استكبر بعمله واستكثر بطاعته كان الجهل وطنه‪ ،‬أال تراهم لما قالوا للحق نسبح بحمدك ألجأهم‬
‫إلى أن قالوا‪ :‬ال علم لنا‪.‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬من قال أنا فقد نازع القدرة‪ ،‬قالت المالئكة‪ :‬نحن نسبح بحمدك وذلك ليغذيهم من المعارف وهم أرباب‬
‫لالفتخار واالعتراض عن الربوبية بقولهم أتجعل فيها من يفسد فيها‪.‬‬

‫قال الواسطى فى قوله‪ِ{ :‬إِني ج ِ‬


‫اع ٌل ِفي األ َْر ِ‬
‫ض َخلِ َيف ًة} خلقه بعلمه السابق ودبره بالتركيب وألبسه شواهد النعت حتى‬ ‫َ‬
‫يعرفه‪ ،‬ثم كانت أنفاسه مدخرة عند الحق حتى أبداها‪.‬‬

‫وقال بعض العراقيين‪ :‬شروط الخالفة رؤيته بذاته األشياء فصالً ووصالً‪ ،‬إذ الفصل والوصل لم ينفصل منه قط‪ ،‬وأى‬
‫وصل للحدث ِ‬
‫بالقدم‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬أعلمهم أن العلم باهلل أتم من المجاهدات‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪َ :‬عيَّروا آدم واستصغروه ولم يعرفوا خصائص الصنع فيه فأمروا بالسجود له‪.‬‬

‫وقال بعض البغداديين‪ :‬حاله بخصائص الخلع وأظهر عليه صفات القدم‪ ،‬فصار الخضوع له قربة إلى الحق‬
‫بعدا من الحق‪.‬‬
‫واالستكبار عليه ً‬

‫وقال بعضهم‪ِ{ :‬إِني ج ِ‬


‫اع ٌل ِفي األ َْر ِ‬
‫ض َخلِ َيف ًة} خاطب المالئكة ال للمشورة ولكن الستخراج ما فيهم من رؤية الحركات‬ ‫َ‬
‫والعبادات والتسبيح والتقديس ردهم إلى قمتهم فقال اسجدوا آلدم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال الواسطى فى قوله {ِإِني ج ِ‬
‫اع ٌل ِفي األ َْر ِ‬
‫ض َخلِ َيف ًة} أظهر عليهم ما أضمروه فى شواهدهم لكم دونه فأظهر حرف‬ ‫َ‬
‫كرمه؛ ألن حرف الكرم أن ترى أن شروط الجناية ال تهدم العناية ولو أكرمهم على ما كان منهم لم تظهر حقائق‬
‫وُنَق ِدس َلك} َّ‬ ‫ِ‬
‫علم آدم األسماء كلها فرجعوا إلى رؤية التقصير فى تسبيحهم‬ ‫َ ُ َ‬ ‫{وَن ْح ُن ُن َسِب ُح ِب َح ْمد َ‬
‫ك‬ ‫الكرم‪ ،‬ولما قالوا َ‬
‫[اآلية‪ ]32 :‬إن التسبيح والتقديس ال يقربان منك إنما يقرب منك سبق عناية‬ ‫{س ْب َح َان َك الَ ِعْل َم َلَنآ}‬
‫وتقديسهم فقالوا‪ُ :‬‬
‫األزل وهو ال تقدح فيه الجنايات والعصيان‪.‬‬

‫قال أبو عثمان المغربى‪ :‬ما بالء الخلق إال الدعاوى‪ ،‬أال ترى أن المالئكة قالوا‪ :‬نحن نسبح بحمدك ونقدس لك حتى‬
‫ركنوا إلى الجهل فقالوا‪ :‬ال علم لنا‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 31‬الى اآلية ‪)31‬‬

‫ين‬ ‫وعَّلم ءادم األَسمآء ُكَّلها ثُ َّم عرضهم عَلى اْلم َٰلِئ َك ِة َفَقال أ َْنِبُئوِني ِبأَسم ِآء هـٰؤ ِ‬
‫الء ِإن ُك ْنتُم ٰ ِ ِ‬
‫ص دق َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ َ َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ ُ ْ َ‬ ‫َ َ َ َ ََ ْ َ َ َ‬

‫آء ُكَّل َها}‪.‬‬


‫َس َم َ‬
‫قوله تعالى‪َّ :‬‬
‫{و َعل َم َء َاد َم األ ْ‬
‫َ‬

‫اسما من أسمائه المخزونة فعلم به جميع األسامى‪.‬‬


‫قال الجريرى‪ :‬علمه ً‬

‫فقال بعضهم علم آدم األسماء كلها قال‪ :‬علمها بتعليم الحق إياه وحفظها بحفظه عليه ونسى ما عهد عليه‪ ،‬ألنه َوَّكله‬
‫{ع ِه ْدَنآ ِإَل ٰى َء َاد َم ِمن َقْب ُل َفَن ِسي} [طه‪.]115 :‬‬
‫فيه إلى نبيه فقال‪َ :‬‬
‫َ‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬لو لم يكشف آلدم عليه السالم علم تلك األسامى لكان لعجز من المالئكة فى اإلخبار عنها‪ ،‬وقوله‬
‫آء ُكَّل َها}‪.‬‬
‫َس َم َ‬
‫غلب علمه على علم المالئكة؛ لقوة مشاهدة الخطاب من غير واسطة فى قوله َّ‬
‫{و َعل َم َء َاد َم األ ْ‬
‫َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقيل لبعضهم‪ :‬أليس علم آدم على قدره؟ فقال‪ :‬بل علمه أكثر من قدرة وجملة تعلمه إذ فيه تدابير الخلق‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 34‬الى اآلية ‪)34‬‬

‫ِٰ‬ ‫وإِ ْذ ُقْلنا لِْلم َٰلِئ َك ِة اسجدوْا ألَدم َفسجدوْا ِإالَّ ِإبلِيس أَبى واستَ ْكبر وَك ِ‬
‫ان م َن اْل َكف ِر َ‬
‫ين‬ ‫ْ َ َ ٰ َ ْ ََ َ َ‬ ‫ْ ُُ َ َ َ َُ‬ ‫َ َ َ‬
‫َّ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫اس ُج ُدوْا أل ََد َم َف َس َج ُدوْا ِإال ِإْبل َ‬
‫يس} قال ابن عطاء‪ :‬لما استعظموا تسبيحهم وتقديسهم‬ ‫{وإِ ْذ ُقْلَنا لْل َمالَئ َكة ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬
‫أمرهم بالسجود لغيره؛ يريهم استغناءه عنهم وعن عباداتهم‪ .‬وقال بعض العراقيين‪ :‬ورد الخطاب على أسرار المالئكة‬
‫فهم عاجزون عن‬

‫المخالفة‪ ،‬ورد على سر إبليس وهو عاجز عن الموافقة‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 35‬الى اآلية ‪)35‬‬

‫ين‬ ‫َّٰ ِ ِ‬ ‫وُقْلنا يآءادم اس ُكن أ َْنت وَزوجك اْلجَّن َة وُكالَ ِم ْنها رَغداً حي ُث ِش ْئتُما والَ تَْقربا هـ ِٰذِه ال َّشجرة َفتَ ُك ِ‬
‫ونا م َن اْلظلم َ‬
‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫َ َ ََ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ َ َُ ْ ْ َ َ ْ ُ َ َ َ‬

‫اس ُك ْن أ َْن َت َوَزْو ُج َك اْل َجَّن َة}‪.‬‬


‫آء َاد ُم ْ‬
‫{وُقْلَنا َي َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال القاسم‪ :‬السكون إلى الجنة وفى الجنة وحشة من الحق ولكنه رد المخلوق إلى المخلوق إظهار الملك ورعونات‬
‫{اس ُك ْن أ َْن َت َوَزْو ُج َك اْل َجَّن َة} قال السكنى‪ :‬تكون مدة ثم تنقطع فيكون دخولهما فى الجنة دخول‬
‫الطبع‪ ،‬وقيل فى قوله ْ‬
‫سكنى ال دخول ثواب‪.‬‬

‫قال تعالى‪{ :‬والَ تَْق َرَبا َهـ ِٰذِه َّ‬


‫الش َج َرةَ}‪.‬‬ ‫َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬معناه أنه يقول نهاهما عن قرب الشجرة وقضى عليهما ما قضى ليريهما فيهما وأن العصمة تقواهما ال‬
‫جحدهما وطاقتهما‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬نهى عن جنس الشجرة‪ ،‬فظن آدم أن النهى عن المشار إليه فتناول على حد النسيان وترك المحافظة‬
‫ال على التعمد والمخالفة قال هللا تعالى { َوَل ْم َن ِج ْد َل ُه َع ْزماً } [طه‪.]115 :‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 37‬الى اآلية ‪)37‬‬

‫يم‬ ‫ِه َكلِ ٰم ٍت َفتَاب عَلي ِه ِإَّنه هو التََّّواب َّ ِ‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫الرح ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ْ ُ َُ‬ ‫َفَتَلق ٰى َء َاد ُم من َّرب َ‬

‫ات}‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ِه َكلِم ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬فَتَلق ٰى َء َاد ُم من َّرب َ‬

‫أدركته خصوصية الخلقة باليد ونفخ الروح الخاص واالصطفاء‪.‬‬

‫َنف َسَنا} [األعراف‪.]23 :‬‬


‫ظَل ْمَنآ أ ُ‬
‫وقيل هو قوله { َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقيل‪ :‬هى عطس الحمد هلل‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 40‬الى اآلية ‪)40‬‬

‫ُوف ِب َع ْه ِد ُك ْم َوِإ َّٰيي َف ْارَهُبو ِن‬


‫ٰيبِني ِإسرِائيل ا ْذ ُكروْا ِنعمِتي َّالِتي أ َْنعمت عَلي ُكم وأَوُفوْا ِبعه ِدي أ ِ‬
‫َْ ُ َ ْ ْ َ ْ‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َْ َ ُ َْ َ‬ ‫ََ‬

‫يل ا ْذ ُك ُروْا ِن ْع َمِتي َّالِتي أ َْن َع ْم ُت َعَل ْي ُك ْم}‪.‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ ِ ِ :‬‬
‫{ي َابني إ ْس َرائ َ‬
‫َ‬
‫َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬ربط بنى إسرائيل بذكر النعم‪ ،‬وأسقط عن أمة محمد صلى هللا عليه وسلم ذلك ودعاهم إلى ذكره فقال‬
‫{ َفا ْذ ُك ُروِني أَ ْذ ُك ْرُك ْم} [البقرة‪ ]152 :‬ليكون نظر األمم من النعمة إلى المنعم‪ ،‬ونظر أمة محمد صلى هللا عليه وسلم وآله‬
‫وسلم من المنعم إلى النعم‪.‬‬

‫وقال سهل بن عبد هللا‪ :‬أراد هللا أن يخص أمة محمد صلى هللا عليه وآله وسلم بزيادة على األمم كما خص نبيهم‬
‫السماو ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ات‬ ‫وت َّ َ َ‬ ‫صلى هللا عليه وسلم بزيادة على األنبياء فقال للخليل صلى هللا عليه وسلم { َوَك َذل َك ُنرِي إ ْب َراه َ‬
‫يم َمَل ُك َ‬
‫ورؤيته عمن سواه‬ ‫ض } [األنعام‪ ]75 :‬وقطع سر محمد صلى هللا عليه وسلم ُ‬ ‫واأل َْر ِ‬
‫َ‬
‫فقال‪ { :‬أََلم تَر ِإَلى ربِك َكيف مَّد ِ‬
‫الظ َّل } [الفرقان‪.]45 :‬‬ ‫ْ َ ٰ َ َ َْ َ‬

‫ُوف ِب َع ْه ِد ُك ْم}‪.‬‬
‫قوله تعالى عز وجل‪{ :‬وأَوُفوْا ِبعه ِدي أ ِ‬
‫َْ‬ ‫َْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعض البغداديين‪ :‬أوفوا بعهدى الذى عهدتم فى الميثاق األول بلفظة "بلى"‪ ،‬فال ترجعوا فى طلب شىء إلى‬
‫غيرى‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬أوفوا بعهدى احفظوا ودائعى عندكم‪ ،‬ال تظهروها إال عند أهلها‪ ،‬أوف بعهدكم أُبح لكم مفاتيح خزائنى وقربى‬
‫فأنزلكم منازل األصفياء‪.‬‬

‫وقيل أوفوا بعهدى فى أداء الفرائض على السنة واإلخالص‪ ،‬أوف بعهدكم بقبولها منكم ومجازاتكم عليها‪.‬‬

‫وباطنا‪ ،‬أوف بعهدكم بحفظ أسراركم عن مشاهدة األعيان‪.‬‬


‫ً‬ ‫ظاهر‬
‫ًا‬ ‫وقال ابن عطاء‪ :‬أوفوا بعهدى فى حفظ الجلود‬

‫وقال سهل‪ :‬أوفوا بعهدى فى مجاهدة أنفسكم‪ ،‬أوف بعهدكم لمعاونتكم عليها‪.‬‬

‫وقال أبو عثمان‪ :‬أوفوا بعهدى فى حفظ آداب الظواهر‪ ،‬أوف بعهدكم بتزين سرائركم‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬أوفوا بعهدى في التوكل‪ ،‬أوف بعهدكم بكفاية مهماتكم‪ .‬وقال بعض العراقيين‪ :‬أوفوا بعهدى كونوا لى‬
‫خلقاً‪ ،‬أوف بعهدكم أكن لكم حًقا‪.‬‬

‫قال أبو الحسن الوراق‪ :‬أوفوا بعهدى فى العبادات‪ ،‬أوف بعهدكم أوصلكم إلى منازل الدعايات‪ُ .‬سئل الثورى عن فهم‬
‫هذه اآلية أوفوا بعهدى قال‪ :‬أوفوا بعهدى فى دار محبتى على بساط خدمتى بحفظ حرمتى‪ ،‬أوف بعهدكم فى دار‬
‫نعمتى على بساط قربى بسرور رؤيتى‪.‬‬

‫َّاي َف ْارَهُبو ِن}‪.‬‬


‫{وإِي َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫الرهبة‪ :‬هى خشية القلب من روى خواطره وقال سهل‪ :‬وإياى فارهبون موضع اليقين ومعرفته وإياى فاتقون‪ ،‬موضع‬
‫العلم السابق وموضع المكر واالستدراج‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 41‬الى اآلية ‪)41‬‬

‫ونوْا أََّو َل َك ِاف ٍر ِب ِه َوالَ تَ ْشتَ ُروْا ِب َٰآيِتي ثَ َمناً َقلِيالً َوِإ َّٰيي َفاتَُّقو ِن‬ ‫َنزلت م ِ‬
‫صدقاً لِ َما َم َع ُك ْم َوالَ تَ ُك ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫َوآمُنوْا ب َمآ أ َ ْ ُ ُ َ‬
‫َ‬
‫َّاي َفاتَُّقو ِن} قال بعضهم‪ :‬التقوى على أربعة أوجه‪ :‬للعامة تقوى الشرك وللخاص تقوى المعاصى‬
‫{وإِي َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬
‫وللعارفين تقوى التوسل وألهل الصفوة تقواهم منه إليه‪ ،‬والتقوى النظر إلى الكون بعين النقص‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 45‬الى اآلية ‪)45‬‬

‫ِٰ ِ‬ ‫َّ‬ ‫الصب ِر و َّ ٰ‬ ‫و ِ ِ‬


‫الصَلوِة َوإَِّن َها َل َكِب َيرةٌ ِإال َعَلى اْل َخشع َ‬
‫ين‬ ‫استَع ُينوْا ب َّ ْ َ‬
‫َ ْ‬

‫الصالَ ِة‪ }...‬اآلية‪.‬‬ ‫استَ ِع ُينوْا ِب َّ‬


‫الص ْب ِر َو َّ‬ ‫{و ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال سهل بن عبد هللا‪ :‬استعينوا بها على إقامة الدين وثبات اليقين‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬استعينوا بهما على البلوغ إلى درك الحقائق‪ ،‬وقال أبو عثمان‪ :‬استعينوا بهما على فراغة أوقاتكم‪.‬‬

‫{وإَِّن َها َل َكِب َيرةٌ} اآلية‪ .‬قال‪ :‬لمن خشع قلبه وروحه وسره لموارد الهيبة وطوالع اإلجالل‪.‬‬
‫َ‬

‫ِِ‬ ‫َّ‬
‫{وِإَّن َها َل َكِب َيرةٌ ِإال َعَلى اْل َخاشع َ‬
‫ين} قال‪ :‬لمن ذلت جوارحه للعبادات فرحاً بمجل خطاب اآلمر فيه‪.‬‬ ‫قال أبو عثمان‪َ :‬‬

‫وقال بعض العراقيين‪ :‬استعينوا بالصبر عمن دون هللا والصالة الوقوف بحسن األدب مع هللا‪ ،‬وإنها لكبيرة إال على‬
‫الخاشعين إال على من أيد فى األزل بخصائص االجتباء‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬استعينوا بى فى الصبر والصالة فإنهما ال يحصالن لكم إال بمعونتى‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 44‬الى اآلية ‪)44‬‬

‫اس ِباْلِب ِر َوتَْن َس ْو َن أ َْنُف َس ُك ْم َوأ َْنتُ ْم تَْتُلو َن اْل ِك ٰتَ َب أََفالَ تَ ْعِقُلو َن‬ ‫ْم ُرو َن َّ‬
‫الن َ‬ ‫أَتَأ ُ‬

‫اس ِباْلِب ِر َوتَْن َس ْو َن أ َْنُف َس ُك ْم} [اآلية‪.]44 :‬‬ ‫ْم ُرو َن َّ‬
‫الن َ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أَتَأ ُ‬

‫قيل فيه‪ :‬أتطالبون الناس بحقائق المعانى وأنتم خالون من ظاهر رسومها‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 46‬الى اآلية ‪)46‬‬

‫ظُّنو َن أََّن ُهم ُّمَلـُٰقوْا َربِ ِه ْم َوأََّن ُه ْم ِإَل ْي ِه َٰرِج ُعو َن‬
‫ين َي ُ‬ ‫َّ ِ‬
‫الذ َ‬

‫ظُّنو َن أََّن ُهم ُّم َٰلُقوْا َربِ ِه ْم} [اآلية‪.]46 :‬‬


‫ين َي ُ‬ ‫َّ ِ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬الذ َ‬

‫قيل‪ :‬من وحد هللا بأفعاله وطاعته كان توحيده على الظن‪ ،‬أال تراه يقول‪:‬‬

‫الصالَ ِة} [اآلية‪ ]45 :‬اآلية‪.‬‬ ‫استَ ِع ُينوْا ِب َّ‬


‫الص ْب ِر َو َّ‬ ‫{و ْ‬
‫َ‬

‫وقال بعضهم‪ :‬الذين يظنون أنهم مالقوا ربهم أى‪ :‬لو حققوا التوحيد كانت‬

‫ظنا وطاعتهم عليهم شيناً‪ ،‬قال هللا عز من قائل‬


‫صلواتهم وخشوعهم عليهم ريناً‪ ،‬فلما ركنوا على أفعالهم كان توحيدهم ً‬
‫{ َوَق ِد ْمَنآ ِإَل ٰى َما َع ِمُلوْا ِم ْن َع َم ٍل‪[ } ....‬الفرقان‪ ]23 :‬اآلية‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 54‬الى اآلية ‪)54‬‬

‫َنف َس ُك ْم َٰذلِ ُك ْم َخ ْيٌر َّل ُك ْم ِع ْن َد‬


‫وبوْا ِإَل ٰى َب ِارِئ ُك ْم َفا ْقُتُلوْا أ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وس ٰى لَِق ْو ِم ِه َٰيَق ْو ِم ِإَّن ُك ْم َ‬
‫ظَل ْمتُ ْم أ َْنُف َس ُك ْم ِبات َخاذ ُك ُم اْلع ْج َل َفتُ ُ‬ ‫ال ُم َ‬
‫َوإِ ْذ َق َ‬
‫يم‬ ‫ب ِارِئ ُكم َفتَاب عَلي ُكم ِإَّنه هو التََّّواب َّ ِ‬
‫الرح ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ َ َ ْ ْ ُ َُ‬

‫ظَل ْمتُ ْم أ َْنُف َس ُك ْم ِب ِات َخ ِاذ ُك ُم اْل ِع ْج َل} [اآلية‪.]54 :‬‬


‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّن ُك ْم َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قيل‪ :‬عجل كل إنسان نفسه ممن أسقطه وخالف مراده وهواه فقد برئ من ُ‬
‫ظلمه‪.‬‬

‫وبوْا ِإَل ٰى َب ِارِئ ُك ْم َفا ْقُتُلوْا أ ُ‬


‫َنف َس ُك ْم}‪.‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬فتُ ُ‬

‫قيل‪ :‬إذا كان أول قدم فى العبودية التوبة وهو‪ :‬إتالف النفس وقتلها بترك الشهوات وقطعها عن المراد‪ ،‬فكيف الوصول‬
‫إلى شىء من منازل الصادقين وفى أول قدم منها تلف المهج؟‬

‫وقيل‪ :‬توبوا إلى بارئكم قال‪ :‬ارجعوا إليه بأسراركم وقلوبكم واقتلوا أنفسكم‬

‫بالتبرى منها‪ ،‬فإنها ال تصلح لبساط األنس‪ .‬وقال أبو منصور‪ :‬ما شرع الحق إليه طريًقا إال وأوائله التلف‪.‬‬

‫وبوْا ِإَل ٰى َب ِارِئ ُك ْم َفا ْقُتُلوْا أ ُ‬


‫َنف َس ُك ْم}‪.‬‬ ‫قال هللا تعالى‪َ { :‬فتُ ُ‬

‫فما دام يصحبك تمييز وعقل فأنت فى عين الجهل حتى يضل عقلك ويذهب خاطرك ويفقد نسبك إذ ذاك وعسى‬
‫ولعل‪.‬‬

‫وقال الواسطى‪ :‬كانت توبة بنى إسرائيل إفناء أنفسهم ولهذه األمة أشد وهو إفناء أنفسهم مع مرادها مع بقاء رسومهم‬
‫الهياكل‪.‬‬

‫وبوْا ِإَل ٰى َب ِارِئ ُك ْم َفا ْقُتُلوْا أ ُ‬


‫َنف َس ُك ْم}‪.‬‬ ‫قال فارس‪ :‬التوبة محو البشرية وثبات اإللهية‪ .‬قال هللا تعالى‪َ { :‬فتُ ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 55‬الى اآلية ‪)55‬‬

‫الص ِعَق ُة َوأ َْنتُ ْم تَن ُ‬


‫ظ ُرو َن‬ ‫َخ َذ ْت ُك ُم َّٰ‬ ‫وس ٰى َلن ُّن ْؤ ِم َن َل َك َحتَّ ٰى َن َرى َّ‬
‫َّللاَ َج ْه َرًة َفأ َ‬ ‫ٰ‬
‫َوإِ ْذ ُقْلتُ ْم َي ُم َ‬

‫وس ٰى َلن ُّن ْؤ ِم َن َل َك َحتَّ ٰى َن َرى َّ‬


‫َّللاَ َج ْه َرًة} [اآلية‪.]55 :‬‬ ‫ام َ‬
‫{وِإ ْذ ُقْلتُ ْم َي ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعض البغداديين‪ :‬من طالع الذات بعين الحرمة الحق‪ ،‬ومن طالعها بالحرمة أولى عليه صفات الجبروت‬
‫والعظمة‪ ،‬ويستغيث من ذلك بلسان العجز سبحانك تبت إليك‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 60‬الى اآلية ‪)60‬‬

‫انف َج َر ْت ِم ْن ُه ا ْثَنتَا َع ْش َرَة َع ْيناً َق ْد َعلِم ُك ُّل أَُن ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫اس َّم ْش َرَب ُه ْم ُكُلوْا‬ ‫َ‬ ‫اك اْل َح َج َر َف َ‬
‫ص َ‬ ‫ِ‬ ‫وس ٰى لَِق ْو ِمه َفُقْلَنا ْ‬
‫اض ِرب ب َع َ‬ ‫استَ ْسَق ٰى ُم َ‬
‫َوإِذ ْ‬
‫َّللاِ والَ تَعثَوْا ِفي األَر ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين‬
‫ض ُمْفسد َ‬ ‫ْ‬ ‫اش َرُبوْا من ِرْزق َّ َ ْ ْ‬ ‫َو ْ‬

‫قوله تعالى‪َ { :‬ق ْد َعلِم ُك ُّل أَُن ٍ‬


‫اس َّم ْش َرَب ُه ْم} [اآلية‪.]60 :‬‬ ‫َ‬

‫قيل‪ :‬فيه مشرب كل أحد حيث أنزله رائده‪ ،‬فمن كان رائده نفسه فمشربه الدنيا‪ ،‬ومن كان رائده قلبه فمشربه اآلخرة‪،‬‬
‫ومن كان رائده سره فمشربه الجنة‪ ،‬ومن كان رائده روحه فمشربه السلسبيل‪ ،‬ومن كان رائده ربه فمشربه فى الحضرة‬
‫ط ُهو اًر } [اإلنسان‪ ]21 :‬به عن كل ما سواه‪.‬‬
‫ُّه ْم َش َراباً َ‬
‫اه ْم َرب ُ‬
‫على المشاهدة حيث يقول‪َ { :‬و َسَق ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 61‬الى اآلية ‪)61‬‬

‫ض ِمن َبْقلِ َها َوِقثَّ ِآئ َها َوُفو ِم َها‬ ‫ِ‬ ‫ٍِ‬
‫َّك ُي ْخ ِرْج َلَنا م َّما تُْنِب ُت األ َْر ُ‬
‫ط َعا ٍم َواحد َف ْادعُ َلَنا َرب َ‬ ‫صِب َر َعَل ٰى َ‬ ‫وس ٰى َلن َّن ْ‬ ‫ٰ‬
‫َوِإ ْذ ُقْلتُ ْم َي ُم َ‬
‫طوْا ِمص اًر َفِإ َّن َل ُكم َّما سأَْلتُم وض ِربت عَلي ِهم ِ‬
‫الذَّلةُ‬ ‫اهِب ُ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وع َد ِسها وب ِ‬
‫َ ْ َ ُ َْ َْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ال أَتَ ْستَْبدُلو َن الذي ُه َو أ َْدَن ٰى ِبالذي ُه َو َخ ْيٌر ْ‬ ‫صل َها َق َ‬‫َ َ َ ََ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ٰ‬ ‫النِبِي َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض ٍب ِم َن َّ‬
‫َّللا َذلِ َك ِبأََّن ُه ْم َك ُانوْا َي ْكُف ُرو َن ِب َآيات َّ‬
‫صوْا َّوَك ُانوْا‬ ‫ين ب َغ ْي ِر اْل َح ِق ذل َك ب َما َع َ‬ ‫َّللا َوَيْقُتُلو َن َّ‬ ‫آءو ِب َغ َ‬
‫َواْل َم ْس َكَن ُة َوَب ُ‬
‫َي ْعتَ ُدو َن‬

‫اح ٍد‪[ }...‬اآلية‪.]61 :‬‬


‫طعا ٍم و ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وإِ ْذ ُقْلتُم َياموس ٰى َلن َّن ِ‬
‫صب َر َعَل ٰى َ َ َ‬
‫ْ‬ ‫ْ ُ َ‬ ‫َ‬

‫جل أزيل عنه تدبيره مستريح فى ميدان الرضا ر ٍ‬


‫اض بأحكام القضاء فيه ساء أم سر فهو فى‬ ‫قيل‪ :‬الناس فيه رجالن‪ :‬ر ٌ‬
‫أبدا‪ ،‬وآخر ُرَّد إلى تدبيره واختياره فال يزال تتخبط فى تدبيره واختياره إلى أن يهلك‪.‬‬
‫الزيادة ً‬

‫قوله تعالى‪{ :‬أَتَ ْستَْب ِدُلو َن َّال ِذي ُه َو أ َْدَن ٰى ِب َّال ِذي ُه َو َخ ْيٌر}‪.‬‬

‫{ما ُيَبَّد ُل اْلَق ْو ُل َل َد َّي} [ق‪.]29 :‬‬


‫معناه‪ :‬أتعارضون حسن اختيارى لكم فى األزل بمخالفة الدعاء والسؤال َ‬

‫قال الواسطى فى هذه اآلية‪ :‬ما يتواله من المن السلوى من غير كلفة لهم‪ ،‬فتبع القوم شهوة نفوسهم وما يليق بطبائعهم‬
‫لما رجع إلى القثاء والطين عند ذكرهم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 71‬الى اآلية ‪)71‬‬

‫َّ َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َقال ِإَّنه يُقول ِإَّنها بَقرةٌ الَّ َذُل ِ‬


‫اآلن ِج ْئ َت ِباْل َح ِق َف َذَب ُح َ‬
‫وها َو َما‬ ‫يها َقاُلوْا َ‬
‫ض َوالَ تَ ْسقي اْل َح ْر َث ُم َسل َم ٌة ال شَي َة ف َ‬
‫ول تُث ُير األ َْر َ‬
‫ٌ‬ ‫َ َُ ُ َ ََ‬
‫َك ُادوْا َيْف َعُلو َن‬

‫يها} [اآلية‪.]71:‬‬ ‫َّ َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬الَّ َذُل ِ‬


‫ض َوالَ تَ ْسقي اْل َح ْر َث ُم َسل َم ٌة ال شَي َة ف َ‬
‫ول تُث ُير األ َْر َ‬
‫ٌ‬

‫نفسه بالسكون إلى شئ من األكوان ولم يسع فى ِ‬


‫طلب‬ ‫ُ‬ ‫معناه‪ :‬ال يصلح لكرامتى وإظهار واليتى عليه إال من لم ُيذلل‬
‫َ َ‬
‫ِ‬
‫الخالف‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫مسلمة من منون عو ِ‬
‫ارض‬ ‫ادث ٍ‬
‫بحال‬ ‫الحو ِ‬

‫أظهرت عليه‬ ‫على‬


‫إلى والمعتمد َّ‬
‫الناظر َّ‬ ‫يها}‪ :‬ال أثر عليه ألحد بالسكون إليه واالعتماد عليه فهو‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫القائم بى و ُ‬
‫ُ‬ ‫{ال شَي َة ف َ‬
‫آيات قدرتى وجعلتُه أحد شواهد عزتى فمن شاهده استغرق فى مشاهدته؛ ألنه قد ألبس رداء ِ‬
‫العز وأنشد على أثره‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫انطقى ِب ِ‬
‫لسانى‬ ‫نى فيها و ِ‬
‫ِبأ ُذ َّ‬ ‫اسم ِعى‬ ‫ظرِى الدنيا ِب َع َّ‬
‫َ‬ ‫ينى و َ‬ ‫إذاً فان ُ‬

‫قوله تعالى‪{ :‬وض ِربت عَلي ِهم ِ‬


‫الذَّل ُة َواْل َم ْس َكَن ُة} [اآلية‪ :]61 :‬الحرص‪.‬‬ ‫َ ُ َْ َْ ُ‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 73‬الى اآلية ‪)73‬‬

‫يك ْم َآي ِات ِه َل َعَّل ُك ْم تَ ْعِقُلو َن‬ ‫َفُقْلنا اض ِربوه ِببع ِ‬


‫ض َها َك َذلِ َك ُي ْحِيي َّ‬
‫َّللاُ اْل َم ْوتَ ٰى َوُي ِر ُ‬ ‫َ ْ ُ ُ َْ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬فُقْلنا اض ِربوه ِببع ِ‬
‫ض َها َك َذلِ َك ُي ْحِيي َّ‬
‫َّللاُ اْل َم ْوتَ ٰى} [اآلية‪.]73 :‬‬ ‫َ ْ ُ ُ َْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫بعد أن‬ ‫بقتل حى لِيحيى ميتهم أعلمك بذلك َّأنه ال يحيى َقلبك ألنو ِار المعرفة وال لفهم ِ‬
‫الخ ِ‬ ‫قيل فيه‪ :‬إن هللا أمر ِ‬
‫طاب إال َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫شيئا فتُحيى‬
‫صورتها ً‬ ‫ِ‬
‫بقاء ُ‬
‫جسمك هيكالً ال صفة له من صفاته وال يؤثر عليه َ‬ ‫َ‬ ‫باالجتهاد والرياضات‪ ،‬فيبقى‬ ‫سك‬
‫تقتل نف َ‬
‫َ‬
‫قلبك وتكون نفسك رسماً ال حقيقة لها‪ ،‬وقلبك حقيق ًة ليس ِ‬
‫عليه أثر من المريبين‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 81‬الى اآلية ‪)81‬‬

‫يها َخالِ ُدو َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بَلى من َكسب سِيَئ ًة وأَحا َ ِ ِ ِ‬
‫الن ِار ُه ْم ف َ‬
‫اب َّ‬
‫َص َح ُ‬
‫ط ْت به َخطي َـئتُ ُه َفأ ُْوَلـئ َك أ ْ‬ ‫َ ٰ َ َ َ َ َ َ‬

‫ط ْت ِب ِه َخ ِطي َـئتُ ُه} [اآلية‪.]81 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{َ :‬بَل ٰى َمن َك َس َب َسِيَئ ًة َوأ َ‬
‫َحا َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أفعالِ ِه‪ ،‬وأحا َ‬ ‫ِ‬


‫المبعدون َعنى ِبما تََقربوا به َّ‬
‫إلى‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫فهم‬
‫يئته بظنه أن َعمله ينجيه أو ُيَقرُبه‪ُ ،‬‬
‫طت به خط ُ‬ ‫كسب سيئة برؤية َ‬
‫َ‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 82‬الى اآلية ‪)82‬‬

‫يها َخالِ ُدو َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫و َّال ِذين آمنوْا وع ِمُلوْا َّ ِ ِ ِ‬
‫اب اْل َجَّنة ُه ْم ف َ‬
‫َص َح ُ‬
‫الصال َحات أُوَلـٰئ َك أ ْ‬ ‫َ َ َُ َ َ‬
‫الصالِح ِ‬
‫ات} [اآلية‪.]82 :‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ َّ :‬‬
‫آمُنوْا َو َعمُلوْا َّ َ‬
‫ين َ‬
‫{والذ َ‬
‫َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫األزِل‪ ،‬وأنه ليس فى الطاعات إال اتباع األمر فيها‪ ،‬وعملوا الصالحات اتقوا من‬ ‫النجاة فى س ِ‬
‫عادة َ‬
‫َ َ‬ ‫أن َّ َ‬‫آمُنوا‪ :‬أَيَقُنوا َّ‬
‫قيل َ‬
‫َ‬
‫صالح أعمالهم لعلمهم بقصورها عن حقيقة تعبده‪،‬‬

‫وبوْا ِإَل ٰى َب ِارِئ ُك ْم َفا ْقُتُلوْا أ ُ‬


‫َنف َس ُك ْم} [اآلية‪ ]54 :‬أى‪:‬‬ ‫أولئك هم الواصلون إلى الرضوان األكبر زيادة فى قوله تعالى { َفتُ ُ‬
‫ِ‬
‫االشتغال بعبادة غيره‪.‬‬ ‫امنعوها عن‬

‫توبوا إليه من أفعالكم وأقوالكم وطاعاتكم‪.‬‬


‫وقيل‪ :‬اقتلوا أنفسكم فى طاعته ثم ُ‬

‫وقتل النفس َعما دون هللا‬


‫توبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم قال‪ :‬التوبة محو البشرية وإثبات اإللهية ُ‬
‫وقال أبو منصور‪ُ :‬‬
‫وعن هللا حتى يرجع إلى أصل القدم ويبقى الحق كما لم يزل‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 85‬الى اآلية ‪)85‬‬

‫ُس َار ٰى‬‫وك ْم أ َ‬


‫ان َوإِن َيأتُ ُ‬ ‫اه ُرو َن َعَل ْي ِهم ِب ِ‬
‫اإل ْث ِم َواْل ُع ْد َو ِ‬ ‫ْ‬ ‫ظ َ‬‫الء تَْقُتُلو َن أ َْنُف َس ُك ْم َوتُ ْخ ِر ُجو َن َف ِريقاً ِم ْن ُك ْم ِمن ِدَي ِارِه ْم تَ َ‬
‫ثُ َّم أ َْنتُم هـٰؤ ِ‬
‫ْ َُ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫نك ْم ِإال خ ْزٌي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٰ‬ ‫نِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ نِ ِ‬
‫آء َمن َيْف َع ُل ذل َك م ُ‬ ‫اج ُه ْم أََفتُ ْؤمُنو َ بَب ْعض اْلكتَاب َوَت ْكُف ُرو َ بَب ْعض َف َما َج َز ُ‬ ‫وه ْم َو ُهَو ُم َحَّرٌم َعَل ْي ُك ْم ِإ ْخ َر ُ‬
‫تَُف ُاد ُ‬
‫َّللاُ ِب َغ ِاف ٍل َع َّما تَ ْع َمُلو َن‬ ‫َش ِد الع َذ ِ‬ ‫الدنيا ويوم اْلِقي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اب َو َما َّ‬ ‫امة ُي َرُّدو َن ِإَل ٰى أ َ َ‬ ‫في اْل َحَياة ُّ ْ َ َ َ ْ َ َ َ‬

‫ُس َار ٰى} [اآلية‪.]85 :‬‬


‫وك ْم أ َ‬
‫{وإِن َيأتُ ُ‬
‫قال تعالى‪َ :‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬وإن يأتوكم غرقى فى رؤية أفعالهم تُنقذوهم من ذلك برؤية المنن‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الجنيد رحمه هللا‪ :‬وإن يأتوكم أسارى فى أسباب الدنيا تُنق ُذوهم إلى قطع العالئق واألسباب فإن الحق أبى أن‬
‫ٍ‬
‫متعلق بشىء‪.‬‬ ‫يتجلى ٍ‬
‫لقلب‬

‫وثاق صفاتهم بصفات الحق‬ ‫وقال بعض البغداديين‪ :‬وإن يأتوكم أسارى فى صفاتهم ونعوتهم تُ ُ‬
‫فادوهم أى تخلوا عنهم َ‬
‫ون ِ‬
‫عوته‪.‬‬ ‫ُ‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 88‬الى اآلية ‪)88‬‬

‫ف َبل َّل َعَن ُه ُم َّ‬


‫َّللاُ ِب ُكْف ِرِه ْم َفَقلِيالً َّما ُي ْؤ ِمُنو َن‬ ‫وبَنا ُغْل ٌ‬
‫َوَقاُلوْا ُقُل ُ‬

‫ف} [اآلية‪.]88 :‬‬


‫وبَنا ُغْل ٌ‬
‫قوله تعالى‪ُ{ :‬قُل ُ‬

‫ِ‬
‫السعادة لها فى األزل‪.‬‬ ‫أى حرم قسم‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 96‬الى اآلية ‪)96‬‬

‫ف سَن ٍة وما ُهو ِبم َز ْح ِزِح ِه ِم َن اْلع َذ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ٍ‬


‫اس َعَل ٰى َحَياة َو ِم َن الذ َ‬‫الن ِ‬ ‫ص َّ‬ ‫َوَلتَ ِج َدَّن ُه ْم أ ْ‬
‫اب أَن‬ ‫َ‬ ‫َش َرُكوْا َي َوُّد أ َ‬
‫َح ُد ُه ْم َل ْو ُي َع َّم ُر أَْل َ َ َ َ َ ُ‬ ‫ين أ ْ‬ ‫َح َر َ‬
‫َّللا ب ِ‬
‫ص ٌير ِب َما َي ْع َمُلو َن‬ ‫ُي َع َّم َر َو َّ ُ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫اس َعَل ٰى َحَي ٍاة} [اآلية‪.]96 :‬‬
‫الن ِ‬
‫ص َّ‬ ‫{وَلتَ ِج َدَّن ُه ْم أ ْ‬
‫َح َر َ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫اجب على‬ ‫ِ‬


‫قدموا من اآلثام والخالف وهذا حال الكفار فو ٌ‬ ‫قال بعض الخراسانيين وهو محمد بن الفضل‪ :‬لعلمهم بما ُ‬
‫ِ‬
‫صول إلى‬ ‫الموحى أن يكو َن حاله ضد هذا أن يكون مشتاًقا إلى الموت لمكاشفة الغيوب ودفع حجاب الوحشة و ُ‬
‫الو ُ‬
‫النبى صلى هللا عليه وسلم يقول‪ " :‬من أحب لقاء هللا أحب هللا لقاءه "‪ .‬وأن بالالً لما ح ِ‬
‫ض َر‬ ‫ُنس‪ ،‬أال ترى َّ‬ ‫ِ‬
‫محل األ ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫غدا نلقى ِ‬
‫األحبَّة‪ ...‬الحديث‪.‬‬ ‫طرباه ً‬‫أته‪ :‬واحزناه فقال‪ :‬يا َوا َ‬
‫قالت امر ُ‬

‫هبت‬ ‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬جعل الموت يقظ ًة للعالم فمن هابه ُح ِج َب عن المميت ومتى تكو ُن فى َ‬
‫قلبك هيبة إذا َ‬
‫طوارق الموت‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 106‬الى اآلية ‪)106‬‬

‫َّللاَ َعَل ٰى ُك ِل َشي ٍء َق ِد ٌير‬ ‫نسها نأ ِ‬


‫ْت ِب َخ ْي ٍر ِم ْن َها أ َْو ِم ْثِل َها أََل ْم تَ ْعَل ْم أ َّ‬
‫َن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫نس ْخ م ْن َآية أ َْو ُن َ َ‬
‫َما َن َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬ما ننس ْخ ِمن آي ٍة أَو ن ِ‬
‫نس َها} [اآلية‪.]106 :‬‬ ‫ْ َ ْ ُ‬ ‫َ َ َ‬

‫ما نقلتك من حالة إال أوصلناك إلى مقام أشرف منها وأعلى إلى أن تنتهى بك األحوال إلى محل الندامى والخطاب‬
‫اب َق ْو َس ْي ِن أ َْو أ َْدَن ٰى َفأ َْو َح ٰى ِإَل ٰى َع ْب ِدِه َمآ أ َْو َح ٰى } [النجم‪.]10-8 :‬‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬
‫ان َق َ‬
‫من غير واسطة بقوله { َدَنا َفتَ َدل ٰى َف َك َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 112‬الى اآلية ‪)112‬‬

‫ف َعَل ْي ِه ْم َوالَ ُه ْم َي ْح َزُنو َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫َج ُرهُ ع َند َربِه َوالَ َخ ْو ٌ‬
‫َبَل ٰى َم ْن أ َْسَل َم َو ْج َه ُه ََّّلل َو ُه َو ُم ْحس ٌن َفَل ُه أ ْ‬

‫قوله تعالى‪{َ :‬بَل ٰى َم ْن أ َْسَل َم َو ْج َه ُه ََّّللِ} [اآلية‪.]112 :‬‬

‫عبودية غيره وهو‬


‫وجهه هلل أى‪ :‬أعت َق وجهه عن ُ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫أعمالهم من الربا‪ :‬والشرك الخفى‪ ،‬وقيل أسلم‬ ‫أى‪ :‬أخلص وجهه عن‬
‫خوف عليهم فى فوت حظهم‬
‫ٌ‬ ‫محسن أى‪ :‬وهو يحسن آداب العبودية فله أجرهُ عند ربه بدوام المعونة له من ِرضاهُ‪ ،‬وال‬
‫ٌ‬
‫الحق‪ ،‬وال هم يحزنون بأن يشغَل ُهم عنه بالجنة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫من‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 115‬الى اآلية ‪)115‬‬

‫يم‬‫ِ‬ ‫َّللاِ ِإ َّن َّ ِ‬


‫ِق َواْل َم ْغ ِر ُب َفأ َْيَن َما تَُوُّلوْا َفثَ َّم َو ْج ُه َّ‬ ‫ِ‬
‫َّللاَ َواس ٌع َعل ٌ‬ ‫َوََّّلل اْل َم ْشر ُ‬

‫َّللاِ} [اآلية‪.]115 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬فأ َْيَن َما تَُوُّلوْا َفثَ َّم َو ْج ُه َّ‬

‫أيضا‪ :‬هذا مثل إبداء الحق للخلق كمثل الهالل ُيرى‬


‫وجه ُه حيث توجهت وقصده أين قصدت وقال ً‬‫قال أبو منصور‪ُ :‬‬
‫من جميع األقطار‪ ،‬ويحتجب بالرسوم واآلثار‪ ،‬فإذا‬

‫توجهك والطريقة إليه استقامتك منك بفهمك‬


‫منظورا‪ ،‬وقال بعض البغداديين‪ :‬القصد ُّ‬
‫ً‬ ‫ناظر ال‬
‫ارتفعت الرسوم صار ًا‬
‫وعنك بعلمك‪ ،‬ارتبط كل شىء بضده وانفرد بنفسه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 118‬الى اآلية ‪)118‬‬

‫َّللا أَو تَأِْتينآ آي ٌة َك َذلِك َقال َّال ِذين ِمن َقبلِ ِهم ِم ْثل َقولِ ِهم تَ َشابه ْت ُقُلوبهم َق ْد بيََّّنا اآلي ِ‬ ‫ِ‬ ‫وَق َّ ِ‬
‫ات‬ ‫َ‬ ‫ُُ ْ َ‬ ‫ْ ْ َ ْ ْ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ين الَ َي ْعَل ُمو َن َل ْوالَ ُي َكل ُمَنا َّ ُ ْ‬
‫ال الذ َ‬ ‫َ َ‬
‫لَِق ْو ٍم ُيوِقُنو َن‬

‫َّللاُ أ َْو تَأِْت َينآ َآي ٌة} [اآلية‪.]118 :‬‬


‫ين الَ َي ْعَل ُمو َن َل ْوالَ ُي َكلِ ُمَنا َّ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وَق َّ ِ‬
‫ال الذ َ‬
‫َ َ‬

‫حيث أنزلت عليهم خطابى فلم يفهموا‪ ،‬وأى آية أشرف من محمد صلوات هللا وسالمه عليه؟‬
‫قال الواسطى‪ :‬قد كلمتُ ُهم ُ‬
‫وقد أظهرت لهم ذلك‪...‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 124‬الى اآلية ‪)124‬‬

‫َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات َفأَتَ َّمه َّن َقال ِإِني ج ِ‬


‫اعُل َك لِ َّلن ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اهيم ربُّه ِب َكلِم ٍ‬ ‫ِ‬
‫ين‬
‫ال َع ْهدي الظالم َ‬ ‫ال َو ِمن ُذ ِريَّتي َق َ‬
‫ال الَ َيَن ُ‬ ‫اس إ َماماً َق َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َوِإذ ْابَتَل ٰى إ ْب َر َ َ ُ َ‬
‫ِ ِ‬
‫اهيم ربُّه ِب َكلِم ٍ‬
‫ات} [اآلية‪.]124 :‬‬ ‫قوله‪ِ :‬‬
‫{وِإذ ْابَتَل ٰى إ ْب َر َ َ ُ َ‬
‫َ‬

‫الخلة‪ ،‬ثم طالبه بتصحيح شرائطها‪ ،‬وتصحيح‬


‫أثقال ُ‬
‫قال بعضهم‪ :‬أشد ما ابتلى هللاُ به إبراهيم عليه السالم أن حمَل ُه َ‬
‫وباطنا‪.‬‬ ‫ظاهر‬
‫ًا‬ ‫الخلة التخلى مما سواه‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫شرائط ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إِني ج ِ‬
‫اعُل َك لِ َّلن ِ‬
‫اس ِإ َماماً}‪.‬‬ ‫َ‬

‫سفير بينى وبين خلقى لتهديهم الستصالح الحضرة وهذا هو اإلمام ُة‪.‬‬
‫أى‪ :‬جاعلك ًا‬

‫يؤثر ذلك فيما بينه وبين ربه بسبب كالنبى صلى هللا عليه‬
‫وقال أبو عثمان‪ :‬اإلمام هو الذى يعاشر على الظاهر‪ ،‬وال ُ‬
‫قائما مع هللا على المشاهدة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وسلم كان قائماً مع الخلق على حد اإلبالغ ً‬

‫َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ين}‪.‬‬
‫ال َع ْهدي الظالم َ‬ ‫{و ِمن ُذ ِريَّتي َق َ‬
‫ال الَ َيَن ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قطع بهذا أن يكون أحد يصل إليه بسبب أو نسب‪ ،‬إال برضا األزل وسبق العناية‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 125‬الى اآلية ‪)125‬‬

‫ط ِه َار َب ْيِتي‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫اهيم م ًّ‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫يل أَن َ‬
‫يم َوإِ ْس َماع َ‬
‫صلى َو َعه ْدَنآ إَل ٰى إ ْب َراه َ‬‫َوإِ ْذ َج َعْلَنا اْلَب ْي َت َمثَ َاب ًة ل َّلناس َوأ َْمناً َواتخ ُذوْا من َّمَقا ِم إ ْب َر َ ُ َ‬
‫الس ُجوِد‬‫الرَّك ِع ُّ‬
‫ين َو ُّ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ َّ ِ ِ‬
‫ين َواْل َعاكف َ‬ ‫للطائف َ‬

‫قوله تعالى‪{ :‬وإِ ْذ َج َعْلَنا اْلَب ْي َت مثَ َاب ًة لِ َّلن ِ‬


‫اس َوأ َْمناً} [اآلية‪.]125 :‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫ظا لحدود هللا فيه ِ‬


‫آم ٌن من نار جهنم‪.‬‬ ‫أى‪ :‬مفزًعا للمذنبين وأمناً أى‪ :‬من دخله من المؤمنين حاف ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫منصور يقول بإسناده عن جعفر عليه السالم قال‪ :‬البيت ها هنا محمد صلى هللا عليه وسلم فمن آمن به‬
‫ًا‬ ‫سمعت‬
‫وصدق برسالته دخل فى ميادين األمن واألمانة‪.‬‬

‫يها َخالِ ُدو َن} [اآلية‪.]82 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬و َّال ِذين آمنوْا وع ِمُلوْا َّ ِ ِ ِ‬
‫اب اْل َجَّنة ُه ْم ف َ‬
‫َص َح ُ‬
‫الصال َحات أُوَلـٰئ َك أ ْ‬ ‫َ َ َُ َ َ‬

‫قال بعض العراقيين‪ :‬العمل ال يبلغ إال إلى مخلوق مثله‪ ،‬وأعظم حجاب العارفين الجنة واالشتغال بها عن الحق هى‬
‫المصيبة العظمى‪ ،‬ألن الجنة خرجت من تحت "كن‪".‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬العارفون فى الجنة ال يستلذون بشىء منها‪ ،‬ألن الحق إذا استولى على سر ال يملكه سواه‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 131‬الى اآلية ‪)131‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِإ ْذ َقال َله رب ِ‬


‫ال أ َْسَل ْم ُت ل َر ِب اْل َعاَلم َ‬
‫ين‬ ‫ُّه أ َْسل ْم َق َ‬
‫َ َُ ُ‬

‫أى‪ :‬أخلص سرك فإنه موضع االطالع منك‪.‬‬

‫ال أ َْسَل ْم ُت} أى‪ :‬أسلمت إليك ِسرى فأخلصه لى فإنك أولى به منى‪.‬‬
‫{ َق َ‬

‫الحق منك ما تعلمه‪.‬‬


‫ُّ‬ ‫وقيل‪ :‬أسلم‪ :‬أى أظهر شرائط موافقة الخلة فى حالى سرائك وضرائك ليعلم‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫اقف أنتظر موارد اختالف األحوال ألقابلها بمعونتك مقابلة الخليل ما ُّ‬
‫يرد عليه من‬ ‫ال أ َْسَل ْم ُت} أى‪ :‬ها أنا ذاك و ٌ‬
‫{ َق َ‬
‫خليله‪.‬‬

‫يحمل الطوارق بمحن الحوادث بل‬


‫ُ‬ ‫وقيل‪ :‬إن العرب تقول‪ :‬أسلم أى‪ :‬استأنس‪ ،‬وكأن هللا يقول‪ :‬استانس فإن مثلك ال‬
‫يحدث إلى االستغراق فى باليا القدم فيقول‪ :‬أسلمت أى‪ :‬استأسرت وما زلت ُمذ كنت فى أسر جبروتك وقهر عزك‪.‬‬

‫سمعت النصرآباذى يقول‪ :‬سمعت الروذبارى يقول‪ :‬سالم ُة ال ِ‬


‫نفس فى التسليم وبالؤها فى التدبير‪.‬‬

‫اج َعْلَنا ُم ْسلِ َم ْي ِن َل َك} [اآلية‪.]128 :‬‬


‫{ربََّنا َو ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫المدة من البعد‪ ،‬فليس يجدون فى إشارتهم كلفة وال فى ذكرهم الذى‬


‫ظاهر علم االستسالم سقوط المسافة و َّ‬‫ُ‬ ‫قال الجنيد‪:‬‬
‫به يقربون مؤون ًة‪ ،‬ألنه استولى من ُقربه واكتنافه لهم والتحنن عليهم والبر بهم‪ ،‬ألنه قد راح عنهم أسباب الطلب‪.‬‬

‫نت َعَل ْي َهآ} [اآلية‪ ]143 :‬اآلية‪.‬‬ ‫ِ َِّ‬


‫{و َما َج َعْلَنا اْلقْبَل َة التي ُك َ‬
‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬فى قوله‪َ :‬‬

‫َنت ِبتَاِب ٍع ِقْبَلتَ ُه ْم}‬ ‫قال ثم بين أن الخطاب على مقادير العقول أال ترى كيف بين علمه فى آخر اآلية [‪َ ]143‬‬
‫{و َمآ أ َ‬
‫صنعه وما جرى من ضبطه‪.‬‬ ‫إحكاما منه فى ُ‬
‫ً‬ ‫[اآلية‪]145 :‬‬

‫قال فارس‪ :‬قوله اجعلنا ُمسلمين قال‪ :‬أرحنا عن أسباب الطلب بالحيل ومطالعة الجزاء بالعوض‪.‬‬

‫{اج َعْلَنا ُم ْسِل َم ْي ِن َل َك} قال‪ :‬احفظنى وأهل بيتى كى نسلم أنفسنا وقلوبنا إليك‪ ،‬وال نختار إال ما‬
‫جعفر فى قوله ْ‬
‫ٌ‬ ‫وقال‬
‫أيضا‪ :‬اجعلنا مقيمين معك لك‪.‬‬ ‫تختاره لنا وقال ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 132‬الى اآلية ‪)132‬‬

‫ين َفالَ تَ ُموتُ َّن ِإالَّ َوأ َْنتُم ُّم ْسِل ُمو َن‬ ‫ِ‬ ‫وب َي َابِن َّي ِإ َّن َّ‬ ‫اه ِ ِ‬ ‫وو َّ ِ ِ ِ‬
‫طَف ٰى َل ُك ُم الد َ‬
‫اص َ‬
‫َّللاَ ْ‬ ‫يم َبنيه َوَي ْعُق ُ‬
‫ص ٰى ب َهآ إ ْب َر ُ‬ ‫ََ‬

‫وب} [اآلية‪.]132 :‬‬ ‫اه ِ ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وو َّ ِ ِ ِ‬


‫يم َبنيه َوَي ْعُق ُ‬
‫ص ٰى ب َهآ إ ْب َر ُ‬ ‫ََ‬

‫قيل أوصاهم بالمجاوبة إلى االستسالم الذى أمر به فصح من إبراهيم صلى هللا عليه وسلم فكما ابتلى بذبح ابنه لم‬
‫يصح ليعقوب‬
‫َّ‬ ‫وصح له التسليم فمضى فيه من غير نظر إلى الولد حتى ُف ِد َى‪ ،‬ولما لم‬
‫َّ‬ ‫ينظر إليه‪ ،‬ألنه كان أسلم‬
‫عليه السالم ما صح للخليل رجع إلى ِجد الجزع حين فقد ابنه وقال يا أسفى على يوسف‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 144‬الى اآلية ‪)144‬‬

‫ط َر اْل َم ْس ِج ِد اْل َح َار ِم َو َح ْي ُث َما ُك ْنتُ ْم َفَوُّلوْا ُو ُج ِو َه ُك ْم‬


‫اها َف َو ِل َو ْج َه َك َش ْ‬ ‫ض َ‬
‫ِ ِ‬ ‫َق ْد نر ٰى تََقُّلب وج ِهك ِفي َّ ِ‬
‫الس َمآء َفَلُن َولَيَّن َك قْبَل ًة تَ ْر َ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫ََ‬
‫اب َلَي ْعَل ُمو َن أََّن ُه اْل َح ُّق ِمن َّربِ ِه ْم َو َما َّ‬
‫َّللاُ ِب َغ ِاف ٍل َع َّما َي ْع َمُلو َن‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ط َرهُ َوإِ َّن الذ َ‬
‫ين أُوتُوْا اْلكتَ َ‬ ‫َش ْ‬

‫الس َم ِآء} [اآلية‪.]144 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬ق ْد َن َر ٰى تََقُّل َب َو ْج ِه َك ِفي َّ‬

‫متأدبا بآداب الحق ومن حسن أدبه أنه نظر نحو السماء لم يشك فأجيب على‬
‫ً‬ ‫قيل فيه أعلمه أوالً أنه من الحق ليكون‬
‫نظره إلى مراده‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ ِ‬
‫اها}‪.‬‬
‫ض َ‬‫قوله تعالى‪َ{ :‬فَلُن َولَيَّن َك قْبَل ًة تَ ْر َ‬

‫أخبره بعد أن أجابه إلى مراده‪ ،‬إن مرادك ُيخالف مرادنا ألن إرادتنا فيك نقلك إلى الكعبة وثباتك عليه وجعلها قبل ًة لك‬
‫أبدا‪.‬‬
‫وألمتك لتعلم أن رضاك ال يخالف رضانا ً‬

‫ط َر اْل َم ْس ِج ِد اْل َح َارمِ}‪.‬‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬ف َو ِل َو ْج َه َك َش ْ‬

‫قال بعض العراقيين‪ :‬ترسم معهم برسم الظاهر فى استقبال الكعبة ببدنك‪ ،‬وال تقطع قلبك عن مشاهدتنا‪ ،‬فإنا جعلنا‬
‫الكعبة قبلة بدنك ونحن قبلة قلبك‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 154‬الى اآلية ‪)154‬‬

‫اء َوَل ِكن الَّ تَ ْش ُع ُرو َن‬ ‫بيل َّ ِ‬


‫والَ تَُقوُلوْا لِم ْن يْقَتل ِفي س ِ‬
‫َحَي ٌ‬
‫ات َب ْل أ ْ‬
‫َّللا أ َْم َو ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫َ‬

‫قيل‪ :‬ألنهم مقتولون فى الحق‪ ،‬ومن كان مقتوالً فيه كان حياته ولكن ال تشعرون‪ ،‬أى ال يعلمه من نظر إلى الجهاد‬
‫بعين التدبير ولم ينظر إليه بعين الرضا‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 155‬الى اآلية ‪)155‬‬

‫س والثَّمر ِ‬
‫ات َوَب ِش ِر َّ‬ ‫ص ِم َن األَمو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ ِ‬
‫الصاِب ِر َ‬
‫ين‬ ‫َنف ِ َ َ َ‬
‫ال َواأل ُ‬ ‫ََ‬
‫ف واْل ُجوِع وَنْق ٍ‬
‫َ‬ ‫َوَلَنْبُل َوَّن ُك ْم ب َش ْيء م َن اْل َخ ْو َ‬

‫س َوالثَّ َم َار ِت} [اآلية‪.]155 :‬‬


‫َنف ِ‬ ‫ص ِم َن األَمو ِ‬
‫ال َواأل ُ‬ ‫ََ‬
‫ِ‬
‫ف واْل ُجوِع وَنْق ٍ‬
‫َ‬
‫ِ ٍ ِ‬
‫{وَلَنْبُل َوَّن ُك ْم ب َش ْيء م َن اْل َخ ْو َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫سمعت أبا بكر الرازى يقول‪ :‬سمعت أبا بكر النيسابورى يقول‪ :‬سمعت المدينى يقول‪ :‬سمعت الشافعى يقول‪ :‬الخوف‬
‫شهر رمضان‪ ،‬ونقص من األموال‪ :‬الزكاة‪ ،‬واألنفس‪ :‬األمراض‪ ،‬والثمرات‪ :‬الصدقات‪ ،‬وبشر‬
‫خوف العدو‪ ،‬والجوع ُ‬
‫الصابرين على أدائها‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 158‬الى اآلية ‪)158‬‬

‫ع َخ ْي اًر َفِإ َّن َّ‬ ‫ف ِب ِه َما َو َمن تَ َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫الصَفا واْلمروة ِمن شع ِآئ ِر َّ ِ‬
‫َّللاَ‬ ‫طَّو َ‬ ‫اح َعَل ْيه أَن َيطَّو َ‬ ‫َّللا َف َم ْن َح َّج اْلَب ْي َت أ َِو ْ‬
‫اعتَ َم َر َفالَ ُجَن َ‬ ‫ََ‬ ‫ِإ َّن َّ َ َ ْ َ َ‬
‫يم‬ ‫ِ ِ‬
‫َشاكٌر َعل ٌ‬

‫َّللاِ} [اآلية‪.]158 :‬‬


‫الصَفا َواْل َم ْرَوَة ِمن َش َع ِآئ ِر َّ‬
‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن َّ‬

‫شىء‪ ،‬ومن صعد المروة ولم تبين له‬


‫ٌ‬ ‫سره هلل لم ِ‬
‫يبن عليه من شعائر الحج‬ ‫قيل‪ :‬إن من صعد الصفا ولم يصف ُّ‬
‫حقائق المغيبات لم يظهر عليه من شعائر الحق شىء‪.‬‬

‫وقيل الصفا موضع المصافاة مع الحق‪ ،‬فمن لم يتجرد لمصافاة الحق معه فليعلم بتضييع أيامه وسعيه فى حجه‪.‬‬
‫منصور يقول بإسناده عن جعفر قال‪ :‬الصفا‪ :‬الروح لصفائها من درن المخالفات والمروة‪ :‬النفس الستعمالها‬
‫ًا‬ ‫سمعت‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫المروءة فى القيام بخدمة ِ‬
‫سيدها وقال‪ :‬الصفا صفاء المعرفة والمروة مروءة العارف‪ .‬وقال الصفا التصفية من كدورات‬
‫الدنيا وهوى النفس‪ ،‬والسعى هو الهرب إلى هللا‪ ،‬فإذا اجتمع سعيك بالهرب إلى هللا فال تبطله بالنظر إلى غيره‪.‬‬

‫ف َعَل ْي ِه ْم َوالَ ُه ْم َي ْح َزُنو َن} [اآلية‪.]277 ،274 ،262 ،112 ،62 :‬‬
‫{والَ َخ ْو ٌ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫البشرى‪ ،‬وال هم يحزنون على ما خلفوا من األهل واألوالد؛‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬ال خوف عليهم عند الموت لما يلقون من ُ‬
‫لعلمهم بأن هللا تعالى خليفته عليهم‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 172‬الى اآلية ‪)172‬‬

‫اش ُك ُروْا ََّّللِ ِإن ُك ْنتُ ْم ِإيَّاهُ تَ ْعُب ُدو َن‬


‫اك ْم َو ْ‬ ‫طِيب ِ‬
‫ات َما َرَزْقَن ُ‬ ‫ِ‬
‫آمُنوْا ُكُلوْا من َ َ‬
‫ين َ‬
‫ٰيأَي َّ ِ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ‬

‫اك ْم} [اآلية‪.]172 :‬‬ ‫طِيب ِ‬


‫ات َما َرَزْقَن ُ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ٰ { :‬يأَي َّ ِ‬
‫آمُنوْا ُكُلوْا من َ َ‬
‫ين َ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ‬

‫الطيبات‪ :‬الرزق وهو التناول فى أوقات االضطرار مقدار استبقاء المهجة ألداء الفرائض وهو الذى ال تبعة على أكله‬
‫ٍ‬
‫بحال‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 156‬الى اآلية ‪)156‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ص َيب ٌة َقاُلوْا ِإَّنا ََّّللِ َوِإَّنـآ ِإَل ْي ِه َار ِج ُعو َن‬
‫َّال ِذين ِإ َذآ أَصاب ْتهم ُّم ِ‬
‫َ َُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫المحنة‪ .‬قال‪ :‬تحت كل محنة نعم ًة وتحت كل أنوار‬ ‫قال القاسم‪ :‬هذه إشارةٌ تدعو إلى الرضا بالقسمة و ِ‬
‫الصبر على‬
‫قوما فقال‪ :‬إذا أصابتهم مصيبة سبقت األمور بما جرت به الدهور ال يرد ذلك تقوى ٍ‬
‫متق‬ ‫النعمة ني ارن المحبة‪ ،‬ومدح ً‬
‫ٍ‬
‫عاص‪.‬‬ ‫وال عصيان‬

‫[قوله‪ٰ { :‬يأَيُّها َّال ِذين آمنوْا ْادخُلوْا ِفي ِ‬


‫السْل ِم َك َّآف ًة} [اآلية‪].208 :‬‬ ‫ُ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ‬

‫السلم هو الرضا بالقضاء قاله الجنيد‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬السلم اتباع األوامر واجتناب النواهى‪.‬‬

‫وقال أبو عثمان‪ :‬السالم هو المحمود تحت مجدى القدرة لك وعليك‪].‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 165‬الى اآلية ‪)165‬‬

‫ظَل ُموْا ِإ ْذ َي َرْو َن‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّللاِ أَنداداً ي ِحبُّونهم َكح ِب َّ ِ َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫آمُنوْا أَ َشُّد ُحباً ََّّلل َوَل ْو َي َرى الذ َ‬
‫ين َ‬ ‫ين َ‬
‫َّللا َوالذ َ‬ ‫اس َمن َيتَّخ ُذ من ُدو ِن َّ َ ُ َ ُ ْ ُ‬ ‫الن ِ‬
‫َو ِم َن َّ‬
‫َّللا َش ِد ُيد اْلع َذ ِ‬
‫اب‬ ‫َ‬ ‫َن اْلُقَّوَة ََّّللِ َج ِميعاً َوأ َّ‬
‫َن َّ َ‬ ‫اب أ َّ‬
‫اْل َع َذ َ‬
‫اس من يتَّ ِخ ُذ ِمن دو ِن َّ ِ‬
‫َنداداً‪[ }...‬اآلية‪.]165 :‬‬
‫َّللا أ َ‬ ‫ُ‬ ‫الن ِ َ َ‬
‫{و ِم َن َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫اما يتخذون أهواءهم آلهة يعبدونها‬ ‫قال القاسم‪ :‬ومن أخرجناهم من جملة الخطاب الخاص بمخاطبة اإليمان أقو ً‬
‫َشُّد ُحباً ََّّللِ} منهم ألهوائهم يرون البالء من هللا نعمة وال يحجزهم عن محبتهم لربهم ترادف‬ ‫آمُنوْا أ َ‬
‫ين َ‬
‫ويحبونها َّ ِ‬
‫{والذ َ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫َشُّد ُحباً ََّّلل}‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫آمُنوْا أ َ‬
‫ين َ‬
‫{والذ َ‬‫التجنى عليهم بأن يزيدهم بذلك محبة لهم‪ ،‬فلذلك قال‪َ :‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 177‬الى اآلية ‪)177‬‬

‫النِبِي َ‬
‫اب َو َّ‬ ‫الئ َك ِة واْل ِكتَ ِ‬ ‫اَّللِ واْليو ِم ِ‬
‫اآلخ ِر واْلم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ِق‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬
‫ل ْي َس اْلِبَّر أَن تَُولوْا ُو ُج َ‬
‫َّ‬
‫ين‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫آم َن ب َّ َ َ ْ‬ ‫وه ُك ْم قَب َل اْل َم ْشر َواْل َم ْغ ِرب َوَلـٰك َّن اْلبَّر َم ْن َ‬
‫وة وآتَى َّ‬ ‫اب وأََقام َّ ٰ‬ ‫الس ِآئلِ َ ِ ِ ِ‬ ‫السِب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫اة‬
‫الزَك َ‬ ‫الصل َ َ‬ ‫ين َوفي الرَق َ َ‬ ‫يل َو َّ‬ ‫ين َو ْاب َن َّ‬ ‫ال َعَل ٰى ُحبه َذوي اْلُق ْرَب ٰى َواْلَيتَ َ‬
‫ام ٰى َواْل َم َساك َ‬ ‫َوآتَى اْل َم َ‬
‫ص َدُقوْا َوأُوَلـِٰئ َك ُهم اْل ُمتَُّقو َن‬ ‫آء و ِحين اْلبأ ِ ِ َّ ِ‬ ‫الصاِب ِرين ِفي اْلبأْس ِآء و َّ ِ‬ ‫ِِ‬
‫ُ‬ ‫ين َ‬
‫ْس أُوَلـٰئ َك الذ َ‬ ‫الضَّر َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫اه ُدوْا َو َّ‬‫َواْل ُموُفو َن ِب َع ْهده ْم ِإ َذا َع َ‬
‫ِِ‬
‫{واْل ُموُفو َن ِب َع ْهده ْم ِإ َذا َع َ‬
‫اه ُدوْا} [اآلية‪.]177 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الوفاء بالعهد لزوم الحدود والرضا بالموجود والصبرعلى المفقود‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 185‬الى اآلية ‪)185‬‬

‫ان َفمن َش ِه َد ِم ُ َّ‬ ‫ِ ِ ِ ٍ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫َشهر رمض َّ ِ‬


‫ان‬
‫ص ْم ُه َو َمن َك َ‬ ‫نك ُم الش ْه َر َفْلَي ُ‬ ‫آن ُه ًدى ل َّلناس َوَبيَنات م َن اْل ُه َد ٰى َواْلُف ْرَق ِ َ‬ ‫ان الذي أ ُْن ِزَل فيه اْلُق ْر ُ‬ ‫ُْ َ َ َ َ‬
‫َّللاُ ِب ُك ُم اْلُي ْس َر َوالَ ُي ِر ُيد ِب ُك ُم اْل ُع ْس َر َولِتُ ْك ِمُلوْا اْل ِعَّد َة َولِتُ َكِب ُروْا َّ‬
‫َّللاَ َعَل ٰى َما‬ ‫ُخ َر ُي ِر ُيد َّ‬ ‫ِ ِ‬
‫َم ِريضاً أ َْو َعَل ٰى َسَف ٍر َفعَّدةٌ م ْن أَيَّا ٍم أ َ‬
‫اك ْم َوَل َعَّل ُك ْم تَ ْش ُك ُرو َن‬
‫َه َد ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِِ‬ ‫{شهر رمض َّ ِ‬
‫ان الذي أ ُْن ِزَل فيه اْلُق ْر ُ‬
‫آن} [اآلية‪.]185 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ َ َ َ ُ ْ َ :‬‬

‫قيل‪ :‬أنزله فيه بتفضيله وتخصيصه من بين الشهور وافتراض الصوم فيه‪ ،‬واستنان القيام فى لياليه بالقرآن‪.‬‬

‫ص ْم ُه}‪.‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬فمن َش ِه َد ِم ُ َّ‬


‫نك ُم الش ْه َر َفْلَي ُ‬ ‫َ‬

‫من شهدنى وشهد أمرى فليصم أوقاته كلها عن المخالفات ومن شهد الشهر على رؤية التعظيم فليمسك فيه عن الهوى‬
‫واللغو والهم‪ ،‬ومن شهد على رؤية التعظيم فليمسك فيه عن الهوى واللغو والهم‪ ،‬ومن شهد على رؤية فعله وصومه‬
‫فليس هلل فيه حاجة فى ترك طعامه وشرابه وهو كما أخبر النبى صلى هللا عليه وسلم حين قال‪ُ " :‬ر َّب صائم حظه من‬
‫صيامه الجوع‬

‫‪".‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 186‬الى اآلية ‪)186‬‬

‫ان َفْلَي ْستَ ِج ُيبوْا لِي َوْلُي ْؤ ِمُنوْا ِبي َل َعَّل ُه ْم َي ْرُش ُدو َن‬
‫الدا ِع ِإ َذا َد َع ِ‬
‫يب َد ْع َوَة َّ‬ ‫وإِ َذا سأََل َك ِعب ِادي َعِني َفِإِني َق ِر ٌ ِ‬
‫يب أُج ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫{وإِ َذا َسأََل َك عَبادي َعني َفِإني َق ِر ٌ‬
‫يب} [اآلية‪.]186 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫سهل‪ :‬أدنى مقامات القرب الحياء من هللا عز وجل‪.‬‬


‫قال ٌ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 198‬الى اآلية ‪)198‬‬

‫ضتُم ِم ْن َع َرَٰف ٍت َفا ْذ ُك ُروْا َّ‬


‫َّللاَ ِع َند اْل َم ْش َع ِر اْل َح َار ِم َوا ْذ ُك ُروهُ َك َما َه َٰد ُك ْم‬ ‫ضالً ِمن َّرب ُ‬
‫ِك ْم َفِإ َذآ أََف ْ‬ ‫اح أَن تَْبتَ ُغوْا َف ْ‬
‫َل ْي َس َعَل ْي ُك ْم ُجَن ٌ‬
‫ين‬ ‫وإِن ُك ْنتُم ِمن َقبلِ ِه َل ِمن َّ ِ‬
‫الضآل َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬

‫اك ْم} [اآلية‪.]198 :‬‬


‫{وا ْذ ُك ُروهُ َك َما َه َد ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫ين} عن ذكره‪.‬‬‫إلى ذكره وجعلكم من أهله {وإِن ُك ْنتُم ِمن َقبلِ ِه َل ِمن َّ ِ‬
‫الضآل َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 199‬الى اآلية ‪)199‬‬

‫ِ‬ ‫استَ ْغِف ُروْا َّ‬


‫َّللاَ ِإ َّن َّ‬ ‫اض َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يم‬
‫ور َّرح ٌ‬
‫َّللاَ َغُف ٌ‬ ‫اس َو ْ‬
‫الن ُ‬ ‫يضوْا م ْن َح ْي ُث أََف َ‬
‫ثُ َّم أَف ُ‬

‫اض َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫اس} [اآلية‪.]199 :‬‬
‫الن ُ‬ ‫يضوْا م ْن َح ْي ُث أََف َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬ثُ َّم أَف ُ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬إذا عمرتم بواطنكم بذكرى واستفرغتم الوسع فيه‪ ،‬فارجعوا إلى ما رجع إليه العام من القيام برسوم‬
‫حيم بالعاصين أن يردهم‬
‫غفور للمطيعين تقصيرهم فى طاعته‪ ،‬ر ٌ‬
‫العبودية‪ ،‬واستغفروا هللا عن اشتغالكم بغيره‪ ،‬إن هللا ٌ‬
‫برحمته إلى بابه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 235‬الى اآلية ‪)235‬‬

‫ِ َّ ِ‬ ‫طب ِة ِ‬
‫الن َس ِآء أ َْو أَ ْكَننتُ ْم ِفي أ َْنُف ِس ُك ْم َعلِ َم َّ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫وه َّن‬ ‫َّللاُ أََّن ُك ْم َستَ ْذ ُك ُر َ‬
‫ون ُه َّن َوَلـٰكن ال تَُواع ُد ُ‬ ‫ضتُ ْم ِبه م ْن خ ْ َ‬
‫يما َعَّر ْ‬
‫اح َعَل ْي ُك ْم ف َ‬
‫َوالَ ُجَن َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِس اًر ِإالَّ أَن تَُقوُلوْا َقوالً َّمعروفاً والَ تَع ِزموْا عْقدة ِ‬
‫اح َذ ُروهُ‬
‫َّللاَ َي ْعَل ُم َما في أ َْنُفس ُك ْم َف ْ‬ ‫اعَل ُموْا أ َّ‬
‫َن َّ‬ ‫َجَل ُه َو ْ‬
‫اب أ َ‬ ‫اح َحتَّ ٰى َيْبُل َغ اْلكتَ ُ‬ ‫الن َك ِ‬ ‫ْ ُْ َ ْ ُ ُ َ َ‬
‫يم‬‫ِ‬ ‫اعَل ُموْا أ َّ‬
‫ور َحل ٌ‬
‫َّللاَ َغُف ٌ‬
‫َن َّ‬ ‫َو ْ‬

‫َّللاَ َي ْعَل ُم َما ِفي أ َْنُف ِس ُك ْم} [اآلية‪.]235 :‬‬ ‫اعَل ُموْا أ َّ‬
‫َن َّ‬ ‫{و ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫أى‪ :‬علم ما فى أنفسكم قبل أن يخلقكم فاحذروه أى‪ :‬فاحذروا أن يكون فى أسراركم سواه فيعرض عنكم‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 210‬الى اآلية ‪)210‬‬

‫ضي األَمر وإَِلى َّ ِ‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّللا ِفي ُ ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬
‫ور‬
‫َّللا تُ ْر َج ُع األ ُُم ُ‬ ‫ظَلل م َن اْل َغ َما ِم َواْل َمالئ َك ُة َوُق َ ْ ُ َ‬ ‫ظ ُرو َن إال أَن َيأْتَي ُه ُم َّ ُ‬
‫َه ْل َين ُ‬

‫ظَل ٍل ِم َن اْل َغ َمامِ} [اآلية‪.]210 :‬‬ ‫ظ ُرو َن ِإالَّ أَن َيأِْتَي ُه ُم َّ‬
‫َّللاُ ِفي ُ‬ ‫{ه ْل َين ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال جعفر‪ :‬هل ينظرون إال إقبال هللا عليهم بالعصمة والتوفيق فيكشف عنهم أستار الغفلة‪ ،‬فيشهدون بره ولطفه بل‬
‫ويشاهدون َّ‬
‫البار الرحيم اللطيف‪.‬‬

‫ضي األ َْم ُر}‪.‬‬‫قوله تعالى‪{ :‬وق ِ‬


‫َُ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وكشف عن حقيقة األمر ومغيبه‪.‬‬
‫ُ‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 212‬الى اآلية ‪)212‬‬

‫آء ِب َغ ْي ِر‬ ‫ق‬ ‫ام ِة َو َّ‬


‫َّللاُ َي ْرُز ُ َمن َي َش ُ‬
‫ِ‬ ‫ين آمُنوْا و َّال ِذ َ َّ‬
‫ين اتَقوْا َف ْوَق ُه ْم َي ْوَم اْلقَي َ‬
‫ِ َّ ِ‬
‫الد ْنَيا َوَي ْس َخ ُرو َن م َن الذ َ َ َ‬
‫ين َكَف ُروْا اْل َحَياةُ ُّ‬ ‫زي َِّ ِ‬
‫ِن للذ َ‬ ‫ُ َ‬
‫اب‬‫ِحس ٍ‬
‫َ‬
‫ين َكَف ُروْا اْل َحَياةُ ُّ‬
‫الد ْنَيا} [اآلية‪.]212 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬زي َِّ ِ‬
‫ِن للذ َ‬ ‫ُ َ‬

‫قال جعفر‪ :‬زين للذين جحدوا التوكل بزينة الحياة الدنيا حتى جمعوها وافتخروا بها‪ ،‬ويسخرون من الذين آمنوا‪ ،‬من‬
‫الذين توكلوا على هللا فى جميع أمورهم‪ ،‬ونبذوا تدابيرهم وراء ظهورهم‪ ،‬وأعرضوا عنها وهم الفقراء الصبراء الراضون‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 219‬الى اآلية ‪)220‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ون َك َما َذا ُي ِنفُقو َن ُق ِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ون َك َع ِن اْل َخ ْم ِر واْلم ْي ِس ِر ُق ْل ِفي ِهمآ ِإ ْثم َكِب ٌير وم َٰنِف ُع لِ َّلن ِ‬
‫اس َوإِ ْث ُم ُه َمآ أَ ْكَب ُر من َّنْفع ِه َما َوَي ْسأَُل َ‬ ‫ََ‬ ‫َ ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫َي ْسأَُل َ‬
‫صالَ ٌح َّل ُه ْم َخ ْيٌر َوِإ ْن‬ ‫الد ْنيا و ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّللا َل ُكم ٰ ِ َّ‬ ‫ِٰ‬
‫ِ‬
‫ام ٰى ُق ْل إ ْ‬ ‫اآلخ َرِة َوَي ْسأَُل َ‬
‫ون َك َع ِن اْلَيتَ َ‬
‫َّ‬
‫األيت َل َعل ُك ْم تَتََفك ُرو َن * في ُّ َ َ‬ ‫اْل َعْف َو َكذل َك ُي ِبي ُن َّ ُ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫َعَنتَ ُك ْم ِإ َّن َّ‬ ‫َّللا يعَلم اْلمْف ِس َد ِمن اْلم ِ‬ ‫ط ُ ِ‬ ‫تُ َخالِ ُ‬
‫َّللاَ َع ِز ٌيز َحك ٌ‬
‫يم‬ ‫َّللاُ أل ْ‬
‫آء َّ‬
‫صل ِح َوَل ْو َش َ‬ ‫َ ُ ْ‬ ‫وه ْم َفإ ْخ َو ُان ُك ْم َو َّ ُ َ ْ ُ ُ‬
‫قوله تعالى‪ُ{ :‬ق ْل ِف ِ‬
‫يه َمآ ِإ ْث ٌم َكِب ٌير}‪.‬‬

‫أى‪ :‬فى تناولهما‪ ،‬ومنافع للناس فى تركهما‪.‬‬

‫الد ْنيا و ِ‬
‫اآلخ َرِة} [اآلية‪.]220-219 :‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ َّ‬ ‫{ك ٰذلِ َك ُي ِبي ُن َّ‬
‫اآليات َل َعل ُك ْم تَتََفك ُرو َن في ُّ َ َ‬
‫َّللاُ َل ُك ُم َ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫أنهما على فكر وخدعة‪ ،‬أال ترى أن طاوسا وسالما قرءا‪ِ { :‬إ َّن أَصحاب اْلجَّن ِة اليوم ِفي ُش ُغ ٍل َف ِ‬
‫اك ُهو َن } [يس‪]55 :‬‬ ‫ْ َ َ َ َْ َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫قوم بالحضرة وهم ال يعلمون‪.‬‬ ‫هناهم ما اشتغلوا به‪ .‬وقال بعضهم‪ :‬وقد تغير ٌ‬ ‫فقال‪ :‬لو علموا عمن ُشغلوا ما َّ‬

‫الزِاد التَّْق َو ٰى} [اآلية‪.]197 :‬‬


‫قوله تعالى‪{ :‬وتَ َزَّوُدوْا َفِإ َّن َخ ْي َر َّ‬
‫َ‬

‫خطاب للخاص ألنه ال زاد للعارف سوى معروفه‪ ،‬وال للمحبوب سوى حبيبه وأنشد‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫هذا‬

‫كفى لمطايانا بذكراك هاديا‬ ‫وإذا نحن أدلجنا وأنت أمامنا‬

‫وقيل‪ :‬تزودوا فإن خير الزاد الثقة به‪.‬‬

‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن َّ ِ‬


‫َّللاَ ُيح ُّب التََّّواِب َ‬
‫ين} [اآلية‪.]222 :‬‬

‫المقيمين على توبتهم والمتطهرين من جميع ما تابوا منه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال بعضهم‪ :‬يحب التوابين من تقصير طاعاتهم‪ ،‬ويحب المتطهرين من أحوالهم وهم القائمون مع هللا بال عالقة وال‬
‫سبب‪.‬‬

‫وقال جعفر‪ :‬يحب التوابين من سوء إرادتهم ويحب المتطهرين من إرادتهم‪.‬‬

‫وقال محمد بن على‪ :‬التوابين من توبتهم والمتطهرين من طهارتهم‪ .‬وقال أبو يزيد رحمة هللا عليه‪ :‬التوبة من الذنب‬
‫ألف وقال القاسم‪ :‬إن هللا يحب التوابين إن دامت توبتهم‪ ،‬ويحب المتطهرين إن دامت طهارتهم‬ ‫احد ومن الطاعة ٌ‬
‫و ٌ‬
‫َّللاَ ُي ِح ُّب‬ ‫ليكون العبد على ٍ‬
‫وجل‪ .‬سمعت النصرآباذى يقول‪ :‬إن هللا أثنى عليكم وجعل لكم قيمة حين قال‪ِ{ :‬إ َّن َّ‬

‫التََّّواِب َ‬
‫ين}‪.‬‬

‫اكُفو َن ِفي اْل َم َسا ِج ِد} [اآلية‪.]187 :‬‬


‫قوله تعالى‪{ :‬وأ َْنتُم ع ِ‬
‫َ ْ َ‬

‫قال الواسطى‪ :‬االعتكاف حبس النفس وزم الجوارح ومراعاة الوقت ثم أينما كنت فأنت معتكف‪.‬‬

‫أهل الصفوة معتكفون بأسرارهم عند الحق ال ُ‬


‫يؤثر عليهم من حدثان الحوادث شئ الستغراقهم فى‬ ‫وقال بعضهم‪ُ :‬‬
‫المشاهدة‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 246‬الى اآلية ‪)246‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ال َه ْل َع َس ْيتُ ْم‬ ‫يل َّ ِ‬ ‫إل ِمن بِني ِإسرِائيل ِمن بع ِد موسى ِإ ْذ َقاُلوْا لَِنِب ٍي َّلهم ابع ْث َلَنا ملِكاً ُّنَق ِاتل ِفي سِب ِ‬ ‫أََلم تَ َر ِإَلى اْلم ِ‬
‫َّللا َق َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُُ َْ‬ ‫َْ ُ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ُخ ِر ْجَنا ِمن ِدَي ِارَنا َوأ َْبَن ِآئَنا َفَل َّما ُكِت َب َعَل ْي ِه ُم‬ ‫يل َّ ِ‬
‫ِإن ُكِتب َعَلي ُكم اْلِقتَال أَالَّ تَُق ِاتُلوْا َقاُلوْا وما َلَنآ أَالَّ ُنَق ِاتل ِفي سِب ِ‬
‫َّللا َوَق ْد أ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ ُ‬
‫َّ ِ ِ‬ ‫اْلِقتَال تَوَّلوْا ِإالَّ َقلِيالً ِم ْنهم و َّ ِ‬
‫يم ِبالظالم َ‬
‫ين‬ ‫َّللاُ َعل ٌ‬ ‫ُْ َ‬ ‫ُ َْ‬

‫ُخ ِر ْجَنا ِمن ِدَي ِارَنا َوأ َْبَن ِآئَنا} [اآلية‪.]246 :‬‬ ‫يل َّ ِ‬
‫قوله عز وجل‪{ :‬وما َلَنآ أَالَّ ُنَق ِاتل ِفي سِب ِ‬
‫َّللا َوَق ْد أ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬

‫قائم مع الحق بسبب أو عالقة أو سكون أو‬


‫يتجرد للحق من هو ٌ‬
‫فارس‪ :‬ال َّ‬
‫قال ٌ‬

‫ٍ‬
‫مسكن‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 249‬الى اآلية ‪)249‬‬

‫ط َع ْم ُه َفِإَّن ُه ِمِني ِإالَّ َم ِن‬


‫يك ْم ِبَن َه ٍر َف َمن َش ِر َب ِم ْن ُه َفَل ْي َس ِمِني َو َمن َّل ْم َي ْ‬‫َّللاَ ُم ْبَتلِ ُ‬
‫ال ِإ َّن َّ‬ ‫ِ‬ ‫طاُل ُ ِ‬
‫وت باْل ُجُنود َق َ‬ ‫ص َل َ‬ ‫َفَل َّما َف َ‬
‫نودِه‬
‫وت وج ِ‬
‫طا َق َة َلَنا اْلَي ْوَم ِب َجاُل َ َ ُ‬ ‫آمُنوْا َم َع ُه َقاُلوْا الَ َ‬
‫ين َ‬
‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ف ُغ ْرَف ًة ِبَيده َف َش ِرُبوْا م ْن ُه ِإال َقليالً م ْن ُه ْم َفَل َّما َج َاوَزهُ ُه َو َوالذ َ‬ ‫اغتَ َر َ‬
‫ْ‬
‫الصاِب ِر َ‬
‫ين‬ ‫َّللاِ َو َّ‬
‫َّللاُ َم َع َّ‬ ‫َّللاِ َكم ِمن ِفَئ ٍة َقلِيَل ٍة َغَلَب ْت ِفَئ ًة َكِث َيرًة ِبِإ ْذ ِن َّ‬
‫ظُّنو َن أََّن ُه ْم ُمالَُقوْا َّ‬
‫ين َي ُ‬ ‫َق َّ ِ‬
‫ال الذ َ‬
‫َ‬

‫يك ْم ِبَن َه ٍر َف َمن َش ِر َب ِم ْن ُه َفَل ْي َس ِمِني} [اآلية‪.]249 :‬‬


‫َّللاَ ُم ْبَتلِ ُ‬
‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن َّ‬

‫مثل ضربه هللا للدنيا وأهلها أن من اطمأن إليها وأكثر منها فليس من هللا فى‬
‫قال أبو عثمان‪ :‬معنى هذه اآلية إن هذا ٌ‬
‫شىء‪ ،‬ومن أعرض عنها ومقتها فهو الذى هيأه هللا لقربه إال من تناول منها بمقدار ما يقيم صلبه للطاعة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 253‬الى اآلية ‪)253‬‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ض ِم ْن ُه ْم َّمن َكَّل َم َّ‬ ‫ض ُهم َعَل ٰى َب ْع ٍ‬ ‫ِتْل َك ُّ‬


‫الرُس ُل َف َّ‬
‫يسى ْاب َن َم ْرَي َم اْلَبيَنات َوأَي َّْدَناهُ‬ ‫َد َر َجات َوآتَْيَنا ع َ‬ ‫ض ُه ْم‬ ‫َّللاُ َوَرَف َع َب ْع َ‬ ‫ضْلَنا َب ْع َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫َّللا ما ا ْقتََتل َّال ِذ ِ‬
‫آم َن َو ِم ْن ُه ْم َّمن‬ ‫ات َوَلـ ِٰك ِن ْ‬
‫اخَتَلُفوْا َفم ْن ُه ْم َّم ْن َ‬ ‫اْلَبِيَن ُ‬ ‫آء ْت ُه ُم‬
‫ين من َب ْعدهم من َب ْعد َما َج َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫آء َّ ُ َ‬
‫ِ‬
‫ب ُرو ِح اْلُق ُدس َوَل ْو َش َ‬
‫ِ‬
‫َّللاُ َما ا ْقتََتُلوْا َوَلـ ِٰك َّن َّ‬
‫َّللاَ َيْف َع ُل َما ُي ِر ُيد‬ ‫آء َّ‬
‫َكَف َر َوَل ْو َش َ‬
‫ض ُهم َعَل ٰى َب ْع ٍ‬
‫ض} [اآلية‪.]253 :‬‬ ‫الرُس ُل َف َّ‬ ‫قوله تعالى‪ِ :‬‬
‫ضْلَنا َب ْع َ ْ‬ ‫{تْل َك ُّ‬

‫قال أبو بكر الفارسى الصوفى‪ :‬ما خلق هللا عز وجل إال متفاضالً ومتفاوتاً أقدارهم حتى الرسل قال هللا تعالى ِ‬
‫{تْل َك‬ ‫ُ‬
‫ض ُه ْم} ليعلم بذلك نقص الخلق وكماله جل وعال‪.‬‬ ‫الرُس ُل َف َّ‬
‫ضْلَنا َب ْع َ‬ ‫ُّ‬

‫قوله تعالى‪َ { :‬ف َش ِرُبوْا ِم ْن ُه ِإالَّ َقلِيالً ِم ْن ُه ْم}‪.‬‬

‫ان } [اإلسراء‪.]65 :‬‬


‫طٌ‬ ‫وهم الذين حفظهم من وساوس الشيطان لقوله‪ِ { :‬إ َّن ِعَب ِادي َل ْي َس َل َك َعَل ْي ِه ْم ُسْل َ‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 255‬الى اآلية ‪)255‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ض من َذا َّال ِذي ي ْشَفع ِع ْنده ِإالَّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّللا الَ ِإَلـٰه ِإالَّ هو اْلح ُّي اْلَقيُّوم الَ تَأْخ ُذه ِسن ٌة والَ نوم َّله ما ِفي َّ ِ‬
‫َ ُ َُ‬ ‫الس َٰم َٰوت َو َما في األ َْر َ‬ ‫ُ ُ َ َ َْ ٌ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َُ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ‬
‫طون ِب َشي ٍء ِمن ِعْل ِم ِه ِإالَّ ِبما َشآء وِسع ُكرِسيُّه َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ودهُ‬
‫ض َوالَ َي ُؤ ُ‬ ‫الس َٰم َٰوت َواأل َْر َ‬ ‫َ َ َ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ِبِإ ْذنه َي ْعَل ُم َما َب ْي َن أ َْيدي ِه ْم َو َما َخْلَف ُه ْم َوالَ ُي ِحي ُ َ‬
‫يم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِحْف ُ‬
‫ظ ُه َما َو ُه َو اْل َعل ُّي اْل َعظ ُ‬
‫ُّوم} [اآلية‪.]255 :‬‬ ‫قوله عز وجل‪َّ ِ ِ َّ :‬‬
‫{َّللاُ الَ إَلـ َٰه إال ُه َو اْل َح ُّي اْلَقي ُ‬

‫سئل أبو منصور عن هذا فقال‪ :‬ال إله إال هللا يقتضى شيئين‪ :‬إزالة العلة عن الربوبية وتنزيه الحق عن الدرك‪.‬‬

‫تصديق‬
‫ٌ‬ ‫وتعظيم وجالوةٌ وحرم ٌة‪ ،‬فمن لم يكن له‬
‫ٌ‬ ‫تصديق‬
‫ٌ‬ ‫وقال بعضهم‪ :‬يحتاج قائل ال إله إال هللا إلى أربع خصال‪:‬‬
‫فاسق‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫تعظيم فهو مبتدعٌ‪ ،‬ومن لم يكن له جالوةٌ فهو مر ٍاء‪ ،‬ومن لم تكن له حرمة فهو‬
‫ٌ‬ ‫منافق‪ ،‬ومن لم يكن له‬
‫ٌ‬ ‫فهو‬

‫وقال بعضهم‪ :‬يحتاج قائلها أن يترك الشكوى فى وقت المحن‪ ،‬ويترك المعصية فى وقت النعمة‪ ،‬ويترك الغفلة عند‬
‫الفكرة‪.‬‬

‫ضدا‪.‬‬
‫وقيل ألبى الحسين النورى‪ :‬لم ال تقول‪ :‬ال إله إال هللا فقال‪ :‬بل أقول‪ :‬هللا وال أبغى به ً‬

‫شرك فى قوله‪.‬‬
‫ال فهو ُم ٌ‬
‫طمع أو سؤ ٌ‬
‫وقال بعضهم‪ :‬من قالها وفى قلبه رغبةٌ أو رهبةٌ أو ٌ‬

‫اقبا فى قيوميته عليك وعلى جميع العالم‪.‬‬


‫ُّوم} اجعله مر ً‬
‫وقيل فى قوله‪{ :‬اْل َح ُّي اْلَقي ُ‬

‫كل حى عن عدمٍ‪ ،‬وهو الحى الذى لم‬


‫قيوم بحفظ أذكاره على أسرار أهل صفوته‪ ،‬الحى القيوم الذى أحيا َّ‬
‫وقيل‪ :‬إنه ٌ‬
‫يزل‪.‬‬

‫والقيوم‪ :‬القائم على كل ٍ‬


‫نفس بما كسبت‪ ،‬وقيل‪ :‬القيوم القائم بكفاية عباده ليغنيهم به عن غيره‪.‬‬ ‫ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ْخ ُذهُ ِسَن ٌة َوالَ َن ْوٌم}‪.‬‬
‫قوله تعالى‪{ :‬الَ تَأ ُ‬

‫ونقصا ارتبط األشياء بأضدادها‬


‫ً‬ ‫قهر لعباده‬
‫بعض البغداديين‪ :‬وأنى تأخ ُذ السن ُة من كان وال سنة وأوجد السنة ًا‬
‫قال ُ‬
‫وانفرد هو عن األحوال ألنه ُمحوُل َها‪.‬‬

‫{من َذا َّال ِذي َي ْشَف ُع ِع ْن َدهُ ِإالَّ ِبِإ ْذِن ِه}‪.‬‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫جذب به قلوب عباده إليه فى العاجل واآلجل‪.‬‬

‫وقال الواسطى‪ :‬لو جعل إلى نفسه وسيلة غير نفسه كان معلوالً‪ ،‬ومن تزين بإخالصه ومحبته ورضاه توسل بصفاته‬
‫{من َذا َّال ِذي َي ْشَف ُع ِع ْن َدهُ ِإالَّ ِبِإ ْذِن ِه}‪.‬‬
‫إلى من ال وسيلة إليه إال به‪ ،‬قال هللا تعالى َ‬

‫طو َن ِب َشي ٍء ِم ْن ِعْل ِم ِه}‪.‬‬


‫{والَ ُي ِحي ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬
‫ْ‬

‫ٍ‬
‫بشىء منه إال ما خص به رسول هللا أو صديًقا من علم ُلدنى‪.‬‬ ‫عز ال إحاطة‬
‫صار علمه ًا‬

‫ِ‬
‫ض }‪.‬‬
‫الس َم َاوات َواأل َْر َ‬ ‫{وِس َع ُك ْرِسي ُ‬
‫ُّه َّ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫إظهار للقدرة ال محالً للذات‪.‬‬


‫ًا‬ ‫العرش والكرسى‬

‫يسعه غيره وال يحجبه سواه‪.‬‬


‫ُ‬ ‫{من َذا َّال ِذي َي ْشَف ُع ِع ْن َدهُ ِإالَّ ِبِإ ْذِن ِه} قال‪ :‬وأى الشفيع إلى من ال‬
‫وقال أبو منصور فى قوله َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫يم}‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ودهُ ِحْف ُ‬
‫ظ ُه َما َو ُه َو اْل َعل ُّي اْل َعظ ُ‬ ‫{والَ َي ُؤ ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫نفسه باالمتناع عن اعتراض القواطع والعلل‪.‬‬


‫ُ‬ ‫وصف‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 256‬الى اآلية ‪)256‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وت ويؤ ِمن ِب َّ ِ ِ‬


‫الط ُ ِ‬
‫الرْشد ِمن اْل َغ ِي َفمن ي ْكُفر ِب َّ‬ ‫الَ ِإ ْكراه ِفي ِ‬
‫ص َام‬
‫استَ ْم َس َك باْل ُع ْرَوة اْلُوْثَق ٰى الَ انف َ‬
‫اَّلل َفَقد ْ‬ ‫اغ َ ْ ْ‬ ‫َْ َ ْ‬ ‫َّن ُّ ُ َ‬ ‫ين َقد تََّبي َ‬
‫الد ِ‬ ‫ََ‬
‫يم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يع َعل ٌ‬
‫َّللاُ َسم ٌ‬
‫َل َها َو َّ‬

‫اَّللِ} [اآلية‪.]256 :‬‬ ‫اغ ِ‬


‫وت َوْي ْؤ ِمن ِب َّ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬فمن ي ْكُفر ِب َّ‬
‫الط ُ‬ ‫َْ َ ْ‬

‫طاغوت كل امرٍئ نفسه‪.‬‬


‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬

‫كل من لم يتب أر من الكل لم يصح له اإليمان باهلل عز‬ ‫كل ما سوى هللاِ جل َّ‬
‫وعز‪ ،‬وفى الجملة إن َّ‬ ‫الطاغوت ُّ‬
‫ُ‬ ‫وقيل‬
‫وجل‪.‬‬

‫ص َام َل َها}‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫استَ ْم َس َك باْل ُع ْرَوة اْل ُوْثَق ٰى الَ انف َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬فَقد ْ‬

‫والعروة الوثقى‪ :‬التوفيق فى السبق‪ ،‬والسعادة فى الختم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقيل العروة‪ :‬ال إله إال هللا‪.‬‬

‫محمد صلى هللا عليه وسلم وقيل العروة الوثقى‪ :‬السنة‪.‬‬


‫ٌ‬ ‫وقيل العروة الوثقى‪:‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 257‬الى اآلية ‪)257‬‬

‫ور ِإَلى‬ ‫ون ُه ْم ِم َن ُّ‬ ‫َّ‬ ‫الن ِ َّ ِ‬


‫ات ِإَلى ُّ‬ ‫َّللا ولِ ُّي َّال ِذين آمنوْا ي ْخ ِرجهم ِمن ُّ‬
‫الظُلم ِ‬
‫الن ِ‬ ‫وت ُي ْخ ِرُج َ‬ ‫ين َكَف ُروْا أ َْولَِي ُ‬
‫آؤ ُه ُم الطا ُغ ُ‬ ‫ور َوالذ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ ُ ُ ُ ْ َ‬ ‫َّ ُ َ‬
‫يها َخالِ ُدو َن‬ ‫ِ‬ ‫ُّ ِ ِ‬
‫الن ِار ُه ْم ف َ‬
‫اب َّ‬
‫َص َح ُ‬
‫الظُل َمات أ ُْوَلـٰئ َك أ ْ‬
‫ات ِإَلى ُّ‬
‫الن ِ‬
‫ور} [اآلية‪.]257 :‬‬ ‫{َّللا ولِ ُّي َّال ِذين آمنوْا ي ْخ ِرجهم ِمن ُّ‬
‫الظُلم ِ‬
‫َ‬ ‫َ َُ ُ ُ ُ ْ َ‬ ‫قوله تعالى‪َ ُ َّ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬يغنيهم عن صفاتهم بصفته فيتدرج صفاتهم تحت صفاته كما اندرجت أكوانهم تحت كونه وحقوقهم‬
‫عند ذكر حقه‪ ،‬فيصير قائماً بالحق مع الحق للحق‪.‬‬

‫وقال الواسطى رحمه هللا‪ :‬يخرجهم من ظلمات نفوسهم إلى أنوار ما جرى لهم فى السبق من الرضا والصدق والمحبة‬
‫وغيرها‪.‬‬

‫وقال النورى‪ :‬يخرجهم من ظلمات العلم إلى نور المشاهدة‪ ،‬ألن المعاين ليس فى الخبر‪.‬‬

‫ِ‬
‫ظلمات أوصافهم إلى أنوار صفاته‪.‬‬ ‫وقال الجنيد رحمه هللا‪ :‬يخرجهم من‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال أبو عثمان‪ :‬يخرجهم من رؤية األفعال إلى رؤية المنن واالتصال‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 259‬الى اآلية ‪)259‬‬

‫ال‬ ‫َّللا بعد موِتها َفأَماتَه َّ ِ‬


‫َّللاُ مَئ َة َعا ٍم ثُ َّم َب َعثَ ُه َق َ‬
‫ِِ‬
‫ال أََّن ٰى ُي ْحِيـي َهـٰذه َّ ُ َ ْ َ َ ْ َ َ ُ‬ ‫وش َها َق َ‬ ‫أ َْو َك َّال ِذي مَّر َعَل ٰى َق ْرَي ٍة وِهي َخ ِاوَي ٌة َعَل ٰى ُع ُر ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫طع ِ‬ ‫ال َبل َّلِب ْث َت ِمَئ َة َعا ٍم َف ْان ُ‬
‫ظ ْر ِإَل ٰى ح َم ِار َ‬
‫ك‬ ‫ام َك َو َش َارِب َك َل ْم َيتَ َسَّن ْه َو ْان ُ‬ ‫ظ ْر ِإَل ٰى َ َ‬ ‫ض َي ْو ٍم َق َ‬‫ال َلِب ْث ُت َي ْوماً أ َْو َب ْع َ‬ ‫ِ‬
‫َك ْم َلب ْث َت َق َ‬
‫َّللاَ َعَل ٰى ُك ِل َشي ٍء‬
‫َعَل ُم أَ َّن َّ‬
‫ال أ ْ‬
‫َّن َل ُه َق َ‬
‫وها َل ْحماً َفَل َّما تََبي َ‬
‫ِ‬
‫ف ُن ْنش ُزَها ثُ َّم َن ْك ُس َ‬
‫ظا ِم َك ْي َ‬
‫ظر ِإَلى ِ‬
‫الع َ‬ ‫ولَِن ْج َعَل َك َآي ًة لِ َّلن ِ‬
‫اس َو ْان ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫َقد ٌير‬

‫قوله عز وجل‪{ :‬أََّن ٰى ُي ْحِيـي َهـ ِٰذِه َّ‬


‫َّللاُ َب ْع َد َم ْوِت َها} [اآلية‪.]259 :‬‬

‫لم أرى إبراهيم إحياء الموتى فى غيره وأرى عزير فى نفسه؟ قيل‪ :‬ألن الخليل َّ‬
‫تلطف فى السؤال فقال‪ :‬أرنى و ُأرِى في‬ ‫ُ‬
‫الغير وتعجب ُعز ٌير فى القدرة فأخرجه بلفظة أنى يحيى فأرى فى نفسه ليسقط عنه التعجب فى القدرة‪ ،‬أال ترى أنه‬
‫اعَل ْم أ َّ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َعَل ُم أ َّ‬
‫َّللاَ‬
‫َن َّ‬ ‫{و ْ‬
‫َّللاَ َعَل ٰى ُكل َش ْيء َقد ٌير}‪ ،‬وختم قصة الخليل بلفظ العزة والحكمة فقال‪َ :‬‬
‫َن َّ‬ ‫ختم قصته باإليمان {أ ْ‬
‫ِ‬
‫يم} [اآلية‪ ]260 :‬ألن الخليل سأل إظهار الحكمة ومشاهدة‬ ‫َع ِز ٌيز َحك ٌ‬

‫حيث سأل‪.‬‬ ‫كل ٍ‬


‫أحد من ُ‬ ‫العزة وعز ٌير تعجب من القدرة فأجيب ُّ‬

‫ُسئل ابن عطاء لم أرى إبراهيم إحياء الموتى فى غيره؛ وأُرى عز ٌير فى نفسه فقال‪ :‬ألن الخليل تلطف فى السؤال فقال‪:‬‬

‫أرنى‪ ،‬وتعجب عز ٌير من القدرة فأرى ذلك فى نفسه ً‬


‫تأديبا‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 260‬الى اآلية ‪)260‬‬

‫طمِئ َّن َقْلِبي َقال َفخ ْذ أَربع ًة ِمن َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َرني َك ْي َ ِ‬ ‫اهيم َر ِب أ ِِ‬‫وِإ ْذ َق ِ ِ‬
‫الط ْي ِر‬ ‫َ ُ ََْ َ‬ ‫ال َبَل ٰى َوَلـكن لَي ْ َ‬ ‫ال أ ََوَل ْم تُ ْؤ ِمن َق َ‬ ‫ف تُ ْحيـي اْل َم ْوتَ ٰى َق َ‬ ‫ال إ ْب َر ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َّللاَ َع ِز ٌيز َحك ٌ‬
‫يم‬ ‫اعَل ْم أ َّ‬
‫َن َّ‬ ‫ص ْرُه َّن ِإَل ْي َك ثُ َّم ْ‬
‫اج َع ْل َعَل ٰى ُكل َجَبل م ْن ُه َّن ُج ْزًءا ثُ َّم ْاد ُع ُه َّن َيأْت َين َك َس ْعياً َو ْ‬ ‫َف ُ‬

‫ط َمِئ َّن َقْلِبي}‬


‫ال َبَل ٰى َوَل ِـكن لَِي ْ‬
‫ال أ ََوَل ْم تُ ْؤ ِمن َق َ‬
‫َرني َك ْي َ ِ‬
‫ف تُ ْحيـي اْل َم ْوتَ ٰى َق َ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أ ِِ‬

‫[اآلية‪].260 :‬‬

‫صنع خليله ولم يتهمه‪.‬‬


‫الخليل إلى ُ‬
‫ُ‬ ‫آباذى ُسئل عن هذه اآلية فقال‪َّ :‬‬
‫حن‬ ‫سمعت أبا القاسم النصر َّ‬

‫وقال بعضهم‪ُ :‬مرادى فى هذا السؤال مخاطبتك واستجالب معاتبتك لكى ال تقول لى‪ :‬أو لم تؤمن وأنت أعلم بى منى‬
‫فأحيا بعتابك كما يسعدنى خلتك‪ ،‬وكان جواب هذا السؤال إنى كنت اشتقت إلى عياننا‪ ،‬فإنا جعلنا مشيئتنا فى إحياء‬

‫فصرُه َّن َ‬
‫إليك‪.‬‬ ‫الموتى إليك فخذ أربعة من الطير ُ‬

‫اب والديك والمعنى فيه أن الطاوس أشبه الطيور بزينة الدنيا‪ ،‬والغراب أحرص‬ ‫ُّ‬
‫الطاوس والبط والغر ُ‬
‫ُ‬ ‫وقيل‪ :‬إنه كان‬
‫شهوة وكأنه يقول‪ :‬اقطع عنك زينة الدنيا والمفاخرة بها والحرص عليها‬ ‫الديك أشدهم‬ ‫ُّ‬
‫ً‬ ‫الطيور والبط أطلبهم لرزقه‪ ،‬و ُ‬
‫وطلب الرزق فيها وإزالة‬

‫الشهوة منها؛ حتى تنال كمال حقيقة اإليمان‪ ،‬فإذا أسقطت عن نفسك هذه الخصال‪ ،‬حليتك بصفتى فى إحياء الموتى‬
‫فتدعوهن فيجيبنك سعياً إليك‪ ،‬ألنك فى ذلك الوقت ٍ‬
‫خال من صفاتك‪ ،‬وإنما دعوتهن بصفتنا التى حليناك‪.‬‬

‫َّ‬
‫الشك‪ ،‬وما شك ليقابل بالجواب الشك ليزيده به قرب ًة وكذلك الخليل يحتال فى محاورة خليله‬ ‫وقيل أرى الخليل من نفسه‬
‫أبداً فلما قيل له‪ :‬أو لم تؤمن قال‪ :‬بلى ولكن اشتقت إلى خطابك فأنزلت نفسى منزل َة الشك ألنال لذيذ خطابك‪ ،‬ولكن‬
‫العتاب‪".‬‬
‫ُ‬ ‫الوُّد ما بقى‬
‫ليطمئن قلبى فإن أكن محالً لعتابك فإنه قيل‪" :‬ويبقى ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقيل فى قوله‪{ :‬أََّن ٰى} كيف تحيى الموتى قال‪ :‬أنا أُحيى الموتى بالربوبية‪ ،‬وال يكو ُن فى الربوبية كيف‪ ،‬وكيف تدرك‬
‫بصفات العبودية صفات الربوبية!‬

‫ال على شرط األدب كأنه يقول‪ :‬أقدرنى على إحياء الموتى‪ ،‬يدل عليه قوله {أ ََوَل ْم تُ ْؤ ِمن َق َ‬
‫ال َبَل ٰى‬ ‫وقال بعضهم‪ :‬هذا سؤ ٌ‬
‫ضد الشك‪ ،‬فقوله ولكن ليطمئن قلبى عن هذه الشهوة والمنية‪.‬‬ ‫ط َمِئ َّن َقْلِبي} والطمأنينة ال تكون َّ‬
‫َوَل ِـكن لَِي ْ‬

‫غيبى فى علم اليقين فقال‪ :‬بلى‬


‫ٌّ‬ ‫وقال بعضهم‪ :‬أراد أن ُيصير له علم اليقين وعين اليقين فقيل له‪ :‬أولم تؤمن‪ ،‬واإليمان‬
‫ولكن أسألك مشاهدة الغيب‪.‬‬

‫تستدل‬
‫ُ‬ ‫وقيل أرنى كيف تحيى الموتى‪ ،‬يعنى‪ :‬القلوب الميتة عنك بإحيائها بك‪ ،‬فقيل‪ :‬أو لم تؤمن أى ألست الذى كنت‬
‫علينا بالشمس والقمر وأفعالنا فأسقطنا عنك علة االستدالل‪ ،‬وكفا دليلك علينا‪ :‬وقال سهل بن عبد هللا‪ :‬سأل كشف‬
‫غطاء العيان‪.‬‬

‫ليزداد بنور اليقين يقينا وتمكنا فى ِ‬


‫حاله أال تراهُ كيف أجاب عن لفظ الشكر ببلى‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬

‫ِ‬ ‫وقيل‪ :‬إنه أجاب المشركين عن التوحيد بقوله {رب َّ ِ‬


‫صنع‬
‫أحب أن يشاهد ذلك من ُ‬ ‫ِي الذي ُي ْحِيـي َوُيم ُ‬
‫يت} [اآلية‪َّ ]258 :‬‬
‫َ َ‬
‫عيانا‪.‬‬
‫خليله؛ ليصح احتجاجه ً‬

‫وقيل‪ :‬ولكن ليطمئن قلبى أى أنك تجيبنى إلى سؤالى‪.‬‬

‫العبد إلى ربه واطمأن إليه؛ أظهر هللا عليه من الكرامات ما أقلها إحياء الموتى‪ ،‬قال هللا تعالى‬‫قال بعضهم‪ :‬إذا سكن ُ‬
‫إلبراهيم‪َ { :‬فخ ْذ أَربع ًة ِمن َّ‬
‫الط ْي ِر}‪.‬‬ ‫ُ ََْ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 264‬الى اآلية ‪)264‬‬

‫اَّللِ واْليو ِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص َد َٰقِت ُكم ِباْل َم ِن َواألَ َذ ٰى َك َّال ِذي ُي ْنِف ُق َماَل ُه ِرَئآء َّ‬ ‫ِ‬ ‫ٰيأَي َّ ِ‬
‫اس َوالَ ُي ْؤ ِم ُن ب َّ َ َ ْ‬
‫اآلخ ِر َف َمَثُل ُه‬ ‫الن ِ‬
‫َ‬ ‫آمُنوْا الَ تُْبطُلوْا َ‬
‫ين َ‬‫ُّها الذ َ‬‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صْلداً الَّ َيْقد ُرو َن َعَل ٰى َشي ٍء ِم َّما َك َسُبوْا َو َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّللاُ الَ َي ْهدي اْلَق ْوَم اْل َكاف ِر َ‬
‫ين‬
‫ْ‬ ‫َص َاب ُه َواب ٌل َفتَ َرَك ُه َ‬ ‫اب َفأ َ‬ ‫صْف َو ٍ‬
‫ان َعَل ْيه تَُر ٌ‬ ‫َك َمَثل َ‬

‫ص َد َق ِات ُكم ِباْل َم ِن َواألَ َذ ٰى} [اآلية‪.]264 :‬‬ ‫ِ‬


‫قوله تعالى‪{ :‬الَ تُْبطُلوْا َ‬

‫ٍ‬
‫سيئات‪ ،‬فكيف من رأى له قيم ًة وطلب‬ ‫قال السرى‪ :‬من تزيَّن بعمله كانت حسناته‬

‫عليه العوض؟‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 270‬الى اآلية ‪)270‬‬

‫ص ٍار‬ ‫لظالِ ِم ِ‬
‫َّللا يعَلمه وما لِ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ومآ أ َ ِ‬
‫ين م ْن أ َْن َ‬
‫َ‬ ‫َنفْقتُ ْم من َّنَفَقة أ َْو َن َذ ْرتُ ْم من َّن ْذ ٍر َفإ َّن َّ َ َ ْ ُ ُ َ َ‬ ‫ََ‬

‫َنفْقتُ ْم ِمن َّنَفَق ٍة أ َْو َن َذ ْرتُ ْم ِمن َّن ْذ ٍر َفِإ َّن َّ‬
‫َّللاَ َي ْعَل ُم ُه} [اآلية‪.]270 :‬‬ ‫{و َمآ أ َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫مال وال بنون‪ ،‬فإن هللا بعلمه يعلم من يختم له بخير‪.‬‬


‫قال الواسطى‪ :‬أشار به إلى قو ٍم ال يضرهم وال ينفعهم ٌ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 269‬الى اآلية ‪)269‬‬

‫ي ْؤِتي اْل ِح ْكم َة من ي َشآء ومن ي ْؤ َت اْل ِح ْكم َة َفَق ْد أُوِتي َخ ْي اًر َكِثي اًر وما ي َّذ َّكر ِإالَّ أُوُلوْا األَْلب ِ‬
‫اب‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ََ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُ ََ ُ‬ ‫ُ‬

‫آء} [اآلية‪.]269 :‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ ُ :‬‬


‫{ي ْؤتي اْلح ْك َم َة َمن َي َش ُ‬

‫اللدنى‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫قال بعضهم‪ :‬الحكم ُة‪ :‬العلم‬

‫وقيل‪ :‬الحكمة إشارةٌ ال علة فيها‪.‬‬

‫إشهاد الحق على جميع األحوال‪.‬‬


‫ُ‬ ‫وقيل‪ :‬الحكمة‬

‫وقيل‪ :‬الحكمة تجريد السر لورود اإللهام‪.‬‬

‫النور المفرق بين اإللهام والوسواس سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت الكتانى‬
‫وقال أبو عثمان‪ :‬الحكمة هى ُ‬
‫يقول‪ :‬إن هللا بعث الرسل بالنصح ألنفس خلقه وأنزل الكتاب لتنبيه قلوبهم‪ ،‬وأنزل الحكمة لسكون أرواحهم‪ ،‬فال ُ‬
‫رسول‬
‫داع إلى أمره‪ ،‬والكتاب داع إلى أحكامه والحكمة مشيرةٌ إلى فضله‪.‬‬

‫وقال القاسم‪ :‬الحكمة أن يحكم عليك خاطر الحق وال يحكم عليك شهودك‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫عظيما من قربه‪.‬‬
‫ً‬ ‫طاء‬
‫وقيل يؤتى الحكمة من يشاء‪ ،‬الفهم فى كتاب هللا‪ ،‬ومن أوتى فهم كتاب هللا أعطى ع ً‬

‫يشاء إنها النبوة وذلك قوله‪" :‬وآتيناه الحكم والنبوة" قال الجنيد رحمة هللا‬ ‫وقال أبو العباس بن عطاء‪ :‬يؤتى الحكمة من ُ‬
‫{و َمن ُي ْؤ َت اْل ِح ْك َم َة َفَق ْد أُوِتي َخ ْي اًر َكِثي اًر} سمعت عبد هللا المعلم‬
‫اما بالحكمة ومدحهم عليها فقال‪َ :‬‬
‫عليه‪ :‬أحيا هللا أقو ً‬
‫َ‬
‫يقول‪ :‬سمعت عبد هللا بن المبارك يقول‪ :‬الحكمة هى الحسنة‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 272‬الى اآلية ‪)272‬‬

‫َّللاِ َو َما تُْنِفُقوْا ِم ْن‬


‫آء َو ْج ِه َّ‬ ‫ِ ن ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫آء َو َما تُْنفُقوْا م ْن َخ ْير َفأل َْنُفس ُك ْم َو َما تُْنفُقو َ إال ْابت َغ َ‬
‫َّليس عَليك هداهم وَلـ ِٰك َّن َّ ِ‬
‫َّللاَ َي ْهدي َمن َي َش ُ‬ ‫ْ َ َ ْ َ َُ ُ ْ َ‬
‫ظَل ُمو َن‬‫ف ِإَل ْي ُك ْم َوأ َْنتُ ْم الَ تُ ْ‬
‫َخ ْي ٍر ُي َو َّ‬

‫{و َما تُْنِفُقوْا ِم ْن َخ ْي ٍر َفأل َْنُف ِس ُك ْم} [اآلية‪.]272 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫َح َس ْنتُ ْم‬ ‫شىء وهو قوله‪ِ{ :‬إ ْن أ ْ‬


‫َح َس ْنتُ ْم أ ْ‬ ‫ٌ‬ ‫إلى من ذلك‬
‫قيل‪ :‬ما يبدو منكم من الطاعات والمجاهدات فألنفسكم‪ ،‬ال يصل َّ‬
‫أل َْنُف ِس ُك ْم} [اإلسراء‪.]7 :‬‬

‫وهن‬
‫العلل ٌ‬
‫تفضل‪ ،‬و ُ‬
‫ٌ‬ ‫أيضا فى هذا المعنى‪ :‬نعمى وعطائى لمن تستجلبه الحوادث والطاعات‪ ،‬ألن نعمى وعطائى‬
‫وقيل ً‬
‫ابتدأت عبادى بالنقم‪ ،‬والمبتدئ بالنعم ال يكون عن عوض وال عن علة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫فى التفضيل‬

‫وقيل‪ :‬ما يكون منكم فهو لكم‪ ،‬ألن الصمدية ممتنعة عن أن ُ‬


‫توصل إليه شىء سواه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 268‬الى اآلية ‪)268‬‬

‫ِ‬ ‫َّللا ي ِعد ُكم َّم ْغِفرة ِم ْنه وَفضالً و َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ط ِ‬


‫يم‬
‫َّللاُ َواس ٌع َعل ٌ‬ ‫ًَ ُ َ ْ َ‬ ‫ْم ُرُكم ِباْلَف ْح َشآء َو َّ ُ َ ُ‬
‫ان َيع ُد ُك ُم اْلَفْق َر َوَيأ ُ‬
‫َّ‬
‫الش ْي َ ُ‬

‫ان َي ِع ُد ُك ُم اْلَفْق َر} [اآلية‪.]268 :‬‬


‫طُ‬ ‫قوله تعالى‪َّ :‬‬
‫{الش ْي َ‬

‫أى الحرص وهللا يأمركم بالقناعة وقيل‪ :‬الشيطان يعدكم الفقر أى‪ :‬البخل والحرص‪.‬‬

‫وهللا يأمرك باإلنفاق والسخاء وهو الغنى ألن هللا يعدل عليه مغفرة وفضالً‪.‬‬

‫يعدكم فى السخاء ويأمركم بالفحشاء وهو البخل‪ ،‬وهللا يعدكم فى السخاء مغفرًة منه‬
‫الشيطان ُ‬
‫ُ‬ ‫وقال محمد بن الفضل‪:‬‬
‫وفضالً‪.‬‬

‫منه وفضالً‪.‬‬
‫الشيطان يعدكم الفقر على ترك الدنيا واإلعراض عنها‪ ،‬وهللا يعدكم على ذلك مغفرةً ُ‬
‫ُ‬ ‫وقال أبو عثمان‪:‬‬

‫كم الفقر ويأمركم بالفحشاء وهى عمارة داره‪ ،‬وهللا يعدكم مغفرًة منه‬
‫يعد ُ‬
‫الشيطان ُ‬
‫ُ‬ ‫وقال محمد بن على عليهما السالم‪:‬‬
‫وهو جزاء عمارة المآب وفضالً وهو االستغناء به عن كل ما سواه‪.‬‬

‫ان َي ِع ُد ُك ُم اْلَفْق َر} فقال‪ :‬ينبغى للعبد أن يعلنه بذكر منن هللا عنده وأفضاله عليه‪.‬‬
‫طُ‬ ‫اق فى قوله‪َّ :‬‬
‫{الش ْي َ‬ ‫الور ُ‬ ‫قال أبو ٍ‬
‫بكر َّ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 273‬الى اآلية ‪)273‬‬

‫َغِنيآء ِمن التَّعُّف ِ‬


‫ف َت ْع ِرُف ُهم‬ ‫ِ‬ ‫ض ْرباً ِفي األ َْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫يل َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُحصروْا ِفي سِب ِ‬ ‫ِ ِ َّ ِ‬
‫ض َي ْح َسُب ُه ُم اْل َجاه ُل أ ْ َ َ َ َ‬ ‫يعو َن َ‬
‫َّللا الَ َي ْستَط ُ‬ ‫َ‬ ‫ين أ ُ‬‫لْلُفَق َرآء الذ َ‬
‫الناس ِإْلحافاً وما تُ ِنفُقوْا ِم ْن َخي ٍر َفِإ َّن َّ ِ ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫يم‬
‫َّللاَ به َعل ٌ‬ ‫ْ‬ ‫اه ْم الَ َي ْسأَُلو َن َّ َ َ َ َ‬
‫يم ُ‬
‫بس َ‬

‫َّللاِ} [اآلية‪.]273 :‬‬


‫يل َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ُحصروْا ِفي سِب ِ‬
‫ين أ ُ‬
‫ِ ِ َّ ِ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬لْلُفَق َرآء الذ َ‬

‫قال‪ :‬هذه صفة الذين حبسوا أنفسهم على هللا من غير تعريض وال إظهار جزع إال إلى هللا‪ ،‬فاتقوا السؤال إال منه‪،‬‬
‫فارتقت بهم أحوالهم إلى ٍ‬
‫حالة يستغنون بعلم هللا بهم عن السؤال إياه وهو أحوال الرضا‪.‬‬

‫وسئل عن الفقير‬ ‫سمعت الحسن بن يحيى يقول‪ :‬سمعت جعفر بن محمد يقول‪ :‬سمعت الجنيد رحمه هللا يقول‪ُ :‬‬
‫مستوجبا لدخول الجنة قبل األغنياء بخمس مائة عام؟ قال‪ :‬إذا كان الفقير معامالً هلل بقلبه موافًقا‬
‫ً‬ ‫الصادق متى يكون‬
‫وعطاء‪ ،‬يعد الفقر من هللا نعم ًة عليه‪ ،‬يخاف على زواله كما يخاف الغنى على زوال غناه‬
‫ً‬ ‫نعا‬
‫له فى جميع أحواله م ً‬
‫مستغنيا بربه فى‬
‫ً‬ ‫كاتما لفقره يظهر اإلياس من الناس‪،‬‬
‫صائنا لدينه ً‬
‫ً‬ ‫مسرور باختيار هللا له الفقر‪،‬‬
‫ًا‬ ‫محتسبا‬
‫ً‬ ‫صابر‬
‫ًا‬ ‫وكان‬
‫َّللاِ‪ }...‬اآلية‪ ،‬قال‪ :‬إذا كان الفقير بهذه الصفة دخل الجنة‬
‫يل َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ُحصروْا ِفي سِب ِ‬
‫ين أ ُ‬
‫ِ ِ َّ ِ‬
‫فقره كما قال عز من قائل {لْلُفَق َرآء الذ َ‬
‫قبل‬

‫ويكفى فى القيامة مؤنة الموقف‪.‬‬


‫األغنياء بخمسمائة عام‪ُ ،‬‬

‫َّللاِ} قال‪ :‬الذين وقفوا مع هللا بهممهم‪ ،‬فلم يرجعوا منه إلى غيره‪.‬‬
‫يل َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ُحصروْا ِفي سِب ِ‬
‫ين أ ُ‬
‫ِ ِ َّ ِ‬
‫وقيل فى قوله‪{ :‬لْلُفَق َرآء الذ َ‬

‫ض ْرباً ِفي األ َْر ِ‬ ‫ِ‬


‫ض}‪.‬‬ ‫يعو َن َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬الَ َي ْستَط ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ال يتحركون لطلب األرزاق‪.‬‬

‫وقال محمد بن الفضل فى هذه اآلية‪ :‬تمنعهم عُلومهم عن رفع حوائجهم إلى موالهم‪.‬‬

‫َغِنيآء ِمن التَّعُّف ِ‬


‫ف}‪.‬‬ ‫ِ‬
‫{ي ْح َسُب ُه ُم اْل َجاه ُل أ ْ َ َ َ َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫استغناء به فى‬
‫افتقار إلى هللا فى الظاهر و‬
‫ًا‬ ‫وهم ُّ‬
‫أشد الناس‬ ‫الجاهل بحالهم أغنياء فى الظاهر‪ُ ،‬‬
‫ُ‬ ‫قال ابن عطاء‪ :‬يحسبهم‬
‫ً‬
‫الباطن‪.‬‬

‫ته‪ ،‬ولم يعلموا أن الفقر هو‬


‫أيضا‪ُ :‬سموا ُجهاالً لجهلهم بالفقر والغنا‪ ،‬ولتوهمهم أن الفقر قلة الشىء والغناء كثر ُ‬
‫وقال ً‬
‫الفقر إلى هللا والغناء هو االستغناء به‪.‬‬

‫ِِ‬
‫اه ْم}‪.‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬تَ ْع ِرُف ُهم بس َ‬
‫يم ُ‬

‫قال‪ :‬بطيب قلوبهم وحسن حالهم وبشاشة وجوههم ونور أسرارهم وجوالن أرواحهم فى ملكوت ربهم‪.‬‬

‫وقال النورى‪ :‬تعرفهم بسيماهم‪ ،‬بفرحهم بفقرهم واستقامة أحوالهم عند موارد البالء عليهم‪.‬‬

‫وقال أبو عثمان‪ :‬تعرفهم بإيثار ما يملكون مع الحاجة إليه‪.‬‬

‫وقال المرتعش‪ :‬سيماهم‪ :‬غيرتهم على فقرهم ومالزمتهم إياه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫اس ِإْل َحافاً}‪.‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬الَ َي ْسأَُلو َن َّ‬
‫الن َ‬

‫قال الجنيد رحمة هللا عليه كلت ألسنتهم عن سؤال من يملك الملك‪ ،‬فكيف من ال يملك!‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 281‬الى اآلية ‪)281‬‬

‫ظَل ُمو َن‬ ‫َّللاِ ثَُّم تُوَّف ٰى ُك ُّل َنْف ٍ‬


‫س َّما َك َسَب ْت َو ُه ْم الَ ُي ْ‬ ‫واتَُّقوْا يوماً ترجعون ِف ِ‬
‫يه ِإَلى َّ‬ ‫َ ْ ُْ َ ُ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫َّللاِ} [اآلية‪.]281 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬واتَُّقوْا يوماً ترجعون ِف ِ‬


‫يه ِإَلى َّ‬ ‫َ ْ ُْ َ ُ َ‬ ‫َ‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬هذا ترهيب للعام فأما للخواص فقوله "وإياى فاتقون‪".‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 284‬الى اآلية ‪)284‬‬

‫آء َوُي َع ِذ ُب َمن‬ ‫ِ ِ‬ ‫اس ْب ُك ْم ِب ِه َّ‬


‫َّللاُ َفَي ْغف ُر ل َمن َي َش ُ‬
‫ض وإِن تُبدوْا ما ِفي أ َْنُف ِس ُكم أَو تُ ْخُفوه يح ِ‬
‫ُ َُ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ََّّللِ ما ِفي َّ ِ‬
‫الس َٰم ٰوت َو َما في األ َْر َ ْ ُ َ‬
‫َّللاُ َعَل ٰى ُك ِل َشي ٍء َق ِد ٌير‬
‫آء َو َّ‬
‫َي َش ُ‬
‫ْ‬
‫ض}‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ات وما ِفي األ َْر ِ‬ ‫{َّللِ ما ِفي َّ‬
‫الس َماو َ َ‬ ‫قوله تعالى‪َّ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬هلل الكونان هو مبدعهما من غير شىء‪ ،‬فمن اشتغل بهما اشتغل بال شىء عن كل شىء‪.‬‬

‫كهما‬
‫قال جعفر‪ :‬هلل ما فى السماوات وما فى األرض‪ ،‬من اشتغل بهما قطعاه عن هللا‪ ،‬ومن أقبل على هللا وتركهما مل ُ‬
‫هللا إياه‪.‬‬

‫{وإِن تُْب ُدوْا َما ِفي أ َْنُف ِس ُك ْم أ َْو تُ ْخُفوهُ} [اآلية‪.]284 :‬‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫من األفعال الظاهرة واألحوال الباطنة يحاسبكم به هللا أى‪ :‬يثيبكم عليه‪.‬‬

‫قال جعفر‪" :‬وإن تبدوا ما فى أنفسكم" اإلسالم أو تخفوه اإليمان‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬إن تبدوا ما فى أنفسكم أو تخفوه من إرادة الكون أو المكون يحاسبكم به هللا أى بإرادتكم‪،‬‬
‫ويعذ ُب من يشاء من آثر الدنيا على اآلخرة‪.‬‬
‫فيغفر لمن يشاء لمن أراد الجنة ونعيمها‪ُ ،‬‬

‫وقال على بن سهل البوشنجى‪ :‬إن تبدوا ما فى أنفسكم من األعمال‪ ،‬أو تخفوه من األحوال‪ ،‬يحاسبكم به هللاُ العارف‬
‫على أحواله والزاهد على أفعاله‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 285‬الى اآلية ‪)285‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َح ٍد ِمن ُّرُسلِ ِه َوَقاُلوْا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِه واْلمؤ ِمنون ُك ٌّل آمن ِب َّ ِ‬
‫اَّلل َو َمالئ َكته َوُكتُِبه َوُرُسلِه الَ ُنَفر ُ‬
‫ِق َب ْي َن أ َ‬ ‫ََ‬ ‫َّرب َ ُ ْ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ول ِب َمآ أ ُْن ِزَل ِإَل ْي ِه ِمن‬ ‫الرُس ُ‬‫ام َن َّ‬ ‫َء َ‬
‫ص ُير‬‫اْلم ِ‬ ‫َس ِم ْعَنا َوأَ َ‬
‫ط ْعَنا ُغْف َرَان َك َربََّنا َوِإَل ْي َك‬
‫َ‬

‫الئ َكِت ِه} [اآلية‪.]285 :‬‬


‫اَّللِ وم ِ‬ ‫ِ‬
‫آم َن ب َّ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫الرس ِ‬
‫ول ب َمآ أ ُْن ِزَل إَل ْيه من َّربِه َواْل ُم ْؤمُنو َن ُك ٌّل َ‬
‫{آم َن َّ ُ ُ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫{آم َن‬ ‫ِ‬ ‫معدن ِ‬


‫الحق‪ ،‬فإذا أظهره للعام أوقعه على شرائطه قوله َ‬ ‫سر‬ ‫ُ‬ ‫قال ابن عطاء‪ :‬إن النبى صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬
‫ول ِب َمآ أ ُْن ِزَل ِإَل ْي ِه} وإذا أخفاه أخبر عنه بقوله { َفأ َْو َح ٰى ِإَل ٰى َع ْب ِدِه َمآ أ َْو َح ٰى } [النجم‪ ]10 :‬وهو مستغر ُق أوقاته فى‬
‫الرُس ُ‬
‫َّ‬
‫وسره وفؤاده وقلبه وشخصه‪ ،‬أال تراهُ كيف يغنيه عن صفاته بقوله‪{ :‬‬ ‫انتظار ما يظهر عليه من الزيادات على روحه ِ‬
‫ِإَّن َك َمِي ٌت } [الزمر‪ ]30 :‬عن صفاتك بحياتك بنا بإظهار صفاتنا عليك { َوإَِّن ُه ْم َّمِيتُو َن } [الزمر‪ ]30 :‬عاجزون عن‬
‫بلوغ درك‬

‫إيمان بالوسائط والعالئق‪.‬‬


‫ٌ‬ ‫صفاتك‪ ،‬فإيمان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إيمان مكاشفة ومشاهدة وإيمان المؤمنين‬

‫ظاهر‪.‬‬ ‫موجود وال اإليمان‬ ‫حكما وتسمية وال المؤمن‬ ‫وقيل فى قوله‪{ :‬واْلمؤ ِمنون ُك ٌّل آمن ِب َّ ِ‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫اَّلل} ً‬ ‫ََ‬ ‫َ ُْ ُ َ‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 117‬الى اآلية ‪)117‬‬

‫ِ‬ ‫الس ٰم ٰو ِت واأل َْر ِ‬ ‫ِ‬


‫ض ٰى أ َْم اًر َفإَّن َما َيُق ُ‬
‫ول َل ُه ُك ْن َفَي ُكو ُن‬ ‫ض َوإِ َذا َق َ‬ ‫يع َّ َ َ َ‬ ‫َبد ُ‬

‫كان‪ ،‬ألنه قبل الكون والكان وأوجد األكوان بقوله‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫صَن َع ُه وال عل َة لصنعه ليس لكانه ٌ‬
‫صنع َ‬
‫قال بعض البغداديين‪ُ :‬ك ُّل ُ‬
‫كن‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 152‬الى اآلية ‪)152‬‬

‫اش ُك ُروْا لِي َوالَ تَ ْكُف ُرو ِن‬


‫َفا ْذ ُك ُروِني أَ ْذ ُك ْرُك ْم َو ْ‬

‫قوله عز وجل‪َ { :‬فا ْذ ُك ُروِني أَ ْذ ُك ْرُك ْم}‪.‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬حقيقة الذكر فى اإلعراض عن الذكر ونسيانه والقيام بالمذكور‪.‬‬

‫وقال بعض العراقيين فى قوله‪َ { :‬فا ْذ ُك ُروِني أَ ْذ ُك ْرُك ْم} قال‪ :‬لك نسيبة من الحق يتحمل بها الموارد وهو ذكره إياك‪ ،‬فلوال‬
‫ذكره إياك ما ذكرته‪ .‬وقيل‪ :‬اذكرونى بجهدكم وطاقتكم ألقرن ذكركم بذكرى فيتحقق لكم الذكر‪.‬‬

‫قال سمنون‪ :‬حقيقة الذكر أن ينسى كل شىء سوى مذكوره‪ ،‬الستغراقه فيه فيكون أوقاته كلها ًا‬
‫ذكر وأنشد‪:‬‬

‫ولكنى بذاك يجرى لسانى‬ ‫ال ِ‬


‫ألنى أنساك أكثر ذكراك‬

‫وقال بعض البغداديين‪ :‬الذكر عقوبة ألنه طرد الغفلة ولو لم يكن غفلة فال معنى للذكر‪ .‬وقال بعض المتأخرين من‬
‫أهل خراسان‪ :‬كيف يذكر الحق بعقول مصنوعة وأوهام مطبوعة؟ وكيف يذكر بالزمان من كان قبل الزمان على ما‬
‫هو به؟ إذ الحق سبق‬

‫َّللاِ تَ ْ ِ‬
‫ُك َّل مذكور‪ .‬وقيل‪ :‬اذكرونى على الدوام لتطمئن قلوبكم بى‪ ،‬ألنه يقول‪ { :‬أَالَ ِب ِذ ْك ِر َّ‬
‫ط َمئ ُّن اْلُقُل ُ‬
‫وب } [الرعد‪.]28 :‬‬

‫ذكر المذكور لك بدوام ذكرك له‪ ،‬قال هللا جل من قائل‪َ{ :‬فا ْذ ُك ُروِني أَ ْذ ُك ْرُك ْم}‪.‬‬
‫وقال بعضهم‪ :‬أتم الذكر أن تشهد ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 197‬الى اآلية ‪)197‬‬

‫ال ِفي اْل َح ِج َو َما تَْف َعُلوْا ِم ْن َخ ْي ٍر َي ْعَل ْم ُه َّ‬


‫َّللاُ‬
‫ِ‬ ‫ات َفمن َف َر َ ِ ِ‬
‫ض فيه َّن اْل َح َّج َفالَ َرَف َث َوالَ ُف ُسو َق َوالَ ج َد َ‬ ‫وم ٌ َ‬ ‫َش ُهٌر َّم ْعُل َ‬
‫اْل َح ُّج أ ْ‬
‫الزِاد التَّْقو ٰى واتَُّقو ِن ٰيأُولِي األَْلب ِ‬
‫اب‬ ‫وتَ َزَّوُدوْا َفِإ َّن َخ ْي َر َّ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬

‫ات}‪.‬‬
‫وم ٌ‬
‫َش ُهٌر َّم ْعُل َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬اْل َح ُّج أ ْ‬

‫قال النصرآباذى‪َّ :‬‬


‫وقت هللا عز وجل العبادات بأوقات ليتأهب العبد لها قبل أوقاتها‬

‫باآلداب الظاهرة ولم يوقت المعرفة ٍ‬


‫بوقت لئال يخلى العبد سره عن مراقبة المشاهدة ٍ‬
‫بحال‪.‬‬

‫على أصحاب الفهوم السليمة واعقلوا عنى‪.‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬واتَُّقو ِن ٰيأُولِي األَْلب ِ‬
‫اب} أى‪ :‬أقبلوا َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬

‫قال الواسطى‪ :‬هم من الخصوص خصوص لم يجعل للعموم فيهم طريًقا‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 245‬الى اآلية ‪)245‬‬

‫ط َوإَِل ْي ِه تُ ْرَج ُعو َن‬


‫ض َوَي ْب ُس ُ‬ ‫َض َعافاً َكِث َيرًة َو َّ‬
‫َّللاُ َيْقِب ُ‬
‫َّللا َقرضاً حسناً َفي ٰ ِ‬
‫ضعَف ُه َل ُه أ ْ‬‫ََ ُ َ‬ ‫ض َّ َ ْ‬
‫َّ ِ‬
‫َّمن َذا الذي ُيْق ِر ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َّ ِ‬
‫َّللاَ َق ْرضاً َح َسناً}‪.‬‬
‫ض َّ‬‫{من َذا الذي ُيْق ِر ُ‬
‫قوله تعالى‪َّ :‬‬

‫قال‪ :‬ملكك ثم اشترى منك ما ملكك ليثبت معك نسبه ثم استقرض منك ما اشتراه ثم وعدك عليه من العوض أضعاًفا‪،‬‬
‫بين فيه أن نعمه وعطاياه بعيدتان أن تكونا مشوبتين بالعلل‪.‬‬

‫ط }‪.‬‬ ‫َّللاُ َيْقِب ُ‬


‫ض َوَي ْب ُس ُ‬ ‫{و َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬يقبضك عنك ويبسطك به وله‪.‬‬

‫ط} قال‪ :‬هللا‪ :‬يقبضك بإياه ويبسطك إلياه‪.‬‬ ‫{يْقِب ُ‬


‫ض َوَي ْب ُس ُ‬ ‫قال أبو الحسين النورى‪ :‬فى قوله‪َ :‬‬

‫وقال الواسطى‪ :‬يقبضك عما لك ويبسطك فيما له‪.‬‬

‫ط} قال‪ :‬يقبض أى ُيوحى أهل صفوته من رؤية الكرامات‪ ،‬ويبسطهم‬ ‫{يْقِب ُ‬
‫ض َوَي ْب ُس ُ‬ ‫وقال بعض البغداديين فى قوله‪َ :‬‬
‫بالنظر إلى الكريم‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 187‬الى اآلية ‪)187‬‬

‫اس َّل ُه َّن َعلِ َم َّ‬ ‫ِ‬ ‫الرَف ُث ِإَلى ِنس ِآئ ُكم ه َّن لِب َّ‬ ‫ُح َّل َل ُكم َليَل َة ِ‬
‫أِ‬
‫َّللاُ أََّن ُك ْم ُكنتُ ْم تَ ْخ ُ‬
‫تانو َن أ َْنُف َس ُك ْم َفتَ َ‬
‫اب َعَل ْي ُك ْم‬ ‫اس ل ُك ْم َوأ َْنتُ ْم لَب ٌ‬
‫ٰ َ ْ ُ َ ٌ‬ ‫الصَيا ِم َّ‬ ‫ْ ْ‬
‫َسَوِد ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض م َن اْل َخ ْيط األ ْ‬ ‫ط األ َْبَي ُ‬ ‫َّن َل ُك ُم اْل َخ ْي ُ‬‫اش َرُبوْا َحتَّ ٰى َيتََبي َ‬
‫َّللاُ َل ُك ْم َوُكُلوْا َو ْ‬ ‫اآلن َٰبش ُر ُ‬
‫وه َّن َو ْابتَ ُغوْا َما َكتَ َب َّ‬ ‫َو َعَفا َع ْن ُك ْم َف َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َّللاُ َء َٰايِت ِه‬
‫وها َك ٰذلِ َك ُيَبِي ُن َّ‬ ‫الصيام ِإَلى َّاللي ِل والَ ت ٰب ِشروه َّن وأَنتم ٰع ِكُفون ِفي اْلم ٰس ِج ِد ِتْلك حدود َّ ِ‬
‫َّللا َفالَ تَْق َرُب َ‬ ‫َ ُُ ُ‬ ‫ََ‬ ‫ْ َ َُ ُ ُ َ ْ ُ ْ َ َ‬ ‫ََ‬
‫اْلَفج ِر ثُ َّم أَِت ُّموْا ِ‬
‫ْ‬
‫اس َل َعَّل ُه ْم َيتَُّقو َن‬
‫لِ َّلن ِ‬

‫تانو َن أ َْنُف َس ُك ْم}‪.‬‬ ‫{علِ َم َّ‬


‫َّللاُ أََّن ُك ْم ُكنتُ ْم تَ ْخ ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬خيانة النفس الوقوف معها حيث ما وقفت‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 200‬الى اآلية ‪)200‬‬

‫اس َمن َيُقو ُل َربََّنآ ِآتَنا ِفي ُّ‬


‫الد ْنَيا َو َما َل ُه ِفي‬ ‫َشَّد ِذ ْك اًر َف ِم َن َّ‬
‫الن ِ‬ ‫آء ُك ْم أ َْو أ َ‬ ‫اس َك ُك ْم َفا ْذ ُك ُروْا َّ ِ ِ‬
‫َفِإ َذا َقضيتُم َّمن ِ‬
‫َّللاَ َكذ ْكرُك ْم َآب َ‬ ‫َْْ َ‬
‫اآلخ َرِة ِم ْن َخالَ ٍق‬
‫ِ‬

‫آء ُك ْم}‪.‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬فا ْذ ُك ُروْا َّ ِ ِ‬


‫َّللاَ َكذ ْكرُك ْم َآب َ‬

‫أبدا‪ ،‬وإحسانى إليك أقدم وأكثر فاذكرنى كما تذكر أباك‪.‬‬


‫قيل‪ :‬معناه إنك تذكر إحسان أبيك إليك فتذكره بذلك ً‬

‫وقيل هو الذى أوجد أباك وألقى فى قلبه رحمتك‪ ،‬فذكر ولى النعم األول أولى‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬اذكرنى بالنعماء ُيرى عليك منى روائد اآلالء فاذكرونى بالخوف تجدنى‬

‫أمانا لك عند المخاوف‪ ،‬واذكرنى بالعبودية الخالصة أقبلك على شرائط السالمة عاجالً‬
‫ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫إلى فإن من ذكرنى لرغبة أو رهبة أعطيته مرغوبه وأمنته‬
‫وآجالً‪ ،‬واذكرنى بى أوصلك َّ‬

‫عوضا من ِ‬
‫الكل‪ ،‬ومن كنت له فاألكوان كلها فى‬ ‫ً‬ ‫من مرهوبه‪ ،‬ومن ذكرنى لى ُكنت له‬

‫أسره‪.‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬ذكر عارضى ودعا عادتى كيف تُرجى بركته أو نموه وزيادته‪.‬‬

‫سورة البقرة (من اآلية ‪ 201‬الى اآلية ‪)201‬‬

‫الن ِار‬ ‫ِِ‬ ‫ول َربََّنآ ِآتَنا ِفي ُّ‬


‫الد ْنَيا َح َسَن ًة َوِفي اآلخ َرة َح َسَن ًة َوِقَنا َع َذ َ‬
‫اب َّ‬ ‫ِو ِم ْن ُه ْم َّمن َيُق ُ‬
‫ول َربََّنآ ِآتَنا ِفي ُّ‬
‫الد ْنَيا َح َسَن ًة}‪.‬‬ ‫{و ِم ْن ُه ْم َّمن َيُق ُ‬
‫قوله تعالى‪ِ :‬‬

‫ِِ‬
‫الن ِار} وقنا نيران عذاب شهواتنا فإن من شغل‬ ‫{وِقَنا َع َذ َ‬
‫اب َّ‬ ‫اإلعراض عنها ِ‬
‫{وفي اآلخ َرة َح َسَن ًة} ترك االشتغال بها َ‬
‫َ‬
‫مشؤوم‪ ،‬وقيل‪ :‬العلم والعبادة‪ ،‬وقيل‪ :‬الرزق‬ ‫عنك‬
‫ٌ‬

‫الحالل‪ ،‬وقيل‪ :‬صحة الجسد‪.‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬فى الدنيا حسنة الغيبة عن كل مصطلح من الحق وفى اآلخرة حسنة‬

‫الغيبة عن رؤية األفعال والرجوع إلى الفضل والرحمة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال ابن عطاء‪ :‬القناعة فى الرزق والرضا بالقضاء‪.‬‬

‫وقال جعفر‪ :‬صحبة الصالحين‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬فى الدنيا المعرفة وفى اآلخرة الرؤية‪.‬‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 1‬الى اآلية ‪)2‬‬

‫ُّوم‬ ‫الم * َّ ِ ِ َّ‬


‫َّللاُ ال إَلـ َٰه إال ُه َو اْل َح ُّي اْلَقي ُ‬
‫َّللاُ ال ِإَلـ َٰه ِإالَّ ُه َو} [اآلية‪.]2-1 :‬‬
‫قوله عز وجل‪{ :‬الم َّ‬

‫الل ِ‬
‫طف والميم من الملك‪.‬‬ ‫قيل‪ :‬األلِف من األحدية والالم من ُّ‬
‫ُ‬

‫الملك هو هللا الذى ال إله إال هو‪.‬‬


‫ُ‬ ‫اللطيف‪،‬‬
‫ُ‬ ‫احد‬
‫وقيل‪ :‬الو ُ‬

‫قال جعفر‪ :‬الحروف المقطوع ُة فى القرآن إشارات إلى الوحدانية والفردانية‬

‫باالستغناء عما ِس َواهُ‪ .‬قوله {اْل َح ُّي} هو الذى ال طول لحياته وال أمد لبقائه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحق بنفسه‬ ‫والديمومية وقيام‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫الكامل فى َذاته ال بعلة وبه قيام كل منعوت بالحق‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وقال بعضهم‪{ :‬اْل َح ُّي}‬

‫قال بعضهم‪{ :‬اْل َح ُّي} هو الذى به حياة كل ٍ‬


‫حى ومن لم يحى به فهو ميت‪.‬‬

‫بالد َرِك أو بالعبادة عنه أو باإلشارة‪ ،‬فال يبلغ أحد ً‬


‫شيئا من ُكنه‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬اْلَقيُّوم} قيل‪ :‬هو مزيل ِ‬
‫العلل عن ذاته َّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫معرفته ألنه ال يعلم أحد ما هو إال هو‪.‬‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 4‬الى اآلية ‪)4‬‬

‫اب َش ِد ٌيد َو َّ‬


‫َّللاُ َع ِز ٌيز ُذو ْانِتَقا ٍم‬ ‫ات َّ ِ‬
‫َنزل اْلُفرَقان ِإ َّن َّال ِذين َكَفروْا ِبآي ِ‬ ‫ِمن َقْب ُل ُه ًدى لِ َّلن ِ‬
‫َّللا َل ُه ْم َع َذ ٌ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫اس َوأ َ َ ْ َ‬

‫َّللاِ} [اآلية‪.]4 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن َّال ِذين َكَفروْا ِبآي ِ‬
‫ات َّ‬ ‫َ ُ َ‬

‫امة هللاِ تعالى على أوليائه‪ ،‬لهم عذاب شديد‬


‫قال أبو سعيد الخراز‪ :‬بإظهار كر ِ‬

‫يجحد ذلك‪.‬‬ ‫بتعجيزهم الحق عن ذلك‪ ،‬وهللا عزيز يعز بو ِ‬


‫اليته وإظهار الكرامة على من يشاء من عباده ذو انتقام ممن‬
‫ُ‬ ‫ُ ٌ‬

‫وقال الواسطى‪ :‬عزيز عن أن يخالف إرادته أحد‪ ،‬بل ينتقم بما يجرى‪ .‬نفى أن تكون عقوبته مقابل ًة لألفعال المحدثة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 5‬الى اآلية ‪)5‬‬

‫الس َم ِآء‬ ‫َّللاَ الَ َي ْخَف ٰى َعَل ْي ِه َشيء ِفي األ َْر ِ‬
‫ض َوالَ ِفي َّ‬ ‫ِإ َّن َّ‬
‫ٌْ‬

‫قيل‪ :‬ال يخفى عليه شىء فطالعوا همومكم أن تكون خالي ًة عن األهو ِاء والشبهات‪ ،‬فإنه ال يخفى عليه شىء‪.‬‬

‫يطلعن فيرى فى قلبك سواه فيمقتك‪.‬‬


‫َّ‬ ‫َّللاَ الَ َي ْخَف ٰى َعَل ْي ِه َشي ٌء} قال‪ :‬فال‬
‫قال جعفر فى قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن َّ‬
‫ْ‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 6‬الى اآلية ‪)6‬‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬


‫يم‬ ‫ِ‬
‫آء الَ إَلـ َٰه إال ُه َو اْل َعز ُيز اْل َحك ُ‬ ‫ص ِوُرُك ْم في األ َْر َحا ِم َك ْي َ‬
‫ف َي َش ُ‬ ‫ُه َو الذي ُي َ‬
‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫آء} [اآلية‪.]6 :‬‬ ‫ص ِوُرُك ْم في األ َْر َحا ِم َك ْي َ‬
‫ف َي َش ُ‬ ‫{ه َو الذي ُي َ‬
‫قواله تعالى‪ُ :‬‬

‫وجاحدا له فمن يصحبه ُحزن ما قدر عليه فى وقت تصويره من‬


‫ً‬ ‫وعالما بأوامره‬
‫ً‬ ‫وعالما بصفاته‬
‫ً‬ ‫عالما به‬
‫صوركم ً‬‫قيل‪ُ :‬ي ُ‬
‫اآلمن مكره‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الجاهل به و ُ‬
‫ُ‬ ‫الشقاوة والسعادة فهو‬

‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫آء} من األنوار والظلمات‪ .‬قال النبى صلى هللا عليه‬ ‫ص ِوُرُك ْم في األ َْر َحا ِم َك ْي َ‬
‫ف َي َش ُ‬ ‫{ه َو الذي ُي َ‬
‫قال محمد بن على‪ُ :‬‬
‫ضل‬ ‫ٍ‬ ‫وسلم‪َّ " :‬‬
‫النور اهتدى‪ ،‬ومن أخطأهُ َ‬
‫إن هللا تعالى خلق الخلق فى ظلمة‪ ،‬وألقى عليهم من نوره فمن أصاب ذلك ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫‪".‬‬

‫قال الحسين‪ :‬خصوصية تصويره إياك قومك وسواك وعدلك وأنزلك منزلة المخاطبين‪.‬‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 7‬الى اآلية ‪)7‬‬

‫اب وأُخر متَ َشاِبهات َفأ َّ َّ ِ‬ ‫ِ‬


‫ين في ُقُلوبِ ِه ْم َزْي ٌغ َفَيتَِّب ُعو َن َما‬
‫َما الذ َ‬ ‫ات ُه َّن أ ُُّم اْل ِكتَ ِ َ َ ُ ُ َ ٌ‬ ‫ات ُّم ْح َك َم ٌ‬ ‫اب ِم ْن ُه َآي ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ُه َو َّالذي أ َ‬
‫َنزَل َعَل ْي َك اْلكتَ َ‬
‫آمَّنا ِب ِه ُك ٌّل ِم ْن ِع ِند َربَِنا َو َما‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّللا و َّ ِ‬
‫الراس ُخو َن في اْلعْل ِم َيُقوُلو َن َ‬
‫ِ ِ َّ‬ ‫ِ ِِ‬
‫اء تَأْويله َو َما َي ْعَل ُم تَأْويَل ُه إال َّ ُ َ‬
‫تَ َشابه ِم ْنه ابِت َغ ِ ِ ِ‬
‫اء اْلف ْتَنة َو ْابت َغ َ‬
‫ََ ُ ْ َ‬
‫ي َّذ َّكر ِإالَّ أُوُلوْا األَْلب ِ‬
‫اب‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ‬

‫ات} [اآلية‪.]7 :‬‬


‫ات ُّم ْح َك َم ٌ‬ ‫قوله تعالى‪ِ :‬‬
‫{م ْن ُه َآي ٌ‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬هو فاتح ُة الكتاب التى ال تجزئ الصالةُ إال بها‪.‬‬

‫قال محمد بن الفضل‪ :‬هو سورة اإلخالص‪ ،‬ألنه ليس فيه إال التوحيد فقط‪.‬‬

‫{الر ِاس ُخو َن ِفي اْل ِعْلمِ}‪.‬‬


‫قوله تعالى‪َّ :‬‬

‫فهم‪ ،‬وخاضوا فى بحر العلم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫قال الواسطى‪ :‬هم الذين رسخوا بأزواجهم فى غيب الغيب فى سر السر فعرفهم ما عر ُ‬
‫فانكشف لهم من مدخور‬ ‫لطلب الز ِ‬
‫يادة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫بالفه ِم‬
‫َ‬

‫الخراز‪ُ :‬ه ُم الذين كمُلوا فى جميع العلوم‬ ‫ائن تحت كل ٍ‬


‫حرف منه من الفه ِم وعجائب الخطاب فنطقوا بالحكم‪ .‬قال َّ‬ ‫الخز ِ‬
‫اطلعوا على ِهمم الخالئق كلهم أجمعين‪.‬‬
‫وعرُفوها و ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وطب بذاته‪.‬‬
‫وخ َ‬‫وشف بصفاته ُ‬
‫وك َ‬‫ورب روحه فى ذاته‪ُ ،‬‬
‫قال بعضهم‪ :‬الراسخ من ُق َ‬

‫ولع على محل المراد من الخطاب‪.‬‬


‫ط َ‬ ‫قال بعضهم‪ :‬الراسخ من ُ‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 8‬الى اآلية ‪)8‬‬

‫ِ َّ‬
‫وبَنا َب ْع َد ِإ ْذ َه َد ْيتََنا َو َه ْب َلَنا من ل ُد ْن َك َر ْح َم ًة ِإَّن َك أ َْن َت اْل َوه ُ‬
‫َّاب‬ ‫َربََّنا الَ تُ ِز ْ‬
‫غ ُقُل َ‬

‫وبَنا َب ْع َد ِإ ْذ َه َد ْيتََنا} [اآلية‪.]8 :‬‬ ‫{ربََّنا الَ تُ ِز ْ‬


‫غ ُقُل َ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫السنة {ِإَّن َك‬


‫لزوما لخدمتك على شرط ُّ‬ ‫ِ َّ‬
‫{و َه ْب َلَنا من ل ُد ْن َك َر ْح َم ًة} أى ً‬
‫قال جعفر‪ :‬ال تزغ قلوبنا عنك بعد إذ هديتنا إليك َ‬
‫أَنت اْلوهَّاب} المعطى بفضله عباده ما ال يستحقون من ٍ‬
‫نعمة‪.‬‬ ‫َْ َ ُ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬الزيغ‪ :‬الميل إلى شىء سوى الحق‪.‬‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 9‬الى اآلية ‪)9‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اس لِيو ٍم الَّ ريب ِف ِ‬
‫يه ِإ َّن َّ‬ ‫ربَّنآ ِإَّنك ج ِ‬
‫يع َاد‬
‫ف اْلم َ‬
‫َّللاَ الَ ُي ْخل ُ‬ ‫َْ َ‬ ‫الن ِ َ ْ‬
‫ام ُع َّ‬ ‫ََ َ َ‬

‫يع َاد} [اآلية‪.]9 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن َّ‬
‫ف اْلم َ‬
‫َّللاَ الَ ُي ْخل ُ‬

‫الذى وعد من السعادة والشقاوة فى أزل علمه‪ ،‬ال يخلف الميعاد لز ِ‬


‫هد زاهد وال لفسق فاسق‪.‬‬‫ُ‬

‫َّللا الَ يخلِف اْل ِميعاد} قال‪ :‬فى إنزال كل ٍ‬


‫يطلبه من األعو ِ‬
‫اض‪ ،‬وإيصال‬ ‫أحد ما كان ُ‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫قال الواسطى فى قوله‪ِ{ :‬إ َّن َّ َ ُ ْ ُ‬
‫ِ‬
‫اللقاء والُقرب‪.‬‬ ‫محل الخاص من‬ ‫صوص إلى ِ‬
‫ِ‬ ‫الخ‬
‫ُ‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 13‬الى اآلية ‪)13‬‬

‫ص ِِره َمن‬ ‫ِ‬ ‫ْي اْل َع ْي ِن َو َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يل َّ ِ‬


‫آي ٌة ِفي ِفَئتَي ِن اْلتََقتَا ِفَئ ٌة تَُق ِاتل ِفي سِب ِ‬
‫َّللاُ ُي َؤي ُِد بَن ْ‬ ‫ُخ َر ٰى َكاف َرةٌ َي َرْوَن ُه ْم م ْثَل ْيه ْم َأر َ‬
‫َّللا َوأ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ان َل ُك ْم‬
‫َق ْد َك َ‬
‫ص ِار‬ ‫ِ‬ ‫ِٰ ِ‬ ‫آء ِإ َّن ِفي‬
‫ذل َك َلع ْب َرةً أل ُْولي األ َْب َ‬ ‫َي َش ُ‬

‫آء} [اآلية‪.]13 :‬‬ ‫َّللا ُي َؤي ُِد ِبَن ِِ‬


‫صره َمن َي َش ُ‬‫ْ‬ ‫{و َّ ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫السَّن ِة وترك البدعة‪.‬‬ ‫ِ‬


‫عباده للزوم ُّ‬ ‫يشاء من‬
‫قال القاسم‪ُ :‬يوفق من ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 14‬الى اآلية ‪)14‬‬

‫ض ِة َواْل َخْي ِل اْل ُم َسَّو َم ِة َواأل َْن َعا ِم َواْل َح ْر ِث‬ ‫طرِة ِمن َّ‬
‫الذ َه ِب َواْلِف َّ‬ ‫النس ِاء واْلبِنين واْلَقن ِ‬
‫اط ِ‬
‫ير اْل ُمَق ْن َ َ َ‬
‫اس ح ُّب َّ ِ ِ ِ‬
‫الش َه َوات م َن َ َ َ َ َ َ‬ ‫ُزي ِ‬
‫ِن ل َّلن ِ ُ‬ ‫َ‬
‫َّللا ِع ْن َده حس ُن اْلم ِ‬
‫آب‬ ‫َ‬ ‫ٰذلِ َك َمتَاعُ اْل َحَي ِاة ُّ‬
‫الد ْنَيا َو َّ ُ ُ ُ ْ‬
‫اس ح ُّب َّ ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫{زي ِ‬
‫ين} [اآلية‪.]14 :‬‬
‫الش َه َوات م َن الن َساء َواْلَبن َ‬ ‫ِن ل َّلن ِ ُ‬
‫قوله تعالى‪َ ُ :‬‬

‫قيل‪ :‬من اشتغل بهذه األشياء قطعته عن الحق‪ ،‬ومن استصغرها وأعرض عنها ُع ِو َ‬
‫ض عليها السالم َة منها وُفتح له‬
‫يق إلى الحقائق‪.‬‬
‫الطر ُ‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 15‬الى اآلية ‪)15‬‬

‫ات تَجرِي ِمن تَحِتها األ َْنهار َخالِ ِد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٰ ِ َِّ ِ‬


‫ان‬ ‫ط َّه َرةٌ َوِر ْ‬
‫ضَو ٌ‬ ‫اج ُّم َ‬
‫يها َوأ َْزَو ٌ‬
‫ين ف َ‬
‫َ‬ ‫َُ‬ ‫ْ َ‬ ‫ين اتََّق ْوا ع َند َربِ ِه ْم َجَّن ٌ ْ‬
‫ُق ْل أ َُؤَنِبُئ ُك ْم ِب َخ ْي ٍر من ذل ُك ْم للذ َ‬
‫ص ٌير ِباْل ِعَب ِاد‬
‫َّللا ب ِ‬ ‫ِمن َّ ِ‬
‫َّللا َو َّ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ِ ٰ ِ َِّ ِ‬
‫ين اتََّق ْوا ِع َند َرِب ِه ْم َجَّن ٌ‬
‫ات} [اآلية‪.]15 :‬‬ ‫قوله‪ُ{ :‬ق ْل أ َُؤَنِبُئ ُك ْم ِب َخ ْي ٍر من ذل ُك ْم للذ َ‬

‫غاية رجائه من ُد ُخ ِ‬
‫ول الجنة‪ ،‬ومن كانت معاملتُه على رؤية‬ ‫لوغه إلى ِ‬ ‫قيل فيه‪ :‬من ع ِمل رجاء الجنة فإن غاية ب ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫َّللاِ أَ ْكَب ُر } [التوبة‪.]72 :‬‬
‫ان ِم َن َّ‬ ‫فإن له الرضوان‪ .‬قال هللا تعالى‪َ { :‬وِر ْ‬
‫ض َو ٌ‬ ‫الرضا َّ‬

‫عالم بهمم العاملين و َإرَاد ِاتهم‪.‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬و َّ ِ ِ ِ ِ‬


‫َّللاُ َبص ٌير باْلعَباد} قال‪ٌ :‬‬ ‫َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 17‬الى اآلية ‪)17‬‬

‫َس َح ِار‬ ‫ين واْلمستَ ْغِف ِر َ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫الصاِب ِرين و َّ ِ ِ‬


‫ين باأل ْ‬ ‫ين َواْل ُم ْنفق َ َ ُ ْ‬
‫ين َواْلَقانت َ‬
‫الصادق َ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬

‫ومساكن ِ‬
‫القلب فيه‬ ‫أمو ِره‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ابر المستسل ُم فى كل ُ‬
‫الص َ‬
‫المتصبر‪ ،‬ألن َّ‬
‫َ‬ ‫غير‬
‫ابر ُ‬ ‫الص ُ‬
‫قال أحمد بن عاصم األنطاكى‪َّ :‬‬
‫ددت فيه إلى َحالِ َك وعجزك يكابد‬
‫المتصبر ما ُر َ‬
‫محفوظاً‪ ،‬و َ‬

‫نفسه فى الصبر على المكاره‪.‬‬

‫ظا‪ ،‬والتصبر ما رددت فيه إلى حالك وعجزك‪.‬‬


‫قال أبو حفص‪ :‬الصبر ما كنت فيه محفو ً‬

‫الصبر هو الثبات فيه وتلقى باله بالرحب والدعة‪.‬‬


‫الص ُبر تَرك االختيار على هللا تعالى‪ ،‬لكن َّ‬
‫قال عمرو المكى‪ :‬ليس َّ‬

‫صَبر على‬ ‫صبر على رؤية العوض يكو ُن َ‬


‫صبرهُ مشوًبا بعجز‪ ،‬وما هو بمتحقق فى الصبر‪ ،‬ومن َ‬ ‫قال عمرو‪ :‬من َ‬
‫ُرؤية َّ‬
‫المنة يكون متلذ ًذا بالبالء كتلذذه بالنعمة‪ ،‬إذ هما من‬

‫ٍ‬
‫عين واحدة‪.‬‬

‫ين} هم الذين‬ ‫{الصاِب ِرين} هم الذين صبروا باهللِ تعالى فى طاعة هللاِ تعالى مع هللاِ تعالى‪ ،‬و َّ ِ ِ‬
‫{الصادق َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ ُ‬ ‫قال ابن عطاء‪َّ :‬‬
‫ِِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫صدق قويم واعتماد صحيح وس ٍر ال يشوبه شىء و {اْلَقانت َ‬
‫ين} هم الذين أطاعوا هللا‬ ‫صد ُقوا ما عاهدوا هللا عليه عن‬
‫َ‬
‫تعالى فى ِس ِرهم‬

‫َس َح ِار} هم الذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع‪.‬‬ ‫وعالنيتهم‪ ،‬و {اْلمستَ ْغِف ِر َ ِ‬
‫ين باأل ْ‬ ‫ُْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال بعضهم‪ :‬الصابرين مع هللا تعالى على موارد قضائه‪ ،‬والصادقين فى توحيدهم ومحبتهم والقانتين الراجعين إليه‬
‫فى السر ِاء والضر ِاء والمنفقين ما ِسواهُ له‪ ،‬والمستغفرين‬

‫صَّد َق ما أجاب به من َلفظه َبلى‪.‬‬


‫باألسحار من أفعالهم وأحوالهم وأقوالهم‪ .‬وقال بعضهم‪ :‬الصابرين من َ‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 18‬الى اآلية ‪)18‬‬

‫يم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ َّ‬ ‫َش ِه َد َّ َّ‬


‫َّللاُ أَن ُه الَ إَلـ َٰه إال ُه َو َواْل َمالَئ َك ُة َوأ ُْوُلوْا اْلعْل ِم َقآئ َماً باْلق ْسط الَ إَلـ َٰه إال ُهَو اْل َعز ُيز اْل َحك ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ َّ‬ ‫{ش ِه َد َّ‬
‫َّللاُ أََّن ُه الَ إَلـ َٰه إال ُه َو َواْل َمالَئ َك ُة َوأ ُْوُلوْا اْلعْل ِم َقآئ َماً باْلق ْسط} [اآلية‪ُ .]18 :‬سئ َل َس ُ‬
‫هل بن عبد هللا عن‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬
‫أنه‬
‫نبيه ُ‬
‫ذاته‪ ،‬واستشهد من استشهد من خلقه قبل خلقه لهم‪ ،‬فكان ذلك ت ٌ‬ ‫مشاهد ُ‬ ‫ٌ‬ ‫هذه اآلية فقال‪ :‬شهد لنفسه بنفسه وهو‬
‫كونه‪ ،‬وإنه ال يتجاوز أحد من خلقه ما تجلى ِ‬
‫به‪.‬‬ ‫عالم بما يكون قبل ِ‬
‫ُ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫وعالما‬ ‫لماء الشريعة‪،‬‬ ‫ِ‬


‫ً‬ ‫عالما بأمور هللا تعالى وأحكامه فهم ُع ُ‬
‫{وأ ُْوُلوْا اْلعْلمِ}‪ :‬إن العلماء ثالث ٌة‪ً :‬‬
‫وقيل فى قوله تعالى‪َ :‬‬
‫وعالما به وبأسمائه فهم العالم الربانى‪.‬‬
‫ً‬ ‫بصفاته ونعوته فهم ُعلماء النسبة‪،‬‬

‫أشهد أن ال إله إال هللا ما قدرت عليه قيل‪:‬‬


‫ول‪ُ :‬‬‫هد أن أ ُق َ‬
‫ُج ُ‬
‫بقيت البارحة إلى الصباح أ ْ‬
‫يوما ألصحابه‪ُ :‬‬
‫قال أبو يزيد ً‬
‫َولِ َم؟ قال‪ :‬ذكرت كلم ًة قلتها فى صباى جائتنى وحشة تلك الكلمة فمنعتنى عن ذلك وأعجب من يذكر هللا تعالى وهو‬
‫متصف بشىء من صفاته‪.‬‬

‫{ش ِه َد‬
‫معت الشبلى يقول‪ :‬ما قلت هللا إال استغفرت من ذلك‪ ،‬ألن هللا تعالى يقول‪َ :‬‬ ‫ِ‬
‫عت محمد بن عبد هللا يقول‪َ :‬س ُ‬ ‫َسم ُ‬
‫َّللاُ أََّن ُه الَ ِإَلـ َٰه ِإالَّ ُه َو} فمن شهد بذلك له من األكوان إال عن ٍ‬
‫أمن أو غفلة‪.‬‬ ‫َّ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫البقاء َفنوا عن كل شىء دو َن هللا تعالى حتى بقوا مع هللاِ تعالى‪.‬‬
‫ِ‬ ‫أول ما نحلوا من حقائق‬
‫وقال ابن عطاء‪ُ :‬‬

‫ِ‬
‫شهد لنفسه حتى يصل إلى الفاقة الكبرى َ‬
‫قيل‪ :‬وما الفاق ُة الكبرى؟ قال‪ :‬حتى‬ ‫يصل إلى الشهادة هلل تعالى بما َ‬
‫ُ‬ ‫وقيل‪ :‬ال‬
‫به‪ ،‬وال ينجو منه إال ِ‬
‫به‪.‬‬ ‫يعلم أنه ال يصل إليه إال ِ‬
‫ُ‬

‫تشهدك حين شهدت هلل تعالى‬ ‫حيث َّ‬


‫وحدت فى ُّ‬ ‫ابن منصور لرجل‪ :‬أتشهد فى األذان؟ قال‪ :‬نعم قال‪ :‬ألحدت من ُ‬ ‫وقال ُ‬
‫وللرسول صلى هللا عليه وسلم ولم تفرق بينهما حتى تشهد هلل تعالى بالتعظيم وللرسول صلى هللا عليه وسلم بالبالغ‬
‫والتسليم‪ ،‬عند ذلك باهت األسرار فيما وراء الغيرة وال غير‪.‬‬

‫وقيل للشبلى رحمه هللا‪ :‬لِ َم تقول هللا وال تقول ال إله إال هللا؟ فأنشأ يقول‪:‬‬

‫يغيب‬
‫الفْق ُد ماذا ُ‬
‫فإ َذا استحال َ‬ ‫بثبوتها‬ ‫مس َيغالِ ُب َ‬
‫فقدها ُ‬ ‫َش ٌ‬

‫فقده؟‬
‫كون ُه‪ ،‬وهل يثبت إال ما ال َي ُجوز ُ‬
‫ثم قال‪ :‬وهل يبَقى إال ما يستحيل ُ‬

‫َّللاُ أََّن ُه الَ ِإَلـ َٰه ِإالَّ ُه َو}‪ ،‬فقال‪َ :‬دَّلنا بنفسه من نفسه على نفسه بأسمائه وفيه بيان‬
‫{ش ِه َد َّ‬
‫وقال ابن عطاء فى قوله‪َ :‬‬
‫كالمه وأسمائه ِ‬
‫شاه ًدا‬ ‫ِ‬ ‫رُبوبيته وصفاته‪ ،‬فجعل لنا فى‬

‫يشهد‬
‫َ‬ ‫الشاهد عليه توحيده‪ ،‬وال يستحق أن‬
‫ُ‬ ‫معه غيره‪ ،‬فكان‬
‫نفس ُه ولم يكن ُ‬
‫وح َد َ‬ ‫ذلك َّ‬
‫ألن هللا تعالى َّ‬ ‫ودليالً‪ ،‬وإنما فعل َ‬
‫معه‪ ،‬ثم دعا الخلق إلى شهادته‪ ،‬فمن وافقت شهادته فقد أصاب‬
‫شاهد ُ‬
‫َ‬ ‫الشاهد فال‬
‫ُ‬ ‫حيث الحقيقة سواهُ‪ ،‬إذ هو‬
‫عليه من ُ‬
‫َّ‬
‫حظ ُه من حقيقة‬

‫التوحيد‪ ،‬ومن ُح ِرَم ضل‪.‬‬

‫وصمديته‪ ،‬وش ِه َد المالئك ُة وأولوا العلم له بتصديق ما‬ ‫ِ‬ ‫{ش ِه َد َّ‬
‫َّللاُ} فقال‪َ :‬شهد هللا بوحدانيته وأبديته َ‬ ‫وقال جعفر فى قوله َ‬
‫شهد هو لنفسه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ‬
‫األمر‪ ،‬والثانى اجتنا ُب‬ ‫ئل جعفر عن حقيقة هذه الشهادة ما هى؟ قال‪ :‬هى مبني ٌة على أربعة أركان‪َّ :‬أولها اتباعُ‬ ‫ُس َ‬
‫الرضا‪.‬‬
‫ابع َ‬‫الثالث القناع ُة‪ ،‬والر ُ‬
‫النهى‪ ،‬و ُ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬إن هللاَ َش ِه َد بالفردانية والصمدية واألبدية ثم خلق َ‬


‫الخْلق فشغلهم بعبادة هذه الكلمة فال يطيقون حقيقة‬
‫رسم‪ ،‬وأنى يستوى الحق مع الرسم‪.‬‬
‫شهادته لنفسه حق‪ ،‬وشهادتُهم له بذلك ٌ‬ ‫ُ‬ ‫عبادتها‪ ،‬ألن‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ َّ‬ ‫{ش ِه َد َّ‬


‫بعباده إلى أن‬ ‫إرشاد‬
‫طف و ٌ‬ ‫َّللاُ أََّن ُه الَ إَلـ َٰه إال ُه َو} فقال‪ :‬هو ٌ‬
‫تعليم منه وُل ٌ‬ ‫قال أبو عبد هللا القرشى فى قوله تعالى‪َ :‬‬
‫إبليس عند المعارضة‪ .‬قال المزنى‪َ :‬د َخل أبو‬ ‫ِ‬
‫تشهدوا له بذلك‪ ،‬ولو لم ُيعلمهم ذلك ولم يرشدهم لهلكوا كما هلك ُ‬
‫أمرا‪،‬‬ ‫منصور مكة ِ‬
‫حيث رضى به نعتًا و ً‬ ‫يليق به من ُ‬ ‫فسئ َل عن شهادة الذر للحق بالوحدانية وعن التوحيد‪ ،‬فقال‪ :‬هذا ُ‬ ‫ُ‬
‫فلست بموحد‬
‫َ‬ ‫تشير‬
‫دمت ُ‬ ‫يليق شكرنا بنعمه‪ .‬قال‪ :‬وما َ‬ ‫بشكرنا لنعمه‪ ،‬و َّأنى ُ‬
‫وصفا وال حقيق ًة كما رضى ُ‬
‫ً‬ ‫يليق به‬
‫وال ُ‬
‫يم} قال‪ :‬العز ُيز‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مشيرا‪ ،‬وفى إشارة قوله تعالى‪{ :‬اْل َعز ُيز اْل َحك ُ‬
‫ً‬ ‫حتى يستولى الحق على إشارتك بإخفائها عنك فال تبقى‬
‫الحق لنفسه قبل األكوان‪ .‬وقال‬ ‫حيث التوحيد ما شهد به‬ ‫ِ‬
‫التوحيد من ُ‬ ‫توحيد موح ٍد‪ ،‬أو صف ُة‬ ‫تلحقه‬ ‫الممتنع عن أن‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫بعضهم‪ :‬شهادة هللا تعالى لنفسه بما شهد به شهادةُ صدق وال‬

‫تقبل الشهادة إال من الصادقين‪ ،‬فظهر بهذا أنه ال يصح إال للصادقين دون غيرهم من الخلق‪.‬‬

‫َّللاُ أََّن ُه الَ ِإَلـ َٰه ِإالَّ ُه َو} شهادته لنفسه أن ال صانع غيره‪ ،‬آمن بنفسه قبل أن ُيؤمن به مما‬
‫{ش ِه َد َّ‬
‫قال الحسين فى قوله‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫وبغيبه داعين إليه‪ ،‬والمؤمنون يؤمنون به‬ ‫وصف من نفسه‪ ،‬فهو المؤمن بغيبه الداعى إلى نفسه‪ ،‬والمالئك ُة مؤمنو َن به‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يشير إلى غيبه‪ ،‬فإنما يشير‬
‫آم َن به فقد آمن بغيبه‪ ،‬وكل ما فى القرآن مما ُ‬
‫ورُسله‪ ،‬فمن َ‬ ‫اعون إليه بكتُبه ُ‬
‫وبغيبه‪َ ،‬د ُ‬
‫بنفسه إلى غيبه وال يعلم غيبه إال ُه َو‪.‬‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 19‬الى اآلية ‪)19‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َّللاِ‬ ‫اخَتَلف َّال ِذين أُوتُوْا اْل ِكتَاب ِإالَّ ِمن بع ِد ما جآءهم اْل ِعْلم ب ْغياً بينهم ومن ي ْكُفر ِبآي ِ‬ ‫َّللاِ ِ‬
‫ين ِع َند َّ‬ ‫ِ‬
‫ات َّ‬ ‫َ ْ َ َ َ ُ ُ ُ َ ََْ ُ ْ َ َ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اإل ْسالَ ُم َو َما ْ َ‬ ‫ِإ َّن الد َ‬
‫َّللا س ِريع اْل ِحس ِ‬ ‫ِ‬
‫اب‬ ‫َفإ َّن َّ َ َ ُ َ‬
‫َّللاِ ِ‬
‫اإل ْسالَ ُم} [اآلية‪.]19 :‬‬ ‫ين ِع َند َّ‬ ‫ِ‬
‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن الد َ‬

‫فيه من الرياء والشهوِة الخفي ِ‬


‫َّة‪ ،‬ورؤية‬ ‫قال أبو عثمان‪ :‬إن الدين ما سلم لك من البدع والضالالت‪ ،‬واألهواء‪ ،‬وسلمت ِ‬
‫َ َْ‬
‫الخلق وتعظيم الطاعات‪.‬‬

‫وسلم‬ ‫ين ِع َند َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫وقال محمد بن على فى قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن الد َ‬
‫َّللا اإل ْسالَ ُم} إن المتدين باإلسالم من سلم من رؤية الخلق َ‬
‫وسلم ِسُّره من طيران ُروحه‪ ،‬فهو فى حال االستقامة مع هللا‬
‫قلبه من شهوات نفسه‪ ،‬وسلم ُروحه من َخواطر قلبه‪َ ،‬‬ ‫ُ‬
‫تعالى‪.‬‬

‫صاحبه من وساوس الشيطان وهواجس النفس وعذاب اآلخرة‪.‬‬


‫ُ‬ ‫قال جعفر‪ :‬إن الدين عند هللا اإلسالم هو ما سلم عليه‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 26‬الى اآلية ‪)26‬‬

‫ك اْل َخ ْي ُر ِإَّن َك‬ ‫نزع اْلمْلك ِم َّمن تَ َشآء وتُ ِعُّز من تَ َشآء وتُِذ ُّل من تَ َش ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬
‫آء ِبَيد َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫آء َوتَ ِ ُ ُ َ ْ‬ ‫ُقل الل ُه َّم َمال َك اْل ُمْلك تُ ْؤتي اْل ُمْل َك َمن تَ َش ُ‬
‫َعَل ٰى ُك ِل َشي ٍء َق ِد ٌير‬
‫ْ‬
‫الل ُه َّم َمالِ َك اْل ُمْل ِك} [اآلية‪.]26 :‬‬
‫قوله تعالى‪ُ{ :‬ق ِل َّ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الواسطى‪ :‬عَّزى الملوك بذلك فأعلمهم أنهم مجبورون فى ملكهم وأن الملك عوارى لديهم ِ‬
‫بقوله‪{ :‬تُ ْؤِتي اْل ُمْل َك َمن‬ ‫ُ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُُ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫آء}‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫آء َوتَنزعُ اْل ُمْل َك م َّم ْن تَ َش ُ‬
‫تَ َش ُ‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬الملك‪ :‬االيمان وهذا دليل أن اإليمان ال يتحقق على شخص إال بعد الكشف والسالمة له فى‬
‫نزعُ اْل ُمْل َك ِم َّم ْن‬
‫االنقالب إلى ربه‪ ،‬فربما يكون عارية وربما يكون عطاء‪ .‬قال هللا تعالى‪{ :‬تُ ْؤِتي اْل ُمْل َك َمن تَ َشآء َوتَ ِ‬
‫ُ‬
‫لكه‪.‬‬
‫ع منه ُم ُ‬ ‫ِ‬
‫مترسم برسم الملوك‪ ،‬وقد ُنز َ‬
‫ٌ‬ ‫آء} فهو‬
‫تَ َش ُ‬

‫تشاء من عبادك وتنزُعها ممن تشاء‪ ،‬وتعز من تشاء باصطفائك‬


‫قال محمد بن على‪ :‬المعرف ُة‪ ،‬تُعطى معرفتك من ُ‬
‫ِ‬
‫عبادة العابدين‪.‬‬ ‫االجتباء قبل إظهار‬
‫االصطفاء و‬ ‫الخير أى منك‬ ‫تشاء باإلعراض عنه‪ ،‬بيدك‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وتذل من ُ‬
‫واجتبائك‪ُّ ،‬‬

‫أسباب‬
‫ُ‬ ‫يؤثر فيه‬
‫اصطفيته لك‪ ،‬فال ُ‬
‫ُ‬ ‫تشاء أى ممن‬
‫ممن ُ‬ ‫الحسين‪ :‬تؤتى الملك من تشاء "فتشغله به‪ ،‬وتنزع الملك َّ‬
‫ُ‬ ‫قال‬
‫برسو ِم الهياكل‪.‬‬
‫تشاء بإنصافه ُ‬
‫تشاء بإظهار عزتك عليه وتُذل من ُ‬
‫عز من ُ‬ ‫أسرِار الملك‪ ،‬وتُ ُ‬
‫الملك‪ ،‬ألنه فى َ‬

‫يسلم من ُشرورهما‪.‬‬
‫حه كى َ‬
‫قلبه وجوار ُ‬
‫لكه ُ‬
‫طوبى لمن ُم ُ‬
‫اسطى في هذه اآلية‪ُ :‬‬
‫قال الو‬
‫ُ‬

‫االستغناء بالمكو ِن عن الكونين‪.‬‬


‫ُ‬ ‫الملك‪:‬‬
‫ُ‬ ‫آء} هذه اآلية‬ ‫ِ‬
‫قال الشبلى رحمه هللا فى قوله تعالى‪{ :‬تُ ْؤتي اْل ُمْل َك َمن تَ َش ُ‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 28‬الى اآلية ‪)28‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َّللاِ ِفي َشي ٍء ِإالَّ أَن تَتَُّقوْا ِم ْن ُه ْم تَُقـٰ ًة‬
‫ين َو َمن َيْف َع ْل ٰذلِ َك َفَل ْي َس ِم َن َّ‬ ‫ِ‬ ‫اْلمؤ ِمنو َن اْل َك ِاف ِرين أَولِي ِ‬
‫آء من ُدو ِن اْل ُم ْؤ ِمن َ‬‫َ ََْ‬ ‫ُْ ُ‬ ‫الَّ َيتَّ ِخ ِذ‬
‫ْ‬
‫َّللاِ اْلم ِ‬
‫ص ُير‬ ‫َوُي َح ِذ ُرُك ُم‬
‫َّللاُ َنْف َس ُه َوِإَل ٰى َّ َ‬
‫َّ‬

‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬الَّ يتَّ ِخ ِذ اْلمؤ ِمنو َن اْل َك ِاف ِرين أَولِي ِ‬
‫آء من ُدو ِن اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين} [اآلية‪.]28 :‬‬ ‫َ ََْ‬ ‫ُْ ُ‬ ‫َ‬

‫سِئل أبو عثمان عن هذه اآلية فقال‪ :‬ال ينبسط سنى إلى مبتدع لفضل عشرة وال لقرابة َن ٍ‬
‫سب وال يلقاهُ إال ووجهه له‬
‫ُ ٌ‬ ‫ُ َ‬
‫أحب من أبغضه هللا تعالى وليس ٍ‬
‫بولى هلل من ال ُيوالى أولياء هللا تعالى وال يعادى‬ ‫كارهٌ‪ ،‬فإن فعل شيئاً من ذلك فقد َّ‬
‫أعداءه‪.‬‬

‫ائل‬ ‫َّللا نْفسه} قال ابن عطاء‪ :‬إنما ي ِ‬ ‫ِ‬


‫فأما من ال يعرفه فإن هذا الخطاب ز ٌ‬ ‫حذ ُر نفسه من يعرفه‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫{وُي َحذ ُرُك ُم َّ ُ َ َ ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬
‫نه بأنوار‬ ‫ِ‬ ‫{وُي َح ِذ ُرُك ُم َّ‬
‫َّللاُ َنْف َس ُه} قال‪ :‬فال يأمن من أحد أن ُيفعل به ما ُفع َل بإبليس‪ ،‬زي ُ‬ ‫عنه قال الواسطى فى قوله تعالى َ‬
‫عبادته وهو عنده فى حقائق لعنته‪ ،‬فستر عليه ما سبق منه إليه حتى غافصه بإظهاره عليه‪ .‬وقال أيضا‪ :‬ال ي ِ‬
‫حذر‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نفسه من ال يعرفه وهذا خطاب األكابر‪ ،‬فأما األصاغر فخطابهم { َواتَُّقوْا َي ْوماً تُ ْر َج ُعو َن فيه ِإَلى َّ‬
‫َّللا } [البقرة‪،]281 :‬‬ ‫ُ‬
‫ط ْعتُ ْم } [التغابن‪.]16 :‬‬
‫استَ َ‬ ‫النار} [اآلية‪َ { ]131 :‬فاتَُّقوْا َّ‬
‫َّللاَ َما ْ‬ ‫{واتَُّقوْا َّ‬
‫َ‬

‫للسر ِ‬
‫ائر‪،‬‬ ‫{وُي َح ِذ ُرُك ُم َّ‬
‫َّللاُ َنْف َس ُه} هل هو إال اإلثبات وليس له من ذلك شئ وإنما هو إيقاعُ البقيَّة َّ‬ ‫أيضا فى قوله‪َ :‬‬
‫وقال ً‬
‫وساوسه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وخلوصه من‬ ‫ُ‬ ‫وتيُقظ الطبع من الرعونة‪،‬‬

‫ألن من‬ ‫{وُي َح ِذ ُرُك ُم َّ‬


‫َّللاُ َنْف َس ُه}‪ :‬أن تشهد لنفسك بالصالح‪َّ ،‬‬ ‫قال جعفر رحمه هللا‪َ :‬‬

‫كانت له سابقة ظهرت سابقتُه فى خاتمته‬

‫‪.‬‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 30‬الى اآلية ‪)30‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َم َداً َب ِعيداً َوُي َح ِذ ُرُك ُم َّ‬
‫َّللاُ َنْف َس ُه‬ ‫ض اًر وما َع ِمَل ْت ِمن س ٍ‬
‫وء تََوُّد َل ْو أ َّ‬
‫َن َب ْيَن َها َوَب ْيَن ُه أ َ‬ ‫ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َي ْوَم تَج ُد ُك ُّل َنْفس َّما َعمَل ْت م ْن َخ ْي ٍر ُّم ْح َ َ َ‬
‫وف ِباْل ِعَب ِاد‬
‫َّللاُ َرُؤ ٌ‬
‫َو َّ‬

‫وف ِباْل ِعَب ِاد} [اآلية‪.]30 :‬‬


‫َّللاُ َرُؤ ٌ‬
‫{و َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫وخص‬ ‫وفاجرُهم‪،‬‬ ‫وبُّرُهم‬ ‫ِ‬


‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫قال ابن عطاء‪َ :‬ع َّم رحمته لعباده‪ ،‬أجمع ُمؤمنهم وكافرهم َ‬
‫ِ‬
‫اهم‪ ،‬وهذا كقول إبراهيم صلى هللا عليه وسلم‬ ‫رحمة الرسول صلى هللا عليه وسلم بوقوفه على المؤمنين دو َن من سو ُ‬
‫ال َو َمن َكَف َر } [البقرة‪ ]126 :‬فإنه ال رازق له‬ ‫ِ‬ ‫ات من آمن ِمنهم ِب َّ ِ‬
‫حين قال‪ { :‬وارُز ْق أ ِ َّ ِ‬
‫اَّلل َواْلَي ْو ِم اآلخ ِر َق َ‬ ‫َهَل ُه م َن الث َم َر َ ْ َ َ ْ ُ ْ‬
‫ْ‬ ‫َْ‬
‫فى السماوات واألرض غيرى‪.‬‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 31‬الى اآلية ‪)31‬‬

‫ور َّرِحي ٌم‬ ‫ِ‬ ‫ُق ْل ِإن ُكنتُ ْم تُ ِحبُّو َن َّ‬


‫َّللاَ َفاتَِّب ُعوِني ُي ْحِب ْب ُك ُم َّ‬
‫َّللاُ َغُف ٌ‬
‫وب ُك ْم َو َّ‬
‫َّللاُ َوَي ْغف ْر َل ُك ْم ُذُن َ‬

‫قوله تعالى‪ُ{ :‬ق ْل ِإن ُكنتُ ْم تُ ِحبُّو َن َّ‬


‫َّللاَ َفاتَِّب ُعوِني ُي ْحِب ْب ُك ُم َّ‬
‫َّللاُ} [اآلية‪.]31 :‬‬

‫ِ‬
‫خشيته ودو ُام اشتغال القلب به ودو ُام انتصاب القلب بذكره‪،‬‬ ‫قال عمرو بن عثمان‪ :‬محبَّة هللا تعالى منى معرفته ودو ُام‬
‫ودوام األنس به‪.‬‬

‫المحب ُة‪ :‬الموافقة هلل تعالى فى التماس مرضاته‪.‬‬


‫َّ‬ ‫قال محمد بن خفيف‪:‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قرن محبَّته‬ ‫أفعاله وآداِبه إال ما َّ‬
‫خص به‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫ألن هللا تعالى َ‬ ‫المحب ُة‪ :‬اتباعُ الرسول صلى هللا عليه وسلم فى أقواله و َ‬
‫َّ‬ ‫وقيل‬
‫باتباعه‪.‬‬

‫المحب ُة‪ :‬هى األثرةُ هلل تعالى على جميع خلقه‪.‬‬


‫َّ‬ ‫وقيل‬

‫ِ‬
‫لطائف الجمال‪.‬‬ ‫المحب ُة هى موافق ُة القلوب عند بروز‬ ‫بعض ُهم‪:‬‬
‫َّ‬ ‫قال ُ‬

‫وتركت ما ُدون‬
‫ُ‬ ‫أحببت طاعة هللا تعالى‪،‬‬
‫ُ‬ ‫الدنيا حتى‬
‫أبغضت ُ‬
‫ُ‬ ‫أبغضت نفسى‪ ،‬و‬
‫ُ‬ ‫بت هللا تعالى حتى‬
‫أحب ُ‬
‫قال أبو يزيد‪َ :‬‬
‫كل مخلوق‪.‬‬ ‫الخالق على المخلو ِق‪ ،‬فاشتغل بخدمتى ُّ‬
‫َ‬ ‫اخترت‬
‫وصلت إلى هللا تعالى‪ ،‬و ُ‬
‫ُ‬ ‫هللا تعالى حتى‬

‫قليل العبارِة دائم التفكر‪ ،‬كثير الخلوِة‪ ،‬ظاهر الصمت‪ ،‬ال يبصر إذا‬ ‫ِ‬
‫ُسئ َل األنطاكى ما عالم ُة المحبَّة؟ فقال‪ :‬أن يكو َن َ‬
‫نظر وال يسمع إذا نودى‪ ،‬وال يحزُن إذا أُصيب وال يفرُح إذا أصاب وال يخشى ً‬
‫أحدا وال يرجوه‪.‬‬

‫ص بالجفوة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ُسئل يحيى بن معاذ عن حقيقة المحبَّة فقال‪ :‬الذى ال يزيد بالبر وال ينُق ُ‬

‫سهل بن عبد هللا‪ُ :‬م ِح ُّب هللا تعالى على الحقيقة من يكون اقتداؤه فى أحواله وأفعاله وأقواله بالنبى صلى هللا عليه‬
‫قال ُ‬
‫وسلم‪.‬‬

‫قال جعفر رحمه هللا فى قوله تعالى‪ُ{ :‬ق ْل ِإن ُكنتُ ْم تُ ِحبُّو َن َّ‬
‫َّللاَ َفاتَِّب ُعوِني ُي ْحِب ْب ُك ُم َّ‬
‫َّللاُ} قي ََّد أسرار الصديقين بمتابعة نبيه‬
‫يعلموا أنهم وإن علت أحوالهم وارتفعت مراتبهم ال يقدرون مجاورته وال اللحوق به‪.‬‬ ‫صلى هللا عليه وسلم لكى ُ‬

‫أمر بطلب ُن ِ‬
‫ور األدنى من عمى عن ُنور األعلى‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫قال ابن عطاء فى هذه اآلية‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫يستدل عليه بالنور األدنى‪ ،‬ومن لم يجعل‬
‫ُّ‬ ‫قال أبو عبد الرحمن السلمى رحمه هللا‪ :‬ال وصول إلى النور األعلى لمن ال‬
‫التمسك بآداب صاحب النور األدنى ومتابعته صلى هللا عليه وسلم فقد عمى عن النورين‬
‫ُّ‬ ‫السبيل إلى النور األعلى‬
‫جميعا فأُلبس ثوب االغترار‪.‬‬
‫ً‬

‫َّللا َفاتَِّبعوِني} قال‪ِ :‬‬ ‫ِ‬


‫صدقوا‬ ‫قال أبو عثمان فى قوله تعالى‪ُ{ :‬ق ْل ِإن ُكنتُ ْم تُحبُّو َن َّ َ ُ‬

‫محبتكم إياى بمتابعة حبيبى‪ ،‬فإنه ال وصول إلى محبتى إال بتقديم محبَّته‪ ،‬واتباعه على طريقته‪ ،‬فإن طريقته هى‬
‫ِ‬
‫الحبيب األعلى‪.‬‬ ‫الطريقة المثلى والوصل ُة إلى‬

‫السوسى رحمه هللا‪ :‬حقيقة المحبَّة هى أن ينسى العبد ح َّ‬


‫ظ ُه من ربه وينسى حوائجه إليه‪.‬‬ ‫قال أبو يعقوب ُّ‬
‫ُ َ‬

‫نسيان الكل فى‬


‫ُ‬ ‫خطر‪ ،‬بل صح ُة المحبَّة‬
‫المحب ُة ولإلعراض على سره أثر وللشواهد فى قلبه ُ‬
‫َّ‬ ‫قال الواسطى‪ :‬ال تصح‬
‫استغراق ُمشاهدة المحبوب وفناهُ به عنه‪.‬‬

‫أوصافك واالتصاف بأوصافه‪.‬‬


‫َ‬ ‫مع محبوبك وخلع‬
‫قيامك َ‬
‫قال ابن منصور‪ :‬حقيق ُة المحبة ُ‬

‫قال محمد بن الفضل فى قوله تعالى‪ُ{ :‬ق ْل ِإن ُكنتُ ْم تُ ِحبُّو َن َّ‬
‫َّللاَ َفاتَِّب ُعوِني ُي ْحِب ْب ُك ُم َّ‬
‫َّللاُ}‪ :‬نفى اسم المحبة عمن يخالف‬
‫وباطنا‪ ،‬أو يترك متابعة‬ ‫ً‬ ‫ظاهر‬
‫ًا‬ ‫شيئا من ُسنن الشريعة‬
‫ً‬

‫الرسول صلى هللا عليه وسلم فيما َد َّق وجل‪ ،‬ألن المتابع له من ال يخالفه فى شئ من طريقته صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫الحب وهو األجل‪.‬‬


‫سفكه بأسياف ُ‬
‫ُ‬ ‫توجب‬
‫ُ‬ ‫ومحب ٌة‬
‫َّ‬ ‫حقن الدم‪،‬‬
‫محب ٌة توجب َ‬
‫سمعت النصرآباذى يقول‪َّ :‬‬

‫وحب ُة القل ِب‬ ‫يقول فى قول هللا تعالى‪ُ{ :‬ق ْل ِإن ُكنتُ ْم تُ ِحبُّو َن َّ‬
‫َّللاَ} قال‪ :‬اشتقت المحبَّة من حبَّة القلب‪َّ ،‬‬ ‫سمعت السالمى ُ‬
‫الحب ُة فى األرض فتنبت‪.‬‬ ‫مثل أن تقع َّ‬ ‫ِ‬
‫عين القلب‪ ،‬وهو ُ‬
‫ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 33‬الى اآلية ‪)33‬‬

‫ين‬ ‫ِ‬ ‫اهيم و ِ‬‫طَفى ءادم ونوحاً و ِ ِ‬ ‫ِإ َّن َّ‬


‫ان َعَلى اْل َعاَلم َ‬
‫آل ع ْم َر َ‬
‫آل إ ْب َر َ َ َ‬
‫اص َ ٰ َ َ َ َ ُ َ َ‬
‫َّللاَ ْ‬

‫وحا} [اآلية‪.]33 :‬‬


‫طَف ٰى َء َاد َم َوُن ً‬
‫اص َ‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن َّ‬
‫َّللاَ ْ‬

‫قال الواسطى‪ :‬اصطفاهم للوالية‪ ،‬وقال‪ :‬اصطفاهم فى أزليته وصفاهم لقر ِ‬


‫به‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫وصفاهم لمودته‪.‬‬

‫األزل قبل كونه‪ ،‬فأعلم بهذا خلقه أن عصيان آدم ال يؤثر‬


‫أيضا‪ :‬اصطفاهُ فى َ‬
‫وقال ً‬

‫العصيان مع علم الحق له بما يكو ُن منه‪.‬‬


‫ُ‬ ‫فى اصطفائه له‪ ،‬ألنه سبق‬

‫ِ‬
‫للمطالعة‬ ‫األنبياء بالمشاهدة والتقريب‪ ،‬واصطفى المؤمنين‬ ‫أيضا‪ :‬اصطفى‬
‫َ‬ ‫وقال ً‬

‫والتهذيب‪ ،‬واصطفى العام للمخاطبة والترتيب‪.‬‬

‫َّه َف َغَو ٰى } [طه‪ ]121 :‬وإذا لقيته بصفة‬


‫ص ٰى َء َاد ُم َرب ُ‬
‫قال النصرآباذى‪ :‬إذا نظرت إلى آدم بصفته لقيته بقوله‪َ { :‬و َع َ‬
‫العصيان فى‬
‫ُ‬ ‫طَف ٰى َء َاد َم} وماذا يؤثر‬
‫اص َ‬ ‫لقيته بقوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن َّ‬
‫َّللاَ ْ‬ ‫الحق ُ‬

‫االصطفاء؟‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫جع‪.‬‬
‫االصطفاء قائم بالحق‪ ،‬والمعصي ُة إظهار البشرية وتوبتُه أعجب ألنه من نفسه إلى نفسه َر َ‬
‫ُ‬ ‫قال الواسطى‪:‬‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 35‬الى اآلية ‪)35‬‬

‫ِ‬ ‫طِني محَّر اًر َفتََقبَّل ِمِني ِإَّنك أَنت َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِإ ْذ َقاَل ِت ام أرَت ِعمر ِ ِ‬
‫يم‬
‫يع اْل َعل ُ‬
‫السم ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ان َرب ِإني َن َذ ْر ُت َل َك َما في َب ْ ُ َ‬
‫َْ ُ َْ َ‬

‫طِني ُم َحَّر اًر} [اآلية‪.]35 :‬‬


‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إِني َن َذ ْر ُت َل َك َما ِفي َب ْ‬

‫قال جعفر رحمه هللا‪ :‬عتيًقا من رق الدنيا وأهلها‪.‬‬

‫مخلصا‪ ،‬ومن كان‬


‫ً‬ ‫طِني ُم َحَّر اًر} أى‪ :‬يكون لك عبداً‬
‫{ن َذ ْر ُت َل َك َما ِفي َب ْ‬
‫حمه هللا فى قوله تعالى‪َ :‬‬
‫قال محمد بن على ر ُ‬
‫حر مما سواك‪.‬‬
‫خالصا لك كان ًا‬
‫ً‬

‫المحرر قال‪ :‬هو المعتق من إرادات نفسه ومتابعة هواهُ‪.‬‬


‫َّ‬ ‫سئل سهل بن عبد هللا عن‬

‫محرر عن شغلى به‬


‫ًا‬ ‫طِني ُم َحَّر اًر} قال‪:‬‬
‫قال النورى ‪ -‬تغمده هللا برحمته ‪ -‬فى قوله تعالى‪ِ{ :‬إِني َن َذ ْر ُت َل َك َما ِفي َب ْ‬
‫ك له‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اختيار َ‬ ‫وح ِ‬
‫سن‬ ‫مسلما إلى تدابيرك فيه ُ‬ ‫وتدبيرى له‪ ،‬ويكو ُن‬
‫ً‬

‫طِني ُم َحَّر اًر}‪ ،‬قال‪ :‬عن االشتغال بالمكاسب‪.‬‬


‫قال محمد بن الفضل رحمه هللا فى قوله تعالى‪ِ{ :‬إِني َن َذ ْر ُت َل َك َما ِفي َب ْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫األنبياء مع ُعلو أقدارهم فى عظم شأنها عند هللا تعالى‪ ،‬أال ترى أن زكريا قال‪{ :‬أََّن ٰى‬
‫ُ‬ ‫تعجب‬ ‫قال جعفر‪ :‬تقبَّلها حتى َّ‬
‫َّللاِ} أى‪ِ :‬م ْن عند من‬
‫َل ِك َهـٰ َذا َقاَل ْت ُه َو ِم ْن ِع ِند َّ‬

‫تقبَّلنى‪.‬‬

‫ِ‬
‫الحقيقة‬ ‫حسنا‪ :‬أضاف اإلحسان إليها فى الشريعة‪ ،‬وفى‬
‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬بقبول حسن‪ :‬محفوظة‪ ،‬وأنبتها نباتًا ً‬
‫حفظها وأنبتها‪.‬‬

‫َنبتَ َها َنَباتاً َح َسناً} [اآلية‪.]37 :‬‬


‫{وأ َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬ما فتح هللا تعالى على ٍ‬


‫عبد من عبيده حال ًة ِ‬
‫سنية إال باتباع األوامر وإخالص الطاعات ولزوم‬
‫المحاريب‪.‬‬

‫صلِي} سره بمحاربة نفسه وهواهُ‪.‬‬ ‫ِ‬


‫{و ُه َو َقائ ٌم ُي َ‬
‫قال الواسطى‪َ :‬‬

‫باب كل ٍ‬
‫بر وموضع اإلجابة واستفتاح الطريق إلى االنبساط‪ ،‬والمناجاة واإلعراض عن‬ ‫قال أبو عثمان‪ :‬المحراب ُ‬
‫سبب إغالق الباب دونك‪.‬‬
‫المحراب ُ‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 39‬الى اآلية ‪)39‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫صو اًر َوَنِبياً ِم َن‬ ‫ك ِبَي ْحَي ٰـى مص ِدقاً ِب َكلِم ٍة ِم َن َّ ِ ِ‬ ‫َن َّ ِ‬ ‫الئ َك ُة و ُهو َق ِائم يصلِي ِفي اْل ِم ْحر ِ‬
‫اب أ َّ‬ ‫َفناد ْته اْلم ِ‬
‫َّللا َو َسيداً َو َح ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َّللاَ ُيَبش ُر َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ٌ َُ‬ ‫ََ ُ َ‬
‫ين‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫الصالح َ‬

‫الئ َك ُة و ُهو َق ِائم يصلِي ِفي اْل ِم ْحر ِ‬


‫اب} [اآلية‪.]39 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬فناد ْته اْلم ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ ٌ َُ‬ ‫ََ ُ َ‬

‫الصبر تحت األمر والنهى‪.‬‬


‫ُ‬ ‫حدثنى أحمد بن محمد قال‪ :‬ما ظهرت على أحد حال ٌة شريف ٌة‪ ،‬إال وأصلها‬

‫يك حالوة األمن‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫وقال‪ :‬مالزم ُة الخدمة توريك آداب الخدمة وآداب الخدمة توريك منازل الُقربة‪ ،‬ومنازل القربة وتور َ‬

‫المعوض‪.‬‬
‫َّ‬ ‫تجر إلى‬
‫تجر إلى اإلعواض واألحوال ُّ‬
‫وقال بعضهم ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬العبادات ُّ‬

‫صو اًر}‪.‬‬ ‫ِ‬


‫{و َسيداً َو َح ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء رحمه هللا تعالى‪ :‬السي ُد المتحقق حقيقة الحق والحصور المنزه عن األكوان وما فيها‪.‬‬

‫وصفا وحاالً وخلًقا‪.‬‬


‫ً‬ ‫المعاين عن الخلق‬
‫ُ‬ ‫قال جعفر رحم ُة هللا تعالى عليه‪ :‬السيد‬

‫عوضا عن ربه‪.‬‬
‫ً‬ ‫قال الجنيد رحم ُة هللا تعالى عليه‪ :‬السيد الذى حاد بالكونين‬

‫قال محمد بن على رحم ُة هللا تعالى عليه‪ :‬السيد من استوت أحواله عند المنع والعطاء‪.‬‬

‫قال ابن منصور رحم ُة هللا تعالى عليه‪ :‬السيد من خال من أوصاف البشرية وأظهر نعوت الربوبية‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫نفس ُه وهواه‪.‬‬
‫تغلبه ُ‬
‫السيد من ال ُ‬
‫ُ‬ ‫قال أبو الحسين الوراق رحم ُة هللا تعالى عليه‪:‬‬

‫صحح نسبته مع الحق استوجب منه ميراث النسبة‪.‬‬


‫قال النصرآباذى تغمده هللا برحمته‪ :‬من َّ‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 46‬الى اآلية ‪)46‬‬

‫الناس ِفي اْلمه ِد وَكهالً و ِمن َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫ين‬
‫الصالح َ‬ ‫َْ َ ْ َ َ‬ ‫َوُي َكل ُم َّ َ‬

‫اس ِفي اْل َم ْه ِد َوَك ْهالً} [اآلية‪.]46 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وُي َكلِم َّ‬
‫الن َ‬ ‫َ ُ‬

‫المهد معجزةٌ له‪.‬‬ ‫ِ‬


‫داعيا إلى ربه و ُ‬
‫تكليم الناس فى المهد معجزةٌ له وكهالً ً‬
‫الناس وكهالً قال‪ُ :‬‬
‫كلم َ‬ ‫قال‪ُ :‬ي ُ‬

‫ِ‬
‫المهد ويكون كهالً من الصالحين‪.‬‬ ‫الناس فى‬
‫ويكلم َ‬
‫وقيل‪ُ :‬‬

‫صبيا وعند نزوله من السماء كهالً‪ ،‬ليكون على طرفى كالمه معجزًة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وقيل ويكلم الناس فى المهد ً‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 49‬الى اآلية ‪)49‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َنفخ ِف ِ‬ ‫ين َكهيَئ ِة َّ‬
‫يه َفَي ُكو ُن َ‬
‫ط ْي اًر‬ ‫الط ْي ِر َفأ ُ ُ‬
‫ِ‬
‫م َن الط ِ َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِك ْم أَِني أ ْ‬
‫َخُل ُق َل ُك ْم‬ ‫يل أَِني َق ْد ِج ْئتُ ُك ْم ِب َآي ٍة ِمن َّرب ُ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫َوَرُسوالً إَل ٰى َبني إ ْس َرائ َ‬
‫آلي ًة‬ ‫ِ ِٰ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْكُلو َن َو َما تََّدخ ُرو َن في ُبُيوِت ُك ْم ِإ َّن في ذل َك َ‬
‫تَأ ُ‬ ‫َّللاِ َوأَُنِبُئ ُك ْم ِب َما‬
‫ُح ِي اْل َم ْوتَ ٰى ِبِإ ْذ ِن َّ‬
‫ص َوأ ْ‬ ‫ىء األَ ْك َم َه واأل َْب َر َ‬‫ِبِإ ْذ ِن َّ ِ ِ‬
‫َّللا َوأ ُْبر ُ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ل ُك ْم ِإن ُكنتُم ُّم ْؤ ِمن َ‬
‫ين‬

‫َّللاِ} [اآلية‪.]49 :‬‬


‫ُح ِي اْل َم ْوتَ ٰى ِبِإ ْذ ِن َّ‬
‫ص َوأ ْ‬
‫ىء األَ ْك َم َه واأل َْب َر َ‬‫قوله تعالى‪ِ َ :‬‬
‫{وأ ُْبر ُ‬

‫أبطل ِ‬
‫بهذه اآلية‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُحيى به كل شىء و َ‬
‫َ‬
‫أوصاف ال يجدن َحيى بنفسه وأ‬
‫َ‬
‫وغاب عن‬
‫َ‬ ‫صفات الربوبية‬
‫ُ‬ ‫قيل‪َ :‬من اشتملت عليه‬
‫َ‬
‫دعاوى من َّادعى إظهار معجزٍة ِ‬
‫عليه به دو َن إذن ربه‪ ،‬فاهلل قادر على اإلعجاز فى جميع األوقات‪ ،‬يظهرها على من‬ ‫ََ‬ ‫ََ‬
‫الصور‪.‬‬
‫السبب المظهر عليهم‪ ،‬ذلك هو الهياكل و ُ‬ ‫يشاء فاإلعجاز هلل و ُ‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 53‬الى اآلية ‪)53‬‬

‫الرسول َفا ْكتُبنا مع َّٰ ِ‬


‫الش ِهد َ‬
‫ين‬ ‫َْ َ َ‬ ‫آمَّنا ِب َمآ أ َ‬
‫َنزَل َت َواتََّب ْعَنا َّ ُ َ‬ ‫َربََّنآ َ‬

‫ول َفا ْكتُْبَنا} [اآلية‪.]53 :‬‬


‫الرُس َ‬ ‫آمَّنا ِب َمآ أ َ‬
‫َنزَل َت َواتََّب ْعَنا َّ‬ ‫{ربََّنآ َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫ور ُث به قلوب أصفيائك من عُلوم غيبك‪ ،‬واتَّبعنا الرسول فيما أظهرت من سنن أو ِ‬
‫امرك‬ ‫آمنا بما ُن ِ‬
‫قال ابن عطاء‪َّ :‬‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫شهد معك سواك‪.‬‬
‫ابتغاؤك إلى محبتك‪ ،‬واكتبنا مع الشاهدين مع من ُيشهدك وال َي ُ‬
‫ُ‬ ‫جاء أن ُيوصلنا‬
‫ونواهيك‪ ،‬ر ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 54‬الى اآلية ‪)54‬‬

‫ِ‬
‫َّللاُ َخ ْي ُر اْل َماك ِر َ‬
‫ين‬ ‫َّللاُ َو َّ‬
‫َو َم َك ُروْا َو َم َك َر َّ‬

‫الماكر بهم لتزيينه ذلك عندهم‪ ،‬أال‬


‫ُ‬ ‫فح َّسن هللاُ مكرُهم عندهم‪ ،‬وهو كان فى الحقيقة‬
‫مكروا أنفسهم َ‬ ‫قال محمد بن على‪ُ :‬‬
‫وء َع َملِ ِه َف َرآهُ َح َسناً } [فاطر‪.]8 :‬‬ ‫تراه يقول‪ { :‬أََف َمن ُزي َ‬
‫ِن َل ُه ُس ُ‬

‫عل َة لصن ِ‬
‫عه وأنشد‪:‬‬ ‫فصاح وقال‪ :‬ال َّ ُ ْ‬
‫َ‬ ‫المكر إلى هللا؟‬
‫ُ‬ ‫نس ُب‬ ‫ِ‬
‫بعض أهل الحقيقة‪ :‬كيف ُي َ‬
‫ئل ُ‬‫ُس َ‬

‫منك ذاكا‬ ‫ويْقبح من ِسو ِ‬


‫فيحسن َ‬
‫ُ‬ ‫وتفعُله‬
‫َ‬ ‫عل عندى‬
‫اك الف ُ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 55‬الى اآلية ‪)55‬‬

‫ين َكَف ُروْا ِإَل ٰى َي ْو ِم‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ط ِهر ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِإ ْذ َقال َّ ِ‬
‫ين اتََّب ُعو َ‬
‫ك َف ْو َق الذ َ‬ ‫ين َكَف ُروْا َو َجاع ُل الذ َ‬
‫ك م َن الذ َ‬ ‫يك َوَراف ُع َك ِإَل َّي َو ُم َ ُ َ‬
‫يس ٰى ِإني ُمتََوف َ‬
‫َّللاُ يٰع َ‬ ‫َ‬
‫اْلِقيام ِة ثُ َّم ِإَلي مرِجع ُكم َفأَح ُكم بين ُكم ِفيما ُكنتم ِف ِ‬
‫يه تَ ْخَتلُِفو َن‬ ‫َّ َ ْ ُ ْ ْ ُ َ ْ َ ْ َ ُ ْ‬ ‫ََ‬

‫يك َوَرِاف ُع َك ِإَل َّي} [اآلية‪.]55 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ ْذ َقال َّ ِ‬
‫يس ٰى ِإني ُمتََوف َ‬
‫َّللاُ يٰع َ‬ ‫َ‬

‫ظ ِ‬
‫وظك ورافع َش ِ‬
‫طهر سرك‬
‫وم ُ‬‫إلى ُ‬
‫خصك َّ‬ ‫قال الواسطى‪ :‬إنى ُمتوِف َ‬
‫يك عنك ُح ُ‬

‫من مطالعات األعيان واألعواض‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 60‬الى اآلية ‪)60‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِك َفالَ تَ ُك ْن من اْل ُم ْمتَ ِر َ‬
‫ين‬ ‫اْل َح ُّق من َّرب َ‬

‫شىء من المكتوبات إال من تحت ُذ ِل ُك ْن فال تكن‪ ،‬فإنه ُم ٌ‬


‫نفرد بأسمائه‬ ‫ٌ‬ ‫قال بعضهم‪ :‬الحق من ربك إذ ال يظهر‬
‫أحد من عبيده وخلقه‪.‬‬
‫وصفاته‪ ،‬ال ينازعه فى صفاته ٌ‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 61‬الى اآلية ‪)61‬‬

‫آء ُك ْم َوأ َْنُف َسَنا وأ َْنُف َس ُك ْم ثُ َّم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يه ِمن بع ِد ما جآء ِ ِ‬ ‫آجك ِف ِ‬
‫آءَنا َون َس َ‬
‫آء ُك ْم َون َس َ‬
‫آءَنا َوأ َْبَن َ‬
‫ك م َن اْلعْل ِم َفُق ْل تَ َعاَل ْوْا َن ْدعُ أ َْبَن َ‬‫َْ َ َ َ َ‬ ‫َف َم ْن َح َّ َ‬
‫ِ‬ ‫نبت ِهل َفنجعل َّلعنت َّ ِ‬
‫َّللا َعَلى اْل َكاذِب َ‬
‫ين‬ ‫َْ َ ْ َ ْ َ ْ َ َ‬

‫ك ِم َن اْل ِعْلمِ} [اآلية‪.]61 :‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬فمن ح َّ ِ ِ ِ‬


‫آء َ‬
‫آج َك فيه من َب ْعد َما َج َ‬ ‫َْ َ‬

‫وبطالن‬ ‫قال جعفر‪ :‬هذه إشارةٌ فى إظهار َّ‬


‫المدعين ألهل الحقائق؛ ليفتضحوا فى دعاويهم عند آثار أنوار التحقيق ُ‬
‫ظلمات الدعاوى الكاذبة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 64‬الى اآلية ‪)64‬‬

‫ضَنا َب ْعضاً أ َْرَباباً ِمن‬ ‫ِ‬ ‫َّللا والَ ن ْش ِر ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫َهل اْل ِكتَ ِ‬
‫ك ِبه َش ْيئاً َوالَ َيتَّخ َذ َب ْع ُ‬
‫اب تَ َعاَل ْوْا ِإَل ٰى َكل َمة َس َوآء َب ْيَنَنا َوَب ْيَن ُك ْم أَال َن ْعُب َد ِإال َّ َ َ ُ َ‬ ‫ُق ْل ٰيأ ْ َ‬
‫َّللاِ َفِإن تََوَّل ْوْا َفُقوُلوْا ْ‬
‫اش َه ُدوْا ِبأََّنا ُم ْسلِ ُمو َن‬ ‫ُدو ِن َّ‬

‫اب تَعاَلوْا ِإَلى َكلِم ٍة سو ٍ‬


‫آء َب ْيَنَنا َوَب ْيَن ُك ْم} [اآلية‪.]64 :‬‬ ‫َهل اْل ِكتَ ِ‬
‫َ ْ ٰ َ ََ‬ ‫قوله تعالى‪ُ{ :‬ق ْل ٰيأ ْ َ‬

‫الص َمدية‪.‬‬
‫إظهار العبودية عند مالحظة َّ‬
‫ُ‬ ‫اسطى‪ :‬هو‬
‫قال الو ُّ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬هو تحقيق التوحيد‪.‬‬

‫ك ِب ِه َش ْيئاً} اآلية‪.‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أَالَّ َن ْعُب َد ِإالَّ َّ‬


‫َّللاَ َوالَ ُن ْش ِر َ‬

‫يق التعبد فى هذه اآلية‪ ،‬وهو أن ال تطالع ِ‬


‫بسرك عند اشتغالك العبادة سوى معبودك‪ ،‬وال‬ ‫قال أبو عثمان‪ :‬أعلمك طر َ‬
‫أمورك إلى غيره فتتخذ ذلك ربا‪.‬‬ ‫ع فى ٍ‬
‫أمر من ُ‬ ‫تفز ْ‬
‫َ‬

‫سورة آل عم ارن (من اآلية ‪ 68‬الى اآلية ‪)68‬‬

‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫اه َّ ِ‬‫َّ ِ ِِ ِ‬


‫َّللاُ َولِ ُّي اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين‬ ‫آمُنوْا َو َّ‬ ‫النِب ُّي َوالذ َ‬
‫ين َ‬ ‫ين اتََّب ُعوهُ َو َهـٰ َذا َّ‬ ‫ِ‬
‫إ َّن أ َْوَلى الناس بإ ْب َر َ‬
‫يم َللذ َ‬

‫ين اتََّب ُعوهُ َو َهـٰ َذا ا َّلنِب ُّي} [اآلية‪.]68 :‬‬ ‫اه َّ ِ‬‫َّ ِ ِِ ِ‬ ‫ِ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬إ َّن أ َْوَلى الناس بإ ْب َر َ‬
‫يم َللذ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال جعفر‪ :‬للذين اتبعوه فى شرائعهم ومناسكهم وهذا النبى يقرب حال إبراهيم من حال النبى صلى هللا عليه وسلم‬
‫ولى المؤمنين‬ ‫وشريعته من شريعته دون ِ‬
‫سائر األنبياء وسائر الشرائع‪ ،‬والذين آمنوا لُقرب حالهم من حال إبراهيم‪ ،‬وهللا ُّ‬
‫فى تشريعهم إلى ُبلوغ مقام الخليل‬

‫ُّه ْم َوُي ِحب َ‬


‫ُّون ُه } [المائدة‪.]54 :‬‬ ‫ِ‬
‫رب منه فى درجة المحبة بقوله‪ُ { :‬يحب ُ‬
‫صلى هللا عليه وسلم إذ الُق ُ‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 73‬الى اآلية ‪)73‬‬

‫والَ تؤ ِمنوْا ِإالَّ لِمن تِبع ِدين ُكم ُقل ِإ َّن اْلهد ٰى هدى َّ ِ‬
‫وك ْم ِع َند َرب ُ‬
‫ِك ْم ُق ْل ِإ َّن اْلَف ْ‬
‫ض َل‬ ‫َحٌد ِم ْث َل َمآ أُوِتيتُ ْم أ َْو ُي َح ُّ‬
‫آج ُ‬ ‫َّللا أَن ُي ْؤتَى أ َ‬ ‫ُ َ َُ‬ ‫َ َ َ َ ْ ْ‬ ‫َ ُْ ُ‬
‫يم‬ ‫ِ‬ ‫يه من ي َشآء و َّ ِ‬ ‫ِبي ِد َّ ِ ِ ِ‬
‫َّللاُ َواس ٌع َعل ٌ‬ ‫َّللا ُي ْؤت َ َ ُ َ‬ ‫َ‬

‫{والَ تُ ْؤ ِمُنوْا ِإالَّ لِ َمن تَِب َع ِد َين ُك ْم} [اآلية‪.]73 :‬‬


‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫تعش فى‬
‫كم على أحوالكم وطريقتكم‪ ،‬قال المر ُ‬ ‫ِ‬
‫بعضهم‪ :‬ال تعاشروا إال لمن يوافُق ُ‬
‫قال ُ‬

‫فشوا أسرار الحق إال إلى أهله‪.‬‬


‫هذه اآلية‪ :‬ال تُ ُ‬

‫ائله‬
‫تتبينوا أو ُ‬
‫قال أبو بكر بن طاهر‪ :‬ال تُصدقوا ظهور الكرامة على أحد ما لم ُ‬

‫ورياضته ومحافظته على ظاهر الشريعة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة آل عم ارن (من اآلية ‪ 74‬الى اآلية ‪)74‬‬

‫ض ِل اْل َع ِظي ِم‬ ‫يخت ُّ ِ ِ ِ‬


‫َّللاُ ُذو اْلَف ْ‬
‫آء َو َّ‬
‫ص ب َر ْح َمته َمن َي َش ُ‬‫َ َْ‬

‫آء} [اآلية‪.]74 :‬‬ ‫قوله عز وعال‪{ :‬يخت ُّ ِ ِ ِ‬


‫ص ب َر ْح َمته َمن َي َش ُ‬‫َ َْ‬

‫ِ‬
‫الخائف‪.‬‬ ‫قال أبو عثمان‪ :‬أهمل القول ليتقى معه رجاء الراجى وخوف‬

‫وقال بعضهم‪ :‬أزال العلل فى العطايا ومنع النفوس عن مالحظات المجاهدات ما‬

‫َحداً } [الكهف‪.]26 :‬‬ ‫ِِ‬ ‫تطلعهم عن الشواهد والموارد قال‪ { :‬والَ ي ْش ِر ِ‬


‫ك في ُح ْكمه أ َ‬
‫َ ُ ُ‬

‫آء} قال‪ :‬ارتفعت العلل فى العطايا وفيما أظهر من النعوت والخفايا وفتن‬ ‫قال سهل فى قوله‪{ :‬يخت ُّ ِ ِ ِ‬
‫ص ب َر ْح َمته َمن َي َش ُ‬‫َ َْ‬
‫آء}‬ ‫البر بعد قوله {يخت ُّ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫بالوسائل من أعمال ِ‬
‫ص ب َر ْح َمته َمن َي َش ُ‬‫َ َْ‬ ‫النفوس عن مطالعات المجاهدات فكيف يتوسل المتوحد‬
‫يق بالشواهد والموارد والعوايد والفوائد‪.‬‬
‫ليس إليه طر ٌ‬
‫فأيقن بأن َ‬

‫آء}‪ :‬أنبأ أن ال طريق إليه بالعوائد والفوائد‪].‬‬ ‫[قال ابن عطاء فى قوله {يخت ُّ ِ ِ ِ‬
‫ص ب َر ْح َمته َمن َي َش ُ‬‫َ َْ‬

‫نت بال أنت‪ ،‬ويكو ُن القائم‬ ‫قال الواسطى رحمة هللا عليه فى قوله‪{ :‬يخت ُّ ِ ِ ِ‬
‫آء}‪ :‬قال‪ :‬أن تكون حيث ُك َ‬
‫ص ب َر ْح َمته َمن َي َش ُ‬‫َ َْ‬
‫هو لك بذاته ونعوته‪.‬‬

‫ص ِبرحمِت ِه من ي َشآء} من تجلى له بأحوال ليس كمن تجلى ب ٍ‬


‫حال واحد ٍة لذلك يختص‬ ‫{ي ْختَ ُّ َ ْ َ َ َ ُ‬‫قال الواسطى فى قوله‪َ :‬‬
‫برحمته من يشاء‪ ،‬قال‪ :‬لما أن شاهدوا البرهان وعاينوا الفرقان؛ فزعوا من صفاتهم إلى صفاته‪ ،‬ومن فعلهم إلى فضله‬
‫ين َسَبَق ْت َل ُه ْم ِمَّنا اْل ُح ْسَن ٰى} [األنبياء‪.]101 :‬‬ ‫َّ ِ‬
‫فسكنوا إلى سبق حسناته‪ ،‬حيث يقول {ِإ َّن الذ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫الحق‬
‫ُّ‬ ‫خص به‬
‫السماع بالسمع الحقيقى‪ ،‬وهو الذى َّ‬
‫وقال أبو سعيد فى هذه اآلية‪ :‬إن الرحمة ها هنا فهم معانى َّ‬
‫خواص السادة من عباده‪.‬‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 79‬الى اآلية ‪)79‬‬

‫ِ‬ ‫اس ُكونوْا ِعباداً لِي ِمن دو ِن َّ ِ‬ ‫ما َكان لِب َش ٍر أَن يؤِتيه َّ ِ ٰ‬
‫ين ِب َما‬ ‫َّللا َوَلـ ِٰكن ُك ُ‬
‫ونوْا َرَّبـٰنِي َ‬ ‫ُ‬ ‫ول ل َّلن ِ ُ َ‬
‫النبَّوَة ثُ َّم يُق ِ‬
‫َ َ‬ ‫َّللاُ اْلكتَ َب َواْل ُح ْك َم َو ُّ ُ‬ ‫ُْ ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫ِما ُك ْنتُ ْم تَ ْد ُرُسو َن‬ ‫ِٰ‬ ‫ِ‬
‫ُكنتُ ْم تُ َعل ُمو َن اْلكتَ َب َوب َ‬
‫ِ‬
‫ونوْا َربَّانِي َ‬
‫ين} [اآلية‪.]79 :‬‬ ‫{ك ُ‬
‫قوله تعالى‪ُ :‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬يملكون األشياء وال يملكهم شىء‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬كونوا ربانيين علماء باهلل حكماء بين عباده‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬عاينوا أوقات ترتيبكم لتتخلصوا من هذه اآلفات ُكلها‪.‬‬

‫ِ‬
‫ونوْا َربَّانِي َ‬
‫ين} قال‪ :‬مستمعين بسمع القلوب وناظرين بأعين الغيوب‪.‬‬ ‫{ك ُ‬
‫وقال جعفر فى قوله‪ُ :‬‬

‫عما خاطبهم به من العبودية‪.‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬أخرجهم بهذا الخطاب َّ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫اسطى رحمة هللا عليه‪ :‬عاينوا أوقات ترتيبكم وتقديركم قبل آدم ومحمد صلى هللا عليه وسلم واالنتساب إلى آدم‪،‬‬
‫قال الو ُّ‬
‫واالفتخار بمحمد صلى هللا عليه وسلم ليس كاالفتخار بمن َّ‬
‫قد َسك فى األزل‪.‬‬

‫ين} قال‪ :‬كونوا كأبى بكر رضى هللا عنه إذ ورد عليه فوادح األمور ال يؤثر على ِس ِره حين‬ ‫ِ‬
‫ونوْا َربَّانِي َ‬
‫{ك ُ‬
‫أيضا‪ُ :‬‬
‫وقال ً‬
‫بدر‪" :‬دع مناشدتك مع ربك فإنه ينجز لك ما وعدك‬ ‫قال للنبى صلى هللا عليه وسلم يوم ٍ‬

‫‪".‬‬

‫محمدا صلى هللا عليه وسلم بالعلم‬


‫ً‬ ‫اهيم صلى هللا عليه وسلم باالستسالم‪ ،‬وأمر‬
‫أيضا فى هذه اآلية‪ :‬أمر إبر ُ‬
‫وقال ً‬

‫اعَل ْم } [محمد‪ ،]19 :‬فاالستسالم إظهار العبودية والعلم به والتوسل إلى األزلية واألبدية‪ ،‬لذلك قال خاطبهم‬ ‫فقال‪َ { :‬ف ْ‬
‫ِ‬
‫ونوْا َربَّانِي َ‬
‫ين}‪.‬‬ ‫{ك ُ‬
‫فقال‪ُ :‬‬

‫ِ‬
‫ونوْا َربَّانِي َ‬
‫ين}‪ :‬جذبهم بهذا من االفتخار بالطين إلى االفتخار بالحق‪.‬‬ ‫{ك ُ‬
‫وقال فى قوله‪ُ :‬‬

‫وقال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬أخرجهم من الكون جملة‪ ،‬وجذبهم إلى الحق إشارة‪ ،‬وإذا أردت أن تعرف مقامات الخلق‬
‫قائما فى أشجانه‪ ،‬استقطعه ما وافق سريرته‪ ،‬فانظر بما‬
‫ومواطنهم فى الحقيقة‪ ،‬فانظر إلى تصرف أخالقهم تجد كالً ً‬
‫ربطت القلوب فتشهد‬

‫سرائرهم‪ ،‬ألنهم أخذوا من المصادر األول‪ ،‬فمن لم يستقطعه إال إنسال أنواره والحياء فيما ورد عليه أتقن كيفية باطنه‬
‫على الحقيقة ينازعه فى ربوبيته ُّ‬
‫ويمن عليه بعبوديته وال تشعر أنت‪.‬‬

‫وقال بعض العراقيين‪ :‬أخرجهم من آدم وبرأهم منه كى ينسوا العبودية ويتركوا االفتخار بالماء والطين‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِما ُك ْنتُ ْم تَ ْد ُرُسو َن}‪ .‬من آالئى ونعمائى عليكم وبما كنت توليت من أموركم‪.‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬ب َما ُكنتُ ْم تُ َعل ُمو َن اْلكتَ َ‬
‫اب َوب َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ‬
‫ين} قال‪ :‬أخرجهم عما خاطبهم به من العبودية‪ ،‬فمن استحق العلم به استحق‬ ‫ونوْا َربَّانِي َ‬
‫وقال الشبلى فى قوله تعالى‪ُ { :‬ك ُ‬
‫علم الربانية‪ ،‬ألن الربانى النبى ال يأخذ العلوم إال من الرب وال يرجع فى بيانه إال إلى الرب جل وعال‪.‬‬

‫ِ‬
‫خير لك وأحسن من أن‬ ‫ونوْا َربَّانِي َ‬
‫ين} قال‪ :‬ألن تكون ابن األزل واألبد ٌ‬ ‫{ك ُ‬
‫قال الواسطى رحمة هللا عليه فى هذه اآلية‪ُ :‬‬
‫تكون من أبناء الماء والطين واألفعال واإلحصاء والعدد‪.‬‬

‫الل ِ‬
‫دنى ما غيبه عن غيره‪.‬‬ ‫وقال سهل‪ :‬الربانى هو العالم باهلل والعالم بأمر هللا والمكاشف له من العلوم َّ‬
‫ٌ‬

‫أيضا‪ :‬الربانى الذى ال يختار على ربه حاالً‪.‬‬


‫وقال ً‬

‫ِ‬
‫ونوْا َربَّانِي َ‬
‫ين} أى سامعين من هللا ناطقين باهلل‪.‬‬ ‫{ك ُ‬
‫وقال الجريرى‪ُ :‬‬

‫ِ‬
‫ونوْا َربَّانِي َ‬
‫ين} قال‪ :‬كونوا كأبى‬ ‫{ك ُ‬
‫سمعت محمد بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت الفضل بن العباس يقول‪ :‬فى قوله عز وعال‪ُ :‬‬
‫بكر الصديق رضى هللا عنه فإنه لما مات النبى صلى هللا عليه وسلم اضطربت األسرار كلها لموته‪ ،‬ولم يؤثر فى ِ‬
‫سر‬
‫أبى بكر فقال‪" :‬من كان منكم يعبد‬

‫محمدا قد مات ومن كان يعبد هللا فإن هللا حي ال يموت‪".‬‬


‫ً‬ ‫محمدا فإن‬
‫ً‬
‫ٌ‬

‫ِ‬
‫ونوْا َربَّانِي َ‬
‫ين} متخلقين بأخالق الحق علماء حلماء‪.‬‬ ‫{ك ُ‬
‫وقال القاسم‪ُ :‬‬

‫ِ‬
‫بيدا منقطعين يقتدون بالسيد ويتخلقون بأخالقه ال يالحظون الكون بأسره‪ ،‬وال ما‬ ‫ونوْا َربَّانِي َ‬
‫ين} أى‪ :‬ع ً‬ ‫{ك ُ‬
‫وقال بعضهم‪ُ :‬‬
‫يجرى من المحو فى وقته‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال بعضهم‪ :‬الربانى ِ‬
‫بحقه من نسى نفسه فى نسيانه‪ ،‬ونسى أوقاته بأوقاته‪ ،‬ونسى حاله وصفاته وأرزاقه بصفاته‪،‬‬
‫فصفاته حديثه إلى ذاته وذاتُه ملكه عن صفاته‪.‬‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 80‬الى اآلية ‪)80‬‬

‫ْم ُرُكم ِباْل ُكْف ِر َب ْع َد ِإ ْذ أ َْنتُ ْم ُّم ْسلِ ُمو َن‬ ‫والَ َيأْم َرُكم أَن تَتَّ ِخ ُذوْا اْلمالَِئ َك َة و َِّ ِ‬
‫النبي ْي َن أ َْرَباباً أََيأ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ْ‬
‫ْم َرُك ْم أَن تَتَّ ِخ ُذوْا اْل َمالَِئ َك َة َو َّ‬
‫النِبِي ْي َن أ َْرَباباً} [اآلية‪.]80 :‬‬ ‫{والَ َيأ ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫موضعا للمالحظات وليس بأيديهم من الضر والنفع شىء‪ ،‬فكيف بمن دونهم؟!‬
‫ً‬ ‫قال ابن عطاء‪:‬‬

‫قال الواسطى فى هذه اآلية‪ :‬ال يخطرن بأسراركم تعظيمهم وال الفكر فى معانيهم‪،‬‬
‫واعلموا أنما هى ربوبية تولت عبودية‪.‬‬

‫سمعت أبا الحسن الفارسى يقول‪ :‬سمعت ابن عطاء يقول‪ :‬إياك أن تالحظ مخلو ًق ًًا وأنت تجد إلى مالحظة الحق‬
‫ْم َرُك ْم أَن تَتَّ ِخ ُذوْا اْل َمالَِئ َك َة َو َّ‬
‫النِبِي ْي َن أ َْرَباباً}‪.‬‬ ‫{والَ َيأ ُ‬
‫سبيالً‪ .‬قال هللا‪َ :‬‬

‫ْم ُرُكم ِباْل ُكْف ِر َب ْع َد ِإ ْذ أ َْنتُ ْم‬


‫قال الواسطى رحمة هللا عليه فى هذه اآلية مجال للمالحظات وموضع للمعامالت {أََيأ ُ‬
‫ُّم ْسلِ ُمو َن} أيأمركم باالحتجاب عن الحق بعد معاينة الحق‬

‫أو باالنقطاع عن الحق بمواصلة غيره‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ْم ُرُكم ِباْل ُكْف ِر} أيأمركم بالتوسل إلى من ال وسيلة إليه إال بالحق‪.‬‬
‫وقيل فى قوله‪{ :‬أََيأ ُ‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 76‬الى اآلية ‪)76‬‬

‫ِ‬ ‫بَل ٰى م ْن أَوَف ٰى ِبعه ِدِه واتََّقى َفِإ َّن َّ ِ‬


‫َّللاَ ُيح ُّب اْل ُمتَّق َ‬
‫ين‬ ‫َْ َ‬ ‫َ َ ْ‬

‫قوله تعالى‪{َ :‬بَل ٰى َم ْن أ َْوَف ٰى ِب َع ْه ِدِه} [اآلية‪.]76 :‬‬

‫قال جعفر‪ :‬من أولى بالعهد الجارى عليه فى الميثاق األول واتقى وطهر ذلك العهد‬

‫وذلك الميثاق أن يدنسه بباطل‪ ،‬والوفاء بالعهد والكون معه يقطع ما سواه لذلك‪.‬‬

‫قال النبى صلى هللا عليه وسلم " أصدق ٍ‬


‫كلمة تتكلم بها العرب كلمة لبيد‪":‬‬

‫*‬ ‫باطل‬
‫ٌ‬ ‫أال ُكل ٍ‬
‫شئ ما َخال هللا‬ ‫*‬

‫محبا وهللا يحب المتقين‪.‬‬ ‫ِ‬


‫ومن أوفى بالعهد سمى ً‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 83‬الى اآلية ‪)83‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ط ْوعاً َوَك ْرهاً َوإَِل ْي ِه ُي ْرَج ُعو َن‬ ‫الس ٰم ٰو ِت واأل َْر ِ‬
‫ض َ‬ ‫ِ‬ ‫ين َّ ِ‬
‫َّللا َي ْب ُغو َن َوَل ُه أ َْسَل َم َمن في َّ َ َ َ‬ ‫أََف َغ ْي َر ِد ِ‬

‫َّللاِ َي ْب ُغو َن} [اآلية‪.]83 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أََف َغ ْي َر ِد ِ‬


‫ين َّ‬

‫قال الواسطى‪ :‬من تمسك بغير الوجدانية بل بغير الو ِ‬


‫اجد َفهو يعبد من عين الحقيقة‪.‬‬

‫ط ْوعاً َوَك ْرهاً}‪.‬‬ ‫ِ‬


‫ات واأل َْر ِ‬
‫ض َ‬ ‫{وَل ُه أ َْسَل َم َمن ِفي َّ‬
‫الس َم َاو َ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الحسين‪ :‬أخذهم عن شهوِد شواهدهم بخصائص اإلطالع عليهم‪ ،‬فمن طالع الذات أسلم ً‬
‫طوعا وكرًها‪ ،‬ومن طالع‬
‫الهيبة أسلم كرًها‪.‬‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 84‬الى اآلية ‪)84‬‬

‫يس ٰى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُقل آمَّنا ِب َّ ِ‬
‫وس ٰى َوع َ‬
‫وب َواألَ ْسَباط َو َما أُوت َي ُم َ‬
‫اق َوَي ْعُق َ‬
‫يل َوإِ ْس َح َ‬
‫يم َوإِ ْس َماع َ‬‫اَّلل َو َمآ أُنزَل َعَل ْيَنا َو َمآ أُنزَل َعَل ٰى إ ْب َراه َ‬ ‫ْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َحد م ْن ُه ْم َوَن ْح ُن َل ُه ُم ْسل ُمو َن‬ ‫النِبيُّو َن من َّربِ ِه ْم الَ ُنَفر ُ‬
‫ِق َب ْي َن أ َ‬ ‫َو َّ‬

‫اَّللِ} [اآلية‪.]84 :‬‬


‫آمَّنا ِب َّ‬
‫قوله تعالى‪ُ{ :‬ق ْل َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬صدقنا وأقمنا على طريق الصدق معه‪ ،‬ألنه الذى كتب علينا اإليمان وخصنا به فى علمه قبل أن‬
‫أوجدنا فنحن مؤمنون به لسابق تفضله علينا‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 85‬الى اآلية ‪)85‬‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫اإل ْسالَ ِم ديناً َفَل ْن ُيْقَب َل م ْن ُه َو ُه َو في اآلخ َرِة م َن اْل َخاس ِر َ‬
‫ين‬ ‫ومن َي ْبتَ ِغ َغ ْي َر ِ‬
‫ََ‬

‫اإل ْسالَ ِم ِديناً َفَل ْن ُيْقَب َل ِم ْن ُه} [اآلية‪.]85 :‬‬


‫قوله تعالى‪{ :‬ومن َي ْبتَ ِغ َغ ْي َر ِ‬
‫ََ‬

‫قال القاسم‪ :‬من يأخذ غير االنقياد طريًقا فى التعبد لم يصل إلى شىء من حقيقة العبودية‪.‬‬

‫عمل‪.‬‬
‫بالسنة ال ُيقبل منه ٌ‬
‫وقال مجاهد‪ :‬من لم يعتد أفعاله ُّ‬

‫اإل ْسالَ ِم ِديناً}‪ :‬إنه التفويض‪ ،‬ومن لم يفوض إلى مواله جميع أموره لم يقبل منه‬
‫سهل فى قوله‪{ :‬ومن َي ْبتَ ِغ َغ ْي َر ِ‬
‫ََ‬ ‫وقال ٌ‬
‫شيئا من أعماله‪.‬‬
‫ً‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 92‬الى اآلية ‪)92‬‬

‫يم‬‫َلن تََناُلوْا اْلِبَّر حتَّ ٰى تُْنِفُقوْا ِم َّما تُ ِحبُّو َن وما تُْنِفُقوْا ِمن َشي ٍء َفِإ َّن َّ ِ ِ ِ‬
‫َّللاَ به َعل ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬

‫قوله تعالى‪َ{ :‬لن تََناُلوْا اْلِبَّر َحتَّ ٰى تُْنِفُقوْا ِم َّما تُ ِحبُّو َن} [اآلية‪.]92 :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬لن تصلوا إلى القربة وأنتم متعلقون بحظوظ أنفسكم‪.‬‬

‫وقال جعفر‪ :‬بإنفاق المهج يصل العبد إلى حبيبه وقرب مواله‪ .‬قال هللا تعالى‪َ{ :‬لن تََناُلوْا اْلِبَّر َحتَّ ٰى تُْنِفُقوْا ِم َّما تُ ِحبُّو َن}‪.‬‬

‫وقال أبو عثمان فى قوله‪َ{ :‬لن تََناُلوْا اْلِبَّر َحتَّ ٰى تُْنِفُقوْا ِم َّما تُ ِحبُّو َن} قال‪ :‬لن يصل إلى مقامات الخواص من بقى عليه‬
‫شىء من آداب النفوس ورياضاتها‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬عليه الوصول إلى البر بإنفاق بعض المحاب والوصول إلى البار بالتخلي من الكونين وما‬
‫فيهما‪.‬‬

‫خالصا فى محبته‪ ،‬ال تلتفت إلى شىء سواه‪ .‬والوصول‬


‫ً‬ ‫وقال النصرآباذى‪ :‬أفردك له باستنفاقه المحاب منك‪ ،‬لتكون‬
‫إلى البار بالتخلى من الكونين وما فيهما‪.‬‬

‫شيئا سواه أو تؤثر عليه غيره‪.‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬البر محاورة الحق وقربه‪ ،‬وال تنال ذلك المقام وأنت تجد ً‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬لن تنالوا وصلتى وفى أسراركم موافقة ومحبة لسواى‪.‬‬

‫وقال النصرآباذى‪ :‬قال بعض المفسرين فى قوله‪َ{ :‬لن تََناُلوْا اْلِبَّر َحتَّ ٰى تُْنِفُقوْا} إنه الجنة‪.‬‬

‫وعندى البر صفة البارى فكأنه قال‪ :‬لن تنالوا قربى إال بقطع العالئق‪.‬‬

‫وقال جعفر‪ :‬لن تنالوا معرفتى وقربى حتى تخرجوا من أنفسكم وهممكم بالكلية‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال العلوى‪ :‬فى قوله‪َ{ :‬لن تََناُلوْا اْلِبَّر‪ }...‬اآلية‪ .‬قال‪ :‬أحب األشياء روحك فاجعل حياتك نفق ًة عليك لك تنل برى بك‪.‬‬

‫وقال أبو بكر الوراق فى قوله‪َ{ :‬لن تََناُلوْا اْلِبَّر} اآلية‪ :‬قال‪ :‬ولهم بهذه اآلية على الفتوة‪.‬‬

‫وقال‪ :‬لن تنالوا برى بكم إال ببركم إخوانكم واإلنفاق عليهم من أموالكم وجاهكم بكم وما تحبونه من أمالككم‪ ،‬فإذا فعلتم‬
‫خالصا قابلته ببرى وهو أعلى‪ ،‬وما كان ذلك‬
‫ً‬ ‫ذلك نالكم برى وعطفى‪ ،‬وأنا أعلم بنياتكم فى إنفاقكم وبركم‪ ،‬فما كان لى‬
‫من الرياء والسمعة‪ ،‬فإنى أغنى الشركاء للشريك كما روى عن المصطفى صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫قال جعفر الصادق عليه السالم‪ :‬لن تنالوا وصلتى وفى سركم موافقة مع سواى‪.‬‬

‫عما دونه‪.‬‬
‫أيضا‪ :‬لن تنالوا الحق حتى تنفصلوا َّ‬
‫وقال ً‬

‫وقال الجنيد رحمة هللا عليه فى قوله‪َ{ :‬لن تََناُلوْا اْلِبَّر َحتَّ ٰى تُْنِفُقوْا‪ }...‬اآلية‪ .‬قال‪ :‬لن تنالوا محبة هللا حتى تسخوا‬
‫بأنفسكم فى هللا‪.‬‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 96‬الى اآلية ‪)96‬‬

‫ِ ِ‬ ‫ضع لِ َّلن ِ َّ ِ‬‫ٍ ِ‬


‫اس َللذي ِبَب َّك َة ُمَب َاركاً َو ُه ًدى لْل َعاَلم َ‬
‫ين‬ ‫ِ‬
‫إ َّن أََّو َل َب ْيت ُو َ‬

‫اس َلَّل ِذي ِبَب َّك َة ُمَب َاركاً} [اآلية‪.]96 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن أََّول بي ٍت و ِ‬
‫ض َع لِ َّلن ِ‬
‫َ َْ ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وتكليفا بحقائق‪ ،‬فتكليف الحقائق بدت‬
‫ً‬ ‫تكليفا عن وسائط‬
‫قال الحسين‪ :‬إن الحق تعالى أورد تكليفه على ضربين‪ً :‬‬
‫معارفه من ه وعادت إليه‪ ،‬وتكليف الوسائط بدت معارفه عمن دونه ولم يتصل به إال بعد الترقى منها إلى الفناء عنها‪،‬‬
‫اس َلَّل ِذي ِبَب َّك َة} فما دمت متصالً به كنت‬ ‫فمن تكليف الوسائط إظهار البيت والكعبة فقال‪ِ{ :‬إ َّن أََّول بي ٍت و ِ‬
‫ض َع لِ َّلن ِ‬
‫َ َْ ُ‬
‫مترسما بالبيت متحقًقا بواصفه‪.‬‬‫ً‬ ‫منفصالً عنه‪ ،‬فإذا انفصلت عنه حقيقة وصلت إلى مطهره وواضعه‪ ،‬فكنت‬

‫بهم ٍة وطالب الطرق به إلى ربه‪.‬‬


‫مباركا لمن ينزل عليه َّ‬
‫ً‬ ‫{مَب َاركاً}‪ .‬قال‪:‬‬
‫قوله تعالى‪ُ :‬‬

‫هدى لمن اهتدى به إلى الهادى‪.‬‬ ‫ِ ِ‬


‫ين}‪ .‬قال‪ً :‬‬
‫{و ُه ًدى لْل َعاَلم َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 97‬الى اآلية ‪)97‬‬

‫اع ِإَل ْي ِه َسِبيالً َو َمن َكَف َر َفِإ َّن هللا‬


‫ط َ‬‫استَ َ‬ ‫ِ‬ ‫آمناً َوََّّللِ َعَلى َّ‬
‫الن ِ ِ‬
‫اس ح ُّج اْلَب ْيت َم ِن ْ‬
‫ٰت َّمَقام ِإب ٰرِهيم ومن دخَله َكان ِ‬
‫ُ َْ َ َ َ َ َ ُ َ‬
‫ِ‬
‫ِفيه َء َٰاي ٌت َبِيَنـ ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َغن ٌّي َع ِن اْل َٰعَلم َ‬
‫ين‬

‫قوله عز وعال‪ِ ِ :‬‬


‫ات َبِي َـن ٌ‬
‫ات} [اآلية‪.]97 :‬‬ ‫{فيه َآي ٌ‬

‫قال محمد بن الفضل‪ :‬عالمات ظاهرة يستدل بها العارف على معروفه‪.‬‬

‫يم}‪.‬‬ ‫{مَق ِ ِ‬
‫ام إ ْب َراه َ‬
‫قوله عز وعال‪ُ َّ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫الخَّلة‪ ،‬فمن شاهد فيه مقام إبراهيم الخليل فهو شريف‪ ،‬ومن شاهد فيه مقام الحق فهو‬
‫قال الشبلى‪ :‬مقام إبراهيم هو ُ‬
‫أشرف‪.‬‬

‫تخل‬
‫وقال محمد بن على الترمذى‪ :‬مقام إبراهيم بذل النفس والمال والولد فى رضا خليله‪ ،‬فمن نظر إلى المقام ولم َي َّ‬
‫مما تخلى منه إبراهيم من النفس والمال والولد سفره فقد بطل وخابت رحلته‪.‬‬

‫قوله تعالى‪{ :‬ومن دخَله َكان ِ‬


‫آمناً}‪.‬‬ ‫ََ َ َ ُ َ‬

‫قال النورى‪ :‬من دخل قلبه سلطان االطالع كان آمناً من هواجس نفسه ووساوس الشيطان‪.‬‬

‫آمنا من رعونات نفسه‪.‬‬


‫قال الواسطى‪ :‬من دخله على شرط الحقيقة كان ً‬

‫آمنا من عقابه وهلل فى الدنيا ثواب وعقاب‪ ،‬فثوابه‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬من دخله كان ً‬

‫العافية وعقابه البالء‪ ،‬فالعافية أن يتولى عليك أمرك‪ ،‬والعقوبة أن يكلك إلى نفسك‪.‬‬

‫آمنا من الكفر‪.‬‬ ‫قال جعفر فى قوله‪{ :‬ومن دخَله َكان ِ‬


‫اإليمان قلبه كان ً‬
‫ُ‬ ‫آمناً} قال‪ :‬من دخل‬ ‫ََ َ َ ُ َ‬

‫آمنا من‬
‫اإليمان قلبه كان ً‬
‫ُ‬ ‫قال الواسطى رحمة هللا عليه فى موضع آخر‪ :‬من جاور‬

‫منصور يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم اإلسكندرانى يقول بإسناده عن جعفر الصادق عليه السالم فى‬
‫ًا‬ ‫رعونات نفسه‪ .‬سمعت‬
‫آمنا من عذابه‬ ‫قوله‪{ :‬ومن دخَله َك ِ‬
‫ان آمناً} فقال‪ :‬من دخله على الصفة التى دخلها األنبياء واألولياء واألصفياء كان ً‬
‫ََ َ َ ُ َ‬
‫كما آمنوا‪.‬‬

‫اس ِح ُّج اْلَب ْي ِت‪ }...‬اآلية‪.‬‬ ‫{وََّّللِ َعَلى َّ‬


‫الن ِ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قيل‪ :‬لم يخاطب هللا عباده فى شىء من العبادات بأن هلل عليهم إال الحج وفيه‬

‫فوائد‪:‬‬

‫إحداها‪ :‬أنه ليس من العبادات عبادة يشترك فيها المال والنفس إال الحج فأخرجه بهذا االسم‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬هى عبادة يكثر فيها التعب والنصب على مباشرتها فأخرجه بهذا االسم ليكون ً‬
‫عونا له على ما تباشره لعلمه أنه‬
‫يؤدى ما هلل عليه فى ذلك‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬لما كان فيه اإلشارات القيمة من تجريد ووقوف وغيرة قال هللا تعالى‪ :‬عليك لتهيئ باطنك للموقف األكبر كما‬
‫هيأت ظاهرك لهذا الموقف‪.‬‬

‫ات قيل‪َّ :‬‬


‫إن رجالً جاء إلى الشبلى فقال له‪ :‬إلى أين؟ قال‪ :‬إلى الحج‪ ،‬قال‪ :‬هات غ اررتين فامألهما‬ ‫وفى الحج إشار ٌ‬
‫نعرضها على من حضر ونحيى بها من زار‪ ،‬قال‪ :‬فخرجت من‬ ‫ُ‬ ‫رحمة واكبسهما وجئ بهما لتكون حظنا من الحج‬
‫عنده فلما رجعت قال لى‪ :‬أحججت؟ قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال لى‪ :‬أى شئ عملت؟ قلت‪ :‬اغتسلت وأحرمت وصليت ركعتين‬
‫ولبيت‪ ،‬فقال لى‪ :‬عقدت به الحج؟ قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬أ َفسخت بعقدك كل ٍ‬
‫عقد عقدت منذ ُخلِقت مما يضاد هذا العقد‪،‬‬ ‫َ َ‬
‫قلت‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬فما عقدت‪ ،‬قال‪ :‬ثم‬
‫نزعت ثيابك؟ قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬تجردت عن كل فعل فعلته؟ قلت‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬ما نزعت قال‪ :‬ثم تطهرت؟ قلت‪ :‬نعم‪.‬‬
‫قال‪ :‬أزلت عنك كل ٍ‬
‫علة بطهرك؟ قلت‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬ما تطهرت قال‪ :‬ثم لبيت؟ قلت‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬وجدت جواب التلبية مثالً‬
‫ٍ‬
‫بمثل؟ قلت‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬ما لبيت‪ .‬قال‪ :‬ثم دخلت الحرم؟ قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬عقدت بدخولك ترك كل محرم؟ قلت‪ :‬ال‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ما دخلت الحرم‪ .‬قال‪ :‬أشرفت على مكة؟ قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬أشرف عليك من هللا حا ٌل بإشرافك؟ قلت‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬ما‬
‫أشرفت على مكة‪ .‬قال‪ :‬دخلت المسجد الحرام؟ قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬دخلت فى قربه من حيث علمته؟ قلت‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬ما‬
‫دخلت المسجد‪ .‬قال‪ :‬رأيت الكعبة؟ قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬رأيت ما قصدت له؟ قلت‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬ما رأيت الكعبة‪ .‬قال‪ :‬رملت‬
‫بعا؟ قلت‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬هربت من الدنيا هرًبا علمت أنك به فاصلتها‪ ،‬وانقطعت عنها ووجدت بمشيك‬
‫ثالثًا ومشيت أر ً‬
‫شكر لذاك؟ قلت‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬فما انقطعت‪ .‬قال‪ :‬أصافحت الحجر؟ قلت‪ :‬نعم‪،‬‬
‫أمنا مما هربت منه فازددت هلل ًا‬
‫األربع ً‬
‫قال‪ :‬ويلك قيل من صافح الحجر فقد صافح الحق ومن صافحه فهو في محل األمن‪ ،‬أظهر عليك أثر األمن؟ قلت‪:‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ال‪ .‬قال‪ :‬ما صافحت الحجر‪ .‬قال‪ :‬أصليت ركعتين بعدها؟ قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬وقفت الوقفة بين يدى هللا جل‬
‫وعز‪ ،‬ووقفت على مكانك من ذلك وأديت قصدك؟ قلت‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬ما صليت‪ .‬قال خرجت إلى الصفا ووقفت بها؟‬
‫وص ُغ َر فى عينيك‬
‫قلت‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬أى شئ عملت؟ قلت‪ :‬كبرت عليها‪ .‬قال هل صفا سرك بصعودك على الصفا‪َ ،‬‬
‫األكوان بتكبيرك ربك؟ قلت‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬ما صعدت وال كبرت‪ .‬قال‪ :‬هرولت فى سعيك؟ قلت نعم‪.‬‬
‫قال‪ :‬هربت منه إليه؟ قلت‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬ما هرولت وال سعيت‪ .‬قال‪ :‬وقفت على المروة؟ قلت‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬رأيت نزول‬
‫السكينة عليك وأنت على المروة؟ قلت‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬لم تقف على المروة‪ .‬قال‪ :‬خرجت إلى منى؟ قلت‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬أعطيت‬
‫ما تمنيت؟ قلت‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬ما خرجت إلى منى‪ .‬قال‪ :‬دخلت مسجد الخيف؟ قلت‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬هل تجدد عليك خوف‬
‫بدخولك مسجد الخيف؟ قلت‪ :‬ال قال‪ :‬ما دخلته‪ .‬قال مضيت إلى عرفات؟ قلت‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬عرفت الحال التى خلقت‬
‫تعرف به إلى‬
‫تعرف الحق إليك بشىء مما َّ‬‫منكر له؟ وهل َّ‬
‫لها والحال التى تصير إليها؟ وهل عرفت من ربك ما كنت ًا‬
‫ذكر أنساك‬
‫خواصه؟ قلت‪ :‬ال‪ .‬قال ما مضيت إلى عرفات‪ .‬قال أنفدت إلى المشعر؟ قلت‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬ذكرت هللا فيه ًا‬
‫فيه ذكر من ِسواه؟ وهل شعرت بماذا أجبت وبماذا خوطبت؟ قلت‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬ما نفدت إلى المشعر‪ .‬قال‪ :‬ذبحت؟ قلت‪:‬‬
‫نعم‪ .‬قال‪ :‬أفنيت شهواتك وإرادتك فى رضا الحق؟ قلت‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬ما ذبحت‪ .‬قال‪ :‬رميت؟ قلت‪ :‬رميت جهلك منك‬
‫شيئا من الحقائق‪ ،‬أو رأيت‬
‫بزيادة علم طهر علمك‪ .‬قلت‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬ما رميت‪ .‬قال‪ :‬زرت؟ قلت‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬كوشفت ً‬
‫حق على المزور أن يكرم‬
‫العمار زوار هللا ٌّ‬
‫الحاج و َّ‬
‫ُّ‬ ‫زيادة الكرامات عليك للزيارة‪ ،‬فإن النبى صلى هللا عليه وسلم قال‪" :‬‬

‫زائره "‪ .‬قلت‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬ما زرت قال‪ :‬أحللت؟ قلت‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬عزمت على أكل الحالل؟ قلت‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬ما أحللت‪.‬‬
‫ودعت؟ قلت‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬خرجت من نفسك وروحك بالكلية؟ قلت‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬ما َّ‬
‫ودعت وال حججت وعليك العود‬ ‫قال‪َّ :‬‬
‫إن أحببت وإذا حججت فاجتهد أن تكون كما وصفت لك‪.‬‬

‫أحاج أنت؟ قلت‪ :‬أنا مع القوم‪ .‬قال لى‪ :‬أليس‬


‫ٌّ‬ ‫ولما دخلت على الشيخ الحصرى ‪ -‬قدس هللا روحه ‪ -‬ببغداد قال لى‪:‬‬
‫فرائض الحج أربع ٌة‪ :‬اإلحرام والدخول فيه بلفظ‬

‫التلبية؟ قلت‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬والتلبية إجابة‪ .‬قلت‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬واإلجابة من غير دعوٍة سوء األدب‪ .‬قلت‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬فتحققت‬
‫الدعوة حتى تُجيب ثم الوقوف‪ .‬قلت‪ :‬نعم‪.‬‬

‫محل القربة من الحق‪ ،‬فيكون قربك منه بحسن‬


‫قال‪ :‬فاجتهد فيه فإنه محل المباهاة وانظر كيف تكون‪ ،‬والطواف وهو ُّ‬
‫ٍ‬
‫بعالقة من الدارين وما فيهما‪.‬‬ ‫السعى وهو محل الفرار إليه من التبرى مما سواه‪ ،‬فإيَّاك أن تتعلق بعد سعيك‬ ‫األدب ثم‬
‫َّ ُ‬

‫سمعت محمد بن الحسن البغدادي يقول‪ :‬سمعت محمد بن أحمد بن سهل يقول‪ :‬سمعت سعيد بن عثمان يقول‪:‬‬

‫سمعت عبد البارى يقول‪ُ :‬سئل ذو النون َلم ُ‬


‫صير‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫صيَّر بالحرم؟ فقال ذو النون‪ :‬ألن الكعبة بيت هللا والحرم حجابه والمشعر بابه‪ ،‬فلما أن‬
‫الموقف بالمشعر الحرام ولم ُي َ‬
‫قصدها الوافدون وقفهم بالباب‪ .‬األول‪ :‬يتضرعون إليه حتى أذن لهم بالدخول ووقفهم بالحجاب‪.‬‬

‫الثانى‪ :‬وهو المزدلفة فلما أن نظر إلى تضرعهم أمرهم بتقريب قربانهم‪ ،‬فلما قربوا قربانهم وَقضوا تفثهم طهروا من‬
‫حجابا من دونه‪ ،‬فأذن لهم بالزيادة على الطهارة‪.‬‬
‫ً‬ ‫الذنوب التى كانت لهم‬

‫قال فارس‪ :‬اإلحرام هو االعتقاد‪ ،‬واالعتقاد اعتقادان‪ :‬اعتقاد ٍ‬


‫قصد وإرادة واعتقاد استشعار فى الحال‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬لم أجابوا التلبية أدخلوا الحرم مقامه مقام الدهليز‪ ،‬ثم دخلوا الحرم باعتقاد ترك كل محرم‪ ،‬ثم أشرفوا‬
‫حال من الحق بإشرافهم على الحق‪ ،‬ثم دخلوا المسجد الحرام فشهدوا عند ذلك قربة فطافوا‬
‫على الكعبة فأشرَفت عليهم ٌ‬
‫والذوا وحنوا وهرولوا‪ ،‬وكانوا فى ذلك هداهم من الدنيا‪ ،‬والحجر شاهد لهم بوفاء عهودهم‪ ،‬وخرجوا إلى الصفا فصفوا‬

‫عن كل كدورٍة من آفاق الدنيا والنفس‪ ،‬ولما وصلوا إلى ً‬


‫منى وقع بهم التمنى لما يأتلون فأعطوا ما َّ‬
‫تمن ْوا‪.‬‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 101‬الى اآلية ‪)101‬‬

‫صر ٍ‬
‫اط ُّم ْستَِقي ٍم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صم ِب َّ ِ‬
‫يكم رسوُله ومن يعتَ ِ‬ ‫وَكيف ت ْكُفرون وأَنتم ت ْتَلى عَلي ُكم آيات َّ ِ‬
‫اَّلل َفَق ْد ُهد َي ِإَل ٰى َ‬ ‫َّللا َوِف ُ ْ َ ُ ُ َ َ َ ْ‬ ‫َ ْ َ َ ُ َ َ ْ ُْ ُ ٰ َ ْ ْ َ ُ‬
‫صر ٍ‬
‫اط ُّم ْستَِقيمٍ} [اآلية‪.]101 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صم ِب َّ ِ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬ومن يعتَ ِ‬
‫اَّلل َفَق ْد ُهد َي ِإَل ٰى َ‬ ‫َ َ َْ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬من افتقر إلى هللا من جميع ما سوى هللا فقد فتح له الطريق إلى‬

‫الحج وهو أقوم الطريق‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال جعفر فى هذه اآلية‪ :‬من عرفه استغنى به عن جميع األنام‪.‬‬

‫هن فى الربوبية‪.‬‬
‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬االعتصام به منه فمن زعم أنه يعتصم باهلل من غيره فهو َو ٌ‬

‫أيضا‪ :‬من يعتصم باهلل لألئمة والعامة‪.‬‬


‫وقال ً‬

‫َّللاِ} [اآلية‪.]103 :‬‬ ‫{واعتَ ِ‬


‫ص ُموْا ِب َحْب ِل َّ‬ ‫َ ْ‬

‫اَّللِ‪ }...‬قال‪ :‬هل شاهدت من شواهدك ً‬


‫شيئا يفزع منك إليه وهل فزعت إال إلى‬ ‫وقال أيضا فى قوله‪{ :‬ومن يعتَ ِ‬
‫صم ِب َّ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫ً‬
‫نفسك‪.‬‬

‫واالعتصام‪ :‬أن ترى نفسك فى ظله وكنفه وحسن قيام نظره لك فى أبده‪ ،‬فإن‬

‫التحقيق فصحة االعتصام والتصديق يوجب االعتصام‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬االعتصام هو اللجأ بترك الحول والقوة والسكون واألمر والهدوء تحت مراد هللا‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬االعتصام للمحجوبين وألهل الحقائق رفع االعتصام ألنهم فى القبضة‪.‬‬

‫وقال أبو بكر الوراق‪ :‬عالمات االعتصام ثالثة‪ :‬قطع القلب عن معونة المخلوقين‪،‬‬

‫وصرفه بالكلية إلى رب العالمين‪ ،‬وانتظار الفرج من هللا‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 102‬الى اآلية ‪)102‬‬

‫َّللاَ َح َّق تَُق ِات ِه َوالَ تَ ُموتُ َّن ِإالَّ َوأ َْنتُ ْم ُّم ْسلِ ُمو َن‬
‫آمُنوْا اتَُّقوْا َّ‬
‫ين َ‬
‫ٰيأَي َّ ِ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ‬

‫َّللاَ َح َّق تَُق ِات ِه} [اآلية‪.]102 :‬‬


‫قوله تعالى‪{ :‬اتَُّقوْا َّ‬

‫تلف النفس فى مواجبه‪.‬‬

‫قال القاسم‪ :‬بذل المجهود واستعمال الطاعة وترك الرجوع إلى الراحة‪ ،‬وال سبيل إليه ألن أوائل طرق الوصول التلف‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬هو إتالف النفس فى مواجبه‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬حق ِ‬


‫تقاته‪ :‬هو صدق قول ال إله إال هللا وليس فى قلبك سواه‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬أراد به أن ُيعرفنا مواضع فضله فيما رفهنا فيه من استعمال مواجبه‪ ،‬ألن واجب الحق ال يتناهى والعمل‬
‫به ال يتناهى‪.‬‬

‫سمعت أبا الحسين الفارسى يقول‪ :‬سمعت ابن عطاء يقول‪ :‬حقيقة التقوى كل التقوى من إذا قال قال هلل‪ ،‬وإذا عمل‬

‫عمل هلل‪ ،‬وإذا نوى نوى هلل‪ ،‬ويكون باهلل وهلل‪ ،‬وقيل ً‬
‫أيضا إنه التورع عن جميع الشبهات‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال النصرآباذى‪ :‬حق تقاته أن يتقى كل ما سواه‪.‬‬

‫قال جعفر‪ :‬التقوى‪ :‬أن ال ترى فى قلبك ً‬


‫شيئا سواه‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬األكوان كلها أقدار فى ميدان الحق‪ ،‬وميدان الحق ال يطأه إال من اتقى ما سواه؛ قال‬
‫َّللاَ َح َّق تَُق ِات ِه}‪.‬‬
‫هللا تعالى‪{ :‬اتَُّقوْا َّ‬

‫قال بعضهم‪ :‬ما اتقى هللا حق تقاته من سكن إلى شئ سواه‪.‬‬

‫َّللاِ} [اآلية‪.]64 :‬‬


‫ضَنا َب ْعضاً أ َْرَباباً ِمن ُدو ِن َّ‬ ‫ِ‬
‫{والَ َيتَّخ َذ َب ْع ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫صفى النبى أصحابه وخاصهم فاختار منهم سبعين رجالً الذين بايعوا ليلة العقبة ثم صفاهم‬ ‫قال الواسطى رحمه هللا‪َّ :‬‬
‫ٍ‬
‫بحلية ثم صفاهم فاختار منهم‬ ‫ٍ‬
‫بمدحة وحاله‬ ‫ثانيا فاختار منهم عشرة‪ ،‬فقال‪ :‬هؤالء فى الجنة‪ ،‬ومدح كل و ٍ‬
‫احد منهم‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫أربعة جعلهم خلفاء من بعده ثم صفى واختار اثنين‪ ،‬وقال‪ " :‬اقتدوا بال َذ ْين من بعدى أبى بكر وعمر ‪ -‬رضى هللا‬
‫إيمان أبى بكر بإيمان أهل األرض لرجح بهم "‪ .‬ثم نقاه من‬
‫ُ‬ ‫احدا‪ ،‬فقال‪ " :‬لو وزن‬
‫عنهما ‪ " -‬ثم صفى فاختار و ً‬
‫األصل فقال‪ " :‬لو كنت متخ ًذا خليالً التخذت أبا بكر خليالً‬

‫‪".‬‬

‫بابا من دون هللا‪.‬‬


‫بعضا أر ً‬
‫بعضنا ً‬
‫وأصل هذا كله‪ .‬انقطاع الرؤية عن المكتوبات لقوله‪ :‬وال يتخذ ُ‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 106‬الى اآلية ‪)106‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫اب ِب َما ُك ْنتُ ْم تَ ْكُف ُرو َن‬ ‫َما َّال ِذين اسوَّد ْت وجوههم أَ ْكَفرتُم بعد ِإ ِ‬
‫ض ُو ُجوهٌ َوتَ ْس َوُّد ُو ُجوهٌ َفأ َّ‬
‫يمان ُك ْم َف ُذوُقوْا اْل َع َذ َ‬
‫ُ ُ ُُ ْ ْ ْ ََْ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َي ْوَم تَْبَي ُّ‬

‫ض ُو ُجوهٌ َوتَ ْس َوُّد ُو ُجوهٌ} [اآلية‪.]106 :‬‬


‫{ي ْوَم تَْبَي ُّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال محمد بن على‪ :‬تبيض وجوهٌ بنظرهم إلى موالهم وتسود وجوه باحتجابه عنهم‪.‬‬

‫وقال الحسين بن الفضل‪ :‬يوم تبيض وجوهٌ بالشهادة وتسود وجوه بالفرار من الزحف‪.‬‬

‫وقال محمد بن الفضل‪ :‬تبيض وجوهٌ بالقناعة وتسود وجوهٌ بالطمع‪.‬‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 123‬الى اآلية ‪)123‬‬

‫َّللاُ ِبَب ْد ٍر َوأ َْنتُ ْم أ َِذَّل ٌة َفاتَُّقوْا َّ‬


‫َّللاَ َل َعَّل ُك ْم تَ ْش ُك ُرو َن‬ ‫ص َرُك ُم َّ‬
‫َوَلَق ْد َن َ‬

‫َّللاُ ِبَب ْد ٍر} [اآلية‪.]123 :‬‬


‫ص َرُك ُم َّ‬
‫{وَلَق ْد َن َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫لضعفكم وصحة توكلكم على ربكم وانقطاعكم عن حولكم وقوتكم وردكم األمر إليه بالكلية‪ ،‬وأنتم أذلة عند أنفسكم‬
‫لقلتكم وما كان ٌيد وعز قط إال بتذليل النفس ومنعها من الشهوات‪ ،‬فأنزل هللا عليكم نصره وأيدكم { َوَي ْوَم ُحَن ْي ٍن ِإ ْذ‬

‫َع َجَب ْت ُك ْم َك ْث َرتُ ُك ْم َفَل ْم تُ ْغ ِن َع ُ‬


‫نك ْم َش ْيئاً } [التوبة‪.]25 :‬‬ ‫أْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 128‬الى اآلية ‪)128‬‬

‫وب َعَل ْي ِه ْم أ َْو ُي َع ِذَب ُه ْم َفِإَّن ُه ْم َ‬


‫ظالِ ُمو َن‬ ‫ِ‬
‫َل ْي َس َل َك م َن األ َْم ِر َش ْي ٌء أ َْو َيتُ َ‬

‫قوله عز وعال‪َ{ :‬ل ْي َس َل َك ِم َن األ َْم ِر َشي ٌء} [اآلية‪.]128 :‬‬


‫ْ‬

‫قال النورى‪ :‬ليس لك من األمر شىء ولكن األمر كله إليك‪.‬‬

‫فاألمر كله إليك وليس لك منه شىء جل قدرك أن يالحظ غير الحق فيما يبدئ ويعيد‪.‬‬
‫ُ‬ ‫قال‪ :‬لك من األمر‪،‬‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 131‬الى اآلية ‪)131‬‬

‫واتَُّقوْا َّ َِّ ِ ِ ِ‬
‫الن َار التي أُعَّد ْت لْل َكاف ِر َ‬
‫ين‬ ‫َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬أمر العوام باتقاء النار لخوفهم منها وتركهم المعاصى من أجلها‪ ،‬وأمر الخواص بأن يتقوه وينظروا‬
‫إليه دون غيره فقال‪{ :‬واتَُّقو ِن ٰيأُولِي األَْلب ِ‬
‫اب} [البقرة‪ ]197 :‬أى‪ :‬يا أهل الخصوص‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 134‬الى اآلية ‪)134‬‬

‫ين‬ ‫ِِ‬ ‫اس و َّ ِ‬ ‫ين َع ِن َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫آء و َّ ِ‬ ‫َّال ِذين ي ِنفُقو َن ِفي َّ ِ‬
‫َّللاُ ُيح ُّب اْل ُم ْحسن َ‬ ‫الن َ‬ ‫ظ َواْل َعاف َ‬
‫ين اْل َغ ْي َ‬
‫الضَّرآء َواْل َكاظم َ‬ ‫السَّر َ‬ ‫َ ُ‬
‫الضَّر ِ‬
‫آء} [اآلية‪.]134 :‬‬ ‫السَّر ِ‬
‫آء َو َّ‬ ‫ين ُي ِنفُقو َن ِفي َّ‬ ‫َّ ِ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬الذ َ‬

‫الذين يتبرءون من األمالك واألنفس والقلوب‪ ،‬وينفقونها فى رضا هللا ال يبخلون بشئ عليه‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬هذا خطاب خاطب به العام المتفرقين من أهل الذنوب ليردهم به إلى طريق التوبة وخاطب األوساط بقوله {‬
‫َّللاِ } [البقرة‪ ]281 :‬اتقوه فى تصحيح طاعاتكم وإخالصها وإخراج الشرك الخفى منها‪،‬‬ ‫يه ِإَلى َّ‬‫واتَُّقوْا يوماً ترجعون ِف ِ‬
‫َ ْ ُْ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وخاطب الخاص بقوله‪{ :‬اتَُّقوْا َّ‬
‫َّللاَ َح َّق تَُقاته} [اآلية‪ ]102 :‬وهو القيام معه فى جميع األحوال بحسن الموافقة‪.‬‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 135‬الى اآلية ‪)135‬‬

‫َّللا وَلم ي ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ ُّ‬ ‫ِ‬ ‫و َّال ِذين ِإ َذا َفعُلوْا َف ِ‬


‫صُّروْا َعَل ٰى َما‬ ‫وب ِإال َّ ُ َ ْ ُ‬
‫استَ ْغَف ُروْا ل ُذُنوِب ِه ْم َو َمن َي ْغف ُر الذُن َ‬
‫َّللاَ َف ْ‬
‫ظَل ُموْا أ َْنُف َس ُه ْم َذ َك ُروْا َّ‬
‫اح َش ًة أ َْو َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫َف َعُلوْا َو ُه ْم َي ْعَل ُمو َن‬

‫َّللاَ} [اآلية‪.]135 :‬‬


‫ظَل ُموْا أ َْنُف َس ُه ْم َذ َك ُروْا َّ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬و َّال ِذين ِإ َذا َفعُلوْا َف ِ‬
‫اح َش ًة أ َْو َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬

‫استكبار هى الفواحش ال الطاعات‪.‬‬


‫ًا‬ ‫عجبا و‬
‫قال الواسطى‪ :‬الطاعات فواحش‪ ،‬ال بل النظر إليها ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ُسئل أبو عبد هللا بن الجالء عن الظلم فقال‪ :‬متابعة النفس على ما تشتهيه‪.‬‬

‫سئل محمد بن على عن قوله‪{ :‬و َّال ِذين ِإ َذا َفعُلوْا َف ِ‬


‫اح َش ًة} قال‪ :‬النظر إلى األفعال أو ظلموا أنفسهم برؤية النجاة‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫بأعمالهم‪ ،‬ذكروا هللا‪ ،‬لحَق ُهم التوفيق من هللا تعالى وأدركتهم العصمة منه فاستغفروا لذنوبهم من أفعالهم وأقوالهم‪ ،‬ومن‬
‫يغفر الذنوب إال هللا‪ ،‬علموا أن ال وصول إلى هللا تعالى إال به‪.‬‬

‫الوراق‪ :‬والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم بمتابعة الهوى‬


‫قال أبو بكر َّ‬

‫ومخالفة السنة‪.‬‬

‫قال جعفر المراوحى فى هذه اآلية‪ :‬إنها على وجهين‪:‬‬

‫العامة‪ :‬ذكروه بأنهم أحشموه فاستغفروه لترضوه‪.‬‬

‫أدبا وذكروه‬
‫والخواص‪ :‬ذكروه بأنه توالها منهم على ما سبق لهم فاستغفروه ً‬

‫توحيداً‪.‬‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 138‬الى اآلية ‪)138‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫اس وهدى ومو ِع َ ِ ِ‬ ‫هـٰ َذا بي ٌ ِ‬
‫ظ ٌة لْل ُمتَّق َ‬
‫ين‬ ‫ان ل َّلن ِ َ ُ ً َ َ ْ‬ ‫َ ََ‬
‫ان لِ َّلن ِ‬
‫اس} [اآلية‪.]138 :‬‬ ‫{هـٰ َذا َبَي ٌ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال جعفر‪ :‬أظهر البيان للناس‪ ،‬ولكن ال ينتبه إال من أيد منه بنور اليقين وطهارة السر أال تراه يقول‪َ{ :‬و ُه ًدى َو َم ْو ِع َ‬
‫ظ ٌة‬
‫ِ ِ‬
‫لْل ُمتَّق َ‬
‫ين} أى‪ :‬أن االهتداء بهذا البيان واالتعاظ به للمتقين الذين اتقوا كل شئ سواه‪.‬‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 139‬الى اآلية ‪)139‬‬

‫ِ‬
‫َعَل ْو َن ِإ ْن ُك ْنتُ ْم ُّم ْؤ ِمن َ‬
‫ين‬ ‫َوالَ تَ ِهُنوا َوالَ تَ ْح َزُنوا َوأ َْنتُ ُم األ ْ‬

‫{والَ تَ ِهُنوا َوالَ تَ ْح َزُنوا َوأ َْنتُ ُم األ ْ‬


‫َعَل ْو َن} [اآلية‪.]139 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫ُسئل محمد بن موسى ما بال اإلنسان يحزن مرة ويفرح أخرى؟ فقال‪ :‬إن األرواح‬

‫غذاؤها وتهذيبها فى االستتار والتجلى‪ ،‬يطرب عند التجلى ويحزن عند االستتار‪ ،‬فمن حجبه حزن ومن طالعه بعين‬
‫البر واللطف فرح‪ ،‬ومن طالعه بعين السخط خاف وقلق‪.‬‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 133‬الى اآلية ‪)133‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ ِ ِ‬ ‫ٍ‬
‫ض أُعَّد ْت لْل ُمتَّق َ‬
‫ين‬ ‫الس َٰم َٰو ُت َواأل َْر ُ‬
‫ض َها َّ‬ ‫َو َس ِارُعوْا ِإَل ٰى َم ْغِف َرٍة ِمن َّرب ُ‬
‫ِك ْم َو َجَّنة َع ْر ُ‬

‫{و َس ِارُعوْا ِإَل ٰى َم ْغِف َرٍة ِمن َّرب ُ‬


‫ِك ْم} [اآلية‪.]133 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫فالطلب للمغفرة والغفران هو حظ النفس وكذلك طلب الجنان‪ ،‬وما دام العبد بهذه الصفة فهو عبد نفسه وطالب حظه‬
‫حينئذ فنى عن حظوظه وبقى بال ٍ‬
‫حظ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫إلى أن يستوى فى ميادين لطائف الخطاب ورود الرضوان ودخول النيران‪،‬‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ يأنف أن ينظر إلى حظوظه فيبقى أثر األثر لغير الحق عليه‪.‬‬ ‫واستولت عليه فى ذلك جالبيب القدرة‪،‬‬

‫ُخ ِر َج ْت لِ َّلن ِ‬
‫اس}‪.‬‬ ‫{كنتم خير أ َّ ٍ‬
‫ُمة أ ْ‬ ‫قوله تعالى‪َ ْ َ ْ ُ ْ ُ :‬‬

‫قوما ثم يعذبهم‪.‬‬
‫قال يحيى بن معاذ‪ :‬هذه مدحة لهم ولم يكن هللا تعالى ليمدح ً‬

‫وقال جعفر الصادق رحمة هللا تعالى عليه‪ :‬يأمرون بالمعروف والمعروف هو موافقته الكتاب و ُّ‬
‫السنة‪.‬‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 144‬الى اآلية ‪)144‬‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ول َق ْد َخَل ْت ِمن َقْبلِ ِه ُّ‬ ‫َّ‬


‫َعَقاِب ُك ْم َو َمن َينَقل ْب َعَل ٰى َعقَب ْيه َفَلن َي ُ‬
‫ضَّر‬ ‫الرُس ُل أَفِإ ْن َّم َ‬
‫ات أ َْو ُقت َل ْانَقَل ْبتُ ْم َعَل ٰى أ ْ‬ ‫َو َما ُم َح َّمٌد ِإال َرُس ٌ‬
‫َّللا َّ ِ‬
‫الشاك ِر َ‬
‫ين‬ ‫َّللاَ َش ْيئاً َو َسَي ْجزِي َّ ُ‬
‫َّ‬

‫ول َق ْد َخَل ْت ِمن َقْبلِ ِه ُّ‬


‫الرُس ُل} [اآلية‪.]144 :‬‬ ‫َّ‬
‫{و َما ُم َح َّمٌد ِإال َرُس ٌ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الحسين‪ :‬ليس للرسول إال ما أُمر به أو كوشف به‪ ،‬أال تراه لما ُسئل فيم يختصم المأل األعلى بقى حيث لم يسمع‬
‫ِح ًسا وال ُنطًقا فقال‪ :‬ال أدرى‪ ،‬فلما غيب عنه شاهده بوقع الصفة عليه‪ ،‬شاهدهم بشهود الحق وذهب عنه صفة‬
‫آدميَّته‪ ،‬أى‪ :‬لما عاين ما أطلعه هللا عليه من مشاهدته غاب عن صفته ألنه صار غير آدمى فتكلم بالعلوم كلها‪.‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬سقمت البصائر عند موت محمد صلى هللا عليه وسلم إال من رجل واحد ُف ِ‬
‫ض َل عليهم وهو الداعى إلى‬
‫خص هو بها‪ ،‬وعجزت األمة عن ذلك لضعف تحايزها‬ ‫هللا على البصيرة‪ ،‬وهو أبو بكر رضى هللا عنه فكأن هذه اآلية َّ‬
‫محمدا صلى هللا عليه‬
‫ً‬ ‫محمدا فإن‬
‫ً‬ ‫ووهن بصائرها وبأن فضيلة أبى بكر رضى هللا عنه بذلك وهو قوله‪" :‬من كان يعبد‬
‫وسلم قد مات‪".‬‬

‫اب الدنيا نؤته منها}‪.‬‬


‫ان ُير ُيد ثَو َ‬
‫{م ْن َك َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قيل‪ :‬ثواب الدنيا‪ :‬العافية واإلكثار منها‪.‬‬

‫إلهام شكر النعمة‪.‬‬


‫وقيل‪ُ :‬‬

‫اآلخ َرِة ُن ْؤِت ِه ِم ْن َها} [اآلية‪ :]145 :‬ثواب اآلخرة‪ :‬الجنة ونعيمها‪.‬‬
‫{ومن ي ِرْد ثَواب ِ‬
‫ََ ُ َ َ‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 150‬الى اآلية ‪)150‬‬

‫َّللا موالَ ُكم وهو خير َّ ِ‬ ‫ِ‬


‫الناص ِر َ‬
‫ين‬ ‫َبل َّ ُ َ ْ ْ َ ُ َ َ ْ ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قوله تعالى‪{َ :‬ب ِل َّ‬
‫َّللاُ َم ْوالَ ُك ْم} [اآلية‪.]150 :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬معينكم على ما َح َملكم من أوامره ونواهيه‪.‬‬

‫بدءا وعاقب ًة وهو خير الناصرين‪.‬‬


‫قال جعفر‪ :‬متولى أموركم ً‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬خير الناصرين لكم على أنفسكم وهواكم ومرادكم‪.‬‬

‫قال بعضهم‪" :‬نعم المولى" حيث لم يطالبهم بحقيقة ما تحملوا من األمانات حين أشفق ِمن َحملها السماوات واألرض‬
‫"ونعم النصير" حين نصرهم إلى بلوغ رشدهم‪.‬‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 152‬الى اآلية ‪)152‬‬

‫ص ْيتُ ْم ِمن َب ْع ِد َمآ أ ََر ُ‬


‫اك ْم َّما تُ ِحبُّو َن ِم ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ ِ َّ ِ ِ‬
‫نكم‬ ‫ون ُه ْم بإ ْذنه َحت ٰى إ َذا َفشْلتُ ْم َوتََن َاز ْعتُ ْم في األ َْم ِر َو َع َ‬ ‫َّللاُ َو ْع َدهُ ِإ ْذ تَ ُح ُّس َ‬
‫ص َد َق ُك ُم َّ‬
‫َوَلَق ْد َ‬
‫ِ‬ ‫ص َرَف ُك ْم َع ْن ُه ْم لَِي ْبَتلَِي ُك ْم َوَلَق ْد َعَفا َع ْن ُك ْم َو َّ‬ ‫ِ‬
‫ين‬‫ض ٍل َعَلى اْل ُم ْؤ ِمن َ‬ ‫َّللاُ ُذو َف ْ‬ ‫نكم َّمن ُي ِر ُيد اآلخ َرَة ثُ َّم َ‬ ‫الد ْنَيا َو ِم ُ‬
‫َّمن ُي ِر ُيد ُّ‬

‫نكم َّمن ي ِر ُيد ِ‬


‫اآلخ َرَة} [اآلية‪.]152 :‬‬ ‫الد ْنَيا َو ِم ُ‬
‫نكم َّمن ُي ِر ُيد ُّ‬ ‫قوله تعالى‪ِ :‬‬
‫{م ُ‬
‫ُ‬

‫ورَّد األشباح إلى قيمها‪.‬‬


‫طع طريق الخلق إليه َ‬
‫قيل‪ :‬قرئت هذه اآلية بين يدى الشبلى فقال‪َّ :‬أواه َق َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال محمد بن على‪ :‬منكم من يريد الدنيا لآلخرة ومنكم يريد اآلخرة هلل تعالى‪.‬‬

‫قال أبو سعيد الخراز فى هذه اآلية‪ :‬ما دمتم بكم وبأوصافكم كانت هممكم الحوادث والدارين‪ ،‬فإذا توليتكم وأجليتكم من‬
‫إلى فأنفتم من النظر إلى األكوان وإرادتها وقمتم بالحق مع الحق‪.‬‬
‫صفاتكم وأكوانكم‪ ،‬علوتم بهممكم َّ‬

‫بدءا فى‬ ‫ن‬


‫وقال‪ :‬متى ما طالعهم بأسرارهم محقهم عن إثارتهم ودهشتهم فى مناديهم‪ ،‬أى‪ :‬ينظرو إلى ما صنع إليهم ً‬
‫منع أحوالهم ال إلى حركاتهم‪.‬‬

‫قال ُّ‬
‫النور ُى‪ :‬العامة فى قميص العبودية والخاص فى قميص الربوبية‪ ،‬فال يالحظون العبودية وأهل الصفوة َحَّد بهم‬
‫الحق ومحاهم عن نفوسهم‪.‬‬

‫قال الشبلى ‪ -‬تغمده هللا برحمته ‪ :-‬منكم من يريد الدنيا للطاعة‪ ،‬ومنكم من يريد اآلخرة للجنة فأين مريد هللا تعالى؟‬
‫ومريد هللا تعالى من إذا قال قال هلل‪ ،‬وإذا سكت فليس لسوى هللا تعالى‪.‬‬

‫قال سهل بن عبد هللا‪ :‬دنياك نفسك فإذا قتلتها فال نفس لك‪.‬‬

‫ص َرَف ُك ْم َع ْن ُه ْم} قال‪ :‬صرف المريدين له عما دونه وسواه‪.‬‬


‫قال بعضهم فى قوله تعالى‪{ :‬ثُ َّم َ‬

‫قال الشبلى ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ -‬فى هذه اآلية‪ :‬أسقط العطفتين وقد وصلت‪ ،‬قيل‪ :‬وما العطفتان؟ قال‪ :‬الكونين بما‬
‫فيهما‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 154‬الى اآلية ‪)154‬‬

‫اَّللِ َغ ْي َر اْل َح ِق َ‬
‫ظ َّن‬ ‫ظُّنو َن ِب َّ‬
‫َه َّم ْت ُه ْم أ َْنُف ُس ُه ْم َي ُ‬ ‫ط ِآئَف ًة ِم ْن ُكم و َ ِ‬
‫طآئَف ٌة َق ْد أ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َمَن ًة ُّن َعاساً َي ْغ َش ٰى َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َنزَل َعَل ْي ُك ْم من َب ْعد اْل َغ ِم أ َ‬
‫ثُ َّم أ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِِ‬
‫اْل َٰج ِهليَّة َيُقوُلو َن َهل لَنا م َن األ َْم ِر من َش ْيء ُق ْل ِإ َّن األ َْم َر ُكل ُه ََّّلل ُي ْخُفو َن في أ َْنُفس ِهم َّما الَ ُي ْب ُدو َن َل َك َيُقوُلو َن َل ْو َك َ‬
‫ان َلَنا‬
‫اج ِع ِه ْم َولَِي ْبَتلِي َّ‬
‫َّللاُ َما ِفي‬ ‫ض ِ‬ ‫ِمن األَم ِر َشيء َّما ُقِتْلنا ٰههنا ُقل َّلو ُكنتُم ِفي بيوِت ُكم َلبرَز َّال ِذ ِ‬
‫َ‬ ‫ين ُكت َب َعَل ْي ِه ُم اْلَق ْت ُل ِإَل ٰى َم َ‬ ‫َ‬ ‫ُُ ْ َ َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫ٌْ‬ ‫َ ْ‬
‫ِ‬
‫يم ِب َذات ُّ‬ ‫ِكم و َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ور‬‫الص ُد ِ‬ ‫َّللاُ َعل ٌ‬ ‫ص َما في ُقُلوب ُ ْ َ‬ ‫ورُك ْم َولُِي َمح َ‬‫ص ُد ِ‬ ‫ُ‬

‫َمَن ًة} [اآلية‪.]154 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫َنزَل َعَل ْي ُك ْم من َب ْعد اْل َغ ِم أ َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬ثُ َّم أ َ‬

‫ٍ‬
‫مخوف‪.‬‬ ‫صَّد َق إرادته واجتهاده ورياضته‪َّ ،‬‬
‫رد إلى محل األمن أى‪ :‬عصم من كل‬ ‫قال ابن عطاء‪ :‬من َ‬

‫{ربِيُّو َن َكِث ٌير}‪.‬‬


‫قوله تعالى‪ِ :‬‬

‫قال الجريري‪ :‬منقطعين إلى الرب جل وعز فاني ًة عنهم أوصافهم وإراداتهم متطلعون إلرادة هللا تعالى فيهم‪.‬‬

‫اعتمادا على هللا تعالى‪ ،‬وما ضعفوا لما أصابهم فى‬


‫ً‬ ‫{ربِيُّو َن َكِث ٌير}‪ :‬وزراء األنبياء فما وهنوا لما أصابهم‬
‫قال بعضهم‪ِ :‬‬
‫ذات هللا تعالى‪ ،‬و "ما استكانوا" لم يتضرعوا لنزول البالء بهم‪.‬‬

‫َّللاِ}‪.‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬فما و َهُنوْا لِمآ أَصابهم ِفي سِب ِ‬


‫يل َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َُ ْ‬ ‫َ َ‬

‫قال ا لواسطى‪ :‬كونوا كأبى بكر الصديق رضى هللا عنه لما كانت نسبته إلى الحق لم يؤثر عليه فقدان السبب‪ ،‬ولما‬
‫ضعفت نسبتهم أثر عليهم الخطاب‪ ،‬فعمر بن الخطاب رضى هللا عنه يقول‪" :‬من قال مات محمد صلى هللا عليه‬
‫وسلم ضربت عنقه وأبو بكر رضى هللا عنه‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ول َق ْد َخَل ْت ِمن َقْبلِ ِه ُّ‬
‫الرُس ُل}‪.‬‬ ‫َّ‬
‫{و َما ُم َح َّمٌد ِإال َرُس ٌ‬
‫نظر إلى ما دله عليه المصطفى صلى هللا عليه وسلم فقرأ‪َ :‬‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 159‬الى اآلية ‪)159‬‬

‫استَ ْغِف ْر َل ُه ْم َو َش ِاوْرُه ْم ِفي‬ ‫ظ اْلَقْل ِب الَْنَف ُّ ِ‬‫نت َل ُه ْم َوَل ْو ُك ْن َت َفظاً َغلِي َ‬ ‫َفِبما رحم ٍة ِمن َّ ِ‬
‫ف َع ْن ُه ْم َو ْ‬ ‫ضوْا م ْن َح ْولِ َك َف ْ‬
‫اع ُ‬ ‫َّللا لِ َ‬ ‫َ ََْ َ‬
‫ين‬ ‫ِِ‬ ‫َّللاِ ِإ َّن َّ ِ‬
‫األ َْم ِر َفِإ َذا َع َزْم َت َفتََوَّك ْل َعَلى َّ‬
‫َّللاَ ُيح ُّب اْل ُمتََوكل َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬فِبما رحم ٍة ِمن َّ ِ‬
‫َّللا لِ َ‬
‫نت َل ُه ْم} [اآلية‪.]159 :‬‬ ‫َ ََْ َ‬

‫قال الواسطى‪ :‬جميع أوصافك وما يخرج من أنفاسك رحمة منى عليك وعلى من اتبعك‪ ،‬ثم أمره بإقامة العبودية فى‬
‫{و َش ِاوْرُه ْم ِفي األ َْم ِر} ثم قال‪َ{ :‬فِإ َذا َع َزْم َت َفتََوَّك ْل َعَلى‬
‫حسن المعاشرة مع أوليائه وتقريب منزلتهم والمشورة معهم بقوله َ‬
‫سر‪.‬‬
‫ظاهر وطالع ربك ًا‬ ‫ًا‬ ‫َّللاِ} أى فاقطع عنهم جملة‪ ،‬وانقطع إلى سيرك وتوكل عليه‪ ،‬عاشرهم‬ ‫َّ‬

‫"فاعف عنهم"‪ :‬تقصيرهم فى تعظيمك واستغفر لهم قعودهم عن أمرك‪ ،‬وشاورهم فى األمر‪ :‬ال تبعدهم‬ ‫ُ‬ ‫قال بعضهم‪:‬‬
‫بالعصيان عنك واشملهم بفضلك فإنك بنا تعفو وبنا تغفر وإيانا تطالع‪.‬‬

‫ويقال‪ :‬ال تعتمد عليهم وعلى كثرتهم فى شىء من أمورك‪ ،‬إذا عزمت فأخلص عزمك لنا‪ ،‬فإنك الحبيب وال يحسن‬
‫بالحبيب أن يالحظ غير حبيبه‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬لما عال خُلُقه جميع األخالق عظمت المؤنة عليه‪ ،‬فأمر بالغض والعفو واالستغفار لهم‪.‬‬

‫َّللاِ}‪.‬‬
‫قال جعفر‪ :‬أمر باستقامة الظاهر مع الخلق وبتجريد باطنه للحق‪ ،‬أال تراه يقول‪َ { :‬فِإ َذا َع َزْم َت َفتََوَّك ْل َعَلى َّ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قوله تعالى‪{ :‬وسَنجزِي َّ ِ‬
‫الشاك ِر َ‬
‫ين}‪.‬‬ ‫ََ ْ‬

‫سمعت محمد بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت محمد بن سعيد يقول‪ :‬الشاكر من يشكر على الرخاء‪ ،‬والشكور من يشكر‬
‫على البالء‪.‬‬

‫وقد قيل‪ :‬الشاكر من يشكر على النعماء والشكور من يتلذذ بالبالء‪.‬‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 161‬الى اآلية ‪)161‬‬

‫ظَل ُمو َن‬ ‫ْت ِبما َغ َّل َي ْوم اْلِقَيام ِة ثُ َّم تُوَّف ٰى ُك ُّل َنْف ٍ‬
‫س َّما َك َسَب ْت َو ُه ْم الَ ُي ْ‬ ‫ِ‬
‫ان لَِنِب ٍي أ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َن َي ُغ َّل َو َمن َي ْغُل ْل َيأ َ‬ ‫َو َما َك َ‬

‫ان لَِنِب ٍي أ ْ‬
‫َن َي ُغ َّل} [اآلية‪.]161 :‬‬ ‫{و َما َك َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬ما كان لنبى أن يستأثر بالوحى والشريعة بعض متبعيه على بعض‪.‬‬

‫قال يحيى العلوى فى هذه اآلية‪ :‬ما كان لنبى أن يضع أس ارره إال عند األمناء من أمته‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 164‬الى اآلية ‪)164‬‬

‫اب َواْل ِح ْك َم َة َوإِن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين ِإ ْذ َب َع َث في ِه ْم َرُسوالً م ْن أ َْنُفس ِه ْم َي ْتُلوْا َعَل ْي ِه ْم َآياته َوُي َزكي ِه ْم َوُي َعل ُم ُه ُم اْلكتَ َ‬
‫َّللاُ َعَلى اْل ُمؤ ِمن َ‬
‫َلَق ْد َم َّن َّ‬
‫ض ٍ‬
‫الل ُّمِب ٍ‬
‫ين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َك ُانوْا من َقْب ُل َلفي َ‬

‫ين ِإ ْذ َب َع َث ِفي ِه ْم َرُسوالً ِم ْن أ َْنُف ِس ِه ْم} [اآلية‪.]164 :‬‬ ‫ِ‬


‫َّللاُ َعَلى اْل ُمؤ ِمن َ‬
‫قوله تعالى‪َ{ :‬لَق ْد َم َّن َّ‬

‫قال بعضهم‪ :‬أكبر منن هللا تعالى على الخلق وسائط األنبياء إليهم‪ ،‬ليصلوا بهم إليه ألنه لو أظهر عليهم من صفاته‬
‫جميعا وأضلوا فيه عن الطريق إال المعصومين‪.‬‬
‫ً‬ ‫ذرة ألحرقتهم‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 167‬الى اآلية ‪)167‬‬

‫َّللاِ أ َِو ْاد َف ُعوْا َقاُلوْا َل ْو َن ْعَل ُم ِقتَاالً الَّتََّب ْعَن ُ‬


‫اك ْم ُه ْم لِْل ُكْف ِر َي ْو َمِئ ٍذ أَ ْق َر ُب‬ ‫يل َّ‬ ‫ين َنا َفُقوْا وِقيل َلهم تَعاَلوْا َق ِاتُلوْا ِفي سِب ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ ُْ َ ْ‬
‫َّ ِ‬
‫َولَِي ْعَل َم الذ َ‬
‫َعَلم ِب َما َي ْكتُ ُمو َن‬ ‫ان يُقوُلون ِبأَ ْفو ِ‬
‫اه ِهم َّما َل ْي َس ِفي ُقُلوب ِِه ْم َو َّ‬ ‫ِ ِِ‬
‫َّللاُ أ ْ ُ‬ ‫يم ِ َ َ َ‬ ‫م ْن ُه ْم لإل َ‬

‫َّللاِ أ َِو ْاد َف ُعوْا} [اآلية‪.]167 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ق ِاتُلوْا ِفي سِب ِ‬
‫يل َّ‬ ‫َ‬

‫الجوزجانى‪ :‬جاهدوا أنفسكم وهواكم وجاهدوا معهم إلى أن تبلغوا منازل‬


‫َ‬ ‫قال‬

‫الصديقين ودرجاتهم‪ ،‬فإن لم تستطيعوا ذلك فادفعوها عن ارتكاب المحارم والتوثب على المناهى‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬قاتلوا أنفسكم على مالزمة األوامر والنواهى‪ ،‬أو ادفعوها عن طريق الشرك‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وباطنا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ظاهر‬
‫ًا‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 169‬الى اآلية ‪)169‬‬

‫اء ِع َند َربِ ِه ْم ُي ْرَزُقو َن‬ ‫يل َّ ِ‬


‫ين ُقِتُلوْا ِفي سِب ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫َحَي ٌ‬
‫َّللا أ َْم َواتاً َب ْل أ ْ‬ ‫َ‬ ‫َوالَ تَ ْح َسَب َّن الذ َ‬

‫اء ِع َند َرب ِِه ْم} [اآلية‪.]169 :‬‬ ‫يل َّ ِ‬


‫ين ُقِتُلوْا ِفي سِب ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫َحَي ٌ‬
‫َّللا أ َْم َواتاً َب ْل أ ْ‬ ‫َ‬ ‫{والَ تَ ْح َسَب َّن الذ َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬المقتول على المشاهدة ٍ‬


‫باق برؤية شاهده‪ ،‬والميت من عاش على رؤية نفسه ومتابعة هواه‪.‬‬

‫طلبا للوصلة مردودين إلى مقاماتهم‪ ،‬بل‬ ‫تظنن َّ‬


‫أن الهالكين فى طريق اإلرادة ً‬ ‫َّ‬ ‫قال أبو سعيد القرشى فى هذه اآلية‪ :‬ال‬
‫قد بلغ بهم غاية ما قصدوا من القرب والوصلة‪ ،‬أحياء بقرب الحى عند ربهم فى مجلس المشاهدة‪ ،‬يرزقون زيادة‬
‫الفوائد من أنوار االطالع‪ ،‬فرحين بالغين أقصى الرضا‪.‬‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 171‬الى اآلية ‪)171‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض ٍل َوأ َّ‬ ‫يستب ِشرون ِبِنعم ٍة ِمن َّ ِ‬


‫َج َر اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين‬ ‫يع أ ْ‬
‫َّللاَ الَ ُيض ُ‬
‫َن َّ‬ ‫َّللا َوَف ْ‬ ‫َ ْ َْ ُ َ ْ َ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ض ٍل} [اآلية‪.]171 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬يستب ِشرون ِبِنعم ٍة ِمن َّ ِ‬
‫َّللا َوَف ْ‬ ‫َ ْ َْ ُ َ ْ َ َ‬

‫ِ‬
‫وفضله ولكان استبشارهم بالمنعم المتفضل‪.‬‬ ‫بنعم ِه‬
‫قال ابن عطاء‪ :‬لو نظروا إلى المنعم لتبغض عليهم االستبشار ِ‬

‫قال بعضهم‪ :‬االستبشار بالنعمة منه هو االستبشار بالمنعم‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬يستبشرون بما أنعم عليهم من فضله القديم‪ ،‬حيث جعلهم أهالً لنعمه وفضله‪.‬‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 175‬الى اآلية ‪)175‬‬

‫ِ‬ ‫ِإَّنما ٰذلِ ُكم َّ‬


‫وه ْم َو َخا ُفو ِن ِإن ُكنتُ ْم ُّم ْؤ ِمن َ‬
‫ين‬ ‫اءهُ َفالَ تَ َخا ُف ُ‬ ‫طـ ُٰن ُي َخ ِو ُ ِ‬
‫ف أ َْولَي َ‬ ‫الش ْي َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫وه ْم َو َخا ُفو ِن} [اآلية‪.]175 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬فالَ تَ َخا ُف ُ‬

‫قال الجنيد رحمة هللا تعالى عليه‪ :‬الخوف توقع العذاب مع كل نفس‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬خوف أهل المعرفة ثالثة‪ :‬خوف من تقلب القلب‪ ،‬وإفراط القول‪ ،‬وتخليط العمل‪.‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬الخوف من شرط اإليمان والحسبة من شرط العلم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وه ْم َو َخا ُفو ِن} قال‪ :‬ما دمتم متمسكين بالطريقة فخافونى فمن ترك الخوف فقد‬
‫قال ابن عطاء فى قوله تعالى‪َ { :‬فالَ تَ َخا ُف ُ‬
‫ترك الطريقة المستقيمة‪.‬‬

‫أيضا فى هذه اآلية‪ :‬الخوف رقيب العمل والرجاء شفيع المحن‪.‬‬


‫وقال ً‬

‫وقال أحمد بن عاصم‪ :‬أنفع الخوف ما حجزك عن المعاصى‪ ،‬وأطال منك الحزن على ما قد فات وألزمك الفكر فى‬
‫بقية عمرك وخاتمة أمرك‪.‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬ليس الخوف من وقعت به العبرة كخوف من لم تقع به‪ ،‬بل ليس قلق من شاهد ما غاب كقلق من حذر‬
‫ما غاب‪ ،‬بل ليست رهبة من هو غائب عن حضوره كرهبة من حضر فى غيبته‪ ،‬بل ليس خوف من هو فى وقاية‬
‫الحق كمن هو فى رعاية الحق‪.‬‬

‫ِ‬
‫وه ْم َو َخا ُفو ِن ِإن ُكنتُ ْم ُّم ْؤ ِمن َ‬
‫ين}‪ :‬إن كنتم مصدقين أنه ال دافع وال نافع غيرى‪.‬‬ ‫قال سهل بن عبد هللا فى قوله‪َ { :‬فالَ تَ َخا ُف ُ‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 176‬الى اآلية ‪)176‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّللا َشيئاً ي ِريد َّ َّ‬ ‫ِ‬ ‫والَ يحز َّ ِ‬


‫َّللاُ أَال َي ْج َع َل َل ُه ْم َحظاً في اآلخ َرِة َوَل ُه ْم َع َذ ٌ‬
‫اب‬ ‫ين ُي َس ِارُعو َن في اْل ُكْف ِر ِإَّن ُه ْم َلن َي ُ‬
‫ضُّروْا َّ َ ْ ُ ُ‬ ‫نك الذ َ‬‫َ َ ُْ َ‬
‫يم‬ ‫ِ‬
‫َعظ ٌ‬

‫ين ُي َس ِارُعو َن ِفي اْل ُكْف ِر} [اآلية‪.]176 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬والَ يحز َّ ِ‬
‫نك الذ َ‬‫َ َ ُْ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الواسطى‪ :‬الحزن فى األحوال كلها‪ ،‬وفى الحقيقة تعريف لهم وتنبيه‪ ،‬وهذه اآلية من حياد الحقائق التى جرت أنهم‬
‫شيئا‪.‬‬
‫لن يضروا هللا ً‬

‫قال‪ :‬ألنهم جحدوا ما يليق بطبائعهم‪.‬‬

‫َّللاَ َش ْيئاً} [اآلية‪.]176 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّن ُه ْم َلن َي ُ‬


‫ضُّروْا َّ‬

‫ألنه الذى توالهم وفى البلية ألقاهم‪.‬‬

‫َّللا أَالَّ يجعل َلهم حظاً ِفي ِ‬


‫اآلخ َرِة}‪.‬‬ ‫{ي ِر ُيد َّ ُ َ ْ َ َ ُ ْ َ‬
‫قوله تعالى‪ُ :‬‬

‫شغلهم فيما فيه هالكهم من تكبير أنفسهم وطلب معاشهم‪ ،‬وقد سبق القضاء فيهما وال تغيير وال تبديل‪.‬‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 172‬الى اآلية ‪)172‬‬

‫َجٌر َع ِظي ٌم‬ ‫ِ‬ ‫َِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّال ِذين استَجابوْا ََّّللِ و َّ ِ ِ‬
‫َح َسُنوْا م ْن ُه ْم َواتََّقوْا أ ْ‬
‫ين أ ْ‬
‫َص َاب ُه ُم اْلَق ْرُح للذ َ‬
‫الرُسول من َب ْعد َمآ أ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َُ‬
‫الرس ِ‬
‫ول} [اآلية‪.]172 :‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫استَ َج ُابوْا ََّّلل َو َّ ُ‬
‫ين ْ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬الذ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الواسطى‪ :‬استجابوا هلل تعالى بالوحدانية وأجابوا الرسول فى اتباع أوامره واجتناب نواهيه‪ ،‬وقبول الشريعة منه على‬
‫الرأس والعين‪.‬‬

‫استَ َج ُابوْا ََّّللِ}‪ :‬باستجابة الرسول صلى هللا عليه وسلم فبلغتهم استجابتهم المصطفى‬
‫ين ْ‬
‫َّ ِ‬
‫وقيل‪ :‬فى قوله تعالى‪{ :‬الذ َ‬
‫صلى هللا عليه وسلم إلى حقيقة استجابة الحق تعالى‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬استجابوا هلل بالفردانية وللرسول صلى هللا عليه وسلم بالبالغ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َِّ ِ‬


‫يم}‪.‬‬ ‫َح َسُنوْا م ْن ُه ْم َواتََّقوْا أ ْ‬
‫َجٌر َعظ ٌ‬ ‫ين أ ْ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬للذ َ‬

‫يم} هو حفظ أسرارهم وأوقاتهم‬ ‫ِ‬


‫َجٌر َعظ ٌ‬
‫قيل‪ :‬للذين أحسنوا فى أداء الشرائع واتقوا فى التوحيد‪ ،‬أن يخالطوه بشرك خفى {أ ْ‬
‫عليهم من كل شاغل يشغلهم عن الحق‪.‬‬

‫يم} وهو البالغ‬ ‫ِ‬


‫َجٌر َعظ ٌ‬
‫وعلنا‪{ .‬أ ْ‬
‫سر ً‬ ‫وقيل للذين أحسنوا منهم فى إجابة المصطفى صلى هللا عليه وسلم واتقوا مخالفته ًا‬
‫إلى المحل العظيم من محاورة الحق ومشاهدته‪.‬‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 179‬الى اآلية ‪)179‬‬

‫طلِ َع ُك ْم َعَلى اْل َغ ْي ِب َوَل ِك َّن‬


‫َّللاُ لُِي ْ‬ ‫َّ‬ ‫َّللا لِي َذر اْلمؤ ِمِنين عَلى مآ أ َْنتُم عَلي ِه حتَّى ي ِم َيز اْلخِب َ ِ‬
‫يث م َن الطِي ِب َو َما َك َ‬
‫ان َّ‬ ‫َ‬ ‫ان َّ ُ َ َ ُ ْ َ َ ٰ َ ْ َ ْ َ ٰ َ‬ ‫َّما َك َ‬
‫ِ‬ ‫آمنوْا ِب َّ ِ ِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يم‬
‫َجٌر َعظ ٌ‬ ‫اَّلل َوُرُسله َوإِن تُ ْؤ ِمُنوْا َوتَتَُّقوْا َفَل ُك ْم أ ْ‬ ‫آء َف ُ‬
‫َّللاَ َي ْجتَبي من ُّرُسله َمن َي َش ُ‬
‫َّ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫طلِ َع ُك ْم َعَلى اْل َغ ْي ِب} [اآلية‪.]179 :‬‬
‫َّللاُ لُِي ْ‬
‫ان َّ‬
‫{و َما َك َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قيل فى هذه اآلية‪ :‬ما كان هللا ليطلعكم على الغيب وأنتم تالحظون أشباحكم وأفعالكم وأحوالكم‪ ،‬فإنما يطلع على‬
‫الغيب من كان أمين السر والعالنية موثوق الظاهر والباطن‪ ،‬فيفتح له من طريق الغيب بقدر أمانته ووثاقته أال تراه‬
‫ض ٰى ِمن َّرس ٍ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫يقول‪َ { :‬عالِ ُم اْل َغ ْي ِب َفالَ ُي ْ‬
‫ول } [الجن‪.]27-26 :‬‬ ‫ُ‬ ‫َحداً ِإال َم ِن ْارتَ َ‬
‫ظ ِه ُر َعَل ٰى َغ ْيِبه أ َ‬

‫وهو الفانى عن أوصافه المتصف بأوصاف الحق‪.‬‬

‫آء}‪.‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫{وَل ِك َّن َّ‬


‫َّللاَ َي ْجتَبي من ُّرُسله َمن َي َش ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫أى فيطلعه على الغيب‪ ،‬أال ترى النبى صلى هللا عليه وسلم كيف حكم على الغيب بقوله‪ " :‬عشرة من قريش فى الجنة‬

‫‪".‬‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 186‬الى اآلية ‪)186‬‬

‫صِب ُروْا َوتَتَُّقوْا‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َلتُبَلو َّن ِفي أَموالِ ُكم وأ َْنُف ِس ُكم وَلتَسمع َّن ِمن َّال ِذين أُوتُوْا اْل ِكتَ ِ ِ‬
‫َش َرُكوْا أَ ًذى َكثي اًر َوإِن تَ ْ‬ ‫اب من َقْبل ُك ْم َو ِم َن الذ َ‬
‫ين أ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ْ َُ َ‬ ‫َْ ْ َ‬ ‫ُْ‬
‫ور‬‫َفِإ َّن ٰذلِ َك ِم ْن َع ْزِم األ ُُم ِ‬

‫قوله تعالى‪َ{ :‬لتُْبَل ُو َّن ِفي أ َْم َوالِ ُك ْم َوأ َْنُف ِس ُك ْم} [اآلية‪.]186 :‬‬

‫قال ابن يزدانيار‪ :‬لتبلون فى أموالكم بجمعها ومنعها‪ ،‬والتقصير فى حقوق هللا تعالى فيها‪ ،‬وأنفسكم باتباع شهواتها‬
‫وترك رياضاتها ومالزمتها أسباب الدنيا وخلوها عن النظر فى أمور المعاد‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقيل‪َ{ :‬لتُْبَل ُو َّن ِفي أ َْم َو ِال ُك ْم} بحبها ومنع حقوقها‪ ،‬وأنفسكم برؤية أعمالها واالعتماد عليها‪.‬‬

‫وعطاء‪.‬‬
‫ً‬ ‫وقيل‪ :‬لتبلون فى أموالكم باالشتغال بها أخ ًذا‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 187‬الى اآلية ‪)187‬‬

‫اشتَ َرْوْا ِب ِه ثَ َمناً َقلِيالً َفِب ْئ َس َما‬


‫ورِه ْم َو ْ‬
‫ظ ُه ِ‬
‫آء ُ‬
‫ون ُه َفَنَب ُذوهُ َوَر َ‬
‫اب َلتَُبِيُنَّن ُه لِ َّلن ِ‬
‫اس َوالَ تَ ْكتُ ُم َ‬ ‫ِ‬
‫ين أُوتُوْا اْلكتَ َ‬
‫َّللا ِميثَ َّ ِ‬
‫اق الذ َ‬
‫َ‬ ‫َخ َذ َّ ُ‬
‫َوإِ ْذ أ َ‬
‫َي ْشتَ ُرو َن‬

‫اب َلتَُبِيُنَّن ُه لِ َّلن ِ‬


‫اس} [اآلية‪.]187 :‬‬ ‫ِ‬ ‫َّللا ِميثَ َّ ِ‬
‫ين أُوتُوْا اْلكتَ َ‬
‫اق الذ َ‬
‫َ‬ ‫َخ َذ َّ ُ‬
‫{وِإ ْذ أ َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قيل‪ :‬أخذ هللا تعالى المواثيق على األولياء أن ال يخفوا أللباب هللا تعالى عندهم من ال يفتتن بذلك وال يتخذه دعوى‪،‬‬
‫وأن ُيعلِموا من قصدهم من المريدين الطريق إلى الحق‪.‬‬

‫اشتَ َرْوْا ِب ِه ثَ َمناً َقلِيالً}‪.‬‬


‫{و ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قيل َّادعوا ذلك ألنفسهم ليفتنوا به الخلق‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 190‬الى اآلية ‪)190‬‬

‫النه ِار آلي ٍ‬


‫ات ألُولِي األَْلب ِ‬ ‫ض و ْ ِ ِ َّ ِ‬‫ِ‬ ‫ِإ َّن ِفي خْل ِق َّ ِ‬
‫اب‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫اختالَف اليل َو َّ َ‬ ‫الس َٰم َٰوت َواأل َْر َ‬ ‫َ‬
‫قال الواسطى‪ :‬فى هذه اآلية أثبت للعامة المخلوق فأثبتوا به الخالق فقال‪{ :‬آلي ٍ‬
‫ات ألُولِي األَْلب ِ‬
‫اب}‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬

‫قال ألهل الحقائق‪ ،‬وقال للخواص "ألم تر إلى ربك‪".‬‬

‫قال الجنيد رحمه هللا‪ :‬كل من أثبته بعلة فقد أثبت غيره‪ ،‬ألن العلة ال تصحب إال معلوالً ألجل الحق عن ذلك‪.‬‬

‫قال الواسطى فى هذه اآلية‪ :‬هو فرق بين معرفة العامة ومعرفة الموحدين‪ ،‬ألن العامة اعتقدته بما يليق به‪ ،‬وكل ح ٍ‬
‫ال‬
‫أثبته العموم جحدته الخصوص فهو عند الخاص منزه عن كل ما وصفه به العام ألن العام أثبتوه من حيث العبودية‬
‫والخاص أثبتوه من حيث الربوبية‪.‬‬

‫ِ‬
‫ات واأل َْر ِ‬
‫ض}‪ :‬إن الخواص لم ينظروا إلى الكون والحوادث إال‬ ‫قال بعضهم فى قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن ِفي َخْل ِق َّ‬
‫الس َم َاو َ‬
‫بمشاهدة اآليات‪ ،‬وما شاهدوا اآليات إال بمشاهدة الحق فيها‪ ،‬ومن شاهد الحق لم يمازج سريرته طعم الحدث‪ ،‬و َّأنى‬
‫بالحدث لمن الحدث عنده غير حدث‪.‬‬

‫قال النصرآباذى‪ :‬من لم يكن من أولى األلباب لم يكن له فى النظر إلى السماوات واألرض اعتبار‪ ،‬وأولوا األلباب هم‬
‫الناظرون إلى الخلق بعين الحق‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 191‬الى اآلية ‪)191‬‬

‫ض ربَّنآ ما خَلْقت هذا ب ِ‬ ‫َّللا ِقياماً وُقعوداً وعَلى جنوبِ ِهم ويتََف َّكرون ِفي خْل ِق َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫اطالً ُس ْب َح َان َك‬ ‫الس َٰم َٰوت َواأل َْر ِ َ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ين َي ْذ ُك ُرو َن َّ َ َ َ ُ َ َ ٰ ُ ُ ْ َ َ ُ َ‬ ‫الذ َ‬
‫الن ِار‬
‫اب َّ‬ ‫ِ‬
‫َفقَنا َع َذ َ‬

‫َّللاَ ِقَياماً َوُق ُعوداً َو َعَل ٰى ُجُنوبِ ِه ْم} [اآلية‪.]191 :‬‬


‫ين َي ْذ ُك ُرو َن َّ‬ ‫َّ ِ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬الذ َ‬

‫قعودا بقعودهم عن المخالفات‪ ،‬وعلى‬


‫قياما بشرط قيامهم لوفاء الذكر‪ ،‬ويذكرونه ً‬
‫قال أبو العباس بن عطاء‪ :‬يذكرونه ً‬
‫جنوبهم على كل جهة يجنبهم عليها أى يحملهم‪.‬‬

‫وسئل بعضهم هل فى الجنة ذكر؟‬


‫ُ‬

‫قال‪ :‬الذكر طرد الغفلة فإذا ارتفعت الغفلة فال معنى لذكره وأنشد‪:‬‬

‫كأنى بعي ُـد وكأنـك غائب‬ ‫أبيـا‬


‫كفـَى ُحزًنـا أنى أناديك ً‬

‫اغب‬ ‫وأطلب ِمنك الفضل من غير ر ٍ‬


‫فيك ر ُ‬
‫اهدا َ‬
‫ولم َأر مثلى َز ً‬ ‫غبة‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬

‫الزَلف‪.‬‬
‫وقعودا فى إقامة الخدمة‪ ،‬وعلى جنوبهم فى رؤية ُ‬
‫ً‬ ‫قال جعفر‪ :‬يذكرون هللا تعالى ً‬
‫قياما فى مشاهدات الربوبية‪،‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬كل ٍ‬


‫ذاكر على قدر مطالعة قلبه بذكر‪ ،‬فمن طالع ملك الجالل ذكره بذلك‪ ،‬ومن طالع ملك رحمته ذكره‬
‫بذلك‪ ،‬ومن طالع ملك معرفته ذكره على ذلك‪ ،‬ومن طالع ملك سخطه وغضبه كان ذكره أهيب‪ ،‬ومن طالع المذكور‬
‫أُغلق عليه باب الذكر‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقعودا بقيوميته { أََفم ْن ُهو َق ِآئم َعَل ٰى ُك ِل َنْف ٍ‬
‫س ِب َما َك َسَب ْت } [الرعد‪.]33 :‬‬ ‫َ َ ٌ‬ ‫ً‬ ‫قال النصرآباذى‪ :‬الذين يذكرون هللا ً‬
‫قياما‬
‫َّللاِ } [الزمر‪.]56 :‬‬
‫نب َّ‬‫ط ُت ِفي ج ِ‬
‫َ‬ ‫ٰح ْس َرتَا َعَل ٰى َما َفَّر َ‬
‫وقعودا بمجالسة "أنا جليس من ذكرنى"‪ .‬وعلى جنوبهم إشارة { ي َ‬
‫ً‬

‫قعودا عن زواجره ونواهيه‪ ،‬وعلى‬ ‫َّللاَ ِقَياماً}‪ :‬يذكرونه قائمين باتباع أمر هللا‪،‬‬
‫ين َي ْذ ُك ُرو َن َّ‬ ‫َّ ِ‬
‫وقعودا أى ً‬
‫ً‬ ‫قال بعضهم‪{ :‬الذ َ‬
‫جنوبهم أى وعلى اجتنابهم مطالعات المخالفات ٍ‬
‫بحال‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬األصل فى الذكر أنه ذكرك إما بالتوحيد أو باإللحاد‪ ،‬وذكرك للعطية أو للمحبة فما أظهر عليك من نعمته‬
‫ميسر لما ُخلق له‬
‫كل ٌ‬ ‫ظهر عليك من ذكره قال النبى صلى هللا عليه وسلم‪ٌّ " :‬‬

‫‪".‬‬

‫أحد إال من غفلة‪.‬‬


‫قال سهل‪ :‬ما ذكره ٌ‬

‫قال فارس‪ :‬الذكر طرد الغفلة وليس للمذكور من الذكر إال حظ الذاكر منه‪ ،‬وكل من ذكر فبنفسه بدأ ألن ثمرته عائدة‬
‫عليه والحق وراء ذلك‪.‬‬

‫قال ذو النون‪ :‬إنما حسن ذكرك له ألنه تبع ذكره لك‪ ،‬ولوال ذاك لكان كسائر أفعالك‪.‬‬

‫قال القناد‪ :‬الذكر غذاء األرواح كما أن الطعام غذاء األشباح‪.‬‬

‫قال الشبلى رحمة هللا تعالى عليه‪ :‬ذكر الغفلة يكون جوابه اللغز‪ .‬وأنشد‪:‬‬

‫وذكرى وفكـرى عند ذكراكا‬ ‫َما إن ذكرتك إال هـم يلعننى سرِى‬

‫إياك ويحـك والتذكـار إياكا‬ ‫حتى كـأن رقيبـًا منك يهتف بى‬

‫ِ‬
‫ات واأل َْر ِ‬
‫ض }‪.‬‬ ‫{وَيتََف َّك ُرو َن ِفي َخْل ِق َّ‬
‫الس َم َاو َ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬قدم الذكر على التفكر‪ ،‬ليتم شكر النعمة على حسب استحقاق المزيد من واجب الشكر ألن الفكر يبرئ‬
‫الكل منك‪ ،‬وال ينصرف إال بحق‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬فكرة العامة فى العواقب‪ ،‬وفكرة الخاصة فى السوابق‪ ،‬وفكرة األوساط فى الطوارق وهذا يدخل فى مثالت‬
‫طَف ْيَنا ِم ْن ِعَب ِادَنا } [فاطر‪.]32 :‬‬
‫اص َ‬
‫ين ْ‬
‫تفسير قوله تعالى‪ { :‬ثُ َّم أَورْثنا اْل ِكتَ َّ ِ‬
‫اب الذ َ‬
‫َ‬ ‫َْ َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬الفكرة بالمالحظة والبصيرة والنجيزة‪ ،‬فخلوص النجايز أورثت مطالعات المعارف وسالمة البصائر أورثت‬
‫الضياء فى الضمائر ومالحظة الكريم أوجبت البر والنعيم‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬التفكر يتولد على قدر اليقين وال يخلو القلب من فكرتين‪ :‬فكرة فى اآلخرة وفكرة فى الدنيا‪ ،‬ومن صحة‬
‫التفكر أن يكون حشوه اليقين والرجوع إلى الحق‪ ،‬ومن فساد التفكر أن يجلب عليك الكدورات والشبهات‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬التفكر أن تتفكر فى تنبهك وغفلتك وطاعتك ومعصيتك‪ ،‬فإذا تفكرت فيه َخَلص لك أفعالك‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬هو رؤية هللا تعالى قبل التفكر فى األشياء‪ ،‬وواسطة التفكر أن ترى األشياء قائمة باهلل تعالى‪ ،‬وفساد‬
‫التفكر أن ترى األشياء فتستدل بها على هللا تعالى‪.‬‬

‫قال ذو النون‪ :‬من وفقه هللا تعالى للتفكر ُفتح عليه المنه َّ‬
‫وغرقه فى بحار النعمة وأوصله إلى محبة المولى‪.‬‬

‫سمعت محمد بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت يوسف بن الحسين يقول‪ :‬سمعت ذا النون يقول‪َ :‬خْلق هللا تعالى على الفطرة‬
‫وأطلق لهم الفكرة‪ ،‬فبالفطرة عرفوه وبالفكرة عبدوه‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬ذلك بالتفكر فى صفات الحق ال فى المحدثات ولو دلك على المحدثات لقال فى حق السماوات واألرض‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال النصرآباذى رحمة هللا عليه‪ :‬أوائل التفكر بالتمييز‪ ،‬وانتهاؤه عنده سقوط التمييز بالتمييز وانتهاؤه‪.‬‬

‫الن ِار} [اآلية‪.]191 :‬‬


‫اب َّ‬ ‫ِ‬
‫{س ْب َح َان َك َفقَنا َع َذ َ‬
‫قوله تعالى‪ُ :‬‬

‫أبدا غيره‪.‬‬
‫أبدا غيره وعظمنى يا من ال يعظمنى ً‬
‫كأنه يقول‪ :‬نزهنى يا من ال ينزهنى ً‬

‫قال النصرآباذى‪ :‬سبحانك إنى نزهت نفسك بنفسك فى نفسك‪ ،‬بمعناك فى معناك‪ ،‬بما الق منك بك لك‪.‬‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 188‬الى اآلية ‪)188‬‬

‫اب وَلهم ع َذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬


‫يم‬ ‫ين َيْف َر ُحو َن ِب َمآ أَتَ ْوْا َّوُيحبُّو َن أَن ُي ْح َم ُدوْا ِب َما َل ْم َيْف َعُلوْا َفالَ تَ ْح َسَبَّن ُه ْم ِب َمَف َازٍة م َن اْل َع َذ ِ َ ُ ْ َ ٌ‬
‫اب أَل ٌ‬ ‫الَ تَ ْح َسَب َّن الذ َ‬

‫{وي ِحبُّو َن أَن ي ْحم ُدوْا ِبما َلم يْفعُلوْا َفالَ تَ ْحسبَّنهم ِبمَف َازٍة ِم َن اْلع َذ ِ‬
‫اب} [اآلية‪.]188 :‬‬ ‫َ‬ ‫ََ ُْ َ‬ ‫َ ْ ََ‬ ‫ُ َ‬ ‫قوله تعالى‪ُ َّ :‬‬

‫قال حاتم األصم رحمة هللا تعالى عليه‪ :‬حذر هللا تعالى بهذه اآلية سلوك طريق المرائين والمتقربين والمتزهدين‬
‫والمتوسمين بسيما الصالحين وهم من ذلك خوالى‪ ،‬قال هللا تعالى‪َ { :‬فالَ تَ ْحسبَّنهم ِبمَف َازٍة ِم َن اْلع َذ ِ‬
‫اب} إن ذلك الظاهر‬ ‫َ‬ ‫ََ ُْ َ‬
‫ينجيهم من العذاب كال بل لهم عذاب أليم‪ ،‬وهو أن يحجبهم عن رؤيته ويمنعهم لذيذ مخاطبته‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 193‬الى اآلية ‪)193‬‬

‫اغِف ْر َلَنا ُذُنوَبَنا َوَكِف ْر َعَّنا َسِيَئ ِاتَنا َوَت َوَّفَنا َم َع األ َْب َر ِار‬
‫آمَّنا َربََّنا َف ْ‬ ‫ان أَن ِ‬
‫آمُنوْا ِب َرب ُ‬ ‫يم ِ ْ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِك ْم َف َ‬ ‫َّربََّنآ إَّنَنآ َسم ْعَنا ُمَنادياً ُيَنادي لإل َ‬

‫آمَّنا} [اآلية‪.]193 :‬‬ ‫ان أَن ِ‬


‫آمُنوْا ِب َرب ُ‬ ‫يم ِ ْ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ َّ :‬‬
‫ِك ْم َف َ‬ ‫{ربََّنآ إَّنَنآ َسم ْعَنا ُمَنادياً ُيَنادي لإل َ‬

‫اإليمان أنوار الحق إذا اشتملت على السريرة‪ ،‬وهو أن يغيب العبد تحت أنواره ويبدو له بحر االختراق‪،‬‬
‫ُ‬ ‫قال القاسم‪:‬‬
‫فيغيبه عن وساوس االفتراق فيكون مصحوب الحق فى أوقاته ال يشعر بتسخيره وال يعلم بحجابه‪ ،‬وإنما تحجب الكل‬
‫بالكل وحجب ُكالً بكليته وقمع كال بحده‪ ،‬لئال يستوى علم ٍ‬
‫أحد مع علمه‪ ،‬وهذا هو صريح اإليمان‪.‬‬

‫قال أبو بكر الوراق‪ :‬للمؤمن أربع عالمات‪ :‬كالمه ذكر‪ ،‬وصمته تفكر‪ ،‬ونظره عبره‪ ،‬وعمله ِبر‪.‬‬

‫آمَّنا}‬ ‫ان أَن ِ‬


‫آمُنوْا ِب َرب ُ‬ ‫يم ِ ْ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قال ابن عطاء‪ :‬المؤمن واقف مع نفسه‪ ،‬أال تراه يقول‪ِ َّ :‬‬
‫ِك ْم َف َ‬ ‫{ربََّنآ إَّنَنآ َسم ْعَنا ُمَنادياً ُيَنادي لإل َ‬
‫كيف أثبت أفعال نفسه ورجوعه إلى اإليمان ولم يعلم أنه مقدور ومدبرها ما هو فيه‪.‬‬

‫قوله عز وجل‪{ :‬ربَّنآ ما خَلْقت هذا ب ِ‬


‫اطالً}‪.‬‬ ‫ََ َ َ َ َ َ‬

‫قال فارس رحمه هللا‪ :‬الحكمة فى إظهار الكون إظهار حقائق حكمته بالفعل الحكيمى‪.‬‬

‫وقال غيره‪ :‬الحكمة فى إظهار الكون ارتفاع العلة فإذا ارتفعت العلة ظهرت الحكمة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫{ربََّنآ َما َخَلْق َت َهذا‬
‫وقال إبراهيم الخواص‪ :‬أمرهم بالتفكر فى خلق السماوات واألرض ثم قطعهم عن ذلك بقوله‪َ :‬‬
‫ب ِ‬
‫اطالً} دلهم عليها ثم حثهم على الرجوع إليه؛ لئال يقفوا معها فينقطعون عن مشاهدته واإلقبال عليه‪.‬‬ ‫َ‬

‫{وتََوَّفَنا َم َع األ َْب َر ِار}‪.‬‬


‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال‪ :‬مع من رضيت ظاهرهم للخلق وباطنهم للحق عز وجل‪.‬‬

‫وقال أبو عثمان رحمه هللا‪ :‬األبرار هم الذين أسقطوا عن أنفسهم أشغال الدنيا واشتغلوا بما يقربهم إلى موالهم‪.‬‬

‫وقال‪ :‬األبرار هم القائمون هلل تعالى على حد التفريد والتوحيد والتجريد‪.‬‬

‫وقال سهل‪ :‬هم المتمسكون بالسنة‪.‬‬

‫وقال‪ :‬األبرار‪ :‬الناظرون إلى الخلق بعين الحق‪.‬‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 194‬الى اآلية ‪)194‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ربَّنا و ِآتنا ما وعدتَّنا عَلى رسلِك والَ تخ ِزنا يوم اْلِقي ِ‬
‫يع َاد‬ ‫امة ِإَّن َك الَ تُ ْخل ُ‬
‫ف اْلم َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ َ َ ٰ ُ ُ َ َ ُ ْ َ َْ َ َ َ‬

‫ام ِة} [اآلية‪.]194 :‬‬ ‫ِ‬


‫{والَ تُ ْخ ِزَنا َي ْوَم اْلقَي َ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يع َاد} بقولك " سبقت رحمتى غضبى‬ ‫ال تخزنا بأعمالنا علينا بفضلك ورحمتك {ِإَّن َك الَ تُ ْخل ُ‬
‫ف اْلم َ‬

‫‪".‬‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 195‬الى اآلية ‪)195‬‬

‫ُخ ِر ُجوْا ِمن‬ ‫ام ٍل ِمن ُكم ِمن َذ َك ٍر أَو أُنثَى بعض ُكم ِمن بع ٍ َّ ِ‬ ‫ُضيع عمل ع ِ‬ ‫ِ‬ ‫َفاستَجاب َلهم رب ِ‬
‫اج ُروْا َوأ ْ‬
‫ض َفالذي َن َه َ‬ ‫َْ‬ ‫ْ ْ ٰ َْ ُ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ُّه ْم أَني الَ أ ُ َ َ َ َ‬ ‫ْ َ َ ُْ َ ُ‬
‫َّللاِ‬
‫ُكِف َرَّن َع ْن ُه ْم َسِيَئ ِات ِه ْم َوأل ُْد ِخَلَّن ُه ْم َجَّنـٰ ٍت تَ ْجرِي ِمن تَ ْحِت َها األ َْن َهـ ُٰر ثََواباً ِمن ِع ِند َّ‬
‫ِدَيـ ِٰرِه ْم َوأُوُذوْا ِفي َسِبيلِي َوَقـَٰتُلوْا َوُقِتُلوْا أل َ‬
‫َّللا ِع َنده حس ُن الثَّو ِ‬
‫اب‬ ‫َ‬ ‫َو َّ ُ ُ ُ ْ‬

‫ُخ ِر ُجوْا ِمن ِدَي ِارِه ْم} [اآلية‪.]195 :‬‬


‫اج ُروْا َوأ ْ‬
‫ين َه َ‬
‫َّ ِ‬
‫قوله عز وجل‪َ { :‬فالذ َ‬

‫تركوا الشرور وفارقوا قرناء السوء‪.‬‬

‫{وأُوُذوْا ِفي َسِبيلِي}‪.‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قيل‪ :‬إن هللا تعالى خير القوم بصحبة الفقراء ومجالستهم و َّ‬
‫التزين لربهم ألن الفقراء هم طريق الحق‪ ،‬أال ترى المصطفى‬
‫صلى هللا عليه وسلم لما جلس معهم كيف قال‪ " :‬المحيا محياكم والممات مماتكم‬

‫‪".‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 196‬الى اآلية ‪)196‬‬

‫ين َكَف ُروْا ِفي اْلِبالَِد‬ ‫ُّ َّ ِ‬


‫الَ َي ُغَّرَّن َك تََقل ُب الذ َ‬

‫الجهال عليها واالغترار بما فيها والتكبر بنعيمها‪ ،‬فإنها زادهم إلى‬
‫قال يوسف رحمه هللا‪ :‬ال تفتننكم الدنيا بوقوع َّ‬
‫النار‪.‬‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 198‬الى اآلية ‪)198‬‬

‫َّللاِ َخ ْيٌر لِأل َْب َر ِار‬


‫َّللاِ َو َما ِع َند َّ‬
‫يها ُن ُزالً ِم ْن ِع ِند َّ‬ ‫ات تَجرِي ِمن تَحِتها األ َْنهار َخالِ ِد ِ‬
‫ين ف َ‬
‫َ‬ ‫َُ‬ ‫ْ َ‬ ‫ين اتََّق ْوْا َرب ُ‬
‫َّه ْم َل ُه ْم َجَّن ٌ ْ‬
‫ِ َّ ِ‬
‫َلك ِن الذ َ‬

‫َّللاِ َخ ْيٌر لِأل َْب َر ِار} [اآلية‪.]198 :‬‬


‫{و َما ِع َند َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫صاِب ُروْا َوَارِب ُ‬


‫طوْا} [اآلية‪:‬‬ ‫ين آمُنوْا ِ‬ ‫قيل‪ :‬ما عنده لهم خير مما يطلبونه بأفعالهم قوله عز وجل‪{ :‬يا أَي َّ ِ‬
‫اصب ُروْا َو َ‬
‫ْ‬ ‫ُّها الذ َ َ‬
‫َ َ‬
‫‪.]200‬‬

‫اصِب ُروْا‬ ‫وشرفه وعظم شأن الصابرين عليه لديه‪ ،‬فقال‪{ :‬يا أَي َّ ِ‬
‫آمُنوْا ْ‬
‫ين َ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ َ‬ ‫قال الجنيد‪ :‬إن هللا تعالى ذكر الصبر َّ‬
‫سرا‪ ،‬والوقوف مع هللا تعالى‬ ‫{وَارِب ُ‬
‫طوْا} وهو ارتباط السر مع هللا تعالى ً‬ ‫و ِ‬
‫صاب ُروْا} وأمرهم بالصبر على الصبر ثم قال‪َ :‬‬ ‫َ َ‬
‫جه اًر‪.‬‬

‫قال النبى صلى هللا عليه وسلم‪ " :‬إنما الصبر عند الصدمة األولى‬

‫‪".‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫{اصِب ُروْا} قال‪ :‬الصبر‪ :‬التهدف بسهام البالء‪.‬‬
‫قال الحارث رحمه هللا‪ :‬فى قوله تعالى‪ْ :‬‬

‫قال الجريري رحمه هللا‪ :‬الصبر إسبال البلوى قبل وقوع البلوى‪ ،‬فإذا صادف البلوى تلقاه بالمولى فلم يجزع‪.‬‬

‫قال الجنيد رحمه هللا‪ :‬الصبر حبس النفس مع هللا تعالى بنفى الجزع عما سواه‪.‬‬

‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬اليقين سيف النفس‪ ،‬والصبر من سر هللا تعالى فى أرضه‪ ،‬وإن الشيطان ليتعوذ من‬
‫الصابرين كما يتعوذ المؤمن من الشيطان‪.‬‬

‫جعفر الخلدى رحمه هللا يقول‪ :‬خير الدنيا واآلخرة في صبر ساعة‪.‬‬
‫ًا‬ ‫قال‪ :‬وسمعت أبا العباس البغدادي يقول‪ :‬سمعت‬

‫قال ذو النون رحمه هللا‪ :‬عالمة الصبر خمسة‪:‬‬

‫‪-‬التباعد عن الخلطاء فى الشدة والسكون إليهم‪.‬‬

‫تجرع غصص البلية‪.‬‬


‫‪-‬مع ُّ‬

‫‪-‬وإظهار الغنى مع كثرة العيال‪.‬‬

‫‪-‬وجفاء الخلق مع هجرانهم له‪.‬‬

‫‪-‬وقول الحق مع احتمال الضرر فى المال والبدن‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال بعضهم‪ :‬اصبروا تحت حكمى‪ ،‬وصابروا فى الجهاد مع أعدائى‪ ،‬ورابطوا قلوبكم بموافقتى ورضائى‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬اصبروا قال‪ :‬الصبر يوجب الرضا والرضا يوجب الحياء والحياء يوجب الغنى‪.‬‬

‫قال جعفر الصادق رحمه هللا‪ :‬اصبروا عن المعاصى‪ ،‬وصابروا على الطاعات‪ ،‬ورابطوا األرواح بالمشاهدة‪ ،‬واتقوا هللا‬
‫بحسن االنبساط مع الحق عز وجل‪ ،‬لعلكم تفلحون‪ :‬تبلغون مواقف أهل الصدق فإنه محل الفالح‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬اصبروا بجوارحكم على الطاعات وصابروا مع هللا‪ ،‬ورابطوا أسراركم بالحقائق لعلكم تجردون من‬
‫همومكم وخطراتكم‪.‬‬

‫قال الجنيد رحمه هللا‪ :‬الصبر حبس النفس على المكروه‪.‬‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 180‬الى اآلية ‪)180‬‬

‫طَّوُقون ما ب ِخُلوْا ِب ِه يوم اْلِقيام ِة وََّّللِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّللا ِمن َف ِ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫َْ َ َ َ َ‬ ‫ضله ُه َو َخ ْي اًر ل ُه ْم َب ْل ُه َو َشٌّر ل ُه ْم َسُي َ َ َ َ‬‫ْ‬ ‫اه ُم َّ ُ‬ ‫ين َي ْب َخُلو َن ِب َمآ آتَ ُ‬
‫َوالَ َي ْح َسَب َّن الذ َ‬
‫َّللاُ ِب َما تَ ْع َمُلو َن َخِب ٌير‬ ‫الس ٰم ٰو ِت واأل َْر ِ‬
‫ض َو َّ‬ ‫ِم َير ُ‬
‫اث َّ َ َ َ‬

‫ضلِ ِه} [اآلية‪.]180 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬والَ يحسب َّن َّال ِذين يبخُلو َن ِبمآ آتَاهم َّ ِ‬
‫َّللاُ من َف ْ‬ ‫ُُ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫َ َ ْ ََ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ‬
‫الحض على السخاء واجتناب البخل‪ ،‬وهو بذل المال والنفس والسر والروح والكل‪،‬‬ ‫قال ابن عطاء‪ :‬السلوك فى طريق‬
‫فمن بخل بشىء فى طريق الحق حجب به وبقى معه‪ ،‬ومن نظر فى طريق الحق إلى الغير ُحرم فوائد الحق وسواطع‬
‫ولى هللا إال على السخاء‬ ‫أنوار القرب كما ُروى عن النبى صلى هللا عليه وسلم " ما ُ‬
‫جب َل ُّ‬

‫‪".‬‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 160‬الى اآلية ‪)160‬‬

‫َّللاِ َفْلَيتََوَّك ِل اْل ُم ْؤ ِمُنو َن‬


‫نص ُرُكم ِم ْن َب ْع ِدِه َو َعَلى َّ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫َّللاُ َفالَ َغال َب َل ُك ْم َوإِن َي ْخ ُذْل ُك ْم َف َمن َذا الذي َي ُ‬
‫نص ْرُك ُم َّ‬ ‫ِ‬
‫إن َي ُ‬

‫قال بعضهم‪ :‬إنما يدرك نصر هللا تعالى من تب أر من حوله وقوته‪ ،‬واعتصم بربه فى جميع أسبابه ال من اعتمد على‬
‫حوله وقوته و أرى األشياء منه فإنه مردود إلى حوله وقوته وعمله‪.‬‬

‫سورة آل عمران (من اآلية ‪ 103‬الى اآلية ‪)103‬‬

‫صَب ْحتُ ْم ِبِن ْع َمِت ِه ِإ ْخَواناً‬


‫ِك ْم َفأَ ْ‬
‫ف َب ْي َن ُقُلوب ُ‬ ‫َّللاِ عَلي ُكم ِإ ْذ ُك ْنتُم أَعد َّ‬
‫آء َفأَل َ‬‫ْ َْ ً‬
‫ِ‬ ‫ِبحب ِل َّ ِ ِ‬
‫َّللا َجميعاً َوالَ تََفَّرُقوْا َوا ْذ ُك ُروْا ن ْع َم َت َّ َ ْ ْ‬ ‫َْ‬
‫واعتَ ِ‬
‫ص ُموْا‬ ‫َ ْ‬
‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٰ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َشَفا ُحْف َرٍة م َن َّ‬
‫الن ِار َفأَنَق َذ ُك ْم م ْن َها َكذل َك ُيَبِي ُن َّ‬
‫َّللاُ َل ُك ْم َآياته َل َعل ُك ْم تَ ْهتَُدو َن‬ ‫َوُك ْنتُ ْم َعَل ٰى‬

‫َّللاِ َج ِميعاً َوالَ تََفَّرُقوْا} [اآلية‪.]103 :‬‬ ‫قوله عز وعال‪{ :‬واعتَ ِ‬


‫ص ُموْا ِب َحْب ِل َّ‬ ‫َ ْ‬

‫قال أبو يزيد‪ :‬ما لم تفقد نفسك وال تعتصم بخالقك ال ُيستجاب لك ومتى كنت وسط األمور والمخلوق ال يهتدى إلى‬
‫معتصما به‪.‬‬
‫ً‬ ‫الخالق‪ ،‬فإذا طرحت عنك كنت‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقيل‪ :‬االعتصام إليه هو ميل القلب بالوفاء وأداء الفرائض بغير تقصير‪.‬‬

‫وحبله عهده وكتابه فمن اعتصم به‬


‫ُ‬ ‫قال ابن عطاء‪ :‬حبل هللاِ متصل بعبده يتوقع منه المزيد والفوائد فى كل وقت‪،‬‬
‫وصل‪.‬‬

‫َّللاِ} معناه قالت المتصوفة‪:‬‬ ‫سئل الجنيد رحمة هللا عليه عن قوله‪{ :‬واعتَ ِ‬
‫ص ُموْا ِب َحْب ِل َّ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬

‫َّللاِ} معناه‪ :‬اعتصموا باهلل عن االعتصام بحبل هللا‪.‬‬ ‫هو خصوص وعموم أما قوله‪{ :‬واعتَ ِ‬
‫ص ُموْا ِب َحْب ِل َّ‬ ‫َ ْ‬

‫وقال أبو عثمان‪ :‬االعتصام باهلل واالمتناع به من الغفلة والكفر والشرك والمعاصى والبدع والضالالت وسائر‬
‫المخالفات‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬اعتصموا بحبل هللا‪ :‬اجتمعوا على موافقة الرسول صلى هللا عليه وسلم فإنه الحبل األوثق‪،‬‬

‫وسر وعالنية‪.‬‬
‫وباطنا ًا‬
‫ً‬ ‫ظاهر‬
‫ًا‬ ‫وال تفرقوا عنه‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬اعتصموا بحبل هللا ومن يعتصم باهلل فقد هدى خطاب الخاص وخطاب العام‪ُ { :‬ق ْل‬
‫َّللاِ َوب َِر ْح َمِت ِه َفِب َذلِ َك َفْلَيْف َر ُحوْا } [يونس‪.]58 :‬‬
‫ض ِل َّ‬
‫ِبَف ْ‬

‫ِك ْم}‪.‬‬
‫ف َب ْي َن ُقُلوب ُ‬ ‫قوله عز وجل‪ِ{ :‬إ ْذ ُك ْنتُم أَعد َّ‬
‫آء َفأَل َ‬
‫ْ َْ ً‬

‫قيل‪ :‬كنتم أعداء بمالزمة حظوظ أنفسكم فألف بين قلوبكم فأزال عنكم حظوظ األنفس وردكم منها إلى حظ الحق فيكم‪.‬‬

‫ف َب ْي َن ُقُلوبِ ُك ْم} بعلمه‪.‬‬ ‫وقال بعضهم‪ :‬خص هللا األنبياء واألولياء والمؤمنين بخاصيته فأزال {ِإ ْذ ُك ْنتُم أَعد َّ‬
‫آء َفأَل َ‬
‫ْ َْ ً‬ ‫ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال‪ :‬عطاياه ال تحمل إال خطاياه فألف بين قلوب المرسلين بالرسالة‪ ،‬وقلوب األنبياء بالنبوة‪ ،‬وقلوب الصادقين‬
‫بالوالية‪ ،‬وقلوب الشهداء بالمشاهدة‪ ،‬وقلوب الصالحين بالخدمة‪ ،‬وقلوب عامة الخلق بالهداية‪ ،‬فجعل المرسلين رحمة‬
‫على األنبياء‪ ،‬واألنبياء رحمة على الصديقين‪ ،‬والصديقين رحمة على الشهداء‪ ،‬والشهداء رحمة على الصالحين‪،‬‬
‫والصالحين رحمة على عباده المؤمنين‪ ،‬والمؤمنين رحمة على الكافرين‪.‬‬

‫َصَب ْحتُ ْم ِبِن ْع َمِت ِه ِإ ْخ َواناً}‪.‬‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬فأ ْ‬

‫ظا‬
‫قال ابن عطاء فى هذه اآلية‪ :‬فأثر فيكم عنايتُ ُه وحسن نظره‪ ،‬فألف بين قلوبكم وأرواحكم‪ ،‬وجعل الحظين فيها ح ً‬
‫احدا‪.‬‬
‫و ً‬

‫الن ِار َفأَنَق َذ ُك ْم ِم ْن َها}‪.‬‬


‫{وُك ْنتُ ْم َعَل ٰى َشَفا ُحْف َرٍة ِم َن َّ‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫قيل‪ :‬برؤية النجاة بأعمالكم فأنقذكم منها برؤية الفضل‪.‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 1‬الى اآلية ‪)1‬‬

‫َّللاَ َّال ِذي‬


‫آء َواتَُّقوْا َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ ٍ ِ ٍ‬
‫َّك ُم الذي َخَلَق ُك ْم من نْفس َواح َدة َو َخَل َق م ْن َها َزْو َج َها َوَبث م ْن ُه َما رَجاالً َكثي اًر َون َس ً‬
‫الناس اتَُّقوْا رب ُ َّ ِ‬
‫َ‬ ‫ُّها َّ ُ‬‫ٰيأَي َ‬
‫ان َعَل ْي ُك ْم َرِقيباً‬ ‫آءُلو َن ِب ِه َواأل َْر َح َام ِإ َّن َّ‬
‫َّللاَ َك َ‬ ‫تَ َس َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫اس اتَُّقوْا َرب ُ‬
‫َّك ُم} [اآلية‪.]1 :‬‬ ‫ُّها َّ‬
‫الن ُ‬ ‫{ ٰيأَي َ‬

‫اس} يا بنى النسيان والجهل‪.‬‬ ‫ُّها َّ‬


‫الن ُ‬ ‫قال بعضهم‪ٰ { :‬يأَي َ‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬يا بنى األعمار واألعمال واآلمال‪ ،‬ال تذهبون فيما سبق وال تغيبون عما أنتم فيه‪.‬‬

‫اس} كونوا من الناس الذين آنسوا باهلل واستوحشوا ممن سواه‪.‬‬ ‫ُّها َّ‬
‫الن ُ‬ ‫وقال ابن عطاء رحمه هللا‪ٰ { :‬يأَي َ‬

‫اس} كونوا من الناس الذين هم الناس‪ ،‬وال تغفلوا عن هللا فمن عرف أنه من‬ ‫ُّها َّ‬
‫الن ُ‬ ‫وقال جعفر الصادق رحمه هللا‪ٰ { :‬يأَي َ‬
‫الناس الذين خص خلقه ما خص به‪ ،‬كبرت همته عن طلب المنازل‪ ،‬وسمت به الرفعة حتى يكون الحق عز وجل‬
‫نهايته كما قال تعالى‪:‬‬

‫وسمو همته فيما خص به من االختصاص من التعريف واإللهام‪.‬‬ ‫َن ِإَل ٰى َرب َ‬


‫ِك اْل ُمنتَ َه ٰى } [النجم‪ُ ]42 :‬‬ ‫{ َوأ َّ‬

‫النِب ُّي}‪ ،‬و‬


‫ُّها َّ‬ ‫اس} خطاب العام‪ ،‬و "يا عبادى" خطاب الخاص‪ ،‬وخطاب خاص الخاص َٰ‬
‫{يأَي َ‬ ‫ُّها َّ‬
‫الن ُ‬ ‫وقال بعضهم‪ٰ { :‬يأَي َ‬
‫ول}‪.‬‬
‫الرُس ُ‬
‫ُّها َّ‬
‫{يـٰأَي َ‬
‫َ‬

‫قوله تعالى‪{ :‬اتَُّقوْا َرب ُ‬


‫َّك ُم}‪.‬‬

‫روى الليث عن مجاهد عن أبى سعيد الخدرى رضى هللا عنه أن رجالً جاء إلى النبى صلى هللا عليه وسلم فقال له‪:‬‬
‫أوصنى قال‪ِ " :‬‬
‫اتق هللا فإنه جماع كل خير‬

‫‪".‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬أصل التقوى أنه وصفك وقابلك بما يليق بك‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال سمعت النصرآباذى رحمه هللا يقول‪ :‬التقوى نيل الحق‪ ،‬قال هللا عز وجل‪:‬‬

‫آؤ َها َوَلـ ِٰكن َيَناُل ُه التَّْق َو ٰى ِم ُ‬


‫نك ْم } [الحج‪.]37 :‬‬ ‫ِ‬
‫وم َها َوالَ د َم ُ‬
‫َّللاَ ُل ُح ُ‬
‫ال َّ‬
‫{ َلن َيَن َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬التقوى ترك المخالفات أجمع‪.‬‬

‫وقال سهل رحمه هللا‪ :‬من أراد التقوى فليترك الذنوب كلها وكل شىء يقع فيه خلل فيدخل عليه التقوى شاء أم أبى‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬التقوى ترك النهى والفواحش‪.‬‬


‫وقال ً‬

‫وقال بعضهم رحمه هللا‪ :‬التقوى االقتداء بالنبى صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬التقوى فى األمر ترك التسويف والتقوى فى النهى ترك الفكرة والقيام عليه‪ .‬والتقوى أداب مكارم‬
‫األخالق‪ ،‬والتقوى فى الترغيب أن ال يظهر ما فى سرك‪،‬‬

‫والتقوى فى الترهيب أن ال يقف على الجهل‪.‬‬

‫وقال بعضهم رحمه هللا‪ :‬التقوى من هللا االجتناب من كل شىء سوى هللا‪.‬‬

‫وقال الجريرى رحمه هللا‪ :‬من لم يحكم فيما بينه وبين هللا تعالى بالتقوى والمراقبة ال يصل إلى الكشف والمشاهدة‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬التقوى على أربعة أوجه‪ :‬للعامة تقوى الشرك‪ ،‬وللخاص تقوى المعاصى‪ ،‬وللخاص من‬
‫األولياء تقوى التوسل باألفعال‪ ،‬ولألنبياء تقواهم منه إليه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال أبو يزيد رحمه هللا‪ :‬كل التقوى من إذا قال هلل ولم يقل لغيره‪ ،‬وإذا نوى نوى هلل ولم يتب لغيره‪ ،‬هكذا فى جمعى ما‬
‫يبدو منه‪.‬‬

‫اح َد ٍة َو َخَل َق ِم ْن َها َزْو َج َها} اآلية‪.‬‬


‫سوِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬الذي َخَلَق ُك ْم من َّنْف َ‬

‫قيل‪ :‬من أوجد النفس األولى إال القدرة الجارية والمشيئة النافذة‪.‬‬

‫وذكر من أطرافه وأكنافه وأوله وآخره وبدؤه‬


‫نظما ًا‬
‫وقال عمرو بن عثمان‪ :‬إن هللا عز وجل خلق العالم فهيأه باتساقه ً‬
‫ومنتهاه من أسفله إلى أعاله‪ ،‬وجعله بحيث ال خلل فيه وال تفاوت وال فطور‪ ،‬أحكم بناءه باتصال التدبير وحبسه عن‬
‫حد تقديره وإن اختلفت أجزاءه فى التفرقة واألجسام والهيئات والتخطيط والتصوير‪ ،‬وفرقه بتفرقة‬

‫األماكن وحققه بائتالف المصالح‪ ،‬فهو مربوط بحدود تقديره وشائع بأفضال تدبيره وبث فيه األجناس بينهما من شواهد‬
‫الزينة‪ ،‬فأظهر القدرة بإيجاد آدم عليه السالم ثم بث أوالده فى البسط إلى تصاريف التدبير لهم والمشيئة‪.‬‬

‫اح َد ٍة َو َج َع َل ِم ْن َها َزْو َج َها} [األعراف‪.]189 :‬‬


‫سوِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫{ه َو الذي َخَلَق ُك ْم من َّنْف َ‬
‫قال هللا تعالى‪ُ :‬‬

‫اح َد ٍة} قال‪ :‬خلقهم بعلم سابق ودبرهم بالتركيب وألبسهم‬


‫سوِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫{خَلَق ُك ْم من َّنْف َ‬
‫قال الواسطى رحمه هللا فى قوله تعالى‪َ :‬‬
‫عرفهم فكانت أنفاسهم مدخرة عنده‪ ،‬حتى أبداها‪ ،‬فما أبداها هو ما أخفاها‪ ،‬وما أخفاها هو ما‬ ‫شواهد النعت‪ ،‬حتى َّ‬
‫أبداها‪.‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 5‬الى اآلية ‪)5‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وه ْم َوُقوُلوْا َل ُه ْم َق ْوالً َّم ْع ُروفاً‬ ‫َّللا َل ُكم ِق ٰيماً وارُزُق ِ‬ ‫َِّ‬
‫يها َوا ْك ُس ُ‬
‫وه ْم ف َ‬
‫آء أ َْم َواَل ُك ُم التي َج َع َل َّ ُ ْ َ َ ْ ُ‬
‫السَف َه َ‬
‫َوالَ تُ ْؤتُوْا ُّ‬

‫آء أ َْم َواَل ُك ُم} [اآلية‪.]5 :‬‬


‫السَف َه َ‬
‫{والَ تُ ْؤتُوْا ُّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قيل‪ :‬أوالدكم الذين يمنعونكم عن الصدقة‪.‬‬

‫قال سهل رحمه هللا‪ :‬أسفه السفهاء نفسك فإن زخرفتها بالعلم والخوف والورع‪ ،‬وإال حجزتك عن طريق نجاتك من‬
‫آء أ َْم َواَل ُك ُم َّالِتي َج َع َل َّ‬
‫َّللاُ َل ُك ْم ِقَياماً} أى‪ :‬جعلها لكم إن‬ ‫السَف َه َ‬
‫{والَ تُ ْؤتُوْا ُّ‬
‫الخروج عن الدنيا واآلخرة‪ ،‬قال هللا تعالى‪َ :‬‬
‫قطعتم فى سبيلى وأورثتكم المحن إن تركتم قوله تعالى‪َ { :‬فِإ ْن َآن ْستُ ْم ِم ْن ُه ْم ُرْشداً} قيل‪ :‬يعنى أبصرتم منهم إصابة‬
‫الحق‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬القيام فى العبادات على شرط السنة‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬سخاء النفس‪ ،‬وقيل‪ :‬صحبة األكابر والميل إليهم‪.‬‬

‫وقال أبو عثمان رحمه هللا‪ :‬صحبة أهل الصالح‪.‬‬

‫قال رويم‪ :‬الرشيد‪ :‬الرجوع إلى التفويض وترك التدبير‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬الرشيد من يفرق بين اإللهام والوسوسة‪.‬‬

‫اَّللِ َش ِهيداً}‪.‬‬
‫{وَكَف ٰى ِب َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال‪ :‬هو الشاهد عليك‪ ،‬الشهيد على خواطرك وأنفاسك فاتقه فيها‪.‬‬

‫شهيدا عليها وهو شاهد لها‪.‬‬


‫ً‬ ‫وقال الواسطى رحمه هللا‪ :‬ال تشهد أفعالك وال أحوالك وكفى باهلل‬

‫ان َعَل ْي ُك ْم َرِقيباً}‪.‬‬ ‫قوله عز وجل‪ِ{ :‬إ َّن َّ‬


‫َّللاَ َك َ‬

‫قيل‪ :‬هو المراقب بسرك والناظر إليك‪ ،‬فاجتهد أن ال ينظر إليك فيراك مشتغالً بغيره فيقطعك ويمحقك‪.‬‬

‫عالما بما تغمره فى سرك وما تخفيه من‬ ‫ِ‬


‫ان َعَل ْي ُك ْم َرقيباً} قال‪ً :‬‬ ‫وقال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬فى قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن َّ‬
‫َّللاَ َك َ‬
‫خواطرك‪ ،‬فراقب من هو الرقيب عليك‪.‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 8‬الى اآلية ‪)8‬‬

‫وه ْم ِم ْن ُه َوُقوُلوْا َل ُه ْم َق ْوالً َّم ْع ُروفاً‬


‫ين َف ْارُزُق ُ‬
‫ِ‬
‫ام ٰى َواْل َم َساك ُ‬
‫ِ‬
‫ض َر اْلق ْس َم َة أ ُْوُلوْا اْلُق ْرَب ٰى َواْلَيتَ َ‬
‫َوإِ َذا َح َ‬

‫وه ْم ِم ْن ُه} [اآلية‪.]8 :‬‬


‫ين َف ْارُزُق ُ‬
‫ِ‬
‫ام ٰى َواْل َم َساك ُ‬
‫ِ‬
‫ض َر اْلق ْس َم َة أ ُْوُلوْا اْلُق ْرَب ٰى َواْلَيتَ َ‬
‫{وإِ َذا َح َ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال محمد بن الفضل رحمه هللا‪ :‬دلت هذه اآلية على كرم هللا عز وجل مع عباده‪ ،‬ألنه أمر إذا حضر من ال نصيب‬
‫له فى الميراث أن يرزقوهم منه‪ ،‬ولهذا إنه إذا حضر عباده يوم القيامة فى المشهد العظيم إنه يتفضل بعطائه على من‬
‫لم يكن له مستحًقا لعطائه‪ ،‬لمخالفاته باتصال رحمته إليه‪ ،‬بفضله وسعة رحمته وبلوغه إلى منازل أولى األعمال‪ ،‬ألنه‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫قال عز وجل { ُقل ِبَفض ِل َّ ِ‬
‫َّللا َوب َِر ْح َمته َفِب َذل َك َفْلَيْف َر ُحوْا ُه َو َخ ْيٌر م َّما َي ْج َم ُعو َن }[يونس‪ .]58 :‬يعنى هو ٌ‬
‫خير من‬ ‫ْ ْ‬
‫أفعالكم وطاعاتكم التى اعتمدتم عليها‪ ،‬فاعتمدوا على فضلى وسعة رحمتى‪.‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 9‬الى اآلية ‪)9‬‬

‫َّللاَ َوْلَيُقوُلوْا َق ْوالً َس ِديداً‬ ‫ش َّال ِذين َلو تَرُكوْا ِمن خْلِف ِهم ُذ ِرَّي ًة ِ‬
‫ض َعافاً َخا ُفوْا َعَل ْي ِه ْم َفْلَيتَُّقوْا َّ‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َوْلَي ْخ َ‬
‫ش َّال ِذين َلو تَرُكوْا ِمن خْلِف ِهم ُذ ِرَّي ًة ِ‬
‫ض َعافاً} [اآلية‪.]9 :‬‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫{وْلَي ْخ َ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قيل‪ :‬استعينوا على كثرة العيال وقلة ذات اليد بالتقوى‪ ،‬فإنه الذى يجبر الكسر ويغنى الفقير‪.‬‬

‫وقال جعفر بن محمد الصادق رحمه هللا‪ :‬الصدق والتقوى يزيدان فى الرزق ويوسعان المعيشة‪.‬‬

‫َّللاَ َوْلَيُقوُلوْا َق ْوالً َس ِديداً} [اآلية‪.]9 :‬‬


‫قال هللا عز وجل‪َ{ :‬فْلَيتَُّقوا َّ‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 11‬الى اآلية ‪)11‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َّللا ِفي أَوَٰل ِد ُكم لِ َّلذ َك ِر ِم ْثل ح ِظ األ ُْنثَيي ِن َفِإن ُك َّن ِنسآء َفو َق ا ْثَنتَي ِن َفَله َّن ُثُلثَا ما تَرك وِإن َك َان ْت و ِ‬
‫اح َد ًة َفَل َها‬ ‫ي ِ‬
‫َ‬ ‫َ ََ َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ ً ْ‬ ‫َْ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫يك ُم َّ ُ‬
‫وص ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ان َل ُه َوَلٌد َفإن ل ْم َي ُك ْن ل ُه َوَلٌد َوَوِرثَ ُه أََبَواهُ َفألُمه الثُل ُث َفإن َك َ‬
‫ان‬ ‫ك إن َك َ‬‫الس ُد ُس م َّما تَ َر َ‬
‫ف َوألََب َوْيه ل ُكل َواحد م ْن ُه َما ُّ‬ ‫صُ‬ ‫الن ْ‬
‫َّللاِ‬
‫يض ًة ِم َن َّ‬ ‫ِ ِ ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َل ُه ِإ ْخ َوةٌ َفأل ُِم ِه ُّ‬
‫َبناؤُك ْم الَ تَ ْد ُرو َن أَُّي ُه ْم أَ ْق َر ُب َل ُك ْم َنْفعاً َف ِر َ‬ ‫الس ُد ُس من َب ْعد َوصيَّة ُيوصي ِب َهآ أ َْو َد ْي ٍن َآب ُ‬
‫آؤُك ْم َوأ ُ‬
‫ان َعلِيماً َح ِكيم ًا‬ ‫ِإ َّن َّ‬
‫َّللاَ َك َ‬

‫َّللاِ} [اآلية‪.]11 :‬‬


‫يض ًة ِم َن َّ‬
‫ُّه ْم أَ ْق َر ُب َل ُك ْم َنْفعاً َف ِر َ‬
‫َبناؤُك ْم الَ تَ ْد ُرو َن أَي ُ‬
‫آؤُك ْم َوأ ُ‬
‫{آب ُ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫آباؤكم ببرهم وأبناؤكم بالشفقة عليهم والتأديب لهم هما محل النفع‪.‬‬

‫َّللاِ}‪.‬‬
‫ود َّ‬ ‫ِ‬
‫قوله عز وجل {تْل َك ُح ُد ُ‬

‫ود‬ ‫ِ‬
‫قال محمد بن الفضل رحمه هللا‪ :‬حدود هللا أوامره ونواهيه‪ ،‬فمن تخطاها فقد ضل عن سبيل الرشد‪ .‬وقيل {تْل َك ُح ُد ُ‬
‫َّللاِ} أى‪ :‬اإلظهار من األحوال للمريدين على حسب طاقاتهم لها فإن التعدى فيها يهلكهم‪.‬‬
‫َّ‬

‫قال أبو عثمان رحمه هللا‪ :‬ما هلك المرء إذا لزم َّ‬
‫حده ولم يتعد طوره‪.‬‬

‫حال حد‪ ،‬ولكل ٍ‬


‫عمل‬ ‫وقال بعض البغداديين رحمه هللا‪ :‬العبد يتقلب فى جميع األوقات على الحدود‪ ،‬لكل وقت ولكل ٍ‬
‫وها } [البقرة‪ ]187 :‬ألن‬ ‫حد‪ ،‬فمن تخطا الحدود فدخل فى هتك الحرمات قال هللا عز وجل‪ِ { :‬تْلك حدود َّ ِ‬
‫َّللا َفالَ تَْق َرُب َ‬ ‫َ ُُ ُ‬
‫المرتع إلى جانب الحمى ربما يخالط الحمى‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النساء (من اآلية ‪ 17‬الى اآلية ‪)17‬‬

‫َّللاُ َعلِيماً َح ِكيماً‬


‫َّللاُ َعَل ْي ِه ْم َوَكا َن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِإَّنما التَّوب ُة عَلى َّ ِ َِّ ِ‬
‫وب َّ‬ ‫وء ِب َج َهاَلة ثُ َّم َيتُ ُ‬
‫وبو َن من َق ِريب َفأ ُْوَلـٰئ َك َيتُ ُ‬ ‫ين َي ْع َمُلو َن ُّ‬
‫الس َ‬ ‫َّللا للذ َ‬ ‫َ َْ َ‬

‫وء ِب َج َهاَل ٍة} [اآلية‪.]17 :‬‬ ‫ين َي ْع َمُلو َن ُّ‬


‫الس َ‬
‫قوله أيضا‪ِ{ :‬إَّنما التَّوب ُة عَلى َّ ِ َِّ ِ‬
‫َّللا للذ َ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫ً‬

‫قال‪ :‬للذين يتقربون بالطاعات إلى من ال يتقرب إليه‪ .‬اآلية‪.‬‬

‫وقال محمد بن الفضل رحمه هللا‪ :‬ضمن هللا عز وجل التوبة لمن يبدر منه الذنب من غير قصد‪ ،‬ال لمن يضمره‬
‫وء ِب َج َهاَل ٍة}‪.‬‬ ‫ين َي ْع َمُلو َن ُّ‬
‫الس َ‬
‫ويتأسف على فوته‪ ،‬قال هللا تعالى‪ِ{ :‬إَّنما التَّوب ُة عَلى َّ ِ َِّ ِ‬
‫َّللا للذ َ‬ ‫َ َْ َ‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 19‬الى اآلية ‪)19‬‬

‫ين ِب َٰف ِح َش ٍة‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬


‫وه َّن ِإال أَن َيأْت َ‬
‫ض َمآ َءاتَْيتُ ُم ُ‬ ‫وه َّن لِتَ ْذ َهُبوْا ِبَب ْع ِ‬
‫ضُل ُ‬
‫آء َك ْرهاً َوالَ تَ ْع ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫امُنوْا الَ َيح ُّل َل ُك ْم أَن تَرثُوْا الن َس َ‬‫ين َء َ‬
‫ٰيأَي َّ ِ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫وه َّن ِباْل َم ْع ُروف َفِإن َك ِرْهتُ ُم ُ‬
‫وه َّن َف َع َس ٰى أَن تَ ْك َرُهوْا َش ْيئاً َوَي ْج َع َل َّ‬
‫َّللاُ فيه َخ ْي اًر َكثي اًر‬ ‫ُّمَبِيَنة َو َعاش ُر ُ‬
‫اشروه َّن ِباْلمعر ِ‬
‫وف} [اآلية‪.]19 :‬‬ ‫ِ‬
‫َ ُْ‬ ‫{و َع ُ ُ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫السنن والفرائض‪.‬‬
‫قيل‪ :‬علموهن ُ‬

‫وقال عبد هللا بن المبارك‪ :‬العشرة الصحيحة ما ال تورثك الندم عاجالً وآجالً‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال أبو جعفر رحمه هللا‪ :‬المعاشرة بالمعروف حسن الخلق مع العيال فيما سأل وكرهت صحبتها‪.‬‬

‫َّللا ِف ِ‬
‫يه َخ ْي اًر َكِثي اًر}‪.‬‬ ‫قوله عز وجل‪َ { :‬ف َع َس ٰى أَن تَ ْك َرُهوْا َش ْيئاً َوَي ْج َع َل َّ ُ‬

‫قيل‪ :‬غيَّب عنك العواقب لئال تستكن إلى مألوف وال تفر من مكروه‪.‬‬

‫وقال أبو عثمان رحمه هللا‪ :‬السكون إلى كراهية النفس جعل هللا فيه خير الدارين‪.‬‬

‫صِب ُروْا‬ ‫ِ‬ ‫قال هللا تعالى‪{ :‬ويجعل َّ ِ ِ‬


‫{وأَن تَ ْ‬
‫َّللاُ فيه َخ ْي اًر َكثي اًر} والخير الكثير هو ما يتصل بالعقبى‪ ،‬ألنه ال كثير فى الدنيا‪َ ،‬‬ ‫ََ ْ َ َ‬
‫َخ ْيٌر َّل ُك ْم}‪.‬‬

‫قال‪ :‬وسمعت سعيد بن أحمد يقول‪ :‬سمعت جعف اًر الخلدى يقول‪ :‬سمعت الجنيد رحمه هللا يقول‪ :‬الصبر مفتاح كل‬
‫خير‪.‬‬

‫قال‪ :‬وسمعت محمد بن الحسين البغدادى يقول‪ :‬سمعت محمد بن أحمد بن سهل يقول‪ :‬سمعت سعيد بن عثمان‬
‫يقول‪ :‬سمعت ذا النون يقول‪ :‬أفضل الصبر الصبر عن المخالفات‪.‬‬

‫وسئل الجنيد رحمه هللا عن الصبر فقال‪ :‬حمل َّ‬


‫الضرر هلل حتى تنقضى أوقاته‪.‬‬ ‫ُ‬

‫وقال أيضاً‪ :‬ال يتم تحملك الصبر إال مع االستقبال بما يخامر الباليا بالصبر‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النساء (من اآلية ‪ 26‬الى اآلية ‪)26‬‬

‫يم َح ِكي ٌم‬‫َّللا لِيبِين َل ُكم ويه ِدي ُكم سَنن َّال ِذين ِمن َقبلِ ُكم ويتُوب عَلي ُكم و َّ ِ‬
‫َّللاُ َعل ٌ‬ ‫ْ ْ ََ َ َ ْ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُي ِر ُيد َّ ُ ُ َ َ ْ َ َ ْ َ ْ ُ َ‬

‫َّللاُ لُِيَبِي َن َل ُك ْم} [اآلية‪.]26 :‬‬


‫{ي ِر ُيد َّ‬
‫قوله عز وجل‪ُ :‬‬

‫عما بيَّن لكم‪.‬‬


‫ميا َّ‬
‫فتبينوا وال تكونوا ُع ً‬

‫وقال بعضهم رحمه هللا‪ :‬ال يتبين بيان هللا عز وجل إال المكاشفون من حقائق الحق‪.‬‬

‫وقال بعضهم رحمه هللا‪ :‬يريد هللا ليبين لكم أنه ليس إليكم من أموركم شىء‪.‬‬

‫ين ِمن َقْبلِ ُك ْم}‪.‬‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬


‫{وَي ْهدَي ُك ْم ُسَن َن الذ َ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قيل‪ :‬سنن األنبياء والصديقين‪ ،‬وسننهم من التفويض والتسليم والرضا بالمقدور ساء أم َسَّر‪.‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 27‬الى اآلية ‪)27‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ات أَن تَ ِميُلوْا َم ْيالً َع ِظيماً‬
‫الشهو ِ‬
‫َّ‬ ‫وب َعَل ْي ُكم وُي ِر ُيد َّال ِذ َ َِّ‬
‫ين َيتب ُعو َن َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َّللاُ ُي ِر ُيد أَن َيتُ َ‬
‫َو َّ‬

‫َّللاُ ُي ِر ُيد أَن َيتُ َ‬


‫وب َعَل ْي ُك ْم} [اآلية‪.]27 :‬‬ ‫{و َّ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال النصرآباذى رحمه هللا‪ :‬ما تبت حتى أراد هللا بك التوبة‪ ،‬ولوال إرادته لك التوبة كنت عن التوبة بمعزل‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬أراد لك التوبة فتاب عليك ولو أردتها لنفسك لعلك كنت تحرم‪.‬‬
‫وقال ً‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 28‬الى اآلية ‪)28‬‬

‫ض ِعيف ًا‬
‫ان َ‬
‫نس ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫ف َع ْن ُك ْم َو ُخل َق اإل َ‬
‫ِ‬ ‫ُي ِر ُيد َّ‬
‫َّللاُ أَن ُي َخف َ‬

‫ف َع ْن ُك ْم} [اآلية‪.]28 :‬‬ ‫ِ‬ ‫{ي ِر ُيد َّ‬


‫َّللاُ أَن ُي َخف َ‬ ‫قوله تعالى‪ُ :‬‬

‫قيل‪ :‬يعنى ُيقال العبودية لعلمه بضعفكم وجهلكم‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬يريد هللا أن يخفف عنكم ما حملتموه بجهلكم من عظيم األمانة‪.‬‬

‫ض ِعيفاً}‪.‬‬
‫ان َ‬
‫نس ُ‬ ‫قوله عز وجل‪ِ ِ :‬‬
‫{و ُخل َق اإل َ‬
‫َ‬

‫قيل‪ :‬ضعيف الرأى ضعيف العقل إال من أمره هللا بنور اليقين‪ ،‬فقوته باليقين ال‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫بنفسه‪.‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 29‬الى اآلية ‪)29‬‬

‫ان ِب ُك ْم‬
‫َّللاَ َك َ‬ ‫ْكُلوْا أ َْم ٰوَل ُكم َب ْيَن ُكم ِباْل َٰب ِط ِل ِإالَّ أَن تَ ُكو َن ِت َٰج َرةً َعن تَ َر ٍ‬
‫اض ِم ْن ُك ْم َوالَ تَْقُتُلوْا أ َْنُف َس ُك ْم ِإ َّن َّ‬ ‫آمُنوْا الَ تَأ ُ‬ ‫ٰيأَي َّ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ين َ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ َ‬
‫َرِحيماً‬

‫{والَ تَْقُتُلوْا أ َْنُف َس ُك ْم} [اآلية‪.]29 :‬‬


‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫بارتكاب المخالفات واستكبار الطاعات‪.‬‬

‫وقال سهل رحمه هللا‪ :‬وال تقتلوا أنفسكم بالمعاصى والذنوب واإلصرار وترك التوبة والرجوع إلى االستقامة‪.‬‬

‫وقال محمد بن الفضل رحمه هللا‪ :‬ال تقتلوا أنفسكم باتباع هواها‪.‬‬

‫وقال بعضهم رحمه هللا‪ :‬بالحرص على الدنيا‪.‬‬

‫وقال بعضهم رحمه هللا‪ :‬وال تقتلوا أنفسكم بالرضا عنها‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النساء (من اآلية ‪ 31‬الى اآلية ‪)31‬‬

‫ِإن تَ ْجتَِنُبوْا َكَب ِآئ َر َما تُْن َه ْو َن َع ْن ُه ُن َكِف ْر َع ْن ُك ْم َسِيَئـِٰت ُك ْم َوُن ْد ِخْل ُك ْم ُّم ْد َخالً َك ِريم ًا‬

‫قوله عز وجل‪ِ{ :‬إن تَ ْجتَِنُبوْا َكَب ِآئ َر َما تُْن َه ْو َن َع ْن ُه} [اآلية‪.]31 :‬‬

‫قال أبو تراب اليخشبى رحمه هللا‪ :‬أمر هللا عز وجل باجتناب الكبائر‪ ،‬وهى الدعاوى الفاسدة واإلشارات الباطلة وإطالق‬
‫األلفاظ من غير حقيقة‪.‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 34‬الى اآلية ‪)34‬‬

‫ظ ٌت لِْل َغ ْي ِب‬ ‫صلِ َٰح ُت َٰقِن ٰتَ ٌت َٰحِف َٰ‬


‫ِمآ أ َْنَفُقوْا ِم ْن أ َْم َٰولِ ِه ْم َفال َّٰ‬ ‫ٍ‬
‫ض ُه ْم َعَل ٰى َب ْعض َوب َ‬ ‫َّللاُ َب ْع َ‬
‫ض َل َّ‬ ‫الرجال َق َّٰومون عَلى ِ‬
‫الن َس ِآء ِب َما َف َّ‬ ‫َِ ُ ُ َ َ‬
‫ٰ‬
‫ط ْعَن ُك ْم َفالَ تَْب ُغوْا َعَل ْي ِه َّن َسِبيالً‬
‫وه َّن َفِإ ْن أَ َ‬ ‫اض ِرُب ُ‬ ‫اج ِع َو ْ‬ ‫ض ِ‬ ‫ِ‬
‫وه َّن في اْل َم َ‬ ‫وه َّن َو ْ‬
‫اه ُج ُر ُ‬ ‫ظ ُ‬ ‫َّللاُ َو َّالِتي تَ َخا ُفو َن ُن ُش َ‬
‫وزُه َّن َف ِع ُ‬ ‫ظ َّ‬‫ِب َما َحِف َ‬
‫ان َعِلياً َكِبي اًر‬ ‫ِإ َّن َّ‬
‫َّللاَ َك َ‬

‫َّللاُ} [اآلية‪.]34 :‬‬


‫ظ َّ‬‫ات لِْل َغ ْي ِب ِب َما َحِف َ‬
‫ظ ٌ‬ ‫ات َق ِانتَ ٌ‬
‫ات َح ِاف َ‬ ‫الصالِ َح ُ‬
‫قوله عز وجل‪َ { :‬ف َّ‬

‫وقال بعضهم رحمه هللا‪ :‬بحفظ هللا لهن صرن حافظات للغيب‪ ،‬ولو وكلهن إلى أنفسهن لهتكن ستورهن‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النساء (من اآلية ‪ 32‬الى اآلية ‪)32‬‬

‫َّللاَ ِمن‬ ‫ص ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫َّللا ِب ِه بعض ُكم عَلى بع ٍ ِ ِ ِ‬


‫اسأَُلوْا َّ‬ ‫يب م َّما ا ْكتَ َسُبوْا َولِلن َسآء َن ٌ‬
‫يب م َّما ا ْك َت َس ْب َن َو ْ‬ ‫ض ل ِلر َجال َن ٌ‬ ‫ض َل َّ ُ َ ْ َ ْ َ ٰ َ ْ‬ ‫َوالَ تَتَ َمَّن ْوْا َما َف َّ‬
‫ان ِب ُك ِل َش ْي ٍء َعلِيماً‬ ‫ضلِ ِه ِإ َّن َّ‬
‫َّللاَ َك َ‬ ‫َف ْ‬

‫ض ُكم َعَل ٰى َب ْع ٍ‬ ‫ضل َّ ِ ِ‬


‫ض} [اآلية‪.]32 :‬‬ ‫َّللاُ به َب ْع َ ْ‬ ‫{والَ تَتَ َمَّن ْوْا َما َف َّ َ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫وروى عن النبى صلى هللا عليه وسلم أنه قال‪ " :‬ليس اإليمان بالتمنى‬

‫‪".‬‬

‫وقال بعضهم رحمه هللا ال تتمنوا منازل السادات واألكابر أن تبلغوها‪ ،‬ولم تهذبوا أنفسكم فى ابتداء إرادتكم برياضات‬
‫السنن واألسرار بالتطهير على الهمم الفاسدة وال‬

‫فصل هذه األحوال أولئك‪ ،‬فال ترتقوا إلى الدرجات العلى وقد‬
‫قلوبكم عن االشتغال بالفانية‪ ،‬فإن هللا عز وجل قد َّ‬
‫ضيعتم الحقوق األدنى‪.‬‬

‫وقال أبو العباس بن عطاء رحمه هللا‪ :‬ال تتمنوا فإنكم ال تدرون ما تحت تمنيكم‪ ،‬فإن تحت أنوار نعمه نيران محنته‪،‬‬
‫وتحت أنوار محنته أنوار نعمه‪.‬‬

‫وقال الواسطى رحمه هللا فى هذه اآلية‪ :‬من تمنى ما قدر له فقد أساء الظن بالحق عز وجل‪ ،‬وإن تمنى ما لم يقدر له‬
‫أساء التَّمنى على هللا عز وجل بإنه ينقص قسمته من‬

‫أجل تمنى عبده‪.‬‬

‫ضلِ ِه} فإن عنده أبواب كرامته‪.‬‬ ‫وقال ابن عطاء رحمه هللا فى قوله عز وجل‪{ :‬واسأَُلوْا َّ ِ‬
‫َّللاَ من َف ْ‬ ‫َ ْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ط ْعَن ُك ْم َفالَ تَْب ُغوْا َعَل ْي ِه َّن َسِبيالً} فى طلب المحبة وخلوص القلب منهن لكم‪ ،‬فإنهن غير مالكات‬
‫قوله عز وجل‪َ { :‬فِإ ْن أَ َ‬
‫لقلوبهن والقلوب بي د هللا عز وجل‪ ،‬وقد قال المصطفى صلى هللا عليه وسلم " اللهم هذا قسمى فيما أملك فال تؤاخذنى‬
‫فيما تملك وال أملك‬

‫‪".‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 36‬الى اآلية ‪)36‬‬

‫َّللاَ َوالَ تُ ْش ِرُكوْا ِب ِه َش ْيئاً َوبِاْل َٰولِ َد ْي ِن ِإ ْح َساناً َوب ِِذي اْلُق ْرَب ٰى َواْلَي ٰتَ َم ٰى َواْل َم َٰس ِك ِ‬
‫ين َواْل َج ِار ِذي اْلُق ْرَب ٰى َواْل َج ِار اْل ُجُن ِب‬ ‫اعُب ُدوْا َّ‬
‫َو ْ‬
‫ِ‬ ‫السِب ِ‬
‫يل َو َما َمَل َك ْت أ َْي َٰمُن ُك ْم ِإ َّن َّ‬ ‫الج ْن ِب َو ْاب ِن َّ‬ ‫و َّ ِ ِ‬
‫ور‬
‫ان ُم ْختَاالً َف ُخ اً‬ ‫َّللاَ الَ ُيح ُّب َمن َك َ‬ ‫الصاحب ِب َ‬ ‫َ‬

‫َّللاَ َوالَ تُ ْش ِرُكوْا ِب ِه َش ْيئاً} [اآلية‪.]36 :‬‬


‫اعُب ُدوْا َّ‬
‫{و ْ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال أبو عثمان رحمه هللا‪ :‬حقيقة العبودية قطع العالئق والشركاء عن الشرك‪.‬‬

‫وقال الجنيد رحمه هللا‪ :‬إذا أحزنك أمر فأول خاطر تستغيث به فهو معبودك‪.‬‬

‫وقال الواسطى رحمه هللا‪ :‬الشرك رؤية التقصير والعثرة من نفسه والمالمة عليها‪.‬‬

‫ُيقال لها‪ :‬لزمت المالمة من تولى إقامتها ومن قضى عليها العثرة‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬الشرك أن تطالع غيره أو ترى سواه ض اًر ونفع ًا‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال بعضهم رحمه هللا‪ :‬العبادة أصلها ستة‪ :‬التعظيم والحياء والخوف والبكاء والمحبة‪ ،‬والهيبة‪ ،‬من لم يتم له هذه‬
‫المقامات لم تتم له العبودية‪.‬‬

‫وقال الطيب البصرى رحمه هللا‪ :‬من لم يدرج وفاء العبودية فى عز الربوبية‪ ،‬لم تصف له العبودية‪.‬‬

‫وقال بعضهم رحمه هللا‪ :‬العبودية خلع الربوبية وهى جوهرة تظهر الربوبية من غير علة‪.‬‬

‫وقال يحيى بن معاذ رحمه هللا‪ :‬دللهم ثم ذللهم ليعرفوا بالدل فاقة العبودية‪ُّ ،‬‬
‫وبالذل عز الربوبية‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬العبودية ترك االختيار ومالزمة الذل واالفتقار‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬العبودية ترك االختيار وهى جامعة ألربع خصال‪ :‬الوفاء بالعهود والحفظ للحدود والرضا بالموجود‬
‫وقال ً‬
‫والصبر عن المفقود‪.‬‬

‫وقال الجنيد رحمه هللا‪ :‬العبودية ترك المشيئة ومن خرج من قال بالعبودية صنع به ما يصنع باآلبق‪.‬‬

‫الحياء وعنده اضطراب‬


‫وقال بعضهم رحمه هللا‪ :‬العبودية بناؤها على ستة خصال‪ :‬التعظيم وعنده اإلخالص‪ ،‬و ُ‬
‫القلوب‪ ،‬والمحبة وعندها الشوق‪ ،‬والخوف وعنده ترك الذنوب‪ ،‬والرجاء وعنده متابعة الرسول صلى هللا عليه وسلم‪،‬‬
‫والتخلق بأخالقه‪ ،‬والهيبة وعنده ترك االختيار‪.‬‬

‫الج ْن ِب}‪.‬‬ ‫قوله عز وجل‪{ :‬واْلج ِار ِذي اْلُق ْرب ٰى واْلج ِار اْلجُن ِب و َّ ِ ِ‬
‫الصاحب ِب َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال سهل رحمه هللا‪ :‬الجار ذى القربى هو القلب‪ ،‬والجار الجنب هى النفس‪ ،‬والصاحب بالجنب وهو العقل الذى ظهر‬
‫على اقتداء السنة والشرع‪ ،‬وابن السبيل الجوارح المطيعة هلل عز وجل‪.‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 37‬الى اآلية ‪)37‬‬

‫ِ ِ‬ ‫َّللا ِمن َف ِ ِ‬ ‫َّ ِ‬


‫ين َع َذاباً ُّم ِهيناً‬
‫َعتَ ْدَنا لْل َكاف ِر َ‬
‫ضله َوأ ْ‬‫ْ‬ ‫النا َس ِباْلُب ْخ ِل َوَي ْكتُ ُمو َن َمآ آتَ ُ‬
‫اه ُم َّ ُ‬ ‫ْم ُرو َن َّ‬
‫ين َي ْب َخُلو َن َوَيأ ُ‬
‫الذ َ‬

‫اس ِباْلُب ْخ ِل} [اآلية‪.]37 :‬‬ ‫ْم ُرو َن َّ‬ ‫َّ ِ‬


‫الن َ‬ ‫ين َي ْب َخُلو َن َوَيأ ُ‬
‫قوله عز وجل‪{ :‬الذ َ‬

‫قال الذين يمنون بالعطاء ويطلبون من الناس الثناء عليه‪.‬‬

‫ضلِ ِه}‪.‬‬ ‫قوله عز وجل‪{ :‬وي ْكتُمو َن مآ آتَاهم َّ ِ‬


‫َّللاُ من َف ْ‬ ‫ُُ‬ ‫ََ ُ َ‬

‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬من البراهين الصادقة‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬ال يشكرون نعمة العافية عليهم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النساء (من اآلية ‪ 41‬الى اآلية ‪)41‬‬

‫ُم ٍة ِب َش ِه ٍيد و ِج ْئنا ِبك عَلى هـٰؤ ِ‬


‫الء َش ِهيداً‬ ‫ف ِإ َذا ِج ْئَنا ِمن ُك ِل أ َّ‬
‫َ َ َ َ ٰ َُ‬ ‫َف َك ْي َ‬

‫ُم ٍة ِب َش ِه ٍيد} [اآلية‪.]41 :‬‬


‫ف ِإ َذا ِج ْئَنا ِمن ُك ِل أ َّ‬
‫قوله عز وجل‪َ { :‬ف َك ْي َ‬

‫مكذبا لها‪.‬‬ ‫أمة ٍ‬‫جئنا من كل ٍ‬


‫بولى وصديق‪ ،‬وجئنا بك مصدًقا لواليتهم أو ً‬

‫ول َعَل ْي ُك ْم َش ِهيداً } [البقرة‪.]143 :‬‬ ‫الن ِ‬


‫اس َوَي ُكو َن َّ‬
‫الرُس ُ‬ ‫قال هللا عز وجل‪ { :‬لِتَ ُك ُ‬
‫ونوْا ُش َه َدآء َعَلى َّ‬
‫َ‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 43‬الى اآلية ‪)43‬‬

‫وة وأ َْنتُم س َٰكر ٰى حتَّ ٰى تَعَلموْا ما تَُقوُلو َن والَ جُنباً ِإالَّ َعاِبرِي سِب ٍ‬
‫يل َحتَّ ٰى تَ ْغتَ ِسُلوْا َوإِ ْن‬ ‫يا أَيُّها َّال ِذين آمنوْا الَ تقربوْا َّ ٰ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ ُ َ‬ ‫الصَل َ َ ْ ُ َ َ‬ ‫َْ َ ُ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ َ‬
‫ام َس ُحوْا‬ ‫ِ‬
‫النسآء َفَلم تَ ِج ُدوْا مآء َفتََي َّمموْا ص ِعيداً َ ِ‬ ‫ٰ‬ ‫ِِ‬ ‫ُك ْنتُم َّمرضى أَو عَلى سَف ٍر أَو جآء أ ِ ِ‬
‫طيباً َف ْ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ً‬ ‫َحٌد م ْن ُك ْم من اْل َغآئط أ َْو َل َم ْستُ ُم َ َ ْ‬ ‫ْ ْ َ ٰ ْ َ ٰ َ ْ َ َ َ‬
‫ان َعُفواً َغُفو اًر‬
‫َّللاَ َك َ‬ ‫ِب ُو ُجوِه ُك ْم َوأ َْي ِد ُ‬
‫يك ْم ِإ َّن َّ‬

‫الصالَ َة َوأ َْنتُ ْم ُس َك َار ٰى} [اآلية‪.]43 :‬‬


‫آمُنوْا الَ تَْق َرُبوْا َّ‬ ‫قوله عز وجل‪{ :‬يا أَي َّ ِ‬
‫ين َ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬السكر على أنواع‪ :‬منها سكر الخمر وهو أسرعها إفاقة‪ ،‬وسكر الغفلة وسكر الهوى وسكر الدنيا وسكر‬
‫المال وسكر األهل والولد وسكر المعاصى وسكر الطاعات‪ ،‬وكل هذا وما أشبهها يمنع صاحبه عن تمام الصالة‬
‫والقيام إليها بالقعود عن‬

‫كل ما سواها‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الواسطى رحمه هللا فى هذه اآلية‪ :‬ال تقربوا يعنى ال تتقربوا إلى مواصلتى‪ ،‬إال وأنت منفصل عن جميع األكوان‬
‫وما فيها‪.‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 48‬الى اآلية ‪)48‬‬

‫اَّللِ َفَق ِد ا ْفتَ َر ٰى ِإ ْثماً َع ِظيماً‬


‫ك ِب ِه َوَي ْغِف ُر َما ُدو َن َذلِ َك لِ َمن َي َشآ ُء َو َمن ُي ْش ِر ْك ِب َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِإ َّن َّ‬
‫َّللاَ الَ َي ْغف ُر أَن ُي ْش َر َ‬
‫ن ِ ِ‬ ‫َّللا الَ ي ْغِفر أَن ي ْشر ِ ِ ِ‬
‫آء} [اآلية‪.]48 :‬‬
‫ك به َوَي ْغف ُر َما ُدو َ َذل َك ل َمن َي َش ُ‬
‫ُ ََ‬ ‫قوله عز وجل‪ِ{ :‬إ َّن َّ َ َ ُ‬

‫شيئا سوى هللا عز وجل‪.‬‬


‫قال‪ :‬أن يطالع سره ً‬

‫وقيل‪ :‬إن رؤية العمل ورؤية النفس وطلب الثواب على العمل وطلب المدح عليه‪ ،‬كلها من أنواع الشرك التى أخبر هللا‬
‫تعالى أنه ال يغفره‪.‬‬

‫حاكيا عن ربه عز وجل‪ " :‬من عمل عمالً أشرك فيه غيرى‪ ،‬فأنا‬
‫قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ً‬

‫منه برئ وهو للذى أشرك‬

‫‪".‬‬

‫وقال محمد بن على رحمه هللا‪ :‬هذا الذى أخبر هللا عز وجل أنه ال يغفره‪ ،‬وهو أن يتواضع العبد لغيره فى طلب الدنيا‬
‫وهو المالك له دون الغير‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النساء (من اآلية ‪ 49‬الى اآلية ‪)49‬‬

‫ظَل ُمو َن َفِتيالً‬


‫آء َوالَ ُي ْ‬ ‫أََلم تَر ِإَلى َّال ِذين ي َزُّكو َن أ َْنُفسهم ب ِل َّ ِ‬
‫َّللاُ ُي َزكي َمن َي َش ُ‬ ‫َ ُْ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ َ‬

‫ين ُي َزُّكو َن أ َْنُف َس ُه ْم} [اآلية‪.]49 :‬‬ ‫َّ ِ‬


‫قوله عز وجل‪{ :‬أََل ْم تَ َر ِإَلى الذ َ‬

‫شيئا فقد أسقط عن باطنه أنوار اليقين‪.‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬ليست األنفس محل التزكية‪ ،‬فمن استحسن من نفسه ً‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 51‬الى اآلية ‪)51‬‬

‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َِّ ِ‬ ‫َّٰ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِٰ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّ ِ‬


‫آمُنوْا‬
‫ين َ‬ ‫ين َكَف ُروْا َٰه ُؤالء أ ْ‬
‫َه َد ٰى م َن الذ َ‬ ‫ين أُوتُوْا َنصيباً م َن اْلكتَ ِب ُي ْؤ ِمُنو َن ِباْل ِج ْبت َوالط ُغوت َوَيُقوُلو َن للذ َ‬
‫أََل ْم تَ َر ِإَلى الذ َ‬
‫َسِبيالً‬

‫قوله عز وجل‪{ :‬أََلم تَر ِإَلى َّال ِذين أُوتُوْا ن ِ‬


‫صيباً ِم َن اْل ِكتَ ِ‬
‫اب} [اآلية‪.]51 :‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬

‫قال سهل بن عبد هللا‪ :‬ال ينظر إليهم‪.‬‬

‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬أعطوا الكتاب حجة عليهم ال كرامة لهم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫نصيبا من الكتاب ال الكتاب‪ ،‬ونصيبهم منه كفرهم وإيمانهم بالجبت والطاغوت‪.‬‬
‫ً‬ ‫وقال بعضهم رحمه هللا‪ :‬أوتوا‬

‫اغ ِ‬
‫وت}‪.‬‬ ‫قوله عز وجل‪ِ{ :‬باْل ِجب ِت و َّ‬
‫الط ُ‬ ‫ْ َ‬

‫األمارة بالسوء‪ ،‬إذا خلى العبد معها عن العصمة‪.‬‬


‫قال سهل رحمه هللا‪ :‬الطواغيت نفسك َّ‬

‫وقال بعضهم رحمه هللا‪ :‬الجبت مرادك‪ .‬والطاغوت هيكلك‪.‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 54‬الى اآلية ‪)54‬‬

‫اه ْم ُّمْلكاً َع ِظيم ًا‬ ‫ِ‬ ‫َّللا ِمن َفضِل ِه َفَق ْد آتَينآ آل ِإب ٰرِه ِ ٰ‬ ‫ٰ‬ ‫أ َْم َي ْح ُس ُدو َن َّ‬
‫يم اْلكتَ َب َواْلح ْك َم َة َو َآت ْيَن ُ‬
‫َْ َ ْ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫اس َعَل ٰى َمآ آتَ ُه ُم َّ ُ‬
‫الن َ‬

‫ضلِ ِه} [اآلية‪.]54 :‬‬ ‫الناس عَلى مآ آتَاهم َّ ِ‬


‫َّللاُ من َف ْ‬ ‫ُُ‬ ‫قوله عز وجل‪{ :‬أ َْم َي ْح ُس ُدو َن َّ َ َ ٰ َ‬

‫من الكرامات والواليات والمشاهدات ويكذبون صاحبها وال يعظمونه‪ ،‬كذلك كانت األولياء والصديقون قبل ذلك‪ ،‬فمن‬
‫صَّد َع ْن ُه َوَكَف ٰى ِب َج َهَّن َم َس ِعي اًر} [اآلية‪.]55 :‬‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬
‫آم َن به َوم ْن ُه ْم َّمن َ‬
‫بين مكذب ومصدق قال هللا عز وجل { َفم ْن ُه ْم َّم ْن َ‬

‫اه ْم ُّمْلكاً َع ِظيماً}‪.‬‬


‫{وآتَْيَن ُ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال‪ :‬إش ارًفا على األسرار‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬فراسة صادقة‪ ،‬فمنهم من آمن به أى صدقهم بذلك‪ ،‬ومنهم من َّ‬


‫صد عنه اتهمهم فى ذلك‪.‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 56‬الى اآلية ‪)56‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬


‫ان َع ِزي اًز‬ ‫اب ِإ َّن َّ‬
‫َّللاَ َك َ‬
‫ٰ‬ ‫صلِي ِه ْم َنا اًر ُكل َما َنض َج ْت ُجُل ُ‬
‫ود ُه ْم َبَّدْلَن ُه ْم ُجُلوداً َغ ْي َرَها لَي ُذوُقوْا اْل َع َذ َ‬ ‫ين َكَف ُروْا ِب َٰآيتَنا َس ْو َ‬
‫ف ُن ْ‬ ‫ِإ َّن الذ َ‬
‫َح ِكيماً‬

‫ين َكَف ُروْا ِب َآي ِاتَنا} [اآلية‪.]56 :‬‬ ‫َّ ِ‬


‫قوله عز وجل‪ِ{ :‬إ َّن الذ َ‬

‫قال بعضهم رحمه هللا‪ :‬بإظهار البيان على الخواص‪.‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 58‬الى اآلية ‪)58‬‬

‫ظ ُك ْم ِب ِه ِإ َّن َّ‬
‫َّللاَ‬ ‫َّللاَ ِن ِع َّما َي ِع ُ‬
‫اس أَن تَ ْح ُك ُموْا ِباْل َع ْد ِل ِإ َّن َّ‬ ‫َهِل َها َوِإ َذا َح َك ْمتُ ْم َب ْي َن َّ‬
‫الن ِ‬ ‫ِ‬
‫ؤدوْا األ ََم َانات ِإَلى أ ْ‬
‫ْم ُرُك ْم أَن تُ ُّ‬ ‫ِإ َّن َّ‬
‫َّللاَ َيأ ُ‬
‫َكان س ِميعاً ب ِ‬
‫صي اًر‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َهلِ َها} [اآلية‪.]58 :‬‬ ‫ِ‬
‫ؤدوْا األ ََم َانات ِإَلى أ ْ‬
‫ْم ُرُك ْم أَن تُ ُّ‬ ‫قوله عز وجل‪ِ{ :‬إ َّن َّ‬
‫َّللاَ َيأ ُ‬

‫قال الجريري رحمه هللا‪ :‬أفضل األمانات األسرار فال تظهرها وال تكشفها إال ألهلها‪ ،‬ألنهم أهل األمانات العظماء‪.‬‬

‫وقال سهل رحمه هللا‪ :‬عندك أمانة فى سمعك وبصرك وعلى لسانك وعلى فرجك وظاهرك وباطنك‪ .‬عرض هللا عليك‬
‫األمانة فحملتها وجعلك محالً لها‪ ،‬فإن لم تحفظها خنت نفسك وهللا ال يحب الخائنين‪.‬‬

‫وقيل األمانة هى‪ :‬أسرار هللا عز وجل وأهل األمانة هم العارفون باهلل والعالمون بأس ارره‪ ،‬وهم الناظرون إلى القلوب‬
‫بأنوار الغيوب‪ ،‬فيحكمون عليها ويحقق هللا تعالى أحكامهم وهو الذى قال‪َ { :‬فَو َج َدا َع ْبداً ِم ْن ِعَب ِادَنآ آتَْيَناهُ َر ْح َم ًة ِم ْن‬
‫ِع ِندَنا َو َعَّل ْمَناهُ ِمن َّل ُدَّنا ِعْلماً } [الكهف‪.]65 :‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 59‬الى اآلية ‪)59‬‬

‫الرس ِ‬
‫ول ِإن ُك ْنتُ ْم‬ ‫الرسول وأُولِي األَم ِر ِمن ُكم َفِإن تنازعتم ِفي شي ٍء َفرُّدوه ِإَلى َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يا أَيُّها َّال ِذين آمنوْا أ ِ‬
‫َّللا َو َّ ُ‬ ‫َ ْ ُ ُ‬ ‫ََ َ ْ ُ ْ‬ ‫ْ ْ ْ‬ ‫يعوْا َّ ُ َ َ ْ‬ ‫َوأَط ُ‬ ‫َّللاَ‬
‫َطي ُعوْا َّ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ َ‬
‫َح َس ُن تَأ ِْويالً‬ ‫اَّللِ واْليو ِم ِ‬
‫اآلخ ِر ٰذلِ َك‬ ‫ِ‬
‫َخ ْيٌر َوأ ْ‬ ‫تُ ْؤ ِمُنو َن ب َّ َ َ ْ‬

‫ول َوأ ُْولِي األ َْم ِر ِم ْن ُك ْم} [اآلية‪.]59 :‬‬ ‫َطيعوْا َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله عز وجل‪{ :‬يا أَي َّ ِ‬
‫الرُس َ‬
‫يعوْا َّ‬
‫َّللاَ َوأَط ُ‬ ‫آمُنوْا أ ُ‬
‫ين َ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ َ‬

‫تم لك ذلك وإال فاستعن‬


‫قال محمد بن على رحمه هللا‪ :‬أطع هللا عز وجل فإن َّ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫بطاعة الرسول صلى هللا عليه وسلم على طاعة هللا عز وجل‪ ،‬فإن وصلت إلى ذلك فاستعن بطاعة األئمة والمشايخ‬
‫على طاعة هللا وطاعة رسوله صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وال تسقط عن هذه الدرجة فتهلك‪.‬‬

‫وقال الجنيد رحمه هللا فى هذه اآلية‪ :‬قال‪ :‬العبد مبتًلى باألمر والنهى‪ ،‬وهلل تعالى‬

‫دائما‪ ،‬فكلما خطر خطرة عرضه على الكتاب وهو طاعة هللا‬
‫فى قلبه أسرار تخطر ً‬

‫السنة وهو طاعة الرسول صلى هللا عليه وسلم فإن وجد له شفاء وإال‬
‫تعالى‪ ،‬فإن وجد له شفاء وإال عرضه على ُّ‬
‫عرضه على سنن السلف الصالحين وهو طاعة أولى األمر‪.‬‬

‫وقال جعفر بن محمد الصادق رحمه هللا‪ :‬ال َّبد للعبد المؤمن من ثالث سنن‪ :‬سنة‬

‫هللا عز وجل‪ ،‬وسنة األنبياء صلوات هللا عليهم أجمعين‪ ،‬وسنة األولياء‪.‬‬

‫ض ٰى ِمن َّرس ٍ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫فسنة هللا تعالى كتمان السر‪ .‬قال هللا عز وجل‪َ { :‬عالِ ُم اْل َغ ْي ِب َفالَ ُي ْ‬
‫ول }‬ ‫ُ‬ ‫َحداً ِإال َم ِن ْارتَ َ‬
‫ظ ِه ُر َعَل ٰى َغ ْيِبه أ َ‬
‫[الجن‪.]27-26 :‬‬

‫وسَّنة الرسول صلى هللا عليه وسلم مداراة الخلق‪ ،‬وسنة األولياء الوفاء بالعهد والصبر فى البأساء والضراء‪.‬‬
‫ُ‬

‫قال‪ :‬سمعت عبد هللا بن محمد الدمشقى يقول‪ :‬سمعت إبراهيم بن المولد يقول‪:‬‬

‫سمعت أبا سعيد الخراز يقول‪ :‬العبودية ثالثة‪ :‬الوفاء هلل عز وجل على الحقيقة ومتابعة الرسول صلى هللا عليه وسلم‬
‫فى الشريعة واألمر لجميع األمة بالنصيحة‪.‬‬

‫الرس ِ‬
‫ول}‪.‬‬ ‫قوله عز وجل‪َ { :‬فِإن تنازعتم ِفي شي ٍء َفرُّدوه ِإَلى َّ ِ‬
‫َّللا َو َّ ُ‬ ‫َ ْ ُ ُ‬ ‫ََ َ ْ ُ ْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قيل‪ :‬إذا أشكل عليكم شئ من أحوال الكبار والسادة واختلفتم فيه‪ ،‬فاعرضوا‬

‫ذلك على أحوال الرسول صلى هللا عليه وسلم فردوه إليه‪ ،‬فإن لم يبين ذلك لكم‪ ،‬فردوه إلى الكتاب المنزل من رب‬
‫العالمين‪.‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 60‬الى اآلية ‪)60‬‬

‫اغ ِ‬
‫وت َوَق ْد أ ُِم ُروْا‬ ‫اكموْا ِإَلى َّ‬ ‫أََلم تَر ِإَلى َّال ِذين ي ْزعمو َن أََّنهم ءامُنوْا ِبمآ أ ُْن ِزل ِإَليك ومآ أ ِ ِ ِ‬
‫الط ُ‬ ‫ُنزَل من َقْبل َك ُي ِر ُيدو َن أَن َيتَ َح َ ُ‬ ‫َ َْ ََ‬ ‫ُْ َ َ َ‬ ‫َ َ ُُ‬ ‫ْ َ‬
‫ِ‬
‫ضالَالً َبعيداً‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أَن َي ْكُف ُروْا ِبه وُي ِر ُيد َّ‬
‫ان أَن ُيضل ُه ْم َ‬
‫طُ‬‫الش ْي َ‬ ‫َ‬
‫اغ ِ‬ ‫اكموْا ِإَلى َّ‬
‫وت} [اآلية‪.]60 :‬‬ ‫الط ُ‬ ‫{ي ِر ُيدو َن أَن َيتَ َح َ ُ‬
‫وقله عز وجل‪ُ :‬‬

‫قال أبو عثمان رحمه هللا‪ :‬يعنى إلى إرادتهم وأهوائهم وأمثالهم وأشكالهم‪.‬‬

‫{وَق ْد أ ُِم ُروْا أَن َي ْكُف ُروْا ِب ِه} أن يخالفوه‪.‬‬


‫قال هللا عز وجل‪َ :‬‬

‫وقال بعضهم رحمه هللا‪ :‬أعظم طاعة لك نفسك فال تركن إليها فى شىء من أوامرها وإن أمرتك بالطاعة فإنها تخفى‬
‫عنك شرها وتبدى لك خيرها‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النساء (من اآلية ‪ 63‬الى اآلية ‪)63‬‬

‫ظ ُه ْم َوُقل َّل ُه ْم ِفي أ َْنُف ِس ِه ْم َق ْوالً َبلِيغاً‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬


‫ض َع ْن ُه ْم َو ِع ْ‬ ‫َّللاُ َما في ُقُلوب ِِه ْم َفأ ْ‬
‫َع ِر ْ‬ ‫ين َي ْعَل ُم َّ‬
‫أُوَلـٰئ َك الذ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫ض َع ْن ُه ْم َو ِع ْ‬
‫ظ ُه ْم} [اآلية‪.]63 :‬‬ ‫َّللاُ َما في ُقُلوب ِِه ْم َفأ ْ‬
‫َع ِر ْ‬ ‫ين َي ْعَل ُم َّ‬
‫قوله عز وجل‪{ :‬أُوَلـٰئ َك الذ َ‬

‫الجهال وعظ األوساط وأخبر بعيوب األشراف وخاطب ُكالً على قدر طاقته‪.‬‬
‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬أعرض عن َّ‬

‫وقال فارس رحمه هللا‪ :‬فأعرض عنهم وعظهم وتوكل‪ ،‬وال يصح للعبد توكل وهو‬

‫ال يجد غير هللا معوالً‪.‬‬

‫َع ِر ْ‬
‫ض َع ْن ُه ْم} بقولك وأعرض عنهم بفعلك‪.‬‬ ‫وقيل فى قوله عز وجل‪َ { :‬فأ ْ‬

‫{وُقل َّل ُه ْم ِفي أ َْنُف ِس ِه ْم َق ْوالً َبلِيغاً}‪.‬‬


‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال الجنيد رحمه هللا‪ :‬كلمهم على مقادير العقول ومحتمل الطاقة‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬أرهم عيوب ما يعتمدونه من طاعتهم‪.‬‬

‫َنف ِس ِهم َق ًَ ْوالً َبلِ ً‬


‫يغا} [اآلية‪.]63 :‬‬ ‫{وُقل َل ُه ْم فى أ ُ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫مبلغا بلسانك كنه ما فى قلبك بأحسن العبادة عنى‪.‬‬


‫قال سهل رحمه هللا‪ً :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النساء (من اآلية ‪ 46‬الى اآلية ‪)46‬‬

‫اس َم ْع َغ ْي َر ُم ْس َم ٍع َوَٰرِعَنا َلياً ِبأَْل ِسَنِت ِه ْم َو َ‬


‫ط ْعناً ِفي‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫ص ْيَنا َو ْ‬ ‫ين َه ُادوْا ُي َح ِرُفو َن اْل َكل َم َعن َّم َواضعه َوَيُقوُلو َن َسم ْعَنا َو َع َ‬ ‫م َن الذ َ‬
‫َّللاُ ِب ُكْف ِرِه ْم َفالَ ُي ْؤ ِمُنو َن ِإالَّ َقلِيالً‬
‫ان َخ ْي اًر َّل ُه ْم َوأَ ْق َوَم َوَل ِكن َّل َعَن ُه ُم َّ‬ ‫ين َوَل ْو أََّن ُه ْم َقاُلوْا َس ِم ْعَنا َوأَ َ‬ ‫ِ‬
‫الد ِ‬
‫ظ ْرَنا َل َك َ‬
‫اس َم ْع َو ْان ُ‬
‫ط ْعَنا َو ْ‬

‫اس َم ْع َغ ْي َر ُم ْس َم ٍع} [اآلية‪.]46 :‬‬ ‫قوله عز وجل‪ِ :‬‬


‫ص ْيَنا َو ْ‬
‫{سم ْعَنا َو َع َ‬
‫َ‬

‫مع المبتغى فى ذلك الفهم وهو التفضيل‪.‬‬


‫الس ُ‬
‫قال‪ :‬إذا سمع ولم يفهم فهو غير مسموع‪ ،‬وإذا سمع وفهم فهو َّ‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 62‬الى اآلية ‪)62‬‬

‫اَّللِ ِإ ْن أ ََرْدَنآ ِإالَّ ِإ ْح َٰسناً َوتَ ْوِفيقاً‬


‫وك َي ْحلُِفو َن ِب َّ‬
‫آء َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫ِ‬ ‫َف َك ْي َ ِ‬
‫ف إ َذآ أ َٰ‬
‫َصَب ْت ُه ْم ُّمص َيب ٌة ب َما َقد َم ْت أ َْيديه ْم ثُ َّم َج ُ‬
‫ص َيب ٌة ِبما َقَّدم ْت أ َْي ِد ِ‬
‫يه ْم} [اآلية‪.]62 :‬‬ ‫قوله عز زجل‪َ { :‬ف َكيف ِإ َذآ أَصاب ْتهم ُّم ِ‬
‫َْ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ ُْ‬

‫قيل‪ :‬أعظم المصائب اشتغالك عن هللا عز وجل‪ ،‬وأعظم الغنائم اشتغالك باهلل تعالى‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫أج ُّل المصائب ذهاب وقتك عنك بال فائدة‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬المصائب كثيرة و َ‬

‫وقال أبو الحسين الوراق رحمه هللا‪ :‬أعظم المصائب سقوط الحرمة من قلبك ونزع الحياء من وجهك ونقل السنن عن‬
‫جوارحك‪.‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 64‬الى اآلية ‪)64‬‬

‫َّ ِ َّ‬ ‫طاع ِبِإ ْذ ِن َّ ِ‬ ‫ومآ أَرسْلنا ِمن َّرس ٍ َّ‬


‫ول َلَو َج ُدوْا‬
‫الرُس ُ‬
‫استَ ْغَف َر َل ُه ُم َّ‬
‫َّللاَ َو ْ‬
‫استَ ْغَف ُروْا َّ‬
‫وك َف ْ‬
‫آء َ‬
‫َّللا َوَل ْو أَن ُه ْم إذ ظَل ُموْا أ َْنُف َس ُه ْم َج ُ‬ ‫ول ِإال لُِي َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َْ َ‬
‫ِ‬
‫َّللاَ تََّواباً َّرحيم ًا‬
‫َّ‬

‫قوله عز وجل‪{ :‬وَلو أََّنهم ِإذ َّ‬


‫ظَل ُموْا أ َْنُف َس ُه ْم} [اآلية‪.]64 :‬‬ ‫َ ْ ُْ‬

‫قال‪ :‬بالمخالفات قصدوك فدللتهم على سبيل الموافقة‪.‬‬

‫إلى‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫وقيل‪ :‬ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬جعلوك الوسيلة إلى الوصلة ليصلوا َّ‬
‫من لم يجعل قصده إلينا على سبيلك‪ ،‬وسنتك وهداك ضل الطريق وأخطأ الرشد‪.‬‬

‫قال بعضهم رحمه هللا‪{ :‬وَلو أََّنهم ِإذ َّ‬


‫ظَل ُموْا أ َْنُف َس ُه ْم} بالمخالفات قصدوك فدللتهم على سبيل الموافقة‪.‬‬ ‫َ ْ ُْ‬

‫وقيل‪{ :‬وَلو أََّنهم ِإذ َّ‬


‫ظَل ُموْا أ َْنُف َس ُه ْم} باإلعراض عنا‪ ،‬استشفعوا بك إلينا ألقبلنا عليهم بالبر والفضل‪.‬‬ ‫َ ْ ُْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النساء (من اآلية ‪ 65‬الى اآلية ‪)65‬‬

‫ض ْي َت َوُي َسلِ ُموْا تَ ْسلِيماً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َفالَ وربِك الَ يؤ ِمُنو َن حتَّى يح ِكم ِ‬
‫يما َش َج َر َب ْيَن ُه ْم ثُ َّم الَ َي ِج ُدوْا في أ َْنُفس ِه ْم َح َرجاً م َّما َق َ‬
‫وك ف َ‬
‫َ ٰ َُ ُ َ‬ ‫َ َ َ ُْ‬

‫يما َش َج َر َب ْيَن ُه ْم} [اآلية‪.]65 :‬‬ ‫قوله عز وجل‪َ { :‬فالَ وربِك الَ يؤ ِمُنو َن حتَّى يح ِكم ِ‬
‫وك ف َ‬
‫َ ٰ َُ ُ َ‬ ‫َ َ َ ُْ‬

‫قال بعضهم رحمه هللا فى هذه اآلية‪ :‬أظهر الحق عز وجل على حبيبه صلى هللا عليه وسلم خلعة من خلع الربوبية‪.‬‬
‫سببا إليقان الموقنين‪ ،‬فأسقط عنهم‬
‫سببا إليمان المؤمنين‪ ،‬كما جعل الرضا بقضائه ً‬
‫فجعل الرضا بقضائه َساء أم سر ً‬
‫اسم الواسطة‪ ،‬ألنه متصف بأوصاف الحق عز وجل متخلق بأخالقه أال ترى كيف قال حسان بن ثابت‪:‬‬

‫*‬ ‫محمد‬
‫ٌ‬ ‫محمود وهذا‬
‫ٌ‬ ‫ف ُذوا العرش‬ ‫*‬

‫وقال بعضهم‪ :‬هذا فى مخالفات الرسول فكيف فى مخالفة أوامر هللا تعالى وأحكامه‪ ،‬هل هو إال الدخول فى خبر‬
‫المخالفين‪.‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 66‬الى اآلية ‪)66‬‬

‫ِ‬ ‫اخرجوْا ِمن ِدي ِارُكم َّما َفعُلوه ِإالَّ َقلِ ِ‬


‫ظو َن ِبه َل َك َ‬
‫ان‬ ‫يل م ْن ُه ْم َوَل ْو أََّن ُه ْم َف َعُلوْا َما ُي َ‬
‫وع ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫َوَل ْو أََّنا َكتَْبَنا َعَل ْي ِه ْم أ ِ‬
‫َن ا ْقُتُلوْا أ َْنُف َس ُك ْم أ َِو ْ ُ ُ‬
‫َخ ْي اًر َّل ُه ْم َوأ َ‬
‫َشَّد تَ ْثِبيتاً‬

‫{وَل ْو أََّنا َكتَْبَنا َعَل ْي ِه ْم أ ِ‬


‫َن ا ْقُتُلوْا أ َْنُف َس ُك ْم} [اآلية‪.]66 :‬‬ ‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال محمد بن الفضل رحمه هللا‪ :‬اقتلوا أنفسكم بمخالفة هواها أو اخرجوا من دياركم‪ ،‬يعنى أخرجوا ُح َّب الدنيا من‬
‫قلوبكم‪ ،‬ما فعلوه إال قليل فى العدد كثير فى المعانى‪ ،‬وهم أهل التوفيق والواليات الصادقة‪.‬‬

‫َّللاَ}‪.‬‬
‫اع َّ‬ ‫ول َفَق ْد أَ َ‬
‫ط َ‬ ‫{م ْن ُي ِط ِع َّ‬
‫الرُس َ‬ ‫قوله عز وجل‪َّ :‬‬

‫قال جعفر بن محمد الصادق رحمة هللا عليه‪ :‬من عرفك يا محمد بالرسالة والنبوة فقد عرفنى بالربوبية واإللهية‪.‬‬

‫قال سهل رحمه هللا‪ :‬من يطع الرسول فى سنته فقد أطاع هللا فى فرائضه‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬ألهل المعرفة همة االقتداء بالنبى صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫وقال ً‬

‫قال‪ :‬من صحح االقتداء بالنبى صلى هللا عليه وسلم وألزم نفسه طاعته‪ ،‬أوصله هللا تعالى إلى مقامات األنبياء‬
‫ين أ َْن َع َم‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫{و َمن ُي ِط ِع َّ‬
‫ول َفأ ُْوَلـٰئ َك َم َع الذ َ‬
‫الرُس َ‬
‫َّللاَ َو َّ‬ ‫صلوات هللا تعالى عليهم وسالمه‪ ،‬والصديقين والشهداء‪ .‬قال هللا تعالى‪َ :‬‬
‫ُّ ِ‬
‫آء و َّ ِ ِ‬ ‫ِِِ‬ ‫َّللاُ َعَل ْي ِهم ِم َن َّ‬
‫ين} [اآلية‪.]69 :‬‬ ‫الصالح َ‬ ‫ين َوالش َه َد َ‬ ‫النِبِي َ‬
‫ين َوالصديق َ‬ ‫َّ‬

‫وقال بعضهم‪ :‬لم يصل األنبياء والصديقون إلى الرتب األعلى بأفعالهم‪ ،‬ولكن أنعم هللا عليهم فأوصلهم‪ ،‬وليس يصل‬
‫وباطنا‪.‬‬
‫ً‬ ‫أحد إلى تلك الرتب إال بمالزمة الرسول صلى هللا عليه وسلم ظاه اًر‬

‫وقال بعضهم‪ :‬المتحققون فى طاعة الرسول مع األنبياء والمقتصدون مع الشهداء والظالمون مع الصالحين‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬طاعة الرسول صلى هللا عليه وسلم طاعة للحق عز وجل لفنائه عن أوصافه وقيامه بأوصاف الحق‪ ،‬وفنائه‬
‫وباطنا‪ ،‬وطاعته طاعته وذكره ذكره‪ ،‬فيه يصل العبد إلى الحق وبمخالفته يقطع عنه‪.‬‬
‫ً‬ ‫عن رسومه وبقائه بالحق ظاه اًر‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النساء (من اآلية ‪ 75‬الى اآلية ‪)75‬‬

‫َخ ِر ْجَنا ِم ْن َهـ ِٰذِه اْلَق ْرَي ِة‬ ‫َّ ِ‬ ‫الرج ِ ِ ِ‬


‫ال َوالن َسآء َواْل ِوْل َٰد ِن الذ َ‬
‫ين َيُقوُلو َن َربََّنآ أ ْ‬ ‫ين م َن ِ َ‬
‫َّللاِ واْلمستَضعِف ِ‬
‫يل َّ َ ُ ْ ْ َ َ‬ ‫وما َل ُكم الَ تَُٰقِتُلو َن ِفي سِب ِ‬
‫َ‬ ‫ََ ْ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫اج َع ْل لَنا من ل ُد ْن َك َنصي اًر‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ ِ‬
‫اج َع ْل لَنا من ل ُد ْن َك َولياً َو ْ‬
‫َهُل َها َو ْ‬‫الظال ِم أ ْ‬

‫اج َع ْل َّلَنا ِمن َّل ُد ْن َك َوِلياً} [اآلية‪.]75 :‬‬


‫{و ْ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫وليا يدلنا منك عليك‪.‬‬


‫قيل‪ً :‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 76‬الى اآلية ‪)76‬‬

‫الش ْي َٰ‬ ‫الش ْي َٰ‬


‫ط ِن ِإ َّن َك ْي َد َّ‬ ‫وت َف َٰقِتُلوْا أَولَِياء َّ‬ ‫يل َّٰ‬
‫الط ُغ ِ‬ ‫ين َكَفروْا ي َٰقِتُلو َن ِفي سِب ِ‬ ‫يل َّ ِ َّ ِ‬
‫ين آمُنوْا ي َٰقِتُلو َن ِفي سِب ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ط ِن َك َ‬
‫ان‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َّللا َوالذ َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫الذ َ َ ُ‬
‫ض ِعيفاً‬ ‫َ‬
‫اغ ِ‬
‫وت} [اآلية‪.]76 :‬‬ ‫ين َكَفروْا يَق ِاتُلو َن ِفي سِب ِ‬
‫يل َّ‬ ‫يل َّ ِ َّ ِ‬
‫ين آمُنوْا يَق ِاتُلو َن ِفي سِب ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫الط ُ‬ ‫َ‬ ‫َّللا َوالذ َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫قوله عز وعال‪{ :‬الذ َ َ ُ‬

‫قال سهل بن عبد هللا‪ :‬المؤمنون خصماء هللا على أنفسهم‪ ،‬وأبدانهم‪ ،‬والمنافقون خصماء النفس على هللا‪ ،‬يبتدرون إلى‬
‫السؤال والدعاء وال يرضون بما يختار لهم وهو سبيل الطاغوت‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النساء (من اآلية ‪ 77‬الى اآلية ‪)77‬‬

‫اس‬ ‫ال ِإ َذا َف ِري ٌق ِم ْن ُه ْم َي ْخ َش ْو َن َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص َٰلوة وآتُوْا َّ ٰ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ ِ‬ ‫أََلم تَر ِإَلى َّال ِذ ِ‬
‫الن َ‬ ‫وة َفَل َّما ُكت َب َعَل ْيه ُم اْلقتَ ُ‬
‫الزَك َ‬ ‫يموْا َّ َ َ‬‫يل َل ُه ْم ُكفوْا أ َْيدَي ُك ْم َوأَق ُ‬
‫ين ق َ‬‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫الد ْنيا َقلِيل و ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َشَّد َخ ْشَي ًة وَقاُلوْا َربََّنا لِم َكتَْب َت َعَل ْيَنا اْلِقتَال َلوال أ َّ ِ‬ ‫َكخ ْشي ِة َّ ِ‬
‫اآلخ َرةُ َخ ْيٌر‬ ‫َخ ْرتََنا إَل ٰى أَ َجل َق ِريب ُق ْل َمتَاعُ ُّ َ ٌ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّللا أ َْو أ َ‬ ‫َ َ‬
‫ظَل ُمو َن َفِتيالً‬
‫لِ َم ِن اتََّق ٰى َوالَ تُ ْ‬

‫يل َل ُه ْم ُكُّفوْا أ َْي ِدَي ُك ْم} [اآلية‪.]77 :‬‬ ‫قوله عز وعال‪{ :‬أََلم تَر ِإَلى َّال ِذ ِ‬
‫ين ق َ‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬

‫قيل‪ :‬وفيه قصروا أيديكم عن تناول الشهوات‪.‬‬

‫يل}‪.‬‬‫قوله عز وعال‪ُ{ :‬قل متَاعُ ُّ ِ‬


‫الد ْنَيا َقل ٌ‬ ‫ْ َ‬

‫قال محمد بن الفضل‪ :‬متاع الدنيا قليل وأقل قيمة منها من يطلبها ويفرح بها‪،‬‬

‫ولآلخرة خير لمن اتقى الدنيا وأهلها والركون إليها‪.‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬قل متاع الدنيا قليل‪َ :‬ه ِون الدنيا فى أعينهم‪ ،‬لئال يشق عليهم تركها‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النساء (من اآلية ‪ 78‬الى اآلية ‪)78‬‬

‫َّللاِ وإِن تُ ِ‬
‫ص ْب ُه ْم َسِيَئ ٌة‬ ‫ِِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬
‫ونوْا ُي ْد ِركك ُم اْل َم ْو ُت َوَل ْو ُكنتُ ْم في ُب ُرو ٍج ُّم َشي ََّدة َوإِن تُص ْب ُه ْم َح َسَن ٌة َيُقوُلوْا َهـٰذه م ْن عند َّ َ‬
‫أ َْيَن َما تَ ُك ُ‬
‫َّللاِ َفم ِ‬
‫ال َهـ ُٰؤال ِء اْلَق ْو ِم الَ َي َك ُادو َن َيْفَق ُهو َن َح ِديث ًا‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِِ ِ ِ ِ‬
‫ك ُق ْل ُك ٌّل م ْن عند َّ َ‬ ‫َيُقوُلوْا َهـٰذه م ْن عند َ‬

‫َّللاِ} [اآلية‪.]78 :‬‬


‫قوله تعالى‪ُ{ :‬ق ْل ُك ٌّل ِم ْن ِع ِند َّ‬

‫سمعت النصرآباذى يقول‪ :‬الكل منه ومن عنده‪ ،‬ولكن ال يطيب ما منه ومن عنده إال بما به وبماله‪.‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 79‬الى اآلية ‪)79‬‬

‫اَّللِ َش ِهيداً‬ ‫اك لِ َّلن ِ‬


‫اس َرُسوالً َوَكَف ٰى ِب َّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫َص َاب َك من َسِيَئة َفمن َّنْفس َك َوأ َْرَسْلَن َ‬
‫َّمآ أَصابك ِمن حسن ٍة َف ِمن َّ ِ‬
‫َّللا َو َمآ أ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ْ َ ََ‬

‫َّللاِ} [اآلية‪.]79 :‬‬


‫َص َاب َك ِم ْن َح َسَن ٍة َف ِم َن َّ‬
‫{مآ أ َ‬
‫قوله عز وعال‪َّ :‬‬

‫أجل الحسنات والنعم عليك أن عرفك نفسه ووفقك لشكر نفسه وألهمك ذكره‪.‬‬
‫قال محمد بن على‪ُّ :‬‬

‫َص َاب َك ِمن َسِيَئ ٍة َف ِمن َّنْف ِس َك}‪.‬‬


‫{و َمآ أ َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫بداها التباع هواها وتركها رضا موالها‪ ،‬وهى من النفس األمارة بالسوء‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النساء (من اآلية ‪ 82‬الى اآلية ‪)82‬‬

‫اخِتالَفاً َكِثي اًر‬ ‫ِ‬ ‫أََفالَ يتدبَّرون اْلُقرآن وَلو َكان ِمن ِع ِند غي ِر َّ ِ‬
‫َّللا َل َو َج ُدوْا ِفيه ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ ََ ُ َ ْ َ َ ْ َ ْ‬

‫قوله تعالى‪{ :‬أََفالَ َيتَ َدب َُّرو َن اْلُق ْر َ‬


‫آن} [اآلية‪.]82 :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬أال يتعظون بكريم مواعظه ويتبعون محاسن أوامره‪.‬‬

‫فسمى قرآناً؛ ألن الصفة ال تزايل‬


‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ُ :‬سمى قرًآنا ألنه صفة هللا عز وجل فال تزايله بك قارئه ُ‬
‫الموصوف‪.‬‬

‫سمعت أبا عثمان المغربى يقول‪ :‬تدبرك فى الخلق تدبر عبرة‪ ،‬وتدبرك فى نفسك تدبر موعظة‪ ،‬وتدبرك فى القرآن‬
‫تدبر حقيقة ومكاشفة‪.‬‬

‫جرأك به على تالوة خطابه‪ ،‬ولوال ذلك لكلت األلسن عن تالوته‪.‬‬ ‫{أََفالَ َيتَ َدب َُّرو َن اْلُق ْر َ‬
‫آن} َّ‬

‫سمعت أبا الحسين الفارسى يقول‪ :‬سمعت أبا الحسين يقول‪ :‬سمعت على بن حميد يقول‪ :‬سمعت السرى يقول‪َ :‬ف ُ‬
‫هم‬
‫الناس من َف ِه َم أسرار القرآن وتدبر فيه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫آن} قال‪ :‬تدبروا بفهمه‪ ،‬وال يكون التدبير إال لمن عرف المقاصد فيه ونطق‬
‫قال سهل فى قوله‪{ :‬أََفالَ َيتَ َدب َُّرو َن اْلُق ْر َ‬
‫بمعنى الحق‪.‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 83‬الى اآلية ‪)83‬‬

‫ين َي ْستَْنِب ُ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف أَ َذ ِ ِ‬ ‫وإِ َذا جآءهم أَمر ِمن األَم ِن أ َِو اْلخو ِ‬
‫ون ُه‬
‫طَ‬ ‫ول َوإَِل ٰى أ ُْولِي األ َْم ِر م ْن ُه ْم َل َعل َم ُه الذ َ‬ ‫اعوْا به َوَل ْو َرُّدوهُ إَلى َّ ُ‬‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ َ ُْ ٌْ َ ْ‬
‫ان ِإالَّ َقلِيالً‬
‫طَ‬ ‫َّللاِ َعَل ْي ُكم وَر ْحمتُ ُه الَتََّب ْعتُم َّ‬
‫الش ْي َ‬ ‫ض ُل َّ‬ ‫ِ‬
‫م ْن ُه ْم َوَل ْوالَ َف ْ‬
‫ُ‬ ‫ْ َ َ‬

‫ين َي ْستَْنِب ُ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرس ِ‬ ‫ِ‬


‫ون ُه} [اآلية‪.]83 :‬‬
‫طَ‬ ‫ول َوإَِل ٰى أ ُْولِي األ َْم ِر م ْن ُه ْم َل َعل َم ُه الذ َ‬ ‫{وَل ْو َرُّدوهُ إَلى َّ ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬لو أخذوا طريق السنة وطريق األكابر فى إرادتهم‪ ،‬ألوصلهم ذلك إلى مقامات جليلة من مقامات‬
‫اإليمان التى هى محل مقامات االستنباط وطريق المكاشفات قال أبو سعيد الخراز‪ :‬إن هلل عباداً يدخل عليهم الخلل‪،‬‬
‫ولوال ذلك لفسدوا‬

‫كتاب وال جاء به خبر‪ ،‬لكن‬


‫وتعطلوا وذلك أنهم إذا بلغوا من العلم غاية‪ ،‬صاروا إلى العلم المجهول الذى لم ينصه ٌ‬
‫العقالء العارفون يحتجون به من الكتاب والسنة بحسن االستنباط ومعرفتهم‪.‬‬

‫ون ُه ِم ْن ُه ْم}‪.‬‬ ‫ين َي ْستَْنِب ُ‬ ‫ِ َّ ِ‬


‫طَ‬ ‫قال هللا تعالى‪َ{ :‬ل َعل َم ُه الذ َ‬

‫قال الحسين‪ :‬استنباط القرآن على مقدار تقوى العبد فى ظاهره وباطنه وتمام معرفته‪ ،‬وهذا أجل مقامات اإليمان‪.‬‬

‫َّللاِ َعَل ْي ُك ْم َوَر ْح َمتُ ُه}‪.‬‬


‫ض ُل َّ‬
‫{وَل ْوالَ َف ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬لوال فضله عليكم فى قبول طاعتكم‪ ،‬لخسرتم ما ضمن لكم فى آخرتكم ولكن برحمته نجاكم من‬
‫ُخسرانكم وتفضل عليكم بما نجاكم‪.‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 89‬الى اآلية ‪)89‬‬

‫َّ‬ ‫يل َّ ِ‬
‫اجروْا ِفي سِب ِ‬
‫ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫َّللا َفِإ ْن تََول ْوْا َف ُخ ُذ ُ‬
‫وه ْم‬ ‫َ‬ ‫آء َحتَّ ٰى ُي َه ُ‬ ‫ِ‬
‫آء َفالَ تَتخ ُذوْا م ْن ُه ْم أ َْولَي َ‬
‫َوُّدوْا َل ْو تَ ْكُف ُرو َن َك َما َكَف ُروْا َفتَ ُك ُ ن‬
‫ونو َ َس َو ً‬
‫وا ْقُتُلوهم حي ُث وجدتُّموهم والَ تَتَّ ِخ ُذوْا ِم ْنهم ولِياً والَ ن ِ‬
‫صي اًر‬ ‫ُْ َ َ َ‬ ‫َ ُْ َْ َ َ ُ ُْ َ‬

‫آء} [اآلية‪.]89 :‬‬ ‫{وُّدوْا َل ْو تَ ْكُف ُرو َن َك َما َكَف ُروْا َفتَ ُك ُ ن‬
‫ونو َ َس َو ً‬ ‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪َ :‬وَّد أهل الدعاوى الفاسدة أن يكون المتحققون فى أحوالهم أمثالهم فأظهر عليهم فضائح دعاويهم‪.‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 97‬الى اآلية ‪)97‬‬

‫َّللاِ َو ِاس َع ًة‬


‫ض َّ‬ ‫ين ِفي األَْر ِ‬
‫ض َقاْلوْا أََل ْم تَ ُك ْن أ َْر ُ‬
‫ظالِ ِمي أ َْنُف ِس ِهم َقاُلوْا ِفيم ُكنتُم َقاُلوْا ُكَّنا مستَ ِ‬
‫ض َعف َ‬
‫ُْ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬
‫ِإ َّن َّال ِذين تَوَّفاهم اْلم ِ‬
‫الئ َك ُة َ‬ ‫َ َ ُُ َ‬
‫َفتُها ِجروْا ِفيها َفأُوَلـِٰئك مأْواهم جهَّنم وسآء ْت م ِ‬
‫صي اًر‬ ‫َ ْ َ َ َ ُْ َ َ ُ َ َ َ َ‬ ‫َ ُ‬

‫يها} [اآلية‪.]97 :‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أََلم تَ ُكن أَرض َّ ِ ِ‬


‫َّللا َواس َع ًة َفتُ َهاج ُروْا ف َ‬ ‫ْ ْ ْ ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫حدثنا محمد بن عبد هللا بن شاذان قال‪ :‬حدثنا زيد بن عبد هللا الرومى بمصر قال‪ :‬سمعت عبد هللا بن ُحبيق قال‪:‬‬
‫سمعت يوسف بن أسباط قال‪ :‬سمعت الهندى يقول‪ :‬حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه على بن الحسين عن أبيه قال‪:‬‬
‫سمعت على بن أبى طالب عليه السالم يقول‪ :‬ليس بين أحدكم وبين أرض نسب فخير البالد ما حملكم‪.‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 94‬الى اآلية ‪)94‬‬

‫ض اْل َح َٰيوِة‬ ‫َّللاِ َفتََبيَُّنوْا َوالَ تَُقوُلوْا لِ َم ْن أَْلَقى ِإَل ْي ُك ُم َّ‬


‫السالَ َم َل ْس َت ُم ْؤ ِمناً تَْبتَ ُغو َن َع َر َ‬ ‫يل َّ‬‫ضربتُم ِفي سِب ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫آمُنوْا إ َذا َ َ ْ ْ‬‫ين َ‬
‫ٰيأَي َّ ِ‬
‫ُّها الذ َ‬‫َ َ‬
‫ان ِب َما تَ ْع َمُلو َن َخِبي اًر‬ ‫َّللاُ َعَل ْي ُك ْم َفتََبيَُّنوْا ِإ َّن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٰ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّللا َم َغان ُم َكث َيرةٌ َكذل َك ُك ْنتُ ْم من َقْب ُل َف َم َّن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬
‫َّللاَ َك َ‬ ‫الد ْنَيا َفع ْن َد َّ‬

‫َّللاِ َفتََبيَُّنوْا َوالَ تَُقوُلوْا} [اآلية‪.]94 :‬‬ ‫ضربتُم ِفي سِب ِ‬


‫يل َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫آمُنوْا إ َذا َ َ ْ ْ‬
‫ين َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬يا أَي َّ ِ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ َ‬

‫قال‪ :‬إذا سافرتم فاطلبوا أولياء هللا وتثبتوا أن ال تفوتكم مشاهدتهم‪ ،‬فإنها الفوائد فى األسفار وموضع التثبت واالستقامة‪.‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 95‬الى اآلية ‪)95‬‬

‫ِ‬
‫َّللاُ اْل ُم َٰج ِهد َ‬
‫ين‬ ‫ض َل َّ‬‫َّللاِ ِبأ َْم َٰولِ ِه ْم َوأ َْنُف ِس ِه ْم َف َّ‬ ‫سِب ِ‬
‫يل َّ‬ ‫َ‬ ‫الض َرِر َواْل ُم َٰج ِه ُدو َن ِفي‬
‫ين َغ ْي ُر أ ُْولِي َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِٰ‬
‫ال َي ْستَ ِوي اْلَقع ُدو َن م َن اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٰ‬ ‫ِ‬ ‫ين َد َر َج ًة َوُكـالًّ َو َع َد َّ‬ ‫ٰ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َج اًر َعظيم ًا‬ ‫ين أ ْ‬‫ين َعَلى اْلَقعد َ‬ ‫َّللاُ اْل ُم َٰج ِهد َ‬
‫َّ‬ ‫َّللاُ اْل ُح ْسَن ٰى َوَف َّ‬
‫ض َل‬ ‫ِبأ َْم َٰول ِه ْم َوأ َْنُفس ِه ْم َعَلى اْلَقعد َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َج اًر َع ِظيماً} [اآلية‪.]95 :‬‬
‫ين أ ْ‬
‫ِِ‬
‫ين َعَلى اْلَقاعد َ‬
‫ِِ‬
‫َّللاُ اْل ُم َجاهد َ‬ ‫{وَف َّ‬
‫ض َل َّ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬العاملين باألمر بالمعروف والنهى عن المنكر على القاعدين عنه أج اًر عظيماً‪.‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 98‬الى اآلية ‪)98‬‬

‫يعو َن ِحيَل ًة َوالَ َي ْهتَ ُدو َن َسِبي ً‬


‫ال‬ ‫ِ‬ ‫ال و ِ‬
‫الن َس ِآء َواْل ِوْل َد ِ‬ ‫ين ِم َن ِ ِ‬ ‫ِإالَّ اْلمستَ ِ‬
‫ان الَ َي ْستَط ُ‬ ‫الر َج َ‬ ‫ض َعف َ‬
‫ُْ ْ‬

‫يعو َن ِحيَل ًة َوالَ َي ْهتَ ُدو َن َسِبيالً} [اآلية‪.]98 :‬‬ ‫ِ‬


‫قوله تعالى‪{ :‬الَ َي ْستَط ُ‬

‫قال أبو سعيد‪ :‬هم الذين أسرهم البالء واستولى عليهم‪ ،‬حتى صار البالء عليهم الحال وطناً‪ ،‬ثم أفنى عنهم شاهد‬
‫البالء بإثبات علم البالء‪ ،‬فدل عليهم علم األشياء بما تثابت عليهم علم الحق وذلك حين ردت عليهم صفاتهم بعد‬
‫محو آثارهم‪ ،‬فإذ ذاك ال يستطيعون حيلة وال يهتدون سبيال‪.‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 100‬الى اآلية ‪)100‬‬

‫َّللاِ َوَرُسوِل ِه ثُ َّم ُي ْد ِرْك ُه‬


‫ض ُم َٰرَغماً َكِثي اًر َو َس َع ًة َو َمن َي ْخ ُرْج ِمن َب ْيِت ِه ُم َها ِج اًر ِإَلى َّ‬ ‫َّللاِ َي ِج ْد ِفي األ َْر ِ‬ ‫ومن يها ِجر ِفي سِب ِ‬
‫يل َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َُ ْ‬
‫ِ‬
‫َّللاُ َغُفو اًر َّرحيم ًا‬
‫ان َّ‬ ‫ِ‬
‫َّللا َوَك َ‬
‫َج ُرهُ َعلى َّ‬
‫َ‬ ‫اْل َم ْو ُت َفَق ْد َوَق َع أ ْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َّللاِ َوَرُسوِل ِه} [اآلية‪.]100 :‬‬
‫{و َمن َي ْخ ُرْج ِمن َب ْيِت ِه ُم َها ِج اًر ِإَلى َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال‪ :‬أن يهاجر عما دون هللا عز وجل وقال بعضهم‪ :‬أن يخرج من جميع مراداته وهواه ً‬
‫متبعا ألمر هللا وما يوصله‬
‫إلى رضوانه‪.‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 102‬الى اآلية ‪)102‬‬

‫ط ِآئَف ٌة ِم ْنهم َّمعك وْليأْخ ُذوْا أَسلِحتَهم َفِإ َذا سجدوْا َفْلي ُكونوْا ِمن ورِآئ ُكم وْلتَأ ِ‬
‫ْت‬ ‫وة َفْلتَُق ْم َ‬ ‫وإِ َذا كنت ِفي ِهم فأَقمت َلهم َّ ٰ‬
‫ََ ْ َ‬ ‫َ َُ َ ُ‬ ‫ْ َ ُْ‬ ‫ُْ َ َ َ َ ُ‬ ‫الصَل َ‬ ‫ْ َ َْ َ ُُ‬ ‫َ ُ َ‬
‫َسلِ َحِت ُك ْم َوأ َْمِت َعِت ُك ْم‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُخر ٰى َلم يصُّلوْا َفْليصُّلوْا معك وْليأ ُ ِ‬ ‫َِ‬
‫ين َكَف ُروْا َل ْو تَ ْغُفُلو َن َع ْن أ ْ‬
‫ْخ ُذوْا ح ْذ َرُه ْم َوأ َْسل َحتَ ُه ْم َوَّد الذ َ‬ ‫ُ َ ََ َ َ َ‬ ‫طآئَف ٌة أ ْ َ ْ ُ َ‬
‫ض ُعوْا أ َْسلِ َحتَ ُك ْم َو ُخ ُذوْا‬ ‫ان ِب ُك ْم أَ ًذى ِمن َّم َ‬
‫ط ٍر أ َْو ُكنتُ ْم َّم ْر َ‬
‫ضى أَن تَ َ‬ ‫اح َعَل ْي ُك ْم ِإن َك َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َفَيميُلو َن َعَل ْي ُك ْم َّمْيَل ًة َواح َد ًة َوالَ ُجَن َ‬
‫ين َع َذاباً ُّم ِهيناً‬ ‫َّللا أ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ح ْذ َرُك ْم ِإ َّن َّ َ َ‬
‫َعَّد لْل َكاف ِر َ‬

‫نت ِفي ِه ْم َفأََق ْم َت َل ُه ُم َّ‬


‫الصالَ َة} [اآلية‪.]102 :‬‬ ‫{وإِ َذا ُك َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الحسين‪ :‬ليس هلل مقام وال شهود فى ناديه وال استهالل فى حيزه وال ذهول فى عظمه‪ ،‬يقطع عن آداب الشريعة وال‬
‫علما للغير ال له ومما يصحح هذا قوله‪ :‬وإذا كنت‬
‫له مقام وقف فيه الموحدين أشهدهم فصبح أن جزنا بها عليهم ً‬
‫أدبا لهم وهو فى الحقيقة فى عين الحصول ال يرجع إلى‬
‫فيهم فأقمت لهم الصالة‪ ،‬فجعل إقامته للصالة ً‬

‫غير الحق فى متصرفاته‪ ،‬وال يشهد سواه فى سعاياته‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬ما دمت فيه فإن الصالة تكون قائمة‪ ،‬وإذا غبت‬
‫الصالَ َة ِإالَّ َو ُه ْم ُك َساَل ٰى} [التوبة‪.]54 :‬‬
‫أيضا كما قال‪َ { :‬والَ َيأْتُو َن َّ‬
‫فالصالة آتية ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النساء (من اآلية ‪ 103‬الى اآلية ‪)103‬‬

‫الص َٰلوة ِإ َّن َّ ٰ‬ ‫ِ‬ ‫فِإ َذا قضيتم َّ ٰ‬


‫وة َك َان ْت َعَلى‬
‫الصَل َ‬ ‫يموْا َّ َ‬‫ط َمأَْننتُ ْم َفأَق ُ‬ ‫َّللاَ ِقَياماً َوُق ُعوداً َو َعَل ٰى ُجُنوب ُ‬
‫ِك ْم َفِإ َذا ا ْ‬ ‫وة َفا ْذ ُك ُروْا َّ‬
‫الصَل َ‬ ‫َ َ َ ْ ُُ‬
‫ين ِك َٰتباً َّم ْوُقوت ًا‬ ‫ِ‬
‫اْل ُم ْؤ ِمن َ‬

‫َّللاَ ِقَياماً َوُق ُعوداً َو َعَل ٰى ُجُنوب ُ‬


‫ِك ْم} [اآلية‪.]103 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬فا ْذ ُك ُروْا َّ‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬وقت هللا العبادات كلها بالمواقيت إال الذكر‪ ،‬فإنه أمرك به على كل حال وفي كل أوان‪.‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 105‬الى اآلية ‪)105‬‬

‫َّللا والَ تَ ُكن لِْلخ ِآئِنين خ ِ‬ ‫اب ِباْل َح ِق لِتَ ْح ُكم َب ْي َن َّ‬ ‫ِ‬
‫صيماً‬ ‫ْ َ َ َ‬ ‫اس ِب َمآ أ ََر َ‬
‫اك َّ ُ َ‬
‫الن ِ‬
‫َ‬ ‫ِإَّنآ أ َْن َ ْزلَنا ِإَل ْي َك اْلكتَ َ‬

‫َّللاُ} [اآلية‪.]105 :‬‬ ‫اس ِب َمآ أ ََر َ‬


‫اك َّ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬لِتَ ْح ُكم َب ْي َن َّ‬
‫الن ِ‬
‫َ‬

‫قال سهل‪ :‬بما علمك هللا من الحكمة فى القرآن والشريعة‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬لتحكم بين الناس بما أراك وأظهره لك ال على ما يظهرونه‪ ،‬فإن رؤيتك لهم رؤية كشف وعيان‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء فى هذه اآلية‪ :‬بما أراك هللا فإنك بنا ترى وعنا تنطق‪ ،‬وأنت بمرأى منا ومسمع‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النساء (من اآلية ‪ 139‬الى اآلية ‪)139‬‬

‫العَّزَة ََّّللِ َج ِميعاً‬


‫َّال ِذين يتَّ ِخ ُذو َن اْل َك ِاف ِرين أَولِيآء ِمن دو ِن اْلمؤ ِمِنين أَيبتَ ُغو َن ِعندهم اْل ِعَّزة َفِإ َّن ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُُ‬ ‫ُ ْ َ َْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََْ‬ ‫َ َ‬

‫العَّزَة ََّّللِ َج ِميعاً} [اآلية‪.]139 :‬‬


‫قوله تعالى‪{ :‬أَيبتَ ُغو َن ِعندهم اْل ِعَّزة َفِإ َّن ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُُ‬ ‫َْ‬

‫قال القاسم‪ :‬أتطلب العز عند من عززته‪ ،‬وال تطلبه منى وأنا الذى عززته‪.‬‬

‫قال الحسين‪ :‬من اعتز بغير الحق فبعزه ذل‪.‬‬

‫قوله تعالى‪{ :‬أََي ْبتَ ُغو َن ِع َند ُه ُم اْل ِعَّزَة} [اآلية‪.]139 :‬‬

‫قال محمد بن الفضل‪ :‬كيف تبتغى العزة ممن عزه بغيره‪ ،‬فاطلب العزة من مظانها ومعدنها ومكانها‪ ،‬قال هللا عز‬
‫العَّزَة ََّّللِ َج ِميعاً} فمن اعتز بالعز أعزه‪ ،‬ومن اعتز بغيره أذله‪.‬‬
‫وجل‪َ { :‬فِإ َّن ِ‬

‫روى عن النبى صلى هللا عليه وسلم أنه قال‪ " :‬من اعتز بالعبيد أذله هللا‪ ،‬فابتغ العز من عند رب‬

‫العبيد يعزك فى الدنيا واآلخرة‬

‫‪".‬‬

‫وقال سهل‪{ :‬أََي ْبتَ ُغو َن ِع َند ُه ُم اْل ِعَّزَة} قال‪ :‬النعمة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال أبو سعيد‪ :‬العارف باهلل ال يرى العز إال منه‪.‬‬

‫وقال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬ما مالت السريرة إلى حب العز إال ظهر خوفها‪ ،‬وما مالت البحيرة إلى حب الدنيا إال‬
‫ظهر ظلمتها عليه‪ ،‬فصارت عن الباب محجوبة مصروفة‪.‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 107‬الى اآلية ‪)107‬‬

‫ان َخَّواناً أَِثيم ًا‬ ‫ِ‬ ‫ين َي ْختَ ُانو َن أ َْنُف َس ُه ْم ِإ َّن َّ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫َّللاَ الَ ُيح ُّب َمن َك َ‬ ‫َوالَ تُ َجاد ْل َع ِن الذ َ‬
‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫{والَ تُ َجاد ْل َع ِن الذ َ‬
‫ين َي ْختَ ُانو َن أ َْنُف َس ُه ْم} [اآلية‪.]107 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬خيانة النفس اتباع هواها ومرادها وترك نصيحتها‪.‬‬

‫سمعت محمد بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت الحسن بن على البامعانى يقول‪ :‬من خان هللا فى السر هتك ستره فى‬
‫العالنية‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النساء (من اآلية ‪ 108‬الى اآلية ‪)108‬‬

‫َّللاُ ِب َما َي ْع َمُلو َن ُم ِحيطاً‬ ‫ِ‬ ‫اس والَ يستخُفون ِمن َّ ِ‬ ‫َي ْستَ ْخُفو َن ِم َن َّ‬
‫ض ٰى م َن اْلَق ْو ِل َوَك َ‬
‫ان َّ‬ ‫َّللا َو ُه َو َم َع ُه ْم ِإ ْذ ُيَبِيتُو َن َما الَ َي ْر َ‬ ‫الن ِ َ َ ْ َ ْ َ َ‬

‫َّللاِ} [اآلية‪.]108 :‬‬


‫اس َوالَ َي ْستَ ْخُفو َن ِم َن َّ‬ ‫{ي ْستَ ْخُفو َن ِم َن َّ‬
‫الن ِ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫ومبعدا عنه‪.‬‬
‫ً‬ ‫قال محمد بن الفضل‪ :‬من لم يكن أعظم شئ فى قلبه رُّبه‪ ،‬كان جاهالً‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 113‬الى اآلية ‪)113‬‬

‫َّ ِ ِ‬ ‫وَلوالَ َفضل َّ ِ‬


‫َّللاُ‬ ‫ون َك ِمن َش ْي ٍء َوأ َ‬
‫َنزَل َّ‬ ‫ضُّر َ‬
‫َّ‬ ‫ِ ُّ‬
‫وك َو َما ُيضلو َن ِإال أ َْنُف َس ُه ْم َو َما َي ُ‬
‫ِ ُّ‬
‫َّللا َعَل ْي َك َوَر ْح َمتُ ُه َل َه َّم ْت طآئَف ٌة م ْن ُه ْم أَن ُيضل َ‬ ‫َْ ْ ُ‬
‫َّللاِ َعَل ْي َك َع ِظيماً‬
‫ض ُل َّ‬ ‫ان َف ْ‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫اب َواْلح ْك َم َة َو َعل َم َك َما َل ْم تَ ُك ْن تَ ْعَل ُم َوَك َ‬
‫ِ‬
‫َعَل ْي َك اْلكتَ َ‬

‫َّللاِ َعَل ْي َك َع ِظيماً} [اآلية‪.]113 :‬‬


‫ض ُل َّ‬
‫ان َف ْ‬
‫{وَك َ‬
‫َ‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬إنما عظمت بالمباشرة فاحتمل الذات بعد ما احتمل الصفات‪ ،‬وموسى صلى هللا عليه‬
‫وسلم احتمل الصفات ولم يحتمل الذات‪.‬‬

‫نك }‬
‫َّللاُ َع َ‬
‫وقال بعضهم‪ُ :‬فضلت فى األزل بالفضائل وقد تغتر فى المشاهد العثرة‪ ،‬كما قال هللا عز وجل‪َ { :‬عَفا َّ‬
‫[التوبة‪ ]43 :‬فتعاتب ثم ترد إلى الفضل الذى جرى لك فى األزل‪.‬‬

‫{و َعَّل َم َك َما َل ْم تَ ُك ْن تَ ْعَل ُم}‪.‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫أيضا‪ :‬العلوم أربعة‪:‬‬
‫عرفك قدر نفسك وقال ً‬
‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪َّ :‬‬

‫علم المعرفة‪ ،‬وعلم العبارة‪ ،‬وعلم العبودية‪ ،‬وعلم الخدمة‪ .‬جعل حظك منها أوفر الحظوظ‪.‬‬

‫قال أبو يزيد‪ :‬العلم علمان‪ :‬علم بيان وعلم برهان‪.‬‬

‫قال سهل‪ :‬العلماء ثالثة‪ :‬عالم باهلل ال عالم بأمر هللا وال بأيام هللا وهم المؤمنون‪.‬‬

‫وعالم باهلل‪ :‬عالم بأمر هللا ال عالم بأيام هللا وهم العلماء‪.‬‬

‫وعالم باهلل‪ :‬عالم بأمر هللا عالم بأيام هللا فهم النبيون والصديقون‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬علمتك من مكنون أسرارى ما لم تعلمه إالَّ بى‪.‬‬

‫وقال أبو محمد الجريرى‪ :‬األدلة ثالثة‪ :‬العلماء والحكماء‪ ،‬واألكابر‪ ،‬فالعلماء يرون ظاهر األشياء ومناقبها‪ ،‬والحكماء‬
‫يرون باطن األشياء وعيوبها‪ ،‬واألكابر يرون عيون األشياء وحقائقها‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬العلماء أربعة‪ :‬عالم حظه من هللاِ هللاُ‪ .‬وعالم حظه من هللا العلم‪ ،‬والمعرفة باهلل‪ ،‬وعالم حظه السير إلى‬
‫اآلخرة‪ .‬وعالم حظه علم السير إلى اآلخرة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النساء (من اآلية ‪ 114‬الى اآلية ‪)114‬‬

‫اس ومن يْفعل ٰذلِك ابِت َغآء مرض ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫اهم ِإالَّ م ْن أ ِ‬ ‫الَّ خير ِفي َكِث ٍ ِ‬
‫ات‬ ‫الن ِ َ َ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ‬ ‫صالَ ٍح َب ْي َن َّ‬
‫ص َد َقة أ َْو َم ْع ُروف أ َْو إ ْ‬
‫َم َر ب َ‬
‫َ َ‬ ‫ير من َّن ْج َو ُ ْ‬ ‫َ َْ‬
‫َج اًر َع ِظيماً‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ف ُن ْؤِتيه أ ْ‬
‫َّللا َف َس ْو َ‬

‫النا ِ‬
‫صالَ ٍح َب ْي َن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫اهم ِإالَّ م ْن أ ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬الَّ خير ِفي َكِث ٍ ِ‬
‫س} [اآلية‪.]114 :‬‬ ‫ص َد َقة أ َْو َم ْع ُروف أ َْو إ ْ‬
‫َم َر ب َ‬
‫َ َ‬ ‫ير من َّن ْج َو ُ ْ‬ ‫َ َْ‬

‫قيل‪ :‬األخير فى الجماعات إال ما يعود نفعه عليك أو على أهل مجلسك‪.‬‬

‫وقيل‪ِ{ :‬إالَّ من أَمر ِبصد َق ٍة} إال من تصدق على نفسه بمنعه عن أذى المسلمين وارتكاب المحارم {أَو معر ٍ‬
‫وف} قيل‪:‬‬ ‫ْ َ ُْ‬ ‫َ ْ ََ َ َ‬
‫المعروف حث النفس على ُسبل الرشاد‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬إال من تصدق بنفسه على الخلق فال ينتقم لنفسه‪.‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 118‬الى اآلية ‪)118‬‬

‫َّللا وَقال ألَتَّ ِخ َذ َّن ِمن ِعب ِادك ن ِ‬


‫صيباً َّمْف ُروضاً‬ ‫َّ‬
‫ْ َ َ َ‬ ‫ل َعَن ُه َّ ُ َ َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬ألَتَّ ِخ َذ َّن ِمن ِعب ِادك ن ِ‬
‫صيباً َّمْف ُروضاً} [اآلية‪.]118 :‬‬ ‫ْ َ َ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬إن كان إليك شىء من القدرة والقوة َف ِ‬
‫اغو جيداً سوى ما جعل له من النصيب المفروض‬
‫عند ذلك يظهر عجزه وضعفه‪.‬‬

‫وقال بعضهم فى هذه اآلية‪ :‬أكثَ َر فى أعينهم طاعاتهم وأغلق دونهم أبواب اإلنابة ورؤية الفضل‪.‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 120‬الى اآلية ‪)120‬‬

‫ان ِإالَّ ُغ ُرو اًر‬


‫طُ‬ ‫الش ْي َ‬ ‫ِِ‬
‫يهم وما َي ِع ُد ُهم َّ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َيع ُد ُه ْم َوُي َمن ْ َ َ‬
‫{ي ِع ُد ُهم وُيمِن ِ‬
‫يه ْم} [اآلية‪.]120 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ َ ْ َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬يعدهم طول العمر والموت غايتهم ويمنيهم الغنى والفقر سبيلهم‪.‬‬

‫ان ِإالَّ ُغ ُرو اًر‪}.‬‬


‫طُ‬ ‫{وما َي ِع ُد ُهم َّ‬
‫الش ْي َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬

‫إال ما يقربهم من الدنيا ويبعدهم عن اآلخرة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النساء (من اآلية ‪ 125‬الى اآلية ‪)125‬‬

‫يم َخلِيالً‬ ‫ومن أَحسن ِديناً ِم َّمن أَسَلم وجهه هلل وهو مح ِسن واتَّبع ِمَّل َة ِإب ٰرِهيم حِنيفاً واتَّخ َذ َّ ِ ِ‬
‫َّللاُ إ ْب َراه َ‬ ‫َْ َ َ َ َ‬ ‫ْ ْ َ َ ْ َ ُ َ َُ ُ ْ ٌ َ َ‬ ‫ََْ َْ ُ‬

‫َح َس ُن ِديناً ِم َّم ْن أ َْسَل َم َو ْج َه ُه هلل َو ُه َو ُم ْح ِس ٌن} [اآلية‪.]125 :‬‬


‫{و َم ْن أ ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قيل‪ :‬من أحسن حاالً ممن رضى بالمقدور‪ ،‬ومجازيها عليه من العسر واليسر‪ ،‬وأسلم قلبه إلى ربه وأخلص وجهه له‪،‬‬
‫السنة للمصطفى صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫وهو محسن أى متبع ُّ‬

‫َح َس ُن ِديناً ِم َّم ْن أ َْسَل َم َو ْج َه ُه هلل َو ُهَو ُم ْح ِس ٌن} أى وهو يحسن أن يسلم‬
‫{و َم ْن أ ْ‬
‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬فى قوله‪َ :‬‬
‫وجهه هلل‪ ،‬فمن دخل على السلطان مسرًعا بطاعته بغير أدب فما ناله من المكروه أكثر‪ ،‬فلذلك من ال يحسن أن يبقى‬
‫وال يحسن أن يسلم وجهه هلل‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬ومن أحسن طريقة إلى هللا ممن أسلم دينه له ولم يشرك فيه غيره‪.‬‬

‫يم َحِنيفاً}‪.‬‬ ‫َّ ِ َّ ِ ِ‬


‫قوله تعالى‪{ :‬واتَب َع مل َة إ ْب َراه َ‬

‫قال ابن طاهر‪ :‬يخرج من الكونين إقباالً منه على الحق‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬يبذل نفسه لربه وولده التباع أمره وماله شفقة على خلقه‪.‬‬

‫قال سهل بن عبد هللا‪ :‬كانت ملة إبراهيم السخاء وحاله التبرى من كل شىء سوى هللا‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫أال تراه قال لجبريل صلى هللا عليهما‪" :‬أما إليك فال" لم يعتمد فى الكونين سواه‪.‬‬

‫خالصا للحق فيما يبدو له وعليه‪.‬‬


‫ً‬ ‫مطهر من أدناس الكون‪،‬‬
‫ًا‬ ‫حنيفا‪ :‬أى‬
‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ً :‬‬

‫يم َخلِيالً}‪.‬‬ ‫قال تعالى‪{ :‬واتَّخ َذ َّ ِ ِ‬


‫َّللاُ إ ْب َراه َ‬ ‫َ َ‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬اتخذه فلما اتخذه اختص به‪.‬‬

‫الخَّله وأنشد‪:‬‬
‫شيئا غيره‪ ،‬وذلك حقيقة ُ‬
‫قال ابن عطاء‪ :‬اتخذه خليالً فلم يخالل سرائره ً‬

‫الخليل خليالً‬ ‫وب َذا ُسمى‬ ‫الروح ِ‬


‫منى‬ ‫لك ُّ‬ ‫َّ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫قد تخللت َم َس َ‬

‫الغليالَ‬
‫كنت َ‬
‫وإذا ما َس َك ُت ُ‬ ‫َفِإ َذا َما َن ُ‬
‫طقت كنت حديثى‬

‫قال الحسن‪ :‬اتخذه خليالً وال صنع إلبراهيم فيه وذلك موضع َّ‬
‫المنة‪ ،‬ثم أثنى عليه بالخلة وذلك فعل الخلة‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬أخاله عن الكل حتى كان له بالكلية‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬تخالـله أنوار بره فسماه خليالً‪.‬‬

‫وقال محمد بن عيسى الهاشمى‪ :‬سمى خليالً ألنه خال به عما سواه‪.‬‬

‫يم َخلِيالً}‬ ‫منصور يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم بإسناده عن جعفر بن محمد عليه السالم فى قوله‪{ :‬واتَّخ َذ َّ ِ ِ‬
‫َّللاُ إ ْب َراه َ‬ ‫َ َ‬ ‫ًا‬ ‫سمعت‬
‫قال‪ :‬أظهر اسم الخلة إلبراهيم‪ ،‬ألن الخليل ظاهر فى المعنى وأخفى اسم المحبة لمحمد صلى هللا عليه وسلم لتمام‬
‫حاله‪ ،‬إذ ال يحب الحبيب إظهار‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫حال حبيبه‪ ،‬بل يحب إخفاءه وستره‪ ،‬لئال يطلع عليه سواه وال يدخل أحد فيما بينهما وقال لنبيه وصفيه محمد صلى هللا‬
‫عليه وسلم لما أظهر له حال المحبة‪ُ { :‬ق ْل ِإن ُكنتُ ْم تُ ِحبُّو َن َّ‬
‫َّللاَ َفاتَِّب ُعوِني } [آل عمران‪ .]31 :‬أى‪ :‬ليس الطريق إلى‬
‫محبة هللا إال باتباع حبيبه وطلب رضاه‪.‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 128‬الى اآلية ‪)128‬‬

‫ض َر ِت‬
‫الصْلح خير وأُح ِ‬
‫صْلحاً َو ُّ ُ َ ْ ٌ َ ْ‬
‫وإِ ِن ام أرَةٌ َخا َف ْت ِمن بعلِها ُن ُشو اًز أَو ِإعراضاً َفالَ جَن ْاح عَلي ِهمآ أَن ي ِ‬
‫صل َحا َب ْيَن ُه َما ُ‬
‫ُْ‬ ‫ُ َ َْ َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ َْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ان ب َما تَ ْع َمُلو َن َخبي اًر‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬
‫األنُف ُس الش َّح َوإِن تُ ْحسُنوْا َوتَتُقوْا َفإ َّن َّ‬
‫َّللاَ َك َ‬ ‫ْ‬

‫ض َر ِت ْ‬
‫األنُف ُس ُّ‬
‫الشحَّ} [اآلية‪.]128 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وأُح ِ‬
‫َ ْ‬

‫قال النورى‪ :‬ألزمت األشباح مخالفة الحق فى جميع األحوال‪ ،‬وشحها ما يضرها فى طلب الدنيا‪.‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 129‬الى اآلية ‪)129‬‬

‫صلِ ُحوْا َوتَتَُّقوْا َفِإ َّن َّ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّللاَ‬ ‫صتُ ْم َفالَ تَميُلوْا ُك َّل اْل َمْي ِل َفتَ َذ ُر َ‬
‫وها َكاْل ُم َعلَقة َوِإن تُ ْ‬ ‫يعوْا أَن تَ ْعدُلوْا َب ْي َن الن َسآء َوَل ْو َح َر ْ‬
‫َوَلن تَ ْستَط ُ‬
‫ان َغُفو اًر َّرِحيماً‬
‫َك َ‬

‫يعوْا أَن تَ ْع ِدُلوْا َب ْي َن ا ِلن َس ِآء} [اآلية‪.]129 :‬‬ ‫ِ‬


‫{وَلن تَ ْستَط ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫فكيف تستطيعون أن تعدلوا بينكم وبين الحق وليس من العدل أن تحب ما يشغلك عن حبيبك وليس من العدل أن‬
‫تفتر عن طاعة من ال يفتر عن برك‪.‬‬

‫قوله تعالى‪َ { :‬فالَ تَ ِميُلوْا ُك َّل اْل َمْي ِل}‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬الجوارح تبع القلب‪ ،‬ألنه أمير أمرك أن تخالفه إذا خالفت الحق‪.‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 131‬الى اآلية ‪)131‬‬

‫َّللاَ َوإِن تَ ْكُف ُروْا َفِإ َّن ََّّللِ َما‬


‫َن اتَُّقوْا َّ‬ ‫اب ِمن َقْبلِ ُك ْم َوإِي ُ‬
‫َّاك ْم أ ِ‬ ‫ِ‬
‫ين أُوتُوْا اْلكتَ َ‬
‫َّ ِ‬
‫ص ْيَنا الذ َ‬ ‫ض َوَلَق ْد َو َّ‬‫الس ٰم ٰو ِت وما ِفي األ َْر ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َوََّّلل َما في َّ َ َ َ َ‬
‫َّللاُ َغِنياً َح ِميداً‬
‫ان َّ‬
‫ض َوَك َ‬‫الس ٰم ٰو ِت وما ِفي األ َْر ِ‬
‫في َّ َ َ َ َ‬
‫ِ‬

‫َن اتَُّقوْا َّ‬


‫َّللاَ} [اآلية‪.]131 :‬‬ ‫اب ِمن َقْبلِ ُك ْم َوإِي ُ‬
‫َّاك ْم أ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ين أُوتُوْا اْلكتَ َ‬
‫ص ْيَنا الذ َ‬
‫{وَلَق ْد َو َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬أمر الكل بالتقوى‪ ،‬وأوصل إلى التقوى من جرى له فى السبق عناية‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النساء (من اآلية ‪ 135‬الى اآلية ‪)135‬‬

‫ِين ِإن َي ُك ْن َغِنياً أ َْو َفِقي اًر َف َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٰيأَيُّها َّال ِذين آمنوْا ُكونوْا َق َّٰو ِمين ِباْلِقس ِط شهد ِ‬
‫اَّللُ أ َْوَل ٰى‬ ‫آء ََّّلل َوَل ْو َعَلى أ َْنُفس ُك ْم أ َِو اْل َٰول َد ْي ِن َواألَْق َرب َ‬‫ْ ُ ََ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ َ‬
‫ان ِب َما تَ ْع َمُلو َن َخِبي اًر‬ ‫ضوْا َفِإ َّن َّ‬ ‫ِ‬
‫َّللاَ َك َ‬ ‫ِب ِه َما َفالَ تَتَِّب ُعوْا اْل َه َو ٰى أَن تَ ْعدُلوْا َوإِن َتْل ُووْا أ َْو تُ ْع ِر ُ‬

‫آء ََّّللِ} [اآلية‪.]135 :‬‬ ‫ام ِ ِ ِ‬


‫ين باْلق ْسط ُش َه َد َ‬
‫ِ‬
‫ونوْا َقَّو َ‬
‫آمُنوْا ُك ُ‬
‫ين َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬يا أَي َّ ِ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ َ‬

‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬لن يصل إلى قلبك روح التوحيد وله عندك حق لم تقضه أو لم تؤده‪.‬‬

‫اَّللِ َح ِسيباً} [اآلية‪.]6 :‬‬


‫{وَكَف ٰى ِب َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬الحسيب الذى ال يضيع عنده عمل‪ .‬وقيل‪ :‬الحسيب الكريم فى المحاسبة أن يوفيك ما لك وال يناقشك‬
‫فيما عليك‪.‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 136‬الى اآلية ‪)136‬‬

‫اَّللِ‬
‫َنزَل ِمن َقْب ُل َو َمن َي ْكُف ْر ِب َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫امنوْا ِب َّ ِ‬ ‫ٰيأَي َّ ِ‬
‫اَّلل َوَرُسولِه َواْل ِك ٰتَ ِب َّالذي َنَّزَل َعَل ٰى َرُسولِه َواْل ِك ٰتَ ِب اَّلذي أ َ‬ ‫ِ‬
‫امُنوْا َء ُ‬
‫ين َء َ‬ ‫ُّها الذ َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضالَالً َبعيداً‬ ‫ض َّل َ‬ ‫َو َمآلئ َكته َوُكتُِبه َوُرُسله َواْلَي ْو ِم اآلخ ِر َفَق ْد َ‬

‫اَّللِ َوَرُسولِ ِه} [اآلية‪.]136 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬يا أَيُّها َّال ِذين آمنوْا ِ‬
‫آمُنوْا ِب َّ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ُسئل فارس ما معنى هذه اآلية وليس فى ظاهرها التجريد‪ ،‬قال‪ :‬التجريد إنما يقع بلسان السر من جهة موافقة الحق‪،‬‬
‫اَّللِ َوَرُسولِ ِه} يريد تكرار اإليمان‪.‬‬ ‫ومعنى اآلية ِ‬
‫{آمُنوْا ِب َّ‬

‫اَّللِ َوَرُسولِ ِه}‪ :‬أى َيا أيُّها المدعون تجريد اإليمان فى من غير‬ ‫وقال بعضهم فى قوله {يا أَيُّها َّال ِذين آمنوْا ِ‬
‫آمُنوْا ِب َّ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ َ‬
‫واسطة‪ ،‬ال سبيل لكم إلى الوصول إلى غير التجريد إال بقبول الوسائط واتباعهم آمنوا باهلل ورسوله‪.‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 146‬الى اآلية ‪)146‬‬

‫ِ‬ ‫ف ُي ْؤ ِت َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِإالَّ َّال ِذين تابوْا وأَصَلحوْا واعتصموْا ِب َّ ِ‬
‫َج اًر‬ ‫َّللاُ اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين أ ْ‬ ‫صوْا د َين ُه ْم ََّّلل َفأ ُْوَلـٰئ َك َم َع اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين َو َس ْو َ‬ ‫َخَل ُ‬
‫اَّلل َوأ ْ‬ ‫َ َ ُ َ ْ ُ َ َْ َ ُ‬
‫َع ِظيم ًا‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إالَّ َّال ِذين تابوْا وأَصَلحوْا واعتصموْا ِب َّ ِ‬
‫صوْا د َين ُه ْم ََّّلل َفأ ُْوَلـٰئ َك َم َع اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين} [اآلية‪.]146 :‬‬ ‫َخَل ُ‬
‫اَّلل َوأ ْ‬ ‫َ َ ُ َ ْ ُ َ َْ َ ُ‬

‫ولم يقل من المؤمنين‪ ،‬لنعلم أن االجتهاد ال يؤثر فى سبق األزل‪.‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬التوبة‪ :‬الرجوع من أبواب االختالف إلى أبواب االئتالف‪.‬‬

‫وقال محمد بن الفضل‪ :‬االعتصام‪ :‬التشبث السنة وطريق السلف‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬تابوا من المخالفات وأصلحوا ظواهرهم باتباع الرسول واعتصموا باهلل وألقوا حبال القوة والحول عن‬
‫ظواهرهم وبواطنهم وأخلصوا دينهم هلل‪ ،‬لم تمنعهم رؤية الناس عن القيام بالخدمة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال سهل‪ :‬تابوا من التوبة‪.‬‬

‫وقال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬التوبة‪ :‬الرجوع عما تأمرك به نفسك والطبع والهوى‪.‬‬

‫وقال سهل‪ :‬تابوا من غفالتهم عن الطاعات فى كل ساعة وأو ٍ‬


‫ان‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ظاهر يعنى‬
‫ًا‬ ‫قال بعضهم‪َ { :‬فأ ُْوَلـٰئ َك َم َع اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين} ال من المؤمنين‪ ،‬فإنهم مع المؤمنين‬

‫اطنا‪.‬‬
‫ظاهر وب ً‬
‫ًا‬ ‫َج اًر َع ِظيماً}‬
‫ين أ ْ‬
‫ِ‬ ‫ف ُي ْؤ ِت َّ‬
‫َّللاُ اْل ُم ْؤ ِمن َ‬ ‫{و َس ْو َ‬
‫المنافقين‪ ،‬وهم معنا بتوبتهم فى الباطن‪ .‬قال هللا تعالى‪َ :‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 147‬الى اآلية ‪)147‬‬

‫َّللا َش ِ‬
‫اك اًر َعلِيماً‬ ‫َّما َيْف َعل َّ ِ ِ ِ‬
‫ان َّ ُ‬
‫آم ْنتُ ْم َوَك َ‬
‫َّللاُ ب َع َذاب ُك ْم إن َش َك ْرتُ ْم َو َ‬ ‫ُ‬

‫آم ْنتُ ْم} [اآلية‪.]147 :‬‬ ‫{ما َيْف َعل َّ ِ ِ ِ‬


‫َّللاُ ب َع َذاب ُك ْم إن َش َك ْرتُ ْم َو َ‬ ‫ُ‬ ‫قوله تعالى‪َّ :‬‬

‫قال الحسين ما يفعل هللا بتعذيبكم أنفسكم فى أنواع المجاهدات إن شكرتم‪ ،‬أن طالعتم برِى وإحسانى إليكم وآمنتم‪ .‬قال‪:‬‬
‫قطعتم الهمم عمن سواى‪.‬‬

‫ور} [المائدة‪.]15 :‬‬ ‫قوله‪َ { :‬قد جآء ُكم ِمن َّ ِ‬


‫َّللا ُن ٌ‬ ‫ْ َ َ ْ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫اجا إلى بيت مظلم فيدور‪.‬‬
‫قال عطاء‪ :‬العبد ينال بهذا النور ما هو أجل من النور‪ ،‬من أخذ سر ً‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 148‬الى اآلية ‪)148‬‬

‫َّللاُ َس ِميعاً َعلِيماً‬


‫ان َّ‬ ‫وء ِمن اْلَقو ِل ِإالَّ من ُ ِ‬
‫ظل َم َوَك َ‬ ‫َ‬ ‫الس ِ َ ْ‬ ‫الَّ ُي ِح ُّب َّ‬
‫َّللاُ اْل َج ْه َر ِب ُّ‬

‫وء ِم َن اْلَق ْو ِل ِإالَّ َمن ُ‬


‫ظلِ َم} [اآلية‪.]148 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬الَّ ُي ِح ُّب َّ‬
‫َّللاُ اْل َج ْه َر ِب ُّ‬
‫الس ِ‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬ال يرضى هللا من عباده بإسماع الخفاء ألمثاله‪ ،‬إال من جحد نعم هللا عنده فى البينات‬
‫والبراهين‪.‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 153‬الى اآلية ‪)153‬‬

‫َخ َذ ْت ُه ُم‬ ‫وس ٰى أَ ْكَب َر ِمن ٰذلِ َك َفَقاُلوْا أ َِرَنا َّ‬


‫َّللاَ َج ْه َرًة َفأ َ‬
‫اب أَن تُن ِزل عَلي ِهم ِكتَاباً ِمن َّ ِ‬
‫الس َمآء َفَق ْد َسأَُلوْا ُم َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َْ ْ‬
‫َهل اْل ِكتَ ِ‬
‫َي ْسأَُل َك أ ْ ُ‬
‫طان ًا ُّمِبين ًا‬ ‫ِٰ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص ِ‬
‫اعَق ُة ِب ُ ِ ِ‬
‫وس ٰى ُسْل َ‬ ‫ات َف َعَف ْوَنا َعن ذل َك َوآتَْيَنا ُم َ‬ ‫آء ْت ُه ُم اْلَبِيَن ُ‬ ‫َّ‬
‫ظْلمه ْم ثُ َّم ات َخ ُذوْا اْلع ْج َل من َب ْعد َما َج َ‬ ‫َّ‬

‫طاناً ُّمِبيناً} [اآلية‪.]153 :‬‬


‫وس ٰى ُسْل َ‬
‫{وآتَْيَنا ُم َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬قوة عظيمة على سماع المخاطبة من كالم الحق‪.‬‬

‫سلطانا على نفسه فى مخالفتها وهو المبين الظاهر للخلق‪.‬‬


‫ً‬ ‫وقيل‪ :‬أعطى‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 162‬الى اآلية ‪)162‬‬

‫لصٰلوةَ واْلم ْؤتُو َن َّ‬ ‫ِِ‬ ‫ُنزل ِإَليك ومآ أ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫َّلـ ِٰك ِن َّ ِ‬
‫اة‬
‫الزَك َ‬ ‫ين ا َّ َ ُ‬ ‫ُنزَل من َقْبل َك َواْل ُمقيم َ‬ ‫الراس ُخو َن في اْلعْل ِم م ْن ُه ْم َواْل ُم ْؤمُنو َن ُي ْؤمُنو َن ب َمآ أ ِ َ َ َ َ‬
‫َج اًر َع ِظيماً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واْلمؤ ِمنون ِب َّ ِ‬
‫اَّلل َواْلَي ْو ِم اآلخ ِر أ ُْوَلـٰئ َك َسُن ْؤِتي ِه ْم أ ْ‬ ‫َ ُْ ُ َ‬

‫الر ِاس ُخو َن ِفي اْل ِعْل ِم ِم ْن ُه ْم} [اآلية‪.]162 :‬‬


‫قوله تعالى‪{َّ :‬لـ ِٰك ِن َّ‬

‫قيل‪ :‬الراسخون فى العلم هم‪ :‬العلماء باهلل‪ ،‬والعلماء بأمر هللا‪ ،‬والمتبعون سنة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬الراسخون فى العلم هم الواقفون مع حدود العلم وشرائطه ال يتجاوزونه ُّ‬


‫بالرَخص والتأويالت‪.‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 172‬الى اآلية ‪)172‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫الئ َك ُة اْلمَقَّربون ومن يستن ِكف عن ِعبادِت ِه ويست ْكِبر َفسيحشرهم ِإَل ِ‬
‫يه‬ ‫نكف اْلم ِسيح أَن ي ُكون عبداً ََّّللِ والَ اْلم ِ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ُ ُ َ َ َ َ ْ َْ ْ َ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ ُ ُ ُ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫لن َي ْستَ َ َ ُ َ َ َ ْ‬
‫َج ِميعاً‬

‫يح أَن َي ُكو َن َع ْبداً ََّّللِ} [اآلية‪.]172 :‬‬ ‫ِ‬


‫ف اْل َمس ُ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬لن َي ْستَنك َ‬

‫أحد من القيام بالعبودية‪ ،‬فكيف يأنف منه وبه يتقرب إلى مواله؟‬
‫قيل‪ :‬ال يأنف ٌ‬

‫أحد من عبودية من يظهر على العبيد آثار صنائع الربوبية‪ ،‬كما أظهر على عيسى صلى‬
‫قال بعضهم‪ :‬كيف يأنف ٌ‬
‫هللا عليه وسلم فى إحياء الموتى وغيره‪.‬‬

‫سورة النساء (من اآلية ‪ 174‬الى اآلية ‪)174‬‬

‫ان ِمن َّرب ُ‬


‫ِك ْم َوأ َْن َ ْزلَنآ ِإَل ْي ُك ْم ُنو اًر ُّمِبيناً‬ ‫آء ُك ْم ُب ْرَه ٌ‬
‫اس َق ْد َج َ‬
‫ُّها َّ‬
‫الن ُ‬ ‫َيا أَي َ‬

‫ان ِمن َّرب ُ‬


‫ِك ْم} [اآلية‪.]174 :‬‬ ‫آء ُك ْم ُب ْرَه ٌ‬
‫اس َق ْد َج َ‬
‫ُّها َّ‬
‫الن ُ‬ ‫{يا أَي َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫سمعت محمد بن الحسن البغدادى يقول‪ :‬سمعت محمد بن أحمد بن سهل يقول‪ :‬سمعت سعيد التمار يقول‪ :‬سمعت ذا‬
‫النون المصرى رحمة هللا عليه وعليهم يقول‪ :‬استقرت منار الدجى وقامت حجة هللا على خلقه فآخذ بحظه ومضيع‬
‫لنفسه‪.‬‬

‫{وأ َْن َ ْزلَنآ ِإَل ْي ُك ْم ُنو اًر ُّمِبيناً} [اآلية‪.]174 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫خطابا من القرآن فيه محل الشفاء ألسرار العارفين‪ ،‬والمبين ما يتبين به كل شىء‪.‬‬
‫ً‬ ‫قيل‪:‬‬

‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 1‬الى اآلية ‪)1‬‬

‫الص ْي ِد َوأ َْنتُ ْم ُح ُرٌم ِإ َّن َّ‬


‫َّللاَ َي ْح ُك ُم َما‬ ‫يم ُة األ َْن َعا ِم ِإالَّ َما ُي ْتَل ٰى َعَل ْي ُك ْم َغ ْي َر ُم ِحلِي َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ َّ‬ ‫ِ‬
‫آمُنوْا أ َْوُفوْا باْل ُعُقود أُحل ْت َل ُك ْم َبه َ‬
‫ين َ‬
‫ٰيأَي َّ ِ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ‬
‫ُي ِر ُيد‬

‫آمُنوْا} [اآلية‪.]1 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬يا أَي َّ ِ‬


‫ين َ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ َ‬

‫قال سرى‪ :‬أى خواص الخواص من عبادى‪.‬‬

‫قال ذو النون‪ :‬عالقة المؤمن خلع الراحة وإعطاء المجهود فى الطاعة ومحبة سقوط المنزلة‪.‬‬

‫قلوبا ال تغفل عنى وال تحجب دونى طرفة‬ ‫وقال ابن عطاء فى قوله {يا أَي َّ ِ‬
‫آمُنوْا}‪ :‬أى يا أيها الذين أعطيتهم ً‬
‫ين َ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ َ‬
‫عين‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬اإليمان إيمانان إيمان بضياء الروح وهو الحقيقي‪ ،‬وإيمان محبة بظلمة الروح‪ ،‬لذلك‬
‫استثنى من استثنى فى إيمانه‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬صفة المؤمن كاألرض تحمل األذى وتنبت المرعى‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال محمد بن خفيف‪ :‬اإليمان تصديق القلوب بما َعَّلمه الحق من الغيوب‪.‬‬

‫آمُنوْا} قال فيه أربع خصال‪ :‬نداء وكناية‪ ،‬وإشارة وشهادة‪ ،‬فيا نداء وأى‬ ‫وقال جعفر بن محمد فى قوله {يا أَي َّ ِ‬
‫ين َ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ َ‬
‫خصوص نداء وها كناية والذين إشارة وآمنوا شهادة‪.‬‬

‫آمُنوْا}‪ :‬هم الذين خصصتهم ببرى ومشاهدتى ال يكونون كمن أعميتهم عن‬ ‫قال ابن عطاء فى قوله‪{ :‬يا أَي َّ ِ‬
‫ين َ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ َ‬
‫مشاهدتى ومطالعة برى‪.‬‬

‫وقال فارس‪ :‬اإليمان تعظيم الحقيقة‪ ،‬وصون الشريعة والرضا بالقضية‪ ،‬حتى تستيقن أنه ليس إليك من حركاتك‬
‫وسكونك شىء‪.‬‬

‫قوله تعالى‪{ :‬أ َْوُفوْا ِباْل ُعُقوِد}‪.‬‬

‫قيل‪ :‬أول ٍ‬
‫عقد ُعِقد عليك إجابتك له بالربوبية‪ ،‬فال تخالفه بالرجوع إلى سواه‪.‬‬

‫والعقد الثانى‪ :‬عقد بحمل األمانة فال تحقرنها‪.‬‬

‫تلون عليها المقصود‪.‬‬


‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬العقود إذا لم تشهد القصور َّ‬

‫وقال إبراهيم الخواص‪ :‬من عرف الحق بوفاء العهد ألزمته تلك المعرفة السكون إليه واالعتماد عليه‪.‬‬

‫وقال أبو محمد الجريرى‪ :‬الوفاء متصل بالصفاء‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن َّ‬
‫َّللاَ َي ْح ُك ُم َما ُي ِر ُيد}‪.‬‬

‫وهدى لسبيل رشده‪ ،‬ومن سخطه‬


‫قال جعفر‪ :‬حكم بما أراد وأمضى‪ ،‬وإرادته ومشيئته نافذة‪ ،‬فمن رضى بحكمه استراح ُ‬
‫ٍ‬
‫ماض وله فيه السخط والهوان‪.‬‬ ‫فإن حكمه‬

‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 3‬الى اآلية ‪)3‬‬

‫السُب ُع‬
‫َك َل َّ‬ ‫يح ُة َو َمآ أ َ‬ ‫َّللاِ ِب ِه واْلمنخِنَق ُة واْلموُقوَذة واْلمتَرِدي ُة و َّ ِ‬‫ير َو َمآ أ ُِه َّل لِ َغ ْي ِر َّ‬
‫َواْلَّدم َوَل ْحم اْل ِخ ْن ِز ِ‬
‫ُح ِرَم ْت َعَل ْي ُك ُم اْل َم ْيتَ ُة‬
‫النط َ‬ ‫َ ُْ َ َ َ ْ ُ َ ُ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين َكَف ُروْا من دين ُك ْم َفالَ تَ ْخ َش ْو ُه ْم‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٰ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِإالَّ َما َذ َّك ْيتُ ْم َو َما ُذِب َح‬
‫ِ‬ ‫َعَلى ُّ‬
‫َن تَ ْستَْقس ُموْا باأل َْزالَ ِم ذل ُك ْم ف ْس ٌق اْلَي ْوَم َيئ َس الذ َ‬ ‫صب َوأ ْ‬ ‫الن ُ‬
‫ص ٍة َغ ْي َر‬ ‫اإلسٰلم ِديناً َفم ِن اض ُ ِ‬
‫طَّر في َم ْخ َم َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اخ َش ْو ِن اْلَي ْوَم أَ ْك َمْل ُت َل ُك ْم د َين ُك ْم َوأ َْت َم ْم ُت َعَل ْي ُك ْم ن ْع َمتي َوَرض ُ‬
‫يت َل ُك ُم ْ َ‬ ‫َو ْ‬
‫يم‬ ‫ِ‬ ‫ف ِإل ْث ٍم َفِإ َّن َّ‬ ‫متَج ِان ٍ‬
‫ور َّرح ٌ‬ ‫َّللاَ َغُف ٌ‬ ‫ُ َ‬

‫اخ َش ْو ِن}‪.‬‬
‫قوله تعالى { َفالَ تَ ْخ َش ْو ُه ْم َو ْ‬

‫اخ َش ْو ِن} وقال ابن عطاء‪ :‬ال تجعل لهم‬


‫جذبا بهذه اآلية { َفالَ تَ ْخ َش ْو ُه ْم َو ْ‬
‫قطعا وجذبك إليه ً‬
‫قيل فيه‪ :‬قطعك عن الكل ً‬
‫نصيبا وأفرد قلبك لى‪ ،‬تجدنى بصفة الفردانية مقبالً عليك‪.‬‬
‫ً‬ ‫من قلبك‬

‫وقال سهل‪ :‬أعجز الناس من خشى ما ال ينفعه وال يضره‪ ،‬والذى بيده الضر والنفع يخاطبه بقوله {َفالَ تَ ْخ َش ْو ُه ْم‬
‫اخ َش ْو ِن}‪.‬‬
‫َو ْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قوله عز وعال‪{ :‬اْلَي ْوَم أَ ْك َمْل ُت َل ُك ْم ِد َين ُك ْم َوأ َْت َم ْم ُت َعَل ْي ُك ْم ِن ْع َمِتي} [اآلية‪.]3 :‬‬

‫قال أبو حفص‪ :‬كمال الدين فى شيئين‪ :‬فى معرفة هللا واتباع سنة نبيه صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫قال جعفر بن محمد‪ :‬اليوم إشارة إلى يوم بعث فيه محمداً صلى هللا عليه وسلم ويوم رسالته‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬اليوم‪ :‬إشارة إلى األزل‪ ،‬واإلتمام‪ :‬إشارة إلى الوقت‪ ،‬والرضا‪ :‬إشارة إلى األبد‪.‬‬

‫وقيل‪{ :‬أ َْت َم ْم ُت َعَل ْي ُك ْم ِن ْع َمِتي} بأن خصصتكم من بين عبادى بمشاهدة المصطفى صلى هللا عليه وسلم يخاطب به‬
‫أصحابه‪ ،‬وجعلتكم حجة لمن بعدكم من األمة إلى يوم القيامة‪.‬‬

‫{وأ َْت َم ْم ُت َعَل ْي ُك ْم ِن ْع َمِتي} بالمعرفة‪.‬‬


‫وقيل‪َ :‬‬

‫آمنا بما‬
‫وقال شقيق فى هذه اآلية‪ :‬كمال الدين فى األمن والفراغ‪ ،‬إذا كنت ً‬

‫َّ‬
‫تكفل هللا لك صرت فارًغا لعبادته‪.‬‬

‫اإل ْسٰل َم ِديناً}‪.‬‬


‫يت َل ُكم ِ‬ ‫ِ‬
‫{وَرض ُ ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قيل‪ :‬شرائط اإلسالم كثيرة‪ :‬منها سالمة روحك من جنايات سرك‪ ،‬وسالمة سرك من جنايات صدرك‪ ،‬وسالمة صدرك‬
‫من جنايات قلبك‪ ،‬وسالمة قلبك من جنايات نفسك‪ ،‬وسالمة الخلق من جنايات شخصك وهيكلك وجوارحك‪ ،‬لذلك قال‬
‫النبى صلى هللا عليه وسلم " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده‬

‫‪".‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقيل‪ :‬كمال الدين التبرِى من الحول والقوة والرجوع فى الكل إلى منزلة الكل‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬اإلسالم خصلة مرضية ولكن ال يهتدى إليه الكل‪ ،‬واإلسالم مرضى ولكن ال يلبسه‬
‫الكل‪ ،‬والمرضى من أتى به ولكن على شرائط االستقامة‪.‬‬

‫وقال أبو يعقوب السوسى‪ :‬اإلسالم دار عليها أربعة أبواب وأربع قناطر ثم المراتب بعد ذلك‪ ،‬من لم يدخل الدار ولم‬
‫يعبر القناطر لم يصل إلى المراتب‪ .‬فأول باب منها أداء الفرائض ثم اجتناب المحارم ثم األمن بالرزق ثم الصبر على‬
‫المكروه‪ ،‬فإذا دخل الدار استقبلته القناطر‪ ،‬فأول قنطرة منها الرضاء بالقضاء‪ .‬والثانى‪ :‬التوكل على هللا‪.‬‬

‫والثالث‪ :‬الشكر لنعماء هللا‪ .‬والرابع‪ :‬إخالص العمل هلل‪ ،‬فمن لم يعبر هذه القناطر ال يصل إلى المراتب‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬نزلت هذه اآلية يوم عرفة فى حجة الوداع والنبى صلى هللا عليه وسلم واقف وعندها كان كمال الدين‬
‫حيث يرد الحج إلى يوم عرفه‪ ،‬فإنهم كانوا يحجون فى كل سنة فى شهر فلما رد هللا عز وجل وقت الحج إلى ميقات‬
‫فريضته‪ ،‬أنزل هللا تعالى‪{ :‬اْلَي ْوَم أَ ْك َمْل ُت َل ُك ْم ِد َين ُك ْم}‪.‬‬

‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 4‬الى اآلية ‪)4‬‬

‫َّللاُ َف ُكُلوْا ِم َّمآ‬


‫ون ُه َّن ِم َّما َعَّل َم ُك ُم َّ‬
‫ين تُ َعلِ ُم َ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ات َو َما َعل ْمتُ ْم م َن اْل َج َو ِارِح ُم َكلِب َ‬
‫َّ‬
‫ُح َّل َل ُك ُم الطِيَب ُ‬‫ُح َّل َلهم ُقل أ ِ‬
‫ُْ ْ‬
‫ونك ما َذآ أ ِ‬
‫َي ْسأَُل َ َ َ‬
‫َّللا س ِريع اْل ِحس ِ‬ ‫َّللاِ َعَل ْي ِه واتَُّقوْا َّ ِ‬
‫اب‬ ‫َّللاَ إ َّن َّ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫اس َم َّ‬
‫أ َْم َس ْك َن َعَل ْي ُك ْم َوا ْذ ُك ُروْا ْ‬
‫َّ‬ ‫ُح َّل َلهم ُقل أ ِ‬
‫ونك ما َذآ أ ِ‬
‫ُح َّل َل ُك ُم الطِيَب ُ‬
‫ات} [اآلية‪.]4 :‬‬ ‫ُْ ْ‬ ‫{ي ْسأَُل َ َ َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال سهل‪ :‬الطيبات‪ :‬الرزق من الحالل‪.‬‬

‫وقال يوسف بن الحسين‪ :‬الطيب من الرزق ما يبدو لك من غير تكلف وال إشراف نفس‪.‬‬

‫وقال الروذبارى‪ :‬أطيب أرزاق العارفين المعونات‪.‬‬

‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 5‬الى اآلية ‪)5‬‬

‫ٰت‬ ‫ِ ِ‬ ‫طعام ُكم ِح ٌّل َّلهم واْلمحصنـ ِ‬ ‫طعام َّال ِذين أُوتُوْا اْل ِكتَـ ِ َّ‬ ‫َّ‬ ‫اْليوم أ ِ‬
‫صَنـ ُ‬
‫ٰت م َن اْل ُم ْؤمَنـٰت َواْل ُم ْح َ‬
‫ُْ َ ُ ْ َ َ ُ‬ ‫ٰب ح ٌّل ل ُك ْم َو َ َ ُ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٰت َو َ َ ُ‬ ‫ُح َّل َل ُك ُم الطيَبـ ُ‬ ‫َْ َ‬
‫يم ِن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين َوالَ ُمتَّخذي أَ ْخ َد ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫ان َو َمن َي ْكُف ْر باإل َٰ‬ ‫ين َغ ْي َر ُم َٰسفح َ‬
‫ورُه َّن ُم ْحصن َ‬ ‫وه َّن أ ُ‬
‫ُج َ‬ ‫ٰب من َقْبل ُك ْم إ َذا ءاتَْيتُ ُم ُ‬ ‫ين أُوتُوْا اْلكتَـ َ‬
‫م َن الذ َ‬
‫ِٰ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ط َع َمُل ُه َو ُه َو في اآلخ َرِة م َن اْل َخس ِر َ‬
‫ين‬ ‫َفَق ْد َحِب َ‬

‫ان َفَق ْد َحِب َ‬


‫ط َع َمُل ُه} [اآلية‪.]5 :‬‬ ‫يم ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫{و َمن َي ْكُف ْر باإل َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قيل‪ :‬من لم يشكر هللا على ما وهب له من المعرفة واليقين‪ ،‬فقد كفر بمعانى درجات اإليمان وفيه إحباط ما سواه من‬
‫االجتهادات والرياضات‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬من لم َير سوابق المنن فى خصائص اإليمان فقد عمى عن محل الشكر‪.‬‬

‫وقال على بن بابويه فى هذه اآلية‪ :‬من لم يجتهد فى معرفته ال تقبل خدمته‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 6‬الى اآلية ‪)6‬‬

‫وس ُك ْم َوأ َْر ُجَل ُك ْم ِإَلى اْل َك ْعَب ِ‬


‫ين‬ ‫وه ُكم وأ َْي ِدَي ُكم ِإَلى اْلم َرِاف ِق وا ْمس ُحوْا ِب ُرُؤ ِ‬ ‫الصٰلوِة ْ ِ‬ ‫آمُنوْا ِإ َذا ُق ْمتُ ْم ِإَلى َّ‬ ‫يا أَي َّ ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫فاغسُلوْا ُو ُج َ ْ َ‬ ‫ين َ‬‫ُّها الذ َ‬
‫َ َ‬
‫آء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫اط َّهروْا وِإن ُكنتُم َّمرضى أَو عَلى سَف ٍر أَو جآء أ ِ ِ‬ ‫َّ‬
‫آء َفَل ْم تَج ُدوْا َم ً‬ ‫َحٌد م ْن ُك ْم م َن اْل َغائط أ َْو الَ َم ْستُ ُم الن َس َ‬ ‫ْ َ ْ َ ٰ َ ْ َ َ َ‬ ‫َوإِن ُكنتُ ْم ُجُنباً َف ُ َ‬
‫ط ِه َرُك ْم َولُِيِت َّم ِن ْع َمتَ ُه‬
‫َّللاُ لَِي ْج َع َل َعَل ْي ُكم ِم ْن َح َرٍج َوَلـ ِٰكن ُي ِر ُيد لُِي َ‬ ‫ام َس ُحوْا ِب ُو ُجوِه ُك ْم َوأ َْي ِد ُ‬
‫يك ْم ِم ْن ُه َما ُي ِر ُيد َّ‬ ‫َفتََي َّمموْا ص ِعيداً َ ِ‬
‫طيباً َف ْ‬ ‫ُ َ‬
‫َعَل ْي ُك ْم َل َعَّل ُك ْم تَ ْش ُك ُرو َن‬

‫وه ُك ْم} [اآلية‪.]6 :‬‬ ‫الص ِ‬


‫الة ْ ِ‬ ‫آمُنوْا ِإ َذا ُق ْمتُ ْم ِإَلى َّ‬ ‫قوله عز وجل‪{ :‬يا أَي َّ ِ‬
‫فاغسُلوْا ُو ُج َ‬ ‫ين َ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ َ‬

‫قال‪ :‬ش ارئع الطهارة معروفة‪ ،‬وحقيقتها ال ينالها إال الموفقون من طهارة السر وأكل الحالل وإسقاط الوساوس عن‬
‫القلب‪ ،‬وترك الظنون واإلقبال على األمر بحسب الطاقة‪.‬‬

‫وقال سهل‪ :‬أفضل الطهارات أن يطهر العبد من رؤية الطهارة‪.‬‬

‫وقال سهل‪ :‬الطهارة على سبعة أوجه‪ :‬طهارة العلم من الجهل‪ ،‬وطهارة الذكر من النسيان‪ ،‬وطهارة الطاعة من‬
‫المعصية‪ ،‬وطهارة اليقين من الشك‪ ،‬وطهارة العقل من‬

‫الحمق‪ ،‬وطهارة الظن من التهمة‪ ،‬وطهارة اإليمان مما دونه‪ ،‬وكل عقوبة طاهرة إال عقوبة القلب‪ ،‬فإنها قسوة‪.‬‬

‫وقال سهل‪ :‬إسباغ طهارة الظاهر يورث طهارة الباطن‪ ،‬وإتمام الصالة يورث الفهم عن هللا عز وجل‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال سهل‪ :‬الطهارة تكون فى أشياء‪ :‬فى صفاء المطعم‪ ،‬ومباينة اآلثام‪ ،‬وصدق اللسان‪ ،‬وخشوع السر‪ ،‬وكل واحد من‬
‫هذه األربع مقابل لما أمر هللا بتطهيره من األعضاء الظاهرة‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬البواطن موضع النظر من الحق‪ ،‬ألنه روى عن المصطفى صلى هللا عليه وسلم أنه‬

‫قال‪ " :‬إن هللا ال ينظر إلى صوركم وال إلى أعمالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم " فموضع‬

‫إلى بالطهارة لحق‪ .‬فالطهارة الظاهرة هو تطهير األعضاء الظاهرة األربع التباع األمر واالقتداء وطهارة الباطن‬
‫النظر َّ‬
‫من الخيانات والجنايات وأنواع المخالفات وفنون الوسواس والغش والحقد والرياء والسمعة‪ ،‬وغير ذلك من أنواع النواهى‬
‫لحق‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬ليس شىء أشد على العارفين من جمع الهمم وطهارة السر‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬ال يصح ألحد طهارة الباطن إال بأكل الحالل والنظر إلى الحالل وأخذ الحالل والمشى إلى الحالل‬
‫وصدق اللسان هذا‪ ،‬أولئك طهارات األسرار‪.‬‬

‫{وَلـ ِٰكن ُي ِر ُيد لُِي َ‬


‫ط ِه َرُك ْم}‪.‬‬ ‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬يريد أن يطهركم من أفعالكم وأحوالكم وأخالقكم‪ ،‬ويفنيكم عنها لترجعوا إليه لحقيقة الفقر من غير تعلق‬
‫وال عالقة بسبب من األسباب‪.‬‬

‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 7‬الى اآلية ‪)7‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫الص ُد ِ‬ ‫َّللا علِيم ِب َذ ِ‬ ‫ط ْعَنا واتَُّقوْا َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وا ْذ ُكروْا ِنعم َة َّ ِ‬
‫ور‬ ‫ات ُّ‬ ‫َّللاَ إ َّن َّ َ َ ٌ‬ ‫َّللا َعَل ْي ُك ْم َوميثَا َق ُه الذي َواثََق ُكم به إ ْذ ُقْلتُ ْم َسم ْعَنا َوأَ َ َ‬ ‫َ ُ َْ‬

‫َّللاِ َعَل ْي ُك ْم َو ِميثَا َق ُه َّال ِذي َواثََق ُكم ِب ِه} [اآلية‪.]7 :‬‬
‫{وا ْذ ُك ُروْا ِن ْع َم َة َّ‬
‫قوله تعالى وتقدس‪َ :‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬النعم كثيرة وأجل النعم المعرفة‪ ،‬والمواثيق كثيرة وأجل‬

‫المواثيق اإليمان‪.‬‬

‫قيل للواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬ما الحكمة فيما أنعم هللا على خلقه‪ ،‬قال‪ :‬أنعم‬

‫عليهم لكى يشهدوا المنعم بالنعم‪ ،‬فاستقطعتم النعمة عن المنعم كما استقطعتهم اآلفات عن متوليها‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬اذكروا نعمة هللا فيما أجرى عليكم من معرفته وطاعته‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬اذكروا نعمة هللا عليكم أن جعلكم من أمة محمد صلى هللا عليه وسلم ومن أهل القرآن‪ ،‬وأن زينكم‬
‫بخدمته وجعلكم من أهل مناجاته حين قال صلى هللا عليه وسلم‪ " :‬المصلى يناجى ربه‬

‫‪".‬‬

‫َّللاِ َعَل ْي ُك ْم} حين زين باطنكم بأنوار معرفته وظاهركم بآداب خدمته‪.‬‬
‫قال أبو بكر الوراق فى قوله {ا ْذ ُك ُروْا ِن ْع َم َة َّ‬

‫وقال يحيى بن معاذ‪ :‬أعظم نعمة عليك أن جعل قلبك وعاء لمعرفته‪ ،‬وأطلق لسانك بحالوة ذكره‪ ،‬وإن أدبرت عنه‬
‫خمسين سنة يصالحك باستغفار واحد‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 8‬الى اآلية ‪)8‬‬

‫اع ِدُلوْا ُه َو أَ ْق َر ُب لِلتَّْقَو ٰى َواتَُّقوْا‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يا أَي َّ ِ‬


‫آء ِباْلق ْسط َوالَ َي ْج ِرَمَّن ُك ْم َشَن ُ‬
‫آن َق ْو ٍم َعَلى أَال تَ ْعدُلوْا ْ‬ ‫ين ََّّلل ُش َه َد َ‬
‫ونوْا َقَّوام َ‬
‫آمُنوْا ُك ُ‬ ‫ين َ‬ ‫ُّهآ الذ َ‬‫َ َ‬
‫َّللاَ َخِب ٌير ِب َما تَ ْع َمُلو َن‬
‫َّللاَ ِإ َّن َّ‬
‫َّ‬

‫آء ِباْلِق ْس ِط} [اآلية‪.]8 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله عز وجل‪{ :‬يا أَي َّ ِ‬
‫ين ََّّلل ُش َه َد َ‬
‫ونوْا َقَّوام َ‬
‫آمُنوْا ُك ُ‬
‫ين َ‬
‫ُّهآ الذ َ‬
‫َ َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬كونوا أعو ًانا ألوليائه على أعدائه‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬كونوا خصماء هللا على أنفسكم وال تكونوا خصماء ألنفسكم على هللا‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬كونوا طالبين من أنفسكم آداب الخدمة وقضاء حقوق المسلمين غير مقتضين منهم حقوق أنفسكم‪.‬‬

‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 12‬الى اآلية ‪)12‬‬

‫آمنتُ ْم‬ ‫َّ‬ ‫َّللا ِإِني مع ُكم َلِئن أََقمتُم َّ ٰ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّللا ِميثَ ِ ِ ِ‬
‫الصلوةَ َوآتَْيتُ ُم الزَكاةَ َو َ‬ ‫ََ ْ ْ ْ ُ‬ ‫ال َّ ُ‬ ‫نه ُم ا ْثَن ْي َع َش َر َنقيباً َوَق َ‬
‫يل َوَب َع ْثَنا م ُ‬
‫اق َبني إ ْس َرآئ َ‬ ‫َ‬ ‫َخ َذ َّ ُ‬ ‫َوَلَق ْد أ َ‬
‫ات تَ ْجرِي ِمن تَ ْحِت َها األ َْن َه ُار َف َمن َكَف َر‬
‫ُكِفرَّن ع ْن ُكم سِيَئ ِات ُكم وأل ُْد ِخَلَّن ُكم جَّن ٍ‬
‫ْ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َّللاَ َق ْرضاً َح َسناً أل َ َ َ ْ َ‬ ‫ضتُ ُم َّ‬‫وه ْم َوأَ ْق َر ْ‬ ‫ِ‬
‫ِب ُرُسلي َو َعَّزْرتُ ُم ُ‬
‫السِب ِ‬
‫يل‬ ‫آء َّ‬ ‫ِٰ ِ‬
‫ض َّل َس َو َ‬
‫َب ْع َد ذل َك م ْن ُك ْم َفَق ْد َ‬

‫نه ُم ا ْثَني َع َش َر َنِقيباً} [اآلية‪.]12 :‬‬ ‫ِ‬ ‫َّللا ِميثَ ِ ِ ِ‬


‫ْ‬ ‫يل َوَب َع ْثَنا م ُ‬
‫اق َبني إ ْس َرآئ َ‬
‫َ‬ ‫َخ َذ َّ ُ‬
‫{وَلَق ْد أ َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫{وَب َع ْثَنا ِمن ُه ُم ا ْثَني َع َش َر‬
‫قال‪ :‬أبو بكر الوراق‪ :‬لم يزل فى األمم أخيار وبدالء وأوتاد على المراتب‪ ،‬كما قال هللا تعالى‪َ :‬‬
‫ْ‬
‫َنِقيباً} وهم الذين كانوا يرجعون إليهم عند الضرورات والفاقات والمصايب كما ُذكر عن النبى صلى هللا عليه وسلم‬
‫قال‪ " :‬إنه يكون فى هذه األمة أربعون على ُخلق إبراهيم‪ ،‬وسبعة على خلق موسى‪ ،‬وثالثة على خلق عيسى‪ ،‬وواحد‬
‫على خلق محمد صلى هللا عليه وسلم وعليهم " فهم على مراتبهم للخلق والذين ذكر النبى صلى هللا عليه وسلم أن بهم‬
‫يمطرون‪ ،‬وبهم يدفع هللا البالء‪ ،‬وبهم يرزقون‪.‬‬

‫سمعت أبا عثمان المغربى يقول‪ :‬البدالء أربعون واألمناء سبعة والخلفاء من األئمة ثالثة‪ ،‬والواحد هو القطب‪ ،‬والقطب‬
‫جميعا ومشرف عليهم وال يعرفه أحد وال يشرف عليه وهو إمام األولياء‪ ،‬والثالثة الذين هم الخلفاء من‬
‫ً‬ ‫عارف بهم‬
‫األئمة يعرفون السبعة‪ ،‬والسبعة األمناء يعرفون األربعين الذين هم البدالء وال يعرفهم البدالء‪،‬‬

‫واألربعون يعرفون سائر األولياء من األمة وال يعرفهم من األولياء أحد فإذا نقص هللا من األربعين و ً‬
‫احدا أبدل مكانه‬
‫احدا جعل‬
‫احدا من األربعين وإذا نقص من الثالثة و ً‬
‫احدا جعل مكانه و ً‬
‫احدا من أولياء األمة‪ ،‬وإذا نقص من السبعة و ً‬‫و ً‬
‫احدا من الثالثة هكذا‬
‫مكانه من السبعة فإذا مضى القطب الذى هو واحد فى العدد‪ ،‬وبه قوام إعداد الخلق جعل بدله و ً‬
‫إلى أن يأذن هللا فى قيام الساعة‪.‬‬

‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 13‬الى اآلية ‪)13‬‬

‫ظا ِم َّما ُذ ِكروْا ِب ِه والَ تََزال تَ َّ‬


‫طلِ ُع‬ ‫اض ِع ِه ونسوْا ح ًّ‬
‫اسي ًة يح ِرُفو َن اْل َكلِم عن َّمو ِ‬
‫ِ‬ ‫ض ِهم ِميثَا َق ُه ْم َل َّ‬
‫َفِبما نْق ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََُ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫وب ُه ْم َق َ ُ َ‬
‫اه ْم َو َج َعْلَنا ُقُل َ‬
‫عن ُ‬ ‫َ َ‬
‫ين‬ ‫ِِ‬ ‫عَل ٰى َخ ِآئَن ٍة ِم ْنهم ِإالَّ َقلِيالً ِم ْنهم َفاعف ع ْنهم واصَفح ِإ َّن َّ ِ‬
‫َّللاَ ُيح ُّب اْل ُم ْحسن َ‬ ‫ُُ ْ ُ َ ُْ َ ْ ْ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬

‫اه ْم} [اآلية‪.]13 :‬‬ ‫ض ِهم ِميثَا َق ُه ْم َل َّ‬


‫عن ُ‬
‫قوله عز وجل‪َ { :‬فِبما نْق ِ‬
‫َ َ‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬نقض الميثاق‪ :‬الرجوع إلى الخلق بعد اإلقرار األول بالوحدانية‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال بعضهم‪ :‬نقض العهد مع الحق السكون إلى سواه‪.‬‬

‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 15‬الى اآلية ‪)15‬‬

‫ير َقد جآء ُكم ِمن َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اب َق ْد جآء ُكم رسوُلَنا يبِي ُن َل ُكم َكِثي اًر ِم َّما ُك ْنتُم تُ ْخُفو َن ِم َن اْل ِكتَ ِ‬
‫َهل اْل ِكتَ ِ‬
‫ور‬
‫َّللا ُن ٌ‬ ‫اب َوَي ْعُفوْا َعن َكث ٍ ْ َ َ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َُ‬ ‫َ َ ْ َُ‬ ‫َيا أ ْ َ‬
‫اب ُّمِب ٌ‬
‫ين‬ ‫َو ِكتَ ٌ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬قد جآء ُكم ِمن َّ ِ‬
‫اب ُّمِب ٌ‬
‫ين} [اآلية‪.]15 :‬‬ ‫ور َو ِكتَ ٌ‬
‫َّللا ُن ٌ‬ ‫ْ َ َ ْ َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬جاءكم نور قبلتم به ما آتاكم الرسول صلى هللا عليه وسلم من بيان الكتاب‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬بعناية األزل وصلتم إلى نور الكتاب المبين ونور التوحيد واألنوار الظاهرة والباطنة‪.‬‬

‫أخل‬
‫قال ابن عطاء‪ :‬تنال بهذا النور ما هو أجل من النور كمن أخذ سراجاً إلى بيت مظلم فبذره فى البيت‪ ،‬فيجد به َّ‬
‫من السراج‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬كشف عن أسرارهم غطاء الوحشة وألبسهم لباس األنس‪.‬‬

‫قوله تعالى‪َ { :‬قد جآء ُكم ِمن َّ ِ‬


‫اب ُّمِب ٌ‬
‫ين} [اآلية‪.]15 :‬‬ ‫ور َو ِكتَ ٌ‬
‫َّللا ُن ٌ‬ ‫ْ َ َ ْ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫أجل من النور‪ ،‬كداخل البيت سراج يجد فيه جوهره‪.‬‬
‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬ينال العبد بالنور ما هو ُّ‬

‫قال النصرآباذى‪ :‬إنه إنما دعى إلى النور األدنى من عمى عن النور األعلى‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬قد جاءكم من هللا نور يفهمكم فوائد الكتاب المبين‪.‬‬

‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 16‬الى اآلية ‪)16‬‬

‫صر ٍ‬
‫اط ُّم ْستَِقي ٍم‬ ‫ِ‬ ‫ور ِبِإ ْذِن ِه وَي ْه ِد ِ‬ ‫الظُلم ِ‬
‫السالَ ِم وي ْخ ِرجهم ِم ِن ُّ‬ ‫َي ْه ِدي ِب ِه َّ‬
‫يه ْم ِإَل ٰى َ‬ ‫َ‬ ‫ات ِإَلى ُّ‬
‫الن ِ‬ ‫َ‬ ‫َّللاُ َم ِن اتََّب َع ِر ْ‬
‫ض َو َان ُه ُسُب َل َّ َ ُ ُ ُ ْ‬

‫السالَمِ} [اآلية‪.]16 :‬‬


‫ض َو َان ُه ُسُب َل َّ‬ ‫{ي ْه ِدي ِب ِه َّ‬
‫َّللاُ َم ِن اتََّب َع ِر ْ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫صه برضوانه‪.‬‬
‫قيل‪ :‬فبه يهدى هللا ألسلم المسالك فى سبيل إرادته من َخ َّ‬

‫قيل‪ :‬إيجاده ليوصله الرضوان إلى محل الرضا‪.‬‬

‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 18‬الى اآلية ‪)18‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫آء َوُي َع ِذ ُب‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّللاِ َوأَ ِح َّٰب ُؤهُ ُق ْل َفلِ َم ُي َع ِذُب ُكم ِب ُذُنوب ُ‬
‫ِكم َب ْل أَنتُ ْم َب َشٌر م َّم ْن َخَل َق َي ْغف ُر ل َمن َي َش ُ‬ ‫ص َر ٰى َن ْح ُن أ َْب َٰن ُؤْا َّ‬ ‫ود َو َّ‬
‫الن َٰ‬
‫ِ‬
‫َوَقاَلت اْلَي ُه ُ‬
‫ض وما بينهما وإَِلي ِه اْلم ِ‬ ‫ِ‬ ‫من ي َشآء وََّّللِ مْلك َّ ِ‬
‫ص ُير‬ ‫الس َٰم َٰوت َواأل َْر َ َ َ ْ َ ُ َ َ ْ َ‬ ‫َ َ ُ َ ُ ُ‬

‫آء} [اآلية‪.]18 :‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ ِ :‬‬


‫آء َوُي َعذ ُب َمن َي َش ُ‬
‫{ي ْغف ُر ل َمن َي َش ُ‬
‫َ‬

‫قال‪ :‬يغفر لمن يشاء فضالً‪ ،‬ويعذب من يشاء عدالً‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬يغفر لمن يشاء بتقصيره فى شكر النعمة‪ ،‬ويعذب من يشاء بتقصيره فى شكر المنعم‪ ،‬نسى قارون النعمة‬
‫فخسف به ونسى المنعم فما يرجو‪.‬‬

‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 20‬الى اآلية ‪)20‬‬

‫َحداً ِمن‬ ‫ِ‬


‫اك ْم َّما َل ْم ُي ْؤت أ َ‬
‫آء َو َج َعَل ُك ْم ُّمُلوكاً َوآتَ ُ‬ ‫َّللاِ َعَل ْي ُكم ِإ ْذ َج َعل ِف ُ ِ‬
‫وس ٰى لَِق ْو ِم ِه َيا َق ْو ِم ا ْذ ُك ُروْا ِن ْع َم َة َّ‬
‫يك ْم أ َْنبَي َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ال ُم َ‬
‫َوإِ ْذ َق َ‬
‫ين‬ ‫ِ‬
‫اْل َعاَلم َ‬

‫{و َج َعَل ُك ْم ُّمُلوكاً} [اآلية‪.]20 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال القرشى‪ :‬ملككم سياسة أنفسكم‪.‬‬

‫وقال سهل‪ :‬مالكين ألنفسكم وال كملككم نفوسكم وأنشد فى معناه‪.‬‬

‫لك‬
‫ما مثُل ُه لألنام ُم ُ‬ ‫لك‬
‫لكت َنفسى َوَذاك ُم ٌ‬
‫َم ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫لك‬ ‫خلف َّ ِ‬
‫فما ٍ‬
‫على م ُ‬ ‫فصرت ح اًر بملك نفسى‬

‫ملوكا أى‪ :‬قانعين بما أعطيتم‪ ،‬والقناعة هو الملك األكبر‪.‬‬


‫وقال بعضهم‪ :‬جعلكم ً‬

‫ملوكا وزراء أنبيائكم‪.‬‬


‫وقال بعضهم‪ :‬جعلكم ً‬

‫ار من رق الكون وما فيه‪.‬‬


‫{و َج َعَل ُك ْم ُّمُلوكاً} قال‪ :‬أحرًا‬
‫وقال الحسين‪َ :‬‬

‫ين}‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫َحداً من اْل َعاَلم َ‬
‫اك ْم َّما َل ْم ُي ْؤت أ َ‬
‫{وآتَ ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال محمد بن على‪ :‬أحل لكم أكل الغنائم واالنتفاع بها‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬قلوبا سليمة من الغش و ِ‬


‫الغ ِل‪.‬‬ ‫ً‬

‫الملك‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اكم َّما َلم يؤ ِت أ ِ‬


‫ين} قال‪ :‬سياسة النبوة وآداب ُ‬
‫َحداً من اْل َعاَلم َ‬
‫َ‬ ‫ْ ُْ‬ ‫{وآتَ ُ ْ‬
‫وقال بعضهم فى قوله‪َ :‬‬

‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 23‬الى اآلية ‪)23‬‬

‫َّللاِ َفتََوَّكُلوْا ِإن‬


‫اب َفِإ َذا َد َخْلتُ ُموهُ َفِإَّن ُك ْم َغالُِبو َن َو َعَلى َّ‬
‫َّللاُ َعَل ْي ِه َما ْاد ُخُلوْا َعَل ْي ِه ُم اْلَب َ‬
‫ِ َّ ِ‬
‫ال َر ُجالَ ِن م َن الذ َ‬
‫ين َي َخا ُفو َن أ َْن َع َم َّ‬ ‫َق َ‬
‫ِ‬
‫ُكنتُم ُّم ْؤ ِمن َ‬
‫ين‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وعَلى َّ ِ‬
‫َّللا َفتََوَّكُلوْا ِإن ُكنتُم ُّم ْؤ ِمن َ‬
‫ين} [اآلية‪.]23 :‬‬ ‫ََ‬

‫سمعت محمد بن الحسن البغدادى يقول‪ :‬سمعت محمد بن أحمد بن سهل يقول‪ :‬سمعت سعيد بن عثمان يقول‪:‬‬
‫سمعت رجالً يسأل ذا النون ما التوكل؟ قال‪ :‬خلع األرباب وقطع األسباب‪ ،‬فقال‪ :‬زدنى‪ ،‬فيه حالة أخرى‪ .‬فقال‪ :‬إلقاء‬
‫النفس فى العبودية وإخراجها من الربوبية‪.‬‬

‫سمعت محمد بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا على الروذبارى يقول‪ :‬التوكل على ثالث درجات‪:‬‬

‫األولى منها إذا أعطى شكر‪ ،‬وإذا منع صبر‪ ،‬وأعال منها حاالً أن يكون المنع والعطاء عندهم سواء‪ ،‬وأعال منها حاالً‬
‫أن يكون المنع مع الشكر أحب إليهم‪.‬‬

‫وقال ذو النون‪ :‬التوكل نفض العالئق وترك التملق للخالئق فى السالئق‪ ،‬واستعمال الصدق فى الحقائق‪.‬‬

‫سمعت سعيد بن أحمد البلخى يقول‪ :‬سمعت أبى يقول‪ :‬سمعت محمد بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت خالى محمد بن الليث‬
‫يقول‪ :‬سمعت حامداً اللفاف يقول‪ :‬سمعت حاتماً األصم يقول‪ :‬سمعت شقيق بن إبراهيم يقول‪ :‬التوكل طمأنينة القلب‬
‫بوعود هللا‪.‬‬

‫قال سهل‪ :‬التوكل طرح البدن فى العبودية وتعلق القلب بالربوبية‪.‬‬

‫وقال أيضاً‪ :‬ال يصح التوكل إال للمتقين‪.‬‬

‫سببا إلى مقصوده فى‬


‫وقال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬من توكل على هللا بعلة غير هللا‪ ،‬فليس بمتوكل على هللا جعله ً‬
‫ذلك وله قلة المعرفة بربه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 25‬الى اآلية ‪)25‬‬

‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬


‫ال َر ِب ِإني ال أ َْمل ُك ِإال َنْفسي َوأَخي َفا ْف ُر ْق َب ْيَنَنا َوَب ْي َن اْلَق ْو ِم اْلَفاسق َ‬
‫ين‬ ‫َق َ‬

‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إِني ال أ َْملِ ُك ِإالَّ َنْف ِسي} [اآلية‪.]25 :‬‬

‫قال سهل‪ :‬فى مخالفة هواها‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬فى بذلها هلل واستعمالها فى طاعته‪.‬‬

‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 22‬الى اآلية ‪)22‬‬

‫َّارين وِإَّنا َلن َّن ْد ُخَلها حتَّ ٰى ي ْخرجوْا ِم ْنها َفِإن ي ْخرجوْا ِم ْنها َفِإَّنا َد ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اخُلو َن‬ ‫َ‬ ‫َ ُُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُُ‬ ‫يها َق ْوماً َجب ِ َ َ‬
‫وس ٰى إ َّن ف َ‬
‫ام َ‬
‫َقاُلوا َي ُ‬
‫يها َق ْوماً َجب ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ين} [اآلية‪.]22 :‬‬
‫َّار َ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬إ َّن ف َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬معجبين بأنفسهم غير راجعين إلى ربهم فى أحوالهم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 27‬الى اآلية ‪)27‬‬

‫اآلخ ِر َقال ألَْقُتَلَّن َك َق ِ‬ ‫و ْاتل عَلي ِهم نبأَ ابني ءادم ِباْلح ِق ِإ ْذ َقَّربا ُقرباناً َفتُُقِبل ِمن أَح ِد ِهما وَلم يتََقب ِ‬
‫َّللاُ‬ ‫ال إَّن َما َيتََقب ُ‬
‫َّل َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّل م َن َ‬
‫َ َ َ ْ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ ُ َ ْ ْ ََ ْ َ ْ َ َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫م َن اْل ُمتَّق َ‬
‫ين‬

‫قوله تعالى‪{ :‬ألَْقُتَلَّن َك} [اآلية‪.]27 :‬‬

‫قال ممشاد الدينورى‪ :‬كان معصية آدم من الحرص‪ ،‬ومعصية إبليس من الكبر‪ ،‬ومعصية ابن آدم من الحسد‪،‬‬
‫فالحرص يوجب الحرمان والكبر يوجب اإلهانة والحسد يوجب الخذالن‪.‬‬

‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّنما يتََقبَّل َّ ِ‬


‫َّللاُ م َن اْل ُمتَّق َ‬
‫ين}‪.‬‬ ‫َ َ ُ‬

‫قال سهل‪ :‬التقوى واإلخالص محال القلوب ألعمال الجوارح‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬المخلصين له فيما يقولون ويعملون‪.‬‬

‫قال السالمى‪ :‬القرابين مختلفة وأقرب القرابين ما وعد هللا جل وعز بقبوله ووعده الصدق وهو الذكر فى السجود‪ ،‬ألنه‬
‫اس ُج ْد َوا ْقتَ ِرب } [العلق‪.]19 :‬‬
‫محل القربة‪ .‬قال هللا تعالى‪َ { :‬و ْ‬

‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬والَ يحز َّ ِ‬


‫َّللاَ َش ْيئاً } [آل عمران‪.]176 :‬‬ ‫ين ُي َس ِارُعو َن في اْل ُكْف ِر ِإَّن ُه ْم َلن َي ُ‬
‫ضُّروْا َّ‬ ‫نك الذ َ‬‫َ َ ُْ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ظا فى اآلخرة‪ ،‬ألنه استعملهم فبما فيه هالكهم‪.‬‬
‫قال الواسطى‪ :‬تعليماً بعد تعليم‪ ،‬يريد هللا أال يجعل لهم ح ً‬

‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 35‬الى اآلية ‪)35‬‬

‫اه ُدوْا ِفي َسِبيلِ ِه َل َعَّل ُك ْم تُْفلِ ُحو َن‬ ‫ََ‬


‫ِ ِ‬
‫يه اْلوِسيَل َة وج ِ‬ ‫آمُنوْا اتَُّقوْا َّ‬
‫َّللاَ َو ْابتَ ُغوْا إَل َ‬ ‫ين َ‬
‫يا أَي َّ ِ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ َ‬
‫َّللا وابتغوْا ِإَل ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬يا أَي َّ ِ‬
‫يه اْل َوِسيَل َة} [اآلية‪.]35 :‬‬ ‫آمُنوْا اتَُّقوْا َّ َ َ ْ َ ُ‬
‫ين َ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ َ‬

‫قال جعفر‪ :‬اطلبوا منه القربة‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬فى أداء الفرائض واجتناب المحارم السالمة من النار‪ ،‬والوسيلة‪ :‬القربة بآداب اإلسالم‬
‫إلى من وضعها وفرضها‪.‬‬

‫وقال أيضاً‪{ :‬وابتغوْا ِإَل ِ‬


‫يه اْل َوِسيَل َة} قال‪ :‬لو كشف عنهم ما عاملهم به‪ ،‬لنسبق أوقاتهم وأوقات من يقتدى بهم‪.‬‬ ‫َ َْ ُ‬

‫ُّك ْم َعَل ٰى َنْف ِس ِه َّ‬


‫الر ْح َم َة } [األنعام‪.]54 :‬‬ ‫وقال أيضاً‪{ :‬وابتغوْا ِإَل ِ‬
‫يه اْل َوِسيَل َة} قال‪ :‬ما توسل به إليكم بقوله‪َ { :‬كتَ َب َرب ُ‬ ‫َ َْ ُ‬

‫وقال أيضاً‪ :‬الوسيلة المشار إليها النعوت فمن توسل إلى من ال وسيلة إليه إال به فلم يبتغ إليه الوسيلة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ومن توسل بما ال خطر له فى الملك خسر‪.‬‬

‫وقال محمد بن على فى قوله {وابتغوْا ِإَل ِ‬


‫يه اْل َوِسيَل َة} قال‪ :‬هو الرضا بالقضية والصبر على الرزية والمجاهدة فى سبيله‬ ‫َ َْ ُ‬
‫والصبر على عبادته‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬الوسيلة‪ :‬القربة بآداب اإلسالم وأداء الفرائض لدخول الجنة والنجاة من النار‪.‬‬

‫قال فارس‪ :‬اتقوه واجعلوا تقواكم سبباً لقربكم إليه‪.‬‬

‫ِ‬
‫إلى‪ ،‬فالوسيلة منه إليك من غير سبب وال سؤال‪.‬‬ ‫{و ْابتَ ُغوْا ِإَليه اْل َوِسيَل َة} التى كانت لكم منى َّ‬
‫إلى ال منكم َّ‬ ‫قال الحسين‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬اتقوا هللا فى المخالفات‪ ،‬وابتغوا إليه الوسيلة بالطاعات‪.‬‬

‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 41‬الى اآلية ‪)41‬‬

‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرسول الَ يحز َّ ِ‬


‫وب ُه ْم َو ِم َن الذ َ‬
‫ين َه ُادوْا‬ ‫آمَّنا ِبأَ ْفَواه ِه ْم َوَل ْم تُ ْؤ ِمن ُقُل ُ‬
‫ين َقاُلوْا َ‬ ‫ين ُي َس ِارُعو َن في اْل ُكْف ِر م َن الذ َ‬‫نك الذ َ‬
‫ُّها َّ ُ ُ َ ْ ُ َ‬ ‫ٰيأَي َ‬
‫اض ِع ِه َيُقوُلو َن ِإ ْن أُوِتيتُ ْم َهـٰ َذا َف ُخ ُذوهُ َوإِن َّل ْم‬ ‫س َّماعو َن لِْل َك ِذ ِب س َّماعو َن لَِقو ٍم آخ ِرين َلم يأْتُوك يح ِرُفو َن اْل َكلِم ِمن بع ِد مو ِ‬
‫َ ْ ََ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ ْ َ َ َُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫الد ْنَيا ِخ ْزٌي‬ ‫وب ُه ْم َل ُه ْم ِفي ُّ‬ ‫ين َل ْم ُي ِرِد َّ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫َّللا ِف ْتنته َفَلن تملِك َله ِمن َّ ِ‬
‫ط ِه َر ُقُل َ‬‫َّللاُ أَن ُي َ‬ ‫َّللا َش ْيئاً أ ُْوَلـٰئ َك الذ َ‬ ‫َْ َ ُ َ‬ ‫اح َذ ُروْا َو َمن ُي ِرِد َّ ُ َ َ ُ‬
‫تُ ْؤَت ْوهُ َف ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يم‬ ‫َوَل ُه ْم في اآلخ َرِة َع َذ ٌ‬
‫اب َعظ ٌ‬

‫َّللاِ َش ْيئاً} [اآلية‪.]41 :‬‬


‫َّللاُ ِف ْتَنتَ ُه َفَلن تَ ْملِ َك َل ُه ِم َن َّ‬
‫{و َمن ُي ِرِد َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الخواص‪ :‬من ُي ِرد افتراق أوقاته لم يملك جمعها له‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬من يحجبه هللا عن فوائد أوقاته لن يقدر أحد أيضاً لها إليه‪.‬‬

‫وقال أبو عثمان‪ :‬أفتن الفتن اتباع الشهوات والغفلة فى األوقات‪.‬‬

‫ين َل ْم ُي ِرِد َّ‬ ‫ِ َّ ِ‬


‫ط ِه َر ُقُل َ‬
‫وب ُه ْم}‪.‬‬ ‫َّللاُ أَن ُي َ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أ ُْوَلـٰئ َك الذ َ‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬يطهر قلوبهم بالمراقبة والمراعاة‪.‬‬

‫وقال فى موضع آخر‪ :‬بالحياء من هللا عز وجل‪.‬‬

‫قال أبو بكر الوراق‪ :‬طهارة القلب فى شيئين‪.‬‬

‫إخراج الحسد والغش منه وحسن الظن بجماعة المسلمين‪.‬‬

‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 42‬الى اآلية ‪)42‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وك َش ْيئاً َوإِ ْن‬
‫ضُّر َ‬ ‫ض َع ْن ُه ْم َوإِن تُ ْع ِر ْ‬
‫ض َع ْن ُه ْم َفَلن َي ُ‬ ‫َع ِر ْ‬
‫اح ُك ْم َب ْيَن ُه ْم أ َْو أ ْ‬
‫وك َف ْ‬
‫آء َ‬ ‫َكاُلو َن لِ ُّ ِ ِ‬ ‫اعو َن لِْل َك ِذ ِب أ َّ‬
‫لس ْحت َفإن َج ُ‬ ‫َس َّم ُ‬
‫ين‬ ‫ِ ِ‬ ‫ح َكم َت َفاح ُكم بيَنهم ِباْلِقس ِط ِإ َّن َّ ِ‬
‫َّللاَ ُيح ُّب اْل ُمْقسط َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ َْ ُ ْ‬ ‫َ ْ‬

‫لس ْح ِت} [اآلية‪.]42 :‬‬ ‫اعو َن لِْل َك ِذ ِب أ َّ‬


‫َكاُلو َن لِ ُّ‬ ‫{س َّم ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫أكالون للسحت يعنى‪َّ :‬‬


‫أكالون بدينهم‪.‬‬ ‫قال بعضهم‪ :‬س َّماعون للدعاوى الباطلة‪َّ ،‬‬

‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 44‬الى اآلية ‪)44‬‬

‫ظوْا ِمن‬ ‫استُ ْحِف ُ‬ ‫َّانيُّو َن واأل ْ ِ‬ ‫النِبيُّون َّال ِذين أَسَلموْا لَِّل ِذين هادوْا وا َّلرب ِ‬ ‫ِ‬
‫َحَب ُار ب َما ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ َ‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫ور َي ْح ُك ُم ِب َها َّ َ‬‫يها ُه ًدى َوُن ٌ‬ ‫ِإَّنآ أ َ ْ‬
‫َنزلَنا التَّ ْوَرَاة ف َ‬
‫َّللاُ َفأ ُْوَلـِٰئ َك‬
‫َنزَل َّ‬‫اخ َش ْو ِن َوالَ تَ ْشتَ ُروْا ِب َآي ِاتي َث َمناً َقلِيالً َو َمن َّل ْم َي ْح ُكم ِب َمآ أ َ‬
‫اس َو ْ‬ ‫َّللاِ َوَك ُانوْا َعَل ْي ِه ُش َه َدآء َفالَ تَ ْخ َش ُوْا َّ‬
‫الن َ‬ ‫اب َّ‬ ‫ِكتَ ِ‬
‫َ‬
‫ُهم اْل َك ِاف ُرو َن‬
‫ُ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬و َّ ِ‬
‫الربَّانيُّو َن َواأل ْ‬
‫َحَب ُار} [اآلية‪.]44 :‬‬ ‫َ‬

‫قيل‪ :‬الربانيون الراجعون إلى الرب فى جميع أحوالهم‪ ،‬واألحبار‪ :‬العلماء باهلل وبآياته‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬الربانيون‪ :‬العلماء‪ ،‬واألحبار‪ :‬العلماء بأحكام هللا‪.‬‬

‫وقال ابن طاهر‪ :‬الربانيُّون هم الصحابة الذين أخذوا كالم الرب التدبير األعلى‪ ،‬والواسطة األدنى‪ ،‬واألحبار هم علماء‬
‫األمة العالمون بعلمهم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫{والَ تَ ْشتَ ُروْا ِب َآي ِاتي ثَ َمناً َقلِيالً} [اآلية‪.]44:‬‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال محمد بن الفضل‪ :‬ال تطلبوا الدنيا بعمل اآلخرة‪.‬‬

‫سببا لطلب الدنيا فقد خاب من فعل ذلك‪.‬‬


‫وقال بعضهم‪ :‬ال تجعلوا طاعاتكم ً‬

‫َّللاُ َفأ ُْوَلـِٰئ َك ُه ُم اْل َك ِاف ُرو َن}‪ .‬والظالمون والفاسقون‪.‬‬ ‫{و َمن َّل ْم َي ْح ُكم ِب َمآ أ َ‬
‫َنزَل َّ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬من لم يحكم للناس كحكمه لنفسه فقد كفر نعمة هللا عنده‪ ،‬وجحد سنى مواهبه لديه وظلم نفسه بذلك‪.‬‬

‫محجوبا من المبعدين‪.‬‬
‫ً‬ ‫قال بعضهم‪ :‬من لم يحكم بخواطر الحق على قلبه كان‬

‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 48‬الى اآلية ‪)48‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َنزلَنآ ِإَل ْي َك اْل ِكتَاب ِباْلح ِق مص ِدقاً لِما ب ْي َن ي َد ْي ِه ِم َن اْل ِكتَ ِ‬
‫آء ُه ْم‬ ‫َّللاُ َوالَ تَتَِّب ْع أ ْ‬
‫َهَو َ‬ ‫اح ُكم َب ْيَن ُهم ِب َمآ أ َ‬
‫َنزَل َّ‬ ‫اب َو ُم َه ْيمناً َعَل ْيه َف ْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫َوأ َ ْ‬
‫اح َدةً َوَلـ ِٰكن لَِيْبُلَوُك ْم ِفي َمآ آتَ ُ‬
‫اكم‬ ‫ُم ًة و ِ‬ ‫ِ‬ ‫ع َّما جآءك ِمن اْلح ِق لِ ُك ٍل جعْلنا ِم ُ ِ‬
‫َّللاُ َل َج َعَل ُك ْم أ َّ َ‬
‫آء َّ‬
‫نك ْم ش ْرَع ًة َوم ْن َهاجاً َوَل ْو َش َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ َ ََ َ َ‬
‫ات ِإَلى هللا مرِجع ُكم ج ِميعاً َفينِبُئ ُكم ِبما ُكنتم ِف ِ‬
‫يه تَ ْخَتلُِفو َن‬ ‫َفاستَِبُقوا الخير ِ‬
‫َ ُْ‬ ‫َُ‬ ‫َْ ُ ْ َ‬ ‫ٰ‬ ‫َ َْ‬ ‫ْ‬

‫نك ْم ِش ْرَع ًة َو ِم ْن َهاجاً} [اآلية‪.]48 :‬‬


‫قوله تعالى‪{ :‬لِ ُك ٍل َج َعْلَنا ِم ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سبل الشيطان‬
‫كل قد فتح له الطريق إلى هللا‪ ،‬فمن استقام على الطريق وصل إلى هللا ومن زاغ وقع فى ُ‬
‫قال بعضهم‪ٌ :‬‬
‫وضل عن سواء السبيل‪.‬‬

‫وقال أبو يزيد البسطامى رحمة هللا عليه فى هذه اآلية‪ :‬كما أنه بذاته يحبهم كذلك يحبون ذاته فإن اإلله راجعه إلى‬
‫الذات دون النعوت والصفات‪.‬‬

‫ُّه ْم َوُي ِحب َ‬


‫ُّون ُه} بفضل حبه لهم أحبوه‪ ،‬كذلك‬ ‫وسمعت السالمى يقول فى قوله‪ِ :‬‬
‫{يحب ُ‬
‫ُ‬

‫ذكرهم بفضل ذكره لهم ذكروه‪.‬‬

‫وقال‪ :‬الحب شرطه أن يلحقه سكرات المحبة‪ ،‬فإذا لم يكن كذلك لم تكن فيه حقيقة‪.‬‬

‫وقال يوسف بن الحسين‪ :‬المحبة‪ :‬اإليثار‪.‬‬

‫الروذابارى لنفسه‪:‬‬
‫وأنشدنى فى معناه الحسين بن أحمد الرازى قال‪ :‬أنشدنى أبو على ُّ‬

‫وغليله نيرُانها‬
‫ُ‬ ‫ُج َزق الهوى‬ ‫أشجانها‬
‫ُ‬ ‫رت صفو صبابتى‬
‫ام ُ‬
‫َس َ‬

‫إيثار حبك قلت جذب عنانها‬ ‫ِ‬


‫الصبابة قيل لى‬ ‫وسأَلت عن ِ‬
‫فرط‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫طاح لِ ُ‬
‫سانها‬ ‫َوصف فاوِت ُره َف َ‬ ‫ين‬
‫ومنه فز َ‬
‫وك ٌل َل ُه وبه ُ‬
‫ُ‬

‫وقال بعضهم‪ :‬سكون بعد الطلب‪ ،‬وطلب بعد السكون‪ ،‬ألن الطلب ال يساكن األحوال إال بوجود مراده وهوى محبوبه‪.‬‬

‫[وقيل‪ :‬المحبة ارتياح الذات لمشاهدة الصفات‪].‬‬

‫وقيل المحبة هى أن تصير ذات المحب صفة المحبوب‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال بعضهم‪ :‬المحبون هلل هم الذين قطعوا العالئق التى تقطع عن هللا من قبل أن تقطعهم‪.‬‬

‫ُّه ْم َوُي ِحب َ‬


‫ُّون ُه} و َّأنى تقع صفات المعلولة من صفات‬ ‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬بطل حبهم بذكر حبه لهم بقوله ِ‬
‫{يحب ُ‬
‫ُ‬
‫األزلى األبدى‪.‬‬

‫وقال الشبلى‪ :‬المحبة استواء الحب فى الشدة والرخاء‪ ،‬إذا صح قوله ودعواه‪.‬‬

‫سمعت عبد هللا بن محمد بن عبد الرحمن الدارى يقول‪ :‬سمعت أبا عثمان يقول‪ :‬إنه قد ذكر حبهم له وحبه لهم‪ ،‬ثم‬
‫ِ‬ ‫ِ َّ ٍ‬
‫نعتهم فى حبه لهم فقال‪{ :‬أَذلة َعَلى اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين} فبدأ من نعت المحبة بالتواضع الذى ضده الكبر‪ ،‬والكبر يتولد من‬
‫الجهل الذى يؤدى إلى‬

‫األمن واليأس‪ .‬والتواضع يتولد من حقيقة العلم‪.‬‬

‫وقال الجنيد‪ :‬من أثبت محبته هلل من غير شرط محبة هللا له‪ ،‬كان فى دعواه مبطالً حتى يثبت أوالً محبة هللا له‪ ،‬قال‬

‫ُّه ْم َوُي ِحب َ‬


‫ُّون ُه}‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ف َيأِْتي َّ ِ‬
‫َّللاُ بَق ْو ٍم ُيحب ُ‬ ‫هللا تعالى‪َ { :‬ف َس ْو َ‬

‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 54‬الى اآلية ‪)54‬‬

‫ِ‬ ‫َّللا ِبَقو ٍم ي ِحبُّهم وي ِحبُّونه أَ ِذَّل ٍة عَلى اْلمؤ ِمِن ِ‬ ‫نكم عن ِد ِين ِه َفسو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٰيأَي َّ ِ‬
‫ين أَعَّزٍة َعَلى اْل َكاف ِر َ‬
‫ين‬ ‫ُْ َ‬ ‫َ‬ ‫ف َيأْتي َّ ُ ْ ُ ُ ْ َ ُ َ ُ‬ ‫َْ َ‬ ‫آمُنوْا َمن َي ْرتََّد م ُ ْ َ‬ ‫ين َ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ُل َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٰ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يجاه ُدو َن في سِب ِ‬
‫يم‬
‫َّللاُ َواس ٌع َعل ٌ‬‫آء َو َّ‬
‫َّللا ُي ْؤتيه َمن َي َش ُ‬ ‫َّللا َوالَ َي َخا ُفو َن َل ْو َم َة الئ ٍم ذل َك َف ْ‬
‫يل َّ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َّللاِ والَ يخا ُفون َلوم َة ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الئمٍ} [اآلية‪.]54 :‬‬ ‫{ي َجاه ُدو َن في َسبيل َّ َ َ َ َ ْ َ‬
‫قوله تعالى‪ُ :‬‬

‫الوراق‪ :‬الجهاد ثالثة‪ :‬جهاد مع نفسك‪ ،‬وجهاد مع عدوك‪ ،‬وجهاد مع قلبك والجهاد فى سبيل هللا هو‬
‫قال أبو بكر َّ‬
‫مجاهدة القلب لئال تتمكن منه الغفلة بحال‪ ،‬وجهاد النفس ال تفتر عن الطاعة بحال‪ ،‬وجهاد الشيطان أن ال يجد منك‬
‫فرصة فيأخذ منك بحظه‪.‬‬

‫وقال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬الناس فى مجاهداتهم ثالثة نفر مرتبطون بأفعالهم وصفاتهم‪ ،‬يقولون فى القيامة { َه ُ‬
‫آؤُم‬
‫ابي ْه } [الحاقة‪ ]19 :‬و { ٰيَل ْي َت َق ْو ِمي َي ْعَل ُمو َن } [يس‪ ]26 :‬ونفر غلبت صفات هللا على سرائرهم‪ ،‬فهم ينظرون‬ ‫ِ‬
‫ا ْق َرُؤْا كتَ َ‬
‫إلى السبق وإلى ما جرى به من الحكم‪ ،‬ونفر تجلى هللا لقلوبهم فخشعت عما سواه‪ ،‬فهم ال يدركون صفاتهم‬

‫انقطاعا إلى هللا واتصاالً به‪.‬‬


‫ً‬ ‫وأعمالهم‪ ،‬وال يدركون صفات الحق‬

‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 56‬الى اآلية ‪)56‬‬

‫َّللاِ ُهم اْل َغالُِبو َن‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّ ِ‬


‫آمُنوْا َفإ َّن ح ْز َب َّ ُ‬
‫ين َ‬
‫َّللاَ َوَرُسوَل ُه َوالذ َ‬
‫َو َمن َيتََو َّل َّ‬

‫آمُنوْا‬ ‫َّ ِ‬
‫ين َ‬
‫َّللاَ َوَرُسوَل ُه َوالذ َ‬
‫{و َمن َيتََو َّل َّ‬
‫قال سهل‪ :‬التوبة لها مقامات وحاالت‪ ،‬والتوبة الصحيحة ما قال هللا عز وجل‪َ :‬‬
‫َّللاِ ُه ُم اْل َغالُِبو َن}‪.‬‬
‫َفِإ َّن ِح ْز َب َّ‬

‫قال القاسم‪ :‬مواالة هللا مشتقة من مواالة رسوله‪ ،‬ومواالة الرسول مشتقة من مواالة السادة واألكابر من عباده وهم‬
‫المؤمنون‪ ،‬ومن لم يعظم الكبراء السادة ال يبلغ إلى شىء من مقامات المواالة مع هللا ورسوله فإن النبى صلى هللا عليه‬
‫وسلم قال‪ " :‬من تعظيم جالل هللا إكرام ذى الشيبة المسلم "‪ ،‬وقال صلى هللا عليه وسلم‪ " :‬بجلوا المشايخ فإن تبجيل‬
‫المشايخ من إجالل هللا‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫‪".‬‬

‫َّللاِ ُه ُم اْل َغالُِبو َن} قال‪ :‬ألهوائهم وإراداتهم ومقاصدهم‪.‬‬


‫وقال سهل فى قوله‪َ { :‬فِإ َّن ِح ْز َب َّ‬

‫وقال بعضهم‪ :‬حزب هللا أهل خاصته والقائمون معه على شرائط االستقامة‪.‬‬

‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 63‬الى اآلية ‪)63‬‬

‫صَن ُعو َن‬ ‫ِ‬ ‫اإل ْث َم َوأَ ْكلِ ِه ُم ُّ‬


‫َحَب ُار َعن َقولِ ِهم ِ‬ ‫َلوالَ ي ْنهاهم َّ ِ‬
‫الس ْح َت َلب ْئ َس َما َك ُانوْا َي ْ‬ ‫ْ ُ‬ ‫الربَّانيُّو َن َواأل ْ‬ ‫ْ َ َ ُُ‬
‫قوله تعالى‪َ{ :‬لوالَ ي ْنهاهم َّ ِ‬
‫الربَّانيُّو َن َواأل ْ‬
‫َحَب ُار} [اآلية‪.]63 :‬‬ ‫ْ َ َ ُُ‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬الربانيون العارفون مقادير الخلق لرحمة الحق‪،‬‬

‫واألحبار اآلمرون بالمعروف والناهون على المنكر‪.‬‬

‫وقال أبو عثمان رحمة هللا عليه‪ :‬الربانيون هم أهل حقيقة الحق وهم أهل المحبة هلل بالصدق‪.‬‬

‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 67‬الى اآلية ‪)67‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َّللاَ الَ َي ْه ِدي اْلَق ْوَم‬
‫اس ِإ َّن َّ‬ ‫ص ُم َك ِم َن َّ‬
‫الن ِ‬ ‫َّللا يع ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ول َبلِ ْغ َمآ أ ِ‬
‫ُنزَل ِإَل ْي َك من َّرب َ‬
‫ِك َوِإن ل ْم تَْف َع ْل َف َما َبل ْغ َت ِرَساَلتَ ُه َو َّ ُ َ ْ‬ ‫الرُس ُ‬
‫ُّها َّ‬
‫َيـٰأَي َ‬
‫ِ‬
‫اْل َكاف ِر َ‬
‫ين‬

‫ِ‬ ‫ول َبلِ ْغ َمآ أ ِ‬


‫ُنزَل ِإَل ْي َك من َّرب َ‬
‫ِك} [اآلية‪.]67 :‬‬ ‫الرُس ُ‬
‫ُّها َّ‬
‫{يـٰأَي َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬حقائق الرسالة لو وضعت على الجبال لزالت‪ ،‬إال أنهم يظهرون للعالم على مقادير طاقتهم‪ ،‬أال ترى‬
‫ِ‬ ‫إلى قوله تعالى َ{بلِ ْغ َمآ أ ِ‬
‫ُنزَل ِإَل ْي َك من َّرب َ‬
‫ِك} ولم يقل ما تعرفنا به إليك‪.‬‬

‫ِ َّ ِ‬
‫َّللاُ َفِب ُه َد ُ‬
‫اه ُم‬ ‫ين َه َدى َّ‬
‫وقال بعضهم‪ :‬الرسول هو المبتدى والنبى هو المقتدى‪ ،‬قال هللا تعالى فى صفة األنبياء {أ ُْوَلـٰئ َك الذ َ‬
‫ا ْقتَِد ْه} [األنعام‪.]90 :‬‬

‫ِ‬ ‫وقال بعضهم فى قوله‪{َ :‬بلِ ْغ َمآ أ ِ‬


‫ُنزَل ِإَل ْي َك من َّرب َ‬
‫ِك} معناه‪ :‬بلغ ما أنزل إليك من ربك ودع ما تعرفنا به إليك‪ ،‬األول‪:‬‬
‫الشريعة والثانى‪ :‬ما أنزل من األنوار على سر‬

‫محمد صلى هللا عليه وسلم ال يطيقها بسر‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬بلغ ما أنزل إليك من ربك وال تبلغ ما خصصناك به من محل الكشف والمشاهدة فإنهم ال يطيقون‬
‫سماع ما أطقت حمله من مشاهدات اللذات والتجلى بالصفات‪.‬‬

‫ص ُم َك ِم َن َّ‬
‫الن ِ‬
‫اس}‪ .‬قيل يعصمك منهم أن يكون منك إليهم التفات‪ ،‬أو يكون لك بهم اشتغال‪.‬‬ ‫َّللا يع ِ‬
‫{و َّ ُ َ ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫وقيل‪ :‬يعصمك من أن ترى لنفسك فيها شيئاً بل ترى الكل منه وبه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال بعضهم‪ :‬لصون سرك عن االشتغال بهم والنظر إليهم‪ ،‬ألنك معصوم السر عن مولد الشكوك ونزغات الشيطان‬
‫وفلتات النفس‪.‬‬

‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 68‬الى اآلية ‪)68‬‬

‫ِك ْم َوَلَي ِز َيد َّن َكِثي اًر ِم ْن ُه ْم َّمآ أ ُْن ِزَل‬


‫ُنزَل ِإَل ْي ُك ْم ِمن َّرب ُ‬
‫يل َو َمآ أ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يموْا التَّ ْوَرَاة َواإل ْنج َ‬
‫ٍ َّ ِ‬ ‫ُق ْل يـٰأ ْ ِ ِ‬
‫َه َل اْلكتَاب َل ْستُ ْم َعَل ٰى َش ْيء َحت ٰى تُق ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْس َعَلى اْلَق ْو ِم اْل َكاف ِر َ‬
‫ين‬ ‫ط ْغَياناً َوُكْف اًر َفالَ تَأ َ‬ ‫ِإَل ْي َك من َّرب َ‬
‫ِك ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ط ْغَياناً َوُكْف اًر} [اآلية‪.]68 :‬‬ ‫{وَلَي ِز َيد َّن َكثي اًر م ْن ُه ْم َّمآ أ ُْن ِزَل ِإَل ْي َك من َّرب َ‬
‫ِك ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬هم الذين تولى هللا إضاللهم وصرف قلوبهم عن إدراك حقائق الحكمة‪.‬‬

‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 71‬الى اآلية ‪)71‬‬

‫َّللا ب ِ‬
‫ص ٌير ِب َما َي ْع َمُلو َن‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫ص ُّموْا َكث ٌير م ْن ُه ْم َو َّ ُ َ‬
‫َّللاُ َعَل ْيه ْم ثُ َّم َع ُموْا َو َ‬
‫اب َّ‬ ‫َو َحسُبوْا أَال تَ ُكو َن ف ْتَن ٌة َف َع ُموْا َو َ‬
‫ص ُّموْا ثُ َّم تَ َ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫{و َحسُبوْا أَال تَ ُكو َن ف ْتَن ٌة َف َع ُموْا َو َ‬
‫ص ُّموْا} [اآلية‪.]71 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم ظنوا أن ال يفتتنوا فى آرائهم وأهوائهم فعموا عن رؤية لحق وصموا عن استماعه‪ ،‬إال من أدركته رحمة هللا‬
‫وفضله فتاب عليه وفتح عينه لرشده‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬ظنوا أنهم لن يقعوا فى الفتنة وهم طالبون للدنيا معتمدون على الخلق‪ ،‬عميت أبصار قلوبهم وصمت آذان‬
‫سرائرهم‪ ،‬إال من يتداركه هللا بكشف الغطا فيحله محل التابعين‪.‬‬

‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 80‬الى اآلية ‪)80‬‬

‫اب ُه ْم َخالِ ُدو َن‬


‫َّللا َعَل ْي ِهم وِفي اْلع َذ ِ‬ ‫َنف ُس ُه ْم أَن َس ِخ َ‬
‫ين َكَف ُروْا َلِب ْئ َس َما َقَّد َم ْت َل ُه ْم أ ُ‬ ‫َّ َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ط َّ ُ‬ ‫تَ َر ٰى َكثي اًر م ْن ُه ْم َيتََول ْو َن الذ َ‬

‫َّللاُ َعَل ْي ِه ْم} [اآلية‪.]80 :‬‬


‫ط َّ‬‫قوله عز وجل‪{ :‬أَن َس ِخ َ‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬ما أظهر هللا من الوشم المكروه على خلقه‪ ،‬جعل ذلك مضافاً إلى غضبه وسخطه من‬
‫غير أن يؤثر عليه شىء‪ ،‬أال ترى إلى قول الحكيم كيف يؤثر عليه‪ ،‬ما هو أحراه له كيف يغضبه ما هو أبداه وكيف‬

‫يجرى عليه الغضب على نحو ما يعرف من اآلدميين‪ ،‬وال يكره ً‬


‫شيئا خلقه وتولى إظهاره‪ ،‬وإن كان نفس ما أظهره‬
‫مكروها فى ذاته‪ ،‬إذ ال ضرر عليه فى شىء خلقه‪ ،‬كما ال زينة له فى شىء خلقه‪.‬‬

‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 74‬الى اآلية ‪)74‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫أََفالَ يتوبون ِإَلى َّ ِ‬
‫يم‬ ‫ِ‬
‫ور َّرح ٌ‬
‫َّللاُ َغُف ٌ‬ ‫َّللا َوَي ْستَ ْغِف ُر َ‬
‫ون ُه َو َّ‬ ‫َُ ُ َ ٰ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬أََفالَ يتوبون ِإَلى َّ ِ‬
‫َّللا َوَي ْستَ ْغِف ُر َ‬
‫ون ُه} [اآلية‪.]74 :‬‬ ‫َُ ُ َ ٰ‬

‫قيل‪ :‬أفال يتوبون إليه من رؤية أفعالهم ويستغفرونه من تقصيرهم فيها‪.‬‬

‫َّللاِ}‪.‬‬
‫وبو َن ِإَل ٰى َّ‬
‫وقال أبو عثمان فى قوله‪{ :‬أََفالَ َيتُ ُ‬

‫قال‪ :‬أفال يرجعون إليه بالكلية ويقطعون قلوبهم عن األسباب‪.‬‬

‫وقال رويم‪ :‬حقيقة التوبة هى التوبة من التوبة‪.‬‬

‫وقال سهل‪ :‬التوبة أن ال تنسى ذنبك‪.‬‬

‫وقال أبو حفص‪ :‬التوبة أن ال تذكر ذنبك‪.‬‬

‫وقال السوسى‪ :‬التوبة الرجوع عن كل ما َذ َّمه العلم إلى ما مدحه العلم‪.‬‬

‫وقال الدقاق‪ :‬أن تكون ً‬


‫وجها هلل بال ًقفا كما كنت ًقفا بال وجه‪.‬‬

‫وقال النورى‪ :‬التوبة أن تتوب مما سوى الحق‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 82‬الى اآلية ‪)82‬‬

‫ص َار ٰى ٰذلِ َك‬ ‫َّ ِ‬ ‫َِّ ِ‬ ‫اس عداوة لَِّل ِذين آمنوْا اْليه َّ ِ‬
‫ِ‬
‫ين َقالُوْا إَّنا َن َ‬
‫آمُنوْا الذ َ‬ ‫َش َرُكوْا َوَلتَ ِج َد َّن أَ ْق َرَب ُه ْم َّم َوَّد ًة للذ َ‬
‫ين َ‬ ‫ين أ ْ‬
‫ود َوالذ َ‬‫الن ِ َ َ َ ً َ َ ُ َ ُ َ‬ ‫َلتَ ِج َد َّن أ َ‬
‫َشَّد َّ‬
‫ين َوُرْهَباناً َوأََّن ُه ْم الَ َي ْستَ ْكِب ُرو َن‬ ‫ِبأ َّ ِ ِ ِ ِ‬
‫َن م ْن ُه ْم قسيس َ‬

‫ين َوُرْهَباناً َوأََّن ُه ْم الَ َي ْستَ ْكِب ُرو َن} [اآلية‪.]82 :‬‬ ‫ٰ‬
‫{ذلِك ِبأ َّ ِ ِ ِ ِ‬
‫َن م ْن ُه ْم قسيس َ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬حرمات الخدمة أثبت عليهم وإن كانوا على طرق المخالفة‪ ،‬لكنهم لما أظهروا لزوم الباب بدت عليهم‬
‫آثارها فى قبول الحرية وتحليل المناكحات واألسباب إلى التزهد والرهبانية‪.‬‬

‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 83‬الى اآلية ‪)83‬‬

‫آمَّنا َفا ْكتُْبَنا َم َع‬ ‫ِ‬ ‫ول تَرى أَعينهم َتِفيض ِمن َّ ِ‬
‫ُنزل ِإَلى َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫الد ْم ِع م َّما َع َرُفوْا م َن اْل َح ِق َيُقوُلو َن َربََّنآ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫الرُس َ ْ ُ َ ُ ْ‬ ‫َوإِ َذا َسم ُعوْا َمآ أ ِ َ‬
‫ين‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫الشاهد َ‬

‫يض ِم َن َّ‬
‫الد ْم ِع} [اآلية‪.]83 :‬‬ ‫ِ‬
‫َعُيَن ُه ْم تَف ُ‬ ‫الرس ِ‬
‫ول تَ َرى أ ْ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وإِ َذا س ِم ُعوْا مآ أ ِ ِ‬
‫ُنزَل إَلى َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬كادت جوارحهم وقلوبهم أن تنطق بقبول الوحى قبل سماعه فى مشاهدة المصطفى صلى هللا عليه‬
‫وسلم فلما سمعوا منه لم يطيقوا إال ببكاء فرح أو بكاء حسرة أو بكاء دهشة أو بكاء حركة أو بكاء معرفة‪ ،‬كما قال هللا‬
‫{م َّما َع َرُفوْا ِم َن اْل َح ِق}‪.‬‬
‫تعالى ِ‬

‫وقال بعضهم فى هذه اآلية‪ :‬كان فيهم ثالثة أشياء‪ :‬الدعاء والبكاء والرضاء‪.‬‬

‫فالدعاء على الجفاء‪ ،‬والبكاء على العطاء‪ ،‬والرضاء بالقضاء وكل أحد يدعى المعرفة وال تكون فيه هذه الثالثة فليس‬
‫بصادق فى دعواه‪.‬‬

‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 87‬الى اآلية ‪)87‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّللاُ َل ُك ْم َوالَ تَ ْعتَ ُدوْا ِإ َّن َّ‬ ‫ٰيأَيُّها َّال ِذين آمنوْا الَ تُح ِرموْا َ ِ‬
‫ين‬
‫َّللاَ الَ ُيح ُّب اْل ُم ْعتَد َ‬ ‫طِيَبات َمآ أ َ‬
‫َح َّل َّ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ٰ { :‬يأَيُّها َّال ِذين آمنوْا الَ تُح ِرموْا َ ِ‬
‫َّللاُ َل ُك ْم} [اآلية‪.]87 :‬‬ ‫طِيَبات َمآ أ َ‬
‫َح َّل َّ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ‬

‫قال سهل‪ :‬هو الرفق باألسباب من غير طلب وال إشراف نفس‪ ،‬وقد يبدو الرفق بالسبب ألهل المعرفة على الظاهر‬
‫وهم يأخذونه من المسبب على الحقيقة‪.‬‬

‫وقال أبو عثمان‪ :‬ال تحرموا على أنفسكم المكاسب وطلب القوت الحالل من ذلك وال تعتدوا النزواء ارزًقا سواه‪ ،‬فإنه‬
‫الرازق‪ .‬والرزاق ربما أوصل إليك رزقك بسبب وربما قطعك عن األسباب َّ‬
‫وردك إلى األخذ منه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 88‬الى اآلية ‪)88‬‬

‫َّللاَ َّال ِذي أَنتُم ِب ِه ُم ْؤ ِمُنو َن‬


‫طِيباً َواتَُّقوْا َّ‬ ‫َوُكُلوْا ِم َّما َرَزَق ُك ُم َّ‬
‫َّللاُ َحَلـٰالً َ‬

‫طِيباً} [اآلية‪.]88 :‬‬ ‫{وُكُلوْا ِم َّما َرَزَق ُك ُم َّ‬


‫َّللاُ َحالَالً َ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬رزقك الذى رزقك ما هو من غير حركة منك وال استشراف‪ ،‬وهو الطيب الحالل يحلك محل الدعة‬
‫ويطيب قلبك بتناوله‪.‬‬

‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 92‬الى اآلية ‪)92‬‬

‫َّ‬ ‫َطيعوْا َّ ِ‬ ‫ِ‬


‫اعَل ُموْا أََّن َما َعَل ٰى َرُسولَِنا اْلَبالَغُ اْل ُمِب ُ‬
‫ين‬ ‫اح َذ ُروْا َفِإن تََول ْيتُ ْم َف ْ‬
‫ول َو ْ‬
‫الرُس َ‬
‫يعوْا َّ‬
‫َّللاَ َوأَط ُ‬ ‫َوأ ُ‬

‫اح َذ ُروْا} [اآلية‪.]92 :‬‬ ‫َطيعوْا َّ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ :‬‬


‫ول َو ْ‬
‫الرُس َ‬
‫يعوْا َّ‬
‫َّللاَ َوأَط ُ‬ ‫{وأ ُ‬
‫َ‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه فى هذه اآلية‪ :‬الحذر ال يزول عن العبد‪ ،‬وإن كان مدرًجا تحت الصفات ولوال ذلك‬
‫علما‬
‫لبسطه العلم إلى شرط الجور وقلة المباالة باألفعال‪ ،‬ولكن اآلداب فى إقامة الموافقات كلما ازدادت السرائر به ً‬
‫إزدادت له خشية‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال ابن العزمى‪ :‬الحذر انكسار القلب‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬معنى الحذر مراقبة القلب‪.‬‬


‫وقال ً‬

‫اح َذ ُروْا} أى‪ :‬ال تالحظوا طاعاتكم فتسقطوا عن درجة الكمال‪.‬‬ ‫َطيعوْا َّ ِ‬ ‫وقال الواسطى‪ِ :‬‬
‫ول َو ْ‬
‫الرُس َ‬
‫يعوْا َّ‬
‫َّللاَ َوأَط ُ‬ ‫{وأ ُ‬
‫َ‬

‫وقال ابو سعيد الخراز‪ :‬الحذر من ثمانية أوجه‪:‬‬

‫احذر هللا فيما تعرفه من ذنوبك‪ ،‬واحذره فيما ال تعرفه أنت ويعرفه منك‪ ،‬واحذره فيما ال ترى من فضله عليك‪ ،‬واحذره‬
‫مخدوعا برؤية طاعتك ونسيان مخالفاتك‪ ،‬واحذره أن تكون مستدرًجا‪ ،‬واحذره أن‬
‫ً‬ ‫أن ال ينسيك عيوبك‪ ،‬واحذره أن تكون‬
‫يحجبك برؤية رحمته عن رؤية عدله‪ ،‬واحذره أن ال يغرك بثناء الخلق عليك بخالف ما يعلمه منك‪.‬‬

‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 97‬الى اآلية ‪)97‬‬

‫الس َٰم َٰو ِت َو َما‬


‫َّللاَ َي ْعَل ُم َما ِفي َّ‬ ‫الش ْه َر اْل َح َر َام َواْل َه ْد َي َواْلَقالَِئ َد ٰذلِ َك لِتَ ْعَل ُموْا أ َّ‬
‫َن َّ‬ ‫ِٰ ِ ِ‬
‫اس و َّ‬
‫َّللاُ اْل َك ْعَب َة اْلَب ْي َت اْل َح َر َام قَيماً ل َّلن َ‬
‫َج َع َل َّ‬
‫يم‬ ‫ٍ ِ‬ ‫َن َّ ِ ِ‬ ‫ض َوأ َّ‬ ‫ِفي األ َْر ِ‬
‫َّللاَ ب ُكل َش ْيء َعل ٌ‬
‫َّللاُ اْل َك ْعَب َة اْلَب ْي َت اْل َح َرام ِقَياماً لِ َّلن ِ‬
‫اس} [اآلية‪.]97 :‬‬ ‫{ج َع َل َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬
‫َ‬

‫سمعت محمد بن عبد هللا الطبرى يقول سمعت الشبلى يقول‪ :‬الكعبة أمام أعين الخلق‪ ،‬والحق إمام قبلة أوليائه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقيل‪ :‬البيت الحرام أى حرام فى مجاهرته الرتكاب المخالفات ٍ‬
‫بحال‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬حرام على من يراه أن يرى وضعه بعد واضعه‪.‬‬

‫قياما للناس‪ :‬أى من ذل عن قيامه فاعو َّج بالتدنس بمعصية فأتاه فتعلق به إقامة بركاته وأثار األنبياء عليهم‬
‫وقيل ً‬
‫السالم‪.‬‬

‫والصالة فيه ورده إلى حال االستقامة‪.‬‬

‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 93‬الى اآلية ‪)93‬‬

‫آمُنوْا ثُ َّم‬ ‫َّ‬ ‫ط ِعموْا ِإ َذا ما اتََّقوْا وآمنوْا وع ِمُلوْا ال َّ ِ ِ‬ ‫َليس عَلى َّال ِذين آمنوْا وع ِمُلوْا َّ ِ ِ‬
‫ات جَن ِ‬
‫صال َحات ثُ َّم اتَقوْا َو َ‬ ‫َ َُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫يما َ ُ‬
‫اح ف َ‬
‫الصال َح ُ ٌ‬ ‫َ َُ َ َ‬ ‫َْ َ‬
‫ين‬ ‫ِِ‬ ‫اتََّقوْا َّوأَحسُنوْا و َّ ِ‬
‫َّللاُ ُيح ُّب اْل ُم ْحسن َ‬ ‫َْ َ‬

‫ط ِع ُموْا ِإ َذا َما اتََّقوْا} [اآلية‪.]93 :‬‬


‫يما َ‬ ‫قوله تعالى‪َ{ :‬ليس عَلى َّال ِذين آمنوْا وع ِمُلوْا َّ ِ ِ‬
‫ات جَن ِ‬
‫اح ف َ‬
‫الصال َح ُ ٌ‬ ‫َ َُ َ َ‬ ‫َْ َ‬

‫قال سهل‪ :‬إذا طلب الحالل ولم يأخذ فوق الكفاية وآثر مما َح َّ‬
‫صله وواسى‪.‬‬

‫ط ِع ُموْا} إذا ما اتقوا الحرام‬


‫يما َ‬ ‫قال أبو عثمان الحيرى فى قوله‪َ{ :‬ليس عَلى َّال ِذين آمنوْا وع ِمُلوْا ا َّ ِ ِ‬
‫ات جَن ِ‬
‫اح ف َ‬
‫لصال َح ُ ٌ‬ ‫َ َُ َ َ‬ ‫َْ َ‬
‫السنة‪ ،‬ثم اتقوا البخل وآمنوا بالخلف ثم اتقوا كثرة األكل وأحسنوا يعنى قالوا‪:‬‬ ‫وآمنوا بوعيد هللا وعملوا الصالحات اتبعوا ُّ‬
‫بالفضل‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 101‬الى اآلية ‪)101‬‬

‫ِ‬ ‫ٰيأَي َّ ِ‬
‫َّللاُ‬
‫َّللاُ َع ْن َها َو َّ‬
‫آن تُْب َد َل ُك ْم َعَفا َّ‬ ‫آء ِإن تُْب َد َل ُك ْم تَ ُس ْؤُك ْم َوإِن تَ ْسأَُلوْا َع ْن َها ح َ‬
‫ين ُيَنَّزُل اْلُق ْر ُ‬ ‫َشَي َ‬
‫آمُنوْا الَ تَ ْسأَُلوْا َع ْن أ ْ‬
‫ين َ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ‬
‫يم‬ ‫ِ‬
‫ور َحل ٌ‬
‫َغُف ٌ‬

‫آء ِإن تُْب َد َل ُك ْم تَ ُس ْؤُك ْم} [اآلية‪.]101 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ٰ { :‬يأَي َّ ِ‬
‫َشَي َ‬
‫آمُنوْا الَ تَ ْسأَُلوْا َع ْن أ ْ‬
‫ين َ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬ال تسألوا عن أشياء إن تُ َبد لكم تسؤكم قال بعضهم‪ :‬ال تسألوا عن مقامات الصديقين ودرجات األولياء‪،‬‬
‫فإنه إن بدا لكم شىء منها فأنكرتم ذلك هلكتم‪.‬‬

‫وقال سهل‪ :‬سؤاله حجاب ودعاؤه قسوة‪.‬‬

‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 105‬الى اآلية ‪)105‬‬

‫َّللاِ َم ْرِج ُع ُك ْم َج ِميعاً َفُيَنِبُئ ُك ْم ِب َما ُك ْنتُ ْم تَ ْع َمُلو َن‬


‫اهتَ َد ْيتُ ْم ِإَلى َّ‬
‫ض َّل ِإ َذا ْ‬
‫ضُّرُك ْم َّمن َ‬
‫آمُنوْا َعَل ْي ُك ْم أ َْنُف َس ُك ْم الَ َي ُ‬
‫ين َ‬
‫ٰيأَي َّ ِ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ‬
‫قوله تعالى‪ٰ { :‬يأَي َّ ِ‬
‫ض َّل ِإ َذا ْ‬
‫اهتَ َد ْيتُ ْم} [اآلية‪.]105 :‬‬ ‫ضُّرُك ْم َّمن َ‬
‫آمُنوْا َعَل ْي ُك ْم أ َْنُف َس ُك ْم الَ َي ُ‬
‫ين َ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال محمد بن على‪ :‬عليك نفسك إن كفيت الناس شرها فقد أديت أكثر حقها‪.‬‬

‫ودخل خادم الحسين بن منصور عليه الليلة التى وعد من الغد قتله‪ ،‬فقال‪ :‬أوصنى‪ :‬فقال‪ :‬عليك نفسك إن لم تشغلها‬
‫شغلتك‪.‬‬

‫وسئل أبو عثمان عن هذه اآلية فقال‪ :‬عليك نفسك إن اشتغلت بصالح فسادها وستر عوراتها‪ ،‬شغلك ذلك عن النظر‬‫ُ‬
‫إلى الخلق واالشتغال بهم‪.‬‬

‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 109‬الى اآلية ‪)109‬‬

‫َنت َعالَّم اْل ُغي ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرسل َفيُقول ما َذآ أ ِ‬


‫وب‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُج ْبتُ ْم َقاُلوْا الَ عْل َم َلَنآ ِإَّن َك أ َ‬ ‫َّللاُ ُّ ُ َ َ ُ َ‬
‫َي ْوَم َي ْج َم ُع َّ‬

‫ُج ْبتُ ْم َقاُلوْا الَ ِعْل َم َلَنآ} [اآلية‪.]109 :‬‬


‫الرسل َفيُقول ما َذآ أ ِ‬
‫َّللاُ ُّ ُ َ َ ُ َ‬
‫{ي ْوَم َي ْج َم ُع َّ‬
‫قوله تعالى وتقدس‪َ :‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬أظهر ما منه إليهم كلهم من توليه فقالوا كيف نقول فعلت األمم ‪ -‬أو فعلنا عندها ‪-‬‬
‫َّ‬
‫كلت إال عن العبادة عن الحقيقة‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬ال علم لنا بسؤال عن الحقيقة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال‪ :‬خاطبهم لعلمه بأنهم يحملون ثقل الخطاب وأشد ما ورد على األنبياء فى نبوتهم حمل الخطاب على المشاهدة‪،‬‬
‫لذلك لم يظهروا الجواب ولم ينطقوا بالجواب إال على لسان العجز‪ ،‬ال علم لنا مع ما كشفت لنا من جبروتك‪.‬‬

‫وقال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬رفق بهم ولو فقهوا أو علموا لماتوا هيبة لورود الجواب للخطاب‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬لوال أن هللا تعالى أيدهم بخطابه بالوسائط‪ ،‬لذابوا حين ف ِجَئهم خطاب المشاهدة‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬طاشت عقولهم وذهلت ألبابهم لهيبة ورود الخطاب عليهم‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬ال علم لنا بسؤالك وال جواب لنا عنه‪.‬‬

‫وقال سهل بن عبد هللا‪ :‬ال عقل لنا وكانت مخاطبتهم فى أصل العقل‪.‬‬

‫الرُس َل‬
‫َّللاُ ُّ‬
‫{ي ْوَم َي ْج َم ُع َّ‬
‫وقال بعضهم‪ :‬لما ظهر لهم الحق بعلمه وسبقه ثم سألهم جحدوا علومهم ونسوها فى قوله‪َ :‬‬
‫ول َما َذآ أُ ِج ْبتُ ْم َقاُلوْا الَ ِعْل َم َلَنآ} [اآلية‪.]109 :‬‬
‫َفَيُق ُ‬

‫وذلك من إقامة األدب ألجلها بما أجابوا‪.‬‬

‫وحكى الواسطى رحمة هللا عليه عن الجنيد رحمه هللا أنه قال عن غفلة‪ :‬قالوا ال علم لنا ولو فقهوا لماتوا‪ ،‬ولو لحظت‬
‫الرسل ما تحت خطابه لذابوا‪.‬‬

‫{ما َذآ أُ ِج ْبتُ ْم}؟ قالوا‪ :‬ال علم لنا‬


‫سمعت أبا بكر الرازى يقول‪ :‬سمعت أبا عمرو محمد بن األشعث يقول‪ :‬فى قوله‪َ :‬‬
‫كعلمك‪ ،‬فإنك تعلم ما أظهروا وما أعلنوا وأضمروا‪ ،‬ونحن ال نعلم إال ما أظهروا فعلمك فيهم أنفذ‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬خاطبهم بشاهدهم فثبتوا وأجابوا وسعوا فى أمره ونهيه‪ ،‬ثم خاطبهم بشاهده فى اآلخرة‬
‫وبالحقيقة فجحدوا أمرهم وأنكروا ذلك حقهم‪ ،‬ألن ما ستر عنهم لو أظهره لهم فى الدنيا لما أبدوا رسالة وال قاموا بحق‪،‬‬
‫وكأنهم قالوا‪ :‬ما دعونا إلىالذى ظهر وال قمنا بحق ما أظهرت لنا {الَ ِعْل َم َلَنآ}‪.‬‬

‫وقال سهل بن عبد هللا فى قوله {الَ ِعْل َم َلَنآ} أى‪ :‬ال علم لنا بمرادك فى سؤالك وأنت عالم الغيوب‪ ،‬وتلقى الخطاب‬
‫بالجواب صعب وال يتلقى خطابه إال بالجهل واالستكانة والفقر والذلة والخضوع‪.‬‬

‫سمعت محمد بن شاذان يقول‪ :‬سمعت محمد بن الفضل يقول‪ :‬فى هذه اآلية {الَ ِعْل َم َلَنآ} أى‪ :‬ال علم لنا بجواب ما‬
‫يصلح لهذا السؤال‪.‬‬

‫أيضا‪{ :‬الَ ِعْل َم َلَنآ} إال علمنا بأنك أنت أعلم بهم منا وليس علمنا كعلمك يا ربنا‪.‬‬
‫وقال ً‬

‫ُج ْبتُ ْم}؟ أى كيف شكركم عن عبادى قالوا‪{ :‬الَ ِعْل َم َلَنآ} باإلجابة‪ ،‬إن شكرنا كذبنا‬
‫وقال بعضهم فى هذه اآلية‪{ :‬ما َذآ أ ِ‬
‫َ‬
‫وإن صدقنا شكوا وال تحتمل قلوبنا أن نشكوا من ضعفاء إلى متكبر جبار‪ ،‬إنك أنت عالم الغيوب‪ ،‬يستعفون من ذلك‬
‫َنت َعالَّم اْل ُغي ِ‬
‫وب}‪.‬‬ ‫بالسؤال قوله‪ِ{ :‬إَّن َك أ َ‬
‫ُ ُ‬

‫قال بعضهم‪ :‬قطعهم بذلك عن الشفاعات حتى يستأذنوا فيأذن لمن يشاء بقوله تعالى‪{ :‬من َذا َّال ِذي ي ْشَفع ِع ْنده ِإالَّ‬
‫َ ُ َُ‬ ‫َ‬
‫ِبِإ ْذِن ِه} [البقرة‪.]255 :‬‬

‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 110‬الى اآلية ‪)110‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫اس ِفي اْل َم ْه ِد َوَك ْهالً َوإِ ْذ‬ ‫َّللا ي ِٰعيسى ابن مريم ا ْذ ُكر ِنعمِتي عَليك وعَل ٰى والِ َدِتك ِإ ْذ أَيَّدتُّك ِبرو ِح اْلُق ُد ِ ِ‬
‫س تُ َكل ُم الَّن َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ال َّ ُ َ ْ َ َ ْ َ َ ْ ْ َ َ ْ َ َ َ َ َ‬ ‫إ ْذ َق َ‬
‫ِ‬
‫ِ َّ‬
‫الطي ِر ِبِإ ْذِني َفتَ ُنف ُخ ِفيها َفتَ ُكون َ ِِ ِ‬ ‫اإلن ِجيل وِإ ْذ تَخُلق ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ىء‬ ‫ِ‬
‫ط ْي اًر بإ ْذني َوتُْبر ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ين َك َه ْيَئة ْ‬ ‫الط ِ‬ ‫اب َواْلح ْك َم َة َوالتَّ ْوَرَاة َو ِ ْ َ َ ْ ُ َ‬
‫َعل ْمتُ َك اْلكتَ َ‬
‫ين َكَف ُروْا ِم ْن ُه ْم‬ ‫ات َفَق َّ ِ‬
‫األَ ْكمه واألَبرص ِبِإ ْذِني وإِ ْذ تُ ْخ ِرج اْلموتَى ِبِإ ْذِن ِي وإِ ْذ َكَفْفت بِني ِإسرِائيل عنك ِإ ْذ ِج ْئتَهم ِباْلبِين ِ‬
‫ال الذ َ‬‫َ‬ ‫ُْ َ َ‬ ‫َْ َ َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ٰ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َْ َ‬
‫َّ ِ‬
‫ِإ ْن َهـٰ َذا ِإال س ْحٌر ُّمِب ٌ‬
‫ين‬

‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ ْذ أَيَّدتُّ َك ِب ُرو ِح اْلُق ُد ِ‬


‫س} [اآلية‪.]110 :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬منهم من ألقى إليه روح النبوة‪ ،‬ومنهم من ألقى إليه روح الصديقية‪ ،‬ومنهم من ألقى إليه روح المشاهدة‪،‬‬
‫ومنهم من ألقى إليه روح اإلصالح والحرمة‪ ،‬وأسر إليهم بما ال يترحم‪ ،‬وال ُيعبر علم ربانى غاب وصفه وبقى حقه‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬ال تصح الصحبة مع هللا إال بصحبة الروح فى صحبة ِ‬
‫القدم‪.‬‬

‫اس ِفي اْل َم ْه ِد َوَك ْهالً} [اآلية‪.]110 :‬‬ ‫س تُ َكلِم َّ‬


‫الن َ‬ ‫ُ‬
‫قال هللا تعالى‪{ :‬أَيَّدتُّ َك ِب ُرو ِح اْلُق ُد ِ‬

‫بالعقل فمن صحت صحبة روحه فى القدم صحت صحبته مع هللا‪.‬‬

‫وقال فى قوله أيدتك بروح القدس‪ :‬ذكر الروح فى هذا الموضع لطف بالقربة من المستترات‪.‬‬

‫شيئا من هيكلك وطبعك‪ ،‬بل طهرته لئال يرى غيرى وال يشاهد سواى‪ ،‬وأسكنته‬
‫قال بعضهم‪ :‬قدست روحك أن تمازج ً‬
‫قالب جسمك‪ ،‬سكون عارية كإسكان آدم صلى هللا عليه وسلم الجنة ألطهر به جسدك عن أدناس الكون حتى أقدسهما‬
‫جميعا وأخرجهما إلى مجد القدس‪.‬‬
‫ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 116‬الى اآلية ‪)116‬‬

‫اس اتَّ ِخ ُذوِني وأ ُِمي ِإَلـٰهي ِن ِمن دو ِن َّ ِ‬ ‫وإِ ْذ َقال َّ ِ‬


‫َّللا َقا َل ُس ْب َح َان َك َما َي ُكو ُن لِي أ ْ‬
‫َن أَُق َ‬
‫ول‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫لت لِ َّلن ِ‬
‫َنت ُق َ‬‫يسى ْاب َن َم ْرَي َم أَأ َ‬
‫َّللاُ يٰع َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َنت َعالَّم اْل ُغي ِ‬
‫وب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َعَل ُم َما في َنْفس َك ِإَّن َك أ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َما َل ْي َس لِي ِب َح ٍق ِإن ُك ُ‬
‫نت ُقْلتُ ُه َفَق ْد َعل ْمتَ ُه تَ ْعَل ُم َما في َنْفسي َوالَ أ ْ‬
‫ُ ُ‬

‫َّللاِ} [اآلية‪.]116 :‬‬


‫اس اتَّ ِخ ُذوِني َوأ ُِمي ِإَلـ َٰه ْي ِن ِمن ُدو ِن َّ‬
‫لت لِ َّلن ِ‬ ‫يسى ْاب َن َم ْرَي َم أَأ َ‬
‫َنت ُق َ‬
‫ِ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬يٰع َ‬
‫َ‬

‫معا أن أقروا بالجهل فقالوا‪ :‬ال علم لنا‪.‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬قمعه هذا الخطاب وأسره حتى أحوجه وجميع األنبياء ً‬

‫ص ِبِإ ْذِني} [اآلية‪.]110 :‬‬


‫ىء األَ ْك َم َه َواأل َْب َر َ‬‫قال تعالى‪ِ َ :‬‬
‫{وتُْبر ُ‬

‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا على الروذبارى يقول‪ :‬غاية الربوبية فى غاية العبودية لما استقام على‬
‫شيئا من أوصاف الربوبية بقضائه وقدره‪.‬‬
‫بساط العبودية أظهر عليه ً‬

‫َعَل ُم َما ِفي َنْف ِس َك}‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫قوله تعالى‪{ :‬تَ ْعَل ُم َما في َنْفسي َوالَ أ ْ‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬تعلم ما فى نفسى لك وال أعلم ما فى نفسك لى‪.‬‬

‫قال يحيى‪ :‬تعلم ما فى نفسى ألنك أوجدتها‪ ،‬وال أعلم ما فى نفسك لبعد الذات عن الدرك‪.‬‬

‫سمعت محمد بن عبد العزيز يقول‪ :‬سمعت محمد الجريرى يقول‪ :‬سمعت الجنيد رحمة هللا عليه يقول‪ :‬وقد ُسئل عن‬
‫قوله تعلم ما فى نفسى وال أعلم ما فى نفسك‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال‪ :‬تعلم ما أنا لك عليه وما لك عندى‪ ،‬وال أعلم ما لى عندك إال ما أطلعتنى عليه وأخبرتنى به‪.‬‬

‫وقال‪ :‬تعلم ما فى نفسى من تدبيرك فى وقضائك لى‪ ،‬وال أعلم ما فى نفسك من المحبة لى أو اإلبعاد‪.‬‬

‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 117‬الى اآلية ‪)117‬‬

‫َنت‬
‫نت أ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نت َعَل ْي ِه ْم َش ِهيداً َّما ُد ْم ُت في ِه ْم َفَل َّما تََوَّف ْي َتني ُك َ‬
‫َّك ْم َوُك ُ‬
‫َّللاَ َربِي َوَرب ُ‬
‫اعُب ُدوْا َّ‬‫َن ْ‬‫َم ْرتَِني ِب ِه أ ِ‬ ‫ِ َّ‬
‫َما ُقْل ُت َل ُه ْم إال َمآ أ َ‬
‫َنت َعَل ٰى ُك ِل َشي ٍء َش ِه ٌيد‬ ‫يب َعَل ْي ِه ْم َوأ َ‬
‫الرِق َ‬
‫َّ‬
‫ْ‬
‫َم ْرتَِني ِب ِه} [اآلية‪.]117 :‬‬ ‫ِ َّ‬
‫{ما ُقْل ُت َل ُه ْم إال َمآ أ َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫{من َذا َّال ِذي َي ْشَف ُع ِع ْن َدهُ ِإالَّ ِبِإ ْذِن ِه} [البقرة‪.]255 :‬‬
‫قيل أنى يكون لى لسان القول إال بعد اإلذن بعد قولك َ‬

‫ِ‬
‫يب َعَل ْي ِه ْم}‪.‬‬
‫الرِق َ‬
‫َنت َّ‬ ‫قوله تعالى‪َ{ :‬فَل َّما تََوَّف ْيتَني ُك َ‬
‫نت أ َ‬

‫قيل‪ :‬لما أسقطت عنى ثقل اإلبالغ‪ ،‬كنت أنت أعلم من إقبالهم بما أجريت عليهم من محتوم قضائك‪.‬‬

‫وعما َل ُه وعليه‪ ،‬وإنما هو ناظر بما يرد ويصدر‬


‫وقال أبو بكر الفارسى فى هذه اآلية‪ :‬الموحد ذاهب عن حاله ووصفه َّ‬
‫ليس بينه وبين الحق حجاب‪ ،‬إن نطق فعنه وإن سكت فيه‪ ،‬حيث ما نظر كان للحق منظوره‪ ،‬وإن أخلده النار لم‬
‫يلتمس فرًجا ألن رؤية الحق وطنه ونجاته‪ ،‬وهلكته من عين واحدة لم يبق حجاب إال طمسه برؤية التفريد وكان‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫احدا‪ ،‬وإنما يخاطب الحق نفسه بنفسه لنفسه‪ ،‬قد تاهت العقول ودرست الرسوم وبطل ما كانوا‬ ‫ِ‬
‫طب و ً‬
‫المخاط ُب والمخا َ‬
‫يعملون‪.‬‬

‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 118‬الى اآلية ‪)118‬‬

‫ِ‬ ‫ك َوإِن تَ ْغِف ْر َل ُه ْم َفِإَّن َك أ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫يم‬
‫َنت اْل َعز ُيز اْل َحك ُ‬ ‫ِإن تُ َعذ ْب ُه ْم َفِإَّن ُه ْم عَب ُاد َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إن تُ َعذ ْب ُه ْم َفِإَّن ُه ْم عَب ُاد َ‬
‫ك} [اآلية‪.]118 :‬‬

‫مقرون لك بالتقصير‪ ،‬وإن تغفر لهم ذنوبهم فأنت أهل‬


‫قال الوراق‪ :‬إن تعذبهم بتقصيرهم فى طاعتك‪ ،‬فإنهم عبادك ُّ‬
‫العزة والكرم‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬نزل عيسى عليه الصالة والسالم له انبساط فى السؤال لألمة وترك المحاكمة فى أفعاله‪ ،‬ونبينا صلى‬
‫هللا عليه وسلم ال يزال يشفع ويشفع ويقول‪ :‬أمتى أمتى حتى يجاب فى الكل من أمته‪ ،‬وهذا هو المقام المحمود الذى‬
‫ويجاب بقوله قل ُيسمع واشفع تشفع‪.‬‬ ‫ص به‪ ،‬ويغبطه عليه األولون واآلخرون حيث راجع الحق منبس ً‬
‫طا ُ‬ ‫ُخ َّ‬

‫يم} [اآلية‪.]118 :‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬فِإَّن َك أ َ ِ‬


‫َنت اْل َعز ُيز اْل َحك ُ‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪َ :‬عَّز كالمه ونعوته وعزت صفاته وبيانه وأساميه فلم يبدها إال لمن خلقه لها ومن كان‬
‫هو أحق بها وأهلها‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 119‬الى اآلية ‪)119‬‬

‫ات تَجرِي ِمن تَحِتها األ َْنهار خالِ ِدين ِفيهآ أَبداً َّر ِ‬ ‫الص ِاد ِق ِ‬
‫ضوْا‬
‫َّللاُ َع ْن ُه ْم َوَر ُ‬
‫ضي َّ‬
‫َ‬ ‫َُ َ َ َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ين ص ْد ُق ُه ْم َل ُه ْم َجَّن ٌ ْ‬
‫َ‬ ‫َّللاُ َهـٰ َذا َي ْوُم َي َنف ُع َّ‬
‫ال َّ‬
‫َق َ‬
‫يم‬ ‫ِ‬ ‫ِٰ‬
‫َع ْن ُه ذل َك اْلَف ْوُز اْل َعظ ُ‬
‫الص ِاد ِقين ِ‬
‫ص ْد ُق ُه ْم} [اآلية‪.]119 :‬‬ ‫َّللاُ َهـٰ َذا َي ْوُم َي َنف ُع َّ‬
‫ال َّ‬
‫َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ق َ‬

‫سمعت محمد بن الحسن البغدادى يقول‪ :‬سمعت محمد بن أحمد بن سهل يقول‪ :‬سمعت سعيد بن عثمان يقول‪ :‬قال‬
‫ذو النون‪ :‬ثالثة من أعالم الصدق‪ :‬مالزمة الصادقين‪ ،‬والسكون عند نظر المتفرسين ووجدان الكراهية لتغير السر‬
‫لرب العالمين‪.‬‬

‫سمعت النصرآباذى يقول‪ :‬سمعت إبراهيم بن عائشة يقول‪ :‬سمعت أبا سعيد القرشى وقد ُسئل عن الصادق فقال‪ :‬الذى‬
‫ظاهره مستقيم وباطنه ال يميل إلى حظ‬

‫النفس الستقامته‪ ،‬وعالمة صاحبه أن يجد الحالوة فى بعض الطاعة وال يجد فى بعضها‪.‬‬

‫وإذا اشتغل بالذكر واالجتهاد يجد الروح وإذا اشتغل بحظوظ نفسه ُحجب عن هللا وعن األذكار‪.‬‬

‫الص ِاد ِقين ِ‬


‫ص ْد ُق ُه ْم} حجاب األكابر إخبارهم عن حضورهم ومن حضر نفسه ال‬ ‫{ي ْوُم َي َنف ُع َّ‬
‫َ‬ ‫وقال بعضهم‪ :‬فى قوله َ‬
‫يحضر ربه‪ ،‬ومن ادعى الصدق أثبت نفسه وأحضرها‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫الص ِاد ِقين ِ‬
‫ص ْدُق ُه ْم}‬ ‫َ‬ ‫سمعت أبا بكر الرازى يقول‪ :‬سمعت الكتانى يقول‪ :‬سألت ابن عطاء بمكة عن قوله‪َ :‬‬
‫{ي ْوُم َي َنف ُع َّ‬
‫قال‪ :‬إرادتهم فى بيان أعمالهم بجوارحهم‪.‬‬

‫وقال الحسينى فى هذه اآلية‪ :‬إذا قابل ربه بصدق‪ ،‬وجهل أمر ربه‪ ،‬وطالب ربه بحظه ووعده يطالبه ربه بصدق‬
‫صدقه فأفلسه عن رتبته وأبعده عما قصده‪ ،‬وينفع صدقه من لقيه اإلفالس وأيقن أنه كان مستعمالً تحت حكمه‬
‫وقضيته‪.‬‬

‫سورة المائدة (من اآلية ‪ 2‬الى اآلية ‪)2‬‬

‫ضالً ِمن‬ ‫ين اْلَب ْي َت اْل َح َر َام َي ْبتَ ُغو َن َف ْ‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّللاِ والَ َّ‬
‫الش ْه َر اْل َح َر َام َوالَ اْل َه ْد َي َوالَ اْلَقالئ َد َوال آم َ‬ ‫آمُنوْا الَ تُ ِحُّلوْا َش َع ِآئ َر‬ ‫َّ ِ‬
‫َّ َ‬ ‫ين َ‬ ‫َيا أَُّي َها الذ َ‬
‫وك ْم َع ِن اْل َم ْس ِج ِد اْل َح َار ِم أَن تَ ْعتَُدوْا َوتَ َع َاوُنوْا َعَلى اْل ِ‬
‫بر‬ ‫صُّد ُ‬ ‫َوالَ َي ْج ِرَمَّن ُك ْم َشَن ُ‬ ‫َّربِ ِه ْم َوِر ْ‬
‫آن َق ْو ٍم أَن َ‬ ‫ط ُادوْا‬‫اص َ‬‫ض َواناً َوإِ َذا َحَلْلتُ ْم َف ْ‬
‫َّللا َش ِد ُيد اْل ِعَق ِ‬ ‫ان واتَُّقوْا َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫اب‬ ‫َّللاَ إ َّن َّ َ‬ ‫َوالتْق َو ٰى َوالَ َت َع َاوُنوْا َعَلى اإل ْث ِم َواْل ُع ْد َو ِ َ‬

‫بر َوالتَّْق َو ٰى}‪.‬‬


‫{وتَ َع َاوُنوْا َعَلى اْل ِ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قيل البر‪ :‬ما وافقك عليه العلم من غير خالف والتقوى مخالفة الهوى {والَ تَ َعاوُنوْا َعَلى ِ‬
‫اإل ْث ِم َواْل ُع ْدَو ِ‬
‫ان} قيل‪ :‬اإلثم طلب‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الرخص‪ ،‬والعدوان هو التخطى إلى الشبهات‪.‬‬ ‫ُّ‬

‫وقيل‪ :‬البر‪ :‬ما اطمأن إليه قلبك من غير أن تنكره بجهة وال سبب‪.‬‬

‫بر َوالتَّْق َو ٰى} هو طاعة األكابر من السادات والمشايخ فال تضيعوا حظوظكم منهم‪ ،‬ومن‬ ‫وقال بعضهم‪{ :‬تَ َع َاوُنوْا َعَلى اْل ِ‬
‫{واْل ُع ْد َو ِ‬
‫ان} هو‪ :‬موافقة النفس على مرادها وهواها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫{والَ تَ َع َاوُنوْا َعَلى اإل ْثمِ} وهو االشتغال بالدنيا َ‬
‫معاونتهم وخدمتهم َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫بر َوالتَّْقَو ٰى} ويصح له ترك الكسب‬
‫{وتَ َع َاوُنوْا َعَلى اْل ِ‬
‫قال الحسين‪ :‬يصح للمتوكل الكسب بنية المعاونة لقوله تعالى‪َ :‬‬
‫كسبا فقد أخطأ‪.‬‬
‫تركا أو ً‬‫بحقيقة ضمان هللا له‪ ،‬فإن خالف فى العقد ً‬

‫السنة‪ .‬واإلثم‪ :‬الكفر‪ .‬والعدوان‪ :‬البدعة‪.‬‬


‫وقال سهل‪ :‬البر‪ :‬اإليمان‪ .‬والتقوى‪ُّ :‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 1‬الى اآلية ‪)1‬‬

‫ين َكَف ُروْا ِب َربِ ِه ْم َي ْع ِدُلو َن‬ ‫َّ ِ‬ ‫الظُل َٰم ِت َو ُّ‬
‫الس ٰم ٰو ِت واألَرض وجعل ُّ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫ور ْث َّم الذ َ‬
‫الن َ‬ ‫اْل َح ْم ُد ََّّلل الذي َخَل َق َّ َ َ َ ْ َ َ َ َ َ‬

‫ض} [اآلية‪.]1 :‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله عز وعال‪{ :‬اْل َح ْم ُد ََّّللِ َّال ِذي َخَل َق َّ‬
‫الس َم َاوات َواأل َْر َ‬

‫قيل‪ :‬حمد نفسه بنفسه حين علم عجز الخلق عن بلوغ حمده‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬حمد نفسه على ما أبدى الخلق من مصالحهم ومعايشهم لغفلة الخلق عن ذلك‪.‬‬

‫ض} قال‪ :‬السماوات سماوات المعرفة‪ ،‬واألرض أرض الخدمة‪.‬‬ ‫ِ‬


‫الس َم َاوات َواألَْر َ‬
‫{خَل َق َّ‬
‫وقيل فى قوله‪َ :‬‬

‫وقيل فى هذه اآلية من ذا الذى يستحق الحمد‪ ،‬إال من يقدر على مثل هذا الخلق من السماوات واألرض وما فيهما‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وسئل الواسطى رحمة هللا عليه ما الحكمة فى إظهار الكون بقوله خلق السماوات واألرض؟ فقال‪ :‬ال حاجة به إلى‬‫ُ‬
‫الكون‪ ،‬ألن فقد الكون ظهوره وظهوره فقده عنده‪ ،‬فإن قيل إلظهار الربوبية قيل‪ :‬ربوبيته كانت ظاهرة ولم يظهر‬
‫ربوبيته لغيره قط‪ ،‬ألنه ال طاقة ألحد فى ظهور ربوبيته‪ ،‬بل أظهر الكون وحجب الكون بالكون‪ ،‬لئال تظهر ألحد‬
‫الربوبية فينطمس‪ ،‬ألن الحق ال يحتمله إال الحق‪.‬‬

‫و ُسئل بعضهم‪ :‬ما الحكمة فى إظهار الكون؟ قال‪ :‬ارتفاع العلة‪ ،‬فإذا ارتفعت العلة ظهرت الحكمة‪.‬‬

‫ور}‪.‬‬ ‫الظُلم ِ‬
‫ات َو ُّ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وجعل ُّ‬
‫الن َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬أبدأ الظلمات فى الهياكل والنور فى األرواح‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬جعل الظلمات الكفر والمعاصى‪ ،‬وجعل النور اإليمان والطاعات‪.‬‬

‫وقال الواسطى‪ :‬هو الكفر والمعاصى والنور واإليمان‪ ،‬وأصله االفتراق واالقتران‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬جعل الظلمات والنور‪ ،‬الظلمات‪ :‬أعمال البدن والنور‪ :‬فى التفويض‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 2‬الى اآلية ‪)2‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َج ٌل ُّم َس ًّمى ِع َندهُ ثُ َّم أَنتُ ْم تَ ْمتَ ُرو َن‬
‫َجالً َوأ َ‬
‫ضى أ َ‬ ‫ُه َو َّال ِذي َخَلَق ُك ْم ِمن ِط ٍ‬
‫ين ثُ َّم َق َ‬

‫{ه َو َّال ِذي َخَلَق ُك ْم ِمن ِط ٍ‬


‫ين} [اآلية‪.]2 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ُ :‬‬

‫قال الحسن‪َّ :‬‬


‫ردهم إلى قيمتهم فى أصل الخليفة‪ ،‬ثم أوقع عليهم نور السيد وخاصية الخلقة‪ ،‬فتميزوا بذلك عن جملة‬
‫الحيوانات بالمعرفة والعلم واليقين‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 3‬الى اآلية ‪)3‬‬

‫الس ٰم ٰو ِت وِفي األ َْر ِ‬


‫ض َي ْعَلم ِسَّرُك ْم َو َج ْه َرُك ْم َوَي ْعَلم َما تَ ْك ِسُبو َن‬ ‫وهو َّ ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّللاُ في َّ َ َ َ‬ ‫َ َُ‬

‫{ي ْعَل ُم ِسَّرُك ْم َو َج ْه َرُك ْم} [اآلية‪.]3 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬ما تضمرون فى سرائركم وما تجهرون به من دعواتكم‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 9‬الى اآلية ‪)9‬‬

‫َوَل ْو َج َعْل َٰن ُه َمَلكاً َّل َج َعْل َٰن ُه َر ُجالً َوَلَلَب ْسَنا َعَل ْي ِهم َّما َيْلِب ُسو َن‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫{وَلَلَب ْسَنا َعَل ْي ِهم َّما َيْلِب ُسو َن} [اآلية‪.]9 :‬‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬ليس على أهل واليته بحضرته كما أنزل فى بعض الكتب بغيتى ما يتحمله المتحملون‬
‫من أجلى وطلب مرضاتى‪ ،‬أترانى أنسى لهم ذلك كيف وأنا الجواد الكريم‪ ،‬أقبل على من تولى عنى فكيف بمن أقبل‬
‫على‪.‬‬

‫{وَلَلَب ْسَنا َعَل ْي ِهم َّما َيْلِب ُسو َن} قال‪ :‬رحمهم من حيث لم يعلموا‪.‬‬
‫وقال النورى فى قوله‪َ :‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 10‬الى اآلية ‪)10‬‬

‫ين َس ِخ ُروْا ِم ْن ُه ْم َّما َك ُانوْا ِب ِه َي ْستَ ْه ِزءو َن‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫ىء ِب ُرُس ٍل من َقْبل َك َف َح َ‬
‫اق ِبالذ َ‬ ‫َوَلَق ِد ْ ِ‬
‫ُ‬ ‫استُ ْهز َ‬

‫ىء ِب ُرُس ٍل ِمن َقْبلِ َك} [اآلية‪.]10 :‬‬‫{وَلَق ِد ْ ِ‬


‫استُ ْهز َ‬ ‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫قال القاسم‪ :‬لما لم يعرفوا حقوق الرسل ولم يكرموهم ولم ينظروا إليهم بعين الحق‪ ،‬فصموا عن األنوار والمشاهدات‬
‫والرفيع من المقامات‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 54‬الى اآلية ‪)54‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ٍ‬
‫وءا ِب َج َٰهَلة ثُ َّم تَ َ‬
‫اب‬ ‫نك ْم ُس ً‬ ‫ُّك ْم َعَل ٰى َنْف ِس ِه َّ‬
‫الر ْح َم َة أََّن ُه َمن َع ِم َل ِم ُ‬ ‫َعَل ْي ُك ْم َكتَ َب َرب ُ‬ ‫ين ُي ْؤ ِمُنو َن ِب َآي ِاتَنا َفُق ْل َس َٰل ٌم‬ ‫وِإ َذا جآء َّ ِ‬
‫ك الذ َ‬ ‫َ َ ََ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫يم‬
‫ور َّرح ٌ‬ ‫َصَل َح َفأََّن ُه َغُف ٌ‬‫من َب ْعده َوأ ْ‬

‫ُّك ْم َعَل ٰى َنْف ِس ِه َّ‬


‫الر ْح َم َة} [اآلية‪.]54 :‬‬ ‫ين ُي ْؤ ِمُنو َن ِب َآي ِاتَنا َفُق ْل َسالَ ٌم َعَل ْي ُك ْم َكتَ َب َرب ُ‬ ‫قوله عز وعال‪{ :‬وإِ َذا جآء َّ ِ‬
‫ك الذ َ‬ ‫َ َ ََ‬

‫قال‪ :‬كتب فى األبد لمن نظر إليه فى األزل بعين الرحمة‪.‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬أوجب على نفسه عفو المقصرين من عباده‪ ،‬لذلك قال‪ :‬كتب ربكم على نفسه الرحمة‪.‬‬

‫{سالَ ٌم َعَل ْي ُك ْم} قال‪ :‬هى الصفات الجارية عليهم ولهم‪ ،‬والذى أعتقهم من رق الكون وأظهرهم‬
‫وقال بعضهم‪ :‬فى قوله‪َ :‬‬
‫من خفايا المختزنات المصونات المكنونة بأعجب أعجوبة ثم أشهدهم السالم‪.‬‬

‫{وَل ُه َما َس َك َن} وكانوا سالمين منه فى‬


‫قال محمد بن على الكتانى‪ :‬اختص الحق بقلوب العارفين لسكونها إليه‪ ،‬قال‪َ :‬‬
‫أزليته‪ ،‬سالمين منه‪ ،‬فى ظاهر ربوبيته‪ ،‬سالمين فى آخريته‪ ،‬فاستحقوا اسم السالم بذلك‪.‬‬

‫ين ُي ْؤ ِمُنو َن ِب َآي ِاتَنا َفُق ْل َسالَ ٌم َعَل ْي ُك ْم} [اآلية‪.]54 :‬‬ ‫قوله عز وعال‪{ :‬وإِ َذا جآء َّ ِ‬
‫ك الذ َ‬ ‫َ َ ََ‬

‫قيل فى هذه اآلية‪ :‬تسلم أنت على الذين يؤمنون بآياتنا‪َّ ،‬‬
‫فإنا نسلم على الذين يؤمنون بنا بال واسطة وذلك قوله‪{ :‬‬
‫َسالَ ٌم َق ْوالً ِمن َّر ٍب َّرِحي ٍم } [يس‪.]58 :‬‬

‫َّللاَ الَ‬ ‫بعضهم‪ :‬إذا جاءك الذين خالفوا األمر وهم على طريقة التوحيد فاقبلهم وال تردهم بالمعاصى قال هللا‪َّ :‬‬
‫{إن َّ‬ ‫وقال‬
‫آء} [النساء‪.]48 :‬‬ ‫ن ِ ِ‬ ‫أَن ي ْشر ِ ِ ِ‬ ‫َي ْغِف ُر‬
‫ك به َوَي ْغف ُر َما ُدو َ َذل َك ل َمن َي َش ُ‬
‫ُ ََ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سمعت أبا عبد هللا الرازى يقول‪ :‬سمعت إبراهيم بن المولد يقول‪ :‬وهللا إن الحق هو الذى يسلم على الفقراء‪ ،‬والنبى‬
‫صلى هللا عليه وسلم فى ذلك واسطة‪.‬‬

‫ُّك ْم َعَل ٰى َنْف ِس ِه َّ‬


‫الر ْح َم َة}‪.‬‬ ‫{كتَ َب َرب ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬برحمته وصلوا إلى عبادته‪ ،‬ال بعبادتهم وصلوا إلى رحمته‪ ،‬وبرحمته نالوا ما عنده‪ ،‬ال‬
‫بأفعالهم ألن النبى صلى هللا عليه وسلم يقول‪ " :‬وال أنا إال أن يتغمدنى هللا منه برحمته‬

‫‪".‬‬

‫وءا ِب َج َهاَل ٍة} [اآلية‪.]54 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أََّن ُه َمن َع ِم َل ِم ُ‬


‫نك ْم ُس ً‬

‫ِ‬
‫معرفة هللا‬ ‫قال ابن عطاء‪ :‬كل من عصى هللا عصاه جهالة‪ ،‬وكل من أطاعه أطاعه بعلم فإن العبد إذا لم يعظم قدر‬
‫فى قلبه ركب كل نوع من البالء‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 13‬الى اآلية ‪)13‬‬

‫ِ‬ ‫النه ِار وهو َّ ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬


‫يم‬
‫يع اْل َعل ُ‬
‫السم ُ‬ ‫َوَل ُه َما َس َك َن في اْللْيل َو َّ َ َ ُ َ‬
‫{وَل ُه َما َس َك َن ِفي اْلَّلْي ِل َو َّ‬
‫الن َه ِار} [اآلية‪.]13 :‬‬ ‫قوله عز ذكره‪َ :‬‬

‫كيف ال يسكن إلى الحق ولدعاة الحقيقة تقصده وهو موضع النظر‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫شيئا من ملكه وهو ما سكن فى الليل والنهار من خطرٍة أو‬ ‫{وَل ُه َما َس َك َن ِفي اْلَّلْي ِل َو َّ‬
‫الن َه ِار} فمن أدعى ً‬ ‫وقال الواسطى‪َ :‬‬
‫حركة أنها له فقد جارب القبضة وأوهن العزة‪.‬‬

‫{أَالَ َل ُه اْل َخْل ُق َواأل َْم ُر} أمر إطالق‪.‬‬

‫أيضا فى هذه اآلية‪ :‬أزال األمالك بل أبطلها حين أضافها إلى نفسه وتوالها‬
‫وقال ً‬

‫بقدرته وأظهرها بمشيئته وأوجدها بعدما أفقدها‪ ،‬فهو المالك لها على الحقيقة‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 14‬الى اآلية ‪)14‬‬

‫ط َع ُم ُق ْل ِإِني أ ُِم ْر ُت أَ ْن أ ُ‬
‫ط ِع ُم َوالَ ُي ْ‬ ‫الس ٰم ٰو ِت واأل َْر ِ‬ ‫ُقل أَغير َّ ِ َّ ِ ِ ِ‬
‫ون َّن‬ ‫َكو َن أََّو َل َم ْن أ ْ‬
‫َسَل َم َوالَ تَ ُك َ‬ ‫ض َو ُه َو ُي ْ‬ ‫َّللا أَتخ ُذ َولياً َفاط ِر َّ َ َ َ‬ ‫ْ َ َْ‬
‫ِ‬
‫م َن اْل ُم ْش ِرَك َ‬
‫ين‬

‫َّللاِ أَتَّ ِخ ُذ َولِياً} [اآلية‪.]14 :‬‬


‫َغ ْي َر َّ‬
‫قوله تعالى‪ُ{ :‬ق ْل أ َ‬

‫قال الجوزجانى‪ :‬أبغى سواه ملجأً وقد سهل السبيل إليه‪.‬‬

‫وقال غيره‪ِ :‬أس َواه أستكفى‪ ،‬وهو الذى يكفينى المهم فى الدارين‪.‬‬

‫َّللاِ أَتَّ ِخ ُذ َولِياً}‪.‬‬


‫َغ ْي َر َّ‬
‫وقال أبو عثمان‪ :‬االلتجاء إلى هللا عز وجل فإنه موضع اللجأ {ُق ْل أ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ ِ‬
‫َكو َن أََّو َل َم ْن أ َْسَل َم}‪.‬‬ ‫قوله تعالى‪ُ{ :‬ق ْل ِإني أُم ْر ُت أ ْ‬
‫َن أ ُ‬

‫قال بعضهم‪ :‬أكون أول من انقاد للحق إذا ظهر‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬أن أكون من الخاضعين لما يبدو من مبادئ القدرة‪.‬‬

‫وقال جعفر‪ :‬من الراضين بموارد القضاء‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 17‬الى اآلية ‪)17‬‬

‫ف َل ُه ِإالَّ ُه َو َوإِن َي ْم َس ْس َك ِب َخ ْي ٍر َف ُه َو َعَل ٰى ُك ِل َشي ٍء َق ُد ٌير‬ ‫ِ‬


‫َّللاُ ِب ُ‬
‫ض ٍر َفالَ َكاش َ‬ ‫َوإِن َي ْم َس ْس َك َّ‬
‫ْ‬
‫ف َل ُه ِإالَّ ُه َو} [اآلية‪.]17 :‬‬ ‫ِ‬
‫َّللاُ ِب ُ‬
‫ض ٍر َفالَ َكاش َ‬ ‫{وإِن َي ْم َس ْس َك َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الوراق‪ :‬اعتمد على هللا فى جميع أمورك وأحوالك‪ ،‬فإنه ال مانع لما أعطى وال‬

‫ف َل ُه ِإالَّ ُهَو}‪.‬‬ ‫ِ‬


‫َّللاُ ِب ُ‬
‫ض ٍر َفالَ َكاش َ‬ ‫{وإِن َي ْم َس ْس َك َّ‬
‫دافع لما أنزل سواه‪ ،‬أال تراه يقول‪َ :‬‬

‫ض ٍر أو نزول‬
‫وقال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬معبودك أول خاطر يخطر لك عند نزول ُ‬

‫بالء إن رجعت فيه إلى هللا فهو معبودك وهو الذى يكفيك‪ ،‬وإن رجعت إلى غيره تركك وما رجعت إليه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 18‬الى اآلية ‪)18‬‬

‫يم اْل َخِب ُير‬ ‫ِ‬ ‫ق ِ ِِ‬ ‫ِ‬


‫َو ُه َو اْلَقاه ُر َف ْو َ عَباده َو ُه َو اْل َحك ُ‬
‫اه ُر َف ْو َق ِعَب ِادِه} [اآلية‪.]18 :‬‬
‫قوله تعالى‪{ :‬وهو اْلَق ِ‬
‫َ َُ‬

‫قيل‪ :‬جبرهم وقهرهم حتى لو استطاعوا عنه معدالً ما أطاقوا‪ ،‬يجحدون ظاهرين وتكذبهم البواطن‪.‬‬

‫وقال الحسين‪ :‬القاهر يمحو به كل موجود‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬قهرهم على االيجاد واالظهار‪ ،‬كما قهرهم على الموت والفناء‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬القاهر‪ :‬اآلمر بالطاعة من غير حاجة‪ ،‬والناهى عن المعصية من غير كراهية‪ ،‬والمثيب من غير‬
‫عوض‪ ،‬والمعاقب من غير حقد‪ ،‬ال يشتفى بالعقوبة وال يتعزز بالطاعة‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 19‬الى اآلية ‪)19‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ُنذ َرُك ْم ِب ِه َو َمن َبَل َغ أَِئَّن ُك ْم َلتَ ْش َه ُدو َن أ َّ‬
‫َن َم َع‬ ‫ُوحي ِإَل َّي هـٰ َذا اْلُقرآن أل ِ‬‫َّللا ش ِهيد ِبيِني وبينكم وأ ِ‬ ‫قل أَي شي ٍء أَكبر ش ٰهدة ق ِل َّ‬
‫ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ ُّ َ ْ ْ َ ُ َ َ ً ُ ُ َ ٌ ْ َ َ ْ َ ُ ْ َ َ‬
‫يء ِم َّما تُ ْش ِرُكو َن‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُخ َر ٰى ُقل الَّ أ ْ‬ ‫َّ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َش َه ُد ُق ْل إَّن َما ُه َو إَلـ ٌٰه َواحٌد َوِإَّنني َب ِر ٌ‬ ‫َّللا َءالِ َه ًة أ ْ‬
‫ٍ‬
‫َي َش ْيء أَ ْكَب ُر َش َه ً‬
‫ادة} [اآلية‪.]19 :‬‬ ‫قوله عز عال‪ُ{ :‬ق ْل أ ُّ‬

‫ادة ُق ِل َّ‬ ‫ٍ‬


‫َّللاُ}‪.‬‬ ‫َي َش ْيء أَ ْكَب ُر َش َه ً‬
‫قال الحسين‪ :‬ال شهادة أصدق من شهادة الحق لنفسه بما شهد به فى األزل لقوله {أ ُّ‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 25‬الى اآلية ‪)25‬‬

‫َكَّن ًة أَن َيْفَق ُهوهُ َوِفي َءا َذ ِان ِه ْم َوْق اًر َوإِن َي َرْوْا ُك َّل َء َاي ٍة الَّ ُي ْؤ ِمُنوْا ِب َها َحتَّ ٰى ِإ َذا‬
‫و ِم ْنهم َّمن يس َت ِمع ِإَليك وجعْلَنا عَلى ُقُلوب ِِهم أ ِ‬
‫ْ‬ ‫َْ ُ ْ َ َ ََ َ ٰ‬ ‫َ ُْ‬
‫جآءوك ي ٰج ِدُلونك يُقول َّال ِذين َكَفروْا ِإن هـٰ َذآ ِإالَّ أ ٰ ِ‬
‫َسط ُير األََّولِ َ‬
‫ين‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ْ َ‬ ‫َ ُ َ َُ ََ َ ُ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬و ِم ْنهم َّمن يستَ ِمع ِإَليك وجعْلَنا عَلى ُقُلوِب ِهم أ ِ‬
‫َكَّن ًة} [اآلية‪.]25 :‬‬ ‫ْ‬ ‫َْ ُ ْ َ َ ََ َ ٰ‬ ‫َ ُْ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬ألنه لم يجعل لهم سمع الفهم‪ ،‬وإنما جعل لهم سمع الخطاب‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬ومنهم من يستمع إليك بنفسه وهو فى ظلمات نفسه يتردد‪ ،‬ومنهم من يستمع منك بنا‬
‫فهو فى أنوار المعارف يتقلب‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 28‬الى اآلية ‪)28‬‬

‫َب ْل َب َدا َل ُه ْم َّما َك ُانوْا ُي ْخُفو َن ِمن َقْب ُل َوَل ْو ُرُّدوْا َل َع ُادوْا لِ َما ُن ُهوْا َع ْن ُه َوإَِّن ُه ْم َل َك ِاذُبو َن‬

‫قوله تعالى‪{َ :‬ب ْل َب َدا َل ُه ْم َّما َك ُانوْا ُي ْخُفو َن ِمن َقْب ُل} [اآلية‪.]28 :‬‬

‫قيل‪ :‬ظهر لهم من عيوب أسرارهم ما كان يخفيه عنهم قلة عملهم‪.‬‬

‫قال أبو العباس الدينورى‪ :‬أبدا لهم الحق فساد دعاويهم التى كانوا يخفونها ويظهرون للناس خالفها من التنسك والتقى‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 30‬الى اآلية ‪)30‬‬

‫اب ِب َما ُكنتُ ْم تَ ْكُف ُرو َن‬ ‫ِ‬


‫ال أََل ْي َس َهـٰ َذا باْل َح ِق َقاُلوْا َبَل ٰى َوَربَِنا َق َ‬
‫ال َف ُذوُقوْا ال َع َذ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوَل ْو تَ َر ٰى إ ْذ ُوِقُفوْا َعَل ٰى َربِه ْم َق َ‬

‫{وَل ْو تَ َر ٰى ِإ ْذ ُوِقُفوْا َعَل ٰى َرب ِِه ْم} [اآلية‪.]30 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬وقفوا وقوف قهار‪ ،‬ولو وقفوا وقوف اشتياق ل أروا عن أنواع الكرامات ما تعجبوا منها‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 32‬الى اآلية ‪)32‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ين َيتَُّقو َن أََفالَ تَ ْعِقُلو َن‬ ‫َِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫الد ْنَيآ ِإال َلع ٌب َوَل ْهٌو َوَل َّلد ُار اآلخ َرةُ َخ ْيٌر للذ َ‬
‫َو َما اْل َح َٰيوةُ ُّ‬

‫الد ْنَيآ ِإالَّ َل ِع ٌب َوَل ْهٌو} [اآلية‪.]32 :‬‬


‫{و َما اْل َحَياةُ ُّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال محمد بن على‪ :‬لعب لمن جمعه لهو لمن يرث عنه‪.‬‬

‫ين َيتَُّقو َن أََفالَ تَ ْعِقُلو َن} جهلهم بعلمهم‪.‬‬ ‫َِّ ِ‬ ‫ِ‬


‫{وَل َّلد ُار اآلخ َرةُ َخ ْيٌر للذ َ‬
‫وقال الواسطى فى قوله َ‬

‫قال النصرآباذى‪ :‬لمن لزم التقوى واشتاق إلى مفارقة الدنيا‪.‬‬

‫ين َيتَُّقو َن}‪ ،‬واإلنسان يسارع إلى ما هو خير له‪.‬‬ ‫َِّ ِ‬ ‫ِ‬
‫{وَل َّلد ُار اآلخ َرةُ َخ ْيٌر للذ َ‬
‫قال هللا تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم فى هذه اآلية‪ :‬تعزية للفقراء بما حرموا منها‪ ،‬وتقريع لألغنياء بما ركنوا إليها‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 34‬الى اآلية ‪)34‬‬

‫ك ِمن َّنَبِإ‬ ‫ات َّ ِ‬


‫وَلَق ْد ُك ِذب ْت رسل ِمن َقبلِك َفصبروْا عَلى ما ُك ِذبوْا وأُوُذوْا حتَّى أَتَاهم نصرنا والَ مب ِدل لِ َكلِم ِ‬
‫آء َ‬
‫َّللا َوَل ْقد َج َ‬ ‫َ ٰ ُ ْ َ ْ َُ َ َُ َ َ‬ ‫ْ َ َ َُ َ ٰ َ ُ َ‬ ‫َ ُُ ٌ‬ ‫َ‬
‫ين‬ ‫ِ‬
‫اْل ُم ْرَسل َ‬

‫{وَلَق ْد ُك ِذَب ْت ُرُس ٌل ِمن َقْبلِ َك} [اآلية‪.]34 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬طيب قلب نبيه صلى هللا عليه وسلم بما خالفوه به من أنواع الخالف لئال يشق عليه‬
‫حال اإلبالغ‪.‬‬

‫َّللاِ}‪.‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬والَ مب ِدل ِل َكِلم ِ‬


‫ات َّ‬ ‫َ َُ َ َ‬

‫قيل‪ :‬ال مغير لها لما أجرى فى األزل عند ظهورها في األبد‪ ،‬واألزل واألبد عنده واحد وال أزل وال أبد حقيقة‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 35‬الى اآلية ‪)35‬‬

‫ض أَو سَّلماً ِفي َّ ِ ِ ِ ٍ‬ ‫ط ْع َت أَن تَْبتَ ِغي َنَفقاً ِفي األ َْر ِ‬ ‫ِ‬
‫َّللاُ‬
‫آء َّ‬
‫الس َمآء َفتَأْتَي ُه ْم ب َآية َوَل ْو َش َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫استَ َ‬‫اض ُه ْم َفإن ْ‬ ‫ان َكُب َر َعَل ْي َك ِإ ْع َر ُ‬
‫َوإِن َك َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ون َّن م َن اْل َٰج ِهل َ‬
‫ين‬ ‫َل َج َم َع ُه ْم َعَلى اْل ُه َد ٰى َفالَ تَ ُك َ‬

‫َّللاُ َل َج َم َع ُه ْم َعَلى اْل ُه َد ٰى} [اآلية‪.]35 :‬‬


‫آء َّ‬
‫{وَل ْو َش َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬على جوهرة واحدة فى صفة واحدة‪.‬‬

‫وقيل هذا الخطاب استهانة بمن أعرض عنه‪ ،‬بأنه سيرهم فى مشيئته وصرفهم فى تدبيره‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 36‬الى اآلية ‪)36‬‬

‫َّللاُ ثُ َّم ِإَل ْي ِه ُي ْر َج ُعو َن‬


‫ين َي ْس َم ُعو َن َواْل َم ْوتَ ٰى َي ْب َعثُ ُه ُم َّ‬ ‫ِإَّنما يستَ ِج َّ ِ‬
‫يب الذ َ‬‫َ َْ ُ‬

‫ين َي ْس َم ُعو َن} [اآلية‪.]36 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّنما يستَ ِج َّ ِ‬


‫يب الذ َ‬‫َ َْ ُ‬

‫قال النورى‪ :‬من فتح سمعه للسماع أجرى لسانه بالجواب‪.‬‬

‫ين َي ْس َم ُعو َن}‪.‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّنما يستَ ِج َّ ِ‬


‫يب الذ َ‬‫َ َْ ُ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬أخبر هللا أن أهل السماع هم األحياء وهم أهل الخطاب والجواب‪،‬‬

‫َّللاُ}‪.‬‬
‫{واْل َم ْوتَ ٰى َي ْب َعثُ ُه ُم َّ‬
‫وأخبر أن اآلخرين هم األموات بقوله َ‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 38‬الى اآلية ‪)38‬‬

‫الك ٰتَ ِب ِمن َشي ٍء ثُ َّم ِإَل ٰى َربِ ِه ْم‬


‫طَنا ِفي ِ‬
‫ُم ٌم أ َْمثَاُل ُك ْم َّما َفَّر ْ‬ ‫ط ِائ ٍر ي ِطير ِبجن ِ ِ َّ‬ ‫وما ِمن دآب ٍ‬
‫َّة ِفي األ َْر ِ‬
‫ْ‬ ‫اح ْيه إال أ َ‬
‫ض َوالَ َ َ ُ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ُي ْح َش ُرو َن‬

‫اب ِمن َشي ٍء} [اآلية‪.]38 :‬‬ ‫طَنا ِفي ِ‬


‫الكتَ ِ‬ ‫{ما َفَّر ْ‬
‫قوله تعالى‪َّ :‬‬
‫ْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قيل‪ :‬ما أخرنا فى الكتاب ذكر ٍ‬
‫أحد من الخلق ولكن ال يبصر ذكره فى الكتاب إال‬

‫المؤيدون بأنوار العزة‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 39‬الى اآلية ‪)39‬‬

‫صر ٍ‬
‫اط ُّم ْستَِقي ٍم‬ ‫ِ‬ ‫َّللا ي ْ ِ‬ ‫ُّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ضلْل ُه َو َمن َي َش ْأ َي ْج َعْل ُه َعَل ٰى َ‬ ‫ص ٌّم َوُب ْك ٌم في الظُل َمات َمن َي َشِإ َّ ُ ُ‬
‫ين َكذُبوْا ب َآياتَنا ُ‬
‫َوالذ َ‬
‫قوله عز وعال‪{ :‬و َّال ِذين َك َّذبوْا ِبآي ِاتنا ص ٌّم وب ْكم ِفي ُّ‬
‫الظُلم ِ‬
‫ات} [اآلية‪.]39 :‬‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ َ َ ُ َُ ٌ‬

‫قال بعضهم‪ :‬لم يصدقوا إظهار كرامتنا على المقربين من عبادنا‪ ،‬عموا وصموا عن أنوار المالحظات‪ ،‬وبقوا مع‬
‫ظلمات النفوس وهواجس الهياكل‪.‬‬

‫صر ٍ‬
‫اط ُّم ْستَِقيمٍ}‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َّللا ي ْ ِ‬
‫ضلْل ُه َو َمن َي َش ْأ َي ْج َعْل ُه َعَل ٰى َ‬ ‫{من َي َشِإ َّ ُ ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال من يرد هللا به الخير يجره إلى حسن اختياره له فيبقى على أسلم الطريق‪ ،‬وهو الرضا بمجارى القدرة وهو الصراط‬
‫المستقيم‪ .‬ومن يرد به الشر تركه فى سوء تدبيره فيبقى فى ضالله‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 40‬الى اآلية ‪)40‬‬

‫َّللاِ تَ ْدعو َن ِإن ُكنتُم ِ ِ‬ ‫َّللاِ أ َْو أَتَ ْت ُك ُم َّ‬


‫ين‬
‫صـٰدق َ‬
‫ْ َ‬ ‫َغ ْي َر َّ ُ‬ ‫اع ُة أ َ‬
‫الس َ‬ ‫ُق ْل أ ََرَء ْيتَ ُك ْم ِإ ْن أَتَـ ُٰك ْم َع َذ ُ‬
‫اب َّ‬

‫ين} [اآلية‪.]40 :‬‬ ‫َّللاِ تَ ْدعو َن ِإن ُكنتُم ِ ِ‬


‫صادق َ‬‫ْ َ‬ ‫َغ ْي َر َّ ُ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أ َ‬

‫قيل أعلى غيره تتوكلون وإلى سواه ترجعون؟ وهو الذى وفقكم لمعرفته وأقامكم مقام الصادقين من عباده‪.‬‬

‫قال الجريرى‪ :‬مرجع العارفين إلى الحق فى أوائل البدايات‪ ،‬ومرجع العوام إليه بعد اإلياس من الخلق‪.‬‬

‫ين}‪.‬‬ ‫َّللاِ تَ ْدعو َن ِإن ُكنتُم ِ ِ‬


‫صادق َ‬‫ْ َ‬ ‫َغ ْي َر َّ ُ‬ ‫قال هللا تعالى‪{ :‬أ َ‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 41‬الى اآلية ‪)41‬‬

‫نس ْو َن َما تُ ْش ِرُكو َن‬ ‫نِ ِِ‬ ‫ِ‬


‫َب ْل ِإيَّاهُ تَ ْد ُعو َن َفَي ْكش ُ‬
‫آء َوتَ َ‬
‫ف َما تَ ْد ُعو َ إَل ْيه إ ْن َش َ‬
‫قوله تعالى‪{َ :‬ب ْل ِإيَّاهُ تَ ْد ُعو َن} [اآلية‪.]41 :‬‬

‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬من دعا الحق فبإياه إلياه يدعو من غير حظ فيه وال حضور من نفسه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال هللا تعالى‪{َ :‬ب ْل ِإيَّاهُ تَ ْد ُعو َن}‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬بل إليه المرجع لمن عقل عنه خطابه‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 42‬الى اآلية ‪)42‬‬

‫ضَّرُعو َن‬ ‫َخ ْذ َٰنهم ِباْلبأْس ِآء و َّ ِ َّ‬ ‫وَلَق ْد أَرس َلنآ ِإَل ٰى أ ِ ِ‬
‫الضَّرآء َل َعل ُه ْم َيتَ َ‬ ‫ُم ٍم من َقْبل َك َفأ َ ُ ْ َ َ َ‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬

‫ضَّرُعو َن} [اآلية‪.]42 :‬‬ ‫َخ ْذَناهم ِباْلبأْس ِآء و َّ ِ َّ‬


‫الضَّرآء َل َعل ُه ْم َيتَ َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬فأ َ ُ ْ َ َ َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬أخذنا عليهم الطرق كلها ليرجعوا إلينا‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 46‬الى اآلية ‪)46‬‬

‫ظر َكيف نص ِرف اآلي ِ‬ ‫َّللاِ يأِْت ُ ِ‬


‫ات ثُ َّم ُه ْم‬ ‫يك ْم ِبه ْان ُ ْ ْ َ ُ َ ُ َ‬ ‫ِك ْم َّم ْن ِإَلـ ٌٰه َغ ْي ُر َّ َ‬
‫ص َارُك ْم َو َختَ َم َعَل ٰى ُقُلوب ُ‬
‫َّللاُ َس ْم َع ُك ْم َوأ َْب َ‬ ‫َرَْيتُ ْم ِإ ْن أ َ‬
‫َخ َذ َّ‬ ‫ُق ْل أ َأ‬
‫ص ِد ُفو َن‬ ‫َي ْ‬

‫ص َارُك ْم} [اآلية‪.]46 :‬‬


‫َّللاُ َس ْم َع ُك ْم َوأ َْب َ‬ ‫َرَْيتُ ْم ِإ ْن أ َ‬
‫َخ َذ َّ‬ ‫قوله تعالى‪ُ{ :‬ق ْل أ َأ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الجريرى‪ :‬أى إن أخذ هللا سمعكم عن فهم خطاباتهم وأبصاركم عن االعتبار بصنائع قدرته‪ ،‬وختم على قلوبكم‬
‫تسلبكم معرفته‪ ،‬هل يقدر أحد فتح باب من هذه األبواب سواه؟ كال بل هو المبتدئ بالنعم تفضالً ومنتهى فى االنتهاء‬
‫كرم ًا‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 48‬الى اآلية ‪)48‬‬

‫ف َعَل ْي ِه ْم َوالَ ُه ْم َي ْح َزُنو َن‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬


‫َصَل َح َفالَ َخ ْو ٌ‬
‫ام َن َوأ ْ‬
‫ين َف َم ْن َء َ‬ ‫ين ِإال ُمَبش ِر َ‬
‫ين َو ُمنذ ِر َ‬ ‫َو َما ُن ْرِس ُل اْل ُم ْرَسل َ‬

‫ف َعَل ْي ِه ْم} [اآلية‪.]48 :‬‬


‫َصَل َح َفالَ َخ ْو ٌ‬
‫آم َن َوأ ْ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ف َم ْن َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬من أخلص باطنه وأصلح ظاهره فال خوف عليهم خوف القنوط وال هم يحزنون حزن القطيعة‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 50‬الى اآلية ‪)50‬‬

‫وح ٰى ِإَل َّي ُق ْل َه ْل َي ْستَ ِوي‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ُقل الَّ أَُقول َل ُكم ِع ِندي خزِآئن َّ ِ‬
‫ول َل ُك ْم ِإني َمَل ٌك ِإ ْن أَتَِّب ُع ِإال َما ُي َ‬
‫َعَل ُم اْل َغ ْي َب َوال أَُق ُ‬
‫َّللا َوال أ ْ‬ ‫ََ ُ‬ ‫ُ ْ‬
‫َّ‬ ‫األَعمى واْلب ِ‬
‫ص ُير أََفالَ تَتََفك ُرو َن‬ ‫َْ ٰ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ُ{ :‬قل هل يستَ ِوي األَعمى واْلب ِ‬
‫ص ُير} [اآلية‪.]50 :‬‬ ‫َْ ٰ َ َ‬ ‫ْ َْ َْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬األعمى من عمى عن طريق رشده والقائم مع عبادته‪ ،‬والبصير الناظر إلى منن الحق عليه وحسن توليه‬
‫له أفال تتفكرون فى اختالف السبيلين وبيان المذهبين‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 51‬الى اآلية ‪)51‬‬

‫يع َّل َعَّل ُه ْم َيتَُّقو َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ َّ ِ‬


‫ين َي َخا ُفو َن أَن ُي ْح َش ُروْا ِإَل ٰى َربِ ِه ْم َل ْي َس َل ُه ْم من ُدوِنه َولِ ٌّي َوالَ َشف ٌ‬
‫َوأَنذ ْر ِبه الذ َ‬

‫ين َي َخا ُفو َن أَن ُي ْح َش ُروْا ِإَل ٰى َرب ِِه ْم} [اآلية‪.]51 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ َّ ِ ِ :‬‬
‫{وأَنذ ْر ِبه الذ َ‬
‫َ‬

‫ين َي َخا ُفو َن أَن ُي ْح َش ُروْا ِإَل ٰى َرب ِِه ْم} قال‪ :‬أن يجعلوا َّ‬ ‫وقال أبو سعيد الخراز فى قوله‪ِ َّ ِ ِ :‬‬
‫إلى وسيلة غيرى‪ ،‬أو‬ ‫{وأَنذ ْر ِبه الذ َ‬
‫َ‬
‫إلى سواى‪.‬‬
‫شفيعا َّ‬
‫ً‬

‫سمعت األستاذ أبا سهل محمد بن سليمان يقول‪ :‬لسنا مخاطبين بحقائق القرآن إنما المخاطب بحقيقته هم الذين‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫وصفهم هللا فقال‪ِ َّ ِ ِ :‬‬
‫ين َي َخا ُفو َن أَن ُي ْح َش ُروْا ِإَل ٰى َربِ ِه ْم} وقال {ِإ َّن في َذل َك َلذ ْك َر ٰى ل َمن َك َ‬
‫ان َل ُه َقْل ٌب} [ق‪:‬‬ ‫{وأَنذ ْر ِبه الذ َ‬
‫َ‬
‫‪.]37‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫قوله تعالى‪َ{ :‬ل ْي َس َل ُه ْم من ُدوِنه َولِ ٌّي َوالَ َشف ٌ‬
‫يع}‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬من استقطعته المملكة عن الملك‪ ،‬ال يصلح لخدمة الملك‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫أحدا وأنت تجد إلى مالحظة الحق سبيالً‪.‬‬
‫أيضا‪ :‬ال تالحظ ً‬
‫وقال ً‬

‫قوله تعالى‪{َّ :‬ل َعَّل ُه ْم َيتَُّقو َن}‪.‬‬

‫إلى وسيلة غيرى‪.‬‬


‫قال‪ :‬أن يجعلوا َّ‬

‫وقيل فى هذه اآلية‪ :‬إنما يعطى األطماع بمعاونة نصيب الكرم دون السعاية بضياء الهداية‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 52‬الى اآلية ‪)52‬‬

‫َّه ْم ِباْل َغ َد ِاة َواْل َع ِش ِي ُي ِر ُيدو َن َو ْج َه ُه َما َعَل ْي َك ِم ْن ِح َساِب ِهم ِمن َشي ٍء َو َما ِم ْن ِح َساِب َك َعَل ْي ِه ْم ِمن‬ ‫والَ تَ ْ َّ ِ‬
‫ط ُرِد الذ َ‬
‫ين َي ْد ُعو َن َرب ُ‬ ‫َ‬
‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ط ُرَد ُه ْم َفتَ ُكو َن م َن الظالم َ‬
‫ين‬ ‫َش ْيء َفتَ ْ‬

‫َّه ْم ِباْل َغ َد ِاة َواْل َع ِش ِي ُي ِر ُيدو َن َو ْج َه ُه} [اآلية‪.]52 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬والَ تَ ْ َّ ِ‬
‫ط ُرِد الذ َ‬
‫ين َي ْد ُعو َن َرب ُ‬ ‫َ‬

‫َّه ْم ِباْل َغ َد ِاة َواْل َع ِش ِي‬


‫ين َي ْد ُعو َن َرب ُ‬
‫سئل النهرجورى عن المريد‪ ،‬فقال‪ :‬صفته ما ذكر هللا عز وجل فى كتابه‪{ :‬والَ تَ ْ َّ ِ‬
‫ط ُرِد الذ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن‬ ‫ِ‬
‫ُير ُيدو َ َو ْج َه ُه} اآلية‪.‬‬

‫وهو دوام ذكره وإخالص عمله‪ ،‬أوصى بذلك أكابرهم فى التعطف عليهم والصفح عن زللهم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال أبو عثمان‪ :‬الحال التى تجب على العبد لزوم حقيقة الذكر وخلوص السر وهو المبدئ وهو المنهى‪.‬‬

‫وقال بعضهم فى هذه اآلية‪ :‬ال تبعد عنك من زيَّناه بزينة العبودية‪ ،‬وجعلنا أيامه وفًقا على اإلقبال علينا‪.‬‬

‫ين َي ْد ُعو َن َرَّب ُه ْم ِباْل َغ َد ِاة َواْل َع ِش ِي}‬ ‫وقال أبو بكر الفارسى‪ :‬إرادتك هلل ذكرك له على الدوام‪ ،‬قال هللا تعالى‪{ :‬والَ تَ ْ َّ ِ‬
‫ط ُرِد الذ َ‬ ‫َ‬
‫وهذه صفة المتحققين من أهل اإلرادة‪ ،‬ومن عالمة المريد الصادق أن يتنافر من غير جنسه ويطلب الجنس‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 53‬الى اآلية ‪)53‬‬

‫َّللا ِبأَعَلم ِب َّٰ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ض لِيُقولوْا أَهـٰؤ ِ‬ ‫ِٰ‬


‫الشك ِر َ‬
‫ين‬ ‫الء َم َّن َّ‬
‫َّللاُ َعَل ْيهم من َب ْينَنآ أََل ْي َس َّ ُ ْ َ‬ ‫َُ‬ ‫ض ُه ْم ِبَب ْع ٍ َ‬
‫َوَكذل َك َفتََّنا َب ْع َ‬

‫ض ُهم ِبَب ْع ٍ‬ ‫قوله تعالى‪ِ ٰ :‬‬


‫ض} [اآلية‪.]53 :‬‬ ‫{وَكذل َك َفتََّنا َب ْع َ ْ‬
‫َ‬

‫ض ُهم ِبَب ْع ٍ‬
‫ض}‪.‬‬ ‫قال الحسين‪ :‬قطع الخلق بالخلق عن الحق‪ ،‬قال‪َ { :‬فتََّنا َب ْع َ ْ‬

‫قال أبو بكر الوراق‪ :‬هى فتنة الرجل بولده وزوجته واالشتغال بهم وبأسبابهم وقد ُذكر عن بعض السلف أنه قال‪ :‬ما‬
‫شغلك عن هللا فهو مشئوم وهو بالء وفتنة‪.‬‬

‫وقال محمد بن حامد فى هذه اآلية‪ :‬فتن الفقراء باألغنياء وفتنة األغنياء بالفقراء‪ ،‬ففتنة الفقير فى الغنى رؤية فضلة‬
‫عليه وسخطه لما يمنعه مما فى يده ويراه المعطى والمانع دون هللا‪ ،‬وفتنة الغنى بالفقير ازدراؤه بالفقراء وتحقيره إياهم‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ومنعهم ما أوجب هللا لهم عليه مما فى يده وامتنانه عليهم بإيصالهم إلى حقوقهم أو إيصال الحقوق إليهم‪ ،‬والذى يسقط‬
‫عن الفقير فتنة فقره رؤية فضل األغنياء والذى يسقط عن الغنى فتنة غنائه رؤية فضل الفقراء‪.‬‬

‫َّللا ِبأَعَلم ِب َّ ِ‬
‫الشاك ِر َ‬
‫ين} [اآلية‪.]53 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أََل ْي َس َّ ُ ْ َ‬

‫قال ذو النون‪ :‬الشاكر هو المستزيد لذلك َّ‬


‫فضل هللا الحامدين على الشاكرين‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬الشاكرين أى الراجعين إلى هللا فى جميع أحوالهم‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 57‬الى اآلية ‪)57‬‬

‫ين‬‫ٰ ِِ‬ ‫ُق ْل ِإِني َعَل ٰى َبِيَن ٍة ِمن َّربِي َوَك َّذ ْبتُم ِب ِه َما ِع ِندي َما تَ ْستَ ْع ِجُلو َن ِب ِه ِإ ِن اْل ُح ْك ُم ِإالَّ ََّّللِ َيُق ُّ‬
‫ص اْل َح َّق َو ُهَو َخ ْي ُر اْلَفصل َ‬

‫قوله عز وعال‪ِ{ :‬إِني َعَل ٰى َبِيَن ٍة ِمن َّربِي} [اآلية‪.]57 :‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬األنبياء واألولياء واألكابر منهم على بينات‪ ،‬فبينات األنبياء وحى ويقين وبينات األولياء الفراسة‬
‫الصادقة واإلخبار عن الغيب كما كان ليوشع وللصديق األكبر‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 59‬الى اآلية ‪)59‬‬

‫ظُل َٰم ِت‬ ‫ط ِمن ورَق ٍة ِإالَّ يعَلمها والَ حب ٍ‬


‫َّة ِفي ُ‬ ‫َو ِع َندهُ َمَف ِات ُح اْل َغ ْي ِب الَ َي ْعَل ُم َهآ ِإالَّ ُه َو َوَي ْعَل ُم َما ِفي اْلَب ِر َواْلَب ْح ِر َو َما تَ ْسُق ُ‬
‫َْ ُ َ َ َ‬ ‫ََ‬
‫س ِإالَّ ِفي ِك ٰتَ ٍب ُّمِب ٍ‬
‫ين‬ ‫ط ٍب والَ َياِب ٍ‬ ‫ِ‬
‫األ َْرض َوالَ َر ْ َ‬

‫{و ِع َندهُ َمَف ِات ُح اْل َغ ْي ِب الَ َي ْعَل ُم َهآ ِإالَّ ُه َو} [اآلية‪.]59 :‬‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الجريرى‪ :‬ال يعلمها إال هو ومن يطلعه عليها من صفى وخليل وحبيب وولى‪.‬‬

‫قال ابن عطاء فى هذه اآلية‪ :‬يفتح ألهل الخير المحبة والرحمة‪ ،‬وألهل الشر الفتنة والمهانة‪ ،‬وألهل الوالية الكرامات‪،‬‬
‫جذبا‪.‬‬
‫وألهل السرائر السر‪ ،‬وألهل التمكين ً‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬الفتح فى القلوب الهداية وفى الهموم الرعاية وفى الجوارح السياسة‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬يفتح لألنبياء المكاشفات ولألولياء المعاينات وللصالحين الطاعات وللعامة الهداية‪.‬‬
‫وقال ً‬

‫وقال أبو سعيد الخراز فى هذه اآلية‪ :‬أبدأ ذلك لنبيه وحبيبه صلى هللا عليه وسلم ففتح عليه أوالً أسباب التأديب‪ ،‬أدبه‬
‫باألمر والنهى‪ ،‬ثم فتح عليه أسباب التهذيب وهى المشيئة والقدرة‪ ،‬ثم فتح عليه أسباب التذويب وهو قوله { َل ْي َس َل َك‬
‫ِم َن األ َْم ِر َشي ٌء } [آل عمران‪ ]128 :‬ثم أسباب التغييب وهو قوله‪َ { :‬وتََبَّت ْل ِإَل ْي ِه تَْبِتيالً } [المزمل‪ ]8 :‬فهذه مفاتيح‬
‫ْ‬
‫الغيب التى فتحها هللا لنبيه صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫{و ِع َندهُ َمَف ِات ُح اْل َغ ْي ِب} قال‪ :‬يفتح من القلوب الهداية ومن الهموم الرعاية ومن اللسان الرواية ومن‬
‫وقال جعفر فى قوله َ‬
‫الجوارح السياسة والداللة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫جذبا وتقر ًيبا‪ ،‬وألهل اإلهانة‬
‫وقال بعضهم‪ :‬يفتح ألهل الوالية والية وكرامة‪ ،‬وألهل السر سر أبعد سر‪ ،‬وألهل التمكين ً‬
‫وتبعيدا‪.‬‬
‫ً‬ ‫حجبا‬
‫بعدا وتصر ًيفا‪ ،‬وألهل السخط ً‬
‫ً‬

‫ط ِمن َوَرَق ٍة ِإالَّ َي ْعَل ُم َها} [اآلية‪.]59 :‬‬


‫{و َما تَ ْسُق ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬متى يعلمها؟ حين ال متى! أقبل نضرتها وخضرتها ودهائها حتى ال يوجد منها شىء‬
‫فما ستر من صفاته وما ظهر واحد‪ ،‬إذا كان ذلك على قدر الكون‪ ،‬إنما نتكلم بأقدارنا ونشير بأخطارنا‪ ،‬ولو كان بقدره‬
‫كان الهالك‪.‬‬

‫س ِإالَّ ِفي ِكتَ ٍ‬


‫اب ُّمِب ٍ‬
‫ين}‪.‬‬ ‫ط ٍب والَ َياِب ٍ‬
‫{والَ َر ْ َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫وخروجا عن عبوديته‪.‬‬
‫ً‬ ‫فاالضطراب أن تقدم ما أخر أو تؤخر ما َّ‬
‫قدم‪ ،‬منازعة لربوبيته‬

‫ط ِمن َوَرَق ٍة ِإالَّ َي ْعَل ُم َها} قال‪ :‬هى فى األصل ال وزن لها ألنها اخضرت ثم اصفرت ثم يبست‬
‫{و َما تَ ْسُق ُ‬
‫وقال فى قوله‪َ :‬‬
‫لطفا‪ ،‬ألن ما دونها فى القلة‪ ،‬وما فوقها فى الرتبة‪ ،‬بمنزلة ال زيادة فى وجودها‪ ،‬وال نقصان‬ ‫ومرت‪ ،‬إنها اإلشارة إليها ً‬
‫فى فقدها‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬من مفاتيح غيبه ما قذف فى قلبك من نور معرفته‪ ،‬وبسط فيه بساط الرضا بقضائه وجعله موضع‬
‫نظره‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 62‬الى اآلية ‪)62‬‬

‫ِ‬ ‫ثُ َّم رُّدوْا ِإَلى َّ ِ‬


‫َس َرعُ اْل َحاسِب َ‬
‫ين‬ ‫َّللا َم ْوالَ ُه ُم اْل َح ِق أَالَ َل ُه اْل ُح ْك ُم َو ُه َو أ ْ‬ ‫ٰ‬ ‫ُ‬

‫َّللاِ َم ْوالَ ُه ُم اْل َح ِق} [اآلية‪.]62 :‬‬


‫قوله تعالى‪{ :‬ثُ َّم ُرُّدوْا ِإَل ٰى َّ‬

‫قال بعضهم‪ :‬هى أرجا آية فى كتاب هللا‪ ،‬ألنه ال مرد للعبد أعز من أن يكون مرده إلى مواله‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 64‬الى اآلية ‪)64‬‬

‫يك ْم ِم ْن َها َو ِمن ُك ِل َك ْر ٍب ثُ َّم أَنتُ ْم تُ ْش ِرُكو َن‬ ‫ُق ِل َّ‬


‫َّللاُ ُيَن ِج ُ‬

‫يك ْم ِم ْن َها َو ِمن ُك ِل َك ْر ٍب} [اآلية‪.]64 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ُ{ :‬ق ِل َّ‬
‫َّللاُ ُيَن ِج ُ‬

‫قال بعضهم فى هذه اآلية يقول هللا‪" :‬أنا كاشف الكروب‪ ،‬فمن قصدنى عند كربائه‬

‫وحاجاته كشفت عنه كروبه ومن قصد غيرى أسقطت عنه وجاهته‪".‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 65‬الى اآلية ‪)65‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ْس َب ْع ٍ‬
‫ض‬ ‫ض ُك ْم َبأ َ‬ ‫ُق ْل ُه َو اْلَقاد ُر َعَل ٰى أَن َي ْب َع َث َعَل ْي ُك ْم َع َذاباً من َف ْوِق ُك ْم أ َْو من تَ ْحت أ َْر ُجل ُك ْم أ َْو َيْلِب َس ُك ْم شَيعاً َوُيذ َ‬
‫يق َب ْع َ‬
‫ظر َكيف نص ِرف اآلي ِ‬
‫ات َل َعَّل ُه ْم َيْفَق ُهو َن‬ ‫ْان ُ ْ ْ َ ُ َ ُ َ‬

‫قوله تعالى‪ُ{ :‬ق ْل ُه َو اْلَق ِاد ُر َعَل ٰى أَن َي ْب َع َث َعَل ْي ُك ْم َع َذاباً ِمن َف ْوِق ُك ْم} [اآلية‪.]65 :‬‬

‫عذابا من فوقكم اللهو والنظر إلى المحرمات والنطق بالفواحش‪ ،‬أو من تحت أرجلكم‪ :‬المشى إلى المالهى‬
‫قال القاسم‪ً :‬‬
‫شيعا يرفع عما بينكم األلفة‪ ،‬ويذيق بعضكم بأس بعض بتكفير‬
‫وأبواب السالطين وهتك أستار المحرمات‪ ،‬أو يلبسكم ً‬
‫بعضا‪.‬‬
‫أهل األهواء بعضهم ً‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 67‬الى اآلية ‪)67‬‬

‫ِ‬
‫ل ُك ِل َنَبٍإ ُّم ْستََقٌّر َو َس ْو َ‬
‫ف تَ ْعَل ُمو َن‬

‫قوله عز وعال‪{ :‬لِ ُك ِل َنَبٍإ ُّم ْستََقٌّر} [اآلية‪.]67 :‬‬

‫قال الحسين‪ :‬لكل دعوى كشف‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 69‬الى اآلية ‪)69‬‬

‫ين َيتَُّقو َن ِم ْن ِح َساِب ِهم ِمن َشي ٍء َوَلـ ِٰكن ِذ ْك َر ٰى َل َعَّل ُه ْم َيتَُّقو َن‬ ‫َّ ِ‬
‫َو َما َعَلى الذ َ‬
‫ْ‬
‫ين َيتَُّقو َن ِم ْن ِح َساِب ِهم ِمن َشي ٍء} [اآلية‪.]69 :‬‬ ‫َّ ِ‬
‫ْ‬ ‫{و َما َعَلى الذ َ‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫قال أبو صالح بن حمدون‪ :‬الطريق إلى هللا التقوى‪ ،‬والتقوى أكل الحالل وحفظ الجوارح وزمها عن الشبهات‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬ما على التاركين االعتماد على الوسائط واآلخذين من الحق حظوظهم حساب‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 70‬الى اآلية ‪)70‬‬

‫َّللاِ َوِل ٌّي‬


‫الد ْنَيا َوَذ ِك ْر ِب ِه أَن تُْب َس َل َنْف ٌس ِب َما َك َسَب ْت َل ْي َس َل َها ِمن ُدو ِن َّ‬
‫ين اتَّ َخ ُذوْا ِد َين ُه ْم َل ِعباً َوَل ْهواً َو َغَّرْت ُهم اْل َح َٰيوةُ ُّ‬
‫ُ‬
‫َّ ِ‬
‫َوَذ ِر الذ َ‬
‫يم ِب َما َك ُانوْا‬‫والَ َشِفيع وإِن تَع ِدل ُك َّل ع ْد ٍل الَّ يؤ َخ ْذ ِم ْنهآ أُوَلـِٰئك َّال ِذين أُب ِسُلوْا ِبما َكسبوْا َلهم َشراب ِم ْن ح ِمي ٍم وع َذ ِ‬
‫اب أَل ٌ‬
‫َ ََ ٌ‬ ‫َ َُ ُْ َ ٌ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬ ‫ٌَ ْ ْ‬ ‫َ‬
‫َي ْكُف ُرو َن‬

‫ين اتَّ َخ ُذوْا ِد َين ُه ْم َل ِعباً َوَل ْهواً} [اآلية‪.]70 :‬‬ ‫َّ ِ‬
‫{وَذ ِر الذ َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الحسين‪ :‬ال نالحظ من شغلهم خلقنا عنا وِأنسوا بحياتهم فى دنياهم وهى فى الحقيقة موت‪ ،‬والحى من يكون به‬
‫حيا‪.‬‬
‫ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 71‬الى اآلية ‪)71‬‬

‫ين ِفي‬ ‫َّللا َك َّال ِذي استَهوْته َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضُّرَنا وُن َرُّد َعَل ٰى أ ْ ِ‬ ‫ُقل أَندعوْا ِمن دو ِن َّ ِ‬
‫الشَياط ُ‬ ‫ْ َْ ُ‬ ‫َعَقابَنا َب ْع َد إ ْذ َه َد َانا َّ ُ‬ ‫َّللا َما الَ َي َنف ُعَنا َوالَ َي ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َْ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ض حيران َله أَصحاب يدعونه ِإَلى اْلهدى ا ْئِتنا ُقل ِإ َّن هدى َّ ِ‬
‫َّللا ُه َو اْل ُه َد ٰى َوأُم ْرَنا لُن ْسل َم ل َر ِب اْل َعاَلم َ‬
‫ين‬ ‫َُ‬ ‫َ ْ‬ ‫َُ‬ ‫األ َْر ِ َ ْ َ َ ُ ْ َ ٌ َ ْ ُ َ ُ‬

‫َّللاِ ُه َو اْل ُه َد ٰى} [اآلية‪.]71 :‬‬


‫قوله عز ذكره‪ُ{ :‬ق ْل ِإ َّن ُه َدى َّ‬

‫قال القاسم‪ :‬الطريق إلى هللا هو األصح‪ ،‬والقاصد عرصته هو المعان‪.‬‬

‫َّللاِ ُه َو اْل ُه َد ٰى َوأ ُِم ْرَنا لُِن ْسلِ َم}‪.‬‬


‫قال هللا تعالى {ُق ْل ِإ َّن ُه َدى َّ‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬أمر العبد بالتسليم‪ ،‬والتسليم‪ :‬ترك التدبير والرضا لمجارى القضاء‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 72‬الى اآلية ‪)72‬‬

‫وة َواتَُّقوهُ َو ُه َو َّال ِذي ِإَل ْي ِه تُ ْح َش ُرو َن‬ ‫وأَن أ َِقيموْا َّ ٰ‬


‫الصل َ‬ ‫َ ْ ُ‬

‫الة َواتَُّقوهُ} [اآلية‪.]72 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وأ ِ‬


‫الص َ‬
‫يموْا َّ‬
‫َن أَق ُ‬
‫َ ْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬إقامة الصالة حفظ حدودها والدخول فيها بشرط الخدمة والقيام فيها على سبيل الهيبة‪ ،‬والمناجاة فيها‬
‫بلسان االقتصار والذلة‪ ،‬والخروج منها رؤية التقصير فى الخدمة‪ ،‬هذه إقامة الصالة ال الترسم بالركوع والسجود‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬إقامة الصالة حفظ حدودها مع هللا وحفظ األسرار فيها مع هللا أن ال يختلج فى سره سواه‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 73‬الى اآلية ‪)73‬‬

‫ور َٰعلِ ُم اْل َغ ْي ِب‬ ‫ول ُكن َفَي ُكو ُن َق ْوُل ُه اْل َح ُّق َوَل ُه اْل ُمْل ُك َي ْوَم ُي َنف ُخ ِفي ُّ‬
‫الص ِ‬ ‫الس ٰم ٰو ِت واأل َْر َ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ض باْل َح ِق َوَي ْوَم َيُق ُ‬ ‫َو ُه َو الذي َخَل َق َّ َ َ َ‬
‫يم اْل َخِب ُير‬ ‫ِ‬ ‫َّ ٰ ِ‬
‫َوالش َه َدة َو ُه َو اْل َحك ُ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ق ْوُل ُه اْل َح ُّق َوَل ُه اْل ُمْل ُك} [اآلية‪.]73 :‬‬

‫قال الحسين‪ :‬هو الحق وال يظهر من الحق إال الحق‪ ،‬قال هللا تعالى‪َ { :‬ق ْوُل ُه اْل َح ُّق}‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 75‬الى اآلية ‪)75‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس ٰم ٰو ِت واأل َْر ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫ض َولَِي ُكو َن م َن اْل ُموِقن َ‬
‫ين‬ ‫وت َّ َ َ َ‬ ‫َوَك َذل َك ُنرِي إ ْب َراه َ‬
‫يم َمَل ُك َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫{وَك َذل َك ُنرِي إ ْب َراه َ‬
‫يم} [اآلية‪.]75 :‬‬ ‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫أراه ذلك ليطيق الهجوم على عظمته‪.‬‬

‫ِ‬
‫ات واأل َْر ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ض} قال‪ :‬بدايات أعالم الغيوب التى ال تبقى على‬ ‫الس َما َو َ‬
‫وت َّ‬ ‫{وَك َذل َك ُنرِي إ ْب َراه َ‬
‫يم َمَل ُك َ‬ ‫وقال فارس فى قوله َ‬
‫النفوس غير هللا‪ ،‬وهى دالئل أهل التوحيد مع هللا‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬أرى الخليل الملكوت لئال يشتغل بها ويرجع إلى مالكها‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬أرى الخليل الملكوت فاشتغل باالستدالل على الحق‪ ،‬فلما كشف له من الحقيقة تب أر من الكل فقال‪َّ :‬‬
‫"أما‬
‫إليك فال‪".‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫{ولَِي ُكو َن م َن اْل ُموِقن َ‬
‫ين}‪.‬‬ ‫قوله جل ذكره‪َ :‬‬

‫صانعا يقلبها‪.‬‬
‫ً‬ ‫بأن لها‬

‫وقيل‪ :‬أرى ملكوت السماوات واألرض أنها محدثة وأن لها مدب اًر‪ ،‬فصار من الموقنين بأن ال دافع وال نافع سوى هللا‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫{ولَِي ُكو َن م َن اْل ُموِقن َ‬
‫ين}‪ :‬بعد معرفة اليقين‪.‬‬ ‫وقيل فى قوله‪َ :‬‬

‫ِ‬
‫ات واأل َْر ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ض} ولم يقل رأى إبراهيم وال يمكن رؤية الفروع‬ ‫الس َم َاو َ‬
‫وت َّ‬ ‫{وَك َذل َك ُنرِي إ ْب َراه َ‬
‫يم َمَل ُك َ‬ ‫وقال النصرآباذى فى قوله‪َ :‬‬
‫بالفروع‪ ،‬إنما رأى الفروع من الملكوت‬

‫باألصول‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 76‬الى اآلية ‪)76‬‬

‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬


‫ين‬
‫ال ال أُح ُّب اآلفل َ‬ ‫َفَل َّما َج َّن َعَل ْيه اْللْي ُل َأرَى َك ْوَكباً َق َ‬
‫ال َهـٰ َذا َربِي َفَل َّمآ أََف َل َق َ‬
‫ِ َّ‬
‫قوله عز اسمه‪َ{ :‬فَل َّما َج َّن َعَل ْيه اْللْي ُل َأرَى َك ْوَكباً َق َ‬
‫ال َهـٰ َذا َربِي} [اآلية‪.]76 :‬‬

‫قال بعضهم‪َ :‬ك ُم َن فيه كواكب الوحدانية وشموسها وأقمارها‪ ،‬فغلب به الشكوك فى رؤية األقمار والنجوم والشمس‪.‬‬

‫كوكبا قال‪ :‬إنه كان يطالع الحق بسره ال الكواكب‪ ،‬وكذلك فى الشمس‬
‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬فى قوله رأى ً‬
‫ين} عند رجوعه إلى أوصافه بارتفاع المعنى البادى عليه‪ ،‬أنى ال أحب زوال ما استوفانى‬‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫والقمر بقوله‪{ :‬ال أُح ُّب اآلفل َ‬
‫من لذة المشاهدة فأذهلنى عنه وأحضرنى فيه‪.‬‬

‫ين}‪.‬‬‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫وقال النصرآباذى‪ :‬أراه بالفرع األفول وأراه فى األصول نفى األفول وبطالنه فقال‪{ :‬ال أُح ُّب اآلفل َ‬

‫أيضا‪ :‬أراه األفول حتى هيمه فيمن ال أفول له وأنشد‪:‬‬


‫وقال ً‬

‫يب‬ ‫ِ‬ ‫النهار تَغرب َّ‬


‫بالل ِ‬ ‫شمس َّ‬ ‫أ َّ‬
‫ليس تَغ ُ‬
‫القُلوب َ‬
‫وشمس ُ‬
‫َ‬ ‫يل‬ ‫ُُ‬ ‫َن َ‬

‫{هـٰ َذا َربِي} قال‪ :‬كان األول تفر ًيقا للقوم‪ ،‬والثانى مسأله االزدياد للهداية‪ ،‬فلما أزال العذر‬
‫قال ابن عطاء فى هذه اآلية َ‬
‫والتقريع به وقام بالحجة رجع إلى البراءة‪.‬‬

‫يء ِم َّما تُ ْش ِرُكو َن}‪.‬‬ ‫ِِ‬


‫وقال‪ٰ { :‬يَق ْو ِم إني َب ِر ٌ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقيل هذا دليل على ربى‪ ،‬ألن ربى لم يزل وال يزال وال يزول وهذا آفل‪ ،‬ومن ال يقوم بنفسه‪ ،‬وتحويه األماكن ويزول‬
‫منها ال يكون رًبا‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬لما أظلم عليه الكون وعمى عن االختيار وألجأه االضطرار إلى النفس‪ ،‬االضطرار ورد على قلبه من‬
‫نورا‪ ،‬فصاح ثم أفنى بنور اإللهية عن معنى البشرية‬ ‫أنوار الربوبية فقال‪ :‬هذا ربى ثم كشف له عن أنوار الهيبة فازداد ً‬
‫يء ِم َّما تُ ْش ِرُكو َن}‪.‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ َّ ِ ِ‬
‫فقال‪َ{ :‬لئن ل ْم َي ْهدني َربِي} ثم أبقى ببقاء الباقى فقال‪ٰ { :‬يَق ْو ِم إني َب ِر ٌ‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 77‬الى اآلية ‪)77‬‬

‫ين‬‫ون َّن ِمن اْلَقو ِم َّ ِ‬


‫الضال َ‬ ‫َك َ َ ْ‬ ‫ال َلِئن َّل ْم َي ْه ِدِني َربِي أل ُ‬ ‫َفَل َّمآ َأرَى اْلَق َم َر َب ِازغاً َق َ‬
‫ال َهـٰ َذا َربِي َفَل َّمآ أََف َل َق َ‬

‫ين} [اآلية‪.]77 :‬‬‫ون َّن ِمن اْلَقو ِم َّ ِ‬


‫الضال َ‬ ‫َك َ َ ْ‬ ‫قوله تعالى‪َ{ :‬لِئن َّل ْم َي ْه ِدِني َربِي أل ُ‬

‫ين}‬‫ون َّن ِمن اْلَقو ِم َّ ِ‬


‫الضال َ‬ ‫َك َ َ ْ‬ ‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬لئن لم يقمنى ربى على الهداية التى شاهدتها بإعالم بواديه {أل ُ‬
‫فى نظرى إلى نفسى وبقاءى فى صفاتى‪.‬‬

‫بمعونة منه ألكونن مثلكم فى الضاللة‪.‬‬


‫وقال سهل فى هذه اآلية‪ :‬لئن لم يهدنى ربى ُ‬

‫وقال بعضهم‪ :‬لئن لم يزدنى هدى ولم يثبتنى على الهداية‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال بعضهم‪ :‬لئن لم يكرمنى بمزيد الهداية ألكونن كما أنتم فى عبادتكم‪ ،‬فلما ثبتت الحجة عليهم إنها ليست بآلهة‬
‫يء ِم َّما تُ ْش ِرُكو َن}‪.‬‬ ‫ِِ‬
‫رجع إلى وطنه فقال‪{ :‬إني َب ِر ٌ‬

‫يء ِم َّما تُ ْش ِرُكو َن} من االستدالل بالمخلوقات على الخالق بعلمى أن ال دليل على هللا سواه‪.‬‬ ‫ِِ‬
‫وقيل فى قوله‪{ :‬إني َب ِر ٌ‬

‫ِ‬
‫{و َمآ أََن ْا م َن اْل ُم ْش ِرِك َ‬
‫ين}‪.‬‬ ‫وقيل فى قوله‪َ :‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬منى الدعوة ومن هللا الهداية‪.‬‬

‫{هـٰ َذا َربِي} قال‪ :‬كان إبراهيم صلى هللا عليه وسلم من شدة حبه لربه وشغفه به لما رأى‬
‫قال ابن عطاء فى قوله‪َ :‬‬
‫الصنع واآلثار غاب عنها وتعلق بالصنائع‪ ،‬وهذا من عطشه وامتالئه بربه‪ ،‬لم يكن فيه فضل من ربه أن يقول هذا‬
‫صنع ربى الذى يظهر مثل هذه البدائع واآلثار‪ ،‬وهذا مقام الجمع أن ال يكون فيه فضل من ربه أن يذكر سواه أو يرى‬
‫سواه‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 79‬الى اآلية ‪)79‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫طر َّ ِ‬ ‫َِّ ِ‬ ‫ِ‬


‫ض َحنيفاً َو َمآ أََن ْا م َن اْل ُم ْش ِرِك َ‬
‫ين‬ ‫الس َٰم َٰوت َواأل َْر َ‬ ‫ِإني َو َّج ْه ُت َو ْج ِه َي للذي َف َ َ‬

‫ض} [اآلية‪.]79 :‬‬ ‫ِ‬


‫الس َم َاوات َواأل َْر َ‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إِني َو َّج ْه ُت َو ْج ِه َي لَِّل ِذي َف َ‬
‫ط َر َّ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال جعفر‪ :‬يعنى أسلمت قلبى للذى خلقه وانقطعت إليه من كل شاغل وشغلى للذى فطر السماوات واألرض قال‪:‬‬
‫الذى رفع السماوات واألرض بغير عمد‪ ،‬وأظهر فيها بدائع صنعه قادر على حفظ قلبى من الخواطر المذمومة‬
‫والوساوس التى ال تليق بالحق‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 82‬الى اآلية ‪)82‬‬

‫ظْل ٍم أ ُْوَلـِٰئ َك َل ُهم األ َْم ُن َو ُه ْم ُّم ْهتَ ُدو َن‬


‫يم َان ُه ْم ِب ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ُ‬ ‫آمُنوْا َوَل ْم َيْلب ُسوْا إ َ‬
‫ين َ‬
‫الذ َ‬

‫يم َان ُه ْم ِب ُ‬
‫ظْلمٍ} [اآلية‪.]82 :‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫آمُنوْا َوَل ْم َيْلب ُسوْا إ َ‬
‫ين َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬الذ َ‬

‫قال ابن طاهر‪ :‬لم يلبسوا إيمانهم أى‪ :‬لم يرجعوا فى النوائب والمهمات إلى غير هللا {أ ُْوَلـِٰئ َك َل ُه ُم األ َْم ُن َو ُه ْم ُّم ْهتَُدو َن}‬
‫راجعون إلى من إليه المرجع‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 83‬الى اآلية ‪)83‬‬

‫يم‬‫وِتْلك ح َّجتَُنآ ءاتَي َٰنهآ ِإب ٰرِهيم عَل ٰى َقو ِم ِه َنرَفع َدر ٰج ٍت َّمن َّن َشآء ِإ َّن ربَّك ح ِك ِ‬
‫يم َعل ٌ‬
‫ُ َ َ َ ٌ‬ ‫ْ ُ ََ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َ َْ َ َ‬ ‫َ َ ُ‬

‫آء} [اآلية‪.]83 :‬‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬


‫{ن ْرَف ُع َد َر َجات َّمن ن َش ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال‪ :‬الصفاء‪ :‬السر وصحة الهمة‪.‬‬

‫قال جعفر الخلدى‪ :‬نرفع درجات من نشاء بالخلق السنى والهمة الزكية‪.‬‬

‫وقال محمد بن الفضل‪ :‬نرفع درجات من نشاء بطاعة الرسول صلى هللا عليه وسلم واتباع سنته‪.‬‬

‫وقال النورى‪ :‬نرفع درجات من نشاء بالكون مع هللا والفهم عنه‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬نرفع درجات من نشاء بالسخاء وهو خلق األنبياء ولذلك قيل حسن الخلق‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 87‬الى اآلية ‪)87‬‬

‫صر ٍ‬
‫اط ُّم ْستَِقي ٍم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اه ْم ِإَل ٰى َ‬
‫اه ْم َو َه َد ْيَن ُ‬ ‫َو ِم ْن َآبائ ِه ْم َوُذ ِريَّات ِه ْم َوإِ ْخ َوان ِه ْم َو ْ‬
‫اجتََب ْيَن ُ‬
‫صر ٍ‬
‫اط ُّم ْستَِقيمٍ} [اآلية‪.]87 :‬‬ ‫ِ‬
‫اه ْم ِإَل ٰى َ‬
‫اه ْم َو َه َد ْيَن ُ‬
‫اجتََب ْيَن ُ‬
‫{و ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الجنيد‪ :‬فى هذه اآلية أخلصناهم لنا و َّأدبناهم بحضرتنا ودللناهم على االكتفاء بنا عما سوانا‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 90‬الى اآلية ‪)90‬‬

‫ِ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬


‫َج اًر ِإ ْن ُه َو ِإال ذ ْك َر ٰى لْل َعاَلم َ‬
‫ين‬ ‫َسأَُل ُك ْم َعَل ْيه أ ْ‬ ‫َّللاُ َفِب ُه َد ُ‬
‫اه ُم ا ْقتَد ْه ُقل ال أ ْ‬ ‫ين َه َدى َّ‬
‫أ ُْوَلـٰئ َك الذ َ‬

‫اه ُم ا ْقتَِد ْه} [اآلية‪.]90 :‬‬


‫َّللاُ َفِب ُه َد ُ‬
‫ين َه َدى َّ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫قوله عز وعال‪{ :‬أ ُْوَلـٰئ َك الذ َ‬

‫قيل‪ :‬أولئك الذين هدى هللا آلداب عبادته وطرق خدمته‪ِ ،‬‬
‫فاقتد بهم فى آداب العبودية‪.‬‬

‫قال الواسطى‪َّ :‬‬


‫هذبهم بذاته َّ‬
‫وقدسهم بصفاته‪ ،‬فأسقط عنهم الشواهد واألغراض ومطالبات االعتراض‪ ،‬فال لهم إشارة فى‬
‫سرائرهم وال عبارة عن أماكنهم‪.‬‬

‫وقيل فى هذه اآلية‪ :‬ال تصح اإلرادة إال باألخذ عن األئمة وبركات نظرهم أال ترى كيف أثر نظر المصطفى صلى هللا‬
‫عليه وسلم فى وزيريه بين أصحابه فقال‪ " :‬اقتدوا باللذين من بعدى " فال يصح االقتداء إال بمن صحت بدائته ويسلك‬
‫سلوك السادات وأثر فيه بركات شواهدهم‪ ،‬أال ترى المصطفى عليه الصالة والسالم يقول‪ " :‬طوبى لمن رآنى " أى فاز‬
‫من أثر فيه رؤيتى‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 91‬الى اآلية ‪)91‬‬

‫َّللا عَلى بش ٍر ِمن شي ٍء ُقل من أَنزل اْل ِك ٰتب َّال ِذي ج ِ ِ‬


‫وس ٰى ُنو اًر َو ُه ًدى‬
‫آء به ُم َ‬‫َ َ‬ ‫َ ْ ْ َْ ََ ََ‬ ‫َنزَل َّ ُ َ ٰ َ َ‬ ‫َّللاَ َح َّق َق ْد ِِره ِإ ْذ َقاُلوْا َمآ أ َ‬
‫َو َما َق َد ُروْا َّ‬
‫َّللا ثُ َّم َذرهم ِفي خو ِ‬
‫ض ِه ْم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لِ َّلن ِ‬
‫َْ‬ ‫ْ ُْ‬ ‫ون َها َوتُ ْخُفو َن َكثي اًر َو ُعل ْمتُ ْم َّما َل ْم تَ ْعَل ُموْا أَنتُ ْم َوالَ َء َاب ُ‬
‫آؤُك ْم ُقل َّ ُ‬ ‫يس تُْب ُد َ‬‫ون ُه َق َراط َ‬ ‫اس تَ ْج َعُل َ‬
‫َيْل َعُبو َن‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َّللاَ َح َّق َق ْد ِِره} [اآلية‪.]91 :‬‬
‫{و َما َق َد ُروْا َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الحسين‪ :‬كيف يقدر أحد حق قدره‪ ،‬وهو بقدره يريد أن يقدر قدره‪ ،‬وأوصاف‬

‫الحدث أين تقع من أوصاف القدم‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬ما عرفوا حق قدره‪ ،‬ولو عرفوا ذلك لذابت أرواحهم عند كل وارد يرد عليهم من صنعه‪.‬‬

‫قوله تعالى‪ُ{ :‬ق ِل َّ‬


‫َّللاُ ثُ َّم َذ ْرُه ْم}‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬دعا خواصه بهذه اآلية إلى انقطاع من كشف ما له إلى الكشف عما‬

‫به‪ ،‬وقد قال هللا إشاره إلى جريان السر {ُق ِل َّ‬
‫َّللاُ} فى سرك وذر ما فى لسانك‪.‬‬

‫مكافحا فى سره‪ ،‬وكان يسمع له أزيز كأزيز المرجل فلذلك كل من‬ ‫ً‬ ‫قال الواسطى‪ :‬كان محمد صلى هللا عليه وسلم‬
‫تحقق بذكره امتحق ما دونه من سره‪ ،‬قال هللا عز من قائل‪ُ{ :‬ق ِل َّ‬
‫َّللاُ ثُ َّم َذ ْرُه ْم}‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬من أصحاب الشبلى قلت له‪ :‬أوصنى وقت مفارقتى له؟ فقال‪ :‬عليك باهلل ودع ما سواه وكن معه {ُق ِل‬
‫َّللا ثُ َّم َذرهم ِفي خو ِ‬
‫ض ِه ْم َيْل َعُبو َن}‪.‬‬ ‫َْ‬ ‫ْ ُْ‬ ‫َّ ُ‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 92‬الى اآلية ‪)92‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َخ َرِة ُي ْؤ ِمُنو َن ِب ِه َو ُه ْم‬
‫َنزل َٰنه مبارك ُّمص ِدق َّال ِذي بين ي َدي ِه ولِتُ ِنذر أ َُّم اْلُقر ٰى وم ْن حوَلها و َّال ِذين يؤ ِمُنو َن ِباأل ِ‬
‫َ َ َ َ ْ َ َ َ ُْ‬ ‫َْ َ َ ْ َ َ‬
‫ِٰ‬
‫َو َهـٰ َذا كتَ ٌب أ َ ْ ُ ُ َ َ ٌ َ ُ‬
‫صالَِت ِه ْم ُي َح ِاف ُ‬
‫ظو َن‬ ‫َعَل ٰى َ‬

‫ص ِد ُق َّال ِذي َب ْي َن َي َد ْي ِه} [اآلية‪.]92 :‬‬


‫ك ُّم َ‬
‫َنزلَناهُ ُمَب َار ٌ‬
‫اب أ َ ْ‬ ‫ِ‬
‫{و َهـٰ َذا كتَ ٌ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قيل‪ :‬مبارك على من اتبعه وآمن به‪ ،‬مبارك على من صدقه وعمل بما فيه‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬مبارك على من فهم عن هللا أمره ونهيه‪ ،‬مبارك على من عظم حرمته‪ ،‬مبارك على من قرأه بتدبيره وعلى من‬
‫سمعه بحضوره‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 93‬الى اآلية ‪)93‬‬

‫َّللاُ َوَل ْو تََرى‬


‫زل َّ‬ ‫َّللاِ َك ِذباً أَو َقال أُو ِحي ِإَل َّي وَلم يوح ِإَلي ِه َشيء ومن َقال سأ ِ ِ‬ ‫ظَل ُم ِم َّم ِن ا ْفتَ َر ٰى َعَلى َّ‬
‫َو َم ْن أَ ْ‬
‫ُنزُل م ْث َل َمآ أََن َ‬ ‫َ َ‬ ‫ٌْ ََ‬ ‫َ ْ ُ َ ْ‬ ‫ْ َ ْ َ‬
‫اب اْل ُهو ِن ِب َما ُكنتُ ْم َتُقوُلو َن‬ ‫طوْا أ َْي ِد ِ‬ ‫ات اْلمو ِت واْلم ِ‬
‫الئ َك ُة ب ِ‬ ‫الظالِمون ِفي َغمر ِ‬
‫ِإذ َّ ُ َ‬
‫ِ‬
‫َخ ِر ُجوْا أ َْنُف َس ُك ُم اْلَي ْوَم تُ ْج َزْو َن َع َذ َ‬
‫يه ْم أ ْ‬ ‫اس ُ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ َ‬ ‫ََ‬
‫َّللاِ َغ ْي َر اْل َح ِق َوُك ْنتُ ْم َع ْن َآي ِات ِه تَ ْستَ ْكِب ُرو َن‬
‫َعَلى َّ‬

‫ال أ ُْو ِحي ِإَل َّي َوَل ْم ُيو َح ِإَل ْي ِه َشي ٌء} [اآلية‪.]93 :‬‬ ‫ظَلم ِم َّم ِن ا ْفتَر ٰى عَلى َّ ِ ِ‬
‫َّللا َكذباً أ َْو َق َ‬ ‫َ َ‬ ‫{و َم ْن أَ ْ ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬

‫مأذونا فيه‪ ،‬ألن ذلك أقدار خلقه‬


‫ً‬ ‫قال بعضهم‪ :‬إن ما ال يليق بجالله‪ .‬قدره وحقيقة شأنه من التنافر به وإن كان‬
‫وطاقتهم لذلك‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َّللاِ َك ِذباً} ال بأذكار الغفلة‪.‬‬
‫ظَل ُم ِم َّم ِن ا ْفتََر ٰى َعَلى َّ‬
‫{و َم ْن أَ ْ‬
‫قال سهل بن عبد هللا‪ :‬من ذكر فقد افترى‪ ،‬قال هللا تعالى‪َ :‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 94‬الى اآلية ‪)94‬‬

‫َّ ِ‬ ‫ونا ُف َٰرَد ٰى َك َما َخَلْق َٰن ُك ْم أََّو َل َمَّرٍة َوتَ َرْكتُ ْم َّما َخَّوْل َٰن ُك ْم َوَراء ُ ِ‬
‫ين َزَع ْمتُ ْم أََّن ُه ْم‬ ‫ظ ُهورُك ْم َو َما َن َر ٰى َم َع ُك ْم ُشَف َع َ‬
‫آء ُك ُم الذ َ‬ ‫َ‬ ‫َوَلَق ْد ِج ْئتُ ُم َ‬
‫َّ‬ ‫ِف ُ‬
‫نكم َّما ُكنتُ ْم تَ ْزُع ُمو َن‬ ‫ض َّل َع ُ‬ ‫آء َلَقد تََّقط َع َب ْيَن ُك ْم َو َ‬ ‫يك ْم ُش َرَك ُ‬
‫اك ْم أََّو َل َمَّرٍة} [اآلية‪.]94 :‬‬ ‫{وَلَق ْد ِج ْئتُ ُم َ‬
‫ونا ُف َرَاد ٰى َك َما َخَلْقَن ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫خاليا من جميع طاعاته‪.‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬أجل مقامات العبد إظهار إفالسه والرجوع إليه ً‬

‫قيل ألبى حفص‪ :‬بماذا تقدم على هللا‪ ،‬قال‪ :‬وما للفقير أن يقدم به على الغنى سوى فقره‪ ،‬قال هللا تعالى‪َ :‬‬
‫{وَلَق ْد‬

‫ِج ْئتُ ُم َ‬
‫ونا ُف َرَاد ٰى} خالين من جميع أعمالكم وأحوالكم وطاعاتكم‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 95‬الى اآلية ‪)95‬‬

‫الن َو ٰى ُي ْخ ِرُج اْل َح َّي ِم َن اْل َمِي ِت َو ُم ْخ ِرُج اْل َمِي ِت ِم َن اْل َح ِي ٰذلِ ُك ُم َّ‬
‫َّللاُ َفأََّن ٰى تُ ْؤَف ُكو َن‬ ‫َّللاَ َفالِ ُق اْل َح ِب َو َّ‬
‫ِإ َّن َّ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َّللاَ َفالِ ُق اْل َح ِب َو َّ‬
‫الن َو ٰى} [اآلية‪.]95 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن َّ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬مظهر ما فى حبة القلب من اإلخالص والرياء‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 97‬الى اآلية ‪)97‬‬

‫اآلي ِت لَِق ْو ٍم َي ْعَل ُمو َن‬ ‫ظُل َٰم ِت اْلَب ِر َواْلَب ْح ِر َق ْد َف َّ‬
‫وم لِتَ ْهتَ ُدوْا ِب َها ِفي ُ‬ ‫َّ ِ‬
‫صْلَنا َٰ‬ ‫ُّ‬
‫َو ُه َو الذي َج َع َل َل ُك ُم الن ُج َ‬

‫وم لِتَ ْهتَ ُدوْا ِب َها} [اآلية‪.]97 :‬‬ ‫ُّ‬ ‫َّ ِ‬


‫{و ُه َو الذي َج َع َل َل ُك ُم الن ُج َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال أبو على الجوزجانى‪ :‬جعل هللا تعالى الليل مطية ودليالً‪ ،‬فالمطية يركبها فى طلب الزلف‪ ،‬والدليل يستدل به على‬
‫أبواب الرضا‪ ،‬قال هللا تعالى {لِتَ ْه َت ُدوْا ِب َها} الطريق إلى الجنة‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 96‬الى اآلية ‪)96‬‬

‫الش ْم َس َواْلَق َم َر ُح ْسَباناً ٰذِل َك تَْق ِد ُير اْل َع ِز ِ‬


‫يز اْل َعلِي ِم‬ ‫اح و َج َعل اْلَّلْيل س َكناً و َّ‬ ‫ِ ِ‬
‫صَب ِ َ َ َ َ َ‬ ‫َفال ُق اإل ْ‬

‫صَبا ِح َو َج َع َل اْلَّلْي َل َس َكناً} [اآلية‪.]96 :‬‬ ‫ِ ِ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬فال ُق اإل ْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬فالق القلوب بشرح أنوار الغيوب‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬منور األسرار بنور المعرفة‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 98‬الى اآلية ‪)98‬‬

‫اآلي ِت لَِق ْو ٍم َيْفَق ُهو َن‬ ‫س َٰو ِح َد ٍة َف ُم ْستََقٌّر َو ُم ْستَ ْوَدعٌ َق ْد َف َّ‬
‫صْلَنا َٰ‬ ‫َكم ِمن َّنْف ٍ‬ ‫َو ُه َو َّال ِذي أ َ‬
‫َنشأ ُ‬
‫سوِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫{و ُه َو َّال ِذي أ َ‬
‫َنشأ ُ ِ‬
‫ع} [اآلية‪.]98 :‬‬
‫اح َدة َف ُم ْستََقٌّر َو ُم ْستَ ْوَد ٌ‬ ‫َكم من َّنْف َ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬خلق أهل المعرفة على جهة ومنزلة واحدة فمستقر فى حال معرفته مكشوف عنه‪ ،‬ومستودع فى حال‬
‫معرفته مستتر عنه‪.‬‬

‫ائل عنه بعد موته‪.‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬مستقر لطاعته وعبادته مع اإليمان به‪ ،‬ومستودع لذلك ز ٌ‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬مستقر فيه أنوار الذات على األبد‪ ،‬ومستودع ال يعود إليه إذا فارقه‪.‬‬

‫شائيا لما أراد‪ ،‬وأودع اللوح فيما‬


‫عالما بخلقه ً‬
‫وقال محمد بن عيسى الهاشمى فى قوله مستقر ومستودع قال‪ :‬لم يزل ً‬
‫حال حتى يبلغه إلى درجة السعادة أو‬ ‫استقر من كالمه‪ ،‬ثم أودع اللوح إلى المقادير ما استقر فيه‪ ،‬ثم كذلك حاالً بعد ٍ‬
‫الشقاوة‪ ،‬وذلك قوله فمستقر ومستودع‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 101‬الى اآلية ‪)101‬‬

‫يم‬‫ٍ ِ‬ ‫الس ٰم ٰو ِت واأل َْر ِ‬


‫ض أََّن ٰى ي ُكو ُن َل ُه وَلٌد وَلم تَ ُك ْن َّل ُه ٰص ِحب ٌة و َخَلق ُك َّل َشي ٍء ُ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫وهَو ب ُكل َش ْيء َعل ٌ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫يع َّ َ َ َ‬ ‫َبد ُ‬
‫ِ‬
‫ات واأل َْر ِ‬
‫ض} [اآلية‪.]101 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ :‬‬
‫الس َم َاو َ‬
‫يع َّ‬
‫{بد ُ‬
‫َ‬

‫قيل‪ :‬هو المبدع لألشياء والمبدئ لها‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬فاق األشياء جماالً وكماالً‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 103‬الى اآلية ‪)103‬‬

‫يف اْل َخِب ُير‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ‬


‫ص ُر َو ُه َو ُي ْد ِر ُ‬
‫ك األ َْب َٰ‬
‫ص َر َو ُه َو اللط ُ‬ ‫ال تُ ْد ِرُك ُه األ َْب َٰ‬
‫َّ‬
‫ص َار} [اآلية‪.]103 :‬‬ ‫ص ُار َو ُه َو ُي ْد ِر ُ‬
‫ك األ َْب َ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬ال تُ ْد ِرُك ُه األ َْب َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال أبو يزيد رحمة هللا عليه‪ :‬إن هللا احتجب عن القلوب كما احتجب عن األبصار‪ ،‬فإن أطيع تجلى فالبصر والفؤاد‬
‫واحد وقيل معناه‪ :‬إن هللا عز وجل يطلع على األبصار بالتجلى لها‪ ،‬ألن األبصار تسمو إليه‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬ال تحيط به وهو يحيط بها‪.‬‬

‫يف اْل َخِب ُير}‪.‬‬ ‫َّ ِ‬


‫{و ُه َو اللط ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الحسين فى قوله اللطيف قال‪ :‬لطف عن الكنه َّ‬


‫فأنى له الوصف‪ ،‬ومن لطفه ذكره لعبده فى الدهور الخالية‪ ،‬إذ ال‬
‫سماء مبنية وال أرض مدحية قبل سبق الوقت وإظهار الكونين وما فيهما فهذا معنى اللطيف‪.‬‬

‫أحدا يقف على ماهية اسمه فكيف الوقوف على وصفه‪.‬‬


‫قال القاسم‪ :‬اللطيف الذى لم يدع ً‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 104‬الى اآلية ‪)104‬‬

‫ص َر َفلَِنْف ِس ِه َو َم ْن َع ِمي َف َعَل ْي َها َو َمآ أََن ْا َعَل ْي ُك ْم ِب َحِفي ٍظ‬ ‫ص ِآئ ُر ِمن َّرب ُ‬
‫ِك ْم َف َم ْن أ َْب َ‬ ‫آء ُك ْم َب َ‬
‫َق ْد َج َ‬
‫َ‬

‫ص ِآئ ُر ِمن َّرب ُ‬


‫ِك ْم} [اآلية‪.]104 :‬‬ ‫آء ُك ْم َب َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ق ْد َج َ‬

‫قال الخواص‪ :‬أنزل هللا البصائر فطوبى لمن رزق بصيرة منها وأدنى البصائر أن يبصر اإلنسان رشده‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 105‬الى اآلية ‪)105‬‬

‫وَك ٰذلِك نص ِرف اآلي ِ‬


‫ات َولَِيُقوُلوْا َد َرْس َت َولُِنَبِيَن ُه لَِق ْو ٍم َي ْعَل ُمو َن‬ ‫َ َ َُ ُ َ‬

‫{ولُِنَبِيَن ُه لَِق ْو ٍم َي ْعَل ُمو َن} [اآلية‪.]105 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬لقوم يعلمون حقيقة البيان وهو الوقوف معه حيث ما وقف‪ ،‬والجرى معه حيث ما جرى ال يتقدمه‬
‫بغلبة وال يتخلف عنه لعجزه‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 106‬الى اآلية ‪)106‬‬

‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ض َع ِن اْل ُم ْش ِرِك َ‬
‫ين‬ ‫ِك ال ِإَلـ َٰه ِإال ُه َو َوأ ْ‬
‫َع ِر ْ‬ ‫اتَِّب ْع َمآ أُوح َي ِإَل ْي َك من َّرب َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬اتَِّب ْع َمآ أُوح َي ِإَل ْي َك من َّرب َ‬
‫ِك} [اآلية‪.]106 :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الوحى سر عن غير واسطة والرسالة وال ي ازل ظاهر بواسطة لذلك‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫مستور لقوله { َفأ َْو َح ٰى ِإَل ٰى َع ْب ِدِه َمآ أ َْو َح ٰى } [النجم‪:‬‬
‫ًا‬ ‫خالصا له‬
‫ً‬ ‫قال‪" :‬اتبع ما أنزل إليك من ربك" ألن الوحى كان‬
‫‪.]10‬‬

‫واتبع ما أوحى إليك من ربك‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 108‬الى اآلية ‪)108‬‬

‫ُم ٍة َع َمَل ُه ْم ثُ َّم ِإَل ٰى َرب ِِه ْم َّم ْرِج ُع ُه ْم َفُيَنِبُئ ُه ْم‬ ‫َّللاِ َفَي ُسُّبوْا َّ‬
‫َّللاَ َع ْدواً ِب َغ ْي ِر ِعْل ٍم َك َذلِ َك َزيََّّنا لِ ُك ِل أ َّ‬ ‫ين َي ْد ُعو َن ِمن ُدو ِن َّ‬ ‫َّ ِ‬
‫َوالَ تَ ُسُّبوْا الذ َ‬
‫ِب َما َك ُانوْا َي ْع َمُلو َن‬

‫ُم ٍة َع َمَل ُه ْم} [اآلية‪.]108 :‬‬


‫{ك َذلِ َك َزَّيَّنا لِ ُك ِل أ َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال أبو بشر المروزى‪ :‬قوالب جفوها أنوار وظلمات‪ ،‬فالنور والظلمة يعيران واألعمال أصنام وال يؤذن يوم القيامة إال‬
‫بحشوها‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬زينت األعمال عند أربابها‪ ،‬فأسقطوا بها عن درجة المتحققين إال من عصم بنور‬
‫المشاهدة‪ ،‬فشاهد المنة فى التوفيق بل شاهد المنان‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬مهلنا ويسرنا له ما هو فيه حتى يستوفى ما قدرنا له وعليه‪.‬‬


‫وقال ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 110‬الى اآلية ‪)110‬‬

‫ص َرُه ْم َك َما َل ْم ُي ْؤ ِمُنوْا ِب ِه أََّو َل َمَّرٍة َوَن َذ ُرُه ْم ِفي ُ‬


‫ط ْغَي ِان ِه ْم َي ْع َم ُهو َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوُنَقل ُب أَ ْفئ َدتَ ُه ْم َوأ َْب َٰ‬
‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ :‬‬
‫{وُنَقل ُب أَ ْفئ َدتَ ُه ْم َوأ َْب َ‬
‫ص َارُه ْم} [اآلية‪.]110 :‬‬ ‫َ‬

‫سمعت النصرآباذى يقول‪ :‬النفوس فى التنقيل والقلوب فى التقليب لذلك قال النبى صلى هللا عليه وسلم " يا مقلب‬
‫القلوب‬

‫‪".‬‬

‫قال أبو حمزة‪ :‬أقبل هللا على ُق ٍ‬


‫لوب فأقبلت عليه‪ ،‬وأعرض عن قلوب فأعرضت عنه‪.‬‬ ‫َ ُ‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 114‬الى اآلية ‪)114‬‬

‫ِك ِباْل َح ِق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫أََف َغير َّ ِ ِ‬
‫اب َي ْعَل ُمو َن أََّن ُه ُمَنَّزٌل من َّرب َ‬
‫اه ُم اْلكتَ َ‬
‫ين آتَْيَن ُ‬
‫صالً َوالذ َ‬ ‫َّللا أ َْبتَغي َح َكماً َو ُه َو الذي أََن َزَل ِإَل ْي ُك ُم اْلكتَ َ‬
‫اب ُمَف َّ‬ ‫َْ‬
‫ِ‬
‫ون َّن م َن اْل ُم ْمتَ ِر َ‬
‫ين‬ ‫َفالَ تَ ُك َ‬

‫َّللاِ أ َْبتَ ِغي َح َكماً} [اآلية‪.]114 :‬‬


‫قوله تعالى‪{ :‬أََف َغ ْي َر َّ‬

‫سيدا‪.‬‬
‫قال محمد بن الفضل‪ :‬أسواه أطلب ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 115‬الى اآلية ‪)115‬‬

‫يم‬‫ِ‬ ‫ص ْدقاً وع ْدالً الَّ مب ِد ِل لِ َكلِم ِات ِه وهو َّ ِ‬


‫وتَ َّم ْت َكلِمت ربِك ِ‬
‫يع اْل َعل ُ‬
‫السم ُ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫َُ‬ ‫ََ‬ ‫َُ َ َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬وتَ َّم ْت َكلِمت ربِك ِ‬
‫ص ْدقاً َو َع ْدالً} [اآلية‪.]115 :‬‬ ‫َُ َ َ‬ ‫َ‬

‫قيل‪ :‬صدًقا لألولياء تفضالً عليهم وعدالً على األعداء أخذهم بميزان العدل‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 116‬الى اآلية ‪)116‬‬

‫صو َن‬ ‫ِ َّ‬ ‫ِ َّ َّ‬ ‫يل َّ ِ ِ َِّ‬ ‫وك َعن سِب ِ‬ ‫وإِن تُ ِطع أَ ْكثَر من ِفي األَر ِ ِ ُّ‬
‫َّللا إن َيتب ُعو َن إال الظ َّن َوإِ ْن ُه ْم إال َي ْخ ُر ُ‬ ‫َ‬ ‫ض ُيضل َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ‬

‫وك} [اآلية‪.]116 :‬‬ ‫قوله عز وعال‪{ :‬وإِن تُ ِطع أَ ْكثَر من ِفي األَر ِ ِ ُّ‬
‫ض ُيضل َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ‬

‫قيل‪ :‬من نظر إلى سوى الخلق خاب وضل‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 119‬الى اآلية ‪)119‬‬

‫ط ِررتُم ِإَلي ِه وِإ َّن َكِثي اًر َّلي ِ‬


‫ضُّلو َن‬ ‫َّ‬ ‫َّللاِ َعَل ْي ِه َوَق ْد َف َّ‬ ‫ِ‬ ‫وما َل ُكم أَالَّ تَأ ُ ِ‬
‫ُ‬ ‫اض ُ ْ ْ ْ َ‬ ‫ص َل َل ُك ْم َّما َحَّرَم َعَل ْي ُك ْم ِإال َما ْ‬ ‫اس ُم َّ‬‫ْكُلوْا م َّما ُذك َر ْ‬ ‫ََ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِبأ ِ‬
‫َعَل ُم ِباْل ُم ْعتَد َ‬
‫ين‬ ‫َه َوائ ِهم ِب َغ ْي ِر عْل ٍم ِإ َّن َرب َ‬
‫َّك ُه َو أ ْ‬ ‫ْ‬

‫َه َو ِائ ِهم ِب َغ ْي ِر ِعْلمٍ} [اآلية‪.]119 :‬‬ ‫ِ َّ ِ ُّ‬


‫{وإِ َّن َكثي اًر لُيضلو َن ِبأ ْ‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫قال القرشى‪ :‬يتبعون مرادهم فيتركون أوامر الكتاب والسنة‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 120‬الى اآلية ‪)120‬‬

‫ين َي ْك ِسُبو َن ِ‬
‫اإل ْثم َسُي ْج َزْو َن ِب َما َك ُانوْا َيْقتَ ِرُفو َن‬
‫َ‬
‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫اإل ْث ِم َوَباطَن ُه ِإ َّن الذ َ‬ ‫َوَذ ُروْا َٰ‬
‫ظ ِه َر ِ‬

‫اإل ْث ِم وب ِ‬ ‫قوله عز وعال‪{ :‬وَذروْا َ ِ‬


‫اطَن ُه} [اآلية‪.]120 :‬‬ ‫ظاه َر ِ َ َ‬ ‫َ ُ‬

‫قال بعضهم‪ :‬ظاهر اإلثم‪ :‬رؤية األفعال وباطنه الركون إليها فى السر ً‬
‫باطنا‪.‬‬

‫اإل ْثمِ} وجعل حد األمر والنهى‬ ‫ظِ‬


‫اه َر ِ‬ ‫{وَذ ُروْا َ‬
‫وقال النهرجورى‪ :‬إن هللا أمر الخلق ونهاهم فى الظاهر والباطن فقال‪َ :‬‬
‫فى العلم لقيام الحجة على من يتخلف عن أمر هللا‪ ،‬فإذا بلغ العبد ذلك الحد‪ ،‬فقد بلغ حد الكمال من حيث السر‬
‫والعالنية‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫جميعا يشغالن عن الحق وما شغل‬ ‫اإل ْثمِ} طلب الدنيا‪ ،‬وباطن اإلثم طلب الجنة والنعيم‪ ،‬وهما‬ ‫ظِ‬
‫اه َر ِ‬ ‫قال بعضهم‪َ { :‬‬
‫ً‬
‫عن الحق فهو إثم‪.‬‬

‫اإل ْثمِ} حظوظ النفس وباطن اإلثم حظوظ القلب‪.‬‬ ‫ظِ‬


‫اه َر ِ‬ ‫وقيل‪َ { :‬‬

‫وقال سهل‪ :‬اتركوا المعاصى الجوارح وحبها بالقلب‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 121‬الى اآلية ‪)121‬‬

‫وه ْم ِإَّن ُك ْم‬ ‫وحو َن ِإَلى أ َْولَِي ِآئ ِه ْم لُِي َٰج ِدُل ُ‬ ‫َّللاِ عَلي ِه وإَِّنه َلِفسق وإِ َّن َّ ِ‬ ‫والَ تَأ ُ ِ‬
‫وك ْم َوإِ ْن أَ َ‬
‫ط ْعتُ ُم ُ‬ ‫الش َٰيط َ‬
‫ين َلُي ُ‬ ‫اس ُم َّ َ ْ َ ُ ْ ٌ َ‬ ‫ْكُلوْا م َّما َل ْم ُي ْذ َك ِر ْ‬ ‫َ‬
‫َل ُم ْش ِرُكو َن‬

‫وحو َن ِإَلى أ َْولَِي ِآئ ِه ْم} [اآلية‪.]121 :‬‬ ‫قوله تعالى وتقدس‪{ :‬وِإ َّن َّ ِ‬
‫ين َلُي ُ‬
‫الشَياط َ‬ ‫َ‬

‫قال أبو عثمان المغربى فى هذه اآلية‪ :‬يلقون على ألسنة المدعين ما يقطعون به الطرق على المتحققين‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 122‬الى اآلية ‪)122‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ ِ‬ ‫ِ‬


‫اس َك َمن َّمَثُل ُه في الظُل َٰمت َل ْي َس ِب َخ ِارٍج م ْن َها َك َذل َك ُزي َ‬
‫ِن‬ ‫َحَي ْي َٰن ُه َو َج َعْلَنا َل ُه ُنو اًر َي ْم ِشي ِب ِه ِفي َّ‬
‫الن ِ‬ ‫ان َم ْيتاً َفأ ْ‬
‫أ ََو َمن َك َ‬
‫ِ ِٰ‬
‫لْل َكف ِر َ‬
‫ين َما َك ُانوْا َي ْع َمُلو َن‬

‫َحَي ْيَناهُ َو َج َعْلَنا} [اآلية‪.]122 :‬‬


‫ان َم ْيتاً َفأ ْ‬
‫قوله عز وعال‪{ :‬أ ََو َمن َك َ‬

‫قال شاه الكرمانى‪ :‬عالمة الحياة ثالثة‪ :‬وجدان األنس بفقدان الوحشة‪ ،‬واالمتالء من الحق بإدمان التذكرة‪ ،‬واستشعار‬
‫الهيبة بخالص المراقبة‪.‬‬

‫إماما يهتدى به وبنوره األجانب‬


‫َحَي ْيَناهُ} قال‪ :‬ميتًا عنا فأحييناه بنا‪ ،‬وجعلناه ً‬
‫ان َم ْيتاً َفأ ْ‬
‫وقال جعفر فى قوله‪{ :‬أ ََو َمن َك َ‬
‫ويرجع إليه الضالل كمن مثله فى الظلمات كمن نزل مع شهوته وهواه فلم يؤيد بروائح القرب ومؤانسة الحضرة‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬أو من كان ميتًا بحياة نفسه وموت قلبه‪ ،‬فأحييناه بإماتة نفسه وحياة قلبه‪ ،‬وسهلنا عليه سبيل التوفيق‬
‫وكحلناه بأنوار القرب فال يرى غيرنا وال يلتفت إلى سوانا‪.‬‬

‫استعدادا للموت‪ ،‬وإهمال‬


‫ً‬ ‫وقال شاه‪ :‬عالمة النور فى القلب النظر إلى الدنيا بعين الزوال وتقرب األجل بإبطال األمل‬
‫الدمع عند ذكر اآلخرة‪.‬‬

‫أبدا‪ ،‬وإذا أماته‬


‫عبدا بأنواره ال تموت ً‬
‫َحَي ْيَناهُ} قال‪ :‬إذا أحيا هللا ً‬
‫ان َم ْيتاً َفأ ْ‬
‫قال أبو محمد الجريرى‪ :‬فى قوله {أ ََو َمن َك َ‬
‫أبدا‪.‬‬
‫بخذالنه ال يحيا ً‬

‫وقال جعفر‪ :‬أو من كان ميتًا باالعتماد على الطاعات‪ ،‬فأحييناه‪ :‬فجعلنا له نور التضرع واالعتذار‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال بعضهم‪ :‬ميتًا برؤية األفعال فأحييناه برؤية االفتقار‪.‬‬

‫وقال القاسم‪ :‬أحيا أولياءه بنور االنتباه‪ ،‬كما أحيا األجساد باألرواح‪.‬‬

‫قال القناء‪ :‬هذه حياة المعرفة ال حياة البشرية‪ ،‬وقال‪ :‬ميت ال ذكر له فى الفناء عن األذكار‪ ،‬فأحييناه بالموت عن‬
‫إدراكنا والحياة فينا‪.‬‬

‫وقال سهل‪ :‬من كان ميتًا بالجهل فأحييناه بالعلم‪.‬‬

‫ور اتصاالً كمن تركه فى ظلمات‬


‫وقال ابن عطاء‪ :‬أومن كان ميتًا باالنقطاع عنه‪ ،‬فأحييناه باالتصال بنا وجعلنا له ن ًا‬
‫االنقطاع‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 124‬الى اآلية ‪)124‬‬

‫َج َرُموْا‬
‫ين أ ْ‬
‫ص َّ ِ‬
‫يب الذ َ‬
‫ِ‬
‫َعَل ُم َح ْي ُث َي ْج َع ُل ِرَساَلتَ ُه َسُي ُ‬ ‫َّللاِ َّ‬
‫َّللاُ أ ْ‬ ‫آء ْت ُه ْم َآي ٌة َقاُلوْا َلن ُّن ْؤ ِم َن َحتَّ ٰى ُن ْؤتَ ٰى ِم ْث َل َمآ أُوِتي ُرُس ُل َّ‬
‫َوإِ َذا َج َ‬
‫َ‬
‫اب َش ِد ٌيد ِب َما َك ُانوْا َي ْم ُك ُرو َن‬ ‫صغار ِعند َّ ِ‬
‫َّللا َو َع َذ ٌ‬ ‫َ ٌَ َ‬

‫َعَل ُم َح ْي ُث َي ْج َع ُل ِرَساَلتَ ُه} [اآلية‪.]124 :‬‬


‫{َّللاُ أ ْ‬
‫قوله تعالى‪َّ :‬‬

‫قال النصرآباذى‪ :‬هللا أعلم باألوعية التى تصلح لسره ومنازالته ومكاشفاته فيزينها لخواص األنوار ويقدسها بلطائف‬
‫االطالع‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 125‬الى اآلية ‪)125‬‬

‫الس َم ِآء َك ٰذِل َك‬


‫ص َّع ُد ِفي َّ‬
‫ضِيقاً َح َرجاً َكأََّن َما َي َّ‬ ‫ِ َّ‬ ‫ِِ ٰ‬ ‫ِ‬ ‫َف َمن ُي ِرِد َّ‬
‫ص ْد َرهُ لإل ْسَل ِم َو َمن ُي ِرْد أَن ُيضل ُه َي ْج َع ْل َ‬
‫ص ْد َرهُ َ‬ ‫َّللاُ أَن َي ْهدَي ُه َي ْش َرْح َ‬
‫ين الَ ُي ْؤ ِمُنو َن‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّللاُ ِ‬
‫الر ْج َس َعَلى الذ َ‬ ‫َي ْج َع ُل َّ‬

‫َّللا أَن َي ْه ِدَي ُه َي ْش َرْح ص ْد َره لِ ِ‬ ‫ِ‬


‫إل ْسالَمِ} [اآلية‪.]125 :‬‬ ‫َ ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ف َمن ُي ِرد َّ ُ‬

‫حرجا قال‪ :‬الهداية‪ :‬المعونة على ما أمر والعصمة عما نهى عنه‪.‬‬
‫قال سهل‪ :‬فمن يرد هللا أن يهديه إلى قوله ً‬

‫ضِيقاً َح َرجاً} [اآلية‪.]125 :‬‬ ‫ِ َّ‬


‫{و َمن ُي ِرْد أَن ُيضل ُه َي ْج َع ْل َ‬
‫ص ْد َرهُ َ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قيل‪ :‬الضاللة ها هنا هى الترك من العصمة مع الهوى‪.‬‬

‫قال النهرجورى‪ :‬صفة المراد خلوه مما له‪ ،‬وقبوله ما عليه‪ ،‬وسعة صدره لموارد الحق عليه‪.‬‬

‫َّللا أَن َي ْه ِدَي ُه َي ْش َرْح ص ْد َره لِ ِ‬ ‫ِ‬


‫إل ْسالَمِ}‪.‬‬ ‫َ ُ‬ ‫قال هللا تعالى‪َ { :‬ف َمن ُي ِرد َّ ُ‬

‫اضعا خصه بما شاء‪ ،‬ثم بعد ذلك ما كان أسرع‬


‫قال سهل‪ :‬إن هللا ينظر فى القلوب والقلوب عنده فما كان أشد تو ً‬
‫رجوعا وهما هاتان الخصلتان‪.‬‬
‫ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال النهرجورى‪ِ :‬مَّن ًة ِم َن هللا ً‬
‫ولطفا منه‪ ،‬وإن لم يستأهل العبد ذلك‪.‬‬

‫نور يقذف في القلوب ُفيشرح به الصدر‪.‬‬


‫وسئل النبى صلى هللا عليه وسلم عن ذلك فقال‪ٌ :‬‬

‫بالء أشد من بالء من أظلم عليه قلبه والتبس عليه أمره وخفى عليه قدر مواله فهو يتردد فى أمره‬
‫قال ابن عطاء‪ :‬ما ٌ‬
‫متمردا على مواله‪ ،‬لفقدان نور الهداية عن قلبه‪ ،‬وطلب النجاة من غير وجهه‪.‬‬
‫ً‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 126‬الى اآلية ‪)126‬‬

‫صْلنا اآلي ِ‬
‫ات لَِق ْو ٍم َي َّذ َّك ُرو َن‬ ‫ِ‬ ‫وهـٰ َذا ِ‬
‫ِك ُم ْستَقيماً َق ْد َف َّ َ َ‬
‫ط َرب َ‬
‫ص َار ُ‬ ‫ََ‬

‫ِك ُم ْستَِقيماً} [اآلية‪.]126 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وهـٰ َذا ِ‬


‫ط َرب َ‬
‫ص َار ُ‬ ‫ََ‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬أهدى الطرق وأقومها طريقة المتابعة‪ ،‬وأوهن الطريق و ُّ‬
‫أضلها طريق الدعاوى والمخادعة‪ ،‬قال هللا‬
‫تعالى‪َ { :‬و َما َي ْخ َد ُعو َن ِإالَّ أ َْنُف َس ُهم َو َما َي ْش ُع ُرو َن } [البقرة‪.]9 :‬‬

‫قال سهل‪ :‬التوحيد واإلسالم صراط ربك المستقيم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 127‬الى اآلية ‪)127‬‬

‫ُّه ْم ِب َما َك ُانوْا َي ْع َمُلو َن‬ ‫ِ‬ ‫َلهم دار َّ ٰ ِ‬


‫السَل ِم ع َند َربِه ْم َو ُه َو َولِي ُ‬ ‫ُْ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السالَ ِم ع َند َرِبه ْم َو ُه َو َولِي ُ‬
‫ُّه ْم} [اآلية‪.]127 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ{ :‬ل ُه ْم َد ُار َّ‬

‫قال سهل‪ :‬دار السالم هو الذى يسلم فيه من هواجس نفسه ووسواس عدوه‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬دار السالم هو محل السالمة من القطيعة‪.‬‬

‫صَب ْرتُ ْم } [الرعد‪:‬‬ ‫ِ‬


‫وقال بعضهم‪ :‬دار السالم هو الذى يكرمهم هللا فيه بالسالم عليهم‪ ،‬وهو قوله‪َ { :‬سالَ ٌم َعَل ْي ُكم ب َما َ‬
‫‪.]24‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 133‬الى اآلية ‪)133‬‬

‫ِ‬ ‫َنشأ ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرحم ِة ِإن ي َش ْأ ي ْذ ِهب ُكم ويستَ ْخلِ ِ‬ ‫ِ‬
‫آخ ِر َ‬
‫ين‬ ‫َك ْم من ُذ ِريَّة َق ْو ٍم َ‬ ‫آء َك َمآ أ َ‬
‫ف من َب ْعد ُك ْم َّما َي َش ُ‬
‫ْ‬ ‫َ ُ ْ ْ ََْ‬ ‫ُّك اْل َغن ُّي ُذو َّ ْ َ‬
‫َوَرب َ‬

‫الر ْح َم ِة} [اآلية‪.]133 :‬‬


‫ُّك اْل َغِن ُّي ُذو َّ‬
‫{وَرب َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬الغنى عن طاعات المطيعين‪ ،‬وذو الرحمة على المذنبين‪.‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬الغنى بذاته والرحيم بصفاته‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 147‬الى اآلية ‪)147‬‬

‫ٍ ِ ٍ‬ ‫َّ‬
‫ْس ُه َع ِن اْلَق ْو ِم اْل ُم ْج ِرِم َ‬
‫ين‬ ‫ُّك ْم ُذو َر ْح َمة َواس َعة َوالَ ُي َرُّد َبأ ُ‬ ‫َفِإن َكذُب َ‬
‫وك َفُق ْل َّرب ُ‬

‫ُّك ْم ُذو َر ْح َم ٍة َو ِاس َع ٍة} [اآلية‪.]147 :‬‬ ‫َّ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬فِإن َكذُب َ‬
‫وك َفُق ْل َّرب ُ‬

‫فى‪ ،‬فإنه من رغب فينا ففيك رغب ال غير‪.‬‬


‫قال سهل‪ :‬قيل للنبى صلى هللا عليه وسلم من أعرض عنك فرغبه َّ‬

‫ُّك ْم ُذو َر ْح َم ٍة َو ِاس َع ٍة}‪ :‬أطمعهم فى الرحمة وال تقطع قلبك عنهم‪.‬‬ ‫َّ‬
‫قال هللا تعالى‪َ { :‬فِإن َكذُب َ‬
‫وك َفُق ْل َّرب ُ‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 149‬الى اآلية ‪)149‬‬

‫ين‬ ‫اكم أ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َِّ ِ‬


‫َج َمع َ‬
‫آء َل َه َد ُ ْ ْ‬
‫ُق ْل َفلله اْل ُح َّج ُة اْلَبال َغ ُة َفَل ْو َش َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قوله تعالى‪ُ{ :‬ق ْل َفلَِّل ِه اْل ُح َّج ُة اْلَبالِ َغ ُة} [اآلية‪.]149 :‬‬

‫قال النصرآباذى‪ :‬الخلق كلهم منعهم شدة الحاجة إليهم عن معانى رؤية الحجة‪ ،‬ولو أسقط عنهم الحاجات لكشف لهم‬
‫براهين الحجة‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬رؤية الحاجة حسنة ورؤية الحجة أحسن‪.‬‬


‫وقال ً‬

‫وقال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬آثار مشية الهداية عند أهل الهدى تنبئة‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 151‬الى اآلية ‪)151‬‬

‫إمالَ ٍق َّن ْح ُن َن ْرُزُق ُك ْم‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫َّ‬


‫ُّك ْم َعَل ْي ُك ْم أَال تُ ْش ِرُكوْا به َش ْيئاً َوبِاْل َوال َد ْي ِن إ ْح َساناً َوالَ تَْقُتُلوْا أ َْوالََد ُك ْم م ْن ْ‬
‫ُق ْل تَ َعاَل ْوْا أ َْت ُل َما َحَّرَم َرب ُ‬
‫اك ْم ِب ِه َل َعَّل ُك ْم‬
‫صُ‬ ‫َّللاُ ِإالَّ ِباْل َح ِق ٰذلِ ُك ْم َو َّ‬
‫النْف َس َّالِتي َحَّرَم َّ‬
‫ط َن َوالَ تَْقُتُلوْا َّ‬ ‫ظ َه َر ِم ْن َها َو َما َب َ‬ ‫ش َما َ‬ ‫وإِيَّاهم والَ تَْقربوْا اْلَفو ِ‬
‫اح َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُْ َ َُ‬
‫تَ ْعِقُلو َن‬

‫ظ َه َر ِم ْن َها َو َما َب َ‬
‫ط َن} [اآلية‪.]151 :‬‬ ‫ش َما َ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬والَ تَْقربوْا اْلَفو ِ‬
‫اح َ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ‬

‫قال حارث المحاسبى‪ :‬الفواحش ما أريد به غير هللا‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬ما ظهر من الفواحش فى األفعال هو الرياء‪ ،‬وما بطن منها الدعاوى الكاذبة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 152‬الى اآلية ‪)152‬‬

‫ف َنْفساً ِإالَّ ُو ْس َع َها َوإِ َذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ َِّ ِ‬


‫ان ِباْلق ْسط الَ ُن َكل ُ‬
‫َشَّدهُ َوأ َْوُفوْا اْل َكْي َل َواْلم َيز َ‬ ‫َح َس ُن َحتَّ ٰى َيْبُل َغ أ ُ‬ ‫ال اْلَيتي ِم ِإال ِبالتي ه َي أ ْ‬ ‫تَْق َرُبوْا َم َ‬ ‫َوالَ‬
‫صـ ُٰك ْم ِب ِه َل َعَّل ُك ْم تَ َذ َّك ُرو َن‬‫َّللاِ أ َْوُفوْا ٰذلِ ُك ْم َو َّ‬
‫ِع ْه ِد َّ‬
‫ان َذا ُق ْرَب ٰى َوب َ‬
‫َف ِ‬
‫اعدُلوْا َوَل ْو َك َ‬
‫ْ‬ ‫ُقْلتُ ْم‬

‫اع ِدُلوْا} [اآلية‪.]152 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬وإِ َذا ُقْلتُ ْم َف ْ‬

‫قال أبو سليمان فى هذه اآلية‪ :‬إذا تكلمتم فتعلموا بذكره‪.‬‬

‫وقال محمد بن حامد العدل‪ :‬فى الكالم ما ال يكون على صاحبه فى ذلك تبعة عاجالً وآجالً‪.‬‬

‫َّللاِ أ َْوُفوْا}‪.‬‬
‫ِع ْه ِد َّ‬
‫{وب َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الجوزجانى‪ :‬العهود كثيرة وأحق العهود بالوفاء األمر بالمعروف والنهى عن المنكر فأمر نفسك بالمعروف‪ ،‬فإن‬
‫قبلت منك وإال روضها بالجوع والسهر وكثرة الذكر ومجالسة الصالحين لترغب فى المعروف‪ ،‬ثم تأمر به غيرك‬
‫وتنهى نفسك عن المنكر‪ ،‬فإن قبلت منك وإال فأدبها بالسياحة‪ ،‬والتقطع والعزلة وقلة الكالم ومالزمة الصبر لتنتهى‪،‬‬
‫فإن انتهت فانه الناس عن المنكر‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 153‬الى اآلية ‪)153‬‬

‫اك ْم ِب ِه َل َعَّل ُك ْم تَتَُّقو َن‬


‫صُ‬ ‫السُب َل َفتََفَّر َق ِب ُك ْم َعن َسِبيلِ ِه ٰذلِ ُك ْم َو َّ‬ ‫صر ِ‬
‫اطي ُم ْستَِقيماً َفاتَِّب ُعوهُ َوالَ تَتَِّب ُعوْا ُّ‬ ‫ِ‬ ‫َوأ َّ‬
‫َن َهـٰ َذا َ‬
‫صر ِ‬
‫اطي ُم ْستَِقيماً} [اآلية‪.]153 :‬‬ ‫ِ‬ ‫{وأ َّ‬
‫َن َهـٰ َذا َ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال جعفر بن محمد‪ :‬طريق من القلب إلى هللا باإلعراض عما سواه‪.‬‬

‫قال سهل‪ :‬الطريق المستقيم هو الذى ال يكون للنفس فيه مراد وال حظ‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 159‬الى اآلية ‪)159‬‬

‫َّللاِ ثُ َّم ُيَنِبُئ ُهم ِب َما َك ُانوْا َيْف َعُلو َن‬


‫ين َفَّرُقوْا ِد َين ُه ْم َوَك ُانوْا ِشَيع ًا َّل ْس َت ِم ْن ُه ْم ِفي َشي ٍء ِإَّن َمآ أ َْم ُرُه ْم ِإَلى َّ‬ ‫َّ ِ‬
‫ِإ َّن الذ َ‬
‫ْ‬
‫ين َفَّرُقوْا ِد َين ُه ْم َوَك ُانوْا ِشَيعاً} [اآلية‪.]159 :‬‬ ‫َّ ِ‬
‫قوله عز وعال‪ِ{ :‬إ َّن الذ َ‬

‫قال فارس‪ :‬لم يستقيموا هلل على وتيرة واحدة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 160‬الى اآلية ‪)160‬‬

‫السِيَئ ِة َفالَ ُي ْج َزى ِإالَّ ِم ْثَل َها َو ُه ْم الَ ُي ْ‬


‫ظَل ُمو َن‬ ‫آء ِب َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫من َج ِ‬
‫آء باْل َح َسَنة َفَل ُه َع ْش ُر أ َْمثَال َها َو َمن َج َ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫آء ِباْل َح َسَن ِة َفَل ُه َع ْش ُر أ َْمثَالِ َها} [اآلية‪.]160 :‬‬


‫{من َج َ‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫ومن الحظها من مواصلة الحق فهو الذى يصلى عليك ومالئكته وهللا يضاعف لمن‬

‫يشاء‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 161‬الى اآلية ‪)161‬‬

‫ِ‬
‫اهيم حِنيفاً وما َك ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ َّ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُق ْل ِإَّنني َه َداني َربِي ِإَل ٰى ص َراط ُّم ْستَقي ٍم ديناً قَيماً مل َة ِإ ْب َر َ َ َ َ َ‬
‫ان م َن اْل ُم ْش ِرِك َ‬
‫ين‬

‫اط ُّم ْستَِقي ٍم ِديناً ِقَيماً} [اآلية‪.]161 :‬‬


‫صر ٍ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قوله عز وعال‪ُ { :‬ق ْل ِإَّنني َه َداني َربِي ِإَل ٰى َ‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬الصراط المستقيم االقتداء واالتباع وترك الهوى واالبتداع‪ ،‬أال تراه يقول‪ { :‬وما ي ِ‬
‫نط ُق َع ِن اْل َهَو ٰى }‬ ‫ََ َ‬
‫[النجم‪.]3 :‬‬

‫سليما من االعوجاج وهواجس األنفس ووجود لذاذة المراد فيه‪.‬‬ ‫ِ ِ‬


‫وقيل فى قوله‪{ :‬ديناً قَيماً}‪ :‬أى‪ً :‬‬

‫وقال ابن المبارك‪ :‬هدانى ربى إلى صراط مستقيم قال‪ :‬إلى أوقات أداء الفرائض من الصالة والصوم والحج‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 162‬الى اآلية ‪)162‬‬

‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫اي َو َم َماتي ََّّلل َر ِب اْل َعاَلم َ‬
‫ين‬ ‫ِ‬
‫ُق ْل إ َّن َ‬
‫صالَتي َوُن ُسكي َو َم ْحَي َ‬

‫ض} [البقرة‪ ]255 :‬فمن الحظها‬ ‫ات وما ِفي األ َْر ِ‬‫ِ‬ ‫{ما ِفي َّ‬
‫الس َم َاو َ َ‬ ‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬بيان هذه اآلية فى قوله َ‬
‫ين} معنى قوله إنى‬ ‫ِِ‬
‫{وأََن ْا أََّو ُل اْل ُم ْسلم َ‬
‫من نفسه قصمته‪ ،‬ومن تب أر منها عصمته‪ ،‬كيف تجوز لموجود أن يالحظ [فضالً] َ‬
‫أسلمت لتصاريف قدرته متبرًئا من حولى وقوتى مع أن التسليم فى الحقيقة علة‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 164‬الى اآلية ‪)164‬‬

‫ِك ْم َّم ْرِج ُع ُك ْم‬


‫ُخ َر ٰى ثُ َّم ِإَل ٰى َرب ُ‬ ‫َّللاِ أ َْب ِغي َرباً و ُهو َر ُّب ُك ِل َشي ٍء والَ تَ ْك ِس ُب ُك ُّل َنْف ٍ‬
‫س ِإالَّ َعَل ْي َها َوالَ تَ ِزُر َو ِازَرةٌ ِوْزَر أ ْ‬ ‫َغ ْي َر َّ‬
‫ُق ْل أ َ‬
‫ْ َ‬ ‫َ َ‬
‫َفينِبُئ ُكم ِبما ُكنتم ِف ِ‬
‫يه تَ ْخَتلُِفو َن‬ ‫َُ ْ َ ْ ُ ْ‬

‫َّللاِ أ َْب ِغي َرباً} [اآلية‪.]164 :‬‬


‫َغ ْي َر َّ‬
‫قوله تعالى‪ُ{ :‬ق ْل أ َ‬

‫اعيا ووكيالً‪ ،‬وهو الذى كفانى المهم وألهمنى الرشد‪.‬‬ ‫قال الجوزجانى‪ :‬أ َِس َواه أطلب حاف ً‬
‫ظا ور ً‬

‫س ِإالَّ َعَل ْي َها}‪.‬‬


‫قوله تعالى‪{ :‬والَ تَ ْك ِس ُب ُك ُّل َنْف ٍ‬
‫َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬ال تكسب من خير وشر كل نفس إال عليها أما الشر فمأخوذ به‪ ،‬وأما الخير فمطلوب منه صحة قصده‬
‫وخلوه من الرياء والعجب والرؤية من نفسه والتزين به واالفتخار به واالعتماد عليه واإلحسان فيه فإذا حصلته وجدته‬
‫عليه ال له‪ ،‬إال أن يعفو هللا جل وعز‪.‬‬

‫سورة األنعام (من اآلية ‪ 165‬الى اآلية ‪)165‬‬

‫َّك س ِريع اْل ِعَق ِ‬ ‫ض درج ٍ‬


‫ات لَِيْبُلوُكم ِفي مآ آتَ ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫اب َوإَِّن ُه‬ ‫اك ْم إ َّن َرب َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ض ُك ْم َف ْو َق َب ْع ٍ َ َ َ‬ ‫ف األ َْر ِ‬
‫ض َوَرَف َع َب ْع َ‬ ‫َو ُه َو الذي َج َعَل ُك ْم َخالَئ َ‬
‫يم‬ ‫ِ‬
‫ور َّرح ٌ‬ ‫َل َغُف ٌ‬
‫ض درج ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ات} [اآلية‪.]165 :‬‬ ‫ض ُك ْم َف ْو َق َب ْع ٍ َ َ َ‬ ‫ف األ َْر ِ‬
‫ض َوَرَف َع َب ْع َ‬ ‫{و ُه َو الذي َج َعَل ُك ْم َخالَئ َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫وليا والصديق صديًقا‪ ،‬ويرفع درجات البعض على البعض‪ ،‬ودرجات البعض بالبعض لئال‬
‫قال بعضهم‪ :‬يخلف الولى ً‬
‫تخلو األرض من حجة هللا وأمانه‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬ورفع بعضكم فوق بعض درجات‪ ،‬ليقتدى األدنى باألعلى‪ ،‬ويتبع المريد درجة المراد ليصل إليه‪.‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 1‬الى اآلية ‪)1‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫المص‬

‫سرا‪ ،‬فلما خلق آدم‬


‫حكى محمد بن عيسى الهاشمى عن ابن عطاء أنه قال‪ :‬لما أظهر هللا صورة األحرف جعل لها ً‬
‫بث فيه ذلك السر ولم يبثه فى المالئكة‪ ،‬فجرت األحرف على لسان آدم بفنون الجريان وفنون اللغات‪ ،‬فجعلنا هللا‬
‫صورة لها‪.‬‬

‫وقال الحسين‪ :‬األلف ألف المألوف والالم الم اآلالء‪ ،‬والميم ميم الملك‪ ،‬والصاد صاد الصدق‪.‬‬

‫وقال‪ :‬فى القرآن علم كل شىء وعلم القرآن فى األحرف الست فى أوائل السور‪ ،‬وعلم الحروف فى الم األلف‪ ،‬وعلم‬
‫ال م األلف فى األلف‪ ،‬وعلم األلف فى النقطة‪ ،‬وعلم النقطة فى المعرفة األصلية‪ ،‬وعلم المعرفة األصلية فى األقوال‪،‬‬
‫وعلم األول فى المشيئة‪ ،‬وعلم المشيئة فى غيب الهو‪ ،‬وغيب الهو ليس كمثله شىء‪.‬‬

‫وقيل فى قوله‪{ :‬المص}‪ .‬قال‪ :‬أنا هللا أفضل‪.‬‬

‫وفهما غير اآلخر‪ ،‬ومن شرح ذلك حين سمعه‬


‫وقال أبو محمد الجريرى‪ :‬إن لكل حرف ولفظ من الحروف مشرًبا ً‬
‫يقول‪{ :‬المص} األلف عندهم للفهم فى محضرهم استماع إلى حسن مخرج‪ ،‬وطعم عذب موجود ونظر إلى المتكلم‬
‫وكذلك الالم حسن استماع من مخرج غير األلف‪ ،‬وطعم فهم موجود وكذلك الميم حسن استماع من مخرج غير الالم‪،‬‬
‫وطعم فهو موجود‪ ،‬والصاد حسن استماع إلى حسن مخرج‪ ،‬وطعم فهم موجود غير الميم فممزوج ذلك كله بمالحظة‬
‫متكلمه‪.‬‬

‫وقال الحسين فى قوله‪{ :‬المص} األلف ألف األزل والالم الم األبد والميم بينهما والصاد اتصال من اتصل به‬
‫وانفصال من انفصل عنه‪ ،‬وفى الحقيقة االتصال واالنفصال وهى ألفاظ تجرى على حسن العبارات‪ ،‬ومعادن الحق‬
‫مصونة عن األلفاظ والعبارات‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 2‬الى اآلية ‪)2‬‬

‫ك َح َرٌج ِم ْن ُه لِتُ ِنذ َر ِب ِه َوِذ ْك َر ٰى لِْل ُم ْؤ ِمِني َن‬


‫ص ْد ِر َ‬
‫ِ‬ ‫اب أ ِ ِ‬
‫ُنزَل إَل ْي َك َفالَ َي ُك ْن في َ‬
‫ِ‬
‫كتَ ٌ‬

‫ُنزَل ِإَل ْي َك} [اآلية‪.]2 :‬‬


‫اب أ ِ‬ ‫ِ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬كتَ ٌ‬

‫صدر وتقر به‬


‫ًا‬ ‫قال ابن عطاء‪ :‬عهد خصصت به من بين األنبياء أنك خاتم الرسل‪ ،‬وعهدك ختم العهود للشرح به‬
‫عينا‪.‬‬
‫ً‬

‫ك َح َرٌج ِم ْن ُه}‪.‬‬
‫ص ْد ِر َ‬
‫ِ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬فالَ َي ُك ْن في َ‬

‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬ال يضيقن قلبك بحمله وثقله فإن حمل الصفات ثقيلة إال على من يؤيد بقبول المشاهدة‪.‬‬

‫وقال النورى‪ :‬إن أنوار الحقائق إذا وردت على السر ضاق عن حملها كالشمس يمنع شعاعها عن إدراك نهايتها‪.‬‬

‫وقال القرشى‪ :‬لما قص هللا فى هذه السورة قصة الكليم‪َ ،‬علِم أن قلب النبى صلى هللا عليه وسلم يتحرك لذلك فقال‪:‬‬
‫ورزقتها‪.‬‬ ‫وكلِ َ‬
‫مت وراء الستور ومنع المشاهدة ُ‬ ‫ك َح َرٌج ِم ْن ُه} ألنه ُكلِ َم على الطور ُ‬
‫ص ْد ِر َ‬
‫ِ‬
‫{ َفالَ َي ُك ْن في َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 3‬الى اآلية ‪)3‬‬

‫ِك ْم َوالَ تَتَِّب ُعوْا ِمن ُدوِن ِه أ َْولَِيآء َقلِيالً َّما تَ َذ َّك ُرو َن‬
‫ُنزَل ِإَل ْي ُك ْم ِمن َّرب ُ‬
‫اتَِّب ُعوْا َمآ أ ِ‬
‫َ‬

‫ُنزَل ِإَل ْي ُك ْم ِمن َّرب ُ‬


‫ِك ْم} [اآلية‪.]3 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬اتَِّب ُعوْا َمآ أ ِ‬

‫قال بعضهم‪ :‬من يتبع غير ما أنزل إليه من ربه فهو بعيد من عين الحق‪ ،‬ومن له نصيب فى الدارين ال يمكن أن‬
‫يتبع ما أنزل إليه من ربه‪ ،‬والمتبعون هم أقل من القليل‪.‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 6‬الى اآلية ‪)6‬‬

‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ين أ ُْرِس َل ِإَل ْي ِه ْم َوَلَن ْسأََل َّن اْل ُم ْرَسل َ‬
‫ين‬ ‫َفَلَن ْسأََل َّن الذ َ‬

‫قيل‪ :‬لنسألن الذين أرسل إليهم عن قبول الرسالة والقيام بشروطها‪ ،‬ولنسألن المرسلين عن أداء الرسالة واألمانة فيها‪.‬‬

‫قال أبو حفص فى هذه اآلية‪ :‬لنسألن الذين أرسل إليهم عن حفظ حرمات لرسل‪ ،‬ولنسألن المرسلين عن الشفقة على‬
‫األمم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 7‬الى اآلية ‪)7‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص َّن َعَل ْي ِهم ِبعْل ٍم َو َما ُكَّنا َغآئِب َ‬
‫ين‬ ‫َفَلَنُق َّ‬

‫ص َّن َعَل ْي ِهم ِب ِعْلمٍ} [اآلية‪.]7 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ{ :‬فَلَنُق َّ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬فى حال عدمهم ووجودهم‪.‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 8‬الى اآلية ‪)8‬‬

‫َواْل َوْزُن َي ْو َمِئ ٍذ اْل َح ُّق َف َمن ثَُقَل ْت َم َو ِاز ُين ُه َفأ ُْوَلـِٰئ َك ُهم اْل ُمْفلِ ُحو َن‬
‫ُ‬
‫{واْل َوْزُن َي ْو َمِئ ٍذ اْل َح ُّق} [اآلية‪.]8 :‬‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫قيل فى هذه اآلية‪ :‬من وزن نفسه بميزان العدل كان من المخبتين‪.‬‬

‫ومن وزن خطراته وأنفاسه بميزان الحق اكتفى بمشاهدته‪ ،‬والموازين مختلفة‪ :‬ميزان للنفس والروح‪ ،‬وميزان للقلب‬
‫والعقل‪ ،‬وميزان للمعرفة والسر‪ .‬فميزان النفس والروح لألمر والنهى وكفتاه الكتاب والسنة‪ ،‬وميزان القلب والعقل الثواب‬
‫والعقاب وكفتاه الوعد والوعيد‪ ،‬وميزان المعرفة والسر الرضا والسخط وكفتاه الهرب والطلب‪ ،‬وقد فسر فى غير هذا‬
‫الموضع‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 11‬الى اآلية ‪)11‬‬

‫الس ِ ِ‬
‫يس َل ْم َي ُك ْن ِم َن َّ‬‫َّ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ين‬
‫اجد َ‬ ‫اس ُج ُدوْا أل ََد َم َف َس َج ُدوْا ِإال ِإْبل َ‬
‫اك ْم ثُ َّم ُقْلَنا لْل َمالئ َكة ْ‬
‫صَّوْرَن ُ‬
‫اك ْم ثُ َّم َ‬
‫َوَلَق ْد َخَلْقَن ُ‬

‫اك ْم} [اآلية‪.]11 :‬‬


‫صَّوْرَن ُ‬
‫اك ْم ثُ َّم َ‬
‫{وَلَق ْد َخَلْقَن ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫عيشا فعيش القلوب‬


‫قال بعضهم‪ :‬أبدع هللا الهياكل وأظهرها على أخالق شتى وصور مختلفة‪ ،‬وجعل لكل شىء منها ً‬
‫فى الشهود‪ ،‬وعيش النفوس فى الوجود‪ ،‬وعيش العبد معبوده‪ ،‬وعيش الخواص اإلخالص‪ .‬وعيش اآلخرة‪ :‬العلم‪ ،‬وعيش‬
‫الدنيا‪ :‬الجهل والعمارة واالغترار بها‪.‬‬

‫َّ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫اس ُج ُدوْا أل ََد َم َف َس َج ُدوْا ِإال ِإْبل َ‬
‫يس} [اآلية‪.]11 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬ثُ َّم ُقْلَنا لْل َمالئ َكة ْ‬

‫{اس ُج ُدوْا أل ََد َم} ولو كان سجودهم يزن عنده مثقال ذرة لما‬
‫عرف المالئكة استغناءه عن عبادتهم فقال‪ْ :‬‬
‫قال أبو حفص‪َّ :‬‬
‫أمرهم بذلك ولصرف وجوههم إلى آدم‪ ،‬فإن سجود المالئكة وجميع خلقه ال يزيد فى ملكه‪ ،‬ألنه عزيز قبل أن يخلقهم‬
‫جميعا‪.‬‬
‫ً‬ ‫وعزيز بعد أن يفنيهم وعزيز حين يبعثهم وله العزة‬

‫{اخ ُرْج ِم ْن َها} أمر إهانة‪ ،‬ولوال ذلك المتنع منها كما امتنع من السجود‪،‬‬
‫وقال بعضهم‪ :‬قوله إلبليس أمر تكليف وقوله ْ‬
‫وكان سجود المالئكة آلدم تحية له وطاعة لهم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 12‬الى اآلية ‪)12‬‬

‫ال أََن ْا َخ ْيٌر ِم ْن ُه َخَلْقتَِني ِمن َّن ٍار َو َخَلْقتَ ُه ِمن ِط ٍ‬


‫ين‬ ‫َم ْرتُ َك َق َ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ال َما َمَن َع َك أَال تَ ْس ُج َد إ ْذ أ َ‬
‫َق َ‬

‫َم ْرتُ َك} [اآلية‪.]12 :‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬


‫{ما َمَن َع َك أَال تَ ْس ُج َد إ ْذ أ َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫كل نسك فى الدنيا واآلخرة‪ ،‬فالجهل وطنه واالعتراض عرضه‪ ،‬والبعد‬


‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬من استصحب َّ‬
‫من هللا سببه‪ ،‬ألن العبادات تقطع الدعيات‪ ،‬ورؤية النسك رؤية األفعال والنفوس‪ ،‬وال متوتب على هللا أشد من طالع‬
‫نفسه بعين الرضا‪.‬‬

‫قوله تعالى‪{ :‬أََن ْا َخ ْيٌر ِم ْن ُه َخَلْقتَِني ِمن َّن ٍار}‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬لما نظر إلى الجوهر والعبادة ظن أنه المسكين خير‪ ،‬وسبب فساد النفوس من رؤية الطاعات‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬لما قال إبليس‪{ :‬أََن ْا} قيل له‪َّ :‬‬


‫إن عليك اللعنة‪ ،‬ما أبعده إال رؤية نفسه‪.‬‬

‫وقيل فى قوله‪{ :‬أََن ْا َخ ْيٌر ِم ْن ُه} توهم أن الجوهر من الكون على مثله وشكله فى الخلقة‪ ،‬فضل من جهة الخلقة‬
‫والجوهرية‪ ،‬ولم يعلم ولم يتيقن أن الفضل من المتفضل دون الجوهرية‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬من لبس قميص النسك خاصره {أََن ْا} لذلك قال إبليس‪{ :‬أََن ْا َخ ْيٌر ِم ْن ُه} ولو لم يقل خير‬
‫منه ألهلكه قوله فى المقابلة {أََن ْا}‪.‬‬

‫قال ابن عطاء فى قوله‪{ :‬أََن ْا َخ ْيٌر ِم ْن ُه}‪ :‬حجب إبليس برؤية الفخر بنفسه عن التعظيم‪ ،‬ولو رأى تعظيم الحق لم يعظم‬
‫غيره‪ ،‬ألن الحق إذا استولى على ِسر شىء قهره فلم يترك فيه فضالً لغيره‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫الل ْعَن َة }[الحجر‪َ { ،]35 :‬وِإ َّن َعَل ْي َك َل ْعَنِتي } [ص‪ ]78 :‬الفرق بينهما إذا قال‪ :‬لعنتى أى‬
‫قوله عز وعال‪ { :‬وِإ َّن عَليك َّ‬
‫َ ََْ‬
‫سخطى الذى لم يزل منى جارًيا عليك‪ ،‬وإذا قال اللعنة بالتعريف واإلشارة فهو ما ظهر للوقت عليه‪ ،‬ويزداد على األيام‬
‫إلى وقت سؤاله اإلنظار‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬ال يأمنن أحد أن ُيفعل به كما ُف ِعل بإبليس‪ ،‬لقيه بأنوار عصمته وهو عنده فى حقائق‬
‫لعنته‪ ،‬فستر عليه ما سبق منه إليه حتى غافصه بإظهاره عليه بقوله {وإِ َّن عَليك َّ‬
‫الل ْعَن َة} [الحجر‪.]35 :‬‬ ‫َ ََْ‬

‫وقال بعضهم‪ُ :‬لعن إبليس بخمسة أشياء شقى بها‪ :‬لم يقر بالذنب‪ ،‬ولم يندم عليه‪ ،‬ولم يلم نفسه‪ ،‬ولم َير التوبة على‬
‫نفسه واجبة وقنط من رحمة هللا‪.‬‬

‫َو َس ِع َد آدم بخمسة أشياء‪ :‬أقر على نفسه بالذنب‪ ،‬وندم عليه‪ ،‬والم نفسه‪ ،‬وأسرع فى التوبة‪ ،‬ولم يقنط من رحمة هللا‪.‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 16‬الى اآلية ‪)16‬‬

‫ِ‬ ‫َغويتَِني ألَْقعد َّن َلهم ِ‬


‫يم‬
‫ط َك اْل ُم ْستَق َ‬
‫ص َار َ‬ ‫َُ ُ ْ‬ ‫ال َفِب َمآ أ ْ َ ْ‬
‫َق َ‬

‫َغ َوْيتَِني} [اآلية‪.]16 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬فِب َمآ أ ْ‬

‫قال محمد بن عيسى الهاشمى‪ :‬لو نجا إبليس بشىء لنجا برؤية القدرة عليه واإلقرار على نفسه رب بما أغويتنى‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 17‬الى اآلية ‪)17‬‬

‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ثُ َّم آلتَيَّن ُه ْم من َب ْي ِن أ َْيدي ِه ْم َو ِم ْن َخْلف ِه ْم َو َع ْن أ َْي َمان ِه ْم َو َعن َش َمآئل ِه ْم َوالَ تَ ِج ُد أَ ْكثََرُه ْم َشاك ِر َ‬
‫ين‬

‫آلتَيَّن ُه ْم ِمن َب ْي ِن أ َْي ِدي ِه ْم َو ِم ْن َخْلِف ِه ْم َو َع ْن أ َْي َم ِان ِه ْم َو َعن َش َم ِآئلِ ِه ْم} [اآلية‪.]17 :‬‬
‫قوله تعالى‪{ :‬ثُ َّم ِ‬

‫سمعت أبا عثمان المغربى يقول‪ :‬إن الشيطان يأتى على الناس عن إيمانهم بالطاعات‪ ،‬ومن بين أيديهم باألمانى‬
‫والكرامات‪ ،‬ومن خلفهم بالبدع والضالالت‪ ،‬وعن شمائلهم بالشرك فإذا جرى ٍ‬
‫لعبد سعادة َق ًَ ِب ًِل منهم ما يأمرونه من‬
‫الطاعات‪ ،‬فإذا أرادوا أن يهلكوه بطاعته رد إلى السعادة التى جرت له فيكون ذلك ربحا وزيادة‪ ،‬أال تراه يقول‪ِ :‬‬
‫{آلتَيَّن ُه ْم‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫ِمن َب ْي ِن أ َْي ِدي ِه ْم َو ِم ْن َخْلِف ِه ْم} اآلية‪.‬‬

‫قال‪ :‬وال تجد أكثرهم شاكرين‪ ،‬فاألكثر من هلك بطاعته‪ ،‬واألقل من أدركته السعادة فنجا إذ ذاك وشكر‪.‬‬

‫{آلتَيَّن ُه ْم ِمن َب ْي ِن أ َْي ِدي ِه ْم} من الدنيا ومن خلفهم لآلخرة وعن أيمانهم الحسنات وعن شمائلهم السيئات‪.‬‬
‫وقال بعضهم‪ِ :‬‬

‫وقال الشبلى‪ :‬لم يقل‪ :‬من فوقهم وال من تحتهم ألن الفوق موضع نظر الملك إلى قلوب العارفين‪ ،‬والتحت مواضع‬
‫الساجدين وموضع نظره وموضع عبادتهم ال يكون للشيطان هناك موضع وال فيه طريق‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 20‬الى اآلية ‪)20‬‬

‫َّ‬ ‫ُّكما َع ْن َهـ ِٰذِه َّ‬


‫الش َج َرِة ِإال أَن تَ ُك َ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ط ِ ِ‬ ‫َفوسو َس َلهما َّ‬
‫ونا‬ ‫اك َما َرب ُ َ‬ ‫ِي َع ْن ُه َما من َس ْوَءاته َما َوَق َ‬
‫ال َما َن َه ُ‬ ‫ان لُي ْبد َي َل ُه َما َما ُوور َ‬‫الش ْي َ ُ‬ ‫َُ‬ ‫َ َْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين‬
‫ونا م َن اْل َخالد َ‬ ‫َمَل َك ْي ِن أ َْو تَ ُك َ‬

‫ان} [اآلية‪.]20 :‬‬


‫طُ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬فوسو َس َلهما َّ‬
‫الش ْي َ‬ ‫َُ‬ ‫َ َْ‬

‫سببا لعلو آدم وبلوغه إلى أعلى الرتب‪،‬‬


‫قال أبو سليمان الدارانى‪ :‬وسوس لهما الشيطان إلرادة الشر بهما‪ ،‬وكان ذلك ً‬
‫وذلك أن آدم ما عمل عمالً قط أتم له من الخطيئة التى هى أدبته وأقامته مقام الحقائق وأسقط عنه‪َّ ،‬‬
‫فلعله خامر سره‬
‫ظَل ْمَنآ‬
‫من سجود المالئكة له ورده إلى البركة األولى من التخصيص فى الخلقة باليد‪ ،‬حتى رجع إلى ربه بقوله { َ‬
‫َنف َسَنا}‪.‬‬
‫أُ‬

‫قال سهل‪ :‬الوسوسة ذكر الطبع ثم النفس ثم الهم والتدبير‪.‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 21‬الى اآلية ‪)21‬‬

‫ين‬ ‫وَقاسمهمآ ِإِني َل ُكما َل ِمن َّ ِ ِ‬


‫الناصح َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ََُ‬

‫قال أبو بكر الوراق‪ :‬ال تقبل النصيحة إال ممن يعتمد دينه وأمانته‪ ،‬وال تكون له حظ فى نصيحته إياك‪ ،‬فإن العدو‬
‫ين}‪.‬‬ ‫أظهر آلدم النصيحة وأضمر الخيانة قال هللا تعالى‪{ :‬وَقاسمهمآ ِإِني َل ُكما َل ِمن َّ ِ ِ‬
‫الناصح َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ََُ‬

‫قوله تعالى‪{ :‬والَ تَْق َرَبا َهـ ِٰذِه َّ‬


‫الش َج َرَة}‪.‬‬ ‫َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قيل‪ :‬أشار إلى جنس الشجرة‪ ،‬فظن آدم أن النهى عن المشار إليها‪ ،‬وإنما أراد هللا جل وعز جنس الشجرة المشار إليه‬
‫فتناول آدم غيرها‪ ،‬وإنما وقعت التوبة على ترك التحفظ ال على المخالفة‪.‬‬

‫قال هللا تعالى‪َ { :‬فَن ِسي َوَل ْم َن ِج ْد َل ُه َع ْزماً} [طه‪.]115 :‬‬


‫َ‬

‫قال الخراز‪ :‬وهللا ما هنئ آدم الجنة وال سكناها‪ ،‬إذ جعل فى جواره األمر والنهى‪ ،‬ولو نظر آدم فى نفس المكرمة إلى‬
‫خفاء األمر والنهى فى ذلك المحل‪ ،‬ما َّ‬
‫هنأه نعيم دار السالم وال استغف عن تلك الشجرة التي ابتاله هللا بالنهى خوًفا‪،‬‬
‫عاصيا‪.‬‬
‫ً‬ ‫معنفا وسماه‬
‫ولكنه أغفله لتقع به الهفوة التى من أجلها رأى الزلة وقامت بها الحجة‪ ،‬وأخرجه من جواره ً‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 22‬الى اآلية ‪)22‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫طِفَقا ي ْخ ِ‬ ‫َف َدالَّ ُه َما ِب ُغ ُر ٍ‬


‫ُّه َمآ أََل ْم أ َْن َه ُك َما‬ ‫ان َعَل ْي ِه َما من َوَر ِق اْل َجَّنة َوَن َاد ُ‬
‫اه َما َرب ُ‬ ‫صَف ِ‬ ‫ور َفَل َّما َذا َقا َّ‬
‫الش َج َرةَ َب َد ْت َل ُه َما َس ْوَءاتُ ُه َما َو َ َ‬
‫آن َل ُك َما َع ُدٌو ُّمِب ٌ‬
‫ين‬ ‫طَ‬ ‫الش ْي َ‬ ‫َعن ِتْل ُكما َّ‬
‫الش َج َرِة وأَُقل َّل ُكمآ ِإ َّن َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اهما َربُّهمآ أََلم أ َْنه ُكما َعن ِتْل ُكما َّ‬
‫الش َج َرِة} [اآلية‪.]22 :‬‬ ‫َ‬ ‫{وَن َاد ُ َ ُ َ ْ َ َ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال القرشى‪ :‬قيل آلدم ادخل الجنة وال تأكل من هذه الشجرة‪ ،‬فلما أكال ناداهما ربهما والقول على معنى القرب‪ ،‬والنداء‬
‫على حد البعد‪.‬‬

‫قوله تعالى‪َ { :‬ف َدالَّ ُه َما ِب ُغ ُر ٍ‬


‫ور}‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قيل‪ :‬غرهما باهلل ولوال ذلك ما اغتر‪.‬‬

‫وسئل بعضهم‪ :‬ما الفرق بين آدم وبين إبليس وقد ترك كل و ٍ‬
‫احد منهما األمر‪.‬‬

‫خطر‬
‫فقال‪ :‬آدم طالع الخطيئة فأذهلته الخطيئة عن األمر فارتكب النهى‪ ،‬وظن إبليس أن للعبادات العظيمة عنده ًا‬
‫وأنه ال يقصد بالتعبد غيره‪ ،‬فنظر إلى الجنسين فقال‪ :‬أنا خير منه فهلك‪ ،‬وإذا نظرت إلى شأنهما وجدتهما جريا تحت‬
‫ومح واآلخر لم ُيسامح‪.‬‬
‫التلبيس‪ ،‬لكن أحدهما ُس َ‬

‫{ب َد ْت َل ُه َما َس ْوَءاتُ ُه َما}‪.‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫أيضا ‪ -‬ألن التوبة من الكفر تغفر لصاحبه ال محالة‪،‬‬


‫قال‪ :‬سوء األدب فى القرب ليس كسوء األدب فى البعد ‪ -‬و ً‬
‫والتوبة من الخطيئة ال تحكم بالقبول‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬يطالب األنبياء بمثاقيل الذر‪ ،‬وال تطالب العامة بذلك لبعدهم عن مصادر السر‪.‬‬

‫يبد ذلك لغيرهما فهتك عنهما ستر العصمة‪.‬‬


‫{ب َد ْت َل ُه َما َس ْوَءاتُ ُه َما} قال‪ :‬بدت لهما ولم ُ‬
‫وقال بعضهم‪َ :‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 23‬الى اآلية ‪)23‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين‬ ‫َنف َسَنا َوإِن َّل ْم تَ ْغِف ْر َلَنا َوتَ ْر َح ْمَنا َلَن ُك َ‬
‫ون َّن م َن اْل َخاس ِر َ‬ ‫ظَل ْمَنآ أ ُ‬
‫َقاالَ َربََّنا َ‬

‫َنف َسَنا} [اآلية‪.]23 :‬‬


‫ظَل ْمَنآ أ ُ‬
‫قوله جل ذكره‪َ { :‬قاالَ َربََّنا َ‬

‫قال الحسين‪ :‬الظلم هو االشتغال بغيره عنه‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬ظلمنا أنفسنا باشتغالنا بالجنة وطلبها عنك‪.‬‬

‫قال الشبلى‪ :‬ذنوب األنبياء تؤديهم إلى الكرامة والرتب‪ ،‬كما كان ذنب آدم أداه إلى االجتباء واالصطفاء‪ ،‬وذنوب‬
‫األولياء تؤديهم إلى الكفارة‪ ،‬وذنوب العامة تؤديهم إلى اإلهانة‪.‬‬

‫َنف َسَنا} قال‪ :‬لم يكن له فى حال ظنيته خواطر غير الحق‪ ،‬فلما‬
‫ظَل ْمَنآ أ ُ‬
‫{ربََّنا َ‬
‫قال الواسطى رحمة هللا عليه فى قوله‪َ :‬‬
‫ظَل ْمَنآ} هال غيَّبه ما ورد عليه من ربه عن غيره‪ ،‬وهال قطعه‬
‫{ربََّنا َ‬
‫أحضره فى حضوره غاب عن حضوره‪ ،‬فقال‪َ :‬‬
‫باتصاله فى اتصاله عن اتصاله‪ ،‬وهال غيبه ما عاينه فى نفسه بنفسه عن نفسه‪.‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 25‬الى اآلية ‪)25‬‬

‫يها تَ ُموتُو َن َو ِم ْن َها تُ ْخ َر ُجو َن‬ ‫َق ِ‬


‫يها تَ ْحَي ْو َن َوِف َ‬
‫ال ف َ‬
‫َ‬

‫يها َت ُموتُو َن َو ِم ْن َها تُ ْخ َر ُجو َن} [اآلية‪.]25 :‬‬ ‫ِ‬


‫يها تَ ْحَي ْو َن َوِف َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬ف َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬فيها تحيون بالمعرفة‪ ،‬وفيها تموتون بالجهل‪ ،‬ومنها تخرجون بما أنتم فيه من التقدير والتدبير إلى سوابق‬
‫القدر عليكم وجرى األحكام فيكم‪.‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 26‬الى اآلية ‪)26‬‬

‫َّللاِ َل َعَّل ُه ْم َي َّذ َّك ُرو َن‬ ‫َنزلنا عَلي ُكم لِباساً يوارِي سوء ِات ُكم وِريشاً ولِباس التَّْقو ٰى ٰذلِك خير ٰذلِك ِمن آي ِ‬
‫ات َّ‬ ‫َ َ ٌْ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫ََْ ْ َ‬
‫ِٰ‬
‫َيَبني َء َاد َم َق ْد أ َ ْ َ َ ْ ْ َ ُ َ‬

‫َنزلَنا َعَل ْي ُك ْم ِلَباساً ُي َوارِي َس ْوَء ِات ُك ْم} [اآلية‪.]26 :‬‬


‫{ي َابِني َء َاد َم َق ْد أ َ ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫اس التَّْقَو ٰى ٰذلِ َك َخ ْيٌر}‪.‬‬


‫{ولَِب ُ‬
‫قال النصرآباذى‪ :‬اللباس كله ملك الحق‪ ،‬ولباس التقوى لباس الحق‪ ،‬قال هللا تعالى‪َ :‬‬

‫واللباس الذي يوارى السوأة لباس الكرامة‪.‬‬

‫ولباس التقوى لباس اإليمان وهو أشرف‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬لباس الهداية للعام ولباس التقوى للخاص ولباس الهيبة للعارفين ولباس الزينة ألهل الدنيا ولباس اللقاء‬
‫والمشاهدة لألولياء ولباس الحضرة لألنبياء‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 27‬الى اآلية ‪)27‬‬

‫اس ُه َما لُِي ِرَي ُه َما َس ْوَء ِات ِه َمآ ِإَّن ُه َي َر ُ‬


‫اك ْم ُهَو َوَقِبيُل ُه‬ ‫ِ‬ ‫َخ َرَج أََب َوْي ُك ْم ِم َن اْل َجَّن ِة َي ِ‬ ‫َي َابِني ء َادم الَ َيْفِتَنَّن ُكم َّ‬
‫نزعُ َع ْن ُه َما لَب َ‬ ‫ان َك َمآ أ ْ‬‫طُ‬‫الش ْي َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫ين الَ ُي ْؤ ِمُنو َن‬ ‫اطين أَولِيآء لَِّل ِ‬
‫ذ‬ ‫الشي ِ‬‫َّ‬ ‫ا‬ ‫ن‬‫ل‬ ‫ع‬‫ج‬ ‫ا‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ِ‬
‫إ‬ ‫م‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ ََْ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫م ْن َح ْي ُث َ َ َ ْ َ ُ ْ‬
‫ه‬ ‫ن‬‫و‬ ‫ر‬ ‫ت‬ ‫ال‬

‫َخ َرَج أََب َوْي ُك ْم ِم َن اْل َجَّن ِة} [اآلية‪.]27 :‬‬


‫{ك َمآ أ ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫ُسئل بعضهم ما الذى قطع الخلق عن الحق بعد إذ عرفوه؟ فقال‪ :‬الذى أخرج أباهم من الجنة اتباع النفس والهوى‬
‫والشيطان‪.‬‬

‫سمعت أبا بكر الرازى يقول‪ :‬سمعت ابن عطاء يقول‪ :‬خروج آدم من الجنة وكثرة بكائه وافتقاره وخروج األنبياء من‬
‫خير له من الجنة والتلذذ والتنعم فيها‪.‬‬
‫صلبه‪ ،‬كان ًا‬

‫اس ُه َما}‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫{ي ِ‬


‫نزعُ َع ْن ُه َما لَب َ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قيل‪ :‬هو أنوار كرامات القرب ولمعان العز‪.‬‬

‫قال أبو سعيد الخراز‪ :‬هو النور الذى شملهما فى القرب‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬نزع عنهما اللباس الذى كان يسترهما من وساوس الشيطان‪.‬‬

‫سمعت النصرآباذى يقول‪ :‬أحسن اللبس ما ألبس الصفى فى الحضرة‪ ،‬فلما بدت منه المخالفة نزع منه لذلك‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعض السلف‪ :‬من تهاون بستر هللا عليه أنطقه هللا بعيوب نفسه‪.‬‬

‫اك ْم ُه َو َوَقِبيُل ُه ِم ْن َح ْي ُث الَ تَ َرْوَن ُه ْم}‪.‬‬


‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّن ُه َي َر ُ‬

‫قال بعضهم‪ :‬سلط عليك الشيطان يراك من حيث ال تراه‪ ،‬فال اعتصام لك منه إال بالتبرى من حولك وقوتك والرجوع‬
‫إلى هللا واالستعانة به‪.‬‬

‫ين الَ ُي ْؤ ِمُنو َن}‪.‬‬ ‫اطين أَولِي َِّ ِ‬


‫َّ ِ‬ ‫ِ َّ‬
‫آء للذ َ‬‫قوله عز وعال‪{ :‬إنا َج َعْلَنا الشَي َ ْ َ َ‬

‫قال ابن عطاء‪َّ :‬إنا جعلنا الشياطين وأنهم اتخذوا الشياطين‪ ،‬فالحقيقة منها ما أضاف إلى نفسه‪ ،‬والمعارف ما أضاف‬
‫إليهم كذلك خطابه فى جميع القرآن‪.‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 29‬الى اآلية ‪)29‬‬

‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬


‫ودو َن‬
‫ين َك َما َب َدأَ ُك ْم تَ ُع ُ‬ ‫وه ُك ْم ع َند ُك ِل َم ْس ِجد َو ْاد ُعوهُ ُم ْخلص َ‬
‫ين َل ُه الد َ‬ ‫يموْا ُو ُج َ‬
‫َم َر َربِي باْلق ْسط َوأَق ُ‬
‫ُق ْل أ َ‬

‫َم َر َربِي ِباْلِق ْس ِط} [اآلية‪.]29 :‬‬


‫قوله عز وعال {ُق ْل أ َ‬

‫عوضا عما سواه‪.‬‬


‫ً‬ ‫قال الجنيد رحمة هللا عليه فى هذه اآلية‪ :‬أمر بحفظ السر وعلو الهمة وأن يرضى باهلل‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال أبو عثمان‪ :‬القسط الصدق‪.‬‬

‫ين}‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬


‫ين َل ُه الد َ‬
‫{و ْاد ُعوهُ ُم ْخلص َ‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫قال رويم‪ :‬إخالص الدعاء أن ترفع رؤيتك عن أفعالك‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬إخالص الدعاء ما خلص من اآلفات‪.‬‬

‫وقال حارث المحاسبى‪ :‬إخالص الدعاء إخراج الخلق من معاملة هللا‪.‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬اإلخالص نسيان رؤية الخلق لدوام النظر إلى الخالق‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬اإلخالص دوام المراقبة ونسيان الحظوظ كلها‪.‬‬

‫ودو َن}‪.‬‬
‫َك ْم تَ ُع ُ‬
‫{ك َما َب َدأ ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال‪ :‬أبدأ ِخلَق َة إبليس على الكفر والخالف ثم استعمله بأعمال المطيعين بين المالئكة والمقربين‪ ،‬ثم رده إلى ما ابتدأه‬
‫عليه من الخالف‪ .‬والسحرة ابتدأ َخلقهم على الهدى والموافقة واستعملهم بأعمال المخالفين وأهل الضاللة ثم ردهم إلى‬
‫ودو َن}‪.‬‬
‫َك ْم تَ ُع ُ‬
‫{ك َما َب َدأ ُ‬
‫ما ابتدأهم عليه من اإلنفاق‪ ،‬لذلك قال هللا تعالى‪َ :‬‬

‫ودو َن} ال تغيير لما أجرى عليه من األعمال‪ ،‬ألن األعمال قد توافق الخلقة أو‬
‫َك ْم تَ ُع ُ‬
‫{ك َما َب َدأ ُ‬
‫قال الحسين‪ :‬فى قوله‪َ :‬‬
‫تخالف‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 31‬الى اآلية ‪)31‬‬

‫ِ‬
‫اش َرُبوْا َوالَ تُ ْس ِرُفوْا ِإَّن ُه الَ ُيح ُّب اْل ُم ْس ِرِف َ‬
‫ين‬ ‫َي َابِني َء َاد َم ُخ ُذوْا ِز َينتَ ُك ْم ِع َند ُك ِل َم ْس ِج ٍد ُ‬
‫وكُلوْا َو ْ‬

‫{ي َابِني َء َاد َم ُخ ُذوْا ِز َينتَ ُك ْم ِع َند ُك ِل َم ْس ِج ٍد} [اآلية‪.]31 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫{ي َابِني َء َاد َم} تعيير كأنه يقول‪ :‬يا بنى التقصير والعيب‪ ،‬يرد ذلك عليهم حتى ال‬
‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬قوله َ‬
‫ينظروا إلى نفوسهم وال يلتفتوا إليها‪.‬‬

‫شيئا بعد أن جعلها هللا آلة تؤدى بها فرائض هللا‪.‬‬


‫قال جعفر‪ :‬ابعد أعضاءك عن أن تمس بها ً‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 32‬الى اآلية ‪)32‬‬

‫ام ِة‬ ‫ِ‬


‫ص ًة َي ْوَم اْلقَي َ‬
‫ِ‬ ‫آمُنوْا ِفي اْل َحَي ِاة ُّ‬
‫الد ْنَيا َخال َ‬
‫ِ َِّ ِ‬
‫الرْز ِق ُق ْل هي للذ َ‬
‫ين َ‬
‫َّللاِ َّالِتي أ ْ ِ ِ ِ ِ َّ‬
‫طِيب ِ‬
‫ات ِم َن ِ‬ ‫َخ َرَج لعَباده َواْل َ‬ ‫ُق ْل َم ْن َحَّرَم ِز َين َة َّ‬
‫صل اآلي ِ‬
‫ات لَِق ْو ٍم َي ْعَل ُمو َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َك َذل َك ُنَف ُ َ‬

‫ات ِم َن ِ‬
‫الرْز ِق} [اآلية‪.]32 :‬‬ ‫َّللاِ َّالِتي أ ْ ِ ِ ِ ِ َّ‬
‫طِيب ِ‬ ‫قوله تعالى‪ُ{ :‬ق ْل َم ْن َحَّرَم ِز َين َة َّ‬
‫َخ َرَج لعَباده َواْل َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬الزينة التى أخرج هللا لعباده هى المباحات فى البوادى والكسب الحالل فى الحضر‪ ،‬والطيبات من الرزق‬
‫هى الغنائم‪.‬‬

‫قال أبو عثمان الدمشقى‪ :‬من حرم التزين بما يبدو على األولياء من المعونات والكرامات التي أخرجها هللا لعباده‬
‫المخلصين‪ ،‬والطيبات من الرزق هى كسر الفقراء الذين يأخذونها من ضرورة َوَفاقة‪.‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 33‬الى اآلية ‪)33‬‬

‫اَّللِ َما َل ْم ُيَن ِز ْل ِب ِه ُسْل َ‬


‫طاناً‬ ‫اإل ْث َم َواْلَب ْغي ِب َغ ْي ِر اْل َح ِق َوأَن تُ ْش ِرُكوْا ِب َّ‬
‫َ‬
‫ط َن و ِ‬ ‫ش ما َ ِ‬
‫ظ َه َر م ْن َها َو َما َب َ َ‬
‫ِ‬
‫ِي اْلَف َواح َ َ‬ ‫قل ِإَّنما حَّرم رب‬
‫ُْ َ َ َ َ َ‬
‫َّللاِ َما الَ تَ ْعَل ُمو َن‬
‫َوأَن تَُقوُلوْا َعَلى َّ‬

‫ظ َه َر ِم ْن َها َو َما َب َ‬
‫ط َن} [اآلية‪.]33 :‬‬ ‫ش َما َ‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّنما حَّرم ربِي اْلَفو ِ‬
‫اح َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ‬

‫قال أبو عثمان فى كتبه إلى إخوانه‪ :‬واعلم يا أخى أن الفواحش ما أريد من الطاعات لغير وجه هللا‪.‬‬

‫قال بعضهم فى هذه اآلية‪ :‬ما ظهر من الفواحش هو الكذب والغيبة والبهتان‪ ،‬وما بطن الغل والغش والحقد والحسد‪.‬‬

‫ظ َه َر ِم ْن َها َو َما َب َ‬
‫ط َن} ما ظهر منها بتركه وما بطن محبته‪.‬‬ ‫{ما َ‬
‫وقال بعضهم‪َ :‬‬

‫َّللاِ َما الَ تَ ْعَل ُمو َن}‪.‬‬


‫{وأَن تَُقوُلوْا َعَلى َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال سهل من تكلم عن هللا بغير إذن وعلى غير سبيل الخدمة وحفظ األدب‪ ،‬فقد هتك ستره وعال طوره‪ ،‬وقد حذر هللا‬
‫َّللاِ َما الَ تَ ْعَل ُمو َن}‪.‬‬
‫{وأَن تَُقوُلوْا َعَلى َّ‬
‫عز وجل أن يقول أحد عليه ما ال يعلم فقال‪َ :‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 35‬الى اآلية ‪)35‬‬

‫ف َعَل ْي ِه ْم َوالَ ُه ْم َي ْح َزُنو َن‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َي َابِني َء َاد َم ِإ َّما َيأِْتَيَّن ُك ْم ُرُس ٌل ِم ُ‬
‫صو َن َعَل ْي ُك ْم َآياتي َف َم ِن اتَق ٰى َوأ ْ‬
‫َصَل َح َفالَ َخ ْو ٌ‬ ‫نك ْم َيُق ُّ‬

‫َّ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ف َم ِن اتَق ٰى َوأ ْ‬
‫َصَل َح} [اآلية‪.]35 :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬من اتقى فى ظاهره عن تناول الشبهات‪ ،‬وأصلح باطنه بدوام مراقبة هللا عز وجل فال خوف عليهم فى‬
‫الدنيا‪ ،‬وال حزن عليهم فى اآلخرة‪.‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 43‬الى اآلية ‪)43‬‬

‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ون َزعنا ما ِفي صد ِ ِ ِ‬


‫ورِهم م ْن غ ٍل تَ ْجرِي من تَ ْحت ِه ُم األ َْن َٰه ُر َوَقاُلوْا اْل َح ْم ُد ََّّلل الذي َه َد َانا لِ َهـٰ َذا َو َما ُكَّنا لَِن ْهتَد َي َل ْوال أ ْ‬
‫َن‬ ‫ُُ‬ ‫َ َ َْ َ‬
‫وها ِب َما ُكنتُ ْم َت ْع َمُلو َن‬ ‫ودوْا أَن ِتْل ُكم اْل َجَّن ُة أ ِ‬
‫ُورْثتُ ُم َ‬ ‫آء ْت ُرُس ُل َربَِنا ِباْل َح ِق َوُن ُ‬
‫ُ‬ ‫َّللاُ َلَق ْد َج َ‬
‫َه َد َانا َّ‬

‫ورِهم ِم ْن ِغ ٍل} [اآلية‪.]43 :‬‬


‫ص ُد ِ‬ ‫ِ‬
‫{وَن َز ْعَنا َما في ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قيل‪ :‬هو التحاسد والتباغض والتدابر الذى نهى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عنه‪.‬‬

‫قال سهل‪ :‬هو األهواء والبدع‪.‬‬

‫ورِهم‬
‫ص ُد ِ‬ ‫ِ‬
‫{وَن َز ْعَنا َما في ُ‬
‫قال بعضهم‪ :‬من تخطى بساط القرب سقط عنه رعونات النفس وحظوظ الشيطان‪ .‬قال هللا َ‬
‫ِم ْن ِغ ٍل}‪.‬‬

‫قيل فيه‪ :‬دلنا على توحيده وجعلنا فى سابق علمه على خواص عباده‪ ،‬واختار لنا أعز األديان‪.‬‬

‫ولو وكلنا إلى اختيارنا لضللنا فى أول لحظة‪.‬‬

‫طا‪ ،‬والعبد متردد فيما بينهما من قبض‬


‫قبضا فى األحوال وربما تورث بس ً‬ ‫قال بعضهم فى هذه اآلية‪ :‬رؤية الهيبة توقع ً‬
‫وبسط‪ ،‬وحال البسط أورث قوله‪{ :‬اْل َح ْم ُد ََّّللِ َّال ِذي َه َد َانا لِ َهـٰ َذا}‪.‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 46‬الى اآلية ‪)46‬‬

‫ِ‬ ‫ًّ ِ ِ‬ ‫وبينهما ِحجاب وعَلى األ ِ‬


‫اب اْل َجَّنة أَن َسالَ ٌم َعَل ْي ُك ْم َل ْم َي ْد ُخُل َ‬
‫وها َو ُه ْم‬ ‫َص َح َ‬
‫اه ْم َوَن َاد ْوْا أ ْ‬ ‫ال َي ْع ِرُفو َن ُكال بس َ‬
‫يم ُ‬ ‫َع َراف ِر َج ٌ‬
‫ْ‬ ‫َ ََْ ُ َ َ ٌ َ َ‬
‫ط َم ُعو َن‬
‫َي ْ‬

‫قوله تعالى‪{ :‬وعَلى األ ِ‬


‫َع َراف ِر َج ٌ‬
‫ال} [اآلية‪.]46 :‬‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سمعت أبا الحسن الفارسى يقول‪ :‬سمعت عباس بن عصام يقول‪ :‬سمعت سهالً يقول‪ :‬أهل المعرفة هم أصحاب‬
‫ًّ ِ ِ‬
‫اه ْم} أقامهم ليشرفهم على الدارين وأهلهما ويعرفهم الملكين‪ ،‬كما أشرفهم على‬ ‫{ي ْع ِرُفو َن ُكال بس َ‬
‫يم ُ‬ ‫األعراف قال هللا َ‬
‫أسرار العباد فى الدنيا واآلخرة وأحوالهم‪.‬‬

‫قال فارس‪ :‬وأصحاب األعراف هم الذين َع َّرفهم هللا مقام من استقطعتم عن الحق الحظوظ والمخالفات فأهل النار‬
‫قطعهم عن الحق المخالفين وأهل الجنة قطعهم عنه الحظوظ‪ ،‬وبقى أصحاب األعراف يعرفون ُكالً بسيماهم‪ ،‬وال َو ْس َم‬
‫لهم وال سيما سوى الحق‪.‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 50‬الى اآلية ‪)50‬‬

‫يضوْا َعَل ْيَنا ِم َن اْل َم ِآء أ َْو ِم َّما َرَزَق ُك ُم َّ‬


‫َّللاُ َقاُلوْا ِإ َّن َّ‬
‫َّللاَ َحَّرَم ُه َما َعَلى‬ ‫الن ِار أَصحاب اْلجَّن ِة أ ِ‬
‫اب َّ‬
‫َن أَف ُ‬
‫ْ َ َ َ ْ‬ ‫َص َح ُ‬
‫َوَن َاد ٰى أ ْ‬
‫ِ‬
‫اْل َكاف ِر َ‬
‫ين‬

‫يضوْا َعَل ْيَنا ِم َن اْل َم ِآء أ َْو ِم َّما َرَزَق ُك ُم َّ‬


‫َّللاُ} [اآلية‪.]50 :‬‬ ‫ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أَف ُ‬

‫قال بعضهم‪ :‬ماء الرحمة‪ ،‬أو مما رزقكم هللا من القربة‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬أفيضوا علينا من ماء الحياة ليحيى به‪ ،‬أو مما رزقكم هللا من النعمة لتنعم به‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 52‬الى اآلية ‪)52‬‬

‫صْلَناهُ َعَل ٰى ِعْل ٍم ُه ًدى َوَر ْح َم ًة لَِق ْو ٍم ُي ْؤ ِمُنو َن‬ ‫اهم ِب ِكتَ ٍ‬
‫اب َف َّ‬ ‫ِ‬
‫َوَلَق ْد ج ْئَن ُ ْ‬

‫كتابا فيه هدى من الضاللة ورحمة من العذاب‪ ،‬وفرق بين الولى والعدو‪ ،‬وال يعلم معانيه‬ ‫قال بعضهم‪ :‬أنزل هللا عليك ً‬
‫إال المؤمنون بمتشابهه والعاملون بأحكامه والتالون آناء الليل وآناء النهار‪ ،‬له فيه الفالح لمن طلب الفالح‪ ،‬والنجاة‬
‫صْلَناهُ} اآلية‪.‬‬ ‫اهم ِب ِكتَ ٍ‬
‫اب َف َّ‬ ‫ِ‬
‫{وَلَق ْد ج ْئَن ُ ْ‬
‫ناج‪ ،‬قال هللا تعالى َ‬
‫لمن َر َام‪ ،‬ال يهلك عليه إال هالك وال ينجو به إال ٍ‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 54‬الى اآلية ‪)54‬‬

‫طُلُب ُه َحِثيثاً و َّ‬


‫الش ْم َس‬ ‫يل ا َّلن َه َار َي ْ‬ ‫َّللا َّال ِذي َخَلق الس ٰم ٰو ِت واألَرض ِفي ِستَّ ِة أَيَّا ٍم ثُ َّم استَو ٰى عَلى اْلعر ِ ِ َّ‬ ‫ِإ َّن َرب ُ‬
‫َ‬ ‫ش ُي ْغشي ال َ‬ ‫َْ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ َ ََ َ ْ َ‬ ‫َّك ُم َّ ُ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ين‬
‫َّللاُ َر ُّب اْل َعاَلم َ‬
‫ك َّ‬‫وم ُم َس َّخ َرات ِبأ َْم ِِره أَالَ َل ُه اْل َخْل ُق َواأل َْم ُر تََب َار َ‬ ‫ُّ‬
‫َواْلَق َم َر َوالن ُج َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬أَالَ َل ُه اْل َخْل ُق َواأل َْم ُر} [اآلية‪.]54 :‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬إذا كان له فمنه وبه وإليه‪ ،‬ألن األمر صفة اآلمر‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬هلل الخلق وهو الذى أنشأهم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وله وفيهم األمر ألنه ربهم تبارك هللا رب العالمين‪ ،‬جل هللا تعالى حيث كفاهم لالشتغال ليكون شغلهم به‪ ،‬فاشتغلوا بما‬
‫هو ٍ‬
‫كاف لهم عما ال بد لهم منه‪.‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 55‬الى اآلية ‪)55‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضُّرعاً َو ُخْفَي ًة ِإَّن ُه الَ ُيح ُّب اْل ُم ْعتَد َ‬
‫ين‬ ‫َّك ْم تَ َ‬
‫ْاد ُعوْا َرب ُ‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬التضرع فى الدعاء أن ال تقدم إليه أفعالك وصالتك وصيامك وقرآنك ثم تدعو على أثره‪ ،‬إنما‬
‫التضرع أن تقدم إليه افتقارك وعجزك وضرورتك وفاقتك وقلة حيلتك‪ ،‬ثم تدعو بال غفلة وال سبب فترفع دعاءك‪ ،‬أال‬
‫ترى ما ذكر عن أبى يزيد رحمة هللا عليه أنه قال‪ :‬قيل‪ :‬لى خزائننا مملوءة من الطاعات فإن أردتها فعليك بالذلة‬
‫واالفتقار‪ ،‬وكما قال أبو حفص حين قيل له بما تُ ِ‬
‫قدم على ربك؟‬

‫قال‪ :‬وما للفقير أن ُيقدم به على الغنى سوى فقره‪.‬‬

‫{و ُخْفَي ًة} أى أخفى‬


‫ضُّرعاً َو ُخْفَي ًة} قال‪ :‬تضرًعا بذل العبودية وخلع االستطالة‪ ،‬و َ‬
‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬قوله {تَ َ‬
‫ذكرى صيانة عن غيرى‪ ،‬أال تراه يقول‪ :‬خير الذكر الخفى‪.‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 56‬الى اآلية ‪)56‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ين‬ ‫ِِ‬ ‫َّللاِ َق ِر ِ‬ ‫صالَ ِح َها َو ْاد ُعوهُ َخ ْوفاً َو َ‬
‫ط َمعاً ِإ َّن َر ْح َم َت َّ‬ ‫ِ‬ ‫والَ تُْف ِس ُدوْا ِفي األ َْر ِ‬
‫يب م َن اْل ُم ْحسن َ‬
‫ٌ‬ ‫ض َب ْع َد إ ْ‬ ‫َ‬

‫ط َمعاً} [اآلية‪.]56 :‬‬


‫{و ْاد ُعوهُ َخ ْوفاً َو َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫وطمعا فى ثوابه‪.‬‬
‫ً‬ ‫قيل‪ :‬خوًفا من عقابه‬

‫وطمعا فى قربه‪.‬‬
‫ً‬ ‫وقيل‪ :‬خوًفا من بعده‬

‫وطمعا فى إقباله‪.‬‬
‫ً‬ ‫وقيل‪ :‬خوًفا من إعراضه‬

‫وطمعا فيه‪.‬‬
‫ً‬ ‫وقيل‪ :‬خوًفا منه‬

‫ين}‪.‬‬ ‫ِِ‬ ‫َّللاِ َق ِر ِ‬


‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن َر ْح َم َت َّ‬
‫يب م َن اْل ُم ْحسن َ‬
‫ٌ‬

‫ص َّحح عقد توحيده وأحسن سياسة نفسه وأقبل على أداء فرائضه وكفى المسلمين شره‪.‬‬
‫قال بعضهم‪ :‬المحسن هو الذى َ‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 57‬الى اآلية ‪)57‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َخ َر ْجَنا ِب ِه‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ٍ ٍِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ َّ ِ َّ‬
‫اح ُب ْش اًر َب ْي َن َي َد ْي َر ْح َمته َحت ٰى إ َذآ أََقل ْت َس َحاباً ثَقاالً ُسْقَناهُ لَبَلد َّميت َفأ َْن َ ْزلَنا به اْل َم َ‬
‫آء َفأ ْ‬ ‫َو ُه َو َّال ِذي ُي ْرِس ُل ِ‬
‫الرَي َ‬
‫موتَ ٰى َل َعَّل ُك ْم تَ َذ َّك ُرو َن‬ ‫ِ ِ َّ ِ ٰ ِ‬
‫من ُكل الث َم َرات َكذل َك ُن ْخ ِرُج اْل ْ‬

‫اح ُب ْش اًر َب ْي َن َي َد ْي َر ْح َمِت ِه} [اآلية‪.]57 :‬‬ ‫{و ُه َو َّال ِذي ُي ْرِس ُل ِ‬
‫الرَي َ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫نوعا من الرحمة فريح التوبة تنشر على القلب رحمة المحبة‪ ،‬وريح الخوف تنشر رحمة‬‫قال بعضهم‪ :‬كل ريح تنشر ً‬
‫الهيبة‪ ،‬وريح الرجاء تنشر رحمة األنس‪ ،‬وريح القرب تنشر رحمة الشوق‪ ،‬وريح الشوق تنشر نيران القلق‪ ،‬و َ‬
‫الوَله قال‬
‫اح ُب ْش اًر َب ْي َن َي َد ْي َر ْح َمِت ِه}‪.‬‬ ‫{و ُه َو َّال ِذي ُي ْرِس ُل ِ‬
‫الرَي َ‬ ‫هللا تعالى‪َ :‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 58‬الى اآلية ‪)58‬‬

‫ات لَِق ْو ٍم َي ْش ُك ُرو َن‬ ‫ِ‬


‫ِه و َّال ِذي خب َث الَ ي ْخرج ِإالَّ ن ِكداً َك ٰذلِك نص ِرف اآلي ِ‬ ‫ِِ‬ ‫َّ ِ‬
‫َ َُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُُ‬ ‫َُ‬ ‫َواْلَبَل ُد الطي ُب َي ْخ ُرُج َنَباتُ ُه بإ ْذ ِن َرب َ‬
‫الطِيب يخرج نباته ِبِإ ْذ ِن رب ِ‬
‫ِه َو َّال ِذي َخُب َث الَ َي ْخ ُرُج ِإالَّ َن ِكداً} [اآلية‪.]58 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬واْلبَلد َّ‬
‫َ‬ ‫ُ َ ْ ُ ُ ََ ُ ُ‬ ‫َ َُ‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬البلد الطيب مثل قلب المؤمن النقى‪ ،‬يخرج نباته بإذن ربه‪ ،‬تظهر على الجوارح أنوار الطاعات‬
‫والزينة باإلخالص‪ ،‬والذى خبث قلب الكافر ال يظهر منه إال النكد والشؤم والظلم على الجوارح من إظهار المخالفات‪.‬‬

‫نكدا‪ُ ،‬حجب عن‬


‫وقال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬البلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه أى بتوليه‪ ،‬والذى خبث ال يخرج إال ً‬
‫ات} كذلك الشمس تحرق طوائف من النبات وتفنيها‪ ،‬وتغذى طوائف من النبات‬ ‫{ك ٰذلِك نص ِرف اآلي ِ‬
‫التجلى واللحظات َ َ ُ َ ُ َ‬
‫فتطيبها‬

‫وتنميها‪ ،‬وذلك على قدر جوهرها‪ ،‬كما أن بإرادة واحدة ظهرت المخالفات والموافقات‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال بعضهم فى قوله‪{ :‬واْلبَلد َّ‬
‫الطِي ُب َي ْخ ُرُج} قال‪ :‬طيبها يرخص أسعارها‪.‬‬ ‫َ َُ‬

‫وقال بعضهم‪ :‬بكثرة علمائها‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬بظهور الطاعات فيها‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬طيبها بدوام األمن وعدل السلطان‪.‬‬

‫وقال الجوزجانى‪ :‬البلد الطيب هو القلب يخرج نباته بإذن ربه‪ ،‬بظهور أنواع الطاعات على الجوارح‪ ،‬والذي خبث من‬
‫القلوب ال يظهر على الجوارح إال بالمخالفات‪.‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 62‬الى اآلية ‪)62‬‬

‫َّللاِ َما الَ تَ ْعَل ُمو َن‬


‫َعَل ُم ِم َن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أَُبل ُغ ُك ْم ِرَساالَت َربِي َوأ َ‬
‫َنص ُح َل ُك ْم َوأ ْ‬

‫َّللاِ َما الَ تَ ْعَل ُمو َن} [اآلية‪.]62 :‬‬


‫َعَل ُم ِم َن َّ‬
‫َنص ُح َل ُك ْم َوأ ْ‬
‫{وأ َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫َّللاِ َما الَ تَ ْعَل ُمو َن} من سعة رحمته وقبول التوبة لمن‬
‫َعَل ُم ِم َن َّ‬
‫{وأ ْ‬
‫َنص ُح َل ُك ْم}‪ :‬أدلكم على طريق رشدكم‪َ ،‬‬
‫قال بعضهم‪{ :‬أ َ‬
‫رجع إليه باإلخالص وقال شاه الكرمانى‪ :‬عالمة النصح ثالثة‪ :‬اغتنام القلب بمصائب المسلمين‪ ،‬وبذل النصح لهم‪.‬‬
‫وإرشادهم إلى مصالحهم وإن جهلوها وكرهوها‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 69‬الى اآلية ‪)69‬‬

‫آء ِمن َب ْع ِد َق ْو ِم ُنو ٍح َوَزَاد ُك ْم ِفي‬ ‫نكم لُِي ِنذ َرُكم و ُ ِ‬


‫اذك ُروْا إ ْذ َج َعَل ُك ْم ُخَلَف َ‬ ‫ْ َ‬
‫ٍ ِ‬
‫ِك ْم َعَل ٰى َر ُجل م ُ ْ‬ ‫آء ُك ْم ِذ ْكٌر ِمن َّرب ُ‬ ‫ِ‬
‫أ ََو َعج ْبتُ ْم أَن َج َ‬
‫َّللاِ َل َعَّل ُك ْم تُْفلِ ُحو َن‬
‫اآلء َّ‬ ‫اْل َخْل ِق َب ْ‬
‫ط ًة َفا ْذ ُك ُروْا َء َ‬
‫صَ‬

‫َّللاِ َل َعَّل ُك ْم تُْفلِ ُحو َن} [اآلية‪.]69 :‬‬


‫آآلء َّ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬فا ْذ ُك ُروْا َ‬

‫واألكابر تحبه على اإلثبات والربوبية ٍ‬


‫ولكل عالمة‪ ،‬فعالمة األولى‪ :‬دوام الذكر له والفرح به‪ ،‬والثانية‪ :‬االستئناس به‬
‫لرؤية ما أنفذه منه‪ ،‬والثالثة‪ :‬االشتغال به عن كل ما يقطع عنه‪.‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 64‬الى اآلية ‪)64‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ين َم َع ُه ِفي اْلُفْل ِك َوأ ْ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ‬
‫ين َكذُبوْا ِب َآياتَنآ ِإَّن ُه ْم َك ُانوْا َق ْوماً َعم َ‬
‫ين‬ ‫َغ َرْقَنا الذ َ‬ ‫َنج ْيَناهُ َوالذ َ‬
‫َف َكذُبوهُ َفأ َ‬
‫ِ‬
‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّن ُه ْم َك ُانوْا َق ْوماً َعم َ‬
‫ين} [اآلية‪.]64 :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬ضالين عن طريق الحق‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال بعضهم‪ :‬عميت أبصارهم عن النظر إلى الكون برؤية االعتبار‪ ،‬ونظرهم نظر مراد وشهوة‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬متثاقلين فى القيام إلى الطاعات‪.‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 82‬الى اآلية ‪)82‬‬

‫ِ‬ ‫َخ ِرج ِ‬ ‫ِ َّ‬


‫ط َّه ُرو َن‬ ‫وه ْم من َق ْرَيت ُك ْم ِإَّن ُه ْم أَُن ٌ‬
‫اس َيتَ َ‬ ‫اب َق ْو ِمه ِإال أَن َقاُلواْ أ ْ ُ ُ‬
‫ان َج َو َ‬
‫َو َما َك َ‬

‫وه ْم ِمن َق ْرَيِت ُك ْم} [اآلية‪.]82 :‬‬


‫َخ ِر ُج ُ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬أ ْ‬

‫قال القرشى‪ :‬عيروهم بغسل الجنابة واالستنجاء‪.‬‬

‫ط َّه ُرو َن} أى‪ :‬يخالفون ما أنتم عليه من أديانكم وملككم‪.‬‬ ‫قال بعضهم‪ِ{ :‬إَّن ُه ْم أَُن ٌ‬
‫اس َيتَ َ‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 94‬الى اآلية ‪)94‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫الضَّر ِ‬
‫آء َل َعَّل ُه ْم َي َّ‬ ‫ْس ِآء َو َّ‬ ‫َّ‬ ‫ٍ ِ‬
‫ضَّرُعو َن‬ ‫َهَل َها باْلَبأ َ‬ ‫َو َمآ أ َْرَسْلَنا ِفي َق ْرَية من َّنِب ٍي ِإال أ َ‬
‫َخ ْذَنا أ ْ ِ‬

‫الضَّر ِ‬
‫ْس ِآء َو َّ‬ ‫َّ‬ ‫ٍ ِ‬
‫آء} [اآلية‪.]94 :‬‬ ‫َهَل َها باْلَبأ َ‬ ‫{و َمآ أ َْرَسْلَنا ِفي َق ْرَية من َّنِب ٍي ِإال أ َ‬
‫َخ ْذَنا أ ْ ِ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫صب عليك أنواع البالء لترجع إليه كرًها‪ ،‬إذا أبيت‬ ‫فلما لم تجبه ولم ترجع إليه َّ‬ ‫قال بعضهم‪ :‬دعاك إلى بابه بالشفقة‪َّ ،‬‬
‫الضَّر ِ‬
‫ْس ِآء َو َّ‬ ‫َّ‬ ‫ٍ ِ‬
‫آء} اآلية‪.‬‬ ‫َهَل َها باْلَبأ َ‬ ‫{و َمآ أ َْرَسْلَنا ِفي َق ْرَية من َّنِب ٍي ِإال أ َ‬
‫َخ ْذَنا أ ْ ِ‬
‫طوعا‪ ،‬قال هللا عز وعال‪َ :‬‬
‫الرجوع إليه ً‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 96‬الى اآلية ‪)96‬‬

‫َخ ْذ َٰن ُه ْم ِب َما َك ُانوْا َي ْك ِسُبو َن‬ ‫السم ِآء واأل َْر ِ‬ ‫ٍٰ ِ‬
‫ض َوَلـ ِٰكن َك َّذُبوْا َفأ َ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫َه َل اْلُق َر ٰى َء َ‬
‫امُنوْا َواتَقوْا َلَفتَ ْحَنا َعَل ْيه ْم َب َرَكت م َن َّ َ َ‬ ‫َوَل ْو أ َّ‬
‫َن أ ْ‬

‫لنورت قلوبهم بمشاهدى وهو بركة السماء‪ ،‬وزينت جوارحهم‬ ‫قيل معناه‪ :‬لو أنهم ص َّدقوا وعدى و ْ‬
‫اتقوا مخالفتى‪َّ ،‬‬
‫بخدمتى وهو بركة األرض‪.‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 97‬الى اآلية ‪)97‬‬

‫ْسَنا َب َٰيتاً َو ُه ْم َن ِآئ ُمو َن‬ ‫ِ‬


‫َه ُل اْلُق َر ٰى أَن َيأْتَي ُه ْم َبأ ُ‬
‫ِ‬
‫أََفأَم َن أ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َه ُل اْلُق َر ٰى أَن َيأْتَي ُه ْم َبأ ُ‬
‫ْسَنا َبَياتاً} [اآلية‪.]97 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أََفأَم َن أ ْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫روى أن ابنة مالك بن دينار قالت ألبيها‪ :‬إن الناس ينامون ما لك ال تنام‪ ،‬قال إن أباك يخاف البيات‪.‬‬

‫شيئا من أفعاله‪،‬‬
‫قال النصرآباذى رحمة هللا عليه‪ :‬كيف يأمن الجانى من المكر‪ ،‬وأى جناية أكبر من جناية من يشاهد ً‬
‫هل هو إال متوثب على الرؤية ومنازع للوحدانية‪.‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 99‬الى اآلية ‪)99‬‬

‫َّللاِ ِإالَّ اْلَقوم اْلخ ِ‬


‫اس ُرو َن‬ ‫َّللاِ َفالَ َيأ َْم ُن َم ْك َر َّ‬
‫أََفأ َِمُنوْا َم ْك َر َّ‬
‫ُْ َ‬

‫َّللاِ} [اآلية‪.]99 :‬‬


‫قوله تعالى‪{ :‬أََفأ َِمُنوْا َم ْك َر َّ‬

‫مكرا؛ وأما أهل اليقظة فإنهم يخافون المكر‬


‫قال الحسين‪ :‬ال يأمن المكر إال من هو غريق فى المكر فال يرى المكر به ً‬
‫فى جميع األحوال‪ ،‬إذ السرابق جارية والعواقب خفية‪.‬‬

‫وقال‪ :‬من ال يرى المكر ً‬


‫تلبيسا كان المكر منه قر ًيبا‪.‬‬

‫يوما عند الجنيد رحمة هللا عليه فارتعدت‬


‫سمعت محمد بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا الخير الديلمى يقول‪ :‬كنت ً‬
‫فرائصه وتغير لونه وبكى وقال‪ :‬ما أخوفنى أن يأخذنى هللا فقال له بعض أصحابنا‪ :‬تتكلم فى درجات الراضين وأحوال‬
‫المشتاقين فقال له‪ :‬إياك يا أخى أن تأمن مكر هللا‪ ،‬فال يأمن مكر هللا إال القوم الخاسرون‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َّللاِ ِإالَّ اْلَقوم اْلخ ِ‬
‫اس ُرو َن}‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬ال تعتمد فضله وتنسى مكره‪ ،‬فقد قال‪َ { :‬فالَ َيأ َْم ُن َم ْك َر َّ‬
‫ُْ َ‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 105‬الى اآلية ‪)105‬‬

‫َ‬ ‫َّللاِ ِإالَّ اْل َح َّق َق ْد ِج ْئتُ ُك ْم ِبَبِيَن ٍة ِمن َّرب ُ‬


‫ِك ْم َفأ َْرِس ْل َم ِعي َبِني ِإ ْس َرِائي َل‬ ‫حِقيق عَلى أ َّ‬
‫َن ال أَُق َ‬
‫ول َعَلى َّ‬ ‫َ ٌ َ ٰ ْ‬

‫َّللاِ ِإالَّ اْل َح َّق} [اآلية‪.]105 :‬‬


‫ول َعَلى َّ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬حِقيق عَلى أ َّ‬
‫َن ال أَُق َ‬
‫ْ‬ ‫َ ٌ َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬من تحقق بالحق فإنه ال يقول على الحق إال ما يليق بالحق‪.‬‬

‫قال الخراز‪ :‬سبيل الواصلين إلى هللا أن ال يتكلموا إال عن الحق‪ ،‬وال يسمعوا إال من الحق وال ينطقوا إال بحق‪ ،‬فإن‬

‫حقائق الحق إذا استولت على أسرار المحقين أسقطت عنهم ما سوى الحق‪ ،‬وال يبلغ أحد من هذه الدرجات ً‬
‫شيئا حتى‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ هللا أعلم‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫فحينئذ يبقى وال وقت له وال حال‪،‬‬ ‫يستوفى الحق أوقاته عليه ومنه‪،‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 114‬الى اآلية ‪)114‬‬

‫ِ‬
‫ال َن َع ْم َوإَِّن ُك ْم َلم َن اْل ُمَقَّرب َ‬
‫ِين‬ ‫َق َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ‬
‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّن ُك ْم َلم َن اْل ُمَقَّرب َ‬
‫ِين} [اآلية‪.]114 :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬دعا فرعون السحرة إلى القرب منه‪ ،‬وجرى لهم فى األزل إلى منازل القرب من الحق قال فرعون‪" :‬إنكم‬
‫لمن المقربين"‪ .‬فقربوا إلى منازل األبرار وبعدوا من قرب األشقياء‪.‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 118‬الى اآلية ‪)118‬‬

‫ط َل َما َك ُانوْا َي ْع َمُلو َن‬


‫َف َوَق َع اْل َح ُّق َوَب َ‬

‫سببا لنجاتهم فقال‪َ{ :‬ف َوَق َع اْل َح ُّق}‬


‫قال السوسى‪ :‬أظهر الحق لطيفة من صنعة فى خشبة عجز السحرة عنها وجعلها ً‬
‫ط َل َما َك ُانوْا َي ْع َمُلو َن} من األباطيل‪.‬‬
‫{وَب َ‬ ‫ٍ‬
‫أى بإظهار القدرة فى جهاد َ‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 120‬الى اآلية ‪)120‬‬

‫ِ‬ ‫َوأُْلِق َي َّ‬


‫الس َح َرةُ َسا ِجد َ‬
‫ين‬

‫قال الواسطى‪ :‬أدركتهم سابقة ما جرى لهم فى األزل من السعادة‪ ،‬فأظهر منهم السجود‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ‬
‫آمَّنا ِب َر ِب اْل َعاَلم َ‬
‫ين} [اآلية‪:‬‬ ‫شكر و {َقاُلوْا َ‬
‫وقال جعفر‪ :‬وجدوا نسيم رياح العناية القديمة بهم‪ ،‬فالتجؤوا إلى السجود ًا‬
‫‪.]121‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 124‬الى اآلية ‪)124‬‬

‫ين‬ ‫ألَُق ِطع َّن أَي ِدي ُكم وأَرجَل ُكم ِمن ِخالَ ٍ‬
‫ف ثُ َّم ألُصلِبَّن ُكم أ ِ‬
‫َج َمع َ‬
‫َ َ ْ ْ‬ ‫َ ْ َ ْ َُْ ْ ْ‬
‫قوله عز اسمه {ألَُق ِطع َّن أَي ِدي ُكم وأَرجَل ُكم ِمن ِخالَ ٍ‬
‫ف} [اآلية‪.]124 :‬‬ ‫َ ْ َ ْ َُْ ْ ْ‬

‫قال سمنون‪ :‬يحمل الهياكل من الباليا على المشاهدة ما ال تحمله فى حال الغيبة‪ ،‬أال ترى كيف لم ِ‬
‫يبال سحرة فرعون‬
‫بما هددهم من قوله {ألَُق ِطع َّن أَي ِدي ُكم وأَرجَل ُكم ِمن ِخالَ ٍ‬
‫ف}‪.‬‬ ‫َ ْ َ ْ َُْ ْ ْ‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 128‬الى اآلية ‪)128‬‬

‫ِ ِ ِ‬
‫آء م ْن عَباده َواْل َعاقَب ُة لْل ُمتَّق َ‬
‫ين‬ ‫صِب ُروْا ِإ َّن األ َْر َ ِ ِ ِ‬
‫ورثُها من ي َش ِ ِ ِ ِ‬ ‫َقال موسى لَِقو ِم ِه است ِعينوا ِب َّ ِ‬
‫ض ََّّلل ُي َ َ َ ُ‬ ‫اَّلل َوا ْ‬ ‫َْ ُ‬ ‫َ ُ َٰ ْ‬

‫اصِب ُروْا} [اآلية‪.]128 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬قال موسى لَِقو ِم ِه است ِعينوا ِب َّ ِ‬
‫اَّلل َو ْ‬ ‫َْ ُ‬ ‫َ ُ َٰ ْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال أبو عثمان‪ :‬من استعان باهلل فى أموره وصبر على ما ال يلحقه فى مسالك االستعانة؛ أتى الفرج من هللا‪ ،‬قال هللا‬
‫اصِب ُروْا}‪.‬‬ ‫تعالى‪{ :‬است ِعينوا ِب َّ ِ‬
‫اَّلل َو ْ‬ ‫َْ ُ‬

‫قال سهل‪ :‬أمروا أن يستعينوا باهلل على أمر هللا‪ ،‬وأن يصبروا على آداب هللا‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬قال موسى لقومه استعينوا باهلل على مصائبكم واصبروا إن األرض هلل يورثها من يشاء من عباده‪ .‬فقيل‬
‫له‪ :‬ما لك [ولدار تعز الظالمين] فعن قريب تراها خالية من الفاسقين‪.‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 129‬الى اآلية ‪)129‬‬

‫ُّكم أَن ُي ْهلِ َك َع ُدَّوُكم وَي ْستَ ْخلَِف ُكم ِفي األ َْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ف‬
‫ظ َر َك ْي َ‬
‫ض َفَين ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َقاُلوْا أُوذ َينا من َقْبل أَن تَأْت َينا َو ِمن َب ْعد َما ج ْئتََنا َق َ‬
‫ال َع َس ٰى َرب ُ ْ‬
‫تَ ْع َمُلو َن‬

‫ُّكم أَن ُي ْهلِ َك َع ُدَّوُكم وَي ْستَ ْخلَِف ُكم ِفي األ َْر ِ‬
‫ض} [اآلية‪.]129 :‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫{ع َس ٰى َرب ُ ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم فى هذه اآلية‪ :‬أعدى ٍ‬


‫عدو لك نفسك‪ ،‬عسى أن يمكنك هللا من قيادها ويفنى عنها أهواءها ومراداتها‬
‫أمير‬
‫الباطلة‪ ،‬ويجعلك خليفة على جوارحك وقلبك ًا‬

‫عليها فتقهر النفس بما فيها وتستولى عليها وعلى مخالفتها‪ ،‬فينظر كيف تعملون‪ :‬كيف معرفتك بشكر ما أنعم عليك‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 130‬الى اآلية ‪)130‬‬

‫ص ِمن الثَّمر ِ‬
‫ات َل َعَّل ُه ْم َي َّذ َّك ُرو َن‬ ‫ين وَنْق ٍ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫َخ ْذَنآ ِ‬
‫ََ‬ ‫آل ف ْرَعو َن بالسن َ َ‬
‫َ‬ ‫َوَلَق ْد أ َ‬
‫ِِ‬ ‫َخ ْذَنآ ِ‬
‫آل ف ْرَعو َن ِبالسن َ‬
‫ين} [اآلية‪.]130 :‬‬ ‫َ‬ ‫{وَلَق ْد أ َ‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫وتماديا‪.‬‬
‫ً‬ ‫طغيانا‬
‫ً‬ ‫قال ذكرناهم النعم وأخذناهم بالمحن لعلهم يرجعون إلينا‪ ،‬فأبوا إال‬

‫رأيت فى كتاب عبد هللا الرازى بخطه‪ ،‬سمعت محمد بن الفضل يقول‪ :‬أذل رياضة يروض اإلنسان بها نفسه الجوع‪،‬‬
‫ِِ‬ ‫َخ ْذَنآ ِ‬
‫آل ف ْرَعو َن ِبالسن َ‬
‫ين} وأعز رياضة يروض بها اإلنسان نفسه التقوى‪،‬‬ ‫َ‬ ‫{وَلَق ْد أ َ‬
‫ألن هللا تعالى أخذ األعداء بذلك فقال‪َ :‬‬
‫ألن هللا يقول (فإيَّاى فاتقون)‪.‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 134‬الى اآلية ‪)134‬‬

‫ك َلِئن َك َشْف َت َعَّنا ال ِر ْج َز َلُن ْؤ ِمَن َّن َل َك َوَلُن ْرِسَل َّن َم َع َك َبِني‬ ‫ِ‬
‫َّك ِب َما َع ِه َد ع َند َ‬
‫وس ٰى ْادعُ َلَنا َرب َ‬
‫ٰم َ‬ ‫َوَل َّما َوَق َع َعَل ْي ِهم ِ‬
‫الر ْج ُز َقاُلوْا ي ُ‬ ‫ُ‬
‫يل‬ ‫ِ ِ‬
‫إ ْس َرآئ َ‬

‫ك َلِئن َك َشْف َت} [اآلية‪.]134 :‬‬ ‫ِ‬


‫َّك ِب َما َع ِه َد ع َند َ‬
‫وس ٰى ْادعُ َلَنا َرب َ‬
‫ٰم َ‬ ‫{وَل َّما َوَق َع َعَل ْي ِهم ِ‬
‫الر ْج ُز َقاُلوْا ي ُ‬ ‫ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال القاسم‪ :‬من لم يراع أسرار األولياء فى األوقات‪ ،‬ال ينفعه اللجأ إليهم فى أوقات البالء‪ ،‬أال ترى كيف لم يؤثر على‬
‫أصحاب فرعون اللجأ إلى موسى فى اعتقاد المخالفة‪ ،‬قال هللا { َف ْانتََق ْمَنا ِم ْن ُه ْم}‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 137‬الى اآلية ‪)137‬‬

‫ِك اْل ُح ْسَن ٰى َعَل ٰى َبِني‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َِّ‬ ‫ِق األ َْر ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ض َو َم َغ ِارَب َها التي َب َارْكَنا ف َ‬
‫يها َوَت َّم ْت َكل َم ُة َرب َ‬ ‫ض َعُفو َن َم َشار َ‬‫ين َك ُانوْا ُي ْستَ ْ‬‫َوأ َْوَرْثَنا اْلَق ْوَم الذ َ‬
‫صَن ُع ِف ْرَع ْو ُن َوَق ْو ُم ُه َو َما َك ُانوْا َي ْع ِرُشو َن‬ ‫ِإس َرِآئ ِ‬
‫ان َي ْ‬
‫صَب ُروْا َوَد َّم ْرَنا َما َك َ‬ ‫يل ب َما َ‬
‫ْ َ‬

‫صَب ُروْا} [اآلية‪.]137 :‬‬ ‫ِك اْل ُحسَن ٰى َعَل ٰى َبِني ِإس َرِآئ ِ‬ ‫ِ‬
‫يل ب َما َ‬
‫ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫{وتَ َّم ْت َكل َم ُة َرب َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫ِك} قال‪ :‬طلبوا تمام الكلمة بوجود‬ ‫ِ‬


‫{وتَ َّم ْت َكل َم ُة َرب َ‬
‫قال الجنيد‪ :‬رحمة هللا عليه فى كتاب "مراتب أهل الصبر" فى قوله‪َ :‬‬
‫النعمة والمواظبة على الصبر واستشعروا التشبث بحبائل الوفاء عند من أبالهم‪ ،‬لتتم عليهم كلمة ربك الحسنى بجميل‬
‫الثناء على الصبر التى ضمن لهم إتمامها بالوفاء‪.‬‬

‫قال أبو سعيد‪ :‬طلبوا إتمام النعمة بالمواظبة على الصبر‪ ،‬واستشعروا وعده الذى وعد لهم إتمامه عند القيام بما لزمهم‬
‫من شرائط الصبر‪.‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 140‬الى اآلية ‪)140‬‬

‫ين‬ ‫ِ‬
‫ضَل ُك ْم َعَلى اْل َعاَلم َ‬ ‫َّللاِ أ َْب ِغ ُ‬
‫يك ْم ِإَلـٰهاً َو ُه َو َف َّ‬ ‫َغ ْي َر َّ‬
‫ال أ َ‬
‫َق َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َّللاِ أ َْب ِغ ُ‬
‫يك ْم ِإَلـٰهاً} [اآلية‪.]140 :‬‬ ‫َغ ْي َر َّ‬
‫ال أ َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ق َ‬

‫رض بمجارى المقدور عليه ولم يستقبل نعمة هللا بالشكر وبالءه بالصبر فقد كفر بنعم هللا عنده‪.‬‬
‫قال بعضهم‪ :‬من لم ي َ‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬أتطلب ربا غيره وهو فضلك على ما سواك من جميع ذوات األرواح والجماد فتذل وتخضع لغيره‪ ،‬وهو‬
‫فضلك عليه‪ُ ،‬ذ َّل لمن ال ُيذل من يذل له‪ ،‬تستوى معه وتنل به األوفر من العز‪.‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 142‬الى اآلية ‪)142‬‬

‫اخُلْفِني ِفي َق ْو ِمي‬ ‫ِه أَرب ِعين َليَل ًة وَقال موسى أل ِ ِ‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َخيه َه ُارو َن ْ‬ ‫ات َرب ْ َ َ ْ َ َ ُ َ ٰ‬ ‫اها ِب َع ْش ٍر َفتَ َّم ميَق ُ‬
‫ين َلْيَل ًة َوأ َْت َم ْمَن َ‬
‫وس ٰى ثَالَث َ‬
‫اع ْدَنا ُم َ‬‫َوَو َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وأ ِ‬
‫ين‬
‫يل اْل ُمْفسد َ‬ ‫َصل ْح َوالَ تَتَّب ْع َسب َ‬
‫َ ْ‬

‫اها ِب َع ْش ٍر} [اآلية‪.]142 :‬‬ ‫ِ‬


‫ين َلْيَل ًة َوأ َْت َم ْمَن َ‬
‫وس ٰى ثَالَث َ‬
‫اع ْدَنا ُم َ‬
‫{وَو َ‬
‫قوله عز اسمه‪َ :‬‬

‫يوما حين أراد أن يكلم ربه‪ ،‬وجاع فى نصف يوم حين أراد أن‬‫قيل ألبى بكر بن طاهر‪ :‬ما بال موسى لم َيجع أربعين ً‬
‫آءَنا} [الكهف‪ ]62 :‬اآلية قال‪ :‬ألنه فى األول أنساه هيبة الوقوف الذى ينتظره الشراب‬ ‫ِ‬
‫يلقى الخضر فقال‪{ :‬آتَنا َغ َد َ‬
‫والطعام‪ ،‬والثانى كان سفر التأديب فزاد البالء على البالء حتى جاع فى أقل من نصف يوم‪ ،‬واألول كان أوقات‬
‫الكرامة‪.‬‬

‫قال جعفر‪ :‬كان وعده ثالثين ليلة فالتزم على ميعاد ربه وانتهى األجل لقدومه فأخرجه عن حده ورسمه‪ ،‬وأكرم موسى‬
‫بكالمه وبان عليه شرفه خارًجا عن رسوم البشرية حتى سمع ما سمع من ربه من غير نفسه وعلمه وغير وقته الذى‬
‫وقته لقومه‪ ،‬دليالً بذلك أن منار الربوبية خارج عن رسوم البشرية‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وسمعنا بعض المتأخرين يقول فى هذه اآلية‪ :‬مواعيد األحبة وإن أخلفت بها فإنها ُيؤنس بها‪.‬‬

‫وأنشد على أثره‪:‬‬

‫وعدين ــى وال تَِف ـ ــى‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أمطليـن ــى َوسوفـ ــى‬

‫اخُلْفِني ِفي َق ْو ِمي} [اآلية‪.]142 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وَقال موسى أل ِ ِ‬


‫َخيه َه ُارو َن ْ‬ ‫َ َ ُ َٰ‬

‫{اخُلْفِني ِفي َق ْو ِمي} قال‪ :‬لم يزل األنبياء واألولياء خلف يخلفهم فيمن بعدهم من أمتهم‬
‫قال محمد بن حامد فى قوله‪ْ :‬‬
‫وأصحابهم‪ ،‬يكون هديهم على هديه‪ ،‬يحفظون على أمتهم ما يضعونه من سنتهم وأن أبا بكر الصديق رضى هللا عنه‬
‫كان هو القائم بهذا المقام بعد النبى صلى هللا عليه وسلم ولو لم يقم هو؛ لذهبت سنن منها محاربة أهل الردة وغير‬
‫ذلك‪.‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 143‬الى اآلية ‪)143‬‬

‫ِ ِ‬ ‫ظ ْر ِإَل ْي َك َقال َلن تَ َرِاني وَلـ ِٰك ِن ْان ُ ِ‬ ‫َر ِب أ ِِ‬ ‫َّ‬ ‫ِِ ِ‬
‫ظ ْر إَلى اْل َجَبل َفإ ِن ْ‬
‫استََقَّر َم َك َان ُه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َرني أَن ُ‬ ‫ال‬‫ُّه َق َ‬‫وس ٰى لميَقاتَنا َوَكل َم ُه َرب ُ‬ ‫آء ُم َ‬‫َوَل َّما َج َ‬
‫ِ‬ ‫دكاً وخَّر موسى ِ‬ ‫ُّه لِْل َجَب ِل َج َعَل ُه‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫ال ُس ْب َحاَن َك تُْب ُت ِإَل ْي َك َوأََن ْا أََّو ُل اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين‬ ‫صعقاً َفَل َّمآ أََف َ‬
‫اق َق َ‬ ‫َٰ َ‬ ‫َ ََ‬ ‫ف تَ َراني َفَل َّما تَ َجل ٰى َرب ُ‬
‫َف َس ْو َ‬

‫ُّه} [اآلية‪.]143 :‬‬ ‫َّ‬ ‫ِِ ِ‬


‫وس ٰى لميَقاتَنا َوَكل َم ُه َرب ُ‬
‫آء ُم َ‬
‫{وَل َّما َج َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال أبو سعيد‪ :‬من َغ َيرِة هللا تعالى أنه لم يكلم موسى إال فى جوف الليل‪ ،‬وغيَّبه عن كل ذى حسب حتى لم يحضر‬
‫كالمه معه أحد سواه‪ ،‬وكذلك محادثته مع األنبياء‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال القرشى‪ :‬إنما كلم هللا موسى بإيَّاه‪ ،‬ولو كلمه على حد العظمة لذاب وصار ال شىء‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬لما غاب موسى عن أنفاسه وحركاته وقام مقام االنفراد مع هللا ناداه { ِإِني أََنا َّ‬
‫َّللاُ }‬
‫[القصص‪.]30 :‬‬

‫وس ٰى لِ ِميَق ِاتَنا} قال‪ :‬الميقات طلب الرؤية‪.‬‬


‫آء ُم َ‬
‫{وَل َّما َج َ‬
‫قال جعفر فى قوله‪َ :‬‬

‫وكلمه من نفسه موسى وعبوديته فغاب موسى عن‬ ‫وقال جعفر‪ :‬سمع كالمه خارجا عن بشريته وأضاف الكالم إليه‪َّ ،‬‬
‫ً‬
‫نفسه وفنى عن صفاته‪َّ ،‬‬
‫وكلمه ربه من حقائق معانيه‪ ،‬فسمع موسى صلى هللا عليه وسلم من ربه ومحمد صلى هللا‬
‫عليه وسلم سمع من ربه صفة ربه‪ ،‬وكان أحمد المحمودين عند ربه‪ ،‬ومن هذا كان مقام محمد صلى هللا عليه وسلم‬
‫المنتهى‪ ،‬ومقام موسى عليه السالم الطور‪ ،‬ومنذ كلم هللا موسى على الطور أفنى صفته‪ ،‬فلم يظهر فيه النبات وال‬
‫تمكين ٍ‬
‫ألحد‬

‫عليه‪.‬‬

‫وس ٰى لِ ِميَق ِاتَنا} قال‪ :‬أزال عنه التوقيف والترتيب‪ ،‬وجاء إلى هللا على ما دعاه إليه‬
‫آء ُم َ‬
‫{وَل َّما َج َ‬
‫وقال الحسين فى قوله‪َ :‬‬
‫وأراده له وأخذه عليه وأوجده منه وأظهره عليه‪ ،‬ببذل الجهد والطاقات وركوب الصعب والمشقات‪ ،‬فلما لم تبق عليه‬
‫باقية بها يمتنع‪ ،‬أقيم مقام المواجهة والمخاطبة وأطلق مصطنعة لسانه بالمراجعة والمطالبة‪ ،‬أما سمعت قوله قبل هذه‬
‫الحال طالبا منه لما طولع بحال الربوبية وكوشف بمقام اإللهية سائالً حل ٍ‬
‫عقدة من لسانه ليكون ‪ -‬إذا كان ذلك ‪-‬‬ ‫ً‬
‫مالكا لنطقه وبيانه‪.‬‬
‫ً‬

‫وقيل‪ :‬فسأل ربه شرح صدره ثم نظر إلى أليق األحوال‪ ،‬وإذا هو تيسير أمره فسأل ذلك على التمام لتترقى به حاله إلى‬
‫ٍ‬
‫حينئذ صلح للمجئ إلى هللا‬ ‫أرفع المقام وهو المجئ إلى هللا باهلل‪ ،‬لما علم أن من وصل إليه لم تعترض عليه عارضة‪،‬‬
‫وحده بال شريك وال نظير وكان ممن َوَّفى المواقيت حقها‪ ،‬غابت عنه األحوال فلم يرها وذهبت عن عينه وحضوره‪،‬‬
‫وس ٰى } [طه‪ ]36 :‬فهذا حال المجئ‬ ‫وما عداها إال ما كان للحق منه ومعه حتى تحقق بقوله { َق ْد أُوِت َ‬
‫يت ُس ْؤَل َك ٰي ُم َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫مكلما بالسر والسفرة والوسائط‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ِِ ِ‬
‫ُّه} تفرد بكالمه ألنه كان قبل ذلك ً‬
‫وس ٰى لميَقاتَنا َوَكل َم ُه َرب ُ‬
‫آء ُم َ‬
‫{وَل َّما َج َ‬
‫وهذا معنى قوله َ‬
‫مكلما على الكشف‪ ،‬وغيَّبه عن كل عين رائية‬
‫فلما رقى هللا به إلى المقام لألجل وحققه بالحال األعظم األرفع‪ ،‬خاطبه ً‬
‫الم َكَّلم‪ ،‬وأفرد هللا عبده‬ ‫ِ‬
‫الم َكلم و ُ‬
‫ومرئية وكل صورة مكونة ومنشئة إال ما كان من ُ‬

‫خطابا ال كالمخاطبات ومناج منه وله عند ذلك طلب ال كالمطالبات‪ ،‬واقتضى من هللا ما لم‬
‫ً‬ ‫بالشرف األعظم فسمع‬
‫تكن قبل يقتضيه‪ ،‬فلذلك سأل النظر إليه إذ رجع إلى حقيقته فرأى هللا فى كل منظور ومبصر‪ ،‬فلما تحققت له هذه‬
‫ظ ْر ِإَل ْي َك} فإنى فى كل مرادى راجع إليك‪ ،‬أى أرنى ما شئت فلست أرى غيرك‬ ‫ال َر ِب أ ِِ‬
‫َرني أَن ُ‬ ‫األحوال { َق َ‬

‫مقابلى‪ ،‬إذ تحققت بما حققتنى به إنك غير مزايلى ألم يدلك على ذلك خطابه ورجوعه إليك إذ ذاك جوابه أرنى فإليك‬
‫أنظر وأحضر ما شئت فلست غيرك أحضر بعد أن تحققت منك ٍ‬
‫بحال توجب لى منك ذاك‪ ،‬وحق لمن تحقق بهذا‬
‫وتمكن فيه أن ينفرد بسؤال ال تشاركه فيه الخليقة‪.‬‬

‫ال َلن تََرِاني َوَلـ ِٰك ِن ْان ُ‬


‫ظ ْر ِإَلى اْل َجَب ِل} [اآلية‪.]143 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬قال َر ِب أ َِرِني أَن ُ ِ‬
‫ظ ْر إَل ْي َك َق َ‬ ‫َ‬

‫منظرا‪ ،‬فإن ثبت لرؤيتى ثبت وال يحملنى وال يصبر لمشاهدتى شىء‬
‫ً‬ ‫جسدا وأعظم منك خلًقا وأهيب منك‬‫فهو أشد منك ً‬
‫إال قلوب العارفين التى زينتها بمعرفتى وأيدتها بأنوار كرامتى وقدستها بنظرى ونورتها بنورى‪ ،‬فإن حملنى شىء وصبر‬
‫لمشاهدتى فتلك القلوب دون غيرها‪ ،‬لذلك قال المصطفى صلى هللا عليه وسلم‪ " :‬حجابه النور لو كشفه ألحرقت‬
‫سبحات وجهه كل شىء أدركه بصره‬

‫‪".‬‬

‫ثم إذا حملتنى تلك القلوب وصبت لمشاهدتى فأنا حاملى ال غير‪ ،‬إذ بى حملنى وبإياى صبر لمشاهدتى‪ ،‬فال مشاهدة‬
‫للحق سواه َج َّل ربنا وتعالى‪.‬‬

‫قال ابن عطاء فى قوله‪َ{ :‬لن تَ َرِاني َوَلـ ِٰك ِن ْان ُ‬


‫ظ ْر ِإَلى اْل َجَب ِل}‪ :‬شغله بالجبل ثم تجلى‪ ،‬ولو لم يشغله بالجبل لمات وقت‬
‫التجلى‪.‬‬

‫{وَلـ ِٰك ِن}‪.‬‬ ‫وقال الحسين قوله لموسى {َلن تَرِاني}‪ :‬لو تركه على ذلك لتقطع شوًقا إليه‪ ،‬ولكنه َّ‬
‫نه بقوله‪َ :‬‬
‫سك ُ‬ ‫َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫أيضا فى هذه اآلية‪ :‬انبسط على ربه فى معانى الرؤية لما كان يرجع منه إلى شىء سواه‪.‬‬
‫وقال ً‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪َ{ :‬لن تَ َرِاني}‪ :‬إلى وقت وال على األبد‪.‬‬

‫غائبا عن طبع البشرية‪ ،‬حتى استطاع المقام فى وقت الكالم والمفاجأة‪ ،‬فلما وجد حالوة كالمه‬
‫وقال‪ :‬كان موسى ً‬
‫غائبا عن الحال كذلك‪.‬‬
‫طلب الكشف فى الحال ً‬

‫قال يحيى بن معاذ‪ :‬وعد نعمك يشير إلى وفاء كرمك‪.‬‬

‫وقال جعفر‪ :‬انبسط إلى ربه فى معنى رؤيته ألنه رأى جمال كالمه على قلبه فيه‪ ،‬فانبسط إليه فقال له {َلن تََرِاني} أى‬
‫لفان إلى باق؟ ولكن انظر إلى الجبل أوقع على الجبل علم االطالع‬ ‫ال تقدر أن ترانى‪ ،‬ألنك أنت الفانى فكيف السبيل ٍ‬
‫دكا متفرًقا‪ ،‬زال الجبل من ذكر اطالع ربه‪ ،‬وصعق موسى من رؤية تدكدك الجبل فكيف له برؤية‬
‫فصار ً‬

‫فان‪ ،‬ورؤية العبد لربه والعبد بربه ٍ‬


‫باق ثم قال ثالث من يلتمس العبيد إلى ربهم‬ ‫عيانا‪ ،‬معاينة رؤية هللا لعبده والعبد ٍ‬
‫ربه ً‬
‫محال‪ :‬التجلى والوصلة والمعرفة‪ ،‬فال عين تراه فى الدنيا‪ ،‬وال قلب يصل إليه‪ ،‬وال عقل يعرفه ألن أصل المعرفة من‬
‫الفطرة‪ ،‬وأصل المواصلة من المسافة‪ ،‬وأصل المشاهدة من المباينة‪.‬‬

‫وقال جعفر فى قوله‪َ{ :‬لن تَ َرِاني َوَلـ ِٰك ِن ْان ُ‬


‫ظ ْر ِإَلى اْل َجَب ِل}‪ :‬شغله بالجبل ثم تجلى ولوال ما كان من اشتغاله بالجبل؛‬
‫لمات موسى صعًقا بال إفاقة‪.‬‬

‫ُّه لِْل َجَب ِل َج َعَل ُه َدكاً} [اآلية‪.]143 :‬‬ ‫َّ‬


‫قوله تعالى‪َ{ :‬فَل َّما تَ َجل ٰى َرب ُ‬

‫اماع كأن لم يكن قط‪ ،‬وال عجب لهيبة ما ورد عليه‪.‬‬


‫{ج َعَل ُه َدكاً} قال‪َّ :‬‬
‫قال الواسطى رحمة هللا عليه فى قوله َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال أبو سعيد القرشى‪ :‬الكرم والجمال يبقيان واإلجالل والهيبة يفنيان‪ ،‬كما أن هللا َّ‬
‫كلم موسى بصفة الهيبة‪ ،‬تجلى‬
‫وخر موسى صعًقا‪ ،‬وكان آخر عهده بالنسيان ولم يتهيأ ٍ‬
‫ألحد أن ينظر إلى وجهه‪.‬‬ ‫دكا َّ‬
‫للجبل فصار الجبل ً‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬وصل إلى الخلق من صفاته ونعوته على مقاديرهم ال كليَّة الصفات‪ ،‬كما أن التجلى لم‬
‫يكن بكلية الذات‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬ينال الكون من صفاته ونعوته على قدر احتمالهم‪.‬‬

‫ُّه لِْل َجَب ِل}‪.‬‬ ‫َّ‬


‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬قالوا لن يغيب التجلى وهللا يقول‪َ{ :‬فَل َّما تَ َجل ٰى َرب ُ‬

‫وقال النبى صلى هللا عليه وسلم‪ " :‬إن هللا إذا تجلى لشىء خشع له‬

‫‪".‬‬

‫قلت‪ :‬ذلك على التعارف ومقادير الطاقات أليس يستحيل أن يقال‪ :‬تجلى الهواء لذرة واحدة‪ ،‬لو احتجب لساواها ولو‬
‫أجل من أن يخفى ويستتر وأعز من أن يرى‪ ،‬ويتجلى إلى وقت الميعاد تنزه عن أن تقع عليه‬
‫تجلى لقاريها وهو َّ‬
‫لإللحاظ بمعانيها‪ ،‬أو يقع تحت‬

‫األلسنة بأمانيها‪.‬‬

‫َّ‬
‫دكا ال‬ ‫قال‪ :‬وجرى بين الجنيد رحمة هللا عليه ذكر قوله تعالى‪َ{ :‬فَل َّما تَ َجل ٰى َرب ُ‬
‫ُّه} اآلية فصاح وقال‪ :‬بالجعل صار ً‬
‫بالتجلى‪ ،‬ولو وقع عليه آثار التجلى ألفناه‪ ،‬فكيف التجلى‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬انفرد موسى بالتجلى لما صعق كأنه لما سأل الرؤية قيل له‪ :‬أنت ال ترانا ببشريتك فقال‪ :‬أفننى عنى‬
‫وعن بشريتى فأفناه‪ ،‬وانفرد الحق بذاته فتجلى لموسى فى حال صعقته‪ ،‬ألنه كان معه قائ ًما بالمحبة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال هللا تعالى‪َ { :‬وأَْلَق ْي ُت َعَل ْي َك َم َحَّب ًة ِمِني } [طه‪.]39 :‬‬

‫فأفناه حتى رآه ثم رده إلى صفاته‪.‬‬

‫{س ْب َح َان َك تُْب ُت ِإَل ْي َك}‪.‬‬


‫قوله تعالى‪ُ :‬‬

‫ظا لى‪ ،‬إذ ال يحيط بك أحد وال يشهدك غيرك‪.‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬تبت أن أسألك ح ً‬

‫{س ْب َح َان َك تُْب ُت ِإَل ْي َك} اآلية‪.‬‬


‫ُ‬

‫قال ابن خفيف‪ :‬لما قال‪ :‬إن استقر مكانه فسوف ترانى‪ .‬قال‪ :‬تبت إليك من أن ال أصدقك بكل ما ورد منك وال‬
‫ظ ْر ِإَلى اْل َجَب ِل} فالتوبة‬ ‫ال َلن تَ َرِاني} لم يكفه هذا حتى قال‪ْ :‬‬
‫{ان ُ‬ ‫َرني أَن ُ ِ‬
‫ظ ْر إَل ْي َك َق َ‬ ‫أطالب بالعالقات‪ ،‬وذلك كما قال‪{ :‬أ ِِ‬
‫من هذا‪.‬‬

‫{س ْب َح َان َك تُْب ُت ِإَل ْي َك}‪.‬‬


‫ممتنعا من االستغراق‪ ،‬أال ترى إلى قول موسى ُ‬
‫ً‬ ‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬لم يزل المقصود‬

‫{س ْب َح َان َك تُْب ُت ِإَل ْي َك} قال‪ :‬نزه ربه واعترف إليه‪ ،‬بالعجز وتب أر من عقله‪{ ،‬تُْب ُت ِإَل ْي َك} رجعت إليك‬
‫قال جعفر فى قوله‪ُ :‬‬
‫ِ‬
‫ين} إنك ال ترى فى الدنيا وإنما‬ ‫{وأََن ْا أََّو ُل اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫من نفسى‪ ،‬فال أميل إلى علمى‪ ،‬فالعلم ما علمتنى والعقل ما أكرمتنى َ‬
‫جوز الكالم ولم تجوز الرؤية‪ ،‬ألن الرؤية اإلشراف على الذات والكالم صفة من الصفات‪ ،‬والصفات سمات إلى عباده‬
‫طو َن ِب ِه ِعْلماً } [طه‪.]110 :‬‬ ‫ولهم إلى ذلك سبيل‪ ،‬وال سبيل ٍ‬
‫ألحد من خلقه إلى ذاته قال هللا تعالى‪َ { :‬والَ ُي ِحي ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 144‬الى اآلية ‪)144‬‬

‫الشاك ِر َ‬
‫ين‬ ‫َ ْ َ َ ْ َ‬ ‫اس ِب ِرَساالَِتي َوب َِك َ‬
‫ال ِمي َف ُخ ْذ مآ آتَيتُك وُكن ِمن َّ ِ‬ ‫الن ِ‬
‫طَف ْيتُ َك َعَلى َّ‬
‫اص َ‬ ‫ِِ‬
‫وس ٰى إني ْ‬
‫ٰم َ‬
‫ال ي ُ‬
‫َق َ‬

‫اس ِب ِرَساالَِتي َوب َِك َ‬


‫ال ِمي َف ُخ ْذ َمآ آتَْيتُ َك} [اآلية‪.]144 :‬‬ ‫الن ِ‬
‫طَف ْيتُ َك َعَلى َّ‬
‫اص َ‬ ‫ِِ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬إني ْ‬

‫قال بعضهم‪ :‬االصطفائية أورثت التكلم وال التكلم‪ ،‬والكالم أورثا االصطفائية‪.‬‬

‫وقيل فى قوله تعالى‪َ { :‬ف ُخ ْذ َمآ آتَْيتُ َك} من عطائى‪ ،‬وكن من الشاكرين ال من المدعين المختارين‪ ،‬فما سبق منى إليك‬
‫أكثر مما اخترته لنفسك‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬لما قال اصطفيتك لنفسى أورث االصطناع واالصطفائية‪ ،‬فكنت مصطفى على الناس‪ ،‬ال بسابقة سبقت‬
‫إلى بل بسابقة سبقت منى إليك‪.‬‬
‫لك َّ‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 145‬الى اآلية ‪)145‬‬

‫َح َسِن َها َسأ ُْوِر ُ‬


‫يك ْم َد َار‬ ‫ْخ ُذوْا ِبأ ْ‬
‫ْم ْر َق ْو َم َك َيأ ُ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫َوَكتَْبَنا َل ُه ِفي األَْل َوا ِح ِمن ُك ِل َش ْي ٍء َّم ْو ِع َ‬
‫ظ ًة َوتَْفصيالً ل ُكل َش ْيء َف ُخ ْذ َها بُقَّوة َوأ ُ‬
‫ين‬ ‫ِِ‬
‫اْلَفاسق َ‬

‫{وَكتَْبَنا َل ُه ِفي األَْل َوا ِح ِمن ُك ِل َشي ٍء} [اآلية‪.]145 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬
‫ْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬سر هللا عند عباده وأهل خصوصيته ال يحمله إال األقوياء بأبدانهم وقلوبهم أال ترى هللا جل وعز يقول‬
‫لكليمه صلى هللا عليه وسلم { َف ُخ ْذ َها ِبُقَّوٍة} والقوة هى الثقة باهلل واالعتماد عليه‪ ،‬ولذلك قال بعضهم‪ :‬عطاياه ال تحتمل‬
‫إال مطاياه‪.‬‬

‫وقيل فى قوله‪َ { :‬ف ُخ ْذ َها ِبُقَّوٍة}‪ :‬أى خذها بى وال تأخذها بنفسك‪ ،‬فالقوى من ال حول له وال قوة‪ ،‬ويكون حوله وقوته‬
‫بالقوى‪.‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 146‬الى اآلية ‪)146‬‬

‫الرْش ِد الَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ َّ‬ ‫ين َيتَ َكب َُّرو َن ِفي األ َْر ِ ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫ض ب َغ ْي ِر اْل َح ِق َوإِن َي َرْوْا ُك َّل َآية ال ُي ْؤ ِمُنوْا ب َها َوإِن َي َرْوْا َسب َ‬
‫يل ُّ‬ ‫ف َع ْن َآياتي الذ َ‬ ‫َص ِر ُ‬
‫َسأ ْ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِٰ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يل اْل َغ ِي َيتَّخ ُذوهُ َسِبيالً ذل َك ِبأََّن ُه ْم َكذُبوْا ِب َآياتَنا َوَك ُانوْا َع ْن َها َغافل َ‬
‫ين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َيتَّخ ُذوهُ َسبيالً َوِإن َي َرْوْا َسب َ‬
‫ين َيتَ َكب َُّرو َن ِفي األ َْر ِ‬
‫ض ِب َغ ْي ِر اْل َح ِق} [اآلية‪.]146 :‬‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫َص ِر ُ‬
‫ف َع ْن َآياتي الذ َ‬ ‫{سأ ْ‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬التكبر تكبران‪ :‬وتكبر بحق وتكبر بغير ٍ‬


‫حق‪ ،‬فالتكبر بالحق تكبر الفقراء على األغنياء‪ ،‬استغناء باهلل‬
‫اء لما هم فيه من فقرهم‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫عما فى أيديهم وتكبر بغير حق وهو تكبر األغنياء على الفقراء إزدر ً‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬والتكبر بالحق هو التكبر على األغنياء والفسقة والكفار وأهل البدع‪ ،‬ألنه روى فى‬
‫األثر‪" :‬ألقوا أهل المعاصى بوجوه مكفهرة‪".‬‬

‫ِ َّ ِ‬
‫ين َيتَ َكب َُّرو َن}‪.‬‬ ‫َص ِر ُ‬
‫ف َع ْن َآياتي الذ َ‬ ‫قال بعضهم‪ :‬أرباب الكبائر مصروفون عن الكرائم‪ ،‬ألن هللا يقول‪َ :‬‬
‫{سأ ْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال سهل‪ :‬هو أن يحرمهم فهم القرآن‪ ،‬واالقتداء بالرسول صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬سأمنع قلوبهم وأسرارهم وأرواحهم عن الجوالن فى ملكوت القدس عن الحق‪ ،‬ألن ذلك فى ملكوت‬
‫ِ َّ ِ‬
‫ين َيتَ َكب َُّرو َن} حتى ال يفهموها وال يجدوا لها لذة‪ ،‬ألنهم‬ ‫َص ِر ُ‬
‫ف َع ْن َآياتي الذ َ‬ ‫القدس قال الجريرى فى هذه اآلية‪َ :‬‬
‫{سأ ْ‬
‫تكبروا بأحوال النفوس بالخلق والدنيا‪ ،‬فصرف هللا عن قلوبهم آياته لما انصرفوا عنه‪ ،‬ومن استولت عليه النفس صار‬
‫محصور فى سجن الهوى‪ ،‬حرم هللا على قلبه فوائد آياته وكتابه وإن أكثر ترداده على لسانه‪.‬‬
‫ًا‬ ‫أسير فى حكم الشهوات‪،‬‬
‫ًا‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 148‬الى اآلية ‪)148‬‬

‫واتَّ َخ َذ َقوم موس ٰى ِمن َب ْع ِدِه ِم ْن ُحلِِي ِهم ِع ْجالً َجسداً َّل ُه ُخو ٌار أََلم َي َروْا أََّن ُه الَ ُي َكلِمهم والَ َي ْه ِد ِ‬
‫يه ْم َسِبيالً اتَّ َخ ُذوهُ َوَك ُانوْا‬ ‫ُُْ َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُْ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ظالم َ‬ ‫َ‬

‫وس ٰى ِمن َب ْع ِدِه ِم ْن ُحلِِي ِه ْم ِع ْجالً َج َسداً َّل ُه ُخ َو ٌار} [اآلية‪.]148 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َّ :‬‬
‫{وات َخ َذ َق ْوُم ُم َ‬
‫َ‬

‫قال سهل‪ :‬عجل كل إنسان ما أقبل عليه وأعرض به عن هللا من ٍ‬


‫أهل وولد‪ ،‬وال نتخلص من ذلك إال بعد إفناء‬
‫عبدة العجل من عبادته‪ ،‬إال من بعد قتلهم أنفسهم‪.‬‬
‫حظوظه أجمع من أسبابه‪ ،‬كما لم يتخلص َ‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 150‬الى اآلية ‪)150‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َخ َذ ِب َأر ِ‬ ‫ض ٰب َن أ َِسفاً َقال ِب ْئسما َخَلْفتُموِني ِمن ب ْع ِدي أ َ ِ‬ ‫ِ‬
‫ْس‬ ‫اح َوأ َ‬ ‫َعجْلتُ ْم أ َْم َر َربِ ُك ْم َوأَْلَقى األَْلَو َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََ‬ ‫وس ٰى ِإَل ٰى َق ْو ِمه َغ ْ َ‬
‫َوَل َّما َر َج َع ُم َ‬
‫آء َوالَ تَ ْج َعْلِني َم َع اْلَق ْو ِم‬ ‫ِ‬ ‫يه يجُّره ِإَلي ِه َقال ابن أ َُّم ِإ َّن اْلَقوم استَضعُفوِني وَكادوْا يْقُتُل ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ونني َفالَ تُ ْشم ْت ِب َي األ ْ‬
‫َع َد َ‬ ‫َ ُ َ َ‬ ‫َْ ْ ْ َ‬ ‫أَخ َ ُ ُ ْ َ ْ َ‬
‫ين‬ ‫َّٰ ِ ِ‬
‫الظلم َ‬

‫ان أ َِسفاً} [اآلية‪.]150 :‬‬ ‫ِ‬


‫وس ٰى ِإَل ٰى َق ْو ِمه َغ ْ‬
‫ضَب َ‬ ‫{وَل َّما َر َج َع ُم َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫آسفا على ما فاته من مخاطبة الحق إلى مخاطبة من ال أوزان لهم‪ ،‬فرده من شوقه إلى شاهده ليالً يقطعه من‬ ‫قال‪ً :‬‬
‫يه َي ُجُّرهُ ِإَل ْي ِه}‪.‬‬
‫َخ ِ‬
‫ْس أ ِ‬
‫َخ َذ ِب َأر ِ‬
‫{وأ َ‬
‫حال شوقه َ‬

‫آسفا على مناجاة ربه‪.‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬غضبان على نفسه حيث ترك قومه حتى ضلوا‪ً ،‬‬

‫متأسفا على ما فاته من اختصاصه بالمخاطبة‪.‬‬


‫ً‬ ‫قال بعضهم‪ :‬ماقتًا نفسه‬

‫قال بعضهم‪ :‬من رأى من قومه من ارتكاب مخالفة هللا وقيل‪ :‬أغضبه الرجوع عن مفاجأة الحق إلى مخاطبة الخلق‪.‬‬

‫يه َي ُجُّرهُ ِإَل ْي ِه}‪.‬‬


‫َخ ِ‬
‫ْس أ ِ‬
‫َخ َذ ِب َأر ِ‬ ‫{وأَْلَقى األَْل َو َ‬
‫اح َوأ َ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال القرشى‪ :‬من تحرك غيرة للحق فإن الحق يحفظ عليه حدوده‪ ،‬لئال تخرجه‬

‫الحركة إلى شىء مذموم‪ ،‬كموسى لما ألقى األلواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه لما رأى قومه يعبدون العجل‪ ،‬فلم يعاتبه‬
‫ملوما على ذلك ولكن حركة موسى كانت ِبال‬
‫أحد من الكسر واألخذ ما باشر موسى‪ ،‬كان ً‬ ‫هللا على ذلك‪ ،‬ولو باشر ٌ‬
‫َح ٍظ لموسى فيها‪ ،‬بل قام غيرة هلل وابتغاء ماله‪ ،‬فلم يزدد بذلك من الحق إال قرًبا‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 152‬الى اآلية ‪)152‬‬

‫ِ‬ ‫ِإ َّن َّال ِذين اتَّخ ُذوْا اْل ِعجل سيناُلهم غضب ِمن َّربِ ِهم وِذَّل ٌة ِفي اْلح ِ‬
‫الد ْنَيا َوَك َذل َك َن ْج ِزي اْل ُمْفتَ ِر َ‬
‫ين‬ ‫ياة ُّ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ َ َ ََ ُ ْ َ َ ٌ‬ ‫َ َ‬

‫ض ٌب ِمن َّرب ِِه ْم} [اآلية‪.]152 :‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬


‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن الذ َ‬
‫ين اتَّ َخ ُذوْا اْلع ْج َل َسَيَناُل ُه ْم َغ َ‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬من أقبل على هللا فلينتظر الراحة‪ ،‬والزلفة والفرج من القبول‪ ،‬ومن أعرض عن هللا فلينتظر الذل‬
‫والسخط والبغض مع غضب هللا فى اآلخرة‪.‬‬

‫ين اتَّ َخ ُذوْا اْل ِع ْج َل} اآلية‪.‬‬ ‫َّ ِ‬


‫قال هللا‪ِ{ :‬إ َّن الذ َ‬

‫ِ‬
‫{وَك َذل َك َن ْجزِي اْل ُمْفتَ ِر َ‬
‫ين}‪.‬‬ ‫مبتدعا إال ذليالً‪ ،‬ألن هللا يقول‪َ :‬‬
‫ً‬ ‫قال الحسين بن الفضل‪ :‬ال ترى‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 155‬الى اآلية ‪)155‬‬

‫َّاي أَتُ ْهلِ ُكَنا ِب َما َف َع َل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫ال َر ِب َل ْو ش ْئ َت أ ْ‬
‫َهَل ْكتَ ُه ْم من َقْب ُل َوإِي َ‬ ‫الر ْجَف ُة َق َ‬ ‫ين َر ُجالً لِميَقاتَنا َفَل َّما أ َ‬
‫َخ َذ ْت ُه ُم َّ‬ ‫َق ْو َم ُه َس ْبع َ‬ ‫وس ٰى‬‫اختَ َار ُم َ‬‫َو ْ‬
‫ِ‬ ‫ض ُّل ِبها من تَ َشآء وتَه ِدي من تَ َشآء أَنت ولِيَُّنا َف ْ ِ‬ ‫ِهي ِإالَّ ِف ْتنتُك تُ ِ‬ ‫آء ِمَّنآ ِإ ْن‬
‫َنت َخ ْي ُر اْل َغاف ِر َ‬
‫ين‬ ‫اغف ْر َلَنا َو ْار َح ْمَنا َوأ َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫السَف َه ُ‬
‫ُّ‬

‫ين َر ُجالً لِ ِميَق ِاتَنا} [اآلية‪.]155 :‬‬ ‫ِ‬


‫وس ٰى َق ْو َم ُه َس ْبع َ‬
‫اختَ َار ُم َ‬
‫{و ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬اختار موسى على عدد األولياء فى األمم السالفة وفى أمته وهم السبعون الذين إليهم متضرع الخلق‬
‫وبهم يحفظون‪.‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 156‬الى اآلية ‪)156‬‬

‫آء َوَر ْح َمِتي َوِس َع ْت ُك َّل َشي ٍء‬ ‫ُص ِ ِ‬‫ِ‬ ‫ِِِ‬ ‫َوا ْكتُ ْب َلَنا ِفي َهـ ِٰذِه ُّ‬
‫ال َع َذاِبي أ ُ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫يب به َم ْن أَ َش ُ‬ ‫الد ْنَيا َح َسَن ًة َوِفي اآلخ َرة إَّنا ُه ْدَنـآ إَل ْي َك َق َ‬
‫ين ُهم ِب َآي ِاتَنا ُي ْؤ ِمُنو َن‬ ‫الزَك َّ ِ‬ ‫َِّ ِ‬
‫ين َيتَُّقو َن َوُي ْؤتُو َن َّ َ‬
‫ـاة َوالذ َ‬ ‫َف َسأَ ْكتُُب َها للذ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫آء} [اآلية‪.]156 :‬‬ ‫يب ِبه َم ْن أ َ‬
‫َش ُ‬ ‫ال َع َذاِبي أُص ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬إَّنا ُه ْدَنـآ إَل ْي َك َق َ‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬ذلك فى نفس المعارف ما عرفه أحد إال تكدر عيشه‪ ،‬وأرباب الحقائق ال ُيعذبون فى‬
‫الدنيا إال بتواتر نعم هللا عليهم والتقرب‪ ،‬حتى يرد عليه ما منه يغيب من الصفات والنعوت‪ ،‬فيرتفع عند سوء األدب‬
‫فى السير‪.‬‬

‫ين َيتَُّقو َن} [اآلية‪.]156 :‬‬ ‫َِّ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬


‫{وَر ْح َمتي َوِس َع ْت ُك َّل َش ْيء َف َسأَ ْكتُُب َها للذ َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫ين َيتَُّقو َن} ومن يمكنه‬ ‫َِّ ِ‬


‫خص بها األنبياء لقوله تعالى‪َ{ .‬ف َسأَ ْكتُُب َها للذ َ‬
‫قال الكتانى رحمة هللا عليه‪ :‬تَ َس ُع كل شىء ولكن َّ‬
‫تصحيح التقوى فيكون بشرط اآلية‪.‬‬

‫وع َّم الرحمة أنها تسع كل شىء‪.‬‬


‫مقرونا بالمشيئة‪َ ،‬‬
‫ً‬ ‫قال بعضهم‪ :‬وصف العذاب بصفة الخصوص‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫{وَر ْح َمِتي َوِس َع ْت ُك َّل َشي ٍء} والناس يرونها أرجى آية‪ ،‬وذلك أن‬
‫قال أبو عثمان‪ :‬ال أعلم فى القرآن آية أقنط من قوله‪َ :‬‬
‫ْ‬
‫ين َيتَُّقو َن}‪.‬‬ ‫َِّ ِ‬
‫هللا يقول‪َ { :‬ف َسأَ ْكتُُب َها للذ َ‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 157‬الى اآلية ‪)157‬‬

‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫النِب َّي األُم َّي َّالذي َي ِج ُد َ‬
‫َّ ِ‬
‫اه ْم َع ِن‬ ‫ْم ُرُهم ِباْل َم ْع ُروف َوَي ْن َه ُ‬‫ون ُه َم ْكتُوباً ع َند ُه ْم في الت ْوَراة َواإل ْنجيل َيأ ُ‬ ‫ول َّ‬ ‫ين َيتَِّب ُعو َن َّ‬
‫الرُس َ‬ ‫الذ َ‬
‫آمُنوْا ِب ِه‬
‫ين َ‬
‫َّ ِ‬ ‫َِّ‬
‫َغالَ َل التي َك َان ْت َعَل ْي ِه ْم َفالذ َ‬‫ص َرُه ْم َواأل ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫اْل ُم ْن َك ِر َوُيح ُّل َل ُه ُم الطِيَبات َوُي َح ِرُم َعَل ْي ِه ُم اْل َخَبآئ َث َوَي َ‬
‫ض ُع َع ْن ُه ْم إ ْ‬
‫ور َّال ِذي أ ِ‬
‫ُنزَل َم َع ُه أ ُْوَلـِٰئ َك ُهم اْل ُمْفلِ ُحو َن‬ ‫ص ُروهُ َواتََّب ُعوْا ُّ‬
‫الن َ‬ ‫َّ‬
‫ُ‬ ‫َو َعزُروهُ َوَن َ‬

‫النِب َّي األ ُِم َّي} [اآلية‪.]157 :‬‬ ‫{ال ِذ َ ِ‬‫قوله تعالى‪َّ :‬‬
‫ين َيتَّب ُعو َن ا َّلرُس َ‬
‫ول َّ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬األمى هو األعجمى‪ ،‬قال أعجمى عما دوننا عالم بنا وبما ينزل عليه من كالمنا ومن حقائقنا‪.‬‬

‫{النِب َّي األ ُِم َّي} قال‪ :‬الذى ال يدنسه شىء من الكون‪.‬‬
‫أيضا فى قوله‪َّ :‬‬
‫وقال ً‬

‫شيئا وال فى اآلخرة إال ما علمه ربه‪ ،‬حالته مع هللا حالة واحدة وهو الطهارة‬
‫وقال األمى‪ :‬من ال يعلم من الدنيا ً‬
‫باالفتقار إليه واالستغناء عما سواه‪.‬‬

‫َغالَ َل َّالِتي َك َان ْت َعَل ْي ِه ْم}‪.‬‬


‫ص َرُه ْم َواأل ْ‬ ‫ِ‬
‫ض ُع َع ْن ُه ْم إ ْ‬
‫{وَي َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال جعفر‪ :‬أثقال الشرك وذل المخالفات وغل اإلهمال‪.‬‬

‫ور َّال ِذي أ ِ‬


‫ُنزَل َم َع ُه}‪.‬‬ ‫ص ُروهُ َواتََّب ُعوْا ُّ‬
‫الن َ‬ ‫ِ ِ َّ‬ ‫َّ ِ‬
‫آمُنوْا به َو َعزُروهُ َوَن َ‬
‫ين َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬فالذ َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬صدقوا ما جاء به وبذلوا المنهج بين يديه‪.‬‬

‫ور َّال ِذي أ ِ‬


‫ُنزَل َم َع ُه} قال‪ :‬اتبعوا سنته ليوصلهم اتباع‬ ‫{واتََّب ُعوْا ُّ‬
‫الن َ‬ ‫وقيل فى قوله‪َ :‬‬

‫السنن إلى ميادين األحوال السنية‪.‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 158‬الى اآلية ‪)158‬‬

‫اَّللِ‬
‫آمُنوْا ِب َّ‬ ‫الس ٰم ٰو ِت واأل َْر ِ‬
‫ض ال ِإَلـٰه ِإالَّ هو يحِيـي وي ِميت َف ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫اس ِإِني َرسول َّ ِ ِ‬ ‫ُّها َّ‬
‫َُ ُ ْ َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َّللا إَل ْي ُك ْم َجميعاً الذي َل ُه ُمْل ُك َّ َ َ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫الن ُ‬ ‫ُق ْل ٰيأَي َ‬
‫اَّللِ َوَكلِ َم ِات ِه َواتَِّب ُعوهُ َل َعَّل ُك ْم تَ ْهتَ ُدو َن‬ ‫َوَرُسولِ ِه َّ‬
‫النِب ِي األ ُِم ِي َّال ِذي ُي ْؤ ِم ُن ِب َّ‬

‫{واتَِّب ُعوهُ َل َعَّل ُك ْم تَ ْهتَ ُدو َن} [اآلية‪.]158 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫تكليفا عن وسائط وتكليف الحقائق‪ ،‬فتكليف الحقيقة بدت معارفه منه وعادت إليه‪،‬‬
‫قال الحسين‪ :‬إن الحق أورد ً‬
‫وتكليف الوسائط بدت معارفه عمن دونه فال يصل إليه‪ ،‬فتناهى من معارفهم إلى نهايات معرفة أهل الوسائط‪ ،‬وال‬
‫تتناهى معارف من أحد معارفه عن شهود الحق‪ ،‬كل ذلك رفق من الحق بالخلق‪ ،‬لعلمه بأنه ال يوصل إليه إال بما‬
‫منه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 159‬الى اآلية ‪)159‬‬

‫ُم ٌة يهدون ِباْلح ِق وب ِ‬


‫ِه َي ْع ِدُلو َن‬ ‫ِ‬
‫وس ٰى أ َّ َ ْ ُ َ َ َ‬ ‫َومن َق ْو ِم ُم َ‬

‫{ي ْه ُدو َن ِباْل َح ِق} قيل‪ :‬يدلون الخلق على طريق الحق وإياه يسلكون‪.‬‬
‫قوله َ‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 160‬الى اآلية ‪)160‬‬

‫انب َج َس ْت ِم ْن ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬


‫اض ِرب ب َع َ‬
‫اك اْل َح َج َر َف َ‬
‫ص َ‬ ‫َن ْ‬ ‫استَ ْسَقاهُ َق ْو ُم ُه أ ِ‬ ‫وس ٰى إذ ْ‬ ‫ُمماً َوأ َْو َح ْيَنآ إَل ٰى ُم َ‬ ‫َسَباطاً أ َ‬‫أْ‬ ‫اه ُم ا ْثَنتَي َع ْش َرَة‬
‫ْ‬ ‫َوَقط ْعَن ُ‬
‫طِيب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ظَّلْلَنا َعَل ْي ِه ُم اْل َغ َم َام َوأ َْن َ ْزلَنا َعَل ْي ِه ُم اْل َم َّن َوا َّ‬ ‫ُك ُّل أَُن ٍ‬ ‫ا ْثَنتَا َع ْش َرَة َع ْيناً َق ْد َعلِ َم‬
‫اك ْم‬
‫ات َما َرَزْقَن ُ‬ ‫لسْلَو ٰى ُكُلوْا من َ َ‬ ‫اس َّم ْش َرَب ُه ْم َو َ‬
‫ونا َوَلـ ِٰكن َك ُانوْا أ َْنُف َس ُه ْم َي ْ‬
‫ظلِ ُمو َن‬ ‫ظَل ُم َ‬
‫َو َما َ‬

‫انب َجس ْت ِم ْن ُه ا ْثَنتَا َع ْش َرَة َع ْيناً َق ْد َعلِم ُك ُّل أَُن ٍ‬


‫اس َّم ْش َرَب ُه ْم} [اآلية‪.]160 :‬‬ ‫َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ف َ َ‬

‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم اإلسكندرانى يقول‪ :‬سمعت أبا جعفر الفلسطينى يحكى عن الرضا‬
‫عينا‪ ،‬يشرب كل أهل‬
‫عن أبيه عن جعفر بن محمد عليه السالم فى هذه اآلية قال‪ :‬انبجست من المعرفة اثنتا عشرة ً‬
‫مرتبة فى مقام من عين من تلك العيون على قدرها‪ ،‬فأول عين منها عين التوحيد‪ ،‬والثانية عين العبودية والسرور بها‪،‬‬
‫والثالثة عين اإلخالص‪ ،‬والرابعة عين الصدق‪ ،‬والخامسة عين التواضع‪ ،‬والسادسة عين الرضا والتفويض‪ ،‬والسابعة‬
‫عين السكينة والوقار‪ ،‬والثامنة عين السخاء والثقة باهلل‪ ،‬والتاسعة عين اليقين‪ ،‬والعاشرة عين العقل‪ ،‬والحادية عشر‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫عين المحبة‪ ،‬والثانية عشر عين األنس والخلوة‪ ،‬وهى عين المعرفة بنفسها‪ ،‬ومنها تنفجر هذه العيون‪ ،‬ومن شرب من‬
‫عين منها يجد حالوتها ويطمع فى العين التى هى أرفع منها‪ ،‬من عين‬

‫إلى عين حتى يصل إلى األصل‪ ،‬وإذا وصل إلى األصل تحقق بالحق‪.‬‬

‫قوله تعالى‪َ { :‬ق ْد َعلِم ُك ُّل أَُن ٍ‬


‫اس َّم ْش َرَب ُه ْم}‪.‬‬ ‫َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬ظهر لكل سالك سلوكه وآثار براهينه وبركات سعيه وأنوار حقائقه‪.‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 167‬الى اآلية ‪)167‬‬

‫ِ‬ ‫َّك َلس ِريع اْل ِعَق ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وإِ ْذ تأ ََّذن ربُّك َليبعثَ َّن عَلي ِهم ِإَلى يو ِم اْلِقي ِ‬
‫يم‬ ‫اب َوإَِّن ُه َل َغُف ٌ‬
‫ور َّرح ٌ‬ ‫وء اْل َع َذاب إ َّن َرب َ َ ُ‬
‫وم ُه ْم ُس َ‬
‫امة َمن َي ُس ُ‬
‫ََ‬ ‫َ َ َ َ َ َْ َ َ ْ ْ ٰ َْ‬
‫قوله تعالى‪َ{ :‬لس ِريع اْل ِعَق ِ‬
‫اب} [اآلية‪.]167 :‬‬ ‫َ ُ‬

‫قال بعضهم‪ :‬ما كان فى القرآن آية أشد من قوله‪َ{ :‬لس ِريع اْل ِعَق ِ‬
‫اب} فإنها عقوبة الحجاب بالحجاب عنه‪.‬‬ ‫َ ُ‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 168‬الى اآلية ‪)168‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫السِيَئ ِ‬
‫ات َل َعَّل ُه ْم َي ْرِج ُعو َن‬ ‫الصالِحون و ِم ْنهم دون ٰذلِك وبَلوناهم ِباْلحسن ِ‬
‫ات َو َّ‬ ‫ضأ ِ‬ ‫اهم ِفي األ َْر ِ‬ ‫َّ‬
‫ُمماً م ْن ُه ُم َّ ُ َ َ ُ ْ ُ َ َ َ َ ْ َ ُ ْ َ َ َ‬
‫َ‬ ‫َوَقط ْعَن ُ ْ‬
‫السِيَئ ِ‬
‫ات} [اآلية‪.]168 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وبَلوناهم ِباْلحسن ِ‬
‫ات َو َّ‬ ‫ََ ْ َ ُْ َ َ َ‬

‫طلبا للصبر فأبى الجميع فال هم عند النعم شاكرون وال هم عند‬
‫طلبا للشكر‪ ،‬واختبرناهم بالمحن ً‬
‫قال‪ :‬اختبرناهم بالنعم ً‬
‫المحن صابرون‪.‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 169‬الى اآلية ‪)169‬‬

‫ْخ ُذوهُ أََل ْم‬ ‫َفخَلف ِمن بع ِد ِهم خْلف وِرثُوْا اْل ِك ٰتَب يأْخ ُذو َن عرض هـٰ َذا األ َْدنى ويُقوُلو َن سي ْغَفر َلنا وِإن يأِْت ِهم عر ِ‬
‫ض م ْثُل ُه َيأ ُ‬ ‫َ ُ ُ َ َ َ ْ ََ ٌ‬ ‫َ ٰ ََ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َْ ْ َ ٌ َ‬ ‫َ َ‬
‫ين َيتَُّقو َن أََفالَ تَ ْعِقُلو َن‬ ‫َِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يه َو َّ‬
‫الد ُار اآلخ َرةُ َخ ْيٌر للذ َ‬ ‫َ َََ ُ َ‬ ‫ُي ْؤ َخ ْذ َعَل ْي ِه ْم ِمي ٰثَ ُق اْل ِك ٰتَ ِب أَن الَّ يُِقوُلوْا َعَلى َّ‬
‫َّللاِ ِإالَّ اْلح َّق ودرسوْا ما ِف ِ‬

‫َّللاِ ِإالَّ اْلح َّق ودرسوْا ما ِف ِ‬


‫اب أَن الَّ يُِقوُلوْا َعَلى َّ‬
‫اق اْل ِكتَ ِ‬ ‫ِ‬
‫يه} [اآلية‪.]169 :‬‬ ‫َ َََ ُ َ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أََل ْم ُي ْؤ َخ ْذ َعَل ْي ِه ْم ميثَ ُ‬

‫قي ل‪ :‬ألم يبين لهم على لسان الوسائط فى الكتب المنزلة أن ال يصفوا الحق إال بنفاد المشيئة وعلو القدرة‪.‬‬

‫قال سهل فى قوله {ودرسوْا ما ِف ِ‬


‫يه} تركوا العمل به‪.‬‬ ‫َََ ُ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 172‬الى اآلية ‪)172‬‬

‫َنف ِس ِه ْم أََل ْس ُت ِب َرب ُ‬


‫ِك ْم َقاُلوْا َبَل ٰى َش ِه ْدَنآ أَن تَُقوُلوْا َي ْوَم‬ ‫ورِه ْم ُذ ِريَّتَ ُه ْم َوأ ْ‬
‫َش َه َد ُه ْم َعَل ٰى أ ُ‬ ‫ُّك ِمن َبِني َء َاد َم ِمن ُ‬
‫ظ ُه ِ‬ ‫َخ َذ َرب َ‬ ‫َوإِ ْذ أ َ‬
‫ِِ‬ ‫اْلِقي ِ‬
‫امة ِإَّنا ُكَّنا َع ْن َهـٰ َذا َغافل َ‬
‫ين‬ ‫ََ‬

‫َنف ِس ِه ْم} [اآلية‪.]172 :‬‬ ‫ورِه ْم ُذ ِريَّتَ ُه ْم َوأ ْ‬


‫َش َه َد ُه ْم َعَل ٰى أ ُ‬ ‫ُّك ِمن َبِني َء َاد َم ِمن ُ‬
‫ظ ُه ِ‬ ‫َخ َذ َرب َ‬
‫{وإِ ْذ أ َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال أبو سعيد الخراز فى هذه اآلية قال‪ :‬تراءى ألهل اإليمان بالسكون فعرفوه وسكنوا واطمأنوا‪ ،‬وتراءى ألهل الكفر‬
‫بالتعظيم فطاشت عقولهم وتفرقوا عنه‪.‬‬

‫وقال يوسف فى هذه اآلية‪ :‬قد أخبر أنه خاطبهم ربهم وهم غير موجودين إال بإيجاده لهم‪ ،‬إذ كانوا واجدين للحق من‬
‫غير وجودهم ألنفسهم‪ ،‬كان الحق بالحق فى ذلك موجود بالمعنى الذى ال يعلمه غيره وال يجده سواه‪.‬‬

‫{ش ِه ْدَنآ} أى‬ ‫قال بعضهم فى قوله‪{ :‬أََل ْس ُت ِب َرب ُ‬


‫ِك ْم َقاُلوْا َبَل ٰى} من غير مشاهدة‪ ،‬ثم كوشفوا فشهدوا ما خوطبوا به‪ ،‬فقالوا َ‬
‫طوعا‪ .‬وكرًها أنطقتهم بركة اآلخذ أحدهم عنهم‪ ،‬ثم أشهدهم‬ ‫شاهدنا حقائق حقك وقال الحسين‪ :‬أنطق الذر باإليمان ً‬
‫حقيقته فأنطقت عنهم القدرة من غير شركة كان لهم فيه‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬إن توحيد الخاص أن يكون العبد ً‬


‫قائما بسره بين يدى ربه‪ ،‬يجرى عليه تصاريف تدبيره وأحكام تقديره فى بحار‬
‫توحيده‪ ،‬بالفناء عن نفسه وذهاب نفسه بقيام الحق به فى مراد منه‪ ،‬فيكون كما كان قبل أن يكون‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫ورِه ْم} اآلية‪.‬‬ ‫ُّك ِمن َبِني َء َاد َم ِمن ُ‬
‫ظ ُه ِ‬ ‫َخ َذ َرب َ‬
‫{وإِ ْذ أ َ‬
‫َ‬

‫قال النصرآباذى رحمه هللا فى هذه اآلية‪ :‬مؤيل األكبر ومالف األعظم‪ ،‬معافون من الساللة والطين وما بعده من‬
‫النطف والمضغ أفأنتم فى حملة لألخذ األول‪ ،‬أم مردودون إلى ميعاد األخذ فى السالالت والمضغ والنطف‪ ،‬فإن أخذ‬
‫لألول بأول لألول وهو بأول لألول أول‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫استغناء‪.‬‬
‫ً‬ ‫وتكرما بل أخذه جاللة وعظمة‪ ،‬بل أخذه غنى و‬
‫ً‬ ‫تلطفا‬
‫وقال النصرآباذى‪ :‬أخذ ربك ً‬

‫أيضا‪ :‬أخذ ال للحاجة بل للحجة فمنع الخلق حاجتهم أن َي َروا ذرة من معانى الحجة‪.‬‬
‫وقال ً‬

‫وسئل عنه ما الخلق؟‬


‫وقال أبو عثمان المغربى‪ُ :‬‬

‫قال‪ :‬قوالب تجرى عليها أحكام القدرة‪ ،‬وقال‪ :‬أخذ ربك من معدن إلى معدن ومن معدن للمعدن‪.‬‬

‫وقال الجريري فى قوله‪{ :‬أََل ْس ُت ِب َرب ُ‬


‫ِك ْم} قال‪ :‬تعرف إلى كل طائفة من الطوائف بما منحها من معرفته فقال‪{َ :‬بَل ٰى}‬
‫وكل أقر بما مخ ثم أخرجهم من صلب آدم فقال‪:‬‬ ‫ٌ‬

‫َنفْق َت ما ِفي األ َْر ِ‬


‫ض‬ ‫{ ُك ْنتُم أَعد َّ‬
‫ِك ْم } [آل عمران‪ ]103 :‬وقال لنبيه صلى هللا عليه وسلم‪َ { :‬ل ْو أ َ َ‬
‫ف َب ْي َن ُقُلوب ُ‬
‫آء َفأَل َ‬‫ْ َْ ً‬
‫َج ِميعاً َّمآ أََّلَف ْت َب ْي َن ُقُلوبِ ِه ْم } [األنفال‪.]62 :‬‬

‫قال أبو سعيد الخراز فى قوله َ{بَل ٰى} قال‪ :‬من قال حين قال‪ :‬ومن أين أجابوا عنهم إال القدرة والنافذة والمشيئة التامة‬
‫رسما ألحكام مليك‪.‬‬ ‫وهل كانوا إال ً‬

‫وهل هم اآلن إال أشباح تختلف عليهم تصاريف تدبيره‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬خطب منصوب القدرة فى عين العدم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن بنان فى هذه اآلية‪ :‬قد أخبرك أنه قد خاطبهم وهم غير موجودين إال بوجوده لهم‪ ،‬إذ كان واجد الخليقة بغير‬
‫بديا فى حال‬
‫شاهدا عليهم ً‬
‫ً‬ ‫مخاطبا‬
‫ً‬ ‫اجدا‬
‫معنى وجودها ألنفسها بالمعنى الذى ال يعلمه غيره وال يجده سواه‪ ،‬فقد كان و ً‬
‫فنانهم عن بقائهم الذى كانوا به‪ ،‬كذلك هو الوجود الربانى واإلدراك اإللهى الذى ال ينبغى إال له‪.‬‬

‫ُّك ِمن َبِني َء َاد َم} خوطبوا بهذا الكالم وأيش كانوا فقال‪ :‬كانوا موجودين فى القدرة مغيبين‬
‫َخ َذ َرب َ‬
‫{وِإ ْذ أ َ‬
‫وقال فى قوله‪َ :‬‬
‫عن شهود التوحيد‪.‬‬

‫قيل‪ :‬إنما أجيب عنهم على حسب االستسالم فهذا مقام الفناء‪ ،‬وقد تقدمت الستلة اإلجابة فالعالم يجرى فى التسخير‬
‫من حيث التمكين فى قبضة الحق‪.‬‬

‫قال الحسين‪ :‬ال يعلم أحد من المالئكة المقربين ما أظهر الخلق وكيف االنتهاء واالبتداء‪ ،‬إذ األلسنة ما نطقت‬

‫والعيون ما أبصرت واآلذان ما سمعت‪ ،‬كيف أجاب من هو عن الحقائق غائب وإليها آيب فى قوله‪{ :‬أََل ْس ُت ِب َرب ُ‬
‫ِك ْم}‬
‫فهو المخاطب وهو المجيب‪.‬‬

‫وقال الحسين فى قوله‪{َ :‬بَل ٰى}‪ :‬القائل عنكم سواكم والمجيب غيركم‪ ،‬فسقطتم أنتم وبقى من لم يزل كما لم يزل‪.‬‬

‫ورِه ْم} قال‪ :‬كانوا موجودين فى القدرة مغيبين‬ ‫ُّك ِمن َبِني َء َاد َم ِمن ُ‬
‫ظ ُه ِ‬ ‫َخ َذ َرب َ‬
‫{وإِ ْذ أ َ‬
‫وسئل على بن عبد الرحيم عن قوله‪َ :‬‬‫ُ‬
‫عن شهود الوجود‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه فى قوله‪{ :‬أََل ْس ُت ِب َرب ُ‬


‫ِك ْم} قالوا بلى‪" :‬قال‪ :‬هو تقرير فى صورة السؤال‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬القدرة أجابت القدرة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقيل فى قوله َ{بَل ٰى} قالوا‪ :‬سمعوا كالمه أن { َل ْي َس َك ِم ْثلِ ِه َشي ٌء } [الشورى‪ ]11 :‬وخلق حياتهم من ذلك النور وجعل‬
‫ْ‬
‫قوام جميعهم بتلك الكلمة‪ .‬وأنشد‪:‬‬

‫ِ ِ َّ ِ َّ‬
‫ودا‬
‫وس ُج ً‬
‫َخُّروا لعزة ُرك ًعا ُ‬ ‫سمعون َكما َسمعت َ‬
‫كالمه‬ ‫َلو َي َ‬

‫قال ابن بنان‪ :‬هلل خالصة من خلقه‪ ،‬انتخبهم للوالية واستخلصهم للكرامة وأفردهم به له‪ ،‬فجعل أجسادهم دنياوية‬
‫فسوحا فى غوامض غيوب الملكوت الذين‬
‫ً‬ ‫وأرواحهم نورانية وأذهانهم روحانية وأوطان أرواحهم غيبية‪ ،‬وجعل لهم‬
‫اعا‪ ،‬أجاب تركيبهم حين أوجدهم لديه في كون األزل‪ ،‬ثم دعاهم‬
‫أوجدهم لديه فى كون األزل‪ ،‬ثم دعاهم فأجابوا سر ً‬
‫من ًة منه‪ ،‬وعرفهم نفسه حين لم يكونوا فى صدرة اإلنسية‪ ،‬ثم أخرجهم بمشيئته خلًقا فأودعهم صلب آدم‪،‬‬ ‫فأجابوا الدعوة َّ‬
‫ورِه ْم ُذ ِريَّتَ ُه ْم} فأخبر أنه خاطبهم وهم غير موجودين إال بوجوده لهم‪ ،‬إذ كانوا‬ ‫ُّك ِمن َبِني َء َاد َم ِمن ُ‬
‫ظ ُه ِ‬ ‫َخ َذ َرب َ‬
‫{وإِ ْذ أ َ‬
‫فقال‪َ :‬‬
‫موجودا‪.‬‬
‫ً‬ ‫غير واجدين للحق إال بإيجاده لهم فى غير وجودهم ألنفسهم‪ ،‬وكان الحق بالحق فى ذلك‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 175‬الى اآلية ‪)175‬‬

‫َو ْات ُل َعَل ْي ِه ْم َنَبأَ َّال ِذي‬

‫ين‬ ‫طان َف َك ِ‬
‫ان م َن اْل َغ ِاو َ‬
‫َ‬ ‫ءاتَْيَناه ء َاي ِاتَنا َف ْانسَل َخ ِم ْنها َفأ َْتَب َع ُه َّ‬
‫الش ْي َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ‬

‫{و ْات ُل َعَل ْي ِه ْم َنَبأَ َّال ِذي آتَْيَناهُ َآي ِاتَنا َف ْان َسَل َخ ِم ْن َها} [اآلية‪.]175 :‬‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬سوابق األزل تؤثر على انتهاء األبد‪ ،‬قال هللا تعالى‪{ :‬آتَْيَناهُ َآي ِاتَنا َف ْان َسَل َخ ِم ْن َها}‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 176‬الى اآلية ‪)176‬‬

‫ض َواتََّب َع َه َواهُ َف َمَثُل ُه َك َمَث ِل اْل َكْل ِب ِإن تَ ْح ِم ْل َعَل ْي ِه َيْل َه ْث أ َْو تَ ْت ُرْك ُه َيْل َهث َّذلِ َك‬ ‫َوَل ْو ِش ْئَنا َل َرَف ْعَناهُ ِب َها َوَلـ ِٰكَّن ُه أ ْ‬
‫َخَل َد ِإَلى األ َْر ِ‬
‫ص َل َعَّل ُه ْم َيتََف َّك ُرو َن‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ص َ‬‫صص اْلَق َ‬ ‫ين َكذُبوْا ب َآياتَنا َفا ْق ُ‬ ‫َمَث ُل اْلَق ْو ِم الذ َ‬

‫ض َواتََّب َع َه َواهُ} [اآلية‪.]176 :‬‬ ‫{وَل ْو ِش ْئَنا َل َرَف ْعَناهُ ِب َها َوَلـ ِٰكَّن ُه أ ْ‬
‫َخَل َد ِإَلى األ َْر ِ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬لو جرى له فى األزل السعادة ألثر ذلك عليه فى عواقب سعيه‬

‫وكدحه فى أواخر أفعاله‪.‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 178‬الى اآلية ‪)178‬‬

‫َّللا َفهو اْلمهتَِدي ومن يضلِل َفأُوَلـِٰئك هم اْلخ ِ‬


‫اس ُرو َن‬ ‫ِ‬
‫َ َ ُ ْ ْ ْ َ ُُ َ‬ ‫َمن َي ْهد َّ ُ ُ َ ُ ْ‬

‫َّللاُ َف ُه َو اْل ُم ْهتَِدي} [اآلية‪.]178:‬‬


‫{من َي ْه ِد َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬ليس الناجى من سعى إنما الناجى من سبقت له الهداية من الهادى‪.‬‬

‫َّللاُ َف ُه َو اْل ُم ْهتَِدي}‪.‬‬


‫{من َي ْه ِد َّ‬
‫قال هللا تعالى َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 179‬الى اآلية ‪)179‬‬

‫ان الَّ َي ْس َم ُعو َن‬ ‫َّ ِ‬


‫َعُي ٌن ال ُي ْبص ُرو َن ِب َها َوَل ُه ْم آ َذ ٌ‬
‫َّ‬
‫وب ال َيْفَق ُهو َن ِب َها َوَل ُه ْم أ ْ‬‫س َل ُه ْم ُقُل ٌ‬ ‫وَلَق ْد َذ َأرَْنا لِ َجهَّنم َكِثي اًر ِم َن اْل ِج ِن و ِ‬
‫اإل ْن ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫َض ُّل أ ُْوَلـِٰئ َك ُهم اْل َغ ِافُلو َن‬ ‫ِ‬
‫ِب َهآ أ ُْوَلـٰئ َك َكاأل َْن َعا ِم َب ْل ُه ْم أ َ‬
‫ُ‬
‫ان الَّ َي ْس َم ُعو َن ِب َهآ} [اآلية‪.]179 :‬‬ ‫َّ ِ‬
‫َعُي ٌن ال ُي ْبص ُرو َن ِب َها َوَل ُه ْم آ َذ ٌ‬
‫َّ‬
‫وب ال َيْفَق ُهو َن ِب َها َوَل ُه ْم أ ْ‬
‫قوله تعالى‪َ{ :‬ل ُه ْم ُقُل ٌ‬

‫ان الَّ َي ْس َم ُعو َن ِب َهآ} دعوة الحق‪.‬‬ ‫َّ ِ‬


‫َعُي ٌن ال ُي ْبص ُرو َن ِب َها} دالئل الحق‪ ،‬و {آ َذ ٌ‬
‫َّ‬
‫وب ال َيْفَق ُهو َن ِب َها} شواهد الحق و {أ ْ‬
‫قال‪ُ{ :‬قُل ٌ‬

‫َض ُّل}‪.‬‬ ‫ِ‬


‫قوله عز وعال {أ ُْوَلـٰئ َك َكاأل َْن َعا ِم َب ْل ُه ْم أ َ‬

‫قيل‪ :‬األنعام والبهائم ال تحس باالستتار والتجلى‪ ،‬واألرواح نعيمها فى التجلى وغذاؤها فى االستتار‪ .‬قال هللا تعالى‪:‬‬
‫َّ‬
‫{ِإ ْن ُه ْم ِإال َكاأل َْن َعا ِم َب ْل ُه ْم أ َ‬
‫َض ُّل} [الفرقان‪.]44 :‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 180‬الى اآلية ‪)180‬‬

‫َس َم ِآئ ِه َسُي ْج َزْو َن َما َك ُانوْا َي ْع َمُلو َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫آء اْل ُح ْسَن ٰى َف ْاد ُعوهُ ِب َها َوَذ ُروْا الذ َ‬
‫ين ُيْلح ُدو َن في أ ْ‬
‫ِ‬
‫َس َم ُ‬
‫َوََّّلل األ ْ‬

‫آء اْل ُح ْسَن ٰى َف ْاد ُعوهُ ِب َها} [اآلية‪.]180 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ :‬‬
‫َس َم ُ‬
‫{وََّّلل األ ْ‬
‫َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬كل اسم من أسمائه يبلغك مرتبة من المراتب‪ ،‬واسم هللا يبلغك الوله فى حبه‪ ،‬والرحمن الرحيم يبلغانك‬
‫إلى رحمته كذلك جميع أسمائه إذا دعوته بها عن خلوص ضميرك وصفاء عقدك‪.‬‬

‫آء اْل ُح ْسَن ٰى َف ْاد ُعوهُ ِب َها}‪ :‬أى قفوا معها عن‬ ‫وقال بعضهم فى هذه اآلية ِ‬
‫َس َم ُ‬
‫{وََّّلل األ ْ‬
‫َ‬

‫إدراك حقيقتها‪.‬‬

‫أسماء‬ ‫آء اْل ُح ْسَن ٰى َف ْاد ُعوهُ ِب َها} قال‪ :‬إنه وراء األسماء‬ ‫وقيل فى قوله‪ِ :‬‬
‫ٌ‬ ‫َس َم ُ‬
‫{وََّّلل األ ْ‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫صفات‪ ،‬ال تخرقها األفهام ألن الحق نار تتضرم ال سبيل إليه وال بد من االقتحام فيه‪.‬‬ ‫والصفات‬

‫وقال بعضهم‪ :‬أبدى أسماءه للدعاء ال بطلب الوقوف عليها‪ ،‬و َّأنى يقل على صفاته أحد‪.‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 181‬الى اآلية ‪)181‬‬

‫ُم ٌة يهدون ِباْلح ِق وب ِ‬


‫ِه َي ْع ِدُلو َن‬ ‫ِ‬
‫َوم َّم ْن َخَلْقَنآ أ َّ َ ْ ُ َ َ َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬يدعون إلى الصالح وإياه يعملون‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬يدلون على اتباع الهدى واجتناب الهوى‪{ ،‬وب ِ‬


‫ِه َي ْع ِدُلو َن} أى‪ :‬وإياه يسلكون‪.‬‬ ‫َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 182‬الى اآلية ‪)182‬‬

‫ين َك َّذُبوْا ِب َٰآيِتَنا َسَن ْستَ ْد ِر ُج ُه ْم ِم ْن َح ْي ُث الَ َي ْعَل ُمو َن‬ ‫َّ ِ‬
‫َوالذ َ‬

‫قال سهل‪ :‬نمدهم بالنعم وننسيهم الشكر عليها‪ ،‬فإذا سكنوا إلى النعمة وحجبوا عن المنعم أخذوا‪.‬‬

‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫قال‪ِ :‬‬


‫ض َع ِن اْل َجاهل َ‬
‫ين} [اآلية‪.]199 :‬‬ ‫ْم ْر ِباْل ُع ْرف َوأ ْ‬
‫َع ِر ْ‬ ‫{خذ اْل َعْف َو َوأ ُ‬
‫ُ‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 192‬الى اآلية ‪)192‬‬

‫نص ُرو َن‬ ‫ِ‬


‫يعو َن َل ُه ْم َن ْ‬
‫ص اًر َوآل أ َْنُف َس ُه ْم َي ُ‬ ‫َوالَ َي ْستَط ُ‬

‫شيئا‬
‫قال بعضهم‪ :‬كيف ينصر غيره من هو عاجز عن نصرة نفسه‪ ،‬وكيف ينصر نفسه من لم يجعل إليه من أمره ً‬
‫وهو مدبر بالقدرة ومقدر فى المشيئة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 201‬الى اآلية ‪)201‬‬

‫ان تَ َذ َّكروْا َفِإ َذا هم ُّمب ِ‬


‫ص ُرو َن‬ ‫طِ‬ ‫ف ِم َن َّ‬
‫الش ْي َ‬ ‫ِإ َّن َّال ِذين اتََّقوْا ِإ َذا م َّسهم َ ِ‬
‫ُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫طائ ٌ‬ ‫َ ُْ‬ ‫َ‬

‫ال سره فى ميادين األنس والقربة‪ ،‬وحجز نفسه عن طوارق الفتنة وطوائف الشيطان هم الذين قال‬ ‫قال بعضهم‪ :‬من َج َ‬
‫ان تَ َذ َّك ُروْا}‪.‬‬
‫طِ‬ ‫ف ِم َن َّ‬
‫الش ْي َ‬ ‫هللا لهم {ِإ َذا م َّسهم َ ِ‬
‫طائ ٌ‬ ‫َ ُْ‬

‫قال بعضهم‪ :‬الناس فى مطالعة األسرار على وجوه ثالثة‪ :‬منهم من له فى سره مطالع يطالعه فذلك قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َذا‬
‫النْف َس َع ِن اْل َه َو ٰى } [النازعات‪:‬‬
‫{وَن َهى َّ‬ ‫ط ِ َّ‬ ‫ف ِم َن َّ‬ ‫م َّسهم َ ِ‬
‫ان تَ َذك ُروْا}‪ .‬ومنهم من له فى سره ينهاه قال هللا تعالى َ‬ ‫الش ْي َ‬ ‫طائ ٌ‬ ‫َ ُْ‬
‫‪.]40‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 204‬الى اآلية ‪)204‬‬

‫وإِ َذا ُق ِرىء اْلُقرآن َفاستَ ِمعوْا َله وأ ِ‬


‫َنصتُوْا َل َعَّل ُك ْم تُ ْر َح ُمو َن‬ ‫َ ْ ُ ْ ُ َُ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬وإِ َذا ُق ِرىء اْلُقرآن َفاستَ ِمعوْا َله وأ ِ‬
‫َنصتُوْا} [اآلية‪.]204 :‬‬ ‫َ ْ ُ ْ ُ َُ‬ ‫َ‬

‫قيل‪ :‬فيه استمعوا له بآذانكم لعلكم تسمعون بقلوبكم وتفهمون مراد مخاطبة الحق إياكم‪ ،‬وتأدبوا بلطائف مواعظه‬
‫فيوصلكم حسن األدب إلى استماع‪ ،‬وبركة الخطاب إلى رحمته وهو أن يرزقكم آداب خدمته كما رزقكم سنن شريعته‬
‫وأجل ر ٍ‬
‫حمة رحم هللا بها عباده آداب العبودية التى خص هللا بها األكابر من األصفياء والسادات من األولياء‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َنصتُوْا} أى من آداب االستماع اإلنصات واالشتغال‪ ،‬بما يبدو من بركات السماع دون طلب ٍ‬
‫حظ‬ ‫وقيل فى قوله‪{ :‬وأ ِ‬
‫َ‬
‫فيه ٍ‬
‫بحال‪.‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 205‬الى اآلية ‪)205‬‬

‫ين‬‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ضُّرعاً و ِخ َيف ًة وُدو َن اْلجه ِر ِم َن اْلَقو ِل ِباْل ُغ ُد ِو واآلص ِ‬ ‫ِ‬ ‫وا ْذ ُكر َّرب ِ‬
‫ال َوالَ تَ ُك ْن م َن اْل َغافل َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّك في َنْفس َك تَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫ضُّرعاً َو ِخ َيف ًة َوُدو َن اْل َج ْه ِر ِم َن اْلَق ْو ِل} [اآلية‪.]205 :‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وا ْذ ُكر َّرب ِ‬
‫َّك في َنْفس َك تَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫عوضا‪ ،‬فأشرف الذكر ما ال يشرف عليه إال الحق‪ ،‬وما‬


‫ً‬ ‫قال الحسين فى هذه اآلية‪ :‬ال يظهر ذكرك لنفسك فتطلب به‬
‫خفى من الذكر أشرف مما ظهر‪.‬‬

‫ين}‪.‬‬‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫{والَ تَ ُك ْن م َن اْل َغافل َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫يقينا ال شك ما من أحد ذهب عنه نفس واحد بغير ذكر هللا إال وهو غافل‪.‬‬
‫قال سهل‪ :‬حًقا أقول لكم ال باطالً ً‬

‫وقال‪ :‬الغافل من غفل عن درك حقائق األمور‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 102‬الى اآلية ‪)102‬‬

‫ِِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬


‫َو َما َو َج ْدَنا ألَ ْكثَ ِرِهم م ْن َع ْهد َوإِن َو َج ْدَنآ أَ ْكثَ َرُه ْم َلَفاسق َ‬
‫ين‬

‫{و َما َو َج ْدَنا ألَ ْكثَ ِرِهم ِم ْن َع ْه ٍد} [اآلية‪.]102 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬أحسن العباد حاالً من وقف مع هللا على حفظ الحدود والوفاء بالعهود‪.‬‬

‫{و َما َو َج ْدَنا ألَ ْكثَ ِرِهم ِم ْن َع ْه ٍد}‪.‬‬


‫قال هللا تعالى‪َ :‬‬

‫سورة األعراف (من اآلية ‪ 68‬الى اآلية ‪)68‬‬

‫ِ ِ‬ ‫ِٰ‬
‫أَُبلِ ُغ ُك ْم ِر َٰسلت َربِي َوأََن ْا َل ُك ْم َناص ٌح أَم ٌ‬
‫ين‬

‫ين} [اآلية‪.]68 :‬‬ ‫ِ ِ‬


‫{وأََن ْا َل ُك ْم َناص ٌح أَم ٌ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال أبو حفص‪ :‬الناصح األمين الذى ال يكون فى نصيحته حظ لنفسه وال طلب ٍ‬
‫جاه‪ ،‬وإنما يكون مراده منه قبول‬
‫النصيحة والنجاة بها‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال سهل‪ :‬من لم ينصح هللا فى نفسه ولم ينصحه فى خلقه هلك‪ ،‬ونصيحة الخلق أشد من نصيحة النفس‪ ،‬وأدنى‬
‫نصيحة النفس الشكر وهو أن ال يعصى هللا بنعمته‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬النصيحة ألن ال يدخل فى شىء ال يملك صالحه‪.‬‬


‫وقال ً‬

‫سورة األنفال (من اآلية ‪ 1‬الى اآلية ‪)1‬‬

‫ِ‬
‫َّللاَ َوَرُسوَل ُه ِإن ُكنتُم ُّم ْؤ ِمن َ‬
‫َّللا وأَصلِحوْا َذات ِبيِن ُكم وأ ِ‬ ‫َنفال ََِّّللِ و َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ين‬ ‫َطي ُعوْا َّ‬ ‫َ ْ ْ َ‬ ‫الرُسول َفاتَُّقوْا َّ َ َ ْ ُ‬ ‫ون َك َع ِن األ َْنَفال ُقل األ َ ُ َ‬
‫َي ْسأَُل َ‬

‫ات ِب ْيِن ُك ْم} [اآلية‪.]1 :‬‬


‫َصلِ ُحوْا َذ َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬فاتَُّقوْا َّ‬
‫َّللاَ َوأ ْ‬

‫قال سهل‪ :‬التقوى ترك كل شىء يقع عليه الذم‪.‬‬

‫وقال‪ :‬ال تصح التقوى إال للمقتدى بالنبى صلى هللا عليه وسلم وأصحابه والتابعين‪.‬‬

‫وقال‪ :‬التقوى فى اآلداب‪ :‬مكارم األخالق‪ .‬وفى الترغيب أن ال يظهر ما فى سره‪،‬‬

‫وفى الترهيب أن ال يقف مع الجهل‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنفال (من اآلية ‪ 2‬الى اآلية ‪)2‬‬

‫يمناً َو َعَل ٰى َرب ِِه ْم َيتََوَّكُلو َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٰ‬ ‫ِ‬ ‫ين ِإ َذا ُذ ِكر َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫وب ُه ْم َوإِ َذا ُتلَي ْت َعَل ْيه ْم َء َايتُ ُه َزَاد ْت ُه ْم إ َٰ‬
‫َّللاُ َوجَل ْت ُقُل ُ‬ ‫َ‬ ‫ِإَّن َما اْل ُم ْؤ ِمُنو َن الذ َ‬

‫ين ِإ َذا ُذ ِكر َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬


‫وب ُه ْم} [اآلية‪.]2 :‬‬
‫َّللاُ َوجَل ْت ُقُل ُ‬ ‫َ‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّن َما اْل ُم ْؤ ِمُنو َن الذ َ‬

‫قال أبو سعيد الخراز فى هذه اآلية‪ :‬هل رأيت ذلك الرجل عند سماع الذكر أو عند‬

‫سماع كتابه؟ وهل أخرسك سماع ذلك الذكر حتى لم تنطق إال به؟ وهل أصمك حتى ال تسمع إال منه هيهات؟‬

‫وقيل‪ :‬المؤمن إذا سمع الذكر أو ذكر هو َو ِج َل قلبه أى‪ :‬عاد القلب على اللسان‬

‫بالذكر وعلى اآلذن بسماع الذكر‪ ،‬فاضطرب وهو الوجل الذى ذكره هللا عز وجل‪.‬‬

‫وب ُه ْم} قال‪ :‬هاجت من خشية الفراق فخشعت‬ ‫قال سهل فى قوله ِ‬
‫{وجَل ْت ُقُل ُ‬
‫َ‬

‫الجوارح هلل بالخدمة‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬وجلت قلوبهم الوجل على مقدار مطالعته‪ ،‬ربما يريه مواضع السطوة‪ ،‬وربما يريه مواضع‬
‫المودة والمحبة إن كان يريه التقريب والتبعيد‪.‬‬

‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬وجلت قلوبهم من فوات الحق‪..‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬الوجل على مقدار المطالعات فإن طالع السطوة هابه‪ ،‬وإن طالع المودة َو ِج َل قلبه مخافة فوته‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وجملة ذلك من طالع التقريب بالتأديب وجل‪ ،‬ومن طالع التهديد بالتبعيد وجل‬

‫خاليا من أزله وأبده‪ ،‬فال وجل حينئذ وال اضطراب وال تباعد وال اقتراب‪ ،‬فإنه‬
‫قائما سرمده ً‬
‫مغيبا عن شاهده ً‬
‫ومن طالعه ً‬
‫تحقق بالذات ونسى الصفات وفنى من الذات بالذات‪ ،‬كما هرب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عن الصفات إلى‬
‫الذات فقال‪" :‬أعوذ بك منك‬

‫‪".‬‬

‫يماناً} [اآلية‪.]2 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫{وإِ َذا ُتلَي ْت َعَل ْيه ْم َآياتُ ُه َزَاد ْت ُه ْم إ َ‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬أظهر عليهم بركة التالوة وزيادة يقين فى بواطنهم‪ ،‬وزيادة طاعة على ظاهرهم‪.‬‬

‫يماناً} إذ ال سبيل إلى الوصول إلى هللا إال‬ ‫ِ‬


‫{زَد ْت ُه ْم إ َ‬
‫وقال الجنيد رحمة هللا عليه‪َ :‬ا‬

‫باهلل‪.‬‬

‫قال عمرو بن عثمان‪ :‬الوجد الصحيح هو الذى يرى صاحبه زيادة ذلك فى أحواله‬

‫يماناً}‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫{وإِ َذا ُتلَي ْت َعَل ْيه ْم َآياتُ ُه َزَاد ْت ُه ْم إ َ‬
‫وأفعاله وأقواله وأخالقه‪ ،‬ألن هللا عز وجل يقول َ‬

‫سورة األنفال (من اآلية ‪ 4‬الى اآلية ‪)4‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أُولـِٰئك هم اْلمؤ ِمنون حقاً َّلهم درج ٌ ِ‬


‫ات ع َند َربِه ْم َو َم ْغف َرةٌ َوِرْز ٌق َك ِر ٌ‬
‫يم‬ ‫ْ َ ُُ ُ ْ ُ َ َ ُ ْ َ َ َ‬

‫قوله تعالى اسمه {أ ُْولـِٰئ َك ُه ُم اْل ُم ْؤ ِمُنو َن َحقاً} [اآلية‪.]4 :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قيل‪ :‬اجتمع فيهم أشياء حقق بها إيمانهم التعظيم للذكر‪ ،‬والوجل عند سماعه‪ ،‬وإظهار الزيادة عليهم عند تالوة الذكر‬
‫وسماعه‪ ،‬وحقيقة التوكل على هللا والقيام بشروط العبودية على حد الوفاء‪ ،‬وكملت أوصالهم فى حقيقة الحقائق فصاروا‬
‫متحققين باإليمان‪.‬‬

‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬حًقا إنهم سبقت لهم من هللا السعادة‪.‬‬

‫سورة األنفال (من اآلية ‪ 5‬الى اآلية ‪)5‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َخرجك رب ِ ِ‬


‫ُّك من َب ْيت َك ِباْل َح ِق َوِإ َّن َف ِريقاً م َن اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين َل َك ِارُهو َن‬ ‫َك َمآ أ ْ َ َ َ َ َ‬

‫ُّك ِمن َب ْيِت َك ِباْل َح ِق} [اآلية‪.]5 :‬‬


‫َخ َر َج َك َرب َ‬
‫{ك َمآ أ ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫{وإِ َّن َف ِريقاً م َن اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين َل َك ِارُهو َن} مفارقة أوطانهم‬ ‫عميا عن الحق َ‬
‫قلوبا ً‬
‫قال ابن عطاء‪ :‬أخرجك من بلدتك ليحيى بك ً‬
‫[وال يتم لعبد حقيقة الصحبة والنصيحة إال بعد هجران أقاربه ومفارقة أوطانه]‪.‬‬

‫َلفوا غيرها من البالد‪ ،‬ولم يتبق عليهم مطالبة لها فردهم إليها لئال يملكهم سوى الحق‬
‫أخرجهم من تلك البلدة حتى أ َ‬
‫شىء‪.‬‬

‫وقال بعضهم فى هذه اآلية‪ :‬أفناك عن أوصافك ومواضع سكونك واعتمادك‪ ،‬وما كان يميل إليه قلبك‪ ،‬لئال تالحظ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫{وإِ َّن َف ِريقاً م َن اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين‬ ‫مجاالً وال تسكن إلى مألوف‪ ،‬فأخرجك من المألوفات‪ ،‬ليكون بالحق قيامك وعليه اعتمادك َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َل َك ِارُهو َن} ظاهر‬
‫خروجك ومفارقة أوطانك وال يعلمون أن خروجك منها الخروج عن جميع الرسوم المألوفة والطبائع المعهودة‪ ،‬وإنك‬
‫بمفارقة هذا الوطن المعتاد يصير الحق وطنك‪.‬‬

‫سورة األنفال (من اآلية ‪ 7‬الى اآلية ‪)7‬‬

‫الح َّق ِب َكلِ َم ِات ِه‬ ‫ِ‬ ‫الش ْوَك ِة تَ ُكو ُن َل ُك ْم َوُي ِر ُيد َّ‬
‫َّللاُ أَن ُيح َّق َ‬
‫َن َغير َذ ِ‬
‫ات َّ‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫َوإِ ْذ َي ِع ُد ُك ُم َّ‬
‫َّللاُ ِإ ْح َدى الطآئَفت ْي ِن أََّن َها َل ُك ْم َوتََوُّدو َن أ َّ ْ َ‬
‫ِ‬
‫ط َع َداِب َر اْل َكاف ِر َ‬
‫ين‬ ‫َوَيْق َ‬

‫الش ْوَك ِة تَ ُكو ُن َل ُك ْم} [اآلية‪.]7 :‬‬ ‫َن َغير َذ ِ‬


‫ات َّ‬ ‫{وتََوُّدو َن أ َّ ْ َ‬
‫قوله عز اسمه‪َ :‬‬

‫ٍ‬
‫فمتمن‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫فمتعن‪ ،‬ومن ظن أنه يصل إليه بغير جهد‬ ‫قال بعضهم‪ :‬من ظن أنه يصل إلى الحق بالجهد‬

‫قال بعضهم‪ :‬ال يصل أحد إلى حياة القلب ما لم يمت نفسه بنزاع الشهوات عنها ومخالفتها فى جميع األحوال وهو‬
‫الش ْوَك ِة تَ ُكو ُن َل ُك ْم}‪.‬‬ ‫َن َغير َذ ِ‬
‫ات َّ‬ ‫{وتََوُّدو َن أ َّ ْ َ‬
‫معنى قوله‪َ :‬‬

‫سورة األنفال (من اآلية ‪ 8‬الى اآلية ‪)8‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫لِي ِح َّق اْلح َّق ويب ِطل اْلب ِ‬
‫اط َل َوَل ْو َك ِرَه اْل ُم ْج ِرُمو َن‬ ‫َ َ ُْ َ َ‬ ‫ُ‬
‫قوله عز وعال‪{ :‬لِي ِح َّق اْلح َّق ويب ِطل اْلب ِ‬
‫اط َل} [اآلية‪.]8 :‬‬ ‫َ َ ُْ َ َ‬ ‫ُ‬

‫قال بعضهم‪ :‬ليحق الحق بالكشف‪ ،‬ويبطل الباطل بالستر‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬ليحق الحق بالقبول‪ ،‬ويبطل الباطل بالرد‪.‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬ليحق الحق بتجليه‪ ،‬ويبطل الباطل باستتاره‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬ليحق الحق باإلقبال عليه ويبطل الباطل باإلعراض عنه‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬ليحق الحق بالرضا‪ ،‬ويبطل الباطل بالسخط‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬ليحق الحق لألولياء‪ ،‬ويبطل الباطل لألعداء‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬ليحق الحق بالجذب‪ ،‬ويبطل الباطل بالصرف‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬ليحق الحق بالبراهين‪ ،‬ويبطل الباطل بالدعاوى‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنفال (من اآلية ‪ 10‬الى اآلية ‪)10‬‬

‫ِ‬ ‫َّللاِ ِإ َّن َّ‬


‫َّللاَ َع ِز ٌيز َحك ٌ‬
‫يم‬ ‫ص ُر ِإالَّ ِم ْن ِع ِند َّ‬ ‫وب ُك ْم َو َما َّ‬
‫الن ْ‬
‫َّللا ِإالَّ ب ْشر ٰى ولِت ْ ِ ِ‬
‫ط َمئ َّن ِبه ُقُل ُ‬‫َو َما َج َعَل ُه َّ ُ ُ َ َ َ‬

‫َّللاِ} [اآلية‪.]10 :‬‬


‫ص ُر ِإالَّ ِم ْن ِع ِند َّ‬ ‫{و َما َّ‬
‫الن ْ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قيل‪ :‬بيَّن هللا آثار النصر وبدو السالمة فمن لم يطلب النصر والسالمة بالذلة‬

‫واالفتقار ال يناله‪ ،‬ألن طالب النصرة بالقوة والقدرة منازعة الربوبية‪ ،‬ومن نازع الولى قهره‪.‬‬

‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن َّ‬


‫َّللاَ َع ِز ٌيز َحك ٌ‬
‫يم}‪.‬‬

‫لضل‪.‬‬
‫َّ‬ ‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬العزيز الذى ال يدركه طالبوه ولو أدركوه‬

‫سورة األنفال (من اآلية ‪ 9‬الى اآلية ‪)9‬‬

‫ِ ِ ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِإ ْذ تَ ْستَ ِغيثُو َن َرب ُ‬


‫اب َل ُك ْم أَني ُممُّد ُك ْم ِبأَْلف م َن اْل َمالئ َكة ُم ْرِدف َ‬
‫ين‬ ‫استَ َج َ‬
‫َّك ْم َف ْ‬

‫اب َل ُك ْم} [اآلية‪.]9 :‬‬


‫استَ َج َ‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ ْذ تَ ْستَ ِغيثُو َن َرب ُ‬
‫َّك ْم َف ْ‬

‫اب َل ُك ْم}‪.‬‬
‫استَ َج َ‬ ‫قال بعضهم‪ :‬من صدق االستعانة أجيب فى الوقت‪ .‬قال هللا تعالى {ِإ ْذ تَ ْستَ ِغيثُو َن َرب ُ‬
‫َّك ْم َف ْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال أبو سعيد الخراز فى هذه اآلية‪ :‬ومناشدة النبى صلى هللا عليه وسلم ربه‪" :‬إنك إن تهلك هذه العصابة ال تعبد"‬
‫وقول الصديق أبى بكر رضى هللا عنه‪" :‬دع مناشدتك ربك فإنه منجز‬

‫لك ما وعدك‪".‬‬

‫أتم‬
‫ناظر باإلشارة إليه‪ ،‬والنبى صلوات الرحمن عليه كان َّ‬
‫أبو بكر رضى هللا عنه تكلم عن التجريد برؤية الوعد بالوفاء ًا‬
‫وأبلغ وأقوى وأسكن من أبى بكر وأشد طمأنينة إلى إنجاز الوعد ألنه باهلل أعرف‪ ،‬إال أنه فى ذلك راجع إلى أوصافه‪،‬‬
‫َستَ ِج ْب َل ُك ْم } [غافر‪ ]60 :‬فرجع إلى هللا باهلل سائالً من هللا إنجاز‬ ‫ِ‬
‫فخرج إلى ربه بآداب العبودية بقوله { ْاد ُعوني أ ْ‬
‫وعده‪.‬‬

‫قال النصرآباذى‪ :‬استغاثة منه واستغاثة إليه‪ ،‬فاالستغاثة منه ال يجاب صاحبها بجواب‪ ،‬بل يكون ً‬
‫أبدا معلًقا بتلك‬
‫االستغاثة واستغاثة إليه فذلك الذى يجاب إليه األنبياء واألولياء واألصفياء‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬النفس تستغيث لطلب حظها من البقاء ودوام العافية فيها‪ ،‬والقلب يستغيث من خوف التقليب‪.‬‬
‫وقال ً‬

‫قال النبى صلى هللا عليه وسلم‪ " :‬قلب ابن آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبه كيف يشاء " والروح يستغيث‬
‫ور } [غافر‪.]19 :‬‬ ‫َعُي ِن َو َما تُ ْخِفي ُّ‬ ‫ِ‬
‫الص ُد ُ‬ ‫لطلب الرواح‪ ،‬والسر يستغيث الطالعه على الخفيات { َي ْعَل ُم َخآئَن َة األ ْ‬

‫سورة األنفال (من اآلية ‪ 11‬الى اآلية ‪)11‬‬

‫ان َولَِي ْرِب َ‬


‫طِ‬ ‫ط ِه َرُكم ِب ِه وُي ْذ ِه َب َعن ُكم ِر ْج َز َّ‬ ‫السم ِآء م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫النعاس أ ِ‬ ‫ِإ ْذ ُي َغ ِش ُ‬
‫ط َعَل ٰى‬ ‫الش ْي َ‬ ‫ْ‬ ‫آء لُي َ ْ َ‬ ‫يك ُم ُّ َ َ َ‬
‫َمَن ًة م ْن ُه َوُيَنزُل َعَل ْي ُكم من َّ َ َ ً‬
‫ِك ْم َوُيثَِب َت ِب ِه األَْق َد َام‬
‫ُقُلوب ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َمَن ًة ِم ْن ُه} [اآلية‪.]11 :‬‬
‫اس أ َ‬ ‫يكم ُّ‬
‫الن َع َ‬
‫ِ ِ‬
‫قوله عز اسمه‪{ :‬إ ْذ ُي َغش ُ ُ‬

‫قال سهل‪ :‬النعاس ينزل من الدماغ والقلب َح ٌّى‪ ،‬والنوم يحل بالقلب من الظاهر وهو حكم النوم‪ ،‬وحكم النعاس حكم‬
‫الروح‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬ألقى على الصحابة النعاس حتى غلبهم ذلك‪ ،‬فلم يبق منهم أحداً إال وهو ناعس تحت حجفته‪ ،‬فلما أزال‬
‫عنهم أوصافهم وبرأهم من حولهم وقوتهم أيدهم باألمن‪ ،‬ليعلموا أن النصر من عنده‪ ،‬وهو الذى يهزمهم ال هم وأنه‬
‫الملقى فى قلوبهم الرعب‪ ،‬وأن الكل إليه وليس إليهم من األمر شىء‪.‬‬

‫ط ِه َرُك ْم ِب ِه} [اآلية‪.]11 :‬‬


‫آء لُِي َ‬ ‫قوله تبارك وتعالى‪{ :‬وين ِزل عَلي ُكم ِمن َّ ِ‬
‫الس َمآء َم ً‬ ‫َ َُ ُ َ ْ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬أنزل عليهم ماء طهر به ظواهر أبدانهم ودنسها‪ ،‬وأنزل عليهم رحمة َّنور بها قلوبهم وشفا بها صدورهم‬
‫عن وساوس العدو‪ ،‬وألبس بواطنهم لباس الطمأنينة والصدق‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬كلما أحدثوا خطيئة جددنا لهم نعمة‪ ،‬تنسيهم االستغفار من تلك الخطيئة‪.‬‬

‫قال بندار‪ :‬االستدراج هو أن يترك المستدرج مع ظاهر الرسوم مع غيبته عن الحقائق والفهم الفائد‪.‬‬

‫ِ‬
‫ات واأل َْر ِ‬
‫ض } [األعراف‪.]185 :‬‬ ‫ظروْا ِفي مَل ُك ِ‬
‫الس َم َاو َ‬
‫وت َّ‬ ‫َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أ ََوَل ْم َي ْن ُ ُ‬

‫قال بعضهم‪ :‬النظر فى الملكوت يورث االعتبار والنظر إلى المالك يسقط عنهم االشتغال بسواه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال سهل‪ :‬أخبر هللا عن قدرته على عباده ووصف حاجتهم إليه وما خلق من شىء مما سمعوا به ولم يروه فاعتبروا‬
‫به‪ ،‬ولو شاهدوا ذلك بقلوبهم لوصفوه مثل المعاينة‪،‬‬

‫آمنوا بالغيب َّ‬


‫فأداهم اإليمان إلى مشاهدة الغيب الذى غاب عنهم‪ ،‬وورثوا بذلك درجات األنوار فصاروا أعال ًما للهدى‪.‬‬

‫َّللاُ } [األعراف‪.]188 :‬‬


‫آء َّ‬ ‫ِ َّ‬ ‫َّ ِ ِ ِ‬
‫ض اًر إال َما َش َ‬
‫قوله تعالى‪ُ { :‬قل ال أ َْمل ُك لَنْفسي َنْفعاً َوالَ َ‬

‫قال سهل‪ :‬كيف يملك نفع غيره من ال يملك نفع نفسه‪.‬‬

‫حاكيا عن أبى عثمان أنه قال‪ :‬عجز الخلق عن إيصال نفع إلى نفسه أو دفع ضرر عنها‬
‫قال أبو الحسين الوراق ً‬
‫آجالً وعاجالً‪ ،‬فكيف يثق بإيمانه وكيف يعتمد على طاعاته؟‬

‫َّللاُ} [األعراف‪ ]188 :‬ألن النافع والضار هو‬


‫آء َّ‬ ‫ِ َّ‬ ‫َّ ِ ِ ِ‬
‫ض اًر إال َما َش َ‬
‫قال هللا تعالى‪{ :‬ال أ َْمل ُك لَنْفسي َنْفعاً َوالَ َ‬

‫هللا َّ‬
‫مكن الخلق من األسباب وهو المسبب لجميع ذلك‪.‬‬

‫وء} [األعراف‪.]188 :‬‬ ‫َعَل ُم اْل َغ ْي َب الَ ْستَ ْكثَ ْر ُت ِم َن اْل َخ ْي ِر َو َما َم َّسِن َي ُّ‬
‫الس ُ‬ ‫نت أ ْ‬
‫{وَل ْو ُك ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬لو كنت أملك الغيب وأقدر عليه لما مسنى السوء‪ ،‬ولكن طويت الغيوب عنا وأُلزمت المالمة لنا‪.‬‬

‫قوله تعالى‪َ { :‬و َج َع َل ِم ْن َها َزْو َج َها لَِي ْس ُك َن ِإَل ْي َها } [األعراف‪.]189 :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬خلقها ليسكن إليها فلما سكن إليها غفل عن مخاطبات الحقيقة لسكونه إليها‪ ،‬فوقع فيما وقع من تناول‬
‫الشجرة‪.‬‬

‫ين } [األعراف‪.]196 :‬‬ ‫َّللا َّال ِذي َنَّزل اْل ِكتَاب وهو ي َتوَّلى َّ ِ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إ َّن ولِِي‬
‫الصالح َ‬ ‫َ َ َُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ـي َّ ُ‬
‫َ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬الحظ األولياء بعين اللطف والحظ العباد بعين البر‪ ،‬والحظ األنبياء بعين التولى فقال‪ِ{ :‬إ َّن َوِلِيـي َّ‬
‫َّللاُ}‬
‫َ‬
‫[األعراف‪.]196 :‬‬

‫توليا‪ ،‬وأصلح الخواص بصحة المقصود‬ ‫وقيل فى قوله‪{ :‬وهو يتَوَّلى َّ ِ ِ‬


‫ين} [األعراف‪ ]196 :‬عن رعونة البشرية ً‬‫الصالح َ‬ ‫َ َُ َ َ‬
‫واإلقرار باإلخالص للمعبود‪ ،‬وأصلح العوام بصحة األوقات‪.‬‬

‫وسئل جعفر عن الحكمة فى قوله‪ :‬وهو يتولى الصالحين ونحن نعلم أنه يتولى العالمين‪ ،‬فقال‪ :‬التولية على وجهين‪:‬‬ ‫ُ‬
‫تولية إقامة وإبراء‪ ،‬وتولية عناية ورعاية إلقامة‬

‫الحق‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬يتولى الصالحين بالوقاية والرعاية‪ ،‬ويتولى الفاسقين بالغواية‪.‬‬

‫وه ْم ِإَلى اْل ُه َد ٰى الَ َي ْس َم ُعوْا } [األعراف‪.]198 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬وإِن تَ ْد ُع ُ‬

‫قيل‪ :‬كيف يسمع الدعاء من أصمه الداعى عن المدعو إليه‪ ،‬وال يسمع نداء الحق إال من أسمعه فبإسماعه يسمع ال‬
‫باستماعه وال بسمعه‪.‬‬

‫ظرو َن ِإَليك وهم الَ يب ِ‬


‫ص ُرو َن} [األعراف‪.]198 :‬‬ ‫ْ َ َ ُ ْ ُْ‬ ‫اه ْم َين ُ ُ‬
‫{وتَ َر ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قيل‪ :‬بأنفسهم ينظرون إليك‪ ،‬فال يبصرون خصائص ما أودعناه فيك‪ ،‬وبركات ما أجرينا فى الخليقة بك‪ ،‬وكذا من‬
‫نظر بنفسه إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ُحجب عن إدراك معانيه حتى ينظر ببركة الرسول صلى هللا عليه‬
‫أيضا قاصر النظر حتى تنظر إليه بالحق ومن الحق‪،‬‬‫وسلم بل هو ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫إذ ذاك يتبين له شرف ما خص به‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬النظر إلى السفير لألدنى والمبلغ لألعلى‪ ،‬والرسول المصطفى صلى هللا عليه وسلم نظر عام‪ ،‬ولكن ال‬
‫يبصره فى النظر إليه‪ ،‬وال يراه إال الخواص‪ ،‬فمن أبصره أو رآه ظهرت عليه بركات رؤيته بقدر ما كشف له عن رؤيته‬
‫وفتح من بصره‪ ،‬أال تراه يقول‪" :‬طوبى لمن رآنى" وقد رآه الكفار وشاهدوه‪ ،‬ولكن طوبى لمن رآه بالموضع الذى وضع‬
‫ِ‬
‫يكتف بمشاهدة ظاهره بهذه الرؤية التى تظهر على الرأى‬ ‫ورزق فى مشاهدة عظيم حرماته‪ ،‬ولم‬

‫نتائج هذه البركات‪ ،‬التى لو فاضت واحدة منها على أهل األرض لوسعتهم‪.‬‬

‫وقال سهل‪ :‬هى القلوب التى لم يزينها هللا بأنوار القربة‪ ،‬فهى عمى عن إدراك الحقائق ورؤية األكابر‪.‬‬

‫صفحا وهم عنه معرضون‪.‬‬


‫ً‬ ‫وقال القناد‪ :‬تراهم ينظرون إليك قال‪ :‬ال يفهمون ما ألقى إليهم‪ ،‬بل يسمعون‬

‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫} [األعراف‪.]199 :‬‬ ‫ض َع ِن اْل َجاهل َ‬
‫ين‬ ‫ْم ْر ِباْل ُع ْرف َوأ ْ‬
‫َع ِر ْ‬ ‫قوله تعالى‪ُ { :‬خذ اْل َعْف َو َوأ ُ‬

‫وباطنا‪ ،‬والصفح عن زالت الخالئق‪ ،‬واألمر‬


‫ً‬ ‫ظاهر‬
‫ًا‬ ‫قال بعضهم‪ :‬أمر النبى صلى هللا عليه وسلم بمكارم األخالق‬
‫الج َّهال‪.‬‬ ‫بمكارم األخالق‪ ،‬ويعرض عن الجاهلين أى‪ :‬أعرض عن المعرضين َّ‬
‫عنا فهم ُ‬

‫وروى عن النبى صلى هللا عليه وسلم ُسئل جبريل صلى هللا عليه وسلم عن تفسير هذه اآلية فقال‪" :‬تصل من قطعك‬
‫وتعطى من حرمك وتعفو عمن ظلمك وتحسن إلى من أساء إليك‬

‫‪".‬‬

‫وروت عائشة الصديقة بنت الصديق رضى هللا عنهما أن النبى صلى هللا عليه وسلم أمر بالعفو عن أخالق الرجال‬
‫{خ ِذ اْل َعْف َو}‪.‬‬
‫بقوله‪ُ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال بعضهم‪ :‬أقبل عليهم بظاهرك وال تكن بباطنك إال مقيدة علينا‪.‬‬

‫{خ ِذ اْل َعْف َو} المشاهدة‪ ،‬وأمر بالعرف واستعن باهلل على ما نلت من القرب‪ ،‬وأعرض عن الجاهلين‪،‬‬
‫قال ابن عطاء‪ُ :‬‬
‫قال‪ :‬هى النفس إذا طالعت شهواتها‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬مكارم األخالق كلها فى قوله‪.‬‬

‫آء لُِي َ‬
‫ط ِه َرُك ْم‬ ‫ماء اليقين إذا نزل على األسرار أسقط عنها االختالج والشك‪ ،‬قال هللا تعالى‪{ :‬وين ِزل عَلي ُكم ِمن َّ ِ‬
‫الس َمآء َم ً‬ ‫َ َُ ُ َ ْ‬
‫ِب ِه} من كل ما تدنستم به من أنواع المخالفات‪.‬‬

‫ِك ْم َوُيثَِب َت ِب ِه األَْق َد َام}‪.‬‬ ‫{ولَِي ْربِ َ‬


‫ط َعَل ٰى ُقُلوب ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬ربط على قلوب أوليائه‪ ،‬لتلقى البالء بأسلحة الصبر‪ ،‬وربط على قلوب العارفين لثبات األسرار فى‬
‫مشاهدة ما يبدو لهم من الغيوب‪.‬‬

‫قلب مربوط باألكوان‪ ،‬وقلب مربوط باألسامى والصفات وقلب مربوط بالحق‪.‬‬
‫قال بعضهم‪ :‬القلوب ثالثة‪ٌ :‬‬

‫سورة األنفال (من اآلية ‪ 17‬الى اآلية ‪)17‬‬

‫ِ‬ ‫َّللا رمى ولِيبلِي اْلمؤ ِمِنين ِم ْنه بالء حسناً ِإ َّن َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وه ْم َوَلـ ِٰك َّن َّ‬
‫يم‬
‫يع َعل ٌ‬
‫َّللاَ َسم ٌ‬ ‫َّللاَ َقَتَل ُه ْم َو َما َرَم ْي َت إ ْذ َرَم ْي َت َوَلـٰك َّن َّ َ َ َ ٰ َ ُْ َ ُ ْ َ ُ َ ً َ َ‬ ‫َفَل ْم تَْقُتُل ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َّللاَ َقَتَل ُه ْم َو َما َرَم ْي َت ِإ ْذ َرَم ْي َت َوَلـ ِٰك َّن َّ‬
‫َّللاَ َرَم ٰى} [اآلية‪.]17 :‬‬ ‫وه ْم َوَلـ ِٰك َّن َّ‬
‫قوله تعالى‪َ{ :‬فَل ْم تَْقُتُل ُ‬

‫مصيبا إال بمعونتنا وإمدادنا إياك بالقوة‪.‬‬


‫ً‬ ‫اميا إال بنا‪ ،‬وال‬
‫قال فارس‪ :‬ما كنت ر ً‬

‫سببا‬
‫قال بعضهم‪ :‬أثبتهم فى القتل والرمى ومباشرتهما‪ ،‬ثم نفى عنهم ذلك كله لئال يشهدوا من أنفسهم حاالً وال ً‬
‫{وَلـ ِٰك َّن َّ‬
‫َّللاَ َقَتَل ُه ْم} ورماهم‪ ،‬ومن رمى منكم فبإيانا َرَمى‪ ،‬ولو بإياكم رميتم لبلغ‬ ‫ويشاهدوا الحق على جميع األحوال بقوله َ‬
‫الرمى إلى مقدار ما يليق بكم‪.‬‬

‫{و َما َرَم ْي َت ِإ ْذ َرَم ْي َت}‪ ،‬ولكن رميت بسهام الجمع فغيبك عنك‪ ،‬فرميت وكنا الرامين عنك‪ ،‬ألن المباشرة‬
‫وقال بعضهم‪َ :‬‬
‫لك والحقيقة لنا إذ لم نفترق‪.‬‬

‫{وَلـ ِٰك َّن َّ‬


‫َّللاَ َرَم ٰى}‬ ‫{و َما َرَم ْي َت ِإ ْذ َرَم ْي َت َوَلـ ِٰك َّن َّ‬
‫َّللاَ َرَم ٰى} أضاف الفعل إليه بقوله رميت وسلبه بقوله‪َ :‬‬ ‫وقال بعضهم قوله‪َ :‬‬
‫فكأنه يقول‪ :‬فإن كنت الرامى به‪ ،‬فأنا قد‬

‫توليت عليك فى رميك‪ ،‬ألنك ما رميته بإياك إلياك بل رميته بنا لنا‪ ،‬وكل من عمل بنا لنا فنحن متولو تقويمه فى‬
‫وقت مباشرته‪ ،‬والقائمون بقبوله المثنون عليه بذلك‪.‬‬

‫الء َح َسناً}‪.‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬ولِيبلِي اْلمؤ ِمِن ِ‬


‫ين م ْن ُه َب ً‬
‫َ ُْ َ ُ ْ َ‬

‫ُسئل الجنيد رحمة هللا عليه عن هذه اآلية فقال‪ :‬البالء الحسن أن يثبته عند األمر ويحفظه عند النهى‪ ،‬وينفرد به عند‬
‫مشاهدة العين‪.‬‬

‫وقال رويم‪ :‬البالء الحسن أن تكون رؤية الحق أسبق إليه من نزول البالء‪ ،‬فيمر به البالء وهو ال يشعر الستغراقه فى‬
‫رؤية الحق‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال أبو عثمان‪ :‬البالء الحسن ما يورثك الصبر عليه والرضاء به‪.‬‬

‫منصور يقول بإسناده عن جعفر بن محمد أنه قال‪ :‬يفنيهم عن نفوسهم‪ ،‬فإذا أفناهم عن نفوسهم؛ كان هو‬
‫ًا‬ ‫سمعت‬
‫عوضا لهم عن نفوسهم‪.‬‬
‫ً‬

‫سورة األنفال (من اآلية ‪ 21‬الى اآلية ‪)21‬‬

‫ين َقاُلوا َس ِم ْعَنا َو ُه ْم الَ َي ْس َم ُعو َن‬ ‫َّ ِ‬


‫ونوْا َكالذ َ‬
‫َوالَ تَ ُك ُ‬

‫قال بعضهم‪ :‬من سمع ولم ُي َر عليه فوائد السماع وزوائده فى أحواله‪ ،‬فهو غير مستمع وال سامع‪ ،‬والمستمع على‬
‫الحقيقة من يرجع من حال السماع بزيادة فائدة أو زيادة حال‪ ،‬ومن حضر مجلس ذكر ولم يرجع بزيادة‪ ،‬فإنما يرجع‬
‫ين َقاُلوا َس ِم ْعَنا َو ُه ْم الَ َي ْس َم ُعو َن}‪.‬‬ ‫َّ ِ‬
‫ونوْا َكالذ َ‬
‫{والَ تَ ُك ُ‬
‫بنقصان قال هللا تعالى‪َ :‬‬

‫سورة األنفال (من اآلية ‪ 23‬الى اآلية ‪)23‬‬

‫َّ‬ ‫وَلو َعلِم َّ ِ ِ‬


‫َس َم َع ُه ْم َلتََولوْا َّو ُه ْم ُّم ْع ِر ُ‬
‫ضو َن‬ ‫َس َم َع ُه ْم َوَل ْو أ ْ‬
‫َّللاُ فيه ْم َخ ْي اًر أل ْ‬ ‫َْ َ‬

‫َس َم َع ُه ْم} [اآلية‪.]23 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وَلو َعلِم َّ ِ ِ‬


‫َّللاُ فيه ْم َخ ْي اًر أل ْ‬ ‫َْ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬حقيقة السماع ما تبدو عليك منه بركات ما تسمعه من زيادة عمل أو زجر عن ارتكاب معصية‪.‬‬

‫ومن أراد هللا به الخير أسمعه من الحكمة ما ينفعه‪.‬‬

‫قال يحيى بن معاذ‪ :‬إن هذا العلم الذى تسمعونه‪ ،‬إنما تسمعون ألفاظه من العلماء ومعانيه من هللا بآذان قلوبكم‪،‬‬
‫فاعملوا تعقلوا ما تسمعون‪ ،‬فإن لم تعملوا كان ضره أقرب إليكم من نفعه‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬عالمة الخير فى السماع أن يسمعه بفناء أوصافه ونعوته‪ ،‬ويسمعه بحق من حق‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬لوجعلهم أهالً للسماع لفتح آذانهم لالستماع‪.‬‬

‫سورة األنفال (من اآلية ‪ 24‬الى اآلية ‪)24‬‬

‫ول َب ْي َن اْل َم ْرِء َوَقْلِب ِه َوأََّن ُه ِإَل ْي ِه‬


‫َّللاَ َي ُح ُ‬ ‫اعَل ُموْا أ َّ‬
‫َن َّ‬ ‫اكم لِ َما ُي ْحِي ُ‬
‫يك ْم َو ْ‬ ‫ين آمُنوْا استَ ِجيبوْا ََِّّللِ ولِ َّلرس ِ‬
‫ول ِإ َذا َد َع ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ ُ‬
‫ٰيأَي َّ ِ‬
‫ُّها الذ َ َ‬‫َ‬
‫تُ ْح َش ُرو َن‬

‫ين آمُنوْا استَ ِجيبوْا ََّّللِ ولِ َّلرس ِ‬


‫ول} [اآلية‪.]24 :‬‬ ‫قوله تعالى ذكره { ٰيأَي َّ ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ُّها الذ َ َ‬
‫َ‬

‫قال الجنيد رحمة هللا عليه فى كتاب "رواء التفريط" فى هذه اآلية‪ :‬قرع أسماع همومهم حالوة الدعوة وتنسموا روح ما‬
‫َّأدته إليهم األفهام الظاهرة من األدناس‪ ،‬فأسرعوا إلى حذف العالئق المشغلة قلوب الواقفين معها‪ ،‬وهجموا بالنفوس‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫على معانقة الحذر‪ ،‬وتجرعوا م اررة المكابدة وصدقوا هللا فى المعاملة‪ ،‬وأحسنوا األدب فيما توجهوا إليه‪ ،‬وهانت عليهم‬
‫المصائب وعرفوا قدر ما يطلبون؛ فاغتنموا سالمة األوقات‪،‬‬

‫وسجنوا همومهم عن التلفت إلى مذكور سوى وليهم‪ ،‬فيحيون حياة األبد بالحق الذى لم يزل وال يزال‪ ،‬فهذا معنى قوله‬
‫تعالى‪{ :‬استَ ِجيبوْا ََّّللِ ولِ َّلرس ِ‬
‫ول ِإ َذا َد َع ُ‬
‫اكم}‪.‬‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ ُ‬

‫اكم لِ َما ُي ْحِي ُ‬


‫يك ْم}‪.‬‬ ‫وقال الواسطى رحمة هللا عليه فى قوله‪ِ{ :‬إ َذا َد َع ُ‬

‫ظا وفعالً‪.‬‬
‫قال‪ :‬حياة [النفس] تصفيتها من كل معلول لف ً‬

‫وقال جعفر‪ :‬أجيبوه إلى الطاعة لتحيا بها قلوبكم‪.‬‬

‫طِيَب ًة }‬ ‫اكم لِ َما ُي ْحِي ُ‬


‫يك ْم} قال‪ :‬الحياة باهلل هى الحياة وهى المعرفة‪ ،‬كما قال هللا { َفَلُن ْحِيَيَّن ُه َحَيا ًة َ‬ ‫أيضا‪ِ{ :‬إ َذا َد َع ُ‬
‫وقال ً‬
‫[النحل‪.]97 :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬استجيبوا هلل بسرائركم وللرسول بظواهركم‪ ،‬إذا دعاكم لما يحييكم حياة النفوس بمتابعة الرسول‪ ،‬وحياة‬
‫القلب بمشاهدة الغيوب‪ ،‬وهو الحياء من هللا برؤية التقصير‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬االستجابة على أربعة أوجه‪:‬‬

‫أولها‪ :‬إجابة التوحيد‪.‬‬

‫والثانى‪ :‬إجابة التحقيق‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫والثالث‪ :‬إجابة التسليم‪.‬‬

‫والرابع‪ :‬إجابة التقريب‪.‬‬

‫ول َب ْي َن اْل َم ْرِء َوَقْلِب ِه} [اآلية‪.]24 :‬‬


‫َّللاَ َي ُح ُ‬ ‫اعَل ُموْا أ َّ‬
‫َن َّ‬ ‫{و ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫َّللاَ} إشارة إلى قلوب أوليائه بأن هللا يأخذها منهم ويحجبها لهم ويقلبها بصفاته‪ ،‬كما قال النبى صلى هللا‬ ‫وأنه قيل‪{ :‬أ َّ‬
‫َن َّ‬
‫عليه وسلم‪ " :‬قلب ابن آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء "‪ .‬فيختمها بخاتم المعرفة‪ ،‬ويطبعها‬
‫بطابع الشوق‪.‬‬

‫وسمعت النصرآباذى يقول‪ :‬القلوب فى التقليب والنفوس فى التنقيل‪.‬‬

‫ِ‬
‫ول َب ْي َن اْل َم ْرِء َوَقْلِبه} أى‪َ :‬ع ُ‬
‫قله فى التقليب وفهمه عن هللا خطابه‪.‬‬ ‫{ي ُح ُ‬
‫وقيل‪َ :‬‬

‫وقيل‪ :‬يحول بين المؤمن واإليمان‪ ،‬والكافر والكفر‪ ،‬يردهما إلى ما سبق لهما منه فى األزل‪.‬‬

‫سورة األنفال (من اآلية ‪ 25‬الى اآلية ‪)25‬‬

‫َّللا َش ِد ُيد اْل ِعَق ِ‬


‫اب‬ ‫اعَل ُموْا أ َّ‬ ‫ظَل ُموْا ِم ُ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫َواتَُّقوْا ف ْتَن ًة ال تُص َيب َّن الذ َ‬
‫َن َّ َ‬ ‫آص ًة َو ْ‬
‫نك ْم َخ َّ‬ ‫ين َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ظَل ُموْا ِم ُ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫آص ًة} [اآلية‪.]25 :‬‬
‫نك ْم َخ َّ‬ ‫{واتَُّقوْا ف ْتَن ًة ال تُص َيب َّن الذ َ‬
‫ين َ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قيل‪ :‬الفتنة التى يرضى العبد بها أو يميل إلى إحدى جوانبها‪ ،‬فإنها فتنة أصابته وإن لم يباشرها‪.‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬اكتساب المال من الحرام من الفتن التى تصيب غير مباشرها‪.‬‬

‫ظَل ُموْا ِم ُ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬


‫آص ًة} نزلت إال فيمن يرى النكاح‬
‫نك ْم َخ َّ‬ ‫{واتَُّقوْا ف ْتَن ًة ال تُص َيب َّن الذ َ‬
‫ين َ‬ ‫قال بشر بن الحارث‪ :‬ال أرى هذه اآلية َ‬
‫من غير ولى‪.‬‬

‫سورة األنفال (من اآلية ‪ 27‬الى اآلية ‪)27‬‬

‫َم َان ِات ُك ْم َوأ َْنتُ ْم َت ْعَل ُمو َن‬ ‫ٰيأَي َّ ِ‬


‫ونوْا أ َ‬
‫ول َوتَ ُخ ُ‬
‫الرُس َ‬
‫َّللاَ َو َّ‬
‫ونوْا َّ‬
‫آمُنوْا الَ تَ ُخ ُ‬
‫ين َ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ‬

‫َم َان ِات ُك ْم} [اآلية‪.]27 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ٰ { :‬يأَي َّ ِ‬


‫ونوْا أ َ‬
‫ول َوتَ ُخ ُ‬
‫الرُس َ‬
‫َّللاَ َو َّ‬
‫ونوْا َّ‬
‫آمُنوْا الَ تَ ُخ ُ‬
‫ين َ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬من خان هللا فى السر هتك ستره فى العالنية‪.‬‬

‫وقال بعضهم فى هذه اآلية‪ :‬خيانة هللا فى األسرار من حب الدنيا وحب الرياسة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫واإلظهار خالف اإلضمار‪ ،‬وخيانة الرسول فى آداب الشريعة وترك السنن والتهاون بها‪ ،‬وخيانات األمانات فى‬
‫المعامالت واألخالق‪ .‬ومعاشرة المؤمنين فى ترك النصيحة لهم‪.‬‬

‫سورة األنفال (من اآلية ‪ 28‬الى اآلية ‪)28‬‬

‫يم‬ ‫ِ‬ ‫َن َّ ِ‬ ‫اعَل ُموْا أََّن َمآ أ َْم َواُل ُك ْم َوأ َْوالَ ُد ُك ْم ِف ْتَن ٌة َوأ َّ‬
‫َجٌر َعظ ٌ‬
‫َّللاَ ع َندهُ أ ْ‬ ‫َو ْ‬

‫اعَل ُموْا أََّن َمآ أ َْم َواُل ُك ْم َوأ َْوالَ ُد ُك ْم ِف ْتَن ٌة} [اآلية‪.]28 :‬‬
‫{و ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬أموالكم فتنة إن جمعتم وأمسكتم‪ ،‬ونعمة إن أنفقتم وبذلتم فى وجوه‬

‫الخيرات‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬المال فتنة لمن طلب به الفتنة‪ .‬نعمة لمن كان خازًنا هلل فيه يأخذه بأمره‪ .‬ويخرجه بأمره إلى أربابه‪.‬‬

‫وقال أبو الحسين الوراق‪ :‬ما اعتمدت سوى هللا فى الدنيا واآلخرة فهو فتنة‪ ،‬حتى‬

‫تعرض عن الجميع وتقبل على موالك وتعتمد عليه‪.‬‬

‫سورة األنفال (من اآلية ‪ 29‬الى اآلية ‪)29‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ض ِل اْل َع ِظي ِم‬ ‫نك ْم َسِيَئ ِات ُك ْم َوَي ْغِف ْر َل ُك ْم َو َّ‬
‫َّللاُ ُذو اْلَف ْ‬ ‫َّللاَ َي ْج َعل َّل ُك ْم ُف ْرَقاناً َوُي َكِف ْر َع ُ‬
‫امُنوْا ِإن تَتَُّقوْا َّ‬
‫ين َء َ‬
‫ٰيِأَي َّ ِ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ‬

‫َّللاَ َي ْج َعل َّل ُك ْم ُف ْرَقاناً} [اآلية‪.]29 :‬‬


‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إن تَتَُّقوْا َّ‬

‫نور فى القلب يفرق بين الحق والباطل‪.‬‬


‫قال سهل‪ً :‬ا‬

‫تبيانا يتبين به الحق من الباطل‪ ،‬وهذه نتيجة‬


‫قال الجنيد رحمة هللا عليه فى هذه اآلية‪ :‬إذا اتقى العبد ربه جعل له ً‬
‫التقوى‪ ،‬فقيل له‪ :‬أليس التقوى فر ً‬
‫قانا؟ قال‪ :‬بلى‪.‬‬

‫األول‪ :‬بذاته من هللا‪ ،‬والثانى‪ :‬اكتساب فإذا اتقى هللا اكتسب بتقواه معرفة التفرقة بين الحق والباطل‪ ،‬فيتبين هذا من‬
‫هذا‪.‬‬

‫سورة األنفال (من اآلية ‪ 30‬الى اآلية ‪)30‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬


‫َّللاُ َخ ْي ُر اْل َماك ِر َ‬
‫ين‬ ‫وك أ َْو ُي ْخ ِر ُج َ‬
‫وك َوَي ْم ُك ُرو َن َوَي ْم ُك ُر َّ‬
‫َّللاُ َو َّ‬ ‫ين َكَف ُروْا لُي ْثِبتُ َ‬
‫وك أ َْو َيْقُتُل َ‬ ‫َوإِ ْذ َي ْم ُك ُر ِب َك الذ َ‬
‫ِ‬
‫َّللاُ َخ ْي ُر اْل َماك ِر َ‬
‫ين} [اآلية‪.]30 :‬‬ ‫{و َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال‪ :‬المكر مكران‪ :‬مكر تلبيس ومكر هالك‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال الشبلى‪ :‬المكر فى النعمة الباطنة‪ ،‬واالستدراج فى النعمة الظاهرة‪.‬‬

‫سورة األنفال (من اآلية ‪ 33‬الى اآلية ‪)33‬‬

‫َّللاُ ُم َع ِذَب ُه ْم َو ُه ْم َي ْستَ ْغِف ُرو َن‬


‫ان َّ‬ ‫َّللا لِيع ِذبهم وأ ِ‬
‫َنت في ِه ْم َو َما َك َ‬
‫ان َّ ُ ُ َ َ ُ ْ َ َ‬
‫َو َما َك َ‬

‫َنت ِف ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وما َكان َّ ِ‬


‫يه ْم} [اآلية‪.]33 :‬‬ ‫َّللاُ لُِي َعذَب ُه ْم َوأ َ‬ ‫ََ َ‬

‫قال أبو بكر الوراق‪ :‬ما كان هللا ليظهر فيهم البدع وأنت فيهم‪ ،‬وما كان هللا ليأخذهم بذنوبهم وهم يستغفرون‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الرسول صلى هللا عليه وسلم هو األمان األعظم ما عاش وما دامت سنته باقية فهو باق‪ ،‬فإذا أميتت‬
‫سنته فلينتظروا البالء والفتن‪.‬‬

‫سورة األنفال (من اآلية ‪ 37‬الى اآلية ‪)37‬‬

‫ض َفَي ْرُك َم ُه َج ِميعاً َفَي ْج َعَل ُه ِفي َج َهَّن َم أ ُْوَلـِٰئ َك ُه ُم‬


‫ض ُه َعَل ٰى َب ْع ٍ‬ ‫يث ِمن َّ‬
‫الطِي ِب َوَي ْج َع َل اْل َخِب َ‬
‫يث َب ْع َ‬ ‫لَِي ِم َيز َّ‬
‫َّللاُ اْل َخِب َ َ‬
‫اْلخ ِ‬
‫اس ُرو َن‬ ‫َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫يث ِمن َّ‬
‫الطِي ِب} [اآلية‪.]37 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬لَِي ِم َيز َّ‬
‫َّللاُ اْل َخِب َ َ‬

‫قيل‪ :‬المخلص من المرائى‪ ،‬والمؤمن من الكافر‪ ،‬والمطيع من العاصى‪.‬‬

‫قال محمد بن الفضل‪ :‬الخبيث من األموال هى التى لم يخرج منها حقوق هللا‪ ،‬والطيب من األموال ما أخرجت منها‬
‫حقوق هللا‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الطيب من األموال ما أنفقت فى إرفاق الفقراء فى أوقات الضرورات والخبيث من األموال ما أدخل‬
‫عليهم فى أوقات استغنائهم عنها‪ ،‬فشغلت خواطرهم‬

‫وقال بعضهم‪ :‬الطيب من األموال ما أنفقت فى وجوه الطاعات‪ ،‬والخبيث ما أنفق فى وجوه الفساد‪.‬‬

‫سورة األنفال (من اآلية ‪ 40‬الى اآلية ‪)40‬‬

‫ص ُير‬ ‫َّللاَ َم ْوالَ ُك ْم ِن ْعم اْل َم ْوَل ٰى َوِن ْعم َّ‬


‫الن ِ‬ ‫اعَل ُموْا أ َّ‬
‫َن َّ‬ ‫َّ‬
‫َوإِن تََول ْوْا َف ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ص ُير} [اآلية‪.]40 :‬‬ ‫َّللاَ َم ْوالَ ُك ْم ِن ْعم اْل َم ْوَل ٰى َوِن ْعم َّ‬
‫الن ِ‬ ‫اعَل ُموْا أ َّ‬
‫َن َّ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ف ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬نعم المولى لمن وااله‪ ،‬ونعم النصير لمن استنصره‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬نعم المولى ألهل الوالية‪ ،‬ونعم النصير ألهل اإلرادة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنفال (من اآلية ‪ 42‬الى اآلية ‪)42‬‬

‫َّللاُ أ َْم اًر‬


‫ضي َّ‬‫نكم وَلو تَواعدتُّم الَ ْخَتَلْفتُم ِفي اْل ِميع ِاد وَلـ ِٰكن لِيق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص َو ٰى َو َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِإ ْذ أَنتُ ْم ِباْل ُع ْد َوِة ُّ‬
‫َْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َسَف َل م ُ ْ َ ْ َ َ ْ‬‫الرْك ُب أ ْ‬ ‫الد ْنَيا َو ُهم باْل ُع ْد َوة اْلُق ْ‬
‫يم‬ ‫ِ‬ ‫َكان مْفعوالً لِيهلِك من هَلك عن بِين ٍة ويحيى من ح َّي عن بِين ٍة وإِ َّن َّ ِ‬
‫يع َعل ٌ‬ ‫َّللاَ َل َسم ٌ‬ ‫َ َ ُ َْ َ َ ْ َ َ َ َ َ ََ َْ ٰ َ ْ َ َ َ َ َ‬

‫قوله تعالى‪{ :‬لَِي ْهلِ َك َم ْن َهَل َك َعن َبِيَن ٍة َوَي ْحَي ٰى َم ْن َح َّي َعن َبِيَن ٍة} [اآلية‪.]42 :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬أظهر للخلق اآليات‪ ،‬ونصب لهم األعالم‪ ،‬وفتح أعين قوم لرؤيتها‪ ،‬وأعمى أعين قوم دونها‪ ،‬وبعث إليهم‬
‫الوسائط بالبراهين الصادقة واألنوار النيرة‪ ،‬ولكن يهدى لنوره من يشاء من عباده‪ ،‬وقدم هذه المقدمات ليهلك من هلك‬
‫عن بينة‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬ال حياة إال لمن حيى بذكره وأنس بقربه‪ ،‬والخلق كلهم متحركون فى أسبابهم‪ ،‬والحى منهم من تكون‬
‫حياته بالحى الذى ال يموت‪.‬‬

‫ان َمْف ُعوالً} [اآلية‪.]42 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬لِيق ِ‬


‫َّللاُ أ َْم اًر َك َ‬
‫ضي َّ‬
‫َْ َ‬

‫قال جعفر‪ :‬ما قضاه هللا فى األزل يظهره فى الحين بعد الحين والوقت بعد الوقت‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬ليكشف عن سابق علمه فى غيبه‪ ،‬بإيصال كل من الفريقين إلى ما سبق له منه فى أزله‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنفال (من اآلية ‪ 46‬الى اآلية ‪)46‬‬

‫ِ‬
‫لصاِب ِر َ‬
‫ين‬ ‫اصِب ُروْا ِإ َّن َّ‬
‫َّللاَ َم َع ا َّ‬ ‫َّللاَ َوَرُسوَل ُه َوالَ تََن َازُعوْا َفتَْف َشُلوْا َوتَ ْذ َه َب ِر ُ‬
‫يح ُك ْم َو ْ‬ ‫يعوْا َّ‬
‫َوأَط ُ‬

‫الصاِب ِر َ‬
‫ين} [اآلية‪.]46 :‬‬ ‫اصِب ُروْا ِإ َّن َّ‬
‫َّللاَ َم َع َّ‬ ‫{و ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫ِ‬
‫نال‬ ‫الصاِب ِر َ‬
‫ين} قال‪ :‬هو إس ُ‬ ‫ُسئل محمد بن موسى الواسطى رحمة هللا عليه عن ماهية الصبر وحقيقة قوله‪ِ{ :‬إ َّن َّ‬
‫َّللاَ َم َع َّ‬
‫التولى قبل مخامرة المحبة‪ ،‬فإذا صادقت المحبة التولى حمتها بال كلفة‪ ،‬هذا صفة من كان هللا معه فى صبره‪.‬‬

‫سورة األنفال (من اآلية ‪ 48‬الى اآلية ‪)48‬‬

‫ص َعَل ٰى َعِقَب ْي ِه‬ ‫اس َوإِِني َج ٌار َّل ُك ْم َفَل َّما تَ َرآء ِت اْلِفَئتَ ِ‬
‫ان َن َك َ‬ ‫َ‬
‫الن ِ‬‫ال الَ َغالِ َب َل ُكم اْلَي ْوم ِم َن َّ‬
‫ُ َ‬ ‫َع َماَل ُه ْم َوَق َ‬
‫ان أ ْ‬
‫طُ‬ ‫َّن َلهم َّ‬
‫الش ْي َ‬ ‫َوإِ ْذ َزي َ ُ ُ‬
‫اب‬ ‫َّللا َش ِد ُيد اْل ِعَق ِ‬ ‫وَقال ِإِني ب ِر ِ‬
‫يء م ْن ُك ْم ِإَّني أ ََر ٰى َما الَ تَ َرْو َن ِإَّني أ َ‬
‫َّللاَ َو َّ ُ‬
‫اف َّ‬
‫َخ ُ‬ ‫َ ٌ‬ ‫َ َ‬

‫َع َماَل ُه ْم} [اآلية‪.]48 :‬‬


‫ان أ ْ‬
‫طُ‬ ‫َّن َلهم َّ‬
‫الش ْي َ‬ ‫{وإِ ْذ َزي َ ُ ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫وص َّغر نعم هللا عندهم‪.‬‬ ‫َّ‬


‫قال‪ :‬عظم طاعاتهم فى أعينهم‪َ ،‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال بعضهم‪ :‬أظهر لهم قوتهم حتى اعتمدوها‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬هو مخالفاتهم للسنن‪.‬‬

‫ص َعَل ٰى َعِقَب ْي ِه}‪.‬‬ ‫قوله تعالى‪َ{ :‬فَل َّما تَ َرآء ِت اْلِفَئتَ ِ‬


‫ان َن َك َ‬ ‫َ‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬ترك الذنوب على ضروب‪ :‬منهم من تركها حياء من نعمه كيوسف صلى هللا عليه‬
‫ص َعَل ٰى َعِقَب ْي ِه}‪.‬‬ ‫وسلم‪ ،‬ومنهم من تركها خوًفا كإبليس حين قال‪َ{ :‬فَل َّما تَ َرآء ِت اْلِفَئتَ ِ‬
‫ان َن َك َ‬ ‫َ‬

‫سورة األنفال (من اآلية ‪ 53‬الى اآلية ‪)53‬‬

‫يم‬‫ِ‬
‫يع َعل ٌ‬
‫َن َّ ِ‬
‫َّللاَ َسم ٌ‬ ‫َّللاَ َل ْم َي ُك ُم َغِي اًر ِن ْع َم ًة أ َْن َع َم َها َعَل ٰى َق ْو ٍم َحتَّ ٰى ُي َغِي ُروْا َما ِبأ َْنُف ِس ِه ْم َوأ َّ‬ ‫ٰذلِ َك ِبأ َّ‬
‫َن َّ‬

‫َّللاَ َل ْم َي ُك ُم َغِي اًر ِن ْع َم ًة أ َْن َع َم َها َعَل ٰى َق ْو ٍم َحتَّ ٰى ُي َغِي ُروْا َما ِبأ َْنُف ِس ِه ْم} [اآلية‪.]53 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ٰ :‬‬
‫{ذلِ َك ِبأ َّ‬
‫َن َّ‬

‫قال جعفر‪ :‬ما دام العبد يعرف نعم هللا عنده‪ ،‬فإن هللا ال ينزع عنه نعمة حتى إذا جهل النعمة ولم يشكر هللا عليها‪ ،‬إذ‬
‫ذاك حرى أن ينزع منه‪.‬‬

‫قال سهل‪ :‬خص األنبياء وبعض الصديقين بمعرفة تلك النعمة التى أنعم هللا عليهم قبل زوالها وحكم هللا عنهم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنفال (من اآلية ‪ 60‬الى اآلية ‪)60‬‬

‫َّللاِ وعدَّوُكم وآخ ِر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َعُّدوْا َلهم َّما استَ َ ِ‬ ‫وأ ِ‬
‫َّللاُ‬
‫ون ُه ُم َّ‬ ‫ط ْعتُ ْم من ُقَّوٍة َو ِمن ِرَباط اْل َخْي ِل تُ ْرِهُبو َن ِبه َع ْدَّو َّ َ َ ُ ْ َ َ َ‬
‫ين من ُدوِن ِه ْم الَ تَ ْعَل ُم َ‬ ‫ْ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬
‫ف ِإَل ْي ُك ْم َوأ َْنتُ ْم الَ تُ ْ‬
‫ظَل ُمو َن‬ ‫ِ‬
‫َّللا ُي َو َّ‬ ‫يعَلمهم وما تُ ِنفُقوْا ِمن َشي ٍء ِفي سِب ِ‬
‫يل َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ ُ ُ ْ َ َ‬
‫طعتُم ِمن ُقَّوٍة و ِمن ِرب ِ‬
‫اط اْل َخْي ِل} [اآلية‪.]60 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫{وأَعُّدوْا َل ُه ْم َّما ْ‬
‫استَ َ ْ ْ‬ ‫َ‬

‫ظاهر بسهام القسى والرامى بسهام الليالى فى الغيب بالخضوع‬


‫ًا‬ ‫قيل فى هذه اآلية‪ :‬إنه الرمى‪ ،‬بل هو الرامى‬
‫اجعا عما سواه‪.‬‬
‫معتمدا عليه ر ً‬
‫ً‬ ‫واالستكانة‪ ،‬ورمى القلب إلى الحق‬

‫ط ْعتُ ْم ِمن ُقَّوٍة}‪.‬‬ ‫قال أبو على الروذابارى فى قوله‪ِ :‬‬


‫{وأَعُّدوْا َل ُه ْم َّما ْ‬
‫استَ َ‬ ‫َ‬

‫ص ِِره}‪.‬‬ ‫{هو َّال ِذي أَي ََّد َ ِ‬


‫ك بَن ْ‬ ‫قال‪ :‬القوة‪ :‬هى الثقة باهلل‪ .‬وقوله ُ َ‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬قواك به وقوى المؤمنين بك‪ ،‬بل أيدك وأيد المؤمنين بنصرك‪.‬‬

‫سورة األنفال (من اآلية ‪ 63‬الى اآلية ‪)63‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض ج ِميعاً َّمآ أََّلَف ْت بين ُقُلوبِ ِهم وَلـ ِٰك َّن َّ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ف َب ْي َن ُقُلوبِ ِه ْم َل ْو أ َ‬ ‫َّ‬
‫ف َب ْيَن ُه ْم إَّن ُه َع ِز ٌيز َحك ٌ‬
‫يم‬ ‫َّللاَ أَل َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َنفْق َت َما في األ َْر ِ َ‬ ‫َوأَل َ‬

‫ف َب ْي َن ُقُلوبِ ِه ْم} [اآلية‪.]63 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َّ :‬‬


‫{وأَل َ‬
‫َ‬

‫قال أبو سعيد الخراز‪ :‬ألف بين األشكال وعين الرسوم لمقام آخر‪ ،‬وكل مربوط بمنحته ومستأنس فى أهل نحلته‪ ،‬وهذا‬
‫معنى قول النبى صلى هللا عليه وسلم‪ " :‬األرواح جنود مجندة‬

‫‪".‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬ألف بين قلوب المرسلين بالرسالة‪ ،‬وقلوب األنبياء بالنبوة‪ ،‬وقلوب الصادقين بالصدق‪ ،‬وقلوب الشهداء‬
‫بالمشاهدة‪ ،‬وقلوب الصالحين بالخدمة وقلوب عامة المؤمنين بالهداية‪ ،‬فجعل المرسلين رحمة على األنبياء‪ ،‬وجعل‬
‫األنبياء رحمة على الصادقين‪ ،‬وجعل الصادقين رحمة على الشهداء‪ ،‬وجعل الشهداء رحمة على الصالحين‪ ،‬وجعل‬
‫الصالحين رحمة على عامة المؤمنين‪ ،‬وجعل المؤمنين رحمة على الكافرين‪.‬‬

‫سورة األنفال (من اآلية ‪ 64‬الى اآلية ‪)64‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫النِب ُّي َح ْسُب َك َّ‬


‫َّللاُ َو َم ِن اتََّب َع َك م َن اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين‬ ‫ُّها َّ‬
‫ٰيأَي َ‬

‫وناصرا‪ ،‬ومن اتبعك من المؤمنين فاهلل حسبهم‪.‬‬


‫ً‬ ‫ظا‬
‫وليا وحاف ً‬
‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬حسبك هللا ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنفال (من اآلية ‪ 66‬الى اآلية ‪)66‬‬

‫ف َي ْغلُِبوْا أَْلَف ْي ِن ِبِإ ْذ ِن‬ ‫صاِب َرةٌ َي ْغلُِبوْا ِمَئتَْي ِن َوإِن َي ُكن ِم ُ‬
‫نك ْم أَْل ٌ‬
‫يكم ضعفاً َفِإن ي ُكن ِم ُ ِ‬
‫نك ْم مَئ ٌة َ‬ ‫َ ْ‬
‫نكم وعلِم أ َّ ِ‬
‫َن ف ُ ْ َ ْ‬ ‫َّللاُ َع ُ ْ َ َ َ‬
‫ف َّ‬‫اآلن َخَّف َ‬
‫َ‬
‫الصاِب ِر َ‬
‫ين‬ ‫َّللاِ َو َّ‬
‫َّللاُ َم َع َّ‬ ‫َّ‬

‫ض ْعفاً} [اآلية‪.]66 :‬‬ ‫َن ِف ُ‬


‫يك ْم َ‬ ‫نك ْم َو َعلِ َم أ َّ‬
‫َّللاُ َع ُ‬
‫ف َّ‬‫{اآلن َخَّف َ‬
‫َ‬ ‫قوله تعالى‪:‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬ما فى السماء ال يوجد إال باالفتقار‪ ،‬وما فى األرض ال يوجد إال‬

‫باالضطرار‪.‬‬

‫قال النصرآباذى‪ :‬هذا التخفف كان لألمة دون الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬ومن ال يثقله حمل أمانة النبوة كيف‬
‫يخاطب بتخفيف اللقاء لألضداد‪ ،‬وكيف يخاطب به الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وهو الذى يقول‪ " :‬بك أصول وبك‬
‫أجول "‪ ،‬ومن كان به كيف يخفف عنه أو يثقل عليه بعمل النبوة‪.‬‬

‫سورة األنفال (من اآلية ‪ 67‬الى اآلية ‪)67‬‬

‫ِ‬ ‫َّللاُ ُي ِر ُيد اآل ِخ َرةَ َو َّ‬ ‫ان لَِنِب ٍي أَن َي ُكو َن َل ُه أَس َر ٰى َحتَّ ٰى ُي ْث ِخ َن ِفي األ َْر ِ‬
‫َّللاُ َع ِز ٌيز َحك ٌ‬
‫يم‬ ‫ض ُّ‬
‫الد ْنَيا َو َّ‬ ‫ض تُ ِر ُيدو َن َع َر َ‬ ‫ْ‬ ‫َما َك َ‬
‫َّللا ي ِر ُيد ِ‬
‫اآلخ َرَة} [اآلية‪.]67 :‬‬ ‫ض ُّ‬
‫الد ْنَيا َو َّ ُ ُ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬تُ ِر ُيدو َن َع َر َ‬

‫قال جعفر‪ :‬تريدون الدنيا‪ ،‬وهللا يريد اآلخرة وما يريده هللا لكم خير مما تريدونه ألنفسكم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنفال (من اآلية ‪ 69‬الى اآلية ‪)69‬‬

‫يم‬ ‫ِ‬
‫ور َّرح ٌ‬ ‫َّللاَ ِإ َّن َّ‬
‫َّللاَ َغُف ٌ‬ ‫َف ُكُلوْا ِم َّما َغِن ْمتُ ْم َحالَالً َ‬
‫طِيباً َواتَُّقوْا َّ‬

‫قوله تعالى‪َ { :‬ف ُكُلوْا ِم َّما َغِن ْمتُ ْم َحالَالً َ‬


‫طِيباً} [اآلية‪.]69 :‬‬

‫قال جعفر‪ :‬الحالل ما ال يعصى هللا فيه‪ ،‬والطيب ما ال ينسى هللا فيه‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الحالل ما أخذته عن فاقة وضرورة‪ ،‬والطيب من الحالل ما أثرت به مع الحاجة والفاقة‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬الحالل ما يظهر لك من غير سبب‪ ،‬والطيب ما يبدو لك عن المسبب‪.‬‬

‫سورة األنفال (من اآلية ‪ 72‬الى اآلية ‪)72‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ‬ ‫يل َّ ِ َّ ِ‬ ‫اه ُدواْ ِبأَموالِ ِهم وأ َْنُف ِس ِهم ِفي سِب ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ض ُهم أ َْولَِيآء َب ْع ٍ‬
‫ض‬ ‫ُ‬ ‫ص ُروْا أ ُْوَلـٰئ َك َب ْع ُ ْ‬‫ين َء َاووْا َّوَن َ‬
‫َّللا َوالذ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ ْ َ‬ ‫اج ُروْا َو َج َ‬
‫آمُنوْا َو َه َ‬
‫ين َ‬ ‫ِإ َّن الذ َ‬
‫ص ُر ِإالَّ َعَل ٰى‬ ‫ين َف َعَل ْي ُكم َّ‬ ‫وكم ِفي ِ‬
‫الد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ َّ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫الن ْ‬ ‫ُ‬ ‫نص ُر ُ ْ‬
‫استَ َ‬ ‫آمُنوْا َوَل ْم ُي َهاج ُروْا َما َل ُك ْم من َوالََيتهم من َش ْيء َحت ٰى ُي َهاج ُروْا َوِإ ِن ْ‬ ‫ين َ‬ ‫َوالذ َ‬
‫ص ٌير‬ ‫َّللا ِبما تَعمُلو َن ب ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫اق َو َّ ُ َ ْ َ‬ ‫َق ْو ٍم َب ْيَن ُك ْم َوَب ْيَن ُه ْم ميثَ ٌ‬
‫َّ ِ‬
‫اه ُدوْا} [اآلية‪.]72 :‬‬
‫اج ُروْا َو َج َ‬
‫آمُنوْا َو َه َ‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن الذ َ‬
‫ين َ‬

‫قال أبو يزيد‪ :‬جهاد النفس فى هجرانها نزعها عن المألوفات‪ ،‬وإجراؤها فى سبيل هللا بإسقاط العالئق من المال واألهل‪،‬‬
‫اه ُدوْا}‪.‬‬
‫اج ُروْا َو َج َ‬
‫{ه َ‬
‫وذلك قوله‪َ :‬‬

‫اه ُدوْا} إلى قوله‪{ :‬أُوَلـِٰئ َك ُه ُم اْل ُم ْؤ ِمُنو َن َحقاً} [اآلية‪.]74 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ َّ :‬‬
‫اج ُروْا َو َج َ‬
‫آمُنوْا َو َه َ‬
‫ين َ‬
‫{والذ َ‬
‫َ‬

‫قال شقيق‪ :‬الجهاد ثالثة‪.‬‬

‫جهاد فى سرك مع الشيطان‪.‬‬

‫وجهاد فى ظاهرك على أداء الفرائض‪.‬‬

‫وجهاد بنفسك مع أعداء هللا‪.‬‬

‫اج ُروْا} أى فارقوا قرناء السوء واألعمال القبيحة والدعاوى الباطلة‪.‬‬


‫{ه َ‬
‫قال بعضهم‪َ :‬‬

‫{آمُنوْا}‪ :‬صدقوا تصديق القلوب‪ ،‬وهاجروا وتركوا الشبهات من األموال واألصحاب واإلخوان واألخدان‬
‫قال بعضهم‪َ :‬‬
‫وجاهدوا األنفس على مالزمة الحق واتباع الرشد‪ ،‬أولئك الذين جرت لهم السعادة فى األزل بتحقيق اإليمان‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال أبو بكر الفارسى‪ :‬فضل أصحاب النبى صلى هللا عليه وسلم على الخلق بشيئين‪ :‬بصحبتهم للنبى صلى هللا عليه‬
‫َّ ِ‬
‫آمُنوْا} قال‪ :‬آمنوا من‬ ‫ين َ‬‫وسلم والمجاهدة معه‪ ،‬وهجرتهم إلى هللا بالسرائر وغربتهم مع أنفسهم‪ ،‬أال ترى هللا يقول‪{ :‬الذ َ‬
‫طوارق الخذالن وهاجروا بقلوبهم فى ملكوت الغيوب وجاهدوا أنفسهم على طاعة رسوله‪{ :‬أُوَلـِٰئ َك ُه ُم اْل ُم ْؤ ِمُنو َن َحقاً}‬
‫حقيقة إيمانهم لما َّ‬
‫قدم من الثناء عليهم‪.‬‬

‫سورة األنفال (من اآلية ‪ 22‬الى اآلية ‪)22‬‬

‫ين الَ َي ْعِقُلو َن‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّللاِ ُّ‬


‫الص ُّم اْلُب ْك ُم الذ َ‬ ‫اب ِع َند َّ‬
‫الدو ِ‬ ‫ِ‬
‫إ َّن َشَّر َّ َ‬

‫قال بعضهم فى هذه اآلية‪ :‬الصم عن سماع الذكر وفهم معانيه‪ ،‬والبكم عن مداومة تالوة الذكر وطلب الزوائد منه‪،‬‬
‫الذين ال يعقلون ما خوطبوا به وما خلقوا له وما هم صائرون إليه فى الممات والمآب‪.‬‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 3‬الى اآلية ‪)3‬‬

‫ين َوَرُسوُل ُه َفِإن تُْبتُ ْم َف ُه َو َخ ْيٌر َّل ُك ْم َوإِن‬ ‫َّللا ب ِر ِ‬


‫يء م َن اْل ُم ْش ِرِك َ‬ ‫َن َّ َ َ ٌ‬ ‫َّللاِ َوَرُسولِ ِه ِإَلى َّ‬
‫الن ِ‬
‫اس َي ْوَم اْل َح ِج األَ ْكَب ِر أ َّ‬ ‫ان ِم َن َّ‬‫َوأَ َذ ٌ‬
‫َّللاِ وب ِش ِر َّال ِذي َن َكَفروْا ِبع َذ ٍ‬
‫اب أَلِي ٍم‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ُ َ‬ ‫اعَل ُموْا أََّن ُك ْم َغ ْي ُر ُم ْعجزِي َّ َ َ‬
‫تََول ْيتُ ْم َف ْ‬
‫َّللا ب ِر ِ‬
‫يء م َن اْل ُم ْش ِرِك َ‬
‫ين َوَرُسوُل ُه} [اآلية‪.]3 :‬‬ ‫َن َّ َ َ ٌ‬‫قوله عز وجل‪{ :‬أ َّ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬كل من أشرك مع هللا فيما هلل غير هللا‪ ،‬فهو برئ منه‪.‬‬

‫قوله تعالى‪َ { :‬فِإن تُْبتُ ْم َف ُه َو َخ ْيٌر َّل ُك ْم}‪.‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬مفتاح كل خير‪ ،‬قال هللا تعالى‪َ { :‬فِإن تُْبتُ ْم َف ُه َو َخ ْيٌر َّل ُك ْم}‪.‬‬

‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬ال يبلغ التائب منزلة التحقيق فى التوبة‪ ،‬ما لم تجتمع فيه خصال أربع‪:‬‬

‫أولها‪ :‬حل اإلصرار من القلب بالندم‪.‬‬

‫والثانى‪ :‬شدة المجاهدة فيما بقى‪.‬‬

‫والثالث‪ :‬صحة العزم فى ترك العود‪.‬‬

‫والرابع‪ :‬رد المظالم والخروج عن التبعات‪.‬‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 10‬الى اآلية ‪)10‬‬

‫الَ َي ْرُقُبو َن ِفي ُم ْؤ ِم ٍن ِإالًّ َوالَ ِذ َّم ًة َوأ ُْوَلـِٰئ َك ُهم اْل ُم ْعتَ ُدو َن‬
‫ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قوله تعالى‪{ :‬الَ َي ْرُقُبو َن ِفي ُم ْؤ ِم ٍن ِإالًّ َوالَ ِذ َّم ًة} [اآلية‪.]10 :‬‬

‫قال محمد بن الفضل‪ :‬حرمة المؤمن أفضل الحرمات وتعظيمه أجل الطاعات‪ ،‬قال‬

‫هللا تعالى‪{ :‬الَ َي ْرُقُبو َن ِفي ُم ْؤ ِم ٍن ِإالًّ َوالَ ِذ َّم ًة}‪.‬‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 13‬الى اآلية ‪)13‬‬

‫َح ُّق أَن تَ ْخ َش ْوهُ ِإن ُكنتُ ْم‬ ‫وك ْم أََّو َل َمَّرٍة أَتَ ْخ َش ْوَن ُه ْم َف َّ‬ ‫الرس ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫اَّللُ أ َ‬ ‫ول َو ُهم َب َد ُء ُ‬ ‫أَالَ تَُقاتُلو َن َق ْوماً َّن َكثُوْا أ َْي َم َان ُه ْم َو َه ُّموْا بإ ْخ َار ِج َّ ُ‬
‫ِ‬
‫ُّم ُؤ ِمن َ‬
‫ين‬

‫َح ُّق أَن تَ ْخ َش ْوهُ} [اآلية‪.]13 :‬‬


‫اَّللُ أ َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬أَتَ ْخ َش ْوَن ُه ْم َف َّ‬

‫قال بعضهم‪ :‬الخشية للذات والخوف للصفات‪.‬‬

‫ِ‬
‫الحس ِ‬ ‫ن‬
‫اب} [الرعد‪.]21 :‬‬ ‫وء َ‬ ‫{وَي ْخ َش ْو َن َرب ُ‬
‫َّه ْم َوَي َخا ُفو َ ُس َ‬ ‫َح ُّق أَن تَ ْخ َش ْوهُ}‪ ،‬وقال‪َ :‬‬
‫اَّللُ أ َ‬
‫قال هللا‪{ :‬أَتَ ْخ َش ْوَن ُه ْم َف َّ‬

‫قال أبو على الجوزجانى‪ :‬الخشية‪ :‬التمسك بااللتجاء على الدوام‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 18‬الى اآلية ‪)18‬‬

‫ِ‬ ‫ش ِإالَّ َّ‬ ‫الص َٰلوة وء َاتى َّ ٰ‬ ‫اَّللِ واْليو ِم ِ‬ ‫َّللاِ م ْن ء ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ونوْا‬
‫َّللاَ َف َع َس ٰى أ ُْوَلـٰئ َك أَن َي ُك ُ‬ ‫وة َوَل ْم َي ْخ َ‬
‫الزَك َ‬ ‫اآلخ ِر َوأََق َام َّ َ َ َ ٰ‬ ‫إَّن َما َي ْع ُم ُر َم َٰسج َد َّ َ َ َ‬
‫ام َن ب َّ َ َ ْ‬
‫ين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫م َن اْل ُم ْهتَد َ‬

‫اَّللِ} [اآلية‪.]18 :‬‬


‫آم َن ِب َّ‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّنما يعمر مسا ِجد َّ ِ‬
‫َّللا َم ْن َ‬ ‫َ َ ْ ُُ َ َ َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬عمارة المسجد بعمارة القلب عند دخوله‪ ،‬بصدق النية وحسن الطوية وطهارة الباطن هلل‪ ،‬كما طهرت‬
‫ظاهرك بأمر هللا ودخول المسجد بالخروج عن جميع األشغال والموانع‪ ،‬فذلك من عمارة المساجد‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬المساجد مواضع السجود منك‪ ،‬فاعمرها بحسن األدب من غض طرف وإمساك لسان واإلعراض عن‬
‫اللغو‪ ،‬وإمساك اليد عن الشهوات‪.‬‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 21‬الى اآلية ‪)21‬‬

‫ان وجَّن ٍ‬
‫ات َّلهم ِفيها َن ِع ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫يم‬
‫يم ُّمق ٌ‬
‫ٌ‬ ‫ُْ َ‬ ‫ُّهم ِب َر ْح َمة م ْن ُه َوِر ْ‬
‫ض َو ٍ َ َ‬ ‫ُيَبش ُرُه ْم َرب ُ‬
‫ان وجَّن ٍ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ :‬‬
‫ات} [اآلية‪.]21 :‬‬ ‫ُّهم ِب َر ْح َمة م ْن ُه َوِر ْ‬
‫ض َو ٍ َ َ‬ ‫{يَبش ُرُه ْم َرب ُ‬
‫ُ‬

‫{يَب ِش ُرُه ْم‬


‫قال أبو عثمان‪ :‬هو الذى تستجلب رضوانه‪ .‬ورضوانه يوجب مجاورته‪ ،‬ومجاورته يوجب النعيم الدائم قال هللا ُ‬
‫ٍ ِ‬
‫ان}‪.‬‬ ‫ُّهم ِب َر ْح َمة م ْن ُه َوِر ْ‬
‫ض َو ٍ‬ ‫َرب ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 25‬الى اآلية ‪)25‬‬

‫ِ ِ‬ ‫َلَق ْد َنصرُكم َّ ِ‬
‫ض ِب َما َرُحَب ْت‬ ‫َّللاُ في َم َواط َن َكث َيرٍة َوَي ْوَم ُحَن ْي ٍن ِإ ْذ أ ْ‬
‫َع َجَب ْت ُك ْم َك ْث َرتُ ُك ْم َفَل ْم تُ ْغ ِن َعن ُك ْم َش ْيئاً َو َ‬
‫ضاَق ْت َعَل ْي ُك ُم األ َْر ُ‬ ‫ََ ُ‬
‫َّ‬
‫ثُ َّم َول ْيتُم ُّم ْدِب ِر َ‬
‫ين‬

‫ِ ِ‬ ‫قوله‪َ{ :‬لَق ْد َنصرُكم َّ ِ‬


‫َّللاُ في َم َواط َن َكث َيرٍة َوَي ْوَم ُحَن ْي ٍن ِإ ْذ أ ْ‬
‫َع َجَب ْت ُك ْم َك ْث َرتُ ُك ْم َفَل ْم تُ ْغ ِن َعن ُك ْم َش ْيئاً} [اآلية‪.]25 :‬‬ ‫ََ ُ‬

‫َّللا ِفي مو ِ‬
‫اط َن َكِث َيرٍة} لم‬ ‫ََ‬ ‫ص َرُك ُم َّ ُ‬
‫قال جعفر‪ :‬استجالب النصر فى شئ واحد‪ ،‬وهو الذلة واالفتقار والعجز لقوله‪َ{ :‬لَق ْد َن َ‬
‫تقوموا فيها بأنفسكم‪ ،‬ولم تشهدوا قوتكم وكثرتكم‪ ،‬وعلمتم أن النصر ال يؤخذ بالقوة‪ ،‬وأن هللا هو الناصر والمعين ومتى‬

‫{وَي ْوَم ُحَن ْي ٍن ِإ ْذ أ ْ‬


‫َع َجَب ْت ُك ْم َك ْث َرتُ ُك ْم‬ ‫علم العبد حقيقة ضعفه نصره هللا‪ ،‬وحلول الخذالن بشئ واحد وهو العجب‪ ،‬قال هللا‪َ :‬‬
‫نك ْم َش ْيئاً} فلما عاينوا القوة من أنفسهم دون هللا؛ رماهم هللا بالهزيمة وضيق األرض عليهم‪.‬‬ ‫َفَل ْم تُ ْغ ِن َع ُ‬

‫َّ‬
‫قال هللا‪{ :‬ثُ َّم َول ْيتُم ُّم ْدِب ِر َ‬
‫ين} موكلين إلى أحوالكم وقوتكم وكثرتكم‪.‬‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 26‬الى اآلية ‪)26‬‬

‫ِ‬ ‫ِٰ‬ ‫َّ َّ ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ثُ َّم أََنزل َّ ِ‬


‫آء اْل َكاف ِر َ‬
‫ين‬ ‫َنزَل ُجُنوداً ل ْم تَ َرْو َها َوعذ َب الذي َن َكَف ُروْا َوذل َك َج َز ُ‬ ‫َّللاُ َسك َينتَ ُه َعَل ٰى َرُسوِله َو َعَلى اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين َوأ َ‬ ‫َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬ثُ َّم أََنزل َّ ِ‬
‫َّللاُ َسك َينتَ ُه َعَل ٰى َرُسولِه َو َعَلى اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين} [اآلية‪.]26 :‬‬ ‫َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬السكينة التى أنزلها هللا على رسوله وعلى المؤمنين‪.‬‬

‫ص ُر‬
‫غ اْلَب َ‬ ‫قال بعضهم‪ :‬السكينة التى أنزلها هللا على رسوله هى التى أظهرها عليه المسرى عند سدرة المنتهى َ‬
‫{ما َاز َ‬
‫مثنيا به عليه‬ ‫مستمعا منه ً‬
‫ً‬ ‫ناظر إلى الحق‬ ‫ط َغ ٰى} [النجم‪ ]17 :‬بل السكينة أقامته فى مقام ُّ‬
‫الدنو بحسن األدب‪ً ،‬ا‬ ‫َو َما َ‬
‫بقوله‪" :‬التحيات هلل" والسكينة التى أنزلت على المؤمنين هو سكون قلوبهم إلى ما يأتيهم به المصطفى صلى هللا عليه‬
‫وسلم من وعد ووعيد وبشارة وحكم‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬السكينة‪ :‬سكون القلب مع هللا بال عالقة‪.‬‬

‫وقيل السكينة‪ :‬هى الطمأنينة عند ورود القضاء‪.‬‬

‫السَّنة‪.‬‬
‫قال الجوزجانى‪ :‬السكينة هى التأدب بآداب الشريعة والتمسك بحبل ُ‬

‫وقيل السكينة‪ :‬المقام مع هللا بفناء الحظوظ‪.‬‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 28‬الى اآلية ‪)28‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َّللاُ ِمن‬ ‫ف ُي ْغِن ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٰيأَي َّ ِ‬
‫يك ُم َّ‬ ‫آمُنوْا ِإَّن َما اْل ُم ْش ِرُكو َن َن َج ٌس َفالَ َيْق َرُبوْا اْل َم ْس ِج َد اْل َح َر َام َب ْع َد َعام ِه ْم َهـٰ َذا َوإِ ْن خْفتُ ْم َعْيَل ًة َف َس ْو َ‬
‫ين َ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ‬
‫يم‬ ‫ِ‬ ‫ضلِ ِه ِإن َشآء ِإ َّن َّ ِ‬
‫يم َحك ٌ‬ ‫َّللاَ َعل ٌ‬ ‫َ‬ ‫َف ْ‬

‫آمُنوْا ِإَّن َما اْل ُم ْش ِرُكو َن َن َج ٌس} [اآلية‪.]28 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ٰ { :‬يأَي َّ ِ‬
‫ين َ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ‬

‫قال أبو صالح‪ :‬المشرك فى عمله من يحسن ظاهره لمالقاة الناس ومجاورتهم‪ ،‬ويظهر للخلق أحسن ما عنده‪ ،‬وينظر‬
‫إلى نفسه بعين الرضا عنها‪ ،‬إنما أظهر عليها من زينة العبادات وينجس باطنه مخالفة ما أظهره وهو الرياء واتباع‬
‫وباطنا‬
‫ً‬ ‫ظاهر‬
‫ًا‬ ‫الشهوات وسائر المخالفات فذلك المشرك فى عبادته النجس باطنه وال يصلح لبساط القدس إال المقدس‬
‫ِ‬ ‫سر وعالنية‪ ،‬ألن هللا تعالى يقول‪ٰ { :‬يأَي َّ ِ‬
‫آمُنوْا إَّن َما اْل ُم ْش ِرُكو َن َن َج ٌس} ومن كان ً‬
‫نجسا‪ ،‬فإن األمكنة ال تطهره‪،‬‬ ‫ين َ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ‬ ‫ًا‬
‫وسنن الظاهر عليه ال ينظفه‪.‬‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 31‬الى اآلية ‪)31‬‬

‫َّللاِ واْلم ِسيح ابن مريم ومآ أ ُِمروْا ِإالَّ لِيعب ُدوْا ِإَلـٰهاً و ِ‬
‫احداً الَّ ِإَلـ َٰه ِإالَّ ُهَو ُس ْب َح َان ُه‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َُْ‬ ‫َحَب َارُه ْم َوُرْهَب َان ُه ْم أ َْرَباباً من ُدو ِن َّ َ َ َ ْ َ َ ْ َ َ َ َ ُ‬
‫اتَّ َخ ُذوْا أ ْ‬
‫َع َّما ُي ْش ِرُكو َن‬

‫َّللاِ} [اآلية‪.]31 :‬‬


‫َحَب َارُه ْم َوُرْهَب َان ُه ْم أ َْرَباباً ِمن ُدو ِن َّ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬اتَّ َخ ُذوْا أ ْ‬

‫قال بعضهم‪ :‬سكنوا أمثالهم وطلبوا الحق من غير مظانه‪ ،‬وطرق الحق واضحة لمن كحل بنور التوفيق وبصر سبيل‬
‫التحقيق‪ ،‬ومن أعمى عن ذلك كان مردوداً من طريق الحق إلى طريق الجناس من الخلق‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 33‬الى اآلية ‪)33‬‬

‫ين ُكلِ ِه َوَل ْو َك ِرَه اْل ُم ْش ِرُكو َن‬ ‫ظ ِهره عَلى ِ‬


‫الد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُه َو َّال ِذي أ َْرَس َل َرُسوَل ُه ِباْل ُه َد ٰى َوِد ِ‬
‫ين اْل َح ِق لُي ْ َ ُ َ‬

‫أعالما للهدى على الطرق‪ً ،‬ا‬


‫ونور يهتدى بهم‪ ،‬وعمر بهم سبل الحق‬ ‫ً‬ ‫قيل‪ :‬جعل هللا الوسائط طريًقا للعباد بعثهم‬
‫وحقيقة الدين‪ ،‬قال هللا عز وجل‪{ :‬أ َْرَس َل َرُسوَل ُه ِباْل ُه َد ٰى َوِد ِ‬
‫ين اْل َح ِق}‪.‬‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 34‬الى اآلية ‪)34‬‬

‫ين َي ْكِن ُزو َن‬ ‫يل َّ ِ َّ ِ‬ ‫اس ِباْلب ِ‬


‫اط ِل ويصُّدو َن َعن سِب ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٰيأَي َّ ِ‬
‫َّللا َوالذ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫الن ِ َ‬ ‫ال َّ‬
‫ْكُلو َن أ َْم َو َ‬ ‫الرْهَب ِ‬
‫ان َلَيأ ُ‬ ‫آمُنوْا ِإ َّن َكثي اًر م َن األ ْ‬
‫َحَب ِار َو ُّ‬ ‫ين َ‬ ‫ُّها الذ َ‬‫َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّللا َفَبش ْرُه ْم ب َع َذاب أَلي ٍم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ون َها في َسبيل َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫الذ َه َب َواْلف َّ‬
‫ض َة َوالَ ُينفُق َ‬

‫َّللاِ} [اآلية‪.]34 :‬‬ ‫ونها ِفي سِب ِ‬


‫يل َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬و َّال ِذين ي ْكِن ُزو َن َّ‬
‫الذ َه َب َواْلِف َّ‬
‫ض َة َوالَ ُينفُق َ َ‬ ‫َ َ َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬من بخل بالقليل من ملكه فقد سد على نفسه باب نجاته‪ ،‬وفتح على نفسه طريق هالكه‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬ليس من أخالق األنبياء والصديقين البخل‪ ،‬ألنه روى عن النبى صلى هللا عليه وسلم أنه قال‪ " :‬ما ُجبل ولى‬
‫هللا إال على السخاء‬

‫‪".‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 37‬الى اآلية ‪)37‬‬

‫الن ِسيء ِزيادة ِفي اْل ُكْف ِر يض ُّل ِب ِه َّال ِذين َكَفروْا ي ِحُّلونه عاماً ويح ِرمونه عاماً لِيو ِ‬
‫اطُئوْا ِعَّد َة َما َحَّرَم َّ‬
‫َّللاُ َفُي ِحُّلوْا َما‬ ‫َ ُ ُ َ ُ َ َ ُ َ ُ َ ُ َ َُ‬ ‫َُ‬ ‫ِإَّن َما َّ ُ َ َ ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َع َمالِ ِه ْم َو َّ‬
‫َّللاُ الَ َي ْهدي اْلَق ْوَم اْل َكاف ِر َ‬
‫ين‬ ‫وء أ ْ‬
‫ِن َل ُه ْم ُس ُ‬
‫َّللاُ ُزي َ‬
‫َحَّرَم َّ‬

‫َع َمالِ ِه ْم} [اآلية‪.]37 :‬‬


‫وء أ ْ‬
‫ِن َل ُه ْم ُس ُ‬
‫{زي َ‬
‫قوله تعالى‪ُ :‬‬

‫َع َمالِ ِه ْم}‪.‬‬


‫وء أ ْ‬
‫ِن َل ُه ْم ُس ُ‬
‫{زي َ‬
‫قال الواسطى‪ :‬جبرهم على ما فيه هالكهم ولم يعذرهم بقوله‪ُ :‬‬

‫َع َمالِ ِه ْم} قال‪ :‬هو الرياء‪.‬‬


‫وء أ ْ‬
‫ِن َل ُه ْم ُس ُ‬
‫{زي َ‬
‫ُسئل جعفر الصادق عليه السالم عن قوله ُ‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 38‬الى اآلية ‪)38‬‬

‫الد ْنيا ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّللاِ اثَّاَقْلتُم ِإَلى األَر ِ ِ‬ ‫انفروْا ِفي سِب ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٰيأَي َّ ِ‬
‫اآلخ َرِة َف َما َمتَاعُ‬ ‫ض أ ََرضيتُ ْم ِباْل َحَياة ُّ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫يل َّ‬ ‫َ‬ ‫يل َل ُك ُم ُ‬
‫آمُنوْا َما َل ُك ْم إ َذا ق َ‬
‫َ‬ ‫ين‬
‫ُّها الذ َ‬ ‫َ‬
‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫في اآلخ َرِة ِإال َقل ٌ‬
‫يل‬ ‫اْل َحَياة ُّ‬
‫الد ْنَيا‬

‫الد ْنيا ِمن ِ‬


‫اآلخ َرِة} [اآلية‪.]38 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬أ ََرضيتُ ْم ِباْل َحَياة ُّ َ َ‬

‫قال يحيى بن معاذ‪ :‬الناس من مخافة الفضيحة فى الدنيا وقعوا فى فضيحة اآلخرة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ َّ ِ‬ ‫اآلخرِة َفما متَاع اْلحي ِاة ُّ ِ‬
‫الد ْنيا ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫قال هللا عز وجل‪{ :‬اثَّاَقْلتُم ِإَلى األَر ِ ِ‬
‫الد ْنَيا في اآلخ َرِة ِإال َقل ٌ‬
‫يل}‬ ‫َ َ َ ُ ََ‬ ‫ض أ ََرضيتُ ْم ِباْل َحَياة ُّ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫[اآلية‪.]38 :‬‬

‫قال النهرجورى‪ :‬الدنيا بحر واآلخرة ساحل والمركب واحد وهو التقوى والناس سفن‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬ما تعطاه عارية ينتزع منك أو تنتزع منها‪ ،‬وهو قليل فيما تملكه من نعيم اآلخرة على األبد‪.‬‬

‫قال النهرجورى‪ :‬الدنيا أولها بكاء وأوسطها عناء وآخرها فناء‪.‬‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 40‬الى اآلية ‪)40‬‬

‫احِب ِه الَ تَ ْح َزْن ِإ َّن َّ‬


‫َّللاَ َم َعَنا‬ ‫َخرجه َّال ِذين َكَفروْا ثَ ِاني ا ْثَني ِن ِإ ْذ هما ِفي اْل َغ ِار ِإ ْذ يُقول لِص ِ‬
‫َ ُ َ‬ ‫َُ‬ ‫َ ْ‬ ‫َّللاُ ِإ ْذ أ ْ َ َ ُ َ ُ‬ ‫ص َرهُ َّ‬ ‫نص ُروهُ َفَق ْد َن َ‬
‫ِ َّ‬
‫إال تَ ُ‬
‫ِ‬
‫َّللاُ َع ِز ٌيز َحك ٌ‬
‫يم‬ ‫َّللاِ ِهي اْل ُعْلَيا َو َّ‬
‫السْفَل ٰى َوَكلِ َم ُة َّ‬
‫ين َكَف ُروْا ُّ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫َّللا س ِك َينتَه عَلي ِه وأَيَّده ِبجُن ٍ َّ‬
‫ود ل ْم تَ َرْو َها َو َج َع َل َكل َم َة الذ َ‬ ‫َنزَل َّ ُ َ ُ َ ْ َ َ ُ ُ‬ ‫َفأ َ‬
‫َ‬
‫ين َكَف ُروْا ثَ ِاني ا ْثَن ْي ِن ِإ ْذ ُه َما ِفي اْل َغ ِار} [اآلية‪.]40 :‬‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ َّ‬
‫َ‬ ‫َّللاُ ِإ ْذ أ ْ‬
‫َخ َر َج ُه الذ َ‬ ‫ص َرهُ َّ‬
‫نص ُروهُ َفَق ْد َن َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬إال تَ ُ‬

‫ص ُم َك ِم َن َّ‬
‫الن ِ‬
‫اس} [المائدة‪ .]67 :‬فمن كان فى ميدان‬ ‫َّللا يع ِ‬
‫{و َّ ُ َ ْ‬
‫َّللاُ} حيث أغناه عن نصرتكم بقوله‪َ :‬‬
‫ص َرهُ َّ‬
‫قوله‪َ { :‬ق ْد َن َ‬
‫مستغنيا عن نصرة المخلوقين‪ ،‬أال ترى أنه لما اشتد األمر كيف قال‪" :‬بك أصول فإنك النصار‬ ‫ً‬ ‫العصمة‪ ،‬كان‬
‫والمعين‪".‬‬

‫وقال ابن عطاء فى قوله‪{ :‬ثَ ِاني ا ْثَن ْي ِن ِإ ْذ ُه َما ِفي اْل َغ ِار} قال‪ :‬فى محل القرب فى كهف األنوار فى األزل‪.‬‬
‫َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال فى قوله‪{ :‬الَ تَ ْح َزْن ِإ َّن َّ‬
‫َّللاَ َم َعَنا} قال‪ :‬ليس من حكم من كان هللا معه أن يحزن‪.‬‬

‫َّ ِ‬
‫ين َكَف ُروْا}‪:‬‬ ‫وقال الشبلى‪{ :‬ثَ ِان َي ا ْثَن ْي ِن} بشخصه مع صاحبه‪ ،‬وواحد الواحد بقلبه مع سيده وقيل فى قوله‪ِ{ :‬إ ْذ أ ْ‬
‫َخ َرَج ُه الذ َ‬
‫قال‪ :‬الذين جحدوا نعمة هللا عليهم به وبمكانه‪.‬‬

‫قال ابن عطاء فى قوله‪ِ{ :‬إ َّن َّ‬


‫َّللاَ َم َعَنا}‪.‬‬

‫قال‪ :‬معناه فى األزل‪ ،‬حيث وصل بيننا وصلة الصحبة ولم ينفصل‪.‬‬

‫وقال بعضهم فى قوله‪{ :‬الَ تَ ْح َزْن} قال‪ :‬كان حزن أبى بكر إشفاًقا على النبى صلى هللا عليه وسلم وقيل‪ :‬شفقة على‬
‫اإلسالم أن يقع فيه وهن‪.‬‬

‫وقال فارس‪ :‬إنما نهى عن الحزن ألن الحزن علة وإنما هو تعريف أن الحزن ال يحل بمثله‪ ،‬ألنه فى محل القربة وقيل‬
‫فى قوله‪ِ{ :‬إ ْذ ُه َما ِفي اْل َغ ِار} قال‪ :‬أخرجهما غيرة مما كانوا يرونه من مخالفات الحق‪ ،‬فأخرجتهما الغيرة إلى الغار‪،‬‬
‫فغار عليهم الحق فسترهما عن أعين الخلق ألنهم كانوا فى مشاهدته يشهدهم ويشهدونه‪ ،‬أال تراه صلى هللا عليه وسلم‬
‫وناصر‪.‬‬
‫ًا‬ ‫وعونا‬
‫ً‬ ‫مشاهدا لهما‬
‫ً‬ ‫كيف يقول ألبى بكر رضى هللا عنه‪ " :‬ما ظنك باثنين هللا ثالثهما "‬

‫َّللا س ِك َينتَ ُه َعَل ْي ِه وأَي ََّده ِبجُن ٍ‬


‫ود َّل ْم تَ َرْو َها} [اآلية‪.]40 :‬‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫َنزَل َّ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬فأ َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬ا لسكينة نزلت على أبى بكر فثبت‪ ،‬وزال عن قلبه ما كان يجده من الوجل على رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬السكينة ألبى بكر ما ظهر له على لسان المصطفى صلى هللا عليه وسلم من قوله‪ " :‬ما ظنك باثنين هللا‬
‫ثالثهما‬

‫‪".‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬السكينة‪ :‬سكون القلب إلى ما يبدو من مجارى األقدار‪.‬‬

‫{وأَي ََّدهُ ِب ُجُنوٍد َّل ْم تَ َرْو َها}‪ .‬قال‪ :‬تلك الجنود اليقين والثقة باهلل عز وجل والتوكل‪.‬‬
‫قال جعفر‪ :‬فى قوله‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬السكينة هى التثبت‪ ،‬وال يتم التثبت إال بالقطع عما سواه‪.‬‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 41‬الى اآلية ‪)41‬‬

‫َّللاِ ٰذلِ ُك ْم َخ ْيٌر َّل ُك ْم ِإن ُكنتُ ْم تَ ْعَل ُمو َن‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ ْ َ‬
‫انِفروْا ِخَفافاً وِثَقاالً وج ِ‬
‫اه ُدوْا ِبأَموالِ ُكم وأ َْنُف ِس ُكم ِفي سِب ِ‬
‫يل َّ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬انِفروْا ِخَفافاً وِثَقاالً وج ِ‬
‫اه ُدوْا ِبأ َْم َوالِ ُك ْم َوأ َْنُف ِس ُك ْم} [اآلية‪.]41 :‬‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬خفاًفا بقلوبكم‪ ،‬وثقاالً بأبدانكم‪.‬‬

‫{انِف ُروْا ِخَفافاً َوِثَقاالً} فى وقت النشاط والكراهية‪ ،‬فإن البيعة على هذا وقعت‪ ،‬كما روى عن‬
‫قال أبو عثمان فى قوله‪ْ :‬‬
‫جرير بن عبد هللا أنه قال‪" :‬بايعنا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم على السمع والطاعة فى المنشط والمكره‪".‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال بعضهم‪ :‬انفروا خفاًفاً إلى الطاعات‪ ،‬وثقاالً إلى المخالفات‪{ .‬وج ِ‬
‫اه ُدوْا ِبأ َْمَوالِ ُك ْم َوأ َْنُف ِس ُك ْم} الفقر أالَّ تمنعوهم‬ ‫ََ‬
‫حقوقهم‪ ،‬وجاهدوا بأنفسكم الشياطين كى ال يستولى عليكم‪.‬‬

‫{انِف ُروْا ِخَفافاً َوِثَقاالً} قال‪ :‬هو نزع القلب عن األمانى الباطلة‪ ،‬وإخراج العادات القبيحة عن النفس‪.‬‬
‫قال بعضهم‪ْ :‬‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 43‬الى اآلية ‪)43‬‬

‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬


‫ص َد ُقوْا َوتَ ْعَل َم اْل َكاذِب َ‬
‫ين‬ ‫ين َ‬
‫َّن َل َك الذ َ‬ ‫نك لِ َم أَذ َ‬
‫نت َل ُه ْم َحتَّ ٰى َيتََبي َ‬ ‫َّللاُ َع َ‬
‫َعَفا َّ‬

‫ِ‬
‫نك لِ َم أَذ َ‬
‫نت َل ُه ْم} [اآلية‪.]43 :‬‬ ‫َّللاُ َع َ‬
‫{عَفا َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫ِ‬
‫نك لِ َم أَذ َ‬
‫نت‬ ‫َّللاُ َع َ‬
‫{عَفا َّ‬
‫قيل‪ :‬إن هللا عز وجل إذا عاتب أنبياءه وأولياءه عاتبهم ببر قبلها أو بعدها‪ ،‬أالَ تراه يقول‪َ :‬‬
‫َل ُه ْم}‪.‬‬

‫وقال الحسين بن منصور‪ :‬األنبياء مبسطون على مقاديرهم واختالف مقاماتهم‪ ،‬وكل ربط مع حظه باستعماله األدب‬
‫بين يدى الحق‪ ،‬وكل أثيب على ترك االستعمال فمنهم النبى صلى هللا عليه وسلم فإنه أنس قبل التأنيب‪ ،‬ومنهم من‬
‫أنس بعد التأنيب على اختالف إذ لو أنس‬

‫بعد التأنيب لتفطر لقربه من الحق وذلك أن هللا عز وجل أمره بقوله‪َ { :‬ف ْأ َذن لِ َمن ِش ْئ َت ِم ْن ُه ْم } [النور‪ ]62 :‬ثم قال‬
‫ِ‬
‫نت َل ُه ْم} فلو قال لم أذنت لهم عفا هللا عنك لذاب وهذا غاية القرب‪ ،‬وقال‬ ‫نك لِ َم أَذ َ‬
‫َّللاُ َع َ‬
‫{عَفا َّ‬
‫ؤنبا له على ذلك‪َ :‬‬
‫م ً‬
‫مؤنبا له وأنسه بعد التأنيب {ِإَّن ُه‬ ‫تعالى حاكيا عن نوح أنه قال‪ { :‬ر ِب ِإ َّن ابِني ِم ْن أ ِ‬
‫َهلي َوإِ َّن َو ْع َد َ‬
‫ك اْل َح ُّق }[هود‪ً .]45 :‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين} [هود‪.]46 :‬‬ ‫َهل َك} [هود‪ ]46 :‬إلى قوله {أَن تَ ُكو َن م َن اْل َجاهل َ‬ ‫َل ْي َس م ْن أ ْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ولو ولم يؤنسه بعد التأنيب لتفطر‪ ،‬وهذا مقام نوح وليس المفضول بمقصر إذ كل منهم له رتبة من الحق‪.‬‬

‫َّللاُ‬
‫{عَفا َّ‬
‫قال ابن عطاء‪ :‬عوتب كل نبى بذنبه‪ ،‬ثم غفر له وغفر لمحمد صلى هللا عليه وسلم قبل موافقة الذنب فقال‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫نك لِ َم أَذ َ‬
‫نت َل ُه ْم} إحالالً له‪.‬‬ ‫َع َ‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 46‬الى اآلية ‪)46‬‬

‫ِِ‬ ‫َعُّدوْا َل ُه ُعَّد ًة َوَلـٰ ِكن َك ِرَه َّ‬


‫َّللاُ انِب َعاثَ ُه ْم َفثََّب َ‬
‫ين‬ ‫ط ُه ْم َوِق َ‬
‫يل ا ْق ُع ُدوْا َم َع اْلَقاعد َ‬ ‫َوَل ْو أ ََرُادوْا اْل ُخ ُرو َج أل َ‬

‫{وَلـ ِٰكن َك ِرَه َّ‬


‫َّللاُ انِب َعا َث ُه ْم} [اآلية‪.]46 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال جعفر‪ :‬طالب عباده بالحق ولم يجعلهم لذلك أهالً‪ ،‬ثم لم يعذرهم‪ ،‬والمهم على ذلك‪ ،‬أال تراه يقول‪ :‬وقالوا ال تنفروا‬
‫فى الحر‪.‬‬

‫قال ابن الفرحى‪ :‬إنما هو نعت واحد كالماء الواحد يسقى به ألوان الشجر فتختلف ثمارها‪ ،‬لو سقى الورد بالبول ما‬
‫وجد منه إال ريح الورد‪ ،‬ولو سقى الحنظل بماء الورد‪ ،‬لما خرج إال الحنظل وريحه إنما يلى اللطيفة التى جرى بها‬
‫الخذالن والتوفيق‪.‬‬

‫َعُّدوْا َل ُه ُعَّد ًة} [اآلية‪.]46 :‬‬


‫{وَل ْو أ ََرُادوْا اْل ُخ ُرو َج أل َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال جعفر‪ :‬لو عرفوا هللا الستحيوا منه‪ ،‬ولخرجوا له عن أنفسهم وأزواجهم وأموالهم‪ ،‬بذالً ألمر واحد من أوامره‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم فى هذه اآلية‪ :‬لو طلبوا التوكل لسلكوا طريق الثقة باهلل فإنها الطريق إليه‪.‬‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 44‬الى اآلية ‪)44‬‬

‫ِ‬ ‫اه ُدوْا ِبأَموالِ ِهم وأ َْنُف ِس ِهم و َّ ِ‬ ‫اَّللِ واْليو ِم ِ‬


‫اآلخ ِر أَن يج ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫يم ِباْل ُمتَّق َ‬
‫ين‬ ‫َّللاُ َعل ٌ‬ ‫ْ َ‬ ‫َْ ْ َ‬ ‫َُ‬ ‫ِ‬
‫ين ُي ْؤ ِمُنو َن ب َّ َ َ ْ‬
‫الَ َي ْستَأْذُن َك الذ َ‬
‫اَّللِ واْليو ِم ِ‬
‫اآلخ ِر أَن يج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫اه ُدوْا} [اآلية‪.]44 :‬‬ ‫َُ‬ ‫ين ُي ْؤ ِمُنو َن ب َّ َ َ ْ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬الَ َي ْستَأْذُن َك الذ َ‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه كيف يستأذن من هو مأذون له اإلذن التام‪ ،‬إن قام قام بإذن وإن قعد قعد بإذن‪ ،‬فجريان‬
‫الحركات منه تظهر سوابق المأذون له فيه‪.‬‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 48‬الى اآلية ‪)48‬‬

‫َّللاِ َو ُه ْم َك ِارُهو َن‬


‫ظ َه َر أ َْم ُر َّ‬
‫آء اْل َح ُّق َو َ‬ ‫َلَق ِد ْابتَ َغوْا اْلِف ْتَن َة ِمن َقْب ُل وَقَّلُبوْا َل َك األُم َ َّ‬
‫ور َحت ٰى َج َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫َّللاِ} [اآلية‪.]48 :‬‬


‫ظ َه َر أ َْم ُر َّ‬
‫آء اْل َح ُّق َو َ‬ ‫قوله تعالى‪َ{ :‬لَق ِد ْابتَ َغوْا اْلِف ْتَن َة ِمن َقْب ُل وَقَّلُبوْا َل َك األُم َ َّ‬
‫ور َحت ٰى َج َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال السوسى‪ :‬حملوك على طلب الدنيا والركون إليها‪ ،‬حتى ظهر الحق سرك من الركون إلى شىء سواه وظهر أمر‬
‫هللا‪ ،‬قال‪ :‬فتح لك من خزائن األرض وعرضها عليك‪ ،‬فأبيت أن تسكن إليها أو تقبل منها‪ ،‬وهم كارهون ما أنتم عليه‬
‫من اإلعراض عما أقبلوا عليه‪.‬‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 51‬الى اآلية ‪)51‬‬

‫َّللاِ َفْلَيتََوَّك ِل اْل ُم ْؤ ِمُنو َن‬ ‫ص َيبَنآ ِإالَّ َما َكتَ َب َّ‬
‫َّللاُ َلَنا ُه َو َم ْوالََنا َو َعَلى َّ‬ ‫ُقل َّلن ي ِ‬
‫ُ‬

‫ص َيبَنآ ِإالَّ َما َكتَ َب َّ‬


‫َّللاُ َلَنا} [اآلية‪.]51 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ُ{ :‬قل َّلن ي ِ‬
‫ُ‬

‫قال بعضهم‪ :‬العارف باهلل من سكن إلى ما يبدو له فى الوقت بعد الوقت من تصاريف القضاء ومجارى القدرة‪ ،‬وال‬
‫يسخط لوارد من ذلك عليه‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬التفويض هو االعتماد على هللا‪ ،‬والعلم بأن ما سبق من قضائه‪ ،‬قيل‪ :‬ال بد أنه مصيبك فإن الخلق‬
‫ص َيبَنآ ِإالَّ َما َك َت َب َّ‬
‫َّللاُ َلَنا}‪.‬‬ ‫مجبورون ليس لهم اختيار‪ ،‬قال هللا تعالى‪{َّ :‬لن ي ِ‬
‫ُ‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 54‬الى اآلية ‪)54‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وة ِإالَّ َو ُه ْم ُك َساَل ٰى َوالَ ُي ِنفُقو َن ِإالَّ َو ُه ْم‬ ‫اَّللِ وبِرسوِل ِه والَ يأْتُون َّ ٰ‬
‫الصل َ‬ ‫َو َما َمَن َع ُه ْم أَن تُْقَب َل ِم ْن ُه ْم َنَفَقاتُ ُه ْم ِإالَّ أََّن ُه ْم َكَف ُروْا ِب َّ َ َ ُ َ َ َ‬
‫َك ِارُهو َن‬

‫الصالَ َة ِإالَّ َو ُه ْم ُك َساَل ٰى} [اآلية‪.]54 :‬‬


‫{والَ َيأْتُو َن َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال محمد بن الفضل‪ :‬من لم يعرف األمر‪ ،‬قام إلى األمر على جد الكسل‪ ،‬من عرف األمر قام إليه على جد‬
‫االستفتاح واالسترواح‪.‬‬

‫سمعت جدى يقول‪ :‬التهاون باألمر من قلة المعرفة باألمر‪.‬‬

‫قال حمدون‪ :‬القائمون باألوامر على ثالث مقامات‪ ،‬واحد يقوم إليه على العادة وقيامه إليه قيام كسل‪ ،‬وآخر يقوم إليه‬
‫قيام طلب ثواب‪ ،‬وقيامه إليه قيام طمع‪ ،‬وآخر يقوم إليه قيام مشاهدة‪ ،‬فهو القائم باهلل ألمره‪ ،‬ال قائم باألمر هلل‪.‬‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 55‬الى اآلية ‪)55‬‬

‫َنف ُس ُه ْم َو ُه ْم َٰكِف ُرو َن‬ ‫َّللاُ لُِي َع ِذَب ُه ْم ِب َها ِفي اْل َح َٰيوِة ُّ‬
‫الد ْنَيا َوتَ ْزَه َق أ ُ‬ ‫َفالَ تُ ْع ِج ْب َك أ َْم َٰوُل ُه ْم َوالَ أ َْوَلـ ُٰد ُه ْم ِإَّن َما ُي ِر ُيد َّ‬

‫َّللاُ لُِي َع ِذَب ُه ْم ِب َها ِفي اْل َحَي ِاة ا ُّلد ْنَيا} [اآلية‪.]55 :‬‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬فالَ تُ ْع ِج ْب َك أ َْم َواُل ُه ْم َوالَ أ َْوالَ ُد ُه ْم ِإَّن َما ُي ِر ُيد َّ‬

‫قال بعضهم‪ :‬فال تعجبك ما يتزينون به من صنوف األموال والعبيد والخدم ويستكثرون به من األوالد‪ ،‬إنما يريد هللا‬
‫ليعذبهم بها فى الحياة الدنيا‪ ،‬يعذبهم لجمعها ويعذبهم لحفظها ويعذبهم بحبها ويعذبهم بالبخل بها والحزن عليها‬
‫والخصومة فيها‪ ،‬كل هذا عذاب إلى أن يوردهم عذاب النار‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َنف ُس ُه ْم َو ُه ْم َك ِاف ُرو َن} أى بنعمتى أن كانوا‬ ‫َّللاُ لُِي َع ِذَب ُه ْم ِب َها ِفي اْل َحَي ِاة ُّ‬
‫الد ْنَيا َوتَ ْزَه َق أ ُ‬ ‫قال الواسطى فى قوله‪ِ{ :‬إَّن َما ُي ِر ُيد َّ‬
‫من أهل طاعتى‪ ،‬وغيرهم كافرون جاحدون‪ ،‬ومن‬

‫استقطعته النعمة عن المنعم فهو جاحد‪.‬‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 59‬الى اآلية ‪)59‬‬

‫َّللاِ ر ِ‬ ‫َّللا ِمن َف ِ ِ‬


‫اغُبو َن‬ ‫ضله َوَرُسولُ ُه ِإَّنآ ِإَلى َّ َ‬‫ْ‬ ‫َّللاُ َسُي ْؤِت َينا َّ ُ‬
‫َّللاُ َوَرُسوُل ُه َوَقاُلوْا َح ْسُبَنا َّ‬
‫اه ُم َّ‬ ‫َوَل ْو أََّن ُه ْم َر ُ‬
‫ض ْوْا َمآ آتَ ُ‬

‫َّللاُ َوَرُسوُل ُه} [اآلية‪.]59 :‬‬


‫اه ُم َّ‬ ‫{وَل ْو أََّن ُه ْم َر ُ‬
‫ض ْوْا َمآ آتَ ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال إبراهيم بن أدهم‪ :‬من رضى بالمقادير لم يغتم‪.‬‬

‫سمعت أبا عمرو بن حمدان يقول‪ :‬سمعت الهيثم بن خلف يقول‪ :‬سمعت محمد ابن على بن شقيق يقول‪ :‬سمعت‬
‫إبراهيم بن األشعث يقول‪ :‬سمعت الفضيل رحمة هللا عليه يقول‪ :‬الراضى ال يتمنى فوق منزلته‪.‬‬

‫قال أبو جعفر‪ :‬الرضا هو سكون السر مع مجارى المقدورات‪ ،‬وقال‪ :‬الرضا تلقى البالء بالقبول على حد الطرف‬
‫والفرح‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 60‬الى اآلية ‪)60‬‬

‫يل‬ ‫َّللاِ َو ْاب ِن َّ‬


‫السِب ِ‬ ‫ين وِفي سِب ِ‬
‫يل َّ‬ ‫ِ‬ ‫ين َعَل ْيها واْلم َؤَّلَف ِة ُقُلوبهم وِفي ِ ِ‬
‫الرَقاب َواْل َغ ِارم َ َ َ‬ ‫ُُ ْ َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ِِ‬
‫ين َواْل َعامل َ‬
‫الصد َقات لِْلُفَقر ِ‬
‫آء َواْل َم َسا ِك ِ‬ ‫َ‬ ‫ِإَّن َما َّ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫َّللاِ و َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫يم‬
‫يم َحك ٌ‬ ‫َّللاُ َعل ٌ‬ ‫َف ِر َ‬
‫يض ًة م َن َّ َ‬
‫الصد َق ِ ِ‬
‫آء واْلمس ِ‬
‫اك ِ‬
‫ين} [اآلية‪.]60 :‬‬ ‫قوله عز وعال‪ِ{ :‬إَّن َما َّ َ ُ‬
‫ات لْلُفَق َر َ َ َ‬

‫قال سهل ابن عبد هللا وقد سئل عن الفقر والمسكنة فقال‪ :‬الفقر عز والمسكنة ذل‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الفقراء ثالثة‪ :‬فقير ال يسأل وال يتعرض وإن أعطى لم يقبل فذاك كالروحانيين‪.‬‬

‫وفقير ال يسأل وال يتعرض وإن أعطى قبل مقدار حاجته فذاك ال حساب عليه‪.‬‬

‫وفقير يسأل مقدار قوته فإن استغنى كف فذاك فى حظيرة القدس‪.‬‬

‫قال إبراهيم الخواص‪ :‬نعت الفقير السكون عند العدم‪ ،‬واإليثار والبذل عند الوجود‪ ،‬والمسكين من يرى عليه أثر العدم‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬صدق الفقير أخذه بالصدقة ممن يعطيه ال ممن يصل إليه على يده والحق هو المعطى على الحقيقة‪،‬‬
‫أل نه جعلها لهم فمن قبله من الحق‪ ،‬فهو الصادق فى فقره بعلو همته‪ ،‬ومن قبله من الوسائط فهو من الترسم مع دناءة‬
‫همته‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 67‬الى اآلية ‪)67‬‬

‫ضو َن أ َْي ِدَي ُه ْم َن ُسوْا َّ‬


‫َّللاَ َفَن ِسَي ُه ْم ِإ َّن‬ ‫ِ‬
‫نك ِر َوَي ْن َه ْو َن َع ِن اْل َم ْع ُروف َوَيْقِب ُ‬
‫ْم ُرو َن ِباْل ُم َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ض ُه ْم من َب ْعض َيأ ُ‬
‫ات َب ْع ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اْل ُمَنافُقو َن َواْل ُمَنافَق ُ‬
‫اْلمن ِافِقين هم اْلَف ِ‬
‫اسُقو َن‬
‫َُ َ ُُ‬
‫ض ُهم ِمن َب ْع ٍ‬
‫ض} [اآلية‪.]67 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬اْل ُمَنافُقو َن َواْل ُمَنافَق ُ‬
‫ات َب ْع ُ ْ‬

‫قال أبو بكر الوراق‪ :‬المنافق ستر المنافق يستر عليه عوراته‪ ،‬والمؤمن مرآة المؤمن يبصر به عيوبه وبذله على سبيل‬
‫نجاته‪.‬‬

‫ضو َن أ َْي ِدَي ُه ْم َن ُسوْا َّ‬


‫َّللاَ َفَن ِسَي ُه ْم}‪.‬‬ ‫{وَيْقِب ُ‬
‫قوله تعالى ذكره‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬يقبضون أيديهم عن رفعها إلى موالها فى الدعوات والحوائج كما روى عن النبى صلى هللا عليه وسلم أنه‬
‫رأى فى الموقف ويده على صدره‪ ،‬كاستطعام المسكين وهو ينشد‪.‬‬

‫بالوصل ال بشماتة الحساد‬ ‫ها إن صددت يدى إليك فردها‬

‫وقيل‪ :‬يقبضون أيديهم عن الصدقة‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬يقبضون أيديهم عن معونة المسلمين‪.‬‬

‫َّللاَ َفَن ِسَي ُه ْم}‪.‬‬


‫{ن ُسوْا َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال سهل‪ :‬نسوا نعم هللا عندهم فأنساهم هللا شكر النعم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 71‬الى اآلية ‪)71‬‬

‫وف وي ْنهون ع ِن اْلم ْن َك ِر ويِقيمون ا َّ ٰ‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫اة‬ ‫وة وُي ْؤتُو َن َّ‬
‫الزَك َ‬ ‫لصل َ َ‬ ‫َُ ُ َ‬ ‫ْم ُرو َن باْل َم ْع ُر َ َ َ ْ َ َ ُ‬ ‫آء َب ْعض َيأ ُ‬
‫ِ‬
‫ض ُه ْم أ َْولَي ُ‬ ‫ات َب ْع ُ‬ ‫َواْل ُم ْؤ ِمُنو َن َواْل ُم ْؤ ِمَن ُ‬
‫ِ‬ ‫َّللاَ َوَرُسوَل ُه أ ُْوَلـِٰئ َك َسَي ْر َح ُم ُه ُم َّ‬
‫َّللاُ ِإ َّن َّ‬ ‫ِ‬
‫َّللاَ َع ِز ٌيز َحك ٌ‬
‫يم‬ ‫يعو َن َّ‬ ‫َوُيط ُ‬
‫ض ُهم أ َْولَِيآء َب ْع ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ض} [اآلية‪.]71 :‬‬ ‫ُ‬ ‫{واْل ُم ْؤمُنو َن َواْل ُم ْؤمَنات َب ْع ُ ْ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫أيضا يتعاونون على العبادة‪ ،‬ويتبادرون إليها‪ ،‬كل واحد منهم يشد ظهر صاحبه ويعينه‬
‫قال أبو عثمان‪ :‬المؤمنون ً‬
‫على سبيل نجاته‪ ،‬أال ترى النبى صلى هللا عليه وسلم يقول‪ " :‬المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه ً‬
‫بعضا‬

‫‪".‬‬

‫وقال النبى صلى هللا عليه وسلم‪ " :‬المؤمنون كالجسد الواحد‬

‫‪".‬‬

‫ِ‬
‫{واْل ُم ْؤ ِمُنو َن َواْل ُم ْؤ ِمَنات} قال أبو بكر الوراق‪ :‬المؤمن يوالى المؤمن ً‬
‫طبعا وسجية‪.‬‬ ‫وقال هللا تعالى‪َ :‬‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 73‬الى اآلية ‪)73‬‬

‫ظ عَلي ِهم ومأْواهم جهَّنم وبِ ْئس اْلم ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬


‫ص ُير‬ ‫اغُل ْ َ ْ ْ َ َ َ ُ ْ َ َ ُ َ َ َ‬ ‫النِب ُّي َجاهد اْل ُكَّف َار َواْل ُمَنافق َ‬
‫ين َو ْ‬ ‫ُّها َّ‬
‫ٰيأَي َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِِ‬ ‫ِِ‬
‫ظ َعَل ْي ِه ْم} [اآلية‪.]73 :‬‬
‫اغُل ْ‬ ‫النِب ُّي َجاهد اْل ُكَّف َار َواْل ُمَنافق َ‬
‫ين َو ْ‬ ‫ُّها َّ‬
‫قوله تعالى‪ٰ { :‬يأَي َ‬

‫قال محمد بن على‪ :‬جاهد الكفار بالسيف والمنافقين باللسان‪.‬‬

‫قال سهل‪ :‬النفس كافرة فجاهدها بسيف المخالفة‪ ،‬وحملها حموالت الندم وسيرها فى مفاوز الخوف‪ ،‬لعلك تردها إلى‬
‫طريق التوبة واإلنابة‪ ،‬وال تصح التوبة إال لمتجبر فى أمره مبهوت فى شأنه‪ ،‬والِ ِه القلب مما جرى عليه‪ ،‬قال هللا جل‬
‫ض ِب َما َر ُحَب ْت} [التوبة‪.]118 :‬‬
‫ضا َق ْت َعَل ْي ِه ُم األ َْر ُ‬
‫{حتَّ ٰى ِإ َذا َ‬
‫وعز‪َ :‬‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 75‬الى اآلية ‪)75‬‬

‫ين‬ ‫ون َّن ِمن َّ ِ ِ‬


‫الصالح َ‬ ‫ضلِ ِه َلَن َّ‬
‫صَّد َق َّن َوَلَن ُك َ َ‬
‫ِ‬ ‫و ِم ْنهم َّمن عاهد َّ ِ‬
‫َّللاَ َلئ ْن آتَ َانا من َف ْ‬ ‫َ ُ ْ ْ َ ََ‬

‫ضِل ِه َلَن َّ‬


‫صَّد َق َّن} [اآلية‪.]75 :‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬و ِم ْنهم َّمن عاهد َّ ِ‬
‫َّللاَ َلئ ْن آتَ َانا من َف ْ‬ ‫َ ُ ْ ْ َ ََ‬

‫إحسانا لم يعلموه بعد‪ ،‬وصدقة لم‬


‫ً‬ ‫قال‪ :‬سمعت النصرآباذى يقول فى هذه اآلية‪ :‬الفضل رؤية اإلحسان ر ٍاء من أنفسهم‬
‫يتصدقوا بها وصححوا ألنفسهم أفعاالً بقوله‪ :‬لنصدقن‪ ،‬فنقضوا العهد لما أظفرهم بما سألوه‪ ،‬فتولدهم من ذلك البخل‬
‫الذى قال النبى صلى هللا عليه وسلم " أى داء أدوى من البخل " والتوانى عن سبيل الرشد‪ ،‬واإلعراض عن مناهج‬
‫الحق‪.‬‬

‫وقال‪ :‬البخل يتولد منه أنواع األدواء فبخل تستعمله فى نفسك مع نفسك وبخل تستعمله مع بنى جنسك‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وبخل تستعمله فى التحية‪ ،‬قال النبى صلى هللا عليه وسلم‪ " :‬البخيل من ذكرت عنده ولم ُيصل على صلى هللا عليه‬
‫وسلم " ‪ .‬وقال‪ " :‬أبخل الناس من بخل بالسالم‬

‫‪".‬‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 77‬الى اآلية ‪)77‬‬

‫ِما َك ُانوْا َي ْك ِذُبو َن‬


‫َّللاَ َما َو َع ُدوهُ َوب َ‬ ‫َعَقَب ُه ْم ِنَفاقاً ِفي ُقُلوب ِِه ْم ِإَل ٰى َي ْو ِم َيْلَق ْوَن ُه ِب َمآ أ ْ‬
‫َخَلُفوْا َّ‬ ‫َفأ ْ‬

‫َعَقَب ُه ْم ِنَفاقاً ِفي ُقُلوب ِِه ْم ِإَل ٰى َي ْو ِم َيْلَق ْوَن ُه} [اآلية‪.]77 :‬‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬فأ ْ‬

‫وهو ميراث البخل وهو الكذب والخلف والخيانة‪ ،‬لذلك قال النبى صلى هللا عليه وسلم‪ " :‬عالمة المنافق ثالثة‪ :‬إذا‬
‫حدث كذب‪ ،‬وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان‬

‫‪".‬‬

‫وظهرت هذه الثالثة فى تقلبه‪.‬‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 76‬الى اآلية ‪)76‬‬

‫َفَل َّمآ آتَاهم ِمن َف ِ ِ ِ ِ َّ‬


‫ضله َبخُلوْا ِبه َوتََولوْا َّو ُه ْم ُّم ْع ِر ُ‬
‫ضو َن‬ ‫ْ‬ ‫ُْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ضلِ ِه َب ِخُلوْا ِب ِه} [اآلية‪.]76 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ{ :‬فَل َّمآ آتَ ِ‬
‫اه ْم من َف ْ‬
‫ُ‬

‫ُسئل أبو حفص‪ :‬ما البخل؟ قال‪ :‬نزل اإليثار عند الحاجة إليه‪.‬‬

‫قال حمدون القصار‪ :‬من رأى لنفسه ً‬


‫ملكا‪ ،‬فقد بخل ألنه قصر عنه األيدى األخرى‪.‬‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 78‬الى اآلية ‪)78‬‬

‫َّللا َعالَّم اْل ُغي ِ‬


‫وب‬ ‫اه ْم َوأ َّ‬ ‫ِ‬ ‫أََل ْم َي ْعَل ُموْا أ َّ‬
‫ُ ُ‬ ‫َن َّ َ‬ ‫َّللاَ َي ْعَل ُم سَّرُه ْم َوَن ْج َو ُ‬
‫َن َّ‬

‫اه ْم} [اآلية‪.]78 :‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أََل ْم َي ْعَل ُموْا أ َّ‬
‫َّللاَ َي ْعَل ُم سَّرُه ْم َوَن ْج َو ُ‬
‫َن َّ‬

‫قال‪ :‬السر ما ال يطلع عليه إال عالم األسرار والنجوى ما يطلع عليه الحفظة‪.‬‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 88‬الى اآلية ‪)88‬‬

‫ات َوأ ُْوَلـِٰئ َك ُهم اْل ُمْفلِ ُحو َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َلـ ِٰك ِن َّ‬
‫ُ‬ ‫اه ُدوْا ِبأ َْم َوالِ ِه ْم َوأ َْنُفس ِه ْم َوأ ُْوَلـٰئ َك َل ُه ُم اْل َخ ْي َر ُ‬
‫آمُنوْا َم َع ُه َج َ‬
‫ين َ‬
‫ول َوالذ َ‬
‫الرُس ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫اه ُدوْا ِبأ َْم َوالِ ِه ْم َوأ َْنُف ِس ِه ْم} [اآلية‪.]88 :‬‬ ‫َّ ِ‬ ‫قوله تعالى‪َ{ :‬لـ ِٰك ِن َّ‬
‫آمُنوْا َم َع ُه َج َ‬
‫ين َ‬
‫الرُسو ُل َوالذ َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬اجتهد الرسول صلى هللا عليه وسلم فى أداء الرسالة‪ ،‬أبلغ الغاية وجاهد المسلمون بأنفسهم فى قبول ما‬
‫جاء به من الشرع‪ ،‬ما كان منه حظ النفس بالنفس وما كان منه حظ المال بالمال‪.‬‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 91‬الى اآلية ‪)91‬‬

‫ص ُحوْا ََِّّللِ َوَرُسولِ ِه َما َعَلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ين الَ َيج ُدو َن َما ُينفُقو َن َح َرٌج إ َذا َن َ‬
‫َّ ِ‬
‫ض ٰى َوالَ َعَلى الذ َ‬
‫َّليس عَلى ُّ ِ‬
‫الض َعَفآء َوالَ َعَل ٰى اْل َم ْر َ‬ ‫َْ َ‬
‫يم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين من سِب ٍ‬ ‫ِِ‬
‫َّللاُ َغُفوٌر َّرح ٌ‬‫يل َو َّ‬ ‫َ‬ ‫اْل ُم ْحسن َ‬

‫ين الَ َي ِج ُدو َن َما ُي ِنفُقو َن َح َرٌج} [اآلية‪.]91 :‬‬ ‫َّ ِ‬ ‫قوله تعالى‪{َّ :‬ليس عَلى ُّ ِ‬
‫ض ٰى َوالَ َعَلى الذ َ‬
‫الض َعَفآء َوالَ َعَل ٰى اْل َم ْر َ‬ ‫َْ َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬من لم نمكن من القدرة فقد ُرفع عنه الحرج‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬أفضل العصمة أن ال تقدر‪.‬‬

‫{والَ َعَلى‬
‫عظيما قال هللا تعالى‪َ :‬‬
‫ً‬ ‫قال أبو طاهر‪ :‬لو لم يكن فى الفقر والقلة إال إسقاط الحرج عن صاحبه‪ ،‬لكان ذلك‬
‫ين الَ َي ِج ُدو َن َما ُي ِنفُقو َن َح َرٌج} وقيل‪ :‬ليس على من ُسلب القيام بالخدمة بظاهر الجوارح من جرح فى تقصير يقع له‬ ‫َّ ِ‬
‫الذ َ‬
‫فى نافله‪ ،‬إذا أصبحت له الفرائض وسكن قلبه وصلحت سريرته‪.‬‬

‫ين ِمن سِب ٍ‬


‫يل}‪.‬‬ ‫ِِ‬
‫َ‬ ‫{ما َعَلى اْل ُم ْحسن َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال القاسم‪ :‬المحسن من يرى اإلحسان كله من هللا‪ ،‬فال يكون ألحد عليه سبيل‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬المحسن يحسن محاورة نعم هللا‪.‬‬

‫مستجيبا بحال‪.‬‬
‫ً‬ ‫وقال فى موضع آخر‪ :‬المحسن من يرى إحسان هللا إليه‪ ،‬وال يرى من نفسه‬

‫قال جعفر‪ :‬المحسن الذى يحسن آداب خدمة سيده‪.‬‬

‫وقال حمدون القصار‪ :‬المحسن المطالب نفسه بعد حقوق هللا بحقوق المسلمين عليه‪ ،‬والتارك حقه لهم‪ ،‬بل من ال يرى‬
‫لنفسه على أحد حًقا‪.‬‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 92‬الى اآلية ‪)92‬‬

‫الد ْم ِع َح َزناً أَالَّ َي ِج ُدوْا َما‬


‫يض ِم َن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫والَ عَلى اَّل ِذين ِإ َذا مآ أَتَوك لِتَح ِمَلهم ُقْلت الَ أَ ِجد مآ أ ِ‬
‫َعُيُن ُه ْم َتف ُ‬
‫َحمُل ُك ْم َعَل ْيه تََول ْوا َّوأ ْ‬
‫ُ َ ْ‬ ‫َ ْ َ ْ ُْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ُي ْنِفُقو َن‬

‫ك لِتَ ْح ِمَل ُه ْم} [اآلية‪.]92 :‬‬ ‫َّ ِ‬


‫ين ِإ َذا َمآ أَتَ ْو َ‬
‫{والَ َعَلى الذ َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال النصر آباذى‪ :‬تحملهم على االقبال علينا والثقة بنا والرجوع إلينا‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫أيضا‪ :‬تحملهم أى‪ :‬تحمل عنهم أثقال المخالفات‪.‬‬
‫وقال ً‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 98‬الى اآلية ‪)98‬‬

‫يم‬‫ِ‬ ‫السوِء و َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اب من يتَّ ِخ ُذ ما ي ِنفق م ْغرماً ويتَربَّص ِب ُكم َّ ِ‬


‫و ِم َن األ ْ ِ‬
‫يع َعل ٌ‬
‫َّللاُ َسم ٌ‬ ‫الد َوائ َر َعَل ْيه ْم َدآئ َرةُ َّ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ ُ َ َ ََ َ ُ‬ ‫َع َر َ َ‬ ‫َ‬

‫اب َمن َيتَّ ِخ ُذ َما ُي ِنف ُق َم ْغ َرماً} [اآلية‪.]98 :‬‬


‫َعر ِ‬
‫{و ِم َن األ ْ َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قيل‪ :‬من يرى الملك لنفسه كان ما ينفقه غرامة عنده‪ ،‬ومن يرى األشياء عارية هلل فى يده‪ ،‬يرى أن ما ينفقه ً‬
‫غنما ال‬
‫غرما‪.‬‬
‫ً‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 99‬الى اآلية ‪)99‬‬

‫ول أَال ِإَّن َها ُق ْرَب ٌة َّل ُه ْم َسُي ْد ِخُل ُه ُم‬


‫الرس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات ِعند َّ ِ‬ ‫اَّللِ واْليو ِم ِ‬
‫اآلخ ِر ويتَّ ِخ ُذ ما ي ِنفق ُقرب ٍ‬ ‫ِ‬ ‫و ِم َن األ ْ ِ‬
‫صَل َوات َّ ُ‬
‫َّللا َو َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ َُ‬ ‫ََ‬ ‫َع َراب َمن ُي ْؤ ِم ُن ب َّ َ َ ْ‬ ‫َ‬
‫يم‬ ‫ِ‬
‫ور َّرح ٌ‬ ‫َّللاُ ِفي َر ْح َمِت ِه ِإ َّن َّ‬
‫َّللاَ َغُف ٌ‬ ‫َّ‬

‫َّللاِ} [اآلية‪.]99 :‬‬


‫ات ِع َند َّ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬ويتَّ ِخ ُذ ما ي ِنفق ُقرب ٍ‬
‫َ ُ ُ َُ‬ ‫ََ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬من طلب القربة إلى هللا‪ ،‬هان عليه ما بذله فى جنب ذلك‪ ،‬وكيف ينال القربة إلى هللا من ال يزال يتقرب‬
‫إلى ما يبعده من هللا وهو الدنيا‪.‬‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 100‬الى اآلية ‪)100‬‬

‫َّللا ع ْنهم ورضوْا ع ْنه وأَعَّد َلهم جَّن ٍ‬


‫ات‬ ‫الساِبُقو َن األََّوُلو َن ِمن اْلمها ِج ِرين واأل َْنص ِار و َّال ِذين اتَّبعوهم ِبِإحس ٍ ِ‬
‫ان َّرض َي َّ ُ َ ُ ْ َ َ ُ َ ُ َ َ ُ ْ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َُ ُ ْ َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َو َّ‬
‫يم‬ ‫ِ‬ ‫ِٰ‬ ‫تَجرِي تَحتَها األ َْنهار َخالِ ِد ِ‬
‫يهآ أََبداً ذل َك اْلَف ْوُز اْل َعظ ُ‬
‫ين ف َ‬
‫َ‬ ‫َُ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫ص ِار} [اآلية‪.]100 :‬‬ ‫الساِبُقو َن األََّوُلو َن م َن اْل ُم َها ِج ِر َ‬
‫ين َواأل َْن َ‬ ‫{و َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬السابق من سبق له فى األزل من الحق حسن عناية‪ ،‬فتظهر عليه فى وقت إيجاده أنوار تلك السابقة‬
‫فإنه ما وصل إليه أحد إال بعد أن سبق له منه فى األزل لطف وعناية‪.‬‬

‫سمعت عبد هللا الرازى يقول‪ :‬سمعت أبا عثمان يقول‪ :‬هم الذين سبقوا إلى هللا بقلوبهم وحسن قصدهم إليه بطاعتهم‬
‫له‪ ،‬فأفردوا هممهم بذكر هللا‪ .‬وهللا وفقهم لذلك حتى صارت قلوبهم فارغة من ذكر كل شىء إال من ذكره‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬السابقون إلى هللا بصدق القصد إليه‪.‬‬


‫وقال ً‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬السباق السباق قوالً وفعالً حذر النفس حسرة المسبوق‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ضوْا َع ْن ُه}‪.‬‬ ‫{ر ِ‬
‫َّللاُ َع ْن ُه ْم َوَر ُ‬
‫ضي َّ‬
‫َ‬
‫قوله تعالى‪َّ :‬‬

‫قال جعفر رضى هللا عنه‪ :‬ما كان سبق لهم من هللا من عناية وتوفيق‪ ،‬ورضوا عنه بما َّ‬
‫من عليهم بمتابعتهم لرسوله‬
‫صلى هللا عليه وسلم وقبول ما جاء به‪ ،‬وإنفاقهم األموال وبذل المهج‪.‬‬

‫وقال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬الرضا سرور القلب بمر القضاء‪ ،‬وقال‪ :‬الرضا باب هللا األعظم‪.‬‬

‫وقال ابن يزدانيار‪ :‬رضاء الخلق عن هللا بما يتجدد لديهم من ظهور قدرته‪ ،‬ورضاه عنهم أن يوفقهم للرضا عنه‪.‬‬

‫وقال النصرآباذى‪ :‬ما رضوا عنه حتى رضى عنهم‪ ،‬فبفضل رضاه عنهم رضوا عنه‪.‬‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 102‬الى اآلية ‪)102‬‬

‫ِ‬ ‫وب َعَل ْي ِه ْم ِإ َّن َّ‬ ‫صالِحاً َو َ‬


‫آخ َر َسِيئاً َع َسى َّ‬ ‫اعتَ َرُفوْا ِب ُذُنوبِ ِه ْم َخَل ُ‬
‫يم‬
‫ور َّرح ٌ‬
‫َّللاَ َغُف ٌ‬ ‫َّللاُ أَن َيتُ َ‬ ‫طوْا َع َمالً َ‬ ‫آخ ُرو َن ْ‬
‫َو َ‬

‫اعتَ َرُفوْا ِب ُذُنوب ِِه ْم} [اآلية‪.]102 :‬‬


‫آخ ُرو َن ْ‬
‫{و َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬صفة النادمين والمعرضين عن الذنوب والناوين للتوبة‪ ،‬وهو االعتراف بما سبق منهم‪ ،‬وكثرة الندم على‬
‫ذلك واالستغفار منه ونسيان الطاعات وذكر المعاصى على الدوام واالبتهال إلى هللا بصحة االفتقار‪ ،‬لعل هللا يفتح له‬
‫باب التوبة ويجعله من أهلها‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫صالِحاً}‪.‬‬ ‫اعتَ َرُفوْا ِب ُذُنوبِ ِه ْم َخَل ُ‬
‫طوْا َع َمالً َ‬ ‫آخ ُرو َن ْ‬
‫{و َ‬
‫قال هللا تعالى‪َ :‬‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 103‬الى اآلية ‪)103‬‬

‫يم‬‫ِ‬ ‫ط ِهرهم وتَُزِكي ِهم ِبها وص ِل عَلي ِهم ِإ َّن ص َٰلوتَك س َكن َّلهم و َّ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫يع َعل ٌ‬
‫َّللاُ َسم ٌ‬ ‫َ ٌ ُْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ َ َْ ْ‬ ‫ص َد َق ًة تُ َ ُ ُ ْ َ‬
‫ُخ ْذ م ْن أ َْم َواله ْم َ‬

‫ط ِه ُرُه ْم َوتَُزِكي ِه ْم ِب َها} [اآلية‪.]103 :‬‬


‫ص َد َق ًة تُ َ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫{خ ْذ م ْن أ َْم َواله ْم َ‬
‫قوله تعالى‪ُ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬خذ منهم الصدقة فإن أخذك يطهرهم إلعطاء الزكاة‪ ،‬وتطهرهم عن دنس األكوان‪ ،‬وصلواتك تسكنهم إلى‬
‫اآلخرة وتقطعهم عن الدنيا‪.‬‬

‫قال رويم‪ :‬تطهر سرائرهم وتزكى نفوسهم‪.‬‬

‫ص ِل َعَل ْي ِه ْم}‪ :‬أى‪ :‬ادعُ لهم فإن دعاءك لهم سكون إلى اآلخرة وانقطاع عن الدنيا‪.‬‬
‫{و َ‬
‫وقيل فى قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 104‬الى اآلية ‪)104‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َّللا هو التََّّواب َّ ِ‬ ‫الصد َق ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫يم‬
‫الرح ُ‬ ‫ُ‬ ‫ات َوأ َّ‬
‫َن َّ َ ُ َ‬ ‫َّللاَ ُه َو َيْقَب ُل التَّ ْوَب َة َع ْن عَباده َوَيأ ُ‬
‫ْخ ُذ َّ َ‬ ‫أََل ْم َي ْعَل ُموْا أ َّ‬
‫َن َّ‬

‫الصد َق ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫ات} [اآلية‪.]104 :‬‬ ‫َّللاَ ُه َو َيْقَب ُل التَّ ْوَب َة َع ْن عَباده َوَيأ ُ‬
‫ْخ ُذ َّ َ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أََل ْم َي ْعَل ُموْا أ َّ‬
‫َن َّ‬

‫قال النصرآباذى‪ :‬فرق بين األخذ والقبول‪ ،‬ألنه قد يقبل وال يأخذ‪ ،‬وال يأخذ إال عن قبول فاألخذ أثم وأدم‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬أخذ الصدقة أحل من قبول التوبة‪ ،‬لذلك يقع فيه التربية‪.‬‬
‫وقال ً‬

‫قال النبى صلى هللا عليه وسلم‪" :‬إن هللا يأخذها فيربيها كما يربى أحدكم فلوه أو فصيله‬

‫‪".‬‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 105‬الى اآلية ‪)105‬‬

‫الش َها َد ِة َفُيَنِبُئ ُك ْم ِب َما ُكنتُ ْم تَ ْع َمُلو َن‬


‫َّللا َعمَل ُكم وَرسوُل ُه واْلم ْؤ ِمُنو َن وستَُرُّدو َن ِإَل ٰى َعالِ ِم اْل َغ ْي ِب و َّ‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َوُق ِل ْ‬
‫اع َمُلوْا َف َسَي َرى َّ ُ َ ْ َ ُ َ ُ‬

‫َّللاُ َع َمَل ُك ْم َوَرُسولُ ُه َواْل ُم ْؤ ِمُنو َن} [اآلية‪.]105 :‬‬ ‫{وُق ِل ْ‬


‫اع َمُلوْا َف َسَي َرى َّ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال أبو حفص وأبو عثمان‪ :‬اعمل وأصلح العمل وأخلص النية فإن هللا عز وجل يرى سرك وضميرك‪ ،‬والرسول يراه‬
‫رؤية مشاهدة‪ ،‬والمؤمنون يرونه رؤية فراسة وتوسم‪.‬‬

‫ٍ ِ ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ين } [الحجر‪.]75 :‬‬ ‫قال هللا تعالى‪ِ { :‬إ َّن في َذل َك َ‬
‫آليات لْل ُمتََوسم َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 108‬الى اآلية ‪)108‬‬

‫َّللاُ ُي ِح ُّب‬ ‫ال ُي ِحبُّو َن أَن َيتَ َ‬ ‫يه أَبداً َّلمس ِجد أ ُِسس عَلى التَّْقو ٰى ِمن أََّو ِل يو ٍم أَح ُّق أَن تُق ِ ِ ِ ِ‬
‫ِِ‬
‫ط َّه ُروْا َو َّ‬ ‫وم فيه فيه ِرَج ٌ‬
‫َ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫الَ تَُق ْم ف َ َ ْ ٌ َ َ‬
‫َّ‬
‫اْل ُمط ِه ِر َ‬
‫ين‬

‫قوله تعالى‪{َّ :‬لمس ِجد أ ُِسس عَلى التَّْقو ٰى ِمن أََّو ِل يو ٍم أَح ُّق أَن تُقوم ِف ِ‬
‫يه} [اآلية‪.]108 :‬‬ ‫َ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ ٌ َ َ‬

‫قال أبو بكر الوراق‪ :‬من صحح إرادته بدا ولم يعارضه شك أو ريبة‪ ،‬فإن أحواله تجرى على االستقامة‪ ،‬فتصحيح‬
‫اإلرادة هو الخلع عن مراده أجمع‪ ،‬والرجوع إلى مراد هللا فيه‪ ،‬قال هللا عز وجل‪{َّ :‬ل َم ْس ِجٌد أ ُِس َس َعَلى التَّْقَو ٰى ِم ْن أََّو ِل‬
‫يو ٍم أَح ُّق أَن تُقوم ِف ِ‬
‫يه}‪.‬‬ ‫َ َ‬ ‫َْ َ‬

‫وقال عبد هللا بن مبارك‪ :‬المقام فى عرضات الشر وأماكنه من أوائل الخذالن‪ ،‬وقد أمر هللا بالفرار منها‪.‬‬

‫يها } [النساء‪.]97 :‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫قال هللا تعالى‪ { :‬أََلم تَ ُكن أَرض َّ ِ ِ‬


‫َّللا َواس َع ًة َفتُ َهاج ُروْا ف َ‬ ‫ْ ْ ْ ُ‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬أرض الفتنة ال ينبت فيها إال الفتنة‪ ،‬وأرض الرحمة يصيب اإلنسان رحمتها ولو بعد حين‪.‬‬

‫َّ‬ ‫ط َّهروْا و َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬


‫َّللاُ ُيح ُّب اْل ُمط ِه ِر َ‬
‫ين}‪.‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬فيه ِر َج ٌ‬
‫ال ُيحبُّو َن أَن َيتَ َ ُ َ‬

‫قال سهل‪ :‬الطهارة على ثالثة أوجه‪ :‬طهارة العلم من الجهل وطهارة الذكر من النسيان وطهارة الطاعة من المعصية‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ال ُي ِحبُّو َن أَن َيتَ َ‬ ‫ِِ‬
‫ط َّه ُروْا} أى يطهروا أسرارهم من دنس األكوان‪.‬‬ ‫قال بعضهم‪{ :‬فيه ِر َج ٌ‬

‫وعلنا‪.‬‬
‫سر ً‬ ‫قال سهل‪ :‬هذه الطهارة التى ذكر هللا هى الطاعة هلل عز وجل وإدامة الذكر له ًا‬

‫قال بعضهم‪ :‬طهارتهم من األوهام القبيحة واألمانى الفاسدة دون ارتكابها‪.‬‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 109‬الى اآلية ‪)109‬‬

‫ف َه ٍار َف ْان َه َار ِب ِه ِفي َن ِار َج َهَّن َم‬


‫َسس ب ْنيانه عَلى َشَفا جر ٍ‬
‫ُُ‬ ‫ض َو ٍ‬
‫ان َخ ْيٌر أَم َّم ْن أ َّ َ ُ َ َ ُ َ ٰ‬
‫َسس بنيانه عَلى تْقو ٰى ِمن َّ ِ‬
‫َّللا َوِر ْ‬ ‫َ‬ ‫أََف َم ْن أ َّ َ ُ ْ َ َ ُ َ ٰ َ َ‬
‫ين‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َّللاُ الَ َي ْهدي اْلَق ْوَم الظالم َ‬
‫َو َّ‬

‫ض َو ٍ‬ ‫َسس بنيانه عَلى تْقو ٰى ِمن َّ ِ‬


‫ان َخ ْيٌر} [اآلية‪.]109 :‬‬ ‫َّللا َوِر ْ‬ ‫َ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أََف َم ْن أ َّ َ ُ ْ َ َ ُ َ ٰ َ َ‬

‫قال أبو تراب النخشى‪ :‬من كان ابتداء إرادته على الصحة والسالمة من هواجس نفسه بلغ إلى الرضوان األكبر والمقام‬
‫ض َو ٍ‬ ‫َسس بنيانه عَلى تْقو ٰى ِمن َّ ِ‬
‫ان}‪.‬‬ ‫َّللا َوِر ْ‬ ‫َ‬ ‫األرفع‪ ،‬قال هللا‪{ :‬أََف َم ْن أ َّ َ ُ ْ َ َ ُ َ ٰ َ َ‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬على تقوى من هللا ال من نفسه يكون هللا أصل ذلك التقوى‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 111‬الى اآلية ‪)111‬‬

‫َّللاِ َفَيْقُتُلو َن َوُيْقَتُلو َن َو ْعداً َعَل ْي ِه َحقاً ِفي‬ ‫َن َلهم اْلجَّن َة يَق ِاتُلو َن ِفي سِب ِ‬
‫يل َّ‬ ‫َ‬ ‫ِبأ َّ ُ ُ َ ُ‬ ‫َنف َس ُه ْم َوأ َْم َواَل ُه ْم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اشتَ َر ٰى م َن اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين أ ُ‬ ‫ِإ َّن َّ‬
‫َّللاَ ْ‬
‫يم‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫َّللاِ َف ِ ِ ِ َّ ِ‬ ‫آن َو َم ْن أ َْوَف ٰى ِب َع ْه ِدِه ِم َن‬ ‫يل َواْلُق ْر ِ‬ ‫التَّوَرِاة و ِ‬
‫اإل ْن ِج ِ‬
‫استَْبش ُروْا بَب ْيع ُك ُم الذي َب َاي ْعتُ ْم به َوَذل َك ُه َو اْلَف ْوُز اْل َعظ ُ‬
‫َّ ْ‬ ‫ْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن َّ‬
‫َنف َس ُه ْم َوأ َْم َواَل ُه ْم} [اآلية‪.]111 :‬‬ ‫اشتَ َر ٰى م َن اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين أ ُ‬ ‫َّللاَ ْ‬

‫اشتََر ٰى ِم َن‬ ‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم البزار يقول‪ :‬سمعت ابن عطاء يقول‪ :‬فى قوله {ِإ َّن َّ‬
‫َّللاَ ْ‬
‫ِ‬
‫َنف َس ُه ْم َوأ َْم َواَل ُه ْم} قال‪ :‬نفسك موضع كل شهوة وبلية ومالك محل كل أثم ومعصية‪ ،‬فأراد أن يزيل ملكك عما‬ ‫اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين أ ُ‬
‫يضرك‪ ،‬ويعوضك عليه ما ينفعك عاجالً وآجالً‪.‬‬

‫قال سهل‪ :‬ال نفس للمؤمن إنها دخلت فى البيع من هللا‪ ،‬فمن لم يبع من هللا حياته الفانية كيف يعيش مع هللا ويحيا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حياة طيبة قال هللا عز وجل‪ِ{ :‬إ َّن َّ‬
‫َنف َس ُه ْم َوأ َْم َواَل ُه ْم}‪.‬‬ ‫اشتَ َر ٰى م َن اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين أ ُ‬ ‫َّللاَ ْ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قال جعفر فى قوله‪ِ{ :‬إ َّن َّ‬


‫َنف َس ُه ْم} قال‪ :‬مكر بهم على لسان الحقيقة وعلى لسان المعاملة‬ ‫اشتَ َر ٰى م َن اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين أ ُ‬ ‫َّللاَ ْ‬
‫اشترى منهم األجساد لمواضع وقوع المحبة من قلوبهم وأحياهم بالوصلة‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬من سمع الخطاب فانتبه له‪ ،‬كان كأبى بكر رضى هللا عنه لما قيل له‪ :‬ماذا أبقيت لنفسك؟ قال‪" :‬هللا‬
‫باقيا‪ .‬فأبقى ببقائهما دون األعراض التى هى عوارى‪.‬‬
‫ورسوله" أى أبقيت لنفسى من ال يفنى وال يزال ً‬

‫وقال بعضهم‪ :‬اشترى منك ما هو محل اآلفات و َ‬


‫البليَّات وهو النفس والمال‪ ،‬وجعل ثمنهما الجنة‪ ،‬فإن آنس قلبك كان‬
‫الثواب عليه المشاهدة والقربة‪.‬‬

‫قال الحسين‪ :‬نفوس المؤمنين نفوس أبية استرقها الحق فال يملكها سواه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال النصرآباذى‪ُ :‬سئل الجنيد رحمة هللا عليه متى أشترى؟ قال‪ :‬حين ألمنى أزال عنهم العلل يزول ملكهم عن أنفسهم‬
‫وأموالهم ليصلحوا المجاورة للحق ومخاطبته‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬مكر بهم وهم ال يشعرون‪ ،‬لكن الكالم فيه من جهة المعاملة مليح اشترى منهم األجساد لمواضع وقوع‬
‫المحبة من قلوبهم‪ ،‬فاجتباهم بالوصلة‪.‬‬

‫قال النصرآباذى‪ :‬اشترى منك ما هو صفتك‪ ،‬والقلب تحت صفته فلم تقع عليه المبايعة‪.‬‬

‫قال النبى صلى هللا عليه وسلم‪ " :‬قلب ابن آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن " قال‪ :‬مباينه منك فى االبتداء‬
‫طَن ْعتُ َك‬
‫اص َ‬ ‫أوجبت المشاراة‪ ،‬ومن لم يباين الحق لم يقع عليه اسم الشراء أال ترى أن هللا الكريم خاطب الكليم بقوله‪َ :‬‬
‫{و ْ‬
‫لَِنْف ِسي} [طه‪ ]41 :‬فال شراء وال بيع وال مباينة بحال‪.‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬اشترى من المؤمنين أنفسهم‪ ،‬كى ال يخاصموا عنها‪ ،‬فإنها ليست لهم‪ ،‬واإلنسان ال يخاصم عما ليس‬
‫له‪.‬‬

‫قال أبو بكر الوراق‪ :‬اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم وال شىء يتقرب به العبد إلى هللا فى أداء األوامر والفرائض‪،‬‬
‫إال النفس والمال فاشترى منهم النفس والمال لئال ينظروا إلى ما يبدو منهم من أنواع القرب‪ ،‬ألنهم باعوا قبل فال‬
‫يعجبوا بشىء من أفعالهم‪ ،‬وال يفتخروا بشىء من طاعاتهم‪ ،‬ألن مواضعها النفس والمال‪ ،‬وليس لهم عليها ملك‪ ،‬ومن‬
‫ال يملك األصل كيف يفتخر بالفرع‪.‬‬

‫َّللاِ}‪.‬‬
‫{و َم ْن أ َْوَف ٰى ِب َع ْه ِدِه ِم َن َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الحسين‪ :‬عهد الحق فى األزل إلى خواصه باختصاص خاصيته‪ ،‬خصهم بها من بين تكوينه فأظهر آثار أنوار‬
‫ذلك عليهم عند استخراج الذر‪ ،‬فرأى آدم األنوار تتألأل فقال‪ :‬من هؤالء؟ ثم أظهر سمات ذلك حين أوجدهم‪ ،‬وهى‬
‫استَْب ِش ُروْا ِبَب ْي ِع ُك ُم اَّل ِذي َب َاي ْعتُ ْم‬ ‫آثار ذلك العهد الذى عهد إليهم‪ ،‬فوفى لهم بعهودهم {ومن أَوَفى ِبعه ِدِه ِمن َّ ِ‬
‫َّللا} قال‪َ{ :‬ف ْ‬ ‫َ‬ ‫ََْ ْ ٰ َْ‬
‫ِب ِه}‪.‬‬

‫وكرما بالرؤية‬
‫ً‬ ‫قال النصرآباذى‪ :‬البشرى فى هذا البيع أنه يوفى بما وعد‪ ،‬بأن لهم الجنة ويزيد لمن يشاء‪ ،‬فضالً منه‬
‫عظيما‪ ،‬فكيف المبايعة والمشاراة‪.‬‬
‫ً‬ ‫والمشاهدة ولو لم يكن فيه إال مساواة المساومة لكان‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 112‬الى اآلية ‪)112‬‬

‫ود‬ ‫ُ‬ ‫نك ِر َواْل َح ِاف ُ‬


‫ظو َن لِح ُد ِ‬ ‫اهو َن َع ِن اْل ُم َ‬
‫الن ُ‬
‫اآلمرو َن ِباْلمعر ِ‬
‫وف َو َّ‬ ‫َ ُْ‬ ‫ُ‬
‫اجدو َن ِ‬
‫الس ِ‬
‫اك ُعو َن َّ‬ ‫الس ِائ ُحو َن َّ‬
‫الر ِ‬ ‫التَّ ِائبو َن اْلعاِبدو َن اْلح ِ‬
‫ام ُدو َن َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫َّللا َوَبش ِر اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين‬

‫الس ِائ ُحو َن} [اآلية‪.]112 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬التَّ ِائبو َن اْلعاِبدو َن اْلح ِ‬
‫ام ُدو َن َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬

‫قال سهل‪ :‬ليس فى الدنيا شىء من الحقوق أوجب على الخلق من التوبة‪ ،‬وال عقوبة أشد عليهم من فقد علم التوبة‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬ال تصح العبادة إال بالتوبة له إال بالمداومة والسياحة والرياضة وال هذه المقامات وهذه المقدمات إال‬
‫بمداومة الركوع والسجود‪ ،‬وال يصح هذا كله إال باألمر بالمعروف والنهى عن المنكر‪ ،‬وال يصح شىء مما تقدم إال‬
‫ِ‬ ‫ظاهر وباطنا‪ ،‬والمؤمن من تكون هذه صفته‪ ،‬ألن هللا يقول‪ِ :‬‬
‫{وَبش ِر اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين} الذين هم بهذه الصفة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ًا‬ ‫بحفظ الحدود‬

‫وقيل فى قوله‪{ :‬التَّ ِائُبو َن} الراجعون إلى هللا بالكلية عن جميع ما لهم من صفاتهم وأحوالهم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫{اْل َعاِب ُدو َن} القائمون معه على حقيقة شرائط الخدمة‪.‬‬

‫{اْلح ِ‬
‫ام ُدو َن} العارفون نعم هللا عليهم في كل خطوة وطرفة عين‪.‬‬ ‫َ‬

‫َّ ِ‬
‫{السائ ُحو َن} الذين حبسوا أنفسهم عن مرادها ً‬
‫طلبا لرضاه‪.‬‬

‫{الر ِ‬
‫اك ُعو َن} الخاضعون له على الدوام الساجدون الطالبون قربه‪.‬‬ ‫َّ‬

‫{اآلمرو َن ِباْلمعر ِ‬
‫وف} اآلمرون بسنة النبى صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َ ُْ‬ ‫ُ‬

‫نك ِر} عن ارتكاب مخالفات السنن‪.‬‬


‫اهو َن َع ِن اْل ُم َ‬ ‫{و َّ‬
‫الن ُ‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ظون لِحدوِد َّ ِ‬ ‫ِ‬


‫َّللا} المراعون أوامر هللا عليهم في جوارحهم وقلوبهم وأسرارهم وأرواحهم { َوَبش ِر اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين} القائمون‬ ‫{واْل َحاف ُ َ ُ ُ‬
‫َ‬
‫بحفظ هذه الحرمات‪.‬‬

‫قال أبو يزيد رحمة هللا عليه‪ :‬السياحة راحة من ساح راح‪.‬‬

‫َّللاِ} قال‪ :‬هم الذين أصغوا إلى هللا بآذان أفهامهم الواعية وقلوبهم‬ ‫قال أبو سعيد الخراز في قوله‪{ :‬اْل َح ِاف ُ‬
‫ظو َن لِ ُح ُدوِد َّ‬
‫الطاهرة‪ ،‬ولم يتخلفوا عن بداية بحال‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الناس أربعة‪ :‬تائب وعابد ومحب وعارف‪ ،‬فالتائب يعمل للنجاة‪ ،‬والعابد يعمل للدرجات‪ ،‬والمحب يعمل‬
‫للقربات‪ ،‬والعارف يعمل لرضا ربه من غير حظ لنفسه فيه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬التائب‪ :‬الراجع إليه من كل ما سواه‪ ،‬والعابد المداوم على الخدمة مع رؤية التقصير‪ ،‬والحامد الذى يحمد‬
‫على الضراء حمده على السراء‪ .‬والسائح هو الذى يسيح فى طلب األولياء واألوتاد‪.‬‬

‫والراكع الساجد هو الخاضع هلل عز وجل فى جميع األحوال‪.‬‬

‫نك ِر} هم المتباغضون‬


‫اهو َن َع ِن اْل ُم َ‬ ‫{و َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الن ُ‬ ‫{اآلم ُرو َن باْل َم ْع ُروف} هم المتحابون فى هللا َ‬

‫َّللاِ} القائمون معه على آداب السنن والشريعة‪.‬‬ ‫{واْل َح ِاف ُ‬


‫ظو َن لِ ُح ُدوِد َّ‬ ‫فى هللا َ‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 115‬الى اآلية ‪)115‬‬

‫يم‬‫ٍ ِ‬ ‫اهم حتَّ ٰى يبِي َن َلهم َّما يتَُّقو َن ِإ َّن َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وما َكان َّ ِ ِ‬
‫َّللاَ ب ُكل َش ْيء َعل ٌ‬ ‫َ‬ ‫َّللاُ لُيض َّل َق ْوماً َب ْع َد إ ْذ َه َد ُ ْ َ ُ َ ُ‬ ‫ََ َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬وما َكان َّ ِ ِ‬
‫َّللاُ لُيض َّل َق ْوماً َب ْع َد ِإ ْذ َه َد ُ‬
‫اه ْم} [اآلية‪.]115 :‬‬ ‫ََ َ‬

‫َّللاُ‬
‫ان َّ‬ ‫قال بعضهم‪ :‬من جرى له فى األزل من السعادة والعناية نصيب‪ ،‬فإن الجنايات ال تؤثر عليه‪ ،‬قال هللا‪َ :‬‬
‫{و َما َك َ‬
‫ِ ِ‬
‫{ب ْع َد ِإ ْذ َه َد ُ‬
‫اه ْم} فى األزل‪.‬‬ ‫لُيض َّل َق ْوماً} فى األبد َ‬

‫وقيل‪ :‬ال يضلهم عنه بعد إذ هداهم إليه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 116‬الى اآلية ‪)116‬‬

‫َّللاِ ِمن ولِ ٍي والَ ن ِ‬


‫يت َو َما َل ُك ْم ِمن ُدو ِن َّ‬ ‫ِ‬ ‫الس ٰم ٰو ِت واأل َْر ِ‬
‫صٍ‬
‫ير‬ ‫َ َ َ‬ ‫ض ُي ْحِيـي َوُيم ُ‬ ‫ِإ َّن َّ‬
‫َّللاَ َل ُه ُمْل ُك َّ َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ُي ْحِيـي َوُيم ُ‬
‫يت} [اآلية‪.]116 :‬‬ ‫ات واأل َْر ِ‬
‫الس َم َاو َ‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن َّ‬
‫َّللاَ َل ُه ُمْل ُك َّ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬له ملك السماوات واألرض فمن طلب الملك من غير مالك الملك فقد أخطأ الطريق‪.‬‬

‫اغما‪.‬‬
‫قال النصرآباذى‪ :‬من اشتغل بالملك فإنه الملك‪ ،‬ومن طلب مالك الملك أتاه الملك ر ً‬

‫َّ‬
‫تشغلنك ما له عنه‪.‬‬ ‫قال جعفر‪ :‬األكوان كلها له فال‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 117‬الى اآلية ‪)117‬‬

‫يق ِم ْن ُه ْم ثُ َّم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫النِب ِي واْلمها ِج ِرين واألَنص ِار َّال ِذين اتَّبعوه ِفي س ِ‬
‫وب َف ِر ٍ‬ ‫اعة اْل ُع ْس َرِة من َب ْعد َما َك َاد َي ِز ُ‬
‫يغ ُقلُ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َُ ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫اب هللاُ َعَل ٰى َّ َ ُ َ‬ ‫َلَق ْد تَ َ‬
‫ِ‬
‫يم‬ ‫اب َعَل ْي ِه ْم ِإَّن ُه ِب ِه ْم َرُء ٌ‬
‫وف َّرح ٌ‬ ‫تَ َ‬

‫َنص ِار} [اآلية‪.]117 :‬‬ ‫النِب ِي َواْل ُم َها ِج ِر َ‬


‫ين َواأل َ‬ ‫اب هللا َعَل ٰى َّ‬
‫قوله تعالى‪َ{ :‬لَق ْد تَ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬توبة النبى هى مقدمة توبة األمة‪ ،‬ليصح بالمقدمة التوابع من توبة التائبين‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬توبة األنبياء لمشاهدة الحق فى وقت اإلبالغ‪ ،‬ال يغيبون عن الحضرة‪ ،‬بل ال يحضرون مواضع الغيبة‪،‬‬
‫أبدا‪.‬‬
‫ألنهم فى عين الجمع ً‬

‫ِ‬
‫اب َعَل ْي ِه ْم لَيتُ ُ‬
‫وبوْا}‪.‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬ثُ َّم تَ َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬قطعهم ِب ٍ‬


‫ميتة عن أوصافهم‪.‬‬

‫ِ‬
‫اب َعَل ْي ِه ْم لَيتُ ُ‬
‫وبوْا}‪.‬‬ ‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬التوب ُة المقبول ُة مقبول ٌة قبل الخطيئة وقبل قصد التوبة‪ ،‬قال هللا {ثُ َّم تَ َ‬

‫قال النصرآباذى‪ :‬متى تاب عليهم حين ال متى قبل التوبة عنهم بإياه إلياه‪ ،‬حين لم يكن آدم‪ ،‬وال كون أزال عنهم بذلك‬
‫أبدا‪ .‬شعر‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫كل علة ً‬

‫وتذنبـون فنأتيكـم فنعتــذر‬ ‫إذا مرضتم أتيناكم نعودكـم‬

‫ُسئل أبو حفص عن التوبة فقال‪ :‬ليس للعبد من التوبة شىء‪ ،‬ألن التوبة إليه ال منه‪.‬‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 118‬الى اآلية ‪)118‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َّللاِ‬
‫ظُّنوْا أَن الَّ َمْل َجأَ ِم َن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫ضا َق ْت َعَل ْي ِه ْم أ ُ‬
‫َنف ُس ُه ْم َو َ‬ ‫ض ِب َما َر ُحَب ْت َو َ‬
‫ضا َق ْت َعَل ْي ِه ُم األ َْر ُ‬ ‫َو َعَلى الثَّالَثَة الذ َ‬
‫ين ُخلُفوْا َحتَّ ٰى ِإ َذا َ‬
‫َّللا هو التََّّواب َّ ِ‬ ‫اب َعَل ْي ِهم لَِيتُ ُ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫يم‬
‫الرح ُ‬ ‫ُ‬ ‫وبوْا إ َّن َّ َ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ِإال ِإَل ْيه ثُ َّم تَ َ‬

‫ض ِب َما َر ُحَب ْت} [اآلية‪.]118 :‬‬


‫ضا َق ْت َعَل ْي ِه ُم األ َْر ُ‬
‫{حتَّ ٰى ِإ َذا َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬من رجع إلى هللا وإلى سبيله‪ ،‬فلتكن صفة هذه اآلية تضيق عليه األرض‪ ،‬حتى ال يجد لقدمه فيها‬
‫موضع قرار إال وهو خائف‪ ،‬إن هللا ينتقم منه فيه وتضيق عليه أحوال نفسه فينتظر الهالك مع كل نفس هذه أوائل‬
‫دالئل التوبة النصوح‪ ،‬وال يكون له ملجأ وال معاد وال رجوع إال إلى ربه‪ ،‬بانقطاع قلبه عن كل سبب قال هللا تعالى‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫ض ِب َما َر ُحَب ْت}‪.‬‬
‫ضا َق ْت َعَل ْي ِه ُم األ َْر ُ‬ ‫{و َعَلى الثَّالَثَة الذ َ‬
‫ين ُخلُفوْا َحتَّ ٰى ِإ َذا َ‬ ‫َ‬

‫َّللاِ ِإالَّ ِإَل ْي ِه}‪.‬‬


‫ظُّنوْا أَن الَّ َمْل َجأَ ِم َن َّ‬
‫{و َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫حبيبا وال خليالً بل قلوبهم منقطعة عن الخلق أجمع وعن األكوان كلها‪ ،‬لذلك قيل‪ :‬المعارف‬
‫قال بعضهم‪ :‬لم يعتمدوا ً‬
‫ال‪.‬‬
‫كليما وأنت تجد إلى مالحظة الحق سبي ً‬
‫حبيبا وال خليالً وال ً‬
‫أن ال تالحظ ً‬

‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬ما نجا من نجا إال بصدق اللجأ‪.‬‬

‫ِ‬
‫اب َعَل ْي ِه ْم لَيتُ ُ‬
‫وبوْا}‪.‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬ثُ َّم تَ َ‬

‫قال أحمد بن خضرويه ألبي يزيد رحمة هللا عليه‪ :‬بماذا أصل التوبة النصوح قال‪ :‬باهلل وبتوفيقه‪ ،‬ثم تاب عليهم‬
‫ليتوبوا‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬عطف عليهم ببوادى عطفه ونعمه وفضله فألفوا إحسانه ورجعوا إليه فكان هو الذى أخذهم إلى نفسه‪ ،‬ال‬
‫هم بأنفسهم رجعوا إليه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬تعطف الرب على خلقه ولم يتعطف العبد إلى هللا الطاعة‪.‬‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 119‬الى اآلية ‪)119‬‬

‫ين‬ ‫ونوْا مع َّ ِ ِ‬ ‫آمُنوْا اتَُّقوْا َّ‬ ‫يـٰأي َّ ِ‬


‫الصادق َ‬ ‫َّللاَ َوُك ُ َ َ‬ ‫ين َ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ َ‬

‫ين} مع المقيمين على منهاج الحق‪.‬‬ ‫قال بعضهم‪{ :‬مع َّ ِ ِ‬


‫الصادق َ‬ ‫ََ‬

‫وباطنا‪.‬‬
‫ً‬ ‫وظاهر‬
‫ًا‬ ‫وعلنا‬
‫سر ً‬ ‫قال بعضهم‪ :‬مع من ترضى حاله ًا‬

‫ين} قال‪ :‬هم الذين لم يخالفوا الميثاق األول‪ ،‬فإنها صدق كلمة‪.‬‬ ‫ونوْا مع َّ ِ ِ‬
‫الصادق َ‬ ‫{ك ُ َ َ‬ ‫قال بعضهم‪ُ :‬‬

‫وقال أبو سليمان‪ :‬الصحبة على الصدق والصفاء تنفى كل علة عن المصطحبين‪ ،‬إذا قاما وثبتا على منهاج الصدق‬
‫ين}‪.‬‬ ‫ونوْا مع َّ ِ ِ‬ ‫ألن هللا يقول‪{ :‬اتَُّقوْا َّ‬
‫الصادق َ‬ ‫َّللاَ َوُك ُ َ َ‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 122‬الى اآلية ‪)122‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ين َولُِي ِنذ ُروْا َق ْو َم ُه ْم ِإ َذا َر َج ُعوْا ِإَل ْي ِه ْم‬
‫الد ِ‬ ‫َ ُ‬ ‫ان اْل ُم ْؤ ِمُنو َن لَِي ِنف ُروْا َك َّآف ًة َفَل ْوالَ َنَف َر ِمن ُك ِل ِف ْرَق ٍة ِم ْن ُه ْم َ‬
‫ط ِآئَف ٌة لِيتََفَّقهوْا ِفي ِ‬
‫َو َما َك َ‬
‫َل َعَّل ُه ْم َي ْح َذ ُرو َن‬

‫ان اْل ُم ْؤ ِمُنو َن لَِي ِنف ُروْا َك َّآف ًة} [اآلية‪.]122 :‬‬
‫{و َما َك َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال سهل‪ :‬أفضل الرحل رحلة من الهوى إلى العقل‪ ،‬ومن الجهل إلى العلم‪ ،‬ومن الدنيا إلى اآلخرة‪ ،‬ومن االستطاعة‬
‫إلى التبرى‪ ،‬ومن الحول والقوة والنفس إلى التقوى ومن األرض إلى السماء‪ ،‬ومن الخلق إلى هللا عز وجل‪.‬‬

‫وقال المرتعش‪ :‬السياحة واألسفار على ضربين‪ :‬سياحة لتعليم أحكام الدين وأساس الشريعة وسياحة آلداب العبودية‬
‫ورياضة األنفس‪ ،‬فمن رجع عن سياحة األحكام قام بلسانه يدعو الخلق إلى ربه‪ ،‬ومن رجع من سياحة األدب‬
‫والرياضة‪ ،‬قام فى الخلق يؤدبهم بأخالقه وشمائله وسياحة هى سياحة الحق وهى رؤية أهل الحق والتأدب بآدابهم‪،‬‬
‫فهذا بركاته تعم العباد والبالد‪ ،‬قال عز وجل‪َ{ :‬فَل ْوالَ َنَف َر ِمن ُك ِل ِف ْرَق ٍة ِم ْن ُه ْم َ‬
‫ط ِآئَف ٌة} اآلية‪.‬‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 123‬الى اآلية ‪)123‬‬

‫ِ‬ ‫يك ْم ِغْل َ‬


‫ون ُك ْم ِم َن اْل ُكَّف ِار َوْلَي ِج ُدوْا ِف ُ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ٰيأَي َّ ِ‬
‫َّللاَ َم َع اْل ُمتَّق َ‬
‫ين‬ ‫اعَل ُموْا أ َّ‬
‫َن َّ‬ ‫ظ ًة َو ْ‬ ‫ين َيُل َ‬
‫آمُنوْا َقاتُلوْا الذ َ‬
‫ين َ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ‬

‫يك ْم ِغْل َ‬
‫ظ ًة} [اآلية‪.]123 :‬‬ ‫ون ُك ْم ِم َن اْل ُكَّف ِار َوْلَي ِج ُدوْا ِف ُ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫ين َيُل َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬قاتُلوْا الذ َ‬

‫قال سهل‪ :‬النفس كافرة فقاتلها بالمخالفة لهواها‪ ،‬واحملها على طاعة هللا والمجاهدة فى سبيله وأكل الحالل وقول‬
‫الصدق وما قد أمرت به من مخالفة الطبيعة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 124‬الى اآلية ‪)124‬‬

‫يماناً َو ُه ْم َي ْستَْب ِش ُرو َن‬ ‫ِ‬ ‫ُّكم زاد ْته هـ ِٰذِه ِإيماناً َفأ َّ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َوإِ َذا َمآ أ ِ‬
‫آمُنوْا َف َزَاد ْت ُه ْم إ َ‬
‫ين َ‬
‫َما الذ َ‬ ‫َ‬ ‫ول أَي ُ ْ َ َ ُ َ‬
‫ورةٌ َفم ْن ُه ْم َّمن َيُق ُ‬
‫ُنزَل ْت ُس َ‬

‫يماناً} [اآلية‪.]124 :‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬فأ َّ َّ ِ‬


‫آمُنوْا َف َزَاد ْت ُه ْم إ َ‬
‫ين َ‬
‫َما الذ َ‬

‫ونظر أسقط عنهم النظر‬


‫ًا‬ ‫قال ابن عطاء‪ :‬الذين صدقوا حكم الربوبية وتمسكوا بعهد العبودية‪ ،‬زادتهم معرفة فى قلوبهم‬
‫إلى ما سواه‪.‬‬

‫قال أبو بكر الوراق‪ :‬زيادة اإليمان يصيرونه بمعاتبة القلب‪.‬‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 126‬الى اآلية ‪)126‬‬

‫وبو َن َوالَ ُه ْم َي َّذ َّك ُرو َن‬ ‫ِ ِ‬


‫أ ََوالَ َي َرْو َن أََّن ُه ْم ُيْفتَُنو َن في ُكل َعا ٍم َّمَّرةً أ َْو َمَّرتَْي ِن ثُ َّم الَ َيتُ ُ‬

‫قوله تعالى‪{ :‬أ ََوالَ َي َرْو َن أََّن ُه ْم ُيْفتَُنو َن ِفي ُك ِل َعا ٍم َّمَّرًة أ َْو َمَّرتَْي ِن} [اآلية‪.]126 :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سمعت أبا عثمان المغربى يقول‪ :‬ليس الرجوع فى أيام الفتنة إال إلى اللجأ واالستغاثة وطلب األمان وقصد التوبة فمن‬
‫وبو َن} اآلية‪.‬‬
‫رجع إلى غير هذه األسباب لم يسلم من فتنة نفسه‪ ،‬وإن سلم من فتنة العوام‪ ،‬قال هللا تعالى‪{ :‬ثُ َّم الَ َيتُ ُ‬
‫{والَ ُه ْم َي َّذ َّك ُرو َن} أى‪ :‬ال يشكرون نعمتى‬
‫أى‪ :‬ال يرجعون إلى هللا بقلوبهم والراجع إلى هللا سالم من الفتن واآلفات‪َ ،‬‬
‫السالفة عندهم‪.‬‬

‫ويعلمون رفقى بهم بالفتنة إذ لم أجعلهم من المفتونين فى الفتنة‪.‬‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 128‬الى اآلية ‪)128‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َلَق ْد جآء ُكم رسول ِمن أ ُ ِ‬


‫يم‬
‫وف َّرح ٌ‬ ‫يص َعَل ْي ُك ْم ِباْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين َرُء ٌ‬ ‫َنفس ُك ْم َع ِز ٌيز َعَل ْيه َما َعنتُّ ْم َح ِر ٌ‬ ‫َ َ ْ َُ ٌ ْ‬

‫َنف ِس ُك ْم َع ِز ٌيز َعَل ْي ِه َما َعِنتُّ ْم} [اآلية‪.]128 :‬‬


‫ول ِم ْن أ ُ‬
‫آء ُك ْم َرُس ٌ‬
‫قوله تعالى‪َ{ :‬لَق ْد َج َ‬

‫أخبرنا على بن الحسن البلخى قال‪ :‬حدثنا عبد هللا بن عجالن الزنجانى قال‪ :‬حدثنا أبو عثمان أحمد بن غالب قال‪:‬‬
‫حدثنا أبو عاصم عن بهز بن حكيم عن الحسن عن أنس قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ " :‬لقد جاءكم‬
‫وحسبا‬ ‫ونسبا‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫نفسا ً‬
‫رسول من أنفسكم قال‪ :‬على بن أبى طالب عليه السالم‪ :‬ما معنى من أنفسكم قال‪ :‬من أ َْنَفس ُكم ً‬
‫وصهرا‪ ،‬ليس فى آبائك من لدن آدم سفاح كلنا نكاح‬
‫ً‬

‫‪".‬‬

‫خطر حين قال عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ :‬من أنفسكم‪ .‬قال الحسين‪ :‬من أجاللكم‬
‫قال الخراز‪ :‬أثبت لنفسك ًا‬
‫عوضا عن الحق‪ ،‬وما طغى قلبه عن موافقته‪.‬‬
‫ً‬ ‫نفسا وأعالكم همة‪ ،‬جاء بالكونين‬
‫ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬نفسه موافقة ال نفس الخلق‪ ،‬خلقه ومباينة لها حقيقة فإنها نفس مقدسة بأنوار النبوة‪ ،‬مريدة بمشاهدة‬
‫ط َغ ٰى} [النجم‪.]17 :‬‬
‫ص ُر َو َما َ‬
‫غ اْلَب َ‬
‫{ما َاز َ‬
‫الحقائق ثابتة فى المحل األدنى والمقام األعلى َ‬

‫{ع ِز ٌيز َعَل ْي ِه َما َعِنتُّ ْم}‪.‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم قوله عزيز عليه قال‪ :‬يشق عليه ركوبكم مراكب الخالف‪.‬‬

‫ِ‬
‫يص َعَل ْي ُك ْم ِباْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين} اآلية‪.‬‬ ‫{ح ِر ٌ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عباس‪ :‬حريص على هدايتكم‪ ،‬لو كانت الهداية إليه مشفق على من اتبعه أن تأتيه نزغة من نزغات الشيطان‬
‫الرجيم عليه‪ ،‬يستجلب برحمته له رحمة هللا إياه‪.‬‬

‫وقال‪ :‬حريص عليكم أن تبلغوا محل أهل المعرفة‪.‬‬

‫قال جعفر الصادق عليه السالم‪ :‬علم هللا عجز خلقه عن طاعته فعرفهم ذلك‪ ،‬لكى يعلموا أنهم ال ينالون الصفو من‬
‫َنف ِس ُك ْم َع ِز ٌيز َعَل ْي ِه} اآلية‪.‬‬
‫ول ِم ْن أ ُ‬
‫آء ُك ْم َرُس ٌ‬
‫خدمته وأقام بينه وبينهم مخلوًقا من جنسهم فى الصورة‪ ،‬فقال {َلَق ْد َج َ‬

‫سفير صادًقا‪ ،‬وجعل طاعته طاعته وموافقته موافقته فقال‪َّ { :‬م ْن‬
‫جه إلى الخلق ًا‬
‫ألبسه من نعته الرأفة والرحمة وأخر ُ‬ ‫و ُ‬
‫َّللاَ } [النساء‪.]80 :‬‬ ‫ول َفَق ْد أَ َ‬
‫طاعَ َّ‬ ‫ُي ِط ِع َّ‬
‫الرُس َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 93‬الى اآلية ‪)93‬‬

‫َّللاُ َعَل ٰى ُقُلوِب ِه ْم َف ُه ْم الَ َي ْعَل ُمو َن‬


‫طَب َع َّ‬ ‫ونوْا مع اْل َخوالِ ِ‬
‫ف َو َ‬ ‫َغِنَيآء َر ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِإَّنما َّ ِ‬
‫ضوْا بأَن َي ُك ُ َ َ َ‬ ‫ون َك َو ُه ْم أ ْ ُ‬
‫ين َي ْستَأْذُن َ‬
‫يل َعَلى الذ َ‬
‫السب ُ‬ ‫َ‬
‫السِبيل عَلى َّال ِذين يستَأ ِْذنونك وهم أ ْ ِ‬
‫آء} [اآلية‪.]93 :‬‬
‫َغنَي ُ‬ ‫َ َ ْ ُ َ َ َ ُْ‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّن َما َّ ُ َ‬

‫قال النصرآباذى‪ :‬ألزم هللا الذم األغنياء‪ ،‬ألنهم اعتمدوا على أمالكهم وأموالهم واستغنوا بها‪ ،‬ولو اعتمدوا على هللا‬
‫واستغنوا به؛ لما ألزموا الخدمة‪.‬‬

‫آء} أى مظهرين االستغناء عن الخروج مع الرسول صلى هللا عليه وسلم والقتال معه‪.‬‬ ‫وقيل فى قوله‪{ :‬أ ْ ِ‬
‫َغنَي ُ‬

‫سورة التوبة (من اآلية ‪ 36‬الى اآلية ‪)36‬‬

‫ين اْلَقِي ُم َفالَ‬ ‫ِٰ ِ‬ ‫الس ٰم ٰو ِت واألَر ِ‬ ‫اب َّ ِ‬ ‫َّللاِ ا ْثَنا َع َشر َش ْه اًر ِفي ِكتَ ِ‬ ‫ور ِع َند َّ‬ ‫الش ُه ِ‬ ‫ِإ َّن ِعَّدةَ ُّ‬
‫ض م ْن َهآ أ َْرَب َع ٌة ُح ُرٌم ذل َك الد ُ‬ ‫َّللا َي ْوَم َخَل َق َّ َ َ َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫َّللاَ َم َع اْل ُمتَِّقي َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تَ ْ ِ ِ‬
‫ون ُك ْم َك َّآف ًة َو ْ‬
‫اعَل ُموْا أ َّ‬
‫َن َّ‬ ‫ين َك َّآف ًة َك َما ُيَقاتُل َ‬
‫ظل ُموْا في ِه َّن أ َْنُف َس ُك ْم َوَقاتُلوْا اْل ُم ْش ِرِك َ‬

‫ظلِ ُموْا ِفي ِه َّن أ َْنُف َس ُك ْم} [اآلية‪.]36 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬فالَ تَ ْ‬

‫قيل‪ :‬باتباع الشهوات‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬ظلم نفسه من أطلق عنانها فى طرق األمانى من اتباع الشهوات وارتكاب السيئات والتخطى إلى‬
‫المحارم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة يونس (من اآلية ‪ 1‬الى اآلية ‪)1‬‬

‫اب اْل َح ِكي ِم‬


‫ات اْل ِكتَ ِ‬ ‫ِ‬
‫الر تْل َك َآي ُ‬

‫قيل‪ :‬الراء أنا هللا أرى وقال أبو الحسين‪ :‬فى القرآن علم بكل شىء‪ ،‬وعلم القرآن فى األحرف التى فى أوائل السور‪.‬‬

‫اب اْل َح ِكيمِ} أى فيه عالمات قبول الحكماء لهذا الخطاب‪.‬‬


‫ات اْل ِكتَ ِ‬ ‫ِ‬
‫وقيل فى قوله‪{ :‬تْل َك َآي ُ‬

‫اب اْل َح ِكيمِ} أى فيه وآيات الكتاب المحكم عليك بالفرائض والسنن واآلداب واألخالق‬
‫ات اْل ِكتَ ِ‬ ‫ِ‬
‫وقيل فى قوله‪{ :‬تْل َك َآي ُ‬
‫واألحوال‪.‬‬

‫اب اْل َح ِكيمِ} العهد الناطق عليك بأحكام الظاهر والباطن‪.‬‬


‫وقيل‪{ :‬اْل ِكتَ ِ‬

‫وقال محمد بن على الترمذى‪ :‬األلف والالم لطفه والراء رأفته‪.‬‬

‫سورة يونس (من اآلية ‪ 2‬الى اآلية ‪)2‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫اس عجباً أَن أَوحينآ ِإَلى رج ٍل ِمنهم أَن أ ِ‬
‫ال‬ ‫ِ‬
‫َن َل ُه ْم َق َد َم ص ْد ٍق ع َند َرِبه ْم َق َ‬
‫آمُنوْا أ َّ‬ ‫اس َوَبش ِر الذ َ‬
‫ين َ‬ ‫َنذ ِر َّ‬
‫الن َ‬ ‫ان لِ َّلن ِ َ َ ْ ْ َ ْ َ ٰ َ ُ ْ ُ ْ ْ‬ ‫َك َ‬‫أَ‬
‫اْل َك ِافرو َن ِإ َّن هـٰ َذا َلس ِ‬
‫احٌر ُّمِب ٌ‬
‫ين‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫اس عجباً أَن أَوحينآ ِإَلى رج ٍل ِمنهم أَن أ ِ‬
‫اس} [اآلية‪.]2 :‬‬ ‫َنذ ِر َّ‬
‫الن َ‬ ‫ان لِ َّلن ِ َ َ ْ ْ َ ْ َ ٰ َ ُ ْ ُ ْ ْ‬ ‫َك َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬أ َ‬

‫الناس} مما يذهل عقول الصالحين والمنتبهين فقال على أثره ِ َّ ِ‬ ‫علم هللا أن قوله {أ ِ‬
‫آمُنوْا أ َّ‬
‫َن َل ُه ْم َق َد َم‬ ‫{وَبش ِر الذ َ‬
‫ين َ‬ ‫َ‬ ‫َن أَنذ ِر َّ َ‬
‫ْ‬
‫ص ْد ٍق ِع َند َربِ ِه ْم}‪.‬‬
‫ِ‬

‫ص ْد ٍق ِع َند َربِ ِه ْم}‪.‬‬


‫َن َلهم َقدم ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ َّ ِ :‬‬
‫آمُنوْا أ َّ ُ ْ َ َ‬ ‫{وَبش ِر الذ َ‬
‫ين َ‬ ‫َ‬

‫قال سهل‪ :‬سابقة رحمته أودعها فى محمد صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫قال أبو سعيد الخراز‪ :‬تفرق الطالبون عند قوله‪ :‬من طلبنى وجدنى على سبل شتى‪ :‬أولهم أهل اإلشارات طلبوه على‬
‫ما سبق من قوة اإلشارة وهم أهل قدم صدق عند ربهم فبالقدم أشار إليهم‪ ،‬فهل أهل الطوالع واإلشارات حظهم منه‬
‫ذلك‪.‬‬

‫ٍ‬
‫صدق هو إمام الصادقين والصديقين‬ ‫ص ْد ٍق ِع َند َربِ ِه ْم} قال‪ :‬قدم‬
‫َن َلهم َقدم ِ‬
‫قال محمد بن على الترمذى فى قوله {أ َّ ُ ْ َ َ‬
‫وهو الشفيع المطاع والسائل المجاب محمد صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫سورة يونس (من اآلية ‪ 3‬الى اآلية ‪)3‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫يع ِإالَّ ِمن َب ْع ِد‬
‫ش ُي َدِب ُر األ َْم َر َما ِمن َشِف ٍ‬
‫استَو ٰى َعَلى اْل َع ْر ِ‬ ‫الس ٰم ٰو ِت واألَر ِ ِ َّ ِ‬ ‫َّكم َّ َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ض في ستة أَيَّا ٍم ثُ َّم ْ َ‬ ‫َّللاُ الذي َخَل َق َّ َ َ َ ْ َ‬ ‫إ َّن َرب ُ ُ‬
‫اعُب ُدوهُ أََفالَ تَ َذ َّك ُرو َن‬
‫ُّك ْم َف ْ‬ ‫ِإ ْذِن ِه ٰذلِ ُك ُم َّ‬
‫َّللاُ َرب ُ‬

‫{ي َدِب ُر األ َْم َر} [اآلية‪.]3 :‬‬


‫قوله تعالى‪ُ :‬‬

‫قال بعضهم‪ُ :‬يختار للعبد ما هو خير له من اختياره لنفسه‪.‬‬

‫وقال أبو عثمان فى رسالته إلى شاه‪ :‬قد دبر هللا لك يا أخى كل تدبير‪ ،‬وأسقط قدم صدق السنة والمتابعة سوء‬
‫صل اآلي ِ‬
‫ِ‬
‫ات} [الرعد‪.]2 :‬‬ ‫{ي َدِب ُر األ َْم َر ُيَف ُ َ‬
‫تدبيرك‪ ،‬وارض بتدبير هللا لك كى تنجو من هواجس النفس‪ ،‬ألن هللا يقول‪ُ :‬‬

‫وقيل لسهل بن عبد هللا حين حضرته الوفاة‪ :‬فبماذا ُتَلقن وأين تُقبر ومن ي ِ‬
‫صلى عليك‪ .‬قال‪ :‬أدبر أمرى ً‬
‫حيا وميتًا‪ .‬وقد‬ ‫َُ‬
‫كفنت بسابق تدبير هللا لى‪.‬‬

‫سورة يونس (من اآلية ‪ 4‬الى اآلية ‪)4‬‬

‫َّللاِ حقاً ِإَّنه يبدؤْا اْلخْلق ثُ َّم ي ِعيده لِيجزِي َّال ِذين آمنوْا وع ِمُلوْا ال َّ ِ ِ ِ ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫صال َحات ِباْلق ْسط َوالذ َ‬
‫ين َكَف ُروْا‬ ‫َ َُ َ َ‬ ‫ُ َْ َ ُ َ َ ُ ُ ُ َ ْ َ‬ ‫ِإَل ْيه َم ْرج ُع ُك ْم َجميعاً َو ْع َد َّ َ‬
‫يم ِب َما َك ُانوْا َي ْكُف ُرو َن‬‫َلهم َشراب ِم ْن ح ِمي ٍم وع َذ ِ‬
‫اب أَل ٌ‬
‫َ ََ ٌ‬ ‫ُْ َ ٌ‬

‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَل ْي ِه َم ْرِج ُع ُك ْم َج ِميعاً} [اآلية‪.]4 :‬‬

‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬فى هذه األمة منه االبتداء وإليه االنتهاء‪ ،‬وما بين ذلك مراتع فضله وتواتر نعمه‪ ،‬فمن‬
‫سبقت له فى االبتداء سعادة أظهرت عليه فى مراتعه وتقلبه فى نعمته بإظهار لسان الشكر وحال الرضا ومشاهدة‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫المنعم‪ ،‬ومن لم تحركه سعادة االبتداء أبطل أيامه فى سياسة نفسه وجمع الحطام الفانى ليؤده إلى ما سبق له فى‬
‫االبتداء من الشقاوة‪.‬‬

‫قال هللا {ِإَل ْي ِه َم ْرِج ُع ُك ْم َج ِميعاً} والراجع بالحقيقة إليه هو الراجع مما سواه إليه‪ ،‬فيكون متحقًقا فى الرجوع إليه‪.‬‬

‫سورة يونس (من اآلية ‪ 5‬الى اآلية ‪)5‬‬

‫َّللاُ ٰذلِ َك ِإالَّ ِباْل َح ِق‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ ِ‬
‫اب َما َخَل َق َّ‬ ‫آء َواْلَق َم َر ُنو اًر َوَقَّد َرهُ َمَن ِازَل لتَ ْعَل ُموْا َع َد َد السن َ‬
‫ين َواْلح َس َ‬ ‫ُه َو الذي َج َع َل الش ْم َس ضَي ً‬
‫صل اآلي ِ‬
‫ات لَِق ْو ٍم َي ْعَل ُمو َن‬ ‫ِ‬
‫ُيَف ُ َ‬

‫آء َواْلَق َم َر ُنو اًر} [اآلية‪.]5 :‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ ِ‬


‫{ه َو الذي َج َع َل الش ْم َس ضَي ً‬
‫قوله تعالى‪ُ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الشموس مختلفة فشمس المعرفة يظهر ضياؤها على الجوارح فيزينها بآداب الخدمة وأقمار األنس تقدس‬
‫األسرار بنور الوحدانية والفردانية فيدخلها فى مقامات التوحيد والتفريد‪.‬‬

‫طلبا لطاعات العباد وقمر التوحيد نور فى أسرارهم فهم يتقلبون فى ضياء‬
‫قال بعضهم‪ :‬جعل هللا شمس التوفيق ً‬
‫التوفيق ونور التوحيد إلى المنازل الصديقية‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة يونس (من اآلية ‪ 7‬الى اآلية ‪)7‬‬

‫ين ُه ْم َع ْن َآي ِاتَنا َغ ِافُلو َن‬ ‫َّ ِ‬ ‫ضوْا ِباْل َحيٰوِة ُّ‬ ‫نِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ط َمأَُّنوْا ِب َها َوالذ َ‬
‫الد ْنَيا َوا ْ‬ ‫آءَنا َوَر ُ‬ ‫ِإ َّن الذ َ‬
‫ين الَ َي ْر ُجو َ لَق َ‬
‫نِ‬ ‫َّ ِ‬
‫آءَنا} [اآلية‪.]7 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن الذ َ‬
‫ين الَ َي ْر ُجو َ لَق َ‬

‫الس َرِآئ ُر } [الطارق‪.]9 :‬‬


‫قال‪ :‬ال يخافون الموقف األعظم { َي ْوَم تُْبَل ٰى َّ‬

‫طمأَُّنوْا ِبها} نسوا مفاجأة الموت َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتظهر الخفايا {وَر ُ ِ‬


‫ين ُه ْم َع ْن‬
‫{والذ َ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ضوْا باْل َحياة ال ُّد ْنَيا} ركنوا إلى مذموم عيشهم َ‬
‫{وا ْ َ‬ ‫َ‬
‫َآي ِاتَنا َغ ِافُلو َن} تقليب القلوب وعقوبات الجوارح‪.‬‬

‫سورة يونس (من اآلية ‪ 10‬الى اآلية ‪)10‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫دعو ِ‬


‫َن اْل َح ْم ُد ََّّلل َر ِب اْل َعاَلم َ‬
‫ين‬ ‫اه ْم أ ِ‬
‫يها َسالَ ٌم َوآخ ُر َد ْع َو ُ‬
‫يها ُس ْب َح َان َك الل ُه َّم َوتَحيَّتُ ُه ْم ف َ‬
‫اه ْم ف َ‬
‫َ َْ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ :‬‬
‫َن اْل َح ْم ُد ََّّلل َر ِب اْل َعاَلم َ‬
‫ين} [اآلية‪.]10 :‬‬ ‫اه ْم أ ِ‬
‫{وآخ ُر َد ْع َو ُ‬
‫َ‬

‫قال الشبلى‪ :‬لو ألهموا حمد الحق فى أوائل األنفاس لسقطت عنهم الدعاوى‪ ،‬ولكنهم لم يزالوا يركضون فى ميادين‬
‫الجهل إلى أن فتح لهم طريق الحمد وأسقط عنهم الدعاوى‪ ،‬فرجعوا إلى رؤية المنة فكان آخر دعواهم أن قالوا‪ :‬الحمد‬
‫هلل رب العالمين‪.‬‬

‫ففوضوا الكل إليه ورجعوا بالكلية إليه‪ ،‬فأنطقهم بما أنطقهم به من النطق المحمود‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة يونس (من اآلية ‪ 12‬الى اآلية ‪)12‬‬

‫ض ٍر َّم َّس ُه َك ٰذِل َك‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫ضَّرهُ َمَّر َكأَن ل ْم َي ْد ُعَنآ ِإَل ٰى ُ‬
‫الضُّر َد َع َانا ل َجنِبه أ َْو َقاعداً أ َْو َقآئماً َفَل َّما َك َشْفَنا َع ْن ُه ُ‬
‫ان ُّ‬ ‫نس َ‬ ‫ِ‬
‫َوإِ َذا َم َّس اإل َ‬
‫ُزي ِ‬
‫ِن لْل ُم ْس ِرِف َ‬
‫ين َما َك ُانوْا َي ْع َمُلو َن‬ ‫َ‬
‫الضُّر دعانا لِجنِب ِه أَو َق ِ‬
‫اعداً أ َْو َق ِآئماً} [اآلية‪.]12 :‬‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ان ُّ َ َ َ َ‬ ‫نس َ‬
‫{وإِ َذا َم َّس اإل َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال أبو حفص‪ :‬الدعاء باب هللا األعظم وهو سالح المؤمن عند النوائب‪.‬‬

‫وقال‪ :‬الدعاء الذى فيه اإلجابة هو أن ال ترى حيلة بعقل وال بعلم‪.‬‬

‫وقال سهل‪ :‬الدعاء هو التبرى مما سوى هللا‪.‬‬

‫وقال أبو حفص‪ :‬يرجع العبد إلى ربه بالحقيقة عند الفاقات ونزول المصائب والمحن‪ ،‬ولو رجع إليه فى أيام الرفاهية‬
‫ألكرم فى وقت نزول المصائب بالرضاء‪ ،‬ولكنه لما لم يكن له فى أوقات الرفاهية رجوع إليه َّ‬
‫رده فى حال المصائب‬
‫أيضا مقام جليل‪ ،‬فتح باب الدعاء على العبد عند نزول البالء‪ ،‬والمحروم من‬
‫والضروريات إلى الدعاء واللجأ وهذا ً‬
‫يرجع فيما يترك به من المصائب والضروريات إلى العبيد‪ ،‬ويقطع قلبه عن ربه‪ ،‬فمصيبته فى إعراضه عن ربه أكثر‬
‫من مصيبته بنزول البالء عليه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬الخلق مجبورون تحت قسيمته‪ ،‬مقهورون فى خلقته أال ترى إذا ضاقت القلوب واشتدت عليهم األمور‬
‫كيف يرجعون إلى الملك الغفور‪.‬‬

‫ودعاء أهل الحقائق فيما بلغنى عن بعضهم أنه كان يقول‪ :‬يا من حجبنى بالدعاء احجبنى عن موضع رؤية الدعاء‪.‬‬

‫وسمعت جدى يقول‪ :‬الدعاء على العبادة خيانة‪ ،‬وعلى حد اليقين نجاة وعبادة‪ ،‬كما روى عن النبى صلى هللا عليه‬
‫وسلم أنه قال‪ " :‬الدعاء هو العبادة " ولكن للدعاء أوقات وآداب وشروط‪ :‬فمن يطالب نفسه بأوقات الدعاء وأدبه‬
‫محروما فيه‪ ،‬وآداب الدعاء وشرائطه ما روى عن النبى صلى هللا عليه وسلم أنه قال‪ " :‬ادعوا هللا وأنتم‬
‫ً‬ ‫وشروطه كان‬
‫موقنون باإلجابة " واعلموا أن هللا ال يستجيب الدعاء من قلب غافل ٍ‬
‫اله‪.‬‬

‫سورة يونس (من اآلية ‪ 13‬الى اآلية ‪)13‬‬

‫ِٰ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َهَل ْكَنا اْلُق ُرو َن ِمن َقْبلِ ُك ْم َل َّما َ‬
‫آء ْت ُه ْم ُرُسُل ُهم ِباْلَبِيَنات َو َما َك ُانوْا لُي ْؤ ِمُنوْا َكذل َك َن ْجزِي اْلَق ْوَم اْل ُم ْج ِرِم َ‬
‫ين‬ ‫ظَل ُموْا َو َج َ‬ ‫َوَلَق ْد أ ْ‬

‫َهَل ْكَنا اْلُق ُرو َن ِمن َقْبلِ ُك ْم َل َّما َ‬


‫ظَل ُموْا} [اآلية‪.]13 :‬‬ ‫{وَلَق ْد أ ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬لما اعتمدوا سوانا‪.‬‬

‫قال جعفر‪ :‬لما قابلوا نعمتنا بالكفران‪.‬‬

‫ظَل ُموْا} لما لم يعرفوا حقوق أكابرهم‪ ،‬ولم يتأدبوا بآدابهم‪.‬‬


‫وقال أبو عثمان‪َ{ :‬ل َّما َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال بعضهم‪ :‬لما خالفوا الشعراء والوسائط‪.‬‬

‫ظَل ُموْا} لما ضيعوا السنن‪.‬‬


‫وقال محمد بن على الترمذى‪َ{ :‬ل َّما َ‬

‫وقال بعضهم‪ :‬لما تكبروا وتجبروا ولم يخضعوا لقبول الحق‪.‬‬

‫وقال أبو بكر الوراق‪ :‬الظلم هو اتباع الهوى وركوب الشهوات والركض فى ميادين اللهو واللعب وهذه تؤدى إلى‬
‫الهالك‪.‬‬

‫َهَل ْكَنا اْلُق ُرو َن ِمن َقْبلِ ُك ْم َل َّما َ‬


‫ظَل ُموْا}‪.‬‬ ‫{وَلَق ْد أ ْ‬
‫قال هللا تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬لما لم يقابلوا نعمتنا بالشكر‪.‬‬

‫سورة يونس (من اآلية ‪ 14‬الى اآلية ‪)14‬‬

‫ف تَ ْع َمُلو َن‬ ‫ض ِمن َب ْع ِد ِهم لَِنن ُ‬


‫ظ َر َك ْي َ‬ ‫ف ِفي األ َْر ِ‬ ‫ِ‬
‫اك ْم َخالَئ َ‬
‫ثُ َّم َج َعْلَن ُ‬

‫ض ِمن َب ْع ِد ِهم} [اآلية‪.]14 :‬‬


‫ف ِفي األ َْر ِ‬ ‫ِ‬
‫اك ْم َخالَئ َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬ثُ َّم َج َعْلَن ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫خلفا أبدلهم هللا كأنهم ليرى الباقون سنتهم ويتمسكوا بطريقتهم‪.‬‬
‫خلفا واألولياء لهم ً‬
‫قال بعضهم‪ :‬لم تزل األنبياء لهم ً‬

‫ض ِمن َب ْع ِد ِهم}‪.‬‬
‫ف ِفي األ َْر ِ‬ ‫ِ‬
‫اك ْم َخالَئ َ‬
‫قال هللا‪{ :‬ثُ َّم َج َعْلَن ُ‬

‫َّللاِ}‪.‬‬
‫س أَن تُ ْؤ ِم َن ِإالَّ ِبِإ ْذ ِن َّ‬
‫ان لَِنْف ٍ‬
‫{و َما َك َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال‪ :‬إذا صح اإليمان ال يصح إال أن يأذن هللا له بذلك فى أزله‪ ،‬وجريه القضاء السابق له باإليمان فيما يبدو عليه‬
‫فى الوقت‪ ،‬وهو الذى سبق به القضاء فى األزل‪.‬‬

‫سورة يونس (من اآلية ‪ 22‬الى اآلية ‪)22‬‬

‫ف‬ ‫ِ‬
‫يح َعاص ٌ‬ ‫آء ْت َها ِر ٌ‬ ‫ُهو َّال ِذي ُيسِي ُرُكم ِفي اْلَب ِر واْلَب ْح ِر َحتَّ ٰى ِإ َذا ُكنتُم ِفي اْلُفْل ِك و َج َرْي َن ِب ِهم ِب ِري ٍح َ ِ ٍ ِ ِ‬
‫طيَبة َوَفرُحوْا ب َها َج َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫ون َّن ِم َن‬ ‫ِ ِِ‬ ‫الد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ط ِب ِه ْم َد َع ُوْا َّ‬ ‫ظُّنوْا أََّنهم أ ِ‬ ‫َو َجآء ُهم اْل َم ْو ُج ِمن ُك ِل َم َك ٍ‬
‫ين َلئ ْن أَْن َج ْيتََنا م ْن َهـٰذه َلَن ُك َ‬
‫ين َل ُه َ‬
‫َّللاَ ُم ْخلص َ‬ ‫ُحي َ‬ ‫ُْ‬ ‫ان َو َ‬ ‫َ ُ‬
‫َّ ِ‬
‫الشاك ِر َ‬
‫ين‬

‫{ه َو َّال ِذي ُي َسِي ُرُك ْم ِفي اْلَب ِر َواْلَب ْح ِر} [اآلية‪.]22 :‬‬
‫قوله تعالى‪ُ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬سيَّر األولياء بقلوبهم وسيَّر األعداء بنفوسهم‪.‬‬

‫ومعنى البر‪ :‬اللسان‪ ،‬ومعنى البحر القلب‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقيل‪ :‬ليسيركم فى برارى الشوق وبحار القربة‪ ،‬حتى إذا كنتم فى الفلك يعنى‪ :‬فى القبضة واألسر وهبَّت رياح الكرم‬
‫على المريدين الذين هم فى الطريق‪ ،‬وفرحوا بما تلحقهم من العناية والرعاية جاءتها ريح عاصف أتت عليهم من موارد‬
‫القدرة ما أفناهم عن صفاتهم وحيرهم فى طريقهم‪ ،‬وجاءتهم أمواج القهر وقهرهم عما بهم وظنوا أنهم أحيط بهم توهموا‬
‫أنهم من الهلكى فى األمواج‪ ،‬وهم المطهرون األخيار‪ ،‬دعوا هللا مخلصين له الدين تركوا ما لهم وبهم وعليهم من‬
‫االختيار والتدبير ورجعوا إلى حد التفويض والتسليم فنجوا‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬سيَّر العباد والزهاد باألنفس فى البر وهو الدرجات والمنازل‪ ،‬وسيَّر العارفين بالقلوب فى البحار وفيها‬
‫األمواج واألخطار‪ ،‬ولكن سير شهر فى يوم‪.‬‬

‫{ه َو َّال ِذي ُي َسِي ُرُك ْم ِفي اْلَب ِر} هو الصفات‪ ،‬وفى البحر هو االستغراق فى الذات‪.‬‬
‫قال بعضهم‪ُ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬يسيركم فى البر االستدالالت بالوسائط‪ ،‬والبحر غلبات الحق بال واسطة‪.‬‬

‫ين}‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬


‫ين َل ُه الد َ‬
‫َّللاَ ُم ْخلص َ‬
‫{د َع ُوْا َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال النورى‪ :‬المخلص فى دعائه من ال يصحبه من نفسه شىء سوى رؤية من يدعوه‪.‬‬

‫وقال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬اإلخالص ما أريد هللا به أى عمل كان‪.‬‬

‫وقال رويم‪ :‬اإلخالص ارتفاع رؤيتك من الفعل‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬اإلخالص ما خلص من اآلفات‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال حارث‪ :‬اإلخالص إخراج الخلق من معاملة هللا‪.‬‬

‫قال ذو النون‪ :‬اإلخالص ما حفظ من العدوان يفسده‪.‬‬

‫وسألت أبا عثمان المغربى عن اإلخالص فقال‪ :‬اإلخالص ما ال يكون للنفس فيه حظ بحال‪ ،‬وهذا إخالص العوام‬
‫وإخالص الخواص ما يجرى عليهم ال بهم‪ ،‬فتبدو الطاعات وهم عنها بمعزل‪ ،‬وال يقع لهم عليها رؤية وال بها اعتداء‪،‬‬
‫فذلك إخالص الخواص‪.‬‬

‫قال أبو يعقوب السوسى‪ :‬الخالص من األعمال ما لم يعلم به ملك فيكتبه وال عدو فيفسده وال تعجب به النفس‪.‬‬

‫سورة يونس (من اآلية ‪ 23‬الى اآلية ‪)23‬‬

‫َنف ِس ُك ْم َّمتَاعَ اْل َحَي ِاة ُّ‬


‫الد ْنَيا ثُ َّم ِإَل َينا‬ ‫اس ِإَّن َما َب ْغُي ُك ْم َعَل ٰى أ ُ‬ ‫ُّها َّ‬
‫الن ُ‬ ‫اهم ِإ َذا ُهم َي ْب ُغو َن ِفي األ َْر ِ ِ‬
‫ض ب َغ ْي ِر اْل َح ِق ٰيأَي َ‬ ‫ْ‬ ‫نج ُ ْ‬ ‫َفَل َّمآ أَ َ‬
‫َم ْرِج ُع ُك ْم َفُنَنِبُئ ُك ْم ِب َما ُكنتُ ْم َت ْع َمُلو َن‬

‫َنف ِس ُك ْم} [اآلية‪.]23 :‬‬


‫اس ِإَّن َما َب ْغُي ُك ْم َعَل ٰى أ ُ‬ ‫ُّها َّ‬
‫الن ُ‬ ‫قوله تعالى‪ٰ { :‬يأَي َ‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬البغى يحدث من مالحظات النفس ورؤية ما خدع به‪ ،‬كما قيل لذى النون رحمة هللا‬
‫عليه ما أخفى ما يخدع به العبد؟‬

‫قال‪ :‬األلطاف والكرامات ورؤية اآليات‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة يونس (من اآلية ‪ 25‬الى اآلية ‪)25‬‬

‫صر ٍ‬
‫اط ُّم ْستَِقي ٍم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫آء ِإَل ٰى َ‬ ‫َّللاُ َي ْد ُعوْا ِإَل ٰى َد ِار َّ‬
‫السالَ ِم َوَي ْهدي َمن َي َش ُ‬ ‫َو َّ‬

‫قال أبو سعيد القرشى فى هذه اآلية‪ :‬خرجت هداية المريدين من االجتهاد فى قوله‪:‬‬

‫اه ُدوْا ِف َينا } [العنكبوت‪.]69 :‬‬ ‫َّ ِ‬


‫ين َج َ‬
‫{ َوالذ َ‬

‫صر ٍ‬
‫اط ُّم ْستَِقيمٍ} وهو الفرق بين المريد والمراد‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وخرجت هداية المراد من المشيئة وهو قوله ِ‬
‫آء ِإَل ٰى َ‬
‫{ي ْهدي َمن َي َش ُ‬
‫َ‬

‫قال القاسم‪ :‬الدعوة عامة والهداية خاصة‪ ،‬بل الهداية عامة والصحبة خاصة‪ ،‬بل الصحبة عامة واالتصال خاص‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪َ :‬ع َّم َخْلقه بالدعوة واختص من شاء منهم بالرحمة فمن اختصه قبل خلقه‪ ،‬فهو المحمود فى سعايته‪،‬‬
‫ومن خذله قبل كون خلقه‪ ،‬فهو المذموم ال عذر‪ ،‬فمن قصد بنفسه صرف عن حظه‪ ،‬ومن قصده به فهو المحجوب‬
‫عن نفسه‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬ال تنفع الدعوة لمن لم تسق له من هللا الهداية‪.‬‬

‫قال جعفر‪ :‬الدعوة عامة والهداية خاصة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫أحدا‪.‬‬
‫أيضا‪ :‬ما طابت الجنة إال بالسلم‪ ،‬وإنما اختارك بهذه الخصائص لكى ال تختار عليه ً‬
‫وقال ً‬

‫أيضا‪ :‬عملت الدعوة فى السرائر فتحللت بها وركبت إليها‪.‬‬


‫وقال ً‬

‫وقال بعضهم‪ :‬يدعو إلى دار السالم باآليات‪ ،‬ويهدى من يشاء للحقائق والمعارف‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الدعوة هلل والهداية من هللا‪.‬‬

‫سورة يونس (من اآلية ‪ 26‬الى اآلية ‪)26‬‬

‫يها َخالِ ُدو َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫َِّ ِ‬


‫اب اْل َجَّنة ُه ْم ف َ‬
‫َص َح ُ‬ ‫َح َسُنوْا اْل ُح ْسَن ٰى َوِزَي َادةٌ َوالَ َي ْرَه ُق ُو ُج َ‬
‫وه ُه ْم َقتٌَر َوالَ ذل ٌة أ ُْوَلـٰئ َك أ ْ‬ ‫ين أ ْ‬
‫للذ َ‬

‫َح َسُنوْا اْل ُح ْسَن ٰى َوِزَي َادةٌ} [اآلية‪.]26 :‬‬ ‫َِّ ِ‬


‫ين أ ْ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬للذ َ‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬معاملة هللا على المشاهدة الحسنى االلتذاذ فى المعاملة‪ ،‬والزيادة هى النظر إلى هللا‪.‬‬

‫وه ُه ْم َقتٌَر َوالَ ِذَّل ٌة}‪.‬‬


‫{والَ َي ْرَه ُق ُو ُج َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬كيف تذل الوجوه وقد تلقاها الحق منه بالحسنى واإلحسان‪ ،‬وكيف تدل شواهد من هو مشاهد للحق على‬
‫وسناء‪.‬‬
‫ً‬ ‫وعز‬
‫وضياء ًا‬
‫ً‬ ‫نور‬
‫الدوام بل هو على زيادة األوقات‪ ،‬يزيد ًا‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫يم ِان ِه ْم}‪.‬‬ ‫ين آمُنوْا و َع ِمُلوْا َّ ِ ِ ِ ِ‬
‫يهم َرب ِِ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫ُّه ْم بإ َ‬
‫الصال َحات َي ْهد ْ ُ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬إ َّن الذ َ َ َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬تظهر عليهم بركات إقرارهم عند إيجاد الذر بقولهم‪ :‬بلى‪ ،‬فمن‬

‫بركتها لزوم الطاعات والفرائض واتباع السنن وتحقيق اإليمان وتصحيح األعمال‪.‬‬

‫يها َسالَ ٌم}‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬دعو ِ‬


‫يها ُس ْب َح َان َك الل ُه َّم َوتَحيَّتُ ُه ْم ف َ‬
‫اه ْم ف َ‬
‫َ َْ ُ‬

‫قال ذو النون‪ :‬مقام المتحققين من العارفين التنزيه والتبرى من جميع ما لهم من أنواع األفعال واألقوال واألحوال وغير‬
‫ذلك والرجوع إلى الحق على حد التنزيه له‪ ،‬أن يقصده أحد بسببه‪ ،‬أو يتوصل إليه بطاعته‪ ،‬أو يعمل كل إلظهار‬
‫سعادة األزل على السعداء وسمات الشقاوة على األشقياء‪.‬‬

‫سورة يونس (من اآلية ‪ 30‬الى اآلية ‪)30‬‬

‫ض َّل َع ْن ُه ْم َّما َك ُانوْا َيْفتَ ُرو َن‬ ‫س َّمآ أَسَلَفت ورُّدوْا ِإَلى َّ ِ‬
‫ُهَنالِ َك تَْبُلوْا ُك ُّل َنْف ٍ‬
‫َّللا َم ْوالَ ُه ُم اْل َح ِق َو َ‬ ‫ْ ْ َُ‬
‫{هَنالِ َك تَْبُلوْا ُك ُّل َنْف ٍ‬
‫س َّمآ أ َْسَلَف ْت} [اآلية‪.]30 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ُ :‬‬

‫مدع بحقيقة ما ادعاه‪.‬‬


‫قال‪ :‬يطالب كل ٍ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة يونس (من اآلية ‪ 31‬الى اآلية ‪)31‬‬

‫ص َار َو َمن ُي ْخ ِرُج اْل َح َّي ِم َن اْل َمِي ِت َوُي ْخ ِرُج اْل َمِي َت ِم َن اْل َح ِي‬ ‫َمن َي ْملِ ُك َّ‬
‫الس ْم َع واأل َْب َ‬ ‫ض أ َّ‬‫السم ِآء واأل َْر ِ‬ ‫ِ‬
‫ُق ْل َمن َي ْرُزُق ُكم م َن َّ َ َ‬
‫َو َمن ُي َدِب ُر األ َْم َر َف َسَيُقوُلو َن َّ‬
‫َّللاُ َفُق ْل أََفالَ تَتَُّقو َن‬

‫{و َمن ُي َدِب ُر األ َْم َر} [اآلية‪.]31 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قيل‪ :‬أى تقلب األكوان‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬من يبدئ أمره ويعيده‪ ،‬ويبديه فى أوقاته السائرة‪ ،‬فإذا قال‪ :‬من يدبر األمر أزال‬
‫األمالك‪ ،‬فكيف يجوز لقائل أن يقول‪ :‬فعلى وعملى‪.‬‬

‫سورة يونس (من اآلية ‪ 32‬الى اآلية ‪)32‬‬

‫ُّك ُم اْل َح ُّق َف َما َذا َب ْع َد اْل َح ِق ِإالَّ َّ‬


‫الضالَ ُل َفأََّن ٰى تُ ْ‬
‫ص َرُفو َن‬ ‫َف َذلِ ُك ُم َّ‬
‫َّللاُ َرب ُ‬

‫ُّك ُم اْل َح ُّق َف َما َذا َب ْع َد اْل َح ِق ِإالَّ َّ‬


‫الضالَ ُل} [اآلية‪.]32 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ف َذلِ ُك ُم َّ‬
‫َّللاُ َرب ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الحسين‪ :‬الحق هو المقصود إليه بالعبادات والمصحوب إليه بالطاعات‪ ،‬ال يشهد بغيره وال يدرك بسواه‪.‬‬

‫ُّك ُم اْل َح ُّق َف َما َذا َب ْع َد اْل َح ِق ِإالَّ َّ‬


‫الضالَ ُل} قال‪ :‬ال يجوز للموحد أن يشهد بشاهد التوحيد‪ ،‬ألنه‬ ‫قال الواسطى‪َ { :‬ف َذلِ ُك ُم َّ‬
‫َّللاُ َرب ُ‬
‫لضال أن يقف‪ ،‬وال لعاجز أن يصف‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫وصف األشياء بالضالل‪ ،‬فلم يتهيأ‬

‫حسنا‪ ،‬كيف يعود عليه ما منه بدا‪ ،‬أو يؤثر عليه ما هو‬
‫قبيحا وال يستحسن ً‬
‫قال الحسين‪ :‬الحق هو الذى ال يستقبح ً‬
‫أنشأ‪ ،‬وقيل فى قوله‪َ { :‬فأََّن ٰى تُ ْ‬
‫ص َرُفو َن} من الحق إلى سواه‪.‬‬

‫سورة يونس (من اآلية ‪ 34‬الى اآلية ‪)34‬‬

‫ُق ْل َه ْل ِمن ُش َرَك ِآئ ُك ْم َّمن َي ْب َد ُؤْا اْل َخْل َق ثُ َّم ُي ِع ُيدهُ ُق ِل َّ‬
‫َّللاُ َي ْب َد ُؤْا اْل َخْل َق ثُ َّم ُي ِع ُيدهُ َفأََّن ٰى تُ ْؤَف ُكو َن‬

‫قوله تعالى‪ُ{ :‬ق ْل َه ْل ِمن ُش َرَك ِآئ ُك ْم َّمن َي ْب َدأُ اْل َخْل َق ثُ َّم ُي ِع ُيدهُ} [اآلية‪.]34 :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬يبدأ بإظهار القدرة فيوجد المعدوم‪ ،‬ثم يعيدها بإظهار الهيئة فيفقد الموجود‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬يبدأ بكشف األولياء فيمحو منها كل خاطر سواه‪ ،‬ثم يعيد فيبقى بإبقائه‪ ،‬فلذلك عظم حال العارف ودليله‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة يونس (من اآلية ‪ 35‬الى اآلية ‪)35‬‬

‫َمن الَّ ي ِه ِدي ِإالَّ‬ ‫ِ‬ ‫ُقل هل ِمن ُشرَك ِآئ ُكم َّمن يه ِدي ِإَلى اْلح ِق ُق ِل َّ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َّللاُ َي ْهدي لْل َح ِق أََف َمن َي ْهدي ِإَلى اْل َح ِق أ َ‬
‫َح ُّق أَن ُيتََّب َع أ َّ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ َْ‬
‫ف تَ ْح ُك ُمو َن‬
‫أَن ُي ْه َد ٰى َف َما َل ُك ْم َك ْي َ‬
‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ُ{ :‬قل هل ِمن ُشرَك ِآئ ُكم َّمن يه ِدي ِإَلى اْلح ِق ُق ِل َّ ِ ِ‬
‫َّللاُ َي ْهدي لْل َح ِق أََف َمن َي ْهدي ِإَلى اْل َح ِق أ َ‬
‫َح ُّق أَن ُيتََّب َع أ َّ‬
‫َمن‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ َْ‬
‫الَّ َي ِه ِدي ِإالَّ أَن ُي ْه َد ٰى} [اآلية‪.]35 :‬‬

‫ُسئل الحسين من هذا الحق الذى يشيرون إليه فقال‪ :‬هو معل األيام وال يعتل‪.‬‬

‫سئل الواسطى رحمة هللا عليه ما حقيقة الحق؟ قال‪ :‬حقيقته ال يقف عليها إال الحق‪.‬‬

‫وأنشد الحسين بن منصور‪:‬‬

‫ص ِار َخ ـ ٌة َم ْـن ِبَنــا َخِبيـ ُـر‬


‫َ‬ ‫ستِني ـ ُـر‬ ‫َحِقيَقـ ُة الحـ ِ‬
‫ـق ُم َ‬

‫ام َهـا َع ِسي ـ ُـر‬ ‫ـق َقـد تَ َّ‬


‫ـق الح ِ‬ ‫ِ‬
‫َمْبَلـ ُـغ َم ْـن َر َ‬ ‫ـت‬
‫جلـ ْ‬ ‫َحَقائ ُ‬

‫قال بعضهم‪ :‬الحق ال يجرى به ٌ‬


‫قول‪ ،‬وال يثبت له وصف وال يذكر له حد‪.‬‬

‫سورة يونس (من اآلية ‪ 36‬الى اآلية ‪)36‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫يم ِب َما َيْف َعُلو َن‬ ‫الظ َّن الَ ُي ْغِني ِم َن اْل َح ِق َش ْيئاً ِإ َّن َّ‬
‫َّللاَ َعَل ٌ‬
‫ظناً ِإ َّن َّ‬
‫َو َما َيتَِّب ُع أَ ْكثَ ُرُه ْم ِإالَّ َ‬

‫{و َما َيتَِّب ُع أَ ْكثَ ُرُه ْم ِإالَّ َ‬


‫ظناً} [اآلية‪.]36 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪َ :‬مر على يدى أرباب التوحيد حتى أبو يزيد‪ ،‬ما خرجوا من الدنيا إال على التوهم‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪{ :‬إالَّ َ‬


‫ظناً} أنهم قد وصلوا وهم فى محل االنفصال‪ ،‬إذ ال وصل وال فصل على الحقيقة‪،‬‬
‫الذات ممتنعة عن االتصال كما هي ممتنعة عن‬

‫االنفصال‪.‬‬

‫سئل أبو خفص عن حقيقة التوكل فقال‪ :‬كيف يجوز لنا أن نتكلم فى حقائق األحوال‪ ،‬وهللا يقول‪{ :‬وما يتَِّبع أَ ْكثَرهم ِإالَّ‬
‫َ َ َ ُ ُ ُْ‬
‫ظناً}‪.‬‬
‫َ‬

‫سئل أبو عثمان ما الظن؟ قال‪ :‬هواجس النفس فى طلب مرادها‪.‬‬

‫سورة يونس (من اآلية ‪ 39‬الى اآلية ‪)39‬‬

‫َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين ِمن َقْبلِ ِه ْم َفا ْن ُ‬ ‫ِ َّ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫بل َك َّذبوْا ِبما َلم ي ِحي ُ ِ ِ ِ‬
‫ين‬
‫ان َعاقَب ُة الظالم َ‬
‫ف َك َ‬
‫ظ ْر َك ْي َ‬ ‫طوْا ِبعْلمه َوَل َّما َيأْت ِه ْم تَأ ِْويُل ُه َك َذل َك َكذ َب الذ َ‬ ‫َْ ُ َ ْ ُ‬

‫طوْا ِب ِعْل ِم ِه} [اآلية‪.]39 :‬‬


‫قوله تعالى‪{َ :‬ب ْل َك َّذُبوْا ِب َما َل ْم ُي ِحي ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬كذبوا أولياء هللا فى براهينهم‪ ،‬لما حرموا ما خص القوم به‪ ،‬والمحروم من حرم حظه من قبولهم‬
‫وتصديقهم واإليمان بما يظهر عليهم من أنواع الكرامات‪.‬‬

‫قال أبو تراب النخشبى‪ :‬إذا بعدت القلوب عن هللا مقتت القائمين بحقوق هللا‪.‬‬

‫وقال على بن أبى طالب عليه السالم‪ :‬الناس أعداء ما جهلوا‪.‬‬

‫سورة يونس (من اآلية ‪ 42‬الى اآلية ‪)42‬‬

‫َنت تُ ْس ِم ُع ُّ‬
‫الص َّم َوَل ْو َك ُانوْا الَ َي ْعِقُلو َن‬ ‫ِ‬
‫َو ِم ْن ُه ْم َّمن َي ْس َتم ُعو َن ِإَل ْي َك أََفأ َ‬

‫قال الحسين‪ :‬من استمع إليك بآية فإنك ال تسمعه‪ ،‬إنما تسمع من أسمعناه فى األزل فيسمع منك‪ ،‬وإما لم تسمعه فما‬
‫لألصم والسماع وإن سمع ولم يعقل فكأنه لم يسمع قال هللا تعالى‪ِ{ :‬إن تُ ْس ِم ُع ِإالَّ َمن ُي ْؤ ِم ُن ِب َآي ِاتَنا} [النمل‪ .]81 :‬إال‬
‫من أجرينا عليه حكم السعادة فى األزل‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬من حكم المتحقق أن يكون أصم أعمى يعنى‪ :‬أصم عمن يعبر عنه‪ ،‬أعمى عما يشار إليه‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬إذا لم تسمع نداء هللا فكيف تجيب داعى هللا‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة يونس (من اآلية ‪ 43‬الى اآلية ‪)43‬‬

‫ظر ِإَليك أََفأ َْنت تَه ِدي اْلعمي وَلو َكانوْا الَ يب ِ‬
‫ص ُرو َن‬ ‫ُْ‬ ‫ُْ َ َ ْ ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫َو ِم ُ‬
‫نه ْم َّمن َين ُ ُ ْ َ‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬ليس من ينظر إليك بنفسه يراك إنما يراك من ينظر إليك بنا‪ ،‬فأما من ينظر بنفسه أو‬
‫ظرو َن ِإَليك وهم الَ يب ِ‬
‫ص ُرو َن}‬ ‫ق‬
‫ْ َ َ ُ ْ ُْ‬ ‫اه ْم َين ُ ُ‬
‫{وتََر ُ‬
‫به‪ ،‬فإنه ال يراك إال من يعمر أوقاته فى رؤيتك ويستغر هو فيما قال هللا‪َ :‬‬
‫[األعراف‪.]198 :‬‬

‫وقال النبى صلى هللا عليه وسلم " طوبى لمن رآنى ومن رأى من رآنى‬

‫‪".‬‬

‫سورة يونس (من اآلية ‪ 44‬الى اآلية ‪)44‬‬

‫ظلِ ُمو َن‬


‫َنف َس ُه ْم َي ْ‬
‫اس أ ُ‬ ‫اس َش ْيئاً َوَلـ ِٰك َّن َّ‬
‫الن َ‬ ‫ظلِم َّ‬
‫الن َ‬ ‫ِإ َّن َّ‬
‫َّللاَ الَ َي ْ ُ‬

‫اس َش ْيئاً} [اآلية‪.]44 :‬‬ ‫ظلِم َّ‬


‫الن َ‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن َّ‬
‫َّللاَ الَ َي ْ ُ‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه فى هذه اآلية‪ :‬ال يتجلى لهم بحقه فإن ذلك ظلم‪ ،‬ألن الحق ال يحتملونه بل فيه ذهابهم‪،‬‬
‫ويستحيل أن يكون لهم من القوة ما يطيعون الحق بحقه‪ ،‬إذ فى ذلك مساواة ومقارنة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة يونس (من اآلية ‪ 49‬الى اآلية ‪)49‬‬

‫اع ًة َوالَ َي ْستَْق ِد ُمو َن‬ ‫ِ‬


‫َجُل ُه ْم َفالَ َي ْستَأْخ ُرو َن َس َ‬ ‫ُم ٍة أ َ ِ‬
‫َّللاُ لِ ُك ِل أ َّ‬ ‫ِ َّ‬ ‫َّ ِ ِ ِ‬
‫آء أ َ‬
‫َج ٌل إ َذا َج َ‬ ‫آء َّ‬
‫ض اًر َوالَ َنْفعاً إال َما َش َ‬
‫ُقل ال أ َْمل ُك لَنْفسي َ‬

‫ض اًر َوالَ َنْفعاً} [اآلية‪.]49 :‬‬ ‫َّ ِ ِ ِ‬


‫قوله تعالى‪ُ{ :‬قل ال أ َْمل ُك لَنْفسي َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬نفى من السيد األخص أن يكون له من نفسه شىء أو يعتمد لها حاالً‪ ،‬بل أظهر أن الكل لمن له الكل‪،‬‬
‫ومن ال يملك األصل كيف يملك فروعه ومن لم يملك نفسه كيف يملك ضرها ونفعها‪ ،‬ومن صحت له هذه الحالة فقد‬
‫سلم من مدح الخلق فإنه هو الضار النافع‪.‬‬

‫سورة يونس (من اآلية ‪ 53‬الى اآلية ‪)53‬‬

‫َح ٌّق ُه َو ُق ْل ِإي َوَربِي ِإَّن ُه َل َح ٌّق َو َمآ أَنتُ ْم ِب ُم ْع ِج ِز َ‬


‫ين‬ ‫َوَي ْستَْنِبُئ َ‬
‫ون َك أ َ‬

‫َح ٌّق ُه َو ُق ْل ِإي َوَربِي ِإَّن ُه َل َح ٌّق} [اآلية‪.]53 :‬‬ ‫{وَي ْستَْنِبُئ َ‬
‫ون َك أ َ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬أنوار الحق مشرقة وآياته ظاهرة‪ ،‬ال يشك فيها إال معاند‪ ،‬وال يعمى عنها إال ضال والمتحققون بحقائق‬
‫الحق هم السالكون مسالك أنوار الحق فى مقاصدهم ومواردهم ومصادرهم‪ ،‬والراجعون منها إلى األعيان هم الضالون‬
‫َح ٌّق ُه َو ُق ْل ِإي َوَربِي ِإَّن ُه َل َح ٌّق}‪.‬‬ ‫{وَي ْستَْنِبُئ َ‬
‫ون َك أ َ‬ ‫عن سنن الحق‪ ،‬قال هللا َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة يونس (من اآلية ‪ 55‬الى اآلية ‪)55‬‬

‫َّللاِ َح ٌّق َوَلـ ِٰك َّن أَ ْكثَ َرُه ْم الَ َي ْعَل ُمو َن‬ ‫الس ٰم ٰو ِت واأل َْر ِ‬
‫ض أَالَ ِإ َّن َو ْع َد َّ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫أَال إ َّن ََّّلل َما في َّ َ َ َ‬

‫َّللاِ َح ٌّق} [اآلية‪.]55 :‬‬


‫ض أَالَ ِإ َّن َو ْع َد َّ‬ ‫ِ‬
‫ات واأل َْر ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أَال ِإ َّن ََّّللِ َما ِفي َّ‬
‫الس َم َاو َ‬

‫المغبو ُن من يرجع إلى غير ربه فى سؤاله ومهماته وطلباته‪ ،‬وله من فى السماوات واألرض فالكل له‬
‫ُ‬ ‫قال بعضهم‪:‬‬
‫فمن طلب بعض الكل من غيره فقد أخطأ الطريق‪.‬‬

‫َّللاِ َح ٌّق} أن يجزم سائالً غيره ويبعد عليه وجه طلبته وال يجيب سائله ويبلغه أقصى‬
‫وقيل فى قوله‪{ :‬أَالَ ِإ َّن َو ْع َد َّ‬
‫أمنيته‪.‬‬

‫سورة يونس (من اآلية ‪ 56‬الى اآلية ‪)56‬‬

‫يت َوإَِل ْي ِه تُ ْر َج ُعو َن‬ ‫ِ‬


‫ُه َو ُي ْحِيـي َوُيم ُ‬

‫قيل‪ :‬يحيى بفضله ويميت بعدله وإليه رجوع كلتا الطائفتين‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬هو يحيى القلوب بإماتة النفوس‪ ،‬ويميت النفوس بحياة القلب‪ ،‬وهذا لمن كان رجوعه إليه فى جميع‬
‫أحواله‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقيل‪ :‬يحيى السرائر بأنوار العزة‪ ،‬ويميت النفوس بنزع الشهوات عنها‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬يحيى من نشأ باإلقبال عليه‪ ،‬ويميت من نشأ باإلعراض عنه‪.‬‬

‫قال النصرآباذى‪ :‬يحيى األرواح فى المشاهدة والتجلى‪ ،‬و يميت الهياكل فى االستتار‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬يحيى القلوب بالتقليب ويميت النفوس بالتنقيل‪.‬‬

‫سورة يونس (من اآلية ‪ 57‬الى اآلية ‪)57‬‬

‫ِ ِ‬ ‫آء لِ َما ِفي ُّ‬ ‫ظ ٌة ِمن َّرب ُ ِ‬


‫آء ْت ُك ْم َّم ْو ِع َ‬
‫ور َو ُه ًدى َوَر ْح َم ٌة لْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين‬ ‫الص ُد ِ‬ ‫ِك ْم َوشَف ٌ‬ ‫اس َق ْد َج َ‬
‫ُّها َّ‬
‫الن ُ‬ ‫ٰيأَي َ‬

‫آء لِ َما ِفي ُّ‬


‫الص ُد ِ‬
‫ور} [اآلية‪.]57 :‬‬ ‫ظ ٌة ِمن َّرب ُ ِ‬
‫آء ْت ُك ْم َّم ْو ِع َ‬ ‫ُّها َّ‬
‫ِك ْم َوشَف ٌ‬ ‫اس َق ْد َج َ‬
‫الن ُ‬ ‫قوله تعالى‪ٰ { :‬يأَي َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬الموعظة للنفوس والشفاء للقلوب‪ ،‬والهدى لألسرار والرحمة لمن هذه صفته‪.‬‬

‫قال جعفر‪ :‬شفاء لما فى الصدور أى‪ :‬راحة لما فى السرائر‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الشفاء المعرفة والصفاء‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم الشفاء التسليم والرضا‪.‬‬

‫ولبعضهم‪ :‬شفاء التوبة والوفاء وقال‪ :‬الشفاء المشاهدة واللقاء‪.‬‬

‫سورة يونس (من اآلية ‪ 58‬الى اآلية ‪)58‬‬

‫َّللاِ َوب َِر ْح َمِت ِه َفِب َذلِ َك َفْلَيْف َر ُحوْا ُه َو َخ ْيٌر ِم َّما َي ْج َم ُعو َن‬
‫ض ِل َّ‬
‫ُق ْل ِبَف ْ‬

‫َّللاِ َوب َِر ْح َمِت ِه َفِب َذلِ َك َفْلَيْف َر ُحوْا} [اآلية‪.]58 :‬‬
‫ض ِل َّ‬
‫قوله تعالى‪ُ{ :‬ق ْل ِبَف ْ‬

‫شيئا من الهداية‪َ{ ،‬فِب َذلِ َك َفْلَيْف َرُحوْا} أى‪:‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬فضل هللا إيصال إحسانه إليك ورحمته ما سيق لك منه ولم تك ً‬
‫فاعتمدوا وهو خير مما تجمعون من أذكاركم وأفعالكم وأقوالكم‪ ،‬فإنها نتائج تلك المقدمة‪ ،‬وبها يتم جميع األحوال‪.‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬أيسهم أن يكون لهم شىء من عند قوله قل بفضل هللا‪.‬‬

‫قال القاسم‪ :‬هو الفضل الذى جاز به علىأهل طاعته‪ ،‬ال الفضل الذى استدرج به أهل معصيته‪.‬‬

‫قال جعفر فى هذه اآلية‪ :‬إنه انتباه من غفلة‪ ،‬أو انقطاع عن زلة‪ ،‬والمباينة من دواعى الشهوة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫أيضا‪ :‬فضل هللا معرفته ورحمته توفيقه‪.‬‬
‫قال ً‬

‫َّللاِ َوب َِر ْح َمِت ِه َفِب َذلِ َك َفْلَيْف َرُحوْا ُهَو َخ ْيٌر ِم َّما َي ْج َم ُعو َن}‪ .‬مما‬
‫ض ِل َّ‬
‫قال بعضهم‪ :‬الثواب أعواض والفضل كرم‪ ،‬قال {ُق ْل ِبَف ْ‬
‫يؤملون من الثواب على األفعال‪.‬‬

‫سورة يونس (من اآلية ‪ 61‬الى اآلية ‪)61‬‬

‫آن والَ تعمُلون ِمن عم ٍل ِإالَّ ُكَّنا عَلي ُكم شهوداً ِإ ْذ تِفيضون ِف ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫يه َو َما َي ْع ُز ُب َعن‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫َ ْ ْ ُُ‬ ‫َو َما تَ ُكو ُن في َشأْن َو َما تَْتُلوْا م ْن ُه من ُق ْر َ َ ْ َ َ ْ َ َ‬
‫السم ِآء والَ أَص َغر ِمن ٰذلِ َك وال أَ ْكبر ِإالَّ ِفي ِكتَ ٍ‬
‫اب ُّمِب ٍ‬
‫ين‬ ‫ِ‬ ‫ِك ِمن ِم ْثَق ِ‬
‫ال َذَّرٍة ِفي األ َْر ِ‬
‫َ ََ‬ ‫ض َوالَ في َّ َ َ ْ َ‬ ‫َّرب َ‬

‫{والَ تَ ْع َمُلو َن ِم ْن َع َم ٍل ِإالَّ ُكَّنا َعَل ْي ُك ْم ُش ُهوداً} [اآلية‪.]61 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫{والَ تَ ْع َمُلو َن‬


‫قال شقيق‪ :‬على العبد أن يلزم نفسه دوام نظر هللا إليه وقربه منه وقدرته عليه‪ ،‬ألن هللا عز وجل يقول‪َ :‬‬
‫ِم ْن َع َم ٍل ِإالَّ ُكَّنا َعَل ْي ُك ْم ُش ُهوداً} إذ تفيضون فيه‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬من شهد شهود الحق إياه‪ ،‬قطعه ذلك عن مشاهدة األعيان أجمع‪.‬‬

‫قال النصرآباذى‪ :‬شتان بين من عمل على رؤية الثواب وبين من عمل التباع األمر‪ ،‬وبين من عمل على سبيل‬
‫المشاهدة‪.‬‬

‫{والَ تَ ْع َمُلو َن ِم ْن َع َم ٍل ِإالَّ ُكَّنا َعَل ْي ُك ْم ُش ُهوداً}‪.‬‬


‫قال هللا عز وجل‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة يونس (من اآلية ‪ 62‬الى اآلية ‪)62‬‬

‫ف َعَل ْي ِه ْم َوالَ ُه ْم َي ْح َزُنو َن‬ ‫أَال ِإ َّن أَولِيآء َّ ِ‬


‫َّللا الَ َخ ْو ٌ‬ ‫ََْ‬

‫قال بعضهم‪ :‬عرض األولياء بإزالة الخوف والحزن عنهم ولم يبلغهم إلى مقام أهل االصطفاء واالختيار‪ ،‬ألن ذلك‬
‫أقدارهم حتى يجئ قدر الذى ال يوصف بوصف فيظهر عليهم من الكرامات ما يزيل بها الخوف والحزن على أهل‬
‫األكوان ببركاتهم‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬حظوظ األولياء مع تباينها من أربعة أسماء‪ ،‬وقيام كل فريق باسم منها‪ :‬هو األول‬
‫واآلخر والظاهر والباطن فمن فنى عنها بعد مالبستها فهو الكامل التام‪ ،‬فمن كان حظه من اسمه الظاهر الحظ‬
‫عجائب قدرته‪ ،‬ومن كان حظه من اسمه الباطن الحظ ما جرى فى السرائر من أنواره ومن كان حظه من اسمه اآلخر‬
‫وكل كوشف على قدر طبعه وطاقته إال من‬
‫طا بما يستقبله‪ٌّ ،‬‬
‫كان شغله ما سبق‪ ،‬ومن الحظ اسمه اآلخر كان مرتب ً‬
‫تواله الحق ببره وقام عنه بنفسه‪.‬‬

‫وقال يحيى بن معاذ‪ :‬الولى الذى ال يرائى وال ينافق‪ ،‬وما أقل صديق من كان هذا خلقه‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬قلوب أهل الوالية مصانة عن كل معنى ألنها موارد الحق‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬عالمة الولى أربعة‪ :‬األولى يحفظ سرائره التى بينه وبين ربه مما يرد على قلبه من‬
‫المصائب فال يشكو‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫والثانية‪ :‬أن يصون كرامته فال يتخذها رياء وال سمعة وال يعقل عنها هو ًانا‪.‬‬

‫والثالثة‪ :‬أن يحتمل أذى خلقه فال يكافؤهم‪.‬‬

‫والرابعة‪ :‬أن يدارى عباده على تفاوت أخالقهم‪ ،‬ألنه رأى الخلق هلل وفى أسر القدرة فعاشرهم على رؤية ما منه إليهم‪.‬‬

‫وسئل بعضهم ما عالمة األولياء؟‬


‫ُ‬

‫قال‪ :‬همومهم مع هللا وشغلهم باهلل وفرارهم إلى هللا‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬حال األولياء فى الدنيا أشرف منها فى اآلخرة ألنه جذب سرهم إلى سره وغيبهم عن كل ما سواه‪ ،‬وهم‬
‫{في ُش ُغ ٍل َف ِ‬
‫اك ُهو َن} [يس‪.]55 :‬‬ ‫فى اآلخرة كما قال‪ِ :‬‬

‫قال سهل‪ :‬الولى هو الذى توالت أفعاله على الموافقة‪.‬‬

‫سمعت أبا الحسن الفارسى يقول‪ :‬سمعت محمد بن معاذ النهرجورى يقول‪ :‬صفة األولياء أن يكون الفقر كرامتهم‬
‫وطاعة هللا جالوتهم‪ ،‬وحب هللا حيلتهم‪ ،‬وإلى هللا حاجتهم وهللا حافظهم‪ ،‬ومع هللا تجارتهم وبه افتخارهم وعليه توكلهم‬
‫وبه أنسهم‪ ،‬والجوع طعامهم والزهد ثمارهم‪ ،‬وحسن الخلق لباسهم‪ ،‬وطالقة الوجه حليتهم وسخاوة النفس حرمتهم‪،‬‬
‫وحسن المعاشرة صحبتهم‪ ،‬والشكر زينتهم‪ ،‬والذكر همتهم والرضا راحتهم‪ ،‬والخوف سجيتهم‪ ،‬والليل فكرتهم‪ ،‬والنهار‬
‫غيرتهم‪ ،‬أولئك أولياء هللا ال خوف عليهم وال هم يحزنون‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال أبو سعيد الخراز‪ :‬األولياء فى الدنيا يطيرون بقلوبهم فى الملكوت‪ ،‬يرتادون ألوان الفوائد والحكمة‪ ،‬ويشربون من‬
‫سول ا َّلر ِ‬
‫حيل‪.‬‬ ‫عين المعرفة‪ ،‬فهم يفرون من فضول الدنيا‪ ،‬ويأنسون بالمولى ويستوحشون من نفوسهم إلى وقت موافاة ر ِ‬
‫َ‬

‫أيضا‪ :‬نفوس األولياء تذوب كما يذوب الملح فى الماء‪ ،‬للحفظ على أمور المولى فى مواقيتها وأداء األمانة فى‬
‫وقال ً‬
‫كل ساعة‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬إن نفوس األولياء حملت قلوبهم‪ ،‬وقلوب األعداء حملت نفوسهم‪ ،‬ألن نفوس األولياء تحمل األعباء فى‬
‫وقال ً‬
‫طمعا فى راحة نفوسهم‪.‬‬
‫طمعا فى فراغ قلوبهم‪ ،‬وقلوب األعداء تحمل أثقال نفوسهم من الشرك ً‬
‫دار الدنيا؛ ً‬

‫وقال بعضهم‪ :‬الولى من يصبر على البالء ويرضى بالقضاء ويشكر على النعماء‪.‬‬

‫رما لهم‪ ،‬وهم مخدرون عند هللا فى مجال‬


‫وقال أبو يزيد‪ :‬أولياء هللا هم عرائس هللا‪ ،‬وال يرى العرائس إال من يكون َم ْح ً‬
‫األنس ال يراهم أحد‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬إن حال األولياء فى الدنيا أرفع من حالهم فى اآلخرة‪ ،‬ألن هللا جذب بينهم فى الدنيا وقطعهم عن الكون‬
‫وفى اآلخرة يشغلهم بنعيم الجنة‪.‬‬

‫قال أبو على الجوزجانى‪ :‬الولى هو الفانى فى حاله‪ ،‬الباقى فى مشاهدة الحق وذاته‪ ،‬تولى هللا أسبابه فتوالت عليه‬
‫أنوار التولى‪ ،‬لم يكن له عن نفسه أخبار وال مع أحد غير هللا قرار‪.‬‬

‫وسئل أبو حفص عن الولى‪ ،‬فقال‪ :‬الولى من أُيد بالكرامات وغيب عنها‪.‬‬
‫ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة يونس (من اآلية ‪ 64‬الى اآلية ‪)64‬‬

‫ِ‬ ‫ات َّ ِ ٰ ِ‬
‫اآلخرِة الَ تَب ِديل لِ َكلِم ِ‬
‫الد ْنيا وِفي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يم‬
‫َّللا ذل َك ُه َو اْلَف ْوُز اْل َعظ ُ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َل ُه ُم اْلُب ْش َر ٰى في اْل َحياة ُّ َ َ‬
‫الد ْنيا وِفي ِ‬
‫اآلخ َرِة} [اآلية‪.]64 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قوله تعالى‪َ{ :‬ل ُه ُم اْلُب ْش َر ٰى في اْل َحياة ُّ َ َ‬

‫قال أبو سعيد الخراز فى هذه اآلية قال‪ :‬هم به وله‪ ،‬موقوفون بين يديه‪ ،‬غير أن الحق ممتع لهم بماله‪ ،‬أراهم من‬
‫مطالعا على ما‬ ‫ً‬ ‫عظم الفوائد وجزيل الزخائر‪ ،‬ومما ال يقع لهم به علم‪ ،‬وال علم عليه قبل حين وروده حتى يكون الحق‬
‫ياة ُّ‬
‫الد ْنَيا}‪.‬‬ ‫تريد من ذلك على حسب ما قسمه لهم‪ ،‬فهم فى ذلك على األحوال شتى‪ ،‬فذلك قوله {َلهم اْلب ْشر ٰى ِفي اْلح ِ‬
‫َ‬ ‫ُُ ُ َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬البشرى فى الدنيا هو ما وعد من رؤيته‪ ،‬والبشرى فى األخرة تصديق ذلك الوعد‪.‬‬

‫سورة يونس (من اآلية ‪ 67‬الى اآلية ‪)67‬‬

‫ص اًر ِإ َّن ِفي ٰذلِك آلي ٍ‬


‫ات لَِق ْو ٍم َي ْس َم ُعو َن‬ ‫النهار مب ِ‬ ‫ِِ‬ ‫هو َّال ِذي جعل َل ُكم َّال ِ‬
‫َ َ‬ ‫يل لتَ ْس ُكُنوْا فيه َو َّ َ َ ُ ْ‬
‫ََ َ ُ َ‬ ‫َُ‬
‫النهار مب ِ‬ ‫ِِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ص اًر} [اآلية‪.]67 :‬‬ ‫{ه َو الذي َج َع َل َل ُك ُم اْللْي َل لتَ ْس ُكُنوْا فيه َو َّ َ َ ُ ْ‬
‫قوله تعالى‪ُ :‬‬

‫مبصر ليبصروا فيه عجائب القدرة واالعتبار بالكون‪.‬‬


‫ًا‬ ‫قال جعل سكون الليل إلى الخلوة والمناجاة‪ ،‬والنهار‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِِ‬ ‫قوله {وأ ُِمرت أَن أ ُ ِ‬
‫َكو َن م َن اْل ُم ْسلم َ‬
‫ين} [النمل‪.]91 :‬‬ ‫َ ُْ ْ‬

‫قال بعضهم‪ :‬من يسلم سرى من قلبى‪ ،‬وقلبى من نفسى‪ ،‬ونفسى من لسانى‪ ،‬ولسانى من الكذب والغيبة والبهتان‪.‬‬

‫{وُي ِح ُّق}‪.‬‬
‫طوعا قوله‪َ :‬‬
‫وقال بعضهم‪ :‬المسلم المنقاد ألوامر الحق عليه ً‬

‫سورة يونس (من اآلية ‪ 82‬الى اآلية ‪)82‬‬

‫َّللاُ اْل َح َّق ِب َكلِ َم ِات ِه َوَل ْو َك ِرهَ اْل ُم ْج ِرُمو َن‬
‫َوُي ِح ُّق َّ‬

‫َّللاُ اْل َح َّق ِب َكلِ َم ِات ِه} [اآلية‪.]82 :‬‬


‫{وُي ِح ُّق َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الحسين‪ :‬حقق الحق بكلماته‪ ،‬بإظهار ما أوجد تحت الكن‪.‬‬

‫َّللاُ اْل َح َّق ِب َكلِ َم ِات ِه} أى‪ :‬كون الكون بكلماته وحق أحقه‬
‫{وُي ِح ُّق َّ‬ ‫قال بعضهم‪ :‬الحق على ثالثة أوجه‪ :‬حق ٍ‬
‫حق وهو قوله َ‬
‫حق‪ ،‬وهى صفات ألنها قائمة بالموصوف‪ ،‬والموصوف قائم بالصفات‪ ،‬والحق المطلق هو هللا ‪ -‬جل اسمه ‪ -‬قال‬
‫ُّك ُم اْل َح ُّق}‪.‬‬ ‫تعالى‪َ { :‬ف َذلِ ُك ُم َّ‬
‫َّللاُ َرب ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة يونس (من اآلية ‪ 84‬الى اآلية ‪)84‬‬

‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫وَقال موسى ٰيَقو ِم ِإن ُكنتم آمنتم ِب َّ ِ‬


‫اَّلل َف َعَل ْيه تََوَّكُلوْا ِإن ُكنتُم ُّم ْسلم َ‬
‫ين‬ ‫ُْ َ ُْ‬ ‫َ َ ُ َٰ ْ‬

‫اَّللِ َف َعَل ْي ِه تََوَّكُلوْا} [اآلية‪.]84 :‬‬


‫آمنتُ ْم ِب َّ‬ ‫ِ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬إن ُكنتُ ْم َ‬

‫ُسئل إبراهيم الخواص عن قوله‪َ { :‬ف َعَل ْي ِه تََوَّكُلوْا} قال تنالوا السبب من هللا بال واسطة‪.‬‬

‫سورة يونس (من اآلية ‪ 89‬الى اآلية ‪)89‬‬

‫آن سِب َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َقال َق ْد أُ ِجيب ْت َّدعوتُ ُكما َف ِ‬


‫ين الَ َي ْعَل ُمو َن‬ ‫يما َوالَ تَتَّب َع ِ َ َ‬
‫يل الذ َ‬ ‫استَق َ‬
‫َْ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫يما} [اآلية‪.]89 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أُ ِجيب ْت َّدعوتُ ُكما َف ِ‬


‫استَق َ‬
‫َْ َ ْ‬ ‫َ‬

‫قال ذو النون‪ :‬االستقامة فى الدعاء ال تغضب لتأخير اإلجابة‪ ،‬وال تسكن إلى تعجيل اإلجابة‪ ،‬وال تسل سواك‬
‫الخصومة‪.‬‬

‫عدا‪.‬‬
‫وب ً‬
‫طردا ُ‬
‫اجا‪ ،‬ورؤية تأخير اإلجابة ً‬
‫مكر واستدر ً‬
‫قال بعضهم‪ :‬االستقامة فى الدعاء هو رؤية اإلجابة ًا‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقيل‪ :‬أجيبت دعوتكما فاستقيما على دعائكما إلى أن يظهر لكما اإلجابة‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬أجيبت دعوتكما فاستقيما على منهاج الصدق‪.‬‬

‫سورة يونس (من اآلية ‪ 94‬الى اآلية ‪)94‬‬

‫ون َّن ِم َن‬


‫ِك َفالَ تَ ُك َ‬
‫ِ‬ ‫َل َّال ِذين يْقرءو َن اْل ِكتَ ِ ِ‬
‫َنزلَنآ ِإَلي َك َفاسأ ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫َفِإن ُك ِ‬
‫ك اْل َح ُّق من َّرب َ‬
‫آء َ‬
‫اب من َقْبل َك َلَق ْد َج َ‬
‫َ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫ْ‬ ‫نت في َشك م َّمآ أ َ ْ ْ‬
‫َ‬
‫اْل ُم ْمتَ ِر َ‬
‫ين‬

‫نت ِفي َش ٍك ِم َّمآ أ َ ْ‬


‫َنزلَنآ ِإَل ْي َك} [اآلية‪.]94 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬فِإن ُك َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬مما فضلناك به وشرفناك‪ ،‬فسل الذين يقرءون الكتاب من قبلك وهم األعداء‪ ،‬كيف وجدوا وصفك فى‬
‫كتبهم وكيف أروا فيها نشر فضائلك‪ ،‬يدل عليه قوله حين أنزلت عليه هذه اآلية‪" :‬ال أشك ال أشك‪".‬‬

‫سورة يونس (من اآلية ‪ 96‬الى اآلية ‪)97‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫يم‬ ‫آء ْت ُه ْم ُك ُّل َآية َحتَّ ٰى َي َرُوْا اْل َع َذ َ‬
‫اب األَل َ‬
‫ِ ن‬ ‫ين َحَّق ْت َعَل ْي ِه ْم َكل َم ُت َرب َ‬
‫ِك الَ ُي ْؤمُنو َ * َوَل ْو َج َ‬ ‫ِإ َّن الذ َ‬

‫قال الواسطى‪ :‬من لم يلحقه نور األزل؛ ال يتبين عليه صفات الوقت‪ ،‬فإن صفات الوقت نتائج أنوار األزل قال هللا‬
‫آء ْت ُه ْم ُك ُّل َآي ٍة}‪.‬‬ ‫ِ ن‬ ‫ِ‬
‫ين َحَّق ْت َعَل ْي ِه ْم َكل َم ُت َرب َ‬
‫ِك الَ ُي ْؤمُنو َ * َوَل ْو َج َ‬
‫َّ ِ‬
‫تعالى‪ِ{ :‬إ َّن الذ َ‬

‫سورة يونس (من اآلية ‪ 100‬الى اآلية ‪)100‬‬

‫ين الَ َي ْعِقُلو َن‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّللاِ َوَي ْج َع ُل ِ‬


‫الر ْج َس َعَلى الذ َ‬ ‫س أَن تُ ْؤ ِم َن ِإالَّ ِبِإ ْذ ِن َّ‬
‫ان لَِنْف ٍ‬
‫َو َما َك َ‬

‫َّللاِ} [اآلية‪.]100 :‬‬


‫س أَن تُ ْؤ ِم َن ِإالَّ ِبِإ ْذ ِن َّ‬
‫ان لَِنْف ٍ‬
‫{و َما َك َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬إذا صح له اإليمان‪ ،‬ال يصح إال أن يأذن هللا له بذلك فى إزالة وحرية القضاء السابق له باإليمان على‬
‫أحد إال سعادة سابقة فى األزل ونور متقدم‪.‬‬

‫سورة يونس (من اآلية ‪ 99‬الى اآلية ‪)99‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وَلو َشآء ربُّك آلمن من ِفي األَر ِ ُّ‬


‫ين‬ ‫اس َحتَّ ٰى َي ُك ُ‬
‫ونوْا ُم ْؤ ِمن َ‬ ‫َنت تُ ْك ِرهُ َّ‬
‫الن َ‬ ‫ض ُكل ُه ْم َجميعاً أََفأ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َ َ َ ََ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ض ُكُّل ُه ْم َج ِميعاً} [اآلية‪.]99 :‬‬
‫ُّك آلم َن من ِفي األ َْر ِ‬
‫آء َرب َ َ َ‬ ‫{وَل ْو َش َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬رفع المدح والذم فال معذور وال غير معذور وال شقاء وال سعادة‪ ،‬إنما هى إرادة أمضاها ومشيئة أنفذها‬
‫وقبس آمنوا بإذن هللا المتولى إلظهار الكونين‪ ،‬ال شريك له فال يستغفرون وال يفتخرون‪.‬‬

‫سورة يونس (من اآلية ‪ 101‬الى اآلية ‪)101‬‬

‫الن ُذ ُر َعن َق ْو ٍم الَّ ُي ْؤ ِمُنو َن‬


‫ات و ُّ‬ ‫ِ‬ ‫الس ٰم ٰو ِت واأل َْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُق ِل ان ُ‬
‫اآلي ُ َ‬
‫ض َو َما تُ ْغني َ‬ ‫ظ ُروْا َما َذا في َّ َ َ َ‬

‫الن ُذ ُر َعن َق ْو ٍم الَّ ُي ْؤ ِمُنو َن} [اآلية‪.]101 :‬‬


‫ات و ُّ‬ ‫ِ‬
‫اآلي ُ َ‬
‫{و َما تُ ْغني َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬ال تصل العقول الخالية عن التوفيق إلى سبيل النجاة‪ ،‬وما يغنى ضياء العقل مع ظلمة الخذالن إنما‬
‫مؤيدا بأنوار التوفيق وعناية األزل‪ ،‬وإال فإنه متخبط فى هالكه بعقله‪.‬‬
‫تنفع أنوار العقل من كان ً‬

‫سورة يونس (من اآلية ‪ 103‬الى اآلية ‪)103‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬


‫آمُنوْا َك َذل َك َحقاً َعَل ْيَنا ُنن ِج اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين‬ ‫ثُ َّم ُنَن ِجي ُرُسَلَنا َوالذ َ‬
‫ين َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬ننجى رسلنا من مراد النفس وغفلة الوقت وغلبة الشهوة وشتات ِ‬
‫الس ِر‪ ،‬والذين آمنوا بالرسل نجزيهم على‬
‫مناهج الرسل‪ ،‬وكذلك حًقا علينا نجاة َمن صدق فى عبوديته‪.‬‬

‫سورة يونس (من اآلية ‪ 105‬الى اآلية ‪)105‬‬

‫ِ‬ ‫وأَن أ َِقم وجهك لِ ِلد ِ ِ‬


‫ون َّن م َن اْل ُم ْش ِرِك َ‬
‫ين‬ ‫ين َحنيفاً َوالَ َت ُك َ‬ ‫َ ْ ْ َ َْ َ‬
‫تكونن من الناظرين إلى شىء سوى هللا‪ ،‬فيمقتك هللا‪ ،‬وإقامة َّ‬
‫الملة‬ ‫َّ‬ ‫قال ابن عطاء فى هذه اآلية‪ :‬صحح معرفتك وال‬
‫الحنيفية هذا هو تصحيح المعرفة‪.‬‬

‫َن أ َِق ْم َو ْج َه َك لِ ِلد ِ‬


‫ين َحِنيفاً} قال‪ :‬ال تعتمد صالة وال طاعة؛ فتعمى عن سبيل‬ ‫{وأ ْ‬
‫قال الواسطى رحمة هللا عليه فى قوله‪َ :‬‬
‫الفضل والرحمة‪ ،‬أََيتَوهم البائس إنما صالته مواصلة وإنما هى فى الحقيقة مفاصلة وأنى ذلك‪ ،‬وال فصل وال وصل إنما‬
‫هذه الكلمات عبارات إن تركتها كفرت‪ ،‬وإن قصدتها بشاهدك أشركت‪ ،‬ألن صحة القصود تكوين المقصود وليس‬
‫َن أ َِق ْم َو ْج َه َك لِ ِلد ِ‬
‫ين‬ ‫{وأ ْ‬
‫الشأن فى القصود‪ ،‬إنما الشأن فى المقصود لذلك خاطب نبيه صلى هللا عليه وسلم فقال‪َ :‬‬
‫َحِنيفاً}‪.‬‬

‫سورة يونس (من اآلية ‪ 106‬الى اآلية ‪)106‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫والَ تدع ِمن دو ِن َّ ِ‬
‫ك َفِإن َف َعْل َت َفِإَّن َك ِإذاً م َن الظالم َ‬
‫ين‬ ‫ضُّر َ‬
‫َّللا َما الَ َي َنف ُع َك َوالَ َي ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َْ ُ‬

‫قال شقيق‪ :‬الظالم من طلب نفعه ممن ال يملك نفع نفسه واستدفع الضر بمن ال يملك الدفاع عن نفسه‪ ،‬ومن عجز‬
‫عن إقامة نفسه كيف تقيم غيره‪.‬‬

‫َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫قال هللا تعالى‪َ { :‬فِإن َف َعْل َت َفِإَّن َك ِإذاً م َن الظالم َ‬
‫ين}‪.‬‬

‫سورة يونس (من اآلية ‪ 107‬الى اآلية ‪)107‬‬

‫آء ِم ْن ِعَب ِادِه َو ُهَو‬ ‫اشف َله ِإالَّ هو وِإن ي ِردك ِبخي ٍر َفالَ ر َّآد لَِفضلِ ِه يص ِ ِ‬
‫ِ‬
‫يب به َمن َي َش ُ‬
‫ْ َُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ ُ ْ َ َ ْ‬ ‫َّللاُ ِب ُ‬
‫ض ٍر َفالَ َك َ ُ‬ ‫َوِإن َي ْم َس ْس َك َّ‬
‫يم‬ ‫اْل َغُفور َّ ِ‬
‫الرح ُ‬ ‫ُ‬

‫ضلِ ِه} [اآلية‪.]107 :‬‬


‫ك ِب َخ ْي ٍر َفالَ َر َّآد لَِف ْ‬
‫َّ‬
‫ف َل ُه ِإال ُه َو َوإِن ُي ِرْد َ‬
‫ِ‬
‫َّللاُ ِب ُ‬
‫ض ٍر َفالَ َكاش َ‬ ‫{وإِن َي ْم َس ْس َك َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬قطع الحق على عباده طريق الرغبة والرهبة إال إليه بإعالمهم أنه الضار النافع‪.‬‬

‫طا بصفتك وإرادة الخير لك منوطة بصفته‪ ،‬ليكون رجاؤك أغلب من خوفك‪.‬‬
‫قال جعفر‪ :‬جعل هللا مس الضر منو ً‬

‫جميعا الرجوع إلى سواه سوء تدبير وقلة يقين‪.‬‬


‫ً‬ ‫قال أبو عثمان‪ :‬أنت بين رجائك من ضر ونفع‪ ،‬وفى الحالتين‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬الكاشف للضر على الحقيق ة هو القادر على ابتالئك به‪ ،‬والمتفضل باألفضال من ناب عنك فى الغيب‬
‫بحسن التولية لك فى األزل‪.‬‬

‫سورة يونس (من اآلية ‪ 108‬الى اآلية ‪)108‬‬

‫ِكم َفم ِن اهتَد ٰى َفِإَّنما يهتَِدي لِنْف ِس ِه ومن ض َّل َفِإَّنما ي ِ‬


‫ض ُّل َعَل ْي َها َو َمآ أََن ْا َعَل ْي ُك ْم‬ ‫ِ‬ ‫ُّها َّ‬
‫َ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫آء ُك ُم اْل َح ُّق من َّرب ُ ْ َ ْ َ‬
‫اس َق ْد َج َ‬
‫الن ُ‬ ‫ُق ْل ٰيأَي َ‬
‫ِبو ِك ٍ‬
‫يل‬ ‫َ‬

‫اهتَ َد ٰى َفِإَّن َما َي ْهتَِدي لَِنْف ِس ِه} [اآلية‪.]108 :‬‬


‫قوله تعالى ذكره‪َ { :‬ف َم ُن ْ‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬لو وقع التفاضل بالنعوت والصفات كان الذات معلوالً ما أظهر‪ ،‬فإنما أظهره لك أن‬
‫َح َس ْنتُ ْم أل َْنُف ِس ُك ْم} [اإلسراء‪ ،]7 :‬وإن أجر االهتداء فلكم بقوله‪َ{ :‬ف َم ُن‬ ‫أجرى اإلحسان عليكم فلكم بقوله {ِإ ْن أ ْ‬
‫َح َس ْنتُ ْم أ ْ‬
‫{و َمن َش َك َر َفِإَّن َما َي ْش ُك ُر لَِنْف ِس ِه} [النمل‪.]40 :‬‬ ‫ِ ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫اهتَ َد ٰى َفإَّن َما َي ْهتَدي لَنْفسه} وإن أجر الشكر عليكم فلكم بقوله َ‬
‫ْ‬

‫سورة يونس (من اآلية ‪ 109‬الى اآلية ‪)109‬‬

‫ين‬ ‫ِِ‬ ‫اصِب ْر َحتَّ ٰى َي ْح ُك َم َّ‬ ‫واتَِّب ْع ما ُي َ ِ‬


‫َّللاُ َو ُه َو َخ ْي ُر اْل َحاكم َ‬ ‫وح ٰى إَل ْي َك َو ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫اصِب ْر َحتَّ ٰى َي ْح ُك َم َّ‬


‫َّللاُ} [اآلية‪.]109 :‬‬ ‫قوله عز وجل‪{ :‬واتَِّب ْع ما ُي َ ِ‬
‫وح ٰى إَل ْي َك َو ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫{واتَِّب ْع َما ُي َ‬
‫وح ٰى‬ ‫أحكاما وأيدهم على اتباعها بقدرته وفضله‪ ،‬ودلهم على رشدهم بقوله‪َ :‬‬
‫ً‬ ‫قال سهل‪ :‬أجرى هللا فى الخلق‬
‫اصِب ْر} والصبر على االتباع وترك تدبير النفس فيه النجاة عاجالً من رعونات النفس وأجالً من حياة المخالفة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫إَل ْي َك َو ْ‬

‫وقال أبو عثمان‪ :‬أصل الدين االتباع ثم الصبر عليه من غير أن يكون ذلك فيه من عندك شىء‪ ،‬بل الرجوع عن‬
‫جميع مالك باتباع ما ألزمته‪.‬‬

‫سورة هود (من اآلية ‪ 1‬الى اآلية ‪)1‬‬

‫صَل ْت ِمن َّل ُد ْن َح ِكي ٍم َخِب ٍ‬


‫ير‬ ‫الر ِكتَاب أُح ِكم ْت آياتُه ثُ َّم ُف ِ‬
‫ٌ ْ َ َ ُ‬

‫صَل ْت ِمن َّل ُد ْن َح ِكي ٍم َخِب ٍ‬


‫ير} [اآلية‪.]1 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أُح ِكم ْت آياتُه ثُ َّم ُف ِ‬
‫ْ َ َ ُ‬

‫حكيم فيما أنزل‪ .‬خبير بمن أقبل على أمره أو أعرض عنه‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬أحكمت آياته فى قلوب العارفين‪ ،‬وفصلت أحكامه على أبدان العالمين‪.‬‬

‫قال فارس‪ :‬أحكمت آياته للورعين‪ ،‬وفصلت أحكامه للمتقين‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬أحكمت آياته بالكرامات وفصلت بالبينات‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقيل‪ :‬أحكمت آياته بالفضل‪ ،‬وفصلت آياته بالعدل‪.‬‬

‫وقال الحسن‪ :‬أحكمت باألمر والنهى‪ ،‬وفصلت بالوعد والوعيد‪ .‬حكيم فيما أنزل‪ .‬خبير بمن يقوم بأمره‪ ،‬أو يعرض‬
‫عنه‪.‬‬

‫سورة هود (من اآلية ‪ 3‬الى اآلية ‪)3‬‬

‫ضَل ُه َوإِن تََوَّل ْوْا َفِإِني‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫استَ ْغِف ُروْا َرب ُ‬
‫ض ٍل َف ْ‬
‫َج ٍل ُّم َس ًّمى َوُي ْؤت ُك َّل ذي َف ْ‬
‫وبوْا ِإَل ْيه ُي َمت ْع ُك ْم َّمتَاعاً َح َسناً ِإَل ٰى أ َ‬
‫َّك ْم ثُ َّم تُ ُ‬ ‫َن ْ‬‫َوأ ِ‬
‫اب َي ْو ٍم َكِب ٍ‬
‫ير‬ ‫اف َعَل ْي ُك ْم َع َذ َ‬‫َخ ُ‬ ‫أَ‬

‫وبوْا ِإَل ْي ِه} [اآلية‪.]3 :‬‬ ‫استَ ْغِف ُروْا َرب ُ‬


‫َّك ْم ثُ َّم تُ ُ‬ ‫{وأ ِ‬
‫َن ْ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال أبو بكر الحواشى‪ :‬التوبة التى تتولد من االستغفار أن ترفع ثوب النجس والغش والدنس‪.‬‬

‫ُسئل سهل بن عبد هللا عن االستغفار‪ .‬فقال‪ :‬هو اإلنابة ثم اإلجابة‪ ،‬ثم التوبة ثم االستغفار بالظاهر واإلنابة بالقلب‬
‫والتوبة مداومة االستغفار من تقصيره فيها‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬االستغفار من غير إقالع توبة الكذابين‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬استغفروا ربكم من الدعاوى وتوبوا إليه من الخطرات المذمومة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال يوسف‪ :‬استغفار العامة من الذنوب واستغفار الخاصة من رؤية األفعال ومن رؤية المنة والفضل‪ ،‬واستغفار‬
‫األكابر من رؤية كل شىء سوى الحق‪.‬‬

‫ض ٍل} [اآلية‪.]3 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ :‬‬


‫َج ٍل ُّم َس ًّمى َوُي ْؤت ُك َّل ذي َف ْ‬
‫{ي َمت ْع ُك ْم َّمتَاعاً َح َسن ًا ِإَل ٰى أ َ‬
‫ُ‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬طيب النفس وسعة الرزق والرضاء بالمقدور‪.‬‬

‫قال سهل‪ :‬هو نزل الخلق واإلقبال على الحق‪.‬‬

‫حسنا قال يرزقكم صحبة الفقراء الصادقين‪.‬‬


‫متاعا ً‬
‫قال أبو الحسين الوراق فى قوله‪ :‬يمتعكم ً‬

‫وقال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬ال شىء أحسن على العبد من مالزمة الحقيقة وحفظ السر مع هللا وهو تفسير قوله‬
‫حسنا‪.‬‬
‫متاعا ً‬
‫يمتعكم ً‬

‫حسنا‪ :‬الرضاء بالميسور والصبر على كربة المقدور‪.‬‬


‫متاعا ً‬
‫قال الحسين يمتعكم ً‬

‫قال محمد بن الفضل‪ :‬هو طيب النفس وسعة الصدر وتمام الرزق والرضاء‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ٍل َف ْ‬
‫ضَل ُه}‪.‬‬ ‫{وُي ْؤت ُك َّل ذي َف ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬ذو الفضل من رزق بعد االستغفار والتوبة حسن اإلنابة و َ‬
‫اإلخبات مع دوام الخشوع‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال النصرآباذى‪ :‬رؤية الفضل تقطع عن المتفضل كما أن رؤية المنة تحجب عن المنان‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ٍل َف ْ‬
‫ضَل ُه} يوصل كل مستحق إلى ما يستحقه من مجالس القربة وسمو‬ ‫{وُي ْؤت ُك َّل ذي َف ْ‬
‫قال بعضهم فى قوله‪َ :‬‬
‫المنزلة‪.‬‬

‫قال الجوزجانى‪ :‬من قدر عليه الفضل فى السبق يوصله إلى ذلك عند إيجاده‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ٍل َف ْ‬
‫ضَل ُه} قال‪ :‬يحقق آمال من أحسن ظنه به‪.‬‬ ‫{وُي ْؤت ُك َّل ذي َف ْ‬
‫سئل أبو عثمان عن قوله‪َ :‬‬

‫سورة هود (من اآلية ‪ 5‬الى اآلية ‪)5‬‬

‫الص ُد ِ‬
‫ور‬ ‫أَال ِإَّنهم ي ْثنون صدورهم لِيستَ ْخُفوْا ِم ْنه أَال ِحين يستَ ْغ ُشون ِثيابهم يعَلم ما ي ِسُّرون وما يعلِنون ِإَّنه علِيم ِب َذ ِ‬
‫ات ُّ‬ ‫َ َ َُ ْ َْ ُ َ ُ َ َ َ ُْ ُ َ ُ َ ٌ‬ ‫َ َْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ْ َ ُ َ ُ ُ َ ُْ َ ْ‬

‫{ي ْعَل ُم َما ُي ِسُّرو َن َو َما ُي ْعلُِنو َن} [اآلية‪.]5 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال فارس‪ :‬يعلم ما تُسرون من أحوالكم وما تظهرون من أفعالكم وهو عالم بكم قبل أن خلقكم وأبدأكم‪.‬‬

‫قال فارس‪ :‬الحركات على الجوارح والمشاهدة على األسرار‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال بعضهم‪ :‬يعلم ما يسرون من اإلخالص وما يظهرون من العتاب‪.‬‬

‫سورة هود (من اآلية ‪ 6‬الى اآلية ‪)6‬‬

‫َّللاِ ِرْزُقها وي ْعَلم مستََقَّرَها ومس َتوَد َعها ُك ٌّل ِفي ِكتَ ٍ‬
‫اب ُّمِب ٍ‬
‫ين‬ ‫وما ِمن َد َّآب ٍة ِفي األ َْر ِ‬
‫ض ِإالَّ َعَلى َّ‬
‫َُْ ْ َ‬ ‫َ ََ ُ ُ ْ‬ ‫ََ‬

‫َّللاِ ِرْزُق َها َوَي ْعَل ُم ُم ْستََقَّرَها َو ُم ْس َت ْوَد َع َها} [اآلية‪.]6 :‬‬
‫ض ِإالَّ َعَلى َّ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وما ِمن دآب ٍ‬
‫َّة ِفي األ َْر ِ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬

‫جميعا إلى التوكل واالعتماد عليه فأبوا بأجمعهم إال‬


‫ً‬ ‫قيل‪ :‬ق أر يوسف بن الحسين هذه اآلية ثم قال‪ :‬ندب هللا عباده‬
‫االعتماد على عوارى ما ملكوا إال الفقراء المهاجرين ثم جرت تلك البركة فى الفقراء الصادقين إلى من ترسم بهم من‬
‫المتصوفة فأبى الخلق إال االعتماد على األسباب وأبت هذه الطائفة أن تعتمد على غير المسبب وهو من أشد‬
‫المناهج‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬المغبون من لم يثق باهلل فى رزقه بعد أن ضمنه له‪.‬‬

‫وقال بعضهم كفاك ما تحتاج إليه ولم يجعل للخلق فيه سبيالً لتكون له بالكلية‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬يعلم مستقرها من رحم األمهات ومستودعها من الدنيا‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬يعلم مستقرها من الدنيا ومستودعها فى دار الخلود‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقيل‪ :‬يعلم مستقرها ظاهر إسالمه ومستودعها باطن إيمانه‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬يعلم مستقرها من الخلق ومستودعها من الحق‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬مستقرها فى الطاعات ومستودعها فى األحوال‪.‬‬

‫مؤمنا فأنت مستغن عن هذا السؤال وإن‬‫وبلغنى أن رجالً قال ألبي عثمان الحيرى‪ :‬من أين تأكل؟ فقال‪ :‬إن كنت ً‬
‫َّللاِ ِرْزُق َها}‪.‬‬
‫ض ِإالَّ َعَلى َّ‬ ‫كنت جاحدا فال خطاب معك ثم تال‪{ :‬وما ِمن دآب ٍ‬
‫َّة ِفي األ َْر ِ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ً‬

‫سورة هود (من اآلية ‪ 9‬الى اآلية ‪)9‬‬

‫اإل ْنسان ِمَّنا رحم ًة ثُ َّم ن َزعن ِ‬ ‫ِ‬


‫ور‬ ‫اها م ْن ُه ِإَّن ُه َلَيُئ ٌ‬
‫وس َكُف ٌ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫ََْ‬ ‫َوَلئ ْن أَ َذ ْقَنا ِ َ َ‬

‫اها ِم ْن ُه} [اآلية‪.]9 :‬‬ ‫اإل ْنس ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ :‬‬


‫{وَلئ ْن أَ َذ ْقَنا ِ َ َ‬
‫ان مَّنا َر ْح َم ًة ثُ َّم َن َز ْعَن َ‬ ‫َ‬

‫قال أبو سعيد الخراز‪ :‬من أذيق حالوة الذكر وصفاء السر ثم نزع منه ذلك فلم تظهر عليه االهتمام به‪ ،‬والذبول لفقده‬
‫وال يرى من سره مطالبة لما نزع منه من سنى المقامات واألحوال فليحكم لقلبه بالموت ولسره بالعمى عن طريق الهدى‬
‫ان ِمَّنا َر ْح َم ًة} وهو محل القربة ثم نزعناها منه وهو حجاب النعمة‪.‬‬ ‫كذلك قال هللا {وَلِئ ْن أَ َذ ْقَنا ِ‬
‫اإل ْن َس َ‬ ‫َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة هود (من اآلية ‪ 10‬الى اآلية ‪)10‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ات َعني ِإَّن ُه َلَف ِرٌح َف ُخ ٌ‬
‫ور‬ ‫السِيَئ ُ‬
‫آء َم َّس ْت ُه َلَيُقوَل َّن َذ َه َب َّ‬
‫ضَّر َ‬ ‫َوَلئ ْن أَ َذ ْقَناهُ َن ْع َم َ‬
‫آء َب ْع َد َ‬

‫لو رددنا عليه ما قبضناه منه ليقولن ذهب السيئات عنى أمنا من مكرى وطمأنين ًة إلى الدنيا إنه لفرح بغير مفرو ٍح به‬
‫فخور بما ال ُيفتخر به‪.‬‬

‫سورة هود (من اآلية ‪ 15‬الى اآلية ‪)15‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫يها الَ ُي ْب َخ ُسو َن‬
‫يها َو ُه ْم ف َ‬ ‫الد ْنَيا َوِز َين َت َها ُن َوف ِإَل ْي ِه ْم أ ْ‬
‫َع َماَل ُه ْم ف َ‬ ‫ان ُي ِر ُيد اْل َحَي َ‬
‫اة ُّ‬ ‫َمن َك َ‬

‫قال أبو بكر الوراق‪ :‬حياة الدنيا هى ارتكاب األمانى واتباع الشهوات والجوالن فى ميادين اآلمال والغفلة عن َبغتة‬
‫اآلجال وجمع ما فيها من األموال من وجوه الحالل والحرام‪ ،‬وزينة الدنيا هى ما أظهر هللا فيها من األموال ومن وجوه‬
‫طرِة ِمن َّ‬
‫الذ َه ِب‬ ‫النس ِاء واْلبِنين واْلَقن ِ‬
‫اس ح ُّب َّ ِ ِ ِ‬ ‫{زي ِ‬
‫اط ِ‬
‫ير اْل ُمَق ْن َ َ َ‬ ‫الش َه َوات م َن َ َ َ َ َ َ‬ ‫ِن ل َّلن ِ ُ‬
‫أنواع العالئق التى أخبر هللا عنها بقوله‪َ ُ :‬‬
‫ض ِة} [آل عمران‪.]14 :‬‬ ‫َواْلِف َّ‬

‫قال بعضهم‪ :‬إرادة الحياة هى كراهية الموت‪ ،‬وكل مريب خائف‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ان ُي ِر ُيد اْل َحَي َ‬
‫اة ا ُّلد ْنَيا} قال‪ :‬حياة الدنيا هى صحبة أهل الدنيا والميل إليهم واألُنس بهم‪.‬‬ ‫{من َك َ‬
‫قال أبو حفص فى قوله َ‬
‫ومن أحب الدنيا فقد أحب ما أبغض هللا‪ ،‬ومن صحب أهلها فقد مال إليهم‪ ،‬ومن مال إليهم فقد مال عن طريق الحق‪،‬‬
‫الد ْنَيا َل ِع ٌب َوَل ْهٌو}‬
‫{اعَل ُموْا أََّن َما اْل َحَياةُ ُّ‬
‫فإن الحق مبائن للدنيا وأهلها ألنها لهو ولعب‪ .‬اآلية كما أخبر هللا عنها فقال‪ْ :‬‬
‫[الحديد‪.]20 :‬‬

‫سورة هود (من اآلية ‪ 17‬الى اآلية ‪)17‬‬

‫وس ٰى ِإ َماماً َوَر ْح َم ًة أُْوَلـِٰئ َك ُي ْؤ ِمُنو َن ِب ِه َو َمن َي ْكُف ْر ِب ِه ِم َن‬‫ُم َ‬ ‫اب‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫ان َعَل ٰى َبِيَنة من َّربِه َوَي ْتُلوهُ َشاهٌد م ْن ُه َو ِمن َقْبله كتَ ُ‬ ‫أََف َمن َك َ‬
‫َوَلـ ِٰك َّن أَ ْكثَ َر َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ٍ ِ‬ ‫َح َز ِ‬
‫اس الَ ُي ْؤ ِمُنو َن‬ ‫الن ِ‬ ‫الن ُار َم ْو ِع ُدهُ َفالَ تَ ُك في م ْرَية م ْن ُه ِإَّن ُه اْل َح ُّق من َّرب َ‬
‫ِك‬ ‫اب َف َّ‬ ‫األ ْ‬
‫ِ‬
‫ِه وي ْتُلوه َش ِ‬
‫اهٌد ِم ْن ُه} [اآلية‪.]17 :‬‬ ‫ٍِ ِ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬أََف َمن َك َ‬
‫ان َعَل ٰى َبيَنة من َّرب َ َ ُ‬

‫سمعت أبا عثمان المغربى يقول‪ :‬سمعت ابن الكاتب يقول‪ :‬جاء رجل إلى الجنيد رحمة هللا عليه فقال‪ :‬أسألك عن‬
‫وك َذا‪ .‬فقال‬
‫وك َذا والجواب فيه َك َذا َ‬
‫شىء فى ضميرى‪ ،‬فقال‪ :‬سل‪ .‬فقال‪ :‬قد سألت‪ ،‬فقال الجنيد‪ :‬قد سألت عن ك َذا َ‬
‫الرجل‪ :‬ال‪ .‬قال‪َ :‬بلى ولكنك قلبت السؤال إلى كذا وكذا‪ ،‬والجواب فيه كذا وكذا‪.‬‬

‫قال الشيخ أبو عثمان‪ :‬وهذا تفسير قوله‪{ :‬أََفمن َكان عَلى بِين ٍة ِمن َّرب ِ‬
‫ِه} ومن كان على البينة ال يخفى عليه سر‪.‬‬ ‫َ َ ٰ ََ‬ ‫َ‬

‫وقال رويم‪ :‬البينة هى اإلشراف على القلوب والحكم على الغيوب‪.‬‬

‫وقال سهل فى قوله‪{ :‬أََفمن َكان عَلى بِين ٍة ِمن َّرب ِ‬


‫ِه} قال‪ :‬هى التقى والبر‪{ .‬وي ْتُلوه َش ِ‬
‫اهٌد ِم ْن ُه}‪.‬‬ ‫ََ ُ‬ ‫َ َ ٰ ََ‬ ‫َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال‪ :‬هو حالة للعبد وقت ذكر هللا‪.‬‬

‫وقال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬البينة حقيقة يؤيدها ظاهر العلم‪.‬‬

‫وقال النورى أبو الحسين‪ :‬البينات هى التى ال تكشف أواخرها عن عثرة وال غلط‪.‬‬

‫وقفا‬
‫ِه} قال‪ :‬من كان من ربه على بينة كانت جوارحه ً‬ ‫قال أبو بكر بن طاهر فى قوله‪{ :‬أََفمن َكان عَلى بِين ٍة ِمن َّرب ِ‬
‫َ َ ٰ ََ‬ ‫َ‬
‫على الطاعات والموافقات ولسانه ملزوم بالذكر ونشر اآلالء والنعماء‪ ،‬وقلبه منور بأنوار التوفيق وضياء التحقيق‪،‬‬
‫وسره وروحه مشاهد للحق فى جميع األوقات عالم بما يبدو من مكنون الغيوب ومستورها‪ ،‬ورؤيته لألشياء رؤية يقين‬
‫ال شك فيه‪ ،‬وحكمه على الخلق لحكم الحق‪ .‬ال ينطق إال بحق وال يرى إال الحق ألنه مستغرق فى الحق فأنى له‬
‫مرجع إال إلى الحق وال إخبار إال عنه‪.‬‬

‫سورة هود (من اآلية ‪ 18‬الى اآلية ‪)18‬‬

‫ين َك َذُبوْا َعَل ٰى َربِ ِه ْم أَالَ َل ْعَن ُة‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ظَلم ِم َّم ِن ا ْفتَر ٰى عَلى َّ ِ ِ‬
‫َش َه ُاد َهـ ُٰؤالء الذ َ‬ ‫ضو َن َعَل ٰى َربِه ْم َوَيُق ُ‬
‫ول األ ْ‬ ‫َّللا َكذباً أ ُْوَلـٰئ َك ُي ْع َر ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َو َم ْن أَ ْ ُ‬
‫ين‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫َّللا َعَلى الظالم َ‬
‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ظَلم ِم َّم ِن ا ْفتَر ٰى عَلى َّ ِ ِ‬
‫ين َك َذُبوْا َعَل ٰى‬ ‫ضو َن َعَل ٰى َربِه ْم َوَيُق ُ‬
‫ول األَ ْش َه ُاد َهـ ُٰؤالء الذ َ‬ ‫َّللا َكذباً أ ُْوَلـٰئ َك ُي ْع َر ُ‬ ‫َ َ‬ ‫{و َم ْن أَ ْ ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬
‫َربِ ِه ْم} [اآلية‪.]18 :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬المفترى على هللا من اتخذ أحوال السادات بدعواه لنفسه حاالً أو أظهر عن نفسه مشاهدة ما ال يشهده‬
‫أولئك يفضحهم هللا فى الدنيا بكذبهم فيطلع عليهم الذين يشهدون حقائق األشياء هؤالء الذين كذبوا على ربهم أظهروا‬
‫من األحوال ما ليس لهم وتزينوا بالعوارى من لباس لبس السادة فهذه فضيحتهم فى مجالس أهل الحقيقة إلى أن يرجعوا‬
‫إلى الفضيحة فى مشهد الحق‪.‬‬

‫سورة هود (من اآلية ‪ 20‬الى اآلية ‪)20‬‬

‫يعو َن‬ ‫ِ‬


‫اب َما َك ُانوْا َي ْستَط ُ‬
‫ف َل ُه ُم اْل َع َذ ُ‬
‫اع ُ‬
‫ض َ‬‫آء ُي َ‬ ‫ان َل ُه ْم ِمن ُدو ِن َّ ِ ِ ِ‬ ‫ين ِفي األ َْر ِ‬
‫ونوْا ُم ْع ِج ِز َ‬
‫ِ‬
‫َّللا م ْن أ َْولَي َ‬ ‫ض َو َما َك َ‬ ‫أُوَلـٰئ َك َل ْم َي ُك ُ‬
‫ص ُرو َن‬ ‫السمع وما َكانوْا يب ِ‬
‫َّ ْ َ َ َ ُ ُ ْ‬
‫السمع وما َكانوْا يب ِ‬
‫ص ُرو َن} [اآلية‪.]20 :‬‬ ‫ِ‬
‫يعو َن َّ ْ َ َ َ ُ ُ ْ‬
‫{ما َك ُانوْا َي ْستَط ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم كيف يستطيع السمع من لم يفتح مسامعه سماع الحق وكيف يبصر من لم يكتحل بنور التوفيق إذ ال‬
‫سماع إال عن إسماع وال بصر إال عن إبصار‪.‬‬

‫سورة هود (من اآلية ‪ 24‬الى اآلية ‪)24‬‬

‫الس ِمي ِع َه ْل َي ْستَ ِوَي ِ‬


‫ان َم َثالً أََفالَ تَ َذ َّك ُرو َن‬ ‫صِ‬
‫ير َو َّ‬ ‫مَثل اْلَف ِر َيقي ِن َكاألَعمى واألَص ِم واْلب ِ‬
‫َْ ٰ َ َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫الس ِمي ِع} [اآلية‪.]24 :‬‬ ‫صِ‬
‫ير َو َّ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬مَثل اْلَف ِريَقي ِن َكاألَعمى واألَص ِم واْلب ِ‬
‫َْ ٰ َ َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ‬

‫قال أبو سليمان الدارانى‪ :‬األعمى حًقا من عمى فى آخر سفره وقد قارب المنزل فيضيع سعيه فال استدالل ببصر وال‬
‫دليل قائد‪.‬‬

‫وقال بشر‪ :‬األعمى حًقا من عمى عن طريق رشده واألصم حًقا من صم عما أنذر به‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬البصير من عاين ما يراد به وما يجرى له وعليه فى جميع أوقاته والسميع من يسمع ما يخاطب به من‬
‫تقريع وتأديب وحث وندب ال يغفل عن الخطاب فى حال من األحوال‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬السميع من فتح سمعه باستماع ما يعنيه‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬األعمى الذى عمى عن رؤية االعتبار واألصم الذى منع لطائف الخطاب والبصير الناظر إلى األشياء بعين‬
‫شيئا وال يتعجب من شىء‪.‬‬
‫الحق فال ينكر ً‬

‫وقيل‪ :‬السميع من يسمع من الحق فيميز بذلك اإللهام من الوسوسة‪.‬‬

‫وقال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬األعمى الذى عمى عن درك الحقائق‪.‬‬

‫سورة هود (من اآلية ‪ 27‬الى اآلية ‪)27‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ين ُه ْم أ ََرِاذُلَنا َب ِاد َي َّأ‬ ‫َّ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َفَقال اْلمألُ َّال ِذين َكَفروْا ِمن ِقو ِم ِه ما نر َّ‬
‫ْي َو َما َن َر ٰى َل ُك ْم‬
‫الر ِ‬ ‫اك اتََّب َع َك ِإال الذ َ‬
‫اك ِإال َب َش اًر م ْثَلَنا َو َما َن َر َ‬
‫ْ َ ََ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ظُّن ُك ْم َكاذب َ‬
‫ين‬ ‫ضل َب ْل َن ُ‬‫َعَل ْيَنا من َف ْ‬

‫ين ُه ْم أ ََرِاذُلَنا َب ِاد َي َّ ْأ‬


‫الر ِي} [اآلية‪.]27 :‬‬ ‫َّ َّ ِ‬
‫اك اتََّب َع َك ِإال الذ َ‬
‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬ما نر َّ‬
‫اك ِإال َب َش اًر م ْثَلَنا َو َما َن َر َ‬
‫َ ََ َ‬

‫قال أبو الفرج‪ :‬لم يشهد مخالفو األنبياء والرسل منهم إال هياكل البشرية‪ ،‬وعموا عن درك حقائقهم فى ميادين الربوبية‬
‫واختصاصهم بما خصوا به من فناء حظوظهم فيهم وبقاء أشباحهم وهياكلهم رحمة للخلق‪.‬‬

‫وطعما وشرًبا‪ ،‬ولو الحظوا مقامهم من الحق وقربهم منه ألخرستهم مشاهدتهم عن‬
‫ً‬ ‫بشر مثلنا‪ :‬أكال‬
‫فقالوا‪ :‬ما نراك إال ًا‬
‫مثل هذا الخطاب؛ ألنهم فى مشاهد القدس‪.‬‬

‫سورة هود (من اآلية ‪ 29‬الى اآلية ‪)29‬‬

‫ِه ْم َوَلـ ِٰكِني أ ََر ُ‬


‫ين آمُنوْا ِإَّنهم ُّمالَُقوْا َرب ِ‬ ‫َّللاِ ومآ أَن ْا ِب َ ِ َّ ِ‬ ‫وٰيَقو ِم ال أَسأَُل ُكم عَلي ِه ماالً ِإن أَجر َّ‬
‫اك ْم َق ْوماً‬ ‫ُْ‬ ‫ط ِارد الذ َ َ‬ ‫ِي ِإال َعَلى َّ َ َ َ‬
‫ْ ْ َ‬ ‫ْ ْ َْ َ‬ ‫َ ْ‬
‫تَ ْج َهُلو َن‬

‫قوله تعالى‪{ :‬ومآ أَن ْا ِب َ َّ ِ‬


‫آمُنوْا} [اآلية‪.]29 :‬‬ ‫ط ِارِد الذ َ‬
‫ين َ‬ ‫ََ َ‬

‫قال أبو عثمان رحمة هللا عليه فى هذه اآلية‪ :‬ما أنا بمعرض عمن أقبل على هللا‪ ،‬فإن من أقبل على هللا بالحقيقة أقبل‬
‫هللا عليه‪ ،‬ومن أعرض عمن أقبل هللا عليه فقد أعرض عن هللا‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة هود (من اآلية ‪ 34‬الى اآلية ‪)34‬‬

‫ُّك ْم َوإَِل ْي ِه تُ ْرَج ُعو َن‬


‫َّللاُ ُي ِر ُيد أَن ُي ْغ ِوَي ُك ْم ُهَو َرب ُ‬ ‫َنص َح َل ُك ْم ِإن َك َ‬
‫ان َّ‬ ‫ص ِحي ِإ ْن أ ََرْد ُّت أ ْ‬
‫َن أ َ‬ ‫َوالَ َي َنف ُع ُك ْم ُن ْ‬

‫َنص َح َل ُك ْم} [اآلية‪.]34 :‬‬ ‫ص ِحي ِإ ْن أ ََرْد ُّت أ ْ‬


‫َن أ َ‬ ‫{والَ َي َنف ُع ُك ْم ُن ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال حمدون القصا ر‪ :‬النصيحة لمن لم ينصح نفسه قبل سماع النصيحة بدوام االجتهاد ومجانبة االختالف‪.‬‬

‫سورة هود (من اآلية ‪ 37‬الى اآلية ‪)37‬‬

‫ظَل ُموْا ِإَّن ُه ْم ُّم ْغ َرُقو َن‬ ‫ِ ِ ِ َّ ِ‬ ‫واصن ِع اْلُفْلك ِبأ ِ‬


‫َعُينَنا َوَو ْحِيَنا َوالَ تُ َخاط ْبني في الذ َ‬
‫ين َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َْ‬

‫َعُيِنَنا} [اآلية‪.]37 :‬‬


‫اصَن ِع اْلُفْل َك ِبأ ْ‬
‫{و ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال السقطى‪ :‬عن نفسك تدبيرك‪ ،‬واصنع ما أنت صانع من أفعالك على مشاهدتنا دون مشاهدة نفسك ومشاهدة أحد‬
‫من الخلق‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬اصنع الفلك وال تعتمد عليه‪ ،‬فإنك بأعيننا رعاية وكألة‪ ،‬فإن اعتمدت على الفلك ُو ِكلت إليه وسقطت عن‬
‫أعيننا‪.‬‬

‫ظَل ُموْا ِإَّن ُه ْم ُّم ْغ َرُقو َن} [اآلية‪.]37 :‬‬


‫ين َ‬ ‫ِ ِ ِ َّ ِ‬
‫{والَ تُ َخاط ْبني في الذ َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫ٍ‬
‫بشىء من العناية فقد نجوت‪ ،‬وإال فإن الدعاء ال ينفع الغرقى‪.‬‬ ‫قال ذو النون‪ :‬إن كنت قد ابتدأت فى األزل‬

‫سورة هود (من اآلية ‪ 40‬الى اآلية ‪)40‬‬

‫آم َن َو َمآ‬ ‫ِ‬ ‫حتَّى ِإ َذا جآء أَمرنا وَفار التَُّّنور ُقْلنا اح ِمل ِفيها ِمن ُك ٍل َزوجي ِن ا ْثني ِن وأ ِ َّ‬
‫َهَل َك إال َمن َسَب َق َعَل ْيه اْلَق ْو ُل َو َم ْن َ‬
‫ْ َ ْ َْ َ ْ‬ ‫ُ َ ْ ْ َ‬ ‫َ َ ْ َُ َ َ‬ ‫َ ٰ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫آم َن َم َع ُه ِإال َقل ٌ‬
‫يل‬ ‫َ‬

‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إالَّ َمن َسَب َق َعَل ْي ِه اْلَق ْو ُل} [اآلية‪.]40 :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬بالسبق َق ْي ُد العواقب فمن أجرى له فى السبق السعادة كانت عاقبته إلى السعادة‪ ،‬ومن أجرى له فى‬
‫السبق الشقاوة ُخِتم له بالشقاوة‪.‬‬

‫وألسنة األولياء واألنبياء قاصرة عن سؤال مخالفة ما جرى فى األزل؛ ألنه حكم القاهر به وسلطان الجبار به‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة هود (من اآلية ‪ 43‬الى اآلية ‪)43‬‬

‫ان ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫اصم اْليوم ِمن أَم ِر َّ ِ ِ َّ‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ال َب ْيَن ُه َما اْل َم ْو ُج َف َك َ‬
‫َّللا إال َمن َّرح َم َو َح َ‬ ‫ال َس ِآوي إَل ٰى َجَبل َي ْعص ُمني م َن اْل َمآء َق َ‬
‫ال الَ َع َ َ ْ َ ْ ْ‬ ‫َق َ‬
‫ين‬‫اْل ُم ْغ َرِق َ‬

‫َّللاِ ِإالَّ َمن َّرِح َم} [اآلية‪.]43 :‬‬


‫اص َم اْلَي ْوَم ِم ْن أ َْم ِر َّ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬الَ ع ِ‬
‫َ‬

‫إال من دله على االعتصام به‪ ،‬فذلك الذى يعصمه هللا من أمره‪.‬‬

‫سورة هود (من اآلية ‪ 45‬الى اآلية ‪)45‬‬

‫ِِ‬ ‫وَن َادى ُنوح َّربَّه َفَقال ر ِب ِإ َّن ابِني ِم ْن أ ِ‬


‫ين‬
‫َح َك ُم اْل َحاكم َ‬
‫َنت أ ْ‬ ‫َهلي َوِإ َّن َو ْع َد َ‬
‫ك اْل َح ُّق َوأ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ ُ َ َ‬ ‫َ‬

‫َهلِي} [اآلية‪.]45 :‬‬ ‫ِ ِ‬


‫ال َر ِب ِإ َّن ْابني م ْن أ ْ‬
‫َّه َفَق َ‬
‫{وَن َادى ُنوٌح َّرب ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الحسين‪ :‬لم يؤذن ألحد فى االنبساط على بساط الحق بحال؛ ألن بساط الحق عزيز وحواشيه قهر وجبروت‪ ،‬فمن‬
‫َهلِي}‪ .‬قيل له‪ :‬إن ابنك ليس هو من‬ ‫ِ ِ‬
‫انبسط عليه رد عليه كما رد على نوح ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬لما قال‪ِ{ :‬إ َّن ْابني م ْن أ ْ‬
‫أهلك‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة هود (من اآلية ‪ 46‬الى اآلية ‪)46‬‬

‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫صالِ ٍح َفالَ تَ ْسَئْل ِن َما َل ْي َس َل َك ِب ِه ِعْل ٌم ِإِني أ َِع ُ‬


‫ظ َك أَن تَ ُكو َن م َن اْل َجاهل َ‬
‫ين‬ ‫َقال يُٰنو ُح ِإَّن ُه َل ْي َس ِم ْن أ ْ ِ ِ‬
‫َهل َك إَّن ُه َع َم ٌل َغ ْي ُر َ‬ ‫َ‬

‫صالِ ٍح} [اآلية‪.]46 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬قال يُٰنو ُح ِإَّن ُه َل ْي َس ِم ْن أ ْ ِ ِ‬


‫َهل َك إَّن ُه َع َم ٌل َغ ْي ُر َ‬ ‫َ‬

‫قال القاسم‪ :‬األهل على وجهين‪ :‬أهل قرابة‪ ،‬وأهل ملة‪ .‬فنفى هللا عنه أهلية الملة [األهلية والقرابة]‪.‬‬

‫قوله تعالى‪َ { :‬فالَ تَ ْسَئْل ِن َما َل ْي َس َل َك ِب ِه ِعْل ٌم} [اآلية‪.]46 :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬أما علمت أنى قد أمضيت حال الشقاوة والسعادة فى األزل‪ ،‬فال رَّاد لحلمى وقضائى إنى أعظك أن‬
‫تجهل تلك األحكام‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬أما علمت أنى كافيت الخلق قبل الخلق فاالختبار على من منه االختبار محال‪.‬‬

‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إِني أ َِع ُ‬


‫ظ َك أَن تَ ُكو َن م َن اْل َجاهل َ‬
‫ين} [اآلية‪.]46 :‬‬

‫نوحا لما أشرف ابنه على الغرق قال‪ :‬إن ابنى من أهلى‪.‬‬
‫قال بعضهم‪ :‬إن ً‬

‫قال‪ :‬خصصت ولدك بالدعاء دون سائر عبادى‪ ،‬وابنك واحد منهم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫إنى أعظك أن تكون من الجاهلين فى أن تقتضى حقك على الخصوص‪ ،‬وتهمل حقوق عبادى بأجمعهم‪.‬‬

‫سورة هود (من اآلية ‪ 47‬الى اآلية ‪)47‬‬

‫ِ‬ ‫َقال ر ِب ِإِني أَعوُذ ِبك أَن أَسأََلك ما َليس لِي ِب ِه ِعْلم وِإالَّ تَ ْغِفر لِي وتَرحمِني أ ُ ِ‬
‫َكن م َن اْل َخاس ِر َ‬
‫ين‬ ‫َ َْْ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ َ‬ ‫َ ْ ْ َ َ َْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وِإالَّ تَ ْغِفر لِي وتَرحمِني أ ُ ِ‬
‫َكن م َن اْل َخاس ِر َ‬
‫ين} [اآلية‪.]47 :‬‬ ‫َ َْْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬

‫نوحا صلى هللا عليه وسلم وهو من الصفوة وأولى العزم من الرسل نصح‪ ،‬وكدح لربه ألف‬
‫قال أبو سعيد الخراز‪ :‬إن ً‬
‫عاما ثم قال‪ :‬إن ابنى من أهلى فقويت عليه‪ ،‬فأبكاه ذلك سنة حتى قال‪ :‬وإال تغفر لى وترحمنى‪،‬‬
‫سنة إال خمسين ً‬
‫وكان دهره يطلب المغفرة من هذه الكلمة ونسى ما كدح وعنا واجتهد‪.‬‬

‫سورة هود (من اآلية ‪ 49‬الى اآلية ‪)49‬‬

‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫اصِب ْر ِإ َّن اْل َعاقَب َة لْل ُمتَّق َ‬
‫ين‬ ‫َنت َوالَ َق ْو ُم َك من َقْبل َهـٰ َذا َف ْ‬ ‫يهآ ِإَل ْي َك َما ُك َ‬
‫نت َت ْعَل ُم َهآ أ َ‬ ‫تْل َك م ْن أ َْنَبآء اْل َغ ْيب ُنوح َ‬

‫يهآ ِإَل ْي َك} [اآلية‪.]49 :‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫قوله تعالى‪{ :‬تْل َك م ْن أ َْنَبآء اْل َغ ْيب ُنوح َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬كشف هللا لكل نبى طرًفا من الغيب وكشف لنبينا محمد صلى هللا عليه وسلم أنباء الغيب‪،‬‬
‫وهو الغاية من الكشف وكان مكشوًفا له من الغيب ما ال يجوز أن يكون مكشوًفا ٍ‬
‫ألحد من المخلوقين؛ وذلك لعظيم‬
‫أمانته وجاللة َق ْد ِِره‪ ،‬إذ األسرار ال تكشف إال لألمناء‪ ،‬فمن كان أعظم أمانة كان أعظم ً‬
‫كشفا‪.‬‬

‫ِ ِ ِ‬
‫اصِب ْر ِإ َّن اْل َعاقَب َة لْل ُمتَّق َ‬
‫ين} [اآلية‪.]49 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ف ْ‬

‫ِ ِ ِ‬
‫اصِب ْر ِإ َّن اْل َعاقَب َة لْل ُمتَّق َ‬
‫ين} [اآلية‪.]49 :‬‬ ‫قال النصرآباذى‪ :‬نجاة العاقبة لمن وسم التقوى وحلى به‪ ،‬قال تعالى‪َ { :‬ف ْ‬

‫سورة هود (من اآلية ‪ 55‬الى اآلية ‪)56‬‬

‫اصَيِت َهآ ِإ َّن َربِي‬


‫آخ ٌذ ِبن ِ‬ ‫ٍ َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّللاِ َربِي َوَرب ُ‬ ‫ِمن دوِن ِه َف ِكيدوِني ج ِميعاً ثُ َّم الَ تُ ِ‬
‫نظ ُرو ِن * ِإِني تََوَّكْل ُت َعَلى َّ‬
‫ِك ْم َّما من َدآبَّة ِإال ُهَو ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َعَل ٰى ص َراط ُّم ْستَِقي ٍم‬

‫َّللاِ َربِي َوَرب ُ‬


‫ِك ْم} [اآلية‪.]56 ،55 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ف ِكيدوِني ج ِميعاً ثُ َّم الَ تُ ِ‬
‫نظ ُرو ِن * ِإِني تََوَّكْل ُت َعَلى َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫قال الواسطى‪ :‬غلب على هود عليه السالم فى ذلك الوقت الحال والوصلة والقربة فما تأكد بشىء وال أحس به إذ هو‬
‫فى محل الحضور ومجلس القربة‪.‬‬

‫آوي ِإَل ٰى ُرْك ٍن َش ِد ٍيد} [اآلية‪ ،]80 :‬كان‬


‫َن لِي ِب ُكم ُقَّوًة أ َْو ِ‬
‫ْ‬ ‫وقال فى قصة لوط صلى هللا عليه وسلم حين قال‪َ{ :‬ل ْو أ َّ‬
‫طبعيا شاهد فى ذلك حاله‪ ،‬ووقته واشتغاله بهم‪.‬‬‫ً‬ ‫نطقه نطًقا‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال فى هود‪َ { :‬ف ِكيدوِني ج ِميعاً ثُ َّم الَ تُ ِ‬
‫نظ ُرو ِن} [اآلية‪.]55 :‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫نطق عن مشاهدة ال يرى سواه‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬أى كيدونى بالحق من هو فى قبضة الحق وسرادق العز‪ ،‬وجالبيب الهيبة والكيد ال تلحق إال من هو‬
‫أسير فى طريق المخالفة‪.‬‬

‫اصَيِت َهآ} [اآلية‪.]56 :‬‬


‫آخ ٌذ ِبن ِ‬ ‫ٍ َّ‬ ‫قوله تعالى‪ِ َّ :‬‬
‫{ما من َدآبَّة ِإال ُه َو ِ َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬كيف يكون ذلك محل وأنت بغيرك قيامك‪ ،‬ويقال لذلك قال‪ :‬من قال أنا فقد نازع القبضة‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬فيه ذكر إبطال الدعاوى‪ ،‬فإن من َّادعى حارب القدرة ونازع القبضة‪.‬‬

‫سورة هود (من اآلية ‪ 69‬الى اآلية ‪)69‬‬

‫آء ِب ِع ْج ٍل َحِن ٍيذ‬ ‫ِ‬ ‫اه ِ‬


‫يم باْلُب ْـش َر ٰى َقاُلوْا َسالَماً َق َ‬
‫ال َسالَ ٌم َف َما َلب َث أَن َج َ‬
‫ِ ِ‬
‫آء ْت ُرُسُلَنآ إ ْب َر َ‬
‫َوَلَق ْد َج َ‬

‫يم ِباْلُب ْـش َر ٰى} [اآلية‪.]69 :‬‬ ‫ِ ِ‬


‫آء ْت ُرُسُلَنآ إ ْب َراه َ‬
‫{وَلَق ْد َج َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬بشروا إبراهيم َّ‬


‫بأن نسب الخلة ثابتة وأنها ال تنقطع‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬بشروه بإخراج محمد صلى هللا عليه وسلم من صلبه‪ ،‬وأنه خاتم األنبياء وصاحب لواء الحمد‪.‬‬

‫خصوصا إذا أدى من الخليل‬


‫ً‬ ‫قال بعضهم‪ :‬رسول الخليل إذا ورد فهو بشارة‪ ،‬فإذا َّأدى الرسالة فقد تم به البشرى‪،‬‬
‫سالما من الخليل‪ ،‬فقال‪ :‬سالم من الخليل‪ ،‬تَ َّم به المراد‪.‬‬
‫ً‬ ‫سالما أال تراه كيف ذكر‪ :‬قالوا‬
‫ً‬

‫ال َسالٌَم} [اآلية‪.]69 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬قاُلوْا َسالَماً َق َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬سالم لك رتبة الخلة من الزلل‪.‬‬

‫{قاَ َل َسالَ ٌم}‪ :‬أى هذه السالمة التى توجب لى السالم من السالم‪.‬‬

‫قال الترمذى‪ :‬كانت المالئكة قصدوا هالك قوم لوط فلما رآهم الخليل صلى هللا عليه وسلم فزع منهم‪ ،‬فزادوا ذلك فيه‪،‬‬
‫سالما‪ ،‬أى قد سلمت أنت وأهلك وقصدنا لهالك األمة العاصية‪ ،‬فأنت ومن معك َّ‬
‫منا فى سالمة وسالم‪ ،‬فقال‬ ‫فقالوا‪:‬‬
‫ً‬
‫أمننى وأهلى من الهالك‪.‬‬
‫سالم ‪ -‬الحمد هلل الذى َّ‬

‫آء ِب ِع ْج ٍل َحِن ٍيذ} [اآلية‪.]69 :‬‬ ‫ِ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬ف َما َلب َث أَن َج َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬من آداب الفتوة إذا ورد الضيف أن ُيبدأ أوالً بإكرامه فى اإلنزال ثم يثنيه بالطعام ثم بالكالم أال ترى‬
‫الخليل عليه السالم كيف بدأ بالطعام بعد السالم‪ ،‬فقال‪ :‬فما لبث أن جاء بعجل حنيذ‪ ،‬وهو تعجيل ما حضر والتكلف‬
‫بعد ذلك لمن أحب‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة هود (من اآلية ‪ 70‬الى اآلية ‪)70‬‬

‫صل ِإَلي ِه ن ِكرهم وأَوجس ِمنهم ِخ َيف ًة َقاُلوْا الَ تَخف ِإَّنا أُرِسْلنا ِإَلى َقو ِم ُل ٍ‬
‫وط‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ َ ٰ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َفَل َّما َأرَى أ َْيدَي ُه ْم الَ تَ ُ ْ َ َ ُ ْ َ ْ َ َ ْ ُ ْ‬

‫ص ُل ِإَل ْي ِه َن ِك َرُه ْم} [اآلية‪.]70 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ{ :‬فَل َّما أرَى أَي ِديهم الَ تَ ِ‬
‫َ ْ َُ ْ‬

‫سمعت غير واحد من أصحابنا يحكون عن البوشنجى أنه قال‪ :‬من دخل هذه الدويرة ولم يبسط معنا فى كسرٍة أو فيما‬
‫حضر فقد جفانى غاية الجفاء‪.‬‬

‫سمعت أبا بكر بن إبراهيم يقول‪ :‬سمعت أبا جعفر بن عبدوس يقول‪ :‬من أشبع من طعام العقد أو الفتيان فقد أظهر‬
‫كبره‪.‬‬

‫وقيل فة قوله‪ :‬نكرهم‪ :‬نكر أخالقهم‪ ،‬مما تبين فيهم من الخير‪.‬‬

‫سورة هود (من اآلية ‪ 73‬الى اآلية ‪)73‬‬

‫َه َل اْلَب ْي ِت ِإَّن ُه َح ِم ٌيد َّم ِج ٌيد‬ ‫َّللاِ رحمت َّ ِ‬ ‫َقاُلوْا أَتَعجِب ِ‬
‫َّللا َوَب َرَكاتُ ُه َعَل ْي ُك ْم أ ْ‬ ‫ين م ْن أ َْم ِر َّ َ ْ َ ُ‬
‫َْ َ‬

‫َه َل اْلَب ْي ِت} [اآلية‪.]73 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬رحم ُة َّ ِ‬


‫َّللا َوَب َرَكاتُ ُه َعَل ْي ُك ْم أ ْ‬ ‫ََْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬بركات أهل البيت من دعوات الخليل‪ ،‬ودعوات المالئكة وأمر النبى صلى هللا عليه وسلم بالدعاء له فى‬
‫الصالة فى قوله‪ :‬كما باركت على إبراهيم‪ ،‬فبارك علينا‪ ،‬فأنا من أهل بيته وأوالده‪.‬‬

‫سورة هود (من اآلية ‪ 74‬الى اآلية ‪)74‬‬

‫الروع وجآء ْته اْلب ْشر ٰى يج ِادُلنا ِفي َقو ِم ُل ٍ‬


‫وط‬ ‫ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫يم َّ ْ ُ َ َ َ ُ ُ َ ُ َ َ‬ ‫َفَل َّما َذ َه َب َع ْن إ ْب َراه َ‬

‫آء ْت ُه اْلُب ْش َر ٰى} [اآلية‪.]74 :‬‬ ‫ِ ِ‬


‫الرْوعُ َو َج َ‬
‫يم َّ‬
‫قوله تعالى‪َ{ :‬فَل َّما َذ َه َب َع ْن إ ْب َراه َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬ذهب عنه روع ما يجده فى نفسه من تنزههم عن طعامه‪ ،‬وعلم أنهم المالئكة‪ ،‬وجاءته البشرى بالسالم‬
‫لما فرغ من قضاء حق الضيف ولقى البشرى رجع إلى حد الشفقة على الخلق والمجادلة عنهم‪ ،‬يجادلنا فى قوم‬
‫من هللا َّ‬
‫لوط‪ :‬الرحمة التى جبله هللا عليها‪.‬‬

‫سورة هود (من اآلية ‪ 80‬الى اآلية ‪)80‬‬

‫آوي ِإَل ٰى ُرْك ٍن َش ِد ٍيد‬


‫َن لِي ِب ُكم ُقَّوًة أ َْو ِ‬
‫ْ‬ ‫ال َل ْو أ َّ‬
‫َق َ‬

‫َن لِي ِب ُك ْم ُقَّوًة‪[ }...‬اآلية‪.]80 :‬‬


‫ال َل ْو أ َّ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ق َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫آوي ِإَل ٰى‬
‫من نفسى لمنعتكم عن معصية ربى‪ ،‬ولكن ألتجئ إلى من يقدر على منعكم منه وصرفكم عنه وهو الحق {أ َْو ِ‬
‫ُرْك ٍن َش ِد ٍيد} [اآلية‪.]80 :‬‬

‫قيل‪ :‬آوى إلى حصن حصين‪ ،‬وأمنع حرز‪ ،‬وهو القادر على ذلك كله‪.‬‬

‫سمعت محمد بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا العباس بن عطاء يقول فى هذه اآلية قال‪ :‬لو َّ‬
‫أن لى بكم قوة لو أن‬
‫بيدى ألوصلتها إليكم‪.‬‬
‫المعرفة َّ‬

‫قال بعضهم‪ :‬لو أن لى جرأة على الدعاء لدعوت عليكم‪ ،‬أو آوى إلى ركن شديد‪ :‬من علم الغيب بما أنتم صائرون‬
‫إليه من سعادة أو شقاوة‪.‬‬

‫بيدى‪ ،‬وكنت أقوى على هدايتكم لعملت فيها وأصل إلى المعدن‬
‫وحكى الشبلى أنه قال فى هذه اآلية‪ :‬لو أن النجاة َّ‬
‫الذى تنفصل منه المعرفة ألوصلتكم إليه‪.‬‬

‫َن لِي ِب ُكم ُقَّوة} وقول هود‪َ{ :‬ف ِكيدوِني ج ِميعاً ثُ َّم الَ تُ ِ‬
‫نظ ُرو ِن}‪.‬‬ ‫قال الواسطى فى قوم لوط صلى هللا عليه وسلم‪َ{ :‬ل ْو أ َّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ً‬

‫طبع‪ ،‬وهود عليه السالم نطق عن مشاهدة‪ ،‬ال يرى غيره‪ ،‬ومن عتقته الموارد عن أماكنها هو‬
‫قال‪ :‬لوط نطق نطق ٍ‬
‫أدفع ممن أعتقته الشواهد واألعراض‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة هود (من اآلية ‪ 79‬الى اآلية ‪)79‬‬

‫َقاُلوْا َلَق ْد َعلِ ْم َت َما َلَنا ِفي َبَن ِات َك ِم ْن َح ٍق َوإَِّن َك َلتَ ْعَل ُم َما ُن ِر ُيد‬

‫{وإَِّن َك َلتَ ْعَل ُم َما ُن ِر ُيد} [اآلية‪.]79 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬سمعت السرى رحمة هللا عليه يقول‪ :‬رأيت رب العزة فى المنام‪ ،‬فقال يا سرُّى خلقت الخلق‪،‬‬
‫وخلقت الدنيا‪ ،‬فذهب مع الدنيا تسعة أعشار الخلق‪ ،‬وبقى معى العشر‪ ،‬ثم خلقت الجنة‪ ،‬فذهب مع الجنة تسعة أعشار‬
‫ما بقى‪ ،‬وبقى معى منهم العشر‪ ،‬ثم سلطت عليهم البالء ففر من البالء تسعة أعشار ما بقى‪ ،‬وبقى عشر العشر‪،‬‬
‫فقلت‪ :‬ماذا تريدون ال الدنيا أردتم‪ ،‬وال الجنة طلبتم‪ ،‬وال من البالء فررتم‪ ،‬فأجابونى‪ .‬فقالوا‪ :‬إنك تعلم ما نريد‪ .‬قال‪:‬‬
‫فإنى أنزل عليكم من البالء ما ال يطيق له الرواسى‪ .‬فقالوا‪ :‬ألست أنت الفاعل بنا فقد رضينا‪.‬‬

‫سورة هود (من اآلية ‪ 81‬الى اآلية ‪)81‬‬

‫نكم أَحٌد ِإالَّ ام أرَتَك ِإَّنه م ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َهلِ َك ِبِق ْ ِ َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫ص ُيب َها َمآ‬ ‫َْ َ ُ ُ‬ ‫ط ٍع م َن اْللْيل َوالَ َيْلتَف ْت م ُ ْ َ‬ ‫َس ِر ِبأ ْ‬ ‫ط ِإَّنا ُرُس ُل َرب َ‬
‫ِك َلن َيصلُوْا إَل ْي َك َفأ ْ‬ ‫َقاُلوْا ٰيُلو ُ‬
‫الص ْبح ِبَق ِر ٍ‬ ‫َص َاب ُه ْم ِإ َّن َم ْو ِع َد ُه ُم ُّ‬
‫يب‬ ‫الص ْب ُح أََل ْي َس ُّ ُ‬ ‫أَ‬
‫الص ْبح ِبَق ِر ٍ‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن َم ْو ِع َد ُه ُم ُّ‬
‫يب} [اآلية‪.]81 :‬‬ ‫الص ْب ُح أََل ْي َس ُّ ُ‬

‫لذلك حكى عن السرى رحمة هللا عليه أنه قال‪ :‬قلوب األبرار ال تعتمل االنتظار‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬انتظار ما هو كائن قريب خصوصاً إذا كان ذلك من خير صدق وموعد حق‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة هود (من اآلية ‪ 82‬الى اآلية ‪)82‬‬

‫ضوٍد‬ ‫طرَنا َعَليها ِحجارًة ِمن ِس ِج ٍ‬


‫يل َّم ْن ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َْ َ َ‬ ‫آء أ َْم ُرَنا َج َعْلَنا َعالَي َها َسافَل َها َوأ َْم َ ْ‬
‫َفَل َّما َج َ‬

‫آء أ َْم ُرَنا َج َعْلَنا َعالَِي َها َس ِافَل َها} [اآلية‪.]82 :‬‬
‫قوله تعالى‪َ{ :‬فَل َّما َج َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬ما أدركتم الحكم السابق الجارى فى األزل عليهم قلبنا بهم أرضهم‪ ،‬كما حكمنا عليهم بتقليب قلوبهم‬
‫وصرفهم عن طريق الحق‪ ،‬وسبيل الرشاد‪.‬‬

‫سورة هود (من اآلية ‪ 83‬الى اآلية ‪)83‬‬

‫ين ِبَب ِع ٍيد‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫ِك َو َما ه َي م َن الظالم َ‬
‫ِ‬
‫ُّم َسَّو َم ًة ع َند َرب َ‬

‫ين ِبَب ِع ٍيد} [اآلية‪.]83 :‬‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫{و َما ه َي م َن الظالم َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال محمد بن الفضل‪ :‬ما أصاب قوم لوط ما أصابهم إال بالتهاون باألمر‪ ،‬وقلة المباالة‪ ،‬وارتكاب المحارم بالتأويالت‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ين ِبَب ِع ٍيد} أى ما العذاب ممن عمل ما عملوا من تخطى الشرِع‪ ،‬والتهاون باألمر‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫{و َما ه َي م َن الظالم َ‬
‫قال هللا تعالى‪َ :‬‬
‫مطيعا‬
‫ً‬ ‫وارتكاب المناهى بالتأويالت ببعيد‪ ،‬والظالم من وضع ما أمر به غير موضعه‪ ،‬إذ ليس كل مترسم بالطاعة‬
‫حتى يحفظ أوقات الطاعة باتباع األمر ممن فرط فى ذلك‪ ،‬أو تخطى أوقات األوامر صار فى درجة العصاة التى قال‬
‫ين ِبَب ِع ٍيد}‪.‬‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫{و َما ه َي م َن الظالم َ‬
‫هللا‪َ :‬‬

‫سورة هود (من اآلية ‪ 84‬الى اآلية ‪)84‬‬

‫اك ْم ِب َخ ْي ٍر َوإِِني‬ ‫ِ ِ ٍ‬
‫ان ِإِني أ ََر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صوْا اْلم ْكَيا َل َواْلم َيز َ‬
‫َّللاَ َما َل ُك ْم م ْن إَلـٰه َغ ْي ُرهُ َوالَ تَنُق ُ‬
‫اعُب ُدوْا َّ‬
‫ال ٰيَق ْو ِم ْ‬
‫اه ْم ُش َع ْيباً َق َ‬
‫َخ ُ‬
‫َوإَِل ٰى َم ْدَي َن أ َ‬
‫أَخاف عَلي ُكم ع َذاب يو ٍم ُّم ِح ٍ‬
‫يط‬ ‫َ ُ َ ْ ْ َ َ َْ‬
‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إِني أ ََر ُ‬
‫اف َعَل ْي ُك ْم} [اآلية‪.]84 :‬‬ ‫اك ْم ِب َخ ْي ٍر َوإِني أ َ‬
‫َخ ُ‬

‫قال بعضهم‪ :‬أقرب حال إلى االستدراج األمن والدعة‪ ،‬وتواتر النعم عليك وترادف الخيرات عندك‪ ،‬أال ترى هللا يقول‬
‫ِ‬ ‫حاكيا عن بعض أنبيائه ألمته‪ِ{ :‬إِني أ ََر ُ‬
‫اف َعَل ْي ُك ْم}‪.‬‬ ‫اك ْم ِب َخ ْي ٍر َوإِني أ َ‬
‫َخ ُ‬ ‫ً‬

‫ٍ‬
‫بنعمة من هللا‪ ،‬وإنى أخاف عليكم تقصيركم فى شكر النعمة‪.‬‬ ‫قال بعضهم‪ :‬إنى أراكم بخير أى‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة هود (من اآلية ‪ 86‬الى اآلية ‪)86‬‬

‫َّللاِ خير َّل ُكم ِإن ُكنتُم ُّمؤ ِمِنين ومآ أَن ْا عَلي ُكم ِبحِف ٍ‬
‫يظ‬ ‫ِ‬
‫ْ َ ََ َ َ ْ ْ َ‬ ‫َّت َّ َ ْ ٌ ْ‬ ‫َبقي ُ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬بِقَّي ُة َّ ِ‬
‫َّللا َخ ْيٌر ل ُك ْم ِإن ُكنتُم ُّم ْؤ ِمن َ‬
‫ين} [اآلية‪.]86 :‬‬ ‫َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬ما ادخره هللا لكم من كراماته خير مما تسألونه فيه‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬فضله القديم عليكم مما تستجلبونه بأعمالكم إن كنتم مؤمنين‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬مؤمنين‪ :‬موقنين أن اختيار الحق للعبد خير من اختياره لنفسه‪.‬‬

‫سورة هود (من اآلية ‪ 88‬الى اآلية ‪)88‬‬

‫اكم ع ْنه ِإن أ ُِريد ِإالَّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ ِ‬


‫ُخالَِف ُك ْم ِإَل ٰى َمآ أ َْن َه ُ ْ َ ُ ْ ُ‬ ‫نت َعَل ٰى َبِيَنة من َّربِي َوَرَزَقني م ْن ُه ِرْزقاً َح َسناً َو َمآ أ ُِر ُيد أ ْ‬
‫َن أ َ‬ ‫َرَْيتُ ْم ِإن ُك ُ‬
‫ال ٰيَق ْو ِم أ َأ‬
‫َق َ‬
‫يب‬ ‫ِ ِ‬ ‫ط ْع ُت وما َتوِف ِيقي ِإالَّ ِب َّ ِ ِ َّ‬ ‫ِ‬
‫اَّلل َعَل ْيه تََوكْل ُت َوإَِل ْيه أُن ُ‬ ‫ََ ْ‬ ‫استَ َ‬
‫صالَ َح َما ْ‬ ‫اإل ْ‬

‫ُخالَِف ُك ْم ِإَل ٰى َمآ أ َْن َه ُ‬


‫اك ْم َع ْن ُه} [اآلية‪.]88 :‬‬ ‫{و َمآ أ ُِر ُيد أ ْ‬
‫َن أ َ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫ظا بلسانه دون عمله‪ ،‬وليس بحكيم من لم تكن أفعاله أفعال الحكماء‪ ،‬وإنما‬
‫قال أبو عثمان‪ :‬ليس بواعظ من كان واع ً‬
‫حكيما فى جميع أحواله‪ ،‬وإال فإنه يقال‪ :‬ناطق بالحكمة‪.‬‬
‫ً‬ ‫حكيما فى فعله‪،‬‬
‫ً‬ ‫حكيما فى نطقه‪،‬‬
‫ً‬ ‫الحكيم من يكون‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقيل‪ :‬إن هللا عز وجل أوحى إلى عيسى صلى هللا عليه وسلم يا عيسى عظ نفسك‪ ،‬فإن اتعظت‪ ،‬وإال فاستحى منى‪.‬‬

‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ط ْع ُت} [اآلية‪.]88 :‬‬
‫استَ َ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬إ ْن أ ُِر ُيد إال اإل ْ‬
‫صالَ َح َما ْ‬

‫قيل فيه‪ :‬مرادى صالحكم إن ساعدكم التوفيق‪ ،‬وال أستطيع أنا ذلك لكم إال بمعونة من هللا لى عليه‪.‬‬

‫اَّللِ} [اآلية‪.]88 :‬‬


‫{و َما تَ ْوِف ِيقي ِإالَّ ِب َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال النهرجورى‪ :‬التوفيق حسن عناية سيق إلى العبد ليس فيه سبب وال منة إليه طلب‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬التوفيق هو الدليل الذى يدل على سبيل الحق‪ ،‬ويبعد عن نهج الباطل‪ ،‬وسلوكه‪ ،‬وهو أن يوصل إلى‬
‫العبد ما جرى له فيه من العناية فى األزل‪.‬‬

‫يب} [اآلية‪.]88 :‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫قوله تعالى‪َّ ِ َ :‬‬


‫{عَل ْيه تََوكْل ُت َوإَِل ْيه أُن ُ‬

‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬التوكل أن ال يظهر فيك انزعاج إلى األسباب مع شدة الفاقة‪ ،‬وال نزول عن حقيقة الشكور‬
‫إلى الحق‪ .‬مع وقوفك عليها‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬التوكل‪ :‬ترك رؤية التوكل وإسقاط رؤية الوسائط‪ ،‬والتعلق بأعلى الوثائق‪.‬‬

‫قال إبراهيم بن أدهم رحمه هللا‪ :‬التوكل‪ :‬أن تستوى عندك أفخاذ السباع‪ ،‬والمتكأ على الجشايا‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وعلى‪ ،‬وأن ال أعتمد سواه‪.‬‬ ‫يب}‪ :‬قال إليه أرجع عن جميع ما لى‬ ‫ِ ِ‬
‫َّ‬ ‫{وِإَل ْيه أُن ُ‬
‫قال ابن عطاء فى قوله‪َ :‬‬

‫مستهلكا فى‬
‫ً‬ ‫قال بعضهم‪ :‬اإلنابة‪ :‬هى الرجوع عن جميع ما له‪ ،‬ثم إذا صح له هذا يكون مرجعه منه إليه‪ ،‬فبقى‬
‫مشاهدة المرجوع‪ ،‬فال يكون له رجوع وال ثبوت‪.‬‬

‫سورة هود (من اآلية ‪ 90‬الى اآلية ‪)90‬‬

‫ِ‬ ‫َّكم ثُ َّم تُ ُ ِ ِ ِ‬ ‫و ِ‬


‫ود‬ ‫وبوْا إَل ْيه إ َّن َربِي َرح ٌ‬
‫يم َوُد ٌ‬ ‫استَ ْغف ُروْا َرب ُ ْ‬
‫َ ْ‬

‫كاذبا فى استغفاره‪ ،‬ومن لم يكن ميراث توبته‬


‫قال محمد بن الفضل‪ :‬من لم يكن ميراث استغفاره تصحيح توبته‪ ،‬كان ً‬
‫تصحيح محبته‪ ،‬كان‪...‬‬

‫قال الشبلى‪ :‬ما من حرف من الحروف إال وهو يسبح هللا تعالى بلسان‪ ،‬ويذكره بلغة لكل لسان منها حروف‪ ،‬ولكل‬
‫حرف لسان‪ ،‬وهو سر هللا تعالى فى خلقه الذى تقع زوائد الفهوم وزيادات األذكار‪.‬‬

‫لما خلق األحرف‪ ،‬دعاها إلى الطاعة‪ ،‬فأجابت على حسبما جالها الخطاب‪،‬‬
‫قال حارث المحاسبى‪ :‬إن هللا تعالى َّ‬
‫وألبسها‪ ،‬وكانت الحروف كلها على صورة األلف‪ .‬إال أن األلف بقيت على صورتها وجليتها التى ما ابتدئت‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة هود (من اآلية ‪ 23‬الى اآلية ‪)23‬‬

‫يها َخالِ ُدو َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات وأ ْ ِ‬ ‫ِإ َّن َّال ِذين آمنوْا وع ِمُلوْا َّ ِ ِ‬
‫الجَّنة ُه ْم ف َ‬
‫اب َ‬ ‫َخَبتُوْا إَل ٰى َربِه ْم أ ُْوَلـٰئ َك أ ْ‬
‫َص َح ُ‬ ‫الصال َح َ‬ ‫َ َُ َ َ‬

‫َخَبتُوْا ِإَل ٰى َربِ ِه ْم} [اآلية‪.]23 :‬‬ ‫الصالِح ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬


‫ات َوأ ْ‬ ‫آمُنوْا َو َعمُلوْا َّ َ‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن الذ َ‬
‫ين َ‬

‫قال شاه‪ :‬عالمات اإلخبات ثالث‪:‬‬

‫غم اإلياس مع التوبة لكره العود إلى الذنوب‪.‬‬

‫وخوف االستدراج فى إسبال الستر‪.‬‬

‫حذر وإشفاًقا من العدل‪.‬‬ ‫وتوقيع العقوبة فى كل ٍ‬


‫وقت ًا‬

‫حذر وإشفاًقا من العدل‪.‬‬


‫ًا‬

‫سورة الرعد (من اآلية ‪ 2‬الى اآلية ‪)2‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َج ٍل ُّم َس ًّمـى ُي َدِب ُر‬ ‫ش وس َّخ َر َّ‬‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َّللا َّال ِذي َرَفع َّ ِ ِ‬
‫الش ْم َس َواْلَق َم َر ُك ٌّل َي ْجرِي أل َ‬ ‫الس َٰم َٰوت ب َغ ْي ِر َع َمد تَ َرْوَن َها ثُ َّم ْ‬
‫استََو ٰى َعَلى اْل َع ْر َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ‬
‫ِك ْم تُوِقُنو َن‬ ‫صل اآلي ِ‬
‫ات َل َعَّل ُك ْم ِبلَِق ِآء َرب ُ‬ ‫ِ‬
‫األ َْم َر ُيَف ُ َ‬
‫صل اآلي ِ‬
‫ات َل َعَّل ُك ْم ِبلَِق ِآء َرب ُ‬ ‫ِ‬
‫ِك ْم تُوِقُنو َن} [اآلية‪.]2 :‬‬ ‫{ي َدِب ُر األ َْم َر ُيَف ُ َ‬
‫قوله عز وجل‪ُ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬يدبر األمور بالقضاء السابق‪ ،‬ويفصل اآليات باألحكام الظاهرة لعلكم تتيقنون إن الذى يجرى عليكم‬
‫هذه األحوال ال بد لكم من الرجوع إليه‪.‬‬

‫سورة الرعد (من اآلية ‪ 3‬الى اآلية ‪)3‬‬

‫يل الَّن َه َار ِإ َّن ِفي‬ ‫ِ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫يها َرَواس َى َوأ َْن َها اًر َو ِمن ُكل الث َم َرات َج َع َل ف َ‬
‫يها َزْو َج ْي ِن ا ْثَن ْي ِن ُي ْغشى ال َ‬ ‫ض َو َج َع َل ف َ‬ ‫َو ُه َو الذي َمَّد األ َْر َ‬
‫ٰذلِك آلي ٍ‬
‫ات لَِق ْو ٍم َيتََف َّك ُرو َن‬ ‫َ َ‬

‫يها َرَو ِاسي} [اآلية‪.]3 :‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬


‫َ‬ ‫{و ُه َو الذي َمَّد األ َْر َ‬
‫ض َو َج َع َل ف َ‬ ‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫أوتادا من أوليائه‪ ،‬وسادة من عبيده‪ ،‬فإليهم الملجأ‪َ ،‬وبِهم الغياث فمن‬


‫قال بعضهم‪ :‬هو الذى بسط األرض وجعل فيها ً‬
‫ضرب فى األرض يقصدهم فاز ونجا‪ ،‬ومن كان سعيه لغيرهم خاب وخسر‪.‬‬

‫سمعت على بن سعيد يقول‪ :‬سمعت أبا محمد الجريرى يقول‪ :‬كان فى جوار الجنيد إنسان مصاب فى حربة‪ ،‬فلما‬
‫عاليا‪ ،‬واستقبل بوجهه‪ ،‬وقال‪ :‬يا أبا محمد َّأنى‬
‫موضعا ً‬
‫ً‬ ‫فلما رجعنا تقدم خطوات‪ ،‬وعال‬
‫مات الجنيد‪ ،‬وحملنا جنازته‪َّ ،‬‬
‫أرجع إلى تلك الحربة وقد فقدت ذلك السيد‪ ،‬ثم أنشأ يقول‪ :‬وا أسفى من فراق قوم هم المصابيح والحصون والمدن‬
‫والمزن والرواسى والخير واألمن والسكون لم تتغير لنا الليالى حتى توفتهم المنون فكل جفن لنا قلوب وكل ماء لنا‬
‫عيون‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قوله عز وجل‪ِ{ :‬إ َّن ِفي ٰذلِك آلي ٍ‬
‫ات لَِق ْو ٍم َيتََف َّك ُرو َن} [اآلية‪.]3 :‬‬ ‫َ َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬الفكرة تصفية القلوب لموارد الفوائد‪.‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬الفكرة استرواح القلب من وساوس التدبير‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬التبصرة لمن تفكر فى ابتداء الخلق‪ ،‬وانتهائهم‪ ،‬ومصير كلهم إلى الفناء‪ ،‬ودوام البقاء لألحد الصمد‪.‬‬

‫سورة الرعد (من اآلية ‪ 4‬الى اآلية ‪)4‬‬

‫ِ‬ ‫ٍ ٍِ‬ ‫ص ْنوان و َغير ِ‬


‫اب وَزرعٌ ون ِخ ِ‬ ‫ات وجَّن ٌ ِ‬ ‫ض ِق َ‬
‫ان ُي ْسَق ٰى ِب َمآء َواحد َوُنَفض ُل َب ْع َ‬
‫ض َها‬ ‫ص ْنَو ٍ‬ ‫يل َ ٌ َ ْ ُ‬ ‫َعَن ٍ َ ْ َ َ ٌ‬ ‫ات م ْن أ ْ‬ ‫ط ٌع ُّمتَ َج ِاوَر ٌ َ َ‬ ‫وِفي األ َْر ِ‬
‫َ‬
‫ُك ِل ِإ َّن ِفي ٰذلِك آلي ٍ‬
‫ات لَِق ْو ٍم َي ْعِقُلو َن‬ ‫ض ِفي األ ُ‬‫َعَل ٰى َب ْع ٍ‬
‫َ َ‬

‫ض ِفي األ ُ‬
‫ُك ِل} [اآلية‪.]4 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ٍِ‬
‫{ي ْسَق ٰى ِب َمآء َواحد َوُنَفض ُل َب ْع َ‬
‫ض َها َعَل ٰى َب ْع ٍ‬ ‫قوله عز وجل‪ُ :‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬لم تتلون اإلرادات‪ ،‬وتلونت المرادات كما تلونت األشجار واألثمار ولم تتلون المياه التى سقت األشياء‬
‫المختلفات كذلك العلم باألشياء ال يتلون وتتلون المعلومات فمن قال كيف فهو الضيق القدرة عنده وعلة تلوين‬
‫شيئا من الكون بغير إرادته الموت‪ ،‬والحياة‬
‫المحدثات لعلة إثبات الربوبية واقتدائها‪ ،‬ولئال يسبق إلى األوهام أن ً‬
‫والظلمة والضياء ولم تتلون اإلرادة كذلك ما أراد من الكفر واإليمان‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن ِفي ٰذلِك آلي ٍ‬
‫ات لَِق ْو ٍم َي ْعِقُلو َن} [اآلية‪.]4 :‬‬ ‫َ َ‬

‫روى عن النبى صلى هللا عليه وسلم أنه قال‪" :‬العاقل من عقل عن هللا أمره‬

‫‪".‬‬

‫سمعت القاضى يقول‪ :‬سمعت أبا على البنوى يقول‪ :‬قال أبو بكر الواسطى‪ :‬العقل ما َعَّقَل َك عن المخازى‪.‬‬

‫قال ابو عثمان‪ :‬العاقل من وفق لمالزمة طريق رشده ومنع عن اتباع غيه‪.‬‬

‫عما ال يعنيه واشتغل بما يعنيه‪.‬‬


‫سئل ابو حفص عن العاقل‪ ،‬فقال‪ :‬من أعرض َّ‬

‫سورة الرعد (من اآلية ‪ 5‬الى اآلية ‪)5‬‬

‫َعَن ِاق ِه ْم َوأ ُْوَلـِٰئ َك‬ ‫ِ‬ ‫ين َكَف ُروْا ِب َربِ ِه ْم َوأ ُْوَلِئ َك األ ْ‬ ‫ِ ٍ ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫َغالَ ُل في أ ْ‬ ‫َوإِن تَ ْع َج ْب َف َع َج ٌب َق ْوُل ُه ْم أَِإ َذا ُكَّنا تَُراباً أَِإَّنا َلفي َخْل ٍق َجديد أ ُْوَلـٰئ َك الذ َ‬
‫يها َخالِدو َن‬ ‫ِ‬
‫الن ِار ُه ْم ف َ‬
‫اب َّ‬ ‫َص َح ُ‬ ‫أْ‬

‫{وإِن تَ ْع َج ْب َف َع َج ٌب َق ْوُل ُه ْم} [اآلية‪.]5 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الجنيد‪ :‬ذهب العجب بقوة سلطان العجب‪ ،‬وكل العجب من العجب أن ال عجب‪.‬‬

‫{وإِن تَ ْع َج ْب َف َع َج ٌب}‪.‬‬
‫قال هللا تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫العجب ممن يتعجب إذ ال عجب‪.‬‬
‫العجب من َ‬
‫قال الترمذى‪ :‬ليس ُ‬

‫سورة الرعد (من اآلية ‪ 6‬الى اآلية ‪)6‬‬

‫َّك َل َش ِد ُيد‬ ‫اس عَلى ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ويستع ِجُلونك ِب َّ ِ‬


‫ظْلم ِه ْم َوإِ َّن َرب َ‬ ‫َّك َل ُذو َم ْغف َرٍة لِ َّلن ِ َ ٰ‬
‫السِيَئة َقْب َل اْل َح َسَنة َوَق ْد َخَل ْت من َقْبل ِه ُم اْل َمثُالَ ُت َوإِ َّن َرب َ‬ ‫َ َ ْ َْ َ َ‬
‫اْل ِعَق ِ‬
‫اب‬

‫ظْل ِم ِه ْم} [اآلية‪.]6 :‬‬ ‫َّك َل ُذو م ْغِف َرٍة لِ َّلن ِ‬


‫اس َعَل ٰى ُ‬ ‫َ‬ ‫{وإِ َّن َرب َ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬إن ربك ليستر على أودائه ما أظهروا من المخالفات‪ ،‬ومن ظلمهم أنفسهم باتباع هواها‪ ،‬والسعى فى‬
‫موافقة رضاها‪.‬‬

‫قال ابو عثمان‪ :‬إنما يرجو المغفرة من هللا من يرتكب الذنوب على خطر وخوف وحذر‪ ،‬ال من يقتحم فيها من غير‬
‫مباالة‪.‬‬

‫سورة الرعد (من اآلية ‪ 7‬الى اآلية ‪)7‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َنت ُم ِنذٌر َولِ ُك ِل َق ْو ٍم َه ٍاد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ويُق َّ ِ‬
‫ُنزَل َعَل ْيه َآي ٌة من َّربِه ِإَّن َمآ أ َ‬
‫ين َكَف ُروْا َل ْوال أ ِ‬
‫ول الذ َ‬
‫ََ ُ‬

‫َنت ُم ِنذٌر} [اآلية‪.]7 :‬‬


‫قوله عز وجل‪ِ{ :‬إَّن َمآ أ َ‬

‫مخبر َّ‬
‫عنا بصدق ما أكرمناك به من القرب‪ ،‬والزلف‪.‬‬ ‫قال ابن عطاء‪ :‬إنما أنت ٌ‬

‫قال بعضهم‪ :‬أنت المبلغ‪ ،‬والتوفيق يوصلهم إلى الهداية‪.‬‬

‫سورة الرعد (من اآلية ‪ 8‬الى اآلية ‪)8‬‬

‫ام َو َما تَ ْزَد ُاد َوُك ُّل َشي ٍء ِع َندهُ ِب ِمْق َد ٍار‬
‫يض األ َْر َح ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّللاُ َي ْعَل ُم َما تَ ْحم ُل ُك ُّل أُنثَ ٰى َو َما تَغ ُ‬
‫َّ‬
‫ْ‬
‫{وُك ُّل َشي ٍء ِع َندهُ ِب ِمْق َد ٍار} [اآلية‪.]8 :‬‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬
‫ْ‬

‫قال الحسين‪ :‬كل ربط يحده‪ ،‬وأوقف مع وقته فال يجاوز قدره‪ ،‬وال يعدو طوره‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬وكل شىء يوزن ومن لم يزن نفسه‪ ،‬ولم يطالع أنفاسه فهو فى حيز الغافلين‪ ،‬ومن لم يعرف مقداره وقدر‬
‫عظيم النعمة عليه‪ ،‬أعجب بنفسه‪ ،‬أو بما يبدو منه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الرعد (من اآلية ‪ 9‬الى اآلية ‪)9‬‬

‫الشه َاد ِة اْل َكِبير اْلمتَع ِ‬


‫ال‬ ‫ِ َّ‬ ‫ِ‬
‫ُ ُ َ‬ ‫َعال ُم اْل َغ ْيب َو َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬العالم على الحقيقة‪ ،‬من يكون الشاهد والغائب عنده سواء فى العلم ال بأن يستدل‪ ،‬والعالم على‬
‫الحقيقة هو الحق جل وعال‪ ،‬الكبير فى ذاته المتعالى فى صفاته‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬عالم بما غيَّب فيك مما ال تعلمه من نفسك قبل أن يبديها أو يظهرها وعالم بما يبدو من أفعالك على أى‬
‫نية تعملها‪.‬‬

‫قال جعفر‪ :‬فى قوله‪ :‬الكبير المتعال‪ :‬كبير فى قلوب العارفين َم َحل ُه فصغر عندهم كل ما سواه وتعالى أن يتقرب إليه‬
‫إال بصرف كرمه‪.‬‬

‫سورة الرعد (من اآلية ‪ 10‬الى اآلية ‪)10‬‬

‫يل َو َس ِار ٌب ِب َّ‬


‫الن َه ِار‬ ‫سوآء ِم ْن ُكم َّمن أَسَّر اْلَقول ومن جهر ِب ِه ومن هو مستَ ْخ ٍ‬
‫ف ِب َّال ِ‬
‫َ َ ْ َُ ُ ْ‬ ‫ْ َ َ َ ْ َ ََ‬ ‫ََ ٌ ْ ْ َ‬

‫َسَّر اْلَق ْو َل َو َم ْن َج َه َر ِب ِه} [اآلية‪.]10 :‬‬ ‫قوله عز وجل‪{ :‬سو ِ‬


‫آء م ْن ُك ْم َّم ْن أ َ‬
‫ََ ٌ‬

‫سرور‬
‫ًا‬ ‫أسر‪ :‬ما أودعنا فيه لطائف ِبَّرَنا وكتم إشفاًقا عليه‪ ،‬أو أظهره ونادى عليه‬
‫قال النصرآباذى‪ :‬سواء منكم من َّ‬
‫جميعا من أهل األمانة فى محل اليقظة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ومحبة له‪ ،‬فإنهما‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الرعد (من اآلية ‪ 11‬الى اآلية ‪)11‬‬

‫َّللاُ‬ ‫َّللاِ ِإ َّن َّ‬


‫َّللاَ الَ ُي َغِي ُر َما ِبَق ْو ٍم َحتَّ ٰى ُي َغِي ُروْا َما ِبأ َْنُف ِس ِه ْم َوإِ َذا أ ََرَاد َّ‬ ‫ون ُه ِم ْن أ َْم ِر َّ‬
‫ظَ‬ ‫ات ِمن َب ْي ِن َي َد ْي ِه َو ِم ْن َخْلِف ِه َي ْحَف ُ‬
‫َل ُه ُم َعِقَب ٌ‬
‫ِبَقو ٍم سوءا َفالَ مرَّد َل ُه وما َلهم ِمن ُدوِن ِه ِمن و ٍ‬
‫ال‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُْ‬ ‫ََ‬ ‫ْ ُ ً‬

‫َّللاِ} [اآلية‪.]11 :‬‬


‫ون ُه ِم ْن أ َْم ِر َّ‬
‫ظَ‬ ‫ات ِمن َب ْي ِن َي َد ْي ِه َو ِم ْن َخْلِف ِه َي ْحَف ُ‬
‫قوله تعالى‪َ{ :‬ل ُه ُم َعِقَب ٌ‬

‫قال بعضهم‪ :‬المحفوظ باألسباب محفوظ بالمسبب وأمره فالعلماء أروا السبب‪ ،‬والعارفون أروا المسبب‪.‬‬

‫ات ِمن َب ْي ِن َي َد ْي ِه َو ِم ْن َخْلِف ِه}‪.‬‬


‫قال هللا تعالى‪َ{ :‬ل ُه ُم َعِقَب ٌ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬األسباب تحفظك من أمره فإذا جاء القضاء خال بينك وبينه وكيف يكون محفو ً‬
‫ظا من هو محفوظ من‬
‫حافظه‪ ،‬والمحفوظ بالحقيقة من هو محفوظ بالحافظ ال محفوظ من الحافظ‪.‬‬

‫َّللاَ الَ ُي َغِي ُر َما ِبَق ْو ٍم َحتَّ ٰى ُي َغِي ُروْا َما ِبأ َْنُف ِس ِه ْم} [اآلية‪.]11 :‬‬
‫قوله عز وجل‪ِ{ :‬إ َّن َّ‬

‫قال الصادق‪ :‬ال يوفقهم لتغيير أسرارهم وال يغير عليهم أحوالهم ولو وصفهم لتغيير أحوالهم‪ ،‬أسرارهم ومشاهدة البلوى‪،‬‬
‫لذلوا وافتقروا فنالوا به النجاة‪.‬‬

‫قال النصرآباذى‪ :‬لكل قوم تغيير وتبديل لكن ال يناقش العوام على ما يناقش عليه أهل الصفوة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال بعضهم‪ :‬غيروا ألسنتهم عن حقائق ذكره فغير قلوبهم عن لطائف بره‪ ،‬وغيروا أنفسهم عن معانى العبودية فغير‬
‫قلوبهم عن دالئل الربوبية‪.‬‬

‫وءا َفالَ َم َرَّد َل ُه} [اآلية‪.]11 :‬‬ ‫قوله عز وجل‪{ :‬وِإ َذا أ ََرَاد َّ ِ‬
‫َّللاُ بَق ْو ٍم ُس ً‬ ‫َ‬

‫قال القاسم‪ :‬إذا أراد هالك قو ٍم َح َّس َن فى أعينهم موارد الهالك حتى يمشون إليه بأرجلهم وتدبيرهم‪ ،‬وهو الذى أتى بهم‪.‬‬

‫سورة الرعد (من اآلية ‪ 12‬الى اآلية ‪)12‬‬

‫ال‬ ‫ِ‬
‫اب الثَق َ‬
‫الس َح َ‬
‫ىء َّ‬ ‫ِ‬
‫ط َمعاً َوُي ْنش ُ‬ ‫ُه َو َّال ِذي ُي ِر ُ‬
‫يك ُم اْلَب ْر َق َخ ْوفاً َو َ‬

‫ط َمعاً} [اآلية‪.]12 :‬‬ ‫{ه َو َّال ِذي ُي ِر ُ‬


‫يك ُم اْلَب ْر َق َخ ْوفاً َو َ‬ ‫قوله عز وجل‪ُ :‬‬

‫وطمعا للمقيم‪.‬‬
‫ً‬ ‫قال ابن عطاء‪ :‬خوًفا للمسافر‪،‬‬

‫ٍ‬
‫خائف من استناره وطام ٍع فى تخليه‪.‬‬ ‫قال ابن البرقى‪ :‬يريكم أنوار محبته‪ ،‬فبين‬

‫قال أبو على الثقفى‪ :‬ورود األحوال على األسرار عندى كالبرق ال يمكث بل يلوح‪ ،‬فإذا الح فربما أزعج من خائف‬
‫خوفه‪ ،‬وربما جرى من محب حبه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وطمعا فى المالمة فى إخالص المعاملة‪.‬‬
‫ً‬ ‫قال أبو بكر بن طاهر‪ :‬خوًفا من اعتراض الكدورة فى صفاء المعرفة‪،‬‬

‫وطمعا فى القرب واإلتيان‪.‬‬


‫ً‬ ‫قال أبو يعقوب األبهرى‪ :‬خوًفا من القطع واالفتراق‬

‫وطمعا فى ثوابه‪.‬‬
‫ً‬ ‫وقال بعضهم‪ :‬خوًفا من عقابه‬

‫سورة الرعد (من اآلية ‪ 13‬الى اآلية ‪)13‬‬

‫َّللاِ َو ُهَو َش ِد ُيد‬


‫آء َو ُه ْم ُي َٰج ِدُلو َن ِفي َّ‬ ‫ص ُ ِ‬
‫يب ب َها َمن َي َش ُ‬
‫الرعد ِبحم ِدِه واْلمالَِئ َك ُة ِمن ِخ َيفِت ِه ويرِسل َّ ِ‬
‫اعق َفي ِ‬
‫الص َو َ ُ‬ ‫َ ُْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫َوُي َسب ُح َّ ْ ُ َ ْ َ َ‬
‫اْل ِمح ِ‬
‫ال‬ ‫َ‬

‫الر ْع ُد ِب َح ْم ِدِه} [اآلية‪.]13 :‬‬


‫{وُي َسِب ُح َّ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫سمعت محمد بن عبد هللا الرازى يقول‪ :‬سمعت ابن الريحانى يقول‪ :‬الرعد صعقات المالئكة‪ ،‬والبرق زفرات أفئدتهم‬
‫والمطر بكاؤهم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الرعد (من اآلية ‪ 14‬الى اآلية ‪)14‬‬

‫اس ِط َكَّف ْي ِه ِإَلى اْل َم ِآء لَِيْبُل َغ َفاهُ َو َما ُهَو ِبَبالِ ِغ ِه َو َما‬
‫َله دعوة اْلح ِق و َّال ِذين ي ْدعو َن ِمن دوِن ِه الَ يستَ ِجيبو َن َلهم ِب َشي ٍء ِإالَّ َكب ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ َُْ َ َ َ َ ُ‬
‫ْ‬
‫ضالَ ٍل‬ ‫دعآء اْل َك ِاف ِر َّ ِ‬
‫ين ِإال في َ‬ ‫َ‬ ‫َُ ُ‬

‫قوله عز وجل‪َ{ :‬ل ُه َد ْع َوةُ اْل َح ِق} [اآلية‪.]14 :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬أصدق الدواعى دواعى الحق فمن أجاب داعى الحق بلغه إليه الحق‪ ،‬ومن أجاب دواعى النفس رمى‬
‫به إلى الهالك‪.‬‬

‫قال الجنيد‪ :‬داعى الحق‪ ،‬داعى رشد ال يقع للشيطان فيه يد وال يكون للنفس فيه نصيب وداعى الحق إذا برت‪ ،‬أبرت‬
‫أنوار الحق فال يبقى على المدعو ريب وال شك بحال‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬داعى الحق من يدعو بالحق إلى الحق‪.‬‬

‫ضالَ ٍل} [اآلية‪.]14 :‬‬ ‫قوله عز وجل‪{ :‬وما دعآء اْل َك ِاف ِر َّ ِ‬
‫ين ِإال في َ‬
‫َ‬ ‫ََ ُ َ ُ‬

‫قال جعفر‪ :‬من دعا بنفسه فإلى نفسه دعا وهو الكفر والضالل وذلك محل الخيانة واإلسقاط من درجات أهل األمانة‬
‫فإن الدواعى تختلف‪ :‬داع بالحق‪ ،‬وداع إلى الحق‪ ،‬وداع إلى طريق الحق كل هؤالء دعاة يدعون الخلق إلى هذه الطرق‬
‫ال بأنفسهم وهذه طرق الحق وداع يدعو بنفسه فإلى أى شىء دعا فهو ضالل‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الرعد (من اآلية ‪ 15‬الى اآلية ‪)15‬‬

‫طوعاً وَكرهاً و ِظالُلهم ِباْل ُغ ُد ِو واآلص ِ‬ ‫ِ‬ ‫وََِّّللِ يسجد من ِفي َّ ِ‬


‫ال‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫الس َٰم َٰوت َواأل َْرض َ ْ َ ْ َ‬ ‫َ َ ْ ُُ َ‬

‫ط ْوعاً َوَك ْرهاً} [اآلية‪.]15 :‬‬


‫ض َ‬ ‫ِ‬
‫ات واأل َْر ِ‬ ‫{وََّّللِ َي ْس ُج ُد َمن ِفي َّ‬
‫الس َم َاو َ‬ ‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫طوعا‪ ،‬والمعرض كرًها‪.‬‬


‫قال الجنيد‪ :‬العارف ً‬

‫وقال إذا نزلته المصائب ذل‪ ،‬وإذا جاءه الرجاء مل‪.‬‬

‫سورة الرعد (من اآلية ‪ 16‬الى اآلية ‪)16‬‬

‫ض اًر ُق ْل َه ْل َي ْستَ ِوي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫آء الَ َي ْمل ُكو َن أل َْنُفس ِه ْم َنْفعاً َوالَ َ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫الس ٰم ٰو ِت واأل َْر ِ‬
‫ض ُق ِل َّ‬
‫َّللاُ ُق ْل أََفات َخ ْذتُ ْم من ُدونه أ َْولَي َ‬ ‫ُق ْل َمن َّر ُّب َّ َ َ َ‬
‫آء َخَلُقوْا َك َخْلِق ِه َفتَ َش َاب َه اْل َخْل ُق َعَل ْي ِه ْم ُق ِل َّ‬
‫َّللاُ َخالِ ُق ُك ِل‬ ‫ِ‬
‫ور أ َْم َج َعُلوْا ََّّلل ُش َرَك َ‬
‫الن ُ‬
‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫َع َم ٰى َواْلَبص ُير أ َْم َه ْل تَ ْستَ ِوي الظُل َم ُ‬
‫ات َو ُّ‬ ‫األ ْ‬
‫َشي ٍء وهو اْلو ِ‬
‫اح ُد اْلَق َّه ُار‬ ‫ْ َ َُ َ‬
‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫ور} [اآلية‪.]16 :‬‬ ‫َع َم ٰى َواْلَبص ُير أ َْم َه ْل تَ ْستَ ِوي الظُل َم ُ‬
‫ات َو ُّ‬
‫الن ُ‬ ‫قوله تعالى‪ُ{ :‬ق ْل َه ْل َي ْستَ ِوي األ ْ‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬ال يستوى من حل بنور التوفيق وهدى لطريق الخدمة ومن عمى عنها وحرم رؤيتها أم هل يستوى من‬
‫هو فى أنوار التوفيق مع من هو فى ظلمات التدبير‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال أبو حفص‪ :‬األعمى حًقا من يرى هللا تعالى باألشياء‪ ،‬وال يرى األشياء باهلل تعالى والبصير من يكون نظره من ربه‬
‫إلى المكونات‪.‬‬

‫سورة الرعد (من اآلية ‪ 17‬الى اآلية ‪)17‬‬

‫آء ِحْلَي ٍة أ َْو َمتَ ٍ‬


‫اع‬ ‫ِ ن ِ ِ َّ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫السْي ُل َزَبداً َّاربياً َوم َّما ُيوق ُدو َ َعَل ْيه في النار ْابت َغ َ‬
‫احتَ َم َل َّ‬ ‫آء َف َساَل ْت أ َْوِدَي ٌة ِبَق َد ِرَها َف ْ‬
‫أَن َزل ِمن َّ ِ‬
‫الس َمآء َم ً‬ ‫َ َ َ‬
‫الناس َفيم ُك ُث ِفي األَر ِ ٰ‬ ‫َّللا اْلح َّق واْلب ِ‬ ‫ٰ‬ ‫ِ‬
‫ض ِر ُب‬‫ض َكذلِ َك َي ْ‬ ‫ْ‬ ‫َما َما َي َنف ُع َّ َ َ ْ‬ ‫آء َوأ َّ‬ ‫اط َل َفأ َّ َّ‬
‫َما الزَب ُد َفَي ْذ َه ُب ُجَف ً‬ ‫ض ِر ُب َّ ُ َ َ َ‬ ‫َزَبٌد م ْثُل ُه َكذلِ َك َي ْ‬
‫ال‬
‫َّللاُ األ َْمثَ َ‬
‫َّ‬

‫آء َف َساَل ْت أ َْوِدَي ٌة ِبَق َد ِرَها} [اآلية‪.]17 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أَن َزل ِمن َّ ِ‬
‫الس َمآء َم ً‬ ‫َ َ َ‬

‫حياء‪َ{ ،‬ف َساَل ْت أ َْوِدَي ٌة ِبَق َد ِرَها} فصفاء‬


‫قال الواسطى‪ :‬خلق هللا تعالى درة صافية فالحظها بعين الجمال فزابت منه ً‬
‫القلوب من وصول الماء إليه وحياء األسرار من نزول ماء ذلك المشرب‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪{ :‬أَن َزل ِمن َّ ِ‬


‫آء َف َساَل ْت أ َْوِدَي ٌة} هذا ٌ‬
‫مثل ضربه هللا تعالى للعبد كما أنه إذا سال السيل فى‬ ‫الس َمآء َم ً‬ ‫َ َ َ‬
‫نجاسة إال كنسها وذهب بها‪ ،‬كذلك إذا سال النور الذى قسم هللا تعالى للعبد فى نفسه ال‬ ‫األودية‪ ،‬لم يبق فى األودية َ‬
‫آء} يعنى قسمة النور { َف َساَل ْت أ َْوِدَي ٌة ِبَق َد ِرَها} يعنى فى القلوب األنوار على‬ ‫يبقى فيه غفل ٌة وال ظلمة {أَن َزل ِمن َّ ِ‬
‫الس َمآء َم ً‬ ‫َ َ َ‬
‫اس‬ ‫َما َما َي َنف ُع َّ‬
‫الن َ‬ ‫{وأ َّ‬ ‫ما قسم له فى األزل‪َ { ،‬فأ َّ َّ‬
‫منور فال يبقى فيه جفوة‪َ ،‬‬
‫آء} فبذلك النور يصير القلب ًا‬ ‫َما الزَب ُد َفَي ْذ َه ُب ُجَف ً‬
‫ض} فذهب البواطيل وتبقى الحقائق‪.‬‬ ‫َفَي ْم ُك ُث ِفي األ َْر ِ‬

‫آء}‪ :‬أنواع الكرامات فأخذ كل قلب بحظه‪ ،‬ونصيبه فكل قلب مؤيد بنور التوفيق‪،‬‬ ‫قال بعضهم‪{ :‬أَن َزل ِمن َّ ِ‬
‫الس َمآء َم ً‬ ‫َ َ َ‬
‫أضاء فيه سراج المعرفة‪ ،‬وكل قلب زين بنور الهدى أضاء فيه أنوار المعرفة‪ ،‬وكل قلب قيد بنور المحبة‪ ،‬أضاء فيه‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫لهيب الشوق وكل قلب عمى بلهيب الشوق أضاء فيه أنس القرب‪ ،‬كذلك القلوب تتقلب من حالة إلى حالة حتى‬
‫تستغرق فى أنوار المشاهدة‪ ،‬أخذ كل قلب بحظه‪ ،‬ونصيبه إلى أن تبدو األنوار على الشواهد من فضل نور السر‪.‬‬

‫اس َفَي ْم ُك ُث ِفي األ َْر ِ‬


‫ض} [اآلية‪.]17 :‬‬ ‫َما َما َي َنف ُع َّ‬
‫الن َ‬ ‫آء َوأ َّ‬ ‫قوله عز وجل‪َ { :‬فأ َّ َّ‬
‫َما الزَب ُد َفَي ْذ َه ُب ُجَف ً‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬ما كان من األحوال صدًقا‪ .‬ثبت فى القلوب بركاتها‪ ،‬وما كان من غير ذلك فإنه ال يبقى فيه خير‪.‬‬

‫السْي ُل َزَبداً َّارِبياً}‬


‫احتَ َم َل َّ‬ ‫قال الواسطى‪ :‬فى قوله تعالى‪{ :‬أَن َزل ِمن َّ ِ‬
‫آء} هو القرآن فى صرف الكرم والفضل {َف ْ‬ ‫الس َمآء َم ً‬ ‫َ َ َ‬
‫اس} وهو‬ ‫َما َما َي َنف ُع الَّن َ‬
‫{وأ َّ‬ ‫رؤيتك األعمال‪ ،‬وصولتك بها على جيرانك‪َ { ،‬فأ َّ َّ‬
‫آء} عند أهل التوحيد‪َ ،‬‬
‫َما الزَب ُد َفَي ْذ َه ُب ُجَف ً‬
‫اليقين‪ ،‬وهو ما سال من هللا عليه من صرف الكرم فيبقى عليه‪.‬‬

‫سورة الرعد (من اآلية ‪ 19‬الى اآلية ‪)19‬‬

‫َعم ٰى ِإَّنما يتَ َذ َّكر أُوُلوْا األَْلب ِ‬ ‫ِ‬


‫اب‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ ْ‬ ‫ُنزَل ِإَل ْي َك من َرب َ‬
‫ِك اْل َح ُّق َك َم ْن ُه َو أ ْ َ‬ ‫أََف َمن َي ْعَلم أََّن َمآ أ ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫َع َم ٰى} [اآلية‪.]19 :‬‬ ‫ُنزَل ِإَل ْي َك من َرب َ‬
‫ِك اْل َح ُّق َك َم ْن ُه َو أ ْ‬ ‫قوله عز وجل‪{ :‬أََف َمن َي ْعَلم أََّن َمآ أ ِ‬
‫ُ‬

‫السيارى‪ :‬ليس من استدل عليك بربه كمن يستدل بك على ربه وليس من تحقق بما أنزل إليك من جهة الحق‪ ،‬كم‬
‫قال َّ‬
‫تحققه من جهته‪ ،‬وليس من شاهد جريان األشياء فى األزل كمن شاهده فى وقت ظهوره‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الرعد (من اآلية ‪ 20‬الى اآلية ‪)20‬‬

‫ِ‬ ‫َّال ِذين يوُفون ِبعه ِد َّ ِ‬


‫ضو َن اْلميثَ َ‬
‫اق‬ ‫َّللا َوالَ َينُق ُ‬ ‫َ ُ َ َْ‬

‫قال بعضهم‪ :‬الموفون بالعهد هم القائمون له بشرط العبودية من اتباع األمر والنهى‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬ال ينقضون ميثاق األزل فى وقت‪ ،‬بلى أنه ال رب لهم غيره وال يخافون غيره‪ ،‬وال يرجون سواه‪ ،‬وال‬
‫يسكنون إال إليه‪.‬‬

‫سورة الرعد (من اآلية ‪ 21‬الى اآلية ‪)21‬‬

‫ِ‬
‫الحس ِ‬ ‫ن‬ ‫صُلون مآ أَمر َّ ِ ِ‬
‫و َّال ِذين ي ِ‬
‫اب‬ ‫وء َ‬ ‫وص َل َوَي ْخ َش ْو َن َرب ُ‬
‫َّه ْم َوَي َخا ُفو َ ُس َ‬ ‫َّللاُ به أَن ُي َ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫َ َ َ‬

‫وص َل} [اآلية‪.]21 :‬‬ ‫صُلون مآ أَمر َّ ِ ِ‬


‫قوله عز وجل‪{ :‬و َّال ِذين ي ِ‬
‫َّللاُ به أَن ُي َ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫َ َ َ‬

‫قيل‪ :‬هم الذين وصلوا أوقاتهم بالطاعات ووقفوا عند الحدود فلم يجاوزوها‪.‬‬

‫ديمون على شكر النعمة ومعرفة ِمَّنة المنعم بدوام النعمة إليهم‪ ،‬وإيصالهم بهم‪.‬‬
‫قال ابن عطاء‪ :‬الذين ُي ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬هم المتحابون فى ذات هللا تعالى‪.‬‬

‫ِ‬
‫الحس ِ‬ ‫ن‬
‫اب} [اآلية‪.]21 :‬‬ ‫وء َ‬ ‫{وَي ْخ َش ْو َن َرب ُ‬
‫َّه ْم َوَي َخا ُفو َ ُس َ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬الخشية منه‪ ،‬حقيقة الخوف منه‪ ،‬ومن غيره‪.‬‬

‫ِ‬
‫الحس ِ‬ ‫ن‬
‫اب}‪.‬‬ ‫وء َ‬ ‫{وَي ْخ َش ْو َن َرب ُ‬
‫َّه ْم َوَي َخا ُفو َ ُس َ‬ ‫قال هللا تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الخشية هى مراقبة القلب أن ال يطالع فى حال من األحوال‪ ،‬غير الحق فيمنعه‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬الخشية سراج القلب‪ ،‬والخوف أدب النفس‪.‬‬

‫سورة الرعد (من اآلية ‪ 22‬الى اآلية ‪)22‬‬

‫اه ْم ِس اًر َو َعالَِنَي ًة َوَي ْد َرُءو َن ِباْل َح َسَن ِة َّ‬


‫السِيَئ َة أ ُْوَلـِٰئ َك َل ُه ْم‬ ‫ِ‬
‫وة َوأ َْنَفُقوْا م َّما َرَزْقَن ُ‬
‫و َّال ِذين صبروْا ابِتغاء وج ِه ربِ ِهم وأََقاموْا َّ ٰ‬
‫الصل َ‬ ‫َ َ َ َُ ْ َ َ َ ْ َ ْ َ ُ‬
‫الد ِار‬
‫ُعْقَب ٰى َّ‬

‫اء َو ْج ِه َرب ِِه ْم} [اآلية‪.]22 :‬‬ ‫ِ‬


‫صَب ُروْا ْابت َغ َ‬
‫ين َ‬
‫قوله تعالى‪ِ َّ :‬‬
‫{والذ َ‬‫َ‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬صبروا عن المناهى أجمع‪ ،‬ال لخوف النار بل لسبب النهى‪ ،‬وحرمة عظمة الناهى‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ظا لحدود هللا تعالى عليهم‪.‬‬
‫قال بعضهم‪ :‬صبروا عن جميع مراداتهم وخالفوا النفس فى اتباع الشهوات حف ً‬

‫قال بعضهم‪ :‬هذا مقام المريدين‪ ،‬أمروا أن يصبروا على إراداتهم‪ ،‬وعلى ما يلحقهم من الميثاق‪ ،‬وال يطلبوا الرفاهية وال‬
‫يرجعوا إليها‪ ،‬ويكون ذلك ابتغاء لحقيقة تصحيح اإلرادة‪.‬‬

‫سورة الرعد (من اآلية ‪ 24‬الى اآلية ‪)24‬‬

‫صَب ْرتُ ْم َفِن ْعم ُعْقَب ٰى َّ‬


‫الد ِار‬ ‫ِ‬
‫َسالَ ٌم َعَل ْي ُكم ب َما َ‬
‫َ‬
‫صَب ْرتُ ْم} [اآلية‪.]24 :‬‬ ‫ِ‬
‫{سالَ ٌم َعَل ْي ُكم ب َما َ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬صبروا على ما أمروا به من الطاعات‪ ،‬وصبروا عما نهوا عنه من المعاصى فقال هللا تعالى َل ُهم على‬
‫صَب ْرتُ ْم}‪.‬‬ ‫ِ‬
‫{سالَ ٌم َعَل ْي ُكم ب َما َ‬
‫لسان السفراء الصادقين‪َ :‬‬

‫صَب ْرتُ ْم} معنا عما لنا‪.‬‬ ‫ِ‬


‫{سالَ ٌم َعَل ْي ُكم ب َما َ‬
‫قال بعضهم‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الرعد (من اآلية ‪ 25‬الى اآلية ‪)25‬‬

‫ض أُوَلـِٰئك َلهم َّ‬


‫الل ْعَن ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ نِ‬ ‫طعون مآ أَمر َّ ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِِ‬ ‫و َّال ِذين ينُقضو َن عهد َّ ِ ِ‬
‫وص َل َوُيْفس ُدو َ في األ َْر ْ َ ُ ُ‬
‫َّللاُ به أَن ُي َ‬ ‫َّللا من َب ْعد ميثَاقه َوَيْق َ ُ َ َ َ َ‬ ‫ََْ‬ ‫َ َ َ ُ‬
‫الد ِار‬
‫َوَل ُه ْم ُسوء َّ‬
‫ُ‬

‫َّللاِ ِمن َب ْع ِد ِميثَ ِاق ِه} [اآلية‪.]25 :‬‬


‫ضو َن َع ْه َد َّ‬
‫ين َينُق ُ‬
‫قوله عز وجل‪ِ َّ :‬‬
‫{والذ َ‬‫َ‬

‫قال القاسم‪ :‬نقض العهد هو الخروج من العبودية والدخول فى الربوبية‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬نقض العهد هو لزوم التدبير واالختيار وترك التفويض والتسليم بعد أن أخبرك أن ليس لك من األمر‬
‫شىء‪.‬‬

‫قال أبو القاسم الحكيم‪ :‬نقض العهد هو السكون إلى غير مسكون إليه والفرح إلى غير مفروح به‪.‬‬

‫سورة الرعد (من اآلية ‪ 26‬الى اآلية ‪)26‬‬

‫اآلخ َرِة ِإالَّ َمتَاعٌ‬


‫الد ْنيا ِفي ِ‬ ‫الرْز َق لِ َم ْن َي َشآء َوَيَق ِد ُر َوَف ِر ُحوْا ِباْل َحَي ِاة ُّ‬
‫الد ْنَيا َو َما اْل َحَياةُ ُّ َ‬ ‫ط ِ‬ ‫َّللاُ َي ْب ُس ُ‬
‫َّ‬
‫ُ‬
‫{وَف ِر ُحوْا ِباْل َحَي ِاة ُّ‬
‫الد ْنَيا} [اآلية‪.]26 :‬‬ ‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الواسطى‪ :‬الدنيا مدرة ولك منها غبرة فمن أسرته غبرة فهو أقل منها‪ ،‬ومن ملكه جناح بعوضة أو أقل فذلك قدره‪.‬‬

‫وغ ِرقوها فى بحر التوحيد حتى تجدوا منها ً‬


‫شيئا‪.‬‬ ‫أيضا‪ :‬ال تدعوا الدنيا فتغرقكم فى بحارها‪َ ،‬‬
‫وقال ً‬

‫قال بعضهم‪ :‬أخبر هللا تعالى عن الدنيا أنها فى اآلخرة متاع‪ ،‬واآلخرة أقل خطر فى جنب الحقيقة من خطر الدنيا‪،‬‬
‫فى جنب اآلخرة‪.‬‬

‫سورة الرعد (من اآلية ‪ 27‬الى اآلية ‪)27‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ِه ُقل ِإ َّن َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ويُق َّ ِ‬
‫آء َوَي ْهدي ِإَل ْيه َم ْن أََن َ‬
‫اب‬ ‫َّللاَ ُيض ُّل َمن َي َش ُ‬
‫ين َكَف ُروْا َل ْوالَ أ ِ‬
‫ُنزَل َعَل ْيه َآي ٌة من َّرب ْ‬ ‫ول الذ َ‬
‫ََ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله عز وجل‪ُ{ :‬قل ِإ َّن َّ ِ‬
‫آء َوَي ْهدي ِإَل ْيه َم ْن أََن َ‬
‫اب} [اآلية‪.]27 :‬‬ ‫َّللاَ ُيض ُّل َمن َي َش ُ‬ ‫ْ‬

‫قال بعضهم‪ُ :‬يضل من قام بنفسه‪ ،‬واعتمد عليها عن سبيل رشده ويهدى إلى سبيل رشده‪ ،‬من رجع إليه فى جميع‬
‫أموره‪ ،‬وتب أر من حوله وقوته‪.‬‬

‫قال جعفر‪ :‬يضل عن إدراكه ووجوده من قصره بنفسه‪ ،‬ويهدى أى يوصل إلى حقائقه من طلبه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الرعد (من اآلية ‪ 28‬الى اآلية ‪)28‬‬

‫َّللاِ تَ ْ ِ‬
‫َّللاِ أَالَ ِب ِذ ْك ِر َّ‬
‫وب ُه ْم ِب ِذ ْك ِر َّ‬ ‫َّال ِذين آمنوْا وتَ ْ ِ‬
‫ط َمئ ُّن اْلُقُل ُ‬
‫وب‬ ‫ط َمئ ُّن ُقُل ُ‬ ‫َ َُ َ‬

‫قيل فى هذه اآلية‪ :‬القلوب على أربعة أنحاء‪ :‬قلوب العامة‪ ،‬اطمأنت بذكر هللا وتسبيحه وحمده والثناء عليه لرؤية‬
‫النعمة والعافية‪ ،‬وقلوب الخاصة‪ ،‬اطمأنت بذكر هللا وتسبيحه وذلك فى أخالقهم‪ ،‬وتوكلهم‪ ،‬وشكرهم‪ ،‬وصبرهم فسكنوا‬
‫إليه‪ ،‬وقلوب العلماء‪ ،‬اطمأنت بالصفات واألسامى والنعوت‪ ،‬فهم يالحظون ما يظهر بها ومنها على الدهور‪ ،‬وأما‬
‫الموحدون كالغرقى ال تطمئن قلوبهم بحال وكيف يطمئن بذكر من جهلوه‪ ،‬أم كيف يطمئن بذكر من لم يؤمنهم بل‬
‫خوفهم وحذرهم‪.‬‬

‫تفرق الناس فى الحالتين‪ ،‬فمن دامت حركته وسعيه‪ ،‬كان موصوًفا بنفسه لغلبات شواهد نفسه‬
‫قال إبراهيم الخواص‪َّ :‬‬
‫ان َع ُجوالً} [اإلسراء‪.]11 :‬‬ ‫ان ِ‬
‫اإل ْن َس ُ‬ ‫{وَك َ‬
‫عليه‪ ،‬لقوله‪َ :‬‬

‫َّللاِ تَ ْ ِ‬
‫ومن دام سكونه كان موصوًفا بالحق لغلبات شواهد الحق فى سكينته لقوله‪{ :‬أَالَ ِب ِذ ْك ِر َّ‬
‫ط َمئ ُّن اْلُقُل ُ‬
‫وب} [اآلية‪:‬‬
‫‪.]28‬‬

‫قال الحسين‪ :‬من ذكره الحق بخير فى أزله‪ ،‬اطمئن إليه فى أبده‪.‬‬

‫قال النهرجورى‪ :‬قلوب األولياء مواضع المطامع فهى ال تتحرك‪ ،‬وال تنزعج بل تطمئن خوًفا من أن يرد عليه مفاجأة‬
‫مترسما بسوء األدب‪.‬‬
‫ً‬ ‫مطالعه‪ ،‬فيجده‬

‫قال الواسطى‪ :‬هم فيها على أربعة ضروب‪ ،‬فاألول للعامة‪ ،‬ألنها إذا ذكرته ودعته اطمأنت إلى ذكرها‪ ،‬فحظها منه‬
‫اإلجابة للدعوات‪ ،‬والثانية أطاعته وصدقته ورضيت عنه فهم مربوطون فى أماكن الزيادات قد اطمأنت قلوبهم إلى‬
‫ذلك فكانوا ممزوجى المالحظة بشواهدهم‪ ،‬ومفسدى الطبائع برؤية طاعاتهم‪ ،‬والثالثة أهل الخصوص الذين عرفوا‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫األسماء والصفات‪ ،‬وعرفوا ما خاطبهم هللا تعالى به فاطمأنت قلوبهم بذكره لها‪ ،‬ال بذكرهم له وبرضاه عنها‪ ،‬ال‬
‫برضاهم عنه‪.‬‬

‫أرهم‬
‫والرابعة‪ :‬خصوص الخصوص وهم الذين كشف لهم عن ذاته وعلمهم علم صفاته فأدرج لهم الصفات فى الذات و ا‬
‫إنه إنما تعرف إلى الحق بإقرارهم وعلمهم أخطارهم فعلموا أن سرائرهم ال تقدر أن تسكن إليه‪ ،‬وال يطمئن به‪ .‬ومن‬
‫كانت األشياء فى سره كذلك‪ ،‬إذا ما يسكن ويطمئن فال تجد قلبه‪ ،‬الطمأنينة لقدر المطمئن إليه كلما عادت الزيادة‬
‫حجابا ال يستقطع بالبر والنعم ألنها حجاب مستور وهباء ونثور‪ ،‬فإن عزمت على الدخول فى هذا المقام‬
‫ً‬ ‫عليه رآها‬
‫فاحتسب نفسك وأعظم هللا أجرك‪.‬‬

‫سورة الرعد (من اآلية ‪ 36‬الى اآلية ‪)36‬‬

‫ك ِب ِه‬
‫ُش ِر َ‬
‫َّللاَ َوال أ ْ‬
‫َعُب َد َّ‬
‫َن أ ْ‬
‫ِ‬
‫ض ُه ُق ْل ِإَّن َمآ أُم ْر ُت أ ْ‬
‫ِ‬ ‫َح َز ِ‬
‫اب َمن ُينك ُر َب ْع َ‬ ‫ُنزَل ِإَل ْي َك َو ِم َن األ ْ‬
‫اب َيْف َر ُحو َن ِب َمآ أ ِ‬ ‫ِ‬
‫اه ُم اْلكتَ َ‬
‫ين آتَْيَن ُ‬
‫َّ ِ‬
‫َوالذ َ‬
‫ِإَل ْي ِه أ َْد ُعوْا وإَِل ْي ِه م ِ‬
‫آب‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫ك ِب ِه ِإَل ْي ِه أ َْد ُعو} [اآلية‪.]36 :‬‬


‫ُش ِر َ‬
‫َّللاَ َوال أ ْ‬
‫َعُب َد َّ‬
‫َن أ ْ‬
‫ِ‬
‫قوله عز وجل‪ُ{ :‬ق ْل ِإَّن َمآ أُم ْر ُت أ ْ‬

‫ُسئل أبو حفص‪ .‬عن العبودية؟ فقال‪ :‬ترك كل ما لك ومالزمة ما أمرت به‪.‬‬

‫َّللاُ َمثَالً َع ْبداً َّم ْمُلوكاً الَّ َيْق ِد ُر َعَل ٰى َشي ٍء} [النحل‪ ]75 :‬فمن‬
‫{ض َر َب َّ‬
‫ُسئل محمد بن الفضل‪ :‬عن صفة العبد‪ ،‬فقال َ‬
‫ْ‬
‫وجد من نفسه قوة وقدرة فليعلم أنه بعيد من األمر‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال أبو عثمان‪ :‬العبودية اتباع األمر على مشاهدة األمر‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬العبد الذى ال مراد له‪ ،‬ويكون مستغرًقا فى مراد سيده فيه‪.‬‬

‫قال ابن عطاء أو الجنيد‪ :‬ال يرتقى أحد فى درجات العبودية حتى يحكم فيما بينه وبين هللا تعالى‪ ،‬أوائل البدايات‪،‬‬
‫وأوائل البدايات هى الفروض الواجبة واألوراد الزكية‪ ،‬ومطايا الفضل وعزائم األمر‪ ،‬فمن أحكم على نفسه هذا َم َّن هللا‬
‫تعالى عليه بما بعده‪.‬‬

‫ُسئل سهل‪ :‬متى يصح للعبد مقام العبودية؟‬

‫قال‪ :‬إذا ترك تدبيره ورضى بتدبير هللا تعالى فيه‪.‬‬

‫سورة الرعد (من اآلية ‪ 37‬الى اآلية ‪)37‬‬

‫َّللاِ ِمن ولِ ٍي والَ و ٍ‬


‫اق‬ ‫ك ِم َن اْل ِعْل ِم َما َل َك ِم َن َّ‬
‫آء َ‬
‫ِ‬ ‫َوَك ٰذلِ َك أ َ ْ‬
‫َنزلَناهُ ُح ْكماً َع َربِياً َوَلئ ِن اتََّب ْع َت أ ْ‬
‫َ َ َ‬ ‫اء ُهم َب ْع َد َما َج َ‬
‫َه َو َ‬

‫{وَك ٰذلِ َك أ َ ْ‬
‫َنزلَناهُ ُح ْكماً َع َربِياً} [اآلية‪.]37 :‬‬ ‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬أحكام العرب السخاء والشجاعة‪ ،‬وهما من ُعرى اإليمان‪ ،‬وقيل فى قوله‪ُ :‬‬
‫{ح ْك ًما َع َربِياً} هذا مقدم‬
‫مبينا فيه الحالل والحرام‪.‬‬
‫حكما‪ ،‬أى ً‬
‫ومؤخر‪ ،‬أى أنزلناه عر ًبيا بلسانهم إذ كانوا هم المخاطبين به ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الرعد (من اآلية ‪ 38‬الى اآلية ‪)38‬‬

‫َّللاِ لِ ُك ِل أ ٍ ِ‬
‫ول أَن َيأِْتي ِب َآي ٍة ِإالَّ ِبِإ ْذ ِن َّ‬
‫ان لِرس ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫اب‬
‫َجل كتَ ٌ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َوَلَق ْد أ َْرَسْلَنا ُرُسالً من َقْبل َك َو َج َعْلَنا َل ُه ْم أ َْزَواجاً َوُذ ِرَّي ًة َو َما َك َ َ ُ‬

‫{وَلَق ْد أ َْرَسْلَنا ُرُسالً ِمن َقْبلِ َك َو َج َعْلَنا َل ُه ْم أ َْزَواجاً َوُذ ِرَّي ًة} [اآلية‪.]38 :‬‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫فلم يشغلهم ذلك عن القيام بأداء الرسالة‪ ،‬ونصيحة األمة وإظهار شرائع الدين‪.‬‬

‫اب} [اآلية‪.]38 :‬‬ ‫قوله عز وجل‪{ :‬لِ ُك ِل أ ٍ ِ‬


‫َجل كتَ ٌ‬
‫َ‬

‫قال جعفر‪ :‬للرؤية وقت‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬لكل علم بيان‪ ،‬ولكل بيان لسان‪ ،‬ولكل لسان عبارة‪ ،‬ولكل عبارة طريقة‪ ،‬ولكل طريقة أهل فمن لم‬
‫يميز بين األحوال فليس له أن يتكلم‪.‬‬

‫سورة الرعد (من اآلية ‪ 39‬الى اآلية ‪)39‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َّللا ما ي َشآء وي ْثِب ُت و ِع َنده أ ُُّم اْل ِكتَ ِ‬
‫اب‬ ‫َ ُ‬ ‫َي ْم ُحوْا َّ ُ َ َ ُ َ ُ‬

‫آء َوُي ْثِب ُت} [اآلية‪.]39 :‬‬


‫َّللاُ َما َي َش ُ‬
‫{ي ْم ُحوْا َّ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫آء َوُي ْثِب ُت} فمن فنى عن‬


‫َّللاُ َما َي َش ُ‬ ‫قال الواسطى‪ :‬منهم من َجَّد بهم الحق ومحاهم عن نفوسهم بنفسه وقال‪َ :‬‬
‫{ي ْم ُحوْا َّ‬
‫يمحو هللا ما يشاء من شواهد العبد حتى‬ ‫الحق بالحق لقيام الحق بالحق فنى عن الربوبية فضالً عن العبودية‪ ،‬وقيل‪ُ :‬‬
‫أبدا عن ربه‪.‬‬ ‫ال يكون على سره غير ربه‪ ،‬ويثبت من يشاء فى ظلمات شاهده حتى يكون ً‬
‫غائبا ً‬

‫آء} عن رسوم الشواهد‪ ،‬واألعراض‪ ،‬وكلما يورد على سره من عظمته وحرمته وهيبته‬
‫َّللاُ َما َي َش ُ‬
‫{ي ْم ُحوْا َّ‬
‫وقال ابن عطاء‪َ :‬‬
‫ولو غاب أنواره‪ ،‬فمن أثبته فقد أحضره ومن محاه فقد غيبه‪ ،‬والحاضر مرجوعه ال يعدوه‪.‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬يمحوهم عن شاهد الحق ويثبتهم فى شواهدهم ويمحوهم عن شواهدهم‪ ،‬ويثبتهم فى شاهد الحق‪ ،‬ويمحو‬
‫رسوم نفوسهم عن نفوسهم‪ ،‬ويثبتهم برسمه‪.‬‬

‫قال ذو النون‪ :‬العامة فى قصص العبودية إلى أبد األبد‪ ،‬ومنهم من هو أرفع منهم درجة‪ ،‬غلبت عليهم مشاهدة‬
‫آء‬
‫َّللاُ َما َي َش ُ‬
‫{ي ْم ُحوْا َّ‬
‫الربوبية ومنهم من أرفع منهم درجة جد بهم الحق ومحاهم عن نفوسهم وأثبتهم عنده‪ ،‬لذلك قال‪َ :‬‬
‫َوُي ْثِب ُت}‪.‬‬

‫قال سهل‪ :‬يمحو هللا ما يشاء ويثبت األسباب‪ ،‬وعنده أم الكتاب القضاء المبرم الذى ال زيادة فيه وال نقصان‪.‬‬

‫يمحو اإليمان من ِسر‬ ‫آء َوُي ْثِب ُت} من نسخ محكم الشرائع وإثباتها‪ ،‬وقال ً‬
‫أيضا‪ُ :‬‬ ‫َّللاُ َما َي َش ُ‬
‫{ي ْم ُحوْا َّ‬
‫قال محمد بن الفضل‪َ :‬‬
‫من يشاء‪ ،‬ويثبته فى سر من يشاء‪.‬‬

‫يمحو هللا أوصافهم ويثبت أسرارهم ألنه موقع المشاهدة‪.‬‬


‫قال ابن عطاء‪ُ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫آء َوُي ْثِب ُت} قال‪ :‬يمحو ما يشاء‬
‫َّللاُ َما َي َش ُ‬ ‫سمعت محمد بن عبد هللا الرازى يقول‪ :‬سمعت الشبلى يقول فى قوله‪َ :‬‬
‫{ي ْم ُحوْا َّ‬
‫من شهود العبودية‪ ،‬وأوصافها‪ ،‬ويثبت ما يشاء من شهود الربوبية ودالئلها‪.‬‬

‫وقال سهل‪ :‬يمحو هللا ما يشاء من األسباب ويثبت األقدار‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬يمحو هللا ما يشاء يكشفه عن قلوب أهل محبته إخوان الشوق إليه‪ ،‬ويثبت بتجليه لها‪ ،‬السرور والفرح به‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬يمحو هللا من قلوب أعدائه آثار حكمته وأنوار بره‪ ،‬ويثبت فى قلوب أوليائه ما أجرى عليها من معرفة‬
‫نعوته‪ ،‬فهم المقدمون فى األوقات والقائمون بحقوق هللا تعالى من غير كلفة وال شك‪.‬‬

‫سمعت منصور بن عبد هللا‪ :‬يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم السكندرى يقول‪ :‬سمعت أبا جعفر الملطى يقول عن على بن‬
‫آء َوُي ْثِب ُت} قال‪ :‬يمحو الكفر ويثبت اإليمان‪،‬‬
‫َّللاُ َما َي َش ُ‬
‫{ي ْم ُحوْا َّ‬
‫موسى الرضا عن أبيه‪ :‬عن جعفر بن محمد قوله‪َ :‬‬
‫ويمحو النكرة ويثبت المعرفة‪ ،‬ويمحو الغفلة ويثبت الذكر‪ ،‬ويمحو البغض ويثبت المحبة‪ ،‬ويمحو الضعف ويثبت القوة‪،‬‬

‫ويمحو الجهل ويثبت العلم‪ ،‬ويمحو الشك ويثبت اليقين‪ ،‬ويمحو الهوى ويثبت العقل على هذا الشق ودليله ُ‬
‫{ك َّل َي ْو ٍم ُهَو‬
‫ِفي َشأ ٍ‬
‫ْن} [الرحمن‪ ]29 :‬محو أو إثبات‪.‬‬

‫قوله عز وجل‪{ :‬و ِع َنده أ ُُّم اْل ِكتَ ِ‬


‫اب} [اآلية‪.]39 :‬‬ ‫َ ُ‬

‫{ما ُيَبَّد ُل اْلَق ْو ُل َل َد َّي} [ق‪]29 :‬‬


‫قال جعفر‪ :‬الكتاب الذى قدر فيه الشقاء والسعادة فال يزاد فيه وال ينقص منه َ‬
‫قدر عليه الشقاوة ختم له بها‪.‬‬ ‫قدر له السعادة ختم له بالسعادة‪ ،‬ومن َّ‬‫واألعمال‪ ،‬أعالم فمن َّ‬

‫قال النبى صلى هللا عليه وسلم‪" :‬إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ال يكون ما بينه وبينها إال ذراع‪ ،‬فيسبق عليه‬
‫الكتاب فيعمل عمل أهل النار فيدخلها‪ ،‬وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه‪ ،‬وبينها إال ذراع‪ ،‬فيختم‬
‫عليه الكتاب السابق فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫‪".‬‬

‫سورة الرعد (من اآلية ‪ 41‬الى اآلية ‪)41‬‬

‫َّللا ي ْح ُكم الَ معِقب لِح ْك ِم ِه و ُهو س ِريع اْل ِحس ِ‬


‫اب‬ ‫أَوَلم يروْا أََّنا َنأِْتي األَرض َننُقصها ِمن أَ ْ ِ‬
‫َ َ َ ُ َ‬ ‫ط َراف َها َو َّ ُ َ ُ ُ َ َ ُ‬ ‫ُ َ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ْ ََ ْ‬

‫ص َها ِم ْن أَ ْ‬
‫ط َرِاف َها} [اآلية‪.]41 :‬‬ ‫ِ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬أ ََوَل ْم َي َرْوْا أََّنا َنأْتي األ َْر َ‬
‫ض َننُق ُ‬

‫قال محمد بن على‪ :‬يخرب األرضين بذهاب أهل الوالية من بينهم فال يكون لهم مرجع َّ‬
‫إلى‪ ،‬ولى فى نوائبهم ومحنهم‬
‫فيتواتر عليهم المحن والنائبات فال يكون فيهم من يكشف هللا تعالى عنهم‪ .‬برعاية فتخرب‪.‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬هم الذين ينصحون عباد هللا‪ .‬ويحملونهم على طاعته فإذا ماتوا مات بموتهم من يصحبهم‪.‬‬

‫قال أبو بكر الشاشى‪ُ :‬يسبغ عليهم الرزق‪ ،‬ويرفع عنهم البركة‪.‬‬

‫قوله عز وجل‪{ :‬الَ ُم َعِق َب لِ ُح ْك ِم ِه} [اآلية‪.]41 :‬‬

‫وسر ونفع وضر فال ناقض لما أبرم وال مضل لمن هدى‪.‬‬
‫قال ابن عطاء‪ :‬أحكام الحق ماضية على عباده فيما ساء َّ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الرعد (من اآلية ‪ 42‬الى اآلية ‪)42‬‬

‫ين ِمن َقْبلِ ِهم َفلَِّل ِه اْلم ْك ُر َج ِميعاً َي ْعَلم ما تَ ْك ِس ُب ُك ُّل َنْف ٍ‬
‫س َو َسَي ْعَلم اْل ُكَّفا ُر لِ َم ْن ُعْقَبى َّ‬
‫الد ِار‬ ‫َّ ِ‬
‫َوَق ْد َم َك َر الذ َ‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬

‫قوله عز وجل‪َ{ :‬فلَِّل ِه اْل َم ْك ُر َج ِميعاً} [اآلية‪.]42 :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬المكر حقيقة‪ ،‬ما مكر الحق بهم حتى توهموا أنهم يمكرون‪ ،‬ولم يعلموا أنه مكر بهم حيث سهل عليهم‬
‫سبيل المكر‪.‬‬

‫قال الحسين‪ :‬ال مكر أبين من مكر الحق بعباده‪ ،‬حيث أوهمهم أن لهم سبيالً إليه بحال أو للحدث اقترابه مع القدم فى‬
‫وقت‪ ،‬فالحق بائن وصفاته بائنة إن ذكروا فبأنفسهم وإن شكروا فألنفسهم‪ ،‬وإن أطاعوه فلنجاة أنفسهم ليس للحق منهم‬
‫شىء ألنه الغنى القهار‪.‬‬

‫سورة الرعد (من اآلية ‪ 43‬الى اآلية ‪)43‬‬

‫اَّللِ َش ِهيداً ب ْيِني وب ْيَن ُكم وم ْن ِع َنده ِعْلم اْل ِكتَ ِ‬


‫اب‬ ‫ين َكَف ُروْا َل ْس َت ُم ْرَسالً ُق ْل َكَف ٰى ِب َّ‬ ‫ويُق َّ ِ‬
‫ول الذ َ‬
‫ُ ُ‬ ‫َ ََ ْ َ َ‬ ‫ََ ُ‬
‫قوله عز وجل‪{ :‬وم ْن ِع َنده ِعْلم اْل ِكتَ ِ‬
‫اب} [اآلية‪.]43 :‬‬ ‫ُ ُ‬ ‫ََ‬

‫قال سهل‪ :‬الكتاب عزيز‪ ،‬وعلم الكتاب أعز‪ ،‬والعلم عزيز‪ ،‬والعمل بعلمه أعز‪ ،‬والمشاهدة عزيز‪ ،‬والموافقة فى المشاهدة‬
‫أعز‪ ،‬والموافقة عزيز‪ ،‬واألنس فى الموافقة أعز‪ ،‬واألنس عزيز‪ ،‬واألدب فى محل األنس أعز‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الرعد (من اآلية ‪ 29‬الى اآلية ‪)29‬‬

‫طوب ٰى َلهم وحس ُن م ٍ‬


‫آب‬ ‫َّال ِذين آمنوْا وع ِمُلوْا َّ ِ ِ‬
‫الصال َحات ُ َ ُ ْ َ ُ ْ َ‬ ‫َ َُ َ َ‬
‫الصالِح ِ‬
‫ات}‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫آمُنوْا َو َعمُلوْا َّ َ‬
‫ين َ‬
‫قوله عز وجل‪{ :‬الذ َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬الذين صدقوا ما ضمنت لهم من الرزق والعمل الصالح ما كان بر ًيئا من الشرك والرياء والعجب‪.‬‬

‫سورة الرعد (من اآلية ‪ 33‬الى اآلية ‪)33‬‬

‫ظِ‬
‫اه ٍر ِم َن‬ ‫ون ُه ِبما الَ َي ْعَلم ِفي األ َْر ِ‬
‫ض أَم ِب َ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫تَُنبُئ َ َ‬ ‫وه ْم أ َْم‬ ‫أََف َم ْن ُه َو َقآئ ٌم َعَل ٰى ُكل َنْفس ب َما َك َسَب ْت َو َج َعُلوْا ََّّلل ُش َرَك َ‬
‫آء ُق ْل َس ُّم ُ‬
‫َل ُه ِم ْن َه ٍاد‬ ‫ضلِ ِل َّ‬
‫َّللاُ َف َما‬ ‫يل َو َمن ُي ْ‬‫السِب ِ‬‫صُّدوْا َع ِن َّ‬ ‫ين َكَف ُروْا َم ْك ُرُه ْم َو ُ‬
‫اْلَقو ِل بل زي َِّ ِ‬
‫ِن للذ َ‬ ‫ْ َْ ُ َ‬

‫قوله عز وجل‪{ :‬أََفم ْن ُهو َق ِآئم َعَل ٰى ُك ِل َنْف ٍ‬


‫س ِب َما َك َسَب ْت}‪.‬‬ ‫َ َ ٌ‬

‫وس ُمجت‪.‬‬
‫قال الجنيد‪ :‬باهلل قامت األشياء وبه فنيت وبتجليه حسنت المحاسن وباستتاره قبحت َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫حذر‪.‬‬
‫قال محمد بن الفضل‪ :‬ال تغفل عمن ال يغفل عنك وراقبه وكن ًا‬

‫قال هللا تعالى‪{ :‬أََفم ْن ُهو َق ِآئم َعَل ٰى ُك ِل َنْف ٍ‬


‫س ِب َما َك َسَب ْت} [اآلية‪.]33 :‬‬ ‫َ َ ٌ‬

‫ين َكَف ُروْا َم ْك ُرُه ْم} [اآلية‪.]33 :‬‬ ‫قوله عز وجل‪{ :‬بل زي َِّ ِ‬
‫ِن للذ َ‬ ‫َْ ُ َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬زين هللا تعالى طرق الهالك فى عين من قدر عليه الهالك‪ ،‬فيراه رشداً ليوصله إلى المقضى عليه من‬
‫الهالك‪.‬‬

‫ين َكَف ُروْا َم ْك ُرُه ْم}‪.‬‬ ‫قال هللا تعالى‪{ :‬بل زي َِّ ِ‬
‫ِن للذ َ‬ ‫َْ ُ َ‬

‫قال أبو زيد‪ :‬اجتنب مكر النفس وأثبته له‪ ،‬فإنه أنقى من كل ما فيه‪ ،‬هو الذى أهلك من هلك‪.‬‬

‫سورة إبراهيم (من اآلية ‪ 1‬الى اآلية ‪)1‬‬

‫يز اْل َح ِم ِيد‬ ‫صر ِ‬


‫اط اْل َع ِز ِ‬ ‫ِ‬
‫ور ِبِإ ْذ ِن َرب ِِه ْم ِإَل ٰى َ‬
‫الظُلم ِ‬
‫ات ِإَلى ُّ‬
‫الن ِ‬ ‫َ‬
‫الناس ِمن ُّ‬ ‫ِ‬
‫َنزلَناهُ ِإَل ْي َك لتُ ْخ ِرَج َّ َ َ‬
‫اب أ َ ْ‬ ‫ِ‬
‫الر كتَ ٌ‬
‫الظُلم ِ‬
‫ات ِإَلى ُّ‬ ‫الناس ِمن ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الن ِ‬
‫ور } [اآلية‪.]1 :‬‬ ‫َ‬ ‫َنزلَناهُ ِإَل ْي َك لتُ ْخ ِرَج َّ َ َ‬
‫اب أ َ ْ‬
‫قوله عز وجل‪{ :‬كتَ ٌ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال جعفر‪ :‬عهد خصصت به فيه بيان هالك سالف األمم ونجاة أمتك‪ ،‬أنزلناه إليك لتخرجهم به من ظلمات الكفر‬
‫إلى نور اإليمان‪ ،‬ومن ظلمات البدعة إلى أنوار السنة‪ ،‬ومن ظلمات النفوس إلى أنوار القلوب‪.‬‬

‫قال أبو بكر‪ :‬من ظلمات ِ‬


‫الظن إلى أنوار الحقيقة‪.‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬من ظلمات الشرك إلى أنوار الهدى‪.‬‬

‫قال أبو حفص‪ :‬الظلمة رؤية الفعل والنور رؤية الفضل‪.‬‬

‫سورة إبراهيم (من اآلية ‪ 2‬الى اآلية ‪)2‬‬

‫اب َش ِد ٍيد‬
‫ين ِم ْن َع َذ ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الس ٰم ٰو ِت وما ِفي األ َْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ َّ ِ‬
‫ض َوَوْي ٌل لْل َكاف ِر َ‬ ‫َّللا الذي َل ُه َما في َّ َ َ َ َ‬

‫ض} [اآلية‪.]2 :‬‬ ‫ِ‬


‫ات وما ِفي األ َْر ِ‬ ‫{َّللاِ اَّل ِذي َل ُه َما ِفي َّ‬
‫الس َم َاو َ َ‬ ‫قوله عز وجل‪َّ :‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬الكون كله له فمن طلب الكون فإنه المكون‪ ،‬ومن طلب الحق فوجده سخر له الكون بما فيه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة إبراهيم (من اآلية ‪ 3‬الى اآلية ‪)3‬‬

‫ضالَ ٍل َب ِع ٍيد‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يل َّ ِ‬ ‫الد ْنيا عَلى ِ‬ ‫َّ ِ‬


‫ون َها عَوجاً أ ُْوَلـٰئ َك في َ‬
‫َّللا َوَي ْب ُغ َ‬ ‫اآلخرِة ويصُّدو َن َعن سِب ِ‬
‫َ‬ ‫َ ََ ُ‬ ‫اة ُّ َ َ‬ ‫ين َي ْستَ ِحبُّو َن اْل َحَي َ‬
‫الذ َ‬
‫الد ْنيا عَلى ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫اآلخ َرِة} [اآلية‪.]3 :‬‬ ‫اة ُّ َ َ‬ ‫ين َي ْستَ ِحبُّو َن اْل َحَي َ‬
‫قوله عز وجل‪{ :‬الذ َ‬

‫قال أبو على الجوزجانى‪ :‬من أحب الدنيا حرم عليه طلب طريق اآلخرة‪ ،‬ومن طلب اآلخرة حرم عليه طلب طريق‬
‫نجاته‪ ،‬ومن طلب طريق النجاة حرم عليه رؤية فضل هللا تعالى عليه‪ ،‬ومن طلب رؤية طريق الفضل حرم عليه‬
‫الوصول إلى المتفضل‪.‬‬

‫سورة إبراهيم (من اآلية ‪ 5‬الى اآلية ‪)5‬‬

‫ٍ ِ ِ‬ ‫ور وَذ ِكرهم ِبأَيَّا ِم َّ ِ ِ ٰ ِ‬ ‫الظُلم ِ‬


‫َخ ِرج َقومك ِمن ُّ‬ ‫ِ‬
‫صب ٍ‬
‫َّار‬ ‫َّللا ِإ َّن في ذل َك َ‬
‫آليات ل ُكل َ‬ ‫الن ِ َ ْ ُ ْ‬‫ات ِإَلى ُّ‬ ‫َ‬ ‫َن أ ْ ْ ْ َ َ َ‬‫وس ٰى ِب َآياتَنآ أ ْ‬
‫َوَلَق ْد أ َْرَسْلَنا ُم َ‬
‫َش ُك ٍ‬
‫ور‬

‫َّللاِ} [اآلية‪.]5 :‬‬


‫{وَذ ِك ْرُه ْم ِبأَيَّا ِم َّ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال أبو ال حسن الوراق فى هذه اآلية‪ :‬افتح عليهم سبيل الشكر لئال يغتروا بالنعم وقيل دلهم على معرفة نعمى عندهم‬
‫لئال يستعظموا نور طاعتهم‪ ،‬وقيل شكرهم فى جنب تواتر نعمى لديهم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة إبراهيم (من اآلية ‪ 7‬الى اآلية ‪)7‬‬

‫ُّك ْم َلِئن َش َك ْرتُ ْم أل َِز َيدَّن ُك ْم َوَلِئن َكَف ْرتُ ْم ِإ َّن َع َذاِبي َل َش ِد ٌيد‬
‫َوِإ ْذ تَأ ََّذ َن َرب ُ‬

‫قوله عز وجل‪َ{ :‬لِئن َش َك ْرتُ ْم أل َِز َيدَّن ُك ْم} [اآلية‪.]7 :‬‬

‫سئل عنها ابن عطاء فقال‪ :‬إذا رددت األشياء إلى مصادرها من غير حضور منك لها فقد تم الشكر لإلسالم‪.‬‬

‫قال الجوزجانى‪ :‬لئن شكرتم لإلسالم ألزيدنكم اإليمان ولئن شكرتم لإليمان ألزيدنكم اإلحسان‪ ،‬ولئن شكرتم لإلحسان‬
‫ألزيدنكم المعرفة‪ ،‬ولئن شكرتم المعرفة ألزيدنكم الوصلة‪ ،‬ولئن شكرتم الوصلة ألزيدنكم القرب‪ ،‬ولئن شكرتم القرب‬
‫ألزيدنكم األنس‪.‬‬

‫قال الجريرى‪ :‬كمال الشكر فى مشاهدة العجز عن الشكر‪.‬‬

‫ٍ‬
‫روى أن داود عليه السالم قال‪ :‬يا رب كيف أشكرك وشكرى لك تجديد منة لك َّ‬
‫على‪ ،‬قال يا داود اآلن شكرتنى‪.‬‬

‫قال أبو بكر الوراق‪ :‬شكر النعمة مشاهدةُ المنة‪.‬‬

‫طفيليا‪.‬‬
‫ً‬ ‫قال حمدون‪ُ :‬شكر النعمة زيادة نعمة‪ ،‬ومن َش َكر المنعم زاده أن ترى نفسك فيه‬

‫سئل بعضهم عن الشكر فقال‪ :‬أن ال تتقووا بنعمه على معاصيه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬من شكر النعمة زاده نعمة‪ ،‬ومن شكر المنعم زاده معرفة به ومحبة له‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬لئن شكرتم‪ :‬هدايتى‪ ،‬ألزيدنكم‪ :‬خدمتى‪ ،‬ولئن شكرتم‪ :‬خدمتى ألزيدنكم‪ :‬مشاهدتى‪ ،‬ولئن شكرتم‪:‬‬
‫مشاهدتى‪ ،‬ألزيدنكم‪ :‬واليتى‪ ،‬ولئن شكرتم‪ :‬واليتى‪ ،‬ألزيدنكم رؤيتى‪.‬‬

‫سورة إبراهيم (من اآلية ‪ 8‬الى اآلية ‪)8‬‬

‫َّللاَ َل َغِن ٌّي َح ِم ٌيد‬


‫ض َج ِميعاً َفِإ َّن َّ‬
‫ال موسى ِإن تَ ْكُف ُروْا أَنتُم ومن ِفي األ َْر ِ‬
‫ْ ََ‬ ‫َوَق َ ُ َ‬

‫َّللاَ َل َغِن ٌّي َح ِم ٌيد} [اآلية‪.]8 :‬‬


‫ض َج ِميعاً َفِإ َّن َّ‬
‫قوله عز وجل‪ِ{ :‬إن تَ ْكُف ُروْا أَنتُم ومن ِفي األ َْر ِ‬
‫ْ ََ‬

‫غنى‪ ،‬بل خلقهم على َح ِد االفتقار‬


‫غنيا ما زاده إيجاد الخلق ً‬ ‫قال حمدون‪ :‬الغنى فى الحقيقة من لم يزل ً‬
‫غنيا وال يزال ً‬
‫إليه وهو الغنى الحميد‪.‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬ليس اإليمان بمقرب إلى الحق وال الكفر بمبعد عنه ولكن جرى ما جرى به األمر فى األزل‪ ،‬فالشقاوة‬
‫والسعادة والكفر واإليمان‪ ،‬أعالم ال حقائق‪ ،‬والحقائق القضاء الذى سبق فى الدهور بل جرى فى سابق علمه أن ال‬
‫علما ألهل الشقاء وحلية لهم‪،‬‬
‫يكرم بالسعادة إال َم ْن أهله لقربه بفضله‪ ،‬وال يهين بالشقاء إال من أبعده‪ ،‬ثم جعل الكفر ً‬
‫بل اإليمان عين الكرامة‪ ،‬وشاهد الكفر عين الهوان وشاهد البعد اللعنة وهللا أعلم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة إبراهيم (من اآلية ‪ 10‬الى اآلية ‪)10‬‬

‫الس ٰم ٰو ِت واأل َْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫َقاَلت رسُلهم أ َِفي َّ ِ‬


‫َج ٍل ُّم َس ًّـمـى َقاُلوْا ِإ ْن‬ ‫ِ‬ ‫وك ْم لَِي ْغِف َر َل ُك ْم ِمن ُذُنوب ُ‬
‫ِك ْم َوُي َؤخ َرُك ْم ِإَلى أ َ‬ ‫ض َي ْد ُع ُ‬ ‫َّللا َش ٌّك َفاط ِر َّ َ َ َ‬ ‫ْ ُُ ُْ‬
‫ان ُّمِب ٍ‬
‫طٍ‬ ‫ونا ِب ُسْل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬
‫ين‬ ‫آؤَنا َفأْتُ َ‬ ‫ان َي ْعُب ُد َآب ُ‬
‫ونا َع َّما َك َ‬ ‫أَنتُ ْم إال َب َشٌر م ْثُلَنا تُ ِر ُيدو َن أَن تَ ُ‬
‫صُّد َ‬

‫وك ْم لَِي ْغِف َر َل ُك ْم ِمن ُذُنوب ُ‬


‫ِك ْم} [اآلية‪.]10 :‬‬ ‫ِ‬
‫ات واأل َْر ِ‬
‫ض َي ْد ُع ُ‬ ‫قوله عز وجل‪َ { :‬ف ِ‬
‫اط ِر َّ‬
‫الس َم َاو َ‬

‫قال الثورى‪ :‬دعا هللا الخلق بنفسه إلى نفسه وذكر من أسمائه فاطر‪ ،‬لئال يتعلقوا بشىء من األكوان فقال‪ :‬فاطر‬
‫إلى‪.‬‬
‫السماوات واألرض‪ ،‬إن أردتم ما فيهما فهو عندى‪ ،‬وإن أردتمونى فال تلتفتوا إليهما‪ .‬وارجعوا منهما َّ‬

‫وك ْم لَِي ْغِف َر َل ُك ْم}‬


‫{ي ْد ُع ُ‬
‫قال بعضهم‪ :‬ما دعا هللا تعالى إليه وال األنبياء وإنما دعا من دعا بحظوظهم؛ قال هللا تعالى‪َ :‬‬
‫[اآلية‪.]10 :‬‬

‫سورة إبراهيم (من اآلية ‪ 11‬الى اآلية ‪)11‬‬

‫ان ِإالَّ‬
‫طٍ‬ ‫ان َلَنآ أَن َّنأِْتَي ُك ْم ِب ُسْل َ‬ ‫َّللا يم ُّن عَلى من ي َش ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ َّ‬
‫َقاَل ْت َل ُه ْم ُرُسُل ُه ْم إن ن ْح ُن إال َب َشٌر م ْثُل ُك ْم َوَلـٰك َّن َّ َ َ ُ َ ٰ َ َ ُ‬
‫آء م ْن عَباده َو َما َك َ‬
‫َّللاِ َفْلَيتََوَّك ِل اْل ُم ْؤ ِمُنو َن‬
‫َّللاِ َوعَلى َّ‬
‫ِبِإ ْذ ِن َّ‬

‫آء ِم ْن ِعَب ِادِه} [اآلية‪.]11 :‬‬ ‫{وَلـ ِٰك َّن َّ‬


‫َّللاَ َي ُم ُّن َعَل ٰى َمن َي َش ُ‬ ‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫من هللا تعالى على خواص عباده‪ ،‬فإن اإلحصاء والعدد‪ ،‬فأول ٍ‬
‫منة له عليهم التوحيد ثم المعرفة ثم أن‬ ‫قال أبو عثمان‪َّ :‬‬
‫بعث فيهم الرسل ثم أن سماهم عباده‪ ،‬ثم له عليهم فى كل َنَف ٍ‬
‫س نعمة عرفوها‪ ،‬أو لم يعرفوها‪.‬‬

‫يم ُّن على من يشاء من عباده بتالوة كالمه والفهم منه‪.‬‬


‫قال سهل‪ُ :‬‬

‫يم ُّن على من يشاء بالمعرفة‪.‬‬


‫وقال بعضهم‪ُ :‬‬

‫يم ُّن على من يشاء بالهداية والتوفيق‪.‬‬


‫قال ابن عطاء‪ُ :‬‬

‫سورة إبراهيم (من اآلية ‪ 12‬الى اآلية ‪)12‬‬

‫َّللاِ َفْلَيتََوَّك ِل اْل ُمتََو ِكُلو َن‬ ‫صِب َرَّن َعَل ٰى َمآ آ َذ ْيتُ ُم َ‬
‫ونا َو َعَلى َّ‬ ‫وما َلنآ أَالَّ نتوَّكل عَلى َّ ِ‬
‫َّللا َوَق ْد َه َد َانا ُسُبَلَنا َوَلَن ْ‬ ‫َ ََ َ َ‬ ‫ََ َ‬

‫َّللاِ َوَق ْد َه َد َانا ُسُبَلَنا} [اآلية‪.]12 :‬‬


‫{و َما َلَنآ أَالَّ َنتََوَّك َل َعَلى َّ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال أبو تراب‪ :‬التوكل طرح البدن فى العبودية‪ ،‬وتعلق القلب بالربوبية والطمأنينة إلى الكفاية‪ ،‬فإن أعطى شكر وإن‬
‫منع صبر‪.‬‬

‫قال الزقاق‪ :‬التوكل رد العيش إلى يوم واحد وإسقاط ه ِم ٍ‬


‫غد‪.‬‬ ‫َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال رويم‪ :‬التوكل الثقة بالوعد‪.‬‬

‫قال الشبلى‪ :‬التوكل هو أن يكون مع هللا تعالى كما لم يكن ويكون الحق كما لم يزل‪.‬‬

‫سمعت على بن بندار يقول‪ :‬سمعت أبا محمد الجريرى يقول وسئل عن التوكل؟‬

‫فقال‪ :‬التوكل معاينة االضطرار‪.‬‬

‫قال أبو عمر األنماطى‪ :‬التوكل النظر إلى األكوان بالتسخير‪.‬‬

‫وسئل بعضهم عن التوكل فقال‪ :‬غض البصر عن الدنيا وقطع القلب عنها‪.‬‬

‫قيل للحسين‪ :‬ما التوكل؟ قال‪ :‬الجمود تحت الموارد‪.‬‬

‫َّللاِ َوَق ْد َه َد َانا ُسُبَلَنا} ما لنا أن ال نتوكل باهلل وقد أعطانا سبلنا‬
‫{و َما َلَنآ أَالَّ َنتََوَّك َل َعَلى َّ‬
‫وقال حكم األصمعى فى قوله‪َ :‬‬
‫لإلسالم والهدى‪.‬‬

‫سورة إبراهيم (من اآلية ‪ 19‬الى اآلية ‪)19‬‬

‫ْت ِب َخْل ٍق َج ِد ٍيد‬


‫حق ِإن ي َش ْأ ي ْذ ِهب ُكم ويأ ِ‬
‫َ ُ ْ ْ ََ‬ ‫ض ِباْل ِ‬ ‫َّللا خَلق َّ ِ‬
‫الس َٰم َٰوت َواأل َْر َ‬ ‫أََل ْم تَ َر أ َّ‬
‫َن َّ َ َ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ض ِباْل ِ‬
‫حق} [اآلية‪.]19 :‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله عز وجل‪{ :‬أََل ْم تَ َر أ َّ‬
‫الس َم َاوات َواأل َْر َ‬
‫َّللاَ َخَل َق َّ‬
‫َن َّ‬

‫قال سهل‪ :‬خلق هللا تعالى األشياء كلها بقدرته وزينها بعلمه‪ ،‬وأحكمها بحكمته‪ ،‬فالناظر من الخلق إلى الخالق يتبين له‬
‫من الخلق عجائب الخلقة‪ ،‬والناظر من الخالق إلى الخلق يكشف له عن آثار قدرته وأنوار حكمته وبدائع صنعته‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬خلق السماوات عالية على األرضين مرتفعة عليها وجعل عمارة األرضين من بركات السماء وما يصل‬
‫إليها منها كذلك خلق النفوس وجعل القلوب أمراء عليها‪ ،‬وجعل راحة النفوس فيما يصل إليها من بركات القلوب فمن‬
‫طهر قلبه الستصالح المشاهدة أتت الفوائد والزوائد من الحق فى جميع األوقات‪.‬‬

‫سورة إبراهيم (من اآلية ‪ 22‬الى اآلية ‪)22‬‬

‫ان ِإالَّ أَن‬


‫طٍ‬ ‫َخَلْفتُ ُك ْم َو َما َكا َن لِ َي َعَل ْي ُك ْم ِمن ُسْل َ‬ ‫ضي األ َْم ُر ِإ َّن َّ‬
‫َّللاَ َو َع َد ُك ْم َو ْع َد اْل َح ِق َوَو َعدتُّ ُك ْم َفأ ْ‬ ‫الشيطان لما ق ِ‬ ‫وقال َّ‬
‫َ َ َ ْ َ ُ َ َّ ُ َ‬
‫ص ِرِخ َّي ِإِني َكَف ْر ُت ِب َمآ أ ْ‬
‫َش َرْكتُ ُمو ِن ِمن‬ ‫ِ‬ ‫َنفس ُكم َّمآ أََن ْا ِبم ِ‬
‫ص ِرخ ُك ْم َو َمآ أَنتُ ْم ب ُم ْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫وموْا أ ُ َ ْ‬ ‫وموني َوُل ُ‬
‫َد َعوتُ ُكم َفاستَ َج ْبتُم لِي َفالَ َتُل ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫يم‬
‫اب أَل ٌ‬ ‫ين َل ُه ْم َع َذ ٌ‬‫َقْب ُل ِإ َّن الظالم َ‬

‫َنف َس ُك ْم} [اآلية‪.]22 :‬‬


‫وموْا أ ُ‬ ‫قوله عز وجل‪َ { :‬فالَ َتُل ِ‬
‫وموني َوُل ُ‬
‫ُ‬

‫قال محمد بن حامد‪ :‬النفس محل كل الئمة فمن لم يلم نفسه على الدوام‪ ،‬ورضى عنها بحال من األحوال فقد أهلكها‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬ال تلومونى‪ ،‬فإنى لم أجبركم على المعاصى وإنما دعوتكم فأجبتم لى‪ ،‬فلوموا أنفسكم‪ :‬إلجابة دعائى‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة إبراهيم (من اآلية ‪ 23‬الى اآلية ‪)23‬‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ين ِف ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وأُ ْد ِخل َّال ِذين آمنوْا وع ِمُلوْا َّ ِ ِ‬
‫يها بإ ْذ ِن َربِه ْم تَحيَّتُ ُه ْم ف َ‬
‫يها َسالَ ٌم‬ ‫الصال َحات َجَّنات تَ ْجرِي من تَ ْحت َها األ َْن َه ُار َخالد َ َ‬ ‫َ َُ َ َ‬ ‫َ َ‬

‫يها َسالَ ٌم} [اآلية‪.]23 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫قوله عز وجل‪{ :‬تَحيَّتُ ُه ْم ف َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬تحيات أهل الجنة وسالمهم على ضروب‪ :‬فأهل الصفوة والقربة تحيتهم من ربهم وسالمهم منه على‬
‫{سالَ ٌم َق ْوالً ِمن َّر ٍب َّرِحيمٍ} [يس‪.]58 :‬‬
‫قوله‪َ :‬‬

‫وألهل الطاعات والدرجات تحية المالئكة وسالمهم‪ .‬قال هللا تعالى‪{ :‬والمالَِئ َك ُة ي ْد ُخُلو َن َعَل ْي ِهم ِمن ُك ِل ب ٍ‬
‫اب * َسالَ ٌم‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫َعَل ْي ُكم} [الرعد‪.]24 ،23 :‬‬

‫سورة إبراهيم (من اآلية ‪ 24‬الى اآلية ‪)24‬‬

‫الس َم ِآء‬
‫َصُل َها ثَاِب ٌت َوَف ْرُع َها ِفي َّ‬ ‫طِيب ًة َكشجرٍة َ ِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫طيَبة أ ْ‬ ‫َّللاُ َمثَالً َكل َم ًة َ َ َ َ‬
‫ض َر َب َّ‬ ‫أََل ْم تَ َر َك ْي َ‬
‫ف َ‬

‫طِيَب ٍة} [اآلية‪.]24 :‬‬ ‫{مثَالً َكِل َم ًة َ‬


‫طِيَب ًة َك َش َجرٍة َ‬ ‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬الكلمة الطيبة‪ :‬ال إله إال هللا على التحقيق‪ ،‬والشجرة الطيبة هى تظهر أسرار الموحدين عن دنس‬
‫األطماع بالثقة باهلل واالنقطاع إليه عما سواه‪.‬‬

‫قال محمد بن على‪ :‬الشجرة الطيبة اإليمان أثبتها هللا فى قلوب َّ‬
‫أودائه وجعل أرضها التوفيق وأوراقها الوالية وسماءها‬
‫العناية وماءها الرعاية وأغصانها الكفاية‪ ،‬وأوراقها الوالية وثمارها الوصلة وظلها األنس‪ ،‬فأغصانها ثابتة فى قلب‬
‫الولى وفروعها ثابتة فى السماء بالمزيد من عند الجبار‪ ،‬فاألصل يرعى الفرع بدوام اإلشفاق والمراقبة‪ ،‬والفرع يهدى‬
‫إلى األصل ما يجتنيه من محل المشاهدة والقرب هكذا أبدا قلب المؤمن وفؤاده‪.‬‬

‫سمعت محمد بن عبد هللا الدمشقى يقول‪ :‬سمعت ابن المولد يقول‪ :‬قال أبو سعيد الخراز‪ :‬خزائن هللا تعالى فى السماء‬
‫يحا فهبت فيه ُن ْكتَ ٌة من‬
‫الغيوب وخزائنه فى األرض القلوب ألن هللا تعالى خلق قلب المؤمن بيت خزائنه ثم أرسل ر ً‬
‫الكفر والشرك والنفاق والغش ثم أنشأ سحابة فأمطرت فيه ثم أنبت فيه شجرة فأثمرت الرضا والمحبة والشكر والصفوة‬
‫الس َم ِآء}‪.‬‬
‫صُل َها ثَاِب ٌت َوَف ْرُع َها ِفي َّ‬ ‫{كشجرٍة َ ِ ٍ‬
‫طيَبة أَ ْ‬ ‫واإلخالص والطاعة وهو قوله‪َ َ َ :‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬كل شجرة فى الدنيا إذا لم يكن لها حظ من الماء تجف‪ ،‬والشجرة التى فى قلبك تجف إذا لم تسقها بماء‬
‫التوبة وبماء الندامة ثم بماء الحسرة‪ ،‬ثم بماء الشوق‪ ،‬ثم يأتى سحاب َّ‬
‫المنة فتمطر على قلبك مطر الرحمة حتى يكون‬

‫ماء الخدمة من تحت وماء الرحمة من فوق فيكون طرًيا ً‬


‫شهيا ثم يأتيه ثالثة أشياء طريق العبودية فى النفس‪ ،‬وطريق‬
‫الصحابة فى القلب‪ ،‬وطريق الذكر فى السر‪ ،‬فخدمة النفس الطاعة‪ ،‬وخدم القلب النية‪ ،‬وخدمة السر المراقبة على‬
‫أمطار على النفس مطر الهداية‪ ،‬وعلى اللسان مطر اللطافة‪ ،‬وعلى القلب مطر العظمة‪ ،‬وعلى‬
‫ًا‬ ‫الدوام ثم يمطر عليه‬
‫السر مطر المنة وعلى الروح مطر الكرامة‪ ،‬فينبت من مطر اللسان الشكر والثناء ومن مطر النفس الطاعة والوفاء‪،‬‬
‫ومن مطر القلب الصدق والصفاء‪ ،‬ومن مطر السر الشوق والحياء‪ ،‬ومن مطر الروح الرؤية واللقاء‪.‬‬

‫سورة إبراهيم (من اآلية ‪ 25‬الى اآلية ‪)25‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫اس َل َعَّل ُه ْم َيتَ َذ َّك ُرو َن‬
‫ال لِ َّلن ِ‬ ‫ض ِر ُب َّ‬
‫َّللاُ األ َْمثَ َ‬
‫ُكَلها ُك َّل ِح ٍ ِِ‬
‫ين بإ ْذ ِن َرب َ‬
‫ِها َوَي ْ‬ ‫تُ ْؤِتي أ ُ َ‬
‫ُكَلها ُك َّل ِح ٍ ِِ‬
‫ين بإ ْذ ِن َرب َ‬
‫ِها} [اآلية‪.]25 :‬‬ ‫قوله عز وجل‪{ :‬تُ ْؤِتي أ ُ َ‬

‫اض َرةٌ *‬‫قال الواسطى‪ :‬النفس كانت مواتًا فأحييت وكانت جاهلة فعلمت‪ ،‬وكانت عمياء فبصرت بقوله‪{ :‬وجوه يومِئ ٍذ َّن ِ‬
‫ُ ُ ٌ َْ َ‬
‫اظ َرةٌ} [القيامة‪ ]23 ،22 :‬فنضرت بالتوحيد وابتهجت بالتفريد‪ ،‬وهللا الفعال لما يريد هذا تفسير قوله‪{ :‬تُ ْؤِتي‬‫ِإَلى ربِها ن ِ‬
‫ٰ َ َ َ‬
‫ُكَلها ُك َّل ِح ٍ ِِ‬
‫ين بإ ْذ ِن َرب َ‬
‫ِها}‪.‬‬ ‫أُ َ‬

‫سورة إبراهيم (من اآلية ‪ 26‬الى اآلية ‪)26‬‬

‫ض َما َل َها ِمن َق َر ٍار‬


‫اجتُثَّ ْت ِمن َف ْو ِق األ َْر ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وم ِ ٍ‬
‫ثل َكل َمة َخِبيثَة َك َش َج َرٍة َخِبيثَة ْ‬
‫ََ ُ‬

‫ثل َكلِ َم ٍة َخِبيثَ ٍة َك َش َج َرٍة َخِبيثَ ٍة} [اآلية‪.]26 :‬‬


‫{و َم ُ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫أبدا الكلمات الخبيثة‪.‬‬


‫قال محمد بن على‪ :‬الشجرة الخبيثة اللسان‪ ،‬ما لم يقطعها المؤمن بسيف الخوف‪ ،‬فإنها تثمر ً‬

‫ار حتى يهوى بصاحبها إلى النار‪.‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬الشجرة الخبيثة النفاق وهى التى ال تقر قرًا‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬الشجرة الخبيثة الشهوات وأرضها النفوس وماؤها األمل وأوراقها الكسل‪ ،‬وثمارها المعاصى وغايتها‬
‫النار‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة إبراهيم (من اآلية ‪ 27‬الى اآلية ‪)27‬‬

‫ض ُّل َّ َّ ِ ِ‬
‫اآلخرِة وي ِ‬
‫الد ْنيا وِفي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ َّ ِ ِ ِ‬ ‫يثَِبت َّ َّ ِ‬
‫آء‬
‫َّللاُ َما َي َش ُ‬
‫ين َوَيْف َع ُل َّ‬
‫َّللاُ الظالم َ‬ ‫َ َُ‬ ‫آمُنوْا باْلَق ْول الثابت في اْل َحَياة ُّ َ َ‬
‫ين َ‬
‫َّللاُ الذ َ‬ ‫ُ ُ‬

‫آمُنوْا ِباْلَق ْو ِل الثَّاِب ِت} [اآلية‪.]27 :‬‬ ‫قوله عز وجل‪{ :‬يثَِبت َّ َّ ِ‬


‫ين َ‬
‫َّللاُ الذ َ‬ ‫ُ ُ‬

‫قال‪ :‬يثبت هللا الذين آمنوا‪ :‬على مقدار المواجيد يكون المخاوف واألمن‪ ،‬ولم ينزع الخوف وال انفلت منه أحد لحظة‪،‬‬
‫وما من أحد يسعى إال خاف عقبى سعيه وهو الذى ال يخاف عقباها‪ ،‬فمن أثبته بالقول أسقط عنه تلك المخاوف‪.‬‬

‫آء} [اآلية‪.]27 :‬‬


‫َّللاُ َما َي َش ُ‬
‫{وَيْف َع ُل َّ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الخلق كلهم مجبورون تحت القدرة‪ ،‬ومقهورون على الجبروت‪ ،‬ليس إليهم من أمورهم شىء ممنوعون‬
‫عما يريدون مقضى عليهم بما يكرهون‪ ،‬هذا من آثار العبودية وهللا مدبر األمور ومبدئها ومنشئها أنشأها على إرادته‬
‫وأبداها على مشيئته ال ناقض لما أبرم فاألفعال على الحقيقة فعله‪ ،‬والكون صنعه‪ ،‬ال علة لفعله وال لصنعه‪.‬‬

‫سورة إبراهيم (من اآلية ‪ 28‬الى اآلية ‪)28‬‬

‫َحُّلوْا َق ْو َم ُه ْم َد َار اْلَب َو ِار‬ ‫أََلم تر ِإَلى َّال ِذين بَّدُلوْا ِنعمت َّ ِ‬
‫َّللا ُكْف اًر َوأ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ ََ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َّللاِ ُكْف اًر} [اآلية‪.]28 :‬‬
‫ين َبَّدُلوْا ِن ْع َم َة َّ‬ ‫َّ ِ‬
‫قوله عز وجل‪{ :‬أََل ْم تَ َر ِإَلى الذ َ‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬أجهل الخلق بنعمة هللا من استعملها فى أنواع المعاصى ولم يقم بشكرها من أن يعمل بها فى طاعة‬
‫هللا تعالى‪.‬‬

‫سورة إبراهيم (من اآلية ‪ 30‬الى اآلية ‪)30‬‬

‫ضُّلوْا عن سِبيلِ ِه ُقل تَمتَّعوْا َفِإ َّن م ِ‬


‫ص َيرُك ْم ِإَلى َّ‬
‫الن ِار‬ ‫وجعُلوْا ََِّّللِ أَنداداً لِي ِ‬
‫َ‬ ‫ْ َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ََ‬
‫قوله عز وجل‪ُ{ :‬قل تَمتَّعوْا َفِإ َّن م ِ‬
‫ص َيرُك ْم ِإَلى َّ‬
‫الن ِار} [اآلية‪.]30 :‬‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ُ‬

‫قال ذو النون‪ :‬التمتع أن يقضى العبد ما استطاع من شهوته‪.‬‬

‫سورة إبراهيم (من اآلية ‪ 32‬الى اآلية ‪)32‬‬

‫ِي ِفي‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫السم ِآء مآء َفأ ْ ِ ِ ِ َّ ِ‬ ‫الس ٰم ٰو ِت واألَرض وأ َ ِ‬ ‫َّ َّ ِ‬
‫َخ َرَج به م َن الث َم َرات ِرْزقاً ل ُك ْم َو َس َّخ َر َل ُك ُم اْلُفْل َك لتَ ْجر َ‬ ‫َنزَل م َن َّ َ َ ً‬ ‫َّللاُ الذي َخَل َق َّ َ َ َ ْ َ َ‬
‫اْلَب ْح ِر ِبأ َْم ِِره َو َس َّخ َر َل ُك ُم األ َْن َه َار‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِي ِفي اْلَب ْح ِر ِبأ َْم ِِره} [اآلية‪.]32 :‬‬ ‫ِ‬
‫{و َس َّخ َر َل ُك ُم اْلُفْل َك لتَ ْجر َ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫ومتجرا‪ ،‬وسخر لكم الشمس والقمر‪،‬‬


‫ً‬ ‫قال جعفر‪ :‬سخر لكم السماوات بالمطر‪ ،‬واألرض بالنبات‪ ،‬والبحر أن يتخذ سبيالً‬
‫يدوران عليك ويوصالن إليك منافع الثمار والزروع‪ ،‬وسخر قلب المؤمن لمحبته ومعرفته‪ ،‬وجعل هللا تعالى من العباد‬
‫القلوب ألنه موضع نظره ومستودع أمانته ومعرفة أس ارره‪.‬‬

‫سورة إبراهيم (من اآلية ‪ 34‬الى اآلية ‪)34‬‬

‫وم َكَّف ٌار‬ ‫اكم ِمن ُك ِل ما سأَْلتموه وإِن تعُّدوْا ِنعمت َّ ِ‬


‫ظُل ٌ‬
‫ان َل َ‬ ‫وها ِإ َّن ْ‬
‫اإلن َس َ‬ ‫ص َ‬‫َّللا الَ تُ ْح ُ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ َ ُُ ُ َ َُ‬ ‫َوآتَ ُ‬

‫وه} [اآلية‪.]34 :‬‬ ‫قوله عز وجل‪{ :‬وآتَ ُ ِ ِ‬


‫اكم من ُكل َما َسأَْلتُ ُم ُ‬ ‫َ‬

‫قال يحيى بن معاذ‪ :‬إن هللا تعالى أعطاك أكثر ما فى خزائنه وأَجلِه وأعظمه من غير سؤال وهو التوحيد فكيف يمنعك‬
‫ما هو دونها من الثواب‪ ،‬ودفع العقاب بسؤال فاجتهد أيها العبد أن ال يكون سؤالك إال منه وال رغبتك إال فيه‪ ،‬وال‬
‫رجوعك إال إليه فإن األشياء كلها له‪ ،‬فمن أشغله بغيره عنه فقد قطع عليه طريق الحقيقة ومن شغله به‪ ،‬وجعل‬
‫األشياء طوع يديه فينقلب له األعيان ويقرب له البعيد ويمشى حيث أحب‪ ،‬وهذا من مقامات العارفين‪.‬‬

‫وها} [اآلية‪.]34 :‬‬ ‫قوله عز وجل‪{ :‬وإِن تعُّدوْا ِنعمت َّ ِ‬


‫ص َ‬‫َّللا الَ تُ ْح ُ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ َُ‬

‫تعد نعمة من المنعم‪ ،‬فتعجز عن اإلحصاء فكيف إذا تتابعت‪ ،‬قيل ‪ -‬أجل النعم استواء الخلقة وإلهام المعرفة والذكر‬
‫ُ‬
‫نعمه‪،‬‬
‫من سائر الحيوان‪ ،‬وال يطيق القيام بشكرها أحد‪ ،‬وقيل‪ :‬إن اإلنسان لظلوم‪ :‬لنفسه حيث ظن أن شكره يقابل َ‬
‫َّ‬
‫كفار‪ :‬محجوب عن رؤية الفضل عليه فى البدء والعاقبة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫السفير فيما بينكم وبين السفير‬
‫قال سهل‪ :‬إن تعدوا نعمة هللا‪ :‬عليكم بمحمد صلى هللا عليه وسلم لن تحصوها بل جعل َّ‬
‫األعلى والواسطة األدنى‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬أجل النعم رؤية معرفة النعم‪ ،‬ورؤية التقصير فى القيام بشكر المنعم‪.‬‬

‫وقلبا‪ ،‬فنعمة النفس الطاعات‪،‬‬


‫وروحا ً‬
‫ً‬ ‫قال ابن عطاء‪ :‬النعمة أزلية كذلك يجب أن يكون شكرها أزلى واعلم أن لك ً‬
‫نفسا‬
‫ونعمة الروح الخوف‪ ،‬ونعمة القلب اليقين والحكمة‪ ،‬ونعمة الروح المحبة والذكر‪ ،‬ونعمة المعرفة األلفة بالنفس فى‬
‫أبحر الطاعات تتنعم والقلب فى أبحر اليقين يتقلب‪ ،‬والروح فى أبحر القربة‪ ،‬وانتظار العيان تتنعم‪.‬‬

‫سورة إبراهيم (من اآلية ‪ 35‬الى اآلية ‪)35‬‬

‫ِ‬ ‫امناً و ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإِ ْذ َق ِ ِ‬


‫اجُن ْبني َوَبن َّي أَن َّن ْعُب َد األ ْ‬
‫َصَن َام‬ ‫يم َر ِب ْ‬
‫اج َع ْل َهـٰ َذا اْلَبَل َد َء َ ْ‬ ‫ال إ ْب َراه ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله عز وجل‪{ :‬ر ِب اجعل هـٰ َذا اْلبَلد ِ‬
‫آمناً} [اآلية‪.]35 :‬‬ ‫َْ ْ َ َ َ‬ ‫َ‬

‫آمنا من الفراق والحجاب‪.‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬أراد بهذا أن يجعل قلبه ً‬

‫ِ‬ ‫قوله عز وجل‪{ :‬و ِ‬


‫اجُن ْبني َوَبن َّي أَن َّن ْعُب َد األ ْ‬
‫َصَن َام} [اآلية‪.]35 :‬‬ ‫َ ْ‬

‫السي ِ‬
‫َّارى‪ :‬أن تعبد األهواء‪.‬‬ ‫قال َّ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الدينورى‪ :‬األصنام مختلفة فمنهم من صنمه نفسه‪ ،‬ومنهم من صنمه ولده‪ ،‬ومنهم من صنمه ماله ومنهم من‬
‫صنمه تجارته‪ ،‬ومنهم من صنمه زوجته‪ ،‬ومنهم من صنمه حاله‪ ،‬فاألصنام مختلفة وكل واحد من الخلق مربوط بصنم‬

‫من هذه األصنام‪ ،‬والتبرئ أى من هذه األصنام‪ ،‬هو أن ال يرى اإلنسان لنفسه حاالً وال محاالً‪ ،‬وال يعتمد ً‬
‫شيئا من‬
‫اجعا على نفسه باللوم فى جميع ما يبدو من الخير والشر‪ ،‬غير راض به‪.‬‬
‫أفعاله وال يسكن من حاله إلى شىء ر ً‬

‫قال جعفر‪ :‬ال تردنى إلى مشاهدة الخلة وال ترد أوالدى إلى مشاهدة البنوة‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬إن هللا تعالى أمر إبراهيم ببناء الكعبة فلما بنى الكعبة قال‪ :‬ربنا تقبل َّ‬
‫منا‪ :‬فأوحى هللا تعالى إليه‪ :‬يا‬
‫إب راهيم أنا أمرتك ببناء البيت وخصصتك من بين األنبياء بذلك ومننت عليك بذلك ووفقتك لما وفقتك أال تستحى أن‬
‫تمن على‪ ،‬ويقول‪ :‬ربنا تقبل منى نسيت منتى وذكرت رؤية فعلك‪ ،‬قال‪ :‬واجنبنى وبنى أن تعبد األصنام أى نفسى شر‬
‫صنم إذا تابعت هواها‪ .‬واشتغلت بحظها فاشغلها بك‪ ،‬واقطعها عما سواك‪.‬‬

‫الخلة والركون إليها وهو خطرات الغفلة ولحظات ُ‬


‫الخلة‪.‬‬ ‫قال ابن عطاء‪ :‬أن تعبد أصنام ُ‬

‫صنما من الهوى إال من َ‬


‫ط ُهر بالتوفيق‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أيضا‪ :‬أن تعبد األنفس ألن لكل نفس‬
‫وقال ً‬

‫قال الجنيد‪ :‬واجنبنى وبنى‪ ،‬أى امنعنى وبنى أن نتقرب إليك بشىء سواك‪.‬‬

‫سورة إبراهيم (من اآلية ‪ 36‬الى اآلية ‪)36‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ور َّرِحي ٌم‬ ‫اس َفمن تَِبعِني َفِإَّنه ِمِني ومن ع ِ‬ ‫َضَلْل َن َكِثي اًر ِم َن َّ‬
‫صاني َفِإَّن َك َغُف ٌ‬
‫ََْ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الن ِ‬ ‫َر ِب ِإَّن ُه َّن أ ْ‬

‫ص ِاني} [اآلية‪.]36 :‬‬ ‫ِ ِ ِ ِِ‬


‫قوله عز وجل‪َ { :‬ف َمن تَب َعني َفإَّن ُه مني َو َم ْن َع َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬لما هرب الخليل فى استرزاقه للمؤمنين‪ ،‬بأن قيل له‪ :‬ومن كفر‪ ،‬فلما قال‪ :‬ومن عصانى‪ ،‬لم يدع عليهم‬
‫ِ‬
‫يم} أى من صفتك الغفران والرحمة وليس لى على عبادك يد‪.‬‬ ‫لكن قال‪َ { :‬فِإَّن َك َغُف ٌ‬
‫ور َّرح ٌ‬

‫سورة إبراهيم (من اآلية ‪ 37‬الى اآلية ‪)37‬‬

‫اس تَ ْه ِوى‬ ‫اج َع ْل أَ ْفِئ َد ًة ِم َن َّ‬


‫الن ِ‬ ‫َّربَّنآ ِإَّني أَس َكنت ِمن ُذ ِريَِّتي ِبو ٍاد غي ِر ِذي زرٍع ِعند بيِتك اْلمحَّرِم ربَّنا لِيِقيموْا َّ ٰ‬
‫وة َف ْ‬
‫الصل َ‬ ‫َ َْ َ ُ َ َ َ ُ ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ َْ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ِإَلي ِهم وارُزْقهم ِمن الثَّمر ِ‬
‫ات َل َعَّل ُه ْم َي ْش ُك ُرو َن‬ ‫ْ ْ َ ْ ُ ْ َ ََ‬

‫نت ِمن ُذ ِريَِّتي ِب َو ٍاد َغ ْي ِر ِذي َزْرٍع} [اآلية‪.]37 :‬‬


‫{ربََّنآ ِإَّني أَ ْس َك ُ‬
‫قوله عز وجل‪َّ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬أسكنتهم حضرتك بإخراجى إياهم عن حدود المعلومات والمرسومات‪.‬‬

‫قال آخر‪ :‬سهلت عليهم طريق الرجوع إليك ليالً بمجرهم فى الكونين عنك شىء‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬علمتهم بذلك طريق التوكل وترك االعتماد على األسباب‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫اس تَ ْه ِوي ِإَل ْي ِه ْم} [اآلية‪.]37 :‬‬ ‫اج َع ْل أَْفِئ َد ًة ِم َن َّ‬
‫الن ِ‬ ‫قوله عز وجل‪َ { :‬ف ْ‬

‫قال جعفر‪ :‬ألن أفئدتهم تهوى إليك‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬من انقطع عن الخلق بالكلية صرف هللا تعالى إليه وجوه الخلق وجعل مودته فى صدورهم ومحبته فى‬
‫اس‬ ‫اج َع ْل أَ ْفِئ َد ًة ِم َن َّ‬
‫الن ِ‬ ‫قلوبهم وذلك من دعاء الخليل لما قطع بأهله عن الخلق واألرزاق واألسباب‪ ،‬دعا لهم فقال‪َ{ :‬ف ْ‬
‫تَ ْه ِوي ِإَل ْي ِه ْم}‪.‬‬

‫سورة إبراهيم (من اآلية ‪ 38‬الى اآلية ‪)38‬‬

‫الس َم ِآء‬ ‫َّللاِ ِمن َشي ٍء َفي األ َْر ِ‬


‫ض َوالَ ِفي َّ‬ ‫َربََّنآ ِإَّن َك تَ ْعَل ُم َما ُن ْخِفي َو َما ُن ْعلِ ُن َو َما َي ْخَف ٰى َعَلى َّ‬
‫ْ‬
‫{ربََّنآ ِإَّن َك تَ ْعَل ُم َما ُن ْخِفي َو َما ُن ْعلِ ُن} [اآلية‪.]38 :‬‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال الخواص‪ :‬ما نخفى من حبك وما نعلن من ذكرك‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬ما نخفى من األحوال‪ ،‬وما نعلن من اآلداب‪.‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬طهر سرك وأعمر باطنك وأصلح خفيات أمورك‪ ،‬فإن هللا ال يخفى عليه شىء وهو الذى يعلم ما‬
‫نخفى وما نعلن‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬تفرد الحق بإيجاد المفقودات‪ ،‬وتوحد بإظهار الخفيات من الموافقة والمخالفة‪.‬‬

‫وقال الحسين‪ :‬ربنا إنك تعلم ما نخفى من الصحبة وما نعلن من الوجد‪.‬‬

‫سورة إبراهيم (من اآلية ‪ 42‬الى اآلية ‪)42‬‬

‫الظالِمون ِإَّنما يؤ ِخرهم لِيو ٍم ت ْشخ ِ ِ‬


‫َّللا َغ ِافالً ع َّما يعمل َّ‬
‫ص ُار‬
‫ص فيه األ َْب َ‬
‫ُ َ َ ُ َ ُ ُ ْ َْ َ َ ُ‬ ‫َ َْ َ ُ‬ ‫َوالَ تَ ْح َسَب َّن َّ َ‬
‫َّللا َغ ِافالً ع َّما يعمل َّ‬
‫الظالِ ُمو َن} [اآلية‪.]42 :‬‬ ‫َ َْ َ ُ‬ ‫{والَ تَ ْح َسَب َّن َّ َ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال أحمد بن حضرويه‪ :‬لو أذن لى فى الشفاعة ما بدأت إال بظالمى‪ ،‬قيل له كيف؟ قال‪ :‬ألنى نلت بظالمى ما لم‬
‫َّ ِ‬ ‫أنله من والدى‪ .‬قيل‪ :‬وما ذاك؟ قال تعزية هللا تعالى فى قوله‪{ :‬والَ تَحسب َّن َّ ِ‬
‫َّللاَ َغافالً َع َّما َي ْع َم ُل الظال ُمو َن} وقال ً‬
‫أيضا‪:‬‬ ‫َ ْ ََ‬
‫سفرا‪ ،‬إال أن يكون فيه معى من يؤذينى ويظلمنى شوًقا منى لتغذية هللا للمظلومين‪.‬‬ ‫ال أغتنم ً‬

‫قال بعض المتقدمين‪ :‬الظلم على ثالثة أوجه‪ :‬ظلم مغفور‪ ،‬وظلم محاسب‪ ،‬وظلم غير مغفور‪.‬‬

‫فالظلم المغفور ظلم الرجل نفسه‪ ،‬والظلم المحاسب ظلم الرجل أخاه والظلم الذى ال يغفر هو الشرك‪.‬‬

‫قال ميمون بن مهران‪ :‬كفى بهذه اآلية ً‬


‫وعيدا للظالم وتعزية للمظلوم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة إبراهيم (من اآلية ‪ 43‬الى اآلية ‪)43‬‬

‫ِ‬ ‫ين مْقِن ِعي ُرء ِ‬


‫وس ِه ْم الَ َي ْرتَُّد ِإَل ْي ِه ْم َ‬ ‫ِِ‬
‫ط ْرُف ُه ْم َوأَ ْفئ َدتُ ُه ْم َه َو ٌ‬
‫آء‬ ‫ُ‬ ‫ُم ْهطع َ ُ‬
‫قوله عز وجل‪ِ :‬‬
‫{وأَ ْفئ َدتُ ُه ْم َه َو ٌ‬
‫آء} [اآلية‪.]43 :‬‬ ‫َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬هذه صفة قلوب أهل الحق‪ .‬أال ترى األهواء ً‬
‫قائما بالمشيئة واإليرادة غير قائمة بعالقة‪ ،‬كذلك قلوب‬
‫أهل الحق ال تلتفت إلى سواه وال قرار لها مع غير هللا تعالى‪.‬‬

‫سورة إبراهيم (من اآلية ‪ 45‬الى اآلية ‪)45‬‬

‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ال‬ ‫ف َف َعْلَنا ِب ِه ْم َو َ‬
‫ض َرْبَنا َل ُك ُم األَ ْمثَ َ‬ ‫َّن َل ُك ْم َك ْي َ‬
‫َنف َس ُه ْم َوَتَبي َ‬
‫ظَل ُموْا أ ُ‬ ‫َو َس َكنتُ ْم في َم َسـٰك ِن الذ َ‬
‫ين َ‬

‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫َنف َس ُه ْم} [اآلية‪.]45 :‬‬
‫ظَل ُموْا أ ُ‬ ‫{و َس َكنتُ ْم في َم َسـٰك ِن الذ َ‬
‫ين َ‬ ‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫الفساق وأهل المعاصى من غير ضرورة من فسق كامن‪ ،‬ومعصية مستترة فى القلب ألن هللا‬
‫قال أبو عثمان‪ :‬مجاورة َّ‬
‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫َنف َس ُه ْم} ولم يعذر من أقام فيها وقال‪{ :‬أََل ْم تَ ُك ْن‬
‫ظَل ُموْا أ ُ‬ ‫{و َس َكنتُ ْم في َم َسـٰك ِن الذ َ‬
‫ين َ‬ ‫تعالى ذم فريًقا من عباده‪ .‬فقال‪َ :‬‬
‫يها} [النساء‪.]97 :‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫أَرض َّ ِ ِ‬
‫َّللا َواس َع ًة َفتُ َهاج ُروْا ف َ‬ ‫ْ ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة إبراهيم (من اآلية ‪ 48‬الى اآلية ‪)48‬‬

‫الس ٰم ٰو ُت وبرُزوْا ََِّّللِ اْلو ِ‬


‫اح ِد اْلَق َّه ِار‬ ‫ض َغ ْي َر األ َْر ِ‬
‫َ‬ ‫ض َو َّ َ َ َ َ َ‬ ‫َي ْوَم تَُبَّد ُل األ َْر ُ‬

‫ض َغ ْي َر األ َْر ِ‬
‫ض} [اآلية‪.]48 :‬‬ ‫{ي ْوَم تَُبَّد ُل األ َْر ُ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال الواسطى فى هذه اآلية‪ :‬ذلك لما يظهر من كشف حقائقه فى بنى آدم من أنبيائه وأوليائه‪ ،‬ألن األرض والسماوات‬
‫ال تثبت على ما يثبت‪ ،‬يظهر على األبدان من أنوار الحق‪.‬‬

‫شيئا حتى صاروا ال شئ؟ هم أقل‬


‫قيل لبعضهم‪ :‬فأين األشياء إذ ذاك؟ قال‪ :‬عادت إلى مصادرها‪ .‬وقيل‪ :‬متى كانوا ً‬
‫من الهباء فى الهواء فى جنب الحق‪.‬‬

‫سورة إبراهيم (من اآلية ‪ 52‬الى اآلية ‪)52‬‬

‫احٌد ولِي َّذ َّكر أُولُوْا األَْلب ِ‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫َهـٰ َذا َبالَغٌ لِ َّلن ِ‬
‫اب‬ ‫َ‬ ‫اس َولُِين َذ ُروْا به َولَِي ْعَل ُموْا أََّن َما ُه َو إَلـ ٌٰه َو َ َ َ ْ‬

‫اس َولُِين َذ ُروْا ِب ِه} [اآلية‪.]52 :‬‬


‫{هـٰ َذا َبالَغٌ ِل َّلن ِ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال جعفر‪ :‬موعظة للخلق وإنذار لهم ليجتنبوا قرناء السوء‪ ،‬ومجالسة المخالفين فإن القلوب إذا تعودت مجالسة‬
‫األضداد تنعكس وتنتكس‪.‬‬

‫إنذار لهم‪.‬‬
‫إعذار إليهم‪ ،‬و ًا‬
‫ًا‬ ‫قال بعضهم‪ :‬كشف للخلق ما ندبوا به وأمروا له وجعل ذلك‬

‫سورة الحجر (من اآلية ‪ 2‬الى اآلية ‪)2‬‬

‫ِِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ين‬ ‫ُّرَب َما َي َوُّد الذ َ‬
‫ين َكَف ُروْا َل ْو َك ُانوْا ُم ْسلم َ‬
‫َّ ِ‬
‫{رَب َما َي َوُّد الذ َ‬
‫ين َكَف ُروْا} فسقوا لو كانوا مجتهدين‪ ،‬وربما يود الذين كسلوا لو كانوا مجتهدين‪ ،‬وربما يود‬ ‫قال بعضهم‪ُّ :‬‬
‫الذين نسوا لو كانوا ذاكرين‪.‬‬

‫قال عبد هللا بن المبارك‪ :‬ما خرج أحد من الدنيا مؤمن وال كافر إال على ندامة‪ ،‬ومالمة لنفسه فالكافر لما يرى من‬
‫سوء ما يجازى به‪ ،‬والمؤمن لرؤية تقصيره فى القيام بواجب الخدمة وترك الحرمة وشكر النعمة‪.‬‬

‫َّ ِ‬
‫{رَب َما َي َوُّد الذ َ‬
‫ين َكَف ُروْا} يعنى جهلوا نعم هللا تعالى عندهم‪ ،‬وعليهم‬ ‫قال ابن الفرجى‪ :‬الكفر ههنا كفران النعمة ومعناه‪ُّ :‬‬
‫أن لو كانوا شاكرين عارفين برؤية الفضل والمنة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الحجر (من اآلية ‪ 3‬الى اآلية ‪)3‬‬

‫ْكُلوْا َوَيتَ َمتَّ ُعوْا َوُيْل ِه ِه ُم األ ََم ُل َف َس ْو َ‬


‫ف َي ْعَل ُمو َن‬ ‫َذ ْرُه ْم َيأ ُ‬

‫ْكُلوْا َوَيتَ َمتَّ ُعوْا} [اآلية‪.]3 :‬‬


‫قوله عز وجل‪َ { :‬ذ ْرُه ْم َيأ ُ‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬أسوأ الناس حاالً من كان شغله ببطنه‪ ،‬وفرجه‪ ،‬وتنفيذ شهواته حينئذ ال تلحقه أنوار العصمة‪ ،‬وال‬
‫ابدا إلى مقام التوبة‪.‬‬
‫يصل ً‬

‫قال أبو سعيد القرشى‪ :‬فى هذه اآلية من شغلته تربية نفسه‪ ،‬وطلب مرادها‪ ،‬والتمتع بهذه الفانية عن إقبال علينا‬
‫فأعرض عنهم‪ ،‬وال تقبل عليهم‪ ،‬وذرهم وما هم فيه فلن يصل إلينا إال من كان لنا ولم يكن لسوانا عنده قدر‪ ،‬وال‬
‫خطر‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬التزين بالدنيا من أخالق المنافقين‪ ،‬والتمتع بها من أخالق الكافرين‪.‬‬

‫ْكُلوْا َوَيتَ َمتَّ ُعوْا}‪.‬‬


‫قال هللا تعالى‪َ { :‬ذ ْرُه ْم َيأ ُ‬

‫سورة الحجر (من اآلية ‪ 9‬الى اآلية ‪)9‬‬

‫ِإَّنا نحن نَّ ْزلنا ِ‬


‫الذ ْك َر َوإَِّنا َل ُه َل َح ِاف ُ‬
‫ظو َن‬ ‫َُْ َ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫منور بتقدير السر‬
‫مرسوما بالسعادة ًا‬
‫ً‬ ‫قانا نهدى به من كان‬
‫وبيانا‪ ،‬وفر ً‬
‫قال ابن عطاء‪ :‬نحن نزلنا الذكر شفاء‪ ،‬ورحمة ً‬
‫عن المخالفة‪.‬‬

‫{وإَِّنا َل ُه َل َح ِاف ُ‬
‫ظو َن}‪ .‬قال ابن عطاء‪ :‬أى حفظه فى قلوب أوليائه ويستعمل جوارح الخاص من عبادنا‪.‬‬ ‫َ‬

‫خير وذاهبون به ًا‬


‫عمر‪.‬‬ ‫{وإَِّنا َل ُه َل َح ِاف ُ‬
‫ظو َن} على من أردنا به ًا‬ ‫وقال جعفر‪َ :‬‬

‫سورة الحجر (من اآلية ‪ 16‬الى اآلية ‪)16‬‬

‫السم ِاء بروجاً وزيََّّن ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫اها ل َّلناظ ِر َ‬
‫ين‬ ‫ََ َ‬ ‫َوَلَق ْد َج َعْلَنا في َّ َ ُ ُ‬

‫قال بعضهم‪ :‬زين هللا تعالى السماء بالكواكب والبروج وجعلها عالمات ُيهتدى بها فى ظلمات البر والبحر‪ .‬وزين‬
‫القلوب باطالعه عليها‪ ،‬وبأنواع األنوار ليهتدى بتلك األنوار إلى مقامات المعرفة وهذه العالمات إنها يهتدى بها من‬
‫كان يصير مفتوح عين فؤاده ينظر إليه نظر عيان‪.‬‬

‫سورة الحجر (من اآلية ‪ 17‬الى اآلية ‪)17‬‬

‫ان َّرِجي ٍم‬


‫طٍ‬ ‫اها ِمن ُك ِل َش ْي َ‬ ‫َو َحِف ْ‬
‫ظَن َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الجنيد‪ :‬قلوب العباد منها ما كانت محفوظة من نزغات الشيطان‪ ،‬ومنها ما كانت محفوظة بأنوار المعرفة‪ ،‬ومنها‬
‫ما كانت باللجأ‪ ،‬واالستغاثة‪ .‬ومنها ما كانت محفوظة بال حول وال قوة إال باهلل كما حفظ أسرار السماء من الشياطين‬
‫بالكواكب‪.‬‬

‫ان َّرِجيمٍ} [اآلية‪.]17 :‬‬


‫طٍ‬ ‫اها ِمن ُك ِل َش ْي َ‬ ‫{و َحِف ْ‬
‫ظَن َ‬ ‫قال تعالى‪َ :‬‬

‫بالخواطر التى ترد على القلوب كاستراق سمع الجن ألخبار السماء‪.‬‬

‫سورة الحجر (من اآلية ‪ 19‬الى اآلية ‪)19‬‬

‫يها ِمن ُك ِل َشي ٍء َّم ْوُزو ٍن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫اها َوأَْلَق ْيَنا ف َ‬
‫يها َرَواس َي َوأ َْنَب ْتَنا ف َ‬ ‫ض َم َد ْدَن َ‬
‫َواأل َْر َ‬
‫ْ‬
‫يها َرَو ِاسي} [اآلية‪.]19 :‬‬ ‫ِ‬
‫اها َوأَْلَق ْيَنا ف َ‬
‫ض َم َد ْدَن َ‬
‫{واأل َْر َ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬
‫َ‬

‫ظاهر بالجبال الرواسى‪ ،‬وفى الحقيقة هو مقام أوليائه من خلقه‪ ،‬بهم ُيدفع‬
‫ًا‬ ‫قال بعضهم‪َّ :‬‬
‫مد األرض بقدرته‪ ،‬وأمسكها‬
‫البالء عنهم‪ ،‬ولمكانهم يصرف المكاره‪ ،‬ومن فوقهم األوتاد‪ ،‬ومن فوقهم الرواسى‪ ،‬فإلى المفزع مرجع العباد ومفزعهم‬
‫ومرجع المفزع إذا هال األمر إلى األوتاد‪ ،‬ومرجع األوتاد إذا استعظم األمر إلى الرواسى وهم خواص األولياء‪.‬‬

‫يها َرَو ِاسي} [اآلية‪.]19 :‬‬ ‫ِ‬


‫اها َوأَْلَق ْيَنا ف َ‬
‫ض َم َد ْدَن َ‬
‫{واأل َْر َ‬
‫قال هللا تعالى‪َ :‬‬
‫َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الحجر (من اآلية ‪ 21‬الى اآلية ‪)21‬‬

‫َوإِن ِمن َشي ٍء ِإالَّ ِع َندَنا َخ َزِائُن ُه َو َما ُنَن ِزُل ُه ِإالَّ ِبَق َد ٍر َّم ْعُلو ٍم‬
‫ْ‬
‫{وإِن ِمن َشي ٍء ِإالَّ ِع َندَنا َخ َزِائُن ُه} [اآلية‪.]21 :‬‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬
‫ْ‬

‫قيل‪ :‬إن الجنيد‪ .‬كان إذا ق أر هذه اآلية قال‪ :‬فأين تذهبون؟‬

‫قال بعضهم‪ :‬خزائن الحق عند الخلق القلوب أودع فيها أجل شىء؛ وهو التوحيد‪ ،‬وزينها بالمعرفة‪ ،‬ونورها باليقين‪،‬‬
‫ويحدها بالتفويض‪ ،‬وعمرها بالتوكل‪ ،‬وزخرفها باإليمان‪.‬‬

‫قيل‪ :‬قال النبى صلى هللا عليه وسلم‪" :‬قلب ابن آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء" وجعل أثار‬
‫أنوار القلوب على الجوارح من التسارع إلى الطاعات والتثاقل عن المعاصى‪ ،‬والمخالفات‪ ،‬وهذا دليل لما قلت من‬
‫الكرامات‪.‬‬

‫{وإِن ِمن َشي ٍء ِإالَّ ِع َندَنا َخ َزِائُن ُه}‪.‬‬


‫قال هللا تعالى‪َ :‬‬
‫ْ‬

‫قال حمدون الفصال‪ :‬قطع أطماع عبيده عن سواه بقوله‪ ،‬وإن من شئ إال عندنا خزائنه فمن دفع بعد هذا حاجة إلى‬
‫غيره فهو لجهله ولومه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫احدا تخضع لك الرقاب‪،‬‬
‫سيدا و ً‬
‫احدا تفتح لك األبواب‪ ،‬والزم ً‬
‫بابا و ً‬
‫قال رجل ألبى حفص‪ :‬أوصنى فقال يا أخى احفظ ً‬
‫احدا تفتح لك األبواب واخضع لربك‬ ‫وهكذا روى عن النبى صلى هللا عليه وسلم أنه قال لعلى‪" :‬يا على الزم ً‬
‫بابا و ً‬
‫تخضع لك الرقاب‬

‫‪".‬‬

‫الخراز‪ :‬فى هذه اآلية بالغ لمن عقل أن خزائن األشياء عند الحق‪ ،‬وبيده فال يرجع إلى غيره فى أمر‬
‫قال أبو سعيد َّ‬
‫دنياه‪ ،‬وآخرته إال لمن لم يصدق قوله‪ ،‬ولم يؤمن به‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬فى هذه اآلية النظر إلى شواهد القسم سكت النفوس عن الحكم‪.‬‬

‫سورة الحجر (من اآلية ‪ 22‬الى اآلية ‪)22‬‬

‫ين‬ ‫اكموهُ ومآ أ َْنتُم َل ُه ِب َخ ِِ‬ ‫َنزلنا ِمن َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َوأ َْرَسْلَنا ِ‬
‫ازن َ‬ ‫َسَق ْيَن ُ ُ َ َ ْ‬ ‫اء َفأ ْ‬
‫الس َمآء َم ً‬ ‫اح َل َواق َح َفأ َ ْ َ َ‬
‫الرَي َ‬

‫اح َل َو ِاق َح} [اآلية‪.]22 :‬‬ ‫{وأ َْرَسْلَنا ِ‬


‫الرَي َ‬ ‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬رياح الكرم‪ ،‬إذا هبت على أسرار العارفين أعتقهم من هواجس أنفسهم‪ ،‬ورعونات طباعهم‪ ،‬وفساد‬
‫أهوائهم‪ ،‬ومراداتهم‪ ،‬وأظهر فى القلوب نتائج الكرم‪ ،‬وهو االعتصام باهلل تعالى‪ ،‬واالعتماد عليه‪ ،‬واالنقطاع عما سواه‪.‬‬

‫اح َل َو ِاق َح}‪.‬‬ ‫{وأ َْرَسْلَنا ِ‬


‫الرَي َ‬ ‫قال هللا تعالى‪َ :‬‬

‫فقلوب تلقح بالبر‪ ،‬وقلوب تلقح بالفجور‪ ،‬كما فى الخبر قلوب األبرار تغلى بالبر‪ ،‬وقلوب الفجار تغلى بالفجور‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال أبو عثمان‪ :‬كما أن رياح الربيع إذا هبت فتحت عروق األشجار تحمل الماء‪ ،‬كذلك رياح العناية إذا هبت على‬
‫القلوب فتحت أسماعها لقبول الموعظة‪ ،‬ودلها على طريق التوبة‪ ،‬وباب اإلنابة‪.‬‬

‫سورة الحجر (من اآلية ‪ 23‬الى اآلية ‪)23‬‬

‫ِ‬
‫َو َّإنا َلَن ْح ُن ُن ْحِيي َوُنم ُ‬
‫يت َوَن ْح ُن اْل َو ِارثُو َن‬

‫ِ‬
‫{و َّإنا َلَن ْح ُن ُن ْحِيي َوُنم ُ‬
‫يت} [اآلية‪.]23 :‬‬ ‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬نحيى من نشاء بنا‪ ،‬ونميت من نشاء عنا‪.‬‬

‫اما بالمعصية‪.‬‬
‫اما بالطاعة‪ ،‬ونميت أقو ً‬
‫قال بعضهم‪ :‬نحيى أقو ً‬

‫قال أبو بكر الوراق‪ :‬نحيى القلوب بنور اإليمان‪ ،‬ونميت النفوس باتباع الشهوات‪.‬‬

‫قال الخراز‪ :‬الحى من العباد من بالحق حياته‪ ،‬والميت منهم من بحركاته بقاؤه‪.‬‬

‫قال الجريرى‪ :‬كم حى حياته موته‪ ،‬وميت موته حياته‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقيل‪ :‬نحيى القلوب بالمشاهدة‪ ،‬ونميت النفوس باالستتار‪.‬‬

‫سورة الحجر (من اآلية ‪ 24‬الى اآلية ‪)24‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين ِم ُ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬


‫نك ْم َوَلَق ْد َعل ْمَنا اْل ُم ْستَأْخ ِر َ‬
‫ين‬ ‫َوَلَق ْد َعل ْمَنا اْل ُم ْستَْقدم َ‬

‫ين ِم ُ‬
‫نك ْم} [اآلية‪.]24 :‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫{وَلَق ْد َعل ْمَنا اْل ُم ْستَْقدم َ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬من القلوب قلوب همتها مرتفعة عن األدناس‪ ،‬والنظر إلى األكوان‪ ،‬ومنها ما هى مربوطة بها مقترنة‬
‫بمحاسنها‪ ،‬ال ينفك منها طرفة عين‪.‬‬

‫قال تعالى‪ :‬ولقد علمنا المستقدمين منكم‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬ولقد علمنا الراغبين فينا والمعرضين عنا‪.‬‬

‫سورة الحجر (من اآلية ‪ 26‬الى اآلية ‪)26‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ال ِم ْن َح َمٍإ َّم ْسُنو ٍن‬
‫ان ِمن صْلص ٍ‬
‫َ َ‬ ‫نس َ‬ ‫ِ‬
‫َوَلَق ْد َخَلْقَنا اإل َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬األشباح مردودة إلى قيمتها ألنها أُخرجت من تحت ذل كن وأطهرت من الصلصال والحمأ المسنون‪.‬‬

‫سورة الحجر (من اآلية ‪ 28‬الى اآلية ‪)28‬‬

‫آلئ َك ِة ِإِني َخالِق ب َش اًر ِمن صْلص ٍ‬


‫ال ِم ْن َح َمٍإ َّم ْسُنو ٍن‬ ‫وإِ ْذ َقال ربُّك لِْلم ِ‬
‫َ َ‬ ‫ٌ َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫قوله عز وجل‪ِ{ :‬إِني َخالِق ب َش اًر ِمن صْلص ٍ‬
‫ال ِم ْن َح َمٍإ َّم ْسُنو ٍن} [اآلية‪.]28 :‬‬ ‫َ َ‬ ‫ٌ َ‬

‫علما بعجائب قدرته‪ ،‬وتتالشى عندهم نفوسهم‪.‬‬


‫قال جعفر‪ :‬امتحنهم يحثهم على طلب االستفهام‪ .‬فيزدادوا ً‬

‫سورة الحجر (من اآلية ‪ 29‬الى اآلية ‪)29‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬


‫َفِإ َذا َسَّوْيتُ ُه َوَنَف ْخ ُت فيه من ُّروحي َفَق ُعوْا َل ُه َسا ِجد َ‬
‫ين‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬فإذا خصصته بإظهار النعت عليه من خصائص الروح‪ ،‬وبيان التوبة فدعوا مجادلتهم وارجعوا إلى‬
‫حد القهر‪ ،‬والتعبد فى السجود له‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الواسط ى‪ :‬لما نفخ الروح فى آدم جعل معرفتها معرفة الحق إياها‪ ،‬وعلمها علم الحق بها‪ ،‬ومرادها مراده إياها‬
‫على محابها‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬أبصرت المالئكة من آدم هيكله وشخصه‪ ،‬ولم يشاهدوا إضافة الروح إليه‪ ،‬واختصاص الخلقة به‪،‬‬
‫واستقامة التوبة وتعليم األسماء واإلشراف على الغيب فنكلوا عن السجود فلما أظهر الحق تعالى بهذه الخصائص‬
‫عليه‪ ،‬سجدوا وقالوا‪ :‬سبحانك أنت تخص من تشاء من عبادك بخصائص الوالية‪ ،‬وتنعته بنعوت الربانية‪ ،‬وتجذبه إلى‬
‫بساط القربة وأنت الفعال لما تريد‪.‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬الفرق بين روح آدم‪ ،‬وبين األشياء تسوية الخلقة‪ ،‬وتخصيص اإلضافة فقربت من هللا تعالى‪ ،‬وعرفته‪،‬‬
‫ومكنتها من حكمه فغيبت‪ ،‬ورجعت إليه باإلشارة‪ ،‬وقطعت عنه العبادة وذلك كله من عز الفخر إذا لم يلبسها ذل‬
‫القهر زينها بخلقه فتخلقت بخلقه وتأدبت بصفته‪ ،‬وكانت به تنطق‪ ،‬وبإشارته تعقل وهذا تفسير قوله { َفِإ َذا َسَّوْيتُ ُه}‪.‬‬

‫سورة الحجر (من اآلية ‪ 30‬الى اآلية ‪)31‬‬

‫الئ َك ُة ُكُّلهم أَجمعون * ِإالَّ ِإبلِيس أَبى أَن ي ُكون مع َّ ِ‬


‫َفسجد اْلم ِ‬
‫السا ِجد َ‬
‫ين‬ ‫َ َ ََ‬ ‫ْ َ َٰ‬ ‫ُْ ْ َُ َ‬ ‫َ ََ َ‬
‫َّ ِ‬ ‫ِ ُّ‬
‫َج َم ُعو َن ِإال ِإْبل َ‬
‫يس} [اآلية‪.]31 ،30 :‬‬ ‫قوله عز وجل‪َ { :‬ف َس َج َد اْل َمالئ َك ُة ُكل ُه ْم أ ْ‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬فتح هللا تعالى أعين المالئكة بخصائص آدم‪ ،‬وأعمى عين إبليس عن ذلك فرجعت المالئكة إلى‬
‫االعتزاز‪ ،‬وأقام إبليس على منهج االحتجاج بقوله {أََن ْا َخ ْيٌر ِم ْن ُه} [األعراف‪ ،12 :‬ص‪.]76 :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سئل بعضهم‪ :‬لم امتنع إبليس من السجود وأبى مع علمه؟ قال‪ :‬ألن علمه كان علم عارية عنده فلم يكن حقيقة‪ ،‬إنما‬
‫مستودعا فيه ألجل هالكه‪ ،‬فلما ظهر الوقت جحد ما كان يعرف وأبى ما كان يطيع‪.‬‬
‫ً‬ ‫كان‬

‫سورة الحجر (من اآلية ‪ 35‬الى اآلية ‪)35‬‬

‫اللعن َة ِإَلى يو ِم ِ‬
‫الد ِ‬ ‫َّ‬
‫ين‬ ‫َوإِ َّن َعَل ْي َك ْ َ ٰ َ ْ‬

‫قال الواسطى‪ :‬اللعنة التى لم تزل تستحقه منى وإن كانت األوقات جرت عليك بزينة السعادة‪.‬‬

‫سورة الحجر (من اآلية ‪ 39‬الى اآلية ‪)40‬‬

‫ين‬ ‫ِ‬ ‫ُغ ِويَّنهم أَجم ِعين * ِإالَّ ِعباد ِ‬ ‫َغوْيتَِني أل َُزيَِن َّن َل ُهم ِفي األ َْر ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ك م ْن ُه ُم اْل ُم ْخَلص َ‬
‫ََ َ‬ ‫ض َوأل ْ َ ُ ْ ْ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ال َرب ب َمآ أ ْ َ‬
‫َق َ‬

‫ين} [اآلية‪.]40 -39 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ُغ ِويَّنهم أَجم ِعين ِإالَّ ِعباد ِ‬ ‫قوله عز وجل‪{ :‬أل َُزيَِن َّن َل ُهم ِفي األ َْر ِ‬
‫ك م ْن ُه ُم اْل ُم ْخَلص َ‬
‫ََ َ‬ ‫ض َوأل ْ َ ُ ْ ْ َ َ‬ ‫ْ‬

‫وعلنا‪.‬‬
‫وسر ً‬‫وباطنا ًا‬
‫ً‬ ‫ظاهر‬
‫ًا‬ ‫قال أبو حفص‪ :‬العبد المخلص من ال يخالف سيده‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬المخلص من العبيد هم الواقفون مع هللا تعالى عند حدوده‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال رجل ليحيى بن معاذ‪ :‬بماذا أكرم هللا تعالى عباده المخلصين؟ قال‪ :‬باإليمان بالغيب والمشاهدة‪.‬‬

‫فارسا يقول‪ :‬قال ذو النون‪ :‬أو سهل‪ :‬الناس كلهم موتى إال العلماء‪،‬‬
‫سمعت أحمد بن على بن جعفر يقول‪ :‬سمعت ً‬
‫والعلماء كلهم نيام إال العاملون‪ ،‬والعاملون كلهم مغترون إال المخلصين‪ ،‬والمخلصون على خطر عظيم‪.‬‬

‫قال النصرآباذى‪ :‬المخلص على خطر عظيم ألنه بإياه والمخلص جاوز حد الخطر ألنه بغيره ال به‪.‬‬

‫سورة الحجر (من اآلية ‪ 42‬الى اآلية ‪)42‬‬

‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ان ِإال َم ِن اتََّب َع َك م َن اْل َغ ِاو َ‬
‫ين‬ ‫طٌ‬ ‫ِإ َّن ِعَب ِادي َل ْي َس َل َك َعَل ْي ِه ْم ُسْل َ‬

‫ان} [اآلية‪.]42 :‬‬


‫طٌ‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن ِعَب ِادي َل ْي َس َل َك َعَل ْي ِه ْم ُسْل َ‬

‫قال بعضهم ‪ :‬عبادى الذين أوصلتهم إلى قربى من غير كلفة وال سابقة أفنيتهم عن صفاتهم وزينتهم بإظهار صفاتى‬
‫عليهم فهم مع الخلق بالهياكل‪ ،‬ومعى باألرواح والسرائر ال عليهم من الخلق أثر‪ ،‬وال لهم مما هم فيه خبر أولئك هم‬
‫عبادى حًقا ليس لهم مطلب سواى وال مرجع إال إلى هم هم ال بإياهم بل أنا أنا وال هم هم‪ ،‬فال صفة لهم‪ ،‬وال أخبار‬
‫عنهم لفنائهم عنهم‪ ،‬وبقائهم بى‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الحجر (من اآلية ‪ 45‬الى اآلية ‪)45‬‬

‫ِإ َّن اْلمتَِّقين ِفي جَّن ٍ‬


‫ات َو ُعُيو ٍن‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬من اتقى الشرك فهو فى بساتين وأنهار‪ ،‬ومن اتقى هللا فهو فى حظيرة القدس فى مقعد صدق عند‬
‫مليك مقتدر‪.‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬من اتقى هللا لعوض جعل ثوابه عليه ما يرجوه‪ ،‬ويأمله ومن اتقى ال لعوض فالحق عوض له من كل‬
‫ثواب‪.‬‬

‫سورة الحجر (من اآلية ‪ 47‬الى اآلية ‪)47‬‬

‫ِ‬ ‫ون َزعنا ما ِفي صد ِ ِ ِ‬


‫ورِهم م ْن غ ٍل ِإ ْخ َٰوناً َعَل ٰى ُس ُرٍر ُّمتََقـِٰبل َ‬
‫ين‬ ‫ُُ‬ ‫َ َ َْ َ‬

‫ورِهم ِم ْن ِغ ٍل} [اآلية‪.]47 :‬‬


‫ص ُد ِ‬ ‫ِ‬
‫{وَن َز ْعَنا َما في ُ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال أبو حفص‪ :‬كيف يتقى الغل فى قلوب ائتلفت واتفقت على محبته‪ ،‬واجتمعت على مودته وأنست بذكره‪ .‬إن ذلك‬
‫لقلوب صافية من هواجس النفوس وظلمات الطبائع‪ .‬بل كحلت بنور التوفيق‪ ،‬فصاروا إخو ًانا على سرر متقابلين‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الحجر (من اآلية ‪ 48‬الى اآلية ‪)48‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ٌب َو َما ُه ْم م ْن َها ِب ُم ْخ َرِج َ‬
‫ين‬ ‫يها َن َ‬
‫الَ َي َم ُّس ُه ْم ف َ‬

‫ص ٌب} [اآلية‪.]48 :‬‬ ‫ِ‬


‫يها َن َ‬
‫قوله عز وجل‪{ :‬الَ َي َم ُّس ُه ْم ف َ‬

‫قال النصرآباذى‪ :‬أى نصب يلحق فى المجاورة لمن عقل ولمن انتبه فأى راحة للحدث فى جنب القدم‪ .‬هل هو إال‬
‫تعذيب واستهالك؟‪.‬‬

‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم اإلسكندرانى يقول‪ :‬سمعت أبا جعفر يقول‪ :‬الملطى يذكر عن‬
‫الر ْح َمـ ِٰن} قال‪ :‬حملة الخلق من جهة الخلقة ال‬ ‫على بن موسى الرضى عن أبيه عن جعفر الصادق فى قوله‪ِ :‬‬
‫{عَب ُاد َّ‬
‫من جهة المعرفة‪( ،‬وعبادى) تخصيص فى العبودية‪ ،‬والمعرفة‪.‬‬

‫سورة الحجر (من اآلية ‪ 49‬الى اآلية ‪)50‬‬

‫ِ‬ ‫َنِبىء ِعب ِادي أَِني أََنا اْل َغُفور َّ ِ‬


‫يم‬ ‫َن َع َذاِبي ُه َو اْل َع َذ ُ‬
‫اب األَل ُ‬ ‫يم * َوأ َّ‬
‫الرح ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ‬

‫قال‪ :‬أقم عبادى بين الخوف والرجاء ليصح لهم سبل االستقامة فى اإليمان فإنه من غلب عليه رجاؤه عطله‪ ،‬ومن‬
‫غلب عليه خوفه أقنطه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الحجر (من اآلية ‪ 54‬الى اآلية ‪)54‬‬

‫ال أََب َّش ْرتُ ُموِني َعَل ٰى أَن َّم َّسِني اْل ِكَب ُر َفِبم تَُب ِش ُرو َن‬
‫َق َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله عز وجل‪{ :‬أََب َّش ْرتُ ُموِني َعَل ٰى أَن َّم َّسِني اْل ِكَب ُر َفِب َم تَُب ِش ُرو َن} [اآلية‪.]54 :‬‬
‫َ‬

‫قال الجوزجانى‪ :‬أتاكم الكبر أيام القنوط من الدنيا وما فيها واإلقبال على اآلخرة‪ ،‬وما عند هللا‪ .‬أال ترى أن إبراهيم عليه‬
‫السالم لم يقبل البشرى بالولد من المالئكة عند الكبر وقال‪َ { :‬فِب َم تَُب ِش ُرو َن} إلى أن ذكروا له أن البشرى من هللا تعالى‬
‫فزال عنه القنوط لعلمه بقدرة هللا على ما يشاء‪.‬‬

‫سورة الحجر (من اآلية ‪ 72‬الى اآلية ‪)72‬‬

‫ك ِإَّن ُه ْم َلِفي َس ْك َرِت ِه ْم َي ْع َم ُهو َن‬


‫َل َع ْم ُر َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬أحوال النبى صلى هللا عليه وسلم بين جذب وحجب‪ ،‬وإذا حجب بقوله‪ :‬لعمرك‪ ،‬وإذا صرف جذب‬
‫ض األََق ِاو ِ‬
‫يل} [الحاقة‪.]44 :‬‬ ‫{وَل ْو تََقَّو َل َعَل ْيَنا َب ْع َ‬
‫لقوله‪َ :‬‬

‫ك} بعمارة سرنا بمشاهدتنا‪ ،‬وقطعك عن جميع المكونات‪.‬‬


‫قال بعضهم‪َ{ :‬ل َع ْم ُر َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ك} أى العمارة التى خصصت بها من بين الخلق‪ ،‬فحببوا باألرواح وحببت بنا فبقاؤك‬
‫قال النووى‪ :‬فى قوله‪َ{ :‬ل َع ْم ُر َ‬
‫متصل ببقائى ألنك باق بى‪.‬‬

‫قال جعفر‪ :‬لعمرك أى بحياتك يا محمد إن الكل فى سكرة الغفلة‪ ،‬وحجاب البعد إال من كنت وسيلته‪ ،‬ودليله إلينا‪.‬‬

‫قال بعضهم‪َ{ :‬لِفي َس ْك َرِت ِه ْم َي ْع َم ُهو َن} أى‪ :‬فى شغل الدنيا يتحركون‪.‬‬

‫ك} ألن حياته كانت به‪ ،‬وهو فى قبضة‬ ‫قال القرشى‪ :‬أقسم هللا تعالى بحياة محمد صلى هللا عليه وسلم فقال‪َ{ :‬ل َع ْم ُر َ‬
‫ك} أى بحياة مثلك يكون القسم فإن‬
‫الحق وبساط القرب‪ ،‬وشرف االنبساط‪ ،‬ومقام اإلنفاق‪ ،‬فأقسم بحياته‪ ،‬فقال‪َ{ :‬ل َع ْم ُر َ‬
‫الكل زاغوا‪ ،‬وما زغت‪ ،‬وطغوا‪ ،‬وما طغيت وسألوا وما سألت حتى بدأناك باإلجابة قبل السؤال فحياتك غير الحياة التى‬
‫حى بحياتنا وغير مباين منا بحال‪.‬‬
‫كانت بها حياة الخلق قبلك‪ ،‬وبه حياة القلب فإنك ُّ‬

‫قال أبو سعيد الخراز‪ :‬وصفه لخلقه ثم ستره ببره عن خلقه‪.‬‬

‫سورة الحجر (من اآلية ‪ 75‬الى اآلية ‪)75‬‬

‫ٍ ِ ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ين‬ ‫ِإ َّن في َذل َك َ‬
‫آليات لْل ُمتََوسم َ‬
‫روى عن النبى صلى هللا عليه وسلم أنه قال‪" :‬اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور هللا"‪ .‬ثم قرأ‪ِ{ :‬إ َّن ِفي َذلِك آلي ٍ‬
‫ات‬ ‫َ َ‬
‫ين}‪.‬‬ ‫ِ ِِ‬
‫لْل ُمتََوسم َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الواسطى‪ :‬السرائر بحظوها مصروفة عن أوقاتها صدقها فى تحركها أظهر عليها صدقها فى تعبرها يظهر من‬
‫عفوا فيشرف المتفرس عليها فى أوقاتها بتعرفها‪.‬‬
‫السرائر أبرأ‪ .‬فهو ما يوفقك عليهما ً‬

‫ٍ ِ ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ين} قال هم‪ :‬المتصفحون المتفرسون‪.‬‬ ‫قال هللا تعالى‪ِ{ :‬إ َّن في َذل َك َ‬
‫آليات لْل ُمتََوسم َ‬

‫أجل من هذا حال الكشف لمن أوتيه‪ ،‬وتكون فراسته‬


‫قال بعضهم‪ :‬المتفرس على ثالثة أوجه بالنظر والسمع‪ ،‬والعقل‪ ،‬و ُّ‬
‫وحاضر صحيحة‪.‬‬
‫ًا‬ ‫غائبا‪،‬‬
‫ً‬

‫قال بعضهم‪( :‬المتوسمون) هم المتفرسون فإذا أردت أن تعرف بواطنهم فى الحقيقة فانظر إلى تصاريف أخالقهم‬
‫ومواقيت أشجانهم‪.‬‬

‫قال محمد بن خفيف‪ :‬الفراسة وقومه على ثالثة أوجه‪:‬‬

‫المكنون من اآلفات المستك ن فى النفوس فى األحوال المستخفة عن حمل عوام الخلق‪ ،‬وذلك مخصوص به الرسل كما‬
‫كان للنبى صلى هللا عليه وسلم فى عبد بن زمعة حين قال‪" :‬إن أمرها ليبن لوال حكم هللا تعالى‬

‫‪".‬‬

‫والثانى‪ :‬تجلى ما استودع الحق فى النفوس فى األحكام الخفية علمها على الخلق المنفرد به الحق ويكشف ذلك ألهل‬
‫التخصيص من الصديقين واألولياء بعد األنبياء صلوات هللا عليهم‪ .‬كما قال أبو بكر الصديق‪ :‬رضى هللا عنه إنما‬
‫هما أخواك وأختاك‪.‬‬

‫والثالث‪ :‬ذكر اطالع القلوب عندما انكشف له من الغيب البعيد ما فيه‪ ،‬وهذا مقرون باإللهام‪ .‬كما قال عمر رضى هللا‬
‫عنه "يا سارية الجبل‪".‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال‪ :‬إنما حذر النبى صلى هللا عليه وسلم بقوله "اتقوا فراسة المؤمن طائفة هم قائمون بأحكام نفوسهم أن يتقوا طائفة‬
‫هم خارجون عن أحكام نفوسهم بما كساهم هللا تعالى من نوره فصاروا بذلك ناظرين مشرقين على أهل الظلمة ألن‬
‫الظلمة ال يصادف بها الظلمة‪.‬‬

‫روحه بطهارة قدسه وذكى قلبه بأنوار هدايته فتقسم روحه بخفى ما‬
‫الحق َ‬
‫ُّ‬ ‫صَّفى‬
‫قال بعضهم‪ :‬صفة المتفرس من َ‬
‫استودع الحق خفيات الوجود فذلك النور والحكم ُيسمى فراسة‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الفراسة إدراك الشىء على حقيقته ال يزول وال يغير ألن الناظر إذا نظر بالحق أخبر عن حقيقة‪.‬‬

‫سئل الحسين عن الفراسة‪ :‬فقال‪ :‬حق نظر برياه فخبر عن حقيقة ما هو إياه بإياه‪.‬‬

‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت الخلدى يقول‪ :‬سمعت أبا حفص الحداد يقول‪ :‬الفراسة هى أول خاطر بال‬
‫معارض فإن عارض معارض من جنسه فهو خاطر‪ ،‬وحديث نفسى‪.‬‬

‫قال أبو حفص‪ :‬ليس ألحد أن يرعى لنفسه الفراسة‪ ،‬ولكن يجب أن تتقى من فراسة الغير فيه ألن النبى صلى هللا‬
‫عليه وسلم قال‪" :‬اتقوا فراسة المؤمن"‪ ،‬ولم يتفرسوا فى المؤمنين‪.‬‬

‫وسئل أبو عثمان عن الفراسة‪ .‬فقال‪ :‬آيات الربانية تظهر فى أسرار العارفين‪ ،‬فتنطق ألسنتهم بذلك‪ ،‬فيصادف الحق‪.‬‬

‫سورة الحجر (من اآلية ‪ 85‬الى اآلية ‪)85‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض َو َما َب ْيَن ُه َمآ ِإالَّ ِباْل َح ِق َوِإ َّن َّ‬ ‫وما خَلْقنا َّ ِ‬
‫يل‬
‫الصْف َح اْل َجم َ‬
‫اصَف ِح َّ‬
‫اع َة آلتَي ٌة َف ْ‬
‫الس َ‬ ‫الس َٰم َٰوت َواأل َْر َ‬ ‫ََ َ َ‬

‫يل} [اآلية‪.]85 :‬‬ ‫ِ‬


‫الصْف َح اْل َجم َ‬
‫اصَف ِح َّ‬
‫قوله عز وجل‪َ { :‬ف ْ‬

‫قال بعضهم‪ :‬صفح ال توبيخ‪ ،‬وال حقد بعده‪ ،‬الرجوع إلى ما كان قبل مالبسته المخالفة‪.‬‬

‫أخبرنا أبو بكر الرازى قال حدثنا جعفر الخلدى حدثنا ابن مسروق حدثنا حسن بن مواتا الثعلبى حدثنا يعقوب بن‬
‫يل} قال‬ ‫ِ‬
‫الصْف َح اْل َجم َ‬
‫اصَف ِح َّ‬
‫حميد حدثنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن محمد بن الحنفية عن على فى قوله‪َ{ :‬ف ْ‬
‫هو الرضا بال عتاب‪.‬‬

‫سورة الحجر (من اآلية ‪ 87‬الى اآلية ‪)87‬‬

‫يم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫آن اْل َعظ َ‬
‫اك َس ْبعاً م َن اْل َمثَاني َواْلُق ْر َ‬
‫َوَلَق ْد آتَْيَن َ‬

‫اك َس ْبعاً ِم َن اْل َمثَ ِاني} [اآلية‪.]87 :‬‬


‫{وَلَق ْد آتَْيَن َ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫سمعت منصور بن عبد هللا األصبهانى‪ ،‬ويقال الهروى يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم اإلسكندرانى يقول‪ :‬سمعت أبا جعفر‬
‫الملطى يقول عن على بن موسى الرضى عن أبيه عن جعفر فى هذه اآلية‪.‬‬

‫قال‪ :‬أكرمناك‪ ،‬وأنزلنا إليك‪ ،‬وأرسلناك‪ ،‬وألهمناك‪ ،‬وهديناك‪ ،‬وسلطناك ثم أكرمناك سبع كرامات‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫أولهما‪ :‬الهدى‪ ،‬والثانى‪ :‬النبوة‪ ،‬والثالث‪ :‬الرحمة‪ ،‬والرابع‪ :‬الشفقة‪ ،‬والخامس‪ :‬المودة واأللفة‪ ،‬والسادس‪ :‬النعيم‪ ،‬والسابع‪:‬‬
‫السكينة‪ ،‬والقرآن العظيم‪ ،‬وفيه اسم هللا األعظم‪.‬‬

‫سورة الحجر (من اآلية ‪ 88‬الى اآلية ‪)88‬‬

‫ِ ِ‬ ‫الَ تَمَّد َّن عيَنيك ِإَلى ما متَّعَنا ِب ِه أ َْزواجاً ِم ْنهم والَ تَح َزْن عَلي ِهم و ْ ِ‬
‫اح َك لْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين‬ ‫ض َجَن َ‬
‫اخف ْ‬ ‫َْ ْ َ‬ ‫ُْ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ ْ َ ٰ َ َ ْ‬ ‫ُ‬

‫قوله‪{ :‬الَ تَ ُمَّد َّن َع ْيَن ْي َك ِإَل ٰى َما َمتَّ ْعَنا ِب ِه أ َْزَواجاً ِم ْن ُه ْم} [اآلية‪.]88 :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬غار الحق على حبيبه أن يستحسن من الكون ً‬


‫شيئا أو بغيره طرفه فإن ذلك متعة ال حاصل له عند‬
‫الحق وأراد منه أن يكون أوقاته مصروفة إليه‪ ،‬وأيامه موقوفة عليه وأنفاسه حبيسة عنده‪.‬‬

‫ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫ط َغ ٰى}‬
‫ص ُر َو َما َ‬
‫غ اْلَب َ‬ ‫فقال‪{ :‬الَ تَ ُمَّد َّن َع ْيَن ْي َك إَل ٰى َما َمت ْعَنا به أ َْزَواجاً م ْن ُه ْم} كذلك لما رفع إلى المحل األعلى َ‬
‫{ما َاز َ‬
‫[النجم‪.]17 :‬‬

‫سورة الحجر (من اآلية ‪ 89‬الى اآلية ‪)89‬‬

‫وُقل ِإِني أَنا َّ ِ‬


‫النذ ُير اْل ُمِب ُ‬
‫ين‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال يوسف بن الحسين‪ :‬أذن هللا تعالى لنبيه صلى هللا عليه وسلم أن يخبر عن نفسه بأنه السفير األجل والمعلم‬
‫الظاهر والبيان الشافى بقوله‪ِ{ :‬إِني أَنا َّ ِ‬
‫النذ ُير اْل ُمِب ُ‬
‫ين}‪.‬‬ ‫َ‬

‫ين َع َّما َك ُانوْا َي ْع َمُلو َن} [اآلية‪.]93-92 :‬‬ ‫قال يوسف بن الحسين قوله‪َ { :‬فوربِك َلنسأََلَّنهم أ ِ‬
‫َج َمع َ‬
‫ََ َ َ ْ ُْ ْ‬

‫قال الواسطى‪ :‬غفلة العامة هى المسئول عنها أهل الحقائق من حركات األطراف وخطرات القلب‪ ،‬وهواجس السر‪.‬‬

‫قال الجنيد‪ :‬لنسألن أهل الحقائق عن تصحيح ما أظهروه للناس من الدعاوى‪ ،‬وتحقيقها‪.‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬يطالب األنبياء‪ ،‬واألولياء بمثاقيل الذر لدنو رتبتهم‪ ،‬وال يطالب للعام بذلك لبعدهم عن مصادر النبيين‬
‫صلوات هللا عليهم أجمعين‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬نسئلهم عن كل حركة وسكون فبماذا كانت حركتهم‪ ،‬ولماذا كان سكونهم‪ ،‬وبلغنى عن بعض المشايخ‪.‬‬

‫قال لبعض المريدين إياك‪ ،‬وهذه الدعاوى فإن هللا تعالى سائلك عنها قال‪ :‬المريد لو علمت أن هللا تعالى يكلمنى يوم‬
‫القيامة‪ ،‬أو يسألنى عن هذا لما كان منى فى طول عمرى إال هذا وأنا ممن يصلح لمخاطبة الحق‪ ،‬وللوقوف بين يديه‬
‫وسقط ومات رحمه هللا‪.‬‬

‫سورة الحجر (من اآلية ‪ 97‬الى اآلية ‪)98‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫الس ِ ِ‬
‫ِك َوُك ْن ِم َن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين‬
‫اجد َ‬ ‫ك ِب َما َيُقوُلو َن * َف َسِب ْح ِب َح ْمد َرب َ‬
‫ص ْد ُر َ‬ ‫َوَلَق ْد َن ْعَل ُم أََّن َك َيض ُ‬
‫يق َ‬

‫ك ِب َما َيُقوُلو َن} [اآلية‪.]97 :‬‬ ‫ِ‬


‫ص ْد ُر َ‬ ‫{وَلَق ْد َن ْعَل ُم أََّن َك َيض ُ‬
‫يق َ‬ ‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫ِ‬
‫بجهلهم وحدهم فيكم ثم أمرهم بلزوم طاعته يقول‪َ { :‬ف َسِب ْح ِب َح ْمد َرب َ‬
‫ِك} [اآلية‪.]98 :‬‬

‫وقوله تعالى‪َ { :‬فسِبح ِبحم ِد ربِك وُكن ِمن َّ ِ‬


‫السا ِجد َ‬
‫ين} [اآلية‪.]98 :‬‬ ‫َ ْ َْ َ َ َ ْ َ‬

‫قال الواسطى‪َ { :‬فسِبح ِبحم ِد ربِك} عن أن يظلمك فيما سلطه عليك‪{ ،‬وُكن ِمن َّ ِ‬
‫السا ِجد َ‬
‫ين} من الخاضعين لقضائه‪.‬‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ ْ َْ َ َ‬

‫سورة الحجر (من اآلية ‪ 99‬الى اآلية ‪)99‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّك َحتَّ ٰى َيأْتَي َك اْلَيق ُ‬
‫ين‬ ‫اعُب ْد َرب َ‬
‫َو ْ‬

‫قال الواسطى‪ :‬حتى يأتيك اليقين‪ :‬أنه ال إله يسوق إليك المكاره ويصرفها عنك إال هللا وال إله يسوق إليك َ‬
‫المحاب‬
‫ويصرفها عنك إال هو‪.‬‬

‫وقال وفى قوله‪ :‬واعبد ربك‪ :‬أى ال تالحظ غيره فى األوقات حتى يأتيك اليقين فيتحقق عندك أنك ال تحس بغيره‬
‫الحق‪ ،‬وال ترى إال الحق وال يحادثك إال الحق‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫لحمتُها الصوم‪.‬‬
‫قال يحيى بن معاذ‪ :‬للعابدين أردية من النور بكونها شذاها الصالة َو ُ‬

‫اعتمادا عليه حتى يأتيك اليقين بأن األمر كله إليه وأنه تولى إضالل من أضل‬
‫انقطاعا إليه و ً‬
‫ً‬ ‫َّك}‬
‫اعُب ْد َرب َ‬
‫{و ْ‬
‫وقيل‪َ :‬‬
‫وهداية من هدى قال ابن عطاء‪ :‬لم يرض من نبيه صلى هللا عليه وسلم لمحة عين إال فى عبادته‪ ،‬وقال من نظر‬
‫إلى معبود سقط عن عبادته‪ ،‬ومن نظر إلى عبادته‪ .‬سقط عن معبوده‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ابتداء وانتهاء‬
‫ً‬ ‫َّك َحتَّ ٰى َيأْتَي َك اْلَيق ُ‬
‫ين} أى حتى تستيقن أنك ال تعبده وال يعبده أحد حق العبودية‪.‬‬ ‫اعُب ْد َرب َ‬
‫{و ْ‬
‫قال الحسين‪َ :‬‬
‫واستوجب ما ال بد من مكافأته‪.‬‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 1‬الى اآلية ‪)1‬‬

‫َّللاِ َفالَ تَ ْستَ ْع ِجُلوهُ ُس ْب َح َان ُه َوتَ َعاَل ٰى َع َّما ُي ْش ِرُكو َن‬
‫أَتَ ٰى أ َْم ُر َّ‬

‫َّللاِ َفالَ تَ ْستَ ْع ِجُلوهُ} [اآلية‪.]1 :‬‬


‫قوله عز وجل‪{ :‬أَتَ ٰى أ َْم ُر َّ‬

‫وفقدا إال به ‪-‬ال تعجلوا بطلب الفرج فإن النصر‬


‫وجدا ً‬
‫أمر من األمور إال بأمر هللا وهل رأيتم ً‬
‫قال بعضهم‪ :‬هل رأيتم ًا‬
‫مع الصبر‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬ظهر كرامات هللا تعالى من هو لها أهل فال ينكروا ذلك وهو الحق‪ ،‬أو يعجزوه فى إظهار كر ٍ‬
‫امة على‬
‫عبد من عبيده‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال النصرآباذى‪ :‬أوامر الحق شتى منها أمر على الظاهر من الترسم بالعبادات‪ ،‬وأمر على الباطن من دوام المراعاة‪،‬‬
‫وأمر على القلب بدوام المراقبة‪ ،‬وأمر على البر بمالزمة المشاهدة‪ ،‬وأمر على الروح بلزوم الحضرة‪ ،‬هذا ومعنى قوله‪:‬‬
‫َّللاِ َفالَ تَ ْستَ ْع ِجُلوهُ}‪.‬‬
‫{أَتَ ٰى أ َْم ُر َّ‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 2‬الى اآلية ‪)2‬‬

‫َن أ َْن ِذ ُروْا أََّن ُه الَ ِإَلـ َٰه ِإالَّ أََن ْا َفاتَُّقو ِن‬ ‫الئ َك َة ِباْلُّرو ِح ِمن أَم ِِره عَلى من ي َش ِ ِ ِ ِ‬
‫آء م ْن عَباده أ ْ‬
‫ين ِزل اْلم ِ‬
‫َُ ُ َ‬
‫ْ ْ َ ٰ َ َ ُ‬

‫آء ِم ْن ِعَب ِادِه} [اآلية‪.]2 :‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫قوله عز وجل‪ِ ُ :‬‬
‫{يَنزُل اْل َمالئ َك َة باْلُّرو ِح م ْن أ َْمره َعَل ٰى َمن َي َش ُ‬

‫فقال‪ :‬من أنذر أو حذر فقد قام مقام األنبياء وربما يأتى أمره بالبالء‪ ،‬وربما يأتى أمره بالرحمة‪ ،‬فالصبر فى األوقات‬
‫والرضا بأمر هللا‪ ،‬ذلك لكل أواب حفيظ‪ :‬حفظ أوقاته وال يضيع أيامه‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬المحدث من العباد من يكلمه الملك فى سره ويطلعه على خصائص الغيوب ويفتح لروحه طريًقا إلى‬
‫آء ِم ْن ِعَب ِادِه}‪.‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اإلشراف على القرب‪ ،‬قال هللا تعالى‪ِ ُ :‬‬
‫{يَنزُل اْل َمالئ َك َة باْلُّرو ِح م ْن أ َْمره َعَل ٰى َمن َي َش ُ‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 7‬الى اآلية ‪)7‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ‬ ‫وتح ِمل أَ ْثَقاَل ُكم ِإَلى بَل ٍد َّلم ت ُكونوْا بالِ ِغ ِ‬
‫يه ِإالَّ ِب ِش ِق األ ُ‬
‫يم‬
‫وف َّرح ٌ‬ ‫س ِإ َّن َرب ُ‬
‫َّك ْم َل َرُؤ ٌ‬ ‫َنف ِ‬ ‫ْ ٰ َ ْ َ ُ َ‬ ‫ََ ْ ُ‬
‫َنف ِ‬
‫س} [اآلية‪.]7 :‬‬ ‫قوله عز وجل‪{ :‬وتح ِمل أَ ْثَقاَل ُكم ِإَلى بَل ٍد َّلم ت ُكونوْا بالِ ِغ ِ‬
‫يه ِإالَّ ِب ِش ِق األ ُ‬ ‫ْ ٰ َ ْ َ ُ َ‬ ‫ََ ْ ُ‬

‫قال‪ :‬المحمول على بساط الرفاهية والحامل فى مفاوز المشقة فمن حمل فقد كفى ومن أهمل فقد ضيق عليه لذلك‪.‬‬
‫قال‪{َّ :‬لم ت ُكونوْا بالِ ِغ ِ‬
‫يه} بأنفسكم وتدبيركم إال بشق األنفس‪ .‬وربما يهون على من يشاء من عباده حتى ال يصيبه في‬ ‫ْ َ ُ َ‬
‫سيره تعب وال نصب كذلك سير العارفين من سير الزاهدين‪.‬‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 8‬الى اآلية ‪)8‬‬

‫وها َوِز َين ًة َوَي ْخُل ُق َما الَ تَ ْعَل ُمو َن‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ال َواْل َحم َير لتَ ْرَكُب َ‬
‫َواْل َخْي َل َواْلب َغ َ‬

‫{وَي ْخُل ُق َما الَ تَ ْعَل ُمو َن} [اآلية‪.]8 :‬‬


‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬علمك الحق الوقوف عندما ال يدركه عقلك من آثار الصنع وفنون العلوم أن تقابله باإلنكار فإنه خلق ما‬
‫{وَي ْخُل ُق َما الَ تَ ْعَل ُمو َن}‪.‬‬
‫ال تعلمه أنت وال يعلمه أحد من خلقه إال من علمه الحق أال تراه يقول‪َ :‬‬

‫قال القاسم‪ :‬يقدر عليكم من أفعالكم ما ال تعلمون إال فى وقت مباشرته وهو عالم به ألنه الذى قدر وقضى‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النحل (من اآلية ‪ 9‬الى اآلية ‪)9‬‬

‫ين‬ ‫اكم أ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص ُد َّ ِ ِ ِ‬ ‫وعَلى َّ ِ‬


‫َج َمع َ‬
‫آء َل َه َد ُ ْ ْ‬
‫السبيل َوم ْن َها َجآئٌر َوَل ْو َش َ‬ ‫َّللا َق ْ‬ ‫ََ ٰ‬

‫السِب ِ‬
‫يل} [اآلية‪.]9 :‬‬ ‫ص ُد َّ‬ ‫قوله عز وجل‪{ :‬وعَلى َّ ِ‬
‫َّللا َق ْ‬ ‫ََ ٰ‬

‫قال الواسطى‪ :‬على هللا أن يهدى إلى قصد السبيل ما هو جائر وهللا تعالى سبب الجائر والسبيل القصد وهو السلوك‬
‫على أنوار اليقين والجائر من السبل‪ ،‬سبل التوهم والدعاوى‪.‬‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 12‬الى اآلية ‪)12‬‬

‫ات ِبأَم ِِره ِإ َّن ِفي َذلِك آلي ٍ‬


‫ات لَِق ْو ٍم َي ْعِقُلو َن‬ ‫َّ‬ ‫َو َس َّخ َر َل ُكم َّال َ َّ‬
‫َ َ‬ ‫وم ُم َس َّخ َر ٌ ْ‬ ‫ُّ‬
‫يل َواْلن َه َار َوالش ْم َس َواْلَق َم َر َواْلن ُج ُ‬ ‫ُ‬
‫َّ‬
‫اللْيل واْلَّنه َار و َّ‬
‫الش ْم َس َواْلَق َم َر} [اآلية‪.]12 :‬‬ ‫{و َس َّخ َر َل ُك ُم َ َ َ َ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال جعفر الصادق‪ :‬سخر لكم ما فى السماوات من األمطار وما فى األرض من النبات وما فى الليل والنهار من‬
‫أنواع الدواب وسخر لك المالئكة يسبحون لك وما فى األرض من األنعام والبهائم والفلك والخلق وسخر لكم الكل لك‬
‫مسخر لمن سخر لك هذه األشياء‪ .‬فإنه سخر لك كل شىء وسخر قلبك لمحبته‪ ،‬ومعرفته‬
‫ًا‬ ‫ال يشغلك منه شىء وتكون‬
‫وهو حظ العبد من ربه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النحل (من اآلية ‪ 16‬الى اآلية ‪)16‬‬

‫وعالم ٍ‬
‫ات َوب َّ‬
‫ِالن ْج ِم ُه ْم َي ْهتَ ُدو َن‬ ‫ََ َ‬

‫قال المالكى‪ :‬طريق الهداية له أعالم فمن استدل باألعالم بلغ إلى محل الهدى وكوشف عن معدن النجوى ومن‬
‫عالما بسراها وصل إلى غاية المنتهى من الطريق وال دليل على‬
‫استدل بنجوم المعرفة ومر فى طريق الهداية وكان ً‬
‫الحق سواه وال عالمة تخبر عنه وهو الدليل على نفسه ليس ألحد إليه سبيل وال لخلق عليه دليل فمن وصل إليه فيه‬
‫وصل ومن انقطع عنه فسوابق قضائه عليه‪.‬‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 18‬الى اآلية ‪)18‬‬

‫يم‬ ‫ِ‬ ‫وهآ ِإ َّن َّ‬ ‫وإِن تعُّدوْا ِنعم َة َّ ِ‬


‫ور َّرح ٌ‬
‫َّللاَ َل َغُف ٌ‬ ‫ص َ‬‫َّللا الَ تُ ْح ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ َُ‬

‫وهآ} [اآلية‪.]18 :‬‬ ‫قوله عز وجل‪{ :‬وإِن تعُّدوْا ِنعم َة َّ ِ‬


‫ص َ‬‫َّللا الَ تُ ْح ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ َُ‬

‫وحنينا وأصالً‬
‫ً‬ ‫انتهاء‬
‫ابتداء و ً‬
‫ودينا وطاعة ومعصية و ً‬‫وروحا وعقالً ومحبة ومعرفة ً‬
‫ً‬ ‫وقلبا‬
‫نفسا ً‬
‫قال ابن عطاء‪ :‬إن لك ً‬
‫ووصالً فنعمة النفس الطاعات واإلحسان والنفس فيهما‪ .‬تتنعم ونعمة القلب والروح الخوف والرجاء وهى فيهما تنعم‬
‫ونعمة القلب اليقين واإليمان وهو فيها يتقلب ونعمة العقل الحكمة والبيان وهو فيهما يتقلب ونعمة المعرفة الذكر‬
‫والقرآن وهو فيها يتقلب ونعمة المحبة واأللفة والمواصلة واألمن من الهجران وهو فيهما يتقلب هذا تفسير قوله تعالى‪:‬‬
‫وهآ}‪.‬‬ ‫{وإِن تعُّدوْا ِنعم َة َّ ِ‬
‫ص َ‬‫َّللا الَ تُ ْح ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ َُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النحل (من اآلية ‪ 21‬الى اآلية ‪)21‬‬

‫َّان ُي ْب َعثُو َن‬ ‫ات َغير أ ٍ‬


‫َحَيآء َو َما َي ْش ُع ُرو َن أَي َ‬
‫أ َْمو ٌ ْ ُ ْ‬

‫َحَي ٍآء َو َما َي ْش ُع ُرو َن} [اآلية‪.]21 :‬‬


‫ات َغ ْي ُر أ ْ‬
‫قوله عز وجل‪{ :‬أ َْمو ٌ‬

‫ومن كان بين طرفى عدم فهو معدوم والحى هو الذى لم يزل وال يزال‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬أموات عن الوصول إلى الحق غير أحياء به وما يشعرون وإنما يشعر ذلك من كشف له عن محل‬
‫الحياة بالحق‪.‬‬

‫قال الحسين‪ :‬الحياة على أقسام فحياة بكلماته وحياة بأمره وحياة بقربه وحياة بنظره‪ .‬وحياة بقدرته وحياة هى الموت‬
‫َحَي ٍآء َو َما َي ْش ُع ُرو َن}‪.‬‬
‫ات َغ ْي ُر أ ْ‬
‫وهى الحركات المذمومة وهو قوله‪{ :‬أ َْمو ٌ‬

‫قال سهل بن عبد هللا‪ :‬خلق هللا تعالى الخلق ثم أحياهم باسم الحياة ثم أماتهم بجهلهم بأنفسهم فمن حيى بالعلم فهو‬
‫الحى وإال فهم موتى بجهلهم‪.‬‬

‫حيا بالحى الذى ال يموت‪.‬‬


‫قال الواسطى‪ :‬الميت من غفل عن مشاهدة المنان والحى من كان ً‬

‫قال بعضهم‪ :‬كيف يكون ً‬


‫حيا من لم يحيى بشاهد حى‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سمعت أبا عثمان المغربى‪ :‬يقول‪ :‬سمعت أبا عمرو الزجاجى يقول‪ :‬كيف تحيون وأنتم لم تروا ً‬
‫حيا سمعت‬
‫النصرآباذى‪ :‬يقول‪ :‬أهل الجنة أموات وال يشعرون الشتغالهم بغير الحق وأهل الحضرة أحياء ألنهم فى مشاهدة الحى‪.‬‬

‫َحَي ٍآء َو َما َي ْش ُع ُرو َن}‪.‬‬


‫ات َغ ْي ُر أ ْ‬
‫قال هللا تعالى‪{ :‬أ َْمو ٌ‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 30‬الى اآلية ‪)30‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫َِّ ِ‬ ‫وِق َِّ ِ‬


‫َح َسُنوْا في هٰذه اْلُّد ْنَيا َح َسَن ٌة َوَل َد ُار اآلخ َرِة َخ ْيٌر َوَلن ْع َم َد ُار اْل ُمتَّق َ‬
‫ين‬ ‫ين أ ْ‬ ‫ين اتََّق ْوْا َما َذا أ َْن َزَل َرب ُ‬
‫ُّك ْم َقاُلوْا َخ ْي اًر للذ َ‬ ‫يل للذ َ‬‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫َِّ ِ‬
‫َح َسُنوْا في هٰذه اْلُّد ْنَيا َح َسَن ٌة َوَل َد ُار اآلخ َرِة َخ ْيٌر َوَلن ْع َم َد ُار اْل ُمتَّق َ‬
‫ين} [اآلية‪.]30 :‬‬ ‫ين أ ْ‬
‫قوله عز وجل‪{ :‬للذ َ‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬للذين أحسنوا فى ابتداء أحوالهم الرجوع إلى محل المحسنين‪.‬‬

‫قال يوسف بن الحسين‪ :‬للذين أحسنوا آداب الخدمة واستعملوها‪ .‬الرفعة إلى محل األولياء وهو غاية الحسنى‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬للذين أحسنوا مجاورة نعم هللا فى الدنيا إتمام النعمة من هللا تعالى عليهم فى اآلخرة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النحل (من اآلية ‪ 32‬الى اآلية ‪)32‬‬

‫الم َعَل ْي ُكم ْاد ُخُلوْا اْل َجَّن َة ِب َما ُك ْنتُ ْم تَ ْع َمُلو َن‬ ‫َّال ِذين تَتَوَّفاهم اْلم ِ‬
‫ُ‬ ‫طِيِب َ‬
‫ين َيُقوُلو َن َس ٌ‬ ‫الئ َك ُة َ‬ ‫َ َ ُُ َ‬
‫{ال ِذين تَتَوَّفاهم اْلم ِ‬
‫قوله عز وجل‪َّ :‬‬
‫طِيِب َ‬
‫ين} [اآلية‪.]32 :‬‬ ‫الئ َك ُة َ‬ ‫َ َ ُُ َ‬

‫أى‪ :‬طيبة أبدانهم وأرواحهم بمالزمة الخدمة وترك الشهوات‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬طيبين أى لم يتدنسوا من الدنيا وخبيثها بشىء‪.‬‬


‫وقال ً‬

‫وقال أبو حفص‪ :‬ضياء األبدان بمواصلة الخدمة‪ .‬وضياء األرواح باالستقامة‪.‬‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 36‬الى اآلية ‪)36‬‬

‫َّللاُ َو ِم ْن ُه ْم َّم ْن َحَّق ْت َعَل ْي ِه َّ‬


‫الضالَل ُة‬ ‫وت َف ِم ْن ُهم َّم ْن َه َدى َّ‬
‫اغ َ‬
‫َّللا واجتَِنبوْا اْل َّ‬
‫ط ُ‬ ‫اعُب ُدوْا َّ َ َ ْ ُ‬ ‫ُم ٍة َّرُسوالً أ ِ‬
‫َن ْ‬ ‫َوَلَق ْد َب َع ْثَنا ِفي ُك ِل أ َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َف ِس ُيروْا ِفي األ َْر ِ‬
‫ان َعاقَب ُة اْل ُم َكذِب َ‬
‫ين‬ ‫ف َك َ‬
‫ظ ُروْا َك ْي َ‬
‫ض َفان ُ‬

‫َّللاَ} [اآلية‪.]36 :‬‬


‫اعُب ُدوْا َّ‬ ‫ُم ٍة َّرُسوالً أ ِ‬
‫َن ْ‬ ‫{وَلَق ْد َب َع ْثَنا ِفي ُك ِل أ َّ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال‪ :‬محمد بن الفضل‪ :‬بعث هللا تعالى األنبياء عليهم السالم بإظهار الوحدانية وتعليم العبودية‪ .‬واجتناب موافقة‬
‫َّللاَ}‪.‬‬
‫اعُب ُدوْا َّ‬ ‫ُم ٍة َّرُسوالً أ ِ‬
‫َن ْ‬ ‫{وَلَق ْد َب َع ْثَنا ِفي ُك ِل أ َّ‬
‫الطبائع واألهواء والشهوات لذلك قال فى كتابه‪َ :‬‬

‫وت} [اآلية‪.]36 :‬‬ ‫قوله عز وجل‪{ :‬واجتَِنبوْا اْل َّ‬


‫اغ َ‬
‫ط ُ‬ ‫َ ْ ُ‬

‫قال سهل‪ :‬العبادة زينة العارفين وأحسن ما يكون العارف إذا كان فى ميادين العبودية والحذوة بترك ما له لما عليه‪.‬‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 37‬الى اآلية ‪)37‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اه ْم َفِإ َّن َّ‬


‫َّللاَ الَ َي ْهدي َمن ُيض ُّل َو َما َل ُه ْم من َّناص ِر َ‬
‫ين‬ ‫ِإن تَ ْح ِر ْ‬
‫ص َعَل ٰى ُه َد ُ‬
‫َّللا الَ يه ِدي من ي ِ‬
‫ض ُّل} [اآلية‪.]37 :‬‬ ‫َ ُ‬ ‫اه ْم َفِإ َّن َّ َ َ ْ‬ ‫قوله عز وجل‪ِ{ :‬إن تَ ْح ِر ْ‬
‫ص َعَل ٰى ُه َد ُ‬

‫قال الواسطى‪ :‬السعادة والشقاوة والهدى والضالل جرت فى األزل بما ال تبديل وال تحويل وإنما يظهر فى األوقات‬
‫رسما على األجسام والهياكل ال صنع فيه ألحد وليس يقدر عليها خلق بل جرت فى األزل بعلم سابق قصر عنها أيد‬
‫ً‬
‫األنبياء وألسن األولياء بقوله‪ :‬إن هللا ال يهدى من يضل‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النحل (من اآلية ‪ 40‬الى اآلية ‪)40‬‬

‫ِ ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫إَّن َما َق ْوُلَنا ل َش ْيء إ َذآ أ ََرْدَناهُ أَن َّنُق َ‬
‫ول َل ُه ُك ْن َفَي ُكو ُن‬

‫ِ ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫قال القحطبى‪ :‬فى قوله‪{ :‬إَّن َما َق ْوُلَنا ل َش ْيء إ َذآ أ ََرْدَناهُ أَن َّنُق َ‬
‫ول َل ُه ُك ْن َفَي ُكو ُن}‪.‬‬

‫شيئا وإال فهى ال شىء‬


‫األشياء كلها ال شىء فى الحقيقة إال أن يتصل بها لفظ اإلرادة ولفظ اإلرادة أزلية يصيرها ً‬
‫قادر فى ذاته‪.‬‬
‫قائما بصفاته ًا‬
‫ألنها أخرجت من تحت ذل كن والشىء الحقيقى الذى لم يزل وال يزال ً‬

‫وقيل فى قوله‪ِ{ :‬إَّن َما َق ْوُلَنا لِ َشي ٍء} أخبار عن القدرة‪.‬‬


‫ْ‬

‫سئل بعضهم‪ :‬أما كان يكفى اإلرادة والمشيئة حتى ظهر قوله كن قال خفيت اإلرادة والمشيئة فأظهر األكوان فى‬
‫العلوم وظهر لفظة كن فأخرج بها األكوان إلى الوجود‪.‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬إنما قولنا لشىء إذا أردناه‪ :‬أنه على قدر المعارف أشار إلى القدرة فأما الحقيقة فليس للحق مكون كما‬
‫أنه ليس له موجود إذا لم يكن له معدوم فإذا كانت األشياء بذاته ظهرت وبه وجدت ال بصفاته فلم يزل كما ال يزال‬
‫إال أنه لم يكن أظهر بعضهم لبعض ظهور األشياء بذاته ال بصفاته‪.‬‬

‫قيل‪ :‬ليس المراد منه ما ذكر ولكن التقريب إلى األفهام ال أن فيه لفظة كن‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 42‬الى اآلية ‪)42‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫صَب ُروْا َو َعَل ٰى َربِ ِه ْم َيتََوَّكُلو َن‬ ‫َّ ِ‬
‫ين َ‬
‫الذ َ‬

‫قال الجنيد‪ :‬غاية الصبر وتصحيحه أن يورث صاحبه التوكل‪.‬‬

‫صَب ُروْا َو َعَل ٰى َرِب ِه ْم َيتََوَّكُلو َن}‪.‬‬ ‫َّ ِ‬


‫ين َ‬
‫قال هللا تعالى‪{ :‬الذ َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬صبروا على موارد القضاء وتوكلوا فى مضمون الرزق‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الصبر هو العزم على مخالفة المراد والتوكل هو السكون فى حال المنع والعطاء‪.‬‬

‫قال أبو يعقوب السوسى‪ :‬الصبر تلقى المكاره بوجوه طلقة‪.‬‬

‫قال النهرجورى‪ :‬التوكل نسيان حظوظ النفس‪.‬‬

‫قال إبراهيم الخواص‪ :‬التوكل هو االكتفاء بعلم هللا فيك من تعلق القلب بسواه‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬الصبر هو الثبات على أحكام الكتاب والسنة‪.‬‬


‫وقال ً‬

‫قال الواسطى‪ :‬التوكل‪ :‬الصبر لطوارق المحن ثم التفويض ثم الرضا ثم الثقة‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬أصل التوكل صدق الفاقة والفقر‪.‬‬


‫وقال ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النحل (من اآلية ‪ 44‬الى اآلية ‪)44‬‬

‫اس َما ُن ِزَل ِإَل ْي ِه ْم َوَل َعَّل ُه ْم َيتََف َّك ُرو َن‬ ‫الزب ِر وأَن ْزلنا ِإَليك ِ‬
‫الذ ْك َر لِتَُبِي َن لِ َّلن ِ‬ ‫ِ‬
‫ِباْلَبِيَنات َو ُّ ُ َ ْ َ َ ْ َ‬
‫قوله عز وجل‪{ :‬وأَن ْزلنا ِإَليك ِ‬
‫الذ ْك َر لِتَُبِي َن لِ َّلن ِ‬
‫اس َما ُن ِزَل ِإَل ْي ِه ْم} [اآلية‪.]44 :‬‬ ‫َ َْ َ ْ َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬قطع عقول الخلق عن فهم كتابه واإلشراف عليه والتبين منه إال عقل النبى صلى هللا عليه وسلم فإنه‬
‫اس} وإن كان فيه أحكام الخلق فالخطاب معك وأنت صاحب البيان لهم بما أنزل‬ ‫قال له‪{ :‬وأَن ْزلنا ِإَليك ِ‬
‫الذ ْك َر لِتَُبِي َن لِ َّلن ِ‬ ‫َ َْ َ ْ َ‬
‫عليك ألنهم فى مقام الوحشة وأنت فى محل الحظور واإليمان فبيان الكتاب ما نبينه وآداب الشريعة ما ترسمه ألنك‬
‫أنت األمين فى جميع األحوال ال يؤتمن على أسرار الخلق إال األمناء من العبيد‪ .‬وأنشأ فى معناه‪.‬‬

‫لم يأمنوه على األسرار ما عاشا‬ ‫مشتهر‬


‫ًا‬ ‫من سارروه فأبدى السر‬

‫أنجاسا‬
‫ً‬ ‫وأيدوه مكـان األنس‬ ‫وجانبوه فلـم يسـعد لقربهـم‬

‫حاشا ودادهم من ذاكم حاشا‬ ‫مضيعا بعض سرهم‬


‫ً‬ ‫ال يصطفون‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 48‬الى اآلية ‪)48‬‬

‫ين واْل َّشم ِآئ ِل س َّجداً ََِّّللِ وهم َد ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّللا ِمن َشي ٍء يتََفي ِ‬ ‫ِ‬
‫اخ ُرو َن‬ ‫َ ُْ‬ ‫ُ‬ ‫َّؤْا ظالَُل ُه َع ِن اْلَيم ِ َ َ‬
‫ْ َ ُ‬ ‫أ ََوَل ْم َي َرْوْا إَل ٰى َما َخَل َق َّ ُ‬

‫ين َواْل َّش َم ِآئ ِل ُس َّجداً ََِّّللِ} [اآلية‪.]48 :‬‬


‫َّؤْا ِظالَُل ُه َع ِن اْلَي ِم ِ‬ ‫ٍ‬ ‫قوله عز وجل‪{ :‬أَوَلم يروْا ِإَلى ما خَلق َّ ِ‬
‫َّللاُ من َش ْيء َيتََفي ُ‬ ‫َ ْ ََ ْ ٰ َ َ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫أبدا يدعى لنفسه ما‬
‫شيئا من الجماد والحيوان ينازع خالقه وصانعه إال اإلنسان فإنه ً‬
‫قال بعضهم‪ :‬ما خلق هللا تعالى ً‬
‫ليس من معرفة وعلم وتوثب على الوحدانية والفردانية بادعاء األهل له والولد جل وعال يتكبر عن اإلذعان والخضوع‬
‫لذلك‪.‬‬

‫َّللاُ ِمن َشي ٍء} [اآلية‪.]48 :‬‬


‫قال هللا تعالى‪{ :‬أ ََوَل ْم َي َرْوْا ِإَل ٰى َما َخَل َق َّ‬
‫ْ‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 51‬الى اآلية ‪)51‬‬

‫َّاي َف ْارَهُبو ِن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬


‫َّللاُ الَ تَتخ ُذوْا إلـ َٰه ْي ِن ا ْثَن ْي ِن إَّن َما ُه َو إلـ ٌٰه َواحٌد َفإي َ‬
‫ال َّ‬
‫َوَق َ‬
‫َّللا الَ تَتَّ ِخ ُذوْا ِإلـٰهي ِن ا ْثَني ِن ِإَّنما هو ِإلـٰه و ِ‬
‫احٌد} [اآلية‪.]51 :‬‬ ‫ْ َ َُ ٌ َ‬ ‫َْ‬ ‫ال َّ ُ‬
‫{وَق َ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫يكا كيف يصح لك مع‬


‫يكا فاتخذت معه آلهة وادعيت شر ً‬
‫قال أبو عثمان‪ :‬نهاك ربك أن تتخذ إلهين أو تدعى معه شر ً‬
‫ذلك التوحيد وأنت تعبد نفسك‪ ،‬وهواك‪ ،‬وطبعك‪ ،‬ومرادك‪ ،‬وتعبد الخلق فأنى تصل إلى محل العبودية هلل تعالى‪.‬‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 53‬الى اآلية ‪)53‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫الضُّر َفِإَل ْي ِه تَ ْجأ َُرو َن‬
‫َّللاِ ثُ َّم ِإ َذا َم َّس ُك ُم ُّ‬
‫َو َما ِب ُكم ِمن ِن ْع َم ٍة َف ِم َن َّ‬

‫قال أبو حفص‪ :‬جميع النعم عليك من ربك‪ ،‬وشكرك لغيره ورجوعك فى النوائب إليه‪ ،‬وعبادتك لغيره‪ ،‬وما هذا من‬
‫أفعال أولى األلباب‪.‬‬

‫الضُّر َفِإَل ْي ِه تَ ْجأ َُرو َن}‪.‬‬


‫َّللاِ ثُ َّم ِإ َذا َم َّس ُك ُم ُّ‬
‫{و َما ِب ُكم ِمن ِن ْع َم ٍة َف ِم َن َّ‬
‫قال هللا تعالى‪َ :‬‬

‫قال محمد بن الفضل‪ :‬أجل نعمة هللا عليك أن عرفك نفسه‪ ،‬وألهمك لشكر نعمه‪.‬‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 54‬الى اآلية ‪)54‬‬

‫يق ِم ْن ُكم ِب َرِب ِه ْم ُي ْش ِرُكو َن‬


‫الضَّر َع ْن ُك ْم ِإ َذا َف ِر ٌ‬
‫ف ُّ‬‫ثُ َّم ِإ َذا َك َش َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬هللا تعالى كاشف كل ضر‪ ،‬وأنت تدور بشكر النعم على أبواب العبيد‪ .‬هل هو إال الشرك الظاهر‪.‬‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 62‬الى اآلية ‪)62‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َن َل ُه ُم اْلَّن َار َوأََّن ُه ْم ُّمْف َر ُ‬
‫طو َن‬ ‫ف أَْل ِسَنتُ ُه ُم اْل َك ِذ َب أ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫َن َل ُه ُم اْل ُح ْسَن ٰى الَ َج َرَم أ َّ‬ ‫َوَي ْج َعُلو َن ََّّلل َما َي ْك َرُهو َن َوتَص ُ‬

‫{وَي ْج َعُلو َن ََِّّللِ َما َي ْك َرُهو َن} [اآلية‪.]62 :‬‬


‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫سمعت عبد هللا بن محمد المعلم يقول سمعت عبد هللا بن محمد بن منازل يقول لبعض األغنياء‪ :‬كيف يكون يوم‬
‫القيامة إذا قال هللا تعالى‪ :‬هاتوا ما دفع إلى السالطين والمغنيين وغيرهم ومن أمثالهم‪ ،‬فيؤتى بالدواب والثياب واألموال‬
‫الخرق وما ال ُيؤبه له أال تستحى من ذلك الموقف‪.‬‬
‫بالك َس ِر و َ‬
‫الفاخرة‪ ،‬وإذا قال‪ :‬هاتوا ما دفع إلى فيؤتى ُ‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 66‬الى اآلية ‪)66‬‬

‫طوِن ِه ِمن َب ْي ِن َف ْر ٍث وَد ٍم َّلَبناً َخالِصاً س ِآئغاً لِ َّ‬


‫لش ِارب َ‬
‫ِين‬ ‫يك ْم ِم َّما ِفي ُب ُ‬
‫َوِإ َّن َل ُك ْم ِفي األ َْن َعا ِم َل ِع ْب َرًة ُّن ْسِق ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫طوِن ِه} [اآلية‪.]66 :‬‬


‫يك ْم ِم َّما ِفي ُب ُ‬
‫{وإِ َّن َل ُك ْم ِفي األ َْن َعا ِم َل ِع ْب َرًة ُّن ْسِق ُ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال أبو بكر الوراق‪ :‬العبرة فى األنعام تسخيرها ألربابها وطاعتها لهم وتمردك على ربك وخالفك له فى كل شىء‪.‬‬

‫قال يحيى بن معاذ‪ :‬سخر هللا تعالى لك األنعام لتحملك وتحمل أثقالك وهى غير مخاطب وال محاسب فترى ً‬
‫أبدا بر ًيئا‬
‫مذنبا‪.‬‬
‫يحمل ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النحل (من اآلية ‪ 68‬الى اآلية ‪)68‬‬

‫الش َج ِر َو ِم َّما َي ْع ِرُشو َن‬ ‫َن اتَّ ِخ ِذي ِم َن اْل ِجب ِ‬


‫ال ُبُيوتاً و ِم َن َّ‬ ‫الن ْح ِل أ ِ‬
‫ُّك ِإَل ٰى َّ‬
‫َوأ َْو َح ٰى َرب َ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫الن ْح ِل} [اآلية‪.]68 :‬‬


‫ُّك ِإَل ٰى َّ‬
‫{وأ َْو َح ٰى َرب َ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬ألهمها ودلها على الموضع وعلمها‪.‬‬

‫كيف تصنع ما فى بطنها وال تضعه إال على حجر صاف أو خشب نظيف ال يخالطه طين وال تراب‪.‬‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 69‬الى اآلية ‪)69‬‬

‫اس ِإ َّن ِفي ٰذِل َك‬ ‫طوِنها شراب ُّمختلِف أَْلوانه ِف ِ‬


‫يه ِشَفآء لِ َّلن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ثُ َّم ُكلِي ِمن ُك ِل الثَّمر ِ‬
‫ات َف ِ‬
‫ٌ‬ ‫اسُلكي ُسُب َل َربِك ُذُلالً َي ْخ ُرُج من ُب ُ َ َ َ ٌ ْ َ ٌ َ ُ ُ‬
‫ْ‬ ‫ََ‬
‫آلي ًة لَِق ْو ٍم َيتََف َّك ُرو َن‬
‫َ‬
‫قوله عز وجل‪{ :‬ثُ َّم ُكلِي ِمن ُك ِل الثَّمر ِ‬
‫ات} [اآلية‪.]69 :‬‬ ‫ََ‬

‫أى من الذى جعلته رزقك ثم أمره بالتواضع‪.‬‬

‫فقال‪َ { :‬فاسُل ِكي سبل رب ِ‬


‫ِك ُذُلالً} [اآلية‪.]69 :‬‬ ‫ُُ َ َ‬ ‫ْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫اس} [اآلية‪.]69 :‬‬ ‫طوِنها شراب ُّمختلِف أَْلوانه ِف ِ‬
‫يه ِشَفآء لِ َّلن ِ‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫{ي ْخ ُرُج من ُب ُ َ َ َ ٌ ْ َ ٌ َ ُ ُ‬
‫ثم قال‪َ :‬‬

‫للنفوس ال للقلوب فمن أراد صالح قلبه فليتعرف موارد ما يرد على قلبه فى األوقات ومحل قلبه فى جميع األحوال وما‬
‫يسر فى قلبه فى كل زمان ثم ليلزم مع ذلك التواضع والخلوة فهذا غذاء للقلب وذاك غذاء النفس وغذاء الروح أعز‬
‫وهو مشاهدة الحق والسماع منه وترك االلتفات إلى المكونات بحاله‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬جعل ما يخرج من النحل شيئين ممزوجين ال يصفيهما إال النار فإذا صفيتهما النار صار عسالً‬
‫وشمعا فالعسل هو غذاء الخلق وشفاؤهم والشمع للحرق ال غير ذلك كذلك العبد إذا أخلص عمله خلص له عمله‪ ،‬وما‬
‫ً‬
‫خالطه برياء وشرك ال يصلح إال للنار‪.‬‬

‫ف أَْل َو ُان ُه}‪.‬‬ ‫ِ‬


‫اب ُّم ْخَتل ٌ‬ ‫{ي ْخ ُرُج ِمن ُب ُ‬
‫طوِن َها َش َر ٌ‬ ‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال أبو بكر الوراق‪ :‬النحلة لما اتبعت األمر وسلكت سبيلها على ما أمرت به جعل لعابها شفاء للناس‪ ،‬كذلك المؤمن‬
‫إذا اتبع األمر وحفظ السر وأقبل على ربه جعل رؤيته وكالمه ومجالسته شفاء للخلق فمن نظر إليه اعتبر ومن سمع‬
‫كالمه اتعظ ومن جالسه سعد‪.‬‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 71‬الى اآلية ‪)71‬‬

‫آء أََفِبِن ْع َم ِة‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ضل بعض ُكم عَلى بع ٍ ِ‬
‫ض في اْل ِرْز ِق َف َما الذ َ‬
‫ين ُفضُلوْا ب َرآدي ِرْزقه ْم َعَل ٰى َما َمَل َك ْت أَْي َم ُان ُه ْم َف ُه ْم فيه َسَو ٌ‬ ‫َّللاُ َف َّ َ َ ْ َ ْ َ ٰ َ ْ‬‫َو َّ‬
‫َّللاِ َي ْج َح ُدو َن‬
‫َّ‬

‫ض ِفي اْل ِرْز ِق} [اآلية‪.]71 :‬‬


‫ض ُكم َعَل ٰى َب ْع ٍ‬ ‫َّللاُ َف َّ‬
‫ض َل َب ْع َ ْ‬ ‫{و َّ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال إبراهيم الخواص‪ :‬منهم من جعل رزقه فى الطلب ومنهم من جعل رزقه فى القناعة ومنهم من جعل رزقه فى‬
‫التوكل ومنهم من جعل رزقه فى الكفاية ومنهم من جعل رزقه فى المشاهدة كما قال النبى صلى هللا عليه وسلم‪" :‬إنى‬
‫أظل عند ربى يطعمنى ويسقينى‬

‫‪".‬‬

‫قال الفضيل بين عياض‪" :‬أجل ما رزق اإلنسان معرفة تدله على ربه وعقالً يدله على رشده‪".‬‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 72‬الى اآلية ‪)72‬‬

‫ات أََفِباْلب ِ‬
‫اط ِل ُي ْؤ ِمُنو َن َوبِِن ْع َم ِت‬ ‫لطِيب ِ‬
‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َّللاُ َج َع َل َل ُك ْم م ْن أ َْنُفس ُك ْم أ َْزَواجاً َو َج َع َل َل ُك ْم م ْن أ َْزَوا ِج ُكم َبن َ‬
‫ين َو َحَف َد ًة َوَرَزَق ُكم م َن ا َ‬ ‫َو َّ‬
‫َّللاِ ُه ْم َي ْكُف ُرو َن‬
‫َّ‬

‫الطِيب ِ‬
‫ات} [اآلية‪.]72 :‬‬ ‫قوله عز وجل‪{ :‬ورَزَق ُكم ِمن َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬

‫قال حارث المحاسبى‪ :‬ورزقكم من الطيبات الفيىء والغنيمة‪.‬‬

‫وقال أحمد بن أبى الحوارى‪ :‬المناجاة فى البوادى‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬سألت ابن الجالء عن الرزق الطيب قال‪ :‬ما يفتح لك من غير طلب وال استشراف‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النحل (من اآلية ‪ 75‬الى اآلية ‪)75‬‬

‫َّللاُ َمثَالً َع ْبداً َّم ْمُلوكاً الَّ َيْق ِد ُر َعَل ٰى َشي ٍء َو َمن َّرَزْقَناهُ ِمَّنا ِرْزقاً َح َسناً َف ُهَو ُي ْنِف ُق ِم ْن ُه ِس اًر َو َج ْه اًر َه ْل َي ْستَُوو َن‬ ‫ض َر َب َّ‬ ‫َ‬
‫ْ‬
‫اْل َح ْم ُد ََِّّللِ َب ْل أَ ْكثَ ُرُه ْم الَ َي ْعَل ُمو َن‬

‫َّللاُ َمثَالً َع ْبداً َّم ْمُلوكاً الَّ َيْق ِد ُر َعَل ٰى َشي ٍء} [اآلية‪.]75 :‬‬
‫{ض َر َب َّ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬
‫ْ‬

‫قال بعضهم‪ :‬أخبر هللا تعالى عن العبد وصفته فقال‪{ :‬الَّ َيْق ِد ُر َعَل ٰى َشي ٍء} فمن رجع إلى شىء من عمله وحاله‬
‫ْ‬
‫وعلمه فهو المتبرئ من العبودية وهو فى منازعة الربوبية والعبودية هو التخلى مما سوى معبود يرى األشياء ويرى‬
‫نفسه له‪.‬‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 77‬الى اآلية ‪)77‬‬

‫َّللاَ َعَل ٰى ُك ِل َشي ٍء َق ِد ٌير‬


‫ص ِر أ َْو ُه َو أَ ْق َر ُب ِإ َّن َّ‬ ‫الس ِ ِ َّ‬ ‫الس ٰم ٰو ِت واأل َْر ِ‬ ‫ِِ‬
‫ْ‬ ‫اعة إال َكَل ْم ِح اْلَب َ‬
‫ض َو َمآ أ َْم ُر َّ َ‬ ‫َوََّّلل َغ ْي ُب َّ َ َ َ‬

‫ص ِر أ َْو ُهَو أَ ْق َر ُب} [اآلية‪.]77 :‬‬ ‫الس ِ ِ َّ‬ ‫ِ‬


‫ات واأل َْر ِ‬ ‫{وََِّّللِ َغ ْي ُب َّ‬
‫اعة إال َكَل ْم ِح اْلَب َ‬
‫ض َو َمآ أ َْم ُر َّ َ‬ ‫الس َم َاو َ‬ ‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال النهرجورى‪ :‬الحق تعالى ستر غيبه فى خلقه وستر أوليائه فى عباده فال يشرف على غيبه إال الخواص من‬
‫أوليائه وال يشرف على أوليائه إال الصديقون من عباده فاإلشراف على الغيب عزيز واإلشراف على األولياء أعز‬
‫وأعز‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النحل (من اآلية ‪ 78‬الى اآلية ‪)78‬‬

‫ص َار َواألَْفِئ َد َة َل َعَّل ُك ْم تَ ْش ُك ُرو َن‬ ‫طو ِن أ َّ ِ‬


‫ُم َهات ُك ْم الَ تَ ْعَل ُمو َن َش ْيئاً َو َج َع َل َل ُك ُم اْل َّس ْم َع َواأل َْب َ‬ ‫َخ َر َج ُكم ِمن ُب ُ‬
‫َّللاُ أ ْ‬
‫َو َّ‬

‫طو ِن أ َّ ِ‬
‫َخ َر َج ُكم ِمن ُب ُ‬
‫ُم َهات ُك ْم الَ تَ ْعَل ُمو َن َش ْيئ ًا َو َج َع َل َل ُك ُم اْل َّس ْم َع َواأل َْب َ‬
‫صا َر} [اآلية‪.]78 :‬‬ ‫َّللاُ أ ْ‬
‫{و َّ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬أخرجكم من بطون أمهاتكم ال تفهمون ً‬


‫شيئا مما أخذت عليكم من الميثاق فى وقت بلى‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬ال تعلمون ً‬


‫شيئا مما قضيت لكم وعليكم من الشقاوة والسعادة‪ .‬ثم جعل للسعيد من عباده السمع ليسمع‬
‫بهما لطيف ذكره واألبصار ليبصر بها عجائب صنعه واألفئدة ليكون عارًفا بصانعه ومخترعه وهذه األعضاء‬
‫والحواس هى الموجبة للشكر والشاكر من رأى َّ‬
‫منة هللا تعالى عليه فى سالمة هذه الحواس وصاحب الكفران من يرى‬
‫أنه يؤدى بها شكر شىء من نعم هللا تعالى عليه شىء من أحواله‪.‬‬

‫قال أبو عثمان المغربى‪ :‬جعل لكم السمع لتسمعوا به خطاب األمر والنهى‪ ،‬واألبصار لتبصروا بها عجائب القدرة‪،‬‬
‫واألفئدة لتعرفوا بها آثار موارد الحق عليكم‪.‬‬

‫{َل َعَّل ُك ْم تَ ْش ُك ُرو َن} أى لعلكم تبصرون دوام نعمى عليكم فترجعوا إلى بابى‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬تمام النعمة هو أن يرزق العبد الرضا بمجارى القضاء‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬تمام النعمة فى الدنيا المعرفة وفى اآلخرة الرؤية‪.‬‬

‫وسئل بعضهم‪ :‬ما تمام النعمة؟ قال‪ :‬هو التنعم فى االستسالم وإسقاط التدبير‪.‬‬

‫قال أبو محمد الجريرى‪ :‬تمام النعمة خلو القلب من الشرك الخفى وسالمة النفس من الرياء والسمعة‪.‬‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 83‬الى اآلية ‪)83‬‬

‫ون َها َوأَ ْكثَ ُرُهم اْل َك ِاف ُرو َن‬ ‫َّللاِ ثُ َّم ي ِ‬
‫َي ْع ِرُفو َن ِن ْع َم َت َّ‬
‫ُ‬ ‫نك ُر َ‬ ‫ُ‬
‫َّللاِ ثُ َّم ي ِ‬ ‫ِ‬
‫ون َها} [اآلية‪.]83 :‬‬
‫نك ُر َ‬ ‫{ي ْع ِرُفو َن ن ْع َم َت َّ ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬يتقلبون فى نعمة وال يوفقون لشكره‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬من إنكار النعمة جحود المنعم‪.‬‬

‫قال النصرآباذى‪ :‬معرفة النعمة حسن‪ .‬ومعرفة المنعم أحسن ومعرفة النعمة ربما يتولد منه اإلنكار ومعرفة المنعم ال‬
‫يتولد منه إال صحة االستقامة‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬يعرفون نعمة هللا‪ :‬أى ليس إلى أحد شئ فى الضر والنفع ثم يقولون لوال فالن لكان كذا‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النحل (من اآلية ‪ 84‬الى اآلية ‪)84‬‬

‫ُم ٍة َش ِهيداً ثُ َّم الَ ُي ْؤَذ ُن لَِّل ِذي َن َكَف ُروْا َوالَ ُه ْم ُي ْستَ ْعتَُبو َن‬
‫َوَي ْوَم َن ْب َع ُث ِمن ُك ِل أ َّ‬

‫ُم ٍة َش ِهيداً} [اآلية‪.]84 :‬‬


‫{وَي ْوَم َن ْب َع ُث ِمن ُك ِل أ َّ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫شهيدا على هؤالء‪.‬‬


‫ً‬ ‫عليهم من أنفسهم وجئنا بك‬

‫قال أبو على الجوزجانى‪ :‬الخلق شهداء بعضهم على بعض‪ .‬وأمة محمد صلى هللا عليه وسلم هم شهود األنبياء على‬
‫جميع األمم محمد صلى هللا عليه وسلم هو المذكى المقبول فمن قدمه فهو المقدم ومن أخره فهو المؤخر ومن تعلق‬
‫به نجا ومن تخلف عنه هلك‪.‬‬

‫قال تعالى‪{ :‬و ِج ْئنا ِبك عَلى هـٰؤ ِ‬


‫الء َش ِهيداً} [النساء‪.]41 :‬‬‫َ َ َ َ ٰ َُ‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 89‬الى اآلية ‪)89‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫اب ِت ْبَياناً لِ ُك ِل َشي ٍء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ويوم نبع ُث ِفي ُك ِل أ َّ ٍ‬
‫ْ‬ ‫ُمة َش ِهيداً َعَل ْي ِه ْم م ْن أ َْنُفس ِه ْم َوج ْئَنا ِب َك َش ِهيداً َعَل ٰى َهـ ُٰؤآلء َوَنَّ ْزلَنا َعَل ْي َك اْلكتَ َ‬ ‫َ َْ َ َْ َ‬
‫ِ ِِ‬
‫َو ُه ًدى َوَر ْح َم ًة َوُب ْش َر ٰى لْل ُم ْسلم َ‬
‫ين‬

‫اب ِت ْبَياناً لِ ُك ِل َشي ٍء} [اآلية‪.]89 :‬‬ ‫ِ‬


‫{وَنَّ ْزلَنا َعَل ْي َك اْلكتَ َ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬
‫ْ‬

‫تبعا لك فبين‬
‫جميعا ً‬
‫ً‬ ‫قال الواسطى‪ :‬أنزل عليك الكتاب‪ :‬وإنما خوطبت به دون غيرك ألنك من أهل المخاطبة وخوطبوا‬
‫لهم مرادنا فيما خوطبوا به فإن البيان إليك‪.‬‬

‫قال أبو عثمان المغربى‪ :‬فى الكتاب تبيان كل شئ ومحمد صلى هللا عليه وسلم هو المبين لتبيان الكتاب‪.‬‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 90‬الى اآلية ‪)90‬‬

‫ان َوإِيتَ ِآء ِذي اْلُق ْرَب ٰى َوَي ْن َه ٰى َع ِن اْلَف ْح َش ِاء َواْل ُم ْن َك ِر َواْلَب ْغ ِي َي ِع ُ‬
‫ظ ُك ْم َل َعَّل ُك ْم تَ َذ َّك ُرو َن‬ ‫ِ‬
‫ْم ُر ِباْل َع ْدل َو ْ‬
‫اإلح َس ِ‬ ‫ِإ َّن َّ‬
‫َّللاَ َيأ ُ‬
‫ِ‬
‫ْم ُر ِباْل َع ْدل َو ْ‬
‫اإلح َس ِ‬
‫ان} [اآلية‪.]90 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن َّ‬
‫َّللاَ َيأ ُ‬

‫قال بعضهم‪ :‬العدل واإلحسان ما استطاعهما آدمى قط ألن هللا تعالى يقول‪{ :‬وَلن تَستَ ِطيعوْا أَن تَع ِدُلوْا بين ِ‬
‫الن َس ِآء}‬ ‫ْ َْ َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ‬
‫[النساء‪ ]129 :‬فكيف يستطيع أن يعدل بينه وبين هللا تعالى فى استيفاء نعمه وتضييع وعظه وحكمه‪ ،‬وليس من‬
‫العدل أن تَفتُر عن طاعة من ال َيفتُر عن ِب ِرك واإلحسان هو االستقامة إلى الموت وهو أن تعبد هللا كأنك تراه‬
‫كالمروى عن النبى صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫وقال عليه السالم‪" :‬استقيموا ولن تحصوا‪".‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫أخبر أنه ال يقدر أحد أن يعدل بين خلقه‪ ،‬فكيف يعدل بينه وبين ربه‪.‬‬

‫{واْل ُم ْن َك ِر} هو اإلصرار على الذنوب {اْلَب ْغ ِي} ظلم العباد وظلمه على نفسه أفظع‪.‬‬
‫والفحشاء‪ :‬هو االستهانة بالشريعة َ‬

‫قديما وحديثًا‪.‬‬
‫قال النيسابورى‪ :‬ليس من العدل المقابالت بالمجاهدات‪ ،‬والعدل‪ :‬رؤية المنة منه ً‬

‫واإلحسان االستقامة بشرط الوفاء إلى األبد؛ لذلك قال‪ :‬استقيموا ولن تحصوا‪.‬‬

‫قال سهل‪ :‬العدل‪ :‬قول‪ :‬ال إله إال هللا‪ .‬واإلحسان‪ :‬إحسانك إلى من استرعاك هللا أمره‪ ،‬والفحشاء‪ :‬الكذب والغيبة‬
‫{ي ِع ُ‬
‫ظ ُك ْم}‪ :‬يؤدبكم باللطف واألدب‪،‬‬ ‫والبهتان وما كان من األقوال‪ .‬والمنكر‪ :‬ارتكاب المعاصى وما كان من األفعال‪َ ،‬‬
‫وينبهكم أحسن أنبائه‪َ{ ،‬ل َعَّل ُك ْم} تتعظون‪ :‬أى تنتهون‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬العدل استقامة القلب‪ ،‬واإلحسان‪ :‬لزوم النفس لكل مستحسن من األقوال واألفعال‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬العدل‪ :‬اعتدال القلب مع الحق‪ ،‬واإلحسان‪ :‬لزوم النفس المعاملة على رؤية الحق‪.‬‬

‫وق يل‪ :‬العدل‪ :‬هو التوحيد‪ ،‬واإلحسان‪ :‬أداء الفرائض‪ .‬وإيتاء ذى القربى‪ :‬صلة الرحم‪ ،‬وينهى عن الفحشاء‪ :‬الرياء‬
‫والمنكر والمعاصى‪ ،‬والبغى‪ :‬الظلم‪.‬‬

‫قال سفيان بن عيينة‪ :‬العدل اإلنصاف‪ ،‬واإلحسان التفضل‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النحل (من اآلية ‪ 91‬الى اآلية ‪)91‬‬

‫ِ ِ‬ ‫ان َب ْع َد تَ ْو ِك ِيد َها َوَق ْد َج َعْلتُ ُم َّ‬ ‫وأَوُفوْا ِبعه ِد َّ ِ‬


‫َّللاَ َي ْعَلم َما تَْف َعُلو َن‬
‫َّللاَ َعَل ْي ُك ْم َكفيالً إ َّن َّ ُ‬ ‫ضوْا األ َْي َم َ‬ ‫َّللا ِإ َذا َع َ‬
‫اهدتُّ ْم َوالَ تَنُق ُ‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬
‫قوله عز وجل‪{ :‬وأَوُفوْا ِبعه ِد َّ ِ‬
‫َّللا ِإ َذا َع َ‬
‫اهدتُّ ْم} [اآلية‪.]91 :‬‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬

‫{و َم ْن أ َْوَف ٰى‬ ‫قال النصرآباذى‪ :‬أنت متردد بين صفتين‪ :‬صفة الحق وصفتك‪ ،‬قال هللا تعالى‪{ :‬وأَوُفوْا ِبعه ِد َّ ِ‬
‫َّللا}‪ ،‬وقال‪َ :‬‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬
‫عهود‪ ،‬وفى األفعال‬
‫ٌ‬ ‫َّللاِ} [التوبة‪ ]111 :‬فإلى أيهما نظرت فإنك األحرى ثم العهود مختلفة فى األقوال‬
‫ِب َع ْه ِدِه ِم َن َّ‬
‫عهود‪ ،‬والصدق مطلوب منك فى جميع ذلك‪ ،‬وهو على العوام عهود‪ ،‬وعلى الخواص عهود‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫عهود‪ ،‬وفى األحوال‬
‫ٌ‬
‫عهود‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫وعلى خواص الخواص‬

‫فالعهد على العوام لزوم الظاهر‪ ،‬والعهد على الخواص حفظ السرائر‪ ،‬والعهد على خواص الخواص التخلى من الكل‬
‫الك ُّل‪.‬‬
‫لمن له ُ‬

‫وقال من حمل العهد بنفسه خيف عليه نقضه فى أول قدم‪ ،‬ومن حمله بالحق حفظ عليه عهوده ومواثيقه‪.‬‬

‫ان َب ْع َد تَ ْو ِك ِيد َها} [اآلية‪.]91 :‬‬


‫ضوْا األ َْي َم َ‬
‫{والَ تَ ُنق ُ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬قد تقدمت العهود فى الميثاق األول فمن أقام على وفاء الميثاق فتح له طريق الحقائق وقتًا بعد وقت‪،‬‬
‫ومن خاف فى الميثاق األول نفى مع وقته وأغلق دونه مسالك رشده‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النحل (من اآلية ‪ 95‬الى اآلية ‪)95‬‬

‫َّللاِ ُه َو َخ ْيٌر َّل ُك ْم ِإن ُك ْنتُ ْم تَ ْعَل ُمو َن‬


‫َّللاِ ثَ َمناً َقلِيالً ِإَّن َما ِع ْن َد َّ‬
‫َوالَ تَ ْشتَ ُروْا ِب َع ْه ِد َّ‬

‫َّللاِ ثَ َمناً َقلِيالً} [اآلية‪.]95 :‬‬


‫{والَ تَ ْشتَ ُروْا ِب َع ْه ِد َّ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫سببا وطريًقا لالنبساط إلى الخلق فى االرتفاق منهم‪.‬‬


‫قال الجنيد وسئل من أحسن الخلق‪ :‬قال‪ :‬من جعل دينه ً‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬أول عهد عليك من ربك أنه كفاك كل ما تحتاج إليه لئال ترغب إلى غيره‪ ،‬وال ترجع فى المهمات إال‬
‫شيئا من حطام هذه الفانية وقد نقض عهد هللا ألن‬ ‫إليه‪ ،‬فمن ضيع عهده واشترى بما َّ‬
‫خصه هللا تعالى به من كراماته ً‬
‫َّللاِ ُه َو َخ ْيٌر َّل ُك ْم} [اآلية‪.]95 :‬‬
‫هللا تعالى يقول‪ِ{ :‬إَّن َما ِع ْن َد َّ‬

‫وهو االعتماد عليه واالكتفاء به دون غيره‪.‬‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 96‬الى اآلية ‪)96‬‬

‫َج َرُه ْم ِبأ ْ‬


‫َح َس ِن َما َك ُانوْا َي ْع َمُلو َن‬ ‫صَب ُروْا أ ْ‬
‫َّ ِ‬ ‫َّللاِ َب ٍ‬
‫اق َوَلَن ْج ِزَي َّن الذ َ‬ ‫َما ِع َند ُك ْم َي َنف ُد َو َما ِع َند َّ‬
‫ين َ‬
‫َّللاِ َب ٍ‬
‫اق} [اآلية‪.]96 :‬‬ ‫{ما ِع َند ُك ْم َي َنف ُد َو َما ِع َند َّ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬ما منكم من الطاعات فإنها فانية‪ ،‬وما من إليكم من جزاء أعمالكم فهو باق على الدوام وأََّنى يقابل ما‬
‫يفنى بما يبقى‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬طاعاتكم مدخولة وجزائى وثوابى على طاعاتكم باقية بقاء األبد‪.‬‬

‫فانيا من‬ ‫شيئا‪ ،‬وما من الحق إليكم ٍ‬


‫باق فالعبد من كان ً‬ ‫قال ابن عطاء‪ :‬أوصافكم فانية‪ ،‬وأحوالكم ثابتة فال يدعوا منها ً‬
‫َّللاِ َب ٍ‬
‫اق}‪.‬‬ ‫{ما ِع َند ُك ْم َي َنف ُد َو َما ِع َند َّ‬
‫باقيا هلل تعالى عنده‪ ،‬وهو تفسير قوله‪َ :‬‬
‫أوصافه ً‬

‫قال جعفر‪ :‬ما عندكم ينفذ‪ :‬يعنى‪ :‬األفعال من الفرائض والنوافل‪ ،‬وما عند هللا باق‪ :‬من أوصافه ونعوته ألن الحدث‬
‫يفنى والقديم يبقى‪.‬‬

‫َّ ِ‬
‫َج َرُه ْم ِبأ ْ‬
‫َح َس ِن َما َك ُانوْا َي ْع َمُلو َن} [اآلية‪.]96 :‬‬ ‫صَب ُروْا أ ْ‬ ‫{وَلَن ْج ِزَي َّن الذ َ‬
‫ين َ‬ ‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 97‬الى اآلية ‪)97‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َج َرُهم ِبأ ْ‬
‫َح َس ِن َما َك ُانوْا َي ْع َمُلو َن‬ ‫طِيَب ًة َوَلَن ْج ِزَيَّن ُه ْم أ ْ‬ ‫صالِحاً من َذ َك ٍر أ َْو أ ُْنثَ ٰى َو ُه َو ُم ْؤ ِم ٌن َفَلُن ْحِيَيَّن ُه َحَي ً‬
‫اة َ‬ ‫َم ْن َعم َل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫طِيَب ًة} [اآلية‪.]97 :‬‬ ‫صالِحاً من َذ َك ٍر أ َْو أ ُْنثَ ٰى َو ُه َو ُم ْؤ ِم ٌن َفَلُن ْحِيَيَّن ُه َحَي ً‬
‫اة َ‬ ‫{م ْن َعم َل َ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫روى عن النبى صلى هللا عليه وسلم أنه قال‪ :‬هى القناعة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫الصبر‪.‬‬
‫قال أبو يعقوب السوسى‪ :‬الحياة الطيبة عيش الفقراء ُّ‬

‫وقيل‪ :‬عيش الفقراء الراضين‪.‬‬

‫قال سهل بن عبد هللا‪ :‬هو أن ُينزع عن العبد تدبيره ويرد إلى تدبير الحق فيه‪.‬‬

‫قال الجريرى‪ :‬هو العيش مع هللا والفهم عن هللا تعالى‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬هو روح اليقين وصدق نية القلب‪.‬‬

‫قال جعفر‪ :‬الحياة الطيبة أن يطيب له بأن كل ذلك من هللا إليه‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬العيش مع هللا تعالى والسهو واإلعراض َعما دونه‪.‬‬

‫قال جعفر‪ :‬هى المعرفة باهلل وصدق المقام مع هللا تعالى وصدق الوقوف مع هللا تعالى‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الحياة الطيبة االستغناء باهلل تعالى ال يريد به بدالً وال عنه حوالً‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬الحياة الطيبة بإسقاط الكونين عن سره حتى يبقى مع ربه‪.‬‬

‫قال القاسم‪ :‬هى التى ال يطمع فيها إلى غير هللا تعالى‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النحل (من اآلية ‪ 99‬الى اآلية ‪)99‬‬

‫آمُنوْا َو َعَل ٰى َربِ ِه ْم َيتََوَّكُلو َن‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِإَّن ُه َل ْي َس َل ُه ُسْل َ‬


‫ين َ‬
‫ان َعَل ٰى الذ َ‬
‫طٌ‬

‫قال أبو حفص‪ :‬من أراد أال يكون للشيطان عليه دليل فليصحح إيمانه‪ ،‬وليصحح فى اإليمان التوكل على هللا‪،‬‬
‫عوضا عنه‪ ،‬والتوكل هو الثقة بمضمون الرزق‬ ‫ً‬ ‫واإليمان هو أن ال يرجع فى السراء والضراء إال إليه وال يرضى بسواه‬
‫آمُنوْا َو َعَل ٰى َربِ ِه ْم َيتََوَّكُلو َن}‪.‬‬ ‫َّ ِ‬ ‫كثقتك بمعلومك‪ ،‬وهذا تفسير قوله‪ِ{ :‬إَّن ُه َل ْي َس َل ُه ُسْل َ‬
‫ين َ‬‫ان َعَل ٰى الذ َ‬
‫طٌ‬

‫قال النصرآباذى‪ :‬من صحح نسبة مع الحق لن يؤثر عليه بعد ذلك منازعة طبع وال وسوسة شيطان‪.‬‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 100‬الى اآلية ‪)100‬‬

‫ين ُهم ِب ِه ُم ْش ِرُكو َن‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ‬


‫ين َيتََول ْوَن ُه َوالذ َ‬
‫َّ ِ‬ ‫ِإَّن َما ُسْل َ‬
‫ط ُان ُه َعَل ٰى الذ َ‬

‫ين َيتََوَّل ْوَن ُه} [اآلية‪.]100 :‬‬ ‫َّ ِ‬ ‫قوله عز وجل‪ِ{ :‬إَّن َما ُسْل َ‬
‫ط ُان ُه َعَل ٰى الذ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬من اتبع هواه فقد تولى الشيطان‪ ،‬ومن ركن إلى الدنيا فقد اتبعه‪ ،‬ومن أحب الرئاسة فقد اتبعه‪ ،‬ومن‬
‫خالف ظاهر العلم فقد تواله‪ ،‬ومن خالف المسلمين فقد جعل للشيطان عليه سبيالً‪ ،‬ومن ركن إلى شىء من المخالفات‬
‫وباطنا فقد أهلك نفسه ومن تولى الشيطان فقد أهلك نفسه تب أر من الحق‪.‬‬
‫ً‬ ‫ظاهر‬
‫ًا‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 102‬الى اآلية ‪)102‬‬

‫ِ ِِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُقل نَّزَله روح اْلُقد ِ ِ‬


‫آمُنوْا َو ُه ًدى َوُب ْش َر ٰى لْل ُم ْسلم َ‬
‫ين‬ ‫ِك ِباْل َح ِق لُيثَِب َت الذ َ‬
‫ين َ‬ ‫س من َّرب َ‬ ‫ْ َ ُُ ُ ُ‬

‫ِك ِباْل َح ِق} [اآلية‪.]102 :‬‬ ‫قوله عز وجل‪ُ{ :‬قل نَّزَله روح اْلُقد ِ ِ‬
‫س من َّرب َ‬ ‫ْ َ ُُ ُ ُ‬

‫روحا‪ ،‬وللطف‬
‫قال الواسطى‪ :‬األرواح ليس لها نوم وال لذة وال موت وال حياة‪ ،‬بل هى جوهرة لطيفة‪ ،‬للطفه سمى ً‬
‫جبريل سمى روح القدس‪.‬‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 110‬الى اآلية ‪)110‬‬

‫يم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ثُ َّم ِإ َّن ربَّك لَِّل ِذين هاجروْا ِمن بع ِد ما ُفِتنوْا ثُ َّم جاهدوْا وصبروْا ِإ َّن رب ِ‬
‫ور َّرح ٌ‬
‫َّك من َب ْعد َها َل َغُف ٌ‬
‫َ َ‬ ‫َ َُ َ َ َُ‬ ‫َْ َ ُ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫َ َ‬

‫صَب ُروْا} [اآلية‪.]110 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله عز وجل‪{ :‬ثُ َّم ِإ َّن رب َِّ ِ‬
‫اه ُدوْا َو َ‬
‫اج ُروْا من َب ْعد َما ُفتُنوْا ثُ َّم َج َ‬
‫ين َه َ‬
‫َّك للذ َ‬
‫َ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال سهل‪ :‬هاجروا قرناء السوء بعد أن ظهر لهم منهم الفتنة فى صحبتهم‪ ،‬ثم جاهدوا أنفسهم على مالزمة أهل الخير‪،‬‬
‫ثم صبروا معهم على ذلك ولم يرجعوا إلى ما كانوا عليه من بذئ األحوال‪.‬‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 111‬الى اآلية ‪)111‬‬

‫س تُ َج ِاد ُل َعن َّنْف ِس َها وتُوَّف ٰى ُك ُّل َنْف ٍ‬


‫س َّما َع ِمَل ْت َو ُه ْم الَ ُي ْ‬
‫ظَل ُمو َن‬ ‫َي ْوم تَأِْتي ُك ُّل َنْف ٍ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬

‫س تُ َج ِاد ُل َعن َّنْف ِس َها} [اآلية‪.]111 :‬‬


‫{ي ْوم تَأِْتي ُك ُّل َنْف ٍ‬
‫قوله عز وجل‪َ َ :‬‬

‫بالخلق ألنه ينقلهم من أول إلى ثانى حتى إذا أخلصوا إلى ما توهموا أنه الغاية علموا أن‬ ‫ِ‬ ‫قال بعضهم‪ :‬الشريعة َم ْكر‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫{ي ْوَم تَأْتي ُك ُّل َنْفس تُ َجاد ُل َعن َّنْفس َها} ً‬
‫توهما أنها بلغت‬ ‫الحق وراء ما َّأدتهم إليه الوسائط‪ ،‬وهذا كما قال هللا تعالى‪َ :‬‬
‫الغاية‪.‬‬

‫قال بعض الخراسانيين‪ :‬ذهب وقت الخلق فى الدنيا اشتغاالً بنفوسهم فى الدنيا يجادلون عنها‪ ،‬وهم فى اآلخرة يجادلون‬
‫عنها‪ ،‬فمن يتفرغ إلى معرفة الحق؟‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 114‬الى اآلية ‪)114‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َّللاِ ِإن ُك ْنتُ ْم ِإيَّاهُ تَ ْعُب ُدو َن‬
‫اش ُك ُروْا ِن ْع َم َت َّ‬
‫طِيباً َو ْ‬ ‫َف ُكُلوْا ِم َّما َرَزَق ُك ُم َّ‬
‫َّللاُ َحَلـٰالً َ‬

‫طِيباً} [اآلية‪.]114 :‬‬ ‫قوله عز وجل‪َ { :‬ف ُكُلوْا ِم َّما َرَزَق ُك ُم َّ‬
‫َّللاُ َحالالً َ‬

‫سمعت أبا بكر الرازى قال‪ :‬سمعت أبا عبد هللا محمد بن سعيد القرشى يقول‪ :‬سمعت إبراهيم الخواص يقول‪ :‬الحالل‬
‫على ستة أوجه‪ :‬إمام عادل‪ ،‬وتاجر صادق‪ ،‬وزارع متوكل‪ٍ ،‬‬
‫وغاز غير خائف‪ ،‬وعالم ناصح‪ ،‬وزاهد مخلص‪ ،‬فإذا‬
‫اجتمع هؤالء الستة فى دار فإن كل الحالل يدور بينهم‪.‬‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 119‬الى اآلية ‪)119‬‬

‫يم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫السوء ِبجهاَل ٍة ثُ َّم تَابوْا ِمن بع ِد َذلِك وأَصَلحوْا ِإ َّن رب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ثُ َّم ِإ َّن رب َِّ ِ‬
‫ور َّرح ٌ‬
‫َّك من َب ْعد َها َل َغُف ٌ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ ْ ُ‬ ‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫ين َعمُلوْا ُّ َ َ َ‬
‫َّك للذ َ‬
‫َ َ‬

‫َصَل ُحوْا} [اآلية‪.]119 :‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫قوله عز وجل‪{ :‬ثُ َّم ِإ َّن رب َِّ ِ‬
‫وء ب َج َهاَلة ثُ َّم تَ ُابوْا من َب ْعد َذل َك َوأ ْ‬
‫ين َعمُلوْا ُّ َ‬
‫َّك للذ َ‬
‫َ َ‬

‫علما‪ ،‬والعلم مفتاح التوبة وفى الصالح صحة التوبة‪،‬‬ ‫ورب جهل أورث ً‬ ‫أحد إال بجهل ُ‬
‫قال سهل‪ :‬ما عصى هللاَ تعالى ٌ‬
‫َصَل ُحوْا}‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ومن لم يصلح فى توبته فعن قريب يفسد عليه توبته‪ ،‬ألن هللا تعالى يقول‪{ :‬ثُ َّم تَ ُابوْا من َب ْعد َذل َك َوأ ْ‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 120‬الى اآلية ‪)120‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ‬ ‫اهيم َكان أ َّ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُم ًة َقانتاً ََّّلل َحنيفاً َوَل ْم َي ُك م َن اْل ُم ْش ِرِك َ‬
‫ين‬ ‫ِإ َّن ِإ ْب َر َ َ‬

‫معلما للخير عامالً به‪.‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬كان أمة أى ً‬

‫أمة وإخالصه كإخالص ٍ‬


‫أمة‪.‬‬ ‫قال بعضهم‪ :‬كان علمه كعلم ٍ‬

‫شيئا من أعماله شرك‪.‬‬


‫وقال بعضهم‪ :‬القانت الذى ال يفتر عن الذكر‪ ،‬والحنيف الذى ال يشوب ً‬

‫وقيل‪ :‬القانت المطيع الذى ال يعصى هللا‪.‬‬

‫ِ‬
‫{وَل ْم َي ُك م َن اْل ُم ْش ِرِك َ‬
‫ين} لم يكن يرى المنع والعطاء والضر والنفع إال من موضع واحد‪.‬‬ ‫وقيل فى قوله‪َ :‬‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 121‬الى اآلية ‪)121‬‬

‫صر ٍ‬
‫اط ُّم ْستَِقي ٍم‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫اجتََباهُ َو َه َداهُ ِإَل ٰى َ‬
‫َشاك اًر أل َْن ُعمه ْ‬

‫اجتََباهُ} [اآلية‪.]121 :‬‬ ‫ِِ‬ ‫قوله عز وجل‪ِ َ :‬‬


‫{شاك اًر أل َْن ُعمه ْ‬

‫رضا ال قبول كراهية‪.‬‬


‫قال الواسطى‪ :‬قابالً لقضائه وقسمته قبول ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال أبو عثمان‪ :‬الشاكر للنعمة أن ال يرى شكره إال ابتداء نعمة من هللا حيث أهله لشكره‪ ،‬اجتباه من بين خلقه‪ ،‬وكتب‬
‫ٍ‬
‫فضل ال باكتساب وجهد وكد‪.‬‬ ‫ابتداء‬ ‫عالما أن الهداية سبقت له من هللا تعالى‬
‫َ‬ ‫عليه الهداية إلى صراط مستقيم ً‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 122‬الى اآلية ‪)122‬‬

‫ين‬ ‫اآلخرِة َل ِمن َّ ِ ِ‬


‫وآتَيَناه ِفي اْلُّد ْنيا حسَن ًة وإَِّنه ِفي ِ‬
‫الصالح َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ََ َ ُ‬ ‫َ ْ ُ‬

‫قال بعضهم‪ :‬آتيناه فى الدنيا المعرفة حتى صلح فى اآلخرة لبساط المجاورة‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬أصلح هللا تعالى قلوب المؤمنين للمعاملة وأصلح قلوب األنبياء واألولياء للمجاورة والمطالعة‪.‬‬

‫جذبا منه إليه‪.‬‬


‫قال الواسطى‪ :‬هى الخلةُ ال غيرها تولى األنبياء بخلته خلقهم على ذلك ً‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 123‬الى اآلية ‪)123‬‬

‫ِ‬
‫اهيم حِنيفاً وما َك ِ‬ ‫ِ َّ‬
‫َن اتَِّب ْع مل َة ِإ ْب َر َ َ َ َ َ‬
‫ان م َن اْل ُم ْش ِرِك َ‬
‫ين‬ ‫ثُ َّم أ َْو َح ْيَنآ ِإَل ْي َك أ ِ‬

‫يم َحِنيفاً} [اآلية‪.]123 :‬‬ ‫ِ َِّ ِ َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫قوله عز وجل‪{ :‬ثُ َّم أ َْو َح ْيَنآ إَل ْي َك أَن اتب ْع مل َة إ ْب َراه َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الدينورى‪ :‬أمر النبى صلى هللا عليه وسلم باتباع الخليل لئال يأتى أحد من األتباع‪ ،‬وملة إبراهيم كانت السخاء‬
‫{وإَِّن َك َل َعَل ٰى ُخُل ٍق‬
‫عوضا عن الحق فقيل له َ‬
‫ً‬ ‫وحسن الخلق‪ ،‬فزاد عليه النبى صلى هللا عليه وسلم حين جاد بالكونين‬
‫َع ِظيمٍ} [القلم‪.]4 :‬‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 125‬الى اآلية ‪)125‬‬

‫ض َّل َعن َسِبيلِ ِه َو ُهَو‬


‫َعَل ُم ِب َمن َ‬ ‫َح َس ُن ِإ َّن َرب َ‬
‫َّك ُهَو أ ْ‬
‫َِّ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫يل ربِك ِباْل ِح ْكم ِة واْلمو ِع َ ِ‬
‫ظة اْل َح َسَنة َو َٰجدْل ُهم ِبالتي ه َي أ ْ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫ْادعُ ِإَل ٰى َسِب ِ َ َ‬
‫ِ‬
‫َعَل ُم ِباْل ُم ْهتَد َ‬
‫ين‬ ‫أْ‬

‫ظ ِة اْل َح َسَن ِة} [اآلية‪.]125 :‬‬


‫ِك ِباْل ِح ْك َم ِة َواْل َم ْو ِع َ‬ ‫{ادعُ ِإَل ٰى سِب ِ‬
‫يل َرب َ‬ ‫َ‬ ‫قوله عز وجل‪ْ :‬‬

‫حدثنا على بن الحسن الحافظ‪ ،‬حدثنا أحمد بن الحسين دبيس المقرى‪ ،‬حدثنا أحمد ابن زياد‪ ،‬حدثنا أسود بن سالم‪،‬‬
‫حدثنى عبد الرحمن بن يزيد الزراد‪ ،‬حدثنا محمد بن عجالن عن نافع عن ابن عمر رضى هللا عنهما عن النبى صلى‬
‫ِ‬
‫األنبياء أن نكلم الناس على قدر عقولهم‪.‬‬ ‫معاشر‬ ‫هللا عليه وسلم قال‪ :‬أ ُِمرَنا‬
‫َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬خاطب كال على قدره والموعظة الحسنة فيها ترغيب وترهيب‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬الموعظة الحسنة ما اتعظت بها أوالً ثم أمرت‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫بالجنان وإصابة‬
‫َ‬ ‫سئل بعضهم‪ :‬لم قدم هللا تعالى الحكمة؟ فقال‪ :‬ألن الحكمة إصابة القول باللسان‪ ،‬وإصابة الفكرة‬
‫الحركة باألركان وأن تكلم بكالم بحكمة‪ ،‬وأن تفكر بفكر بحكمة‪.‬‬

‫قال جعفر‪ :‬الدعوة بالحكمة أن يدعوه من هللا إلى هللا باهلل‪ ،‬والموعظة الحسنة أن يرى الخلق فى أسر القدرة فيشكر من‬
‫أجاب ويعذر من َأبى‪.‬‬

‫حكيما فى‬
‫ً‬ ‫حكيما فى أفعاله‪،‬‬
‫ً‬ ‫حكيما حتى يكون‬
‫ً‬ ‫سمعت عبد هللا الرازى يقول‪ :‬سمعت أبا عثمان يقول‪ :‬ال يكون الرجل‬
‫حكيما‪.‬‬
‫ً‬ ‫حكيما فى أحواله‪ ،‬فإنه يقال له ناطق بالحكمة‪ ،‬وال يقال له‬
‫ً‬ ‫أقواله‪،‬‬

‫َِّ ِ‬ ‫ِ‬
‫{و َجادْل ُهم ِبالتي ه َي أ ْ‬
‫َح َس ُن} [اآلية‪.]125 :‬‬ ‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال هى التى ليس فيها من حظوظ النفس شىء‪ ،‬وال ترى أنه الممتنع من قبول الموعظة فتغضب عليه‪ ،‬إن ربك هو‬
‫ِ‬
‫َعَل ُم ِباْل ُم ْهتَد َ‬
‫ين} الموفقين الذين شرحت صدورهم بقبول ما أثبت‬ ‫{و ُه َو أ ْ‬
‫أعلم بمن ضل عن سبيله‪ :‬فال ينجع فيه قولك‪َ :‬‬
‫به‪.‬‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 126‬الى اآلية ‪)126‬‬

‫صَب ْرتُ ْم َل ُه َو َخ ْيٌر لِ َّ‬ ‫ِ ِِ ِ‬ ‫ِ ِِ ِ‬


‫لصاِبر َ‬
‫ين‬ ‫َوِإ ْن َعا َق ْبتُ ْم َف َعاقُبوْا بم ْثل َما ُعوق ْبتُ ْم به َوَلئن َ‬

‫صَب ْرتُ ْم} فلم تعاقبوا لهو خير للصابرين التاركين العقوبة الذى أباح العلم فعلها باألدب‬ ‫قال الجنيد‪ :‬فى قوله‪ِ :‬‬
‫{وَلئن َ‬
‫َ‬
‫الذى يتبعه باألمر ويلزمه بالترغيب إنه خير للصابرين‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال أبو سعيد الخراز‪ :‬أخبر عن موضع اإلباحة بالقصاص ونهى عن إمكان النفس من شهوتها وبلوغ مناها‪ ،‬وعرف‬
‫أن الفضل فى احتمال ُمؤن الصبر‪.‬‬

‫صَب ْرتُ ْم َل ُه َو َخ ْيٌر لِ َّ‬ ‫يقول عز وجل‪ِ :‬‬


‫لصاِبر َ‬
‫ين}‪.‬‬ ‫{وَلئن َ‬
‫َ‬

‫قال النبى صلى هللا عليه وسلم‪ :‬إلى موضع الفضل ففرض عليه ذلك‪.‬‬

‫وقيل له‪ :‬إن الفضل على الخلق تطوع وعليك فرض واصبر‪ ،‬ثم أعلمه أن ذلك ال يتم إال بخلوة وتشبيه بالحق بقوله‪:‬‬
‫اَّللِ} [اآلية‪.]127 :‬‬
‫ك ِإالَّ ِب َّ‬
‫ص ْب ُر َ‬
‫{و َما َ‬
‫َ‬

‫قال الواسطى‪ :‬فى هذه اآلية أخبره بأنه هو الذى توالهم فحجبهم عن المعاينة فى الحضرة وهم ثالث طوائف عند‬
‫اللقاء‪ ،‬طائفة ترمدت بقيومة دواميته وأزليته‪ ،‬فلم تجد عند اللقاء عليها آفة االتصال أنوار السرمدية بأنوار األبدية‪،‬‬
‫وطائفة لقيتة فى زينته وحين نظره واختياره فضمرهم فى نعمته وحجبهم بكرامته فهى متلذذة بنعمة محجوبة عن‬
‫حبا بمقدمكم فحجبها فى نفس ما خاطبهم‪.‬‬
‫حقيقته‪ ،‬وطائفة لقيته بشواهد طاعاتها وزهدها‪ ،‬فقال لهم مر ً‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬بأمره وببره‪.‬‬

‫وقال جعفر‪ :‬أمر هللا أنبياءه بالصبر وجعل الحظ األعلى منه للنبى صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫قال سهل‪ :‬واصبر واعلم أنه ال معين على الصبر إال هللا‪ .‬حيث جعل صبره باهلل ال بنفسه‪ ،‬فقال وما صبرك إال باهلل‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫مباشر لبالء‪،‬‬
‫ًا‬ ‫قال الجنيد‪ :‬عظم المنة عليه لما أدبه بالقيام على شروط االستقامة بقوله‪ :‬واصبر‪ :‬ومن لم يكن صبره‬
‫فى حين وروده بما تقدم من التوطئة ع لى العزم على الصبر عند أول صدمة ترد منه لم يؤمن أن يأخذ الجزع من‬
‫صبره بعد أوان تفضى صبره‪.‬‬

‫قال الثورى‪ :‬فى هذه اآلية هو الصبر على هللا باهلل‪.‬‬

‫قال أبو القاسم‪ :‬الحكيم أصبر عباده‪ ،‬وما صبرك إال باهلل عبودية فمن ترقى من درجة لك وصل إلى درجة بك‪ ،‬فقد‬
‫انتقل من درجة العبادة إلى درجة العبودية‪.‬‬

‫قال النبى صلى هللا عليه وسلم‪" :‬بك أحيا‪ ،‬وبك أموت‬

‫‪".‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬فى هذه اآلية قال لما أظهر هللا تعالى البالء أشهده لذة مباشرته‪ ،‬بل ال يكون ألحد وقت إال وهللا تعالى‬
‫{و َما َي ْعِقُل َهآ ِإالَّ اْل َعالِ ُمو َن} [العنكبوت‪.]43 :‬‬
‫يوجده لذة المباشرة َ‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 128‬الى اآلية ‪)128‬‬

‫ين ُهم ُّم ْح ِسُنو َن‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِإ َّن َّ‬
‫ين اتََّقوْا َّوالذ َ‬
‫َّللاَ َم َع الذ َ‬

‫قال ممشاء الدينورى رحمه هللا‪ :‬رأيت ً‬


‫ملكا من المالئكة يقول لى‪ :‬كل من كان مع هللا تعالى فهو هالك إال رجل‬
‫ين ُهم ُّم ْح ِسُنو َن}‪.‬‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫واحد‪ ،‬قلت‪ :‬ومن هو؟ قال‪ :‬من كان هللا معه وهو قوله‪ِ{ :‬إ َّن َّ‬
‫ين اتََّقوْا َّوالذ َ‬
‫َّللاَ َم َع الذ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال بعضهم‪ :‬من اتقى هللا فى أفعاله أحسن هللا تعالى إليه فى أحواله‪.‬‬

‫قال الفضل بن عياض فى هذه اآلية‪ :‬اتقوا فيما نهاهم هللا تعالى عنه وأحسنوا فيما أمرهم به‪.‬‬

‫سورة النحل (من اآلية ‪ 74‬الى اآلية ‪)74‬‬

‫َّللاَ َي ْعَلم َوأ َْنتُ ْم الَ تَ ْعَل ُمو َن‬ ‫ض ِرُبوْا ََِّّللِ األَمثَ ِ‬
‫ال إ َّن َّ ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫َفالَ تَ ْ‬
‫ِِ‬
‫ض ِرُبوْا ََّّلل األ َْمثَ َ‬
‫ال} [اآلية‪.]74 :‬‬ ‫قوله عز وجل‪َ { :‬فالَ تَ ْ‬

‫أى للتشبيه ولكن اضربوا األمثال للداللة‪ ،‬واألمثال‪ :‬تصوير ما فى الغائب‪.‬‬

‫ِِ‬
‫ض ِرُبوْا ََّّلل األ َْمثَ َ‬
‫ال} فى ذاته وما نيته ألن الذات ممتنع عن العلل بحال‪.‬‬ ‫وقال ابن عطاء‪ :‬فى قوله‪َ { :‬فالَ تَ ْ‬

‫قال الواسطى‪ :‬األشياء كلها أقل من ذر فى الهواء كيف يظهر فى الذات‪.‬‬

‫ِِ‬
‫ض ِرُبوْا ََّّلل األ َْمثَ َ‬
‫ال}‪ .‬فى ذاته وكيفيته ألنه ليس كمثله شىء فأما صفاته التى أظهرها للخلق كسواه‬ ‫قال هللا تعالى‪َ { :‬فالَ تَ ْ‬
‫لهم وأعز‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِِ‬
‫ض ِرُبوْا ََّّلل األ َْمثَ َ‬
‫ال} فى صفاته وذاته ألن الصمدية تمتنع عن الوقوف على ماهية ذاته وكيفية صفاته‪.‬‬ ‫وقال‪َ { :‬فالَ تَ ْ‬

‫وقال إنما ضرب األمثال وأكثر ما فيها من المقال ضرًبا للسرائر وأن يغنى عن حضورها فيما أسرى إليها‪.‬‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 1‬الى اآلية ‪)1‬‬

‫صا َّال ِذي َب َارْكَنا َح ْوَل ُه لُِن ِرَي ُه ِم ْن َآي ِاتَنآ ِإَّن ُه ُهَو‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫َس َر ٰى ب َع ْبده َل ْيالً م َن اْل َم ْسجد اْل َح َار ِم إَل ٰى اْل َم ْسجد األَْق َ‬
‫سبح َّ ِ‬
‫ان الذى أ ْ‬ ‫ُْ َ َ‬
‫الس ِميع الب ِ‬
‫ص ُير‬ ‫َّ ُ َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫قوله عز وجل‪{ :‬سبح َّ ِ‬
‫َس َر ٰى ب َع ْبده َل ْيالً م َن اْل َم ْسجد اْل َح َار ِم إَل ٰى اْل َم ْسجد األَْق َ‬
‫صى} [اآلية‪.]1 :‬‬ ‫ان الذي أ ْ‬
‫ُْ َ َ‬

‫قال الواسطى‪ :‬نزه نفسه‪ ،‬أن يكون ألحد فى تسيير نبيه عليه السالم حركة أو حظرة فيكون شر ً‬
‫يكا فى اإلسراء‪،‬‬
‫والتسيير‪.‬‬

‫قال أبو يزيد‪ :‬نزه عما أبدا وال تعرفه بما أخفى‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬طهر مكان القربة وموقف الدنو عن أن يكون فيه تأثير لمخلوق ٍ‬
‫بحال‪ ،‬فسار بنفسه وس ار بروحه‪،‬‬
‫السر‪ ،‬وال النفس عندها شىء من خيرها وما ُهما فيه‪،‬‬
‫السر علم ما فيه الروح‪ ،‬وال الروح علم ما يشاهد َّ‬
‫وسبر بسره فال ُّ‬
‫وكل واقف مع حده ٍ‬
‫متلق عنه بال واسطة وال بقاء بشرية‪ ،‬بل حق تحقق بعبده فحققه وأقامه حيث ال مقام‪ ،‬وخاطبه‬
‫وأوحا إليه جل ربنا وتعالى‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫مقاما لم يسمع فيه جبريل‬
‫إلى المعراج‪ :‬فقال‪ :‬كيف أحدق لك ً‬
‫ُذكر أن رجالً جاء إلى جعفر بن محمد وقال‪ :‬صف َّ‬
‫صلوات هللا وسالمه عليه مع عظم مقامة‪.‬‬

‫سمعت النصرآباذى يقول‪ :‬أسقط األعمال واالعتراضات عن المعراج بقوله‪ :‬أسرى‪ :‬ولم يقل ُسرى ألن القدرة تحمل كل‬
‫شىء‪.‬‬

‫قوله عز وجل‪{ :‬اَّل ِذي َب َارْكَنا َح ْوَل ُه لُِن ِرَي ُه ِم ْن َآي ِاتَنآ} [اآلية‪.]1 :‬‬

‫ِ‬
‫ات واأل َْر ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ض} [اآلنعام‪ ]75 :‬وقال لمحمد عليه‬ ‫الس َم َاو َ‬
‫وت َّ‬ ‫{وَك َذل َك ُنرِي إ ْب َراه َ‬
‫يم َمَل ُك َ‬ ‫قال بعضهم‪ :‬قال هللا تعالى إلبراهيم‪َ :‬‬
‫السالم {لُِن ِرَي َك ِم ْن َآي ِاتَنا} [طه‪ ]23 :‬فغمض عينه عن اآليات شغالً منه بالحق ولم يلتفت إلى شىء من اآليات‬
‫والكرامات فقيل له‪ِ{ :‬إَّن َك َل َعَل ٰى ُخلُ ٍق َع ِظيمٍ} [القلم‪ ]4 :‬حديث لم يشغلك ما لنا َّ‬
‫عنا‪.‬‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 3‬الى اآلية ‪)3‬‬

‫ُذ ِرَّي َة َم ْن َح َمْلَنا َم َع ُنو ٍح ِإَّن ُه َك َ‬


‫ان َع ْبداً َش ُكو اًر‬

‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّن ُه َك َ‬


‫ان َع ْبداً َش ُكو اًر} [اآلية‪.]3 :‬‬

‫يستعظم قليل فضلنا عنده‪ ،‬ويستصغر كثير خدمته لنا‪ ،‬ليس له إلى غيرنا التفات‪ ،‬وال يشغله تواتر النعم عليه عن‬
‫المنعم ٍ‬
‫بحال‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫شكور قائالً بالحق ناطًقا به قابالً له ُمقبالً عليه‪.‬‬
‫ًا‬ ‫عبدا‬
‫قال الجنيد‪ً :‬‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 7‬الى اآلية ‪)7‬‬

‫وه ُك ْم َولَِي ْد ُخُلوْا اْل َم ْس ِج َد َك َما َد َخُلوهُ أََّو َل َمَّرٍة‬ ‫ِِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وءوْا ُو ُج َ‬
‫آء َو ْع ُد اآلخ َرة لَي ُس ُ‬
‫َسأْتُ ْم َفَل َها َفإ َذا َج َ‬
‫َح َس ْنتُ ْم أل َْنُفس ُك ْم َوإِ ْن أ َ‬ ‫ِإ ْن أ ْ‬
‫َح َس ْنتُ ْم أ ْ‬
‫َولُِيتَِب ُروْا َما َعَل ْوْا تَ ْتِبي اًر‬

‫َح َس ْنتُ ْم أل َْنُف ِس ُك ْم} [اآلية‪.]7 :‬‬ ‫قوله عز وجل‪ِ{ :‬إ ْن أ ْ‬


‫َح َس ْنتُ ْم أ ْ‬

‫قال أبو سليمان الدارانى‪ :‬العمال يعملون فى الدنيا على دعوة كل فيه يطلب حظه‪ ،‬فجاهل عمل على الغفله‪ ،‬وعالم‬
‫اهد على الحالوة‪ ،‬وخائف عمل على الرهبة‪ ،‬وصديق عمل على‬
‫يعمل على العادة‪ ،‬ومتوكل عمل على الفراغة‪ ،‬وز ٌ‬
‫المحبَّة وعمال هللا تعالى أقل من القليل‪.‬‬

‫وقال أبو يزيد‪ :‬من عمل لنفسه ال يعمل هلل ومن عمل هلل ال يعمل لنفسه وال يراها‪.‬‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 5‬الى اآلية ‪)5‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ٍِ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬


‫اسوْا خالَ َل الدَي ِار َوَك َ‬
‫ان َو ْعداً َّمْف ُعوالً‬ ‫آء َو ْع ُد أُو ُ‬
‫اله َما َب َع ْثَنا َعَل ْي ُك ْم عَباداً لَنآ أ ُْولي َبأْس َشديد َف َج ُ‬ ‫َفإ َذا َج َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫{ب َع ْثَنا َعَل ْي ُك ْم ِعَباداً َّلَنآ} [اآلية‪.]5 :‬‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫السيارى‪ :‬إضافة إلى القدرة وإلى اإلختصاص‪ ،‬وقوله ِ‬


‫{عَباداً} أمنا لكم إشارة إلى الملك والعموم‪.‬‬ ‫قال َّ‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 8‬الى اآلية ‪)8‬‬

‫ُّكم أَن يرحم ُكم وإِن عدتُّم ع ْدنا وجعْلنا جهَّنم ِلْل َك ِاف ِرين ح ِ‬
‫صي اًر‬ ‫َ َ‬ ‫َع َس ٰى َرب ُ ْ َ ْ َ َ ْ َ ْ ُ ْ ُ َ َ َ َ َ َ َ َ‬

‫ُّك ْم أَن َي ْر َح َم ُك ْم} [اآلية‪.]8 :‬‬


‫{ع َس ٰى َرب ُ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬يتعطف عليكم فيخرجكم من ظلمات المعاصى إلى أنوار الطاعات فمن طلب الرحمة من غير هللا‬
‫تعالى فهو فى طلبه ُمخطئ‪.‬‬

‫{وإِ ْن ُعدتُّ ْم ُع ْدَنا} [اآلية‪.]8 :‬‬


‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال سهل‪ :‬وإن عدتم إلى المعصية ُعدنا إلى المغفرة‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬وإن عدتم إلى اإلعراض عنا عدنا إلى اإلقبال عليكم‪.‬‬
‫وقال ً‬

‫قال سهل‪ :‬إن عدتم إلى الفرار منا ُعدنا إلى أخذ الطريق عليكم لترجعوا إلينا‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال أبو عثمان‪ :‬وإن عدتم إلينا بعد المخالفات عدنا عليكم بالتعطف والرحمة‪.‬‬

‫قال أبو بكر الوراق‪ :‬وإن ُعدتم إلى الطاعة ُعدنا إلى التيسير والقبول‪.‬‬

‫{وإِ ْن ُعدتُّ ْم ُع ْدَنا}‪.‬‬


‫قال محمد بن على‪ :‬ليس لمن أعرض عن ذنبه عذر بعد قوله‪َ :‬‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 9‬الى اآلية ‪)9‬‬

‫َج اًر َكِبي اًر‬ ‫الصالِح ِ‬ ‫ِإ َّن هـٰ َذا اْلُقرآن يه ِدي لَِّلِتي ِهي أَ ْقوم ويب ِشر اْلمؤ ِمِن َّ ِ‬
‫ات أ َّ‬
‫َن َل ُه ْم أ ْ‬ ‫ين َي ْع َمُلو َن َّ َ‬
‫ين الذ َ‬‫َ َ ُ َ َُ ُ ُ ْ َ‬ ‫ْ َ َْ‬ ‫َ‬

‫آن َي ًِ ْه ِدي لَِّلِتي ِهي أَ ْق َوُم} [اآلية‪.]9 :‬‬


‫قوله عز وجل‪ِ{ :‬إ َّن َهـٰ َذا اْلُق ْر َ‬
‫َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬القرآن دليل وال يدل إال على الحق فمن اتبعه قاده إلى الحق ومن أعرض عنه قاده الجهل إلى‬
‫الهالك‪.‬‬

‫قال أبو عثمان فى كتابه إلى محمد بن الفضل‪ :‬من تمسك بالقرآن وفق للزوم االستقامة ألن هللا تعالى يقول‪ِ{ :‬إ َّن َهـٰ َذا‬
‫آن َي ًِ ْه ِدي لَِّلِتي ِهي أَ ْق َوُم}‪.‬‬
‫اْلُق ْر َ‬
‫َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬فى هذه اآلية القرآن سراج ونور يهتدى به من جعل من أهل الهدى‪ ،‬فمن اهتدى به فاز ونجا‪ ،‬وربما‬
‫{و ُه َو َعَل ْي ِه ْم َع ًمى} [فصلت‪.]44 :‬‬
‫أيضا هالك؛ ألن هللا تعالى يقول َ‬
‫هلك بالقرآن ً‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 11‬الى اآلية ‪)11‬‬

‫ان َع ُجوالً‬ ‫ان ِ‬


‫اإل ْن َس ُ‬ ‫آءهُ ِباْل َخ ْي ِر َوَك َ‬ ‫اإل ْن َس ُ ِ َّ ِ‬
‫وَي ْدعُ ِ‬
‫ان بالشر ُد َع َ‬ ‫َ‬

‫آءهُ ِباْل َخ ْي ِر} [اآلية‪.]11 :‬‬ ‫اإل ْن َس ُ ِ َّ ِ‬


‫ان بالشر ُد َع َ‬
‫قوله عز وجل‪{ :‬وَي ْدعُ ِ‬
‫َ‬

‫قال سهل‪ :‬أسلم الدعوات الذكر وترك االختيار فى السؤال والدعاء ألن فى الذكر الكفاية وربما يدعوا اإلنسان فيسأل‬
‫آءهُ ِباْل َخ ْي ِر} والذاكر على الدوام التارك‬ ‫اإل ْن َس ُ ِ َّ ِ‬
‫ان بالشر ُد َع َ‬
‫ما فيه هالكه‪ ،‬وهو ال يشعر أال ترى هللا تعالى يقول‪{ :‬وَي ْدعُ ِ‬
‫َ‬
‫لالختيار فى الدعاء والسؤال مبذول له أفضل الرغائب وساقط عنه آفات السؤال واالختيار‪.‬‬

‫قال النبى صلى هللا عليه وسلم‪" :‬يقول هللا عز وجل‪ :‬من شغله ذكرى عن مسألتى أعطيته أفضل ما أُعطى السائلين‬

‫‪".‬‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 12‬الى اآلية ‪)12‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِِ‬ ‫ضالً ِمن َّرب ُ‬ ‫ِ‬ ‫النهار آيتَي ِن َفمحوَنآ آي َة َّال ِ‬ ‫َّ‬
‫ِك ْم َولِتَ ْعَل ُموْا َع َد َد السن َ‬
‫ين‬ ‫الن َه ِار ُم ْبص َرًة لِتَْبتَ ُغوْا َف ْ‬
‫يل َو َج َعْلَنآ َآي َة َّ‬ ‫يل َو َّ َ َ َ ْ َ َ ْ َ‬ ‫َو َج َعْلَنا ال َ‬
‫صيالً‬ ‫صْلناه تَْف ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫اب َوُك َّل َش ْيء َف َّ َ ُ‬‫َواْلح َس َ‬
‫النه ِار مب ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫{و َج َعْلَنا اْلَّلْي َل َو َّ‬
‫ص َرًة} [اآلية‪.]12 :‬‬ ‫الن َه َار َآيتَْي ِن َف َم َح ْوَنآ َآي َة اْللْيل َو َج َعْلَنآ َآي َة َّ َ ُ ْ‬ ‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬جعلنا الليل والنهار طرفين إلقامة العبودية جعل أحدهما عن اآلخر وخليفة عنه فمن أنفق أوقاته فى أناء‬
‫ليله ونهاره بما هو مستعبد فهو فى زمرة الموفقين‪ ،‬ومن أهمل ساعاته ولم يطالب نفسه ولم يراع أوقاته مع كل خاطر‬
‫ٍ‬
‫ونفس‪ ،‬فإنه من المخذولين‪.‬‬

‫ضالً ِمن َّرب ُ‬


‫ِك ْم} [اآلية‪.]12 :‬‬ ‫قال هللا تعالى‪{ :‬لِتَْبتَ ُغوْا َف ْ‬

‫فى تصحيح العبودية وإخالص العمل والمعونة على ذلك من هللا عز وجل‪.‬‬

‫قال النصرآباذى‪ :‬ألزمت نفسك أحواالً وأُلزمت أحواالً‪ ،‬وما أُلزمته أشد مما ألزمته نفسك‪.‬‬

‫ط ِآئ َرهُ ِفي ُعُنِق ِه} من سعادة وشقاوة‪ ،‬ومنهم من أُلزم الصبر على مقام المشاهدة‪،‬‬ ‫{وُك َّل ِإ ْن َس ٍ‬
‫ان أَْل َزْمَناهُ َ‬ ‫قال هللا تعالى‪َ :‬‬
‫ومنهم من أُلزم التمسك باألدب على بساط القرب‪ ،‬وهذا أشد و َّ‬
‫أشد‪.‬‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 13‬الى اآلية ‪)13‬‬

‫ام ِة ِكتَاباً َيْلَقاهُ َم ْن ُشو اًر‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ان أَْل َزمَناه َ ِ ِ‬
‫طآئ َرهُ في ُعُنقه َوُن ْخ ِرُج َل ُه َي ْوَم اْلقَي َ‬
‫ِ‬
‫َوُك َّل إ ْن َس ٍ ْ ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ام ِة ِكتَاباً َيْلَقاهُ َم ْن ُشو اًر} [اآلية‪.]13 :‬‬ ‫ِ‬
‫{وُن ْخ ِرُج َل ُه َي ْوَم اْلقَي َ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫كتابا‪ :‬تكتبه على نفسك فى أيامك وساعاتك‪ .‬وكتاب ُكتب عليك فى األزل‪ ،‬ال يخال هذا ذاك وال ذاك‬
‫قال بعضهم‪ً :‬‬
‫هذا‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الكتاب الذى يخرج إليك هو كتاب لسانك قلمه‪ ،‬وريقك مداده‪ ،‬وأعضاؤك ومفاصلك قرطاسه أنت كنت‬
‫شيئا من ذلك كان الشاهد فيه منك عليك‪.‬‬
‫المملى على حفظتك ما زيد فيه وال نقص منه‪ ،‬ومتى أنكرت ً‬

‫{ي ْوَم تَ ْش َه ُد َعَل ْي ِه ْم أَْل ِسَنتُ ُه ْم} [النور‪.]24 :‬‬


‫قال هللا تعالى‪َ :‬‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 14‬الى اآلية ‪)14‬‬

‫ا ْق َ ْأر ِك ٰتََب َك َكَف ٰى ِبَنْف ِس َك اْلَي ْوَم َعَل ْي َك َح ِسيباً‬

‫قال عمر بن الخطاب رضى هللا عنه‪ :‬حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزنوا وتزينوا للعرض‬
‫األكبر قبل أن تعرضوا‪.‬‬

‫قال يحيى بن معاذ‪ :‬اق أر كتابك‪ :‬فإنك كنت المملى له قال بعض السلف‪ :‬لقد أحسن هللا إليك من خلقك حسيب‬
‫بنفسك‪ ،‬وقيل‪ :‬محاسبة األبرار فى الدنيا‪ ،‬ومحاسبة الفجار فى اآلخرة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 16‬الى اآلية ‪)16‬‬

‫اها تَ ْد ِمي اًر‬


‫يها َف َح َّق َعَل ْي َها اْلَق ْو ُل َف َد َّم ْرَن َ‬
‫ِ‬
‫َم ْرَنا ُم ْت َرِف َ‬
‫يها َفَف َسُقوْا ف َ‬
‫ِ‬
‫َوِإ َذآ أ ََرْدَنآ أَن ُّن ْهل َك َق ْرَي ًة أ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يها} [اآلية‪.]16 :‬‬ ‫َم ْرَنا ُم ْت َرِف َ‬
‫يها َفَف َسُقوْا ف َ‬ ‫{وإِ َذآ أ ََرْدَنآ أَن ُّن ْهل َك َق ْرَي ًة أ َ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬أهلكنا خيارها‪ ،‬وأبقينا شرارها‪.‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬إذا أخرج هللا تعالى إنكار المعاصى من القلوب خيف إذ ذاك على الخلق الهالك‪.‬‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 18‬الى اآلية ‪)18‬‬

‫اجَل َة ع َّجْلَنا َله ِفيها ما َن َش ِ‬


‫الها َم ْذ ُموماً َّم ْد ُحو اًر‬
‫ص َ‬ ‫آء ل َمن ُّن ِر ُيد ثُ َّم َج َعْلَنا َل ُه َج َهَّن َم َي ْ‬
‫ُ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫ان ُي ِر ُيد اْل َع ِ َ‬
‫َّمن َك َ‬

‫آء لِ َمن ُّن ِر ُيد} [اآلية‪.]18 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ان ُي ِر ُيد اْل َعاجَل َة َع َّجْلَنا َل ُه ف َ‬
‫يها َما َن َش ُ‬ ‫{من َك َ‬
‫وجل‪َّ :‬‬
‫قوله عز َّ‬

‫قال الواسطى‪ :‬فى ترك الدنيا مشاهدة اآلخرة‪ ،‬وفى مشاهدة اآلخرة رفض الدنيا كما أن مشاهدة التأييد زوال عزة‬
‫النفس‪ ،‬وفى مطالعة صفات الحق سقوط صفات العبد‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 19‬الى اآلية ‪)19‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َو َم ْن أ ََرَاد اآلخ َرةَ َو َس َع ٰى َل َها َس ْعَي َها َو ُه َو ُم ْؤ ِم ٌن َفأُوَلئ َك َك َ‬
‫ان َس ْعُي ُهم َّم ْش ُكو اًر‬

‫قوله عز وجل‪{ :‬وم ْن أَرَاد ِ‬


‫اآلخ َرةَ َو َس َع ٰى َل َها َس ْعَي َها} [اآلية‪.]19 :‬‬ ‫ََ َ‬

‫قال القاسم‪ :‬فى قوله {وم ْن أَرَاد ِ‬


‫اآلخ َرَة َو َس َع ٰى َل َها َس ْعَي َها} بشرط اإلرادة بحسن السعاية ألن كل طائفة أ اردت اآلخرة‬ ‫ََ َ‬
‫وسعيها وهو الذى يسعى على االستقامة‪ ،‬وما توجه عليه الشريعة‪ ،‬وشرط السعى باالستقامة‪ ،‬وشرط االستقامة‬
‫فرب قاصد مستقيم فى الظاهر حظه اإليمان عارية‬
‫باإليمان ألن كل من أراد اآلخرة وقصد قصدها فليستقم عليها ُ‬
‫عنده‪ ،‬وكم من ساع حسن السعى غير مقبول سعيه‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬السعى فى الدنيا باألبدان‪ ،‬والسعى إلى اآلخرة بالقلوب‪ ،‬والسعى إلى هللا تعالى بالهمم‪.‬‬

‫ان َس ْعُي ُهم َّم ْش ُكو اًر} [اآلية‪.]19 :‬‬ ‫ِ‬


‫قال عز وجل‪َ { :‬فأُوَلئ َك َك َ‬

‫خالصا‬
‫ً‬ ‫مشوبا برياء‪ .‬وال سمعة‪ ،‬وال رؤية نفس‪ ،‬وال طلب ثواب بل يكون‬
‫ً‬ ‫قال أبو حفص‪ :‬السعى المشكور ما لم يكن‬
‫لوجهه ال يشاركه فى ذلك شىء فذلك السعى المشكور‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 21‬الى اآلية ‪)21‬‬

‫ٍ‬
‫ات وأَ ْكبر تَْف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض ُهم َعَل ٰى َب ْع ٍ‬ ‫ف َف َّ‬
‫ضيالً‬ ‫ض َوَلآلخ َرةُ أَ ْكَب ُر َد َر َج َ َ ُ‬ ‫ضْلَنا َب ْع َ ْ‬ ‫ظ ْر َك ْي َ‬
‫ان ُ‬

‫ض ُهم َعَل ٰى َب ْع ٍ‬
‫ض} [اآلية‪.]21 :‬‬ ‫ف َف َّ‬
‫ضْلَنا َب ْع َ ْ‬ ‫ظ ْر َك ْي َ‬
‫قوله عز وجل‪{ :‬ان ُ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬من تواله بصرف من العناية توالت أعماله كلها باهلل تعالى فله فضل الوالية على من دونه فإن هللا‬
‫تعالى قال‪ :‬انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض والفضيلة تقع فيما بين الخلق والحق ال يكبر عنده الطاعات وال‬
‫تغضبه المخالفات‪.‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬فضلنا بعضهم على بعض‪ :‬بالمعرفة واإلخالص والتوكل‪.‬‬

‫ٍ‬
‫ات وأَ ْكبر تَْف ِ‬ ‫ِ‬
‫ضيالً} [اآلية‪.]21 :‬‬ ‫{وَلآلخ َرةُ أَ ْكَب ُر َد َر َج َ َ ُ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬بدرجات الشوق يصل العبد إلى درجات العلى وأعظم درجة فى اآلخرة التخطى إلى بساط القرب‬
‫ومشاهدة الحق أعال وأجل‪.‬‬

‫قال أبو سعيد القرشى‪ :‬ابن آدم أنت تباهى بحسن مجلسك فى دار الدنيا من سلطان أو شريف أو عالم فكيف ال‬
‫ترغب فى مباهاة مجالس اآلخرة وهى أكبر وأفضل‪.‬‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 23‬الى اآلية ‪)23‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وَقضى ربُّك أَالَّ تَعبدوْا ِإالَّ ِإيَّاه وبِاْلوالِدي ِن ِإحساناً ِإ َّما يبُل َغ َّن ِعندك اْل ِكبر أَحدهما أَو ِكالَهما َفالَ تَُقل َّلهمآ أ ٍ‬
‫ُف َوالَ‬ ‫َُ‬ ‫َُ‬ ‫َ َ ََ َ ُ ُ َ ْ‬ ‫َْ‬ ‫ُ َ َ َْ ْ َ‬ ‫ْ ُُ‬ ‫َ َ ٰ َ َ‬
‫تَْن َه ْرُه َما َوُقل َّل ُه َما َق ْوالً َك ِريماً‬

‫ض ٰى َرُّب َك أَالَّ تَ ْعُب ُدوْا ِإالَّ ِإيَّاهُ} [اآلية‪.]23 :‬‬


‫{وَق َ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬قضى ربك‪ :‬أمر ربك‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬العبودية هى قطع األرباب وخلع األسباب‪ ،‬والرجوع إلى الحق بالحقيقة‪.‬‬

‫سمعت أبا عثمان المغربى يقول‪ :‬من تحقق فى العبودية ظهر سره لمشاهدة الربوبية‪ ،‬وإجابته القدرة إلى كل ما يريد‪.‬‬

‫قال النصرآباذى‪ :‬العبودية إسقاط رؤية التعبد فى مشاهدة المعبود‪.‬‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 24‬الى اآلية ‪)24‬‬

‫ص ِغي اًر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذ ِل ِمن َّ ِ‬


‫اخِفض َلهما جَناح ُّ‬
‫الر ْح َمة َوُقل َّرب ْار َح ْم ُه َما َك َما َربََّياني َ‬ ‫َ‬ ‫َو ْ ْ ُ َ َ َ‬

‫الر ْح َم ِة} [اآلية‪.]24 :‬‬


‫الذ ِل ِم َن َّ‬
‫اخِفض َلهما جَناح ُّ‬
‫{و ْ ْ ُ َ َ َ‬ ‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬ال تخالفهما برأى‪ ،‬وإن كانا على خالف هواك ذلك خالف الشريعة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫شذرا‪ ،‬وال يريان منك مخالفة فى‬
‫ُسئل أبو عثمان عن بر الوالدين فقال‪ :‬أن ال ترفع صوتك عليهما‪ ،‬وال تنظر إليهما ً‬
‫ظاهر وباطن‪ ،‬وأن تحترم لهما ما عاشا‪ ،‬وتدعو لهما إذا ماتا‪ ،‬وتقوم بخدمة أَودائهما بعدهما فإن النبى صلى هللا عليه‬
‫وسلم قال‪" :‬إن أبر البر أن يصل الرجل أهل ِ‬
‫ود أبيه" وكان النبى صلى هللا عليه وسلم‪ :‬إذا ذبح شاة تتبع بها صدائق‬
‫خديجة‪.‬‬

‫وسئل الفضل بن عياض عن بر الوالدين؟ قال‪ :‬أن ال تقوم إلى خدمتهما عن كسل‪.‬‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 25‬الى اآلية ‪)25‬‬

‫ونوْا صالِ ِحين َفِإَّنه َك ِ‬ ‫ُّكم أ ِ ِ‬


‫ان لألََّواِب َ‬
‫ين َغُفو اًر‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ِ ِ‬
‫َعَل ُم ب َما في ُنُفوس ُك ْم إن تَ ُك ُ َ‬
‫َّرب ُ ْ ْ‬
‫قوله عز وجل‪َ { :‬فِإَّنه َك ِ‬
‫ان لألََّواِب َ‬
‫ين َغُفو اًر} [اآلية‪.]25 :‬‬ ‫ُ َ‬

‫األواب َّ‬
‫الدعاء‪.‬‬ ‫قال أبو عثمان‪َّ :‬‬

‫الرجاع إلى هللا فى كل أمر من أمور دنياه وآخرته ال يكون له أحد ملجأ‪ ،‬وال استعانة‪.‬‬
‫األواب َّ‬
‫وقال القاسم‪َّ :‬‬

‫األواب المتبرئ من حوله وقوته‪ .‬والمتعمد على هللا فى كل نازلة‪.‬‬


‫وقال بعضهم‪َّ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 29‬الى اآلية ‪)29‬‬

‫ط َها ُك َّل اْلَب ْس ِط َفتَْق ُع َد َمُلوماً َّم ْح ُسو اًر‬


‫ك َم ْغُلوَل ًة ِإَل ٰى ُعُنِق َك َوالَ تَْب ُس ْ‬
‫َوالَ تَ ْج َع ْل َي َد َ‬

‫ط َها ُك َّل اْلَب ْس ِط} [اآلية‪.]29 :‬‬


‫ك َم ْغُلوَل ًة ِإَل ٰى ُعُنِق َك َوالَ تَْب ُس ْ‬
‫{والَ تَ ْج َع ْل َي َد َ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قائما‬ ‫قال أبو سعيد القرشى‪ :‬أراد هللا من نبيه صلى هللا عليه وسلم أن ال يكون ً‬
‫قائما بسرف البسط والسخاء‪ ،‬وال ً‬
‫ببعض المنع واإلمساك‪ ،‬وأن يكون ً‬
‫قائما فى جميع األحوال‪.‬‬

‫تقسم فيهم حقوقهم‪.‬‬


‫وقال بعضهم‪ :‬ال تبخل بما ليس لك‪ ،‬وال تمن بالعطاء فإن الملك لنا على الحقيقة وأنت القاسم ْ‬

‫قال النبى صلى هللا عليه وسلم‪" :‬فإن هللا يعطى وأنا القاسم أقسم‬

‫‪".‬‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 30‬الى اآلية ‪)30‬‬

‫الرْز َق لِمن ي َشآء ويْق ِدر ِإَّنه َكان ِب ِعب ِادِه خِبي اًر ب ِ‬
‫صي اًر‬ ‫َ َ ُ ََ ُ ُ َ َ َ َ‬ ‫ط ِ‬ ‫ِإ َّن َرب َ‬
‫َّك َي ْب ُس ُ‬

‫آء َوَيْق ِد ُر} [اآلية‪.]30 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن ربَّك يبس ُ ِ ق ِ‬
‫ط الرْز َ ل َمن َي َش ُ‬ ‫َ َ َْ ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬ولك بهذه اآلية على التوكل والثقة فإن هللا يبسط الرزق لمن يشاء فاسكن أنت من‬
‫اضطرابك ودع جبلتك واسأل‪ :‬من بيده البسط أن يوسع عليك الرزق‪.‬‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 34‬الى اآلية ‪)34‬‬

‫ِ‬ ‫ِ َّ َِّ ِ‬
‫َشَّدهُ َوأ َْوُفوْا ِباْل َع ْهد ِإ َّن اْل َع ْه َد َك َ‬
‫ان َم ْس ُؤوالً‬ ‫ال اْلَيتي ِم ِإال ِبالتي ه َي أ ْ‬
‫َح َس ُن َحتَّ ٰى َيْبُل َغ أ ُ‬ ‫َوالَ تَْق َرُبوْا َم َ‬
‫ِ‬
‫{وأ َْوُفوْا ِباْل َع ْهد ِإ َّن اْل َع ْه َد َك َ‬
‫ان َم ْس ُؤوالً} [اآلية‪.]34 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫{وأ َْوُفوْا ِباْل َع ْه ِد ِإ َّن‬


‫قال حمدون القصار‪ :‬من ضيع عهود هللا عنده فهو لآلداب شريعته أضيع‪ ،‬ألن هللا تعالى يقول‪َ :‬‬
‫ان َم ْس ُؤوالً}‪.‬‬
‫اْل َع ْه َد َك َ‬

‫وباطنا‪ ،‬فعهد على األسرار أن ال يشاهد سواه وعهد على الروح أن ال‬
‫ً‬ ‫ظاهر‬
‫ًا‬ ‫وقال يحيى بن معاذ‪ :‬لربك عليك عهود‬
‫يفارق مقام القربة‪.‬‬

‫وعهد على القلب أن ال يفارق الخوف‪ ،‬وعهد على النفس فى آداء الفرائض‪ ،‬وعهد على الجوارح فى مالزمة األدب‬

‫وترك ركوب المخالفات‪ .‬وهللا يقول‪ِ{ :‬إ َّن اْل َع ْه َد َك َ‬


‫ان َم ْس ُؤوالً}‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 35‬الى اآلية ‪)35‬‬

‫َح َس ُن تَأ ِْويالً‬ ‫ِ ِٰ‬ ‫ط ِ‬ ‫وأَوُفوا اْل َكيل ِإذا ِكْلتُم وِزُنوْا ِب ِ‬
‫اس اْل ُم ْستَقي ِم ذل َك َخ ْيٌر َوأ ْ‬ ‫الق ْس َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬

‫اس اْل ُم ْستَِقيمِ} [اآلية‪.]35 :‬‬


‫ط ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وأَوُفوا اْل َكيل ِإذا ِكْلتُم وِزُنوْا ِب ِ‬
‫الق ْس َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬

‫قال بعضهم‪ :‬أوفوا الكيل فإن وزنك موزون وكيلك مكيل‪ ،‬إن وفيت َّ‬
‫وفى لك وإن نقصت نقص عليك‪.‬‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 36‬الى اآلية ‪)36‬‬

‫ان َع ْن ُه َم ْس ُؤوالً‬ ‫ِ‬


‫ص َر َواْلُف َؤ َاد ُك ُّل أُولـٰئ َك َك َ‬ ‫ف َما َل ْي َس َل َك ِب ِه ِعْل ٌم ِإ َّن َّ‬
‫الس ْم َع َواْلَب َ‬ ‫َوالَ تَْق ُ‬

‫معتبرا‪،‬‬
‫ً‬ ‫ُسِئل أبو عثمان عن هذه اآلية قال‪ :‬أعطاك هللا اللسان فال تشغله إال بالذكر‪ ،‬وأعطاك العين فال تشغلها إال‬
‫وأعطاك السمع فال تسمع بها إال حًقا وصو ًابا‪ ،‬وأعطاك القلب فال تشغله إال بالمعرفة ودوام المراقبة والخوف فإنه‬
‫موضع نظر الحق‪ .‬وإنك مسئول عن جميعها‪.‬‬

‫ف َما َل ْي َس َل َك ِب ِه ِعْل ٌم}‪ .‬قال‪ :‬ال تخبر عنا إال على طريق الخدمة وال‬
‫{والَ تَْق ُ‬
‫قال الواسطى رحمة هللا عليه فى قوله‪َ :‬‬
‫تجاوز فيه محل األذن‪.‬‬

‫قال أبو سعيد الخراز‪ :‬من استقرت المعرفة فى قلبه فإنه ال يبصر فى الدارين سواه‪ ،‬وال يسمع إال منه وال ُيشغل إال‬
‫به‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 37‬الى اآلية ‪)37‬‬

‫طوالً‬
‫ال ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِق األ َْر َ‬
‫ض َوَلن تَْبُل َغ اْلجَب َ‬ ‫ش ِفي األ َْر ِ‬
‫ض َم َرحاً ِإَّن َك َلن تَ ْخر َ‬ ‫والَ تَ ْم ِ‬
‫َ‬
‫ش ِفي األ َْر ِ‬
‫ض َم َرحاً} [اآلية‪.]37 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬والَ تَ ْم ِ‬
‫َ‬

‫ٍ‬
‫خصلة فيه التواضع‪ ،‬ومن تكبر فقد أخبر عن نذالة نفسه‪ ،‬ومن‬ ‫ٍ‬
‫خصلة فى اإلنسان الكبر‪ ،‬وأحسن‬ ‫قال بعضهم‪ :‬أسوأ‬
‫تواضع فقد أظهر كرم طبعه‪.‬‬

‫ش ِفي األ َْر ِ‬


‫ض َم َرحاً}‪.‬‬ ‫قال هللا تعالى‪{ :‬والَ تَ ْم ِ‬
‫َ‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 41‬الى اآلية ‪)41‬‬

‫آن لَِي َّذ َّك ُروْا َو َما َي ِز ُيد ُه ْم ِإالَّ ُنُفو اًر‬
‫صَّرْفَنا ِفي َهـٰ َذا اْلُق ْر ِ‬
‫َوَلَق ْد َ‬

‫اضا‬
‫قال ابن عطاء‪ :‬اتبعنا المواعظة لعلهم يفهموا عنا مرادنا ويرجعوا إلينا فى طلب مراد الخطاب فما زادهم إال إعر ً‬
‫عنا‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 44‬الى اآلية ‪)44‬‬

‫ان َحلِيماً‬ ‫ِ ِ ِ َّ‬ ‫ٍ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ض ومن ِف ِ‬


‫يح ُه ْم ِإَّن ُه َك َ‬
‫يه َّن َوإِن من َش ْيء ِإال ُي َسِب ُح ِب َح ْمده َوَلـٰكن ال تَْفَق ُهو َن تَ ْسِب َ‬ ‫تُ َسِب ُح َل ُه َّ‬
‫الس َٰم َٰو ُت َّ‬
‫الس ْب ُع َواأل َْر ُ َ َ‬
‫َغُفو اًر‬

‫يه َّن َوإِن ِمن َشي ٍء ِإالَّ ُي َسِب ُح ِب َح ْم ِدِه} [اآلية‪.]44 :‬‬
‫ض ومن ِف ِ‬
‫الس ْب ُع َواأل َْر ُ َ َ‬
‫ات َّ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬تُ َسِب ُح َل ُه َّ‬
‫الس َم َاو ُ‬
‫ْ‬

‫قال أبو عثمان المغربى‪ :‬المكونات كلهن يسبحن هللا باختالف اللغات‪ ،‬ولكن ال يسمع تسبيحها وال يفقه عنه ذلك إال‬
‫العلماء الربانيون الذين فتحت أسماع قلوبهم‪.‬‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 45‬الى اآلية ‪)45‬‬

‫ْت اْلُقرآن جعْلَنا بيَنك وبين َّال ِذين الَ يؤ ِمُنو َن ِب ِ‬


‫اآلخ َرِة ِح َجاب ًا َّم ْستُو اًر‬ ‫َ ُْ‬ ‫َ َ َ َْ َ َ َْ َ‬ ‫َوإِ َذا َق َأر َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬من تحصن بالحق فهو فى أحصن حصن‪ ،‬ومن تحصن بكتابه فهو أحسن حصن‪ ،‬والمضيع لوقته من‬
‫تحصن بعمله أو بنفسه أو بحسبه فيكون هالكه من موضع أمنه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 52‬الى اآلية ‪)52‬‬

‫وك ْم َفتَ ْستَ ِج ُيبو َن ِب َح ْم ِدِه َوتَ ُ‬


‫ظُّنو َن ِإن َّلِب ْثتُ ْم ِإالَّ َقلِيالً‬ ‫َي ْوَم َي ْد ُع ُ‬

‫وك ْم َفتَ ْستَ ِج ُيبو َن ِب َح ْم ِدِه} [اآلية‪.]52 :‬‬


‫{ي ْوَم َي ْد ُع ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬من أسمعه الحق الدعوة وفقه للجواب ومن لم تسمعه الدعوة كيف تجيب من لم يسمع‪.‬‬

‫قال الجنيد رحمه هللا تعالى فى قوله‪ :‬فتستجيبون بحمده‪ .‬قال‪ :‬تقولون‪ :‬الحمد هلل الذى جعلنا من أهل دعوته‪.‬‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 54‬الى اآلية ‪)54‬‬

‫اك َعَل ْي ِه ْم َو ِكيالً‬ ‫ِ‬


‫َعَل ُم ِب ُك ْم ِإن َي َش ْأ َي ْر َح ْم ُك ْم أ َْو ِإن َي َش ْأ ُي َعذ ْب ُك ْم َو َمآ أ َْرَسْلَن َ‬
‫ُّك ْم أ ْ‬
‫َّرب ُ‬

‫َعَل ُم ِب ُك ْم ِإن َي َش ْأ َي ْر َح ْم ُك ْم أ َْو ِإن َي َش ْأ ُي َع ِذ ْب ُك ْم} [اآلية‪.]54 :‬‬


‫ُّك ْم أ ْ‬
‫{رب ُ‬
‫قوله تعالى‪َّ :‬‬

‫قال القاسم‪ :‬سبق علمه فى الخلق بالرحمة‪ ،‬والعذاب فال مبدل لما أراد وقد وسم الخلق بسمة الرحمة والعذاب فهو‬
‫يرجع إلى منتهاه بما قد حركه فى مبدأه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 55‬الى اآلية ‪)55‬‬

‫ود َزُبو اًر‬


‫ض َوآتَْيَنا َد ُاو َ‬ ‫النِبِي َ‬
‫ين َعَل ٰى َب ْع ٍ‬ ‫ض َّ‬ ‫الس ٰم ٰو ِت واأل َْر ِ‬
‫ض َوَلَق ْد َف َّ‬
‫ضْلَنا َب ْع َ‬
‫وربُّك أ ِ ِ‬
‫َعَل ُم ب َم ْن في َّ َ َ َ‬
‫ََ َ ْ‬

‫ض} [اآلية‪.]55 :‬‬ ‫النِبِي َ‬


‫ين َعَل ٰى َب ْع ٍ‬ ‫ض َّ‬ ‫{وَلَق ْد َف َّ‬
‫ضْلَنا َب ْع َ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫كالخلة والكالم‪ ،‬والمعراج‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬فضل البعض منهم على‬


‫قال محمد بن الفضل‪ :‬تفضيل األنبياء بالخصائص ُ‬
‫محمدا صلى هللا عليه وسلم على الجميع أال تراه يقول‪ :‬أنا سيد ولد آدم وال‬
‫ً‬ ‫البعض صلى هللا عليهم أجمعين‪ ،‬وفضل‬
‫مفتخر الفتخرت بالحق‪ ،‬والقرب‪،‬‬
‫ًا‬ ‫فخر‪ ،‬كيف أفتخر بهذا وأنا بائن منهم بحالى واقف مع هللا بحسن األدب لو كنت‬
‫والدنو منه‪ .‬فكما لم أفتخر بمحل الدنو والقرب كيف أفتخر بسيادة األجناس؟‪.‬‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 57‬الى اآلية ‪)57‬‬

‫ِ َّ ِ‬
‫ُّه ْم أَ ْق َر ُب َوَي ْر ُجو َن َر ْح َمتَ ُه َوَي َخاُفو َن َع َذ َاب ُه ِإ َّن َع َذ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ان َم ْح ُذو اًر‬
‫ِك َك َ‬
‫اب َرب َ‬ ‫ين َي ْد ُعو َن َي ْبتَ ُغو َن إَل ٰى َربِه ُم اْل َوِسيَل َة أَي ُ‬
‫أُوَلـٰئ َك الذ َ‬

‫{وَي ْرُجو َن َر ْح َمتَ ُه َوَي َخا ُفو َن َع َذ َاب ُه} [اآلية‪.]57 :‬‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال سهل رحمه هللا تعالى‪ :‬الرجاء والخوف زمامان على اإلنسان فإذا استويا قامت له أحواله وإذا رجح أحدهما بطل‬
‫اآلخر‪ ،‬أال ترى النبى صلى هللا عليه وسلم أنه قال‪" :‬لو وزن رجاء المؤمن وخوفه العتدال‬

‫‪".‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬رجاء الرحمة هو طلب الوصول إلى الرحيم وخوف العذاب هو االستعاذة من فظعه فال عذاب أشد من‬
‫ذلك‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬يرجون رحمته فى الدنيا بتواتر النعم عليهم ودوام العافية لهم فى اآلخرة ترك العقاب ودخول الجنة‪،‬‬
‫ويخافون عذابه فى الدنيا باالبتالء وفى اآلخرة البعد والطرد‪.‬‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 59‬الى اآلية ‪)59‬‬

‫ظَلموْا ِبها وما نرِسل ِباآلي ِ‬


‫ات ِإالَّ‬ ‫ِ‬ ‫وما منعنآ أَن ُّنرِسل ِب ِ َّ‬
‫النا َق َة ُم ْبص َرًة َف َ ُ َ َ َ ُ ْ ُ َ‬ ‫اآليات ِإال أَن َك َّذ َب ِب َها األََّوُلو َن َوآتَْيَنا َث ُم َ‬
‫ود َّ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ َ ََ ََ‬
‫تَ ْخ ِويف ًا‬

‫قوله تعالى‪{ :‬وما نرِسل ِباآلي ِ‬


‫ات ِإالَّ تَ ْخ ِويفاً} [اآلية‪.]59 :‬‬ ‫َ َ ُْ ُ َ‬

‫وتخويفا للعاصين‪.‬‬
‫ً‬ ‫وتنبيها للمقتصدين‬
‫ً‬ ‫قال حارث المحاسبى‪ :‬اآليات التى يظهرها هللا فى عباده رحمة على السابقين‬

‫تحذير واآليات هى الشباب‪،‬‬ ‫تخويفا‪ ،‬قال‪ :‬موعظة و ًا‬‫ً‬ ‫وسئل أحمد بن حنبل عن هذه اآلية وما نرسل باآليات إال‬
‫قال‪ُ :‬‬
‫َس ُج ُد لِ َم ْن َخَلْق َت ِطيناً}‬
‫ال أَأ ْ‬
‫والكهولة‪ ،‬والشيبة‪ ،‬وتقلت األحوال بك لعلك تعتبر بحال أو تتعظ فى وقت قوله تعالى‪َ{ :‬ق َ‬
‫[اآلية‪.]61 :‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬الكبر وتعظيم النفس أول كل بلية ومعصية ألم تر إلى إبليس كيف قام بالحجة فى تهوين خلق آدم‬
‫َس ُج ُد لِ َم ْن َخَلْق َت ِطيناً}‪.‬‬
‫وتعظيم نفسه بالمشافهة لرب العزة حيث يقول‪{ :‬أَأ ْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 62‬الى اآلية ‪)62‬‬

‫َحتَِن َك َّن ُذ ِرَّيتَ ُه ِإالَّ َقلِيالً‬ ‫َخرت ِن ِإَلى يو ِم اْلِقي ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫امة أل ْ‬
‫ََ‬ ‫َرَْيتَ َك َهـٰ َذا الذي َكَّرْم َت َعَل َّي َلئ ْن أ َّ ْ َ ٰ َ ْ‬
‫ال أ َأ‬
‫َق َ‬

‫َرَْيتَ َك َهـٰ َذا َّال ِذي َكَّرْم َت َعَل َّي} [اآلية‪.]62 :‬‬
‫قوله تعالى‪{ :‬أ َأ‬

‫َرَْيتَ َك َهـٰ َذا َّال ِذي َكَّرْم َت َعَل َّي} ألنه‬


‫َس ُج ُد لِ َم ْن َخَلْق َت ِطيناً} أوقعه فى الحسد حتى قال‪{ :‬أ َأ‬
‫قال فارس‪ :‬شؤم كبره بقوله‪{ :‬أَأ ْ‬
‫لم يعلم أن الشقاوة سبقت له من هللا كما أن الكرامة والسعادة سابقة آلدم وظن أن ذلك بجهد واستجالب فمن لزم الكبر‬
‫الزم ألخالق إبليس‪.‬‬
‫والحسد فهو ٌ‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 64‬الى اآلية ‪)64‬‬

‫ال واألَو ِ‬
‫الد َو ِع ْد ُه ْم َو َما َي ِع ُد ُه ُم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫طع َت ِم ْنهم ِبصوِتك وأ ِ‬
‫َجل ْب َعَل ْيهم ب َخْيل َك َوَرجل َك َو َش ِارْك ُه ْم في األ َْمَو َ ْ‬
‫ُْ َ ْ َ َ ْ‬ ‫استَ َ ْ‬‫استَْف ِزْز َم ِن ْ‬‫َو ْ‬
‫ان ِإالَّ ُغ ُرو اًر‬
‫طُ‬ ‫َّ‬
‫الش ْي َ‬

‫ال واألَو ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الد} [اآلية‪.]64 :‬‬‫{و َش ِارْك ُه ْم في األ َْم َو َ ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال أبو عثمان‪ :‬مشاركته مع الخلق فى أموالهم ِ‬
‫بالرياء‪ ،‬ومنع حقوق هللا‪ ،‬ومشاركتهم معهم فى إباحته لهم النكاح بال‬
‫ولى‪.‬‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 65‬الى اآلية ‪)65‬‬

‫ان َوَكَف ٰى ِب َرب َ‬


‫ِك َو ِكيالً‬ ‫طٌ‬ ‫ِإ َّن ِعَب ِادي َل ْي َس َل َك َعَل ْي ِه ْم ُسْل َ‬

‫ان} [اآلية‪.]65 :‬‬


‫طٌ‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن ِعَب ِادي َل ْي َس َل َك َعَل ْي ِه ْم ُسْل َ‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬عبد هللا حًقا من كان فى وثاق خدمته وأسر منته ال ينفك من إقامة خدمته‪ ،‬وشكر نعمته ومن يكون‬
‫فى سلطان هللا ال يكون لغيره عليه سلطان وسلطانه فهذه له فى كل وقت حتى ال يجد راحة يرجع إليها وال مأوى‪.‬‬

‫{وَكَف ٰى ِب َرب َ‬
‫ِك َو ِكيالً} [اآلية‪.]65 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال جعفر‪ :‬كفى بربك وكيالً لمن توكل عليه‪ ،‬وفوض أمره إليه‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬كفى به وكيالً لمن اعتمد عليه وقطع قلبه عما سواه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 67‬الى اآلية ‪)67‬‬

‫ان َكُفو اًر‬ ‫ان ِ‬


‫اإل ْن َس ُ‬ ‫ضتُ ْم َوَك َ‬
‫َع َر ْ‬ ‫ض َّل َمن تَ ْد ُعو َن ِإالَّ ِإيَّاهُ َفَل َّما َن َّج ُ‬
‫اك ْم ِإَلى اْلَب ِر أ ْ‬
‫وإِ َذا م َّس ُكم اْل ُّ ِ‬
‫ضُّر في اْلَب ْح ِر َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ض َّل َمن تَ ْد ُعو َن ِإالَّ ِإيَّاهُ} [اآلية‪.]67 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وِإ َذا م َّس ُكم اْل ُّ ِ‬
‫ضُّر في اْلَب ْح ِر َ‬ ‫َ َ ُ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬ليس بخالص هلل من ال يكون فى حالة الرخاء مع هللا كحال الشدة‪ ،‬ومن يلتجئ إلى غيره فى حال‬
‫يقومه إال األدب‪.‬‬
‫الشدائد فهو من العبيد السوء الذى ال ُ‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 70‬الى اآلية ‪)70‬‬

‫ير ِم َّمن خَلْقنا تَْف ِ‬ ‫ِ‬ ‫الطِيب ِ‬


‫وَلَق ْد َكَّرمنا بِني ءادم وحمْلناهم ِفي اْلب ِر واْلبح ِر ورَزْقناهم ِمن َّ‬
‫ضيالً‬ ‫اه ْم َعَل ٰى َكث ٍ ْ َ َ‬ ‫ات َوَف َّ‬
‫ضْلَن ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ْ َ َ َ ُْ َ‬ ‫َْ َ َ َ َ َ َ َ َ ُْ‬ ‫َ‬

‫{وَلَق ْد َكَّرْمَنا َبِني َء َاد َم} [اآلية‪.]70 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬ابتداهم بالبر قبل الطاعات‪ ،‬وباإلجابة قبل الدعاء‪ ،‬وبالعطاء قبل السؤال‪ ،‬كفاهم الكل من حوائجهم‬
‫ليكونوا لمن له الكل وبيده كفاية الكل‪.‬‬

‫قال الجنيد رحمه هللا‪ :‬كرمنا بنى آدم بالفهم عن هللا‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال أبو بكر بن طاهر‪ :‬كرمنا بنى آدم بالمخاطبات باألمر والنهى‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬كرمنا بنى آدم بتقويم الخلقة واستواء القامة‪.‬‬

‫الرسل‪.‬‬
‫قال بعضهم‪ :‬كرمنا بنى آدم بالوسائط و ُ‬

‫وقيل‪ :‬كرمنا بنى آدم بالحظ‪ ،‬وقيل‪ :‬كرمنا بنى آدم بالخلق‪.‬‬

‫وقال الحسين‪ :‬كرمنا بنى آدم بالكون فى القبضة‪ ،‬ومكافحة الخطاب‪.‬‬

‫{كَّرْمَنا َبِني َء َاد َم} يدخل فيه الكافر والمؤمن ثم‬


‫وقال الواسطى رحمه هللا‪ :‬أفرد آدم باالصطفاء وأفرد بنى آدم بقوله‪َ :‬‬
‫طَف ْيَنا} [فاطر‪.]32 :‬‬
‫اص َ‬ ‫اصطفى من ولده فقال‪{ :‬ثُ َّم أَورْثنا اْل ِكتَ َّ ِ‬
‫ين ْ‬
‫اب الذ َ‬
‫َ‬ ‫َْ َ‬

‫أيضا‪ :‬كرمنا بنى آدم بأن سخرنا لهم الكون وما فيها لئال يكونوا فى تسخير شىء ويتفرغوا إلى عبادة ربهم‪.‬‬
‫وقال ً‬

‫قال جعفر‪ :‬كرمنا بنى آدم بالمعرفة‪.‬‬

‫{وَلَق ْد َكَّرْمَنا َبِني َء َاد َم}‪ .‬قال‪ :‬بحسن الصوت‪.‬‬


‫وسئل ذو النون عن قوله‪َ :‬‬
‫ُ‬

‫اه ْم ِفي اْلَب ِر َواْلَب ْح ِر} [اآلية‪.]70 :‬‬


‫{و َح َمْلَن ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫معنى البر النفس‪ ،‬ومعنى البحر القلب‪ ،‬فمن حمله فى النفس فقد أكرمه بنور التأييد فمن لم يكن له نور التأييد وكان‬
‫له نور التدبير يكون هالكه عن قريب‪.‬‬

‫اه ْم ِفي اْلَب ِر َواْلَب ْح ِر} قال‪ :‬البر ما أظهر من النعوت والبحر ما استتر من‬
‫{و َح َمْلَن ُ‬
‫قال الواسطى رحمه هللا فى قوله‪َ :‬‬
‫الحقائق‪ ،‬وقيل‪ :‬فى مشاهدة أيده فصمت الوقتين الفصل والوصل وهو البر والبحر‪.‬‬

‫الطِيب ِ‬
‫ات} [اآلية‪.]70 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬ورَزْقناهم ِمن َّ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ ُْ َ‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬الرزق الطيب هو الحالل‪.‬‬

‫قال إبراهيم الخواص‪ :‬الطيبات المباحات‪.‬‬

‫قال عبد هللا بن المبارك‪ :‬كتب يد العامل إذا نصح‪.‬‬

‫وقال يحيى بن معاذ‪ :‬الرزق الطيب ما يفتح على اإلنسان من غير سؤال وال إشراف نفس‪.‬‬

‫ير ِم َّمن خَلْقنا تَْف ِ‬ ‫ِ‬


‫ضيالً} [اآلية‪.]70 :‬‬ ‫اه ْم َعَل ٰى َكث ٍ ْ َ َ‬ ‫{وَف َّ‬
‫ضْلَن ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬فضلناهم بالمعرفة على جميع الخالئق‪.‬‬

‫قال أبو حفص‪ :‬فضلناهم بأن بصرناهم عيوب أنفسهم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال فضيل بن عياض‪ :‬فضلناهم بالتمييز والحفظ‪.‬‬

‫وحكى ابن الفرحى عن الجنيد رحمه هللا تعالى قال‪ :‬فضلناهم بإصابة الفراسة‪.‬‬

‫وقال السيارى‪ :‬فضلنا العلماء على الجهال بالعلم باهلل وأحكامه‪.‬‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 71‬الى اآلية ‪)71‬‬

‫ام ِه ْم َف َم ْن أُوِت َي ِكتَ َاب ُه ِبَي ِم ِين ِه َفأ ُْوَلـِٰئ َك َيْق َرؤو َن ِكتَ َاب ُه ْم َوالَ ُي ْ‬
‫ظَل ُمو َن َفِتيالً‬ ‫اس ِبِإم ِ‬
‫َ‬
‫َي ْوم َن ْد ُعوْا ُك َّل أَُن ٍ‬
‫َ‬
‫اس ِبِإم ِ‬
‫ام ِه ْم} [اآلية‪.]71 :‬‬ ‫{ي ْوم َن ْد ُعوْا ُك َّل أَُن ٍ‬
‫َ‬ ‫قوله تعالى‪َ َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬يوصل كل مريد إلى مراده‪ ،‬وكل محب إلى محبوبه‪ ،‬وكل مد ٍع إلى دعواه‪ ،‬ولكل ُمنت ٍم إلى من كان‬
‫ينتمى إليه‪.‬‬

‫وقال الجنيد فى هذه اآلية‪ :‬يقولون لقوم يا عبيد الدنيا‪ ،‬ولقوم يا عبيد األنفس‪ ،‬ولقوم يا طالب اآلخرة‪ ،‬ولقوم يا‬
‫أصحاب األعراض‪ ،‬ولقوم يا ُمتبعى األوامر‪ ،‬ولقوم يا ربانيين‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 72‬الى اآلية ‪)72‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومن َك ِ ِ ِ‬


‫َض ُّل َسِبيالً‬ ‫َع َم ٰى َف ُه َو في اآلخ َرِة أ ْ‬
‫َع َم ٰى َوأ َ‬ ‫ان في َهـٰذه أ ْ‬
‫َ‬ ‫ََ‬

‫َع َم ٰى} [اآلية‪.]72 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬ومن َك ِ ِ ِ‬


‫ان في َهـٰذه أ ْ‬
‫َ‬ ‫ََ‬

‫قال الجنيد رحمه هللا‪ :‬من كان فى هذه أعمى عن مشاهدة الفضل فهو فى اآلخرة أعمى عن مشاهدة الذات‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬من كان فى هذه أعمى عن مشاهدة بره فهو فى اآلخرة أعمى عن رؤيته وضال عن قربه‪.‬‬
‫وقال ً‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 74‬الى اآلية ‪)74‬‬

‫اك َلَق ْد ِك َّ‬


‫دت تَ ْرَك ُن ِإَل ْي ِه ْم َش ْيئاً َقلِيالً‬ ‫َوَل ْوالَ أَن ثَب َّْتَن َ‬

‫إنتباها‬
‫ً‬ ‫قال ابن عطاء‪ :‬إن هللا عز وجل‪ ،‬عاتب األنبياء بعد مباشرة الزالت‪ ،‬وعاتب نبينا قبل وقوعه ليكون بذلك أشد‬
‫اك َلَق ْد ِك َّ‬
‫دت تَ ْرَك ُن ِإَل ْي ِه ْم}‪.‬‬ ‫{وَل ْوالَ أَن ثَب َّْتَن َ‬
‫ظا لشرائط المحبة فقال‪َ :‬‬
‫وتحف ً‬

‫قال الحسين‪ :‬خلق هللا الخلق على علم منه بهم‪ .‬وهم علم العلم‪ ،‬وجعل النبى صلى هللا عليه وسلم أعظم الخلق خلًقا‪،‬‬
‫وباطنا‪ ،‬وعاجالً وآجالً‪ ،‬فثبت الملك بالعلم‬
‫ً‬ ‫ظاهر‬
‫ًا‬ ‫وأقربهم زلفى فجعله الداعى إليه والمبين عنه‪ ،‬به يصلون إلى هللا‬
‫وثبت العلم بالنبى صلى هللا عليه وسلم وحثنا النبى صلى هللا عليه وسلم به فقال‪ :‬ولوال أن ثبتناك بنا‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال عمرو بن عثمان المكى فى قوله‪َ{ :‬لَق ْد ِك َّ‬
‫دت تَ ْرَك ُن ِإَل ْي ِه ْم}‪ .‬قال‪" :‬كدت" هو الشىء بين الشيئين‪ ،‬وهو الخروج من‬
‫اقفا بأمر عظيم وشأن عجيب وعلم غريب‪ ،‬وهو نزاهة‬‫ذى إلى ذى‪ ،‬ولم يخرج من ذى ولم يدخل فى ذى‪ ،‬وكان و ً‬
‫نفسه‪ ،‬وعظيم علمه بربه فبلغ هذا الخطاب به من الخوف والوجل من ربه‪ ،‬حتى كاد أن يساوى خوف الموافقين‬
‫للمخالفة‪ ،‬وهذا الفرق بين الخواص والعوام أنهم يخافون فى الهمة ما ال يخافة العوام إلى الموافقة‪.‬‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 78‬الى اآلية ‪)78‬‬

‫آن اْلَف ْج ِر ِإ َّن ُق ْر َ‬


‫آن اْلَف ْج ِر َك َ‬
‫ان َم ْش ُهوداً‬ ‫س ِإَل ٰى َغس ِق َّال ِ‬
‫يل َوُق ْر َ‬ ‫الش ْم ِ‬ ‫الصالَة لِدُل ِ‬
‫وك َّ‬ ‫ِ‬
‫أَق ِم َّ َ ُ‬
‫َ‬

‫ان َم ْش ُهوداً} [اآلية‪.]78 :‬‬ ‫آن اْلَف ْج ِر ِإ َّن ُق ْر َ‬


‫آن اْلَف ْج ِر َك َ‬ ‫{وُق ْر َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬القيام فى أوقات األسحار مشهود من صاحبه وشاهد عليه‪.‬‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 80‬الى اآلية ‪)80‬‬

‫طاناً َّن ِ‬
‫اج َعل لِي ِمن َّل ُد ْن َك ُسْل َ‬ ‫ِ‬ ‫ص ْد ٍق وأ ْ ِ‬
‫وُقل َّر ِب أ َْد ِخْلِني م ْدخل ِ‬
‫صي اًر‬ ‫َخ ِر ْجني ُم ْخ َرَج ص ْد ٍق َو ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ ََ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬وُقل َّر ِب أ َْد ِخْلِني م ْدخل ِ‬
‫ص ْد ٍق} [اآلية‪.]80 :‬‬ ‫ُ ََ‬ ‫َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال سهل‪ :‬أدخلنى فى تبليغ الرسالة‪ ،‬مدخل صدق وأن ال يكون لى ميل وال تكبر فى حدود التبليغ وشروطه‪،‬‬
‫طاناً َّن ِ‬
‫صي اًر} زينى بزينة جبروتك‬ ‫اج َعل لِي ِمن َّل ُد ْن َك ُسْل َ‬
‫{و ْ‬
‫وأخرجنى من ذلك على السالمة وطلب رضاك منه والموافقة َ‬
‫ليكون الغالب سلطان الحق ال سلطان الهوى‪.‬‬

‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم اإلسكندرانى يقول‪ :‬سمعت أبا جعفر الملطى عن على بن موسى‬
‫الرضا عن أبيه عن جعفر بن محمد فى قوله‪{ :‬أ َْد ِخْلِني م ْدخل ِ‬
‫ص ْد ٍق} قال‪ :‬أدخلنى فيها على َحد الرضا‪ ،‬وأخرجنى‬ ‫ُ ََ‬
‫عنها وأنت عنى ر ٍ‬
‫اض‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬أخرجنى من القبر إلى الوقوف بين يديك على طريق الصدق مع الصادقين‪.‬‬
‫وقال ً‬

‫قال جعفر‪ :‬طلب التولية أن يكون هو المتولى أى أدخلنى ميدان معرفتك وأخرجنى من مشاهدة الذات‪.‬‬

‫أحدا من العباد إال أقام عليه الدالئل والبراهين ودل عليه‪ ،‬وقد قال لنبيه صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬‫قال الخراز‪ :‬ما دعا هللا ً‬
‫ص ْد ٍق} اآلية‪.‬‬‫{وُقل َّر ِب أ َْد ِخْلِني م ْدخل ِ‬
‫ُ ََ‬ ‫َ‬

‫َخ ِر ْجِني‬ ‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬قال المعال فى شرفه يعنى محمد صلى هللا عليه وسلم‪{ :‬أ َْد ِخْلِني م ْدخل ِ‬
‫ص ْد ٍق َوأ ْ‬ ‫ُ ََ‬
‫ص ْد ٍق} فأظهر محمد صلى هللا عليه وسلم من نفسه صدق اللجأ بصدق الفاقة بين يديه‪ ،‬وبصدق اللجأ تََربَّيت‬ ‫م ْخرج ِ‬
‫ُ ََ‬
‫السرائر‪.‬‬

‫طاناً َّن ِ‬
‫صي اًر} [اآلية‪.]80 :‬‬ ‫اج َعل لِي ِمن َّل ُد ْن َك ُسْل َ‬
‫{و ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫بالرعب‬
‫وقهر على أعدائك فأجابه هللا إلى ذلك فقال النبى صلى هللا عليه وسلم "نصرت ُّ‬
‫قال الجنيد رحمه هللا‪ :‬غلب ًة ًا‬
‫مسيرة شهر‬

‫‪".‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال فارس‪ :‬السلطان هاهنا سلطان على نفسه يقمع هواه فيزم جمعها بشاهد الهيبة فيمسك نفسه بسلطان الوحدانية‪،‬‬
‫وينصر على عدوه بحسن نظر هللا له من معاونته وحمله على رؤية هواه‪.‬‬
‫ُ‬

‫لسانا ينطق عنك وال ينطق عن غيرك‪.‬‬


‫قال سهل بن عبد هللا‪ً :‬‬

‫سمعت منصور بن عبد هللا بإسناده عن جعفر أنه قال فى هذه اآلية‪ :‬قوة لى فى الدين توجب لى بها الجنة‪.‬‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 81‬الى اآلية ‪)81‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫آء اْل َح ُّق َوَزَه َق اْلَباط ُل ِإ َّن اْلَباط َل َك َ‬
‫ان َزُهوقاً‬ ‫َوُق ْل َج َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬وُقل جآء اْلح ُّق وزهق اْلب ِ‬
‫اط ُل} [اآلية‪.]81 :‬‬ ‫َ ْ َ َ َ ََ َ َ َ‬

‫قال فارس‪ :‬الحق ما يحملك على سبيل الحقيقة والباطل ما يشتت عليك أمرك ويفرق عليك وقتك‪.‬‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 83‬الى اآلية ‪)83‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ان َيُئوساً‬ ‫ض وَنأَى ِب َج ِانِب ِه وإِ َذا م َّس ُه َّ‬
‫الشُّر َك َ‬ ‫اإلن َس ِ‬
‫َ َ‬ ‫َع َر َ َ‬
‫ان أ ْ‬ ‫َوإِ َذآ أ َْن َع ْمَنا َعَلى ْ‬

‫ض} [اآلية‪.]83 :‬‬


‫َع َر َ‬ ‫اإلن َس ِ‬
‫ان أ ْ‬ ‫{وِإ َذآ أ َْن َع ْمَنا َعَلى ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬أعرض بالنعمة عن المنعم والنعمة العظمى الهداية واإليمان والمعرفة والوالية والعبد ال ينفك من رؤية‬
‫ذلك من نفسه وهذا هو اإلعراض عن المنعم بأن يستحلى طاعته‪ ،‬ويتلذذ بها‪ ،‬أو يسكن إليها‪ ،‬أو يتحصن بها من‬
‫اكَلِت ِه} [اآلية‪.]84 :‬‬
‫النار قوله تعالى‪ُ{ :‬قل ُك ٌّل يعمل عَلى َش ِ‬
‫َْ َ ُ َ ٰ‬ ‫ْ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬على ما فى سره؛ ألن النبى صلى هللا عليه وسلم قال‪" :‬اعملوا فكل ميسر لما خلق له‬

‫‪".‬‬

‫قال جعفر‪ :‬كل يظهر مكنون ما أودع فيه من الخير والشر‪.‬‬

‫قال أبو بكر بن طاهر‪ :‬كل نفس يتبع أثر قلبه وهمته‪.‬‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 85‬الى اآلية ‪)85‬‬

‫الرو ُح ِم ْن أ َْم ِر َربِي َو َمآ أُوِتيتُم ِم َن اْل ِعْل ِم ِإالَّ َقلِيالً‬


‫الرو ِح ُق ِل ُّ‬
‫ون َك َع ِن ُّ‬
‫َوَي ْسأَُل َ‬

‫الرو ُح ِم ْن أ َْم ِر َربِي} [اآلية‪.]85 :‬‬


‫الرو ِح ُق ِل ُّ‬
‫ون َك َع ِن ُّ‬
‫{وَي ْسأَُل َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬الروح شعاع الحقيقة يختلف آثارها فى األجساد‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الروح عبادة‪ ،‬والقائم باألشياء هو الحق‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬إن األرواح نعيمها فى التجلى وعذابها فى االستتار‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الروح لطيفة يرى من هللا عز وجل إلى أماكن معروفة ال يعبر عنه بأكثر من وجود بإيجاد غيره‪.‬‬

‫وخوف‪ ،‬ورجاء‪ ،‬وصدق‪ ،‬والمعرفة أنفت هذه المعانى‬ ‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬الروح يمر بشىء من األحوال من محبة َ‬
‫كلها واألحوال للعقول والنفوس فقال‪ :‬لما خلق هللا عز وجل أرواح األكابر ردها بمعرفته لها فأسقط عنها معرفتها به‪،‬‬
‫وأب أر إليها علمه بها فأسقط عنها ما علمت منه‪ ،‬فمعرفتها‪ .‬معرفة الحق إياها‪ ،‬وعلمها علم الحق بها‪ ،‬وتصورها مراده‬
‫إياها على محابها‪.‬‬

‫قيل‪ :‬مباسطة األلطاف تنسى األرواح‪ ،‬ومباشرة األرواح تظهر عليها األلطاف‪.‬‬

‫الرو ُح ِم ْن أ َْم ِر َربِي} قال‪ :‬قارن العلم بالروح لرقة لطافته بحملها ألنها وفى علمه‪ .‬وتمكن معه‬
‫وقيل فى قوله‪ُ{ :‬ق ِل ُّ‬
‫بحمله فتفضل بأن جذبها إلى علمه وبلغ منها الحقيقة وليس الكل يعطونها كذى فهى ناطقة بعلم ما علمه فيها ومنها‬
‫فهى يتزايد جذبها إليه وذلك حين يستولى عليها علمه بها‪ ،‬ونظره إليها فهى به تجول وبه معه تمور‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬الروح لم تخرج من الكون ألنها لو خرجت من الكون لكان عليها ُّ‬
‫الذل‪ ،‬فقيل‪ :‬من أى شىء خرجت؟ قال‪ :‬من‬
‫ِ‬
‫بسالمه‪ ،‬وحياها بكالمه فهى متقة‬ ‫بين جماله‪ ،‬وقدس جالله بمالحظة اإلشارة غشاها بجماله‪ ،‬وردها بحسنه واشتملها‬
‫من ُذل الكون‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وسئل أبو سعيد الحداد عن الروح مخلوقة هى‪ ،‬قال‪ :‬نعم فلوال ذلك لما أقرت بالربوبية حين قال‪"َ :‬بلى" والروح هى‬
‫ُ‬
‫التى أوقفت على البدن اسم الحياة‪ ،‬والروح ثبت العقل‪ ،‬وبالروح قامت الحجة ولو لم يكن الروح لكان متعطالً يعنى‬
‫العقل وال حجة له وال عليه‪.‬‬

‫الرو ُح ِم ْن أ َْم ِر َربِي} إن هللا ستر الروح على جميع خلقه‪ ،‬وستر صفة صفات نفسه‪،‬‬
‫وقال ابن عطاء فى قوله‪ُ{ :‬ق ِل ُّ‬
‫وستر ما يبدو منه‪ ،‬وستر ما يعامل به الخلق عند معاينته إال أن العلماء اتفقت أنها لطيفة وأنها خلقت قبل األجسام‬
‫لطفا‬
‫واختصاصها من بين المخلوقات بكونها فى يد ربها حين قال آلدم‪ :‬اختر إحدى يدى فزاده اختصاص األخذ ً‬
‫وتقر ًيبا من ذات مالكها فبين به الخلق واألصل أنها مخلوقه لكنها ألطف المخلوقات‪ ،‬وهى أصفى الجواهر وأنورها بها‬
‫تُرى المغيبات وبها يكون الكشف ألهل الحقائق‪ ،‬وإذا حجبت الروح عن مالقات النفس دعات الستر أساءت الجوارح‬
‫األدب فى أوقاتها كذلك صارت الروح بين تحلى واستتار‪ ،‬ونازع وقابض وهى على قرب محلها من ربها وقت أخذها‪.‬‬

‫وسئل الواسطى رحمه هللا عن األرواح أين كان مكانها حين أظهرها؟ قال‪ :‬إن األرواح خلقها وقبضها قبل األجساد‬
‫ُ‬
‫وسئل ألى علة كان محمد صلى هللا‬‫عيانا‪ ،‬ألن الدنيا واآلخرة عند األرواح سواء‪ُ ،‬‬
‫فأين كانت ترى؟ صار ما غاب ً‬
‫نبيا وآدم‬ ‫عليه وسلم أحكم الخلق؟ قال‪ :‬ألنه خلق روحه أوالً‪ .‬فوقع له صحبة التمكين واالستقرار‪ ،‬أال ترى يقول‪ُ :‬‬
‫"ك ْن ُت ً‬
‫جسدا‪.‬‬
‫روحا وال ً‬
‫بين الروح والجسد"‪ .‬أى لم يكن ً‬

‫تكوننا ألنها‬
‫ً‬ ‫كونا وال‬
‫وقيل‪ :‬معرفة األشباح عقوله بها زمن عظيم ما وزد عليها واألرواح ال تهواها شىء وال يستعظم ً‬
‫مأخوذة بشاهد الحق يجحد كل وارد يرد عليها من المستترات‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬األرواح معتقة من رق الكون أظهر فيها من خفايا المخبات المصونات والمكونات بأعجب أعجوبة وسلم عليها‬
‫كفاحا وكانوا سالمين فى أزليته منه فى إظهار ديموميته سالمين منه فى أخرياته استحقوا اسم السالم بذلك‪.‬‬
‫ً‬

‫قال بعضهم‪َّ :‬نور باألرواح األجساد ورفق بها وزينها بنعيم مشاهدة األرواح ومالقاتها‪ .‬ومباشرتها على حسن األدب‬
‫فإذا حجب الروح عن مالقاة الجسد أساءت الجوارح فى أوقاتها األدب‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال أبو سعيد القرشى‪ :‬الروح روحان‪ :‬روح الممات‪ ،‬وروح الحياة فإذا اجتمعا عقل الجسم فروح الممات الذى إذا خرج‬
‫من الجسد يصير الحى ميتًا‪ ،‬وروح الحياة ما به مجارى األنفاس وقوة األكل والشرب وغيرها‪.‬‬

‫وقال الواسطى رحمه هللا‪ :‬األرواح فى ثالثة أشياء‪ :‬أرواح األجلة األنبياء غذاها بلطائف خطابها تجدهم يسامون من‬
‫كل ما يفتخر به الخلق من أنواع الطاعات أو التزين بالعبودية وأرواح الصديقين والصالحين عذابها بمالحظاته تزداد‬
‫نور وتبصرة‪ ،‬وأرواح العامة تأخذ غذاء من كل مأكول ومشروب‪.‬‬
‫على األوقات ًا‬

‫فسئل عن غيره القائم باألشياء‪.‬‬


‫وقال بعض البغداديين‪ :‬الروح عبادة‪ ،‬والقائم باألشياء الحق ال غير‪ُ ،‬‬

‫قال‪ :‬قامت األشياء بتوليه وحفظه‪.‬‬

‫وأنشد بعضهم‪:‬‬

‫عن األبراج تسرى كالنجوم‬ ‫تراعى الروح مطلعها فتعلو‬

‫كذلك قالوا‪ :‬محادثات الحق للسرائر تطغى كدورات األشباح‪.‬‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 100‬الى اآلية ‪)100‬‬

‫ان َقتُو اًر‬


‫اإلن َس ُ‬
‫ان ْ‬ ‫اق َوَك َ‬ ‫ُقل َّلو أ َْنتُم تَملِ ُكو َن َخ َزِآئ َن َر ْحم ِة َربِي ِإذاً ألمس ْكتُم َخ ْشَي َة ِ‬
‫اإل ْنَف ِ‬
‫َْ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ ْ‬
‫قوله تعالى‪ُ{ :‬قل َّلو أ َْنتُم تَملِ ُكو َن َخ َزِآئ َن َر ْحم ِة َربِي ِإذاً ألمس ْكتُم َخ ْشَي َة ِ‬
‫اإل ْنَف ِ‬
‫اق} [اآلية‪.]100 :‬‬ ‫َْ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ ْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال حمدون‪ :‬أخبرنا هللا تعالى عن حقيقة طبائع الخلق فقال‪ :‬لو ملكتم ما أملكه من فنون الرحمة وخزائن الخير لغلب‬
‫عليكم سوء طبائعكم فى الشح والبخل وقال أبو حفص‪ :‬ابن آدم محمول على الشح‪ ،‬والبخل والبذل والجود منه خالف‬
‫طبعه ومجبول على المخالفة والموافقة منه‪ ،‬خالف سجنته أال ترى هللا يقول‪ُ{ :‬قل َّل ْو أ َْنتُ ْم تَ ْملِ ُكو َن َخ َزِآئ َن َر ْح َم ِة َربِي ِإذاً‬
‫ألمس ْكتُم َخ ْشَي َة ِ‬
‫اإل ْنَف ِ‬
‫اق}‪.‬‬ ‫َْ ْ‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 101‬الى اآلية ‪)101‬‬

‫وس ٰى َم ْس ُحو اًر‬


‫ٰم َ‬ ‫ال َل ُه ِف ْرَعو ُن ِإِني ألَ ُ‬
‫ظُّن َك ي ُ‬ ‫آء ُه ْم َفَق َ‬
‫ات َفسَئ ْل َبِني ِإس َرِائ ِ‬
‫يل إ ْذ َج َ‬
‫ْ َ‬ ‫ْ‬
‫ات بِين ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وس ٰى ت ْس َع َآي َ َ‬
‫َوَلَق ْد آتَْيَنا ُم َ‬
‫ات بِين ٍ‬
‫ات} [اآلية‪.]101 :‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وس ٰى ت ْس َع َآي َ َ‬
‫{وَلَق ْد آتَْيَنا ُم َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال جعفر‪ :‬من اآليات التى خصه هللا بها االصطناع والمحبة ألقاها عليه والكالم والثبات فى محل الخطاب‪ ،‬والحفظ‬
‫فى اليم واليد البيضاء وإعطاء األلواح‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬من اآليات حمل قوة الخطاب فى المشاهدة‪ ،‬والمراجعة فى طلب الروية وهذه من أعظم اآليات‪.‬‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 105‬الى اآلية ‪)105‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫اك ِإالَّ ُمَب ِش اًر َوَن ِذي اًر‬
‫َوبِاْل َح ِق أ َْن َ ْزلَناهُ َوبِاْل َح ِق َن َزَل َو َمآ أ َْرَسْلَن َ‬

‫{وبِاْل َح ِق أ َْن َ ْزلَناهُ َوبِاْل َح ِق َن َزَل} [اآلية‪.]105 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال جعفر‪ :‬الحق أنزل على قلوب خواصه من مكنون فوائده‪ ،‬وعجائب بره‪ ،‬ولطائف صنعه ما نور به أسرارهم‪ ،‬وطهر‬
‫به قلوبهم‪ ،‬وزين جوارحهم وبالحق َنزَل عليهم هذه اللطائف‪.‬‬

‫اك ِإالَّ ُمَب ِش اًر َوَن ِذي اًر} [اآلية‪.]105 :‬‬


‫{و َمآ أ َْرَسْلَن َ‬
‫وقوله تعالى‪َ :‬‬

‫نذير لمن أقبل عليك يبشرهم لسعة رحمة هللا عليهم ليقبلوا عليه وينذرهم‬
‫مبشر لمن أعرض عنك‪ً ،‬ا‬
‫ًا‬ ‫قال ابن عطاء‪:‬‬
‫سخط ربهم لئال يتكلوا على أعمالهم‪.‬‬

‫وقال أبو بكر بن طاهر‪ :‬يبشرهم برحمتنا وينذرهم بسخطنا‪.‬‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 107‬الى اآلية ‪)107‬‬

‫ين أُوتُوْا اْل ِعْلم ِمن َقْبلِ ِه ِإ َذا ُي ْتَل ٰى َعَل ْي ِه ْم َي ِخُّرو َن لِألَ ْذَق ِ‬
‫ان ُس َّجداً‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ُق ْل آمُنوْا ِبه أ َْو الَ تُ ْؤ ِمُنوْا ِإ َّن الذ َ‬
‫َ‬
‫ين أُوتُوْا اْل ِعْلم ِمن َقْبلِ ِه ِإ َذا ُي ْتَل ٰى َعَل ْي ِه ْم َي ِخُّرو َن لِألَ ْذ َق ِ‬
‫ان} [اآلية‪.]107 :‬‬ ‫َّ ِ‬
‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن الذ َ‬
‫َ‬

‫قال سهل رحمه هللا‪ :‬ال يؤثر شىء على اليسر ما يؤثر عليه سماع القرآن فإن العبد إذا سمع القرآن خشع سره‬
‫لسماعه‪ ،‬وأنار قلبه بالبراهين الصادقة‪ ،‬وزين جوارحه بالتذلل واالنقياد‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 109‬الى اآلية ‪)109‬‬

‫َوَي ِخُّرو َن لِألَ ْذ َق ِ‬


‫ان َي ْب ُكو َن َوَي ِز ُيد ُه ْم ُخ ُشوعاً‬

‫قال أبو يعقوب السوسى‪ :‬البكاء على أنواع‪ :‬بكاء من هللا وهو أن يبكى شفقة لما جرى عليه من الحق فى األزل من‬
‫السعادة والشقاوة وبكاء على هللا وهو أن يبكى حسرة على ما يفوته من الحق ومن حظه منه‪ ،‬وبكاء هلل وهو البكاء‬
‫عند ذكره وقوته ووعده ووعيده وبكاء باهلل وهو أن يبكى يالحظ منه فى بكائه‪.‬‬

‫قال القاسم‪ :‬البكاء على وجوه‪ :‬بكاء الجهال على ما جهلوا‪ ،‬وبكاء العلماء على ما قصروا‪ ،‬وبكاء الصالحين مخافة‬
‫الفوت‪ ،‬وبكاء األئمة مخافة السبق‪ ،‬وبكاء الفرسان من أرباب القلوب للهيبة والخشية وتواتر األنوار وإلبكاء الموحدين‪.‬‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 110‬الى اآلية ‪)110‬‬

‫صالَِت َك َوالَ تُ َخ ِاف ْت ِب َها َو ْابتَ ِغ َب ْي َن ٰذلِ َك‬ ‫ِ‬


‫آء اْل ُح ْسَن ٰى َوالَ تَ ْج َه ْر ب َ‬
‫َس َم َ‬ ‫ُق ِل ْاد ُعوْا َّ‬
‫َّللاَ أ َِو ْاد ُعوْا َّ‬
‫الر ْح َمـ َٰن أَياً َّما تَ ْد ُعوْا َفَل ُه األ ْ‬
‫َسِبي ً‬
‫ال‬

‫آء اْل ُح ْسَن ٰى} [اآلية‪.]110 :‬‬


‫َس َم َ‬
‫الر ْح َمـ َٰن أَياً َّما تَ ْد ُعوْا َفَل ُه األ ْ‬ ‫قوله تعالى‪ُ{ :‬ق ِل ْاد ُعوْا َّ‬
‫َّللاَ أ َِو ْاد ُعوْا َّ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫إيمانا وإما دعوة حقيقة فال‪.‬‬
‫أحد قط إال ً‬
‫ما دعا هللاُ ٌ‬

‫قال الواسطى رحم ة هللا عليه‪ :‬أسماؤه ال تدخل تحت الحصر‪ ،‬وذاته ليس بمشار إليه وال بموصوف حقيقة إال صفة‬
‫المدح‪ ،‬والحق هو الخارج عن األوهام واألفهام فأنى له النعوت واألفهام فأنى له النعوت والصفات‪.‬‬

‫سورة اإلسراء (من اآلية ‪ 111‬الى اآلية ‪)111‬‬

‫وُق ِل اْلحم ُد ََِّّللِ َّال ِذي َلم يتَّ ِخ ْذ وَلداً وَلم ي ُك ْن َّله َش ِريك ِفي اْلمْل ِك وَلم ي ُك ْن َّله ولِ ٌّي ِمن ُّ‬
‫الذ ِل َوَكِب ْرهُ تَ ْكِبي اًر‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫ُ َ ْ َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ َ َ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬

‫{وَكِب ْرهُ تَ ْكِبي اًر} [اآلية‪.]111 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ِ :‬‬


‫عظم منته وإحسانه فى قلبك يعلمك بتقصيرك فى شكره‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬اعلم أنك ال تطيق أن تكبره اآلية‪ ،‬فاستفت به ليدل على مواقف التعظيم‪.‬‬

‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 1‬الى اآلية ‪)1‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫اب َوَل ْم َي ْج َعل َّل ُه ِع َو َجا‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ ِ َّ ِ‬
‫اْل َح ْم ُد ََّّلل الذي أ َْن َزَل َعَل ٰى َع ْبده اْلكتَ َ‬

‫اب} [اآلية‪.]1 :‬‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ ِ َّ ِ‬


‫قوله تعالى‪{ :‬اْل َح ْم ُد ََّّلل الذي أ َْن َزَل َعَل ٰى َع ْبده اْلكتَ َ‬

‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم البزار يقول‪ :‬سمعت ابن عطاء يقول فى قوله‪{ :‬اْل َح ْم ُد ََِّّللِ َّال ِذي‬
‫اب}‪ ،‬قال‪ :‬أضاف الكل بالكلية إلى نفسه‪ ،‬وقال‪ :‬على عبده المخلص وحقيقة العبد الذى ال ملك‬ ‫ِِ ِ‬
‫أ َْن َزَل َعَل ٰى َع ْبده اْلكتَ َ‬
‫له‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬العبد الذى ال يرى غير سيده‪.‬‬

‫شيئا‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬العبد الذى ال ينازع سيده ً‬

‫وقيل العبد الذى ال يهتم بشىء وال يسكن إلى شىء‪ ،‬وال يأمن من شىء‪.‬‬

‫قال أبو حفص‪ :‬العبد القائم إلى أوامر سيده على حد النشاط حديث جعله محل أمره‪.‬‬

‫شيئا‪.‬‬
‫شيئا وال يرعى لنفسه ً‬
‫وقال أبو عثمان‪ :‬العبد الذى ال يملك ً‬

‫وقال الجريرى‪ :‬حقيقة العبد هو المتخلق بأخالق سيده‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬الكتاب منشور ظاهر فيه أسرار باطنه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 2‬الى اآلية ‪)2‬‬

‫الصالِح ِ‬ ‫َقِيماً لِين ِذر بأْساً َش ِديداً ِمن َّلدنه ويب ِشر اْلمؤ ِمِن َّ ِ‬
‫َج اًر َح َسناً‬ ‫ات أ َّ‬
‫َن َل ُه ْم أ ْ‬ ‫ين َي ْع َمُلو َن َّ َ‬
‫ين الذ َ‬‫ُ ْ ُ َ َُ َ ُ ْ َ‬ ‫ُْ َ َ‬
‫الصالِح ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫َج اًر َح َسناً} [اآلية‪.]2 :‬‬ ‫ات أ َّ‬
‫َن َل ُه ْم أ ْ‬ ‫ين َي ْع َمُلو َن َّ َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬الذ َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬العم ل الصالح ما أريد به وجه هللا ال غير‪ ،‬واألجر الحسن أن ال تحجب عن لقاء سيده‪.‬‬

‫أجر حسن وهو أن يكون ثوابه عليه ما‬‫وقال بعضهم‪ :‬م ربط عمله باإلخالص صلح عمله‪ ،‬ومن صلح فله عند هللا ٌ‬
‫أذن سمعت وهو كالم الحق‪ ،‬وال خطر على قلب بشر وهو الرضا‪ .‬قال هللا تعالى‪:‬‬
‫ال عين رأت وهو لقاء الحق‪ ،‬وال ٌ‬
‫ضوْا َع ْن ُه} [المائدة‪ ،119 :‬المجادلة‪ ،22 :‬البينة‪.]8 :‬‬ ‫{ر ِ‬
‫َّللاُ َع ْن ُه ْم َوَر ُ‬
‫ضي َّ‬
‫َ‬
‫َّ‬

‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 5‬الى اآلية ‪)5‬‬

‫َّما َلهم ِب ِه ِمن ِعْل ٍم والَ آلب ِائ ِهم َكبرت َكلِم ًة تَخرج ِمن أَ ْفو ِ‬
‫اه ِه ْم ِإن َيُقوُلو َن ِإالَّ َك ِذباً‬ ‫َ َ ْ َُ ْ َ ْ ُ ُ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُْ‬

‫اه ِه ْم ِإن َيُقوُلو َن ِإالَّ َك ِذباً} [اآلية‪.]5 :‬‬


‫{كبرت َكلِم ًة تَخرج ِمن أَ ْفو ِ‬
‫قوله تعالى‪َ ْ ُ ُ ْ َ ْ َ ُ َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬الكبر الدعاوى‪ ،‬من ادعى فى هللا أو أشار إلى هللا‪ ،‬أو تكلم عن هللا أو دخل فى ميدان االنبساط فإن‬
‫ذلك كله من صفات الكذابين‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫اه ِه ْم ِإن َيُقوُلو َن ِإالَّ َك ِذباً} والمتحقق به ال يظهر ً‬
‫شيئا من أحواله بحال‪.‬‬ ‫{كبرت َكلِم ًة تَخرج ِمن أَ ْفو ِ‬
‫قال هللا تعالى‪َ ْ ُ ُ ْ َ ْ َ ُ َ :‬‬

‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 6‬الى اآلية ‪)6‬‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫َفَل َعل َك َباخ ٌع َّنْف َس َك َعَل ٰى آثَ ِاره ْم إن ل ْم ُي ْؤمُنوْا ب َهـٰ َذا اْل َحديث أ َ‬
‫َسفاً‬

‫قوله تعالى‪َ{ :‬فَلعَّلك ب ِ‬


‫اخ ٌع َّنْف َس َك َعَل ٰى آثَ ِارِه ْم} [اآلية‪.]6 :‬‬ ‫َ َ َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬ال تشغل سرك بمخالفاتهم‪ .‬فما عليك إال البالغ والهدى منا لمن نشاء‪.‬‬

‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 7‬الى اآلية ‪)7‬‬

‫َّ ِ‬ ‫ِإَّنا َج َعْلَنا ما َعَلى األ َْر ِ‬


‫َح َس ُن َع َمالً‬ ‫ض ِز َين ًة ل َها لَنْبُل َو ُه ْم أَي ُ‬
‫ُّهم أ ْ‬ ‫َ‬

‫وتركا لها‪.‬‬
‫اضا عنها ً‬
‫قال ابن عطاء‪ :‬لنبلوهم أيهم أحسن عمالً‪ ،‬أحسن إعر ً‬

‫وقال سهل‪ :‬أيهم أحسن توكالً علينا فيها‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال أبو على الروذبارى‪ :‬إن القوم لما أيقنوا أن هللا تولى األمور بنفسه عرف كل عاقل حقيقة ما هم فيه فاستهانوا‬
‫ض ِز َين ًة َّل َها}‪.‬‬
‫الدنيا‪ ،‬واستغنوا‪ ،‬وأعرضوا عنها‪ ،‬وذلك بعدما عرفهم هللا ذلك بقوله‪ِ{ :‬إَّنا َج َعْلَنا ما َعَلى األ َْر ِ‬
‫َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬أيهم أقر بالعبودية قوالً وفعالً‪.‬‬

‫وقال فارس فى قوله‪ :‬أيهم أحسن عمالً‪.‬‬

‫وقصدا ونية‪.‬‬
‫ً‬ ‫قال‪ :‬صدًقا‬

‫قلبا وأحسن فطنة وأهدى سمتًا‪.‬‬


‫وقال القاسم‪ :‬أفرغ ً‬

‫وقال بعضهم‪ :‬حسن العمل نسيان العامل نفسه‪ ،‬وعمله والفناء بالحق للحق‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬وعليهم حسن العمل ترك التزين به‪.‬‬

‫وقال سهل‪ :‬حسن العمل االستقامة عليه بالسنة‪.‬‬

‫قال القاسم‪ :‬زينة األرض األنبياء واألولياء والعلماء الربانيون واألوتاد‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬أهل المعرفة باهلل‪ ،‬والمحبة له‪ ،‬والمشتاقون إليه هم زينة األرض ونجومها وأقمارها‪ ،‬وشموسها‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ض ِز َين ًة َّل َها} قال‪:‬‬
‫اجتنابا وعن الحسين فى قوله‪ِ{ :‬إَّنا َج َعْلَنا ما َعَلى األ َْر ِ‬
‫َ‬ ‫اضا و ً‬ ‫قال سهل‪ :‬إنهم أحسن عمالً عنها أعر ً‬
‫تركا‪.‬‬
‫َح َس ُن َع َمالً} قال‪ :‬أيهم أشد لها ً‬ ‫ِ‬
‫ُّهم أ ْ‬
‫هم الرجال العباد العمال هلل بالطاعة‪{ ،‬لَنْبُل َو ُه ْم أَي ُ‬

‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 8‬الى اآلية ‪)8‬‬

‫ص ِعيداً ُج ُر اًز‬ ‫ِ‬


‫َوإَِّنا َل َجاعُلو َن َما َعَل ْي َها َ‬

‫ص ِعيداً‬ ‫ِ‬
‫{وإَِّنا َل َجاعُلو َن َما َعَل ْي َها َ‬
‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬الكون فى قبضة الحق وهو هباء فى جنب القدرة‪ ،‬وقال هللا‪َ :‬‬
‫ُج ُر اًز}‪.‬‬

‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 9‬الى اآلية ‪)9‬‬

‫الرِقي ِم َك ُانوْا ِم ْن َآي ِاتَنا َع َجب ًا‬ ‫َن أَصحاب اْل َكه ِ‬
‫ف َو َّ‬ ‫ِ‬
‫أ َْم َحس ْب َت أ َّ ْ َ َ ْ‬

‫قال الحسين‪ :‬أصحاب الكهف فى ظل المعرفة األصلية ال يزايلهم بحال كذلك خفى على الخلق آثارهم‪.‬‬

‫{م ْن َآي ِاتَنا َع َجباً} سلبهم عنهم وأخذهم منهم‪ ،‬وحال بينهم وبين األغيار وألجأهم إلى غار‬
‫وقال ابن عطاء فى قوله‪ِ :‬‬

‫األنس وآواهم وأمنهم ثم أفناهم عنهم وغيبهم منهم‪ ،‬ومن إرادتهم ومعانيهم فتاهوا فى الحضرة والعين لذلك قال‪{ :‬أ َْم‬
‫الرِقي ِم َك ُانوْا ِم ْن َآي ِاتَنا َع َجباً}‪.‬‬ ‫َن أَصحاب اْل َكه ِ‬
‫ف َو َّ‬ ‫ِ‬
‫َحس ْب َت أ َّ ْ َ َ ْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫{ك ُانوْا ِم ْن َآي ِاتَنا َع َجباً} قال‪ :‬ال تعجب منهم فشأنك أعظم من شأنهم وأعظم حيث أسرى‬
‫قال الجنيد رحمه هللا فى قوله‪َ :‬‬
‫بك فى ليلة من المسجد الحرام إلى المسجد األقصى وبلغ بك سدرة المنتهى وكنت فى القرب كقاب قوسين أو أدنى ثم‬
‫ردت عند انقضاء الليلة إلى مضجعك‪.‬‬

‫وقيل بعضهم‪ :‬أصحاب الكهف كالنيام ال علم لهم بوقت‪ ،‬وال زمان‪ ،‬وال معرفة بعمل وال مكان أحياء موتى صراعى‪.‬‬
‫مفيقون‪ ،‬نيام منتبهون ال إليهم سبيل وال لهم إلى غيرهم طريق وردت عليهم خلع من خلع الهيبة‪ ،‬وأظلتهم ستور‬
‫التعظيم وأحدقت بهم حجب العظمة واستناروا بنور العزيز الكريم‪ ،‬كذلك قال هللا تعالى لنبيه صلى هللا عليه وسلم‪َ{ :‬ل ِو‬
‫اطَل ْع َت َعَل ْي ِه ْم َل َوَّل ْي َت ِم ْن ُه ْم ِف َار اًر}‪.‬‬
‫َّ‬

‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 11‬الى اآلية ‪)11‬‬

‫ِ ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ض َرْبَنا َعَل ٰى آ َذان ِه ْم في اْل َك ْهف سن َ‬
‫ين َع َدداً‬ ‫َف َ‬

‫قيل‪ :‬أخذنا عنهم أسماعهم حتى ال يسمعوا إال منا‪ ،‬وأخذنا عنهم أبصارهم فال ينظرون إال إلينا‪ ،‬حتى ال يكون لهم‬
‫إلى الغير اآلفات وال للغير فيهم نصيب بحال‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬أخرجنا منهم صفة البشرية‪ .‬وأقمناهم بصفات القدوسية‪ ،‬قدسنا ظواهرهم‪ ،‬وبواطنهم وجعلناهم أسرى فى‬
‫اه ْم}‪.‬‬
‫القبضة ثم رددناهم إلى هياكلهم وصفاتهم بقوله‪{ :‬ثُ َّم َب َع ْثَن ُ‬

‫أيضا‪ :‬إن الفائدة فى الضرب على اآلذان وليس لألذنان فى النوم شىء إنه ضرب على آذانهم حتى ال يسمعوا‬
‫وقال ً‬
‫األصوات فينتبهون ويكونوا من الخلق كلهم فى راحة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 13‬الى اآلية ‪)13‬‬

‫ِ ِ‬
‫آمُنوْا ِب َرِب ِه ْم َوِزْدَن ُ‬
‫اه ْم ُه ًدى‬ ‫ص َعَل ْي َك َنبأ ُ ِ‬
‫َهم باْل َح ِق إَّن ُه ْم ف ْتَي ٌة َ‬ ‫َن ْح ُن َنُق ُّ‬

‫نور ومن يعرف‬


‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم يقول‪ :‬قال ابن عطاء‪ .‬زدناهم هدى أى زدناهم ًا‬
‫قدر زيادة هللا لذلك كانت الشمس تزاور عن كهفهم خوًفا من نورهم على نورها أن يطمسه‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬نحن نقص عليك نبأهم بالحق لننظر إليهم بعين المشاهدة‪.‬‬
‫وقال ً‬

‫وقال سهل‪ :‬زدناهم هدى‪ .‬قال‪ :‬بصيرة فى اإليمان‪.‬‬

‫وقال‪ :‬سماهم هللا فتية ألنهم آمنوا باهلل بال وساطة وقاموا إلى هللا بإسقاط العالئق عنهم‪.‬‬

‫وقال أبو بكر الوراق‪ :‬أول قدم فى اإليمان‪ .‬الفتوة وهو أن ال يجرى عليك التلوين لما يرد‪.‬‬

‫وقال محمد بن على الترمذى‪ :‬الفتوة تصديق اللسان فيما وعد وأوعد‪ ،‬وهو اإليمان على الحقيقة أن ال يخالف ظاهرك‬
‫وباطنك‪ ،‬وال باطنك ظاهرك‪.‬‬

‫وسئل أبو حفص‪ :‬ما الفتوة؟ قال‪ :‬أن تنظر إلى الخلق كلهم بعين األولياء‪ ،‬وال تستفتح منهم إال ما خالف الشرع‪ ،‬وال‬
‫عذر‪.‬‬
‫أحدا على ذنب ويجعل له فى ذلك ًا‬
‫تلوم ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال بعضهم‪ :‬الفتوة أن ال تبالى إلى من أخرجت رفقك بعد أن قبله منك‪.‬‬

‫وقال أبو عثمان‪ :‬الفتوة اتباع الشرع واالقتداء بالسنن‪ ،‬وسعة الصدر‪ ،‬وحسن الخلق‪.‬‬

‫ِ ِ‬
‫آمُنوْا ِب َرب ِِه ْم َوِزْدَن ُ‬
‫اه ْم ُه ًدى}‪.‬‬ ‫قال هللا‪{ :‬إَّن ُه ْم ف ْتَي ٌة َ‬

‫وقال الفضيل‪ :‬الفتوة الصفح عن عثرات اإلخوان‪.‬‬

‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 14‬الى اآلية ‪)14‬‬

‫ض َلن َّن ْد ُع َوْا ِمن ُدوِن ِه ِإلـٰهاً َّلَق ْد ُقْلَنا ِإذاً َش َ‬


‫ططاً‬ ‫الس ٰم ٰو ِت واأل َْر ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫طَنا َعَل ٰى ُقُلوبِه ْم إ ْذ َق ُ‬
‫اموْا َفَقاُلوْا َربَُّنا َر ُّب َّ َ َ َ‬ ‫َوَرَب ْ‬

‫ِ‬
‫ات واأل َْر ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ض} [اآلية‪.]14 :‬‬ ‫الس َم َاو َ‬ ‫طَنا َعَل ٰى ُقُلوبِه ْم إ ْذ َق ُ‬
‫اموْا َفَقاُلوْا َربَُّنا َر ُّب َّ‬ ‫{وَرَب ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫{ر ُّب‬
‫{ربَُّنا} إظهار إرادة ودعوة ثم قال‪َ :‬‬ ‫قال ابن عطاء‪ :‬وسمنا أسرارهم بسمة الحق‪ ،‬فقاموا بالحق للحق فقالوا‪َ :‬‬
‫جوعا من صفاتهم بالكلية إلى صفاته وحقيقة علمه {َلن َّن ْد ُعَوْا ِمن ُدوِن ِه ِإلـٰهاً} لن نعتمد سواه فى‬
‫ض} ر ً‬
‫ِ‬
‫ات واأل َْر ِ‬
‫الس َم َاو َ‬
‫َّ‬
‫بعيدا من طريق الحق‪.‬‬
‫طا يعنى ً‬ ‫شىء‪ ،‬لو قلنا غير ذلك كان شط ً‬

‫عما دوننا‪.‬‬
‫وقال ابن عطاء‪ :‬ربطنا على قلوبهم حتى صدقوا العهد والميثاق وأخلينا أسرارهم َّ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال جعفر‪ :‬إذ قاموا‪ ،‬أى‪ :‬قاموا وأخلصوا فى دعائنا‪.‬‬

‫ِ‬
‫ات واأل َْر ِ‬
‫ض} لم ينظروا إلى‬ ‫الس َم َاو َ‬
‫{ربَُّنا َر ُّب َّ‬
‫وقال ابن عطاء‪ :‬قاموا َع َّما كان أفقدهم من االشتغال باألكوان فقالوا‪َ :‬‬
‫شىء دوننا ولم يسكنوا إليه‪.‬‬

‫وقال جعفر‪ :‬قاموا إلى الحق بالحق قيام أدب ونادوه نداء صدق وأظهروا له صحة الفقر‪ ،‬ولجؤوا إليه أحسن لجٍإ‬
‫وتعظيما له‪ ،‬فكافأهم على قيامهم اإلجابة على ندائهم بأحسن جواب‬ ‫ً‬ ‫افتخار به‬
‫ًا‬ ‫وقالوا‪ :‬ربُّنا رب السماوات واألرض‪:‬‬
‫اطَل ْع َت َعَل ْي ِه ْم َلَوَّل ْي َت ِم ْن ُه ْم ِف َار اًر} [اآلية‪:‬‬
‫الرسل حين قال‪َ{ :‬ل ِو َّ‬
‫وألطف خطاب‪ ،‬وأظهر عليهم من اآليات ما يعجب منه ُّ‬
‫‪.]18‬‬

‫وسمعت بعض مشايخنا يستدل بهذه اآلية فى حركة الواجدين فى وقت السماع والذكر‪ .‬إن القلوب إذا كانت مربوطة‬
‫طَنا َعَل ٰى‬ ‫بالملكوت ومحل القدس حركتها أنوار األذكار وما يرد عليها من فنون السماع واألصل قوله تعالى‪َ :‬‬
‫{وَرَب ْ‬
‫ِ ِ‬
‫ُقُلوبِه ْم إ ْذ َق ُ‬
‫اموْا}‪.‬‬

‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 15‬الى اآلية ‪)15‬‬

‫َّللاِ َك ِذباً‬
‫ظَل ُم ِم َّم ِن ا ْفتَ َر ٰى َعَلى َّ‬
‫ان َبِي ٍن َف َم ْن أَ ْ‬
‫طٍ‬ ‫الء َق ْو ُمَنا اتَّ َخ ُذوْا ِمن ُدوِن ِه آلِ َه ًة َّل ْوالَ َيأْتُو َن َعَل ْي ِهم ِب ُسْل َ‬
‫هـٰؤ ِ‬
‫َُ‬

‫َّللاِ َك ِذباً} [اآلية‪.]15 :‬‬


‫ظَل ُم ِم َّم ِن ا ْفتَ َر ٰى َعَلى َّ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ف َم ْن أَ ْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬أن يقول وال يعمل أو يشير إليه ثم يرجع إلى غيره‪.‬‬

‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 17‬الى اآلية ‪)17‬‬

‫ال َو ُه ْم ِفي َف ْج َوٍة ِم ْن ُه ٰذلِ َك ِم ْن‬ ‫ِ‬


‫الشم ِ‬
‫ات َ‬ ‫ين َوإِ َذا َغ َرَبت تَّْق ِر ُ‬
‫ض ُه ْم َذ َ‬ ‫ات اْلَي ِم ِ‬ ‫ِ‬
‫طَل َعت تَّ َزَاوُر َعن َك ْهف ِه ْم َذ َ‬ ‫الش ْم َس ِإ َذا َ‬
‫وتَ َرى َّ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ضل ْل َفَلن تَ ِج َد َل ُه َولِياً ُّم ْرِشداً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّللاُ َف ُه َو اْل ُم ْهتَد َو َمن ُي ْ‬
‫َّللا َمن َي ْهد َّ‬
‫َآيات َّ‬

‫ات اْلَي ِم ِ‬
‫ين} [اآلية‪.]17 :‬‬ ‫ِ‬
‫طَل َعت تَّ َزَاوُر َعن َك ْهف ِه ْم َذ َ‬
‫الش ْم َس ِإ َذا َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬وتَ َرى َّ‬
‫َ‬

‫{وِزْدَن ُ‬
‫اه ْم ُه ًدى} نور على نور‪ ،‬وبرهان على برهان‪،‬‬ ‫قال ابن عطاء‪ :‬ذلك لمعنى النور الذى كان عليهم بقوله‪َ :‬‬
‫والشمس نور ولكن إذا غلب نور أقوى منها انكشفت الشمس فكانت تزيغ عن كهفهم لغلبة نورهم خوًفا أن ينكشف‬
‫نورها من غلبة نورهم‪.‬‬

‫قال جعفر‪ :‬يمين المرء قلبه‪ ،‬وشماله نفسه‪ ،‬والرعاية يدور عليهما ولوال ذلك لهلك‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬زينهم هللا عز وجل لخلقة الرضا فكشفت األنوار لنورهم‪ ،‬وخضعت لها فترى الشمس إذا طلعت تزاور‬
‫عن كهفهم تهرب بنورها عن أنوارهم‪.‬‬

‫َّللاُ َف ُه َو اْل ُم ْهتَِد} {اآلية‪].17 :‬‬


‫{من َي ْه ِد َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم البزار رحمه هللا سمعت ابن عطاء يقول‪ :‬ما ُح ِج َب عن هللا ً‬
‫أحدا‬
‫إال من أراد أن يصل إليه بحركاته وسعيه‪ ،‬وما وصل إليه أحد إال من أراد أن يصل إليه بصفته عز وتعالى‪.‬‬

‫ضلِ ْل َفَلن تَ ِج َد َل ُه َوِلياً ُّم ْرِشداً} {اآلية‪].17 :‬‬


‫{و َمن ُي ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬من جاء بأوائل اإليمان بال علة‪ ،‬وبأواخره بال علة وهذا صفات الحق ال صفات الخلق فنظرات‬
‫المهتدى هو المباين من جميع أوصافه المتصف بأوصاف الحق‪.‬‬

‫قال سهل‪ :‬من حكم هللا عليه بالشقاوة لم يقدر على صرف ذلك أحد عنه بحال‪.‬‬

‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 18‬الى اآلية ‪)18‬‬

‫اطَل ْع َت َعَل ْي ِه ْم َلَوَّل ْي َت‬ ‫ط ِذراعي ِه ِبالو ِ‬


‫ص ِيد َل ِو َّ‬ ‫ِ‬ ‫ين وَذ َ ِ ِ‬ ‫ود ونَقلِبهم َذات ِ‬
‫ات الش َمال َوَكْلُب ُه ْم َباس ٌ َ َ ْ َ‬ ‫اليم ِ َ‬
‫َوتَ ْح َسُب ُه ْم أ َْيَقاظاً َو ُه ْم ُرُق ٌ َ ُ ُ ُ ْ َ َ‬
‫ِم ْن ُه ْم ِف َار اًر َوَل ُملِ ْئ َت ِم ْن ُه ْم ُر ْعباً‬

‫ود} [اآلية‪.]18 :‬‬


‫{وتَ ْح َسُب ُه ْم أ َْيَقاظاً َو ُه ْم ُرُق ٌ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬مقيمون فى الحضرة كالنيام ال علم لهم ٍ‬


‫بوقت وال زمان وال معرفة بمحل وال مكان أحياء موتى صرعى‬
‫مفيقون نيام منتبهون ال لهم إلى غيرهم طريق وال لغيرهم إليهم سبيل ومحل الحضور والمشاهدة إنما هو الجمود تحت‬
‫الصفات ال غير‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال أبو سعيد‪ :‬هذا محل الفناء والبقاء أن يكونوا فانين بالحق باقين به‪ ،‬ال ُهم كالنيام وال ُهم كاأليقاظ أوصافهم فانية‬
‫كشف ٍ‬
‫ووله مقابلة يقين‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫عنهم وأوصاف الحق بادية عليهم وهو حيرة تحت‬

‫ض} كشف لهم حتى يتبينوا جالل القدرة‬ ‫ِ‬


‫ات واأل َْر ِ‬ ‫ِ‬
‫الس َما َو َ‬
‫{ربَُّنا َر ُّب َّ‬
‫وقال أبو سعيد‪ :‬هؤالء أئمة الواحدين لما قاموا فقالوا َ‬
‫وعظم الملكوت فغيبوا عن التمتع بشىء من الكون لحقيقة أحوالهم فصاروا َدهشين ال أيقاظ وال رقود‪.‬‬

‫ِ‬ ‫الي ِم ِ‬
‫الشم ِ‬
‫ال} {اآلية‪].18 :‬‬ ‫ات َ‬‫ين َوَذ َ‬ ‫ات َ‬‫{وُنَقلُِب ُه ْم َذ َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬نقلبهم فى حالى القبض والبسط والجمع والتفرقة جمعناهم مما تفرقوا فيه فحصلوا معنا فى عين‬
‫الجمع‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬نقلبهم من حال الفناء والبقاء والكشف واالحتجاب والتجلى واالستتار‪.‬‬

‫ط ِذراعي ِه ِبالو ِ‬
‫ص ِيد} {اآلية‪].18 :‬‬ ‫ِ‬
‫{وَكْلُب ُه ْم َباس ٌ َ َ ْ َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫أجناسا أال ترى هللا عز وعال‬


‫ً‬ ‫قال أبو بكر الوراق‪ :‬مجالسة الصالحين ومجاورتهم يؤثر على الخلق وأن لهم أن يكونوا‬
‫كيف ذكر عن أصحاب الكهف فذكر كلبهم معهم لمجاورتهم إياهم‪.‬‬

‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 10‬الى اآلية ‪)10‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ىء َلَنا ِم ْن أ َْم ِرَنا َرَشداً‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِإ ْذ أ ََوى اْلف ْتَي ُة ِإَلى اْل َك ْهف َفَقاُلوْا َربََّنآ آتَنا من ل ُد َ‬
‫نك َر ْح َم ًة َو َهي ْ‬

‫ىء َلَنا ِم ْن أ َْم ِرَنا َرَشداً} [اآلية‪.]10 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ َّ‬


‫نك َر ْح َم ًة َو َهي ْ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬آتَنا من ل ُد َ‬

‫قال سهل بن عبد هللا رحمه هللا‪ :‬ارزقنا ذكرك وشكرك على جميع األحوال فهو ُجل رحمة من عندك‪ ،‬وسهل لنا سبيل‬
‫اطَل ْع َت َعَل ْي ِه ْم َل َوَّل ْي َت ِم ْن ُه ْم ِف َار اًر} [اآلية‪.]18 :‬‬
‫التوفيق فهو أرشد الطرق قوله تعالى‪َ{ :‬ل ِو َّ‬

‫قال جعفر‪ :‬لو اطلعت عليهم من حيث أنت لوليت منهم فرًارا‪ ،‬ولو اطلعت عليهم من حيث الحق لشاهدت فيهم معانى‬
‫الوحدانية والربانية‪.‬‬

‫تبرما‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫وقال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬لو اطلعت عليهم أَتى على األكوان بما فيها {َلَول ْي َت م ْن ُه ْم ف َار اًر} لصرفت البصر عنهم ً‬
‫بهم فإنك مطالع لنا‪ ،‬ومطالع منا‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء فى هذه اآلية‪ :‬إنه وردت عليهم أنوار الحق من فتون الخلع‪ ،‬وأظلتهم سرادقات التعظيم وأحدقت بهم‬
‫اطَل ْع َت َعَل ْي ِه ْم َلَوَّل ْي َت ِم ْن ُه ْم ِف َار اًر}‪.‬‬
‫جالبيب الهيبة لذلك قال لنبيه صلى هللا عليه وسلم‪َ{ :‬ل ِو َّ‬

‫ار‪.‬‬
‫وقال الحسين فى قوله‪ :‬لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرًا‬

‫قال‪ :‬أنفة مما هم فيه من إظهار األحوال عليهم وقهر األحوال لهم مع مشاهدته من عظيم المحل فى القرب‬
‫والمشاهدة فلم يؤثر عليك لجاللة محلك‪.‬‬

‫وقال جعفر‪ :‬لو اطلعت على ما بهم من آثار قدرتنا ورعايتنا لهم وتولية حياطتهم لوليت منهم فرًارا‪ .‬أى ما قدرت على‬
‫الثبات لمشاهدة ما بهم من هيبتنا فيكون حقيقة الفرار منا ال منهم ألن ما يرى عليهم منا‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫أيضا‪ :‬لو اطلعت عليهم من حيث أنت‪ .‬لفررت ولو اطلعت عليهم من حيث أنا لوقفت وذلك أن الولى له من هللا‬
‫وقال ً‬
‫أحوال على قدر مشاهدته من نظر إليه من عند نفسه من ضعف البشرية يفر من رؤيتهم وقد فر النبى صلى هللا‬
‫عليه وسلم من الكفار‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬حين سئل عن الفرق بين أنوار هدايته وأنوار المالئكة؟ فقال‪ :‬أنوار المالئكة أنوار كراماته وأنوار بنى آدم‬
‫أنوار هدايته وهو نور ظاهر وباطن لذلك وقعت هيبته أكبر فقال‪ :‬لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرًارا‪ .‬ولم يكن من‬
‫ار كفرار الشيطان من عمر بن الخطاب رضى هللا عنه‪.‬‬‫أنوار المالئكة عند الحجب فرًا‬

‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 19‬الى اآلية ‪)19‬‬

‫َعَل ُم ِب َما َلِب ْثتُ ْم َف ْاب َعثُوْا‬ ‫ِ ِ‬ ‫وَك ٰذلِك بع ْثَن ِ‬


‫ُّك ْم أ ْ‬
‫ض َي ْو ٍم َقاُلوْا َرب ُ‬ ‫ال َقائ ٌل م ْن ُه ْم َكم َلِب ْثتُ ْم َقاُلوْا َلِب ْثَنا َي ْوماً أ َْو َب ْع َ‬‫آءُلوا َب ْيَن ُه ْم َق َ‬
‫اه ْم لَيتَ َس َ‬
‫َ َ ََ ُ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف َوالَ ُي ْشع َرَّن ِب ُك ْم أ َ‬
‫َحداً‬ ‫ط َعاماً َفْلَيأْت ُك ْم ِب ِرْز ٍق م ْن ُه َوْلَيَتَلط ْ‬ ‫ُّهآ أ َْزَك ٰى َ‬ ‫َح َد ُك ْم ِب َوِرِق ُك ْم َهـٰذه ِإَل ٰى اْل َمد َينة َفْلَي ْن ُ‬
‫ظ ْر أَي َ‬ ‫أَ‬

‫قوله تعالى‪َ { :‬قاُلوْا َلِب ْثَنا َي ْوماً أ َْو َب ْع َ‬


‫ض َي ْومٍ} [اآلية‪.]19 :‬‬

‫وطر ولو مكث دوام‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬مقام المحب مع الحبيب وإن طال فإنه قصير عنده إذ ال يفضى من حبيبه ًا‬
‫الدهر فإن انتهاء شوقه إليه كاالبتداء فانتهاؤه فيه ابتداؤه وأنشد‪:‬‬

‫أن نجوم الليل ليست ثغور‬ ‫ال أظلم الليل وال ادعى‬

‫قصير‬
‫ُ‬ ‫طالت وإن جادت فليلى‬ ‫ليلى كما شاءت فإن لم تجد‬

‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫قوله تعالى‪َ{ :‬فْلَيأْت ُك ْم ِب ِرْز ٍق م ْن ُه َوْلَيَتَلط ْ‬
‫ف} [اآلية‪.]19 :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سمعت جعفر بن أحمد الرازى يقول‪ :‬أوصى يوسف بن الحسين بعض أصحابه فقال‪ :‬إذا حملت إلى الفقراء أو أهل‬
‫طعاما‬
‫ً‬ ‫لطيفا‪ ،‬فإن هللا وصف أصحاب الكهف حين بعثوا من يشترى لهم‬ ‫طعاما فليكن ً‬ ‫ً‬ ‫شيئا واشتريت لهم‬
‫المعرفة ً‬
‫قالوا‪ :‬وليتلطف وإذا اشتريت للزهاد والعباد‪ .‬فاشتر كل ما تجده فإنهم بعد فى تذليل أنفسهم ومنعها من الشهوات‪.‬‬

‫سمعت أبا عثمان المعزى يقول‪ :‬إرفاق العارفين باللطف وإرفاق المريدين بالعنف‪.‬‬

‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 21‬الى اآلية ‪)21‬‬

‫يها ِإ ْذ َيتََن َازُعو َن َب ْيَن ُه ْم أ َْم َرُه ْم َفَقاُلوْا ْابُنوْا َعَل ْي ِه ْم ُب ْنَياناً‬ ‫ِ‬
‫اع َة الَ َرْي َب ف َ‬
‫الس َ‬ ‫َن َّ‬ ‫َّللاِ َح ٌّق َوأ َّ‬ ‫َن َو ْع َد َّ‬ ‫َعثَ ْرَنا َعَل ْي ِه ْم لَِي ْعَل ُموْا أ َّ‬ ‫ِٰ‬
‫َوَكذل َك أ ْ‬
‫ين َغَلُبوْا َعَل ٰى أ َْم ِرِه ْم َلَنتَّ ِخ َذ َّن َعَل ْي ِه ْم َّم ْس ِجداً‬ ‫َّربُّهم أَعَلم ِب ِهم َق َّ ِ‬
‫ال الذ َ‬ ‫ُْ ْ ُ ْ َ‬

‫َعَل ُم ِب ِه ْم} [اآلية‪.]21 :‬‬


‫ُّه ْم أ ْ‬
‫{رب ُ‬
‫قوله تعالى‪َّ :‬‬

‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه وعلى جماعتهم فى قوله‪ :‬ربهم أعلم بهم‪ :‬حيث أظهر عليهم عجائب صنعه وجعلهم‬
‫أحد شواهد عزته‪ ،‬وجعلهم بالمحل الذى خاطب به النبى صلى هللا عليه وسلم فيهم‪ .‬فقال {َل ِو َّ‬
‫اطَل ْع َت َعَل ْي ِه ْم َلَوَّل ْي َت‬
‫ِم ْن ُه ْم ِف َار اًر}‪.‬‬

‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 23‬الى اآلية ‪)23‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫اع ٌل ٰذِل َك َغداً‬
‫ىء ِإِني َف ِ‬
‫والَ تَُقوَل َّن لِ َش ْا ٍ‬
‫َ‬

‫لم يطلق لرسوله صلى هللا عليه وسلم أن يخبر عن الحق إال بما أخبره الحق‪ ،‬ولم يأذن له فى اإلخبار عن نفسه إال‬
‫ِ َّ‬ ‫ِ ِٰ‬ ‫ِ ٍ ِِ‬
‫َّللاُ}‪.‬‬ ‫{والَ تَْقوَل َّن ل َش ْيء إني َفاع ٌل ذل َك َغداً إال أَن َي َش َ‬
‫آء َّ‬ ‫عن مشيئة ربه فقال‪َ :‬‬

‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 24‬الى اآلية ‪)24‬‬

‫يت َوُق ْل َع َس ٰى أَن َي ْه ِدَي ِن َربِي ألَْق َر َب ِم ْن َهـٰ َذا َرَشداً‬ ‫ِ‬
‫َّك ِإ َذا َنس َ‬
‫َّللاُ َوا ْذ ُكر َّرب َ‬
‫آء َّ‬ ‫ِ َّ‬
‫إال أَن َي َش َ‬
‫ِ‬
‫َّك ِإ َذا َنس َ‬
‫يت} [اآلية‪.]24 :‬‬ ‫{وا ْذ ُكر َّرب َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬إذا نسيت نفسك والخلق‪ ،‬فاذكرنى فإن األذكار ال تمازج ذكرى قيل له‪ :‬كيف بنا نفسه وخلقه؟ فقال‪:‬‬

‫يرى أولهم هو ويرى آخرهم هو ويرى أنهم بالهم حتى يكون ً‬


‫ناسيا للخلق والنفس من ذكرهم إياه‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬إذا نسيت ذكرى بى فاذكرنى‪.‬‬

‫قال جعفر‪ :‬إذا نسيت األغيار فتقرب إلى باألذكار‪.‬‬

‫قال الجنيد رحمه هللا‪ :‬الذكر فناء الذاكر فيه‪ ،‬والذكر فى مشاهدة المذكور‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ‬
‫َّك ِإ َذا َنس َ‬
‫يت} إذا‬ ‫{وا ْذ ُكر َّرب َ‬
‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم يقول‪ :‬قال ابن عطاء فى قوله‪َ :‬‬
‫انقطعت عالئق االتصال وبقيت االنفصال عن مشاهدة األعواض حينئذ ذكرته بحقيقة ذكره‪.‬‬

‫الم ِحق الحق فيذكره بل يذكره‬


‫َّك}‪ :‬ما هذا خطاب أهل الحقيقة وأنى ينسى ُ‬
‫{وا ْذ ُكر َّرب َ‬
‫وقال الشبلى رحمه هللا فى قوله‪َ :‬‬
‫حيوته وكونه وأنشد‪:‬‬

‫ولكن بذاك يجرى لسانى‬ ‫ال ألنى أنساك أكثر ذكراك‬

‫وقال بعضهم فى هذه اآلية‪ :‬تب إلى ربك إذا عصيت‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬نسيان األكابر إذا ورد المحق عليهم بحضوره‪.‬‬

‫ِ‬
‫َّك ِإ َذا َنس َ‬
‫يت} أى إذا‬ ‫{وا ْذ ُكر َّرب َ‬
‫قال الجنيد رحمه هللا‪ :‬حقيقة الذكر الفناء بالمذكور عن الذكر لذلك قال هللا تعالى‪َ :‬‬
‫نسيت الذكر يكون المذكور صفتك‪.‬‬

‫{وُق ْل َع َس ٰى أَن َي ْه ِدَي ِن َربِي ألَْق َر َب ِم ْن َهـٰ َذا َرَشداً} [اآلية‪.]24 :‬‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الجنيد رحمه هللا فى هذه اآلية‪ :‬إن فوق الذكر منزلة هو أقرب ً‬
‫رشدا ذكره له‪ ،‬وهو تجريد النعوت بذكره لك قبل أن‬
‫يسبق إلى هللا بذكره‪.‬‬

‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 28‬الى اآلية ‪)28‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫الد ْنَيا َوالَ تُ ِط ْع‬
‫اك َع ْن ُه ْم تُ ِر ُيد ِز َين َة اْل َحَي ِاة ُّ‬ ‫ِ ِ‬
‫َّهم ِباْل َغ َداة َواْل َعش ِي ُي ِر ُيدو َن َو ْج َه ُه َوالَ تَ ْع ُد َع ْيَن َ‬
‫ين َي ْد ُعو َن َرب ُ‬
‫َّ ِ‬
‫اصِب ْر َنْف َس َك َم َع الذ َ‬ ‫َو ْ‬
‫ِ‬
‫َغَفْلَنا َقْلَب ُه َعن ذ ْك ِرَنا َواتََّب َع َه َواهُ َوَك َ‬
‫ان أ َْم ُرهُ ُف ُرطاً‬ ‫َم ْن أ ْ‬
‫َّ ِ‬
‫َّهم} [اآلية‪.]28 :‬‬ ‫اصِب ْر َنْف َس َك َم َع الذ َ‬
‫ين َي ْد ُعو َن َرب ُ‬ ‫{و ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ذو النون رحمه هللا‪ :‬أمر هللا تعالى األغنياء بمجالسة الفقراء والصبر معهم واالستنان بسنتهم‪ .‬قال هللا تعالى‪:‬‬
‫اصِب ْر َنْف َس َك} اآلية‪.‬‬
‫{و ْ‬
‫َ‬

‫قال عمرو المكى‪ :‬صحبة الصالحين والفقراء الصادقين عين أهل الجنة يتقلب من الرضا إلى اليقين ومن اليقين إلى‬
‫الرضا‪.‬‬

‫قال إبراهيم بن شيبان‪ :‬فتوة أهل المعرفة دوام االصطبار فى حصن االضطرار مع أهل الصبر‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬خاطب هللا تعالى نبيه صلى هللا عليه وسلم وعاتبه و َّأنبه وقال له اصبر على من صبر علينا بنفسه‪،‬‬
‫وعشيا فحق لمن لم يفارق حضرتنا أن‬
‫ً‬ ‫وقلبه‪ ،‬وروحه‪ ،‬وهم الذين ال يفارقون محل االختصاص من الحضرة بكرة‬
‫نصير عليه فال يفارقه‪.‬‬

‫اك َع ْن ُه ْم} [اآلية‪.]28 :‬‬


‫{والَ تَ ْع ُد َع ْيَن َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الواسطى ال تعد عيناك عنهم إلى غيرهم فإنهم ال تعدو أعينهم منى طرفة عين‪.‬‬

‫َغَفْلَنا َقْلَب ُه َعن ِذ ْك ِرَنا} [اآلية‪.]28 :‬‬


‫{والَ تُ ِط ْع َم ْن أ ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال القاسم‪ :‬الغفلة غفلتان‪ :‬غفلة نعمة‪ ،‬وغفلة عقوبة‪ ،‬فغفلة النعمة هى الرحمة التى فيها البقاء ولوال هى ما سكنت‬
‫القلوب‪ ،‬وال نامت العيون‪ ،‬وال هدأت الجوارح‪ ،‬ولذابت األرواح وبطلت األجساد وانقلب الزمان والغفلة التى هى عقوبة‬
‫قيبا من ربه بل ربه الرقيب عليه فهذه غفلة‬
‫فهى غفلة اإلنسان عن ذكر ربه ونترك مراعاة أحواله مع هللا بأن عليه ر ً‬
‫عقوبة‪.‬‬

‫وسئل أبو عثمان‪ :‬عن الغفلة؟ فقال‪ :‬إهمال ما أمرت به ونسيان تواتر نعم هللا عندك‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬الغفلة متابعة النفس على ما تشتهيها‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الغفلة عقوبة القلب‪ ،‬وهو حجابه عن المنعم‪.‬‬

‫وقال الجوزجانى‪ :‬الغفلة هى طول األمل‪.‬‬

‫وقال النورى‪ :‬الغفلة سكون السر إلى شىء سوى الحق‪.‬‬

‫وقال ابن الجالء‪ :‬الغفلة ما يورثك الفترة‪.‬‬

‫وقال سهل‪ :‬الغفلة إبطال الوقت بالبطالة‪.‬‬

‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 29‬الى اآلية ‪)29‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ط ِب ِه ْم ُس َرِادُق َها َوإِن َي ْستَ ِغيثُوْا ُي َغاثُوْا‬
‫َحا َ‬
‫ين َنا اًر أ َ‬
‫ِ َّ ِ ِ‬
‫آء َفْلَي ْكُف ْر ِإَّنا أ ْ‬
‫َعتَ ْدَنا للظالم َ‬ ‫ِ‬
‫آء َفْلُي ْؤمن َو َمن َش َ‬ ‫َوُق ِل اْل َح ُّق ِمن َّرب ُ‬
‫ِك ْم َف َمن َش َ‬
‫وجوه ِب ْئ َس َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬
‫آء ْت ُم ْرتََفقاً‬
‫اب َو َس َ‬
‫الش َر ُ‬ ‫ب َمآء َكاْل ُم ْهل َي ْش ِوي اْل ُ َ‬

‫آء َفْلَي ْكُف ْر} [اآلية‪.]29 :‬‬ ‫ِ‬


‫آء َفْلُي ْؤمن َو َمن َش َ‬ ‫{وُق ِل اْل َح ُّق ِمن َّرب ُ‬
‫ِك ْم َف َمن َش َ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬أظهر الحق للخلق‪ُ ،‬سبل الحق وطرق الحقيقة فمن سألك فيه بالتوفيق‪ ،‬ومعرض عنه بالخذالن وهذا‬

‫{وُق ِل اْل َح ُّق ِمن َّرب ُ‬


‫ِك ْم} فمن سأله الحق الهداية هداه بطريق اإليمان ومن شاء هللا له اإلضالل سلك به مسلك‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫الكفر وهو الضالل البعيد‪.‬‬

‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 30‬الى اآلية ‪)30‬‬

‫ِ‬ ‫ين آمُنوْا و َع ِمُلوْا َّ ِ ِ ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬


‫َح َس َن َع َمالً‬
‫َج َر َم ْن أ ْ‬ ‫الصال َحات إَّنا الَ ُنض ُ‬
‫يع أ ْ‬ ‫إ َّن الذ َ َ َ‬

‫قال جعفر‪ :‬إن الذين صدقوا هللا فى األرزاق والكفايات وطلبوا الرزق من وجهه الذى أباح هللا طلبه فإن هللا ال يضيع‬
‫سعيهم فى طلب مرضاته ويسهل عليهم سبيل التوكل ليستغنوا بذلك عن الطلب والحركة ويخرجهم من ضيق الطلب‬
‫إلى فسحة التوكل‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬من صدق اإلخالص فى أعماله فأولئك الذين ال نضيع سعيهم وحركتهم‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َح َس َن َع َمالً}‪.‬‬
‫َج َر َم ْن أ ْ‬ ‫قال هللا تعالى‪{ :‬إَّنا الَ ُنض ُ‬
‫يع أ ْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 31‬الى اآلية ‪)31‬‬

‫ض اًر ِمن س ْن ُد ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أُوَلـِٰئك َلهم جَّنات ع ْد ٍن تَجرِي ِمن تَحِت ِهم األ َْنهار يحَّلو َن ِف ِ‬
‫س‬ ‫ُ‬ ‫َس ِاوَر من َذ َه ٍب َوَيْلَب ُسو َن ثَياباً ُخ ْ‬
‫يها م ْن أ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ َ ُ َُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ ُْ َ ُ َ‬
‫اب َو َح ُسَن ْت ُم ْرتََفق ًا‬ ‫َّ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫وإِستَبر ٍق ُّمتَّ ِكِئ ِ‬
‫يها َعَلى األ ََرآئك ن ْع َم الث َو ُ‬
‫ين ف َ‬
‫َ‬ ‫َ ْ َْ‬

‫اب} [اآلية‪.]31 :‬‬ ‫َّ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫{متَّ ِكِئ ِ‬


‫يها َعَلى األ ََرآئك ن ْع َم الث َو ُ‬
‫ين ف َ‬
‫قوله تعالى‪َ ُّ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬على أرائك األنس فى رياض القدس وصفتها‪ :‬إنها لذات منقضية تعقب حسرات دائمة وسرور حاضر‬
‫مؤبدا والعالم بها هو المعرض عنها والجاهل لحقيقتها هو المتخبط فيها‪.‬‬
‫يورث حزًنا ً‬

‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 46‬الى اآلية ‪)46‬‬

‫ال‬
‫َم ً‬
‫ِك ثََواباً َو َخ ْيٌر أ َ‬
‫ِ‬
‫الصالِ َح ُ‬
‫ات َخ ْيٌر ع َند َرب َ‬ ‫ات َّ‬ ‫ِ‬ ‫ال َواْلَبُنو َن ِز َين ُة اْل َحَي ِاة ُّ‬
‫الد ْنَيا َواْلَباقَي ُ‬ ‫اْل َم ُ‬

‫ال َواْلَبُنو َن ِز َين ُة اْل َحَي ِاة ُّ‬


‫الد ْنَيا} [اآلية‪.]46 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬اْل َم ُ‬

‫أبدا‪ ،‬ومألوف الروح‬


‫قال بعضهم‪ :‬المألوفات من األهل والمال‪ .‬واألوالد كلها من زينة الحياة الدنيا‪ ،‬والنفس تألفها ً‬
‫التوكل والطمأنينة والثقة واليقين‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬ال ينجو من زينة الحياة الدنيا إال من كان باطنه مز ًينا بأنوار المعرفة وضياء المحبة‪ ،‬ولمعان الشوق‬
‫وظاهره مز ًينا بآداب الخدمة وشرف الهمة وعلو النفس فتقلب القدس فى مجال القرب وميادين الرحمة مشرفين على‬
‫بساتين الوصلة يشاهدون مليكهم فى كل حال‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِك} [اآلية‪.]46 :‬‬ ‫الصالِ َح ُ‬
‫ات َخ ْيٌر ع َند َرب َ‬ ‫ات َّ‬
‫{واْلَباقَي ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء فى قوله‪ :‬الباقيات الصالحات‪ :‬قال‪ :‬هى األعمال الخالصة والنيات الصادقة وكل ما أريد به وجه هللا‬
‫هو الصدق‪.‬‬

‫قال جعفر الصادق‪ :‬الباقيات الصالحات هو التوحيد فإنه باق بقاء الموحد‪.‬‬

‫وقال يحيى بن معاذ‪ :‬الباقيات الصالحات هى نصيحة الخلق‪.‬‬

‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 33‬الى اآلية ‪)33‬‬

‫ظلِم ِم ْن ُه َش ْيئاً َوَف َّج ْرَنا ِخالَل ُه َما َن َه اًر‬ ‫ِكْلتَا اْل َجَّنتَْي ِن آتَ ْت أ ُ‬
‫ُكَل َها َوَل ْم تَ ْ‬

‫ظلِم ِم ْن ُه َش ْيئاً} [اآلية‪.]33 :‬‬


‫{وَل ْم تَ ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫شيئا وأى نصيب للخلق عنده وأى حق لهم قبله‪.‬‬


‫قال السيارى‪ :‬لم تنقص منه ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 44‬الى اآلية ‪)44‬‬

‫ُهَنالِ َك اْل َوالََي ُة ََِّّللِ اْل َح ِق ُه َو َخ ْيٌر ثََواباً َو َخ ْيٌر ُعْقباً‬

‫{هَنالِ َك اْل َوالََي ُة ََِّّللِ اْل َح ِق} [اآلية‪.]44 :‬‬


‫قوله تعالى‪ُ :‬‬

‫قال الواسطى رحمه هللا وعلى المشايخ أجمعين‪ :‬من تواله هللا بالحقيقة فهو الولى ومن واله فهو الوالى قال هللا تعالى‪:‬‬
‫{هَنالِ َك اْل َوالََي ُة ََِّّللِ اْل َح ِق}‪.‬‬
‫ُ‬

‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 45‬الى اآلية ‪)45‬‬

‫َصَب َح َه ِشيماً تَ ْذ ُروهُ ِ‬ ‫السم ِاء َفاختَل َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫اض ِر ْب َل ُهم َّمَث َل اْل َحَي ِاة ُّ‬
‫َّللاُ‬
‫ان َّ‬
‫ياح َوَك َ‬
‫الر ُ‬ ‫ض َفأ ْ‬ ‫ط ِبه َنَب ُ‬
‫ات األ َْر ِ‬ ‫َْ‬ ‫الد ْنَيا َك َمآء أَْن َ ْزلَناهُ م َن َّ َ‬ ‫َو ْ‬
‫َعَل ٰى ُك ِل َشي ٍء ُّمْقتَِد اًر‬
‫ْ‬
‫الس َم ِاء} [اآلية‪.]45 :‬‬ ‫اض ِر ْب َل ُهم َّمَث َل اْل َحَي ِاة ُّ‬
‫الد ْنَيا َك َم ٍآء أ َْن َ ْزلَناهُ ِم َن َّ‬ ‫{و ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال محمد بن الفضل‪ :‬الدنيا شقيق ُة النفس وقرينتها وهى مائلة إليها فى كل األوقات وصفتها فتقلب زينة باطنه زينة‬
‫حب الدنيا شوًقا منه إلى ربه وتغلب زينة ظاهره زينة الدنيا ال زينته أزين من زينة الدنيا‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 47‬الى اآلية ‪)47‬‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َحداً‬ ‫ض َب ِارَزًة َو َح َش ْرَن ُ‬
‫اه ْم َفَل ْم ُن َغاد ْر م ْن ُه ْم أ َ‬ ‫ال َوتَ َرى األ َْر َ‬
‫َوَي ْوَم ُن َسي ُر اْلجَب َ‬

‫ض َب ِارَزًة} [اآلية‪.]47 :‬‬


‫ال َوتَ َرى األ َْر َ‬ ‫ِ ِ‬
‫{وَي ْوَم ُن َسي ُر اْلجَب َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬دل بهذه اآلية على إظهار جبروته وتمام قدرته وعظيم عزته لذلك الموقف ويصلح سريرته وعالنيته‬
‫لخطاب ذلك المشهد وحوله‪.‬‬

‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 49‬الى اآلية ‪)49‬‬

‫اب الَ ي َغ ِادر ص ِغيرة والَ َكِبيرة ِإالَّ‬


‫ال َهـٰ َذا اْل ِكتَ ِ‬
‫يه ويُقوُلو َن يٰويَلتََنا م ِ‬‫ضع اْل ِكتاب َفترى اْلمج ِرِمين م ْشِفِق ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ًَ‬ ‫ُ ُ َ ًَ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫ين م َّما ف َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ َ ُ‬ ‫َوُو َ َ ُ َ َ‬
‫َحداً‬ ‫أَحصاها ووجدوْا ما ع ِمُلوْا ح ِ‬
‫اض اًر والَ ي ْ ِ‬
‫ُّك أ َ‬
‫ظل ُم َرب َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ ََ َُ َ َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬ووجدوْا ما ع ِمُلوْا ح ِ‬
‫اض اًر} [اآلية‪.]49 :‬‬ ‫َ‬ ‫ََ َُ َ َ‬

‫قال أبو حفص‪ :‬أشد آية فى القرآن على قلبى قوله‪{ :‬ووجدوْا ما ع ِمُلوْا ح ِ‬
‫اض اًر} إن نظروا إلى المخالفات كان فيها‬ ‫َ‬ ‫ََ َُ َ َ‬
‫الهالك وإن نظروا إلى الموافقات ووجدوها مستوية بالرياء والسمعة والشهوات فخوف أهل اليقظة من الموافقات أكثر‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫من خوفهم من المخالفات ألن المخالفات فى مقابلة العفو والشفاعة وسوء األدب فى الموافقة أصعب وأكثر خط اًر‪ ،‬ولو‬
‫الص ِاد ِقين عن ِ‬
‫ص ْد ِق ِه ْم} [األحزاب‪.]8 :‬‬ ‫َل َّ‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫لم يكن فيه إال المطالبة بصدق ذلك قال هللا عز وجل‪{ :‬لَي ْسأ َ‬

‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 50‬الى اآلية ‪)50‬‬

‫آء ِمن ُدوِني‬ ‫ِ‬ ‫الئ َك ِة اسجدوْا ألَدم َفسجدوْا ِإالَّ ِإبلِيس َكان ِمن اْل ِج ِن َفَفسق عن أَم ِر رب ِ‬
‫ِه أََفتَتَّ ِخ ُذ َ ِ‬ ‫وإِ ْذ ُقْلنا لِْلم ِ‬
‫ون ُه َوُذريَّتَ ُه أ َْولَي َ‬ ‫َ َ َْ ْ َ‬ ‫ْ َ َ َ‬ ‫ْ ُُ َ َ َ َُ‬ ‫َ َ َ‬
‫ِ َّ ِ ِ‬
‫َو ُه ْم َل ُك ْم َع ُدٌّو ِب ْئ َس للظالم َ‬
‫ين َب َدالً‬

‫آء ِمن ُدوِني} [اآلية‪.]50 :‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أََفتَتَّ ِخ ُذ َ ِ‬


‫ون ُه َوُذريَّتَ ُه أ َْولَي َ‬

‫وليا هلل وال يبلغ مقام الوالية من نظر إلى شىء دون هللا‪ ،‬أو اعتمد سواه ولم يميز بين‬
‫قال يحيى بن معاذ‪ :‬ال يكون ً‬
‫من يعاديه ويواليه‪ ،‬وحال إقباله من حال إدباره‪.‬‬

‫آء ِمن ُدوِني َو ُه ْم َل ُك ْم َع ُدٌّو}‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫قال هللا تعالى‪{ :‬أََفتَتَّ ِخ ُذ َ ِ‬


‫ون ُه َوُذريَّتَ ُه أ َْولَي َ‬

‫آء ِمن‬ ‫ِ‬ ‫قال الحسن‪ :‬خاطبك الحق تعالى أحسن خطاب ودعاك إلى نفسه بألطف داء بقوله‪{ :‬أََفتَتَّ ِخ ُذ َ ِ‬
‫ون ُه َوُذريَّتَ ُه أ َْولَي َ‬
‫ُدوِني}‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 51‬الى اآلية ‪)51‬‬

‫ِِ‬ ‫ض والَ َخْلق أ َْنُف ِس ِهم وما ُك ُ ِ‬ ‫َشهدتُّهم خْلق َّ ِ‬


‫ضداً‬ ‫نت ُمتَّخ َذ اْل ُمضل َ‬
‫ين َع ُ‬ ‫ْ ََ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫الس َٰم َٰوت َواأل َْر َ‬ ‫َّمآ أ ْ َ ُ ْ َ َ‬

‫ض َوالَ َخْل َق أ َْنُف ِس ِه ْم} [اآلية‪.]51 :‬‬ ‫ِ‬


‫ات واأل َْر ِ‬ ‫َش َهدتُّ ُه ْم َخْل َق َّ‬
‫الس َم َاو َ‬ ‫{مآ أ ْ‬
‫قوله تعالى‪َّ :‬‬

‫قال أبو سعيد الخراز‪ :‬لقد عجزت الخليقة أن يدرك بعض صفات ذاتها فى ذاتها‪ ،‬وتدرى كيف كنهها فى أنفسها‪.‬‬

‫ض َوالَ َخْل َق أ َْنُف ِس ِه ْم} فلم يملك هللا الخليقة عن تحرى علم أنفسها فى‬ ‫ِ‬
‫ات واأل َْر ِ‬ ‫َش َهدتُّ ُه ْم َخْل َق َّ‬
‫الس َم َاو َ‬ ‫{مآ أ ْ‬
‫قال هللا تعالى‪َّ :‬‬
‫شيئا من صفات مالكها‪.‬‬ ‫أنفسها فكيف تدرك ً‬

‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 55‬الى اآلية ‪)55‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬


‫اب ُقُبالً‬ ‫َّه ْم ِإال أَن تَأْتَي ُه ْم ُسَّن ُة األََّولِ َ‬
‫ين أ َْو َيأْتَي ُه ُم اْل َع َذ ُ‬ ‫آء ُه ُم اْل ُه َد ٰى َوَي ْستَ ْغف ُروْا َرب ُ‬
‫ِ ِ‬
‫اس أَن ُي ْؤمُنوْا إ ْذ َج َ‬
‫َو َما َمَن َع َّ‬
‫الن َ‬

‫آء ُه ُم اْل ُه َد ٰى} [اآلية‪.]55 :‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫{و َما َمَن َع َّ‬


‫اس أَن ُي ْؤمُنوْا إ ْذ َج َ‬
‫الن َ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال سهل‪ :‬جاءهم الهدى ولكن طرق الهداية كانت مسدودة عليهم فمنعهم عن الهدى واإليمان الحكم الجارى عليهم فى‬
‫األزل‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 57‬الى اآلية ‪)57‬‬

‫َكَّن ًة أَن َيْفَق ُهوهُ َوِفي َءا َذ ِان ِه ْم‬


‫ِه َفأَعرض ع ْنها وَن ِسي ما َقَّدم ْت يداه ِإَّنا جعْلَنا عَلى ُقُلوبِ ِهم أ ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ومن أَ ْ ِ‬
‫ْ‬ ‫ََ َ ٰ‬ ‫ظَل ُم م َّمن ُذك َر ب َٰآيت َرب ْ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ُ‬ ‫ََْ‬
‫َوْق اًر َوإِن تَ ْد ُع ُه ْم ِإَل ٰى اْل ُه َد ٰى َفَل ْن َي ْهتَ ُدوْا ِإذاً أََبداً‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬ومن أَ ْ ِ‬


‫ض َع ْن َها} [اآلية‪.]57 :‬‬ ‫ظَل ُم م َّمن ُذك َر ِب َٰآيت َربِه َفأ ْ‬
‫َع َر َ‬ ‫ََْ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬من أجهل ممن تبين له الحق فلم يقبله‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬أحق الناس تسمية بالظلم من يرى اآليات وال يعتبر بها‪ ،‬ويرى طرق الخير فيعرض عنها‪ ،‬ويرى مواقع‬
‫الشر فيتبعها وال يجتنب منها‪.‬‬

‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 59‬الى اآلية ‪)59‬‬

‫ظَل ُموْا َو َج َعْلَنا لِ َم ْهلِ ِك ِهم َّم ْو ِعداً‬


‫اه ْم َل َّما َ‬ ‫َوِتْل َك اْلُق َر ٰى أ ْ‬
‫َهَل ْكَن ُ‬

‫ظَل ُموْا} [اآلية‪.]59 :‬‬


‫اه ْم َل َّما َ‬ ‫{وِتْل َك اْلُق َر ٰى أ ْ‬
‫َهَل ْكَن ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال أبو بكر بن طاهر‪ :‬لما لم يشكروا نعم هللا عليهم ولم يقابل البالء بالصبر والرضا‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ظَل ُموْا}‪ :‬قال‪ :‬وكلناهم إلى سؤتك بيسرهم حين سخطوا حسن اختيارنا لهم‪.‬‬
‫اه ْم َل َّما َ‬
‫َهَل ْكَن ُ‬
‫قال الواسطى فى قوله‪{ :‬أ ْ‬

‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 65‬الى اآلية ‪)65‬‬

‫َف َو َج َدا َع ْبداً ِم ْن ِعَب ِادَنآ آتَْيَناهُ َر ْح َم ًة ِم ْن ِع ِندَنا َو َعَّل ْمَناهُ ِمن َّل ُدَّنا ِعْلماً‬

‫قوله تعالى‪َ { :‬ف َو َج َدا َع ْبداً ِم ْن ِعَب ِادَنآ} [اآلية‪.]65 :‬‬

‫قال الجنيد رحمه هللا‪ :‬العبودية خارجة من األفعال واألحوال ولكنها موجودة تحت الخفيات‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬إضافات من أراد أن ينسى النعوت ال تصل إليه بالعبادات واإلشارات ألجأ موسى إلى‬
‫الخضر صلى هللا عليهما ليريه صدق الفاقة لئال يقول‪ :‬أنا عند نظرة إلى هللا وإلى الناس‪ ،‬ألن الخضر شاهد أنوار‬
‫الملك وشاهد موسى الواسطات‪.‬‬

‫قال النبى صلى هللا عليه وسلم البن عباس‪" :‬إذا سألت فاسأل هللا‬

‫‪".‬‬

‫فأخبر الخضر موسى أن السؤال من الناس هو السؤال من هللا‪ ،‬فقال‪ :‬ال تغضب من المنع حين أبوا أن يضيفوهما‪.‬‬

‫{و َعَّل ْمَناهُ ِمن َّل ُدَّنا ِعْلماً} [اآلية‪.]65 :‬‬


‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ذو النون‪ :‬العلم َّ‬
‫الل ُدنى هو الذى يحكم على الخلق بمواقع التوفيق والخذالن‪.‬‬

‫سمعت محمد بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت يوسف بن الحسن يقول‪ :‬سمعت ذا النون رحمه هللا يقول‪ :‬إن هللا بسط العلم‬
‫ولم يقبضه ودعا الخلق إليه من طرق كثيرة‪ ،‬ولكل طريق منها علم مفرد‪ ،‬ودليل واضح فتلك األدلة يدلون على‬
‫المناهل‪ ،‬وبنور ذلك العلم وتلك األعالم يهتدون ولكل أهل طريق منها علم فهو بعلمهم مستعملون‪ ،‬ومتى ضلوا فى‬
‫طرق هذه العلوم أو أخطؤوا فإن صاحب العلم اللدنى يردهم إلى المحجة‪.‬‬

‫{و َعَّل ْمَناهُ ِمن َّل ُدَّنا ِعْلماً} [اآلية‪ .]65 :‬ليكون ذلك لعلماء الوسائط‪.‬‬
‫قال هللا تعالى‪َ :‬‬

‫{و َعَّل ْمَناهُ ِمن َّل ُدَّنا ِعْلماً} قال بال واسطة المكشوف‪ ،‬وال بتلقين الحروف لكنه الملقى إليه‬
‫قال ابن عطاء‪ :‬فى قوله‪َ :‬‬
‫بمشاهدة األرواح‪.‬‬

‫قال فارس‪ :‬العلم اللدنى ما وقع على حسه باالستيفاء بال واسطة‪.‬‬

‫قال الحسين‪ :‬العلم اللدنى إلهام أخلد الحق األسرار فلم يملكها االنصراف‪.‬‬

‫قال الهيثم‪ :‬علم االستنباط بكلفة ووسائط‪ ،‬وعلم اللدنى بال كلفة وال واسطة‪.‬‬

‫محكما على رسوله من غير ظن فيه وال خالف واقع لكنه مكاشفات األنوار‬
‫ً‬ ‫قال الجنيد رحمه هللا‪ :‬العلم اللدنى ما كان‬

‫عن مكنون المغيبات وذلك يقع للعبد إذا لزم جوارحه عن جميع المخالفات وأفنى حركاته كل اإليرادات وكان ً‬
‫شيخا‬
‫بين يدى الحق بال ٍ‬
‫تمن وال مراد‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 66‬الى اآلية ‪)66‬‬

‫وس ٰى َه ْل أَتَِّب ُع َك َعَل ٰى أَن تُ َعلِ َم ِن ِم َّما ُعلِ ْم َت ُرْشداً‬


‫ال َل ُه ُم َ‬
‫َق َ‬

‫قال فارس‪ :‬إن موسى كا ن أعلم من الخضر فيما أخذ عن هللا‪ ،‬وكان الخضر أعلم من موسى فيما دفع إليه موسى‬
‫عليهما السالم‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬إن موسى مبقى عليه صفته ليأخذ الغير عن أدبه فمن انقطع عن الرياض كان على حسب العصمة‬
‫وقال ً‬
‫انيا بالحق‬
‫باقيا بالحق‪ .‬والخضر كان ف ً‬
‫مستهلكا والمستهلك ال حكم له‪ ،‬وموسى كان ً‬
‫ً‬ ‫فانيا‬
‫والتمكين فيه‪ ،‬والخضر كان ً‬
‫وال فرق بينهما ألنهما من معدن واحد كليهما‪.‬‬

‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 67‬الى اآلية ‪)68‬‬

‫ط ِب ِه ُخ ْب اًر‬
‫صِب ُر َعَل ٰى َما َل ْم تُ ِح ْ‬
‫ف تَ ْ‬
‫ص ْب اًر * َوَك ْي َ‬
‫َقال ِإَّنك َلن تَستَ ِط ِ‬
‫يع َمع َي َ‬
‫ْ َ‬ ‫َ َ‬

‫صِب ُر} [اآلية‪.]67 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬قال ِإَّنك َلن تَستَ ِط ِ‬
‫ف تَ ْ‬
‫ص ْب اًر * َوَك ْي َ‬
‫يع َمع َي َ‬
‫ْ َ‬ ‫َ َ‬

‫قال جعفر‪ :‬لن تصبر مع من هو دونك فكيف تصبر مع من هو فوقك‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬قال الخضر لموسى‪ :‬كيف تعنى التأديب والمجاهدة من ال يعرف مصادرها ومواردها‪.‬‬

‫سمعت أبا عثمان المغربى يقول‪ :‬إنما أتى الناس من قبل أنهم ال يعرفون مقامهم مع هللا‪ ،‬وإنما اشتغلوا بالعلوم‬
‫واألعمال‪.‬‬

‫قال هللا‪{ :‬أََفمن َكان عَلى بِين ٍة ِمن َّرب ِ‬


‫ِه} [هود‪.]17 :‬‬ ‫َ َ ٰ ََ‬ ‫َ‬

‫والبينة هى الكشف عن مراد الحق فيه‪ ،‬فإذا عرف مراده فيه استراح واطمأن وسكن‪ ،‬ومن ذلك أن يبدى له علم مجارى‬
‫أحكامه قبل أن يجرى عليه فإذا جرت األحكام عليه يصبر وال يبت‪ ،‬كما قال الخضر لموسى صلى هللا عليهما‬
‫ط ِب ِه ُخ ْب اًر} [اآلية‪.]68 :‬‬
‫صِب ُر َعَل ٰى َما َل ْم تُ ِح ْ‬
‫ف تَ ْ‬
‫{وَك ْي َ‬
‫َ‬

‫خبر لصبرت ولكن ستر عنك محل هذا العلم لموضع التأديب والتهذيب لذلك قيل إن من عرف علم‬ ‫إى لو أحطت به ًا‬
‫ما يجرى عليه صبر على أحكامه لعلمه بما يراد منه‪.‬‬

‫ص ْب اًر}‪.‬‬ ‫قال ابن عطاء فى هذه اآلية‪ِ{ :‬إَّنك َلن تَستَ ِط ِ‬


‫يع َمع َي َ‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬

‫ص ْب اًر} لعله يفارقه بهذه اللفظة فإن من‬ ‫قال‪ :‬كره صحبة المخلوقين فآيسه مع صحبته بقوله‪ِ{ :‬إَّنك َلن تَستَ ِط ِ‬
‫يع َمع َي َ‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫صاحبا استوحش مما سواه‪.‬‬
‫ً‬ ‫وجد هللا‬

‫اق َب ْيِني‬ ‫ِ‬ ‫وقال بعضهم‪ :‬قال الخضر لموسى‪ِ{ :‬إَّنك َلن تَستَ ِط ِ‬
‫{هـٰ َذا ف َر ُ‬
‫ص ْب اًر} ثم لم يصبر معه الخضر بقوله‪َ :‬‬
‫يع َمع َي َ‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫َوَب ْيِن َك} [اآلية‪.]78 :‬‬

‫ليعلم أنه ليس لِ َولى أن يتفرس فى نبى‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 69‬الى اآلية ‪)69‬‬

‫أم اًر‬ ‫َّللا صاِب اًر والَ أ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬


‫َعصي َل َك ْ‬
‫َ ْ‬ ‫آء َّ ُ َ‬
‫ال َستَج ُدني إن َش َ‬
‫َق َ‬

‫صاِب اًر} [اآلية‪.]69 :‬‬ ‫ِ ِ ِ‬


‫َّللاُ َ‬
‫آء َّ‬
‫{ستَج ُدني إن َش َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫يستثن الخضر على موسى بقوله‪ِ{ :‬إَّن َك‬


‫ِ‬ ‫صابر ولم‬
‫ًا‬ ‫قال فارس‪ :‬موسى استثنى على نفسه بقوله ستجدنى إن شاء هللا‬
‫ص ْب اًر}‪ .‬قال ألن علم موسى فى ذلك الوقت علم تكليف واستدالل‪ ،‬وعلم الخضر علم لدنى من غيب‬ ‫َلن تَستَ ِط ِ‬
‫يع َمع َي َ‬
‫ْ َ‬
‫إلى غيب‪.‬‬

‫مؤدبا له‪.‬‬
‫أيضا‪ :‬إن موسى كان على مقام التأديب‪ ،‬والخضر قائم مقام الكشف والمشاهدة لما جعل ً‬
‫وقال ً‬

‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 70‬الى اآلية ‪)70‬‬

‫ُح ِد َث َل َك ِم ْن ُه ِذ ْك اًر‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬


‫ال َفِإ ِن اتََّب ْعتَني َفالَ تَ ْسأَْلني َعن َشيء َحتَّ ٰى أ ْ‬
‫َق َ‬
‫قوله عز وجل‪َ { :‬فِإ ِن اتَّبعتَِني َفالَ تَسأَْلني عن َش ٍ‬
‫يء} [اآلية‪.]70 :‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سمع أبا عثمان المغربى يقول‪ :‬ليس للمتبع أن يسأل‪ ،‬ويبتدئ بالسؤال إذا كان المتبع من أهل األشراف ولكنه يتلقى‬
‫بإشرافه عليه تأديبه له فى وقت األدب أال ترى كيف قال الخضر لموسى {َفِإ ِن اتَّبعتَِني َفالَ تَسأَْلني عن َش ٍ‬
‫يء}‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬

‫قال الحضرى‪ :‬علم الخضر لموسى قصور علمه عن محل سؤال موسى وإنه ألجأ إليه للتأديب ال للتعليم فقال له‪:‬‬
‫إلى للتأديب ال للتعليم فى حال من األحوال‪.‬‬ ‫{ َفِإ ِن اتَّبعتَِني َفالَ تَسأَْلني عن َش ٍ‬
‫يء} ألن علمك أعلى وأتم‪ .‬وإنما ألجئت َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬

‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 77‬الى اآلية ‪)77‬‬

‫ال َل ْو ِش ْئ َت‬ ‫يها ِج َدا اًر ُي ِر ُيد أَن َينَق َّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ام ُه َق َ‬
‫ض َفأََق َ‬ ‫ضِيُف ُ‬
‫وه َما َف َو َج َدا ف َ‬ ‫َهَل َها َفأََب ْوْا أَن ُي َ‬
‫ط َع َمآ أ ْ‬
‫استَ ْ‬ ‫طَلَقا َحتَّ ٰى ِإ َذآ أَتََيآ أ ْ‬
‫َه َل َق ْرَية ْ‬ ‫َفان َ‬
‫ِ‬
‫َلتَّ َخ ْذ َت َعَل ْيه أ ْ‬
‫َج اًر‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قوله‪َ{ :‬ل ْو ش ْئ َت َلتَّ َخ ْذ َت َعَل ْيه أ ْ‬
‫َج اًر} [اآلية‪.]77 :‬‬

‫قال القاسم‪ :‬لما قال موسى هذا القول‪ :‬وقف ظبى بينهما وهما جائعان من جانب موسى غير مشوى ومن جانب‬
‫الخضر مشوى ألن الخضر أقام الجدار بغير طمع‪ ،‬وموسى رده إلى الطمع‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬رؤية العمل وطلب الثواب به يبطل العمل أال ترى الكليم لما قال للخضر عليهما السالم {َل ْو ِش ْئ َت‬
‫ِ‬
‫َلتَّ َخ ْذ َت َعَل ْيه أ ْ‬
‫َج اًر} كيف فارقه‪.‬‬

‫وقال الجنيد رحمه هللا‪ :‬إذا أورده بظلم األطماع على القلوب حجبت النفوس عن نظرها فى بواطن الحكم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 78‬الى اآلية ‪)78‬‬

‫ص ْب اًر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َقال هـٰ َذا ِفر ِ‬


‫اق َب ْيني َوَب ْين َك َسأَُنبُئ َك بتَأْويل َما َل ْم تَ ْستَطع َّعَل ْيه َ‬
‫َ َ َ ُ‬

‫اق َب ْيِني َوَب ْيِن َك} [اآلية‪.]78 :‬‬ ‫ِ‬


‫{هـٰ َذا ف َر ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫اق َب ْيِني َوَب ْيِن َك} لئال‬ ‫ِ‬


‫{هـٰ َذا ف َر ُ‬
‫قال النصرآباذى‪ :‬لما علم الخضر بانتهاء علمه وبلوغ موسى إلى منتهى التأديب قال‪َ :‬‬
‫يسأل موسى بعده عن علم أو ٍ‬
‫ضِيُف ُ‬
‫وه َما} [اآلية‪.]77 :‬‬ ‫حال فيفتضح قوله تعالى‪َ { :‬فأََب ْوْا أَن ُي َ‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬الخضر شاهد أنوار الملك وموسى شاهد الوسائط‪ ،‬وكان الخضر أخبر موسى أن السؤال من‬
‫الناس هو السؤال من هللا فال تغضب عند المنع‪ ،‬فإن المانع والمعطى واحد فال تشهد األسباب واشهد المسبب تسترح‬
‫من هواجس النفس‪.‬‬

‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 84‬الى اآلية ‪)84‬‬

‫ض َوآتَْيَناهُ ِمن ُك ِل َش ْي ٍء َسَبباً‬


‫ِإَّنا م َّكَّنا َل ُه ِفي األ َْر ِ‬
‫َ‬
‫قوله تعالى ذكره‪ِ{ :‬إَّنا م َّكَّنا َل ُه ِفي األ َْر ِ‬
‫ض} [اآلية‪.]84 :‬‬ ‫َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬جعلنا الدنيا طوع يده‪ ،‬فإذا أراد طويت له األرض‪ ،‬وإذا أحب انقلبت له األعيان‪ ،‬وإذا شاء مشى على‬

‫الماء وإذا هوى طار فى الهواء وكذا من أخلص لنا مكناه من مملكتنا يتقلب فيها حيث يشاء َ‬
‫ممن كان للملك كان‬
‫الملك له‪.‬‬

‫{وآتَْيَناهُ ِمن ُك ِل َشي ٍء َسَبباً} [اآلية‪.]84 :‬‬


‫قوله تعالى ذكره‪َ :‬‬
‫ْ‬

‫سببا‪ ،‬وجعل األسباب معانى الوجود فمن شهد السبب انقطع عن المسبب‪،‬‬ ‫قال جعفر‪ :‬إن هللا عز وجل جعل لكل شئ ً‬
‫ومن شهد صنع المسبب امتأل قلبه من دنيا األسباب وإذا امتأل قلبه من الريبة حال بينه وبين المالحظة وحجبه عن‬
‫المشاهدة‪.‬‬

‫ُّك}‪.‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬فأ ََر ُّ‬


‫دت}‪َ { ،‬فأ ََرْدَنآ}‪َ { ،‬فأ ََرَاد َرب َ‬

‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم يقول‪ :‬قال ابن عطاء‪ :‬لما قال الخضر‪ :‬فأردت أوصى إليه فى‬
‫السر من أنت حتى تكون لك إرادة فقال فى الثانية‪ :‬فأردنا فأوصى إليه فى السر من أنت ومن موسى حتى يكون لكما‬
‫إرادة فرجع وقال‪َ { :‬فأ ََرَاد َرُّب َك}‪.‬‬

‫وسمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم يقول‪ :‬قال ابن عطاء‪ :‬أما قوله‪َ{ :‬فأ ََر ُّ‬
‫دت} قال‪ :‬شفقة على‬
‫جوعا إلى الحقيقة‪.‬‬
‫ُّك} ر ً‬
‫الخلق‪ ،‬وقوله‪َ { :‬فأ ََرْدَنآ} رحمة‪ ،‬وقوله‪َ { :‬فأ ََرَاد َرب َ‬

‫وقال الحسين‪ :‬فى قوله‪" :‬أردت وأردنا وأراد ربك‪".‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫المقام األول‪ :‬استيالء الحق‪ ،‬والمقام الثانى‪ :‬مكالمة مع العبد والمقام الثالث‪ :‬رجوع إلى باطن الغلبة فى الظاهر فصار‬
‫به باطن الباطن ظاهر الظاهر من غيب الغيب‪ ،‬وعيان العيان غيب الغيب‪ ،‬كما أن القرب من الشىء بالنفوس هو‬
‫العبد والقرب منها بها وهو القرب‪.‬‬

‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 88‬الى اآلية ‪)88‬‬

‫ول َل ُه ِم ْن أ َْم ِرَنا ُي ْس اًر‬


‫آء اْل ُح ْسَن ٰى َو َسَنُق ُ‬
‫َما م ْن آمن وع ِمل ِ‬
‫صالحاً َفَل ُه َج َز ً‬
‫َوأ َّ َ َ َ َ َ َ َ‬

‫صالِحاً} [اآلية‪.]88 :‬‬ ‫ِ‬


‫آم َن َو َعم َل َ‬
‫َما َم ْن َ‬
‫{وأ َّ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬من صدق الموعود وأحسن اتباع أوامر ربه فله جزاء الحسنى وهو أن يرزقه الرضا بالقضاء والصبر‬
‫على البالء‪ ،‬والشكر على النعمة وينزع من قلبه حب الشهوات والدنيا‪ ،‬ووسواس النفس والشيطان‪.‬‬

‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 101‬الى اآلية ‪)101‬‬

‫يعو َن َس ْمعاً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّال ِذين َكان ْت أَعينهم ِفي ِغ َ ٍ‬


‫طآء َعن ذ ْكرِي َوَك ُانوْا الَ َي ْستَط ُ‬ ‫َ َ ْ ُُ ُ ْ‬

‫ط ٍآء َعن ِذ ْك ِري} [اآلية‪.]101 :‬‬


‫َعُيُن ُه ْم ِفي ِغ َ‬
‫ين َك َان ْت أ ْ‬
‫َّ ِ‬
‫قوله تعالى ذكره‪{ :‬الذ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬أعين نفوسهم فى غطاء عن نظر االعتبار‪ ،‬وأعين قلوبهم فى غطاء عن مشاهدة العيان فى الملكوت‪،‬‬
‫فإذا فتحت عين قلبه بالمشاهدة فتحت عين رأيه بنظر االعتبار‪.‬‬

‫يعو َن َس ْمعاً} [اآلية‪.]101 :‬‬ ‫ِ‬


‫{وَك ُانوْا الَ َي ْستَط ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫السماع الحق‪ ،‬ومن لم يفتح له قلبه سمع السماع كيف‬ ‫قال ابن عطاء‪ :‬ال يستطيعون ً‬
‫سمعا ألن آذانهم مسدودة عن َّ‬
‫يسمع بظاهر سمعه وهو تبع لسمع قلبه‪.‬‬

‫وقال جعفر الصادق رحمه هللا‪ :‬ال يستطيعون سماع كالم الحق‪ ،‬وال سماع سنن المصطفى صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وال‬
‫سماع سير الهداة الصالحين من األنبياء والصديقين ألنهم لم يجعلوا من أهل القبول للحق فمنعوا سماع خطاب الحق‪.‬‬

‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 103‬الى اآلية ‪)104‬‬

‫ص ْنعاً‬ ‫ِ‬ ‫ض َّل َس ْعُي ُه ْم ِفي اْل َحَي ِاة ُّ‬


‫الد ْنَيا َو ُه ْم َي ْح َسُبو َن أََّن ُه ْم ُي ْحسُنو َن ُ‬ ‫ين َ‬
‫َّ ِ‬
‫ال * الذ َ‬
‫َع َما ً‬ ‫ُق ْل َه ْل ُنَنِبُئ ُكم ِباأل ْ‬
‫َخ َس ِر َ‬
‫ين أ ْ‬

‫ض َّل َس ْعُي ُه ْم ِفي اْل َحَي ِاة ُّ‬


‫الد ْنَيا} [اآلية‪.]104-103 :‬‬ ‫ين َ‬
‫َّ ِ‬
‫َع َماالً * الذ َ‬
‫ين أ ْ‬ ‫قوله تعالى‪ُ{ :‬ق ْل َه ْل ُنَنِبُئ ُكم ِباأل ْ‬
‫َخ َس ِر َ‬

‫قال أبو بكر الوراق‪ :‬حين سئل عن هذه اآلية قال‪ :‬هو الذى يبطل معروفه فى الدنيا مع أهلها بالمنة وطلب الشكر‬
‫على ذلك‪ ،‬ويبطل طاعاته بالرياء والسمعة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 107‬الى اآلية ‪)107‬‬

‫ات اْلِف ْرَد ْو ِ‬ ‫ِ‬ ‫آمُنوْا َو َع ِمُلوْا َّ‬ ‫َّ ِ‬


‫ال‬
‫س ُن ُز ً‬ ‫الصالِ َحات َك َان ْت َل ُه ْم َجَّن ُ‬ ‫ِإ َّن الذ َ‬
‫ين َ‬

‫قال أبو بكر الوراق‪ :‬من أنزل نفسه فى الدنيا منزل الصادقين أنزله هللا فى اآلخرة منزلة المقربين‪.‬‬

‫الصالِح ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬


‫الر ْح َمـ ُٰن ُوداً} [مريم‪.]96 :‬‬
‫ات َسَي ْج َع ُل َل ُه ُم َّ‬ ‫آمُنوْا َو َعمُلوْا َّ َ‬ ‫قال هللا تعالى‪ِ{ :‬إ َّن الذ َ‬
‫ين َ‬

‫وقال الحسين‪ :‬من نظر إلى العمل حجب عمن َع ِم َل له ومن نظر إلى من َع ِم َل له العمل حجب عن رؤية العمل‪.‬‬

‫سمعت محمد بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت يوسف بن الحسين يقول‪ :‬سمعت ذا النون رحمه هللا يقول‪ :‬مثل المؤمن‬
‫كاألرض تطيق حمل كل شىء‪ ،‬وكالمطر إذا سقط سقى كل شىء أراد أو لم يرد‪.‬‬

‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 108‬الى اآلية ‪)108‬‬

‫يها الَ َي ْب ُغو َن َع ْن َها ِح َوالً‬ ‫َخالِ ِد ِ‬


‫ين ف َ‬
‫َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬منعمين فيها نعيم األبد ينقلبون فى مجاورته‪ ،‬ويفرحون بمرضاته‪ ،‬قد آمنوا كل مخوف ووصلوا إلى‬
‫شيئا إال وجدوه كيف يطلبون عنه تحويالً‪.‬‬
‫كل محبوب فال يشتهون ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 109‬الى اآلية ‪)109‬‬

‫ات َربِي َوَل ْو ِج ْئَنا ِب ِم ْثلِ ِه َم َدداً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ان اْلَب ْح ُر م َداداً لِ َكلِ َمات َربِي َلَنف َد اْلَب ْح ُر َقْب َل أَن تَ َنف َد َكلِ َم ُ‬
‫َّ‬
‫ُقل ل ْو َك َ‬
‫قوله تعالى‪ُ{ :‬قل َّلو َكان اْلبحر ِمداداً لِ َكلِم ِ‬
‫ات َربِي} [اآلية‪.]109 :‬‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ ُْ َ‬

‫قال الحسين‪ :‬مقياس العدم فى الوجود فى معنى وجوده‪.‬‬

‫فأما خاص الخاص من كالمه‪ ،‬وما ال يوصف أكثر مما قد أشير إليه‪ ،‬وإنما يذكر الناس ما بغيرهم معانى العبودية‬
‫من عمل‪ ،‬وثواب‪ ،‬وعقاب‪ ،‬ووعد‪ ،‬ووعيد على حسب ما تحتمله عقولهم‪ ،‬فأما الكمال من فائدة الكالم‪ ،‬فاألنبياء‬
‫واألولياء واألصفياء‪.‬‬

‫سورة الكهف (من اآلية ‪ 110‬الى اآلية ‪)110‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫صالِحاً َوالَ ُي ْش ِر ْك ِب ِعَب َاد ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫آء َربِه َفْلَي ْع َم ْل َع َمالً َ‬ ‫وح ٰى ِإَل َّي أََّن َمآ ِإَلـ ُٰه ُك ْم ِإَلـ ٌٰه َواحٌد َف َمن َك َ‬
‫ان َي ْر ُجوْا لَق َ‬ ‫ُق ْل ِإَّن َمآ أََن ْا َب َشٌر م ْثُل ُك ْم ُي َ‬
‫َح َداً‬ ‫ِ‬
‫َربِه أ َ‬

‫صالِحاً} [اآلية‪.]110 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫آء َربِه َفْلَي ْع َم ْل َع َمالً َ‬
‫ان َي ْر ُجوْا لَق َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ف َمن َك َ‬

‫قال األنطاكى‪ :‬من خاف المقام بين يدى هللا فليعمل عمالً يصلح للعرض عليه‪.‬‬

‫قال يحيى بن معاذ‪ :‬العمل الصالح ما يصلح أن يلقى هللا به ويستحى منه فى ذلك‪.‬‬

‫قال ذو النون رحمه هللا وعلى المشايخ أجميعين‪ :‬العمل الصالح هو الخالص من الرياء‪.‬‬

‫وقال أبو عبد هللا القرشى‪ :‬العمل الصالح الذى ليس للنفس إليه التفات وال به طلب ثواب وجزاء‪.‬‬

‫وقال سهل‪ :‬العمل الصالح المقيد بالشىء‪.‬‬

‫ِ ِ ِ‬
‫{والَ ُي ْش ِر ْك ِبعَب َادة َربِه أ َ‬
‫َح َداً} [اآلية‪.]110 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫حدا‪.‬‬
‫قال األنطاكى‪ :‬ال يرائى بطاعته أ ً‬

‫وقال جعفر‪ :‬ال يرى فى وقت وقوفه بين يدى ربه غيره وال يكون فى همه وهمته سواه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة مريم (من اآلية ‪ 1‬الى اآلية ‪)1‬‬

‫كهيعص‬

‫قال إبراهيم بن شيبان‪ :‬كهيعص‪ :‬أما الكاف فاهلل الكافى لخلقه‪ ،‬والهاء فاهلل الهادى لخلقه‪ ،‬والياء يد هللا على الخلقه‬
‫بالعطف والرزق والعين فاهلل عالم بما يصلهم‪ ،‬والصاد فاهلل صادق وعده‪.‬‬

‫كاف باالنتقام من أعدائه‪ٍ ،‬‬


‫هاد لمن أخلص فى عمله‪ ،‬عليم بحال‬ ‫وقال ابن عطاء‪ :‬فى قوله عز وجل‪{ :‬كهيعص} قال ٍ‬

‫من أشرك ومن لم يشرك‪ ،‬صادق فى عذابه وثوابه وعقابه ووعده ووعيده‪.‬‬

‫سورة مريم (من اآلية ‪ 2‬الى اآلية ‪)2‬‬

‫ِك َع ْب َدهُ َزَك ِريَّآ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ذ ْك ُر َر ْح َمت َرب َ‬

‫ِك} [اآلية‪.]2 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫قوله تعالى‪{ :‬ذ ْك ُر َر ْح َمة َرب َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬ذكر اختصاص زكريا بالرحمة‪ ،‬وإن كانت رحمته قد وصلت إلى األنبياء فخص زكريا من بينهم‬
‫بألطف رحمة وهو أن وهب له يحيى الذى لم يعص ولم يهم بمعصية فهذا هو محل اختصاصه‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬رحمة لزكريا إجابة دعوته وإيصاله إلى سؤله ومراده‪.‬‬


‫وقال ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة مريم (من اآلية ‪ 3‬الى اآلية ‪)3‬‬

‫آء َخِفياً‬ ‫ِإ ْذ ناد ٰى رب ِ‬


‫َّه ن َد ً‬
‫ََ َ ُ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬أخفى نداءه عن الخلق وعن نفسه‪ ،‬وأظهر النداء لمن يجيبه ويقدر على إجابته وفائدة إخفائه عن‬
‫النداء الخلق وعن النفس لئال يدخله تلوين‪.‬‬

‫خفيا فى الذكر عن الذكر‪ ،‬ومن ذى قيل‪ :‬إذا أذهلتك العظمة‬ ‫ِ‬ ‫وقال بعضهم فى قوله‪ِ{ :‬إ ْذ ناد ٰى رب ِ‬
‫آء َخفياً}‪ .‬قال‪ً :‬‬
‫َّه ن َد ً‬
‫ََ َ ُ‬
‫خرس قلبك ولسانك عن الذكر‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬حقيقة الذكر ما يندرج فيه الذاكر‪.‬‬

‫سورة مريم (من اآلية ‪ 4‬الى اآلية ‪)4‬‬

‫َك ْن ِب ُد َع ِآئ َك َر ِب َشِقياً‬


‫ْس َش ْيباً َوَل ْم أ ُ‬
‫الر ُ‬ ‫ظ ُم ِمِني َو ْ‬
‫اشتَ َع َل َّأ‬ ‫ال َر ِب ِإَّني َو َه َن اْل َع ْ‬
‫َق َ‬

‫ْس َش ْيباً} [اآلية‪.]4 :‬‬


‫الر ُ‬ ‫ظ ُم ِمِني َو ْ‬
‫اشتَ َع َل َّأ‬ ‫{ر ِب ِإَّني َو َه َن اْل َع ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬قام مقام معتذر لما وجد فى نفسه من فترة العبادة لكبر السن فسأل هللا من يعينه على عبادة ربه‬
‫رضيا‪ :‬ترضاه لخدمتك وتستخلصه لعبادتك‪.‬‬
‫ً‬ ‫وينوب عنه فيما عجز عنه من أنواع العبادة ما نابه؟ فقال‪ :‬واجعله رب‬

‫َك ْن ِب ُد َع ِآئ َك َر ِب َشِقياً} [اآلية‪.]4 :‬‬


‫{وَل ْم أ ُ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬كيف يشقى من إليه مرجعه وإياه دعاؤه‪ ،‬وبه قوته‪ ،‬وعليه توكله‪ ،‬ومنه تأييده ونصرته؟ قال ‪ -‬هللا‪:‬‬
‫َك ْن ِب ُد َع ِآئ َك َر ِب َشِقياً}‪.‬‬
‫{وَل ْم أ ُ‬
‫َ‬

‫سورة مريم (من اآلية ‪ 5‬الى اآلية ‪)6‬‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ َّ‬ ‫ِ‬ ‫آءى وَكان ِت ِ‬


‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اج َعْل ُه‬ ‫ام َأرَتي َعاق اًر َف َه ْب لي من ل ُد ْن َك َولِياً * َي ِرثُني َوَي ِر ُث م ْن آل َي ْعُق َ‬
‫وب َو ْ‬ ‫َوإِني خْف ُت اْل َم َوال َي من َوَر َ َ ْ‬
‫ضياً‬‫ر ِب ر ِ‬
‫َ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ َّ‬
‫قوله عز وجل‪َ { :‬ف َه ْب لي من ل ُد ْن َك َولِياً * َي ِرثُني َوَي ِر ُث م ْن آل َي ْعُق َ‬
‫وب} [اآلية‪.]6-5 :‬‬

‫ولدا يرث منى النبوة‪ ،‬ويرث من آل يعقوب األخالق‪.‬‬


‫وليا أى‪ً :‬‬
‫قال ابن عطاء‪ :‬هب لى من لدنك ً‬

‫قال أبو الحارث األوالسى‪ :‬سؤال األنبياء ال يكون إال بإذن أو عن إذن‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ومعينا على خدمتك يرثنى أى يرث منى صحبة الفقراء‪،‬‬
‫ً‬ ‫ناصر لى‬
‫ًا‬ ‫ولدا يكون‬
‫وليا‪ :‬أى ً‬
‫قال بعضهم‪ :‬هب لى من لدنك ً‬
‫ومجالستهم‪ ،‬والميل إليهم واالعتزاز بهم فإنها كانت أخالق األنبياء والمرسلين‪ ،‬ويرث من آل يعقوب‪ :‬السخاء والكرم‬
‫والصبر على النوائب والرضا بالمقدور‪.‬‬

‫قوله تعالى‪{ :‬واجعْله ر ِب ر ِ‬


‫ضياً} [اآلية‪.]6 :‬‬ ‫َ َْ ُ َ َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬ترضى منه أخالق الظاهر‪ ،‬وترضيه عنك فى الباطن‪.‬‬

‫اضيا بما يبدو له وعليه‪.‬‬


‫رضيا‪ :‬أى ر ً‬
‫ً‬ ‫قال جعفر‪:‬‬

‫ساكنا عند‬ ‫قال أبو بكر الواسطى‪ِ :‬‬


‫{رضياً}‪ :‬مستقيم الظاهر والباطن ال ينازعك فى مقدور‪ ،‬وال يخالفك فى قضاء ً‬
‫َ‬
‫بوادى ما يبدو من الغيب ساء أم سر‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬فى قوله‪{ :‬واجعْله ر ِب ر ِ‬


‫ضياً}‪.‬‬ ‫َ َْ ُ َ َ‬

‫قال‪ :‬تجعله ممن قد رضيت عنه فأرضيته‪.‬‬

‫سورة مريم (من اآلية ‪ 7‬الى اآلية ‪)7‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫اس ُم ُه َي ْحَي ٰى َل ْم َن ْج َعل َّل ُه ِمن َقْب ُل َس ِمياً‬ ‫ي َٰزَك ِريَّآ ِإَّنا ُنَب ِش ُر َ ِ‬
‫ك ب ُغالَ ٍم ْ‬

‫اس ُم ُه َي ْحَي ٰى} [اآلية‪.]7 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬ي َٰزَك ِريَّآ ِإَّنا ُنَب ِش ُر َ ِ‬
‫ك ب ُغالَ ٍم ْ‬

‫قال الصبيح‪ :‬سماه يحيى‪ ،‬وقال‪َ{ :‬ل ْم َن ْج َعل َّل ُه ِمن َقْب ُل َس ِمياً} افتتح اسمه بالياء وختمه بالياء وتوسط بين اليائين حاء‬
‫الحنانية‪ ،‬فاسمه فى الخط مرسوم موجه يق أر من أوله إلى آخره‪ ،‬ومن آخره إلى أوله‪ .‬فياء األول توفيق وياء اآلخر‬
‫تحقيق‪ ،‬فلذلك لم يعص ولم يهم بمعصية‪.‬‬

‫سميا ألن يحيى من يحيى بالطاعة والموافقة وال يموت بالذنب‬


‫قال الجنيد رحمه هللا‪ :‬سمى يحيى ولم يكن له من قبل ً‬
‫والمخالفة‪ ،‬وكل من كان هذا صفته ونعته لم يجز عليه وسم الخالف وال لسان الذم بحال بل كان محمود السيرة من‬
‫هم بخطيئة إال يحيى بن‬
‫مبدأ أمره إلى منتهاه لذلك قال النبى صلى هللا عليه وسلم‪" :‬ما أحد من الخلق إال أخطأ أو َّ‬
‫زكريا فإنه ما أخطأ وال هم‬

‫‪".‬‬

‫سورة مريم (من اآلية ‪ 8‬الى اآلية ‪)8‬‬

‫ام َأرَِتي َع ِاق اًر َوَق ْد َبَل ْغ ُت ِم َن اْل ِكَب ِر ِعِتي ًا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال َرب أََّن ٰى َي ُكو ُن لي ُغالَ ٌم َوَك َانت ْ‬
‫َق َ‬

‫ال َر ِب أََّن ٰى َي ُكو ُن لِي ُغالٌَم} [اآلية‪.]8 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬ق َ‬

‫قال جعفر‪ :‬استقبل النعمة بالشكر قبل حلولها‪ ،‬أنى يكون لى غالم‪ ،‬بأى ٍيد‪ ،‬وبأى عمل‪ ،‬وأى طاعة استوجبت منك‬
‫آيس‬
‫هذه اإلجابة وهذا الفضل والكرم بسابق تفضيلك ونعمك على عبادك فى جميع األحوال فإن آيست من عملى فال ُ‬
‫من فضلك‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سمعت أبا بكر الرازى يقول‪ :‬سمعت أبا على الروذبارى يقول‪ :‬غاية الرجاء فى غاية اإلياس وهو قصة زكريا حين‬
‫{ر ِب أََّن ٰى َي ُكو ُن ِلي ُغالَ ٌم} فولد له مثل يحيى‪.‬‬
‫قال‪َ :‬‬

‫سورة مريم (من اآلية ‪ 12‬الى اآلية ‪)12‬‬

‫صِبياً‬ ‫يَٰي ْحَي ٰى ُخ ِذ اْل ِكتَ ِ ٍ‬


‫اب بُقَّوة َو َآت ْيَناهُ اْل ُح ْك َم َ‬
‫َ‬

‫اب ِبُقَّوٍة} [اآلية‪.]12 :‬‬ ‫ِ ِ‬


‫قوله تعالى‪{ :‬يَٰي ْحَي ٰى ُخذ اْلكتَ َ‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬خذه بقوة قلبك وثقة بربك ال بسجود وبكاء وتضرع‪ ،‬وهذا دليل أنه أكرم من شاء بغير ٍ‬
‫علة‬
‫وأهان من شاء بغير ٍ‬
‫علة‪.‬‬

‫صِبياً} [اآلية‪.]12 :‬‬


‫{وآتَْيَناهُ اْل ُح ْك َم َ‬
‫قوله‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬الحكم المعرفة‪.‬‬

‫قال جعفر‪ :‬التوفيق الستعمال آداب الخدمة‪.‬‬

‫معجونا بأنوار المشاهدة ونفسه معجونة بآداب العبودية والمجاهدة لذلك قال له ربه‬
‫ً‬ ‫قال الحسين‪ :‬كان روح يحيى‬
‫صِبياً}‪.‬‬
‫{وآتَْيَناهُ اْل ُح ْك َم َ‬
‫تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال ابن عطاء‪ :‬الحكم المعرفة‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الحكم إصابة الحق فى األقوال واألفعال واألحوال‪.‬‬

‫حكما على الغيب وفراسة صادقة ال‬ ‫قال يوسف بن الحسين‪ :‬فى قوله‪{ :‬وآتَْيَناه اْل ُح ْكم ِ‬
‫صبياً} أوتى يحيى عليه السالم ً‬
‫َ َ‬ ‫َ ُ‬
‫يخالطها ريب وال شك‪.‬‬

‫سورة مريم (من اآلية ‪ 13‬الى اآلية ‪)13‬‬

‫ان تَِقي ًا‬ ‫ِ َّ‬


‫َو َحَناناً من ل ُدَّنا َوَزَك ً‬
‫اة َوَك َ‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬ذلك الذى أوجب له االنبساط والدالل‪.‬‬

‫وقال سهل‪ :‬رحمة من عندنا وطهرة طهرناه بها من ظنون الخلق فيه وكان ً‬
‫تقيا معرض عما سوانا مقبل علينا‪.‬‬

‫سورة مريم (من اآلية ‪ 15‬الى اآلية ‪)15‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ‬
‫َو َسالَ ٌم َعَل ْيه َي ْوَم ُولِ َد َوَي ْوَم َي ُم ُ‬
‫وت َوَي ْوَم ُي ْب َع ُث َحياً‬

‫{و َسالَ ٌم َعَل ْي ِه} تحية ربه له‬


‫سمعت منصور بن عبد هللا الهروى يقول‪ :‬سمعت أبا بكر بن طاهر يقول‪ :‬فى قوله‪َ :‬‬
‫السالَ ُم َعَل َّي َي ْوَم ُولِ ْد ُّت} من ثنائه على نفسه‬
‫{و َّ‬
‫وأمان له من كل محذور‪ ،‬وإتصال العصمة به غلى الممات‪ ،‬وقوله‪َ :‬‬
‫أنطقه بلسانه وهو ألعذب فى العلم وأرق فى اللطف‪.‬‬

‫{و َسالَ ٌم َعَل ْي ِه َي ْوَم ُولِ َد َوَي ْوَم‬


‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬سالم فى طرفى َح ْي َوته وموته من جريان مخالفة عليه بقوله‪َ :‬‬
‫وت َوَي ْوَم ُي ْب َع ُث َحياً}‪.‬‬
‫َي ُم ُ‬

‫سورة مريم (من اآلية ‪ 17‬الى اآلية ‪)17‬‬

‫وحَنا َفتَ َمَّث َل َل َها َب َش اًر َس ِوياً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫َفاتَّ َخ َذ ْت من ُدوِن ِهم ح َجاباً َفأ َْرَسْلَنآ ِإَل ْي َهآ ُر َ‬

‫قوله تعالى‪َ { :‬فأ َْرَسْلَنآ ِإَل ْي َهآ ُر َ‬


‫وحَنا} [اآلية‪.]17 :‬‬

‫نور منا ألقيناه عليها وخصصناها به فأث ار النور فيه أثره فأخرج من ضياء نتائج ذلك النور عيسى‬
‫قال ابن عطاء‪ً :‬ا‬
‫روح هللا عليه السالم‪.‬‬

‫سورة مريم (من اآلية ‪ 21‬الى اآلية ‪)21‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫اس ورحم ًة ِمَّنا وَكان أَم اًر َّمْق ِ‬‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِٰ‬
‫ضياً‬ ‫َ َ ْ‬ ‫ال َربُّك ُه َو َعَل َّي َهي ٌن َولَن ْج َعَل ُه َآي ًة لْلَّن َ َ ْ َ‬
‫ال َكذل َك َق َ‬
‫َق َ‬

‫اس َوَر ْح َم ًة ِمَّنا} [اآلية‪.]21 :‬‬


‫قوله تعالى‪{ :‬ولَِن ْج َعَل ُه َآي ًة لِْلَّن ِ‬
‫َ‬

‫قال أبو بكر بن طاهر‪ :‬فى هذه اآلية عالمة دالة على تصحيح الربوبية ورحمة لمن أمن به ولم يدع فيه ما يدعيه‬
‫لنفسه‪.‬‬

‫{وَر ْح َم ًة ِمَّنا}‪ ،‬وبتلك‬


‫أمما بالكفر‪ ،‬قال هللا تعالى لعيسى‪َ :‬‬
‫أمما من الكفر‪ ،‬وبرحمته أهلك ً‬
‫أيضا‪ :‬برحمته نجا ً‬
‫وقال ً‬
‫الرحمة‪ ،‬أهلكت الخلق حتى قالوا ثالث ثالثة‪ ،‬وحتى قال اليهود والنصارى فيه ما قالوا‪.‬‬

‫سورة مريم (من اآلية ‪ 23‬الى اآلية ‪)23‬‬

‫الن ْخَل ِة َقاَل ْت ٰيَليتَِني ِم ُّت َقبل هـٰ َذا وُكنت نسياً َّم ِ‬
‫نسياً‬ ‫اض ِإَل ٰى ِج ْذ ِع َّ‬
‫ْ َ َ َ ُ َْ‬ ‫ْ‬ ‫آء َها اْل َم َخ ُ‬
‫َج َ‬
‫َفأ َ‬
‫قوله تعالى‪{ٰ :‬يَليتَِني ِم ُّت َقبل هـٰ َذا وُكنت نسياً َّم ِ‬
‫نسياً} [اآلية‪.]23 :‬‬ ‫ْ َ َ َ ُ َْ‬ ‫ْ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬لما رأت قومها قد أثموا فى أمرها رجعت بالالئمة على نفسها وقالت‪{ٰ :‬يَل ْيتَِني ِم ُّت َقْب َل َهـٰ َذا}‪.‬‬

‫وقال جعفر‪ :‬لما لم تر فى قومها موفًقا وال رشيدا وال صاحب فر ٍ‬


‫اسة يبرئها من قولهم قالت يا ليتنى مت قبل أن أرى‬ ‫ً‬
‫فى قومى ما أرى وقيل يا ليتنى مت قبل أن تظهر فيهم آية أكون أنا سببها‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫معتدا دون هللا‪.‬‬
‫وقال جعفر‪ :‬يا ليتنى مت قبل أن أرى لقلبى متعلًقا غير ً‬

‫وقال بعضهم‪{ٰ :‬يَل ْيتَِني ِم ُّت َقْب َل َهـٰ َذا} أى يا ليتنى مت فى أيام كفاية التوكل قبل أن رددت إلى عناية الطلب بقوله‬
‫{هزِى ِإَل ْي ِك}‪.‬‬
‫ُ‬

‫سورة مريم (من اآلية ‪ 25‬الى اآلية ‪)25‬‬

‫طباً َجِنياً‬ ‫الن ْخَل ِة تُ َس ِاق ْ‬


‫ط َعَل ْي ِك ُر َ‬ ‫َو ُهزِى ِإَل ْي ِك ِب ِج ْذ ِع َّ‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬هزى إليك بجذع النخلة‪ :‬قال كانت يابسة فلما حركت اهتزت واخضرت وأطلعت وسقطت‬
‫فقال‪ :‬كما أن هللا تولى النخلة بما عاينت تولى عيسى فى إظهاره من غير أب‪.‬‬

‫قال فارس‪ُ :‬هزى ِإليك‪ .‬قال‪ :‬كانت فى هذا الوقت محبة المخالفات لذلك أمرت باكتساب‪ ،‬وفى وقت دخول زكريا عليها‬
‫فى محبة الموافقات‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬سكنها فى محنها مرة وأتبعها أخرى وذلك محبة العوام ومحبة الموافقات أعظم‪.‬‬
‫وقال ً‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬فى قصة مريم عليها السالم لما كانت مجردة رزقت بغير حركة وكسب لما تعلق قلبها بعيسى قال‬
‫{و ُهزِى ِإَل ْي ِك ِب ِج ْذ ِع ا َّلن ْخَل ِة}‪.‬‬
‫لها‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة مريم (من اآلية ‪ 26‬الى اآلية ‪)26‬‬

‫ُكلِم اْليوم ِإ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫اشربِي وَقرِي عيناً َفِإ َّما تَري َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫نسياً‬ ‫َحداً َفُقولي إني َن َذ ْر ُت ل َّلر ْح َمـ ِٰن َ‬
‫ص ْوماً َفَل ْن أ َ َ َ ْ َ‬ ‫الب َش ِر أ َ‬
‫ِن م َن َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َف ُكلي َو ْ َ َ‬

‫قوله تعالى‪َ { :‬ف ُكلِي َو ْ‬


‫اش َربِي َوَقرِي َع ْيناً} [اآلية‪.]26 :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬إنك غير مطالبة بالثواب فيما أعطيت‪.‬‬

‫سورة مريم (من اآلية ‪ 29‬الى اآلية ‪)29‬‬

‫صِبياً‬ ‫ِ‬ ‫َشار ْت ِإَلي ِه َقاُلوْا َكيف ُن َكلِم من َك ِ‬


‫ان في اْل َم ْهد َ‬
‫َ‬ ‫َْ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫َفأ َ َ‬

‫َش َار ْت ِإَل ْي ِه} [اآلية‪.]29 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬فأ َ‬

‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم البزار بمصر يقول‪ :‬قال ابن عطاء‪ :‬فأشارت إليه فى الظاهر‬
‫ليعلم القوم صدقها فيما يقول فأنطق هللا عيسى صلى هللا عليه وسلم ببراءتها‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ٍ‬
‫مضطر عاجز فيما ُرميت به‪ ،‬وما نسبت‬ ‫اتباعا لألمر فى الظاهر وأشارت إلى الحق إشارة‬
‫قال بعضهم‪ :‬أشارت إليه ً‬
‫إليه‪.‬‬

‫وقال‪ :‬إن أحسن إشارات العارفين فى أوقات اإلضطرار حين ال تتثبت الهمة عن الرجوع إلى الحق‪.‬‬

‫َّللاِ} أى أنطقنى‬
‫قال ابن عطاء‪ :‬أشارت إلى هللا فلم يفهم القوم إشارتها فأنطق هللا عيسى بالبيان‪ ،‬قال عيسى {ِإِني َع ْب ُد َّ‬
‫هللا بهذا النطق الذى أشارت إليه مريم وأظهر ربوبيته فى تكلمه‪.‬‬

‫سورة مريم (من اآلية ‪ 30‬الى اآلية ‪)30‬‬

‫اب َو َج َعَلِني َنِبياً‬ ‫ِ‬ ‫َقال ِإِني عبد َّ ِ ِ‬


‫َّللا آتَان َي اْلكتَ َ‬ ‫َ ُْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫هوى‪ ،‬وال عبد طمع‪ ،‬وال عبد شهوة‪{ ،‬آتَان َي اْلكتَ َ‬
‫اب} [اآلية‪.]30 :‬‬ ‫لست بعبد ً‬

‫مخبر عنه خبر الصدق‪.‬‬


‫ًا‬ ‫{و َج َعَلِني َنِبياً}‬
‫خصنى بخصائص األسرار‪َ ،‬‬

‫َّللاِ}‬
‫قال ابن عطاء‪ :‬لما علم هللا فى عيسى ما علم من أن ُيتكلم فيه بأنواع الكفر أنطقه أول ما أنطقه بقوله‪ِ{ :‬إِني َع ْب ُد َّ‬
‫ليكون ذلك حجة على من يدعى إذ قد شهد هو بالعبودية هلل تعالى بالعبودية‪.‬‬

‫نبيا‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫اب} أى سيأتى الكتاب ويجعلنى ً‬
‫وقيل فى قوله‪{ :‬آتَان َي اْلكتَ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة مريم (من اآلية ‪ 31‬الى اآلية ‪)31‬‬

‫الزَك ِاة َما ُد ْم ُت َحياً‬


‫الصالَ ِة و َّ‬
‫َ‬ ‫ص ِاني ِب َّ‬
‫نت َوأ َْو َ‬
‫ِ‬
‫َو َج َعَلني ُمَب َاركاً أ َْي َن َما ُك ُ‬

‫نت} [اآلية‪.]31 :‬‬ ‫ِ‬


‫{و َج َعَلني ُمَب َاركاً أ َْي َن َما ُك ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪َّ :‬نف ً‬


‫اعا للناس كافا لألذى‪.‬‬

‫اغبا إليه‪.‬‬
‫مباركا عارًفا باهلل ر ً‬
‫ً‬ ‫وقال الواسطى رحمه هللا‪ :‬وجعلنى‬

‫مباركا على من صحبنى وتبعنى أن أوليه على األعراض عن الدنيا واإلقبال على اآلخرة‪.‬‬
‫ً‬ ‫قال الجنيدى رحمه هللا‪:‬‬

‫وقال أبو عثمان‪ :‬عيسى إمام الزهاد فى الدنيا والسالكين سلوك اآلخرة فظهر بركاته على من اتبع أثره‪.‬‬

‫وقال سهل‪ :‬أمر بالمعروف ونهى عن المنكر‪ ،‬وأرشد الضال ونصر المظلوم‪ ،‬وأغاث الملهوف‪.‬‬

‫الزَك ِاة َما ُد ْم ُت َحياً} [اآلية‪.]31 :‬‬


‫الصالَ ِة و َّ‬
‫َ‬ ‫ص ِاني ِب َّ‬
‫{وأ َْو َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫حيا بحياته‪.‬‬
‫قال ابن عطاء‪ :‬أمرنى بمواصلته وطهارة السر عما دونه ما دمت ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة مريم (من اآلية ‪ 32‬الى اآلية ‪)32‬‬

‫َوَب اًر ِب َٰولِ َدِتي َوَل ْم َي ْج َعْلِني َجبَّا اًر َشِقياً‬

‫{وَل ْم َي ْج َعْلِني َجبَّا اًر َشِقياً} [اآلية‪.]32 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫متكبر عن عبادته‪.‬‬
‫ًا‬ ‫قال سهل‪ :‬جاهالً بأحكامه وال‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬الجبار الذى ال ينصح‪ ،‬والشقى الذى ال يقبل النصيحة‪.‬‬

‫سورة مريم (من اآلية ‪ 38‬الى اآلية ‪)38‬‬

‫ضالَ ٍل ُّمِب ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫صر يوم يأْتُ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أ ِ‬


‫ين‬ ‫ونَنا َلـٰك ِن الظال ُمو َن اْلَي ْوَم في َ‬ ‫َسم ْع ِب ِه ْم َوأ َْب ْ َ ْ َ َ‬
‫ْ‬
‫ِ‬ ‫{أ ِ‬
‫َسم ْع ِب ِه ْم َوأ َْبص ْر َي ْوَم َيأْتُ َ‬
‫ونَنا} [اآلية‪.]38 :‬‬ ‫ْ‬

‫وناظر إليه ال إلى خلقه فهو الذى يبدأ بالعطاء قبل السؤال‬ ‫ًا‬ ‫قال الجنيد رحمه هللا‪ :‬من كان مشغوالً باهلل عن نفسه‬
‫ِ‬ ‫داخالً فى مهيمنية الجبار قد أخبر هللا عن ذلك بقوله‪{ :‬أ ِ‬
‫َسم ْع ِب ِه ْم َوأ َْبص ْر َي ْوَم َيأْتُ َ‬
‫ونَنا} [اآلية‪.]38 :‬‬ ‫ْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫بصير‪.‬‬
‫ًا‬ ‫سميعا‬
‫ً‬ ‫فمن اشتغل باهلل استولى عليه أنوار الحق فال يستعبده أحد من المخلوقين وجعله‬

‫سورة مريم (من اآلية ‪ 39‬الى اآلية ‪)39‬‬

‫ضي األ َْم ُر َو ُه ْم ِفي َغْفَل ٍة َو ُه ْم الَ ُي ْؤ ِمُنو َن‬‫وأَن ِذرهم يوم الحسرِة ِإذ ق ِ‬
‫َ ْ ْ ُ ْ َْ َ ْ َ ْ َ ْ ُ َ‬
‫{وأ َْن ِذ ْرُه ْم َي ْوَم اْل َح ْس َرِة} [اآلية‪.]39 :‬‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫سمعت منصور بن الحسين يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم البزار المصرى يقول‪ :‬قال ابن عطاء‪ :‬الحسرة هى الندم على ما‬
‫فات من الحق‪ ،‬وحسرة الوقت هى قلة المباالة بما يرتكبه من أنواع المخالفات‪.‬‬

‫سورة مريم (من اآلية ‪ 41‬الى اآلية ‪)41‬‬

‫ص ِديقاً َّنِبياً‬ ‫ِ‬


‫اهيم ِإَّنه َكان ِ‬
‫اب ِإ ْب َر َ ُ َ‬‫وا ْذ ُك ْر ِفي اْل ِكتَ ِ‬
‫َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬الصديق القائم مع ربه على حد الصدق فى جميع األوقات ال يعارضه فى صدقه معارض بحال‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال أبو سعيد الخراز رحمه هللا‪ :‬الصديق اآلخذ بأتم الحظوظ من كل مقام َسنى حتى يقارب من درجات األنبياء‪.‬‬

‫وقال يحيى بن معاذ رحمة هللا عليه‪ :‬شرب كأس الصديقين فى الدنيا من ثالثة أنهار نهر الحياء‪ ،‬ونهر العطاء‪ ،‬ونهر‬
‫الصبر‪.‬‬

‫وقال الجنيد رحمه هللا‪ :‬الصديق القائم مع الحق بال واسطة‪.‬‬

‫سورة مريم (من اآلية ‪ 42‬الى اآلية ‪)42‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ال ألَِبيه ٰيأََبت ل َم تَ ْعُب ُد َما الَ َي ْس َم ُع َوالَ ُي ْبص ُر َوالَ ُي ْغني َع َ‬
‫نك َش ْيئاً‬ ‫ِ‬
‫إ ْذ َق َ‬

‫نك َش ْيئاً} [اآلية‪.]42 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫قوله تعالى‪{ :‬ل َم تَ ْعُب ُد َما الَ َي ْس َم ُع َوالَ ُي ْبص ُر َوالَ ُي ْغني َع َ‬

‫شيئا من مماتك‪.‬‬
‫قال بعضهم‪ :‬لم تعتمد من ال يسمع دعائك‪ ،‬وال يبصر حالك‪ ،‬وال يكفيك ً‬

‫سورة مريم (من اآلية ‪ 43‬الى اآلية ‪)43‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ٰيأَب ِت ِإِني َق ْد جآءِني ِمن اْل ِعْل ِم ما َلم يأِْتك َفاتَِّبعِني أَه ِدك ِ‬
‫ص َراطاً َس ِوي ًا‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬فاتَِّبعِني أَه ِدك ِ‬
‫ص َراطاً َس ِوياً} [اآلية‪.]43 :‬‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ‬

‫قال القاسم‪ :‬الطريق إلى الحق تعالى طريق المتابعة من علت مرتبته اتبع الكتاب‪ ،‬ومن ترك عنهم اتبع الرسول صلى‬
‫هللا عليه وسلم‪ ،‬ومن نزل عنهم‪ ،‬اتبع الصحابة رحمة هللا عليهم‪ ،‬ومن ترك عنهم اتبع أولياء هللا والعلماء باهلل وأسلم‬
‫الطرق إلى هللا طريق االتباع ألن سهل بن عبد هللا قال‪ :‬أشد ما على النفس االقتداء فإنه ليس للنفس فيه نفس وال‬
‫راحة‪.‬‬

‫سورة مريم (من اآلية ‪ 46‬الى اآلية ‪)47‬‬

‫اهيم َلِئن َّلم تَنتَ ِه ألَرجمَّنك واهج ِرني ملِياً * َقال سالَم عَليك سأ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫َستَ ْغف ُر َل َك َربِي ِإَّن ُه َك َ‬
‫ان‬ ‫َ َ ٌ ََْ َ ْ‬ ‫ْ ُ َ َ َ ْ ُْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َنت َع ْن آل َهتي ٰيإ ِْب َر ُ‬
‫ال أ ََراغ ٌب أ َ‬
‫َق َ‬
‫ِبي َحِفياً‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اه ِ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬


‫اه ُج ْ ِرني َملياً * َق َ‬
‫ال َسالَ ٌم َعَل ْي َك} [اآلية‪-46 :‬‬ ‫يم َلئن ل ْم تَنتَه أل َْرُج َمَّن َك َو ْ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أ ََراغ ٌب أَ َ‬
‫نت َع ْن آل َهتي ٰيإ ِْب َر ُ‬
‫‪.]47‬‬

‫قال أبو بكر طاهر‪ :‬لما بدا منه كالم الجهال من الدعوة إلى آلهته والوعيد على ذلك إن خالفه جعل جوابه جواب‬
‫طبهم الج ِ‬
‫اهُلو َن َقاُلوْا َسالَماً} [الفرقان‪.]63 :‬‬ ‫{وِإ َذا َخا َ َ ُ ُ َ‬
‫الجهال بالسالم لقوله تعالى َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة مريم (من اآلية ‪ 48‬الى اآلية ‪)48‬‬

‫َّللاِ َوأ َْد ُعو َربِي َع َسى أَالَّ أ ُ‬


‫َكو َن ِب ُد َع ِآء َربِي َشِقياً‬ ‫َعتَ ِزُل ُك ْم َو َما تَ ْد ُعو َن ِمن ُدو ِن َّ‬
‫َوأ ْ‬

‫َّللاِ} [اآلية‪.]48 :‬‬


‫َعتَ ِزُل ُك ْم َو َما تَ ْد ُعو َن ِمن ُدو ِن َّ‬
‫{وأ ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫وباطنا فليعتزل قرناء السوء وإخوان السوء ال يمكنه ذلك إال‬


‫ً‬ ‫ظاهر‬
‫ًا‬ ‫قال القاسم‪ :‬من أراد السالمة فى الدنيا واآلخرة‬
‫بااللتجاء والتضرع إلى ربه فى ذلك ليوفقه لمفارقتهم فإن المرء مع من أحب‪ ،‬وقيل‪ :‬إن القرين بالمقارن مقتدى‪.‬‬

‫وقال أبو تراب النخشبى‪ :‬صحبة األشرار تورث (سوء الظن) باألخيار‪.‬‬

‫َكو َن ِب ُد َع ِآء َربِي َشِقياً} [اآلية‪.]48 :‬‬


‫{ع َسى أَالَّ أ ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال عبد العزيز المكى‪ :‬كان الخليل عليه السالم يهاب ربه أن يدعوه‪ ،‬ويذكره‪ ،‬ويعظمه أال يكون يدعوه بلسان ال‬
‫يصلح لدعاءه فدعا على استحياء وحتمة وخيفة وهيبة بعد معرفته بجاللته فقال‪ :‬وأدعو ربى عسى أال أكون بدعاء‬
‫شقيا‪ :‬وهللا أعلم أن ربى يعذرنى بدعائى إياه‪ ،‬وإن كنت ال أصلح لذكره ودعائه ثم ال أشقى بدعائه بعد أن‬
‫ربى ً‬
‫يعذرنى‪.‬‬

‫سورة مريم (من اآلية ‪ 49‬الى اآلية ‪)49‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وب َوُكالًّ َج َعْلَنا َنِبي ًا‬ ‫َفَل َّما اعتزَلهم وما يعبدون ِمن دو ِن َّ ِ‬
‫َّللا َو َه ْبَنا َل ُه ِإ ْس َح َ‬
‫اق َوَي ْعُق َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ََ ُ ْ َ َ َ ْ ُ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪َ{ :‬فَل َّما اعتزَلهم وما يعبدون ِمن دو ِن َّ ِ‬
‫وب} [اآلية‪.]49 :‬‬ ‫َّللا َو َه ْبَنا َل ُه ِإ ْس َح َ‬
‫اق َوَي ْعُق َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ََ ُ ْ َ َ َ ْ ُ ُ َ‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬عوض األكابر على مقدار الحرب جعل فهم التالوة لألحكام‪ ،‬وجعل فهم الحقيقة لألسقام‪.‬‬

‫َخاهُ َه ُارو َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قال هللا جل ذكره‪َ{ :‬فَل َّما اعتزَلهم وما يعبدون ِمن دو ِن َّ ِ‬
‫{وَو َه ْبَنا َل ُه من َّر ْح َمتَنآ أ َ‬
‫َّللا َو َه ْبَنا َل ُه} وقال لموسى‪َ :‬‬ ‫ُ‬ ‫ْ ََ ُ ْ َ َ َ ْ ُ ُ َ‬
‫َنِبياً} [اآلية‪.]53 :‬‬

‫ولما اعتزل محمد صلى هللا عليه وسلم األكوان أجمع ولم يزغ البصر فى وقت النظرة وما طغى‪ .‬قيل‪ِ{ :‬إَّن َك َل َعَل ٰى ُخُل ٍق‬
‫ون َك ِإَّن َما ُيَبايِ ُعو َن َّ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫َّللاَ} [الفتح‪.]10 :‬‬ ‫ين ُيَبايِ ُع َ‬
‫َعظيمٍ} [القلم‪ .]4 :‬لم تزغ غير ما حاله بصفته‪ .‬وقال‪ِ{ :‬إ َّن الذ َ‬

‫خير‬
‫سببا‪ .‬إال عوضه هللا عليه ًا‬
‫قال أبو محمد البالذرى‪ :‬ما خر أحد على ربه فى شئ من أسبابه وما ترك أحد له ً‬
‫منه‪.‬‬

‫قول هللا تعالى‪َ{ :‬فَل َّما اعتزَلهم وما يعبدون ِمن دو ِن َّ ِ‬


‫وب}‪.‬‬ ‫َّللا َو َه ْبَنا َل ُه ِإ ْس َح َ‬
‫اق َوَي ْعُق َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ََ ُ ْ َ َ َ ْ ُ ُ َ‬

‫سورة مريم (من اآلية ‪ 50‬الى اآلية ‪)50‬‬

‫ووهبنا َلهم ِمن َّرحمِتنا وجعْلنا َلهم لِسان ِ‬


‫ص ْد ٍق َعلِياً‬ ‫ْ َ َ َ ََ َ ُْ َ َ‬ ‫َ َ ََْ ْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قوله تعالى‪{ :‬وجعْلنا َلهم لِسان ِ‬
‫ص ْد ٍق َعلِياً} [اآلية‪.]50 :‬‬ ‫َ ََ َ ُْ َ َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬أصدق األلسنة هى المعبرة عن الحق بالصواب‪ ،‬والذاكر على الدوام لنعمائه والناشرة آلالئه‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬فتحنا عليهم ألسنة عبادنا بصدق معامالتهم وعلو محلهم‪.‬‬

‫سورة مريم (من اآلية ‪ 51‬الى اآلية ‪)51‬‬

‫ان َرُسوالً َّنِبي ًا‬ ‫ِ‬


‫وس ٰى ِإَّن ُه َك َ‬
‫ان ُم ْخلصاً َوَك َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َوا ْذ ُك ْر في اْلكتَاب ُم َ‬

‫ان ُم ْخلِصاً} [اآلية‪.]51 :‬‬


‫وس ٰى ِإَّن ُه َك َ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫{وا ْذ ُك ْر في اْلكتَاب ُم َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الترمذى‪ :‬المخلص على الحقيقة مثل موسى ذهب إلى الخضر صلى هللا عليهما ليتأدب به فلم يسامحه فى شىء‬
‫ظهر له منه ومما كان يفعله حتى أوقعه على العذر فيه وهذا من تمام إخالصه‪.‬‬

‫سورة مريم (من اآلية ‪ 52‬الى اآلية ‪)52‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ور األ َْي َم ِن َوَقَّرْبَناهُ َن ِجياً‬ ‫وناديناه ِمن ج ِان ِب ُّ‬
‫الط ِ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َْ ُ‬
‫قال ابن عطاء‪ :‬وقربناه نجيا‪ :‬خص هللا سادات األنبياء كل واحد منهم بخاصية فكانت خالفة آلدم {ِإِني ج ِ‬
‫اع ٌل ِفي‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫{وَقَّرْبَناهُ َنجياً}‪ ،‬واإلمامة إلبراهيم بقوله‪{ :‬إني َجاعُل َك ل َّلناس إ َماماً}‬ ‫ِ ِ‬
‫األ َْرض َخل َيف ًة} [البقرة‪ .]30 :‬والقربة لموسى بقوله‪َ :‬‬
‫[البقرة‪ ،]124 :‬والمحبة لمحمد صلى هللا عليه وسلم بقوله‪" :‬أنا سيد ولد آدم" بال جهد‪ ،‬وال اكتساب إال أن المحبة‬
‫أوجبت له السيادة على الخلق أجمع والقسم بحياته بقوله‪" :‬لعمرك يا محمد‪".‬‬

‫علما رزقه العمل به‪ ،‬وإذا وفقه للعمل به أعطاه اإلخالص فى‬
‫وقال جعفر‪ :‬للمقرب من هللا ثالث عالمات إذا أفاده هللا ً‬
‫عمله وإذا أقامه لصحبة المسلمين رزقه فى قلبه حرم ًة لهم ويعلم أن حرمة المؤمن من حرمة هللا تعالى‪.‬‬

‫{وَقَّرْبَناهُ َن ِجياً}‪.‬‬
‫قال الجنيد رحمه هللا فى قوله‪َ :‬‬

‫قال‪ :‬جعلناه من العالمين بنا والمخبرين عنا بالصدق والحقيقة‪.‬‬

‫وقال رويم‪ :‬كشفنا عن سره ما كان مغطى عليه من أنواع القرب والزلف‪ ،‬وأ َِذَّنا له فى اإلخبار عنا‪.‬‬

‫سورة مريم (من اآلية ‪ 54‬الى اآلية ‪)54‬‬

‫ان َرُسوالً َّنِبياً‬ ‫ِ‬ ‫اعيل ِإَّنه َكان ِ‬


‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫صاد َق اْل َو ْعد َوَك َ‬
‫َوا ْذ ُك ْر في اْلكتَاب إ ْس َم َ ُ َ َ‬

‫ص ِاد َق اْل َو ْع ِد} [اآلية‪.]54 :‬‬ ‫يل ِإَّن ُه َك َ‬


‫ان َ‬
‫ِ ِ ِ ِ ِ‬
‫{وا ْذ ُك ْر في اْلكتَاب إ ْس َماع َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َّللاُ ِم َن َّ‬
‫الصاِب ِر َ‬
‫ين} [الصافات‪:‬‬ ‫آء َّ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫{ستَج ُدني إن َش َ‬
‫قال ابن عطاء‪ :‬وعد ألبيه من نفسه الصبر فوفى به وذلك فى قوله‪َ :‬‬
‫‪.]102‬‬

‫شيئا إال صدقه‪ ،‬ووفى به وقام عند مراد هللا فيه فسماه صادق‬
‫وقال الجنيد رحمه هللا‪ :‬لم يعد إسماعيل هلل من نفسه ً‬
‫الوعد‪.‬‬

‫وذل ٍة‪ ،‬والصديق هو المستقيم فى جميع أحواله‪.‬‬ ‫ٍ‬


‫استقامة َّ‬ ‫قال الحسين‪ :‬الصادق هو المتكلف فى حاله يجرى بين‬

‫سورة مريم (من اآلية ‪ 56‬الى اآلية ‪)56‬‬

‫ص ِديقاً َّنِبَّياً‬
‫اب ِإ ْد ِريس ِإَّنه َكان ِ‬
‫َ ُ َ‬ ‫وا ْذ ُك ْر ِفي اْل ِكتَ ِ‬
‫َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬الصديق الذى ال يطلب الطريق الصدق من غيره ويكون له أن يطالب غيره بحقيقة الصدق‪.‬‬

‫وقال الحسين‪ :‬الصديق‪ :‬الذى ال يجرى عليه كلفة فى شواهده لمشاهدة الحق فتواله الحق فال يرى ً‬
‫شيئا إال من الحق‪.‬‬

‫وقال‪ :‬الصديق‪ :‬الذى يكون مع هللا فى حكم ما أوجب‪ ،‬وال يكون على شره أثر من األكوان ويكون وجدان الذات لم‬
‫يشهده الحق غيره وهو أعمى عن الكون ويكون له مع الحق فستحمل به الواردات ال يذكر برؤية الكون غير الحق وال‬
‫يبدله الحق بالنظر إليه غيرة عليه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة مريم (من اآلية ‪ 59‬الى اآلية ‪)59‬‬

‫ف َيْلَقو َن َغياً‬ ‫الص َٰلوة واتَّبعوْا َّ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫َفخَل ِ‬


‫الش َه َٰوت َف َس ْو َ‬ ‫اعوْا َّ َ َ َ ُ‬
‫َض ُ‬
‫فأَ‬
‫ف من َب ْعده ْم َخْل ٌ‬
‫َ َ‬
‫الشهو ِ‬
‫ات} [اآلية‪.]59 :‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِِ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬فخَل ِ‬
‫الصالَ َة َواتَب ُعوْا َ َ‬
‫اعوْا َّ‬
‫َض ُ‬
‫فأَ‬
‫ف من َب ْعده ْم َخْل ٌ‬
‫َ َ‬

‫قال محمد بن حامد‪ :‬أولئك قوم حرموا تعظيم األنبياء‪ ،‬واألولياء‪ ،‬والصديقين فحجبهم هللا عن معرفته وأصابتهم شقاوة‬
‫ذلك الحال فأضاعوا الصالة التى هى محل وصلة العبد مع سيده ترسمو بها ولم تتحققوا فيها واتبعوا آراهم وأهوائهم‬
‫فأصابهم الخذالن وحرموا بذلك السعادة وأثر الشقاوة على العبيد هو حرمان الخدمة وتصغير من عظم هللا حرمته‪.‬‬

‫سورة مريم (من اآلية ‪ 62‬الى اآلية ‪)62‬‬

‫يها ُب ْك َرًة َو َع ِشياً‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬


‫يها َل ْغواً إال َسالَماً َوَل ُه ْم ِرْزُق ُه ْم ف َ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ال َي ْس َم ُعو َن ف َ‬

‫يها ُب ْك َرًة َو َع ِشياً} [اآلية‪.]62 :‬‬ ‫ِ‬


‫{وَل ُه ْم ِرْزُق ُه ْم ف َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫وعشيا ونزه األرواح واألسرار عن‬


‫ً‬ ‫قال محمد بن عيسى الهاشمى‪ :‬رد األشباح إلى قيمها من المطعم والمشرب بكرة‬
‫ين} [الدخان‪.]51 :‬‬‫ين ِفي َمَقا ٍم أ َِم ٍ‬ ‫ِ‬
‫ذلك بقوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن اْل ُمتَّق َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سر وعالنية‪.‬‬
‫وهو مقام ال ينزله إال من كان ظاهر األمانة ًا‬

‫سورة مريم (من اآلية ‪ 63‬الى اآلية ‪)63‬‬

‫ان تَِقياً‬ ‫ِتْلك اْلجَّن ُة َّالِتي ن ِ ِ ِ ِ‬


‫ور ُث م ْن عَبادَنا َمن َك َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬

‫قال بعضهم فى هذه اآلية‪ :‬تجعل أهل الجنة وسكانها من يطلبها بفضلنا ال بعمله فإن الجنة ميراث سعادة األزل ال‬
‫ميراث األعمال والعمل سمة ربما تتحقق‪.‬‬

‫ان تَِقياً} من كان رجوعه إلينا بنا ال غير‪.‬‬ ‫وربما ال تتحقق‪ ،‬والتقوى نتيجة تلك السعادة وقوله‪َ :‬‬
‫{من َك َ‬

‫وقال ذو النون‪ :‬التقى من ال يدنس ظاهره بالمعارضات وال باطنه بالعالت ويكون و ً‬
‫اقفا مع هللا موقف االتفاق‪.‬‬

‫وقال الواسطى رحمه هللا‪ :‬إذا يلفت العقول الغاية وبلغ بها النهاية فحاصلها يرجع إلى حدث يليق بحدث حبك من ذلك‬
‫ان تَِقياً} لما كان التقوى وصفك قابلك بما يليق بك وأعلمك أنه‬ ‫{تْلك اْلجَّن ُة َّالِتي ن ِ ِ ِ ِ‬
‫ِ‬
‫ور ُث م ْن عَبادَنا َمن َك َ‬ ‫ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ َ :‬‬
‫غاية ما يليق تقواك ونهايتك فى نجواك‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬من تلقى األشياء باهلل ال ينقطع عن العبادة‪ ،‬ومن تلقاها بنفسه انقطع عن العبادة ألنه تلقاها‬
‫بشواهد نصرتها وبهجتها فالتقيه هى سبب الحجة عن المتقى‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال بعضهم‪ :‬التقوى مقوم على الخطرة‪ ،‬والهمة والفكرة‪ ،‬والنية‪ ،‬والعزم‪ ،‬والقصد‪ ،‬والحركة‪.‬‬

‫سورة مريم (من اآلية ‪ 65‬الى اآلية ‪)65‬‬

‫طِب ْر لِ ِعَب َادِت ِه َه ْل تَ ْعَل ُم َل ُه َس ِمياً‬


‫اص َ‬
‫اعُب ْدهُ َو ْ‬ ‫الس ٰم ٰو ِت واأل َْر ِ‬
‫ض َو َما َب ْيَن ُه َما َف ْ‬ ‫َّر ُّب َّ َ َ َ‬

‫{ه ْل تَ ْعَل ُم َل ُه َس ِمياً} [اآلية‪.]65 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال محمد بن الفضل‪ :‬هل تعلم أحد يجيبك فى أى وقت دعوته ويقبلك فى أى أوان قصدته‪.‬‬

‫أحدا يسمى هللا إال هللا‪.‬‬


‫وقال بعض المفسرين‪ :‬تعلم ً‬

‫أحدا أن يسمى باسم من أسمائه الحقيقية‪.‬‬


‫وقال الحسين ابن الفضل‪ :‬هل تستحق ً‬

‫سورة مريم (من اآلية ‪ 67‬الى اآلية ‪)67‬‬

‫نس ُن أََّنا َخَلْقَناهُ ِمن َقْب ُل َوَل ْم َي ُك َش ْيئاً‬ ‫ِ‬


‫أ ََوالَ َي ْذ ُك ُر اإل َٰ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬المقادير صرحت بمعانيها وكشفت عن أوقاتها‪.‬‬

‫شيئا‪.‬‬
‫وقال آخر‪ :‬إنه مأخوذ عن شاهد واكتساب نفسه حين لم يك ً‬

‫والثانى‪ :‬أخذها من النطفة‪ ،‬والثالث أخرجكم من بطون أمهاتكم ال تعلمون ً‬


‫شيئا ذكر الطين للعبادات وذكر النطفة‬
‫لإلشارات والباقى لفقد النعوت واألوصاف‪.‬‬

‫سورة مريم (من اآلية ‪ 71‬الى اآلية ‪)71‬‬

‫نكم ِإالَّ و ِاردها َكان عَلى ربِك ح ْتماً َّمْق ِ‬


‫ضي ًا‬ ‫ِ‬
‫َ َُ َ َ ٰ َ َ َ‬ ‫َوِإن م ُ ْ‬

‫نك ْم ِإالَّ َو ِارُد َها} [اآلية‪.]71 :‬‬


‫{وإِن ِم ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬ما أحد إال وتورده النار مالحظات أفعاله ثم ينجى هللا منها من أسقط ذلك عنه وأزالها منه‬
‫بمالزمة التوفيق‪.‬‬

‫{كان عَلى ربِك ح ْتماً َّمْق ِ‬


‫ضياً} [اآلية‪.]71 :‬‬ ‫قوله عز وجل‪َ َ َ ٰ َ َ َ :‬‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬بالرجاء يجلب المحتوم وبالخوف يدفع المقضى‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة مريم (من اآلية ‪ 72‬الى اآلية ‪)72‬‬

‫يها ِجِثياً‬ ‫ثُ َّم نن ِجي َّال ِذين اتََّقوْا َّون َذر َّ‬
‫الظالِ ِم ِ‬
‫ين ف َ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬
‫َّ ِ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬ثُ َّم ُنَن ِجي الذ َ‬
‫ين اتََّقوْا} [اآلية‪.]72 :‬‬

‫قال أبو الحسين الفارسى‪ :‬ثم ننجى من اتقى النار‪ .‬باالستغفار واتَّقانا بقلبه عن المخالفات‪.‬‬

‫قال الجنيد رحمه هللا‪ :‬ما نجا من نجا إال بصدق اللجأ‪.‬‬

‫قال الجريرى‪ :‬ما نجا من نجا إال بصدق الوفاء‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬ما نجا من نجا إال بتصحيح الوفاء‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الناجى من المكاره هو الداخل فى سبيل التقوى وتصحيح التقوى فى سره وعالنيته وظاهره وباطنه‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬التقوى هو اجتناب الشبه من كل وجه ومالزمة الورع فى كل حال‪ ،‬ومد اليد إلى األسباب بحسب إبقاء‬
‫المنهج‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة مريم (من اآلية ‪ 81‬الى اآلية ‪)82‬‬

‫َّللاِ آلِه ًة لِي ُكونوْا َلهم ِع اًز * َكالَّ سي ْكُفرو َن ِب ِعبادِت ِهم وي ُكونو َن عَلي ِهم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ضداً‬ ‫َ َ ْ ََ ُ َ ْ ْ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َوات َخ ُذوْا من ُدون َّ َ َ ُ ُ ْ‬

‫ونوْا َل ُه ْم ِع اًز َكالَّ} [اآلية‪.]82-81 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬واتَّخ ُذوْا ِمن دو ِن َّ ِ‬
‫َّللا آلِ َه ًة لَِي ُك ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬كيف تظفر بالعز وأنت تطلبه فى محل الذل ومكانه أذللت نفسك بسؤال الخلق‪ ،‬ولو كنت موفًقا ألعززت‬
‫نفسك بسؤال الحق أو بذكره‪ ،‬أو بالرضا لما يرد عليك منه تكون عز ًا‬
‫يز فى كل حال دنيا وآخرة‪.‬‬

‫سورة مريم (من اآلية ‪ 76‬الى اآلية ‪)76‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وي ِزيد َّ َّ ِ‬


‫ِك ثََواباً َو َخ ْيٌر َّم َرداً‬ ‫الصالِ َح ُ‬
‫ات َخ ْيٌر ع َند َرب َ‬ ‫ات َّ‬
‫اهتَ َدوْا ُه ًدى َواْلَباقَي ُ‬
‫ين ْ‬
‫َّللاُ الذ َ‬ ‫ََ ُ‬

‫اهتََدوْا ُه ًدى} [اآلية‪.]76 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وي ِزيد َّ َّ ِ‬


‫ين ْ‬
‫َّللاُ الذ َ‬ ‫ََ ُ‬

‫بسنة محمد صلى هللا عليه وسلم‪ .‬وهو‬


‫قال سهل بن عبد هللا‪ :‬يزيد هللا الذين اهتدوا بصيرة فى إيمانهم باهلل واقتدوا ُ‬
‫زيادة الهدى والنور المبين‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة مريم (من اآلية ‪ 85‬الى اآلية ‪)85‬‬

‫ين ِإَلى َّ‬ ‫ِ‬


‫الر ْح َمـ ِٰن َوْفداً‬ ‫َي ْوَم َن ْح ُش ُر اْل ُمتَّق َ‬

‫ركبانا على متون المعرفة‪.‬‬


‫ً‬ ‫وفدا‪ :‬أى‬
‫قال ابن عطاء‪ :‬بلغنى عن الصادق أنه قال‪ً :‬‬

‫وقال جعفر‪ :‬المتقى الذى اتقى كل شىء سوى هللا‪ ،‬والمتقى هو الذى اتقى متابعة هواه فمن كان بهذا الوصف فإن هللا‬
‫يحمله إلى حضرة المشاهدة على نجائب النور ليعرف أهل المشهد محله فيهم‪.‬‬

‫ركبانا وذلك حجابهم ال من جذبته زينته عن الحق حتى ينسيه‪ ،‬وال يجذبه ذكر الحق عن‬
‫ً‬ ‫وفدا أى‬
‫وقال الواسطى‪ً :‬‬
‫األعراض جذب الزينة فهو الكاذب فى دعواه‪.‬‬

‫ردا‪ ،‬وانظر‬
‫سدا‪ ،‬وارده على العبد ما أشار به ً‬
‫جدا‪ ،‬وسد باب الخالف عليك ً‬‫وقال يحيى بن معاذ‪ :‬اجعل أمرك مع هللا ً‬
‫مدا‪ ،‬وال تذكر يوم يحشر‬‫كدا‪ ،‬وتمد بما ال تملكه من حياتك ً‬
‫هل تجد من طلب العفو ًبدا‪ ،‬فإلى كم تكد بالتصنع ً‬
‫وفدا‪ ،‬ونسوق المجرمين إلى جهنم ً‬
‫وردا‪.‬‬ ‫المتقين إلى الرحمن ً‬

‫سورة مريم (من اآلية ‪ 93‬الى اآلية ‪)93‬‬

‫ض ِإالَّ ِآتي َّ‬


‫الر ْح َمـ ِٰن َع ْبداً‬ ‫الس ٰم ٰو ِت واأل َْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إن ُك ُّل َمن في َّ َ َ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫أحد إلى ربه بشىء أزين عليه من مالزمة العبودية وإظهار االفتقار ألن مالزمة‬
‫قال أبو بكر الوراق‪ :‬ما تقرب ٌ‬
‫العبودية تورث دوام الخدمة‪ ،‬وإظهار االفتقار إليه يورث دوام االلتجاء والتضرع‪.‬‬

‫سمعت منصور يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم اإلسكندرانى يقول‪ :‬سمعت أبا جعفر الملطى يقول‪ :‬عن على بن موسى‬
‫يز داالً بأوصاف‬
‫فقير ذليالً بأوصافه أو عز ًا‬ ‫الرضا عن أبيه عن جعفر بن محمد فى قوله {ِإالَّ ِآتي َّ‬
‫الر ْح َمـ ِٰن َع ْبداً} قال‪ً :‬ا‬
‫الحق‪.‬‬

‫سورة مريم (من اآلية ‪ 96‬الى اآلية ‪)96‬‬

‫الصالِح ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬


‫الر ْح َمـ ُٰن ُوداً‬
‫ات َسَي ْج َع ُل َل ُه ُم َّ‬ ‫آمُنوْا َو َعمُلوْا َّ َ‬ ‫ِإ َّن الذ َ‬
‫ين َ‬
‫الصالِح ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫الر ْح َمـ ُٰن ُوداً}‪.‬‬
‫ات َسَي ْج َع ُل َل ُه ُم َّ‬ ‫آمُنوْا َو َعمُلوْا َّ َ‬ ‫قال الواسطى‪ :‬طائفة خطابها الثناء فخطابها بما عرفت {ِإ َّن الذ َ‬
‫ين َ‬

‫أحد إال‬
‫وجها فى عبادى ال يراهم ٌ‬
‫قال ابن عطاء‪ :‬الذين أخلصوا سريرتهم لى وأتبعوا ظاهرهم فى خدمتى سأجعل لهم ً‬
‫أحبهم وأكرمهم‪ ،‬وفى محبتهم وكرامتهم كرامتى ومحبتى‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬حالوة ومحبة فى قلوب المؤمنين‪.‬‬

‫لذة وحالوة فى الطاعة وهللا أعلم‪.‬‬


‫الر ْح َمـ ُٰن ُوداً}‪ .‬قال‪ :‬يعنى ً‬
‫{سَي ْج َع ُل َل ُه ُم َّ‬
‫وسئل بعضهم عن قوله‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة مريم (من اآلية ‪ 9‬الى اآلية ‪)9‬‬

‫ُّك ُه َو َعَل َّي َهِي ٌن َوَق ْد َخَلْقتُ َك ِمن َقْب ُل َوَل ْم تَ ُك َش ْيئاً‬ ‫ِٰ‬
‫ال َرب َ‬
‫ال َكذل َك َق َ‬
‫َق َ‬

‫{وَق ْد َخَلْقتُ َك ِمن َقْب ُل َوَل ْم تَ ُك َش ْيئاً} [اآلية‪.]9 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫موجودا‪.‬‬
‫ً‬ ‫قال الواسطى‪ :‬قدرتك من قبل ولم تك‬

‫وقال‪ :‬المقادير صرحت معانيها وكشفت عن أوقاتها‪.‬‬

‫{وَق ْد َخَلْقتُ َك ِمن َقْب ُل َوَل ْم تَ ُك َش ْيئاً}‪.‬‬


‫وقال فى قوله‪َ :‬‬

‫قال‪ :‬أنت فى حال وجودك كانت فى حال عدمك عندنا ال تحدث لنا فى عدمك ووجودك بحاله لم تكن ال لألشياء‬
‫ثابتة فى حالة وجودها وال هى بانية فى عدمها إذ وجودها وعدمها عند الخلق‪ ،‬واإلثبات لشىء بإزائه‪.‬‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 1‬الى اآلية ‪)1‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫طه‬

‫قوله تعالى‪{ :‬طه * َمآ أََن َ ْزلَنا} [اآلية‪.]1 :‬‬

‫طاء هديت لبساط القربه واألنس‪.‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬فى قوله‪{ :‬طه} قال الواسطى‪ً :‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬هو مستخرج من الطاهر الهادى أى‪ :‬أنت طاهر بنا ٍ‬
‫هاد إلينا‪.‬‬

‫وقال محمد بن على الترمذى فى قوله تعالى {طه} أى‪ :‬طوبى لمن اهتدى بك وجعلك السبيل إلينا‪.‬‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 2‬الى اآلية ‪)2‬‬

‫آن لِتَ ْشَق ٰى‬


‫َمآ أََن َ ْزلَنا َعَل ْي َك اْلُق ْر َ‬

‫تعظيما لشأن القرآن كما وصل إلينا شعاع‬


‫ً‬ ‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬سمى القرآن قرآنا ألنه مقارن لمتكلمه ال يباينه‬
‫الشمس وح اررتها ولم يباين القرص‪.‬‬

‫آن لِتَ ْشَق ٰى} أى‪ :‬تتعب فى خدمتنا وكان جوابه‪.‬‬


‫{مآ أََن َ ْزلَنا َعَل ْي َك اْلُق ْر َ‬
‫قال ابن عطاء‪ :‬فى قوله‪َ :‬‬

‫أحد فى خدمتك وهو محل استرواح العارفين‬


‫من النبى صلى هللا عليه وسلم زيادة تعبد واجتهاد كأنه يقول‪ :‬وهل يتعب ٌ‬
‫فأما هذه الحركات فهى قيام بشكر ما أهلتنى له من قربك‪ ،‬ومناجاتك وخدمتك‪ ،‬والدنو منك‪ ،‬أال تراه عليه السالم لما‬
‫شكور‬
‫ًا‬ ‫قيل له‪ :‬أتفعل هذا وقد غفر هللا لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر‪ ،‬قال‪" :‬أفال أكون ً‬
‫عبدا‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫‪".‬‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 3‬الى اآلية ‪)3‬‬

‫ِإالَّ تَ ْذ ِك َرًة ِل َمن َي ْخ َش ٰى‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬قيل له‪ :‬يا محمد أنت إمام أهل الخشية وسيدهم أنزلناه تذكرةً لك لتسكن إليه وتزول به الخشية من‬
‫قلبك فإن المحب يأنس بكتاب حبيبه‪ ،‬وكالمه‪.‬‬

‫آن‬
‫{مآ أََن َ ْزلَنا َعَل ْي َك اْلُق ْر َ‬
‫أنسا للمحبين فقال‪َ :‬‬
‫قال جعفر‪ :‬أنزل هللا القرآن موعظة للخائفين ورحمة للمذنبين وللمتقين و ً‬
‫لِتَ ْشَق ٰى ِإالَّ تَ ْذ ِك َرًة لِ َمن َي ْخ َش ٰى}‪.‬‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 5‬الى اآلية ‪)5‬‬

‫استََو ٰى‬ ‫الر ْحمـ ُٰن َعَلى اْل َع ْر ِ‬


‫ش ْ‬ ‫َّ َ‬

‫قال مالك بن أنس‪ :‬وقد سئل كيف استوى؟‬

‫قال االستواء غير مجهول‪ ،‬والكيفية غير معقولة واإليمان به واجب والسؤال عنه بدعة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال فارس‪ :‬ليس على الكون مع هللا أثر‪ ،‬وال على هللا من الكون أثر‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬فى قوله‪ :‬الرحمن على العرش استوى‪.‬‬

‫وقال استوى‪ :‬إظهار القدرة إلمكان الذات‪.‬‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 6‬الى اآلية ‪)6‬‬

‫الس ٰم ٰو ِت وما ِفي األ َْر ِ‬


‫ض َو َما َب ْيَن ُه َما َو َما تَ ْح َت الثَّ َر ٰى‬ ‫ِ‬
‫َل ُه َما في َّ َ َ َ َ‬

‫ض} [اآلية‪.]6 :‬‬ ‫ِ‬


‫ات وما ِفي األ َْر ِ‬ ‫قوله تعالى‪َ{ :‬ل ُه َما ِفي َّ‬
‫الس َم َاو َ َ‬

‫قيل فى هذه اآلية‪ :‬له الملك فمن طلب البعض من الكل من غيره أخطأ الطلب ارجع إليه فى جميع مهماتك يكفيك‬
‫فاطلب منه كل طلباتك يجود بها عليك‪.‬‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 7‬الى اآلية ‪)7‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َخَفى‬ ‫وِإن تَجهر ِباْلَقو ِل َفِإَّنه يعَلم ِ‬
‫السَّر َوأ ْ‬ ‫ُ َْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َْ‬ ‫َ‬

‫قال‪ :‬السر ما يطالعه العبد‪ ،‬وال يطالعه الملك‪ ،‬وال الشيطان وال تحس به النفس‪ ،‬وال شهادة العقل وهو فى األضمار‬
‫لم تهوه الهمم‪ ،‬وال تديره الفطن‪ ،‬وهى فى لباب ُلب القلب من حقائق المحض من خطرات اإللهام كشرر النار الكامن‬
‫فى الشجرة الرطبة حتى تمثله اإلرادة والمشيئة‪ ،‬واألحكام فينتقل فى األحوال فهذا هو السر وما هو أخفى فما لم يحن‬
‫ولم يطالع ال يعلمه إال هللا فهو أخفى من الحقائق فإذا ظهر مغلوقه بدأ عمله‪.‬‬

‫وقال الواسطى رحمه هللا‪ :‬السر ما خفى على العباد والذى هو أخفى ما لم يقل له كن‪.‬‬

‫سمعت عبد هللا بن حمد السراوى يقول‪ :‬حدثنا محمد بن منصور الصائغ يقول‪ :‬سمعت مردويه الصائغ يقول‪ :‬سمعت‬
‫غدا‪.‬‬ ‫الفضيل بن عياض يقول‪ :‬فى قوله‪{ :‬يعَلم ِ‬
‫َخَفى} يعلم ما فى نفسك وما تعلمه ً‬
‫السَّر َوأ ْ‬ ‫َْ ُ‬

‫قال الجنيد رحمه هللا‪ :‬يعلم سره فيك وأخفى سره فيك‪.‬‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 9‬الى اآلية ‪)10‬‬

‫يكم ِم ْن َها ِبَقَب ٍ‬


‫س أ َْو أَ ِج ُد َعَلى َّ‬
‫الن ِار‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫يث موسى * ِإ ْذ أرَى نا اًر َفَقال أل ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ام ُكثُوْا إني َآن ْس ُت َنا اًر ل َعلي آت ُ ْ‬
‫َهله ْ‬‫َ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫اك َحد ُ ُ َ ٰ‬
‫َو َه ْل أَتَ َ‬
‫ُه ًدى‬

‫وس ٰى ِإ ْذ َأرَى َنا اًر} [اآلية‪.]10-9 :‬‬ ‫اك َح ِد ُ‬


‫يث ُم َ‬ ‫{و َه ْل أَتَ َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الواسطى‪ :‬موسى خطرت بحسه الخطوط فى أخذ نار فقال النور فال ينبغى ألحد أن ييئس من نفسه جوله من‬
‫شاهد الحظ إلى شاهد الحق‪.‬‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 11‬الى اآلية ‪)12‬‬

‫طًوى‬ ‫اخَل ْع َن ْعَل ْي َك ِإَّن َك ِباْلو ِاد اْلمَقَّد ِ‬


‫س ُ‬ ‫ِ‬
‫وس ٰى * ِإني أََن ْا َرب َ‬
‫ُّك َف ْ‬ ‫َفَل َّمآ أَتَ َ ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ٰم َ‬
‫اها ُنود َي ي ُ‬
‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪َ{ :‬فَل َّمآ أَتَ َ ِ‬
‫وس ٰى * ِإني أََن ْا َرب َ‬
‫ُّك} [اآلية‪.]12-11 :‬‬ ‫ٰم َ‬
‫اها ُنود َي ي ُ‬

‫قال جعفر‪ :‬قيل لموسى عليه السالم‪ :‬كيف عرفت أن النداء هو نداء الحق؟ فقال‪ :‬ألنه أقيانى وشملنى فكأن كل شعرة‬
‫منى كانت مخاطبة بالنداء من جميع الجهات وكأنها تعبر من نفسها بجواب فلما شملتنى أنوار الهيبة وأحاطت بى‬
‫أنوار العزة والجبروت علمت أنى مخاطب من جهة الحق‪ ،‬فلما كان أول الخطاب إنى تم بعده‪ .‬أنا علمت أنه ليس‬
‫متتابعا إال الحق فأدهشت وهو كان محل الفناء فقلت‪ :‬أنت الذى لم تزل‪،‬‬
‫ً‬ ‫جميعا‬
‫ً‬ ‫ألحد أن يخبر عن نفسه باللفظتين‬
‫وال تزال ليس لموسى معك مقام وال له جرأة الكالم إال أن تبقيه ببقائك‪ ،‬وتنعيه بنعوتك‪ .‬فتكون أنت المخاطب‪،‬‬
‫جميعا‪.‬‬
‫ً‬ ‫والمخاطب‬

‫فقال‪ :‬ال يحمل خطابى غيرى‪ ،‬وال يجيبنى سواى أنا المكلم وأنا المكلم وأنت فى الوسط شبح يقع بك محل الخطاب‪.‬‬

‫طًوى} [اآلية‪.]12 :‬‬ ‫اخَل ْع َن ْعَل ْي َك ِإَّن َك ِباْلو ِاد اْلمَقَّد ِ‬


‫س ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ف ْ‬
‫َ ُ‬

‫قال أبو سفيان‪ :‬اخلع نعليك ليصيب قدمك بركة الوادى والوادى بركة قدمك‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال الشبلى‪ :‬اخلع الكل منك تصل إلينا بالكل‪ ،‬فتكون وال تكون‪ ،‬فتحقق فى عين الجمع بكون أخبارك عنا‪ ،‬وفعلك‬
‫فعلنا‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬اخلع نعليك أعرض بقلبك عن الكون فال تنظر إليه بعد هذا الخطاب‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬النعل النفس‪ ،‬والواد المقدس دين المرجان وقت خلوك من نفسك‪ ،‬والقيام معنا بدينك‪ ،‬وقيل اخلع نعليك‬
‫وقال ً‬
‫فإنك بعين موجودك وقال جعفر‪ :‬اقطع عنك العالئق فإنك بأعيننا‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬اخلع نعليك أى‪ :‬أسقط عنك محل الفصل والوصل فقد حصلت فى الواد المقدس وهو الذى يطهرك‬
‫عن األحوال أجمع ويبردك إلى محولها عليك‪.‬‬

‫قيل فى قوله‪ :‬واد المقدس طوى‪ .‬أى‪ :‬أطوى عنك بساط المخالفات فقد حصلت فى هذا الوادى ومطية طوى عن قلبه‬

‫ما ال يكون ً‬
‫مقدسا‪.‬‬

‫اخَل ْع َن ْعَل ْي َك} أى‪ :‬انزع عنك قوة االتصال واالنفصال إنك بالواد المقدس أى‪ :‬بواد االنفراد‬
‫وقال ابن عطاء‪ :‬فى قوله‪َ { :‬ف ْ‬
‫معى ليس معك أحد سواى‪.‬‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 13‬الى اآلية ‪)13‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وحى‬ ‫اختَرتُك َف ِ ِ‬
‫استَم ْع ل َما ُي َ‬
‫َوأََنا ْ ْ َ ْ‬

‫قول الواسطى‪ :‬المختار من جهته من هو مصطنعه ومصطفيه‪َ ،‬و ُم َربيه على يد أعدائه‪ ،‬والملقى محبته فى قلوب‬
‫العقد والميسر له أمره فال يعسر عليه مطلوب بحال‪ ،‬كل هذا‬ ‫عباده فلم يستطيعوا له إال محبة‪ ،‬والمطلق لسانه بحل ُ‬
‫وي ُم ُّن عليه ليكون ثابتًا عند مكافحة الخطاب ومو ً‬
‫اجها لوحى الكالم‪.‬‬ ‫يقدم إليه َ‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 14‬الى اآلية ‪)14‬‬

‫الصالَ َة لِ ِذ ْكرِي‬
‫اعُب ْدِني َوأ َِق ِم َّ‬ ‫ِإَّنِني أََنا َّ‬
‫َّللاُ ال ِإَلـ َٰه ِإال أََن ْا َف ْ‬

‫اعُب ْدِني} [اآلية‪.]14 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّنِني أََنا َّ‬


‫َّللاُ ال ِإَلـ َٰه ِإال أََن ْا َف ْ‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬ال يشغل قلبك بغيرى فعالً‪ ،‬وقوالً‪ ،‬وال تكن من أبناء األفعال واألحصار‪ ،‬واألعمار‪ ،‬والدهور‪.‬‬

‫مطالعا لما سبق من األولية‪ .‬وجرى لك فى األخرية‪ ،‬وإن كان كالهما و ً‬


‫احدا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫كن من أبناء األزل واألبد‬

‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬إشارة إلى الحقيقة الحق إذ األزل واألبد علة وذكر األوقات‪ ،‬الدهور علة‪.‬‬

‫تنسما‬
‫وقال الواسطى رحمه هللا‪ :‬أظهر هذا الخلق فى شموخ وعلو فى أنفسهم فأمرهم لعلة الفاقة‪ ،‬وال لعلة االستغناء ً‬
‫َح َّب أن يريه عجزه‪.‬‬
‫لرؤية االضط ارر قال يا موسى إننى أنا هللا ال إله إال أنا فاعبدنى‪ .‬أ َ‬

‫أيضا‪ :‬بالعبرانية خاطب موسى ثم وصف لمحمد صلى هللا عليه وسلم بقوله‪ِ{ :‬إَّنِني أََنا َّ‬
‫َّللاُ ال ِإَلـ َٰه ِإال أََن ْا} هل‬ ‫وقال ً‬
‫تلونت الصفة بذلك‪ ،‬فإن قال‪ :‬لو لونتها اختالف اللغات لتلونت فى اختالف األوامر والنواهى‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الحسين‪{ :‬ال ِإَلـ َٰه ِإال أََن ْا} تنظيف البشر عن اآللهة‪ .‬وإذا خال السر من تعظيم غيره‪ ،‬فال وجه لهذا القول‪.‬‬

‫{وأ َِق ِم َّ‬ ‫َّللا ال ِإَلـٰه ِإال أَن ْا َف ِ‬ ‫ِِ‬


‫الصالَ َة‬ ‫اعُب ْدني} ابتدأه بالتوحيد‪ ،‬وختم بلسان الطاعة َ‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫قال الواسطى رحمه هللا‪{ :‬إَّنني أََنا َّ ُ‬
‫لِ ِذ ْك ِري}‪.‬‬

‫إلى‪.‬‬
‫قال ابن عطاء‪ :‬أقم معى بحسن األدب‪ ،‬وال تغفل عنى وأنت متوجه َّ‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 17‬الى اآلية ‪)17‬‬

‫وس ٰى‬ ‫ِ ِِِ‬


‫ٰم َ‬
‫َو َما تْل َك بَيمين َك ي ُ‬

‫كالما ال يشبه كالم الحق فلما سمع ذلك الكالم‪ ،‬كاد أن يهيم‪ ،‬فمرًة أضاف العصا إلى‬
‫قال فارس‪ :‬سمع موسى ً‬
‫نفسه‪ ،‬ومرةً أجاب عما لم يسئل كذلك الهيمان‪.‬‬

‫وقال‪ :‬لما غلبت عليه الدعات الصفات رده الحق إلى المخلوق ليسكن ما به‪.‬‬

‫فقال‪ :‬وما تلك بيمينك‪ ،‬شغله باإلجابة عما يكلمه‪ ،‬ولوال ذلك لتفسخ عند ورود الخطاب عليه بغتة‪.‬‬

‫وقال الواسطى رحمه هللا‪ :‬استلذ الخطاب فأخذه عن التمييز فأجاب عما سأل‪ ،‬وعما لم يسأل وقال وما تلك بيمينك‬
‫عندك‪ .‬فقال‪ :‬عصاى‪ ،‬فقال‪ :‬ألقها فإن لنا فيه آيات هى عندك عصا‪ ،‬وهى عندنا حي ُة تسعى‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وس ٰى} قال‪ :‬انفراد هللا بعلم الغيب فللخلق من األشياء ظواهرها وحقيقتها‬ ‫ِ ِِِ‬
‫ٰم َ‬
‫{و َما تْل َك بَيمين َك ي ُ‬
‫وقال ابن عطاء فى قوله‪َ :‬‬
‫عند هللا فكان عند موسى أنها عصى‪ .‬وعند الحق أنها حي ُة فقال له‪ :‬وما تلك بيمينك ليعرفه بذلك مقدار علمه‪ ،‬وإن‬
‫حقائق العلوم ال يعلمها إال هللا فقال‪ :‬عصاى‪ ،‬فقال له بل محالً إلظهار قدرتنا فيه‪.‬‬

‫{و َما ِتْل َك ِبَي ِم ِين َك} قال‪ :‬أثبته بالصفة‪ :‬فقال له‪ :‬أعد إليه النظرة فأعاد النظر حتى تيقن أنها‬
‫وقال الحسين‪ :‬فى قوله‪َ :‬‬
‫عصا فقال‪ :‬عصاى فلما أجاب بالحقيقة إنها عصا قلب عينها فأحالها عن حالها فأعجزه ذلك فقيل‪ .‬إعجازها لألمة‪.‬‬

‫وس ٰى} قال انبسط‬ ‫ِ ِِِ‬


‫ٰم َ‬
‫{و َما تْل َك بَيمين َك ي ُ‬
‫وسمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا بكر بن طاهر يقول‪ :‬فى قوله‪َ :‬‬
‫إليه فى السؤال ليربط على قلبه لعلمه لما يبدو منه فى شهود الكبرياء‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬أحب هللا تعالى أن يبسط موسى فى الكالم كى ال يحتشم فى السؤال‪.‬‬


‫وقال ً‬

‫اي أَتََوَّكأُ َعَل ْي َها} [اآلية‪.]18 :‬‬


‫ص َ‬‫{ع َ‬
‫وقال الجنيد رحمه هللا‪ :‬فى قوله‪َ :‬‬

‫فقال له‪ :‬ألق كلما يعتمد عليه قلبك‪ ،‬أو تسكن إليه نفسك‪ ،‬وإن الكل مجال العلل فإن كل ما تسكن إليه ستهرب منه‬
‫عن قلبك أال تراه قال‪ :‬فأوجس فى نفسه خيفة‪.‬‬

‫ِ‬
‫وس ٰى} أى‪ :‬ألق من نفسك‬ ‫قال الحسين‪ :‬عدد موسى منافع العصا على ربه وسكونه إليها وانتفاعه بها فقال‪{ :‬أَْلق َها ي ُ‬
‫ٰم َ‬
‫السكون إلى منافعها‪ ،‬ومن قلبه حبه ليزول عنه بالفرار منه‪ ،‬خذها وال تخف وراجع إلينا‪ .‬وقيل‪ :‬إن الحكمة فى انقالب‬
‫العصا حي ُة فى وقت الكالم أنه جعلها آيته ومعجزته وال ألقاها بين يدى فرعون‪ ،‬ولم يشاهد منه قبل ذلك ما شهد‬
‫لهرب منه كما هرب فرعون حين بدهته رؤيته‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫{و َما ِتْل َك ِبَي ِم ِين َك‬
‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت جعفر بن نصير يقول سمعت الجنيد يقول‪ .‬فى قوله‪َ :‬‬
‫وس ٰى} قال‪ :‬انفرد الحق بعلم الغيوب‪ ،‬فالخلق من األشياء ظواهرها‪ ،‬وله الحقائق منها‪ ،‬وكان عند موسى أنها عصا‬ ‫ٰم َ‬
‫يُ‬
‫فقط فذكر كل ما يعلم من علمها فأراه هللا فيها ما تفرد به وجعلها حي ُة‪ ،‬والحكمة فيه أنه لو لم يره فيها من اآليات‬
‫مدبر أى‪ .‬ولى ظهره إليه‬
‫لراعه فى وقت االنقالب فأراه ذلك ليالً يفزع وال يجزع فلما رآها حي ًة تهتز كأنها جان ولى ًا‬
‫وأ قبل على ربه‪ ،‬ولم يعقب فقيل‪ :‬له أقبل عليها وال تخف أن يقطعك النظر إليها عنى‪.‬‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 18‬الى اآلية ‪)18‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َق ِ‬


‫ُخ َر ٰى‬ ‫ش ب َها َعَل ٰى َغَنمي َولِ َي ف َ‬
‫يها َم ِآر ُب أ ْ‬ ‫اي أَتََوَّكأُ َعَل ْي َها َوأ ُ‬
‫َه ُّ ِ‬
‫ص َ‬‫ال ه َي َع َ‬
‫َ‬

‫اي أَتََوَّكأُ َعَل ْي َها} [اآلية‪.]18 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ق ِ‬


‫ص َ‬‫ال ه َي َع َ‬
‫َ‬

‫قال فارس‪ :‬ذكر كلما فيها من وجوه المنافع ليالً تكون له معاودة إلى ذلك فيستلذ بخطاب سيده وعتابه‪.‬‬

‫اي} جواب والذى بعده ذكر ما أنعم هللا عليه بالعصا من المنافع فكان بعد قوله‪:‬‬
‫ص َ‬‫{ع َ‬
‫قال أبو بكر الوراق‪ :‬قوله‪َ :‬‬
‫اي} لسان الشكر‪.‬‬
‫ص َ‬ ‫{ع َ‬
‫َ‬

‫اي} إضافة بالملك إلى نفسه ولم يكن له بواجب فى الحقيقة أن يرى لنفسه ً‬
‫ملكا وهو‬ ‫ص َ‬‫{ع َ‬
‫قال ابن عطاء‪ :‬فى قوله‪َ :‬‬
‫حي ٌة تسعى‪ .‬قال خذها‪ :‬أى خذ عصاك وال تهرب‬
‫بين يدى الحق فلما أضافها إلى نفسه قال‪ :‬ألقها فألقاها فإذا هى َّ‬
‫ف}‬
‫{خ ْذ َها َوالَ تَ َخ ْ‬
‫ملكا إلى نفسه فتعطف الحق عليه فقال‪ُ :‬‬
‫مما ادعيت الملك فيه لنفسك فخاف‪ ،‬وتب أر من إضافتها ً‬
‫فإنها لن تضرك‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ‬
‫ُخ َر ٰى} [اآلية‪.]18 :‬‬ ‫{ولِ َي ف َ‬
‫يها َم ِآر ُب أ ْ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬سرائر مغيبة عنى فى العصا‪ .‬غطيتها على تبدوا لى ذلك فإن تكشفه لى من اآليات والكرامات‪.‬‬

‫وقال جعفر‪ :‬منافع شتى وأكبر منفعة لى فيها خطابك إياى بقولك‪ :‬وما تلك بيمينك يا موسى‪.‬‬

‫قال سهل‪ :‬ذكر موسى من العصا مآرب ومنافع فأراه هللا فى عصاه منافع ومآرب كانت خافية مع موسى من انقالبه‬
‫العصا ثعبان‪ ،‬وضربه الحجر فى انحباس الماء‪ ،‬وضربه البحر فانفلق وغير ذلك أراه بذلك أن علم الخلق وإن كانوا‬
‫مؤيدين بالنبوة قاصر على علم الحق فى األكوان‪.‬‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 19‬الى اآلية ‪)19‬‬

‫َق ِ‬
‫وس ٰى‬ ‫ال أَْلق َها ي ُ‬
‫ٰم َ‬ ‫َ‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬اطرح عن نفسك السكون إلى العصا واالعتماد عليها‪ ،‬وعد المنافع فيها فلما ألقاها وخال‬
‫منها سره‪ ،‬قال‪ :‬خذها اآلن منا على شرط أن ترانا النافع الضار ال األسباب‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬ألقها من يدك فإنك أخذتها من غيرنا فعددت فيها أسباب المنافع وخذها من ا لتكون ولى نعمتك‬
‫دون غيرنا‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬ألقها فإنك قد ألفتها‪ ،‬وسكنت إلى منافعها وخذها عن أمرنا لترى فيها المنافع التامة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة طه (من اآلية ‪ 21‬الى اآلية ‪)21‬‬

‫ف َسُن ِع ُيد َها ِس َيرتَ َها األُوَل ٰى‬


‫ال ُخ ْذ َها َوالَ تَ َخ ْ‬
‫َق َ‬

‫ف} [اآلية‪.]21 :‬‬


‫{خ ْذ َها َوالَ تَ َخ ْ‬
‫قوله تعالى‪ُ :‬‬

‫قال الجنيد رحمه هللا‪ :‬كان خوف موسى عليه السالم خوف تسليط‪ ،‬ال خوف الطبع‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬خوف موسى من العصا أنه شاهد أثر سخطه فيه لذلك قال‪ :‬من طالق فى وقت الذكر‬
‫بالسخط والعقوبة ذكره بالنية ال باالنبساط‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬رأى موسى على عصاه كسوة من سخط الحق فلم يأمن مكره‪.‬‬
‫وقال ً‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 23‬الى اآلية ‪)23‬‬

‫لُِن ِرَي َك ِم ْن َآي ِاتَنا اْل ُك ْب َر ٰى‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال أبو عبد هللا الروذبارى‪ :‬فى سؤال موسى عليه السالم ربه شرح صدره‪ ،‬وإطالق لسانه‪ ،‬ومؤازرة أخيه لم يسأله‬
‫ضعفا عن التبليغ ألن هللا أيده بالثبات والتمكين ولكنه عليه السالم وقف مقام حق بين يدى الحق يسأل بلسان الحق‪.‬‬
‫ً‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 25‬الى اآلية ‪)27‬‬

‫احُل ْل ُعْق َد ًة ِمن لِ َس ِاني‬ ‫ِ ِ‬


‫ص ْدرِي * َوَيس ْر لي أ َْمرِي * َو ْ‬
‫َقال ر ِب ْ ِ‬
‫اش َرْح لي َ‬ ‫َ َ‬

‫احُل ْل ُعْق َد ًة ِمن لِ َس ِاني} [اآلية‪.]27-25 :‬‬ ‫ِ ِ‬


‫ص ْدرِي َوَيس ْر لي أ َْمرِي َو ْ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬ر ِب ْ ِ‬
‫اش َرْح لي َ‬ ‫َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬لما كلم هللا موسى عليه السالم لم يكن بعد ذلك فيه من الفضل أن يتكلم مع غيره فلما أمره هللا عز‬

‫وجل بالذهاب إلى فرعون‪ ،‬قال‪ :‬واحلل ُعقدة من لسانى إن لم تطلق لسانى أنت‪ ،‬وتحل هذه ُ‬
‫العقدة عنه كيف يتهيأ لى‬
‫الكالم مع مخلو ٍق بعد أن كلمتنى‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬اكشف لى عن صدرى حتى ال أشاهد غيرك‪ ،‬ويسر لى أمرى حتى ال أنظر‪ ،‬وال أنطق إال بمعرفتك‪،‬‬
‫واحلل عقدة اإلنسانية من لسانى حتى ال أتكلم إال بما التقفته منك‪.‬‬

‫وقال أيضاً‪ :‬أراد به العقدة النفسانية‪.‬‬

‫وقال جعفر‪ :‬لما كلم هللا موسى عقد لسانه موسى عن مكالمة غيره فلما أمره بالذهاب إلى فرعون فأجاب يسره فقال‪:‬‬

‫واحلل عقدة من لسانى ألكون ً‬


‫قائما باألمر على أتم مقام‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬اشرح لى صدرى "اكشف لى قلبى حتى ال أرى غيرك‪ ،‬وأقتنى عن نفسى حتى ال أرى غير فضلك‬
‫ومعروفك‪ ،‬ويسر لى أمرى حتى ال أنطق بغير معرفتك وإحسانك‪ ،‬واحلل عقدة اإلنسانية من لسانى حتى ال أتكلم إال‬
‫بما يقربنى منك‪.‬‬

‫سمعت منصور بن عبد هللا الهروى يقول‪ :‬سمعت أبا بكر بن عبد هللا بن طاهر يقول‪ :‬ضاق صدر موسى بخطاب‬
‫اآلدميين بعد موقفه مع ربه وكالمه فلما أرسله إلى فرعون قال رب اشرح لى صدرى ِ‬
‫هون َّ‬
‫على مخاطبة غيرك بعد أن‬
‫استعذتنى بخطابك‪.‬‬

‫ص ْد ِري}‬ ‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم البزار يقول‪ :‬قال ابن عطاء‪ :‬فى قوله‪{ :‬ر ِب ْ ِ‬
‫اش َرْح لي َ‬ ‫َ‬
‫الستماع كالمك‪ ،‬ويسر لى أمرى بالوقوف معك واحلل عقدة لسانى النفسانية‪.‬‬

‫احُل ْل ُعْق َد ًة ِمن لِ َس ِاني}‪ .‬قال‪ :‬ما سأل هللا‬ ‫ِ ِ‬


‫ص ْدرِي َوَيس ْر لي أ َْمرِي َو ْ‬
‫قال الجنيد رحمه هللا فى قوله‪{ :‬ر ِب ْ ِ‬
‫اش َرْح لي َ‬ ‫َ‬
‫موسى إال األخالق‪.‬‬

‫وقال الحسين‪ :‬لما أزال الحق عنه التوقف وجاء إلى هللا باهلل ولم يبق عليه باقية بها يتمتع أقيم مقام المواجهة‪ ،‬وأطلق‬
‫بطر إلى أليق األحوال به فسأل قلبه‪ ،‬وشرح صدره لتتسع لمقام المواجهة والمخاطبة ثم نظر إلى أليق‬ ‫مصطنعة لسانه ًا‬
‫األحوال به فإذا هو تيسر أمره فسأل ذلك على تمام الترقى به حاله إلى أرفع المقام وهو المجئ إلى هللا باهلل لعلمه بأن‬
‫من وصل إليه ال يعترض عليه عارضة محال ثم نظر إلى أليق األحوال به فسأل حل العقدة من لسانه ليكون إذ ذاك‬
‫لنطقه وبيانه فلما تمت له هذه األحوال صلح إلى هللا وكان للمجيد ممن وفى المواقيت حقها غابت عنه األحوال فلم‬
‫وس ٰى}‪.‬‬
‫ٰم َ‬ ‫يرها وذهبت عن عينه وظهوره وما عداها إال ما كان للحق منه‪ ،‬ومعه حتى تحقق بقوله {َق ْد أُوِت َ‬
‫يت ُس ْؤَل َك ي ُ‬

‫قال بعضهم‪ :‬سأله حل عقدة الحياء عنه فإنه استحيى أن يخاطب عدو هللا فرعون بلسان خاطب الحق‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة طه (من اآلية ‪ 33‬الى اآلية ‪)34‬‬

‫ك َكِثي اًر‬ ‫ِ‬


‫َك ْي ُن َسِب َح َك َكثي اًر * َوَن ْذ ُك َر َ‬

‫{كي ُن َسِب َح َك َكِثي اًر} استكثر ما منا من العبادة‬ ‫قال ابن عطاء‪ :‬ال يخطرن بسرك ما خطر لموسى‪ .‬حيث قال‪:‬‬
‫َْ‬
‫والتسبيح ال يخطرن بك ما خطر به‪.‬‬

‫قال جعفر‪ :‬قيل لموسى‪ :‬استكثرت تسبيحك وتكبيرك ونسيت بدايات فضلنا عليك فى حفظك فى اليم وردك إلى أمك‬
‫وتربيتك فى حجر عدوك‪ ،‬وأكثر من هذا كله خطابنا معك وكالمنا إياك‪ ،‬وأكثر من هذا كله إخبارنا باصطناعنا لك‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬اشرح لى صدرى بنور القربة‪ ،‬واحلل عقدة من لسانى‪ .‬أى‪ :‬عقدة االختيار‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬واحلل عقدة من لسانى‪ .‬أى‪ :‬عقدة اإلنسانية حتى ال يكون كالمى إال عنك وبك‪.‬‬
‫وقال ً‬

‫كان الواسطى‪ :‬إذا ضرب عليه ضربته نسى كثير تسبيحه وأرجع إلى حال االلتجاء‪.‬‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 36‬الى اآلية ‪)36‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وس ٰى‬
‫ٰم َ‬ ‫ال َق ْد أُوِت َ‬
‫يت ُس ْؤَل َك ي ُ‬ ‫َق َ‬

‫وس ٰى} [اآلية‪.]36 :‬‬


‫ٰم َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ق ْد أُوِت َ‬
‫يت ُس ْؤَل َك ي ُ‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬سأل ربه ابتداء شرح صدره فجاز االقتداء به للعوام دون الخواص ألن هللا أعلم بما فيه إبالغ‬

‫وس ٰى * َوَلَق ْد َمَنَّنا َعَل ْي َك َمَّرًة أ ْ‬


‫ُخ َر ٰى} [اآلية‪.]37 :‬‬ ‫ٰم َ‬ ‫رسالته وأداء أمانته أال ترى إلى قوله‪َ { :‬ق ْد أُوِت َ‬
‫يت ُس ْؤَل َك ي ُ‬

‫طَن ْعتُ َك لَِنْف ِسي} [اآلية‪.]41 :‬‬


‫اص َ‬
‫{و ْ‬
‫فذكر أيام حداثته ثم رده إلى أصله‪ ،‬ثم رده من أصله إلى أصل األصل فقال‪َ :‬‬
‫اس ِب ِرَساالَِتي} [األعراف‪.]144 :‬‬ ‫الن ِ‬
‫طَف ْيتُ َك َعَلى َّ‬
‫اص َ‬ ‫ِِ‬
‫فأضافه إلى نفسه ثم أكد ذلك بقوله‪{ :‬إني ْ‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 39‬الى اآلية ‪)39‬‬

‫ِِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬


‫ْخ ْذهُ َع ُدٌّو لي َو َع ُدٌّو ل ُه َوأَْلَق ْي ُت َعَل ْي َك َم َحَّب ًة مني َولِتُ ْ‬
‫صَن َع‬ ‫يه ِفي اْلَي ِم َفْلُيْلِق ِه اْلَي ُّم ِب َّ‬
‫الس ِ‬
‫اح ِل َيأ ُ‬
‫وت َفا ْق ِذ ِف ِ‬
‫ُ‬
‫َن ا ْق ِذ ِف ِ‬
‫يه ِفي التَّاب ِ‬ ‫أِ‬
‫َعَل ٰى َع ْيِني‬

‫{وأَْلَق ْي ُت َعَل ْي َك َم َحَّب ًة ِمِني} [اآلية‪.]39 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال سرى السقطى‪ :‬ألقى عليه ً‬


‫لطفا من لطفه يستجلب به قلوب عباده‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬ألقيت عليك محبة منى لك فمن رأى فيك محبتى لك أحبك بحبى بك‪.‬‬

‫ٍ‬
‫بمالحة من عندى حتى ال تصلح لغيرى‪ ،‬ويحبك من يرى بك المالحة فيك‪.‬‬ ‫وقال فارس‪ :‬زينتك‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫الح ْسن؟ لِ َم َل ْم يكن يستوجب المحبة؟ قال‪ :‬الحسن ال يوجب المحبة‪ ،‬والمالحة توجب‬
‫فقيل‪ :‬أليس يوسف أعطى شطر ُ‬
‫المحبة‪ ،‬أال ترى النبى صلى هللا عليه وسلم كان عليه (مالحة ممزوجة بهيبة)‪.‬‬

‫ِِ‬
‫فقيها‪ ،‬فيفتن‬
‫شجاعا‪ً ،‬‬
‫ً‬ ‫{وأَْلَق ْي ُت َعَل ْي َك َم َحَّب ًة مني} فقال‪ :‬المحبة تمتزج ألقوام كرجل يكون ً‬
‫سخيا‬ ‫قال الواسطى رحمه هللا‪َ :‬‬
‫الناس على ذلك‪ ،‬والمحبة والتى ألقى على موسى ما زال ملقى عليه وهو فى صلب عمران أال ترى فرعون لما شاهد‬
‫الملقى عليه فى صغره من غير مزاج كيف رباه؟ مع ما كان يقتل من أوالد بنى إسرائيل وذلك إللقاء المحبة عليه‪.‬‬

‫لطفا ال يراه أحد إال أحبه‪.‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬ألقى عليك ً‬

‫قال بو بكر بن طاهر‪ :‬أحببتك فحببتك إلى أحبائى‪.‬‬

‫وقال سهل‪ :‬أظهر هللا عليه ميراث علمه‪ ،‬وأورثه محبته فى قلوب عباده‪.‬‬

‫{وأَْلَق ْي ُت َعَل ْي َك َم َحَّب ًة ِمِني}‪ :‬ال يراك أحد إال رق لك‪ ،‬ومال إليك‪.‬‬
‫قال القياد فى قوله‪َ :‬‬

‫أيضا‪ :‬سبقت لك منى العناية بفضل االختصاص على غيرك فخصصت بالذكر فى الثناء ومن اصطنعه هللا لنفسه‬
‫و ً‬
‫لم تسترقه طمع نفسه غيره‪.‬‬

‫صَن َع َعَل ٰى َع ْيِني} [اآلية‪.]39 :‬‬


‫{ولِتُ ْ‬
‫قوله تعالى ذكره‪َ :‬‬

‫قال الواسطى رحمه هللا فى هذه اآلية ما يجئ نبى وال ولى من محبته‪ ،‬وال سلم أحد من منته‪ .‬وهذا معنى قوله‪:‬‬
‫صَن َع َعَل ٰى َع ْيِني}‪.‬‬
‫{ولِتُ ْ‬
‫َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬فى هذه اآلية أنا مشاهد لك حافظ أرعاك بعينى وال أسلم بسياستك إلى غيرى‪ ،‬ليعلمه حسن العناية‬
‫به‪.‬‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 40‬الى اآلية ‪)40‬‬

‫اك ِم َن‬ ‫ِ‬


‫اك ِإَل ٰى أُم َك َك ْي تََقَّر َع ْيُنها َوالَ تَ ْح َزَن َوَقَتْل َت َنْفساً َفَن َّج ْيَن َ‬‫َمن َي ْكُفُل ُه َف َر َج ْعَن َ‬ ‫ول َه ْل أ َُدُّل ُك ْم َعَل ٰى‬ ‫ِإ ْذ تَ ْم ِشي أ ْ‬
‫ُختُ َك َفتَُق ُ‬
‫ِ‬ ‫َه ِل‬ ‫اْل َغ ِم وَفتََّناك ُفتُوناً َفَلِب ْثت ِسِن ِ‬
‫وس ٰى‬ ‫َم ْدَي َن ثُ َّم ج ْئ َت َعَل ٰى َق َد ٍر ي ُ‬
‫ٰم َ‬ ‫ين في أ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬

‫اك ِم َن اْل َغمِ} [اآلية‪.]40 :‬‬


‫{وَقَتْل َت َنْفساً َفَن َّج ْيَن َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬ألقاه فى أعظم كبيرة حتى ال يوجد طعم االصطفاء بقوله { َقَتْل َت َنْفساً}‪.‬‬

‫{وَفتََّن َ‬
‫اك ُفتُوناً} [اآلية‪.]40 :‬‬ ‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال أبو الحارث األوالسى‪ :‬فتناك بنا عما سوانا‪.‬‬

‫طبخا حتى صلحت لبساط القرب واألنس‪.‬‬


‫وقال ابن عطاء‪ :‬طبخناك بالبالء ً‬

‫أيضا‪ :‬نجيناك من قومك وفتناك بنا عما سوانا‪.‬‬


‫وقال ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال سهل‪ :‬أفنينا نفسك الطبيعى‪ ،‬وربعناها حتى ال تأمن مكر هللا‪.‬‬

‫ِ‬
‫وس ٰى} [اآلية‪.]40 :‬‬ ‫قوله عز وجل‪{ :‬ج ْئ َت َعَل ٰى َق َد ٍر ي ُ‬
‫ٰم َ‬

‫قال‪ :‬قدرنا لك سبيل المعرفة ووقتها فجئت على ذلك القدر‪.‬‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 41‬الى اآلية ‪)41‬‬

‫طَن ْعتُ َك لَِنْف ِسي‬


‫اص َ‬
‫َو ْ‬

‫قال الخراز‪ :‬فى هذه اآلية قال‪ :‬فمن أين وإلى أين فمنه وإليه وبه‪ ،‬وفنا فنائه‪ ،‬لبقا بقائه فحقيقة فنائه‪.‬‬

‫طَن ْعتُ َك لَِنْف ِسي} قال‪ :‬استخلصتك بسرى وأختصصتك بمخاطبتى‪.‬‬


‫اص َ‬
‫{و ْ‬
‫وقيل فى قوله‪َ :‬‬

‫قال‪ :‬أخلصتك لى حتى ال تصلح لغيرى‪.‬‬

‫وقال أبو سعيد الخراز‪ :‬فى بعض كتبه غير أن أولياء هللا رهائن هلل فى أشياء جهنم قد خباهم‪ .‬وأحقاقهم فى أنفسهم‬
‫طَن ْعتُك لنفسى‪.‬‬
‫اص َ‬
‫من أنفسهم لنفسه وهذا مقام االصطناع الذى قال هللا لموسى‪ :‬و ْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬حتى ال يملك غيرى فإن نفوس المؤمنين نفوس آتية استرقها الحق فال يملكها سواه‪.‬‬

‫طَن ْعتُك لنفسى‪.‬‬


‫اص َ‬
‫قال بعضهم‪ :‬أوجده طعم االصطفاء بقوله‪ :‬و ْ‬

‫مفردا بالتجريد ال يشغلك عنى به شىء‪.‬‬


‫قال سهل‪ :‬أى ً‬

‫قال الخراز‪ :‬فطرتك صنعة يدعو إلى ال إلى نفسك وغيرك يدعو إلى نفسه ال إلى‪.‬‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 42‬الى اآلية ‪)42‬‬

‫وك ِب َآي ِاتي َوالَ تَِنَيا ِفي ِذ ْكرِي‬


‫َخ َ‬
‫َنت َوأ ُ‬
‫ا ْذ َه ْب أ َ‬

‫{والَ تَِنَيا ِفي ِذ ْك ِري} [اآلية‪.]42 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال سهل‪ :‬ال تكثر الذكر باللسان‪ ،‬وتغفل عن مراقبة القلب‪.‬‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 43‬الى اآلية ‪)43‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ا ْذ َهَبآ ِإَل ٰى ِف ْرَع ْو َن ِإَّن ُه َ‬
‫ط َغ ٰى‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬اإلشارة إلى فرعون وهو المبعوث فى الحقيقة إلى السحرة‪ ،‬فإن هللا ال يرسل أنبياءه إلى أعدائه‪ ،‬ولم‬
‫يكن ألعدائه عنده من الخطر ما يرسل إليهم أنبياءه‪ ،‬ولكن يبعث األنبياء إليهم ليخرج أولياءه المؤمنين من بين أعدائه‬
‫الكفرة‪.‬‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 44‬الى اآلية ‪)44‬‬

‫َفُقوالَ َل ُه َق ْوالً َّلِيناً َّل َعَّل ُه َيتَ َذ َّك ُر أ َْو َي ْخ َش ٰى‬

‫قوله تعالى‪َ { :‬فُقوالَ َل ُه َق ْوالً َّلِيناً} [اآلية‪.]44 :‬‬

‫قال يحيى بن معاذ‪ :‬هذا رفقك بمن يدعى الربوبية فكيف رفقك بم يدعى العبودية‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬هذا رفقك من أذاك‪ ،‬فكيف رفقك بمن يؤذى فيك وهذا رفقك بمن عاداك‪ ،‬فكيف رفقك بمن عادى فيك‪ .‬وهذا‬
‫رفقك مع أعدائك فكيف رفقك مع أوليائك‪.‬‬

‫وقال النهرجورى‪ :‬هذا رفقك بمن جحدك وبارزك فكيف رفقك بمن عبدك وخضع لك‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬قال هللا لموسى‪َ { :‬فُقوالَ َل ُه َق ْوالً َّلِيناً}‪.‬‬


‫وقال ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال هللا لموسى‪ :‬إنه أحسن إليك فى ابتداء أمرك فلم تكافئه فأحببت أن أكافئه عنك‪.‬‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 46‬الى اآلية ‪)46‬‬

‫ِِ‬
‫ال الَ تَ َخا َفآ إَّنني َم َع ُك َمآ أ ْ‬
‫َس َم ُع َوأ ََر ٰى‬ ‫َق َ‬
‫ِِ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬الَ تَ َخا َفآ إَّنني َم َع ُك َمآ أ ْ‬
‫َس َم ُع َوأ ََر ٰى} [اآلية‪.]46 :‬‬

‫قال سهل‪ :‬أمر هللا تعالى أنه ومعهما بالنصرة‪ .‬مشاهد لهما فى كل حال بالقوة‪ ،‬والمعونة‪ ،‬والتأييد لئال يخافا عند إبالغ‬
‫الرسالة بحال‪.‬‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 47‬الى اآلية ‪)47‬‬

‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫السالَ ُم َعَل ٰى َم ِن اتََّب َع اْل ُه َد ٰى‬
‫ِك َو َّ‬ ‫يل َوالَ تُ َعذ ْب ُه ْم َق ْد ِج ْئَن َ‬
‫اك ِب َآية من َّرب َ‬ ‫َفأْتَياهُ َفُقوال ِإَّنا َرُسوالَ َرب َ‬
‫ِك َفأ َْرِس ْل َم َعَنا َبني إ ْس َرائ َ‬

‫السالَ ُم َعَل ٰى َم ِن اتََّب َع اْل ُه َد ٰى} [اآلية‪.]47 :‬‬


‫{و َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬اتباع الهدى بسابقة الهدى فمن سبقت له من هللا الهداية اتبع الهدى فى جميع أحواله‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة طه (من اآلية ‪ 55‬الى اآلية ‪)55‬‬

‫يها ُن ِع ُيد ُك ْم َو ِم ْن َها ُن ْخ ِر ُج ُك ْم تَ َارًة أ ْ‬


‫ُخ َر ٰى‬ ‫ِم ْن َها َخَلْقَن ُ‬
‫اك ْم َوِف َ‬

‫قال ‪ -‬قيل ليحيى بن معاذ‪ :‬ما بال اإلنسان يحب الدنيا‪.‬‬

‫قال فحق له أن يحبها منها خلق فهى أمه‪ ،‬وفيها نشأ فهى عيشه‪ ،‬ومنها قد رزقه فهى حياته‪ ،‬وفيها يعاد‪ ،‬وهى ممر‬
‫الصالحين إلى هللا فكيف ال يحب طريًقا يأخذ بسالكه إلى جوار ربه‪.‬‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 67‬الى اآلية ‪)67‬‬

‫وس ٰى‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬


‫َفأ َْو َج َس في َنْفسه خ َيف ًة ُّم َ‬

‫سئل ابن عطاء فى هذه اآلية فقال‪ :‬ما كانت هذه الخيفة وهللا يقول‪{ :‬الَ تَ َخا َفآ ِإَّنِني َم َع ُك َمآ} قال‪ :‬خاف على قومه أن‬
‫يفوتهم حظهم من هللا‪ ،‬وما خاف على نفسه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة طه (من اآلية ‪ 68‬الى اآلية ‪)68‬‬

‫َعَل ٰى‬ ‫ف ِإَّن َك أ َ‬


‫َنت األ ْ‬ ‫ُقْلَنا الَ تَ َخ ْ‬

‫قال ابن عطاء‪" :‬ال تخف فإنك بمرأى منا ومسمع‪ ،‬ونحن معك لتقتنع أحوالك فإنك القائم بالمسبب وهم القائمون‬
‫المعتمدون على األسباب‪".‬‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 72‬الى اآلية ‪)72‬‬

‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ات َو َّال ِذي َف َ‬


‫َقاُلوْا َلن ُّنؤِثرك عَلى ما جآءنا ِمن اْلبِين ِ‬
‫اض ِإَّن َما تَْقضي َهـٰذه اْل َحَي َ‬
‫اة ُّ‬
‫الد ْنَيآ‬ ‫َنت َق ٍ‬ ‫ط َرَنا َفا ْق ِ‬
‫ض َمآ أ َ‬ ‫ْ َ َ َ ٰ َ َ ََ َ َ َ‬
‫قوله عز وجل‪َ { :‬قاُلوْا َلن ُّنؤِثرك عَلى ما جآءنا ِمن اْلبِين ِ‬
‫ات} [اآلية‪.]72 :‬‬ ‫ْ َ َ َ ٰ َ َ ََ َ َ َ‬

‫قال ذو النون‪ :‬من آثر هللا على األشياء هان عليه فيلقى فى ذات هللا ألنه آثر األثير‪ ،‬وحصل فى حمله اللطيف‬
‫الخفيف‪.‬‬

‫ٍ‬
‫قاض‪ ،‬افعل بنا ما‬ ‫ِ‬
‫فاقض ما أنت‬ ‫كيسا على السحرة لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات‪ ،‬والذى فطرنا‬
‫قال هللا‪ :‬جاء ً‬
‫كنت فاعالً‪ ،‬والذى كشف لنا عنه سهل فى مشاهدته حمل المون‪ ،‬ومالقاة المكاره والضرر‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة طه (من اآلية ‪ 81‬الى اآلية ‪)81‬‬

‫ضِبي َفَق ْد َهَو ٰى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اكم والَ َت ْ ِ ِ ِ‬ ‫ُكُلوْا ِمن َ ِ ِ‬
‫ضِبي َو َمن َي ْحل ْل َعَل ْيه َغ َ‬
‫ط َغ ْوْا فيه َفَيح َّل َعَل ْي ُك ْم َغ َ‬ ‫طيَبات َما َرَزْقَن ُ ْ َ‬

‫اك ْم} [اآلية‪.]81 :‬‬ ‫طِيب ِ‬


‫ات َما َرَزْقَن ُ‬ ‫قوله تعالى‪ِ ُ :‬‬
‫{كُلوْا من َ َ‬

‫قال سهل‪ :‬كلوا من طيبات مما رزقناكم‪ ،‬كلوا منها القوام وإمساك الرمق فإنه الطيب من الرزق‪ ،‬وال تطغوا فيه أى ال‬
‫تشيعوا فتسكروا عن الذكر‪.‬‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 82‬الى اآلية ‪)82‬‬

‫اهتَ َد ٰى‬ ‫وإِِني َل َغَّفار لِمن تَاب وآمن وع ِمل ِ‬


‫صال َحاً ثُ َّم ْ‬
‫َ َ ََ َ َ َ َ‬ ‫ٌ َ‬ ‫َ‬

‫قا ل ابن عطاء‪ :‬لمن رجع عن طريق المخالفة إلى طريق الموافقة وصدق موعد هللا فيه وله‪ ،‬واتبع السنة ثم اهتدى‪،‬‬
‫مسلكا وطر ًيقا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ثم قام على ذلك ال يطلب سواه‬

‫صالحا وأقام على ذلك ثم اهتدى ثم لزم السنة‪.‬‬


‫ً‬ ‫قال فارس‪ :‬لغفار لمن تاب من الشرك‪ ،‬وآمن بالحق وعمل‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫إلى فى مهماته ولم يرجع إلى غيرى وآمن وشاهدنى ولم يشهد معى‬ ‫اب} لمن رجع َّ‬ ‫َّ ِ‬ ‫قال جعفر‪ِ :‬‬
‫{وإِني َل َغف ٌار ل َمن تَ َ‬
‫َ‬
‫َع َجَل َك َعن‬
‫{و َمآ أ ْ‬
‫صالحا أخلص قلبه لى ثم اهتدى ثم لم يخالف سنة النبى صلى هللا عليه وسلم قوله‪َ :‬‬ ‫ً‬ ‫سواى‪ ،‬وعمل‬
‫وس ٰى} [اآلية‪.]83 :‬‬ ‫ِ‬
‫ٰم َ‬
‫َقوم َك ي ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قال بعضهم‪ :‬عجلته أوقعته فى فتنة قومه حتى قيل له‪َ { :‬فِإَّنا َق ْد َفتََّنا َق ْو َم َك من َب ْعد َ‬
‫ك}‪ .‬وأنشد ‪:‬‬

‫ـس‬
‫ـس َل ْب ُ‬
‫كالنـا بعزتـه َمبَل ُ‬ ‫أقـول لـه عنـد توديعـه‬

‫لقـد سافـرت معـك األنفـس‬ ‫لئـن رجعـت عنـك أجسادنا‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 84‬الى اآلية ‪)84‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال ُه ْم أ ُْوالء َعَل ٰى أَثَرِي َو َع ِجْل ُت ِإَل ْي َك َر ِب لتَ ْر َ‬
‫ض ٰى‬ ‫َق َ‬
‫ِ‬
‫{و َع ِجْل ُت ِإَل ْي َك َر ِب لتَ ْر َ‬
‫ض ٰى} [اآلية‪.]84 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬عجلت إليك شوًقا منى إليك‪ .‬واستهانة بمن هو أنت مبعوث إليهم فقال‪ :‬هم أوالء على أثرى‬
‫وقيل‪ :‬الشوق فرض أو نافلة‪ :‬قيل فرض ألنه يتولد من حقيقة الحب‪ ،‬قال النبى صلى هللا عليه وسلم حب هللا لما‬
‫يغدوكم من نعمة‪ ،‬وقال لذلك لم تقل هللا رضيت لما قال عجلت إليك رب لترضى وقابله الشوق‪ ،‬وطلب الرضوان بان‬
‫بذلك أن الشوق عليهم بعد‪ ،‬والمحبة عنهم أفقد‪.‬‬

‫وقال أبو العباس الدينورى فى هذه اآلية‪ :‬أى لتعلم أنى أحبك وال قرار لى مع غيرك‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة طه (من اآلية ‪ 85‬الى اآلية ‪)85‬‬

‫الس ِ‬
‫َضَّل ُه ُم َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِي‬
‫امرُّ‬ ‫ال َفِإَّنا َق ْد َفتََّنا َق ْو َم َك من َب ْعد َ‬
‫ك َوأ َ‬ ‫َق َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬فِإَّنا َق ْد َفتََّنا َق ْو َم َك من َب ْعد َ‬
‫ك} [اآلية‪.]85 :‬‬

‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم البزار يقول‪ .‬قال ابن عطاء فى قوله‪َ{ :‬فِإَّنا َق ْد َفتََّنا َق ْو َم َك ِمن‬
‫ك} قال‪ :‬قال هللا‪ :‬تدرى من أين أتيت؟ قال‪ :‬ال يا رب قال حين قلت لهارون أخلفنى فى قومى أين كنت أنا حين‬ ‫ِ‬
‫َب ْعد َ‬
‫اعتمدت على هارون؟‪.‬‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 86‬الى اآلية ‪)86‬‬

‫ِ‬
‫ال َعَل ْي ُك ُم اْل َع ْه ُد أ َْم أ ََردتُّ ْم أَن َي ِح َّل َعَل ْي ُك ْم‬
‫ط َ‬ ‫ال يَٰق ْو ِم أََل ْم َي ِع ْد ُك ْم َرب ُ‬
‫ُّك ْم َو ْعداً َح َسناً أََف َ‬ ‫ِ‬
‫وس ٰى ِإَل ٰى َق ْو ِمه َغ ْ‬
‫ض َٰب َن أَسفاً َق َ‬ ‫َف َر َج َع ُم َ‬
‫َخَلْفتُ ْم َّم ْو ِع ِدي‬ ‫ض ٌب ِمن َّرب ُ‬
‫ِك ْم َفأ ْ‬ ‫َغ َ‬

‫ان أ َِسفاً} [اآلية‪.]86 :‬‬ ‫ِ‬


‫وس ٰى ِإَل ٰى َق ْو ِمه َغ ْ‬
‫ضَب َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ف َر َج َع ُم َ‬

‫أسفا على ما فاته من مناجاة‬


‫أسفا لماذا‪ ،‬قال‪ :‬غضبان على نفسه إذ ترك قومه حتى ضلوا‪ ،‬و ً‬
‫غضبان على ماذا‪ ،‬و ً‬
‫ربه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫أسفا على ما فاته من مخاطبة الحق من ال أوزان لهم فرده من شوقه إلى شاهده‪ ،‬ولم يظفر بمعيته وال‬
‫وقال الشبلى‪ً :‬‬
‫أسفا من وجده‪ ،‬فغضبه كان من ذلك‪.‬‬
‫ً‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 99‬الى اآلية ‪)99‬‬

‫اك ِمن َّل ُدَّنا ِذ ْك اًر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َك ٰذلِ َك َنُق ُّ‬
‫ص َعَل ْي َك م ْن أ َْنَبآء َما َق ْد َسَب َق َوَق ْد آتَْيَن َ‬

‫{ك ٰذلِ َك َنُق ُّ‬


‫ص َعَل ْي َك ِم ْن أ َْنَب ِآء َما َق ْد َسَب َق} [اآلية‪.]99 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬موعظة بعد موعظة‪ ،‬وبيان بعد بيان‪.‬‬

‫وذلك أن الحق كشف له من أنباء ما قد سبق فى األمم الخالية والدهور الماضية فيكون منهم على علم‪ ،‬ولم يخف‬
‫اك ِمن َّل ُدَّنا ِذ ْك اًر} [اآلية‪.]99 :‬‬
‫{وَق ْد آتَْيَن َ‬
‫عليه من أحوالهم شىء‪ ،‬وأخفا حاله ووقته عن الكل بقوله‪َ :‬‬

‫أى موعظة تتعظ بها‪ ،‬وتتأدب بمالزمتها فال تخفى عليك شىء من أس اررنا‪ ،‬وما أودعناه أسرار الذين كانوا قبلك من‬
‫األنبياء فيكون األنبياء مكشوفين لك‪ ،‬وأنت فى ستر الحق‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة طه (من اآلية ‪ 106‬الى اآلية ‪)106‬‬

‫صفاً‬
‫صْف َ‬
‫َفَي َذ ُرَها َقاعاً َ‬

‫صفصفا حتى يعجز الكل‬


‫ً‬ ‫قاعا‬
‫قال الحسين‪ :‬هو الذى يطمس الرسوم‪ ،‬ويعمى الفهوم ويميت الذهن‪ ،‬ويترك الجسم ً‬
‫عن معرفته‪ ،‬وبلوغ نفاذ قدرته‪ ،‬ثم يظهر من الطوالع ربوبيته على أسرار أهل معرفته فيعرفونه به‪.‬‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 108‬الى اآلية ‪)108‬‬

‫ات لِ َّلر ْح َمـ ِٰن َفالَ تَ ْس َم ُع ِإالَّ َه ْمس ًا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يومِئ ٍذ يتَِّبعون َّ ِ‬
‫َص َو ُ‬
‫الداع َي الَ ع َو َج َل ُه َو َخ َش َعت األ ْ‬ ‫َْ َ َ ُ َ‬

‫ات لِ َّلر ْح َمـ ِٰن َفالَ تَ ْس َم ُع ِإالَّ َه ْمساً} [اآلية‪.]108 :‬‬ ‫ِ‬
‫َص َو ُ‬
‫{و َخ َش َعت األ ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬وهل كانت إال خاشعة فى األزل وهل تكون إال خاشعة فى األبد‪ ،‬واالفتخار فى حال الوجود‬
‫بالتوثب‪ ،‬والمنازعة‪ ،‬وقاحة الوجه‪ ،‬ورعونة الطبع ألنها لم تكن وهى إذا كانت كأنها لم تكن‪.‬‬

‫قال الجنيد رحمه هللا‪ :‬كيف ال يخشع وقد كشف الغطاء وأبدى الخفاء فلهيبة الموقف‪ ،‬وحياء الخيانات خشعت‬
‫أصواتهم َّ‬
‫وذلت رقابهم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة طه (من اآلية ‪ 109‬الى اآلية ‪)109‬‬

‫الرحمـٰن ور ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َيومِئ ٍذ الَّ تَ َنفع َّ‬


‫ض َي َل ُه َق ْوالً‬ ‫اع ُة ِإال َم ْن أَذ َن َل ُه َّ ْ َ ُ َ َ‬
‫الشَف َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬

‫شيئا‪ ،‬وال يرى نعته فإذا عاين نعته‬


‫قال الواسطى فى قوله‪ :‬يومئذ ال تنفع الشفاعة إال به قال‪ :‬أن ال ينسب إلى نفسه ً‬
‫نسى األول‪ ،‬وإذا أظهر عليه رضوانه ذهب ما دونه‪ ،‬وقيل فى قوله‪{ :‬ور ِ‬
‫ضي َل ُه َق ْوالً} هو تولى إظهاره عليه‪ ،‬وجعله‬
‫ََ َ‬
‫مغيبا عن شاهده حتى ال ينطق بحضرته من ذات نفسه‪.‬‬
‫قائما ً‬
‫ً‬

‫شيئا إال تحت تلبيس لكن ال يستوى علمان فى‬ ‫قال ابن عطاء‪ :‬ال يحيطون بشىء من ربوبيته ً‬
‫علما ألنه لم يظهر ً‬

‫شىء واحد‪ ،‬ومن ال يرى الكل ً‬


‫تلبيسا كان المكر فيه قر ًيبا‪.‬‬

‫{ي ْو َمِئ ٍذ‪ }...‬اآلية‪ .‬قال‪ :‬أن ال ينسب إلى نفسه ً‬


‫شيئا‪ ،‬وال يرى نعته فإذا رأى نعته‬ ‫قال الواسطى رحمه هللا فى قوله‪َ :‬‬
‫نسى األول‪ ،‬وإذا ظهر عليه رضوانه ذهب ما دونه‪ ،‬وقيل فى قوله‪{ :‬ور ِ‬
‫ضي َل ُه َق ْوالً} هو تولى إظهاره عليه‪ ،‬وجعله‬
‫ََ َ‬
‫مغيبا عن شاهده حتى ال ينطق بحضرته من ذات نفسه‪.‬‬ ‫قائما به ً‬
‫ً‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 110‬الى اآلية ‪)110‬‬

‫طو َن ِب ِه ِعْلماً‬
‫َي ْعَل ُم َما َب ْي َن أ َْي ِدي ِه ْم َو َما َخْلَف ُه ْم َوالَ ُي ِحي ُ‬

‫طو َن ِب ِه ِعْلماً} [اآلية‪.]110 :‬‬


‫{والَ ُي ِحي ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫شيئا إال تحت التلبيس لكن ال يستوى‬
‫علما ألنه لم يظهر ً‬ ‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬ال يحيطون بشىء من ربوبيته ً‬
‫تلبيسا كان المكر فيه قر ًيبا‪ ،‬والعبيد ال يقفون على تلبيساته‪.‬‬
‫علمان فى شىء واحد‪ ،‬ومن ال يرى الكل ً‬

‫علما‪ ،‬وال بالسماء وهو يرى جوهرها‪.‬‬


‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬كيف يطلب أحد طريق اإلحاطة وال يحيط بنفسه ً‬

‫طو َن ِب ِه ِعْلماً}‪.‬‬
‫{والَ ُي ِحي ُ‬
‫وقال‪ :‬ليس له غاية تردك‪ ،‬وال نهاية تلحق بقوله‪َ :‬‬

‫قال فارس‪ :‬ما علمه غيره‪ ،‬وال ذكره سواه فهو العالم والذاكر على الحقيقة‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬المعرفة معرفتان‪ :‬معرفة حق ومعرفة حقيقة فمعرفة الحق معرفة وحدانية على ما أبرز للخلق من‬
‫طو َن ِب ِه ِعْلماً}‪.‬‬
‫{والَ ُي ِحي ُ‬
‫األسامى والصفات ومعرفة الحقيقة ال سبيل إليها المتناع الصمدية‪ ،‬وتحقيق الربوبية لقوله َ‬
‫معناه ال سبيل إلى المعرفة على الحقيقة‪.‬‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 111‬الى اآلية ‪)111‬‬

‫ظْلماً‬
‫اب َم ْن َح َم َل ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َو َعَنت اْل ُو ُجوهُ لْل َح ِي اْلَقيُّو ِم َوَق ْد َخ َ‬

‫{و َعَن ِت اْل ُو ُجوهُ لِْل َح ِي اْلَقيُّومِ} [اآلية‪.]111 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال سهل‪ :‬خضعت له بقدر معرفتها به وتمكين التوفيق منه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة طه (من اآلية ‪ 114‬الى اآلية ‪)114‬‬

‫ض ٰى ِإَل ْي َك َو ْحُي ُه َوُقل َّر ِب ِزْدِني ِعْلماً‬ ‫َّللا اْلملِك اْلح ُّق والَ تَعجل ِباْلُقر ِ ِ‬
‫ءان من َقْب ِل أَن ُيْق َ‬ ‫َفتَ َٰعَلى َّ ُ َ ُ َ َ ْ َ ْ ْ‬

‫{وُقل َّر ِب ِزْدِني ِعْلماً} [اآلية‪.]114 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫عالما بك‪ ،‬جاهالً بما سواك‪ ،‬وهو زيادة العلم‪.‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬اجعلنى ً‬

‫{ر ِب ِزْدِني ِعْلماً} بنفسى وما تضمره من الشرور‪ ،‬والمكر‪ ،‬والعذر ألقوم بمعونتك فى مداواة‬
‫وقال محمد بن الفضل‪َّ :‬‬
‫كل شىء منها يداويها‪.‬‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 115‬الى اآلية ‪)115‬‬

‫َوَلَق ْد َع ِه ْدَنآ ِإَل ٰى َء َاد َم ِمن َقْب ُل َفَن ِس َي َوَل ْم َن ِج ْد َل ُه َع ْزماً‬

‫{وَلَق ْد َع ِه ْدَنآ ِإَل ٰى َء َاد َم}‬


‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم البزاز يقول‪ :‬قال ابن عطاء فى قوله‪َ :‬‬
‫{وَل ْم َن ِج ْد َل ُه َع ْزماً} أى لم يطالع بسره‪،‬‬‫قال‪ :‬عهدنا إلى آدم أن ال يطالع منى سواى فنسى عهدى وطالع الجنان‪َ :‬‬
‫َّه}‪.‬‬
‫ص ٰى َء َاد ُم َرب ُ‬
‫{و َع َ‬
‫ولكن طالعه بعينه‪ .‬فنادى عليه َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال جعفر‪ :‬عهدنا إلى آدم أن ال ينسانا فى ٍ‬
‫حال ونسينا واشتغل بالجنة‪ ،‬وابتلى بارتكاب النهى وذلك أنه ألهاه النعيم‬
‫عن المنعم فوقع فى النقمة والبلية فأُخرج من النعيم والجنة‪ ،‬ليعلم أن النعيم هو مجاورة المنعم‪ .‬ال التذاذ باألكل‬
‫والشرب‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪َ{ :‬ل ْم َن ِج ْد َل ُه َع ْزماً} لم يطالع فى دخول الجنة الفضل وإنما طالعه بفعله ال بفضله‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪َ { :‬فَن ِسي َوَل ْم َن ِج ْد َل ُه َع ْزماً} أى قوة على ضبط نفسه‪ ،‬وإن كان الواجب أن بركات المباشرة‬
‫َ‬
‫يينا‪.‬‬
‫يها وتز ً‬
‫أوجبت زوال النسيان‪ ،‬وإنما غيَّبه عن شاهده ليريه شواهد عبوديته تنب ً‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪َ { :‬فَن ِسي} له وجهان‪ :‬أى جهد قدر عهده وفرق بين من نسى بالحضرة‪ ،‬وبين من نسى‬
‫َ‬
‫فى الغيبة‪ .‬لذلك قال النبى صلى هللا عليه وسلم‪" :‬رفع عن أمتى الخطأ والنسيان‬

‫‪".‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬نسى فى وقت التناول مطالعة األمر‪.‬‬

‫سمعت أبا القاسم النصرآبادى يقول‪ :‬ذنب لزمته فوجب عليك االستغفار‪ ،‬وذنب ألزمته فأنت فيه معذور وقال هللا‬
‫عزما)‪.‬‬
‫تعالى‪( :‬فنسى ولم نجد له ً‬

‫ثانيا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫{وَل ْم َنج ْد َل ُه َع ْزماً} قال‪ :‬العود إلى الذنب ً‬
‫قال الحسين بن الفضل فى قوله‪َ :‬‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 117‬الى اآلية ‪)117‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫يآء َاد ُم ِإ َّن َهـٰ َذا َع ُدٌّو َّل َك َوِل َزْو ِج َك َفالَ ُي ْخ ِر َجَّن ُك َما ِم َن اْل َجَّن ِة َفتَ ْشَق ٰى‬
‫َفُقْلَنا َ‬
‫{يآء َاد ُم ِإ َّن َهـٰ َذا َع ُدٌّو َّل َك َولِ َزْو ِج َك} [اآلية‪.]117 :‬‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬أضمر عداوته ولم يفزع إلى ربه مبتهالً فى الكفاية واالستكفاء فأصغى إلى قوله‬
‫وقسمه‪.‬‬

‫قوله تعالى‪َ { :‬فالَ ُي ْخ ِر َجَّن ُك َما ِم َن اْل َجَّن ِة َفتَ ْشَق ٰى} [اآلية‪.]117 :‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قال ابن عطاء فى هذه اآلية‪َ { :‬فالَ ُي ْخ ِر َجَّن ُك َما م َن اْل َجَّنة َفتَ ْشَق ٰى} ولم يقل فتشقيا ألن آدم كان ً‬
‫عالما بمراتب المحاورة‪،‬‬
‫واختصاص الدنو‪ ،‬ولم تكن حواء تعلم من ذلك ما علم آدم‪ .‬فقال آلدم‪َ { :‬فتَ ْشَق ٰى} ألنك المخصوص بهذه الرتبة‬
‫تبعا لك فيه‪ ،‬وليس األصل فيه كالفرع‪.‬‬
‫الجليلة‪ ،‬وحواء ً‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 118‬الى اآلية ‪)118‬‬

‫يها َوالَ تَ ْع َر ٰى‬ ‫ِإ َّن َلك أَالَّ تَجو ِ‬


‫عفَ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬آخر أحوال الخلق الرجوع إلى ما يليق بهم من المطعم والمشرب أال ترى إلى آدم بعد خصوصيته‪.‬‬
‫يها َوالَ‬ ‫الخلقة باليد‪ ،‬ونفخ الروح فيه الخاص‪ ،‬وسجود المالئكة‪ .‬كيف رَّدا إلى نقص الطبائع بقوله‪ِ{ :‬إ َّن َلك أَالَّ تَجو ِ‬
‫عفَ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫تَ ْع َر ٰى}‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬خلق هللا آدم بيده‪ ،‬ونفخ فيه من روحه‪ ،‬واصطفاه على الخالئق‪ ،‬ثم رده إلى قدره ليالً‬
‫يها َوالَ تَ ْع َر ٰى}‪.‬‬ ‫يغد وطوره‪ .‬فقال‪ِ{ :‬إ َّن َلك أَالَّ تَجو ِ‬
‫عفَ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ َْ‬

‫سمعت الحسين بن أحمد الرازى يقول‪ :‬سمعت أبا جعفر الفرغانى يقول‪ :‬سمعت الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬آخر ما يبقى‬
‫على الناس اليأس‪َ{ .‬فَل َّما َذا َقا َّ‬
‫الش َج َرَة} [األعراف‪.]22 :‬‬

‫قال القاسم‪ :‬لما ذاقا تناثر لباسهما‪ ،‬فلما أكال بدت لهما سوءاتهما‪.‬‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 121‬الى اآلية ‪)122‬‬

‫ِ‬ ‫ِق‬ ‫ِ ِ‬ ‫طِفَقا ي ْخ ِ‬ ‫َفأ َ ِ‬


‫ان َعَل ْيه َما من َوَر اْل َجَّنة َو َع َ‬
‫ُّه‬ ‫َّه َف َغَو ٰى * ثُ َّم ْ‬
‫اجتََباهُ َرب ُ‬ ‫ص ٰى َء َاد ُم َرب ُ‬ ‫صَف ِ‬ ‫َكالَ م ْن َها َفَب َد ْت َل ُه َما َس ْوَءاتُ ُه َما َو َ َ‬
‫اب َعَل ْي ِه َو َه َد ٰى‬
‫َفتَ َ‬

‫قوله تعالى‪َ { :‬فَب َد ْت َل ُه َما َس ْوَءاتُ ُه َما} [اآلية‪.]121 :‬‬

‫قال الحصرى‪ :‬بدت لهما‪ ،‬ولم تبد لغيرهما لئال يعلم األغيار من مكافآت الجناية ما علما‪ ،‬ولو بدا لألغيار لقال‪ :‬بدت‬
‫منهما‪.‬‬

‫َّه َف َغ َو ٰى}‪.‬‬
‫ص ٰى َء َاد ُم َرب ُ‬
‫{و َع َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬اسم العصيان مذمة‪ ،‬إال أن االجتباء واالصطفاء منعا أن يلحق آدم اسم المذمة بحال‪.‬‬

‫ص ٰى َء َاد ُم} ولو طالعها بقلبه لنودى عليها‬‫{و َع َ‬


‫قال جعفر‪ :‬طالع الجنان ونعيمها بعينه فنودى عليه إلى يوم القيامة َ‬
‫اب َعَل ْي ِه‪[ }...‬اآلية‪.]122 :‬‬ ‫ُّه َفتَ َ‬
‫اجتََباهُ َرب ُ‬
‫بالهجران أبد اآلبد‪ ،‬ثم عطف عليه ورحمه بقوله تعالى‪{ :‬ثُ َّم ْ‬

‫وقال بعضهم‪ :‬سبقت االصطفائة واالجتبائة من الحق آلدم فلم تؤثر فيه سمة العصيان‪ ،‬وال يخطر األمر بالنسيان ألن‬
‫طَف ٰى َء َاد َم} [آل عمران‪ ]33 :‬وقوله‪:‬‬
‫اص َ‬ ‫اصطفائيته فى األزل َرَّد إلى االجتبائية فى األبد وهو فى قوله تعالى {ِإ َّن َّ‬
‫َّللاَ ْ‬
‫ُّه} فاالصطفاء أوجب له االجتباء‪.‬‬ ‫اجتََباهُ َرب ُ‬
‫{ثُ َّم ْ‬

‫وقال بعضهم‪ :‬عصى آدم فعوقب أوالده بثالث‪ :‬ما ولدوا يموت‪ ،‬وما يبنوا ُيهدم‪ ،‬وما يصلوا ُيقطع‪.‬‬

‫اب َعَل ْي ِه َو َه َد ٰى}‪.‬‬


‫ُّه َفتَ َ‬
‫اجتََباهُ َرب ُ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬ثُ َّم ْ‬

‫َّه} أى أظهر أخالًقا ثم أدركته‬ ‫ص ٰى َء َاد ُم َرب ُ‬ ‫{و َع َ‬‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬العصيان ال يؤثر فى االجتبائة‪ .‬وقوله‪َ :‬‬
‫االجتبائة‪ ،‬فأزالت عنه مذمة العصيان أال ترى كيف أظهر عذره بقوله‪َ { :‬فَن ِسي َوَل ْم َن ِج ْد َل ُه َع ْزماً} وكيف يعزم على‬
‫َ‬
‫المخالفة من هو فى ستر العصمة وخصوصية االصطفاء واالجتباء‪.‬‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 123‬الى اآلية ‪)123‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ض عدٌّو َفِإ َّما يأِْتيَّن ُكم ِمِني هدى َفم ِن اتَّبع هداي َفالَ ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫َقال اهِب َ ِ‬
‫ض ُّل َوالَ َي ْشَق ٰى‬ ‫َ‬ ‫ًُ َ َ َ َُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ض ُك ْم لَِب ْع ٍ َ ُ‬
‫طا م ْن َها َجميعاً َب ْع ُ‬ ‫َ ْ‬

‫َّ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ف َم ِن اتَب َع ُه َد َ‬
‫اي} [اآلية‪.]123 :‬‬

‫قال سهل‪ :‬هو االقتداء‪ ،‬ومالزمة الكتاب والسنة فال يضل على طريق الهدى‪ ،‬وال يشقى فى اآلخرة واألولى‪.‬‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 124‬الى اآلية ‪)124‬‬

‫َع َم ٰى‬ ‫ومن أَعرض عن ِذ ْكرِي َفِإ َّن َله م ِعيش ًة ضنكاً ونحشره يوم اْلِق ِ‬
‫يامة أ ْ‬
‫َ‬ ‫َ َ ْ ُ ُُ َْ َ‬ ‫ُ َ َ َ‬ ‫َ َ ْ َْ َ َ‬

‫ضنكاً} [اآلية‪.]124 :‬‬ ‫ض َعن ِذ ْكرِي َفِإ َّن َل ُه َم ِع َ‬


‫يش ًة َ‬ ‫َع َر َ‬
‫{و َم ْن أ ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال‪ :‬ال ُيعرض أحد عن ذكر ربه إال أظلم عليه وقته‪ ،‬وتشوش عليه رزقه‪.‬‬

‫وقال جعفر فى هذه اآلية‪ :‬لو عرفونى ما أعرضوا عنى‪ ،‬ومن أعرض عنى رددته إلى اإلقبال على ما يليق به من‬
‫األجناس واأللوان‪.‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬ما كان ذلك ذكرى حتى أعرضوا عنه‪ ،‬بل كانت تلك أذكارهم‪ ،‬وذكرى قد سبق لمن يذكرنى على‬
‫الحقيقة‪ ،‬فال يكون له إعراض عنى‪ ،‬وال على غيرى إقبال‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة طه (من اآلية ‪ 131‬الى اآلية ‪)131‬‬

‫والَ تمَّد َّن عينيك ِإَلى ما متَّعنا ِب ِه أَزواجاً ِمنهم زهرة اْلحي ِاة ُّ ِ ِ ِ ِ‬
‫الد ْنَيا لَنْفتَن ُه ْم فيه َوِرْز ُق َرب َ‬
‫ِك َخ ْيٌر َوأ َْبَق ٰى‬ ‫ْ ُ ْ َ ََْ َ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ َْْ َ ٰ َ َ ْ َ‬ ‫َ َُ‬
‫الدنيا لِنْفِتنهم ِف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يه} [اآلية‪.]131 :‬‬ ‫{والَ تَ ُمَّد َّن َع ْيَن ْي َك إَل ٰى َما َمت ْعَنا به أ َْزَواجاً م ْن ُه ْم َزْه َرَة اْل َحَياة ُّ ْ َ َ َ ُ ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه فى هذه اآلية‪ :‬تسلية للفقراء وتعزية لهم حيث منع الخلق عن النظر إلى الدنيا على وجه‬
‫لصالَ ِة‬
‫َهَل َك ِبا َّ‬
‫ْم ْر أ ْ‬ ‫{والَ تَ ُمَّد َّن َع ْيَن ْي َك‪ }...‬اآلية‪ .‬ثم أمرهم بعد هذا بالعبودية ومالزمة الطاعة فقال‪َ :‬‬
‫{وأ ُ‬ ‫االستحسان فقال‪َ :‬‬
‫طِب ْر َعَل ْي َها} [اآلية‪.]132 :‬‬‫اص َ‬
‫َو ْ‬

‫لذلك روى عن النبى صلى هللا عليه وسلم أنه قال حين ق أر هذه اآلية قال‪" :‬من لم َّ‬
‫يتعزى بعزاء هللا تقطعت نفسه على‬
‫الدنيا حسرات‬

‫‪".‬‬

‫وقال سهل‪ :‬ال تنظر إلى ما يورثك وسوسة الشيطان‪ ،‬ومخالفة الرحمن‪ ،‬وأمانى النفس‪ ،‬والسكون إلى مألوفات الطبع‬
‫فإنها تفتن‪ ،‬فكل واحد منها مما يقطع عن هللا‪.‬‬

‫{وِرْز ُق َرب َ‬
‫ِك َخ ْيٌر َوأ َْبَق ٰى} [اآلية‪.]131 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال أبو بكر بن طاهر فى هذه اآلية‪ :‬هو القناعة بما يملكه‪ ،‬والزهد فيما ال يملكه‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬من رزق الثقة باهلل‪ ،‬والرضاء عن هللا فقد أعطى أفضل األرزاق‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وخير له من السعى‬ ‫{وِرْز ُق َرب َ‬
‫ِك َخ ْيٌر َوأ َْبَق ٰى} قال‪ :‬هو توكل ألنه أبقى للمرء من الطلب‪ٌ ،‬‬ ‫وقال أبو عثمان فى قوله َ‬
‫والتعب‪.‬‬

‫سورة طه (من اآلية ‪ 132‬الى اآلية ‪)132‬‬

‫طِب ْر َعَل ْي َها الَ َن ْسأَُل َك ِرْزقاً َّن ْح ُن َن ْرُزُق َك َواْل َع ِاقَب ُة لِلتَّْق َو ٰى‬
‫اص َ‬ ‫وأْمر أَهَلك ِب َّ ِ‬
‫الصالَة َو ْ‬ ‫َ ُْ ْ َ‬

‫طِب ْر َعَل ْي َها} [اآلية‪.]132 :‬‬


‫اص َ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وأْمر أَهَلك ِب َّ ِ‬
‫الصالَة َو ْ‬ ‫َ ُْ ْ َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬أشد أنواع الصبر االصطبار‪ ،‬وهو السكون تحت موارد البالء بالسر‪ ،‬والقلب‪ ،‬والنفس‪ ،‬والصبر بالنفس‬
‫ال غير‪.‬‬

‫الصالَ ِة} قال‪ :‬وأمر أهلك باالتصال بنا‪ ،‬واالصطبار على تلك‬
‫َهَل َك ِب َّ‬
‫ْم ْر أ ْ‬
‫{وأ ُ‬
‫وقال الجنيد رحمة هللا عليه فى قوله‪َ :‬‬
‫المواصلة معنا‪ ،‬ومن يطيق ذلك إال المؤيدون من جهتنا بأنواع التأييد‪.‬‬

‫وقال يحيى بن معاذ‪ :‬للعابدين أردية يكسونها من عند هللا سداؤها الصالة ولحمتها الصوم‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬علمها حضور القلب‪.‬‬

‫{واْل َع ِاقَب ُة لِلتَّْق َو ٰى} [اآلية‪.]132 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال أبو عثمان‪ :‬هو ذم النفس والجوارح من جميع ما ال يبيحه بالعلم‪.‬‬

‫سورة األنبياء (من اآلية ‪ 1‬الى اآلية ‪)1‬‬

‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ا ْقتَرب لِ َّلن ِ ِ‬


‫اس ح َس ُاب ُه ْم َو ُه ْم في َغْفَلة ُّم ْع ِر ُ‬
‫ضو َن‬ ‫ََ‬

‫قال بعضهم‪ :‬دنا أوان االنتباه‪ ،‬وهم فى غفلة معرضون عن طريق التوبة والتيقظ واالنتباه‪.‬‬

‫ضى األقل عن قريب كما مضى األكثر‪ ،‬ومضى األكثر‬ ‫ِ‬


‫وم َ‬
‫قال عبد العزيز المكى‪ :‬االقتراب يدل على ُمض ِي األكثر‪َ ،‬‬
‫فى ساعة على غفلة من الناس‪ ،‬ومضى األقل فى طرفة‬

‫عين على غفلة منهم‪ ،‬وتبقى الحسرة والندامة على ما مضى فى الغفلة‪ ،‬وليس تنبيه القلوب لما بقى‪ ،‬ألن القلوب‬
‫عميت الرتكاب الذنوب واقترافها والمداومة عليها‪ ،‬وقلة‬

‫المباالة بما وعد عليها‪.‬‬

‫ودعيت إلى‬
‫وقال يحيى بن معاذ‪ :‬جاز لك أن تحاسب نفسك وقد مضى أكثر عمرك‪ ،‬وتنـزجر عن الغفلة وقد نوديت ُ‬
‫اس ِح َس ُاب ُه ْم} فرحم هللا ً‬
‫عبدا حاسب نفسه قبل أن تحاسب‪،‬‬ ‫األنبياء نداء لم يبق ألحد معه عذر وهو قوله {ا ْقتَ َر َب لِ َّلن ِ‬
‫ً‬
‫ووزن نفسه قبل أن توزن‪ ،‬وانتبه عن غفلته قبل أن ينبه أولئك هم األبرار‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنبياء (من اآلية ‪ 3‬الى اآلية ‪)3‬‬

‫السحر وأَنتُم تُب ِ‬


‫ص ُرو َن‬ ‫ظَلموْا هل هـٰ َذآ ِإالَّ ب َشر ِم ْثُل ُكم أََفتَأْتُو َن ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َسُّروْا َّ‬ ‫ِ‬
‫َْ َ ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ٌ‬ ‫ين َ ُ َ ْ َ‬ ‫الن ْج َوى الذ َ‬ ‫وب ُه ْم َوأ َ‬
‫الَهَي ًة ُقُل ُ‬

‫وب ُه ْم} [اآلية‪.]3 :‬‬ ‫ِ‬


‫قوله تعالى‪{ :‬الَهَي ًة ُقُل ُ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬معرضة عن طريق رشدهم‪.‬‬

‫قال أبو بكر الوراق‪ :‬القلب الالهى المشغول بزينة الدنيا وزهرتها‪ ،‬والغافل عن اآلخرة وأهوالها‪ .‬قال هللا تعالى‪{ :‬الَ ِهَي ًة‬
‫وب ُه ْم}‪.‬‬
‫ُقُل ُ‬

‫قال بعضهم‪ :‬غافلة عن مسالك اليقين‪ ،‬وطريق المتقين‪.‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬غافلة عما يراد بها ومنها‪.‬‬

‫قال المرتعش‪ :‬غافلة عن منافعها‪ ،‬مقبلة على مضارها‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬الهية قلوبهم عن المصادر والموارد‪ ،‬والمبدأ والمنتهى‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنبياء (من اآلية ‪ 7‬الى اآلية ‪)7‬‬

‫وحي ِإَلي ِهم َفاسَئُلوْا أَهل ِ‬


‫الذ ْك ِر ِإن ُكنتُ ْم الَ تَ ْعَل ُمو َن‬ ‫ومآ أَرسْلَنا َقبَلك ِإالَّ ِرجاالً ُّن ِ‬
‫َْ‬ ‫ْ ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫ََ َْ ْ َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬فاسَئُلوْا أَهل ِ‬
‫الذ ْك ِر ِإن ُكنتُ ْم الَ تَ ْعَل ُمو َن} [اآلية‪.]7 :‬‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬

‫قال سهل‪َ :‬سُلوا أهل الفهم عن هللا‪ ،‬والعلماء به وبأوامره وأيامه‪.‬‬

‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬أهل الذكر‪ :‬العالمون بحقائق الذكر والعلوم ومجارى األمور والناظرون إلى األحكام بأعين‬
‫الغيب‪.‬‬

‫سورة األنبياء (من اآلية ‪ 10‬الى اآلية ‪)10‬‬

‫َنزلنآ ِإَلي ُكم ِكتاباً ِف ِ‬


‫يه ِذ ْك ُرُك ْم أََفالَ تَ ْعِقُلو َن‬ ‫َلَق ْد أ َ ْ َ ْ ْ َ‬
‫َنزلنآ ِإَلي ُكم ِكتاباً ِف ِ‬
‫يه ِذ ْك ُرُك ْم} [اآلية‪.]10 :‬‬ ‫قوله تعالى ذكره‪َ{ :‬لَق ْد أ َ ْ َ ْ ْ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال سهل‪ :‬العمل بما فيه حياتكم‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬فى هذه اآلية خاطب كال على مقدار طاقته واألنبياء مخاطبون منه على جهة‪ ،‬ولنبينا صلى هللا عليه‬
‫{وِإَّن َك َل َعَل ٰى ُخُل ٍق‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫وعليهم أجمعين أخص الخطاب وهو قوله‪َ{ :‬ل َعم ُر َ ِ‬
‫ك إَّن ُه ْم َلفي َس ْك َرته ْم َي ْع َم ُهو َن}[الحجر‪ ،]72 :‬وقوله‪َ :‬‬ ‫ْ‬
‫َع ِظيمٍ}[القلم‪ ،]4 :‬واألولياء مخاطبون‬

‫ان}[اإلسراء‪ ،]65 :‬والمؤمنون مخاطبون على جهة وهو‬


‫طٌ‬ ‫منه على جهة وهو قوله‪ِ{ :‬إ َّن ِعَب ِادي َل ْي َس َل َك َعَل ْي ِه ْم ُسْل َ‬
‫آمُنوْا أ َْوُفوْا ِباْل ُعُقوِد} [المائدة‪.]1 :‬‬ ‫قوله‪{ :‬يا أَي َّ ِ‬
‫ين َ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ َ‬

‫سورة األنبياء (من اآلية ‪ 11‬الى اآلية ‪)11‬‬

‫آخ ِر َ‬
‫ين‬ ‫َنشأَْنا َب ْع َد َها َق ْوماً َ‬ ‫ص ْمَنا ِمن َق ْرَي ٍة َك َان ْت َ‬
‫ظالِ َم ًة َوأ َ‬ ‫َوَك ْم َق َ‬

‫ص ْمَنا ِمن َق ْرَي ٍة َك َان ْت َ‬


‫ظالِ َم ًة} [اآلية‪.]11 :‬‬ ‫{وَك ْم َق َ‬
‫قوله‪َ :‬‬

‫قال أبو بكر الوراق‪ :‬في ُّ‬


‫الظْلم خراب العمران كما قال النبى صلى هللا عليه وسلم‪" :‬الظلم ظلمات يوم القيامة"‪ .‬فإذا‬
‫أظلم القلب عن المعرفة واإلخالص خرب‪ ،‬وعالمة خراب القلب عصيان الجوارح وتعديها وميلها إلى ما فيه من‬
‫ص ْمَنا ِمن َق ْرَي ٍة َك َان ْت َ‬
‫ظالِ َم ًة} ومعناها‪ :‬كانت غافلة عنا‪ ،‬متبعة لهواها‪.‬‬ ‫{وَك ْم َق َ‬
‫الهالك‪ ،‬لذلك قال هللا عز من قائل‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنبياء (من اآلية ‪ 18‬الى اآلية ‪)18‬‬

‫ِ‬
‫اهق وَل ُكم اْلويل ِم َّما تَ ِ‬
‫صُفو َن‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫َب ْل َنْق ِذ ُ ِ‬
‫ف باْل َح ِق َعَلى اْلَباطل َفَي ْد َم ُغ ُه َفإ َذا ُه َو َز ٌ َ ُ َ ْ ُ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬بل نْق ِذف ِباْلح ِق عَلى اْلب ِ‬
‫اط ِل َفَي ْد َم ُغ ُه} [اآلية‪.]18 :‬‬ ‫َ‬ ‫َْ َ ُ َ َ‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬الوعظ لألكابر‪ .‬ومنهم من له مشار مقذوف‪ ،‬كقوله‪{ :‬بل نْق ِذف ِباْلح ِق عَلى اْلب ِ‬
‫اط ِل‬ ‫َ‬ ‫َْ َ ُ َ َ‬
‫َفَي ْد َم ُغ ُه}‪.‬‬

‫سورة األنبياء (من اآلية ‪ 22‬الى اآلية ‪)22‬‬

‫ش ع َّما ي ِ‬ ‫ان َّ ِ ِ‬ ‫ان ِفي ِه َمآ آلِ َه ٌة ِإالَّ َّ‬


‫صُفو َن‬ ‫َّللا َرب اْل َع ْر ِ َ َ‬ ‫َّللاُ َلَف َس َدتَا َف ُس ْب َح َ‬ ‫َل ْو َك َ‬

‫ان ِفي ِه َمآ آلِ َه ٌة ِإالَّ َّ‬


‫َّللاُ َلَف َس َدتَا} [اآلية‪.]22 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ{ :‬ل ْو َك َ‬

‫قال السيارى‪ :‬حثك فى هذه اآلية على الرجوع إليه‪ ،‬واالعتماد عليه‪ ،‬وقطع العالئق واألسباب عن قلبك‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنبياء (من اآلية ‪ 23‬الى اآلية ‪)23‬‬

‫َل َع َّما َيْف َع ُل َو ُه ْم ُي ْسأَُلو َن‬


‫الَ ُي ْسأ ُ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬كيف يسئل من له الحجة على خلقه‪ ،‬والقهر عليهم‪.‬‬

‫َل َع َّما َيْف َع ُل َو ُه ْم ُي ْسأَُلو َن} لم ال‪ .‬كيف ال يسئل عما يفعل وهم يسئلون‪ .‬لم ال يسئل؟‬
‫وسئل ابن حماد عن قوله‪{ :‬الَ ُي ْسأ ُ‬
‫ُ‬
‫قال‪ :‬ألن أفعاله من غير علة‪.‬‬

‫سورة األنبياء (من اآلية ‪ 27‬الى اآلية ‪)27‬‬

‫ون ُه ِباْلَق ْو ِل َو ُه ْم ِبأ َْم ِِره َي ْع َمُلو َن‬


‫الَ َي ْسِبُق َ‬

‫ون ُه ِباْلَق ْو ِل‪[ }...‬اآلية‪.]27 :‬‬


‫قوله تعالى ذكره‪{ :‬الَ َي ْسِبُق َ‬

‫قصدا وال فعالً‪ ،‬ألنهم مربوطون بما ذكرهم‪ ،‬مقموعون بما عرفهم لئال يفترى عليهم أحد‪.‬‬
‫قال القاسم‪ :‬ال يسبقونه ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬ذكر األنبياء وسائر الخلق بصفاتهم ونعوتهم‪ .‬قيل‪ :‬إنه خلقهم كى يوقنوا ويعلموا أنهم ال‬
‫يسبقونه بالقول والفعل‪ ،‬وهم بأمره يعملون‪.‬‬

‫سمعت محمد بن الحسين بن الخشاب يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم النقاش يقول‪ :‬سمعت فهدان بن المبارك يقول‪ :‬الطريق‬
‫ٍ‬
‫تقليبة منها طريق ألى هللا‪ ،‬والقلب ال يسكن عن تقلبه إال‬ ‫إلى هللا أكثر من نجوم السماء‪ ،‬وذلك ألن القلوب تتقلب فكل‬
‫قلوب الموقنين فهى ساكنة إلى هللا وساكنة بين يدى هللا تنتظر ما يؤدبها الرب إليه فتصرف عن آداب لها ال بتقديم‬
‫ون ُه ِباْلَق ْو ِل َو ُه ْم ِبأ َْم ِِره َي ْع َمُلو َن}‪.‬‬
‫قول وال فعل‪ .‬أما سمعت هللا تعالى يقول لما مدح المالئكة {الَ َي ْسِبُق َ‬

‫ون ُه ِباْلَق ْو ِل} أى‪ :‬ال اختيار لهم مع اختياره‬


‫جعل الكرامات كلها للمتقين من عباده ثم وصفهم فقال‪{ :‬الَ َي ْسِبُق َ‬ ‫قال سهل‪:‬‬
‫َي ْع َمُلو َن} اتباع السنة فى الظاهر‪ ،‬ومراقبة هللا فى الباطن‪.‬‬ ‫{و ُه ْم ِبأ َْم ِِره‬
‫َ‬

‫سورة األنبياء (من اآلية ‪ 28‬الى اآلية ‪)28‬‬

‫ض ٰى َو ُه ْم ِم ْن َخ ْشَيِت ِه ُم ْشِفُقو َن‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬


‫َي ْعَل ُم َما َب ْي َن أ َْيدي ِه ْم َو َما َخْلَف ُه ْم َوالَ َي ْشَف ُعو َن ِإال ل َم ِن ْارتَ َ‬

‫{و ُه ْم ِم ْن َخ ْشَيِت ِه ُم ْشِفُقو َن} [اآلية‪.]28 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬الخوف للجهال‪ ،‬والخشية للعلماء‪ ،‬والرهبة على األنبياء‪ ،‬وقد ذكر هللا المالئكة فقال‪:‬‬
‫{و ُه ْم ِم ْن َخ ْشَيِت ِه ُم ْشِفُقو َن}‪.‬‬
‫َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنبياء (من اآلية ‪ 35‬الى اآلية ‪)35‬‬

‫الش ِر َواْل َخ ْي ِر ِف ْتَن ًة َوإَِل ْيَنا تُ ْر َج ُعو َن‬ ‫س َذ ِآئَق ُة اْل َم ْو ِت َوَنْبُل ُ‬
‫وكم ِب َّ‬ ‫ُك ُّل َنْف ٍ‬

‫س َذ ِآئَق ُة اْل َم ْو ِت} [اآلية‪.]35 :‬‬


‫{ك ُّل َنْف ٍ‬
‫قوله تعالى‪ُ :‬‬

‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬من كان بين فناءين فهو فانى‪.‬‬

‫وقال‪ :‬من كانت حياته بنفسه‪ ،‬يكون مماته بذهاب روحه ومن كانت حياته بربه‪ ،‬فإنه ينقل من حياة الطبع إلى حياة‬
‫األصل‪ ،‬وهو الحياة على الحقيقة‪.‬‬

‫الش ِر َواْل َخ ْي ِر ِف ْتَن ًة} [اآلية‪.]35 :‬‬


‫وكم ِب َّ‬
‫{وَنْبُل ُ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫{واْل َخ ْي ِر} العصمة من المعصية‪ ،‬والمعونة على‬ ‫قال سهل‪{ :‬وَنْبُل ُ ِ َّ‬
‫وكم بالش ِر} فهو متابعة النفس فى الهوى بغير هدى‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫{واْل َخ ْير} وهو‪ :‬األمن والعافية والدعة‪ ،‬وكل هاذ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫وكم بالشر} وهو‪ :‬األمراض والمصائب والمحن‪َ .‬‬ ‫{وَنْبُل ُ‬
‫الطاعة‪ .‬وقيل‪َ :‬‬
‫فتنة ألنها تشغل عن الحق وتقطع عنه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنبياء (من اآلية ‪ 37‬الى اآلية ‪)37‬‬

‫يك ْم َآي ِاتي َفالَ تَ ْستَ ْع ِجُلو ِن‬


‫ان ِم ْن َع َج ٍل َسأ ُْوِر ُ‬ ‫ُخلِ َق ْ‬
‫اإلن َس ُ‬

‫إظهار لعجزهم‪ ،‬وتعر ًيفا لقدرته قال‪َ { :‬فالَ تَ ْستَ ْع ِجُلو ِن}‪.‬‬
‫ًا‬ ‫قال الواسطى رحمة هللا عليه فى هذه اآلية‪ :‬قال ذلك‬

‫قال الحسن‪ :‬زجرهم عما جبلهم عليه‪.‬‬

‫سورة األنبياء (من اآلية ‪ 40‬الى اآلية ‪)40‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ظ ُرو َن‬ ‫َب ْل تَأْتي ِهم َب ْغتَ ًة َفتَْب َهتُ ُه ْم َفالَ َي ْستَط ُ‬
‫يعو َن َرَّد َها َوالَ ُه ْم ُين َ‬

‫قوله تعالى‪{َ :‬ب ْل تَأِْتي ِهم َب ْغتَ ًة َفتَْب َهتُ ُه ْم} [اآلية‪.]40:‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬من يبهته شىء من الكون فهو لمحله عنده وغفلته عن مكونه‪ ،‬ومن كان فى قبضة الحق وحضرته ال‬
‫يبهته شىء ألنه حصل فى محل العبيد من منازل القدس‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنبياء (من اآلية ‪ 42‬الى اآلية ‪)43‬‬

‫ضو َن * أ َْم َل ُه ْم آلِ َه ٌة تَ ْمَن ُع ُه ْم ِمن ُدوِنَنا الَ‬ ‫ِ‬ ‫الن َه ِار ِم َن َّ‬
‫ُق ْل َمن َي ْكَل ُؤُكم ِباْلَّلْي ِل َو َّ‬
‫الر ْح َمـ ِٰن َب ْل ُه ْم َعن ذ ْك ِر َربِ ِه ْم ُّم ْع ِر ُ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ص َحُبو َن‬ ‫ص َر أ َْنُفسه ْم َوالَ ُه ْم مَّنا ُي ْ‬ ‫يعو َن َن ْ‬ ‫َي ْستَط ُ‬

‫الن َه ِار ِم َن َّ‬


‫الر ْح َمـ ِٰن} [اآلية‪.]42 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ُ{ :‬ق ْل َمن َي ْكَل ُؤُكم ِباْلَّلْي ِل َو َّ‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬أى من يحفظكم بالليل والنهار من الرحمن‪ ،‬ومن يظهر عليكم ما سبق فيكم‪{َ .‬ب ْل ُه ْم‬
‫ِ‬
‫َعن ذ ْك ِر َربِ ِه ْم ُّم ْع ِر ُ‬
‫ضو َن}‪ :‬أى ذكره إياهم فى األزلية بالنجاة والهالك‪.‬‬

‫سيرهم‪ ،‬وتدبير ما َدبر لهم‪ ،‬فسائر يسير‬


‫وقيل فى هذه اآلية‪ :‬من يأخذهم ويمنعهم من تصريف ما صرفهم‪ ،‬وتسيير ما َّ‬
‫بأنوار رحمته‪ ،‬وآخر يسير بميزان سخطه‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬من يكلؤكم من أمر الرحمن سوى الرحمن وهل يقدر أحد على الكالءة سواه؟‬

‫وقال الحسين‪ :‬أى من يأخذهم عن تصاريف القدرة‪ ،‬ومن يحجبهم عن سوابق المقضى‪.‬‬

‫قوله تعالى‪{ :‬أ َْم َل ُه ْم آلِ َه ٌة تَ ْمَن ُع ُه ْم ِمن ُدوِنَنا}‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬من أصحبه هللا أنواره فهو متبوع بآثاره وأنواره‪ ،‬وآثاره وأنواره تسير إلى العبد فى أوقاته‪،‬‬
‫ألن العبد يصحب ويتبع آثار أنواره بذاته‪ ،‬وفرق بين أن يقول‪ :‬أصحبه هللا أنواره‪ ،‬وبين أن يقول‪ :‬صحب العبد أنواره‬
‫بذاته‪.‬‬

‫سورة األنبياء (من اآلية ‪ 47‬الى اآلية ‪)47‬‬

‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ظَلم نْفس َشيئاً وإِن َك ِ‬ ‫ط لِيو ِم اْلِقي ِ‬ ‫وَنضع اْلمو ِاز ِ‬
‫ال َحبَّة م ْن َخ ْرَد ٍل أَتَْيَنا ِب َها َوَكَف ٰى ِبَنا َحاسِب َ‬
‫ين‬ ‫ان م ْثَق َ‬
‫َ‬ ‫امة َفالَ تُ ْ ُ َ ٌ ْ َ‬
‫ََ‬ ‫ين اْلق ْس َ َ ْ‬
‫َ َ ُ ََ َ‬

‫ام ِة} [اآلية‪.]47 :‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وَنضع اْلمو ِازين اْلِقس َ ِ‬
‫ط لَي ْو ِم اْلقَي َ‬ ‫َ َ ُ ََ َ ْ‬

‫قال القاسم‪ :‬األعمال والموازين شتى‪ ،‬والعدل ميزان هللا فى األرض‪ ،‬فمن وزن أعماله بميزان العدل فهو من العابدين‪،‬‬
‫ومن وزن حركاته بميزان العدل فهو من المخبتين‪ ،‬ومن وزن خطراته وأنفاسه بميزان العدل فهو من العارفين‪ ،‬وميزان‬
‫العدل في الدنيا ثالثة‪ :‬ميزان النفس والروح‪ ،‬وميزان القلب والعقل‪ ،‬وميزان المعرفة والسر‪ .‬فميزان‬

‫النفس والروح‪ :‬األمر والنهى‪ ،‬وكفتاه الوعد والوعيد‪ .‬وميزان القلب والعقل‪ :‬اإليمان والتوحيد‪ ،‬وكفتاه الثواب والعقاب‪.‬‬
‫وميزان المعرفة والسر‪ :‬الرضا والسخط‪ ،‬وكفتاه الهرب والطلب‪ .‬فمن وزن أفعال النفس والروح بميزان األمر والنهى‬
‫السنة ينال الدرجات في الجنان‪ ،‬ومن وزن حركات القلب والعقل بميزان الثواب‬
‫بكفة الكتاب و ُّ‬

‫والعقاب بكفة الوعد والوعيد أصاب الدرجات ونجا من جميع المشقات‪ ،‬ومن وزن خطرات المعرفة والسر بميزان الرضا‬
‫والسخط بكفة الهرب والطلب نجا من الذى هرب‪ ،‬ووصل إلى ما طلب‪ ،‬فيصير عيشه في الدنيا على الهرب‪،‬‬
‫وخروجه منها على الطلب‪ ،‬وعاقبته إلى غاية الطرب‪ ،‬فمن أراد الوصول إلى المسبب فعليه بالهرب من السبب‪ ،‬فإن‬
‫السبب حجاب كل طالب‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنبياء (من اآلية ‪ 50‬الى اآلية ‪)50‬‬

‫َنزلَناه أََفأ َْنتُم َله م ِ‬


‫نك ُرو َن‬ ‫ِ‬
‫ْ ُ ُ‬ ‫ك أ َْ ُ‬ ‫َو َهـٰ َذا ذ ْكٌر ُّمَب َار ٌ‬

‫َنزلَناهُ} [اآلية‪.]50 :‬‬


‫ك أ َْ‬ ‫ِ‬
‫{و َهـٰ َذا ذ ْكٌر ُّمَب َار ٌ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬مبارك على من يسمعه‪ ،‬مبارك على من يتعظ به‪ ،‬ومبارك على من ينـزل بهمته وقلبه عليه‪ ،‬مبارك‬
‫على من آمن به وصدق ما فيه‪ ،‬فمن لم َير على سره وقلبه ونفسه آثار بركات القرآن فليعلم ببعده عن مصدر‬
‫الخواص‪ ،‬ودخوله فى ميدان العوام من األشقياء‪.‬‬

‫سورة األنبياء (من اآلية ‪ 51‬الى اآلية ‪)51‬‬

‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يم ُرْش َدهُ من َقْب ُل َوُكَّنا ِبه َعالم َ‬
‫ين‬ ‫َوَلَق ْد آتَْيَنآ إ ْب َراه َ‬
‫يم ُرْش َدهُ ِمن َقْب ُل} [اآلية‪.]51 :‬‬ ‫ِ ِ‬
‫{وَلَق ْد آتَْيَنآ إ ْب َراه َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫سئل الجنيد رحمة هللا عليه متى آتاه رشده؟ قال‪ :‬حين ال شىء‪ .‬وقال‪ :‬آتاه سوابق األزل إلظهاره كما أظهر على‬
‫الخليل في السخاء‪ ،‬والبذل‪ ،‬واألخالق‪ ،‬فى بذل النفس والولد والمال فى رضا الحق‪ ،‬فال يشتغل إال به‪ ،‬وال يفرح إال‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫به‪ ،‬وال يلتفت إال إليه‬
‫يم ُرْش َدهُ ِمن َقْب ُل}‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫{وَلَق ْد آتَْيَنآ إ ْب َراه َ‬
‫فقال هللا تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬اصطفاه لنفسه قبل أن أباله بخلقه‪.‬‬

‫يم ُرْش َدهُ ِمن َقْب ُل}‪ :‬قال‪ :‬لما ولد إبراهيم بعث هللا تعالى إليه الملك فقال‪ :‬يا‬ ‫ِ ِ‬
‫{وَلَق ْد آتَْيَنآ إ ْب َراه َ‬
‫وقال بعضهم فى قوله‪َ :‬‬
‫إبراهيم أن هللا يأمرك أن تعرفه بقلبك‪ ،‬وتذكره‬

‫بلسانك‪ .‬قال إبراهيم‪ :‬قد فعلت‪ ،‬ولم يقل‪ :‬أفعل‪.‬‬

‫سورة األنبياء (من اآلية ‪ 66‬الى اآلية ‪)66‬‬

‫ضُّرُك ْم‬ ‫َقال أََفتعبدون ِمن دو ِن َّ ِ‬


‫َّللا َما الَ َي َنف ُع ُك ْم َش ْيئاً َوالَ َي ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ْ ُُ َ‬

‫ضُّرُك ْم} [اآلية‪.]66 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أََفتعبدون ِمن دو ِن َّ ِ‬


‫َّللا َما الَ َي َنف ُع ُك ْم َش ْيئاً َوالَ َي ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ ُُ َ‬

‫َّللاِ َما الَ َي َنف ُع ُك ْم َش ْيئاً َوالَ‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬دعا هللا عز وجل عباده إليه‪ ،‬وقطعهم عما دونه بقوله‪{ :‬أََفتَ ْعُب ُدو َن ِمن ُدو ِن َّ‬
‫ضُّرُك ْم} كيف تعتمده وهو عاجز مثلك‪ ،‬وال تعتمد من إليه المرجع وبيده الضر والنفع‪.‬‬ ‫َي ُ‬

‫قال حمدون القصار‪ :‬استغاثة الخلق بالخلق كاستغاثة المسجون بالمسجون‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنبياء (من اآلية ‪ 69‬الى اآلية ‪)69‬‬

‫يم‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٰ‬ ‫ِ‬


‫ُقْلَنا يَٰن ُار ُكوني َب ْرداً َو َسَلماً َعَل ٰى إ ْب َراه َ‬

‫َّه ِبَقْل ٍب َسلِيمٍ}[الصافات‪]84 :‬‬


‫آء َرب ُ‬ ‫ِ‬
‫قال ابن عطاء‪ :‬سالم إبراهيم من النار بسالمة صدره لما حكا هللا عنه { إ ْذ َج َ‬
‫خاليا عن جميع األسباب والعوارض‪ ،‬وبردت عليه النار لصحة توكله ويقينه‪ ،‬وثقته‪ ،‬حيث ناداه جبريل هل من حاجة؟‬ ‫ً‬
‫فقال‪ :‬أما إليك فال‪.‬‬

‫سورة األنبياء (من اآلية ‪ 79‬الى اآلية ‪)79‬‬

‫ِِ‬ ‫َّ‬ ‫ان وُكالًّ َآت ْيَنا ح ْكماً و ِعْلماً وس َّخ ْرَنا مع َداو َ ِ‬
‫ال ُي َسِب ْح َن َوالط ْي َر َوُكَّنا َفاعل َ‬
‫ين‬ ‫ود اْلجَب َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫ََ‬ ‫ُ َ‬ ‫اها ُسَل ْي َم َ َ‬
‫َفَف َّه ْمَن َ‬

‫ان} [اآلية‪.]79 :‬‬


‫اها ُسَل ْي َم َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬فَف َّه ْمَن َ‬

‫{هـٰ َذا‬ ‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬أفهم سليمان مسألة من العلم َّ‬
‫فمن هللا عليه بذلك‪ ،‬وأعطاه الملك فلم َي ُمن عليه وقال‪َ :‬‬
‫الملك واختاره عرفه قلة‬ ‫اب}[ص‪ ]39 :‬بل أراه حقارته في ثالث مواضع حين سأل‬ ‫آؤَنا َفامُن ْن أَو أَم ِس ْك ِب َغ ْي ِر ِحس ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫طُ ْ ْ ْ‬ ‫َع َ‬
‫ملكه‪ ،‬وخسته‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫الملك الذى أعطاه ريح ألنه ال يدوم‬ ‫جسدا‪ ،‬وحيث قال‪َ { :‬ف َس َّخ ْرَنا َل ُه ِ‬
‫يح}[ص‪ ]36 :‬أراه أن ُ‬ ‫الر َ‬ ‫حين ألقى على كرسيه ً‬
‫يك ِب ِه َقْب َل أَن َي ْرتََّد ِإَل ْي َك‬ ‫ِ‬
‫الملك هو الذى يدوم‪ ،‬وحين قال له آصف وهو الذى عنده علم من الكتاب {أََن ْا آت َ‬ ‫و ُ‬
‫امُن ْن}[ص‪ ]39 :‬أي أعط من شئت لحقارته وخسته‪.‬‬
‫آؤَنا َف ْ‬
‫طُ‬ ‫{هـٰ َذا َع َ‬
‫ط ْرُف َك}[النمل‪ ]40 :‬وحيث قال‪َ :‬‬
‫َ‬

‫بح َن} [اآلية‪.]79 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وس َّخرنا مع داود ال ِجب ِ‬
‫ال ُيس ْ‬
‫َ َ َْ َ َ َ ُ َ َ َ‬

‫ال‬ ‫قال محمد بن على‪ :‬جعل هللا الجبال تسلية للمحزونين وأُنسا للمكروبين‪ ،‬أال تراه يقول‪{ :‬وس َّخ ْرَنا مع َداو َ ِ‬
‫ود اْلجَب َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫ََ‬ ‫ً‬
‫ُي َسِب ْح َن}‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬األنس الذي في الجبال هو أنها خالية عن صنع الخالئق فيها بحال‪ ،‬باقية على صنع الخالق ال أثر‬
‫فيها لمخلوق فتوحش‪ .‬واآلثار التي فيها آثار صنع حقيقى من غير تبديل وال تحويل‪.‬‬

‫سورة األنبياء (من اآلية ‪ 83‬الى اآلية ‪)83‬‬

‫الضُّر وأَنت أَرحم َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأَيُّوب ِإ ْذ ناد ٰى رب ِ‬


‫ين‬
‫الراحم َ‬ ‫َّه أَني َم َّسن َي ُّ َ َ ْ َ ُ‬
‫َ َ ََ َ ُ‬

‫َّه أَِني َم َّسِني ُّ‬


‫الضُّر} [اآلية‪.]83 :‬‬ ‫ُّوب ِإ ْذ َن َاد ٰى َرب ُ‬
‫{وأَي َ‬
‫قوله تعالى ذكره‪َ :‬‬
‫َ‬

‫حدثنا أبو بكر محمد بن عبدهللا بن شاذان قال‪ :‬حدثنا عبدهللا بن جعفر بن على الموصلى‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا الحسن بن‬
‫داود قال‪ :‬حدثنا يزيد بن هارون‪ ،‬عن أنس قال‪ :‬جاء رجل إلى النبى صلى هللا عليه وسلم فسأله عن قول أيوب‪:‬‬
‫فقر نزل إليه من ربه‪،‬‬
‫نبيا ًا‬
‫نبيا ما شكى ً‬ ‫{م َّسِني ُّ‬
‫الضُّر} فبكى النبى صلى هللا عليه وسلم وقال‪" :‬والذى بعثنى بالحق ً‬ ‫َ َ‬
‫ولكن كان فى بالئه سبع سنين‪ ،‬وسبع أشهر‪ ،‬وسبع أيام‪ ،‬وسبع ساعات‪ ،‬فلما كان فى بعض ساعات وثب ليصلى‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قائماً فلم يطق النهوض فجلس ثم قال‪ :‬مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين"‪ .‬قال صلى هللا عليه وسلم‪" :‬أكل الدود‬
‫عظاما نخرة فكانت الشمس تطلع من ُقبله وتخرج من دبره" ثم قال النبى صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬
‫ً‬ ‫سائر جسده حتى بقى‬
‫"ما بقى إال قلبه ولسانه‪ ،‬وكان قلبه ال يخلو من ذكر هللا جل وعز‪ ،‬ولسانه ال يخلو من ثنائه على ربه‪ ،‬فلما أحب هللا‬
‫له الفرج بعث إليه الدودتين إحداهما إلى لسانه‪ ،‬واألخرى إلى قلبه‪ ،‬فقال‪ :‬يا رب ما بقى إال هاتان الجارحتان‪ ،‬قلبى‬
‫ولسانى أذكرك بهما‪ ،‬وقد أقبلت هاتان الدودتان إحداهما إلى قلبى‪،‬‬

‫الضُّر وأَنت أَرحم َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫ين}‬
‫الراحم َ‬ ‫{م َّسن َي ُّ َ َ ْ َ ُ‬
‫واألخرى إلى لسانى‪ ،‬يقطعانى عنك ويطلعانى على سرى‪َ :‬‬

‫‪".‬‬

‫قال أبو عبد الرحمن السلمى‪ :‬وإنى برئ من عهدة هذا الحديث‪ ،‬وليس يشبه هذا كالم النبى صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬استعذب األولياء البالء للمناجاة مع المولى لذلك قال الحسين بن على‪ :‬ذكر هللا على الصفاء ينسى‬
‫العبد م اررة البالء‪.‬‬

‫مستدعيا للجواب من الحق ليسكن إليه ال على حد الشكوى‪.‬‬


‫ً‬ ‫وقال جعفر‪ :‬خرج منه هذا الكالم على المناجاة‬

‫وقال النصرآباذى‪ :‬الخلق كلهم فى ميادين فضله يتروحون‪ ،‬وألسنتهم منبسطة بالشكوى فصيحة به‪.‬‬

‫قال جعفر‪ :‬لما سلط هللا البالء على أيوب وطال به األمر أتاه الشيطان فقال‪ :‬إن أردت أن تتخلص من هذا البالء‬
‫ان ِبُنص ٍب و َع َذ ٍ‬
‫اب }[ص‪ ]41 :‬ومسنى الضر حين طمع‬ ‫فاسجد لى سجدة فلما سمع ذلك فقال‪{ :‬م َّسِني َّ‬
‫طُ ْ َ‬ ‫الش ْي َ‬ ‫َ َ‬
‫الشيطان فى أن أسجد له‪.‬‬

‫وطنا له‪ ،‬فلما اطمأنت إليه نفسه وسكن عنه البالء‬


‫أيضا‪ :‬لما تناهى أيوب في البالء واستعذبه صار البالء ً‬
‫وقال ً‬
‫{م َّسِني ُّ‬
‫الضُّر} لفقد الضر وأنشد فى معناه‪:‬‬ ‫شكره الناس على صبره‪ ،‬ومدحوه عليه فقال‪:‬‬
‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫الضـر حتَى ِ‬
‫الصبر‬ ‫العزاء إلى‬
‫وأسَلمنى ُحسن َ‬ ‫ألفتُ ُه‬ ‫عودت َمس ُّ َ‬
‫تَ ُ‬
‫لسرعة ِ‬
‫لطف من َح ْيث ال أدرى‬ ‫اجيا‬ ‫الن ِ‬
‫وصيرنى يأسى من َّ‬
‫اس ر ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫صبر لما صبرت وكنت مع هذا‬
‫وقال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬قال هللا أليوب‪ :‬لوال أنى جعلت تحت كل شعرة منك ًا‬
‫{م َّسِني ُّ‬
‫الضُّر}‪.‬‬ ‫تشكو وتقول‪:‬‬
‫َ َ‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬تبدد همه‪ ،‬وليس فى العقوبات شىء أشد من تبدد الهم فمرة كان يطالع فى بالئه العقوبة‪ ،‬فيقول‪:‬‬
‫لعلى فيه معاقب‪ ،‬ومرة كان يطالع الكرامة فيقول‪ :‬لعلى ما دفعت إليه كرامة من هللا‪ ،‬ومرة يطالع االستدراج ويقول‪:‬‬
‫لعلى فى صبرى مستدرًجا‪ ،‬فلما تشتتت عليه الخواطر‪ ،‬قال‪ :‬مسنى الضر من تشتت هذه الخواطر ألن فيه شبه‬
‫التحير‪.‬‬

‫{م َّسِني‬ ‫قائما مع الحق فى حال الوجد فلما كشف عنه البالء وأظهره‪ ،‬وكشف ما به قال‪:‬‬
‫وقال بعضهم‪ :‬كان أيوب ً‬
‫َ َ‬
‫ُّ‬
‫الضُّر}‪.‬‬

‫وقال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬عمل الدود فى جسده فصبر فلما قصدوا قلبه غار عليه ألنه موضع المعرفة‪ ،‬ومعدن‬
‫افتقار إلى هللا مع مالزمة آداب النبوة‪.‬‬
‫ًا‬ ‫{م َّسِني ُّ‬
‫الضُّر}‬ ‫التوحيد‪ ،‬ومأوى النبوة والوالية‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫َ َ‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬لما أراد هللا كشف ضر نبيه أيوب أحب أن يكون من أيوب فيه حركة إلقامة العبودية أباله بما‬
‫ص ٍب}[ص‪:‬‬ ‫طُ ِ‬ ‫الصبر فيه مذموم‪ .‬وهو الغيرة‪ ،‬فخاف أن يكون قد جعل العدو على أهله سبيالً فقال‪{ :‬م َّسِني َّ‬
‫ان بُن ْ‬ ‫الش ْي َ‬ ‫َ َ‬
‫‪ ]41‬فنودى في سره مسك الضر يا أيوب‪.‬‬

‫الضُّر وأَنت أَرحم َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫ين} على معنى األستفهام "أيمسنى الضر‬
‫الراحم َ‬ ‫{م َّسن َي ُّ َ َ ْ َ ُ‬
‫معتذر عما قال‪َ :‬‬
‫ًا‬ ‫فقال صلى هللا عليه وسلم‬
‫وأنت أرحم الراحمين؟‪".‬‬

‫الضُّر} قال أظهر فى أيوب عليه السالم البالء‪ ،‬وأعطاه الصبر فلما أن قام بأحكام‬‫وقال سهل فى قوله‪{ :‬أَِني َم َّسِني ُّ‬
‫َ‬
‫الصبر ورثه الرضا بالبالء فصار شكواه إليه مناجاة له فى مس البالء‪.‬‬

‫{م َّسِني ُّ‬


‫الضُّر}‪.‬‬ ‫مستتر بحال الصبر عن البالء‪ ،‬فلما أراد هللا إظهاره للخلق ضج فقال‪:‬‬
‫ًا‬ ‫وقال ابن خفيف‪ :‬كان أيوب‬
‫َ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال أبو على المغازلى‪ :‬أوحى هللا إلى أيوب فى حال بالئه‪ ،‬يا أيوب‪ :‬إن هذا البالء قد اختاره سبعون ً‬
‫نبيا قبلك فما‬
‫اخترته إال لك‪ .‬فلما أراد هللا كشفه عنه قال‪ :‬آه مسنى الضر‪.‬‬

‫وقال سهل‪ :‬الضر على وجهين‪ :‬ضر ظاهر‪ ،‬وضر باطن‪ ،‬فالباطن حركة َّ‬
‫النْفس عند الوارد واضطرابها‪ ،‬والظاهر‬
‫اآلالم‪ .‬وإذا تحرك الباطن تحت الوارد انزعج الظاهر بالصياح والدعاء‪.‬‬

‫{م َّسِني ُّ‬


‫الضُّر} لفقدان ثواب‬ ‫ألما فقال‪:‬‬
‫وقال الحسين‪ :‬تجلى الحق لسره‪ ،‬وكشف عنه أنوار كرامته فلم يجد للبالء ً‬
‫َ َ‬
‫وطنا وعلى نعمة‪.‬‬
‫البالء والضر‪ ،‬إذ صار البالء ً‬

‫{م َّسِني ُّ‬


‫الضُّر}‪ :‬أى أنت أرحم بى من أن يمسنى معك الضر‪.‬‬ ‫وقال بعضهم فى قوله‪:‬‬
‫َ َ‬

‫وقال الجنيد رحم ة هللا عليه‪ :‬ليس من صفات البشر أن يتجلد على البالء إال بالنظر إلى المبلى‪ ،‬إذ ذاك يصير البالء‬
‫عنده نعمة‪ ،‬وإنما معنى هذه اآلية‪ :‬أيمسنى الضر وأنت لى؟ هذا ما ال يكون‪.‬‬

‫وقال غيره‪ :‬نال كل عضو منه البالء إلى موضع البداء فنادى الضر فى الباقى منه على العافية ال من موضع البالء‬
‫شعر‪:‬‬ ‫{م َّسِني ُّ‬
‫الضُّر} نداء‪ ،‬ال شكوى‪ .‬وأنشد ًا‬ ‫فقال‪:‬‬
‫َ َ‬
‫وإنما عجبى للبعض كيف بقى‬ ‫عجبا‬
‫ولو مضى الكل منى لم يكن ً‬

‫قبل الفـراق وهذا آخر الرمق‬ ‫أدرك بقية روح فيك قـد تلفــت‬

‫الضُّر وأَنت أَرحم َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫قال الواسطى رحمة هللا عليه فى قوله‪{ :‬وأَيُّوب ِإ ْذ ناد ٰى رب ِ‬
‫ين} طاعتك خاصة‬ ‫الراحم َ‬ ‫َّه أَني َم َّسن َي ُّ َ َ ْ َ ُ‬
‫َ َ ََ َ ُ‬
‫نداء فذكر ضره ومحبته‪ ،‬وفزع إلى ما عرف من صفته ونعته‪ ،‬كما فزع محمد صلى هللا عليه وسلم إلى قوله‪" :‬أعوذ‬
‫برضاك من سخطك" فاستجبنا له وكشفنا ما به من ضر ألدبه فى وقت السؤال‪ ،‬وقلة حيلته فى وقت الدعاء‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ضر بعد أن جعلتنى فى حقيقة الرضاء‪ ،‬وهو الوقوف معك‬
‫وقال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬أنت أرحم بى من أن ترينيه ًا‬
‫بال طلب زيادة أو نقصان‪.‬‬

‫سمعت المنصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم اإلسكندرانى يقول‪ :‬سمعت أبا جعفر الملطى عن على بن‬
‫يوما فخشى‬ ‫{م َّسِني ُّ‬
‫الضُّر} قال‪ُ :‬حبس عنى الوحى أربعين ً‬ ‫موسى الرضا عن أبيه عن جعفر بن محمد فى قوله‬
‫َ َ‬
‫الهجران من ربه‪ ،‬والقطيعة‬

‫{م َّسِني ُّ‬


‫الضُّر}‪.‬‬ ‫فقال‪:‬‬
‫َ َ‬

‫{م َّسِني ُّ‬


‫الضُّر} قال‪َ :‬عرفه فاقة السؤال َلي ُمن عليه بكرم النوال‪.‬‬ ‫ُسئل الجنيد رحمة هللا عليه عن قوله‬
‫َ َ‬

‫سورة األنبياء (من اآلية ‪ 84‬الى اآلية ‪)84‬‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َهَل ُه َو ِم ْثَل ُه ْم َّم َع ُه ْم َر ْح َم ًة م ْن عندَنا َوِذ ْك َر ٰى لْل َعاِبد َ‬
‫ين‬ ‫استَ َج ْبَنا َل ُه َف َك َشْفَنا َما ِبه من ُ‬
‫ض ٍر َوآتَْيَناهُ أ ْ‬ ‫َف ْ‬
‫ِ ِ‬
‫استَ َج ْبَنا َل ُه َف َك َشْفَنا َما ِبه من ُ‬
‫ض ٍر} [اآلية‪.]84 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ف ْ‬

‫مستكشفا للبالء وال متلذ ًذا‬


‫ً‬ ‫قال بعضهم‪ :‬استجاب دعاءه‪ ،‬وفتح عليه أبواب الرضا لئال يعارض بعد ذلك فى ِ‬
‫حال‪ ،‬ال‬
‫ألن كالهما مواضع العلل والرجوع إلى النفس وتربيتها‪.‬‬

‫وقال أبو بكر بن طاهر‪ :‬أجاب هللا دعاء أيوب عليه السالم بكشف الضر عنه‪ ،‬وذلك الضر هو ما كان يجد من‬
‫ضعف نفسه عن القيام بخدمة مواله‪ ،‬فرد هللا إليه قوته ليقوم له بحسن الخدمة‪ ،‬وهو كشف الضر‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫{ر ْح َم ًة م ْن عندَنا َوِذ ْك َر ٰى لْل َعاِبد َ‬
‫ين} [اآلية‪.]84 :‬‬ ‫قوله تعالى ذكره‪َ :‬‬

‫يضا على الرضا وحسن الدعاء من‬


‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬أى موعظة للمطيعين عند نزول المحن بهم‪ ،‬وتحر ً‬
‫إظهار للحال‪.‬‬
‫ًا‬ ‫غير تصريح به بل‬

‫سورة األنبياء (من اآلية ‪ 87‬الى اآلية ‪)87‬‬

‫نت ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫النو ِن ِإذ َّذهب م َغ ِ‬
‫نت ُس ْب َح َان َك ِإني ُك ُ‬
‫ظ َّن أَن لن َّنْقد َر َعَل ْيه َفَن َاد ٰى في الظلُ َمات أَن ال ِإَلـ َٰه ِإال أَ َ‬
‫اضباً َف َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َوَذا ُّ‬
‫ين‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫الظالم َ‬
‫النو ِن ِإذ َّذهب م َغ ِ‬
‫اضباً} [اآلية‪.]87 :‬‬ ‫{وَذا ُّ‬
‫ََ ُ‬ ‫قوله تعالى ذكره‪َ :‬‬

‫مغاضبا على نفسه فى ذهابه فظن أن لن نأخذه بغضبه وذهابه‪.‬‬


‫ً‬ ‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪:‬‬

‫وقال ذو النون‪ :‬أخفى ما يخدع به العبد من األلطاف والكرامات ورؤية اآليات‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه فى قوله‪ِ{ :‬إذ َّذهب م َغ ِ‬


‫اضباً} قال‪ :‬ال تكونوا من بنى المباردة والمقابلة‪ ،‬وكونوا من بنى‬ ‫ََ ُ‬
‫الرحمة بالتصريف والفضل‪.‬‬

‫ظ َّن أَن َّلن َّنْق ِد َر َعَل ْي ِه} توهم أن لن نقضى عليه العقوبة وذلك لحسن ظنه بمواله‪.‬‬
‫قال القاسم فى قوله‪َ { :‬ف َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ظ َّن أَن َّلن َّنْق ِد َر‬
‫اضباً} قال‪ :‬كان غضبه على قومه بخالفهم له على جواب الدعوة {َف َ‬ ‫قال فارس فى قوله‪ِ{ :‬إذ َّذهب م َغ ِ‬
‫ََ ُ‬
‫َعَل ْي ِه}‪ :‬أى لن نقدر على االنتقام منهم‪ .‬ليعلم أنه ليس للطاعة وال للمعصية عنده قدر‪.‬‬

‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬ظن أن لن نقدر نريه قدر نفسه فى سخطه على عبادنا‪.‬‬

‫ين}‪ :‬أى من الجاهلين‪ ،‬أنك ال تقرب بطاعة‪ ،‬وال تبعد بمعصية‪.‬‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫وقال فى قوله‪ِ{ :‬إِني ُك ِ‬
‫نت م َن الظالم َ‬
‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين} إذا عرفوا أحسنوا‬ ‫النو ِن ِإذ َّذ َه َب ُم َغاضباً} إلى قوله ُ‬
‫{ن ِ‬
‫نجـي اْل ُم ْؤ ِمن َ‬ ‫{وَذا ُّ‬
‫قال الواسطى رحمة هللا عليه فى قوله‪َ :‬‬
‫الدعاء وأحسنوا طريقة السؤال بدأ بالتوحيد ال إله‬

‫يقدر على ما فعلت إال أنت سبحانك نزهه عن الظلم وقرفوا عليه فى فعله به ونسب الظلم إلى نفسه اعت ارًفا واستحقاًقا‪.‬‬

‫سورة األنبياء (من اآلية ‪ 88‬الى اآلية ‪)88‬‬

‫ِ‬ ‫َفاستَج ْبَنا َل ُه وَن َّج ْيَناه ِم َن اْل َغ ِم وَك ٰذلِ َك ُن ِ‬


‫نجـي اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫ِ‬ ‫قوله تعالى ذكره‪ِ ٰ :‬‬
‫{وَكذل َك ُنن ِجـي اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين} [اآلية‪.]88 :‬‬ ‫َ‬

‫قال الجنيد‪ :‬من همومهم وكروبهم باإلخالص والصدق واالفتقار‪ ،‬وااللتجاء‪ ،‬وحقيقة حسن األعتراف وإظهار‬
‫االستسالم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنبياء (من اآلية ‪ 89‬الى اآلية ‪)89‬‬

‫َّه َر ِب الَ تَ َذ ْ ِرني َف ْرداً َوأ َ‬


‫َنت َخ ْي ُر اْل َو ِارِث َ‬
‫ين‬ ‫َوَزَك ِريَّآ ِإ ْذ َن َاد ٰى َرب ُ‬

‫َّه َر ِب الَ تَ َذ ْرِني َف ْرداً} [اآلية‪.]89 :‬‬


‫{وَزَك ِريَّآ ِإ ْذ َن َاد ٰى َرب ُ‬
‫قوله تعالى ذكره‪َ :‬‬

‫قال جعفر‪ :‬ال تجعلنى ممن ال سبيل له إلى مناجاتك‪ ،‬والتزين بزينة خدمتك‪.‬‬

‫فردا عنك‪ ،‬ال يكون لى سبيل إليك‪.‬‬


‫أيضا‪ً :‬‬
‫وقال ً‬

‫قال ابن عطاء فى قوله‪{ :‬الَ تَ َذ ْرِني َف ْرداً} أى خالًيا من عصمتك‪.‬‬

‫معرضا من ذكرك‪.‬‬
‫ً‬ ‫وقال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬أى ال تجعلنى غافالً عنك‬

‫سورة األنبياء (من اآلية ‪ 90‬الى اآلية ‪)90‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ‬
‫َصَل ْحَنا َل ُه َزْو َج ُه ِإَّن ُه ْم َك ُانوْا ُي َس ِارُعو َن ِفي اْل َخ ْي َرات َوَي ْد ُع َ‬
‫ونَنا َرَغباً َوَرَهباً َوَك ُانوْا َلَنا‬ ‫استَ َج ْبَنا َل ُه َوَو َه ْبَنا َل ُه َي ْحَي ٰى َوأ ْ‬
‫َف ْ‬
‫ين‬ ‫ِِ‬
‫خاشع َ‬

‫ونَنا َرَغباً َوَرَهباً} [اآلية‪.]90:‬‬


‫{وَي ْد ُع َ‬
‫قوله تعالى ذكره‪َ :‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬أمر هللا تعالى األنبياء بالخشوع وهو الوقوف بين الرغبة والرهبة وحقيقة سكون‪ ،‬يشير‬
‫ونَنا َرَغباً َوَرَهباً}‪.‬‬
‫{وَي ْد ُع َ‬
‫إلى الرضاء قال هللا تعالى‪َ :‬‬

‫ونَنا َرَغباً َوَرَهباً}‪.‬‬ ‫قال بعضهم‪ :‬الرهبة أرق من الخشية والخوف ألنه من شروط المسألة َ‬
‫{ي ْد ُع َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬رغبة فينا‪ ،‬وال رهبة من سوانا‪ ،‬فقيل رغبة فى لقائنا‪ ،‬ورهبة من االحتجاب عنا‪ ،‬وقيل‪ :‬رغبة فى‬
‫الطاعات‪ ،‬ورهبة من المعاصى‪.‬‬

‫ين} [اآلية‪.]90:‬‬ ‫ِِ‬


‫{وَك ُانوْا َلَنا خاشع َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال أبو يزيد رحمة هللا عليه‪ :‬الخشوع خمود القلب عن الدعاوى‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬الخشوع زمام الهيبة‪.‬‬

‫خاشعا‬
‫ً‬ ‫خاشعا فزاده لك رأفة وشفقة عليك وإن لم يكن‬
‫ً‬ ‫وقال بعضهم‪ :‬إذا أردت أن يعرف الخاشع فخالفه‪ ،‬فإن كان‬
‫انتقم لنفسه وغضب لها‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنبياء (من اآلية ‪ 94‬الى اآلية ‪)94‬‬

‫ان لِ َس ْعِي ِه َوِإَّنا َل ُه َك ِاتُبو َن‬ ‫َفمن يعمل ِمن َّ ِ ِ‬


‫الصال َحات َو ُه َو ُم ْؤ ِم ٌن َفالَ ُكْف َر َ‬ ‫َ َْ َ ْ َ‬
‫الصالِح ِ‬
‫ات َو ُه َو ُم ْؤ ِم ٌن} [اآلية‪.]94 :‬‬ ‫ِ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ف َمن َي ْع َم ْل م َن َّ َ‬

‫قال أبو بكر الوراق‪ :‬العمل الصالح هو الخالص الذى ال رياء فيه وال سمعة‪ ،‬وال يكون فيه طلب ثواب ويكون معاملة‬
‫على مشاهدة‪.‬‬

‫سورة األنبياء (من اآلية ‪ 101‬الى اآلية ‪)101‬‬

‫ين َسَبَق ْت َل ُه ْم ِمَّنا اْل ُح ْسَن ٰى أ ُْوَلـِٰئ َك َع ْن َها ُم ْب َع ُدو َن‬ ‫َّ ِ‬
‫ِإ َّن الذ َ‬

‫ين َسَبَق ْت َل ُه ْم ِمَّنا اْل ُح ْسَن ٰى} [اآلية‪.]101 :‬‬ ‫َّ ِ‬


‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن الذ َ‬

‫قال الحسين بن الفضل‪ :‬سبقت العناية‪ ،‬فظهرت الوالية‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬سبق منه االختيار‪ ،‬فظهر منهم إلى رضاء البدار‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬من سبق إليه من الحق إحسان‪ ،‬فإنه ال يزال يتقلب فى ميادين المحسنين إلى أن يبلغ‬
‫َح َسُنوْا اْل ُح ْسَن ٰى َوِزَي َادةٌ} [يونس‪.]26 :‬‬ ‫َِّ ِ‬
‫ين أ ْ‬
‫إلى أعلى مراتب أهل اإلحسان بقوله {للذ َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬سبقت العناية ألهل الهداية فبلغوا بها إلى شرف الوالية‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬سبق االمتنان ألهل الفضل واإلحسان فاستحقوا بها القرب والوصول‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬إذا سبقت للعبد من هللا السعادة فغفلته كلها أذكار‪ ،‬وإذا سبقت للعبد من هللا الشقاوة فإذا كان كلها غفلة‪،‬‬
‫وأنشد‪:‬‬

‫فكل إحسانـه ذن ــوب‬ ‫من لم يكن للوصال أهالً‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬أولئك قوم هداهم هللا َّ‬
‫فهذبهم بذاته‪ ،‬وقد سهم بصفاته‪ ،‬فسقطت عنهم الشواهد‬
‫واألغراض‪ ،‬ومطالعات األعواض‪ ،‬فال لهم إشارة فى شواهدهم‪ ،‬وال عبارة عن أماكنهم‪ ،‬وحجبهم عن االستقرار فى‬
‫المواطن‪ .‬فال ُهم‪ُ ،‬هم‬

‫بأنفسهم وال هم حاضرين فى حضورهم بحضورهم‪.‬‬

‫{سَبَق ْت َل ُه ْم ِمَّنا اْل ُح ْسَن ٰى} ولم يقل "سبقت لهم منهم الحسنى‪ ،‬فما سبق من‬
‫قال النهرجورى فى هذه اآلية‪ :‬قال هللا‪َ :‬‬
‫إحسانه إليهم سابقه حلم بالسعادة لهم فتح‬

‫أبصارهم النظر إلى األكوان معتبرين‪ ،‬وفتح أسماعهم بسماع خطابه‪ ،‬وأجرى ألسنتهم بذكره‪ ،‬وزين قلوبهم بمعرفته‪،‬‬
‫{سَبَق ْت َل ُه ْم ِمَّنا اْل ُح ْسَن ٰى}‪.‬‬
‫وخاطبهم كما خاطب األنبياء‪ ،‬وركب فيهم العقل للتمييز فهذا قوله‪َ :‬‬

‫وقيل في هذه اآلية‪ :‬الحسنى‪ :‬العناية السابقة وهى خمسة أشياء‪ :‬العناية‪ ،‬واالختيار‪ ،‬والهداية‪ ،‬والعطاء‪ ،‬والتوفيق‪.‬‬
‫فبالعناية وقعت الكفاية‪ ،‬وباالختيار وقعت الرعاية‪ ،‬وبالهداية وقعت الوالية‪ ،‬وبالعطاء وردت ِ‬
‫الخلعة‪ ،‬وبالتوفيق وقعت‬
‫االستقامة‪ .‬والحسنى هذه السوابق‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪َّ :‬نور قلوبهم بالطمأنينة وسكنت نفوسهم إلى الرحمانية بإزالة وحشة رؤية األفعال من‬
‫سرائرهم‪.‬‬

‫سورة األنبياء (من اآلية ‪ 102‬الى اآلية ‪)102‬‬

‫َنف ُس ُه ْم َخالِ ُدو َن‬ ‫يس َها َو ُه ْم ِفي َما ْ‬ ‫ِ‬


‫اشتَ َه ْت أ ُ‬ ‫الَ َي ْس َم ُعو َن َحس َ‬

‫قوله تعالى‪{ :‬الَ َي ْس َم ُعو َن َح ِسَي َس َها} [اآلية‪.]102 :‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬هم أهل الحقائق ال يحسون بضجيج أهل الدنيا ألنهم مصدودون عنها بما ورد على سرائرهم من وهج‬
‫الحقائق‪ ،‬ويترددون فى منازلهم ال يقطعهم عن ذلك قاطع النغماسهم فى بحور الحقيقة‪.‬‬

‫َنف ُس ُه ْم َخالِ ُدو َن} [اآلية‪.]102 :‬‬ ‫{و ُه ْم ِفي َما ْ‬


‫اشتَ َه ْت أ ُ‬ ‫قوله تعالى ذكره‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬للقلوب شهوة‪ ،‬ولألرواح شهوة‪ ،‬وللنفوس شهوة‪ ،‬وقد جمع لهم فى الجنة جميع ذلك‪ ،‬فشهوة األرواح‬
‫القرب‪ ،‬وشهوة القلوب المشاهدة والرؤية وشهوة النفوس االلتذاذ بالراحة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األنبياء (من اآلية ‪ 103‬الى اآلية ‪)103‬‬

‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫وع ُدو َن‬ ‫الَ َي ْح ُزُن ُه ُم اْلَف َزعُ األَ ْكَب ُر َوتََتَلَّق ُ‬
‫اه ُم اْل َمالَئ َك ُة َهـٰ َذا َي ْو ُم ُك ُم الذي ُكنتُ ْم تُ َ‬

‫قوله تعالى‪{ :‬الَ َي ْح ُزُن ُه ُم اْلَف َزعُ األَ ْكَب ُر} [اآلية‪.]103 :‬‬

‫يها}‬ ‫ِ‬
‫{اخ َسُئوْا ف َ‬
‫قال‪ :‬نداء القطيعة الذى ينادى به "يا أهل الجنة خلود فال موت‪ ،‬ويا أهل النار خلود فال موت" وقوله‪ْ :‬‬
‫[المؤمنون‪.]108 :‬‬

‫وع ُدو َن} [اآلية‪.]103 :‬‬ ‫َّ ِ‬


‫{هـٰ َذا َي ْو ُم ُك ُم الذي ُكنتُ ْم تُ َ‬
‫قوله تعالى ذكره‪َ :‬‬

‫قيل‪ :‬ميعاد أهل الجنة فيها الوصلة‪ ،‬وميعاد أهل النار فيها القطيعة‪.‬‬

‫سورة األنبياء (من اآلية ‪ 105‬الى اآلية ‪)105‬‬

‫ض َي ِرثُ َها ِعَب ِاد َي َّ‬


‫الصالِ ُحو َن‬ ‫ور ِمن بع ِد ِ‬
‫الذ ْك ِر أ َّ‬
‫َن األ َْر َ‬ ‫َْ‬ ‫وَلَق ْد َكتَْبَنا ِفي َّ‬
‫الزُب ِ‬ ‫َ‬

‫ض َي ِرثُ َها ِعَب ِاد َي َّ‬


‫الصالِ ُحو َن} [اآلية‪.]105 :‬‬ ‫قوله تعالى ذكره‪{ :‬أ َّ‬
‫َن األ َْر َ‬

‫وحالَّهم بحلية الصالح‪ .‬معناه‪ :‬ال يصلح لى إال ما‬


‫قال سهل‪ :‬أضافهم إلى نفسه َ‬

‫خالصا لى ال يكون لغيرى فيه أثر وهم أصلحوا سريرتهم مع هللا‪ ،‬وانقطعوا‬
‫ً‬ ‫كان‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫بالكلية عن جميع ما دونه‪.‬‬

‫سورة األنبياء (من اآلية ‪ 106‬الى اآلية ‪)106‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ِإ َّن في َهـٰ َذا َلَبالَغاً لَق ْو ٍم َعاِبد َ‬
‫ين‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫قوله تعالى ذكره‪ِ{ :‬إ َّن في َهـٰ َذا َلَبالَغاً لَق ْو ٍم َعاِبد َ‬
‫ين} [اآلية‪.]106 :‬‬

‫بعة من أر ٍ‬
‫بعة‪ :‬تصفية القلب من الحسد والخيانة‪،‬‬ ‫قال يحيى بن معاذ‪ :‬هو تصفية أر ٍ‬

‫واللسان من الكذب والغيبة‪ ،‬والخلق من أكل الحرام والشبهة‪ ،‬والنفس من الريبة‪ .‬ففى هذه األشياء بالغ لقوم عابدين‪.‬‬

‫خصه لقوم عابدين‪ ،‬وهم الذين عبدوا‬


‫قال سهل‪ :‬لم يجعل البالغ لجميع عباده‪ ،‬بل َّ‬

‫نار‪ ،‬وال ألجل جنة‪،‬‬ ‫ٍ‬


‫عوض‪ ،‬وال ألجل ٍ‬ ‫هللا جل وعز وبذلوا له مهجتهم ال من أجل‬

‫افتخار بما أهلهم من عبادتهم إياه‪.‬‬


‫حبا له‪ ،‬و ًا‬
‫بل ً‬

‫سورة األنبياء (من اآلية ‪ 107‬الى اآلية ‪)107‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ ِ‬ ‫َّ‬
‫اك ِإال َر ْح َم ًة لْل َعاَلم َ‬
‫ين‬ ‫َو َمآ أ َْرَسْلَن َ‬

‫محمدا صلى هللا عليه وسلم بزينة الرحمة فكان كونه رحمة‪ ،‬ونظره إلى َم ْن نظر إليه‬
‫ً‬ ‫قال أبو بكر بن طاهر‪ :‬زين هللا‬
‫رحمة وسخطه ورضاه وتقريبه وتبعيده‪ ،‬وجميع شمائله وصفاته رحمة على الخلق‪ ،‬فمن أصابه شىء من رحمته فهو‬
‫اك ِإالَّ َر ْح َم ًة‬ ‫الناجى في الدارين أجمع عن كل مكروه‪ ،‬والواصل فيهما إلى كل محبوب‪ ،‬أال ترى هللا يقول‪َ :‬‬
‫{و َمآ أ َْرَسْلَن َ‬
‫ين} فكانت حياته رحمة‪ ،‬ومماته رحمة كما قال النبي صلى هللا عليه وسلم‪" :‬إذا أراد هللا رحمة أمة قبض نبيها‬ ‫ِ ِ‬
‫لْل َعاَلم َ‬
‫وسلفا‬
‫طا ً‬ ‫قبلها فجعله لها فر ً‬

‫‪".‬‬

‫سورة األنبياء (من اآلية ‪ 110‬الى اآلية ‪)110‬‬

‫ِإَّن ُه َي ْعَلم اْل َج ْه َر ِم َن اْلَق ْو ِل َوَي ْعَلم َما تَ ْكتُ ُمو َن‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّن ُه َي ْعَل ُم اْل َج ْه َر ِم َن اْلَق ْو ِل} [اآلية‪.]110 :‬‬

‫قال الحسين‪ :‬كيف يخفى على الحق من الخلق خافية‪ ،‬وهو الذي أودع الهياكل أوصافها من الخير‪ ،‬والشر‪ ،‬والنفع‪،‬‬
‫فما يكتمونه أظهر عنده مما يبدونه‪ ،‬وما يبدونه قبل ما يكتمونه‪ .‬جل الحق أن تخفى عليه خافية من عباده بحال‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الحج (من اآلية ‪ 1‬الى اآلية ‪)1‬‬

‫ِ‬ ‫الس ِ‬
‫يم‬ ‫َّك ْم ِإ َّن َ ْزل َزَل َة َّ َ‬
‫اعة َش ْي ٌء َعظ ٌ‬ ‫اس اتَُّقوْا َرب ُ‬ ‫ُّها َّ‬
‫الن ُ‬ ‫ٰيأَي َ‬

‫ٍ‬
‫ومتق اتقاه برؤية قيام‬ ‫ٍ‬
‫ومتق اتقاه بعجب‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫ومتق اتقاه بعلمٍ‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫بجهل‪،‬‬ ‫قال بعضهم‪ :‬وجوه التقوى مختلفة‪ٍ ،‬‬
‫فمتق اتقى هللا‬
‫ومتق اتقاه عن كل ما سواه‪ ،‬وأول درجة التقوى أن ال ترى نفسك فيه‪ ،‬وال تدخل تحت رق أحد‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫هللا تعالى على عباده‪،‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬التقوى ال يسترقك شىء دون موالك‪ ،‬وهو الحرية‪ ،‬وكل من طلب‬

‫متقيا‪ ،‬وإن كان وعد عليه‪.‬‬


‫الجزاء‪ ،‬لم يكن ً‬

‫وقال بعضهم‪ :‬أفضل العبادة التقوى فإنه الطريق إلى هللا والوسيلة به‪.‬‬

‫سورة الحج (من اآلية ‪ 2‬الى اآلية ‪)2‬‬

‫اس ُس َك َار ٰى َو َما ُهم ِب ُس َك َار ٰى َوَلـ ِٰك َّن‬ ‫ضع ٍة ع َّمآ أَرضع ْت وتَضع ُك ُّل َذ ِ‬
‫ات َح ْم ٍل َح ْمَل َها َوتََرى َّ‬ ‫ِ‬
‫الن َ‬ ‫َي ْوَم تَ َرْوَن َها تَ ْذ َه ُل ُك ُّل ُم ْر َ َ ْ َ َ َ َ ُ‬
‫َّللاِ َش ِد ٌيد‬
‫اب َّ‬ ‫َع َذ َ‬

‫اس ُس َك َار ٰى َو َما ُهم ِب ُس َك َار ٰى} [اآلية‪.]2 :‬‬ ‫{وتَ َرى َّ‬
‫الن َ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال جعفر‪ :‬أسكرهم ما شاهدوا من بساط العز وسلطان الجبروت‪ ،‬وسرداق الكبرياء حتى ألجأ النبيين إلى أن قالوا‪:‬‬
‫نفسى‪ .‬نفسى‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الحج (من اآلية ‪ 3‬الى اآلية ‪)3‬‬

‫ان َّم ِر ٍيد‬


‫طٍ‬ ‫َّللاِ ِب َغ ْي ِر ِعْل ٍم َوَيتَِّب ُع ُك َّل َش ْي َ‬
‫اس َمن ُي َج ِاد ُل ِفي َّ‬
‫الن ِ‬
‫َو ِم َن َّ‬

‫َّللاِ ِب َغ ْي ِر ِعْلمٍ} [اآلية‪.]3 :‬‬


‫اس َمن ُي َج ِاد ُل ِفي َّ‬
‫الن ِ‬
‫{و ِم َن َّ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال سهل‪ :‬تخاصم فى الدين بالهواء والقياس دون االقتداء فعند ذلك يضل ويبتدع‪.‬‬

‫سورة الحج (من اآلية ‪ 5‬الى اآلية ‪)5‬‬

‫ض َغ ٍة ُّم َخَّلَق ٍة َو َغ ْي ِر‬ ‫ٍ ِ‬ ‫اب ثُ َّم ِمن ُّن ْ ٍ ِ‬


‫طَفة ثُ َّم م ْن َعَلَقة ثُ َّم من ُّم ْ‬ ‫اكم ِمن تُر ٍ‬
‫َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫اس إن ُكنتُ ْم في َرْيب م َن اْلَب ْعث َفإَّنا َخَلْقَن ُ ْ‬
‫الن ُ ِ‬ ‫ُّها َّ‬
‫ٰيأَي َ‬
‫نك ْم َّمن ُيتََوَّف ٰى َو ِم ُ‬ ‫َج ٍل ُّم َس ًّمى ثُ َّم ُن ْخ ِر ُج ُك ْم ِطْفالً ثُ َّم لِتَْبُل ُغوْا أ ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّ ٍ ِ ِ‬
‫نك ْم‬ ‫َشَّد ُك ْم َو ِم ُ‬ ‫آء ِإَل ٰى أ َ‬‫ُم َخلَقة لُنَبي َن َل ُك ْم َوُنقُّر في األ َْر َحا ِم َما َن َش ُ‬
‫َّمن يرُّد ِإَلى أَرَذ ِل اْلعم ِر لِ َكيالَ يعَلم ِمن بع ِد ِعْل ٍم َشيئاً وتَرى األَرض ه ِ‬
‫ام َد ًة َفِإ َذآ أ َ ْ‬
‫َنبتَ ْت‬‫اهتََّز ْت َوَرَب ْت َوأ َ‬ ‫آء ْ‬ ‫َنزلَنا َعَل ْي َها اْل َم َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َْ‬ ‫ْ َْ َ‬ ‫ُُ‬ ‫َُ ٰ ْ‬
‫ِمن ُك ِل َزْو ٍج َب ِهي ٍج‬

‫نك ْم َّمن ُي َرُّد ِإَل ٰى أ َْرَذ ِل اْل ُع ُم ِر لِ َك ْيالَ َي ْعَل َم ِمن َب ْع ِد ِعْل ٍم َش ْيئاً} [اآلية‪.]5 :‬‬
‫{و ِم ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الواسطى رحمه هللا تعالى‪ :‬اندرج ما علم منه بما بسط له وفتح عليه وضرب له مثالً {وتَرى األَرض ه ِ‬
‫ام َد ًة}‪ :‬أى‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ساكنة عن الثبات‪ ،‬جافة عن الخضرة‪ ،‬فإذا أنزلت عليها الماء اهتزت وربت‪ :‬أى ظهرت عليه‪ ،‬وروت‪ ،‬وربت‪ :‬وأنبتت‪.‬‬
‫إن الذى أحياها بالنعوت لمحيى بالعلوم فى الدنيا‪ ،‬وباألرواح فى اآلخرة‪.‬‬

‫سورة الحج (من اآلية ‪ 11‬الى اآلية ‪)11‬‬

‫َص َاب ْت ُه ِف ْتَن ٌة ْانَقَل َب َعَل ٰى َو ْج ِه ِه َخ ِس َر ُّ‬


‫الد ْنَيا‬ ‫طمأ َّ ِ ِ‬
‫َن به َوإِ ْن أ َ‬ ‫َص َاب ُه َخ ْيٌر ا ْ َ‬
‫ٍ ِ‬
‫َّللاَ َعَل ٰى َح ْرف َفإ ْن أ َ‬
‫اس َمن َي ْعُب ُد َّ‬ ‫الن ِ‬
‫َو ِم َن َّ‬
‫ِ ِٰ‬
‫ان اْل ُمِب ُ‬
‫ين‬ ‫َواألَخ َرَة ذل َك ُه َو اْل ُخ ْس َر ُ‬
‫َّللا عَلى حر ٍ‬
‫ف} [اآلية‪.]11 :‬‬ ‫الن ِ‬
‫{و ِم َن َّ‬
‫اس َمن َي ْعُب ُد َّ َ َ ٰ َ ْ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬على رهن ارتهنه فاطمأن إليه كذلك‪.‬‬

‫قال يحيى بن معاذ‪ :‬الناس من مخافة فضيحة الدنيا وقعوا فى فضيحة اآلخرة‪ ،‬ومن أجل نفوسهم أهلكوا أنفسهم‬
‫بنفوسهم‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬على طمع أن يرى ثواب عمله‪ ،‬أو يجازى على قدر أعماله‪ ،‬منهم يرى فضله وأفعاله‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬المغرور من غرته رؤية فعله فظن أنه يصل بعمل إلى ربه‪ ،‬وال يرى فضل هللا عليه أن وفقه لخدمته‪،‬‬
‫طالبا منه ثواب أعماله‪.‬‬
‫أو يسر عليه سبيل طاعته‪ ،‬فعبد هللا على طمع الثواب ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫الد ْنيا واأل ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ :‬‬
‫َخ َرَة} [اآلية‪.]11 :‬‬ ‫{خس َر ُّ َ َ‬
‫َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬الخسران فى الدنيا ترك الطاعات‪ ،‬ولزوم المخالفات‪ ،‬والخسران فى اآلخرة‪ :‬كثرة الخصوم والتبعات‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬خسران الدنيا تضييع األوقات‪ ،‬وخسران اآلخرة بالسكون إلى الجنان‪ ،‬واالشتغال بها‪.‬‬

‫سورة الحج (من اآلية ‪ 12‬الى اآلية ‪)12‬‬

‫ضُّرهُ َو َما الَ َي َنف ُع ُه ٰذلِ َك ُه َو َّ‬


‫الضالَ ُل اْلَب ِع ُيد‬ ‫يدعوْا ِمن دو ِن َّ ِ‬
‫َّللا َما الَ َي ُ‬ ‫ُ‬ ‫َْ ُ‬

‫ضُّرهُ َو َما الَ َي َنف ُع ُه} [اآلية‪.]12 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬يدعو ِمن دو ِن َّ ِ‬
‫َّللا َما الَ َي ُ‬ ‫ُ‬ ‫َْ ُ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬من ركن إلى شىء سوى الحق فقد ركن إلى ما يضره وال ينفعه‪ ،‬ومن اعتمد على هللا فقد اعتمد على‬
‫َّ‬
‫الضار النافع الذى منه الكل‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الحج (من اآلية ‪ 18‬الى اآلية ‪)18‬‬

‫آب َوَكِث ٌير ِم َن‬ ‫الن ُجوم واْل ِجَبال وا َّ‬


‫لش َج ُر َو َّ‬
‫الدَو ُّ‬ ‫ُ َ‬
‫ِ َّ‬ ‫ِ‬
‫الس َٰم َٰوت َو َمن في األ َْرض َوالش ْم ُس َواْلَق َم ُر َو ُّ ُ َ‬
‫َّللا يسجد َله من ِفي َّ ِ‬
‫َن َّ َ َ ْ ُ ُ ُ َ‬ ‫أََل ْم تَ َر أ َّ‬
‫آء‬ ‫َّللاُ َف َما َل ُه ِمن ُّم ْك ِرٍم ِإ َّن َّ‬
‫اب َو َمن ُي ِه ِن َّ‬ ‫ِ‬ ‫الن ِ ِ‬ ‫َّ‬
‫َّللاَ َيْف َع ُل َما َي َش ُ‬ ‫اس َوَكث ٌير َح َّق َعَل ْيه اْل َع َذ ُ‬

‫َّللاُ َف َما َل ُه ِمن ُّم ْك ِرمٍ} [اآلية‪.]18 :‬‬


‫{و َمن ُي ِه ِن َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫السيارى‪ :‬من قدر هللا عليه اإلهانة فى السبق ال يقدر أحد على كرامته؛ ألن لباس الحق ال يزول وال يحول‪ ،‬وهو‬
‫قال َّ‬
‫على الدوام‪.‬‬

‫سورة الحج (من اآلية ‪ 23‬الى اآلية ‪)23‬‬

‫َس ِاوَر ِمن َذ َه ٍب َوُل ْؤُلؤاً‬ ‫ات تَجرِي ِمن تَحِتها األ َْنهار يحَّلو َن ِف ِ‬ ‫َّللا ي ْد ِخل َّال ِذين آمنوْا وع ِمُلوْا َّ ِ ِ‬
‫ات جَّن ٍ‬ ‫ِ‬
‫يها م ْن أ َ‬
‫َ‬ ‫َ ُ َُ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫الصال َح َ‬ ‫َ َُ َ َ‬ ‫إ َّن َّ َ ُ ُ‬
‫يها َح ِر ٌير‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اس ُه ْم ف َ‬‫َولَب ُ‬
‫َّللا ي ْد ِخل َّال ِذين آمنوْا وع ِمُلوْا َّ ِ ِ‬
‫ات جَّن ٍ‬ ‫ِ‬
‫ات} [اآلية‪.]23 :‬‬ ‫الصال َح َ‬ ‫َ َُ َ َ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬إ َّن َّ َ ُ ُ‬

‫قال‪ :‬هم الذين صدقوا هللا فى السر واتبعوا سنة محمد صلى هللا عليه وسلم ولم يبتدعوا بحال‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الحج (من اآلية ‪ 24‬الى اآلية ‪)24‬‬

‫اط اْل َح ِم ِيد‬


‫صر ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫َو ُه ُدوْا ِإَلى الطِيب م َن اْلَق ْول َو ُه ُدوْا ِإَل ٰى َ‬

‫الطِي ِب ِم َن اْلَق ْو ِل} [اآلية‪.]24 :‬‬


‫قوله تعالى‪{ :‬وهدوْا ِإَلى َّ‬
‫َ ُُ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬الطيب من القول‪ :‬هو النصيحة للمسلمين‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬الطيب من القول‪ :‬قراءة القرآن‪.‬‬

‫سورة الحج (من اآلية ‪ 25‬الى اآلية ‪)25‬‬

‫يه واْلب ِاد ومن ي ِرد ِف ِ‬


‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫يل َّ ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫يه‬ ‫ف ِف َ َ َ َ ُ ْ‬ ‫ِ‬
‫آء اْل َعاك ُ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫َّللا َواْل َم ْسجد اْل َح َار ِم الذي َج َعْلَناهُ للناس َسَو ً‬
‫ين َكَفروْا ويصُّدو َن َعن سِب ِ‬
‫َ‬ ‫إ َّن الذ َ ُ َ َ ُ‬
‫ظْل ٍم ُّن ِذ ْق ُه ِم ْن َع َذ ٍ‬
‫اب أَلِي ٍم‬ ‫ِبِإْل َح ٍاد ِب ُ‬

‫اكف ِف ِ‬
‫يه َواْلَب ِاد} [اآلية‪.]25 :‬‬ ‫ِ‬
‫آء اْل َع ُ‬
‫{س َو ً‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال محمد بن على الترمذى‪ :‬الفتوة أن يستوى عندك الطارئ والمقيم‪ ،‬وكذا تكون بيوت الفتيان من نزل فيه فقد تحرم‬
‫اكف ِف ِ‬
‫يه َواْلَب ِاد}‪.‬‬ ‫ِ‬
‫آء اْل َع ُ‬ ‫بأعظم حرمة‪ ،‬وأجل ذريعة‪ ،‬أال ترى هللا جل وعز كيف وصف بيته فقال‪َ :‬‬
‫{سَو ً‬

‫سورة الحج (من اآلية ‪ 26‬الى اآلية ‪)26‬‬

‫الس ُجوِد‬
‫الرَّك ِع ُّ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ َّ ِ ِ‬ ‫ان اْلَب ْي ِت أَن الَّ تُ ْش ِر ْك ِبي َش ْيئاً َو َ‬ ‫ِ ِ‬
‫ين َو ُّ‬ ‫ط ِه ْر َب ْيت َي للطآئف َ‬
‫ين َواْلَقآئم َ‬ ‫يم َم َك َ‬
‫َوإِ ْذ َبَّوأَْنا إل ْب َراه َ‬
‫ان اْلَب ْي ِت أَن الَّ تُ ْش ِر ْك ِبي َش ْيئاً} [اآلية‪.]26 :‬‬ ‫ِ ِ‬
‫يم َم َك َ‬
‫{وإِ ْذ َبَّوأَْنا إل ْب َراه َ‬
‫قوله تعالى ذكره‪َ :‬‬

‫منسكا له ولمن بعده من األولياء والصديقين إلى يوم القيامة‬


‫ً‬ ‫قال ابن عطاء‪ :‬وفقناه لبناء البيت‪ ،‬وأعناه عليه وجعلناه‬
‫وبينا آثاره‪ ،‬وأمرنا الخليل عند بنائه أن ال يرى فعله وال بناء‪ ،‬وال يشرك بنا ذلك ً‬
‫شيئا‪.‬‬

‫ين} وهو أنوار‬ ‫ِِ‬ ‫قال بعضهم‪ :‬قوله عز وجل‪{ :‬و َ ِ ِ‬


‫{واْلَقآئم َ‬
‫طه ْر َب ْيت َي}‪ :‬وهو قلبك "للطائفين فيه" وهو زوائد التوفيق‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫الس ُجوِد}‪ :‬الخوف والرجاء‪ .‬فإن القلب إذا لم يسكن بالمعرفة خرب‪ .‬وإذا سكنه غير مالكه أو من‬‫الرَّك ِع ُّ‬
‫{و ُّ‬
‫اإليمان‪َ ،‬‬
‫يسكنه مالكه خرب‪ .‬وطهارة القلب يكون باالتفاق عن االختالف‪ ،‬وبالطاعة عن المعصية‪ ،‬وباإلقبال عن اإلدبار‪،‬‬
‫وبالنصيحة عن الغش‪ ،‬وباألمانة عن الخيانة‪ ،‬فإذا طهر من هذه األشياء قذف هللا فيه النور فينشرح وينفسح فيكون‬
‫محالً للمحبة والمعرفة‪ ،‬والشوق والوصلة‪.‬‬

‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم يقول‪ :‬سمعت أبا جعفر الملطى يقول‪ :‬عن على بن موسى الرضا‬
‫ِ ِ َّ ِ ِ‬
‫ين} قال‪ :‬طهر نفسك من مخالطة المخالفين‬ ‫ط ِه ْر َب ْيت َي للطآئف َ‬
‫{و َ‬
‫عن أبيه عن جعفر بن محمد عليهم السالم فى قوله َ‬
‫السج ِ‬
‫ود}‪ :‬األمة‬ ‫واالختالط بغير الحق‪ ،‬والقائمين هو قواد العارفين المقيمون معه على بساط األنس والخدمة‪{ ،‬و ُّ َّ‬
‫الرك ِع ُّ ُ‬ ‫َ‬
‫والسادة الذين رجعوا إلى البداية عن تناهى النهاية‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الحج (من اآلية ‪ 27‬الى اآلية ‪)27‬‬

‫ين ِمن ُك ِل َف ٍج َعمِي ٍق‬ ‫ِ ِ‬


‫وك ِر َجاالً َو َعَل ٰى ُك ِل َ‬
‫ضام ٍر َيأْت َ‬ ‫اس ِباْل َح ِج َيأْتُ َ‬ ‫َوأ َِذن ِفي َّ‬
‫الن ِ‬

‫اس ِباْل َح ِج َيأْتُ َ‬


‫وك ِر َجاالً} [اآلية‪.]27 :‬‬ ‫{وأ َِذن ِفي َّ‬
‫الن ِ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬رجاالً استخلصناهم للوفود علينا فليس يصلح لكل أحد أن يكون ً‬
‫وفدا إلى سيده والذي يصلح للوفادة‬
‫فهو اللبيب فى أفعاله‪ ،‬والكيس فى أقواله‪ ،‬والعارف بما يبديه‪ ،‬وما يرد‪ ،‬وما يصدر‪.‬‬

‫سمعت محمد بن عبد هللا بن شاذان يقول‪ :‬سمعت يوسف بن الحسين يقول‪ :‬قال ذو النون رحمة هللا عليه وعليهم‬
‫أجمعين‪ :‬فأما الحج فزيارة بيت هللا فريضة على كل مسلم فى دهره مرة واحدة من استطاع إليه سبيالً‪ .‬وفى الحج‬
‫مشاهدة أحوال اآلخرة‪" .‬ومنافع كثيرة" فى زيادة اليقين فى مشاهدتها ووجود الروح والراحة واالشتيقاق إلى هللا‪ ،‬ولزوم‬
‫المحبة للقلب والطمأنينة إلى هللا‪ ،‬واالعتبار بالمناسك‪ ،‬والوقوف على معانيها وحقائقها‪ ،‬وذلك أن أول ٍ‬
‫حال من أحوال‬
‫الحج العزم عليه‪ ،‬ومثل ذلك كمثل اإلنسان‬

‫الموقن بالموت والقدوم على هللا فيكتب وصيته‪ ،‬ويوصى ويتحرى فيه لطاعة هللا عز وجل ومرضاته‪ ،‬ويخرج من‬
‫أبدا فيركب راحلته‪،‬‬
‫مظالم عباده ما أمكنه‪ ،‬ويخرج خروج الميت من دار الدنيا إلى دار اآلخرة ال يطمع فى العود إليها ً‬
‫وخير الرواحل التوكل ويحمل زاده وخير الزاد التقوى ويكون فى سيره كأنه محمول إلى قبره فإذا دخل‬

‫السارية كأنه أدخل قبره‪ ،‬وعديله عدله فى نفسه‪ ،‬وإخوانه من المسلمين ومن واله هللا أمرهم واسترعاه حقهم كما قال‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته‬

‫‪".‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وأنيسه العمل الصالح والذكر‪ ،‬فإذا بلغ موضع اإلحرام فكأنه ميت ينشر من قبره‪ ،‬ونودى لوقوفه بين يدى هللا ربه‬
‫وك ِر َجاالً} إلى قوله‪{ :‬لَِي ْش َه ُدوْا َمَن ِاف َع َل ُه ْم} والتلبية إجابة النداء بقوله‪:‬‬
‫اس ِباْل َح ِج َيأْتُ َ‬ ‫{وأ َِذن ِفي َّ‬
‫الن ِ‬
‫وذلك قوله تعالى‪َ :‬‬
‫"لبيك اللهم لبيك لبيك ال شريك لك فى وحدانيتك‪ ،‬وإلهيتك‪ ،‬وربوبيتك‪ .‬لبيك إن الحمد والنعمة لك فيما أنهضتنا‬
‫لزيارتك‪ ،‬وأخرجتنا إلى بيتك‪ ،‬وأهلتنا لذلك‪ ،‬والملك ال شريك لك فيه ال يعتمد فى ملكك على أحد سواك‪ .‬واالغتسال‬
‫لإلحرام كغسل الميت‪ ،‬ولبس ثياب اإلحرام كالكفن فإذا وقف فى الموقف أشعث أغبر كأنه أخرج من قبره والتراب على‬
‫رأسه‪ ،‬ودفعه بدفع اإلمام‪ ،‬وسيره بسيره‪ .‬كشفاعة النبى صلى هللا عليه وسلم إلى ربه والخلق معه يستشفعون به فيشفع‬
‫ويشفع‪ ،‬يسيرون بسيره‪ .‬وينصرفون بانصرافه‪ ،‬والمزدلفة كالجواز على الصراط‪ .‬ورمى الجمار كرفع البراة فمن ُقِبل منه‬
‫ورَّد عليه هلك‪ .‬والصفا والمروة ككفتى الميزان‪ :‬الصفا‪ :‬الحسنات‪ ،‬والمروة‪ :‬السيئات‪ .‬فهو‬
‫فاز ونجا من لم يقبل منه ُ‬
‫ومنسكا‪ :‬األعراف بين الجنة‬
‫ً‬ ‫مرًة إلى هذه الكفة‪ ،‬ومرة إلى هذه الكفة ينتظر ما يكون من رجحان أحد الشقتين‪:‬‬‫يعدو َّ‬
‫والنار‪ .‬والمسجد الحرام‪ :‬كالجنة التى من دخلها‬

‫أمن من بوائق اآلفات‪ .‬والبيت كعرش هللا‪ ،‬والطواف به كطواف المالئكة بالعرش‪ ،‬وحلق الرأس اشتهار بالعمل‪ ،‬كل‬
‫امرئ يكشف رأسه بعمل‪ ،‬فالمؤمن يباهى به‪ ،‬والمنافق يفتضح به‪ ،‬ونعوذ باهلل من ذلك‪.‬‬

‫وسئل بعضهم ماذا أسأل فى الحج وفى الموقف؟ قال‪ :‬سله قطع نفسك عنه بترك كل ما يقطعك عن القربة‪ ،‬واستعمال‬
‫كل ما يوجب الزلفة وانشدت فى معناه‪:‬‬

‫أجعل َب ْيتَ ُه َوالمَقامــا‬ ‫ِ‬


‫إن َل ْم َ‬
‫ْ‬ ‫المحبين‬
‫ست من ُجملة ُ‬
‫َل ُ‬

‫وه َو ُركنى إ َذا أردت استالَما‬ ‫طو ِافى إحال ٌة ِ‬


‫السر ِفيه‬ ‫وَ‬
‫ُ‬

‫ثم قال‪ :‬اجعل البيت قلبك‪ ،‬واجعل مكة طرًقا لقلبك‪ ،‬واجعل طوافك حوله طواًفا من سرك تجد هللا كوجود البيت إن‬
‫كنت هكذا وإال فأنت ميت‪.‬‬

‫قال‪ :‬وجاء رجل إلى الجنيد رحمة هللا عليه يستأذنه فى الحج على التجريد فقال‪ :‬جرد قلبك من السهو‪ ،‬ونفسك من‬
‫اللهو‪ ،‬ولسانك من اللغو‪ ،‬ثم اسلك حيث شئت‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الحج (من اآلية ‪ 28‬الى اآلية ‪)28‬‬

‫يم ِة األَْن َعا ِم َف ُكُلوْا ِم ْن َها َوأَ ْ‬


‫ط ِع ُموْا اْلَب ِآئ َس‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّللاِ ِفي أَيَّا ٍم َّمعُل ٍ‬
‫ومات َعَل ٰى َما َرَزَق ُه ْم من َبه َ‬
‫ْ َ‬ ‫اس َم َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لَي ْش َه ُدوْا َمَناف َع َل ُه ْم َوَي ْذ ُك ُروْا ْ‬
‫اْلَفِق َير‬

‫قوله تعالى‪{ :‬لَِي ْش َه ُدوْا َمَن ِاف َع َل ُه ْم} [اآلية‪.]28 :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬ما وعدوا من أنفسهم لربهم وما وعده هللا لهم من القربة والزلفة‪.‬‬

‫وقال جعفر‪ :‬هو ما يشاهدونه فى ذلك المشهد من بر الحق بأن وفقهم لشهود ذلك المشهد العظيم‪ ،‬ثم منافعهم ما وعد‬
‫عليه من الزيادات‪ ،‬والبركات‪ ،‬واإلجابات‪ ،‬وهللا على كل شىء قدير‪.‬‬

‫‪-‬وقيل كان أبو سعيد النيسابورى يحج من نيسابور ُ‬


‫ويحرم منها ويصلى عند كل ميل فى البادية ركعتين فقيل له فى‬
‫ذلك فقال‪ :‬إن هللا جل جالله يقول {لَِي ْش َه ُدوْا َمَن ِاف َع َل ُه ْم} وهذا منافعى فى حجتى‪.‬‬

‫ط ِع ُموْا اْلَب ِآئ َس اْلَفِق َير} [اآلية‪.]28 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬ف ُكُلوْا ِم ْن َها َوأَ ْ‬

‫أدب َّأد َب هللا به عباده أن ال يطعموا الفقراء إالَّ مما يأكلون‪ ،‬وال يجعلوا هلل ما يكرهون‬ ‫قال أبو عثمان رحمة هللا عليه‪ٌ :‬‬
‫ط ِع ُموْا}‪.‬‬
‫{كُلوْا ِم ْن َها َوأَ ْ‬
‫وهو أن يشاركهم فى مآكلهم ومشاربهم ومالبسهم بقوله‪ُ :‬‬

‫قال ابن عطاء البائس‪ :‬الذى تأنف من مجالسته مواكلته‪ ،‬والفقير من تعلم حاجته إلى طعامك وإن لم يسأل‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َّللاِ َفهو خير َّله ِعند رب ِ‬
‫ِه} [المؤمنون‪ ]30 :‬قال‪ :‬أن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِٰ‬
‫قال الواسطى رحمة هللا عليه فى قوله‪{ :‬ذل َك َو َمن ُي َعظ ْم ُح ُرَمات َّ ُ َ َ ْ ٌ ُ َ َ‬
‫محرما وال تخالف أمره ونهيه‪.‬‬
‫ً‬ ‫ال تالبس‬

‫حبيبا‬
‫كليما وال ً‬ ‫ق‬
‫شيئا من كونه‪ ،‬وال طوار محنته‪ ،‬وأن ال تالحظ خليالً وال ً‬
‫أيضا‪ :‬من تعظيم حرمته أن ال يالحظ ً‬
‫وقال ً‬
‫ال‪.‬‬
‫ما دام يجد إلى مالحظة الحق سبي ً‬

‫قال فارس‪ :‬حرمات هللا‪ :‬صفاته‪ .‬فمن تهاون بحرمات األمر والنهى فقد تهاون بالذات‪ ،‬وهو نفس النفاق‪.‬‬

‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬الحرمة على ثالثة أوجه‪:‬‬

‫القطع عن المخالفة‪ ،‬ثم القطع عن الموافقة‪ ،‬ثم القطع عن لذة المشاهدة‪.‬‬

‫َّللاِ} [المؤمنون‪ ]30 :‬قال‪ :‬ال يعظم حرمات هللا إال من حرمه هللا‪ ،‬وال‬ ‫{ذلِك ومن يع ِظم حرم ِ‬
‫ات َّ‬ ‫ٰ‬
‫قال بعضهم فى قوله‪َ ُ ُ ْ َ ُ َ َ َ :‬‬
‫يعظم هللا إالَّ من عرفه‪ ،‬ومن عرفه خضع له‪ ،‬وخشع من خضوعه‪ ،‬وخشوعه المتولد من تعظيمه لربه تعظيم حرمات‬
‫المؤمنين‪.‬‬

‫قال‪َ :‬م ْن يعظم حرمات هللا فهو خير له عند ربه‪ ،‬ومن جهل قدره أعجب بنفسه وعلمه‪ ،‬وتعظم وتكبر فى نفسه‪،‬‬
‫واحتقر رأيه عبر به‪ ،‬وذلك من جهله بنفسه‪ .‬وجهله بنفسه تعظيم قدرته فى قدرته وإنعامه وتفضله‪.‬‬

‫سورة الحج (من اآلية ‪ 32‬الى اآلية ‪)32‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َّللاِ َفِإَّنها ِمن تَْقوى اْلُقُل ِ‬
‫وب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِٰ‬
‫َ‬ ‫ذل َك َو َمن ُي َعظ ْم َش َعائ َر َّ َ‬

‫قال سهل رحمة هللا عليه‪ :‬تقوى القلوب هو ترك الذنوب‪ ،‬وكل شىء يقع عليه اسم الذنب‪.‬‬

‫وقال جعفر‪ :‬تقوى القلوب ما يرد الجوارح عن المخالفات‪.‬‬

‫وقال الحريرى‪ :‬تقوى النفوس ظاهر‪ ،‬وتقوى القلوب باطن‪.‬‬

‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬من تعظيم شعائر هللا إظهار التوكل والتفويض واليقين والتسليم فإنها من شعائر الحق فى‬
‫أسرار أوليائه فإذا عظمه وعظم حرمته زين هللا ظاهره بفنون اآلداب‪.‬‬

‫سورة الحج (من اآلية ‪ 34‬الى اآلية ‪)34‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّللاِ عَلى ما رزَقهم ِمن ب ِه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ولِك ِل أ َّ ٍ‬
‫يمة األ َْن َعا ِم َفِإَلـ ُٰه ُك ْم ِإَلـ ٌٰه َواحٌد َفَل ُه أ َْسل ُموْا َوَبش ِر اْل ُم ْخِبت َ‬
‫ين‬ ‫َ َ‬ ‫اس َم َّ َ ٰ َ َ َ ُ ْ‬‫نسكاً لَي ْذ ُك ُروْا ْ‬
‫ُمة َج َعْلَنا َم َ‬ ‫َ ُ‬

‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ :‬‬


‫{وَبش ِر اْل ُم ْخِبت َ‬
‫ين} [اآلية‪.]34 :‬‬ ‫َ‬

‫وقصر طرفه عما دونه‪ ،‬كما أن الغريق شغله‬


‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬المخبت الذى امتأل قلبه من المحبة‪َّ ،‬‬
‫نفسه عن كل شىء سوى نفسه‪ ،‬كذلك المخبت شغله مواله عن كل ما سواه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم اإلسكندرانى يقول‪ :‬سمعت أبا جعفر الملطى عن على بن موسى‬
‫ِ‬ ‫الرضا عن أبيه جعفر بن محمد رضى هللا عنهم فى قوله‪ِ :‬‬
‫{وَبش ِر اْل ُم ْخِبت َ‬
‫ين} قال‪ :‬من أطاعنى ثم خافنى فى طاعتى‬ ‫َ‬
‫وبشر من ذكرنى بالنـزول فى جوارى‪ ،‬وبشر من دمعت عيناه‬ ‫وتواضع ألجلى َبشر من اضطرب قلبه شوًقا إلى لقائى‪َ ،‬‬
‫خوًفا لهجرى بشرهم "إن رحمتى سبقت غضبى‬

‫‪".‬‬

‫أيضا‪ :‬بشر أمتك بالشفاعة‪.‬‬


‫وقال ً‬

‫إلى بالنظر إلى وجهى‪.‬‬


‫أيضا‪ :‬بشر المشتاقين َّ‬
‫وقال ً‬

‫أيضا‪ :‬المخبتين فى التواضع كاألرض تحمل كل قدر‪ ،‬وتوارى كل نجس وخبث‪.‬‬


‫وقال ً‬

‫سورة الحج (من اآلية ‪ 35‬الى اآلية ‪)35‬‬

‫الص َٰلوِة َو ِم َّما َرَزْق َٰن ُه ْم ُي ِنفُقو َن‬ ‫الصِب ِرين عَلى مآ أَصابهم واْلمِق ِ‬
‫يمي َّ‬ ‫ٰ‬
‫وب ُه ْم َو َّ َ َ ٰ َ َ َ ُ ْ َ ُ‬
‫ين ِإ َذا ُذ ِكر َّ ِ‬
‫َّللاُ َوجَل ْت ُقُل ُ‬ ‫َ‬
‫َّ ِ‬
‫الذ َ‬

‫وب ُه ْم} [اآلية‪.]35 :‬‬ ‫ين ِإ َذا ُذ ِكر َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬


‫َّللاُ َوجَل ْت ُقُل ُ‬ ‫َ‬ ‫قوله تعالى ذكره‪{ :‬الذ َ‬

‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬هل رأيت ذلك الوجل عند سماع ذكره‪ ،‬وعند سماع كتابه أو خطابه؟‬

‫أو هل أخرسك الذكر حتى لم ينطق إالَّ به؟ وأصمك حتى ال تسمع إالَّ منه هيهات‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬الوجل على مقدار المطالعة وبما يريه مواضع السطوة‪ ،‬وربما يراه مواضع المودة‬
‫والمحبة‪.‬‬

‫َص َاب ُه ْم} [اآلية‪.]35 :‬‬ ‫الصاِب ِر َ‬


‫ين َعَل ٰى َمآ أ َ‬ ‫{و َّ‬
‫قوله تعالى وتقدس‪َ :‬‬

‫قال أبو على الجوزجانى‪ :‬التاركين الجزع عند حلول النوائب والمصائب‪.‬‬

‫سئل بعضهم ما اإلشارة فى شعث المحرم؟ قال‪ :‬ترك التصنع لها ليشهد الحق منك اإلعراض عن العناية بنفسك‬
‫فيشهد صدقك فى بذلها لمجاهدته‪.‬‬

‫سورة الحج (من اآلية ‪ 36‬الى اآلية ‪)36‬‬

‫ط ِع ُموْا‬
‫وب َها َف ُكُلوْا ِم ْن َها َوأَ ْ‬ ‫َّللاِ َل ُكم ِفيها خير َفا ْذ ُكروْا اسم َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫آف َفِإ َذا َو َجَب ْت ُجُن ُ‬
‫ص َو َّ‬
‫َّللا َعَل ْي َها َ‬ ‫ُ َْ‬ ‫من َش َعائ ِر َّ ْ َ َ ْ ٌ‬ ‫اها َل ُك ْم‬
‫َواْلُب ْد َن َج َعْلَن َ‬
‫اها َل ُك ْم َل َعَّل ُك ْم تَ ْش ُك ُرو َن‬
‫َس َّخ ْرَن َ‬ ‫اْلَق ِان َع َواْل ُم ْعتََّر َك ٰذلِ َك‬

‫َّللاِ} [اآلية‪.]36 :‬‬


‫اها َل ُك ْم ِمن َش َع ِائ ِر َّ‬
‫{واْلُب ْد َن َج َعْلَن َ‬ ‫َّ‬
‫قوله عز ذكره‪َ :‬‬

‫قال أبو بكر الوراق‪ :‬الحكمة فى البدن وما ذكر هللا من شعائره فيه وحصول الخيرية‪ ،‬وهو تطهير بدنك من جميع‬
‫البدع والمخالفات‪ ،‬وقتلها بسيوف الخوف والخشية‪ ،‬وأن تجعل التقوى شعارها‪ ،‬والرضا دثارها فإذا فعلت ذلك كان لك‬
‫فيه أوائل الخيرات وهو أن يفتح لك السبيل إلى هللا وإلى الخيرات‪ ،‬وينور قلبك اليقين ويطهر سرك عن طلب كل شىء‬
‫سوى هللا‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الحج (من اآلية ‪ 37‬الى اآلية ‪)37‬‬

‫ِِ‬ ‫َّللا عَلى ما هد ُ ِ‬ ‫َّللا ُلحومها والَ ِدمآؤها وَلـ ِٰكن يناُله التَّْقو ٰى ِم ُ ٰ‬
‫اك ْم َوَبش ِر اْل ُم ْحسن َ‬
‫ين‬ ‫نك ْم َكذلِ َك َس َّخ َرَها َل ُك ْم لِتُ َكِب ُروْا َّ َ َ ٰ َ َ َ‬ ‫ََ ُ َ‬ ‫ال َّ َ ُ ُ َ َ َ ُ َ َ‬ ‫َلن َيَن َ‬

‫آؤ َها َوَلـ ِٰكن َيَناُل ُه التَّْق َو ٰى ِم ُ‬


‫نك ْم} [اآلية‪.]37 :‬‬ ‫ِ‬
‫وم َها َوالَ د َم ُ‬
‫َّللاَ ُل ُح ُ‬
‫ال َّ‬
‫قوله تعالى‪َ{ :‬لن َيَن َ‬

‫قال النصرآباذى‪ :‬منال الحق قال هللا‪َ{ :‬لن يَنال هللا ُلحومها والَ ِدماؤها و ِ‬
‫لكن َيَناُل ُه التَّْقوى ِم ُ‬
‫نكم}‪.‬‬ ‫ْ َ َ َ ُُ َ َ َ ْ َ َ‬

‫وقال سهل رحمة هللا عليه‪ :‬ذلك هو التبرى واإلخالص‪.‬‬

‫ِِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ :‬‬


‫{وَبش ِر اْل ُم ْحسن َ‬
‫ين} [اآلية‪.]37 :‬‬ ‫َ‬

‫ظلم ال ينتصر وال يغضب‪ ،‬وإن غضب ال يأثم قد أتعب‬


‫قال األنطاكى‪ :‬للمحسن عالمات‪ ،‬أولها‪ :‬أن ال يظلم وإن ُ‬
‫وصابر على ما يصيبه من الشدائد‪.‬‬
‫ًا‬ ‫نفسه فالناس منه فى راحة‪ ،‬ونفسه منه فى شغل‪ ،‬ويكون قلبه وجالً عند الذكر‪،‬‬
‫ِِ‬ ‫قال هللا‪ِ :‬‬
‫{وَبش ِر اْل ُم ْحسن َ‬
‫ين}‪.‬‬ ‫َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الحج (من اآلية ‪ 45‬الى اآلية ‪)45‬‬

‫ص ٍر َّم ِش ٍيد‬ ‫َّ ٍ‬ ‫ظالِم ٌة َف ِهي َخ ِاوَي ٌة َعَل ٰى ُع ُر ِ‬ ‫َهَل ْكَن َ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وش َها َوبِ ْئ ٍر ُّم َعطَلة َوَق ْ‬ ‫َ‬ ‫اها َوه َي َ َ‬ ‫َف َكأَِين من َق ْرَية أ ْ‬

‫ص ٍر َّم ِش ٍيد} [اآلية‪.]45 :‬‬ ‫َّ ٍ‬


‫{وبِ ْئ ٍر ُّم َعطَلة َوَق ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫{وبِ ْئ ٍر‬
‫قال الواسطى‪ :‬إن الربوبية إذا تجلت على السرائر محقت آثارها‪ ،‬ومحت رسومها وتركتها خرًابا‪ .‬قال هللا تعالى‪َ :‬‬
‫ص ٍر َّم ِش ٍيد} فالقصر المشيد هو اإلنسان‪ ،‬والبئر المعطلة هى السرائر المأخوذة إلى الحق التى تركت‬ ‫َّ ٍ‬
‫ُّم َعطَلة َوَق ْ‬
‫االعتراض على هللا وضمت جوارحها كلها فيما يرد عليه من الحق فلذلك ُف ِ‬
‫ضل قوله‪.‬‬

‫سورة الحج (من اآلية ‪ 38‬الى اآلية ‪)38‬‬

‫َّللاَ الَ ُي ِح ُّب ُك َّل َخَّو ٍ‬


‫ان َكُف ٍ‬ ‫آمُنوْا ِإ َّن َّ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِإ َّن َّ ِ‬
‫ور‬ ‫َّللاَ ُي َداف ُع َع ِن الذ َ‬
‫ين َ‬
‫َّ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن َّ ِ‬
‫آمُنوْا} [اآلية‪.]38 :‬‬ ‫َّللاَ ُي َداف ُع َع ِن الذ َ‬
‫ين َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬يدفع بالكفار عن المؤمنين‪ ،‬وبالعصاة عن المطعين‪ ،‬وبالجهال عن العلماء‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬يدفع عن المحقين رعونات الدعاوى قال بعضهم‪ :‬يدفع عن المؤمنين هواجس أنفسهم ووسواس‬
‫الشيطان‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ‬
‫وقال سهل‪ :‬يدفع عنهم بنور السنة ظلمات البدعة قوله تعالى‪َ { :‬فإَّن َها الَ تَ ْع َمى األ َْب َ‬
‫ص ُار‪[ }..‬اآلية‪.]46 :‬‬

‫قال سهل‪ :‬اليسير من نور القلب يغلب الهوى والشهوة‪ ،‬فإذا عمى بصر القلب عما فيه غلبت الشهوة‪ ،‬وتوارت الغفلة‬
‫طا فى المعاصى غير منقاد للحق بحال‪.‬‬
‫فعند ذلك يصير البدن مسخ ً‬

‫سورة الحج (من اآلية ‪ 52‬الى اآلية ‪)52‬‬

‫ان ثُ َّم ُي ْح ِك ُم َّ‬ ‫َّللا ما ُيْلِقي َّ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ط ِ‬ ‫ول والَ َنِب ٍي ِإالَّ ِإ َذا تَمَّن ٰى أَْلَقى َّ‬
‫ٍ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َّللاُ‬ ‫طُ‬ ‫الش ْي َ‬ ‫ان في أ ُْمنيَّته َفَين َس ُخ َّ ُ َ‬
‫الش ْي َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َو َمآ أ َْرَسْلَنا من َقْبل َك من َّرُس َ‬
‫يم‬ ‫ِ‬ ‫آي ِات ِه و َّ ِ‬
‫يم َحك ٌ‬ ‫َّللاُ َعل ٌ‬ ‫َ َ‬

‫ان ِفي أ ُْمِنيَِّت ِه} [اآلية‪.]52 :‬‬


‫طُ‬ ‫ول والَ َنِب ٍي ِإالَّ ِإ َذا تَمَّن ٰى أَْلَقى َّ‬
‫الش ْي َ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫{و َمآ أ َْرَسْلَنا من َقْبل َك من َّرُس َ‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫مصونا من إلقاء الشيطان‪ ،‬ومن قرأه وهو يالحظ نفسه أو يشاهد‬


‫ً‬ ‫قال سهل‪ :‬من قرأه وهو يالحظ الحق فإنه يكون بر ًيئا‬
‫الخلق فإن ذلك محل إلقاء الشيطان‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الحج (من اآلية ‪ 54‬الى اآلية ‪)54‬‬

‫صر ٍ‬
‫اط ُّم ْستَِقي ٍم‬ ‫ِ‬ ‫ولِيعَلم َّال ِذين أُوتُوْا اْل ِعْلم أََّنه اْلح ُّق ِمن َّربِك َفيؤ ِمنوْا ِب ِه َفتُخِبت َله ُقلُوبهم وإِ َّن َّ ِ َّ ِ‬
‫آمُنوْا ِإَل ٰى َ‬
‫ين َ‬
‫َّللاَ َل َهاد الذ َ‬ ‫ْ َ ُ ُُ ْ َ‬ ‫َ ُْ ُ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ َ‬
‫ِ‬
‫قوله عز وعال‪َ { :‬فُي ْؤ ِمُنوْا ِبه َفتُ ْخِب َت َل ُه ُقُل ُ‬
‫وب ُه ْم} [اآلية‪.]54 :‬‬

‫قال سهل رحمة هللا عليه‪ :‬صدق اإليمان وحقيقته يورث اإلخبات فى القلب‪ ،‬والخشوع فى البدن‪ ،‬وكثرة التفكر وطول‬
‫الصمت‪ ،‬وهذا من نتائج اإليمان فإن هللا‬

‫ِ‬
‫يقول‪َ { :‬فُي ْؤ ِمُنوْا ِبه َفتُ ْخِب َت َل ُه ُقُل ُ‬
‫وب ُه ْم}‪.‬‬

‫سورة الحج (من اآلية ‪ 56‬الى اآلية ‪)56‬‬

‫الن ِعي ِم‬ ‫ات ِفي جَّن ِ‬


‫ات َّ‬ ‫الصالِح ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ٍِ ِ‬
‫َ‬ ‫آمُنوْا َو َعمُلوْا َّ َ‬
‫ين َ‬
‫اْل ُمْل ُك َي ْو َمئذ ََّّلل َي ْح ُك ُم َب ْيَن ُه ْم َفالذ َ‬

‫قوله تعالى‪{ :‬اْل ُمْل ُك َي ْو َمِئ ٍذ ََّّللِ َي ْح ُك ُم َب ْيَن ُه ْم} [اآلية‪.]56 :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬الملك هلل على دوام األحوال‪ ،‬وبجميع األوقات ولكن للعوام الملك يومئذ آلية القهارية والجبارية فال‬
‫يقدر أن يجحد ما عاين‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الحج (من اآلية ‪ 58‬الى اآلية ‪)58‬‬

‫الر ِازِق َ‬
‫ين‬ ‫َّللاَ َل ُهَو َخ ْي ُر َّ‬ ‫َّللاِ ثُ َّم ُقِتُلوْا أ َْو َماتُوْا َلَي ْرُزَقَّن ُه ُم َّ‬
‫َّللاُ ِرْزقاً َح َسناً َوإِ َّن َّ‬ ‫ين َهاجروْا ِفي سِب ِ‬
‫يل َّ‬ ‫َ‬
‫َّ ِ‬
‫َوالذ َ َ ُ‬

‫َّللاُ ِرْزقاً َح َسناً} [اآلية‪.]58 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ{ :‬لَي ْرُزَقَّن ُه ُم َّ‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬هو القناعة بما أعطى‪.‬‬

‫انقطاعا عن الخلق‪.‬‬
‫ً‬ ‫وقال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬ثقة باهلل‪ ،‬وتوكالً عليه‪ ،‬و‬

‫َّللاُ ِرْزقاً َح َسناً} قال أبو عثمان‪ :‬قال‪ :‬هو أن تملكه نفسه فال تغلب عليه نفسه‪ ،‬وتكون تحت‬
‫قال بعضهم‪َ{ :‬لَي ْرُزَقَّن ُه ُم َّ‬
‫قهره‪.‬‬

‫َّللاُ ِرْزقاً َح َسناً}‪.‬‬


‫وقال بعضهم في قوله‪َ{ :‬لَي ْرُزَقَّن ُه ُم َّ‬

‫السَّنة‪.‬‬
‫قال‪ :‬تصحيح العبودية على المشاهدة‪ ،‬ومالزمة الخدمة على ُّ‬

‫َّللاُ ِرْزقاً َح َسناً}‬


‫قال الجريرى فى قوله‪َ{ :‬لَي ْرُزَقَّن ُه ُم َّ‬

‫قال‪ :‬هو تصحيح التوحيد بالفردانية‪ ،‬ومعانقة التجريد بالسمع والطاعة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الحج (من اآلية ‪ 62‬الى اآلية ‪)62‬‬

‫َّللاَ ُه َو اْل َعلِ ُّي اْل َكِب ُير‬ ‫َن ما يدعون ِمن دوِن ِه هو اْلب ِ‬
‫اط ُل َوأ َّ‬ ‫ٰذلِ َك ِبأ َّ‬
‫َن َّ‬ ‫َُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َّللاَ ُه َو اْل َح ُّق َوأ َّ َ َ ْ ُ َ‬
‫َن َّ‬

‫َّللاَ ُه َو اْل َح ُّق} [اآلية‪.]62 :‬‬


‫َن َّ‬ ‫قوله تعالى‪ٰ :‬‬
‫{ذلِ َك ِبأ َّ‬

‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬هو الحق فحقق حقيقته فى سرك‪ ،‬وال ترجع منه إلى غيره فما سواه باطل‪.‬‬

‫سورة الحج (من اآلية ‪ 63‬الى اآلية ‪)63‬‬

‫يف َخِبيٌر‬ ‫السم ِآء مآء َفتُصِبح األَرض مخضَّرة ِإ َّن َّ ِ‬ ‫َّللا أ َ ِ‬ ‫أََل ْم تَ َر أ َّ‬
‫َّللاَ َلط ٌ‬ ‫َنزَل م َن َّ َ َ ً ْ ُ ْ ُ ُ ْ َ ً‬ ‫َن َّ َ‬
‫َنزل ِمن َّ ِ‬
‫ضَّرًة} [اآلية‪.]63 :‬‬ ‫صِب ُح األ َْر ُ‬
‫ض ُم ْخ َ‬ ‫آء َفتُ ْ‬
‫الس َمآء َم ً‬ ‫َّللاَ أ َ َ َ‬
‫َن َّ‬ ‫قوله َّ‬
‫عز ذكره‪{ :‬أََل ْم تَ َر أ َّ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫عيونا من ماء الرحمة فأنبت المعرفة‬
‫قال بعضهم‪ :‬أنزل مياة الرحمة من سحائب القربة ففتح إلى قلوب أوليائه وعباده ً‬
‫فاخضرت القلوب بزينة وأثمرت اإليمان‪،‬‬

‫وأينعت التوحيد‪ ،‬وأضاءت بالمحبة فهامت إلى سيدها‪ ،‬واشتاقت إلى ربها فطارت بهمتها فأناخت بين يديه‪ ،‬وعطفت‬
‫عليه‪ ،‬وأقبلت إليه‪ ،‬وانقطعت عن األكوان أجمع إذ ذاك آواها الحق إليه‪ ،‬وفتح لها خزائن أنواره‪ ،‬وأطلق لها فترة فى‬
‫بساتين الحق ورياض الشوق واألنس‪.‬‬

‫سورة الحج (من اآلية ‪ 66‬الى اآلية ‪)66‬‬

‫ور‬ ‫يكم ِإ َّن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬


‫ان َل َكُف ٌ‬
‫اإل ْن َس َ‬ ‫اك ْم ثُ َّم ُيميتُ ُك ْم ثُ َّم ُي ْحي ُ ْ‬
‫َحَي ُ‬
‫َو ُه َو الذي أ ْ‬

‫اك ْم ثُ َّم ُي ِميتُ ُك ْم ثُ َّم ُي ْحِي ُ‬


‫يك ْم} [اآلية‪.]66 :‬‬ ‫َحَي ُ‬ ‫َّ ِ‬
‫{و ُه َو الذي أ ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬أحياكم بمعرفته‪ ،‬ثم يميتكم أوقات الغفلة والقترة‪ ،‬ثم يحييكم بالجذب بعد الفترة ثم يقطعكم‬
‫عن الجملة‪ ،‬ويوصلكم إليه حقيقة‪ ،‬إن اإلنسان لكفور يعد َما َل ُه وينسى ما عليه‪.‬‬

‫سورة الحج (من اآلية ‪ 72‬الى اآلية ‪)72‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ين َي ْتُلو َن َعَل ْي ِه ْم َٰآيِتَنا ُق ْل أََفأَُنِبُئ ُكم‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ات َتع ِر ِ‬ ‫وِإ َذا تُْتَلى عَلي ِهم آياتُنا بِين ٍ‬
‫طو َن ِبالذ َ‬ ‫ف في ُو ُجوِه الذ َ‬
‫ين َكَف ُروْا اْل ُم ْن َك َر َي َك ُادو َن َي ْس ُ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ٰ َْ ْ َ َ ََ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ين َكَف ُروْا َوبِ ْئ َس اْل َمص ُير‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ٰ‬ ‫ِ‬
‫ِب َش ٍر من ذل ُكم َّ‬
‫َّللاُ الذ َ‬
‫الن ُار َو َع َد َها َّ‬ ‫ُ‬
‫َّ ِ‬ ‫قوله تعالى {تَع ِر ِ‬
‫ف في ُو ُجوِه الذ َ‬
‫ين َكَف ُروْا اْل ُم ْن َك َر} [اآلية‪.]72 :‬‬ ‫ْ ُ‬

‫‪-‬قال أبو بكر بن طاهرك تتبين فى شواهد المعرضين عنا آثار الوحشة والظلمة المخالفة؛ ألن ظواهره َّإنما أشرقت‬
‫بالسرائر‪ ،‬والسرائر أشرقت بأنوار الحق فمن كان سره فى ظلمة واإلنكار كيف تلوح آثار األنوار على شاهده؟ وكل‬
‫شاهد شاهد األكوان واألعواض فهو فى ظلمة حتى يشاهد الحق وال يشاهد معه غيره‪ ،‬إذ ذاك تلوح عليه أنوار مشاهدة‬
‫َّ ِ‬ ‫الحق قال هللا تعالى‪{ :‬تَع ِر ِ‬
‫ف في ُو ُجوِه الذ َ‬
‫ين َكَف ُروْا اْل ُم ْن َك َر}‪.‬‬ ‫ْ ُ‬

‫سورة الحج (من اآلية ‪ 73‬الى اآلية ‪)73‬‬

‫ُّ‬ ‫الناس ض ِرب مَثل َفاست ِمعوْا َله ِإ َّن َّال ِذين تدعون ِمن دو ِن َّ ِ‬
‫اب‬ ‫َّللا َلن َي ْخُلُقوْا ُذَباباً َوَل ِو ْ‬
‫اجتَ َم ُعوْا َل ُه َوإِن َي ْسُل ْب ُه ُم الذَب ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َْ ُ َ‬ ‫ُّها َّ ُ ُ َ َ ٌ ْ َ ُ ُ‬ ‫ٰيأَي َ‬
‫وب‬ ‫َشيئاً الَّ يستَ ِنق ُذوه ِم ْنه ضعف َّ‬
‫الطالِ ُب َواْل َم ْ‬
‫طُل ُ‬ ‫ُ ُ َ ُ َ‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬

‫اب َش ْيئاً الَّ َي ْستَ ِنق ُذوهُ ِم ْن ُه} [اآلية‪.]73 :‬‬ ‫ُّ‬
‫{وإِن َي ْسُل ْب ُه ُم الذَب ُ‬
‫قال عز وعال‪َ :‬‬

‫سمعت ابا بكر الرازى يقول‪ :‬سمعت أبا العباس بن عطاء رحمة هللا عليه وعليهم‬

‫اب‪ }...‬قال‪َ :‬دَّلهم بهذا على مقاديرهم فمن كان أشد هيبة وأعظم ً‬
‫ملكا ال يملكه االحتراز من‬ ‫ُّ‬
‫{وِإن َي ْسُل ْب ُه ُم الذَب ُ‬
‫فى قوله‪َ :‬‬
‫أهوال الخلق وأضعفه ليعلم بذلك ضعفه‪ ،‬وعجزه‪ ،‬وعبوديته‪ ،‬وذلته لئال يفتخر على أبناء جنسه من بنى آدم بما يملكه‬
‫من الدنيا‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وب} [اآلية‪.]73 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬ضعف َّ‬
‫الطالِ ُب َواْل َم ْ‬
‫طُل ُ‬ ‫َ َُ‬

‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول سمعت أبا بكر بن طاهر يقول فى هذه اآلية‬

‫{ضعف َّ‬
‫الطالِ ُب} أن يدركه‪ ،‬والمطلوب أن يفوته‪.‬‬ ‫َ ُ َ‬

‫سورة الحج (من اآلية ‪ 77‬الى اآلية ‪)77‬‬

‫َّك ْم َوا ْف َعُلوْا اْل َخ ْي َر َل َعَّل ُك ْم تُْفلِ ُحو َن‬


‫اعُب ُدوْا َرب ُ‬ ‫ٰيأَي َّ ِ‬
‫اس ُج ُدوْا َو ْ‬
‫آمُنوْا ْارَك ُعوْا َو ْ‬
‫ين َ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ‬

‫َّك ْم} [اآلية‪.]77 :‬‬


‫اعُب ُدوْا َرب ُ‬ ‫قوله تعالى‪ٰ { :‬يأَي َّ ِ‬
‫اس ُج ُدوْا َو ْ‬
‫آمُنوْا ْارَك ُعوْا َو ْ‬
‫ين َ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ‬

‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬اخضعوا وانقادوا ألوامره‪ ،‬وسلموا لقضائه وقدره‪ ،‬تكونوا من خالص عباده‪ ،‬وافعلوا‬
‫الخير ابتغاء الوسيلة لعلكم تفلحون تجدون الطريق إليه‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬واعبدوا ربكم فى أداء الفرائض‪ ،‬واجتناب المحارم‪.‬‬

‫وقال فارس‪ :‬احتملوا الباليا فى الدين والدنيا بعد أن جعلكم هللا من أهل خدمته‪ ،‬ورزقكم حالوة مذاق صفوته‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الحج (من اآلية ‪ 78‬الى اآلية ‪)78‬‬

‫ِِ‬ ‫ين ِمن حرٍج ِمَّل َة أَِب ُ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫اهدوا ِفي َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ين‬‫اك ُم اْل ُم ْسلم َ‬
‫يم ُهَو َس َّم ُ‬
‫يك ْم إ ْب َراه َ‬ ‫اك ْم َو َما َج َع َل َعَل ْي ُك ْم في الد ِ ْ َ َ‬ ‫َّللا َح َّق ِج َهاده ُه َو ْ‬
‫اجتََب ُ‬ ‫َو َج ُ‬
‫اَّللِ‬ ‫الزَكـاة واعتَ ِ‬
‫ص ُموْا ِب َّ‬ ‫ونوْا ُشهدآء عَلى َّ ِ ِ‬ ‫ِمن َقْب ُل َوِفي َهـٰ َذا لَِي ُكو َن َّ‬
‫الصالَةَ َوآتُوْا َّ َ َ ْ‬ ‫يموْا َّ‬
‫الناس َفأَق ُ‬ ‫ول َش ِهيداً َعَل ْي ُك ْم َوتَ ُك ُ َ َ َ َ‬ ‫الرُس ُ‬
‫ُه َو َم ْوالَ ُك ْم َفِن ْعم اْل َم ْوَل ٰى َوِن ْعم َّ‬
‫الن ِ‬
‫ص ُير‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫َّللاِ َح َّق ِج َه ِادِه} [اآلية‪.]78 :‬‬ ‫قوله تعالى وتقدس‪{ :‬وج ِ‬


‫اه ُدوا ِفي َّ‬ ‫ََ‬

‫قال بعضهم‪ :‬المجاهدة على ضروب‪ :‬مجاهدة مع أعداء هللا‪ ،‬ومجاهدة مع الشيطان‪ ،‬وأشد المجاهدة مع النفس والهوى‬
‫وهو الجهاد فى هللا‪ .‬كما روى عن النبى صلى هللا عليه وسلم أنه قال‪" :‬رجعتم من الجهاد األصغر إلى الجهاد األكبر"‬
‫وهو مجاهدة النفس وحملها على اتباع ما أمر به‪ ،‬واجتناب ما نهى عنه‪.‬‬

‫اك ْم َو َما َج َع َل َعَل ْي ُك ْم} [اآلية‪.]78 :‬‬


‫اجتََب ُ‬
‫{ه َو ْ‬
‫قوله عز وعال‪ُ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬االجتبائية أورثت المجاهدة‪ ،‬ال المجاهدة أورثت االجتبائية‪.‬‬

‫يم}‪.‬‬ ‫{مَّل َة أَِب ُ ِ ِ‬


‫قوله تعالى وتقدس‪ِ :‬‬
‫يك ْم إ ْب َراه َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬ملة إبراهيم هو السخاء والبذل‪ ،‬واألخالق السنية‪ ،‬والخروج من النفس‪ ،‬واألهل‪ ،‬والمال‪ ،‬والولد أمر هللا‬
‫العوام أن يتبعوا ملة إبراهيم في الشريعة‪ ،‬وأمر الخواص ان يتبعوا ملته فى بذل المال والنفس والولد لمواله‪ ،‬وتوافقونه‬
‫موافقة الحنين فى كل األوقات‪.‬‬

‫ين ِمن َقْب ُل} [اآلية‪.]78 :‬‬ ‫ِِ‬


‫اك ُم اْل ُم ْسلم َ‬
‫{ه َو َس َّم ُ‬
‫قوله تعالى‪ُ :‬‬

‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬زينكم بزينة الخواص قبل أن أوجدكم‪ ،‬ألنكم فى القدرة عند اإليجاد كما كنتم قبل‬
‫اإليجاد‪ ،‬سبقت لكم من هللا الخصوصية فى أزله‪.‬‬

‫اَّللِ ُه َو َم ْوالَ ُك ْم} [اآلية‪.]78 :‬‬ ‫قوله تعالى ذكره‪{ :‬واعتَ ِ‬


‫ص ُموْا ِب َّ‬ ‫َ ْ‬

‫قال النورى‪ :‬االعتصام باهلل هو خلو القلب والسر عما يشغل عنه‪ ،‬واالشتغال بموافقته‪ ،‬واإلقبال عليه‪ .‬قال هللا‪:‬‬
‫اَّللِ ُه َو َم ْو َ‬
‫ال ُك ْم} أى هو الذى يغنيكم به إن أقبلتم على االعتصام‪.‬‬ ‫{واعتَ ِ‬
‫ص ُموْا ِب َّ‬ ‫َ ْ‬

‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬االعتصام هو العجز‪ ،‬والثقة بالقوى‪ ،‬والرجوع إليه‪ ،‬وااللتجاء به‪َ{ ،‬فِن ْع َم اْل َم ْوَل ٰى َوِن ْع َم‬
‫الن ِ‬
‫ص ُير}‪.‬‬ ‫َّ‬

‫قال جعفر‪ :‬نعم المعين لمن استعان به‪ ،‬ونعم النصير لمن استنصره‪.‬‬

‫ومفوضا إليه‪ ،‬ومتوكالً عليه‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬


‫ً‬ ‫خالصا له‪،‬‬
‫ً‬ ‫وقال بعضهم‪ :‬المستعين به من يكون‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الحج (من اآلية ‪ 74‬الى اآلية ‪)74‬‬

‫َّللاَ َح َّق َق ْد ِِره ِإ َّن َّ‬


‫َّللاَ َلَق ِو ٌّي َع ِز ٌيز‬ ‫َما َق َد ُروْا َّ‬

‫َّللاَ َح َّق َق ْد ِِره} [اآلية‪.]74:‬‬


‫{ما َق َد ُروْا َّ‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬ال يعرف قدر الحق إالَّ الحق وكيف يقدر أحد قدره‪،‬‬

‫وقد عجز من معرفة قدر الوسائط والرسل واألولياء والصديقين‪ ،‬ومعرفة قدره‪ .‬أن ال يلتفت منه إلى غيره وال يغفل عن‬
‫ذكره‪ ،‬وال يفتر عن طاعته إذ ذاك عرفت ظاهر قدره‪ ،‬وأما حقيقة قدره فال يقدر قدرها إالَّ هو‪.‬‬

‫سورة المؤمنون (من اآلية ‪ 1‬الى اآلية ‪)1‬‬

‫َق ْد أَْفَل َح اْل ُم ْؤ ِمُنو َن‬

‫قال أحمد بن عاصم األنطاكى‪ :‬المؤمن من تكون بضاعته مواله‪ ،‬وبغيضته دنياه‪ ،‬وحبيبته عقباه‪ ،‬وزاده تقواه‪،‬‬
‫ومجلسه ذكراه‪.‬‬

‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه فى هذه اآلية‪ :‬وصل إلى المحل األعلى والقربة والسعادة‪ ،‬وأفلح ما كان مصدًقا هلل‬
‫وعده‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫أمينا على‬
‫أمينا على جوارحه‪ ،‬فإذا كان ً‬
‫أمينا على سره‪ً ،‬‬
‫أمينا على روحه‪ً ،‬‬ ‫قال بعضهم‪ :‬المؤمن يكون ً‬
‫أمينا على قلبه‪ً ،‬‬
‫الظاهر والباطن فهو مؤمن‪.‬‬

‫لق منه فى أمن‪ ،‬ويألفه كل من يراه‪ ،‬ويفرح برؤيته كل‬ ‫قال أبو بكر بن طاهر‪ :‬المؤمن يكون من نفسه فى أمن‪ ،‬و َ‬
‫الخ ُ‬
‫محزون‪ ،‬ويأنس به كل مستوحش‪ ،‬ويأوى إليه كل هائم‪ ،‬ويكون لقاؤه سلوة للمؤمنين‪ ،‬ومجالسته رحمة للمريدين‪،‬‬
‫وكالمه موعظة للمتقين‪.‬‬

‫سورة المؤمنون (من اآلية ‪ 2‬الى اآلية ‪)2‬‬

‫َّال ِذين هم ِفي صالَِت ِهم خ ِ‬


‫اش ُعو َن‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُْ‬

‫قال القاسم فى هذه اآلية قال‪ :‬هم المقيمون على شروط آداب األمر مخافة أن يفوتهم بركة المناجاة‪.‬‬

‫قال أبو سليمان‪ :‬الخشوع خشوع القلب‪ ،‬وذلك ذل القلوب فى صدورها لنظر هللا إليها‪.‬‬

‫وقال فارس‪ :‬خشعت قلوبهم‪ ،‬وجوارحهم‪ ،‬وهممهم عند الصالة لخشوعهم هلل بالمناجاة‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬لما طالعوا موارد الحق عليهم‪ ،‬ومطالعة الحق إياهم‪ ،‬خشعت له ظواهرهم‪.‬‬

‫تكبر على الكبر‪.‬‬


‫وقال بعضهم‪ :‬استكبروا أن يستكبروا فى الصالة لخشوعهم ًا‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬خشعت جوارحهم وهممهم عن التدنس بشىء من األكوان لعلو هممهم وأنشد ‪:‬‬

‫أجل ِم َن َّ‬
‫الدهر‬ ‫وهمتَّ ُه الصغرى َ‬ ‫له ِه َم ٌم الَ ُمنتَهى لِكبارَها‬

‫سورة المؤمنون (من اآلية ‪ 3‬الى اآلية ‪)3‬‬

‫َّ‬ ‫َّ ِ‬
‫ين ُه ْم َع ِن الل ْغ ِو ُّم ْع ِر ُ‬
‫ضو َن‬ ‫َوالذ َ‬

‫يقول سمعت منصور بن عبد هللا‪ ،‬يقول سمعت أبا القاسم َّ‬
‫البزاز‪ ،‬يقول‪ :‬قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬كل ما سوى‬
‫هللا فهو لغو‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬اللغو متابعة النفس وطلب هواها‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬لما طالعوا الحق أخذهم عنهم‪ ،‬وسلبهم منهم‪ ،‬فأعرضوا عنه فى صحبته عنه إلى غيره‪ ،‬شغلهم عن‬
‫األغيار وآواهم مقعد صدق عند مليك مقتدر‪.‬‬

‫سورة المؤمنون (من اآلية ‪ 8‬الى اآلية ‪)8‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ين ُه ْم أل ََم َانات ِه ْم َو َع ْهده ْم َر ُ‬
‫اعو َن‬ ‫َوالذ َ‬
‫قال محمد بن الفضيل‪ :‬جوارحك كلها أمانات عندك أمرك فى كل و ٍ‬
‫احد منها بأمر‪.‬‬

‫فأمانة العين الغض عن المحارم‪ ،‬والنظر باالعتبار‪ .‬وأمانة السمع صيانتها عن اللغو والرفث‪ ،‬وإحضارها مجالس‬
‫الر ْج ِل المشى إلى الطاعات والتباعد عن‬
‫الذكر‪ .‬وأمانة اللسان اجتناب الغيبة والبهتان ومداومة الذكر‪ .‬وأمانة ِ‬
‫المعاصى‪ ،‬وأمانة الفم أن ال تتناول به إال حالالً‪ .‬وأمانة اليدان أن ال تُ َّ‬
‫مدها إلى حرام وال تمسكها عن األمر‬

‫بالمعروف‪ .‬وأمانة القلب مراعاة الحق على دوام األوقات حتى ال تطالع سواه وال تشهد غيره‪ ،‬وال تسكن إالَّ إليه‪ .‬هذا‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫تفسير قوله‪ِ َّ :‬‬
‫ين ُه ْم أل ََم َانات ِه ْم َو َع ْهده ْم َر ُ‬
‫اعو َن} ثم العهد عليك فى حمل األمانة وحفظها فمن ضيع األمانة وصف‬ ‫{والذ َ‬‫َ‬
‫بالظلم والجهالة‪.‬‬

‫سورة المؤمنون (من اآلية ‪ 9‬الى اآلية ‪)9‬‬

‫صَل َو ِات ِه ْم ُي َح ِاف ُ‬


‫ظو َن‬ ‫َّ ِ‬
‫ين ُه ْم َعَل ٰى َ‬
‫َوالذ َ‬

‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬المحافظة عليها وهو حفظ السر فيها مع هللا وهو أن ال يختلج فيه شىء سواه‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬المحافظة على الصالة حفظ أوقاتها والدخول فيها بشرط الخدمة والمقام فيها على حد المشاهدة والخروج‬
‫منها على رؤية التقصير‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة المؤمنون (من اآلية ‪ 10‬الى اآلية ‪)10‬‬

‫أ ُْوَلـِٰئ َك ُهم اْل َو ِارثُو َن‬


‫ُ‬
‫قال بعضهم‪ :‬الذين يفعلون إلى مواريث أعمالهم من رضا ربهم‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬الفردوس ميراث األعمال ومجالسة الحق ميراث رؤية الفضل والنعماء‪.‬‬

‫سورة المؤمنون (من اآلية ‪ 12‬الى اآلية ‪)14‬‬

‫ين * ثُ َّم َخَلْقَنا ا ُّلن ْ‬


‫طَف َة َعَلَق ًة َف َخَلْقَنا اْل َعَلَق َة‬ ‫طَف ًة ِفي َق َر ٍار َّم ِك ٍ‬
‫ين * ثُ َّم َج َعْلَناهُ ُن ْ‬ ‫ان ِمن ُسالََل ٍة ِمن ِط ٍ‬ ‫وَلَق ْد َخَلْقَنا ِ‬
‫اإل ْن َس َ‬ ‫َ‬
‫ين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َح َس ُن اْل َخالق َ‬ ‫َّللاُ أ ْ‬
‫ك َّ‬ ‫آخ َر َفتََب َار َ‬
‫َنشأَْناهُ َخْلقاً َ‬‫ظ َام َل ْحماً ثُ َّم أ َ‬‫ظاماً َف َك َس ْوَنا اْلع َ‬
‫ض َغ َة ع َ‬
‫ض َغ ًة َف َخَلْقَنا اْل ُم ْ‬
‫ُم ْ‬

‫ان ِمن ُسالََل ٍة ِمن ِط ٍ‬


‫ين} [اآلية‪.]12 :‬‬ ‫عز وعال‪{ :‬وَلَق ْد َخَلْقَنا ِ‬
‫اإل ْن َس َ‬ ‫قوله َّ‬
‫َ‬

‫إنشاء ثم نقلهم من طبق إلى طبق‪،‬‬


‫ً‬ ‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬ابتدأ هللا فى سبب الخلق أنه أوجد نطفة ثم أنشأها‬
‫خلقا آخر‪ ،‬فشقق فيه الشقوق‪ ،‬وخرق‬ ‫لحما‪ ،‬ثم أنشأه ً‬
‫عظما‪ ،‬ثم كسى العظم ً‬
‫ً‬ ‫مضغا بعد العلق ثم بعد المضغة‬ ‫ً‬ ‫وجعلهم‬
‫ومد فيها القصب وجعل العروق السايرة كاألنهار الجارية بين القطع المتجاورة‪ ،‬ثم‬
‫فيه الخروق‪ ،‬وأمزج فيها العصب‪َّ ،‬‬
‫ان ِمن ُسالََل ٍة ِمن ِط ٍ‬
‫ين‪ }...‬اآلية‪.‬‬ ‫أخبر عن فعله فقال‪{ :‬وَلَق ْد َخَلْقَنا ِ‬
‫اإل ْن َس َ‬ ‫َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال الحسين‪ :‬الخلق متفاوتون فى منازل خلقهم وصفاتهم‪ ،‬وقد كرم هللا بنى آدم بصورة الملك‪ ،‬وروح النور‪ ،‬ونور‬
‫ال‪.‬‬
‫المعرفة والعلم وفضلهم على كثير ممن خلقهم تفضي ً‬

‫وهدى‬
‫ً‬ ‫مبينا‪،‬‬
‫نور ً‬‫أيضا‪ :‬خلق بنى آدم من الماء والتراب بين الظلمة والنور‪ ،‬فعدل خلقهم‪ ،‬وزاد المؤمنين بإيمانهم ًا‬
‫وقال ً‬
‫حال إلى حال‪ ،‬وأظهر فيهم الفطرة واآليات‪،‬‬‫وعلما‪ ،‬وفضلهم على سائر العالمين‪ ،‬كما نقلهم فى بدء خلقهم من ٍ‬
‫ً‬
‫وتكامل فيهم الصنع والحكمة والبينات وتظاهر عليهم الروح والنور والسبحات منذ كانوا ترًابا ونطفة وعلقة‪ ،‬ومضغة‪،‬‬
‫سويا إلى أن كملت فيهم المعرفة األصلية‪.‬‬
‫ثم جعلهم خلًقا ً‬

‫َح َس ُن اْل َخالِِقي َن} [اآلية‪.]14-12 :‬‬


‫َّللاُ أ ْ‬
‫ك َّ‬ ‫ان ِمن ُسالََل ٍة ِمن ِط ٍ‬
‫ين‪ ..‬إلى قوله ‪َ ..‬فتََب َار َ‬ ‫قوله عز وعال‪{ :‬وَلَق ْد َخَلْقَنا ِ‬
‫اإل ْن َس َ‬ ‫َ‬

‫وقال الحسين‪ :‬خلق الخلق على أربع أصول فاعتدلها على أربع أصول‪ :‬الربع األعلى‪ :‬إلهية‪ ،‬والربع اآلخر‪ :‬آثار‬
‫الربوبية‪ ،‬والربع اآلخر‪ :‬النورية بين فيه التدبير والمشيئة‪ ،‬والعلم والمعرفة‪ ،‬والفهم والفطنة‪ ،‬والفراسة واإلدراك‪ ،‬والتمييز‬

‫ولغات الكالم والربع االخر‪ :‬الحركة والسكون كذلك خلقه َ‬


‫فسَّواه‪.‬‬

‫آخ َر}‪.‬‬
‫َنشأَْناهُ َخْلقاً َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬ثُ َّم أ َ‬

‫قال الحسين‪ :‬فطر األشياء بقدرته‪ ،‬ودبرها بلطف صنعه فأبدأ آدم كما شاء لما شاء‪ ،‬وأخرج منه ذرية على النعت‬
‫الذي وصف من مضغة وعلقة‪ ،‬وبدائع خلقه‪ ،‬وأوجب لنفسه عند خلقته اسمه الخالق‪ ،‬وعند صنعة الصانع‪ ،‬ولم يحدثوا‬
‫اسما كان موصوًفا بالقدرة على إبداع الخلق فلما أبدأها أظهر اسمه الخالق للخلق‪ ،‬وأبرزها لهم‪ ،‬وكان هذا‬
‫له ً‬

‫جميعا عن إدراك وصفه عاجزون‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مدعوا به فى أزله اسمى بذلك نفسه‪ ،‬ودعا نفسه به فالخلق‬
‫ً‬ ‫مكتوبا لديه‪،‬‬
‫ً‬ ‫االسم‬
‫وكل ما وصف هللا به نفسه فهو له وأعز وأجل وأظهر للخلق من نعوته ما يطيقونه‪ ،‬ويليق بهم فتبارك هللا أحسن‬
‫الخالقين‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة المؤمنون (من اآلية ‪ 15‬الى اآلية ‪)15‬‬

‫ثُ َّم ِإَّن ُك ْم َب ْع َد ٰذلِ َك َل َمِيتُو َن‬

‫قال الحسين‪ :‬ملك الموت صلى هللا عليه وسلم موكل بأرواح بنى آدم‪ ،‬وملك الفناء موكل بأرواح البهائم‪.‬‬

‫وموت العلماء هو بقاؤهم إال أنه استتار عن األبصار‪ ،‬وموت المطيعين المعصية إذا عرف من عصى وقال بعضهم‪:‬‬
‫من مات عن الدنيا خرج إلى حياة اآلخرة‪ ،‬ومن مات عن اآلخرة خرج منها إلى حياة األصلية‪ ،‬وهو البقاء مع هللا عز‬
‫وجل‪.‬‬

‫سورة المؤمنون (من اآلية ‪ 17‬الى اآلية ‪)17‬‬

‫ِِ‬ ‫وَلَق ْد خَلْقنا َفوَق ُكم سبع َ ِ‬


‫ط َرآئ َق َو َما ُكَّنا َع ِن اْل َخْل ِق َغافل َ‬
‫ين‬ ‫َ َ َ ْ ْ ََْ‬

‫ط َرِآئ َق} [اآلية‪.]17 :‬‬


‫{وَلَق ْد َخَلْقَنا َف ْوَق ُك ْم َس ْب َع َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬سبع حجب متصلة بحجبه عن ربه فالحجاب األول‪ :‬عقله‪ ،‬والحجاب‬

‫الثانى‪ :‬علمه‪ ،‬والحجاب الثالث‪ :‬قلبه‪ ،‬والحجاب الرابع‪ :‬حسه‪ ،‬والحجاب الخامس ‪:‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫نفسه‪ ،‬والحجاب السادس‪ :‬إرادته‪ ،‬والحجاب السابع‪ :‬مشيئته‪ ،‬فالعقل اشتغاله تدبير الدنيا‪ ،‬والعلم لمباهاته به على‬
‫األقران‪ ،‬والقلب بالغفلة‪ ،‬والحواس إلغفالها عن موارد األمور عليها‪ ،‬والنفس ألنها ما وكل إليه‪ ،‬واإلرادة وهى الدنيا‬
‫واإلعراض عن اآلخرة والمشيئة وهى مالزمة الذنوب‪.‬‬

‫قال أبو يزيد رحمة هللا عليه‪ :‬إن لم تعرفه فقد عرفك وإن لم تصل إليه فقد وصل‬

‫ِِ‬
‫{و َما ُكَّنا َع ِن اْل َخْل ِق َغافل َ‬
‫ين}‪.‬‬ ‫إليك‪ ،‬وإن غبت أو غفلت عنه فليس بغائب عنك وال غافل لقوله تعالى‪َ :‬‬

‫سورة المؤمنون (من اآلية ‪ 52‬الى اآلية ‪)52‬‬

‫ُّك ْم َفاتَُّقو ِن‬ ‫ُم ًة و ِ‬


‫اح َد ًة َوأََن ْا َرب ُ‬ ‫َوِإ َّن َهـ ِٰذِه أ َّ‬
‫ُمتُ ُك ْم أ َّ َ‬
‫ُم ًة و ِ‬
‫اح َد ًة} [اآلية‪.]52 :‬‬ ‫{وإِ َّن َهـ ِٰذِه أ َّ‬
‫ُمتُ ُك ْم أ َّ َ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال القاسم‪ :‬أى تفردت بشرف محمد صلى هللا وعليه وسلم وأنا ربكم وبى محمد صلى هللا عليه وسلم فاتقون أى ال‬
‫تنقطعوا عنى بشىء سواى‪.‬‬

‫سورة المؤمنون (من اآلية ‪ 53‬الى اآلية ‪)53‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َفتََق َّ‬
‫ط ُعوْا أ َْم َرُه ْم َب ْيَن ُه ْم ُزُب اًر ُك ُّل ِح ْز ٍب ِب َما َل َد ْي ِه ْم َف ِر ُحو َن‬

‫{ك ُّل ِح ْز ٍب ِب َما َل َد ْي ِه ْم َف ِر ُحو َن} [اآلية‪.]53 :‬‬


‫قوله تعالى‪ُ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬فى هذه اآلية ربط كل أحد بحظه فى سعاياته وحركاته‪ ،‬والسعيد من جذب عن حظه‪ ،‬ورد إلى حظ‬
‫الحق فيه‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬الواقفون مع المعارف على مقدار تأثير أنوار الحق فيهم ال على قدر حركاتهم‪ ،‬وسعيهم ألنه‬
‫أحد يصل إلى معروفه مجهد‪ ،‬وال اجتهاد‪ ،‬ومن ظن أن من ساء أفعاله يوصله إلى مواله فقد ظن باطالً‪ ،‬وسبق‬
‫ليس ٌ‬
‫العناية يصون األرواح‬

‫واألشباح وتوصل أهل معرفته إليه فمن اعتمد غير ذلك فقد سكن إلى غرور‪ ،‬وفرح باألمانى‪.‬‬

‫{ك ُّل ِح ْز ٍب ِب َما َل َد ْي ِه ْم َف ِر ُحو َن} كيف يفرح بما لديه وليس يعلم بما سبق له فى مختوم العلم‪.‬‬
‫وهو قوله‪ُ :‬‬

‫سورة المؤمنون (من اآلية ‪ 55‬الى اآلية ‪)57‬‬

‫ات بل الَّ ي ْشعرون * ِإ َّن َّال ِذين هم ِمن خ ْش ِ‬


‫ية َرب ِِه ْم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أَيحسبون أََّنما ن ِمُّدهم ِب ِه ِمن َّم ٍ ِ‬
‫َ ُ ْ َ‬ ‫َ ُُ َ‬ ‫ين * ُن َس ِارعُ َل ُه ْم في اْل َخ ْي َر َ‬
‫ال َوَبن َ‬ ‫َ ْ َ ُ َ َ ُ ُْ‬
‫ُّم ْشِفُقو َن‬

‫ين} [اآلية‪.]55 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أَيحسبون أََّنما ن ِمُّدهم ِب ِه ِمن َّم ٍ ِ‬
‫ال َوَبن َ‬ ‫َ ْ َ ُ َ َ ُ ُْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال عبد العزيز المكى‪ :‬من تزين زينة فانية‪ ،‬فتلك الزينة تكون وباالً عليه إال من تزين بما يبقى من الطاعات‬
‫والموافقات‪ ،‬والمجاهدات فإن األنفس فانية‪ ،‬واألموال عادية‪ ،‬واألوالد فتنة‪ ،‬ومن تسارع فى جمعها وحفظها‪ ،‬وتعلق‬
‫القلب بها قطعه من الخيرات أجمع‪ ،‬وما عند هللا بطاعة أفضل من مجاهدة النفس‪ ،‬ومخالفتها‪ ،‬والتقلل من الدنيا‪،‬‬
‫وقطع القلب عنها ألن المسارعة فى الخيرات هو اجتناب الشرور‪ ،‬وأول الشرور ُحب الدنيا ألنها مزرعة الشيطان فمن‬
‫طلبها أو عمرها فهو حراثه وعبده وشر من الشيطان من يعين الشيطان على عمارة داره قال هللا تعالى‪{ :‬أََي ْح َسُبو َن‬
‫ال وبِنين * نس ِارع َلهم ِفي اْلخير ِ‬
‫ات َبل الَّ َي ْش ُع ُرو َن}‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َْ‬ ‫أََّن َما ُنمُّد ُه ْم به من َّم َ َ َ ُ َ ُ ُ ْ‬

‫وقال بعضهم‪ :‬أول التسارع إلى الخيرات هو التقلل من الدنيا وترك االهتمام للرزق‪ ،‬والتباعد والفرار من الجمع‪ ،‬والمنع‬
‫واختيار القلة على الكثرة‪ ،‬والزهد على الرعبة‪ ،‬قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن َّال ِذين هم ِمن خ ْش ِ‬
‫ية َربِ ِه ْم ُّم ْشِفُقو َن} [اآلية‪.]57 :‬‬ ‫َ ُ ْ َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬الخشية‪ ،‬واإلشفاق‪ ،‬اثنان باطنان وهما عمالن من أعمال القلب‪،‬‬

‫سر فى القلب واإلشفاق من الخشية أخفى‪ ،‬وقيل‪ :‬الخشية انكسار القلب‬


‫والخشية ٌّ‬

‫بدوام االنتصاب بين يديه‪ ،‬ومن بعد هذه المرتبة اإلشفاق‪ ،‬اإلشفاق أرق من الخشية‪ ،‬وألطف والخشية أرق من‬
‫الخوف‪ ،‬والخوف أرق من الرهبة‪ ،‬ولكل منها صفة وأدب ومكان‪.‬‬

‫سورة المؤمنون (من اآلية ‪ 58‬الى اآلية ‪)58‬‬

‫و َّال ِذين هم ِبآي ِ‬


‫ات َرَّب ِه ْم ُي ْؤ ِمُنو َن‬ ‫َ َ ُ َ‬

‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬مطالعة الكون بإيصاء القلوب فيعلم أنها فى حد الفناء وما كان بين طرفى فناء فهو فان‬
‫فيؤمنون بأن الحق يفتح أبصار قلوبهم بالنظر إلى المغيبات‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة المؤمنون (من اآلية ‪ 59‬الى اآلية ‪)59‬‬

‫ين ُهم ِب َربِ ِه ْم الَ ُي ْش ِرُكو َن‬ ‫َّ ِ‬


‫َوالذ َ‬

‫شيئا أعظم من ربه أو أجل منه فقد أشرك به إذ جعله له مثالً‪.‬‬


‫قال الجنيد رحمه هللا‪ :‬من فتش سره فرأى فيه ً‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬الشرك الخفى الذى يعارض القلوب من رؤية الطاعات‪ ،‬وطلب الجزاء واإلعراض‪ ،‬بعد ما شهد لهم‬
‫صريح اإليمان أنه ال ضار‪ ،‬وال نافع‪ ،‬وال معطى سواه‪.‬‬

‫سورة المؤمنون (من اآلية ‪ 60‬الى اآلية ‪)60‬‬

‫وب ُه ْم َو ِجَل ٌة أََّن ُه ْم ِإَل ٰى َرِب ِه ْم َار ِج ُعو َن‬ ‫َّ ِ‬


‫ين ُي ْؤتُو َن َمآ آتَوْا َّوُقُل ُ‬
‫َوالذ َ‬

‫وب ُه ْم َو ِجَل ٌة} [اآلية‪.]60 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ َّ :‬‬


‫ين ُي ْؤتُو َن َمآ آتَوْا َّوُقُل ُ‬
‫{والذ َ‬‫َ‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬الخائف الوجل من ال يشهد حظه ٍ‬


‫بحال‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬وجل العارف من طاعته أكثر من وجله من مخالفته ألن المخالفة تمحوها التوبة‪ ،‬والطاعة يطالب‬
‫وب ُه ْم َو ِجَل ٌة}‪.‬‬ ‫بصحتها‪ ،‬واإلخالص‪ ،‬والصدق فيها لقوله تعالى‪ِ َّ :‬‬
‫ين ُي ْؤتُو َن َمآ آتَوْا َّوُقُل ُ‬
‫{والذ َ‬‫َ‬

‫وقال سعيد بن عاصم‪ :‬مخافة العارف على طاعته أشد مخافة من مخالفته‪ ،‬ألنه‬

‫يورث من المخالفة‪ :‬الندم‪ ،‬والتوبة‪ ،‬والرجوع إليه‪ .‬ويورث من الطاعة الرياء والكبر‪.‬‬

‫سورة المؤمنون (من اآلية ‪ 61‬الى اآلية ‪)61‬‬

‫أُوَلـِٰئك يس ِارعون ِفي اْلخير ِ‬


‫ات َو ُه ْم َل َها َساِبُقو َن‬ ‫َ َْ‬ ‫ْ َ َُ ُ َ‬
‫قوله عز وجل‪{ :‬أُوَلـِٰئك يس ِارعون ِفي اْلخير ِ‬
‫ات} [اآلية‪.]61 :‬‬ ‫َ َْ‬ ‫ْ َ َُ ُ َ‬

‫قال أبو الحسين الوراق‪ :‬ذلك بما تقدم من اآليات أن بالمسارعة إلى الخيرات تبتغى درجة السابقين‪ ،‬ويطلب مقام‬
‫الواصلين ال بالدعاوى‪ ،‬واإلهمال‪ ،‬وتضييع األوقات‪ ،‬ومن أراد الوصول إلى المقامات من غير آداب ورياضات‪،‬‬
‫ومجاهدات فقد خاب وخسر وحرم الوصول إليها بحال‪.‬‬

‫وسمعت أبا الحسن بن مقسم يقول‪ :‬سمعت جعفر الخلوى يقول‪ :‬سمعت الجنيد يقول فى هذه اآلية‪{ :‬أ ُْوَلـِٰئ َك ُي َس ِارُعو َن‬
‫ِفي اْلخير ِ‬
‫ات َو ُه ْم َل َها َساِبُقو َن} فقلت له‪ :‬أنا فى سابق العلم فقال‪ :‬هذا فى التفسير‪ ،‬ولكن له وجه آخر قلنا له‪ :‬ما هو؟‬ ‫َ َْ‬
‫بدنا‪ ،‬وال عمل يسبق عمالً‪ ،‬ولكن همومهم تسبق أعمالهم وهمومهم تسبق هموم غيرهم‪.‬‬
‫قال‪ :‬ليس أنه بدن يسبق ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة المؤمنون (من اآلية ‪ 62‬الى اآلية ‪)62‬‬

‫والَ ن َكلِف نْفساً ِإالَّ وسعها وَلدينا ِكتَاب ي ِ‬


‫نط ُق ِباْل َح ِق َو ُه ْم الَ ُي ْ‬
‫ظَل ُمو َن‬ ‫ٌ َ‬ ‫ُ ْ َ َ َ َ َْ‬ ‫َ ُ ُ َ‬

‫ف َنْفساً ِإالَّ ُو ْس َع َها} [اآلية‪.]62 :‬‬ ‫ِ‬


‫{والَ ُن َكل ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الجريرى‪ :‬لم يكلف هللا العباد معرفته على قدره وإنما كلفهم على أقدارهم‪.‬‬

‫ف َنْفساً ِإالَّ ُو ْس َع َها} ولو كلفهم على قدره وبمقداره‬ ‫ِ‬


‫{والَ ُن َكل ُ‬
‫قال هللا تعالى‪َ :‬‬

‫ورسما‬
‫ً‬ ‫اسما‬
‫لجهلوه‪ ،‬وما عرفوه ألنه ال يعرف قدره أحد سواه‪ ،‬وال يعرفه على الحقيقة سواه وإنما ألقى إلى الخلق منها ً‬
‫اما لهم بذلك‪ ،‬وأما المعرفة فإنها التحير والهون فيه‪.‬‬
‫إكر ً‬

‫قال أبو بكر بن طاهر فى هذه اآلية‪ :‬لم يستوف أوقاتهم فى عبادتهم‪ ،‬وإنما وقت لهم أوقاتًا ليرجعوا منها إلى صالح‬

‫َّللاَ‬
‫أبدانهم وتعهد أحوالهم‪ ،‬ولم يوقت للمعرفة والذكر وقتًا لئال يغفل عنه فى حال‪ ،‬وال ينسين فى حال فقال‪َ { :‬فا ْذ ُك ُروْا َّ‬

‫ِقَياماً َوُق ُعوداً َو َعَل ٰى ُجُنوب ُ‬


‫ِك ْم} [النساء‪.]103 :‬‬

‫سورة المؤمنون (من اآلية ‪ 71‬الى اآلية ‪)71‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫آء ُه ْم َلَف َس َد ِت َّ‬
‫اه ْم ِبذ ْك ِرِه ْم َف ُه ْم َعن ذ ْك ِرِه ْم ُّم ْع ِر ُ‬
‫ضو َن‬ ‫ض َو َمن في ِه َّن َب ْل أَتَْيَن ُ‬
‫الس َٰم َٰو ُت َواأل َْر ُ‬ ‫َوَل ِو اتََّب َع اْل َح ُّق أ ْ‬
‫َه َو َ‬
‫ض ومن ِف ِ‬
‫يه َّن} [اآلية‪.]71 :‬‬ ‫ات َواأل َْر ُ َ َ‬ ‫آء ُه ْم َلَف َس َد ِت َّ‬
‫الس َم َاو ُ‬ ‫{وَل ِو اتََّب َع اْل َح ُّق أ ْ‬
‫َه َو َ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬لوال أن هللا أمر بمخالفة النفوس ومباينتها التبع الخلق أهواءهم فى شهوات النفوس ولو فعلوا لك لضلوا‬
‫{وَل ِو اتََّب َع اْل َح ُّق‬
‫عن طريق العبودية‪ ،‬وتركوا أوامر هللا‪ ،‬وأعرضوا عن طاعته‪ ،‬ولزموا مخالفته أال ترى هللا يقول‪َ :‬‬
‫ض}‪.‬‬ ‫ات َواأل َْر ُ‬ ‫آء ُه ْم َلَف َس َد ِت َّ‬
‫الس َم َاو ُ‬ ‫َه َو َ‬
‫أْ‬

‫قال الواسطى رحمه هللا فى هذه اآلية‪ :‬أول ما كاشف هللا خلقه كاشفهم بالمعارف‪ ،‬ثم بالوسائل ثم بالسكينة ثم‬
‫ونوا عن كل همة وإرادة‪.‬‬
‫بالبصائر‪ ،‬فلما عاينوا الحق بالحق َ‬

‫سورة المؤمنون (من اآلية ‪ 73‬الى اآلية ‪)73‬‬

‫صر ٍ‬
‫اط ُّم ْستَِقي ٍم‬ ‫ِ‬
‫وه ْم ِإَل ٰى َ‬
‫َوِإَّن َك َلتَ ْد ُع ُ‬

‫قال بعضهم‪ :‬أقصد الطرق‪ ،‬وأسد المناهج‪ ،‬وما يؤديك إلى االستقامة فى الطريق وهو طريق االتباع الذي يكشف‬
‫آخرها عند السداد والصواب‪.‬‬

‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬وإنك لتحملهم على مسالك الوصول‪ ،‬وليس كل أحد يصلح لذلك السلوك‪ ،‬وال يوافق لها إال‬
‫أهل االستقامة‪ ،‬وهم الذين استقاموا هلل‪،‬‬

‫مقاما‪.‬‬
‫واستقاموا مع هللا فلم يطلبوا منه سواه‪ ،‬ولم يروا ألنفسهم درجة وال ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة المؤمنون (من اآلية ‪ 74‬الى اآلية ‪)74‬‬

‫الصر ِ‬
‫اط َلَن ِ‬ ‫اآلخرِة ع ِن ِ‬
‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫اكُبو َن‬ ‫َ‬ ‫ين الَ ُي ْؤ ِمُنو َن ِب َ َ‬
‫َوإِ َّن الذ َ‬

‫قال أبو بكر الوراق‪ :‬من لم يهتم ألمر معاده‪ ،‬ومنقلبه وما يظهر عليه فى المأل األعلى والمشهد األعظم فهو ضال‬
‫عن طريقته غير متبع‪ ،‬أرشده وأحسن منه حاالً من يهتم لما جرى له فى السبق من ربه ألن هذا المصدر فرع لتلك‬
‫السابقة‪.‬‬

‫الصر ِ‬
‫اط َلَن ِ‬ ‫اآلخرِة ع ِن ِ‬
‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫اكُبو َن }‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ين الَ ُي ْؤ ِمُنو َن ِب َ َ‬
‫{وإِ َّن الذ َ‬
‫قال هللا تعالى‪َ :‬‬

‫سورة المؤمنون (من اآلية ‪ 75‬الى اآلية ‪)75‬‬

‫ط ْغَي ِان ِه ْم َي ْع َم ُهو َن‬


‫ض ٍر َّلَل ُّجوْا ِفي ُ‬ ‫ِ‬
‫اه ْم َوَك َشْفَنا َما ِب ِه ْم من ُ‬
‫ِ‬
‫َوَل ْو َرح ْمَن ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اه ْم َوَك َشْفَنا َما ِب ِه ْم من ُ‬
‫ض ٍر} [اآلية‪.]75 :‬‬ ‫{وَل ْو َرح ْمَن ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الرحمة من هللا على األرواح المشاهدة‪ ،‬ورحمته على األسرار المراقبة‪ ،‬وعلى القلوب المعرفة‪ ،‬وعلى األبدان آثار‬
‫الخدمة على سبيل السنة‪.‬‬

‫قال أبو بكر بن طاهر‪ :‬كشف الضر هو الخالص من أمانى النفس وطول األمل وطلب الرئاسة‪ ،‬والعلو‪ ،‬وحب الدنيا‬
‫فإن هذا كله مما يضر بالمؤمن‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬ولو فتحنا لهم الطريق إلينا ألبوا االتباع الباطل بطغيان النفس‪ ،‬وعملها‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬للعلم طغيان‪ ،‬وهو التفاخر به‪ .‬وللمال طغيان وهو البخل به‪ ،‬وللعمل والعبادة طغيان وهو‬
‫الرياء والسمعة‪ ،‬وللنفس طغيان وهو اتباع هواها وشهواتها‪.‬‬

‫سورة المؤمنون (من اآلية ‪ 76‬الى اآلية ‪)76‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫استَ َك ُانوْا ل َرب ِِه ْم َو َما َيتَ َ‬
‫ضَّرُعو َن‬ ‫َخ ْذَن ُ ِ‬
‫اه ْم باْل َع َذاب َف َما ْ‬ ‫َوَلَق ْد أ َ‬

‫استَ َك ُانوْا} [اآلية‪.]76 :‬‬ ‫ِ‬ ‫َخ ْذَن ُ ِ‬


‫اه ْم باْل َع َذاب َف َما ْ‬ ‫{وَلَق ْد أ َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال سهل‪ :‬ما أخلصوا لربهم فى العبودية‪ ،‬وال ذلوا بالوحدانية‪.‬‬

‫قال محمد بن حامد‪ :‬إن هللا تعالى دعا عباده بالتعطف فلم يجيبوه‪ ،‬ولم يرجعوا إليه فأنزل بهم الشدائد لعلهم ينتبهون‬
‫وتماديا ولم يخضعوا له‬
‫ً‬ ‫وعتوا‬
‫استكبار على ربهم ً‬
‫ًا‬ ‫عن غفلتهم‪ ،‬ويستقيظون من رقدتهم‪ .‬ويطلبون طريق نجاتهم فأبوا إال‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫اه ْم‬
‫َخ ْذَن ُ‬
‫يقول‪{:‬وَلَق ْد أ َ‬
‫َ‬ ‫فى استكشاف البالء ولم يشكروا عند تواتر النعماء فأعرض هللا عنهم‪ ،‬وطبع على قلوبهم أال تراه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫استَ َك ُانوْا ل َربِ ِه ْم َو َما َي َت َ‬
‫ضَّرُعو َن}‪.‬‬ ‫ِ‬
‫باْل َع َذاب َف َما ْ‬

‫سورة المؤمنون (من اآلية ‪ 84‬الى اآلية ‪)84‬‬

‫يهآ ِإن ُكنتُ ْم تَ ْعَل ُمو َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ُقل ل َم ِن األ َْر ُ‬
‫ض َو َمن ف َ‬

‫شيئا‬
‫قال محمد بن الفضل‪ :‬من علم أن األشياء كلها له‪ ،‬ثم رجع فى طلبها إلى سواه مع علمه أنه ال يملك من ذلك ً‬
‫فإنما ذلك من قلة العقل ورقة الدين‪.‬‬

‫سورة المؤمنون (من اآلية ‪ 91‬الى اآلية ‪)91‬‬

‫َّللاِ َع َّما‬
‫ان َّ‬ ‫ض ُهم َعَل ٰى َب ْع ٍ‬
‫ض ُس ْب َح َ‬ ‫ِ ٍ ِ‬ ‫ِ ِ ٍ ِ َّ‬
‫ان َم َع ُه م ْن إَلـه إذاً ل َذ َه َب ُك ُّل إَلـٰه ب َما َخَل َق َوَل َعالَ َب ْع ُ ْ‬
‫ٍ‬ ‫ما اتَّخ َذ َّ ِ‬
‫َّللاُ من َوَلد َو َما َك َ‬ ‫َ َ‬
‫يِ‬
‫صُفو َن‬ ‫َ‬

‫ان َم َع ُه ِم ْن ِإَل ٍـه} [اآلية‪.]91 :‬‬ ‫ٍ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬ما اتَّخ َذ َّ ِ‬
‫َّللاُ من َوَلد َو َما َك َ‬ ‫َ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الحسين‪ :‬الصمدية ممتنعة من قبول ما ال يليق بها ألن الصمدية تنافى أضدادها على األبد‪ ،‬وهى ممتنعة عن‬
‫درك معانيها فكيف تبقى مع أضدادها ال يليق بها‪.‬‬

‫سورة المؤمنون (من اآلية ‪ 96‬الى اآلية ‪)96‬‬

‫السِيَئ َة نحن أَعَلم ِبما ي ِ‬ ‫َِّ ِ‬


‫صُفو َن‬ ‫َح َس ُن َّ َ ْ ُ ْ ُ َ َ‬ ‫ْاد َف ْع ِبالتي ه َي أ ْ‬

‫السِيَئ َة} [اآلية‪.]96 :‬‬ ‫َِّ ِ‬


‫{اد َف ْع ِبالتي ه َي أ ْ‬
‫َح َس ُن َّ‬ ‫قوله تعالى‪ْ :‬‬

‫خطر من أن يؤثر‪.‬‬
‫قال القاسم‪ :‬استعمل معهم ما حملناك عليه من األخالق الكريمة‪ ،‬والشفقة والرحمة فإنك أعظم ًا‬
‫قيل‪ :‬ما يظهرونه من أنواع المخالفات‪.‬‬

‫وليا‪.‬‬
‫قال بعضهم‪ :‬فى هذه اآلية قابل أعداءك بالنصيحة وأوليائك بالموعظة ليرجع العدو إليك ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة المؤمنون (من اآلية ‪ 101‬الى اآلية ‪)101‬‬

‫اب َب ْيَن ُه ْم َي ْو َمِئ ٍذ َوالَ َيتَ َسآءُلو َن‬


‫َنس َ‬ ‫َفِإ َذا ُنِف َخ ِفي ُّ‬
‫الص ِ‬
‫ور َفالَ أ َ‬
‫َ‬

‫اب َب ْيَن ُه ْم َي ْو َمِئ ٍذ} [اآلية‪.]101 :‬‬


‫َنس َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬فِإ َذا ُنِف َخ ِفي ُّ‬
‫الص ِ‬
‫ور َفالَ أ َ‬

‫قال فارس‪ :‬األنساب رؤية األعمال‪ ،‬ورجاء اإلخالص بها‪ ،‬وال يتساءلون ال‬

‫يتذاكرون مما جرى عليهم فى الدنيا من نعيمها‪ ،‬وبؤسها شغالً بما هم فيه‪.‬‬

‫سورة المؤمنون (من اآلية ‪ 106‬الى اآلية ‪)106‬‬

‫ين‬‫َقاُلوْا ربََّنا َغَلب ْت عَليَنا ِشْقوتَُنا وُكَّنا َقوماً ِ‬


‫ضآل َ‬
‫ْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ‬

‫{ربََّنا َغَلَب ْت َعَل ْيَنا ِشْق َوتَُنا} [اآلية‪.]106 :‬‬


‫قوله جل ذكره‪َ :‬‬

‫قال أبو تراب‪ :‬الشقوة حسن الظن بالنفس‪ ،‬وسوء الظن‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة المؤمنون (من اآلية ‪ 111‬الى اآلية ‪)111‬‬

‫صَب ُروْا أََّن ُه ْم ُهم اْلَف ِآئ ُزو َن‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫إني َج َزْيتُ ُه ُم اْلَي ْوَم ب َما َ‬
‫ُ‬

‫صَب ُروْا} [اآلية‪.]111 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬


‫قوله تعالى‪{ :‬إني َج َزْيتُ ُه ُم اْلَي ْوَم ب َما َ‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬ما صبروا حتى أكرموا بالبر‪ ،‬والصبر حبس النفس عن الشهوات وحملها على الموافقات‪ ،‬ومخالفة‬
‫األهواء‪ ،‬واإلرادات‪ ،‬فاهلل تعالى أكرمهم بالصبر ثم أثابهم عليه وكذا الكريم يعطى‪ ،‬ويثيب على قبوله له‪ ،‬والثواب على‬
‫العطاء من الكريم بدل االمتنان على العطاء من اللئيم‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬من صبر على مخالفة النفس أمن طغيانها وتعذيبها‪.‬‬

‫وقال أبو بكر بن طاهر‪ :‬إنهم هم الفائزون قال‪ :‬اآلمنون من أهوال يوم القيامة‪.‬‬

‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬صبروا عن الخلق‪ ،‬وصبروا مع هللا‪.‬‬

‫سورة المؤمنون (من اآلية ‪ 115‬الى اآلية ‪)115‬‬

‫أََف َح ِس ْبتُ ْم أََّن َما َخَلْقَن ُ‬


‫اك ْم َعَبثاً َوأََّن ُك ْم ِإَل ْيَنا الَ تُ ْر َج ُعو َن‬

‫قوله تعالى‪{ :‬أََف َح ِس ْبتُ ْم أََّن َما َخَلْقَن ُ‬


‫اك ْم َعَبثاً} [اآلية‪.]115 :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سمعت على القياى يقول‪ :‬سمعت يحيى بن معاذ يقول‪ :‬من عطل أيامه‬

‫بالبطاالت‪.‬‬

‫سمعت أبا بكر بن محمد بن عبد هللا بن شاذان يقول‪ :‬سمعت أبا بكر السباك‬

‫يقول‪ :‬سمعت يوسف بن الحسن يقول‪ :‬سمعت احمد بن أبى الحوارى يقول‪ :‬ال يصل إلى قلبك روح التوحيد‪ ،‬وله‬
‫عندك حق لم تؤده‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬أظهر األكوان يظهر آثار الواليات على األولياء‪ ،‬وآثار‬

‫الشقاوة على األعداء‪.‬‬

‫سورة المؤمنون (من اآلية ‪ 116‬الى اآلية ‪)116‬‬

‫َّللاُ اْلملِ ُك اْل َح ُّق الَ ِإَلـ َٰه ِإالَّ ُهو َر ُّب اْل َع ْر ِ‬
‫ش اْل َك ِري ِم‬ ‫َ‬ ‫َفتَ َعاَلى َّ َ‬

‫َّللاُ اْل َملِ ُك اْل َح ُّق} [اآلية‪.]116 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬فتَ َعاَلى َّ‬

‫قال الواسطى‪ :‬الحق ال يحتمله إال الحق حجب األكوان بالصفات والنعوت ثم حجب النعوت بالحقيقة وقال‪ :‬الحق‬
‫أعجز الخلق ان يدركوا بإدراكهم‪ ،‬وإنما يدرك‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫بإدراكه‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬تعالى أن ِ‬


‫تغيره الدهور أو تجرى عليه هوادج األمور نفى األشكال عن نفسه بتعاليه‪ ،‬ونفى األضداد‬
‫والنظر عن نفسه بتمام ملكه عز وعال‪.‬‬

‫سورة المؤمنون (من اآلية ‪ 99‬الى اآلية ‪)100‬‬

‫يما تَ َرْك ُت َكالَّ ِإَّن َها َكِل َم ٌة ُهَو َق ِآئُل َها َو ِمن َوَرِآئ ِه ْم‬ ‫جآء أَحدهم اْلموت َقال ر ِب ارِجعو ِن * َلعلِي أَعمل ِ ِ‬
‫صالحاً ف َ‬
‫َُْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ُُ َْ ُ َ َ ْ ُ‬ ‫َحتَّ ٰى ِإ َذا‬
‫َي ْو ِم ُي ْب َعثُو َن‬ ‫َب ْرَزٌخ ِإَل ٰى‬

‫صالِحاً} [اآلية‪.]100 ،99 :‬‬ ‫ِ‬


‫{ر ِب ْارِج ُعو ِن َل َعلي أ ْ‬
‫َع َم ُل َ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬فى كتاب له أهل جوزجان لو علم أهل النار عمالً أنجا لهم فى‬

‫صالِحاً} فأقبل على طاعة‬ ‫ِ‬


‫{ر ِب ْارِج ُعو ِن َل َعلي أ ْ‬
‫َع َم ُل َ‬ ‫طاعة هللا‪ ،‬والصالح لما فرغوا فى وقت العيان إال إليه بقولهم‪َ :‬‬
‫موالك‪ ،‬واجتنب الدعاوى‪ ،‬وإطالق القول فى األحوال فإن ذلك فتنة عظيمة هلك فى ذلك طائفة من المريدين وما فزع‬
‫أحد إلى تصحيح المعامالت إال أداه بركة ذلك إلى شتى الرتب‪ ،‬وال ترك أحد هذه الطريقة إال تعطل‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة المؤمنون (من اآلية ‪ 27‬الى اآلية ‪)27‬‬

‫َهَل َك ِإالَّ َمن‬ ‫َن اصن ِع اْلُفْلك ِبأَعيِننا ووحِينا َفِإ َذا جآء أَمرنا وَفار التَُّّنور َفاسُلك ِف ِ‬ ‫ِ‬
‫يها من ُك ٍل َزْو َج ْي ِن ا ْثَن ْي ِن َوأ ْ‬
‫ُ ْ ْ َ‬ ‫َ َ ْ َُ َ َ‬ ‫َ ُْ َ ََ ْ َ‬ ‫َفأ َْو َح ْيَنآ ِإَل ْيه أ ِ ْ َ‬
‫ظَل ُموْا ِإَّن ُه ْم ُّم ْغ َرُقو َن‬
‫ين َ‬ ‫ِ ِ ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َسَب َق َعَل ْيه اْلَق ْو ُل م ْن ُه ْم َوالَ تُ َخاط ْبني في الذ َ‬

‫َعُيِنَنا}‪.‬‬
‫اصَن ِع اْلُفْل َك ِبأ ْ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬فأ َْو َح ْيَنآ ِإَل ْي ِه أ ِ‬
‫َن ْ‬

‫َعُيِنَنا} [هود‪:‬‬
‫اصَن ِع اْلُفْل َك ِبأ ْ‬
‫{و ْ‬
‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬من عمل على المشاهدة أورثه هللا عليه الرضا لقوله تعالى‪َ :‬‬
‫‪.]37‬‬

‫سورة المؤمنون (من اآلية ‪ 29‬الى اآلية ‪)29‬‬

‫وُقل َّر ِب أ ِ ِ‬
‫نزِل َ‬
‫ين‬ ‫َنت َخ ْي ُر اْل ُم ِ‬
‫َنزْلني ُم َنزالً ُّمَب َاركاً َوأ َ‬ ‫َ‬

‫َنزلِني ُم َنزالً ُّمَب َاركاً}‪.‬‬


‫{وُقل َّر ِب أ ِ ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬أكثر المنازل بركة منـزل تسلم فيه من هواجس النفس‪ ،‬ووساوس الشيطان‪ ،‬وموبقات‬
‫الهوى‪ ،‬وتصل فيه إلى محل القربة‪ ،‬ومنازل القدس‪ ،‬وسالمة القلب من األهواء‪ ،‬والفتن‪ ،‬والضالالت‪ ،‬والبدع‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة المؤمنون (من اآلية ‪ 44‬الى اآلية ‪)44‬‬

‫َح ِاد َ‬
‫يث َفُب ْعداً لَِق ْو ٍم الَّ ُي ْؤ ِمُنو َن‬ ‫اه ْم أ َ‬
‫ض ُه ْم َب ْعضاً َو َج َعْلَن ُ‬
‫َّ‬
‫ُم ًة َّرُسوُل َها َكذُبوهُ َفأ َْتَب ْعَنا َب ْع َ‬
‫آء أ َّ‬
‫ثُ َّم أ َْرَسْلَنا ُرُسَلَنا تَ ْت َار ُك َّل َما َج َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬ثُ َّم أ َْرَسْلَنا ُرُسَلَنا تَ ْت َرى}‪.‬‬

‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬اتبعنا الرسل والموعظة لعلهم يطيعوا رسوالً أو يتعظوا‬

‫طغيانا‪ ،‬وكذا فعل الكرام ال يعذب إال بعد الدعاء والموعظة‪.‬‬ ‫بعظة فأبوا إالَّ‬
‫ً‬

‫ُم ًة َّرُسوُل َها َك َّذُبوهُ}‪.‬‬ ‫قال هللا تعالى‪{ :‬ثُ َّم أ َْرَسْلَنا ُرُسَلَنا تَ ْت َرى ُك َّل َما َج َ‬
‫آء أ َّ‬

‫قال بعضهم‪ :‬ما بعث هللا رسله إلى أعدائه‪ ،‬وإنما بعث الرسل ليميز أولياءه من‬

‫أعدائه‪.‬‬

‫سورة المؤمنون (من اآلية ‪ 51‬الى اآلية ‪)51‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ‬ ‫اعمُلوْا ِ ِِ ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫صالحاً إني ب َما تَ ْع َمُلو َن َعل ٌ‬
‫يم‬ ‫الرُس ُل ُكُلوْا م َن الطيَبات َو ْ َ َ‬
‫ُّها ُّ‬
‫ٰيأَي َ‬

‫صالِحاً}‪.‬‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬


‫الرُس ُل ُكُلوْا م َن الطِيَبات َو ْ‬
‫اع َمُلوْا َ‬ ‫ُّها ُّ‬
‫قوله عز وعال‪ٰ { :‬يأَي َ‬

‫قال سهل رحمه هللا‪ :‬الطيبات الحالل‪ ،‬وفى األكل آداب أربع‪ ..‬الحالل‪ ،‬والصافى‪ ،‬والقوام‪ ،‬واألدب‪ ،‬فالحالل الذى ال‬
‫يعصى هللا فيه‪ ،‬والصافى الذي ال ينسى هللا فيه‪ ،‬والقوام ال يمسك به النفس‪ ،‬ويحفظ العقل واألدب شكر المنعم‪.‬‬

‫طغيانا‪ ،‬والصالحات من األعمال آداب األمر بالفرض والسنة واجتناب‬


‫ً‬ ‫وقال سهل‪ :‬أمروا أن يأكلوا حالالً وال يشبعوا‬
‫وباطنا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ظاهرا‪،‬‬
‫ً‬ ‫النهى‬

‫سورة النور (من اآلية ‪ 1‬الى اآلية ‪)1‬‬

‫ات بِين ٍ‬
‫ات َّل َعَّل ُك ْم تَ َذ َّك ُرو َن‬ ‫ٍ‬ ‫َنزلَناها وَفرضَناها وأ َ ْ ِ‬
‫يهآ َآي َ َ‬
‫َنزلَنا ف َ‬ ‫ورةٌ أ َ ْ َ َ َ ْ َ َ‬
‫ُس َ‬

‫اها} [اآلية‪.]1 :‬‬


‫ضَن َ‬
‫اها َوَف َر ْ‬
‫َنزلَن َ‬
‫ورةٌ أ َ ْ‬
‫{س َ‬
‫قوله تعالى‪ُ :‬‬

‫قال سهل‪ :‬جمعناها وبينا حاللها وحرامها‪.‬‬

‫ات بِين ٍ‬
‫ات} [اآلية‪.]1 :‬‬ ‫ٍ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وأ َ ْ ِ‬
‫يهآ َآي َ َ‬
‫َنزلَنا ف َ‬ ‫َ‬

‫كثير فكيف وقد‬


‫قال بعضهم‪ :‬لو لم يكن من آيات هذه السورة إال براءة الصديقة بنت الصديق‪ ،‬حبيبة حبيب هللا لكان ًا‬
‫جمعت من األحكام والبراهين ما لم يجمعه‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫غيرها‪.‬‬

‫سورة النور (من اآلية ‪ 2‬الى اآلية ‪)2‬‬

‫اَّللِ واْليو ِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين َّ ِ ِ‬


‫ْخ ْذ ُك ْم ِب ِه َما َ ْأرَف ٌة ِفي ِد ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫و ٍِ ِ‬ ‫اجلِ ُدوْا‬ ‫الزِاني ُة و َّ ِ‬
‫اآلخ ِر‬ ‫َّللا إن ُكنتُ ْم تُ ْؤ ِمُنو َن ب َّ َ َ ْ‬ ‫احد م ْن ُه َما مَئ َة َجْل َدة َوالَ تَأ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُك َّل‬ ‫الزاني َف ْ‬ ‫َ َ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِم َن‬ ‫ط ِآئَف ٌة‬
‫اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين‬ ‫َوْلَي ْش َه ْد َع َذ َاب ُه َما َ‬

‫َّللاِ} [اآلية‪.]2 :‬‬ ‫ْخ ْذ ُك ْم ِب ِه َما َ ْأرَف ٌة ِفي ِد ِ‬


‫ين َّ‬ ‫{والَ تَأ ُ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫نهيا‪ ،‬وال يكون ً‬


‫محبا من يصير‬ ‫قال بعضهم‪ :‬إن كنتم من أهل عودتى ومحبتى فخالفوا من يخالف أمرى أو يرتكب ً‬
‫على مخالفتى‪.‬‬

‫قال الجنيد رحمه هللا‪ :‬الشفقة على المخالفين كاإلعراض على المنافقين‪.‬‬

‫اَّللِ واْليو ِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫اآلخ ِر} [اآلية‪.]2 :‬‬ ‫{إن ُكنتُ ْم تُ ْؤ ِمُنو َن ب َّ َ َ ْ‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬جعل للمؤمن فى كل نظرة فائدة فمن يتعظ استفاد‪ ،‬ومن غفل حجب وخاب‪.‬‬

‫ِ‬ ‫قوله تعالى وتقدس‪{ :‬وْلي ْشه ْد ع َذابهما َ ِ ِ‬


‫طآئَف ٌة م َن اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين} [اآلية‪.]2 :‬‬ ‫َ َ َ َ َُ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال أبو بكر بن طاهر‪ :‬ال يشهد مواضع التأديب إال من ال يستحق التأديب وهم طائفة من المؤمنين ال المؤمنون‬
‫أجمع‪.‬‬

‫وقال أبو عثمان‪ :‬فى هذه اآلية أولئك طائفة يصلحون لمشاهدة ذلك المشهد بصحة إيمانهم‪ ،‬وتمام شفقتهم ورأفتهم‪،‬‬
‫ورحمتهم ورؤية نعم هللا حيث عافاهم مما ابتلى غيرهم‪ ،‬وال يعيرون المبتلى لعلمهم بجريان المقدور‪ ،‬وال يشهد ذلك‬
‫المشهد سفهاء من الناس ومن ال يعرف موضع النعمة فى الدفع‪.‬‬

‫سورة النور (من اآلية ‪ 5‬الى اآلية ‪)5‬‬

‫ِ‬ ‫َصَل ُحوْا َفِإ َّن َّ‬ ‫ِ ِٰ‬ ‫ِ‬ ‫َّ َّ ِ‬


‫يم‬
‫ور َّرح ٌ‬
‫َّللاَ َغُف ٌ‬ ‫ِإال الذ َ‬
‫ين تَ ُابوْا من َب ْعد ذل َك َوأ ْ‬
‫ِ ِٰ‬ ‫ِ‬ ‫َّ َّ ِ‬
‫َصَل ُحوْا} [اآلية‪.]5 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إال الذ َ‬
‫ين تَ ُابوْا من َب ْعد ذل َك َوأ ْ‬

‫قال بعضهم‪ :‬عالمة تصحيح التوبة‪ ،‬وقبولها ما يعقب الصالح والتوبة هى الرجوع من كل ما يذمه العلم واستصالح‬
‫ما تعدى فى سالف األزمنة‪ ،‬ومداواتها باتباع العلم ومن لم تعقب توبته الصالح كانت توبته بعيدة عن القبول‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النور (من اآلية ‪ 14‬الى اآلية ‪)14‬‬

‫اب َع ِظي ٌم‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫الد ْنيا و ِ‬ ‫ِ‬ ‫وَلوالَ َفضل َّ ِ‬
‫اآلخ َرِة َل َم َّس ُك ْم في َمآ أََف ْ‬
‫ضتُ ْم فيه َع َذ ٌ‬ ‫َّللا َعَل ْي ُك ْم َوَر ْح َمتُ ُه في ُّ َ َ‬ ‫َْ ْ ُ‬

‫َّللاِ َعَل ْي ُك ْم َوَر ْح َمتُ ُه} [اآلية‪.]14 :‬‬


‫ض ُل َّ‬
‫{وَل ْوالَ َف ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم البزاز يقول‪ :‬قال ابن عطاء رحمه هللا‪ .‬ولوال فضل هللا عليكم فى‬
‫قبول طاعاتكم لخسرتم بما ضمن لكم آخرتكم‪ ،‬ولكن برحمته نجاكم من خسرانكم‪ ،‬وتفضل عليكم‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬من ال يرى فضل هللا عليه فى جميع األحوال فهو ساقط عن درجة المعرفة فإن أوائل المعرفة رؤية‬
‫الفضل‪ ،‬ومن شاهد الفضل ال يغنى عن الشكر والتزام المنة‪ ،‬ونعمته فى الدنيا العافية وفى اآلخرة الرضا‪.‬‬

‫سورة النور (من اآلية ‪ 15‬الى اآلية ‪)15‬‬

‫اه ُكم َّما َّليس َل ُكم ِب ِه ِعْلم وتَحسبونه هِيناً وهو ِعند َّ ِ ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ َّ ِ ِ ِ‬
‫يم‬
‫َّللا َعظ ٌ‬ ‫ٌ َ ْ َ ُ َ ُ َ َ َُ َ‬ ‫َْ ْ‬ ‫إ ْذ َتَلق ْوَن ُه بأَْلسَنت ُك ْم َوتَُقوُلو َن بأَ ْف َو ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ ْذ َتَلَّق ْوَن ُه ِبأَْلسَنت ُك ْم َوتَُقوُلو َن ِبأَ ْف َواه ُك ْم َّما َّل ْي َس َل ُك ْم ِبه عْل ٌم َوتَ ْح َسُب َ‬
‫ون ُه َهِيناً} [اآلية‪.]15 :‬‬

‫قال عبد هللا بن المبارك‪ :‬ما أرى هذه اآلية نزلت إال فيمن اعتاد الدعاوى العظيمة‪،‬‬

‫ويجترئ على ربه فى األخبار عن أحوال األنبياء‪ ،‬واألكابر وال تمنعه عن ذلك هيبة ربه‪ ،‬وال حياؤه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال الترمذى‪ :‬من أخبر عن هللا بما ال يليق به فقد أخرج نفسه عن حدود األمانة‪،‬‬

‫ودخل فى ميادين الخيانة‪ ،‬وهللا ال يحب الخائنين‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬من تهاون بما يجرى عليه من الدعاوى فقد صغر ما عظم هللا ألن هللا‬
‫وقال ً‬

‫يم}‪.‬‬ ‫يقول‪{ :‬وتَحسبونه هِيناً وهو ِعند َّ ِ ِ‬


‫َّللا َعظ ٌ‬ ‫َ ْ َ ُ َ ُ َ َ َُ َ‬

‫سورة النور (من اآلية ‪ 21‬الى اآلية ‪)21‬‬

‫َّللاِ‬ ‫ِ‬ ‫طو ِ‬ ‫طو ِ‬ ‫ٰيأَي َّ ِ‬


‫ْم ُر ِباْلَف ْح َشآء َواْل ُم ْن َك ِر َوَل ْوالَ َف ْ‬
‫ض ُل َّ‬ ‫طِ ِ‬
‫ان َفإَّن ُه َيأ ُ‬
‫ات َّ‬
‫الش ْي َ‬ ‫َِّ‬
‫ان َو َمن َيتب ْع ُخ ُ َ‬ ‫طِ‬ ‫ات َّ‬
‫الش ْي َ‬ ‫َِّ‬
‫آمُنوْا الَ تَتب ُعوْا ُخ ُ َ‬
‫ين َ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫َّللا ي َزِكي من ي َشآء و َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫نكم ِمن أ ٍ‬ ‫ِ‬
‫يم‬
‫يع َعل ٌ‬ ‫َّللاُ َسم ٌ‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫َحد أََبداً َوَلـٰك َّن َّ َ ُ‬
‫َعَل ْي ُك ْم َوَر ْح َمتُ ُه َما َزَك ٰى م ُ ْ ْ َ‬

‫َح ٍد أََبداً} [اآلية‪.]21 :‬‬ ‫َّللاِ عَلي ُكم ورحمتُه ما َزَكا ِم ُ ِ‬


‫نك ْم م ْن أ َ‬ ‫ض ُل َّ َ ْ ْ َ َ ْ َ ُ َ‬ ‫{وَل ْوالَ َف ْ‬
‫قوله جل ذكره‪َ :‬‬

‫قال السيارى‪ :‬قال هللا‪ :‬ولوال فضل هللا عليكم ورحمته ولم يقل ولوال فضل عبادتكم وصالتكم‪ ،‬وجهادكم‪ ،‬وحسن قيامك‬
‫أبدا ليعلم أن العبادات وإن كثرت فإنها من نتائج الفضل‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بأمر هللا ما نجا منكم من أحد ً‬

‫سورة النور (من اآلية ‪ 22‬الى اآلية ‪)22‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫يل َّ ِ‬
‫ين ِفي سِب ِ‬ ‫ين واْلمه ِ‬ ‫ِ‬ ‫نكم و َّ ِ‬ ‫والَ يأَْت ِل أُوُلوْا اْلَف ِ ِ‬
‫صَف ُحوْا أَالَ‬
‫َّللا َوْلَي ْعُفوْا َوْلَي ْ‬ ‫َ‬ ‫اج ِر َ‬ ‫الس َعة أَن ُي ْؤتُوْا أ ُْولِي اْلُق ْرَب ٰى َواْل َم َساك َ َ ُ َ‬ ‫ضل م ُ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬
‫يم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تُ ِحبُّو َن أَن َي ْغف َر َّ‬
‫ور َّرح ٌ‬
‫َّللاُ َغُف ٌ‬
‫َّللاُ َل ُك ْم َو َّ‬

‫صَف ُحوْا أَالَ تُ ِحبُّو َن أَن َي ْغِف َر َّ‬


‫َّللاُ َل ُك ْم} [اآلية‪.]22 :‬‬ ‫{وْلَي ْعُفوْا َوْلَي ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬العفو هو الستر على ما مضى‪ ،‬وترك التأنيب فيما بقى‪.‬‬

‫قال أبو على الجوزجانى‪ :‬الصفح هو اإلغماض على المكروه‪.‬‬

‫وقال محمد بن على‪ :‬وليعفوا عن من ظلمهم وليصفحوا عن من أساء إليهم‪.‬‬

‫سورة النور (من اآلية ‪ 26‬الى اآلية ‪)26‬‬

‫ات أُْوَلـِٰئ َك ُمَبَّرُءو َن ِم َّما َيُقوُلو َن َل ُهم َّم ْغِف َرةٌ‬


‫طِيب ِ‬
‫ِ َّ‬ ‫َّ‬ ‫الطِيب ِ َّ‬
‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫اْلخِبيثَ ِ ِ‬
‫ين َوالطِيُبو َن لْل َ‬ ‫ين َواْل َخِبيثُو َن لِْل َخِبيثَات َو َ ُ‬
‫ات للطِيِب َ‬ ‫ات لْل َخِبيث َ‬‫َ ُ‬
‫َوِرْز ٌق َك ِر ٌ‬
‫يم‬

‫قوله تعالى‪{ :‬اْلخِبيثَ ِ ِ‬


‫ات لْل َخِبيث َ‬
‫ين} [اآلية‪.]26 :‬‬ ‫َ ُ‬

‫قال سهل‪ :‬أى خبيثات القلوب للخبيثين من الرجال وخبيثو القلوب للخبيثات من النساء‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال‪ :‬الخبيث من لم يراع أوامر هللا ونواهيه‪.‬‬

‫وقال الحسين‪ :‬الخبيث الناظر إلى الخبائث بعين الطهارة‪.‬‬

‫وقال عبد العزيز المكى‪ :‬الدنيا وخيانتها للمخبثين من الرجال المحبين لها‪ ،‬ولهم تصلح الدنيا‪ ،‬والمحبون الدنيا‬
‫للخبيثات أى‪ :‬للدنيا‪ ،‬ولها يصلحون‪.‬‬

‫طِيب ِ‬
‫ِ َّ‬ ‫َّ‬ ‫الطِيب ِ َّ‬
‫َّ‬
‫ات} [اآلية‪.]26 :‬‬ ‫ين َوالطِيُبو َن لْل َ‬
‫ات للطِيِب َ‬
‫{و َ ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال عبد العزيز‪ :‬الطيبات هى اآلخرة‪ ،‬وكرامتها للطيبين المحبين لها‪ ،‬ولهم تصلح اآلخرة‪ ،‬والطيبون للطيبات المحبون‬
‫لآلخرة‪ ،‬الطيبات واآلخرة وكرامتها يصلحون‪.‬‬

‫سورة النور (من اآلية ‪ 30‬الى اآلية ‪)30‬‬

‫صَن ُعو َن‬ ‫وجهم ٰذِل َك أ َْزَك ٰى َلهم ِإ َّن َّ ِ ِ‬ ‫ص ِارِه ْم َوَي ْحَف ُ‬ ‫ُقل لِْلمؤ ِمِنين ي ُغ ُّ ِ‬
‫َّللاَ َخب ٌير ب َما َي ْ‬ ‫ُْ‬ ‫ظوْا ُف ُر َ ُ ْ‬ ‫ضوْا م ْن أ َْب َ‬ ‫ْ ُْ َ َ‬

‫ص ِارِه ْم} [اآلية‪.]30 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ُ{ :‬قل لِْلمؤ ِمِنين ي ُغ ُّ ِ‬


‫ضوْا م ْن أ َْب َ‬ ‫ْ ُْ َ َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬إبصار الرءوس عن المحارم‪ ،‬وإبصار القلوب عما سواه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الصادق فى هذه اآلية‪ :‬الغض عن المحارم‪ ،‬وعما ال يليق بالحق فرض على العباد‪ ،‬فرض الفرض غض‬
‫المخاطر عن كل ما يستجلبه العبد‪ ،‬ومعناه حفظ القلب‬

‫محجوبا وإن كان ذلك ما حاله فى الظاهر‪.‬‬


‫ً‬ ‫وخواطره عن النظر إلى الكون فيكون به طر ًيدا غافالً‬

‫سورة النور (من اآلية ‪ 31‬الى اآلية ‪)31‬‬

‫ض ِرْب َن ِب ُخ ُم ِرِه َّن َعَل ٰى‬ ‫ظن ُفروجه َّن والَ يب ِدين ِزينتَه َّن ِإالَّ ما َ ِ‬ ‫ض َن ِم ْن أ َْب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ظ َه َر م ْن َها َوْلَي ْ‬ ‫َ‬ ‫ص ِاره َّن َوَي ْحَف ْ َ ُ َ ُ َ ُ ْ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ضْ‬ ‫َوُقل لْل ُم ْؤ ِمَنات َي ْغ ُ‬
‫ين ِز َينتَ ُه َّن ِإالَّ لُِب ُعوَلِت ِه َّن أ َْو َآب ِآئ ِه َّن أ َْو َآب ِآء ُب ُعوَلِت ِه َّن أ َْو أ َْبَن ِآئ ِه َّن أ َْو أ َْبَن ِآء ُب ُعوَلِت ِه َّن أ َْو ِإ ْخ َوِان ِه َّن أ َْو َبِني‬ ‫ِ‬
‫ُجُيوبِ ِه َّن َوالَ ُي ْبد َ‬
‫ِ َّ ِ‬ ‫ِإ ْخوِان ِه َّن أَو بِني أَخو ِات ِه َّن أَو ِنس ِآئ ِه َّن أَو ما مَل َك ْت أَيمانه َّن أ َِو التَّاِب ِعين َغي ِر أُولِي ِ ِ ِ‬
‫ين َل ْم‬ ‫ال أ َِو الطْف ِل الذ َ‬ ‫الرج ِ‬
‫اإل ْرَبة م َن ِ َ‬ ‫َ ْ ْ‬ ‫ْ َ ُُ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ََ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫ُّه اْل ُم ْؤ ِمُنو َن َل َعَّل ُك ْم‬ ‫النس ِآء والَ يض ِربن ِبأَرجلِ ِه َّن لِيعَلم ما ي ْخِفين ِمن ِزينِت ِه َّن وتُوبوْا ِإَلى َّ ِ ِ‬‫ِ ِ‬
‫َّللا َجميعاً أَي َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُْ َ َ ُ َ‬ ‫ظ َه ُروْا َعَل ٰى َع ْوَرات َ َ َ ْ ْ َ ْ ُ‬ ‫َي ْ‬
‫تُْفلِ ُحو َن‬

‫ظ َه َر ِم ْن َها} [اآلية‪.]31 :‬‬


‫ين ِز َينتَ ُه َّن ِإالَّ َما َ‬ ‫ِ‬
‫{والَ ُي ْبد َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الحسين‪ :‬زينة الدنيا‪ ،‬وما فيها بالنسيان‪ ،‬والتأويل والشهوة‪ ،‬والنفس‪،‬‬

‫شيئا من هذه األحوال إال ما ظهر منها على حد الغفلة‪.‬‬


‫والعدو‪ ،‬وأشباه ذلك فهذه زينة الدنيا فال يبدين‪ ،‬وال يخفين ً‬

‫شيئا من أفعاله إال ما ظهر عليه من غير قصد له‬


‫قال بعضهم‪ :‬الحكمة فى هذه اآلية ألهل المعرفة أنه من أظهر ً‬
‫فيه فقد سقط به عن رؤية الحق ألن ما وقع عليه رؤية الخلق ساقط عن رؤية الحق‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬أزين زينة تزين بن العبد للطاعة فإذا أظهرها فقد ذهبت زينتها‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َّللاِ َج ِميعاً} [اآلية‪.]31 :‬‬
‫وبوْا ِإَلى َّ‬
‫{وتُ ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬التوبة عدم المألوفات أجمع‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬التوبة قتل النفس عن الشهوات ومالزمة الندم خوًفا من فوت الحظ‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬التوبة هى التى تورث صاحبها الفالح عاجالً وآجالً‪.‬‬

‫ُّه اْل ُم ْؤ ِمُنو َن}‪.‬‬ ‫قال هللا تعالى‪{ :‬وتُوبوْا ِإَلى َّ ِ ِ‬


‫َّللا َجميعاً أَي َ‬ ‫َ ُ‬

‫قال يوسف‪ :‬من طلب الفالح‪ ،‬والسالمة‪ ،‬والنجاة‪ ،‬واالستقامة فليطلبه فى تصحيح توبته‪ ،‬ودوام تضرعه وإنابته فإن فى‬
‫تصحيح التوبة تحقيق اإليمان والوصول إلى حقيقة المعرفة‪.‬‬

‫َّللاِ َج ِميعاً ‪ } ...‬اآلية‪.‬‬


‫وبوْا ِإَلى َّ‬
‫{وتُ ُ‬
‫قال هللا تعالى َ‬

‫سورة النور (من اآلية ‪ 32‬الى اآلية ‪)32‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ‬ ‫َّللا ِمن َفضلِ ِه و َّ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫الصالِ ِح ِ ِ ِ‬
‫ام ٰى ِم ْن ُك ْم َو َّ‬ ‫ِ‬
‫يم‬
‫َّللاُ َواس ٌع َعل ٌ‬ ‫ْ َ‬ ‫ين م ْن عَباد ُك ْم َوإِمائ ُك ْم ِإن َي ُك ُ‬
‫ونوْا ُفَق َرآ َء ُي ْغنه ُم َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫َوأ َْنك ُحوْا األََي َ‬

‫ضِل ِه} [اآلية‪.]32 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إن ي ُكونوْا ُفَقرآء ي ْغِن ِهم َّ ِ‬
‫َّللاُ من َف ْ‬ ‫َ ُ ََ ُ ُ‬

‫سمعت عبد هللا الرازى يقول‪ :‬سمعت أبا عثمان يقول‪ :‬ألن يغنيك عنها خير من أن‬

‫يغنيك بها يعنى الدنيا‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬من صح افتقاره إلى هللا صح استغناه باهلل‪.‬‬

‫سورة النور (من اآلية ‪ 33‬الى اآلية ‪)33‬‬

‫وه ْم ِإ ْن‬ ‫ِ‬ ‫َّللا ِمن َفضلِ ِه و َّال ِذين يبتَ ُغو َن اْل ِكتَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ َّ ِ‬
‫اب م َّما َمَل َك ْت أ َْي َم ُان ُك ْم َف َكاتُب ُ‬
‫َ‬ ‫ْ َ َ َْ‬ ‫ين الَ َيج ُدو َن ن َكاحاً َحتَّ ٰى ُي ْغنَي ُه ُم َّ ُ‬‫َوْلَي ْستَ ْعفف الذ َ‬
‫ض اْل َحَي ِاة‬ ‫اكم والَ تُ ْك ِرهوْا َفتَي ِات ُكم عَلى اْلِب َغ ِآء ِإ ْن أَرْدن تَح ُّ ِ‬ ‫ال َّ ِ َّ ِ‬
‫وهم ِمن َّم ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫صناً لتَْبتَ ُغوْا َع َر َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ َ ْ َ‬ ‫َّللا الذي آتَ ُ ْ َ‬ ‫َعل ْمتُ ْم فيه ْم َخ ْي اًر َوآتُ ُ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الد ْنيا ومن ي ْك ِرهه َّن َفِإ َّن َّ ِ‬
‫يم‬ ‫َّللاَ من َب ْعد ِإ ْك َراه ِه َّن َغُف ٌ‬
‫ور َّرح ٌ‬ ‫ُّ َ َ َ ُ ُ‬

‫وه ْم ِإ ْن َعلِ ْمتُ ْم ِفي ِه ْم َخ ْي اًر} [اآلية‪.]33 :‬‬ ‫ِ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬ف َكاتُب ُ‬

‫قال‪ :‬فى التفسير صدًقا‪ ،‬ووفاء‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬صحة اعتقاد ودوام اجتهاد‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫علما بالحق وعمالً به‪.‬‬
‫قال الجنيد‪ً :‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬محبة ألهل الصالح وميالً إليهم‪.‬‬

‫سورة النور (من اآلية ‪ 35‬الى اآلية ‪)35‬‬

‫ِي ُيوَق ُد ِمن‬


‫اج ُة َكأََّن َها َك ْوَك ٌب ُدرٌّ‬ ‫اج ٍة ُّ‬
‫الزَج َ‬ ‫اح في ُزَج َ‬
‫وره َك ِم ْش َك ٍاة ِفيها ِمصباح اْل ِمصب ِ‬
‫َْ ُ‬ ‫َ َْ ٌ‬ ‫ض مَثل ُن ِِ‬ ‫َّللا نور َّ ِ‬
‫الس َٰم َٰوت َواأل َْر ِ َ ُ‬ ‫َّ ُ ُ ُ‬
‫ور َي ْه ِدي َّ ِ ِِ‬ ‫ور َعَل ٰى ُن ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫شجرٍة ُّمبارَك ٍة زيت ٍ َّ ِ ٍ‬
‫آء‬
‫َّللاُ لُنوره َمن َي َش ُ‬ ‫يء َوَل ْو َل ْم تَ ْم َس ْس ُه َن ٌار ُّن ٌ‬
‫ونة ال َش ْرقيَّة َوالَ َغ ْربِيَّة َي َك ُاد َزْيتُ َها ُيض ُ‬
‫َ َ َ َ َ َُْ َ‬
‫َّللاُ ِب ُك ِل َشي ٍء َعَلِي ٌم‬ ‫ال لِ َّلن ِ‬
‫اس َو َّ‬ ‫ض ِر ُب َّ‬
‫َّللاُ األ َْمثَ َ‬ ‫َوَي ْ‬
‫ْ‬
‫آء} [اآلية‪.]35 :‬‬ ‫{ي ْه ِدي َّ ِ ِِ‬ ‫ض مَثل ن ِِ ِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫الس َم َاوات َواأل َْر ِ َ ُ ُ‬
‫َّللاُ لُنوره َمن َي َش ُ‬ ‫وره َكم ْش َكاة} الى قوله‪َ :‬‬ ‫ور َّ‬
‫{َّللاُ ُن ُ‬
‫قوله عز وجل‪َّ :‬‬

‫برجا وهو الحمل‪ ،‬والثور‪ ،‬والجوزاء‪ ،‬والسرطان‪،‬‬


‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬زين هللا تعالى السماوات باثنى عشر ً‬
‫ٍ‬
‫خصلة‪:‬‬ ‫واألسد‪ ،‬والسنبلة‪ ،‬والميزان‪ ،‬والعقرب‪ ،‬والقوس‪ ،‬والجدى‪ ،‬والدلو‪ ،‬والحوت‪ .‬وزين قلوب العارفين باثنى عشرة‬
‫الذهن‪ ،‬واالنتباه‪ ،‬والشرح‪ ،‬والعقل‪ ،‬والمعرفة‪ ،‬واليقين‪ ،‬والفهم‪ ،‬والبصيرة‪ ،‬وحباء القلب‪ ،‬والرجاء‪ ،‬والحياء‪ ،‬والمحبة فما‬
‫دام هذه الروح قائمة يكون العالم على النظام والسعة‪ .‬وكذلك ما دامت هذه الخصال فى قلب العارفين يكون فيها نور‬
‫العافية وحالوة العبادة‪.‬‬

‫وره َك ِم ْش َك ٍاة ِف ِ‬
‫ض مَثل ُن ِِ‬ ‫ِ‬
‫اح} المشكاة‪ :‬جوف محمد‬
‫صَب ٌ‬
‫يها م ْ‬
‫َ‬ ‫الس َم َاوات َواأل َْر ِ َ ُ‬
‫ور َّ‬
‫{َّللاُ ُن ُ‬
‫قال أبو سعيد الخراز‪ :‬فى قوله‪َّ :‬‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬والزجاجة‪ :‬قلبه‪ ،‬والمصباح‪ :‬النور الذى قد جعل هللا فيه كأنها كوكب درى توقد من شجرة‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫مباركة‪ ،‬والشجرة‪ :‬إبراهيم صلى هللا عليه وسلم جعل هللا فى قلبه من النور ما جعل فى قلب محمد صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪.‬‬

‫قال ابن مسعود‪ :‬مثل نور المؤمن كمشكاة‪ ،‬وهى الكوة التى تنفذ لها إشارة إلى صدر المؤمن فيها مصباح وهو نور‬
‫قلب المؤمن والمصباح فى زجاجة والزجاجة سر المؤمن‪.‬‬

‫ان فأحبها إليه ما صفا ور َّق كأنها كوكب درى‬


‫قال النبى صلى هللا عليه وسلم‪" :‬إن هلل أو ٍ‬

‫‪".‬‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬نفس خلقها هللا مؤمنة فسماها شجرة مباركة كشجرة الزيتونة‪.‬‬

‫قال سهل‪ :‬مثل نور محمد صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫وقال سفيان الثورى رحمه هللا‪ :‬مثل نور القرآن‪.‬‬

‫وقال الحسن البصرى‪ :‬عنى بذلك قلب المؤمن‪ ،‬وضياء التوحيد ألن قلوب األنبياء أنور من أن توصف بمثل هذه‬
‫األنوار‪.‬‬

‫َّة والَ غربِي ٍ‬


‫ٍ‬ ‫َّ‬
‫َّة} [اآلية‪.]35 :‬‬ ‫قوله تعالى وتقدس‪{ :‬ال َش ْرِقي َ َ ْ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬ال قرب فيها‪ ،‬وال بعد‪ ،‬فاهلل من القرب بعيد‪ ،‬ومن البعد قريب‪.‬‬

‫قال جعفر رضى هللا عنه فى هذه اآلية‪ :‬ال خوف يجلب القنوط‪ ،‬وال رجاء يجلب االنبساط‪ ،‬فيكون ً‬
‫قائما من الخوف‬
‫والرجاء‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬ال دنيا به‪ ،‬وال آخر به جذبها الحق الى قربه‪ ،‬وأكرمها‬

‫{وَل ْو َل ْم تَ ْم َس ْس ُه َن ٌار} أى ولو لم يدعه نبى‪ ،‬وال يسمعه كتاب‪،‬‬ ‫ِ‬


‫يء} يكاد ضياء روحها يتوقد‪َ ،‬‬
‫{ي َك ُاد َزْيتُ َها ُيض ُ‬
‫بضيائه َ‬
‫آء} ال باجتهاد المجتهدين‪ ،‬وطلب الطالبين‬ ‫{ي ْه ِدي َّ ِ ِِ‬ ‫ور َعَل ٰى ُن ٍ‬ ‫ُّ‬
‫َّللاُ لُنوره َمن َي َش ُ‬ ‫ور} نور الهداية وافق نور الروح‪َ ،‬‬ ‫{ن ٌ‬
‫وهرب الهاربين‪.‬‬

‫ض} قال هو منور قلوب المالئكة حتى سبحوه‪ ،‬وقدسوه‪،‬‬ ‫السماوا ِت واأل َْر ِ‬
‫ور َّ َ َ َ‬ ‫{َّللاُ ُن ُ‬
‫قال الجنيد رحمه هللا تعالى‪ :‬فى قوله َّ‬
‫ومنور قلوب الرسل حتى عرفوا حقيقة المعرفة‪ ،‬وعبدوه حقيقة العبودية‪ ،‬وكذلك المؤمنون فقال‪ :‬أنا منور قلوبكم‬
‫بالهداية‪ ،‬والمعرفة‪.‬‬

‫َّة والَ غربِي ٍ‬


‫ٍ‬ ‫َّ‬
‫َّة} ال هى مائلة الى الدنيا‪ ،‬وال راغبة فى اآلخرة فانية الحظ من‬ ‫وقال الجنيد رحمه هللا فى قوله‪{ :‬ال َش ْرِقي َ َ ْ‬
‫األكوان‪.‬‬

‫ض} قال‪ٍ :‬‬


‫هاد‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ات واأل َْر ِ‬
‫الس َم َاو َ‬
‫ور َّ‬
‫{َّللاُ ُن ُ‬
‫قال الواسطى رحمه هللا فى قوله‪َّ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬منور قلوبهم بنور اإليمان‪ ،‬مثل القلوب كمشكاة فجعل سويداء قلبه كزجاجة‪ ،‬ال يدخلها شىء وقاه من‬
‫الضاللة والردى مصانة بالتسديد والهدى فهو منورها بهدايته وموفقها لطاعته‪.‬‬

‫ِ‬
‫ات واأل َْر ِ‬
‫ض} بدأ بنوره والنور البيان فاهلل نور السماوات‪ ،‬ومن نوره اليقين‬ ‫الس َم َاو َ‬
‫ور َّ‬
‫{َّللاُ ُن ُ‬
‫قال أبو على الجوزجانى‪َّ :‬‬
‫وره} يعنى فى قلب المؤمن ألن قلب المؤمن منور باإليمان‪ ،‬فنور‬ ‫سراج مضى فى قلب المؤمن كما قال هللا‪{ :‬مَثل ُن ِِ‬
‫َ ُ‬
‫مبينا‪ .‬فهو ينظر بنور ربه الى جميع ملكه‪ ،‬فيرى فيها بدائع صنعه‪ ،‬ويرى بنور المعرفة قدرة هللا‬
‫بيانا ً‬
‫قلبه من نور هللا ً‬
‫يقينا‪ .‬فيخضع له‬
‫علما ً‬
‫وسلطانه‪ ،‬وأمره‪ ،‬وملكه فيفتح له بذلك النور علم ما فى السماوات السبع‪ ،‬وما فى األرضين ً‬
‫الملك‪ ،‬ومن فيه‪ ،‬فيجيبه كل شىء على ما يحبه ويهدى مثل ذلك النور كمشكاة فيها مصباح‪ ،‬المصباح فى زجاجة‬
‫فنفس المؤمن بيت‪ ،‬وقلبه مثل قنديل‪ ،‬ومعرفته مثل السراج وفوه مثل الكوة‪ ،‬ولسانه مثل باب الكوة‪ ،‬والقنديل معلق‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫بباب الكوة‪ ،‬إذا افتتح اللسان بما فى القلب من الذكر استضاء المصباح من كوته الى العرش‪ ،‬والزجاجة من التوفيق‪،‬‬
‫ور َعَل ٰى ُن ٍ‬
‫ور}‪.‬‬ ‫وفتائلها من الزهد‪ ،‬ودهنها من الرضا وعالئقها من العقل وهو قوله‪ُّ :‬‬
‫{ن ٌ‬

‫ىء َوَلو َل ْم تَ ْم َس ْس ُه َن ٌار} [اآلية‪.]35 :‬‬ ‫ِ‬


‫{ي َك ُاد َزْيتُ َها ُيض ُ‬
‫قوله تعالى وتقدس‪َ :‬‬

‫يكاد يزهر من قلب المؤمن على لسانه إذا ذكر هللا ما بين المشرق والمغرب‪.‬‬

‫ض مَثل ُن ِِ‬ ‫ِ‬


‫وره} اآلية‪ .‬قالت طائفة معناه‪ :‬منور قلوب أهل‬ ‫الس َم َاوات َواأل َْر ِ َ ُ‬
‫ور َّ‬
‫{َّللاُ ُن ُ‬
‫قال الجنيد رحمه هللا فى قوله‪َّ :‬‬
‫السماوات واألرض بنور اإليمان‪ ،‬ومثل القلب كالمشكاة‪ ،‬وجعل سويداء القلب كالزجاجة ال يدخلها شىء موقاه من‬
‫الضاللة‪ ،‬والردى مصانة بالسديد والهدى وهو منورها بهداه وموفقها بطاعته‪.‬‬

‫وقال‪ :‬ليس بشرقية وال غربية‪ .‬قال‪ :‬ليس بيهودية وال نصرانية‪ .‬ثم قال كالكوكب الدرى فذكر الدر لنفاسة الدر‪ ،‬وعظيم‬
‫خطره فى قلوب الخلق‪ ،‬أنه موجود فى قعر األبحر ال يناله إال الغواصون وهم الراسخون فى العلم‪ ،‬غاصوا بأرواحهم‬
‫فى الغيب فاستخرجوا نفيس الذخائر‪ ،‬وجليل الجواهر فنطق عليهم وعنهم لما فى قلوبهم يكاد زيتها يضىء والزيت‬
‫التوفيق‪.‬‬

‫وقال جعفر بن محمد رضى هللا عنه‪ :‬األنوار تختلف‬

‫أولها‪ :‬نور حفظ القلب‪ ،‬ثم نور الخوف‪ ،‬ثم نور الرجاء‪ ،‬ثم نور الحب‪ ،‬ثم نور التفكر‪ ،‬ثم نور اليقين‪ ،‬ثم نور التذكر‪،‬‬
‫ثم النظر بنور العلم‪ ،‬ثم نور الحياء‪ ،‬ثم نور حالوة اإليمان‪ ،‬ثم نور اإلسالم‪ ،‬ثم نور اإلحسان‪ ،‬ثم نور النعمة‪ ،‬ثم نور‬
‫الفضل‪ ،‬ثم نور اآلالء‪ ،‬ثم نور الكرم‪ ،‬ثم نور العطف‪ ،‬ثم نور القلب‪ ،‬ثم نور االحاطة‪ ،‬ثم نور الهيبة‪ ،‬ثم نور الحياة‪،‬‬
‫ثم نور األنس‪ ،‬ثم نور االستقامة‪ ،‬ثم نور االستكانة‪ ،‬ثم نور الطمأنينة‪ ،‬ثم نور العظمة‪ ،‬ثم نور الجالل‪ ،‬ثم نور‬
‫القدرة‪ ،‬ثم نور العدل‪ ،‬ثم نور القوة‪ ،‬ثم نور اإللهية‪ ،‬ثم نور الوحدانية‪ ،‬ثم نور الفردانية‪ ،‬ثم نور األبدية‪ ،‬ثم نور‬
‫السرمدية‪ ،‬ثم نور الديمومية‪ ،‬ثم نور األزلية‪ ،‬ثم نور البقائية‪ ،‬ثم نور الكلية‪ ،‬ثم نور الهيبة‪ ،‬ولكل واحد من هذه األنوار‬
‫ِ‬
‫ات واأل َْر ِ‬
‫ض} ولكل عبد من‬ ‫الس َم َاو َ‬
‫ور َّ‬
‫{َّللاُ ُن ُ‬
‫أهل وله حال‪ ،‬ومحلها‪ ،‬وكلها من أنوار الحق التى ذكرها هللا فى قوله‪َّ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫عبيده مشرق من نور هذه األنوار وربما كان حظه من نورين‪ ،‬ومن ثالث‪ ،‬وال تتم هذه األنوار ألحد إال لمحمد صلى‬
‫هللا عليه وسلم‪ ،‬وإنه القائم مع هللا بشروط تصحيح العبودية‪ ،‬والمحبة فهو نور وهو من ربه على نور من ربه‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬نور السماوات المالئكة‪ ،‬ونور األرض األولياء‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬النور فى السماء إظهار الهيبة‪ ،‬والنور فى األرض إظهار القدرة‪.‬‬

‫وره َك ِم ْش َك ٍاة}‪ :‬قال مثل نوره فى قلب العبد المخلص‪ ،‬كمشكاة والمشكاة القلب والمصباح النور‬
‫وقال بعضهم‪{ :‬مَثل ُن ِِ‬
‫َ ُ‬
‫الذى قذف فيه المصباح فى زجاجة النور مؤيد بالتوفيق‪ ،‬والتوفيق مثبت فيه بصحة المعرفة‪ ،‬والزجاجة كأنها كوكب‬
‫درى كالنور والمعرفة تضىء فى قلب العارف بنور التوفيق‪ ،‬مصباح النور كالكوكب الدرى‪ ،‬والكوكب الدرى كنور‬
‫المعرفة الذى يضىء من قلب المؤمن‪ ،‬توقد من شجرة مباركة تضىء على شخص مبارك وهو نفس المؤمن حتى‬
‫تبين أنوار باطنة على آداب طاهرة‪ ،‬وحسن معاملته زيتونة ال شرقية وال غربية‪ ،‬جوهرة صافية ال حظ لها فى الدنيا‪،‬‬
‫وال فى اآلخرة‪ ،‬الختصاصها‬

‫بموالها‪ ،‬وتفردها بالفرد الجبار‪.‬‬

‫َّة والَ غربِي ٍ‬


‫ٍ‬ ‫َّ‬
‫َّة}‪ .‬وال مشركة فى أعماله وال مرابية فى أحواله يكاد نور معرفة قلب المؤمن نطق بما فى‬ ‫وقيل‪{ :‬ال َش ْرِقي َ َ ْ‬
‫ور َعَل ٰى ُن ٍ‬
‫ور} نور المعرفة يزيد على‬ ‫سره‪ ،‬ويضىء على من يصحبه ويتبعه وإن لم يكن له منها علم‪ ،‬وال عنها خير ُّ‬
‫{ن ٌ‬
‫نور اإليمان‪ :‬وقيل‪ :‬نور على نور‪ ،‬نور المشاهدة يغلب على نور المتابعة‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬نور الجمع يعلو أنوار التفرقة‪ ،‬وقيل‪ :‬نور الروح يهدى الى السر شعاع الفردانية‪ ،‬ونور السر يهدى الى القلب‬
‫ضياء الوحدانية‪ ،‬ونور القلب يهدى الى الصدر حقيقة اإليمان‪ ،‬ونور السر يهدى الى الصدر آداب اإلسالم فإذا جاء‬
‫مترسما‬
‫ً‬ ‫متسما بسمته‬
‫ً‬ ‫نور الحقيقة غلبت هذه األنوار وإفراد العارف عنها وأفناه منا وحصله فى محل البقاء مع الحق‬
‫برسمه‪ ،‬وال يكون للحدث عليها أثر بحال ألن محل أنوار األحوال هو القيام معها ورؤيتها والسكون إليها فإذا جاء نور‬
‫دهشا فى فناء‪،‬‬
‫الحقيقة أفناه عن الحظوظ والمشاهدات‪ ،‬وإذا عال نور الحق خمدت األنوار كلها وصارت األحوال ً‬
‫وفناء فى دهشة‪ ،‬وهو بحصول اسم ورسم وذهاب الحقيقة فى عين الحق يهدى هللا لنوره من يشاء‪ ،‬يخص هللا بهذه‬
‫األنوار من سيقت له المشيئة فيه بالخصوصة ويضرب هللا األمثال للناس‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال العقالء األلباء الذين خصوا بالفهم عنه‪ ،‬والرجوع إليه لعلهم يتفكرون فى أن الذى خصهم بهذه األنوار والمراتب‬
‫من غير سابقة إليه‪ ،‬وال يتقرب إليه إال بفضله وكرمه دون التسبيح والصلوات‪.‬‬

‫ِ‬
‫ات واأل َْر ِ‬
‫ض} قال‪ :‬هو شواهد ربوبيته‪ ،‬ودالئل توحيده ظاهر فتمثل معرفته‬ ‫الس َم َاو َ‬
‫ور َّ‬
‫{َّللاُ ُن ُ‬
‫قال بعضهم فى قوله تعالى‪َّ :‬‬
‫فى قلوب العارفين كمصباح فى مشكاة شبه نور المعرفة فى القلوب بالمصباح‪ ،‬وشبه قلب المؤمن بالقنديل‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬المصباح سراج المعرفة وفتيلتة الفرائض وذهنه اإلخالص‪ ،‬ونوره نور االتصال كلما ازداد اإلخالص‬
‫نور‪.‬‬
‫صفاء ازداد المصباح ضياء‪ ،‬وكلما ازدادت الفرائض حقيق ازداد المصباح ًا‬

‫قال بعضهم‪ :‬من عرف أن هللا نور السماوات واألرض لم يمن على هللا بطاعته‪ ،‬وال بذكره‪ ،‬وال بصدقه وال بشىء من‬
‫ور‬ ‫أبواب الخير ألن هللا جل جالله أجرى ذلك على يديه‪ ،‬ونور قلبه وهداه واجتباه واصطفاه وجباه ألن هللا يقول‪َّ :‬‬
‫{َّللاُ ُن ُ‬
‫ض }‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ات واأل َْر ِ‬
‫الس َم َاو َ‬
‫َّ‬

‫قال الواسطى‪ :‬نور قلوب الرسل حتى عرفوه وعبدوه وكذلك نور قلوب المؤمنين فقال‪ :‬هللا نور السماوات واألرض نور‬
‫قلوبهم فأضاءت برضوانه السابق بمحبته القديمة‪ ،‬وبمودته األزلية وبمواالته السرمدية فلما خاطبها قالت‪ :‬لبيك فجدد‬
‫ِ‬
‫ات واأل َْر ِ‬
‫ض }‪.‬‬ ‫الس َم َاو َ‬
‫ور َّ‬
‫{َّللاُ ُن ُ‬
‫المنة عليهم فهذا قوله‪َّ :‬‬

‫{ي ْه ِدي َّ‬


‫َّللاُ‬ ‫ض} قال منور قلوبكم حتى عرفتم ووجدتم وختم بقوله‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫ات واأل َْر ِ‬
‫الس َم َاو َ‬
‫ور َّ‬
‫{َّللاُ ُن ُ‬
‫وقال الحسين‪ :‬فى قوله‪َّ :‬‬
‫آء} فكان أو ابتدائه هللا نور السماوات واألرض إنى أنا مبتدئ النعم ومتممها واآلخر خاتمه فاألول فضل‬ ‫ِ ِِ‬
‫لُنوره َمن َي َش ُ‬
‫واآلخر مشيئة فهو المجتبى ألوليائه والهادى ألصفيائه‪.‬‬

‫قال الحسين‪ :‬إن هللا نور السماوات واألرض‪ ،‬وهو نور النور يهدى من يشاء بنوره إلى قدرته‪ ،‬وبقدرته إلى غيبه‪،‬‬
‫دمه‪ ،‬وبقدمه إلى أزله‪ ،‬وأبده بأزله وأبده إلى وحدانيته‪،‬ال إله إال هو المشهود شأنه بقدرته‪ ،‬تقدس وتعالى‬ ‫ِ‬
‫وبغيبه إلى ق َ‬
‫علما بتوحيده ووحدانيته وتنزيهه‪ ،‬وإجالل مقامه وتعظيم ربوبيته‪.‬‬ ‫يزيد من يشاء ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫يء} الزيت التوفيق والنار التسديد‪ ،‬والنور القرآن‪ ،‬قال يهدى هللا لنوره من يشاء فأخذ‬ ‫ِ‬
‫{ي َك ُاد َزْيتُ َها ُيض ُ‬
‫قال الواسطى‪َ :‬‬
‫آء} [آل عمران‪ ]74 :‬وأثبت‬ ‫الكسب من المؤمنين وأثبت اختصاصه ورحمته ومشيئته بقوله‪{ :‬يخت ُّ ِ ِ ِ‬
‫ص ب َر ْح َمته َمن َي َش ُ‬‫َ َْ‬
‫ض} قال‪ :‬أنا منور قلوب عبادى بتوحيدى ومنهجها بتفريدى‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ات واأل َْر ِ‬
‫الس َم َاو َ‬
‫ور َّ‬
‫{َّللاُ ُن ُ‬
‫اإلرادة فلما أثبت اإلرادة قال‪َّ :‬‬
‫والمتولى لها بالفضل والرحمة‪ ،‬واالختصاص والمشيئة واالصطفاء‪ ،‬وقال إن هللا تعالى خلق األرواح قبل األجساد‪،‬‬
‫ِ‬
‫ات واأل َْر ِ‬
‫ض} ألنه‬ ‫الس َم َاو َ‬
‫ور َّ‬
‫{َّللاُ ُن ُ‬
‫ونورها بصفاته‪ ،‬وخاطبها بذاته فاستضاءت واستنارت بنور قدسه فأخبر عنها بقوله‪َّ :‬‬
‫منور األرواح بكمال نوره‪.‬‬

‫قال الخراز‪ :‬من خلقه من نوره ثم أحرقه بنوره ثم أعاده فى أكبر كبريائه من نور إذا خلى له لم يحترق ألنه يكون هو‬
‫نور من نوره على نور من نوره‪.‬‬

‫ور َعَل ٰى ُن ٍ‬
‫ور} [اآلية‪.]35 :‬‬ ‫قال هللا تعالى‪ُّ :‬‬
‫{ن ٌ‬

‫ور} الرجاء مثل النور والخوف مثل النور‪ ،‬والمحبة مثل النور فإذا اجتمعت فى‬ ‫ور َعَل ٰى ُن ٍ‬ ‫قال الجوزجانى فى قوله‪ُّ :‬‬
‫{ن ٌ‬
‫قلب المؤمن يكون نور على نور يهدى هللا لنوره من يشاء يوصل هللا إلى هذه األنوار من نوره فى األزل‪ ،‬بأنوار قدسه‬
‫فتغير هذه األنوار التى فى الباطن على الظاهر فى أداء الفرائض‪ ،‬واجتناب المحارم‪ ،‬وأعمال الفضائل‪ ،‬والتطوع‬

‫منور بنور هللا وإلى هللا متصالً بتوحيده يحول معه فى ميادين الرضا ويجتبى ثمرات المحبة والصفاء‬ ‫فيصير المؤمن ًا‬
‫آء} بنوره إلى قدرته‪ ،‬وبقدرته‬ ‫ور َي ْه ِدي َّ ِ ِِ‬‫ور َعَل ٰى ُن ٍ‬ ‫فإن عمل أخلص‪ ،‬وإن فتر تحقر وهذا بيان قوله‪ُّ :‬‬
‫َّللاُ لُنوره َمن َي َش ُ‬ ‫{ن ٌ‬
‫إلى غيبه وبغيبه إلى قدمه وبقدمه إلى أزله‪ ،‬وبأزله وأبده إلى وحدانيته‪.‬‬

‫قال الحسين‪ :‬فى الرأس نور الوحى‪ ،‬وبين العينين نور المناجاة وفى السمع نور اليقين‪ ،‬وفى اللسان نور البيان‪ ،‬وفى‬
‫الصدر نور اإليمان‪ ،‬وفى الطبائع نور التسبيح‪ ،‬فإذا التهب شىء من هذه األنوار غلب على النور اآلخر فأدخله فى‬
‫َّللا لُِن ِِ‬
‫وره‬ ‫نور على نور ِ‬
‫{ي ْهدي َّ ُ‬
‫َ‬ ‫سلطانه فإذا سكن عاد سلطان ذلك النور أوفر‪ ،‬وأتم مما كان فإذا التهب جمي ًعا صار ًا‬
‫آء}‪.‬‬
‫َمن َي َش ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ‬
‫ات واأل َْر ِ‬
‫ض}‪ :‬اآلخرة نور على نور متصلة األزل‪.‬‬ ‫الس َم َاو َ‬
‫ور َّ‬
‫{َّللاُ ُن ُ‬
‫وقال بعضهم‪َّ :‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬من خلقه من نوره وأحرقه بنوره ثم أعاده بأكبر كبريائه من نوره ثم إذا تجلى له لم يحترق ألنه نور من‬
‫نوره‪ ،‬فى نوره‪.‬‬

‫ِ‬
‫ات واأل َْر ِ‬
‫ض} على نوره يهدى هللا لنوره من يشاء‪.‬‬ ‫الس َم َاو َ‬
‫ور َّ‬
‫{َّللاُ ُن ُ‬
‫قال هللا تعالى‪َّ :‬‬

‫ِ‬
‫ات واأل َْر ِ‬
‫ض} بدأ بنوره والنور البيان فالسماوات واألرض منورة بنور هللا وبيانه ومن‬ ‫الس َم َاو َ‬
‫ور َّ‬
‫{َّللاُ ُن ُ‬
‫وقال الجوزجانى‪َّ :‬‬
‫وره} فى قلب المؤمن منور‬‫نوره‪ ،‬وبيانه نور اليقين وهو سراج منير فى قلب المؤمن كما قال هللا تعالى‪{ :‬مَثل ُن ِِ‬
‫َ ُ‬
‫باإليمان يلمع به ألنه حبيب هللا‪ ،‬ونوره بنور هللا ونظر إلى السماوات بنور هللا فاستغرقت السماوات واألرض فى نور‬
‫هللا فيرى ربه بنوره فى السماوات أنها صفة روقها بغير عمد من تحتهن وال عالئق من فوقهن متمسكات بقدرته فنظر‬
‫اج ٍة}‬ ‫وره َك ِم ْش َك ٍاة ِفيها ِمصباح اْل ِمصب ِ‬
‫اح في ُزَج َ‬
‫َْ ُ‬ ‫َ َْ ٌ‬ ‫بنور هللا من مملكته إليه‪ ،‬ومنه إلى مملكته فخضع له وأطاعه {مَثل ُن ِِ‬
‫َ ُ‬
‫المشكاة نفس العارف كأنها كوكب درى بنفسه مثل بيت‪ ،‬وقلبه مثل قنديل‪ ،‬ومعرفته مثل السراج وفاه مثل الكوة ولسانه‬
‫مثل باب الكوة‪.‬‬

‫والقنديل يتعلق بباب الكوة ودهنها اليقين‪ ،‬وفتيلتها من الزهد‪ ،‬وزجاجتها من الرضا وعالئقها من العقل إذا فتح اللسان‬
‫بإقرار ما فى القلب استضاء المصباح من كوته إلى عرش الرحمن فالتوفيق نور من هللا توقد سراجه فاستضاء فى‬
‫الكوة الى عبد رب العزة وفيها ثلث جواهر منورة فى نورها الخوف‪ ،‬والرجاء‪ ،‬والحب فالخوف مثل ٍ‬
‫نار منور‪ ،‬والرجاء‬
‫غض طرى من زيتونة‬
‫مثل نور من خوف‪ ،‬والحب نور على نور كأنه كوكب درى توقد من شجرة القرآن مبارك شهر ٌّ‬
‫منزل من عند هللا ال شرقية وال غربية ال من أساطير األولين‪ ،‬وال من بدائع اآلخرين يكاد زيتها يضىء يزهر من قلب‬
‫نار من الخوف على نور من‬‫المؤمن على لسانه إذا أق أر ما بين المشرق‪ ،‬والمغرب ولو لم تمسسه نار نور على نور‪ٌ ،‬‬
‫المعرفة منورة‪ ،‬ونور الرجاء على نور الحب منور إذا فتح فاه بال إله إال هللا وبالقرآن من النور الذى فى قلبه من‬
‫معرفة هللا يهيج منه نار الخوف مع نور الرجاء على نور الحب فاستضاءت هذه األنوار من كوة فمه ففتح الباب‬
‫منور بنور هللا وأصالً إلى هللا متصالً‬
‫وازداد ضوؤه بأداء الفرائض‪ ،‬واجتناب المحارم وأعمال الفضائل فصار المؤمن ًا‬
‫بتوحيده إليه إن أعطاه شكر‪ ،‬وإن ابتاله صبر وإن عمل أخلص وصار مستغرًقا فى النور كالمه نور‪ ،‬وعلمه نور‬
‫ومدخله نور‪ ،‬ومخرجه نور وظاهره نور‪ ،‬وباطنه نور‪ ،‬وهو فى نور هللا بين األنوار‪ ،‬نور على نور يهدى هللا لنوره من‬
‫يشاء ويضرب هللا األمثال للناس‪ ،‬وهللا بكل شىء عليم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الجنيد رحمه هللا‪ :‬أخذهم من أعمالهم‪ ،‬واجتهادهم وطاعاتهم وردهم إلى صرف المالزمة وأثبت لهم باختصاصه‬
‫آء}‪.‬‬ ‫{ي ْه ِدي َّ ِ ِِ‬
‫َّللاُ لُنوره َمن َي َش ُ‬ ‫ورحمته‪ .‬فقال‪َ :‬‬

‫ابتداء واآلخر خاتمة‪ ،‬فقال‪ :‬أنا مبتدئ النعم ومتممها‪.‬‬


‫ً‬ ‫أيضا‪ :‬يهدى هللا لنوره من يشاء وكان األول‬
‫وقال ً‬

‫وقال بعضهم‪ :‬للمؤمن ثمانية أنوار‪ :‬نور الروح‪ ،‬ونور السر‪ ،‬ونور على نور‪ ،‬وهو نور الهداية وافق نور الروح‪ ،‬ونور‬
‫الروح‪ ،‬ونور العلم‪ ،‬ونور التوفيق‪ ،‬ونور العصمة‪ ،‬ونور القسمة‪ ،‬ونور الحياة‪.‬‬

‫َّة والَ غربِي ٍ‬


‫ٍ‬ ‫َّ‬
‫إخبار عن اإليمان وأوامره إنها ليست بشديدة وال لينة ألن فى أهل الشرق‬
‫ًا‬ ‫َّة}‬ ‫قال بعضهم‪ :‬فى قوله‪{ :‬ال َش ْرِقي َ َ ْ‬
‫جفوة كما أخبر الرسول صلى هللا عليه وسلم وفى أهل المغرب لينة‪.‬‬

‫وقال‪ :‬ما هذه الشجرة التى مثلها مثل اإليمان ال بشرقية جافية وال غربية لينة لكنها متوسطة المعانى سمعت منصور‬
‫بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا جعفر الملطى يقول عن على بن موسى الرضا عن أبيه عن جعفر بن محمد الصادق‬
‫رضى هللا عنه وعنهم قال‪ :‬نور السماوات بنور الكواكب والشمس والقمر ونور األرضين بنور النبات األحمر‪،‬‬
‫واألصفر‪ ،‬واألبيض وغير ذلك‪ ،‬ونور قلوب المؤمنين بنور اإليمان‪ ،‬واإلسالم ونور الطريق إلى هللا جل جالله بنور‬
‫أبى بكر وعمر وعثمان وعلى رضوان هللا عليهم ورحمته فمن أجل ذلك قال النبى صلى هللا عليه وسلم‪" :‬أصحابي‬
‫كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم‬

‫‪".‬‬

‫أيضا‪ :‬فى هذه اآلية نور السماوات بأربع‪ :‬جبريل‪ ،‬وميكائيل‪ ،‬وإسرافيل‪ ،‬وعزرائيل عليهم السالم‪ .‬ونور األرض‬
‫وقال ً‬
‫بأبى بكر وعمر وعثمان وعلى رضى هللا عنهم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النور (من اآلية ‪ 36‬الى اآلية ‪)36‬‬

‫َّللا أَن تُرَفع وي ْذ َكر ِفيها اسم ُه يسِبح َل ُه ِفيها ِباْل ُغ ُد ِو واآلص ِ‬
‫ال‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َُ َ َ ْ ُ َُ ُ‬ ‫في ُبُيوت أَذ َن َّ ُ‬

‫وت أ َِذ َن َّ‬


‫َّللاُ أَن تُ ْرَف َع} [اآلية‪.]36 :‬‬ ‫{في بي ٍ‬
‫ُُ‬
‫قوله تعالى‪ِ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬رفع فيها الحوائج إلى‪.‬‬

‫وقال أبو عثمان‪ :‬إذا دخلت المسجد فادفع عن قلبك كل هم سوى هللا فإن هللا عز وجل خص بها الرفع والذكر فقال‬
‫اس ُم ُه} [اآلية‪.]36 :‬‬
‫يها ْ‬
‫ِ‬ ‫وت أ َِذ َن َّ‬
‫َّللاُ أَن تُ ْرَف َع َوُي ْذ َك َر ف َ‬
‫{في بي ٍ‬
‫ُُ‬
‫تعالى‪ِ :‬‬

‫حاكيا عن ربه‬
‫وقال بعضهم‪ :‬ترفع الحوائج من القلوب وتشتغل القلوب بالذكر إن النبى صلى هللا عليه وسلم يقول ً‬
‫تعالى‪" :‬من شغله ذكرى عن مسألتى أعطيه أفضل ما أعطى السائلين‬

‫‪".‬‬

‫سورة النور (من اآلية ‪ 37‬الى اآلية ‪)37‬‬

‫َّ ِ ِ‬ ‫َّللاِ َوإِ َقا ِم َّ‬


‫الصالَ ِة وإِيتَ ِآء َّ ِ‬ ‫ال الَّ ُتْل ِهي ِه ْم ِت َج َارةٌ َوالَ َب ْي ٌع َعن ِذ ْك ِر َّ‬
‫ص ُار‬ ‫الزَكـاة َي َخاُفو َن َي ْوماً َتتََقل ُب فيه اْلُقُل ُ‬
‫وب َواأل َْب َ‬ ‫َ‬ ‫ِر َج ٌ‬

‫َّللاِ} [اآلية‪.]37 :‬‬


‫قوله تعالى‪{ :‬الَّ ُتْل ِهي ِه ْم ِت َج َارةٌ َوالَ َب ْي ٌع َعن ِذ ْك ِر َّ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬خزائن الودائع‪ ،‬ومواضع األسرار‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬رجال قلوبهم متعلقة بالسوابق والخواتيم فأشغلهم حزن ما جرى عليهم فى األول‪ ،‬وحزن ما يردون عليه‬
‫من العاقبة عن االشتغال بالدنيا‪ .‬والتقلب فيها والتمتع بها‪.‬‬

‫سمعت النصرآباذى يقول فى هذه اآلية‪ :‬رجال أسقط عنهم المكون ذكر المكنونات فال تشغلهم األسباب عن المسبب‪.‬‬

‫وقال جعفر‪ :‬هم الرجال من بين الرجال على الحقيقة ألن هللا حفظ سرائرهم عن الرجوع الى ما سواه ومالحظات غيره‪،‬‬
‫فال تشغلهم تجارات الدنيا ونعيمها وزهرتها‪ ،‬وال اآلخرة‪ ،‬وثوابها عند هللا ألنهم فى بساتين األنس‪ ،‬ورياض الذكر‪.‬‬

‫َّللاِ}‪.‬‬
‫قال هللا تعالى‪{ :‬الَّ ُتْل ِهي ِه ْم ِت َج َارةٌ َوالَ َب ْي ٌع َعن ِذ ْك ِر َّ‬

‫وقال بعضهم‪ :‬أسقط هللا اسم الرجولية عن العاملين إال من عامل هللا على المشاهدة‪ ،‬ولم يؤثر عليه األكوان فقال‪:‬‬
‫رجال ال تلهيهم تجارة وال بيع عن ذكر هللا‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬األذكار ثالثة‪ :‬ذكر السطوة على الخوف والحزن والرجل وذكر اليد وهو المنة والسبق‬
‫موقفا‪ ،‬واآلخر فيه مقال وذكر وهو ذكر المشاهدة‪ ،‬وذلك هو‬
‫بالفضل‪ ،‬وذكر النعمة‪ ،‬وهو الفضل ال يقف بين يديه ً‬
‫ذكر الرجال‪.‬‬

‫َّللاِ} [اآلية‪.]37 :‬‬


‫ال الَّ ُتْل ِهي ِه ْم ِت َج َارةٌ َوالَ َب ْي ٌع َعن ِذ ْك ِر َّ‬ ‫قال هللا عز وجل‪ِ :‬‬
‫{ر َج ٌ‬

‫َّ ِ ِ‬
‫ص ُار} [اآلية‪.]37 :‬‬ ‫{ي َخا ُفو َن َي ْوماً تَتََقل ُب فيه اْلُقُل ُ‬
‫وب َواأل َْب َ‬ ‫وقوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سمعت النصرآباذى يقول‪ :‬النفوس فى التنقيل‪ ،‬والقلوب فى التقليب‪.‬‬

‫وستور وأكنه واففاالً‪ ،‬ألهتكن الستور‬


‫ًا‬ ‫قال الحسين‪ :‬خلق هللا القلوب‪ ،‬واألبصار على التقلب‪ ،‬وجعل عليها أغطينة‬
‫باألنوار‪ ،‬وترفع الحجب بالذكر وتفتح األقفال بالقرب‪.‬‬

‫وقال الحسين‪ :‬إذا علمت أنه مقلب القلوب واألبصار فليكن شغلك فى النظر إلى أفعاله فيك‪ ،‬وتوق الخالف والغفلة‪.‬‬

‫حذر لما يرد عليهم من دحض األعمال‪.‬‬ ‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬يخافون ً‬
‫يوما تتقلب فيه القلوب للعامة تتقلب قلوبهم ًا‬

‫ونوْا َي ْحتَ ِسُبو َن} [الزمر‪.]47 :‬‬ ‫قال هللا تعالى‪{ :‬وبدا َلهم ِمن َّ ِ‬
‫َّللا َما َل ْم َي ُك ُ‬ ‫َ ََ ُ ْ َ‬

‫سورة النور (من اآلية ‪ 39‬الى اآلية ‪)39‬‬

‫َّللاَ ِع َندهُ َف َوَّفـ ُٰه ِح َس َاب ُه َو َّ‬


‫آءهُ َل ْم َي ِج ْدهُ َش ْيئاً َوَو َج َد َّ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ‬ ‫اب ِبِق ٍ‬
‫َعماُلهم َكسر ٍ‬ ‫َّ ِ‬
‫َّللاُ‬ ‫آء َحت ٰى إ َذا َج َ‬
‫آن َم ً‬
‫يعة َي ْح َسُب ُه الظ ْم ُ‬
‫َ‬ ‫ين َكَف ُروْا أ ْ َ ُ ْ َ َ‬
‫َوالذ َ‬
‫س ِريع اْل ِحس ِ‬
‫اب‬ ‫َ ُ َ‬

‫آء} [اآلية‪.]39 :‬‬ ‫َّ‬ ‫اب ِبِق ٍ‬


‫َعماُلهم َكسر ٍ‬ ‫قوله عز وجل‪ِ َّ :‬‬
‫آن َم ً‬
‫يعة َي ْح َسُب ُه الظ ْم ُ‬
‫َ‬ ‫ين َكَف ُروْا أ ْ َ ُ ْ َ َ‬
‫{والذ َ‬‫َ‬

‫شيئا قلت‪ :‬ليس فيه شىء من أنوار هللا فعبر بما‬


‫ماء حتى إذا جاءه لم يجده ً‬
‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬يحسبه الظمآن ً‬
‫فيه رجوعه إلى األسباب‪ ،‬والفقير من يكون رجوعه إلى غير الحق يحسب أن رجوعه الى غيره‪ .‬يعنى‪ :‬وهو كسراب‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫شيئا إذا تبين له أن الرجوع إلى األسباب شرك فيظهر له أن الرجوع إلى‬
‫ماء حتى إذا جاء لم يجده ً‬
‫يحسبه الظمآن ً‬
‫الحق هو اإليمان‪.‬‬

‫َّللاَ ِع َندهُ} أى وجد الطريق إليه‪.‬‬


‫{وَو َج َد َّ‬
‫قال هللا تعالى‪َ :‬‬

‫آءهُ َل ْم َي ِج ْدهُ َش ْيئاً} [اآلية‪]39 :‬‬ ‫قال ابن عطاء رحمه هللا فى قوله تعالى‪ِ َّ َ :‬‬
‫{حت ٰى إ َذا َج َ‬

‫قال‪ :‬ما وجد الخلق سوى الخلق وأنى للحق أن يكون للخلق إليه طريق إذ ال يعرفه سواه‪ ،‬وال يشهده غيره‪.‬‬

‫شيئا ولم تدلهم على حق‪ ،‬ولو‬


‫قال جعفر‪ :‬أظلتهم ظلم صحبة األغيار فكانت على قلوبهم مثل السراب لم يغن عنهم ً‬
‫ور َعَل ٰى ُن ٍ‬
‫ور}‪.‬‬ ‫وجدوا السبيل إلى هللا ألضات سرائرهم وكانت كما قال هللا تعالى‪ُّ :‬‬
‫{ن ٌ‬

‫قال بعضهم‪ :‬القلب الذى تعلق بشىء غير هللا فهو فقير بما فيه ألن الفقر صحبة األشكال‪ ،‬والغنى الرجوع الى هللا‬
‫من الخلق‪.‬‬

‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬كل ما دون هللا فهو فقر‪ ،‬وكل قلب فيه محبة شىء سوى هللا فهو فقير‪.‬‬

‫سورة النور (من اآلية ‪ 40‬الى اآلية ‪)40‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫أَو َك ُ ٍ ِ‬


‫ض ِإ َذآ أ ْ‬
‫َخ َرَج َي َدهُ َل ْم َي َك ْد‬ ‫ض َها َف ْو َق َب ْع ٍ‬
‫ات َب ْع ُ‬
‫ظُل َم ٌ‬ ‫ظُل َمات في َب ْح ٍر ل ِج ٍي َي ْغ َشاهُ َم ْوٌج من َف ْوِقه َم ْوٌج من َف ْوِقه َس َح ٌ‬
‫اب ُ‬ ‫ْ‬
‫ور‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫اها َو َمن ل ْم َي ْج َع ِل َّ‬
‫َّللاُ َل ُه ُنو اًر َف َما َل ُه من ُن ٍ‬ ‫َي َر َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َّللاُ َل ُه ُنو اًر َف َما َل ُه ِمن ُن ٍ‬
‫ور} [اآلية‪.]40 :‬‬ ‫{و َمن َّل ْم َي ْج َع ِل َّ‬
‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬قيل ما عالمة النور؟ قيل‪ :‬من كان نوره أقوى كان تيقظه أدوم‪ ،‬ومن كان نوره أضعف كان‬
‫ذكره مرة وعطبه مرة‪ ،‬ومن قويت أنواره فنيت أعماره‪.‬‬

‫نور وقت العتمة فما له من نور وقت الخلقة‪.‬‬


‫قال القاسم‪ :‬من لم يجعل هللا له ًا‬

‫غنيا‬ ‫سمعت أبا بكر الرازى يقول‪ :‬سمعت محمد بن موسى الواسطى يقول‪ :‬إن هللا ال يقرب ًا‬
‫فقير ألجل فقره وال يبعد ً‬
‫ألجل غناه‪ ،‬وليس لإلعراض عنده خطر حتى بها يصل‪ ،‬وبها يقطع‪ ،‬ولو بذلت له الدنيا واآلخرة ما أوصلك به‪ ،‬ولو‬
‫أ خذتهما كليهما ما قطعت به قرب‪ ،‬من قرب من غير علة‪ ،‬وقطع من قطع من غير علة كما قال هللا عز وجل‪:‬‬
‫َّللاُ َل ُه ُنو اًر َف َما َل ُه ِمن ُن ٍ‬
‫ور}‪.‬‬ ‫{و َمن َّل ْم َي ْج َع ِل َّ‬
‫َ‬

‫سورة النور (من اآلية ‪ 44‬الى اآلية ‪)44‬‬

‫ص ِار‬ ‫ِ‬ ‫الليل و َّ ِ ِ ٰ ِ ِ‬ ‫يَقلِب َّ َّ‬


‫الن َه َار إ َّن في ذل َك َلع ْب َرًة أل ُْولي األ َْب َ‬ ‫َّللاُ ْ َ َ‬ ‫ُ ُ‬
‫َّللا َّ‬
‫اللْي َل َو َّ‬
‫الن َه َار} [اآلية‪.]44 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ :‬‬
‫{يَقل ُب َّ ُ‬
‫ُ‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬ما خالفه أحد قط‪ ،‬وال وافقه وكلهم مستقلين مشيئته وقدرته أن يكون الوفاق‪ ،‬والخالف‪ ،‬وهو‬
‫يقلب الليل والنهار بما فيها‪ ،‬وهو قائم على األشياء وباألشياء فى بقائها وفنائها ال يؤنسه وجد‪ ،‬وال يوحشه فقده‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫بل ال فقد وال وجد إنما هى رسوم تحت الرسوم‪.‬‬

‫سورة النور (من اآلية ‪ 48‬الى اآلية ‪)48‬‬

‫َّللاِ ورسولِ ِه لِيح ُكم بينهم ِإ َذا َف ِر ِ‬ ‫ِ‬


‫يق م ْن ُه ْم ُّم ْع ِر ُ‬
‫ضو َن‬ ‫ٌ‬ ‫َ ْ َ ََْ ُ ْ‬ ‫َوإِ َذا ُد ُعوْا إَلى َّ َ َ ُ‬

‫َّللاِ َوَرُسوِل ِه لَِي ْح ُك َم َب ْيَن ُه ْم} [اآلية‪.]48 :‬‬


‫{وإِ َذا ُد ُعوْا ِإَلى َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬الدعوة الى هللا بالحقيقة‪ ،‬والدعوة الى رسوله بالنصيحة‪ ،‬ومن لم‬

‫يجب داعى هللا كفر‪ ،‬ومن لم يجب داعى الرسول ضل‪.‬‬

‫سورة النور (من اآلية ‪ 46‬الى اآلية ‪)46‬‬

‫صر ٍ‬
‫اط ُّم ْستَِقي ٍم‬ ‫ِ‬ ‫ات و َّ ِ‬ ‫ٍ ِ ٍ‬ ‫َّلَق ْد أ َ ْ‬
‫آء ِإَل ٰى َ‬
‫َّللاُ َي ْهدي َمن َي َش ُ‬ ‫َنزلَنآ َآيات ُّمَبيَن َ‬
‫صر ٍ‬
‫اط ُّم ْستَِقيمٍ} [اآلية‪.]46 :‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬و َّ ِ‬
‫آء ِإَل ٰى َ‬
‫َّللاُ َي ْهدي َمن َي َش ُ‬ ‫َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫خرجت هداية المراد من المشيئة‪.‬‬

‫سورة النور (من اآلية ‪ 52‬الى اآلية ‪)52‬‬

‫َّللاَ َوَيتَّْق ِه َفأ ُْوَلـِٰئ َك ُهم اْلَف ِآئ ُزون‬


‫ش َّ‬ ‫َو َمن ُي ِط ِع َّ‬
‫َّللاَ َوَرُسوَل ُه َوَي ْخ َ‬
‫ُ‬
‫َّللاَ َوَيتَّْق ِه} [اآلية‪.]52 :‬‬
‫ش َّ‬ ‫{و َمن ُي ِط ِع َّ‬
‫َّللاَ َوَرُسوَل ُه َوَي ْخ َ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬من يطع هللا ورسوله فى أداء الفرائض‪ ،‬واجتناب المحارم‪ ،‬ويخشى هللا على ما مضى من‬
‫ذنوبه أن يكون مأخوًذا بها‪.‬‬

‫وما مضى من حياته أن ال تقبل منه‪ ،‬ويتقه أى ويتقى هللا فيما بقى عمره من رده محبطة أو عقوبة مخزية فأولئك هم‬
‫الفائزون أى‪ :‬سبقت لهم السعادة‪.‬‬

‫سورة النور (من اآلية ‪ 54‬الى اآلية ‪)54‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ول ِإالَّ‬
‫الرس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َطيعوْا َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ول َفِإن تََول ْوْا َفِإَّن َما َعَل ْيه َما ُحم َل َو َعَل ْي ُك ْم َّما ُحمْلتُ ْم َوإِن تُط ُ‬
‫يعوهُ تَ ْهتَُدوْا َو َما َعَلى َّ ُ‬ ‫الرُس َ‬
‫يعوْا َّ‬
‫َّللاَ َوأَط ُ‬ ‫ُق ْل أ ُ‬
‫اْلَبالَغُ اْل ُمِب ُ‬
‫ين‬

‫يعوهُ تَ ْهتَ ُدوْا} [اآلية‪.]54 :‬‬ ‫ِ‬


‫{وإِن تُط ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫السنة على نفسه قوالً وفعالً ونطق بالحكمة‪ ،‬ومن أمر‬


‫أمر ُّ‬ ‫سمعت جدى رحمه هللا يقول‪ :‬سمعت أبا عثمان يقول‪ :‬من َّ‬
‫ِ‬
‫يعوهُ تَ ْهتَ ُدوْا}‪.‬‬ ‫الهوى على نفسه نطق بالبدعة ألن هللا يقول‪َ :‬‬
‫{وإِن تُط ُ‬

‫قال الحسين‪ :‬طاعة الرسول فيها صالح الكل وهو المواظبة على األوامر‪ ،‬والفرائض فإن األنبياء يعملون على‬
‫الفرائض‪ ،‬والمؤمنون يعملون فى الفضائل‪ ،‬والصديقون يعملون فى النهى‪ ،‬والعارفون يعملون فى نسيان كل شىء غير‬
‫هللا‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬أوائل الطاعة أمور‪ ،‬أولها‪ :‬احتمال األذى من غير شكاية‪ ،‬ودفع األذى من غير منة‪ ،‬وال تخاصم هللا‬
‫عن نفسك وال يملك غير هللا‪.‬‬

‫قال محمد بن الفضل‪ :‬إن تطيعوه فى سنته توصلكم بركته إلى حقائق القيام بأداء الفرائض فتكونوا من المهتدين أى‬
‫من الموافقين بشرائط األدب مع هللا‪.‬‬

‫سورة النور (من اآلية ‪ 61‬الى اآلية ‪)61‬‬

‫ْكُلوْا ِمن بيوِت ُكم أَو بي ِ‬


‫وت‬ ‫َنف ِس ُك ْم أَن تَأ ُ‬ ‫َع َرِج َح َرٌج والَ َعَلى اْلم ِر ِ‬
‫يض َح َرٌج َوالَ َعَل ٰى أ ُ‬ ‫َّ‬
‫ُُ ْ ْ ُُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َع َم ٰى َح َرٌج َوالَ َعَلى األ ْ‬
‫ل ْي َس َعَلى األ ْ‬
‫َخ َٰولِ ُك ْم أ َْو‬ ‫وت ع َّٰمِت ُكم أَو بي ِ‬
‫وت أ ْ‬ ‫وت أَع ٰم ِم ُكم أَو بي ِ‬ ‫وت أَخ ٰوِت ُكم أَو بي ِ‬
‫وت ِإ ْخ ٰوِن ُكم أَو بي ِ‬
‫ُم ٰهِت ُكم أَو بي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ْ ْ ُُ‬ ‫ْ َ ْ ْ ُُ‬ ‫َ َ ْ ْ ُُ‬ ‫َ ْ ْ ُُ‬ ‫َء َابآئ ُك ْم أ َْو ُبُيوت أ َّ َ ْ ْ ُ ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ْكُلوْا َج ِميعاً أ َْو أَ ْشتَاتاً َفِإ َذا َد َخْلتُ ْم ُبُيوتاً َف َسلِ ُموْا َعَل ٰى‬‫اح أَن تَأ ُ‬ ‫ص ِد ِيق ُك ْم َل ْي َس َعَل ْي ُك ْم‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٰ ِٰ‬
‫ُجَن ٌ‬ ‫حه أ َْو َ‬‫ُبُيوت َخَلت ُك ْم أ َْو َما َمَل ْكتُ ْم َّمَفات ُ‬
‫األي ِت َل َعَّل ُك ْم تَ ْعِقُلو َن‬
‫َٰ‬ ‫طِيَب ًة َك َٰذلِ َك ُيَبِي ُن َّ‬
‫َّللاُ َل ُك ُم‬ ‫َّللاِ ُم َٰب َرَك ًة َ‬
‫َنف ِس ُك ْم تَ ِحَّي ًة ِم ْن ِع ِند َّ‬
‫أُ‬

‫َع َم ٰى َح َرٌج} [اآلية‪.]61 :‬‬ ‫َّ‬


‫قوله تعالى‪{ :‬ل ْي َس َعَلى األ ْ‬

‫قال بعضهم‪ :‬إذا دعى الى الدعوة أن يدخل معه فائدة‪.‬‬

‫اح} [اآلية‪.]61 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أَو ِ ِ‬


‫صديق ُك ْم َل ْي َس َعَل ْي ُك ْم ُجَن ٌ‬
‫ْ َ‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬الصديق من ال يخالف باطنه باطنك كما ال يخالف ظاهره ظاهرك إذ ذاك يكون محل االنبساط اليه‬
‫مباحا فى كل شىء من أنوار الدين والدنيا‪.‬‬
‫ً‬

‫سئل أبو حفص‪ :‬ما الصداقة؟ قال‪ :‬الشفقة والنصيحة‪.‬‬

‫سورة النور (من اآلية ‪ 62‬الى اآلية ‪)62‬‬

‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِإَّنما اْلمؤ ِمنون َّال ِذين آمنوْا ِب َّ ِ‬
‫ون َك‬ ‫اَّلل َوَرُسولِه َوإِ َذا َك ُانوْا َم َع ُه َعَل ٰى أ َْم ٍر َجام ٍع ل ْم َي ْذ َهُبوْا َحتَّ ٰى َي ْستَأْذُنوهُ ِإ َّن الذ َ‬
‫ين َي ْستَأْذُن َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ ُْ ُ َ‬
‫اس َت ْغِف ْر َل ُه ُم َّ‬
‫َّللاَ ِإ َّن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وك لَِب ْع ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫أُوَلـِٰئك َّال ِذين يؤ ِمنون ِب َّ ِ‬
‫ور‬
‫َّللاَ َغُف ٌ‬ ‫ض َشأْنه ْم َف ْأ َذن ل َمن ش ْئ َت م ْن ُه ْم َو ْ‬ ‫اَّلل َوَرُسولِه َفإ َذا ْ‬
‫استَ ْأ َذُن َ‬ ‫َ ُْ ُ َ‬ ‫ْ َ‬
‫يم‬ ‫ِ‬
‫َّرح ٌ‬

‫اَّللِ َوَرُسوِل ِه} [اآلية‪.]62 :‬‬


‫آمُنوْا ِب َّ‬ ‫َّ ِ‬
‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّن َما اْل ُم ْؤ ِمُنو َن الذ َ‬
‫ين َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سمعت عبد هللا الرازى يقول‪ :‬قال قوم من أصحاب أبى عثمان أوصنا قال‪ :‬عليكم باالجتماع على الدين‪.‬‬

‫وإياكم ومخالفة األكابر والدخول فى شىء من الطاعات إال بإذنهم ومشورتهم وواسوا المحتاجين بما أمكنكم فأرجو أن‬
‫بيعا‪.‬‬
‫ال يضيع لكم ً‬

‫سورة النور (من اآلية ‪ 63‬الى اآلية ‪)63‬‬

‫ين ُي َخالُِفو َن َع ْن‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّ‬ ‫ض ُكم بعضاً َقد يعَلم َّ َّ ِ‬‫ِ ِ‬ ‫الَّ تَجعُلوْا ُد َعآء َّ ِ‬
‫ين َيتَ َسلُلو َن من ُك ْم لَواذاً َفْلَي ْح َذ ِر الذ َ‬
‫َّللاُ الذ َ‬ ‫ْ َْ ُ‬ ‫الرُسول َب ْيَن ُك ْم َك ُد َعآء َب ْع ْ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫صيبهم ع َذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يم‬ ‫أ َْم ِِره أَن تُص َيب ُه ْم ف ْتَن ٌة أ َْو ُي َ ُ ْ َ ٌ‬
‫اب أَل ٌ‬
‫ول بين ُكم َكدع ِآء بع ِ‬
‫ض ُك ْم َب ْعضاً} [اآلية‪.]63 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬الَّ تَجعُلوْا ُد َعآء َّ ِ‬
‫الرُس َ ْ َ ْ ُ َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬

‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬التخاطبوه مخاطبة‪ ،‬وال تدعوه بكنيته واسمه‪ ،‬واتبعوا أداء هللا فيه بدعائه يا أيها النبى ويا‬
‫أيها الرسول‪.‬‬

‫بعضا من ضيع حرمة الحق فقد ضيَّع حرمة المؤمنين‪ ،‬ومن ضيَّع حرمة المؤمنين‬
‫قال جعفر‪ :‬الحرمات تتبع بعضها ً‬
‫فقد ضيَّع حرمة األولياء‪ ،‬ومن ضيع حرمة األولياء فقد ضيع حرمة الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬ومن ضيع حرمة‬
‫الرسول فقد ضيع حرمة هللا عز وجل‪ ،‬ومن ضيع حرمة هللا فقد دخل فى ديوان األشقياء‪ ،‬وأفضل األخالق حفظ‬
‫الحرمات‪ ،‬ومن أسقط عن قلبه الحرمات تهاون بالفرائض والسنن‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قوله تعالى‪َ{ :‬فْليح َذ ِر َّال ِذين يخالُِفو َن عن أَم ِِره أَن تُ ِ‬
‫ص َيب ُه ْم ِف ْتَن ٌة} [اآلية‪.]63 :‬‬ ‫َْ ْ‬ ‫َ َُ‬ ‫َْ‬

‫قال أبو سعيد الخراز‪ :‬الفتنة هو إسباغ النعم على االستدراج من حيث ال يعلم العبد‪.‬‬

‫منكر‪.‬‬
‫قال الجنيد رحمه هللا‪ :‬الفتنة هو انتكاس القلب حتى ال يعرف معروًفا‪ ،‬وال ينكر ًا‬

‫قال النووى‪ :‬الفتنة هى االشتغال بشىء دون هللا‪.‬‬

‫قال رويم‪ :‬الفتنة للعوام‪ ،‬والبالء للخواص‪.‬‬

‫قال أبو بكر بن الطاهر‪ :‬الفتنة مأخوذ بها‪ ،‬والبالء معفو عنه ومثاب عليه‪.‬‬

‫سورة الفرقان (من اآلية ‪ 1‬الى اآلية ‪)1‬‬

‫ين َن ِذي اًر‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫تَبار َّ ِ‬


‫ك الذي َنَّزَل اْلُف ْرَق َ‬
‫ان َعَل ٰى َع ْبده لَي ُكو َن لْل َعاَلم َ‬ ‫ََ َ‬

‫محمدا بإنزال القرآن عليه ليفرق به بين الحق والباطل‪ ،‬والولى والعدو‪ ،‬والقريب‬
‫ً‬ ‫قال سهل‪ :‬جل وتعالى من خص‬
‫والبعيد‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫{عَل ٰى َع ْب ِدِه} أى‪ :‬عبده األخلص‪ ،‬ونبيه األخص‪ ،‬وحبيبه األدنى‪ ،‬وصفيه األولى ليكون للعالمين ًا‬
‫نذير أى‬ ‫وقوله‪َ :‬‬
‫ونور يهتدون به إلى أحكام القرآن ويستدلون به على طريق الحق‪ ،‬ومنهاج الصدق‪.‬‬ ‫ليكون للخلق سر ً‬
‫اجا‪ً ،‬ا‬

‫قال الجنيد رحمه هللا‪ :‬تبارك الذى كالكناية‪ ،‬والكناية كاإلشارة‪ ،‬واإلشارة ال يدركها إال األكابر‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬تبارك الذى أى‪ :‬تعالى عن إدراك الخلق‪.‬‬

‫سورة الفرقان (من اآلية ‪ 2‬الى اآلية ‪)2‬‬

‫المْل ِك َو َخَل َق ُك َّل َشي ٍء َفَقَّد َرهُ تَْق ِدي اًر‬ ‫ض وَلم يتَّ ِخ ْذ وَلداً وَلم ي ُكن َّله َش ِر ِ‬
‫يك في ُ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫َّال ِذي َله مْلك َّ ِ‬
‫الس َٰم َٰوت َواأل َْر ِ َ ْ َ َ َ ْ َ‬ ‫ُ ُ ُ‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫ات واأل َْر ِ‬
‫ض} [اآلية‪.]2 :‬‬ ‫{ال ِذي َل ُه ُمْل ُك َّ‬
‫الس َم َاو َ‬
‫قوله تعالى‪َّ :‬‬

‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬له ملك السماوات فمن أطاعه وآثره ملكه ملك السماوات واألرض‪.‬‬

‫وقال النصرآباذى‪ :‬له الملك فمن اشتغل بالملك فإنه الملك‪ ،‬ومن اشتغل بالملك حصل له الملك والملك‪.‬‬

‫{و َخَل َق ُك َّل َشي ٍء َفَقَّد َرهُ تَْق ِدي اًر} [اآلية‪.]2 :‬‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬
‫ْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الحسين‪ :‬أول ما خلق هللا تعالى ذكر ستة أشياء فى ستة وجوه قدر بذلك تقدير الوجه األول المشبه خلقها على‬
‫النور‪ ،‬ثم خلق النفس ثم الروح‪ ،‬ثم الصورة ثم األحرف‪ ،‬ثم األسماء‪ ،‬ثم اللون‪ ،‬ثم الطعم‪ ،‬ثم الرائحة‪ ،‬ثم خلق الدهر‪،‬‬
‫ثم خلق المقادير‪ ،‬ثم خلق العمل‪ ،‬ثم خلق النور‪ ،‬ثم الحركة‪ ،‬ثم السكون‪ ،‬ثم الوجود‪ ،‬ثم العدم‪ ،‬ثم على هذا خلًقا بعد‬
‫خلق المقدار على الوجه اآلخر أول ما خلق هللا تعالى الدهر‪ ،‬ثم القوة ثم الجوهر‪ ،‬ثم الصوت‪ ،‬ثم الروح هكذا خلًقا‬
‫علما‪.‬‬
‫تقدير وأحصى كل شىء ً‬
‫بعد خلق فى كل وجه من السنة خلقهم فى غامض علمه ال يعلمه إال هو قدرهم ًا‬

‫سورة الفرقان (من اآلية ‪ 3‬الى اآلية ‪)3‬‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ َّ‬ ‫ِ‬


‫ض اًر َوالَ َنْفعاً َوالَ َي ْملِ ُكو َن َم ْوتاً َوالَ َحَي ً‬ ‫ِ‬
‫ـاة َوالَ‬ ‫َواتَّ َخ ُذوْا من ُدوِنه آل َه ًة ال َي ْخُلُقو َن َش ْيئاً َو ُه ْم ُي ْخَلُقو َن َوالَ َي ْمل ُكو َن أل َْنُفس ِه ْم َ‬
‫ُن ُشو اًر‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫{والَ َي ْمل ُكو َن أل َْنُفس ِه ْم َ‬
‫ض اًر َوالَ َنْفعاً} [اآلية‪.]3 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫سمعت جعفر المراعى يقول‪ :‬كتبه منصور الفقيه الى بعض أوالده وكان قد سأله فى أمر فأجابه‪ :‬ثم قصر فيه أعاذنا‬
‫نشور‪.‬‬
‫ضرا‪ ،‬وال موتًا وال حياة وال ًا‬ ‫هللا وإياك من الحاجة إلى أمثالك الذين ال يملكون ً‬
‫نفعا وال ً‬

‫قال الحسين‪ :‬واعلم أن األشياء ليست بأنفسها قائمة بل يقيم لها وكيف ال يكون كذلك‪ ،‬وهى ال تملك ألنفسها ًا‬
‫ضر وال‬
‫نفعا بعين مالك ضر ونفع فقد صرفت اإللهية إلى غير مستحقها‪.‬‬
‫ضر وال ً‬
‫نفعا‪ ،‬فإذا نظرت إلى ممن ال يملك لنفسه ًا‬
‫ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الفرقان (من اآلية ‪ 7‬الى اآلية ‪)7‬‬

‫ُنزَل ِإَل ْي ِه َمَل ٌك َفَي ُكو َن َم َع ُه َن ِذي اًر‬ ‫َسو ِ‬


‫اق َل ْوال أ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّ‬
‫ْك ُل الط َع َام َوَي ْمشي في األ ْ َ‬
‫الرس ِ‬
‫ول َيأ ُ‬ ‫ِ‬
‫َوَقاُلوْا َمال َهـٰ َذا َّ ُ‬
‫َسو ِ‬
‫اق} [اآلية‪.]7 :‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّ‬ ‫الرس ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ :‬‬
‫ْك ُل الط َع َام َوَي ْمشي في األ ْ َ‬
‫ول َيأ ُ‬ ‫{مال َهـٰ َذا َّ ُ‬
‫َ‬

‫قال جعفر‪ :‬غيروا الرسل بالتواضع واالنبساط‪ ،‬ولم يعلموا أن ذلك أتم لهيبتهم وأشد فى باب االحترام لهم‪ ،‬وذلك أنهم لم‬
‫الرس ِ‬
‫ول‬ ‫يشاهدوا منهم إال ظاهر الخلق ولو شاهدوا منهم خصائص االختصاص أللهاهم ذلك من قولهم‪ِ :‬‬
‫{مال َهـٰ َذا َّ ُ‬
‫َ‬
‫الط َعام وَيم ِشي ِفي األَسو ِ‬
‫اق}‪.‬‬ ‫ْكل َّ‬
‫َيأ ُ ُ‬
‫َْ‬ ‫َ َ ْ‬

‫سورة الفرقان (من اآلية ‪ 20‬الى اآلية ‪)20‬‬

‫صِب ُرو َن‬ ‫اق وجعْلَنا بعض ُكم لِبع ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ين ِإالَّ ِإَّن ُه ْم َلَيأ ُ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ف ْتَن ًة أَتَ ْ‬ ‫َس َو ِ َ َ َ َ ْ َ ْ َ ْ‬‫ْكُلو َن الط َع َام َوَي ْم ُشو َن في األ ْ‬ ‫َو َمآ أ َْرَسْلَنا َقْبَل َك م َن اْل ُم ْرَسل َ‬
‫صي اًر‬‫وَكان ربُّك ب ِ‬
‫َ َ َ َ َ‬
‫َسو ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ين ِإالَّ ِإَّن ُه ْم َلَيأ ُ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اق} [اآلية‪.]20 :‬‬ ‫ْكُلو َن الط َع َام َوَي ْم ُشو َن في األ ْ َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َمآ أ َْرَسْلَنا َقْبَل َك م َن اْل ُم ْرَسل َ‬

‫قال جعفر‪ :‬ذلك أن هللا لم يبعث رسوالً إال أباح ظاهره للخلق يأكلون معهم على شرط البشرية‪ ،‬ومنع سره على‬
‫مالحظاتهم واالنشغال بهم‪ ،‬ألن أسرار األنبياء فى القيمة ال يفارق المشاهدة بحال‪.‬‬

‫صِب ُرو َن} [اآلية‪.]20 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وجعْلَنا بعض ُكم لِبع ٍ ِ‬
‫ض ف ْتَن ًة أَتَ ْ‬ ‫َ ََ َْ َ ْ َْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال القاسم‪ :‬أى أتصبرون على نظر بعضكم الى بعض كأنه أمر باإلعراض عما جعل فى نظره فتنة له يدل عليه‬
‫قوله‪{ :‬الَ تَ ُمَّد َّن َع ْيَن ْي َك} [الحجر‪.]88 :‬‬

‫ض ِف ْتَن ًة}‪.‬‬
‫ض ُكم لَِب ْع ٍ‬
‫{و َج َعْلَنا َب ْع َ ْ‬
‫قال الحسين‪ :‬المحبة لخواص أوليائه‪ ،‬والفتنة لعامة الناس قال هللا تعالى‪َ :‬‬

‫قال الحسين‪ :‬وكسى كل شىء كسوة فاتنة ال ينفك منها إال من عصمه هللا وهو اضطرار فى األحوال ال اختيار فى‬
‫التلذذ بالشواهد واألعراض‪.‬‬

‫مفقودا إال لفتنة‪.‬‬


‫ً‬ ‫موجودا إال لفتنة وما أفقد‬
‫ً‬ ‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬ما أوجد‬

‫ض ِف ْتَن ًة}‪.‬‬
‫ض ُكم لَِب ْع ٍ‬
‫{و َج َعْلَنا َب ْع َ ْ‬
‫قال هللا تعالى‪َ :‬‬

‫ض ِف ْتَن ًة}‪.‬‬
‫ض ُكم لَِب ْع ٍ‬
‫{و َج َعْلَنا َب ْع َ ْ‬
‫قال أبو عثمان‪ :‬فى قوله‪َ :‬‬

‫قال‪ :‬فى الخلق فتنة من وجوه فأعظم الفتنة أن يشغلوك عن هللا ويتعلق قلبك بهم عند الفاقات والحاجات فهم‬
‫محتاجون مثلك إلى من هو كاشف الكرب‪ ،‬وقاضى الحاجات‪.‬‬

‫قال أبو صالح حمدون‪ :‬من اعتمد على شىء سوى هللا فهو عليه فتنة‪.‬‬

‫ئيسا بمصر فى موكبه بالمزنى وكان‬


‫سمعت الشيخ أبا الوليد يقول‪ :‬اختار محمد بن عبد هللا بن عبد الحكيم‪ ،‬وكان ر ً‬
‫فقير ونظر إليه وقال‪ :‬وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون‪ ،‬ثم قال‪ :‬نصبر يا رب ولك الحمد‪.‬‬ ‫ًا‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الفرقان (من اآلية ‪ 23‬الى اآلية ‪)23‬‬

‫آء َّمنثُو اًر‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫َوَقد ْمَنآ إَل ٰى َما َعمُلوْا م ْن َع َمل َف َج َعْلَناهُ َهَب ً‬

‫قال ابن عطاء رحمه هللا تعالى‪ :‬أطلعناهم على أعمالهم‪.‬‬

‫منثور‪.‬‬
‫ًا‬ ‫هباء‬
‫فطالعوها بعين الرضا فسقطوا عن أعيننا بذلك وجعلنا أعمالهم ً‬

‫سورة الفرقان (من اآلية ‪ 24‬الى اآلية ‪)24‬‬

‫َح َس ُن َمِقيالً‬ ‫ِ ٍِ‬


‫اب اْل َجَّنة َي ْو َمئذ َخ ْيٌر ُّم ْستََق اًر َوأ ْ‬
‫َص َح ُ‬
‫أْ‬

‫احا‪.‬‬
‫مستقر فى دار القرار مع ميعاد لقاء الجبار من غير خوف‪ ،‬وال زوال‪ ،‬وأحسن مقيالً استرو ً‬
‫ًا‬ ‫قال بعضهم‪ :‬خير‬

‫سورة الفرقان (من اآلية ‪ 26‬الى اآلية ‪)26‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ين َع ِسي اًر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍِ‬
‫ان َي ْوماً َعَلى اْل َكاف ِر َ‬
‫اْل ُمْل ُك َي ْو َمئذ اْل َح ُّق ل َّلر ْح َمـ ِٰن َوَك َ‬

‫قوله تعالى‪{ :‬اْل ُمْل ُك َي ْو َمِئ ٍذ اْل َح ُّق لِ َّلر ْح َمـ ِٰن} [اآلية‪.]26 :‬‬

‫ٍ‬
‫مستغن عما أبداه فى الملك من جميع المكونات ال يرضيه من حركات‬ ‫قال أبو سعيد الخراز‪ :‬حقيقة الملك لمن هو‬
‫العباد شىء جل وتعالى‪ ،‬وأنشد فى معناه قوله‪:‬‬

‫ما كان إبليس فى غايات إذالل‬ ‫لو كان يرضيه شىء من بريته‬

‫ما كان يسطخه سح اًر باختالل‬ ‫أو كان يسخطه من دونه سبب‬

‫وال قبول‪ ،‬وال رد على حـال‬ ‫فال رضا‪ ،‬وال سخط يليق به‬

‫أمر الشريعة إال خطـرة البـال‬ ‫إن الحقيقة أمر ليس يدركها‬

‫سورة الفرقان (من اآلية ‪ 28‬الى اآلية ‪)28‬‬

‫َٰي َوْيَلتَ ٰى َل ْيتَِني َل ْم أَتَّ ِخ ْذ ُفالَناً َخلِيالً‬

‫أسفا كما أخبر هللا عز وجل عن أهل النار بقوله‪:‬‬


‫ندما وال ً‬
‫قال بعضهم‪ :‬أصح الخلة‪ ،‬وأحسن المودة ما ال يورث ً‬
‫{َل ْيتَِني َل ْم أَتَّ ِخ ْذ ُفالَناً َخلِيالً}‪.‬‬

‫تجبر‬
‫قال أبو حفص‪ :‬الخلة إذا صحت أورثت صاحبها شفقة على خالنه‪ ،‬وطاعة لربه‪ ،‬وإذا لم تصح أورثت صاحبها ًا‬
‫وتكبر على إخوانه‪.‬‬
‫ًا‬

‫وقال أبو عثمان‪ :‬صحة الخلة ما ال تكون لطمع‪ ،‬وال لوقاية نفس وتكون لمؤاخاة الدين‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الفرقان (من اآلية ‪ 31‬الى اآلية ‪)31‬‬

‫وَك َذلِك جعْلنا لِ ُك ِل نِب ٍي عدواً ِمن اْلمج ِرِمين وَكَفى ِبربِك ه ِادياً ون ِ‬
‫صي اًر‬ ‫َ َُ َ ُ ْ َ َ ٰ َ َ َ َ َ‬ ‫َ َ ََ َ‬

‫{وَك َذلِ َك َج َعْلَنا لِ ُك ِل َنِب ٍي َع ُدواً} [اآلية‪.]31 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قوله جل ذكره‪{ :‬وَكَفى ِبربِك ه ِادياً ون ِ‬


‫صي اًر} [اآلية‪.]31 :‬‬ ‫َ ٰ َ َ َ ََ‬

‫ونصير عن رؤيته ليالً بتالشى العبد عند المشاهدة‪.‬‬


‫ًا‬ ‫هاديا إلى معرفته‪،‬‬
‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ً :‬‬

‫سورة الفرقان (من اآلية ‪ 43‬الى اآلية ‪)43‬‬

‫َنت تَ ُكو ُن َعَل ْي ِه َو ِكيالً‬


‫َرَْي َت َم ِن اتَّ َخ َذ ِإَلـ َٰه ُه َه َواهُ أََفأ َ‬
‫أ َأ‬

‫َرَْي َت َم ِن اتَّ َخ َذ ِإَلـ َٰه ُه} [اآلية‪.]43 :‬‬


‫قوله تعالى‪{ :‬أ َأ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال أبو سليمان‪ :‬من اتبع نفسه هواها فقد أشرك فى قتلها ألن حياتهما بالذكر‪ ،‬وموتها وقتلها بالغفلة وإذا غفل اتبع‬
‫الشهوات‪ ،‬وإذا اتبع الشهوات صار فى حكم األموات‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬النفس حية ما دامت تخالف هواها فإذا وافقت هواها ماتت‪ ،‬وموتها فى انهماكها فى المعاصى وإعراضها‬
‫قال ً‬
‫عن الطاعات‪.‬‬

‫سورة الفرقان (من اآلية ‪ 44‬الى اآلية ‪)44‬‬

‫َض ُّل َسِبيالً‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬


‫َن أَ ْكثَ َرُه ْم َي ْس َم ُعو َن أ َْو َي ْعقُلو َن ِإ ْن ُه ْم ِإال َكاأل َْن َعا ِم َب ْل ُه ْم أ َ‬
‫أ َْم تَ ْح َس ُب أ َّ‬

‫َن أَ ْكثَ َرُه ْم َي ْس َم ُعو َن أ َْو َي ْعِقُلو َن} [اآلية‪.]44 :‬‬


‫قوله تعالى‪{ :‬أ َْم تَ ْح َس ُب أ َّ‬

‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬ال تظن أنك تسمع بندائك إنما يسمعهم نداء األزل فمن لم يسمع نداء األزل فإن نداءك له‪،‬‬
‫شيئا إجابتهم دعوتك‪ ،‬هو بركة جواب نداء األزل ودعوته‪ ،‬فمن غفل أو أعرض فإنما هو لبعده‬
‫ودعوتك ال تغني عنه ً‬
‫عن محل الجواب فى القدم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الفرقان (من اآلية ‪ 45‬الى اآلية ‪)45‬‬

‫الش ْم َس َعَل ْي ِه َدلِيالً‬


‫اكناً ثُ َّم َج َعْلَنا َّ‬
‫َ ْ َ ََ ُ َ‬
‫أََلم تَر ِإَلى ربِك َكيف مَّد ِ‬
‫الظ َّل وَلو َشآء َلجعَله س ِ‬
‫ْ َ ٰ َ َ َْ َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬أََلم تَر ِإَلى ربِك َكيف مَّد ِ‬
‫الظ َّل} [اآلية‪.]45 :‬‬ ‫ْ َ ٰ َ َ َْ َ‬

‫قال الواسطى‪ :‬أثبت للعامة المخلوق فأثبتوا به الخالق‪ ،‬وأثبت للخاصة الخالق فأثبتوا به المخلوق‪ ،‬ومخاطبة العوام {أََل ْم‬
‫ف ُخلَِق ْت} [الغاشية‪ ]17 :‬ومخاطبة الخاصة {أََل ْم تََر‬
‫اإلْب ِل َك ْي َ‬ ‫َّللاَ ُي ْزِجي َس َحاباً}‪[،‬النور‪{ ]43 :‬أََفالَ َين ُ‬
‫ظ ُرو َن ِإَلى ِ‬ ‫تَ َر أ َّ‬
‫َن َّ‬
‫ِإَلى ربِك َكيف مَّد ِ‬
‫الظ َّل}‪.‬‬ ‫ٰ َ َ َْ َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬قال لنبينا محمد {أََلم تَر ِإَلى ربِك َكيف مَّد ِ‬
‫الظ َّل} ظل العصمة قبل أن أرسلك الى الخلق‪ ،‬ولو شاء‬ ‫ْ َ ٰ َ َ َْ َ‬
‫يسير‬
‫قبضا ًا‬
‫لجعله ساكناً أى‪ :‬جعلك مهمالً ولم يفعل بل جعل الشمس التى طلعت من صدرك دليالً ثم قبضناه إلينا ً‬
‫هذا خطاب من أسقط عنه الرسوم‪ ،‬والوسائط‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪{ :‬أََلم تَر ِإَلى ربِك َكيف مَّد ِ‬


‫الظ َّل}‪ ،‬قال‪ :‬كيف حجب الخلق عنه؟ ومد عليهم ستور الغفلة وحجبها‪.‬‬ ‫ْ َ ٰ َ َ َْ َ‬

‫الش ْم َس َعَل ْي ِه َدلِيالً} [اآلية‪.]45 :‬‬


‫قوله تعالى‪{ :‬ثُ َّم َج َعْلَنا َّ‬

‫قال‪ :‬شموس المعرفة هى دالئل القلب إلى هللا‪.‬‬

‫سورة الفرقان (من اآلية ‪ 48‬الى اآلية ‪)49‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ط ُهو اًر * لُِن ْحِيـي ِب ِه َبْل َد ًة َّم ْيتاً َوُن ْسِقَي ُه ِم َّما َخَلْقَنآ‬
‫آء َ‬ ‫َنزلنا ِمن َّ ِ‬
‫الس َمآء َم ً‬
‫ِِ‬
‫اح ُب ْش َاًر َب ْي َن َي َد ْي َر ْح َمته َوأ َ ْ َ َ‬ ‫َو ُه َو َّال ِذي أ َْرَس َل ِ‬
‫الرَي َ‬
‫َ‬
‫اس َّي َكِثي اًر‬
‫أ َْنعاماً وأَن ِ‬
‫َ ََ‬

‫اح ُب ْش َرى َب ْي َن َي َد ْي َر ْح َمِت ِه} [اآلية‪.]48 :‬‬ ‫{و ُه َو َّال ِذي أ َْرَس َل ِ‬
‫الرَي َ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬يرسل رياح الندم بين يدى التوبة‪.‬‬

‫يحا فيكنسه من المخالفات‪ ،‬وأنواع الكدورات ويصفيه‬ ‫وقال أبو بكر بن طاهر‪ :‬إن هللا جل جالله يرسل إلى القب ر ً‬
‫لقبول الموارد عليه‪ ،‬فإذا صادف القلب تلك الريح وتنسم نسيمها اشتاق إلى الزوائد من فنون الموارد فيكرمه هللا‬
‫اح ُب ْش َرى َب ْي َن َي َد ْي َر ْح َمِت ِه}‪.‬‬ ‫{و ُه َو َّال ِذي أ َْرَس َل ِ‬
‫الرَي َ‬ ‫بالمعرفة ويزينه باإليمان أال ت اره يقول‪َ :‬‬

‫ط ُهو اًر} [اآلية‪.]48 :‬‬


‫آء َ‬ ‫َنزلنا ِمن َّ ِ‬
‫الس َمآء َم ً‬ ‫{وأ َ ْ َ َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬طهر قلوبهم ببركاته عن المخالفات‪ ،‬وطهر أبدانهم بظاهر رحمته من جميع األنجاس‪.‬‬

‫قال النصرآباذى‪ :‬هو الرش الذي يرش من حياة المحبة على قلوب العارفين فتخير به نفوسهم بأمانة الطبع فيها ثم‬
‫إماما للخلق تفيض بركاته عليهم فتصيب بركات نور قلبه كل شىء من ذوات األرواح‪.‬‬
‫يجعل قلبه ً‬

‫{وُن ْسِقَي ُه ِم َّما َخَلْقَنآ أ َْن َعاماً َوأََنا ِس َّي َكِثي اًر} [اآلية‪.]49 :‬‬
‫قال هللا عز وجل‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الفرقان (من اآلية ‪ 53‬الى اآلية ‪)53‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اج َو َج َع َل َب ْيَن ُه َما َب ْرَزخاً َو ِح ْج اًر َّم ْح ُجو اًر‬
‫ُج ٌ‬ ‫َو ُه َو َّالذي َم َرَج اْلَب ْح َرْي ِن َهـٰ َذا َع ْذ ٌب ُف َر ٌ‬
‫ات َو َهـٰ َذا مْل ٌح أ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اج} [اآلية‪.]53 :‬‬
‫ُج ٌ‬ ‫{و ُه َو َّالذي َم َرَج اْلَب ْح َرْي ِن َهـٰ َذا َع ْذ ٌب ُف َر ٌ‬
‫ات َو َهـٰ َذا مْل ٌح أ َ‬ ‫قوله جل جالله‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬تالطمت الصفتان فتالقيا فى قلوب الخلق‪ ،‬وقلوب أهل‬

‫المعرفة منورة بأنوار الهداية وضيئة بضياء اإلقبال‪ ،‬وقلوب أهل النكرة مظلمة بظلمات المخالفات ومعرضة عن سنن‬
‫التوفيق وبينهما قلوب وهى قلوب العامة ليس لها علم بما يرد عليها‪ ،‬ما يصدر منها ليس معها خطاب‪ ،‬وال لها‬
‫جواب‪.‬‬

‫وقال بعض السلف‪ :‬قلوب األبرار تغلى بالبر وقلوب الفجار تغلى بالفجور‪.‬‬

‫سورة الفرقان (من اآلية ‪ 54‬الى اآلية ‪)54‬‬

‫ُّك َق ِدي اًر‬


‫ان َرب َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫َو ُه َو الذي َخَل َق م َن اْل َمآء َب َش اًر َف َج َعَل ُه َن َسباً َوص ْه اًر َوَك َ‬
‫قوله جل جالله‪{ :‬وهو َّال ِذي خَلق ِمن اْلم ِآء ب َش اًر َفجعَله نسباً و ِ‬
‫ص ْه اًر} [اآلية‪.]54 :‬‬ ‫ََ ُ ََ َ‬ ‫َ َ َ َ َ‬ ‫َ َُ‬

‫قال أبو عمر‪ :‬والبخارى فى هذه اآلية‪ :‬معناه خلقه للنفس وما خص به‪ ،‬والنفس مطية مأمورة عليه ركب من اشتاق‬
‫إلى الجنة‪ ،‬وعليها ركب من هرب من النار فعليك برياضتها فإنك عليها تعبر صراطك المستقيم فرضها رياضة حاذق‬
‫فى فروسيتها كيال تحزن عند الطاعة وال يحتج عند الموافقة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الفرقان (من اآلية ‪ 58‬الى اآلية ‪)58‬‬

‫وت وسِب ْح ِبحم ِدِه وَكَف ٰى ِب ِه ِب ُذُن ِ‬


‫وب ِعَب ِادِه َخِبي اًر‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ‬
‫َْ َ‬ ‫َوتََوك ْل َعَلى اْل َح ِي الذي الَ َي ُم ُ َ َ‬
‫َّ ِ‬
‫{وتََوَّك ْل َعَلى اْل َح ِي الذي الَ َي ُم ُ‬
‫وت} [اآلية‪.]58 :‬‬ ‫قوله جل جالله‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬التوكل استيالء الوجد على اإلشارة‪ ،‬وحذف التشرف إلى اإلرفاق حتى تبتدأ‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الدنيا فانية واآلخرة باقية‪ ،‬واألرزاق مفروغ منها فعلى ماذا أتوكل إنما توكلى عليه بأن ال يعذبنى وال‬
‫يبعدنى من قربه‪.‬‬

‫قال أبو موسى الديبلى‪ :‬التوكل هو أن يستوى عندك البادية‪ ،‬وباب الطاق‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬التوكل أن تكون مثل الطفل ال يعرف ً‬


‫شيئا يأوى إليه‪ ،‬وال يرى إال أمه كذلك المتوكل يجب أال يرى‬
‫لنفسه مأوى إال هللا‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬االعتماد على الغنى غايته الفقر واالعتماد على القوة آخره الضعف‪ ،‬واالعتماد على الخلق هو طريق‬
‫الخذالن‪ ،‬ومن اعتمد سوى ربه وتوكله على غيره‪ ،‬فقد ضيَّع وقته‪ ،‬وخاب سعيه ألنه الحى الذى ال يجرى عليه فتور‬
‫َّ ِ‬
‫{وتََوَّك ْل َعَلى اْل َح ِي الذي الَ َي ُم ُ‬
‫وت}‪.‬‬ ‫العوارض دعاك إليه باللطف دعوة فقال‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬من توكل على هللا لعلة غير هللا فلم يتوكل على هللا‪.‬‬

‫سمعت أبا الطيب الشيرازى يقول‪ :‬سمعت أبا الطيب الطمانى يقول‪ :‬اختلف الناس فى التوكل فوقع لى أنه الكف عن‬
‫األعيان فى السر والعالنية والسكون الى الحرة بال واسطة‪.‬‬

‫وسمعت محمد بن الحسين يقول‪ :‬سمعت جعفر بن محمد الخلدى يقول‪ :‬سمعت أبا محمد الجويدى يقول‪ :‬سمعت‬
‫سهل بن عبد هللا يقول‪ :‬م ن طعن على االكتساب فقد طعن على السنة ومن طعن على التوكل فقد طعن على‬
‫اإليمان‪.‬‬

‫سمعت الحسين بن يحيى يقول‪ :‬سأل رجل ابن سالم أنحن مستعبدون بالكسب سنته وإنما َّ‬
‫سن لهم الكسب لضعفهم‬
‫حين أسقطوا عن درجه التوكل الذى هو حاله فلما سقطوا عنه لم يسقطهم عن درجة طلب المعاش بالمكاسب التى هو‬
‫سنته‪ ،‬ولوال ذلك لهلكوا‪.‬‬

‫سمعت محمد بن عبد هللا الرازى يقول‪ :‬سمعت أبا على المروزبارى يقول‪ :‬التوكل على ثالث درجات األول‪ :‬منها إذا‬
‫احد‪ ،‬والثالث‪ :‬المنع مع الشكر أحب إليهم من اختيارهم‪.‬‬
‫أعطى شكر‪ ،‬وإذا منع صبر‪ ،‬والثانى المنع والعطاء عندهم و ٌ‬

‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا عثمان اآلدمى يقول‪ :‬سمعت إبراهيم الخواص يقول‪ :‬ال ينبغى للصوفى‬
‫مغلوبا قد أغبنه الحال عن المكاسب‪ ،‬وأما ما كانت الحاجات فيه‬
‫ً‬ ‫أن يتعرض للقعود عن الكسب إال أن يكون رجالً‬
‫قائمة‪ ،‬ولم يقع له عروق يحول بينه وبين التكلف فالعمل أولى به والكسب أحل له‪ ،‬وأبلغ ألن القعود ال يصلح لمن لم‬
‫يستغن عن التكلف‪.‬‬

‫سمعت عبد هللا بن على يقول‪ :‬سمعت أحمد بن عطاء يقول‪ :‬قال خالى‪ :‬ليس التوكل لزوم الكسب وال تركه‪ ،‬إنما‬
‫التوكل طمأنينة فى القلب‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سمعت أبا الحسين الفارس يقول‪ :‬سمعت إبراهيم القائد يقول‪ :‬سئل رويم‪ :‬عن التوكل؟ فقال‪ :‬الثقة باهلل فى كل ما‬
‫ضمن‪.‬‬

‫سر‬
‫سمعت محمد بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا عبد هللا القرشى يقول‪ :‬المتوكل من رضى باهلل كفيالً فاطمأن إليه ًا‬
‫وجهر‪.‬‬
‫ًا‬

‫سمعت عبد هللا بن على يقول‪ :‬سمعت محمد بن عبد هللا الفرغانى يقول سمعت أبا جعفر الحداد يقول‪ :‬مكثت تسع‬
‫عشرة سنة أعتقد التوكل‪ ،‬وأنا أعمل فى السوق وآخذ كل يوم أجرتى وال أستريح منها الى شربة ماء‪ ،‬وال إلى دخلة‬
‫حمام أتنظف بها وكنت أجنى أجرتى إلى الفقراء فأواسيهم بها فى الشويزيه‪ ،‬وغيرها وأكون أنا على حالى‪.‬‬

‫سورة الفرقان (من اآلية ‪ 59‬الى اآلية ‪)59‬‬

‫الر ْح َمـ ُٰن َف ْسَئ ْل ِب ِه َخِبي اًر‬ ‫استَو ٰى َعَلى اْل َع ْر ِ‬


‫ش َّ‬ ‫ِ ِ َّ ِ‬ ‫َّال ِذي خَلق َّ ِ‬
‫الس َٰم َٰوت َواأل َْر َ‬
‫ض َو َما َب ْيَن ُه َما في ستة أَيَّا ٍم ثُ َّم ْ َ‬ ‫َ َ‬

‫قوله عز وجل‪َ { :‬ف ْسَئ ْل ِب ِه َخِبي اًر} [اآلية‪.]59 :‬‬

‫قال الحسين‪ :‬هم الذين أقامهم هللا فى البالد أدلة للعباد منهم من يدل على سبيل الحق‪ ،‬ومنهم من يدل على آداب‬
‫سبيل الحق ومنهم من يدل على شربة اإليمان ومنهم من يدل على الحق‪ ،‬وهو الدليل على الحقيقة ألن الكل‬
‫ونظر به ألنه أوى العلم‬
‫ًا‬ ‫ٍ‬
‫مستغن عنهم يرجعون إليه فى السؤال‪ ،‬وال يسئل هو أحد كالخضر‬ ‫محتاجون إليه‪ ،‬وهو‬
‫اللدنى‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الفرقان (من اآلية ‪ 61‬الى اآلية ‪)61‬‬

‫يها ِس َراجاً َوَق َم اًر ُّمِني اًر‬ ‫ِ‬ ‫تَبارك َّال ِذي جعل ِفي َّ ِ‬
‫الس َمآء ُب ُروجاً َو َج َع َل ف َ‬ ‫ََ َ‬ ‫ََ َ‬

‫ك َّال ِذي َج َع َل ِفي َّ‬


‫الس َم ِآء ُب ُروجاً} [اآلية‪.]61 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬تََب َار َ‬

‫قال محمد بن الفضل‪ :‬فى كتاب رياضة النفس ما أعطى من خزائن األرض‪ ،‬وما أرى منها زويت لى األرض أتيت‬
‫بمفاتيح خزائن األرض‪ ،‬وهذه مفاتيح الدنيا وهو على معنيين أحدهما‪ :‬عرض عليه الحياة فيها إلى يوم القيامة‪ .‬فقال‪:‬‬
‫يوما‪.‬‬
‫يوما‪ ،‬وأجوع ً‬
‫"الرفيق األعلى" واآلخرة أن مشيئته فيها نافذة يحكم فيها بما شاء فقال‪ :‬بل أبيت عند ربى أشبع ً‬

‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم األسكندرانى يقول‪ :‬سمعت أبا جعفر الملطى عن على بن موسى‬
‫ك َّال ِذي َج َع َل ِفي َّ‬
‫الس َم ِآء ُب ُروجاً} قال‪ :‬سمى السماء‬ ‫الرضا عن أبيه عن جعفر بن محمد رحمه هللا فى قوله‪{ :‬تََب َار َ‬
‫سماء لرفعتها والقلب سماء ألنه يسمو باإليمان‪ ،‬والمعرفة‪ ،‬بال حد‪ ،‬وال نهاية كما أن المعروف ال حد له كذلك المعرفة‬
‫به ال حد لها‪ ،‬وبروج السماء مجارى الشمس والقمر وهى‪ :‬الحمل‪ ،‬والثور‪ ،‬والجوزاء‪ ،‬والسرطان‪ ،‬واألسد‪ ،‬والسنبلة‪،‬‬
‫والميزان‪ ،‬والعقرب‪ ،‬والقوس‪ ،‬والجدى‪ ،‬والدلو‪ ،‬والحوت‪ ،‬وفى القلب بروج وهو برج اإليمان‪ ،‬وبرج المعرفة‪ ،‬وبرج العقل‪،‬‬
‫وبرج اليقين‪ ،‬وبرج اإلسالم‪ ،‬وبرج اإلحسان‪ ،‬وبرج التوكل‪ ،‬وبرج الخوف‪ ،‬وبرج الرجاء‪ ،‬وبرج المحبة‪ ،‬وبرج الشوق‪،‬‬
‫برجا من الحمل والثور إلى آخر العدد‬
‫وبرج الوله‪ ،‬فهذه اثنا عشر برًجا بها دوام صالح القلب كما أن االثنى عشر ً‬
‫صالح الدار الفانية وأهلها‪.‬‬

‫يها ِس َراجاً َوَق َم اًر ُّمِني اًر} [اآلية‪.]61 :‬‬ ‫ِ‬


‫{و َج َع َل ف َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫فى السماء سراج الشمس‪ ،‬ونور القمر‪ ،‬وفى القلب سراج اإليمان واألقدار بالوحدانية والفردانية‪ ،‬والصمدانية‪ ،‬وقمر‬
‫المعرفة يشرق بأنوار األزلية واألبدية مثالً ألنوار المعرفة وإيمانه على لسانه بالذكر وعلى عينه العزة‪ ،‬وعلى جوارحه‬
‫بالطاعة والخوف وتلك األنوار من تمام تولية هللا للعبد فى األحوال كلها‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الفرقان (من اآلية ‪ 62‬الى اآلية ‪)62‬‬

‫الن َه َار ِخْلَف ًة ِل َم ْن أ ََرَاد أَن َي َّذ َّك َر أ َْو أ ََرَاد ُش ُكو اًر‬
‫يل َو َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ ِ‬
‫َو ُه َو الذي َج َع َل ال َ‬

‫الن َه َار ِخْلَف ًة} [اآلية‪.]62 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وهو َّال ِذي جعل َّ‬
‫اللْي َل َو َّ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ َُ‬

‫قال بعضهم‪ :‬خليفة يخلف أحدهما صاحبه لمن أراد خدمة ربه وعبادته‪.‬‬

‫سورة الفرقان (من اآلية ‪ 63‬الى اآلية ‪)63‬‬

‫طبهم الج ِ‬ ‫ين َي ْم ُشو َن َعَل ٰى األ َْر ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َو ِعَب ُاد َّ‬
‫اهُلو َن َقاُلوْا َسالَماً‬ ‫ض َه ْوناً َوإِ َذا َخا َ َ ُ ُ َ‬ ‫الر ْح َمـ ِٰن الذ َ‬

‫ين َي ْم ُشو َن َعَل ٰى األ َْر ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫{و ِعَب ُاد َّ‬
‫ض َه ْوناً} [اآلية‪.]63 :‬‬ ‫الر ْح َمـ ِٰن الذ َ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬عباد صفة مهملة وعبادى صفة الحقيقة‪ ،‬وعباد الرحمن صفة حقيقة الحقيقة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬هم الخواص من العباد إلضافة الحق إياهم إلى اسمه الخاص‪ ،‬وهو الرحمن أعلمك بهذا أنه‬
‫خصهم من بين عباده بخصائص الوالية من عبده وهو أن رزقهم الشفقة على عامة عباده وزينهم باألخالق الشريفة‬
‫{وإَِّن َك َل َعَل ٰى ُخُل ٍق َع ِظيمٍ} [القلم‪.]4 :‬‬
‫التى هى نتائج أخالق المصطفى صلى هللا عليه وسلم بقوله‪َ :‬‬

‫سئل عند ذلك فقال‪ :‬أن تصل من قطعك‪ ،‬وتعطى من حرمك وتعفو عن من ظلمك‪ ،‬وتحسن إلى من أساء إليك هكذا‬
‫{ي ْم ُشو َن َعَل ٰى األ َْر ِ‬
‫ض َه ْوناً} الى آخر القصة‪.‬‬ ‫وصف هللا عز وجل هؤالء الخواص من عباده بقوله‪َ :‬‬

‫قال جعفر‪ :‬الذى يمشون على األرض ً‬


‫هونا بغير فخر وال خيالء‪ ،‬وال تبختر بل بتواضع‪ ،‬وسكينة‪ ،‬ووقار وطمأنينة‪،‬‬
‫وحسن خلق‪ ،‬وبشر وجه كما وصف النبى صلى هللا عليه وسلم المؤمنين فقال‪" :‬هينون لينون كالجمل‪ ،‬األنف‪ ،‬إن قيد‬
‫انقاد وأن انتُخ على صخرة استناخ" وذلك لما طالعوا من تعظيم الحق وهيبته وشاهدوا من كبريائه وجالله خشعت لذلك‬
‫أرواحهم‪ ،‬وخضعت نفوسهم وألزمهم ذلك التواضع والتخشع‪.‬‬

‫قال سهل فى قوله‪َ { :‬قاُلوْا َسالَماً} قال‪ :‬صو ًابا من القول والسداد‪.‬‬

‫قال أبو حفص النيسابورى فى قوله‪َ { :‬قاُلوْا َسالَماً} قال‪ :‬لم ينتقموا ألنفسهم فسلموا من غلبة الشيطان‪.‬‬

‫قال الحسن البصرى‪ :‬هذا دأبهم فى النهار فإذا جاء الليل يكون دأبهم ما وصف هللا عز وجل فى عقب هذه اآلية‪.‬‬

‫ين َي ْم ُشو َن َعَل ٰى األ َْر ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫{و ِعَب ُاد َّ‬
‫ض َه ْوناً} قال‪ :‬هم العباد ليس للعدو عليهم‬ ‫الر ْح َمـ ِٰن الذ َ‬ ‫قال الجنيد رحمه هللا فى قوله‪َ :‬‬
‫سلطان فالعبد إذا صح اسمه فهو لمواله وهللا ال ُيتم إال بتمام الصورة فيه ولباس الملك عليه‪.‬‬

‫حب هللا لذتهم‪ ،‬وإلى هللا‬


‫قال بعضهم‪ :‬صفة هؤالء العباد وحليتهم ومواله الفقر والعقل‪ ،‬وأمتهم وطاعة هللا حالوتهم‪ُّ ،‬‬
‫حاجتهم‪ ،‬والتقوى زادهم‪ ،‬ومع هللا تجارتهم‪ ،‬وعليه اعتمادهم وبه أنسهم وعليه توكلهم‪ ،‬والجوع طعامهم‪ ،‬والزهد ثمارهم‪،‬‬
‫وحسن الخلق لباسهم‪ ،‬وطالقة الوجه حليتهم‪ ،‬وسخاوة النفس حرفتهم وحسن المعاشرة صحبتهم‪ ،‬والعلم قائدهم‪ ،‬والصبر‬
‫سائقهم‪ ،‬والهدى مركبهم‪ ،‬والقرآن حديثهم والشكر زينتهم والذكر مهمتهم‪ ،‬والرضا راحتهم‪ ،‬والقناعة مالهم‪ ،‬والعبادة‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫كسبهم‪ ،‬والشيطان عدوهم والدنيا مزابلهم‪ ،‬والحياء قميصهم‪ ،‬والخوف سجينهم‪ ،‬والنهار عزتهم‪ ،‬والليل فكرتهم‪ ،‬والحكمة‬
‫سبقهم‪ ،‬والحق حارسهم‪ ،‬والحياة مرحلتهم‪ ،‬والموت منزلهم‪ ،‬والقبر حصنهم‪ ،‬والفردوس مسكنهم‪ ،‬والنظر الى رب‬
‫ين َي ْم ُشو َن َعَل ٰى األ َْر ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫{و ِعَب ُاد َّ‬
‫ض َه ْوناً}‪.‬‬ ‫الر ْح َمـ ِٰن الذ َ‬ ‫العالمين منيتهم‪ ،‬وهم خواص عباده الذين قال هللا عز من قائل‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬قرن اسم العبودية باسمه‪ ،‬وقرن بسمت العبودية ضوء الخليقة وأزكاها فكان حسن الخلق درجات وصدق‬
‫المكابدة عبادات‪ ،‬واألخالق للعبيد‪ ،‬واالجتهاد للعباد قرينه‪ ،‬والعبودية أشرف وأقرب وأروح وجلية العباد أكدوا (‪)......‬‬
‫محل البدن‪ ،‬ومحل العبودية محل الروح‪ ،‬والعبادة إقامة األمر‪ ،‬والعبودية الرضا بالحكم وعبادة األحوال عبوديتة‪،‬‬
‫وعبادة األوقات عبادة‪ ،‬فالعبادة أصل‪ ،‬والعبودية فرع ومرتبة العبودية أقوم من مرتبة النبوة‪ ،‬أال ترى النبى صلى هللا‬
‫معا‪ ،‬والعبادة بدنها‪ ،‬والعبودية روحها‪،‬‬
‫عليه وسلم قال فى التشهد عبده ثم قال‪ :‬ورسوله والشريعة مشتملة عليهما ً‬
‫والعبادة مجاهدة‪ ،‬والعبودية هداية‪.‬‬

‫سورة الفرقان (من اآلية ‪ 64‬الى اآلية ‪)64‬‬

‫ين ِيِبيتُو َن لِ َرب ِِه ْم ُس َّجداً َوِقَياماً‬ ‫َّ ِ‬


‫َوالذ َ‬

‫وتحببا إليه كما قال النبى صلى هللا عليه‬


‫ً‬ ‫قال أبو عثمان‪ :‬أقتوا أوقاتهم فى الخدمة تلذ ًذا فى المناجاة‪ ،‬وتقرًبا الى هللا‪،‬‬
‫الى عبدى بمثل أداء ما افترضت عليه‬ ‫حاكيا عن ربه‪" :‬ما تقرب َّ‬
‫وسلم ً‬

‫إلى بالنوافل حتى أحبه‪ "...‬الحديث‪.‬‬


‫وال يزال عبدى يتقرب َّ‬

‫قال بعضهم‪ :‬يستغنمون الخلوة فى الليالى‪ ،‬والذكر عند غفلة الخلق بالنهار‪.‬‬

‫قال الحسن البصرى‪ :‬نهارهم فى خشوع‪ ،‬وليلهم فى خضوع‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الفرقان (من اآلية ‪ 65‬الى اآلية ‪)65‬‬

‫َّ ِ‬
‫اب َج َهَّن َم ِإ َّن َع َذ َاب َها َك َ‬
‫ان َغ َراماً‬ ‫ف َعَّنا َع َذ َ‬
‫اص ِر ْ‬
‫ين َيُقوُلو َن َربََّنا ْ‬
‫َوالذ َ‬

‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن َع َذ َاب َها َك َ‬


‫ان َغ َراماً} [اآلية‪.]65 :‬‬

‫قال الحسن البصرى‪ :‬كل شىء يفارق صاحبه فليس بغرام إنما الغرام ما يلزم فال يفارقه‪.‬‬

‫قال بعضهم خلت منهم شكر نعمه‪ ،‬فلم يجده عندهم‪ ،‬فأغرمهم فأدخلهم النار‪.‬‬

‫سورة الفرقان (من اآلية ‪ 67‬الى اآلية ‪)67‬‬

‫ان َب ْي َن َذلِ َك َق َواماً‬ ‫ين ِإ َذآ أ َ‬ ‫َّ ِ‬


‫َنفُقوْا َل ْم ُي ْس ِرُفوْا َوَل ْم َيْقتُُروْا َوَك َ‬ ‫َوالذ َ‬

‫ين ِإ َذآ أ َ‬
‫َنفُقوْا َل ْم ُي ْس ِرُفوْا َوَل ْم َيْقتُُروْا} [اآلية‪.]67 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ َّ :‬‬
‫{والذ َ‬‫َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الترمذى‪ :‬اإلسراف فى النفقة البذل فى وجوه المعاصى واإلقتار هو منعها عن وجوه الطاعات‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬اإلسراف فى النفقة تعظيم المنفق نفقته واإلقتار فيه االمتنان به على من ينفق عليه‪.‬‬

‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬اإلسراف فى النفقة إنفاق فى غير مرضاة هللا واإلقتار اإلمساك عن واجب حق هللا‪.‬‬

‫سورة الفرقان (من اآلية ‪ 70‬الى اآلية ‪)70‬‬

‫َّللاُ َغُفو اًر َّرِحيم ًا‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫صالِحاً َفأ ُْوَلـِٰئ َك ُيَب ِد ُل َّ‬
‫َّللاُ َسِيَئات ِه ْم َح َسَنات َوَك َ‬
‫ان َّ‬ ‫ِ‬
‫آم َن َو َعم َل َع َمالً َ‬
‫َّ‬
‫ِإال َمن تَ َ‬
‫اب َو َ‬

‫صالِحاً} [اآلية‪.]70 :‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬


‫آم َن َو َعم َل َع َمالً َ‬ ‫قوله جل جالله‪ِ{ :‬إال َمن تَ َ‬
‫اب َو َ‬

‫قال سهل بن عبد هللا‪ :‬التوبة هى الندامة أوالً واإلقالع والتحويل من الحركات المذمومة إلى الحركات المحمودة‪ ،‬وال‬
‫تصح التوبة له حتى يلزم نفسه الصمت وحتى يلزم نفسه الخلوة‪ ،‬وال تصح له الخلوة إال بأكل الحالل وال يصح أكل‬
‫الحالل إال بأداء حق هللا‪ ،‬وال يصح له أداء حق هللا إال بحفظ الجوارح‪ ،‬وال يصح له ما وصفنا حتى نستعين باهلل على‬
‫كثير من المباح مخافة أن يخرج الى غيره‪.‬‬ ‫ذلك كله‪ .‬وقال‪ :‬ال تصح التوبة ٍ‬
‫ألحد حتى يدع ًا‬

‫وقال ُنبان الحمال‪ :‬التوبة على وجهين‪ :‬توبة العوام من الذنوب وتوبة الخواص من الغفلة‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬التوبة الرجوع من كل ُخُل ٍق مذموم إلى كل ُخُل ٍق محمود‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال طاهر المقدى‪ :‬التوبة أن تتوب من كل شىء سوى هللا‪.‬‬

‫قال القاسم‪ :‬التوبة أن تتوب إليه من جميع المخالفات ثم ال تعود إليها بحال‪ .‬وتقبل على هللا بالكلية كما كنت عنه‬
‫معرضا بالكلية‪.‬‬
‫ً‬

‫سورة الفرقان (من اآلية ‪ 71‬الى اآلية ‪)71‬‬

‫َّللاِ َمتاب ًا‬


‫وب ِإَلى َّ‬ ‫ومن تَاب وع ِمل ِ‬
‫صالحاً َفِإَّن ُه َيتُ ُ‬
‫َ ََ َ َ‬ ‫ََ‬

‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬من صحح توبته بالعمل الصالح قبلت توبته‪.‬‬

‫وباطنا إليه دون غيره حينئذ يكون ً‬


‫تائبا‬ ‫ً‬ ‫ظاهر‬
‫ًا‬ ‫قال جعفر‪ :‬لم يرجع إلى الحق من رجع الى سواه حتى يكون رجوعه‬
‫إليه‪.‬‬

‫قال نبان الحمال‪ :‬شتان بين تائب يتوب من الذنوب‪ ،‬وتائب يتوب من َّ‬
‫الزلل والغفالت‪ ،‬وتائب يتوب من رؤية‬
‫الحسنات‪.‬‬

‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬التوبة الرجوع من كل ما ذمه العلم الى ما مدحه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الفرقان (من اآلية ‪ 72‬الى اآلية ‪)72‬‬

‫الل ْغ ِو َمُّروا ِكراماً‬


‫الزور وِإ َذا مُّروْا ِب َّ‬
‫ين الَ َي ْش َه ُدو َن ُّ‬ ‫َّ ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫َوالذ َ‬

‫ور} [اآلية‪.]72 :‬‬ ‫ين الَ َي ْش َه ُدو َن ُّ‬ ‫قال تعالى‪ِ َّ :‬‬
‫الز َ‬ ‫{والذ َ‬‫َ‬

‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬هو الشهادة باللسان من غير مشاهدة القلب‪.‬‬

‫قال جعفر‪ :‬الزور أمانى النفس ومتابعة هواها‪.‬‬

‫قال سهل‪ :‬مجالسة المبتدعين‪.‬‬

‫ور} فقال‪ :‬ال يخالطون المدعين‪.‬‬ ‫ين الَ َي ْش َه ُدو َن ُّ‬ ‫قال أبو عثمان‪ :‬فيما سأله عنه أحمد بن حمدان عن قوله‪ِ َّ :‬‬
‫الز َ‬ ‫{والذ َ‬‫َ‬

‫ور} قال‪ :‬مشهد الزور كل مشهد ليس لك فيه زيادة فى دينك أو فى‬ ‫ين الَ َي ْش َه ُدو َن ُّ‬ ‫وقال بعضهم فى قوله‪ِ َّ :‬‬
‫الز َ‬ ‫{والذ َ‬‫َ‬
‫قربه الى ربك‪.‬‬

‫سورة الفرقان (من اآلية ‪ 73‬الى اآلية ‪)73‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ‬ ‫و َّال ِذ َ ِ ِ ِ ِ ِ‬
‫ين إ َذا ُذك ُروْا ب َآيات َربِه ْم َل ْم َيخُّروْا َعَل ْي َها ُ‬
‫صماً َو ُع ْمَياناً‬ ‫َ‬

‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬لم ينكروها‪ ،‬ولم يعرضوا عنها بل أقبلوا على أوامرها بالسمع والطاعة‪ ،‬وهمة عالية‪.‬‬

‫سورة الفرقان (من اآلية ‪ 74‬الى اآلية ‪)74‬‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬


‫ين ِإ َمام ًا‬
‫اج َعْلَنا لْل ُمتَّق َ‬ ‫ين َيُقوُلو َن َربََّنا َه ْب َلَنا م ْن أ َْزَوا ِجَنا َوُذ ِريَّاتَنا ُقَّرَة أ ْ‬
‫َعُي ٍن َو ْ‬ ‫َوالذ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ َّ :‬‬
‫ين َيُقوُلو َن َربََّنا َه ْب َلَنا م ْن أ َْزَوا ِجَنا َوُذ ِريَّاتَنا ُقَّرَة أ ْ‬
‫َعُي ٍن}‪.‬‬ ‫{والذ َ‬‫َ‬

‫قال جعفر‪ :‬هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين معاونة على طاعتك ومن أوالدنا برهم حتى تقر أعيننا بهم‪.‬‬

‫ين ِإ َماماً} [اآلية‪.]74 :‬‬ ‫ِ ِ‬


‫اج َعْلَنا لْل ُمتَّق َ‬
‫{و ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫{وَي ْرُزْق ُه ِم ْن َح ْي ُث الَ َي ْحتَ ِس ُب} [الطالق‪.]3 :‬‬


‫قال السرى‪ :‬المتقى من ال يكون رزقه من كسبه ألن هللا يقول‪َ :‬‬

‫وقال الشبلى‪ :‬المتقى من اتقى َمن دونه عز وجل‪.‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬ال يكون ً‬


‫إماما فى التقوى من لم يصحح تقواه مع ربه وبقى عليه من ذلك شىء إنما اإلمام المتقدم فى‬
‫الشىء‪ ،‬وإمام المتقين من يتقى كل شىء سوى هللا‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الفرقان (من اآلية ‪ 75‬الى اآلية ‪)75‬‬

‫يها تَ ِحَّي ًة َو َسالَماً‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫صَب ُروْا َوُيَلق ْو َن ف َ‬
‫أ ُْوَلـٰئ َك ُي ْج َزْو َن اْل ُغ ْرَف َة ب َما َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬أ ُْوَلـٰئ َك ُي ْج َزْو َن اْل ُغ ْرَف َة ب َما َ‬
‫صَب ُروْا} [اآلية‪.]75 :‬‬

‫الغرف كانوا فى أوائل األمة ال فى آخرها وإنما وصف أهل الغرف بما يعقل من ظاهر أمورهم وإنما‬
‫قال الترمذى‪ :‬أهل ُ‬
‫صَب ُروْا} والصبر فى األخالق واآلداب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫نالوهم بما فى باطنهم أال تراه يقول {ب َما َ‬

‫يها تَ ِحَّي ًة َو َسالَماً} [اآلية‪.]75 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ َّ :‬‬


‫{وُيَلق ْو َن ف َ‬
‫َ‬

‫أيضا‪ :‬التحية من هللا‬


‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬التحية غير السالم‪ .‬السالم عند هللا والتحية صفو الحياة مع الحق‪ .‬قال ً‬
‫إلى الروح كوة تحيى الروح بتحية فال يالحظ غير من حياه وأكرمه وأدناه تحية من عند هللا مباركة طيبة‪.‬‬

‫وقال التحية فى الدنيا على العقول بركات ما يقع عليها من طيب ما أجرى عليها‪.‬‬

‫وقال‪ :‬التحية فى األصل ما تحيا به فيفرُح الروح بذلك ويأنس به‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬التحية أنس األشرار بالحى والسالم سالمة القلب من القطيعة‪.‬‬

‫سورة الفرقان (من اآلية ‪ 76‬الى اآلية ‪)76‬‬

‫يها َح ُسَن ْت ُم ْستََق اًر َو ُمَقاماً‬ ‫َخالِ ِد ِ‬


‫ين ف َ‬
‫َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬أحسن المقام المقام فى مشهد الحق وأطيب القرار‪ ،‬القرار فى جواره على فراش مرضاته وهللا أعلم‪.‬‬

‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 1‬الى اآلية ‪)1‬‬

‫طسم‬

‫قال الجنيد رحمه هللا‪ :‬الطاء طرب التابعين فى ميدان الرحمن‪ ،‬والسين سرور العارفين فى ميدان الوصلة‪ ،‬والميم مقام‬
‫المحبين فى ميدان القربة‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬الطاء شجرة طوبى‪ ،‬والسين سدرة المنتهى‪ ،‬والميم محمد صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال بعضهم‪ :‬طسم‪ ،‬أى‪ :‬طاب بكم الدين وسنا وأضاء‪ ،‬وقيل‪ :‬الطاء طرب األولياء فى الجنة والسين‪ :‬ستر هللا على‬
‫المذنبين من عباده‪ ،‬والميم مغفرته فى اآلخرة للعصاه‪ ،‬وقيل‪ :‬الطاء طرب المشتاقين‪ ،‬والسين سرور المحبين‬
‫بمحبوبهم‪ ،‬والعارفين بمعروفهم‪ ،‬والميم مقام الموافقة‪.‬‬

‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 3‬الى اآلية ‪)3‬‬

‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َلعَّلك ب ِ‬


‫ونوْا ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين‬ ‫اخ ٌع َّنْف َس َك أَال َي ُك ُ‬ ‫َ َ َ‬

‫قال سهل‪ :‬مهلك نفسك باتباع المراد فى هدايتهم وإيمانهم وقد سبق منا الحكم فى إيمان المؤمنين وكفر الكافرين بال‬
‫تغيير وال تبديل‪.‬‬

‫حرصا على إيمانهم ما‬


‫وقال‪ :‬لعلك باخع نفسك مشغول نفسك عنا باالشتغال بهم ً‬

‫عليك إال البالغ فال يشغل نفسك بما لنا عنا‪.‬‬

‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 5‬الى اآلية ‪)5‬‬

‫ِ‬ ‫ٍ َّ‬ ‫َو َما َيأِْتي ِهم ِمن ِذ ْك ٍر ِم َن َّ‬


‫الر ْح َمـ ِٰن ُم ْح َدث ِإال َك ُانوْا َع ْن ُه ُم ْع ِرض َ‬
‫ين‬

‫{و َما َيأِْتي ِهم ِمن ِذ ْك ٍر ِم َن َّ‬


‫الر ْح َمـ ِٰن ُم ْح َد ٍث} [اآلية‪.]5 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫علما بما أنزلناه عليهم إال أعرضوا عنها فادعوها ألنفسهم‪.‬‬
‫قال سهل رحمه هللا‪ :‬ما يحدث لهم ً‬

‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 7‬الى اآلية ‪)7‬‬

‫يها ِمن ُك ِل َزْو ٍج َك ِري ٍم‬ ‫ِ‬


‫َنب ْتَنا ف َ‬ ‫أَوَلم َي َرْوْا ِإَلى األ َْر ِ‬
‫ض َك ْم أ َ‬ ‫َ ْ‬

‫قال أبو بكر بن طاهر‪ :‬أكرم زوج من نبات األرض آدم وحواء فإنهما كانا السبب فى إظهار الرسل‪ .‬واألولياء‪،‬‬
‫واألنبياء‪ ،‬والعارفين‪.‬‬

‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 10‬الى اآلية ‪)12‬‬

‫اف أَن ُي َك ِذُبو ِن‬ ‫ِ‬


‫ال َر ِب ِإني أَ َخ ُ‬
‫ِ‬
‫ين * َق ْوَم ف ْرَع ْو َن أَال َيتَُّقو َن * َق َ‬
‫َّ ِ ِ‬ ‫وإِ ْذ ناد ٰى ربُّك موسى أ ِ ِ‬
‫َن ا ْئت اْلَق ْوَم الظالم َ‬ ‫َ ََ َ َ ُ َ ٰ‬

‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬أسره بدعائهم إلى توحيده وقد أشهده عظمته فى انفراده‪ ،‬وإحاطة علمه‪ ،‬وقدرته بعباده‬
‫اف أَن ُي َك ِذُبو ِن} [اآلية‪.]12 :‬‬ ‫ِ‬
‫فقال‪ِ{ :‬إني أ َ‬
‫َخ ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫فنطق بخوفه بلسان إعظام الحق وإجالله خوًفا من أن يرى تكذيبهم بمقال ورد عليهم من الخوف خوف من إسماعه‬
‫إكبار‪.‬‬
‫إنكارا‪ ،‬وأشفق من مشاهدتهم على ذلك ًا‬
‫ً‬

‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 13‬الى اآلية ‪)13‬‬

‫طلِ ُق لِ َس ِاني َفأ َْرِس ْل ِإَل ٰى َه ُارو َن‬


‫ص ْدرِي َوالَ َين َ‬
‫يق َ‬
‫ِ‬
‫َوَيض ُ‬

‫طلِ ُق لِ َس ِاني} [اآلية‪.]13 :‬‬


‫ص ْدرِي َوالَ َين َ‬
‫يق َ‬
‫ِ‬
‫{وَيض ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الشبلى رحمه هللا‪ :‬كذلك صفة من تحقق فى المحبة أن يضيق صدر من حمل ما فيه من أنواع المحن ويكل‬
‫فندا‪ ،‬ولهم على ذنب فأخاف أن يقتلون‪.‬‬
‫كمدا أو يعيش فيها ً‬
‫لسانه على اإلخبار عن شىء منه ليتفرج به فيموت فيها ً‬

‫قال أبو عبد هللا الروذبارى‪ :‬ظاهره ظاهر السؤال سأل الحق من علمه؟ فأجابه َكالَّ ثم ب أر‪.‬‬

‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 15‬الى اآلية ‪)15‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ال َكالَّ َفا ْذ َهَبا ِب َآي ِاتَنآ ِإَّنا َم َع ُك ْم ُّم ْستَ ِم ُعو َن‬
‫َق َ‬

‫{ َفا ْذ َهَبا ِب َآي ِاتَنآ ِإَّنا َم َع ُك ْم ُّم ْستَ ِم ُعو َن} [اآلية‪.]15 :‬‬

‫فتقدير سؤاله أى‪ :‬هل فى سبق علمك‪ ،‬وواجب حكمك أن يقتلون يستدل على ذلك بجواب الحق له "كال" ثم خاطبه‪،‬‬
‫وبعثه بالرسالة وأمرهما بإظهار الداللة‪.‬‬

‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 18‬الى اآلية ‪)18‬‬

‫ين‬ ‫َقال أََلم نربِك ِفينا ولِيداً وَلِب ْثت ِفينا ِمن عم ِر ِ ِ‬
‫ك سن َ‬ ‫َ ْ َُ َ َ َ َ َ َ ْ ُ ُ َ‬

‫ِك ِف َينا َولِيداً} [اآلية‪.]18 :‬‬


‫قوله تعالى‪{ :‬أََل ْم ُن َرب َ‬

‫قال محمد بن على‪ :‬ليس من الفتوة تذكار الصنائع وتزداد بها على من اصطنعت إليه أال ترى إلى فرعون لما لم تكن‬
‫له فتوة كيف ذكر صنيعة وامتن به على موسى‪.‬‬

‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬التربية توجب حًقا من ذلك حق األبوة والنبوة‪ .‬أال ترى كيف ذكر هللا فى قصة موسى صلى‬
‫ِك ِف َينا َولِيداً}‪.‬‬
‫هللا عليه وسلم وفرعون {أََل ْم ُن َرب َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫فإذا أوجبت تربية العوادى حًقا أوجب الدين حفظه وحرمته فتربية الحقيقة الذى هو من الحق إلى عباده أولى بحفظ‬
‫ِ‬
‫ين} [اآلية‪.]26 :‬‬‫ُّك ْم َوَر ُّب َآبآئ ُك ُم األََّولِ َ‬
‫{رب ُ‬
‫حرمته ورعاية حقوقه وهو قوله‪َ :‬‬

‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 21‬الى اآلية ‪)21‬‬

‫ين‬‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َفَف َرْر ُت ِم ُ‬


‫نك ْم َل َّما خْفتُ ُك ْم َف َو َه َب لي َربِي ُح ْكماً َو َج َعَلني م َن اْل ُم ْرَسل َ‬

‫قوله تعالى‪َ { :‬فَف َرْر ُت ِم ُ‬


‫نك ْم َل َّما ِخْفتُ ُك ْم َف َو َه َب} [اآلية‪.]21:‬‬

‫قال بعضهم الفرار مما ال يطاق من بين المرسلين قال هللا عز وجل‪َ { :‬فَف َرْر ُت ِم ُ‬
‫نك ْم َل َّما ِخْفتُ ُك ْم}‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬من خاف هللا‪ ،‬أخاف هللا منه كل شىء‪ ،‬ومن لم يخف هللا أخافه هللا من كل شىء‪.‬‬

‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬ففررت من مجاورتكم وخفت من جرأتكم على ربكم لما لم تحفظوا حقوق الرسل‪ ،‬ولم أر‬
‫عليكم عالمات التوفيق‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬فررت منكم لما خفت نزول العذاب عليك قال أبو بكر الوراق‪ :‬المؤمن يفر بدينه من موضع إلى موضع‬
‫فر به الى مأمن‪ ،‬والمأمن عنده منزل يسلم فيه دينه من الهوى والبدع والضالالت‪ .‬قال هللا عز‬
‫إذا خاف على دينه َّ‬
‫وجل ذكره‪َ { :‬فَف َرْر ُت ِم ُ‬
‫نك ْم َل َّما ِخْفتُ ُك ْم َف َو َه َب} فى قصة موسى عليه السالم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 23‬الى اآلية ‪)24‬‬

‫ِ‬ ‫الس ٰم ٰو ِت واأل َْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫َق ِ‬


‫ض َو َما َب ْيَن ُه َمآ ِإن ُكنتُ ْم ُّموِقن َ‬
‫ين‬ ‫ال َر ُّب َّ َ َ َ‬ ‫ال ف ْرَع ْو ُن َو َما َر ُّب اْل َعاَلم َ‬
‫ين * َق َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ات واأل َْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى وتقدس‪َ { :‬ق ِ‬
‫ض} [اآلية‪.]24-23 :‬‬ ‫الس َم َاو َ‬
‫ال َر ُّب َّ‬ ‫ال ف ْرَع ْو ُن َو َما َر ُّب اْل َعاَلم َ‬
‫ين * َق َ‬ ‫َ‬

‫ِ‬
‫ُّك ْم َوَر ُّب َآبآئ ُك ُم األََّولِ َ‬
‫ين} فعلم فرعون أن الحجة‬ ‫قال عمرو المكى‪ :‬لما سأل فرعون هذا السؤال؟ أجابه موسى بقوله‪َ :‬‬
‫{رب ُ‬
‫قد وجبت فخاف االفتضاح عند قومه فأعرض عن مسائلة موسى ورجع إلى قوله تعالى‪:‬‬

‫{ِإ َّن رسوَل ُكم َّال ِذي أُرِسل ِإَلي ُكم َلمجُنو ٌن * َقال ر ُّب اْلم ْشر ِ‬
‫ِق َواْل َم ْغ ِر ِب َو َما َب ْيَن ُه َمآ ِإن ُكنتُ ْم َت ْعِقُلو َن} [اآلية‪.]28 ،27 :‬‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ َ ْ ْ َْ‬ ‫َُ ُ‬

‫يبين بذلك حجته ويظهر افتضاحه فى انقطاعه‪ .‬فقلبت الحجة عليه إذ لم يدفع الحجة بحجة‪ ،‬وهذا مثل ما حكى هللا‬
‫طى ُك َّل َش ٍ‬
‫يء َخْلَق ُه‬ ‫َّ ِ‬ ‫تعالى عن فرعون فى قصة أخرى حيث سأل موسى وهارون { َف َمن َّرب ُ‬
‫َع َ ٰ‬
‫ال َربَُّنا الذي أ ْ‬
‫وس ٰى َق َ‬
‫ٰم َ‬ ‫ُّك َما ي ُ‬
‫ال اْلُق ُرو ِن األُوَل ٰى} [طه‪ ]51 :‬فلم‬
‫ثُ َّم َه َد ٰى} [طه‪ ]50-49 :‬فانقطع فرعون ولزمته الحجة فأقبل يسأل متعنتًا {َف َما َب ُ‬
‫يجب له على موسى جواب ألنه انقطع عن إجابة الحق بعد استبانة الحجة فرده إلى تقليد العلم اإللهى فقال‪ِ :‬‬
‫{عْل ُم َها‬
‫ِع َند َربِي} [طه‪.]52 :‬‬

‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 26‬الى اآلية ‪)26‬‬

‫ِ‬
‫ُّك ْم َوَر ُّب َآبآئ ُك ُم األََّوِل َ‬
‫ين‬ ‫ال َرب ُ‬
‫َق َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ‬
‫ُّك ْم َوَر ُّب آبائ ُكم األََّولِ َ‬
‫ين} [اآلية‪.]26 :‬‬ ‫{رب ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال عمرو المكى‪ :‬أوجدكم‪ ،‬وأوجد آبائكم من العدم ورباهم ورباكم بفنون النعم‪ ،‬فمن تم عليه نعمه َّ‬
‫وفَقه للتوحيد ومن لم‬
‫يتم عليه نعمه تركه فى النعمة الظاهرة من األكل‪ ،‬والشرب‪ ،‬وفنون العاقبة‪.‬‬

‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 28‬الى اآلية ‪)28‬‬

‫ِق َواْل َم ْغ ِر ِب َو َما َب ْيَن ُه َمآ ِإن ُكنتُ ْم تَ ْعِقُلو َن‬


‫َقال ر ُّب اْلم ْشر ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬ر ُّب اْلم ْشر ِ‬
‫ِق َواْل َم ْغ ِر ِب} [اآلية‪.]28 :‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬منور قلوب أعدائه بالكفر والعصيان ومظهر آثار ذلك الظلم على‬

‫هياكلهم‪.‬‬

‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 41‬الى اآلية ‪)41‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫َج اًر ِإن ُكَّنا َن ْح ُن اْل َغالِب َ‬
‫ين‬ ‫الس َح َرةُ َقاُلوْا لف ْرَع ْو َن أَِإ َّن َلَنا أل ْ‬
‫آء َّ‬
‫َفَل َّما َج َ‬
‫ِِ‬
‫الس َح َرةُ َقاُلوْا لف ْرَع ْو َن أَِإ َّن َلَنا أل ْ‬
‫َج اًر} [اآلية‪.]41 :‬‬ ‫آء َّ‬
‫قوله تعالى‪َ{ :‬فَل َّما َج َ‬

‫قال محمد بن على الترمذى‪ :‬طلب األجر على عمله مظهر ندالته وخسته أال قال السحرة لما جاءوا إلى فرعون قالوا‪:‬‬
‫بعيدا من طلب‬
‫باطل سعيه‪ ،‬ومن عمل هلل وأخلص فيه كان عمله ً‬
‫ٌ‬ ‫ألجر دل ذلك أن طالب األجر على عمله‬ ‫أإن لنا ًا‬
‫األعواض منزًها عنه أال ترى األنبياء كيف قالوا ما أسألكم عليه من أجر‪.‬‬

‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 42‬الى اآلية ‪)42‬‬

‫َّ ِ‬
‫ال َن َع ْم َوإَِّن ُك ْم ِإذاً لم َن اْل ُمَقَّرب َ‬
‫ِين‬ ‫َق َ‬

‫بعدا من الحق‪ ،‬والمقرب إليه على الحقيقة أن يتقرب إليه ال بشىء سواه ألن من‬‫قال ابن عطاء‪ُ :‬ر َّب قرب أورث ً‬
‫طلب بغيره الطريق إليه ضل نوال الطريق إليه‪ ،‬وال دليل عليه سواه‪.‬‬

‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 50‬الى اآلية ‪)50‬‬

‫ض ْي َر ِإَّنآ ِإَل ٰى َربَِنا ُم َنقلُِبو َن‬


‫َقاُلوْا الَ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ض ْي َر ِإَّنآ ِإَل ٰى َربَِنا ُمنَقلُِبو َن} [اآلية‪.]50 :‬‬
‫قوله تعالى‪{ :‬الَ َ‬

‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬من اتصلت مشاهدته بالحقيقة احتمل معها كل وارد يرد عليها من محبوب ومكروه أال ترى‬
‫السحرة لما صحت مشاهدتهم كيف قالوا‪ :‬ال ضير‪.‬‬
‫َّ‬

‫محبا‪ ،‬بل من يتلذذ بالبالء فى‬ ‫ِ‬


‫قال جعفر‪ :‬من أحس بالبالء فى المحبة لم يكن ُمحًبا‪ ،‬بل من شاهد البالء فيه لم يكن ً‬
‫حبا أال ترى السحرة لما وردت عليهم شواهد أوائل المحبة زالت عنهم حظوظهم‪ ،‬وكيف هان عليهم‬ ‫المحبة لم يكن ُم ً‬
‫بذل أرواحهم فى مشاهدة محبوبهم فقالوا‪ :‬ال ضير‪.‬‬

‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 51‬الى اآلية ‪)51‬‬

‫ِ‬ ‫ط َم ُع أَن َي ْغِف َر َلَنا َربَُّنا َخ َ‬


‫ِإَّنا َن ْ‬
‫ط َاي َانآ أَن ُكَّنآ أََّو َل اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين‬

‫ط َم ُع أَن َي ْغِف َر َلَنا َربَُّنا َخ َ‬


‫ط َاي َانآ} [اآلية‪.]51 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّنا َن ْ‬

‫قال بعضهم‪ :‬العارف على الحقيقة ال يعدو طوره فى سؤاله ودعائه‪ ،‬ويظهر فقره‪ ،‬وعجزه‪ ،‬وإفالسه فى كل وقت لربه‪،‬‬
‫ويعلم أن ما ظهر عليه من آثار اإلحسان ‪:‬‬

‫فالحسنى منه من الحق عليه ال استخفاًفا أال ترى السحرة لما أكرمهم هللا بمعرفته كيف أظهروا عجزهم وفاقتهم بقوله‪:‬‬
‫ط َم ُع أَن َي ْغِف َر َلَنا َربَُّنا َخ َ‬
‫ط َاي َانآ} استقالوا من ذنوبهم‪ ،‬واستنفروا منها‪ ،‬ولم يذكروا ما تفضل هللا عليهم به من‬ ‫{ِإَّنا َن ْ‬
‫الهداية واإليمان‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 62‬الى اآلية ‪)62‬‬

‫ال َكالَّ ِإ َّن َم ِعي َربِي َسَي ْه ِد ِ‬


‫ين‬ ‫َق َ‬
‫َ‬
‫{كالَّ ِإ َّن َم ِعي َربِي َسَي ْه ِد ِ‬
‫ين} [اآلية‪.]62 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬
‫َ‬

‫شيئا من األسباب وال تهوله مخوفات الموارد ألنه فى وقاية‬


‫قال جعفر‪ :‬من كان فى رعاية الحق وكالءته ال يؤثر عليه ً‬
‫الحق وقبضته‪ ،‬ومن كان فى المشاهدة والحضرة كيف يؤثر عليه ما منه يصدر‪ ،‬وإليه يرد أال ترى كيف حكى هللا عن‬
‫الكليم قوله‪ِ{ :‬إ َّن َم ِعي َربِي َسَي ْه ِد ِ‬
‫ين}‪.‬‬
‫َ‬

‫سمعت أبا بكر بن ملك بغداد يقول‪ :‬سمعت الجنيد رحمه هللا وقد سئل العناية أولى أم الرعاية؟ فقال‪ :‬العناية قبل الماء‬
‫والطين‪.‬‬

‫قال ابن عطاء فى قوله‪ِ{ :‬إ َّن َم ِعي َربِي َسَي ْه ِد ِ‬


‫ين} إن معى ربى بعلمه وقدرته سيهدين إلى قربه حتى أكون معه‬
‫َ‬
‫بالموافقة‪ ،‬والرعاية والمحافظة والمشاهدة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 77‬الى اآلية ‪)77‬‬

‫ِ‬ ‫ِ َّ‬
‫َفِإَّن ُه ْم َع ُدٌّو لي ِإال َر َّب اْل َعاَلم َ‬
‫ين‬

‫قال سحنون‪ :‬ال تصح المحبة حتى يصح لمن ينظر الى األكوان وما فيها بعين العداوة حتى يصح له بذلك محبة‬
‫حاكيا عن الخليل قوله‪َ{ :‬فِإَّن ُه ْم َع ُدٌّو لِي ِإالَّ َر َّب‬
‫محبوبه والرجوع إليه باالنقطاع عما سواه أال ترى هللا عز وجل ً‬
‫ين} هجرت الكل فيك حتى صح لى االتصال بك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اْل َعاَلم َ‬

‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 78‬الى اآلية ‪)78‬‬

‫َّال ِذي َخَلَقِني َف ُه َو َي ْه ِد ِ‬


‫ين‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬لما استغرق بهم فى الخلة احتشم من ذكر خليله بالتصريح فرجع إلى الصفات فجعل يقول‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬ولم يصرح بذكره والكناية فيها تصريح‪ ،‬ولما كان فى ابتداء مقاماته وأوائل جذبه لم‬
‫"رب‪ِ .‬‬
‫رب"‬ ‫يستغرق فى الخلة جعل يصيح ويقول‪ِ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الذى خلقنى لعبوديته يهدينى الى قربه‪.‬‬

‫وقال بعض المتأخرين‪ :‬الذى استعبدنى واستخدمنى سهل على ذلك وتهديه الى ما يرضيه عنى‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الذى خلقنى لدعوة خلقه سيهدينى الى آداب خلته‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال الجنيد رحمه هللا‪ :‬إن هللا خلق األشياء فى الظاهر باألشياء ما خال القلب فإن عالقته باهلل خصها لنفسه ولخزانته‬
‫{ال ِذي َخَلَقِني َف ُه َو َي ْه ِد ِ‬
‫ين}‪.‬‬ ‫وموضع سره فى أرضه كذلك قال إبراهيم عليه السالم‪َّ :‬‬

‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 79‬الى اآلية ‪)79‬‬

‫َو َّال ِذي ُه َو ُي ْ‬


‫ط ِع ُمِني َوَي ْسِق ِ‬
‫ين‬

‫قال النهرجورى‪ :‬الذى أطعمنى حالوة ذكره سيسقينى بكأس محبته‪.‬‬

‫قال الجريرى‪ :‬الذى يطعمنى فى حضرته‪ ،‬ويسقينى هو الذى يظهر على آثاره بركات ذلك المطعم والمشرب لذلك قال‬
‫النبى صلى هللا عليه وسلم‪" :‬إنى أبيت عند ربى يطعمنى ويسقينى‬

‫‪".‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬هو الذى يحيى نفسى بطعام الخدمة‪ ،‬ويحيى روحى بشراب األلفة‪.‬‬

‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬هو الذى يربينى بطعامه ويحينى بشرابه‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬يطعمنى لذة اإليمان‪ ،‬ويسقينى شراب التوكل والكفاية‪.‬‬

‫بالهويَّة المعدن تالشت الكيفية والكمية‪ ،‬والكلية فى الحواس‪ ،‬ويطعمه بغذاء‬


‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬إذا هجمت ُ‬
‫األبرار الذى تسرمد فى البقاء بال تعب‪ ،‬وال نصب‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 80‬الى اآلية ‪)80‬‬

‫ض ُت َف ُه َو َي ْشِف ِ‬
‫ين‬ ‫َوإِ َذا َم ِر ْ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬إذا مرضت برؤية األغيار فإن شفائى الرجوع الى مشاهدة الجبار‪.‬‬

‫قال جعفر‪ :‬إذا مرضت برؤية أفعالى وأحوالى شفانى بتذكار الفضل والكرم‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬إذا مرضت بسماع المكروه فهو يشفينى بذكره‪.‬‬

‫ض ْتِنى مخالفته شفانى رحمته‪.‬‬


‫أم َر َ‬
‫قال بعضهم‪ :‬إذا ْ‬

‫قال سهل‪ :‬إذا تحركت لغير هللا عصمنى‪ ،‬وإذا ملت إلى شهوة من الدنيا منعها عنى‪.‬‬

‫قال ذو النون رحمه هللا‪ :‬إذا أمرضتنى جفاء من الخلق شفانى مشاهدة الحق‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬إذا زللت بمشاهدة نفسى فمرضت بذلك يشفينى أى يكشف عنى بمشاهدته‪.‬‬
‫وقال ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 81‬الى اآلية ‪)81‬‬

‫َو َّال ِذي ُي ِميتُِني ثُ َّم ُي ْحِي ِ‬


‫ين‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬الذى يميتنى بخوفه‪ ،‬ويحيينى برجائه‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬الذى يميتنى عنه ثم يحيينى به‪.‬‬

‫قال ذو النون رحمه هللا‪ :‬وعلى الجماعة فى هذه اآلية الذى يميتنى عن نفسى ويحيينى به‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬الذى يميتنى باالستتار ويحيينى بالتجلى‪.‬‬

‫قال الجنيد رحمه هللا‪ :‬الذى يميتنى بالغفلة ثم يحيينى بالذكر‪.‬‬

‫قال ذو النون رحمه هللا‪ :‬يميت قلبى عن الدنيا‪ ،‬ويحيينى بمجاورته‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬الذى يميتنى بالمعاصى ويحيينى بالطاعات‪.‬‬

‫وقال الجنيد رحمه هللا‪ :‬الذى يميتنى باالفتقار ويحيينى باالستغناء عنه‪.‬‬

‫وقال سهل رحمه هللا‪ :‬الذي يميتنى بالغفلة‪ ،‬ويحيينى بالذكر‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال الخراز‪ :‬الذى يغنينى عنى‪ ،‬ويبقينى به‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الذى يميتنى بالمحن‪ ،‬ويحيينى بالنعم‪.‬‬

‫قال محمد بن حامد‪ :‬الذى يميتنى بالطمع‪ ،‬ويحيينى بالقناعة‪.‬‬

‫باطنا‪.‬‬
‫ظاهرا‪ ،‬ويحيينى ً‬
‫ً‬ ‫قال بعضهم‪ :‬الذي يميتنى‬

‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 82‬الى اآلية ‪)82‬‬

‫طمع أَن ي ْغِفر لِي خ ِط َيئِتي يوم ِ‬


‫الد ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ين‬ ‫َْ َ‬ ‫َ‬ ‫َوالذي أَ ْ َ ُ َ َ‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬أخرج سؤاله على حد األدب لم يحكم على ربه بالمغفرة‪ ،‬ولكنه قال‪ :‬والذى أطمع أن يغفر‪ ،‬طمع‬
‫شيئا‪ ،‬وما يأتيه يكون من فضل‬ ‫العبيد فى مواليهم‪ ،‬وإن لم يكونوا يستحقون عليهم ً‬
‫شيئا إذ العبد ال يستحق على مواله ً‬
‫مواله‪.‬‬

‫وقال الجنيد رحمه هللا‪ :‬ما سأل الخليل صلى هللا عليه وسلم اال الصفح عما ربما يقع من ذلك فى الخلة فإن مرتبة‬
‫الخلة مرتبة جليلة عظيمة خاف الخليل من ذلك أنت اتخذتنى خليالً‪ ،‬ولم أدع الخلة قط‪ .‬وأنا أطمع كما اتخذتنى‬
‫خليالً أن تصفح عن زللى‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 83‬الى اآلية ‪)83‬‬

‫ين‬ ‫ر ِب هب لِي ح ْكماً وأَْل ِحْقِني ِب َّ ِ ِ‬


‫الصالح َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َْ‬

‫{ر ِب َه ْب لِي ُح ْكماً} [اآلية‪.]83 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬هب لى شكر ما خصصتنى به من مقام الخلة بالصالحين‪ .‬قال‪ :‬قال‪ :‬الراضين عنك فى جميع‬
‫األحوال‪.‬‬

‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 84‬الى اآلية ‪)84‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واجعل لِي لِس ِ‬


‫ان ص ْد ٍق في اآلخ ِر َ‬
‫ين‬ ‫َ َ‬ ‫َ َْ‬

‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬أطلق ألسنة أمة محمد صلى هللا عليه وسلم بالثناء على‪ ،‬والشهادة لى فإنك‬

‫جعلتهم شهداء مقبولين‪.‬‬

‫قال سهل‪ :‬ارزقنى الثناء فى جميع األمم والملك‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 87‬الى اآلية ‪)87‬‬

‫َوالَ تُ ْخ ِِزني َي ْوم ُي ْب َعثُو َن‬


‫َ‬
‫قال فارس‪ :‬ال تقع حجتى عند المسألة‪ ،‬وال تفضحنى بالمناقشة‪ ،‬وال تحشمنى بالحياء عند موافقة الجزاء‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬ال تشغلنى عنك بالخلة عنك‪ ،‬وأفض على أنوار رحمتك ليالً أغب عن مشاهدتك برؤية شىء سواك‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬مخافة أنه ممقوت فى أحواله وكذلك كل و ٍ‬


‫احد غريق مكره‪.‬‬

‫{والَ تُ ْخ ِِزني َي ْوَم ُي ْب َعثُو َن} فمن‬


‫قال بعضهم‪ :‬خاف األنبياء على أنفسهم مع عظم مكانهم وسنى مراتبهم فقال الخليل‪َ :‬‬
‫آمن على بعده فما هو إال لغفلة أو استدراج‪.‬‬

‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 89‬الى اآلية ‪)89‬‬

‫ِإالَّ َم ْن أَتَى َّ‬


‫َّللاَ ِبَقْل ٍب َسلِي ٍم‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬قلب ٍ‬
‫خال من االشتغال بشىء سوى مواله‪ ،‬سلم له الطريق اليه فلم يفرح على شىء سواه‪.‬‬ ‫ٌ‬

‫قال بعضهم‪ :‬السليم فى لسان العرب اللديغ‪ ،‬واللديغ هو القلق المزعج فكأنه يقول‪ :‬ثالث ال يهدأ من الجزع والتضرع‬
‫من مخالفة القطيعة‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬سلم من سوء القضاء‪ ،‬وسئل الواسطى عن القلب السليم؟ فقال‪ :‬سليم من اإلعراض عن هللا‪.‬‬

‫قال الجنيد رحمه هللا‪ :‬السليم الذى ال يكون فيه إال ُحبه‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬السليم الذى قد سلم من آفات الدنيا‪ ،‬ومطابع العقبى‪ ،‬وال يكون فيه الشغل بمواله‪.‬‬

‫وقال الواسطى رحمه هللا‪ :‬قلب سليم فارغ من اآلفات لم يتجرع الغصص التى فيها أولو العاهات‪.‬‬

‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬الذى يلقى هللا وليس له همة سواه‪.‬‬

‫سالما من ركوب الهوى‪ ،‬ويخرج‬


‫سالما من عالمات الشقاء‪ ،‬ويعيش فى الدنيا ً‬
‫قال بعضهم‪ :‬السليم الذى يدخل الدنيا ً‬
‫من الدنيا سالما من سوء القضاء ويقوم بين يدى هللا جل وعز سالما من نزول البالء وهللا عنه ر ٍ‬
‫اض‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬

‫قلب سليم أى‪ :‬سليم من غير هللا‪.‬‬


‫قال ابن عطاء‪ٌ :‬‬

‫أيضا‪ :‬السليم الذى ال يشوبه شىء من آفات الكون الفارغ من الهواجس والموارد‪.‬‬
‫وقال ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬ابتلى إبراهيم عليه السالم فى نفسه وأهله‪ ،‬وولده فلم يؤثر فيه شىء من ذلك لسالمة قلبه عن‬
‫األكوان وما فيها‪ ،‬فلم يؤثر عليه شىء لما سلمت حالته مع الحق هان عليه كل ما عداه‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬القلب السليم هو أن يلقى هللا‪ ،‬وليس فيه مع هللا شريك من كفر أو رياء أو غير ذلك‪ ،‬وهو الذى فنى عن‬
‫وقال ً‬
‫األشياء باهلل ثم فنى عن هللا باهلل‪ ،‬وسئل بعضهم‪ :‬بما تنال سالمة الصدر؟ قال‪ :‬بالوقوف على حق اليقين وهو القرآن‬
‫ٍ‬
‫حينئذ يعطى على اليقين وهو المعرفة‪ ،‬ثم يعطى بعده حق اليقين وهو المشاهدة‪ ،‬ثم يعطى بعدها عين اليقين‪ ،‬وهو‬ ‫ثم‬

‫الفناء عن األحوال‪ ،‬والرسوم فيسلم لك صدرك وعالمته أن ترى العبد ر ً‬


‫اضيا فى جميع األحوال وال يتخلل قلبه خالف‬
‫على ربه بحال‪.‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬هو على أربع منازل‪ :‬أولها‪ :‬سالمة القلب من الشرك‪ ،‬الثانى‪ :‬سالمة القلب من األهواء المفعلة‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬سالمة القلب من الرياء والعجب‪ .‬والرابع‪ :‬سالمة القلب من ذكر كل شىء سوى هللا‪.‬‬

‫اج َعْلَنا‬ ‫وقال أبو سعيد الخراز‪ :‬فى قوله‪ِ{ :‬إالَّ م ْن أَتَى َّ ِ ٍ ِ‬
‫{و ْ‬
‫َّللاَ بَقْلب َسليمٍ} قال ليس فيه إال هللا‪ ،‬ومنه قول الخليل‪َ :‬‬ ‫َ‬
‫ُم ْسلِ َم ْي ِن} [البقرة‪ ]128 :‬وقول يوسف صلى هللا عليه وسلم ‪:‬‬

‫{تََوَّفِني ُم ْسلِماً} [يوسف‪ ]101 :‬واإلسالم يجمع شيئين من أصل واحد‪ ،‬وهو إخالص القلب بتوحيد هللا واستكانة‬
‫العبودية مع مالزمة موافقة هللا‪.‬‬

‫قال القاسم‪ :‬السليم الذى سلم من سوء القضاء‪.‬‬

‫وقيل الذى سلم من الكبائر‪ ،‬وقيل‪ :‬الذى سلم من الشرك‪ ،‬وقيل‪ :‬الذى سلم من بغض أصحاب النبى صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪.‬‬

‫وقال سهل‪ :‬الذى سلم من البدع‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سليما من جميع ما فى الكون‪.‬‬
‫وقال الشبلى‪ً :‬‬

‫قال أبو بكر الوراق‪ :‬القلب السليم الراضى لمجارى المقدور عليه فى المحبوب والمكروه‪.‬‬

‫سمعت عبد هللا الرازى يقول‪ :‬سئل سهل عن قوله تعالى‪ِ{ :‬إالَّ َم ْن أَتَى َّ‬
‫َّللاَ ِبَقْل ٍب َسِليمٍ} قال‪ :‬التفويض الى هللا‪ ،‬والرضا‬
‫بقضاء هللا‪.‬‬

‫حال ومقام‪ ،‬فمقام آدم‬ ‫سمعت محمد بن عبد هللا الرازى يقول‪ :‬سمعت أبا بكر بن طاهر يقول‪ :‬لكل نبى مع هللا ٌ‬
‫َنف َسَنا}‬
‫ظَل ْمَنآ أ ُ‬
‫{ربََّنا َ‬
‫المالمة‪ ،‬ومقام إبراهيم السالمة‪ ،‬ومقام محمد صلى هللا عليه وسلم االستقامة‪ ،‬فآدم الم نفسه فقال‪َ :‬‬
‫َّه ِبَقْل ٍب َسِليمٍ} [الصافات‪ ]84 :‬فاستفاد الخلة‪ ،‬ونبينا عليه السالم قيل‬
‫آء َرب ُ‬
‫{ج َ‬
‫[األعراف‪ ]23 :‬فاستفاد العفو وإبراهيم َ‬
‫استَِق ْم َك َمآ أ ُِم ْر َت} [هود‪ ،112 :‬الشورى‪ ]15 :‬فاستقام فاستفاد المحبة فأثنى‬
‫له‪َ { :‬ف ْ‬

‫{وإَِّن َك َل َعَل ٰى ُخُل ٍق َع ِظيمٍ} [القلم‪ ]4 :‬وأعظم األخالق خلق يستقيم على بساط القربة وحال المشاهدة‪.‬‬
‫عليه فقال‪َ :‬‬

‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 111‬الى اآلية ‪)111‬‬

‫َقاُلوْا أَُن ْؤ ِم ُن َل َك َواتََّب َع َك األ َْرَذُلو َن‬

‫قال بعضهم‪ :‬األرذلون الطالبون حظوظهم‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬السؤال الذى يسألون الناس ال يصيرون على الفقر‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال بعضهم‪ :‬األرذلون المتكبرون‪.‬‬

‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 114‬الى اآلية ‪)114‬‬

‫ِ‬
‫ط ِارِد اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين‬ ‫َو َمآ أََن ْا ِب َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬ما أنا بمعرض عمن أقبل على ربه‪.‬‬

‫قال جعفر‪ :‬ما أنا بمكذب الصادقين‪ ،‬وقال‪ :‬ما أنا بمهين األولياء‪.‬‬

‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 126‬الى اآلية ‪)126‬‬

‫يعو ِن‬ ‫َفاتَُّقوْا َّ ِ‬


‫َّللاَ َوأَط ُ‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬التقوى أوائل المنازل‪ ،‬وأواخرها وال غاية له وذلك أنه‬

‫ليس للمتقى غاية ينتهى إليها‪ ،‬وحقيقة التقوى أن يتقى العبد من تقواه‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬التقوى هى التخلى من كل مذموم‪ ،‬واإلقبال إلى كل محمود‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 127‬الى اآلية ‪)127‬‬

‫ِ‬ ‫ومآ أَسأَُل ُكم عَلي ِه ِمن أَج ٍر ِإن أَجر َّ‬
‫ِي ِإال َعَل ٰى َر ِب اْل َعاَلم َ‬
‫ين‬ ‫ََ ْ ْ َ ْ ْ ْ ْ ْ َ‬

‫َج ٍر} [اآلية‪.]127 :‬‬ ‫ِ ِ‬


‫َسأَُل ُك ْم َعَل ْيه م ْن أ ْ‬
‫{و َمآ أ ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال جعفر‪ :‬أزيلت األطماع عن الرسل أجمع لدنائتها فأخبر كل رسول عن نفسه‬

‫َج ٍر}‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫َسأَُل ُك ْم َعَل ْيه م ْن أ ْ‬
‫{و َمآ أ ْ‬
‫بقوله‪َ :‬‬

‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 136‬الى اآلية ‪)136‬‬

‫ين‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬


‫ظ َت أ َْم َل ْم تَ ُك ْن م َن اْل َواعظ َ‬
‫آء َعَل ْيَنآ أ ََو َع ْ‬
‫َقاُلوْا َس َو ٌ‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬من جرى عليه مختوم قضاء الشقاوة فإن الموعظة ال تؤثر فيه ألن سمعه مسدود عن دخول‬
‫ظ َت أَ ْم َل ْم تَ ُك ْن ِم َن‬
‫آء َعَل ْيَنآ أََو َع ْ‬
‫{س َو ٌ‬
‫ض عن قبولها قد أخبر هللا تعالى عن صفتهم‪ ،‬فقال‪َ :‬‬ ‫الموعظة فيه‪ ،‬وقلبه ُم ِ‬
‫عر ٌ‬
‫ين}‪.‬‬ ‫ِِ‬
‫اْل َواعظ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 153‬الى اآلية ‪)153‬‬

‫َقاُلوْا ِإَّنمآ أ ِ‬
‫َنت م َن اْل ُم َس َّح ِر َ‬
‫ين‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّنمآ أ ِ‬
‫َنت م َن اْل ُم َس َّح ِر َ‬
‫ين} [اآلية‪.]153 :‬‬ ‫َ َ‬

‫قال سهل‪ :‬المخدوعين بأمانى الدنيا الفانية‪ ،‬والنفس الطاغية‪.‬‬

‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 193‬الى اآلية ‪)194‬‬

‫ين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ين * َعَل ٰى َقْلِب َك لتَ ُكو َن م َن اْل ُم ْنذ ِر َ‬
‫ِ‬ ‫َن َزَل ِب ِه ُّ‬
‫الرو ُح األَم ُ‬

‫قال‪ :‬ما أنزله على قلبه جبريل جعله محالً لإلنذار ال للتحقيق والحقيقة هو ما تلقفه من الحق فلم يخبر عنه‪ ،‬ولم‬
‫أحد سواه‪ ،‬وما أنزل جبريل جعله للخلق فقال‪:‬‬
‫يشرف عليه خلق من الجن‪ ،‬واإلنس‪ ،‬ومن المالئكة‪ .....‬ما أطاق ذلك ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫{لتَ ُكو َن م َن اْل ُم ْنذ ِر َ‬
‫ين} بما أنزل به جبريل على قلبك ال من المتحققين به فإنك متحقق فيما جئناك به‪ ،‬خاطبناك به‬
‫على مقام لو شاهدك فيه جبريل الحترق عليه السالم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 205‬الى اآلية ‪)205‬‬

‫ين‬ ‫أََف أرَيت ِإن َّمتَّعن ِ ِ‬


‫اه ْم سن َ‬
‫َْ ُ‬ ‫ََْ‬

‫قال يحيى بن معاذ‪ :‬أشد الناس غفلة من اغتر بحياته الفانية والتذ بمراداته الواهية‪.‬‬

‫ين}‪.‬‬ ‫وسكن إلى مألوفاته وهللا يقول‪{ :‬أََف أرَيت ِإن َّمتَّعن ِ ِ‬
‫اه ْم سن َ‬
‫َْ ُ‬ ‫ََْ‬

‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 212‬الى اآلية ‪)212‬‬

‫ِإَّن ُه ْم َع ِن َّ‬
‫الس ْم ِع َل َم ْع ُزوُلو َن‬

‫قال سهل‪ :‬استماع القرآن‪ ،‬والفهم فيه‪ ،‬وتعظيم محل األوامر‪ ،‬والنواهى‪.‬‬

‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬يسمعون وال يفهمون كما أخبر هللا عن قولهم‪ :‬إنهم ينظرون وال يرون كذلك هم ال يسمعون‪،‬‬
‫وال يفهمون ألنهم عن السمع لمعزولون حرموا فهم معانى السماع‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال جعفر‪ :‬هو أن يسمع المواعظ فال يتعظ بها‪.‬‬

‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 214‬الى اآلية ‪)214‬‬

‫ِين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫َوأَنذ ْر َعش َيرتَ َك األَْق َرب َ‬

‫قال سهل‪ :‬خوف األقرب منك‪ ،‬واخفض جناحك إال بعد من دلهم علينا بألطف الداللة‪ ،‬وأخبرهم أنى جو ٌاد كريم‪.‬‬

‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم البزاز يقول‪ :‬قال ابن عطاء‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رحمه هللا فى قوله‪{ :‬و ْ ِ‬


‫اح َك ل َم ِن اتََّب َع َك م َن اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين} قال‪ :‬لين لهم جانبك فإنهم على حد الرسم بالعبادة ال‬ ‫ض َجَن َ‬
‫اخف ْ‬ ‫َ‬
‫التحقيق به وال مثوبة على هللا أشد من قارئ أليس قميص النسك‪.‬‬

‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 216‬الى اآلية ‪)216‬‬

‫يء ِم َّما تَ ْع َمُلو َن‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬


‫ك َفُق ْل إني َب ِر ٌ‬
‫ص ْو َ‬
‫َفإ ْن َع َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الحسين‪ :‬تبرى كل نبى عن من عصاه من ذريته إال النبى صلى هللا عليه وسلم لشرف محله فقال‪ :‬فإن عصوك‬
‫ئ من أعمالكم ال يرى منكم فإن لك محل الشفاعة والشفاعة تزيل‬
‫أى‪ :‬خالفوك بعد اإلقرار بارتكاب محرم فقل "إنى بر ٌ‬
‫عنهم ظلمات المعاصى‪".‬‬

‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 217‬الى اآلية ‪)217‬‬

‫الرِحي ِم‬ ‫وتَ َّ‬


‫وك ْل َعَلى اْل َع ِز ِ‬
‫يز َّ‬ ‫َ‬

‫قال الجنيد رحمه هللا‪ :‬التوكل أن تقبل بالكلية على ربك وتعرض بالكلية عما دونه بالكلية فإن إليه حاجتك فى‬
‫الدارين‪.‬‬

‫سمعت عبد هللا الرازى يقول‪ :‬سمعت أبا عثمان يقول‪ :‬التوكل مشتق من أصله‪ ،‬وأصله أن هللا وكيل على كل شىء‬
‫والوكيل هو هللا‪ ،‬وهو الكافى فى جميع خلقه‪ ،‬فالتوكل هو االكتفاء باهلل مع االعتماد عليه‪ ،‬واالستغناء به عن جميع‬
‫غنيا‪.‬‬
‫خلقه ألن من سواه محتاج إليه‪ ،‬وهو الغنى الذى لم يزل‪ ،‬وال يزال ً‬

‫سمعت أبا عمر بن مطر يقول‪ :‬سمعت أبا بكر البردعى يقول‪ :‬سمعت النهرجورى يقول‪ :‬المتوكل على الحقيقة‪،‬‬
‫والصحة قد رفع مؤنته عن جميع الخلق فال يشكو ما به وال يذم من منعه‪ ،‬وال يرى المنع والعطاء إال من قبل هللا‪.‬‬

‫قال الجنيد رحمه هللا‪ :‬عالمة التوكل انقطاع المطامع‪.‬‬

‫قال أبو يزيد رحمه هللا‪ :‬التوكل كلما لحظته وجدته‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال‪ :‬التوكل قلت‪ :‬عاش بال عالقة‪.‬‬

‫مدبر‪.‬‬
‫وقال‪ :‬التوكل أن تفنى تدبيرك‪ ،‬فى تدبيره‪ ،‬وترضى باهلل وكيالً ًا‬

‫وم} [اآلية‪.]128 :‬‬ ‫{ال ِذي ير ِ‬


‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬فى قوله‪َّ :‬‬
‫ين تَُق ُ‬
‫اك ح َ‬
‫ََ َ‬

‫قال‪ :‬أثبت الراوية فى حال الفقد والوجود لتعلم أنك لم تغب عن مالحظات القدرة‪.‬‬

‫سمعت محمد بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت الكتانى يقول التوكل فى الظاهر‪ ،‬واألصل اتباع العلم‪ ،‬وفى الباطن والحقيقة‬
‫استعمال اليقين‪.‬‬

‫سمعت محمد بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا الحسين الرازى يقول‪ :‬التوكل مقرون مع اإليمان‪ ،‬وكل إنسان توكله على‬
‫قدر إيمانه فمن أراد التوكل فعليه بحفظ إيمانه مع إقامة النفس على أحكامه‪ ،‬ويستعمل الصبر‪ ،‬ويستعين باهلل‪.‬‬

‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت محمد بن يعقوب الفرمى يقول‪ :‬قال ابن عيينة‪ :‬التوكل فى عقد اإليمان‬
‫اعتماد القلب على هللا‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬التوكل فى عقد اإليمان‪ ،‬وال تعرف الحقيقة بالصفة‪.‬‬

‫وقال أبو سليمان الدارانى‪ :‬أنا ال أعرف التوكل إال بالصفة‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬التوكل هو القوة باالعتماد واليقين‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬التوكل إسقاط الخوف والرجاء ممن سوى هللا‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬التوكل طرح النفس فى العبودية‪ ،‬وتعلق القلب بالربوبية‪ ،‬والنظر إلى هللا بالكلية‪.‬‬

‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 219‬الى اآلية ‪)219‬‬

‫وتََقُّلبك ِفي َّ ِ‬
‫السا ِجد َ‬
‫ين‬ ‫َ ََ‬

‫قال الواسطى‪ :‬إثبات رؤية الكون على األزل‪.‬‬

‫وم} أثبت الرؤية فى الفقد‪ ،‬والوجود تقلبك فى الساجدين فى أصالب األنبياء‬ ‫{ال ِذي ير ِ‬
‫قال هللا جل جالله‪َّ :‬‬
‫ين تَُق ُ‬
‫اك ح َ‬
‫ََ َ‬
‫والمرسلين‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬تقلبك فى الساجدين تقلب وصفك على سنة األولياء واألنبياء‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬تقلب سرك فى القربة فإن السجود محل القربة‪ ،‬واالقت ارب‪.‬‬

‫اس ُج ْد َوا ْقتَ ِرب} [العلق‪.]19 :‬‬


‫{و ْ‬
‫قال هللا تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫فال زالت محل القدس ومشاهدة القرب تتقلب كما ال يزال كذلك‪.‬‬

‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 227‬الى اآلية ‪)227‬‬

‫َي ُمنَقَل ٍب‬


‫ظَل ُموْا أ َّ‬
‫ين َ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّللا َكِثي اًر وانتَصروْا ِمن بع ِد ما ُ ِ‬ ‫ِإالَّ َّال ِذين آمنوْا وع ِمُلوْا َّ ِ ِ‬
‫ظل ُموْا َو َسَي ْعَل ْم الذ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ َُ‬ ‫الصال َحات َوَذ َك ُروْا َّ َ‬ ‫َ َُ َ َ‬
‫َينَقلُِبو َن‬

‫َّللاَ َكِثي اًر} [اآلية‪.]227 :‬‬ ‫الصالِح ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ َّ ِ‬


‫ات َوَذ َك ُروْا َّ‬ ‫آمُنوْا َو َعمُلوْا َّ َ‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إال الذ َ‬
‫ين َ‬

‫قال الجنيد رحمه هللا‪ :‬الذكر الكثير هو دوام المراقبة فى جميع األحوال‪ ،‬وطرد الغفلة عن القلب‪.‬‬

‫قال أبو يزيد رحمه هللا‪ :‬الذكر الكثير ليس بالعد ولكنه بالحضور دون العادة والغفلة‪.‬‬

‫وقال محمد بن على الترمذى‪ :‬حقيقة اإليمان يلزم صاحبه حسن آداب العبودية والقيام بها ويفتح على القلوب أبواب‬
‫الذكر والقليل منها كثير‪ ،‬ويطرد عنها أنواع الغفالت‪.‬‬

‫َي ُمنَقَل ٍب َينَقلُِبو َن} [اآلية‪.]227 :‬‬


‫ظَل ُموْا أ َّ‬
‫ين َ‬ ‫َّ ِ‬
‫{و َسَي ْعَل ْم الذ َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬وسيعلم المعرض عنا ما الذى فاته منا قال بعضهم‪ :‬الظالم لنفسه الذى يشكر على نعم غير‬
‫هللا‪.‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬ظلم نفسه من ال يراها فى أسر القدرة‪ ،‬وفى قبضه العزة‪ ،‬وظن أنه مهمل فى تصرفاته‪.‬‬

‫سورة الشعراء (من اآلية ‪ 220‬الى اآلية ‪)220‬‬

‫يم‬‫ِ‬ ‫ِإَّنه هو َّ ِ‬
‫يع اْل َعل ُ‬
‫السم ُ‬ ‫ُ َُ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬سميع لدعوات عباده‪ ،‬عليم بوجوه مصالحهم‪.‬‬

‫وقال جعفر‪ :‬السميع من يسمع مناجاة األسرار‪ ،‬والعليم من يعلم أرداف الضمائر‪.‬‬

‫سمعت النصرآباذى يقول‪ :‬حقيقة الذكر أن يغيب الذاكر عن ذكره بمشاهدة المذكور ثم يغيب بمشاهدته فى مشاهدته‬
‫فيكون هو شاهد ً‬
‫حقا‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النمل (من اآلية ‪ 4‬الى اآلية ‪)4‬‬

‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ين الَ ُي ْؤ ِمُنو َن ِباآلخ َرِة َزيََّّنا َل ُه ْم أ ْ‬
‫َع َماَل ُه ْم َف ُه ْم َي ْع َم ُهو َن‬ ‫ِإ َّن الذ َ‬
‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ين الَ ُي ْؤ ِمُنو َن ِباآلخ َرِة َزيََّّنا َل ُه ْم أ ْ‬
‫َع َماَل ُه ْم} [اآلية‪.]4 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن الذ َ‬

‫شيئا من أوامره جعل عقوبته فى ذلك تزيين عمله فى قلبه فال‬


‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬من أعرض عن هللا أو خالف ً‬
‫يرى المخالفة‪ ،‬مخالفة حتى يعمى بالكلية عن طريق رشده إذ ذاك يكون الهالك‪ ،‬والوقوع فى محل البعد‪.‬‬

‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ين الَ ُي ْؤ ِمُنو َن ِباآلخ َرِة َزيََّّنا َل ُه ْم أ ْ‬
‫َع َماَل ُه ْم َف ُه ْم َي ْع َم ُهو َن}‪.‬‬ ‫قال هللا عز وجل‪ِ{ :‬إ َّن الذ َ‬

‫حكى عن بعض السلف‪ :‬أن رجالً قال‪ :‬يا رب كم أذنب فال تعاقب؟ فأوحى هللا إلى ِ‬
‫نبى وقته قل لصاحب هذا الكالم‬
‫كم أعاقبك وال تشعر ال عقوبة أشد من أن خليت بينك وبين مخالفتى‪.‬‬

‫سورة النمل (من اآلية ‪ 6‬الى اآلية ‪)6‬‬

‫آن ِمن َّل ُد ْن َح ِكي ٍم َعلِي ٍم‬


‫َوإَِّن َك َلُتَلَّقى اْلُق ْر َ‬

‫قال أبو بكر بن طاهر‪ :‬إنك لتتلقف القرآن من الحق حقيقة وإن كنت تأخذه فى‬

‫آن} [الرحمن‪.]2 ،1 :‬‬ ‫َّ‬


‫{الر ْح َمـ ُٰن َعل َم اْلُق ْر َ‬
‫الظاهر عن واسطة جبريل قال هللا تعالى‪َّ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال‪ :‬وإنك لتلقى القرآن‪.‬‬

‫سورة النمل (من اآلية ‪ 10‬الى اآلية ‪)11‬‬

‫اف َل َد َّي اْل ُم ْرَسُلو َن * ِإالَّ َمن‬ ‫آن وَّلى م ْدِب اًر وَلم يعِقب يٰموسى الَ تَخ ِ‬
‫ف ِإني الَ َي َخ ُ‬
‫َ ْ‬ ‫آها تَ ْهتَُّز َكأََّن َها َج ٌّ َ ٰ ُ َ ْ ُ َ ْ ُ َ ٰ‬ ‫اك َفَل َّما َر َ‬
‫ص َ‬‫َوأَْل ِق َع َ‬
‫ِ‬ ‫ظَلم ثُ َّم بَّدل حسناً بعد س ٍ ِ‬
‫يم‬ ‫وء َفِإني َغُف ٌ‬
‫ور َّرح ٌ‬ ‫َ َ َ َ ُ ْ ََْ ُ‬

‫اف َل َد َّي اْل ُم ْرَسُلو َن ِإالَّ َمن َ‬ ‫قوله عز وجل‪{ :‬الَ تَخ ِ‬
‫ظَل َم} [اآلية‪.]11 ،10:‬‬ ‫ف ِإني الَ َي َخ ُ‬
‫َ ْ‬

‫قال سهل‪ :‬لم تكن فى األنبياء والرسل ظالم‪ ،‬وإنما هذه مخاطبة لهم كناية بها عند‬

‫ط َّن َع َملُ َك} [الزمر‪ .]65 :‬وانما قصد بذلك‬ ‫قومهم كما للنبى صلى هللا عليه وسلم‪َ{ :‬لِئ ْن أ ْ‬
‫َش َرْك َت َلَي ْحَب َ‬

‫حذر‪.‬‬
‫إلى أمته فإنهم إذ سمعوا ما خوطب به النبى صلى هللا عليه وسلم من التحذير كانوا ًا‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬إال من ظلم برؤية النفس والتفات إليها‪ ،‬وقال إال من أغفل عن مصادره وموارده‪.‬‬

‫وقال القاسم‪ :‬إال من ظلم‪ ،‬إال من خاف غيرنا‪ ،‬ومن خاف غيرنا فال يخفه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النمل (من اآلية ‪ 8‬الى اآلية ‪)8‬‬

‫ِ‬ ‫الن ِار ومن حوَلها وسبحان َّ ِ‬ ‫ِ‬


‫َّللا َر ِب اْل َعاَلم َ‬
‫ين‬ ‫ك َمن في َّ َ َ ْ َ ْ َ َ ُ ْ َ َ‬ ‫َفَل َّما َجآء َها ُنوِد َي أَن ُب ِ‬
‫ور َ‬ ‫َ‬
‫ك َمن ِفي َّ‬
‫الن ِار َو َم ْن َح ْوَل َها} [اآلية‪.]8 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ{ :‬فَل َّما َجآء َها ُنوِد َي أَن ُب ِ‬
‫ور َ‬ ‫َ‬

‫نار فآنست بها‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬أصابتك بركة النار بموارد األنوار عليك ومخاطبة الحق إياك فإنك آنست فى الظاهر ًا‬
‫وكان فى الحقيقة أنو ٌار فأزال عنك أنسك بها‪ ،‬وخصك باألنس بمنورها‪ ،‬وكلمك‪ ،‬وثبتك عند الكالم‪ ،‬وخصصت بها من‬
‫بين جميع الرسل‪.‬‬

‫سورة النمل (من اآلية ‪ 15‬الى اآلية ‪)15‬‬

‫ِ‬ ‫ضَلنا عَلى َكِث ٍ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ َّ ِ‬ ‫وَلَق ْد آتَينا داوود وسَليم ِ‬


‫ير م ْن عَباده اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين‬ ‫ان عْلماً َوَقاالَ اْل َح ْم ُد ََّّلل الذي َف َّ َ َ ٰ‬
‫َْ َ ُ َ َ ُ ْ َ َ‬ ‫َ‬

‫ان ِعْلماً} [اآلية‪.]15 :‬‬


‫ود َو ُسَل ْي َم َ‬
‫{وَلَق ْد آتَْيَنا َد ُاو َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫وعلما بنفسه فأثبت لهما علمهما باهلل علم أنفسهم‪ ،‬وأثبت لهما علمهما بأنفسهما حقيقة‬
‫علما بربه‪ً ،‬‬
‫قال ابن عطاء‪ً :‬‬
‫العلم باهلل لذلك قال أمير المؤمنين على بن أبى طالب كرم هللا وجهه‪ :‬من عرف نفسه فقد عرف ربه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ان ِعْلماً} قال الجنيد‪ :‬علمناهم {بسم هللا َّ‬
‫الر ْح ٰم ِن الَّرِحيـمِ} فورث‬ ‫ود َو ُسَل ْي َم َ‬
‫{وَلَق ْد آتَْيَنا َد ُاو َ‬
‫قال الجنيد رحمه هللا‪ :‬فى قوله‪َ :‬‬
‫الر ْح ٰم ِن‬ ‫ِ‬
‫يم} ألنه مفتتح بـ {بسم هللا َّ‬ ‫اب َك ِر ٌ‬
‫ذلك سليمان من أبيه داود‪ ،‬وكتبه فى صدور كتبه فلذلك قالت بلقيس‪ :‬إنه {كتَ ٌ‬
‫مفتتحا بهذه الفاتحة‪.‬‬
‫ً‬ ‫الرِحيـمِ} ولم أر قبله‬
‫َّ‬

‫سورة النمل (من اآلية ‪ 16‬الى اآلية ‪)16‬‬

‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬


‫ين‬ ‫اس ُعلِ ْمَنا َمنط َق الط ْي ِر َوأُوِت َينا من ُك ِل َش ْيء ِإ َّن َهـٰ َذا َل ُه َو اْلَف ْ‬
‫ض ُل اْل ُمِب ُ‬ ‫ُّها َّ‬
‫الن ُ‬ ‫ال ٰيأَي َ‬
‫ود َوَق َ‬ ‫َوَوِر َث ُسَل ْي َم ُ‬
‫ان َد ُاو َ‬

‫ود} [اآلية‪.]16 :‬‬ ‫{وَوِر َث ُسَل ْي َم ُ‬


‫ان َد ُاو َ‬ ‫قوله عز وجل‪َ :‬‬

‫قال أبو بكر بن طاهر‪ :‬ورث سليمان من أبيه داود العلم وكذلك كانت وراثة األنبياء‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬ورث منه صدق االلتجاء الى ربه وتهرقة نفسه فى جميع األحوال‪.‬‬

‫الط ْي ِر} [اآلية‪.]16 :‬‬ ‫ِ‬


‫نطق َّ‬ ‫قوله تعالى‪ِ :‬‬
‫{عل ْمَنا َم َ‬
‫ُ‬

‫سمعت أبا عثمان المغربى يقول‪ :‬من صدق مع هللا فى أحواله فهم عنه كل شىء‪ ،‬وفهم عن كل شىء فيكون له فى‬
‫وبيانا يبينه‪.‬‬
‫علما يعلمه ً‬
‫أصوات الطير وصرير األبواب ً‬

‫سببا أال ترى هللا يقول ً‬


‫حاكيا‬ ‫قال محمد بن حامد العارف‪ :‬يرى فضل هللا عليه فى جميع األحوال وال يرى لنفسه ذلك ً‬
‫الط ْي ِر}‪.‬‬ ‫ِ‬
‫نطق َّ‬ ‫عن سليمان‪ ،‬ورؤية الفضل عن نفسه فى قوله ِ‬
‫{عل ْمَنا َم َ‬
‫ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النمل (من اآلية ‪ 18‬الى اآلية ‪)18‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حتَّ ٰى ِإ َذآ أَتَوا َعَل ٰى و ِاد َّ ِ‬


‫ودهُ َو ُه ْم الَ َي ْش ُع ُرو َن‬ ‫الن ْم ُل ْاد ُخُلوْا َم َساكَن ُك ْم الَ َي ْحط َمَّن ُك ْم ُسَل ْي َم ُ‬
‫ان َو ُجُن ُ‬ ‫ُّها َّ‬
‫الن ْمل َقاَل ْت َن ْمَل ٌة ٰيأَي َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫النمل ْاد ُخُلوْا مس ِ‬ ‫{حتَّ ٰى ِإ َذآ أَتَوا َعَل ٰى و ِاد َّ ِ‬
‫اكَن ُك ْم} [اآلية‪.]18:‬‬ ‫ََ‬ ‫ُّها َّ ْ ُ‬
‫الن ْمل َقاَل ْت َن ْمَل ٌة ٰيأَي َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬

‫سمعت أبا الحسن السالمى يقول‪ :‬تكلمت النملة بعشرة أجناس من الكالم نادت‪،‬‬

‫ونبهت‪ ،‬وسمعت‪ ،‬وأمرت ونصت وجددت‪ ،‬وخصت‪ ،‬وعمت‪ ،‬وأشارت وعذرت‪،‬‬

‫أما النداء فـ "يا" وأما التنبه فـ "يا أيها"‪ ،‬وأما سمعت فقولها "النمل"‪ ،‬وأما أمرت فقولها "أدخلوا" وأما نصت فقولها‬
‫"مساكنكم"‪ ،‬وأما جددت فقولها "ال يحطمنكم"‪ ،‬وأما خصت فقولها "سليمان"‪ ،‬وأما عمت فقولها "وجنوده"‪ ،‬وأما أشارت‬
‫فقولها "وهم"‪ ،‬وأما عزرت فقولها "ال يشعرون"‪ ،‬وأدت خمس حقوق‪ :‬حق هللا‪ ،‬وحًقا له‪ ،‬وحًقا لها‪ ،‬وحًقا لكم‪ ،‬فحق هللا‬
‫أنها استرعيت على النمل فرعتهم وأما حًقا له فأدت حق سليمان فى تنبيهه على حق النمل وأما حق لها فأنها أسقطت‬
‫جميعا فى‬
‫ً‬ ‫حق هللا عنها فى تضحيتها لهم‪ ،‬وأما حق لهم فإنها نصحتهم حتى دخلوا مساكنهم وأما حق لكم فللخلق‬
‫استرعاء من رعاه هللا حقه وحفظ ذلك عليهم قال النبى صلى هللا عليه وسلم‪" :‬أال كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته‬

‫‪".‬‬

‫سمعت محمد بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا بكر الحواس قال‪ :‬سمعت محمد بن على الترمذى يقول‪ :‬لم يضحك‬
‫سليمان فى عمره إال مرتين مرة يوم أُخذ الضحاك‪ ،‬ومرة حين أشرف على واد النمل‪ ،‬وذلك أنه رأى النمل على كبر‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ود ُه َو ُه ْم الَ َي ْش ُع ُرو َن}‬ ‫{اد ُخُلوْا َم َساكَن ُك ْم الَ َي ْحط َمَّن ُك ْم ُسَل ْي َم ُ‬
‫ان َو ُجُن ُ‬ ‫الثعالب لها خراطيم وأنياب‪ ،‬فقال رئيس النمل للنمل‪ْ :‬‬
‫نمل‬
‫فخرج كبير النمل فى عظم الجواميس فلما نظر إليه سليمان هاله فأراه الخاتم فخضع له ثم قال له هذه كلها ٌ‬
‫فقال‪ :‬إن النمل أكثر من ذلك إنها ثالثة أصناف صنف من الجبال‪ ،‬وصنف من القرى‪ ،‬وصنف من المدن‪ .‬فقال‬
‫سليمان‪ :‬اعرضها على‪ ،‬فقال له‪ :‬قف ثم نادى ملك النمل فأقبلت كراديس وعساكر فبقى سليمان سبعين‬

‫اقفا تمر هى عليه‪ ،‬فقال‪ :‬هل انقطعت عساكرهن فقال ملك النمل‪ :‬لو وقفت إلى يوم القيامة ما انقطعت‪.‬‬
‫يوما و ً‬
‫ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سمعت الحسين بن يحيى يقول‪ :‬سمعت جعفر الخلدى يقول‪ :‬سمعت الجنيد‬

‫رحمه هللا يقول‪ :‬قال سليمان عليه السالم لعظيم النمل لم قلت للنمل‪ :‬ادخلوا‬

‫ظلما؟ قال‪ :‬ال‪ ،‬ولكن خشيت أن يفتنوا بما يروا من‬


‫مساكنكم‪ ،‬أخفت عليهم منى ً‬

‫ملكك فيشغلهم ذلك عن طاعة ربهم‪.‬‬

‫سورة النمل (من اآلية ‪ 19‬الى اآلية ‪)19‬‬

‫َن أَعمل ِ‬ ‫ِ‬ ‫َِّ‬ ‫احكاً ِمن َقولِها وَقال ر ِب أَوِزعِني أَن أ ْ ِ‬
‫َفتَب َّسم ض ِ‬
‫ضاهُ‬
‫صالحاً تَ ْر َ‬
‫َش ُك َر ن ْع َمتَ َك التي أ َْن َع ْم َت َعَل َّي َو َعَل ٰى َوال َد َّي َوأ ْ ْ َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ َ َ َ ْ ْ‬ ‫َ َ َ‬
‫ين‬ ‫وأ َْد ِخْلِني ِبرحمِتك ِفي ِعب ِادك َّ ِ ِ‬
‫الصالح َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََْ َ‬ ‫َ‬

‫َش ُك َر ِن ْع َمتَ َك َّالِتي أ َْن َع ْم َت َعَل َّي} [اآلية‪.]19 :‬‬ ‫ِ‬


‫قوله تعالى‪{ :‬أ َْوِز ْعني أ ْ‬
‫َن أ ْ‬

‫ظا من النعمة لن يعدم الفوائد من ربه‪ ،‬والزوائد من أحواله وأقواله‪.‬‬


‫قال أبو عثمان‪ :‬من قسم له ح ً‬

‫ين} [اآلية‪.]19 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وأ َْد ِخْلِني ِبرحمِتك ِفي ِعب ِادك َّ ِ ِ‬
‫الصالح َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََْ َ‬ ‫َ‬

‫قال سهل رحمه هللا‪ :‬ارزقنى خدمة أوليائك ألكون فى جملتهم‪ ،‬وإن لم أصل إلى مقامهم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬أزل عنى رؤية األفعال‪ ،‬وأدخلنى برحمتك التى ال تشوبها العلل فى الذين أصلحتهم لمجاورتك‬
‫من خواص عبادك‪.‬‬

‫قال محمد بن على الترمذى‪ :‬ال تجعلنى ممن يمقتهم أولياؤك وحجبوا قلوبهم عنى‪.‬‬

‫سورة النمل (من اآلية ‪ 21‬الى اآلية ‪)21‬‬

‫ان ُّمِب ٍ‬
‫طٍ‬ ‫ذب َحَّن ُه أ َْو َلَيأِْتَيِني ِب ُسْل َ‬ ‫ِ‬ ‫أل ِ‬
‫ين‬ ‫ُعذَبَّن ُه َع َذاباً َشديداً أ َْو ألَْا َ‬
‫َ‬

‫ُع ِذَبَّن ُه َع َذاباً َش ِديداً} [اآلية‪.]21 :‬‬


‫قوله تعالى‪{ :‬أل َ‬

‫سئل الجنيد عن هذه اآلية‪ :‬ألفرقن بينه وبين ألفه‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬ألحوجنه إلى أجناسه‪.‬‬

‫وقال جعفر‪ :‬ألبلينه بشقاق السر‪.‬‬

‫َّ‬
‫أللزمنه صحبة األضداد فإن ذلك من أشد العذاب‪.‬‬ ‫وقال الخلدى‪:‬‬

‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا على الروذبارى يقول‪ :‬أضيق السجن معاشرة األضداد‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الجنيد رحمه هللا‪ :‬أللبسنه ثوب الطمع‪ ،‬وألحرمنه القناعة‪.‬‬

‫وقال رويم‪ :‬هو ضعف اليقين‪ ،‬وقلة الصبر‪.‬‬

‫وقال أبو بكر بن طاهر‪ :‬ألكلفه إلى حوله وقوته‪.‬‬

‫وقال يوسف بن الحسين‪ :‬ألر َّينه الباطل حًقا والحق باطالً‪.‬‬

‫قال أبو بكر الوراق‪ :‬ألعمين عليه طريق رشده‪.‬‬

‫قال‪ :‬ألبعدنه من مجالس الذاكرين‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬ألسلبنه حالوة العبادة واألنس بها‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬أللزمنه خدمة أقرانه‪.‬‬

‫سورة النمل (من اآلية ‪ 26‬الى اآلية ‪)26‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ش اْل َع ِظي ِم‬
‫َّللاُ الَ ِإَلـ َٰه ِإالَّ ُهو َر ُّب اْل َع ْر ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬

‫ش اْل َع ِظيمِ} [اآلية‪.]26 :‬‬


‫قوله تعالى‪{ :‬الَ ِإَلـ َٰه ِإالَّ ُهو َر ُّب اْل َع ْر ِ‬
‫َ‬

‫مكانا لذاته إذ الذات ممتنع عن اإلحاطة به‪ ،‬والوقوف عليه‪.‬‬


‫إظهار لقدرته ال ً‬
‫ًا‬ ‫قال الواسطى‪ :‬أظهر العرش‬

‫سورة النمل (من اآلية ‪ 29‬الى اآلية ‪)29‬‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يم‬ ‫ُّها اْل َمألُ ِإني أُْلق َي ِإَل َّي كتَ ٌ‬
‫اب َك ِر ٌ‬ ‫َقاَل ْت ٰيأَي َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يم} [اآلية‪.]29 :‬‬ ‫ُّها اْل َمألُ ِإني أُْلق َي ِإَل َّي كتَ ٌ‬
‫اب َك ِر ٌ‬ ‫قوله تعالى‪ٰ { :‬يأَي َ‬

‫الرِحيـمِ}‪ ،‬وقيل‪ :‬كرامته ختمه وقيل كرامته‬


‫الر ْح ٰم ِن َّ‬
‫قال مختوم مزين بزينته‪ ،‬وقيل‪ :‬فيه كرامة الكتاب ابتداؤه {بسم هللا َّ‬
‫عنوانه‪.‬‬

‫وقال الحسين‪ :‬بسم هللا منك بمنزلة كن منه فإذا أحسنت أن تقول‪ :‬بسم هللا تحققت األشياء بقولك‪ :‬بسم هللا كما تحقق‬
‫بقوله‪" :‬كن فيكون‪".‬‬

‫قال ابن طاهر‪ :‬لما قال هللا للقلم اكتب‪ .‬قال‪ :‬ما اكتب قال‪ :‬اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة فكتب بسم هللا الرحمن‬
‫مفتتحا بما افتتح به اللوح المحفوظ قالت‪ :‬هذا‬
‫ً‬ ‫الرحيم أى‪ :‬بك طهرت جميع األشياء ال بغيرك فلما رأت بلقيس كتابه‬
‫ِ‬
‫اب َك ِر ٌ‬
‫يم} أى‪ :‬كتاب كريم باالبتداء وال يبتدئ بالمكاتبة إال كريم‪.‬‬ ‫{كتَ ٌ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫على أخذ بجوامع قلبى فليس لى عنه جواب‪ ،‬وال لى معه خطاب إال االنقياد له‪،‬‬
‫قال بعضهم‪ :‬كتاب كريم أى مبارك َّ‬
‫وال يكون مثل هذا إال كتاب كريم‪.‬‬

‫قال القاسم‪ :‬الحترامها الكتاب وتعظيمها له رزقت الهداية حتى آمنت وصدقت‪ ،‬وكذلك الحرمات تؤثر بركاتها على‬
‫أربابها ولو بعد حين‪.‬‬

‫سورة النمل (من اآلية ‪ 34‬الى اآلية ‪)34‬‬

‫َهلِ َهآ أ َِذَّل ًة َوَك ٰذلِ َك َيْف َعُلو َن‬ ‫ِ‬


‫وك ِإ َذا َد َخُلوْا َق ْرَي ًة أَْف َس ُد َ‬
‫وها َو َج َعُلوْا أَعَّزَة أ ْ‬ ‫َقاَل ْت ِإ َّن اْل ُمُل َ‬

‫وك ِإ َذا َد َخُلوْا َق ْرَي ًة أَْف َس ُد َ‬


‫وها} [اآلية‪.]34 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن اْل ُمُل َ‬

‫قال جعفر الصادق‪ :‬أشار الى قلوب المؤمنين أن المعرفة إذا دخلت القلوب زالت عنه األمانى‪ ،‬والمرادات أجمع فال‬
‫يكون فى القلب محل لغير هللا‪.‬‬

‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬إذا ظهر سلطان الحق‪ ،‬وتعظيمه فى القلب تالشت الغفالت واستولت عليه الهيبة واألحوال‬
‫فال يبقى فيه تعظيم لشىء سوى الحق وال يشغل جوارحه إال بطاعته‪ ،‬ولسانه إال بذكره‪ ،‬وال قلبه إال باإلقبال عليه‪.‬‬

‫سئل بعضهم‪ :‬عن نعت العارف فقال‪ :‬إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها أى يفسدوا ما لغيرهم فيها وجعلوا الحظوظ‬
‫احدا‪.‬‬
‫ظا و ً‬
‫كلها ح ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وك ِإ َذا َد َخُلوْا} اآلية أى عطلوها عما سواه وجعلوا أعزة أهلها أذلة كما كان أعز فى‬
‫وقال الواسطى‪ :‬فى قوله‪ِ{ :‬إ َّن اْل ُمُل َ‬
‫عينه وقلبه صار ذليالً طر ًيدا عن قلبه‪ ،‬وحق لهم ذلك وقد غيبهم حال عن كل وارد فى الحال فأسرارهم عن سرهم‬
‫نافذة وأماكنهم عن أماكنهم عليه ألن الحق الحظهم بعناية القدرة واشتمال التولى والنصرة فحمل عنهم ما حملهم من‬
‫أثقال هدايته‪ ،‬وواليته قوله تعالى‪{َ :‬ب ْل أَنتُ ْم ِب َه ِديَِّت ُك ْم َتْف َر ُحو َن} [اآلية‪.]36 :‬‬

‫قال جعفر‪ :‬الدنيا أصغر عند هللا وعند أنبيائه وأوليائه من أن يفرحوا بها ويحزنوا عليها‪.‬‬

‫سورة النمل (من اآلية ‪ 40‬الى اآلية ‪)40‬‬

‫ض ِل َربِي‬ ‫ِ‬
‫ال َهـٰ َذا من َف ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫يك ِب ِه َقْب َل أَن َي ْرتََّد ِإَل ْي َك َ‬
‫ط ْرُف َك َفَل َّما َرآهُ ُم ْستَق اًر ع َندهُ َق َ‬
‫ِ‬ ‫َقال َّال ِذي ِع َنده ِعْلم ِم َن اْل ِكتَ ِ‬
‫اب أََن ْا آت َ‬ ‫ُ ٌ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لَِيْبُل َوِني أَأ ْ‬
‫َش ُك ُر أ َْم أَ ْكُف ُر َو َمن َش َك َر َفإَّن َما َي ْش ُك ُر لَنْفسه َو َمن َكَف َر َفإ َّن َربِي َغن ٌّي َك ِر ٌ‬
‫يم‬

‫يك ِب ِه} [اآلية‪.]40 :‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬قال َّال ِذي ِع َنده ِعْلم ِم َن اْل ِكتَ ِ‬
‫اب أََن ْا آت َ‬ ‫ُ ٌ‬ ‫َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬هو آصف نظر إلى عين الجمع‪ ،‬وتكلم عن حقيقة جمع الجمع فقال‪ :‬أنا آتيك به‪ ،‬والهاء راجع إلى‬
‫أيضا أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك قال بعضهم‪ :‬فى‬‫الحق أى باهلل عونه ونصرته‪ ،‬وقيل‪ :‬على لسان الجمع ً‬
‫وعلم لمجارى الغيوب فعلم أن هللا يريد أن يأتى سليمان عليه‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫قوله {الذي ع َندهُ عْل ٌم م َن اْلكتَاب} أى أنظر فى الغيب‪ٌ ،‬‬
‫السالم بذلك فأخبر عن حقيقة الغيب‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬أنا آتيك به أى باهلل ال بالحيل‪.‬‬

‫ض ِل َربِي لَِيْبُل َوِني أَأ ْ‬


‫َش ُك ُر أ َْم أَ ْكُف ُر} [اآلية‪.]40 :‬‬ ‫ِ‬
‫{هـٰ َذا من َف ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال أبو بكر بن طاهر‪ :‬أحسن عباد هللا حاالً من يرى فضل هللا عليه فى كل أوقاته وال يغفل عن شكر إنعامه وزوائد‬
‫منته لديه‪.‬‬

‫وقال جعفر‪ :‬من رأى فضل هللا عليه أرجو أن ال يهلك‪.‬‬

‫{و َمن َش َك َر َفِإَّن َما َي ْش ُك ُر لَِنْف ِس ِه} [اآلية‪.]40 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫ليس للخلق فيه شىء بأواصله يدعوكم ليغفر لكم ومن كفر فإن ربى غنى كريم عن شكر الشاكرين وقيام القائمين‬
‫ٌ‬
‫وذكر الذاكرين‪.‬‬

‫سمعت محمد بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت الشبلى يقول‪ :‬الشكر هو الخمود تحت المنة‪.‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬فى شكر إبطال رؤية الفضل كيف يوازى شكر الشاكرين فضله‪ ،‬وفضله تميم وشكرهم محدث؟ َ‬
‫{و َمن‬
‫َش َك َر َفِإَّن َما َي ْش ُك ُر لَِنْف ِس ِه} ألنه غنى عنه وعن شكره‪.‬‬

‫{و َمن‬
‫فال الجنيد رحمه هللا‪ :‬الشكر فيه علة ألنه يطلب لنفسه المزيد‪ ،‬وهو واقف مع رؤية حظ نفسه قال هللا تعالى‪َ :‬‬
‫َش َك َر َفِإَّن َما َي ْش ُك ُر لَِنْف ِس ِه} أى طالب للمزيد‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬من شكر فإنما يشكر لنفسه‪ ،‬ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه‪ ،‬وإن أحسنتم أحسنتم ألنفسكم‪ .‬قال ليس‬
‫قليل‪ ،‬وال كثير فإنه أجل من أن يلحقه ثناء ُم ٍ‬
‫ثن‪ ،‬أو شكر شاكر أخبر أن العلو‪ ،‬والشرف‪ ،‬والجالل له‬ ‫للحق فيه ٌ‬
‫دونهم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫{و َمن َش َك َر َفِإَّن َما َي ْش ُك ُر لَِنْف ِس ِه} أى‪ :‬ما كان‬
‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬دعا خلقه إلى شكره ثم قطعهم عنه جملة بقوله‪َ :‬‬
‫موجبا للشكر لئال تب أر عن النفس عند ذلك‪.‬‬ ‫ً‬ ‫منكم فهو لكم‪ ،‬وما كان منى فهو إليكم ليكون محل الشكر‬

‫سورة النمل (من اآلية ‪ 48‬الى اآلية ‪)48‬‬

‫صلِ ُحو َن‬ ‫ان ِفي اْلم ِد َين ِة ِت ْس َع ُة َرْه ٍط ُيْف ِس ُدو َن ِفي األ َْر ِ‬
‫ض َوالَ ُي ْ‬ ‫َ‬ ‫َوَك َ‬

‫ان ِفي اْل َم ِد َين ِة ِت ْس َع ُة َرْه ٍط} [اآلية‪.]48 :‬‬


‫{وَك َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬يبيحون عورات النساء وال يقبلون لهم عثرة‪ ،‬وال يسترون لهم حرمة‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬يأمرون بالباطل وينهون عن الحق‪.‬‬

‫وقال الحسن البصرى‪ :‬يعينون الظالمين على ظلمهم‪ ،‬وال يمنعونهم منه‪.‬‬

‫سورة النمل (من اآلية ‪ 50‬الى اآلية ‪)50‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َو َم َك ُروْا َم ْك اًر َو َم َك ْرَنا َم ْك اًر َو ُه ْم الَ َي ْش ُع ُرو َن‬

‫قال الصادق‪ :‬مكر هللا أخفى من دبيب النمل على صخرة سوداء فى ليلة ظلماء‪.‬‬

‫قال النووى‪ :‬المعصية ال تخلو من الخذالن‪ ،‬والطاعة ال تخلوا من المكر‪.‬‬

‫قال الشبلى‪ :‬اخترنا طريقة التصوف ليكون سالمة من مكر هللا فإذا كله مكر‪.‬‬

‫قال النووى‪ :‬المكر ال يفهمه إال الواصلون وأما المريد فإنه ال يعرف ذلك ألنه فى حرقة‪.‬‬

‫مكر‪ ،‬وما كان منه فى البعد فهو حجاب‪.‬‬


‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬ما كان منه فى القرب فهو ٌ‬

‫يعم الظاهر‪ ،‬واالستدراج يعم الباطن‪.‬‬


‫قال الشبلى‪ :‬المكر ُ‬

‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬المكر هو المشى على الماء والمشى فى الهواء وصدق الوهم وصحة اإلشارة فى كل هذا‬
‫مكر لمن علم‪.‬‬

‫قال الثورى‪ :‬لوال المكر ما طاب عيش األولياء‪.‬‬

‫سورة النمل (من اآلية ‪ 52‬الى اآلية ‪)52‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫آلي ًة ِلَق ْو ٍم َي ْعَل ُمو َن‬ ‫ِ ِٰ‬ ‫َفِتْل َك ُبُيوتُ ُه ْم َخ ِاوَي ًة ِب َما َ‬
‫ظَل ُموْا ِإ َّن في ذل َك َ‬

‫قوله تعالى‪َ { :‬فِتْل َك ُبُيوتُ ُه ْم َخ ِاوَي ًة ِب َما َ‬


‫ظَل ُموْا} [اآلية‪.]52 :‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬قلوبهم قاسية بما عصوا‪.‬‬

‫وقال سهل‪ :‬اإلشارة فى البيوت إلى القلوب فمنها عامرة بالذكر‪ ،‬ومنها خرابة بالغفلة‪ ،‬ومن ألهمه هللا الذكر فقد خلصه‬
‫من الظلم‪.‬‬

‫وقال ذو النون‪ :‬إن القلوب إذا بعدت عن هللا مِق ِ‬


‫تت القائمين بحق هللا‪.‬‬ ‫ُ‬

‫وقال يوسف بن الحسين‪ :‬من لم يراع قلبه عند كل خطرة وفكرٍة دخل عليه الخلل من وجوه ال يمكنه تداركها‪ ،‬والسعيد‬
‫أبدا‪.‬‬
‫ظا ً‬‫من نبه عن الخطرات فى وقته ليتداركها بعون هللا ومشيئته فيكون القلب متيق ً‬

‫سمعت النصرآباذى يقول‪ :‬مراقبة األسرار من عالمة التيقظ‪.‬‬

‫وقال أبو حفص‪ :‬خراب القلب قلة الحزن‪ ،‬والحزن عمارة القلب أال ترى النبى صلى هللا عليه وسلم يقول‪" :‬إن هللا يحب‬
‫كل قلب حزين‬

‫‪".‬‬

‫سورة النمل (من اآلية ‪ 59‬الى اآلية ‪)59‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ ِ ِ َّ ِ‬ ‫ِِ‬
‫َما ُي ْش ِرُكو َن‬
‫آَّللُ َخ ْيٌر أ َّ‬
‫طَف ٰى َء َّ‬
‫اص َ‬ ‫ُق ِل اْل َح ْم ُد ََّّلل َو َسالَ ٌم َعَل ٰى عَباده الذ َ‬
‫ين ْ‬
‫ِ ِ ِ َّ ِ‬ ‫ِِ‬
‫طَف ٰى} [اآلية‪.]59 :‬‬
‫اص َ‬ ‫قوله تعالى‪ُ{ :‬ق ِل اْل َح ْم ُد ََّّلل َو َسالَ ٌم َعَل ٰى عَباده الذ َ‬
‫ين ْ‬

‫السر‪ ،‬وجعل حياته فى ذكره‪ ،‬وخلق الظاهر وجعل حياته فى حمده وشكره وجعل عليهما‬
‫قال سهل‪ :‬خلق هللا تعالى َّ‬
‫الحقوق وهى الطاعات‪.‬‬

‫طَف ٰى} قال‪ :‬هم أهل القرآن يلحقهم من هللا السالم فى العاجل بقوله‪:‬‬ ‫اص َ‬ ‫ِ ِ ِ َّ ِ‬
‫ين ْ‬‫{سالَ ٌم َعَل ٰى عَباده الذ َ‬
‫وقال سهل فى قوله‪َ :‬‬
‫طَف ٰى} وسالم فى األجل وهو قوله‪َ { :‬سالَ ٌم َق ْوالً ِمن َّر ٍب َّرِحيمٍ} [يس‪.]58 :‬‬ ‫اص َ‬ ‫ِ ِ ِ َّ ِ‬
‫ين ْ‬ ‫{سالَ ٌم َعَل ٰى عَباده الذ َ‬
‫َ‬

‫قال الحسن‪ :‬ما من نعمة إال والحمد أفضل منها‪ ،‬والحمد النبى عليه السالم‪ ،‬والمحمود هللا جل جالله‪ ،‬والحامد العبد‬
‫والحميد حاله الذى يوصل بالمزيد‪.‬‬

‫{سالَ ٌم َعَل ٰى ِعَب ِادِه} قال‪ :‬من سلم هللا عليه فى األزل سلم من المكاره فى األبد‪.‬‬
‫وقال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬فى قوله‪َ :‬‬

‫وقال‪ :‬قرأت هذه اآلية بين يدى جعفر بن محمد فبكى ثم قال‪ :‬سبحان من اصطفاهم لمعرفته‪ ،‬وسالم عليهم قبل‬
‫المعرفة‪.‬‬

‫صَب ْرتُ ْم}‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ َّ ِ‬


‫{سالَ ٌم َعَل ْي ُكم ب َما َ‬
‫طَف ٰى} قال عند دخول الجنة بقول‪َ :‬‬
‫اص َ‬
‫ين ْ‬
‫{سالَ ٌم َعَل ٰى عَباده الذ َ‬
‫قال بعضهم فى قوله‪َ :‬‬
‫[الرعد‪.]24 :‬‬

‫{سالَ ٌم َعَل ٰى ِعَب ِادِه‬


‫اختصاصا غير ذاته بقوله‪َ :‬‬
‫ً‬ ‫وقال الواسطى رحمه هللا‪ :‬لم يجعل الحق وسيلة إلى نفسه غير نعته وال‬
‫طَف ٰى} فلم يجعل هاهنا اسم نعت‪ ،‬وجعل اسم حقيقة ألن الهاء تخبر عن حقيقة الذات ال غير‪.‬‬
‫اص َ‬ ‫َّ ِ‬
‫ين ْ‬
‫الذ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال‪ :‬السالم على خبرين‪ :‬من جهة الرضوان‪ ،‬ودار السالم‪ ،‬والسالم َّ‬
‫سلمهم من شواهدهم‪ ،‬والسالم لألكابر سلمهم‬
‫بشاهده عن أن يتعلقوا بشواهدهم‪ ،‬ويجعلوها سبب الوسائل إلى السالمة‪.‬‬

‫وقال بعضهم فى قوله‪ُ{ :‬ق ِل اْل َح ْم ُد ََِّّللِ} ولم يقل "رب العالمين" قيل‪ :‬ترك "رب العالمين" ها هنا طاعة‪ ،‬وربما يكون‬
‫طَف ٰى} الذين َّنورهم بنور‬
‫اص َ‬ ‫ِ ِ ِ َّ ِ‬
‫ين ْ‬
‫{سالٌَم َعَل ٰى عَباده الذ َ‬
‫ترك الطاعة فى بعض األوقات نفس الطاعة وقيل فى قوله‪َ :‬‬
‫االيمان‪ ،‬وقدسهم بضياء التوفيق َّ‬
‫ودلهم منه عليه‪.‬‬

‫ين‬ ‫ِ ِ ِ َّ ِ‬
‫{سالَ ٌم َعَل ٰى عَباده الذ َ‬
‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬خص الحق الخلق بخصوصيته حيث أضافهم إلى نفسه بقوله‪َ :‬‬
‫أبدا‬
‫طَف ٰى} فجعل لالسم اسم حقيقة ال اسم نعت ً‬
‫اص َ‬
‫ْ‬

‫لهم من فضله قبل أن أظهره عليهم‪.‬‬

‫سورة النمل (من اآلية ‪ 60‬الى اآلية ‪)60‬‬

‫ان َل ُك ْم أَن تُنِبتُوْا َش َج َرَها أَِإَلـ ٌٰه‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َنزل َل ُكم ِمن َّ ِ‬ ‫َمن خَلق َّ ِ‬
‫َنب ْتَنا ِبه َح َدآئ َق َذ َ‬
‫ات َب ْه َجة َّما َك َ‬ ‫آء َفأ َ‬
‫الس َمآء َم ً‬ ‫الس َٰم َٰوت َواأل َْر َ‬
‫ض َوأ َ َ ْ َ‬ ‫أ َّ ْ َ َ‬
‫َّللاِ َب ْل ُه ْم َق ْوٌم َي ْع ِدُلو َن‬
‫َّم َع َّ‬

‫ات َب ْه َج ٍة} [اآلية‪.]60 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫َنب ْتَنا ِبه َح َدآئ َق َذ َ‬
‫آء َفأ َ‬
‫َنزل َل ُكم ِمن َّ ِ‬
‫الس َمآء َم ً‬ ‫ض َوأ َ َ ْ َ‬
‫ِ‬
‫الس َم َاوات َواأل َْر َ‬
‫َم ْن َخَل َق َّ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬أ َّ‬

‫نور يظهر فال تبقى معها شىء‬ ‫السر بما ظهر على قلب العبد من الرب والبهجة ٌ‬
‫وقال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬إذا بهج َّ‬
‫من الظلمة ال ظلمة الجهل‪ ،‬وال ظلمة الريب والشك وال االشتغال بشىء سواه وهو عالمة السكون باهلل‪ ،‬واالنقطاع إلى‬
‫هللا‪ ،‬واالعتماد عليه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النمل (من اآلية ‪ 61‬الى اآلية ‪)61‬‬

‫ض َق َار اًر َو َج َع َل ِخالََل َهآ أ َْن َها اًر َو َج َع َل َل َها َرَو ِاس َي َو َج َع َل َب ْي َن اْلَب ْح َرْي ِن َحا ِج اًز أَِإَلـ ٌٰه َّم َع هللا َب ْل أَ ْكثَ ُرُه ْم الَ‬
‫َمن َج َع َل األ َْر َ‬ ‫أ َّ‬
‫َي ْعَل ُمو َن‬

‫ض َق َار اًر َو َج َع َل ِخالََل َهآ أ َْن َها اًر} [اآلية‪.]61 :‬‬


‫َمن َج َع َل األ َْر َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬أ َّ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬النفس خلقت من األرض فسماها هللا بها لمجاورتها لها‪ ،‬وقربها‬

‫أعينا ناظرة‬
‫أنهار ألسن ٌة ناطقة بالذكر و ً‬
‫فقال‪ :‬من جعل للنفوس القرار عند المناجاة فى أوان الحزمة‪ ،‬وجعل خاللها ًا‬
‫مخاطبا به على لسان السفر أو الوسائط وجعل بهذه األنفس رحمة وهم الرواسى‬
‫ً‬ ‫أسماعا واعية عن الحق‬
‫بالعبرة و ً‬
‫القطب من األولياء يرجعون إليهم عند العثرات فيقومونهم بتقويم الحق‪ ،‬ويردونهم إلى طرق الرشاد‪.‬‬

‫{و َج َع َل َب ْي َن اْلَب ْح َرْي ِن َحا ِج اًز} [اآلية‪.]61 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫بين أوقات الذكر‪ ،‬وأوقات الغفلة هل أحد يستحق األلهية إال من يقدر على مثل هذه اللطائف‪.‬‬

‫وقال جعفر‪ :‬من جعل قلوب أوليائه مستقر معرفته‪ ،‬وجعل فيها أنوار الزوائد من بره فى كل نفس وأثبتها بحبال‬
‫حاجز أى القلب والنفس لئال يقلب عليه النفس‬
‫ًا‬ ‫التوكل‪ ،‬وزينها بأنوار اإلخالص واليقين والمحبة‪ ،‬وجعل بينهما‬
‫وظلماتها‪ .‬فيظلمها فجعل الحاجز بينهما التوفيق‪ ،‬والعقل‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النمل (من اآلية ‪ 62‬الى اآلية ‪)62‬‬

‫َّللاِ َقِليالً َّما تَ َذ َّك ُرو َن‬


‫ض أَِإَلـ ٌٰه َّم َع َّ‬
‫السوء وَي ْج َعُل ُكم ُخَلَفآء األ َْر ِ‬
‫ْ‬ ‫ف ُّ َ َ‬
‫ِ‬
‫طَّر ِإ َذا َد َعاهُ َوَي ْكش ُ‬
‫ضَ‬‫يب اْل ُم ْ‬ ‫أ َّ ِ‬
‫َمن ُيج ُ‬
‫َ‬

‫طَّر ِإ َذا َد َعاهُ} [اآلية‪.]62 :‬‬


‫ضَ‬‫يب اْل ُم ْ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أ َّ ِ‬
‫َمن ُيج ُ‬

‫قال سهل‪ :‬أهل الدعوة صنفين من الناس‪ :‬مستجابة ال محالة‪.‬‬

‫طَّر ِإ َذا َد َعاهُ} والنبى صلى هللا عليه‬


‫ضَ‬‫يب اْل ُم ْ‬ ‫وكافر دعاء المضطر‪ ،‬ودعاء المظلوم ألن هللا يقول‪{ :‬أ َّ ِ‬
‫َمن ُيج ُ‬ ‫ًا‬ ‫مؤمناً‬
‫وسلم يقول‪" :‬دعاء المظلوم يرفع فوق الحجاب" ويقول هللا عز وجل ‪:‬‬

‫"وعزتى ألنصرنك ولو بعد حين‬

‫‪".‬‬

‫قال سهل رحمه هللا‪ :‬المضطر هو المنبرى من الحول والقوة واألسباب المذمومة‪.‬‬

‫وقال‪ :‬المضطر الذى إذا رفع يده ال يرى لنفسه حسنة غير التوحيد ويكون منه على ٍ‬
‫خطر‪.‬‬

‫َّ‬
‫كالمعطل فى مقابره قد أشرف على الهالك‪.‬‬ ‫وقال ابن عطاء فى هذه اآلية‪ :‬أحوال المضطر أن يكون كالغريق أو‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َمن‬
‫وقال عمرو المكى‪ :‬أوجب هللا على نفسه هلل أعين له بصفة الخصوص لإلجابة وهو المضطر‪ :‬قال هللا تعالى‪{ :‬أ َّ‬
‫طَّر ِإ َذا َد َعاهُ}‪.‬‬
‫ضَ‬‫يب اْل ُم ْ‬ ‫ِ‬
‫ُيج ُ‬

‫وقال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬كمثل الطفل يلعب بين يدى أبويه ويلهو فإذا أصابته نائبة فزع إليهما ال يرى سواهما مفزًعا‬
‫مضطر ألنه ال يرى سواه مفزًعا‪.‬‬
‫ًا‬ ‫كذلك الموت يتقلب فى العوافى وإذا بدأ له عين من أعين البالء فزع إلى ربه‬

‫وقال أبو عثمان‪ :‬المضطر الخالى من أفعاله‪ ،‬وأحواله وأذكاره وأقواله الملقى عنانه إلى سيده‪ ،‬وال يلتفت إلى سواه‪ ،‬وال‬
‫حبا منه يتنفس تنفس المكروب‪ ،‬ويتحرك تحرك المقيد ويفرح فرح المسجون ال له حركة‪ ،‬وال قرار‪ ،‬وال‬
‫ينظر إليه ً‬
‫مأوى‪ ،‬وال مسكن وال‬

‫مرجع يرجع إليه ينظر فى الخلق فيراهم مرة لما يرى من فساد أمره‪ ،‬يضحك الخلق ويبكى‪ ،‬ويفرح الخلق ويحزن‪،‬‬
‫ويأكل الخلق ويجوع‪ ،‬ويروى الخلق ويعطش‪ ،‬وينام الخلق ويسهر ومع هذا كله يدرس كل يوم ديوان شقاوته‪ ،‬ويرى أنه‬
‫طَّر ِإ َذا َد َعاهُ} أى من يقدر على كشف‬
‫ضَ‬ ‫أشقى ٍ‬
‫عبد لربه‪ ،‬والذى يرجو بركة دعائه قال هللا تعالى‪{ :‬أ َّ ِ‬
‫يب اْل ُم ْ‬
‫َمن ُيج ُ‬
‫هذه المحن عن قلوب عباده إال من أبالهم بها‪.‬‬

‫وسأل بعضهم من المضطر؟ قال النبى عليه السالم إذا رفع يده ال يرى لنفسه ً‬
‫شيئا‪.‬‬

‫سورة النمل (من اآلية ‪ 63‬الى اآلية ‪)63‬‬

‫َّللاُ َع َّما ُي ْش ِرُكو َن‬ ‫اح ُب ْش َاًر َب ْي َن َي َد ْي َر ْح َمِت ِه أَِإَلـ ٌٰه َّم َع َّ‬
‫َّللاِ تَ َعاَلى َّ‬ ‫ظُلم ِ‬
‫ات اْلَب ِر َواْلَب ْح ِر َو َمن ُي ْرِس ُل ِ‬
‫الرَي َ‬
‫َمن يه ِد ُ ِ‬
‫يك ْم في ُ َ‬ ‫أ َّ َ ْ‬
‫ظلُم ِ‬
‫ات اْلَب ِر َواْلَب ْح ِر} [اآلية‪.]63 :‬‬ ‫َمن يه ِد ُ ِ‬
‫يك ْم في ُ َ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أ َّ َ ْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬من يهديكم على عذر نفوسكم‪ ،‬وفساد طباعكم ويزيل عنكم وساوس قلوبكم‪ ،‬ويعينكم على استقامتها إال‬
‫هللا‪ ،‬ومن يرسل رياح فضله بين يدى أنوار معرفته إال هللا وهل يقدر عليه أحد سواه؟‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬من أرسل رياح كرمه على قلوب أهل صفوته فيظهرها من أنواع المخالفات ثم يزينها بأنوار اإليمان‬
‫ويؤيدها برحمة التوفيق‪.‬‬

‫سورة النمل (من اآلية ‪ 64‬الى اآلية ‪)64‬‬

‫َّللاِ ُقل هاتُوْا بره َان ُكم ِإن ُكنتُم ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َمن يبدؤْا اْلخْلق ثُ َّم يعيده ومن يرُزُق ُكم ِمن َّ ِ‬
‫ين‬
‫صادق َ‬‫ْ َ‬ ‫الس َمآء واأل َْرض أَإَلـ ٌٰه َّم َع َّ ْ َ ُ ْ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫أ َّ َ ْ َ ُ َ َ ُ ُ ُ َ َ َ ْ‬

‫َمن َي ْب َدأُ اْل َخْل َق ثُ َّم ُي ُ‬


‫عيدهُ} [اآلية‪.]64 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أ َّ‬

‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬أبدأ الخلق بقدرته وإنفاذ المشيئة‪.‬‬

‫قوله تعالى‪ُ{ :‬ق ْل َهاتُوْا ُب ْرَه َان ُك ْم} [اآلية‪.]64 :‬‬

‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬صححوا برهانكم لتعلموا أن ال برهان لكم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النمل (من اآلية ‪ 65‬الى اآلية ‪)65‬‬

‫َّان ُي ْب َعثُو َن‬


‫َّللاُ َو َما َي ْش ُع ُرو َن أَي َ‬ ‫الس ٰم ٰو ِت واأل َْر ِ‬
‫ض اْل َغ ْي َب ِإالَّ َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ُقل ال َي ْعَل ُم َمن في َّ َ‬

‫ض اْل َغ ْي َب ِإالَّ َّ‬


‫َّللاُ} [اآلية‪.]65 :‬‬ ‫السماو ِ‬
‫ات واأل َْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫قوله تعالى‪ُ{ :‬قل ال َي ْعَل ُم َمن في َّ َ‬

‫أحد ما سبق‬
‫أحد من عبيده مكره فال يعلم ٌ‬
‫أحدا لئال يأمن ٌ‬
‫قال سهل‪ :‬خفى غيبه عن الخلق لجبروته‪ ،‬ولم يطلع عليه ً‬
‫له منه همهم فى اتهام العواقب ومجارى السوابق لئال يدعو ما ال يليق بهم من أنواع الدعاء فى المعرفة والمحبة‬
‫وغيرها‪.‬‬

‫سورة النمل (من اآلية ‪ 73‬الى اآلية ‪)73‬‬

‫اس َوَلـ ِٰك َّن أَ ْكثَ َرُه ْم الَ َي ْش ُك ُرو َن‬ ‫ض ٍل َعَلى َّ‬
‫الن ِ‬ ‫َوإِ َّن َرب َ‬
‫َّك َل ُذو َف ْ‬

‫اس} [اآلية‪.]73 :‬‬ ‫ض ٍل َعَلى َّ‬


‫الن ِ‬ ‫{وإِ َّن َرب َ‬
‫َّك َل ُذو َف ْ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال سهل‪ :‬منعه فضل وعطاؤه فضل‪ ،‬ولكن ال يعرف مواضع فضله إال خواص األولياء‪.‬‬

‫سمعت عبد هللا الرازى يقول‪ :‬سمعت أبا عثمان يقول قلت ألبى حفص‪ :‬فى وقت وفاته أوصنى‪ :‬قال‪ :‬من تقصيره‬
‫على الدوام‪ ،‬ويرى فضل هللا عليه فى جميع األوقات أرجو أن ال يهلك‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة النمل (من اآلية ‪ 74‬الى اآلية ‪)74‬‬

‫ورُه ْم َو َما ُي ْعلُِنو َن‬ ‫ِ‬


‫َّك َلَي ْعَل ُم َما تُك ُّن ُ‬
‫ص ُد ُ‬ ‫َوإِ َّن َرب َ‬

‫قال الجنيد رحمه هللا‪ :‬ما تكن صدورهم من محبته‪ ،‬وما يعلنون من خدمته‪.‬‬

‫سورة النمل (من اآلية ‪ 79‬الى اآلية ‪)79‬‬

‫َّللاِ ِإَّن َك َعَلى اْل َح ِق اْل ُمِب ِ‬


‫ين‬ ‫َفتََوَّك ْل َعَلى َّ‬

‫قال بعضهم‪ :‬التوكل سكون القلب الى هللا‪ ،‬وطمأنينة الجوارج عند مصادمة المهوالت حينئذ تظهر للمتوكل الثقة باهلل‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬ال يزول التوكل بتملك المال‪ ،‬وال يصح التوكل بعدمه واالستقالل‪ ،‬وانما ينقص التوكل اضطراب القلب‪،‬‬
‫ويزيد فى التوكل سكون القلب‪.‬‬

‫سمعت محمد بن عبد هللا الرازى يقول‪ :‬سمعت حيز النشاج يقول‪ :‬سمعت أبا حمزة يقول‪ :‬إنى ألستحى من هللا أن‬
‫أدخل البادية وأنا شبعان وقد اعتقدت التوكل لئال يكون سعى على الشبع زًادا تزودته‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سمعت محمد بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا عثمان الدارسى يقول‪ :‬سمعت إبراهيم الخواص يقول‪ :‬من ادعى التوكل‬
‫والتفت فى طريقه إلى الوراء فهو كذاب‪.‬‬

‫سمعت أبا الحسين الفارسى يقول‪ :‬سمعت جعفر الخواص رحمه هللا يقول‪ :‬وقد سئل عن التوكل؟ فقال‪ :‬أخذ السبب‬
‫من هللا‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمه هللا‪ :‬من توكل على هللا لعلة غير هللا قلبه بمتوكل على هللا‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬التوكل أن ال تقصى هللا من أحد رزقك‪.‬‬

‫سورة النمل (من اآلية ‪ 80‬الى اآلية ‪)80‬‬

‫َّ‬
‫آء ِإ َذا َول ْوْا ُم ْدِب ِر َ‬
‫ين‬ ‫ِإَّن َك الَ تُ ْس ِم ُع اْل َم ْوتَ ٰى َوالَ تُ ْس ِم ُع ُّ ُّ‬
‫الص َّم الد َع َ‬
‫آء} [اآلية‪.]80 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّن َك الَ تُ ْس ِم ُع اْل َم ْوَت ٰى َوالَ تُ ْس ِم ُع ُّ ُّ‬
‫الص َّم الد َع َ‬

‫ورد الى الحول والقوة‪.‬‬ ‫ِ‬


‫قال بعضهم‪ :‬الميت على الحقيقة من ُحلى من العصمة ُ‬

‫وقال يحيى بن معاذ‪ :‬العارفون باهلل أحياء وما سواهم موتى‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال‪ :‬الميت من يكون حياته بحركته‪ ،‬والحى من يكون حياته بربه‪.‬‬

‫سورة النمل (من اآلية ‪ 88‬الى اآلية ‪)88‬‬

‫َّللاِ َّال ِذي أ َْتَق َن ُك َّل َشي ٍء ِإَّن ُه َخِب ٌير ِب َما تَْف َعُلو َن‬
‫ص ْن َع َّ‬
‫الس َحاب ُ‬ ‫َ َ ُ َ‬
‫وتَرى اْل ِجبال تَحسبها ج ِ‬
‫ام َد ًة وِهي تَمُّر مَّر َّ ِ‬
‫َ َ ْ َ َُ َ‬ ‫َ َ‬
‫ْ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬وتَرى اْل ِجبال تَحسبها ج ِ‬
‫ام َد ًة} [اآلية‪.]88 :‬‬ ‫َ َ ْ َ َُ َ‬ ‫َ َ‬

‫قال سهل‪ :‬إن هللا تعالى نبَّه عباده على تقصى األوقات عليهم‪ ،‬وغفلتهم فيه فجعل الجبال مثالً للدنيا يظن الناظر أنها‬
‫واقفة معه‪ ،‬وهى آخذة بحظها منه‪ ،‬وال يبقى بعد االنقضاء إال الحسرة على الفائت‪.‬‬

‫قال ابن عطاء رحمه هللا‪ :‬اإليمان ثابت فى قلب العبد كالجبال الرواسى‪ ،‬وأنواره تحرق الحجب األعلى وقال إن قول‬
‫ال إله إال هللا يسرى كالسحاب‪ ،‬حتى يقف بين يدى هللا عز وجل فيقول هللا تعالى‪ :‬اسكن مديحتى فوجاللى ما أجريتك‬
‫على لسان عبد من عبيدى فأعذبه بالنار‪.‬‬

‫قال جعفر رحمه هللا‪ :‬ترى األنفس جامدة عند خروج الروح والروح يسرى فى القدس لتأوى إلى مكانها من تحت‬
‫العرش‪.‬‬

‫قال الصادق رحمه هللا‪ :‬نور قلب الموحدين‪ ،‬وانزعاج أنين المشتاقين َي ُمُّر من بين السحاب حتى يشاهدوا الحق‬
‫فيسكنون‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال عثمان‪ :‬يرى األنبياء واألولياء وقوًفا مع الحق على حد الرسوم كواحد منهم‪.‬‬

‫صبا كالسحاب تراها مارة وهى سبب حياة الخلق والبهائم‪.‬‬


‫تصب عليهم ً‬
‫ُّ‬ ‫وبركاتهم‬

‫{و َج َعْلَنا ِم َن اْل َم ِآء ُك َّل َشي ٍء َح ٍي} [األنبياء‪.]30 :‬‬


‫قال هللا تعالى‪َ :‬‬
‫ْ‬

‫السح ِ‬
‫اب}‪ ،‬ال يلتفت الى شىء سواه‪ ،‬وال له قرار مع غيره‪.‬‬ ‫وقال ابن عطاء فى قوله‪ِ :‬‬
‫{وه َي تَ ُمُّر َمَّر َّ َ‬
‫َ‬

‫سمعت الحسن بن يحيى يقول‪ :‬سمعت جعفر الخلدى يقول‪ :‬حضر الجنيد رحمه هللا مجلس سماع مع أصحابه‪،‬‬
‫وإخوانه فانبسطوا وتحركوا وبقى الجنيد على حاله لم يؤثر فقال له بعض أصحابه‪ :‬ال تنبسط كما انبسط إخوانك فقال‬
‫الجنيد‪ :‬وترى الجبال تحسبها جامدة وهى تمر مر السحاب‪.‬‬

‫َّللاِ َّال ِذي أ َْتَق َن ُك َّل َشي ٍء} [اآلية‪.]88 :‬‬


‫{ص ْن َع َّ‬
‫قوله تعالى‪ُ :‬‬
‫ْ‬

‫مقاما إليه‬
‫قال ابن عطاء‪ :‬ربوبيته التى ترد األشباح إلى قيمتها وتجعل األسرار والقلوب إلى مستقرها وجعل لخلقه ً‬
‫حده والشقى من عال طوره‪.‬‬ ‫منتهاهم‪ .‬فالسعيد من لزم َّ‬

‫سورة النمل (من اآلية ‪ 91‬الى اآلية ‪)91‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِِ‬ ‫يء وأ ُِمرت أَن أ ُ ِ‬
‫ٍ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫َكو َن م َن اْل ُم ْسلم َ‬
‫ين‬ ‫َعُب َد َر َّب َهذه اْلَبْل َدة الذي َحَّرَم َها َوَل ُه ُك ُّل َش َ ْ ُ ْ‬ ‫ِإَّن َمآ أُم ْر ُت أ ْ‬
‫َن أ ْ‬

‫َعُب َد َر َّب َه ِذِه اْلَبْل َد ِة َّال ِذي َحَّرَم َها} [اآلية‪.]91 :‬‬ ‫ِ‬
‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّن َمآ أُم ْر ُت أ ْ‬
‫َن أ ْ‬

‫سمعت أبا الحسين الفارسى يقول‪ :‬سمعت الحسين علوية يقول‪ :‬سمعت يحيى بن معاذ يقول‪ :‬الناس فى العبادة على‬
‫سبع درجات‪ :‬جاهل‪ ،‬وعاص‪ ،‬وخائف‪ ،‬وراج‪،‬‬

‫ومتوكل‪ ،‬وزاهد‪ ،‬وعارف‪ ،‬فجاهل عامل على العجلة‪ ،‬وعاص عمل على العادة‪ ،‬وخائف عمل على الرهبة‪ ،‬وراج عمل‬
‫على الرغبة‪ ،‬ومتوكل عمل على الفراغة‪ ،‬وزاهد عمل على الحالوة‪ ،‬وعارف عمل على رؤية المنة‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬لم يزين هللا تعالى الخلق بزينة أزين من العبودية‪ ،‬أال ترى النبى صلى هللا عليه وسلم كيف قدم العبودية‬
‫محمدا عبده ورسوله‪.‬‬
‫ً‬ ‫على الرسالة؟ فقال فى تشهده وأشهد أن‬

‫قال بعضهم‪ :‬العبودية لباس األولياء‪ .‬والرسالة لباس األنبياء‪.‬‬

‫سورة القصص (من اآلية ‪ 4‬الى اآلية ‪)4‬‬

‫ان ِم َن‬ ‫ِ ِ‬ ‫ض وجعل أَهَلها ِشيعاً يستَض ِعف َ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫اء ُه ْم ِإَّن ُه َك َ‬
‫آء ُه ْم َوَي ْستَ ْحيي ن َس َ‬
‫ِ‬
‫طآئَف ًة م ْن ُه ْم ُي َذب ُح أ َْبَن َ‬ ‫ِإ َّن ف ْرَع ْو َن َعالَ في األ َْر ِ َ َ َ َ ْ َ َ َ ْ ْ ُ‬
‫ين‬ ‫ِِ‬
‫اْل ُمْفسد َ‬

‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن ِف ْرَع ْو َن َعالَ ِفي األ َْر ِ‬


‫ض} [اآلية‪.]4 :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬ادعى ما ليس فيه‪ .‬قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬استكبر وافتخر بنفسه‪ ،‬ونسى عبوديته‪.‬‬
‫قال بعضهم‪ :‬أظهر الظلم فى أهل مملكته‪.‬‬

‫سورة القصص (من اآلية ‪ 5‬الى اآلية ‪)5‬‬

‫ِ‬ ‫ض ِعُفوْا ِفي األ َْر ِ‬ ‫َّ ِ‬


‫ض َوَن ْج َعَل ُه ْم أَئ َّم ًة َوَن ْج َعَل ُه ُم اْلَو ِارِث َ‬
‫ين‬ ‫َوُن ِر ُيد أَن َّن ُم َّن َعَلى الذي َن ْ‬
‫استُ ْ‬

‫ض ِعُفوْا ِفي األ َْر ِ‬ ‫َّ ِ‬


‫ض‪[ }...‬اآلية‪.]5 :‬‬ ‫استُ ْ‬ ‫{وُن ِر ُيد أَن َّن ُم َّن َعَلى الذ َ‬
‫ين ْ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫ار أتقياء ُن َّجًبا سادة حكما‬


‫أخيار أبرًا‬
‫ًا‬ ‫نصحا‬
‫ً‬ ‫{وَن ْج َعَل ُه ْم أَِئ َّم ًة} [اآلية‪ .]5 :‬قال‪ :‬هداة‬
‫قال الجنيد رحمة هللا عليه فى قوله‪َ :‬‬
‫ومنار للهدى منصوبة‪ ،‬هم علماء المسلمين وأئمة المتقين بهم فى‬ ‫ًا‬ ‫أعالما للخلق منشورة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫اما‪ ،‬أولئك الذين جعلهم هللا‬
‫كر ً‬
‫َّ‬
‫المسلمات يستضاء‪ ،‬جعلهم هللا رحم ًة‬ ‫شرائع الدين يقتدى‪ ،‬وبنورهم فى ظلمات الجهل يهتدى‪ ،‬وبضياء علومهم فى‬
‫لعباده وبركة فى أقطار بالده يعلم بهم الجاهل‪ ،‬ويذكر بهم العاقل‪ ،‬من اتبع آثارهم اهتدى ومن اقتدى بسيرتهم سعد‬
‫أحياهم هللا حياة طيبة‪ ،‬وأخرجهم منها على السالمة منها خواتيم لعودهم أفضلها‪ ،‬وآخر أعمالهم أكملها‪.‬‬

‫سورة القصص (من اآلية ‪ 7‬الى اآلية ‪)7‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫يه َفِإ َذا ِخْف ِت عَلي ِه َفأَْلِق ِ‬
‫يه ِفي الي ِم والَ تَخ ِافي والَ تَح َزِني ِإَّنا ر ُّآدوه ِإَلي ِك وج ِ‬
‫اعُلوهُ ِم َن‬ ‫ض ِع ِ‬
‫ُم موسى أَن أَر ِ‬
‫َ ُ ْ ََ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َْ‬ ‫َوأ َْو َح ْيَنآ ِإَل ٰى أ ِ ُ َ ٰ ْ ْ‬
‫ين‬ ‫ِ‬
‫اْل ُم ْرَسل َ‬
‫ِ ِِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َن أ َْرضعيه َفِإ َذا خْفت َعَل ْيه َفأَْلقيه في َ‬
‫اليمِ} [اآلية‪.]7 :‬‬ ‫وس ٰى أ ْ‬ ‫{وأ َْو َح ْيَنآ ِإَل ٰى أ ِ‬
‫ُم ُم َ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال‪ :‬إذا خفت حفظه بواسطة فسلميه إلينا واقطعى عنه شفقتك وتدبيرك ليكون‬

‫مسلما إلى تدبيرنا فيه وحفظنا له‪.‬‬


‫ً‬

‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬ما دمت تحفظ نفسك بتدبيرك فهى على شرف‬

‫الهالك‪ ،‬فإذا زالت عنها تدبيرك وسلمتها الى مدبرها حينئد يرى لها الخالص‪.‬‬

‫سمعت أبا عبد هللا الحسين بن أحمد الرازى يقول‪ :‬سألت أبا عمران فقلت فقير عقد على نفسه ً‬
‫عقدا؟ قال‪ :‬يمضى فى‬
‫خطوة فقلت‪ :‬العقد يطالبه بإتمامه وهو يخاف من عجزه‪ .‬فقال‬
‫َ‬ ‫عقده فقلت‪ :‬إذا لحقه َع ْجٌز؟ قال‪ :‬ال يخطو مع العجز‬
‫ِ ِِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫أبو عمران قال هللا تعالى‪َ { :‬فِإ َذا خْفت َعَل ْيه َفأَْلقيه في َ‬
‫اليمِ} [اآلية‪.]7 :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الوحى على وجوه؛ منها المشافهة ُخص بها محمد وموسى عليهما‬

‫السالم‪ ،‬ومنها وحى الوسائط وهو لسائر األنبياء عليهم السالم ومنها وحى اإللهام كما كان للنجلة‪ ،‬ومنها وحى القذف‬
‫وس ٰى} [اآلية‪]7 :‬‬ ‫{وأ َْو َح ْيَنآ ِإَل ٰى أ ِ‬
‫ُم ُم َ‬ ‫{وإِ ْذ أ َْو َح ْي ُت ِإَلى اْل َح َو ِاري َ‬
‫ِين} [المائدة‪ ،]111 :‬وقوله‪َ :‬‬ ‫واإللقاء كما قال هللا تعالى‪َ :‬‬
‫ألقى فى قلوبهم‪.‬‬

‫{والَ تَ َخ ِافي َوالَ تَ ْح َ ِزني} [اآلية‪.]7 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قا ل ابن طاهر‪ :‬ال تخافى خلفة الوعد‪ ،‬وال تحزنى على غيبوبة الولد‪ .‬قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬الذى حفظه فى‬
‫اليم قادر أن يصرف عنه همة فرعون‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة القصص (من اآلية ‪ 8‬الى اآلية ‪)8‬‬

‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫طه ِ‬


‫ين‬
‫ود ُه َما َك ُانوْا َخاطئ َ‬
‫ان َو ُجُن َ‬ ‫آل ف ْرَع ْو َن لَي ُكو َن َل ُه ْم َع ُدواً َو َح َزناً إ َّن ف ْرَع ْو َن َو َه َ‬
‫ام َ‬ ‫َفاْلتََق َ ُ ُ‬

‫آل ِف ْرَع ْو َن لَِي ُكو َن َل ُه ْم َع ُدواً َو َح َزناً} [اآلية‪.]8 :‬‬


‫ط ُه ُ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬فاْلتََق َ‬

‫عدوا وحزًنا‪.‬‬
‫وسرورا‪ ،‬ولم يعلموا ما أضمرت القدرة فيه من تصييره لهم ً‬
‫ً‬ ‫قال سهل‪ :‬التقطه آل فرعون ليكون لهم فرًحا‬

‫سورة القصص (من اآلية ‪ 9‬الى اآلية ‪)9‬‬

‫ام َأرَةُ ِف ْرَع ْو َن ُقَّر ُت َع ْي ٍن لِي َوَل َك الَ تَْقُتُلوهُ َع َس ٰى أَن َي ْنَف َعَنا أ َْو َنتَّ ِخ َذهُ َوَلداً َو ُه ْم الَ َي ْش ُع ُرو َن‬ ‫ِ‬
‫َوَقاَلت ْ‬

‫ام َأرَةُ ِف ْرَع ْو َن ُقَّرةُ َع ْي ٍن لِي َوَل َك} [اآلية‪.]9 :‬‬ ‫ِ‬
‫{وَقاَلت ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬قرة عين لى إشارة إلى الحق ولك ال ألنك أشركت وكفرت‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة القصص (من اآلية ‪ 10‬الى اآلية ‪)10‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وس ٰى َف ِارغاً ِإن َك َاد ْت َلتُْب ِدي ِب ِه َل ْوال أَن َّرَب ْ‬
‫طَنا َعَل ٰى َقْلِب َها لتَ ُكو َن م َن اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين‬ ‫ُم ُم َ‬
‫َصَب َح ُف َؤ ُاد أ ِ‬
‫َوأ ْ‬

‫وس ٰى َف ِارغاً} [اآلية‪.]10 :‬‬


‫ُم ُم َ‬
‫َصَب َح ُف َؤ ُاد أ ِ‬
‫{وأ ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫من االهتمام بموسى لما أيقنت من ضمان هللا تعالى لها فيه‪.‬‬

‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّنا َر ُّآدوهُ ِإَل ْي ِك}‪ِ{ ،‬إن َك َاد ْت َلتُْب ِدي ِب ِه} [اآلية‪.]10 :‬‬

‫أى تظهر ما أوحى إليها فى السر من حفظه ورده إليها فى السر من حفظه ورده إليها ومنع أيدى الظلمة عنه‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬أصبح فؤاد أم موسى فارًغا من االهتمام بموسى‪.‬‬

‫وقال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬أصبح فؤاد أم موسى فارًغا من األشغال كلها والوجد على ولدها لما ثبت عندها من‬
‫صدق الوعد إن كانت لتبدى بما وعد هللا لها فيه‪.‬‬

‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا بكر بن طاهر يقول‪ :‬فارًغا من كل شىء سوى ذكر موسى‪ ،‬وهذا الذى‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‪.‬‬ ‫أوجب على الوالدين كتمان وجدهم على أوالدهم ما استطاعو فإذا صاروا مغلوبين كشف أحوالهم‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سمعت محمد بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا العباس المطرز يقول‪ :‬سمعت فياض يقول‪ :‬الصدر معدن الرأفة والقلب‬
‫معدن الصحة والفؤاد برزخ بين الصدر والقلب والقلب معدن األنوار‪.‬‬

‫طَنا َعَل ٰى َقْلِب َها} [اآلية‪.]10 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ{ :‬ل ْوال أَن َّرَب ْ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬لوال ما أمرناها به من الكتمان بحالها ألظهرت ما ضمن هللا تعالى لها لموسى‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬لوال أن أيدناها بالتوفيق والصبر ألبدت ما فى ضميرها من الوجد بولدها‪.‬‬

‫قال جعفر الصادق رحمة هللا عليه‪ :‬الصدر معدن التسليم‪ ،‬والقلب معدن اليقين‪ ،‬والفؤاد معدن النظر‪ ،‬والضمير معدن‬
‫السر‪ ،‬والنفس مأوى كل حسنة وسيئة‪.‬‬

‫وبشرت ببشارتين فلم ينفعها ذلك دون الربط على‬


‫وقال يوسف بن الحسين‪ :‬أمرت أم موسى بأمرين ونهيت عن نهيين ُ‬
‫القلب‪.‬‬

‫{والَ تَ َخ ِافي َوالَ تَ ْح َزِني } [اآلية‪]7 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫{وأ َْو َح ْيَنآ ِإَل ٰى أ ِ‬
‫َن أ َْرضعيه َفإ َذا خْفت َعَل ْيه} [اآلية‪َ ]7 :‬‬
‫وس ٰى أ ْ‬
‫ُم ُم َ‬ ‫قال هللا تعالى‪َ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ين} [اآلية‪ ]7 :‬بشارتين‪ ،‬لم تغن عنها هذه األسباب حتى تولى هللا حياطتها‬ ‫نهيين‪ِ{ .‬إَّنا َر ُّآدوهُ ِإَل ْيك َو َجاعُلوهُ م َن اْل ُم ْرَسل َ‬
‫طَنا َعَل ٰى َقْلِب َها} [اآلية‪.]10 :‬‬ ‫قال هللا تعالى‪َ{ :‬ل ْوال أَن َّرَب ْ‬

‫سورة القصص (من اآلية ‪ 12‬الى اآلية ‪)12‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫اضع ِمن َقبل َفَقاَل ْت هل أَدُّل ُكم عَلى أَه ِل بي ٍت ي ْكُفُلونه َل ُكم وهم َله ن ِ‬
‫اص ُحو َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ْ ُ ْ َ ٰ ْ َْ َ َ ُ ْ َ ُ ْ ُ َ‬ ‫ُْ‬ ‫َو َحَّرْمَنا َعَل ْيه اْل َم َر َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬وحَّرمنا عَلي ِه اْلمر ِ‬
‫اض َع ِمن َقْب ُل} [اآلية‪.]12 :‬‬ ‫َ َ َْ َ ْ ََ‬

‫مرضعا رضاعة األنس فمن كان رضيع‬ ‫ً‬ ‫قال بعضهم‪ :‬إشارة الى المعارف فإنه ال يصلح لبساط الُقربة من لم يكن‬
‫ٍ‬
‫وحشة فإنه ال يصلح لبساط القربة أال ترى الكليم صلى هللا عليه وسلم لما كان فيه تدبير‬ ‫ٍ‬
‫مخالفة أو رضيع‬
‫الخصوصية كيف حرمت عليه المراضع وكان رضيع الكالءة والوالية إلى أن أحضر محل المواجهة بالكالم قال هللا‬
‫تعالى‪{ :‬وحَّرمنا عَلي ِه اْلمر ِ‬
‫اض َع ِمن َقْب ُل}‪.‬‬ ‫َ َ َْ َ ْ ََ‬

‫سورة القصص (من اآلية ‪ 14‬الى اآلية ‪)14‬‬

‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫استََو ٰى آتَْيَناهُ ُح ْكماً َو ِعْلماً َوَك َذل َك َن ْجزِي اْل ُم ْحسن َ‬
‫ين‬ ‫َشَّدهُ َو ْ‬
‫َوَل َّما َبَل َغ أ ُ‬

‫َشَّدهُ َو ْ‬
‫استََو ٰى} [اآلية‪.]14 :‬‬ ‫{وَل َّما َبَل َغ أ ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫بيانا فى‬
‫حكما ً‬
‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬لما تكامل عقله وصحت بصيرته وحصلت نحيرته وآن أوان خطابه آتيناه ً‬
‫وعلما بما يتجدد عنده من موارد الزوائد عليه من ربه‪.‬‬
‫نفسه ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة القصص (من اآلية ‪ 17‬الى اآلية ‪)17‬‬

‫َكو َن َ ِ‬ ‫ال َر ِب ِب َمآ أ َْن َع ْم َت َعَل َّي َفَل ْن أ ُ‬


‫ظ ِهي اًر لْل ُم ْج ِرِم َ‬
‫ين‬ ‫َق َ‬
‫َكو َن َ ِ‬ ‫{ر ِب ِب َمآ أ َْن َع ْم َت َعَل َّي َفَل ْن أ ُ‬
‫ظ ِهي اًر لْل ُم ْج ِرِم َ‬
‫ين} [اآلية‪.]17 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫ولى نعمته والعارف بالمنعم من ال يخالفه فى حال من‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬العارف بنعم هللا من ال يوافق من خالف ُّ‬
‫األحوال‪.‬‬

‫سورة القصص (من اآلية ‪ 18‬الى اآلية ‪)18‬‬

‫َّ ِ َّ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫وس ٰى ِإَّن َك َل َغ ِو ٌّي ُّمِب ٌ‬
‫ين‬ ‫ص ِر ُخ ُه َق َ‬
‫ال َل ُه ُم َ‬
‫استَْنص َرهُ ِباأل َْم ِ‬
‫س َي ْس َت ْ‬ ‫َصَب َح في اْل َمد َينة َخآئفاً َيتَ َرق ُب َفإ َذا الذي ْ َ‬
‫َفأ ْ‬

‫َصَب َح ِفي اْل َم ِد َين ِة َخ ِآئفاً َيتَ َرَّق ُب} [اآلية‪.]18 :‬‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬فأ ْ‬

‫سمعت النصرآباذى يقول‪ :‬كان خوفه خوف التسليط‪.‬‬

‫خائفا على قومه يترقب لهم الهداية من هللا‪.‬‬


‫وقال ابن طاهر‪ً :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫خائفا على نفسه يتقرب نصرة‬
‫خائفا من قومه يترقب مناجاة ربه‪ ،‬وقال‪ً :‬‬
‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬خرج منها ً‬
‫ربه‪.‬‬

‫مستوحشا من الوحدة يطلب من يستأنس به‪.‬‬


‫ً‬ ‫قال بعضهم‪:‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬خائًفا على نفسه ينتظر الكفاية‪.‬‬

‫سورة القصص (من اآلية ‪ 22‬الى اآلية ‪)22‬‬

‫السِب ِ‬
‫يل‬ ‫آء َّ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ال َع َس ٰى َربِي أَن َي ْهدَيني َس َو َ‬
‫آء َم ْدَي َن َق َ‬
‫َوَل َّما تََو َّج َه تْلَق َ‬

‫وكل من‬
‫طالبا منه سبيل الهداية فأكرمه هللا بالكالم‪ُ ،‬‬
‫وتوجه بقلبه إلى ربه ً‬
‫توجه بوجهه إلى ناحية مدين َّ‬ ‫قال جعفر‪َّ :‬‬
‫أقبل على هللا بالكلية فإن هللا يبلغه مأموله‪.‬‬

‫شعيبا صلى هللا عليهما وكان فى لقائه‬


‫قال أبو سعيد الحراز حملته أنوار الفراسة وتدابير المكالمة فيه فصادف بها ً‬
‫أوائل البركات‪.‬‬

‫سورة القصص (من اآلية ‪ 23‬الى اآلية ‪)23‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫طُب ُك َما َقاَلتَا الَ َن ْسِقي‬
‫ال َما َخ ْ‬ ‫ود ِ‬
‫ان َق َ‬ ‫ام َأرَتَ ِ‬
‫ين تَ ُذ َ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫اس َي ْسُقو َن َوَو َج َد من ُدونه ُم ْ‬ ‫ُم ًة ِم َن َّ‬
‫الن ِ‬ ‫آء َم ْدَي َن َو َج َد َعَل ْي ِه أ َّ‬
‫َوَل َّما َوَرَد َم َ‬
‫ونا َش ْي ٌخ َكِب ٌير‬ ‫آء َوأَُب َ‬ ‫َحتَّ ٰى ُي ْ ِ ِ‬
‫صد َر الرَع ُ‬

‫آء َم ْدَي َن َو َج َد َعَل ْي ِه أ َّ‬


‫ُم ًة} [اآلية‪.]23 :‬‬ ‫{وَل َّما َوَرَد َم َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫القاد يطلب اللقاء والظفر‪.‬‬


‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬الوارد يطلب المفالته لثقل الخدمة و ُ‬

‫وقال أبو بكر بن طاهر‪ :‬ورد فى الظاهر ماء مدين وورد فى الحقيقة على مالك مياه األنس وبساتين المعرفة‪ .‬فوجد‬
‫اصا من العباد يرتعون فى تلك الميادين فشرب معهم من تلك المياه شرب ًة أورثته شرب ذلك الماء‬
‫عليه أمة أى خو ً‬
‫الثبات فى حالة المخاطبة‪.‬‬

‫آء َم ْدَي َن} كان‬


‫{وَل َّما َوَرَد َم َ‬
‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا بكر بن طاهر يقول‪ :‬وقد سئل عن قوله‪َ :‬‬
‫الضر ثم تولى إلى الظل إلى االستراحة إلى الحق فلما‬ ‫متوجها الى ربه مفارًقا لما دونه قد أثرت فيه المحن وأنكأ فيه ُّ‬ ‫ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َنزل َت إَل َّي م ْن َخ ْي ٍر َفق ٌير} [اآلية‪ ]24 :‬يناجيه بلسان االفتقار‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫طال عليه البالء آنس بالشكوى وقال‪َ :‬‬
‫{رب إني ل َمآ أ َ ْ‬
‫وليس فى الشكوى الى المحبوب نقص‪.‬‬

‫سورة القصص (من اآلية ‪ 24‬الى اآلية ‪)24‬‬

‫ال َر ِب ِإِني لِ َمآ أ َ ْ‬


‫َنزل َت ِإَل َّي ِم ْن َخ ْي ٍر َفِق ٌير‬ ‫ِِ‬ ‫َّ ِ‬
‫َف َسَق ٰى َل ُه َما ثُ َّم تََول ٰى إَلى الظل َفَق َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬فسَقى َلهما ثُ َّم تَوَّلى ِإَلى ِ‬
‫الظ ِل} [اآلية‪.]24 :‬‬ ‫َ ٰ‬ ‫َ ٰ َُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال أبو بكر بن طاهر‪ :‬قضى عليه ما عليه من حق النصيحة للخلق واالهتمام بهم {ثُ َّم َتوَّلى ِإَلى ِ‬
‫الظ ِل} ثم رجع الى‬ ‫َ ٰ‬
‫التوكل وقال‪ِ{ :‬إِني لِ َمآ أ َ ْ‬
‫َنزل َت ِإَل َّي ِم ْن َخ ْي ٍر َفِق ٌير} إنى لما أبديت إلى من غناك وعنايتك وفضلك فقير الى أن‬ ‫اليقين و ُّ‬
‫تغنينى لك عن كل من سواك‪.‬‬

‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬نظر من العبودية الى الربوبية فخشع وخضع وتكلم بلسان االفتقار بما ورد على سره‬
‫من أنوار الربوبية فافتقاره افتقار العبد الى مواله فى جميع أحواله ال افتقار سؤال وال طلب‪.‬‬

‫قال أبو عثمان عرض عن السؤال باظهار الحال واإلخبار عنه‪.‬‬

‫قال الحسين‪ :‬إنى لما خصصتنى من علم اليقين فقير الى أن تردنى الى عين اليقين وحقه‪.‬‬

‫وقال جعفر‪ :‬فقير إليك طالب منك زيادة الفقر إليك ألنى لم استغن عنك بشىء سواك‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬فقير فى جميع األوقات غير راجع إلى الكرامات واآليات دون الفقر إليك واإلقبال عليك‪.‬‬
‫وقال ً‬

‫وقال فارس‪ِ{ :‬إِني لِ َمآ أ َ ْ‬


‫َنزل َت ِإَل َّي ِم ْن َخ ْي ٍر َفِق ٌير} قال‪ :‬فقير إلى الطريق إلى قربك‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬إنى لما أعرفه من حسن اختيارك لى مفتقر ومحتاج إلى أن ترضينى بقضائك وقدرك فآنس به‪.‬‬
‫وقال ً‬

‫وقال أبو سعيد الخراز‪ :‬الخلق مترددون بين ما لهم وبين ما إليهم فمن نظر إلى ماله تكلم بلسان الفقر ومن شاهد ما‬
‫إليه تكلم بلسان الخيالء والفخر أال ترى إلى حال الكليم عليه السالم لما شاهد خواص ما خصه به الحق كيف قال‪:‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ظ ْر ِإَل ْي َك} [األعراف‪ ]143 :‬ولم يحتشم ولما نظر الى نفسه كيف أظهر الفقر فقال‪ِ{ :‬إِني لِ َمآ أ َ ْ‬
‫َنزل َت ِإَل َّي ِم ْن‬ ‫{أ ِ ِ‬
‫َرني أَن ُ‬
‫َخ ْي ٍر َفِق ٌير}‪.‬‬

‫سمعت النصرآباذى يقول فى قوله‪ِ{ :‬إِني لِ َمآ أ َ ْ‬


‫َنزل َت ِإَل َّي ِم ْن َخ ْي ٍر َفِق ٌير} قال‪ :‬لم يسأل الكليم الخلق وإنما سؤاله من‬
‫الحق‪ ،‬لم يسأل غذاء النفس وانما سأل سكون القلب‪.‬‬

‫وقال‪ :‬يجب أن يكون لإلنسان ملجأ يلتجىء إليه وقت فراغه من عمله ثم ينظر بعد ذلك إلى فعله فمن رأى فعله‬
‫وعيب تقصيره فهو حسن‪ ،‬ومن رأى فضل هللا عليه أن أهَّله لخدمته فهو أحسن وفى الجملة رؤية المنة أعظم من‬
‫رؤية التقصير‪.‬‬

‫عودتنى من جميل اإلحسان على الدوام فقير إلى شفقتك ونظرك بعين الرعاية والكالية إلى‬
‫وقال بعضهم‪ :‬إنى لما َّ‬
‫لتردنى من وحشة المخالفين إلى أنس الموافقين فورثه هللا تعالى ذكره صحبة شعيب وأوالده عليهم السالم‪.‬‬

‫سورة القصص (من اآلية ‪ 25‬الى اآلية ‪)25‬‬

‫ِ‬ ‫َفجآء ْته ِإح َداهما تَم ِشي عَلى اسِتحي ٍآء َقاَل ْت ِإ َّن أَِبي ي ْدع ِ‬
‫ص‬
‫ص َ‬
‫ص َعَل ْيه اْلَق َ‬
‫آءهُ َوَق َّ‬ ‫وك لَي ْج ِزَي َك أ ْ‬
‫َج َر َما َسَق ْي َت َلَنا َفَل َّما َج َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ ْ َُ ْ‬
‫ين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫ف َن َج ْو َت م َن اْلَق ْو ِم الظالم َ‬
‫ال الَ تَ َخ ْ‬
‫َق َ‬

‫اسِت ْحَي ٍآء} [اآلية‪.]25 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫آء ْت ُه إ ْح َدا ُه َما تَ ْمشي َعَلى ْ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ف َج َ‬

‫قال أبو بكر بن طاهر‪ :‬إتمام إيمانها وشرف عنصرها وكريم نسبها أتته على استحياء‪ ،‬قال النبى صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪" :‬الحياء من اإليمان‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫‪".‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬لفتوتها أتته على استحياء ألنها كانت تدعوه إلى ضيافتها ولم تعلم أيجيبها أم ال فأتته على استحياء‪.‬‬

‫سورة القصص (من اآلية ‪ 26‬الى اآلية ‪)26‬‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫استَْئ َج ْر َت اْلَق ِو ُّي األَم ُ‬
‫ين‬ ‫استَْئج ْرهُ إ َّن َخ ْي َر َم ِن ْ‬ ‫َقاَل ْت ِإ ْح َد ُ‬
‫اه َما ٰيأََبت ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْج ْر َت اْلَق ِو ُّي األَم ُ‬
‫ين} [اآلية‪.]26 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬إ َّن َخ ْي َر َم ِن ْ‬
‫استَأ َ‬

‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬القوى فى دينه األمين فى جوارحه‪.‬‬

‫سورة القصص (من اآلية ‪ 29‬الى اآلية ‪)29‬‬

‫ام ُكثُوْا ِإِني َآن ْس ُت َنا اًر َّل َعلِي ِآتي ُك ْم ِم ْن َها‬ ‫ور نا اًر َقال أل ِ ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َفَل َّما َقضى موسى األَجل وسار ِبأ ِ‬
‫َهله ْ‬‫َ ْ‬ ‫َهلِه َآن َس من َجان ِب الط ِ َ‬‫ََ ََ َ ْ‬ ‫َ ٰ ُ َ‬
‫طُلو َن‬
‫صَ‬ ‫َّ‬ ‫ِب َخَب ٍر أ َْو َج ْذ َوٍة ِم َن َّ‬
‫الن ِار َل َعل ُك ْم تَ ْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َهلِ ِه} [اآلية‪.]29 :‬‬
‫َج َل َو َس َار ِبأ ْ‬
‫وسى األ َ‬
‫ض ٰى ُم َ‬
‫قوله تعالى‪َ{ :‬فَل َّما َق َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬لما تم له أجل المحبة ودنا أيام القربة والزلفة وإظهار أنوار النبوة عليه سار بأهله ليشترك معه فى‬
‫الصنع‪.‬‬
‫لطائف ُّ‬

‫قوله تعالى‪{ :‬آنس ِمن ج ِان ِب ُّ‬


‫الط ِ‬
‫ور َنا اًر} [اآلية‪.]29 :‬‬ ‫َ‬ ‫ََ‬

‫نار َّ‬
‫دلته على األنوار ألنه رأى النور على هيئة النار‪ ،‬فلما دنا منها شملته أنوار القدس وأحاط به‬ ‫قال جعفر‪ :‬أبصر ًا‬
‫ملكا شر ًيفا مقربا أعطى ما سأل و ِ‬
‫أم َن مما‬ ‫جالليب األنس فخوطب بألف خطاب واستدعى منه أحسن جواب فصار ً‬
‫ً‬
‫خاف‪ ،‬وذلك قوله‪{ :‬آنس ِمن ج ِان ِب ُّ‬
‫الط ِ‬
‫ور َنا اًر}‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ََ‬

‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إِني َآن ْس ُت َنا اًر} [اآلية‪.]29 :‬‬

‫قال أبو بكر بن طاهر‪ :‬آنس سره برؤية النار لما كان فيه من عظيم الشأن‪ ،‬وعلو المرتبة فأخرج الرؤية بلطف‪ ،‬آنست‬
‫أى أرى هذه النار مستأنس بها ال مستوحش منها فدنى منها فأنسه طهارة الموضع وما سمع فيه من مناجاة ربه‬
‫وكالمه فتحقق باألنس‪.‬‬

‫سورة القصص (من اآلية ‪ 30‬الى اآلية ‪)30‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ‬ ‫وس ٰى ِإِني أََنا َّ‬ ‫ِ ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ين‬
‫َّللاُ َر ُّب اْل َعاَلم َ‬ ‫اها ُنود َي من َشاطىء اْل َوادي األ َْي َم ِن في اْلُبْق َعة اْل ُمَب َارَكة م َن الش َج َرة أَن ي ُ‬
‫ٰم َ‬ ‫َفَل َّمآ أَتَ َ‬

‫ىء اْلو ِادي األ َْيم ِن ِفي اْلُبْق َع ِة اْلمَب َارَك ِة ِم َن َّ‬
‫الش َج َرِة‪[ }...‬اآلية‪.]30 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ{ :‬فَل َّمآ أَتَاها نوِدي ِمن َش ِ‬
‫اط ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬الوسائط فى الحقيقة ال أوزان لها وال أخطار وإنما هى علل لضعف الطاقات‪ ،‬كما جعل‬
‫ثانيا فقال‪:‬‬
‫الوسائط بين موسى وبين الشجرة ناداه فى البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى ثم رفع الواسطة ً‬
‫طَف ْيتُ َك} [األعراف‪.]144 :‬‬
‫اص َ‬ ‫ِِ‬
‫وس ٰى إني ْ‬
‫ٰم َ‬
‫{ي ُ‬

‫قال القاسم‪ :‬نودى من شاطئ الواد األيمن لما سمع موسى الكالم خر صاعًقا فجاءه جبريل وميكائيل فروحاه خروجه‬
‫األنس حتى أفاق من الهيبة واستأنس باألنس مع هللا فزال الرعب والفزع من قلبه فقال له يا موسى أنا الذى أكلمك من‬
‫علوى وأسمعك من دنوى‪ ،‬ففى دنوى ال أخلوا من علوى وفى علوى ال أخلوا من دنوى‪ ،‬يا موسى أنا هللا الذى أدنيتك‬
‫وقربتك وناجيتك عند ذلك قال له موسى‪ :‬أقريب أنت فأناجيك أم بعيد فأناديك؟ قال له‪ :‬أنا أقرب إليك منك‪.‬‬

‫قال أبو سعيد القرشى‪ :‬ذكر الشجرة فى وقت مخاطبته بالكالم ليطيق بذلك التعلل حمل موارد الخطاب عليه‪ ،‬كما‬
‫"حب َب إلى من دنياكم" ‪ .‬أى لست منها وال هى ِمِنى إنما لى منها تعلل أتحمل‬
‫تعلل النبى صلى هللا عليه وسلم بقوله‪ُ :‬‬
‫على‪.‬‬
‫به موارد الوحى َّ‬

‫سمعت أبا بكر الرازى يقول‪ :‬سمعت أبا على الروذبارى يقول‪ :‬الجبل الذى َّ‬
‫كلم هللا عليه موسى كان من عقيق‪.‬‬

‫سمعت أبا بكر بن شاذان يقول‪ :‬سمعت محمد بن على الكتانى يقول‪ :‬بلغنى أن موسى بن عمران عليه السالم قال‪:‬‬
‫غنما لشعيب فشردت منك شاة فعدت‬ ‫يوما كنت ترعى ً‬ ‫كليما؟ فأوحى هللا تعالى ذكره إليه تذكر ً‬
‫يا رب بم اتخذتنى ً‬
‫وبستها وقلت يا حبيبتى لقد اتعبتنى وأتعبت نفسك‪ ،‬فبرحمتك‬
‫وغدوت على إثرها حتى إذا لحقتها ضممتها الى صدرك ُ‬
‫للبهيمة اصطفيتك فى ذلك اليوم‪.‬‬

‫نبيا من أنبيائه حتى استرعاه البهائم قبالً وينظر كيف رحمته بهم ثم بعثه‬
‫قال الكتانى رحمة هللا عليه‪ :‬ولم يبعث هللا ً‬
‫إلى الخلق‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة القصص (من اآلية ‪ 31‬الى اآلية ‪)31‬‬

‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأَن أَْل ِق عصاك َفَل َّما رآها تَهتَُّز َكأََّنها ج ٌّ َّ‬
‫ف ِإَّن َك م َن اآلمن َ‬
‫ين‬ ‫وس ٰى أَ ْقِب ْل َوالَ تَ َخ ْ‬
‫ٰم َ‬
‫ِ‬
‫آن َول ٰى ُم ْدب اًر َوَل ْم ُي َعق ْب ي ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ ْ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ف ِإَّن َك م َن اآلمن َ‬
‫ين} [اآلية‪.]31 :‬‬ ‫وس ٰى أَ ْقِب ْل َوالَ تَ َخ ْ‬
‫ٰم َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬ي ُ‬

‫قال سرى السقطى رحمة هللا عليه‪ :‬الخوف على ثالثة أوجه خوف فى الدنيا وهو خوف العامة‪ ،‬وخوف عارض عند‬
‫تالوة القرآن‪ ،‬وخوف عاجل ينحل القلب ويهدم البدن ويذهب النوم وهو الخوف الحقيقى‪.‬‬

‫سورة القصص (من اآلية ‪ 34‬الى اآلية ‪)34‬‬

‫اف أَن ُي َك ِذُبو ِن‬ ‫َخي هارون هو أَ ْفصح ِمِني لِساناً َفأَرِسْله م ِعي ِرْدءاً ي ِ ِ ِ‬
‫صد ُقني ِإني أ َ‬
‫َخ ُ‬ ‫َ ُ ُ َُ َ ُ‬
‫وأ ِ‬
‫َُ‬ ‫ْ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫ص ُح ِمِني لِ َساناً} [اآلية‪.]34 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ :‬‬


‫{وأَخي َه ُارو ُن ُه َو أَْف َ‬
‫َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫لسانا مع الخلق‪ ،‬كيف أكون معهم‬
‫قال أبو بكر بن طاهر‪ :‬ألنه لم يسمع خطابك ولم يخاطبك فهو أفصح منى ً‬
‫فصيحا وقد سمعت لذة كالمك؟ وكيف أخاطبهم مع مخاطبتك أو كيف أجعل لهم وزًنا مع ما ادنيتنى وخصصتنى به‬
‫ً‬
‫بيانا لهم فإنى لم استلذ مخاطبة بعدك ولم ألتذ بكالم غيرك‪ ،‬وأنشد‬
‫لسانا معهم وأحسن ً‬
‫فهو أفصح منى ً‬

‫على‪:‬‬

‫سر يورث الصممــا‬


‫هل كنت تعرف ًا‬ ‫أصمنى سرهم أيام فرقتهــم‬

‫سورة القصص (من اآلية ‪ 35‬الى اآلية ‪)35‬‬

‫صُلو َن ِإَل ْي ُك َما ِب َآي ِاتَنآ أَنتُ َما َو َم ِن اتََّب َع ُك َما اْل َغالُِبو َن‬
‫طاناً َفالَ ي ِ‬
‫َ‬ ‫يك َوَن ْج َع ُل َل ُك َما ُسْل َ‬ ‫ِ‬
‫ك ِبأَخ َ‬ ‫ال َسَن ُشُّد َع ُ‬
‫ض َد َ‬ ‫َق َ‬

‫طاناً} [اآلية‪.]35 :‬‬


‫{وَن ْج َع ُل َل ُك َما ُسْل َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال جعفر‪ :‬هيبة فى قلوب األعداء ومحبة فى قلوب األولياء‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬أجمع لكما سياسة الخالفة مع أخالق النبوة‪.‬‬

‫سلطانا على أنفسكما فال يغلبنكما الشيطان بحال‪.‬‬


‫ً‬ ‫قال بعضهم‪ :‬يجعل لكما‬

‫سلطانا أصابه فى أحكام الحدود‪.‬‬


‫ً‬ ‫قال بعضهم‪ :‬يجعل لكما‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة القصص (من اآلية ‪ 41‬الى اآلية ‪)41‬‬

‫نص ُرو َن‬ ‫الن ِار ويوم اْلِق ِ‬


‫اه ْم أَِئ َّم ًة َي ْد ُعو َن ِإَلى َّ‬
‫يامة الَ ُي َ‬
‫َ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫َو َج َعْلَن ُ‬

‫اه ْم أَِئ َّم ًة َي ْد ُعو َن ِإَلى َّ‬


‫الن ِار} [اآلية‪.]41 :‬‬ ‫{و َج َعْلَن ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬نزع عن أشرارهم التوفيق وأنوار التحقيق فهم فى ظلمات نفوسهم ال يدلون على سبيل‬
‫فسماهم هللا أئمة يدعون إلى النار‪.‬‬
‫الرشد وال يسلكونه َّ‬
‫ُّ‬

‫سورة القصص (من اآلية ‪ 46‬الى اآلية ‪)46‬‬

‫اهم ِمن َّن ِذ ٍ‬


‫ير ِمن َقْبلِ َك َل َعَّل ُه ْم َيتَ َذ َّك ُرو َن‬ ‫ور ِإ ْذ نادينا وَلـٰ ِكن َّرحم ًة ِمن َّرب ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ ُّ‬
‫ِك لتُنذ َر َق ْوماً َّمآ أَتَ ُ‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َو َما ُك ْن َت ب َجانب الط ِ َ َ ْ َ َ‬

‫ور ِإ ْذ َن َاد ْيَنا} [اآلية‪.]46 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وما ُك ْنت ِبج ِان ِب ُّ‬
‫الط ِ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬أجبنا سؤال من دعانا على الطور وجعلنا ما طلبه ألمتك إجالالً لقدرك وعظم محلك‪.‬‬

‫قال الحسين فى هذه اآلية خاطب منصوب القدرة فى عين العدم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سمعت النصرآباذى يقول‪ :‬سمعت أبا إسحاق ابن عائشة يقول‪ :‬قال أبو سعيد القرشى‪ :‬يريد هللا من الخلق أن ال يعلقوا‬
‫سرهم بشىء من الدنيا واآلخرة والكرامات والدرجات واألحوال‪ ،‬كأن يكونوا خير كونهم لم يكونوا حين كان لهم بقوله‪:‬‬
‫ور ِإ ْذ نادينا} من نودى هل نودى إالَّ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫أشباحا مقدورة بعلمه فرضى منهم حين كونهم أن يكونوا‬
‫ً‬ ‫{و َما ُك ْن َت ِب َجان ِب الط ِ َ َ ْ َ‬
‫َ‬
‫َّ‬
‫قائمين به قد نسو إال فى جنب وجوده‪.‬‬

‫وحكى عن أبى يزيد رحمة هللا عليه‪ :‬أنه قرئت هذه اآلية بين يديه فقال‪ :‬الحمد هلل الذى لم أكن ثم سئل بعضهم عن‬
‫معنى قوله هذا؟ فقال‪ :‬معناه كيف كنت أستحق سماع النداء وجوابه فجاء به الحق عنا ألطف ونيابته عنا أتم‪ ،‬هذا‬
‫معناه وهللا أعلم بالصواب‪.‬‬

‫سورة القصص (من اآلية ‪ 51‬الى اآلية ‪)51‬‬

‫صْلَنا َل ُهم اْلَق ْو َل َل َعَّل ُه ْم َيتَ َذ َّك ُرو َن‬


‫َوَلَق ْد َو َّ‬
‫ُ‬
‫قال بعضهم‪ :‬أتبعنا الموعظة الموعظة والرسول الرسول والدليل الدليل‪ ،‬لعلهم يتذكرون‪ :‬أى ينتبهون من رقدة الغفلة‬
‫ويرجعون إلى رؤية االستقامة‪.‬‬

‫سورة القصص (من اآلية ‪ 55‬الى اآلية ‪)55‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ين‬‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫َع َماُل ُك ْم َسالٌَم َعَل ْي ُك ْم الَ َن ْبتَغي اْل َجاهل َ‬
‫َع َماُلَنا َوَل ُك ْم أ ْ‬
‫ضوْا َع ْن ُه َوَقاُلوْا َلَنآ أ ْ‬
‫َع َر ُ‬
‫َوإِ َذا َسم ُعوْا الل ْغ َو أ ْ‬

‫ضوْا َع ْن ُه} [اآلية‪.]55 :‬‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬


‫َع َر ُ‬
‫{وِإ َذا َسم ُعوْا الل ْغ َو أ ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬كل شىء ما سوى القرآن وذكر هللا فهو لغو‪.‬‬

‫قال يوسف بن الحسين‪ :‬اللغو ما يشغلك عن العبادة‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬اللغو متابعة النفس فيما تشتهيه‪ .‬واللغو غفلة الروح عن موارد القدرة ومصادرها‪ .‬قال حمدون‪ :‬اللغو‬
‫ذكر الخلق‪.‬‬

‫سورة القصص (من اآلية ‪ 56‬الى اآلية ‪)56‬‬

‫ِ‬ ‫ِإَّنك الَ تَه ِدي من أَحببت وَلـ ِٰك َّن َّ ِ‬


‫َعَل ُم ِباْل ُم ْهتَد َ‬
‫ين‬ ‫آء َو ُه َو أ ْ‬
‫َّللاَ َي ْهدي َمن َي َش ُ‬ ‫َ ْ ْ َْ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّن َك الَ تَ ْهدي َم ْن أ ْ‬
‫َحَب ْب َت} [اآلية‪.]56 :‬‬

‫طبعا وإنما سئل الهداية لمن يحبه فتكون محبتك له حقيقة؛ ألنك ال‬
‫قال ابن عطاء‪ :‬إنك ال تسأل الهداية لمن تحبه ً‬
‫تحب على الحقيقة إالَّ من يحبه فإن قيل محبة النبى صلى هللا عليه وسلم إلسالم أبى طالب قيل ذلك محبة طبع ال‬
‫محبة حقيقية‪ ،‬ومحبة الحقيقة كما أحب عمر وأحب له اإلسالم فأسلم‪.‬‬

‫قوله تعالى‪{ :‬أَوَلم نم ِكن َّلهم حرماً ِ‬


‫آمناً} [اآلية‪.]57 :‬‬ ‫ُْ ََ‬ ‫َ ْ َُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬من ُمكن من رعاية سره وافتقاد أوقاته أن يعدم الزوائد من هللا ودوام الفوائد ومن ضيع أوقاته وأهمل‬
‫ساعاته فهو متردد فى ميادين الغفلة وسا ٍع فى مسالك الهلكة‪.‬‬

‫سورة القصص (من اآلية ‪ 60‬الى اآلية ‪)60‬‬

‫َّللاِ َخ ْيٌر َوأ َْبَق ٰى أََفالَ تَ ْعِقُلو َن‬ ‫َو َمآ أُوِتيتُم ِمن َشي ٍء َف َمتَاعُ اْل َحَي ِاة ُّ‬
‫الد ْنَيا َوِز َينتُ َها َو َما ِع َند َّ‬
‫ْ‬
‫َّللاِ َخ ْيٌر َوأَْبَق ٰى} [اآلية‪.]60 :‬‬ ‫{و َمآ أُوِتيتُم ِمن َشي ٍء َف َمتَاعُ اْل َحَي ِاة ُّ‬
‫الد ْنَيا َوِز َينتُ َها َو َما ِع َند َّ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬
‫ْ‬

‫قال النصرآباذى‪ :‬الخلق كلهم عبدة النعم والغريب والعزيز فيهم من يعبد المنعم ومن انقطع عن هللا بأى شىء انقطع‬
‫منقطعا عنه بطاعته وجنته‪.‬‬
‫ً‬ ‫فهو مغبون وإن كان‬

‫َّللاِ َخ ْيٌر َوأ َْبَق ٰى} خاطب به العوام وقال‬ ‫{و َمآ أُوِتيتُم ِمن َشي ٍء َف َمتَاعُ اْل َحَي ِاة ُّ‬
‫الد ْنَيا َوِزيَنتُ َها َو َما ِع َند َّ‬ ‫قال هللا تعالى‪َ :‬‬
‫ْ‬
‫و{َّللاِ َخ ْيٌر َوأ َْبَق ٰى}‪.‬‬
‫للخواص َّ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة القصص (من اآلية ‪ 61‬الى اآلية ‪)61‬‬

‫الد ْنيا ثُ َّم هو يوم اْلِقي ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬


‫ض ِر َ‬
‫ين‬ ‫امة م َن اْل ُم ْح َ‬
‫َُ َ ْ َ َ َ‬ ‫أََف َمن َو َع ْدَناهُ َو ْعداً َح َسناً َف ُه َو الَقيه َك َمن َّمتَّ ْعَناهُ َمتَ َ‬
‫اع اْل َحَياة ُّ َ‬

‫اع اْل َحَي ِاة ُّ‬ ‫ِِ‬


‫الد ْنَيا} [اآلية‪.]61 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أََف َمن َو َع ْدَناهُ َو ْعداً َح َسناً َف ُه َو الَقيه َك َمن َّمتَّ ْعَناهُ َمتَ َ‬

‫منقطعا عنه بطاعته وجنته‪.‬‬


‫ً‬ ‫قال أبو عثمان‪ :‬من فرح بالدنيا وانقطع إليها عن هللا فهو مغبون وإن كان‬

‫{و َمآ أُوِتيتُم ِمن َشي ٍء َف َمتَاعُ اْل َحَي ِاة ُّ‬
‫الد ْنَيا َوِز َينتُ َها}‪.‬‬ ‫قال هللا تعالى‪َ :‬‬
‫ْ‬

‫فناء ومن عمل لآلخرة‬


‫عناء وآخرها ٌ‬
‫بالء وأوسطها ٌ‬
‫قال أبو عثمان‪ :‬من فرح بالدنيا بغير فرح مفروح به؛ ألن أولها ٌ‬
‫همه‬
‫وركن إليها أتاه هللا خير الدارين وأتته الدنيا وهى راغمة‪ ،‬كما قال النبى صلى هللا عليه وسلم‪" :‬من كانت اآلخرة َّ‬
‫جعل هللا الغنى فى قلبه وأتته الدنيا وهى راغمة‬

‫‪".‬‬

‫سمعت عبد هللا الرازى يقول‪ :‬سمعت أبا عثمان يقول‪ :‬ألن يغنيك عنها خير من أن يغنيك بها‪.‬‬

‫سورة القصص (من اآلية ‪ 68‬الى اآلية ‪)68‬‬

‫َّللاِ َوتَ َعاَل ٰى َع َّما ُي ْش ِرُكو َن‬


‫ان َّ‬ ‫ِ‬
‫ان َل ُه ُم اْلخَي َرةُ ُس ْب َح َ‬
‫آء َوَي ْختَ ُار َما َك َ‬
‫ُّك َي ْخُل ُق َما َي َش ُ‬
‫َوَرب َ‬

‫آء َوَي ْختَ ُار} [اآلية‪.]68 :‬‬


‫ُّك َي ْخُل ُق َما َي َش ُ‬
‫{وَرب َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫آء‬
‫ُّك َي ْخُل ُق َما َي َش ُ‬ ‫سمعت أبا بكر الرازى يقول‪ :‬سمعت الجريرى يقول‪ :‬سئل الجنيد رحمة هللا عليه عن قوله‪َ :‬‬
‫{وَرب َ‬
‫ان َل ُه ُم اْل ِخَي َرةُ} [اآلية‪ ]68 :‬إذا نظروا‬ ‫َوَي ْختَ ُار} وقال‪ :‬كيف يكون للعبد اختيار وهللا المختار له يقول‪َ :‬‬
‫{وَي ْختَ ُار َما َك َ‬
‫إلى األحكام الجارية بجميل نظر هللا لهم فيها‪ ،‬وحسن اختياره لهم فيما أجراه عليهم لم يكن عندهم شىء أفضل من‬
‫الرضا والسكون ألن الخليقة لو اجتمعت على أن تختار لعبد ما هو أنفع له وأعود عليه لم يكن اختيارهم إالَّ ًا‬
‫يسير فى‬
‫حد ومكان ال يتجاوز نظر هللا لعبده وجميل‬
‫جنب ما اختاره هللا لعبده ولن تبلغ الحقيقة مقاديرها وغايات عقلها ولها ٌ‬
‫اختياره شىء ال يحيط به غيره وال يعلمه سواه فأين يذهب عن ذلك ويخرج عنه فمن أخذ ذلك أهل الرضا حطوا الرحال‬
‫بين يدى ربهم‪َّ ،‬‬
‫وسلموا إليه أمورهم بصفاء التفويض والكون تحت الحكم‪.‬‬

‫سورة القصص (من اآلية ‪ 73‬الى اآلية ‪)73‬‬

‫ضِل ِه َوَل َعَّل ُك ْم تَ ْش ُك ُرو َن‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬


‫الن َه َار لِتَ ْس ُكُنوْا فيه َولِتَ َبت ُغوْا من َف ْ‬
‫َّ‬ ‫ِِ‬
‫َو ِمن َّر ْح َمته َج َع َل َل ُك ُم ال َ‬
‫يل َو َّ‬

‫ضلِ ِه} [اآلية‪.]73 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫{و ِمن َّر ْح َمِت ِه َج َع َل َل ُكم اْلَّلْي َل َو َّ‬
‫الن َه َار لِتَ ْس ُكُنوْا فيه َولِتَبتَ ُغوْا من َف ْ‬ ‫ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الحسين‪ :‬من عرف من أين جاء علم أن يذهب‪ ،‬ومن علم ما يصنع علم ما ُيصنع به‪ ،‬ومن علم ما ُيصنع به علم‬
‫ما يراد به ومن علم ما يراد به علم ما له ومن علم ما له علم ما عليه ومن علم ما عليه علم ما معه ومن لم يعلم من‬
‫{و ِمن َّر ْح َمِت ِه‬
‫أين جاء وأين هو وكيف هو ولمن هو وإلى أين هو فذاك ممن أهمل أوقاته وترك ما ندبه هللا إليه بقوله‪َ :‬‬
‫َج َع َل َل ُكم اْلَّلْي َل َو َّ‬
‫الن َه َار‪ }...‬اآلية‪.‬‬ ‫ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة القصص (من اآلية ‪ 75‬الى اآلية ‪)75‬‬

‫ض َّل َع ْن ُه ْم َّما َك ُانوْا َيْفتَ ُرو َن‬ ‫ِِ‬ ‫ُم ٍة َش ِهيداً َفُقْلَنا َهاتُوْا ُب ْرَه َان ُك ْم َف َعلِ ُموْا أ َّ‬
‫َوَن َز ْعَنا ِمن ُك ِل أ َّ‬
‫َن اْل َح َّق ََّّلل َو َ‬

‫ُم ٍة َش ِهيداً َفُقْلَنا َهاتُوْا ُب ْرَه َان ُك ْم} [اآلية‪.]75 :‬‬


‫{وَن َز ْعَنا ِمن ُك ِل أ َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫وليا فأطلعناه على أسرار قربنا ثم ِأذناك له فى البرهان فأظهر البرهان لنا‪ ،‬فعلم‬
‫قال بعضهم‪ :‬أخرجنا من كل قوم ً‬
‫الخلق أن ال قيام ألحد بنفسه وال يخبر عن الحق سواه وال يجيب عن سؤاله غيره وال يقوى على مخاطبته إالَّ من أيَّده‬
‫بتأييد خاص‪.‬‬

‫سورة القصص (من اآلية ‪ 76‬الى اآلية ‪)76‬‬

‫ِِ‬ ‫وز مآ ِإ َّن مَف ِاتحه َلتنوء ِباْلع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِإ َّن َقارو َن َك ِ‬
‫صَبة أ ُْولِي اْلُقَّوة إ ْذ َق َ‬
‫ال َل ُه َق ْو ُم ُه‬ ‫َ َ ُ َُ ُ ُ ْ‬ ‫وس ٰى َفَب َغ ٰى َعَل ْيه ْم َوآتَْيَناهُ م َن اْل ُكُن ِ َ‬
‫ان من َق ْو ِم ُم َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الَ تَْف َرْح ِإ َّن َّ‬
‫َّللاَ الَ ُيح ُّب اْلَف ِرح َ‬
‫ين‬

‫وس ٰى َفَب َغ ٰى َعَل ْي ِه ْم} [اآلية‪.]76 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن َقارو َن َك ِ‬
‫ان من َق ْو ِم ُم َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬

‫ان ِمن َق ْو ِم‬


‫قال القاسم‪ :‬فى جميع األحوال‪ :‬بغى وطغيان والمفروح به محل الحزن أال ترى هللا يقول‪ِ{ :‬إ َّن َق ُارو َن َك َ‬
‫وس ٰى َفَب َغ ٰى َعَل ْي ِه ْم}‪.‬‬
‫ُم َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬الَ تَْف َرْح ِإ َّن َّ‬
‫َّللاَ الَ ُيح ُّب اْلَف ِرح َ‬
‫ين} [اآلية‪ .]76 :‬قال سهل‪ :‬من فرح بغير مفروح به استجلب حزًنا ال‬
‫انقضاء له‪.‬‬

‫سورة القصص (من اآلية ‪ 77‬الى اآلية ‪)77‬‬

‫َّللاُ ِإَل ْي َك والَ تَْب ِغ اْلَفس َاد ِفي األ َْر ِ‬


‫ض ِإ َّن‬ ‫الد ْنيا وأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َح َس َن َّ‬ ‫نس َنص َيب َك م َن ُّ َ َ ْ‬
‫َحسن َك َمآ أ ْ‬ ‫َّللاُ َّ‬
‫الد َار اآلخ َرَة َوالَ تَ َ‬ ‫اك َّ‬
‫يمآ آتَ َ‬‫َو ْابتَ ِغ ف َ‬
‫ين‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫َّللاَ الَ ُيح ُّب اْل ُمْفسد َ‬
‫َّ‬

‫الدار ِ‬ ‫ِ‬
‫اآلخ َرَة} [اآلية‪.]77 :‬‬ ‫َّللاُ َّ َ‬
‫اك َّ‬
‫يمآ آتَ َ‬
‫{و ْابتَ ِغ ف َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬من لم يجعل حظه من دنياه آخرته ومن آخرته ربه فقد خاب سعيه‪ ،‬وبطل عمله ونصيب العبد من‬
‫ديناه حفظ حرمات هللا وحرمة أوليائه والشفقة على عامة أوليائه وعباده‪.‬‬

‫ص َيب َك ِم َن ُّ‬
‫الد ْنَيا} [اآلية‪.]77 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬والَ تَنس ن ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬أمره أن يأخذ من ماله قدر عيشه وإن تقدم ما سوى ذلك آلخرته‪.‬‬

‫ص َيب َك ِم َن ُّ‬
‫الد ْنَيا} قال‪ :‬ال تغفل عن عمرك فى الدنيا أن‬ ‫وسئل سفيان الثورى رحمة هللا عليه عن قوله‪{ :‬والَ تَنس ن ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫تعمل بالطاعة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬نصيبك منها أن ال تغتر بها وال تسكن إليها فإنها لم تدم ألحد ولم تبق له‪.‬‬

‫وقال الجنيد رحمة هللا عليه فى هذه اآلية‪ :‬ال تترك إخالص العمل هلل فى الدنيا فهو الذى يقربك منه ويقطعك عما‬
‫سواه‪.‬‬

‫َّللاُ ِإَل ْي َك} [اآلية‪.]77 :‬‬


‫َح َس َن َّ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وأ ِ‬
‫َحسن َك َمآ أ ْ‬
‫َ ْ‬

‫قال القيم‪ :‬اصرف وجهك عن الكل باإلقبال عليه كما أحسن هللا إليك حيث جعلك من أهل معرفته‪ ،‬وأحسن مجاورة‬
‫معرفته فإنه أحسن إليك حيث أنعم عليك باإليمان وهو من أعم النعم‪ ،‬وأحسن جوار نعمه فإنه أحسن إليك فى أن‬
‫َّ‬
‫وفقك لخدمته‪ ،‬وأحسن القيام بواجب عبوديته وإخالص خدمته‪.‬‬

‫سورة القصص (من اآلية ‪ 78‬الى اآلية ‪)78‬‬

‫َشُّد ِم ْن ُه ُقَّوًة َوأَ ْكثَُر َج ْمعاً َوالَ‬ ‫ِ‬ ‫ال ِإَّن َمآ أُوِتيتُ ُه َعَل ٰى ِعْل ٍم ِع ِندي أ ََوَل ْم َي ْعَل ْم أ َّ‬
‫َهَل َك ِمن َقْبِله ِم َن اْلُق ُرو ِن َم ْن ُه َو أ َ‬
‫َّللاَ َق ْد أ ْ‬
‫َن َّ‬ ‫َق َ‬
‫َل َعن ُذُنوب ِِهم اْل ُم ْج ِرُمو َن‬ ‫ُي ْسأ ُ‬
‫ُ‬

‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّن َمآ أُوِتيتُ ُه َعَل ٰى ِعْل ٍم ِع ِندي} [اآلية‪.]78 :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫صرف‬
‫قال سهل رحمة هللا عليه‪ :‬ما نظر أحد إلى نفسه فأفلح وال ادعى لنفسه حاالً فتمت له‪ ،‬والسعيد من الخلق من ُ‬
‫منة هللا عليه فى جميع األحوال و َّ‬
‫الشقى من ُزيِنت فى‬ ‫بصره عن أفعاله وأقواله وفتح له سبيل الفضل واألفضال ورؤية َّ‬
‫يوما ما وإن لم تهلكه فى الوقت أال‬
‫عينه أعماله وأقواله فافتخر بها وادعاها لنفسه فتهلكه سمومها ً‬

‫ترى هللا تعالى كيف حكى عن قارون {ِإَّن َمآ أُوِتيتُ ُه َعَل ٰى ِعْل ٍم ِع ِندي} نسى الفضل وادعاها لنفسه فضالً فخسف هللا به‬
‫ظاهر فكم قد خسف باألسرار وصاحبها ال يشعر بذلك وخسف األسرار هو منع العصمة والرد إلى الحول‬ ‫ًا‬ ‫األرض‬
‫والقوة وإطالق اللسان بالدعوى العريضة والعمى عن رؤية الفضل والقعود عن القيام بالشكر على ما أولى وأعطى‬
‫حينئذ يكون وقت الزوال‪.‬‬

‫سورة القصص (من اآلية ‪ 79‬الى اآلية ‪)79‬‬

‫الد ْنَيا ٰيَل ْي َت َلَنا ِم ْث َل َمآ أُوِتي َقا ُرو ُن ِإَّن ُه َل ُذو َح ٍظ َع ِظي ٍم‬ ‫َفخرج عَلى َقو ِم ِه ِفي ِزينِت ِه َق َّ ِ‬
‫َ‬ ‫ين ُي ِر ُيدو َن اْل َحَي َ‬
‫اة ُّ‬ ‫ال الذ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ ٰ ْ‬

‫قوله تعالى‪َ { :‬ف َخ َرَج َعَل ٰى َق ْو ِم ِه ِفي ِز َينِت ِه} [اآلية‪.]79 :‬‬

‫قال ابن عطاء رحم ة هللا عليه‪ :‬أزين ما تزين به العبد المعرفة ومن نزلت درجاته عن درجات العارفين فأزين ما تزين‬
‫به طاعة ربه ومن َّتزين بالدنيا فهو مغرور فى زينته‪.‬‬

‫سمعت عبد هللا الرازى يقول‪ :‬سمعت أبا عثمان يقول وقد سأله رجل فى مجلسه‪ :‬أى الزينة أجمل؟ قال‪ :‬األخالق‬
‫الجميلة لو كان يفوقها شىء لزين بها حبيبه حيث قال ‪:‬‬

‫{ َوإَِّن َك َل َعَل ٰى ُخُل ٍق َع ِظيمٍ} [القلم‪.]4 :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة القصص (من اآلية ‪ 80‬الى اآلية ‪)80‬‬

‫اهآ ِإالَّ َّ‬ ‫َّللاِ َخير لِم ْن آمن وع ِمل ِ‬ ‫ِ‬ ‫وَق َّ ِ‬
‫الصاِب ُرو َن‬ ‫صالحاً َوالَ ُيَلَّق َ‬
‫اب َّ ْ ٌ َ َ َ َ َ َ َ‬ ‫ين أُوتُوْا اْلعْل َم َوْيَل ُك ْم ثََو ُ‬
‫ال الذ َ‬
‫َ َ‬

‫آم َن}‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله عز وجل‪{ :‬وَقال َّال ِذين أُوتوْا اْل ِعْلم ويَل ُكم ثَواب َّ ِ‬
‫َّللا َخ ْيٌر ل َم ْن َ‬ ‫َ َْ ْ َ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬العالم بربه من يرى دوام نعمته وتتابع اآلية وقصور شكره عن نعمه وإفالسه عما يظهر منه هذه صفة‬
‫العلماء باهلل‪.‬‬

‫سورة القصص (من اآلية ‪ 83‬الى اآلية ‪)83‬‬

‫ِ ِ ِ‬ ‫ين الَ ُي ِر ُيدو َن ُعُلواً ِفي األ َْر ِ‬ ‫َِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِتْل َك َّ‬
‫ض َوالَ َف َساداً َواْل َعاقَب ُة لْل ُمتَّق َ‬
‫ين‬ ‫الد ُار اآلخ َرةُ َن ْج َعُل َها للذ َ‬

‫ين الَ ُي ِر ُيدو َن ُعُلواً ِفي األ َْر ِ‬


‫ض َوالَ َف َساداً} [اآلية‪.]83 :‬‬ ‫َِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله عز وجل‪ِ :‬‬
‫{تْل َك َّ‬
‫الد ُار اآلخ َرةُ َن ْج َعُل َها للذ َ‬

‫قال يحيى بن معاذ رحمة هللا عليه‪ :‬الدنيا خمر إبليس من شرب منها شربة ال يفيق إال فى عسكر القيامة‪.‬‬

‫مقتضيا منهم االعتراف له بالعبودية عدالً إذ لم يكونوا فكونهم نصيب القلب المعرفة‬
‫ً‬ ‫قال شاه‪ :‬إن هللا خلق الخلق‬
‫ب وحدانيته ونصيب اللسان اإلقرار بفردانيته ونصيب الجوارح الخضوع له بحسن الطاعة والتواضع والتذلل فأرفعهم عند‬
‫غدا ألزمهم للذل اليوم‪.‬‬
‫عز ً‬
‫اضعا فى نفسه وأعزهم ًا‬
‫هللا أشدهم تو ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬العلو فى النظر إلى النفس والفساد النظر إلى الدنيا‪.‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬الفساد األمن من المكر والكبر والفخر والعجب وأصل ذلك كله من الجهل ومن العجب‪ ،‬والجهل‬
‫يكون الكبر وطلب العز فى الدنيا وطلب العلو فى الناس والعز هو الذى يتولد منه العجب‪.‬‬

‫{عُلواً ِفي األ َْر ِ‬


‫ض} أى إقباالً على النفس ورضاء بما يأتى‪ ،‬والفساد السكون إلى األفعال‬ ‫قال ابن عطاء فى هذه اآلية‪ُ :‬‬
‫واألقوال‪.‬‬

‫أحدا أدون ممن يتزين لدار فنائه ويتجمل الى من ال يملك خيره ونفعه‪.‬‬
‫قال حمدون‪ :‬ال ً‬

‫أخبرنا محمد بن أحمد بن نفيل الرازى قال‪ :‬حدثنا العباس بن حمزة قال‪ :‬حدثنا أحمد بن أبى الحوارى قال‪ :‬قال أحمد‬
‫الدار ِ‬ ‫ِ‬
‫اآلخ َرةُ} قال‪ :‬لمن لم يجزع من ذلها ولم ينافس فى عزها‪.‬‬ ‫بن وديع‪ :‬قال أبو معاوية فى هذه اآلية‪{ :‬تْل َك َّ ُ‬

‫سورة القصص (من اآلية ‪ 84‬الى اآلية ‪)84‬‬

‫السِيَئ ِ‬
‫ات ِإالَّ َما َك ُانوْا َي ْع َمُلو َن‬ ‫ين َع ِمُلوْا َّ‬ ‫َّ ِ‬ ‫من جآء ِباْلحسن ِة َفَله خير ِمنها ومن جآء ِب َّ ِ‬
‫السِيَئة َفالَ ُي ْج َزى الذ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ ُ َ ٌْ ْ َ َ َ َ َ‬

‫آء ِباْل َح َسَن ِة َفَل ُه َخ ْيٌر ِم ْن َها} [اآلية‪.]84 :‬‬


‫{من َج َ‬
‫قوله تعالى وتقدس‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬ال ثواب خير من الطاعة إالَّ الرؤية والرؤية فضل ال ثواب كأنه يقول‪ :‬من أحسن‬
‫آداب الحرمة فى جميع األحوال وأظهر سنن سر العبودية فله خير منه وهو الفضل وهو الرؤية‪.‬‬

‫وقال‪ :‬معرفة هللا بالوحدانية أصل الحسنات وبها تكون الحسنة حسنة‪.‬‬

‫وقال‪ :‬ومن ُقبلت من ه حسنة سقط عنه رؤيتها وفتحت عليه رؤية المنة وهى خير من الحسنة التى وفق لها‪.‬‬

‫سورة القصص (من اآلية ‪ 85‬الى اآلية ‪)85‬‬

‫ضالَ ٍل ُّمِب ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َّ ِ‬


‫ين‬ ‫آء ِباْل ُه َد ٰى َو َم ْن ُهَو في َ‬ ‫ك ِإَل ٰى َم َعاد ُقل َّربِي أ ْ‬
‫َعَل ُم َمن َج َ‬ ‫آن َل َر ُّآد َ‬ ‫ِإ َّن الذي َف َر َ‬
‫ض َعَل ْي َك اْلُق ْر َ‬

‫ك ِإَل ٰى َم َع ٍاد} [اآلية‪.]85 :‬‬


‫آن َل َر ُّآد َ‬
‫َّ ِ‬
‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن الذي َف َر َ‬
‫ض َعَل ْي َك اْلُق ْر َ‬

‫ك ِإَل ٰى َم َع ٍاد} قال‪ :‬مجالسته ليلة المسرى والى مخاطبات ُّ‬


‫الروح بالقرآن‬ ‫قال الواسطى رحمة هللا عليه فى قوله‪َ{ :‬ل َر ُّآد َ‬
‫وقيل العمل عند مباينة أثر الكون عليه‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬إن الذى يسر عليك القرآن قادر أن يردك إلى وطنك الذى منه ظهرت حتى يشاهدك سرك على دوام‬
‫أوقاتك‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال الحسن‪ :‬إن الذى فرقك يرسم اإلبالغ للخلق سيردك إلى معنى يجمع بالفناء عن مالحظتهم والترسم معهم على‬
‫حد البالغ برسومهم بتخصيصك بمقام ال يخص وبيان اإلخالص‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪َّ :‬‬


‫إن الذى حفظك فى أوقات المخاطبة لرادك الى وطنك من المشاهدة‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬إلى حيث شاهد روحك والى الكرم الذى أظهرك منه‪.‬‬

‫سورة القصص (من اآلية ‪ 88‬الى اآلية ‪)88‬‬

‫آخ َر الَ ِإَلـ َٰه ِإالَّ ُه َو ُك ُّل َشي ٍء َهالِ ٌك ِإالَّ َو ْج َه ُه َل ُه اْل ُح ْكم َوِإَل ْي ِه تُ ْرَج ُعو َن‬ ‫والَ تدع مع َّ ِ‬
‫َّللا ِإَلـٰهاً َ‬ ‫َ َْ ُ َ َ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫{ك ُّل َشي ٍء َهالِ ٌك ِإالَّ َو ْج َه ُه} [اآلية‪.]88 :‬‬
‫قوله تعالى‪ُ :‬‬
‫ْ‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬إذا تحقق ذلك عنده أخذ العبد من العبد بقيام الحق به‪.‬‬

‫{ك ُّل َشي ٍء َهالِ ٌك ِإالَّ َو ْج َه ُه}‪.‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬فى كشف الذات هلك ٌة وجرف ٌة قال هللا تعالى‪ُ :‬‬
‫ْ‬

‫قال ابن المبارك‪ :‬كل عمل باطل إال ما أريد به وجهه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة العنكبوت (من اآلية ‪ 1‬الى اآلية ‪)2‬‬

‫آمَّنا َو ُه ْم الَ ُيْفتَُنو َن‬ ‫َح ِس َب َّ‬


‫اس أَن ُي ْت َرُكوْا أَن َيُقوُلوْا َ‬
‫الن ُ‬ ‫الـم * أ َ‬

‫صب البلوى‬‫قال ابن عطاء‪ :‬ظن الخلق أنهم يتركون مع دعاوى المحبة وال يطالبون بحقائقها فحقائق المحبة هى َ‬
‫على المحب وتلذذه بالبالء فبالء يلحق جسده وبالء يلحق قلبه وبالء يلحق سره وبالء يلحق روحه فبالء النفس فى‬

‫الحمى فى الحقيقة ضعفها عن القيام بخدمة القوى العزيز بعد مخاطبته إياه بقوله‪َ :‬‬
‫{و َما َخَلْق ُت‬ ‫الظاهر األمراض و ُ‬
‫نس ِإالَّ لَِي ْعُب ُدو ِن}‪[،‬الذاريات‪ ]56 :‬وبالء القلب تراكم الشوق ومراعاة ما يرد عليه فى وقت بعد وقت من ربه‬ ‫اْل ِج َّن و ِ‬
‫اإل َ‬ ‫َ‬
‫والمحافظة ع لى أحواله مع الحرمة والهيبة‪ ،‬وبالء السر مع من ال مقام للخلق معه والرجوع إلى من ال وصول للخلق‬
‫إليه وبالء الروح الحصول فى القبضة واالبتالء بالمشاهدة وهذا ما ال طاقة ألحد فيه‪.‬‬

‫عرضا‪.‬‬
‫عبدا جعله للبالء ً‬
‫قال بعض السلف‪ :‬إن هللا إذا أحب ً‬

‫آمَّنا} بالدعاوى وهم ال يجربون البالء‪.‬‬ ‫قال عبد العزيز المكى‪{ :‬أَ َح ِس َب َّ‬
‫اس أَن ُي ْت َرُكوْا أَن َيُقوُلوْا َ‬
‫الن ُ‬

‫آمَّنا َو ُه ْم الَ ُيْفتَُنو َن}‬ ‫َح ِس َب َّ‬


‫اس أَن ُي ْت َرُكوْا أَن َيُقوُلوْا َ‬
‫الن ُ‬ ‫قال النصرآباذى‪ :‬خص هللا أهل البالء من بين عباده فقال‪{ :‬الـم أ َ‬
‫أى بترك أن يدعى فينا ودعواه وال يبلى باالختبار واالبتالء كلما ادعى أحد فينا إال ابتلى بأشد البالء وأى جرأة أشد‬
‫فان فى ٍ‬
‫باق‪.‬‬ ‫من ا َّدعاء ٍ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة العنكبوت (من اآلية ‪ 3‬الى اآلية ‪)3‬‬

‫ِ‬ ‫وَلَقد َفتََّنا َّال ِذين ِمن َقبلِ ِهم َفَليعَلم َّن َّ َّ ِ‬
‫ص َد ُقوْا َوَلَي ْعَل َم َّن اْل َكاذِب َ‬
‫ين‬ ‫ين َ‬
‫َّللاُ الذ َ‬ ‫ْ ْ َْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬تبين صدق العباد من كذبهم فى أوقات الرخاء والبالء من شكر فى أيام الرخاء وصبر فى أيام‬
‫البالء فهو من الصادقين‪ .‬ومن نظر فى أيام الرخاء وجزع فى أيام البالء فهو من الكاذبين‪.‬‬

‫وقال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬هب أنك تنجو من النفس والهوى ومن الناس والرياء فكيف تنجو من الحكم والقضاء‬
‫آمَّنا َو ُه ْم الَ ُيْفتَُنو َن}‪.‬‬ ‫َح ِس َب َّ‬
‫اس أَن ُي ْت َرُكوْا أَن َيُقوُلوْا َ‬
‫الن ُ‬ ‫قال هللا تعالى‪{ :‬الـم أ َ‬

‫قال عبد العزيز المكى‪ :‬جربناهم فيما َّادعوا فتبين الصادق من الكاذب عند التجربة‪.‬‬

‫سورة العنكبوت (من اآلية ‪ 4‬الى اآلية ‪)4‬‬

‫ونا َسآء َما َي ْح ُك ُمو َن‬ ‫ِ‬ ‫أَم ح ِسب َّال ِذين يعمُلون َّ ِ ِ‬
‫السيَئات أَن َي ْسبُق َ َ‬ ‫َ َْ َ َ‬ ‫ْ َ َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬أَم ح ِسب َّال ِذين يعمُلون َّ ِ‬
‫السِيَئات أَن َي ْسِبُق َ‬
‫ونا} [اآلية‪.]4 :‬‬ ‫َ َْ َ َ‬ ‫ْ َ َ‬

‫قال القيم‪ :‬أن يسبقونا ما كتبنا عليهم من محتوم القضاء وما قدرنا عليهم من ماضى الحكم فهم ساء ما يحكمون أى‬
‫بطل ما يعملون‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال عبد العزيز المكى‪ :‬أم حسب الذين يعملون السيئات ثم يتزينون بزى المحسنين وأهل الكرامة أن ننزلهم منزلتهم‬
‫ساء ما يحكمون‪.‬‬

‫ووصفا لهم بصفاتهم وبقوتهم قبل أن يخلقهم كى‬


‫ً‬ ‫تنبيها للخلق‬
‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬إنما ذكر هللا السياق ً‬
‫يوقنوا أنهم ال يسبقونه بالفعل والقول وأنهم مرتبطون بما سبق لهم من الصفات وفيهم قال هللا‪ :‬أحسب الذين يعملون‬
‫ين َي ْع َمُلو َن‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫السيئات أن يسبقونا بالفعل والقول وأنهم مرتبطون بما سبق لهم من الصفات وفيهم قال هللا‪{ :‬أ َْم َحس َب الذ َ‬
‫َّ ِ‬
‫السِيَئات أَن َي ْسِبُق َ‬
‫ونا}‪.‬‬

‫قال القتاد‪ :‬المسىء محجوب القلب عن الدين مكشوف القلب بالدين ليشهد منافع عواقب الطاعات‪.‬‬

‫سورة العنكبوت (من اآلية ‪ 5‬الى اآلية ‪)5‬‬

‫ِ‬ ‫َّللاِ ٍ‬
‫آلت وهو َّ ِ‬ ‫من َكان يرجوْا لَِقآء َّ ِ‬
‫يم‬
‫يع اْل َعل ُ‬
‫السم ُ‬ ‫َ َُ‬ ‫َّللا َفِإ َّن أ َ‬
‫َج َل َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ ُ‬ ‫َ‬

‫َّللاِ} [اآلية‪.]5 :‬‬


‫آء َّ‬ ‫ِ‬
‫ان َي ْر ُجو لَق َ‬
‫{من َك َ‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫فليسأل ربه سؤال المحتاج وليطلب منه طلب الراغب المشتاق‪.‬‬

‫َّللاِ ٍ‬
‫آلت} [اآلية‪.]5 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬فِإ َّن أ َ‬
‫َج َل َّ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال أبو عثمان‪ :‬هذه تعزية للمشتاقين أى أعلم باشتياقكم إلى وأنا أجلت للقائكم أجالً فعن قريب يكون وصولكم إلى من‬

‫تشتاقون إليه فطيبوا ً‬


‫نفسا وتنعموا‪.‬‬

‫سورة العنكبوت (من اآلية ‪ 6‬الى اآلية ‪)6‬‬

‫ِ‬ ‫اهد لِنْف ِس ِه ِإ َّن َّ ِ‬


‫ِ‬
‫َّللاَ َل َغن ٌّي َع ِن اْل َعاَلم َ‬
‫ين‬ ‫اه َد َفِإَّن َما ُي َج ُ َ‬
‫َو َمن َج َ‬

‫اه ُد لَِنْف ِس ِه} [اآلية‪.]6 :‬‬


‫قوله تبارك وتعالى‪{ :‬ومن جاهد َفِإَّنما يج ِ‬
‫َ َ َ ََ َ ُ َ‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬ابتدأ الحق الخلق بالنعم تفضالً من غير استحقاق جلت نعمه وعطاياه أن تستجلبها‬
‫اه ُد لَِنْف ِس ِه}‪.‬‬
‫الحوادث بحال لكنه المبتدئ بالنعم والمتفضل بها قال هللا تعالى‪{ :‬ومن جاهد َفِإَّنما يج ِ‬
‫َ َ َ ََ َ ُ َ‬

‫قال أبو بكر بن طاهر أى يظهر على نفسه آثار العبودية وزينتها ال يطلب بها قربة إلى ربه فإن الحق ال يتقرب إليه‬
‫منه‪.‬‬
‫برأيه أو بما ُ‬

‫سورة العنكبوت (من اآلية ‪ 10‬الى اآلية ‪)10‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِك َلَيُقوُل َّن ِإَّنا‬ ‫ِ‬ ‫اب َّ ِ ِ‬ ‫اس َكع َذ ِ‬ ‫َّللاِ َج َع َل ِف ْتَن َة َّ‬
‫اَّللِ َفِإ َذآ أُوِذ َي ِفي َّ‬
‫امَّنا ِب َّ‬ ‫ِ‬
‫صٌر من َّرب َ‬
‫آء َن ْ‬
‫َّللا َوَلئ ْن َج َ‬ ‫الن ِ َ‬ ‫ول َء َ‬
‫اس َمن يُق ُ‬‫الن ِ‬ ‫َو ِم َن َّ‬
‫ِ‬ ‫ص ُد ِ‬ ‫َّللا ِبأ ِ ِ‬
‫ين‬
‫ور اْل َعاَلم َ‬ ‫َعَل َم ب َما في ُ‬ ‫ُكَّنا َم َع ُك ْم أ ََو َل ْي َس َّ ُ ْ‬

‫َّللاِ} [اآلية‪.]10 :‬‬ ‫اس َكع َذ ِ‬


‫اب َّ‬ ‫الن ِ َ‬‫َّللاِ َج َع َل ِف ْتَن َة َّ‬
‫اَّللِ َفِإ َذآ أُوِذ َي ِفي َّ‬
‫آمَّنا ِب َّ‬
‫ول َ‬
‫ِ‬ ‫الن ِ‬
‫اس َمن يُق ُ‬ ‫{و ِم َن َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬ال يؤذى فى هللا إال األنبياء وخواص األولياء واألكابر من العباد ومن تعززت نفسه نازع‬
‫هللا فى ربوبيته‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬المؤمن كالذى يحمل األذى وينبت المرعى ال تجد راحلة فى األلف ‪ -‬والراحلة ما تحملك من غير مؤنة‬
‫‪ -‬وال أذى يبلغك شهوتك وال تحملك مؤنة‪.‬‬

‫سورة العنكبوت (من اآلية ‪ 13‬الى اآلية ‪)13‬‬

‫ام ِة َع َّما َك ُانوْا َيْفتَ ُرو َن‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬


‫َوَلَي ْحمُل َّن أَ ْثَقاَل ُه ْم َوأَ ْثَقاالً َّم َع أَ ْثَقاله ْم َوَلُي ْسأَُل َّن َي ْوَم اْلقَي َ‬

‫{وَلَي ْح ِمُل َّن أَ ْثَقاَل ُه ْم َوأَ ْثَقاالً َّم َع أَ ْثَقالِ ِه ْم} [اآلية‪.]13 :‬‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال أبو بكر الوراق‪ :‬وهم أعوان الظلمة والذين يصدقون األمراء الجائرون‪.‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬ما أرى هذه اآلية نزلت إال فى المدعين من غير حقيقة يحملون أثقالهم وأثقال من يقتدى بهم فى‬
‫دعاويهم ألن النبى صلى هللا عليه وسلم قال‪" :‬من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫‪".‬‬

‫سورة العنكبوت (من اآلية ‪ 17‬الى اآلية ‪)17‬‬

‫َّللاِ ِ‬
‫الرْز َق‬ ‫َّللاِ الَ َي ْملِ ُكو َن َل ُك ْم ِرْزقاً َف ْابتَ ُغوْا ِع َند َّ‬
‫ين تَ ْعُب ُدو َن ِمن ُدو ِن َّ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِإَّنما تعبدون ِمن دو ِن َّ ِ‬
‫َّللا أ َْوثَاناً َوتَ ْخُلُقو َن ِإ ْفكاً ِإ َّن الذ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ْ ُُ َ‬
‫ِ‬
‫اش ُك ُروْا َل ُه ِإَل ْيه تُ ْر َج ُعو َن‬
‫اعُب ُدوهُ َو ْ‬
‫َو ْ‬

‫َّللاِ ِ‬
‫الرْز َق} [اآلية‪.]17 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ف ْابتَ ُغوْا ِع َند َّ‬

‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬اطلبوا الرزق بالطاعة واإلقبال على العبادة‪.‬‬

‫قال يحيى بن معاذ‪ :‬يعبدون هللا تعالى فى الدنيا على أربعة أوجه؛ عابد يعبده على العادة وتائب يعبده على الرحمة‬
‫ومشتاق يعبده على الرغبة وصديق يعبده على المحبة‪.‬‬

‫قال سهل رحمة هللا عليه‪ :‬اطلبوا الرزق فى التوكل ال فى الكسب فإن طلب الرزق فى الكسب سبيل العوام‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة العنكبوت (من اآلية ‪ 21‬الى اآلية ‪)21‬‬

‫ُي َع ِذ ُب َمن َي َشآء َوَي ْر َحم َمن َي َشآء َوإَِل ْي ِه تُْقَلُبو َن‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫آء} [اآلية‪.]21 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ :‬‬
‫آء َوَي ْر َح ُم َمن َي َش ُ‬
‫{ي َعذ ُب َمن َي َش ُ‬
‫ُ‬

‫قال أبو بكر الوراق يعذب من يشاء باشتغال الدنيا ويرحم من يشاء بالفراغ منها واإلعراض عنها‪.‬‬

‫آء} يعذب من يشاء بالحرص ويرحم من يشاء بالقناعة‪.‬‬ ‫قال بعضهم‪ِ :‬‬
‫آء َوَي ْر َح ُم َمن َي َش ُ‬
‫{ي َعذ ُب َمن َي َش ُ‬
‫ُ‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬يعذب من يشاء بسوء الخلق ويرحم من يشاء بحسن الخلق‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬يعذب من يشاء باإلعراض عن هللا ويرحم من يشاء باإلقبال عليه‪.‬‬

‫قال سهل‪ :‬يعذب من يشاء بمتابعة البدع ويرحم من يشاء بمالزمة السنة‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬يعذب من يشاء بأنه يبغضه إلى الخلق ويرحم من يشاء بأن يحببه إليهم‪.‬‬

‫قال جعفر‪ :‬يعذب من يشاء بشتات الهموم ويرحم من يشاء بجمعها له‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬يعذب من يشاء بالمخالفة ويرحم من يشاء بالموافقة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة العنكبوت (من اآلية ‪ 26‬الى اآلية ‪)26‬‬

‫يم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ط وَق ِِ‬


‫ال إني ُم َهاجٌر إَل ٰى َربِي إن ُه ُه َو اْل َعز ُيز اْل َحك ُ‬
‫آم َن َل ُه ُلو ٌ َ َ‬
‫َف َ‬

‫ال ِإِني ُم َها ِجٌر ِإَل ٰى َربِي} [اآلية‪.]26 :‬‬


‫ط َوَق َ‬
‫آم َن َل ُه ُلو ٌ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ف َ‬

‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬إنى راجع إلى ربى من جميع مالى وقاصد إليه باالنفصال عما دونه وال يصح ألحد‬
‫الرجوع إليه وهو متعلق بشىء من الكون حتى ينفصل عن األكوان أجمع وال يتصل بها‪.‬‬

‫سورة العنكبوت (من اآلية ‪ 29‬الى اآلية ‪)29‬‬

‫َّللاِ ِإن‬ ‫ان جواب َقو ِم ِه ِإالَّ أَن َقاُلوْا ا ْئِتَنا ِبع َذ ِ‬
‫اب َّ‬ ‫َ‬ ‫يل َوتَأْتُو َن ِفي َن ِاد ُ‬
‫يك ُم اْل ُم ْن َك َر َف َما َك َ َ َ َ ْ‬
‫ط ُعو َن َّ ِ‬
‫السب َ‬ ‫ال َوتَْق َ‬ ‫أَِئَّن ُك ْم َلتَأْتُو َن ِ‬
‫الر َج َ‬
‫ين‬ ‫ُكنت ِمن َّ ِ ِ‬
‫الصادق َ‬ ‫َ َ‬

‫{وتَأْتُو َن ِفي َن ِاد ُ‬


‫يك ُم اْل ُم ْن َك َر} [اآلية‪.]29 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫سئل الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬عن هذه اآلية قال‪ :‬كل شىء يجتمع عليه الناس إال‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫الذكر فهو منكر‪.‬‬

‫قال أبو بكر بن طاهر‪ :‬ال تأمرون بالمعروف وال تنهون عن المنكر‪.‬‬

‫قال القيم‪ :‬المنكر هو ترك حرمة األكابر‪.‬‬

‫اآلخرِة َل ِمن َّ ِ ِ‬
‫الد ْنيا وإَِّنه ِفي ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وآتَيَناه أ ِ‬
‫ين} [اآلية‪ ]27 :‬أى لمن الراجعين إلى مقام العارفين‪.‬‬
‫الصالح َ‬ ‫َ َ‬ ‫َج َرهُ في ُّ َ َ ُ‬‫َ ْ ُ ْ‬

‫سورة العنكبوت (من اآلية ‪ 41‬الى اآلية ‪)41‬‬

‫نكب ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّللاِ أَولِيآء َكمَث ِل اْلع َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مَث ُل َّال ِذ َ َّ‬
‫وت َل ْو َك ُانوْا َي ْعَل ُمو َن‬ ‫نكُبوت اتَّ َخ َذ ْت َب ْيتاً َوِإ َّن أ َْو َه َن اْلُبُيوت َلَب ْي ُت اْل َع َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ين ات َخ ُذوْا من ُدون َّ ْ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫نكب ِ‬
‫وت اتَّ َخ َذ ْت َب ْيتاً} [اآلية‪.]41 :‬‬ ‫ِ‬
‫آء َك َمَثل اْل َع َ ُ‬ ‫ين اتَّ َخ ُذوْا ِمن ُدو ِن َّ ِ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫َّللا أ َْولَي َ‬ ‫{مَث ُل الذ َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫ظهير قطع عن‬


‫ًا‬ ‫شيئا فهو هباء ال حاصل له وهالكه فى نفس ما اعتمد ومن اتخذ سواه‬ ‫قال ابن عطاء‪ :‬من اعتمد ً‬
‫نفسه سبيل العصمة ورد إلى حوله وقوته فالعنكبوت اتخذت بيتًا ظن أنه يكنه وأوهن البيوت بيت ظن بانيه أنه عامره‬
‫أو به قيامه فهدمه حين بناه وخربه حين عمره‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة العنكبوت (من اآلية ‪ 43‬الى اآلية ‪)43‬‬

‫اس َو َما َي ْعِقُل َهآ ِإالَّ اْل َعالِ ُمو َن‬


‫ض ِرُب َها لِ َّلن ِ‬ ‫َوِتْل َك األ َْمثَ ُ‬
‫ال َن ْ‬

‫قال‪ :‬شواهد القدرة تدل على القادر وما يعقلها أى وال يثبتها إالَّ العالمون به وبأسمائه وصفاته ألنهم علماء السنة‬
‫والباقون علماء المنهج والعالم على الحقيقة من يحجزه علمه من كل ما ال يبحه العلم الظاهر‪.‬‬

‫سورة العنكبوت (من اآلية ‪ 45‬الى اآلية ‪)45‬‬

‫َّللاِ أَ ْكَب ُر َو َّ‬


‫َّللاُ َي ْعَل ُم َما‬ ‫الصالَةَ تَْن َه ٰى َع ِن اْلَف ْح َش ِآء َواْل ُم ْن َك ِر َوَل ِذ ْك ُر َّ‬ ‫ْاتل ما أُو ِحي ِإَل ْي َك ِم َن اْل ِكتَ ِ‬
‫اب َوأ َِق ِم َّ‬
‫الصالَةَ ِإ َّن َّ‬ ‫ُ َ ْ َ‬
‫صَن ُعو َن‬
‫تَ ْ‬

‫الصالَ َة تَْن َه ٰى َع ِن اْلَف ْح َش ِآء َواْل ُم ْن َك ِر} [اآلية‪.]45 :‬‬


‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن َّ‬

‫قال بعضهم‪ :‬تمام الصالة بترك الفحشاء والمنكر قبل الصالة وهو ألجل الجالل والتفكر فى عظمة هللا فإذا قمت إليها‬
‫قمت كأنك مذنب فترفع الحجاب فتقول هللا أكبر بعقاب الفحشاء‪ ،‬ونيات المنكر‪.‬‬

‫قال جعفر‪ :‬الصالة إذا كانت مقبولة فإنها تنهى عن مطالعات األعمال وطلب األعراض‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال سهل رحمة هللا عليه فى هذه اآلية‪ :‬تزيين االنصراف عن الفحشاء والمنكر بواحدة وهو من اإلخالص فى الصالة‬
‫وكل صالة ال تنهى عن الفحشاء والمنكر وال يوجد فيها تزيين االنصراف عنها فملعونة‪ ،‬والواجب تصفيتها‪.‬‬

‫عوضا أو رؤية نفس فيها‪.‬‬


‫ً‬ ‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬الصالة المقبولة تمنع صاحبها يطلب‬

‫َّللاِ أَ ْكَب ُر} [اآلية‪.]45 :‬‬


‫{وَل ِذ ْك ُر َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬ذكر هللا أكبر من ذكركم له ألن ذكره بال علة وذكركم مشوب بالعلل واألمانى والسؤال‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬ذكرك له استجالب نفع‪ ،‬وذكره لك إكرام وفضل‪.‬‬


‫وقال ً‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬ذكر هللا أكبر ألنه ذكر ٍ‬


‫باق‪.‬‬

‫قال أبو بكر الوراق‪ :‬ذكر هللا لكم فى األزل أكبر من ذكركم له فى الوقت‪ ،‬ألن ذكره لكم أطلق ألسنتكم بذكره‪.‬‬

‫وقال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬من شاهد نفسه فى ذكره شاهد نفسه فى مقابلة من ال يقابله شىء وهللا تعالى يقول‪:‬‬
‫َّللاِ أَ ْكَب ُر} من أن يقوم أحد فيه بحق العبودية فكيف بحق الربوبية؟‬
‫{ َوَل ِذ ْك ُر َّ‬

‫أيضا‪ :‬ذكر هللا لكم فى األزل أكبر وأحكم وأقدم وأتم‪.‬‬


‫وقال ً‬

‫قال القاسم‪ :‬ذكر هللا أكبر من أن تحويه أفهامكم وعقولكم وحقيقة الذكر طرد الغفلة فإذا لم يكن الغفلة فما وجه الذكر‬
‫ألنه أكبر من أن يلحقه ذكر أو تداينه إشارة؛ ألن اإلشارة يطلبها األين واألين يلحقها الحين‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َّللاِ أَ ْكَب ُر} من أن‬
‫{وَل ِذ ْك ُر َّ‬
‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم البزاز يقول‪ :‬قال ابن عطاء فى قوله‪َ :‬‬
‫يبقى على صاحبه عقاب الفحشاء‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬هللا أكبر من أن يبقى على صاحبه وذاكره شىء سوى مذكوره‪.‬‬
‫وقال ً‬

‫سورة العنكبوت (من اآلية ‪ 48‬الى اآلية ‪)48‬‬

‫اب اْل ُم ْب ِطُلو َن‬ ‫َّ‬ ‫ُّ ِ ِ‬ ‫ِ ِِ ِ ِ ٍ‬


‫نت َت ْتُلوْا من َقْبله من كتَاب َوالَ تَ ُخط ُه ِبَيمين َك ِإذاً ال ْرتَ َ‬
‫َو َما ُك َ‬

‫نت تَْتُلوْا ِمن َقْبلِ ِه ِمن ِكتَ ٍ‬


‫اب} [اآلية‪.]48 :‬‬ ‫{و َما ُك َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال أبو سعيد الخراز فى هذه اآلية‪ :‬أبيدت عنه الرسوم وأشكال الطبائع لما فيه من تدبير المحبة واالختصاص‬
‫خاليا عما فيه من‬
‫بخصائص القربة فلم يدنس لمرسوم ولم يرجع إلى معلوم لذلك لما َب َد َه ُه الحق أثر فيه حيث وجده ً‬
‫ِ‬
‫ِك} [العلق‪َ ]1 :‬سكن إليه وألفه لخلوه‬ ‫األغيار أال ترى أنه لما قيل له‪{ :‬ا ْق َأرْ} قال‪ :‬ما أنا بقارئ فقيل له‪{ :‬ا ْق َأْر ب ْ‬
‫اس ِم َرب َ‬
‫عن التدنيس بالمرسومات‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة العنكبوت (من اآلية ‪ 49‬الى اآلية ‪)49‬‬

‫ور َّال ِذين أُوتُوْا اْل ِعْلم وما يجحد ِبآي ِاتنآ ِإالَّ َّ‬
‫الظالِ ُمو َن‬ ‫ص ُد ِ‬ ‫ات بِيَن ٌ ِ‬
‫َ َ َ َ ْ َُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ات في ُ‬ ‫َب ْل ُه َو َآي ٌ َ‬

‫ين أُوتُوْا اْل ِعْل َم} [اآلية‪.]49 :‬‬ ‫قوله عز وعال‪{ :‬بل هو آيات بِينات ِفي صد ِ َّ ِ‬
‫ور الذ َ‬ ‫ُُ‬ ‫َ ْ َُ َ ٌ َ َ ٌ‬

‫قال أبو بكر‪ :‬ظاهر علوم الدراية جعل وعاءها صدور العلماء الربانيين‪ ،‬وآيات ذلك ظاهرة عليهم وأنوارهم مشرقة فيهم‬
‫اضيا ألحكام الحق عليه وموارد الحق إياه وأنوار هيبته تشتمل على قلوب حاضرة فال‬ ‫فال ترى ً‬
‫عالما مستعمالً بعلمه ر ً‬
‫يكون مجلسه إال مجلس أدب‪.‬‬

‫سمعت أبى يقول‪ :‬يقول القناد‪ :‬من صفت سريرته صفت عالنيته‪.‬‬

‫سورة العنكبوت (من اآلية ‪ 56‬الى اآلية ‪)56‬‬

‫اعُب ُدو ِن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ َّ ِ‬


‫آمُنوْا إ َّن أ َْرضي َواس َع ٌة َفإي َ‬
‫َّاي َف ْ‬ ‫ين َ‬
‫يٰعَباد َي الذ َ‬
‫قوله عز وعال‪{ :‬ي ِٰعب ِادي َّال ِذين آمنوْا ِإ َّن أَر ِ‬
‫ضي َو ِاس َع ٌة} [اآلية‪.]56 :‬‬ ‫ْ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ َ‬

‫قال سهل رحمة هللا عليه‪ :‬إذا عمل بالمعاصى والبدع فى أرض فاخرجوا منها إلى أرض المطيعين‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سمعت محمد بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبى ملكى يقول‪ :‬وقد سئل عن العبودية فقال‪ :‬إذا صحت العبودية صحت‬
‫الحرية عما سواه‪.‬‬

‫سمعت محمد بن الحسين البغدادى يقول‪ :‬سمعت محمد بن أحمد بن سهل يقول‪ :‬سمعت سعيد بن عثمان يقول‪:‬‬
‫سمعت ذا النون رحمة هللا عليه وعليهم يقول‪ :‬صفة العبد المؤمن على الحقيقة هو خلع الراحة وإعطاء المجهود فى‬
‫الطاعات وحب سقوط المنزلة‪.‬‬

‫سورة العنكبوت (من اآلية ‪ 57‬الى اآلية ‪)57‬‬

‫س َذ ِآئَق ُة اْل َم ْو ِت ثُ َّم ِإَل ْيَنا تُ ْر َج ُعو َن‬


‫ُك ُّل َنْف ٍ‬

‫س َذ ِآئَق ُة اْل َم ْو ِت} [اآلية‪.]57 :‬‬


‫{ك ُّل َنْف ٍ‬
‫قوله جل ذكره‪ُ :‬‬

‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬النفوس وإن عظم خطرها فإنها مردودة إلى قيمتها ال يثبت لها حال ما دامت قائمة بأنفسها‬
‫إال أن يغنى للحق شاهدها عنها ويحييها بشواهد إشهاد منه إياه إذ ذاك تحيا وتزول عنها العلل قال هللا عز وجل‪:‬‬
‫س َذ ِآئَق ُة اْل َم ْو ِت} ما دامت باقية قائمة بذواتها ثم إلينا ترجعون بما لنا فتسقط عنها العوارض والعلل ونقيمها‬
‫{ك ُّل َنْف ٍ‬
‫ُ‬
‫مقام الصدق‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة العنكبوت (من اآلية ‪ 59‬الى اآلية ‪)59‬‬

‫صَب ُروْا َو َعَل ٰى َرِب ِه ْم َيتََوَّكُلو َن‬ ‫َّ ِ‬


‫ين َ‬
‫الذ َ‬

‫قال محمد بن على‪ :‬للصبر أول فإذا تحقق فى َّأوله واستكمل له مقامه َّأداه صبره إلى الشكر وإلى الرضا فمن صح‬
‫له مقام صح له صبر صح له مقام التوكل وغاية الصبر الرضا وهوايتها مقاماته والصبر مخرجه من اليقين ومن لم‬

‫يصح يقينه ال يرزق من الصبر ً‬


‫شيئا‪.‬‬

‫الصحبة كالمقام مع العافية هذا هو الصبر وما سواه تصبُّر‪.‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬الصبر المقام مع البالء يحسن ُّ‬

‫قال أبو بكر الوراق‪ :‬الصبر تلقى البالء الرحب والدعة سمعت عبد هللا بن على يقول‪ :‬سمعت أبا العباس محمد بن‬
‫الحسين يقول‪ :‬سمعت ابن أبى شيخ يقول ‪:‬‬

‫سمعت أحمد بن أبى الحسين يقول‪ :‬سئل أبو سعيد الخراز عن التوكل فقال‪ :‬هو اضطراب بال سكون وسكون بال‬
‫اضطراب‪ .‬قال الجريرى‪ :‬وهذا قول حسن فى التوكل‪.‬‬

‫سورة العنكبوت (من اآلية ‪ 60‬الى اآلية ‪)60‬‬

‫يم‬‫ِ‬ ‫َّاكم وهو َّ ِ‬ ‫وَكأَِين ِمن دآب ٍ‬


‫َّة الَّ تَ ْح ِم ُل ِرْزَق َها َّ‬
‫يع اْل َعل ُ‬
‫السم ُ‬ ‫َّللاُ َي ْرُزُق َها َوإِي ُ ْ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬وَكأَِين ِمن دآب ٍ‬
‫َّة الَّ تَ ْح ِم ُل ِرْزَق َها} [اآلية‪.]60 :‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سمعت بشر بن أحمد اإلسفرايينى يقول‪ :‬حدثنا أبو يعلى الموصلى قال‪ :‬حدثنا ابن معين قال‪ :‬حدثنا يحيى بن يمان‬
‫لغد‪.‬‬ ‫{وَكأَِين ِمن َد َّآب ٍة الَّ تَ ْح ِم ُل ِرْزَق َها}‪ :‬ال تدخر ً‬
‫شيئا ٍ‬
‫عن سفيان عن على بن األرقم يقول فى قوله‪َ :‬‬

‫سمعت أبا عمرو بن مطر يقول‪ :‬سمعت أبا بكر البردعى يقول‪ :‬سمعت أبا يعقوب النهرجورى يقول‪ :‬ال تجزعوا من‬
‫اك ْم}‪.‬‬ ‫التوكل فإنه عيش ألهله قال هللا تعالى‪{ :‬وَكأَِين ِمن دآب ٍ‬
‫َّة الَّ تَ ْح ِم ُل ِرْزَق َها َّ‬
‫َّللاُ َي ْرُزُق َها َوِإَّي ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬يرزقها بالتوكل ويرزقكم بالطلب‪.‬‬

‫قال أبو بكر بن طاهر‪ :‬يرزقها بحسن اليقين ويرزقكم مع قلة اليقين‪.‬‬

‫سمعت أبا عمرو بن مطر يقول‪ :‬سمعت أبا بكر البردعى يقول‪ :‬سمعت أبا يعقوب النهرجورى يقول‪ :‬أرزاق المتوكلين‬
‫على هللا تجرى بعلم هللا لهم بال شغل وغيرهم فيها مشغول ومتعوب‪.‬‬

‫سورة العنكبوت (من اآلية ‪ 65‬الى اآلية ‪)65‬‬

‫اه ْم ِإَلى اْلَب ِر ِإ َذا ُه ْم ُي ْش ِرُكو َن‬ ‫ِ‬ ‫َفِإ َذا رِكبوْا ِفي اْلُفْل ِك دعوْا َّ ِ ِ‬
‫ين َفَل َّما َن َّج ُ‬
‫ين َل ُه الد َ‬
‫َّللاَ ُم ْخلص َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ ُ‬

‫ين} [اآلية‪.]65 :‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬فِإ َذا رِكبوْا ِفي اْلُفْل ِك دعوْا َّ ِ ِ‬
‫ين َل ُه الد َ‬
‫َّللاَ ُم ْخلص َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ ُ‬

‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬اإلخالص إنحياز القلب من الكل وخلو السر عن الجميع والعلم بأن الحق هو الذى يقبلك‬
‫بجميع عيوبك وينجيك مع جميع همومك وهو دليل مقام اإلخالص‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة العنكبوت (من اآلية ‪ 69‬الى اآلية ‪)69‬‬

‫ين‬ ‫ِِ‬ ‫اه ُدوْا ِف َينا َلَن ْه ِدَيَّن ُه ْم ُسُبَلَنا َوإِ َّن َّ‬
‫َّللاَ َل َم َع اْل ُم ْحسن َ‬ ‫ين َج َ‬
‫َّ ِ‬
‫َوالذ َ‬

‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬جاهدوا فى رضانا لنهدينهم الوصول إلى محل الرضوان‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الذين اتبعوا مخالفة أنفسهم فى حرمتنا لنكرمنهم بحالوة الخدمة وأنسها‪.‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬الطريق إلى هللا واضح والوصول إليه بالمجاهدة والمجاهرة بنظام النفس عن الشهوات ونزوع القلب‬
‫ٍ‬
‫حينئذ تصح لك المجاهدة‪.‬‬ ‫عن األمانى والشبهات وخلو السر عن النظر إلى الخلق والرجوع إلى رب السماوات‬

‫قال بعضهم‪ :‬المجاهدة هى إقامة الطاعات على رؤية المنن ال غير‪.‬‬

‫وسئل الجنيد عن هذه اآلية فقال‪ :‬والذين جاهدوا فى التوبة لنهدينهم سبل اإلخالص‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬المجاهدة هى صدق االفتقار إلى هللا باالنقطاع عن كل ما سواه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال النهرجورى‪ :‬والذين جاهدوا فى خدمتنا لنفتحن عليهم سبل المناجاة معنا واألنس بنا والمشاهدة لنا ومن لم يكن‬
‫أوائل أحواله المجاهدة كانت أيامه وأوقاته موصولة بالتوانى واألمانى ويكون حظه البعد من حيث تأمل القرب‪.‬‬

‫وقال عبد هللا بن المبارك‪ :‬المجاهدة علم آداب الخدمة ال المداومة عليها وأدب الخدمة أعز من الخدمة‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الجهد فى غض البصر وحفظ اللسان وخطرات القلوب وجملة ذلك هو الخروج من عادات البشرية‪.‬‬

‫اه ُدوْا ِف َينا َلَن ْه ِدَيَّن ُه ْم ُسُبَلَنا} [اآلية‪.]69 :‬‬


‫ين َج َ‬
‫وقيل فى قوله‪ِ َّ :‬‬
‫{والذ َ‬‫َ‬

‫قال القيم‪ :‬كل مجاهدة فى هللا كانت قبل اإليمان فهى حقيقة وكل مجاهدة بعد اإليمان باهلل فهى باطلة‪.‬‬

‫قوله تعالى‪َ{ :‬لَن ْه ِدَيَّن ُه ْم ُسُبَلَنا} أى‪َّ :‬‬


‫بينا لهم أنه ليس باإليمان والمجاهدات يتقرب إلى هللا به بطلب سبيل المجاهدة‪.‬‬
‫وقوله‪َ{ :‬لَن ْه ِدَيَّن ُه ْم} أنه من هللا كله ال من العبد ألن المجاهدة هو الذى أجرى عليهم قبله سئل السيارى المجاهدة من‬
‫َّللاُ َخَلَق ُك ْم َو َما تَ ْع َمُلو َن}‬
‫{و َّ‬
‫العبد إلى هللا أو من هللا إلى العبد؟ قال‪ :‬ما من شىء إال وهللا موجده قال هللا‪َ :‬‬

‫[الصافات‪ ]96 :‬أى أوجدكم وأوجد أعمالكم بال شريك وال عون فالخلق قائمون بالحق‪.‬‬

‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬سر مجرد مسائله مع الحق بإسقاط الكل عنه‪.‬‬

‫كل محتمل لثقل العبودية فى اختالف ما وضع هللا من فرض وفضل فهو داخل فى أحوال‬
‫قال محمد بن خفيف‪ٌ :‬‬
‫المجاهدة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫أيضا‪ :‬اللبيب من العقالء من يعمل فى تصفية قلبه من كل همه وانفراده بإصالح ما هو أولى به فى الحال‬ ‫وقال ً‬
‫بدوام المجاهدة واستعمال الرياضة وشدة الحراسة ومفارقة ما كانت النفوس عليها عاكفة لحقيقة المجاهدة ألن هللا‬
‫اه ُدوْا ِف َينا َلَن ْه ِدَيَّن ُه ْم ُسُبَلَنا}‪.‬‬
‫ين َج َ‬
‫يقول‪ِ َّ :‬‬
‫{والذ َ‬‫َ‬

‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬المجاهدة على قدر الطاقة والعناية على قدر الكفاية‪.‬‬

‫قال جعفر‪ :‬صدق االفتقار هو انفصال العبد من نفسه واتصاله بربه والمجاهدة تبرى العبد من جميع ما اتصل به‬
‫والمجاهدة بدل الروح على رضا الحق‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬من جاهد بنفسه لنفسه وصل إلى كرامة ربه‪ .‬ومن جاهد بنفسه لربه وصل إلى ربه‪.‬‬
‫وقال ً‬

‫قال ذو النون رحمة هللا عليه‪ :‬من اجتهد فى هللا هلل من غير أن يلتفت عند االجتهاد إلى غير هللا وجد الطريق من هللا‬
‫الى هللا فإن مع االجتهاد النصرة والتعبد‪.‬‬

‫قال عبد العزيز المكى‪ :‬اجتهدوا فى سبل الظاهر فهداهم الى سبل الباطن وأنا أتعجب ممن يعجز عن ظاهره وهو‬
‫يطمع فى باطنه‪.‬‬

‫قال القيم‪ :‬المجاهدة المكابدة فى العبادة‪.‬‬

‫سمعت النصرآباذى يقول‪ :‬سمعت أبا أسحاق ابن عائشة يقول‪ :‬قال أبو سعيد القرشى‪ :‬خرجت هداية المريد من المراد‬
‫صر ٍ‬
‫اط ُّم ْستَِقيمٍ} [البقرة‪.]142 :‬‬ ‫ِ‬ ‫قال هللا تعالى‪ِ :‬‬
‫آء ِإَل ٰى َ‬
‫{ي ْهدي َمن َي َش ُ‬
‫َ‬

‫قال أبو بكر بن طاهر‪ :‬لنهدينهم السبيل إلينا‪ .‬قال بعضهم تقربوا إلى هللا بإقبال القلوب عليه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سمعت أبا نصر منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم البزاز قال أبو العباس ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬صدق‬
‫المجاهدة االنقطاع إلى هللا عن كل ما سواه‪.‬‬

‫اه ُدوْا ِف َينا} فى طلبنا تحرًيا لرضانا {َلَن ْه ِدَيَّن ُه ْم ُسُبَلَنا} سبل الوصول إلينا‪.‬‬
‫ين َج َ‬
‫وقيل فى قوله‪ِ َّ :‬‬
‫{والذ َ‬‫َ‬

‫سورة الروم (من اآلية ‪ 4‬الى اآلية ‪)4‬‬

‫ين ََِّّللِ األ َْم ُر ِمن َقْب ُل َو ِمن َب ْع ُد َوَي ْو َمِئ ٍذ َيْف َرُح اْل ُم ْؤ ِمُنو َن‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫في ِب ْ‬
‫ض ِع سن َ‬

‫قوله تعالى‪ََِّّ{ :‬للِ األ َْم ُر ِمن َقْب ُل َو ِمن َب ْع ُد} [اآلية‪.]4 :‬‬

‫قال‪ :‬من قبل كل شىء ومن بعد كل شىء ألنه المبدئ والمعيد‪.‬‬

‫عالما فى األصل والفرع‪.‬‬


‫أيضا‪ :‬سبق تدبير الحق فى الخلق ألنه بهم لم يزل ً‬
‫وقال ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الروم (من اآلية ‪ 7‬الى اآلية ‪)7‬‬

‫اآلخ َرِة ُه ْم َغ ِافُلو َن‬


‫الد ْنيا وهم ع ِن ِ‬ ‫ِ‬ ‫يعَلمو َن َ ِ ِ‬
‫ظاه اًر م َن اْل َحَياة ُّ َ َ ُ ْ َ‬ ‫َْ ُ‬
‫اه اًر ِم َن اْل َحَي ِاة ُّ‬
‫الد ْنَيا} [اآلية‪.]7 :‬‬ ‫ظِ‬ ‫{ي ْعَل ُمو َن َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬من ركن إلى الدنيا حجب عن اآلخرة‪ ،‬ومن ركن إلى اآلخرة حجب عن هللا‪ ،‬لذلك قال النبى صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪" :‬من أصبح وهمه غير هللا فليس من هللا‬

‫‪".‬‬

‫وقال صلى هللا عليه وسلم‪" :‬من أحب دنياه أضر بآخرته‬

‫‪".‬‬

‫قال القاسم‪ :‬من كان عن اآلخرة غافالً فهو عن هللا أغفل ومن كان غافالً عن هللا فقد سقط من درجات المتعبدين‪.‬‬

‫سورة الروم (من اآلية ‪ 9‬الى اآلية ‪)9‬‬

‫ظروْا َكيف َكان ع ِاقب ُة َّال ِذين ِمن َقبلِ ِهم َكانوْا أ َ ِ‬ ‫سيروْا ِفي األ َْر ِ‬
‫وهآ أَ ْكثََر‬ ‫َشَّد م ْن ُه ْم ُقَّوًة َوأَثَ ُاروْا األ َْر َ‬
‫ض َو َع َم ُر َ‬ ‫ْ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ض َفَين ُ ُ ْ َ َ َ َ‬ ‫أ ََوَل ْم َي ُ‬
‫ظِل ُمو َن‬ ‫ظلِ َم ُه ْم َوَلـ ِٰكن َك ُانوْا أ ُ‬
‫َّللاُ لَِي ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َنف َس ُه ْم َي ْ‬ ‫آء ْت ُه ْم ُرُسُل ُهم ِباْلَبِيَنات َف َما َك َ‬
‫ان َّ‬ ‫وها َو َج َ‬
‫م َّما َع َم ُر َ‬

‫ين ِمن َقْبلِ ِه ْم} [اآلية‪.]9 :‬‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫سيروْا ِفي األ َْر ِ‬
‫ان َعاقَب ُة الذ َ‬
‫ف َك َ‬
‫ظ ُروْا َك ْي َ‬
‫ض َفَين ُ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أ ََوَل ْم َي ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬السير فى األرض مندوب إليه لمن يستدل باآلثار على المؤثر فأما من تحقق فى عين المعرفة فهو‬
‫سائر بروحه فى الملكوت ومجالس األنس ويكون خالى السر عن هواجس النفس فسير المريد ببدنه وسير المراد بقلبه‬
‫وسير المحب بروحه وسير العارف بسره‪.‬‬

‫سورة الروم (من اآلية ‪ 10‬الى اآلية ‪)10‬‬

‫َّللاِ َوَك ُانوْا ِب َها َي ْستَ ْه ِزُئو َن‬ ‫َى أَن َك َّذبوْا ِبآي ِ‬
‫ات َّ‬ ‫السوأ ٰ‬
‫اءوْا ُّ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َس ُ‬
‫ين أ َ‬
‫ان َعاقَب َة الذ َ‬
‫ثُ َّم َك َ‬

‫وء ٰى} [اآلية‪.]10 :‬‬ ‫ِ َّ ِ‬


‫الس َ‬
‫اءوْا ُّ‬
‫َس ُ‬
‫ين أ َ‬
‫ان َعاقَب َة الذ َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬ثُ َّم َك َ‬

‫ِ َّ ِ‬
‫اءوْا‬
‫َس ُ‬
‫ين أ َ‬ ‫قال أبو على الجوزجانى‪ :‬المسىء ينتظر اإلساءة إلى أن يتداركه العفو أال ترى هللا يقول‪{ :‬ثُ َّم َك َ‬
‫ان َعاقَب َة الذ َ‬
‫وء ٰى} اإلساءة إنفاق العمر فى الباطل والسوء إنفاق رزقه فى المعاصى وإنفاق حياته فى متابعة هواه‪.‬‬ ‫الس َ‬
‫ُّ‬

‫سورة الروم (من اآلية ‪ 14‬الى اآلية ‪)14‬‬

‫اع ُة َي ْو َمِئ ٍذ َيتََفَّرُقو َن‬


‫الس َ‬
‫وم َّ‬
‫َوَي ْوَم تَُق ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال أبو بكر بن طاهر‪ :‬يتفرقون ٌ‬
‫كل إلى ما قدر له من محل السعادة ومنزل الشقاوة فمن كان تفرقه إلى الجمع كان‬

‫مجموع السر ينقلب إلى محل السعادة ومن كان تفرقه إلى فرقة كان متفرق السر ثم ال يألف الحق ً‬
‫أبدا ويرجع إلى‬
‫محل أهل الشقاوة‪.‬‬

‫سورة الروم (من اآلية ‪ 17‬الى اآلية ‪)17‬‬

‫صِب ُحو َن‬ ‫ِ‬ ‫َفسبحان َّ ِ ِ‬


‫ين تُ ْم ُسو َن َوح َ‬
‫ين تُ ْ‬ ‫َّللا ح َ‬ ‫ُْ َ َ‬

‫قال جعفر‪ :‬باهلل فابدأ صباحك وبه فاختم مساءك فمن كان به ابتداؤه وإليه انتهاؤه ال يشقى فيما بينهما‪.‬‬

‫سورة الروم (من اآلية ‪ 20‬الى اآلية ‪)20‬‬

‫اب ثُ َّم ِإ َذآ أَنتُ ْم َب َشٌر تَنتَ ِش ُرو َن‬


‫َن َخَلَق ُكم ِمن تُر ٍ‬ ‫ِِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َو ِم ْن َآياته أ ْ‬

‫َن َخَلَق ُكم ِمن تُر ٍ‬ ‫ِِ‬


‫اب} [اآلية‪.]20 :‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫{و ِم ْن َآياته أ ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال القاسم‪ :‬بين أنه متولى خلقه وأن خلقته إياهم من جماد ال حركة له وإنما حركها خالقها ألنه ليس من طبعه أن‬
‫شيئا من أفعاله وال ينظر إلى شىء سوى ربه‪.‬‬
‫يتيسر بنفسه ذكر ذلك لئال يعتمد العبد ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الروم (من اآلية ‪ 19‬الى اآلية ‪)19‬‬

‫ض َب ْع َد َم ْوِت َها َوَك َذلِ َك تُ ْخ َرُجو َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ُي ْخ ِرُج اْل َح َّي م َن اْل َمِيت َوُي ْخ ِرُج اْل َمِي َت م َن اْل َح ِي َوُي ْحي األ َْر َ‬

‫{ي ْخ ِرُج اْل َح َّي ِم َن اْل َمِي ِت َوُي ْخ ِرُج اْل َمِي َت ِم َن اْل َح ِي} [اآلية‪.]19 :‬‬
‫قوله تعالى‪ُ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬يخرج أولياءه من بين أعدائه ويخرج أعداءه من بين أوليائه لئال يعتمد‬

‫ولى على واليته وال يقنط عدو فى عداوته فأبهم العواقب ولم يكشف إال لنبى أو لخاص ولى‪.‬‬

‫سورة الروم (من اآلية ‪ 26‬الى اآلية ‪)26‬‬

‫ض ُك ٌّل َّل ُه َق ِانتُو َن‬


‫الس ٰم ٰو ِت واأل َْر ِ‬ ‫ِ‬
‫َوَل ُه َمن في َّ َ َ َ‬
‫ِ‬
‫ات واأل َْر ِ‬
‫ض} [اآلية‪.]26 :‬‬ ‫{وَل ُه َمن ِفي َّ‬
‫الس َم َاو َ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال‪ :‬الكل له فمن طلب البعض من الكل من غيره فقد أظهر نذالته وأنبأ عن قدره ومحله‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الروم (من اآلية ‪ 29‬الى اآلية ‪)29‬‬

‫َّللا وما َلهم ِمن َّن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬


‫اص ِري َن‬ ‫آء ُه ْم ِب َغ ْي ِر عْل ٍم َف َمن َي ْهدي َم ْن أ َ‬
‫َض َّل َّ ُ َ َ ُ ْ‬ ‫َه َو َ‬
‫ظَل ُموْا أ ْ‬ ‫َب ِل اتََّب َع الذ َ‬
‫ين َ‬

‫آء ُه ْم ِب َغ ْي ِر ِعْلمٍ} [اآلية‪.]29 :‬‬ ‫َّ ِ‬


‫َه َو َ‬
‫ظَل ُموْا أ ْ‬ ‫قوله تعالى‪{َ :‬ب ِل اتََّب َع الذ َ‬
‫ين َ‬

‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬الظالم من أتبع نفسه هواها ومن فعل ذلك أعرض عن الحق ومن أعرض عن الحق‬
‫حرم عليه الرجوع الى الحق فإن الحق عزيز والطريق إليه عزيز‪.‬‬

‫سورة الروم (من اآلية ‪ 30‬الى اآلية ‪)30‬‬

‫ين اْلَقِيم َوَلـ ِٰك َّن أَ ْكثََر َّ‬


‫الن ِ‬ ‫الناس عَليها الَ تَب ِديل لِخْل ِق َّ ِ ِ ِ‬ ‫َّللاِ َّالِتي َف َ‬ ‫َفأ َِق ْم َو ْج َه َك لِ ِلد ِ‬
‫ين َحِنيفاً ِف ْ‬
‫اس الَ‬ ‫َّللا َذل َك الد ُ ُ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ط َر َّ َ َ ْ َ‬ ‫ط َر َت َّ‬
‫َي ْعَل ُمو َن‬

‫قوله تعالى‪َ { :‬فأ َِق ْم َو ْج َه َك لِ ِلد ِ‬


‫ين َحِنيفاً} [اآلية‪.]30 :‬‬

‫قال أبو على الجوزجانى‪ :‬دعا هللا عباده إلى اإلخالص من كل وجه وأخبر أن من كان فى ظاهره وباطنه شىء غير‬
‫مخلصا‪.‬‬
‫ً‬ ‫الحق لم يكن‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫مطهر من األكوان وما فيها‪.‬‬
‫ًا‬ ‫حنيفا‪ :‬أى‬
‫معرضا عن الكل مقبالً عليه ً‬
‫ً‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬فأ َِق ْم َو ْج َه َك لِ ِلد ِ‬
‫ين َحِنيفاً}‪ .‬أى‬

‫اس َعَل ْي َها} [اآلية‪.]30 :‬‬


‫الن َ‬ ‫َّللاِ َّالِتي َف َ‬
‫ط َر َّ‬ ‫ط َر َت َّ‬ ‫قوله تعالى‪ِ :‬‬
‫{ف ْ‬

‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬الفطرة ما فطرهم عليه وثبتها فى اللوح المحفوظ‪ .‬وقال خلقة هللا التى خلق الناس‬
‫ين اْلَقِي ُم} قال الطريق‬ ‫ِ ِ‬
‫عليها‪ ،‬وما جالهم به فى األزل من السعادة والشقاوة فال يبدل عنده القول فيهم وال يغير { َذل َك الد ُ‬
‫شيئا‪ ،‬ومن نظر إلى نفسه وأحواله‬ ‫الواضح ألهل الحقائق فمن نظر إلى سابق القضاء علم أن أفعاله ال تؤثر فيه ً‬
‫وأفعاله فهو رهين فعله وأسير نفسه‪.‬‬

‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬خلق لإلنسان عقوالً وركب عليه الرأس وجعله تاج الجسم وجعل فيه أربعة سمعه وبصره‬
‫شاكر بنعم الفم وإذا غض اإلنسان بصره‬
‫ًا‬ ‫ولسانه وفمه فإذا سكت اإلنسان عن فضول الكالم وتال بلسانه القرآن كان‬
‫شاكر لنعمة العين كذلك فى جميع األعضاء‪.‬‬
‫ًا‬ ‫عن فضول النظر كان‬

‫سورة الروم (من اآلية ‪ 31‬الى اآلية ‪)31‬‬

‫ِ‬
‫ونوْا م َن اْل ُم ْش ِرِك َ‬
‫ين‬ ‫الصالَ َة َوالَ تَ ُك ُ‬
‫يموْا َّ‬ ‫ِ‬ ‫مِنيِب َ ِ ِ َّ‬
‫ين إَل ْيه َواتُقوهُ َوأَق ُ‬ ‫ُ‬

‫ين ِإَل ْي ِه َواتَُّقوهُ} [اآلية‪.]31 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ :‬‬


‫{منيِب َ‬
‫ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫خصوصا من ظلمات النفوس مقيمين معه على حد ذات‬ ‫ً‬ ‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬راجعين إليه من الكل‬
‫العبودية ال يفارقون عرصته بحال وال يرجون غيره وال يخافون سواه هو أجر المنيبين إن شاء هللا‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬اإلنابة الرجوع منه إليه ال من شىء غيره فمن رجع من غيره إليه ضيع إحدى طرفى إنابته على‬
‫بحا ال‬
‫الحقيقة من لم يكن له رجع سواه فرجع إليه من رجوعه ثم رجع من رجوع رجوعه ثم فنى من رجوعه فبقى ش ً‬
‫مستغفر فى عين الجمع قطع عنه سبل الفرقة واإلخبار عن األكوان وهذا ممن وصفه‬
‫ًا‬ ‫قائما بين يدى الحق‬
‫وصف له ً‬
‫أبو سعيد الخراز فى مقام الصمدية‪.‬‬

‫سورة الروم (من اآلية ‪ 39‬الى اآلية ‪)39‬‬

‫ض ِعُفو َن‬ ‫َّللاِ ومآ آتَيتُم ِمن َزَك ٍاة تُ ِريدون وجه َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومآ آتَيتُم ِمن ِرباً لِيربوْا ِفي أَمو ِ‬
‫ال َّ ِ‬
‫َّللا َفأ ُْوَلـٰئ َك ُه ُم اْل ُم ْ‬ ‫ُ َ ََْ‬ ‫الناس َفالَ َي ْرُبوْا ع َند َّ َ َ ْ ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ ْ َُ‬ ‫ََ ْ ْ‬

‫َّللاِ‪[ }...‬اآلية‪.]39 :‬‬


‫{و َمآ آتَْيتُ ْم ِمن َزَك ٍاة تُ ِر ُيدو َن َو ْج َه َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫وقع التضعيف إلرادة وجه هللا به ال إليتاء الزكاة والزكاة زكاة البدن فى تطهيره من المعاصى وزكاة ماله فى تطهيره‬
‫من الشبهات‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الروم (من اآلية ‪ 40‬الى اآلية ‪)40‬‬

‫يك ْم َه ْل ِمن ُش َرَك ِآئ ُك ْم َّمن َيْف َع ُل ِمن َٰذلِ ُك ْم ِمن َشي ٍء ُس ْب َح َان ُه َوتَ َعاَل ٰى َع َّما‬
‫َّللاُ َّال ِذي َخَلَق ُك ْم ثُ َّم َرَزَق ُك ْم ثُ َّم ُي ِميتُ ُك ْم ثُ َّم ُي ْحِي ُ‬
‫َّ‬
‫ْ‬
‫ُي ْش ِرُكو َن‬

‫{َّللاُ َّال ِذي َخَلَق ُك ْم ثُ َّم َرَزَق ُك ْم ثُ َّم ُي ِميتُ ُك ْم} [اآلية‪.]40 :‬‬
‫قوله تعالى‪َّ :‬‬

‫قال الحسين‪ :‬خلقكم بقدرته ورزقكم معرفته وأماتكم عن األعيان وأحياكم به‪ .‬وقال‪ :‬الرزق فى الدنيا الحياة واللذة ثم‬
‫الشهوة والعيش والرزق فى اآلخرة المغفرة والرضوان ثم تكون بعدهما الدرجات‪.‬‬

‫جركم إلى جميع ما قصد بكم ثم يميتكم ثم يحييكم باالستثارة والتجلى ثم رزقكم‬
‫وقال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬أى َّ‬
‫الطاعة والعلم به ثم يميتكم عما سبق منه إليكم ثم يحييكم ‪ -‬أى ينبهكم عن أوائلكم ‪ -‬ثم إليه ترجعون تحت أسر‬
‫القوة‪.‬‬

‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬رزقكم العلم به والرجوع إليه‪.‬‬

‫وقال أبو يعقوب السوسى‪ :‬رزقكم خدمته واإلقبال عليه‪.‬‬

‫قال سهل‪ :‬أفضل رزق العبد سكونه مع ارزقه‪ .‬وقال جعفر‪ :‬خلقكم ثم رزقكم جر كلكم إلى إظهار الربوبية فيكم ثم‬
‫يميتكم ثم يحييكم باالستثارة والتجلى‪.‬‬

‫قال أبو الحسين الوراق‪ :‬أخبر هللا عن ابتداء خلقك أنه خلقك ثم أخبرك أنه سواك ثم أخبر أنه رزقك ثم أخبر عن‬
‫فنائك أنه يميتك ثم أخبر عن بعثك أنه يحييك فهو األول فى خلقك ورزقك وموتك وحياتك لترجع إليه فى جميع‬
‫مهماتك وال تخرج عن سواه فإنه ال يقدر أحد على هذه األحوال غيره وحاجات الخلق قائمة إليه كحاجتك فاعبد من‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫{َّللاُ َّال ِذي َخَلَق ُك ْم ثُ َّم َرَزَق ُك ْم‪ }...‬اآلية‪ .‬قال‪ :‬كما ال تستطيع أن تزيد فى‬
‫يملك كشف الضر عنك‪ .‬وقال شقيق فى قوله‪َّ :‬‬
‫خلقك وال فى حياتك كذلك ال تستطيع أن تزيد فى رزقك فال تتعب نفسك فى طلب الرزق‪.‬‬

‫سورة الروم (من اآلية ‪ 41‬الى اآلية ‪)41‬‬

‫ض َّال ِذي َع ِمُلوْا َل َعَّل ُه ْم َي ْرِج ُعو َن‬ ‫الن ِ ِ ِ‬


‫اس لُيذيَق ُه ْم َب ْع َ‬ ‫ظ َه َر اْلَف َس ُاد ِفي اْلَب ِر َواْلَب ْح ِر ِب َما َك َسَب ْت أ َْي ِدي َّ‬
‫َ‬

‫ظ َه َر اْلَف َس ُاد ِفي اْلَب ِر َواْلَب ْح ِر} [اآلية‪.]41 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬‬

‫قال ا لواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬البر النفس والبحر القلب‪ .‬وفساد النفس متعلق بفساد القلب فمن لم يعمل فى إصالح‬
‫قلبه بالتفكر والمراقبة وفى إصالح نفسه بأكل الحالل ولزوم األدب ظهر الفساد فى ظاهره وباطنه‪.‬‬

‫خطر‪.‬‬
‫نفعا وأكبر ًا‬
‫قال سهل‪ :‬مثل هللا الجوارح بالبر ومثل القلب بالبحر وهو أعظم ً‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬البر ما ظهر من النعوت والصفات والبحر ما استتر من الحقائق‪ .‬وقيل فى البر والبحر‬
‫علما الظاهر بالتأويالت الفاسدة والبحر‪ :‬أى على‬
‫إنه السرائر والظواهر‪ .‬وقيل ظهر الفساد فى البر‪ :‬أى على لسان ً‬
‫لسان أهل الحقائق بالدعاوى الباطلة‪.‬‬

‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا بكر بن طاهر يقول‪ :‬البر اللسان والبحر القلب‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الروم (من اآلية ‪ 43‬الى اآلية ‪)43‬‬

‫َّللاِ َي ْو َمِئ ٍذ َي َّ‬


‫صَّد ُعو َن‬ ‫َفأ َِق ْم َو ْج َه َك لِ ِلد ِ‬
‫ين اْلِقِي ِم ِمن َقْب ِل أَن َيأِْتي َي ْوٌم الَّ َم َرَّد َل ُه ِم َن َّ‬
‫َ‬
‫ين اْلِقِيمِ} [اآلية‪.]43 :‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬فأَق ْم َو ْج َه َك للد َ‬

‫وقال سهل‪ :‬قوام الدين شىء واحد وهو اتباع األوامر ولزوم السنة‪.‬‬

‫وسئل الدقاق‪ :‬بماذا يقوم الرجل اعوجاجه؟ قال‪ :‬بالتأدب بإمام فإنه إن لم يتأدب بإمام بقى بطاال وأحواله باطلة‪.‬‬

‫وقال الفضيل بن عياض‪ :‬قوام الدين بشيئين؛ باالتباع وترك االبتداع‪.‬‬

‫وقال أبو عثمان‪ :‬اسلك سلوك أهل االستقامة يوصلك إلى طريق أهل االستقامة وهو القيام مع هللا بالدين القيم كما قال‬
‫ين اْلِقِيمِ}‪.‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫هللا تعالى‪َ { :‬فأَق ْم َو ْج َه َك للد َ‬

‫سورة الروم (من اآلية ‪ 46‬الى اآلية ‪)46‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ضلِ ِه َوَل َعَّل ُك ْم تَ ْش ُك ُرو َن‬ ‫ِ‬
‫ِي اْلُفْل ُك ِبأ َْم ِِره َولِتَْبتَ ُغوْا من َف ْ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ ِ‬
‫اح ُمَبش َرات َولُِيذيَق ُك ْم من َّر ْح َمته َولِتَ ْجر َ‬ ‫َو ِم ْن َآي ِات ِه أَن ُي ْرِس َل ِ‬
‫الرَي َ‬
‫الرياح مب ِشر ٍ‬ ‫ِِ‬
‫ات} [اآلية‪.]46 :‬‬ ‫{و ِم ْن َآياته أَن ُي ْرِس َل ِ َ َ ُ َ َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قيل‪ :‬رياح القدرة تبشر بمنازل األنس‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬يرسل عليك رياح فضله تبشرك بالنجاة من مخاوف عدله‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬يرسل الرياح المكنونة فى خزائنه على أهل صفوته فيبشرهم بمحل التمكن والتمكين‪.‬‬

‫قال النصرآباذى‪ :‬هو أن يظهر عليك أوائل االسترواح إلى ذكره فيكون ذلك بشارة بالوصول إلى المذكور‪.‬‬

‫وقال القاسم‪ :‬ومن إظهار قدرته بركات أنفاس األولياء على متبعيهم وحياة رحمته عليهم فيبشرهم بفوائد أنوار الغيوب‬
‫ويحميهم ويصونهم من جميع العيوب‪.‬‬

‫وقال الحسين‪ :‬من عالمات ربوبيته أن يرسل رياح شفقته إلى قلوب أوليائه مبشرة لهم بهتك حجب االحتشام ليطئوا‬
‫بساط المودة من غير حشمة فيسقيهم على ذلك البساط شراب األنس وتهب عليه رياح الكرم فيفنيهم عن صفاتهم‬
‫احدا‬ ‫ويحليهم بصفاته ويفوته فإن بساط الحق ال يطأه من هو مقيم على حد االفتراق حتى يرى العيون كلها ً‬
‫عينا و ً‬
‫ويرى ما لم يكن كما لم يكن وما لم يزل كما لم يزل‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الروم (من اآلية ‪ 50‬الى اآلية ‪)50‬‬

‫ض َب ْع َد َم ْوِت َهآ ِإ َّن َذلِ َك َل ُم ْح ِي اْل َم ْوتَ ٰى َو ُهَو َعَل ٰى ُك ِل َشي ٍء َق ِد ٌير‬ ‫ظر ِإَلى آثَ ِار رحم ِت َّ ِ‬
‫ْ‬ ‫ف ُي ْح ِي األ َْر َ‬
‫َّللا َك ْي َ‬ ‫ََْ‬ ‫َفان ُ ْ ٰ‬

‫َّللاِ‪[ }...‬اآلية‪.]50 :‬‬


‫ظ ْر ِإَل ٰى آثَ ِار َر ْح َم ِت َّ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬فان ُ‬

‫قال سهل‪ :‬بظاهرها المطر وباطنها القلوب وحياتها بالذكر‪.‬‬

‫وقال الجنيد ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬مثل فضل هللا على عباده مثل غيث السماء أنزله أحيا به ميت األراضين كذلك‬
‫ض َب ْع َد‬ ‫ظر ِإَلى آثَ ِار رحم ِت َّ ِ‬
‫ف ُي ْح ِي األ َْر َ‬
‫َّللا َك ْي َ‬ ‫ََْ‬ ‫ُيحيى هللا بالسنة الحكمة ما مات من قلوب أهل الغفلة وهو قوله‪َ { :‬فان ُ ْ ٰ‬
‫َم ْوِت َهآ ِإ َّن َذلِ َك َل ُم ْح ِي اْل َم ْوتَ ٰى} أى لمحيى األنفس الميتة بالشهوات والقلوب الميتة بالغفلة بأنوار معرفته وآثار هدايته‪.‬‬

‫سورة الروم (من اآلية ‪ 52‬الى اآلية ‪)52‬‬

‫َّ‬
‫آء ِإ َذا َول ْوْا ُم ْدِب ِر َ‬
‫ين‬ ‫َفِإَّن َك الَ تُ ْس ِم ُع اْل َم ْوتَ ٰى َوالَ تُ ْس ِم ُع ُّ ُّ‬
‫الص َّم الد َع َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬فِإَّن َك الَ تُ ْس ِم ُع اْل َم ْوتَ ٰى} [اآلية‪.]52 :‬‬

‫قال ابن عطاء ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬لن يسمع دعاءك إال من أسمعناه فى األزل خطابنا‬
‫ووفقناه لجواب الخطاب على الصواب فإذا سمع خطابك أجابك بالجواب األول ألن الخطابين واحد أحدهما بسبب‬
‫وواسطة واآلخر عن المسبب والمشاهدة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الروم (من اآلية ‪ 53‬الى اآلية ‪)53‬‬

‫ضالََلِت ِه ْم ِإن تُ ْس ِم ُع ِإالَّ َمن ُي ْؤ ِم ُن ِب َآي ِاتَنا َف ُه ْم ُّم ْسلِ ُمو َن‬ ‫ِ‬
‫َنت ِب َهاد اْل ُع ْم ِي َعن َ‬
‫َو َمآ أ َ‬

‫ضالََلِت ِه ْم} [اآلية‪.]53 :‬‬ ‫ِ‬


‫َنت ِب َهاد اْل ُع ْم ِي َعن َ‬
‫{و َمآ أ َ‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫قال جعفر‪ :‬إظهار آيات رساالتك على من أظهره الحق عليه فى األزل آيات السعادة‪ ،‬وحالَّه بحلية االختصاص‬
‫فيكون دعاؤك له دعاء تذكير فموعظة ال دعاء ابتداء؛ ألنه من لم تحركه السعادة فى األزل لم يمكنك أن توصله إلى‬
‫ضالََلِت ِه ْم}‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َنت ِب َهاد اْل ُع ْم ِي َعن َ‬
‫{و َمآ أ َ‬
‫محل السعادة أنت الداعى المنذر وهللا الهادى أال تراه يقول‪َ :‬‬

‫سورة الروم (من اآلية ‪ 54‬الى اآلية ‪)54‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َّ َّ ِ‬


‫يم‬
‫آء َو ُهَو اْل َعل ُ‬ ‫ض ْعف ُقَّوًة ثُ َّم َج َع َل من َب ْعد ُقَّوٍة َ‬
‫ض ْعفاً َو َش ْيَب ًة َي ْخُل ُق َما َي َش ُ‬ ‫ض ْعف ثُ َّم َج َع َل من َب ْعد َ‬
‫َّللاُ الذي َخَلَق ُك ْم من َ‬
‫اْلَق ِد ُير‬

‫{َّللا َّال ِذي َخَلَق ُكم ِمن ضع ٍ‬


‫ف} [اآلية‪.]54 :‬‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫قوله عز من قائل‪ُ َّ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ضر هذا هو الضعف التام‪.‬‬
‫نفعا وال يدفع ًا‬
‫قال الواسطى ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬خلقه خلقة ال تمكنه أن يجر ً‬

‫ضعيفا أسير جوعه وصريع شبعه ورهين شهوة ال ينفك منها إال المعصومون‪.‬‬
‫ً‬ ‫قال بعضهم‪ :‬خلق الخلق‬

‫سورة الروم (من اآلية ‪ 60‬الى اآلية ‪)60‬‬

‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َفاصِبر ِإ َّن وعد َّ ِ‬


‫َّللا َح ٌّق َوالَ َي ْستَخَّفَّن َك الذ َ‬
‫ين الَ ُيوِقُنو َن‬ ‫َ َْ‬ ‫ْ ْ‬

‫َّللاِ َح ٌّق} [اآلية‪.]60 :‬‬


‫اصِب ْر ِإ َّن َو ْع َد َّ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ف ْ‬

‫قال رويم‪ :‬الصبر ترك الشكوى‪.‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬من تحقق بما وعد هللا الصابرين من جميل الثواب وحسن العطاء هان عليه الصبر على المكاره ولم‬
‫يؤلمه المقام عليها‪.‬‬

‫سمعت أبا الحسين الفارسى يقول‪ :‬سمعت عباس بن عاصم يقول سمعت الجنيد ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ -‬يقول‪ :‬سمعت‬
‫حارث المحاسبى ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ -‬يقول‪ :‬الصبر التهدف لسهام البالء‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة لقمان (من اآلية ‪ 2‬الى اآلية ‪)2‬‬

‫اب اْل َح ِكي ِم‬


‫ات اْل ِكتَ ِ‬ ‫ِ‬
‫تْل َك َآي ُ‬

‫اب اْل َح ِكيمِ} [اآلية‪.]2 :‬‬


‫ات اْل ِكتَ ِ‬
‫{آي ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬أنوار الخطاب المحكم لك وعليك‪.‬‬

‫سورة لقمان (من اآلية ‪ 3‬الى اآلية ‪)3‬‬

‫ين‬ ‫ِ ِِ‬
‫ُه ًدى َوَر ْح َم ًة لْل ُم ْحسن َ‬

‫سمعت عبد هللا الرازى يقول‪ :‬كنت من كتاب أبى عثمان وذكر أنه من كالم شاه ثالث من عالمات الهدى‪:‬‬
‫االسترجاع عند المصيبة‪ ،‬واالستكانة عند النعمة‪ ،‬ونفى االمتنان عند العطية‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة لقمان (من اآلية ‪ 6‬الى اآلية ‪)6‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يل َّ ِ‬ ‫اس من ي ْشتَرِي َلهو اْلح ِد ِ‬


‫يث لِي ِ‬
‫ض َّل َعن سِب ِ‬
‫اب ُّم ِه ٌ‬
‫ين‬ ‫َّللا ِب َغ ْي ِر عْل ٍم َوَيتَّخ َذ َها ُه ُزواً أ ُْوَلـٰئ َك َل ُه ْم َع َذ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ َ‬ ‫الن ِ َ َ‬
‫َو ِم َن َّ‬

‫اس من ي ْشتَرِي َلهو اْلح ِد ِ‬


‫يث} [اآلية‪.]6 :‬‬ ‫َْ َ‬ ‫الن ِ َ َ‬
‫{و ِم َن َّ‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫قال سهل‪ :‬الجدال فى الدين والخوض فى الباطل‪.‬‬

‫وقال أبو عثمان‪ :‬كل كالم سوى كتاب هللا أو سنة رسول هللا أو سنن الصالحين فهو لهو‪.‬‬

‫وقال حمدون‪ :‬الكالم فيما ال يعنيه‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬اللهو من الكالم ما تحثك النفس عليه حًقا كان أم باطالً‪.‬‬

‫سورة لقمان (من اآلية ‪ 12‬الى اآلية ‪)12‬‬

‫اش ُك ْر ََّّللِ َو َمن َي ْش ُك ْر َفِإَّن َما َي ْش ُك ُر لَِنْف ِس ِه َو َمن َكَف َر َفِإ َّن َّ‬
‫َّللاَ َغِن ٌّي َح ِم ٌيد‬ ‫ان اْل ِح ْك َم َة أ ِ‬
‫َن ْ‬ ‫َوَلَق ْد آتَْيَنا ُلْق َم َ‬

‫اش ُك ْر ََّّللِ} [اآلية‪.]12 :‬‬ ‫ان اْل ِح ْك َم َة أ ِ‬


‫َن ْ‬ ‫{وَلَق ْد آتَْيَنا ُلْق َم َ‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫حكيما فى‬
‫ً‬ ‫حكيما فى قوله‬
‫ً‬ ‫حكيما حتى يكون‬
‫ً‬ ‫سمعت عبد هللا الرازى يقول‪ :‬سمعت أبا عثمان يقول‪ :‬ال يكون الحكيم‬
‫حكيما فى صحبته وإال يقال إنه يتكلم بالحكمة وال يقال إنه حكيم‪.‬‬
‫ً‬ ‫حكيما فى معاشرته‬
‫ً‬ ‫فعله‬

‫سمعت عبد هللا الرازى يقول‪ :‬كتبت من كتاب أبى عثمان وذكر أنه من كالم شاه‪ :‬ثالثة من عالمات الحكمة إنزال‬
‫النفس من الناس منزلتها عندهم وإنزال النفس كظنهم ووعظهم على قدر عقولهم فيقوموا بنفع حاضر‪.‬‬

‫{و َمن َي ْش ُك ْر َفِإَّن َما َي ْش ُك ُر لَِنْف ِس ِه} [اآلية‪.]12 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫سمعت عبد هللا الرازى يقول‪ :‬كتبت من كتاب أبى عثمان وذكر أنه من كالم شاه‪ :‬ثالثة من عالمات الشكر المقاربة‬
‫من اإلخوان فى النعمة‪ ،‬واستغنام قضاء حوائجهم وبذل العطية من استقالل الشكر بمالحظة المنة‪.‬‬

‫قال أبو عثمان ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ -‬فى كتابه إلى محمد بن الفضل‪ :‬والشكر معرفة العجز عن الشكر إجالالً هلل‬
‫وخضوعا لعظمته ثم بدأ تحديد النعمة عليه فى رؤية التقصير فى الشكر فيشكر فيكون هذا شكر الشكر ثم يشكر فى‬
‫ً‬
‫شكر الشكر على الشكر ثم يفتح هللا عين قلبه فيرى أنه ال نهاية للقيام بشكره والشكر على رؤية الشكر هو الشكر‪.‬‬

‫وقال السرى ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬الشكر أال يعصى هللا فى نعمه‪.‬‬

‫وقال الجنيد ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬الشكر أن ال ترى معه شر ً‬


‫يكا فى نعمه‪.‬‬

‫علما بأن آخره العجز‪.‬‬


‫وقال الجريرى‪ :‬الشكر أن تحرس لسانك عن النطق بالشكر ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة لقمان (من اآلية ‪ 13‬الى اآلية ‪)13‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ظه يٰبني الَ ت ْش ِرك ِب َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإِ ْذ َقال ُلْقمان ِ ِ‬
‫يم‬
‫ظْل ٌم َعظ ٌ‬ ‫اَّلل ِإ َّن الش ْر َ‬
‫ك َل ُ‬ ‫البنه َو ُه َو َيع ُ ُ ُ َ َّ ُ ْ‬
‫َ َ ُ ْ‬ ‫َ‬

‫اَّللِ} [اآلية‪.]13 :‬‬ ‫البِن ِه َو ُه َو َي ِع ُ‬


‫ظ ُه يُٰبَن َّي الَ تُ ْش ِر ْك ِب َّ‬ ‫ان ْ‬‫ال ُلْق َم ُ‬
‫{وِإ ْذ َق َ‬
‫قوله‪َ :‬‬

‫وروحا وال‬
‫ً‬ ‫وقلبا‬
‫نفسا ً‬‫قال بعضهم‪ :‬وعظ لقمان ابنه ودله فى ابتداء وعظه على مجانبة الشرك وهو التفرد للحق بالكل ً‬
‫يشغل النفس إال بخدمته وال يالحظ بالقلب سواه وال يشاهد بالروح غيره وهو مقام التفريد من التوحيد‪.‬‬

‫وقال محمد بن على‪ :‬الوعظ هو الدعاء إلى الحق وطريقته‪.‬‬

‫سورة لقمان (من اآلية ‪ 14‬الى اآلية ‪)14‬‬

‫اش ُكر لِي ولِوالِديك ِإَل َّي اْلم ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلنس ِ ِ ِ‬


‫ص ُير‬ ‫َ‬ ‫َ َ َْ َ‬ ‫َن ْ ْ‬‫ام ْي ِن أ ِ‬
‫صاُل ُه في َع َ‬
‫ِ‬ ‫ص ْيَنا ِ ْ َ َ‬
‫ان ب َوال َد ْيه َح َمَل ْت ُه أ ُُّم ُه َو ْهناً َعَل ٰى َو ْه ٍن َوف َ‬ ‫َوَو َّ‬

‫اش ُكر لِي ولِوالِديك ِإَل َّي اْلم ِ‬


‫ص ُير} [اآلية‪.]14 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َْ َ‬ ‫َن ْ ْ‬

‫فكثير ما سمعت سيدى الجنيد ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬يقول‬


‫قال ابن عطاء ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬اشكره حيث أوجدك‪ً ،‬ا‬
‫فى خالل كلماته‪ :‬اشكر من كنت منه على بال حتى خلقك واشكر والديك إذ هما سبب كونك فمن استغرقه شكر‬
‫المسبب قطعه عن شكر السبب ومن لم يتحقق فى شكر المسبب رد إلى شكر السبب‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة لقمان (من اآلية ‪ 15‬الى اآلية ‪)15‬‬

‫ِ ِ‬ ‫وإِن جاه َداك عَل ٰى أَن تُ ْش ِرك ِبي ما َليس َلك ِب ِه ِعْلم َفالَ تُ ِطعهما وص ِ‬
‫اح ْب ُه َما ِفي ُّ‬
‫اب‬ ‫الد ْنَيا َم ْع ُروفاً َواتَّب ْع َسب َ‬
‫يل َم ْن أََن َ‬ ‫َُْ َ َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ‬
‫ِإَل َّي ثُ َّم ِإَل َّي َم ْرِج ُع ُك ْم َفأَُنِبُئ ُك ْم ِب َما ُكنتُ ْم تَ ْع َمُلو َن‬

‫اح ْب ُه َما ِفي ُّ‬


‫الد ْنَيا َم ْع ُروفاً} [اآلية‪.]15 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وص ِ‬
‫َ َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬عاملهما معاملة حسنة جميلة‪.‬‬

‫ملكا‪.‬‬
‫قال عبد هللا بن المبارك‪ :‬ال تقطع أيديهما عن مالك وال تدع لنفسك معهما ً‬

‫اح ْب ُه َما ِفي الُّد ْنَيا}‪ .‬والدنيا‬


‫قال بعضهم‪ :‬اجعل لهما ظاهرك من الخدمة والشفقة وأخلص قلبك لسيدك أال تراه يقول‪{ :‬ص ِ‬
‫َ‬
‫و{م ْع ُروفاً} والمعروف هو ما يشغلك عن سيدك‪.‬‬
‫هو ظاهرك َ‬

‫اب ِإَل َّي} [اآلية‪.]15 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ ِ :‬‬


‫{واتَّب ْع َسب َ‬
‫يل َم ْن أََن َ‬ ‫َ‬

‫قال ابن عطاء ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ -‬فى هذه اآلية‪ :‬صاحب من ترى عليه أنوار خدمتى‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬من لم يعرف الطريق الى هللا فليتبع آثار الصالحين ليوصلهم بركة متابعتهم إلى طريق الحق فإن بركة‬
‫اتباع الصالحين نفع كلب أصحاب الكهف حتى ذكره هللا عز وجل فى كتابه قال النبى صلى هللا عليه وسلم فى‬
‫الحديث الطويل‪" :‬هم القوم ال يشقى بهم جليسهم‬

‫‪".‬‬

‫سورة لقمان (من اآلية ‪ 17‬الى اآلية ‪)17‬‬

‫َص َاب َك ِإ َّن َذلِ َك ِم ْن َع ْزِم األ ُُم ِ‬


‫ور‬ ‫ِ‬
‫وف و ْان َه َع ِن اْلم ْن َك ِر و ِ‬ ‫يُٰبَن َّي أ َِق ِم َّ‬
‫الصالَ َة وأ ِ‬
‫اصب ْر َعَل ٰى َمآ أ َ‬
‫َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْم ْر باْل َم ْع ُر َ‬
‫َُ‬
‫قوله عز وعال‪{ :‬وأْمر ِباْلمعر ِ‬
‫وف َو ْان َه َع ِن اْل ُم ْن َك ِر} [اآلية‪.]17 :‬‬ ‫َ ُْ َ ُْ‬

‫الصالَ َة } [البقرة‪ ]43 :‬وأمر‬


‫يموْا َّ‬ ‫قال الواسطى ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬األوامر على وجوه أمر فرض هللا كقوله ِ‬
‫{وأَق ُ‬
‫َ‬
‫ين} [البقرة‪ ]65 :‬وأمر تهديد كقوله‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫{ك ُ ِ‬ ‫{ك ْن َفَي ُكو ُن} [آل عمران‪ ]59 :‬وأمر تغيير كقوله ُ‬
‫ونوْا ق َرَد ًة َخاسئ َ‬ ‫تكوين كقوله ُ‬
‫ين ِباْلِق ْس ِط} [النساء‪ ]135 :‬وأمر قضية كقوله‪{ :‬‬ ‫ِ‬
‫ونوْا َقَّوام َ‬ ‫{اع َمُلوْا َما ِش ْئتُ ْم} [فصلت‪ ]40 :‬وأمر إرشاد كقوله‪ُ :‬‬
‫{ك ُ‬ ‫ْ‬
‫ص ْوِت َك} [اإلسراء‪ ]64 :‬وأمر سنة‬ ‫ِ ِ‬
‫ط ْع َت م ْن ُه ْم ب َ‬ ‫استَْف ِزْز َم ِن ْ‬
‫استَ َ‬ ‫{و ْ‬
‫ُّك} [اإلسراء‪ ]23 :‬وأمر استهزاء كقوله‪َ :‬‬
‫ض ٰى َرب َ‬ ‫َوَق َ‬
‫وف} [الحج‪ ]41 :‬وأمر إحسان‬ ‫ط ِعمتُم َف ْانتَ ِشروْا} [األحزاب‪ ]53 :‬وأمر معروف كقوله‪{ :‬وأَمروْا ِباْلمعر ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُْ‬ ‫َ َُ‬ ‫ُ‬ ‫كقوله‪َ { :‬فإ َذا َ ْ ْ‬
‫َّللاُ َل ُك ْم} [المجادلة‪ ]11 :‬وأمر كفاية كقوله‪َ { :‬فا ْقُتُلوْا اْل ُم ْش ِرِك َ‬
‫ين} [التوبة‪.]5 :‬‬ ‫كقوله‪َ { :‬فا ْف َس ُحوْا َيْف َس ِح َّ‬

‫وقال بعضهم‪ :‬قال لقمان البنه‪ :‬يا بنى أقم الصالة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر وابدأ بنفسك واصبر على ما‬
‫أصابك فيه من المحن فإنه يورث المنح‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬الصبر هو ترك الشكوى عن طوارق المحن والتيقظ عند طوارق النعم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة لقمان (من اآلية ‪ 19‬الى اآلية ‪)19‬‬

‫ص ْو ُت اْل َح ِم ِ‬
‫ير‬ ‫ِ‬ ‫ص ْوِت َك ِإ َّن أ َ‬ ‫ِ‬ ‫وا ْق ِ‬
‫ص ْد ِفي َم ْشِي َك َو ْ‬
‫َص َوات َل َ‬
‫َنك َر األ ْ‬ ‫ض من َ‬
‫ض ْ‬
‫اغ ُ‬ ‫َ‬
‫ص ْو ُت اْل َح ِم ِ‬
‫ير} [اآلية‪.]19 :‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله عز وعال‪ِ{ :‬إ َّن أ َ‬
‫َص َوات َل َ‬
‫َنك َر األ ْ‬

‫منكر‪.‬‬
‫قال سفيان الثورى‪ :‬صوت كل شىء تسبيح إال صوت الحمير فإنها تصيح لرؤية الشيطان كذلك سماه هللا ًا‬

‫سورة لقمان (من اآلية ‪ 20‬الى اآلية ‪)20‬‬

‫اس َمن ُي َج ِاد ُل‬


‫الن ِ‬ ‫اهرة وب ِ‬
‫اطَن ًة َو ِم َن َّ‬ ‫ض وأَسبغ عَلي ُكم ِنعمه َ ِ‬
‫ظ ًَ َ َ‬
‫ِ‬ ‫َّللا س َّخر َل ُكم َّما ِفي َّ ِ‬
‫الس َٰم َٰوت َو َما في األ َْر ِ َ ْ َ َ َ ْ ْ َ َ ُ‬ ‫َن َّ َ َ َ ْ‬ ‫أََل ْم تَ َرْوْا أ َّ‬
‫اب ُّمِن ٍ‬
‫ير‬ ‫َّللاِ ِب َغ ْي ِر ِعْل ٍم والَ ُه ًدى والَ ِكتَ ٍ‬
‫ِفي َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اهرة وب ِ‬
‫اطَن ًة} [اآلية‪.]20 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وأَسبغ عَلي ُكم ِنعمه َ ِ‬
‫ظ ًَ َ َ‬ ‫َ ََْ َ ْ ْ ََُ‬

‫قال بعضهم‪ :‬النعم الظاهرة‪ :‬األمن والنعم الباطنة الرضا والغفران‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬النعم الظاهرة‪ :‬اإلسالم والنعم الباطنة اإليمان‪.‬‬

‫قال الجوزجانى‪ :‬النعم الظاهرة‪ :‬توفيق الطاعات والنعم الباطنة قبولها منك‪.‬‬

‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬النعم الظاهرة‪ :‬األخالق والنعم الباطنة قبولها منك‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬النعم الظاهرة‪ :‬األخالق والنعم الباطنة المعرفة‪.‬‬


‫وقال ً‬

‫اهرة وب ِ‬
‫اطَن ًة} هو كما قال القائل‪:‬‬ ‫وقال يحيى بن معاذ‪ :‬قوله‪{ :‬وأَسبغ عَلي ُكم ِنعمه َ ِ‬
‫ظ ًَ َ َ‬ ‫َ ََْ َ ْ ْ ََُ‬

‫ووصل جبالً من جبال الوثائق‬ ‫إحسانا ووثق حرمته‬


‫ً‬ ‫تفضل‬

‫إحسانا باإلسالم ووثق حرمته باإليمان ووصل جبالً من جبال الوثائق من جبال البر فى درجات‬
‫ً‬ ‫قال يحيى‪ :‬تفضل‬
‫الوسائل‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬الظاهرة خدمته الظاهرة والباطنة نور المعرفة‪.‬‬

‫وقال أبو الحسين الوراق‪ :‬النعمة الظاهرة قبول الحق والنعمة الباطنة رضا الرب‪.‬‬

‫قال الوراق‪ :‬النعمة الظاهرة استواء الخلق والنعمة الباطنة حسن الخلق لذلك كان النبى صلى هللا عليه وسلم يقول‪:‬‬
‫"اللهم كما أحسنت َخلقى فحسن ُخلقى‬

‫‪".‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬الظاهرة صحبة الصالحين والباطنة سكون القلب مع هللا‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬النعمة الظاهرة اتباع ظاهر العمل والنعمة الباطنة طلب الحقيقة فى االتباع‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬النعمة الظاهرة اإلعراض عن الدنيا والنعمة الباطنة الرجوع إلى التوكل والثقة باهلل‪.‬‬

‫ظِ‬
‫اه َرًة} قال‪ :‬ما يعلم الناس‬ ‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم البزار يذكر عن ابن عطاء فى قوله‪َ { :‬‬
‫من حسناتك وباطنة ما ال ُيعلمه هللا من سيئاتك‪ ،‬والظاهر بنعيم الدنيا والباطن بنعيم اآلخرة‪.‬‬

‫اهرة وب ِ‬
‫اطَن ًة} النعمة الظاهرة ما أنعم على الجوارح من مباشرة‬ ‫سمعت عبد هللا يقول فى قوله‪{ :‬وأَسبغ عَلي ُكم ِنعمه َ ِ‬
‫ظ ًَ َ َ‬ ‫َ ََْ َ ْ ْ ََُ‬
‫الطاعات والنعمة الباطنة ما أنعم على القلب من شتى األحوال من المعرفة واليقين والرضا والتوكل وغير ذلك وهو‬
‫يدلك أن العلم ظاهر وباطن وكما أن العلوم الظاهرة يرجع إلى أربابها كذلك علوم الباطن يرجع فيها إلى‬

‫أربابها ونتائج علوم الباطن من قبول علم الظاهر واستعمال آدابها فيها‪.‬‬

‫الخلق‪.‬‬
‫الخلق و ُ‬
‫قال بعضهم‪ :‬هو َ‬

‫اهرة وب ِ‬
‫اطَن ًة} فقال‪ :‬هذه من مكنون علمى‬ ‫وقال عطاء‪ :‬سألت ابن عباس عن قوله تعالى‪{ :‬وأَسبغ عَلي ُكم ِنعمه َ ِ‬
‫ظ ًَ َ َ‬ ‫َ ََْ َ ْ ْ ََُ‬
‫سألت عنها رسول صلى هللا عليه وسلم قال‪ :‬أما الظاهرة فما سوى خلقك وأما الباطنة فما ستر من عيوبك ولو أبداها‬
‫لقالك أهلك ومن سواهم‬

‫‪".‬‬

‫سورة لقمان (من اآلية ‪ 22‬الى اآلية ‪)22‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َّللاِ َع ِاقَب ُة األ َُم ِ‬
‫ور‬ ‫استَ ْم َس َك ِباْل ُع ْرَوِة اْل ُوْثَق ٰى َوإَِل ٰى َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومن يسلِم وجهه ِإَلى َّ ِ‬
‫َّللا َو ُه َو ُم ْحس ٌن َفَقد ْ‬ ‫َ َ ُْ ْ َ ْ َ ُ‬

‫استَ ْم َس َك ِباْل ُع ْرَوِة اْل ُوْثَق ٰى} [اآلية‪.]22 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬ومن يسلِم وجهه ِإَلى َّ ِ‬
‫َّللا َو ُه َو ُم ْحس ٌن َفَقد ْ‬ ‫َ َ ُْ ْ َ ْ َ ُ‬

‫قال سهل‪ :‬من يخلص دينه هلل ولحسن أدب اإلخالص‪ .‬وقال‪ِ{ :‬باْل ُع ْرَوِة اْلُوْثَق ٰى} هى السنة‪.‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬العروة الوثقى‪ :‬محمد صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ِ{ :‬باْل ُع ْرَوِة اْل ُوْثَق ٰى} كتاب هللا وسنة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫سورة لقمان (من اآلية ‪ 27‬الى اآلية ‪)27‬‬

‫ِ‬ ‫َّللاِ ِإ َّن َّ‬


‫َّللاَ َع ِز ٌيز َحك ٌ‬
‫يم‬ ‫ض ِمن َش َج َرٍة أَْقالَ ٌم َواْلَب ْح ُر َي ُمُّدهُ ِمن َب ْع ِدِه َس ْب َع ُة أ َْب ُح ٍر َّما َنِف َد ْت َكلِ َما ُت َّ‬
‫وَل ْو أََّنما ِفي األ َْر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫ض ِمن َش َج َرٍة أَْقالَ ٌم‪[ }...‬اآلية‪.]27 :‬‬


‫قوله تعالى‪{ :‬وَل ْو أََّنما ِفي األ َْر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫َّللاِ} قال‪ :‬علم كتابه وعجائب حكمته‪.‬‬ ‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬فى قوله‪ِ َّ :‬‬
‫{ما َنف َد ْت َكلِ َم ُ‬
‫ات َّ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال أبو سعيد الخراز‪ :‬كالم الحكماء ال ينقطع من عيون الحكمة كما أن ماء العيون ال ينقطع عن عينه ألن حكمة‬
‫ض ِمن َش َج َرٍة أَ ْقالَ ٌم َواْلَب ْح ُر‬
‫الحكيم تلقين من رب العالمين ومن خزائنه وخزائنه ال تنفد‪ ،‬أال تراه يقول‪{ :‬وَل ْو أََّنما ِفي األ َْر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َّللاِ}‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫َي ُمُّدهُ من َب ْعده َس ْب َع ُة أ َْب ُح ٍر َّما َنف َد ْت َكلِ َم ُ‬
‫ات َّ‬

‫{وَل ْو أََّن َما ِفي‬


‫وقال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬كيف ال تحب سيدك وما انفككت من تواتر نعمه قط وال تنفك أال تراه يقول‪َ :‬‬
‫َّللاِ}‪ .‬هى الكلمات التى اختارك بها فى‬ ‫ات َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫األَر ِ ِ‬
‫ض من َش َج َرٍة أَْقالَ ٌم َواْلَب ْح ُر َي ُمُّدهُ من َب ْعده َس ْب َع ُة أ َْب ُح ٍر َّما َنف َد ْت َكلِ َم ُ‬ ‫ْ‬
‫األزل وأيدك ودعاك فى الوقت ويوصلك بها الى السعادة فى األجل‪.‬‬

‫سورة لقمان (من اآلية ‪ 31‬الى اآلية ‪)31‬‬

‫ٍ ِ ِ‬ ‫ِِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َن اْلُفْلك تَجرِي ِفي اْلبح ِر ِبِنعم ِت َّ ِ ِ‬


‫َّار َش ُك ٍ‬
‫ور‬ ‫صب ٍ‬ ‫َّللا لُي ِرَي ُك ْم م ْن َآياته ِإ َّن في َذل َك َ‬
‫آليات ل ُكل َ‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫َ ْ‬ ‫أََل ْم تَ َر أ َّ‬

‫ٍ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َّار َش ُك ٍ‬
‫ور} [اآلية‪.]31 :‬‬ ‫صب ٍ‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن في َذل َك َ‬
‫آليات ل ُكل َ‬

‫قال أبو بكر‪ :‬الصبار الذى ال يغيره تواتر النعم والباليا عليه وال يورثه ذلك جزًعا وال شكوى‪.‬‬

‫وقال أبو عثمان‪ :‬الصبار الذى عود نفسه النجوم على المكاره‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الصبار الشكور هم الفقراء الصادقون ألن ظاهرهم ظاهر الصبر وهم فى الباطن مع الحق فى مقام‬
‫الشكر‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬الشكور الذى يكون شكره على البالء كشكر غيره على النعماء‪.‬‬

‫سورة لقمان (من اآلية ‪ 32‬الى اآلية ‪)32‬‬

‫صٌد َو َما َي ْج َح ُد ِب َآي ِاتَنآ ِإالَّ ُك ُّل‬ ‫ِ‬


‫الدين َفَل َّما ن َّجاهم ِإَلى اْلب ِر َف ِم ْنهم ُّمْقتَ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫وإِ َذا َغ ِشيهم َّموج َك ُّ‬
‫الظَل ِل َد َع ُوْا َّ‬
‫ُْ‬ ‫َ‬ ‫َ ُْ‬ ‫ين َل ُه َ‬
‫َّللاَ ُم ْخلص َ‬ ‫َُ ْ ْ ٌ‬ ‫َ‬
‫َختَّ ٍار َكُف ٍ‬
‫ور‬

‫{و َما َي ْج َح ُد ِب َآي ِاتَنآ ِإالَّ ُك ُّل َختَّ ٍار َكُف ٍ‬


‫ور} [اآلية‪.]32 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ :-‬‬

‫قال القاسم‪ :‬أشا ر الى األسامى القديمة أوجبت األفعال المحدثة مع أنه لم يزل عرفهم بأسمائهم وأفعالهم ألنه يقول‪:‬‬
‫{و َما َي ْج َح ُد ِب َآي ِاتَنآ ِإالَّ ُك ُّل َختَّ ٍار‪.}...‬‬ ‫َّللاُ َي ْعَل ُم ُمتََقَّلَب ُك ْم َو َم ْث َو ُ‬
‫اك ْم} [محمد‪ .]19 :‬وقوله‪َ :‬‬ ‫{و َّ‬
‫َ‬

‫سورة لقمان (من اآلية ‪ 33‬الى اآلية ‪)33‬‬

‫َّللاِ َح ٌّق َفالَ‬


‫ود ُه َو َج ٍاز َعن َوالِ ِدِه َش ْيئاً ِإ َّن َو ْع َد َّ‬ ‫ِِ‬
‫اخ َش ْوْا َي ْوماً الَّ َي ْجزِي َوالٌِد َعن َوَلده َوالَ َم ْولُ ٌ‬ ‫اس اتَُّقوْا َرب ُ‬
‫َّك ْم َو ْ‬ ‫ُّها َّ‬
‫الن ُ‬ ‫ٰيأَي َ‬
‫الدنيا والَ يغَّرَّن ُكم ِب َّ ِ‬
‫ور‬
‫اَّلل اْل َغ ُر ُ‬ ‫تَ ُغَّرَّن ُك ُم اْل َحَياةُ ُّ ْ َ َ َ ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫الدنيا والَ يغَّرَّن ُكم ِب َّ ِ‬
‫ور} [اآلية‪.]33 :‬‬
‫اَّلل اْل َغ ُر ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬فالَ تَ ُغَّرَّن ُك ُم اْل َحَياةُ ُّ ْ َ َ َ ُ‬

‫قال بعضهم‪ :‬من اعتمد على غيره فهو فى غرور ألن الغرور ما ال يدوم وال يدوم شىء سواه وهو الدائم لم يزل وال‬
‫يزال وعطاؤه وفضله دائمان فال تعتمد إالَّ من يدوم عليك منه الفضل والعطاء فى كل نفس وحين وأوان وزمان‪.‬‬

‫سورة لقمان (من اآلية ‪ 34‬الى اآلية ‪)34‬‬

‫اع ِة َوُيَن ِزُل اْل َغ ْي َث َوَي ْعَل ُم َما ِفي األ َْر َحا ِم َو َما تَ ْدرِي َنْف ٌس َّما َذا تَ ْك ِس ُب َغداً َو َما تَ ْدرِي َنْف ٌس ِبأ ِ‬
‫َي‬ ‫الس َ‬‫َّللاَ ِع َندهُ ِعْل ُم َّ‬
‫ِإ َّن َّ‬
‫يم َخِب ٌير‬ ‫وت ِإ َّن َّ‬
‫َّللاَ َعَل ٌ‬ ‫ض تَ ُم ُ‬ ‫أ َْر ٍ‬

‫{وَي ْعَل ُم َما ِفي األ َْر َحامِ} [اآلية‪.]34 :‬‬


‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫ٍ‬
‫وعاص وهذا دليل على أن هللا تعالى يعلم األشياء بالوسم ال بالرسم والوسم ال‬ ‫قال القاسم‪ :‬من مؤمن وكافر ومطيع‬
‫يتغير والرسم يتغير‪.‬‬

‫{و َما تَ ْدرِي َنْف ٌس َّما َذا تَ ْك ِس ُب َغداً} [اآلية‪.]34 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال سهل‪ :‬ما له فى الغيب من المقدور وله وعليه‪.‬‬

‫وت} [اآلية‪.]34 :‬‬


‫ض تَ ُم ُ‬ ‫{و َما تَ ْدرِي َنْف ٌس ِبأ ِ‬
‫َي أ َْر ٍ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال سهل‪ :‬على أى حكم تموت من السعادة والشقاوة‪.‬‬

‫سورة السجدة (من اآلية ‪ 4‬الى اآلية ‪)4‬‬

‫ش َما َل ُك ْم ِمن ُدوِن ِه ِمن َولِ ٍي َوالَ َشِف ٍ‬


‫يع‬ ‫استَو ٰى َعَلى اْل َع ْر ِ‬ ‫ِ ِ َّ ِ‬ ‫َّللا َّال ِذي خَلق َّ ِ‬
‫الس َٰم َٰوت َواأل َْر َ‬
‫ض َو َما َب ْيَن ُه َما في ستة أَيَّا ٍم ثُ َّم ْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ ُ‬
‫أََفالَ تَتَ َذ َّك ُرو َن‬

‫و{ما َل ُك ْم ِمن ُدوِن ِه ِمن َولِ ٍي َوالَ َشِفي ٍع أََفالَ تَتَ َذ َّك ُرو َن} [اآلية‪.]4 :‬‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال القاسم‪ :‬أفال تنتبهون أن من استقطعته المملكة ال يصح لخدمة الملك‪.‬‬

‫سورة السجدة (من اآلية ‪ 5‬الى اآلية ‪)5‬‬

‫ف َسَن ٍة ِم َّما تَ ُعُّدو َن‬ ‫ض ثُ َّم يعرج ِإَلي ِه ِفي يو ٍم َك ِ‬


‫ان مْق َد ُارهُ أَْل َ‬
‫َ‬ ‫َْ‬
‫يدِبر األَمر ِمن َّ ِ‬
‫الس َمآء ِإَلى األ َْر ِ َ ْ ُ ُ ْ‬ ‫َُ ُ ْ َ َ‬

‫السم ِآء ِإَلى األ َْر ِ‬


‫ض} [اآلية‪.]5 :‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ ُ :‬‬
‫{ي َدب ُر األ َْم َر م َن َّ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال سهل‪ :‬طوبى لمن رزق الرضا بتدبير هللا له وأسقط عنه لسوء تدبيره ورد إلى حال الرضا بالقضاء واالستقامة فى‬
‫جريان المقدور عليه دليل من المقربين‪.‬‬

‫وقال سهل‪ :‬يوحى من علمه إلى عبده ما له فيه نجاة وهدى‪.‬‬

‫سورة السجدة (من اآلية ‪ 7‬الى اآلية ‪)7‬‬

‫ان ِمن ِط ٍ‬
‫ين‬ ‫َحس َن ُك َّل َشي ٍء َخَلَق ُه وَب َدأَ َخْل َق ِ‬
‫اإل ْن َس ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫الذي أ ْ َ‬

‫َح َس َن ُك َّل َشي ٍء َخَلَق ُه} [اآلية‪.]7 :‬‬ ‫َّ ِ‬


‫ْ‬ ‫قوله عز وعال‪{ :‬الذي أ ْ‬

‫أبدا‪.‬‬
‫شيئا يستفظعه ً‬
‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬الجسم يستحسن المستحسنات والروح واحدية فردانية ال تستحسن ً‬

‫سورة السجدة (من اآلية ‪ 13‬الى اآلية ‪)13‬‬

‫ين‬ ‫اس أ ِ‬ ‫َن َج َهَّنم ِم َن اْل ِجَّن ِة َو َّ‬


‫الن ِ ْ‬
‫َج َمع َ‬ ‫اها َوَلـ ِٰك ْن َح َّق اْلَق ْو ُل ِمِني أل َْمأل َّ‬ ‫وَل ْو ِش ْئَنا آلتَْيَنا ُك َّل َنْف ٍ‬
‫س ُه َد َ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫اها} [اآلية‪.]13 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وَل ْو ِش ْئَنا آلتَْيَنا ُك َّل َنْف ٍ‬
‫س ُه َد َ‬ ‫َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬لو شئنا لوفقنا كل عبد لطلب مرضاتنا ولكن حق القول منى بالوعد والوعيد ليتم االختيار‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬لو شئنا لهديناهم إلى طريق الجنة ولم ينقص ذلك من ملكنا ولكن عذبنا ليظهر العدل كما أنعمنا ليظهر‬
‫الفضل‪.‬‬

‫وقال سهل‪ :‬ولو شئنا لحققنا دعاوى المحققين وأبطلنا براهين المبطلين‪.‬‬

‫ين} [اآلية‪.]13 :‬‬ ‫اس أ ِ‬


‫َج َمع َ‬ ‫َن َج َهَّنم ِم َن اْل ِجَّن ِة َو َّ‬
‫الن ِ ْ‬ ‫قوله جل ذكره‪{ :‬أل َْمأل َّ‬
‫َ‬

‫سمعت محمد بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت الشبلى يقول حيث سئل عن هذه اآلية فقال‪ :‬امألها من الشبلى واعف عن‬
‫عبيدك ليتروح الشبلى من تعذيبك كما يتروح جميع عبادك بالعباد‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬حق القول بالوعد والوعيد ليتم اإلحكام على ما جرى فى األزل‪.‬‬

‫سورة السجدة (من اآلية ‪ 15‬الى اآلية ‪)15‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َّحوْا ِب َح ْم ِد َرب ِِه ْم َو ُه ْم الَ َي ْس َت ْكِب ُرو َن‬ ‫ِ‬
‫ين ِإ َذا ُذك ُروْا ِب َها َخُّروْا ُس َّجداً َو َسب ُ‬
‫ِ َّ ِ‬
‫ِإَّن َما ُي ْؤ ِم ُن ِب َآياتَنا الذ َ‬

‫ين ِإ َذا ُذ ِك ُروْا ِب َها َخُّروْا ُس َّجداً} [اآلية‪.]15 :‬‬ ‫ِ َّ ِ‬


‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّن َما ُي ْؤ ِم ُن ِب َآياتَنا الذ َ‬

‫عند أوقاته وذلك صفة المؤمنين ومن أبى ذلك فى أوقاته فال يلحقه اسم اإليمان وال وسمه‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬إنما يتعظ بهذه الموعظة البينة َم ْن يكون أوقاته ً‬


‫وقفا على خدمتنا وأنفاسه موكلة بطاعتنا فمن كان بهذه‬
‫الصفة كان موصوًفا بصفة اإليمان‪.‬‬

‫سمعت أبا الحسين الفارسى يقول‪ :‬سمعت ابن عصام يقول‪ :‬سمعت سهالً يقول‪ :‬ال يجد العبد لذة اإليمان حتى يغلب‬
‫علمه جهله ويكون الغالب على قلبه آخرته وتغلب رحمته سخطه فيكون الغالب على قلبه الرحمة‪.‬‬

‫سورة السجدة (من اآلية ‪ 16‬الى اآلية ‪)16‬‬

‫اه ْم ُي ِنفُقو َن‬


‫ط َمعاً َو ِم َّما َرَزْقَن ُ‬
‫َّه ْم َخ ْوفاً َو َ‬ ‫تَتَجا َف ٰى جُنوبهم َع ِن اْلم َ ِ‬
‫ضاج ِع َي ْد ُعو َن َرب ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُُ ْ‬ ‫َ‬

‫ضا ِج ِع} [اآلية‪.]16 :‬‬


‫وب ُه ْم َع ِن اْل َم َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬تَتَ َجا َف ٰى ُجُن ُ‬

‫قال سهل‪َّ :‬‬


‫إن هللا وهب لقومه هبة وهو أذن لهم فى مناجاته وجعلهم من أهل‬

‫إظهار للكرامة بأن وقفهم لما وقفهم له ثم مدحهم عليه فقال‪{ :‬تَتَ َجاَف ٰى‬
‫ًا‬ ‫وسيلته وصفوته وخيرته ثم مدحهم على ذلك‬
‫ضا ِج ِع}‪.‬‬
‫وب ُه ْم َع ِن اْل َم َ‬
‫ُجُن ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬جفت جنوبهم وأبت أن تسكن على بساط الغفلة وطلب بساط القربة والمناجاة وأنشد‪:‬‬

‫كأن جفونها عنها قصار‬ ‫َجَف ْت عينى عن التغميض حتى‬

‫فليس لنومه فيهـا قرار‬ ‫كـأن جفونهـا ثُملت بشوك‬

‫أيا ليلى لقد بعد النهار‬ ‫قـول ولـيتنى تزداد طـوالً‬

‫ط َمعاً} [اآلية‪.]16 :‬‬ ‫{ي ْد ُعو َن َرب ُ‬


‫َّه ْم َخ ْوفاً َو َ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫وطمعا فيه‪.‬‬
‫ً‬ ‫قال جعفر‪ :‬خوًفا منه‬

‫وطمعا فى الجنة‪.‬‬
‫ً‬ ‫وقال بعضهم‪ :‬خوًفا من النار‬

‫وطمعا فى رضوانه‪.‬‬
‫ً‬ ‫وقال محمد بن على‪ :‬خوًفا من سخطه‬

‫وطمعا فى الوصلة‪.‬‬
‫ً‬ ‫وقال‪ :‬خوًفا من القطيعة‬

‫وطمعا فى لقائه‪.‬‬
‫ً‬ ‫وقال سهل‪ :‬خوًفا من هجرانه‬

‫وقال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬الخوف والرجاء زمامان للنفوس لئال تخرج إلى رعوناتها ألنه ال يعطى بالرجاء وال يدفع‬
‫بالخوف‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬الخوف ظلم يتحير صاحبها تحتها يطلب المخرج‪ ،‬فإذا جاء الرجاء بضيائه خرج إلى مواضع الراحة‬
‫وقال ً‬
‫فغلب عليه التمنى‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال أحمد بن يسع السجزى‪َ :‬من َعَب َد هللاَ بالخوف دون الرجاء وقع فى بحر الحيرة ومن َعَبد هللا بالمحبة دون الخوف‬
‫والرجاء وقع فى بحر التعطيل‪ ،‬ومن َعَبد هللا بالخوف والرجاء والمحبة نال االستقامة فى الدين‪.‬‬

‫ط َمعاً}‪ .‬قال‪ :‬قوم يدعونه خوًفا من سخطه‬ ‫{ي ْد ُعو َن َرب ُ‬


‫َّه ْم َخ ْوفاً َو َ‬ ‫وقال أبو العباس بن عطاء رحمة هللا عليه فى قوله‪َ :‬‬
‫األجَّلة يدعونه خوًفا من‬
‫وطمعا فى ثوابه‪ .‬واألوساط يدعونه خوًفا من اعتراض الكدورة فى المحبة وصفاء المعرفة‪ ،‬و ِ‬
‫ً‬
‫وطمعا فى دوام الوداد ألن الخوف من شرائط اإليمان‪.‬‬
‫ً‬ ‫قطعه‬

‫وقال بعضهم خوف الهيبة وطمع المحبة‪.‬‬

‫وقال أبو سعيد الخراز‪ :‬سألت بعض العارفين عن الخوف فقال‪ :‬أشتهى أن أرى رجالً يدرى أيش الخوف فإن أكثر‬
‫الخائفين خافوا على أنفسهم ال من هللا وشفقة على أنفسهم وعملوا فى خالصها من هللا والخائفون خافوا لحظوظهم‬
‫والخائف من هللا العزيز‪.‬‬

‫وقال الحسن‪ :‬خوف األنبياء واألولياء وأرباب المعارف خوف التسليط وخوف المالئكة خوف مكر هللا وخوف العامة‬
‫خوف تلف النفس والرجاء والطمع عين التهمة‪.‬‬

‫سورة السجدة (من اآلية ‪ 17‬الى اآلية ‪)17‬‬

‫ِ‬ ‫َفالَ تَعَلم َنْفس َّمآ أ ْ ِ‬


‫ً‬ ‫ُخف َي َل ُهم من ُقَّرِة أ ْ‬
‫َعُي ٍن َج َزآء ِب َما َك ُانوْا َي ْع َمُلو َن‬ ‫ْ ُ ٌ‬
‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬فالَ تَعَلم َنْفس َّمآ أ ْ ِ‬
‫ُخف َي َل ُهم من ُقَّرِة أ ْ‬
‫َعُي ٍن} [اآلية‪.]17 :‬‬ ‫ْ ُ ٌ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء‪ُ { :‬قَّرِة أ ْ‬
‫َعُي ٍن} بما سبق لهم من حسن الموافقة مع ربهم‪.‬‬

‫وقال سهل‪ُ { :‬قَّرِة أ ْ‬


‫َعُي ٍن} بما شهدوا من ظاهر الحقائق وباطنها الذى كشف لهم من علم المكاشفة فرأوه وتمسكوا به‬
‫فقرت أعينهم بذلك وسكنت إليه قلوبهم‪.‬‬

‫سورة السجدة (من اآلية ‪ 18‬الى اآلية ‪)18‬‬

‫اسقاً الَّ َي ْستَُوو َن‬


‫أََفمن َكان مؤ ِمناً َكمن َكان َف ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُْ‬ ‫َ‬

‫قال بعضهم ليس من هو فى أنس اإلقبال علينا كمن هو فى وحشة اإلعراض عنا‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬من كان فى بصره الطاعة واإليمان ال يستوى مع من هو فى ظلمة الفسق والعصيان‪.‬‬

‫قال القاسم‪ :‬ال يستوى من أكرم بنور البيان‪ ،‬وسواطع البرهان‪ ،‬ويضىء عليه لمعان التوفيق مع من هو فى ظلمات‬
‫أبدا‪.‬‬
‫الهوى‪ ،‬ومتابعة الشيطان‪ ،‬وترادف المخالفات‪ ،‬ال يلتقيان ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة السجدة (من اآلية ‪ 21‬الى اآلية ‪)21‬‬

‫اب األَ ْكَب ِر َل َعَّل ُه ْم َي ْرِج ُعو َن‬ ‫وَلُن ِذيَقَّنهم ِم َن اْلع َذ ِ‬
‫اب األ َْدَن ٰى ُدو َن اْلع َذ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬
‫قوله عز وعال‪{ :‬وَلُن ِذيَقَّنهم ِم َن اْلع َذ ِ‬
‫اب األ َْدَن ٰى ُدو َن اْلع َذ ِ‬
‫اب األَ ْكَب ِر} [اآلية‪.]21 :‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬

‫قال أبو سليمان الدارانى‪{ :‬اْلع َذ ِ‬


‫اب األ َْدَن ٰى} الخذالن والعذاب األكبر الخلود فى النيران‪.‬‬ ‫َ‬

‫اب األ َْدَن ٰى}‪ :‬الهوان‪ ،‬و{اْلع َذ ِ‬


‫اب األَ ْكَب ِر} الخلود فى النيران‪.‬‬ ‫وقال بعضهم‪{ :‬اْلع َذ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫وقال بعضهم‪ :‬العذاب األدنى الهوان والعذاب األكبر الخذالن‪.‬‬

‫سورة السجدة (من اآلية ‪ 24‬الى اآلية ‪)24‬‬

‫صَب ُروْا َوَك ُانوْا ِب َآي ِاتَنا ُيوِقُنو َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َو َج َعْلَنا م ْن ُه ْم أَئ َّم ًة َي ْه ُدو َن بأ َْم ِرَنا َل َّما َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫{و َج َعْلَنا م ْن ُه ْم أَئ َّم ًة َي ْه ُدو َن بأ َْم ِرَنا َل َّما َ‬
‫صَب ُروْا} [اآلية‪.]24 :‬‬ ‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫مع هللا فى جميع األحوال‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال ابن عطاء‪ :‬القدرة أسرتهم والمشيئة صرفتهم قال ال المشيئة مصروفة وال القدرة مردودة‪.‬‬

‫قال أبو سعيد الخراز‪ :‬أهل الحقائق فى اإليمان الذين فاقوا جميع الناس وفضلوا عليهم بمكارم األخالق وهم الذين‬
‫يحتملون األذى ويصبرون على البلوى ويرضون بالقضاء ويفوضون إليه أمورهم من غير اعتراض خاضعين‬
‫متواضعين قد رسخوا فى العلم وفضلوا بالفهم على سائر أهل زمانهم هم خيرة هللا من خلقه وخواصهم من عباده‬
‫اختصهم لدينه وهم فى الخلق بالخلق مختلطون ال يشار إليهم باألصابع وهم غير أخفياء واألعين عنهم مصروفة وهم‬
‫اه ْم أَِئ َّم ًة َي ْه ُدو َن ِبأ َْم ِرَنا} [األنبياء‪.]73 :‬‬
‫{و َج َعْلَن ُ‬
‫غياث الخلق وهو ما قال هللا تعالى‪َ :‬‬

‫سورة السجدة (من اآلية ‪ 27‬الى اآلية ‪)27‬‬

‫َنفسهم أََفالَ يب ِ‬ ‫ض اْلجرِز َفن ْخ ِرج ِب ِه َزرعاً تَأ ُ ِ‬


‫ص ُرو َن‬ ‫ُْ‬ ‫ام ُه ْم َوأ ُ ُ ُ ْ‬
‫ْك ُل م ْن ُه أ َْن َع ُ‬ ‫ْ‬ ‫آء ِإَلى األ َْر ِ ُ ُ ُ ُ‬ ‫ق‬ ‫َّ‬
‫أ ََوَل ْم َي َرْوْا أَنا َن ُسو ُ اْل َم َ‬
‫قوله عز وعال‪{ :‬أَوَلم َي َرْوْا أََّنا َنسو ُق اْلمآء ِإَلى األ َْر ِ‬
‫ض اْل ُج ُرِز} [اآلية‪.]27 :‬‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬نوصل بركات المواعظ إلى القلوب القاسية المعرضة عن الحق فيتعظ بتلك المواعظ‪.‬‬

‫سورة السجدة (من اآلية ‪ 30‬الى اآلية ‪)30‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ض َع ْن ُه ْم َوانتَ ِظ ْر ِإَّن ُه ْم ُّمنتَ ِظ ُرو َن‬
‫َع ِر ْ‬
‫َفأ ْ‬

‫{وانتَ ِظ ْر} بركات الموارد عليك من أنوار الكرامات {ِإَّن ُه ْم ُّمنتَ ِظ ُرو َن} منا المقت‬
‫قال بعضهم‪ :‬ال تشغل سرك بهم َ‬
‫والبعد‪.‬‬

‫سورة األحزاب (من اآلية ‪ 1‬الى اآلية ‪)1‬‬

‫ان َعلِيماً َح ِكيم ًا‬ ‫ين ِإ َّن َّ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫النِب ُّي اتَّ ِق َّ‬
‫َّللاَ َك َ‬ ‫َّللاَ َوالَ تُط ِع اْل َكاف ِر َ‬
‫ين َواْل ُمَنافق َ‬ ‫َٰيأَي َ‬
‫ُّها َّ‬

‫النِب ُّي اتَّ ِق َّ‬


‫َّللاَ} [اآلية‪.]1 :‬‬ ‫ُّها َّ‬ ‫قوله تعالى‪َٰ :‬‬
‫{يأَي َ‬

‫النِب ُّي} يا أيها المخبر عن خبر صدق والعارف فى معرفة الحقيقة اتق هللا أن يكون لك‬
‫ُّها َّ‬ ‫قال ابن عطاء فى قوله‪َٰ :‬‬
‫{يأَي َ‬
‫التفات إلى شىء سواى‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬التقوى أن يتقى العبد رؤية التقوى فال يرى العصمة إالَّ من هللا جل ذكره‪.‬‬

‫وقال ذو النون رحمة هللا عليه‪ :‬التقوى مقسوم على الخطرة الفكرة والهمة والنية والعزم والقصد والحركة والعمل‪.‬‬

‫وقال أبو عبد هللا الروذبارى‪ :‬التقوى مجانبة كل ما يبعدك عن هللا‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال أحمد بن حضرويه‪ :‬أصل التقوى محاسبة النفس وأصل محاسبة النفس الخوف والرجاء‪.‬‬

‫وقال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬التقوى على الحقيقة هو تقوى القلب ألن النبى صلى هللا عليه وسلم [قال]‪" :‬أال إن‬
‫التقوى ها هنا وأشار إلى القلب‬

‫‪".‬‬

‫سمعت أبا جعفر محمد بن أحمد بن سعيد الرازى يقول‪ :‬سمعت أحمد بن أبى الحوارى يقول‪ :‬سمعت عبد هللا بن‬
‫السرى يقول‪ :‬اتقوا هللا عباد هللا وأطيعوه فإنكم ال تعرفون اآلية ولم تُ ْكرموا اإلله‪.‬‬

‫سمعت أبا العباس البغدادى يقول‪ :‬سمعت محمد بن أحمد بن سهل يقول‪ :‬سمعت سعيد بن عثمان يقول‪ :‬سمعت ذا‬
‫إعظاما لجالل هللا وهيبة له أولئك‬
‫ً‬ ‫النون رحمة هللا عليه يقول‪ :‬إن هلل خالصة من خلقه وصفوة من عباده يعافون عنا‬
‫هم المتقون‪.‬‬

‫سمعت أبا الحسين الفارسى يقول‪ :‬سمعت ابن عطاء يقول‪ :‬المتقى من اتقى رؤية تقواه سمعت أبا الحسين الفارسى‬
‫يقول‪ :‬سمعت ابن عطاء يقول‪ :‬للتقوى ظاهر وباطن وظاهره محافظة الحدود وباطنه النية واإلخالص‪.‬‬

‫سمعت أبا الحسين يقول‪ :‬سمعت الجريرى يقول‪ :‬من لم يحكم فيما بينه وبين هللا تعالى التقوى والمراقبة ال يصل الى‬
‫الكشف والمشاهدة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األحزاب (من اآلية ‪ 3‬الى اآلية ‪)3‬‬

‫اَّللِ َو ِكيالً‬
‫َّللاِ َوَكَف ٰى ِب َّ‬
‫َوتََوَّك ْل َعَل ٰى َّ‬

‫قاله شاه‪ :‬التوكل قطع القلب عن كل عالقة والتعلق باهلل سكون القلب فى المفقود والموجود‪.‬‬

‫وقال بعضه م‪ :‬التوكل هو الكفاية بما ضمن هللا لك من الكفاية فى جميع األحوال وهو أن تكل إليه أمورك وال تتحرك‬
‫بتدبير وال سعى‪.‬‬

‫وقال السرى رحمة هللا عليه‪ :‬التوكل ترك تدبير النفس‪.‬‬

‫قال ذو النون رحمة هللا عليه‪ :‬التوكل التفويض ألمر هللا‪.‬‬

‫قال ابن مسروق‪ :‬التوكل االستسالم لجريان القضاء واألحكام‪.‬‬

‫قال سهل رحمة هللا عليه‪ :‬التوكل االسترسال بين يدى هللا عز وجل‪.‬‬

‫سورة األحزاب (من اآلية ‪ 4‬الى اآلية ‪)4‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫آء ُك ْم‬ ‫ِ‬ ‫َّللا لِرج ٍل ِمن َقْلبي ِن ِفي جوِف ِه وما جعل أ َْزواج ُكم الالَِّئي تُ َ ِ‬
‫اهرون ِم ْنه َّن أ َّ ِ‬
‫آء ُك ْم أ َْبَن َ‬
‫ُم َهات ُك ْم َو َما َج َع َل أ َْدعَي َ‬ ‫ظ ُ َ ُ‬ ‫َْ َ َ ََ َ َ َ ُ‬ ‫َْ‬ ‫َّما َج َع َل َّ ُ َ ُ‬
‫يل‬ ‫َّللا َيُقول اْل َح َّق و ُهو َي ْه ِدي َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِٰ‬
‫السب َ‬ ‫َ َ‬ ‫َذل ُك ْم َق ْوُل ُكم بأَ ْف َواه ُك ْم َو َّ ُ ُ‬

‫َّللاُ لِ َر ُج ٍل ِمن َقْلَب ْي ِن ِفي َج ْوِف ِه} [اآلية‪.]4 :‬‬


‫{ما َج َع َل َّ‬
‫قوله تعالى‪َّ :‬‬

‫قصدا من غير التفات فمن نظر إلى شىء سوى هللا فما هو بقاصد إلى ربه فإن هللا يقول‪:‬‬ ‫قال سهل‪ :‬التوجه الى هللا ً‬
‫َّللاُ لِ َر ُج ٍل ِمن َقْلَب ْي ِن ِفي َج ْوِف ِه} قلب يقبل به على ربه وقلب يدبر به أمر دنياه‪.‬‬
‫{ما َج َع َل َّ‬
‫َّ‬

‫سورة األحزاب (من اآلية ‪ 6‬الى اآلية ‪)6‬‬

‫ِ‬ ‫اب َّ ِ ِ‬
‫ض ِفي ِكتَ ِ‬
‫ض ُهم أ َْوَل ٰى ِبَب ْع ٍ‬ ‫ِ‬ ‫النِب ُّي أَوَلى ِباْلمؤ ِمِن ِ‬
‫َّللا م َن اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين‬ ‫ُم َهاتُ ُه ْم َوأ ُْوُلوْا األ َْر َحا ِم َب ْع ُ ْ‬ ‫ين م ْن أ َْنُفس ِه ْم َوأ َْزَو ُ‬
‫اج ُه أ َّ‬ ‫َّ ْ ٰ ُ ْ َ‬
‫طو اًر‬ ‫ين ِإالَّ أَن تَْفعُلوْا ِإَل ٰى أَولِي ِآئ ُكم َّم ْعروفاً َكا َن َذلِ َك ِفي اْل ِكتَ ِ‬
‫اب َم ْس ُ‬ ‫َواْل ُم َها ِج ِر َ‬
‫َْ ْ ُ‬ ‫َ‬

‫ين ِم ْن أ َْنُف ِس ِه ْم} [اآلية‪.]6 :‬‬ ‫ِ‬


‫{النِب ُّي أ َْوَل ٰى ِباْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫قوله تعالى‪َّ :‬‬

‫قال سهل‪ :‬من لم ير نفسه فى ملك الرسول صلى هللا عليه وسلم لم ير والية الرسول صلى هللا عليه وسلم فى جميع‬
‫األحوال وال يذوق حالوة سنته بحال؛ ألن النبى صلى هللا عليه وسلم هو األولى بالخلق من أنفسهم وأموالهم أال ترى‬
‫ين ِم ْن أ َْنُف ِس ِه ْم}‪ .‬والنبى صلى هللا عليه وسلم يقول‪" :‬ال يؤمن أحدكم حتى أكون أحب‬ ‫ِ‬
‫{النِب ُّي أ َْوَل ٰى ِباْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫هللا يقول‪َّ :‬‬
‫إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين‬

‫‪".‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األحزاب (من اآلية ‪ 7‬الى اآلية ‪)7‬‬

‫يسى ْاب ِن َم ْرَي َم َوأَ َخ ْذَنا ِم ْن ُه ْم ِميثَاقاً َغلِيظاً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َِّ ِ ِ‬
‫وس ٰى َوع َ‬
‫يم َو ُم َ‬
‫َخ ْذَنا م َن النبي ْي َن ميثَا َق ُه ْم َوم ْن َك َومن نو ٍح َوإِ ْب َراه َ‬
‫َوإِ ْذ أ َ‬

‫النِبِي ْي َن ِميثَا َق ُه ْم َو ِم ْن َك َو ِمن ُّنو ٍح} [اآلية‪.]7 :‬‬


‫َخ ْذَنا ِم َن َّ‬
‫{وِإ ْذ أ َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫كفاحا‬
‫قال بعضهم‪ :‬أخذ ميثاق النبيين بالعموم على لسان السفراء والوسائط وأخذ ميثاق الرسول صلى هللا عليه وسلم ً‬
‫مشافهة بال واسطة فأظهر األنبياء مواثيقهم لعمومها وأخفى النبى ميثاقه ألنه فى محل الخصوص فأخبر هللا تعالى‬
‫ِِ‬
‫عنه فى كتابه بقوله‪َ { :‬فأ َْو َح ٰى ِإَل ٰى َع ْبده َمآ أ َْو َح ٰى} [النجم‪ ]10 :‬وأخبر النبى صلى هللا عليه وسلم ً‬
‫تعجبا فقال‪" :‬لو‬
‫تعلمون ما أعلم" وكذلك مواثيق خصائص األحباب تكون ًا‬
‫سر ال يطلع عليها سواهم‪.‬‬

‫سورة األحزاب (من اآلية ‪ 8‬الى اآلية ‪)8‬‬

‫ين َع َذاباً أَلِيماً‬ ‫ص ْد ِق ِهم وأ ِ ِ‬‫الص ِاد ِقين عن ِ‬ ‫ِ‬


‫َعَّد لْل َكاف ِر َ‬
‫ْ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َل َّ‬
‫لَي ْسأ َ‬
‫الص ِاد ِقين عن ِ‬
‫ص ْد ِق ِه ْم} [اآلية‪.]8 :‬‬ ‫َل َّ‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫قوله عز وعال‪{ :‬لَي ْسأ َ‬

‫قال عبد الواحد بن زيد‪ :‬الصدق والوفاء هلل بالعمل‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫موجودا‪.‬‬
‫ً‬ ‫قال بعضهم‪ :‬الصدق أن ال تحزن على المفقود ما دام ذكر المعبود‬

‫وقال القاسم‪ :‬ال سؤال أصعب من سؤال الصادق عن صدقه فإنه يطلب بصدق القدسى وعجز المخلوقين أجمع عن‬
‫الصدق فكيف يجيبون عن صدق الصدق‪.‬‬

‫الص ِاد ِقين عن ِ‬


‫ص ْد ِق ِه ْم} الباطن منه أن يسألهم عن التوسل إلى من ال وسيلة‬ ‫َل َّ‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫وقال الواسطى رحمة هللا عليه‪{ :‬لَي ْسأ َ‬
‫كدر واستوحشوا من مطالعته فضالً‬
‫كذبا وصفاؤهم ًا‬ ‫َّ‬
‫إليه إال به عندها تذوب حسوسهم وتنقطع أعمالهم وصار صدقهم ً‬
‫عن التزيين به وذكره‪.‬‬

‫ظاهر عن صدق بواطنهم‪.‬‬


‫ًا‬ ‫وقال عبد العزيز المكى‪ :‬ليسأل الموحدين عن صدق توحيدهم‪ .‬وقال‪ :‬ليسأل الصادقين‬

‫الص ِاد ِقين عن ِ‬


‫ص ْد ِق ِه ْم} فاحتاجت‬ ‫َل َّ‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫وقال محمد بن على الترمذى‪ :‬إذا استوت أقدام األنبياء فى اآلخرة فى صفها {لَي ْسأ َ‬
‫بارز على األنبياء‬ ‫إذ ذاك األنبياء إلى عفو هللا وتقدم محمد صلى هللا عليه وسلم أمامهم بخطوة الصدق الذى أتى به ًا‬
‫أجمع وهو مقام الوسيلة‪.‬‬

‫وقال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬الصدق تحرى موافقة هللا فى كل حال‪.‬‬

‫وقال النهرجورى‪ :‬الصدق موافقة الحق فى السر والعالنية وحقيقة صدق القول فى مواطن الهلكة‪.‬‬

‫سمعت أبا الفرج الورثانى يقول‪ :‬سمعت محمد بن عبد العزيز يقول‪ :‬سمعت أبا عبد هللا الحسن بن معقل القرشى‬
‫يقول‪ :‬ال يشم رائحة الصدق من يداهن نفسه أو يداهن غيره‪.‬‬

‫الص ِاد ِقين عن ِ‬


‫ص ْد ِق ِه ْم} يقول هللا لهم‪ :‬لمن عملتم؟ أو ماذا أردتم؟ فيقولون‪ :‬لك عملنا وإياك أردنا‬ ‫َل َّ‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫وقال سهل‪{ :‬لَي ْسأ َ‬
‫فيقول‪ :‬صدقتم‪ ،‬فوعزته يقول لهم فى المشاهدة‪ :‬صدقكم ألذ من نعيم الجنة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األحزاب (من اآلية ‪ 15‬الى اآلية ‪)15‬‬

‫َّللاِ َم ْسُئوالً‬ ‫ُّ‬ ‫وَلَق ْد َكانوْا عاهدوْا َّ ِ‬


‫َّللاَ من َقْب ُل الَ ُي َولو َن األ َْدَب َار َوَك َ‬
‫ان َع ْه ُد َّ‬ ‫ُ َ َُ‬ ‫َ‬

‫َّللاَ ِمن َقْب ُل الَ ُي َوُّلو َن األ َْدَب َار} [اآلية‪.]15 :‬‬
‫اه ُدوْا َّ‬
‫{وَلَق ْد َك ُانوْا َع َ‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫غنيا باهلل‬ ‫َّ‬


‫سئل بعض العلماء‪ :‬من المرحوم؟ فقال‪ :‬عزيز قوم ذل ‪ -‬يعنى عصى بعد ما اطلع ‪ -‬وغنى قوم افتقر كان ً‬
‫الجهال‪.‬‬
‫ثم وقع فى الطلب وعالم بين ُج َّهال يأتى ما يأتى ُ‬

‫سورة األحزاب (من اآلية ‪ 21‬الى اآلية ‪)21‬‬

‫َّللاَ َكِثي اًر‬ ‫َّللا واْليوم ِ‬


‫اآلخ َر َوَذ َك َر َّ‬ ‫ِ‬ ‫ول َّ ِ‬
‫ان َل ُكم ِفي رس ِ‬ ‫َّ‬
‫ان َي ْر ُجوْا َّ َ َ َ ْ َ‬
‫ُس َوةٌ َح َسَن ٌة ل َمن َك َ‬
‫َّللا أ ْ‬ ‫َُ‬ ‫لَق ْد َك َ ْ‬

‫ُس َوةٌ َح َسَن ٌة} [اآلية‪.]21 :‬‬ ‫ول َّ ِ‬


‫ان َل ُكم ِفي رس ِ‬ ‫َّ‬
‫َّللا أ ْ‬ ‫َُ‬ ‫قوله عز وعال‪{ :‬لَق ْد َك َ ْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال محمد بن على الترمذى‪ :‬األسوة فى الرسول صلى هللا عليه وسلم االقتداء به واالتباع لسنته وترك مخالفته فى قول‬
‫وفعل‪.‬‬

‫أم َر الهوى على‬


‫أم َر السنة على نفسه قوالً وفعالً نطق بالحكمة ومن َّ‬ ‫سمعت جدى يقول‪ :‬سمعت أبا عثمان يقول‪ :‬من َّ‬
‫يعوهُ تَ ْهتَ ُدوْا} [النور‪.]54 :‬‬ ‫ِ‬
‫{وِإن تُط ُ‬
‫نفسه نطق بالبدعة ألن هللا تعالى يقول‪َ :‬‬

‫سورة األحزاب (من اآلية ‪ 23‬الى اآلية ‪)23‬‬

‫ض ٰى َن ْحَب ُه َو ِم ْن ُه ْم َّمن َينتَ ِظ ُر َو َما َبَّدُلوْا َت ْب ِدي ً‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ال‬ ‫َّللاَ َعَل ْيه َفم ْن ُه ْم َّمن َق َ‬
‫اه ُدوْا َّ‬
‫ص َد ُقوْا َما َع َ‬
‫ال َ‬ ‫م َن اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين ِر َج ٌ‬

‫َّللاَ َعَل ْي ِه} [اآلية‪.]23 :‬‬


‫اه ُدوْا َّ‬
‫ص َد ُقوْا َما َع َ‬ ‫ين ِر َج ٌ‬
‫ال َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قوله عز وعال‪{ :‬م َن اْل ُم ْؤ ِمن َ‬

‫قال محمد بن على‪ :‬خص هللا اإلنس من جميع الحيوان ثم خص المؤمنين من اإلنس ثم خص الرجال من المؤمنين‬
‫َّللاَ َعَل ْي ِه} فحقيقة الرجوليه الصدق ومن لم يدخل فى ميدان الصدق فقد خرج من حد‬
‫اه ُدوْا َّ‬
‫ص َد ُقوْا َما َع َ‬
‫ال َ‬ ‫فقال‪ِ :‬‬
‫{ر َج ٌ‬
‫الرجولية‪.‬‬

‫سمعت عبد هللا الرازى يقول‪ :‬كتبت من كتاب أبى عثمان وذكر أنه من كالم شاه؟ ثالثة من عالمات الصدق‬
‫والوصول إلى منازل األنبياء‪ ،‬وذلك‪ :‬إسقاط قدر الدنيا والمال من قلبك حتى يصير الذهب والفضة عندك كالمدر‬
‫والتراب متى ظفرت به صببته على الخلق كهيئة التراب‪ ،‬والثانى‪ :‬إسقاط رؤية الخلق من قلبك حتى كأنهم كلهم‬
‫أموات‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫شيئا من أفعالك بسبب كالمهم‪،‬‬
‫وأنت وحدك على وجه األرض تعبد ربك وال تلتفت إلى مدحهم وال تزيد وال تنقص ً‬
‫والثالث‪ :‬إحكام سياسة نفسك بخالصة العداوة لها وقطع الشهوات واللذات عنها حتى يكون فرحك فى الجوع وترك‬
‫الشهوات كفرح أبناء الدنيا بالشبع ونيل الشهوات فعندها لزمت طريق الصادقين من المريدين وستصل إلى‬

‫فوائد هللا وكرامته إن شاء هللا تعالى‪.‬‬

‫َّللاَ‬
‫اه ُدوْا َّ‬
‫ص َدُقوْا َما َع َ‬ ‫وسئل أبو حفص‪ :‬من الرجال؟ فقال‪ :‬الصادقون مع هللا بوفاء العهود‪ .‬قال هللا جل ذكره‪ِ :‬‬
‫ال َ‬
‫{رَج ٌ‬
‫َعَل ْي ِه}‪.‬‬

‫َّللاَ َعَل ْي ِه}‪ .‬فقال‪ :‬هو أن يترك الصادق إرادته إلرادة هللا واختياره‬
‫اه ُدوْا َّ‬
‫ص َد ُقوْا َما َع َ‬
‫ال َ‬ ‫وقال الحسين فى قوله‪ِ :‬‬
‫{ر َج ٌ‬
‫لمحابه وتدبيره لتدبيره حتى يرى من قلبه ونفسه وجميع جوارحه أنه ال يريد إالَّ ما أراد هللا يصح ذلك قوله‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫َّه‬
‫ومحاب ُ‬
‫َّللاَ َعَل ْي ِه}‪.‬‬
‫اه ُدوْا َّ‬
‫ص َد ُقوْا َما َع َ‬
‫ال َ‬ ‫ِ‬
‫{ر َج ٌ‬

‫ض ٰى َن ْحَب ُه َو ِم ْن ُه ْم َّمن َينتَ ِظ ُر} [اآلية‪.]23 :‬‬ ‫ِ‬


‫قوله عز وجل‪َ { :‬فم ْن ُه ْم َّمن َق َ‬

‫{و َما َبَّدُلوْا تَْب ِديالً} ما تغيَّروا عن‬


‫قال بعضهم‪ :‬من بذل وسعه ومجهوده فى الطاعة ومنهم من ينتظر بالتوفيق من ربِه‪َ :‬‬
‫تغيير‪.‬‬
‫محبة نبى هللا صلى هللا عليه وسلم ًا‬

‫{و َما َبَّدُلوْا تَْب ِديالً} [اآلية‪.]23 :‬‬


‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫قال عمر المكى‪ :‬إن هللا عز وجل يبلى المؤمنين بأنواع من البالء فيرجع إلى ربه باالبتهال والتضرع فيقول هللا‬
‫صابر فما يزال يقول‪ :‬زيدوه ويقولون‪ :‬زدناه حتى تقول‬ ‫ًا‬ ‫بالء فوجدناه‬ ‫ن‬
‫لمالئكته‪ :‬زيدوه بالء فيقولو ‪ :‬يا رب زدناه ً‬
‫ض ٰى َن ْحَب ُه‬ ‫ِ‬
‫المالئكة انتهى المزيد‪ .‬فيقول‪ :‬اكتبوه الساعة ممن ال يغير وال يبدل ومصداقه فى كتاب هللا‪َ{ :‬فم ْن ُه ْم َّمن َق َ‬
‫َو ِم ْن ُه ْم َّمن َينتَ ِظ ُر َو َما َبَّدُلوْا َت ْب ِديالً}‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األحزاب (من اآلية ‪ 24‬الى اآلية ‪)24‬‬

‫َّللاَ َكا َن َغُفو اًر َّرِحيماً‬


‫وب َعَل ْي ِه ْم ِإ َّن َّ‬ ‫ص ْد ِق ِهم وُي َع ِذ َب اْلمَن ِافِق َ ِ‬
‫الص ِاد ِقين ِب ِ‬ ‫ِي َّ‬ ‫ِ‬
‫آء أ َْو َيتُ َ‬
‫ين إن َش َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َّللاُ َّ‬ ‫لَي ْجز َ‬
‫الص ِاد ِقين ِب ِ‬
‫ص ْد ِق ِه ْم} [اآلية‪.]24 :‬‬ ‫ِي َّ‬
‫َّللاُ َّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫قوله عز وجل‪{ :‬لَي ْجز َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬يسألهم عن توسلهم بصدقهم إلى من ال يتوسل إليه إالَّ به فعندها‪ :‬تذوب حسوسهم وتنقطع آمالهم‬
‫كدر واستوحش العبد من حسن أفعاله‪.‬‬
‫كذبا وصفاؤهم ًا‬
‫وصار صدقهم ً‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬ومن رغب فيما ال خطر له أغفل ما فيه األخطاء‪.‬‬

‫سورة األحزاب (من اآلية ‪ 31‬الى اآلية ‪)31‬‬

‫نك َّن ََّّللِ ورسوِل ِه وتَعمل ِ‬


‫َو َمن َيْقُن ْت ِم ُ‬
‫َعتَ ْدَنا َل َها ِرْزقاً َك ِريماً‬ ‫صالحاً ُن ْؤِت َهـآ أ ْ‬
‫َج َرَها َمَّرتَْي ِن َوأ ْ‬ ‫ََ ُ َ ْ َ ْ َ‬

‫نك َّن ََّّللِ َوَرُسولِ ِه} [اآلية‪.]31 :‬‬


‫{و َمن َيْقُن ْت ِم ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬من تختار صحبة الرسول منهن على الدنيا فهى من القانتات وهى التى تخضع للرسول وتذل له وال‬
‫صالحا وتتبع مراد الرسول صلى هللا عليه وسلم فيما يريده‪.‬‬
‫ً‬ ‫تخالفه وتعمل‬

‫سورة األحزاب (من اآلية ‪ 33‬الى اآلية ‪)33‬‬

‫َّللاُ لُِي ْذ ِه َب‬


‫َّللاَ َوَرُسوَل ُه ِإَّن َما ُي ِر ُيد َّ‬ ‫الزَكـاة وأ ِ‬
‫َط ْع َن َّ‬ ‫ين َّ‬ ‫ِ‬ ‫اهلِي ِ‬
‫َّة األُوَل ٰى َوأَ ِق ْم َن َّ‬ ‫وَقرن ِفي بيوِت ُك َّن والَ تَبَّرجن تَبُّرج اْلج ِ‬
‫ََ‬ ‫الصالَ َة َوآت َ‬ ‫َ َ َْ َ َ َ‬ ‫ُُ‬ ‫َ َْ‬
‫ط ِهيـ اًر‬ ‫َه َل اْلَب ْي ِت َوُي َ‬
‫ط ِه َرُك ْم تَ ْ‬ ‫نكـم ِ‬
‫الر ْج َس أ ْ‬ ‫َع ُ ُ‬

‫ط ِهيـ اًر} [اآلية‪.]33 :‬‬ ‫َه َل اْلَب ْي ِت َوُي َ‬


‫ط ِه َرُك ْم تَ ْ‬ ‫نكـم ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّنما ي ِريد َّ ِ ِ‬
‫الر ْج َس أ ْ‬ ‫َّللاُ لُي ْذه َب َع ُ ُ‬ ‫َ ُ ُ‬

‫ط ِهيـ اًر} من دنس الدنيا والميل إليها‪.‬‬


‫ط ِه َرُك ْم تَ ْ‬
‫{وُي َ‬ ‫قال أبو بكر الوراق‪ِ :‬‬
‫{الر ْج َس} األهواء والبدع والضالالت‪َ .‬‬

‫ط ِهيـ اًر} بالهدى والتوفيق‪.‬‬


‫ط ِه َرُك ْم تَ ْ‬
‫{وُي َ‬ ‫قال بعضهم‪ِ :‬‬
‫{الر ْج َس} هو الغل والغش والحسد َ‬

‫ط ِهيـ اًر} بالسخاء‬


‫ط ِه َرُك ْم تَ ْ‬
‫{وُي َ‬ ‫ِ‬ ‫نكـم ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َه َل اْلَب ْيت} قال‪ :‬البخل والطمع َ‬
‫الر ْج َس أ ْ‬ ‫قال على بن عبد الرحمن فى قوله‪{ :‬لُي ْذه َب َع ُ ُ‬
‫واإليثار‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬يذهب عن نفوسكم رجس الفواحش ويطهر قلوبكم باإليمان والرضا والتسليم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األحزاب (من اآلية ‪ 35‬الى اآلية ‪)35‬‬

‫الصاِبر ِ‬ ‫الص ِادَق ِ‬ ‫ات و َّ ِ ِ‬


‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫ات‬ ‫الصاِب ِر َ‬
‫ين َو َّ َ‬ ‫ات َو َّ‬ ‫ين َو َّ‬
‫الصادق َ‬ ‫ين َواْل ُم ْؤ ِمَنات َواْلَقانت َ‬
‫ين َواْلَقانتَ َ‬ ‫ِإ َّن اْل ُم ْسلم َ‬
‫ين َواْل ُم ْسل َمات َواْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ات واْلح ِاف ِظين ُفروجهم واْلح ِافـ َ ِ َّ ِ‬ ‫الص ِائ ِمين و َّ ِ ِ‬ ‫ات واْلمتَص ِد ِقين واْلمتَص ِد َق ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫َّللاَ‬ ‫ظات َوالذاك ِـر َ‬
‫ين َّ‬ ‫َ ُ َُْ َ َ‬ ‫الصائ َم َ َ‬ ‫َ‬ ‫ات و َّ‬ ‫ين َواْل َخاش َع َ ُ َ َ َ ُ َ‬ ‫َواْل َخاشع َ‬
‫َج اًر َع ِظيماً‬ ‫ِ‬ ‫َعَّد َّ‬
‫َّللاُ َل ُهم َّم ْغف َرةً َوأ ْ‬
‫َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َكثي اًر َوالذاك َرات أ َ‬
‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن اْلمسلِ ِمين واْلمسلِم ِ‬
‫ات‪[ }...‬اآلية‪.]35 :‬‬ ‫ُْ َ َ ُْ َ‬

‫قال سهل‪ :‬اإليمان أفضل من اإلسالم والتقوى فى اإليمان أفضل من اإليمان واليقين فى التقوى أفضل من التقوى‬
‫والصدق فى اليقين أفضل من اليقين وإنما تمسكتم‬

‫بادئا باإلسالم فإياكم أن ينفلت من أيديكم‪.‬‬


‫ً‬

‫وقال‪ :‬اإليمان باهلل فى القلب راسخ واليقين بالتصديق ثابت‪ .‬وقال‪ :‬اإلسالم حكم واإليمان أصل واإلحسان ثواب‪.‬‬

‫وقال سهل‪ :‬ال يشم رائحة الصدق من يداهن نفسه أو يداهن غيره وصدق العين ترك النظر إلى المحظورات وصدق‬
‫اللسان ترك الكالم فيما ال يعنيه وصدق اليد ترك البطش فى الحرام وصدق الرجلين ترك المشى إلى الفواحش وحقيقة‬
‫الصدق من القلب ودوام النظر فيما مضى وترك التدبير واالختيار فيما بقى‪.‬‬

‫وقال جعفر الصادق‪ :‬من يصف لك خير اآلخرة ال خير الدنيا ويدلك على حسن األخالق ال على سيئها ويعطيك قلبه‬
‫ال جوارحه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬لم يبلغ أحد الى مقام الصدق بالصوم والصالة وال شىء من االجتهاد ولكن وصل إلى مقام الصدق‬
‫بأن طرح نفسه بين يديه وقال‪ :‬أنت أنت وال بد لنا منك‪.‬‬

‫وقال سهل‪ :‬ليس من ادعى الذكر فهو ذاكر فالذاكر على الحقيقة من يعلم أن هللا مشاهدة فيراه بقلبه قر ًيبا منه‬
‫فيستحى منه ثم يؤثره على نفسه وعلى كل شىء من جميع أحواله‪.‬‬

‫وسئل سهل‪ :‬ما الذكر؟ قال الطاعة‪ :‬قلت‪ :‬وما الطاعة؟ قال‪ :‬اإلخالص‪ .‬قلت‪ :‬وما اإلخالص؟ قال المشاهدة‪ .‬قلت‪:‬‬
‫وما المشاهدة‪ .‬قال‪ :‬العبودية‪ .‬قلت‪ :‬وما العبودية؟ قال‪ :‬الرضا‪ .‬قلت‪ :‬وما الرضا؟ قال‪ :‬االفتقار‪ .‬قلت‪ :‬وما االفتقار؟‬
‫قال التضرع وااللتجاء سلم سلم الى الممات‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬الخشوع استحقار الكبر وجميع الصفات تحت هيبة الحق‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الصابر هو الحابس نفسه عند أوامره والخاشع هو المتذلل والخاضع له والمتصدق الباذل نفسه وروحه‬
‫وملكه فى رضا مالكه والصائم الممسك عن كل ما ال يرضاه هللا والحافظ فرجه الراعى لحقوق هللا عليه فى نفسه وقلبه‬
‫عظيما وثو ًابا‬
‫ً‬ ‫أجر‬
‫والذاكر هلل الناسى كل ما سواه أوجب هللا على نفسه لمن هذه صفته ستر الذنوب عليه ومغفرتها له و ًا‬
‫له وهو رضا هللا ورؤيته‪.‬‬

‫َّ‬
‫وصدقوا هللا‬ ‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬إن الذين أسلموا وانقادوا وآمنوا وصدقوا وخشعوا ودعوا هللا على اإلخالص‬
‫فى وعده ووفوا له بما وعدوه من أنفسهم‬

‫وصبروا فى البأساء والضراء وخشعوا وخضعوا وانقادوا وتصدقوا وخرجوا عن جميع ما ملكوا وأمسكوا عن المخالفات‬
‫وحفظوا فروجهم ورعوا أسرارهم عن نزغات الشيطان وذكروا هللا ولم ينسوه فى جميع األحوال أعد هللا لهم الرضوان‬
‫والرضا والتمكين والمشاهدة واللقاء‪.‬‬

‫طهور أولئك األقوياء الذين ال‬


‫ًا‬ ‫وقال الحسين‪ :‬الصادق الظاهر له القدرة يظل عند ربه ويطعمه من نوره ويسقيه شرًابا‬
‫يحتاجون إلى الطعام وال الشراب وال يموتون‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الشبلى‪ :‬الصادق من يكون مواصالً لألحزان وقلبه منفرد بالرحمن‪.‬‬

‫قال مطرف القرميسى‪ :‬الصوم ثالثة؛ صوام الروح بقصر األمل وصوم العقل بمخالفة الهوى وصوم الجسد باإلمساك‬
‫عن الطعام‪.‬‬

‫ٍ‬
‫لمعان ظاهرة وباطنة فأما الظاهرة فهى ثالثة‪ :‬الصبر على أداء الفرائض واجتناب‬ ‫وقال أبو سعيد الخراز‪ :‬الصبر اسم‬
‫عما نهى هللا عنه والصبر على النوافل وعلى قبول الحق‪ .‬وأما الباطنة فالصبر معه والصبر فيه والصبر منه‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬الحافظين فروجهم الذين حفظوا أسماعهم عن اللغو والخنا وأصغوا إلى هللا بآذان قلوبهم الواعية ولم يغفلوا‬
‫وقال ً‬
‫عن ندائه بحال‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬الذاكرون خمسة ذاكر ذكره بالثناء وآخر ذكره بالدعاء وآخر ذكره بالتسبيح‪ ،‬واآلخر ذكره باالستغفار‬
‫وذاكر يذكره بذكره‪.‬‬

‫وقال القاسم‪ :‬القانت المطيع الذى ال يعصى هللا‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الصابر من أهل الباب والراضى من أهل الدار والمفوض من أهل البيت‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الخشوع الطمأنينة عند اختالف المقادير‪.‬‬

‫وقال ابن سالم‪ :‬الذاكر ثالث ذاكر باللسان فذلك الحسنة بعشرة أمثالها وذاكر القلب الحسنة بسبعمائة وذكر ال يوزن‬
‫ثوابه وال يعد وهو االمتالء من المحبة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الشبلى‪ :‬الذكر نسيان الذكر فى مشاهدة المذكور‪.‬‬

‫وقال عمر المكى‪ :‬الحافظ لفرجه هو الواقف عند أمره ونهيه وال يتعداها والمتأدب بأدبه الذى من تجاوزه ضل عن‬
‫سواء السبيل‪.‬‬

‫سورة األحزاب (من اآلية ‪ 36‬الى اآلية ‪)36‬‬

‫َّللاُ وَرسوُل ُه أ َْم اًر أَن َي ُكو َن َل ُهم اْل ِخَي َرةُ ِم ْن أ َْم ِرِهم ومن َي ْع ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وما َك ِ‬
‫ض َّل‬
‫َّللاَ َوَرُسوَل ُه َفَق ْد َ‬
‫ص َّ‬ ‫ْ ََ‬ ‫ُ‬ ‫ضى َّ َ ُ‬ ‫ان ل ُم ْؤ ِم ٍن َوالَ ُم ْؤ ِمَنة ِإ َذا َق َ‬ ‫ََ َ‬
‫ضالَالً ُّمِبين ًا‬
‫َ‬
‫ٍ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وما َك ِ‬
‫َّللاُ َوَرُسوُل ُه أ َْم اًر‪[ }...‬اآلية‪.]36 :‬‬ ‫ان ل ُم ْؤ ِم ٍن َوالَ ُم ْؤ ِمَنة ِإ َذا َق َ‬
‫ضى َّ‬ ‫ََ َ‬

‫قال سهل‪ :‬اإليمان أربعة أركان التوكل على هللا والتسليم ألمر هللا وأمر رسوله والتفويض إلى هللا والرضا بقضاء هللا‪.‬‬

‫أيضا السنة كلها وجميعها أن تؤثر هللا ورسوله على نفسك وتؤثر أمرهما على مرادك‪.‬‬
‫وقال ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األحزاب (من اآلية ‪ 37‬الى اآلية ‪)37‬‬

‫اس‬ ‫يه َوتَ ْخ َشى َّ‬ ‫َّللا مب ِد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّللاُ َعَل ْي ِه َوأ َْن َع ْم َت َعَل ْي ِه أ َْم ِس ْك َعَل ْي َك َزْو َج َك َواتَّ ِق َّ‬ ‫وإِ ْذ تَُق َِّ ِ‬
‫الن َ‬ ‫َّللاَ َوتُ ْخفي في َنْفس َك َما َّ ُ ُ ْ‬ ‫َنع َم َّ‬
‫ول للذي أ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين َح َرٌج في أ َْزَوا ِج أ َْدعَيآئ ِه ْم ِإ َذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اك َها ل َك ْي الَ َي ُكو َن َعَلى اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ط اًر َزَّو ْجَن َ‬‫ض ٰى َزْيٌد م ْن َها َو َ‬ ‫َح ُّق أَن تَ ْخ َشاهُ َفَل َّما َق َ‬ ‫َّللاُ أ َ‬
‫َو َّ‬
‫َّللاِ َمْف ُعو ً‬
‫ال‬ ‫ان أ َْم ُر َّ‬ ‫ض ْوْا ِم ْن ُه َّن َو َ‬
‫ط اًر َوَك َ‬ ‫َق َ‬

‫َّللاُ َعَل ْي ِه َوأ َْن َع ْم َت َعَل ْي ِه} [اآلية‪.]37 :‬‬


‫َنع َم َّ‬ ‫قوله عز وعال‪{ :‬وإِ ْذ تَُق َِّ ِ‬
‫ول للذي أ َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬

‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬أنعم هللا عليه بمحبتك وأنعمت عليه بالتبنى‪ .‬وقال بعضهم‪ :‬وإذ تقول للذى أنعم هللا‬
‫عليه بالمعرفة وأنعمت عليه بالعتق‪.‬‬

‫َّللا مب ِد ِ‬
‫يه} [اآلية‪.]37 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫{وتُ ْخفي في َنْفس َك َما َّ ُ ُ ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫تخفى فى نفسك ما أظهر هللا لك من آية تزوجها منك وتخشى أن يظهر للناس ذلك فيفتنوا‪.‬‬

‫وقال الجنيد‪ :‬فى قوله وتخفى فى نفسك ما هللا مبديه معناه ما هللا مبد حكمه ومظهر فيه سنته الباقى نفعها على األمة‬
‫والمبين معناها للخليقة من تحليل نكاح نساء أوالد التبنى دون أوالد الصلب‪.‬‬

‫َح ُّق أَن تَ ْخ َشاهُ} [اآلية‪.]37 :‬‬


‫َّللاُ أ َ‬
‫اس َو َّ‬ ‫{وتَ ْخ َشى َّ‬
‫الن َ‬ ‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬تخشى الناس أن يهلكوا فى شأن زيد فذلك من تمام شفقته على األمة وهللا أحق أن تخشاه أن تبتهل‬
‫إليه ليزيل عنهم ما تخشى منهم‪.‬‬

‫اك َها} [اآلية‪.]37 :‬‬ ‫ض ٰى َزْيٌد ِم ْن َها َو َ‬


‫ط اًر َزَّو ْجَن َ‬ ‫قوله تعالى‪َ{ :‬فَل َّما َق َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال قرئ عند ذى النون رحمة هللا عليه هذه اآلية فتأوه تأو ًها ثم قال‪ :‬ذهب بها وهللا زيد وما على زيد لو فارق الكون‬
‫اك َها}‪.‬‬ ‫ض ٰى َزْيٌد ِم ْن َها َو َ‬
‫ط اًر َزَّو ْجَن َ‬ ‫بعد أن ذكره هللا من بين أصحاب محمد صلى هللا عليه وسلم باسمه بقوله‪َ{ :‬فَل َّما َق َ‬

‫سمعت أبا بكر الرازى يقول‪ :‬سمعت يوسف بن الحسين يقول‪ :‬سئل ذون النون رحمة هللا عليه وعليهم وأنا حاضر عند‬
‫اك َها} أترى كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يحتشم ز ًيدا إذا رآه؟ فقال ذو‬ ‫ض ٰى َزْيٌد ِم ْن َها َو َ‬
‫ط اًر َزَّو ْجَن َ‬ ‫قوله‪َ{ :‬فَل َّما َق َ‬
‫النون‪ :‬كيف ال تقول أترى كان زيد يحتشم النبى صلى هللا عليه وسلم إذا رآه أو أقيم اللتماس شىء كانت العاقبة قد‬
‫حكمت لرسول صلى هللا عليه وسلم عاجالً وإنما كانت عارية عند زيد‪.‬‬

‫سورة األحزاب (من اآلية ‪ 38‬الى اآلية ‪)38‬‬

‫َّللاِ َق َد اًر َّمْق ُدو اًر‬


‫ان أ َْم ُر َّ‬ ‫ِ‬
‫ين َخَل ْوْا من َقْب ُل َوَك َ‬
‫َّللا َله سَّن َة َّ ِ ِ َّ ِ‬
‫َّللا في الذ َ‬ ‫ض َّ ُ ُ ُ‬ ‫يما َف َر َ‬
‫ِ‬ ‫َّما َكان عَلى َِّ ِ‬
‫النب ِي م ْن َح َرٍج ف َ‬ ‫َ َ‬

‫َّللاِ َق َد اًر َّمْق ُدو اًر} [اآلية‪.]38 :‬‬


‫ان أ َْم ُر َّ‬
‫{وَك َ‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫معلوما قبل وقوعه عندكم وهل يقدر أحد أن يجاوز‬


‫ً‬ ‫قال سهل رحمة هللا عليه‪ :‬أى‬

‫المقدور‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األحزاب (من اآلية ‪ 39‬الى اآلية ‪)39‬‬

‫اَّللِ َح ِسيب ًا‬ ‫َحداً ِإالَّ َّ‬


‫َّللاَ َوَكَف ٰى ِب َّ‬ ‫َّال ِذين يبلِغون ِرساالَ ِت َّ ِ‬
‫َّللا َوَي ْخ َش ْوَن ُه َوالَ َي ْخ َش ْو َن أ َ‬ ‫َ َُ ُ َ َ‬

‫َّللاِ َوَي ْخ َش ْوَن ُه} [اآلية‪.]39 :‬‬


‫ين ُيَبلِ ُغو َن ِرَساالَ ِت َّ‬ ‫َّ ِ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬الذ َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬هذه خشية السادة واألكابر وإنما خشية عوام الخلق من جهنم‪.‬‬

‫سورة األحزاب (من اآلية ‪ 41‬الى اآلية ‪)41‬‬

‫َّللاَ ِذ ْك اًر َكِثي اًر‬


‫آمُنوْا ا ْذ ُك ُروْا َّ‬
‫ين َ‬
‫ٰيأَي َّ ِ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ‬

‫كثير والذكر الكثير للقلب وهو أن ال يفتر‬ ‫قال النصرآباذى‪َّ :‬‬


‫وقت هللا العبادات بأوقات إال الذكر فإنه أمر أن يذكر ًا‬
‫القلب عن المشاهدة وال يغفل عن الحضور بحال أال تراه لما رجع الى المعلوم وقت‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األحزاب (من اآلية ‪ 42‬الى اآلية ‪)42‬‬

‫وسِبحوه ب ْكرة وأ ِ‬
‫َصيالً‬ ‫َ َ ُ ُ ُ ًَ َ‬
‫وقال‪{ :‬وسِبحوه ب ْكرة وأ ِ‬
‫َصيالً} [اآلية‪ ]42 :‬وأنشد‪:‬‬ ‫َ َ ُ ُ ُ ًَ َ‬

‫وكيف أذكره من لست أنساه‬ ‫هللا يعلم أنى لست أذكره‬

‫كونهم ثم أشار إليهم بالتوحيد ثم أمرهم بإقامة العبودية ثم َمن على‬


‫قال أبو الحسين بن هند‪ :‬ناداهم ثم خص النداء ثم َّ‬
‫نبيهم بذلك ولم يمن عليهم فإنه إنما خصهم بسببك والذكر إقامة العبودية‪.‬‬

‫قال على بن عبد الرحيم‪:‬‬

‫ولوال ما أؤمـل مـا حييت‬ ‫أموت إذا ذكـرت ثم أحيـا‬

‫فكم أحيا عليك وكم أموت‬ ‫وأحيا بالمنى وأمـوت شوقـًا‬

‫وهل أنسى فأذكر من هـديت‬ ‫عجبت لمن يقول ذكرت ربى‬

‫فما نفد الشـراب وال رويت‬ ‫كأسا بعد كأس‬


‫شربت الحب ً‬

‫سورة األحزاب (من اآلية ‪ 43‬الى اآلية ‪)43‬‬

‫ين َرِحيماً‬ ‫ِ‬ ‫هو َّال ِذي يصلِي عَلي ُكم ومالَِئ َكتُه لِي ْخ ِرج ُكم ِمن ُّ‬
‫الظُلم ِ‬
‫ان ِباْل ُم ْؤ ِمن َ‬ ‫ات ِإَلى ُّ‬
‫الن ِ‬
‫ور َوَك َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ َ ْ َ‬ ‫َ ْ ْ ََ‬ ‫َُ‬ ‫َُ‬

‫صلِي َعَل ْي ُك ْم َو َمالَِئ َكتُ ُه} [اآلية‪.]43 :‬‬ ‫َّ ِ‬


‫{ه َو الذي ُي َ‬
‫قوله تعالى‪ُ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال أبو بكر بن طاهر‪ :‬عالمة صالة هللا على عبده أن يزينه بأنوار اإليمان ويحليه بحلية التوفيق ويتوجه بتاج‬
‫الصدق ويسقط عن نفسه األهواء المضلة واإلرادات الباطلة ويبدله به الرضا بالمقدور‪.‬‬

‫سورة األحزاب (من اآلية ‪ 44‬الى اآلية ‪)44‬‬

‫َج اًر َك ِريم ًا‬ ‫ِ‬


‫َعَّد َل ُه ْم أ ْ‬
‫تَحيَّتُ ُه ْم َي ْوَم َيْلَق ْوَن ُه َسالَ ٌم َوأ َ‬

‫قوله تعالى‪{ :‬تَ ِحيَّتُ ُه ْم َي ْوَم َيْلَق ْوَن ُه َسالَ ٌم} [اآلية‪.]44 :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬أعظم عطية للمؤمن فى الجنة سالم هللا عليهم من غير واسطة‪.‬‬

‫سورة األحزاب (من اآلية ‪ 45‬الى اآلية ‪)45‬‬

‫النِب ُّي ِإَّنآ أ َْرَسْل َٰن َك َٰش ِهداً َو ُمَب ِش اًر َوَن ِذي اًر‬
‫ُّها َّ‬
‫ٰيأَي َ‬

‫عميا‬
‫قلوبا ً‬
‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬فى هذه اآلية إنا شرفناك برسالتنا وتخبر عنا خبر صدق فيهدى بك ً‬
‫شاهدا لنا ال تشهد معنا سوانا جعلنا الخلق كلهم يشهدونك ويشهدوننا فيك وال يشهدك إالَّ من أثر فيه بركة‬
‫ً‬ ‫أرسلناك‬
‫وضل فإنك البشير تبشر من أقبلنا عليك بالرضوان وتنذر‬
‫َّ‬ ‫نظرك فيشهدك ويشهدنا فيك ومن لم يجعلك الدليل عمى‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫من أعرضنا عنه بالخذالن فإنك محل مشاهدة الخلق إيانا بك أخذناك عنك فال تشهد شهودهم غيبناك عنهم فال‬
‫يشهدون منك إال ظاهرك وأنت ال تشهد سوانا بحال‪.‬‬

‫شاهدا بالحق للحق إلى الحق مع الحق ليوم ال يقبل فيه الحق إال الحق‪.‬‬
‫ً‬ ‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪:‬‬

‫سورة األحزاب (من اآلية ‪ 46‬الى اآلية ‪)46‬‬

‫َّللاِ ِبِإ ْذِن ِه َوِس َراجاً ُّمِني اًر‬ ‫ود ِ‬


‫اعياً ِإَلى َّ‬ ‫ََ‬

‫داعيا إلى هللا ال إلى نفسه افتخر بالعبودية ولم يفتخر بالنبوة ليصبح بذلك الدعاء إلى‬
‫قال جعفر رحمة هللا عليه‪ً :‬‬
‫منير يدل على سبيل الرشد ويبصره عيوب النفس وغيبها‪.‬‬ ‫اجا ًا‬‫سيده فمن أجاب دعوته صارت الدعوة له سر ً‬

‫سورة األحزاب (من اآلية ‪ 50‬الى اآلية ‪)50‬‬

‫ات ع ِمك وبن ِ‬ ‫َّللا عَليك وبن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َِّ‬


‫ات‬ ‫َ َ َ ََ‬ ‫آء َّ ُ َ ْ َ َ َ َ‬ ‫ورُه َّن َو َما َمَل َك ْت َيم ُين َك م َّمآ أََف َ‬ ‫ُج َ‬
‫اج َك الالتي آتَْي َت أ ُ‬ ‫النِب ُّي ِإَّنآ أ ْ‬
‫َحَلْلَنا َل َك أ َْزَو َ‬ ‫ُّها َّ‬
‫ٰيأَي َ‬
‫النِب ُّي أَن يستَ ِ‬
‫ام َأَرًة ُّم ْؤ ِمَن ًة ِإن َو َهَب ْت َنْف َس َها لِ َّلنِب ِي ِإ ْن أ ََرَاد َّ‬ ‫َِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫نك َح َها‬ ‫َْ‬ ‫اج ْرَن َم َع َك َو ْ‬
‫َع َّمات َك َوَبَنات َخال َك َوَبَنات َخاالَت َك الالتي َه َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ين َق ْد َعلِ ْمَنا َما َف َر ْ‬ ‫ِ‬
‫ضَنا َعَل ْي ِه ْم في أ َْزَوا ِج ِه ْـم َو َما َمَل َك ْت أ َْي َم ُان ُه ْم ل َك ْيالَ َي ُكو َن َعَل ْي َك َح َرٌج َوَك َ‬
‫ان‬ ‫ص ًة ل َك من ُدو ِن اْل ُم ْؤ ِمن َ‬ ‫َخال َ‬
‫َّللاُ َغُفو اًر َّرِحيماً‬
‫َّ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ضَنا َعَل ْي ِه ْم ِفي أ َْزَوا ِج ِه ْـم} [أالية‪.]50 :‬‬
‫قوله عز وعال‪َ { :‬ق ْد َعلِ ْمَنا َما َف َر ْ‬

‫قال مالك بن أنس رحمة هللا عليه‪ :‬فرضنا عليهم أن ال نكاح إال بولى‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬هو استعمال األدب فيهم وحسن الخلق معهم وحملهم على طاعة هللا فإن النبى صلى هللا عليه وسلم‬
‫قال‪" :‬خيركم خيركم ألهله وهللا يعلم ما فى قلوبكم‬

‫‪".‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬من علم أن هللا يعلم ما فى قلبه وخاطره ولم يصلح قلبه وباطنه لربه كما يصلح ظاهره للقاء الناس‬
‫{ي ْعَل ُم َما ِفي قُلوبِ ُك ْم} [اآلية‪.]51 :‬‬
‫فإن ذلك لقلة معرفته لربه ألن هللا يقول‪َ :‬‬

‫سورة األحزاب (من اآلية ‪ 55‬الى اآلية ‪)55‬‬

‫َخَو ِات ِه َّن َوالَ ِن َس ِآئ ِه َّن َوالَ َما َمَل َك ْت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اح َعَل ْي ِه َّن ِفي َآبآئ ِه َّن َوالَ أ َْبَنآئ ِه َّن َوالَ ِإ ْخ َوان ِه َّن َوالَ أ َْبَنآء ِإ ْخ َوان ِه َّن َوالَ أ َْبَنآء أ َ‬
‫ال ُجَن َ‬
‫َّ‬

‫ان َعَل ٰى ُك ِل َش ْي ٍء َش ِهيداً‬ ‫َّللاَ ِإ َّن َّ‬


‫َّللاَ َك َ‬
‫ِ‬
‫أ َْي َم ُان ُه َّن َواتَّق َ‬
‫ين َّ‬

‫ان َعَل ٰى ُك ِل َشي ٍء َش ِهيداً} [اآلية‪.]55 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن َّ‬
‫َّللاَ َك َ‬
‫ْ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬الشهيد الذى يعرف خطرات قلبه كما يعرف حركات جوارحه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األحزاب (من اآلية ‪ 56‬الى اآلية ‪)56‬‬

‫صُّلوْا َعَل ْي ِه َو َسلِ ُموْا تَ ْسلِيم ًا‬


‫آمُنوْا َ‬
‫ين َ‬
‫النِب ِي ٰيأَي َّ ِ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ‬ ‫صُّلو َن َعَلى َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِإ َّن َّ‬
‫َّللاَ َو َمالَئ َكـتَ ُه ُي َ‬

‫َّللاَ َو َمالَِئ َكـتَ ُه‪[ }...‬اآلية‪.]56 :‬‬


‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن َّ‬

‫سمعت منصور بن عب د هللا يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم البزار يقول‪ :‬نصر يذكر عن ابن عطاء رحمة هللا عليهم قال‪:‬‬
‫الصالة من هللا رحمة‪ ،‬والصالة من المالئكة رفعة‪ ،‬ومن األمة متابعة ومحبة‪.‬‬

‫حكى عن الواسطى رحمة هللا عليه أنه قال‪ِ :‬‬


‫صل عليه بالوقار وال تجعل لها فى قلبك مقدار‪ ،‬سألت عبد الواحد‬
‫السيارى عن هذه اللفظة وكأنى استقبحتها فقال‪ :‬ال تجعل لصلواتك عليه فى قلبك مقدار تظن أنك تقضى به من حقه‬
‫شيئا بصلواتك عليه فإنك تقضى به من حق نفسك إذ حقه أجل من أن تقضيه أمته أجمع إذ هو فى صلوات هللا عليه‬ ‫ً‬
‫صُّلو َن َعَلى َّ‬
‫النِب ِي} فصلواتك عليه استجالب رحمة على نفسك به‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫بقوله‪ِ{ :‬إ َّن َّ‬
‫َّللاَ َو َمالَئ َكـتَ ُه ُي َ‬

‫سورة األحزاب (من اآلية ‪ 70‬الى اآلية ‪)70‬‬

‫َّللاَ َوُقوُلوْا َق ْوالً َس ِديداً‬


‫آمُنوْا اتَُّقوْا َّ‬
‫ين َ‬
‫ٰيأَي َّ ِ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬التقوى على أربعة أوجه‪ :‬للعامة تقوى الشرك وللخاصة تقوى المعاصى‪ ،‬وللخاص من‬
‫األولياء تقوى الشرك من األفعال‪ ،‬واألنبياء تقواهم منه إليه‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬القول السديد ما أريد به وجه هللا ال غيره‪.‬‬

‫سورة األحزاب (من اآلية ‪ 71‬الى اآلية ‪)71‬‬

‫َّللاَ َوَرُسوَل ُه َفَق ْد َف َاز َف ْو اًز َع ِظيماً‬


‫وب ُك ْم َو َمن ُي ِط ِع َّ‬ ‫ِ‬
‫َع َماَل ُك ْم َوَي ْغف ْر َل ُك ْم ُذُن َ‬
‫ي ِ‬
‫صل ْح َل ُك ْم أ ْ‬
‫ُْ‬

‫وب ُك ْم} [اآلية‪.]71 :‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬ي ِ‬


‫َع َماَل ُك ْم َوَي ْغف ْر َل ُك ْم ُذُن َ‬
‫صل ْح َل ُك ْم أ ْ‬
‫ُْ‬

‫َع َماَل ُك ْم‬ ‫قال سهل‪ :‬من وفقه هللا لصالح األعمال فذلك دليل على أنه مفور له ألن هللا عز وجل يقول‪{ :‬ي ِ‬
‫صل ْح َل ُك ْم أ ْ‬
‫ُْ‬
‫وب ُك ْم}‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َوَي ْغف ْر َل ُك ْم ُذُن َ‬

‫قال أبو عثمان رحمة هللا عليه‪ :‬فى ثالثة أشياء صحة النية والنشاط عند القيام إلى العمل وإخالصه من أنواع الرياء‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬يصلح لكم أعمالكم بقبولها منكم فإن صالح العمل فى قبوله‪.‬‬

‫َّللاَ َوَرُسوَل ُه َفَق ْد َف َاز َف ْو اًز َع ِظيماً} [اآلية‪.]71 :‬‬


‫{و َمن ُي ِط ِع َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم فى هذه اآلية‪ :‬هو أن يصلح باطنه وقلبه فإنهما موضع نظر الحق وتعميرهما بدوام التفكر ويصلح ظاهره‬
‫بالطاعات الظاهرة واتباع السنن فمن فعل هذا فقد فاز من وسواس الشيطان وهواجس النفس‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬تمام الفرائض باإلقبال على السنن والنوافل فمن قصر فى السنة لم تتم له فريضة وعما قليل تبلغ نوبة‬
‫{وَرُسوَل ُه} فى سننه وآدابه {َفَق ْد َف َاز َف ْو اًز َع ِظيماً} أى نجى‬ ‫{و َمن ُي ِط ِع َّ‬
‫َّللاَ} فى فرائضه َ‬ ‫التقصير إلى الفرائض‪ .‬قال هللا‪َ :‬‬
‫نجاة َبِينة‪.‬‬

‫سورة األحزاب (من اآلية ‪ 72‬الى اآلية ‪)72‬‬

‫َشَفْق َن ِم ْنها و َحمَلها ِ‬


‫ال َف َأب ْي َن أَن َي ْح ِمْلَن َها َوأ ْ‬
‫ض واْل ِجب ِ‬ ‫ِإَّنا عرضنا األَمان َة عَلى َّ ِ‬
‫ظُلوماً‬ ‫ان ِإَّن ُه َك َ‬
‫ان َ‬ ‫اإل ْن َس ُ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫الس َٰم َٰوت َواأل َْر ِ َ َ‬ ‫ََ ْ َ َ َ َ‬
‫َج ُهوالً‬

‫ض واْل ِجب ِ‬ ‫ِ‬


‫ال} [اآلية‪.]72 :‬‬ ‫الس َم َاوات َواأل َْر ِ َ َ‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّنا َع َر ْ‬
‫ضَنا األ ََم َان َة َعَلى َّ‬

‫قال بعضهم‪ :‬أداة أمانة الخلق وأداء أمانة الخالق‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬األمانة هى تحقيق التوحيد على سبيل التفريد‪.‬‬

‫قال الحسن البصرى‪ :‬رأيتهم وهللا قد اشتروا األمانة بأموالهم ووسعوا لها دورهم وضيقوا قبورهم وسمنوا براذينهم وأهزلوا‬
‫ذنبهم وأنصبوا أنفسهم إلى باب السلطان بالغدوة والرواح بالمطارق العتاق والعمائم الرقاق يتعرضون للبالء وهم من هللا‬
‫فى عافية ويبكى أحدهم على شماله ويأكل من غير ماله‪ ،‬ماله حرام وخدمته سخرة ثم إذا بلغت به اللكضة ونزلت به‬
‫بطنة يقول‪ :‬يا غالم ائتنا بشىء يهضم طعامنا أطعامك يهضم أم دينك معه يا لكع أين أنت من قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّنا‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َشَفْق َن ِم ْن َها} ألم يهمك إذن األمانة التى حملتها‬
‫ال َف َأب ْي َن أَن َي ْح ِمْلَن َها َوأ ْ‬
‫ض واْل ِجب ِ‬ ‫ِ‬
‫الس َم َاوات َواأل َْر ِ َ َ‬
‫ضَنا األ ََم َان َة َعَلى َّ‬
‫َع َر ْ‬
‫حتى اختلت‪ ،‬تنظر فى عطفيك‪ ،‬وتتبختر فى مشيتك‪ ،‬هيهات هيهات ما أبعدك عن طريق المتقين وأجهلك بسيرة‬
‫المؤمنين‪.‬‬

‫قال أبو بكر بن طاهر‪ :‬إن األمانة عرضت على السماوات واألرض فأبوا حملها وأشفقوا من ذلك وهربوا منها فلما‬
‫عرضت على آدم قال‪ :‬أحمل هذه األمانة بقوتى ونفسى أم بالحق؟ فقيل‪ :‬بل من يحملها يحملها بنا فإن ما منا ال‬
‫يحمل إال بنا‪ ،‬فحملها آدم‪.‬‬

‫ظُلوماً َج ُهوالً} [اآلية‪.]72 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّن ُه َك َ‬


‫ان َ‬

‫أحدا يطيق إتمامها بنفسه دون توفيق‬


‫شيئا‪ ،‬جهوالً بعظيم قدر األمانة وأن ً‬
‫أحدا يحمل بنفسه ً‬
‫ظلوما حيث ظن أن ً‬
‫ً‬ ‫قال‪:‬‬
‫ربه‪.‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬األمانات شتى على النفس أمانة وعلى القلب أمانة وعلى السر أمانة وعلى الفؤاد أمانة وعلى الروح‬
‫أمانة وفى العينين أمانة وفى اللسان أمانة وعلى السمع أمانة وعلى الرجلين أمانة وعلى اليدين أمانة فمن لم يراع‬
‫أمانة هللا عليه عنده ضيع أوقاته وخاب سعيه‪.‬‬

‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬إن هللا لما عرض على السماوات واألرض والجبال فأبوا حملها وعرضت على آدم فقبلها‬
‫فأبوا حين ظنوا أنهم بإياهم يحملون‪ ،‬وحملها آدم حين علم أنه به يحملها ال بنفسه‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬نظر آدم إلى عرض الحق فأنساه لذة العرض ثقل األمانة وشدتها فحمل بالعرض من غير النظر إلى‬
‫وقال ً‬
‫األمانة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ضَنا}‬
‫{ع َر ْ‬
‫أيضا‪ :‬أشفقت السماوات واألرض عن حمل األمانة لعظم خطرها وسهل على آدم قبولها وحملها قوله‪َ :‬‬
‫وقال ً‬
‫فتخصيص العرض حسر آدم على حمل األمانة‪ .‬وقال لو كانت مثل األمانة ألوف أمانات حملتها بعد أن يكون عن‬
‫عرضك حملها‪.‬‬

‫ظلوما لنفسه جهوالً بعاقبته‪.‬‬


‫ً‬ ‫ظُلوماً َج ُهوالً}‬
‫وقال‪ :‬فى قوله‪َ { :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬ظلم نفسه حيث لم يشفق مما أشفق منه السماوات واألرض‪.‬‬

‫َشَفْق َن ِم ْن َها}‬
‫ال َف َأب ْي َن أَن َي ْح ِمْلَن َها َوأ ْ‬
‫ض واْل ِجب ِ‬ ‫ِ‬
‫الس َم َاوات َواأل َْر ِ َ َ‬ ‫قال فارس عن الحسين فى قوله‪ِ{ :‬إَّنا َع َر ْ‬
‫ضَنا األ ََم َان َة َعَلى َّ‬
‫قال‪ :‬عرضت األمانة على الخالئق والجمادات‬

‫فأشفقوا وهربوا وظنوا أن األمانة تحمل بالنفوس وكشف آلدم أن حمل األمانة بالقلب ال بالنفس فقال‪ :‬أنا أقبلها فإن‬
‫القلب موضع نظر الحق واطالع الحق والجلية‪ ،‬لم تطقها الجبال وطاقتها القلوب‪ ،‬وأنشد فارس‪:‬‬

‫والقلب يحمل ما ال يحمل البدن‬ ‫حملتم القلب ما ال يحمـل البدن‬

‫عينـًا ألنظركم أم ليتنى أذن‬ ‫يا ليتنى كنت أدنى من يلوذ بكم‬

‫سورة سبأ (من اآلية ‪ 1‬الى اآلية ‪)1‬‬

‫يم اْل َخِب ُير‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اْلحمد ََّّللِ َّال ِذي َله ما ِفي َّ ِ‬
‫الس َم َٰٰوت َو َما في األ َْرض َوَل ُه اْل َح ْم ُد في اآلخ َرة َو ُهَو اْل َحك ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ُْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬المحمود من ال يربط عباده بشىء من األكوان قطع آمالكم عن الجميع لئال يشتغل به‬
‫ويكون اشتغالهم بمن له األكوان وما فيها‪ .‬قوله عز وعال‪{ :‬وَله اْلحم ُد ِفي ِ‬
‫اآلخ َرِة}‪ ،‬حيث لم يناقش فى المحاسبة مع‬ ‫َ ُ َْ‬
‫عباده وهو الحكيم فيما دبر والخبير بما عفى وستر‪.‬‬

‫قال القاسم‪ :‬حقيقة الحمد أن تكف عن اللغو وعن مدح الخلق وعما ال يعنيك‪.‬‬

‫سمعت أبا العباس محمد بن أحمد الفارسى يقول‪ :‬سمعت أحمد بن مزاحك يقول‪ :‬سمعت أبا بكر الوراق يقول‪ :‬ال‬
‫يكمل الحمد إالَّ بخالل ثالث‪ :‬محبة المنعم بالقلب وابتغاء مرضاته بالنية وقضاء حقه بالسعى‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬ال تعرض عمن كفاك أمر دنياك وأطعمك فى عقباك ولم يخلك فى حاله عن نظره وتواتر نعمه فالزم‬
‫شكره بقلبك وأدم حمده على لسانك تصل إلى محل الحامدين والشاكرين‪.‬‬

‫سورة سبأ (من اآلية ‪ 3‬الى اآلية ‪)3‬‬

‫الس َٰم َٰو ِت َوالَ ِفي‬


‫ال َذَّرٍة ِفي َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين َكَف ُروْا الَ تَأِْت َينا َّ‬ ‫وَق َّ ِ‬
‫اع ُة ُق ْل َبَل ٰى َوَربِي َلتَأْتَيَّن ُك ْم َعال ِم اْل َغ ْيب الَ َي ْع ُز ُب َع ْن ُه م ْثَق ُ‬
‫الس َ‬ ‫ال الذ َ‬
‫َ َ‬
‫اب ُّمِب ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض والَ أَص َغر من َذل َك والَ أَ ْكبر ِإال في كتَ ٍ‬
‫ين‬ ‫َ َُ‬ ‫األ َْر ِ َ ْ ُ‬
‫ِ‬
‫ات والَ ِفي األ َْر ِ‬
‫ض} [اآلية‪.]3 :‬‬ ‫ال َذَّرٍة ِفي َّ‬ ‫ِ‬
‫الس َم َاو َ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬الَ َي ْع ُز ُب َع ْن ُه م ْثَق ُ‬

‫شيئا هو أبداه‪.‬‬
‫قال الواسطى رحمة هللا عليه فى هذه اآلية‪ :‬كيف يخفى عليه ما أنشأه أم كيف يستعظم ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة سبأ (من اآلية ‪ 10‬الى اآلية ‪)10‬‬

‫الط ْي َر َوأََلَّنا َل ُه اْل َح ِد َيد‬


‫ٰجبال أ َِوبِي معه و َّ‬
‫ََ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫وَلَق ْد آتَينا داو ِ‬
‫ود مَّنا َف ْ‬
‫ضالً ي َ ُ‬ ‫َْ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫قوله عز وعال‪{ :‬وَلَق ْد آتَينا داو ِ‬
‫ود مَّنا َف ْ‬
‫ضالً} [اآلية‪.]10 :‬‬ ‫َْ َ ُ َ‬ ‫َ‬

‫قال فطنة ويقظة فى الرجوع إلى ربه عند العثرة وهى االستقالة والمعذرة‪.‬‬

‫ومطيعا‪.‬‬
‫ً‬ ‫وعاصيا‬
‫ً‬ ‫ومدبر‬
‫ًا‬ ‫خير من ربه مقبالً‬
‫علما أن ليس للعبد ًا‬
‫ضالً} أى ً‬
‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪َ { :‬ف ْ‬

‫قال جعفر فى قوله‪{ :‬وَلَق ْد آتَينا داو ِ‬


‫ود مَّنا َف ْ‬
‫ضالً} قال‪ :‬ثقة باهلل وتوكالً عليه‪.‬‬ ‫َْ َ ُ َ‬ ‫َ‬

‫قال النهرجورى‪ :‬حالوة صوته فى المناجاة‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الحكم بالفضل والقضاء بالعدل‪.‬‬

‫قال ابن خالل‪ :‬أفضل الفضل من هللا إلى عباده أن يعرفهم أقدارهم وأن يمكن لهم سبيل الرجوع اليه‪.‬‬

‫حبا للمساكين ورحمة على الضعفاء‪.‬‬


‫قال عبد العزيز‪ً :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة سبأ (من اآلية ‪ 13‬الى اآلية ‪)13‬‬

‫يل ِم ْن ِعَب ِاد َي‬‫ِ‬


‫ود ُش ْك اًر َوَقل ٌ‬
‫آل َد ُاو َ‬
‫اع َمُلوْا َ‬
‫اب وُقد ٍ ِ ٍ‬
‫ور َّراسَيات ْ‬ ‫ان َكاْل َج َو ِ َ ُ‬
‫يل َو ِجَف ٍ‬ ‫ِ‬ ‫يعمُلو َن َله ما ي َش ِ‬
‫آء من َّم َح ِار َ‬
‫يب َوتَ َماث َ‬ ‫ُ َ َ ُ‬ ‫َْ َ‬
‫ور‬ ‫َّ‬
‫الش ُك ُ‬

‫ود ُش ْك اًر} [اآلية‪.]13 :‬‬


‫آل َد ُاو َ‬
‫{اع َمُلوْا َ‬
‫قوله تعالى‪ْ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬اعملوا من األعمال ما تستوجبون عليه الشكر‪ .‬وقال ً‬


‫أيضا‪ :‬أظهروا شكر النعمة كظهور النعمة‬
‫عليكم‪.‬‬

‫وقال األنطاكى‪ :‬الشكر على وجوه منها شكر أهل المعاملة إذا أروا النعمة رأوها من المنعم وشكر العاصين طاعة‬
‫حمد باللسان وذكر النعم وشكر العارفين معرفة المنعم وهى درجة األنبياء‪.‬‬
‫باألبدان وشكر المطيعين ٌ‬

‫قال عبد العزيز المكى‪ :‬اذكروا نعمتى عليكم فإن ذكرها شكرها‪.‬‬

‫ود ُش ْك اًر}‪.‬‬
‫آل َد ُاو َ‬
‫{اع َمُلوْا َ‬
‫قال األنطاكى‪ :‬أصل الشكر الطاعة والتوبة والندم بالقلب قال هللا تعالى‪ْ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الشكر رؤية المنة من المنعم على دوام األحوال‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سئل الجنيد رحمة هللا عليه عن الشكر فقال‪ :‬بذل المجهود بين يدى هللا‪.‬‬

‫وقال رويم‪ :‬الشكر استفراغ الطاقة‪.‬‬

‫قال السرى رحمة هللا عليه‪ :‬الشكر القيام بين يدى هللا حتى يعجز فإن عجز فقد شكره‪.‬‬

‫ود ُش ْك اًر} قال‪ :‬ارحموا أهل البالء وسلوا ربكم العافية‪.‬‬


‫آل َد ُاو َ‬
‫{اع َمُلوْا َ‬
‫قال الفضيل‪ْ :‬‬

‫ور} [اآلية‪.]13 :‬‬ ‫يل ِم ْن ِعَب ِادي َّ‬‫قوله عز وعال‪ِ :‬‬


‫الش ُك ُ‬ ‫َ‬ ‫{وَقل ٌ‬
‫َ‬

‫ور} قال‪:‬‬ ‫يل ِم ْن ِعَب ِادي َّ‬‫سمعت محمد بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت ابن عطاء رحمة هللا عليه يقول‪ :‬فى قوله‪ِ :‬‬
‫الش ُك ُ‬ ‫َ‬ ‫{وَقل ٌ‬
‫َ‬
‫قليل من عبادى من يرى الطاعة من ًة منى عليه‪.‬‬

‫قال أبو حفص‪ :‬أخس العباد من يرى طاعته ويمن بها على مواله ويغفل عن محل التوفيق فيها وأنه أهَّله لعبادته‬
‫ور}‪.‬‬ ‫يل ِم ْن ِعَب ِادي َّ‬‫والقيام بخدمته أال ترى هللا يقول‪ِ :‬‬
‫الش ُك ُ‬ ‫َ‬ ‫{وَقل ٌ‬
‫َ‬

‫ور} هم على ثالث طبقات‪ :‬منهم من يكون شكره لغذاء النفس‪ ،‬ومنهم من‬ ‫يل ِم ْن ِعَب ِادي َّ‬‫وقيل‪ :‬فى قوله‪ِ :‬‬
‫الش ُك ُ‬ ‫َ‬ ‫{وَقل ٌ‬
‫َ‬
‫يكون شكره لغذاء الروح‪ ،‬ومنهم من يكون شكره لغذاء القلب‪ .‬فأما غذاء النفس فالمطعم والملبس والعافية‪ ،‬أما غذاء‬
‫الروح فالعلم والمعرفة والطاعة‪ ،‬فعليه الشكر وأما غذاء القلب فالمعرفة والرضا‪ ،‬فأبناء الدنيا شكرهم لغذاء أنفسهم‪،‬‬
‫وأبناء اآلخرة شكرهم لغذاء الروح وأصحاب القلوب شكرهم لغذاء قلوبهم لذلك روى عن النبى صلى هللا عليه وسلم أنه‬
‫قال‪" :‬من لم يعرف نعمة هللا عليه إال فى مطعمه وملبسه فقد َّ‬
‫صغر نعم هللا عنده‬

‫‪".‬‬

‫وشكار فالشاكر من يشكر هللا بنعمته والشكور من يشكر هللا بشكره و َّ‬
‫الشكار من‬ ‫وقال بعضهم‪ :‬هم ثالثة شاكر وشكور َّ‬
‫يشكر هللا به فاألول شكر النعمة والثانى شكر المنة والثالث شكر المعرفة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬الشاكر يكون صادًقا والشكور يكون مصدًقا والشكار يكون ِ‬
‫صديًقا‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الشاكر من العباد قليل والشكور من الشاكرين قليل والشكار من الشكور قليل‪.‬‬

‫سورة سبأ (من اآلية ‪ 12‬الى اآلية ‪)12‬‬

‫ط ِر و ِمن اْل ِج ِن من يعمل بين يدي ِه ِبِإ ْذ ِن رب ِ‬ ‫ِ‬


‫ِه َو َمن َي ِز ْ‬
‫غ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َ ُ َْ َ ََ ْ‬ ‫َسْلَنا َل ُه َع ْي َن اْلق ْ َ َ‬
‫اح َها َش ْهٌر َوأ َ‬
‫يح ُغ ُدُّو َها َش ْهٌر َوَرَو ُ‬ ‫الر َ‬‫ان ِ‬ ‫َولِ ُسَل ْي َم َ‬
‫الس ِع ِ‬
‫ير‬ ‫اب َّ‬ ‫ِم ْنهم َع ْن أَم ِرَنا ُن ِذ ْق ُه ِم ْن َع َذ ِ‬
‫ْ‬ ‫ُْ‬

‫اح َها َش ْهٌر} [اآلية‪.]12 :‬‬


‫{غ ُدُّو َها َش ْهٌر َوَرَو ُ‬
‫قوله تعالى‪ُ :‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬أظهر سلطانه فى سليمان َّ‬


‫وملكه الريح غدوها شهر ورواحها شهر‪.‬‬

‫سورة سبأ (من اآلية ‪ 23‬الى اآلية ‪)23‬‬

‫ُّك ْم َقاُلوْا اْل َح َّق َو ُهَو اْل َعلِ ُّي اْل َكِب ُير‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫ال َرب ُ‬ ‫ِ‬ ‫اع ُة ع َندهُ ِإال لِ َم ْن أَذ َن َل ُه َحتَّ ٰى ِإ َذا ُف ِز َ‬
‫ع َعن ُقُلوبِه ْم َقاُلوْا َما َذا َق َ‬
‫والَ تَ َنفع َّ‬
‫الشَف َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫اع ُة ِع َندهُ ِإالَّ لِ َم ْن أ َِذ َن َل ُه} [اآلية‪.]23 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬والَ تَ َنفع َّ‬
‫الشَف َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫اع ُة ِع َندهُ ِإالَّ لِ َم ْن أ َِذ َن َل ُه}‪.‬‬ ‫قال القحطانى‪ :‬قطع الحق الخلق عنه بقوله‪{ :‬والَ تَ َنفع َّ‬
‫الشَف َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫سورة سبأ (من اآلية ‪ 37‬الى اآلية ‪)37‬‬

‫ف ِب َما َع ِمُلوْا َو ُه ْم‬ ‫ومآ أَمواُل ُكم والَ أَوالَد ُكم ِب َّالِتي تَُق ِرب ُكم ِعندنا ُ ْزلَفى ِإالَّ من آمن وع ِمل صالِحاً َفأُوَلـِٰئك َلهم ج َزآء ِ‬
‫الضع ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ َ ُْ َ ُ‬ ‫َْ ََ َ َ َ َ‬ ‫ٰ‬ ‫ُ ْ ََ‬ ‫َ َ َْ ْ َ ْ ُ ْ‬
‫ات ِ‬
‫آمُنو َن‬ ‫ِفي اْل ُغرَف ِ‬
‫ُ‬

‫{و َمآ أ َْم َواُل ُك ْم َوالَ أ َْوالَ ُد ُك ْم ِب َّالِتي تَُق ِرُب ُك ْم ِع َندَنا ُ ْزلَف ٰى} [اآلية‪.]37 :‬‬
‫قوله عز ووعال‪َ :‬‬

‫قال سهل رحمة هللا عليه‪ :‬هو التقرب إلى هللا‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬من شغله عن الحق سبب فال طريق له إلى المسبب‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة سبأ (من اآلية ‪ 39‬الى اآلية ‪)39‬‬

‫الر ِازِق َ‬
‫ين‬ ‫آء ِم ْن ِعَب ِادِه َوَيْق ِد ُر َل ُه َو َمآ أ َ‬
‫َنفْقتُ ْم ِمن َش ْي ٍء َف ُهَو ُي ْخلُِف ُه َو ُهَو َخ ْي ُر َّ‬ ‫ُقل ِإ َّن ربِي يبس ُ ِ ق ِ‬
‫ط الرْز َ ل َمن َي َش ُ‬ ‫َ َْ ُ‬ ‫ْ‬

‫َنفْقتُ ْم ِمن َشي ٍء َف ُه َو ُي ْخلُِف ُه} [اآلية‪.]39 :‬‬


‫{و َمآ أ َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬
‫ْ‬

‫قال سهل‪ :‬الخلف على اإلنفاق واألنس بالعيش مع هللا والسرور به‪.‬‬

‫سورة سبأ (من اآلية ‪ 46‬الى اآلية ‪)46‬‬

‫احِب ُك ْم ِمن ِجَّن ٍة ِإ ْن ُهَو ِإالَّ َن ِذ ٌير َّل ُك ْم َب ْي َن َي َد ْي‬


‫اح َد ٍة أَن تَُقوموْا ََِّّللِ م ْثَن ٰى وُفرَاد ٰى ثُ َّم تَتََف َّكروْا ما ِبص ِ‬
‫ُ َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ‬
‫ظ ُكم ِبو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُق ْل إَّن َمآ أَع ُ ْ َ‬
‫اب َش ِد ٍيد‬
‫َع َذ ٍ‬

‫وموْا ََِّّللِ َم ْثَن ٰى َوُف َرَاد ٰى} [اآلية‪.]46 :‬‬ ‫َع ُ ِ ِ ٍ‬


‫ظ ُك ْم ب َواح َدة أَن تَُق ُ‬
‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّنمآ أ ِ‬
‫َ‬

‫وقال سهل‪ :‬يرجع الحساب يوم القيامة إلى أربعة وهو الصدق فى األقوال واإلخالص فى األعمال واالستقامة مع هللا‬
‫فى جميع األحوال ومراقبة هللا على كل حال‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة فاطر (من اآلية ‪ 1‬الى اآلية ‪)1‬‬

‫آء ِإ َّن‬ ‫اع ِل اْلمالَِئ َك ِة رسالً أُولِي أَجِنح ٍة َّم ْثَنى وثُالَ َث ورب ِ ِ‬
‫ضج ِ‬ ‫اط ِر َّ ِ‬ ‫اْلحمد ََّّللِ َف ِ‬
‫ِ‬
‫اع َيز ُيد في اْل َخْلق َما َي َش ُ‬
‫َ َُ َ‬ ‫ٰ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُُ ْ‬ ‫َ‬ ‫الس َٰم َٰوت َواأل َْر ِ َ‬ ‫َ ُْ‬
‫َّللاَ َعَل ٰى ُك ِل َشي ٍء َق ِد ٌير‬
‫َّ‬
‫ْ‬
‫اع ِل اْل َمالَِئ َك ِة ُرُسالً} [اآلية‪.]1 :‬‬
‫ضج ِ‬ ‫ِ‬
‫الس َم َاوات َواأل َْر ِ َ‬
‫قوله عز وجل‪{ :‬اْلحمد ََّّللِ َف ِ‬
‫اط ِر َّ‬ ‫َ ُْ‬

‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬الذى جعل ما أنعم على عباده من أنواع نعمه دليالً هاديا إلى معرفته فقال‪َ{ :‬ف ِ‬
‫اط ِر‬ ‫ً‬
‫ض} لتستدل بأن من فطرهما هو فاطر ما فيهما فتستغنى بعلمك بفطرته األشياء أجمع عن الرجوع إلى‬ ‫ِ‬
‫ات واأل َْر ِ‬
‫الس َم َاو َ‬
‫َّ‬
‫غيره فى سبب من األسباب‪.‬‬

‫آء} [اآلية‪.]1 :‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ ِ :‬‬


‫{يز ُيد في اْل َخْلق َما َي َش ُ‬
‫َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬حسن المعرفة باهلل وحسن اإلقبال عليه وحسن المراقبة له والمشاهدة إياه‪ .‬فقال جعفر‪ :‬صحة النحيرة‪،‬‬
‫وقوة البصيرة‪.‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬الفهم عن هللا واإلقبال عليه‪.‬‬

‫آء} التواضع فى‬ ‫ِ‬ ‫قال بعضهم‪{ :‬ي ِزيد ِفي اْل َخْل ِق ما ي َشآء} محبة فى قلوب المؤمنين‪ ،‬وقيل‪ِ ِ :‬‬
‫{يز ُيد في اْل َخْلق َما َي َش ُ‬
‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫االعتراف والسخاء فى األغنياء والتعفف فى الفقراء والصدق فى المؤمنين والشوق فى المحبين والوله فى المشتاقين‬
‫والمعرفة فى الوالهين والفناء فى العارفين‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة فاطر (من اآلية ‪ 2‬الى اآلية ‪)2‬‬

‫يم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َّما يْفتَ ِح َّ ِ َّ ِ ِ‬
‫َّللاُ للناس من َّر ْح َمة َفالَ ُم ْمس َك َل َها َو َما ُي ْمس ْك َفالَ ُم ْرس َل َل ُه من َب ْعده َو ُهَو اْل َعز ُيز اْل َحك ُ‬ ‫َ‬

‫اس ِمن َّر ْح َم ٍة} [اآلية‪.]2 :‬‬


‫َّللاُ لِ َّلن ِ‬
‫{ما َيْفتَ ِح َّ‬
‫قوله تعالى‪َّ :‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬ما يفتح هللا لقلوب أولياءه من القربى واإلحسان واألنس لو اجتمع الخلق كلهم على أن يمسكوه عن‬
‫ذلك لعجزوا عنه وما أمسكوا‪ ،‬ومن أغلق هللا قلوبهم عن اإلنابة إليه والقرب منه فلو اجتمع الناس على أن يفتحوه ما‬
‫قدروا على ذلك وعجزوا عنه‪.‬‬

‫سورة فاطر (من اآلية ‪ 3‬الى اآلية ‪)3‬‬

‫ض الَ ِإَلـ َٰه ِإالَّ ُه َو َفأََّن ٰى تُ ْؤَف ُكو َن‬


‫السم ِآء واألَْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّللاِ عَلي ُكم هل ِمن خالِ ٍق غير َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّها َّ‬
‫َّللا َي ْرُزُق ُك ْم م َن َّ َ َ‬ ‫َ ُْ‬ ‫اس ا ْذ ُك ُروْا ن ْع َم َت َّ َ ْ ْ َ ْ ْ َ‬
‫الن ُ‬ ‫ٰيأَي َ‬

‫َّللاِ} [اآلية‪.]3 :‬‬


‫{ه ْل ِم ْن َخالِ ٍق َغ ْي ُر َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬من علم أنه ال رازق للعباد غيره ثم يتعلق قلبه باألسباب فهو من المبعدين عن طريق‬
‫الحقائق‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال القاسم‪ :‬يرزقكم من السماء الهداية‪ ،‬ومن األرض أسباب الغذاء والحفظ والبقاء‪.‬‬

‫سورة فاطر (من اآلية ‪ 6‬الى اآلية ‪)6‬‬

‫الس ِع ِ‬
‫ير‬ ‫ونوْا ِم ْن أَصح ِ‬
‫اب َّ‬ ‫ْ َ‬ ‫ان َل ُك ْم َع ُدٌّو َفاتَّ ِخ ُذوهُ َع ُدواً ِإَّن َما َي ْد ُعوْا ِح ْزَب ُه لَِي ُك ُ‬
‫طَ‬ ‫ِإ َّن َّ‬
‫الش ْي َ‬

‫ان َل ُك ْم َع ُدٌّو َفاتَّ ِخ ُذوهُ َع ُدواً} [اآلية‪.]6 :‬‬


‫طَ‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن َّ‬
‫الش ْي َ‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪َ { :‬فاتَّ ِخ ُذوهُ َع ُدواً} بما نصركم عليه واحذروا أن يغلبكم فإنه إنما يدعو حزبه‪ ،‬وحزبه هم‬
‫الراكنون إلى الدنيا والمحبون لها والمفتخرون بها‪.‬‬

‫ان َل ُك ْم َع ُدٌّو َفاتَّ ِخ ُذوهُ َع ُدواً} [قال]‪ :‬كأنه‬


‫طَ‬ ‫وقالت رابعة رحمة هللا عليها‪ :‬أرجى آية فى كتاب هللا عندى {ِإ َّن َّ‬
‫الش ْي َ‬
‫حبيبا‪.‬‬
‫يخاطبنا فيقول‪ :‬أنا حبيبكم فاتخذونى ً‬

‫الس ِع ِ‬
‫ير} [اآلية‪.]6 :‬‬ ‫ونوْا ِم ْن أَصح ِ‬
‫اب َّ‬ ‫ْ َ‬ ‫قوله عز وعال‪ِ{ :‬إَّن َما َي ْد ُعوْا ِح ْزَب ُه لَِي ُك ُ‬

‫قال سهل رحمة هللا عليه‪ :‬حزبه أهل البدع والضالالت واألهواء الفاسدة والسامعين ذلك عن قائلها‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬حذرهم حزبه ومتابعة وأمر بطرده بضياء المبادرة فى العهود‪ ،‬وحفظ الحدود‪ ،‬ورعاية‬
‫الود‪ ،‬يطرد الوسواس كما أن ضياء النهار يطرد الكالب من المجالس‪ .‬وأنشد‪:‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ونام عنها تولى رعيها األسد‬ ‫غنما فى أرض مسبعة‬
‫ومن رعى ً‬

‫سورة فاطر (من اآلية ‪ 10‬الى اآلية ‪)10‬‬

‫الصالِح يرَفعه و َّال ِذين يم ُكرون َّ ِ‬ ‫من َكان ي ِريد اْل ِعَّزة َفلَِّل ِه اْل ِعَّزة ج ِميعاً ِإَلي ِه يصعد اْل َكلِم َّ‬
‫السِيَئات َل ُه ْم َع َذ ٌ‬
‫اب‬ ‫الطِي ُب َواْل َع َم ُل َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ ْ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ ْ َُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫َ‬
‫ور‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َشد ٌيد َو َم ْك ُر أ ُْوَلئ َك ُه َو َيُب ُ‬

‫الصالِ ُح َي ْرَف ُع ُه} [اآلية‪.]10 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَلي ِه يصعد اْل َكلِم َّ‬
‫الطِي ُب َواْل َع َم ُل َّ‬ ‫ْ َ ْ َُ ُ‬

‫قال سهل رحمه هللا‪ :‬العمل ظاهر الدعاء والصدقة‪ ،‬وباطنه عمل بالعلم واالقتداء بالسنة يرفعه أو يوصله لإلخالص‪.‬‬

‫الصالِ ُح} يرفع الكالم الطيب‪.‬‬ ‫وقال ابن طاهر بن أبى بكر‪ِ{ :‬إَلي ِه يصعد اْل َكلِم َّ‬
‫الطِي ُب َواْل َع َم ُل َّ‬ ‫ْ َ ْ َُ ُ‬

‫سورة فاطر (من اآلية ‪ 15‬الى اآلية ‪)15‬‬

‫َّللاِ َو َّ‬
‫َّللاُ ُه َو اْل َغِن ُّي اْل َح ِم ُيد‬ ‫آء ِإَلى َّ‬
‫اس أَنتُ ُم اْلُفَق َر ُ‬
‫ُّها َّ‬
‫الن ُ‬ ‫ٰيأَي َ‬

‫َّللاِ} [اآلية‪.]15 :‬‬


‫آء ِإَلى َّ‬
‫اس أَنتُ ُم اْلُفَق َر ُ‬
‫ُّها َّ‬
‫الن ُ‬ ‫قوله تعالى‪ٰ { :‬يأَي َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال سهل‪ :‬لما خلق هللا تعالى الخلق حكم لنفسه بالغناء ولهم بالفقر فمن ادعى الغناء ُحجب عن هللا‪ ،‬ومن أظهر فقره‬
‫إلى هللا أوصل فقره بغنائه ويصح إظهار الفقر فى ثالثة‪ ،‬فقرهم القديم‪ ،‬وفقرهم فى حالهم‪ ،‬وفقرهم فى موت أنفسهم من‬
‫تدبيرهم‪ ،‬ومن لم يكن كذا فهو مد ٍع فى فقره‪.‬‬

‫قال يحيى بن معاذ‪ :‬الفقر خير للعبد من الغنى ألن المذلة فى الفقر والكبر مع الغنى‪ ،‬والرجوع إلى هللا بالتواضع‬
‫والذلة خير من الرجوع إليه بتكثير األعمال‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬من استغنى باهلل ال يفتقر‪ ،‬ومن َّ‬
‫تعزز باهلل ال يذل‪.‬‬

‫قال الحسين‪ :‬على مقدار افتقار العبد إلى هللا يكون غناه باهلل فى كل شىء والفقر إليه فى كل شىء والرجوع إليه فى‬
‫كل شىء‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬أفقر الفقراء من ستر الحق حقيقة حقه والغنى من كاشف الحق حقيقة حقه له‪.‬‬

‫ومنقطعا إليه من غيره‬


‫ً‬ ‫مفتقر إليه بالسر‬
‫ًا‬ ‫قال سهل رحمة هللا عليه‪ :‬أنتم الفقراء إليه فى كل نفس‪ ،‬ينبغى للعبد أن يكون‬
‫حتى تكون عبوديته محضة‪ ،‬والعبودية هى الفقر والذل والخضوع‪.‬‬

‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬قد عجزت عن علم العبودية كيف تدرك علم الربوبية‪ ،‬والربوبية‪ :‬العلم والقدرة والقهر‪،‬‬
‫والمشيئة‪ ،‬والعبودية العجز والفاقة والضعف والضرورة وال يستطيع أن يدفع الضرورة من ضعفه ومن عجزه‪ ،‬وال يقدر‬
‫على دفع فاقته‪.‬‬

‫قال ذو النون رحمة هللا عليه‪ :‬الخلق محتاجون إليه فى كل نفس وخطرة ولحظة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سمعت يوسف بن إسماعيل يقول‪ :‬سمعت أبا بكر بن إسحاق يقول‪ :‬سمعت الجنيد رحمة هللا عليه يقول‪ :‬رأيت محمد‬
‫بن عبد الوهاب فقال لى‪ :‬يا أبا القاسم أيش أنت فقلت أنا الفقير فقال الفقر سر هللا ال يودعه من يظهره قلت‪ :‬وكيف‬
‫ذا يا سيدى؟ قال‪ :‬ألن هللا تعالى كفى أولياءه وأغناهم به‪.‬‬

‫وقال الجوزجانى‪ :‬الفقر والفاقة دار العصمة وبابها معرفة المنة‪.‬‬

‫وقال الشبلى‪ :‬الفقر بحر البالء وبالؤه كله عز‪ .‬وقال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬خلق الخلق وأفقره إليه بغناه عنهم فقال‪:‬‬
‫َّللاُ ُه َو اْل َغِن ُّي اْل َح ِم ُيد} دليل على أن فقر كل شىء إليه فإنه غنى عن األشياء أجمع‪.‬‬
‫{و َّ‬ ‫{أَنتم اْلُفَقرآء ِإَلى َّ ِ‬
‫َّللا} ثم قال‪َ :‬‬ ‫ُُ َ ُ‬

‫سمعت عبد الواحد بن بكر يقول‪ :‬سمعت القناد يقول‪ :‬سمعت الجنيد رحمة هللا عليهم يقول‪ :‬وقد سئل عن االفتقار الى‬
‫هللا أتم أم االستغناء به؟ فقال‪ :‬إذا صح االفتقار الى هللا كمل الغنى باهلل‪ ،‬وال يقال أيهما أتم ألنهما حاالن ال يتم‬
‫أحدهما إالَّ باآلخر فمن صح له االفتقار إليه صح له الغنى به‪.‬‬

‫وسمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت الجرير يقول‪ :‬سمعت الجنيد رحمة هللا عليه وعليهم يقول فى قوله‪{ :‬أَنتُ ُم‬
‫َّللاِ} فقال‪ :‬الفقر يليق بالعبودية والغنى يليق بالعبودية‪.‬‬
‫آء ِإَلى َّ‬
‫اْلُفَق َر ُ‬

‫وقال سعد‪ :‬الفقير الصادق ال يسأل وال يدخر وال يحبس‪.‬‬

‫سئل الخواص ما عالمة الفقر الصادق؟ قال‪ :‬ترك الشكوى وإخفاء أثر البلوى‪ .‬وسئل رويم عن الفقر؟ فقال‪ :‬عدم كل‬
‫موجود ويكون فى األشياء دخوله لغيره ال له‪.‬‬

‫سمعت أبا الفرج يقول‪ :‬سمعت إبراهيم بن أحمد السياجى يقول‪ :‬سمعت محمد بن الحسين الخطيب يقول‪ :‬سمعت‬
‫العباس بن عبد العظيم يقول‪ :‬سمعت بشر بن الحارث يقول‪ :‬الفقر مخزون مكنون للمؤمن مثل الشهادة ال ينالها إالَّ‬

‫من أحبه هللا من عباده‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال أبو سعيد الخراز‪ :‬حقيقة الفقر أخذ شىء منه واختيار القليل على الكثير عند الحاجة‪ .‬وقيل‪ :‬إلبراهيم بن أدهم‬
‫رحمة هللا عليه ما الذى ورثك الدخول فى الفقر؟ قال‪ :‬الصبر عليه‪.‬‬

‫قال عمرو المكى‪ :‬الفقر ظاهرة ظاهر البلوى وباطنه باطن النعمة وقد وقع عليه كريم الوعد بالجزاء فوجب على العبد‬
‫إظهار ما بطن من النعمة وإخفاء ما ظهر من البلوى‪.‬‬

‫سورة فاطر (من اآلية ‪ 28‬الى اآلية ‪)28‬‬

‫َّللاَ ِم ْن ِعَب ِادِه اْل ُعَل َما ُء ِإ َّن َّ‬


‫َّللاَ َع ِز ٌيز َغُف ٌ‬
‫ور‬ ‫ف أَْل َو ُان ُه َك َذلِ َك ِإَّن َما َي ْخ َشى َّ‬ ‫ِ‬ ‫الدو ِ‬
‫آب َواأل َْن َعا ِم ُم ْخَتل ٌ‬ ‫و ِم َن َّ ِ‬
‫الناس َو َّ َ‬ ‫َ‬

‫اء} [اآلية‪.]28 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّنما يخ َشى َّ ِ ِ ِ ِ‬


‫َّللاَ م ْن عَباده اْل ُعَل َم ُ‬ ‫َ َْ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬الخشية أتم من الخوف ألنه صفة العلماء واألولياء‪.‬‬

‫قال جعفر‪ :‬خشية العلماء من ترك الحرمة فى العبادات وترك الحرمة فى اإلخبار عن الحق وترك الحرمة فى متابعة‬
‫الرسول وترك الحرمة فى خدمة األولياء والصديقين‪.‬‬

‫قال النصرآباذى‪ :‬خشية العلماء من االنبساط فى الدعاء والسؤال‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الواسطى رحمة هللا عليه أرحم الناس العلماء لخشيتهم من هللا وإشفاقهم بما علمهم هللا‪.‬‬

‫وقال الحارث‪ :‬العلم يورث الخشية والزهد يورث الراحة‪ ،‬والمعرفة تورث اإلنابة‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬أوائل الخشية العلم ثم اإلجالل ثم التعظيم ثم‬

‫الهيبة‪ ،‬ثم الفناء‪ ،‬فإذا فنيت هربت حتى نسيت أفعالها‪.‬‬

‫سورة فاطر (من اآلية ‪ 32‬الى اآلية ‪)32‬‬

‫َّللاِ َذلِ َك ُهَو‬ ‫َ ُ ْ َ ٌ َ َْ‬


‫ظالِم لِنْف ِس ِه و ِم ْنهم ُّمْقتَ ِ‬
‫صٌد و ِم ْنهم ساِبق ِباْلخير ِ‬
‫ات ِبِإ ُذ ِن َّ‬ ‫َ ُْ‬
‫ثُ َّم أَورْثنا اْل ِكتَاب َّال ِذين اص َ ِ ِ ِ ِ‬
‫طَف ْيَنا م ْن عَبادَنا َفم ْن ُه ْم َ ٌ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ‬
‫ض ُل اْل َكِب ُير‬
‫اْلَف ْ‬
‫ظالِم لِنْف ِس ِه و ِم ْنهم ُّمْقتَ ِ‬
‫صٌد و ِم ْنهم ساِبق ِباْلخير ِ‬
‫ات ِبِإ ُذ ِن‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬ثُ َّم أَورْثنا اْل ِكتَاب َّال ِذين اص َ ِ ِ ِ ِ‬
‫َ ُ ْ َ ٌ َ َْ‬ ‫َ ُْ‬ ‫طَف ْيَنا م ْن عَبادَنا َفم ْن ُه ْم َ ٌ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ‬
‫َّللاِ} [اآلية‪.]32 :‬‬
‫َّ‬

‫قال الحسن البصرى رحمة هللا عليه‪ :‬السابق من رجحت حسناته‪ ،‬والمقتصد من‬

‫استوت حسناته وسيئاتة‪ ،‬والظالم الذى ترجح سيئاته‪.‬‬

‫ظالِ ٌم ِلَنْف ِس ِه} فرق المؤمنين ثالث فرق سماهم مؤمنين أوالً‪ ،‬عبادنا‪:‬‬
‫وقال جعفر الصادق رحمة هللا عليه‪َ { :‬ف ِم ْن ُه ْم َ‬
‫طَف ْيَنا} جعلهم كلهم أصفياء مع علمه بتفاوت معامالتهم ثم جمعهم‬ ‫{اص َ‬ ‫وكرما ثم قال‪ْ :‬‬ ‫ً‬ ‫أضافهم إلى نفسه تفضالً منه‬
‫إخبار أنه ال يتقرب إليه إالَّ‬
‫ًا‬ ‫ات َع ْد ٍن َي ْد ُخُل َ‬
‫ون َها} [اآلية‪ ،]33 :‬ثم بدأ بالظالمين‬ ‫{جَّن ُ‬
‫فى آخر اآلية بدخول الجنة فقال‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫بصرف كرمه وأن الظلم ال يؤثر فى االصطفائية ثم ثنى بالمقتصدين ألنهم بين الخوف والرجاء‪ .‬ثم ختم بالسابقين‬
‫ألن ال يأمن أحد مكره‪ ،‬وكلهم فى الجنة لحرمة كلمة اإلخالص‪.‬‬

‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬لما ذكر الميراث على أن الخلق فيه خاص وعام وأن‬

‫نسبا فتصحيح النسبة هو األصل‪ .‬قال‪ :‬الظالم الذى يحبه لنفسه‪ ،‬والمقتصد الذى يحبه‬
‫الميراث لمن هو أقرب وأصح ً‬
‫له والسابق أسقط عنه مراده لمراد الحق فيه فال يرى لنفسه ً‬
‫طلبا وال مرًادا لغلبة سلطان الحق عليه‪.‬‬

‫طَف ْيَنا ِم ْن ِعَب ِادَنا} على ماذا عطف بقوله ثم؟ قال‪ :‬عطف على‬
‫اص َ‬
‫ين ْ‬
‫سئل الثورى عن قوله‪{ :‬ثُ َّم أَورْثنا اْل ِكتَ َّ ِ‬
‫اب الذ َ‬
‫َ‬ ‫َْ َ‬
‫إرادة األزل واألمر المقضى‪ ،‬قال‪ :‬ثم أورثنا من الخلق الذين سبقت لهم منا االصطفائية فى األزل‪.‬‬

‫وقال عبد العزيز المكى‪ :‬المغفرة للظالمين والرحمة على المقتصدين والقربى للسابقين‪.‬‬

‫وقال حارث المحاسبى‪ :‬الظالم نظر من نفسه فى دنياه وآخرته فيقول فى دنياه وآخرته نفسى نفسى والمقتصد نظر من‬
‫نفسه إلى عقباه وهو فى اآلخرة ناظر إلى مواله‪ ،‬والسابق من نظر من هللا إلى هللا فلم ير غير هللا فى دنياه وعقباه‪.‬‬

‫وقال أبو الحسن الفارسى‪ :‬سبحان من أثبت أسامى الظالمين فى ديوان السابقين ثم جمع بينهم فى محل اإلرث فقال‪:‬‬
‫عبادا مخصوصين فسوى بينهم أن‬ ‫ات َع ْد ٍن َي ْد ُخُل َ‬
‫ون َها} وإن هللا اصطفى جملة الموحدين من جملة الكافرين فكانوا ً‬ ‫{جَّن ُ‬
‫َ‬
‫ال يعتمد السابق على سبقه وال ييأس الظالم من ظلمه‪.‬‬

‫اب‪ }...‬اآلية‪ ،‬قال‪ :‬فيه تعزية وتهنئة وما من تعزية إالَّ وتحتها تهنئة وال تهنئة إالَّ وتحتها‬ ‫ِ‬
‫وقيل فى قوله‪{ :‬ثُ َّم أ َْوَرْثَنا اْلكتَ َ‬
‫ظالِ ٌم لَِنْف ِس ِه} كان ذلك تهنئة له وتعزية للظالم‪ ،‬ثم ذكر السابق بالخيرات وفى ذلك تهنئة له‬
‫تعزية فلما قال‪َ { :‬ف ِم ْن ُه ْم َ‬
‫الساِبُقو َن أ ُْوَلـِٰئ َك اْل ُمَقَّرُبو َن} [الواقعة‪ ]11-10 :‬والظالم لنفسه افتقر إلى‬
‫الساِبُقو َن َّ‬
‫وتعزية للمقتصد ألن هللا يقول‪َ { :‬و َّ‬
‫حال‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫المقتصد والمقتصد لم يفتقر إلى حال الظالم لنفسه والمقتصد افتقر إلى حال السابق والسابق لم يفتقر إلى حال‬
‫المقت صد ألن من نال أعلى المراتب فقد جاز ما دونه والمقتصد قد جاز مرتبة الظالم لنفسه ونال ما هو أعلى منه‬
‫والسابق قد جاز مرتبة المقتصد ونال أعلى منها فال يفتقر إلى ما هو دونها‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الظالم هو طالب الدنيا‪ ،‬والمقتصد طالب العقبى‪ ،‬والصادق طالب‬

‫المولى‪.‬‬

‫قال الحسين‪ :‬الظالم الباقى مع حاله والمقتصد الفانى فى حاله والسابق المستغرق فى فناء حاله‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الظالم محجوب بالغفلة والمقتصد واقف فى طلب الثواب والسابق ٍ‬
‫فان فى رؤية الصفات‪.‬‬

‫اب} قال‪ :‬ال ميراث إالَّ عن نسبة صحح النسبة ثم َّادعى المي ارث‪.‬‬ ‫ِ‬
‫قال النصرآباذى فى قوله‪{ :‬ثُ َّم أ َْوَرْثَنا اْلكتَ َ‬

‫وك ٌّل فهم على قدره والظالم‬


‫أيضا‪ :‬ميراث الكتاب الذين فهموا عن هللا كتابه ُ‬
‫وقال ً‬

‫فهم منه محل المعرفة والثواب والعقاب والمقتصد فهم محل الجزاء واإلعراض والجنان والسابق استرقه التلذذ بالخطاب‬
‫عن أن يرجع منه إلى شىء سواه‪.‬‬

‫قال بعضه م‪ :‬الظالم نظر من النعمة إلى المنعم والمقتصد نظر من المنعم إلى النعمة‪ ،‬والسابق نظر من المنعم إلى‬
‫شيئا سواه أو يشهد غيره‪.‬‬
‫المنعم لم يكن منه فضالً أن يالحظ ً‬

‫اب‪ }...‬اآلية‪ .‬قال الظالم مضروب بسوط مقتول بسيف‬ ‫ِ‬


‫قال أبو يزيد ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬فى قوله {ثُ َّم أ َْوَرْثَنا اْلكتَ َ‬
‫الحرص مضطجع على باب الرجاء والمقتصد مضروب بسوط الحسوة مقتول بسيف الندامة مضطجع على باب‬
‫الكرامة والسابق مضروب بسوط المحبة مقتول بسيف الشوق مضطجع على باب الهيبة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال بعضهم‪ :‬اإلسالم للظالمين واإليمان للمقتصدين واإلحسان للسابقين‪.‬‬

‫وقال محمد بن على اإليمان للظالمين والمعرفة للمقتصدين والحقيقة للسابقين‪.‬‬

‫وقال أبو يزيد رحمة هللا عليه الظالم فى ميدان العلم والمقتصد فى ميدان المعرفة‬

‫والسابق فى ميدان الوجد‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬العبادة غاية الظلم لنفسه والعبودية غاية المقتصدين ونهايتهم والعبودية تحقيق ومشاهدة للسابقين‪.‬‬

‫قال ابن عطاء ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬الظالم معذور والمقتصد معاتب والسابق ناج‬

‫مقرب‪.‬‬
‫َّ‬

‫قال الجنيد ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬الظالم مضروب بسوط الغفلة مقتول بسيف األمل‬

‫مطروح على باب الرحمة والمشيئة‪ ،‬والمقتصد مضروب بسوط الندامة مقتول بسيف الحسرة مطروح على باب الفقر‬
‫والسابق مضروب بسوط المحبة مقتول بسيف الشوق مطروح على باب المشاهدة والبشرى واللقاء‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬قدم الظالم كى ال ييأس من فضله‪ .‬وقال‪ :‬السابق مقدم بسبقه لكن‬

‫أظهر لطفه وكرمه بتقديم الظالم ليعرفوا كرمه ويرجعوا إليه‪.‬‬

‫قال الجنيد ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬الظالم لنفسه وهو على وجهين أحدهما يظلم نفسه فيحرمها حظها من الدنيا وظالم‬
‫لنفسه يحرمها حظها من اآلخرة فالظالم لنفسه الذى يحرمها حظها من الشهوات واإلرادات من حظوظ الدنيا وظالم‬
‫لنفسه بأن حرمها شهوة اآلخرة حتى ال يطلب الجنة والثواب ألجل نفسه فإن كليهما من حظوظ النفس بل طلب ربه‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫على غير حظ للنفس فيه فهذا الظالم على هذا المعنى مقدم على المقتصد والسابق فإن المقتصد والسابق طالبان‬
‫حظوظهما وواقعان مع أنفسهما ذا واقف مع نفسه وذا واقف مع اقتصاده وهذا ظلم نفسه وأفناها ومنعها حظوظها فهو‬
‫ٍ‬
‫فان عن حظوظه فلذلك يسبق السابقين‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬يحتاج قائل كلمة التوحيد إلى ثالثة أنوار‪ :‬نور الهداية ونور الكفاية ونور الرعاية والعناية فمن َمن هللا‬
‫عليه بأنوار الهداية فهو معصوم من الشرك والنفاق ومن َمن عليه بأنوار الكفاية فهو معصوم من الكبائر والفواحش‬
‫ومن َمن هللا عيه بأنوار الرعاية والعناية فهو محفوظ من الخطرات الفاسدة والحركات التى هى ألهل الغفالت فالنور‬
‫األول للظالم والنور الثانى للمقتصد والنور الثالث للسابق‪.‬‬

‫سمعت النصرآباذى يقول‪ :‬القرب من الدرجات العلى والمقامات األرفع باإلرث‬

‫واإلرث بصحة النسب فمن صح النسبة وجد الميراث وال يأخذ ميراث الحق إال من نسبه الحق وإلى الحق دون‬
‫األنساب والوسايط‪ ،‬روى عن النبى صلى هللا عليه وسلم أنه قال‪" :‬يقول هللا عز وجل‪ :‬اليوم أرفع نسبى وأضع نسبكم‪،‬‬
‫أين المتقون؟‬

‫‪".‬‬

‫آن}‬
‫اْلُق ْر َ‬ ‫{الر ْح َمـ ُٰن َعَّل َم‬
‫علما حين َعَّلمهم بنفسه فقال‪َّ :‬‬
‫اب} أورثهم ً‬
‫ِ‬
‫قال الواسطى ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪{ :-‬أ َْوَرْثَنا اْلكتَ َ‬
‫[الرحمن‪.]2-1 :‬‬

‫قال القاسم فى هذه اآلية‪ :‬ليس كل من اصطفيناه لمعنى يتم له المعانى أجمع إال أن يتم له ذلك فيتم له أالَ تراه يقول‪:‬‬
‫ظالِ ٌم لَِنْف ِس ِه} فهو من االصطفائية على‬
‫{ َف ِم ْن ُه ْم َ‬

‫الطرف‪.‬‬

‫ظالِ ٌم لَِنْف ِس ِه} قال‪ :‬المكلف لها ما ال تطيق من‬


‫أيضا‪ :‬فى هذه اآلية { َف ِم ْن ُه ْم َ‬
‫قال ً‬

‫الطاعة يعنى ما فوق الطاعة من الطاعة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال‪( :‬المقتصد) المتوسط فى الفعل (والسابق) هو الفاعل بال احتباء وال عدد فالظالم ها هنا محمود وإن كان اللفظ‬
‫مذموما‪.‬‬
‫ً‬ ‫فيه‬

‫اب} أى أبقينا بركة الكتاب على ما أنزلناه عليهم وهم المصطفون لم يحرم الظالم بركة‬ ‫ِ‬
‫قال القاسم‪ :‬فى قوله {أ َْوَرْثَنا اْلكتَ َ‬
‫كل نال منه حظه فالمحروم من حرم حظه منه أجمع‪.‬‬ ‫الكتاب لظلمه وال المقتصد وال السابق ٌ‬

‫ظالِ ٌم لَِنْف ِس ِه} قال‪ :‬الناس على ثالثة أثالث فى‬


‫قال القاسم فى قوله‪َ { :‬ف ِم ْن ُه ْم َ‬

‫الدنيا إما فى الحسنات وإما فى السيئات وإما فى الشهوات وفى اآلخرة إما فى الدرجات وإما فى الدركات وإما فى‬
‫الحسبانات فمن كان فى الدنيا فى الحسنات فهو فى اآلخرة فى الدرجات ومن كان فى الدنيا فى السيئات فهو فى‬
‫اآلخرة فى الدركات ومن كان فى الدنيا فى الشهوات فهو متحير فى الحسبانات‪.‬‬

‫طَف ْيَنا ِم ْن ِعَب ِادَنا} قال‪ :‬هم أمة محمد حين روى عنه أنه قال‪" :‬سابقنا سابق ومقتصدنا ناج‬
‫{اص َ‬
‫وقال يحيى بن معاذ ْ‬
‫وسَّل َم ًا‬
‫كثير‪.‬‬ ‫وظالمنا مغفور له"‪ .‬صلى هللا عليه وعلى آله وأصحابه َ‬

‫وقال يحيى‪ :‬اصطفاهم عن كدورتهم وأخلصهم لفهم القرآن والقيام بحدوده ‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬اصطفاهم بالمشاهدة والموافقة ولما أسر إليهم من مجالسته ومؤانسته‪.‬‬


‫و ً‬

‫قال الواسطى ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬أخرجوا بالفضل وغذوا بالفضل ويريدون الفضل بال مواساة وال مكافأة وال عوض‬
‫من ذلك‪.‬‬

‫قال قائل‪ :‬من أهل الحقيقة أنه من كرمه ال يقبل إال معيب بحال وقيل‪ :‬إنه ال‬

‫يقبل إال كل مجيب يجيبه لخطابه وهداه لقرائه واشتملت عليه أنواره وظهرت عليه آثاره فى أزليته وصفاهم عند‬
‫خلقتهم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال جعفر‪ :‬النفس ظالمة والقلب مقتصد والروح سابق‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬من نظر بنفسه إلى الدنيا فهو ظالم ومن نظر بقلبه إلى اآلخرة فهو‬
‫وقال ً‬

‫مقتصد ومن نظر بروحه إلى الحق فهو سابق‪.‬‬

‫وقال محمد بن على الترمذى‪ :‬االصطفائية أوجبت اإلرث واالصطفائية جمعت بين‬

‫الظالم والمقتصد والسابق فالظالم لنفسه على الظاهر سابق فى ميدان االصطفائية لذلك قدمه وأزال العلل عن العطايا‬

‫ات َع ْد ٍن َي ْد ُخُل َ‬
‫ون َها}‪.‬‬ ‫{جَّن ُ‬
‫فقال‪َ :‬‬

‫وقال القاسم‪ :‬الظالم ذاكر والمقتصد متذكر والسابق غير ذاكر ومتذكر ألنه ليس فى حد الغفلة والنسيان فيذكر ويتذكر‬
‫ومعناه‪ :‬أن الظالم ينساه وقت معصيته فيذكره فى وقت توبته والمقتصد يتكلف فى ذكره ويجتهد فى أن ال ينساه‬
‫والسابق ال ينساه فى وقت فيحتاج أن يذكره‪ .‬وأنشد القاسم‪:‬‬

‫أنى وإن كنـت ال ألقـاه ألقـاه‬ ‫أبلغ أخاك أخا اإلحسان مخبرة‬

‫وإن تباعد عن مثواى مثـواه‬ ‫وإن طرفى مـوصول برؤيتـة‬

‫وكيف أذكره إذ لست أنساه‬ ‫هللا يعلم أنى لسـت أذكـره‬

‫أيضا‪:‬‬
‫وأنشد ً‬

‫ولكن بـذاك يجرى لسـانى‬ ‫ال ألنى أنساك أكثر ذكـراك‬

‫قال بعضهم‪ :‬الظالم يراه فى مقدار الجمعة من أيام الدنيا والمقتصد يراه فى اليوم مرة والسابق على األرائك ينظرون ال‬
‫يغيبون عن المشاهدة بحال‪.‬‬

‫طَف ْيَنا ِم ْن ِعَب ِادَنا‬


‫اص َ‬
‫ين ْ‬
‫سمعت محمد بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت محمد بن زرعان يقول فى قوله‪{ :‬ثُ َّم أَورْثنا اْل ِكتَ َّ ِ‬
‫اب الذ َ‬‫َ‬ ‫َْ َ‬
‫ات}‬ ‫صٌد} يعمل على سبيل النجاة {و ِم ْنهم ساِبق ِباْلخير ِ‬ ‫ظالِم لِنْف ِس ِه} وهم الهمج الذين ال خير فيهم {و ِم ْنهم ُّمْقتَ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ ْ َ ٌ َ َْ‬ ‫َ ُْ‬ ‫َفم ْن ُه ْم َ ٌ َ‬
‫العالم الربانى‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ ِ ِ َّ ِ‬ ‫ِِ‬
‫طَف ٰى}‬ ‫اص َ‬‫ين ْ‬ ‫قال بعضهم‪ :‬ذكر هللا االصطفائية فى مواضع من كتابه فقال‪ُ{ :‬ق ِل اْل َح ْم ُد ََّّلل َو َسالَ ٌم َعَل ٰى عَباده الذ َ‬
‫طِفي ِم َن اْل َمالَِئ َك ِة ُرُسالً‬ ‫صَ‬ ‫{َّللاُ َي ْ‬
‫[النمل‪ ]59 :‬ولم يبين من هم وكيف هم ما حليتهم حتى ذكر فى موضع آخر فقال‪َّ :‬‬
‫اس} [الحج‪ ]75 :‬عم االصطفاء ثم‬‫الن ِ‬
‫َو ِم َن َّ‬

‫طَف ْيَنا ِم ْن ِعَب ِادَنا} فأكرمهم باالصطفائية ثم َبين أنهم متفاوتون فى تلك االصطفائية‬
‫اص َ‬
‫ين ْ‬
‫قال‪{ :‬أَورْثنا اْل ِكتَ َّ ِ‬
‫اب الذ َ‬
‫َ‬ ‫َْ َ‬
‫فقال‪ :‬هم عباد أصفياء إالَّ أنهم على درجات منهم ظالم بالركون إليها واتباع شهواتها ومنهم مقتصد قائم بطاعة ربه‬
‫وربما يقع له التفات إلى النفس فيغفل غفلة فى شىء من المخالفات ومنهم سابق بالخيرات وهو الذى أسقط عنه رؤية‬
‫النفس أجمع فال يراها وال يلتفت إليها وال يسكن إلى شىء منها‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬الظالم ٍ‬


‫اله عن سؤاله فإذا انتبه سأل عن طريقة األمر والنهى والمقتصد يسأل عن طريقة الجنة والسابق‬
‫يسأل عن طريق االستقامة‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الظالم مشغول عن الذكر والمقتصد مشغول بالذكر والسابق اشتغل‬

‫بالمذكور عن الذكر‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬سؤال الظالم الهداية والوقاية من النار وسؤال المقتصد العناية فى‬

‫دخول الجنة وسؤال السابق الهداية إلى الرب ليزول عنه الكرب‪.‬‬

‫وقال محمد بن على الترمذى‪ :‬لكل نوع من هؤالء الثالثة نوع من السؤال أخبر عنها المصطفى صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫فسؤال الظالم‪ :‬أسألك اإليمان بك والكفاف من الرزق‪ ،‬وسؤال المقتصد‪ :‬أسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل‬
‫وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل‪ ،‬وسؤال السابق‪ :‬أسألك النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الظالم من يكون أعماله بعضها رياء وبعضها إخالص والسابق من‬

‫يخلص عمله هلل‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬الظالم من أخذ الدنيا من حالل وحرام والمقتصد من يجتهد أن ال‬

‫يأخذها إالَّ من حالل والسابق من ترك الدنيا جملة وأعرض عنها‪.‬‬

‫وحد هللا‬
‫وحد هللا بلسانه ولم يوافق فعله قوله فهو ظالم ومن َّ‬
‫قال أبو عثمان‪ :‬من َّ‬

‫بلسانه وأطاعه كرامة فهو مقتصد ومن وحده بلسانة وأطاعه بجوارحه وأخلص له عمله فهو سابق‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الظالمون هم الذين نزلوا عن الصحابة والمقتصدون هم عامة الصحابة والسابقون هم المهاجرون‬
‫األولون‪.‬‬

‫سمعت محمد بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم البزاز بمصر يقول‪ :‬قال ابن‬

‫عطاء‪ :‬الظالم هو الذى يحبه ألجل الدنيا والمقتصد الذى يحبه من أجل العقبى والسابق الذى أسقط مراده لمراد الحق‬

‫فيه فال يرى لنفسه ً‬


‫طلبا وال مرًادا لغلبة الحق عليه وسلطانه‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الظالم هو الذى يريد بطاعته كرامة الخلق وإجاللهم له والمقتصد الذى يريد بطاعته الجنة والسابق الذى‬
‫شيئا سواه‪.‬‬
‫حمله حب األمر والنهى ورضا األمر عن أن يريد به ً‬

‫قال بعضهم‪ :‬الظالم الناظر إلى صفته والمقتصد المبتغى به فضالً والسابق الذى يرى فضل هللا عليه فيما وفقه‬
‫للعمل‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الظالم من هو ظاهره خير من باطنه والمقتصد الذى استوى ظاهره‬

‫وباطنه والسابق الذى باطنه خير من ظاهره‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال بعضهم‪ :‬ميراث الكتاب لمن يظلم نفسه ويحملها ما ال تطيق من أنواع‬

‫المجاهدات فتكون أوقاته كلها مستوفاة ال يكون لنفسه نفس فى مراده ويقتصد فى طلب الدنيا وما يبعده عن ربه‬
‫ويقطعه عنه ويسبق السابقين فى البدار إلى ميادين الرضا ومعادن الحقيقة لذلك‪.‬‬

‫قال السيد الماضى‪ :‬السباق السباق قوالً وفعالً حذر النفس حسرة المسبوق‪.‬‬

‫متزودا منها‪،‬‬
‫ً‬ ‫متمتعا بها‪ ،‬والمقتصد الطالب لها‬
‫ً‬ ‫قال بعضهم‪ :‬الظالم الطالب للدنيا‬

‫والسابق التارك لها والمعرض عنها‪.‬‬

‫طمعا فى الجنة والسابق الذى يعبده له ال لسبب‪.‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬الظالم الذى يعبده خوًفا من النار والمقتصد الذى يعبده ً‬

‫قال بعضهم‪ :‬الظالم الزاهد والمقتصد العارف والسابق المحب المشتاق‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الظالم الواعظ بلسانه والمقتصد الواعظ بعمله والسابق الواعظ بسره‪.‬‬

‫المسر لفقره والسابق المستغنى بفقره‪.‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬الظالم المظهر لفقره والمقتصد ُ‬

‫قال بعضهم‪ :‬الظالم الذى يجزع عند البالء والمقتصد الذى يصبر على البالء والسابق الذى يتلذذ بالبالء‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الظالم من غلبت نفسه قلبه والمقتصد من غلب قلبه نفسه والسابق من كان قلبه ونفسه فى حراسة الحق‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الظالم فى الطلب والمقتصد فى الهرب والسابق متمكن‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬الظالم فى طلب وهو يرجو أن يجد المقتصد طلب ووجد البعض ويرجو اإلتمام والسابق مطلوب‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الزبير قاصد والمقتصد وارد والسابق مامكن فالقاصد شغله فى قصده والوارد شغله فيما ورد عليه منه‬
‫وفيما ورد عليه والمتمكن نسى منزله لما عاين من حسن قيام هللا به وله‪ ،‬وهؤالء ثالثة‪ :‬قوم غابوا عن وصفهم وحظهم‬
‫واألوقات وقوم جازوا درجة النعوت والصفات وقوم اشتملت عليهم أنوار الذات فهم فى أنواره يتقلبون وعن حكمه‬
‫ينطقون‪.‬‬

‫أبدا والمقتصد القلب ألنه ساعة‬


‫قال بعضهم‪ :‬الظالم النفس ألنها ال تألف الحق ً‬

‫وساعة والسابق الروح ألنها ال تغيب عن المشاهدة‪.‬‬

‫قال محمد بن على الترمذى‪ :‬الظالم نفسه إلى عفو هللا والمقتصد إلى رضا هللا‬

‫والسابق بالخيرات إلى رضوان هللا ورضوان هللا أكبر‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الظالم المقتصر على الفرائض دون النوافل والسنن والمقتصد الجامع بينهما والسابق الذى ُم ِكن من‬
‫معاملته على المشاهدة‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬حمد الظالمين على العادة وحمد المقتصدين على اللذة وحمد السابقين على المسابقة‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الظالم الراكن إلى الدنيا ال يريد االستراحة منها وال يكاد ينزع من‬

‫طلبها والمقتصد الراكن إليها ويتمنى نجاته منها والسابق الذى نبل قدره وكرمت نفسه أن يحدث بشىء منها‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬الظالم الذى يعبده على الغفلة والعادة والمقتصد الذى يعبده على‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫الرهبة والسابق الذى يعبده على الهيبة واالستحقاق ورؤية المنة‪.‬‬
‫الرغبة و َّ‬

‫وقال بعضهم‪ :‬الظالم الذى يأكل الدنيا بالتمتع والشهوة والمقتصد الذى يأكلها من‬

‫حالل والسابق الذى يأكل للقيام بالخدمة‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬الظالم المجتهد والمقتصد المستقيم والسابق الصديق‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الظالم العالم بأحكام هللا والمقتصد العالم بأسماء هللا وصفاته والسابق العالم باهلل وأسمائه وصفاته‬
‫وأحكامه‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الظالم لنفسه آدم والمقتصد إبراهيم والسابق محمد صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الظالم نفسه أعطى فمنع والمقتصد أعطى فبذل والسابق منع فشكر‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬الظالم غافل والمقتصد طالب والسابق واجد‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الظالم من استغنى بماله والمقتصد من استغنى بدينه والسابق من استغنى بربه‪ .‬وقال‪ :‬قدم الظالم ألنه لم‬
‫يكن له شىء يتكل عليه إال ربه فاعتمده واتكل عليه وعلى رحمته واتكل المقتصد على حسن ظنه بربه واتكل السابق‬
‫على حسناته‪.‬‬

‫أخر السابق ليعلمه أن المنة له عليه فى طاعته حيث َّ‬


‫وفقه‬ ‫قال بعضهم‪ :‬قدم الظالم يعرفه أن ذنبه ال يبعده من ربه و َّ‬
‫لذلك وأن ال يؤمنه ذلك من طرده وإبعاده وذكر المقتصد فى الوسط منزلة بين المنزلتين‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬السابق العلماء والمقتصد المتعلمون والظالم َّ‬
‫الجهال‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬السابق الذى اشتغل بمعاده والمقتصد الذى اشتغل بمعاده ومعاشه والظالم الذى اشتغل بمعاشه عن‬
‫وقال ً‬
‫معاده‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬الظالم النفس والمقتصد القلب والسابق الروح‪.‬‬

‫سورة فاطر (من اآلية ‪ 34‬الى اآلية ‪)34‬‬

‫ِ َّ ِ‬
‫َوَقاُلوْا اْل َح ْم ُد ََّّلل الذي أَ ْذ َه َب َعَّنا اْل َح َزَن ِإ َّن َربََّنا َل َغُف ٌ‬
‫ور َش ُكوٌر‬

‫قوله تعالى‪{ :‬اْل َح ْم ُد ََّّللِ َّال ِذي أَ ْذ َه َب َعَّنا اْل َح َزَن} [اآلية‪.]34 :‬‬

‫سمعت النصرآباذى يقول‪ :‬ما كان حزنهم إال تدبير أحوالهم وسياسة أنفسهم فلما نجوا منها حمدوا وقال‪{ :‬اْلحمد ََّّللِ‬
‫َ ُْ‬
‫َّال ِذي أَ ْذ َه َب َعَّنا اْل َح َزَن}‪.‬‬

‫قال أبو سعيد الخراز‪ :‬أهل المعرفة فى الدنيا كأهل الجنة فى اآلخرة‪ ،‬قال هللا تعالى عن أهل الجنة‪{ :‬اْل َح ْم ُد ََّّللِ َّال ِذي‬
‫أَ ْذ َه َب َعَّنا اْل َح َزَن} وإنما أحزانهم االشتغال باإلعراض فتركوا الدنيا فى الدنيا فنعموا وعاشوا فى الدنيا عيش الخائفين‪.‬‬

‫قال القاسم فى هذه اآلية قال‪ :‬زوال النقم وتقليب القلب وسالمة العاقبة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال بعضهم‪ :‬حزن المحاسبة‪.‬‬

‫ور} [اآلية‪.]34 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن َربََّنا َل َغُف ٌ‬


‫ور َش ُك ٌ‬

‫ابتداء‬
‫ً‬ ‫قال الواسطى ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬شكر هللا للعبد رضاه بما أجرى عليه وشكر العبودية أن يرى النعمة من هللا‬
‫وانتهاء‪.‬‬

‫قال سهل ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬غفور لذنوب كثيرة شكور ألعمال يسيرة‪.‬‬

‫وروى عن بعض أهل الورع أنه كان متعلًقا بأستار الكعبة ويقول‪ :‬من مثلى إلهى إن أذنبت منانى وإن تبت رَّجانى وإن‬
‫أقبلت أدنانى وإن أدبرت نادانى إن ربنا لغفور شكور غفور للذنب العظيم شكور للعمل اليسير‪.‬‬

‫سورة فاطر (من اآلية ‪ 35‬الى اآلية ‪)35‬‬

‫وب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّال ِذي أَحَّلنا دار اْلمَقام ِة ِمن َف ِ ِ‬


‫يها ُل ُغ ٌ‬
‫ص ٌب َوالَ َي َم ُّسَنا ف َ‬
‫يها َن َ‬
‫ضله الَ َي َم ُّسَنا ف َ‬‫ْ‬ ‫ََ ََ ُ َ‬

‫ام ِة} [اآلية‪.]35 :‬‬ ‫{ال ِذي أ َّ‬


‫َحلَنا َد َار اْل ُمَق َ‬
‫َ‬
‫قوله عز وعال‪َّ :‬‬

‫سمعت محمد بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا بكر التميمى يقول‪ :‬إن كانت أعمالك مكتسبة فبفضل هللا عملت والفضل‬
‫ضلِ ِه‪ }...‬اآلية‪.‬‬ ‫غير مكتسب ولو كان مكتسبا لم يس َّم فضالً أال ترى هللا يقول‪{ :‬أَحَّلنا دار اْلمَق ِ ِ‬
‫امة من َف ْ‬
‫ََ ََ ُ َ‬ ‫ً َُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة يس (من اآلية ‪ 1‬الى اآلية ‪)2‬‬

‫آن اْل َح ِكي ِم‬


‫يس * َواْلُق ْر ِ‬

‫مخاطبا لنبيه صلى هللا عليه وسلم بذلك قال النبى‬


‫ً‬ ‫قال جعفر الصادق ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬فى قوله {يس} يا سيد‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪" :‬أنا سيدكم"‪ .‬لم يمدح نفسه ولكن أخبر عن معنى مخاطبة الحق إياه بقوله {يس} فهذا شبيه‬
‫ٰمالِ ُك} [الزخرف‪.]77 :‬‬
‫{وَن َاد ْوْا ي َ‬
‫بقول النبى صلى هللا عليه وسلم أنه ق أر على المنبر‪َ :‬‬

‫مبهما وأمره بتصريحه‬


‫قوله ألبى هريرة رضى هللا عنه ‪"-‬يا أبا هريرة" وغير ذلك فلما أخبر هللا تعالى عنه بالسيادة ً‬
‫سيدا فأنا سيد‬
‫صرح بذلك فقال‪" :‬إن هللا تعالى نادانى ً‬

‫ولد آدم وال فخر‬

‫‪".‬‬

‫أى وال فخر بالسيادة ألن افتخارى بالعبودية أجل من إخبارى عن نفسى ِ‬
‫بالسيادة‪.‬‬ ‫َ‬

‫سورة يس (من اآلية ‪ 7‬الى اآلية ‪)7‬‬

‫َلَق ْد َح َّق اْلَق ْو ُل َعَل ٰى أَ ْكثَ ِرِه ْم َف ُه ْم الَ ُيؤ ِمُنو َن‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬حق القول على أهل الشقاوة فى األزل أنهم ال يؤمنون ولو جاءتهم كل آية‬
‫فالنبى صلى هللا عليه وسلم يسمع خطابه من أسمعه الحق فى األزل نداء السعادة فإذا سمع نداء النبى صلى هللا عليه‬
‫وسلم أجاب لما سبق له من إجابة لنداء الحق‪.‬‬

‫سورة يس (من اآلية ‪ 9‬الى اآلية ‪)9‬‬

‫أغ َشيناهم َفهم الَ يب ِ‬


‫ص ُرو َن‬ ‫ِ‬ ‫و َج َعْلَنا ِمن َب ْي ِن أ َْي ِد ِ‬
‫يه ْم َسداً و ِم ْن َخْلف ِه ْم َسداً َف ْ ْ َ ُ ْ ُ ْ ُ ْ‬ ‫َ‬

‫{و َج َعْلَنا ِمن َب ْي ِن أ َْي ِدي ِه ْم َسداً و ِم ْن َخْلِف ِه ْم َسداً} [اآلية‪.]9 :‬‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫{و َج َعْلَنا ِمن َب ْي ِن أ َْي ِدي ِه ْم َسداً} وهو طول األمل وطمع البقاء {و ِم ْن َخْلِف ِه ْم َسداً}‬
‫قال ابن عطاء ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪َ :-‬‬
‫فهو الغفلة عما سبق منه من الجنايات وقلة الندم واالستغفار عليه‪ ،‬أعماه تردده فى الغفالت عن االعتذار لما سبق‬
‫منه من الجنايات‪.‬‬

‫سورة يس (من اآلية ‪ 11‬الى اآلية ‪)11‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِإَّنما ت ِنذر م ِن اتَّبع ِ‬


‫الذكر و ِ‬
‫الر ْحمـ َٰن ِباْل َغ ْي ِب َفَبش ْرهُ ِب َم ْغف َرٍة َوأ ْ‬
‫َج ٍر َك ِري ٍم‬ ‫خشي َّ‬
‫َ ُ ُ َ َ َ َْ َ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّنما تُ ِنذر م ِن اتَّبع ِ‬
‫الذ ْك َر} [اآلية‪.]11:‬‬ ‫َ ُ َ ََ‬

‫قال الحسين‪ :‬أشرف منازل الذاكرين من نسى ذكره فى مشاهدة مذكوره وحفظ أوقاته عن الرجوع إلى رؤية الذكر‪.‬‬

‫سورة يس (من اآلية ‪ 12‬الى اآلية ‪)12‬‬

‫ص ْيَناهُ ِفي ِإ َما ٍم ُّمِب ٍ‬


‫ين‬ ‫ٍ‬ ‫ِإَّنا نحن نحِيي الموتى ونكتب ما قَّدموا وآثارهم وكل‬
‫َح َ‬
‫شيء أ ْ‬
‫َ ْ ُ ُ ْ ْ َ ْ َ ٰ َ َ ْ ُ ُ َ َ ُ ْ َ َ َ ُ ْ َ ُ َّ ْ‬
‫قوله عز وعال‪ِ{ :‬إَّنا َن ْح ُن ُن ْحِيي اْل َم ْوتَ ٰى} [اآلية‪.]12 :‬‬

‫قال محمد بن على الترمذى فى هذه اآلية‪ :‬إنا نحن نحيى األنفس الميتة بتوفيق الخدمة ونحيى القلوب الميتة بأنوار‬
‫اإليمان ونحيى األسرار الميتة بأنوار االطالع ونحيى األفئدة الميتة بأنوار المشاهدة‪.‬‬

‫سورة يس (من اآلية ‪ 22‬الى اآلية ‪)22‬‬

‫ط َرِني َوإَِل ْي ِه تُ ْر َج ُعو َن‬


‫َو َما لِ َي الَ أَ ْعُب ُد َّال ِذي َف َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َعُب ُد َّال ِذي َف َ‬
‫ط َ ِرني} [اآلية‪.]22:‬‬ ‫ِ‬
‫{و َما ل َي الَ أ ْ‬
‫قوله تعالى وتقدس‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬بالفطرة جعل األشخاص فى قبضة القدرة واألرواح فى قبضة العزة‪.‬‬

‫قال الحسين‪ :‬كل قلب يشتغل بالثواب عن خدمة اآلمر فهو أجير وليس بعبد وإنما يعمل على األجر عبيد النفوس‬
‫ومن أخذه تعظيم حرمة أمر هللا ال يلتفت إلى الثواب‪.‬‬

‫أجل منه من يعمل على رؤية الفاطر‪.‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬العبد الخالص من عمل على رؤية الفطرة ال غير و َ‬

‫سورة يس (من اآلية ‪ 26‬الى اآلية ‪)27‬‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ال ٰيَل ْي َت َق ْو ِمي َي ْعَل ُمو َن * ِب َما َغَف َر لي َربِي َو َج َعَلني م َن اْل ُم ْك َرِم َ‬
‫ين‬ ‫يل ْاد ُخل اْل َجَّن َة َق َ‬
‫ق َ‬

‫ال ٰيَل ْي َت َق ْو ِمي َي ْعَل ُمو َن * ِب َما َغَف َر لِي َربِي} [اآلية‪.]27-26 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يل ْاد ُخل اْل َجَّن َة َق َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬ق َ‬

‫قال حمدون القصار‪ :‬ال يسقط عن النفس رؤية الخلق بحال ولو سقط عنها فى وقت لسقط فى المشهد األعلى فى‬
‫الحضرة أال تراه فى وقت دخول الجنة يقول‪ :‬يا ليت قومى يعلمون بما غفر لى ربى تحدثه النفس إذ ذاك برؤية‬
‫الخلق‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة يس (من اآلية ‪ 33‬الى اآلية ‪)33‬‬

‫َخ َر ْجَنا ِم ْن َها َحباً َف ِم ْن ُه َيأ ُ‬


‫ْكُلو َن‬ ‫اها َوأ ْ‬
‫َحَي ْيَن َ‬
‫ض اْل َم ْيتَ ُة أ ْ‬
‫َّ‬
‫َو َآي ٌة ل ُه ُم األ َْر ُ‬

‫اها} [اآلية‪.]33 :‬‬ ‫َّ‬


‫َحَي ْيَن َ‬
‫ض اْل َم ْيتَ ُة أ ْ‬
‫{و َآي ٌة ل ُه ُم األ َْر ُ‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬القلوب الميتة بالغفلة فأحييناها بالتيقظ واالعتبار والموعظة وأخرجنا منها معرفة‬
‫صافية تضىء أنواره على الظاهر والباطن‪.‬‬

‫سورة يس (من اآلية ‪ 36‬الى اآلية ‪)36‬‬

‫َنف ِس ِه ْم َو ِم َّما الَ َي ْعَل ُمو َن‬ ‫سبحان َّال ِذي خَلق األ َْزو َّ ِ‬
‫اج ُكل َها م َّما تُنِب ُت األ َْر ُ‬
‫ض َو ِم ْن أ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ َ َ‬

‫اج ُكَّل َها} [اآلية‪.]36 :‬‬ ‫قوله عز وعال‪{ :‬سبح َّ ِ‬


‫ان الذي َخَلق األ َْزَو َ‬
‫ُْ َ َ‬

‫اج ُكَّل َها} ثم قال‪َ{ :‬ل ْي َس َك ِم ْثلِ ِه َشي ٌء} [الشورى‪ ]11 :‬ليستدل بذلك أن خالق‬
‫{خَلق األ َْزَو َ‬
‫قال عبد العزيز المكى‪َ :‬‬
‫ْ‬
‫مستغن عنه‪.‬‬‫ٍ‬ ‫األزواج منزه عن الزوج‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة يس (من اآلية ‪ 55‬الى اآلية ‪)55‬‬

‫ِإ َّن أَصحاب اْلجَّن ِة اليوم ِفي ُش ُغ ٍل َف ِ‬


‫اك ُهو َن‬
‫ْ َ َ َ َْ َ‬
‫قال طاوس‪ :‬لو علموا عن من شغلوا ما هناهم ما اشتغلوا به‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬شغلهم فى الجنة استصالح أنفسهم لميقات المشاهدة وهذا من أعظم االشتغال‪.‬‬

‫اما بالراحة فى مقعد صدق عند مليك مقتدر فهم متقلبون فى الراحة واللقاء‬ ‫قال الجنيد ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬أحيا أقو ً‬
‫اك ُهو َن} حظوظ األنفس عن‬‫والرضوان والمشاهدة ثم من عليهم بزيادة منه فقال‪ِ{ :‬إ َّن أَصحاب اْلجَّن ِة اليوم ِفي ُش ُغ ٍل َف ِ‬
‫ْ َ َ َ َْ َ‬
‫هذا المعدن وهذا المشهد وسئل بعض المشايخ عن قول النبى صلى هللا عليه وسلم‪" :‬أكثر أهل الجنة البله"‪ .‬قال‪:‬‬
‫ألنهم فى شغل فاكهون شغلهم النعيم عن المنعم‪.‬‬

‫أيضا عن ذلك فقال‪َ :‬م ْن رضى من هللا بالجنة فهو أبله‪.‬‬


‫وسئل بعضهم ً‬

‫قال القاسم فى قوله‪ِ{ :‬إ َّن أَصحاب اْلجَّن ِة اليوم ِفي ُش ُغ ٍل َف ِ‬


‫اك ُهو َن} قال‪ :‬أهل الجنة فى درجاتهم على تفاوت ظاهر‬ ‫ْ َ َ َ َْ َ‬
‫ومعان مختلفة فمنهم من هو مربوط بشهوة بطنه وفرجه ومنهم من هو مربوط برؤية الصفات والنعوت ومنهم من‬ ‫ٍ‬
‫ظهر له من فضل الحق ومننه فهو يقول‪ :‬الحمد هلل الذى أحلنا دار المقامة من فضله ومنهم من هو مربوط بحقيقة‬
‫مستتر فيه من تقديره وتصريفه واختياره ومنهم من هو فى مقعد‬
‫ًا‬ ‫حقه مغيب عن ظاهره وحكمه مستتر فيما لم يزل‬
‫صدق عند مليك مقتدر‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الحسين‪ :‬إن الحق قطع أهل الجنة بتجليه عن االلتذاذ بالجنة ألنه أفناهم بتجليه عنها لئال تدوم بهم اللذة فيقع بهم‬
‫الملك فرجوعهم إلى إياهم بعد تجلى الحق لهم يوفر اللذة عليهم والخلق ال يلتذ به‪.‬‬

‫سورة يس (من اآلية ‪ 57‬الى اآلية ‪)57‬‬

‫َلهم ِفيها َف ِ‬
‫اك َه ٌة َوَل ُه ْم َّما َيَّد ُعو َن‬ ‫ُْ َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬مكر بالخلق فى كل موضع وخدعهم عنه بكل شىء حتى فى الجنة يقول‪ :‬لهم فيها فاكهة ولو علت‬
‫هممهم لما أعاروا أبصارهم الجنة وما فيها بل خرجوا منها طالبين محل الرضا ومشاهدة الحق كمن عال همته وهو‬
‫ط َغ ٰى}[النجم‪.]17 :‬‬
‫ص ُر َو َما َ‬
‫غ اْلَب َ‬
‫{ما َاز َ‬
‫السفير األعلى حين أخبر عنه فقال‪َ :‬‬

‫سورة يس (من اآلية ‪ 58‬الى اآلية ‪)58‬‬

‫َسالَ ٌم َق ْوالً ِمن َّر ٍب َّرِحي ٍم‬

‫خطر ما كان فى المشاهدة والمكافحة من الحق حين‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬السالم جليل الخطر وعظيم المحل وأجله ًا‬
‫{سالَ ٌم َق ْوالً ِمن َّر ٍب َّرِحيمٍ}‪.‬‬
‫يقول‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة يس (من اآلية ‪ 61‬الى اآلية ‪)61‬‬

‫ِ‬ ‫َن اعبدوِني هـٰ َذا ِ‬


‫يم‬
‫ط ُّم ْستَق ٌ‬
‫ص َار ٌ‬ ‫َ‬ ‫َوأ ِ ْ ُ ُ‬

‫قال الثورى‪ :‬األنفاس ثالثة‪ :‬نفس فى العبودية ونفس بالربوبية ونفس بالرب‪.‬‬

‫وقال أبو سعيد الخراز‪ :‬نفوس األولياء فى دار الدنيا على مقام العبودية ونفوس عامة المؤمنين على مقام الجزاء‬
‫عبدا فى دار‬
‫ونفوس األشداء على مقام الحرية وأهل الحقيقة عبيد فى الدنيا وأرواحهم من نعيم الجنة وكل من كان ً‬
‫حر فى دار الدنيا كان‬
‫حر فى الدنيا كان من البلوغ إلى اآلخرة وكل من كان ًا‬
‫الدنيا كان قر ًيبا من الحرية ومن كان ًا‬
‫عبدا ذليالً فى اآلخرة‪.‬‬
‫ً‬

‫قال الواسطى ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ : -‬من عبد هللا لنفسه فإنما يعبد نفسه ومن عبد من أجله فإنه لم يعرف ربه ومن‬
‫عبده بمعنى أن العبودية جوهرة تظهرها الربوبية فقد أصاب‪.‬‬

‫قال الشقيق البلخى‪ :‬العبودية حرفة وحانوتها العزلة ورأس مالها التوبة وربحها الجنة‪.‬‬

‫سمعت محمد بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت الريحانى يقول‪ :‬العبادة على ثالثة إن كان القلب والعين واللسان‪ ،‬فعبادة‬
‫القلب‪ :‬التفكر والمراقبة وعبادة العين الغض واالعتبار‪ ،‬وعبادة اللسان‪ :‬القول بالحق والصدق‪.‬‬

‫الدقاق يقول‪ :‬العبودية على ثالث مراتب‪ :‬أن تكون فيما بينك‬
‫سمعت أبا بكر محمد بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا بكر َّ‬
‫مجتهدا‪.‬‬
‫ً‬ ‫معاونا وعلى نفسك‬
‫ً‬ ‫خدوما وأن تكون للناس‬
‫ً‬ ‫وبين ربك‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة يس (من اآلية ‪ 65‬الى اآلية ‪)65‬‬

‫اه ِهم وتُ َكلِمَنآ أ َْي ِد ِ‬


‫يه ْم َوتَ ْش َه ُد أ َْر ُجُل ُه ْم ِب َما َك ُانوْا َي ْك ِسُبو َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اْلَي ْوَم َن ْخت ُم َعَل ٰى أَ ْف َو ْ َ ُ‬

‫اه ِه ْم َوتُ َكلِ ُمَنآ أ َْي ِدي ِه ْم َوتَ ْش َه ُد أ َْر ُجُل ُه ْم‪[ }...‬اآلية‪.]65 :‬‬
‫قوله عز وعال‪{ :‬اْليوم نخِتم عَلى أَ ْفو ِ‬
‫َْ َ َ ْ ُ َ ٰ َ‬

‫سمعت النصرآباذى يقول‪ :‬مشاهدة الموقف األكبر صعب فمن أقر فيه فقد ترك حرمة ذلك الموقف ومن أنكر فإن‬
‫جوارحه تشهد عليه بقوله‪{ :‬اْليوم نخِتم عَلى أَ ْفو ِ‬
‫اه ِه ْم‪ }...‬اآلية‪ .‬فمن أقر فى ذلك الموضع فإن أمره أصعب ممن ينكر‬ ‫َْ َ َ ْ ُ َ ٰ َ‬
‫مع صعوبة أمر من أنكر‪.‬‬

‫سورة يس (من اآلية ‪ 68‬الى اآلية ‪)68‬‬

‫َو َمن ُّن َع ِم ْرهُ ُنَن ِك ْـس ُه ِفي اْل َخْل ِق أََفالَ َي ْعِقُلو َن‬

‫{و َمن ُّن َع ِم ْرهُ ُنَن ِك ْـس ُه ِفي اْل َخْل ِق} [اآلية‪.]68 :‬‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫عمره هللا بالغفلة وأن األيام واألحوال تؤثر فيه حاالً فحاالً‬
‫قال أبو بكر الوراق‪ :‬من َّ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫{و َمن ُّن َع ِم ْرهُ ُنَن ِك ْـس ُه ِفي اْل َخْل ِق}‪ .‬ومن‬
‫من طفولته وشباب وكهولية وشبية إلى أن يبلغ ما حكى هللا عنهم من قوله‪َ :‬‬
‫أحياه هللا بذكره فإن تكوين األحوال ال يؤثر فيه فإن متصل الحياة بحياة الحق حى به وبقربه قال هللا تعالى‪َ{ :‬فَلُن ْحِيَيَّن ُه‬
‫طِيَب ًة} [النحل‪.]97 :‬‬
‫اة َ‬
‫َحَي ً‬

‫سورة يس (من اآلية ‪ 69‬الى اآلية ‪)69‬‬

‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬


‫آن ُّمِب ٌ‬
‫ين‬ ‫َو َما َعل ْمَناهُ الش ْع َر َو َما َي َنبغي َل ُه ِإ ْن ُه َو ِإال ذ ْكٌر َوُق ْر ٌ‬
‫َّ ِ‬
‫آن ُّمِب ٌ‬
‫ين} [اآلية‪.]69 :‬‬ ‫قوله‪ِ{ :‬إ ْن ُه َو ِإال ذ ْكٌر َوُق ْر ٌ‬

‫قال سهل‪ :‬هو التذكر والتفكر لمن قاربه فهمه واتعظ بمواعظه وائتمر ألوامره‪.‬‬

‫سورة يس (من اآلية ‪ 70‬الى اآلية ‪)70‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ان َحياً َوَيح َّق اْلَق ْو ُل َعَلى اْل َكاف ِر َ‬
‫ين‬ ‫لُينذ َر َمن َك َ‬

‫ان َحياً} [اآلية‪.]70 :‬‬ ‫ِ ِ‬


‫قوله عز وعال‪{ :‬لُينذ َر َمن َك َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬أى من كان فى علم هللا حيا أحياه هللا بالنظر إليه والفهم عنه والسماع منه والسالم عليه‪.‬‬

‫قال جعفر‪ :‬ليبلغ الرسالة إلى من سبقت له من هللا العطية‪.‬‬

‫قال الجنيد ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬الحى‪ :‬من تكون حياته بحياة خالقه ال من يكون حياته ببقاء هيكله ومن يكون بقاؤه‬
‫ببقاء نفسه فإنه ميت فى وقت حياته ومن كان حياته بربه كانت حقيقة حياته عند وفاته ألنه يصل بذلك إلى رتبة‬
‫ان َحياً}‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫الحياة األصلية‪ .‬قال هللا عز من قائل‪{ :‬لُينذ َر َمن َك َ‬

‫سورة يس (من اآلية ‪ 78‬الى اآلية ‪)78‬‬

‫يم‬ ‫ال من ُيحِيي اْل ِع َ ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫ظ َام َوه َي َرم ٌ‬ ‫ض َر َب َلَنا َمثَالً َوَنس َي َخْلَق ُه َق َ َ‬
‫َو َ‬

‫ض َر َب َلَنا َمثَالً َوَن ِسي َخْلَق ُه} [اآلية‪.]78 :‬‬


‫{و َ‬
‫قال عز وعال‪َ :‬‬
‫َ‬

‫إعالما لصحة الطرق للموحدين على ِحَّد ٍة والعاملين على‬


‫ً‬ ‫قال الواسطى ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬ضرب األمثال فى القرآن‬
‫ِح َد ٍة ليعلموا أن قليالً من روائح نفحاته خير من كثير توحيدهم ومعامالتهم‪.‬‬

‫يم} أى من ُيحيى القلوب الميتة بالقسوة واإلعراض عنه فيردها إلى التفويض‬ ‫وقال فى قوله {من ُيحِيي اْل ِع َ ِ ِ‬
‫ظ َام َوه َي َرم ٌ‬ ‫َ‬
‫والتسليم والتوكل واإلقبال عليه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة يس (من اآلية ‪ 82‬الى اآلية ‪)82‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إَّن َمآ أ َْم ُرهُ إ َذآ أ ََرَاد َش ْيئاً أَن َيُق َ‬
‫ول َل ُه ُكن َفَي ُكو ُن‬

‫وتصغير ليعرف الخلق إهانتها فال يركنوا إليها ويرجعوا إلى‬


‫ًا‬ ‫قال الحسين‪ :‬أبدأ هللا األكوان كلها بقوله‪" :‬كن" إهانة‬
‫خصوصا أعتقهم من رق الكون وأحياهم به‬‫ً‬ ‫مبدئها ومنشئها فشغلت الخلق زينة الكون فتركهم معه واختار من خواصه‬
‫فلم يجعل للعلل عليهم سبيالً وال لآلثار فيهم طريًقا‪.‬‬

‫سورة الصافات (من اآلية ‪ 4‬الى اآلية ‪)4‬‬

‫ِإ َّن ِإَلـٰه ُكم َلو ِ‬


‫احٌد‬ ‫َ ْ َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬هو الواحد فى معناه الكامل فى ذاته أحد فى واحديته واحد فى حديته‪.‬‬

‫سورة الصافات (من اآلية ‪ 6‬الى اآلية ‪)6‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫الد ْنيا ِب ِز َين ٍة اْل َكو ِ‬
‫اك ِب‬ ‫ِإَّنا َزيََّّنا َّ‬
‫َ‬ ‫آء ُّ َ‬ ‫الس َم َ‬
‫قال ابن عطاء‪ :‬زين هللا تعالى سماء الدنيا بالكواكب ِ‬
‫النيرة وقلوب أوليائه بكواكب المعرفة وهى األنوار الظاهرة‪.‬‬

‫سورة الصافات (من اآلية ‪ 40‬الى اآلية ‪)40‬‬

‫ين‬ ‫ِ‬ ‫ِإالَّ ِعباد َّ ِ‬


‫َّللا اْل ُم ْخَلص َ‬ ‫ََ‬

‫سمعت أبا الحسين الفارسى يقول‪ :‬سمعت أبا عبد هللا الواسطى ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬بالبصرة يقول‪ :‬مدار العبودية على‬
‫ستة أشياء؛ التعظيم والحياء والخوف والرضا والمحبة والهيبة فمن ذكر التعظيم يهيج اإلخالص ومن ذكر الحياء‬
‫يكون العبد على خطرات قلبه‬

‫ظا ومن ذكر الخوف يتوب العبد من الذنوب ومن ذكر الرجاء يتسارع إلى الطاعات ومن ذكر المحبة تصفو له‬
‫حاف ً‬
‫األعمال ومن ذكر الهيبة يدع التملك واالختيار‪.‬‬

‫سمعت أبا الحسين الفارسى يقول‪ :‬سمعت على بن سهل يقول‪ :‬مدار العبودية على خالل ثالث؛ العلم المحكم والنظر‬
‫اللطيف والعمل بما علم؛ ألن قسمة القصد بالعلم وقسمة الرؤية بالبطر وسمة الهزر بالعمل‪.‬‬

‫سمعت محمد بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا بكر بن طاهر يقول‪ :‬صحة البقاء مع هللا إخالص العبودية هلل وفناء رؤية‬
‫العبد مع هللا ببقاء حظه من هللا‪.‬‬

‫سمعت أبا بكر بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت إبراهيم بن شيبان يقول‪ :‬علم البقاء والفناء يدور على إخالص الوحدانية‬
‫وصحة العبودية وما كان غير هذا فهى المغاليط والزندقة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬طلب اإلخالص مع مقاربة الذنوب تَ ٍ‬
‫من‪.‬‬

‫سمعت أبا عثمان المغربى يقول‪ :‬وقد سئل عن اإلخالص فقال‪ :‬ما ال يكون للنفس فيه حظ بحال وذلك إخالص‬
‫العوام وإخالص الخواص ما يجرى عليهم ال يهم فتبدوا منهم األفعال وهم عنها بمعزل وتظهر منهم الطاعات وال تقع‬
‫منهم إليها رؤية وال بها اعتداد فذلك إخالص الخواص‪.‬‬

‫سورة الصافات (من اآلية ‪ 55‬الى اآلية ‪)55‬‬

‫اطَلع َفرآه ِفي سو ِ‬


‫آء اْل َج ِحي ِم‬ ‫َّ‬
‫ََ‬ ‫َف َ َ ُ‬

‫قال القاسم‪ :‬االطالع اطالعان‪ :‬اطالع التخصيص فيه الحياء والبقاء واطالع الخسيس فيه الفناء والهلك‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬اطلع فى النار فرأى أمثاله فيها وأشكاله فعلم أن عمله لم ينجه وإنما نجاه فضل ربه‪.‬‬

‫سورة الصافات (من اآلية ‪ 84‬الى اآلية ‪)84‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َّه ِبَقْل ٍب َسلِي ٍم‬
‫آء َرب ُ‬ ‫ِ‬
‫إ ْذ َج َ‬

‫أى مستسلم مفوض فى كل حال إلى ربه راجع إليه بسره ال يتمنى إلى هللا األكوان بما فيها‪.‬‬

‫سورة الصافات (من اآلية ‪ 88‬الى اآلية ‪)89‬‬

‫ِ‬ ‫النجو ِم * َفَق ِِ‬ ‫ظر َن ْ ِ‬


‫يم‬
‫ال إني َسق ٌ‬
‫َ‬ ‫ظ َرًة في ُّ ُ‬ ‫َفَن َ َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬إنى سقيم مما أرى من مخالفتكم وعبادتكم األصنام‪.‬‬

‫أبدا يكون سقيم‬


‫قال بعضهم‪ :‬إنى سقيم القلب لفوت مرادى من خليلى فإن الحبيب ً‬

‫القلب فى القرب والبعد وأنشد‪:‬‬

‫وإن وجد الهوى حلو المذاق‬ ‫وما فى الدهر أشقى من محب‬

‫لخوف تفرق أو الشتيـاق‬ ‫تراه باكيـًا فى كـل وقت‬

‫ويبكى إن دنوا خوف الفراق‬ ‫فيبكى إن ناءوا شوقا إليهم‬

‫وتسخن عينه عند التـالق‬ ‫فتسخن عينـه عند التنائى‬

‫وقال‪ :‬إنى سقيم شائق إلى لقاء الحبيب‪.‬‬

‫وقال الواسطى ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬السقم طبع الحيوان كلها ومن كان آخره الموت فهو سقيم ومعناه سقيم القلب فى‬
‫قضاء حقوق هللا عز وجل وأقبح األشياء بالعبد سقم اإلرادة وهو قلة الصفاء فى المعامالت‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال فارس‪ :‬إنى سقيم القلب إن وافقتكم على أعمالكم‪.‬‬

‫سورة الصافات (من اآلية ‪ 99‬الى اآلية ‪)99‬‬

‫اه ٌب ِإَل ٰى َربِي َسَي ْه ِد ِ‬


‫ين‬ ‫وَقال ِإِني َذ ِ‬
‫َ َ‬

‫قال أبو سعيد الخراز‪ :‬إنى ذاهب إلى ربى لما فنى الموجود وانقطعت القدرة وثبت المشهود بال شاهد قال‪ :‬إنى ذاهب‬
‫إلى ربى‪.‬‬

‫قال الجنيد ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬قوله {ِإِني َذ ِ‬


‫اه ٌب ِإَل ٰى َربِي} قال‪ :‬كأنه نودى كيف تطلب الهداية وأنت تتبع نداء الهيبة‬
‫ين} ثم أمر بذبح ابنه ليخلو سره لربه ألنه سأل الهدى والهداية‪ ،‬وخلو‬ ‫بداء السؤال كقولك {ر ِب هب لِي ِمن َّ ِ ِ‬
‫الصالح َ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬
‫السر مما سوى الحق‪ ،‬فإذا آل الحق إليه وقف السؤال وااللتفات والوسائط حتى تم له مقام الهداية‪.‬‬

‫سورة الصافات (من اآلية ‪ 102‬الى اآلية ‪)102‬‬

‫ؤم ُر َستَ ِج ُدِني ِإن‬ ‫ِ‬ ‫ال يُٰبَن َّي ِإِني أ ََر ٰى ِفي اْل َمَنا ِم أَِني أَ ْذَب ُح َك َفان ُ‬
‫ظ ْر َما َذا تََر ٰى َق َ‬
‫ال ٰيأََبت ا ْف َع ْل َما تُ َ‬ ‫الس ْع َي َق َ‬
‫َفَل َّما َبَل َغ َم َع ُه َّ‬
‫ين‬ ‫َّللاُ ِم َن َّ‬
‫الصاِب ِر َ‬ ‫آء َّ‬‫َش َ‬
‫الس ْعي} [اآلية‪.]102 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬فلما بلغ معه‬
‫َ َ َّ َ َ َ َ َ ُ َّ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬لما بلغ فى الطاعة سعيه وقام بحقوق هللا حسب ما رضى الخليل وقرت عينه بقيامه لحقوق مواله‬
‫وآنس الخليل به وفرح بمكانه وقيل له اذبحه فإنه ال يصلح للخليل أن يعرج على شىء دون خليله وال يفرح بسواه‬
‫فابتلى بذبحه ثم أسلم وقام مقام االستقامة واتبع األمر فداه بذبح عظيم‪.‬‬

‫قوله عز وعال‪ِ{ :‬إِني أ ََر ٰى ِفي اْل َمَنا ِم أَِني أَ ْذَب ُح َك} {اآلية‪].102 :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬القربان ما تقرب به العبد إلى ربه والتقرب غير القرب فإن التقرب للعابدين والقرب للعارفين‪.‬‬

‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول سمعت جعفر بن محمد يقول‪ :‬سمعت الجنيد ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ -‬يقول فى قصة‬
‫إبراهيم لما أمر بذبح ابنه حيث يقول‪ِ{ :‬إِني أ ََر ٰى ِفي اْل َمَنا ِم أَِني أَ ْذَب ُح َك َفان ُ‬
‫ظ ْر َما َذا تَ َر ٰى} أتعزم على الصبر فيما َّ‬
‫حل‬
‫من البالء وإبراهيم عليه السالم خال من مساكنة االشتقاق الذى نشأ من صفة الطبع الذى ال يمكن النفوس مباينته فى‬
‫حين ُم ُسوس البالء فتلقى ذلك باالستبشار وحسن اللقاء بنفس قد برئت من وجود ما ابتليت به قد فارق الرحمة التى‬
‫لوال التمسك بالعصمة لجمت النفس على مسألة صرف البالء‪.‬‬

‫قال الواسطى ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬نقل هللا جل وعال إبراهيم صلى هللا عليه وسلم من حال البشرية إلى غيرها وهو أنه‬
‫لما امتحنه بذبح ابنه أراد أن يزيل عن سره محبة غيره وتثبيتًا فى محبته ألن وجود محبة هللا فى قلب إبراهيم مع رحمة‬
‫الولد محال فنظر إلى أقرب األشياء من قلبه ووحدانية األقرب فأمر بذبحه وليس المبتغى منه تحصيل الذبح إنما هو‬
‫افيا وحصل لنا‬
‫إخالء السر منه وترك عادة الطبيعة وحيث نودى وفديناه بذبح عظيم إنى قد حصلت ما طالبناك به و ً‬
‫منك ما أردناه‪.‬‬

‫َّللاُ ِم َن َّ‬
‫الصاِب ِر َ‬
‫ين} [اآلية‪.]102 :‬‬ ‫آء َّ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ؤم ُر َستَج ُدني إن َش َ‬
‫قوله تعالى‪ٰ { :‬يأََبت ا ْف َع ْل َما تُ َ‬

‫قال أبو سعيد الخراز‪ :‬أسرع اإلجابة بقوله افعل ما تؤمر ألنه قد أخالهما من علم ما يراد بهما كى ال ُيعرجا على‬
‫رؤية السالمة فيزول معنى البالء ومن يقع موضع الخصوص ال يتقرب بالصبر على حقيقة موجودة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الواسطى ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬الصبر إسبال التولى قبل مخامرة المحنة فإذا صادفت المحنة التولى حملها بال‬
‫كلفة‪.‬‬

‫َّللاُ ِم َن‬
‫آء َّ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ؤم ُر َستَج ُدني إن َش َ‬
‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت جعفر الخلدى يقول فى قوله‪{ :‬ا ْف َع ْل َما تُ َ‬
‫ين} قال‪ :‬أخالهما فيما أبالهما من علم يراد بهما كى ال يعرجا على رؤية السالمة والعافية فيزول معنى البالء‬ ‫الصاِب ِر َ‬
‫َّ‬
‫ويجعل مكانه الفضيلة وال يتعلق على حقيقة موجودة وكذلك طوى عنه علم السالمة فى حين القذف فى النار ليعطى‬
‫حقيقة التوكل ويكمل علم التفويض ويستحق اسم التسليم ويتلقى اختيار هللا عز‬

‫وجل باإلخبات والتعظيم وذلك قوله‪ِ{ :‬إ َّن َهـٰ َذا َل ُه َو اْلَبالَ ُء اْل ُمِب ُ‬
‫ين} [اآلية‪.]106 :‬‬

‫سمعت أبا بكر الرازى يقول سمعت أبا بكر الروزبارى يقول‪ :‬غاية البر فى غاية الجفاء وهو فى قصة الخليل صلوات‬
‫هللا وسالمه عليه‪.‬‬

‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬يُٰبَن َّي ِإِني أ ََر ٰى ِفي اْل َمَنا ِم أَِني أَ ْذَب ُح َك َفان ُ‬
‫ؤم ُر}‪.‬‬ ‫ظ ْر َما َذا تَ َر ٰى َق َ‬
‫ال ٰيأََبت ا ْف َع ْل َما تُ َ‬

‫حتى فدى بالذبح العظيم‪.‬‬

‫قال الروزبارى‪ :‬عظيم قدر الذبح حين فدى مثل اسماعيل صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫سورة الصافات (من اآلية ‪ 103‬الى اآلية ‪)103‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َفَل َّما أ َْسَل َما َوَتَّل ُه لِْل َجِب ِ‬
‫ين‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬أنفذا األمر ورضيا به‪.‬‬

‫وقال جعفر عليه السالم‪ :‬أخرج إبراهيم من قلبه محبة ابنه إسماعيل وأخرج إسماعيل من قلبه محبة الحياة‪.‬‬

‫ين} قال فلما سلما من هواجس نفوسهما ورأيا حسن اختيار هللا لهما‪ ،‬وعلما‬ ‫قال بعضهم في قوله‪َ{ :‬فَل َّما أ َْسَل َما َوَتَّل ُه لِْل َجِب ِ‬
‫{وَف َد ْيَناهُ ِب ِذ ْب ٍح‬
‫أن حقيقة المحبة فى الطاعة سلم إسماعيل نفسه لألمر وسلم قلب إبراهيم من الشفقة أتتهما البشرى بقوله َ‬
‫َع ِظيمٍ} [اآلية‪.]107 :‬‬

‫سورة الصافات (من اآلية ‪ 106‬الى اآلية ‪)106‬‬

‫ِإ َّن َهـٰ َذا َل ُه َو اْلَبالَ ُء اْل ُمِب ُ‬


‫ين‬

‫قال الجريرى‪ :‬البالء على ثالثة أوجه على المخلطين نقم وعقوبات‪ ،‬وعلى السابقين تمحيص وكفارات وعلى األولياء‬
‫والصديقين نوع من االختبارات‪.‬‬

‫قال الحسين‪ :‬البالء من هللا والعافية من هللا واألمر عن هللا والنهى إجالل هلل‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الواسطى ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬البالء هو التقليب فى أحواله وشواهده وشواهد التحقيق فهو فى بالء حتى يتقلب‬
‫بالحق فالحق إذ ذاك يتواله بنفسه فيسقط عنه البالء ورؤيته فإن من صحب األحوال فهو قدره ومن صحب الحق‬
‫بالحق فهو حقه‪.‬‬

‫قال الواسطى ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬ألبسه نعتًا من شاهده فسهل عليه بذلك الباليا فلم يؤثر عليه اإليقاع فى النار‬
‫وذبح االبن‪.‬‬

‫قال سهل ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬البالء على وجهين بالء رحمة وبالء عقوبة‪ ،‬فبالء الرحمة يبعث صاحبه على إظهار‬
‫فقره إلى هللا وبالء العقوبة يترك صاحبه على اختياره وتدبيره‪.‬‬

‫سمعت أبا بكر الرازى يقول‪ :‬سمعت نحير النساج يقول‪ :‬دخلت بعض المساجد وإذا فيه بعض الفقراء وكنت أعرفه‬
‫لما رآنى تعلق بى وقال‪ :‬تعطف على فإن محنتى عظيمة قلت‪ :‬فما محنتك؟ قال لى‪ :‬فقدت البالء وقورنت بالعافية‬
‫َف َّ‬
‫وأنت تعلم أن هذه محنة عظيمة فبحثت عن حاله فإذا قد فتح عليه من الدنيا بشىء‪.‬‬

‫قا الجنيد ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬البالء هو الغفلة عن المبلى‪.‬‬

‫سورة الصافات (من اآلية ‪ 107‬الى اآلية ‪)107‬‬

‫َوَف َد ْيَناهُ ِب ِذ ْب ٍح َع ِظي ٍم‬

‫قال‪ :‬عظيم محلها عند هللا ألنه قتل عليها نبى ابن نبى وأحيا عليها نبى ابن نبى‪ ،‬كذلك ذكر فى التفسير أنها كانت‬
‫الشاة التى تقتل من إحدى بنى آدم ترتع فى الجنة إلى زمان إبراهيم ففدى به إسماعيل صلى هللا عليهما وسلم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬الحكمة فى أمر هللا إبراهيم بذبح ابنه قال‪ :‬إنما أراد هللا أن يزيل عن سر إبراهيم محبة ولده عليهما‬
‫المبتغى مما أمر هللا به إبراهيم من ذبح االبن إجالء السر وترك عادة‬ ‫السالم لكى ال يزاحم محبته محبة غيره‪ .‬و َ‬
‫{وَف َد ْيَناهُ ِب ِذ ْب ٍح َع ِظيمٍ} أى قد حصلت ما‬
‫الطبيعة ال حصول الذبح أال ترى أنه لما أمر السكين انقلبت فلم تقطع فنودى َ‬
‫طالبناك به من طريق اإلشارة فيما تقدمنا إليك‪.‬‬

‫سورة الصافات (من اآلية ‪ 108‬الى اآلية ‪)108‬‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َوتَ َرْكَنا َعَل ْيه في اآلخ ِر َ‬
‫ين‬

‫حسنا وقوالً عند جميع األمم‪.‬‬


‫ثناء ً‬
‫قال الواسطى ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ً :-‬‬

‫سورة الصافات (من اآلية ‪ 105‬الى اآلية ‪)105‬‬

‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫الرْؤَيآ ِإَّنا َك َذل َك َن ْجزِي اْل ُم ْحسن َ‬
‫ين‬ ‫صَّد ْق َت ُّ‬
‫َق ْد َ‬
‫ِِ‬ ‫قوله عز وعال‪ِ َ :‬‬
‫{ك َذل َك َن ْجزِي اْل ُم ْحسن َ‬
‫ين} [اآلية‪.]105 :‬‬

‫سمعت أبا بكر الرازى يقول‪ :‬سمعت أبا بكر الكتانى يقول‪ :‬المحسن من أحسن إلى‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫نفسه فال يوقعها فى الورطات ومحسن إلى الخلق فال يؤذيهم بسوء خلقه ومحسن عبادة ربه فال يشوبها بشىء من‬
‫الرياء‪.‬‬

‫سمعت محمد بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت الكتانى يقول‪ :‬بين العبد وبين هللا ألف مقام من نور وظلمة وإنما كان‬
‫اجتهادهم فى قطع الظلمة حتى وصلوا إلى النور فلم يكن له رجوع فذلك جزاء المحسنين‪.‬‬

‫سورة الصافات (من اآلية ‪ 143‬الى اآلية ‪)143‬‬

‫ِ‬ ‫َفَلوالَ أََّنه َك ِ‬


‫ان م َن اْل ُم َسِبح َ‬
‫ين‬ ‫ْ ُ َ‬

‫قال سهل‪ :‬من القائمين بحقوق هللا قبل البالء‪.‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬من العارفين أن تسبيحه ال ينجيه مما هو فيه وإنما ينجيه منه‪ :‬الفضل وسابق القضاء‪.‬‬

‫ِ‬ ‫قال بعضهم فى قوله {َفَلوالَ أََّنه َك ِ‬


‫ان م َن اْل ُم َسِبح َ‬
‫ين} أى من المتعرفين إلينا فى الرخاء قبل الشدائد وهو كما قال النبى‬ ‫ْ ُ َ‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪" :‬تعرف إلى هللا فى الرخاء يعرفك فى الشدة‬

‫‪".‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الصافات (من اآلية ‪ 161‬الى اآلية ‪)163‬‬

‫ين * ِإالَّ م ْن ُهو ص ِ‬


‫ال اْل َج ِحي ِم‬ ‫ِ ِِ‬
‫َ َ َ‬ ‫َفِإَّن ُك ْم َو َما تَ ْعُب ُدو َن * َمآ أَنتُ ْم َعَل ْيه ِبَفاتن َ‬

‫وبعد التوفيق منه بقوله‬


‫شيئا سواه فذلك لترادف الفتنة عليه ُ‬ ‫قال أبو عثمان‪ :‬من مال إلى شىء سوى هللا أو عظم ً‬
‫ين ِإالَّ م ْن ُهو ص ِ‬
‫ال اْل َج ِحيمِ}‪.‬‬ ‫ِ ِِ‬
‫َ َ َ‬ ‫تعالى‪َ { :‬فِإَّن ُك ْم َو َما تَ ْعُب ُدو َن َمآ أَنتُ ْم َعَل ْيه ِبَفاتن َ‬

‫قال القاسم‪ :‬ما أنتم عليه بمضلين إال من أوجبت عليه الضاللة فى السابقة‪.‬‬

‫سورة الصافات (من اآلية ‪ 164‬الى اآلية ‪)164‬‬

‫ِ ِ َّ‬
‫وم‬ ‫َو َما مَّنآ إال َل ُه َمَق ٌ‬
‫ام َّم ْعُل ٌ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬لك مقام الشهادة ولهم مقام الخدمة‪.‬‬

‫قال جعفر‪ :‬الخلق مع هللا مقامات شتى‪َ ،‬من تجاوز حده هلك فلألنبياء مقام المشاهدة وللرسل مقام العيان وللمالئكة‬
‫مقام الهيبة وللمؤمنين مقام الدنو والخدمة وللعصاة مقام التوبة وللكفار مقام الطرد واللعنة هذا معنى قوله‪{ :‬وما ِمَّنآ ِإالَّ‬
‫ََ‬
‫وم}‪.‬‬
‫ام َّم ْعُل ٌ‬
‫َل ُه َمَق ٌ‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬معلوم فى علم هللا إلى ماذا يصير أهل كل مقام‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الصافات (من اآلية ‪ 165‬الى اآلية ‪)166‬‬

‫الص ُّآفو َن * َوإَِّنا َلَن ْح ُن اْل ُم َسِب ُحو َن‬


‫َوإَِّنا َلَن ْح ُن َّ‬

‫الص ُّآفو َن} فلما أظهروا‬


‫{وإَِّنا َلَن ْح ُن َّ‬
‫قال بعضهم‪ :‬لذلك قطعت بهم مقاماتهم عن مالحظة المنة حتى قالوا بالمفتخر‪َ :‬‬
‫يها} [البقرة‪.]30 :‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يها َمن ُيْفس ُد ف َ‬
‫سرائرهم عارضوا إظهار أفعال الربوبية بالمعارضة حتى قالوا‪{ :‬أَتَ ْج َع ُل ف َ‬

‫سورة ص (من اآلية ‪ 1‬الى اآلية ‪)1‬‬

‫آن ِذي ِ‬
‫الذ ْك ِر‬ ‫ص َواْلُق ْر ِ‬

‫قوله عز وعال‪{ :‬ص} [اآلية‪.]1 :‬‬

‫قال ابن عطاء ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬صفاء قلوب العارفين وما أودعت فيها من لطائف الحكمة وشريف الذكر ونور‬
‫المعرفة‪.‬‬

‫آن ِذي ِ‬
‫الذ ْك ِر} [اآلية‪.]1 :‬‬ ‫{واْلُق ْر ِ‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ذى البيان الشافى واالعتبار والموعظة البليغة‪.‬‬

‫سورة ص (من اآلية ‪ 2‬الى اآلية ‪)2‬‬

‫ين َكَف ُروْا ِفي ِعَّزٍة وِشَق ٍ‬ ‫َّ ِ‬


‫اق‬ ‫َ‬ ‫َب ِل الذ َ‬

‫أى فى غفلة وإعراض عما يراد بهم وذلك منهم قريب‪.‬‬

‫سورة ص (من اآلية ‪ 6‬الى اآلية ‪)6‬‬

‫صِب ُروْا َعَل ٰى آلِ َهِت ُك ْم ِإ َّن َهـٰ َذا َل َشي ٌء ُي َرُاد‬
‫ام ُشوْا َوْا ْ‬ ‫طَل َق اْل َمألُ ِم ْن ُه ْم أ ِ‬
‫َن ْ‬ ‫َوان َ‬
‫ْ‬
‫صِب ُروْا َعَل ٰى آلِ َهِت ُك ْم} [اآلية‪.]6 :‬‬
‫ام ُشوْا َوْا ْ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أ ِ‬
‫َن ْ‬

‫قال عمر‪ :‬لقد وبخ هللا عز وجل التاركين للصبر على دينهم بما أخبر عن الكفار‬

‫صِب ُروْا َعَل ٰى آلِ َهِت ُك ْم} هذا توبيخ لمن ترك الصبر من المؤمنين على دينه‪.‬‬
‫ام ُشوْا َوْا ْ‬ ‫بقوله‪{ :‬أ ِ‬
‫َن ْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة ص (من اآلية ‪ 17‬الى اآلية ‪)17‬‬

‫ِ‬
‫ود َذا األ َْيد ِإَّن ُه أََّو ٌ‬
‫اب‬ ‫اصِبر َعَل ٰى َما َيُقوُلو َن َوا ْذ ُك ْر َع ْب َدَنا َد ُاو َ‬
‫ْ‬

‫{اصِبر َعَل ٰى َما َيُقوُلو َن} [اآلية‪.]17 :‬‬


‫قوله تعالى‪ْ :‬‬

‫سمعت عبد هللا الرازى يقول‪ :‬كتبت هذا من كتاب أبى عثمان وذكر أنه من كالم‬

‫شاه‪ :‬عالمة الصبر ثالثة أشياء ترك الشكوى وصدق الرضا وقبول القضاء بحالوة‬

‫القلب‪.‬‬

‫سئل بعضهم عن الصبر قال‪ :‬هو الفناء فى البالء بال ظهور اشتكاء‪.‬‬

‫سورة ص (من اآلية ‪ 20‬الى اآلية ‪)20‬‬

‫ط ِ‬
‫اب‬ ‫ص َل اْل ِخ َ‬ ‫ِ‬
‫َو َش َد ْدَنا ُمْل َك ُه َوآتَْيَناهُ اْلح ْك َم َة َوَف ْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫{و َش َد ْدَنا ُمْل َك ُه} [اآلية‪.]20 :‬‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫قال أبو بكر بن طاهر‪ :‬بالعقل والتأنى‪.‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬بالتوفيق واإلنابة‪.‬‬

‫قال الجنيد‪ :‬صرفنا نظره عن الملك بدوام نظره إلى الملك‪.‬‬

‫قال سهل‪ :‬بوزراء صالحين يدلونه على الخير كما قال النبى صلى هللا عليه وسلم‪" :‬إن هللا إذا أراد‬

‫{و َش َد ْدَنا ُمْل َك ُه} قال‪ :‬بالعدل‪.‬‬ ‫بو ٍ‬


‫أيضا‪َ :‬‬
‫خير جعل له وزير صدق إن نسى ذكره وإن ذكر أعانه"‪ .‬وقال ً‬
‫ال ًا‬

‫ط ِ‬
‫اب} [اآلية‪.]20 :‬‬ ‫ص َل اْل ِخ َ‬ ‫ِ‬
‫{وآتَْيَناهُ اْلح ْك َم َة َوَف ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫علما وألهمناه بمواعظ آمته ونصيحتهم‪.‬‬ ‫ِ‬


‫{وآتَْيَناهُ اْلح ْك َم َة} أى أعطيناه ً‬
‫قال سهل ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪َ :-‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬العلم والفهم‪ .‬وقال فى موضع آخر‪ :‬العلم بنا والفهم َّ‬
‫عنا‪.‬‬

‫وقال جعفر‪ :‬صدق القول وصحة العقد والثبات فى األمور‪.‬‬

‫قال ابن طاهر‪ :‬مخالطة القول ومجانبة األشرار‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة ص (من اآلية ‪ 24‬الى اآلية ‪)24‬‬

‫آمُنوْا َو َع ِمُلوْا‬ ‫ط ِآء َليب ِغي بعضهم عَلى بع ٍ َّ َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ض ِإال الذ َ‬
‫ين َ‬ ‫ظَل َم َك ِب ُس َؤال َن ْع َجت َك ِإَل ٰى ن َعا ِجه َوِإ َّن َكثي اًر م َن اْل ُخَل َ َ ْ َ ْ ُ ُ ْ َ ٰ َ ْ‬ ‫ال َلَق ْد َ‬
‫َق َ‬
‫ِ‬ ‫َّ ِ ِ ِ‬
‫اب‬
‫َّه َو َخَّر َراكعاً َوأََن َ‬ ‫ود أََّن َما َفتََّناهُ َف ْ‬
‫استَ ْغَف َر َرب ُ‬ ‫ظ َّن َد ُاو ُ‬
‫يل َّما ُه ْم َو َ‬
‫الصال َحات َوَقل ٌ‬
‫ِ‬
‫اب} [اآلية‪.]24 :‬‬
‫َّه َو َخَّر َراكعاً َوأََن َ‬ ‫ود أََّن َما َفتََّناهُ َف ْ‬
‫استَ ْغَف َر َرب ُ‬ ‫ظ َّن َد ُاو ُ‬
‫{و َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال عثمان‪ :‬أيقن داود بأوائل البالء فالتجأ إلى التضرع‪.‬‬

‫قال أبو سعيد الخراز‪ :‬زالت األنبياء فى الظاهر زالت وفى الحقيقة كرامات وزلف أال ترى إلى قصة داود صلى هللا‬
‫عليه وسلم حين أحس بأوائل أمره كيف استغفر وتضرع فأخبر هللا عنه بما ناله فى حال خطيئته من الزلفى فقال‪:‬‬
‫وظن داود أنما فتناه فتضرع ورجع وكان له بذلك عندنا زلفى وحسن مآب‪.‬‬

‫اب}‪.‬‬ ‫ِ‬
‫{و َخَّر َراكعاً َوأََن َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫اب} اإلنابة هى الرجوع من الغفلة إلى الذكر مع انكسار القلب وانتظار المقت‪.‬‬
‫{وأََن َ‬
‫قال سهل‪َ :‬‬

‫منيبا إالَّ من رجع على ربه‬


‫تائبا وال يسمى ً‬
‫قال أبو عثمان‪ :‬اإلنابة أجل من التوبة ألن التائب يرجع نفسه فيسمى ً‬
‫بالكلية وفارق المخالفات أجمع‪.‬‬

‫قال القاسم‪ :‬إنابة العبد أن يرجع إلى ربه من نفسه وقلبه وروحه فإنابة النفس أن يشغلها بخدمته وطاعته وإنابة القلب‬
‫أن يخليه مما سواه وإنابة الروح دوام الذكر حتى ال يذكر غيره وال يتفكر إال فيه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة ص (من اآلية ‪ 25‬الى اآلية ‪)25‬‬

‫َف َغَف ْرَنا َل ُه َذلِ َك وإِ َّن َل ُه ِع َندَنا َل ُ ْزلَف ٰى وحس َن م ٍ‬


‫ـآب‬ ‫َُْ َ‬ ‫َ‬

‫قوله تعالى‪َ { :‬ف َغَف ْرَنا َل ُه َذلِ َك} [اآلية‪.]25 :‬‬

‫قال جعفر‪ :‬ومن ذلك ما ذكره هللا جل وعز من نبيه داود صلى هللا عليه وسلم وبلواه ومحنته ما خرج إليه من عظيم‬
‫التنصل واالعتذار ودوام البكاء واألحزان والخوف العظيم حتى لحق بربه فهذه وإن كانت المواقعة فيها تتسع فإن‬
‫َّ‬
‫ود أََّن َما َفتََّناهُ‬
‫ظ َّن َد ُاو ُ‬
‫{و َ‬
‫عاقبتها عظمت وجلت وعلت ألن هللا قد أعطاه بذلك الزلفى والحظوة قال هللا جل وعز‪َ :‬‬
‫اكعاً وأََناب * َف َغَف ْرَنا َل ُه َذلِ َك وإِ َّن َل ُه ِع َندَنا َل ُ ْزلَف ٰى وحس َن م ٍ‬
‫ـآب}‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َُْ َ‬ ‫َ‬ ‫َّه َو َخَّر َر َ َ‬
‫استَ ْغَف َر َرب ُ‬
‫َف ْ‬

‫خائفا منها وهارًبا عنها حتى لحق باهلل عز‬


‫قال أبو سليمان الدارانى‪ :‬ما عمل داود عمالً أتم له من الخطيَّة ما زال ً‬
‫وجل‪.‬‬

‫سورة ص (من اآلية ‪ 26‬الى اآلية ‪)26‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َّللاِ ِإ َّن َّال ِذين ي ِ‬
‫ضُّلو َن‬ ‫اس ِباْلح ِق والَ تَتَِّب ِع اْلهو ٰى َفي ِ‬
‫ضَّل َك َعن سِب ِ‬ ‫اك َخلِ َيف ًة ِفي األ َْر ِ‬
‫َ َ‬ ‫يل َّ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َ َ‬
‫الن ِ‬
‫اح ُك ْم َب ْي َن َّ‬
‫ض َف ْ‬ ‫ود ِإَّنا َج َعْلَن َ‬
‫ي َٰد ُاو ُ‬
‫اب َش ِد ُيد ِبما َنسوْا يوم اْل ِحس ِ‬
‫اب‬ ‫يل َّ ِ‬‫َعن سِب ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ َْ َ‬ ‫َّللا َل ُه ْم َع َذ ٌ‬ ‫َ‬
‫اك َخلِ َيف ًة ِفي األ َْر ِ‬
‫ض} [اآلية‪.]26 :‬‬ ‫ود ِإَّنا َج َعْلَن َ‬
‫قوله عز وعال‪{ :‬ي َٰد ُاو ُ‬

‫قال أبو سعيد الخراز‪ :‬النفس مطبوعة إلى ما يجلب الهوى ما لم يحجزها الخوف‬

‫وأن الشر بحذافيره فى حرمان الخوف وما تجلب النفس من الطبع واتباع الهوى وقد حرم هللا عليك هواها فى محكم‬
‫اح ُك ْم َب ْي َن‬ ‫اك َخلِ َيف ًة ِفي األ َْر ِ‬
‫ض َف ْ‬ ‫ود ِإَّنا َج َعْلَن َ‬
‫الكتاب وحسبك من معرفة شرها أن جعل هواها ضد الحق فقال‪{ :‬ي َٰد ُاو ُ‬
‫أعلمك فى اتباع الهوى ضالالً‪.‬‬ ‫يل َّ ِ‬ ‫اس ِباْلح ِق والَ تَتَِّب ِع اْلهو ٰى َفي ِ‬
‫ضَّل َك َعن سِب ِ‬ ‫الن ِ‬
‫َّ‬
‫َّللا}‪َ .‬‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َ َ‬

‫اك َخلِ َيف ًة ِفي األ َْر ِ‬


‫ض} لتحكم فى عبادى بحكمى وال تتبع هواك فيهم ورأيك‬ ‫{ج َعْلَن َ‬
‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪َ :‬‬
‫وتحكم لهم كحكمك لنفسك بل تضييق على نفسك وتوسع عليهم‪.‬‬

‫سورة ص (من اآلية ‪ 29‬الى اآلية ‪)29‬‬

‫ك لِيَّدبَّروْا آي ِات ِه ولِيتَ َذ َّكر أُوُلوْا األَْلب ِ‬


‫اب‬ ‫اب أ َ ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َنزلَناهُ إَل ْي َك ُمَب َار ٌ َ ُ َ َ َ َ ْ‬ ‫كتَ ٌ‬
‫ِ‬
‫َنزلَناهُ ِإَل ْي َك ُمَب َار ٌ‬
‫ك} [اآلية‪.]29 :‬‬ ‫اب أ َ ْ‬
‫قوله عز وعال‪{ :‬كتَ ٌ‬

‫قال بعضهم‪ :‬ال سبيل إلى فهم كتاب هللا إال بقراءته بالتدبر والتفكر والتيقظ والتذكر وحضور القلب فيه كما قال عز‬
‫ك لِيَّدبَّروْا آي ِات ِه ولِيتَ َذ َّكر أُوُلوْا األَْلب ِ‬
‫اب}‪.‬‬ ‫اب أ َ ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َنزلَناهُ إَل ْي َك ُمَب َار ٌ َ ُ َ َ َ َ ْ‬ ‫وجل {كتَ ٌ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬مبارك على من يسمعه منك فيفهم المراد منه وفيه ويحفظ آدابه وشرائعه وموعظة أولى العقول‬
‫السليمة الراجحة إلى هللا فى المشكالت‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬من أصابته بركة القراءة رزق التدبر فى آياته ومن رزق التدبر لم يحرم التذكر واالتعاظ به‪ ،‬قال هللا‬
‫ك لِيَّدبَّروْا آي ِات ِه ولِيتَ َذ َّكر أُوُلوْا األَْلب ِ‬
‫اب}‪.‬‬ ‫اب أ َ ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َنزلَناهُ إَل ْي َك ُمَب َار ٌ َ ُ َ َ َ َ ْ‬ ‫تعالى‪{ :‬كتَ ٌ‬

‫سورة ص (من اآلية ‪ 30‬الى اآلية ‪)30‬‬

‫ووهبنا لِداوود سَليم ِ‬


‫ان ن ْع َم اْل َع ْب ُد ِإَّن ُه أََّو ٌ‬
‫اب‬ ‫َ َ ََْ َ ُ َ ُ ْ َ َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬العبودية هى الزبول عند موارد الربوبية والخمول تحت صفات األلوهية‪.‬‬

‫مطروحا عند ربه كالميت فى يد الغاسل ال يكون له تدبير وال‬


‫ً‬ ‫سئل الجنيد رحمة هللا عليه من العبد؟ فقال الذى يكون‬
‫حركة وإنما تدبيره ما يدبر فيه وحركته كما يحرك‪.‬‬

‫حكما بل األمالك وما دارت عليه األفالك لسيده وعالمة صدق‬ ‫قال بعضهم‪ :‬العبد الذى ال يرى لنفسه ً‬
‫ملكا وال ً‬
‫العبودية إظهار وسم العبودية فيه وهو االنكسار والتذلل واالستكانة والخضوع‪.‬‬

‫آمر‪.‬‬
‫مأمور ال ًا‬
‫ًا‬ ‫وسئل أبو حفص من العبد؟ قال من يرى نفسه‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫خير إالَّ استغفر منها‪.‬‬
‫قال عبد العزيز المكى‪ :‬األواب‪ :‬الذى ال يطيع طاعة وال يفعل ًا‬

‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم المصرى يقول عن ابن عطاء فى قوله {أََّو ٌ‬
‫اب}‪.‬‬

‫قال سريع الرجوع إلى ربه فى كل نازلة تنزل به واألواب ال ارجع إليه الذى ال يستغنى بغيره وال يستعين بسواه‪.‬‬

‫سورة ص (من اآلية ‪ 33‬الى اآلية ‪)33‬‬

‫اق‬ ‫طِف َق َم ْسحاً ِب ُّ‬


‫السو ِق َواأل ْ‬
‫َعَن ِ‬ ‫ُرُّد َ‬
‫وها َعَل َّي َف َ‬

‫قال أبوسعيد القرشى من غار هللا وتحرك له فإن هللا يشكر له ذلك أال ترى سليمان لما شغلته األفراس عن الصلوات‬
‫مسحا بالسوق واألعناق‪.‬‬
‫حتى توارت الشمس بالحجاب قال‪ :‬ردوها َعَل َّى فطفق ً‬

‫وقيل‪ :‬إنه كان عشرون ألف فرس منقش ذوات أجنحة أخرجتهم الشياطين من البحر فشكر هللا له صنيعه فقال فسخرنا‬
‫مركبا أهنى منهم وأنعم‪.‬‬
‫له الريح أبدله ً‬

‫قال بعضهم‪ :‬قالت النملة لسليمان عليه السالم تدرى لم سخر لك الريح من جميع المملكة فقال ال قالت إنما فعل ذلك‬
‫لتعتبروا لحكم أن جميع ما أعطيتك زواله كزوال الريح فال تغتر به‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة ص (من اآلية ‪ 35‬الى اآلية ‪)35‬‬

‫ِ‬ ‫اغِفر لِي وهب لِي مْلكاً الَّ ينب ِغي أل ٍ ِ‬


‫َّاب‬ ‫َحد من َب ْعدي ِإَّن َك أ َ‬
‫َنت اْل َوه ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫ََْ‬ ‫ال َر ِب ْ ْ‬
‫َق َ‬

‫{و َه ْب لِي ُمْلكاً الَّ َي َنب ِغي} [اآلية‪.]35 :‬‬


‫قوله عز وعال‪ :‬رب َ‬

‫أى المعرفة بك حتى ال أرى معك غيرك وال تشغلنى بكثرة عروض الدنيا عنك‪.‬‬

‫ملكا ال ينبغى ألحد من بعده ليقصم به الجبابرة والكفرة الذين يخالفون‬


‫قال سهل‪ :‬ألهم هللا عز وجل سليمان أن يسأله ً‬
‫ربهم ويدعون ألنفسهم قدره وقوة من الجن واإلنس فوقع من سليمان السؤال على اختيار هللا له ال على اختياره لنفسه‬
‫عاجز‪.‬‬
‫ًا‬ ‫ملكا على نفسى فإنى إن ملكت الدنيا وال أملك نفسى أكون‬
‫فقال حينئذ هب لى ً‬

‫الملك فإنه يشغل عن الملك‪.‬‬


‫ملكا ثم رجع ونظر فيما سأل فقال‪ :‬ال ينبغى ألحد من بعدى يسأل ُ‬
‫أيضا‪ :‬هب لى ً‬
‫وقال ً‬

‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول سمعت أبا القاسم البزاز يقول‪ :‬قال ابن عطاء ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬إنما سأله ذلك‬
‫لينال حسن الصبر فى الكف عن الدنيا ويظهر جميل االجتهاد فيها ألن الزاهد فى الدنيا من نالها فصبر عنها‪.‬‬

‫قال جعفر‪ :‬هب لى القنوع بقسمتك حتى ال يكون مع اختيارك اختيار‪.‬‬

‫قال ابن عطاء ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬لما سأل سليمان عليه السالم من هللا الملك سخر له الريح وأعلمه بذلك أن ما‬
‫سواه ريح ال بقاء له وال دوام وأن العاقل من يكون سؤاله الباقى والدائم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬سأله ملك الدنيا لينظر كيف صبره عن الدنيا مع القدرة عليها‪.‬‬

‫{ه ْب لِي ُمْلكاً} قال‪ :‬هو أن ال يشغله عن ربه شىء مما أتاه من الملك فيكون حجة‬
‫قال محمد بن على فى قوله‪َ :‬‬
‫على ما بعده من الملوك وأبناء الدنيا‪.‬‬

‫{ه ْب لِي ُمْلكاً} كان سليمان بن داود عليه السالم فى ملكه إذا دخل المسجد وجالس‬
‫قال محمد بن على‪ :‬فى قوله َ‬
‫مسكينا‪.‬‬
‫ً‬ ‫المساكين يقول‪ :‬مسكين جالس‬

‫سورة ص (من اآلية ‪ 36‬الى اآلية ‪)36‬‬

‫ِ ِِ‬ ‫َف َس َّخ ْرَنا َل ُه ِ‬


‫اب‬
‫َص َ‬ ‫يح تَ ْجرِي بأ َْمره ُر َخ ً‬
‫آء َح ْي ُث أ َ‬ ‫الر َ‬

‫يح} [اآلية‪.]36 :‬‬ ‫قوله عز وعال‪َ { :‬ف َس َّخ ْرَنا َل ُه ِ‬


‫الر َ‬

‫مسحا بالسوق واألعناق لما فاته من الصالة باالشتغال بهن شكر هللا له‬ ‫قال ابن عطاء‪ :‬لما طفق سليمان باألفراس ً‬
‫يح تَ ْجرِي‬ ‫فرسا ال تحتاج إلى رائض وال علف وال يبول وال يورث وهو الريح قال هللا تعالى‪َ{ :‬ف َس َّخ ْرَنا َل ُه ِ‬
‫الر َ‬ ‫ذلك وأبدله ً‬
‫ِبأ َْم ِِره} ألن الفرس خلق من الريح على ما ذكر عن الشعبى لما غار سليمان على فوت أمر هللا وهى الصالة وأفنى‬
‫الذى شغله عن ذكر هللا عوضه هللا عليه ما هو أجل مما ترك فى جنب هللا وهو تأديب بأن من شغله عن هللا شىء‬
‫فتركه وأقبل على ربه عوضه هللا عز وجل عليه ما هو خير وأبقى‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة ص (من اآلية ‪ 39‬الى اآلية ‪)39‬‬

‫آؤَنا َفامُن ْن أَو أَم ِس ْك ِب َغ ْي ِر ِحس ٍ‬


‫اب‬ ‫َ‬ ‫طُ ْ ْ ْ‬ ‫َهـٰ َذا َع َ‬

‫قال ابن عطاء ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ -‬فى هذه اآلية‪ :‬أمنن على من أردت بعطايانا فإنا ال نمن عليك بذلك وال نمن‬
‫يم ِ‬
‫ان}[الحجرات‪.]17 :‬‬ ‫َن َه ُ ِ ِ‬ ‫عليك إال بالمعرفة والهداية قال‪{َ :‬ب ِل َّ‬
‫َّللاُ َي ُم ُّن َعَل ْي ُك ْم أ ْ‬
‫داك ْم لإل َ‬

‫سورة ص (من اآلية ‪ 44‬الى اآلية ‪)44‬‬

‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫وخ ْذ ِبي ِد ِ‬


‫صاِب اًر ن ْع َم اْل َع ْب ُد ِإَّن ُه أََّو ٌ‬
‫اب‬ ‫ِ‬
‫اض ِرب به َوالَ تَ ْحَن ْث إَّنا َو َج ْدَناهُ َ‬
‫ك ض ْغثاً َف ْ‬
‫َُ َ َ‬
‫ِ‬
‫صاِب اًر ن ْع َم اْل َع ْب ُد ِإَّن ُه أََّو ٌ‬
‫اب} [اآلية‪.]44 :‬‬ ‫ِ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬إَّنا َو َج ْدَناهُ َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬وقف معنا بحسن األدب ال يؤثر عليه دوام النعم وال يزعجه تواتر البالء والمحن لمشاهدة المنعم‬
‫والمبلى ونعم العبد عبد ال يشغله مال عنا‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬الصبر الفناء فى الباليا بال إظهار شكوى‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫صاِب اًر ِن ْع َم اْل َع ْب ُد} قال‪ :‬يثنى عليه بوجود ما أوجده عليه من الصبر فما‬ ‫ِ‬
‫قال أبو سعيد الخراز فى قوله {إَّنا َو َج ْدَناهُ َ‬
‫ظنك بولى تواله فى بالئه بتواتر النعماء وعرفه قدر اآلالء وال تخليه طرفة عين من نظره يرى البالء من حسن‬
‫عبد صبر على مشاهدة مبليه ال على‬‫مختار لمن اختاره فنعم العبد ٌ‬
‫ًا‬ ‫االختيار هل يتلذذ بما اختار له وليه إذ لم يزل‬
‫رؤية الثواب لذلك كان أيوب عليه السالم يرد الدود إلى نفسه ليستوفى منه رزقه كى ال يفوته جزء من البالء فى تلذذه‬
‫بالبالء فى مشاهدة المبلى‪.‬‬

‫صاِب اًر ِن ْع َم اْل َع ْب ُد}‪ ،‬وقال فى‬ ‫ِ‬


‫قال القاسم‪ :‬محنة األنبياء تقاربت وترتبت وكشف عن حالهم للعوام كقوله‪{ :‬إَّنا َو َج ْدَناهُ َ‬
‫قوله‪ِ{ :‬إَّن ُه أََّو ٌ‬
‫اب} أى راجع إلينا فى السراء والضراء‪.‬‬

‫قال ابن عطاء ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ِ{ :-‬إَّن ُه أََّو ٌ‬


‫اب} أى راجع إلى هللا فى صبره لم يطالع نفسه فيه ألن تبدد الهم من‬
‫أعظم العقوبات‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬لم يستعذب البالء من لم ير البالء عطاء‪ .‬نعم العبد عبد سره بالؤنا كما سره عطاؤنا نعم العبد عبد‬
‫عرف أن ال رجوع له إال إلى مواله فرجع إليه‪.‬‬

‫فقال ابن عطاء‪ :‬إنه أواب عارف بتقصير الخلق ونقصانهم‪ ،‬وكمال الحق ووجوده فرجع إلى حد الكمال والوجود‪.‬‬

‫{م َّسِني ُّ‬


‫الضُّر} [األنبياء‪ ]83 :‬فقال‪ :‬مرة نطق‬ ‫صاِب اًر ِن ْع َم اْل َع ْب ُد} وقوله‪:‬‬ ‫ِ‬
‫قال محمد بن حصيف فى قوله‪{ :‬إَّنا َو َج ْدَناهُ َ‬
‫َ َ‬
‫عن نفسه ومرة كان مستنطًقا‪.‬‬

‫قال الجنيد ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬الصبر إسبال التولى قبل مخامرة المحنة فإذا صادفت المحنة التولى حملها بال كلفة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ذو النون ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬الصبر التباعد عن المخالفات والسكوت عند تجرع غصص البلية وإظهار العناء‬
‫مع حلول الفقر بساحة المعيشة‪.‬‬

‫قال أبو سليمان الدارانى‪ :‬األواب الذى ال يشغل إال بربه‪.‬‬

‫وقال أبو حفص‪ :‬األواب الشاكر بالسر والعالنية عند فوادح األمور‪.‬‬

‫صاِب اًر ِن ْع َم اْل َع ْب ُد} قال‪ :‬معناه‬ ‫ِ‬


‫سمعت محمد بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا الحسن زرعان يقول فى قوله‪{ :‬إَّنا َو َج ْدَناهُ َ‬
‫استلذ بوجود البالء مع هللا فاستزاد من البالء‬

‫{م َّسِني ُّ‬


‫الضُّر} [األنبياء‪ ]83 :‬حيث ظهر على آثار العافية فإن العيش فى البالء مع هللا عيش‬ ‫وذلك فى قوله‪:‬‬
‫َ َ‬
‫الخواص وعيش العافية مع هللا عيش العوام‪.‬‬

‫مستغنيا بربه فى‬


‫ً‬ ‫صابر أى‬
‫ًا‬ ‫سمعت أبا بكر الرازى يقول‪ :‬سمعت أبا سعيد بن األعرابى يقول فى قوله‪ :‬إنا وجدناه‬
‫صبره فتم له الصبر بذلك واستوجب الثناء بقوله‪{ِ :‬ن ْع َم اْل َع ْب ُد}‪.‬‬

‫سورة ص (من اآلية ‪ 46‬الى اآلية ‪)46‬‬

‫ص ٍة ِذ ْك َرى َّ‬
‫الد ِار‬ ‫َخَلصَن ِ ِ‬
‫ِإَّنآ أ ْ ْ ُ‬
‫اه ْم ب َخال َ‬

‫وليس من ذكر هللا باهلل كمن ذكر هلل بذكر هللا‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الواسطى ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬أخلصناهم بخالصة لم يبق عليهم معها ذكر وهو الكونين وما فيهما‪.‬‬

‫وقال مالك بن دينار‪ :‬نزع هللا ما فى قلوبهم من حب الدنيا‪ ،‬وأخلصهم بحب اآلخرة‪.‬‬

‫قال ابن عطاء ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬أخلصه للمحبة فاتخذه خليالً‪.‬‬

‫وقال أبو يعقوب السوسى‪ :‬لما أخلصناهم بخالصة صفت قلوبهم لذكره عند ذلك ورقت أرواحهم بإرادته فهو فى‬
‫{سَبَق ْت َل ُه ْم ِمَّنا اْل ُح ْسَن ٰى} [األنبياء‪ ]101 :‬ففازوا بدرجة المخلصين‪.‬‬
‫مكشوف ما تقدم لهم فالغيب َ‬

‫ص ٍة‬ ‫َخَلصَن ِ ِ‬
‫وقال فارس‪ :‬أخبر هللا عن المريدين أنهم أهل الصفوة من عباده الخالصة من خلقه بقوله‪ِ{ :‬إَّنآ أ ْ ْ ُ‬
‫اه ْم ب َخال َ‬
‫خالصا كان وصفه شدة غلبة‬ ‫ً‬ ‫َخَي ِار} [اآلية‪ .]47 ،46 :‬فمن كان عنده‬
‫طَف ْي َن األ ْ‬
‫صَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِذ ْك َرى َّ‬
‫الد ِار * َوإَِّن ُه ْم ع َندَنا َلم َن اْل ُم ْ‬
‫موافقة الحق على ظاهره وباطنه‪.‬‬

‫وقال الجنيد ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬ما أراد هللا به من أى عمل كان‪.‬‬

‫سمعت أبا الحسين الفارسى يقول‪ :‬سمعت ابن عاصم يقول‪ :‬سمعت سهل يقول‪ :‬اإلخالص التنزه مما سواه‪.‬‬

‫ص ٍة} قال‪ :‬أبقينا عليهم فى أعقابهم بحسن الثناء‪.‬‬ ‫َخَلصَن ِ ِ‬


‫اه ْم ب َخال َ‬
‫قال بعضهم فى قوله‪{ :‬أ ْ ْ ُ‬

‫وقيل أخلصناهم بخالصة وقفوا ها هنا والخالصة ذات الحق لمن أخلص بال واسطة وذكر الدار فيه ومن أفناهم عن‬
‫ذكر الدار بإخالص ذاته لهم فهنا إضمار حرف اقتصر على معرفته لالعتبار‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة ص (من اآلية ‪ 71‬الى اآلية ‪)71‬‬

‫ُّك لِْل َمالَِئ َك ِة ِإِني َخالِ ٌق َب َش اًر ِمن ِط ٍ‬


‫ين‬ ‫ال َرب َ‬ ‫ِ‬
‫إ ْذ َق َ‬

‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إِني َخالِ ٌق َب َش اًر ِمن ِط ٍ‬


‫ين} [اآلية‪.]71 :‬‬

‫علما من عجائب قدرته وتتالشى عندهم نفوسهم‪.‬‬


‫قيل‪ :‬امتحنهم باإلعالم يحثهم بذلك على طلب االستفهام فيزادوا ً‬

‫سورة ص (من اآلية ‪ 72‬الى اآلية ‪)72‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬


‫َفِإ َذا َسَّوْيتُ ُه َوَنَف ْخ ُت فيه من ُّروحي َفَق ُعوْا َل ُه َسا ِجد َ‬
‫ين‬

‫قوله عز وعال‪َ { :‬فِإ َذا َسَّوْيتُ ُه} [اآلية‪.]72 :‬‬

‫ين} [اآلية‪:‬‬ ‫أى كامالً يستحق التعظيم بخصائص االختصاص التى خص بها من خصوص الخلقة {َفَقعوْا َله س ِ ِ‬
‫اجد َ‬ ‫ُ ُ َ‬
‫‪.]72‬‬

‫قوله تعالى‪{ :‬ونَفخت ِف ِ‬


‫يه ِمن ُّر ِ‬
‫وحي} [اآلية‪.]72 :‬‬ ‫ََ ْ ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬هو روح ملك وهو الذى خصه به فأوحيت تلك الخصوصية للمالئكة فسجد المالئكة له‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬بدت عليه آياتى وشواهد عزتى وروحت سره بما يكون به العبيد روحانيين‪.‬‬

‫سورة ص (من اآلية ‪ 73‬الى اآلية ‪)73‬‬

‫َج َم ُعو َن‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬


‫َف َس َج َد اْل َمالَئ َك ُة ُكـل ُه ْم أ ْ‬

‫قال القناد‪ :‬حذيهم بشهود التعظيم فلم يستجيزوا المخالفة وحجب إبليس برؤية الفخر بنفسه عن التعظيم ولو يرى‬
‫تعظيم الحق لما استجاز الفخر عليه ألن من استولى عليه الحق قهره‪.‬‬

‫سورة ص (من اآلية ‪ 78‬الى اآلية ‪)78‬‬

‫وإِ َّن عَليك َلعنِتي ِإَلى يو ِم ِ‬


‫الد ِ‬
‫ين‬ ‫ٰ َْ‬ ‫َ َ ْ َ َْ‬

‫قال جعفر‪ :‬سخطتى الذى لم تزل منى جارية عليك وواصلة إليك فى أوقاتك المقدورة وأيامك الماضية‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َّللاِ َعَلى‬
‫قال الواسطى ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬اللعنة على وجهين لعنة إبعاد وخذالن إلى مدة كقوله‪{ :‬أَالَ َل ْعَن ُة َّ‬
‫الظالِ ِمين} [هود‪ ]18 :‬ولعنة إخالد وإهالك كقوله‪{ :‬وِإ َّن عَليك َلعنِتي ِإَلى يو ِم ِ‬
‫الد ِ‬
‫ين}‪.‬‬ ‫َّ‬
‫ٰ َْ‬ ‫َ َ ْ َ َْ‬ ‫َ‬

‫سورة ص (من اآلية ‪ 83‬الى اآلية ‪)83‬‬

‫ين‬ ‫ِ‬ ‫ِإالَّ ِعباد ِ‬


‫ك م ْن ُه ُم اْل ُم ْخَلص َ‬
‫ََ َ‬

‫قيل‪ :‬العبد المخلص الذى يكون سره بينه وبين ربه بحيث ال يعلمه ملك فيكتبه وال هوى فيميله وال عدو فيفسده‪.‬‬

‫وقال يحيى بن معاذ‪ :‬اإلخالص تمييز العمل من العيوب كتمييز اللبن من بين الفرث والدم‪.‬‬

‫سورة ص (من اآلية ‪ 87‬الى اآلية ‪)87‬‬

‫َّ ِ ِ ِ‬
‫ِإ ْن ُه َو ِإال ذ ْكٌر لْل َعاَلم َ‬
‫ين‬

‫قال ابن عطاء ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬ليطرد به الغفلة وليعتبر به المعتبرون‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الزمر (من اآلية ‪ 3‬الى اآلية ‪)3‬‬

‫َّللاِ ُ ْزلَفى ِإ َّن َّ‬


‫َّللاَ َي ْح ُك ُم َب ْيَن ُه ْم ِفي َما ُه ْم‬ ‫َّ‬
‫آء َما َن ْعُب ُد ُه ْم ِإال لُِيَق ِرُب َ‬
‫ونآ ِإَلى َّ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ين ات َخ ُذوْا من ُدونه أ َْولَي َ‬
‫ص و َّال ِذ َ َّ‬ ‫ِ‬
‫ين اْل َخال ُ َ‬
‫ِِ ِ‬
‫أَالَ ََّّلل الد ُ‬
‫َّللاَ الَ َي ْه ِدي َم ْن ُه َو َك ِاذ ٌب َك َّـف ٌار‬ ‫ِف ِ‬
‫يه َي ْخَتلُِفو َن ِإ َّن َّ‬

‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫ص} [اآلية‪.]3 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أَالَ ََّّلل الد ُ‬
‫ين اْل َخال ُ‬

‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫ص} وهو الذى يخلص فيه‬ ‫قال الواسطى ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬ذكر وعيده على اللطافات فقال‪{ :‬أَالَ ََّّلل الد ُ‬
‫ين اْل َخال ُ‬
‫صاحبه من الشرك والبدعة ومن الرياء والعجب ورؤية النفس‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫ص} تهديد للمتزينين بالعبادات‪ ،‬وهلل الدنيا واآلخرة كأنه أشار بهذه اآلية إلى تحريض‬ ‫قال القاسم‪{ :‬أَالَ ََّّلل الد ُ‬
‫ين اْل َخال ُ‬
‫مخلصا‪.‬‬
‫ً‬ ‫العباد على اإلخالص ألنه ال يقبل إال ما كان‬

‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫عوضا فى الدارين‬
‫ً‬ ‫ص} قال‪ :‬الدين الخالص الذى ال يريد عليه صاحبه‬ ‫قال القاسم فى قوله‪{ :‬أَالَ ََّّلل الد ُ‬
‫ين اْل َخال ُ‬
‫ظا من الكونين‪.‬‬
‫والح ً‬

‫قال حذيفة المرعشى‪ :‬اإلخالص فى العمل أشد من العمل‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الزمر (من اآلية ‪ 7‬الى اآلية ‪)7‬‬

‫ُخ َر ٰى ثُ َّم ِإَل ٰى َرب ُ‬ ‫ِِ ِِ‬ ‫َّللاَ َغِن ٌّي َع ُ‬


‫ِإن تَ ْكُف ُروْا َفِإ َّن َّ‬
‫ِك ْم‬ ‫ض ُه َل ُك ْم َوالَ تَ ِزُر َو ِازَرةٌ ِوْزَر أ ْ‬
‫ض ٰى لعَباده اْل ُكْف َر َوإِن تَ ْش ُك ُروْا َي ْر َ‬ ‫نك ْم َوالَ َي ْر َ‬
‫ور‬‫الص ُد ِ‬
‫ات ُّ‬ ‫َّمرِجع ُكـم َفينِبُئ ُكـم ِبما ُكنتُم َتعمُلون ِإَّنه علِيم ِب َذ ِ‬
‫ْ َْ َ ُ َ ٌ‬ ‫ْ ُ ْ َُ ْ َ‬

‫ض ٰى لِ ِعَب ِادِه اْل ُكْف َر} [اآلية‪.]7 :‬‬


‫{والَ َي ْر َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال القاسم‪ :‬ال يرضى لهم الكفر ولكن يقدر عليهم وليس الرضا من المشيئة واإلرادة والقضاء فى شىء‪.‬‬

‫ض ُه َل ُك ْم} [اآلية‪.]7 :‬‬


‫{وإِن تَ ْش ُك ُروْا َي ْر َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال سهل ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬أول الشكر الطاعة وآخره رؤية المنة‪.‬‬

‫وقال الروزبارى‪ :‬رؤية العجز عن الشكر‪ .‬أنشدنا على بن داره البلخى قال‪ :‬أنشدنا القناد ألبى على الروزبارى‪:‬‬

‫تثنى عليـك بما أوليت من حسن‬ ‫لو كل جـارحـة منى لهـا ُلغـة‬

‫بالحسـن أزين لإلحسـان والمنن‬ ‫لكان ما زان شكرى إن شكرت له‬

‫قال‪ :‬فعارضه القناد فقال‪:‬‬

‫أال تذكر مـا أواله من منن‬ ‫لو كـان كلى شكر ال يغـادره‬

‫مستهلك الحسن فى إحسانه الحسن‬ ‫لكان ما زاننى من أن شكرت لـه‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الزمر (من اآلية ‪ 8‬الى اآلية ‪)8‬‬

‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلنسان ضٌّر دعا رب ِ‬


‫ان َي ْد ُعو ِإَل ْيه من َقْب ُل َو َج َع َل ََّّلل أ َ‬
‫َنداداً‬ ‫َّه ُمنيباً ِإَل ْيه ثُ َّم ِإ َذا َخَّوَل ُه ن ْع َم ًة م ْن ُه َنس َي َما َك َ‬
‫َوإِ َذا َم َّس ِ َ َ ُ َ َ َ ُ‬
‫الن ِار‬
‫اب َّ‬ ‫ض َّل َعن سِبيلِ ِه ُق ْل تَمتَّ ْع ِب ُكْف ِر َك َقلِيالً ِإَّن َك ِم ْن أَصح ِ‬
‫لِي ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫َّه ُمِنيباً} [اآلية‪.]8 :‬‬


‫ضٌّر َد َعا َرب ُ‬
‫ان ُ‬
‫نس َ‬ ‫ِ‬
‫{وِإ َذا َم َّس اإل َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الواسطى ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬الخلق محيرون تحت قسمته مقهورين تحت خلقته وتقديره أال ترى إذا ضاقت‬
‫القلوب واشتدت األمور كيف نفزع باإلخالص إلى الملك الغفور‪.‬‬

‫سورة الزمر (من اآلية ‪ 9‬الى اآلية ‪)9‬‬

‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َم ْن ُهو َق ِان ٌت َآنآء َّال ِ‬
‫ين الَ َي ْعَل ُمو َن‬ ‫يل َسا ِجداً َوَقآئماً َي ْح َذ ُر اآلخ َرَة َوَي ْر ُجوْا َر ْح َم َة َربِه ُق ْل َه ْل َي ْستَ ِوي الذ َ‬
‫ين َي ْعَل ُمو َن َوالذ َ‬ ‫َ‬ ‫أ َّ َ‬
‫ِإَّنما يتَ َذ َّكر أُوُلوْا األَْلب ِ‬
‫اب‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ ْ‬

‫اللْي ِل َسا ِجداً َوَق ِآئماً} [اآلية‪.]9 :‬‬


‫َمن هو َق ِان ٌت َآنآء َّ‬
‫َ‬ ‫قوله عز وعال‪{ :‬أ َّ ْ ُ َ‬

‫قال ابن عطاء ‪ -‬رحمة هلل عليه ‪ :-‬القانت الذى يجتهد فى العبادة وال يرى ذلك من نفسه ويرى فضل هللا عليه فى‬
‫ذلك فإذا رجع إلى نفسه فى شىء من أحواله وأفعاله فليس بقانت‪.‬‬

‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ين الَ َي ْعَل ُمو َن} [اآلية‪.]9 :‬‬ ‫{ه ْل َي ْستَ ِوي الذ َ‬
‫ين َي ْعَل ُمو َن َوالذ َ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال سهل ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬العلم االقتداء واتباع الكتاب والسنة ال الخواطر المذمومة‪.‬‬

‫وقال سهل‪ :‬كل علم ال يطلبه العبد من موضع االقتداء يصير وباالً عليه ألنه يدعى به‪.‬‬

‫قال الجنيد ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬العلم أن تعرف العبودية وعلم الخدمة‪.‬‬

‫وقال ذو النون ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬العلم علمان مطلوب وموجود‪.‬‬

‫فقال أبو زيد ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬العلم علمان علم بيان وعلم برهان‪.‬‬

‫قال رويم‪ :‬العلم مطبوع ومصنوع‪ .‬وقال المقامات كلها علم والعلم حجاب‪.‬‬

‫وقال الشبلى‪ :‬العلم خبر‪ ،‬والخبر موجود‪.‬‬

‫سورة الزمر (من اآلية ‪ 10‬الى اآلية ‪)10‬‬

‫َج َرُه ْم ِب َغ ْي ِر‬ ‫َّللاِ َو ِاس َع ٌة ِإَّن َما ُيَوَّفى َّ‬


‫الصاِب ُرو َن أ ْ‬ ‫ض َّ‬ ‫َح َسُنوْا ِفي َهـ ِٰذِه ُّ‬
‫الد ْنَيا َح َسَن ٌة َوأ َْر ُ‬ ‫ين أ ْ‬
‫ُقل ي ِٰعب ِاد َّال ِذين آمنوْا اتَُّقوْا رب ُ َِّ ِ‬
‫َّك ْم للذ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ‬ ‫ْ َ‬
‫اب‬ ‫ِحس ٍ‬
‫َ‬
‫َجرُهم ِب َغ ْي ِر ِحس ٍ‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّنما ُيوَّفى َّ ِ‬
‫اب} [اآلية‪.]10 :‬‬ ‫َ‬ ‫الصاب ُرو َن أ ْ َ ْ‬ ‫َ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال حارث المحاسبى‪ :‬الصبر التهدف بسهام البالء‪.‬‬

‫وقال الجنيد ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪:-‬الصبر ذم الجوارح والحركات عن جميع المخالفات أجمع اللتماس ما وعد هللا عليه‬
‫َجرُهم ِب َغ ْي ِر ِحس ٍ‬ ‫بقوله‪ِ{ :‬إَّنما ُيوَّفى َّ ِ‬
‫اب}‪.‬‬ ‫َ‬ ‫الصاب ُرو َن أ ْ َ ْ‬ ‫َ َ‬

‫قال طاهر المقدسى‪ :‬الصبر على وجوه‪ :‬صبر منه وصبر له وصبر عليه وصبر فيه وأهونه الصبر على أوامره‬
‫َجرُهم ِب َغ ْي ِر ِحس ٍ‬ ‫ونواهيه وهو الذى بيَّن هللا ثوابه فقال‪ِ{ :‬إَّنما ُيوَّفى َّ ِ‬
‫اب}‪.‬‬ ‫َ‬ ‫الصاب ُرو َن أ ْ َ ْ‬ ‫َ َ‬

‫سئل الجنيد ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ -‬عن الصبر؟ فقال‪ :‬حمل المؤن حتى تنقضى أيام المكروه‪.‬‬

‫وقال الخواص‪ :‬كذب أكثر الخلق فى حمل أثقال الصبر بما لحوا إلى الطلب واألسباب‪ ،‬واعتمدوا عليها كأنهما أرباب‪.‬‬

‫وأنشد لذى النون‪:‬‬

‫قد قراه من ليس يحسن يق أر‬ ‫سطر‬


‫عبرات خططن فى الخد ًا‬

‫صبر‬
‫ًا‬ ‫فصاح المحب بالصبر‬ ‫عاين الصبر فاستغاث به الصبر‬

‫سورة الزمر (من اآلية ‪ 11‬الى اآلية ‪)11‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ين‬
‫َّللاَ ُم ْخلصاً ل ُه الد َ‬
‫َعُب َد َّ‬ ‫ُق ْل ِإني أُم ْر ُت أ ْ‬
‫َن أ ْ‬
‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ين} [اآلية‪.]11 :‬‬
‫َّللاَ ُم ْخلصاً ل ُه الد َ‬
‫َعُب َد َّ‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إني أُم ْر ُت أ ْ‬
‫َن أ ْ‬

‫قال الجنيد ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬اإلخالص أصل كل عمل وهو مربوط بأول األعمال ومنوط بآخر األعمال مضمن‬
‫فى كل األقوال وهو إفراد هللا بالعمل‪.‬‬

‫وقال‪ :‬اإلخالص إخراج الخلق من معاملة هللا والنفس أول‪.‬‬

‫قال سهل‪ :‬اإلخالص اإلجابة فمن لم تكن له اإلجابة فال إخالص له‪.‬‬

‫شيئا غيره وهو أن يكون حركاته‬


‫وقال‪ :‬نظر األكياس فى اإلخالص فلم يحمدوا ً‬

‫هوى أو نفس‪.‬‬
‫وسكونه فى سره وعالنيته هلل وحده ال يمازجها شىء من ً‬

‫قال الجنيد ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬اإلخالص ارتفاع رؤيتك وفناؤك عن فعلك‪.‬‬

‫سئل بعضهم عن اإلخالص فقال‪ :‬إفراد القصد إلى هللا بإخراج الخلق من معاملة هللا وبترك الحول والقوة‪.‬‬

‫قال ذو النون‪ :‬من عالمات اإلخالص استواء المدح والذم فى العامة ونسيان رؤيتها فى األعمال ًا‬
‫نظر إلى هللا‬
‫واقتضاء ثواب العمل فى اآلخرة‪.‬‬

‫قال أبو يعقوب السوسى‪ :‬اإلخالص‪ :‬ما فى طلبه أهل اإلخالص والعلم يشهد لهم باإلخالص فهم خارجون عن رؤية‬
‫اإلخالص فى طلب اإلخالص ومتى شهدوا فى إخالصهم إخالص احتاج إخالصهم إلى إخالص‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الزمر (من اآلية ‪ 17‬الى اآلية ‪)18‬‬

‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫الطاغوت أَن يعبدوها وأَنابوْا ِإَلى َّ ِ‬ ‫و َّال ِذين اجتَنبوْا َّ‬
‫ين َي ْستَم ُعو َن اْلَق ْو َل َفَيـتَِّب ُعو َن أ ْ‬
‫َح َسَن ُه‬ ‫َّللا َل ُه ُم اْلُب ْش َر ٰى َفَبش ْر عَباد * الذ َ‬ ‫َ ْ ُُ َ َ َ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ ْ َُ‬
‫َّللا وأُوَلـِٰئ َك ُهم أُوُلوْا األَْلب ِ‬
‫اب‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫اه ُم َّ ُ َ ْ‬
‫ين َه َد ُ‬
‫أ ُْوَلـٰئ َك الذ َ‬

‫وها} [اآلية‪.]17 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬و َّال ِذين اجتَنبوْا َّ‬
‫وت أَن َي ْعُب ُد َ‬
‫اغ َ‬
‫الط ُ‬ ‫َ َ ْ َُ‬

‫قال سهل ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬الطاغوت الدنيا وأصلها الجهل وفرعها المأكل والمشرب وزينتها التفاخر وثمرتها‬
‫المعاصى وميراثها القسوة والعقوبة‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ َّ ِ‬
‫ين َي ْستَم ُعو َن اْلَق ْو َل َفَيـتَِّب ُعو َن أ ْ‬
‫َح َسَن ُه} [اآلية‪.]18 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬فَبش ْر عَباد * الذ َ‬

‫قال عيسى عليه السالم‪ :‬من يذكركم هللا رؤيته ويرغبكم فى اآلخرة عمله وقد قال‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ َّ ِ‬
‫ين َي ْستَم ُعو َن اْلَق ْو َل َفَيـتَِّب ُعو َن أ ْ‬
‫َح َسَن ُه}‪ .‬فضيلة لمحمد صلى هللا عليه وسلم على غيره أن‬ ‫هللا تعالى‪َ { :‬فَبش ْر عَباد * الذ َ‬
‫األحسن ما يأتى به وأن الكل حسناً ولما وقعت له صحبة التمكين ومقارنة االستقرار قبل خلق الكون ظهرت عليه‬
‫األنوار فى األحوال كان معه أحسن الخطاب وله السبق فى جميع المقامات أال تراه صلى هللا عليه وسلم يقول‪" :‬نحن‬
‫اآلخرون السابقون يوم القيامة‬

‫‪".‬‬

‫وجودا السابقين فى الخطاب األول فى الفضل فى محل القدس‪.‬‬


‫ً‬ ‫يعنى اآلخرين‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الزمر (من اآلية ‪ 21‬الى اآلية ‪)21‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يع ِفي األ َْر ِ‬ ‫َنزل ِمن َّ ِ‬


‫ـر ثُ َّم‬
‫صَف اً‬ ‫ض ثُ َّم ُي ْخ ِرُج ِبه َزْرعاً ُّم ْخَتلفاً أَْلَو ُان ُه ثُ َّم َي ِه ُ‬
‫ـيج َفـتَ َراهُ ُم ْ‬
‫ِ‬
‫آء َف َسَل َك ُه َيَناب َ‬
‫الس َمآء َم ً‬ ‫َّللاَ أ َ َ َ‬ ‫أََل ْم تَ َر أ َّ‬
‫َن َّ‬
‫اب‬‫طاماً ِإ َّن ِفي َذلِ َك َل ِذ ْكر ٰى ألُولِي األَْلب ِ‬
‫َي ْج َعُل ُه ُح َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫قوله عز وعال‪ِ{ :‬إ َّن ِفي َذلِ َك َل ِذ ْكر ٰى ألُولِي األَْلب ِ‬
‫اب} [اآلية‪.]21 :‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬اللب والعقل مائة جزء تسعة وتسعون جزًءا فى النبى صلى هللا عليه وسلم وجزء فى سائر المؤمنين فعلى‬
‫محمدا رسول هللا وعشرون جزًءا‬
‫ً‬ ‫سهما فسهم المؤمنين فيه سواء وهو شهادة أن ال إله إال هللا وأن‬
‫إحدى وعشرين ً‬
‫يتفاوتون فيها فى مقادير حقائق إيمانهم‪.‬‬

‫سورة الزمر (من اآلية ‪ 22‬الى اآلية ‪)22‬‬

‫ضالَ ٍل ُّمِب ٍ‬
‫ين‬ ‫اسي ِة ُقُلوبهم ِمن ِذ ْك ِر َّ ِ ِ ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫إلسالَ ِم َفهو عَلى ن ٍ ِ‬
‫ِِ‬ ‫أََف َمن َش َرَح َّ‬
‫َّللا أ ُْوَلـٰئ َك في َ‬ ‫ُُ ْ‬ ‫ور من َّربِه َف َوْي ٌل لْلَق َ‬ ‫َُ َ ٰ ُ‬ ‫ص ْد َرهُ ل ْ‬
‫َّللاُ َ‬
‫َّللا ص ْد َره لِ ِ‬
‫إل ْسالَمِ} [اآلية‪.]22 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أََف َمن َش َرَح َّ ُ َ ُ‬

‫َّللا ص ْد َره لِ ِ‬
‫إل ْسالَمِ} ثم االمتحان لقوله‪:‬‬ ‫قال بعضهم‪ :‬اإليمان خمسة ثم خمسة أوالً الشرح والتنوير لقوله‪{ :‬أََف َمن َش َرَح َّ ُ َ ُ‬
‫ان َوَزيََّن ُه ِفي‬ ‫ِ‬ ‫{حب َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫يم َ‬
‫َّب إَل ْي ُك ُم اإل َ‬ ‫وب ُه ْم للتَّْق َو ٰى } [الحجرات‪ ]3 :‬ثم التحبيب والتزيين لقوله‪َ :‬‬
‫َّللاُ ُقُل َ‬
‫امتَ َح َن َّ‬
‫ين ْ‬
‫{أ ُْوَلـٰئ َك الذ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ين َل ْم ُي ِرِد َّ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الك ْتب والتطهير بقوله‪ِ َ :‬‬
‫َّللاُ‬ ‫ان } [المجادلة‪ ]22 :‬و {أ ُْوَلـٰئ َك الذ َ‬ ‫{كتَ َب في ُقُلوبِه ُم اإل َ‬
‫يم َ‬ ‫ِك ْم} [الحجرات‪ ]7 :‬و َ‬ ‫ُقُلوب ُ‬
‫ط ِه َر ُقُل َ‬
‫وب ُه ْم} [المائدة‪. ]41 :‬‬ ‫أَن ُي َ‬

‫والخمس بعد ذلك معرفته بإثباته وأنه واحد لم يزل وال يزال وليس كمثله شىء والخمس بعدها التصديق بالقول واإلقرار‬
‫باللسان والعمل باألركان واالستقامة‪.‬‬

‫قال السيارى‪ :‬تولد اإلسالم من اإليمان وتولد اإليمان من المعرفة وتولد المعرفة من الهداية والنصرة وال تكون الهداية‬
‫َّللا ص ْد َره لِ ِ‬ ‫َّ‬
‫إل ْسالَمِ}‪.‬‬ ‫والنصرة إال بالشرح والتنوير قال هللا تعالى‪{ :‬أََف َمن َش َرَح َّ ُ َ ُ‬

‫وقال على بن عبد الحميد‪ :‬الصدر ساحة والفؤاد البيت والقلب بيت المخدع وفيه الضمير مثلها كمثل القنديل فالفؤاد‬
‫نظيفا َّنور نوره وصفى سراجه‪.‬‬
‫جيدا ً‬ ‫النار والقلب الفتيله والصدر الدهن فإذا كان ُّ‬
‫الدهن ً‬

‫وسع هللا صدره فاحتمل الذات بعد احتمال الصفات ما كذب الفؤاد ما رأى العين‪.‬‬
‫قال الواسطى ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪َّ :-‬‬

‫ور ِمن َّرب ِ‬


‫ِه} [اآلية‪.]22 :‬‬ ‫قوله عز وعال‪َ { :‬ف ُه َو َعَل ٰى ُن ٍ‬

‫على يقين من مشاهدة ربه بالغيبوبة عن الملك والملكوت فلم يبق عليه مقام إالَّ سلكه وال حال إال استوفاه فلما استوفى‬
‫األحوال وجاء على التمام شهد فشاهد فخوطب بأبهم الخطاب وأبهم عن ذلك الخطاب حين أخبر فقال‪" :‬لو علمتم ما‬
‫كثير‬
‫أعلم لضحكتم قليالً ولبكيتم ًا‬

‫‪".‬‬

‫وقال عمرو المكى فى هذه اآلية هو وقوع نظر العبد على عظيم علم الوحدانية وجالل الربوبية فيعمى بذلك عن كل‬
‫ملحوظ إليه بعد ذلك‪.‬‬

‫ور ِمن َّرب ِ‬ ‫َّللا ص ْد َره لِ ِ‬


‫إل ْسالَ ِم َف ُه َو َعَل ٰى ُن ٍ‬
‫ِه} قال‪ :‬نور الشرح محبة عظيمة ال‬ ‫قال الواسطى فى قوله‪{ :‬أََف َمن َش َرَح َّ ُ َ ُ‬
‫يحتمله كل أحد إالَّ المؤيدون بالعناية والرعاية فإن العناية تصون الجوارح واألشباح والرعاية تصون الحقائق واألرواح‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال القاسم‪ :‬أوائل اإليمان الشرح والتنوير والتزيين والشرح فى حديث حارثة‪.‬‬

‫قلبا وقوالً وفعالً ووفوا له ذلك بشرح الصدر الذى َمن به هللا عليهم وذلك قوله‪:‬‬
‫قال الترمذى‪ :‬أهل اليقين وحدوا هللا ً‬
‫َّللا ص ْد َره لِ ِ‬
‫إل ْسالَمِ}‪.‬‬ ‫{أََف َمن َش َرَح َّ ُ َ ُ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬من آمن باهلل وصدقه فهو على نور من ربه أى على بيان من ربه‪.‬‬

‫وبصرهم حتى أبصروه وذلك حين شرح قلوبهم برؤية الصنع وأعمى أبصارهم‬
‫قال بعضهم‪ :‬تعرف إليهم حتى عرفوه َّ‬
‫عن النظر إلى سواه فبشرح الصدر عرفوه وبالعمى عن غيره أبصروه‪.‬‬

‫ور ِمن َّرب ِ‬


‫ِه} قال‪ :‬اإليمان بالقدر‪.‬‬ ‫{عَل ٰى ُن ٍ‬
‫قال القاسم فى قوله‪َ :‬‬

‫َّللاِ} [اآلية‪.]22 :‬‬


‫وب ُه ْم ِمن ِذ ْك ِر َّ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫قوله عز وعال‪َ { :‬ف َوْي ٌل لْلَقاسَية ُقُل ُ‬

‫قال الحسين‪ :‬قسوة القلب بالنعم أشد من قسوته بالنسيان والشدة فإنه بالنعمة يشكر وبالشدة يذكر‪ .‬وأنشد فى معناه‪:‬‬

‫فأدركتنى عقوبة البطر‬ ‫قد كنت فى نعمة الهوى ًا‬


‫بطر‬

‫وقال‪ :‬من هم بشىء مما أباحه العلم تلذ ًذا عوقب بتضييع العمر وقسوة القلب وتعب الهم فى الدنيا‪.‬‬

‫الران والقسوة والعمى‪.‬‬


‫وقال‪ :‬عقوبة القلب َّ‬

‫قال يحيى بن معاذ‪ :‬قسوة القلب من اتباع الهوى‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الزمر (من اآلية ‪ 28‬الى اآلية ‪)28‬‬

‫ُق ْرآناً َع َربِياً َغ ْي َر ِذي ِع َو ٍج َّل َعَّل ُه ْم َيتَُّقو َن‬

‫قوله تعالى‪ُ { :‬ق ْرآناً َع َربِياً َغ ْي َر ِذي ِع َو ٍج} [اآلية‪.]28 :‬‬

‫سئل مالك بن أنس عن هذه اآلية فقال‪ :‬غير مخلوق‪.‬‬

‫عدوا أمكنه منهم وحذرهم بأسه‬


‫قال الواسطى ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬إن هللا خلق الخلق فدعاهم إلى طاعته وقيَّض لهم ً‬
‫ونور‬
‫مبينا وهدى ورحمة ًا‬
‫وكتابا ً‬
‫ً‬ ‫فسماه قرًآنا‬
‫وخطابا يقرع األفئدة َّ‬
‫ً‬ ‫وحيا وتنزيالً كامالً يكلم القلوب‬
‫ثم أيَّدهم بخطابه ً‬
‫وصحفا مطهرة فالقرآن ما قرن من الحروف‬
‫ً‬ ‫ومستقيما وقي ًما‬
‫ً‬ ‫وعهدا‬
‫ً‬ ‫ومباركا وحبالً‬
‫ً‬ ‫ومهيمنا‬
‫ً‬ ‫وحكيما‬
‫ً‬ ‫وشفاء وذكرى ً‬
‫وعلما‬ ‫ً‬
‫نظما والمبين الذى بين‬ ‫َّ‬
‫كالما كلم القلوب أى جرحها وأثر عليها والكتاب هو النظام فكيف بنظام رب العالمين ً‬‫فصار ً‬
‫للخلق ما فيه والهدى اشتماله بما ُح ِشى فيه من عجائب اإلشارات والرحمة وقاية تقيك كل سوء والنور قي ًما ألنوار‬
‫إيمانك استنار الصدر والشفاء هو شفاء لسقم القلوب والذكر هو الشخوص بالقلب إلى الرب والعلى هو الذى عال‬
‫مباركا وحبالً‬
‫ً‬ ‫ومباركا من مهيمنته صار‬
‫ً‬ ‫وحكيما فاصالً يقطع الخطاب والحكمة فيها أس ارره‬
‫ً‬ ‫مهيمنا عليه‬
‫ً‬ ‫الكتب فصار‬
‫شهيدا‬
‫ً‬ ‫ومستقيما يقوم تاليه بالتدبر والتفكر وقي ًما‬
‫ً‬ ‫وعهدا عهد إلى صاحبه فيه فنون مباره‬
‫ً‬ ‫وسببا واتصاالً بينه وبين ربه‬
‫ً‬
‫وص ُحًفا مطهرة تطهر القلوب بركات لمعانه‪.‬‬
‫على من اتبع ألوامر فيه ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الزمر (من اآلية ‪ 33‬الى اآلية ‪)33‬‬

‫صَّد َق ِب ِه أ ُْوَلـِٰئ َك ُهم اْل ُمتَُّقو َن‬ ‫و َّال ِذي َج ِ ِ ِ‬


‫آء بالص ْدق َو َ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬

‫صَّد َق ِب ِه} [اآلية‪.]33 :‬‬ ‫قوله عز وعال‪{ :‬و َّال ِذي َج ِ ِ ِ‬


‫آء بالص ْدق َو َ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫صَّد َق ِب ِه} هو الصديق األكبر ألنه شرفه بخطاب الصدق وأقعده‬


‫{و َ‬
‫{ج ِ ِ ِ‬
‫آء بالص ْدق} محمد صلى هللا عليه وسلم َ‬
‫قوله‪َ َ :‬‬
‫فى مقعد الصدق وأقيم مقام الصدق وصدق به وبمقاماته من كان‬

‫فيضا عليه من بركات صدقه وهو أبو بكر الصديق رضى هللا عنه صدقه فى‬ ‫إيمانا وأكثر ً‬
‫أقرب إليه حاالً وأتم به ً‬
‫وغائبا كما قال‪:‬‬
‫ً‬ ‫شاهدا‬
‫ً‬ ‫جميع ما جاء من الوحى غيره فقام بعده مقامه لحكم النبى صلى هللا عليه وسلم له باإليمان‬
‫فإنى أؤمن به أنا وأبو بكر وعمر ثم قلده معظم الدين فى حياته وهو الصالة فقلده المسلمون بعده فروع دينهم‪.‬‬

‫صَّد َق ِب ِه} [اآلية‪.]33 :‬‬ ‫قوله عز وجل‪{ :‬و َّال ِذي َج ِ ِ ِ‬


‫آء بالص ْدق َو َ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬الذى جاء بالصدق محمد صلى هللا عليه وسلم فأفاض من بركات أنوار صدقه على أبى بكر َف ُسمى‬
‫صديًقا وكذلك بركات األنبياء صلوات هللا عليهم واألولياء‪.‬‬

‫وقال أبو سعيد الخراز‪ :‬الصدق منزلة تبلغ األمل‪.‬‬

‫وقال‪ :‬إن كان الدين أربعة الصدق واليقين والرضا والحب فعالمة الصدق الصبر وعالمة اليقين النصيحة وعالمة‬
‫الرضا ترك الخالف وعالمة الحب االفتقار والصبر يشهد للصدق‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬الصادق من يعطيك خير اآلخرة ال خير الدنيا ويصف لك أخالق هللا ال أخالق المخلوقين‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ناقصا‪.‬‬
‫وقال الجنيد ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬الصدق شىء به تمام األحوال لكل حال خال عنه كان ً‬

‫وقيل ألحمد بن عاصم األنطاكى‪ :‬ما أنفع الصدق؟ قال‪ :‬ما نفى عنك الكذب فى مواضع الصدق‪.‬‬

‫سمعت عبد هللا بن محمد المعلم يقول‪ :‬سمعت أبا بكر الطمستانى الفارسى يقول‪ :‬كل من استعمل الصدق بينه وبين‬
‫هللا شغله صدقه مع هللا عن الفراغ إلى خلق هللا‪.‬‬

‫سورة الزمر (من اآلية ‪ 38‬الى اآلية ‪)38‬‬

‫ض ٍر َه ْل ُه َّن‬ ‫َّللاِ ِإ ْن أ ََرَادِني َّ‬


‫َّللاُ ِب ُ‬ ‫َّللاُ ُق ْل أََف َأرَْيتُم َّما تَ ْد ُعو َن ِمن ُدو ِن َّ‬ ‫وَلِئن سأَْلتَهم َّمن خَلق َّ ِ‬
‫الس َٰم َٰوت َواأل َْر َ‬
‫ض َلَيُقوُل َّن َّ‬ ‫َ ُْ ْ َ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّللاُ َعَل ْيه َيتََوك ُـل اْل ُمتََوكُلو َن‬
‫ات َر ْح َمته ُق ْل َح ْسبي َّ‬
‫َ‬ ‫ض ِره أ َْو أ ََرَادني ب َر ْح َمة َه ْل ُه َّن ُم ْمس َك ُ‬
‫ات ُ‬
‫َكاشَف ُ‬

‫َّللاُ َعَل ْي ِه َيتََوَّك ُـل اْل ُمتََو ِكُلو َن}‪.‬‬


‫قوله عز وعال‪ُ{ :‬ق ْل َح ْسِبي َّ‬
‫َ‬

‫قال القاسم‪ :‬التوكل أن يكون بما فى يد هللا أوثق منه بما فى يده وأن يكون بضمانه ووعده أيقن مما فى بيته وشغل‬
‫المتوكل مواله ال طلب دنيا وال آخرة ليس له طلب وال له هرب ألنه يعلم أن المقادير قد سبقت فال تغيير وال تبديل‪.‬‬

‫ض ِِره} [اآلية‪.]38 :‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله عز وعال‪ِ{ :‬إ ْن أ ََرَادِني َّ‬


‫َّللاُ ِب ُ‬
‫ض ٍر َه ْل ُه َّن َكاشَف ُ‬
‫ات ُ‬ ‫َ‬

‫قال سهل‪ :‬يعنى إن نزع هللا عنى عتمة المخالفات والمعونة على الموافقات هل يقدر أحد أن يوصلها إلى أو إذا‬
‫أرادنى برحمة ‪ -‬أى بالصبر والمعونة على أمر الدين والدنيا واآلخرة وهو التولى من البداية إلى النهاية‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َّللاُ َعَل ْي ِه َيتََوَّك ُـل اْل ُمتََو ِكُلو َن} [اآلية‪.]38 :‬‬
‫قوله تعالى‪ُ{ :‬ق ْل َح ْسِبي َّ‬
‫َ‬

‫قال سهل‪ :‬المفوضون إليه فى جميع أمورهم‪.‬‬

‫سورة الزمر (من اآلية ‪ 29‬الى اآلية ‪)29‬‬

‫ان َمثَالً اْل َح ْم ُد ََّّللِ َب ْل أَ ْكثَُرُه ْم الَ َي ْعَل ُمو َن‬ ‫ِ‬
‫اكسو َن َوَر ُجالً َسَلماً لِ َر ُج ٍل َه ْل َي ْستَ ِوَي ِ‬
‫آء ُمتَ َش ُ‬
‫ِِ‬
‫َّللاُ َمثَالً َّر ُجالً فيه ُش َرَك ُ‬
‫ض َر َب َّ‬
‫َ‬

‫قوله عز وجل‪{ :‬اْل َح ْم ُد ََّّللِ َب ْل أَ ْكثَ ُرُه ْم الَ َي ْعَل ُمو َن} [اآلية‪.]29 :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬ال يعلمون ما لهم فى حمد هللا من الذخر والفخر‪.‬‬

‫أحدا‬ ‫قال جعفر‪ :‬ال يعلمون أن ً‬


‫أحدا من عباده لم يبلغ الواجب فى حمده وما يستحق من الحمد على عباده بنعمه وأن ً‬
‫لم يحمده حق حمده إالَّ حمده لنفسه‪.‬‬

‫سورة الزمر (من اآلية ‪ 30‬الى اآلية ‪)30‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِإَّن َك َمِي ٌت َوِإَّن ُه ْم َّمِيتُو َن‬

‫قال ابن عطاء‪ِ{ :‬إَّن َك َمِي ٌت} أى غافل عما هم فيه من االشتغال وإنهم ميتون عما كوشفت به من حقائق التقريب‬
‫والقرب‪.‬‬

‫قال جعفر‪ِ{ :‬إَّن َك َمِي ٌت َوإَِّن ُه ْم َّمِيتُو َن} أى ميت عما هم فيه من االشتغال بأنفسهم وأوالدهم وكفاهم وإنهم ميتون مبعدون‬
‫عما خصصت بها من أنواع الكرامات‪.‬‬

‫وقال‪ :‬إنك ميت ببشريتك الطالع بركات الحق عليك‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬إنك ميت عن رؤية األكوان بما فيها بمشاهدة المكون‪.‬‬

‫وقال‪ :‬إنك ميت عن شواهدنا ولوال ذلك ما أديت الرسالة وإنهم ميتون ولوال ذلك ما قبلوك‪.‬‬

‫وقال‪ :‬إنك ميت عن شواهد ما استتر وإنهم ميتون عن شواهد ما أخبر ولوال ذلك ما طاقوا إقامة األمر‪.‬‬

‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم البزار بمصر يقول‪ :‬قال أبو العباس بن عطاء‪ :‬إنك ميت عن‬
‫شواهد ما استتر وإنهم ميتون عن شواهد ما أظهر‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬إنك ميت عن الدنيا وزينتها وإنهم ميتون عن اآلخرة وحقائقها‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الزمر (من اآلية ‪ 36‬الى اآلية ‪)36‬‬

‫َّللا َفما َله ِمن ه ٍ‬ ‫ونك ِب َّال ِذين ِمن ُدوِن ِه ومن ي ْ ِ‬ ‫ٍ‬
‫ـاد‬ ‫ضـل ِل َّ ُ َ ُ ْ َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َ‬ ‫َّللاُ ِب َكاف َع ْب َدهُ َوُي َخ ِوُف َ َ‬
‫أََل ْي َس َّ‬

‫َّللا ِب َك ٍ‬
‫اف َع ْب َدهُ} [اآلية‪.]36 :‬‬ ‫قوله عز وعال‪{ :‬أََل ْي َس َّ ُ‬

‫َّللا ِب َك ٍ‬
‫اف َع ْب َدهُ} فهو فى درجة الهالكين‪.‬‬ ‫قال أبو بكر بن طاهر‪ :‬من لم يكتف بربه بعد قوله‪{ :‬أََل ْي َس َّ ُ‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬خلع حبل العبودية من عنقه من نظر بعد هذه اآلية إلى أحد من‬

‫الخلق أو رجاهم أو خافهم أو طمع فيهم‪.‬‬

‫سورة الزمر (من اآلية ‪ 42‬الى اآلية ‪)42‬‬

‫َج ٍل‬ ‫ِ َِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َِّ‬ ‫َّللا يتَوَّفى األ ُ ِ‬


‫ُخ َر ٰى ِإَل ٰى أ َ‬
‫ض ٰى َعَل ْي َها اْل َم ْو َت َوُي ْرِس ُل األ ْ‬
‫َوالتي َل ْم تَ ُم ْت في َمَنام َـها َفُي ْمس ُك التي َق َ‬ ‫ين َم ْوِت َـها‬
‫َنف َس ح َ‬ ‫َّ ُ َ َ‬
‫َيتََف َّك ُرو َن‬ ‫ُّمس ًّمى ِإ َّن ِفي َذلِك آلي ٍ‬
‫ات لَِق ْو ٍم‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬

‫ين َم ْوِت َـها} [اآلية‪.]42 :‬‬ ‫{َّللا يتَوَّفى األ ُ ِ‬


‫َنف َس ح َ‬ ‫قوله تعالى‪َ َ ُ َّ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫الروح النورى من لطيف نفس الطبع الكثيف فالذى يتوفى فى النوم من‬
‫قال سهل‪ :‬إن هللا إذا توفى األنفس أخرج ُّ‬
‫لطيفا وهو نفس الروح الذى إذا زال لم يكن للعبد حركة‬
‫نفسا ً‬
‫لطيف نفس الطبع ال لطيف نفس الروح فالنائم يتنفس ً‬
‫أيضا‪ :‬الروح تقوم بلطيفة‬
‫وكان ميتًا‪ .‬وقال حياة النفس الطبيعى بنور لطيف وحياة لطيف نفس الروح بالذكر هلل‪ .‬وقال ً‬
‫فى ذاتها بغير نفس الطبع أال ترى أن هللا خاطب الكل فى الذر بنفس روح وفهم عقل وعلم لطيف بال حضور طبع‬
‫كثيف‪.‬‬

‫سورة الزمر (من اآلية ‪ 43‬الى اآلية ‪)43‬‬

‫ـانوْا الَ َي ْملِ ُكو َن َش ْيئاً َوالَ َي ْعِقُلو َن‬ ‫أَ ِم اتَّخ ُذوْا ِمن دو ِن َّ ِ‬
‫آء ُق ْل أ ََوَل ْو َك ُ‬
‫َّللا ُشَف َع َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫آء} [اآلية‪.]43 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أَ ِم اتَّخ ُذوْا ِمن دو ِن َّ ِ‬


‫َّللا ُشَف َع َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫قال سهل‪ :‬أى اتخذوا طريقة البدعة فى الدين قرب ًة إلى هللا فلم ينفعهم ذلك‪.‬‬

‫سورة الزمر (من اآلية ‪ 41‬الى اآلية ‪)41‬‬

‫َنت َعَلي ِهم ِبو ِك ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫اب لِ َّلن ِ‬ ‫ِ‬


‫ـيل‬ ‫ض َّـل َف َّإن َما َيض ُّل َعَل ْي َها َو َمآ أ َ ْ َ‬ ‫ـاس ِباْل َح ِق َف َـم ِن ْ‬
‫اهتَ َـد ٰى َفلَنْفسه َو َمن َ‬ ‫ِإَّنآ أ َ ْ‬
‫َنزلَنا َعَل ْي َك اْلكتَ َ‬
‫اب لِ َّلن ِ‬
‫ـاس ِباْل َح ِق} [اآلية‪.]41 :‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّنآ أ َ ْ‬
‫َنزلَنا َعَل ْي َك اْلكتَ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال سهل‪ :‬القرآن للناس بالحق ليهتدوا بالحق إلى الحق ويستضيئوا بأنواره‪.‬‬

‫سورة الزمر (من اآلية ‪ 44‬الى اآلية ‪)44‬‬

‫ض ثُ َّم ِإَل ْي ِه تُ ْر َج ُعو َن‬


‫الس ٰم ٰو ِت واأل َْر ِ‬ ‫ِ َّ‬
‫اع ُة َجميعاً ل ُه ُمْل ُك َّ َ َ َ‬
‫ُقل ََِّّللِ َّ‬
‫الشَف َ‬

‫اع ُة َج ِميعاً} [اآلية‪.]44 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ُ{ :‬قل ََِّّللِ َّ‬


‫الشَف َ‬

‫{من َذا َّال ِذي َي ْشَف ُع ِع ْن َدهُ ِإالَّ ِبِإ ْذِن ِه} [البقرة‪.]255 :‬‬
‫َ‬

‫{وإِ َذا ُذ ِك َر َّ‬


‫َّللاُ َو ْح َدهُ‬ ‫قال الواسطى ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬قطع أطماع العباد أجمع عنه أن يصلوا إليه إال به وبقوله‪َ :‬‬
‫اشمأََّز ْت ُقُلوب َّال ِذين الَ يؤ ِمُنو َن ِب ِ‬
‫اآلخ َرِة} [اآلية‪.]45 :‬‬ ‫َ ُْ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬

‫قال سهل‪ :‬جحدت تلك القلوب مواهب هللا عندها‪.‬‬

‫{وإِ َذا ُذ ِك َر َّ‬


‫َّللاُ‬ ‫قال أبو عثمان‪ :‬كل قلب ال يعرف هللا فإنه ال يأنس بذكره وال يسكن إليه وال يفرح به أال ترى هللا يقول‪َ :‬‬
‫اشمأََّز ْت ُقُلوب َّال ِذين الَ يؤ ِمُنو َن ِب ِ‬
‫اآلخ َرِة}‪.‬‬ ‫َ ُْ‬ ‫ُ‬ ‫َو ْح َدهُ ْ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الزمر (من اآلية ‪ 47‬الى اآلية ‪)47‬‬

‫َّللاِ َما َل ْم‬


‫ام ِة َوَب َدا َل ُه ْم ِم َن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ظَل ُموْا َما في األ َْرض َجميعاً َوم ْثَل ُه َم َع ُه الَ ْفتَ َد ْوْا به من ُسوء اْل َع َذاب َي ْوَم اْلقَي َ‬
‫ين َ‬ ‫وَلو أ َّ َِّ ِ‬
‫َن للذ َ‬ ‫َْ‬
‫ونوْا َي ْحتَ ِسُبو َن‬
‫َي ُك ُ‬

‫ونوْا َي ْحتَ ِسُبو َن} [اآلية‪.]47 :‬‬ ‫قوله عز وعال‪{ :‬وبدا َلهم ِمن َّ ِ‬
‫َّللا َما َل ْم َي ُك ُ‬ ‫َ ََ ُ ْ َ‬

‫منثور فمن اعتمد الفضل نجى ومن اعتمد‬


‫ًا‬ ‫هباءا‬
‫قال سهل‪ :‬أثبتوا ألنفسهم أعماالً فلما بلغو إلى المشهد األعلى رأوها ً‬
‫أفعاله بدا له منها الهالك‪.‬‬

‫سورة الزمر (من اآلية ‪ 49‬الى اآلية ‪)49‬‬

‫ال ِإَّن َمآ أُوِتيتُ ُه َعَل ٰى ِعْل ٍم َب ْل ِهي ِف ْتَن ٌة َوَلـ ِٰك َّن أَ ْكثََرُه ْم الَ َي ْعَل ُمو َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضٌّر َد َع َانا ثُ َّم إ َذا َخَّوْلَناهُ ن ْع َم ًة مَّنا َق َ‬
‫ان ُ‬
‫نس َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َفإ َذا َم َّس اإل َ‬
‫َ‬
‫ضر فليس بعارف فإن العارف من يرى الضر على نفسه رحم ًة‬
‫قال الجنيد ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬من َير البالء ًا‬
‫لضُّر على الحقيقة ما يصيب القلوب من القسوة والران والنعمة‬
‫وا ُ‬

‫هى إقبال القلوب على هللا ومن يرى النعمة على نفسه من حيث االستحقاق فقد جحد النعمة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الزمر (من اآلية ‪ 52‬الى اآلية ‪)52‬‬

‫الرْزق لِمن ي َشآء ويْق ِدر ِإ َّن ِفي َذلِك آلي ٍ‬


‫ات لَِق ْو ٍم ُي ْؤ ِمُنو َن‬ ‫َ َ‬ ‫ط ِ َ َ َ ُ ََ ُ‬ ‫َّللاَ َي ْب ُس ُ‬ ‫أ ََوَل ْم َي ْعَل ُموْا أ َّ‬
‫َن َّ‬

‫آء َوَيْق ِد ُر} [اآلية‪.]52 :‬‬ ‫َّللا يبس ُ ِ ق ِ‬


‫ط الرْز َ ل َمن َي َش ُ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أ ََوَل ْم َي ْعَل ُموْا أ َّ‬
‫َن َّ َ َ ْ ُ‬

‫قال ابن عطاء ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬رزق هللا عباده وقلبهم فى بسط العزة وتقدير‬

‫آء َوَيْق ِد ُر}‪.‬‬ ‫َّللا يبس ُ ِ ق ِ‬


‫ط الرْز َ ل َمن َي َش ُ‬ ‫القدرة فقال‪{ :‬أ َّ‬
‫َن َّ َ َ ْ ُ‬

‫سورة الزمر (من اآلية ‪ 53‬الى اآلية ‪)53‬‬

‫الذُنوب ج ِميعاً ِإَّنه هو اْل َغُفور َّ ِ‬


‫َّللا ي ْغِفر ُّ‬ ‫طوْا ِمن َّرحم ِة َّ ِ‬
‫َنف ِس ِه ْم الَ تَْقَن ُ‬ ‫ِ ِ َّ ِ‬
‫يم‬
‫الرح ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َُ‬ ‫َ َ‬ ‫َّللا ِإ َّن َّ َ َ ُ‬ ‫َْ‬ ‫َس َرُفوْا َعَل ٰى أ ُ‬
‫ين أ ْ‬
‫ُق ْل يٰعَباد َي الذ َ‬

‫َنف ِس ِه ْم‪[ }...‬اآلية‪.]53 :‬‬


‫َس َرُفوْا َعَل ٰى أ ُ‬ ‫ِ ِ َّ ِ‬
‫ين أ ْ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬يٰعَباد َي الذ َ‬

‫قال سهل‪ :‬أمهل هللا عباده تفضالً منه إلى آخر نفس فقال لهم‪ :‬ال تقنطوا من رحمة هللا فلو رجعتم إلى بابى فى آخر‬
‫نفس لقبلتكم‪.‬‬

‫قال الجنيد ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬وقد سئل ما العبودية؟ فقال‪ :‬اإلعراض عما يشغله من عبادة ربه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال الجريرى‪ :‬أمر هللا عباده أن ال يعتمدوا العبادة واألعمال وال يقنطوا من التقصير فيها فإن العناية والرعاية سبقت‬
‫َّللاِ}‪.‬‬
‫طوْا ِمن َّر ْح َم ِة َّ‬
‫َنف ِس ِه ْم الَ تَْقَن ُ‬
‫َس َرُفوْا َعَل ٰى أ ُ‬
‫ين أ ْ‬
‫ِ ِ َّ ِ‬
‫العبادة أال تراه يقول‪{ :‬يٰعَباد َي الذ َ‬

‫َس َرُفوْا َعَل ٰى‬ ‫ِ ِ َّ ِ‬


‫ين أ ْ‬
‫قال يحيى بن معاذ‪ :‬فى كتاب هللا كنوز موجبة للعفو عن جميع المؤمنين منها قوله‪{ :‬يٰعَباد َي الذ َ‬
‫َنف ِس ِه ْم}‪.‬‬
‫أُ‬

‫سورة الزمر (من اآلية ‪ 54‬الى اآلية ‪)54‬‬

‫نص ُرو َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـيبوْا ِإَل ٰى َرب ُ‬ ‫ِ‬
‫اب ثُ َّم الَ تُ َ‬
‫ِك ْم َوأ َْسل ُموْا َل ُه من َقْبل أَن َيأْتَي ُك ُم اْل َع َذ ُ‬ ‫َوأَن ُ‬

‫ِك ْم َوأ َْسلِ ُموْا َل ُه} [اآلية‪.]54 :‬‬


‫ـيبوْا ِإَل ٰى َرب ُ‬ ‫قوله تعالى‪ِ :‬‬
‫{وأَن ُ‬
‫َ‬

‫فوضوا األمور إليه‪.‬‬

‫قال محمد بن على‪ :‬اعتذروا إليه مما سلف منكم من التقصير وأخلصوا على دوام الموافقة بعدها‪.‬‬

‫قال الواسطى ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬من قصد فى قصوده غير الحق فقد عظمت استهانته للحق‪.‬‬

‫قال أبو سعيد الخراز‪ :‬المنيب يعمل فى إنابته ثالثة أشياء يستبطئ الموت لما يخاف من الفتنة فى الدنيا ويستبطئ‬
‫الثواب فى القبر لما يرجو من جزيل العطاء فى اآلخرة ويستبطئ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫القيامة لما يرجو من الخلود فى مجاورة الرحمن والنظر إليه‪.‬‬

‫وقال محمد بن خفيف‪ :‬همة المنيب حنين القلب إلى أوقاته العامرة وعبادته الكاملة‪.‬‬

‫جوعا إليه أحسنهم به معرفة‪.‬‬


‫وقال الحسين‪ :‬اإلنابة جاءت من قبل المعرفة فأحسن الخلق إنابة إلى هللا ور ً‬

‫سورة الزمر (من اآلية ‪ 56‬الى اآلية ‪)56‬‬

‫نت َل ِمن َّ ِ‬ ‫نب َّ ِ‬


‫ط ُت ِفي ج ِ‬
‫الساخ ِر َ‬
‫ين‬ ‫َّللا َوإِن ُك ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ٰح ْس َرتَا َعَل ٰى َما َفَّر َ‬
‫ول َنْف ٌس ي َ‬
‫أَن تَُق َ‬

‫َّللاِ} [اآلية‪.]56 :‬‬ ‫ط ُت ِفي ج ِ‬


‫نب َّ‬ ‫َ‬ ‫ٰح ْس َرتَا َعَل ٰى َما َفَّر َ‬
‫ول َنْف ٌس ي َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬أَن تَُق َ‬

‫قال سهل‪ :‬من ترك المراعات لحق هللا ومالزمة خدمته اشتغل بعاجل الدنيا ولذة الهوى ومتابعة النفس وضيع فى جنب‬
‫هللا ‪ -‬أى فى ذاته ‪ -‬من القصد إليه واالعتماد عليه‪.‬‬

‫غدا مقامات‬
‫قال فارس‪ :‬يقول هللا من هرب منى أحرقته أى هرب منى إلى نفسه أحرقته بالتأسف على فوتى إذا شاهد ً‬
‫أرباب معارفتى تدل عليه‪.‬‬

‫َّللاِ} وهذا ال يقوله إال محترق‪.‬‬ ‫ط ُت ِفي ج ِ‬


‫نب َّ‬ ‫َ‬ ‫ٰح ْس َرتَا َعَل ٰى َما َفَّر َ‬
‫قوله‪{ :‬ي َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الزمر (من اآلية ‪ 60‬الى اآلية ‪)60‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ويوم اْلِقيام ِة ترى َّال ِذين َك َذبوْا عَلى َّ ِ‬


‫وه ُهم ُّم ْس َوَّدةٌ أََل ْي َس في َج َهَّن َم َم ْثًوى لْل ُمتَ َكِب ِر َ‬
‫ين‬ ‫َّللا ُو ُج ُ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ َ ْ َ َ َ ََ‬

‫َّللاِ‪[ }..‬اآلية‪.]60 :‬‬ ‫َّ ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬ويوم اْلِقي ِ‬


‫امة تَ َرى الذ َ‬
‫ين َك َذُبوْا َعَلى َّ‬ ‫َ َْ َ َ َ‬

‫عذابا يوم القيامة من ادعى فى هللا ما لم يكن له ذلك وأظهر من أحواله ما هو‬ ‫قال يوسف بن الحسين‪ :‬أشد الناس ً‬
‫وه ُهم ُّم ْسَوَّدةٌ}‪.‬‬ ‫خال عنها قال هللا تعالى‪{ :‬ويوم اْلِقيام ِة ترى َّال ِذين َك َذبوْا عَلى َّ ِ‬
‫ٍ‬
‫َّللا ُو ُج ُ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ َ ْ َ َ َ ََ‬

‫وه ُهم ُّم ْسَوَّدةٌ} قال‪ :‬هم الذين ادعوا محبة هللا ولم‬ ‫وقال الثورى فى قوله‪{ :‬ويوم اْلِقيام ِة ترى َّال ِذين َك َذبوْا عَلى َّ ِ‬
‫َّللا ُو ُج ُ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ َ ْ َ َ َ ََ‬
‫يكونوا فيها صادقين‪.‬‬

‫سورة الزمر (من اآلية ‪ 61‬الى اآلية ‪)61‬‬

‫السوء َوالَ ُه ْم َي ْح َزُنو َن‬ ‫َّللا َّال ِذ َ َّ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫ين اتَق ْوْا ب َمَف َازته ْم الَ َي َم ُّس ُه ُم ُّ ُ‬ ‫َوُيَنجي َّ ُ‬

‫ين اتََّق ْوْا ِب َمَف َازِت ِه ْم‪[ }...‬اآلية‪.]61 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وين ِجي َّ َّ ِ‬
‫َّللاُ الذ َ‬ ‫َ َُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ين اتََّق ْوْا}‪.‬‬ ‫قال أبو عثمان‪ :‬التقوى فيه النجاة من المهالك قال هللا تعالى‪{ :‬وين ِجي َّ َّ ِ‬
‫َّللاُ الذ َ‬ ‫َ َُ‬

‫قال الواسطى ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬ينجيهم بما سبق لهم من الفوز ال يمسهم السوء بزوال النعمة وال هم يحزنون على‬
‫الفوت‪.‬‬

‫قال القاسم‪ :‬سعادتهم السابقة وقضيته فيهم الماضية لهم وعليهم ال بنفوسهم المتعبة فى العبادات‪.‬‬

‫سورة الزمر (من اآلية ‪ 62‬الى اآلية ‪)62‬‬

‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َّ ِ ِ‬


‫َّللاُ َخال ُق ُكـل َش ْيء َو ُه َو َعَل ٰى ُكل َش ْيء َو ِك ٌ‬
‫يل‬

‫{َّللاُ َخالِ ُق ُك ِـل َشي ٍء} [اآلية‪.]62 :‬‬


‫قوله تعالى‪َّ :‬‬
‫ْ‬

‫قال الحسين‪ :‬كل شىء أراد هللا به اإلهانة والتذليل ألبسه لبسة المخلوقية أال ترى كيف َّنزه عن ذلك صفاته وكالمه‬
‫فاهلل خالق كل شىء والمخلوقات ليس لها عز إالَّ بالنسبة إلى خالقها وأنها مخلوقة فبنسبته إليها َّ‬
‫أعزها‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الزمر (من اآلية ‪ 64‬الى اآلية ‪)64‬‬

‫َّللاِ تَأْمر ِ‬
‫وني أَعبد أَيُّها اْلج ِ‬
‫اهُلو َن‬ ‫ْ ُُ َ َ‬ ‫ُق ْل أََف َغ ْي َر َّ ُ ُ‬
‫َّللاِ تَأْمر ِ‬
‫وني أَعبد أَيُّها اْلج ِ‬
‫اهُلو َن} [اآلية‪.]64 :‬‬ ‫ْ ُُ َ َ‬ ‫قوله عز وعال‪{ :‬أََف َغ ْي َر َّ ُ ُ‬

‫قال أبو عثمان فى كتابه إلى أهل جورجان‪ :‬عبادة هللا على اإلخالص تنفى عن صاحبها الجهل والريب والشبهة ومن‬
‫َّللاِ تَأ ِ‬ ‫ق‬
‫َعُب ُد‬ ‫خالصا رز الحكمة ووفق للرشد وسهل عليه سبيل الخيرات أجمع قال هللا تعالى‪{ :‬أََف َغ ْي َر َّ ُ‬
‫ْم ُروني أ ْ‬ ‫ً‬ ‫عبد هللا‬
‫اهُلو َن} لنقص عقولكم وألبابكم دعوتمونى إلى غيره ولو ساعدكم التوفيق منه لما حططتم رحالكم إال على بابه‬ ‫أَيُّها اْلج ِ‬
‫َ َ‬
‫فإنه باب الكرم والفضل‪.‬‬

‫سورة الزمر (من اآلية ‪ 65‬الى اآلية ‪)65‬‬

‫ط َّن عمُلك وَلتَ ُكون َّن ِمن اْلخ ِ‬ ‫ين ِمن َقْبلِ َك َلِئ ْن أ ْ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫اس ِري َن‬ ‫َش َرْك َت َلَي ْحَب َ َ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َوَلَق ْد أ ُْوح َي ِإَل ْي َك َوإَِلى الذ َ‬

‫ين ِمن َقْبلِ َك َلِئ ْن أ ْ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬


‫ط َّن َع َمُل َك‪[ }...‬اآلية‪.]65 :‬‬
‫َش َرْك َت َلَي ْحَب َ‬ ‫{وَلَق ْد أ ُْوح َي ِإَل ْي َك َوإَِلى الذ َ‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫ط َّن َع َمُل َك}‬ ‫سمعت محمد بن عبد هللا بن شاذان يقول‪ :‬سمعت أبا العباس بن عطاء يقول فى قوله‪َ{ :‬لِئ ْن أ ْ‬
‫َش َرْك َت َلَي ْحَب َ‬
‫قال‪ :‬من طالعت؟ لئن طالعت بسرك غيرى لتحرمن حظك من قربى‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬هذا شرك المالحظة وااللتفات إلى غيره‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال جعفر‪ :‬إن نظرت إلى سواه لتحرمن فى اآلخرة لقاؤه‪.‬‬

‫ط َّن َع َمُل َك} قال‪ :‬لئن طالعت بسرك غيرى لن تنال قربى‪.‬‬
‫وقال سهل فى قوله‪َ{ :‬لَي ْحَب َ‬

‫باطنا وهو الهم ليحبطن‬


‫أيضا‪ :‬لئن أشركت فى األعمال الظاهرة وهى الرياء ليحبطن عملك ولئن أشركت ً‬
‫وقال ً‬
‫إيمانك‪.‬‬

‫سورة الزمر (من اآلية ‪ 66‬الى اآلية ‪)66‬‬

‫َّللا َفاعب ْد وُكن ِمن َّ ِ‬ ‫ِ‬


‫الشاك ِر َ‬
‫ين‬ ‫َ‬ ‫َبل َّ َ ْ ُ َ‬

‫سمعت السلمى يقول‪ :‬حقيقة العبودية تسليم األمور للربوبية‪.‬‬

‫وقال أبو حفص العبودية زينة العبد فمن ترك العبودية فقد تعطل من الزينة‪.‬‬

‫وذكر عن بعضهم أنه قال‪ :‬رأى الجنيد ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ -‬فى المنام فقيل‪ :‬ما فعل هللا بك؟ قال‪ :‬فنيت تلك العلوم‬
‫وطاحت تلك االشارات وأبيدت تلك العبارات وما نفعنا إال ركعات نركعها فى السحر‪.‬‬

‫وقال محمد بن على‪ :‬من رأى منة هللا عليه فى أن وفقه لعبادته ألزمه الشكر له ومن وفق للشكر لم يحرم الزيادة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الزمر (من اآلية ‪ 67‬الى اآلية ‪)67‬‬

‫َّات ِبَي ِم ِين ِه ُس ْب َح َان ُه َوَت َعاَل ٰى َع َّما ُي ْش ِرُكو َن‬


‫ط ِوي ٌ‬ ‫ضـتُ ُه َي ْوَم اْلِقَيـ َٰم ِة َو َّ‬
‫الس َٰم َٰو ُت َم ْ‬ ‫ِ‬
‫َّللاَ َح َّق َق ْد ِِره َواأل َْر ُ‬
‫ض َجميعـاً َق ْب َ‬ ‫َو َما َق َد ُروْا َّ‬

‫َّللاَ َح َّق َق ْد ِِره} [اآلية‪.]67 :‬‬


‫{و َما َق َد ُروْا َّ‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫قال سهل‪ :‬ما عرفوه حق معرفته فى األصل وال فى الفرع‪.‬‬

‫قال الحسين‪ :‬كيف يعرف قدر من ال يقدر سواه‪.‬‬

‫قال الواسطى ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬لو طالعوا حق حقه فى محبتهم لعلموا العجز عن ذلك بالكلية فلم يعرف قدره من‬
‫َّللاَ َح َّق َق ْد ِِره}‪.‬‬
‫{و َما َق َد ُروْا َّ‬
‫مقاما قال هللا‪َ :‬‬
‫ادعى لنفسه معه ً‬

‫َّات ِبَي ِم ِين ِه} [اآلية‪.]67 :‬‬


‫ط ِوي ٌ‬
‫ات َم ْ‬
‫الس َم َاو ُ‬
‫{و َّ‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫سئل الجنيد ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ -‬عن ذلك فقال‪ :‬متى كانت منشورة حتى صارت مطوية سبحانه نفى عن نفسه ما يقع‬
‫على العقول من طيها ونشرها إذ كل الكون كخردلة أو كجناح بعوضة أو أقل منها‪ ،‬كذلك قوله قائم على كل نفس‬
‫كيف ال يستحيل قيامه على هذا الكون الذى ال يزن عنده ذرة بل قيامه بنفسه لنفسه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الزمر (من اآلية ‪ 69‬الى اآلية ‪)69‬‬

‫آء وُق ِ‬
‫ض َي َب ْيَن ُهم ِباْل َح ِق َو ُه ْم الَ ُي ْ‬
‫ظَل ُمو َن‬ ‫ُّ ِ‬ ‫اب و ِجـيء ِب َِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض ِبُن ِ‬ ‫وأ ْ ِ‬
‫النبي ْي َن َوالش َه َد َ‬ ‫ِها َوُوض َع اْلكتَ ُ َ َ‬
‫ور َرب َ‬ ‫َش َرَقت األ َْر ُ‬ ‫َ‬

‫ِها} [اآلية‪.]69 :‬‬ ‫ض ِبُن ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وأ ْ ِ‬


‫ور َرب َ‬ ‫َش َرَقت األ َْر ُ‬ ‫َ‬

‫قال سهل‪ :‬قلوب المؤمنين يوم القيامة تشرق بتوحيد سيدهم واالقتداء بسنة نبيهم صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫قال القاسم‪ :‬أشرقت األرض بأولياء هللا فهم فيها أنوار هللا ومواضع حججه وغياث عباده وملجأ خلقه‪.‬‬

‫سورة الزمر (من اآلية ‪ 73‬الى اآلية ‪)73‬‬

‫وها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ين اتََّقوْا َرب ِ‬ ‫وِس َّ ِ‬


‫ال َل ُه ْم َخ َزَنتُ َها َسالَ ٌم َعَل ْي ُك ْـم ط ْبتُ ْم َف ْاد ُخُل َ‬
‫وها َوُفت َح ْت أ َْب َو ُاب َها َوَق َ‬
‫آء َ‬
‫َّه ْم إَلى ال َجنة ُزَم اًر َحت ٰى إ َذا َج ُ‬
‫يق الذ َ ْ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ين‬ ‫ِِ‬
‫َخالد َ‬

‫ال َل ُه ْم َخ َزَنتُ َها َسالَ ٌم َعَل ْي ُك ْـم} [اآلية‪.]73 :‬‬


‫{وَق َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫ِط ْبتُ ْم} وهؤالء أدناهم‬ ‫قال ابن عطاء‪ :‬السالم فى الجنة من وجوه منهم من تسلم عليه خزنة الجنة يقولون َ‬
‫{سالَ ٌم َعَل ْي ُك ْـم‬
‫‪ ]24 ،23‬وهؤالء‬ ‫ومنهم من يكون سالمه من المالئكة بقوله‪{ :‬ي ْد ُخُلو َن َعَل ْي ِهم ِمن ُك ِل ب ٍ‬
‫اب * َسالَ ٌم َعَل ْي ُكم} [الرعد‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫{سالَ ٌم َق ْوالً ِمن َّر ٍب َّرِحيمٍ} [يس‪ ]58 :‬وهو أرفعهم درجة‪.‬‬
‫األوساط‪ ،‬ومنهم من يكون من الحق بقوله‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الزمر (من اآلية ‪ 74‬الى اآلية ‪)74‬‬

‫ين‬‫ِِ‬ ‫وَقـاُلوْا اْلحـمد ََّّللِ َّال ِذي صد َقنا وعده وأَورثَنا األَرض نتَبَّوأُ ِمن اْلجَّن ِة حي ُث ن َش ِ‬
‫َج ُر اْل َعامل َ‬
‫آء َفن ْع َم أ ْ‬
‫َ َ َ َ َْ ُ َ ْ َ َ ْ َ َ َ َ َ َْ َ ُ‬ ‫َ ُْ‬ ‫َ‬

‫ص َد َقَنا َو ْع َدهُ} [اآلية‪.]74 :‬‬ ‫ِ َّ ِ‬


‫قوله عز وعال‪{ :‬اْل َح ْـم ُد ََّّلل الذي َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬إن العبيد إذا شاهدوا فى المشهد األعلى آثار الفضل وما أنعم هللا عليهم من فنون النعم التى لم يكن‬
‫وكرما‪.‬‬ ‫ص َد َقَنا َو ْع َدهُ} بفضله من غير استحقاق منا لذلك بل فضالً وجوًدا‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫ً‬ ‫يبلغونها بأعمالهم قالوا‪{ :‬اْل َح ْـم ُد ََّّلل الذي َ‬

‫ص َد َقَنا َو ْع َدهُ} قال‪ :‬هو حمد العارفين الذين استقروا‬ ‫ِ َّ ِ‬


‫قال جعفر الصادق ‪ -‬رضى هللا عنه ‪ -‬فى قوله‪{ :‬اْل َح ْـم ُد ََّّلل الذي َ‬
‫فى دار القرار مع هللا وقوله‪{ :‬اْل َح ْم ُد ََّّللِ َّال ِذي أَ ْذ َه َب َعَّنا اْل َح َزَن} [فاطر‪ ]34 :‬حمد الواصلين‪.‬‬

‫سورة الزمر (من اآلية ‪ 75‬الى اآلية ‪)75‬‬

‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ين ِم ْن َحو ِل اْل َع ْر ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫يل اْل َح ْم ُد ََّّلل َر ِب اْل َعاَلم َ‬
‫ين‬ ‫ِ‬
‫ش ُي َسب ُحو َن ب َح ْمد َرِبه ْم َوُقض َي َب ْيَن ُه ْم باْل َح ِق َوِق َ‬ ‫ْ‬ ‫َوتَ َرى اْل َمالَئ َك َة َحآف َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ش ُي َسِب ُحو َن ِب َح ْم ِد َرب ِِه ْم} [اآلية‪.]75 :‬‬
‫ين ِم ْن َح ْو ِل اْل َع ْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫{وتَ َرى اْل َمالَئ َك َة َحآف َ‬
‫قوله عزوعال‪َ :‬‬

‫قال الجوزجانى‪ :‬ما تقرب أحد إليه إال باالفتقار والعبودية والتذليل والتنزيه له من كل ما نسب إليه ما ال يليق به أال‬
‫ترى إلى مواضع المالئكة يحفون بالعرش يسبحون وذلك عبادتهم وتنزيههم‪.‬‬

‫سورة غافر (من اآلية ‪ 1‬الى اآلية ‪)2‬‬

‫َّللاِ اْل َع ِز ِ‬
‫يز اْل َعلِي ِم‬ ‫اب ِم َن َّ‬
‫نزيل اْل ِكتَ ِ‬
‫حـم * تَ ِ ُ‬

‫قال سهل فى قوله‪{ :‬حـم} قال‪ :‬الحى الملك هو الذى أنزل عليك الكتاب‪ ،‬وهو الذى َولِ َه به قلوب العارفين العزيز عن‬
‫درك الخلق والعليم بما أنشأ وقدر‪.‬‬

‫سورة غافر (من اآلية ‪ 3‬الى اآلية ‪)3‬‬

‫الطو ِل الَ ِإَلـٰه ِإالَّ هو ِإَلي ِه اْلم ِ‬


‫َّ‬ ‫ِ َّ ِ ِ ِ َّ ِ ِ ِ ِ ِ ِ‬
‫ص ُير‬ ‫َُ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َغاف ِر الذنب َوَقابل الت ْوب َشديد اْلعَقاب ذي ْ‬
‫نب وَقاِب ِل التَّو ِب َش ِد ِيد اْل ِعَق ِ‬
‫قوله عز وعال‪ِ َّ ِ َ :‬‬
‫اب} [اآلية‪.]3 :‬‬ ‫ْ‬ ‫{غاف ِر الذ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫نب} أى ساتره على من يشاء {وَقاِب ِل التَّو ِب} أى ممن تاب إليه وأخلص العمل بالعلم له ِ‬
‫{ذي‬ ‫{غ ِاف ِر َّ‬
‫الذ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫قال سهل‪َ :‬‬
‫َّ‬
‫الط ْو ِل} أى ذى الغنى عن الكل‪.‬‬

‫اب} عدالً {الَ ِإَلـٰه ِإالَّ هو} فردا و{ِإَلي ِه اْلم ِ‬


‫{ش ِد ِيد اْل ِعَق ِ‬
‫{وَقاِب ِل التَّ ْو ِب} فضالً َ‬ ‫قال بعضهم‪ِ َّ ِ َ :‬‬
‫ص ُير}‬ ‫ْ َ‬ ‫َُ ً‬ ‫َ‬ ‫{غاف ِر الذنب} ً‬
‫كرما َ‬
‫تصديًقا للوعد‪.‬‬

‫{ش ِد ِيد اْل ِعَق ِ‬


‫اب} على المخالفين ذى الطول على العارفين‪.‬‬ ‫نب} للمذنبين وقابل توبة الراجعين َ‬ ‫{غ ِاف ِر َّ‬
‫الذ ِ‬ ‫قال بعضهم‪َ :‬‬

‫{ش ِد ِيد اْل ِعَق ِ‬


‫اب} للكافرين‬ ‫الط ْو ِل} للسابقين َ‬ ‫نب} للظالمين {وَقاِب ِل التَّو ِب} للمقتصدين ِ‬
‫{ذي َّ‬ ‫الذ ِ‬‫{غ ِاف ِر َّ‬
‫قال بعضهم‪َ :‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ص ُير} يصل الظالم بجوده إلى رحمته ويصل المقتصد بفضله إلى رضوانه ويصل‬ ‫والجاحدين والمنافقين {ِإَلي ِه اْلم ِ‬
‫ْ َ‬
‫ط ْولِه بالنظر إلى وجهه الكريم تبارك وتعالى‪.‬‬ ‫السابق ِ‬
‫بمنه و َ‬

‫سورة غافر (من اآلية ‪ 4‬الى اآلية ‪)4‬‬

‫ك تََقُّلُب ُه ْم ِفي اْلِبالَِد‬ ‫ات َّ ِ َّ َّ ِ‬


‫ما يج ِادل ِفي آي ِ‬
‫َّللا ِإال الذ َ‬
‫ين َكَف ُروْا َفالَ َي ْغ ُرْر َ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ ُ‬
‫ات َّ ِ َّ َّ ِ‬
‫قوله‪{ :‬ما يج ِادل ِفي آي ِ‬
‫َّللا ِإال الذ َ‬
‫ين َكَف ُروْا} [اآلية‪.]4 :‬‬ ‫َ‬ ‫َ َُ ُ‬

‫َّ َّ ِ‬
‫قال سهل‪ :‬هو المجادلة فى الذات دون الفروع وقال {ِإال الذ َ‬
‫ين َكَف ُروْا} قال‪ :‬يدعون غير الحق‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬هو الذى يجادل بالهوى ألن المتبع ال يجادل بل يقتدى‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سمعت أبا بكر محمد بن عبد هللا الطبرى يقول‪ :‬سمعت إبراهيم الخواص يقول‪ :‬ما كانت زندقة وال كفر وال بدعة وال‬

‫جرأة فى الدين إال من قبل الكالم والمراء والجدال والعجب كيف تجترئ الرجل على الجدال والمراء وهللا يقول‪َ :‬‬
‫{ما‬
‫ات َّ ِ َّ َّ ِ‬
‫يج ِادل ِفي آي ِ‬
‫َّللا ِإال الذ َ‬
‫ين َكَف ُروْا}‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َُ ُ‬

‫سورة غافر (من اآلية ‪ 7‬الى اآلية ‪)7‬‬

‫آمُنوْا َربََّنا َوِس ْع َت ُك َّـل َشي ٍء َّر ْح َم ًة‬ ‫َِّ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ش َو َم ْن َح ْوَل ُه ُي َسب ُحو َن ب َح ْمد َربِه ْم َوُي ْؤمُنو َن به َوَي ْستَ ْغف ُرو َن للذي َن َ‬ ‫ين َي ْح ِمُلو َن اْل َع ْر َ‬
‫الذ َ‬
‫اب اْل َج ِحي ِم‬ ‫و ِعْلماً َف ْ ِ َِّ ِ‬
‫ين تَ ُابوْا َواتََّب ُعوْا َسِبيَل َك َوِق ِه ْم َع َذ َ‬‫اغف ْر للذ َ‬ ‫َ‬

‫ين تَ ُابوْا} [اآلية‪.]7 :‬‬ ‫قوله عز وعال‪َ { :‬ف ْ ِ َِّ ِ‬


‫اغف ْر للذ َ‬

‫قال سهل‪ :‬هم الذين تابوا من الغفلة و ِ‬


‫أنسوا بالذكر واتبعوا سنة المصطفى صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫سورة غافر (من اآلية ‪ 13‬الى اآلية ‪)13‬‬

‫ِ‬ ‫َّ َّ‬ ‫يكم آي ِات ِه وين ِزل َل ُكم ِمن َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫الس َمآء ِرْزقاً َو َما َيتَ َذك ُر ِإال َمن ُين ُ‬
‫يب‬ ‫َ‬ ‫ُه َو الذي ُي ِر ُ ْ َ َ ُ َ ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫يك ْم َآي ِات ِه َوُيَن ِزُل َل ُكم ِم َن َّ‬
‫الس َم ِآء ِرْزقاً} [األية‪.]13 :‬‬ ‫{ه َو َّال ِذي ُي ِر ُ‬
‫قوله عز وعال‪ُ :‬‬

‫قال أبو بكر بن طاهر‪ :‬من آياته فى األرض للعوام َس ْوق األرزاق إليهم من غير حركة وسعى منهم فى ذلك ومن‬
‫آياته للخواص من عباده مكان أوليائه وأهل صفوته فمن صحبهم وتبعهم وصبر على موافقتهم ُكِفى اهتمام طلب‬
‫يك ْم َآي ِات ِه َوُيَن ِزُل َل ُكم ِم َن َّ‬
‫الس َم ِآء ِرْزقاً}‪.‬‬ ‫{ه َو َّال ِذي ُي ِر ُ‬
‫ورزق من حيث ال يحتسب قال هللا تعالى‪ُ :‬‬
‫األرزاق ُ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬من آياته أنك ال تنظر إلى شىء من الموجودات إال وهو يخاطبك بحقيقة التوحيد ويدلك على الحق‬
‫وذلك ظاهر لمن تبين وكشف له وأيد بالعناية‪.‬‬

‫سورة غافر (من اآلية ‪ 10‬الى اآلية ‪)10‬‬

‫يم ِ‬
‫ان َفتَ ْكُف ُرو َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِإ َّن َّال ِذين َكَفروْا ينادون َلمْقت َّ ِ‬
‫َّللا أَ ْكَب ُر من َّمْقت ُك ْم أَ ُنف َس ُك ْـم إ ْذ تُ ْد َع ْو َن إَلى اإل َ‬ ‫َ ُ َُ َ ْ َ َ ُ‬

‫َّللاِ أَ ْكَب ُر ِمن َّمْقِت ُك ْم أ ُ‬


‫َنف َس ُك ْـم}‪.‬‬ ‫َّ ِ‬
‫قوله عز وعال‪ِ{ :‬إ َّن الذ َ‬
‫ين َكَف ُروْا ُيَن َاد ْو َن َل َمْق ُت َّ‬

‫قال سهل‪ :‬المقت هو غاية اإلبعاد من هللا فالكفار إذا دخلوا النار مقتوا أنفسهم ومقت هللا لهم أشد عليهم من دخول‬
‫النار‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة غافر (من اآلية ‪ 11‬الى اآلية ‪)11‬‬

‫اعتَرْفَنا ِب ُذُنوبَِنا َفهل ِإَل ٰى ُخرو ٍج ِمن سِب ٍ‬


‫يل‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫َمتََّنا ا ْثَنتَ ْي ِن َوأ ْ‬
‫َحَي ْيتََنا ا ْثَنتَْي ِن َف ْ َ‬ ‫َقاُلوْا َربََّنآ أ َ‬

‫َمتََّنا ا ْثَنتَْي ِن َوأ ْ‬


‫َحَي ْي َتَنا ا ْثَن َت ْي ِن} [اآلية‪.]11 :‬‬ ‫{ربََّنآ أ َ‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬أمت منا اثنتين السمع والبصر فعجزتنا أن نفقة الحق ونتخذ الرشد سبيالً وأحييت منا النفس والهوى فكنا‬
‫نسمع الباطل ونتخذ الغى سبيالً فاعترفنا بذنوبنا إنا مصرفون تحت القدرة وأنت القادر عليها فهل لنا خروج من سبيل‪.‬‬

‫سورة غافر (من اآلية ‪ 14‬الى اآلية ‪)14‬‬

‫ين َوَل ْو َك ِرَه اْل َك ِاف ُرو َن‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬


‫ين َل ُه الد َ‬
‫َّللاَ ُم ْخلص َ‬
‫َف ْاد ُعوْا َّ‬

‫ين} [اآلية‪.]14 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬


‫ين َل ُه الد َ‬
‫َّللاَ ُم ْخلص َ‬
‫قوله عز وعال‪َ { :‬ف ْاد ُعوْا َّ‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬اإلخالص فى الدعاء هو الذى إذا دعوته فى كشف ضر فكشفه ألزمت نفسك شكره إلى األبد وإذا‬
‫دعوته الستجالب خير فأعطاك ألزمت نفسك الحمد إلى األبد وأن ال تخص نفسك بالدعاء دون سائر المؤمنين فإنه‬
‫من خص نفسه بالدعاء كان من عالمات النفاق والخذالن‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬من شرط الدعاء أن تدعوا بإخالص قلب وسالمة صدر وتعلم ما تسأل ويكون سؤال مضطر ال سؤال‬
‫ٍ‬
‫مستغن‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الجنيد ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬اإلخالص سر بين هللا وبين العبد ال يعلمه ملك فيكتبه وال عدو فيفسده وال هوى‬
‫فيميله‪.‬‬

‫وقال يحيى بن معاذ‪ :‬اإلخالص تمييز العمل من العيوب كتمييز اللبن من الفرث والدم‪.‬‬

‫سورة غافر (من اآلية ‪ 15‬الى اآلية ‪)15‬‬

‫آء ِم ْن ِعَب ِادِه لُِي ِنذ َر َي ْوَم التَّالَ ِق‬ ‫ِِ‬ ‫ش يْلِقي ُّ ِ‬
‫الرو َح م ْن أ َْمره َعَل ٰى َمن َي َش ُ‬
‫رِفيع َّ ِ‬
‫الد َر َجات ُذو اْل َع ْر ِ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫الدرج ِ‬
‫ات ُذو اْل َع ْر ِ‬
‫ش} [اآلية‪.]15 :‬‬ ‫{رِف ُ‬
‫يع َّ َ َ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫الرو َح ِم ْن أ َْم ِِره} أى ينزل الوحى من السماء بأمره‪.‬‬


‫{يْلِقي ُّ‬
‫قال سهل‪ :‬يرفع درجات من يشاء بالمعرفة وقال فى قوله‪ُ :‬‬

‫مكانا لذاته يلقى‬


‫ظهار لقدرته ال ً‬
‫يز فيهما وخلق العرش إ ًا‬
‫وقال ابن عطاء‪ :‬يرفع درجات من يشاء فى الدارين يجعله عز ًا‬
‫الروح من أمره على ضروب فمن ألقى إليه روح الصفاء انطقه بها وأحياه حياة األبد والروح روحان روح بها حياة‬
‫الخلق وأخرى لطيفة بها ضياء الخلق‪.‬‬

‫وقال فارس‪ :‬زين العرش بأنوار ذاته فال يوازيه شىء وال يقابله مثل‪.‬‬

‫وقال الحسين‪ :‬العرش غاية ما أشار إليه الخلق‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫الرو َح ِم ْن أ َْم ِِره} قال‪ :‬حياة الخلق على حسب ما ألقى إليهم من الروح فمنهم من ألقى‬
‫{يْلِقي ُّ‬
‫وقال ابن عطاء فى قوله‪ُ :‬‬
‫إليه روح الرسالة ومنهم من ألقى إليه روح النبوة ومنهم من ألقى إليه روح الصديقية ومنهم من ألقى إليه روح الهداية‬
‫حيا فى الظاهر‪.‬‬
‫ومنهم من ألقى إليه روح الحياة فقط فهو ميت فى الباطن وإن كان ً‬

‫قوله تعالى‪{ :‬لُِي ِنذ َر َي ْوَم التَّالَ ِق} [اآلية‪.]15 :‬‬

‫داعيا إليه يرويه من غير أن تحدث له رؤية ألنهم لم يغيبوا عنه قط‪.‬‬
‫نبيا كان أو ً‬
‫قال ابن عطاء‪ً :‬‬

‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم البزار بمصر قال‪ :‬قال ابن عطاء‪ :‬يلقى المرء خصمه وعمله‬
‫وأحباءه ومواعيده‪.‬‬

‫سورة غافر (من اآلية ‪ 16‬الى اآلية ‪)16‬‬

‫َّللاِ ِم ْنهم َشيء لِم ِن اْلمْلك اْليوم ََِّّللِ اْلو ِ‬


‫اح ِد اْلَق َّه ِار‬ ‫ِ ن‬
‫َ‬ ‫َي ْوَم ُهم َبارُزو َ الَ َي ْخَف ٰى َعَلى َّ ُ ْ ْ ٌ َ ُ ُ َ ْ َ‬
‫َّللاِ ِم ْن ُه ْم َشي ٌء} [اآلية‪.]16 :‬‬
‫قوله عز وعال‪{ :‬الَ َي ْخَف ٰى َعَلى َّ‬
‫ْ‬

‫قال الواسطى ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬كيف تخفى عليه وهو الذى يبديها عليهم وكيف يستترون عنه بشىء وهو الذى‬
‫يظهر عليهم ما يستترون‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قوله تعالى‪{ :‬لِم ِن اْلمْلك اْليوم ََِّّللِ اْلو ِ‬
‫اح ِد اْلَق َّه ِار} [اآلية‪.]16 :‬‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ َْ َ‬

‫قال جعفر‪ :‬أخرس المكونات ذوات األرواح عن جواب سؤاله فى قوله لمن الملك اليوم فلم يجسر أحد على اإلجابة‬
‫وما كان أن يجيب تحقيق سؤاله سواه فلما سكتت األلسن عن الجواب أجاب نفسه بما كان يستحق من الجواب فقال‪:‬‬
‫{َّللِ اْلو ِ‬
‫اح ِد اْلَق َّه ِار} فقال‪{ :‬اْلَي ْوم تُ ْج َز ٰى ُك ُّل َنْف ٍ‬
‫س ِب َما َك َـسَب ْت الَ ُ‬
‫ظْل َم اْلَي ْوَم} [اآلية‪ ]17 :‬قال ابن عطاء‪ :‬من طالع من‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َّ َ‬
‫نفسه أفعاله وأذكاره وطاعاته جزى على ذلك وال ظلم عليه فيه ومن طالع فضله ومننه أسقط على درجة الجزاء إلى‬
‫َّللاِ َوب َِر ْح َمِت ِه َفِب َذِل َك َفْلَيْف َر ُحوْا} [يونس‪.]58 :‬‬
‫ض ِل َّ‬
‫مقام اإلفضال والرحمة بقوله‪ُ{ :‬ق ْل ِبَف ْ‬

‫وقال أبو بكر بن طاهر‪ :‬يريك جزاء كسبك وما تستحق ذلك لترى بعد ذلك محل الفضل والكرم‪.‬‬

‫سورة غافر (من اآلية ‪ 18‬الى اآلية ‪)18‬‬

‫ين ِم ْن َح ِمي ٍم َوالَ َشِفي ٍع ُي َ‬ ‫ِ َّ ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫طاعُ‬ ‫وب َل َدى اْل َحَنا ِج ِر َكاظم َ‬
‫ين َما للظالم َ‬ ‫َوأَنذ ْرُه ْم َي ْوَم األ َِزَفة ِإذ اْلُقُل ُ‬

‫َنذ ْرُه ْم َي ْوَم األ َِزَف ِة} [اآلية‪.]18 :‬‬


‫قوله عز وعال‪{ :‬وأ ِ‬
‫َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬يوم يعطى كل عامل جزاء عمله‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة غافر (من اآلية ‪ 19‬الى اآلية ‪)19‬‬

‫ور‬ ‫َعُي ِن َو َما تُ ْخِفي ُّ‬ ‫ِ‬


‫الص ُد ُ‬ ‫َي ْعَل ُم َخآئَن َة األ ْ‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬خيانة العين هو أن ال يغضها عن المحارم ويرسلها فى الهوى والشبهات‪.‬‬

‫معتبر ومن يمدها إلرادة وشهوة‪.‬‬


‫ًا‬ ‫وقال أبو بكر الوراق‪ :‬يعلم من يمد عينه إلى الشىء‬

‫سورة غافر (من اآلية ‪ 28‬الى اآلية ‪)28‬‬

‫ِك ْم َوإِن َي ُك‬ ‫َّللا وَق ْد جآء ُكم ِباْلبِين ِ‬


‫ات ِمن َّرب ُ‬ ‫آل ِفرعون يكتم ِإيمانه أَتقتلون رجال أَن يقول رب‬ ‫وَقال رجل ُّم ْؤ ِم ٌن ِم ْن ِ‬
‫ِي َّ ُ َ َ َ ْ َ َ‬ ‫ْ َ ْ َ َ ْ ُ ُ َ َ ُ َْ ُُ َ َ ُ ً َُ َ َ َ‬ ‫َ َ ٌَُ‬
‫َّللا الَ يه ِدي م ْن هو مس ِر َّ‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫َك ِاذباً َفعَلي ِه َك ِذبه وإِن يك ِ ِ‬
‫اب‬
‫ف َكذ ٌ‬ ‫َ َُ ُ ْ ٌ‬ ‫ض الذي َيع ُد ُك ْم ِإ َّن َّ َ َ ْ‬
‫صادقاً ُيص ْب ُك ْم َب ْع ُ‬
‫َ ْ ُُ َ َ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫ال َر ُج ٌل ُّم ْؤم ٌن م ْن آل ف ْرَع ْو َن َي ْكتُ ُم إ َ‬
‫يم َان ُه} [اآلية‪.]28 :‬‬ ‫{وَق َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬المؤمن يألف المؤمن ويذب عنه والمنافق يراءى المنافق‪ .‬ويجادل عنه والمؤمن ينصح والمنافق‬
‫يعترض‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة غافر (من اآلية ‪ 37‬الى اآلية ‪)37‬‬

‫السِب ِ‬
‫صَّد َع ِن َّ‬ ‫ِِ‬ ‫ظُّنه َك ِاذباً وَكـ َذلِك ُزي ِِ‬ ‫ِ‬ ‫أَسباب َّ ِ َّ ِ ِ ِ ِ‬
‫يل َو َما َك ْـي ُد‬ ‫ِن لف ْرَع ْو َن ُسوُء َع َمله َو ُ‬
‫َ َ َ‬ ‫الس َٰم َٰوت َفأَطل َع إَل ٰى إَلـٰه ُم َ‬
‫وس ٰى َوإِني ألَ ُ ُ‬ ‫َْ َ‬
‫اب‬‫ِف ْرَعو َن ِإالَّ ِفي تَب ٍ‬
‫َ‬ ‫ْ‬

‫وء َع َملِ ِه} [اآلية‪.]37 :‬‬ ‫{وَكـ َذلِ َك ُزي َ ِِ ن‬


‫ِن لف ْرَع ْو َ ُس ُ‬ ‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬من رأى من نفسه زلة فلم يداوها بدوائها وستر عليها ولم يجتهد فى إزالتها زين فى عينه مساوءه فيرى‬
‫وء َع َملِ ِه} ركض فى ميادين الباطل وهو يراها‬ ‫{وَكـ َذلِ َك ُزي َ ِ ِ ن‬
‫ِن لف ْرَع ْو َ ُس ُ‬ ‫المساوئ محاسن وهو ً‬
‫ذميما كما قال هللا تعالى‪َ :‬‬
‫حًقا‪.‬‬

‫سورة غافر (من اآلية ‪ 38‬الى اآلية ‪)38‬‬

‫الرَش ِ‬
‫َه ِد ُك ْـم َسِبي َـل َّ‬ ‫وَق َّ ِ‬
‫ـاد‬ ‫آم َن ٰيَق ْو ِم اتَِّب ُعو ِن أ ْ‬
‫ال الذي َ‬
‫َ َ‬

‫قال محمد بن على الترمذى‪ :‬لم تزل الدنيا مذمومة فى األمم السالفة عند العقالء منهم وطالبوها مهانين عند الحكماء‬
‫المقاضين وما قام دا ٍع فى أمة إالَّ حذر متابعة الدنيا وجمعها الحب لها أال ترى مؤمن آل فرعون كيف قال‪{ :‬اتَِّب ُعو ِن‬
‫ـاد} كأنهم قالوا له‪ :‬وما سبيل الرشاد؟ قال‪ :‬إنما هذه الحياة الدنيا متاع لم تصل الى سبيل الرشاد‬ ‫الرَش ِ‬
‫َه ِد ُك ْـم َسِبي َـل َّ‬
‫أْ‬
‫وفى قلبك محبة الدنيا‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة غافر (من اآلية ‪ 41‬الى اآلية ‪)41‬‬

‫ونِني ِإَلى َّ‬


‫الن ِار‬ ‫وكـم ِإَلى َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫الن َجاة َوتَ ْد ُع َ‬ ‫َوٰيَق ْو ِم َما لي أ َْد ُع ُ ْ‬

‫الن َج ِاة} [اآلية‪.]41 :‬‬ ‫{وٰيَق ْو ِم َما لِي أ َْد ُع ُ‬


‫وك ْـم ِإَلى َّ‬ ‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫قال أبو يزيد ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ :-‬النجاة هى الخالص من أمانى النفس‪.‬‬

‫قال أبو حفص النجاة هى اتباع األوامر على حد النشاط ومجاهدة اإلخالص فيها‪.‬‬

‫وقال أبو عثمان‪ :‬من أراد النجاة فليترك ما ال يعنيه ويشتغل بما يعنيه فإن فيه نجاة الدارين‪.‬‬

‫سورة غافر (من اآلية ‪ 43‬الى اآلية ‪)43‬‬

‫الن ِار‬
‫اب َّ‬
‫َص َح ُ‬ ‫َّللاِ َوأ َّ‬
‫َن اْل ُم ْس ِرِف َ‬
‫ين ُه ْم أ ْ‬
‫الد ْنيا والَ ِفي ِ‬
‫اآلخ َرِة َوأ َّ‬
‫َن َم َرَّدَنآ ِإَلى َّ‬ ‫ِ‬ ‫الَ جرم أََّنما تدع ِ ِ ِ‬
‫ونني إَل ْيه َل ْي َس َل ُه َد ْع َوةٌ في ُّ َ َ‬
‫َ َ َ َ َْ ُ َ‬

‫َّللاِ} [اآلية‪.]43 :‬‬


‫َن َم َرَّدَنآ ِإَلى َّ‬
‫{وأ َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قدر عفى‪ ،‬وإنما يكون مراد العبد إلى ربه إذا أتاه على حد اإلفالس‬
‫فقد حكى عن بعض السلف أنه قال‪ :‬إن هللا إذا َّ‬
‫خاضعا لمن يذله وال يلتفت إليه هارًبا ممن‬
‫ً‬ ‫مقاما فى إحدى الدارين وهو أن يكون فى الدنيا‬
‫والفقر ال يرى لنفسه ً‬
‫يكرمه وينزهه وتكون فى اآلخرة ً‬
‫طالبا للفضل مشفًقا من حسناته أكثر من إشفاق الكفار من كفرهم‪.‬‬

‫سورة غافر (من اآلية ‪ 44‬الى اآلية ‪)44‬‬

‫ص ٌير ِباْل ِعَب ِاد‬


‫َّللا ب ِ‬ ‫َفست ْذ ُكرون مآ أَُقول َل ُكـم وأَُف ِوض أَمرِي ِإَلى َّ ِ‬
‫َّللا ِإ َّن َّ َ َ‬ ‫ُ ْ َ ُ ْ‬ ‫ََ ُ َ َ‬

‫َّللاِ} [اآلية‪.]44 :‬‬


‫ض أ َْمرِي ِإَلى َّ‬
‫{وأَُف ِو ُ‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫مدبر فافعل‪.‬‬
‫مفوضا ال ًا‬
‫ً‬ ‫قال أبو عمرو المكى‪ :‬قلت ألبى صالح حمدون أوصنى بوصية فقال‪ :‬إن استطعت أن تصبح‬

‫قال شاه‪ :‬عالمة التفويض ترك االختيار وصدق التفويض الصحبة مع هللا والثقة باختيار وترك الضر‪.‬‬

‫سمعت عبد هللا الرازى يقول‪ :‬سمعت أبا عثمان ‪ -‬وذكر أنه من كالم شاه ‪ -‬من عالمات التفويض ترك الحكم فى‬
‫اقتدار هللا وانتظار القضاء من وقت إلى وقت وتعطيل اإلرادة لتدبير هللا عز وجل‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬التفويض قبل نزول القضاء والتسليم بعد نزول القضاء‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫{وأَُف ِو ُ‬
‫ض أ َْمرِي‬ ‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم البزاز يقول‪ :‬قال أبو العباس ابن عطاء فى قوله‪َ :‬‬
‫َّللاِ} قال‪ :‬أجعل أمرى أمره وال أتقدم حتى يأذن لى‪.‬‬
‫ِإَلى َّ‬

‫سمعت أبا عبد هللا الرازى يقول‪ :‬سمعت أبا عثمان يقول‪ :‬من أراد أن يفوض أمره إلى هللا فليحفظ أربعة أشياء‪.‬‬

‫مكتوبا عليه‪.‬‬
‫ً‬ ‫أولها‪ :‬عدل هللا عليه أن ذلك كان‬

‫والثانى‪ :‬يحفظ ذنوبه ويعلم أن ذلك عقوبة‪.‬‬

‫والثالث‪ :‬يحفظ إحسان هللا إليه حيث عفى عن كثير من ذنوبه‪.‬‬

‫َّللا ِف ِ‬
‫يه َخ ْي اًر َكِثي اًر} [النساء‪.]19 :‬‬ ‫والرابع‪ :‬يرجو الخير الكثير فى كراهيته لقوله تعالى‪َ { :‬ف َع َس ٰى أَن تَ ْك َرُهوْا َش ْيئاً َوَي ْج َع َل َّ ُ‬

‫سمعت أبا بكر الرازى يقول‪ :‬سمعت أبا عثمان الدمشقى يقول‪ :‬سمعت أبا عبد هللا الحالج يقول‪ :‬سمعت ذا النون‬
‫مفوضا؟ قال‪ :‬إذا يئس من نفسه وفعله والتجأ إلى هللا فى جميع‬
‫ً‬ ‫المصرى رحمة هللا عليه وقد سئل متى يكون العبد‬
‫أحواله ولم يكن له عالقة سوى ربه‪.‬‬

‫سورة غافر (من اآلية ‪ 51‬الى اآلية ‪)51‬‬

‫َش َه ُاد‬
‫وم األ ْ‬ ‫ِ ُّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫إَّنا َلَن ُ‬
‫آمُنوْا في اْل َحَياة الد ْنَيا َوَي ْوَم َيُق ُ‬
‫ين َ‬
‫نص ُر ُرُسَلَنا َوالذ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫آمُنوْا ِفي اْل َحَي ِاة ُّ‬
‫الد ْنَيا} [اآلية‪.]51 :‬‬ ‫ين َ‬
‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫قوله عز وعال‪{ :‬إَّنا َلَن ُ‬
‫نص ُر ُرُسَلَنا َوالذ َ‬

‫باطنا‪.‬‬
‫ظاهر وننصر المؤمنين بالرسل ً‬
‫ًا‬ ‫قال جعفر‪ :‬ننصر رسلنا بالمؤمنين‬

‫َش َه ُاد} قال‪ :‬لم‬


‫وم األ ْ‬ ‫نص ُر ُرُسَلَنا‪ِ ....‬في اْل َحَي ِاة ُّ‬
‫{وَي ْوَم َيُق ُ‬
‫الد ْنَيا} قال‪ :‬يكرمهم بالمعرفة والعلم َ‬ ‫{ن ُ‬
‫وقال سهل فى قوله‪َ :‬‬
‫يرض بما ضمن لهم النصرة فى الدنيا حتى ضمن لهم النصرة فى القيامة ومن كان هللا ناصره فى الدنيا واآلخرة فال‬
‫سوء عليه‪.‬‬

‫سورة غافر (من اآلية ‪ 52‬الى اآلية ‪)52‬‬

‫ين َم ْع ِذ َرتُ ُه ْم َوَل ُهم اْلَّل ْعَن ُة َوَل ُه ْم ُسوء َّ‬


‫الد ِار‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫َي ْوَم الَ َي َنف ُع الظالم َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ين َم ْع ِذ َرتُ ُه ْم} [اآلية‪.]52 :‬‬ ‫َّ ِ ِ‬


‫{ي ْوَم الَ َي َنف ُع الظالم َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫علمت أن السوابق هى المؤثرة ال األوقات‪.‬‬

‫سورة غافر (من اآلية ‪ 55‬الى اآلية ‪)55‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِك ِباْل َع ِش ِي و ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّللاِ ح ٌّق و ِ ِ‬
‫اإل ْب َك ِار‬ ‫َ‬ ‫استَ ْغف ْـر ل َذنِب َك َو َسِب ْح ِب َح ْمد َرب َ‬ ‫َف ِ ِ‬
‫اصب ْر إ َّن َو ْع َد َّ َ َ ْ‬
‫ْ‬

‫َّللاِ َح ٌّق} [اآلية‪.]55 :‬‬


‫اصِب ْر ِإ َّن َو ْع َد َّ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ف ْ‬

‫سئل بعضهم‪ :‬الصبر على العافية أشد أم الصبر على البالء؟ فقال‪ :‬طلب السالمة فى األمن أشد من طلب السالمة‬
‫فى الخوف‪.‬‬

‫قال النباحى‪ :‬الصبر على الطاعة خوف فوق اآلخرة‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬الصبر حصن من حصون الصدق ومنه يرحل إلى اآلخرة والصبر فى الطاعة سبب يوصل إلى منازل‬‫وقال ً‬
‫الصدق والصبر كهف من كهوف اللطيف‪.‬‬

‫سورة غافر (من اآلية ‪ 56‬الى اآلية ‪)56‬‬

‫اَّللِ ِإَّن ُـه ُهَو‬


‫استَ ِع ْذ ِب َّ‬ ‫ِ ِِ ِ‬ ‫ان أَتَاهم ِإن ِفي صد ِ ِ ِ َّ ِ‬
‫وره ْم إال ك ْبٌر َّمـا ُهم بَبالغيه َف ْ‬ ‫ُُ‬ ‫ط ٍ ُْ‬ ‫َّللاِ ِب َغ ْي ِر ُسْل َ‬ ‫ِإ َّن َّال ِذين يج ِادُلون ِفي آي ِ‬
‫ات َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ َ‬
‫ص ُير‬‫الس ِميع اْلب ِ‬
‫َّ ُ َ‬

‫طٍ‬
‫ان} [اآلية‪.]56 :‬‬ ‫َّللاِ ِب َغ ْي ِر ُسْل َ‬ ‫قوله عز وعال‪ِ{ :‬إ َّن َّال ِذين يج ِادلُون ِفي آي ِ‬
‫ات َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫الح َّجة ال يجحدها عاقل كحجة إبراهيم الخليل صلى هللا عليه‬ ‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬أتاهم الكتاب والسنة و ُ‬
‫وسلم‪ ،‬والحجة حجتان‪ :‬حجة قاطعة كحجة إبراهيم فى معنى اليقين وحجة مردودة إلى المشيئة وهو قوله‪ُ{ :‬ق ْل َفلَِّل ِه‬
‫اْل ُح َّج ُة اْلَبالِ َغ ُة} [األنعام‪.]149 :‬‬

‫سورة غافر (من اآلية ‪ 60‬الى اآلية ‪)60‬‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ين‬ ‫َستَ ِج ْب َل ُك ْم ِإ َّن الذ َ‬
‫ين َي ْستَ ْكِب ُرو َن َع ْن عَب َادتي َسَي ْد ُخُلو َن َج َهَّن َم َداخ ِر َ‬ ‫ِ‬
‫ُّك ُـم ْاد ُعوني أ ْ‬
‫ال َرب ُ‬
‫َوَق َ‬

‫َستَ ِج ْب َل ُك ْم} [اآلية‪.]60 :‬‬ ‫ِ‬


‫ُّك ُـم ْاد ُعوني أ ْ‬
‫ال َرب ُ‬
‫{وَق َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الوراق‪ :‬ادعونى على جدارة االضطرار وااللتجاء دعاء من ال يكون له ملجأ وال مرجع إلى سواى‪ :‬أستجب‪.‬‬

‫وقال محمد بن على‪ :‬من دعا هللا ولم يعمر قبل ذلك سبيل الدعاء بالتوبة واإلنابة وأكل الحالل واتباع السنة ومراعاة‬
‫مردودا فأخشى أن يكون جوابه الطرد واللعنة‪.‬‬
‫ً‬ ‫السر كان دعاؤه‬

‫وقال يحيى بن معاذ‪ :‬ادعونى بصدق االلتجاء أستجب لكم صالح الدعاء‪.‬‬

‫وقيل لسهل‪ :‬ما معنى قولهم‪ :‬الدعاء أفضل العمل؟ فقال‪ :‬ألن فيه الفقر والفاقة وااللتجاء والتضرع‪.‬‬

‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم البزاز قال‪ :‬قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬للدعاء أركان وأجنحة‬
‫وأسباب وأوقات فإن وافق أركانه قوى وإن وافق أجنحته طار فى السماء وإن وافق مواقيته فاز وإن وافق أسبابه أفلح‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫فأركانه‪ :‬حضور القلب والرقة واالستكانة والخشوع وتعلق القلب باهلل وقطعه من األسباب‪ ،‬وأجنحته‪ :‬الصدق‪ ،‬ومواقيته‪:‬‬
‫األسحار‪ ،‬وأسبابه‪ :‬الصلوات على محمد صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫النهـار مب ِ‬ ‫ِِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ َّ ِ‬


‫صـ اًر} لتبصروا فيه‬ ‫{و َّ َ َ ُ ْ‬
‫{َّللاُ الذي َج َع َل َل ُك ُم اللْي َل لتَ ْس ُكُنوْا فيه} قال بعضهم‪ :‬لتسكنوا فيه إلى روح المناجاة َ‬
‫بوادى القدرة‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬لتسكنوا فيه عن حركات طلب األرزاق‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬لتحاسبوا أنفسكم بخيانات النهار‪.‬‬

‫َستَ ِج ْب َل ُك ْم} [اآلية‪.]60 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ ْ :‬‬


‫{اد ُعوني أ ْ‬

‫َستَ ِج ْب َل ُك ْم} فقال‪:‬‬ ‫سمعت منصور بن عبد هللا األصفهانى يقول‪ :‬سمعت الشبلى يقول‪ :‬وقد سئل عن قوله‪ِ ْ :‬‬
‫{اد ُعوني أ ْ‬
‫أوه من أمر ولمن أمر وكيف أمر وبأى ٍ‬
‫أمر أمر وبأى شىء أمر وما المراد فيما أمر‪ ،‬بلى وهللا أمرنا أن نكون بال‬
‫سر بسر متصل وأما على الظاهر فقال‪ :‬ادعونى وال تدعوا معى سواى فإذا وجدتمونى فقد‬
‫نحن فى سر ظهر الغيب ًا‬
‫وجدتم الكل‪.‬‬

‫سمعت النصرآباذى يقول‪ :‬ناب عن خلقه بالدعاء وناب عنهم باإلجابة فكل يدعو على ما ناب عنه ومن لم ينب عنه‬
‫فهو المحروم فى الدعاء والممنوع من اإلجابة‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬ادعونى واستجيبوا أستجب لكم‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬كم منا دعا ربه عند نفسه وهو فى الحقيقة دعا غيره وعبد سواه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة غافر (من اآلية ‪ 64‬الى اآلية ‪)64‬‬

‫ك‬ ‫لطِيب ِ‬
‫ات َذلِ ُك ُم َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫السم ِ‬ ‫َّ َّ ِ‬
‫ُّك ْـم َفتَ َـب َار َ‬
‫َّللاُ َرب ُ‬ ‫ص َوَرُك ْـم َوَرَزَق ُك ْـم م َن ا َ‬
‫َح َس َن ُ‬
‫صَّوَرُك ْـم َفأ ْ‬
‫ـآء َو َ‬
‫آء بَن ً‬
‫ـر اًر َو َّ َ َ‬
‫ض َق َا‬
‫َّللاُ الذي َج َع َـل َل ُك ُـم األ َْر َ‬
‫ين‬ ‫ِ‬
‫َّللاُ َر ُّب اْل َعاَلم َ‬
‫َّ‬

‫ـر اًر} [اآلية‪.]64 :‬‬


‫ض َق َا‬ ‫قوله عز وعال‪ِ َّ َّ :‬‬
‫و{َّللاُ الذي َج َع َـل َل ُك ُـم األ َْر َ‬

‫قال سليمان‪ :‬القرار لمن استقر على طلب الموافقة واجتنب التخطى إلى المخالفة‪.‬‬

‫بناء لمالئكته‪.‬‬
‫ار ألوليائه والسماء ً‬
‫وقال بعضهم‪ :‬جعل األرض قرًا‬

‫سورة غافر (من اآلية ‪ 65‬الى اآلية ‪)65‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬


‫ين اْل َح ْـم ُد ََّّلل َر ِب اْل َعاَلم َ‬
‫ين‬ ‫ين َل ُه الد َ‬ ‫ُه َو اْل َح ُّي الَ ِإَلـ َٰه ِإالَّ ُه َو َف ْ‬
‫ـاد ُعوهُ ُم ْخلص َ‬

‫{ه َو اْل َح ُّي الَ ِإَلـ َٰه ِإالَّ ُه َو َف ْ‬


‫ـاد ُعوهُ} [اآلية‪.]65 :‬‬ ‫قوله عز وعال‪ُ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬هو الذى أحيا القلوب بفوائد أنواره وسواطع عزته عن هواجس الهياكل وظلم األجسام‪.‬‬

‫حيا فهو ميت وإن نطق أو تحرك‪.‬‬


‫وقال الحسين‪ :‬هو الذى أحيا العالم بنظره فمن لم يكن به وبنظره ً‬

‫وقال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬الحى على الحقيقة من به حياة كل حى‪.‬‬

‫ِِ‬ ‫قوله عز وعال‪{ :‬وأ ُِمرت أَن أ ُ ِ‬


‫َكو َن م َن اْل ُم ْسلم َ‬
‫ين} [النمل‪.]91 :‬‬ ‫َ ُْ ْ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬أخضع ألوامره وأنقاد له وال أخرج من رسوم العبودية بحال‪.‬‬

‫قال جعفر‪ :‬ال ألتجئ إال إليه وال أذل إالَّ له فإن االلتجاء إليه محل الفرج والتذلل له معدن العز‪.‬‬

‫سورة غافر (من اآلية ‪ 77‬الى اآلية ‪)77‬‬

‫ض َّال ِذي َن ِع ُد ُه ْم أ َْو َنتََوَّفَيَّن َك َفِإَل ْيَنا ُي ْر َج ُعو َن‬ ‫َفاصِبر ِإ َّن وعد َّ ِ‬
‫َّللا َح ٌّق َفـِإ َّما ُن ِرَيَّن َك َب ْع َ‬ ‫َ َْ‬ ‫ْ ْ‬

‫َّللاِ َح ٌّق} [اآلية‪.]77 :‬‬


‫اصِب ْر ِإ َّن َو ْع َد َّ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ف ْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال أبو بكر بن طاهر‪ :‬اصبر على شدائد الدنيا فإن وعد هللا حق لمن صبر فيها على الشدائد أن يوصله إلى الراحة‬
‫الكبرى وهو مقعد صدق عند مليك مقتدر‪.‬‬

‫سورة غافر (من اآلية ‪ 78‬الى اآلية ‪)78‬‬

‫ول أَن يأِْتي ِبآي ٍة ِإالَّ‬


‫ان لِرس ٍ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َوَلَق ْد أ َْرَسْلَنا ُرُسالً ِمن َقْبلِ َك ِم ْن ُهم‬
‫َ َ َ‬ ‫ص َعَل ْي َك َو َما َك َ َ ُ‬
‫ص ْ‬
‫صَنا َعَل ْي َك َوم ْن ُه ْم َّمن ل ْم َنْق ُ‬ ‫صْ‬ ‫َّمن َق َ‬
‫ِباْل َح ِق َو َخ ِس َر ُهَنالِ َك اْل ُم ْب ِطُلو َن‬ ‫ضي‬ ‫َّللاِ ق ِ‬
‫ـآء أ َْم ُر َّ‬ ‫ِبِإ ْذ ِن َّ ِ ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َّللا َفإ َذا َج َ‬
‫ضي ِباْل َح ِق} [اآلية‪.]78 :‬‬‫َّللاِ ق ِ‬
‫ـآء أ َْم ُر َّ‬ ‫ِ‬
‫ُ َ‬ ‫قوله عز وعال‪َ { :‬فإ َذا َج َ‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬من ذكر القسمة وما جرى له فى السبق ينقطع عن السؤال والدعاء ويعلم أن المقضى‬
‫كائن بالحق ومن الحق لذلك قال بعضهم‪ :‬أمرونا‬

‫بالسكوت والجمود‪ ،‬ودعونا إلى الدعاء‪ ،‬والثناء فى الدعاء لمن ال سابقة له والثناء ال يصلح إال ألهل الثناء فإنك إن‬
‫سألت ما ليس لك استعجلت وأسأت الثناء وإن سألت ما‬

‫لك اتهمت وإن سكت أجرى لك ما قضاه فى الدهور لك وهذا كقوله‪ :‬فإذا جاء أمر هللا قضى بالحق‪.‬‬

‫سورة غافر (من اآلية ‪ 80‬الى اآلية ‪)80‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ورُك ْم َو َعَل ْي َها َو َعَلى اْلُفْل ِك تُ ْح َمُلو َن‬
‫ص ُد ِ‬ ‫وَل ُكم ِفيها مَن ِافع ولِتَـبُل ُغوْا عَليها ح ِ‬
‫اج ًة في ُ‬
‫َ َْ َ َ‬ ‫َ ْ َ َ َُ ْ‬

‫ص ُد ِ‬
‫ورُك ْم} [اآلية‪.]80 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وَل ُكم ِفيها مَن ِافع ولِتَـبُل ُغوْا عَليها ح ِ‬
‫اج ًة في ُ‬
‫َ َْ َ َ‬ ‫َ ْ َ َ َُ ْ‬

‫السنة فى الركوب فيما خلق للركوب واستعمال السنة فى النحر والذبح‬


‫وقال محمد بن على‪ :‬لكم فيها منافع استعمال ُّ‬
‫فيما خلق لهما‪.‬‬

‫ص ُد ِ‬
‫ورُك ْم} قال‪ :‬الحج والغزو‪.‬‬ ‫قال أبو عثمان رحمة هللا عليه‪{ :‬ولِتَـبُل ُغوْا عَليها ح ِ‬
‫اج ًة في ُ‬
‫َ َْ َ َ‬ ‫َ ْ‬

‫وقال أحمد بن حنبل رحمة هللا عليه‪ :‬لكم فيها منافع فى أداء صدقاتها وزكاتها وتضعيف األجر لكم فى ذلك‪.‬‬

‫سورة غافر (من اآلية ‪ 81‬الى اآلية ‪)81‬‬

‫َّللاِ تُ ِ‬
‫نك ُرو َن‬ ‫َي آي ِ‬
‫ات َّ‬ ‫وي ِر ُ ِ ِ‬
‫يك ْم َآياته َفأ َّ َ‬ ‫َُ‬

‫قال سهل‪ :‬أظهر آياته فى أوليائه وجعل السعيد من عباده من صدقهم فى كراماتهم وأعمى أعين األشقياء عن ذلك‬
‫وصرف قلوبهم عنه ومن أنكر آيات األولياء إنما ينكر قدرة هللا فإن القدرة تظهر على األولياء آيات ألنهم بأنفسهم‬
‫َّللاِ تُ ِ‬
‫نك ُرو َن}‪.‬‬ ‫َي آي ِ‬
‫ات َّ‬ ‫يظهرونها وهللا تعالى يقول‪{ :‬وي ِر ُ ِ ِ‬
‫يك ْم َآياته َفأ َّ َ‬ ‫َُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة غافر (من اآلية ‪ 85‬الى اآلية ‪)85‬‬

‫َّللاِ َّالِتي َق ْد َخَل ْت ِفي ِعَب ِادِه َو َخ ِس َر ُهَنالِ َك اْل َك ِاف ُرو َن‬
‫ْسَنا ُسَّن َت َّ‬
‫يم ُان ُه ْم َل َّما َأرَْوْا َبأ َ‬
‫ِ‬
‫َفَل ْم َي ُك َي َنف ُع ُه ْم إ َ‬

‫َّللاِ َّالِتي َق ْد َخَل ْت ِفي ِعَب ِادِه} [اآلية‪.]85 :‬‬


‫{سَّن َت َّ‬
‫قوله تعالى‪ُ :‬‬

‫قال سهل‪ :‬السنة مشتقة من أسماء هللا تعالى السين سنا هللا والنون نور هللا والهاء هداية هللا فقوله‪ :‬سنة هللا التى قد‬
‫خلت فى عباده أى فطرة هللا التى َجبل عليها خواص عباده هداية منه لهم فهم على سنن الطريق الواضح إليه زيادة‪.‬‬

‫سورة فصلت (من اآلية ‪ 1‬الى اآلية ‪)2‬‬

‫الرِحي ِم‬ ‫يل ِم َن َّ‬


‫الر ْح َمـ ِٰن َّ‬ ‫حـم * تَ ِ‬
‫نز ٌ‬

‫قال سهل فى قوله‪{ :‬حـم} قال قضى فى اللوح المحفوظ‪ ،‬وكتب فيه ما هو كائن‪.‬‬

‫وقال بعضهم فى قوله‪{ :‬حـم} قال‪ :‬الحافظ للملك هو هللا‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬أنزل هذا القرآن الرحمن الرحيم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال ابن عطاء فى قوله‪ُ { :‬ف ِ‬
‫صَل ْت َآياتُ ُه} قال‪ :‬بينت أحكامه‪.‬‬

‫سورة فصلت (من اآلية ‪ 4‬الى اآلية ‪)4‬‬

‫ض أَ ْكثَ ُرُه ْم َف ُه ْم الَ َي ْس َم ُعو َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫َع َر َ‬
‫َبشي اًر َوَنذي اًر َفأ ْ‬

‫{ب ِشي اًر َوَن ِذي اًر} [اآلية‪.]4 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫ونذير بمطالعة الخوف‪.‬‬


‫ًا‬ ‫بشير بمطالعة الرجاء‬
‫قال محمد بن على‪ً :‬ا‬

‫ونذير بالنار لمن عصاه وخالف مراد هللا فيه‪.‬‬


‫ًا‬ ‫بشير بالجنة لمن أطاعه واتبع ما فيه‬
‫قال سهل‪ً :‬ا‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬يبشر من آمن به برضا ربه وينذر من أعرض عنه بسخط ربه‪.‬‬

‫سورة فصلت (من اآلية ‪ 5‬الى اآلية ‪)5‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫آذاننا وْقر و ِمن بيِننا وبيِنك ِحجاب َفاعمل ِإَّننا ع ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وَقاُلوْا ُقُلوبنا ِفي أ ِ ٍ ِ‬
‫امُلو َن‬ ‫ونا ِإَل ْيه َوِفي َ َ ٌ َ َ ْ َ َ َ ْ َ َ ٌ ْ َ ْ َ َ‬ ‫َكَّنة م َّما تَ ْد ُع َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬

‫ونا ِإَل ْي ِه} [اآلية‪.]5 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وَقاُلوْا ُقُلوبنا ِفي أ ِ ٍ ِ‬
‫َكَّنة م َّما تَ ْد ُع َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬

‫قال سهل‪ :‬فى أغطية اإلهمال فمالت إلى الشهوى والهوى ولم تسمع داعى الحق {وِفي ِ‬
‫آذانَنا َوْقٌر} أى بها صمم عن‬ ‫َ‬
‫الخير فال تسمع هواتف الحق‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬قلوبهم فى حجاب من دعوة وأسماءهم صمت من نداء الحق وكلت ألسنتهم عن ذكر الحق وجعل بينهم‬
‫أبدا‪.‬‬
‫وبين الحق حجاب الوحشة وهو الحجاب الذى ال يرفع ً‬

‫سورة فصلت (من اآلية ‪ 6‬الى اآلية ‪)6‬‬

‫ِ‬ ‫احٌد َفاستَِقيموْا ِإَلي ِه و ِ‬


‫ُقل ِإَّنمآ أََن ْا ب َشر ِم ْثُل ُكم يوح ٰى ِإَل َّي أََّنمآ ِإَلـٰه ُكم ِإَلـٰه و ِ‬
‫استَ ْغف ُروهُ َوَوْي ٌل لْل ُم ْش ِرِك َ‬
‫ين‬ ‫ْ ُ ْ َ ْ‬ ‫َ ُ ْ ٌَ‬ ‫ْ ُ َ‬ ‫َ ٌ‬ ‫ْ َ‬
‫قوله تعالى‪ُ{ :‬قل ِإَّنمآ أََن ْا ب َشر ِم ْثُل ُكم يوح ٰى ِإَل َّي أََّنمآ ِإَلـٰه ُكم ِإَلـٰه و ِ‬
‫احٌد} [اآلية‪.]6 :‬‬ ‫َ ُ ْ ٌَ‬ ‫ْ ُ َ‬ ‫َ ٌ‬ ‫ْ َ‬

‫قال ابن عطاء فى قوله‪ِ{ :‬إَّن َمآ أََن ْا َب َشٌر ِم ْثُل ُك ْم} فى ظاهر األحكام ومحل االتباع أمثل لكم سبل الشريعة وأحكام الدين‬
‫وأكملكم بوحى من ربكم أنه إله واحد فمن صدقنى واتبع سنتى فقد وصل الى الرضوان ومن خالفنى وأعرض فقد‬
‫أعرض عن طريقة الحق فأنا بشر مثلكم فى الظاهر ولست مثلكم فى الحقيقة أال تراه صلى هللا عليه وسلم يقول‪" :‬إنى‬
‫لست كأحدكم إنى أبيت عند ربى فيطعمنى ويسقينى يطعمنى ربى ويسقينى ربى‬

‫‪".‬‬

‫استَ ْغِف ُروهُ} [اآلية‪.]6 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬فاستِق ِ ِ‬


‫يموْا إَل ْيه َو ْ‬
‫َْ ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬االستقامة مساواة األحوال مع األفعال واألقوال وهو أن ال يخالف الظاهر الباطن وال الباطن الظاهر فإذا‬
‫استقمت واستقامت أحوالك فاستغفر من رؤية استقامتك واعلم أن هللا هو الذى قومك ألنك استقمت‪.‬‬

‫سورة فصلت (من اآلية ‪ 10‬الى اآلية ‪)10‬‬

‫ين‬‫وجعل ِفيها رو ِاسي ِمن َفوِقها وبارك ِفيها وَقَّدر ِفيهآ أَ ْقواتَها ِفي أَربع ِة أَيَّا ٍم سوآء لِ َّ ِ ِ‬
‫لسآئل َ‬ ‫ََ ً‬ ‫ََْ‬ ‫ْ َ ََ َ َ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ ََ َ َ ََ َ‬
‫يها َرَو ِاسي} [اآلية‪.]10 :‬‬ ‫ِ‬
‫{و َج َع َل ف َ‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬
‫َ‬

‫قال القاسم‪ :‬الرواسى األجلة من األولياء الذين هم المشرفون على الخلق ألنهم الخواص منهم‪ .‬وقوله‪ِ :‬‬
‫{من َف ْوِق َها} أى‬
‫من فوق عامة األولياء وأشرفهم نظرهم أصح وبركاتهم أعم وال يشرف عليهم أحد إال القطب الذى هو الواحد فى العال‬
‫وبه قوام كل األولياء والرواسى دونه‪.‬‬

‫سورة فصلت (من اآلية ‪ 12‬الى اآلية ‪)12‬‬

‫يح َو ِحْفظاً َذلِ َك تَْق ِد ُير اْل َع ِز ِ‬


‫صِب َ‬ ‫السمآء ُّ ِ‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫َفَق َٰ‬
‫يز‬ ‫الد ْنَيا ب َم َٰ‬ ‫ض ُه َّن َس ْب َع َس َٰم َٰوت في َي ْو َم ْين َوأ َْو َح ٰى في ُكل َس َمآء أ َْم َرَها َوَزيَّنا َّ َ َ‬
‫اْل َعلِي ِم‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫صاِب َ‬
‫يح} [اآلية‪.]12 :‬‬ ‫السمآء ُّ ِ‬
‫الد ْنَيا ب َم َ‬ ‫قوله عز وعال‪َّ َ :‬‬
‫{وَزيَّنا َّ َ َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬زينا قلوب العارفين بأنوار المعرفة وجعلنا فيها مصابيح الهداية وضياء التوحيد‪.‬‬

‫وقال جعفر‪ :‬زيَّنا جوارح المؤمنين بالخدمة‪.‬‬

‫وقال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬زينا الجنة بنور مناجاة العارفين وزهرة خدمة العابدين‪.‬‬

‫سورة فصلت (من اآلية ‪ 15‬الى اآلية ‪)15‬‬

‫َّللاَ َّال ِذي َخَلَق ُه ْم ُهَو أ َ‬


‫َشُّد ِم ْن ُه ْم ُقَّوًة‬ ‫َشُّد ِمَّنا ُقَّوًة أ ََوَل ْم َي َرْوْا أ َّ‬
‫َن َّ‬ ‫استَ ْكَب ُروْا ِفي األ َْر ِ‬
‫ض ِب َغ ْي ِر اْل َح ِق َوَقاُلوْا َم ْن أ َ‬ ‫َما َع ٌاد َف ْ‬ ‫َفأ َّ‬
‫َوَك ُانوْا ِب َآي ِاتَنا َي ْج َح ُدو َن‬

‫َّللاَ َّال ِذي َخَلَق ُه ْم ُه َو أ َ‬


‫َشُّد ِم ْن ُه ْم ُقَّوةً} [اآلية‪.]15 :‬‬ ‫قوله عز وعال‪{ :‬أ ََوَل ْم َي َرْوْا أ َّ‬
‫َن َّ‬

‫قال عمرو المكى‪ :‬من شاهد من نفسه قياما إلى شىء من األوامر وقعودا عن شىء من النواهى فقد صغر ما َّ‬
‫عظمه‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫هللا وعظم ما صغره هللا أال ترى أن هللا هو الذى أقامه إليها وقواه عليها حينئذ يخلو من حاله وعمله ويرى قدرة هللا‬
‫وقوته عليه وضعفه عن القيام إلى حقائق أوامره ويعلم أن القوى على الحقيقة من يقدر على أن يقوى العبد على القيام‬
‫بأحكامه‪.‬‬

‫َّللاَ َّال ِذي َخَلَق ُه ْم ُه َو أ َ‬


‫َشُّد ِم ْن ُه ْم ُقَّوًة}‪.‬‬ ‫قال هللا تعالى‪{ :‬أ ََوَل ْم َي َرْوْا أ َّ‬
‫َن َّ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة فصلت (من اآلية ‪ 17‬الى اآلية ‪)17‬‬

‫اب اْل ُهو ِن ِب َما َك ُانوْا َي ْك ِسُبو َن‬ ‫َما ثَمود َفهديناهم َفاستَحُّبوْا اْلعمى عَلى اْلهد ٰى َفأَخ َذ ْتهم ص ِ‬
‫اعَق ُة اْلع َذ ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُْ َ‬ ‫َُ‬ ‫ََ ٰ َ‬ ‫َوأ َّ ُ ُ َ َ ْ َ ُ ْ ْ َ‬

‫استَ َحُّبوْا اْل َع َم ٰى َعَلى اْل ُه َد ٰى} [اآلية‪.]17 :‬‬


‫اه ْم َف ْ‬
‫ود َف َه َد ْيَن ُ‬
‫َما ثَ ُم ُ‬
‫{وأ َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬لحاجة لما سبق فيهم من شؤم الجبلة‪.‬‬

‫ظاهر عوارى فتحقق لباس الحقيقة فاستحبوا العمى على الهدى ُ‬


‫فردوا إلى الذى‬ ‫ًا‬ ‫قال ابن عطاء‪ :‬ألبسوا لباس الهداية‬
‫سبق لهم فى األزل‪.‬‬

‫سورة فصلت (من اآلية ‪ 19‬الى اآلية ‪)19‬‬

‫وزُعو َن‬ ‫َّللاِ ِإَلى َّ‬


‫الن ِار َف ُه ْم ُي َ‬ ‫آء َّ‬
‫َع َد ُ‬
‫َوَي ْوَم ُي ْح َش ُر أ ْ‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬من لم يصحبه من هللا ما يردعه عن جميع خلقه فهو مصحوب نفسه وأن هللا وصف‬
‫وزُعو َن}‪.‬‬ ‫َّللاِ ِإَلى َّ‬
‫الن ِار َف ُه ْم ُي َ‬ ‫آء َّ‬
‫َع َد ُ‬
‫{وَي ْوَم ُي ْح َش ُر أ ْ‬
‫تحذير لخلقه فقال‪َ :‬‬
‫ًا‬ ‫حال األعداء فى عرصة القيامة‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة فصلت (من اآلية ‪ 22‬الى اآلية ‪)22‬‬

‫َّللاَ الَ َي ْعَلم َكِثي اًر ِم َّما تَ ْع َمُلو َن‬ ‫ود ُك ْم َوَلـ ِٰكن َ‬
‫ظَننتُ ْم أ َّ‬
‫َن َّ‬ ‫ِ‬
‫َو َما ُكنتُ ْم تَ ْستَت ُرو َن أَن َي ْش َه َد َعَل ْي ُك ْم َس ْم ُع ُك ْم َوالَ أ َْب َ‬
‫ص ُارُك ْم َوالَ ُجُل ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫{و َما ُكنتُ ْم تَ ْستَت ُرو َن أَن َي ْش َه َد َعَل ْي ُك ْم َس ْم ُع ُك ْم َوالَ أ َْب َ‬
‫ص ُارُك ْم} [اآلية‪.]22 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال أبو عثمان رحمة هللا عليه‪ :‬من لم يذكر فى وقت مباشرته الذنوب شهادة جوارحه عليه تحرى على الذنوب ومن‬
‫ذكر ذلك جبن عن مباشرتها وربما يلحقه التوفيق والعصمة فيمنعاه عنها‪.‬‬

‫سورة فصلت (من اآلية ‪ 24‬الى اآلية ‪)24‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬


‫الن ُار َم ْثًوى ل ُه ْم َوإِن َي ْستَ ْعتُبوْا َف َما ُهم م َن اْل ُم ْعتَِب َ‬
‫ين‬ ‫صِب ُروْا َف َّ‬ ‫ِ‬
‫َفإن َي ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫{وِإن َي ْستَ ْعتُبوْا َف َما ُهم م َن اْل ُم ْعتَِب َ‬
‫ين} [اآلية‪.]24 :‬‬ ‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬إن يستعتبوا ال يقالوا وإن اعتذروا لم يعذروا‪.‬‬

‫سورة فصلت (من اآلية ‪ 25‬الى اآلية ‪)25‬‬

‫َّضَنا َلهم ُق َرَنآء َف َزيَُّنوْا َلهم َّما َب ْي َن أ َْي ِدي ِهم وما َخْلَفهم و َح َّق َعَل ْي ِهم اْلَقول ِفي أُم ٍم َق ْد َخَل ْت ِمن َقْبلِ ِهم ِم َن اْل ِج ِن و ِ‬
‫اإل ْن ِ‬
‫س‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُْ‬ ‫ُْ َ‬ ‫ْ ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َوَقي ْ ُ ْ‬
‫ِ‬
‫ِإَّن ُه ْم َك ُانوْا َخاس ِر َ‬
‫ين‬

‫آء َف َزيَُّنوْا َل ُهم َّما َب ْي َن أ َْي ِدي ِه ْم َو َما َخْلَف ُه ْم} [اآلية‪.]25 :‬‬
‫َّضَنا َل ُه ْم ُق َرَن َ‬
‫{وَقي ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫أبدا‪.‬‬
‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬النفس ال تألف الحق ً‬

‫مخالفا له ال يألف الحق وال يتبعه‬


‫ً‬ ‫قال ابن عطاء‪ :‬النفس قرين الشيطان وأليفه ومتبعه فيما يشير عليه مفارًقا للحق‬
‫آء َف َزيَُّنوْا َل ُهم َّما َب ْي َن أ َْي ِدي ِه ْم} من طول األمل وما خلفهم من نسيان الذنوب‪.‬‬
‫َّضَنا َل ُه ْم ُق َرَن َ‬
‫{وَقي ْ‬
‫قال هللا تعالى‪َ :‬‬

‫سورة فصلت (من اآلية ‪ 26‬الى اآلية ‪)26‬‬

‫آن واْلغوْا ِف ِ‬
‫يه َل َعَّل ُك ْم تَ ْغلُِبو َن‬ ‫ِ‬ ‫وَق َّ ِ‬
‫ين َكَف ُروْا الَ تَ ْس َم ُعوْا ل َهـٰ َذا اْلُق ْر ِ َ َ ْ‬
‫ال الذ َ‬
‫َ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬من لم يكن قلبه منور باإليمان ال يلتذ بسماع القرآن وال تؤثر فيه مواعظه وأحكامه وإنما يتعظ به من‬
‫مسددا بالعصمة إذا سمعه وعى فوائد أحكامه‬
‫ً‬ ‫معانا بالتوفيق‬
‫كان مؤيد السر مشروح الصدر مفتوح السمع حاد البصر ً‬
‫واتعظ بلطائف مواعظه‪.‬‬

‫سورة فصلت (من اآلية ‪ 30‬الى اآلية ‪)30‬‬

‫ِ َِّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬


‫اموْا تَتََنَّزُل َعَل ْي ِه ُم اْل َمالَئ َك ُة أَال تَ َخا ُفوْا َوالَ تَ ْح َزُنوْا َوأ َْبش ُروْا ِباْل َجَّنة التي ُكنتُ ْم تُ َ‬
‫وع ُدو َن‬ ‫استََق ُ‬
‫َّللاُ ثُ َّم ْ‬ ‫ِإ َّن الذ َ‬
‫ين َقاُلوْا َربَُّنا َّ‬

‫َّ ِ‬
‫اموْا} [اآلية‪.]30 :‬‬
‫استََق ُ‬
‫َّللاُ ثُ َّم ْ‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن الذ َ‬
‫ين َقاُلوْا َربَُّنا َّ‬

‫قال‪ :‬استقاموا على انفراد القلب باهلل سمعت منصور بن عبد هللا يقول سمعت أبا القاسم البزاز يقول‪ :‬قال ابن عطاء‬
‫شيئا ال يهاب غيره وال يطالع سواه فتركوا المنازعة‬
‫اموْا} قال استقاموا على المشاهدة ألن من عرف ً‬
‫استََق ُ‬
‫فى قوله‪{ :‬ثُ َّم ْ‬
‫واالعتراض مع الحق‪.‬‬

‫َّ ِ‬
‫اموْا} قال‪ :‬قالوها صرًفا غير ممزوجة ولم يعرجو على معنى‬
‫استََق ُ‬
‫َّللاُ ثُ َّم ْ‬ ‫وقال بعضهم فى قوله‪ِ{ :‬إ َّن الذ َ‬
‫ين َقاُلوْا َربَُّنا َّ‬
‫سواها لما اعتقدوا ألنفسهم من العبودية وله من تمام الربوبية‪.‬‬

‫قال محمد بن الفضل‪ :‬حاجة جميع الموحدين فى خصلة بها كملت المحاسن وبفقدها قبحت القبائح وهى االستقامة‪.‬‬

‫اموْا} معه على بساط المعرفة وداموا بأسرارها على‬


‫{استََق ُ‬
‫سئل الشبلى عن هذه اآلية فقال‪َ { :‬قاُلوْا َربَُّنا} هو خالقنا فـ ْ‬
‫سرير المحبة {تَتََنَّزُل َعَل ْي ِه ُم اْل َمالَِئ َك ُة} بانقطاع المدة أن ال تخافوا من دار الهوان وال تحزنوا على ما فاتكم من دار‬
‫االمتحان وأبشروا بدوام النعيم وهو لقاء هللا عز وجل الذى ليس بعده نصب وال شدة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َّ ِ‬
‫سر كما استقاموا‬
‫اموْا} قال‪ :‬استقاموا فعالً كما استقاموا قوالً واستقاموا ًا‬
‫استََق ُ‬
‫َّللاُ ثُ َّم ْ‬ ‫وقيل فى قوله‪ِ{ :‬إ َّن الذ َ‬
‫ين َقاُلوْا َربَُّنا َّ‬
‫ظاهر فإن حقيقة االستقامة القرار بعد اإلقرار ال اإلقرار بعد القرار تتنزل عليهم‬‫ًا‬ ‫باطنا كما استقاموا‬ ‫جهر واستقاموا ً‬‫ًا‬
‫{والَ تَ ْح َزُنوْا} على ما فاتكم أى ما جرى عليكم من الجناية وأبشروا بالجنة‬
‫المالئكة للحماية أن ال تخافوا على الوالية َ‬
‫التى كنتم توعدون فى البداية‪.‬‬

‫سورة فصلت (من اآلية ‪ 31‬الى اآلية ‪)31‬‬

‫يها َما تََّد ُعو َن‬ ‫ِ‬ ‫يها َما تَ ْشتَ ِهي أ ُ‬
‫َنف ُس ُك ْم َوَل ُك ْم ف َ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫آؤُك ْم ِفي اْل َحَي ِاة ُّ‬
‫الد ْنَيا َوِفي اآلخ َرة َوَل ُك ْم ف َ‬ ‫َن ْح ُن أ َْولَِي ُ‬
‫الد ْنيا وِفي ِ‬
‫اآلخ َرِة} [اآلية‪.]31 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫{ن ْح ُن أ َْولَِي ُ‬
‫آؤُك ْم في اْل َحَياة ُّ َ َ‬ ‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫قال جعفر‪ :‬من الحظ فى أعماله الثواب واإلعراض كانت المالئكة أولياؤه من تحقق من أفعاله وعملها على مشاهدة‬
‫َّ ِ‬
‫آمُنوْا} [البقرة‪.]257 :‬‬ ‫{َّللاُ َولِ ُّي الذ َ‬
‫ين َ‬ ‫أمرها فهو وليُّه ألنه يقول‪َّ :‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬ال يردكم هللا إلى معنى سواه فى الدنيا واآلخرة‪.‬‬
‫ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة فصلت (من اآلية ‪ 33‬الى اآلية ‪)33‬‬

‫ِِ‬ ‫َّللاِ وع ِمل صالِحاً وَق ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫ال ِإَّنني م َن اْل ُم ْسلم َ‬
‫ين‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬
‫َح َس ُن َق ْوالً م َّمن َد َعآ إَلى َّ َ َ َ َ‬
‫َو َم ْن أ ْ‬

‫َّللاِ} [اآلية‪.]33 :‬‬


‫{و َم ْن أَ ْح َس ُن َق ْوالً ِم َّمن َد َعآ ِإَلى َّ‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫قال سهل‪ :‬أى ممن دل على هللا وعلى عبادة هللا وسنة رسوله صلى هللا عليه وسلم واجتناب المناهى وإدامة االستقامة‬
‫مع هللا‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬هى الطريقة الوسطى والجادة التى من سلكها َسلِم ومن تعداها ندم‪.‬‬

‫َح َس ُن َق ْوالً‬ ‫وقال ابن عطاء‪ :‬دعا إلى هللا حتى يدعو باهلل فيكون هو داعى الحق ودعاؤه دعاء الحق‪ .‬قال هللا‪َ :‬‬
‫{و َم ْن أ ْ‬
‫أثر‪.‬‬
‫صالحا ولم ير لنفسه فيه ًا‬
‫ً‬ ‫َّللاِ} باهلل ال بنفسه وعمل‬
‫ِم َّمن َد َعآ ِإَلى َّ‬

‫َّللاِ} قال‪ :‬الداعى على الحقيقة هو الذى ال‬


‫َح َس ُن َق ْوالً ِم َّمن َد َعآ ِإَلى َّ‬
‫{و َم ْن أ ْ‬
‫قال الواسطى رحمة هللا عليه فى قوله‪َ :‬‬
‫يشير إلى غيره فى جميع دعوته وقال‪ :‬أول الدعاء إلى هللا الحضور مع هللا وترك الصور عند مشاهدة المحمود‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬الداعى إلى هللا على الحقيقة الذى يرضى هللا فى دعوته فيمكنه فى وقت اشتغال الخلق بأنفسهم من‬
‫الشفاعة لما رضى من دعوته والداعى إلى هللا على الحقيقة الذى ال يشير إلى غيره فى جميع دعوته‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة فصلت (من اآلية ‪ 34‬الى اآلية ‪)34‬‬

‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫َِّ ِ‬
‫السِيَئ ُة ْاد َف ْع ِبالتي ه َي أ ْ‬
‫َح َس ُن َفإ َذا الذي َب ْيَن َك َوَب ْيَن ُه َع َد َاوةٌ َكأََّن ُه َوِل ٌّي َحم ٌ‬
‫يم‬ ‫َوالَ تَ ْستَ ِوي اْل َح َسَن ُة َوالَ َّ‬

‫السِيَئ ُة} [اآلية‪.]34 :‬‬


‫{والَ تَ ْستَ ِوي اْل َح َسَن ُة َوالَ َّ‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬ال يستوى بين من أحسن الدخول فى خدمتنا والخروج منها وبين من أساء األدب فى الخدمة فإن سوء‬
‫األدب فى القرب أصعب من سوء األدب فى البعد فقد تصفح عن الجهال الكبائر ويؤخذ الصديقون باللحظات‬
‫وااللتفات‪.‬‬

‫سورة فصلت (من اآلية ‪ 35‬الى اآلية ‪)35‬‬

‫اهآ ِإالَّ ُذو َح ٍظ َع ِظي ٍم‬


‫صَب ُروْا َو َما ُيَلَّق َ‬
‫َّ َّ ِ‬
‫َو َما ُيَلَّق َ‬
‫اها ِإال الذ َ‬
‫ين َ‬
‫َّ َّ ِ‬
‫صَب ُروْا} [اآلية‪.]35 :‬‬
‫ين َ‬ ‫{و َما ُيَلَّق َ‬
‫اها ِإال الذ َ‬ ‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬ال يطيق أحد الهجوم على المعارف إال من يصبر على احتمال النوائب والشدائد فيها وال يرى لنفسه قمة‬
‫خطر إذ ذاك يمكنه مجاورة المعارف والهجوم عليها‪.‬‬
‫وال لزوجه ًا‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة فصلت (من اآلية ‪ 36‬الى اآلية ‪)36‬‬

‫يم‬‫ِ‬
‫يع اْل َعل ُ‬
‫اَّللِ ِإَّنه هو َّ ِ‬
‫السم ُ‬ ‫استَع ْذ ب َّ ُ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫الش ْي َٰ‬
‫ط ِن َن ْزغٌ َف ِ ِ‬ ‫وإِ َّما َي َنزَغَّن َك ِم َن َّ‬
‫َ‬

‫اَّللِ} [اآلية‪.]36 :‬‬


‫استَ ِع ْذ ِب َّ‬ ‫طِ‬
‫ان َن ْزغٌ َف ْ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬وإِ َّما َي َنزَغَّن َك ِم َن َّ‬
‫الش ْي َ‬ ‫َ‬

‫أبدا ومن طرد بااللتجاء إلى هللا واالستعاذة به منه لم‬ ‫قال بعضهم‪ :‬من طرد الشيطان عن نفسه بنفسه فهو قرينه ً‬
‫اَّللِ}‪.‬‬
‫استَ ِع ْذ ِب َّ‬ ‫طِ‬
‫ان َن ْزغٌ َف ْ‬
‫يجعل هللا للشيطان عليه سبيالً ألن هللا يقول‪{ :‬وإِ َّما َي َنزَغَّن َك ِم َن َّ‬
‫الش ْي َ‬ ‫َ‬

‫وسئل أبو حفص بماذا يتخلص المؤمن من الشيطان؟ قال‪ :‬بتصحيح العبودية ألن هللا عز وجل يقول‪ِ :‬إ َّن ِعَب ِادي َل ْي َس‬
‫ان[اإلسراء‪.]65 :‬‬
‫طٌ‬ ‫َل َك َعَل ْي ِه ْم ُسْل َ‬

‫سورة فصلت (من اآلية ‪ 37‬الى اآلية ‪)37‬‬

‫اس ُج ُدوْا ََِّّللِ اَّل ِذي َخَلَق ُه َّن ِإن ُكنتُ ْم ِإيَّاهُ تَ ْعُب ُدو َن‬ ‫ِ‬ ‫الشم ُس واْلَقم ُر الَ تَس ُج ُدوْا لِ َّ‬
‫لش ْم ِ‬
‫س َوالَ لْلَق َم ِر َو ْ‬ ‫ْ‬
‫َّ‬ ‫ِ ِ َّ‬
‫َو ِم ْن َآياته ال ُ‬
‫يل َو َّ‬
‫الن َه ُار َو ْ َ َ‬

‫س َوالَ لِْلَق َم ِر} [اآلية‪.]37 :‬‬ ‫الشم ُس واْلَقم ُر الَ تَس ُج ُدوْا لِ َّ‬
‫لش ْم ِ‬ ‫َّ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬و ِمن آي ِات ِه َّ‬
‫اللْي ُل َو َّ‬
‫ْ‬ ‫الن َه ُار َو ْ َ َ‬ ‫َ ْ َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬أظهر لك اآليات لتشتغل بمظهرها دونها فمن اشتغل بها شغلته عن مظهرها ومن اشتغل بمظهرها‬
‫شغله ذلك عن االشتغال بما يشغله عنه بحال وهو من عظيم األحوال وسنن المراتب‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة فصلت (من اآلية ‪ 39‬الى اآلية ‪)39‬‬

‫اها َل ُم ْح ِى اْل َم ْوتَ ٰى ِإَّن ُه َعَل ٰى ُك ِل‬ ‫َّ ِ‬ ‫و ِمن آي ِات ِه أََّنك تَرى األَرض خ ِ‬
‫اهتََّز ْت َوَرَب ْت ِإ َّن الذي أ ْ‬
‫َحَي َ‬ ‫آء ْ‬ ‫اش َع ًة َفِإ َذآ أ َ ْ‬
‫َنزلَنا َعَل ْي َها اْل َم َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫َشي ٍء َق ِد ٌير‬
‫ْ‬
‫قوله عز وعال‪{ :‬و ِمن آي ِات ِه أََّنك تَرى األَرض خ ِ‬
‫اش َع ًة} [اآلية‪.]39 :‬‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ َ‬

‫قلوبا فى األوعية من األجسام أودع بها ودائع وأخفاها على الخلق فإذا‬
‫قال عمرو بن عثمان المكى‪ :‬إن هلل عز وجل ً‬
‫فعرف القلوب محل الودائع وأظهر على النفس بركاتها‬‫نزل عليها مياه رحمته وبركات نظره وآثار بره استخرج ودائعه َّ‬
‫وأل قى على الخلق هيبة صاحبها فهو فى هيبة عند الخلق وانكسار عند نفسه وشفقة ونصيحة للخلق وخوف دائم من‬
‫اهتََّز ْت‬ ‫ذنوبه وذلك من آيات هللا الظاهرة وهو حقيقة قوله‪{ :‬و ِمن آي ِات ِه أََّنك تَرى األَرض خ ِ‬
‫اش َع ًة َفِإ َذآ أ َ ْ‬
‫آء ْ‬‫َنزلَنا َعَل ْي َها اْل َم َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫أنفسا ماتت عن القيام‬ ‫قلوبا غفلت عنه و ً‬ ‫َوَرَب ْت} إن الذى أحيا تلك النفوس بتلك الودائع قادر أن يحيى ببركة نظره ً‬
‫بخدمته‪.‬‬

‫سورة فصلت (من اآلية ‪ 42‬الى اآلية ‪)42‬‬

‫يل ِم ْن َح ِكي ٍم َح ِم ٍيد‬ ‫اط ُل ِمن َب ْي ِن َي َد ْي ِه َوالَ ِم ْن َخْلِف ِه تَ ِ‬


‫نز ٌ‬
‫َّ ِ ِ‬
‫يه اْلب ِ‬
‫ال َيأْت َ‬

‫اط ُل ِمن َب ْي ِن َي َد ْي ِه َوالَ ِم ْن َخْلِف ِه} [اآلية‪.]42 :‬‬ ‫َّ ِ ِ‬


‫يه اْلب ِ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬ال َيأْت َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬كيف يكون للباطل عليه سبيل وهو من حق بدأ وإلى حق يعود وهو الحق فال يتحقق به إال الحق‪.‬‬

‫سورة فصلت (من اآلية ‪ 44‬الى اآلية ‪)44‬‬

‫ين الَ ُي ْؤ ِمُنو َن ِفي‬ ‫ِي ُقل هو لَِّل ِذين آمنوْا هدى وِشَف َّ ِ‬ ‫صَل ْت آياتُه ء ِ‬ ‫وَلو جعْلناه ُقرآناً أعج ِمياً َّلَقاُلوْا َلوالَ ُف ِ‬
‫آء َوالذ َ‬
‫َ َ ُ ًُ َ ٌ‬ ‫اع َجم ٌّي َو َع َرب ٌّ ْ ُ َ‬‫َ ُ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ ََ َ ُ ْ ْ َ‬
‫ان َب ِع ٍيد‬
‫آ َذ ِان ِه ْم َوْقٌر َو ُه َو َعَل ْي ِه ْم َع ًمى أ ُْوَلـِٰئ َك ُيَن َاد ْو َن ِمن َّم َك ٍ‬

‫آء} [اآلية‪.]44 :‬‬ ‫ِ‬ ‫َِّ ِ‬


‫آمُنوْا ُه ًدى َوشَف ٌ‬
‫ين َ‬
‫قوله تعال‪ُ{ :‬ق ْل ُه َو للذ َ‬

‫قال جعفر‪ :‬القرآن شفاء لمن كان فى طلب العصمة وعمى على من كان فى ظلمة الخذالن‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬شفاء القرآن إذا دخل الصدور أعتقها من سر الطباع ورعونات الهوى وأدخلها فى فسحة التفويض‬
‫والتسليم‪.‬‬

‫سورة فصلت (من اآلية ‪ 49‬الى اآلية ‪)49‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ط‬
‫وس َقُنو ٌ‬ ‫ان ِمن ُد َع ِآء اْل َخ ْي ِر وإِن َّم َّس ُه َّ‬
‫الشُّر َفَيُئ ٌ‬ ‫الَّ َيسأَم ِ‬
‫اإل ْن َس ُ‬
‫َ‬ ‫ْ ُ‬

‫ان ِمن ُد َع ِآء اْل َخ ْي ِر} [اآلية‪.]49 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬الَّ َيسأَم ِ‬
‫اإل ْن َس ُ‬ ‫ْ ُ‬

‫قال‪ :‬ال يمل العبد من ذكر ربه وشكره وحمده والثناء عليه‪.‬‬

‫سورة فصلت (من اآلية ‪ 51‬الى اآلية ‪)51‬‬

‫يض‬ ‫ض وَنأَى ِب َج ِانِب ِه وإِ َذا م َّس ُه َّ‬


‫الشُّر َف ُذو ُد َع ٍآء َع ِر ٍ‬ ‫نس ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫َع َر َ َ‬
‫ان أ ْ‬ ‫َوإِ َذآ أ َْن َع ْمَنا َعَلى اإل َ‬

‫ض َوَنأَى ِب َج ِانِب ِه} [اآلية‪.]51 :‬‬


‫َع َر َ‬ ‫نس ِ‬
‫ان أ ْ‬ ‫ِ‬
‫{وِإ َذآ أ َْن َع ْمَنا َعَلى اإل َ‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫قال سهل‪ :‬أعرض عن الدعاء والشكر هلل على ما أنعم ونظر فى عطفيه وافتخر بغير مفتخر به‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬إذا أصابه بالء فى الظاهر وهو فى نعمة فى الحقيقة أعرض عنه لم يصبر على البالء وال يطالع‬
‫موضع الثواب فيه وإذا َم َّس ُه الشر االستدراج فى النعم ألفه ونظر فيه ونسى حقوق هللا عليه‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬أعرض عن المنعم بالنعمة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬الهداية واإليمان والوالية والعبادة والعبد ال ينفك عن أربعة أشياء من كسبه وكده وكدحه ومن فضل هللا‬
‫عليه وهو الذى يوجب له األمر‪.‬‬

‫سورة فصلت (من اآلية ‪ 53‬الى اآلية ‪)53‬‬

‫ِك أََّن ُه َعَل ٰى ُك ِل َشي ٍء َش ِه ٌيد‬ ‫ِ‬ ‫اق وِفي أ ُ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬


‫ْ‬ ‫َّن َل ُه ْم أََّن ُه اْل َح ُّق أ ََوَل ْم َي ْكف ِب َرب َ‬
‫َنفس ِه ْم َحتَّ ٰى َيتََبي َ‬ ‫ِ‬
‫َسُن ِريه ْم َآياتَنا في اآل َف َ‬

‫َنف ِس ِه ْم} [اآلية‪.]53 :‬‬ ‫قوله عز وعال‪{ :‬سُن ِري ِهم َآي ِاتَنا ِفي اآل َف ِ‬
‫اق َوِفي أ ُ‬ ‫َ ْ‬

‫قال سهل‪ :‬هى الموت والموت خاص وعام فالعام موت الخلقة والجبلة والخاص موت شهوات نفوس األولياء‪.‬‬

‫قال القحطانى‪ :‬ال يزال العبد يرتقى من حال إلى حال حتى يبلغ إلى األحوال السنية العالية ويرى هللا قائماً باألشياء ثم‬
‫ترقى به عن ذلك الحال حتى يرى األشياء فانية فى رؤية الحق ويتيقن أن القديم إذا قرن بالحديث ال يثبت له أثر وإن‬
‫اق وِفي أ ُ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َنفس ِه ْم َحتَّ ٰى َيتََبي َ‬
‫َّن َل ُه ْم أََّن ُه اْل َح ُّق} وهو النظر‬ ‫ِ‬
‫{سُن ِريه ْم َآياتَنا في اآل َف َ‬
‫جل قدره وعظم خطره وهو معنى قوله‪َ :‬‬
‫فى الدنيا بشاهد الحق ثم النظر إلى الحق بالفناء عن الكون وهو أن تصير النعوت نعتاً واحداً وال يشهد إال حقاً‬
‫صرفاً‪.‬‬

‫وسئل أبو عثمان عمن يقول بالشاهد؟ فقال‪ :‬ال أنكر القول بالشاهد لمن يشهد األشياء كلها شيئاً واحداً‪.‬‬

‫وقال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬ظهر فى كل شىء بما أظهر منه وإظهاره األشياء ظهوره بها فإذا فتشها ال يجد غير‬
‫اق وِفي أ ُ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َنفس ِه ْم َحتَّ ٰى َيتََبي َ‬
‫َّن َل ُه ْم أََّن ُه اْل َح ُّق} دون غيره وذلك قال النبى صلى‬ ‫ِ‬
‫{سُن ِريه ْم َآياتَنا في اآل َف َ‬
‫هللا قال هللا تعالى‪َ :‬‬
‫هللا عليه وسلم‪" :‬أصدق كلمة تكلمت بها العرب كلمة لبيد أال كل شىء ما خالل هللا باطل‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫‪".‬‬

‫وكذلك حكى عن بعضهم أنه أنشد‪:‬‬

‫أقل من كل شىء من ال يرى الكل قلة‬ ‫اسمع فهذا كالم وهللا ما فيه علة‬

‫يهم َآي ِاتَنا ِفي اآل َف ِ‬


‫ِ‬
‫اق} قال‪ :‬يرى األشياء وجودها عدمها وعدمها وجودها كما أن كل قرب بعد وكل‬ ‫{سُن ِر ْ‬
‫وقال بعضهم‪َ :‬‬
‫بعد قرب ألن إحاطة القدرة بالشىء وجود الشىء‪.‬‬

‫ِك أََّن ُه َعَل ٰى ُك ِل َشي ٍء َش ِه ٌيد} [اآلية‪.]53 :‬‬ ‫ِ‬


‫قوله عز وعال‪{ :‬أ ََوَل ْم َي ْكف ِب َرب َ‬
‫ْ‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬لو شهدوا شواهد الحق فيما جرى عليهم من المخالفة والموافقة لما اضطربوا فرحاً وال‬
‫حزناً نفياً للشرك والمقارنة‪.‬‬

‫سمعت عبد هللا الرازى يقول‪ :‬كان أكبر عمل أبى عثمان فى المراقبة وكان كثي اًر ما يتلو هذه اآلية‪.‬‬

‫ِ‬
‫وقال الواسطى‪ :‬فى هذه اآلية أوائلها فيه وكان يتلوا هذه اآلية كثي اًر‪{ :‬أ ََوَل ْم َي ْكف ِب َرب َ‬
‫ِك} أوائلها للطائفين والعابدين‬
‫طالعوه وراقبوه وأواخرها للواجدين شاهدوه على آباده وسرمده الذى فيه فناء معانيهم‪.‬‬

‫سورة الشورى (من اآلية ‪ 1‬الى اآلية ‪)2‬‬

‫حـم * عسق‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن طاهر‪ :‬الحاء من الحكيم والميم من الملك والعين من العالم والسين من السيد والقاف من القادر هو الذى‬
‫يوحى إليك إلى الذين من قبلك أنباء ما قد سلف من األمم ويوحى إلى الذين من قبلك فضلك وفضل أمتك‪.‬‬

‫سورة الشورى (من اآلية ‪ 7‬الى اآلية ‪)7‬‬

‫يق ِفي‬ ‫ِ‬ ‫وَك َذلِك أَوحينآ ِإَليك ُقرآناً عربِياً لِت ِنذر أ َُّم اْلُقر ٰى ومن حوَلها وت ِنذر يوم اْلجم ِع الَ ريب ِف ِ‬
‫يه َف ِر ِ‬
‫يق في اْل َجَّنة َوَف ِر ٌ‬
‫ٌ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ َ َ ْ َ ْ َ َ ُ َ َْ َ َ ْ‬ ‫َ َ ْ َ َْ ْ َ ْ َ َ ُ َ‬
‫الس ِع ِ‬
‫ير‬ ‫َّ‬

‫قوله عز وعال‪{ :‬وت ِنذر يوم اْلجم ِع الَ ريب ِف ِ‬


‫يه} يوم يجمع بين كل عامل وعمله‪.‬‬ ‫َْ َ‬ ‫َ ُ َ َْ َ َ ْ‬

‫وقال بعضهم‪ :‬يوم يجمع بين األجساد واألرواح‪.‬‬

‫الس ِع ِ‬
‫يق ِفي َّ‬ ‫ِ‬ ‫قوله عز وعال‪َ { :‬ف ِر ِ‬
‫ير} [اآلية‪.]7 :‬‬ ‫يق في اْل َجَّنة َوَف ِر ٌ‬
‫ٌ‬

‫قال القاسم‪ :‬فريق جرى عليهم حكم السعادة فى األزل فمكنوا من محل السعداء وفريق جرى عليهم حكم الشقاوة فى‬
‫فردوا إلى مكان األشقياء واألزل يؤثر فى اآلباد وإن كان ال أزال وال أبد فى الحقيقة‪.‬‬
‫األزل ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الشورى (من اآلية ‪ 9‬الى اآلية ‪)9‬‬

‫اَّللُ ُه َو اْل َولِ ُّي َو ُه َو ُي ْحِيـي اْل َم ْوتَ ٰى َو ُه َو َعَل ٰى ُك ِل َشي ٍء َق ِد ٌير‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ْ‬ ‫أَ ِم ات َخ ُذوْا من ُدونه أ َْولَي َ‬
‫آء َف َّ‬

‫اَّللُ ُه َو اْل َولِ ُّي َو ُه َو ُي ْحِيـي اْل َم ْوتَ ٰى} [اآلية‪.]9 :‬‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ف َّ‬

‫قال ابن عطاء فى هذه اآلية‪ :‬الحق تعالى يتولى أولياءه فى كل نفس برعاية وعناية طربه‪ ،‬ومن كان الحق متولى‬
‫سعاياته وحركاته كان فى أصون صون وأحرز ٍ‬
‫حرز وهو الذى يحمى القلوب بمشاهدته وبالتجلى بعد االستتار‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬يحيى القلوب بالتجلى ويميت النفوس باالستتار‪.‬‬

‫وقال أيضاً جعفر‪ :‬يحيى نفوس المؤمنين بخدمته ويميت نفوس المنافقين بمخالفته‪.‬‬

‫وقال سهل‪ :‬ال يحيى النفوس حتى يموت‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬قلوب أهل الحق مصانة عن كل معنى ألنها موارد الحق‪.‬‬
‫ً‬

‫سورة الشورى (من اآلية ‪ 11‬الى اآلية ‪)11‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫يه َليس َك ِم ْثلِ ِه َشيء وهو َّ ِ‬
‫ِِ‬ ‫ض جعل َل ُكم ِمن أ ُ ِ‬ ‫اطر َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫يع‬
‫السم ُ‬ ‫ْ ٌ َ َُ‬ ‫َنفس ُك ْم أ َْزَواجاً َو ِم َن األَْن َعا ِم أ َْزواجاً َي ْذ َرُؤُك ْم ف ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫الس َٰم َٰوت َواأل َْر ِ َ َ َ‬ ‫َف ُ‬
‫اْلب ِ‬
‫ص ُير‬ ‫َ‬

‫قوله تعالى‪َ{ :‬ل ْي َس َك ِم ْثلِ ِه َشي ٌء} [اآلية‪.]11 :‬‬


‫ْ‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬ليس كذاته ذات وال اسمه اسم من جهة المعنى وال كصفته صفة من جميع الوجوه إالَّ‬

‫من جهة موافقة اللفظ وكما لم يجز أن يظهر من مخلوق صفة قديمة كذلك يستحيل أن يظهر من الذات الذى ليس‬
‫كمثله شىء صفة حديثة و َّ‬
‫أن التكرار من حدوث الصفة جل ربنا أن يحدث له صفى أو اسم إذ لم يزل بجميع صفاته‬
‫واحداً وال يزال كذلك‪.‬‬

‫وقال أيضاً‪ :‬أمور التوحيد كلها خرجب من هذه اآلية‪َ{ :‬ل ْي َس َك ِم ْثِل ِه َشي ٌء} ألنه ما عبر عن الحقيقة بشىء إال والعلة‬
‫ْ‬
‫مصحوبة والعبارة منقوصة ألن الحق ال ينعت على أقداره ألن كل ناعت مشرف على المنعوت وجل أن يشرف عليه‬
‫مخلوق‪.‬‬

‫سمعت محمد بن عبد هللا بن عبد العزيز المكى الرازى يقول‪ :‬سمعت أبا بكر الشبلى يقول‪ :‬كلما ميزتموه بأوهامكم‬
‫وأدركتموه بعقولكم فى أتم معانيكم فهو مصروف إليكم ومردود عليكم محدث مصنوع مثلكم ألن حقيقته ٍ‬
‫عال عن أن‬
‫{هَو األََّو ُل‬
‫تلحقه عبارة أو يدركه وهم وأن يحيط به علم كال وكيف يحيط به علم وقد اتفقت فيه األضداد بقوله‪ُ :‬‬
‫اط ُن} [الحديد‪ ]3 :‬أى عبارة تخبر عن حقيقة هذه األلفاظ قصرت عنه العبارات وخسرت األلسن‬ ‫اهر واْلب ِ‬
‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫َواآلخ ُر َوالظ ُ َ َ‬
‫لقوله‪َ{ :‬ل ْي َس َك ِم ْثِل ِه َشي ٌء}‪.‬‬
‫ْ‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬من احتجب عن خلقه بخلقه ثم عرفهم صنعه بصنعه وساقهم إلى أمره فال يمكن األوهام‬
‫أن تناله وال العقول أن تختاله وال األبصار أن تمثله وال األسماع أن تشمله وال األمانى أن تمتهنه هو الذى ال قبل له‬
‫وال بعد وال مقصر عنه وال معدل وال غاية وراءه وال مهل ليس له أمد وال نهاية وال غاية وال ميقات وال انقضاء ال يستره‬
‫الس ِميع اْلب ِ‬
‫ص ُير}‪.‬‬ ‫ِ ِِ‬
‫حجاب وال ينقله مكان وال يحويه هواء وال يحتاطه فضاء وال يتضمنه خالء {َل ْي َس َكم ْثله َش ْي ٌء َو ُه َو َّ ُ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الشورى (من اآلية ‪ 12‬الى اآلية ‪)12‬‬

‫ٍ ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ض يبس ُ ِ ق ِ‬ ‫ِ‬ ‫َله مَقالِيد َّ ِ‬


‫آء َوَيْقد ُر إَّن ُه ب ُكل َش ْيء َعل ٌ‬
‫يم‬ ‫ط الرْز َ ل َمن َي َش ُ‬ ‫الس َٰم َٰوت َواأل َْر َ ْ ُ‬ ‫ُ َ ُ‬
‫ِ‬
‫ات واأل َْر ِ‬
‫ض} [اآلية‪.]12 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ{ :‬ل ُه َمَقالِ ُيد َّ‬
‫الس َم َاو َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬مقاليد السماوات الغيوب ومقاليد األرض اآليات والبينات‪.‬‬

‫وقال أيضاً فى هذه اآلية مفاتيح السماوات واألرض هى المشيئة والقدرة فى السماوات واألرض فبمشيئتى قامت السماء‬
‫بغير عمد ترونها وال عالقة فوقها وبقدرتى ثبتت األرض بما فيها وعليها على الماء ولغامض علمى وقف الماء فلم‬
‫يضطرب أمواجه وبمشيئتى تمطر السماء على األرض وبإذنى يخرج النبات من األرض ومفاتيح القلوب بيدى أقلبها‬
‫كيف أشاء والضر والنفع بيدى فكونوا لى صرفاً أكن لكم حقاً‪.‬‬

‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم البزاز يقول‪ :‬قال ابن عطاء‪ :‬عاتب هللا أولياءه بنظرهم إلى ما‬
‫سواه وقال بيدى مقاليد السماوات واألرض فال يشتغلوا بها وال بما فيها وعليها فإنها كلها قامت بى كونوا لى حقاً أسخر‬
‫{من َذا َّال ِذي َي ْشَف ُع ِع ْن َدهُ ِإالَّ ِبِإ ْذِن ِه}‬
‫لكم األكوان وما فيها أال ترى كيف قطعهم عن االعتماد على األنبياء بقوله‪َ :‬‬
‫[البقرة‪.]255 :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الشورى (من اآلية ‪ 13‬الى اآلية ‪)13‬‬

‫ِ‬ ‫اهيم وموسى و ِعيسى أ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ص ٰى ِب ِه ُنوحاً َو َّال ِذي أ َْو َح ْيَنآ ِإَل ْي َك َو َما َو َّ‬ ‫َشرع َل ُكم ِمن ِ‬
‫ين َوالَ‬
‫يموْا الد َ‬ ‫ص ْيَنا ِبه ِإ ْب َر َ َ ُ َ ٰ َ َ ٰ ْ‬
‫َن أَق ُ‬ ‫ين َما َو َّ‬ ‫الد ِ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫آء َوَي ْهدي ِإَل ْيه َمن ُين ُ‬
‫يب‬ ‫ِ ِ‬ ‫وه ْم ِإَل ْيه َّ‬ ‫تَتََفَّرُقوْا فيه َكُب َر َعَلى اْل ُم ْش ِرِك َ‬
‫َّللاُ َي ْجتَبي إَل ْيه َمن َي َش ُ‬ ‫ين َما تَ ْد ُع ُ‬

‫ص ٰى ِب ِه ُنوحاً} [اآلية‪.]13 :‬‬


‫ين َما َو َّ‬ ‫{شرع َل ُكم ِمن ِ‬
‫الد ِ‬ ‫َ‬ ‫قوله تعالى‪َ َ َ :‬‬

‫قال سهل‪ :‬أول من حرم األمهات والبنات واألخوات نوح عليه السالم فشرع هللا لنا محاسن شرائع األنبياء أولهم نوح‬
‫ص ٰى ِب ِه ُنوحاً} والذى وصى به إبراهيم وموسى وعيسى من إقامة الطاعة هلل‬
‫ين َما َو َّ‬ ‫{شرع َل ُكم ِمن ِ‬
‫الد ِ‬ ‫َ‬ ‫فقال‪َ َ َ :‬‬
‫واإلخالص فيها وإظهار األخالق واألحوال‪.‬‬

‫{شرع َل ُكم ِمن ِ‬


‫الد ِ‬
‫ين} أى من تعظيم محمد صلى هللا عليه وسلم ما أمر به األنبياء السالفة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وقال بعضهم‪َ َ َ :‬‬

‫سورة الشورى (من اآلية ‪ 15‬الى اآلية ‪)15‬‬

‫ُّك ْم‬ ‫َع ِد َل َب ْيَن ُك ُم َّ‬


‫َّللاُ َربَُّنا َوَرب ُ‬ ‫َّللا ِمن ِكتَ ٍ ِ‬
‫اب َوأُم ْر ُت أل ْ‬ ‫نت ِب َمآ أ َ‬
‫َنزَل َّ ُ‬ ‫آم ُ‬
‫آء ُه ْم َوُق ْل َ‬
‫َه َو َ‬
‫ِ‬ ‫َفلِ َذلِك َف ْادع و ِ‬
‫استَق ْم َك َمآ أُم ْر َت َوالَ تَتَِّب ْع أ ْ‬
‫َُ ْ‬ ‫َ‬
‫ص ُير‬ ‫َّللا يجمع بيننا وِإَلي ِه اْلم ِ‬
‫َع َماُل ُك ْم الَ ُح َّج َة َب ْيَنَنا َوَب ْيَن ُك ُم َّ ُ َ ْ َ ُ َ ْ َ َ َ ْ َ‬‫َع َماُلَنا َوَل ُك ْم أ ْ‬
‫َلَنآ أ ْ‬

‫استَِق ْم َك َمآ أ ُِم ْر َت}‪.‬‬


‫{و ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سمعت أبا العباس البزاز يقول‪ :‬قال بعض أصحابنا‪ :‬حقيقة االستقامة ال يطيقها إالَّ األنبياء وأكابر األولياء ألنها‬
‫ال خروج من المعهودات ومفارقة الرسوم والعادات والقيام بين يدى الحق على حقيقة الصدق لذلك قال النبى صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪" :‬استقيموا ولن تحصوا" أى لن تطيقوا االستقامة التى أمرتم بها‪.‬‬

‫سورة الشورى (من اآلية ‪ 18‬الى اآلية ‪)18‬‬

‫اع ِة َلِفي‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫آمُنوْا ُم ْشفُقو َن م ْن َها َوَي ْعَل ُمو َن أََّن َها اْل َح ُّق أَالَ ِإ َّن الذ َ‬
‫ين ُي َما ُرو َن َفي َّ‬
‫الس َ‬ ‫ين َ‬
‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫َي ْستَ ْع ِج ُل ِب َها الذ َ‬
‫ين الَ ُي ْؤ ِمُنو َن ِب َها َوالذ َ‬
‫ضالَ ٍل َب ِع ٍيد‬ ‫َ‬
‫َّ ِ‬
‫{ي ْستَ ْع ِج ُل ِب َها الذ َ‬
‫ين الَ ُي ْؤ ِمُنو َن ِب َها} [اآلية‪.]18 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫سمعت أبا العباس البزاز يقول‪ :‬كان أخى خادماً للحالج فقال لى‪ :‬لما كانت الليلة التى توعد من العبد بقتله قلت له‪:‬‬
‫يا سيدى أوصنى فقال لى‪ :‬عليك نفسك إن لم تشغلها شغلتك‪ .‬قال فلما كان الغد وأخرج للقتل قام وقال‪ :‬حسب الواحد‬
‫إفراد الواحد له‪ ،‬ثم خرج يتبختر فى قيده ويقول‪:‬‬

‫سقانى مثل ما يشرب فعل الضيف بالضيف‬ ‫تدينى غير منسوب إلى شىء من الحيف‬

‫كذا من يشرب الراح مع التين فى الصيف‬ ‫فلما دارت الكأس دعانا لنطع والسيف‬

‫آمُنوْا ُم ْشِفُقو َن ِم ْن َها} ثم ما نطق بعد ذلك حتى فعل به ما فعل‪.‬‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ين َ‬ ‫{ي ْستَ ْع ِج ُل ِب َها الذ َ‬
‫ين الَ ُي ْؤ ِمُنو َن ِب َها َوالذ َ‬ ‫ثم قال‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الشورى (من اآلية ‪ 19‬الى اآلية ‪)19‬‬

‫آء َو ُه َو اْلَق ِو ُّي اْل َع ِز ُيز‬ ‫َّللاُ َل ِط ٌ ِ ِ ِ ِ ق‬


‫يف بعَباده َي ْرُز ُ َمن َي َش ُ‬ ‫َّ‬

‫يف ِب ِعَب ِادِه} [اآلية‪.]19 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ َّ :‬‬


‫{َّللاُ َلط ٌ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬يعلم من أنفسهم ما ال يعلمون من نفوسهم فربط كالً بحده فمن بقى مع حده حجب ومن تجاوز حده‬
‫هلك‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬تلطف بعبده من فنون المبار ما يتعجب فيها المتعجبون كما جاء فى الخبر حتى يقول الناس أهذا نبى‬
‫أو ولى فقيل لهم‪ :‬المتحابون فى هللا‪.‬‬

‫وقال على بن عبد العزيز‪ :‬اللطيف من يلطف بهم من الجهات الخفية ومن أحسن إليك فى خفاء فقد لطف بك يرزق‬
‫من يشاء من عباده يدخلهم الجنة فضالً وال يمن بها عليهم‪.‬‬

‫قال أبو سليمان الدارانى‪ :‬من لطف هللا بعبده أن يميز له كنه معرفته حتى ال تتكدر عليه نعماؤه‪.‬‬

‫يف ِب ِعَب ِادِه} معناه‬ ‫سمعت محمد بن أحمد بن إبراهيم الفارسى يقول‪ :‬سمعت أبا محمد الجريرى يقول فى قوله‪ِ َّ :‬‬
‫{َّللاُ َلط ٌ‬
‫لطيف بعبده حيث لم يكشف له ما سبق من األزلية ألنه لو كشف للسعيد سعادته المتنع من عبادة هللا والسعى فى‬
‫طلب رضاه وكذلك الشقاوة‪.‬‬

‫وقال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬اللطيف الذى لطف بأوليائه حتى عرفوه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال ابن عطاء‪ :‬الذى يعرف العيوب بال دليل‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬اللطيف الذى ينسى العباد فى اآلخرة ذنوبهم لئال يتحسروا‪.‬‬

‫وقال القاسم‪ :‬اللطيف الذى لم يدع أحداً يقف على مائية أسمائه فكيف يقف على مائية وصفه وذاته‪.‬‬

‫وقال اللطيف الذى لطفه فى كل مكان حتى ال يبقى مكان إال لطفه غالب عليه‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬اللطيف الذى لم يظهر شيئاً من األكوان يقف على مائيته‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬اللطيف الذى لم يدع أحداً يقف على مائية أسمائه‪.‬‬

‫وقال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬اللطيف من نور قلبك بالهدى وربى جسمك بالغذاء وأخرجك من الدنيا مع االيمان بغير‬
‫بلوى ويحرسك وأنت فى لظى ويمكنك حتى تنظر وترى هذا لطف اللطيف بالعبد اللطيف‪.‬‬

‫يف ِب ِعَب ِادِه} موجود فى الظاهر والباطن واألشياء كلها موجوده به لكن يوجد ذكره‬ ‫ِ‬
‫قال أبو سعيد الخراز فى قوله‪َ{ :‬لط ٌ‬
‫فى قلب العبد مرة ويفقد مرة ليجدد بذلك افتقاره إليه‪.‬‬

‫آء} الفطنة والحكمة وهو القوى العزيز القوى بقوى الفطن والعزيز عزز عنايته‬ ‫قال القاسم فى قوله‪ َ :‬ق‬
‫{ي ْرُز ُ َمن َي َش ُ‬
‫ورعايته ال يبذلها لكل أحد‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الشورى (من اآلية ‪ 20‬الى اآلية ‪)20‬‬

‫ص ٍ‬ ‫الد ْنيا ُنؤِت ِه ِم ْنها وما َله ِفي ِ‬


‫اآلخرِة ِمن َّن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يب‬ ‫َ‬ ‫َ ََ ُ‬ ‫ان ُي ِر ُيد َح ْر َث اآلخ َرِة َن ِزْد َل ُه في َح ْرِثه َو َمن َك َ‬
‫ان ُي ِر ُيد َح ْر َث ُّ َ ْ‬ ‫َمن َك َ‬

‫اآلخ َرِة َن ِزْد َل ُه ِفي َح ْرِث ِه} [اآلية‪.]20 :‬‬


‫قوله تعالى‪{ :‬من َكان ي ِر ُيد حر َث ِ‬
‫َ ُ َْ‬ ‫َ‬

‫قال سهل‪ :‬حرث الدنيا القناعة وحرث اآلخرة الرضا‪.‬‬

‫قال بعضهم فى هذه اآلية‪ :‬من عمل هلل محب ًة له ال طلباً للجزاء صغر عنده كل شىء دون هللا فال يطلب حرث الدنيا‬
‫وال حرث اآلخرة بل يطلب هللا من الدنيا واآلخرة‪.‬‬

‫سورة الشورى (من اآلية ‪ 23‬الى اآلية ‪)23‬‬

‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّللا ِعباده َّال ِذين آمنوْا وع ِمُلوْا َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫َج اًر ِإال اْل َمَوَّد َة في اْلُق ْرَب ٰى َو َمن َيْقتَ ِر ْ‬
‫ف‬ ‫َسأَُل ُك ْم َعَل ْيه أ ْ‬
‫الصال َحات ُقل ال أ ْ‬ ‫َذل َك الذي ُيَبش ُر َّ ُ َ َ ُ َ َ ُ َ َ‬
‫يها ُح ْسناً ِإ َّن َّ‬ ‫ِ‬
‫ور‬‫ور َش ُك ٌ‬
‫َّللاَ َغُف ٌ‬ ‫َح َسَن ًة َّن ِزْد َل ُه ف َ‬

‫َج اًر ِإالَّ اْل َم َوَّد َة ِفي اْلُق ْرَب ٰى} [اآلية‪.]23 :‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫َسأَُل ُك ْم َعَل ْيه أ ْ‬
‫قوله تعالى‪ُ{ :‬قل ال أ ْ‬

‫إلى باتباع سنتى‪.‬‬


‫قال سهل‪ :‬أن تقربوا َّ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫إلى بتوحيد هللا وتتقربوا إليه بدوام طاعته ومالزمة أوامره‪.‬‬
‫قال ابن عطاء‪ :‬ال أسألكم على دعوتكم أج اًر أن تتوددوا َّ‬

‫وقال جعفر مثله‪.‬‬

‫حدثنا محمد بن يعقوب األصم قال‪ :‬حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردى قال‪ :‬حدثنا وكيع بن الجراح عن أبى جعفر‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫َج اًر‪ }...‬اآلية‪ ،‬قال‪ :‬كل من تقرب الى هللا بطاعته وحبب‬ ‫الرازى عن الربيع بن أنس فى قوله‪ُ{ :‬قل ال أ ْ‬
‫َسأَُل ُك ْم َعَل ْيه أ ْ‬
‫عليه محبته‪.‬‬

‫ور} قال بعضهم‪ :‬الشاكرون ثالثة‪ :‬شاكر يشكر شخص النعمة وشاكر يشكر معنى النعمة وشاكر‬
‫{ش ُك ٌ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬
‫يشكر المنعم وهو على ثالثة أوجه شاكر وشكور وشكار فالشاكر يشكر شخص النعمة والشكور يشكر معنى النعمة‬
‫والشكار الذى ال يفتر عن شكر المنعم أال ترى كيف دعا النبى صلى هللا عليه وسلم حيث قال‪" :‬اللهم اجعلنى شكا اًر‬

‫‪".‬‬

‫سورة الشورى (من اآلية ‪ 24‬الى اآلية ‪)24‬‬

‫اطل وي ِح ُّق اْلح َّق ِب َكلِم ِات ِه ِإَّنه علِيم ِب َذ ِ‬


‫ات‬ ‫ِ‬ ‫َّللاِ َك ِذباً َفِإن َي َشِإ َّ‬
‫َّللاُ َي ْخِت ْم َعَل ٰى َقْلِب َك َوَي ْم ُح َّ‬ ‫أ َْم َيُقوُلو َن ا ْفتَ َر ٰى َعَلى َّ‬
‫ُ َ ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّللاُ اْلَب َ َ ُ‬
‫الص ُد ِ‬
‫ور‬ ‫ُّ‬

‫َّللاُ َي ْخِت ْم َعَل ٰى َقْلِب َك} [اآلية‪.]24 :‬‬


‫قوله عز وعال‪َ { :‬فِإن َي َشِإ َّ‬

‫قال سهل‪ :‬يختم على قلبك ختم عليه الشوق والمحبة فال تلتفت إلى الخلق وال تشتغل بإجابتهم وإيابهم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الواسطى رحمة هللا عليه فى هذه اآلية‪ :‬يختم على قلبك بما يشاء ويمحو هللا الباطل بنفسه ونعته حتى يعلم أنه ال‬
‫حاجة به إلى مبلغه ثم يتحقق الحق فى قلوب أنشأها للحقيقة‪.‬‬

‫سورة الشورى (من اآلية ‪ 25‬الى اآلية ‪)25‬‬

‫ات َوَي ْعَلم َما تَْف َعُلو َن‬


‫ُ‬ ‫َو ُه َو َّال ِذي َيْقَب ُل التَّ ْوَب َة َع ْن ِعَب ِادِه َوَي ْعُفوْا َع ِن َّ‬
‫السِيَئ ِ‬

‫{و ُه َو َّال ِذي َيْقَب ُل التَّ ْوَب َة َع ْن ِعَب ِادِه} [اآلية‪.]25 :‬‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬إنما يقبل التوبة من رزقه التوبة وتاب عليه فتاب فيكون تلك توبة صحيحة ال من يتوب من غير عزم‬
‫وال ندامة على معنى العادة والطبع وعالمة قبول التوبة مجران‪ :‬أخدان السوء وقرناء السوء وعمل السوء ومجانبة‬
‫البقعة التى فيها باشر الذنوب والخطايا وأن يبدل باإلخوان إخواناً وباألخدان أخداناً وبالبقاع بقاعاً ثم يكثر الندامة‬
‫والبكاء على ما سلف منه واألسف على ما ضيع من أيامه وال تفارقه حسرة ما فرط وأهمل أيامه فى البطاالت ويرى‬
‫نفسه مستحقاً لكل عذاب وسخطه‪ ،‬هذه عالمات التوبة وقبولها‪.‬‬

‫سورة الشورى (من اآلية ‪ 28‬الى اآلية ‪)28‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫نش ُر َر ْح َمتَ ُه َو ُه َو اْل َولِ ُّي اْل َح ِم ُيد‬ ‫َو ُه َو َّال ِذي ُيَن ِزُل اْل َغ ْي َث ِمن َب ْع ِد َما َقَن ُ‬
‫طوْا َوَي ُ‬

‫{و ُه َو َّال ِذي ُيَن ِزُل اْل َغ ْي َث ِمن َب ْع ِد َما َقَن ُ‬


‫طوْا} [اآلية‪.]28 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬إن هللا عز وجل ُي َربِى عباده بين طمع ويأس فإذا طمعوا فيه آيسهم بصفاتهم وإذا أيسوا أطمعهم‬
‫{و ُهَو َّال ِذي ُيَن ِزُل‬
‫بصفاته وإذا غلب على العبد القنوط وعلم العبد ذلك وأشفق منه أتاه من هللا الفرح أال تراه يقول‪َ :‬‬
‫اْل َغ ْي َث ِمن َب ْع ِد َما َقَن ُ‬
‫طوْا} معنى ينزل الغيث رحمته على قلوب أوليائه فيثبت فيها التوبة واإلنابة والمراقبة والرعاية‪.‬‬

‫سورة الشورى (من اآلية ‪ 30‬الى اآلية ‪)30‬‬

‫ير‬ ‫ص َيب ٍة َفِب َما َك َسَب ْت أ َْي ِد ُ‬


‫يك ْم َوَي ْعُفوْا َعن َكِث ٍ‬ ‫ومآ أَصـٰب ُكم ِمن ُّم ِ‬
‫ََ َ َ ْ‬

‫ص َيب ٍة َفِب َما َك َسَب ْت أ َْي ِد ُ‬


‫يك ْم} [اآلية‪.]30 :‬‬ ‫قوله عز وعال‪{ :‬ومآ أَصاب ُكم ِمن ُّم ِ‬
‫ََ َ َ ْ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬من لم يعلم أن ما وصل إليه من الفتن والمصائب باكتسابه وإنما عفا عنه مواله أكثر كان قليل النظر‬
‫ير} فمن لم يشهد ذنبه‬ ‫ص َيب ٍة َفِب َما َك َسَب ْت أ َْي ِد ُ‬
‫يك ْم َوَي ْعُفوْا َعن َكِث ٍ‬ ‫فى إحسان ربه إليه ألن هللا يقول‪{ :‬ومآ أَصاب ُكم ِمن ُّم ِ‬
‫ََ َ َ ْ‬
‫وجنايته ويندم عليه ال يرجى له النجاة من المصائب والفتن‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال محمد بن حامد‪ :‬العبد مالزم للجنايات فى كل وقت وأوان وجناياته فى طاعاته أكثر من جناياته فى معصيته ألن‬
‫جناية المعصية من ٍ‬
‫وجه وجناية الطاعة من وجوه هللا يطهر عبده من جناياته بأنواع المصائب ليخفف عنه أثقاله فى‬

‫ص َيب ٍة َفِب َما َك َسَب ْت أ َْي ِد ُ‬


‫يك ْم}‪.‬‬ ‫القيامة ولوال عفوه ورحمته لهلك فى أو خطوة قال هللا تعالى‪{ :‬ومآ أَصاب ُكم ِمن ُّم ِ‬
‫ََ َ َ ْ‬

‫سورة الشورى (من اآلية ‪ 36‬الى اآلية ‪)36‬‬

‫آمُنوْا َو َعَل ٰى َربِ ِه ْم َيتََوَّكُلو َن‬ ‫َِّ ِ‬ ‫الدنيا وما ِعند َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ين َ‬
‫َّللا َخ ْيٌر َوأ َْبَق ٰى للذ َ‬ ‫َف َمآ أُوِتيتُ ْم من َش ْيء َف َمتَاعُ اْل َحَياة ُّ ْ َ َ َ َ‬

‫قوله تعالى‪َ { :‬ف َمآ أُوِتيتُ ْم ِمن َشي ٍء َف َمتَاعُ اْل َحَي ِاة ُّ‬
‫الد ْنَيا} [اآلية‪.]36 :‬‬
‫ْ‬

‫قال بعضهم‪ :‬ما ظهر من أفعالك وطاعاتك أقل نعمة من نعيم الدنيا من سمع وبصر فكيف نرجو بها النجاة فى‬
‫اآلخرة لتعلم أن النعم كلها بفضل االستحقاق‪.‬‬

‫سورة الشورى (من اآلية ‪ 41‬الى اآلية ‪)41‬‬

‫ظْل ِم ِه َفأُوَلـِٰئ َك ما َعَلي ِهم ِمن سِب ٍ‬


‫يل‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َوَل َم ِن انتَ َ‬
‫ص َر َب ْع َد ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬خاطب العوام باالنتصار بعد المظلمة وأباح لهم ذلك واختار النبى صلى هللا عليه وسلم األخص‬
‫صَب ْرتُ ْم َل ُه َو َخ ْيٌر لِ َّ‬ ‫بندبه إليه بقوله‪ِ :‬‬
‫لصاِبر َ‬
‫ين} [النحل‪ ]126 :‬ثم لم يتركه ومخاطبة الندب حتى أمره باألفضل‬ ‫{وَلئن َ‬
‫َ‬
‫وحثه عليه بقوله‪:‬‬

‫صَب َر َو َغَف َر ِإ َّن َذلِ َك َل ِم ْن َع ْزِم األ ُُم ِ‬


‫ور} [اآلية‪]43 :‬‬ ‫{وَل َمن َ‬
‫َ‬

‫سورة الشورى (من اآلية ‪ 43‬الى اآلية ‪)43‬‬

‫صَب َر َو َغَف َر ِإ َّن َذلِ َك َل ِم ْن َع ْزِم األ ُُم ِ‬


‫ور‬ ‫َوَل َمن َ‬

‫قال أبو سعيد القرشى‪ :‬والصبر على المكاره من عالمات األنبياء فمن صبر على مكروه يصيبه ولم يجزع أورثه هللا‬
‫الرضا وهو أحد األحوال ومن جزع من المصائب وشكا َو ِكَله هللا إلى نفسه ثم لم ينفعه شكواه‪.‬‬

‫سورة الشورى (من اآلية ‪ 47‬الى اآلية ‪)47‬‬

‫َّللاِ َما َل ُك ْم ِمن َّمْل َجٍأ َي ْو َمِئ ٍذ َو َما َل ُك ْم ِمن َّن ِك ٍ‬


‫ير‬ ‫ِك ْم ِمن َقْب ِل أَن َيأِْتي َي ْوٌم الَّ َم َرَّد َل ُه ِم َن َّ‬
‫استَ ِج ُيبوْا لِ َرب ُ‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫َّللاِ} [اآلية‪.]47 :‬‬
‫ِك ْم ِمن َقْب ِل أَن َيأِْتي َي ْوٌم الَّ َم َرَّد َل ُه ِم َن َّ‬
‫{استَ ِج ُيبوْا لِ َرب ُ‬
‫قوله تعالى‪ْ :‬‬
‫َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬استجابة الحق لمن يسمع هواتفه وأوامره وخطابه فتحقق له اإلجابة بذلك السماع ومن لم‬
‫يسمع الهواتف كيف يجيب وأنى له محل للجواب‪.‬‬

‫سورة الشورى (من اآلية ‪ 51‬الى اآلية ‪)51‬‬

‫ِ‬ ‫وحي ِبِإ ْذِن ِه ما ي َش ِ ِ‬


‫اب أَو يرِسل رسوال في ِ‬ ‫َّللا ِإالَّ وحياً أَو ِمن ور ِ‬
‫آء ِحج ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وما َك ِ‬
‫آء إَّن ُه َعل ٌّي َحك ٌ‬
‫يم‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ْ ُْ َ َ ُ ً َُ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ان لَب َش ٍر أَن ُي َكل َم ُه َّ ُ َ ْ ْ‬
‫ََ َ‬

‫َّللاُ ِإالَّ َو ْحياً} [اآلية‪.]51 :‬‬


‫ان لَِب َش ٍر أَن ُي َكلِ َم ُه َّ‬
‫{و َما َك َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬فى هذه اآلية أخبر عن أوصاف الحق على سنن واحد وخص السفير األعلى والواسطة األدنى مشافهة‬
‫َّللاُ ِإالَّ َو ْحياً} وهو قائم بصفة البشرية حتى ينزع عنه أوصاف‬
‫ان لَِب َش ٍر أَن ُي َكلِ َم ُه َّ‬
‫{و َما َك َ‬
‫الخطاب ومكافحته فقال‪َ :‬‬
‫وي َحَّلى بحلية االختصاص حينئذ يكلم شفاه ًا‪.‬‬ ‫البشرية ُ‬

‫سورة الشورى (من اآلية ‪ 52‬الى اآلية ‪)52‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫آء ِم ْن‬ ‫َّ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬
‫ان َوَلـٰكن َج َعْلَناهُ ُنو اًر ن ْهدي به َمن ن َش ُ‬
‫يم ُ‬ ‫ِ‬ ‫َوَك َذلِ َك أ َْو َح ْيَنآ ِإَل ْي َك ُروحاً م ْن أ َْم ِرَنا َما ُك َ‬
‫نت تَ ْدرِي َما اْلكتَ ُ‬
‫اب َوالَ اإل َ‬
‫صر ٍ‬
‫اط ُّم ْستَِقي ٍم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫عَبادَنا َوِإَّن َك َلتَ ْهدي ِإَل ٰى َ‬

‫{وَك َذلِ َك أ َْو َح ْيَنآ ِإَل ْي َك ُروحاً ِم ْن أ َْم ِرَنا} [اآلية‪.]52 :‬‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬أظهر األرواح من بين جماله وجالله مكسوة بهاتين الكسوتين لوال أنه سترها لسجد لها‬
‫كل ما أظهر من الكون فمن َّ‬
‫رداه برداء الجمال فال شىء أجمل من كونه فى ستره يظهر منه كل درك وحذاقة الفطنة‬
‫ومن َّ‬
‫رداه برداء الجالل وقعت الهيبة على شاهده يهابه كل من لقيه ولصحة األرواح عالمات ثالث صحة النقية‬
‫والتخلق باألخالق والتخطى فى طريق اآلداب‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫اه ُنو اًر} [اآلية‪.]52 :‬‬
‫ان َوَلـٰكن َج َعْلَن ُ‬
‫يم ُ‬ ‫نت تَ ْدرِي َما اْلكتَ ُ‬
‫اب َوالَ اإل َ‬ ‫{ما ُك َ‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬أما الكتاب فما كتبت على خلقى من السعادة والشقاوة واإليمان فما قسمت للخلق من القربة‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬عظم فى صدره فى شأن أمر هللا ونهيه ‪ -‬لذلك كان يقول‪ :‬من لم يؤمن بى ضربت‬
‫عنقه ‪ -‬ووجد فى قتال المخالفين جهاداً لم تلحقه سآمة وال كسل لما عظم فى صدره من شأن اإليمان‪.‬‬

‫سورة الشورى (من اآلية ‪ 53‬الى اآلية ‪)53‬‬

‫ور‬ ‫ض أَالَ ِإَلى َّ ِ ِ‬


‫الس ٰم ٰو ِت وما ِفي األ َْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫اط َّ ِ َّ ِ‬
‫صر ِ‬ ‫ِ‬
‫َّللا تَص ُير األ ُُم ُ‬ ‫َّللا الذي َل ُه َما في َّ َ َ َ َ‬ ‫َ‬

‫ور} [اآلية‪.]53 :‬‬ ‫قوله عز وعال‪{ :‬أَالَ ِإَلى َّ ِ ِ‬


‫َّللا تَص ُير األ ُُم ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال القاسم‪ :‬ألنه منه مبتدأ كل شىء وإليه منتهى كل شىء فما كان منه وله فهو الساعى له‪.‬‬

‫وقال أبو عثمان‪ :‬من علم أن أعماله تعرض على هللا اجتهد فى تحصين أعماله واإلخالص فيها والقيام على قلبه ومن‬
‫تهاون بأوامر هللا فهو فى محل الهوان‪.‬‬

‫سورة الزخرف (من اآلية ‪ 2‬الى اآلية ‪)2‬‬

‫واْل ِكتَ ِ‬
‫اب اْل ُمِب ِ‬
‫ين‬ ‫َ‬
‫قوله عز وعال‪{ :‬واْل ِكتَ ِ‬
‫اب اْل ُمِب ِ‬
‫ين} [اآلية‪.]2 :‬‬ ‫َ‬

‫قال سهل‪ :‬بين فيه الهدى من الضاللة والخير من الشر وبين فيه سعادة السعداء وشقاوة األشقياء‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الزخرف (من اآلية ‪ 4‬الى اآلية ‪)4‬‬

‫يم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإَِّن ُه ِفي أ ِ ِ ِ‬


‫ُم اْلكتَاب َل َد ْيَنا َل َعل ٌّي َحك ٌ‬ ‫َ‬

‫قال سهل‪ :‬أم الكتاب هو اللوح المحفوظ أى لرفيع مستولى على سائر الكتب‪.‬‬

‫سورة الزخرف (من اآلية ‪ 13‬الى اآلية ‪)13‬‬

‫ِكم ِإ َذا استَويتُم عَلي ِه وتَُقوُلوْا سبح َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ظه ِِ‬ ‫ِ‬
‫ان الذي َس َّخ َر َلَنا َهـٰ َذا َو َما ُكَّنا َل ُه ُمْق ِرِن َ‬
‫ين‬ ‫ُْ َ َ‬ ‫ْ َْ ْ َ ْ َ‬ ‫وره ثُ َّم تَ ْذ ُك ُروْا ن ْع َم َة َرب ُ ْ‬ ‫لتَ ْستَُووْا َعَل ٰى ُ ُ‬

‫استََوْيتُ ْم َعَل ْي ِه} [اآلية‪.]13 :‬‬ ‫وره ثُ َّم تَ ْذ ُك ُروْا ِن ْعم َة َرب ُ ِ‬
‫ِك ْم إ َذا ْ‬ ‫َ‬
‫ظه ِِ‬ ‫ِ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬لتَ ْستَُووْا َعَل ٰى ُ ُ‬

‫قال بعضهم‪ :‬من لم يعرف نعم هللا عليه إال فى مطعمه ومشربه ومركبه فقد صغر نعم هللا عنده‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬خاطب العوام بأنهم يذكرون النعم فى وقت دون وقت وال يعرفون نعم هللا عليهم فى كل نفس وطرفة‬
‫عين وحركة سكون‪.‬‬

‫قال سهل‪ :‬خص األنبياء وبعض الصديقين بمعرفة نعم هللا عليهم قبل زوالها وحكم هللا فيهم‪.‬‬

‫قال أبو بكر بن طاهر فى هذه اآلية‪ :‬ليكن ركوبكم على الدواب ضرورة عن المشى أو حرباً فى سبيل هللا وال يكن‬
‫ركوبهم عليها ركوب لهو وافتخار‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الزخرف (من اآلية ‪ 15‬الى اآلية ‪)15‬‬

‫ِ ِ ِِ‬
‫ور ُّمِب ٌ‬
‫ين‬ ‫ان َل َكُف ٌ‬
‫اإلنس َ‬ ‫ِ‬
‫َو َج َعُلوْا َل ُه م ْن عَباده ُج ْزًءا إ َّن َ‬

‫{و َج َعُلوْا َل ُه ِم ْن ِعَب ِادِه ُج ْزًءا} [اآلية‪.]15 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬لم يصحح التفويض والتسليم من كل وجه‪.‬‬

‫{و َج َعُلوْا َل ُه ِم ْن ِعَب ِادِه ُج ْزًءا} أال ترى النبى صلى هللا عليه وسلم يقول‪" :‬إن أحدكم يصلى وليس له من‬
‫قال سهل‪َ :‬‬
‫صالته إالَّ ثلثها وربعها‪ "...‬الحديث‪.‬‬

‫سورة الزخرف (من اآلية ‪ 28‬الى اآلية ‪)28‬‬

‫َو َج َعَل َها َكلِ َم ًة َب ِاقَي ًة ِفي َعِقِب ِه َل َعَّل ُه ْم َي ْرِج ُعو َن‬

‫{و َج َعَل َها َكلِ َم ًة َب ِاقَي ًة ِفي َعِقِب ِه} [اآلية‪.]28 :‬‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال سهل‪ :‬التوحيد فى ذريته إلى يوم القيامة‪.‬‬

‫سورة الزخرف (من اآلية ‪ 25‬الى اآلية ‪)25‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َفانتََق ْمَنا ِم ْن ُه ْم َفان ُ‬


‫ان َعاقَب ُة اْل ُم َكذِب َ‬
‫ين‬ ‫ف َك َ‬
‫ظ ْر َك ْي َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ان َعاقَبةُ اْل ُم َكذِب َ‬
‫ين} [اآلية‪.]25 :‬‬ ‫ف َك َ‬
‫ظ ْر َك ْي َ‬
‫قوله عز وعال‪َ { :‬فان ُ‬

‫حسنا فى أعينهم ما فيه هالكهم فهلكوا من حيث طلبوا النجاة وهو االنتقام‪.‬‬
‫قال ابن عطاء‪َّ :‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬انتقام هللا من عبيده أن يجريهم فى ميدان الغفلة وال يحملهم على مدارج الذكر ورياض األنس‪.‬‬

‫قال أبو بكر بن طاهر‪ :‬جعلناهم غرقى فى الشهوات واألمانى فلم يتفرغوا إلى تصحيح التوحد والمعامالت‪.‬‬

‫سورة الزخرف (من اآلية ‪ 31‬الى اآلية ‪)31‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫آن َعَل ٰى َر ُج ٍل ِم َن اْلَق ْرَيتَْي ِن َع ِظي ٍم‬
‫َوَقاُلوْا َل ْوالَ ُن ِزَل َهـٰ َذا اْلُق ْر ُ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬ليس العظيم عند هللا والمكين من عظمته القرى وأهلها وتبين آثار النعيم والغنى عليه‪ ،‬إنما المكين‬
‫والعظيم من أجرى عليه حكم السعادة فى القدم‪.‬‬

‫سورة الزخرف (من اآلية ‪ 32‬الى اآلية ‪)32‬‬

‫ض ُهم‬ ‫ٍ ِ ِ‬
‫ض َد َرَجات لَيتَّخ َذ َب ْع ُ‬
‫ض ُهم َف ْو َق َب ْع ٍ‬ ‫يشتَ ُه ْم ِفي اْل َحَي ِاة ُّ‬
‫الد ْنَيا َوَرَف ْعَنا َب ْع َ ْ‬ ‫ِك َن ْح ُن َق َس ْمَنا َب ْيَن ُه ْم َّم ِع َ‬
‫َر ْح َم َت َرب َ‬ ‫َه ْم َيْق ِس ُمو َن‬
‫أُ‬
‫ِك َخ ْيٌر ِم َّما َي ْج َم ُعو َن‬ ‫َوَر ْح َم ُت َرب َ‬ ‫َب ْعضاً ُس ْخ ِرياً‬

‫ِك َن ْح ُن َق َس ْمَنا َب ْيَن ُه ْم َّم ِع َ‬


‫يش َت ُه ْم} [اآلية‪.]32 :‬‬ ‫ِ‬
‫َه ْم َيْقس ُمو َن َر ْح َم َت َرب َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬أ ُ‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬رزق قوماً حالالً ومدحهم عليه‪ ،‬وقوماً شبهة وذمهم عليه‪ ،‬وقوماً حراماً وعاقبهم عليه‪،‬‬
‫وغذى موسى بالحرام المحض ولم يلمه عليه‪ ،‬قال النبى صلى هللا عليه وسلم‪" :‬إن روح القدس نفث فى روعى أن‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫َه ْم َيْقس ُمو َن َر ْح َم َت َرب َ‬
‫ِك َن ْح ُن َق َس ْمَنا}‪.‬‬ ‫نفساً ال تموت حتى تستكمل رزقها‪ ،‬أال فاتقوا هللا وأجملوا فى الطلب" وقال‪{ :‬أ ُ‬

‫قال القاسم‪ :‬إن هللا تعالى خلق الخلق أقساماً خلق الغزاة لقمع الكفار وخلق السلطان لقمع األشرار وخلق العلماء لقمع‬
‫الجهال وخلق العارفين لقمع المدعيين‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬لم يترك قسم معاش الدنيا مع خستها للعبد فكيف يترك قسمة الرحمة للعبد مع جاللتها‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ض درج ٍ‬
‫ات} [اآلية‪.]32 :‬‬ ‫ض ُه ْم َف ْو َق َب ْع ٍ َ َ َ‬
‫{وَرَف ْعَنا َب ْع َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال سهل‪ :‬فضلنا بعضهم على بعض فى المعرفة والطاعة عيشاً لهم فى الدنيا واآلخرة‪.‬‬

‫ض درج ٍ‬
‫ات} قال‪ :‬بالتمييز وحفظ السر‪.‬‬ ‫ض ُه ْم َف ْو َق َب ْع ٍ َ َ َ‬
‫{وَرَف ْعَنا َب ْع َ‬
‫وقال الجنيد رحمة هللا عليه‪َ :‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬بالحلم واألناة‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬بالثقة والتوكل‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬بمعرفة كيد النفس ووسوسة الشيطان‪.‬‬

‫وقال أبو الحسين الوراق‪ :‬باألمر بالمعروف والنهى عن المنكر‪.‬‬

‫ِك َخ ْيٌر ِم َّما َي ْج َم ُعو َن} [اآلية‪.]32 :‬‬


‫{وَر ْح َم ُت َرب َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال سهل‪ :‬الذكر هلل خالصاً خير من كثرة األعمال لطلب الجزاء‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬يعطيكم على سبيل الفضل خير لهم مما يجازيهم بأعمالهم‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال بعضهم‪ :‬طلب الرحمة فى إتمام الفرائض والسنن خير من كثرة النوافل ورؤية النفس فيها واالمتنان بها ألن ذلك‬
‫محل االستدراج والخداع‪.‬‬

‫سورة الزخرف (من اآلية ‪ 33‬الى اآلية ‪)33‬‬

‫ض ٍة َو َم َع ِارَج َعَل ْي َها َي ْ‬


‫ظ َه ُرو َن‬ ‫الر ْح َمـ ِٰن لُِبُيوِت ِه ْم ُسُقفاً ِمن ِف َّ‬
‫اح َد ًة َّل َج َعْلَنا لِ َمن َي ْكُف ُر ِب َّ‬
‫ُم ًة و ِ‬
‫اس أ َّ َ‬ ‫َوَل ْوالَ أَن َي ُكو َن َّ‬
‫الن ُ‬
‫ُم ًة و ِ‬
‫اح َد ًة} [اآلية‪.]33 :‬‬ ‫{وَل ْوالَ أَن َي ُكو َن َّ‬
‫اس أ َّ َ‬
‫الن ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬اعتذار من هللا إلى أنبيائه أنه لم يزو عنهم الدنيا إالَّ ألنها ال خطر لها عنده وأنها فانية فآثر لهم‬
‫اآلخرة التى هى باقية وأهلها مبقون‪.‬‬

‫سورة الزخرف (من اآلية ‪ 35‬الى اآلية ‪)35‬‬

‫اآلخرة ِعند رب ِ ِ‬
‫ِك لْل ُمتَّق َ‬
‫ين‬ ‫ِ‬ ‫َوُز ْخ ُرفاً َوإِن ُك ُّل َذلِ َك َل َّما َمتَاعُ اْل َحَي ِاة ُّ‬
‫الد ْنَيا َو َ ُ َ َ َ‬
‫اآلخرة ِعند رب ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ِك لْل ُمتَّق َ‬
‫ين} [اآلية‪.]35 :‬‬ ‫{و َ ُ َ َ َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال محمد بن على الترمذى‪ :‬اآلخرة الجنة أى ما وعد هللا فى اآلخرة من الخيرات خير للمتقين لمن اتقى الشرك س اًر‬
‫وعالنية فى إيمانه وأفعاله وأقواله‪.‬‬

‫قال أبو بكر الوراق‪ :‬التقوى سراج القلب يدله على مواضع الخلل منه فيصلحه ومن لم يكن له التقوى لم يكن له فى‬
‫قلبه نظر وال بصر‪.‬‬

‫سورة الزخرف (من اآلية ‪ 36‬الى اآلية ‪)36‬‬

‫طاناً َف ُه َو َل ُه َق ِر ٌ‬
‫ين‬ ‫ض َل ُه َش ْي َ‬ ‫ش َعن ِذ ْك ِر َّ‬
‫الر ْح َمـ ِٰن ُنَقِي ْ‬ ‫َو َمن َي ْع ُ‬

‫طاناً} [اآلية‪.]36 :‬‬


‫ض َل ُه َش ْي َ‬ ‫ش َعن ِذ ْك ِر َّ‬
‫الر ْح َمـ ِٰن ُنَقِي ْ‬ ‫{و َمن َي ْع ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال سهل‪ :‬حكم هللا تعالى أنه ال يرى قلب عبد يسكن إلى شىء سواه إالَّ أعرض عنه وسلط عليه الشيطان فيضله عن‬
‫طريق الحق ويعوقه‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬من لم يداوم على الذكر فإن الشيطان قرينه ومن داوم عليه لم يقربه بحال‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الزخرف (من اآلية ‪ 41‬الى اآلية ‪)41‬‬

‫َفِإ َّما َن ْذ َهَب َّن ِب َك َفِإَّنا ِم ْن ُهم ُّمنتَِق ُمو َن‬

‫قوله عز وعال‪َ { :‬فِإ َّما َن ْذ َهَب َّن ِب َك َفِإَّنا ِم ْن ُهم ُّمنتَِق ُمو َن} [اآلية‪.]41 :‬‬

‫قال يحيى بن معاذ فى هذه اآلية‪ :‬هلل على عباده حجتان حجة ظاهرة وحجة باطنة فأما الظاهرة فالرسل وأما الباطنة‬
‫فالعقول‪.‬‬

‫سورة الزخرف (من اآلية ‪ 43‬الى اآلية ‪)43‬‬

‫صر ٍ‬
‫اط ُّم ْستَِقي ٍم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َف ِ‬
‫استَ ْمس ْك ِبالذي أُوح َي ِإَل ْي َك ِإَّن َك َعَل ٰى َ‬
‫ْ‬
‫قوله عز وعال‪َ { :‬فاستَم ِسك ِب َّال ِذي أ ِ‬
‫ُوحي ِإَل ْي َك} [اآلية‪.]43 :‬‬
‫َ‬ ‫ْ ْ ْ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬أمر هللا عز وجل النبى صلى هللا عليه وسلم باالستمساك والتمسك بالدين وهو صلى هللا عليه وسلم‬
‫اإلمام فيه ولم يخل من التمسك بما أمر به لحظة لكنه خاطبه لرفيع درجاته وعظم محله لتكون أنت متأدباً بآداب‬
‫التمسك واالقتداء واالستقامة وتعلم أن مثله إذا خوطب بمثل هذا الخطاب ما الذى يلزمك من االجتهاد المجاهدة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الزخرف (من اآلية ‪ 44‬الى اآلية ‪)44‬‬

‫ِ َّ‬
‫َوإَِّن ُه َلذ ْكٌر ل َك َولَِق ْو ِم َك َو َس ْو َ‬
‫ف تُ ْسأَُلو َن‬

‫{وإَِّن ُه َل ِذ ْكٌر َّل َك َولَِق ْو ِم َك} [اآلية‪.]44 :‬‬


‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬شرف لك بانتسابك إلينا وشرف لقومك باالنتساب إليك‪.‬‬

‫سمعت عبد هللا بن محمد بن على بن زياد يقول‪ :‬سمعت عبد هللا بن محمد بن أحمد بن زكريا يقول‪ :‬سمعت أحمد بن‬
‫{وإَِّن ُه َل ِذ ْكٌر َّل َك‬
‫سليمان الهروى يقول‪ :‬سمعت هشام بن عمر ابن أبى سلمة عن أبيه عن مالك بن أنس فى قوله‪َ :‬‬
‫َولَِق ْو ِم َك} قال‪ :‬هو قول الرجل أبى عن جدى‪.‬‬

‫سورة الزخرف (من اآلية ‪ 55‬الى اآلية ‪)55‬‬

‫ين‬ ‫َغرْقناهم أ ِ‬ ‫ِ‬


‫َج َمع َ‬
‫ونا انتََق ْمَنا م ْن ُه ْم َفأ ْ َ َ ُ ْ ْ‬
‫آسُف َ‬
‫َفَل َّمآ َ‬

‫ونا انتََق ْمَنا ِم ْن ُه ْم} [اآلية‪.]55 :‬‬


‫آسُف َ‬
‫قوله عز وعال‪َ{ :‬فَل َّمآ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال سهل‪ :‬لما أقاموا مصرين على المخالفة فى األوامر وإظهار البدع فى الدين وترك السنن اتباعاً لآلراء واألهواء‬
‫والعقول نزعنا نور المعرفة من قلوبهم وسراج التوحيد من أسرارهم وركناهم إلى ما اختاروا و ُّ‬
‫فضلوا وأضلوا‪.‬‬

‫قال سهل‪ :‬االتباع االتباع واالقتداء االقتداء فإنهما كانا سبيل السلف وما ضل من اتبع وما نجا من ابتدع‪.‬‬

‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم البزاز يقول عن ابن عطاء‪َ :‬م ْن لم يعز على عباده فليس بحكيم‬
‫حال المعاصى ال له وانتقم منك لك ال له‪ ،‬وهل انتقامه وغضبه إال لتوفر حظه عليك‪.‬‬

‫ونا انتََق ْمَنا ِم ْن ُه ْم}‬


‫آسُف َ‬
‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت أبا القاسم البزاز يقول عن ابن عطاء فى قوله‪َ{ :‬فَل َّمآ َ‬
‫قالوا‪ :‬لما عصو رسلنا انتقمنا منهم إذ كان عصيان الرسل عصياننا وأسفهم أسفنا‪.‬‬

‫سورة الزخرف (من اآلية ‪ 59‬الى اآلية ‪)59‬‬

‫يل‬ ‫ِِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫ِ‬


‫إ ْن ُه َو إال َع ْبٌد أ َْن َع ْمَنا َعَل ْيه َو َج َعْلَناهُ َمثَالً لَبني إ ْس َرائ َ‬

‫قوله عز وعال‪ِ{ :‬إ ْن ُه َو ِإالَّ َع ْبٌد أ َْن َع ْمَنا َعَل ْي ِه} [اآلية‪.]59 :‬‬

‫قال يحيى بن معاذ‪ :‬أنعمنا عليه بأن جعلنا ظاهره إماماً للمريدين وباطنه نور قلوب العارفين‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬أنعمنا عليه بصحة اإلخبار عنا وموافقتنا فى كل األحوال‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬أنعمنا عليه بالتوفيق‪.‬‬

‫قال أبو الحسن الوراق‪ :‬أنعمنا عليه بسياسة النفس ومنعها عن الشهوات‪.‬‬

‫سورة الزخرف (من اآلية ‪ 67‬الى اآلية ‪)67‬‬

‫َّ ِ‬ ‫ض ُهم لَِب ْع ٍ‬ ‫ٍِ‬ ‫ِ َّ‬


‫ض َع ُدٌّو ِإال اْل ُمتَّق َ‬
‫ين‬ ‫األَخال ُء َي ْو َمئذ َب ْع ُ ْ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬كل أخوة وصلة منقطعة إال ما كان فى هللا وهلل فإنه كل وقت فى زيادة ألن هللا عز وجل يقول‪:‬‬
‫َخالَّ ُء َي ْو َمِئ ٍذ‪ }...‬اآلية‪ ،‬أى فى أنف يطاع وبغضة إالَّ المتقين وأنهم فى راحة أخوتهم يرون فضل ذلك وثوابها‪.‬‬
‫{األ ِ‬

‫َّ ِ‬ ‫ض ُهم لَِب ْع ٍ‬ ‫ٍِ‬ ‫ِ َّ‬


‫ض َع ُدٌّو ِإال اْل ُمتَّق َ‬
‫ين} إال من اجتنب أخالء السوء ووالى من والى فى هللا‬ ‫وقيل فى قوله‪{ :‬األَخال ُء َي ْو َمئذ َب ْع ُ ْ‬
‫وخالل من خالل فى هللا‪.‬‬

‫سورة الزخرف (من اآلية ‪ 68‬الى اآلية ‪)68‬‬

‫ف َعَل ْي ُكم اْلَي ْوم َوالَ أَنتُ ْم تَ ْح َزُنو َن‬ ‫ِ ِ‬


‫ُ َ‬ ‫يٰعَباد الَ َخ ْو ٌ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬ال خوف عليكم اليوم فى الدنيا خوف مفارقة اإليمان وال أنتم تحزنون فى اآلخرة لوحشة البعد‬
‫والمفارقة‪.‬‬

‫قال جعفر الصادق‪ :‬ال خوف على من أطاعنى فى األوامر والفرائض واتباع الرسول فيما أمر‪ .‬وأيضاً‪ :‬ال خوف فى‬
‫اآلخرة على من خافنى فى الدنيا وال خوف على من أحبنى وأزال عن قلبه محبة األغيار وال خوف على من صار‬
‫وديعتى عنده وهو اإليمان والمعرفة وال خوف على من أحسن ظنه بى فإنى أعطيه مأموله والخوف يكون على‬
‫الجوارح والحزن على القلب من مخافة القطيعة‪.‬‬

‫سورة الزخرف (من اآلية ‪ 69‬الى اآلية ‪)70‬‬

‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬


‫اج ُك ْم تُ ْحَب ُرو َن‬ ‫آمُنوْا ِب َآياتَنا َوَك ُانوْا ُم ْسلم َ‬
‫ين * ْاد ُخُلوْا اْل َجَّن َة أَنتُ ْم َوأ َْزَو ُ‬ ‫ين َ‬
‫الذ َ‬

‫اء لما َمن عليهم من التوحيد عند تجلى المكاشفة ألوليائه وهو الباقى مع البقاء أال ترى‬
‫قال سهل‪ :‬بلذة النظر جز ً‬
‫خصهم باإليمان على شرط التسليم‪.‬‬ ‫كيف َّ‬

‫سورة الزخرف (من اآلية ‪ 71‬الى اآلية ‪)71‬‬

‫يها َخالِ ُدو َن‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِِ ٍ ِ‬


‫يها َما تَ ْش َت ِهيه األ َْنُف ُس َوَتَلذ األ ْ‬
‫َعُي ُن َوأَنتُ ْم ف َ‬ ‫اف َعَل ْيه ْم بص َحاف من َذ َهب َوأَ ْك َواب َوِف َ‬
‫ط ُ‬‫ُي َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫يها َما تَ ْشتَ ِهيه األ َْنُف ُس َوَتَلذ األ ْ‬
‫َعُي ُن} [اآلية‪.]71 :‬‬ ‫{وِف َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال جعفر‪ :‬شتان بين ما تشتهى وبين ما تلذ األعين ألن جميع ما فى الجنة من النعيم والشهوات واللذات فى جنب ما‬
‫تل ذ األعين كأصبع غمست فى البحر ألن شهوات الجنة لها حد ونهاية ألنها مخلوقة وال تلذ األعين فى الدار الباقية‬
‫إال بالنظر إلى الباقى تعالى وال حد لذلك وال صفة وال نهاية‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬هذا الذى ذكر مما تشتهى األنفس وتلذ األعين ثواباً ألوليائه لم يقدر أحد أن يصفه‬
‫كيف يقدر أحد على وصف المثبت‪.‬‬

‫سمعت النصرآباذى يقول‪ :‬وأنتم فيها خالدون على شهوة النفوس أو لذة األعين إن كان خلودكم لهذين فالفناء خير من‬
‫ذلك الخلود إن كان خلودكم لثناء أوصافكم واتصافكم لصفة الحق ومقامكم فيها على سرور الرضا وأنس المشاهدة‬
‫فأنتم إذن أنتم‪.‬‬

‫وقال سهل‪ :‬فيها ما تشتهى األنفس من ثواب األعمال وتلذ األعين بما فضل هللا به من التمكين فى وقت اللقاء‪.‬‬

‫سورة الزخرف (من اآلية ‪ 72‬الى اآلية ‪)72‬‬

‫وها ِب َما ُكنتُ ْم تَ ْع َمُلو َن‬ ‫َوِتْل َك اْل َجَّن ُة َّالِتي أ ِ‬


‫ُورْثتُ ُم َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬الجنة ميراث األعمال ألنها مخلوقة فوارث المثل مثله والكتاب ميراث أصفيائه فإنهما صفتان من‬
‫طَف ْيَنا ِم ْن ِعَب ِادَنا} [فاطر‪]32 :‬‬
‫اص َ‬
‫ين ْ‬
‫صفات الحق قال هللا تعالى‪{ :‬ثُ َّم أَورْثنا اْل ِكتَ َّ ِ‬
‫اب الذ َ‬
‫َ‬ ‫َْ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الزخرف (من اآلية ‪ 80‬الى اآلية ‪)80‬‬

‫اهم َبَل ٰى َوُرُسُلَنا َل َد ْي ِه ْم َي ْكتُُبو َن‬ ‫ِ‬


‫أ َْم َي ْح َسُبو َن أََّنا الَ َن ْس َم ُع سَّرُه ْم َوَن ْج َو ُ‬
‫ِ‬
‫قال تعالى‪{ :‬أ َْم َي ْح َسُبو َن أََّنا الَ َن ْس َم ُع سَّرُه ْم َوَن ْج َو ُ‬
‫اهم} [اآلية‪.]80 :‬‬

‫قال يحيى بن معاذ‪ :‬من ستر للناس ذنوبه وأبداها للذى ال يخفى عليه شىء فى السماوات واألرض فقد جعل ربه أهون‬
‫الناظرين إليه وهو من عالمات النفاق‪ ،‬قال هللا تعالى‪{ :‬أ َْم َي ْح َسُبو َن أََّنا الَ َن ْس َم ُع ِسَّرُه ْم} ما يسرون من الذنوب‬
‫اهم} ما يخفون من المعاصى بلى والكرام الكاتبون شاهد على ظواهرهم وأنا شاهد على بواطنهم‪ ،‬قال هللا تعالى‪:‬‬ ‫{وَن ْج َو ُ‬
‫َ‬
‫{وُرُسُلَنا َل َد ْي ِه ْم َي ْكتُُبو َن} [اآلية‪.]80 :‬‬
‫َ‬

‫سورة الزخرف (من اآلية ‪ 89‬الى اآلية ‪)89‬‬

‫ف َي ْعَل ُمو َن‬


‫اصَف ْح َع ْن ُه ْم َوُق ْل َسالَ ٌم َف َس ْو َ‬
‫َف ْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫اصَف ْح َع ْن ُه ْم َوُق ْل َسالَ ٌم} [اآلية‪.]89 :‬‬
‫قوله عز وعال‪َ { :‬ف ْ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬اعذرهم فى جهلهم بحقك واتركهم لحرماتك وسلم عليهم ليسلموا من توابع البالء عليهم‪.‬‬

‫سورة الدخان (من اآلية ‪ 3‬الى اآلية ‪)3‬‬

‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِإَّنآ أ َ ْ ِ‬


‫َنزلَناهُ في َلْيَلة ُّمَب َارَكة ِإَّنا ُكَّنا ُمنذ ِر َ‬
‫ين‬

‫َنزلَناهُ ِفي َلْيَل ٍة ُّمَب َارَك ٍة} [اآلية‪.]3 :‬‬


‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّنآ أ َ ْ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬لمجاورة المالئكة ومقاربتهم‪.‬‬

‫قال سهل‪ :‬أنزل هللا فى القرآن فى هذه الليلة من اللوح المحفوظ على روح محمد صلى هللا عليه وسلم وهو الروح‬
‫المبارك فسمى هللا الليلة مباركة التصال البركات بعضها ببعض‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬أعظم الليالى عليك بركة ليلة أطعت فيها ربك وأقلها عليك بركة ليلة غفلت فيها عن ربك وذكره‬
‫ومناجاته‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الدخان (من اآلية ‪ 4‬الى اآلية ‪)4‬‬

‫يها ُيْف َر ُق ُك ُّل أ َْم ٍر َح ِكي ٍم‬


‫فَ‬
‫ِ‬

‫قال ابن طاهر‪ :‬يعطى كل عامل من بركات أعماله فيلقى على لسان الخلق مدحه وفى القلوب هيبته‪.‬‬

‫سورة الدخان (من اآلية ‪ 10‬الى اآلية ‪)10‬‬

‫ان ُّمِب ٍ‬
‫ين‬ ‫الس َمآء ِب ُد َخ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َف ْارتَق ْب َي ْوَم تَأْتي َّ ُ‬
‫ان ُّمِب ٍ‬
‫ين}‪.‬‬ ‫الس َمآء ِب ُد َخ ٍ‬ ‫ِ‬
‫{ي ْوَم تَأْتي َّ ُ‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫قال‪ :‬الدخان فى الدنيا قسوة القلب والغفلة عن الذكر‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الدخان (من اآلية ‪ 8‬الى اآلية ‪)8‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬


‫ُّك ْم َوَر ُّب َآبآئ ُك ُم األََّوِل َ‬
‫ين‬ ‫الَ ِإَلـ َٰه ِإال ُه َو ُي ْحِيـي َوُيم ُ‬
‫يت َرب ُ‬

‫ِ‬ ‫َّ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬الَ ِإَلـ َٰه ِإال ُه َو ُي ْحِيـي َوُيم ُ‬
‫يت} [اآلية‪.]8 :‬‬

‫قال سهل‪ :‬اإلله على الحقيقة من يقدر على اإليجاد من العدم وعلى العدم من اإليجاد‪.‬‬

‫سورة الدخان (من اآلية ‪ 21‬الى اآلية ‪)21‬‬

‫اعتَ ِزُلو ِن‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬


‫َوِإن ل ْم تُ ْؤ ِمُنوْا لي َف ْ‬

‫سمعت الحسين بن يحيى الشافعى يقول‪ :‬سمعت النقاش يقول‪ :‬بلغنى أن بعض أصحاب الجنيد قال‪ :‬يا فالن إن لم‬
‫تؤمنوا بى فاعتزلون‪.‬‬

‫سورة الدخان (من اآلية ‪ 29‬الى اآلية ‪)29‬‬

‫ظ ِر َ‬
‫ين‬ ‫ض َو َما َك ُانوْا ُمن َ‬
‫آء َواأل َْر ُ‬ ‫َف َما َب َك ْت َعَل ْي ِه ُم َّ‬
‫الس َم ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ض} [اآلية‪.]29 :‬‬
‫آء َواأل َْر ُ‬ ‫قوله عز وعال‪َ { :‬ف َما َب َك ْت َعَل ْي ِه ُم َّ‬
‫الس َم ُ‬

‫قال أبو عمرو البيكندى‪ :‬كيف تبكى السماء على من لم يصعد إليها منه طاعة وكيف تبكى األرض على من يعصى‬
‫هللا عليها معناه ما بكت عليهم مصاعد عملهم من السماء وال مواضع عبادتهم من األرض‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬ما بكت عليهم اإليمان واإلسالم بخلوهم منهما‪.‬‬

‫سورة الدخان (من اآلية ‪ 32‬الى اآلية ‪)32‬‬

‫ين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫اه ْم َعَل ٰى عْل ٍم َعَلى اْل َعاَلم َ‬
‫اختَ ْرَن ُ‬
‫َوَلَقد ْ‬

‫بجناياتهم وما يقترفون من أنواع المخالفات فلم يؤثر ذلك فى سابق علمنا فيهم ليعلم أن الجنايات ال تؤثر فى‬
‫الرعايات‪.‬‬

‫وقال الخراز‪ :‬علمنا ما أودعنا فيهم من الخصائص برنا فاخترناهم بعلمنا على العالمين‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الدخان (من اآلية ‪ 40‬الى اآلية ‪)40‬‬

‫ين‬ ‫ِإ َّن يوم اْلَفص ِل ِميَقاتُهم أ ِ‬


‫َج َمع َ‬
‫ُْ ْ‬ ‫َْ َ ْ‬

‫قال بعضهم‪ :‬يوم الفصل يوم يفصل بين كل عامل وعمله ويطلب بإخالص ذلك وتصحيحه فمن صحح له مقامه‬
‫وأعماله قبل منه وجوزى عليه ومن لم يصحح له أعماله كان عمله عليه حسرة ووباالً‪.‬‬

‫سورة الدخان (من اآلية ‪ 42‬الى اآلية ‪)42‬‬

‫َّللا ِإَّنه هو اْلع ِز ُيز َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬


‫يم‬
‫الرح ُ‬ ‫ِإال َمن َّرح َم َّ ُ ُ ُ َ َ‬

‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إالَّ َمن َّرِح َم َّ‬


‫َّللاُ} [اآلية‪.]42 :‬‬

‫قال‪ :‬من رحم هللا عليه فى السبق فأدركته فى العاقبة بركة تلك الرحمة حيث جعل المؤمنين بعضهم شفعاء فى بعض‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الدخان (من اآلية ‪ 51‬الى اآلية ‪)51‬‬

‫ين ِفي َمَقا ٍم أ َِم ٍ‬


‫ين‬ ‫ِ‬
‫ِإ َّن اْل ُمتَّق َ‬

‫قال الحسين‪ :‬اإليمان ما أوجب األمان والتقوى توجب األمان فى اإليمان ألن هللا فى مقام أمين والتقوى أن تتقى الكل‬
‫لتصل بذلك إلى من له الكل‪.‬‬

‫سورة الدخان (من اآلية ‪ 56‬الى اآلية ‪)56‬‬

‫اب اْل َج ِحي ِم‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬


‫يها اْل َم ْو َت ِإال اْل َم ْوتَ َة األُوَل ٰى َوَوَق ُ‬
‫اه ْم َع َذ َ‬ ‫الَ َي ُذوُقو َن ف َ‬

‫يها اْل َم ْو َت ِإالَّ اْل َم ْوتَ َة األُوَل ٰى} [اآلية‪.]56 :‬‬ ‫ِ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬الَ َي ُذوُقو َن ف َ‬

‫سمعت الحسين بن يحيى يقول‪ :‬سمعت جعفر يقول‪ :‬قلت للجنيد رحمة هلل عليه‪ :‬أهل الجنة باقين ببقاء الحق؟ فقال‪:‬‬
‫ال ولكنهم مبقون ببقاء الحق والباقى على الحقيقة لم يزل وال يزال باقياً‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الدخان (من اآلية ‪ 57‬الى اآلية ‪)57‬‬

‫يم‬ ‫ِ‬ ‫ضالً ِمن َّرب ِ‬


‫ِك َذل َك ُه َو اْلَف ْوُز اْل َعظ ُ‬
‫َ‬ ‫َف ْ‬

‫ِك} [اآلية‪.]57 :‬‬ ‫ِ‬


‫ضالً من َّرب َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ف ْ‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬هو الفضل ال استحقاقاً بعمل العبد وسكونه وحركته‪.‬‬

‫قال القاسم‪ :‬أصل االيمان رؤية الفضل فى جميع األحوال سمعت عبد هللا المعلم يقول‪ :‬لما احتضر أبو حفص قيل له‬
‫أوصنا‪ .‬قال‪ :‬من رأى فضل هللا فى كل نفس ورأى تقصيره فى شكر ربه وتقصيره فى خدمته أرجو أن ال يهلك‪.‬‬

‫سورة الدخان (من اآلية ‪ 58‬الى اآلية ‪)58‬‬

‫َفِإَّن َما َي َّس ْرَناهُ ِبلِ َس ِان َك َل َعَّل ُه ْم َيتَ َذ َّك ُرو َن‬

‫قوله عز وعال‪َ { :‬فِإَّن َما َي َّس ْرَناهُ ِبِل َس ِان َك} [اآلية‪.]58 :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬يسره ذكره على لسان من شاء من عباده فال يفتر عن ذكره بحال وأغلق باب الذكر على من يشاء‬
‫من عباده فال يستطيع ذكره بحال‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الجاثية (من اآلية ‪ 3‬الى اآلية ‪)3‬‬

‫ض ٍٰ ِ ِ‬ ‫ِإ َّن ِفي َّ ِ‬


‫أليت لْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين‬ ‫الس َٰم َٰوت َواأل َْر ِ َ‬

‫قال سهل‪ :‬عالمات لمن أيقن بقلبه واستدل بكونها على مكون هذه اآليات الطاهرة‪.‬‬

‫وقال أيضاً‪ :‬فى خلقها دليل على وحدانيته لرفعه السماء بغير عمد‪.‬‬

‫سورة الجاثية (من اآلية ‪ 4‬الى اآلية ‪)4‬‬

‫ٍ‬
‫َّة ء َٰاي ٌت لَِق ْو ٍم ُيوِقُنو َن‬ ‫ُّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوفي َخْلق ُك ْم َو َما َيُبث من َدآب َ‬

‫قال بعضهم‪ :‬فى شواهد القدرة وآثار الصنع دالالت وآيات على وحدانيته فمن استشهد بها على وحدانيته فهو الموحد‬
‫ومن كان نظره إلى القادر الصانع المبدى لها ثم رجع إلى الصنع والقدرة فهو العارف‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الجاثية (من اآلية ‪ 9‬الى اآلية ‪)9‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اب ُّم ِه ٌ‬
‫ين‬ ‫َوإِ َذا َعل َم م ْن َء َٰايتَنا َش ْيئاً اتَّ َخ َذ َها ُه ُزواً أ ُْوَلـٰئ َك َل ُه ْم َع َذ ٌ‬

‫{وإِ َذا َعلِ َم ِم ْن َآي ِاتَنا َش ْيئاً اتَّ َخ َذ َها ُه ُزواً} [اآلية‪.]9 :‬‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬من لم يجتهد فى طاعة هللا ولم يصرف همته إلى الدخول فيها بشرط األمر والخروج منها بشرط‬
‫{وإِ َذا َعلِ َم ِم ْن َآي ِاتَنا َش ْيئاً اتَّ َخ َذ َها ُه ُزواً} علمها علم‬
‫األدب نزع هللا حب الطاعة من قلبه ورده إلى حوله وقوته قال هللا‪َ :‬‬
‫استدالل ال علم حقيقة‪.‬‬

‫سورة الجاثية (من اآلية ‪ 13‬الى اآلية ‪)13‬‬

‫ألي ٍت لَِق ْو ٍم َيتََف َّك ُرو َن‬ ‫ِ ِ‬ ‫الس ٰم ٰو ِت وما ِفي األَر ِ ِ ِ‬
‫ض َجميعاً م ْن ُه ِإ َّن في َذل َك َٰ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫َو َس َّخ َر َل ُك ْم َّما في َّ َ َ َ َ‬

‫ض َج ِميعاً ِم ْن ُه} [اآلية‪.]13 :‬‬ ‫ِ‬


‫ات وما ِفي األ َْر ِ‬ ‫{و َس َّخ َر َل ُك ْم َّما ِفي َّ‬
‫الس َم َاو َ َ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال أبو يعقوب النهرجورى‪ :‬سخر لك الكون وما فيها لئال يسخرك منها شىء وتكون مسخ اًر لمن سخر لك الكل فمن‬
‫ملكه شىء منها وأسرته زينة الدنيا ونجحتها فقد جحد نعم هللا عنده وجهل فضله وآالؤه عنده إذ خلقه ح اًر من الكل‬
‫عبداً لنفسه واستعبد به الكل ولم يشتغل بعبودية الحق بحال‪.‬‬

‫سورة الجاثية (من اآلية ‪ 15‬الى اآلية ‪)15‬‬

‫من ع ِمل ِ ِ ِ ِ‬
‫آء َف َعَل ْي َها ثُ َّم ِإَل ٰى َرب ُ‬
‫ِك ْم تُ ْر َج ُعو َن‬
‫َس َ‬
‫صـٰلحاً َفلَنْفسه َو َم ْن أ َ‬
‫َْ َ َ َ‬

‫صالِحاً َفلَِنْف ِس ِه} [اآلية‪.]15 :‬‬ ‫ِ‬


‫{م ْن َعم َل َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬الحق ال يصل إليه شىء من أفعال عباده فإن من أحسن فلنفسه ومن شكر فلنفسه ومن ذكر فلنفسه إال‬
‫أنه بفضله يحسن القبائح فيقبلها ولو قبل من األعمال ما كان له خالصاً أو أريد هو به َلَلِقيه الخلق أجمع على حد‬
‫اإلفالس حتى األنبياء والرسل ومن الحظ شيئاً من أفعاله فقد أظهر خسته‪.‬‬

‫سورة الجاثية (من اآلية ‪ 17‬الى اآلية ‪)17‬‬

‫يما‬ ‫ضي ِبيَنهم يوم اْلِقي ِ ِ‬


‫اخَتَلُفوْا ِإالَّ ِمن بع ِد ما جآءهم اْل ِعْلم ب ْغياً بينهم ِإ َّن ربَّك يْق ِ‬
‫ات ِم َن األ َْم ِر َف َما ْ‬ ‫وآتَيناهم بِين ٍ‬
‫امة ف َ‬
‫ْ ُ ْ َْ َ َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ ْ َ َ َ ُ ُ ُ َ ََْ ُ ْ‬ ‫َ َْ ُ َ َ‬
‫ِ‬ ‫َكانوْا ِف ِ‬
‫يه َي ْخَتلُفو َن‬ ‫ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قوله تعالى‪{ :‬وآتَيناهم بِين ٍ‬
‫ات ِم َن األ َْم ِر} [اآلية‪.]17 :‬‬ ‫َ َْ ُ َ َ‬

‫قال سهل‪ :‬فتحنا أسماعهم لفهم خطابنا وجعلنا أفئدتهم وعاء لكالمنا وأعطيناهم فراس ًة صادقة يحكمون بها فى عبادنا‬
‫حكم يقين وإخبار صدق فهذه البينات من األمر‪.‬‬

‫سورة الجاثية (من اآلية ‪ 18‬الى اآلية ‪)18‬‬

‫ين الَ َي ْعَل ُمو َن‬ ‫ثُ َّم جعْلناك عَلى َش ِريع ٍة ِمن األَم ِر َفاتَِّبعها والَ تَتَِّبع أَهو َّ ِ‬
‫آء الذ َ‬‫ْ َْ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫ََ َ َ َ ٰ‬

‫يع ٍة ِم َن األ َْم ِر} [اآلية‪.]18 :‬‬


‫اك َعَل ٰى َش ِر َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬ثُ َّم َج َعْلَن َ‬

‫قال سهل‪ :‬على منهاج سنن من كان قبلك من األنبياء واألولياء فإنهم على منهاج الهدى والشريعة هو الشارع الممتد‬
‫الواضح إلى طريق النجاة وسبيل الرشد‪.‬‬

‫سورة الجاثية (من اآلية ‪ 19‬الى اآلية ‪)19‬‬

‫ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫ِإَّنهم َلن يغنوْا عنك ِمن َّ ِ‬


‫َّللاُ َوِل ُّي اْل ُمتَّق َ‬
‫ين‬ ‫ض ُهم أ َْولَِيآء َب ْع ٍ‬
‫ض َو َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّللا َش ْيئاً َوإِ َّن الظالم َ‬
‫ين َب ْع ُ ْ‬ ‫ُ ْ ُ ُْ َ َ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َّللاِ َش ْيئاً} [اآلية‪.]19 :‬‬
‫نك ِم َن َّ‬
‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّن ُه ْم َلن ُي ْغُنوْا َع َ‬

‫َّللاِ‬
‫نك ِم َن َّ‬
‫قال سهل‪ :‬من استغنى بغير هللا فبغنائه افتقر ومن تعزز بغيره فبعزه ذل أال تراه يقول‪ِ{ :‬إَّن ُه ْم َلن ُي ْغُنوْا َع َ‬
‫َش ْيئاً}‪.‬‬

‫ض ُهم أ َْولَِيآء َب ْع ٍ‬ ‫َّ ِ ِ‬


‫ض} [اآلية‪.]19 :‬‬ ‫ُ‬ ‫{وإِ َّن الظالم َ‬
‫ين َب ْع ُ ْ‬ ‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬المنافق عون المنافق ونصيره والمؤمن مرآة المؤمن وناصحه َي ُدُّل ُه على عيوبه وينصحه فى دينه‪.‬‬

‫سورة الجاثية (من اآلية ‪ 21‬الى اآلية ‪)21‬‬

‫آء َما‬ ‫ات أَن َّنجعَلهم َك َّال ِذين آمنوْا وع ِمُلوْا َّ ِ ِ‬


‫السِيَئ ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫اه ْم َو َم َماتُ ُه ْم َس َ‬
‫آء َّم ْحَي ُ‬
‫الصال َحات َس َو ً‬ ‫َ َُ َ َ‬ ‫َْ ُْ‬ ‫اجتَ َر ُحوْا َّ‬
‫ين ْ‬
‫أ َْم َحس َب الذ َ‬
‫َي ْح ُك ُمو َن‬

‫السِيَئ ِ‬
‫ات} [اآلية‪.]21 :‬‬ ‫اجتََر ُحوْا َّ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫ين ْ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬أ َْم َحس َب الذ َ‬

‫قال سهل‪ :‬ليس من أقعد على بساط الموافقة كمن أقيم فى المخالفة فإن بساط الموافقة يجر صاحبه إلى مقاعد‬
‫الصدق ومقام المخالفة يهوى بصاحبه فى لظى‪.‬‬

‫السِيَئ ِ‬
‫ات} اتبعو شهوات نفوسهم أم كالذين لزموا حدود األمر واتبعوا السنن وطرق األئمة‪.‬‬ ‫{اجتَ َر ُحوْا َّ‬
‫قال القناد فى قوله‪ْ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الجاثية (من اآلية ‪ 23‬الى اآلية ‪)23‬‬

‫َّللا عَلى ِعْل ٍم وختم عَلى سم ِع ِه وَقْلِب ِه وجعل عَلى بص ِِره ِغشاوة َفمن يه ِد ِ‬
‫يه ِمن َب ْع ِد‬ ‫أََف أرَيت م ِن اتَّ َخ َذ ِإَلـٰهه هواه وأ َّ‬
‫َ ًَ َ َْ‬ ‫َ ََ َ َ ٰ َ َ‬ ‫َ َ ََ َ ٰ َ ْ َ‬ ‫َضل ُه َّ ُ َ ٰ‬
‫َ ُ ََ ُ َ َ‬ ‫ََْ َ‬
‫َّللاِ أََفالَ تَ َذ َّك ُرو َن‬
‫َّ‬

‫قوله تعالى‪{ :‬أََف َأرَْي َت َم ِن اتَّ َخ َذ ِإَلـ َٰه ُه َه َواهُ} [اآلية‪.]23 :‬‬

‫قال سهل‪ :‬من اتبع مراده ولم يسلك مسالك االقتداء وآثر الشهوات على نعيم اآلخرة طمع أن له فى اآلخرة ما‬
‫للمؤمنين من الدرجات الرفيعة والمنازل السنية‪.‬‬

‫{م ِن اتَّ َخ َذ ِإَلـ َٰه ُه َهَواهُ} قال‪ :‬مغمور‬ ‫ِ‬ ‫َضَّل ُه َّ‬
‫َّللاُ َعَل ٰى عْلمٍ} قال‪ :‬ضل عليه علم نجاته وقال أيضاً فى قوله‪َ :‬‬ ‫{وأ َ‬
‫قال سهل‪َ :‬‬
‫فى لذات الدنيا لنفسه من غير ورع وال تقوى وهو الذى يطبع على قلبه‪.‬‬

‫سورة الجاثية (من اآلية ‪ 26‬الى اآلية ‪)26‬‬

‫الن ِ‬
‫اس الَ َي ْعَل ُمو َن‬ ‫يكم ثُ َّم ي ِميت ُكم ثُ َّم يجمع ُكم ِإَلى يو ِم اْلِقيام ِة الَ ريب ِف ِ‬
‫يه َوَلـ ِٰك َّن أَ ْكثََر َّ‬ ‫ُق ِل َّ ِ‬
‫َْ َ‬ ‫ََ‬ ‫َّللاُ ُي ْحي ُ ْ ُ ُ ْ َ ْ َ ُ ْ ٰ َ ْ‬

‫ام ِة} [اآلية‪.]26 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ُ{ :‬ق ِل َّ‬
‫َّللاُ ُي ْحِي ُ‬
‫يك ْم ثُ َّم ُيميتُ ُك ْم ثُ َّم َي ْج َم ُع ُك ْم إَل ٰى َي ْو ِم اْلقَي َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫أولكم وآخركم ال ريب فيه‪.‬‬

‫سورة الجاثية (من اآلية ‪ 28‬الى اآلية ‪)28‬‬

‫أم ٍة تُ ْد َع ٰى ِإَل ٰى ِكتَاِب َها اْلَي ْوم تُ ْج َزْو َن َما ُكنتُ ْم تَ ْع َمُلو َن‬
‫ُم ٍة َج ِاثَي ًة ُك ُّل َّ‬
‫َوتَ َر ٰى ُك َّل أ َّ‬
‫َ‬

‫ُم ٍة َج ِاثَي ًة} [اآلية‪.]28 :‬‬


‫{وتَ َر ٰى ُك َّل أ َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال سهل‪ :‬على ركبها تجادل عن نفسها عند الموافقة الصادقة يجتهد فى تحقيق صدقة والجاحد يجتهد فى الدفع عن‬
‫نفسه وكل محكوم عليه فى الكتاب الذى أماله مداده ريقه وقلمه لسانه وقرطاسه جوارحه‪.‬‬

‫سورة الجاثية (من اآلية ‪ 29‬الى اآلية ‪)29‬‬

‫نس ُخ َما ُكنتُ ْم َت ْع َمُلو َن‬ ‫ِ‬


‫نطق عَلي ُكم ِباْلح ِق ِإَّنا ُكَّنا نس َت ِ‬ ‫ِ‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َهـٰ َذا كتَ ُابَنا َي ُ َ ْ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬هـٰ َذا ِكتَابنا ي ِ‬
‫نط ُق َعَل ْي ُكم ِباْل َح ِق} [اآلية‪.]29 :‬‬ ‫َُ َ‬ ‫َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬حكم األزل ينطق عليهم بتصحيح ما فى كتبهم وتحقيقها‪.‬‬

‫سورة الجاثية (من اآلية ‪ 37‬الى اآلية ‪)37‬‬

‫يم‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫آء ِفي َّ‬ ‫ِِ‬


‫الس َم َاوات َواأل َْرض َو ُه َو اْلعزي ُز اْل َحك ُ‬ ‫َوَل ُه اْلك ْبرَي ُ‬
‫ِ‬
‫ات واأل َْر ِ‬
‫ض} [اآلية‪.]37 :‬‬ ‫آء ِفي َّ‬ ‫ِِ‬
‫الس َم َاو َ‬ ‫{وَل ُه اْلك ْبرَي ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال سهل‪ :‬العلو والقدرة والعظمة والحول والقوة له فى جميع الملك فمن اعتصم به أيَّده بحوله وقوته ومن اعتمد نفسه‬
‫وكله هللا اليها‪.‬‬

‫سورة األحقاف (من اآلية ‪ 3‬الى اآلية ‪)3‬‬

‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ‬ ‫ما خَلْقنا َّ ِ‬


‫ضو َن‬ ‫َج ٍل ُّم َس ًّمى َوالذ َ‬
‫ين َكَف ُروْا َع َّمآ أُنذ ُروْا ُم ْع ِر ُ‬ ‫ض َو َما َب ْيَن ُه َمآ ِإال ِباْل َح ِق َوأ َ‬
‫الس َٰم َٰوت َواأل َْر َ‬ ‫َ َ َ‬

‫ض َو َما َب ْيَن ُه َمآ ِإالَّ ِباْل َح ِق} [اآلية‪.]3 :‬‬ ‫ِ‬


‫الس َم َاوات َواأل َْر َ‬
‫{ما َخَلْقَنا َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬خلق هللا السماوات واألرض وأظهر فيها بدائع صنعه وبوادى قدرته فمن نظر إليها ورأى فيها آثار‬
‫الصنع فهو لتيقظه ومن نظر وشاهد الصانع فهو لتحققه‪.‬‬

‫سورة األحقاف (من اآلية ‪ 6‬الى اآلية ‪)6‬‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َوإِ َذا ُح ِش َر َّ‬


‫آء َوَك ُانوْا ِبعَب َادت ِه ْم َكاف ِر َ‬
‫ين‬ ‫َع َد ً‬
‫اس َك ُانوْا َل ُه ْم أ ْ‬
‫الن ُ‬

‫آء} [اآلية‪.]6 :‬‬ ‫{وإِ َذا ُح ِش َر َّ‬


‫َع َد ً‬
‫اس َك ُانوْا َل ُه ْم أ ْ‬
‫الن ُ‬ ‫وقله عز وعال‪َ :‬‬

‫قال سهل‪ :‬هى نفوسهم التى قارنهم إلى متابعتها فى الجرى على أحكام هواها‪.‬‬

‫سورة األحقاف (من اآلية ‪ 9‬الى اآلية ‪)9‬‬

‫َّ ِ‬ ‫َّ‬ ‫نت ِب ْدعاً ِم َن ُّ ِ‬


‫وح ٰى ِإَل َّي َو َمآ أََن ْا ِإال َنذ ٌير ُّمِب ٌ‬
‫ين‬ ‫الرُسل َو َمآ أ َْدرِي َما ُيْف َع ُل ِبي َوالَ ِب ُك ْم ِإ ْن أَتَِّب ُع ِإال َما ُي َ‬ ‫ُق ْل َما ُك ُ‬

‫نت ِب ْدعاً ِم َن ُّ‬


‫الرُس ِل} [اآلية‪.]9 :‬‬ ‫قوله عز وعال‪ُ{ :‬ق ْل َما ُك ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال سهل‪ :‬ما كنت عجباً فى المرسلين‪.‬‬

‫قال بعضهم فى هذه اآلية‪ :‬لم أدعهم إال إلى التوحيد ولم أدلكم إال على مكارم األخالق وبهذا بعث األنبياء قبلى‪.‬‬

‫قال جعفر فى هذه اآلية‪ :‬لم يكن فى نبوتى شىء وإنما هو شىء أعطيته ال بى بل بفضل من عند هللا حيث أهَّلنى‬
‫لرسالته ووصفنى فى كتب األنبياء السالفة صلوات هللا عليهم أجمعين‪.‬‬

‫{و َمآ أ َْدرِي َما ُيْف َع ُل ِبي َوالَ ِب ُك ْم} [اآلية‪.]9 :‬‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬إن هللا تعالى ستر أمر الروح على جميع خلقه وستر مائية ذاته وستر ما يعامل الخلق‬
‫{و َمآ أ َْدرِي َما ُيْف َع ُل ِبي َوالَ ِب ُك ْم}‪.‬‬
‫عند معاينته فقال‪َ :‬‬

‫سورة األحقاف (من اآلية ‪ 13‬الى اآلية ‪)13‬‬

‫ف َعَل ْي ِه ْم َوالَ ُه ْم َي ْح َزُنو َن‬ ‫َّ ِ‬


‫اموْا َفالَ َخ ْو ٌ‬
‫استََق ُ‬
‫َّللاُ ثُ َّم ْ‬ ‫ِإ َّن الذ َ‬
‫ين َقاُلوْا َربَُّنا َّ‬

‫َّ ِ‬
‫اموْا} [اآلية‪.]13 :‬‬
‫استََق ُ‬
‫َّللاُ ثُ َّم ْ‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن الذ َ‬
‫ين َقاُلوْا َربَُّنا َّ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫منعما وال شكروا سواه فى حال وال رجعوا إلى غيره وثبتوا‬
‫استقاموا على ما سبق منهم من اإلقرار بالتوحيد فلم يرو سواه ً‬
‫معه على منهاج االستقامة‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬الذين قالوا ربنا هللا‪ :‬فى صفاء التوحيد‪ ،‬ثم استقاموا‪ :‬اجتهدوا فى القيام بواجبه‪.‬‬

‫قال جعفر‪ :‬استقاموا مع هللا بحركات قلوبهم على مشاهدات التوحيد‪.‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬استقاموا على مقالتهم بالفعل والعزم والنية‪.‬‬

‫سورة األحقاف (من اآلية ‪ 15‬الى اآلية ‪)15‬‬

‫صلُ ُه َثٰلثُو َن َش ْه اًر َحتَّ ٰى ِإ َذا َبَل َغ أ ُ‬


‫َشَّدهُ َوَبَل َغ‬ ‫ِ‬
‫ض َع ْت ُه ُك ْرهاً َو َح ْمُل ُه َوف َٰ‬ ‫ان ِب َٰولِ َد ْي ِه ِإ ْح َساناً َح َمَل ْت ُه أ ُّ‬
‫ُم ُه ُك ْرهاً َوَو َ‬ ‫نس َ‬ ‫ِ‬
‫ص ْيَنا اإل َ‬
‫َوَو َّ‬
‫َصلِ ْح لِي ِفي‬ ‫َن أَعمل ٰ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َِّ‬ ‫أَرب ِعين سن ًة َقال ر ِب أَوِزعِني أَن أ ُ ِ‬
‫ض ُه َوأ ْ‬ ‫صلحاً تَ ْر َٰ‬ ‫َشك َر ن ْع َمتَ َك التي أَْن َع ْم َت َعَل َّي َو َعَل ٰى َوال َد َّي َوأ ْ ْ َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ َ َ َ َ َ ْ ْ‬
‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ُذ ِريَّتي ِإني تُْب ُت ِإَل ْي َك َوإِني م َن اْل ُم ْسلم َ‬
‫ين‬

‫ان ِب َوالِ َد ْي ِه ِإ ْح َساناً} [اآلية‪.]15 :‬‬


‫نس َ‬ ‫ِ‬
‫ص ْيَنا اإل َ‬
‫{وَو َّ‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬أوصى هللا العوام ببر الولدين لما لهما عليه من نعمة التربية والحفظ فمن حفظ وصية هللا تعالى فى‬
‫األبوين وفقه ببركة ذلك الحفظ بركات هللا تعالى‪ ،‬وكذلك رعايات األوامر والمحافظة عليها توصل بركاتها بصاحبها‬
‫إلى محل الرضا واألمن‪.‬‬

‫ِ‬ ‫{حتَّ ٰى ِإ َذا َبَل َغ أ ُ‬


‫َشَّدهُ َوَبَل َغ أ َْرَبع َ‬
‫ين َسَن ًة} [اآلية‪.]15 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬خاطب هللا األنبياء ونعتهم عند كمال األوصاف وتمام العقول وهو الوقت الذى أخبر هللا عز وجل‬
‫عن تمام خلقه عباده حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة‪.‬‬

‫َشك َر ِن ْع َمتَ َك اَّلِتي أ َْن َع ْم َت َعَل َّي} [اآلية‪.]15 :‬‬ ‫ِ‬


‫{ر ِب أ َْوِز ْعني أ ْ‬
‫َن أ ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال سهل‪ :‬ألهمنى التوبة والعمل بالطاعة‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬تمام الشكر والمعرفة بالعجز عن الشكر ألن توفيق الشكر يوجب الشكر إلى ما ال نهاية لذلك قال‬
‫محمود الوراق‪:‬‬

‫على له فى مثلها يجب الشكر‬


‫َّ‬ ‫إذا كان شكرى نعمة هللا نعمة‬

‫وإن طالت األيام واتصل العمر‬ ‫فكيف بلوغ الشكر إال بفضله‬

‫تضيق بها األوهام والبر والبحر‬ ‫وما منهما إال لـه فيه منـة‬

‫وإن مس بالضراء أعقبه األجر‬ ‫فإن مس بالسراء عم سرورها‬

‫ضاهُ} [اآلية‪.]15 :‬‬ ‫َن أَعمل ِ‬


‫صالحاً تَ ْر َ‬
‫{وأ ْ ْ َ َ َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال سهل‪ :‬العمل المرضى ما كان أوائله على اإلخالص مقيداً باتباع السنن‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬العمل الصالح المرضى ما يصلح للعرض على الحق‪.‬‬

‫َصلِ ْح لِي ِفي ُذ ِريَِّتي} [اآلية‪.]15 :‬‬


‫{وأ ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫ف صدق لى ولك عبيد حق‪.‬‬


‫قال سهل‪ :‬اجعلهم َخَل َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬وفقهم لصالح أعمال ترضى بهم عنهم‪.‬‬

‫قال محمد بن على‪ :‬ال تجعل للشيطان والنفس والهوى عليهم سبيالً‪.‬‬

‫وقال أبو عثمان‪ :‬اجعلهم أب ار اًر أى مطيعين لك‪.‬‬

‫سورة األحقاف (من اآلية ‪ 20‬الى اآلية ‪)20‬‬

‫اب اْل ُهو ِن ِب َما‬ ‫طِيَبـِٰت ُك ْم ِفي َحَي ِات ُكم ُّ‬ ‫ويوم يعر َّ ِ‬
‫اس َت ْم َت ْعتُ ْم ِب َها َفاْلَي ْوَم تُ ْج َزْو َن َع َذ َ‬
‫الد ْنَيا َو ْ‬ ‫ُ‬ ‫الن ِار أَ ْذ َه ْبتُ ْم َ‬
‫ين َكَف ُروْا َعَلى َّ‬
‫ض الذ َ‬ ‫َ َْ َ ُ ْ َ ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُكنتُ ْم تَ ْستَ ْكب ُرو َن في األ َْرض ب َغ ْي ِر اْل َح ِق َوب َ‬
‫ِما ُكنتُ ْم تَْف ُسُقو َن‬

‫طِيَب ِات ُك ْم ِفي َحَي ِات ُكم ُّ‬


‫الد ْنَيا} [اآلية‪.]20 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أَ ْذ َه ْبتُ ْم َ‬
‫ُ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال سهل‪ :‬هو اتباع الشهوات وقضاء األوطار ومتابعة النفس على ما تشتهيه من ركب هذه المراكب فقد ركب مركب‬
‫اإلعراض عن هللا‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬من أسره شىء من األكوان الفانية دق أو جل أو الحظها بعينه أو بقلبه فقد دخل تحت‬
‫طِيَب ِات ُك ْم‪ }...‬اآلية‪.‬‬
‫خطاب قوله‪{ :‬أَ ْذ َه ْبتُ ْم َ‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬الناظر إلى الدنيا بعين الرضا والشهوة هو اآلخذ بحظه منها والناقص حظه من اآلخرة بقدرها‪.‬‬

‫سورة األحقاف (من اآلية ‪ 26‬الى اآلية ‪)26‬‬

‫ص ُارُه ْم َوالَ أَ ْفِئ َدتُ ُه ْم ِمن‬ ‫وَلَقد م َّكناهم ِفيمآ ِإن َّم َّكَّن ُ ِ ِ‬
‫صا اًر َوأَ ْفِئ َد ًة َف َمآ أ ْ‬
‫َغَن ٰى َع ْن ُه ْم َس ْم ُع ُه ْم َوالَ أ َْب َ‬ ‫اك ْم فيه َو َج َعْلَنا َل ُه ْم َس ْمعاً َوأ َْب َ‬ ‫َ ْ َ َ ُْ َ‬
‫اق ِبهم َّما َك ُانوْا ِب ِه َي ْستَ ْه ِزُئو َن‬ ‫ات َّ ِ‬
‫َّللا َو َح َ‬
‫َشي ٍء ِإ ْذ َكانوْا يجحدون ِبآي ِ‬
‫ُ َ ْ َُ َ َ‬ ‫ْ‬
‫ص ُارُه ْم} [اآلية‪.]26 :‬‬ ‫صا اًر َوأَ ْفِئ َد ًة َف َمآ أ ْ‬
‫َغَن ٰى َع ْن ُه ْم َس ْم ُع ُه ْم َوالَ أ َْب َ‬ ‫{و َج َعْلَنا َل ُه ْم َس ْمعاً َوأ َْب َ‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫قال الحسين‪ :‬خلق هللا القلوب واألبصار وجعل عليها أغطية وستو اًر وأكنة وأقفاالً فيهتك الستور بالنور ويرفع الحجب‬
‫بالذكر ويفتح األقفال بالقرب ويخرج من األكنة بمشاهدة اآليات‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األحقاف (من اآلية ‪ 29‬الى اآلية ‪)29‬‬

‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ض ُروهُ َقاُلوْا أَنصتُوْا َفَل َّما ُقض َي َول ْوْا ِإَل ٰى َق ْو ِم ِهم ُّمنذ ِر َ‬
‫ين‬ ‫ص َرْفَنآ ِإَل ْي َك َنَف اًر م َن اْل ِج ِن َي ْستَم ُعو َن اْلُق ْر َ‬
‫آن َفَل َّما َح َ‬ ‫َوإِ ْذ َ‬
‫قال تعالى‪َ{ :‬فَل َّما حضروه َقاُلوْا أ ِ‬
‫َنصتُوْا} [اآلية‪.]29 :‬‬ ‫َ َُ ُ‬

‫سمعت الشيخ أبا سهل رضى هللا عنه يقول‪ :‬ليس فى الحضرة إال الذبول والخمود والسكوت تحت موارد الهيبة قال هللا‬
‫تعالى‪َ{ :‬فَل َّما حضروه َقاُلوْا أَ ِ‬
‫نصتُوْا}‪.‬‬ ‫َ َُ ُ‬

‫سمعت النصرآباذى يقول‪ :‬هيبة المشاهدة إذا طالعت السرائر بحق يقيناً لخرست األلسن من النطق فى ذلك المشهد‬

‫ض ُروهُ‬
‫كالجن لما حضرت النبى صلى هللا عليه وسلم فأراد أن يق أر عليهم أوصى بعضهم بعضاً باإلنصات {َفَل َّما َح َ‬
‫َقاُلوْا أ ِ‬
‫َنصتُوْا}‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬لما شاهدوا عز الربوبية ظاه اًر فى أوصاف الربوبية أخرسهم المشهد لشدة الهيبة‪.‬‬

‫قال الحسين‪ :‬أعلى ما أشار إليه الخلق العرش ثم انقطعت اإلشارة والعبارة ألنه وراء اإلشارة والعبارة قال هللا تعالى‪:‬‬
‫{َفَل َّما حضروه َقاُلوْا أ ِ‬
‫َنصتُوْا} أى انقطعوا عن العبارات التى يعود إليكم أولها وآخرها‪ ،‬وحارسةُ نظر إلى العرض فأخبر‬ ‫َ َُ ُ‬
‫ولو نظر إلى رب العرش لخرس لقوله‪{ :‬أ ِ‬
‫َنصتُوْا} ألنه مباين لكل ما خلق ال يسعه غيره وال يحجبه سواه‪.‬‬

‫سورة األحقاف (من اآلية ‪ 30‬الى اآلية ‪)30‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫يق ُّم ْستَِقي ٍم‬ ‫ص ِدقاً لِ َما َب ْي َن َي َد ْي ِه َي ْه ِدي ِإَلى اْل َح ِق َوِإَل ٰى َ‬
‫ط ِر ٍ‬ ‫وس ٰى ُم َ‬
‫ِ‬ ‫َقاُلوْا ٰيَقومنآ ِإَّنا س ِمعنا ِكتَاباً أ ِ ِ‬
‫ُنزَل من َب ْعد ُم َ‬ ‫َ َْ‬ ‫ْ ََ‬

‫يق ُّم ْستَِقيمٍ} [اآلية‪.]30 :‬‬ ‫{ي ْه ِدي ِإَلى اْل َح ِق َوإَِل ٰى َ‬
‫ط ِر ٍ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال جعفر‪ :‬يدل على طريق الحق بالخروج من المعلومات والمرسومات والتحقق بالحق وهو الصراط المستقيم‪.‬‬

‫قال ابن عطاء يهدى الحق فى الباطن وإلى طريق مستقيم فى الظاهر‪.‬‬

‫قال ابن الفرحى‪ :‬يهدى إلى الحق ببركاته وإلى طريق مستقيم بما فيه باتباع العلم‪.‬‬

‫سورة األحقاف (من اآلية ‪ 31‬الى اآلية ‪)31‬‬

‫ِكم وي ِج ْرُكم ِم ْن َع َذ ٍ‬
‫اب أَلِي ٍم‬ ‫ِ‬ ‫اعي َّ ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ٰيَقومنآ أَ ِجيبوا د ِ‬
‫َّللا َوآمُنوْا به َي ْغف ْر َل ُك ْم من ُذُنوب ُ ْ َ ُ ْ‬ ‫َُْ َ‬ ‫ْ ََ‬

‫َّللاِ} [اآلية‪.]31 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬يَٰقومنآ أَ ِجيبوا د ِ‬


‫اعي َّ‬
‫َُْ َ‬ ‫ْ ََ‬

‫قال سهل‪ :‬ال يجيب الداعى إال من أسمع النداء ووفق للجواب ولقن وإال فمن يحصل على جواب هذه الدعوة وقال فى‬
‫قلب كل مؤمن داع يدعوه إلى رشده والسعيد من سمع دعاء الداعى فاتبعه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة األحقاف (من اآلية ‪ 35‬الى اآلية ‪)35‬‬

‫اع ًة ِمن َّن َه ٍار‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫صَب َر أ ُْوُلوْا اْل َع ْزِم ِم َن ُّ‬
‫الرُس ِل َوالَ تَ ْستَ ْع ِجل ل ُه ْم َكأََّن ُه ْم َي ْوَم َي َرْو َن َما ُي َ‬
‫وع ُدو َن َل ْم َيْلَبثُوْا ِإال َس َ‬ ‫َف ِ‬
‫اصب ْر َك َما َ‬
‫ْ‬
‫بالَغٌ َفهل يهَلك ِإالَّ اْلَقوم اْلَف ِ‬
‫اسُقو َن‬
‫ُْ‬ ‫َ ْ ُْ ُ‬ ‫َ‬

‫صَب َر أ ُْوُلوْا اْل َع ْزِم ِم َن ُّ‬


‫الرُس ِل} [اآلية‪.]35 :‬‬ ‫{ َف ِ‬
‫اصب ْر َك َما َ‬
‫ْ‬

‫قال سهل‪ :‬اصبر صبر أهل المعرفة كما صبر من كان قبلك من الرسل ابتلى إبراهيم بالنار وذبح الولد فرضى وأسلم‪،‬‬
‫وأيوب بالبالء فصبر‪ ،‬وإسماعيل بالذبح فرضى‪ ،‬ونوح بالتعذيب فصبر‪ ،‬ويونس ببطن الحوت فدعا والتجأ‪ ،‬ويوسف‬
‫يشك إلى غيره وهم اثنى‬
‫بالسجن والجب فلم يتغير‪ ،‬ويعقوب بذهاب البصر وفقد الولد فصبر وشكا بثه إلى هللا ولم ُ‬
‫عشر نبياً صبروا على ما أصابهم وهم أولو العزم من الرسل‪.‬‬

‫قال الواسطى فى قوله‪{ :‬أ ُْوُلوْا اْل َع ْزمِ} أولو الجد منهم‪ ،‬ذلك بأن المقادير تجرى على خالف المشيئة والتدابير وأن الدنيا‬
‫أسست على المحن وليس للمحن دواء إالَّ الصبر‪.‬‬

‫اع ًة ِمن َّن َه ٍار} [اآلية‪.]35 :‬‬ ‫َّ‬


‫وع ُدو َن َل ْم َيْلَبثُوْا ِإال َس َ‬
‫{كأََّن ُه ْم َي ْوَم َي َرْو َن َما ُي َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬لما جعل األذى كساعة من نهار‪ ،‬فأين يقع ما فى ساعة من نهار من طاعة ومعصية من كرمه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة محمد (من اآلية ‪ 1‬الى اآلية ‪)1‬‬

‫َع َٰمَل ُه ْم‬ ‫يل َّ ِ‬


‫ين َكَفروْا وصُّدوْا َعن سِب ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫َض َّل أ ْ‬
‫َّللا أ َ‬ ‫َ‬ ‫الذ َ ُ َ َ‬

‫قال سهل‪ :‬كفروا بتوحيده وصدوا عن سبيل اإلسالم بطل أعمالهم‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬من جحد نعم هللا عليه عنده وسلك مسلك المدعيين فى إطالق القول بال حقيقة ضل به عن سنن‬
‫المتحققين‪.‬‬

‫سورة محمد (من اآلية ‪ 3‬الى اآلية ‪)3‬‬

‫َّللاُ لِ َّلن ِ‬ ‫ِ‬ ‫اطل وأ َّ َّ ِ‬


‫ِ‬ ‫َذلِك ِبأ َّ َّ ِ‬
‫اس أ َْمثَاَل ُه ْم‬ ‫آمُنوْا اتََّب ُعوْا اْل َح َّق من َّرب ِِه ْم َك َذلِ َك َي ْ‬
‫ض ِر ُب َّ‬ ‫ين َ‬
‫َن الذ َ‬ ‫َّ‬
‫ين َكَف ُروْا اتَب ُعوْا اْلَب َ َ‬
‫َن الذ َ‬ ‫َ‬
‫َن َّال ِذين َكَفروْا اتَّبعوْا اْلب ِ‬
‫اط َل} [اآلية‪.]3 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ذلِ َك ِبأ َّ‬
‫َ ُ َُ َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬اتباع الباطل انكباب الشهوات وأمانى النفوس واتباع الحق ابتاع األوامر ال يوفق لسلوك طريق الحق‬
‫من لم يحكم مبادئ أحواله مع الحق ومن أهمل مبادئ األحوال كيف يرجى له التناهى فيها‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة محمد (من اآلية ‪ 24‬الى اآلية ‪)24‬‬

‫آن أَم َعَل ٰى ُقُل ٍ‬


‫وب أَ ْقَفاُل َهآ‬ ‫أََفالَ َيتَ َدب َُّرو َن اْلُق ْر َ ْ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬أَم َعَل ٰى ُقُل ٍ‬
‫وب أَ ْقَفاُل َهآ} [اآلية‪.]24 :‬‬ ‫ْ‬

‫قال سهل‪ :‬إن هللا خلق القلوب وأقفل عليها بأقفال وجعل مفاتيحها اإليمان فلم يفتح بتلك المفاتيح على التحقيق إال‬
‫قلوب األنبياء والمرسلين والصديقين وسائر الناس يخرجون من الدنيا ولم تفتح أقفال قلوبهم خرجوا منها وقلوبهم مقفلة‪:‬‬
‫الزهاد والعباد والعلماء ألنهم طلبوا مفاتيحها فى العقل ُّ‬
‫فضلوا الطريق ولو طلبوه من جهة التوفيق والفضل ألدركوا ذلك‬
‫ويفتح أق فال قلوبهم‪ ،‬ومفتاح القلوب أن تعلم أن هللا قائم عليك رقيب على جوارحك وتعلم أن العمل ال يكمل إال‬
‫باإلخالص مع المراقبة‪.‬‬

‫آن أَم َعَل ٰى ُقُل ٍ‬


‫وب أَْقَفاُل َهآ} [اآلية‪.]24 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أََفالَ َيتَ َدب َُّرو َن اْلُق ْر َ ْ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬القلوب قلوب أقفلت عن التدبر وألسن منعت عن التالوة وأسماع صمت عن االستماع ومن القلوب‬
‫قلوب كشفت عنها الغطاء فال يكون لها راحة إالَّ فى تالوة القرآن واستماعه والتدبر فيه فشتان ما بين الجانبين‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬المتدبر الناظر فى دبر األشياء وعواقبها وأواخرها ليغيب عن شواهد أوائلها مشاهدها ليشهد ما عدم‪.‬‬

‫قال سهل‪ :‬عالمة التوحيد أن يجتهد فى الخدمة يفوض األمر إليه ويقول‪ :‬إن هللا خلق القلوب وأقفل عليها بأقفال‬
‫وجعل مفاتيحها اإليمان فلم يفتح إال قلوب األنبياء والمرسلين وسائر الناس يخرجون من الدنيا ولم تفتح أقفال قلوبهم‬
‫وخرجو من الدنيا وقلوبهم مقفلة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة محمد (من اآلية ‪ 7‬الى اآلية ‪)7‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٰيأَي َّ ِ‬


‫نص ْرُك ْم َوُي َثب ْت أَ ْق َد َ‬
‫ام ُك ْم‬ ‫َّللاَ َي ُ‬
‫نص ُروْا َّ‬
‫آمُنوْا إن تَ ُ‬
‫ين َ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬هو أن تكون عوناً هلل على النفس فإن هللا ينصرك عليها حتى تنقاد لك ومن ال يكون عوناً على‬
‫النفس فيصرع صرعة ال يقوم أبداً بعدها‪.‬‬

‫قال محمد بن حامد‪ :‬زلل األقدام من ثالثة أشياء‪ :‬بترك الشكر لمواهب هللا والخوف من غير هللا واألمل فى غيره‬
‫وثبات األقدام من ثالثة أشياء‪ :‬مداومة رؤية الفضل والشكر على النعم ورؤية التقصير فى جميع األحوال والخوف‬
‫منه والسكون إلى ضمان هللا فيما ضمن من غير اتباع وال اختالج‪.‬‬

‫وقال الترمذى‪ :‬إن أكرمتم أوليائي أكرمتكم‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬نصرة من ترجو إن لم تقنع بنصرته‪.‬‬

‫سورة محمد (من اآلية ‪ 11‬الى اآلية ‪)11‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َذلِ َك ِبأ َّ‬
‫َن اْل َكاف ِر َ‬
‫ين الَ َم ْوَل ٰى َل ُه ْم‬ ‫آمُنوْا َوأ َّ‬
‫ين َ‬
‫َّللاَ َم ْوَلى الذ َ‬
‫َن َّ‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬معين من أقبل عليه وناصر من استنصره‪.‬‬

‫سورة محمد (من اآلية ‪ 13‬الى اآلية ‪)13‬‬

‫ٍ‬
‫َخرج ْتك أَهَل ْكناهم َفالَ ن ِ‬
‫اص َر َل ُه ْم‬ ‫َ‬
‫ِ َِّ‬ ‫ِ‬ ‫َوَكأَِين ِمن َق ْرَية ِه َي أ َ‬
‫َشُّد ُقَّوًة من َق ْرَيت َك التي أ ْ َ َ َ ْ َ ُ ْ‬
‫ٍ‬
‫َخ َر َج ْت َك} [اآلية‪.]13 :‬‬ ‫{وَكأَِين ِمن َق ْرَية ِه َي أ َ‬
‫َشُّد ُقَّوًة ِمن َق ْرَيِت َك َّالِتي أ ْ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬لم يخرج النبى صلى هللا عليه وسلم خوفاً منهم كما خرج موسى حين خرج أال ترى هللا يقول‪ :‬أخرجتك‬
‫ولم يقل خرجت وال جزعت ألنه باهلل وهلل فى جميع أوقاته فلم يجز عليه التفات إلى الغير بحال ولم يجز عليه خطاب‬
‫ذم‪.‬‬

‫سورة محمد (من اآلية ‪ 14‬الى اآلية ‪)14‬‬

‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫اء ُه ْم‬ ‫وء َع َمله َواتََّب ُعوْا أ ْ‬
‫َه َو َ‬ ‫ان َعَل ٰى َبِيَنة من َّربِه َك َمن ُزي َ‬
‫ِن َل ُه ُس ُ‬ ‫أََف َمن َك َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قوله عز وعال‪{ :‬أََفمن َكان عَلى بِين ٍة ِمن َّرب ِ‬
‫ِه} [اآلية‪.]14 :‬‬ ‫َ َ ٰ ََ‬ ‫َ‬

‫لزم االقتداء بالسنن سمعت أبا عثمان المغربى رحمة هللا عليه يقول‪ :‬البينة هى النور التى يفرق به المرء بين اإللهام‬
‫والوسوسة وال تكون البينة إال ألهل الحقائق فى اإليمان والبينة نور والمترجم عنها البرهان‪.‬‬

‫سورة محمد (من اآلية ‪ 17‬الى اآلية ‪)17‬‬

‫اه ْم‬ ‫َّ ِ‬


‫اه ْم تَْق َو ُ‬
‫اهتَ َد ْوْا َزَاد ُه ْم ُه ًدى َوآتَ ُ‬
‫َوالذي َن ْ‬

‫اهتَ َد ْوْا َزَاد ُه ْم ُه ًدى} [اآلية‪.]17 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ َّ :‬‬


‫ين ْ‬
‫{والذ َ‬
‫َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬الذين تحققوا فى طلب الهداية أوصلناهم إلى مقام الهداية وزدناهم هدى بالوصول إلى الهادى‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة محمد (من اآلية ‪ 19‬الى اآلية ‪)19‬‬

‫َّللاُ َي ْعَل ُم ُمتََقَّلَب ُك ْم َو َم ْثَو ُ‬ ‫َّللا واستَ ْغِفر لِ َذنِبك ولِْلمؤ ِمِنين واْلمؤ ِمن ِ‬ ‫َّ‬
‫اك ْم‬ ‫ات َو َّ‬ ‫َ َ ُْ َ َ ُْ َ‬ ‫اعَل ْم أََّن ُه الَ ِإَلـ َٰه ِإال َّ ُ َ ْ ْ‬
‫َف ْ‬

‫اعَل ْم أََّن ُه الَ ِإَلـ َٰه ِإالَّ َّ‬


‫َّللاُ} [اآلية‪.]19 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ف ْ‬

‫قال الجني د رحمة هللا عليه‪ :‬أمر هللا تعالى نبيه صلى هللا عليه وسلم أن يدعو الخلق من األصنام واألوثان فدعاهم‬
‫فمن بين مجيب ومنكر ودعاه إليه من نفسه ومن الخلق ومن األكوان فقال‪ :‬فاعلم أنه أى أن الذى اصطفاك على‬
‫البشر ال إله إال هو الذى يستحق األلوهية دون غيره‪.‬‬

‫وقال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬من قال‪ :‬ال إله إال هللا على العادة فهو أحمق‪ ،‬ومن قالها تعجباً فهو مصروف عن‬
‫الخلق‪ ،‬ومن قالها على االخالص فهو مصروف عن الشرك‪ ،‬ومن قالها على الحقيقة فقد تبتل عن الشواهد‪.‬‬

‫قال القاسم‪ :‬العلماء أربعة عالم متروك‪ ،‬وعالم متمكن‪ ،‬وعالم موصول‪ ،‬وعالم مجذوب‪ ،‬فالعالم المتروك هو العامة‪،‬‬
‫وعالم موصول وهم الذين يطلبون هللا وعالم مجذوب وهو الذى جذب سرائرهم إلى سره‪ ،‬وعالم متمكن هو محمد صلى‬
‫اعَل ْم أََّن ُه الَ ِإَلـ َٰه ِإالَّ َّ‬
‫َّللاُ}‪.‬‬ ‫هللا عليه وسلم وجد القرآن فى محل المشاهدة والخطاب لذلك خوطب بقوله‪َ{ :‬ف ْ‬

‫اعَل ْم أََّن ُه الَ ِإَلـ َٰه ِإالَّ َّ‬


‫َّللاُ} أى ازدد علماً وإيماناً فكلما كثرت النعم عليه أفادته علماً بالمنعم‬ ‫قال السالمى فى قوله‪َ { :‬ف ْ‬
‫فيترقى فى العلوم والمعارف على حسب كثرة النعم وتعدادها وإنما يزيد عن غير نقص ألن العلوم ال تتناهى‪.‬‬

‫اعَل ْم أََّن ُه الَ ِإَلـ َٰه ِإالَّ َّ‬


‫َّللاُ} والثانى أن ال يضيف إليه إال ما أضاف إلى‬ ‫قال حارث المحاسبى‪ :‬أول علم التوحيد قوله‪َ { :‬ف ْ‬
‫نفسه والثالث علم أمره ونهيه ووعده ووعيده والرابع علم ما عرف من علم التوحيد فلم يخالف علمه معرفته‪.‬‬

‫اعَل ْم أََّن ُه الَ ِإَلـ َٰه ِإالَّ َّ‬


‫َّللاُ} لتعلم أنه ليس إليك من ضرك ونفعك شىء‪.‬‬ ‫وقال الحارث فى قوله‪َ { :‬ف ْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وحرمة فمن لم يكن له‬
‫قال ابن عطاء‪ :‬عالم قول ال إله إال هللا يحتاج إلى أربعة أشياء تصديق وتعظيم وحالوة ُ‬
‫تصديق فهو منافق ومن لم يكن له تعظيم فهو مبتدع ومن لم يكن له حالوة فهو ُمر ٍاء ومن لم يكن له حرمة فهو‬
‫اعَل ْم} لعظيم محله ودعاء اآلخرين إلى قوله‬
‫فاسق ولم يكمل هذه الخصال إال للنبى صلى هللا عليه وسلم قيل له‪َ { :‬ف ْ‬
‫دون علمه‪.‬‬

‫اعَل ْم أََّن ُه الَ ِإَلـ َٰه ِإالَّ َّ‬


‫َّللاُ} قال‪ :‬أزل العلل عن الربوبية ونزه الحق عن الدرك‪.‬‬ ‫وقال جعفر فى قوله‪َ { :‬ف ْ‬

‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬العلم أرفع من المعرفة وأتم وأشمل وأكمل لذلك تسمى هللا بالعلم ولم يتسم بالمعرفة وقال‪:‬‬
‫ات} [المجادلة‪ ]11 :‬ثم لما خاطب النبى صلى هللا عليه وسلم خاطبه بأتم األوصاف وأكملها‬ ‫{و َّال ِذين أُوتُوْا اْل ِعْلم درج ٍ‬
‫َ ََ َ‬ ‫َ َ‬
‫اعَل ْم أََّن ُه الَ ِإَلـ َٰه ِإالَّ َّ‬
‫َّللاُ} ولم يقل فاعرف ألن اإلنسان قد يعرف الشىء وال يحيط به علماً وإذا‬ ‫وأشملها للخيرات فقال‪َ { :‬ف ْ‬
‫علمه وأحاط به علماً فقد عرفه‪.‬‬

‫اعَل ْم أََّن ُه الَ ِإَلـ َٰه ِإالَّ َّ‬


‫َّللاُ}‬ ‫قال ابن عطاء‪ :‬إن هللا تعالى أمر نبيه صلى هللا عليه وسلم أن يدعو الخلق إليه ثم قال له‪َ { :‬ف ْ‬
‫إلى لئال تالحظ شيئاً من أقوالك وأفعالك‪.‬‬
‫واعلم أنك الداعى للخلق إلى وأنا أدعوك منك َّ‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬هما دعوتان دعا إبراهيم عليه السالم إلى قوله‪ :‬أسلم ودعا محمد صلى هللا عليه وسلم‬
‫َّ‬
‫األجلة واالسالم هو االنقياد‬ ‫إلى قوله‪ :‬فاعلم‪ ،‬دعا أحدهما إلى العلم‪ ،‬واآلخر إلى اإلسالم‪ ،‬وأعالهما العلم وهو مرتبة‬
‫إظهار العبودية والعلم إظهار الربوبية ال جرم ابتلى حين قال‪ :‬أسلمت بالنار وذبح الولد وغيرهما‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬العلم حجة والمعرفة علة والغلبة غير محكوم بها‪.‬‬

‫وقال الحسين‪ :‬العلم الذى دعا إليه المصطفى صلى هللا عليه وسلم هو علم الحروف وعلم الحروف فى الم ألف وعلم‬
‫الم ألف فى األلف وعلم األلف فى النقطة وعلم النقطة فى المعرفة األصلية وعلم المعرفة األصلية فى علم األول فى‬
‫المشيئة وعلم المشيئة فى غيب الهو وهو الذى دعا هللا إليه فقال‪ :‬فاعلم أنه والهاء راجعة إلى غيب الهوية‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫اعَل ْم} قال‪ :‬بيانه فيما أردف من االستغفار فقال‪ :‬فاعلم أنه والهاء راجعة إلى غيب الهوية‪.‬‬
‫قال القاسم‪ :‬فى قوله { َف ْ‬

‫استَ ْغِف ْر لِ َذنِب َك} هل رأيت أدنى شىء أو‬ ‫اعَل ْم أََّن ُه} قال بيانه فيما أردف من االستغفار فقال‪َ :‬‬
‫{و ْ‬ ‫قال القاسم فى قوله‪َ { :‬ف ْ‬
‫يوجد أو يفقد أو يفنى أو يبقى أو يضر أو ينفع كأنه يقول‪ :‬فاعلم أنه ال إله يوجد المكونات ويفقدها إال هللا‪.‬‬

‫ِ ن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اء ُه ْم}‬ ‫{ي ْع ِرُف َ‬
‫ون ُه َك َما َي ْعرُفو َ أ َْبَن َ‬ ‫{وَلتَ ْع ِرَفَّن ُه ْم في َل ْح ِن اْلَق ْول} [محمد‪ ]30 :‬وقال‪َ :‬‬
‫وقال‪ :‬أضاف المعرفة إلى الخلق فقال‪َ :‬‬
‫[البقرة‪ ]146 :‬واختص هو بالعلم وعلم السرائر وتسمى بالعلم ولم يتسم بالمعرفة وقال بأخص أنبيائه وأصفيائه فاعلم‬
‫لقربه من مصدر الحقيقة وموردها وإشرافه على الغيب والمغيبات ودعاه إلى العلم ووصفه به ووصف العوام بالمعرفة‬
‫ألن العلم أتم وأبلغ‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬ما علمه خي اًر فاعلمه يقيناً‪.‬‬

‫اعَل ْم أََّن ُه الَ ِإَلـ َٰه ِإالَّ َّ‬


‫َّللاُ} من حيث هللا يعتبك عن علمك أنه ال إله إال هللا واستغفر لذنبك من علمك‬ ‫وقال بعضهم‪َ { :‬ف ْ‬
‫بأن كل حقيقة ال تمحو آثار العبد ورسومه فليست بحقيقة وقيل فى قوله‪ :‬فاعلم أى أن الحقيقة أنطقتك بهذه الكلمة ولم‬
‫تظهر الكلمة بنطقك وأثابتك ولم تثبت بك‪.‬‬

‫اعَل ْم أََّن ُه الَ ِإَلـ َٰه ِإالَّ َّ‬


‫َّللاُ} قال‪ :‬أدخل النبى صلى هللا عليه وسلم فى عين الجمع بما دعاه إلى علم‬ ‫وقال بعضهم‪َ { :‬ف ْ‬
‫الهوية إذ الهوية علم الجمع وفرق الخلق فى سائر األسامى والصفات فطالع كل واحد منها قدره‪.‬‬

‫قال سهل‪ :‬خلق هللا الخلق ثم أحياهم باسم الحياة ثم أماتهم بجهلهم فمن حيا بالعلم فهو الحى وإال فهم موتى بجهلهم‬
‫اعَل ْم}‪.‬‬
‫لذلك دعا نبيه صلى هللا عليه وسلم إلى محل الحياة بالعلم بقوله‪َ { :‬ف ْ‬

‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت عبد هللا القاسم البزاز يقول‪ :‬قال ابن عطاء فى قوله‪َ { :‬فاعَلم أََّنه الَ ِإَلـٰه ِإالَّ‬
‫َ‬ ‫ْ ْ ُ‬
‫َّللاُ} قال طلب تنزيه العبد لئال يكون له خاطر غيره فى علمه بأن ال إله إال هو علماً ال قوالً وهو حقيقة التوحيد حقائق‬ ‫َّ‬
‫تبنى على الموجد ال حقائق تبنى على العبد‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬وهذا من المقامات الشريفة‪.‬‬

‫سمعت عبد هللا بن محمد الرازى يقول‪ :‬سمعت أبا عثمان يقول‪ :‬العلم ثالثة علم األحكام وعلم اإليقان وعلم العين فعلم‬
‫األحكام يورث البيان للعلماء‪ ،‬وعلم اإليقان يورث األحزان لألولياء‪ ،‬وعلم األعيان يورث القربى لألنبياء وذلك قوله‪:‬‬
‫اعَل ْم أََّن ُه الَ ِإَلـ َٰه ِإالَّ َّ‬
‫َّللاُ}‪.‬‬ ‫{ َف ْ‬

‫قال بعضهم‪ :‬العلم نور وضياء وقلوب العلماء لهم وعاء كلما ازداد العالم علماً ازداد خشوعاً وتواضعاً فإذا تحقق فى‬
‫اعَل ْم أََّن ُه الَ ِإَلـ َٰه ِإالَّ َّ‬
‫َّللاُ} فإذا دخل فى مقام التوحيد استغرق‬ ‫العلم فتح عليه أبواب التوحيد كما خاطب هللا نبيه بقوله‪َ { :‬ف ْ‬
‫فى األنوار فأضاءت األنوار على شواهده وأثرت على جوارحه فتكون كل جارحة منه مزينة بزينة من أنوار العلم‪ .‬هذا‬
‫من المقامات الشريفة‪.‬‬

‫اعَل ْم أََّن ُه الَ ِإَلـ َٰه ِإالَّ َّ‬


‫َّللاُ} قال‪ :‬دله بهذا على صفاء التوحيد‬ ‫سمعت عبد هللا قال‪ :‬قال أبو سعيد الخراز فى قوله‪َ { :‬ف ْ‬
‫ليعلمه علماً بعد القول فيسكن إليه وينسى ما دونه‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬العلم أربعة علم المعرفة‪ ،‬وعلم العبادة‪ ،‬وعلم العبودية‪ ،‬وعلم الخدمة‪ .‬حمل الحق المصطفى صلى هللا‬
‫عليه وسلم على هذه األحوال كلها حيث لم يطقها أحد سواه‪.‬‬

‫اعَل ْم أََّن ُه الَ ِإَلـ َٰه ِإالَّ َّ‬


‫َّللاُ} قال‪ :‬طلب التنزيه مع العبد مع علمه‪.‬‬ ‫قال ابن عطاء فى قوله‪َ { :‬ف ْ‬

‫اعَل ْم أََّن ُه الَ‬


‫سمعت أبا بكر محمد بن عبد هللا الرازى يقول‪ :‬سمعت على بن طاهر الحافظ وقد سئل عن معنى قوله‪َ{ :‬ف ْ‬
‫اعَل ْم أََّن ُه‬ ‫ِإَلـ َٰه ِإالَّ َّ‬
‫َّللاُ} قال‪ :‬إن هللا أمر النبى صلى هللا عليه وسلم أن يدعو الخلق إليه فلما دعا من نفسه إليه بقوله‪َ{ :‬ف ْ‬
‫إلى‪.‬‬ ‫الَ ِإَلـ َٰه ِإالَّ َّ‬
‫َّللاُ} أى أنت تدعو الخلق إلى وأنا أدعوك من نفسك َّ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سمعت عبد هللا الرازى يقول‪ :‬سمعت أبا عثمان يقول فى هذه اآلية‪ :‬إذا قيل للعالم اعلم يراد به اذكر ألن كل مؤمن‬
‫عالم أن ال إله إال هللا ورسول هللا صلى هللا عليه وسلم سيد العلماء وأعلم العلماء وإنما يراد به‪ :‬اذكر أنه ال إله إال‬
‫هو‪ .‬وازداد ذك اًر أن ال إله إال هو فإن َمن ذكره فى نفسه وذكره فى ذكر حتى يسقط كل مذكور عن قلبه إال هللا الواحد‬
‫األحد الصمد فى ذلك الوقت فإن خطر بباله غيره واستغفر منه ومنه قوله‪" :‬إنه ليغان على قلبى‬

‫‪".‬‬

‫وقال أبو سعيد القرشى طلب الحق من النبى صلى هللا عليه وسلم حضور القلب وأن يليه علمه عما سواه‪.‬‬

‫اعَل ْم أََّن ُه الَ ِإَلـ َٰه ِإالَّ َّ‬


‫َّللاُ} علماً على جهل ألن العلوم فى هللا ال تتناهى‪.‬‬ ‫وقال الحسين‪َ { :‬ف ْ‬

‫وقال ابن خفيف‪ :‬أقام العالم فى شاهد الخطاب فوحدوه موحداً ووحد نفسه بتوحيد نفسه فوحدوه بما َو َّحد نفسه إذا كان‬
‫{وإَِل ْي ِه ُي ْر َج ُع األ َْم ُر‬
‫واحداً وذلك مبلغ كشف الحق له فى أحديته قبل النقل له فى فردانيته لخلوص إفراده لمفرد به إليه َ‬
‫اعُب ْدهُ} [هود‪.]123 :‬‬ ‫ُّ‬
‫ُكل ُه َف ْ‬

‫سورة محمد (من اآلية ‪ 30‬الى اآلية ‪)30‬‬

‫َع َماَل ُك ْم‬ ‫اه ْم َوَلتَ ْع ِرَفَّن ُه ْم ِفي َل ْح ِن اْلَق ْو ِل َو َّ‬ ‫ِِ‬
‫َّللاُ َي ْعَل ُم أ ْ‬ ‫يم ُ‬
‫اك ُه ْم َفَل َع َرْفتَ ُهم بس َ‬
‫آء أل ََرْيَن َ‬
‫َوَل ْو َن َش ُ‬
‫اك ُه ْم} [اآلية‪.]30:‬‬
‫آء أل ََرْيَن َ‬
‫{وَل ْو َن َش ُ‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫قال القاسم‪ :‬أطلعناك على سرائرهم فلعرفتهم بسيماهم فطنة ولتعرفنهم فى لحن القول ظاه اًر وهللا يعلم إسرارهم ال يقف‬
‫على ما لهم عند هللا من الشقاوة والسعادة أحد‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫اك ُه ْم} [اآلية‪.]30:‬‬
‫آء أل ََرْيَن َ‬
‫{وَل ْو َن َش ُ‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫{وَلتَ ْع ِرَفَّن ُه ْم ِفي َل ْح ِن‬


‫قال القاسم‪ :‬ألن األكابر والسادة يعرفون صدق المريد من كذبه بسؤاله وكالمه ألن هللا يقول‪َ :‬‬
‫اْلَق ْو ِل}‪.‬‬

‫قال محمد بن حامد‪ :‬تعرف من كانت قراءته لنا ومن كانت قراءته لرياء وسمعة‪.‬‬

‫وقال أيضاً‪ :‬النصيحة من الكالم والموعظة منه ممن يريد استجالب قلوب العوام إليه‪.‬‬

‫{وَلتَ ْع ِرَفَّن ُه ْم ِفي َل ْح ِن اْلَق ْو ِل} ولم يقل‬


‫وقال القاسم‪ :‬أثبت المعرفة لنا ولم يثبت العلم وأضاف علم السر إلى نفسه فقال‪َ :‬‬
‫تعلمنهم‪.‬‬

‫سورة محمد (من اآلية ‪ 31‬الى اآلية ‪)31‬‬

‫ين ِم ُ‬ ‫ِِ‬
‫َخَب َارُك ْم‬ ‫الصاِب ِر َ‬
‫ين َوَنْبُل َوْا أ ْ‬ ‫نك ْم َو َّ‬ ‫َوَلَنْبُل َوَّن ُك ْم َحتَّ ٰى َن ْعَل َم اْل ُم َجاهد َ‬

‫ين ِم ُ‬ ‫ِِ‬
‫الصاِب ِر َ‬
‫ين} [اآلية‪.]31 :‬‬ ‫نك ْم َو َّ‬ ‫{وَلَنْبُل َوَّن ُك ْم َحتَّ ٰى َن ْعَل َم اْل ُم َجاهد َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ين ِم ُ‬ ‫ِِ‬
‫نك ْم‬ ‫{حتَّ ٰى َن ْعَل َم اْل ُم َجاهد َ‬
‫قال عمرو المكى‪ :‬أيكم أزهد فى الدنيا زهداً وأترك لها تركاً‪ .‬وقال أيضاً فى قوله‪َ :‬‬
‫ين} إن البلوى إنما وقعت على المتعبدين لنعظم هللا بذلك قدر معاملته ويعز بذلك قدر عبادته ويرفع بذلك‬ ‫الصاِب ِر َ‬
‫َو َّ‬
‫درجة موالته‪.‬‬

‫سورة محمد (من اآلية ‪ 33‬الى اآلية ‪)33‬‬

‫َع َماَل ُك ْم‬ ‫ِ‬ ‫َطيعوْا َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٰيأَي َّ ِ‬


‫ول َوالَ تُْبطُلوْا أ ْ‬
‫الرُس َ‬
‫يعوْا َّ‬
‫َّللاَ َوأَط ُ‬ ‫آمُنوْا أ ُ‬
‫ين َ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ‬

‫أطيعوا هللا فى حرمة الرسول وأطيعوا الرسول فى تعظيم هللا وال تبطلوا أعمالكم برؤيتها وطلب النجاة بها‪.‬‬

‫قال فارس‪ :‬استجداء الطاعة والشرك سواء‪.‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬ال تبطلوا أعمالكم بترك السنن‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬برؤيتها من أنفسكم ومطالعة األعواض من ربكم وقيل‪ :‬بالرياء والعجب‪.‬‬

‫وقال أبو الحسين الوراق‪ :‬بالتكبر على الخلق بها‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة محمد (من اآلية ‪ 36‬الى اآلية ‪)36‬‬

‫ِإَّنما اْلح ٰيوة ُّ ِ‬


‫ورُك ْم َوالَ َي ْسأَْل ُك ْم أ َْم َٰوَل ُك ْم‬ ‫الد ْنَيا َلع ٌب َوَل ْهٌو َوِإن تُ ْؤ ِمُنوْا َوتَتَُّقوْا ُي ْؤِت ُك ْم أ ُ‬
‫ُج َ‬ ‫َ ََ ُ‬

‫الد ْنَيا َل ِع ٌب َوَل ْهٌو} [اآلية‪.]36 :‬‬


‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّن َما اْل َحَياةُ ُّ‬

‫قال بعضهم‪ :‬الدنيا أربعة أحوال متمتع فيها بغفلة وآخذ من صحة فى علة ومحمول من فراش إلى حفرة ومعذب فى‬
‫قبره للعبرة فمن يلهو فيها فلغفلة ومن يعيش فيها فيلعب إال من ينبهه هللا من غفلته ويوفقه لرشده‪.‬‬

‫سورة محمد (من اآلية ‪ 38‬الى اآلية ‪)38‬‬

‫آء‬ ‫نكم َّمن يبخل ومن يبخل َفِإَّنما يبخل عن َّنْف ِس ِه و َّ ِ‬ ‫َّللاِ َف ِم ُ‬ ‫َها أَنتُم َهـ ُٰؤالَ ِء تُ ْد َعو َن لِتُ ِنفُقوْا ِفي سِب ِ‬
‫َّللاُ اْل َغن ُّي َوأَنتُ ُم اْلُفَق َر ُ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ ُ َ َ َْ َ ْ َ َْ َ ُ َ‬ ‫يل َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫ونوْا أ َْمثَاَل ُكم‬‫َوِإن تَتََوَّل ْوْا َي ْس َت ْبد ْل َق ْوماً َغ ْي َرُك ْم ثُ َّم الَ َي ُك ُ‬

‫آء} [اآلية‪.]38 :‬‬ ‫قوله عز وعال‪{ :‬و َّ ِ‬


‫َّللاُ اْل َغن ُّي َوأَنتُ ُم اْلُفَق َر ُ‬ ‫َ‬

‫قال سهل‪ :‬معرفة علم السر كله فى الفقر وهو سر هللا وعلم الفقر إلى هللا وهو تصحيح علم الغنى باهلل‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وسئل بعضهم‪ :‬من الفقراء؟ قال‪ :‬الفقراء إلى هللا فإن الفقير على الحقيقة من يفتقر إلى غنى ال من يفتقر إلى دنى‬
‫مثله أو فقير مثله‪.‬‬

‫قال أبو الحسن بن سمعون‪ :‬لكل شىء فقر فأضرها فقر النفس والقلب وأشرفها ًا‬
‫فقر الهم والعقل ألن نفسى إذا افتقرت‬
‫وحكما إن‬
‫ً‬ ‫علما‬
‫طلبت دنيا فيأسر العدو من أول قدم وإذا افتقر قلبى طلب ملكاً فحجبنى وإذا افتقر عقلى طلب ً‬
‫حر‪.‬‬
‫وودا إن وجدت صرت ًا‬
‫وجدا ً‬
‫وجدهما شربت فى الملك وحدى وإذا افتقر همى طلب ً‬

‫آء}‪ .‬قال‪ :‬ألن الفقر يليق بالعبودية والغنى يليق بالربوبية‪.‬‬ ‫قال الجنيد رحمة هللا عليه فى قوله‪{ :‬و َّ ِ‬
‫َّللاُ اْل َغن ُّي َوأَنتُ ُم اْلُفَق َر ُ‬ ‫َ‬

‫{وإِن تَتََوَّل ْوْا َي ْس َت ْب ِد ْل َق ْوماً َغ ْي َرُك ْم}‬


‫قال بعضهم‪ :‬هللا الغنى عن أفعالكم وأنتم الفقراء إلى رحمته وهللا الغنى عنكم بقوله‪َ :‬‬
‫[اآلية‪.]38 :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬الغنى القائم بنفسه والفقير القائم بفقره والحق مقيم الكل باينهم باالستغناء عنهم كما باينوه باالفتقار إليه‪.‬‬

‫{وإِن تَتََوَّل ْوْا َي ْستَْب ِد ْل َق ْوماً َغ ْي َرُك ْم} [اآلية‪.]38 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬ال يستقر على حقيقة بساط العبودية إال أهل السعادة وقد يطأ البساط المتمرسون بالعبودية أوقاتاً ثم ال‬
‫ِ‬
‫{وإِن تَتََوَّل ْوْا َي ْستَْبد ْل َق ْوماً َغ ْي َرُك ْم ثُ َّم الَ َي ُك ُ‬
‫ونوْا‬ ‫يستقرون عليه يبدل هللا مكانهم فيه من أحب له السعادة أال تراه يقول‪َ :‬‬
‫أ َْمثَاَل ُكم}‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الفتح (من اآلية ‪ 1‬الى اآلية ‪)1‬‬

‫ِإَّنا َفتَ ْحَنا َل َك َف ْتحاً ُّمِبيناً‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬النبى صلى هللا عليه وسلم فى هذه اآلية بين نعم مختلفة بين الفتح المبين وهو من إعالم اإلجابة‪،‬‬
‫والمغفرة وهو من أعالم المحبة‪ ،‬وتمام النعمة وهو من أعالم االختصاص‪ ،‬والهداية وهو من التحقيق بالحق‪ ،‬والنصر‬
‫وهو من أعالم الوالية‪ ،‬والمغفرة منزه من العيوب‪ ،‬وتمام النعمة إبالغ الدرجة الكاملة من الغنى به‪ ،‬والهداية وهى‬
‫الدعوة إلى المشاهدة‪ ،‬والنصرة وهى رؤية الكل من الحق من غير أن يرجع إلى سواه‪.‬‬

‫سورة الفتح (من اآلية ‪ 2‬الى اآلية ‪)2‬‬

‫َخر ويِت َّم ِنعمتَه عَليك ويه ِديك ِ‬


‫ص َراطاً ُّم ْستَِقيماً‬ ‫ِ‬ ‫لَِي ْغِف َر َل َك َّ‬
‫َّللاُ َما تََقَّد َم من َذنِب َك َو َما تَأ َّ َ َ ُ ْ َ ُ َ ْ َ َ َ ْ َ َ‬

‫َّللاُ َما تََقَّدم ِمن َذنِب َك َو َما تَأ َّ‬


‫َخ َر} [اآلية‪.]2 :‬‬ ‫قوله عز وعال‪{ :‬لَِي ْغِف َر َل َك َّ‬
‫َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬لما بلغ النبى صلى هللا عليه وسلم سدرة المنتهى قدم النبى وأخر جبريل صلوات هللا عليهما قال النبى‬
‫َّللاُ َما تََقَّد َم ِمن‬
‫لجبريل‪ :‬يا جبريل تتركنى فى هذا الموضع وحدى فعاتبه هللا حين سكن إلى جبريل فقال‪{ :‬لَِي ْغِف َر َل َك َّ‬
‫َذنِب َك}‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬كشف هللا تعالى عن ذنوب األولياء حتى نادوا على أنفسهم ونودى عليهم بالذنب والتوبة وستر ذنب‬
‫َّللاُ َما تََقَّد َم ِمن َذنِب َك}‪.‬‬
‫محمد صلى هللا عليه وسلم بقوله‪{ :‬لَِي ْغِف َر َل َك َّ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن عطاء‪ :‬ما كان من ذنب أبيك إذ كنت فى صلبه حين باشر الخطيئة وما تأخر من ذنوب أمتك إذ كنت‬
‫قائدهم ودليلهم والخلق كلهم موقوفون ليس لهم وصول إلى هللا إال معه‪.‬‬

‫وقال‪ :‬معنى استغفا ر النبى صلى هللا عليه وسلم فى اإلعانة يستغفر لى حال صحوة من حال السكر بل يستغفر فى‬
‫حال السكر من الصحو بل يستغفر من الحالين جميعاً إذ ال صحو وال سكر فى الحقيقة له ألنه فى الحضرة والقبضة‬
‫ال يفارقها بحال‪.‬‬

‫وقال أيضاً‪ :‬هو تعريف لألمة بحملهم على االستغفار وال حظ له فيه‪.‬‬

‫{وُيِت َّم ِن ْع َمتَ ُه َعَل ْي َك} [اآلية‪.]2 :‬‬


‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫قال جعفر‪ :‬من تمام نعمته على نبيه صلى هللا عليه وسلم أن جعله حبيبه وأقسم بحياته ونسخ به شرائع الرسل وعرج‬
‫به إلى المحل األدنى وحفظ فى المعراج حتى ما زاغ وما طغى وبعثه إلى األسود واألبيض وأحل له وألمته الغنائم‬
‫وجعله شفيعاً مشفعاً وجعله سيد ولد آدم وقرن ذكره بذكره ورضاه برضاه وجعله أحد ركنى التوحيد فهذا وأمثاله من‬
‫تمام النعمة عليه وعلى أمته به وبمكانه‪.‬‬

‫قوله تعالى‪{ :‬ويه ِديك ِ‬


‫ص َراطاً ُّم ْستَِقيماً} [اآلية‪.]2 :‬‬ ‫ََْ َ َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬يهدى بك الخلق إلى الطريق المستقيم وهو الطريق إلى الحق من جعله إمامه قاده إلى الحق ومن لم‬
‫يقتد به فى طلب الطريق إلى الحق ضل فى طلبه وأخطأ طريق رشده‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الفتح (من اآلية ‪ 3‬الى اآلية ‪)3‬‬

‫ص اًر َع ِزي اًز‬


‫َّللاُ َن ْ‬
‫ك َّ‬‫نص َر َ‬
‫َوَي ُ‬

‫قال القاسم‪ :‬هو أن ينصره على احتمال ما يلقاه من أذى قومه فيعزه بإبالغ الرسالة ويذلهم بأن يجعلهم خوالً له‪.‬‬

‫سورة الفتح (من اآلية ‪ 4‬الى اآلية ‪)4‬‬

‫َّللاُ َعلِيماً‬ ‫الس ٰم ٰو ِت واأل َْر ِ‬ ‫يمناً َّمع ِإ ٰ ِ ِ ِ‬ ‫وب اْلمؤ ِمِن ِ‬ ‫َنزل َّ ِ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ان َّ‬
‫ض َوَك َ‬ ‫ود َّ َ َ َ‬ ‫يمن ِه ْم َوََّّلل ُجُن ُ‬ ‫ِ‬ ‫السك َين َة في ُقُل ِ ُ ْ َ‬
‫ين لَي ْزَد ُادوْا إ َٰ َ َ‬ ‫ُه َو الذي أ َ َ‬
‫َح ِكيماً‬

‫ِ‬ ‫الس ِك َين َة ِفي ُقُل ِ‬ ‫ِ‬


‫وب اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين} [اآلية‪.]4 :‬‬ ‫{ه َو َّالذي أ َ‬
‫َنزَل َّ‬ ‫قوله عز وعال‪ُ :‬‬

‫ِ‬ ‫الس ِك َين َة ِفي ُقُل ِ‬ ‫ِ‬


‫وب اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين}‬ ‫{ه َو َّالذي أ َ‬
‫َنزَل َّ‬ ‫قال الواسطى‪ :‬البصيرة مكشوفة والسكينة مستورة أال ترى إلى قوله‪ُ :‬‬
‫موجودا‬
‫ً‬ ‫فبالسكينة ظهرت البصيرة والسكينة هداية والبصيرة عناية وإذا أكرم العبد بالسكينة يصير المفقود عنده‬
‫مفقودا‪.‬‬
‫ً‬ ‫والموجود‬

‫سئل بعضهم‪ :‬ما أول ما كاشف هللا به عباده؟ قال‪ :‬المعارف ثم الوسائل ثم السكينة ثم البصائر‪ ،‬فلما كاشفه الحق‬
‫بالبصائر عرف األشياء من الجواهر كأبى بكر الصديق رضى هللا عنه ما أخطأ فى نطق‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫يم ِان ِه ْم} [اآلية‪.]4 :‬‬ ‫ِ‬
‫يماناً َّم َع إ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قوله عز وعال‪{ :‬لَي ْزَد ُادوْا إ َ‬

‫قال التزمذى‪ :‬الطمأنينة فى القلب من السكينة وزيادة األنوار فى القلب من زيادة اإليمان‪.‬‬

‫ِ‬
‫ات واأل َْر ِ‬
‫ض} [اآلية‪.]4 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ ِ :‬‬
‫الس َم َاو َ‬
‫ود َّ‬
‫{وََّّلل ُجُن ُ‬
‫َ‬

‫قال سهل‪ :‬جنوده مختلفة فجنوده فى السماء المالئكة وجنوده فى األرض الغزاة‪.‬‬

‫وقال أيضاً‪ :‬جنود السماوات القلوب وجنود األرض النفوس‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬ما سلط هللا عليك فهو من جنوده إن سلط عليك نفسك أهلك نفسك بنفسك وإن سلط عليك جوارحك‬
‫أهلك جوارحك بجوارحك وإن سلط نفسك على قلبك قادتك فى متابعة الهوى وطاعة الشيطان وإن سلط قلبك على‬
‫السماو ِ‬
‫ات‬ ‫نفسك وجوارحك زمها باألدب وألزمها العبادة وزينها باإلخالص فى العبودية وهذا تفسير قوله‪ِ ِ :‬‬
‫ود َّ َ َ‬
‫{وََّّلل ُجُن ُ‬
‫َ‬
‫واألَْر ِ‬
‫ض}‪.‬‬ ‫َ‬

‫سورة الفتح (من اآلية ‪ 8‬الى اآلية ‪)8‬‬

‫ِإَّنآ أ َْرَسْل َٰن َك َٰش ِهداً َو ُمَب ِش اًر َوَن ِذي اًر‬

‫قال سهل‪ :‬شاهداً عليهم بالتوحيد ومبش اًر لهم بالمغفرة وبالتأييد ونذي اًر محذ اًر إياهم البدع والضالالت‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وداعيا إلينا وأنت المأذون فى الكل ألنك أمين على الكل وال يطلق‬
‫ً‬ ‫ونذير عنا‬
‫ًا‬ ‫ومبشر بنا‬
‫ًا‬ ‫شاهدا علينا‬
‫ً‬ ‫قال ابن عطاء‪:‬‬
‫هذه المراتب إالَّ لألمناء فأنت األمين حق األمين‪.‬‬

‫سورة الفتح (من اآلية ‪ 9‬الى اآلية ‪)9‬‬

‫اَّللِ ورسوِل ِه وتُع ِزروه وتُوِقروه وتُسِبحوه ب ْكرة وأ ِ‬


‫َصيالً‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫لتُ ْؤمُنوْا ب َّ َ َ ُ َ َ ُ ُ َ َ ُ ُ َ َ ُ ُ ُ َ ً َ‬

‫قال سهل‪ :‬لتؤمنوا تصديقاً بما جاء به وتعزروه حقه فى قلوبكم وطاعته على أبدانكم‪.‬‬

‫ِ‬ ‫قال أبو عثمان‪ :‬لم يؤمن بالرسول من لم يعزر أوامره ولم يوقر أصحابه‪ .‬قال هللا تعالى‪{ :‬لِتؤ ِمنوْا ِب َّ ِ‬
‫اَّلل َوَرُسوِله َوتُ َع ِزُروهُ‬ ‫ُْ ُ‬
‫َوتَُوِق ُروهُ}‪.‬‬

‫سورة الفتح (من اآلية ‪ 10‬الى اآلية ‪)10‬‬

‫ِِ‬
‫َّللاَ‬
‫اه َد َعَل ْي ُه َّ‬ ‫َّللاِ َف ْو َق أ َْي ِدي ِه ْم َف َمن َّن َك َث َفِإَّن َما َي ُ‬
‫نك ُث َعَل ٰى َنْفسه َو َم ْن أ َْوَف ٰى ِب َما َع َ‬ ‫ون َك ِإَّن َما ُيَبا ِي ُعو َن َّ‬
‫َّللاَ َي ُد َّ‬ ‫ين ُيَبايِ ُع َ‬
‫َّ ِ‬
‫ِإ َّن الذ َ‬
‫َج اًر َع ِظيماً‬ ‫ِ‬
‫َف َسُي ْؤِتيه أ ْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ون َك ِإَّن َما ُيَبا ِي ُعو َن َّ‬ ‫َّ ِ‬
‫َّللاَ} [اآلية‪.]10 :‬‬ ‫ين ُيَبايِ ُع َ‬
‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن الذ َ‬

‫ون َك ِإَّن َما ُيَبا ِي ُعو َن َّ‬ ‫َّ ِ‬


‫َّللاَ} إن البشرية فى نبيه عادية‪،‬‬ ‫ين ُيَبايِ ُع َ‬
‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬أخبر هللا تعالى بقوله‪ِ{ :‬إ َّن الذ َ‬
‫وإضافة دون الحقيقة‪.‬‬

‫ون َك ِإَّن َما ُيَبا ِي ُعو َن َّ‬ ‫َّ ِ‬


‫َّللاَ}‪.‬‬ ‫ين ُيَبايِ ُع َ‬
‫قال أيضاً‪ :‬أظهرت النعوت فى محمد صلى هللا عليه وسلم فقال‪ِ{ :‬إ َّن الذ َ‬

‫سمعت أبا القاسم النصرآباذى يقول‪ :‬فى وقت االستنفار إلى الروم قد ظهرت صفة البيعة فهل من راغب فيها بيعه بال‬
‫ون َك ِإَّن َما ُيَبايِ ُعو َن َّ‬ ‫َّ ِ‬
‫َّللاَ}‪.‬‬ ‫ين ُيَبايِ ُع َ‬
‫واسطة {ِإ َّن الذ َ‬

‫َّللاِ َف ْو َق أ َْي ِدي ِه ْم} [اآلية‪.]10 :‬‬


‫{ي ُد َّ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬حول هللا وقوته فوق قوتهم وحركتهم‪.‬‬

‫سورة الفتح (من اآلية ‪ 11‬الى اآلية ‪)11‬‬

‫استَ ْغِف ْر َلَنا َيُقوُلو َن ِبأَْل ِسَنِت ِه ْم َّما َل ْي َس ِفي ُقُلوبِ ِه ْم ُق ْل َف َمن َي ْملِ ُك‬
‫ونا َف ْ‬
‫َهُل َ‬
‫اب َش َغَل ْتَنآ أ َْم َواُلَنا َوأ ْ‬‫َعر ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ول َل َك اْل ُم َخلُفو َن م َن األ ْ َ‬ ‫َسَيُق ُ‬
‫َّللاُ ِب َما تَ ْع َمُلو َن َخِبي اًر‬ ‫َل ُكم ِمن َّ ِ‬
‫ان َّ‬‫ض اًر أ َْو أ ََرَاد ِب ُك ْم َنْفعاً َب ْل َك َ‬‫َّللا َش ْيئاً ِإ ْن أ ََرَاد ِب ُك ْم َ‬ ‫ْ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ونا} [اآلية‪.]11 :‬‬
‫َهُل َ‬
‫{ش َغَل ْتَنآ أ َْم َواُلَنا َوأ ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال بعض السلف‪ :‬ما شغلك عن هللا من أهل ومال وولد فهو عليك مشؤوم‪.‬‬

‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬من شغله عن ربه شىء من هذه األعراض فقد أخبر عن نذالته وآثار خسته وظهرت‬
‫عليه‪.‬‬

‫وسئل بعضهم‪ :‬بماذا يصح لنا اإلقبال على هللا؟ قال‪ :‬بترك الدنيا وما فيها فإنها تشغل عن ربها أال ترى المنافقين‬
‫ونا}‪.‬‬
‫َهُل َ‬
‫{ش َغَل ْتَنآ أ َْم َواُلَنا َوأ ْ‬
‫كيف اعتذروا بقوله‪َ :‬‬

‫سورة الفتح (من اآلية ‪ 18‬الى اآلية ‪)18‬‬

‫الس ِك َين َة َعَل ْي ِه ْم َوأَثَ َاب ُه ْم َف ْتحاً َق ِريباً‬ ‫ِ‬ ‫َّلقد ر ِ‬


‫الش َج َرِة َف َعلِ َم َما ِفي ُقُلوبِ ِه ْم َف َ‬
‫أنزَل َّ‬ ‫ون َك تَ ْح َت َّ‬
‫ين ِإ ْذ ُيَبايِ ُع َ‬
‫َّللاُ َع ِن اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ضي َّ‬
‫َْ َ َ‬
‫الش َج َرِة} [اآلية‪.]18 :‬‬
‫ون َك تَ ْح َت َّ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪{َّ :‬لقد ر ِ‬
‫ين ِإ ْذ ُيَبايِ ُع َ‬
‫َّللاُ َع ِن اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ضي َّ‬
‫َْ َ َ‬

‫قال ابن عطاء رحمة هللا عليه‪ :‬رضى عنهم فأرضاهم وأوصلهم إلى رضا اليقين والرضا والطمأنينة وأنزل هللا السكينة‬
‫عليهم لتسكن قلوبهم إليه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وقال ابن عطاء‪ :‬السكينة نور يقذف فى القلب يبصر بها مواقع الصواب‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬ثبات السر عند ظهور المغيبات‪.‬‬

‫السعة‪.‬‬
‫قال بعضهم‪ :‬السكينة استعمال األوامر واستقبالها بالرحب و َّ‬

‫سورة الفتح (من اآلية ‪ 25‬الى اآلية ‪)25‬‬

‫ات َّل ْم‬‫آء ُّم ْؤ ِمَن ٌ‬ ‫ِ‬ ‫واْل َه ْدي م ْع ُكوفاً أَن َيْبُل َغ م ِحَّل ُه وَل ْوالَ ِر َج ٌ ِ‬
‫ال ُّم ْؤمُنو َن َون َس ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫وك ْم َع ِن اْل َم ْس ِج ِد اْل َح َار ِم‬ ‫صُّد ُ‬ ‫ين َكَف ُروْا َو َ‬
‫َّ ِ‬
‫ُه ُم الذ َ‬
‫ين َكَف ُروْا ِم ْن ُه ْم‬ ‫َّ َّ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِعْل ٍم لِي ْد ِخل َّ ِ‬ ‫ص َيب ُك ْم ِم ْن ُه ْم َّم َعَّرةٌ ِب َغ ْي ِر‬‫طُئوهم َفتُ ِ‬
‫آء َل ْو تََزَّيُلوْا َل َعذ ْبَنا الذ َ‬
‫َّللاُ في َر ْح َمته َمن َي َش ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫وه ْم أَن تَ َ ُ ْ‬ ‫تَ ْعَل ُم ُ‬
‫َع َذاباً أَلِيماً‬

‫وه ْم} [اآلية‪.]25 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وَلوالَ ِرجال ُّمؤ ِمُنو َن وِنسآء ُّمؤ ِمَن ٌ َّ‬
‫ات ل ْم تَ ْعَل ُم ُ‬ ‫َ َ ٌ ْ‬ ‫َْ َ ٌ ْ‬

‫قال سهل‪ :‬المؤمن على الحقيقة من ال يغفل عن نفسه وقلبه يفتش أحواله ويراقب أوقاته فيرى زيادته من نقصانه‬
‫فيسكن عند رؤية الزيادة ويتضرع ويدعو عند دخول النقصان هؤالء الذين بهم يدفع هللا البالء عن أهل األرض‬
‫والمؤمن من ال يكون متهاوناً بأذى التقصير فإن التهاون بالقليل يستجلب الكثير‪.‬‬

‫قال أيضاً‪ :‬ال يجد طعم اإليمان من لم يدع ستة خصال ويتمسك بستة يدع الرياء والحرام والسحت والمكروه والشبهة‬
‫والجهل ويتمسك بطلب العلم لتصحيح عمله ونصحاً من قلبه وصدقاً من لسانه وصالحاً مع الخلق فى معاشرتهم‬
‫وإخالصاً لربه فى معاملته‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الفتح (من اآلية ‪ 26‬الى اآلية ‪)26‬‬

‫ين َوأَْل َزَم ُه ْم َكلِ َم َة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َنزل َّ ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫َّللاُ َسك َينتَ ُه َعَل ٰى َرُسولِه َو َعَلى اْل ُم ْؤ ِمن َ‬ ‫ين َكَف ُروْا في ُقُلوبِه ُم اْل َحمَّي َة َحمَّي َة اْل َجاهليَّة َفأ َ َ‬ ‫ِإ ْذ َج َع َل الذ َ‬
‫َّللاُ ِب ُك ِل َش ْي ٍء َعلِيماً‬
‫ان َّ‬‫َهَل َها َوَك َ‬‫َح َّق ِب َها َوأ ْ‬
‫التَّْق َو ٰى َوَك ُانوْا أ َ‬

‫ين َكَف ُروْا ِفي ُقُلوبِ ِه ُم اْل َح ِمَّي َة} [اآلية‪.]26 :‬‬ ‫َّ ِ‬
‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ ْذ َج َع َل الذ َ‬

‫متابعة للنفس فى االنتقام من البرىء‪.‬‬

‫وقال جعفر‪ :‬الحمية المذمومة التخطى من الحدود إلى التشفى‪.‬‬

‫َح َّق ِب َها} [اآلية‪.]26 :‬‬ ‫ِ‬


‫{وأَْل َزَم ُه ْم َكل َم َة التَّْق َو ٰى َوَك ُانوْا أ َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬كلمة المتقين وهى شهادة أن ال إله إال هللا ألزمها هللا السعداء من أوليائه المؤمنين وكانوا أحق بها فى‬
‫علم هللا أن خلقهم لها وخلق الجنة ألهلها‪ ،‬وأيضاً كانوا أهلها إذ سماهم هللا بها وأيضاً وكانوا أحق بها ممن تركها كف اًر‬
‫بها واستغناء عنها‪ ،‬وأيضاً كانوا أهلها ألن هللا بعثهم لها يحيوا عليها ويموتوا عليها‪.‬‬

‫قال القاسم‪ :‬من ألزم كلمة التقوى وهم الصالحون ألن هللا خلقهم للمالزمة ال يجاوزون حدود األمر إلى ما وصف لهم‬
‫من الكرامات عليها لما أروا فى أنفسهم من التقصير فى التقوى ورعاية حقائقه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬فى هذه اآلية ال يكون الرجل من أهل هللا حتى يكون فيه ثالث خصال الفرار من كل شىء إلى هللا‬
‫والسكون فى كل شىء مع هللا والرضا بكل شىء عن هللا‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬كلمة التقوى صيانة النفس عن المطامع ظاه اًر وباطناً‪.‬‬

‫قال سهل‪ :‬خير الناس المسلمون وخير المسلمين المؤمنون وخير المؤمنين العلماء وخير العلماء الخائفون وخير‬
‫الخائفين المخلصون وخير المخلصين المتقون الذى وصلوا إخالصهم وتقواهم بالموت وهم أصحاب المصطفى صلى‬
‫ِ‬
‫َح َّق ِب َها َوأ ْ‬
‫َهَل َها}‪.‬‬ ‫{وأَْل َزَم ُه ْم َكل َم َة التَّْق َو ٰى َوَك ُانوْا أ َ‬
‫هللا عليه وسلم لقوله تعالى‪َ :‬‬

‫سورة الفتح (من اآلية ‪ 27‬الى اآلية ‪)27‬‬

‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫الرءيا ِباْلح ِق َلتَ ْدخُل َّن اْلمس ِجد اْلحرام ِإن َشآء َّ ِ ِ‬ ‫َّ‬
‫وس ُك ْم َو ُمَقص ِر َ‬
‫ين الَ تَ َخاُفو َن‬ ‫ين ُرُء َ‬
‫ين ُم َحلق َ‬
‫َّللاُ آمن َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ ََ َ‬ ‫ُ‬ ‫َّللاُ َرُسوَل ُه ُّ ْ َ َ‬ ‫ص َد َق َّ‬ ‫لَق ْد َ‬
‫َف َعلِ َم َما َل ْم تَ ْعَل ُموْا َف َج َع َل ِمن ُدو ِن َذلِ َك َف ْتحاً َق ِريباً‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّللاُ} [اآلية‪.]27 :‬‬ ‫قوله تعالى‪َ{ :‬لتَ ْد ُخُل َّن اْل َم ْسج َد اْل َح َر َام إن َش َ‬
‫آء َّ‬

‫سئل سهل بن عبد هللا رحمة هللا عليه‪ :‬ما هذا االستثناء من هللا؟ قال‪ :‬تأكيداً فى االفتقار إليه وتأديباً لعباده فى كل‬
‫حال ووقت وتنبيهاً أن الحق إذا استثنى مع كمال علمه أن أحداً ال يجوز له الحكم من غير استثناء مع قصور علمه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الفتح (من اآلية ‪ 28‬الى اآلية ‪)28‬‬

‫اَّللِ َش ِهيداً‬
‫ين ُكلِ ِه َوَكَف ٰى ِب َّ‬ ‫ظ ِهره عَلى ِ‬
‫الد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُه َو َّال ِذي أ َْرَس َل َرُسوَل ُه ِباْل ُه َد ٰى َوِد ِ‬
‫ين اْل َح ِق لُي ْ َ ُ َ‬

‫{ه َو َّال ِذي أ َْرَس َل َرُسوَل ُه ِباْل ُه َد ٰى َوِد ِ‬


‫ين اْل َح ِق} [اآلية‪.]28 :‬‬ ‫قوله عز وعال‪ُ :‬‬

‫قال القاسم‪ :‬أرسل رسوله وعظم حرمته بإضافته إلى نفسه ممن لم يعظم من عظمه هللا فهو لقلة معرفته بعظمة هللا‬
‫أرسله مبيناً للشريعة مبيناً ألحكامه داعياً إليه وجعل طاعته لم ينفصل عن الرسول عن الحق فى اإليجاب والنفى‬
‫والبالغ والمشاهدة ولم يتصل به من حيث الحقيقة‪.‬‬

‫سورة الفتح (من اآلية ‪ 29‬الى اآلية ‪)29‬‬

‫ِ‬ ‫َّللاِ و َّال ِذين معه أ َِشَّدآء عَلى اْل ُكَّف ِار رحمآء بينهم تراهم رَّكعاً س َّجداً يبتغون َفضالً ِمن َّ ِ‬
‫اه ْم‬
‫يم ُ‬ ‫ضَواناً س َ‬ ‫َّللا َوِر ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ ُ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ َ ُ َ ْ َ ُ ْ ََ ُ ْ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ول َّ َ َ َ َ ُ‬ ‫ُّم َح َّمٌد َّرُس ُ‬
‫استََو ٰى َعَل ٰى‬ ‫نج ِ‬ ‫الس ُجوِد َذلِ َك مَثُلهم ِفي التَّوَرِاة ومَثُلهم ِفي ِ‬
‫اإل ِ‬ ‫ِفي ُو ُجوِه ِه ْم ِم ْن أَثَ ِر ُّ‬
‫ظ َف ْ‬‫استَ ْغَل َ‬
‫طأَهُ َف َآزَرهُ َف ْ‬
‫َخ َرَج َش ْ‬ ‫يل َك َزْرٍع أ ْ‬ ‫ْ َ َ ُْ‬ ‫َ ُْ‬
‫َج اًر َع ِظيماً‬ ‫ِ‬ ‫َّللا َّال ِذين آمنوْا وع ِمُلوْا َّ ِ ِ ِ‬
‫الصال َحات م ْن ُهم َّم ْغف َرةً َوأ ْ‬ ‫سوِق ِه ُي ْع ِج ُب ُّ‬
‫الزَّراعَ لَِي ِغي َ‬
‫ظ ِب ِه ُم اْل ُكَّف َار َو َع َد َّ ُ َ َ ُ َ َ‬ ‫ُ‬

‫آء َعَلى اْل ُكَّف ِار} [اآلية‪.]29 :‬‬ ‫ِ َّ‬ ‫{مح َّمد َّرسول َّ ِ َّ ِ‬
‫ين َم َع ُه أَشد ُ‬
‫َّللا َوالذ َ‬ ‫قوله عز وعال‪ُ ُ ٌ َ ُّ :‬‬

‫سر‬
‫وباطنا ًا‬
‫ً‬ ‫ظاهر‬
‫ًا‬ ‫مأمونا‬
‫ً‬ ‫محمدا صلى هللا عليه وسلم بأنه رسول والرسول ال يكون إال ً‬
‫أمينا‬ ‫ً‬ ‫قال ابن عطاء‪ :‬وصف‬
‫وعلنا ووصف الصحابة الذين معه بأوصاف ثمانية وهى أحوال خصت بها الخواص من أصحابه وهو حال البقاء‬ ‫ً‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫واللقاء والحمد والوفاء والصدق والحياء والصحبة والرضاء فخص أبا بكر منها بأحوال وهى حالة اللقاء لقول النبى‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪" :‬إن هللا يتجلى للخلق عامة ويتجلى ألبى بكر خاصة‬

‫‪".‬‬

‫ض ٰى} [الليل‪]21 :‬‬ ‫وحال الصحبة لقوله تعالى‪ِ{ :‬إ ْذ يُقول لِ ِ ِ ِ‬


‫ف َي ْر َ‬
‫{وَل َس ْو َ‬
‫صاحبه} [الكهف‪ ]40 :‬وحال الرضا بقوله‪َ :‬‬ ‫َ ُ َ‬
‫وحال الوفاء لقوله‪" :‬لو منعونى عناقاً أو عقاالً مما كانوا يؤدونها إلى رسول هللا لجاهدتهم أو لقاتلتهم" وحال الصدق‬
‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫جميعا‪.‬‬
‫ً‬ ‫آء ِبالص ْد ِق} [الزمر‪ ]33 :‬وخص عمر بالجهد وعثمان بالحياء ً‬
‫وعليا بالتقى رضى هللا عنهم‬ ‫لقوله‪َ { :‬والذي َج َ‬

‫ين َم َع ُه} قال‪ :‬كان عمر فى وقت الكفر من الذين معه فى القبضة والقسمة‪ ،‬ومن الذين معه‬ ‫قال القاسم فى قوله‪ِ َّ :‬‬
‫{والذ َ‬‫َ‬
‫فى الحكم والشريعة‪ ،‬سئل الحسين متى كان محمد صلى هللا عليه وسلم نبياً؟ وكيف جاءت رسالته؟ فقال نحن بعد فى‬
‫الرسول والرسالة‪ ،‬والنبى والنبوة‪ .‬أين أنت عن ذكر ما ال ذاكر له فى الحقيقة إالَّ هو‪ ،‬وعن هوية من ال هوية له إالَّ‬

‫بهويته؟ وأين كان النبى عن نبوته حيث جرى القلم بقوله محمد صلى هللا عليه وسلم بالرسالة عظم محله بذكره له‬
‫بالرسالة فهو الرسول المكين والسفير األمين جرى ذكره فى األزل‪ ،‬لتمكين من المالئكة واألنبياء على أعظم محل‬
‫وأشرف مكان‪.‬‬

‫اه ْم ِفي ُو ُجوِه ِه ْم ِم ْن أَثَ ِر ُّ‬


‫الس ُجوِد} [اآلية‪.]29 :‬‬ ‫يم ُ‬
‫ِ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬س َ‬

‫قال سهل‪ :‬المؤمن وجه هلل بال قفا مقبل عليه غير معرض عنه‪ ،‬وذلك سيماء المؤمنين‪.‬‬

‫اه ْم ِفي‬ ‫ِ‬


‫قال عامر بن عبد قيس‪ :‬كان وجه المؤمن مخبر عن مكنون علمه وكذلك وجه الكافر وذلك قوله‪{ :‬س َ‬
‫يم ُ‬
‫ُو ُجوِه ِه ْم}‪.‬‬

‫وقال الفضيل‪ :‬سيماء المؤمنين للخشوع والتواضع‪ ،‬وسيماء المنافقين الترفع والتكبر‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء‪ :‬هى عليهم خلع لألنوار الئحة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال القاسم‪ :‬هو أثر الخضوع واالستكانة تحت قضاء هللا وقسمه‪.‬‬

‫وقال بعضهم‪ :‬هو شغل قلوبهم بما عملوا هل قبل منهم أم رد عليهم‪.‬‬

‫قال عبد العزيز المكى‪ :‬ليس هى النحولة والصفرة لكنه نور يظهر على وجوه العابدين يبدوا من باطنهم على ظاهرهم‬
‫ذلك للمؤمنين ولو كان ذلك فى زنجى أو حبشى‪.‬‬

‫سورة الحجرات (من اآلية ‪ 1‬الى اآلية ‪)1‬‬

‫ِ‬ ‫َّللا ِإ َّن َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٰيأَيُّها َّال ِذين آمنوْا الَ تَق ِدموْا بين يد ِي َّ ِ‬
‫يم‬
‫يع َعل ٌ‬
‫َّللاَ َسم ٌ‬ ‫َّللا َوَرُسوِله َواتَُّقوْا َّ َ‬ ‫ُ ُ َْ َ ََ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ‬

‫َّللاِ َوَرُسوِل ِه} [اآلية‪.]1 :‬‬


‫آمُنوْا الَ تَُق ِد ُموْا َب ْي َن َي َد ِي َّ‬
‫ين َ‬
‫قوله عز وجل‪ٰ { :‬يأَي َّ ِ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ‬

‫قال سهل‪ :‬ال تقولوا قبل أن يقول وإذا قال فاقبلوا منه منصتين له سامعين إليه‪ ،‬واتقوا هللا فى إهمال حقه وتضييع‬
‫حرمته إن هللا سميع لما تقولون عليم بما تعملون‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬ال تطلبوا وراء منزلته منزلة‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الحجرات (من اآلية ‪ 2‬الى اآلية ‪)2‬‬

‫ِ‬
‫ض ُكم لَِب ْع ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ين آمُنوْا الَ تَ ْرَف ُعوْا أَصواتَ ُكم َفو َق صو ِت َِّ‬ ‫ٰيأَي َّ ِ‬
‫َع َماُل ُك ْم‬
‫ط أْ‬
‫ض أَن تَ ْحَب َ‬ ‫النب ِي َوالَ تَ ْج َه ُروْا َل ُه باْلَق ْول َك َج ْه ِر َب ْع ْ‬ ‫َْ ْ ْ َْ‬ ‫ُّها الذ َ َ‬ ‫َ‬
‫َوأَنتُ ْم الَ تَ ْش ُع ُرو َن‬

‫ص ْو ِت َّ‬
‫النِب ِي} [اآلية‪.]2 :‬‬ ‫قوله عز وعال‪ٰ { :‬يأَي َّ ِ‬
‫َص َواتَ ُك ْم َف ْو َق َ‬
‫آمُنوْا الَ تَ ْرَف ُعوْا أ ْ‬
‫ين َ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬زجر عن األذى لئال يتخطى أحد إلى ما فوقه من ترك الحرمة‪.‬‬

‫قال سهل‪ :‬ال تخاطبوه إال مستفهمين‪.‬‬

‫وقال أبو بكر بن طاهر‪ :‬ال تبدأوه بالخطاب وال تجيبوه إال على سبيل الحرمة‪.‬‬

‫سورة الحجرات (من اآلية ‪ 3‬الى اآلية ‪)3‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ول َّ ِ ِ َّ ِ‬ ‫ضو َن أَصواتَهم ِع َند رس ِ‬ ‫َّ ِ‬


‫يم‬ ‫وب ُه ْم للتَّْقَو ٰى َل ُهم َّم ْغف َرةٌ َوأ ْ‬
‫َجٌر َعظ ٌ‬ ‫َّللاُ ُقُل َ‬
‫امتَ َح َن َّ‬
‫ين ْ‬
‫َّللا أ ُْوَلـٰئ َك الذ َ‬ ‫َُ‬ ‫ْ َ ُْ‬ ‫ِإ َّن الذ َ‬
‫ين َي ُغ ُّ‬

‫وب ُه ْم لِلتَّْق َو ٰى} [اآلية‪.]3 :‬‬ ‫ِ َّ ِ‬


‫َّللاُ ُقُل َ‬
‫امتَ َح َن َّ‬
‫ين ْ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬أ ُْوَلـٰئ َك الذ َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الحسين‪ :‬من امتحن هللا قلبه بالتقوى كان شعاره القرآن ودثاره اإليمان‪ ،‬وسراجة التفكر‪ ،‬وطيبه التقوى‪ ،‬وطهارته‬
‫التوبة‪ ،‬ونظافته الحالل‪ ،‬وزينته الورع‪ ،‬وعلمه اآلخرة‪ ،‬وثقته باهلل ومقامه عند هللا‪ ،‬وصومه إلى الممات‪ ،‬وإفطاره من‬
‫الجنة‪ ،‬وجمعه للحسنات وكنزه أخالقه‪ ،‬وحصته المراقبة‪ ،‬ونظره المشاهدة‪.‬‬

‫قال القاسم‪ :‬هو الخروج من البشرية ومفارقة ما هو موجب فى الطبيعة وهو حقيقة التوحيد‪ .‬لذلك دعا إليه نبيه إبراهيم‬
‫صلى هللا عليه وسلم حيث نقله من دعاء البشرية إلى غيره وهو أنه لما امتحنه بذبح ولده أراد أن يزيل عن سره كل‬
‫صَّد ْق َت ُّ‬
‫الرْؤَيآ} [الصافات‪ ]105 :‬وهو امتحان القلب للتقوى‪.‬‬ ‫سبب فلما اطمأن إلى ذلك وسمحت نفسه به قيل له { َق ْد َ‬

‫َّللاُ} أخلص هللا قلوبهم حتى كسبوا التقوى‪.‬‬


‫امتَ َح َن َّ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫ين ْ‬
‫وقال بعضهم‪{ :‬أ ُْوَلـٰئ َك الذ َ‬

‫سورة الحجرات (من اآلية ‪ 5‬الى اآلية ‪)5‬‬

‫يم‬ ‫ِ‬
‫ور َّرح ٌ‬ ‫ان َخ ْي اًر َّل ُه ْم َو َّ‬
‫َّللاُ َغُف ٌ‬ ‫صَب ُروْا َحتَّ ٰى تَ ْخ ُرَج ِإَل ْي ِه ْم َل َك َ‬
‫َوَل ْو أََّن ُه ْم َ‬

‫ان َخ ْي اًر َّل ُه ْم} [اآلية‪.]5 :‬‬


‫صَب ُروْا َحتَّ ٰى تَ ْخ ُرَج ِإَل ْي ِه ْم َل َك َ‬
‫{وَل ْو أََّن ُه ْم َ‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫قال أبو عثمان‪ :‬األدب عند األكابر فى مجالس السادات من األولياء يبلغ بصاحبه إلى الدرجات العلى‪ ،‬والخير فى‬
‫ان َخ ْي اًر َّل ُه ْم}‪.‬‬
‫صَب ُروْا َحتَّ ٰى تَ ْخ ُرَج ِإَل ْي ِه ْم َل َك َ‬
‫{وَل ْو أََّن ُه ْم َ‬
‫األولى‪ ،‬والعقبى‪ ،‬أال ترى هللا يقول‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الحجرات (من اآلية ‪ 6‬الى اآلية ‪)6‬‬

‫ِِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ٍ‬ ‫ٰيأَي َّ ِ‬


‫صِب ُحوْا َعَل ٰى َما َف َعْلتُ ْم َنادم َ‬
‫ين‬ ‫آء ُك ْم َفاس ٌق بَنَبإ َفتََبيَُّنوْا أَن تُص ُيبوْا َق ْو ًما ب َج َهاَلة َفتُ ْ‬
‫ِ‬
‫آمُنوْا إن َج َ‬
‫ين َ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ‬
‫قوله عز وعال‪ٰ { :‬يأَيُّها َّال ِذين آمنوْا ِإن جآء ُكم َف ِ‬
‫اس ٌق ِبَنَبٍإ َفتََبيَُّنوْا} [اآلية‪.]6 :‬‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ‬

‫قال أبو بكر بن طاهر‪ :‬الفاسق الذى ال يستحى من هللا مما يستحى من المخلوقين‪.‬‬

‫قال سهل‪ :‬الفاسق الكذاب‪.‬‬

‫وقال الوراق‪ :‬الفاسق المعلن بالذنب‪.‬‬

‫سورة الحجرات (من اآلية ‪ 7‬الى اآلية ‪)7‬‬

‫ان َوَزيََّن ُه ِفي ُقُلوب ُ‬ ‫ِ‬ ‫َّللا َحب َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّللاِ َلو ي ِطيع ُكم ِفي َكِث ٍ ِ‬ ‫َن ِف ُ‬
‫ِك ْم َوَكَّرَه‬ ‫يم َ‬
‫َّب إَل ْي ُك ُم اإل َ‬ ‫ير م َن األ َْم ِر َل َعنتُّ ْم َوَلـٰك َّن َّ َ‬ ‫ول َّ ْ ُ ُ ْ‬ ‫يك ْم َرُس َ‬ ‫اعَل ُموْا أ َّ‬
‫َو ْ‬
‫ان أ ُْوَلـِٰئ َك ُه ُم َّ‬
‫الر ِاش ُدو َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إَل ْي ُك ُم اْل ُكْف َر َواْلُف ُسو َق َواْلع ْ‬
‫صَي َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ِ‬ ‫َّللا َحب َ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ :‬‬
‫ان} [اآلية‪.]7 :‬‬
‫يم َ‬
‫َّب إَل ْي ُك ُم اإل َ‬ ‫{وَلـٰك َّن َّ َ‬
‫َ‬

‫قال سهل‪ :‬حبب إليكم العمل بأوامر اإليمان وزين فى قلوبكم تلك األوامر‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ان}‪.‬‬ ‫{وَكَّرَه إَل ْي ُك ُم اْل ُكْف َر َواْلُف ُسو َق َواْلع ْ‬
‫صَي َ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬المؤمن يكره العصيان ولكن يغيب عن شاهده التغلب على شواهد شهوته فيأتيها ذلك‬
‫لنفاد نصيبه وتنبيهاً على ضعفه‪.‬‬

‫كره هللا إليه هذه الخصال المذمومة فأولئك هم الراشدون الصادقون فى إيمانهم قوله تعالى‪:‬‬
‫قال سفيان الثورى‪ :‬من َّ‬
‫ِ‬ ‫ط ِآئَفتَ ِ ِ‬
‫ان م َن اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين} [اآلية‪.]9 :‬‬ ‫{وإِن َ‬
‫َ‬

‫قال سهل‪ :‬هو الروح والعقل والقلب والطبع والهوى والشهوة فإن بغى الطبع والهوى على العقل والروح والقلب‪ ،‬فليقاتله‬
‫العبد بسيوف المراقبة وسهام المطالعة وأنوار الموافقة ليكون الروح والعقل غالبين والهوى والشهوة مغلوبين‪.‬‬

‫سورة الحجرات (من اآلية ‪ 8‬الى اآلية ‪)8‬‬

‫يم‬ ‫ِ‬ ‫َّللاِ وِنعم ًة و َّ ِ‬ ‫ِ‬


‫يم َحك ٌ‬
‫َّللاُ َعل ٌ‬ ‫ضالً م َن َّ َ ْ َ َ‬
‫َف ْ‬

‫َّللاِ َوِن ْع َم ًة} [اآلية‪.]8 :‬‬


‫ضالً ِم َن َّ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ف ْ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال سهل‪ :‬تفضل هللا عليهم فيما ابتدأهم به وهداهم إليه من أنواع القرب والزلف‪.‬‬

‫سورة الحجرات (من اآلية ‪ 10‬الى اآلية ‪)10‬‬

‫َّللاَ َل َعَّل ُك ْم تُ ْر َح ُمو َن‬ ‫َصِل ُحوْا َب ْي َن أ َ‬


‫َخ َوْي ُك ْم َواتَُّقوْا َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إَّن َما اْل ُم ْؤ ِمُنو َن إ ْخ َوةٌ َفأ ْ‬

‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّن َما اْل ُم ْؤ ِمُنو َن ِإ ْخ َوةٌ} [اآلية‪.]10 :‬‬

‫قال بعض الحكماء‪ :‬بئس األخ أخ تحتاج أن تعتذر إليه وبئس األخ أخ تحتاج أن تستقرضه وبئس األخ أخ تحتاج أن‬
‫تقول له اذكرنى فى دعائك ومعناه أنك إذا كنت من أخيك على بال فاطلع على حاجتك لم يحوجك إلى السؤال وإذا‬
‫أحسن الظن بك عذرك من غير أن تعتذر إليه وهذا حكم األخوة فى هللا‪.‬‬

‫سمعت منصور بن عبد هللا يقول‪ :‬سمعت جعفر يقول سمعت أبا محمد المغازلى يقول‪ :‬من أراد أن تصح أخوته‬
‫فليحفظ مودة إخوانه القدماء‪.‬‬

‫سمعت الحسين بن يحيى يقول‪ :‬سمعت أبا بكر النقاش يقول‪ :‬سألت الجنيد رحمة هللا عليه عن األخ الحقيقى؟ فقال‪:‬‬
‫هو أنت فى الحقيقة إال أنه غيرك فى الهيكل‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫وحكى عن أبى عثمان الجريرى يقول‪ :‬أخوة الدين أثبت من أخوة النسب فإن أخوة النسب تنقطع لمخالفة الدين وأخوة‬
‫الدين ال تنقطع لمخالفة النسب‪.‬‬

‫وأنشدنى عبيد هللا بن محمد بن محمد بن حمدان العكبرى الزاهد قال‪ :‬أنشد أبو بكر محمد بن الحسين اآلجرى قال‪:‬‬
‫أنشدنى بعض إخوانى وذكر أنها لجعفر بن محمد الصادق رضوان هللا عليه‪:‬‬

‫لتضربـه لم يستغشك فى الود‬ ‫أخوك الذى لو جئت بالسيف عائداً‬

‫يردك إبقـاء عليك من الوجد‬ ‫ولو جئت تدعوه إلى الموت لم يكن‬

‫على أنه قد زاد فيه على الجهد‬ ‫يرى أنـه فى الـود نزر مقصـر‬

‫وباطنا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ظاهر‬
‫ًا‬ ‫قال بعضهم‪ :‬األخوة فى الدين ترك العادة الجارية فى الرسم والتزام الشفقة والنصيحة لإلخوان‬

‫أنشدنى يوسف بن صالح الدسكوى قال‪ :‬أنشدنى بعض إخوانى‪:‬‬

‫قلت نعم إن الشكول أقارب‬ ‫وقلت أخى قالوا أخ من قرابة‬

‫وإن باعدتنا فى الديار المناسب‬ ‫نسيبى فى عرفى ورأى ومنصبى‬

‫وقد كنت أبكيه دماً وهو غائب‬ ‫عجبت لصبرى بعده وهو ميت‬

‫عجائب حتى ليس فيها عجائب‬ ‫أال إنما األيام قد صرن كلها‬

‫سمعت أبا على البيهقى يقول‪ :‬سمعت أبا بكر الصولى يقول‪ :‬سألت بعض الحكماء من األخ على الحقيقة؟ فقال‪ :‬من‬
‫تلقاه فى الغيبة وتأنس بذكره فى الخلوة وتعذره من غير معذره وتنبسط إليه من غير حشمة وال تخفى منه ما يعلمه‬
‫منك وتأمن وأنشدنى فى هذا المعنى‪:‬‬

‫إنى وإن كنت ال ألقاه ألقـاه‬ ‫أبلغ أخاك اإلحسان بى حسناً‬

‫وإن تبـاعد عن مثواى مثواه‬ ‫وإن طرفى موصوالً برؤيتـه‬

‫وكيف أذكره من لست أنساه‬ ‫هللا يعلم أنى لسـت أذكـره‬

‫أنشدنى الحسين بن يحيى ألبى بكر بن داود‪:‬‬

‫ومن يضر نفسه لينفعك‬ ‫أخ اإلحسان من يسعى معك‬


‫إن َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫بدد شمل نفسه ليجمعك‬ ‫ومن إذ ريب الزمان صدعـك‬

‫سورة الحجرات (من اآلية ‪ 11‬الى اآلية ‪)11‬‬

‫آء ِمن ِن َس ٍآء َع َس ٰى أَن َي ُك َّن َخ ْي اًر ِم ْن ُه َّن َوالَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٰيأَي َّ ِ‬
‫ونوْا َخ ْي اًر م ْن ُه ْم َوالَ ن َس ٌ‬
‫آمُنوْا الَ َي ْس َخ ْر َق ْوٌم من َق ْو ٍم َع َس ٰى أَن َي ُك ُ‬
‫ين َ‬
‫ُّها الذ َ‬‫َ‬
‫ان ومن َّلم يتُب َفأُوَلـِٰئك هم َّ‬
‫الظالِ ُمو َن‬ ‫االسم اْلُف ُسو ُق َب ْع َد اإلَ َ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َتْل ِم ُزوْا أ ُ‬
‫يم َ َ ْ َ ْ ْ َ ُ ُ‬ ‫َنف َس ُك ْم َوالَ تََن َاب ُزوْا باألَْلَقاب ب ْئ َس ْ ُ‬

‫آمُنوْا الَ َي ْس َخ ْر َق ْوٌم ِمن َق ْومٍ} [اآلية‪.]11 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ٰ { :‬يأَي َّ ِ‬
‫ين َ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ‬

‫قال يحيى بن معاذ نهى هللا عز وجل عن احتقار المؤمنين واالزدراء بهم وتثاقل النظر إليهم وترك حرماتهم بقوله‪:‬‬
‫آمُنوْا الَ َي ْس َخ ْر َق ْوٌم ِمن َق ْومٍ‪ }...‬اآلية‪.‬‬ ‫{ ٰيأَي َّ ِ‬
‫ين َ‬
‫ُّها الذ َ‬
‫َ‬

‫سورة الحجرات (من اآلية ‪ 12‬الى اآلية ‪)12‬‬

‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ٰيأَيُّها َّال ِذين آمنوْا ِ ِ ِ‬


‫َح ُد ُك ْم أَن‬
‫ض ُكم َب ْعضاً أَُيح ُّب أ َ‬ ‫ض الظ ِن ِإ ْث ٌم َوالَ تَ َج َّس ُسوْا َوالَ َي ْغتَب ب ْ‬
‫َّع ُ‬ ‫اجتَنُبوْا َكثي اًر م َن الظ ِن ِإ َّن َب ْع َ‬ ‫َ َُ ْ‬ ‫َ‬
‫يم‬ ‫ِ‬ ‫َّللاَ ِإ َّن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْك َل َل ْح َم أَخيه َم ْيتاً َف َك ِرْهتُ ُموهُ َواتَُّقوْا َّ‬
‫اب َّرح ٌ‬
‫َّللاَ تََّو ٌ‬ ‫َيأ ُ‬

‫قوله تعالى‪ٰ { :‬يأَيُّها َّال ِذين آمنوْا اجتَِنبوْا َكِثي اًر ِمن َّ‬
‫الظ ِن} [اآلية‪.]12 :‬‬ ‫َ‬ ‫َ َُ ْ ُ‬ ‫َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال ابن سمعون‪ :‬الظن ما يتردد فى النفس من حيث أملها باستداللها على حظها بوصفها فيتردد وال يقف فيمكن من‬
‫اإليواء إليه فما كان هذا وصفه فهو ظن‪.‬‬

‫وقال أبو عثمان‪ :‬من وجد فى قلبه عيباً ألخيه وال يعمل فى صرف ذلك عن قلبه بالدعاء له خاصة والتضرع إلى هللا‬
‫حتى يخلصه منه أخاف أن يبتليه هللا فى نفسه بتلك المعايب‪.‬‬

‫قال سهل‪ :‬من سلم من الظن سلم من الغيبة ومن سلم من الغيبة سلم من الزور ومن سلم من الزور سلم من البهتان‪.‬‬

‫وسئل بعضهم عن قول الحكيم‪ :‬احترزوا من الناس بسوء الظن؟ فقال‪ :‬بسوء الظن بأنفسكم ال بهم‪.‬‬

‫{والَ تَ َج َّس ُسوْا} [اآلية‪.]12 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال سهل‪ :‬ال تبحثوا عن طلب معايب ما ستره هللا على عباده‪.‬‬

‫سورة الحجرات (من اآلية ‪ 13‬الى اآلية ‪)13‬‬

‫يم َخِب ٌير‬‫اكم ِإ َّن َّ ِ‬ ‫اكم شعوباً وَقب ِآئل لِتعارُفوْا ِإ َّن أَ ْكرم ُكم عند َّ ِ‬ ‫الناس ِإَّنا خَلْقن ُ ِ‬
‫َّللاَ َعل ٌ‬ ‫َّللا أ َْتَق ُ ْ‬ ‫ََ ْ َ َ‬ ‫اكم من َذ َك ٍر َوأ ُْنثَ ٰى َو َج َعْلَن ُ ْ ُ ُ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُّها َّ ُ‬
‫ٰيأَي َ‬

‫اك ْم ُش ُعوباً َوَقَب ِآئ َل لِتَ َع َارُفوْا} [اآلية‪.]13 :‬‬


‫اكم ِمن َذ َك ٍر َوأ ُْنثَ ٰى َو َج َعْلَن ُ‬
‫اس ِإَّنا َخَلْقَن ُ‬ ‫ُّها َّ‬
‫الن ُ‬ ‫قوله تعالى‪ٰ { :‬يأَي َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال بعضهم فى هذه اآلية‪ :‬قال هللا تعالى جعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ال لتتفاخروا فمن افتخر بغير الدين واإليمان‬
‫واإلسالم أو ممن وفقه هللا لهذه المراتب قد افتخر بال شىء‪.‬‬

‫سمعت عبد هللا بن محمد يقول‪ :‬دخل أبو يعلى العلوى على عبد هللا فنظر إليه عبد هللا وإلى ثيابه وزيه فقال‪ :‬يا‬
‫سيدى إن الذى به افتخارك لم يكن يفتخر بنفسه‪ ،‬أال تراه كيف يرى نفسه من الفخر لما أخبر بما أمر به من السيادة‬
‫قال‪" :‬أنا سيد ولد آدم وال فخر‬

‫‪".‬‬

‫وقال عبد هللا المعلم‪ :‬ال فخر فى سيادتى ولد آدم وإنما فخرى بمن َّ‬
‫سودنى‪.‬‬

‫َّللاِ أ َْتَق ُ‬
‫اك ْم} [اآلية‪.]13 :‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َّن أَ ْك َرَم ُك ْم َع َند َّ‬

‫قال جعفر‪ :‬هو التقى على الحقيقة والمتقى المنقطع عن األكوان إلى هللا‪.‬‬

‫اك ْم} قال الكريم من يتقى الشرك واتقى من بعد الشرك المعاصى‬ ‫َّللاِ أ َْتَق ُ‬
‫وقال أبو عثمان فى قوله‪{ :‬أَ ْك َرَم ُك ْم َع َند َّ‬
‫وفضيلة التقوى العلم باهلل وال انتهاء للعلم باهلل فى طريق الفضل فمن ازداد علماً باهلل وأمره ازداد خوفاً ومن ازداد خوفاً‬
‫ازداد كرماً عند هللا عز وجل‪.‬‬

‫سورة الحجرات (من اآلية ‪ 14‬الى اآلية ‪)14‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫َّللاَ َوَرُسوَل ُه الَ َيلِ ْت ُك ْم ِم ْن‬
‫يعوْا َّ‬ ‫ِ‬ ‫ان ِفي ُقُلوب ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫آمَّنا‬ ‫ِ‬
‫ِك ْم َوإِن تُط ُ‬ ‫يم ُ‬
‫ُقل ل ْم تُ ْؤمُنوْا َوَلـٰكن ُقوُلوْا أ َْسَل ْمَنا َوَل َّما َي ْد ُخل اإل َ‬ ‫اب َ‬ ‫َع َر ُ‬
‫َقاَلت األ ْ‬
‫يم‬ ‫ِ‬ ‫َع َمالِ ُك ْم َش ْيئاً ِإ َّن َّ‬
‫ور َّرح ٌ‬ ‫َغُف ٌ‬ ‫َّللاَ‬ ‫أْ‬

‫آمَّنا ُقل َّل ْم تُ ْؤ ِمُنوْا َوَلـ ِٰكن ُقوُلوْا أ َْسَل ْمَنا} [اآلية‪.]14 :‬‬ ‫ِ‬
‫اب َ‬
‫َع َر ُ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬قاَلت األ ْ‬

‫قال ليس فى اإليمان أسباب إنما األسباب فى اإلسالم والمسلم محبوب إلى الخلق والمؤمن غنى عن الخلق‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬اإليمان هو الذى يوجب األمان وليس للنفس فيه دعوى وقد أكثرت الشرح لإليمان فى مسألة اإليمان‬
‫وتثبيت معانيه‪.‬‬

‫سورة الحجرات (من اآلية ‪ 15‬الى اآلية ‪)15‬‬

‫َّللاِ أ ُْوَلـِٰئ َك ُه ُم َّ‬


‫الص ِادُقو َن‬ ‫َنف ِس ِهم ِفي سِب ِ‬
‫يل َّ‬ ‫َ‬
‫اَّللِ وَرسوِل ِه ثُ َّم َلم َي ْرتَ ُابوْا و َج َ ِ ِ ِ‬
‫اه ُدوْا بأ َْم َواله ْم َوأ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫آمُنوْا ب َّ َ ُ‬
‫ين َ‬
‫َّ ِ‬
‫ِإَّن َما اْل ُم ْؤ ِمُنو َن الذ َ‬

‫اَّللِ َوَرُسولِ ِه} [اآلية‪.]15 :‬‬


‫آمُنوْا ِب َّ‬ ‫َّ ِ‬
‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَّن َما اْل ُم ْؤ ِمُنو َن الذ َ‬
‫ين َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬المؤمن من جعل السبيل إلى االيمان االقتداء بالنبى صلى هللا عليه وسلم وعلم أنه ال سبيل إلى الحق‬
‫إال بمتابعته عليه السالم فمن ترك الحق األدنى كيف يصل إلى الحق األعلى؟‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة الحجرات (من اآلية ‪ 17‬الى اآلية ‪)17‬‬

‫ان ِإن ُك ْنتُم ِ ِ‬


‫يم ِ‬ ‫َن َه ُ ِ ِ‬ ‫َن أ َْسَل ُموْا ُقل الَّ تَ ُمُّنوْا َعَل َّي ِإ ْسالَ َم ُك ْم َب ِل َّ‬
‫ين‬
‫صادق َ‬‫ْ َ‬ ‫داك ْم لإل َ‬ ‫َّللاُ َي ُم ُّن َعَل ْي ُك ْم أ ْ‬ ‫َي ُمُّنو َن َعَل ْي َك أ ْ‬

‫َن أ َْسَل ُموْا ُقل الَّ تَ ُمُّنوْا َعَل َّي ِإ ْسالَ َم ُك ْم} [اآلية‪.]17 :‬‬
‫{ي ُمُّنو َن َعَل ْي َك أ ْ‬
‫قوله عز وعال‪َ :‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬لفظة المنة فى محل التلبيس ألن العباد إن لم يصحبهم رؤية المنة هلكوا ألن رؤية‬
‫المنة حجاب كبير وفى رؤية المنة استدراج عظيم وكيف وهؤالء من على أحد يعرفه وإنما المنن على من حجبه فذكر‬
‫َسَل ُموْا} وفى كرمه ال تجوز المنة على أحد‬ ‫{ي ُمُّنو َن َعَل ْي َك أ ْ‬
‫َن أ ْ‬ ‫المنن جواب فى الحقيقة لمن َم َّن عليه أال ترى إلى قوله‪َ :‬‬
‫فالم ُّن على نبيه يستحيل أما علمت أن الكريم فى الحقيقة ال يمن‬ ‫من الناس إذ المنة تقع على من هو خارج من ملكه َ‬
‫إذا كان الممتن عليه من خدمه‪.‬‬

‫َّللاُ َي ُم ُّن َعَل ْي ُك ْم} قال‪ :‬جواب لما سلف من قولهم ألن أحداً ال يستطيع حمل مننه فكيف يمن‬
‫َّ‬ ‫قال الحسين فى قوله‪{َ :‬ب ِل‬
‫فكيف يمن بما ال وزن له عنده على أحد‪.‬‬ ‫على من ال خطر له عنده‬

‫قال القاسم‪ :‬لو حققنا المنة لذات الكرم فإن الكريم ال يمن ألن الكل له عبده وال خطر وال زيادة فى وجوده وال نقصان‬
‫فى فقده والمنة على من هو خارج من ملكه ومن ملكه ومملكته‪.‬‬

‫قال الواسطى‪ :‬آيسهم أن يكون لهم شىء من عندهم إال ما أعطوا والمنة رؤية ما منك معظماً وترك رؤية ما إليك‬
‫يطهر سرائرهم بذلك أن يروا ألنفسهم حاالً‪.‬‬

‫قال سهل‪ :‬استعملت الورع أربعين سنة ثم وقع ِمنى إليها التفاتة فأدركنى حياء ذلك بقوله‪ :‬يمنون عليك أن أسلموا‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫سورة ق (من اآلية ‪ 1‬الى اآلية ‪)1‬‬

‫آن اْل َم ِج ِيد‬


‫ق َواْلُق ْر ِ‬

‫قال سهل‪ :‬أقسم بقدرته وقوته‪.‬‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬أقسم بقوة قلب حبيبه محمد صلى هللا عليه وسلم حيث حمل الخطاب والمشاهدة ولم يؤثر ذلك فيه‬
‫لعلو حاله‪.‬‬

‫آن اْل َم ِج ِيد} المشرف على سائر الكالم‪.‬‬


‫{واْلُق ْر ِ‬
‫قال سهل فى قوله‪َ :‬‬

‫قال الحسين‪ :‬القرآن المجيد المطهر لمن اتبعه عن دنس األكوان وهواجس األسرار‪.‬‬

‫آن اْل َم ِج ِيد} المهيمن المشرف على جميع الكتب‪.‬‬


‫{واْلُق ْر ِ‬
‫وقال بعضهم فى قوله‪َ :‬‬

‫سورة ق (من اآلية ‪ 8‬الى اآلية ‪)8‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫صرًة وِذ ْكر ٰى لِ ُك ِل َع ْب ٍد ُّمِن ٍ‬
‫يب‬ ‫ِ‬
‫تَْب َ َ َ‬

‫قال سهل‪ :‬اعتبا اًر واستدالالً على توحيدهم لربهم وشكرهم له وذكرى لمن كان له قلب حاضر مع هللا وعلم يكتسب به‬
‫علم الورع لكل عبد منيب أى مخلص التوبة إلى ربه وإدامة الذكر بواجباته‪.‬‬

‫سورة ق (من اآلية ‪ 9‬الى اآلية ‪)9‬‬

‫السم ِآء مآء ُّم ٰبركاً َفأَنب ْتنا ِب ِه ج َّٰن ٍت وح َّب اْلح ِ‬
‫ص ِيد‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫ََ‬ ‫َوَنَّ ْزلَنا م َن َّ َ َ ً َ َ‬

‫آء ُّمَب َاركاً} [اآلية‪.]9 :‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬ونَّ ْزلنا ِمن َّ ِ‬
‫الس َمآء َم ً‬ ‫ََ َ َ‬

‫قال ابن عطاء‪ :‬أنزلنا من السماء الفهم والعلم والمعرفة فربينا به قلوب أولى األلباب وأهل المعرفة والفهم ففقهوا‬
‫الخطاب واستعملوه وأنسوا به واتبعوه فأسبغ هللا بذلك الماء فى قلوبهم معرفته وعلى لسانه ذكره وعلى جوارحهم خدمته‪.‬‬

‫سورة ق (من اآلية ‪ 16‬الى اآلية ‪)16‬‬

‫ان َوَن ْعَل ُم َما تَُو ْس ِو ُس ِب ِه َنْف ُس ُه َوَن ْح ُن أَ ْق َر ُب ِإَل ْي ِه ِم ْن َحْب ِل اْلَوِر ِيد‬
‫نس َ‬ ‫ِ‬
‫َوَلَق ْد َخَلْقَنا اإل َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ان َوَن ْعَل ُم َما تَُو ْس ِو ُس ِب ِه َنْف ُس ُه} [اآلية‪.]16 :‬‬
‫نس َ‬ ‫ِ‬
‫{وَلَق ْد َخَلْقَنا اإل َ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫قال أبو سعيد الخراز‪ :‬هم قوم ساروا مع هللا بال سبب وال طلب وال هرب ألنه مدركهم وهو معهم يعلم ما فى ضمائرهم‬
‫ان‪ }..‬اآلية‪.‬‬
‫نس َ‬ ‫ِ‬
‫{وَلَق ْد َخَلْقَنا اإل َ‬
‫ويشهد حركات ظاهرهم ألم تسمع قوله سبحانه‪َ :‬‬

‫{وَن ْح ُن أَ ْق َر ُب ِإَل ْي ِه ِم ْن َحْب ِل اْل َوِر ِيد}‪.‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫ق ال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬أى نحن أولى به وأحق ألنا جمعناه بعد االفتراق وأنشأناه بعد العدم ونفخنا فيه الروح‬
‫فاألقرب إليه من هو أعلم به منه بنفسه‪.‬‬

‫قال أيضاً فى هذه اآلية‪ :‬به عرفت نفسك وبه عرفت روحك كان ذلك إظهار النعوت على قدر طاقة الخلق فأما‬
‫الحقيقة فال يتحملها أحد سماعاً‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬القرب لعبد شاهد بقلبه قرب هللا منه فتقرب إلى هللا بطاعته وجمع همه بين يديه بدوام ذكره فى عالنيته‬
‫وسره‪.‬‬

‫سورة ق (من اآلية ‪ 18‬الى اآلية ‪)18‬‬

‫يب َعِت ٌيد‬ ‫ٍ َّ ِ‬ ‫َّما يْلِف ُ ِ‬


‫ظ من َق ْول ِإال َل َد ْيه َرِق ٌ‬ ‫َ‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ظ ِمن َق ْو ٍل‪ }...‬اآلية‪ ،‬ردهم إلى ما يليق‬
‫{ما َيْلِف ُ‬
‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬هذا خطاب العام من الخلق وهو قوله‪َّ :‬‬
‫ان َعَل ْي ُك ْم َرِقيباً} [النساء‪ ]1 :‬أى حافظاً ألنفاسكم وما تبدى منكم‬ ‫بهم من المخلوقات وخطاب للخاص قوله‪ِ{ :‬إ َّن َّ‬
‫َّللاَ َك َ‬
‫ولكم وعليكم فمن راقب مراقبة الحق إياه شغله عن كل ذى دعوة وأخرسه عن كل نجوى وذيل تحت مراقبته حتى ال‬
‫يجد لها حساً‪.‬‬

‫سورة ق (من اآلية ‪ 21‬الى اآلية ‪)21‬‬

‫س َّم َع َها َس ِآئ ٌق َو َش ِه ٌيد‬


‫و َجآء ْت ُك ُّل َنْف ٍ‬
‫َ َ‬

‫قال‪ :‬ما ساقهم إال قدرته وال شهيد عليهم إال جوارحهم‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬شاهدها الحق وشهيدها الحق‪.‬‬

‫سورة ق (من اآلية ‪ 22‬الى اآلية ‪)22‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫ك اْلَي ْوَم َح ِد ٌيد‬ ‫نك ِغ َ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫َّلَق ْد ُك ِ‬
‫ص ُر َ‬
‫ك َفَب َ‬
‫آء َ‬
‫طَ‬ ‫نت في َغْفَلة م ْن َهـٰ َذا َف َك َشْفَنا َع َ‬
‫َ‬

‫نت ِفي َغْفَل ٍة ِم ْن َهـٰ َذا} [اآلية‪.]22 :‬‬ ‫َّ‬


‫قوله تعالى‪{ :‬لَق ْد ُك َ‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬من كشفت عنه غطاء الغفلة أبصر األشياء كلها أسرار القدرة‪.‬‬

‫يقينا‪.‬‬
‫قال عامر بن عبد قيس‪ :‬لو كشف الغطاء ما ازددت إال ً‬

‫ك اْلَي ْوَم َح ِد ٌيد} [اآلية‪.]22 :‬‬


‫ص ُر َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬فَب َ‬

‫قال سهل‪ :‬بصر قلبك فى مشاهدة األحوال كلها‪.‬‬

‫قال أبو سليمان الدارانى‪ :‬هو البصيرة التى تفرق بها بين الحالل والشبات‪.‬‬

‫ٍ‬
‫ماض على الخالئق‪.‬‬ ‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬أى علمك نافذ فى المقدورات وحكمك‬

‫سورة ق (من اآلية ‪ 29‬الى اآلية ‪)29‬‬

‫ظالَّ ٍم لِْل َعِب ِيد‬


‫َما ُيَبَّد ُل اْلَق ْو ُل َل َد َّي َو َمآ أََن ْا ِب َ‬

‫{ما ُيَبَّد ُل اْلَق ْو ُل َل َد َّي} [اآلية‪.]29 :‬‬


‫قوله تعالى‪َ :‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال سهل‪ :‬ما يتغير عندى حكم قد سبق علمى فيه فيكون خالف ما سبق به العلم‪.‬‬

‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬ماذا ينفع البكاء على ما سبق من قضائه المحتوم وحكمه المعلوم الذى ال يتغير وال‬
‫{ما ُيَبَّد ُل اْلَق ْو ُل َل َد َّي}‪.‬‬
‫يبدل على قومه َ‬

‫سورة ق (من اآلية ‪ 32‬الى اآلية ‪)32‬‬

‫اب حِف ٍ‬
‫ِ ِ ٍ‬
‫يظ‬ ‫وع ُدو َن ل ُكل أََّو َ‬
‫َهـٰ َذا َما تُ َ‬
‫اب حِف ٍ‬
‫يظ} [اآلية‪.]32 :‬‬ ‫ِ ِ ٍ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬ل ُكل أََّو َ‬

‫قال سهل‪ :‬هو الراجع بقلبه من الوسوسة إلى السكون إلى هللا والحفيظ المحافظ على الطاعات واألوامر‪.‬‬

‫شر لما يرى فيه من الخلل‬


‫خير كان أو ًا‬
‫قال ابن عيينة‪ :‬األواب الحفيظ الذى ال يقوم من مجلس حتى يستغفر هللا منه ًا‬
‫والتقصير‪.‬‬

‫قال الحارث المحاسبى‪ :‬األواب الراجع بقلبه إلى ربه والحافظ قلبه فى رجوعه إليه أن يرجع منه إلى أحد سواه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال القاسم‪ :‬الذى ال يشتغل إال باهلل‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬األواب الذى ال يوافق غير ربه وال يطالع غير حده‪.‬‬

‫سورة ق (من اآلية ‪ 33‬الى اآلية ‪)33‬‬

‫الر ْحمـ َٰن ِباْل َغ ْي ِب وجآء ِبَقْل ٍب ُّمِن ٍ‬


‫يب‬ ‫ِ‬
‫ََ َ‬ ‫َّم ْن َخش َي َّ َ‬

‫{م ْن َخ ِشي َّ‬


‫الر ْح َمـ َٰن ِباْل َغ ْي ِب}‪.‬‬ ‫قوله تعالى‪َّ :‬‬
‫َ‬

‫{م ْن َخ ِشي َّ‬


‫الر ْح َمـ َٰن ِباْل َغ ْي ِب} قال‪ :‬من كان باطنه أحسن من ظاهره وظاهره سليماً للخلق‬ ‫قال أبو عثمان فى قوله‪َّ :‬‬
‫َ‬
‫والمنيب الراجع إلى هللا والمقيم عنده‪.‬‬

‫قال أبو بكر الوراق‪ :‬عالمة المنيب أن يكون عارفاً حرمته موالياً له متواضعاً لجالله تاركاً لهوى نفسه‪.‬‬

‫{م ْن َخ ِشي َّ‬


‫الر ْح َمـ َٰن ِباْل َغ ْي ِب} أنه يفعل ما يشاء من غير علة ورحمة الرحمانية خاصة توجب‬ ‫قال بعضهم فى قوله‪َّ :‬‬
‫َ‬
‫المغفرة رحمة الرحمية عامة ال توجب المغفرة إال للخواص‪.‬‬

‫قال الجنيد رحمة هللا عليه‪ :‬أفضل األعمال علم األوقات وهو أن يكون حفيظاً وحفيظاً لدينه‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال الواسطى رحمة هللا عليه‪ :‬الخشية أرق من الخوف ألن المخاوف للعامة ال يعاين إال عقوبته والخشية هى نيران‬
‫هللا فى الطبع نظافة الباطن للعلماء ومن رزقه الخشية لن يعدم اإلنابة ومن رزق لم يعدم التفويض والتسليم ومن رزق‬
‫التفويق والتسليم لم يعدم الصبر على المكاره ومن رزق الصبر على المكاره لن يعدم الرضا‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬أوائل العلم الخشية ثم اإلجالل ثم التعظيم ثم الهيبة ثم الفناء‪.‬‬

‫سورة ق (من اآلية ‪ 35‬الى اآلية ‪)35‬‬

‫يها َوَل َد ْيَنا َم ِز ٌيد‬ ‫ِ‬


‫آءو َن ف َ‬
‫َل ُهم َّما َي َش ُ‬
‫قال عبد العزيز المكى‪ :‬لهم فى الجنة ما تبلغه أمانيهم من النعيم ثم نزيدهم من عندنا ما ال يبلغه السمع وهو شهيد‪.‬‬

‫قال الشبلى‪ :‬موعظة القرآن لمن كان له قلب حاضر مع هللا ال يغفل عنه طرفة عين‪.‬‬

‫قال يحيى بن معاذ‪ :‬القلب قلبان قلب قد احتشى باشتغال الدنيا حتى إذا حضر أمر من أمر الطاعات لم يدر ما‬
‫يصنع من شغل قلبه با لدنيا وقلب قد احتشى بأحوال اآلخرة حتى إذا حضر أمر من أوامر الدنيا لم يدر ما يصنع‬
‫لذهاب قلبه فى اآلخرة فانظر كم بين بركة تلك األوهام وشؤم هذه األشغال الفانية التى أقعدتك عن الطاعات‪.‬‬

‫قال أبو بكر الوراق‪ :‬للقلب ستة أشياء حياة وموت وصحة وسقم ويقظة ونوم‪ ،‬فحياته الهدى وموته الضاللة وصحته‬
‫الطهارة والصفا وعلته الكدورة والعالقة ويقظته الذكر ونومه الغفلة ولكل واحد من ذلك عالمات فعالمات الحياة الرغبة‬
‫والرهبة والعمل بهما والميت بخالف ذلك وعالمات الصحة القوة واللذة والسعى والسقم بخالف ذلك وعالمات اليقظة‬
‫السمع والبصر والتدبير والمنام بخالف ذلك‪.‬‬

‫‪This file was downloaded from QuranicThought.com‬‬


‫قال جعفر‪ :‬يعنى قلباً يسمع ويعقل ويبصر فكل ما سمع الخطاب بال واسطة فيما بينه وبين الخلق يغفل ما مر عليه‬
‫باإليمان واإلسالم من غير مس

You might also like