Professional Documents
Culture Documents
محاضرات لطلبة السنة الأولى جذع مشترك في مقياس المدخل إلى علم الآثار
محاضرات لطلبة السنة الأولى جذع مشترك في مقياس المدخل إلى علم الآثار
ﺗﻣﻬﯾد:
ﺳﻧﺧﺻص ﺣدﯾﺛﻧﺎ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣﺣﺎﺿرة ﻋن ﺑﻌض أﻫم رﺟﺎﻻت ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ذاﺋﻌﻲ اﻟﺻﯾت ،اﻟذﯾن أﺳﻬﻣوا
ﺑﺣظ واﻓر ﻓﻲ ﺗطور ﻫذا اﻟﻌﻠم ،وﻛﺎﻧوا ﻣن اﻟﺳﺑﺎﻗﯾن إﻟﻰ اﻟﺗﻌرﯾف ﺑﻪ ﻓﻲ اﻟﻣﺣﺎﻓل اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻐرب ﻣن
ﺧﻼل اﻧﻛﺑﺎﺑﻬم ﻋﻠﻰ دراﺳﺗﻪ ﻣﯾداﻧﯾﺎ ،ﻻ ﺳﯾﻣﺎ أﻧﻪ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﻧطﻠق ﺟزاﻓﺎ اﺳم ﻋﺎﻟم اﻵﺛﺎر ﻋﻠﻰ ﻣن ﻫب
ودب .ذﻟك أن اﻟﺗﺳﻣﯾﺔ ﻣرﺗﺑطﺔ إﻟﻰ ﺣد ﺑﻌﯾد ﺑﻌﻠﻣﺎء ﻟﻬم ﺻﻔﺎت ،وﻣﯾزات ﺧﺎﺻﺔ ﻷﻧﻬم ﺑﺑﺳﺎطﺔ ﺳﺧروا
ﺣﯾﺎﺗﻬم ﻟﻠﺑﺣث واﻟﺗﺣﺻﯾل ،واﻟﻣواظﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺣص اﻟوﺛﺎﺋق اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﻣن أﺟل اﻟﻛﺷف ﻋن ﺧﺑﺎﯾﺎ اﻟﺣﺿﺎرات
اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ أﺻﺑﺣت أﺛ ار ﺑﻌد ﻋﯾن .وﻗد اﺧﺗرﻧﺎ ﻣن ﺿﻣن ﻫؤﻻء اﻟﻌظﻣﺎء ﻧﺧﺑﺔ ﻣن ذوي اﻟﻛﻔﺎءات
اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟﻛﺑﯾرة ﻛﺎن ﻟﻬم دون رﯾب دور ﺑﺎرز ﻓﻲ ﻧﺷﺄة ﻫذا اﻟﻌﻠم ووﺿﻊ ﻗواﻋدﻩ ،وﻣﻧﺎﻫﺟﻪ ﻣﻧذ اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ
ﻋﺷر اﻟﻣﯾﻼدي .ﻓﻣن ﻫم ﻫؤﻻء اﻟﻌﻠﻣﺎء ﯾﺎ ﺗرى؟ ﺳﻧﺗﻌرف ﻋﻠﻰ ﻧﻣﺎذج ﻣﻧﻬم ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟذﻛر ﻓﻘط ﻓﯾﻣﺎ
ﯾﻠﻲ:
_1ﺟﺎن ﻓرﻧﺳوا ﺷﺎﻣﺑوﻟﯾون ) ( Jean François Champollion ):ﯾﻧظر اﻟﺻورة رﻗم(1 :
ﻟﻌﻠﻧﺎ ﻻ ﻧﺑﺎﻟﻎ وﻧﺣن ﺑﺻدد اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ،واﻟﺣدﯾث ﻋن رﺟﺎﻻت ﻋﻠم اﻵﺛﺎر اﻷواﺋل اﻟﻣرﻣوﻗﯾن إذا اﻋﺗرﻓﻧﺎ ﺑﻔﺿل
ﻓرﻧﺳوا ﺷﺎﻣﺑﻠﯾون اﻟذي ﯾﻌﺗﺑر راﺋدا ﻣن ﺟﯾل اﻟرواد اﻟذﯾن ﻛﺎن ﻟﻬم ﺑﺎع طوﯾل ﻓﻲ ﺗطور ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﻣن
ﺧﻼل ﺗﻣﻛﻧﻪ ﻧﺗﯾﺟﺔ اﺟﺗﻬﺎدﻩ وﻣواظﺑﺗﻪ ﻓك رﻣوز اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ اﻟﻬﯾروﻏﻠﯾﻔﯾﺔ اﻟﻣﻧﻘوﺷﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺟر رﺷﯾد اﻟذي ﻋﺛر
ﻋﻠﯾﻪ ﻣن طرف أﺣد اﻟﺟﻧود اﻟﻔرﻧﺳﯾﯾن ،اﻟذي اﻛﺗﺷﻔﻪ أﺛﻧﺎء ﺣﻣﻠﺔ ﻧﺎﺑﻠﯾون ﺑوﻧﺑﺎرت ﻋﻠﻰ ﻣﺻر -1798
،11801وﯾرﺟﻊ ﺗﺎرﯾﺧﻪ إﻟﻰ ﺳﻧﺔ 196ﻗﺑل اﻟﻣﯾﻼد ).ﯾﻧظر اﻟﺻورة رﻗم ( 2 :أي إﻟﻰ زﻣن ﻣﺻر
اﻟﻔرﻋوﻧﯾﺔ ،وﺑذﻟك ﯾﻛون ﻋﺑد اﻟطرﯾق أﻣﺎم اﻷﺛرﯾﯾن ،واﺳﺗطﺎع ﺑﻌد ﻫذا اﻻﻛﺗﺷﺎف اﻟﻌظﯾم ﻓﻲ ﺑﻠورة أﺣد
اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻋﻠم اﻵﺛﺎر أﻻ وﻫو ﻋﻠم اﻟﻣﺻرﯾﺎت.
1
اﻟﺻورة رﻗم :1ﺟﺎن ﻓراﻧﺳوا ﺷﺎﻣﺑﻠﯾون.
وﻟد اﻟﻌﺎﻟم اﻷﺛري ﺟﺎن ﻓراﻧﺳوا ﺷﺎﻣﺑﻠﯾون ﻓﻲ 23دﯾﺳﻣﺑر 1790ﻓﻲ ﻣدﯾﻧﺔ ﻓﺟﯾﺎك ﺑﻔرﻧﺳﺎ ،1وﺗﻠﻘﻰ
ﺗﻌﻠﯾﻣﻪ ﻓﻲ اﻟﺑﯾت ﺷﺄن اﻟﻛﺛﯾر ﻣن أﺗراﺑﻪ ،2وﻗد ﺣﺎول ﺟﺎﻫدا أن ﯾﺗﻌﻠم ﺑﻌض اﻟﻠﻐﺎت اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ ﻣﺛل اﻟﻌﺑراﻧﯾﺔ،
واﻟﻌرﺑﯾﺔ ،واﻟﺳرﯾﺎﻧﯾﺔ ،وﻓﻲ ﻋﺎم ،1801ﻟﻠدراﺳﺔ ﻓﻲ ﻣدرﺳﺔ داﺧﻠﯾﺔ ﻓﻲ ﻣدﯾﻧﺔ ﻏروﻧوﺑل اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ،رﺟﺢ وﻫو
ﻟم ﯾﺷب ﻋن اﻟطوق ﺑﻌد أن ﻟﻐﺔ اﻷﻗﺑﺎط ﻓﻲ ﻣﺻر ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر ﻫﻲ اﻟﻠﻐﺔ ﻧﻔﺳﻬﺎ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻛﻠم ﺑﻬﺎ
اﻟﻔراﻋﻧﺔ.
واﺻل ﻓراﻧﺳوا دراﺳﺗﻪ ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﻬد اﻟﻠﻐﺎت اﻟﺷرﻗﯾﺔ ،وأﻣﻛن ﻟﻪ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﯾﺔ ﻣﺷوارﻩ اﻟدراﺳﻲ اﻟﺣﺻول
ﻋﻠﻰ ﻣﻧﺻب أﺳﺗﺎذ اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﻓﻲ ﻏوﻧوﺑل وﻛﺎن ذﻟك ﻓﻲ ﺣدود ،1809وﻛﺎﻧت ﻟﻪ إﺳﻬﺎﻣﺎت ﻋﻠﻣﯾﺔ ﻛﺛﯾرة
ﺗﻧﺻب ﺟﻣﯾﻌﻬﺎ ﺣول ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔراﻋﻧﺔ ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ﺗﺄﻟﯾﻔﻪ ﻣﻌﺟم ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻫﯾروﻏﻠﯾﻔﯾﺔ .3ﺗوﻓﻲ ﻓﻲ ﻣدﯾﻧﺔ
ﺑﺎرﯾس ﺳﻧﺔ .1832
_3اﻟﻣﻧﺟد ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ واﻷﻋﻼم ،طﺑﻌﺔ ﺟدﯾدة ﻣﻧﻘﺣﺔ ،دار اﻟﺷرق ،ﺑﯾروت ،.2003 ،ص.328 ،
2
اﻟﺻورة رﻗم :2ﺣﺟر رﺷﯾد ،وﻧﻣوذج ﻣن اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ اﻟﻬﯾروﻏﻠﯾﻔﯾﺔ.
ﯾﻌﺗﺑر أﻧدرﯾﻪ ﺑﺎرو ﻣن اﻟﺷﺧﺻﯾﺎت اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟﻣرﻣوﻗﺔ وﻫو ﻟذﻟك أﺣد أﺷﻬر اﻷﻋﻼم اﻟﻔرﻧﺳﯾﯾن اﻟﺑﺎرزﯾن ﻓﻲ
ﻣﺟﺎل ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﺧﻼل اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن ،ﻛﺎن ﯾﺷﻐل ﻣﻧﺻب أﺳﺗﺎذ اﻟﻠﻐﺎت اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﻗﺑل أن ﯾﺧوض ﻏﻣﺎر
اﻟﺑﺣث اﻷﺛري اﻟﻣﯾداﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻣدن اﻟﻣﻧدﺛرة ،وﻗد ﺗأرس ﻓرق اﻟﺑﺣث اﻟﺛﻼث اﻟﻛﺑرى ﻋﻠﻰ اﻟﺗواﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﺷرق
اﻷدﻧﻰ اﻟﻘدﯾم ﻓﻲ ﺳورﯾﺎ وﻟﺑﻧﺎن ،وﻣﺎ ﺑﯾن اﻟﻧﻬرﯾن .ﻛﻣﺎ أﻧﻪ ﺗﻘﻠد ﻣﻧﺻب ﻣﺣﺎﻓظ ﻓﻲ ﻋدﯾد اﻟﻣﺗﺎﺣف اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ
وﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻷﺳﺎس أول ﻣدﯾر ﻟﻣﺗﺣف اﻟﻠوﻓر اﻟﺷﻬﯾر ﻓﻲ ﻣدﯾﻧﺔ ﺑﺎرﯾس .وﻟد ﻓﻲ 15ﻓﯾﻔري ﺳﻧﺔ
1901ﻓﻲ ﻣدﯾﻧﺔ دﯾﺳﺎﻧدان ) (Desandansاﻟواﻗﻌﺔ ﺑﻣﻧطﻘﺔ اﻟدوب ﻓرﻧﺳﺎ ،وﻛﺎن واﻟدﻩ ﻗﺳﺎ ﻟوﺛرﯾﺎ ،وﻗد أﺛر
ﻫذا اﻷﻣر ﻓﯾﻪ ﺣﺗﻰ دﺧل ﻗﺳم اﻟدراﺳﺎت اﻟدﯾﻧﯾﺔ ﺑﻛﻠﯾﺔ اﻟﻣﻌﺗﻘدات اﻟﺑروﺗﺳﺗﺎﻧﺗﯾﺔ اﻟﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺳورﺑون
اﻷﻣر اﻟذي ﺟﻌل ﻣﻧﻪ ﻗﺳﺎ ﻫو اﻵﺧر ﻓﻲ ﻧﻬﺎﯾﺔ ﻣﺷوارﻩ اﻟدراﺳﻲ ﺑﺎﻟﻛﻠﯾﺔ ذاﺗﻬﺎ .ﺛم ﺗﺎﺑﻊ دراﺳﺔ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔن ﻓﻲ
ﻣدرﺳﺔ اﻟﻠوﻓر ذاﺗﻬﺎ ﺣﺗﻰ ﺗﺧرج ﻣﻧﻬﺎ ،ﺛم ﺑﻌد ذﻟك اﻧﺿم إﻟﻰ أﻋﺿﺎء اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟرﺳوﻟﯾﺔ اﻷﺛرﯾﺔ ﺑﺑﯾت
اﻟﻣﻘدس ﺑﻔﻠﺳطﯾن ﺧﻼل ﺳﻧﺗﻲ 1927 -1926أﯾن اﻟﺗﻘﻰ ﺑﻣﻌﻠﻣﯾﻪ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻵﺛﺎر رﯾﻧﯾﻪ دوﺳوٕ ،وادوارد
دوم اﻟﻠذان وﺟﻬﺎﻧﻪ ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﺄﻋﻣﺎل اﻟﺗﻧﻘﯾب ﻓﻲ ﻣواﻗﻊ ﺷﺗﻰ ﻣﻧﻬﺎ ﺑﯾﺑﻠوس ،وﺑﻌﻠﺑك ﻟﺑﻧﺎن ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻔﺗرة اﻟزﻣﻧﯾﺔ
ﻟﯾرﻛز ﻋﻣﻠﻪ اﻷﺛري ﻓﻲ ﻣدﯾﻧﺔ ﻣﺎري اﻟﺳورﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻋﻣل ﺑﻬﺎ ﻓﺗرة طوﯾﻠﺔ ﻣن اﻟزﻣن .وﺑدأ أﻋﻣﺎل اﻟﺗﻧﻘﯾب ﻋن
اﻵﺛﺎر اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﻣن ﺳﻧﺔ 1933إﻟﻰ ﻏﺎﯾﺔ ﺳﻧﺔ ، 1974إذ ﺗﻣﻛن ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻣن إﻧﺟﺎز 21ﺣﻣﻠﺔ ﺗﻧﻘﯾب ﻋن
اﻵﺛﺎر ﻛﻠﻠت ﺟﻣﯾﻌﻬﺎ ﺑﺎﻟﻧﺟﺎح .وﻗد اﺷﺗﻬر ﻋﻧﻪ اﻛﺗﺷﺎﻓﻪ ﻟﻣوﻗﻊ ﺗل اﻟﺣرﯾري ﻣدﯾﻧﺔ ﻣﺎري اﻟﻘدﯾﻣﺔ اﻟواﻗﻌﺔ ﻋﻠﻰ
اﻟﺿﻔﺔ اﻟﯾﻣﻧﻰ ﻟﻧﻬر اﻟﻔرات ﺑﺳورﯾﺎ ،ﺣﯾث ﻋﺛر ﻋﻠﻰ 300ﻟوﺣﺔ طﯾﻧﯾﺔ ﻣﻛﺗوﺑﺔ ﺑﺎﻟﺧط اﻟﻣﺳﻣﺎري ،وﻋﻠﻰ
3
ﺗﻠﻘﻰ ﺑﺎرو اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻷوﺳﻣﺔ واﻟﻧﯾﺎﺷﯾن اﻟﺷرﻓﯾﺔ اﻋﺗراﻓﺎ.1 (5-4 :ﺗﻣﺎﺛﯾل ﻛﺛﯾرة )ﯾﻧظر اﻟﺻورة رﻗم
. واﻟدﻛﺗوراﻩ اﻟﻔﺧرﯾﺔ وﻏﯾرﻫﺎ،ﺑﺄﺑﺣﺎﺛﻪ اﻷﺛرﯾﺔ وﻣﻧﻬﺎ ﺗﻛرﯾﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟذﻛر ﻻ اﻟﺣﺻر ﺑوﺳﺎم ﺟوﻗﺔ اﻟﺷرف
.2 ﻓﻲ ﻣدﯾﻧﺔ ﺑﺎرﯾس1980 أوت ﺳﻧﺔ24 ﺗوﻓﻲ ﺑﺎرو ﻓﻲ
4
اﻟﺻورة رﻗم :5اﻷﻟواح اﻟطﯾﻧﯾﺔ اﻟﻣﻛﺗﺷﻔﺔ ﺑﻣدﯾﻧﺔ ﻣﺎري.
وﻟد اﻟﺑﺎﺣث اﻷﺛري ﻓﻛﺗور ﺟﺎن ﻓﺎﻧﺳﺎن ﺷﯾل ﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﻣﯾﺳورة اﻟﺣﺎل ﻓﻲ اﻟﻠورﯾن اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ اﻟﻣﻘﺎطﻌﺔ اﻟﻣدﻣﺟﺔ،
ﻓﻲ 10ﺟوان .1858وﯾظﻬر أﻧﻪ اﻟﺗﻣس ﻣن اﻹدارة اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ اﻟﺟﻧﺳﯾﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ وﻗد ﻧﺎل
ﻣرادﻩ ﻣﻧﻬﺎ ﻣﺛل أﺧﯾﻪ ﻧﻘوﻻ وﻛﺎن ذﻟك ﻓﻲ ﺳﻧﺔ .1875وﺗدرج ﻓﻲ دراﺳﺗﻪ ﺣﺗﻰ اﻧﺿم ﺳﻧﺔ 1881إﻟﻰ
اﻟدوﻣﯾﻧﯾﻛﺎن وﺻﺎر واﺣدا ﻣﻧﻬم .وﺑﻌدﻫﺎ اﺳﺗﻛﻣل دراﺳﺔ ﻋﻠم اﻟﻣﺻرﯾﺎت ﻓﻲ اﻟﻛوﻟﯾﺞ دي ﻓراﻧس ﺣﯾث ذاع
ﺻﯾﺗﻪ ﺑﯾن أﺳﺎﺗذﺗﻪ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﻘﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﺑدأ ﯾﻧﺷرﻫﺎ ﻓﻧﺎﻟت إﻋﺟﺎﺑﻬم وﻋﻠﻰ إﺛرﻫﺎ أرﺳل ﻓﻲ ﺑﻌﺛﺔ إﻟﻰ
اﻟﻘﺎﻫرة ﻓﻲ ﺳﻧﺔ 1890ﻟﯾﻧﺿم إﻟﻰ اﻟﻣﻌﻬد اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻵﺛﺎر اﻟﺷرق اﻷدﻧﻰ .وﺗﺑﻠورت ﻓﻛرة ظﻬورﻩ ﻛﻌﺎﻟم آﺛﺎر
ﻣﺗﺧﺻص ﻓﻲ اﻟﻣﺻرﯾﺎت ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻔﯾﺔ ﻣﺷﺎرﻛﺗﻪ ﻓﻲ ﺣﻔرﯾﺎت طﯾﺑﺔ ٕ ،وادارﺗﻪ ﻟﻣﺗﺣﻔﻲ اﻟﻘﺎﻫرة ٕواﺳطﻧﺑول .وﻗد
اﺷﺗﻬر ﻓﻛﺗور ﺷﯾل ﺑﺄﺑﺣﺎﺛﻪ ﻓﻲ ﻋﯾﻼم ،وﺑﺎﺑل ،وﻏﯾرﻫﺎ ﻣن ﻣدن ﻣﺎ ﺑﯾن اﻟﻧﻬرﯾن ٕواﻟﯾﻪ اﻟﻔﺿل ﯾرﺟﻊ ﻓﻲ
اﻟﻛﺷف ﻋن ﺷرﯾﻌﺔ ﺣﻣو راﺑﻲ .ﻫذﻩ اﻷﻋﻣﺎل رﺷﺣﺗﻪ ﻟﺗﻠﻘﻲ وﺳﺎم ﺟوﻗﺔ اﻟﺷرف ﻓﻲ ﺳﻧﺔ .1923ﻛﺎن
ﻋﺿوا ﻻﻣﻌﺎ ﻓﻲ اﻟوﻓد اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻓﻲ إﯾران ﻓﻲ اﻟﻔﺗرة ﻣﺎ ﺑﯾن 1898و .1939ﺗوﻓﻲ ﺷﯾل ﻋن ﻋﻣر ﻧﺎﻫز
81ﺳﻧﺔ ﻗﺿﻰ ﺟزء ﻛﺑﯾر ﻣﻧﻪ ﻓﻲ ﺗﻔﻛﯾك اﻟﻛﺗﺎﺑﺎت اﻟﻌﯾﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌراق اﻟﻘدﯾم ،ﺣﯾث أﻣﻛﻧﻪ ﻣن ﺗﻔﺳﯾر
ﺷرﯾﻌﺔ ﺣﻣوراﺑﻲ وﺷرح طﻼﺳﻣﻬﺎ اﻷﻣر اﻟذي ﺟﻌل اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن ﯾطﻠق ﻋﻠﯾﻪ ﻟﻘب ﺷﺎﻣﺑﻠﯾون اﻟﻠوراﻧﻲ
ﺗﯾﻣﻧﺎ ﺑﻣﺎ ﻓﻌل ﺷﺎﻣﺑﻠﯾون ﺣﯾﻧﻣﺎ ﻓك رﻣوز اﻟﻬﯾروﻏﻠﯾﻔﯾﺔ ﻛﻣﺎ ﻣر ﺑﻧﺎ ﻗﺑل ﺣﯾن .1ﺗوﻓﻲ ﺷﯾل ﺳﻧﺔ .1940
5
اﻟﺻورة رﻗم :6اﻟﺑﺎﺣث اﻷﺛري ﺟﺎن ﻓﺎﻧﺳﺎن ﺷﯾل.
ﺗﻣﻬﯾد:
اﻟﻌﻣل اﻟﺗطﺑﯾﻘﻲ اﻟﻣﯾداﻧﻲ اﻟﻔﻌﺎل ﻓﻲ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﻟﻪ أﻫﻣﯾﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻣن ﻏﯾر ﺷك ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد ﻣواﻗﻊ
اﻟﺣﺿﺎرات ،وﺗﺟﻣﻌﺎت اﻟﺳﻼﻻت اﻟﺑﺎﻛرة ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف ﻣﻧﺎطق اﻟﻌﺎﻟم وﺣﺻر أﻣﺎﻛن وﺟودﻫﺎ وﺿﺑط ﻣﺣﯾطﻬﺎ
اﻟﺟﻐراﻓﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺧرﯾطﺔ اﻷرﻛﯾوﻟوﺟﯾﺔ ،وﺟرد اﻟﻠﻘﻰ اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﻣﺗﺑﻘﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺳطﺢ ﻛﺎﺋﻧﺔ ﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻓﻲ ﻣﺎدﺗﻬﺎ
وﺣﺟﻣﻬﺎ ،وطﺑﯾﻌﺗﻬﺎ .وﻣن أﺟل ﻣﻌرﻓﺔ ﻫذﻩ اﻷﺷﯾﺎء وﺟب اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺑﻌض اﻷﻋﻣﺎل اﻟﻣﯾداﻧﯾﺔ ،واﻹﺣﺗﻛﺎك
اﻟﻣﺑﺎﺷر ﺑﺎﻟﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ ﻟﻺﺣﺎطﺔ ﺑﺟﻣﻠﺔ اﻟﻣﻌطﯾﺎت اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ وﻣن ذﻟك ﻟﺟوء ﻋﻠﻣﺎء اﻵﺛﺎر إﻟﻰ اﻧﺟﺎز ﻣﺎ
ﯾﻌرف ﺑﺎﻟﻣﺳﺢ اﻷﺛري ،وﻫﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺷﺑﯾﻬﺔ ﺑﻣﺎ ﯾﻘوم ﺑﻪ اﻟطﺑﯾب اﻟﺟراح إﻟﻰ ﺣد ﻗﺑل إﺟراء ﻋﻣﻠﯾﺔ ﻧوﻋﯾﺔ رﻏم
اﺧﺗﻠف اﻷﺳﺎﻟﯾب واﻟوﺳﺎﺋل اﻟﻣﺳﺗﻌﺎن ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﻠﺗﺎ اﻟﺣﺎﻟﺗﯾن .ﻓﻣﺎ ﻫو ﯾﺎ ﺗرى ﻫذا اﻟﻌﻣل اﻟﻣﯾداﻧﻲ؟ وﻣﺎ ﻫو
ﻣﻔﻬوﻣﻪ؟ وأﻫﻣﯾﺗﻪ ،وﻛﯾف ﺗطورﻩ وﻣﺎ ﻫﻲ أﻧواﻋﻪ؟ ﻫذا ﻣﺎ ﺳوف ﻧﺟﯾب ﻋﻧﻪ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
_1ﻣﻔﻬوﻣﻪ:
6
اﻟﻣﻧﻬﺟﻲ اﻟﻣرﻛز ﻋن اﻵﺛﺎر ،واﻟﺣﺿﺎرات اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺷرق اﻷدﻧﻰ ﻋﻠﻰ ﺿﻔﺎف ﻧﻬري دﺟﻠﺔ واﻟﻔرات ﻓﻲ
اﻟﻌراق ﻋﻠﻰ ﻋﺻري اﻟﺳوﻣرﯾﯾن ،واﻷﻛﺎدﯾﯾن ،ووادي اﻟﻧﯾل ﻓﻲ ﻣﺻر اﻟﻔرﻋوﻧﯾﺔ.1
ﻛﻣﺎ ﯾﻌﺗﺑر اﻟﻣﺳﺢ اﻷﺛري ﻟدى اﻟﻛﺛﯾرﯾن ﻣن اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن ﻋﻣﻠﯾﺔ ﻣﺷﺎﻫدة ،أو ﻣﻌﺎﯾﻧﺔ ﻣﯾداﻧﯾﺔ ﻟﻣﺧﺗﻠف اﻵﺛﺎر
ﺳواء ﻛﺎﻧت ﺛﺎﺑﺗﺔ ﻣﺛل اﻟﻣدن اﻟﻣﻧدﺛرة ،أو اﻟﻌﻣﺎرة اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ،أو اﻟدﯾﻧﯾﺔ ،واﻟﺟﻧﺎﺋزﯾﺔ ،أو ﻣﻧﻘوﻟﺔ ﻣن ﺷﻘف
اﻟﻔﺧﺎر ،واﻟﺧزف ،واﻟزﺟﺎج ،واﻟﻌﺎج ،واﻟﺣﻠﻲ وﻣﺎ إﻟﯾﻬﺎ .وﯾﺗم ذﻟك اﻷﻣر أي وﺻﻔﻬﺎ ﺗوﺻﯾﻔﺎ دﻗﯾﻘﺎ ﻓﻲ ﻣواﻗﻊ
وﺟودﻫﺎ ﻣن ﻏﯾر ﺗﺣرﯾﻛﻬﺎ ﻣن ﻣوﺿﻌﻬﺎ ،أو ﻧﻘﻠﻬﺎ ﻣن أﻣﺎﻛﻧﻬﺎ اﻷﺻﻠﯾﺔ ﻓﻲ اﻷطﻼل واﻟﺧراﺋب .2وذﻟك ﻣن
أﺟل اﺧﺗﯾﺎر اﻟﻣوﻗﻊ اﻟذي ﯾﻣﻛن اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺣﻔر ﻓﯾﻪ.3
ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ أن اﻟﻣﺳﺢ ﯾﻌﺗﻣد ﻟﺗﺣدﯾد اﻟﻣواﻗﻊ واﻟﻣﻌﺎﻟم اﻷﺛرﯾﺔ ،واﻟﻧﺻب اﻟﺗذﻛﺎرﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺧراﺋط
اﻟطﺑوﻏراﻓﯾﺔ ،واﻟﺻور اﻟﺷﻣﺳﯾﺔ اﻟﻣﻠﺗﻘطﺔ ﻣن ﺧﻼل اﻟرﯾﺎدة اﻟﺟوﯾﺔ ﻟﻠﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺟب أن ﺗﻛون
ارﺗﻔﺎع اﻟطﺎﺋرة اﻟﻣﺳﺗﻛﺷﻔﺔ ﻓﻲ ﺣدود 500م – 1000م ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى ﺳطﺢ اﻟﺑﺣر ،4اﻟﺷﻲء اﻟذي ﺳﻬل
ﻣﻬﻣﺔ اﻟوﺻف ﻛﺛﯾ ار .5وﻗد أﺳﻬم اﻻﺳﺗﺷﻌﺎر ﻋن ﺑﻌد ﺑواﺳطﺔ اﻷﻗﻣﺎر اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ ،واﻷﺟﻬزة اﻟرﻗﻣﯾﺔ اﻟﻣﺗطورة
ﻣﺛل اﻟﻣﺎﺳﺢ اﻟﺿوﺋﻲ ،واﻟوﺳﺎﺋل واﻟطرق اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻷﺧرى اﻟﻣﺳﺗﻌﻣﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻛﺷف ﻋن اﻟﺗﻼل اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﻣدﻓوﻧﺔ
وﻫذا دون إﺟراء أي ﺣﻔرﯾﺔ ،أو اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ أﻋﻣﺎل اﻟﺗﻧﻘﯾب اﻟﺗﻘﻠﯾدي ﻣﻬﻣﺎ ﻛﺎن ﻧوﻋﻬﺎ .ﺗﺑﻌﺎ ﻟﻣﺎ ﺗﻘدم ﯾﺗﺿﺢ
أن اﻟﻣﻌﺎﯾﻧﺔ اﻟﻣﯾداﻧﯾﺔ ﻟﻠﻣوﻗﻊ ﻗﺑل ﺑدأ اﻟﺣﻔر ﻓﯾﻪ ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﺗﻛون ﺷﺎﻣﻠﺔ ،ﺑﺣﯾث ﯾﺟب اﻻطﻼع ﻋﻠﻰ اﻷﻋﻣﺎل
اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ اﻟﺗﻲ أﺟرﯾت ﻋﻠﯾﻪ .زﯾﺎدة ﻋﻠﻰ ﺿرورة ﻣراﺟﻌﺔ اﻟوﺛﺎﺋق اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ اﻟﻣﺳﺗﻘﺎة ﻣن ﻣؤﻟﻔﺎت اﻷﻗدﻣﯾن
اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﻪ ،ودراﺳﺔ اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﺟﯾوﻟوﺟﯾﺔ وطﺑﯾﻌﺔ اﻟﺗرﺑﺔ ،وﻧوع اﻟﻧﺑﺎﺗﺎت اﻟﻣزروﻋﺔ ،وأﻧواع اﻟﻣﺣﺎﺻﯾل
_1ﻋﺑد اﷲ ﺣﺳن :ﻣﻔﺎﻫﯾم ﺟدﯾدة ﻟﻠﻣﺳﺢ اﻵﺛﺎري وﻋﻼﻗﺗﻪ ﺑﺣرﻛﺔ اﻟﺗﻧﻘﯾب ﻋن اﻵﺛﺎر وﻣﺷﻛﻼﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ،
اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﻠﺗرﺑﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﺔ واﻟﻔﻧون ،إدارة اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ،ﺗوﻧس ،.1989 ،ص11 ،
_2ﻣﺣﻣد اﻟﺑﺷﯾر اﻟﺷﻧﯾﺗﻲ :ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﺗﺎرﯾﺧﻪ ،ﻣﻧﺎﻫﺟﻪ ،ﻣﻔرداﺗﻪ ،دار اﻟﻬدى ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ ،ﻋﯾن ﻣﻠﯾﻠﺔ ،اﻟﺟزاﺋر،
،.2013ص.93 ،
_3ﻋﺎﺻم ﻣﺣﻣد رزق :ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﺑﯾن اﻟﻧظرﯾﺔ واﻟﺗطﺑﯾق ،ﻣﻛﺗﺑﺔ ﻣدﺑوﻟﻲ ،اﻟﻘﺎﻫرة ،.1996 ،ص.93 ،
4 _ Zeyad al- salameen : Illustrated Dictionary of archaeological Terms, (English- Arabic),
2012. p , 222.
_5ﺟورج ﺿو :ﺗﺎرﯾﺦ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ،ﺗرﺟﻣﺔ ﺑﻬﯾﺞ ﺷﻌﺑﺎن ،ط ،2ﻣﻧﺷورات ﻋوﯾدات ﺑﯾروت ،ﺑﺎرﯾس ،.1982 ،ص.65 ،
7
اﻟزراﻋﯾﺔ ﻫﻧﺎﻟك أﯾﺿﺎ .1وﻣن ﻫذا اﻟﻣﻧطﻠق ﺗظﻬر ﺿرورة اﻟﻣﺳﺢ اﻷﺛري ﻓﻲ اﻟﻣﯾدان ﻗﺑل اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻌﻣﻠﯾﺔ
اﻟﺣﻔر .ﯾﻧظر اﻟﺻورة رﻗم1 :
_2أﻫﻣﯾﺗﻪ:
ﺗﻛﻣن أﻫﻣﯾﺔ اﻟﻣﺳﺢ اﻷﺛري ﻓﻲ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻟﻣﻌﺎﯾﻧﺔ اﻟﻣﯾداﻧﯾﺔ ﺑطرق ﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ ﺑﺳﯾطﺔ ﻣن أﺟل ﺟرد
وﺗﺳﺟﯾل وﺣﺻر اﻷﻣﺎﻛن ذات اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻷﺛرﯾﺔ ﻣن ﻣواﻗﻊ وﺷواﻫد ،وﻟﻘﻰ أﺛرﯾﺔ ﻣﺑﻌﺛرة ﻫﻧﺎ وﻫﻧﺎك.
ﻓﺎﻟﻣﺳﺢ ﯾﻌﻧﻲ أﯾﺿﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻌﻧﯾﻪ دراﺳﺔ اﻟﻣواد اﻟﺳطﺣﯾﺔ اﻟظﺎﻫرة ) ( surface - materialﯾﺿﺎف إﻟﯾﻬﺎ
اﻟﻣواد اﻟﻣوﺟودة ﺗﺣت اﻟﺳطﺢ وﻫﻲ ﻣﻛﻣﻠﺔ ﻟﻠﻘﻰ اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﺳطﺣﯾﺔ ) .(2 sub - surface material
ﯾﻧظر اﻟﺻورة رﻗم ، 2 :ﺛم أﺧذ ﯾﺗطور ﺑﺷﻛل ﻣطرد وﺑﺎﺳﺗﻌﻣﺎل اﻷﺟﻬزة اﻟﻣﺗطورة وﻟم ﯾﻌد اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻪ ﻣن
أﺟل اﻟﺗﻣﻬﯾد ﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺣﻔر ﻓﻲ ﻣﻛﺎن ﻣﺎ وﺗﺳﺟﯾل أﻋداد وأﻧواع اﻟﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ ﺑل ﺗﻌدى ذﻟك وأﺻﺑﺢ ﻟﻪ
أﻫداف أﺧرى أوﺳﻊ ﺗرﺗﺑط ارﺗﺑﺎطﺎ وﺛﯾﻘﺎ ﺑﻣﺿﻣون اﻟﺑﺣث اﻷﺛري ﻧﻔﺳﻪ .ﻟﻘد ﺗوﺻل ﻋﻠﻣﺎء اﻵﺛﺎر إﻟﻰ
اﺳﺗﻧﺗﺎج ﻣﻌﻠوﻣﺎت ﻋﻣﯾﻘﺔ اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ،وﻧﺗﺎﺋﺞ ﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﺎﻟﺣﯾﺎة اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺳﺎﻛﻧﺔ
اﻟﻣواﻗﻊ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻋﺑر اﻟﻣﺳﺢ اﻷﺛري اﻟذي أﻧﺟزوﻩ دون ﻗﯾﺎﻣﻬم ﺑﺄﻋﻣﺎل اﻟﺣﻔر ،وﻫذا ﺑﺗﺣﻠﯾل وﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻋﯾﻧﺎت،
وﻣﺑﺎن ظﺎﻫرة ﻋﻠﻰ اﻟﺳطﺢ ﺷﻣﻠﻬﺎ اﻟﻣﺳﺢ اﻷﺛري .ﯾﻔﺿﻠﻪ اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻔرﯾﺔ ﻟﺳﻬوﻟﺔ وﺳرﻋﺔ
ﺗﻧﻔﯾذﻩ ﻋﻠﻰ أرض اﻟواﻗﻊ وﻗﻠﺔ ﺗﻛﺎﻟﯾﻔﻪ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻟﺣﻔرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗطﻠب وﻗت أطول ﻗد ﯾﺳﺗﻐرق ﺳﻧوات طوال،
و أﻣواﻻ ﻛﺑﯾرة ﻻ ﯾﻣﻛن ﻓﻲ اﻟﻌﺎدة ﺗوﻓﯾرﻫﺎ ﻓﻲ ﻣوﺳم اﻟﺣﻔرﯾﺔ اﻟﻌﺎدي ) .(campagne de fouilleوزﯾﺎدة
ﻋﻠﻰ ﻫذا ﯾﺳﻬم اﻟﻣﺳﺢ اﻷﺛري ﻓﻲ ﺗﻘدﯾم ﺗﻛوﯾن ﺷﺎﻣل ﻟﻠطﻠﺑﺔ ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف أﻧواع اﻟﻣﻌﺎﻟم واﻟﺑﻘﺎﯾﺎ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ
ﻟﻌدﯾد اﻟﺣﺿﺎرات ،ﺧﻼف اﻟﺣﻔرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﺗﻛز ﻋﻠﻰ دراﺳﺔ ﻣوﻗﻊ واﺣد ﺑﻣﻌزل ﻋن اﻟﻣﻧطﻘﺔ اﻟﻣوﺟودة ﺑﻬﺎ
وﻛﻼﻫﻣﺎ ﻣﻛﻣل ﻟﻶﺧر .ﻛﻣﺎ ﯾﺗم اﻟﺗﻌرف ﻣن ﺧﻼل ﻫذﻩ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﯾطﺎن اﻟﺑﺷري ﻓﻲ ﻣواطن ﻋدﯾدة
ﻣﻊ إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗطرق إﻟﻰ ﻣﺟﻣل ﻧﺷﺎطﺎﺗﻪ اﻟﻌﻣراﻧﯾﺔ .وﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة ﻫﻧﺎ أن اﻟﻣﺳﺢ اﻷﺛري ﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ ﺣﻣﺎﯾﺔ
اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ ،ذﻟك أن أﻋﻣﺎل اﻟﺑﻧﺎء ،وﺷق اﻟطرﻗﺎت وﻣد اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﺑﻘﻧوات اﻟﻣﯾﺎﻩ أو
اﻟﺻرف اﻟﺻﺣﻲ ،وأﻧﺎﺑﯾب اﻟﻐﺎز أدت ﻓﻲ ﻣرات ﻋدﯾدة إﻟﻰ ﺗﺧرﯾب ﺑﻌض اﻵﺛﺎر اﻟﻣﺟﻬوﻟﺔ وﻟوﻻ ﻋﻣﻠﯾﺔ
اﻟﻣﺳﺢ ﻓﻲ آﺣﺎﯾﯾن ﻛﺛﯾرة ﻟﻘﺿﻲ ﻋﻠﻰ ﻛل اﻟﻣواﻗﻊ اﻟﻣدﻓوﻧﺔ اﻟﺗﻲ ﻟم ﺗﺧرج إﻟﻰ اﻟﻧور ﺑﻌد.
_1ﺟﺎردﻧر :ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ،ﻧﻘﻠﻪ إﻟﻰ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻣﺣﻣود ﺣﻣزة ،وزﻛﻲ ﻣﺣﻣد ﺣﺳن ،ﻣطﺑﻌﺔ ﻟﺟﻧﺔ اﻟﺗﺄﻟﯾف واﻟﺗرﺟﻣﺔ واﻟﻧﺷر ،اﻟﻘﺎﻫرة،
،.1936ص.82 ،
_ 2ﺻﺑﺎح ﺟﺎﺳم اﻟﺷﻛري :دور أﻋﻣﺎل اﻟﻣﺳﺢ واﻟﺗﻧﻘﯾب اﻵﺛﺎري ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﺔ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻌراق اﻟﻘدﯾم ،ص.75 ،
8
ﺛﺎﻧﯾﺎ :ﺗطور اﻟﻣﺳﺢ اﻷﺛري وأﻧواﻋﻪ:
_1ﺗطورﻩ:
ﻟم ﯾظﻬر اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟﻣﺳﺢ اﻷﺛري ﻣﻊ ﻧﺷوء ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﻓﻲ اﻟزﻣن اﻟراﻫن ٕواﻧﻣﺎ ﻛﺎن وﺳﯾﻠﺔ ﻓﻘط ﻟﻌﻠﻣﺎء
اﻵﺛﺎر ﺣﺗﻰ ﻓﻲ ﻣواﺳم اﻟﺣﻔر اﻟﺑداﺋﯾﺔ ﻣﻊ اﻟﻣﻧﻘﺑﯾن اﻷواﺋل .ﺣﯾث ﻟﺟﺄ ﻫؤﻻء إﻟﻰ رﯾﺎدة أﻣﺎﻛن واﺳﻌﺔ ﺑﺣﺛﺎ
ﻋن اﻟﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ وﺗﺳﺟﯾﻠﻬﺎ ﺛم ﺗوﺻﯾﻔﻬﺎ ﺗوﺻﯾﻔﺎ ﻋﻠﻣﯾﺎ دﻗﯾﻘﺎ ،ﺛم ﺷرﻋت أﻋﻣﺎل اﻟﻣﺳﺢ ﺗﺄﺧذ ﻣﻧﺣﻰ
ﺷﻣوﻟﻲ وﻧظﺎﻣﻲ ﻓﻲ اﻟوﻗت ذاﺗﻪ وﻛﺎن ذﻟك ﻓﻲ ﻏﺿون اﻟرﺑﻊ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن .وﻣن ﺿﻣن
اﻷﺛرﯾﯾن ﻣﺎﻛس ﻣﻠوان اﻟذي ﻗﺎم ﺑﻌدة أﻋﻣﺎل ﻣﺳﺢ ﺳﺟل أﺛﻧﺎءﻫﺎ ﻋدﯾد اﻟﻣواﻗﻊ وﺣدد ﻣواﺿﻌﻬﺎ وﻋﺻورﻫﺎ
ودون اﻟﻣﻼﺣظﺎت اﻟوﺻﻔﯾﺔ ﻟﻬﺎ رﻏم أن ﺗﻠك اﻟﻣﺟﻬودات ﻛﺎﻧت ﺗﺻب ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد اﻟﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺻﻠﺢ
ﻷﺟراء ﻋﻣﻠﯾﺎت اﻟﺗﻧﻘﯾب .وﯾﻣﻛن اﻹدﻻء ﺑﺑﻌض اﻷﻣور اﻟﺗﻲ ﺗﻔﯾد أن اﻟﻣﺳﺢ اﻷﺛري ط أر ﻋﻠﯾﻪ ﻧوع ﻣن
اﻟﺗﺣدﯾث اﻟﻧﺎﺗﺞ ﻋن ﺗطور ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﺑﺣد ذاﺗﻪ ﻓﻲ ﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻪ وأﺳﺎﻟﯾب اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻗﺻد ﺟﻠب ﻋﻠوم
واﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻣﺗﻧوﻋﺔ إﻧﺳﺎﻧﯾﺔ وﻋﻠﻣﯾﺔ.1
_2أﻧواﻋﻪ:
ﺗﻌﻧﻲ اﻟرﯾﺎدة اﻟﺟوﯾﺔ ﻟﻠﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﺗﻘﺎط ﺻور ﻣن اﻟﺟو ﻟﻠﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ ﺑﺎﺳﺗﻌﻣﺎل طﻠﻌﺎت ﺟوﯾﺔ ﻣﺗﻛررة
وﻣﻧﺗظﻣﺔ ﺑﻐرض ﺗﺻوﯾر اﻷﺛﺎر اﻟظﺎﻫرة ﻣن أﻋﻠﻰ وﻗد ﻟﺟﺄ إﻟﯾﻬﺎ ﻋدﯾد اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن ﺑﻌد اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻣﯾﺔ اﻷوﻟﻰ،
واﻟﺛﺎﻧﯾﺔ .وﻣن ﺑﯾﻧﻬم اﻟﺿﺎﺑط اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﺑرادﯾز اﻟذي ﻗﺎم ﺑطﻠﻌﺎت ﻓﻲ اﻟﺷرق اﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻷرﺑﻌﯾﻧﺎت
ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻣﺎﺿﻲ وﺗوج ﻋﻣﻠﻪ ﺑﻛﺗﺎب ﻋن ﺗﻠك اﻟﻣﺳوﺣﺎت اﻟﺟوﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ.2
إن اﺳﺗﺧدام ﻫذﻩ اﻟﺗﻘﻧﯾﺔ ﻓﻲ ظل اﻻﻧﻔﺟﺎر اﻟرﻗﻣﻲ اﻟﻬﺎﺋل ﻓﻲ ﻋﺻرﻧﺎ ﯾﻬدف اﻟﻰ ﺗﺳﻬﯾل ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺗﺧطﯾط
اﻟﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ وﺗوﺛﯾﻘﻬﺎ ﻋﺑر ﺑرﻣﺟﯾﺎت اﻻﺳﺗﺷﻌﺎر ﻋن ﺑﻌد وﻧظم اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ
ﺗوﺛﯾﻘﻬﺎ ﺑدﻗﺔ ﻋﺎﻟﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻧظﺎم اﻟﻣوﻗﻊ اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ .GPS
_1ﺣﻧون ﻧﺎﺋل :دراﺳﺎت ﻓﻲ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر واﻟﻠﻐﺎت اﻟﻘدﯾﻣﺔ ،ج ،1ﻫﯾﺋﺔ اﻟﻣوﺳوﻋﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،دﻣﺷق ،.2011 ،ص ص،
.146-144
2 _ Baradez Jean : Fossae Africae, Paris, 1949., p,
9
ﻛﻣﺎ ﺗﻌزز ﻫذﻩ اﻟطرﯾﻘﺔ دراﺳﺔ وﺑﺣوث اﻵﺛﺎر ،وﺗﻔﺗﺢ اﻵﻓﺎق ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻻﺳﺗﻛﺷﺎف اﻷﺛري ،إﻟﻰ ﺟﺎﻧب
أﻫﻣﯾﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺗوﻓﯾر ﻗﺎﻋدة ﺑﯾﺎﻧﺎت ﻗﯾﻣﺔ ﻣن اﻟﺻور اﻟرﻗﻣﯾﺔ ﻟﻠﺑﺎﺣﺛﯾن واﻟطﻠﺑﺔ .اﻟرﯾﺎدة اﻟﺟوﯾﺔ اﻟﻣﺑﺎﺷرة ﺗﺗم ﻣن
ﺧﻼل طﺎﺋرة ﯾﻣﻛن اﻟﺗﺣﻛم ﺑﻬﺎ ﺗطﯾر ﺑﺄﺑﻌﺎد واﺗﺟﺎﻫﺎت ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ وﻣزودة ﺑﻛﺎﻣﯾ ار رﻗﻣﯾﺔ ﻋﺎﻟﯾﺔ اﻟوﺿوح وﺟﻬﺎز
ﺗﺳﺟﯾل اﻟﻣوﻗﻊ اﻟﺟﻐراﻓﻲ ﺑدﻗﺔ ﻣﺗﻧﺎﻫﯾﺔ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛم ﺑﺎﻟﺗﺻوﯾر ﻣن ارﺗﻔﺎﻋﺎت وزواﯾﺎ
ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،واﻟﻛﺎﻣﯾ ار اﻟرﻗﻣﯾﺔ ﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﻘدرة ﺗﺧزﯾن ﺗﻣﻛﻧﻬﺎ ﻣن اﻟﺗﻘﺎط ﻣﺋﺎت اﻟﺻور ﻓﻲ اﻟطﻠﻌﺔ اﻟﺟوﯾﺔ اﻟواﺣدة.
ﯾﻌﺗﺑر اﻟﻣﺳﺢ اﻟﺷﺎﻣل ﻟﻠﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ أﺣدث أﻧواع اﻟﻣﺳﺢ اﻷﺛري ،وﯾﻬدف إﻟﻰ ﻣﺳﺢ ﻛل أﺟزاء اﻟﻣﻧطﻘﺔ
وﺗﺣدﯾد اﻟﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ اﻟظﺎﻫرة ،و اﻟﻣﻧدرﺳﺔ ﺑواﺳطﺔ اﻟطرق واﻷﺳﺎﻟﯾب اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟﻣﺗطورة اﻟﻣﺳﺗﻌﻣﻠﺔ ﻓﻲ
اﻟﻛﺷف ﻋن اﻵﺛﺎر ،ﻣﻬﻣﺎ ﻛﺎن ﻧوع ﻫذﻩ اﻵﺛﺎر وﺗﺎرﯾﺧﻬﺎ ﺳواء ﻛﺎﻧت ﻣﺧﻠﻔﺎت أو ﺑﻘﺎﯾﺎ ﺣﺟرﯾﺔ ﻣن ﻋﺻور
ﻣﺎ ﻗﺑل اﻟﺗﺎرﯾﺦ ،أو ﻗطﻊ ﻓﺧﺎرﯾﺔ ،وﻋﻧﺎﺻر ﻣﻌﻣﺎرﯾﺔ ،وﺟﺑﺎﻧﺎت ،وﻣﻐﺎرات ،وﻛﻬوف ،وأﺳوار واﺳﺗﺣﻛﺎﻣﺎت
اﻟﻣدن اﻟﻣﻧدﺛرة ﻣن اﻟﻌﺻور اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﻟﺣﺎﺿرات اﻹﻏرﯾق ،واﻟﻔرس وﻏﯾرﻫم .ورﺑط ﻛل ﻣﺎ ﯾﻧﺗﺞ ﻋن اﻟﻣﺳﺢ
اﻷﺛري ﻣن إﺣﺻﺎﺋﯾﺎت وﻗﯾﺎﺳﺎت ﺑﺎﻟوﺳط اﻟطﺑﯾﻌﻲ واﻟﻣﺟﺎل اﻟﺟﻐراﻓﻲ واﻟﻧﺷﺎط اﻻﻗﺗﺻﺎدي ،واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ،
واﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ،واﻟدﯾﻧﻲ ﻟﺳﺎﻛﻧﺔ ﺗﻠك اﻟﻣواﻗﻊ ودراﺳﺗﻬﺎ دراﺳﺔ ﻋﻠﻣﯾﺔ واﻓﯾﺔ.
ﯾﻠﺟﺄ ﻋﻠﻣﺎ اﻵﺛﺎر إﻟﻰ ﺗﺣدﯾد أﻣﺎﻛن ﺑذاﺗﻬﺎ ﻹﺟراء اﻟﻣﺳﺢ اﻷﺛري ،ﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ أن ﻫذا اﻟﻧﻣط اﻟﻣﻧﻬﺟﻲ
اﻟﻣﺗﺑﻊ ﯾﻌﻧﻲ أن اﻷﻋﻣﺎل ﺗﻛون ﺟزﺋﯾﺔ داﺧل ﺣﯾز ﻣﻛﺎﻧﻲ ﻣن اﻟﻣوﻗﻊ وﻫﻲ ﺑذﻟك ﻋﻛس اﻟﻣﺳﺢ اﻟﺷﺎﻣل.
وﺣري ﺑﻧﺎ اﻟﻘول أن ﻫذﻩ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ أﻗل ﻛﻠﻔﺔ وﺟﻬدا ﻣن ﺳﺎﺑﻘﺗﻬﺎ اﻟﺗﻲ ﺗﺗطﻠب وﺳﺎﺋل ﻛﺑﯾرة وأﻣوال ﻟﺗﺣﻘﯾق
أﻫداف ﻣﺳطرة ﻣﺛل اﻟﺗﻌرف ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧﺷﺂت أو اﻟﻣﻌﺎﻟم اﻷﺛرﯾﺔ ﻛﺎﻟطرق ،أو اﻟﻣداﻓن أو اﻟرﺳوم اﻟﺻﺧرﯾﺔ
ﺿﻣن ﻧطﺎق ﺟﻐراﻓﻲ ﻣﺣدد وﺑﺎﻟﺿرورة ﺳﯾﺗم اﻻﺳﺗﻐﻧﺎء ﻋن اﻟﻣﻌﺎﻟم اﻷﺧرى ﻏﯾر اﻟﻣدرﺟﺔ ﻓﻲ ﺑرﻧﺎﻣﺞ
اﻟﻌﻣل .وﻗد ﯾﺗم ﻣﺳﺢ ﻣﻧطﻘﺔ ﻣﺎ ﻗﺻد ﻣﻌرﻓﺔ ﺗﺎرﯾﺧﻬﺎ وأﻫم ﻣﻌﺎﻟﻣﻬﺎ اﻷﺛرﯾﺔ وﻫﻧﺎ ﯾﺗم اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ اﻟﻣواﻗﻊ
اﻟﻛﺑﯾرة اﻟﻬﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺣﯾن ﺗﻐﻔل اﻟﻣواﻗﻊ اﻟﺻﻐﯾر اﻟﺗﻲ ﻟﯾس ﻟﻬﺎ ﺷﺄن ﯾذﻛر .ﯾﻧظر اﻟﺻورة رﻗم.3 :
ث_ اﻟﻣﺳﺢ اﻹﻧﻘﺎذي:
إن اﻟﻣﺷﺎرﯾﻊ اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ اﻟﻣوﺟﻬﺔ ﻟﺷك اﻟطرق ،وﺑﻧﺎء اﻟﺳدود ٕ ،واﻧﺷﺎء اﻟﻣﺻﺎﻧﻊ ،واﻟﻣﺑﺎﻧﻲ ،واﻟﻣؤﺳﺳﺎت
ﻛﺎﻧت ﺗﺗﻌطل أﺣﯾﻧﺎ ﻧﺗﯾﺟﺔ طﺎرئ ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻛﺗﺷﺎف ﻣﻔﺎﺟﺊ ﻟﻣوﻗﻊ أﺛري ﻣﺟﻬول ﺗم ﺗﻌرﯾﺗﻪ أﺛﻧﺎء اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺗﻠك
اﻷﻋﻣﺎل ذات اﻟﻧﻔﻊ اﻟﻌﺎم وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ أﺻﺑﺢ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻟﻣﺳﺢ اﻹﻧﻘﺎذي ﺿرورة ﻣﻠﺣﺔ ﻟﺗﻔﺎدي إﺗﻼف اﻟﻠﻘﻰ اﻷﺛرﯾﺔ
10
وﺑﺎت اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺈﺟراءات وﻗﺎﺋﯾﺔ ﻣﻧوطﺔ ﺑﻌﻠﻣﺎء اﻵﺛﺎر ﻟﻠﺣد ﻣن ﻫذﻩ اﻟﻣﻬﺎﻟك اﻟﺗﻲ ﺣﺎﻗت ﺑﺎﻵﺛﺎر ﻓﻲ أﻣﺎﻛن
اﻟﻣﺷﺎرﯾﻊ اﻟﻣذﻛورة ﻗﺑل ﺣﯾن.1
_1ﻓوزي ﻋﺑد اﻟرﺣﻣﺎن اﻟﻔﺧراﻧﻲ :اﻟراﺋد ﻓﻲ ﻓن اﻟﺗﻧﻘﯾب ﻋن اﻵﺛﺎر ،ﻣﻧﺷورات ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻗﺎر ﯾوﻧس ،ﺑﻧﻐﺎزي ،ﻟﯾﺑﯾﺎ،.1993 ،
ص.147 ،
11
اﻟﺻورة رﻗم :3اﻟﻣﺳﺢ اﻻﺧﺗﯾﺎري ﻟﻠﻣوﻗﻊ اﻷﺛري.
ﺗﻣﻬﯾد:
ﺗﻌددت اﻟﻣﻧﺎﻫﺞ واﻟطرق واﻷﺳﺎﻟﯾب اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ،واﻟوﺳﺎﺋل اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ أﺛﻧﺎء إﺟراء اﻟﻣﺳﺢ اﻷﺛري ﻓﻲ اﻟﻣواﻗﻊ
اﻷﺛرﯾﺔ ،واﺧﺗﻠﻔت ﻣن ﺣﯾث اﻟﺷﻛل ،واﻟﻣﺿﻣون ،واﻟوظﯾﻔﺔ واﻷﻫداف اﻟﻣﺳطرة .وﺑﺎت ﻣن اﻟواﺿﺢ أن ﻫﻧﺎك
ﺑﻌد اﻟﺷﻘﺔ ﺑﯾن اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺟز ﻓﻲ ﻣواﻗﻊ ﻣﺎ ﻗﺑل اﻟﺗﺎرﯾﺦ ،وﻣواﻗﻊ اﻟﻌﺻور اﻟﻘدﯾﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﯾؤرخ ﻟﻬﺎ ﻣﻧذ
ظﻬور اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺗدﻗﯾق .ﻓﻣﺎ ﻫﻲ إذا ﺗﻠك اﻟﻣﻧﺎﻫﺞ ،واﻟطرق اﻟﺗﻲ اﺳﺗﺧدﻣت ﺧﻼل أﻋﻣﺎل اﻟﻣﺳﺢ
اﻷﺛري ﺳﯾﻣﺎ اﻟﺷﺎﻣل ﻣﻧﻪ؟
ﺗﻌﺗﻣد ﻣﻧﻬﺟﯾﺔ اﻟﻣﺳﺢ اﻷﺛري اﻟﺷﺎﻣل ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ ودراﺳﺔ اﻟﻠﻘﻰ اﻷﺛرﯾﺔ ﺑﺄﻧواﻋﻬﺎ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﺿﻣن ﺑﯾﺋﺗﻬﺎ
ووﺳطﻬﺎ اﻟطﺑﯾﻌﻲ اﻷﺻﻠﻲ اﻟﺗﻲ وﺟدت ﺑﻪ ﻣن أرض ،وﻣﻧﺎخ ،وﻣﻧﺎﺑﻊ ﻣﯾﺎﻩ ،وﺛروات طﺑﯾﻌﯾﺔ ورﺑطﻬﺎ ﺑﻬﺎ،
وﺗﺷﺗﻣل اﻟﻣواﺿﯾﻊ اﻟدراﺳﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ اﻟﻣﻌﺗﻣدة ،واﻟﻣرﻋﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﻣﻧﺎﻫﺞ اﻟﺑﺣﺛﯾﺔ ﻋﻠﻰ:
وﻧﻌﻲ ﺑﻬﺎ دراﺳﺔ وﺗﺣﻠﯾل ﻣﺻﺎدر اﻟﻣوارد اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ اﻷوﻟﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺗﻬﺎ اﻟﺧﺎم اﻟﺗﻲ ﯾﻌﺛر ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟب
ﺟﻧب ﺑﺎﻟﻘرب ﻣن ﻣﺻﺎدر اﻟﻣﯾﺎﻩ ،وﺳط اﻷﺣراش ،واﻟﻧﺑﺎﺗﺎت اﻟﺑرﯾﺔ ،وﻓﻲ اﻟطﯾن ،واﻷﺣﺟﺎر ،واﻟﻣﻌﺎدن وﻣﺎ
إﻟﯾﻬﺎ ﻣن اﻟﻣواد اﻟﺗﻲ اﺳﺗﻌﻣﻠﻬﺎ اﻹﻧﺳﺎن ﻋﺑر اﻟزﻣن ،وﺑﻌد ﻫذا ﯾﺗم رﺑط ﺗﻠك اﻟدراﺳﺎت واﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺎت ﺑﻣﺎ ﻫو
ﻣوﺟود ﻓﻲ اﻟﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ ،واﻟﻣﻧﺎطق اﻟﻣﺣﯾطﺔ أو اﻟﻘرﯾﺔ ﻣﻧﻬﺎ.
12
_2دراﺳﺔ اﻟﻣﺗﻐﯾرات اﻟﺳطﺣﯾﺔ:
وﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ دراﺳﺔ وﺗﺣﻠﯾل اﻟﻣﺗﻐﯾرات اﻟﺳطﺣﯾﺔ اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ ،وﻫذﻩ ﻟﻬﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺗﯾﻧﺔ ﻣﻊ ﻋﺻور ﻣﺎ ﻗﺑل اﻟﺗﺎرﯾﺦ
ﺧﺎﺻﺔ ﻟﺗﻣﯾزﻫﺎ ﻋن ﺑﻘﯾﺔ اﻟﻣراﺣل اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ،واﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ ﻟﻠﺳﻼﻻت اﻟﺑﺷرﯾﺔ اﻟﺑداﺋﯾﺔ .ﻛﻔﺣص ﺗﻐﯾرات ﻣﺟﺎري
اﻷودﯾﺔ ،واﻷﻧﻬﺎر ،واﻟﺳﯾول اﻟﺗﻲ اﺳﺗﻘر ﺑﻬﺎ اﻹﻧﺳﺎن ﻣﻧذ ﻣﺎ ﻻﯾﻘل ﻋن 1.4ﻣﻠﯾون ﺳﻧﺔ .ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ﺗﺗﺑﻊ
ﺗﻐﯾر ﻣﻧﺳوب اﻟﻣﯾﺎﻩ اﻟﺟوﻓﯾﺔ واﻵﺑﺎر اﻟﺗﻲ ﺣﻔرت ﻋﺑر اﻟزﻣن ﺷرﯾطﺔ أن ﺗﻛون ﻟﻬﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺑﺎﺷرة ﺑﺎﻻﺳﺗﯾطﺎن
اﻟﺑﺷري وﺗﻘﻠﺑﺎﺗﻪ .1زﯾﺎدة ﻋﻠﻰ ﻓﺣص وﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻟﻣﺗﻐﯾرات اﻟﺳطﺣﯾﺔ ﻋﺑر أﻻف اﻟﺳﻧﯾن ﻣﺛل ظﺎﻫرة اﻟﺗﺻﺣر
وزﺣف اﻟرﻣﺎل واﻧﻛﻣﺎش اﻷراﺿﻲ اﻟﺻﺎﻟﺣﺔ ﻟﻠزراﻋﺔ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻫذا اﻟواﻗﻊ اﻟطﺑﯾﻌﻲ اﻟﻣﺗﻐﯾر ﻣﺛل ﻣﺎ ﻫو ﻋﻠﯾﻪ
اﻟﺣﺎل ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﺳﻬﺑﯾﺔ ،واﻟطﺎﺳﯾﻠﻲ ﻧﺎﺟر ﻓﻲ اﻟﺻﺣراء اﻟﺷﺎﺳﻌﺔ.
وﻫذا ﯾﻌﻧﻲ دراﺳﺔ وﺗﺣﻠﯾل ﺗﻐﯾرات ﻣﻧﺳوب ﻣﯾﺎﻩ اﻟﺑﺣﺎر ،واﻟﻣﺣﯾطﺎت ﻓﻲ ﻣدﻫﺎ وﺟزرﻫﺎ طﯾﻠﺔ اﻟﻔﺻول
اﻷرﺑﻌﺔ ،وﻣراﻗﺑﺗﻬﺎ ﺑﺎﺳﺗﻣرار ﻣﻊ ﺑﻌض اﻟﺳﺑﺎخ اﻟﻣﺎﻟﺣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗطﻔوا أﺣﯾﺎﻧﺎ ﻛﺛﯾرة ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﺻﺣراوي
اﻟﻘﺎﺣﻠﺔ ﻣﺛل ورﻗﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟذﻛر ،وﻫذا ﻛﻠﻪ ﻟﻪ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺎﻟﺗﻐﯾرات اﻟﻣﻧﺎﺧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻋرﻓت ﻣﻧذ ﻋﺻور ﻣﺎ
ﻗﺑل اﻟﺗﺎرﯾﺦ وﻛﺎن ذﻟك ﻣن ﺧﻼل اﻷﺑﺣﺎث اﻟﺗﻲ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ أﻣﺛﺎل ﻗﻧز ،وﻣﻧدل ،ورﯾس ﻓﻲ ﺟﻠﯾدﯾﺎت أوروﺑﺎ.
وأﻣﻛن اﻟﺗﻌرف ﻋﻠﻰ طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ .وﻗد ظﻬرت أﻫﻣﯾﺔ ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺎت
ﻓﻲ ﻓﺗرات ﻣﺗﺄﺧرة ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن ﻓﻲ اﻟﻛﺷف ﻋن ﺣﺿﺎرات ﻛﺎﻧت ﻣﺟﻬوﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺳواﺣل ،وﺷطﺂن
اﻟﺑﺣﯾرات ﻛﻣﺎ وﻗﻊ ﻋﻠﻰ ﺳواﺣل اﻟﺧﻠﯾﺞ اﻟﻌرﺑﻲ.
اﻟﻘﯾﺎم ﺑدراﺳﺔ اﻟﻣﺗﻐﯾرات اﻟﺗﻲ طرأت ﻋﻠﻰ اﻟوﺳط اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﻟﻠﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﻣﻧﺗﺧﺑﺔ وذﻟك ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ
اﻟﺗﺿﺎرﯾﺳﯾﺔ ،واﻟﺗﺣوﻻت اﻟﺳطﺣﯾﺔ اﻟﺗﻲ أﺻﺎﺑﺗﻬﺎ ﻋﺑر اﻟزﻣن ﻛﺎﺗﺳﺎع اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﺻﺣراوﯾﺔ واﻟرﻣﻠﯾﺔ ،وﺗﻘﻠص
اﻷراﺿﻲ اﻟﺻﺎﻟﺣﺔ ﻟﻠزراﻋﺔ ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﺗﺻﺣر وزﺣف اﻟرﻣﺎل واﻟﺟﻔﺎف اﻷﺑدي اﻟذي اﺷﺗﻬرت ﺑﻪ ﻋدﯾد اﻟﻣﻧﺎطق
اﻟﻣﺗراﻣﯾﺔ اﻷطراف ،وﻣﻌرﻓﺔ ﺣدود ﻣواﻗﻊ اﻻﺳﺗﯾطﺎن واﻧﺗﺷﺎر ﺳﺎﻛﻧﺔ اﻟﺣﺿﺎرات ﻓﻲ اﻟﺷرق اﻷدﻧﻰ ،وﻓﻲ
اﻟﻌﺎﻟم اﻟﻘدﯾم ﺑرﻣﺗﻪ ،وﺗﺣدﯾد ﺗﺎرﯾﺦ ﻛل ﻣن ﺗﻠك اﻟﻣواطن اﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ ﺑدﻗﺔ ﺗﺎﻣﺔ وﺳﻬﻠﺔ.
_1أﺣﻣد اﻟﺷوﯾﻛﻲ :ﻋﻠم اﻟﺣﻔﺎﺋر اﻷﺛرﯾﺔ ،ﻣراﺟﻌﺔ أﺣﻣد ﻋﺑد اﻟرازق أﺣﻣد ،ﻛﻠﯾﺔ اﻵداب ﻋﯾن ﺷﻣس ،اﻟﻘﺎﻫرة ،.2013،ص
ص.32 -31 ،
13
ﺛﺎﻧﯾﺎ :دراﺳﺔ وﺗﺣﻠﯾل اﻟظﺎﻫرة اﻟﻣﻧﺎﺧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺻور اﻟﻘدﯾﻣﺔ:
وﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ ﺗﻌد أﻫم ﻗواﻋد اﻟﻣﺳﺢ اﻷﺛري اﻟﺷﺎﻣل إذ ﺗوﻓر اﻟﺑراﻫﯾن اﻟداﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣواﻗﻊ اﻻﺳﺗﯾطﺎن اﻟﺑﺷري
ﻓﻲ ﻣراﺣل ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،وﺗﺗم ﺑواﺳطﺔ اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟطﺑوﻏراﻓﻲ اﻟﺳطﺣﻲ ﻟﻠﻣﺳﺎﺣﺎت اﻟﻛﺑرى اﻟﺗﻲ ﯾﺗوﺧﻰ وﺟود اﻵﺛﺎر
ﺑﻬﺎ .ﺑﺣﯾث ﯾﻣﻛن اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺄﺳﺑﺎر اﺧﺗﺑﺎرﯾﺔ ﻫﻧﺎﻟك ﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﺗﺳﻠﺳل اﻟطﺑﻘﻲ ﻟﻠﺗرﺳﺑﺎت اﻷرﺿﯾﺔ اﻟﻘرﯾﺑﺔ زﻣﻧﯾﺎ.1
وﻗد أظﻬرت ﻧﺗﺎﺋﺞ اﻷﺑﺣﺎث ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل وﺟود ﺑﺣﯾرات ﻣﯾﺎﻩ ﺻﺎﻟﺣﺔ ﻟﻠﺷرب ﻓﻲ ﻣﻧﺎطق ﺻﺣراوﯾﺔ ﻓﻲ
اﻟﻔﺗرة اﻟراﻫﻧﺔ اﻟﺷﻲء اﻟذي ﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ اﻛﺗﺷﺎف ﻣواﻗﻊ أﺛرﯾﺔ ﻛﺛﯾرة ﺣول ﻣﻧﺎطق اﻟﺑﺣﯾرات اﻟﻘدﯾﻣﺔ واﻟﻘول
ﻧﻔﺳﻪ ﯾﻧطﺑق ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗم ﻛﺷﻔﻪ ﻣن ﻗﺑل اﻟﺑﺎﺣث ﻛﺎﻣل أرﻣﺑورغ ﻋﻠﻰ إﺣدى ﺿﻔﺎف اﻟﻘﻠﺗﺔ اﻟزرﻗﺎء ﺑﺎﻟﻘرب ﻣن
اﻟﻌﻠﻣﺔ ﻣﺳﺟﻼ اﻟﻌﺛور ﻋﻠﻰ أﻗدم ﺣﺿﺎرة ﺻﻧﻌﻬﺎ اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ ﺷﻣﺎل إﻓرﯾﻘﯾﺎ ﻋرﻓت ﺑﺣﺿﺎرة ﻋﯾن اﻟﺣﻧش ،أو
ﺣﺿﺎرة اﻟﺣﺟﺎرة اﻟﻣﻧﺣوﺗﺔ .ﻛﻣﺎ ﻫﻧﺎك طرﯾﻘﺔ اﻷﺳﺑﺎر اﻻﺧﺗﺑﺎرﯾﺔ ﻓﻲ ﻣواﻗﻊ اﻟﻌﯾون اﻟﻣﺎﺋﯾﺔ اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﻻﺳﺗﺧراج
اﻟﻣﻘﺎﯾﯾس اﻟﻣﻧﺎﺧﯾﺔ اﻟﻘدﯾﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗظﻬر ﻓﯾﻬﺎ ﺗراﻛﻣﺎت ﺳطﺣﯾﺔ ﺗﺳﺟل اﻟﺗﺳﻠﺳل اﻟﻣﻧﺎﺧﻲ ﻋﺑر اﻟﻌﺻور داﺧل
اﻟﺗرﺳﺑﺎت اﻟﺗﻲ ﺻﺎﺣﺑت أوﻗﺎت اﻟﺟﻔﺎف واﻷﻣطﺎر اﻟﻣﺗﻬﺎطﻠﺔ .وﯾﺗم ﻛذﻟك ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺷﺄن ﺗﺣﻠﯾل اﻟﺑﻘﺎﯾﺎ،
و اﻟﻣﺳﺗﺣﺎﺛﺎت اﻟﻧﺑﺎﺗﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻋﺛر ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟطﺑﻘﺎت اﻟرﺳوﺑﯾﺔ ﻟﯾﺗم ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻣﻧﺎخ اﻟﺳﺎﺋد ﻓﻲ ﻛل ﻣدة زﻣﻧﯾﺔ.
وﻣن ﻣطﺑﺎت ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ اﻷﺧطﺎء اﻟﺟﺳﯾﻣﺔ اﻟﺗﻲ وﻗﻊ ﻓﯾﻬﺎ ﻋﺎﻟم اﻵﺛﺎر اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﺳﺗﯾﻔﺎن ﻏزال ﻣن ﻣﻧطﻠق
أﻧﻪ أﺟرى دراﺳﺎت ﻋﻠﻰ ﻣﻧﺎطق داﺧﻠﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر واﺻﻔﺎ ﻣﻧﺧﺎت اﻟﻌﺻور اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺎن ﺳﺎﺋدا
ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن وﻗد ﺗم اﻛﺗﺷﺎف ﺗﻠك اﻷﺧطﺎء ﻣن طرف ﺑﺎﺣﺛﯾن ﺟزاﺋرﯾﯾن ﯾﺗﻘدﻣﻬم اﻟدﻛﺗور طﺎرق ﺳﺎﺣد
اﻟذي ﻧوﻩ ﺑذﻟك ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﻪ آﺛﺎر ﻓﺟر اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر.
_1ﻋﻠﻲ ﺣﺳن :اﻟﻣوﺟز ﻓﻲ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ،اﻟﻬﯾﺋﺔ اﻟﻣﺻرﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻛﺗﺎب ،.1993 ،ص ص.73-72 ،
14
اﻟﻣﺣﺎﺿرة اﻟﻌﺎﺷرة ﻣن اﻟﺳداﺳﻲ اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﺗﻣﻬﯾد:
ﻻ زال اﻟﻣﺳﺢ اﻷﺛري ﯾطرح اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻹﺷﻛﺎﻟﯾﺎت ،واﻟﻔرﺿﯾﺎت ،وﯾﻠﻘﻲ ﺑظﻼﻟﻪ ﻋﻠﻰ اﻟدراﺳﺎت اﻟﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ
ﻟﺿرورﺗﻪ ،وأﻫﻣﯾﺔ ﻣﺎ ﯾﻘدﻣﻪ ﻣن ﻧﺗﺎﺋﺞ ﺗﻔﯾد ﻓﻲ إﺛراء اﻟرﺻﯾد اﻟﻣﻌرﻓﻲ ﻟﻺﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺟﻣﻌﺎء ﺣول ﻣﺧﺗﻠف
اﻟﺟواﻧب اﻟﻣظﻠﻣﺔ ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺣﺿﺎرات اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﻣر اﻟﻌﺻور واﻷزﻣﻧﺔ .وﻗد اﻧﺑرت ﻓرق اﻟﺑﺣث اﻷﺛرﯾﺔ
ﺗﻧﺷط ﻓﻲ أﻣﺎﻛن ﻏﻧﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣواد ذات اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﺗراﺛﯾﺔ ﺗﺣت وﺻﺎﯾﺔ ﻫﯾﺋﺎت ﻋﺎﻟﻣﯾﺔ ﻣﺛل ﻣﻧظﻣﺔ اﻟﯾوﻧﺳﻛو،
وﺑﻌض اﻟﺟﺎﻣﻌﺎت اﻟﻛﺑرى .ﻓﻬل ﻧﻛﺗﻔﻲ ﺑﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎﻩ أم ﻻ ﺑد ﻣن ﺗﺗﺑﻊ ﻣﻧﺎﻫﺞ واﻋﺗﻣﺎد وﺳﺎﺋل ﻛﻔﯾﻠﺔ ﺑﺎﻟﻛﺷف ﻋن
اﻵﺛﺎر ﻟدراﺳﺗﻬﺎ؟
ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺎﺣث اﻟﻣﺷرف ﻋﻠﻰ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﻣﺳﺢ اﻷﺛري أن ﯾﺳﺗﻔﯾد ﻣن اﻟﺧراﺋط ﻟﻼطﻼع ﻋﻠﻰ اﻟﻣواﻗﻊ
اﻟﻘدﯾﻣﺔ ،ذﻟك أن اﻟﻛﺛﯾر ﻣﻧﻬﺎ ﺗم ﺗﺣدﯾدﻩ ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟدول رﻏم اﺧﺗﻼف اﻟﻛﺛﯾر ﺣول ﻫذﻩ اﻟﻣواﻗﻊ.
وﯾﺳﺗﺣﺳن ﻓﻲ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻷﻣور اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﺧراﺋط ذات اﻟﺳﻠم 12500/1ورﺑﻣﺎ اﻷﺻﻐر ﻣﻧﻪ ﻟﻣﺎ ﺗﻘدﻣﻪ ﻣن
ﻣﻌﻠوﻣﺎت واﺿﺣﺔ اﻟﻣﻌﺎﻟم ﻣﺛل ﺳور ،أو ﻣﻣر ،أو ﻣﺳﻠك وﻣﺎ إﻟﯾﻬﺎ ﻣن أﺷﯾﺎء .وﯾﻣﻛن أن ﯾظﻬر ﻓﯾﻬﺎ ﺑﻌض
اﻟﻣواﻗﻊ اﻟﺗﻲ ﯾطﻠق ﻋﻠﯾﻬﺎ أطﻼل .وزﯾﺎدة ﻋﻠﻰ ﻫذا ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺎﺣث دراﺳﺔ ﻣﺧططﺎت اﻟﻣدن ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ
إﺟراء أﺳﺑﺎر اﺧﺗﺑﺎرﯾﻪ داﺧل اﻷﻧﺳﺟﺔ اﻟﻌﻣراﻧﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣدن ﻣﺣل اﻟدرس إن ﺗم اﻻﺗﻔﺎق ﺑﺷﺄﻧﻬﺎ .وﻣﻌرﻓﺔ ﺻﻠﺔ
اﻟﻣﻛﺎن اﻟﻣزﻣﻊ اﻟﻣﺳﺢ ﻓﯾﻪ ﻣﻊ ﺑﻘﯾﺔ اﻟﻣدن ،أو ﺣﺗﻰ ﻣﻊ اﻟدوﻟﺔ ﺻﺎﺣﺑﺔ ﻫذﻩ اﻟﻣدن.
واﻟﺧراﺋط ﻫﺎﻣﺔ إذا ﻣﺎ أﺣﺳن اﺳﺗﺧداﻣﻬﺎ ﻟﺗﺣدﯾد ﻧوﻋﯾﺔ اﻷﺗرﺑﺔ اﻟﺻﺎﻟﺣﺔ ﻟﻠزراﻋﺔ ،وﻣﻌرﻓﺔ ﻣواﻗﻊ اﻧﺗﺷﺎر
اﻟﻐﺎﺑﺎت ﻷن ذﻟك ﯾﺑﯾن أن اﻟﻣﻛﺎن ﻏﯾر ﻣؤﻫل ﻟﻼﺳﺗﻘرار اﻟﺑﺷري ﻋﻠﻰ اﻷﻗل ﻓﻲ اﻟﻌﺻور اﻟﻐﺎﺑرة ﻻﻓﺗﻘﺎر
اﻟﺳﺎﻛﻧﺔ ﻷدوات إزاﻟﺔ اﻷﺷﺟﺎر .وﯾﺷﺎر ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺑﺎب إﻟﻰ أن أﺣﺳن طرﯾﻘﺔ ﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻟﻣﺷﺎﻛل اﻷﺛرﯾﺔ ﻟﻣﻛﺎن
ﻣﺎ ﻫو ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﺧراﺋط اﻟﻛﺑﯾرة .وﻋﻠﻰ اﻟﺑﺎﺣث ﻓﻲ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟظروف أن ﯾﺳﺗﻌﯾن ﺑﺑﻌض اﻟوﺳﺎﺋل
اﻟﻣﻬﻣﺔ ﻣﺛل اﻟﺗﯾودوﻟﯾت ) ،1(théodoliteوﺑوﺻﻠﺔ ،وأدوات رﺳم ،وﻣﻔﻛرة ﻟﺗﺳﺟﯾل ﻛل ﻣﺎ ﯾراﻩ ﻣن
ﻣﻼﺣظﺎت وأﺧرى ﻟرﺳم ﻣﺧططﺎﺗﻪ اﻟﺑﯾﺎﻧﯾﺔ .وﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون اﻟﻣﻧطﻘﺔ اﻟﻣراد ﻣﺳﺣﻬﺎ ﻣن اﻷﻓﺿل أن ﯾﺳﺗﻌﺎن
_1اﻟﺗﯾودوﻟﯾت :آﻟﺔ ﻗﯾﺎس اﻟزواﯾﺎ ،و اﻟﻣرﺗﻔﻌﺎت وﺗﺣدﯾد اﻟﻣﺳﺎﻓﺎت ،وﻫﻲ ﻣﺟﻬزة ﺑﻣﻧظﺎر ،وﻣﺳطرة اﻟﻘراءة ،ﻟﻠﻣزﯾد ﯾﻧظر:
Dictionnaire Hachette , paris, 2017.,p, 1601.
15
ﺑﺑﻌض اﻟﻔرق ﻣن اﻟطﻠﺑﺔ ﻟﻣﺳﺢ ﺗﻠك اﻟﻣﻧطﻘﺔ وﻗﯾﺎﺳﻬﺎ ﺑﻣﻘﯾﺎس اﻟﻣﺳﺎﻓﺎت وﯾﺗﺟﻪ ﻛل ﻓرﯾق ﻓﻲ اﺗﺟﺎﻩ ﻟﺗﺣدﯾد
اﻟﻣوﻗﻊ اﻟذي ﯾﺣوي ﺳطﺣﻪ اﻟﻠﻘﻰ اﻷﺛرﯾﺔ ﻟﯾﺧﺗﺎر أﺣﺳﻧﻬﺎ ﻟﻠدراﺳﺔ .وﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أﻧﻪ ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﻰ
اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن اﺧﺗﯾﺎر اﻷوﻗﺎت اﻟﺻﺣوة اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺳﻘط ﻓﯾﻬﺎ اﻷﻣطﺎر أو اﻟﺛﻠوج.
ﻛﻣﺎ ﯾﺟب اﻻﺳﺗﻔﺎدة ﻣن اﻟﻣﺻﺎدر اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ واﻟﻣوﻗﻊ اﻟﺟﻐراﻓﻲ ﻟﻠﻣﻛﺎن ،وﻛذا أن ﯾﻔﯾد ﻣن وﺟود أودﯾﺔ ،أو
ﻣﺟﺎري ﻧﻬرﯾﺔ أو ﻣﻧﺎﺟم اﻟداﻟﺔ ﻋﻠﻰ وﺟود اﻻﺳﺗﯾطﺎن اﻟﺑﺷري ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟرﻗﻌﺔ ورﺑﻣﺎ اﻻﺳﺗﯾطﺎن اﻟﻘدﯾم.1
ﯾﺳﺎﻋد ﻗراءة اﻟﻧﺻوص اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﻓﻲ أﻣﻬﺎت اﻟﻣﺻﺎدر اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ،واﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ ،واﻷدﺑﯾﺔ اﻟﻣﺗﺎﺣﺔ ،واﻹطﻼع
ﻋﻠﻰ اﻟﺻور اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﻣن أﺟل ﺗﺣدﯾد ﻣوﻗﻊ ﻣﻼﺋم ﻟﻠدراﺳﺔ اﻟﻣﯾداﻧﯾﺔ ٕواﺟراء أﺳﺑﺎر اﺧﺗﺑﺎرﯾﺔ .وذﻟك ﺑطﺑﯾﻌﺔ
اﻟﺣﺎل ﯾﻛون ﺑﻌد اﺳﺗﻛﺷﺎف ﻣﻛﺎن اﻟﻣوﻗﻊ ﻋﻘب ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﺷﺎر إﻟﯾﻬﺎ.
إن ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺎت ﻗد ﺗؤﻛد أو ﺗﻧﻔﻲ ﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟدراﺳﺎت اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ وﻫذا ﺷﺄن اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻛﺎﻓﺔ .ﻟﻛن
اﻟﺷﻲء اﻟذي ﯾﻣﻛن ﻗوﻟﻪ ﻫو أن اﻟﻧﺻوص ﻋﻠﻰ اﺧﺗﻼﻓﻬﺎ ﺗﻌد ﺳﻧدا ﻗوﯾﺎ ﻟﻠﺑﺎﺣث ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻣواﻗﻊ
اﻷﺛرﯾﺔ وﻫﻧﺎ ﺗﺳﺗوﻗﻔﻧﻲ ﺣﺎدﺛﺔ ﻣﻔﺎدﻫﺎ أن ﻋﻠﻣﺎء اﻵﺛﺎر ﻟﻣﺎ أرادوا دراﺳﺔ ﻣوﻗﻊ ﻣدﯾﻧﺔ اﻟﻣﺳﯾﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺻر
اﻟﻔﺎطﻣﻲ وﻗﻌوا ﻓﻲ ﻣطﺑﺔ ﻛﺑرى ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻏﯾﺎب اﻟﻧﺻوص اﻟﻣﺻدرﯾﺔ رﻏم وﺟود اﻟﺑﻌض ﻣﻧﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻛﺗب
اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ ﻣﺛل اﻟﺑﻛري وﻏﯾرﻩ إﻻ أن اﻟوﺻف ﻣﻘﺗﺿب وﻻ ﯾﺧدم اﻟﻣدﯾﻧﺔ ﻫﻧﺎ اﺿطر ﻋﻠﻣﺎء اﻵﺛﺎر إﻟﻰ ﺗﻧوﯾﻊ
اﻟﻣﺎدة اﻟﻣﺻدرﯾﺔ ﻓﻠﺟؤا إﻟﻰ اﻻﺳﺗﻌﺎﻧﺔ ﺑﻘﺻﯾدة اﻟﺷﺎﻋر اﺑن ﻫﺎﻧﻲء اﻷﻧدﻟﺳﻲ اﻟذي وﺻﻔﻬﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻣدﯾﻧﺔ ﺗﻘﻊ
ﻓﻲ ﺑﺳﯾط ﻣﻧﺎ اﻷرض ﯾﺣﯾطﻬﺎ ﺳوران ،وﯾﺗﺧﻠﻠﻬﺎ ﻧﻬر ﺳﻬر .وﻫﻧﺎ ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﺑن ﺧﻠدون ﻓﻲ ﻣﻘدﻣﺗﻪ ﻓﻲ
اﻟﻔﺻل اﻟذي ﺧﺻﺻﻪ ﻟﻠﻣدن ﻓﻲ اﻟﻔﺗرات اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ وﺟدﻧﺎ اﻟﻣوﻗﻊ _ اﻟﻣﺳﯾﻠﺔ أو اﻟﻣﺣﻣدﯾﺔ اﻟﻔﺎطﻣﯾﺔ_ ﺗﻧطﺑق
ﻋﻠﯾﻪ ﺷروط إﻧﺷﺎء اﻟﻣدن ﻣن ﺟودة اﻟﻬواء ،ووﻓرة اﻟﻣﯾﺎﻩ ،واﻟﻣﺣطب اﻟﻘرﯾب ،اﻟﻣﯾرة ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻸرض اﻟزراﻋﯾﺔ
وﻫﻧﺎ ﺗﻛﻣن أﻫﻣﯾﺔ اﻟﻧﺻوص اﻟﻣﺻدرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﯾﺳﺗﻐﻧﻲ ﻋﻧﻬﺎ اﻟﺑﺎﺣث ﺑﺄي ﺣﺎل ﻣن اﻷﺣوال ﻟﻣﺎ ﺗﻘدﻣﻪ ﻣن
ﻣﻌﻠوﻣﺎت ﻗﯾﻣﺔ ﺣول طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ.
إن اﻟﺑﺎﺣث ﻣﺟﺑر ﻻ ﻣﺧﯾر ﻟﻘراءة ﺟل اﻟﻧﺻوص اﻟﻣﺗﺎﺣﺔ ﻻ ﯾﺗرك ﻣﻧﻬﺎ ﺷﺎردة وﻻ واردة إﻻ واﺳﺗﻐﻠﻬﺎ
اﺳﺗﻐﻼﻻ ﻛﺎﻓﯾﺎ ﻗد ﯾﺳﺗﻧﺗﺞ ﻣﻧﻪ ﺑﻌض اﻷﻣور اﻟﺧﻔﯾﺔ.
16
_3ﻣﺳﺢ اﻵﺛﺎر اﻟﻐﺎرﻗﺔ:
ﺗﻛﺗﺳﻲ اﻵﺛﺎر اﻟﻐﺎرﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﺣﺎر ،واﻟﻣﺣﯾطﺎت أﻫﻣﯾﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟدراﺳﺎت اﻻﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ،ﻟﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن
ﺗﺿﯾﻔﻪ ﻣن ﻣﻌﻠوﻣﺎت ﻗﯾﻣﺔ ﻋن ﻣﺧﺗﻠف اﻟﺣﺿﺎرات ،واﻟﻣدن اﻟﻐﺎرﻗﺔ ﻓﻲ ﺳواﺣل وﺷطﺂن اﻟﺑﺣﺎر .ﻓﻬﻲ إذا
ﻣﻛﻣﻠﺔ ﻣن دون ﺷك ﻟﻶﺛﺎر اﻟﻣوﺟودة ﻓﻲ اﻟﻘﻔﺎر اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺎوﻟﻧﺎﻫﺎ ﻛﻣﺎ ﻣر ﺑﻧﺎ ﻗﺑل ﺣﯾن ،وﻋﻠﯾﻪ ﻧﺷﯾر أﻧﻪ ﺑدأ
اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟﻐوص ﻣن أﺟل اﻧﺗﺷﺎل ﺑﻘﺎﯾﺎ ﺣطﺎم اﻟﺳﻔن واﻟﻣراﻛب اﻟﺑﺣرﯾﺔ اﻟﻐﺎرﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﺗرة اﻟﺗﻲ ﺟﺎءت ﺑﻌد
ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ 1945ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن اﻟﻛﺛﯾر ﻣن ﻫذﻩ اﻟﻣراﻛب واﻟﺳﻔن اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ اﻟﻣﺣﻣﻠﺔ
ﺑﺎﻟﻛﻧوز ﻏرﻗت ﺧﻼل اﻟﻣﻌﺎرك اﻟﺑﺣرﯾﺔ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ وﺟب اﻟﻌﺛور ﻋﻠﯾﻬﺎ ٕواﺧراﺟﻬﺎ .وﻫﻧﺎ ﻧﺗوﻗف ﻟﻧطرح اﻟﺳؤال
اﻟﺗﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﺑﺳﺎط اﻟﻧﻘﺎش .ﻫل ﯾﺟرى اﻟﻣﺳﺢ اﻷﺛري ﻓﻲ أﻋﻣﺎق اﻟﺑﺣﺎر واﻟﻣﺣﯾطﺎت أم ﻻ؟
وﻗد ﺗﻛون ﻫذﻩ اﻵﺛﺎر اﻟﻣﺷﺣوﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﻔن ﻏرﻗت ﻷﺳﺑﺎب ﻋدﯾدة ﻛﺄن ﯾﺻﯾﺑﻬﺎ ﻋطب أو ﺗﺗﻌرض ﻟﻼرﺗطﺎم
ﻋﻠﻰ اﻟﺻﺧور اﻟﺳﺎﺣﻠﯾﺔ واﻷﻣﺛﻠﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻛﺛﯾرة ﻣﻧﻬﺎ ﺗﻠك اﻟﺳﻔن اﻟﻐﺎرﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺳواﺣل اﻷوروﺑﯾﺔ أو ﻓﻲ
اﻟﺷﻣﺎل اﻹﻓرﯾﻘﻲ ﺧﻼل اﻟﻌﺻور اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﺣﯾﻧﻣﺎ ﻧﺷط اﻟﻣﻼﺣﺔ اﻟﻔﯾﻧﯾﻘﯾﺔ ﺛم اﻟروﻣﺎﻧﯾﺔ.
وﻗد ﯾﻛون اﺧﺗﻔﺎء اﻵﺛﺎر ﻓﻲ اﻷﻋﻣﺎق ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟظواﻫر اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻣن زﻻزل وﺑراﻛﯾن ﻣﺛل ﻣﺎ ﺣدث ﻓﻲ أﻏﺎدﯾر
ﺑﺎﻟﻣﻐرب .واﻟﺷﻲء اﻟذي ﯾﻧﺑﻐﻲ ذﻛرﻩ ﻫو إﺳراع ﻣﻧظﻣﺔ اﻟﯾوﻧﺳﻛو ﺑداﯾﺔ ﻣن 1956ﻟﻠﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺗراث
اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ اﻟﻐﺎرق ﻓﻲ اﻟﺑﺣﺎر واﻟﻣﺣﯾطﺎت ﺑﺈﺷراف ﻣﻧظﻣﺔ إﻛوﻣوس اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ) (I.C.O.M.O.Sوﺣرﺻﻬﺎ
ﻋﻠﻰ ﺗطﺑﯾق اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت واﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺻب ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺷﺄن ،ﻗﺻد ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﻣﻣﺗﻠﻛﺎت اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ واﻟﺗراﺛﯾﺔ
اﻟﺟﺎﺛﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣواﻧﺊ اﻟﻘدﯾﻣﺔ.1
1 _ Barbara Egger, and Ulrike Guérin : Manual for activities directed at underwater
cultural Heritage,convention, Unescou, 2001., pp , 15-16.
17