Professional Documents
Culture Documents
Nouveau Microsoft Word Document
Nouveau Microsoft Word Document
إن اﺳﺗﻘراء وﺗﺣﻠﯾل ﺟذور اﺳم »اﻟﻌراق« ،وﻣﻧﺎﻗﺷﺔ اﻟﻧظرﯾﺎت اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﺣوﻟﮫ ورﺑطﮫ ﻋﻠﻣﯾﺎ ً ﺑﺟذره
اﻟﺟزﯾري »اﻟﺳﺎﻣﻲ« ،ﻛ ّل ذﻟك ﯾرﺗﺑط ّأوﻻً وﻗﺑل ﻛل ﺷﻲء ﺑﺣﻘﯾﻘﺔ وﺟود ھذا اﻻﺳم ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻣن
واﻟﻣؤرخ
ّ ﻗﺑل اﻟﻣﯾﻼد ﺑﺻﯾﻐﺔ »أراﻛﯾﺎ /أراﻗﯾﺎ« ﻓﻲ اﻟوﺛﺎﺋﻖ اﻵﺷورﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻧﺷرھﺎ وﺣﻠّﻠﮭﺎ اﻟﻌﺎﻟم
اﻷﻣﯾرﻛﻲ أﻟﺑرت أوﻟﻣﺳﺗﯾد ﺻﺎﺣب ﻛﺗﺎب «HISTORY OF ASSYRIA».وھذا اﻟﺗوﺛﯾﻖ اﻵﺛﺎري/
اﻷرﻛﯾوﻟوﺟﻲ اﻟذي ﯾﻘدّﻣﮫ أوﻟﻣﺳﺗﯾد ﯾﻣﻛن أن ﯾﻠﺧص ﻟﻧﺎ ،وﺑﺷﻛل ﻏﯾر ﻗﺎﺑل ﻟﻠدﺣض ،اﻟﮭوﯾﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ
اﻟﺟزﯾرﯾﺔ ﻟﮭذا اﻟﺑﻠد ،ﺑدءاً وﺣﺎﺿراً ،رﻏم أﻧﮫ ﯾﺧﺗﻠف ﻓﻲ اﻟﺗﻔﺎﺻﯾل ﻋن اﻟﺗﺧرﯾﺟﺔ اﻹﺗﯾﻣوﻟوﺟﯾﺔ/
اﻟﺗﺄﺛﯾﻠﯾﺔ واﻟﻔﯾﻠوﻟوﺟﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﯾﯾن اﻟﻠذﯾن ﯾﺳﺗﺑطﻧﮭﻣﺎ ﻓﻘﮫ اﻟﻠﻐﺔ ودراﺳﺔ اﻟﻧﺻوص اﻟﻘدﯾﻣﺔ ،اﻟﺗﻲ ﺗرﺑط
ﺑﯾن اﺳم اﻟﻌراق واﺳم »أوروك« ،ﻛﻣﺎ ﺳﯾﺄﺗﻲ ﺑﯾﺎﻧﮫ ﺑﻌد ﻗﻠﯾل .وﯾﻛﺷف ﻟﻧﺎ ﻛﯾف ﺗطورت اﻟﻣﻔردة
ﻋﺑر اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﻣﺛﻠﻣﺎ ﺗطور ﻧﺳﯾﺞ اﻟﺑﻼد اﻹﻧﺎﺳﻲ /اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﻲ واﻟﺳﻛﺎﻧﻲ /اﻟدﯾﻣوﻏراﻓﻲ واﺳﺗﻘر
ﻋﻧد اﻟﺗﺟﻠﻲ اﻟﺟزﯾري اﻷﺧﯾر» ،اﻟﻌرﺑﻲ« ،ﻗﺑل أرﺑﻌﺔ ﻋﺷر ﻗرﻧﺎ ً ﻣﺳﺗﻣرة ،ﻣرورا ً ﺑﺳﻠﺳﻠﺔ
اﻟﺗﻣظﮭرات اﻹﻧﺎﺳﯾﺔ )اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺔ( اﻟﺟزﯾرﯾﺔ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ اﻧطﻼﻗﺎ ً ﻣن ھوﯾﺗﮫ اﻷﻛدﯾﺔ ﺛم اﻷﻣورﯾﺔ
ﻓﺎﻵﺷورﯾﺔ واﻵراﻣﯾﺔ ﻓﺎﻟﻛﻠداﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ اﻧﺗﮭت ﺑﺎﻻﺣﺗﻼل اﻟﻔﺎرﺳﻲ اﻷﺧﻣﯾﻧﻲ ﺛم اﺧﺗُﺗﻣت ﺑﮭوﯾﺔ ﺟزﯾرﯾﺔ
ﺟدﯾدة ھﻲ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﺎدت وأﻣﺳت ﻋﻣﺎد اﻟﺣﺿور اﻟدﯾﻣوﻏراﻓﻲ اﻟﻌراﻗﻲ ﺑﻌد أﻛﺛر ﻣن أرﺑﻌﺔ
ﻋﺷر ﻗرﻧﺎ ً أﻋﻘﺑت اﻟﻔﺗﺢ اﻟﻌرﺑﻲ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺳﺎﺑﻊ اﻟﻣﯾﻼدي.إن ﻗراءة اﻟﺳردﯾﺔ واﻟﺣﯾﺛﯾﺎت
اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﺳﻠﺳﻠﮭﺎ اﻟزﻣﻧﻲ )اﻟﻛروﻧوﻟوﺟﻲ( اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﺳم »اﻟﻌراق« ﺗﻌﻛس ﺑدﻗﺔ ووﺿوح ھذا
اﻟواﻗﻊ اﻟﮭوﯾﺎﺗﻲ اﻟﻌرﺑﻲْ ،
وإن ﺑﺷﻛل ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷر أو ﻏﯾر ﻣﻘﺻود ،وﻟﻛن ﺑﺷﻛل ﻻ ﯾﻣﻛن ﻧﻛراﻧﮫ أو
اﻟﺗﻼﻋب ﺑﮫ ﻛﻣﺎ ﯾﺣﺎول اﻟﻣﻧﺎھﺿون اﻟﻣﻌﺎﺻرون ﻟﻌروﺑﺔ اﻟﻌراق اﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ واﻹﻧﺎﺳﯾﺔ أن ﯾﻔﻌﻠوا
ﺑﻌد اﻻﺣﺗﻼل اﻷﻣﯾرﻛﻲ ﺳﻧﺔ .2003وﻧﻘول »اﻟﻌروﺑﺔ اﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ واﻹﻧﺎﺳﯾﺔ« ﻻ اﻟﻌروﺑﺔ اﻟﻌرﻗﯾﺔ
اﻟﺳﻼﻟﯾﺔ .ﻓﮭذه اﻷﺧﯾرة أﻣﺳت ﻓﻲ ﻋﻣوم اﻟﻣﺷرق ﺧراﻓﺔ ﻓﺎرﻏﺔ ﻣن أي ﻣﺣﺗوى ﻣﻧذ ﻗرون ﻋدﯾدة،
ﺑﻔﻌل اﻟﮭﺟرات اﻟواﺳﻌﺔ اﻟﻧطﺎق واﻟﻛوارث اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ وﻋواﻣل اﻟﻣﻧﺎخ واﻟﺣروب واﻟﻐزوات اﻟﺗﻲ
ﻗﺎﻣت ﺑﮭﺎ ﺷﻌوب اﻟﻣﻧطﻘﺔ ﺟﻣﻌﺎء وطﺎوﻟت ﻛل زاوﯾﺔ ﻣن زواﯾﺎ اﻟﺷرق ﺗﻘرﯾﺑﺎً ،ﺑل وﺷﺎرك ﻓﯾﮭﺎ
اﻟﻐرب اﻷوروﺑﻲ ﺑﻘﺳط واﻓر ﻓﻲ ﺻﻧﻊ وﻛﺗﺎﺑﺔ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻣﻧطﻘﺔ ﻗدﯾﻣﺎ ً وﺣﺗﻰ ﺣروب اﻟﻔرﻧﺟﺔ ،اﻟﺗﻲ
ﺳ ّﻣﺎھﺎ اﻟﻐرﺑﯾون ﻻ اﻟﻌرب »اﻟﺣروب اﻟﺻﻠﯾﺑﯾﺔ« وﻣزﺟت ﻓﻲ ﻣرﺟل اﻟﺗﺎرﯾﺦ واﻟدﯾﺎﻟﻛﺗﯾك ﺷﻌوب
اﻟﻣﻧطﻘﺔ ﻣزﺟﺎ ً ﻋﻣﯾﻘﺎ ً ﻋﻠﻰ ﺻﻌﯾد اﻹﻧﺛوﻏراﻓﻲ ﻣﻊ اﺣﺗﻔﺎظﮫ ﺑﮭوﯾﺗﮫ اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ -اﻟﻠﻐوﯾﺔ -اﻟﺟزﯾرﯾﺔ
اﻟﺳﺎﻣﯾﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌراق واﻟﺷﺎم وﺷﺑﮫ اﻟﺟزﯾرة ﺛم اﻣﺗداداً إﻟﻰ ﻣﺻر وﺑﻠدان ﺷﻣﺎل أﻓرﯾﻘﯾﺎ ﻻﺣﻘﺎ ً.
ﻋودا ً إﻟﻰ ﻣوﺿوع اﺳم اﻟﻌراق اﻟﻘدﯾم ،ﻧﺟد أن ﺑﻌض اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن واﻟﻣﺗرﺟﻣﯾن واﻹﻋﻼﻣﯾﯾن اﻟﻌرب -
وﺣﺗﻰ ﺑﻌض اﻟﻌراﻗﯾﯾن -ﯾﺳﺗﻌﻣﻠون اﻟﺗرﺟﻣﺔ اﻹﻏرﯾﻘﯾﺔ »ﻣﯾزوﺑوﺗﺎﻣﯾﺎ« ﻟﻠﻣﺻطﻠﺢ اﻵراﻣﻲ اﻟﻌرﯾﻖ
وﯾﺻرون أﺣﯾﺎﻧﺎ ً ﻋﻠﻰ
ّ »ﺑﯾث ﻧﮭرﯾن /ﺑﯾن ﻧﮭرﯾن« دون اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أﻧﮭﺎ ﺗرﺟﻣﺔ ﻟﮭذا اﻷﺧﯾر.
اﺳﺗﻌﻣﺎﻟﮫ ﺑﻣﺎ ﯾوﺣﻲ وﻛﺄﻧﮫ اﻻﺳم اﻷﺻﻠﻲ ﻟﻠﻌراق اﻟﻘدﯾم .واﻟﻧﮭران اﻟﻣﻘﺻودان ھﻣﺎ دﺟﻠﺔ واﻟﻔرات.
وھﻧﺎك َﻣن ﻻ ﯾﺳﺗﻌﻣل ﻋﺑﺎرة »ﻣﺎ ﺑﯾن اﻟﻧﮭرﯾن« أو »ﺑﻼد اﻟراﻓدﯾن« اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻧﯾﮭﺎ ﺗﻣﺎﻣﺎً ،ﺑل ﯾﻛرر
اﻟﺗرﺟﻣﺔ اﻹﻏرﯾﻘﯾﺔ »ﻣﯾزوﺑوﺗﺎﻣﯾﺎ« ﺑﺎﻟﺣرف اﻟﻌرﺑﻲ؛ أ ّﻣﺎ ﻋﺑﺎرة »اﻟﻌراق اﻟﻘدﯾم« ﻓﮭﻲ ﻣن
اﻟﻣﮭﻣﻼت أو رﺑﻣﺎ اﻟﻣﺣرﻣﺎت ﻋﻧد ﺑﻌﺿﮭم ،وﻟﮭذا اﻟﺗﺻرف ﺗﻔﺳﯾراﺗﮫ اﻟﺗﻲ ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﮭﺎ
ﺑﺎﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ اﻟﺑﺣﺛﯾﺔ ﻏﺎﻟﺑﺎ ً ﺑل اﻟﺟﺎﻧب اﻟﻧﻔﺳﺎﻧﻲ واﻟﺳﻠوﻛﻲ ﻟﻠﺑﺎﺣث اﻟﻔرد وﺑﻌدم ﻣﻌرﻓﺗﮫ ﺑﮭذه
اﻟﻣﻌﻠوﻣﺔ.
إن اﻋﺗﺑﺎر ﻣﺻطﻠﺢ »ﺑﻼد ﻣﺎ ﺑﯾن اﻟﻧﮭرﯾن /ﺑﻼد اﻟراﻓدﯾن« ﺗرﺟﻣﺔ ﻋرﺑﯾﺔ ﻣﺄﺧوذة ﻋن اﻟﻣﺻطﻠﺢ
اﻹﻏرﯾﻘﻲ »ﻣﯾزوﺑوﺗﺎﻣﯾﺎ /ﻣﯾﺗﺳوﺑوﺗﺎﻣﯾﺎ« ،ھو ﻛﻼم ﺧﺎطﺊ ﺟﻣﻠﺔ وﺗﻔﺻﯾﻼً ،ﯾﺗﻛرر ﻓﻲ اﻟﻣوﺳوﻋﺎت
اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎﺗﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻧت وﻓﻲ اﻟدراﺳﺎت اﻹﻧﺎﺳﯾﺔ اﻻﺳﺗﺷراﻗﯾﺔ واﻟﻌرﺑﯾﺔ ،وھو ﻏﯾر دﻗﯾﻖ ﺗﻣﺎﻣﺎً؛
ﻓﻌﺑﺎرة »ﺑﯾث ﻧﮭرﯾن« اﻵراﻣﯾﺔ ھﻲ اﻷﺻل ،وﻛﺎﻧت ﻣﺗداوﻟﺔ ﻓﻲ ﻋﮭد اﻟدوﻟﺔ اﻵﺷورﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺄﺳّﺳت
ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟراﻓدﯾن ﺧﻼل اﻟﻘرن اﻟراﺑﻊ ﻋﺷر ق.م ،وزاﻟت ﻣن اﻟوﺟود ﻛدوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺳﺎﺑﻊ ق.م.
ھذه اﻟﻌﺑﺎرة »ﺑﯾث ﻧﮭرﯾن« ھﻲ اﻷﻗدم ﺗﺎرﯾﺧﯾﺎ ً ﻣن ﺗرﺟﻣﺗﮭﺎ اﻹﻏرﯾﻘﯾﺔ »ﻣﯾزوﺑوﺗﺎﻣﯾﺎ« ،ﺛم
اﻟروﻣﺎﻧﻲ ﻟﻔﺗرة ﻗﺻﯾرة ﻛﺎﺳم ﻟﻣﻘﺎطﻌﺔ ﻣﺣﺗﻠﺔ ﻣن ﻗﺑل اﻟروﻣﺎن ﻓﻲ ﺷﻣﺎل ﺑﻼد اﻟراﻓدﯾن ﻓﻲ ﻋﮭد
اﻹﻣﺑراطور ﺗروﺟﺎن ﺳﻧﺔ 116م ،ﺣﺗﻰ اﻧﺳﺣﺎب اﻟروﻣﺎن ﻣﻧﮭﺎ ﻓﻲ ﻋﮭد ھﺎدرﯾﺎن ﺑﻌد ﺳﻧوات
ﻗﻠﯾﻠﺔ ،واﻟﺗﻲ وﻟدت ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻧﻲ ق.م .وﻛﻣﺎ أن اﻟﻠﻔظﺔ اﻷﺻﻠﯾﺔ اﻵراﻣﯾﺔ »ﺑﯾث ﻧﮭرﯾن« ھﻲ
اﻷطول ﻋﮭداً واﻷوﺳﻊ اﺳﺗﻌﻣﺎﻻً واﻷﻗدم ﻣن ﻣﯾزوﺑوﺗﺎﻣﯾﺎ اﻹﻏرﯾﻘﯾﺔ ﺑﻌدة ﻗرون ،وﻣرادﻓﮭﺎ اﻟﻌرﺑﻲ
اﻟﺻﺣﯾﺢ واﻟﺣرﻓﻲ ھو ﺑﻼد »ﻣﺎ ﺑﯾن اﻟﻧﮭرﯾن« ،واﺧﺗُﺻرت ﻓﻲ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﯾوﻣﻲ إﻟﻰ »ﺑﻼد
اﻟراﻓدﯾن« ﻟﺧﻔّﺗﮭﺎ وﺳﻼﺳﺗﮭﺎ اﻟﻧطﻘﯾﺔ .وﺗﻛون اﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﯾﮭﺎ »اﻟراﻓداﻧﻲ« ﻋﻠﻰ ﻣﻧوال »اﻟﺑﺣراﻧﻲ«
وﺻﻧﻌﺎﻧﻲ وﺑﮭراﻧﻲ ﻛﻣﺎ ورد ﻓﻲ ﻣوﺳوﻋﺔ »ﻟﺳﺎن اﻟﻌرب« ﻻﺑن ﻣﻧظور وﻣراﺟﻊ أﺧرى ،ﻓﻲ
ﻣوﺿوع اﻟﻧﺳﺑﺔ اﻟ َﻌﻠَﻣﯾﺔ.
أ ّﻣﺎ ﺗرﺟﻣﺔ »ﺑﯾث ﻧﮭرﯾن« إﻟﻰ ﻋﺑﺎرة »ﺑﯾت اﻟﻧﮭرﯾن« ﺗرﺟﻣﺔ ﺧﺎطﺋﺔ ،ﻓﻣﻧﺷؤھﺎ -ﻛﻣﺎ ﯾﻛﺗب أﺣد
اﻟﻣﮭﺗﻣﯾن ﺑﺎﻟﻣوﺿوع -اﻟﺧﻠط ﺑﯾن ﻛﻠﻣﺔ »ﺑﯾث« و»ﺑﯾت« اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻧﻲ اﻟﺑﯾت واﻟﻣﻧزل ،وﻟﻛن اﻟﺗدﻗﯾﻖ
ﻓﻲ ھﯾﺋﺔ اﻟﻛﻠﻣﺗﯾن ﺑﺎﻟﺧط اﻵراﻣﻲ ﻻ ﯾظﮭر ﻟﻧﺎ أي ﻓرق ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻛﺗﺎﺑﺔ ،ﻓﮭل ھﻧﺎك ﻓرق ﻟﻔظﻲ ﻻ
ﻧﻌرﻓﮫ؟ ﯾﺑﻘﻰ ھذا اﻟﺳؤال ﻣﻔﺗوﺣﺎ ً ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟﺣﺎﺿر ﻋﻠﻰ اﻷﻗل .أ ّﻣﺎ ﺗرﺟﻣﺗﮭﺎ إﻟﻰ »وطن
اﻟﻧﮭرﯾن« ﻓﺎﻟراﺟﺢ أﻧﮭﺎ ﻟﯾﺳت ﺗرﺟﻣﺔ ﺑﻌﯾدة ﻋن اﻟﻣﺿﻣون ،إ ْذ ﱠ
إن اﻟﺑﯾت ﯾﻌﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ اﻟوطن،
ﻟﯾس ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺎت اﻟﺟزﯾرﯾﺔ اﻟﺳﺎﻣﯾﺔ ﻓﺣﺳب ،ﺑل ﺣﺗﻰ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺎت اﻟﮭﻧدوآرﯾﺔ ﻛﺎﻹﻧﻛﻠﯾزﯾﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة.
إذاً» ،ﺑﯾث ﻧﮭرﯾن« ھو اﺳم اﻟﻌراق اﻟﻘدﯾم ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻵراﻣﯾﺔ -وھﻲ أﻗرب اﻟﻠﻐﺎت اﻟﺟزﯾرﯾﺔ
»اﻟﺳﺎﻣﯾﺔ« إﻟﻰ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،وﻗد ﺗطورت اﻵراﻣﯾﺔ ﻻﺣﻘﺎ ً إﻟﻰ اﻟﺳرﯾﺎﻧﯾﺔ؛ وﺗﻌﻧﻲ ﻋﺑﺎرة »ﺑﯾث ﻧﮭرﯾن«
ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ »ﺑﯾن ﻧﮭرﯾن« ،وھﻲ اﻟﻣﻧﺎطﻖ اﻟواﻗﻌﺔ ﺑﯾن ﻧﮭري دﺟﻠﺔ واﻟﻔرات وﻣﺣﯾطﮭﻣﺎ وﻛذﻟك
رواﻓدھﻣﺎ .واﻻﺳم ﯾﺷﯾر أﯾﺿﺎ ً إﻟﻰ اﻟﻣﻧطﻘﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﺣول اﻷﻧﮭﺎر ،وﻟﯾس ﻓﻘط ﺣرﻓﯾﺎ ً ﺑﯾن اﻷﻧﮭﺎر.
وﻣﻧﮫ اﺷﺗﻘﺎق »ﻧﮭراﯾﺎ« ،وھو اﻟﻣﻌﺎدل اﻵراﻣﻲ ﻟـ»ﺑﻼد ﻣﺎ ﺑﯾن اﻟﻧﮭرﯾن».
وﻋن اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻵراﻣﯾﺔ واﻟﺳرﯾﺎﻧﯾﺔ ،ﯾﻣﻛن اﻟﺗذﻛﯾر ھﻧﺎ ﺑﺄن ﺑﻌض اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن ﯾرى أﻧﮭﺎ ھﻲ اﻟﻠﻐﺔ
ّ
وﻟﻛن اﻟﻣﺳﯾﺣﯾﯾن اﻟﻌرب واﻟﺷرﻗﯾﯾن ﻧﺄوا ﺑﺄﻧﻔﺳﮭم ﻋن اﺳم ﻧﻔﺳﮭﺎ ﺗﻘرﯾﺑﺎً ،أو رﺑﻣﺎ ﺗﻛون ﻟﮭﺟﺔ ﻣﻧﮭﺎ،
»آراﻣﯾﺔ« ﻷﻧﮫ ﻋﻧدھم ذو ﻣﺣﻣوﻻت وﺛﻧﯾﺔ ﻓﺎﺳﺗﻘروا ﻋﻠﻰ اﺳم »اﻟﺳرﯾﺎﻧﯾﺔ« ،ﻓﯾﻣﺎ ﻧﺳب اﻟﺷﯾﺦ
اﻟﺑﺎﺣث ﺟﻌﻔر اﻟﻣﮭﺎﺟر أﺧﯾراً ،ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻟﺔ ﻟﮫ ﻓﻲ »اﻷﺧﺑﺎر« 16ﺣزﯾران ،2022اﻟﺳرﯾﺎن إﻟﻰ
ﻣدﯾﻧﺔ ﺳ ّﻣﺎھﺎ »ﺳورى« ﻗرب اﻟﺣﻠﺔ اﻟﻌراﻗﯾﺔ .وھﻲ ﺑﻠدة »ﺳورا أو ﺳوراء« ﻋﻠﻰ ﻧﮭر ﺑﮭذا اﻻﺳم
واﺧﺗﻠﻔوا ﻓﻲ ﺻﯾﻐﺔ اﻟﻧﺳﺑﺔ اﻟﺳﺎﺋدة إﻟﯾﮭﺎ ﺑﯾن )اﻟﺳّوراﻧﻲ ،واﻟﺳّوراوي ،واﻟﺳّﯾوري( .ووﺟﮭﺔ ﻧظر
اﻟﻣﮭﺎﺟر ﺗﺳﺗﺣﻖ اﻟﺗﻣﺣﯾص واﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﻣﻧﮭﺟﻲ ﺑﺎﺳﺗﻌﻣﺎل طراﺋﻖ اﻟﺑﺣث اﻟﻌﻠﻣﻲ اﻹﯾﺗﯾﻣوﻟوﺟﻲ
إن ﺗوﻓّرت وﻻ ﯾﻌول ﻓﻘط ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺷﺎء اﻻﻧطﺑﺎﻋﻲ
واﻟﻔﯾﻠوﻟوﺟﻲ واﻷدﻟﺔ اﻵﺛﺎرﯾﺔ »اﻷرﻛﯾوﻟوﺟﯾﺔ« ْ
واﻟﻣﻘﺎرﺑﺎت اﻟﺗﺧﻣﯾﻧﯾﺔ .أ ّﻣﺎ ﻧﺳﺑﺔ اﻟﺳرﯾﺎن واﻟﺳرﯾﺎﻧﯾﺔ إﻟﻰ ﺳورﯾﺎ ،ﻓﮭﻲ وﺟﮭﺔ ﻧظر أﺧرى ﯾﺗﺑﻧﺎھﺎ
ﺑﺎﺣﺛون ﻋدﯾدون ﻟﮭم ﺣﺟﺟﮭم وﻓﯾﮭﺎ ﻧﻘﺎط ﺿﻌﻔﮭﺎ ﻣﺛﻠﻣﺎ ﻓﯾﮭﺎ ﻧﻘﺎط ﻗوﺗﮭﺎ ،وﻧﺄﻣل أن ﻧﺧﺻص ﻟﮭذا
اﻟﻣﻔﺻل ﻣن اﻟﺑﺣث وﻗﻔﺔ أﺧرى ﻣﺳﺗﻘﺑﻼً.
إن اﺳم اﻟﻌراق اﻵراﻣﻲ ﻣوﺛّﻖ ﻣﻧذ اﻋﺗﻣﺎد اﻵراﻣﯾﺔ اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﻛﻠﻐﺔ ﻣﺷﺗرﻛﺔ ﻟﻺﻣﺑراطورﯾﺔ اﻵﺷورﯾﺔ
ﱠ
اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻣن ق.م .أ ّﻣﺎ اﻻﺳم اﻟﯾوﻧﺎﻧﻲ ،ﻣﯾزوﺑوﺗﺎﻣﯾﺎ ،ﻓﺎﻷرﺟﺢ أﻧﮫ ﺻﯾﻎ ﻷول ﻣرة
اﻟﻣؤرخ ﺑوﻟﯾﺑﯾوس ﺧﻼل اﻟﻔﺗرة
ّ ﻛﺗرﺟﻣﺔ ﻟﺑﯾث ﻧﮭرﯾن اﻵراﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻧﻲ ق.م ،ﻣن ﻗﺑل
ﺻ َﯾﻎ أﺧرى ﻗرﯾﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺳرﯾﺎﻧﯾﺔ اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ »اﻵراﻣﯾﺔ« اﻷﻗل ﺷﯾوﻋﺎ ً اﻷﺧرى
اﻟﺳﻠوﻗﯾﺔ .وھﻧﺎك ِ
ﻟﻼﺳم ﻣﻧﮭﺎ ﺑﯾت ﻧﺎھراواﺗﺎ )ﺑﯾن اﻷﻧﮭﺎر( ،و ) (Meṣʿaṯ Nahrawwāṯāأي )وﺳط اﻷﻧﮭﺎر(
ﺷــرﯾﻌﺔ ﺣﻣــوراﺑﻲ ﻣــن اھــم اﻟﺷــراﺋﻊ اﻹﻧﺳــﺎﻧﯾﺔ اﻟــﺗﻲ وﺿــﻌت ﻟﺧدﻣــﺔ اﻟﺑﺷــرﯾﺔ ﻣــن
اﻟﻧــواﺣﻲ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾــﺔ واﻻﻗﺗﺻــﺎدﯾﺔ واﻟدﯾﻣوﻏراﻓﯾﺔ ،ﺣﯾث أرﺳت اﻷﺳس اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة
اﻟﺑﺷرﯾﺔ ،وان اﻻھﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟﺟواﻧب اﻟدﯾﻣوﻏراﻓﯾﺔ ﻓﻲ ﺷـرﯾﻌﺔ ﺣﻣـوراﺑﻲ ﯾﻌد ﻣن اﻟﻣوﺿوﻋﺎت اﻟﮭﺎﻣﺔ
اﻟﺗﻲ ﻟم ﺗﺑرز ﻟﻠﻘﺎرئ ﻓﻲ اﻷدﺑﯾـﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾـﺔ ،وﻣﺣﺎوﻟـﺔ ﻣﻧـﺎ ﻓﻲ ﺑﯾـﺎن اﻟﻣﺿـﺎﻣﯾن اﻟﺳـﻛﺎﻧﯾﺔ ﻓﻲ
ﺷـرﯾﻌﺔ ﺣﻣـوراﺑﻲ ﻟﺗوﺿـﯾﺢ أھﻣﯾـﺔ اﻟﻣوﺿـوﻋﺎت اﻟﺳـﻛﺎﻧﯾﺔ ﻟـدى اﻟﻣﻠـوك واﻟﻌﻠﻣـﺎء واﻟﻣﻔﻛـرﯾن
ﻗـدﯾﻣﺎ وﺣـدﯾﺛﺎ ،ھـدﻓت اﻟدراﺳـﺔ إﻟﻰ )اﻟﻛﺷـف ﻋـن أھـم اﻟﻣﺿـﺎﻣﯾن اﻟدﯾﻣوﻏراﻓﯾـﺔ ﻓﻲ ﺷـرﯾﻌﺔ
ﺣﻣـوراﺑﻲ ﻓﻲ اﺟﻣﻠﺗﻣـﻊ اﻟﻌراﻗـﻲ اﻟﻘـدﯾم .واﻟﺗﻌـرف ﻋﻠـﻰ اﻟﺳـﻣﺎت اﻟدﯾﻣوﻏراﻓﯾـﺔ ﻟﻠﻣﺟﺗﻣـﻊ
اﻟﻌراﻗـﻲ ﻣـن ﺧـﻼل ﺷـرﯾﻌﺔ ﺣﻣـوراﺑﻲ .وﺑﯾـﺎن اﻟﺟواﻧـب اﻷﻛﺛـر أھﻣﯾـﺔ ﻓﻲ ھـذه اﻟﺷـرﯾﻌﺔ(.
وظـف اﻟﺑﺎﺣث اﻟﻣﻧﮭﺞ اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ وﻣﻧﮭﺞ ﺗﺣﻠﯾل اﻟﻣﺿﻣون ﻓﻲ اﻟدراﺳﺔ،
اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﻛﺎﻧت أﺳﺎس اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻌراﻗﻲ اﻟﻘدﯾم ،وﻛﺎن اﻟرﺟل ﻓﻲ اﻟﻌﺻور اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﺳﻠطﺎت
ﻛﺑﯾرة ﻋﻠﻰ أﻓراد ﻋﺎﺋﻠﺗ ِﮫ ﺗﺻل ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﺣﯾﺎن إﻟﻰ ﺣّد ﻗﺗﻠﮭم أو ﺑﯾﻌﮭم .وﻣن ﺧﻼل ﻣﺎ
ﺳﻧوردهُ ﺑﺷرح ُﻣﺧﺗﺻر ﻋن ﻣﻛﺎﻧﺔ اﻟﻣرأة ﻓﻲ اﻟﺣﺿﺎرات اﻟﻘدﯾﻣﺔ ،أو اﻷﺻﺢ ﻣﺎ ﯾُﺧﺑرﻧﺎ ﺑﮫ اﻟﺗﺎرﯾﺦ،
ﻧﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﺻورة ﻣؤﻟﻣﺔ ﻟواﻗﻊ اﻟﻣرأة إﻧﺳﺎﻧﯾًﺎ وﺛﻘﺎﻓﯾًﺎ وأﺧﻼﻗﯾًﺎ ،واﺳﺗرﻗﺎﻗﮭﺎ ﻣن ﻗﺑل اﻟرﺟل وﻣن ﻗﺑل
ُﻣﺟﺗﻣﻌﮭﺎُ ،ﻣوﺿﺣﺎ ً ﻓﯾﮭﺎ ﻧظرﺗ ِﮫ اﻟﺿﯾﻘﺔ ﻟﻺﻧﺳﺎن ﻗﺑل أن ﺗﻛون ﻟﻧﺻﻔ ِﮫ اﻟ ُﻣﻛﻣل .ﻓﺎﻟﻣرأة ُﻣﻛﻣﻠﺔ اﻟرﺟل
وﻟﻛن ھذا اﻷﻣر ﻛﺎن ﻏﺎﺋب ﺗﻣﺎﻣﺎ ً ﻋن اﻟﺣﺿﺎرات اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﺑﻧﺳﺑﺔُ ،ﻣﻘﻠﺻﯾن دورھﺎ وﻓرﺻﮭﺎ ﻓﻲ
اﻟﺧوض ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة ﺑﺻورة ﻋﺎﻣﺔ ،وﺣﯾﺎة اﻟرﺟل ﺑﺻورة ﺧﺎﺻﺔ.
أﻣﺎ اﻟﻣرأة ﻓﻲ اﻟﺣﺿﺎرة اﻟﺑﺎﺑﻠﯾﺔ ﻛﺎﻧت ﻋدﯾﻣﺔ اﻷھﻠﯾﺔ ،ﻣﺣروﻣﺔٌ ﻣن ﺣﻘوﻗﮭﺎ ،ﻛﺎﻧت ُﻣﻣﻠوﻛﺔ وﻟﯾﺳت ﻣﺎﻟﻛﺔ
ﺳواء ﻛﺎن ﻟﻠزوج أو اﻷب ،وأﯾﺿﺎ ﻟﯾس ﻟﮭﺎ اﻟﺣﻖ ﻓﻲ أن ﺗرث زوﺟﮭﺎ ﺑﻌد ﻣوﺗ ِﮫ أو ﺗرث ﻣن
واﻟدھﺎ ،ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر أن اﻟﺗرﻛﺔ ﺗﻛون ﻟﻠذﻛور وﺣدھم ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھم اﻣﺗداد ﻷﺳم اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ .ﻛذﻟك ﻛﺎﻧت
اﻟﻣرأة ﺗﺑﺎع ﻣن ﻗﺑل اﻟرﺟل وﻛﺄﻧﮭﺎ ﺳﻠﻌﺔ ﻣن اﻟﺳﻠﻊ ،ﻓﻘد ﻛﺎن اﻟرﺟل اﻟﺑﺎﺑﻠﻲ ﯾُﻌرض ﺑﻧﺎﺗ ِﮫ ﻟﻠزواج،
ﻋﺎﺑر ﺳﺑﯾل ،وأﯾﺿﺎ ﻛﺎن اﻟرﺟل اﻟﺑﺎﺑﻠﻲ ﯾدﻓﻊ ﺑﺑﻧﺎﺗ ِﮫ ﻟﻠﺑﻐﺎء ﻋﻧد
ّ ﺑﻌد أن ﻛﺎن ﯾُﻧﺎدى ﻋﻠﯾﮭم ﻣن ﻗﺑﻠ ِﮫ ﻟﻛل
اﻓﺗﻘﺎر ِه ﻟﻠﻣﺎل .ﻓﻛﺎن ﯾﺗﺎﺟر ْ
ﺑﮭن ﻣن أﺟل اﻟﻣﺎل.
ﻟﯾس ھذا ﻓﻘط وإﻧﻣﺎ ﻛﺎن ﺑﺈﻣﻛﺎن اﻟزوج ﻋﻧد ﻋدم ﻣﻘدرﺗ ِﮫ ﻋﻠﻰ ر ّد دﯾﻧﮫُ ﻟداﺋﻧ ِﮫ أن ﯾﻘدم زوﺟﺗ ِﮫ أو أﺑﻧﺗ ِﮫ
ﻟﻠداﺋن ﺳدادًا ﻟدﯾوﻧ ِﮫ! )وﻟﻛﻧﮭم ﺗﺣرروا ﻣن ھذه اﻟﻌﺑودﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﻧﺔ اﻟراﺑﻌﺔ( .ﻓﺎﻟﻣرأة ﻋﻧدھم
وﺑﻧظرھم ﻟ ْم ﺗُﺧﻠﻖ أﻻ ﻹﺳﻌﺎد اﻟرﺟل ،وﻛﺎن ﯾُﻧظر إﻟﯾﮭﺎ ﻧظرة اﺣﺗﻘﺎر .ﻛﻣﺎ ﻛﺎن ﻣن ﺣﻖ اﻟزوج أن
ﯾﺣﻛم ﻋﻠﯩزوﺟﺗ ِﮫ ﺑﺎﻟﻣوت ﻏرﻗًﺎﻷﻗل اﻷﺳﺑﺎب ،ﻛطﻠﺑﮭﺎ ﻟﻠطﻼق أو إذا ﻛﺎﻧت ﻣﮭﻣﻠﺔﻟﺷﺋون ﺑﯾﺗﮭﺎ وﺗرﺑﯾﺔ
أوﻻدھم ﻓﻛﺎﻧت ﻋرﺿﺔ ﻟﻠﺣﻛم ﻋﻠﯾﮭﺎ ﺑﺎﻟطﻼق دون أن ﺗﺄﺧذ ﺷﯾﺋﺎً.ﻛﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﺣﻖ ﻟﮫُ أن ﯾﻠﻘﯾﮭﺎ ﻓﯾﺎﻟﻧﮭر
إذا ﻣﺎ ﺷك ﻓﻲ ﺳﻠوﻛﮭﺎ ،ﻷﻧﮭم ﻛﺎﻧوا ﯾﻌﺗﻘدون أﻧﮫُ ﻋﻧد رﻣﯾﮭﺎ ﻓﺄن اﻟﻧﮭر ﺳﯾﻧﻘذھﺎ إذا ﻛﺎﻧت ﺑرﯾﺋﺔ ﻻن
آﻟﮭﺔ اﻟﻧﮭر ﻻ ﺗظﻠم ،وإذا ﻟم ﺗﻛن ﺳﺗﻐرق .ﻛﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﻸب وﺣدهُ اﻟﻘرار اﻟﻔﺎﺻل ﻓﻲ زواج ﺑﻧﺎﺗ ِﮫ،
وإﻟﯾ ِﮫ ﯾرﺟﻊ ﺣﻖ اﺧﺗﯾﺎر ﻛﻧﺗ ِﮫ ﻓﻲ ﻣﺎ ﺑﻌد.
ﺗﻌﺗﺑر اﻟﺣﺿﺎرة اﻟﺳوﻣرﯾﺔ ﻣن أﻗدم اﻟﺣﺿﺎرات اﻟﺗﻲ ظﮭرت ﻓﻲ ﺑﻼد ﻣﺎ ﺑﯾن اﻟﻧﮭرﯾن ،وﻗد ظﮭر اﺳم
ﺳوﻣر ﻓﻲ ﺑداﯾﺔ اﻷﻟﻔﯾﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ﻗﺑل اﻟﻣﯾﻼد ،وﻣن أﺷﮭر ﻣﻠوك ﺳوﻣر )اﺗو ﺣﯾﻛﺎل( .واﻟﺳوﻣرﯾون
ﺳﺑﻘوا اﻟﺣﺿﺎرات اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﺑﻛل اﻹﺑداﻋﺎت ﻛﺎﻟﺷﻌر واﻟﻣﻠﺣﻣﺔ اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠوم واﻟﻣوﺳﯾﻘﻰ وإﻗﺎﻣﺔ
اﻟﻣدن ﺑﻣﻔﮭوم اﻟﻣدﯾﻧﺔ ،وﻓﯾﮭﺎ ﻗﺎﻣت أوﻟﻰ اﻟﻣدارس واﻟﺗﻲ أﺳﻣوھﺎ ﺑــ )ﺑﯾت اﻷﻟواح( ﻓﻲ اﻟﻔﺗرة ﻣن
2300ق.م.
اﻟﻣرأة اﻟﺳوﻣرﯾﺔ ﻛﺎﻧت ﻋﻧد اﻟﺳوﻣرﯾون ﺗﻌﺎﻣل ُﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﻓظﺔ وﻗﺎﺳﯾﺔ ،ﻓﻠم ْ
ﺗﻛن ﻣﻌﺎﻣﻠﺗﮭﺎ أﺣﺳن ﻣﻘﺎرﻧﺔ
ﺑﺎﻟﺑﻠدان اﻟﻣﺟﺎورة ،وذﻟك ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻌﯾد اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ وﻣن ﺣﯾث ﺣرﯾﺗﮭﺎ وﻛراﻣﺗﮭﺎ .ﻓﻛﺎن ﯾﺣﻖ ﻟﻠزوج
ْ
ﺗﺧﻠت ﻋن واﺟﺑﺎت أن ﯾﺑﯾﻊ زوﺟﺗ ِﮫ وأوﻻده إذا ﻣﺎ أرھﻘﮫُ اﻟدﯾن ،ﻛﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﺣﻖ ﻟﮫُ ﻗﺗﻠﮭﺎ ﻏرﻗًﺎ إذا
اﻷﻣوﻣﺔ .ﻛﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾُطﻠﻘﮭﺎ ﺑﺳﺑب أو ﺑدون ﺳﺑب أو ﯾﺗزوج ﻋﻠﯾﮭﺎ ،أﻣﺎ إذا أراد ْ
ت اﻟطﻼق
ﻓﻛﺎﻧت ﺗُﻘﺗل!
ْ
اﻵﺷورﯾون ) 612 -2000ق.م( ھم ﻣن أﻗوام اﻟﺟزﯾرة اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻗدﻣت إﻟﻰ وادي اﻟراﻓدﯾن ﻣﻧذ
ﻣطﻠﻊ اﻷﻟف اﻟﺛﺎﻟث ﻗﺑل اﻟﻣﯾﻼد .ﻋﺎﺻﻣﺔ اﻟدوﻟﺔ اﻵﺷورﯾﺔ ھﻲ ﻧﯾﻧوى ،وﻣن أﺷﮭر ﻣﻠوﻛﮭم آﺷور
ﻧﺎﻧﯾﺑﺎل ﺻﺎﺣب اﻟﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﻣﺷﮭورة ،وﻗد أﺻدر اﻵﺷورﯾون ﻋدد ﻣن اﻟﻘواﻧﯾن ﺳﻣﯾت ﺑﺎﻟﻘواﻧﯾن
اﻵﺷورﯾﺔ واﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﻣدوﻧﺔ ﻋﻠﻰ أﻟواح ﻣن اﻟطﯾن اﻟﻣﻛﺗﺷﻔﺔ.
أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻣﻛﺎﻧﺔ اﻟﻣرأة ﻋﻧدھم ،ﻓﻘد أﻧﺧﻔض ﻣرﻛز اﻟﻣرأة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ُﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻣﻛﺎﻧﺗﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺣﺿﺎرﺗﯾن
اﻟﺳوﻣرﯾﺔ واﻟﺑﺎﺑﻠﯾﺔ ،ﻓﻘد ﻛﺎﻧت ﺗﻌﺗﺑر ُﻣﻠﻛﺎ ً ﻟﻠرﺟل ،وﻟﮫُ اﻟﺣﻖ ﻓﻲ أن ﯾُﺣرﻣﮭﺎ ﻣن ﻛل ﻣﺎ ﺗﻣﻠك،
وﯾُطﻠﻘﮭﺎ ﻣﺗﻰ أراد .أﯾﺿﺎ ً ﻛﺎن اﻵﺷورﯾون ﻣن أﻗدم اﻟﺷﻌوب اﻟدﯾﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ أﺧﺿﻌت اﻟﻧﺳﺎء ﻟﻠﺣﺟﺎب
وﻛﺎن ﯾﺗﺿﻣن ﺳﺗر اﻟرأس واﻟوﺟﮫ ،وﻛﺎن ﯾُﺳﻣﺢ ﻓﻘط ﻟﻠﻣرأة اﻟ ُﺣرة أن ﺗرﺗدي اﻟﺣﺟﺎب ،ﺑﯾﻧﻣﺎ
ْ
ﺧروﺟﮭن ﻣﻊ ﺳﯾدھم .وھذا ﻣﺎ أﻛدﺗﮫُ اﻟﺣﻔرﯾﺎت اﻟ ُﻣﻛﺗﺷﻔﺔ ﺣﯾث اﻟﺟواري ﻛﺎﻧت ﺗرﺗدﯾن اﻟﺣﺟﺎب ﻋﻧد
ﺗم اﻟﻌﺛور ﻋﻠﻰ ﻟوﺣﺎت طﯾﻧﯾﺔ ﺗﺗﻛﻠم ﺑﺷﻛل ﺗﻔﺻﯾﻠﻲ ﻋن اﻟﺣﺟﺎب وﻗواﻧﯾن أﺧرى ﺗﻔرض ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺳﺎء
ْ
ﯾرﺗدﯾن اﻟﺣﺟﺎب. اﻟﻠواﺗﻲ ﻻ
ْ
أﺻﺑﺣت أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠزواج ،ﻓﺎﻟرﺟل ﻋﻧدﻣﺎ ﯾرﯾد اﻟزواج ﯾُﺣﺿر اﻷﺻدﻗﺎء وﯾُﻌﻠن أﻣﺎﻣﮭم أن ھذه اﻟﻣرأة
زوﺟﺗ ِﮫ وﯾﺗم وﺿﻊ اﻟﺣﺟﺎب ﻋﻠﻰ رأﺳﮭﺎ وﺗﺣﺟﯾﺑﮭﺎ .وھﻧﺎك ﺑﻌض اﻟﻣواد ﻓﻲ اﻟﻘواﻧﯾن اﻵﺷورﯾﺔ
اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﻛﺎﻧت ﺗﻧص ﻋﻠﻰ زواج اﻟﻣرأة وأﺣﯾﺎﻧﺎ ﻋﻠﻰ ُﻣﻌﺎﻗﺑﺗﮭﺎ وﻣﻧﮭﺎُ :ﻣﻌﺎﻗﺑﺔ اﻟﻣرأة اﻟﺗﻲ ﺗﻧطﻖ ﺑﺎﻟﻛﻔر
وذﻟك ﻓﻲ )اﻟﻣﺎدة (2ﻣن اﻟﻠوح اﻵﺷوري اﻷول ،ﺑﻌدم ﺟواز اﻗﺗراﺑﮭﺎ ﻣن زوﺟﮭﺎ أو أﺑﻧﮭﺎ أو أﺑﻧﺗﮭﺎ.
وﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟﺟراﺋم اﻟﺟﻧﺳﯾﺔ ﻓﻛﺎﻧت اﻟﻘواﻧﯾن اﻵﺷورﯾﺔ ﺑﺷﺄﻧﮭﺎ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ )اﺧﺗﺑﺎر اﻟﻣﺎء( ،ﻣﺛل اﺗﮭﺎم
رﺟل زوﺟﺔ رﺟل آﺧر ﺑﺎﻟزﻧﻰ ،ﻓﻛﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻣرأة اﻟ ُﻣﺗﮭﻣﺔ إن ﺗﻠﻘﻲ ﺑﻧﻔﺳﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻧﮭر ﻹﺛﺑﺎت ﺑراءﺗﮭﺎ
)اﻟﻣﺎدة 17ﻣن اﻟﻠوح أ ﻣن اﻟﻘواﻧﯾن اﻵﺷورﯾﺔ(.
ھﻛذا ﻛﺎن ﺣﺎل اﻟﻣرأة ﻓﻲ ﺗﻠك اﻟﻔﺗرات ﻣن اﻟﺣﺿﺎرات ،ﻛﺎﻧت ﻗﺎﺳﯾﺔٌ ﻋﻠﯾﮭﺎ ﺟداً .وھذا ﻣﺎ دﻓﻊ ﺑﺎﻟﻣﻠك
ﱡ
ﯾﺻون ﻓﯾ ِﮫ اﻟﺣﻘوق اﻟﻣﺳﻠوﺑﺔ وﻣﻧﮭﺎ ﺣﻘوق اﻟﻣرأة وﺗﺣرﯾرھﺎ ﺣﻣوراﺑﻲ ﱠ
ﻟﺳن ﻗواﻧﯾن ووﺿﻊ ﻧظﺎم
ﻣن اﻟﻌﺑودﯾﺔ.
وﺑذﻛرﻧﺎ ﻧﺣن ﻟﻛل ﻣﺎ أﺻﺎب اﻟﻣرأة ﻗدﯾ ًﻣﺎ ،إﻧﻣﺎ ﻧرﯾد ﺑﮭﺎ اﻟﻌظﺔ واﻟﻌﺑّرة ،وأن ﻧُﻌطﻲ ﻟﻸﺟﯾﺎل اﻟﻘﺎدﻣﺔ
دﻓﻌﺔ ﻗوﯾﺔ ﻟﯾرﻓﻌوا ﺑﻛل ﺛﻘﺔ وﻗوة ،ﺷﻌﺎر اﻟﻌداﻟﺔ واﻟﻣﺳﺎواة ،ووﺿﻊ ﻗواﻧﯾن وﺗطﺑﯾﻘﮭﺎ ﻓﻌﻠﯾًﺎ ﻟﺣﻔظ
ﺣﻘوق اﻟﻣرأة وﺣرﯾﺗﮭﺎ وإﻧﺳﺎﻧﯾﺗﮭﺎ ،واﺳﺗﻘرارھﺎ ﻓﻲ ﻣﺟﺗﻣﻊ ﯾﻌرف ﻗﯾﻣﺔ وﺟوھر ھذا اﻹﻧﺳﺎن اﻟﺗﻲ
ﻣر اﻟﻌﺻور .واﻟﻣرأة ﻛﻣﺎ ھو ﻣﻌروف ﻣﺎ ﺗزال ﺑﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻹﻧﺻﺎف
ﻟﮭﺎ دور ﺗﺎرﯾﺧﻲ ﺷﺎﻣل ﻋﻠﻰ ﱠ
واﻟﻣﺳﺎواة ﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ ﻣﯾﺎدﯾن اﻟﺣﯾﺎة ،وأﯾﺿًﺎ ﻣﺎ أﺣوﺟﮭﺎ إﻟﻰ اﻻھﺗﻣﺎم واﻟرﺣﻣﺔ واﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ واﻟﻌدل
دون ﺗﻌﺻب وﺗﺣﻘﯾر ﯾُﻘﻠل ﻣن ﻛﯾﺎﻧﮭﺎ وأﻧوﺛﺗﮭﺎ.
ْ
ﻧﺛﺑت ﺑﺄﻧﮫُ ﺣﺎﺿر ﻧﻛون ﻧﺣن ﺻﺎﻧﻌﯾ ِﮫ .وأن
ٍ وﻧﺣن ﻻ ﻧرﯾد أن ﻧﻌﯾش ﻋﻠﻰ أﻣﺟﺎد اﻟﻣﺎﺿﻲ ،ﺑل ﻧﻌﯾش ﻓﻲ
ﻲ .وﻛل ﻣﺎ
ﻟدﯾﻧﺎ اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻣل اﻟﻣﺷﻘﺔ واﻟﻧﺿﺎل اﻟطوﯾل ﻟﻧﻌﺎود ﺗواﺻل اﻟﺣﺿﺎرات ﻧﺣو اﻟرﻗ ّ
ﯾﮭﻣﻧﺎ وﯾﻌﻧﯾﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ھو أن ﺗﻛون ﺣﻘوق اﻟﻣرأة ﻛﺗﻠﺔ واﺣدة ﻻ ﺗﺗﺟزأ.