You are on page 1of 5

‫المطلب الثالث‬

‫الركــــــن المــعــــنوي‬

‫الركن المعنوي للجريمة قوامه عالقة نفسية تربط بين مادية الجريمة وشخصية الجاني‬
‫وجوهر هذه العالقة هو اإلرادة‪ ،‬وعليه يمكن تعريف الركن المعنوي للجريمة بأنه تعبير عن‬
‫اإلرادة ال تي تتعاص ر م ع ماديات الجريمة وتبعثه ا للوجود‪ ،1‬فه و يمث ل الق وة النفس ية أو الني ة‬
‫الداخلية التي يض مرها الج اني في نفس ه وال تي تس اير إرادته لتحقيق االعتداء المجرم‪ ،‬س واء‬
‫قصد الجاني السلوك اإلجرامي أو أخطأ دون تعمد إحداث الفعل اإلجرامي فالجريمة تفترض‬
‫وجود العمد كما تفترض وجود الخطأ غير العمدي في السلوك اإلنساني حتى يمكن القول بأن‬
‫صاحبه محال للمسؤولية‪.2‬‬

‫الفرع االول‬

‫جرائم البيئةـ العمدية‬

‫اوال ‪ ꞉‬العلم‬

‫ويقصد به أن يكون الجاني محيطا بحقيقة الواقعة اإلجرامية‪ ،‬سواء من حيث الوقائع أو‬
‫من حيث الق انون‪ ،‬ألنه ب دون ه ذا العلم ال يمكن أن تق وم اإلرادة‪ ،‬ألن اإلرادة اإلجرامية تقوم‬
‫على أساس العلم بالواقعة اإلجرامية والعلم بالقانون‪ ،‬كذلك إذا تخلف عنصر العلم فإنه ينتفي‬
‫القصد الجنائي‪ ،‬وبالتالي ينعدم الركن المعنوي فال تقوم الجريمة‪ ،3‬ولقد حدد الفقه نطاق العلم‬
‫في القصد الجنائي بأنه يشمل أركان الجريمة ال غير‪ ،‬وبالتالي ال يتطلب لقيام القصد الجنائي‬
‫أن يعلم الج اني ب أن س لوكه غ ير مش روع أو أن يعلم بأن ه يتمت ع باألهلي ة القانوني ة الجنائي ة أو‬

‫القهواجي علي عبد القادر‪ ،‬قانون العقوبات‪ ،‬القسـم العام ـ‪ ،‬الدار الجامعية للنشر والتوزيع‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫سنة والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،‬سنة ‪ 2000‬ص ‪.227‬‬


‫األلفي عادل ماهر‪ ،‬الحماية الجنائية للبيئة‪ .‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة‬ ‫‪2‬‬

‫‪2009‬ص‪. 222‬‬
‫‪3‬اشرف توفيق شمس الدين‪ ،‬الحماية الجنائية للبيئة في التشريع المصري الطبعة األولى‪،‬‬
‫دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪ ،‬سنة ‪ 2012‬ص ‪. 721‬‬
‫ش روط العق اب ألن ك ل ه ؤالء العناص ر ليس وا من أرك ان الجريم ة‪ ،‬ب ل يكفي أن يعلم الج اني‬
‫بموضوع المصلحة محل اإلعتداء بأنها تدخل في تحديد عناصر الواقعة اإلجرامية باإلضافة‬
‫إلى العلم بخطورة النشاط على المصلحة المحمية‪.4‬‬

‫ثانيا ‪ ꞉‬اإلرادة‬

‫تعتبر اإلرادة العنصر الثاني للقصد الجنائي‪ ،‬وهي عبارة عن قوة نفسية أو نشاط نفس ي‬
‫يوج ه ك ل أعض اء الجس م أو بعض ها نح و تحقي ق غ رض غ ير مش روع‪ ،‬أي نح و المس اس‬
‫بحق أو مصلحة يحميها القانون الجنائي‪ ،5‬فبمعنى آخر فإن اإلرادة هي المحرك األساسي‬
‫نحو اتخاذ السلوك اإلجرامي‪ ،‬وهي العنصر الذي يميز الجرائم العمدية عن الجرائم غير‬
‫العمدي ة‪ ،‬ألن العلم ض روري والزم‪ ،‬ولكن ه غ ير ك اف لتك وين القص د الجن ائي وله ذا تعت بر‬
‫اإلرادة هي جوهر القصد الجنائي‪ ،‬وبعنصر العلم واإلرادة يكتمل القصد الجنائي‪.6‬‬

‫ثالثا‪ :‬صور القصد العمدي‬

‫ان القصد العمدي له ثالث صور تتمثل في القصد العمدي العام والخاص والقصد‬
‫المحدد والغير محدد والقصد المباشر والقصد االحتمالي ( غير مباشر)‪.‬‬

‫القصد العام والقصد الخاص‬ ‫أ‪-‬‬

‫القص د الع ام يع ني توجي ه اإلرادة نح و ارتك اب الجريم ة م ع العلم بعناص رها القانوني ة‬
‫بغض النظ ر عن الغاي ة ال تي يبغي الج اني تحقيقه ا‪ ،‬والقص د الجن ائي الع ام يك ون في‬
‫الجناي ات والجنح دون المخالف ات‪ ،‬إال إذا ك ان هن اك نص ص ريح على ذل ك‪ .‬أم ا القص د‬

‫سرور أحمد فتحي‪ ،‬الوسيط في قانون اإلجراءات الجزائية‪ .‬الطبعة السابعة‪ ،‬دار النهضة‬ ‫‪4‬‬

‫العربية‪ ،‬مصر‪ ،‬سنة ‪ 1996‬ص‪. 227‬‬


‫القهواجي علي عبد القادر ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪. 128‬‬ ‫‪5‬‬

‫محمد حسين عبد القوي‪ ،‬الحماية الجنائية لبيئة الهوائية‪ .‬دار النسر الذهبي للطباعة‪،‬‬ ‫‪6‬‬

‫مصر‪ ،‬سنة ‪ 2002‬ص‪. 222‬‬


‫الجنائي الخاص فهو نص المشرع على وجوب أن يقصد الجاني تحقيق غاية معينة بفعله‪،7‬‬
‫الكتم ال ال ركن المعن وي للجريم ة وج رائم تل ويث البيئ ة البحري ة بوج ه ع ام لم يتطلب فيه ا‬
‫المش رع ت وافر قص د جن ائي خ اص‪ ،‬فهي تق وم على القص د الجن ائي الع ام ال ذي يتك ون من‬
‫العلم واإلرادة‪ ،‬إال أن ه في بعض الح االت على س بيل اإلس تثناء ينص المش رع على وج وب‬
‫أن يقصد الجاني تحقيق غاية معينة بفعله ‪.‬‬

‫القصد المحدد و القصد الغير محدد‬ ‫ب‪-‬‬

‫يتوقف التمييز بين القصد المحدد والقصد غير المحدد على النتيجة اإلجرامية‪ ،‬فإذا ك ان‬
‫موضوع تلك النتيجة محدد يك ون القصد محددا‪ ،‬وإ ذا ك ان غير مح دد فيك ون القص د غ ير‬
‫محدد‪.8‬‬

‫القصد المباشر والقصد اإلحتمالي (غير المباشر)‬ ‫ت‪-‬‬

‫القصد المباشر هو توجه إرادة الجاني بصورة حاسمة نحو إحداث نتيجة‪ ،‬ويتحقق ذلك‬
‫عندما يجعل الجاني النتيجة هدفا يسعى إلى الوصول إليه عن طريق النشاط اإلجرامي‪. 9‬‬

‫أم ا في يخص القصد اإلحتمالي فهو توقع الجاني بالنتيجة اإلجرامية كأثر ممكن للفعل‪ ،‬مع‬
‫قبوله والرغبة في وقوعه‪ ،‬ويقوم القصد اإلحتمالي في الحاالت التي لم يتأكد الجاني من تحق ق‬
‫النتيجة كأثر‪ ،‬وانما إحتمل وتوقع ذالك‪ ،‬مع تقبل فكرة وقوع النتيجة‪.‬‬

‫بلعليات ابراهيم ‪ ،‬اركان الجريمة وطرق اثباتها في قانون العقوبات الجزئري ‪ ،‬دار الخلدونية الطبعة االولى ‪ ،‬سنة ‪2007‬‬ ‫‪7‬‬

‫ص ‪. 122‬‬
‫القهواجي علي عبد القادر ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪. 416‬‬ ‫‪8‬‬

‫احمد فتحي سرور ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪. 355‬‬ ‫‪9‬‬


‫الفرع الثاني‬

‫جرائم البيئةـ غير العمدية‬

‫اوال‪ :‬الرعونة‬

‫ویقصد بها قیام الشخص بسلوك ینطوي على الخفة وعدم تقدیر العواقب‪ ،‬أو سوء تقدیر‬
‫األمور‪ ،‬وتظهر الرعونة في الواقعة المادیة التي تنطوي على خفة وسوء التصرف‪ ،‬كما قد‬
‫تظهر في الجهل وعدم‪ ،‬ومن أمثلة الرعونة على المستوى البیئي تداول مواد ملوثة أو خطرة‬
‫أو إش عاعیة دون أخ ذ االحتیاط ات الالزم ة‪ ،‬ودون الحص ول على ت رخیص من الجه ات‬
‫اإلداریة‪.10‬‬

‫ثانيا‪ :‬عدم االحتياط‬

‫یع ني ع دم االحتیاط أثن اء قیام الش خص بس لوك معین‪ ،‬فالج اني یعلم أن س لوكه خط یر‬
‫ولكن ه س یتمر في عمل ه‪ ،‬معتق دا أن في إمكان ه تفادیه ولكن النتیج ة اإلجرامیة تتحق ق مع‬
‫ذلك‪ ،‬فالج اني یك ون مس ؤوال لع دم احتراس ه وأخ ذ االحتیاط ات الكفیل ة بمن ع وق وع الجریم ة‪،‬‬
‫وهي تعرض اإلنسان أو الحیوان أو النبات أو أي من عناصر البیئة للضرر‪.‬‬

‫محمد لموسخ الحماية الجنائية للبيئة دراسة مقارنة بين الشريعة االسالمية والقانون المقارن اطروحة لنيل شهادة الدكتوراه‬ ‫‪10‬‬

‫قسم الحقوق تخصص قانون جنائي كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد خيضر بسكرة ‪ 2008/2009‬ص ‪188‬‬
‫ثالثا ‪ :‬االهمال‬

‫ویقص د ب ه ع دم قیام الش خص بأخ ذ االحتیاط ات والت دابیر واإلج راءات الكفیل ة بمنع‬
‫تلوث أو وقوع ضرر للغیر‪ ،‬وذلك باتخاذ موقف سلبي حیال هذه اإلجراءات فالجاني یكون‬
‫مس ؤوال عن الخط أ ال ذي یص یب الغ یر نتیج ة لإلهم ال وع دم االنتب اه لإلج راءات الكفیل ة بمنع‬
‫حدوث هذه األضرار‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬عدم مراعاة النصوص التنظیمیةـ‬

‫ویقصد به عدم االلتزام أو عدم تنفیذ األنظمة المقررة على النحو المطلوب‪ ،‬كما یعني‬
‫كل مخالفة لما تصدره الجهات اإلداریة المختصة في مجال البیئة‪ ،‬من تعلیمات للحفاظ على‬
‫األمن والنظ ام والص حة العام ة‪ ،‬في ص ورة ق وانین أو ل وائح تنظیمیة أو منش ورات وتس مى‬
‫بالجرائم الشكلیة‪.‬‬

‫وفي قانون حمایة البیئة ‪10/03‬نجد العدید من الجرائم الشكلیة ونذكر منها ‪ :‬المادة ‪102‬التي‬
‫تنص‪ « :‬یع اقب‪ ...‬دون الحص ول على ال ترخیص المنص وص علیه في الم ادة ‪19‬أعاله‬
‫«‪.‬المادة ‪108‬التي تنص‪ « :‬یعاقب‪ ...‬مارس نشاط دون الحصول على الترخیص المنص وص‬
‫‪11‬‬
‫‪.‬‬ ‫علیه في المادة « ‪73‬‬

‫استنتاج‬

‫ومن ه نس تنتج أن السیاس ة الجنائیة الفعال ة في حمایة البیئ ة تقتض ي التوس ع في مفه وم‬
‫المعنوي دون اإلضرار بحقوق األفراد وسالمتهم ‪.‬‬

‫محمد لموسخ ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪. 189‬‬ ‫‪11‬‬

You might also like