You are on page 1of 46

‫‪1‬‬

‫ِم َز ُاج الت َ ْس ِنمي َوأ َفو ُاج الن َّ ِس مي‬


‫يف ِح َ ِمك لُق َم ُان احل َ ِكمي‬
‫تأليف‬
‫احلبيب عيل بن حسن العطاس‬
‫نفعنا هللا به وبعلومه‬
‫يف ادلارين أمني‬

‫اعتىن به حفيده‬

‫أمحد بن عمر بن طالب العطاس‬

‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬


‫‪2‬‬

‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬


‫‪3‬‬

‫بسم هللا الرمحن الرحمي ‪ ،‬التواب الكرمي‪ ،‬اللطيف احللمي ‪،‬‬


‫العزيز احلكمي ‪ ،‬وصىل هللا أزىك الصلوات وأرشف التسلمي ‪ ،‬عىل س يدان‬
‫محمد اخملصوص ابخللق العظمي ‪ ،‬املبعوث انخسا للعادات ‪ ،‬وممتام ملاكرم‬
‫الخالق والعبادات ‪ ،‬ومتصداي للتعلمي ‪ ،‬صىل هللا عليه وعىل أهل‬
‫اخملصوصني ابلتكرمي ‪ ،‬وحصبه املش هبني ابلنجوم اليت جتلو ظمل الليل الهبمي‬
‫‪ ،‬واتبعيه ابإحسان اإىل يوم الينجو فيه اإال من أىت هللا بقلب سلمي ‪.‬‬
‫وبعد ‪ :‬فهذا تعليق لطيف جس مي حتيف ‪ ،‬مجعت فيه مابلغين‬
‫من حمك لقامن احلكمي ‪ ،‬وذكل من غري تبويب والتقس مي ‪ ،‬ومسيته ( مزاج‬
‫التسنمي وأفواج النس مي ابلنعمي يف حمك لقامن احلكمي ) والحول والقوة اإال‬
‫ابهلل العيل العظمي ‪.‬‬
‫فصل ‪ :‬يف ذكر فضيةل لقامن عليه السالم ‪ :‬اعمل أنه يكفيه من‬
‫الفضل ما قص هللا الكرمي عنه من احلمك يف كتابه العظمي مما س يأيت بعضه‬
‫قريبا اإن شاء هللا ‪ .‬وقد قال صىل هللا عليه وأهل وسمل ‪ :‬اإختذوا السودان‬
‫فاإن فهيم ثالثة ‪ :‬لقامن احلكمي ‪ ،‬والنجايش ‪ ،‬وبالل املؤذن ‪ .‬رواه ابن‬
‫حبان والطرباين عن ابن عباس ريض هللا عهنام ‪.‬‬
‫قلت ومعىن قوهل ‪ :‬اختذومه هل معان مهنا ‪ :‬اإنه اش هتر مهنم العمل‬
‫والصالح والنطق ابحلمكة ؛ فاختذومه اإخواان وجلساء ونصحاء ومعلمني‬
‫وأساتذة ‪ ،‬لنه اكن مهنم هؤالء ‪ .‬وقد اش هتر من موايل الصحابة والتابعني‬
‫جامعات ‪ ،‬مفن الصحابة سلامن الفاريس وبالل وزيد وصهيب وسفينة‬
‫وغريمه ‪ ،‬ومن التابعني ‪ :‬احلسن البرصي وابن سريين وابن املبارك وابن‬
‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬
‫‪4‬‬

‫أدمه وايقوت العريش تلميذ ابن عباس وغريمه ‪ ،‬مفعناه التتكربوا أن‬
‫تأخذوا العمل واحلمكة عهنم ‪ ،‬وهل معان أخرى ظاهرة والنطول بذكرها لهنا‬
‫واحضة ‪.‬‬
‫وأما أصل لقامن ونس به عليه السالم وذكر مبتدأ أمره فقيل هو ‪:‬‬
‫لقامن بن ابعوراء بن انحور بن اترج ‪ ،‬وهو أزر أبو اإبراهمي عليه السالم‬
‫أومعه ‪ ،‬وقال السهييل ‪ :‬هو ابن عنقاء بن رسون من أهل اإيةل ‪ .‬قال‬
‫وهب ‪ :‬اإنه ابن أخت أيوب عليه السالم ‪ .‬وقال مقاتل ‪ :‬ذكر أنه اكن ابن‬
‫خاةل أيوب عليه السالم ‪.‬‬
‫قال الواقدي ‪ :‬اكن لقامن قاضيا يف بين إارسائيل ‪ ،‬واتفق العلامء‬
‫عىل أنه اكن حكامي ومل يكن نبيا اإال عكرمة فاإنه قال ‪ :‬اكن لقامن نبيا ‪ ،‬وتفرد‬
‫هبذا القول ‪ ،‬وقال بعضهم ‪ :‬خري لقامن بني النبوة واحلمكة فاختار احلمكة ‪.‬‬
‫وروي أنه اكن انمئا نصف الهنار فنودي ‪ :‬ايلقامن هل كل يف أن‬
‫جيعكل هللا خليفة يف الرض فتحمك بني الناس ؟ فأجاب الصوت فقال ‪:‬‬
‫اإن خريين ريب قبلت العافية ومل أقبل البالء ‪ ،‬وإان عزم عيل فسمعا‬
‫وطاعة ‪ ،‬فاإين أعمل أنه اإن فعل يب ذكل عصمين وأعانين ‪ ،‬فقالت املالئكة‬
‫بصوت يسمعهم وال يرامه ‪ :‬مل ايلقامن ؟ قال ‪ :‬لن احلامك بأشد املنازل‬
‫وأكدرها ؛ يغشاه الظمل من لك ماكن ‪ ،‬إان يعن فاحلري أن ينجو ‪ ،‬وإان‬
‫أخطأ أخطاه طريق اجلنة ‪ ،‬ومن يكن يف ادلنيا ذليال خريا من أن يكون‬
‫عزيزا رشيفا ‪ ،‬ومن ختري ادلنيا عىل الخرة تفته ادلنيا واليصيب الخرة ‪،‬‬
‫فعجب املالئكة من حسن منطقه ‪ ،‬فنام فأعطي احلمكة وهو يتلكم هبا ‪.‬‬
‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬
‫‪5‬‬

‫مث نودي بعده داود عليه السالم فقبلها ومل يشرتط مبا رشط به لقامن فهو‬
‫يف اخلطيئة غري مرة ‪ ،‬لك ذكل يعفو هللا عنه ‪ ،‬واكن لقامن يوازر داود‬
‫حبمكه ‪ .‬وقال خادل الرحبي ‪ :‬اكن لقامن عبدا حبش يا جنارا ‪ .‬وقال سعيد ابن‬
‫املسيب ‪ :‬اكن خياطا ‪ .‬وروي أنه اكن يرعى غامن فلقيه رجل وهو يتلكم‬
‫ابحلمكة فقال هل ‪ :‬ألست فالن الراعي ؛ فامب بلغت مابلغت ؟ قال ‪:‬‬
‫بصدق احلديث ‪ ،‬وأداء المانة ‪ ،‬وترك ما اليعنيين ‪ ،‬والوفاء ابلعهد ‪ .‬وقال‬
‫جماهد ‪ :‬اكن لقامن عبدا أسود عظمي الشفتني مشقق القدمني ‪.‬‬
‫ويف بعض الكتب املعمتدة ‪ :‬نزل جربيل عىل لقامن عليه السالم‬
‫وخريه بني احلمكة والنبوة فاختار احلمكة ؛ مفسح جبناحه عىل صدره فنطق‬
‫ابحلمكة ‪ ،‬فلام ودعه قال ‪ :‬أوصيك بوصية فاحفظها ايلقامن ‪ :‬لن تدخل‬
‫يدك يف مف التنني خري كل من أن تسأل فقريا قد اس تغىن ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وهذا مشاهد كثريا ‪ ،‬فاإن الغالب فمين اكن كذكل أن‬
‫يكون حريصا عىل املال حشيحا به ‪ ،‬يؤثره عىل ما توجبه املروءة والنخوة‬
‫من البذل والعطاء ‪ ،‬كام أن الغالب فمين اكن غنيا مث افتقر أن يكون مسحا‬
‫ابملال ؛ ذا عزة وخنوة ومهة ‪ ،‬يؤثره عىل نفسه من عمل منه احلاجة ‪ ،‬وذكل‬
‫لبقاء أثر لك من احلالني يف نفس صاحبه زمنا طويال الإعتياده اإايه ‪.‬‬
‫وأما امس لقامن ونس به فهو ‪ :‬لقامن بن عنقاء بن رسور ‪ ،‬وهو نيب‬
‫من أهل الية ‪ ،‬عاش ألف س نة ‪،‬وأدرك داود عليه السالم وأخذ عنه‬
‫العمل ‪ ،‬واكن لقامن يفيت قبل أن يبعث داود ‪ ،‬فلام بعث قطع الفتوى ‪،‬‬
‫فقيل هل يف ذكل ؟ فقال ‪ :‬أال أكتفي اإذا كفيت !!‬
‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬
‫‪6‬‬

‫واكن لقامن عليه السالم كثري الفكر حسن اليقني ‪ ،‬أحب هللا‬
‫فأحبه هللا ‪ .‬انهتىى ‪.‬‬
‫قال أبو ادلرداء ‪ :‬رمح هللا لقامن ؛ أما أنه ما أويت ما أوتيه عن‬
‫أهل والمال وال جامل وال حسب والنسب بل اكن عبدا حبش يا ؛ موىل‬
‫دلاود عليه السالم أعتقه ‪ ،‬واكن رجال سكيتا طويل الصمت مليح‬
‫السمت معيق النظر بعيد الفكر ‪ ،‬مل يمن هنارا قط ‪ ،‬ومل يره أحد يبول وال‬
‫يزبق وال يتنخع ( يعين يتنخم ) ومات هل أوالد فمل حيزن علهيم ‪.‬‬
‫واكن يأيت أبواب احلكامء ليتفكر وينظر ويعترب ‪ ،‬فذلكل أويت ما‬
‫أويت من احلمكة ‪.‬‬

‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬


‫‪7‬‬

‫{ حمكة لقامن }‬

‫احلمكة يف الصل مصدر من الحاكم وهو االإتقان يف عمل‬


‫أومعل أو قول أو فهيا مجيعا ‪ ،‬وقد ذكرت يف القرءان يف أايت كثرية ‪،‬‬
‫وفرست يف لك أية مايناسب موردها وس ياقها ‪ ،‬وبلغت مجةل القوال فهيا‬
‫كام ذكره العالمة اللويس يف تفسريه تسعة وعرشين قوال ‪ ،‬وقال اإن بعضها‬
‫قريب من بعض ‪ ،‬وأن بعضهم عد الكرث مهنا اصطالحا أواقتصارا عىل ما‬
‫رأه القامئ همام من احلمكة ‪.‬‬

‫{‬ ‫واملعىن املناسب يف تفسريها يف قوهل تعاىل يف سورة لقامن‬


‫ولقد أتينا لقامن احلمكة } أهنا وضع الش ياء يف مواضعها ‪ ،‬أو االإصابة يف‬
‫يف القول والعمل ‪ ،‬أو اإتقان اليشء علام ومعال ‪ ،‬أوالعقل والفهم والفطنة ‪،‬‬
‫أو معرفة املوجودات وفعل اخلريات ‪ ،‬أو القول اذلي يتعظ به الناس‬
‫ويتناقلونه للعظة واالإعتبار ‪ ،‬أو مايزيد من القلوب وجه حب ادلنيا ‪،‬‬
‫أومعرفة حقائق الش ياء عىل قدر الطاقة البرشية ‪ ،‬أوما تمكل به النفوس‬
‫من املعارف ‪ ،‬وإان شئت قلت يه املهنج القومي والرصاط املس تقمي اذلي‬
‫من اتبعه سعد واهتدى يف اإعتقاده وخلقه وقوهل وفعهل ومعهل وسلوكه حنو‬
‫اخلالق واخمللوقني ‪.‬‬
‫مث يه مثرة عمل ومعرفة ويقظة واس تقصاء للحقائق والتجارب ‪،‬‬
‫وربط بني املقدمات والنتاجئ ‪ ،‬واس تنباط وقياس الش باه عىل الش باه ‪.‬‬

‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬


‫‪8‬‬

‫وقد تكون مثرة اإلهام اإلهىي ‪ ،‬وفيض رابين وعمل دلين ‪ ،‬وتصدر‬
‫يف لكتا احلالتني عن ذوي الفطر السلمية واملواهب العظمية ‪ ،‬اذلين‬
‫اصطفامه هللا لرسالته ‪ ،‬واجتبامه محلل أمانته ‪ ،‬أو اذلين ساروا عىل قدم‬
‫النبوات واس تضاؤا بنور الرساالت‪ ،‬وتذوقوا احلقائق والرسار ‪ ،‬فأهلموا‬
‫احلق والرشاد ‪ ،‬وقاموا مقام صدق يف العباد ‪ ،‬ومن هؤالء لقامن احلكمي‬
‫اذلي أثىن هللا عليه يف كتابه الكرمي { ذكل فضل هللا يؤتيه من يشاء‬
‫وهللا ذو الفضل العظمي } ‪.‬‬

‫( فائدة ) قوهل تعاىل { وما أرسلنا من قبكل اإالرجاال نويح اإلهيم‬


‫من أهل القرى } قال املفرسون ‪ :‬مل يبعث نيب قط من النساء وال من‬
‫البدو وال من العبيد ‪ ،‬وقوهلم ‪ :‬اكن لقامن عبدا حبش يا فيه ختالف وتضاد‬
‫ملا هنا من فضائل لقامن اليت اختصه هبا الرمحن اذلي خيتص برمحته من‬
‫يشاء مفا شاء اكن ‪ ،‬وكذكل اختالفهم يف نبوة مرمي واخلرض ‪ ،‬واحلاصل‬
‫أن لك ما جاء من هذا الالكم املطلق يكون حمكه عىل العموم ‪ ،‬وما‬
‫خالفه يكون حمكه عىل الندور واخلصوص وهل نظائر { وخيلق ما‬
‫التعلمون } { وينش ئمك فامي التعلمون } { اإمنا أمره اإذا أراد ش يا أن‬
‫يقول هل كن فيكون } { اإن مثل عيىس عند هللا مكثل أدم خلقه من‬

‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬


‫‪9‬‬

‫تراب مث قال هل كن فيكون } { اإن أكرممك عند هللا أتقامك } { اإن هللا‬
‫علمي خبري }‬

‫قال وهب بن منبه ‪ :‬تلكم لقامن وقال ‪ :‬ايبين ‪ :‬عرشة أالف ابب‬
‫من احلمكة أدخلها الناس يف الكهمم وقضاايمه ‪ ،‬ولنقدم ماقصه ربنا الرمحن‬
‫عىل لسان صديقه لقامن ‪ ،‬فامي أنزهل من القرءان عىل نبيه املبعوث أخر‬
‫الزمان ‪ ،‬قوهل عز وجل { ولقد أتينا لقامن احلمكة أن اشكر هلل ومن‬
‫يشكر فاإمنا يشكر لنفسه ومن كفر فاإن هللا غين محيد * وإاذ قال لقامن‬
‫الإبنه وهويعظه ايبين ال ترشك ابهلل اإن الرشك لظمل عظمي } [ الايت ‪-12 :‬‬

‫‪ { ] 13‬ايبين اإهنا اإن تك مثقال حبة من خردل فتكن يف خصرة أو يف‬


‫السموات أويف الرض يأت هبا هللا اإن هللا لطيف خبري * ايبين أمق الصالة‬
‫وأمر ابملعروف وانه عن املنكر واصرب عىل ما أصابك اإن ذكل من عزم‬
‫المور * والتصعر خدك للناس وال متش يف الرض مرحا اإن هللا الحيب‬
‫لك خمتال خفور * واقصد يف مش يك واغضض من صوتك اإن أنكر‬
‫الصوات لصوت امحلري } [ الايت ‪] 19 – 16 :‬‬

‫تفسري هذه الايت عىل االإختصار ‪ ،‬قوهل عز وجل { ولقد أتينا‬


‫لقامن احلمكة } قال العلامء ‪ :‬يعين العقل والعمل والعمل به واالإصابة يف‬

‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬


‫‪10‬‬

‫المور ‪ ،‬قوهل { وإاذ قال لقامن الإبنه } وإامسه أنعم ‪ ،‬وقيل مشمك بن‬
‫لقامن { ايبين الترشك ابهلل اإن الرشك لظمل عظمي } وهو اذلي اليغفر‬
‫لصاحبه واليقبل هللا منه رصفا وال عدال ‪.‬‬

‫وقد روى ابن مسعود ريض هللا عنه قال ‪ :‬ملا نزلت { اذلين‬
‫أمنوا ومل يلبسوا اإمياهنم بظمل } شق ذكل عىل املسلمني وقالوا أينا مل يظمل‬
‫نفسه ‪ ،‬فقال رسول هللا صىل هللا عليه وأهل وسمل ‪ :‬ليس ذكل اإمنا هو‬
‫الرشك ‪ ،‬أمل تسمعوا قول لقامن الإبنه { ايبين ال ترشك ابهلل اإن الرشك‬
‫لظمل عظمي } أخرجه الش يخان والرتمذي ‪.‬‬
‫ويف معىن الول ما س بق اإليه فهم املتأول ؛ نقل البغوي عن من‬
‫سامه يف تفسريه أنه قال ‪ :‬امحلد هلل اذلي قال { والاكفرون مه الظاملون‬
‫} ومل يقل والظاملون مه الاكفرون ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬واملرشك هو عابد الصمن اذلي يزمع أنه ينفع ويرض ويقربه‬
‫اإىل هللا تعاىل كام حىك هللا عهنم بقوهل { واذلين اختذوا من دون هللا أولياء‬
‫مانعبدمه اإال ليقربوان اإىل هللا زلفى اإن هللا حيمك بيهنم } { واذلين اختذوا‬
‫}‬ ‫من دون هللا قرابان ألهة بل ضلوا عهنم وذكل اإفكهم وما اكنوايفرتون‬

‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬


‫‪11‬‬

‫وقوهل { ايبين اإهنا اإن تك مثقال حبة من خردل } الكناية يف قوهل‬


‫راجعة اإىل اخلطيئة ‪ ،‬وذكل أن ابن لقامن قال لبيه ‪ :‬اي أبت اإن معلت‬
‫اخلطيئة حيث اليراين أحد كيف يعلمها هللا؟ فقال { ايبين اإهنا اإن تك‬
‫مثقال حبة من خردل فتكن يف خصرة أو يف السموات أو يف الرض يأت‬
‫هبا هللا اإن هللا لطيف خبري } قال ابن عباس ريض هللا عهنام ‪ :‬الصخرة‬
‫يه اليت حتت الرضني الس بع ‪ ،‬ويه اليت تكتب فهيا أعامل الفجار‬
‫وخرضة السامء مهنا ‪.‬‬
‫قال الس ندي ‪ :‬خلق هللا الرض عىل حوت وهو النون اذلي‬
‫ذكره هللا عز وجل يف القرءان { ن * والقمل } واحلوت يف املاء ‪ ،‬واملاء‬
‫عىل ظهر صفاة ويه الصخرة اذلي ذكرها لقامن ليست يف السامء وال يف‬
‫الرض ‪ ،‬والصخرة عىل الرحي { اإن هللا لطيف } ابس تخراهجا { خبري‬
‫مباكهنا ‪.‬‬ ‫}‬

‫قال احلسن البرصي ‪ :‬معىن الية يه االإحاطة ابلش ياء صغريها‬


‫وكبريها ‪ .‬ويف بعض الكتب أن هذه اللكمة أخر لكمة تلكم هبا لقامن‬
‫فانشقت مرارته من هيبهتا مفات رمحه هللا ‪ ،‬قاهل احلسن بن صاحل رمحه‬
‫هللا ‪.‬‬

‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬


‫‪12‬‬

‫( فائدة ) قال الش يخ الرشيج يف فوائده ‪ :‬رأيت خبط بعض‬


‫العلامء أن من ضاع هل يشء فقال ‪ :‬ايحفيظ مائة وتسع عرش مرة من غري‬
‫زايدة وال نقصان مث يقول { ايبين اإهنا اإن تك مثقال حبة من خردل }‬

‫اإىل قوهل { يأت هبا هللا} مائة مرة رد هللا عليه ضالته وحفظها ‪ ،‬قال‬
‫وهوحصيح جمرب ‪.‬‬

‫ايبين أمق الصالة وأمر ابملعروف وانه عن‬ ‫{‬ ‫قوهل عز وجل‬
‫املنكر واصرب ما أصابك } يعين من الذى { اإن ذكل من عزم المور‬
‫} يريد المر ابملعروف والهنىي عن املنكر والصرب عىل الذى فهيام من‬
‫المور الواجبة اليت أمر هللا هبا ‪ ،‬ويه من المور اليت يعزم علهيا لوجوهبا‬
‫يف العني عىل لك عني ‪.‬‬

‫قوهل عز وجل { والتصعر خدك للناس } قال ابن عباس‬


‫يقول ‪ :‬ال تتكرب فتحقر الناس وتعرض عهنم بوهجك اإذا لكموك ‪.‬‬
‫قال جماهد ‪ :‬هو الرجل تكون بينك وبينه أحنة فتلقاه فيعرض‬
‫عنك بوهجه ‪.‬‬
‫وقال عكرمة ‪ :‬هو اذلي اإذا سمل عليه لوى عنقه تكربا ‪ ،‬وإاليه‬
‫االإشارة بقوهل تعاىل يف وصف املنافقني { وإاذا قيل هلم تعالوا يس تغفر لمك‬
‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬
‫‪13‬‬

‫وحقيقة‬ ‫}‬ ‫رسول هللا لووا رءوسهم ورأيهتم يصدون ومه مس تكربون‬
‫النفاق التكرب مع التكذيب ‪.‬‬
‫قال الربيع بن أنس وقتادة ‪ :‬معناه الحتقر الفقراء ليكن الفقري‬
‫والغين عندك سواء ‪.‬‬

‫قوهل عز وجل { والمتش يف الرض مرحا } متبخرتا متكربا‬


‫{‬ ‫خمتاال { اإن هللا الحيب لك خمتال } يف مشيته خفور عىل الناس‬
‫واقصد يف مش يك } أي ليكن مش يك قصدا ال ختيال وال إارساعا وال‬
‫قطفا ‪.‬‬

‫قال عطاء ‪ :‬أمش ابلوقار والسكينة كقوهل تعاىل { ميشون عىل‬


‫الرض هوان } { واغضض من صوتك } أي أنقص من صوتك ‪،‬‬
‫أقبح‬ ‫}‬ ‫اإن أنكر الصوات‬ ‫{‬ ‫وقال مقاتل ‪ ،‬أخفض من صوتك‬
‫الصوات { لصوت امحلري } لنه أوهل زفري وأوسطه هرير وأخره شهيق‬
‫‪ ،‬وهام صوت أهل النار ‪.‬‬

‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬


‫‪14‬‬

‫قال موىس بن أعني ‪ :‬مسعت سفيان الثوري يقول يف قوهل تعاىل‬


‫{ اإن أنكر الصوات لصوت امحلري } قال صياح لك يشء تسبيح اإال‬
‫امحلار‪.‬‬

‫اإن أنكر‬ ‫{‬ ‫وقال جعفر الصادق رمحه هللا يف قوهل تعاىل‬
‫الصوات لصوت امحلري } قال يه العطسة القبيحة ‪ .‬انهتىى التفسري ‪.‬‬
‫وقال لقامن الإبنه ‪ :‬ايبين التدخل يف ادلنيا دخوال يرض بأخرتك‬
‫‪ ،‬وال ترتكها تراك تكون الك عىل الناس ‪ ،‬وقال ‪ :‬بع بأخرتك دنياك تربـحهام‬
‫مجيعا ‪.‬‬
‫وقال ‪ :‬كام تنام فكذكل متوت ‪ ،‬وكام تستيقظ فكذكل تبعث ‪،‬‬
‫فامعل معالصاحلا تمن وتستيقظ اكلعروس ‪ ،‬والتعمل سوء فتنام وتستيقظ‬
‫مرعواب اكجملرم اذلي يطلبه السلطان لسفك دمه ‪.‬‬
‫وقال لقامن ‪ :‬من اجمتعت فيه مخس ‪ :‬ادلين ‪ ،‬واملال ‪ ،‬واحلياء‪،‬‬
‫وحسن اخللق ‪ ،‬والسخاء فهو نقي تقي ‪ ،‬هلل تعاىل ويل ‪ ،‬ومن الش يطان‬
‫بري ‪.‬‬
‫وقال لقامن الإبنه ‪ :‬ايبين اإين موصيك خبالل اإذا متسكت هبن مل‬
‫تزل س يدا ‪ :‬أبسط حلمك للقريب والبعيد ‪ ،‬وامسك هجكل عن قول‬
‫الكرمي واللئمي ‪ ،‬واحفظ اإخوانك ‪ ،‬وصل أقاربك ‪ ،‬وأمهنم من قبول ساع‬

‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬


‫‪15‬‬

‫أو سامع ابغ يريد فسادك ويريد خداعك ‪ ،‬وليكن اإخوانك ممن اإذا فارقهتم‬
‫وفارقوك مل تعهبم ومل يعيبوك ‪.‬‬
‫وقال ‪ :‬ايبين اجعل عقل غريك كل فامي تدعوك احلاجة اإىل فعهل ‪،‬‬
‫فقال اي أبت ‪ :‬كيف اجعل عقل غريي يل ؟ فقال ‪ :‬تشاوره يف أمرك فامي‬
‫حتب ‪.‬‬
‫وقال ‪ :‬اإذا اس تخار الرجل ربه ‪ ،‬واستشار حصبه ‪ ،‬واجهتد يف‬
‫رأيه فقد قىض ما عليه ‪ ،‬ويقيض هللا يف أمره ماحيب ‪.‬‬
‫وقال ‪ :‬رضب الوادل للودل اكلسامد للزرع ‪.‬‬
‫وقال ‪ :‬لن تكون أخرس عاقال خري كل من أن تكون نطوقا‬
‫جاهال ‪ ،‬وللك يشء دليل ؛ العقل دليهل التفكري ‪ ،‬ودليل التفكري الصمت‬
‫‪ ،‬ومن نطق يف غري خري فقد لغا‪ ،‬ومن نظر يف غري اعتبار فقد سهىى ‪،‬‬
‫ومن سكت يف غري فكر فقد لها ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬لو قرأت حصيفتك لمغدت صفيحتك ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬لو رأيت ما يف مزيانك خلمتت عىل لسانك ‪.‬‬
‫وحيك أيضا عن لقامن احلكمي رمحه هللا قال الإبنه ‪ :‬ايبين اإفعل ما‬
‫يصلحك يف دينك ودنياك ‪ ،‬وامض يف مصلحتك حىت تنهتىي مهنا ‪،‬‬
‫والحتفل ابلناس وال تصغ اإىل قوهلم وعذهلم ؛ فالسبيل اإىل رضاهئم والحيةل‬
‫يف اجامتع قلوهبم ‪.‬‬
‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬
‫‪16‬‬

‫ايبين ‪ :‬اإيتين حبامر وانظر مايكون من الكم الناس ؛ اليرضون‬


‫عىل أحد أبدا ‪ ،‬فأاته به فركب لقامن عليه وأمر ابنه أن يسوق به امحلار ‪،‬‬
‫مفر مبحفل من الناس فقالوا ‪ :‬الصغري مييش والكبري يركب ما أجفاه وأغلظه‬
‫‪ .‬فقال ايبين ما قال الناس ؟ فأخربه ‪ ،‬فزنل عن امحلار وأركب ابنه وساق‬
‫به ‪ ،‬مفر مبحفل أخر فقالوا ‪ :‬الصغري يركب والكبري مييش عىل قدميه ما‬
‫أجفا هذا الصغري وأسوأ أدبه ‪ ،‬فقال ايبين ما قال الناس ؟ فأخربه مبا قالوا‬
‫‪ .‬فركب الب والا بن معا مفرا مبحفل أخر فقالوا اثنان رديفان عىل حامر‬
‫ال من عةل وال من ضعف ! ما أغلظهام ‪ ،‬فقال ايبين ما قال الناس ؟‬
‫فأخربه ‪ ،‬فزنال عن امحلار وساقاه ؛ مفرا مبحفل أخر فقالوا ‪ :‬ايس بحان هللا‬
‫حامر مييش وهو حصيح قادر ورجالن ميش يان عىل القدام !! هال ركب‬
‫أحدهام ‪ ،‬فقال ايبين ما قال الناس ؟ فأخربه ‪ ،‬فقال ايبين أمل أقل كل‬
‫افعل ما يصلحك وال حتفل ابلناس ‪ ،‬اإمنا أردت هبذا تعلميك ‪.‬‬
‫قال خادل الربعي ‪ :‬اكن لقامن عبدا حبش يا فدفع مواله اإليه شاة‬
‫وقال ‪ :‬اإذحبها وائتين بأطيب مضغتني مهنا ؟ فأاته ابللسان والقلب ‪ ،‬مث‬
‫دفع اإليه شاة أخرى وقال اإذحبها وائتين بأخبث مضغتني مهنا ؟ فأاته‬
‫ابللسان والقلب ‪ ،‬فسأهل مواله عن ذكل فقال ‪ :‬ليس يشء بأطيب مهنام‬
‫اإذا طااب وال أخبث مهنام اإذا خبثا ‪.‬‬
‫قال لقامن ‪ :‬اإذا أردت أن توايخ أخا فأغضبه ؛ فاإن أنصفك وهو‬
‫غضبان فأخه والا فاحذره ‪.‬‬

‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬


‫‪17‬‬

‫وقال ايبين ‪ :‬اليكن ادليك أكيس منك ؛ هو قامئ يصيح ابلحسار‬


‫وأنت انمئ يف فراشك ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬التبعث رسوال جاهال ؛ فاإن مل جتد حكامي فكن أنت‬
‫رسول نفسك ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬اإذا مررت بقوم فارهمم بسهم االإسالم وهو السالم ‪،‬‬
‫فقال ‪ :‬السالم عليمك ورمحة هللا وبراكته ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬من قال اإن الرش يطفئ الرش فاإن اكن صادقا فليوقد‬
‫انرين مث لينظر هل تطفئ أحدهام الخرى ! وإامنا يطفئ اخلري الرش كام‬
‫يطفئ املاء النار ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬الصرب عند املاكره من حسن اليقني ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬التألك وأنت ش بعان فاإنك أن تنبذه للالكب اكن خريا‬
‫كل من أن تألكه ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬لك أطيب الطعام ‪ ،‬ومن عىل أوطى الفراش ( أراد أكرث‬
‫الصيام وأطل القيام حىت تىس تطيب الطعام وتلتذ ابلفراش )‬
‫ايبين ‪ :‬نقلت الصخر ومحلت احلديد فمل أرى شيئا أثقل من‬
‫ادلين ‪ ،‬وألكت الطيبات وعانقت احلسان فمل أرى شيئا أذل من العافية ‪،‬‬
‫وذقت مجيع املرارات فمل أرى شيئا أمر من االإحتياج اإىل الناس ‪.‬‬

‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬


‫‪18‬‬

‫ايبين ‪ :‬اإذا أردت أن تقطع أمرا فال تقطعه حىت تشاور‬


‫وتستشري مرشدا ‪.‬‬
‫ايبين شاور من جرب المور فاإنه يعطيك من رأيه ماقام عليه‬
‫ابلغال وأنت تأخذه جماان ( يعين بغري مثن ) ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬التكون اذلرة أكيس منك جتمع يف صيفها لش تاهئا ‪،‬ويه‬
‫اإذا حصلت عىل بيهتا الندوة من املطر تفلق احلبة أنصافا لئال تنبت‬
‫فتفسد ‪ ،‬وأما الكزبرة فتفلقها أربعا لهنا من بني احلب ينبت نصفها ‪ ،‬وجتد‬
‫من بعد راحئة اليشء اذلي اإذا وضعته أنت عىل أنفك مل جتد هل راحئة‬
‫اليشء ألبتة ‪ ،‬كرجل اجلرادة ايبسة جتد راحئهتا من جوف حجرها فاإذا‬
‫تلكفت عىل محلها وأجعزهتا اإس تدعت اإلهيا سائر اذلر واس تعانت به‬
‫ايبين ‪ :‬جالس العلامء وزامحهم بركبتك ‪ ،‬فاإن هللا حييي القلوب‬
‫بنور احلمكة ‪ ،‬كام حييي الرض بوابل املطر ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬عليك ابلعمل فاإنك اإن اإفتقرت اكن كل ماال ‪ ،‬وإان‬
‫اس تغنيت اكن كل جامال ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬أغد عاملا أومتعلام أومس متعا أوجميبا ‪،‬والتكن اخلامس‬
‫فهتكل ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬ال تس تقلن من فقري اس تغىن ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬التقارب السلطان اإذا غضب ‪ ،‬وال البحر اإذامد ‪.‬‬
‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬
‫‪19‬‬

‫ايبين ‪ :‬ثالثة جيب عىل الناس مداراهتم ‪ :‬املكل املسلط ‪،‬‬


‫واملريض ‪ ،‬واملرأة ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬التقبل حبديثك عىل من اليسمعه ؛ فاإن نقل الصخور من‬
‫رؤوس اجلبال أيرس من احادثة من اليسمع حديثك ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬التشهد العراس فاإهنا ترغبك يف ادلنيا وتنس يك الخرة‬
‫‪ ،‬واشهد اجلنائز فاإهنا تزهدك يف ادلنيا وترغبك يف الخرة ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬اإن املوعظة تشق عىل السفيه كام يشق صعود الوعر عىل‬
‫الش يخ الكبري ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬اإرمح الفقراء لقةل صربمه ‪ ،‬وارمح الغنياء لقةل شكرمه ‪،‬‬
‫وارمح امجليع لطول غفلهتم ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬اإذا اكن خازنك حفيظا ‪ ،‬وخزائنك أمينة ‪ ،‬سدت يف‬
‫دنياك وأخرتك ( يريد هبام القلب واللسان ) ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬كن أمينا تعش غنيا محيدا ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬كفى ابلقناعة عزا ‪ ،‬وبطيب النفس نعامي ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬اجعل مهك فامي خلقت هل والجتعل مهك فامي كفيت ‪.‬‬

‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬


‫‪20‬‬

‫{ وصية لقامن الإبنه علهيام السالم }‬

‫ايبين ‪ :‬اإذا اكن العمل يكتب ابملداد فاكتب هذه الوصية مباء‬
‫اذلهب ‪ :‬العقل ملن ال عصمة هل ‪ ،‬والمروءة ملن ال صدق هل ‪ ،‬وال أمانة‬
‫ملن ال رس هل ‪ ،‬وال عمل ملن ال رغبة هل ‪ ،‬وال مال ملن ال رفق هل ‪ ،‬والكزن‬
‫أنفع من العمل ‪ ،‬وال مال أرحب من احلمل ‪ ،‬وال حسب أرفع من الدب ‪،‬‬
‫وال كرم أعىل من التقوى ‪ ،‬وال قرين أزين من العقل ‪ ،‬وال غائب أقرب‬
‫من املوت ‪ ،‬وال يشء أنفع من الصدقة ‪ ،‬وال جيفة أننت من احلرام ‪ ،‬وال‬
‫عبادة أفضل من الصمت ‪ ،‬وال سيئة أسوأ من الكذب ‪ ،‬وال احنة‬
‫لصاحهبا أاحن من الكرب ‪ ،‬وال مغ أمغ لصاحبه من احلسد‪ ،‬وال عار أقبح‬
‫من البخل ‪ ،‬وال ذل أذل من الطمع ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬من نظر يف عيب نفسه اش تغل عن عيب غريه ‪ ،‬ومن‬
‫اس تخف زلته اس تعظم زةل غريه ‪ ،‬ومن اس تغىن برزق هللا مل يمتىن ما يف‬
‫أيدي الناس ‪ ،‬ومن سل س يف البغي قتل به ‪ ،‬ومن حفر لخيه حفرة‬
‫سوء وقع فهيا ‪ ،‬ومن تعرض لهتك مسمل كشفت عورته ‪ ،‬ومن اكبد‬
‫المور أخطأ ‪ ،‬ومن اقتحم اللجج غرق ‪ ،‬ومن محل ما اليطيق جعز ‪،‬‬
‫ومن أجعب بنفسه هكل ‪ ،‬ومن تكرب عىل الناس ذل ‪ ،‬ومن مل يشاور ندم‬
‫‪ ،‬ومن مل جيرب المور خدع ‪ ،‬ومن جالس العلامء عمل ‪ ،‬ومن جالس‬
‫السفهاء ندم ‪ ،‬ومن قل الكمه دامت عافيته ‪ ،‬ومن اتبع نفسه يف شهواهتا‬
‫افتضح ‪ ،‬ومن أبدأ رسه اإىل غري صديق أمشت بنفسه ‪ ،‬ومن اصطنع اإىل‬
‫غري أهل الصنائع فقد أبطل صنيعه ‪ ،‬ومن ترك الظمل فقد أعز نفسه ‪.‬‬
‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬
‫‪21‬‬

‫ايبين ‪ :‬ألكت مجيع الطيبات فمل أجد شيئا أذل من العافية ‪،‬‬
‫وذقت مجيع املرارات فمل أجد شيئا أمر من احلاجة اإىل الناس ‪ ،‬ومحلت‬
‫الصخر واحلديد فمل أجد شيئا أثقل من ادلين واذلنب ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬هجد البالء يف ادلنيا مخس خصال ‪ :‬سلطان أرض برعيته‬
‫‪ ،‬ورجل أرضت به امرأته ‪ ،‬وكرثة العيال مع قةل املال ‪ ،‬وصديق يلقاك‬
‫مرحبا وهو مييش يف هالكك ‪ ،‬وجار سوء يدفن حس ناتك ويفيش‬
‫سيئأتك ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬ال تظن يف النساء خريا ‪ ،‬و التركن اإلهين ‪ ،‬واخش‬
‫رشارهن ‪ ،‬وكن من خيارهن عىل حذر ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬اإذا جاورت قوما فغض برصك عن احارهمم ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬من أسأ اإليك أحسن اإليه ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬اإزرع امجليل حتصد اجلزيل ‪ ،‬وصاحب الرشاف وجتنب‬
‫الطراف ‪ ،‬فرشيف النفس والقدر اإن صاحبته نفعك ؛ وإان اإطلع عىل‬
‫رسك سرتك ‪ ،‬والطرف ادلاين اإن سايرته وضعك ‪ ،‬وإان أمنته خدعك ‪،‬‬
‫وإان رأى يف يدك شيئا حسدك ‪ ،‬وإان اس تغىن عنك تركك ‪.‬‬
‫وقال ابن لقامن لبيه ‪ :‬اي أبت من حييط بلك العمل ؟ فقال لك‬
‫الناس ‪.‬‬

‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬


‫‪22‬‬

‫( حاكية) حاكها االإمام اليافعي يف كتاب روض الرايحني عن‬


‫بعض السلف قال ‪ :‬اكن لقامن عليه السالم عبدا حبش يا لرجل ؛ جفاء به‬
‫اإىل السوق ليبيعه ‪ ،‬فاكن لقامن لكام جاء اإنسان يشرتيه قال هل ما تصنع يب‬
‫!! فاإذا قال كذا وكذا قال حاجيت اإليك أن التشرتيين ‪ ،‬حىت جاء اإىل‬
‫رجل فقال هل لقامن ما تصنع يب ؟ فقال أصريك بوااب عىل ابيب ‪ ،‬فاشرتاه‬
‫وجاء به اإىل داره ‪ ،‬واكن ملواله ثالث بنات يبغني يف القرية وأراد أن خيرج‬
‫اإىل ضيعة هل ‪ ،‬فقال للقامن اإين قد أدخلت اإلهين طعاهمن وما حيتجن اإليه ‪،‬‬
‫فاإذا خرجت فأغلق الباب واقعد من ورائه وال تفتحه حىت أحرض ‪ ،‬فلام‬
‫خرج فعل ما أمره به ‪ ،‬فقلن هل اإفتح الباب فأىب علهين ‪ ،‬فشججنه فغسل‬
‫ادلم وجلس ‪ ،‬فلام قدم س يده مل خيربه ‪ ،‬مث أراد س يده اخلروج اثنيا فقال‬
‫اإين قد أدخلت إالهين ما حيتجن اإليه فال تفتح الباب لهن ‪ ،‬فلام خرج‬
‫خرجن اإليه وقلنا هل اإفتح الباب فأىب ‪ ،‬فشججنه ورجعن ‪ ،‬جفلس ‪ ،‬فلام‬
‫أن جاء مواله مل خيربه بيشء ‪ ،‬فقالت الكبرية ‪ :‬ماابل هذا العبد احلبيش‬
‫أوىل بطاعة هللا عز وجل مين ! وهللا لتوبن فتابت ‪ ،‬فقالت الصغرية‬
‫ماابل هذا احلبيش وهذه أخيت الكربى أوىل بطاعة هللا عز وجل مين‬
‫فتابت ‪ ،‬فقالت الوسطى ماابل هذا العبد احلبيش وهاتني أوىل بطاعة هللا‬
‫عز وجل مين ‪ ،‬وهللا لتوبن فتابت ‪ ،‬فقال غواة القرية ‪ :‬ماابل هذا العبد‬
‫احلبيش وبنات فالن أوىل بطاعة هللا منا ‪ ،‬وهللا لنتوبن ‪ ،‬فتابوا امجليع‬
‫وصاروا عباد القرية ‪.‬‬

‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬


‫‪23‬‬

‫وعن لقامن عليه السالم أنه قال الإبنه ‪ :‬االإنسان ثالثة اإثالث ‪:‬‬
‫ثلث هلل ‪ ،‬وثلث لنفسه ‪ ،‬وثلث لدلود ‪ ،‬فأما ما هو هلل فروحه ‪ ،‬وأما ما‬
‫هو لنفسه فعمهل ‪ ،‬وأما ما هو لدلود جفسمه ‪.‬‬
‫وقال لقامن الإبنه ‪ :‬اإذا امتلت املعدة ابلطعام انمت الفكرة ‪،‬‬
‫وخرست احلمكة ‪ ،‬وقعدت العضاء عن العبادة ‪.‬‬
‫وحيك عن احلسن أن لقامن قال الإبنه ‪ :‬ال تكونن أجعز من ادليك‬
‫يصوتك ابلحسار وأنت انمئ عىل فراشك ‪.‬‬
‫( فائدة ) قال النووي يف كتاب الذاكر ‪ :‬أن لقامن ومرمي ليسا‬
‫بنبيني‪ ،‬ونقل ذكل عن جامهري العلامء ‪ ،‬مث قال ‪ :‬وال اإلتفات اإىل من شذ‬
‫وقال اإهنام نبيان ‪.‬‬
‫ونقل عن بعض العلامء أنه قال ‪ :‬اكن لقامن ومرمي صديقني لهنام‬
‫يرتفعان عن حال من يقال فيه ريض هللا عنه وعهنا ‪ ،‬ويزنالن عن مرتبة‬
‫من يقال فيه صىل هللا عليه وعلهيا ‪ ،‬يعين ملا يف القرءان العزيز مما يرفعهام ‪،‬‬
‫مث قال ‪ :‬واذلي أراه هذا البأس به وإان مل يكن الراحج ‪ ،‬بل الراحج أن يقال‬
‫ريض هللا عنه وعهنا ‪ ،‬لن هذه املرتبة لغري النبياء ومل يثبت كوهنام نبيني ‪،‬‬
‫مث قال ‪ :‬ولو قال عليه السالم وعلهيا فالظاهر أنه ال بأس به ‪ .‬انهتىى ‪.‬‬
‫( خامتة جليةل ) اإعمل وفقك هللا وأهلمك ‪ ،‬ونور قلبك وفهمك ‪،‬‬
‫وفتح عليك من أنواره وعلمك‪ ،‬اإن احلمكة الصلية يه عبادة هللا عىل‬

‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬


‫‪24‬‬

‫اخلوف والتقوى ‪ ،‬وقد قال صىل هللا عليه وأهل وسمل ‪ :‬رأس احلمكة خمافة‬
‫هللا ‪.‬‬
‫وقال الش بيل ‪ :‬ماخفت هللا يوما اإال رأيت اباب من احلمكة والعربة‬
‫ما رأيته قط ‪.‬‬
‫وقال رسول هللا صىل هللا عليه وأهل وسمل ‪ :‬أيمك عقال أشدمك هلل‬
‫خوفا ‪ ،‬وأحس نمك فامي أمر هللا به تعاىل وهنىى عنه نظرا ‪ ،‬فاإذا اجمتع يف‬
‫قلب مؤمن الرجاء هلل واخلوف هل مع التقوى والشكر والصرب وغريها من‬
‫مقامات االإميان فقد متت فيه احلمكة ‪ ،‬فاس توجب صاحبه أن يسمى حكامي‬
‫‪ ،‬ويدعى ممن أويت احلمكة ‪ ،‬ويه املشار اإليه يف قوهل عز وجل { ومن‬
‫يؤت احلمكة فقد أويت خريا كثريا } وقوهل تعاىل { ولقد أتينا لقامن احلمكة‬
‫} قال بعض العلامء ‪ :‬احلمكة حتقيق العمل واتقان العمل ‪ ،‬واخلري الكثري‬
‫هو خري ادلارين ‪ .‬وقالوا أيضا ‪ :‬احلمكة يه العدل ‪ ،‬لنه مينع صاحبه من‬
‫اجلهل كحمكة ادلابة لهنا تردها من اإفسادها ‪ ،‬واحلكمي عند هللا العامل‬
‫العامل ‪ ،‬والمر ابملعروف والنايه عن املنكر ‪ ،‬وحقيقة املتعمل العامل‬
‫العامل املعمل ‪ ،‬قال الشاعر ‪:‬‬
‫هال لنفسك اكن ذا التعـلمي‬ ‫اي أهيا الرجل املعــــــمل غريه‬
‫فاإذا انهتت عنه فأنت حكمي‬ ‫اإبدأ بنفسك فاهنها عن غهيا‬
‫عار عليك اإذا فعلت عظــمي‬ ‫ال تنه عن خلق وتأيت مثهل‬

‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬


‫‪25‬‬

‫وقال عيىس ‪ :‬من تعمل ومعل وعمل فذكل يدعى عظامي يف ملكوت‬
‫السموات والرض ‪.‬‬
‫وقال بعض العلامء ‪ :‬احلمكة نباء عظمي حتتوي عىل احاسن‬
‫الصفات ورشائف العلوم ‪ ،‬وذكل اإن احلمكة عظمية ‪ ،‬واملتصف هبا يسمى‬
‫حكامي ‪ ،‬قال ‪ :‬ويه عبارة عن معرفة احلق مبا هوعليه من الكامل واملقال‬
‫وحسن الفعال ‪ ،‬وتزنهيه من صفات النقص‪ ،‬ومعرفة اخللق ومجيع ما‬
‫تقتضيه أحواهلم ‪ ،‬فاإذا مكلت النفس مبعرفة احلق ومعرفة السمت اإتصفت‬
‫مبعرفة حمكه ‪.‬‬
‫فأما ما يتعلق مبعرفة احلق وهو معرفة ذاته وصفاته وأسامئه‬
‫وأنبيائه من تلقهيم الويح من هذا املبدأ الفياض ‪ ،‬قال ‪ :‬والوصول اإىل هذه‬
‫املعرفة من طريقني ؛ أما من طريق الربهان كام هو طريق املتلكمني وأما‬
‫من طريق العيان كام هو طريق املقربني واملاكشفني ‪ ،‬فهذا واحد من‬
‫أقسام احلمكة املتعلقة ابحلق ‪.‬‬
‫وأما الشطر الثاين من احلمكة املتعلقة ابخللق فهىي تنقسم اإىل‬
‫قسمني ‪ :‬أما علمية أو معلية كعلوم الس ياسات االإلهية الواردة عىل لسان‬
‫النبياء علهيم الصالة والسالم وتدخل يف هذا علوم الكتب املزنةل اكلتوراة‬
‫واالإجنيل والزبور والفرقان ‪ ،‬وعلوهما كثرية مكعرفة أس باهبا وأوقاهتا‬
‫وأسانيدها واحمكها ومتشاهبها وعلوم حقائقها وجمازها ‪ ،‬وتدخل حتت‬
‫الس ياسة االإلهية سائر سنن النبياء وأخبارمه وأاثرمه وعلوم أحاديهثم‬
‫ورواهتا وما يتفرع عهنا من الحاكم الفقهية من عبادات أو عادات ‪.‬‬
‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬
‫‪26‬‬

‫ومن احلمكة العملية عمل الخالق ومتيزي حس هنا من قبيحها ‪،‬‬


‫ووضع لك خلق يف موضعه ‪ ،‬مثل االإتصاف ابلصفات امحليدة والتجنب‬
‫عن الخالق اذلممية ‪.‬‬
‫ومن احلمكة العلمية ‪ :‬عمل املعارشة ‪،‬وعمل كيفية املعامةل واملنادمة ‪،‬‬
‫واعطاء لك خشص ما يقتضيه حاهل ‪ ،‬ومن احلمكة العلمية س ياسة امللوك ‪،‬‬
‫وتدبري املزنل‪ ،‬فهذه أصول احلمكة العلمية ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬وكتاب االإمام اجلليل محمد بن محمد بن محمد الغزايل املسمى‬
‫ابحياء علوم ادلين ال أعمل يف احلمكة العلمية كتااب أمجع منه وال أنفع ‪ ،‬فهو‬
‫مش متل عىل أربعة أنواع ‪ ،‬ربع منه يف العبادات اكلصالة والصوم والزاكة‬
‫واحلج والوراد والذاكر ‪ ،‬وربع منه يف العادات اكلناكح والطالق‬
‫وا إالعتاق والبيع والرشاء ‪ ،‬وربع منه يف بيان الخالق املهلاكت اكلعجب‬
‫واحلسد والبغي ‪ ،‬وربع منه يف بيان الخالق امحليدة ‪ ،‬وهو كتاب جليل‬
‫يف احلمكة العلمية ‪.‬‬
‫قال فيه ‪ :‬وأما احلمكة العلمية فهىي قسامن ‪ :‬طبيعي مثل قسم‬
‫الطب ‪ ،‬وعمل البيطرة ‪ ،‬وعمل البريرة ‪ ،‬وعمل النبات ‪ ،‬وعمل احليوان ‪ ،‬وعمل‬
‫الفالحة ‪ ،‬وعمل املعدن ‪ ،‬وعمل اجلواهر ‪ ،‬وعمل الكون واحلساب ‪ ،‬وعمل‬
‫قوس قزح ‪ ،‬وعمل الفراسة ‪ ،‬وعمل تعبري الرؤاي ‪ ،‬وعمل أحاكم النجوم ‪،‬‬
‫وعمل السحر ‪ ،‬وعمل الطلسم ‪ ،‬وعمل الس مييا ‪ ،‬وعمل الكميياء ‪ ،‬وعمل‬
‫الترشحي ‪ ،‬وعمل الكحاةل ‪ ،‬وعمل الصيدةل ‪ ،‬وعمل طبخ الرشبة واملعاجني ‪،‬‬
‫وعمل قلع الاثر عن الثوب ‪ ،‬وعمل تركيب املزاج ‪ ،‬وعمل اجلراحة والفصد‬
‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬
‫‪27‬‬

‫واحلجامة والباءة ومعرفة الشامات واخليالت والسارير ‪ ،‬وعمل الكناف‪،‬‬


‫وعمل قيافة الثر ‪ ،‬وعمل قيافة الرش‪ ،‬وعمل االإهتداء يف الرباري والقفار‬
‫والبحار ‪ ،‬وعمل الرايفة ‪ ،‬وعمل نزول الغيث ‪ ،‬وعمل العرافة ‪ ،‬وعمل‬
‫االإختالج ‪ ،‬وعمل النادرات ‪ ،‬وعمل الرقاء ‪ ،‬وعمل العزامئ ‪ ،‬وعمل االإس تحضار‬
‫‪ ،‬وعمل دعوة الكواكب ‪ ،‬وعمل الخفار ‪ ،‬وعمل كشف ادلك ‪ ،‬وعمل الشعبذة‬
‫‪ ،‬وعمل الرمل ‪ ،‬وعمل تسخري اجلان ‪ .‬وهذا جانب من العلوم الطبيعية ‪.‬‬
‫وأما الرايضة فهىي ‪ :‬عمل الهندسة ‪ ،‬وعمل البنية ‪ ،‬وعمل املناظر ‪،‬‬
‫وعمل املرااي احملرقة ‪ ،‬وعمل جر الثقال ‪ ،‬وعمل املساحة ‪ ،‬وعمل الالت‬
‫احلربية ‪ ،‬وعمل الريم ‪ ،‬وعمل الهيئة ‪ ،‬وعمل التعديد ‪ ،‬وعمل الس باحة ‪ ،‬وعمل‬
‫الرحيان ‪ ،‬وعمل التقادمي ‪ ،‬وعمل مواقيت الصالة ‪ ،‬وعمل االإكراه ‪ ،‬وعمل صور‬
‫الكواكب ‪ ،‬وعمل مقادير العلوايت ‪ ،‬وعمل منازل القمر ‪ ،‬وعمل اجلغرافيا ‪،‬‬
‫وعمل مساكل البدلان ‪ ،‬وعمل الربوج ومسافاهتا ‪ ،‬وعمل خواص القالمي ‪،‬‬
‫وعمل القراابت ‪ ،‬وعمل املالمح ‪ ،‬وعمل املرامس‪ ،‬وعمل االإصطرالب ‪ ،‬وعمل‬
‫وضع الربع املقنطر واجمليب ‪ ،‬وعمل ربع ادلائرة ‪ ،‬وعمل أالت الساعة ‪ ،‬وعمل‬
‫العداد ‪ ،‬وعمل حساب البخت وامليل ‪ ،‬وعمل اجلرب واملقابةل ‪ ،‬وعمل‬
‫الفرائض ‪ ،‬وعمل حساب الهوى ‪ ،‬وعمل خواص العداد ‪ ،‬وعمل املوس يقى ‪،‬‬
‫وعمل السامع ‪ .‬قال فهذه أصول العمل ‪.‬‬
‫ويتفرع من هذه العلوم اليت ذكرانه علوم الحتىص ‪ ،‬مفن أعطاه‬
‫هللا عز وجل معرفة احلق مبا تصل اإليه القوة البرشية واخللق مبا مه فيه فقد‬

‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬


‫‪28‬‬

‫أعطي احلمكة ‪ ،‬وقد قال تعاىل يف مدح احلمكة { ومن يؤت احلمكة فقد‬
‫أويت خريا كثريا } وهللا أعمل ‪ ،‬فهذه أعداد عددها ‪.‬‬
‫ويف بعض املساطري سودها بعض العلامء ‪ ،‬نقلناها كام ذكرها ‪،‬‬
‫لرتاها كام زبرها ‪ ،‬وقد قال هللا تعاىل { وفوق لك ذي عمل علمي } وقال‬
‫{ وما أوتيمت من العمل اإال قليال } وقال { وقل رب زدين علام } وقال‬
‫تعاىل { رب هب يل حكام وأحلقين ابلصاحلني * واجعل يل لسان صدق‬
‫يف الخرين * واجعلين من ورثة جنة النعمي } وقال { رب قد أتيتين‬
‫من املكل وعلمتين من تأويل الحاديث فاطر السموات والرض أنت وليي‬
‫يف ادلنيا والخرة توفين مسلام وأحلقين ابلصاحلني } وهللا أعمل ‪.‬‬

‫{‬ ‫فتزنه وتدبر والتنكر فتنكر ‪ ،‬والتس هتزي وال تتكرب خترس‬
‫فاذلين ال يؤمنون ابلخرة قلوهبم منكرة ومه مس تكربون * ال جرم أن هللا‬
‫يعمل مايرسون وما يعلنون اإنه ال حيب املس تكربين }[ الايت ‪23 – 22 :‬‬

‫النحل ] { سأرصف عن أاييت اذلين يتكربون يف الرض بغري احلق وإان‬


‫يروا لك أية اليؤمنوا هبا وإان يروا سبيل الغيي يتخذوه سبيال ذكل بأهنم‬
‫كذبوا بأايتنا واكنوا عهنا غافلني } [ الية ‪ 146 :‬العراف ]‬

‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬


‫‪29‬‬

‫قال بعض احلكامء ‪ :‬اإعمل اإن احلكامء املتلكمني يف احلمكة عىل‬


‫ثالثة أقسام ‪ :‬اإلهيون وطبيعيون ودهريون ‪ ،‬فأما الطبيعيون وادلهريون‬
‫فهم حقيقيون أن ال يعدو يف العقالء فضال عن احلكامء ‪ ،‬وأما االإلهيون‬
‫فهم جامعة ممتسكون بكثري من سنن النبياء علهيم السالم ‪ ،‬وهلم‬
‫اجهتادات واردات يصورها الصواب واخلطاء ‪ .‬قال ‪ :‬وهذا شأن العقل ‪،‬‬
‫وكامل العقل أن يؤيد بتأييد رابين كتأييد هللا س بحانه لنبيائه علهيم الصالة‬
‫والسالم ‪ .‬وقال ‪ :‬مدار الكم االإلهيون يدور عىل معرفة الوجود اخلفي‬
‫وهو هللا س بحانه وتعاىل وما يتصف به من صفات الكامل ‪ ،‬واخللق‬
‫العلوي والسفيل وكيف حال مبدأمه ومعادمه ‪ .‬انهتىى ‪.‬‬

‫ويف تفسري االإمام البغوي عند قوهل تعاىل { ربنا وابعث فهيم‬
‫رسوال مهنم يتلوا علهيم أايتنا ويعلمهم الكتاب واحلمكة } قيل احلمكة فهم‬
‫القرءان ‪ ،‬وقيل مواعظ القرءان وما فيه من الحاكم ‪ ،‬وقيل العمل والعمل‬
‫‪ ،‬واليكون الرجل حكامي حىت جيمعهام ‪ ،‬وقيل يه الس نة ‪ ،‬وقيل يه‬
‫الحاكم والقضاء ‪ ،‬وقيل الفقه ‪ ،‬وقيل لك لكمة وعظتك أو زجرتك‬
‫أودعتك اإىل مكرمة أو هنتك عن قبيح مالمة فهىي حمكة احلامك ‪ .‬وقال‬
‫يف معىن امس هللا احلكمي ‪ :‬احلكمي هل معنيان ‪ :‬أحدهام وهو القايض العدل‬
‫‪ ،‬والثاين احملمك للمر كيال يتطرق اإليه الفساد ‪ .‬وقيل اإن احلمكة يعين‬
‫احلس ية نزلت من السامء عىل ثالثة أعضا ‪ :‬عىل أدمغة اليوانن ‪ ،‬وأيدي‬
‫الصني ‪ ،‬وألس نة العرب ‪.‬‬

‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬


‫‪30‬‬

‫تمكةل نذكر فهيا ما وجدانه من احلاكايت والوصااي املنسوابت اإىل لقامن‬


‫احلكمي امللقب بأجعوبة الزمان‬
‫مفن طرائف ما يروى عنه من الخبار احملصةل الإعتبار ما روي‬
‫عن عامثن بن عطاء اخلراساين عن أبيه قال ‪ :‬ملا أعتق لقامن أعطاه مواله‬
‫ماال فبارك هللا للقامن يف ذكل املال فكرث ومنا ‪ ،‬وجعل ال يأتيه أحد‬
‫يس تقرض منه قرضا اإال أقرضه ‪ ،‬وال يأخذ عليه محيال وال رهنا ‪ ،‬اإال اإذا‬
‫أراد أن يدفع اإليه املال قال ‪ :‬تأخذه بأمانة هللا تعاىل لرتده اإيل عاما قابال ‪،‬‬
‫فاإذا قال نعم دفعه اإليه ‪ ،‬جفعل الناس يأخذون ويردون ‪ ،‬فذكر فعل لقامن‬
‫لرجل يسكن ساحل البحر ؛ جتارته يف البحر لص ملط فاجر ‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫وهللا ما رأيت ماال أضيع من هذا ؛ ما يأخذ مين رهنا و المحيال ! وهللا‬
‫لتني هذا الرجل فال أقطعن من ماهل عظامي ‪ ،‬فأقبل اإليه وقال للقامن ‪ :‬ذكر‬
‫معروفك وأان رجل أسكن كذا وكذا من ساحل البحر وجتاريت فيه ‪ ،‬فاإن‬
‫رأيت تقرضين قرضا أصيب منه مث أوديه اإليك فعلت ؛ قال نعم ! ومك تريد‬
‫؟ قال فسمى هل وأكرث ‪ ،‬قال نعم أان لست أسأكل محيال وال أخذ منك‬
‫رهنا ؛ تأخذه بأمانة هللا أن توديه اإيل عاما قابال يف مثل هذا اليوم ؛ قال‬
‫نعم‪ ،‬فدفع اإليه ما شاء وكتب عنده اإمسه وامس أبيه ومزنهل اذلي مسى ‪،‬‬
‫فذهب ابملال ووضع يده فيه وخلطه مباهل وأمجع أن اليوديه اإليه ‪.‬‬
‫وأراد ابن لقامن السفر فقال اي أبت اإين أريد أرض كذا وكذا لنئ‬
‫رأيت أن تأذن يل فعلت ؟ قال نعم ؛ ايبين اإذهب وامحل عىل دوابك‬
‫وشد عليك ثيابك مث اإيتين أوصيك بوصية ‪ ،‬ففعل ذكل ابنه مث أاته ‪،‬‬
‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬
‫‪31‬‬

‫فقال قد فعلت اي أبت ‪ ،‬قدمحلت عىل دوايب وشددت عىل ثيايب فأوصين‬
‫‪ ،‬قال نعم ‪ :‬اي بين اإن يف طريقك مفازة فأبكر فهيا ادلجلة ‪،‬وإاهنا س تعرض‬
‫كل جشرة واسعة الظل حتهتا عني ماء قريبة من الشجرة فال تزنلن حتهتا ‪،‬‬
‫ايبين ‪ :‬اإين أرجو أن خيرجك هللا مهنا ساملا‪ ،‬فتأيت يح بين فالن وهبم لنا‬
‫صديق وقد أعمل أهنم س يكرمونك ايبين ‪ ،‬وفهيم اإمرأة شابة كرمية احلسب‬
‫كثرية املال ‪ ،‬وقد أعمل أهنم س يعرضوهنا عليك فال أعمل ما حتهتا وال ظننت‬
‫بيشء من أمرها ‪ ،‬ايبين أرجو أن يسلمك هللا منه ‪ .‬وإان رجال يسكن‬
‫ساحل كذا وكذا وقد أاتين منذ حني واقتطع من مايل كذا وكذا وذكر هل‬
‫اإمسه وامس أبيه ومزنهل ‪ ،‬فأته واقتض ما عليه وال تبيت عنده ليةل ‪ ،‬ايبين‬
‫أنظر اإىل اذلي أوصيك به فافعهل ‪ ،‬قال الفىت نعم ‪.‬‬
‫قال ايبين ‪ :‬اإن من أفضل ما أوصيك به اإن حصبك يف طريقك‬
‫هذا رجل هو أكرب منك فال تعصه حىت ترجع اإيل ‪ ،‬قال اإفعل ‪ ،‬فسار‬
‫ابن لقامن حىت اإذا انهتىى اإىل املغارة فأبكر فهيا ادلجلة ؛ فاإذا هو بعيد من‬
‫ذكل وأحسق ‪ ،‬فقام قامئ الظهرية واش تد احلر وهو يف وسط مهنا ‪ ،‬فبيامن‬
‫هو يسري اإذ عرضت هل الشجرة ‪ ،‬فلام نظر اإلهيا عرفها بنعت أبيه ‪ ،‬فاإذا‬
‫حتهتا ش يخ جالس فعدل عهنا ‪ ،‬فقال هل الش يخ ‪ :‬ما اذلي تريد ايفىت ؟‬
‫قال أريد أن أسري ؛ قال فالتفعل فقد قام قامئ الظهرية واش تد احلر ‪،‬‬
‫ولكن أنزل واس تقل يف ظل هذه الشجرة ‪ ،‬وضع عن دوابك وارشب من‬
‫املاء ‪ ،‬فاإذا أبردت فارحتل ‪ ،‬قال الفىت يف نفسه هذه الشجرة اليت هناين‬
‫عهنا أيب ما أريد أن أفعل !! قال هل الش يخ ‪ :‬أقسمت عليك أن تزنل ‪،‬‬
‫قال ووافق ذكل منه هوى ‪ ،‬وفكر أن أابه قد قال هل اإن حصبك رجل هو‬
‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬
‫‪32‬‬

‫أكرب منك فال تعصه ‪ ،‬فزنل الفىت ووضع عن دوابه واس تظل وألك‬
‫ورشب ؛ ورقد وأىب الش يخ أن ينام ‪ ،‬فلام انم ابن لقامن اإحنطت حية من‬
‫رأس الشجرة ‪ ،‬فلام نظرها الش يخ رماها فقتلها ‪ ،‬مث قطع رأسها جفعهل يف‬
‫جراب وغيب محلها حىت اإذا أدبر الهنار أيقظ ابن لقامن فقام ‪ ،‬فمل يشك‬
‫من نفسه شيئا ‪ ،‬حفمل عىل دوابه وقال هل الش يخ أين تريد؟ فقال أرض‬
‫كذا وكذا ‪ ،‬قال وأان أريدها فهل كل يف حصبيت ؟ قال ابن لقامن أحب‬
‫صاحب ‪ ،‬فلام نزلوا ابحلي اذلي سامه هل لقامن ؛ قالوا ابن لقامن !! فأنزلوه‬
‫وأكرموه ‪ ،‬فبيامن مه يألكون ويرشبون عنده اإذ قال رجل مهنم ‪ :‬اي بن لقامن‬
‫هل كل يف اإمرأة شابة كرمية احلسب كثرية املال تنكحها ؟ قال ابن لقامن‬
‫يف نفسه ‪ :‬هذه املرأة اليت نعهتا يل أيب ‪ ،‬مايل حاجة ابلناكح ‪ ،‬قال الش يخ‬
‫ماتعرضون عليه ؟ قالوا نعرض عليه شابة حس ناء مجيةل كرمية احلسب‬
‫كثرية املال ‪ ،‬قال الش يخ ‪ :‬ش باب وجامل ما يرتك !! هذه أنكحها ايبين ‪،‬‬
‫فقال ابن لقامن ‪ :‬ما أريد الناكح ايمع ‪ ،‬وإاين لعىل رحيل ‪ ،‬قال أقسمت‬
‫عليك لتفعلن ‪ ،‬فوافق ذكل منه الهوى ‪ ،‬وذكر اذلي عويف منه يف الشجرة‬
‫‪ ،‬وإان أابه قال ‪ :‬اإن حصبت رجال هو أكرب منك فال تعصه ‪ ،‬فنكحها ‪،‬‬
‫فلام مكل عصمهتا أاته صديق لبيه فقال ‪ :‬بئس ما صنعت ! هذه اإمرأة قد‬
‫نكحت من قبكل تسعة ليس مهنم رجل اإال يصبح ميتا عىل فراشها وأنت‬
‫العارش‪ ،‬فدخل الش يخ عىل ابن لقامن وهو همموم حزين ؛ فقال هل‬
‫ماحيزنك ؟ فقال ‪ :‬املرأة اليت أمرتين أن أنكحها نكحت قبيل تسعة ليس‬
‫مهنم رجل اإال يصبح ميتا عىل فراشها وأان أكره املوت ‪ ،‬قال انتظر اذلي‬
‫أمرك به فافعهل ‪ ،‬فاإذا دخلت عليك فال تقرهبا حىت تأتيين ‪ ،‬فأقبلوا هبا‬
‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬
‫‪33‬‬

‫حىت أدخلوها عىل الزوج ‪ ،‬ومن عادهتم اإذا أدخلوها عىل الزوج حلقوا‬
‫ابلبيت ‪ ،‬فاإذاصاح اكنت عالمة موته ‪ ،‬فدخلوا واحمتلوا صاحبهتم وما معها‬
‫وتركوه ‪ ،‬حففوا ابلبيت كام اكنوا يصنعون ‪ ،‬فقال ابن لقامن للمرأة اإن يل‬
‫حاجة ؟ خفرج اإىل الش يخ وقال هل املرأة يف البيت وأان عندك ‪ ،‬فقال هل ‪:‬‬
‫اإيتين مبجمرة فهيا مجر ‪ ،‬فأاته هبا ابن لقامن ‪ ،‬فعمد الش يخ اإىل رأس احلية‬
‫اليت قتلها عند الشجرة جفعلها عىل اجملمرة ‪ ،‬مث قال ‪ :‬انطلق هبا فاجعلها‬
‫حتت املرأة ‪ ،‬فاإذا برد فأتين به ‪ ،‬ففعل هبا ابن لقامن ‪ ،‬فقال لها اجعيل هذه‬
‫حتتك ‪ ،‬ففعلت ‪ ،‬فلام انطفأ امجلر ذهب ابجملمرة اإىل الش يخ فاإذا ش به‬
‫ادلودة احرتقة يف اجملمرة ‪ ،‬فقال اإذهب اإىل أهكل فال بأس عليك ‪ ،‬فاإن‬
‫هذه اليت اكنت تقتل الرجال ‪ ،‬فانطلق اإىل أههل فأصبح قرير العني ‪،‬‬
‫وأصبحت املرأة فرحة ‪ ،‬وتفرق اذلين اكنوا حافني ابلبيت ‪ ،‬فلام أراد ابن‬
‫لقامن أن يرحتل قال هل الش يخ أين تريد ؟ قال غرميا لنا يف ساحل كذا‬
‫وكذا أريد أن أتيه فاقتيض حقنا ‪ ،‬قال هل هل كل يف حصبيت ؟ قال أحب‬
‫صاحب ‪ ،‬فانطلق معه حىت قدما الساحل ‪ ،‬فسأال عن غرميهام فقال أهل‬
‫البدل ذاك لص فاجر ‪ ،‬واكن قد معد اإىل قرص بناه عىل ساحل البحر ‪،‬‬
‫حفني ميد اليرتك حول القرص شيئا اإال احمتهل ‪ ،‬والخيلص اإىل القرص وال‬
‫اإىل مافيه ‪ ،‬فأاته ابن لقامن فقال هل ‪ :‬اإين ابن لقامن وحقنا عليك ؟ فقال ‪:‬‬
‫بيتا الليةل مث اغدوا عىل مالكام ‪ ،‬قال ابن لقامن هذا اذلي منعين منه أيب ‪،‬‬
‫ما أريد أن أبيت الليةل ‪ ،‬قال الش يخ ماذا تعرض عليه ؟ قال أعرض‬
‫عليكام أن تبيتا الليةل مث تغدوا عىل مالكام ‪ ،‬قال الش يخ اإفعل ايبين ‪ ،‬قال‬
‫ما أريد ذكل ‪ ،‬قال الش يخ ‪ :‬أقسمت عليك لتفعلن ‪ ،‬قد أنسأته أكرث من‬
‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬
‫‪34‬‬

‫ليةل أفال تنس ئه ليةل ! فوافق ابن لقامن ‪ ،‬وذكر اذلي عويف منه يف الشجرة‬
‫واملرأة ‪ ،‬فلام فرغا من عشاهئام معد اإىل وطاء حتت القرص ففرش هلام عىل‬
‫رسيرين ‪ ،‬وقد عمل أن املاء اإذا جاء احمتلهام ‪ ،‬ومعد اإىل ابن هل فأجضعه عىل‬
‫رسير فوقهام يف ماكن قد عمل أن املاء ال يبلغ اإليه ‪ ،‬فرقد ابن لقامن وأىب‬
‫الش يخ أن ينام ‪ ،‬فلام اكن يف جوف الليل أقبل البحر ‪ ،‬فلام رأه الش يخ‬
‫أيقظ ابن لقامن ومحال رسيرهام جفعالهام ماكن رسير الغالم ‪ ،‬ومحال رسير‬
‫الغالم وهو انمئ فوضعاه موضع رسيرهيام أوال ‪ ،‬فأقبل البحر واحمتل الغالم‬
‫برسيره ‪ ،‬فذهب به ومل خيلص هلام ‪ ،‬فلام اكن الصبح طلع صاحب القرص‬
‫ينظر ما فعل غرمياه ‪ ،‬فاإذا هام انمئان وإاذا ابنه قد ذهب ‪ ،‬فناداهام وقال ‪:‬‬
‫اإين مكرت بكام وحاق يب املكر ‪ ،‬فاغدوا عىل مالكام ‪ ،‬فغدوا عىل ماهلام‬
‫فانتقداه ‪ ،‬مث انرصفا اإىل املرأة فأمرها ابن لقامن ابلرحيل فارحتلت مبال عظمي‬
‫من أصناف الموال ‪ ،‬وأقبل معه الش يخ حىت شارفا مزنل لقامن ‪ ،‬قال‬
‫الش يخ الإبن لقامن ‪ :‬أي صاحب وجدتين يف سفرك ؟ قال خري صاحب ؛‬
‫كفى هللا بك ورزق ‪ ،‬قال مفايل فامي أصبت ؟ قال بىل ؛ نصفه طيبة به‬
‫نفيس ‪ ،‬قال الش يخ ‪ :‬فاإما تقسم وختريين وإاما أقسم وأخريك ؟ فعرف‬
‫الش يخ هوى ابن لقامن يف املرأة ‪ ،‬فعمد اإلهيا وإاىل يشء من مالها فعزهل ‪،‬‬
‫ومعد اإىل عظمي املال فرتكه ‪ ،‬وقال الإبن لقامن ‪ :‬اإخرت ؟ فقال ابن لقامن ‪:‬‬
‫أما أنت عدلت وأنصفت حني خريتين ‪ ،‬وإان كنت فعلت اختار املرأة وما‬
‫معها ‪ ،‬فارحتل ابن لقامن وما معها ‪ ،‬وقام الش يخ يف عظمي املال ‪ ،‬فلام سار‬
‫ابن لقامن واكد أن يغيب عن الش يخ أدركه وقال أعطيتين ماكل فمب ذكل‬
‫؟ لعكل ختوفت مين شيئا ؟ قال ابن لقامن ‪ :‬وماعسيت أن أختوف منك‬
‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬
‫‪35‬‬

‫‪ ،‬ولكن اليذكر من صاحب أفضل مبا أذكر منك‪ ،‬فقال ‪ :‬تعطيين ذكل‬
‫طابت به نفسك ! قال نعم ‪ ،‬فقال الش يخ ‪ :‬اإذهب فكل أهكل وماكل‬
‫يبارك هللا كل فهيام ‪ ،‬لست أان من البرش اإمنا أان أمانة أبيك اليت اكن يأمتن‬
‫هبا الناس ‪ ،‬بعثين هللا لحصبك يف طريقك ‪ ،‬مث أدرك أابك صاحلا فاطمنئ‬
‫يف ماكل املبارك فيه ‪ ،‬انهتت احلاكية ويه مما أورده الش يخ االإمام جامل‬
‫ادلين ‪ :‬محمد ابن موىس بن معر ادلوايل الميين يف كتابه املسمى ( حبديقة‬
‫الذهان يف أحاديث الخالق احلسان )‬
‫قلت ‪ :‬وهذا ماذكره االإمام احيي ادلين وإامام املسلمني حيىي‬
‫النووي يف كتابه ( هتذيب السامء واللغات ) يف حرف الالم ‪ ،‬وهو‬
‫ترمجة لقامن احلكمي من الكتاب املذكور ‪ ،‬ونقلناه بكامهل يف هذا ورمبا تقدم‬
‫يشء منه ولكن تكرار املليح مليح ‪ ،‬لن املقصد اإن شاء هللا حصيح ‪.‬‬
‫قال ريض هللا عنه ‪ :‬لقامن احلكمي عليه السالم مذكور يف‬
‫املهذب يف ابب االإس تطابة ‪ ،‬قال هللا تعاىل { ولقد أتينا لقامن احلمكة }‬
‫الايت ‪ .‬قال االإمام أبو اإحساق الثعليب يف كتابه (العرائس ) يف القصص ‪:‬‬
‫اكن لقامن مملواك ‪ ،‬واكن أهون مملوك س يده عليه ‪ ،‬قال ‪ :‬وأول ماظهر من‬
‫حمكته أنه اكن مع مواله ‪ ،‬فدخل مواله اخلالء فأطال اجللوس ‪ ،‬فناداه‬
‫لقامن ‪ :‬أن طول اجللوس عىل اخلالء تتجمع منه الكبد ‪ ،‬ويورث البأسور‬
‫‪ ،‬وتصعد احلرارة اإىل الرأس ‪ ،‬فاجلس هوينا ومق ‪ ،‬خفرج مواله وكتب‬
‫حمكته عىل ابب اخلالء ‪.‬‬

‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬


‫‪36‬‬

‫وروي أنه اكن عبدا حبش يا جنارا ‪ ،‬قال ‪ :‬وقال أبوهريرة مر‬
‫رجل بلقامن والناس جممتعون عليه ‪ ،‬فقال هل ‪ :‬ألست العبد السود اذلي‬
‫تراعينا مبوضع كذا‪ ،‬قال بىل ؛ قال مفا بلغ بك اإىل ما أرى ؟ قال صدق‬
‫احلديث وأداء المانة وترك ما ال يعنيين ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬وعن لقامن أنه قال ‪ :‬رضب الوادل لودله اكلسامد للزرع ‪.‬‬
‫وقال لقامن البنه ‪ :‬من يقارن قرين السوء ال يسمل منه ‪.‬‬
‫وقال ‪ :‬من الميكل لسانه يندم ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬كن أمينا تكن غنيا والتكن خائنا تكن فقريا ‪ ،‬لن من‬
‫خان الاكن ‪ .‬وجالس العلامء وزامحهم بركبتيك وال جتادهلم ؛ خذ مهنم‬
‫اإذاماأولوك ‪ ،‬والطف هبم يف السؤال وال تضجرمه ‪ ،‬اإن تأدبت صغريا‬
‫اإنتفعت كبريا ‪ ،‬كن لحصابك موافقا يف غري معصية ‪ ،‬والحتقرن من المور‬
‫صغارها فاإن الصغار غدا تصري كبارا ‪ ،‬اإايك وسوء اخللق والضجر وقةل‬
‫الصرب ‪ ،‬اإن أردت غىن ادلنيا فاقطع طمعك مما يف أيدي الناس ‪.‬‬
‫وحمكه كثرية مشهورة ‪ .‬انهتىى ما أورده االإمام عايل املقام قدوة‬
‫الانم ‪ ،‬النووي يف كتابه الهتذيب ابلسلوب العجيب والنظم العجيب ‪.‬‬

‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬


‫‪37‬‬

‫{ من وصااي لقامن الإبنه ابران }‬

‫ايبين ‪ :‬كن عىل حذر من الكرمي اإذا أهنته ‪ ،‬ومن العاقل اإذا‬
‫أجهيته ‪ ،‬ومن المحق اإذا مازحته ‪ ،‬ومن اجلاهل اإذا صاحبته ‪ ،‬ومن‬
‫الفاجر اإذا خامصته ‪ ،‬ومتام املعروف تعجيهل ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬ثالثة حيسن ابالإنسان ‪ :‬حسن احملرض ‪ ،‬واحامتل االإخوان‬
‫‪ ،‬وقةل امللل للصدق ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬أول الغضب جنون وأخره ندم ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬ثالث فهين الرشد ‪ :‬مشاورة الناحص ‪ ،‬ومدارة العدو‬
‫واحلاسد ‪ ،‬والتحبب للك أحد ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬املغرور من وثق بثالثة ‪ :‬اذلي يشهد مبا اليعمل ‪ ،‬واذلي‬
‫يركن اإىل من ال يوثق به ‪ ،‬واذلي يطمع فامي اليناهل بيشء ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬اإحذر من احلسد فاإنه يفسد ادلين ويضعف النفس‬
‫ويعقبه الندم ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬اإذا خدمت واليا فال تمن اإليه بأحد فاإنه اليزيده ذكل منك‬
‫إاال نفورا ‪ ،‬وإانه اإذا مسع منك البد أن يسمع من غريك فيك ويكون قلبه‬
‫خائفا منك أن تمن عليه كام منمت هل بغريه ‪ ،‬وال يزال احرتسا منك ‪ ،‬وكن‬
‫ايبين أقرب الناس اإليه عند رضاه ‪ ،‬وأبعدمه منه عند غضبه‪ ،‬وإان ائمتنك‬
‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬
‫‪38‬‬

‫فالختنه ‪ ،‬وإان أانكل يسريا خفذه واقبهل تنل منه كثريا ‪ ،‬وأكرم خدمه ‪،‬‬
‫والطف بأحصابه ‪ ،‬وغض طرفك عن احارمه ‪ ،‬واقرص لسانك عند حديثه‬
‫‪ ،‬واكمت رسه يف اجملالس ‪ ،‬واتبع ابللطف ما هيواه ‪ ،‬وانصح يف خدمته ‪،‬‬
‫وامجع عقكل يف خماطبته ‪ ،‬والتأمن ادلهر من غضبه فاإنه ليس بينك وبينه‬
‫نسب ‪ ،‬ويف لك وقت يرسع اإليه الغضب ووثبته كوثبة السد اإذا وثب ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬اإن أردت أن تقف عىل احلمكة فالمتكل نفسك للنساء ‪،‬‬
‫فاإن املرأة حرب ليس فيه سمل ‪ ،‬ويه اإن أحبتك ألكتك وإان أبغضتك‬
‫أهلكتك ‪.‬‬
‫ويف كتاب الشعب ل إالمام البهيقي كام نقهل ادلمريي يف كتابه حياة‬
‫احليوان عن احلسن أن لقامن قال الإبنه ‪ :‬ايبين ‪ :‬محلت اجلندل واحلديد‬
‫ولك محل ثقيل ‪ ،‬فمل أجد شيئا أثقل من جار السوء ‪ ،‬وذقت املر لكه فمل‬
‫أذق شيئا أمر من الفقر ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬ال تألك عىل ش بع فاإنك اإن تلقيه اإىل الالكب خري من أن‬
‫تألكه ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬اإايك والكذب فاإنه شهىي لكحم العصفور وعام قليل هيكل‬
‫صاحبه ‪.‬‬
‫وفيه عن احلسن أن لقامن قال الإبنه ‪ :‬ايبين ‪ :‬اعمل أنه اليطأ‬
‫بساطك اإال راغب فيك أو راهب منك ‪ ،‬فأما الراهب اخلائف فأمن‬
‫جملسه وهتلل يف وهجه ‪ ،‬وإاايك والغمز من ورائه ‪ ،‬وأما الراغب فيك‬
‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬
‫‪39‬‬

‫فاظهر هل البشاشة مع صفاء الباطن هل ‪ ،‬وابدأه ابلنوال قبل السؤال ‪،‬‬


‫فاإنك مىت تلجيه اإىل السؤال تأخذ من حر وهجه ضعف ما تعطيه ‪.‬‬
‫وأنشدوا يف هذااملعىن ‪:‬‬
‫فقد أعطيتين وأخذت مين‬ ‫اإذا أعطيتين بسؤال وهجىي‬
‫ايبين ‪ :‬أبسط حلمك للقريب والبعيد ‪ ،‬وامسك هجكل عن‬
‫الكرمي واللئمي ‪ ،‬وصل أقاربك ‪ ،‬وليكن اإخوانك من اإذا فارقهتم وفارقوك مل‬
‫تعهبم ومل يعيبوك ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬الترسل رسول جاهال ‪ ،‬فاإن مل جتد حكامي فكن رسول‬
‫نفسك ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬اس تعن ابلكسب احلالل عىل الفقر مفا أحد افتقر اإال‬
‫أصابته ثالث خصال ‪ :‬رقة ادلين ‪ ،‬وضعف اليقني ‪ ،‬وذهاب املروءة ‪،‬‬
‫وأعظم من هذا لكه اس تخفاف الناس به ‪ .‬انهتىى نقهل الش يخ عبد الوهاب‬
‫الشعراين يف كتابه تنبيه الغافلني أواخر القرن العارش ‪.‬‬
‫وروي أن لقامن جالس داود حوال وهو يعمل ادلروع واليعمل‬
‫لقامن مايصنع هل واليسأهل عن ذكل ! فلام مت احلول لبس داود ادلرع وقال ‪:‬‬
‫درع حصينة ليوم احلرب ‪ .‬ويف رواية بعضهم أن داود ملا أمتها لبسها مث قال‬
‫‪ :‬نعم أنت أةل حرب ‪ ،‬فقال لقامن ‪ :‬الصمت حمكة وقليل فاعهل ‪ .‬نقهل‬
‫الش يخ أبوبكر بن محمد بن الوليد الفهري يف كتابه املسمى ( رساج امللوك‬
‫)‪.‬‬
‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬
‫‪40‬‬

‫وفيه قال عروة بن الزبري ‪ :‬مكتوب يف حمكة لقامن ‪ :‬ايبين لتكن‬


‫لكمتك طيبة ‪ ،‬وليكن وهجك طلقا‪ ،‬تكن أحب اإىل الناس ممن يعطهيم‬
‫العطاء ‪ ،‬ومن يصحب صاحب سوء اليسمل ‪ ،‬ومن يصحب صاحبا صاحلا‬
‫يغمن ‪.‬‬
‫وفيه قال لقامن الإبنه ‪ :‬ثالثة أحصهبم ‪ :‬احللمي عند الغضب ‪،‬‬
‫والشجاع عند احلرب ‪ ،‬والخ عند احلاجة اإليه ‪.‬‬
‫وفيه قال ابن لقامن لبيه ‪ :‬ما ادلاء العضال ؟ قال ‪ :‬رعونة مولودة‬
‫‪ ،‬قال مفا ادلاء ؟ قال ‪ :‬املرأة السوء ‪ ،‬قال ‪ :‬مفا امحلل الثقيل ؟ قال ‪:‬‬
‫الغضب ‪.‬‬
‫مث قال صاحب كتاب رساج امللوك ملا قرأ هذه احلمكة أبو عباد‬
‫الاكتب واكن ظريفا يف أخباره قال ‪ :‬لكن وهللا الغضب أخف عيل من‬
‫ريشة ‪ ،‬واكن أرسع الناس غضبا ‪ ،‬فقيل هل اإمنا عين لقامن أن احامتل‬
‫الغضب ثقيل فقال ‪ :‬و هللا اليقوى عىل احامتل الغضب اإال اجلبل ‪.‬‬
‫وقال لقامن الإبنه ‪ :‬ايبين ‪ :‬اإن ادلنيا حبر معيق غرق فيه خلق‬
‫كثري ‪ ،‬فلتكن سفينتك فيه االإميان ‪ ،‬وليكن حشوها التقوى ‪ ،‬وليكن‬
‫رشاعها التولك فعىس أن تنجو ؛ وما أظنك بناج ‪.‬‬
‫ويف تفسري البيضاوي ‪ :‬داث بن ابعورا من أوالد أزر ابن أخت‬
‫أيوب أوخالته ‪ ،‬وعاش حىت أدرك داود وأخذ عنه العمل ‪ ،‬يعين الدلين ‪،‬‬
‫اكن قبل يفيت الناس ‪ ،‬قال ‪ :‬وامجلهور عىل أنه اكن حكامي ومل يكن نبيا ‪.‬‬
‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬
‫‪41‬‬

‫واحلمكة يف عرف العلامء يه اس تكامل النفس االإنسانية ‪،‬‬


‫واقتباس العلوم النظرية ‪ ،‬واكتساب اململكة التامة عىل الفعال الفاضةل‬
‫عىل قدر طاقهتا ‪.‬‬
‫ومن حمكته أنه حصب داود شاهورا واكن يصنع ادلروع فمل‬
‫يسأهل عهنا حىت أمتها ‪ ،‬فلام أمتها لبسها وقال ‪ :‬نعم لبوس احلرب أنت ‪،‬‬
‫فقال لقامن ‪ :‬الصمت حمكة وقليل فاعهل ‪.‬‬
‫ومهنا أن داود قال هل يوما ‪ :‬كيف أصبحت؟ قال‪ :‬أصبحت يف‬
‫يد غريي ‪.‬‬
‫( فائدة ) امس لقامن أنعم ‪ ،‬وقيل ‪ :‬أشمك ‪ ،‬وقيل ‪ :‬مااتن ‪.‬‬
‫وروي أن لقامن عليه السالم غاب عن أههل ووطنه غيبة بعيدة‬
‫طويةل ‪ ،‬فلام رجع اإىل وطنه لقي اإنساان قبل أن يصل بيته وسأهل مافعل أيب‬
‫‪ :‬فقال مات ! فقال ‪ :‬وليت أمري ‪ ،‬مافعلت أيم ؟ فقال ماتت ! فقال‬
‫كفيت مهي ‪ ،‬مافعلت أخيت ؟ فقال ماتت ‪ ،‬فقال سرتت عوريت ‪،‬‬
‫مافعلت زوجيت ؟ فقال ماتت ‪ ،‬فقال جتدد فرايش ‪ ،‬مافعل أيخ ؟‬
‫فقال مات ‪ ،‬فقال انكرس عضدي ‪ ،‬ما فعل اإبين ؟ فقال مات ‪ ،‬فقال‬
‫انصدع قليب ‪.‬‬
‫وقال لقامن الإبنه ‪ :‬التؤخر التوبة فاإن املوت يأيت بغتة ‪ ،‬ايبين‬
‫احمتل الصغري لصغره ‪ ،‬والكبري لقدره ‪ ،‬واجلاهل لنقصه‪ ،‬والعامل لفضهل ‪،‬‬
‫وإاايك وطلب عيوب الناس اإن كنت تعمل أنك ال ختلو مهنا ‪.‬‬
‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬
‫‪42‬‬

‫ويف كتاب التوبة من االإحياء ل إالمام جحة االإسالم الغزايل قال ‪:‬‬
‫قال لقامن الإبنه ‪ :‬زامح العلامء بركبتيك وال جتادهلم فميقتونك ‪ ،‬وخذ من‬
‫ادلنيا بالغك ‪ ،‬وأنفق فضول كس بك لخرتك‪ ،‬وال ترفض ادلنيا لك‬
‫الرفض فتكون عياال وعىل ظهور الرجال الك ‪ ،‬ومص صوما يكرس شهوتك‬
‫والتصم صوما يرض بصالتك‪ ،‬وال جتالس السفهاء وال ختالط ذا الوهجني ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬التضحك من غري جعب ‪ ،‬وال متيش من غري أرب ‪ ،‬وال‬
‫تسأل عام اليعنيك‪ ،‬وال تضيع ماكل وتصلح مال غريك ؛ فاإن ماكل‬
‫ماقدمت ومال غريك ما تركت ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬من اليرمح ال يرمح ‪ ،‬ومن يصمت يسمل ‪ ،‬ومن يقل‬
‫اخلري يغمن ‪ ،‬ومن يقل الرش يندم ‪ ،‬ومن ال ميكل لسانه يعرث ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬ال حتتقرن أحدا اإذا رأيته خلق الثياب فاإن ربك وربه‬
‫واحد ‪ ،‬والتعظم أحدا حلسن ثيابه فاإهنا ليست من ذاته وصفاته يف يشء‬
‫‪.‬‬
‫وقال الإبنه ‪ :‬اخرتت من الكم النبياء مثان لكامت ‪ :‬اإذاكنت يف‬
‫الصالة فاحفظ قلبك ‪ ،‬وإاذاكنت يف بيت الغري فاحفظ عينك‪ ،‬وإاذاكنت‬
‫بني الناس فاحفظ لسانك ‪ ،‬وإاذا كنت عىل املائدة فاحفظ حلقك ‪ ،‬واذكر‬
‫اثنني وانىس اثنني ؛ فأما الذلان تذكرهام فا هللا س بحانه وتعاىل واملوت ‪،‬‬
‫واما الذلان تنساهام فاإحسانك يف حق الغري وإاساءة الغري يف حقك ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬الترغب يف رد اجلاهل فريى أنك ترىض عنه ‪.‬‬
‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬
‫‪43‬‬

‫ايبين ‪ :‬اتق هللا والتري الناس أنك ختىش ليكرموك بذكل‬


‫وقلبك فاجر ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬ماندمت عىل الصمت قط ؛ فاإن الالكم اإذااكن من فضة‬
‫اكن السكوت من ذهب ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬اإعزتل الرش كامي يعزتكل فاإن الرش للرش خلق ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬يأيت عىل الناس زمان التقر فيه عني حلمي ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬اخرت اجملالس عىل عينك فاإذا رأيت اجللساء يذكرون فيه‬
‫هللا عز وجل فاجلس معهم ‪ ،‬فاإنك اإن تك عاملا ينفعك علمك‪ ،‬وإان تك‬
‫غبيا يعلموك ‪ ،‬وإان يطلع هللا علهيم برمحة تصبك معهم ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬ال جتلس يف اجمللس اذلي اليذكر هللا عز وجل فيه ؛‬
‫فاإن تكن عاملا ال ينفعك علمك ‪ ،‬وإان تكن غبيا يزيدوك غباوة ‪ ،‬وإان يطلع‬
‫هللا علهيم بعد ذكل بسخط يصبك معهم ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬كن مكن ال يبتغي محمدة الناس واليكسب مذمهتم ‪،‬‬
‫فنفسه عهنم يف غىن والناس منه يف راحة ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬اإن احلمكة أجلست املساكني جمالس امللوك ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬ال تتعمل ما التعمل حىت تعمل مباتعمل ‪.‬‬

‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬


‫‪44‬‬

‫ايبين ‪ :‬اإنك منذ نزلت اإىل ادلنيا اس تدبرهتا واس تقبلت الخرة ؛‬
‫فدار أنت اإلهيا تسري أقرب من دار أنت عهنا ترحتل ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬عود لسانك أن يقول ‪ :‬اللهم اغفريل ‪ ،‬فاإن هلل ساعات‬
‫اليرد فهيا ادلعاء ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬اإايك وادلين فاإنه ذل ابلهنار ومه ابلليل ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬أرج هللا رجاء ال جيرئك عىل معصية ‪ ،‬وخف هللا خوف‬
‫اليؤيسك من رمحته ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬من اكن هل من نفسه واعظ اكن هل من هللا عز وجل‬
‫حافظ ‪ ،‬ومن أنصف الناس من نفسه زاده هللا تعاىل بذكل عزا ‪ ،‬واذلل‬
‫يف طاعة هللا أحق من التعزز ابملعصية ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬من كذب ذهب ماء وهجه ‪ ،‬ومن ساء خلقه كرث مغه ‪،‬‬
‫ونقل الصخور من مواضعها أيرس من اإفهام من ال يفهم ‪ .‬ايبين ‪ :‬ال تكن‬
‫حلوا فتبلع ‪ ،‬وال مرا فتلفظ ‪ .‬ايبين ‪ :‬أنزل نفسك من صاحبك مزنةل من‬
‫الحاجة هل بك وال بد كل منه ‪.‬‬
‫ايبين ‪ :‬اإمتنع مبا خيرج من فيك فاإنك ما سكت سامل ‪ ،‬وإامنا ينبغي‬
‫كل من القول ما ينفعك ‪.‬‬
‫ايبين ال يألك طعامك اإال التقياء ‪ ،‬وشاور يف أمرك العلامء ‪.‬‬

‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬


‫‪45‬‬

‫قال مؤلف هذا الكتاب ‪ :‬العبد الفقري اإىل هللا ‪ :‬عيل بن حسن‬
‫بن عبد هللا بن حسني بن معر بن عبد الرمحن بن عقيل العطاس بن سامل‬
‫بن عبد هللا بن عبد الرمحن بن عبد هللا بن الش يخ عبد الرمحن السقاف‬
‫بن الش يخ موىل ادلويةل محمد بن عيل بن الش يخ علوي ابن الش يخ الفقيه‬
‫املقدم محمد بن عيل ابعلوي ‪ ،‬عفا هللا عنه ‪ ،‬هذا أخر ما يرسهللا يل‬
‫مجعه وسهل وضعه من كتاب ( مزاج التسنمي وأفواج النس مي ابلنعمي من‬
‫حمك لقامن احلكمي ) وقد فصلت عن ذكل يف الزمن القدمي ‪ ،‬س نة مثان‬
‫ومخسني ومائة وألف ‪ ،‬ونية التأليف ابقية ‪ ،‬لكن جيوش التاكليف‬
‫ابلتخاليف مل تزل مالقية ‪ ،‬وعىس هللا يسهل لك عسري ‪ ،‬ويتفضل‬
‫ابالإعانة والتيسري ‪ ،‬فاإن هذا الفن من بني سائر العلوم اكالإكسري ‪ ،‬وهو‬
‫ابب عظمي ‪ ،‬وخطاب جس مي ‪ ،‬أصهل من القرءان العظمي ‪ ،‬والايت واذلكر‬
‫احلكمي ‪ ،‬مما قص اذلي قص أحسن القصص احلكمي ‪ ،‬من حمك لقامن‬
‫احلكمي ‪ ،‬وصىل هللا عىل س يدان محمد وأهل وحصبه وسمل ‪.‬‬
‫مت نقل هذه النسخة من نسخة بقمل املعمل سعيد بن معر بن فرج‬
‫بن س باح‪ ،‬اترخي نساخهتا ‪ 13 :‬من شهر رجب س نة ‪ 1335‬ه ونسخة‬
‫اثنية بقمل الس يد علوي بن احسن بن حسني بن سامل العطاس ‪ ،‬اترخيها‬
‫‪ 22‬ربيع الول س نة ‪ 1377‬ه ومت مراجعة النسختني عىل النسخة‬
‫املطبوعة مبرص س نة‪ 1386‬ه ‪ ،‬واكن االإعامتد يف النقل عىل النسخة اليت‬
‫بقمل احملب بن س باح ومت مراجعة النسخ اخملطوطة ومطابقهتام عىل النسخة‬
‫املطبوعة ومت التعديل وإاضافة النقص يف النسختني ودجمهام مع بعض بعناية‬
‫رايج عفو هللا امحد بن معر بن أمحد بن عبد هللا بن طالب العطاس ‪،‬‬
‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬
‫‪46‬‬

‫عفا هللا عنه وعن وادليه ‪ ،‬وذكل ببدلالحساء واكن الفراغ من املراجعة‬
‫ليةل االإثنني ‪ 1418/6/12‬ه ‪ ،‬هذا وصىل هللا عىل س يدان محمد وعىل‬
‫أهل وحصبه وسمل وامحلدهلل رب العاملني ‪.‬‬
‫أعيدت الطباعة مرة اثنية ابلحساء واكن الفراغ مهنا صباح الربعاء‬
‫‪ 1433/1/5‬ه‬

‫مزاج التسنمي يف حمك لقامن احلكمي‬

You might also like