Professional Documents
Culture Documents
السؤال :فضيلة الشيخ ،أحسن اهلل إليكم ..ثار نزاع حول حكم الرتحم على
الموتى من غير المسلمين ،خاصة من كان لهم مساهمات يف نصرة بعض القضايا
اإلسالمية ،فأفيدونا مأجورين.
الجواب :الحمد هلل رب العالمين ،وصلى اهلل وسلم وبارك على نبينا محمد،
وعلى آله وصحبه أجمعين ،وبعد:
فهذه األمور محسومة شر ًعا ،وفيها نصوص صحيحة صريحة ،ولم يختلف
فيها المسلمون يف أي عصر من العصور ،فاإلجماع منعقد فيها؛ فلذلك من
المعلوم بالضرورة يف الشرع أن اليهود والنصارى وأهل الملل األخرى كلهم
كفار ،وأن اهلل حرم على من مات منهم الجنة ،وحرم عليهم المغفرة.
والقرآن صريح يف ذلك ،فاهلل تعالى يقول{ :ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ
ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ} [المائدة.]5:
ويقول{ :ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ
ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ} [النساء.]48:
ويقول{ :ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ ﮒ ﮓ
ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ} [النساء.]116:
ويقول{ :ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ
ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ
ﯯ ﯰ} [التوبة.]31:
1
وكالم عيسى ابن مريم يف نذارهتم صريح يف القرآن ،واضح تمام الوضوح ،ال
يحتمل أي وجه آخر ،فإن اهلل تعالى يقول{ :ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ
ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ
ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ}
[المائدة.]72:
ويقول سبحانه{ :ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ
ﭻ} [آل عمران.]85:
ومن المعلوم كذلك بطالن أعمال الكفار الذين ماتوا على الكفر جمي ًعا ،قال
اهلل تعالى{ :ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ
ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ} [النور ،]39:وقال
سبحانه{ :ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ} [الفرقان.]23:
فالجنة ال يدخلها إال من شهد أال إله إال اهلل وأن محمدً ا رسول اهلل ،بعد بعثة
محمد ﷺ فمنذ بعث اهلل محمدً ا ﷺ بالهدى ودين الحق نسخت رسالته كل ما
سبق ،وأصبح هذا الدين هو المقبول وحده عند اهلل سبحانه وتعالى ،وال يقبل اهلل
من أحد دينًا سواه.
فمن مات بعد بعثة محمد ﷺ ،وبعد بلوغ رسالته ودعوته إليه ولم يصدقه ولم
يؤمن به فهو صائر إلى النار قط ًعا ،ال ريب يف ذلك وال شك ،وال يحل لمسلم أن
يشك يف ذلك ،وال أن يرتاب ،وال أن يفوض يف هذا ،وال أن يرتدد فيه أبدً ا،
فالنصوص صحيحة صريحة فيه ،وآيات القرآن فيه متواترة واضحة المعنى ال
إشكال فيها ،وهي من المحكمات.
2
أما ما يتعلق بخطاب عيسى عليه السالم لربه تعالى فال بد أن نفرق بين خطابه
واضحا لهم ،فإنه قال:
ً لبني إسرائيل وخطابه هلل ،فخطابه لبني إسرائيل كان بينًا
{ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ
ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ} [المائدة ،]72:وأما خطابه هلل فإنه قال:
{ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ
ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ
ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ} [المائدة.]118-117:
فإنما تفهم هذه اآلية بحملها على المحكم ،فكل ما فيه احتماالت يف اللفظ
إنما يحمل على المحكم البين الذي ال إشكال فيه ،والنصوص متواترة متكاثرة
بينة يف هذا ،والتشبث بفهم جواز المعفرة للكفار من هذه اآلية هو من اتباع
المتشابه ،وقد قال اهلل تعالى{ :ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ
ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ
ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ} [آل
عمران.]7:
فلذلك يحمل قوله{ :ﯴ ﯵ ﯶ} على أنه من داللة االقتضاء ،وهي داللة
معروفة عند األصوليين ،وهي داللة الكالم على محذوف ،ال يتم الكالم إال به،
فيكون معنى الكالم إن هتدهم فتغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ،فال يمكن أن
يغفر اهلل لمن مات على الكفر ،فقد صرح بأنه ال يفعل ذلك ،وأن هذه السنة من
سنن اهلل تعالى التي ال معقب لها.
وأما االستغفار للكفار والرتحم عليهم وقد ماتوا على الكفر فذلك من
المعلوم من الدين بالضرورة كذلك أنه حرام ،وأنه ال يفعله المسلمون؛ ألن اهلل
3
قال{ :ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ
ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ} [التوبة.]113:
وبين اهلل أن الكفار ال تنفعهم شفاعة الشافعين ،فقال{ :ﭑ ﭒ ﭓ
ﭔ} [المدثر ،]48:وبين أن المالئكة ال يشفعون إال لمن ارتضى ،فقال{ :ﭹ
ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ} [األنبياء ،]28:وال معنى
للشفاعة يف الكافر الذي مات على الكفر والشرك ،فإن اهلل تعالى ال يمكن أن يقبل
فيه شفاعة الشافعين.
واهلل تعالى حذر رسوله من االستغفار للمنافقين الذين يقولون يف الظاهر
أشهد أال إله إال اهلل وأن محمدً ا رسول اهلل ،ويقمون الصالة ويؤتون الزكاة يف
الظاهر ،ولكن اهلل علم وأطلع رسوله ﷺ على ذلك ،فقال{ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ
ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ} [التوبة ،]80:فال يحل للمسلمين
االستغفار للكفار مطل ًقا.
واهلل استثنى ذلك من االقتداء بإبراهيم ،فقال{ :ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ
ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ} [الممتحنة،]4:
فنحن مأمورون باالقتداء بإبراهيم واتباع ملته ،إال يف أمر واحد ،وهو قوله ألبيه:
{ﯨ ﯩ}.
وال فرق بين الرتحم واالستغفار ،فاهلل سبحانه وتعالى خلق الرحمة يوم
خلقها مائة رحمة ،فادخر عنده تسعة وتسعين رحمة لعباده المؤمنين يف الجنة،
وأنزل رحمة واحدة يف الدنيا فيها يرتاحم الخالئق فيما بينهم ،حتى ترفع الدابة
حافرها عن ولدها.
4
وهذه الرحمة الدنيوية ينال اإلنسان حظه منها ما دام ح ًيا ،فإذا مات فحينئذ
كافرا انتهى نصيبه من
إذا كان مؤمنًا يصير إلى الرحمات األخرى ،وإذا كان ً
الرحمة هنائ ًيا.
وال يمكن أن ينال شي ًئا من رحمة اهلل ،بل أولئك {ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ
ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ} [آل
عمران.]77:
ونعم هذه الرحمة الدنيوية وسعت كل شيء ،لكن يف الحياة الدنيا ،قال
تعالى{ :ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ
ﮉ} [القصص ،]73:والمطر من رحمته كما قال{ :ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ
ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ} [الروم ،]50:واألرزاق كلها من رحمته
الدنيوية التي وسعت كل شيء.
أما الرحمة األخروية فال تسع المشركين وال الكفار ،وال من مات مكذ ًبا
بمحمد ﷺ ،فإن اهلل قال لموسى عليه السالم{ :ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ
ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ
ﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴ
ﭵﭶﭷﭸﭹ ﭺﭻ ﭼﭽﭾ ﭿ
ﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉ
ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓ ﮔ ﮕ
ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ}
[األعراف.]157-156:
5
هذا شرط صريح يف القرآن ال يقبل التأويل وال الريب وال الشك{ ،ﭓ
ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘﭙ} [سورة البقرة ،]2:وعلى هذا فال يحل الرتحم وال االستغفار
لمن مات على الكفر ،من أي ملة كان ،سواء كان والد اإلنسان أو أمه أو غير ذلك.
فإن قيل :إن حكم كفار أهل الكتاب يف ذلك يختلف عن غيرهم؛ ألن اهلل
تعالى أباح زواج الكتابيات ،فتكون منهم أم المسلم ،وقد أمر اهلل الولد بالدعاء
لوالديه بالرحمة ،فقال{ :ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ
ﯝ ﯞ} [اإلسراء.]24:
قلنا :إن إباحة اهلل الزواج من الكتابيات ليس رف ًعا لشأهنن ،بل هو رفع لشأن
المسلمين؛ ألن اهلل تعالى وسع للمسلمين وأحل لهم ما كان حرا ًما على غيرهم،
ويف حديث أبي بكر ◙ :كان أهل الكتاب يزعمون أن لهم شفوفًا على
المشركين حتى أنزلت سورة البينة ،فأنزل اهلل فيها{ :ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ
ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ} [البينة ،]6:فقال أبو بكر
◙« :استوت أكتافهم ورب الكعبة».
وإن كان محسنًا يف جوانب أخرى فإنما يذكر إحسانه يف الجوانب التي أحسن
فيها فقط ،كرثاء حسان بن ثابت للمطعم بن عدي بن الخيار ،وقد مات على
الشرك ،لكنه أحسن إلى النبي ﷺ وهو مشرك؛ حمية لقرابته ،ولذلك حسان بن
ثابت قال:
مطعما
ً من الناس أبقى مجده الدهر ولو أن مجددً ا خلدد الددهر واحددً ا
والنبي صلى اهلل عليه وسلم ذكر يوم بدر أنه لو كان المطعم بن عدي ح ًّيا
فكلمه يف هؤالء النتنى ألطلقهم له ،أي :يف األسرى ،وهذا يدل على االعرتاف
كافرا ،فتعرتف له بالجميل
بالجميل لمن أحسن إليك ،حتى لو كان مشركًا أو ً
6
الذي فعل ،وتثني عليه بما فيه من الصفات الحميدة ،كثناء عمرو بن العاص
◙ على الروم بالصفات الخمس ،التي يف صحيح مسلم ،بعد أن ذكر النبي
ﷺ أنه ال تقوم الساعة إال وهم أكثر الناس.
أما لفظ الشهيد فهو وسام شرعي عال ،ولقب من ألقاب التشريف ،ال يطلق
إال على من يستحقه ،فالكفار ال عالقة لهم هبذه األلقاب المشرفة شر ًعا؛ ألهنا
منازل من منازل الجنة ،فال يمكن أن يوصف كافر بأنه نبي أو أنه صديق أو أنه
شهيد.
فال يمكن أن تميع هذه األوصاف بأن يقال :شهيد الكرة ،أو شهيد بمعنى
مثال :فالن الصحابي
شهد المعركة ،أو شهيد قتله العدو ،فال يجوز أن نقول ً
الجليل؛ ألنه صحب الرئيس الفالين أو الزعيم الفالين ،فالصحابي الجليل هو من
صحب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ومات على دينه.
والشهيد هو من وصل إلى مقام الشهادة يف سبيل اهلل ،وهي مقام رفيع ،من
أعلى مقامات أهل اإليمان ،وشرطها اإليمان ،فمن لم يكن من أهل اإليمان ال
تسلط له على مقامات أهل اإليمان بحال من األحوال.
وال يمكن إطالق ذلك بقصد تأويل أو بنية معينة؛ ألن ذلك من تمييع
النصوص وتمييع المصطلحات الشرعية ،فهذه المقامات -مقام النبوة ومقام
الصحبة ومقام الخلة ومقام الصديقية ومقام الشهادة ومقام الوالية -هي مقامات
أصال ،بل
من مقامات اإليمان ،وال يمكن أن تتحقق لمن ليس من أهل اإليمان ً
إن من سوء األدب ومن اإلسراف العظيم أن يوصف هبا المسلم الذي هو من أهل
اإليمان إذا لم يرد نص بذلك ،أو تقم حجة عليه.
7
ظلما عدوانًا أو كان مجاهدً ا يف سبيل اهلل
فإذا أطلقتها على مسلم قتله العدو ً
فاستشهد يف معركة -فتقول :الشهيد إن شاء اهلل تعالى فالن؛ ألنك ال تجزم ألحد
بعد النبي ﷺ بجنة أو نار ،إال من ورد الوحي بالشهادة له بذلك ،والشهيد مجزوم
له بالجنة ،فال يجزم ألحد ممن مات على اإليمان بالجنة إال من ورد النص بذلك
مثال ،والعشرة المبشرين بالجنة ،أما من
فيه ،كأهل بدر وأهل بيعة الرضوان ً
سواهم فنرجو ونخاف ..نرجو له أثر إيمانه ،ونعلم أن {ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ
ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ} [يونس ،]44:ونخاف عليه عدم القبول وسيئاته.
واضحا بينًا ،ال ريب فيه وال إشكال ،أما ما يتعلق بالتعامل
ً فهذا ال بد أن يكون
مع الناس ،وقول الكالم اللين لهم ،والتعاطف مع المبتلين منهم ،وباألخص من
وقف معنا وناصر قضيتنا -فهذا سياسة وأمر آخر يختلف عن هذا ،ولكن ال
يحملنا على الكذب على اهلل ،وال على تمييع مصطلحات الشرع ونصوصه.
فنثني عليهم بما قدموا ،نثني على شجاعتهم ،أو على كرمهم ،أو على
وطنيتهم ،أو على مقاومتهم ،أو على قولهم للحق ،أو صدعهم به ،أو وقوفهم مع
الحق ،كما نثني هبذه الصفات الحميدة على عدد من أهل الجاهلية اتصفوا
بالشجاعة والكرم.
نثني بالكرم على حاتم بن عبد اهلل الطائي ،وقد مات يف الجاهلية ،ونثني
بالشجاعة على عنرتة بن عمرو بن شداد العبسي ،ونثني بالمروءة على هرم بن
سنان المري ،وغير ذلك من الثناء عليهم بما فعلوا ،وهم كفار ،كما نعلم جمي ًعا.
ولكن ال يحملنا كفرهم على عدم العدل يف خطاهبم وإنصافهم ،فاهلل سبحانه
وتعالى يقول{ :ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ
ﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫ
8
ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ } [البقرة،]83:
ويقول{ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ
ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ
ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ } [األنعام ،]152:ويقول:
{ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ
ﮐ ﮑ } [اإلسراء ،]53:وذلك مقتض للعدل واإلنصاف وعدم التجاوز.
ولهذا قال اهلل تعالى{ :ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ
ﯩ ﯪ ﯫﯬ} [سورة المائدة ،]2:وقال{ :ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ
ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ
ﯦ} [سورة المائدة.]8:
نسأل اهلل سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياكم ،وأن يتقبل منا ومنكم صالح
العمل ،وأن يلهمنا وإياكم السداد والرشاد ،وصلى اهلل وسلم على نبينا محمد
وعلى آله وأصحابه أجمعين.
9