Professional Documents
Culture Documents
SodaPDF-converted-الوسائل البديلة لفض النزاعات - Copie
SodaPDF-converted-الوسائل البديلة لفض النزاعات - Copie
والقضائية
وحدة :قانون المسطرة المدنية
2022/2021
1
مقدمة:
اصبح اللجوء للوسائل البديلة لحل النزاعات في وقتنا الحالي أمرا ملحا ،وذلك
لتلبية متطلبات األعمال الحديثة ،و التي لم تعد المحاكم قادرة على التصدي لها
بشكل منفرد .فمع التطور المستمر في التجارة و الخدمات ،وما نتج عن ذلك من
تعقيد في المعامالت ،وحاجة الى السرعة و الفعالية في بث الخالفات ،و
تخصصية من قبل من ينظر بهذه الخالفات او يسهم في حلها ،نشأت الحاجة
لوجود اليات قانونية يمكن لألطراف من خاللها حل خالفاتهم بشكل سريع و
عادل وفعال ،مع منحهم مرونة و حرية ال تتوفر عادة في المحاكم1.
فال غرو اذن ان تعرف الوسائل البديلة لحل النزاعات اهتماما متزايدا على صعيد
مختلف األنظمة القانونية و القضائية ،وذلك لما توفره هذه األخيرة من مرونة و
سرعة في البت و الحفاظ على السرية وما تضمنه من مشاركة األطراف في
ايجاد الحلول لمنازعاتهم.
ونظرا لما تحتله الوسائل البديلة لحل النزاعات من مكانة بارزة في الفكر القانوني
و االقتصادي على المستوى العالمي ،وما شهده العالم منذ نصف قرن ويزيد من
حركة فقهية و تشريعية لتنظيم الوسائل البديلة ،وما تمثله في الحاضر من فعل
مؤثر على صعيد التقاضي كان من الطبيعي أن تعمل الدول جاهدة أليجاد اطار
مالئم يضمن لهذه الوسائل تقنينها ثم تطبيقها لتكون بذلك أداة فاعلة لتحقيق و
تثبيت العدالة و صيانة الحقوق.
وكل هذا يجعلنا نتساءل عن مدى فعالية آلية الوساطة والتحكيم كوسيلتين بديلتين
لحل النزاعات في تخفيف العبء عن القضاء؟
و لمعالجة هذه االشكالية ارتأينا التصميم التالي:
المبحث األول :التحكيم كوسيلة بديلة لفض النزاعات.
البحث الثاني :الوساطة االتفاقية كوسيلة بديلة لفض النزاعات.
المبحث األول :التحكيم كوسيلة بديلة لفض النزاعات.
1أحمد أنوار ناجي ،مدى فعالية الوسائل البديلة لحل المنازعات و عالقتها بالقضاء /مقال منشور عبر الموقع االلكتروني
www.droitetentreprise.com
2
المطلب األول :مفهوم التحكيم و شروطه
الفقرة االولى :مفهوم التحكيم.
لقد عرف البعض اتفاق التحكيم بأنه " عقد خاص يتم باتفاق الطرفين ،ويعتبر
مظهرا لسلطان ارادتهم ،كما عرفه البعض اآلخر بأنه "اتفاق الطرفين على
االلتجاء الى التحكيم دون قضاء الدولة لتسوية كل أو بعض المنازعات التي نشأت
أو يمكن أن تنشأ بينهما بمناسبة عالقة قانونية معينة عقدية كانت أو غير عقدية. 2
وقد عرفه البعض األخر بأنه " وثيقة يتفق األطراف بموجبها على عرض النزاع
الذي قد ينشأ بصدد تنفيذ هذا العقد أو تفسيره على المحكمين ،وعندئذ يرد التحكيم
على أي نزاع يحدث في المستقبل" ،وكذلك عرفه البعض األخر من الفقه بأنه "
االتفاق الذي يتم بين الطرفين بعد قيام النزاع بينهما لعرض هذا النزاع على
التحكيم"3.
كما يكون االتفاق على التحكيم قبل نشوء الخالف ويكون منصوصا عليه ابتداء
تحسبا لوقوع الخالف ،ويسمى االتفاق في هذه الحالة بشرط التحكيمclause la
،compromissoireواما أن يكون طارئا بعد حدوث الخالف بين المتنازعين
ويسمى مشارطة أو وثيقة التحكيم compromis leوفي الحالتين يتم عقد التحكيم
بتراضي الطرفين.4
كما جاءت بعض القوانين الوطنية بتعريف اتفاق التحكيم ،بحيث عرفه المشرع
المصري بأنه " اتفاق الطرفين على االلتحاق الى التحكيم لتسوية كل أو بعض
المنازعات التي نشأت بينهما بمناسبة عالقة قانونية معينة عقدية كانت أو غير
5
عقدية"
،وعرفه كذلك المشرع الجزائري في قانون اإلجراءات المدنية الجديد في
2رمضان ابراهيم عالم " اتفاق التحكيم دراسة مقارنة في الفقه االسالمي والقانون ا لوضعي" كلية الشريعة و القانون بجامعة االزهر مقال منشور
السجل العلمي للمؤثمر الدولي للقضاء.
3نوال الكرتي " شرط التحكيم في المادة التجارية دراسة مقارنة ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،ماستر
قانون المقاولة التجارية ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية ،جامعة الحسن األول -سطات -سنة ، 2012/2011ص
.4
4رمضان ابراهيم عالم " اتفاق التحكيم دراسة مقارنة في الفقه االسالمي والقانون الوضعي" مرجع سابق ،ص 342
- 5المادة 10من قانون التحكيم المصري.
3
المادة 1011كما يلي" اتفاق التحكيم هو االتفاق الذي يقبل األطراف بموجبه
عرض نزاع سبق نشوؤه على التحكيم ".
وعلى غرار التشريعات المقارنة ،فان المشرع المغربي استقر على تعريف اتفاق
التحكيم في الفصل 307من قانون المسطرة المدنية والذي ورد فيه أن "اتفاق
التحكيم هو التزام األطراف باللجوء الى التحكيم قصد حل نزاع نشأ أو قد ينشأ
عن عالقة قانونية معينة ،تعاقدية أو غير تعاقدية ،ويكتسي اتفاق التحكيم شكال أال
وهما عقد التحكيم وشرط تحكيم ".
وعالقة بما سبق فتعريفات الخاصة بالتحكيم هي عديدة وجميعها ال تخرج عن
اعتباره اتفاقا بين األطراف على حل النزاع القائم أو الذي سيقوم من قبل شخص
أو أشخاص يتم اختياره أو اختيارهم لهذا الغرض .
الفقرة الثانية :شروط التحكيم
عموما ال يمكن لتحكيم أن يكون وسيلة لفض النزاعات التي تنشأ بين األفراد إال
بتوفر عدة شروط لعل أهمها ما يتعلق بأهلية المحتكمين وملكية التصرف في
الحق موضوع التحكيم.
أ .األهلية:
استلزم المشرع المغربي للموافقة على اتفاق التحكيم على ضرورة توفر األهلية
وذلك واضح من خالل مقتضيات الفصل 308من قانون المسطرة المدنية في
فقرته الثانية ،غير أنه لم يحدد نوع األهلية الواجبة التوفر أهي أهلية التصرف أم
أهلية اإلرادة فقط ،لكن واعتبار التحكيم تصرفا قد يؤثر على الذمة المالية للمحتكم
فأن أهلية التصرف هي المقصودة ،وعليه فإن اتفاق التحكيم الذي يبرمها أو يوفق
عليها عديم األهلية كصغير غير مميز والمجنون أو ناقصها شأن الصغير المميز
أما بالنسبة أهلية السفيه دون موافقة وصيه الشرعي باطال بحكم القانون ،ما لم
يكن مرشدا .6
6ص .299/298عبد الكريم الطالب ،حجية أحكام المحكمين في قانون المسطرة المدنية المغربية ،مقال منشورفي منشورات جمعية نشر
المعلومة
القانونية والقضائية ،سلسلة الندوات واأليام الدراسية العدد، 2الطبعة االولى ،سنة ، 2004ص.89
4
اما األشخاص المعنوية الخاصة فال وجود لما يمنعها قانونا من مباشرة التحكيم،
وتوفق عليه عن طريق ممثلها القانوني7.
ب .الرضا
يقصد بالرضا في اتفاق التحكيم توافق ارادة طرفي عالقة قانونية على اتخاد
التحكيم وسيلة للفصل في النزاع الحاصل أو الذي قد يحدث بينهما في المستقبل.
لقيام اتفاق التحكيم ال بد من تطابق ارادة األطراف المعنية به تطابقا تاما ،ألن
انعدام اإلرادة سيؤدي إلى بطالنه بسبب عيب من العيوب كالغلط و التدليس و
اإلكراه و الغبن فال ينعقد االتفاق إال بالتقاء اإليجاب و القبول حول جميع المسائل
التي تضمنها االتفاق دون اختالف أو زيادة أو نقصان .
و يقتضي تحقق اإليجاب و القبول لكال الطرفين و تالقى إرادتهما على اللجوء
إلى التحكيم لفض المنازعات التي قد تنشأ أو نشأت بينهما ،و يجب أن يصدر
التعبير عن اإلرادة سليما من عيوب اإلرادة8.
ت .المحل
باستقرائنا للفصلين 59و 62من قانون االلتزامات و العقود على أن االلتزام
يبطل إذا كان محله شيئا أو عمال مستحيال ،و أيضا يجب أن يكون محل االتفاق
سببا مشروعا و غير مخالف ألخالف الحميدة أو للنظام العام أو القانون.
ينص الفصل 59من قانون االلتزامات و العقود المغربي على ما يلي ":يبطل
االلتزام الذي يكون محله شيئا أو عمال مستحيال ،إما بحسب طبيعته أو بحكم
القانون ".
-عبد السالم الزوير ،االختصاص النوعي للمحاكم التجار ية وإشكالياته العملية الطبع والنشر والتوزيع ،مكتبة دار السالم الرباط
- 7عبد الكريم الطالب ،مرجع سابق ،ص 301
- 8طاهر محمد خليفة ،اتفاق التحكيم ماهيته و نسبيته و امتداده للغير ،مقال منشور بتاريخ 03نوفمبر ، 2015تاريخ االطالع 08يونيو 15
،2021اتفاق+التحكيم+ماهيته+ونسبيته+وامتداده+للغير=&oqاتفاق+التحكيم+ما &
aqs=chrome.1.69i57j0i22i30j0i10i22i30j0i22i30.15828j0j15&sourceid=chrome&ie=UTF-8
5
و ينص كذلك الفصل 62من نفس القانون على ما يلي ":يكون السبب غير
مشروع إذا كان مخالفا ألخالق الحميدة أو للنظام العام أو للقانون ".
و قد جاء الفصل 309من قانون االلتزامات و العقود باالستثناءات التي ال يجب
أن تكون محل اتفاق التحكيم ،نص هذا الفصل على ما يلي ... ":ال يجوز أن يبرم
اتفاق التحكيم بشأن تسوية النزاعات التي تهم حالة األشخاص و أهليتهم أو
الحقوق الشخصية التي ال تكون موضوع تجارة"
ث .ملكية التصرف في الحق موضوع التحكيم
نص الفصل 308من قانون المسطرة المدنية على أنه يجوز لجميع األشخاص
من ذوي األهلية الكاملة سواء كانوا طبيعيين أو معنوي أن يبرموا اتفاق التحكيم
في الحقوق التي يملكون حرية التصرف فيها.
وإن كان األصل أن تكون الحقوق محال لتحكيم فإن المشرع استثنى بعضها
بموجب الفصلين 309و 310من قانون المسطرة المدنية وذلك من أجل تحقيق
مصلحة االقتصادية أو اجتماعية ،وإما للمحافظة على النظام العام المغربي وذلك
في الحاالت التالية :
-النزاعات المتعلقة بحالة األشخاص وأهليتهم .
-الحقوق الشخصية التي ال تكون موضوع تجارة.
-النزاعات المتعلقة بالتصرفات األحادية للدولة أو الجماعات المحلية أو غيرها
من الهيآت المتعلقة باختصاصات السلطة العمومية.9
6
في العقد األصلي أو ورد في عقد بعد نشوب النزاع ،وسنخوض في هده
الفقرة معالجة اتفاق التحكيم الذي يرد كشرط أو بند مستقل عن العقد
األصلي أوال تم الوقوف عن اتفاق التحكيم الدي يرد في عقد بعد نشوء
النزاع ثانيا.
الفقرة األولى :شرط التحكيم.
إن شرط التحكيم هو اتفاق بين األطراف على أن يتم اللجوء إلى المحكمين في
حلة ما وقع أي خالف بينهما بغيت التسوية الودية لنزاع القائم بينهما ،ويرد هدا
الشرط كبند في العقد األصلي أو مستقل عنه ،و ذلك قبل نشوء أي نزاع بينهم،
وبهذا يكون هذا الشرط مدرجا بالعقد وملزما لمن اتفقوا عليه في حالة حدوث
خالف بينهم بخصوص تنفيذ أو تفسير العقد الحقا.10
كما يعتبر شرط التحكيم هو شرط مستقل عن باقي الشروط األخرى حيث أنه ال
يترتب عن بطالن العقد أو فسخه أو انهائه أي أثر على شروط التحكيم الذي
يتضمنه إذا كان ،ويتعلق األمر في صحته تلك اإلجراءات اإللزامية هذا الشرط
صحيحا في ذاته 11.المنصوص عليه في الفصل 317من قانون المسطرة المدنية
ومتمثلة في بيان أسماء المحكمين وطريقة تعينهم تحت طائلة بطالن االتفاق12.
وقد ذهب جمهور من الفقه الفرنسي في مرحلة األولى وحتى عام 1980إلى أن
شرط التحكيم هو مجرد مرحلة أولية إلبرام مشارطة التحكيم وكان ذلك هو مسلك
القضاء الفرنسي في الفترة ما بين الحربين العالميتين حيت اعتبر ان شرط
التحكيم هو في حقيقة األمر مجرد وعد باللجوء الى إلى التحكيم هو ما يقتضي
االتفاق على التحكيم )مشارطة التحكيم( عند وقوع النزاع بين األطراف.13
10عبد الكريم طالب "الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية ،دراسة في ضوء مستجدات مسودة مشروع ، 2018مكتبة المعرفة 26
مراكش ،الطبعة التاسعة يناير ، 2019ص .304
11الفصل 318من قانون المسطرة المدنية
12عبد الكريم طالب ،مرجع سابق ،ص
- 13خالد محمد القاضي ،موسوعة التحكيم التجاري الدولي ،دار الشروق ،القاهرة ،الطبعة األولى ، 2002ص 165
7
وقد نص المشرع المغربي على شرط التحكيم في الفقرة الثانية مننن الفصننل 307
من قانون المسطرة المدنية إذ ورد فيها "يكتسي اتفاق التحكيم شكل العقنند التحكننيم
او شرط التحكيم" نص الفصل 311من ذات القانون على شرط التحكيم في الفقرة
الثانية من الفصل السننالف الننذكر علننى أن " وتكننون االتفاقننات المنضننمة لشننروط
تحكيم محله مداولة خاصة يجريها مجلس اإلدارة .
ومن خالل استقرائنا لهذه الفصول يتبين لنا أن المشرع سار في اتجاه تبني اعتماد
التحكيم وسيلة لفض النزاعات وبذلك ال يوجد ما يمنع من ان يننرد شننرط التحكننيم
في العقد األصلي او في وثيقة مستقلة عن العقد األصلي الذي تم ابرامه وفي ذلننك
رغبة األطراف العقد في السير نحو تسوية النزاع المتوقع حدوثه قبل ان ينشأ عن
طريق التحكيم وتفضيل الحسم في النزاع منذ نشوء العقد وقبل حدوث النزاع .14
وحتننى يكننون شننرط التحكننيم شننرط قننائم وصننحيح يجننب أن يتضننمن شننروط
موضوعية وأخرى شكلية فأمننا الموضننوعية فتتمثننل فنني الشننروط العامننة لصننحة
العقود وهي األهليننة والتراضنني والسننبب والمحننل ،ويتجلننى محننل شننرط التحكننيم
حسب الفصل 307من قانون المسطرة المدنية في اللجوء المستقبلي وليس الحننال
إلى التحكيم ،وقد يبدو الحال محتمل غير جننائز قانونننا ،غيننر أنننه مسننتقبلي ولننيس
احتماال ،ويجوز أن يكون المحل شيئا مستقبال أو غير محقق ،أما الشروط الشكلية
فنص عليها المشرع في الفصل 1/309وهي كالتالي:
-أن يتضمن شرط التحكيم كتابة االتفاق األصلي أو في وثيقة تحيل إليه
بشكل ال لبس فيه .
-أن ينص في شرط التحكيم إما على تعيين الحكم أو المحكمين وإما على
طريقة تعيينهم.15
والجدير باإلشارة أن أي إخالل إحدى الشروط الشكلية أو الموضوعية لقيام
شرط التحكيم يعرضه الى البطالن .
14هاشمي فاطمة ،اثار اتفاق التحكيم بحث لنيل شهادة الماستر كليه الحقوق والعلوم السياسية جامعه موالي الطاهر الجزائر سنة
2018/2017
15عبد الكريم طالب ،مرجع سابق ،ص 3
8
وعالوة على ما سبق فإن شرط التحكيم في اتفاقية التحكيم هو بند في العقد
محل النزاع يتم ادراجه بشأن كل أو بعض المنازعات التي يمكن أن تحدث
بين طرفين العقد مستقبال سواء كان هذا العقد يتعلق بالجانب اإلداري أو
االجتماعي أو التجاري أو المعامالت المدنية ويكون الغرض منه تسويه
النزاعات بشكل ودي دون اللجوء الى القضاء16.
غير أن هناك الكثير من الصعوبات التي تعتري شرط التحكيم عندما يرد
في عقد باطل ،وقد أد في الماضي إلى رفضه من قبل العديد من الدول
اتجاه صوب ضرورة إبرام مشارطة التحكيم غير أن األمر لم يعد على
حاله واختلف عنه منذ إبرام بروتوكول جنيف 1923حيت تم االعتراف
بشرط التحكيم من قبل الفقه والقضاء وإعطاءه نفس القوة القانونية
لمشارطة التحكيم17.
16عليوه مصطفى فتح الباب التحكيم كوسيله لفض المنازعات دراسة فقهية علمية ،الطبعة االولى ، 2013ص 82
17خالد محمد القاضي ،مرجع سابق ،ص167/166
18هاشمي فاطمة ،اثار اتفاق التحكيم بحث لنيل شهادة الماستر كليه الحقوق والعلوم السياسية جامعه موالي الطاهر الجزائر سنة 30
2018/2017
.19محم د رافع ،اتفاق التحكيم في ظل القانون المغربي واالتفاقيات الدولية ،مقال منشور في مجلة المحاكم المغربية ،عدد 117 :نونبر–دجنبر
2017ص.40:
9
ولقيام عقد التحكيم يجب أن يتضمن مجموعة من الشروط التي حددها
الفصل 315من القانون 08.05حيث نص هذا الفصل على ما يلي":
يجب أن يتضمن عقد التحكيم تحت طائلة البطالن
-تحديد موضوع النزاع :فتحديد موضوع النزاع يعتبر شرطا جوهريا في
عقد التحكيم و هو أمر طبيعي ،إذ ليس هناك ما يدعو إلى عدم تحديد
موضوع النزاع بعد وقوعه فعاال يخالف ،و قد كان موقف 37شرط
التحكيم الذي يمكن معه ذكر موضوع النزاع لكونه لم يقع أصال
و قد رتب المشرع البطالن على عدم تحديد موضوع النزاع و تعيين الهيئة
التحكيمية أو التنصيص على طريقة تعيينها ،كما رتب اإللغاء على عقد
20لفصل 315من القانون 08.05نص على بطالن عدم تحديد موضوع النزاع وتعيين الهيئة التحكيمية.
10
التحكيم عند رفض المحكم المعين في العقد القيام بالمهمة المسندة إليه ،و
هي البث في النزاع. 21
ويعتبر اتفاق التحكيم بنوعيه سوء شرط التحكيم أو عقد التحكيم مستقال عن
عقد األصلي وقد أخدت بمبدئ استقالل اتفاق التحكيم العديد من الدول من
بينها فرنسا وكانت بداية األخذ بهذا المبدئ في قضية Gossetضد
Carapelliالشهيرة وصدر هدا الحكم عن محكمة النقض سنة ، 1964و
القضاء الفرنسي في تقريره لمبدأ استقالل اتفاق التحكيم عن العقد األصلي
قد تأثر بالقضاء الهولندي الذي كان السباق في إقرار هذا المبدأ مند 1945
بعد أن اصدت محكمة النقض حكما يقضي بأن ليس هناك ما يمنع من
الفصل النزاع رغم احتمال عدم صحة العقد الذي تضمنه شرط
التحكيم ،كم أخد به القضاء األلماني منذ 1952بعد أصدره لحكما يقضي
بأن شرط التحكيم ينفصل تماما عن العقد الذي تتضمنه ،أما القضاء
اإلنجليزي فكان في البدايات يرفض مبدأ استقالل اتفاق التحكيم عن العقد
األصلي بيد أنه ترجع عن هذا المسلك و أقر استقاللية اتفاق التحكيم و
ذهب الى أن فسخ العقد أو انهائه ال يأثر على اتفاق التحكيم ،أم القانون
المصري فقد حسم في هذه المسألة مع صدور قانون التحكيم سنة 1994و
أقر مبدأ استقالل اتفاق التحكيم عن العقد األصلي في المادة 23منه ،أما
عن المغرب ففي إطار تعديل قانون المسطرة المدنية لم يغفل هذا المبدئ اذ
نظمه بمقتضى الفصل 318من قانون المسطرة المدنية
11
الفقرة ألولي :مفهوم الوساطة اإلتفاقية ومميزاتها
اوال :مفهوم الوساطة اإلتفاقية.
تعتبر الوساطة اإلتفاقية من أقدم آليات المستعملة في تسوية المنازعات سواء بين األطراف
أو بين المجتمعات المتخاصمة ،عرفت حتى ما قبل اإلسالم وذلك في غياب مقومات الدولة
والسلطة العمومية.
ولم يعرف المغرب تنظيم الوساطة االتفاقية إال مؤخرا وذلك بواسطة القانون رقم 08.05
فالمشرع لم يعرف الوساطة علي خالف التحكيم22لكن بعد صدور القانون رقم 17.95نظم
المشرع المغربي الوساطة االتفاقية في القسم الثاني منه وخصص لها الفصول من 86إلي
, 100وعرف الوساطة االتفاقية في المادة 87علي أنها العقد الذي يتفق األطراف بموجبه
علي تعيين وسيط يكلف بتسهيل إبرام صلح إلنهاء نزاع نشأ او قد ينشأ.23
انطالقا من هذا التعريف تبدو الوساطة االتفاقية ذات طبيعة تعاقدية بحثة وذلك لكونها قائمة
علي سند اتفاقي او تعاقدي مصدره اإلرادة الذاتية لألطراف النزاع سواء ورد هذا االتفاق
في بند من بنود العقد المبرم بينهما او جاء في مشارطة إتفاق كما انه من بين شروطه
الكتابة في وثيقة أصلية أو وثيقة تحيل عليه وبذاك يكون اتفاق الوساطة وقرارها النهائي
جزء ال يتجزأ ويشكالن بناء واحد قاعدته االتفاق وقيمته القرار النهائي.24
ثانيا :مميزات الوساطة إالتفاقية .
تتميز الوساطة االتفاقية بمجموعة من المميزات وهي :
1تعتبر وسيلة ذات طابع غير قضائي فهي في أغلب حاالتها وصورها مستقلة عن القضاء
وال يتمثل ذلك استقالال في مكانتها فحسب بل وأيضا حل النزاع او تسويته والذي يتم بعيدا
- 22زكرياء الغزاوي .محاضرات في الوسائل البديلة لحل المنازعات ماستر المهن القانونية والقضائية ،كلية العلوم القانونية والسياسية القنيطرة
السنة الجامعية .2020/2021
23ظهير شريف رقم 34.22.1صادر في 23من شوال 24 ( 1443ماي ) 2022بتنفيذ القانون رقم 17.96المتعلق بالتحكيم والساطة
إلتفاقية
- 24حسيين عبد العزيز عبد هلال النجار ،البدائل القضائية لتسوية النزاعات إلستثمارية والتجارية ) التحكيم والوساطة والتوفيق ( الطبعة الولي
2011. 2010ص 2014-1435
12
عن السلطة القضائية ال كنها ترتبط في قضاء الدولة حينما تكون في صورتها القضائية او
ما يعرف بالوساطة القضائية.
2وسيلة تتم برضي األطراف واتفاقهم سواء فمصدرها االساسي نابع من اإلرادة الذاتية
لألطراف فهي وسيلة طوعية غير ملزمة بنتائجها لألطراف وهذا يعني ان قرار الوسيط ال
يبني على حجية اي أنه قرار غير ملزم كما ال يمكن األسناد إليه حين اللجوء إلي القضاء
في حالة فشل عملية الوساطة او حتا باستغالله للمطالبة بالتعرض للخصم.25
3وسيلة تعتمد علي السرية تلزم أطراف النزاع والوسيط بالحفاظ علي األسرار التي راجت
في جميع مراحلها وهناك من النظم القضائية التي تجرم الوسيط إذا باح بأسرار األطراف
كالقانون الجنائي الفرنسي في فقرته األولى من الفصل 338وكذلك القانون الجنائي
المغربي في الفصل 442وما بعده.26
كما تتضمن جميع المدونات الخاصة بسلوك الوسطاء بضرورة الحفاظ علي أسرار الخصوم
وعدم إفشائها .
4وسيلة مرنة تتيح وتسمح ألطراف المشاركة الفعالة في صنع القرار الخاص بحل النزاع
وتسويته كما أنها ال تهدف بوضع حد للنزاع او الخالف فحسب بل تساهم كذلك وبدرجة
على استمرار العالقة الودية والطيبة بين الخصوم فهي من حيث المبدأ تفتح باب كبيرة
من الواجهة خاصة بعد إفراغ النزاع من مظاهر التوتر والقلق وهذا ما يميزها الحوار بدل
كثيرا عن القضاء والتحكيم حيث انها في جوهرها ليس البحث عن صاحب الحق بل لتحقيق
الصلح بين األطراف والحفاظ على استمرار العالقة الطيبة والودية بينهم .
الشروط الشكلية التي تأسس لعملية الوساطة و تتجلي في أن يبرم اتفاق الوساطة كتابة و أن
13
يتقيد الوسيط بأحكام السر المهني أثناء سير مسطرة الوساطة وكذا احترام الوسيط أجل
الوساطة:
أ -الكتابة
ألزم المشرع من خالل ا لقانون 17.95ملى أن يبرم اتفاق الوساطة كتابة حيث جاء بالمادة
" 91يجب تحت طائلة البطالن ،ان يحرر شرط الوساطة كتابة في االتفاق األصلي أو في
ادن يعتبر اتفاق الوساطة مبرما كتابة ،إذا ورد في وثيقة موقعة من األطراف أو في رسائل
متبادلة أو برقيات أواي وسيلة أخرى من وسائل االتصال المكتوبة تثبت وجوده ،وبموجب
رسالة إلكترونية معدة وفقا للنصوص القانونية الجاري بها العمل ،أو بتبادل مذكرات
الطلب أو الدفاع التي يدعي فيها أحد الطرفين وجود اتفاق وساطة دون أن ينازعه الطرف
األ خر في ذلك ،ويعد في حكم اتفاق الوساطة المبرم كتابة ،كل إحالة صريحة في عقد
مكتوب إلى أحكام عقد نموذجي أو اتفاقية دولية ،أو إلى أي وثيقة أخرى تتضمن شرط
وساطة ،إذا كانت هذه الحالة واضحة ف باعتبار هذا الشرط جزء امن العقد
وهذا ما نص عله أيضا المشرع في اطار القانون 05.08بان يحرر شرط الوساطة كتابة
في االتفاق األصلي أو في وثيقة تحيل اليه ،لزوما وتحت طائلة البطالن
ب-احترام اآلجال القانونية
اعتبر المشرع المغربي أن لألطراف أن يحددوا للوسيط مدة مهمته دون أن تتجاوز ثالثة
أشهر تحسب ابتداء من تاريخ قبوله لمهمة الوساطة .ولألطراف تمديد األجل المذكور باتفاق
يبرم وفق نفس الشروط المعتمدة إلبرام اتفاق الوساطة :وهذا ما جاء في المادة 94من
القانون رقم 17.95حيث جاء فيها " :يحدد األطراف مدة مهمة الوسيط في أول األمر دون
أن تتجاوز ثالثة أشهر من التاريخ الذي قبل فيه الوسيط مهمته .غير أن الطراف تمديد
األجل المذكور باتفاق يبرم وفق نفس الشروط المعتمدة اإلبرام اتفاق الوساطة"
يحدد األطراف مدة مهمة الوسيط في أول األمر دون أن تتجاوز أجل ثالثة أشهر من التاريخ
14
الذي قبل فيه الوسيط مهمته غير أن لألطراف تمديد األجل المذكور باتفاق يبرم وفق نفس
الشروط المعتمدة إلبرام اتفاق الوساطة "
ما يعاب على المشرع المغربي في هذه النقطة ،أنه لم يحدد عدد المرات التي يجوز بموجبه
لألطراف تمديد مهمة الوسيط ،مما قد يطيل أمد الوساطة ويفرغها من محتواها كأداة ربح
الوقت والفصل في النزاع بسرعة ،وهذا قد يؤدي الى ضرب أهم خصائص الوساطة
المتمثلة في سرعة الفصل في النزاع ،وذلك خالفا للتشريعات المقارنة كالتشريع الفرنسي
الذي حددها 24مرة واحدة ،وكذلك التشريع الجزائري .
الوساطة تعتبر سرية وال يجوز االحتجاج بما راج بها أو ما تم فيها من تنازل ألطراف
النزاع أمام المحاكم أو أي جهة أخرى مالم يتفق األطراف على خالف ذلك ،حيث يلزم
الوسيط بكتمان السر المهني تحت طائلة تطبيق المقتضيات المنصوص عليها في مجموعة
القانون الجنائي .
لكن من بين اإلغفاالت التي وقع فيها المشرع المغربي ،عدم ذكره مسؤولية األطراف في
حالة كشف أحدهم عن المالحظات والتصاريح المدلى بها في اطار الوساطة ،بمعنى انه لم
يبين 27األثر القانوني لقيام احد اطراف الوساطة بتسريب محتواه ،ويضر بالطرف األخر في
مصلحته أو سمعته فرغم ان نص المادة 97جاء مانعا للوسيط من افشاء أي شيء
إال أنه من جهة ثانية سمح أللطراف بخالف ذلك ،أي السماح بإخراج ما تم االتفاق عليه في
السر إلى العلن بشرط اتفاق األطراف على ذلك ،لكن المشرع المغربي هنا لم ينص على
الحالة التي يقوم أحد اطراف النزاع بإفشاء ما دار داخل جلسات الوساطة بدون موافقة
28
الطرف األخر.
ثانيا :الشروط الموضوعية
إضافة إلى الشروط الشكلية التي استوجبها المشرع المغربي للقول بصحة اتفاق الوساطة،
27عيشوش محمد ،رايس محمد ،منظومة الوساطة االتفاقية في القانون المغربي ،مجلة الباحث للدراسات القانونية والسياسية ،المجلد 6العد د2
ديسمبر ،2021ص.2051
28عيشوش محمد ،رايس محمد ،م س،ص ,2052
15
اشترط كذلك ضرورة توافر هذا االتفاق على شروط موضوعية تتعلق أساسا ببعض
البيانات الواجب توافرها في شرط الوساطة أو عقد الوساطة.
-البيانات الواجب توافرها في عقد الوساطة :إن عقد الوساطة باعتباره اتفاقا مبرما بعد
نشوء النزاع بين طرفيه ،فإن المشرع المغربي ألزم تحت طائلة البطالن أن يتحدد في هذا
العقد موضوع النزاع ،تعيين الوسيط أو طريقة تعيينه. 29
-البيانات الواجب توافرها في شرط الوساطة :باإلضافة إلى شرط الكتابة وتضمين شرط
الوساطة في العقد األصلي أو في وثيقة تحال إليه بشكل ال لبس فيه ،أوجب المشرع
المغربي
تحت طائلة البطالن أن يتضمن شرط الوساطة تعيين الوسيط أو الوسطاء أ والتنصيص
30
على طريقة تعيينهم .
كما نصت المادة86من القانون رقم 17.95على انه " :يجوز لألطراف ،ألجل تجنب أو
تسوية نزاع .االتفاق على تعيين وسيط يكلف بتسهيل إبرام صلح ينهي النزاع"
16
إعمال بالفقرة الثانية للفصل 67-327من قانون 05-08يتعين على الوسيط بمجرد قبول
مهمته ،أن يخبر األطراف بذلك في رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل أو بواسطة مفوض
32
قضائي ،يطلعهم فيها عن تاريخ بدء عملية الوساطة
وتشمل هذه المرحلة ثالث نقاط أساسية :
وتتعلق الثانية ،بتقييم مدى قابلية النزاع للحل عن طريق الوساطة ووضع األرضية
األساسية للعمل وتحديد دور كل طرف في النزاع ،بمعنى التوقيع على إتفاق الوساطة في
أي شكل من الرسمي فيها ،واالتفاق على 30األشكال ،التي تطلبها القانون رقم 05-08
33
وعلى االنخراط.
األتعاب وطريقة أدائها في حالة ما إذا كان في إطار وساطة حرة ،عكس الوساطة
34
المؤسساتية التي تحدد رسوم وأتعاب الوساطة وفقا للجدول الجاري به العمل .
أما الثالثة ،فتتمثل في شرح آلية الوساطة من دور ومهمة الوسيط فيها وقراءة المذكرات
والحجاج الداعمة لموقف كل طرف ،وتحديد مكان وزمان األشغال الحضرية للوساطة
35
التمهيدية ،وتوفير المناخ المناسب للتفاوض
✓محل افتتاح الوساطة والشروع فيها
تشمل هذه المرحلة إستقبال األطراف وتوفير قاعات لالجتماع المنفرد والجماعي بهم ،حيث
36
تقام جلستان في هذه المرحلة يعقدهما الوسيط وهما:
جلسة أولى مشتركة يحضرها جميع األطراف ومحاميهم ،ويستهلها الوسيط بتقديم فكرة عن
32بنسالم اوديجا :الوساطة كوسيلة البديلة لفض المنازعات ،بحث تأهيل في إطار دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون المد ني المقار ،شعبة
القانون الخاص ،كلية الحقوق جامعة محمد الخامس الرباط ,الصفحة1الفصل 57-327من قانون 14.0-08
33دليل المركز الدولي للوساطة و التحكيم بالرباط ,الصفحة .7 :
34توفيق عزوي :الوساطة في نزاعات الشغل ,مقال منشور بالمجلة المغربية للوساطة و التحكيم ,العدد , 4السنة . 2009الصفحة .87 :
35محمد سالم :الطرق البديلة لتسوية النزاعات ود ورها ال تخفيف العبء عل القضاء وتحقيق التنمية االجتماعية واالقتصادية ,الصفحة80 :
36أطراف
:الطرق البديلة لتسوية نزاعات الشغل مطبعة المعارف الجديدة -CTPالرباط الطبعة , 2016الصفحة :
17
مهمته ويحث الطرفين على االلتزام بالموضوعية والجدية والصراحة في بسط وجهات
نظرهما ،واغتنام الفرصة للتوصل إلى حل متفق عليه للنزاع.
أما الجلسة الثانية ،فيعقدها الوسيط منفردة مع كل طرف على حدة مباشرة بعد رفع الجلسة
المشتركة األولى حيث يبدأ بجلسة منفردة مع المدعي ومحاميه والتي ال تتجاوز مدتها ربع
أو نصف ساعة على األكثر ،ويطلب فيها منهما حصر الطلبات النهائية والتي سيقوم
بعرضها على طرف المدعي عليه ومحاميه في جلسة منفردة معهما ،يستمع فيها لردهم أو
37
باألحرى عرضهما المقترح لحل النزاع
مما تجدر اإلشارة إليه في هذه المرحلة هو أن الوسيط فقط يستمع إلى وجهات النظر
المتباينة لألطراف ،ويسعى إلى تحديد مواضيع االتفاق واالختالف ما بين طرفي النزاع،
وعليه يكون الوسيط قد كون فكرة أولية ولو نسبية في هذه المرحلة عن وقائع النزاع ،وعن
كيفية التعامل مع األطراف للوصول إلى حل رضائي.
تعتبر هذه المرحلة من المراحل األساسية للوساطة ،حيث يتجلى فيها الدور الكبير للوسيط،
يتم خاللها توفير أرضية لحل النزاع ،من خالل عقد اجتماعات سواء فردية أو جماعية ،يتم
فيها
التطرق لمواضيع النزاع إما جميعها أو تجزئتها إلى نقاط ،إذ يعمل الوسيط بعد أخذه موافقة
إلى االستماع إلى األغيار الذين يقبلون ذلك .فدور 38األطراف ،وطبقا للصاحيات المخولة له
الوسيط يكتفي بتشجيع األطراف على تسوية موضوع النزاع بينهما ،بأي طريقة يراها
مناسبة دون أن يكون له أي سلطة لفرض تسوية على الطرفين .و في آخرها ،يجب أن
يكون الوسيط قد حدد طلباته ومواقفه ،لينتقل إلى مرحلة حاسمة أال وهي تحفيز األطراف
الستحداث بعض الخيارات وتقديم بعض االقتراحات كحلول للنزاع.
هي المرحلة النهائية التي يتم فيها النطق بالحل ،سواء نجحت أو فشلت الوساطة ،إذ يعقد
الوسيط أوال جلسة يستعرض فيها نتائج مهمته ،فإذا ما انتهت المهمة بإتفاق الطرفين على
حل حبي ،فإن هذه الجلسة تخصص للتوقيع على وثيقة صلح كتابية تحرر لهذه الغاية من
18
طرف الوسيط فورا ،تتضمن وقائع النزاع وكيفية حله وما توصل إليه وما اتفق عليه
األطراف على الشكل الذي يضع حدا للنزاع القائم بينهم ويتفق مع القانون المنظم للوساطة،
ويتسلم كل طرف صورة منها ثم يتم تبادل التهاني وعبارات التقدير.
أما في الحالة األخرى ،التي تكون فيها النتيجة سلبية ويتعذر الوصول إلى حل حبي للنزاع،
فالوسيط يقوم بتسليم وثيقة عدم وقوع صلح التي تحمل توقيعه لألطراف ،مع تأكيده على
سرية كل ما راج في كافة مراحل الوساطة ،وعدم إمكانية التمسك به أمام المحكمة ،في
39
حالة لجوء األطراف إلى القضاء .
بعد انتهاء الوسيط من مهمته بنتيجة ايجابية تفضي باتفاق األطراف على إنهاء النزاع ،يتم
تحرير وثيقة صلح من قبل الوسيط ،تتضمن وقائع النزاع وكيفية حله و ما توصل إليه
األطراف على الشكل الذي يضع حدا للنزاع القائم بينهم40؛ وهذا ما نصت عليه
صراحة المادة 99من قانون رقم 17.95المتعلق بالتحكيم و الوساطة االتفاقية والتي جاء
فيها :
"يقترح الوسيط على األطراف ،عند انتهاء مهمته؛ مشروع صلح أو بيانا عن األعمال التي
قام بها ،و يحرر ذلك في وثيقة صلح تتضمن وقائع النزاع و كيفية حله و ما توصل إليه و
ما اتفق عليه األطراف ،على الشكل الذي يضع حدا للنزاع القائم بينهم"....
39عشبوش محمد ،رايس محمد ،منظومة الوساطة في القانون المغربي ،مجلة االستاذ الباحث للدراسات القانونية و السياسية ، 06العدد
.2056ص 2021 .ديسمبر02 ،
40زكرياء الغزاوي ،الوسائل البديلة لحل المنازعات ،محاضرات ألقيت على على طلبة ماستر المهن القانونية و القضائية في الفصل الثاني ،كلية
العلوم القانونية و السياسية بجامعة ابن طفيل القنيطرة ،السنة الجامعية ،2020/ 2021ص 21
19
ويتم التوقيع على هذه الوثيقة كل من الوسيط و األطراف المتنازعة و ويصبح األطراف
ملزمين بتنفيذ مضمونها؛ وفي حالة رفض التنفيذ؛ يمكن للطرف األخر اللجوء إلى المحكمة
41
المختصة ،من أجل تذييلها بالصيغة التنفيذية ،لتبتدأ بعد ذلك إجراءات التنفيذ الجبري
وهذا ما نصت عليه مقتضيات المادة 100من قانون 17.95السابق الذكر ،حيث جاء
بصريح العبارة " :يكتسي الصلح بين األطراف قوة الشيء المقضي به ،ويمكن أن يذيل
بالصيغة التنفيذية من طرف رئيس المحكمة المختصة محليا للبت في موضوع النزاع".
يتم فشل الوساطة عندما ال يتمكن الوسيط من تسوية النزاع كليا أو جزئيا خالل المدة
القانونية ،بسبب وصول المفاوضات إلى طريق مسدود ،ال يمكن معها لألطراف االستمرار
في النقاش ،نظرا لعدم تقارب وجهات نظرهم حول النزاع ،او بسبب تغيب الخصوم وعدم
متابعتهم إلجراءات الوساطة 42؛ كما يمكن أن تفشل الوساطة في حالة توافر سبب من
43
األسباب األخرى التالية:
_تخلي الوسيط عن مهمته بدون موافقة األطراف .
_إذا انصرم األجل المنصوص عليه في المادة 94من قانون السابق اإلشارة اليه دون أن
وهكذا فعندما يفشل الوسيط في حل النزاع ،فإنه يسلم لألطراف وثيقة موقعة من طرفهم
تفيد عدم وقوع الصلح ،وبالتالي يبقى لألطراف حل اللجوء الى القضاء المختص.
41أوربير رشيدة ،األثار القانونية المترتبة عن إجراءات الوساطة االتفاقية ،منشور عبر الموقع االلكتروني
.ليال 02:04الساعة على 2022/07/04بتاريخ اليه الدخول تمwww.droitetentreprise.com
42أوربير رشيدة ،األثار القانونية المترتبة عن إجراءات الوساطة االتفاقية ،منشور عبر الموقع االلكتروني 39
.ليال 02:04الساعة على 2022/07/04بتاريخ اليه الدخول تم www.droitetentreprise.com
43عشبوش محمد ،رايس محمد ،م س ،ص 2056
20
خاتمة
-أن المرونة التي تتمتع بها هده الوسائل وقدرتها على تكيف مع متطلبات الحياة لسائر
المجتمعات جلعت منها الطريق األفضل لتسوية الخالفات والمنازعات خاصة التي تنشأ عن
المعامالت التجارية الدولية .
لذلك يمكن القول أن أفضل توصية يمكن الخروج بها في هدا الموضوع هو ضرورة تشجيع
العمل بهده الوسائل ليس يقصد تخفيف األعباء عن القضاء أو تجنب تعقيدات إجراءاته
فحسب،بل كذلك للدور اإليجابي الذي تقوم به خاصة على صعيد تعزيز الثقافة والحوار
والتسامح ومواكبة التطور السريع الذي يشهده قطاع التجارة الدولية .
وبهذا السياق يعد القضاء األصل والمالذ األخير للحل النزاعات والخالفات بين األفراد
،لهذافإن أي عملية تحديث او عصرنة يجب أن تنطلق من مبدأ ضرورة تخليقه وتحسينه
ومحاربة أي من شوائب التي قد تلحق به .
هذا ال يعني أن الحق في التقاضي يبقى مقتصرا عليه فقط ،بل من ممكن أن تستوجب
مصلحة األفراد ٱلى وسائل أخرى لتسوية ما قد ينشأ بينهم من خالفات ،هذه الوسائل هي
ذات طابع إرادي يتم االلتجاء إليها بناء على رغبة األطراف أنفسهم دون أي ضغوط
خارجية وتتقاسم تلك الوسائل مجموعة من الخصائص ومزايا قد ال تتوفر في القضاء نفسه
،كما أنها ليست على نفس الدرجة من االنتشار .
ويعتبر التحكيم أكترها فعالية وانتشارا ،عند حديثنا عن التحكيم فإننا تقصد التحكيم التجاري
الدولي الذي يعيش حاليا أزهى فترات تطوره وازدهاره ،الذي أصبح في نظر غالبية
العظمين المهتمين بمثابة نظام قضائي عالمي يعلو فوق النظم القانونية الوطنية ،خاصة بعد
أن فرض نفسه وأصبح واقعا ضروريا في عالم التجارة العالمية ،ومرادفا لكل نشاط تجاري
دولي ،ووسيلة للتوحيد القانون مجتمع التجار ورجال األعمال والمال على الصعيد العالمي
،فهو بذلك أداة من أدوات التحرير التجارة الدولية من قيود قواعد الجامدة من قوانين
الوطنية ،وعامالهما لتفادي الشكوك التي تظهرها أطراف واالستثمار نجاه قضاء الوطني .
تتأكد مكانة التحكيم الهامة ودوره الفعال في تسوية المنازعات التجارة الدولية لما ينفرد به
من مزايا وخصائص عديدة تميزه عن باقي وسائل البديلة لحل النزاعات ،كالوساطة
االتفاقية التي تعتبر بدورها من الوسائل البديلة لمرفق القضاء ،وذلك من خالل المرونة
21
والسرعة التي تتميز بها إجراءاتها ،وما في ذلك لكسب الوقت والجهد ،عالوة على تسوية
وحل النزاعات بين األطراف في سرية تامة وبشكل ودي ،األمر الذي يجعل منها مالذ أمن
التسوية مختلف النزعات بعيدا عن اكراهات التي يعرفها الجهاز القضائي .
لكن رغم ايجابيات التحكيم فأن له عيوب بسيطة التي يجب اإلشارة إليها ،حيت يرى بعض
الفقهاء بأن القضاء أفضل من التحكيم في العديد من الفروض وان شروط التحكيم قد أث
بتت عدم جدارة واالقتناع ألن تحتل مكانة الصدارة ،ويضيف هؤالء بأن السرعة قد
أصبحت وهما ال وجود له في غالبية األحيان وان الوفر في الوقت وقلة التكاليف والحفاظ
على األسرار أطراف هي مسائل نسبية ليست مطلقة . ،
من نتائج المتوصل إليها يمكن القول -أن إصالح القضاء ال يعني وضع حد للدور الذي
تقوم به الوسائل البديلة لحل المنازعات التجارية .
-اإلسهام في استعمال الوسائل البديلة ال يعني االستغناء عن دور القضاء ومكانته للحكم في
-إن دور الوسائل البديلة ال ينحصر في إطاره القضائي أو القانوني بل إن هدا الدور يتسع
أكتر فأكتر ليشمل المجال االجتماعي واالقتصادي .
-إن ما تتمتع به هده الوسائل من مزايا وخصائص جعلها منافسا قويا للقضاء هذا ال يعني
أنها منافسا له إنما في جانبه كطرف داعم ومساند له في تحقيق العدالة في عالقات
األطراف.
22
الئحة المراجع:
الكتب:
_عبد السالم الزوير ،االختصاص النوعي للمحاكم التجارية وإشكالياته
العملية الطبع والنشر والتوزيع ،مكتبة دار السالم الرباط
_ خالد محمد القاضي ،موسوعة التحكيم التجاري الدولي ،دار الشروق،
القاهرة ،الطبعة األولى 2002
_ عبد الكريم طالب "الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية ،دراسة في
ضوء مستجدات مسودة مشروع ، 2018مكتبة المعرفة 26مراكش،
الطبعة التاسعة يناير 2019
_ عليوه مصطفى فتح الباب التحكيم كوسيله لفض المنازعات دراسة فقهية
علمية ،الطبعة االولى 2013
_حسيين عبد العزيز عبد هلال النجار ،البدائل القضائية لتسوية النزاعات
إلستثمارية والتجارية ) التحكيم والوساطة والتوفيق ( الطبعة األولى
2014- 2010 .2011
_ زكرياء الغزاوي .محاضرات في الوسائل البديلة لحل المنازعات
ماستر المهن القانونية والقضائية ،كلية العلوم القانونية والسياسية
القنيطرة السنة الجامعية 2020/2021
الرسائل :
_ نوال الكرتي " شرط التحكيم في المادة التجارية دراسة مقارنة رسالة
لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،ماستر قانون المقاولة التجارية،
كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية ،جامعة الحسن األول -
سطات -سنة 2012/2011
23
_ هاشمي فاطمة ،اثار اتفاق التحكيم بحث لنيل شهادة الماستر كليه
الحقوق والعلوم السياسية جامعه موالي الطاهر الجزائر سنة
2017/2018
_بنسالم اوديجا :الوساطة كوسيلة البديلة لفض المنازعات ،بحث تأهيل
في إطار دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون المدني المقار ،شعبة
القانون الخاص ،كلية الحقوق جامعة محمد الخامس الرباط ,
المقاالت:
_عبد الكريم الطالب ،حجية أحكام المحكمين في قانون المسطرة المدنية
المغربية ،مقال منشورفي منشورات جمعية نشر المعلومة
القانونية والقضائية ،سلسلة الندوات واأليام الدراسية العدد، 2الطبعة
االولى ،سنة 2004
عيشوش محمد ،رايس محمد ،منظومة الوساطة االتفاقية في القانون
المغربي ،مجلة الباحث للدراسات القانونية والسياسية ،المجلد 6العد د2
المواقع االلكترونية
www.droitetentreprise.com
24
الفهرس:
المقدمة2......................................................
المبحث االول :التحكيم كوسيلة بديلة لفض النزاعات 2.............
المطلب االول :مفهوم التحكيم وشروطه3..........................
الفقرة األولى :مفهوم التحكيم3........................................
الفقرة الثانية :شروط التحكيم4..............................
المطلب الثاني :أشكال التحكيم6..............................
الفقرة االولى :شرط التحكيم7....................
الفقرة الثانية :عقد التحكيم9...................
المبحث الثاني :الوساطة االتفاقية 11................
المطلب األول :األحكام العامة للوساطة االتفاقية11..............
الفقرة االولى :مفهوم الوساطة االتفاقية و مميزاتها12..............
الفقرة الثانية :شروط الوساطة االتفاقية 13..................
المطلب الثاني :سريان مسطرة الوساطة االتفاقية وانتهائه16....
الفقرة االولى :سريان مسطرة الوساطة االتفاقية16............
الفقرة الثانية :انتهاء مسطرة الوساطة االتفاقية19........
خاتمة21.......................................................
الئحة المراجع23..............................................
25
26