You are on page 1of 4

‫الشبهات الواردة في عصمة النبي إبراهيم‬

‫(عليه السالم)‬
‫(تقرير مادة العقائد)‬

‫هدى فاضل حبيب‬


‫المرحلة الثالثة‬

‫بإشراف الدكتورة‬

‫هاجر دوير‬
‫الشبهات الواردة في عصمة النبي إبراهيم (عليه السالم)‬

‫إنّ من المعلوم كما هو مقرر في عقيد ِة األنبياء بأنهم معصومون من األخطاء؛‬


‫وذلك ألنهم مبلغون عن هللا سبحانه وتعالى في أمور الدين‪ ،‬ال بل إنّ األم َة اتفقت‬
‫على أنهم معصومون في تحم ّل الرسالة‪ ،‬فهم أيضا ً معصومون في التبليغ‪ ،‬ومن‬
‫أهم ما هم معصومون عنه هو الكذب‪ ،‬فلو جاز الكذب عندهم لحصل الكذب على‬
‫هللا في تبليغهم لرسالت ِه سبحانه وتعالى‪ ،‬و لسقطت هيبتهم من القلوب ‪.‬‬
‫ولقد ورد في شأن إبراهيم عليه السالم ما قاله هللا عنه في قوله هذا ربّي فظاهرهُ‬
‫إنّ اعتقد ذلك الشرك‪ ،‬وإن لم يعتقده فظاهره الكذب‪ ،‬وهو عليه السالم ليس بهذا‬
‫شبهة أخرى وردت في السنة النبوية في حديث الكذبات الثالث‬ ‫ً‬ ‫وال ذلك‪ .‬وهناك‬
‫التي يعرضها عليه السالم يوم القيامة‪ ،‬ويرفض الشفاعة ألجلها‪ D،‬ولقد أثار أعداء‬
‫اإلسالم هذه الشبهة كثيراً؛ ليطعنوا في شخصية الخليل عليه السالم‪ ،‬ولكن هيهات‬
‫لهم ذلك‪ ،‬وقد ورد الحديث عنها في القرآن الكريم في اثنتين منها‪ ،‬كما أخبر هللا‬
‫تعالى عنه حين ترك عليه السالم‪ ،‬ولكن هيهات لهم ذلك‪ ،‬وقد ورد الحديث عنها‬
‫في القرآن الكريم في اثنتين منها‪ ،‬كما أخبر هللا تعالى عن حين ترك عليه السالم‬
‫الذهاب معهم إلى األصنام‪ ،‬فقال‪ :‬فقا َل إ ّني سقيم الصافات‪ .89:‬وأما الثالثة فقوله ‪:‬‬
‫“ َب ْل َف َع َل ُه َك ِبي ُر ُه ْم هذا” األنبياء‪.63 :‬‬
‫أما ما في الرد على الشبهة الثالثة فقيل أن الخبر مشروط غير مطلق‪ ،‬ألنه قال إن‬
‫كانوا ينطقون ومعلوم أن األصنام ال تنطق‪ ،‬وأن النطق مستحيل عليها‪ .‬فما علق‬
‫بهذا المستحيل من الفعل أيضا مستحيل‪ ،‬وإنما أراد إبراهيم بهذا القول تنبيه القوم‬
‫وتوبيخهم وتعنيفهم بعبادة من ال يسمع وال يبصر وال ينطق وال يقدر أن يخبر عن‬
‫نفسه بشئ‪.‬‬
‫فقال إن كانت هذه األصنام تنطق فهي الفاعلة للتكسير‪ ،‬ألن من يجوز أن ينطق‬
‫يجوز أن يفعل‪.‬‬
‫وإذا علم استحالة النطق عليها علم استحالة الفعل عليها‪ ،‬وعلم باستحالة األمرين‬
‫أنها ال يجوز أن تكون آلهة معبودة‪ ،‬وأن من عبدها ضال مضل‪ ،‬وال فرق بين‬
‫قوله إنهم فعلوا ذلك إن كانوا ينطقون‪ ،‬وبين قوله إنهم ما فعلوا ذلك وال غيره‬
‫ألنهم ال ينطقون وال يقدرون‪.‬‬
‫وأما قوله (ع) فاسألوهم إن كانوا ينطقون‪ ،‬فإنما هو أمر بسؤالهم أيضا على‬
‫شرط‪ ،‬والنطق منهم شرط في األمرين‪ ،‬فكأنه قال‪ :‬إن كانوا ينطقون فاسألوهم‪،‬‬
‫فإنه ال يمتنع أن يكونوا فعلوه‪ .‬وهذا يجري مجرى قول أحدنا لغيره‪ :‬من فعل هذا‬
‫الفعل؟ فيقول زيد‪ .‬إن كان فعل كذا وكذا‪ .‬ويشير إلى فعل يضيفه السائل إلى زيد‪،‬‬
‫وليس في الحقيقة من فعله‪.‬‬
‫ويكون غرض المسؤول نفي األمرين جميعا عن زيد‪ ،‬وتنبيه السائل على خطئه‬
‫في إضافة ما أضافه إلى زيد‪ ،‬وقد قرأ بعض القراء‪ D‬وهو محمد بن علي السهيفع‬
‫اليماني‪ :‬فعله كبيرهم بتشديد الالم‪ ،‬والمعنى فلعله‪ ،‬أي فلعل فاعل ذلك كبيرهم‪.‬‬
‫وقد جرت عادة العرب بحذف الالم األولى من لعل فيقولون عل‪ ،‬قال الشاعر‪:‬‬
‫يا أبتا علك أو عساكا *** يسقيني الماء الذي سقاكا‬
‫والقراءة الثانية تتضمن حرف الشك واالستفهام‪ ،‬فهما مختلفان على ما ترى‬
‫فإن قيل‪ :‬أليس قد روى بشر بن مفضل عن عوف عن الحسن قال‪ " :‬بلغني أن‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وآله قال إن إبراهيم عليه السالم ما كذب متعمدا قط إال‬
‫ثالث مرات كلهن يجادل بهن عن دينه قوله إني سقيم‪ ،‬وإنما تمارض عليهم ألن‬
‫القوم خرجوا من قريتهم لعيدهم وتخلف هو ليفعل بآلهتهم ما فعل‪.‬‬
‫وقوله بل فعله كبيرهم‪ ،‬وقوله لسارة إنها أختي لجبار من الجبابرة لما أراد أخذها‬
‫"‪.‬‬
‫قلنا‪ :‬قد بينا باألدلة العقلية التي ال يجوز فيها االحتمال وال خالف الظاهر‪ ،‬أن‬
‫األنبياء عليهم السالم ال يجوز عليهم الكذب‪.‬‬
‫فما ورد بخالف ذلك من األخبار ال يلتفت إليه‪ ،‬ويقطع على كذبه إن كان ال‬
‫يحتمل تأويال صحيحا اليقا بأدلة العقل‪ D،‬فإن احتمل تأويال يطابقها تأولناه ووفقنا‬
‫بينه وبينها‪.‬‬
‫وهكذا نفعل فيما يروى من األخبار التي تتضمن ظواهرها الجبر والتشبيه‪.‬‬
‫فأما قوله (ع) إني سقيم‪ ،‬فسنبين بعد هذه المسألة بال فصل وجه ذلك‪ ،‬وأنه ليس‬
‫بكذب‪ .‬وقوله بل فعله كبيرهم قد بينا معناه وأوضحنا عنه‪.‬‬
‫وأما قوله (ع) لسارة أنها أختي‪ ،‬فإن صح فمعناه أنها أختي في الدين‪ ،‬ولم يرد‬
‫أخوة النسب‪.‬‬
‫وأما ادعائهم على النبي صلى هللا عليه وآله أنه قال‪ :‬ما كذب إبراهيم (ع) إال‬
‫ثالث مرات‪ ،‬فاألولى أن يكون كذبا عليه (ع) ألنه صلى هللا عليه وآله كان‬
‫أعرف بما يجوز على األنبياء (ع) وما ال يجوز عليهم‪ ،‬ويحتمل إن كان صحيحا‬
‫أن يريد ما أخبر بما ظاهره الكذب إال ثالث دفعات‪ ،‬فأطلق عليه اسم الكذب ألجل‬
‫الظاهر‪ ،‬وإن لم يكن على الحقيقة كذلك‪ .‬‬

‫المصادر‬

‫‪ ‬السيد مرتضى علم الهدى ‪ ,‬مركز االشعاع اإلسالمي ‪.2018 ,‬‬


‫‪ ‬تنزيه األنبياء عليهم السالم ‪ ,‬مركز األضواء اإلسالمي ‪.‬‬
‫‪ ‬الشيخ صالح الكرباسي‪.‬‬

You might also like