هاجر دوير الشبهات الواردة في عصمة النبي إبراهيم (عليه السالم)
إنّ من المعلوم كما هو مقرر في عقيد ِة األنبياء بأنهم معصومون من األخطاء؛
وذلك ألنهم مبلغون عن هللا سبحانه وتعالى في أمور الدين ،ال بل إنّ األم َة اتفقت على أنهم معصومون في تحم ّل الرسالة ،فهم أيضا ً معصومون في التبليغ ،ومن أهم ما هم معصومون عنه هو الكذب ،فلو جاز الكذب عندهم لحصل الكذب على هللا في تبليغهم لرسالت ِه سبحانه وتعالى ،و لسقطت هيبتهم من القلوب . ولقد ورد في شأن إبراهيم عليه السالم ما قاله هللا عنه في قوله هذا ربّي فظاهرهُ إنّ اعتقد ذلك الشرك ،وإن لم يعتقده فظاهره الكذب ،وهو عليه السالم ليس بهذا شبهة أخرى وردت في السنة النبوية في حديث الكذبات الثالث ً وال ذلك .وهناك التي يعرضها عليه السالم يوم القيامة ،ويرفض الشفاعة ألجلها D،ولقد أثار أعداء اإلسالم هذه الشبهة كثيراً؛ ليطعنوا في شخصية الخليل عليه السالم ،ولكن هيهات لهم ذلك ،وقد ورد الحديث عنها في القرآن الكريم في اثنتين منها ،كما أخبر هللا تعالى عنه حين ترك عليه السالم ،ولكن هيهات لهم ذلك ،وقد ورد الحديث عنها في القرآن الكريم في اثنتين منها ،كما أخبر هللا تعالى عن حين ترك عليه السالم الذهاب معهم إلى األصنام ،فقال :فقا َل إ ّني سقيم الصافات .89:وأما الثالثة فقوله : “ َب ْل َف َع َل ُه َك ِبي ُر ُه ْم هذا” األنبياء.63 : أما ما في الرد على الشبهة الثالثة فقيل أن الخبر مشروط غير مطلق ،ألنه قال إن كانوا ينطقون ومعلوم أن األصنام ال تنطق ،وأن النطق مستحيل عليها .فما علق بهذا المستحيل من الفعل أيضا مستحيل ،وإنما أراد إبراهيم بهذا القول تنبيه القوم وتوبيخهم وتعنيفهم بعبادة من ال يسمع وال يبصر وال ينطق وال يقدر أن يخبر عن نفسه بشئ. فقال إن كانت هذه األصنام تنطق فهي الفاعلة للتكسير ،ألن من يجوز أن ينطق يجوز أن يفعل. وإذا علم استحالة النطق عليها علم استحالة الفعل عليها ،وعلم باستحالة األمرين أنها ال يجوز أن تكون آلهة معبودة ،وأن من عبدها ضال مضل ،وال فرق بين قوله إنهم فعلوا ذلك إن كانوا ينطقون ،وبين قوله إنهم ما فعلوا ذلك وال غيره ألنهم ال ينطقون وال يقدرون. وأما قوله (ع) فاسألوهم إن كانوا ينطقون ،فإنما هو أمر بسؤالهم أيضا على شرط ،والنطق منهم شرط في األمرين ،فكأنه قال :إن كانوا ينطقون فاسألوهم، فإنه ال يمتنع أن يكونوا فعلوه .وهذا يجري مجرى قول أحدنا لغيره :من فعل هذا الفعل؟ فيقول زيد .إن كان فعل كذا وكذا .ويشير إلى فعل يضيفه السائل إلى زيد، وليس في الحقيقة من فعله. ويكون غرض المسؤول نفي األمرين جميعا عن زيد ،وتنبيه السائل على خطئه في إضافة ما أضافه إلى زيد ،وقد قرأ بعض القراء Dوهو محمد بن علي السهيفع اليماني :فعله كبيرهم بتشديد الالم ،والمعنى فلعله ،أي فلعل فاعل ذلك كبيرهم. وقد جرت عادة العرب بحذف الالم األولى من لعل فيقولون عل ،قال الشاعر: يا أبتا علك أو عساكا *** يسقيني الماء الذي سقاكا والقراءة الثانية تتضمن حرف الشك واالستفهام ،فهما مختلفان على ما ترى فإن قيل :أليس قد روى بشر بن مفضل عن عوف عن الحسن قال " :بلغني أن رسول هللا صلى هللا عليه وآله قال إن إبراهيم عليه السالم ما كذب متعمدا قط إال ثالث مرات كلهن يجادل بهن عن دينه قوله إني سقيم ،وإنما تمارض عليهم ألن القوم خرجوا من قريتهم لعيدهم وتخلف هو ليفعل بآلهتهم ما فعل. وقوله بل فعله كبيرهم ،وقوله لسارة إنها أختي لجبار من الجبابرة لما أراد أخذها ". قلنا :قد بينا باألدلة العقلية التي ال يجوز فيها االحتمال وال خالف الظاهر ،أن األنبياء عليهم السالم ال يجوز عليهم الكذب. فما ورد بخالف ذلك من األخبار ال يلتفت إليه ،ويقطع على كذبه إن كان ال يحتمل تأويال صحيحا اليقا بأدلة العقل D،فإن احتمل تأويال يطابقها تأولناه ووفقنا بينه وبينها. وهكذا نفعل فيما يروى من األخبار التي تتضمن ظواهرها الجبر والتشبيه. فأما قوله (ع) إني سقيم ،فسنبين بعد هذه المسألة بال فصل وجه ذلك ،وأنه ليس بكذب .وقوله بل فعله كبيرهم قد بينا معناه وأوضحنا عنه. وأما قوله (ع) لسارة أنها أختي ،فإن صح فمعناه أنها أختي في الدين ،ولم يرد أخوة النسب. وأما ادعائهم على النبي صلى هللا عليه وآله أنه قال :ما كذب إبراهيم (ع) إال ثالث مرات ،فاألولى أن يكون كذبا عليه (ع) ألنه صلى هللا عليه وآله كان أعرف بما يجوز على األنبياء (ع) وما ال يجوز عليهم ،ويحتمل إن كان صحيحا أن يريد ما أخبر بما ظاهره الكذب إال ثالث دفعات ،فأطلق عليه اسم الكذب ألجل الظاهر ،وإن لم يكن على الحقيقة كذلك .
الكامل في أسانيد وتصحيح حديث من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضادَّ الله في أمره من سبع طرق عن النبي وبيان أن انتقاء الناس والتفريق في العقوبات بين الحالات المتماثلة يدخل في ذلك
الكامل في أحاديث من كتم علما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله من عمله شيئا مع بيان أشهر عشر طرق يستعملها أهل النفاق والفسق في تحريف الدلائل / 570 آية وحديث
الكامل في الاحاديث الناقضة والمخصصة لحديث إن شاء عذبه وإن شاء غفر له وأن ذلك فيما لا يتعلق بحقوق الناس وفيما لا يصرّ عليه ويجاهر به صاحبه مع بيان شدة ضعف دلالة حديث قاتل المائة / 640 حديث