Professional Documents
Culture Documents
الحلقة الثانية الحسيمة منارة وطن
الحلقة الثانية الحسيمة منارة وطن
) الحلقة الثانية(
في فهم املجتمع املدني وحراك الريف :
م ع مس يرة الخميس ،إن اإلس تمرار في التيهيء والتض امن والتعب ير والس فر ص وب مدين ة الحس يمة من أج ل
اإلحتجاج ،يستحق تتبع ودراسة وتحليل ،وهنا البد من التذكير بأن نشطاء حراك الريف قد أعلنوا أن تاريخ 20
يولي وز 2017؛ موع دا لتنفيذ مسيرة وص فوها بالتاريخي ة؛ رغم قرار العمالة وال وزارة ب املنع .على ما يب دو من
خالل دعوة النشطاء والسياسيين والنقابيين أن قرار عمال ة إقليم الحسيمة ال يعني املطالبين باستمرار الحراك
وال يمن ع ق وافلهم التض امنية .ه ذا وفي املقاب ل ع بر بالغ العمال ة الص ادر ي وم االث نين "بع دم الس ماح بتنظيم
مس يرة احتجاجي ة في املدين ة الحس يمة يوم ه 20يولي وز 2017؛ وذل ك بن اء على م ا تت وفر علي ه الس لطة اإلداري ة
املحلية من صالحيات قانونية واضحة في هذا الشأن" ،كما أكدت أن " الدعوة إلى هذه املظاهرة تمت بدون احترام
املساطر القانونية املعمول بها؛ حيث لم تتوصل السلطة اإلدارية املحلية املختصة بأي تصريح في املوضوع".
لكن ص وت اإلحتجاج له رأي آخر ألنه يتوخى من هذه املسيرة املطالبة ب اإلفراج عن املعتقلين الذين ّ
عب روا عن
وط نيتهم دون قي د أو ش رط ،ودعوة املس ؤولين إلى التفاوض معهم ح ول ملفهم املطل بي بش كل موضوعي ،بما فيه
رفع التهميش والحكرة والعسكرة عن املنطقة ،وهو ما يتفق عليه الجميع .
مفه وم التعبئ ة ظه ر وتط ور في س ياق ب زوغ الحرك ات االجتماعي ة ،حيث ش كلت التعبئ ة ص ميم نش اط ه ذه
ّ
بعملي ات االنتقال الديمقراطي وال سيما تلك بشرية أو ّ
مادي ة .وارتبط املفهوم ّ ً
سواء بما تحمل من تعبئة الحركات
ال تي تتعل ق بنم ط االنتق ال الس لطة من أنظم ة ش مولية إلى نظ ام ديم وقراطي ،حيث تلعب في ه حرك ة الجم اهير
حاسما في تحريك ّ
عملي ة االنتقال ،أصحاب هذا االتجاه يعتقدون أن الوصول إلى الديمقراطية ال يمكن ً ً
دورا
أن يتحق ق إال بح دوث ن وع من الض غط والتعبئ ة و باس تثارة حماس ة الجم اهير لتحقي ق م ا ُس مي بـ “األه داف
1
والقومية” عن طريق تنظيم الناس وتعبئتهم .وذلك ُي ِلزمنا إلى حد بعيد بضرورة استيعاب هذا املفهوم في
ّ ّ
الوطنية
إطار نظرية التحول الديمقراطي ،أو ما نسميه تحصين الكرامة وترسيخ العدالة اإلجتماعي ة و اإلنشغال بهوس
الحرية .
إنها عقيدة املجتمع املدني ومطالبه في تعزيز قيم املواطنة .لهذا البد من التذكير أن مفهوم املجتمع املدني جاء
ً
لفك االرتباط بين الدولة وباقي الفاعلين ،حيث تمت استعادت املفهوم "املجتمع املدني "و التركيز خصوصا على
ً ً
حقوق اإلنسان من خالل رد االعتبار لإلنسان بوصفه مواطنا ،فكانت هذه القيمة االعتبارية في الوقت ذاته تكريما
ً ً ً
و اعترافا ب املجتمع املدني ،وق د أخ ذ هذا االع تراف ص فته " الحقوقي ة " إال بالديموقراطي ة التي تع د مؤشرا داال
على كيفية وجود املجتمع املدني فاعال و قادر ا على العمل والفعل والتفاعل .
انفصاله عن الجهاز القهري للدولة ( البيروقراطي )وعن املؤسسات االقتصادية للمجتمع التي تحتكر قوة العمل
وتشيء ما تبقى من روحه ووجدانه ،حيث إن مجاله أي املجتمع املدني هو دعم و منازعة فرص الهيمنة على
املؤسسات الثقافية واألنشطة املجتمعية ،....في تقابل ضد الهيمنة اإليديولوجية واملؤسساتية التي يمارسها الجهاز
البيروقراطي للدولة ،من هنا تبقى أهمية ودور املثقف العضوي أو الجمعي كما يسميه كرامشي هو إنتاج رأسمال
رمزي مضاد يستعان فيه بمؤسسات الحزب واملدرسة واإلعالم فيما يسميه غرامشي بحرب املواقع ..ويكون هنا
ً ً
(غرامشي ) قد منح االيديولوجيا طابعا فعاال من خالل نقلها من البنية التحتية إلى البنية الفوقية رغبة في توفير
فضاء أرحب وإخراج التصور التقدمي من الخطية املفرطة في أفق تقديم أفكار تنسجم و روح العصر ،و اجتراح و
جوهر هذا الكالم ينسجم مع الحراك الذي عرفته منطقة الريف حيث تحول حاالته األولى إلى حراك وطني
بخروج اكتر من مدينة في مسيرات ووقفات تضامنية تنديدا بحملة االعتقاالت في صفوف ناشطي حراك الريف
ومدينة الحسيمة بشكل خاص .فهل نحن بصدد ربيع مغربي بنسخة مزيدة ومنقحة عن 20فبراير أم هو تضامن
عابر سيطويه النسيان ؟ .الأعتقد أن األمر كذلك ما دامت املطالب تتصاعد واإلحتجاج يتأجج واملعتقلين
يخوضون إضرابات عن الطعام وقد حددوا يوم الخميس 20يوليوز من الشهر الجاري مسيرة من أجل الكرامة
وعنفوان الحراك ،لحظة مفصلية ستجعل من مفهوم املجتمع املدني قوة قادرة على الفعل بعدما استكانت
2
األحزاب والحكومة وحذرت من املشاركة ،هدا ماستنفيه او تؤكده االيام القليلة القادمة لكن كل املؤشرات تتجه
الى ان كل اسباب الحراك يحبل بها وضع املغرب على كل املستويات في مظاهر الفساد والحكرة و هيمنة فئة قليلة
على منافد التروة والجاه والسلطة و اندحار الغالبية في مستنقع الفقر والبطالة والتهميش واإلقصاء ،أجيال متتالية
عاشت وتعيش نفس املأساة و نقط ضوء تبزغ من هنا وهناك لكنها ال تحدد األفق الجماعي الذي يريده الجميع ،
هكذا يبدو الوضع عند املتحمسين واملشاركين في املسيرة .إنه املسارالذي عاشته املجتمعات السابقة وعرفته أوربا
القرن 17و 18إذ تم الفصل بين الحقول االجتماعية و الثقافية عن الحقول السياسية واالقتصادية ،فمن
الناحية السياسية يبدو أن السلطة واإلدارة لها منطقها الخاص في منع املسيرة ولالقتصاد منطقه االخاص في إنقاد
املوسم السياحي وخاصة أن املنطقة تعيش على تحويالت الجالية والتضامن العائلي ؟ .
لهذا نجد أن آليات الحراك أبدعت ووظفت نظريات ومقومات املجتمع املدني املطبوع بخاصية التضامن والتواصل
الحر واملفتوح ،ويستثنى من عملية الفصل هاته السوق أو اإلقتصاد ألن يضحي بالربح من أجل الكرامة والحرية
والعدالة اإلجتماعية ،ألنه يعمل وينتقد ويناوش العمليات القهرية والبيروقراطية للدولة التي تعمل وفق مبدأ
إن الح راك ومرامي ه وأفق ه اإلحتج اجي ال تراكمي يجع ل من فك رة النق اش ح ول املجتم ع املدني وتبل وره واكتس ابه
ً
آللي ات جدي دة في املمانع ة ،ق د ٌنؤص ل مرجعيت ه اس تنادا إلى الفك ر الغ ربي س واء عن د هيغ ل وم اركس وغرامش ي
وهابرماس ...رغم عدم إدراك قائدي الحراك بهذه النظريات ،كما يجد رافده املرجعي األساس في الفكر السياسي
الح ديث في الق رنين 17م و 18م خاص ة في كتاب ات فالس فة أمث ال ه وبز ول وك وس بينوزا ثم روس و ،و تت أطر ه ذه
الف ترة ض من مقول ة أو نظري ة التعاق د االجتم اعي ال تي ظه رت في إط ار املجتم ع البورج وازي ال ذي ح ل بع د انهي ار
املجتم ع اإلقط اعي ،إن ه ال تراكم الفك ري والتفاع ل التلق ائي ال ذي وض ع ص يغة أو أداوات له دم مقوم ات مجتم ع
القداس ة ونظري ة الح ق اإللهي في السلطة ،إنه ا النظري ة ال تي أرخت لقطيعة سياسية وأف ق فكري وثق افي يس تمد
مشروعيته من طبيعة القيم التي جاء بها الفكر الحديث ،مما يجعل من إرادة األحرار قادة على املطالبة أكثر في
تحصين املكتسبات واملطالبة باملزيد ،مما يجعل السؤال السياسي واملطلوب اآلن هو هل قيمة الدولة وسيادتها
تكمن فق ط في وق ف وتوقي ف ومن ع املب ادرات كاملس يرات مثال ؟ أم اإلص غاء إلى روح العق ل والتج واب م ع مط الب
الحراك دون تراكم األخطاء؟ إنه الرهان املطلوب في إقتناع بأهمية الدولة واملجتمع ،وهذا اليتأتى إال إذا اعترف
املجتمع بالدولة وجديتها في الدفاع عن القانون ،وقدرتها أيضا في حماية الحقوق و املشروعة في الحق والواجب .
3
4