You are on page 1of 7

‫األستاذ ‪:‬الهاشمي الشيخ‬ ‫جامعة المنستير‬

‫الدرس‪:‬‬
‫الدرس ‪:‬‬ ‫المعهد العالي للدراسية التطبيقيّة‬
‫‪03/03/2021‬‬
‫بسيكولوجيا النمو‬
‫في االنسانيات بالمهدية‬
‫‪Nom Groupe : Niveau 1 educens GO3 :G1/2G / 1 educens GO5 :G1/2G‬‬
‫‪2 semestre‬‬

‫علم النفس اإلختباري كأساس لعلوم التربية ولفن البيداغوجيا‬


‫تصورنا عن‬ ‫ّ‬ ‫حرر من أساليب التّلقين وتأثيث الذّاكرة لتغيير‬ ‫الراهن بضرورة الت ّ ّ‬ ‫يلزمنا وجودنا ّ‬
‫المدرسة وعن وظيفتها في االرتقاء بالفرد إلى مستوى المواطنة الفاعلة ‪ .‬فالتّقليد والنّقل هما وجهان‬
‫نمر فيه من التّركيز على‬ ‫لعملة واحدة يقتضي منّا وجودنا استبعادها للتّأسيس لنمط تعلّم نزيه ومبدع ّّ‬
‫حول هو الذي‬ ‫مضمون المعارف إلى االهتمام بالذّات التي تمثّل منطلق المعرفة ومنتهاها ‪ّّ .‬‬
‫إن هذا الت ّ ّ‬
‫حول هو‬ ‫إن هذا الت ّ ّ‬ ‫ي ويجعل منه شخصا قادرا على تنمية ذكائه‪ّّ .‬‬ ‫يذكي رغبة المتعلّم في التّعلّم الذّات ّّ‬
‫ي‬ ‫ونموه الذّهني والعاطفي والح ّ‬
‫س ّّ‬ ‫ّ‬ ‫الذي تشهد عليه كتابات" بياجي "بما هي تهت ّّم بذكاء ّ‬
‫الطفل‬
‫الطفل؛ وال كقوالب قبليّة‬ ‫أن الذّكاء لم يعد ينظر إليه كقدرة فطريّة ناجزة بعد لدى ّ‬ ‫ي؛ ذلك ّّ‬ ‫الحرك ّ‬
‫الطفل في أبعاد حياته النّفسيّة‬ ‫بنمو ّ‬
‫ّّ‬ ‫أن اهتمام البسيكولوجيا‬‫معزولة عن الواقع والتّاريخ ‪ .‬ذلك ّّ‬
‫نموها؛ وذلك‬ ‫المختلفة؛ يوازي اهتمام العلم البيولوجي والفيزيولوجي بأعضائه وبنيته الجسمانيّة في ّ‬
‫جراء خلل أو‬ ‫لرصد التّغيّرات التي تطرأ على الجسد ولتشخيص األعراض التي يمكن أن تطاله ّ‬
‫نمو وظائفه؛ وإن كان هذان االهتمامان ال ينجزان بنفس األساليب؛لكن أن‬ ‫انقطاع أو انحسار في ّّ‬
‫نموه المختلفة؛ وتتولَي تفسيرالعالقات‬ ‫الطفل موضوع دراسة علميّة؛ ترصد مراحل ّ‬ ‫يصبح ذكاء ّ‬
‫ي إلى الذّكاء‪-‬‬ ‫سي ‪-‬الحرك ّّ‬ ‫التي تصل بينها؛فذاك ما يجعل علم النّفس يرتحل بنا من الذّكاء الح ّ‬
‫النمو تحدّده عوامل داخليّة وخارجيّة؛‬ ‫ّّ‬ ‫ي ‪ّّ .‬‬
‫إن هذا‬ ‫ي المنطق ّّ‬ ‫صور ّّ‬‫ي ومن ث ّمة إلى الذّكاء ال ّ‬ ‫العاطف ّّ‬
‫سيّة ‪-‬الحركيّة في التّعامل مع األشياء؛‬ ‫نمو قدرة الطفل الح ّ‬
‫ي؛ إلى ّّ‬ ‫تنطلق من تناضج الجهاز العصب ّ‬
‫ي لبنيات العقل التي تصبح‬ ‫إلى التّفاعل مع البيئة الستيعاب مؤثّراتها؛ إلى ّّ‬
‫نمو التّوازن الدّاخل ّّ‬
‫إجرائيّة وليّنة في استيعاب الواقع الذي تتفاعل معه ‪ .‬هكذا يكون ال ّذكاء لدى ال ّطفل مشروطا في‬
‫نم ّوه بالفعل؛ أي بالممارسة التي ينبني عليها التّنسيق بين األفعال والحركات وتنظيم اإلجراءات‬
‫العمليّة واستبطانها ذهنيّا والعودة للتّفكير فيها شعوريّا ‪.‬‬
‫ي المشروط اجتماعيّا؛ وك ّّل عرقلة لهذا ال ّنشاط أو تعطيل لديناميّته‬ ‫فال ّذكاء هو حصيلة ال ّنشاط الفرد ّّ‬
‫ال ّذاتيّة أو توجيهه وقولبته قسريّا في قنوات تهدر طاقاته يعدم للفرد ذكاءه ويحمله لالستعاضة عنه‬
‫سلبيّة التّي انتهت إليها المدرسة‬ ‫بال ّنقل والتّقبّل واالكتفاء بما تختزنه ال ّذاكرة ‪ّّ .‬‬
‫إن هذه النّتائج ال ّ‬
‫التّقليديّة هي التي يعمل ‪%‬بياجي" على استبعادها في رسمه لمالمح المدرسة الجديدة؛ التي يمنحها‬
‫ي والحياة في المجتمع مع‬‫شعارا هو تنمية ال ّذكاء ال تأثيث ال ّذاكرة ‪ .‬لهذا يحت ّّل ال ّنشاط ال ّشخص ّّ‬
‫ي وبالتّع ّلم المشترك بين األطفال اإلحداثيات ال ّثالث‬
‫االخرين واستبدال اإلكراه في التّع ّلم بالتّع ّلم ال ّذات ّّ‬
‫‪.‬‬ ‫للتّربية الجديدة التي تجد في الدّراسات ال ّنفسيّة سندا لها‬
‫إن التّعقيد الذي يطبع الحياة االجتماعيّة والذي تع ّّد التّربية انعكاسا له؛ يمثّل مشكال يمكننا صياغته‬
‫ّّ‬
‫على النّحو التّالي ‪ :‬لماذا نملك طبّا علميّا يستند إلى مخرجات الكيمياء والفيزياء والفيزيولوجيا‬
‫والبيولوجيا وال نملك علما في التّربية يمكن أن يستند إلى مخرجات علم النّفس وعلم االجتماع‬
‫سبب الذي جعل التّربية ال تتقدّم بالمقارنة مع التّجديد العميق في سيكولوجيّا‬ ‫واللّسانيّات؟ ‪ .‬ما ال ّ‬
‫الطفل وعلم االجتماع‪ .‬؟‬‫ّ‬

‫سك بضرورة االنطالق من الوقائع‬ ‫يقترج" بياجي "عناصر إجابة عن هذه األسئلة من خالل التّم ّ‬
‫الطرف على االعتبارات النّظريّة ؛وهنالك ثالثة أنواع من المعطيات؛ هي‬ ‫لغض ّ‬ ‫ّّ‬ ‫العينيّة؛ وذلك‬
‫الجهل بنتائج التّقنيات التّربويّة ومشكلة هيأة التّدريس وقلّة البحوث التّربويّة وغياب معاهد البحث‬
‫ربوي ‪ .‬كيف ننشئ فنّا علميّا جديدا في التّربية ؟ وكيف نحدّد للتّربية هدفها ؟ لقد بدأ اقتصاد‬ ‫ّ‬ ‫الت ّ‬
‫مو في سياق علوم أخرى وذلك بدراسته ألشكال انسجام بين األنساق التّربويّة‬ ‫التّربية في النّ ّّ‬
‫والحاجات اإلجتماعيّة واإلقتصاديّة ‪ .‬فالتّخطيط للتعليم لوضع مشاريع تمت ّّد على سنوات هو‬
‫أن برامج التّعليم المفروضة ومناهج التّلقين الملزمة غير‬ ‫موضوع سوسيولوجيا التّربية وذلك لبيان ّّ‬
‫ذات مردوديّة وليست خالّفة و ال هي مبدعة في التّكوين العا ّّم لألفراد ‪ .‬وتقييم كهذا؛ يحتاج إلي‬
‫ل وسائل المراقبة؛ التي وضعتها اإلحصائيّات المنبثقة عن علم النّفس‬ ‫دراسة منهجيّة؛ تتوفّر لها ك ّّ‬
‫وعن علم االجتماع وعن مختلف أبحاثهما؛ وهو ما ش ّكل علما جديدا للتّربية اتّخذ منزعا اختباريّا؛‬
‫الطفل؛ وهو ما‬ ‫فإن هذا العلم شديد االرتباط بسيكولوجيا ّ‬ ‫المدرسين ‪ .‬لهذا ّّ‬ ‫ّ‬ ‫ل نشاطات‬ ‫يُدمج فيه ك ّّ‬
‫للطفل و بذكائه؛ اهتماما تربويّا اختباريّا بامتياز؛ وذلك‬ ‫ّ‬ ‫سمات العا ّمة والعفويّة‬ ‫جعل االهتمام بال ّ‬
‫ل ؛ إ ّما‬ ‫المجزئة أم بمنهج ير ّكز على الك ّّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بالطريقة التّحليليّة‬ ‫لتقرير األسلوب األفضل في تعلّم القراءة‬
‫ل هذا‬ ‫إن ح ّّ‬ ‫البدء بالحروف ث ّّم االنتقال إلى الكلمات وصوال إلى الجمل؛ أو اتّباع التّسلسل المعاكس ؛ ّّ‬
‫ي حول دور األشكال الكلّيّة في‬ ‫المشكل ال يستند لالعتبارات المستنبطة من علم النّفس االختبار ّّ‬
‫ي أو الكلّي إلدراكات األطفال ‪ .‬فالمنهج الكلّي ال يخلو من مساوئ في‬ ‫الطابع التّزامن ّّ‬ ‫اإلدراك وحول ّ‬
‫بالطفل ‪ .‬وما دمنا نقتصر على عوامل اإلدراك والذّاكرة في التّعلّم؛ فإنّنا‬ ‫ّ‬ ‫مجال التّعلّمات الخا ّ‬
‫صة‬
‫ألن التّعلّم مسألة مر ّكبة؛ ال تختزل في‬ ‫صلة بين اإلدراك والعوامل الخارجيّة؛ وذلك ّّ‬ ‫نلزم بربط ال ّ‬
‫عوامل محدّدة؛ ومشكالت التّربية هي مشكالت يمكن تقييمها استنادا إلى مقاييس موضوعيّة وأخرى‬
‫الطفل ‪ .‬فإذا كان ّّ‬
‫فن‬ ‫ي وسيكولوجيا ّ‬ ‫فن التّربية االختبار ّّ‬ ‫الربط ضروريّا بين ّّ‬ ‫ذاتيّة ؛ وهو ما جعل ّ‬
‫سعي لتغيير ما يالحظه؛ فهو يكون‬ ‫مجرد البحث عن الوقائع والقوانين دون ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫التّربية يقتصر على‬
‫بذلك في غنى عن أيّة صلة بعلم النّفس ‪ .‬لكن إذا أراد أن يفهم ما يفعل ويُت ّّم أي يُرفق مالحظاته‬
‫فن التّربية‬ ‫صلة بعلم النّفس ‪ .‬ومهما كانت و ّجهات ّّ‬ ‫بتأويالت سببيّة وبتفسيرات؛ فعليه بداهة أن يعقد ال ّ‬
‫ي في اختياره لبرامج التّعليم؛ وفي تحلبل تطبيقاتها ونتائجها فإنّه يثير بالضّرورة مشاكل‬ ‫االختبار ّّ‬
‫فإن تقدّم ّّ‬
‫فن‬ ‫مو؛وبسيكولوجيا التّعلّم وبسيكولوجيا العا ّمة للذّكاء ‪ .‬ومن ث ّّم ّّ‬ ‫ترتبط بسيكولوجيا النّ ّ‬
‫ي مرتبط بأبحاث بين ‪-‬علميّة مشتركة بين علوم متعدّدة ‪ .‬إذا كان المقصود هو‬ ‫التّربية االختبار ّّ‬
‫الطفل‬‫إن هذه الحقيقة هي التي دفعت بسيكولوجيا ّ‬ ‫سر وال يكتفي بالوصف فحسب‪ّّ .‬‬ ‫التّأسيس لعلم يف ّ‬
‫والمراهق نحو النّمو‪ّ .‬‬
‫نمو ال ّ‬
‫طفل والمراهق‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الفكرية لدى الطفل؛‬ ‫لنمو البنيات‬ ‫نسبيا‬ ‫العفوية والمستقلة‬ ‫لقد أكد " بياجي" على الجوانب‬
‫ائية؛ وهو االهتمام الذي جعله موضع نقد من قبل‬ ‫تنصب على إبراز الوجوه اإلجر ّ‬ ‫ّ‬ ‫فكانت تحليالته‬
‫ّ‬
‫االجتماعية كما ينظمها ّ‬ ‫ّ‬ ‫يلح على إدماج األطفال تدر ّ‬ ‫ّ‬
‫الراشدون ‪.‬‬ ‫يحيا في الحياة‬ ‫"فالون "الذي كان‬
‫ّ‬
‫ذلك ما انتبه إليه" بياجي "في محاولة منه إليجاد نوع من التكامل بين الموقفين كان قد أنجزه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الجدلي؛ الذي لقي من خالله" بياجي "استحسانا من قبل "‬ ‫كتحية" لفالون "في نوع من التوفيق‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫فالون ‪ّ ".‬‬
‫لكن" فيبر "كان يعتقد أن بين" بياجي " و " فالون " اختالفا إختالفا ال يمكن رده؛ يتمثل‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫في األثر الذي يمكن أن ّ‬
‫فن التربية‪ .‬وهذا المشكل هو الذي يتعلق في آخر‬ ‫يسببه الموقفان على‬
‫مواد مضمونها من صنع ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الراشد وال يطرح تلقينها مشكال؛‬ ‫المطاف بمناهج التعليم ‪ :‬هنالك‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اإلنساني في سماته‬ ‫وهنالك مواد تتعلق بالبحث واالكتشاف؛ هي التي يتجلى من خاللها الذكاء‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اتي عن ّ‬ ‫ّ‬
‫الذ ّ‬ ‫ّ‬
‫الخارجية ‪ .‬فإذا ما تعلق األمر بالتاري خ مثال؛ فإن‬ ‫كل المحددات‬ ‫الكونية وفي استقالله‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تعلق األمر ّ‬ ‫ّ‬
‫بالرياضيات فإن تلقينها يطرح مشكال؛ ألنها ترتبط ببناء‬ ‫تلقينه ال يطرح مشكال؛ وإذا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عقالني؛ يمكن أن يكون في متناول ّ‬ ‫ّ‬
‫كل ذكاء سليم ‪ .‬وإذا تعلق األمر بالفيزياء؛ فإن مقاالتها مرتبطة‬
‫بسلسلة االختبارات؛ التي تخضع لمنطق االستنباط واالستقراء؛ وهو منطق في متناول الذكاء‬
‫ّ‬ ‫فإنه بالنسبة لحقائق ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلنساني ّ‬
‫ّ‬
‫الرياضيات والفيزياء تصبح المشكلة متمثلة في‬ ‫السليم ‪ .‬وبالنتيجة‬
‫ّ ّ‬ ‫الت ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نقرر ّ‬ ‫أن ّ‬
‫ربوي على غرار مواد التاري خ والجغرافيا‬ ‫السبيل األفضل الكتسابها؛ هل يكون بالتلقين‬
‫إال بقدر ما ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫وغيرها؟ أم ّأن سبيل اكتسابها ال ّ‬
‫تتم إعادة بنائها وإعادة اكتشافها بقدر كاف‬ ‫يتم فعليا‬
‫الذ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اتي؟ ‪ .‬فإذا كان المراد تكوين األفراد ليصبحوا قادرين على االختراع وعلى الخلق‬ ‫من النشاط‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫واإلبداع؛ وهو ما يدفع بالمجتمع إلى التقدم تبعا لحاجاته المطردة ؛ فإن التربية على االكتشاف‬
‫كل تربية تقتصر على ترويض األشخاص؛‬ ‫النشيط للحقيقة ؛وعلى الخلق واإلبداع؛ هي أرقى من ّ‬
‫ّ‬
‫بجعل إرادتهم تمتثل إلرادات أخرى ؛ وتقوم على حصر عملهم في إطار الحقائق المقبولة؛ وحتى‬
‫وإن كان المقصود تكوين عقول محافظة ومتوافقة مع الحقائق المكتسبة؛ فهل ننتهي إلى هذه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الغاية بالتلقين؟ أم ننتهي إليها باالعتماد على طرق االستيعاب النشيطة؟ ‪ .‬إن هذه المشكلة‬
‫ّ‬ ‫الن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مو جوابا مكتمال؛ يمكننا أن نحدد معالمه في ثالثة‬ ‫بالذات هي التي تعطي عنها بسيكولوجيا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مستويات ‪ :‬مستوى يتعلق بطبيعة الذكاء والمعرفة؛ ومستوى الدور الذي تلعبه التجربة في تكوين‬
‫واأللسني التي يستخدمها ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المفاهيم؛ ومستوى ّ‬
‫الراشد ليتواصل من‬ ‫االجتماعي‬ ‫آليات التبليغ‬
‫ّ ّ‬ ‫الر ّ‬ ‫النشيطة للمعارف ‪ .‬إذا كان الهدف ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫ئيسي من التعلم هو‬ ‫نمو الذكاء والطبيعة‬ ‫خاللها مع الطفل‪.‬‬
‫ّ ّ ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كيفية تنميته؛ فهذا يفترض أن التعلم ال يجب أن يقتصر على مرحلة الحياة‬ ‫تنمية الذكاء وتعلم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المدرسية فقط؛ بل وجب أن يصبح عمال دؤوبا طيلة حياة الفرد ‪ .‬ذلك ما يحملنا إلى أن نحدد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بدقة ّ‬ ‫ّ‬
‫الحس المشترك غير‬ ‫تصورا للذكاء ونمنحه مضمونا محددا؛ وذلك ألن األفكار المستمدة من‬
‫الت ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫دقيقة ّ‬
‫ربويين هي من االختالف ما يجعلها‬ ‫موحدة؛ وألن أفكار المنظرين‬ ‫بالرغم من كونها‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الت ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫منهجية‬ ‫وتشرع لها؛ ذلك ما حمل" بياجي "إلى اتخاذ قاعدة‬ ‫ربوية تباينا‬ ‫توحي بأكثر الطرق‬
‫ّ‬ ‫تتمثل في ضرورة ّ‬ ‫ّ‬
‫الرجوع إلى الوقائع لمعرفة ما هو الذكاء ‪ .‬وال يمكن لالختبار البسيكولوجي‬ ‫أولى؛‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن يجيب عن هذا ّ‬
‫ونموه ‪.‬فإذا كانت‬ ‫السؤال إال إذا ما مكننا من أن نسم الذكاء بنمط تكوينه‬
‫الذكاء ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يؤسس بنياته من‬ ‫تتجسد في الفهم واإلبداع؛ فذاك يعني أن‬ ‫الجوهرية للذكاء‬ ‫الوظائف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫خالل نشاطاته المهيكلة للواقع ؛ وهي نشاطات ترتقي به إلى تمثل معقول عنه ‪ .‬ويتضح بجالء أن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الفهم واإلبداع؛ يمثالن وجهين لعملة واحدة ؛هي الذكاء ؛ ذلك أن فهم ظاهرة أو حدث يقتضي‬
‫ّ ّ‬ ‫حوالت التي ّأدت إليها او إليه ؛ وإعادة ّ‬ ‫الت ّ‬ ‫ّ‬
‫الصياغة هذه تفترض منا أن نكون قد‬ ‫إعادة صياغة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ّأسسنا من قبل بنية التحويالت؛ وهذا يفترض شيئا من االختراع أو االختراع المعاد ‪ .‬غير أنه كان‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تصورات للذكاء ترتكز على عنصر الفهم وتحصر نطاقه في رد واختزال المركب إلى البسيط؛‬ ‫ثمة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫وفق نمط ترجع فيه األدوار األولى لإلحساس ّ‬
‫جريبية الترابطية ‪) .‬‬ ‫ظرية الت‬ ‫والصورة والتداعي ( الن‬
‫ّ‬
‫كمجرد اكتشاف لوقائع موجودة؛ في حين أن فهم االختراع ال يكون‬ ‫ّ‬ ‫ّأما االختراع فقد كان اعتباره‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫إال بالتحقيق في الوقائع التي تجعل الفهم موقوفا على االختراع وتدرك االختراع بمثابة التشييد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اإلجمالية ‪ .‬هكذا يتضح أن مشكل الذكاء ومشكل طبيعة المعارف يمكن‬ ‫المستمر للبنيات‬
‫مجرد نسخ للوقائع واألحداث أم هي استيعاب‬ ‫التالي ‪ :‬هل ّأن المعارف هي ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫صياغتهما على النحو‬
‫تحويلية ؟‬ ‫ّ‬ ‫لها في بنيات‬
‫ألنها ال تزال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الت ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫حية لدى‬ ‫كعملية نسخ؛ ال تبدو قد انتهت؛‬ ‫صورات التي تنظر للمعرفة‬ ‫إن‬
‫ّ‬ ‫الت ّ‬ ‫ّ‬
‫الحدسية؛ التي تلعب فيها‬ ‫ربوية؛ بما في ذلك المناهج‬ ‫الكثيرين؛ تلهمهم في بناء مناهجهم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫البصرية دورا يعتبره البعض تقد ّ‬ ‫ّ‬ ‫الس ّ‬ ‫الصورة والعروض ّ‬ ‫ّ‬
‫ميا في مجال التربية ‪.‬وفي مجال‬ ‫معية‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫الذكاء ؛ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الطفل؛ ّ‬ ‫ّ‬
‫وتكونه؛ يخضع لقوانين التعلم؛ بما أن‬ ‫نموه‬ ‫ثمة من يعتقد أن نشوء‬ ‫بسيكولوجيا‬
‫ّ‬ ‫خارجية ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫تم توطيدها بأشكال التعزيز المختلفة ؛التي‬ ‫التعلم ناتج عن تكرار استجابات لمثيرات‬
‫الترابطات أو ما ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يسمى" بأهرام العادات المتراتبة "التي تعطي نسخة‬ ‫تمكن من تشكيل سالسة‬
‫المنتظمة‬ ‫واألحداث‬ ‫الوقائع‬ ‫لقطات‬ ‫عن‬ ‫ّ‬
‫وظيفية‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األساسية‬ ‫‪.‬غيرأن الواقعة‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تصورنا للذكاء؛ تتمثل في أن المعارف تستمد من الحركة؛‬ ‫التي تناقض هذا الموقف؛ والتي تجدد‬
‫ّ‬ ‫مجرد استجابات تر ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ابطية بسيطة؛ بل بمعنى أنها قولبة الوقائع واألحداث ضمن‬ ‫ال بمعنى أنها‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الض ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والعامة للحركات أو األفعال ‪.‬وهكذا فإن معرفة موضوع ما؛ تتحدد بالقدرة‬ ‫رورية‬ ‫نسيقيات‬ ‫الت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫على الفعل فيه قصد تغييره؛ وإدراك ّ‬
‫حويلية‬ ‫آليات هذا التغيير في ارتباط وثيق مع األفعال الت‬
‫ّ‬
‫نفسها فالمعرفة هي إذن استيعاب الوقائع واألحداث في بنيات التحويالت ‪.‬وهذه البنيات هي‬
‫ّ‬
‫للفعل‬ ‫مباشر‬ ‫امتداد‬ ‫هو‬ ‫حيث‬ ‫من‬ ‫إنشاء؛‬ ‫الذكاء‬ ‫ينشئها‬ ‫التي‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫‪.‬أن القول بأن الذكاء‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫مشتق من الفعل؛ يقود إلى نتيجة مفادها؛ أن طبيعة نشاط الذكاء حتى في أرقى مظاهره حيث ال‬
‫ّ‬ ‫الذ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تتجسد في تنفيذ األفعال وتنسيقها ؛ لكن بصورة‬ ‫هنية ؛‬ ‫يتحرك إال بوساطة األدوات‬ ‫يعود‬
‫الر ّ‬ ‫المنطقية‪ّ -‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ياضية ؛ من‬ ‫وانعكاسية ‪ .‬وهذه األفعال المستبطنة هي بالتحديد اإلجراءات‬ ‫مستبطنة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المحركة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المنطقية ‪-‬‬ ‫لكل حكم أو استدالل ‪ .‬بيد أن اإلجراءات‬ ‫حويلية‬ ‫حيث هي الصيرورات الت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الر ّ‬ ‫ّ‬
‫ألعم‬ ‫مجرد أفعال مستبطنة غير محددة ؛ بل إنها ؛ من حيث هي انعكاس‬ ‫ياضية ليست‬
‫تنسيقات الحركة ؛ مطبوعة بسمة مزدوجة‪:‬‬
‫ّ‬
‫لكل إجراء ؛ إجراء معاكسا ؛ مثل الطرح والجمع أو إجراء‬ ‫فهي من جهة قابلة لالعتكاس ( أي ّأن ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إجمالية ( مثل التصنيف وسلسلة األعداد‬ ‫مقابال ) وهي من جهة ثانية تتسق تبعا لذلك في بنيات‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الصحيحة ) وبالنتيجة فإن الذكاء هو استيعاب للمعطى ضمن بنيات التحويالت انطالقا من بنيات‬
‫البنائية هو تنظيم‬ ‫ّ‬ ‫الصيرورة‬ ‫ائية العليا ‪ .‬ومحتوى هذه ّ‬ ‫األو ّلية ؛ وانتهاء بالبنيات اإلجر ّ‬ ‫األفعال ّ‬
‫ّ‬
‫مجرد نسخه( فالواقع لم يعد معطى بل أصبح مبنيا ) ‪.‬‬ ‫الواقع على مستوى الفعل والفكر ال ّ‬
‫الن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مو المسترسل الذي ينطلق‬ ‫نمو اإلجراءات إن ما سعت بسيكولوجيا الطفل لوصفه هو ذاك‬
‫العمليات األكثر تجريدا ‪.‬لذلك كان البحث في منطق‬ ‫ّ‬ ‫كية ‪ .‬لينتهي إلى‬ ‫الحس ّية ‪-‬الحر ّ‬ ‫ّ‬ ‫من األفعال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العمليات الذ ّ‬ ‫ّ‬
‫الحسي ‪-‬‬ ‫النمو بماهي مرحلة مطبوعة بأفعال الذكاء‬ ‫هنية ينشغل بالمرحلة األولى من‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العملي ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحر ّ‬
‫الصرف ال يوظف كأدوات له سوى اإلدراكات والحركات ؛ والطفل في‬ ‫كي ‪ .‬فهذا الذكاء‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫هذه المرحلة لم يكتسب بعد مقدرة على التمثل والتفكير؛ وال على النطق ؛ لكنه مع ذلك يبذل‬
‫مجهودا يفهم من خالله وضعه ككائن يعقد مع اآلخرين ومع األشياء ‪ .‬وهذا المحهود ينتهي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫خلفية؛ تتأسس عليها الحقا‬ ‫بالطفل إلى تأسيس خطاطات الحركة؛ التي تصبح في ما بعد بنيات‬
‫الطفل من ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫البنيات اإلجر ّ‬
‫جراء الفعل؛ هي‬ ‫يحصلها‬ ‫والمفهومية ‪ .‬وأولى أشكال الخطاطات التي‬ ‫ائية‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المجسمة ؛ إذ ندرك نشأة هذه الخطاطة من خالل فعل التفتيش الذي‬ ‫خطاطة ديمومة األشياء‬
‫ّ‬ ‫اكي ‪ّ .‬‬ ‫تم إخفاؤها عن حقله اإلدر ّ‬ ‫التاسع عن أشياء ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ومما يؤكد هذه‬ ‫يجريه الطفل منذ شهره‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحس ّية ‪-‬الحر ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كية بالنسبة لنشوء اإلجراءات الالحقة؛ هو أن" المواليد العمي "يسبب‬ ‫الخطاطة‬
‫يقدر بثالث إلى أرب ع سنوات في تأسيس البنيات اإلجر ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ائية ؛ في‬ ‫ضعف الخطاطات لديهم تأخرا‬
‫ّ ّ‬ ‫يسجل عندهم ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كل هذا التأخر‬ ‫حين أن األطفال الذين يصابون بالعمي بعد والدتهم بمدة ما؛ ال‬
‫الحجة)‬ ‫( َ‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تمتد إلى ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫ويتميز ظهورها بتكوين‬ ‫السنة الثامنة؛‬ ‫مع بلوغ الطفل عامين؛ تبدأ مرحلة ثانية؛‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الد ّ‬ ‫ّ‬ ‫الر ّ‬ ‫الوظيفة ّ‬
‫اللية ‪ .‬وهذه الوظيفة تسمح بتمثل األشياء عن طريق التذكر بواسطة‬ ‫مزية أو‬
‫هنية ‪ّ /‬‬ ‫الذ ّ‬ ‫ّ‬ ‫التقليد الغير مباشر ‪ّ /‬‬ ‫ّ‬ ‫اللعب ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الرصد ‪ /‬الكالم )‬ ‫الصورة‬ ‫الرمزي ‪/‬‬ ‫الرموز والعالمات (‬
‫حتى يصبح فكرا ؛ غير ّأنه ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫الحسي ‪-‬الحر ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الر ّ‬ ‫فالوظيفة ّ‬
‫ثمة عامالن‬ ‫كي من التمدد‬ ‫مزية تمكن الذكاء‬
‫المجرد؛ لذلك ّ‬ ‫ّ‬ ‫الذ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يسمي " بياجي " هذه المرحلة ما قبل‬ ‫هنية بالمعنى‬ ‫العمليات‬ ‫يؤخران تكوين‬
‫ائية‪.‬‬ ‫إجر ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ّأول هذين العاملين؛ هو أن تضمين األفعال في الفكر يتطلب وقتا ( زمن التفري خ ) آلن تمثل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ذهنيا أصعب من ّ‬ ‫ّ‬
‫ذهنيا بإجراء‬ ‫مجرد تنفيذها المادي مثال ‪ :‬إن القيام‬ ‫تسلسل حركة ما ؛ و تمثلها‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫دورة لقطعة ّ‬
‫مربعة مع تصور مواقع ضلوعها المختلفة األلوان كلما دار المرب ع بتسعين درجة ؛‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المرب ع ّ‬ ‫ّ‬ ‫عملية بعيدة عن ّ‬ ‫ّ‬
‫ماديا ومالحظة آثار الدورة ‪ .‬وبالنتيجة فإن استبطان األفعال‬ ‫مجرد إدارة‬
‫كزيتها بشكل أكثر حزما ّ‬ ‫تحرر" األنا "من مر ّ‬ ‫ذهنيا وهو لهذا يفترض ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مما كان‬ ‫يتطلب إعادة بنائها‬
‫ّ‬ ‫فالطفل خالل ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحس ّية ‪-‬الحر ّ‬ ‫ّ‬
‫يضطر للقيام‬ ‫نموه في المرحلة األولى؛‬ ‫كية ‪.‬‬ ‫مطلوبا منها في المرحلة‬
‫ّ‬
‫كل شئ إلى جسمه؛ هو ينتهي إلى تشكيل كون تتحدد أشياؤه في ّ‬ ‫بثورة ‪ :‬فبعدما كان يرجع ّ‬
‫الزمان‬
‫سببية ؛ بحيث ال يعود جسمه شيئا آخر سوى حلقة‬ ‫ّ‬ ‫والمكان؛ وترتبط في ما بينها بعالقات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫متصلة بأشياء أخرى مجاورة لها ‪ .‬لهذا يلزم الطفل بتحديد موقعه من األشياء واألشخاص؛ وهو ما‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫كزية الذات لتحقيق نوعين من التنسيقات؛ يجعالن ممكنا إجراءاته قابلة‬ ‫يفرض عليه سلبا لمر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إمكانية القيام بالمقابالت وإجراء العكوسات ‪ .‬فإذا انعدمت لدى الطفل‬ ‫لالعتكاس من خالل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يتوصل إلى تشكيل أبسط مفاهيم‬ ‫ذهنية؛ فذاك يعني أنه ال يستطيع أن‬ ‫إمكانية القيام بإجراءات‬
‫ّ‬
‫المنطقي‬ ‫القابلية لالستنباط‬ ‫ّ‬ ‫تجسد شروط‬ ‫المحافظة؛ التي ّ‬

‫الطفل قادرا على ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الثالثة التي تبذأ من ّ‬ ‫ّ‬


‫حل بعض المشاكل وعلى‬ ‫السنة الثامنة؛ يصبح‬ ‫في المرحلة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حرر من مر ّ‬ ‫والت ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العمليات‬ ‫قابلية‬ ‫المجسد في‬ ‫كزيته ؛ ما يؤدي به إلى التوازن‬ ‫التنسيق و االستبطان‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العملية المقابلة والمعاكسة لها ) في هذه المرحلة يصبح الطفل قادرا على‬ ‫لالعتكاس ( بتشكيل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ضم الفئات وفصلها وعلى التصنيف وعلى إدراك تسلسل العالقات كمصدر للترتيب وعلى إجراء‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫القياس‬ ‫يعطي‬ ‫الذي‬ ‫العدد‬ ‫عنه‬ ‫يتولد‬ ‫ما‬ ‫وهو‬ ‫التطابقات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العمليات‬ ‫‪.‬غيرأن هذه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لفظيا في‬ ‫المعبر عنها‬ ‫الفرضيات‬ ‫المتعددة في هذه المرحلة تجرى على األشياء فقط؛ وليس على‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫صيغة قضايا ( لهذا يكون الخطاب اللفظي غير ذي جدوى في مراحل التعلم األولى للطفل؛‬
‫ّ‬ ‫تعلماته باألشياء الملموسة ضرورة ّ‬ ‫ّ‬
‫العمليات تأسيسا بطيئا؛‬ ‫ملحة ‪) .‬هكذا يكون تأسيس‬ ‫وتكون‬
‫الش ّ‬ ‫ّ‬ ‫تتم ّ‬ ‫ّ‬
‫العمليات التي ينتهي إليها في المرحلة الالحقة؛ والتي ّ‬ ‫ّ‬
‫مولي؛ وبإجراء‬ ‫بالربط‬ ‫على عكس‬
‫ّ‬ ‫التناسب؛ وبفهم عالقات األشياء وإدراكها بحر ّ‬ ‫ّ‬
‫العمليات الملموسة قريبة من‬ ‫كية أكبر ‪ .‬هكذا تبقى‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الضم والترتيب والمطابقة التي يجري ها الطفل في شكل أفعال‬ ‫األفعال التي اشتقت منها؛ آلن‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫‪.‬‬ ‫ماد ّية تتسم بهذين الحدين‬
‫ّ ّ‬
‫سن الثانية عشرة مرحلة رابعة تبلغ توازنها في مستوى المراهقة ‪.‬في هذه‬ ‫وأخيرا تظهر في‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المرحلة يكتسب الطفل نوعا جديدا من االستدالل؛ ال يجري فقط على األشياء؛ وإنما كذلك على‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الفرضيات والقضايا يستخرج الطفل نتائجها الالزمة دون أن تكون له القدرة على الحكم عليها‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عمليات جديدة تتصل بالقضايا ‪ :‬اللزوم ‪ :‬إذا ‪....‬ف ؛‬ ‫بصدقها أو كذبها ؛ وهنا تنشأ لدى الطفل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫والفصل ّإما ‪ّ .....‬‬
‫العمليات تحتوي على‬ ‫كافؤ؛التضمن؛ التقابل و التنافي ؛وهذه‬ ‫وإما والوصل؛ الت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مولي؛ الذي يجري على األشياء وعلى األفكار والقضايا؛ وتكون ّ‬
‫الش ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تخص‬ ‫عملية‬ ‫كل‬ ‫الربط‬
‫القضايا لها ما يناظرها ‪.‬‬

You might also like