You are on page 1of 2

‫التعلم والنمو‬

‫فيغوتسكي‬

‫أساس‬ ‫تفيض أن النمو رشط‬ ‫وبالمثل‪ ،‬فإن كالسيكيات األدب النفس‪ ،‬مثل أعمال بين‪ 1‬وغيه‪ ،‬ر‬
‫ي‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫غي‬ ‫ر‬
‫تؤت ثمارها إن كانت الوظائف الذهنية للطفل (العمليات الفكرية) ر‬
‫للتعلم‪ ،‬وأن عمليات التدريس لن ي‬
‫ً‬
‫معي‪ ،‬لذلك كانوا يخشون التدريس المبكر‪ ،‬أي‬ ‫ناضجة إىل الحد الذي يجعله قادرا عىل تعلم موضوع ر‬
‫ً‬
‫تعليم أي مادة قبل أن يكون الطفل جاهزا لتعلمها‪ ،‬حيث ركزت الجهود عىل إيجاد الحد األدت من القدرة‬
‫ً‬
‫معي من التعلم ممكنا ألول مرة‪.‬‬
‫عىل التعلم‪ ،‬أي العمر الذي يصبح فيه نوع ر‬
‫ً‬ ‫ونظ ًرا العتماد هذه المقاربة عىل ر‬
‫األخي دائما ما‬
‫ر‬ ‫افياض أن مسارات التعلم معتمدة عىل النمو‪ ،‬وأن‬
‫ً‬
‫يسبق التعلم‪ ،‬فإنهم يستبعدون فكرة أن التعلم قد يلعب دورا يف نمو الوظائف الخاصة بالتعلم أو‬
‫تنشيطها‪ ،‬حيث ُينظر إىل النمو أو النضج عىل أنه رشط مسبق للتعلم‪ ،‬ال نتيجة له‪ ،‬ولتلخيص هذه الرؤية‪،‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫يغي فيه شيئا‪.‬‬
‫نقول إن التعلم يشكل بنية فوقية تبن عىل النمو‪ ،‬دون أن يؤثر فيه أو ر‬
‫‪153‬‬
‫أما الموقف النظري الثات فهو أن التعلم يعن النمو‪ ..،‬أي ر‬
‫امياج عملية التعلم بشكل كامل وتام بعملية‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫النمو‪ ،‬وقد َّ‬
‫العمليتي‬
‫ر‬ ‫طور جيمس هذه الفكرة مخترصا عملية التعلم يف تشكيل العادات‪ ،‬دامجا ربي‬
‫ً ً‬
‫دمجا تاما‪154 .‬‬

‫بين) يؤكدون عىل أن دورات النمو تسبق دورات التعلم‪،‬‬


‫(بياج ي‬
‫ي‬ ‫فالمنظرون الداعمون للموقف األول‬
‫الذهن‪ ،‬أما المنظرون الداعمون للموقف‬
‫ي‬ ‫وأن النضج يسبق التعلم‪ ،‬وأن التدريس يجب أن يلحق النماء‬
‫النظري الثات (جيمس) فيؤكدون أن كلتا العمليتي تحدثان ر‬
‫باليامن‪ ،‬حيث تطابق عمليات النمو مع‬ ‫ر‬ ‫ي‬
‫الن يتطابق فيها شكالن هندسيان متطابقان عند‬ ‫ر‬
‫عمليات التعلم يف جميع المراحل بالطريقة نفسها ي‬
‫وضع أحدهما فوق اآلخر‪.‬‬

‫أما الموقف النظري الثالث حول العالقة ربي التعلم والنمو فيحاول التغلب عىل التطرف الذي يسم‬
‫عمليتي‬ ‫الن أسندت النمو إىل‬ ‫ر‬
‫ر‬ ‫األولي عي الجمع بينهما ببساطة‪ ،‬مثلما فعلت نظرية كوفكا ي‬
‫ر‬ ‫الموقفي‬
‫ر‬
‫ً‬ ‫ر‬
‫ابطتي تؤثر كل منهما يف األخرى‪ ،2‬وهما النضج المعتمد تماما عىل نمو الجهاز‬
‫مختلفتي ولكن مي ر‬
‫ر‬
‫العصن‪ ،‬والتعلم الذي يعد يف حد ذاته عملية نمو ‪155‬‬
‫ي‬
‫ً‬
‫فتثي عملية‬
‫فقد اتضح له أن عملية النضج تمهد لعملية محددة من التعليم وتجعل حدوثها ممكنا‪ ،‬ر‬
‫ً‬
‫التعلم بدورها عملية النضج وتدفعها قدما‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Binet‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Koffka, Growth of the Mind‬‬
‫ر‬
‫تطبيق‬ ‫وبمجرد أن يتعلم الطفل إجراء عملية معينة فإنه يفهم بعض المبادئ البنيوية الخاصة بمجال‬
‫ي‬
‫ً‬
‫تعن‬
‫مختلف عن المجال المؤسس عىل فهم المبدأ أوال‪ ،‬ومن هنا فإن خطوة تعلم واحدة لدى الطفل ي‬
‫رَ‬
‫خطوت نمو لديه‪ ،‬أي أن عملية التعلم ال تتطابق وعملية النمو‪ ،‬وهذا جانب مهم يف المجموعة الثالثة‬ ‫ي‬
‫الن ناقشناها‪( .‬النظرية الثالثة كوفكا الجشطالت) ‪160‬‬ ‫ر‬
‫من النظريات ي‬
‫الذهن المتشابه تحت رإشاف‬
‫ي‬ ‫تبي لنا اختالف المستويات الذهنية لألطفال ذوي مستوى النمو‬ ‫عندما ر‬
‫الذهن ذاته يف األصل‪ ،‬وأن المسار الالحق لتعلمهم‬
‫ي‬ ‫معلم وبمساعدته‪ ،‬اتضح لنا أنهم لم يكونوا يف العمر‬
‫ً‬
‫نسم هذا االختالف ربي مستوى الطفل يف عمر الثامنة ومستواه يف عمر‬‫ي‬ ‫إننا‬ ‫واضح‪،‬‬ ‫بشكل‬ ‫مختلفا‬ ‫أصبح‬
‫العاشة‪ ،‬أو مستواه يف عمر التاسعة ومستواه يف عمر الثامنة‪ ،‬بمنطقة النمو الوشيك‪ ،‬أي المسافة ربي‬ ‫ر‬
‫الفعىل الذي يحدده حل الطفل للمشكالت بشكل مستقل‪ ،‬ومستوى النمو المحتمل‪ 3‬الذي‬‫ي‬ ‫مستوى النمو‬
‫البالغي أو بالتعاون مع أقران يفوقونه يف القدرات‪.‬‬
‫ر‬ ‫يحدده حل الطفل للمشكالت تحت رإشاف‬
‫‪164‬‬

‫يفيض وجود طبيعة اجتماعية محددة وعملية نمو عاشها الطفل ضمن الحياة‬ ‫البشي ر‬
‫فالتعلم ر‬
‫الن تتجاوز‬‫ر‬ ‫ر‬
‫الن يضمنها محيطه‪ ،‬حيث يمكن لألطفال محاكاة مجموعة متنوعة من اإلجراءات ي‬ ‫الفكرية ي‬
‫ماع‬
‫حدود قدراتهم الخاصة‪ ،‬كما تمكنهم المحاكاة من اإلقدام عىل أفعال متنوعة ضمن النشاط االجت ي‬
‫البالغي‪.‬‬
‫ر‬ ‫بإشاف من أحد‬‫لهم أو ر‬
‫لتغييها المنظور الكامل حول العالقة ربي التعلم‬ ‫الن تبدو بسيطة للغاية‪ ،‬أهمية بالغة‬ ‫ر‬
‫ر‬ ‫ولهذه الحقيقة‪ ،‬ي‬
‫جذريا‪ ،‬فما تضمنه من نتائج ر‬‫ً‬ ‫ً‬
‫تغي االستنتاجات المستخلصة من‬ ‫يقتض ر‬
‫ي‬ ‫مباشة‬ ‫تغيا‬
‫والنمو لدى األطفال ر‬
‫االختبارات التشخيصية للنمو‪169 .‬‬

‫من كتاب‪ :‬نظرية النمو والتعلم فيغوتسك‬

‫‪Potential Development Level 3‬‬

You might also like