You are on page 1of 5

‫‪1.

‬‬ ‫هعوائق التواصل العاطفي مع الطفل‬

‫يمكن أن نُحدد خمسة عوائق تحول دون نجاح العملية التواصلية على المستوى البيداغوجي؛ فهناك عائق‬
‫المربي (المرسل)‪ ،‬وعائق الطفل (المتلقي)‪ ،‬وعائق اللغة (القناة)‪ ،‬وعائق الطريقة التربوية (المنهاج)‪ ،‬وعائق‬
‫‪.‬الفضاء التربوي (اللوجستيك)‬

‫‪:‬عائق المربي ‪1-‬‬

‫ُشكل‬
‫الخطاب‪ ،‬و ُمر ِسل العاطفة في أثناء العملية التواصليَّة‪ ،‬وبالتالي فهو ي ِ‬
‫إن المربي هو ال ُمر ِسل‪ُ ،‬مر ِسل ِ‬
‫عنصرا أساسيًّا في هذه العملية‪ ،‬والحديث عن المربي كعائق ِمن عوائق التواصل البيداغوجي يُحيلنا‬
‫ً‬
‫بالضرورة إلى الحديث عن مجموع العوامل المؤثِرة في المربي‪ ،‬والتي ت َحول دون قيامه بالدور المطلوب‪،‬‬
‫وبالتأمل في وظائف المربي وواقعه يمكن أن نُحدِد أربعة مجاالت ت َتراكم فيها المشاكل التي ت َحول دون نجاح‬
‫صليَّة‬
‫‪.‬العملية التوا ُ‬

‫فهناك عوامل نفسية وأخرى اجتماعية تؤثر سلبًا على المربِي‪ ،‬وتحول دون أدائه التربوي‪ ،‬عامل من قبيل‬
‫اضطرابات نفسية نتيجة‬
‫ِ‬ ‫ان ِعدام الرغبة في القيام بهذا الدور؛ نتيجة ترا ُكمات سلبيَّة على مستوى نفسي أو‬
‫مشاكل اجتماعية عائلية أو أُسرية…‪ ،‬كما تُعتبر قضية التكوين من أهم القضايا التي يجب ُمراعاتها في أي‬
‫مرب مسؤول يَعرف دوره التربوي‬
‫ٍّ‬ ‫حديث عن المربي؛ ألنه – بصراحة شديدة – ال يُمكن أن نتحدَّث عن‬
‫وخطورته على مستوى تنشئة األجيال‪ ،‬بما هي عملية َحضارية بالدرجة األولى‪ ،‬دون أن يكون عنصر‬
‫حاضرا في ذهنه وفي أولوياته‪ ،‬ولع َّل ُمجمل المشاكل التي يتخبَّط فيها قطاع التعليم َّ‬
‫األولي جزء منها‬ ‫ً‬ ‫التكوين‬
‫ً‬
‫جاهًل بالمنهاج التربوي‪،‬‬ ‫راجع إلى ضعف التكوين‪ ،‬وبالتالي فالمربي إذا كان أميًّا في المجال التربوي‪،‬‬
‫األمرين‬
‫َّ‬ ‫صل البيداغوجي‪ ،‬فأكيد أنه سيُعاني‬ ‫ً‬
‫جاهًل بمناهج التوا ُ‬ ‫ً‬
‫جاهًل باألسس السيكولوجية لتربية الطفل‪،‬‬
‫صل العا ِطفي مع الطفل‪ ،‬وإلى جانب التكوين ت َبرز كذلك قضية األخًلق الحميدة‬
‫في معالجة إشكالية التوا ُ‬
‫الواجب تو ُّفرها في المربي‪ ،‬وإال ففاقد الشيء ال يُعطيه‪ ،‬وتبرز أهمية هذه القضية في كون أن األخًلق‬
‫أساس َمتين في نجاح العملية التربوية؛ إذ بدون ضمير حي ٍّ ومشاعر نبيلة تجاه األطفال‪ ،‬وإحساس عميق‬
‫بالمسؤولية ال ُملقاة على عاتقه‪ ،‬فإنه من الممكن وبشكل جازم أن نَحكم على العمليَّة التربوية بالفشل من أولها؛‬
‫المدرس بالطفل المبنية على السلطة وعلى المادة الدراسية فقط‪ ،‬والعًلقة التي‬
‫ِ‬ ‫يقول محمد اعليلوش‪“ :‬فعًلقة‬
‫المدرس تسفر عن نتائج سلبية؛ منها‪ :‬ضعف المردوديَّة‪ ،‬وضعف‬‫ِ‬ ‫ت َعتبر التلميذ أقل قيمة إنسانيَّة من‬
‫صل‪ ،‬وكذلك شعور الطفل بالعدوانية”[‪ ،]1‬ويُضيف‪“ :‬وال يكفي للمدرس أن يَحمل معه إلى القسم محفظة‬ ‫التوا ُ‬
‫مملوءة بالمراجع والجذاذات‪ ،‬بل ِمن الضروري أن يحمل معه الحنان والمحبة وال ُمعا َمًلت اإلنسانية ً‬
‫أوال قبل‬
‫سن هي بحاجة إلى ذلك‪ ،‬وهنا نتذكر ما قاله‬
‫والخبرة؛ ألنه بصدد التعامل مع كائن بشري‪ ،‬وفي ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫المعرفة‬
‫سقراط عن أحد تًلمذته‪“ :‬ماذا يُمكنني أن أعلمه طالما ال يُحبني؟”[‪ ،]2‬كما أن المدخول المادي للمربي يُعتبر‬
‫قار س َيتيه المربي في‬ ‫ً‬
‫محفزا أساسيًّا لعطاء المربي وبذله المجهود في دوره التربوي‪ ،‬وبدون مدخول مادي ٍّ‬
‫‪.‬مشاكله االجتماعية‬

‫ولكي يكون االستجواب أداة لتواصل أفقي حقيقي ال ب َّد ِمن أن يَحرص األستاذ على توفير الشروط‬
‫‪[3]:‬والضمانات التالية لبعث الحيوية في الدرس‬

‫‪.‬تفكيك المعاني وعدم االكتفاء باإلطًلقات والعموميات والعبارات الفضفاضة والمعاني الرجراجة ♦‬

‫‪.‬تجزئة األسئلة وضمان ترابطها وفق تدرج منطقي معقول ♦‬

‫اإلصغاء إلى التًلميذ‪ ،‬وحملهم على تنويع اإلجابات‪ ،‬واستخراج ما لديهم من أفكار وتصورات‪♦ ،‬‬

‫‪.‬عدم االكتفاء باإلجابة الواحدة ولو كانت صائبة ♦‬

‫الحرص على تغليب المعلومة الشفوية على المعلومة الكتابية؛ حتى ال يثقل كاهل أطفاله بكثرة النقل ♦‬
‫صل الحقيقي‬
‫‪.‬والكتابة‪ ،‬فيَعوقهم عن النشاط الذهني‪ ،‬وعن المشاركة الفاعلة‪ ،‬وممارسة التوا ُ‬

‫‪:‬عائق الطفل ‪2-‬‬

‫المتلقي‪ ،‬فهو اآلخر يعرف مشاكل قد تحول‬


‫ِ‬ ‫قد تكون العملية التواصلية مع الطفل ُمنعدمة بسبب خلل في‬
‫بالضرورة دون استقبال جيد لما يُحاول المربي إرساله إليه‪ ،‬ويُمكن تلخيص المشاكل التي يعاني منها الطفل‬
‫‪:‬فيما يلي‬

‫األولي؛ حيث إن الدراسة السيكولوجية لهذا‬


‫الصدمة النفسية األولى لدى أول دخول إلى مؤسَّسة التعليم َّ‬
‫الحدث تُشير إلى أن الطفل يَعتبر هذا الفعل من قبل وال َديه نو ً‬
‫عا من الخيانة؛ حيث ت َخلو عنه‪ ،‬ورموه إلى أيا ٍّد‬
‫ضا استحقاقات الكبت النفسي الذي يشتغل عند الطفل لدى ُمواجهته‬ ‫غريبة قد تُؤذيه َّ‬
‫شر األذية‪ ،‬وهناك أي ً‬
‫اضطهاد أسري كما هو واقع حال‬‫ِ‬ ‫مثًل إذا كان يعاني من‬‫المصاعب النفسيَّة التي ت َحدث له في األسرة‪ً ،‬‬
‫الكثير من األسر الجاهلة باألسس النفسية لتربية الطفل؛ حيث ال يدري الوالدان عواقب اإلرغام واالستهزاء‬
‫بمشاعر الطفل‪ ،‬وإهمال حاجاته الوجدانية من الحب والعطف‪ ،‬ومن تجاهل أحاسيسه وتفكيره التي كان من‬
‫المفروض االهتمام بها‪ ،‬إضافة إلى عزوف الطفل عن موضوع التعلم‪ ،‬انتقاله إلى القسم الموالي رغم ضعف‬
‫تحصيله في المادة‪ ،‬أنانيته التي تؤدي به إلى عدم اإلنصات للحوار‪ ،‬وفي هذه الحالة يصعب إشراكه ألنه‬
‫ليس له استعدادات للتواصل‪ ،‬فقناعته بهذه الفكرة تحول دون تواصله مع اآلخرين من االستفادة وتبادل‬
‫األفكار من أجل بلوغ وتحقيق كفايات التعلم والمساهَمة في إنجاح مشروع مشترك يتطلب حت ًما تضافر جهود‬
‫‪[4].‬ألعضاء جماعة الفصل‬

‫‪:‬عائق اللغة ‪3-‬‬

‫اللغة ترتبط ارتبا ً‬


‫طا حمي ًما بالتفكير ما دمنا نستخدمها لنقل أفكارنا إلى اآلخرين‪ ،‬وهذا يتطلب أن ترتبط‬
‫الرموز كلمات كانت أو إشارات مع األشياء واألفعال والصفات وغيرها مما نحتفظ به في عقولنا‪ ،‬وبمعالجة‬
‫هذه الرموز نستطيع أن ننقل األفكار من عقولنا إلى عقول اآلخَرين‪ ،‬فيجب أن يكون هناك تطابق في الرموز‬
‫يتداوالن نفس الدالالت والمعاني‬
‫َ‬ ‫المتداولة بين المرسل والمتلقي‪ ،‬وأن يتأ َّكدا عند بداية نقاشها ِمن أنَّهما‬
‫لموضوع التعلُّم‪ ،‬وللرسالة التي يُريدان فك رموزها وربط التواصل بواسطتها[‪ ،]5‬فالخطاب المتعالي على‬
‫فهم وإدراك الطفل يَ حول دون تواصل بيداغوجي جيد مع الطفل‪ ،‬كما أن مشكلة ازدواجية اللغة قد تثير‬
‫مشاكل لدى بعض األطفال الذين ال تستوعب قدراتهم الذهنية مثل هذه الوثيرة من التواصل‪“ ،‬وعلى الرغم‬
‫ُحولها‬
‫من المظهر االجتماعي للغة‪ ،‬فإن اختراقها أيديولوجيا يَجعلها أداة للصراع الطبقي والفكري بامتياز‪ ،‬وي ِ‬
‫إلى سلطة رمزية فارضة‪ ،‬تسعى إلقامة أنظمة معرفية محدَّدة سلفًا‪ ،‬وإعطائها الشرعية التي تؤهلها إلقصاء‬
‫أنظمة أخرى أو إخضاعها”[‪ ،]6‬يتَّضح لنا من خًلل هذه الفكرة أن اللغة وإن كانت في األصل ذات طابع‬
‫توظف إلقصاء فكر معين أو إخضاعه‪ ،‬وهذا‬ ‫َّ‬ ‫اجتماعي يتداولها الناس من أجل التفاهم والتقارب‪ ،‬فإنها قد‬
‫بالضبط ما يقوم به المدرس؛ فهو يوجه للطفل عبارات وصيغ تركيبية‪ ،‬ال يح ُّل شفرتها إال هو‪ ،‬والهدف من‬
‫هذا هو إبهار الطفل بشرح مستفيض ومطول يصبح سببًا في سهوه وعزوفه عن موضوع التعلم‪ ،‬ونحن‬
‫ُبين من خًللها أنه‬
‫ضح ِمن الكفايات التي يجب أن يمتاز بها المدرس؛ ألنه ي ِ‬ ‫نَعتبر توظيف أسلوب َم ِرن ووا ِ‬
‫وظف المدرس‬ ‫قام بتحليل ديداكتيكي جيد وحول المعرفة العالمة إلى معرفة دراسية يستوعبها الطفل‪ ،‬فكلَّما َّ‬
‫مصطلحات سهلة وأسلوبًا جذابًا كلَّما بيَّن قدرته على التواصل واحترامه لإلطار المرجعي لألطفال‬
‫‪[7].‬ولتمثًُّلتهم‬

‫‪:‬عائق الطريقة التربوية ‪4-‬‬

‫دورا سلبيًّا في منظور دعاة النموذج الحديث في التربية والتعليم‪ ،‬وتكمن العناصر‬
‫يلعب النموذج التقليدي ً‬
‫‪[8]:‬السلبية في هذا النمط من التربية والتعليم حسب نقد محمد الدريج فيما يلي‬

‫فعلى مستوى األهداف‪ :‬نجد غيابًا ملحو ً‬


‫ظا لألهداف التربوية‪ ،‬الله َّم إال إذا استثنَينا الحفظ واالستِظهار‪♦ ،‬‬
‫وعلى مستوى المواد وال ُمحتويات فتُعتبر المواد في النموذج التقليدي حقائق ثابتة ودائمة وغير قا ِبلة للنِقاش‪،‬‬
‫المدرس في النمط التقليدي يُحاط بهالة من التقدير واالحترام والتقديس‪ ،‬ويظل الطفل بصفة عا َّمة في‬ ‫ِ‬ ‫أما‬
‫غلوال إلى َمقعدِه دون حركة لفترة طويلة‪ ،‬يتل َّقى خًللها ما اجتهد المدرس‬‫إطار هذا النموذج التقليدي مقيدًا َم ً‬
‫يقوي لديه الشعور بالخضوع والخنوع واالستسًلم‪ ،‬أما طريقة‬
‫في تحضيره من علوم ومعارف وجودة‪ ،‬مما ِ‬
‫التدريس في النموذج التقليدي فيتلخص في نشاط المدرس ويتركز بالخصوص في الشرح واإللقاء؛ وذلك‬
‫ألداء وظيفة أساسية وهي نقل المعلومات والسهر على حفظها وترسيخها في أذهان األطفال‪ ،‬ويتلخص نشاط‬
‫الطفل في هذا النمط في ثًلثة أنشطة أساسية هي‪ :‬فهم المحتويات التي يَعرفها المدرس‪ ،‬ح ْفظ هذه المحتويات‬
‫وعند الضرورة أو في الوقت المناسب يقوم الطفل باستِظهارها واسترجاعها بدقة وأمانة‪ ،‬وكلما كان دقيقًا‬
‫‪.‬ازدادت حظوظ تقويمه ونجاحه‬

‫أما على مستوى التقويم ونظام التحفيز فيسود أسلوب االختبارات واالمتحانات كطريقة وحيدة في التقويم‪♦ ،‬‬
‫‪.‬أما التحفيز فيرتكز على طبيعة النتائج‬

‫‪:‬ويسير نمط التواصل في النموذج التقليدي في خط واحد في اتجاه واحد على الشكل التالي‬
‫حيث نًلحظ انعدام الفيدباك (التغذية الراجعة) وذلك من خًلل الخصائص التالية‪ :‬االتجاه األحادي “الذي‬
‫يسلب المتعلم حريته ويحرمه من التفكير والرؤية الواضحة للمعطيات التي يستقبلها ويحتفظ بها في ذاكرته‬
‫المتعلم من إحساسه بانتمائه إلى جماعة الفصل وال يسمح له بإثبات ذاته‪،‬‬
‫ِ‬ ‫إلى غاية إرجاعه‪ ،‬كما يحرم‬
‫فالحاجة إلى الحب واالنتماء من الحاجات الوجدانية التي تُساعد الفرد على تقدير ذاته‪ ،‬والتعايش مع اآلخرين‬
‫من أجل التمييز بين مختلف أمور حياته العملية”[‪ ،] 9‬الذي يتخذه سير الخبر أو االتصالية انعدام مشاركة أو‬
‫المتلقي في الرسالة‪ ،‬حيث تطغى المعادلة‪ :‬األستاذ يشرح‪ ،‬والطفل يُنصت ‪ /‬الطفل يَستظهر واألستاذ‬
‫ِ‬ ‫إسهام‬
‫والمتلقي‪ ،‬وقد أكد هذا أحد الباحثين‬
‫ِ‬ ‫يسأل‪ ،‬ضعف التفاعًلت وخاصة على المستوى الوجداني ما بين ال ُمر ِسل‬
‫صل‬‫حين قال‪“ :‬النموذج المتمركز حول المدرس‪ :‬هو نموذج تقليدي يسمح للمدرس بالتح ُّكم في فعل التوا ُ‬
‫للمتعلمين‪ ،‬بغية استِهًلكها وت َخزينها‪ ،‬وإعادتها عندما يطلب‬
‫ِ‬ ‫البيداغوجي‪ ،‬بهدف تبليغ معارف ومعلومات‬
‫منهم ذلك”[‪ ،] 10‬فعندما يجعل المدرس من نفسه المحور األساسي الذي تتمركز حوله عملية التعليم‪ ،‬فإنه‬
‫يحتكر عملية التواصل لصالحه‪ ،‬وال يدع المجال للتًلميذ كي يتبا َدلوا أطراف الحديث بينهم‪ ،‬وتنعدم‬
‫التفاعًلت بينهم‪ ،‬وبهذا تصبح األهداف الوجدانية (المشاركة في مشروع جماعي – مساعدة الغير…)‬
‫منعدمة‪ ،‬يقول بياجي‪“ :‬ال يمكن أن يتكون إ ًذا نشاط فكري حقيقي على شكل حركات تجريبية وأبحاث تلقائية‪،‬‬
‫حر بين األفراد‪ ،‬يعني في نمط التًلميذ أنفسهم بينهم‪ ،‬وليس فقط في نمط المعلم والتلميذ”[‪،]11‬‬
‫دون تعاون ٍّ‬
‫صل مع التًلميذ‪ ،‬فهو يقوم فقط بإيصال الخطاب‬ ‫ويقول فرايري‪“ :‬إن المربي عوض أن يحاول التوا ُ‬
‫التصور البنكي للتربية‪ ،‬وحسب هذا التصور‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫(الودائع) يطلب من التًلميذ حفظها وترديدها بشكل شغف‪ ،‬إنه‬
‫ليتحولوا بذلك‬
‫َّ‬ ‫فإن فرصة العمل التي تتاح للتًلميذ‪ ،‬هي استقبالهم للودائع قصد االحتفاظ بها وتصنيفها؛‬
‫وبحرية إلى جامعين أو مصنفين”[‪ ،] 12‬فعندما ال يقبل المدرس إال الجواب الذي هيَّأه‪ ،‬فإن هذا التصرف‬
‫يخلق لدى التلميذ االرتباك ويولد عنده عدة عقد نفسيَّة تؤثِر على تكوين شخصيته منها‪ :‬عدم الثقة بالنفس‪،‬‬
‫الخجل واالنطواء على نفسه‪ ،‬عقدة النقص‪ .‬ويقول أحد الباحثين عن هذا النوع من األسئلة‪“ :‬إن الجدل‬
‫التربوي القائم بين األستاذ ومجموعة من التًلميذ بواسطة تقنية المساءلة يسمح لألول (األستاذ) بأن ينقل‬
‫إليهم (التًلميذ) معارف و معلومات‪ ،‬دون تكوين وعي واضح بالمشاكل الخاصة بمجموعة التًلميذ‪ ،‬وكذا‬
‫‪”[13].‬األهداف المتوخاة‪ ،‬ودون استحضار مبادراتهم ونشاطهم الخًلق‬

‫‪:‬عائق الفضاء ‪5-‬‬

‫دورا سلبيًّا في العملية التواصلية؛ حيث نجد أغلب المؤسسات تتوفَّر على غرف‬
‫يعلب الفضاء التربوي ً‬
‫صغيرة يكدس فيها ا ألطفال؛ بحيث يصعب على المربي التواصل المباشر مع الطفل‪ ،‬فكثرة الضجيج الذي‬
‫المتعلمين المرتفع ال‬
‫ِ‬ ‫يعم الفصل الدراسي‪ ،‬وخاصة أن تدخًلت التًلميذ تكون في أغلبها جماعية‪ ،‬كما أن عدد‬
‫ألن الحصة الدراسية ال تسمح بذلك‪ ،‬ومعلوم كم‬‫ُعبر عن فكرته أو يبدي رأيه؛ َّ‬
‫َيسمح لكل واحد منهم أن ي ِ‬
‫صل المباشر مع الطفل من أهمية في نَسج عًلقات المودَّة بين الطرفين بالشكل الذي يدفع العملية‬
‫يشكل التوا ُ‬
‫ِ‬
‫التواصليَّة إلى أبعد الحدود‪ ،‬يقول أحمد أوزي في هذا اإلطار‪ “ :‬لقد غدا التًلميذ غرباء فيما بينهم أمام كثرة‬
‫كبيرا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مشكًل وعائ ًقا تربويًّا‬ ‫عددهم في المؤسَّسة الواحدة‪ ،‬كما غدت نسبتهم الكثيرة في القسم الواحد ت ُ ِ‬
‫شكل‬
‫صل والتفاهم مع المدرسين‪ ،‬وهذا األمر أثر بدون شك على تفقير العًلقة التربوية التي َيشكو منها‬
‫على التوا ُ‬
‫…العديد من التًلميذ بينهم وبين المدرسين‬

You might also like