Professional Documents
Culture Documents
مكفرات الذنوب ٢ بينونة
مكفرات الذنوب ٢ بينونة
!
احلمــد هلل رب العاملــن ،والصــاة والســام على خاتم
النبييـــن ،وأشــهد أن ال إلــه إال هللا ،وحــده ال شــريك لــه،
ً
وأشــهد أن محمــدا عبــده ورســوله ،وبعــد:
معصيــة ،فــا يســلم مــن ٍ *فــإن العبــد ال خيلــو مــن
ٌ
هــذا النقــص أحــد مــن بــي آدم ،واملعصــوم مــن عصمــه
هللا ،ففــي احلديــث الصحيــح«:كل بــي آدم خطــاء،
وخــر اخلطائــن التوابون»(((*وإنمــا يتفــاوت البشــر
ً
يف املقاديــر ،ومــن تفقــد نفســه وجدهــا مشــحونة بهــذا
النقــص ،فــإذا ُو ِّفــق انبعــث منــه خــوف ،فرجــع فـ ًّ
ـارا إىل
ـال يطلــب النجــاة مــن عقوبــات الذنــوب ،وعلــم هللا َت َعـ َ ٰ
أن لــه ًّربــا يغفــر الذنــوب ،فتــاب وأناب،قــال رســول هللا
ــال :مــن Hفيمــا يرويــه عــن ربه«:قــال هللا َت َع َ ٰ
علــم أين ذو قــدرة علــى مغفــرة الذنــوب؛ غفــرت لــه وال
ً
أبــايل ،مــا لــم يشــرك يب شــيئ�ا»((( .فــإذا رجــع العبــد إىل
ً َّ َّ
ربــه َعــز َو َجــل وجــد بــاب مكفــرات الذنــوب مفتوحــا على
.1التوبة النصوح.
.2االستغفار.
.3احلسنات الماحية وأعظمها التوحيد.
.4دعاءاملالئكة و املؤمنني للعبد.
.5املصائب املكفرة يف حياته.
❋وأما الخمس التي في اآلخرة فهي:
بعــد موتــه.
.4شــفاعة النيبHوغــره مــن املالئكــة
والشــهداء وغريهــم.
َّ َّ
.5رحمة أرحم الراحمني َعز َو َجل.
فإلــى ســرد للمكفــرات العشــر بالتفصيــل ،مــع ذكــر
-1التوبة النصوح:
َ َّ َ ً
للا ت ْو َبــة قــال هللا َت َع َ ٰ َ َ ُّ َ َّ َ َ ُ ُ ُ
ال﴿:ياأيهــا ال ِذيــن آمنــوا توبــوا ِإل ِ
َ ُّ ُ ْ َ ْ ُ َ ِّ َ َ ْ ُ ْ َ ِّ َ ُ ْ َ ُ ْ َ ُ ْ َ َّ َ ُ ً َ
ـاتنصوحــا عـ َـى ربكــم أن يكفــر عنكــم ســيئ ِ�اتكم ويد ِخلكــم جنـ ٍ
ــال﴿:إ َّل َم ْ
ــن ال ْن َه ُار﴾[التحريــم،]8 :وقــال َت َع َ ٰ ْ َْ َ َْ
ْت ِــري ِمــن ت ِتهــا
َ
ِ
َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ً َ ً َُ َ َ
ــك ُي َبــ ِّ�د ُل َّ ُ
للا َس ِّــيئ ِ�ات ِه ْم تــاب وآمــن وع ِمــل عمــا ص ِالــا فأول ِئ
للا َغ ُف ً ََ َ
ان َّ ُ َ َ َ
ــورا َر ِح ًيما﴾[الفرقــان.]70 : ات وك
حســن ٍ
❖ والتوبــة النصــوح هــي اإلقــاع عــن الذنــب يف
احلــال ،والنــدم عليــه ،والعــزم علــى عــدم العــودة إليــه،
والعــزم علــى فعــل المأمــور والزتامــه ،وإن كان الذنــب يف
حــق آديم؛ فالتحلــل منــه .والتوبــة النصــوح البــد مــن
الصــدق فيهــا ،واإلخــاص ،وتعميــم الذنــوب بهــا ،وهــي
واجبــة علــى الفــور بإجمــاع العلمــاء.
مكفـــرات الذنــوب 9
❖ فالواجــب علــى العبــد أن يتــوب إىل هللا توبــة عامــة
ممــا يعلــم مــن ذنوبــه ،وممــا ال يعلــم؛ ولذلــك كان مــن
دعائــه ..«:Hاللهــم اغفــر يل مــا قدمــت ومــا
أخــرت ،ومــا أســررت ومــا أعلنــت ،ومــا أنــت أعلــم بــه
(((
مــي ،أنــت إلهــي ،ال إلــه إال أنــت»
❖ والتوبــة تكــون مــن تــرك الواجبــات والمأمــورات،
معــا ،وتكــون بالتحلــل وتكــون مــن الصغائــر والكبائــر ً
مــن حقــوق اآلدميــن ،أو أداء تلــك احلقــوق إليهــم،
ويف ذلــك يقــول «:Hمــن كان ألخيــه عنــده
مظلمــة مــن مــال أو عــرض ،فليتحللــه اليــوم قبــل أن ال
يكــون دينــ�ار أو درهــم إال احلســنات والســيئ�ات»((( .
فالتوبــة مــن أهــم مكفــرات الذنــوب باآليــات الســابقة،
(((
وحلديث«:التائــب مــن الذنــب كمــن ال ذنــب لــه»
-2االستغفار:
فــإن مــن اســتغفر هللا َت َع َ ٰ
ــال غفــر لــه :قــال هللا
«أنــا قيــدت عبــدي هــذا وابتليت ـ�ه ،فأجــروا لــه مــا كنتــم
ُ
تــرون لــه قبــل ذلــك مــن األجــر ،وهــو صحيــح»(، ((2
قــال ابــن عبــد الــر« :الذنــوب تكفرهــا املصائــب واآلالم
واألمــراض ،وهــذا أمــر مجتمــع عليــه» (.((2
وقــال رســول هللا «:Hمــا يصيــب املســلم مــن
ـزن ،وال أذى ،وال غـ ٍّـم، َ ٍّ
ـب ،وال هــم ،وال حـ ٍ ـب ،وال وصـ ٍ
نصـ ٍ
حــى الشــوكة يشــاكها إال كفــر هللا بهــا خطايــاه»(. ((2
وقــال «:Hمــا يــزال البــاء باملؤمــن واملؤمنــة
يف نفســه وولــده ومالــه ،حــى يلقــى هللا َت َعـ َ ٰ
ـال ومــا عليــه
خطيئ ـ�ة»(.((2
وقــال «:Hمــا مــن مســلم يصيبــ�ه أذى مــن
مــرض فمــا ســواه ،إال حــط هللا بــه ســيئ�اته ،كمــا حتــط
الشــجرة ورقهــا»( ، ((2والنصــوص يف تكفــر املصائــب
ًّ
للذنــوب كثــرة جــدا.
( :((2أحمد وغريه صحيح اجلامع ()4300
( :((2التمهيد ( )26/23
( :((2متفق عليه
(:((2ت .حــم .ك صحيــح جلامــع ( ،)5815صحيــح ســن الرتمــذي
( )286/2
( : ((2متفق عليه ،خ (،)5647م( )2571
مكفـــرات الذنــوب 17
-6االبتالء عند الموت وفي البرزخ:
ْ ُ ُ َ َ ْ
ــم َيقولــون َر َّبنــ�ا اغ ِف ْــر ــاءوا م ْ
ــن َب ْع ِد ِه َ َّ َ َ
ــال﴿ :وال ِذيــن ج ُ ِ
َ َ َ ْ َ َ َّ َ َ َ ُ َ ْ
ال َيم ِان﴾[احلشــر ،]10 :وقولــه لنــا و ِ ِلخوا ِننــ�ا ال ِذيــن ســبقونا ِب ِ
«:Hاســتغفروا ألخيكــم ،وســلوا لــه التثبيــت،
فإنــه اآلن ُيســأل»( ، ((3وكذلــك صــاة اجلنــازة غالبهــا
دعــاء للميــت واســتغفار له،فالدعــاء للميــت مــن
مكفــرات الذنــوب ،ومــن أســباب رفــع الدرجــات.
قــال ابــن أيب العــز -شــارح الطحاوية«:-أثــى هللا
علــى املؤمنــن باســتغفارهم للمؤمنــن قبلهــم ،فــدل
علــى انتفاعهــم باســتغفار األحيــاء ،وقــد دل علــى انتفــاع
امليــت بدعــاء األحيــاء لــه :إجمــاع األمــة علــى الدعــاء لــه
يف صــاة اجلنــازة»(. ((3
❖أمــا يف بقيــة العبــادات والقربــات ،وهــل يصــل
ثوابهــا إىل األمــوات لينتفعــوا بهــا ،وتكــون ســبب�ا لتكفــر
ســيئ�اتهم ورفــع درجاتهم؛فقــد اختلــف العلمــاء علــى
أقــوال ثالثــة:
❋القــول األول :أن األمــوات ينتفعــون مــن ســعي
( :((3صحيح اجلامع ،أبو داود
( ،)666/2( :((3وكذلــك حكــى اإلجمــاع ابــن تميمــة ،وابــن كثــر يف
تفسريه ( )259/4
20 مكفـــرات الذنــوب
عــن امليــت.
قضــاء الديــن عنــه مــن أي شــخص وليــا كان أو .2
غيــره:
إن أيب مــات وتــرك مــال ،ولــم يــوص ،فهــل يكفــر عنــه
أن أتصــدق عنــه؟ قــال« :نعــم» ،ويف صحيــح البخــاري
( )2581عــن ابــن عبــاس ،أن امــرأة جــاءت إىل النــي
،Hفقالــت :إن أيم نــذرت أن حتــج فلــم حتــج
حــى ماتــت ،أفأحــج عنهــا؟ قــال« :نعــم حــي عنهــا،
أرأيــت لــو كان علــى أمــك ديــن أكنــت قاضيتــ�ه؟ .»..
❖ قــال الشــوكاين« :Vوأحاديــث البــاب تــدل علــى
أن الصدقــة مــن الولــد تلحــق الوالديــن بعــد موتهمــا،
ويصــل إليهمــا ثوابهمــا ،فيخصــص بهــذه األحاديــث
َ َ َٰ ََ ْ َْ َ
ـس ل ْل ْن َسـ َّ َ َ َ
ـان ِإ ل مــا ســعى﴾[النجم:
ِ عمــوم قولــه تعــال﴿:وأن ليـ ِ ِ
،]39وأمــا مــن غــر الولــد ،فالظاهــر أنــه ال يصــل ثوابــه إىل
امليــت. ((4(»..
* قــال الشــيخ األلباين«:ُVوهــذا هــو احلــق الــذي
تقضيــه القواعــد العلميــة ...وذهــب بعضهــم إىل قيــاس
غــر الولــد ،وهــو قيــاس باطــل مــن وجــوه:
❋األول :أنه مخالف للعموميات القرآني�ة.
❋الثاني :أنه قياس مع الفارق.
ـس ﴿و َأ ْن َل ْيـ َ ينتفــع مــن عمــل األحيــاء ،ومنهــا قولــه َت َعـ َ ٰ
ـالَ :
َ َ َّ
﴿و َمـ ْـن تزكــى الَ : ِل ْل ْن َسـ ِـان إ َّل َمــا َسـ َـعى﴾[النجم ،]39 :وقولــه َت َع َ ٰ
ِ ِ
َْ َ َ َّ َ َّ
ف ِإن َمــا َيتكــى ِلنف ِسـ ِـه﴾[فاطر .]18 :وقــد جــاءت الســنة النبويــة
الفاحتــة علــى روح فــان ،أو غريهــا مــن العبــادات الــي ال
وغيرهــم: