You are on page 1of 274

‫كتاب دوري ي�صدر عن جم ّلة «�شعائر»‬

‫‪6‬‬

‫جملة �شهر ّية تُعنى باملعرفة الدين ّية الإ�سالم ّية والثقافة الأخالق ّية‬
‫ت�صدر عن املركز الإ�سالمي يف بريوت‬
‫فهر�س املحتويات‬
‫‪12‬‬ ‫تقدي م‬
‫‪14‬‬ ‫ ‬ ‫افتتاح الضيافة ‬
‫ ‬ ‫( ‪ ) 1‬شهر رمضان مراسم‬
‫ُ‬
‫‪15‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ضيافة اهلل ‬ ‫ ‬ ‫ ‬
‫‪15‬‬ ‫ ‬ ‫* والشياطني مغلولة ‬
‫ّ‬
‫‪16‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ أعمال الليلة األوىل‬
‫‪17‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫انلار!‬
‫العتق من ‬ ‫ ‬
‫خول إىل ضيافة ّ‬ ‫أدب ّ‬ ‫ُ‬
‫‪18‬‬ ‫ ‬ ‫الرمحن‬ ‫ادل ‬ ‫*‬
‫‪18‬‬ ‫ ‬ ‫* ادلاعء عند رؤية اهلالل ‬
‫َ ّ‬ ‫ُ‬
‫‪19‬‬ ‫ ‬ ‫احلكة ‬ ‫عالج‬ ‫* الغسل‪ :‬‬
‫ُ‬
‫‪20‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫الشكر‬
‫ ‬ ‫* صالة‬
‫فاستقبل َ‬ ‫َ‬
‫‪20‬‬ ‫ ‬ ‫الشهر بالقرآن ‬ ‫*‬
‫ّ‬ ‫َ ُ‬
‫‪20‬‬ ‫ ‬ ‫االستغفار وادلاعء ‬ ‫ ‬ ‫* كرثة‬
‫ّ ّ‬
‫‪20‬‬ ‫ ‬ ‫* زيارة سيد الشهداء خ ‬
‫ّ ّ‬
‫‪21‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫شهر؟‬ ‫أول لك ‬ ‫* ‬
‫ّ‬
‫‪21‬‬ ‫ ‬ ‫يلة األوىل ‬ ‫* أدعية الل ‬
‫ّ‬
‫‪24‬‬ ‫ ‬ ‫العامة لليايل ‬ ‫* األدعية ‬
‫ّ‬
‫‪24‬‬ ‫ ‬ ‫* صالة الليلة األوىل ‬
‫ّ‬
‫‪25‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫اللقمة احلالل ‬ ‫ ‬
‫‪27‬‬ ‫ ‬ ‫العامة لليوم ّ‬
‫األو ل‬ ‫األعمال ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪32‬‬ ‫ ‬ ‫من أيام شهر رمضان‬ ‫األعمال العامة للك يوم ‬
‫ّ‬
‫‪34‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫اخلاصة‬
‫ ‬ ‫األعمال‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫‪48‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫يللة‬
‫أعمال لك ‬ ‫ ‬
‫ّ ً‬
‫‪48‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫اإلفطار‬
‫ ‬ ‫أوال‪:‬‬ ‫* ‬
‫‪51‬‬ ‫ ‬ ‫اإلفطار؟‬
‫ ‬ ‫الصالة‪ ،‬أو‬
‫ ‬ ‫تقديم‬
‫‪51‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫آداب اإلفطار ‬ ‫ ‬
‫َ‬
‫‪52‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫اإلفطار‬
‫ ‬ ‫ما بعـد‬ ‫ ‬
‫‪54‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫داعء االفتتاح ‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫‪56‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫يلـلة‬
‫صالة كـل ‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫‪59‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫صالة الليلة اثلانية‬ ‫ ‬
‫َّ َ‬ ‫ّ‬
‫‪59‬‬ ‫ ‬ ‫السحر‬ ‫األلك يف وقت ‬ ‫السحور‪ :‬‬
‫ُّ‬
‫‪60‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫نية الصوم ‬ ‫ ‬ ‫ ‬
‫‪61‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫‪ 2‬شهر رمضان‬ ‫ ‬
‫‪62‬‬ ‫ ‬ ‫اهلل؟‬ ‫ُ‬
‫القلب بضيافة ‬ ‫هل َ‬
‫أيقن ‬
‫َُْ َ‬ ‫َ ََ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫‪63‬‬ ‫ ‬ ‫«‪ ..‬إذا دخل شهر رمضان فأج ِهدوا أنفسكم‪»..‬‬
‫‪64‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫االستغفار ّ‬
‫وادلاعء‬ ‫ ‬
‫‪65‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫الضيافة‬
‫ ‬ ‫من أدب‬
‫ ‬
‫َ َ‬
‫‪66‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫املاكبرة‬
‫احلذر من ‬ ‫ ‬
‫ُ‬
‫‪67‬‬ ‫ ‬ ‫املعايص؟‬
‫يدخل أصحاب ‬ ‫ ‬ ‫من أين‬
‫‪67‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫اثلاين‬ ‫ ُ‬
‫داعء ايلوم ‬
‫‪68‬‬ ‫ ‬ ‫الليايل املفردة ‬
‫الغسل يف ‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫‪68‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫صالة الليلة اثلاثلة‬ ‫ ‬
‫‪69‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬
‫‪ 3‬شهر رمضان‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫‪70‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫م عىن الضيافة ‬
‫ّ ً‬
‫‪70‬‬ ‫ ‬ ‫الضيافة جمددا ‬‫من آداب ‬ ‫ ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫‪70‬‬ ‫ ‬ ‫أخرى‬
‫‪ -1‬وداع سنة واستقبال ‬
‫ّ‬
‫‪70‬‬ ‫ ‬ ‫السنة املاضية ‬‫‪ -2‬رشيط ‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫‪71‬‬ ‫ ‬ ‫حب اهلل تعاىل ‬ ‫‪ -3‬عالمة ‬
‫‪72‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫اثلالث‬‫داعء ايلوم ‬‫ ُ‬
‫ّ‬
‫‪73‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫صالة الليلة الرابعة‬ ‫ ‬
‫‪74‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫‪ 4‬شهر رمضان ‬
‫َ ْ َ ْ َ‬
‫‪75‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫حنن عليه‬‫ب ما ُ ‬ ‫ِل خت ِ‬
‫‪75‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫مراتب الصوم ‬‫ ُ‬
‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫‪76‬‬ ‫اخلواص‪ ،‬وخواص اخلواص ‬
‫ ‬ ‫صوم العوام‪ ،‬وصوم‬
‫‪78‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ونرشب‬ ‫ماذا نأكل ‬ ‫ ‬
‫‪80‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫داعء ايلوم ّ‬
‫الرابع‬ ‫* ُ‬
‫ّ‬
‫‪80‬‬ ‫ ‬ ‫* صالة الليلة اخلامسة ‬
‫‪81‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫‪ 5‬شهر رمضان ‬
‫ُ ًّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫‪82‬‬ ‫ ‬ ‫حبا نلا‬‫الرشعية تفيض ‬ ‫ ‬ ‫األحاكم‬
‫َ َ ُ ِّ‬ ‫ُ‬
‫‪82‬‬ ‫ ‬ ‫نا‪ ،‬مظهر حبه نلا‬ ‫جئ ‬
‫قضاء حوا ِ‬
‫‪82‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫اخلامس‬ ‫داعء ايلوم ‬‫ ُ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪83‬‬ ‫ ‬ ‫صالة الليلة السادسة ‬ ‫ ‬
‫‪84‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫‪ 6‬شهر رمضان ‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫‪85‬‬ ‫ ‬ ‫هل اكن استعدادنا مناسبا‬
‫ُ‬
‫بيعة اإلمام ّ‬
‫‪٨٧‬‬ ‫ ‬ ‫الرضا ×‬ ‫*‬ ‫ ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫‪87‬‬ ‫ ‬ ‫ايلوم السادس‬ ‫داعء ‬ ‫ ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪88‬‬ ‫ ‬ ‫الليلة السابعة‬‫صالة ‬ ‫ ‬
‫‪89‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫‪ 7‬شهر رمضان‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫‪90‬‬ ‫ ‬ ‫ايلوم السابع‬
‫داعء ‬ ‫ ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪90‬‬ ‫ ‬ ‫صالة الليلة اثلامنة‬ ‫ ‬
‫‪92‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫‪ 8‬شهر رمضان‬
‫ُُ‬ ‫ُ‬
‫‪93‬‬ ‫ ‬ ‫حسن اخللق‬ ‫ ‬
‫ْ‬
‫‪96‬‬ ‫نظرة يف انلّفس‪ ،‬وابليت ‬ ‫ ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫‪98‬‬ ‫ ‬ ‫داعء ايلوم اثلامن‬ ‫ ‬
‫ّ‬ ‫ُ ّ‬
‫‪98‬‬ ‫* صالة الليلة اتلاسعة ‬ ‫ ‬
‫‪99‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬‫‪ 9‬شهر رمضان‬
‫‪١٠٥‬‬ ‫ ‬ ‫داعء ايلوم اتلّاسع‬
‫ُ‬ ‫ ‬
‫ُ ّ‬
‫‪١٠٥‬‬ ‫صالة الليلة العارشة ‬ ‫ ‬
‫‪107‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫‪ 10‬شهر رمضان ‬
‫ّ ّ‬ ‫ُ ُ ّ‬
‫‪108‬‬ ‫سن الظ ِّن باهلل عز ‬
‫وجل‬ ‫ح‬
‫‪111‬‬ ‫ ‬ ‫داعء ايلوم العارش‬ ‫ ‬
‫‪111‬‬ ‫صالة الليلة احلادية عرش ‬
‫‪112‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫‪ 11‬شهر رمضان‬
‫‪113‬‬ ‫االهتمام بمعرفة يللة القدر ‬
‫‪115‬‬ ‫صالة إلدراك يللة القدر ‬ ‫ ‬
‫‪117‬‬ ‫ ‬ ‫* رؤية يللة القدر‬ ‫ ‬
‫‪118‬‬ ‫داعء ايلوم احلادي عرش ‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫‪119‬‬ ‫صالة الليلة اثلانية عرشة ‬
‫‪120‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫‪ 12‬شهر رمضان‬
‫ّ‬
‫‪121‬‬ ‫ ‬ ‫وحج بيتك احلرام‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫‪123‬‬ ‫داعء ايلوم اثلاين عرش ‬ ‫ ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪124‬‬ ‫صالة الليلة اثلاثلة عرشة ‬
‫َّ‬
‫‪124‬‬ ‫صالة الليايل ابلِيض ‬ ‫ ‬
‫‪126‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫‪ 13‬شهر رمضان ‬
‫ً‬
‫‪127‬‬ ‫ ‬ ‫وقتال يف سبيلك‬ ‫ ‬
‫‪127‬‬ ‫ ‬ ‫َّ‬
‫الفصل ادلخيل‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫‪129‬‬ ‫داعء ايلوم اثلالث عرش ‬ ‫ ‬
‫ُ‬
‫‪129‬‬ ‫ ‬ ‫داعء المجري‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫‪130‬‬ ‫صالة الليلة الرابعة عرشة ‬
‫ّ‬
‫‪130‬‬ ‫صالة الليايل ابليض ‬ ‫ ‬
‫‪131‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫‪ 14‬شهر رمضان ‬
‫ّ‬
‫‪132‬‬ ‫والدة اإلمام احلسن عليه السالم ‬
‫ّ‬
‫‪١٣٣‬‬ ‫عشية استشهاد األمري × ‬
‫ُ ّ‬
‫‪136‬‬ ‫ ‬ ‫حراجة الظرف‬ ‫ ‬
‫ُ َ‬ ‫ُّ‬
‫‪137‬‬ ‫ ‬ ‫جترع الغصص‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫‪139‬‬ ‫ ‬ ‫أـجواء الشهـادة‬ ‫ ‬
‫‪141‬‬ ‫داعء ايلوم ّ‬
‫الرابع عرش ‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫‪141‬‬ ‫أعمال الليلة اخلامسة عرشة ‬
‫‪144‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫‪ 15‬شهر رمضان‬
‫‪145‬‬ ‫ ‬ ‫شهر اإلسالم‬ ‫ ‬
‫ّ‬ ‫َّ‬
‫‪146‬‬ ‫ ‬ ‫احلقييق‬ ‫الصوم‬ ‫ ‬
‫‪149‬‬ ‫داعء ايلوم اخلامس عرش ‬
‫ُ‬
‫‪150‬‬ ‫ ‬ ‫داعء المجري‬ ‫ ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪150‬‬ ‫صالة الليلة السادسة عرشة ‬
‫‪151‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫‪ 16‬شهر رمضان‬
‫‪152‬‬ ‫معركة بدر‪ ،‬يوم الفرقان ‬ ‫ ‬
‫بعض وفاء حلمزة ّ‬‫ُ‬
‫‪١٥٤‬‬ ‫عم الرسول ح ‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬
‫‪155‬‬ ‫داعء ايلوم السادس عرش ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪156‬‬ ‫صالة الليلة السابعة عرشة ‬
‫‪157‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫‪ 17‬شهر رمضان‬
‫ّ‬
‫الصالة ّ‬
‫‪158‬‬ ‫ ‬ ‫أول وقتها‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫‪159‬‬ ‫ ‬ ‫آداب الصالة‬ ‫ ‬
‫‪161‬‬ ‫ ‬ ‫الرحم‬‫صلة ّ‬ ‫ ‬
‫‪162‬‬ ‫ ‬ ‫اجلريان‬ ‫ ‬
‫‪163‬‬ ‫ختليص املال من اتلّبعات ‬
‫‪164‬‬ ‫تطهري القلب من العداوات ‬
‫ّ‬
‫‪170‬‬ ‫داعء ايلوم السابع عرش ‬ ‫ ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪170‬‬ ‫صالة الليلة اثلامنة عرشة ‬
‫‪172‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫‪ 18‬شهر رمضان‬
‫‪173‬‬ ‫ ‬ ‫نفس املصطىف‬ ‫ ‬
‫‪174‬‬ ‫ ‬ ‫ُ‬
‫القدر ويللته‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫‪175‬‬ ‫داعء ايلوم اثلامن عرش ‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫‪176‬‬ ‫فضيلة الليلة اتلاسعة عرش ‬
‫ّ‬
‫‪176‬‬ ‫األعمال العامة لليلة القدر ‬
‫ّ‬
‫‪180‬‬ ‫أعمال الليلة اتلّاسعة عرشة ‬
‫‪181‬‬ ‫ ‬ ‫يوم يللة القدر‬ ‫ ‬
‫‪182‬‬ ‫تتهاون بيوم القدر ‬ ‫َ‬ ‫ال‬ ‫ ‬
‫‪183‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫‪ ١٩‬شهر رمضان‬
‫‪184‬‬ ‫ ‬ ‫العرش األواخر‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫‪184‬‬ ‫األعمال اخلاصة للعرش األواخر ‬
‫‪189‬‬ ‫داعء ايلوم اتلاسع عرش ‬ ‫ ‬
‫‪189‬‬ ‫صالة الليلة العرشين ‬ ‫ ‬
‫‪191‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫‪ 20‬شهر رمضان ‬
‫‪192‬‬ ‫يل × ‬ ‫يف حمراب ع ّ‬ ‫ ‬
‫‪192‬‬ ‫ ‬ ‫الغريب املظلوم‬ ‫ ‬
‫يل أو ّ‬ ‫حب ع ّ‬ ‫ّ‬
‫‪194‬‬ ‫حب ادلنيا ‬ ‫ ‬
‫‪195‬‬ ‫ ‬ ‫يا ِس يللة القدر‬ ‫َّ‬ ‫ ‬
‫ْ‬
‫‪195‬‬ ‫كيوم فقد املصطىف | ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬
‫‪197‬‬ ‫ ‬ ‫فتـح مكـة‬ ‫ ‬
‫‪197‬‬ ‫داعء ايلوم العرشين ‬ ‫ ‬
‫‪198‬‬ ‫الليلة احلادية والعرشون ‬
‫‪198‬‬ ‫ ‬ ‫‪ -1‬فضيلتها‬ ‫ ‬
‫‪198‬‬ ‫ ‬ ‫‪ -٢‬اإلرساء‪.‬‬ ‫ ‬
‫‪199‬‬ ‫ّ‬
‫‪ -٣‬األعمـال اخلاصـة ‬ ‫ ‬
‫‪202‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫‪ 21‬شهر رمضان ‬
‫‪203‬‬ ‫أدعية العرش األواخر ‬ ‫ ‬
‫‪203‬‬ ‫داعء ايلوم احلادي والعرشين ‬
‫‪204‬‬ ‫صالة الليلة اثلانية والعرشين ‬
‫‪205‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫‪ 22‬شهر رمضان ‬
‫‪206‬‬ ‫داعء ايلوم اثلاين والعرشين ‬
‫َُ‬
‫‪206‬‬ ‫ ‬ ‫اجلهين‬ ‫يللة‬ ‫ ‬
‫ْ‬
‫‪207‬‬ ‫ ‬ ‫معىن القـدر‬ ‫ ‬
‫‪208‬‬ ‫ ‬ ‫يللة صاحب األمر‬ ‫ ‬
‫‪210‬‬ ‫عالمات يللة القدر ‬ ‫ ‬
‫‪211‬‬ ‫أعمال الليلة اثلاثلة والعرشين ‬
‫ُ‬
‫‪211‬‬ ‫ ‬ ‫‪ -1‬الغسل‬ ‫ ‬
‫‪211‬‬ ‫ ‬ ‫‪ -2‬اإلحياء‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫‪211‬‬ ‫‪ -3‬زيارة سيد الشهداء × ‬
‫ُ‬
‫‪212‬‬ ‫ ‬ ‫‪ -4‬الس َور املباركة‬ ‫ ‬
‫‪213‬‬ ‫ ‬ ‫‪-5‬األدعية‬ ‫ ‬
‫‪219‬‬ ‫ ‬ ‫‪ -6‬الصلوات‬ ‫ ‬
‫‪221‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫‪ 23‬شهر رمضان ‬
‫ّ‬
‫‪222‬‬ ‫تذكري بأهمية يوم القدر ‬ ‫ ‬
‫‪222‬‬ ‫داعء ايلوم اثلالث والعرشين ‬
‫‪223‬‬ ‫داعء الوداع يف آخر مجعة ‬
‫‪223‬‬ ‫صالة الليلة الرابعة والعرشين ‬
‫‪224‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫‪ 24‬شهر رمضان ‬
‫‪225‬‬ ‫الرابع والعرشين ‬ ‫داعء ايلوم ّ‬
‫ّ‬
‫‪225‬‬ ‫صالة الليلة اخلامسة والعرشين ‬
‫‪226‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫‪ 25‬شهر رمضان ‬
‫ْ‬
‫‪227‬‬ ‫ ‬ ‫نلتدارك تقصرينا‬ ‫ ‬
‫‪228‬‬ ‫ ‬ ‫رصيد اآلخرة‬ ‫ ‬
‫‪229‬‬ ‫ ‬ ‫كيف نتدارك؟‬ ‫ ‬
‫‪230‬‬ ‫داعء ايلوم اخلامس والعرشين ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪230‬‬ ‫صالة الليلة السادسة والعرشين ‬
‫‪231‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫‪ 26‬شهر رمضان ‬
‫‪232‬‬ ‫ ‬ ‫جتديد اتلّوبة‬ ‫ ‬
‫‪235‬‬ ‫كيف حنيص ذنوبنا؟ ‬ ‫ ‬
‫‪235‬‬ ‫ ‬ ‫كيف نستغيث؟‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫‪237‬‬ ‫داعء ايلوم السادس والعرشين ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪237‬‬ ‫صالة الليلة السابعة والعرشين ‬
‫‪238‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫‪ 27‬شهر رمضان ‬
‫‪239‬‬ ‫ ‬ ‫االستعداد للوداع‬ ‫ ‬
‫‪240‬‬ ‫ ‬ ‫قبل فوات األوان‪:‬‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫‪241‬‬ ‫داعء ايلوم السابع والعرشين ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪241‬‬ ‫صالة الليلة اثلامنة والعرشين ‬
‫‪242‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫‪ 28‬شهر رمضان ‬
‫ُ‬
‫‪243‬‬ ‫ ‬ ‫ملن الملك ايلوم؟‬ ‫ ‬
‫‪244‬‬ ‫ ‬ ‫ما أوضح اهلدف!‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫‪245‬‬ ‫داعء ايلوم اثلامن والعرشين ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪245‬‬ ‫صالة الليلة اتلاسعة والعرشين ‬
‫‪246‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫‪ 29‬شهر رمضان ‬
‫‪247‬‬ ‫ايلوم األخري‪ ،‬ويللة العيد ‬
‫‪247‬‬ ‫أعمال ايلوم األخري ‬ ‫ ‬
‫‪248‬‬ ‫االستعداد دلخول ّ‬
‫شوال ‬ ‫ ‬
‫‪248‬‬ ‫داعء ايلوم اتلّاسع والعرشين ‬
‫‪249‬‬ ‫ ‬ ‫يللة العيد‬ ‫ ‬
‫‪251‬‬ ‫ ‬ ‫أعمال يللة العيد‬ ‫ ‬
‫‪259‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫‪ 30‬شهر رمضان ‬
‫ّ‬
‫‪260‬‬ ‫من مستحبات يوم العيد ‬
‫ّ ّ‬
‫‪266‬‬ ‫ ‬ ‫صوم ستة أيام‬ ‫ ‬
‫ُّ‬
‫‪266‬‬ ‫ ‬ ‫عيد الفرد‪ ،‬واألمة‬ ‫ ‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫تقديم‬

‫ُ‬
‫اختصار اجلزء اثلالث من سلسلة (مناهل الرجاء)‪ ،‬ويرجع‬ ‫هذا الكتاب هو‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫السبب يف عدم اتلوسع يف اختصار هذا اجلزء ‪-‬كما يف سابقيه‪ -‬إىل كرثة‬
‫تمس احلاجة إيلها يف شهر اهلل تعاىل اذلي‬ ‫ّ‬
‫العملية اليت ّ‬ ‫األعمال وكرثة انلقاط‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫اكن شهرا رجب وشعبان تمهيدا هل‪.‬‬
‫يل ّ‬
‫يويم طيلة الشهر الكريم وإىل‬ ‫َ‬
‫املختص كربنامج عم ّ‬ ‫يُمكن اعتماد هذا‬
‫يوم العيد‪.‬‬
‫منهج يف تقديم العبادات يرايع األسس اتلايلة‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫سيجد القارئ أنه أمام‬
‫‪ -1‬حماولة استقصاء مجيع األعمال املروية عن املعصومني ت‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪ -2‬اعتماد عدد من أبرز ّ‬
‫أمهات املصادر لكبار الفقهاء خصوصا الشيخ‬
‫َ‬
‫والشهيدين األول واثلاين‪..‬‬ ‫املفيد‪ ،‬والشيخ الطويس‪،‬‬
‫الس ّيد ابن طاوس ‪،+‬‬
‫«سيد العلماء املراقبني» ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ -3‬تظهري نصوص‬
‫وإعطاؤها األولوية يف مقام بيان خصائص املراقبات‪ ،‬وبدرجة ثانية‬
‫ََ‬
‫«المليك اتلربيزي» صاحب كتاب (املراقبات)‪.‬‬ ‫نصوص الفقيه العارف‬
‫الس ّيد ابن طاوس‬‫بالسند خصوصا ً يف نصوص ّ‬ ‫‪ -4‬الرتكزي ىلع إبراز العناية ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫للرد العميل ىلع شبهة دلى بعض املتأثرين عن غري قصد بالغزو اثلقايف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫متذرعني بمغالطة‬ ‫اذلين حياربون بعض األعمال العبادية املؤقتة وغريها‪،‬‬
‫ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫اتلخصيص «اجلواهري» ‪-‬بتعبري اإلمام اخلميين‬ ‫ناسني أن الفقه‬ ‫«السند»‬
‫ّ‬ ‫جمرد دراسة ّ‬ ‫‪ -+‬أعمق بكثري من ّ‬
‫«السند» كما ثبت يف حمله‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫‪12‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫َ‬ ‫ّ‬
‫السند ال ينتج إال ُحرمة نسبة هذا‬
‫أن ضعف ّ‬ ‫أكتيف هنا باإللفات إىل‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫املنت إىل املعصوم‪ ،‬وعليه فلو أن شخصا عمل باملضمون برجاء الصدور‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫ولم يكن مضمون املنت منافيا للثوابت الرشعية فال شبهة يف جواز هذا‬
‫ّ‬
‫العمل‪ ،‬بل حيث عليه كبار الفقهاء‪.‬‬
‫***‬
‫املعتمد تلكتمل ّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫مهمة هذا الكتاب يف إثبات‬ ‫اكن ال بد من اإلضاءة ىلع املنهج‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حيقق ُحسن االقتداء ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫انلبيني صل اهلل عليه وآهل‪ ،‬أن‬ ‫بسيد‬ ‫أظهر ما‬
‫ِ‬ ‫أن من‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تكون حركة القلب واحلياة للك مؤمن مرتبطة باألعمال العبادية املؤقتة‬
‫وغريها‪ .‬واهلل تعاىل من وراء القصد‪.‬‬

‫حسني كوراين‬
‫بلنان ‪ -‬بريوت‬
‫ّ‬
‫هجرية‬ ‫‪ 26‬شعبان ‪1434‬‬

‫‪13‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫(‪)1‬‬
‫شهر رمضان‬
‫مراسم افتتاح الضيافة‬

‫* ضيافة اهلل‬
‫* الشياطني مغلولة‬
‫* العتق من انلار‬
‫* أدب ادلخول إىل ضيافة الرمحن‬
‫ّ‬
‫* أعمال الليلة األوىل‬
‫ّ‬
‫* األدعية العامة لليايل‬
‫* صالة الليلة األوىل‬
‫ّ‬
‫* اللقمة احلالل‬
‫* األعمال العامة لليوم األول‬
‫* األعمال العامة للك يوم‬
‫* األعمال اخلاصة للك يوم‬
‫* داعء ايلوم ّ‬
‫األول‬
‫* أعمال لك يللة‬
‫* تقديم الصالة‪ ،‬أو اإلفطار؟‬
‫* آداب اإلفطار‬
‫* ما بعـد اإلفطار‬
‫* داعء االفتتاح‬
‫ّ‬
‫* صلوات كـل يلـلة‬
‫* ترجيح األوىل‪ :‬األلـف ركعـة‬
‫ّ‬
‫* صالة الليلة اثلانية‬
‫* الســـحور‬
‫* نية الصوم‬
‫َّ َ‬
‫أي صوم نريد؟‬ ‫*‬

‫‪14‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ُ‬
‫ضيافة اهلل‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫شهر الصيام والقيام‪ ،‬ونسأهل سبحانه أن ال جيعل حظنا منه اجلوع‬‫أحلمد هلل اذلي بلَّغنا َ‬
‫ُ‬
‫ُ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫الظن به وال املعروف من فضله‪ ،‬وقد أمرنا أن نردد يف رجب‬ ‫والعطش‪ .‬ما هكذا‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫«اعدتك اإلحسان إىل المسيئني»‪ .‬ويف شعبان‪« :‬إليه لو أردت هواين لم تهدِين»‪.‬‬
‫ُ‬
‫وها يه براكت الشهر الكريم تتواصل‪ ،‬فرتفع منسوب األمل الواعد إىل أىلع مستوياته‪.‬‬
‫* ورد يف خطبة رسول اهلل ح‪:‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ َّ ْ ُ َ َّ َ ٌ َ ْ َ ُ َ َّ ُ ْ َ ْ‬ ‫َّ َ ْ َ َ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُّ َ‬
‫ ف هذا الشه ِر مفتحة‪ ،‬فاسألوا ربكم أن ال يغلقها‬ ‫ِ‬ ‫ان‬
‫ِ‬ ‫الن‬
‫ِ‬ ‫«أيها انلَّاس‪ ،‬إِن أبواب‬
‫َ َ َ َ َ ْ ُ ْ َ َّ‬
‫الش َياط َ‬ ‫َ َ ُ َ َ ْ َ َ ِّ َ ُ َ َّ َ ٌ َ ْ َ ُ َّ ُ َ ْ‬
‫ِني‬ ‫ان مغلقة‪ ،‬فاسألوا َربك ْم أن ال يفتحها عليكم‪ ،‬و‬ ‫عليكم‪ ،‬وأبواب انلري ِ‬
‫ْ‬ ‫َ ْ ُ َ ٌ َ ْ َ ُ َ َّ ُ ْ َ ْ ُ َ ِّ َ َ َ َ ْ ُ‬
‫مغلولة‪ ،‬فاسألوا ربكم أن ال يسلطها عليكم»‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ويف الروايات احلديث عن فتح أبواب السماء أو أبواب اجلنان إذا أتبع املؤمن الصالة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪1‬‬
‫انليب بالصالة ىلع آهل صل اهلل عليه وآهل‪.‬‬ ‫ىلع‬
‫لك يوم يف أوقات الصالة‪ ،‬وقد ورد يف الرواية حتديدُ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫كما ورد أن أبواب اجلنان تفتح‬
‫سبب الفتح بصعود األعمال‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ّ‬
‫وقال صدر املتألني رمحه اهلل تعاىل‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫ابلاب اذلي إذا فتح‬
‫ِ‬ ‫شلك‬
‫أبواب اجلنان‪ ،‬بل يه ىلع ِ‬ ‫«وإذا غلقت أبواب انلريان فتحت‬
‫ُ ْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َّ‬
‫‪3‬‬
‫عني فتح أبواب األخرى»‪.‬‬ ‫فعني غلق أبواب إحداهما‬ ‫موضع آخر‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫موضع انسد عن‬
‫ٍ‬ ‫ىلع‬

‫* والشياطني مغلولة‬
‫ْ‬
‫الس ّيد ابن طاوس عليه الرمحة‪« :‬إعلم أن الرواية وردت بذلك متظاهرة ومعانيها‬ ‫قال ّ‬
‫ُ‬
‫متواترة متنارصة‪ ،‬وحنن نذكر من طرقنا إيله ألفاظ الشيخ حممد بن يعقوب (اللكيين)‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ‬
‫فإن كتبه لكها معتمد عليها‪ ،‬وقد روى عن جابر عن أيب جعفر خ‪ ،‬قال‪ :‬اكن رسول‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫معرش انلاس‪ ،‬إذا طلع هالل‬ ‫اهلل صل اهلل عليه وآهل يقبل بوجهه اىل انلاس فيقول‪ :‬يا‬
‫ُ‬ ‫ُ َّ َ َ ُ‬
‫شهر رمضان غلت م َردة الشياطني‪ ،‬وفتحت [أبواب السماء و] أبواب اجلنان وأبواب‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫عتقاء‬ ‫فطر‬
‫ٍ‬ ‫الرمحة‪ ،‬وغلقت أبواب انلار‪ ،‬واستجيب ادلاعء‪ ،‬واكن هلل فيه عند لك‬
‫ّ‬
‫لك يللة‪ :‬هل من سائل‪ ،‬هل من مستغفر‪ ،‬ألل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫هم‬ ‫يعتقهم اهلل من انلار‪ ،‬ومنا ٍد ينادي‬
‫ّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫شوال نودي املؤمنون‬ ‫وأعط لك مسك تلفا‪ ،‬حت إذا طلع هالل‬ ‫ِ‬ ‫نفق خلفا‪،‬‬
‫أعط لك م ٍ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫أن اغدوا اىل جوائزكم فهو يوم اجلائزة‪ ،‬ثم قال أبو جعفر عليه السالم‪ :‬أما واذلي نفيس‬ ‫ِ‬
‫بيده‪ ،‬ما يه جبائزة ادلنانري وادلراهم»‪.‬‬

‫‪ -1‬إبن فهد احليل‪ ،‬الرسائل العرش‪ :‬ص ‪.438‬‬


‫‪ -2‬العالمة احليل‪ ،‬منتهى املطلب (ط‪.‬ق)‪.211/1 :‬‬
‫‪15‬‬ ‫‪ -3‬مال صدرا الشريازي (صدر املتأ ّلهني)‪ ،‬احلكمة املتعالية يف األسفار العقلية األربعة‪.331/5 :‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫الس ّيد‪« :‬ورأيت حديث خطبة انليب صل اهلل عليه وآهل رواية أمحد بن حممد‬ ‫أضاف ّ‬
‫ُ‬
‫بن عياش يف كتاب األغسال‪ ،‬بنسخ ٍة تاريخ كتابتها ربيع اآلخر سنة سبع وعرشين‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وأربعمائة‪ ،‬يقول بأسناده إىل موالنا ع ّ‬
‫يل بن أيب طالب خ أنه قال‪ :‬لما اكن أول يللة‬
‫َ‬
‫صل اهلل عليه وآهل‪ ،‬فحمد اهلل وأثىن عليه ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ثم قال‪:‬‬ ‫من شهر رمضان قام رسول اهلل‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫فاك ُم ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫اجلن واإلنس‪َ ،‬ووعدكم اإلجابة وقال‬ ‫عدوكم من‬ ‫اهلل‬ ‫أيها انلاس‪ ،‬قد ك‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫أستجب لكم‪ ،‬أال وقد وك ُ‬ ‫ْ‬
‫ّ اهلل سبحانه وتعاىل بكل شيطان مريد سبعة‬ ‫ادعوين‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫بمحلول حت ينقيض شهر رمضان‪ ،‬أال وأبواب السماء مفتحة‬ ‫ٍ‬ ‫من املالئكة‪ ،‬فليس‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫من أول يلل ٍة منه اىل آخر يلل ٍة منه‪ ،‬أال وادلاعء فيه مقبول‪ .‬حت إذا اكن أول يللة من‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫املزئر وبرز من‬ ‫العرش قام فحمد اهلل وأثىن عليه‪ ،‬وقال مثل ذلك‪ ،‬ثم قام وشمر وشد‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫‪1‬‬
‫العشاءين»‪.‬‬ ‫بيتِه واعتكف وأحيا الليل لكه‪ ،‬واكن يغتسل لك يلل ٍة منه بني‬

‫* وتسأل‪:‬‬
‫ً ّ‬ ‫ّ‬
‫إذا اكنت لك هذه األمور موجودة يف شهر اهلل تعاىل خصوصا أن الشياطني مغلولة‪،‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫فلماذا نذنب إذا؟‬
‫سؤاال قريبا ً من هذا‪ ،‬فأجابه ّ‬
‫السيدّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وقد سأل أحدهم السيد ابن طاوس عليه الرمحة‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫عليه الرمحة بإجابات عدة من مجلتها قول‪« :‬إن العبد هل قبل شهر رمضان ذنوب قد‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫سودت قلبه وعقله‪ ،‬وصارت حجابا بينه وبني اهلل جل جالل‪ ،‬فال يستبعد أن تكون‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫ذنوبه السالفة اكفية يف استمرار غفلته‪ ،‬فال يؤثر منع الشياطني عند اإلنسان لعظيم‬
‫‪2‬‬
‫مصيبتِه»‪.‬‬
‫ارتكب ذنوبا ً كثرية قبل شهر رمضان املبارك‪ ،‬يبىق يرتكبُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫خالصة اجلواب أن من‬
‫ّ ّ ّ‬
‫هم أعنا ىلع أنفسنا‪.‬‬ ‫بزخم اذلنوب اليت ارتكبَها‪ .‬ألل‬ ‫املعايص َ‬
‫ّ‬
‫أعمال الليلة األوىل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫هذه الليلة األوىل يه افتتاح هذا املوسم اإلليه‪ ،‬موسم شهر رمضان املبارك‪ ،‬وبما أن‬
‫ّ‬ ‫لك الرتكزي ىلع َ‬‫ّ‬
‫شهري رجب وشعبان من أجل شهر رمضان‪ ،‬وها قد أطل الشهر الكريم‬
‫ُ‬
‫العظيم‪ ،‬فكيف نستقبله؟‬
‫ّ ّ‬ ‫ً‬
‫نهتم بالليلة األوىل قبل حلوهلا أو أول حلوهلا باالستهالل فنكون‬ ‫املطلوب أوال‪ ،‬أن‬
‫جاهزين لالستهالل قبل غروب الشمس‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اكن لك ما تقدم من اهتمام بمراقبة انلفس والعبادة‪ ،‬من أجل أن نرفع من مستوى‬
‫تفاعلنا واستقبانلا لشهر اهلل تعاىل‪.‬‬

‫الس ّيد ابن طاوس‪ ،‬إقبال األعمال‪.73-71/1 :‬‬


‫‪ّ -1‬‬
‫الس ّيد ابن طاوس‪ ،‬إقبال اإلعمال‪.74/1 :‬‬
‫‪ّ -2‬‬ ‫‪16‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ّ‬ ‫أهمية ّ‬
‫ّ‬ ‫للسااعت األوىل من الضيافة ّ‬
‫خاصة‪ ،‬قد ترتك ظالهلا ىلع لك فرتة‬ ‫‪-‬أي ضيافة‪-‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اتلنبه بامتياز‬ ‫الضيافة‪ ،‬وقد تتحكم بانلتائج اليت حتصل منها‪ ،‬وال بد للقلب من‬
‫ّ‬
‫وافر من ادلاعء‪،‬‬
‫بنصيب ٍ‬
‫ٍ‬ ‫هلذه اخلصوصية‪ ،‬فيغتنم فرصة مستهل ضيافة الرمحن‪ ،‬ويأخذ‬
‫ّ‬
‫وأن أجواء شهر اهلل تعاىل لم َّ‬ ‫ال ّ‬
‫تلوث بعد بذنوبه وال بذنوب غريه‪ ،‬وإن اكن‪،‬‬ ‫سيما‬
‫ُ‬ ‫َ َْ ْ‬
‫لحذر القلب من أن يكون حال كحال َمن شارك‬ ‫فما تزال األمور يف بداياتها‪ ،‬و‬
‫َ‬
‫يف ضيافة‪ ،‬وعندما أزفت ساعة ادلخول إىل رحاب صاحب ادلعوة انشغل عنه بأمور‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫هامشية‪ ،‬رغم أنه يرى اجلميع منرصفني إىل السالم عليه واحلديث معه‪ ،‬والقيام‬
‫بفروض اتلحية واالحرتام‪.‬‬

‫العتق من انلار!‬
‫ّ‬
‫أول يللة من شهر رمضان جديرة باالستعداد هلا الغتنام لك ما أمكن من حلظاتها‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ً‬
‫يعتق اهلل تعاىل أعدادا كبرية من اخلَلق‪ .‬فهل نعمل بما يرفع من مستوى رجائنا أن‬
‫فيها ُ‬

‫تكون رقابنا من بني تلك الرقاب؟‬


‫َ َ ُ َ‬ ‫َّ‬
‫عن اإلمام الصادق خ‪« :‬إذا اكنت أول يلل ٍة من شهر رمضان غفر اهلل ل ِمن شاء من‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫اخللق‪ ،‬فإذا اكنت الليلة اليت تليها ضاعفهم‪ ،‬فإذا اكنت الليلة اليت تليها ضاعف لك‬
‫ِّ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫‪1‬‬
‫ما أعتق‪ ،‬حت إذا اكنت آخر يللة يف شهر رمضان ضاعف مثلما أعتق يف لك يلل ٍة»‪.‬‬
‫وقد أورد الشيخ املفيد عليه الرمحة والرضوان‪ ،‬يف (أمايل املفيد) ما ييل‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬
‫آخر لك يومٍ من شهر رمضان عند اإلفطار ألف ألف عتيق من انلار‪،‬‬ ‫«إن هللِ تعاىل يف ِ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عتيق من‬
‫فإذا اكنت يللة اجلمعة ويوم اجلمعة أعتق يف لك ساع ٍة منهما ألف ألف َ ٍ‬
‫عتق ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُّ‬
‫اهلل‬ ‫انلّار‪ ،‬ولكهم قد استوجبوا العذاب‪ ،‬فإذا اكن يف آخر [يومٍ من] شهر رمضان‪ ،‬أ‬
‫ّ‬ ‫أعتق من َّ‬ ‫َ‬
‫‪2‬‬
‫أول الشهر إىل آخره»‪.‬‬ ‫يف ذلك ايلوم بِعد ِد ما‬
‫ّ‬ ‫عندما ّ‬
‫يهتم اإلنسان بعتق رقب ِته من انلار ويفتتح هذا املوسم اإلليه بطلب الرمحة‪ ،‬فإنه‬
‫ً‬ ‫َّ‬ ‫يعب بذلك عن َي َقظة ُّ‬ ‫ّ‬
‫خروج من الغفلة‪ ،‬ويصبح أكرث استحقاقا‬ ‫ٍ‬ ‫خاصني‪ ،‬وعن‬ ‫وتنب ٍه‬ ‫ٍ‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫اإلهلية وخيتلف حال جذريا ً ّ‬ ‫ّ‬
‫عمن يميض هذه الليلة اغفال عن افتتاح املوسم‬ ‫للرمحة‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫اإلليه الكبري‪ ،‬موسم الضيافة اخلاصة والرمحة األوسع‪ ،‬ورحم اهلل من بذل قصارى‬
‫ّ‬
‫بانلرص وقضاء احلوائج‪ -‬فإن يف ذلك‬ ‫جهده يف ادلاعء لغريه ‪-‬خصوصا ً للمجاهدين ّ‬
‫ّ ً‬ ‫ًّ‬
‫متمية لقبوهل وقضاء مجيع حواجئه‪.‬‬ ‫مظنة‬

‫بترصف يسري‪.‬‬
‫‪ -1‬اإلقبال‪ّ ،28/1 :‬‬
‫‪17‬‬ ‫‪ -2‬الشيخ املفيد‪ ،‬األمايل‪ :‬ص ‪.231‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ُ‬
‫أدب ّ‬
‫ادلخول إىل ضيافة ّ‬
‫الرمحن‬ ‫*‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫خالف‬ ‫اجلالس (يف هذه الضيافة) الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫قال السيد ابن طاوس عليه الرمحة‪« :‬ويكون ىلع‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫الرسالة‪ُ ،‬‬ ‫لصاحب ِّ‬
‫آثار احلياءِ واخلجالة‪ ،‬ألجل ما اكن قد أسلف مِن سوءِ املعامل ِة لِال ِِك‬
‫َّ َ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫ظهر عليه من ُحسن الظ ّن والشكر للمالك ّ‬ ‫ّ‬ ‫ويل ْ‬ ‫اجلاللة‪َ ،‬‬
‫الرحيم الشفيق كيف رشفه‬ ‫ِ‬
‫‪1‬‬
‫ادلخول واجللوس مع أهل اإلقبال واتلّوفيق إن شاء اهلل تعاىل»‪.‬‬ ‫باإلذن هل يف ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ ّ‬ ‫َ ّ ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫أضاف السيد‪« :‬واعلم أنين لما رأيت أن شهر رمضان أول سنة السعادات بالعبادات‪،‬‬
‫َ ِّ ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫السنة وإجابة َّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫أودع‬ ‫ادلعوات‪ ،‬اقتىض ذلك أن‬ ‫تدبري أمور‬ ‫وأن فيه يللة القدر اليت فيها‬
‫َ َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫أخطار ذلك‬ ‫ِ‬ ‫السنة املاضية وأستقبل السنة اآلتية بصالة الشكر كيف سلمين من‬
‫ورشفين خبِلع التايض‪ ،‬وأغناين عن اتلَّقايض‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫وفرغين الستقبال هذا‬ ‫العام املايض‪،‬‬
‫ََ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫باطن‬
‫ٍ‬ ‫بمرض وال عر ٍض‬ ‫منعين من الظفر بالسعادة والعبادة فيه ُ ٍ‬ ‫العام احلارض‪ ،‬ولم ي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ض هذا الكتاب‪ ،‬عمل شهر الصيام‪ ،‬وأقبله وأجعله ىلع رأيس‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ثم إنّين أ ْح ِ ُ‬ ‫وال ظاهر‪ّ ".." .‬‬
‫ٍ‬
‫إيل من مال ِِك أمري َيلفتح به ع َّ‬ ‫وأضمه إىل صدري وقليب‪ ،‬وأراه قد َو َصل َّ‬ ‫ُّ‬
‫يل‬ ‫وعيين‪،‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ َ‬
‫كر الرسول الي اكن سببا‬ ‫أبواب خريي وبري ونرصي‪ ،‬وأتلقاه ِبمدي وشكري‪ ،‬وش ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫تعظيم املشاعر يف ابليت احلرام وتقبيلها‬ ‫حكم اإلسالم‬ ‫لصالح أمري‪ ،‬كما اقتىض‬
‫َ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ َّ‬ ‫َ‬
‫العفو عما جرى‬ ‫اهلل جل جالل‬ ‫ثم إنين أبدأ بالفعل‪ ،‬فاسأل‬ ‫بفم االحرتام واإلكرام‪".." .‬‬
‫َّ‬ ‫َّ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َْ‬
‫وإصالحه لَظر اهللِ جل‬ ‫ِ‬ ‫هونت به من تطهري القلب‬ ‫من ظليم هل وحييف عليه‪ ،‬ولكما‬
‫َّ‬ ‫ً‬ ‫َ ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫والعفو عن لك جارح ٍة أهملت شيئا من مهماتها وعباداتها‪ ،‬واالجتهاد‬ ‫جالل إيله‪،‬‬
‫َّ‬ ‫َ َ َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يف اتلَّوبة انلّصوح من جناياتها‪ ،‬والصدقة عن لك جارحة بما تهيأ من الصدقات‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ ُ‬ ‫َّ‬
‫لقول اهلل جل جالهل‪ ..﴿ :‬ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ‪ .﴾..‬أتصدق عن أيام السنة‬
‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫‪2‬‬
‫برغيف‪ ،‬ألجل ما رويناه من فضل الصدقة وفائدته»‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫املستقبلة عن لك يومٍ ويللة‬

‫* ادلاعء عند رؤية اهلالل‬


‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫أول ما ينبيغ أن نستقبل به هذه الليلة املباركة عند رؤية اهلالل املبارك هو ادلاعء‪ .‬عن‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫اإلمام ابلاقر خ‪« :‬اكن رسول اهلل صل اهلل عليه وآهل‪ ،‬إذا أهل هالل شهر رمضان‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫استقبل القبلة ورفع يديه فقال‪:‬‬
‫ِّ‬ ‫َ ُ َ َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ َ ْ‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫َ‬
‫َّ ُ َّ َّ ُ َ َ ْ‬
‫مان‪ ،‬والسالم ِة واإلسالمِ ‪ ،‬والعافِي ِة المجللةِ‪ ،‬والر ِ‬
‫زق‬ ‫«أللهم أهِله علينا بِاألم ِن واإلي ِ‬
‫َّ ُ َ ِّ ْ ُ‬ ‫َُ َ ََ ُْ‬ ‫َُ‬ ‫َّ َّ ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬
‫آن فيه‪ ،‬ألله َّم سلمه نلا‬ ‫الواسِعِ ودفعِ األسقامِ ‪ ،‬أللهم ارزقنا صِ يامه وقِيامه وت ِالوة القر ِ‬
‫ِّ ْ‬ ‫َ َ َّ ْ ُ َّ‬
‫‪3‬‬
‫وتسلمه منا وسلمنا فيه»‪.‬‬

‫‪ -1‬اإلقبال‪.70/1 :‬‬
‫‪ -2‬اإلقبال‪.71/1 :‬‬
‫‪ -3‬الكليين‪ ،‬الكايف‪.71-70/4 :‬‬ ‫‪18‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫* ويف رواية ثانية‪:‬‬


‫ِّ‬ ‫َ ُ َ َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ َ ْ‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫َّ ُ َّ َ َّ ُ َ َ ْ‬
‫مان‪ ،‬والسالم ِة واإلسالمِ ‪ ،‬والعافِي ِة المجللةِ‪ ،‬والر ِ‬
‫زق‬ ‫«أللهم أهِله علينا بِاألم ِن واإلي ِ‬
‫َّ ُ َ ِّ ْ‬ ‫َ َ ُْ‬ ‫َ ِّ‬ ‫َّ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬
‫آن‪ ،‬ألله َّم سلمنا‬ ‫َ‬
‫الواسِعِ ‪ ،‬ودفعِ األسقامِ ‪ ،‬والعو ِن ع الصالة ِ والصيامِ وال ِقيامِ وت ِالوة ِ القر ِ‬
‫َ َّ َ ْ َ َ َ ْ َ َ َ َ َّ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ َّ ْ ُ َّ َ ِّ ْ ْ َ َّ َ ْ َ‬
‫ل ِشه ِر َرمضان َوتسلمه مِنا َوسلمنا فِي ِه حت ينق ِض عنا شه ُر َرمضان َوقد عف ْوت عنا‬
‫َْ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫‪1‬‬
‫َوغف ْرت لا َو َر ِحتنا»‪.‬‬
‫ُ‬ ‫* عن اإلمام ّ‬
‫يل عليه السالم‪ ،‬إذا اكن بالكوفة خيرج وانلَّاس‬ ‫الصادق خ‪« :‬اكن ع ٌّ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ُ َ ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫معه يتاءى هالل شهر رمضان (أي ليستهل)‪ ،‬فإذا رآه قال‪ :‬ألله َّم أهِله علينا بِاألم ِن‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ ْ‬
‫غل‪ ،‬واكفِنا‬ ‫وفراغ ل ِطاعتِك من الش ِ‬ ‫ٍ‬ ‫مان‪َ ،‬والسالم ِة َواإلسالمِ ‪ ،‬وصح ٍة من السقمِ ‪،‬‬ ‫واإلي ِ‬
‫ُ ‪2‬‬
‫َ‬
‫ليل من انلَّوم‪ ،‬يا رحيم»‪.‬‬ ‫بالق ِ‬
‫َ ّ‬ ‫ُ‬
‫احلكة‬ ‫* الغسل‪ :‬عالج‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مستحبات الليلة األوىل من شهر رمضان املبارك‪ ،‬الغسل‪ ،‬فقد ورد عن اإلمام‬ ‫من‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ ّ ُ‬ ‫ّ‬
‫الصادق خ‪« :‬يستحب الغسل يف أول يللة من شهر رمضان ويللة انلصف منه»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ ِّ ّ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫«أول الليل»‪ ،‬ويف رواية ثانية أنه «بني صالة املغرب‬ ‫وقت هذا الغسل‬ ‫وحتدد رواية‬
‫ّ‬
‫الس ّيد ابن طاوس اختار أن وقته «قبل العشاء»‪.‬‬
‫ولكن ّ‬ ‫ّ‬ ‫والعشاء»‪،‬‬
‫هامة هلذا الغسل يف ّ‬ ‫تتضمن رواية ثاثلة فائدة ّ‬
‫ّ‬
‫أول يللة من شهر رمضان‪ ،‬ويه‬ ‫كما‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫جسده فباستطاعته أن يداوي هذه احلكة بهذا الغسل‬ ‫ِ‬ ‫أن من يصاب اعدة باحلكة يف‬
‫ّ‬
‫املستحب‪.‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فليغتسل ّ‬
‫أول يلل ٍة من‬ ‫الصادق خ‪« :‬من أح َّب أن ال يكون به احلكة‪،‬‬ ‫عن اإلمام ّ‬
‫ّ ٌ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ َ‬
‫شهر رمضان مِن‬‫شهر رمضان‪ ،‬فإنه من اغتسل يف أو ِل يلل ٍة منه ال يصيبه حكة إىل ِ‬
‫‪3‬‬
‫قابل»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫ويف رواية أخرى طريقة خاصة للغسل يف هذه الليلة‪:‬‬
‫أول يللة من شهر رمضان يف نهر جار‪ ،‬ويصبُّ‬ ‫«من اغتَسل َّ‬‫َ‬
‫عن اإلمام الصادق خ‪:‬‬
‫ٍ ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ًّ‬
‫‪4‬‬
‫ىلع رأسه ثالثني كفا من املاء‪ ،‬طهر إىل شهر رمضان من قابل»‪.‬‬

‫القمي‪ ،‬مفاتيح اجلنان؛ واإلقبال‪.63/1 :‬‬


‫املحدث ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪-1‬‬
‫واملحدث النوري‪ ،‬مستدرك الوسائل‪ ،442/7 :‬وانظر‪ :‬بإضافة كلمة‬ ‫ّ‬ ‫‪ -2‬اإلقبال‪65/1 :‬؛‬
‫«يارحيم»‪.‬‬
‫تقدم حول الغسل‪ :‬اإلقبال‪55/1 :‬؛ والكايف‪.40/3 :‬‬‫كل ما ّ‬
‫ّ‬ ‫يف‬ ‫‪ -3‬أنظر‬
‫‪ -4‬املصدر؛ وانظر يف استحباب الغسل يف أول ليلة‪ :‬الشيخ الصدوق‪ ،‬من ال حيرضه الفقيه‪79/1 :‬؛‬
‫‪19‬‬ ‫والشيخ املفيد‪ ،‬املقنعة‪ :‬ص ‪51‬؛ ويف توقيته‪ :‬احلر العاميل‪ ،‬الوسائل‪.325/3 :‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ُ‬
‫* صالة الشكر‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫أنعم ُ‬
‫اهلل َّ‬ ‫الصادق خ‪« :‬إذا َ‬ ‫عن اإلمام ّ‬
‫عز وجل عليك بنعم ٍة فصل ركعتني‪ ،‬تقرأ يف‬
‫ّ‬
‫األوىل بـ (فاحتة الكتاب) و(قل هو اهلل أحد)‪ ،‬وتقرأ يف اثلانية بـ (فاحتة الكتاب) و(قل‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يا أيّها الاكفرون)‪ ،‬وتقول يف َّ‬
‫الركعة األوىل يف ُركوعك وسجودك‪ :‬أحلمد هلل‪ ،‬شكرا‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫شكراً ومحداً‪ ،‬وتقول يف ّ‬
‫الركعة اثلانية يف ركوعك وسجودك‪ :‬أحلمد هللِ الي استجاب‬
‫ُ‬
‫‪1‬‬
‫داعيئ وأعطاين مسأليت»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫السيد‪،‬‬ ‫وانلية اليت تنبيغ يف هذه الصالة يف بداية شهر رمضان‪ ،‬كما تقدم يف كالم‬
‫لدلخول يف‬‫شكر اهلل تعاىل ىلع نعمة السالمة من أخطار السنة املاضية‪ ،‬ونعمة اتلوفيق ّ‬ ‫ُ‬
‫هذه السنة اجلديدة‪ ،‬واإلذن باملشاركة يف ضيافته سبحانه‪ ،‬واتلوفيق للصيام‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الشهر بالقرآن‬ ‫* فاستقبل‬
‫ّ‬ ‫ينبيغ للمؤمن أن يُعطي األولوية املطلقة بدءا ً من ّ‬
‫أول هذه الليلة‪ ،‬لقراءة القرآن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬
‫خاصة‬ ‫وخاصة االستغفار‪ ،‬اللين ورد احلث عليهما بعناية‬ ‫الكريم‪ ،‬و ِذكر اهلل تعاىل‬
‫يف مجيع أوقات شهر اهلل تعاىل‪.‬‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫َْ َ َ َ َ ْ‬ ‫َْ‬ ‫َّ َّ َ ُّ ُ‬ ‫عن اإلمام ّ‬
‫اب اهللِ‬ ‫خ‪ « :‬إِن عِدة الشهورِ عِند اهللِ اثنا عش شهر ِ‬
‫ا ف ك ِت ِ‬ ‫َ‬
‫الصادق‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫اوات َوال ْر َض‪َ :‬ف ُغ َّرةُ الشهور ُ‬
‫شهر اهلل‪ ،‬وهو ُ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ َّ َ َ‬
‫شهر‬
‫ِ‬ ‫وقلب‬ ‫شهر رمضان‪،‬‬ ‫يوم خلق السم ِ‬
‫ّ‬
‫الش َ‬ ‫ُ‬
‫‪2‬‬
‫هر بالقرآن»‪.‬‬ ‫فاستقبل‬
‫ِ‬ ‫رمضان يللة القدر "‪"..‬‬
‫* َكرثةُ االستغفار ّ‬
‫وادلاعء‬
‫وعنه عليه السالم ‪« :‬قال أمري املؤمنني صلوات اهلل عليه‪ :‬عليكم يف شهر رمضان‬
‫ّ‬ ‫ُ َ‬ ‫ّ‬
‫فأما ّ‬ ‫بكرثة االستغفار ّ‬‫َ‬
‫ادلاعء فيدفع به عنكم ابلالء‪ ،‬وأما االستغفار فيمحو‬ ‫وادلاعء‪،‬‬
‫َ‬
‫‪3‬‬
‫ذنوبكم»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫* زيارة سيد الشهداء خ‬
‫ّ‬
‫وقد ورد يف أعمال هذه الليلة اتلأكيد ىلع زيارة سيد الشهداء خ‪.‬‬
‫َّ ُ‬
‫عن اإلمام الصادق خ‪« :‬أنه سئل عن زيارة أيب عبد اهلل عليه السالم‪ ،‬فقيل‪ :‬هل يف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫حني‪،‬‬
‫وقت ويف لك ٍ‬ ‫وقت؟ فقال‪ :‬زوروه صل اهلل عليه يف لك ٍ‬‫ذلك وقت هو أفضل من ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫است َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫فإن زيارته عليه السالم ُ‬ ‫َّ‬
‫كث من اخلري ومن‬ ‫أكرث منها فقد‬ ‫خري موضوع‪ ،‬فمن‬

‫املتهجد‪ ،‬ومكارم األخالق؛ وانظر‪ :‬الشيخ املفيد‪،‬‬


‫ّ‬ ‫‪ -1‬املجليس‪ ،‬البحار‪ 384/88 :‬نقالً عن مصباح‬
‫األرشاف‪ :‬ص ‪30-29‬؛ والطربيس‪ ،‬مكارم األخالق‪ :‬ص ‪.327‬‬
‫‪ -2‬الشيخ الصدوق‪ ،‬من ال حيرضه الفقيه‪.99/2 :‬‬
‫بترصف يسري‪.‬‬
‫‪ -3‬الكليين‪ ،‬الكايف‪ّ ،88/4 :‬‬ ‫‪20‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ُ َ ٌ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ ُ ِّ‬


‫قلل قلل هل‪ ،‬وتَ ُّروا بزيارت ِكم األوقات الشيفة‪ ،‬فإن األعمال الصاحلة فيها مضاعفة‪،‬‬
‫ُ َ‬
‫هبط املالئك ِة ل ِزيارته‪.‬‬ ‫ويه أوقات م ِ‬
‫ً‬ ‫فسئل عن زيارته يف شهر رمضان؟ فقال‪َ :‬من َ‬ ‫ُ‬
‫جاءه عليه السالم خاشِعا‬ ‫قال (الراوي)‪ِ :‬‬
‫أول‬‫قربه يف إحدى ثالث يلال من شهر رمضان‪َّ :‬‬ ‫حمتسبا ً ُمستقيال مستغفرا‪ ،‬فشهد َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫ٍ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬
‫يلل ٍة من الشهر‪ ،‬أو يللة انلّصف‪ ،‬أو آخر يلل ٍة منه‪ ،‬تساقطت عنه ذنوبه وخطاياهُ اليت‬
‫َّ َّ‬ ‫الو َرق ِّ‬ ‫هشيم َ‬‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬
‫بالريح العاصِ ف‪ ،‬حت أنه يكون من ذنوبِه‬ ‫اجتحها‪ ،‬كما يتساقط‬
‫أجر من حج يف اعمِه ذلك‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ‬ ‫َكهيئة يوم َو َ‬
‫مثل ِ‬ ‫األجر‬
‫ِ‬ ‫دلته أمه‪ ،‬واكن هل مع ذلك مِن‬
‫ِّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬
‫واإلنس‪،‬‬ ‫وح إل اثلقلني من اجلن ِ‬ ‫نداءهما لك ذي ُر ٍ‬ ‫َ‬ ‫واعتمر‪ ،‬ويناديه ملاكن يسمع‬
‫َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬
‫يقول أحدهما‪ :‬يا عبد اهللِ طه ْرت فاستأن ِِف العمل‪ ،‬ويقول اآلخر‪ :‬يا عبد اهللِ‪ ،‬أحسنت‬
‫ْ‬
‫‪1‬‬
‫وفضل»‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫فأب ِش بمغفر ٍة من اهلل‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ويترشف‬ ‫والمراد يف الرواية هو الزيارة من قرب‪ ،‬أي أن يذهب الزائر إىل كربالء‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫بزيارة اإلمام خ‪ ،‬إال أن الزيارة من بُعد أيضا ذات فضل كبري‪ ،‬فينبيغ أن ال ترتك‬
‫ّ‬
‫تمن الزيارة وعدم اتلمكن منها‪.‬‬ ‫خصوصا ً مع ّ‬
‫ّ ّ‬
‫أول لك شهر؟‬ ‫*‬
‫ُ‬ ‫لك شهر هو َ‬ ‫ُّ ّ‬
‫كتاب‬
‫ٍ‬ ‫السي ُد ابن طاوس عليه الرمحة‪« :‬ورأيت يف‬‫عند رؤية هالهل‪ .‬قال ّ‬ ‫أول‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫صغري عندنا أول مسألة للمفيد حممد بن حممد بن انلعمان يف عصمة األنبياء عليهم‬ ‫ٍ‬
‫ُّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫السالم‪ ،‬أنّه ُسئل عن ّ‬
‫‪2‬‬
‫أول الليل»‪.‬‬ ‫أول الشهر أهو الليل أم انلهار‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ّ‬
‫* أدعية الليلة األوىل‬
‫ًّ‬ ‫ّ‬
‫أدعية الليلة األوىل من شهر رمضان كثرية جدا‪ ،‬وردت يف (الاكيف) و(ابلحار)‬
‫الس ّيد ابن طاوس عليه الرمحة والرضوان يف‬ ‫و(الوسائل)‪ ،‬وغريها‪ ،‬وقد استقصاها ّ‬
‫ومن لم ّ‬ ‫(إقبال األعمال)‪َ ،3‬‬
‫يتيس هل الرجوع إيله فيُمكنه الرجوع إىل (مفاتيح اجلنان)‪،‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫املحدث ّ‬‫ّ‬
‫القم شطرا منها ضمن القائمة الوافية اليت أوردها ألعمال الليلة‪.‬‬ ‫فقد أورد‬
‫ّ‬
‫وحيث ال يتسع املقام إليرادها‪ ،‬فسأذكر بعضها‪.‬‬
‫السجاد خ عند دخول شهر رمضان‪ ،‬وهو ادلاعء الرابع واألربعون‬ ‫ّ‬ ‫‪ -1‬داعء اإلمام‬
‫ّ‬
‫السجادية‪.‬‬ ‫من أدعية الصحيفة‬
‫ّ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ُ‬
‫الس ّيد ابن طاوس عليه الرمحة‪« :‬ورويت هذا ادلاعء بعدة طرق‪ ،‬وإنما‬‫‪ -2‬قال ّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫ذكر ههنا لفظ ابن بابويه من كتاب (من ال حيرضه الفقيه)‪ ،‬فقال ما هذا لفظه‪:‬‬

‫‪ -1‬اإلقبال‪.46-45/1 :‬‬
‫‪ -2‬اإلقبال‪.115/1 :‬‬
‫‪21‬‬ ‫‪ -3‬أنظر‪ :‬اإلقبال‪ ،44/1 :‬و‪ ،63‬و‪ ،76‬و‪ ،110‬و‪.148-145‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ع بهذا ُّ‬ ‫ُْ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬


‫ادلاعء يف‬ ‫وروي عن العبد الصالح موىس بن جعفر عليهما السالم فقال‪ :‬اد‬
‫ُ ْ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َّ َ‬ ‫َّ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫دخول السنة‪ ،‬وذكر أن من داع به ملصا متسبا لم يصبه يف‬ ‫ِ‬ ‫شهر َرمضان مستقبل‬
‫ّ‬ ‫اهلل َّ‬ ‫ووقاه ُ‬ ‫وب َدن ِه‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫رش ما يأيت به يف تلك السنة‪:‬‬ ‫تلك السنة فتنة وال آفة يف دِينِه ودنياه‬
‫َ َ ُ ُ ُّ َ ْ َ َ ْ َ َ َّ َ َ ْ ُ َّ َ‬ ‫َّ ُ َّ ِّ َ ْ َ ُ َ ْ َ َّ‬
‫أللهم إِن أسألك بِاس ِمك الِي دان ل ك ش ٍء‪ ،‬وبِرحتِك ال ِت وسِعت ك ش ٍء‪،‬‬
‫ُ َ َّ‬ ‫ا ك َ ْ‬ ‫َ َ َ َ َ َّ َ َ َ َ ُ ُّ‬ ‫ُ َّ َ‬ ‫َ َّ َ َ َ‬
‫ش ٍء‪َ ،‬وبِق َّوت ِك ال ِت‬ ‫َوبِع َِّزت ِك ال ِت قه ْرت بِها ك ش ٍء‪ ،‬وبِعظمتِك ال ِت تواضع ل‬
‫ُ ِّ َ‬ ‫ْ َ َّ َ َ‬ ‫َ َ َ ُ َ َّ َ َ َ ْ ُ َّ َ‬ ‫َ َ َ َ ُ ُّ َ‬
‫بوت ِك ال ِت غلبت ك ش ٍء‪َ ،‬وبِعِل ِمك الِي أحاط بِكل ش ٍء‪،‬‬ ‫خضع لا ك ش ٍء‪ ،‬و ِب‬
‫َ ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ ك َشء‪ ،‬يا ُ‬ ‫ً َ ْ َ ُ ِّ‬ ‫َ ُ َ ْ َ ُ ِّ َ‬ ‫ُ ُ ُ ُّ ُ‬
‫اهلل يا َرح ُن صل‬ ‫ٍ‬ ‫ور يا قدوس‪ ،‬يا أ َّول قبل ك ش ٍء‪َ ،‬ويا باقِيا بعد‬ ‫يا ن‬
‫َ ُ َ َّ َ ُ َ َّ َ ْ ْ َ ُّ ُ َ َّ ُ َ ِّ ُ ِّ َ َ َ ْ ْ َ ُّ ُ َ َّ ُ ْ ُ‬
‫نل‬ ‫وب ال ِت ت ِ‬ ‫ ل اذلن‬ ‫ ل اذلنوب ال ِت تغي انلعم‪ ،‬واغفِر ِ‬ ‫آل مم ٍد واغفِر ِ‬ ‫ع مم ٍد و ِ‬
‫اغفِرْ‬ ‫ُّ ُ َ َّ ُ ُ َ ْ َ َ ْ‬ ‫ُّ ُ َ َّ َ ْ َ ُ َّ َ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫انلِّق َم‪َ ،‬واغف ِْر ِ ل اذلنوب ال ِت تقطع الرجاء‪ ،‬واغفِر ِ ل اذلنوب ال ِت تدِيل األعداء‪ ،‬و‬ ‫ْ‬
‫ُّ ُ َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫وب الت ُت ْنل َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫وب الت تَ ُر ُّد ُّ‬ ‫َّ‬ ‫َ ُّ ُ َ‬
‫ابلالء‪َ ،‬واغف ِْر ِ ل اذلنوب ال ِت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اعء‪َ ،‬واغف ِْر ِ ل اذلن‬ ‫ادل َ‬
‫ِ‬ ‫ِل اذلن‬
‫ُّ ُ َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ ْ َ ُّ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ ُ َ ْ َ َّ‬
‫تبِس غيث السماء‪ ،‬واغفِر ِ ل اذلنوب ال ِت تكشِ ف الغِطاء‪ ،‬واغفِر ِ ل اذلنوب ال ِت‬
‫َ‬ ‫َ ُّ ُ َ َّ ُ ُ َّ َ َ َ ْ ْ َ ُّ ُ َ َّ َ ْ ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ َ ِّ ُ َ‬
‫ ل اذلنوب ال ِت تهتِك العِص َم‪،‬‬ ‫ورث انلدم‪ ،‬واغفِر ِ‬ ‫ِر ل اذلنوب ال ِت ت ِ‬ ‫تعجل الفناء‪ ،‬واغف ِ‬
‫ْ َ َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ ِّ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ َ َ َ ََ‬ ‫ََ ْ ْ‬
‫ ف‬ ‫هار ِ‬ ‫وألبِس ِن دِرعك احل ِصينة ال ِت ال ترام‪ ،‬واعف ِِن مِن ش ما أخاف بِاللي ِل وانل ِ‬
‫ُ ْ ََْ َ َ‬
‫مستقب ِل سن ِت هذِه‪.‬‬
‫َّ َ‬ ‫ََُْ‬ ‫َ َّ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ْ َ َ َّ‬ ‫َّ َّ‬ ‫َّ ُ‬
‫ِيه َّن َوما بينه َّن َو َرب الع ْر ِش‬ ‫ماوات السبعِ ‪ ،‬ورب األرضِ ني السبعِ وما ف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ألله َّم َرب الس‬
‫َ َْ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ُْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ َّ ْ‬ ‫َ‬
‫آن العظِ يمِ ‪َ ،‬و َرب إِسافِيل َومِياكئ ِيل َوجبائ ِيل‪،‬‬ ‫ثان والقر ِ‬ ‫العظِ يمِ ‪ ،‬ورب السبعِ الم ِ‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ ْ َ‬ ‫َ‬
‫َ َّ ِّ َ َ ِّ ُ ْ َ َ ْ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ ُ َ َّ‬
‫يم أنت‬ ‫ورب مم ٍد خاتمِ انلبِيني وسي ِد المرسلِني‪ ،‬أسألك بِك َوبِما تسميت بِهِ‪ ،‬يا عظِ‬
‫ِي ك َجزيل‪َ ،‬وتُضاع ُِف من َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ُْ‬ ‫َ َ ْ َ ُ ُ َّ َ ْ ُ‬ ‫َ ُ ُّ َ‬ ‫َّ‬
‫سنات‬‫ِ‬ ‫احل‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ور‪َ ،‬وتعط‬ ‫الِي تمن بِالعظِ يمِ ‪ ،‬وتدفع ك مذ ٍ‬
‫القلِيل‪َ ،‬و َت ْف َع ُل ما ت َ ُ‬
‫شاء‪.‬‬
‫َ َ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الكثري ب ِ‬
‫ُ ْ ََْ َ َ‬ ‫ُ َّ َ ْ ْ‬ ‫ُ َ ْ ُ َ ِّ َ ُ َ َّ‬ ‫َ ُ‬
‫ ف مستقب ِل سن ِت ه ِذه ِ‬ ‫وآل مم ٍد‪ ،‬وألبِس ِن ِ‬ ‫يا قدِير يا اهلل يا رحن‪ ،‬صل ع مم ٍد ِ‬
‫ْ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ َ َّ َ َ َ ِّ ْ‬ ‫ُ َ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َْ َ َ‬
‫شيف كرائ ِ ِمك‬ ‫ورك‪ ،‬وأحِب ِن بِمحبتِك‪ ،‬و َبلغ يب ِرض َوانك و ِ‬ ‫سِتك‪ ،‬وأضِ ئ وج ِه بِن ِ‬
‫َ ً ْ َ ْ َ‬ ‫ْ َ ُْ‬ ‫َْ َ َ ْ َْ‬ ‫َ ْ َْ‬ ‫َ‬
‫ي ما أنت معطِي ِه أحدا مِن خلقِك سِوى‬ ‫ي ما عِندك ومِن خ َ ِ‬ ‫وجزيل عطائ ِك‪ ،‬مِن خ ِ‬
‫ََ َ‬ ‫ْ ْ ََ َ‬ ‫أح ٌد يف ُّ‬ ‫ُ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ادلنيا واآلخ َِرة ِ‪َ ،‬وألبِس ِن مع ذل ِك اعفِيتك‪.‬‬ ‫من ال يعدِهل عندك‬
‫َ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ ِّ َ َّ‬ ‫َ ُ ِّ َ ْ‬ ‫َ ْ َ ُ ِّ َ ْ‬
‫شاء مِن‬ ‫يا موضِ ع ك شكوى‪َ ،‬ويا شاهِد ك نوى‪َ ،‬ويا اعل َِم ك خفِي ٍة‪َ ،‬ويا داف ِع ما ت‬
‫ُ َ َّ‬ ‫َ َ ْ َ َ َ‬ ‫َ َ َ َّ ُ َ َ َّ َ َّ ْ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫َ َّ‬
‫ِين مم ٍد‬ ‫بلِي ٍة‪ ،‬يا ك ِريم العف ِو‪ ،‬يا حسن اتلجاوزِ‪ ،‬توف ِن ع مِل ِة إِبراهِيم وف ِطرتِهِ‪ ،‬وع د ِ‬
‫َ‬ ‫ً ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫والا ً ْ‬ ‫َ َ ْ َ َ ُ َّ َ َ َ ْ َ َ َ َّ ُ‬ ‫َ ّ‬
‫ألو ِلائ ِك‪َ ،‬ومعادِيا ألعدائ ِك‪.‬‬ ‫الوفاة ِ فت َوف ِن م ِ‬ ‫ي‬
‫آلِ وسنتِهِ‪ ،‬وع خ ِ‬ ‫صل اهلل علي ِه و ِ‬
‫ُ ِّ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ ِّ َ َ‬ ‫َّ ُ َّ َ ْ َ ْ‬
‫الس َنةِ] من ك عم ٍل أ ْو ف ِع ٍل أ ْو ق ْو ٍل يباعِد ِن مِنك‪َ ،‬واجلِب ِن إِىل ك‬ ‫َّ‬
‫[ف ه ِذه ِ‬ ‫أللهم وامنعين ِ‬
‫ْ ُ ِّ َ َ‬ ‫َ َْْ‬ ‫الس َن ِة يا أ ْر َح َم َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ َ‬ ‫َْ َُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ْ‬
‫ِني ‪َ ،‬وامنع ِن مِن ك عم ٍل‬ ‫اح‬ ‫الر ِ‬ ‫عم ٍل أ ْو ف ِع ٍل أ ْو قو ٍل يق ِّرب ِن مِنك ِ ف ه ِذه ِ‬
‫َ ْ‬ ‫َ َ َ ُ َ ْ َ َ َّ َ َ َ ْ‬ ‫خاف َ‬ ‫َ ْ ْ َ ْ َ ْ َ ُ ُ ِّ َ ُ‬
‫اي عليهِ‪ ،‬حذارِ أن‬ ‫سوء اعق ِبتِهِ‪ ،‬وأخاف مقتك إِي‬ ‫أو ف ِع ٍل أو قو ٍل يكون مِن أ‬
‫وف يا َرحِيم‪ُ.‬‬ ‫َْ َ َ ُ ُ‬ ‫َ ْ ً ْ َ ٍّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َ َ ْ َ َ َ َ َ ِّ َ َ ْ َ‬
‫جب ب ِ ِه نقصا مِن حظ ِ ل عِندك‪ ،‬يا رؤ‬ ‫صف وجهك الك ِريم عن فأستو ِ‬ ‫‪ 22‬ت ِ‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫َ ِّ ْ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َّ ّ‬ ‫ُ ْ ََْ‬ ‫َّ ُ َّ ْ َ ْ‬


‫وارك َو ِف كنفِك‪َ ،‬وجلل ِن‬ ‫ج ِ‬ ‫ة ف حِفظِ ك و ِف ِ‬ ‫ ف مستقب ِل ه ِذه ِ السن ِ‬ ‫أللهم اجعل ِن ِ‬
‫ً‬ ‫َ َ ْ ُ َ َّ ُ ْ َ ْ‬ ‫َ َ َ َ َ َّ ُ َ َ َّ َ ُ َ‬ ‫ََ َ َ ْ‬
‫يك‪ .‬ألله َّم اجعل ِن تابِعا‬ ‫جارك‪َ ،‬وجل ثناؤك‪َ ،‬وال إِهل غ‬ ‫اعفِيتك‪َ ،‬وهب ِ ل كرامتك‪ ،‬عز‬
‫ِّ ْ َ َ ْ َ‬ ‫ْ َ ْ ُ َ ِّ َ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َ‬
‫ل ِصال ِِح من مىض مِن أ ْو ِلائ ِك‪َ ،‬وأل ِق ِن ب ِ ِه ْم‪َ ،‬واجعل ِن مسلما ل ِمن قال بِالصد ِق عليك‬
‫ِّ‬ ‫َ َْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ َ‬ ‫ُْ‬
‫باع‬ ‫ ب خطِيئ ِت َوظل ِم َوإ ِ ْس ِاف ع نف ِس َوات ِ‬ ‫ِ‬ ‫مِنه ْم‪ ،‬وأعوذ بِك يا إليه أن تِيط‬
‫َ َْ ََْ َ َ َْ َ َ ْ َ َ ُ َ َْ ًّ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ ْ‬
‫وات فيحول ذل ِك بي ِن وبي رحتِك ورِضوان ِك‪ ،‬فأكون منسِ يا‬ ‫غال بِشه ِ‬ ‫ل ِهواي واشتِ ِ‬
‫َْ َ ََُ ً َ َ َ ْ َ َ‬
‫عِندك‪ ،‬متع ِّرضا ل ِسخطِك َونقمتِك‪.‬‬
‫َّ ُ َ َ َ ْ َ‬ ‫َ ْ َ َ ُْ‬ ‫َ ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ ِّ َ َ‬ ‫َّ ُ ِّ ْ‬
‫ألله َّم َوفق ِن ل ِك عم ٍل صال ٍِح ت ْرىض ب ِ ِه عن‪َ ،‬وق ِّرب ِن إ ِ ْلك زلىف‪ .‬ألله َّم كما كفيت‬
‫َ َ َُْ‬ ‫َ ْ َ َ َّ ُ َ َ ْ َ َ َ‬ ‫َ َ َْ َ َ َ َ ُ‬ ‫َ َّ َ ُ َ َّ ً‬
‫آلِ ه ْول عد ِّوه ِ‪َ ،‬وف َّرجت همه‪َ ،‬وكشفت ك ْربه‪َ ،‬وصدقته‬ ‫نبِيك ممدا صلواتك علي ِه و ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ َ َ ُ َ ْ َ َ َّ ُ َ‬
‫ ل عهدك‪ ،‬ألله َّم فبِذل ِك فاكف ِِن ه ْول ه ِذه ِ السن ِة َوآفات ِها وأسقامها‬ ‫وعدك‪ ،‬وأنزت‬
‫َ َ‬ ‫ََْ َ َ َ‬ ‫َ َ ِّ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ُ ُ َ ََ ْ َ‬
‫عاش فِيها‪ ،‬وبلغ ِن بِرحتِك كمال العافِي ِة بِتمامِ‬ ‫وف ِتنها وشورها وأحزانها وضِ يق الم ِ‬
‫َُْ َ َ‬ ‫َْ ْ‬ ‫َ‬
‫دوامِ انلِّعم ِة عِندِي إِىل منتىه أج ِل‪.‬‬
‫ ل ما مىض م َِن‬
‫َ‬ ‫َ ْ َُ َ ُ َ َ ْ َ َ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ ْ َ َ َ ََ ْ َُ َ َ ْ َ ْ َ‬
‫أسألك سؤال من أساء وظلم واستاكن واعتف‪ ،‬وأسألك أن تغفِر ِ‬
‫هم‬ ‫ل‪َ ،‬و َأ ْن َت ْعص َمن اللَّ َّ‬ ‫تك َع َ َّ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ‬
‫صتها حفظتك َوأحصاها ك ِرام مالئ ِك‬
‫َّ َ َ َ ْ َ َ َ ُ َ َ ْ َ‬
‫وب ال ِت ح‬
‫ُّ ُ‬
‫اذلن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ َ ْ ُ َ ِّ َ ُ َ َّ َ َ ْ‬ ‫َُْ َ َ‬ ‫َ َ ْ ُ ْ‬ ‫َ ُّ ُ‬
‫وب ِ ف ما ب ِق مِن عم ِري إِىل منتىه أج ِل‪ ،‬يا اهلل يا رحن‪ ،‬صل ع مم ٍد وأه ِل‬ ‫مِن اذلن ِ‬
‫َ َ َ َّ ْ َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ َ ْ ُ َ َ َ ْ ُ ْ َ ْ َ َ َّ َ َ َ ْ َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ُ َ َّ‬
‫ت مم ٍد وآت ِِن ك ما سألك ورغِبت فِي ِه إِلك‪ ،‬فإِنك أمرت ِن بِادلاعءِ وتكفلت‬ ‫بي ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ‪1‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫بِاإلجابةِ‪ ،‬يا أرحم الر ِ‬
‫احِني»‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ ّ‬
‫‪ -1‬وقال السيد أيضا‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫املوسوي رمحه اهلل‪ ،‬فيه أدعية‪ ،‬يقول‬ ‫الريض‬ ‫كتاب ذكر أنه خبط‬ ‫ٍ‬ ‫«داعء آخر وجدناه يف‬
‫ْ‬
‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َّ‬ ‫َّ‬
‫أنزلت فيه‬ ‫شهر رمضان الي‬ ‫هم إن هذا‬ ‫فيه‪ :‬ويقول عند دخول شهر رمضان‪ :‬ألل‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ َ ً‬
‫قان قد حض‪ .‬يا رب أعوذ بك فيه‬ ‫نات مِن الهدى والفر ِ‬ ‫اس وبي ٍ‬ ‫القرآن‪ ،‬هدى ل ِلن ِ‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫جله‬ ‫يطان الرجيمِ ‪ ،‬ومِن مك ِره ِ وحِيلِه‪ ،‬وخِدا ِع ِه وحبائلِه‪ ،‬وجنو ِده ِ وخيلِه‪ ،‬ور ِ‬ ‫مِن الش ِ‬
‫بعد اإليمان‪ ،‬ومِن انلِّفاق ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫والرياءِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فر‬
‫الل بعد الهدى‪ ،‬ومِن الك ِ‬ ‫ساو ِسهِ‪ ،‬ومِن الض ِ‬ ‫وو ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َُ ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ ِّ َ ْ‬
‫جلن ِة‬ ‫اس‪ ،‬مِن ا ِ‬ ‫دور انلّ ِ‬ ‫سوس يف ص ِ‬ ‫اس‪ ،‬الي يو ِ‬ ‫واس اخلن ِ‬ ‫الوس ِ‬ ‫نايات‪ ،‬ومِن ش‬ ‫ِ‬ ‫جل‬
‫وا ِ‬
‫َ ُ َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َُ‬ ‫َّ َّ ْ ُ ْ‬ ‫َّ‬
‫ول‬ ‫وانلاس‪ .‬أللهم وارزقين صِ يامه وقِيامه‪ ،‬والعمل فيه بِطاعتِك‪ ،‬وطاع ِة رسول ِك وأ ِ‬
‫ََ‬ ‫ْ ُْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ِّ ْ َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وارزقين في ِه اتلَّوبة‬ ‫قرب منك‪ ،‬وجنب ِن معاصِ يك‪،‬‬ ‫ليهم السالم‪ ،‬وما‬ ‫األمر علي ِه وع ِ‬ ‫ِ‬
‫واس َتج ْب يل فيه ُّ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ ََ‬
‫اعء‪،‬‬ ‫ادل َ‬ ‫ِ‬ ‫‪،‬‬ ‫ل‬ ‫ش‬ ‫والف‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫والك‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫ِيب‬ ‫غ‬ ‫ال‬ ‫ِن‬ ‫م‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫في‬ ‫ين‬ ‫ِذ‬ ‫ع‬ ‫وأ‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬ ‫واإلجاب‬ ‫ة‬ ‫اب‬ ‫واإلن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ِّ ْ‬ ‫َ َّ‬
‫جسيم وعقيل‪ ،‬وفرغين في ِه ل ِطاعتِك وما قرب منك‪ ،‬يا كريم يا جواد‬ ‫وأصِ ح يل فيه ِ‬

‫جزئي ًا عىل ما نقله عنه يف البحار‪343-341/94 :‬؛ وانظر‪:‬‬


‫ّ‬ ‫مصحح ًا‬
‫ّ‬ ‫‪ -1‬اإلقبال‪،118-116/1 :‬‬
‫‪23‬‬ ‫الكليين‪ ،‬الكايف‪.72/4 :‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫َ َْْ‬ ‫َّ ُ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ُ َ ِّ‬


‫بيت مم ٍد عليه وعليهم السالم‪ ،‬وكذلك فافعل بِنا‬‫أهل ِ‬
‫يا كريم‪ ،‬صل ىلع مم ٍد وىلع ِ‬
‫َ ‪1‬‬ ‫الر ِ‬
‫احني»‪.‬‬ ‫أر َح َم َّ‬
‫يا ْ‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ُ‬
‫داعء اجلوشن الكبري‪ .‬ورد احلث الشديد ىلع قراءته يف هذه الليلة‪ ،‬واثلواب اذلي‬ ‫‪-4‬‬
‫ََّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫يُعطاه قارئه عظيم‪ ،‬وختام هذا اثلواب أن من داع بهذا ادلاعء ينادى‪« :‬ادخل اجلنة‬
‫ُ‬
‫‪2‬‬
‫بغريِ حساب»‪.‬‬
‫ّ‬
‫* األدعية العامة لليايل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ينبيغ اتلنبه إىل أن ما تقدم اكن حول األدعية اخلاصة بالليلة األوىل‪ ،‬وهناك أدعية‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫وأشهرها «داعء االفتتاح»‪ ،‬وينبيغ ابلدء‬ ‫تقرأ يف لك يللة بما يشمل الليلة األوىل‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بأدعية الليايل‪ ،‬العامة يف الليلة األوىل فليالحظ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العامة يف لك يللة‪ ،‬هذا ادلاعء‪:‬‬ ‫ومن األدعية‬
‫ِّ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ ْ َ ََْ ْ َ َ‬ ‫َْْ َ‬ ‫َّ ُ َّ َ َّ َ ْ َ َ َ َ َّ‬
‫«أللهم رب شه ِر رمضان الِي أنزلت فِي ِه القرآن‪ ،‬وافتضت ع عِبادِك فِي ِه الصيام‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ُ ِّ َ‬
‫وف ك عمٍ ‪ ،‬واغف ِْر ِ ل‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ ْ َ َّ َ ْ َ َ‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫َ ِّ َ ُ َ َّ‬
‫وآل مم ٍد وارزق ِن حج بيتِك احلرامِ ِ ف ع ِم هذا ِ‬ ‫صل ع مم ٍد ِ‬
‫َ َّ ُ‬ ‫َ َ َ َّ ُ َ ْ ُ َ َ ْ ُ َ َ ْ َ‬ ‫ْ َ ُّ ُ َ‬
‫يك يا َرح ُن يا عالم»‪.‬‬ ‫ت ِلك اذلنوب العِظام‪ ،‬فإنه ال يغفِرها غ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫«من قال هذا ّ‬ ‫ورد يف ثوابه‪َ :‬‬ ‫َ‬
‫ادلاعء يف لك يللة من شهر رمضان‪ ،‬غفرت هل ذنوب‬ ‫وقد‬
‫‪3‬‬
‫أربعني سنة»‪.‬‬
‫ّ‬
‫* صالة الليلة األوىل‬
‫ينطبق هذا العنوان ىلع أربع صلوات‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األوىل‪ :‬قال ّ‬
‫السيد يف (اإلقبال)‪« :‬حممد بن أيب قرة يف عمل أول يوم من شهر رمضان‪،‬‬
‫َ َ ُّ ً‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫عن العالم صلوات اهلل عليه‪ ،‬قال‪ :‬من صل عند دخول شهر رمضان بِركعتني تطواع‪،‬‬
‫أحب‪ ،‬رفع ُ‬‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اهلل‬ ‫قرأ يف أوهلما (أم الكتاب) و(إنا فتحنا لك فتحا مبينا)‪ ،‬واألخرى ما‬
‫َ‬ ‫ُّ َ َ‬
‫‪4‬‬
‫وء يف سنتِه ولم يزل يف حِرز اهلل إىل مثلها من قابل»‪..‬‬ ‫عنه الس‬

‫‪ -1‬اإلقبال‪.119-118/1 :‬‬
‫‪ -2‬الكفعمي (الشيخ ابراهيم‪ ،‬الوفاة حوايل ‪ 900‬هج)‪ ،‬املصباح‪ :‬ص ‪( 247‬ط‪ :‬حجرية‪ ،‬مؤسسة‬
‫القمي‪،‬‬
‫واملحدث ّ‬ ‫ّ‬ ‫األعلمي‪ ،‬بريوت ‪1403‬هج‪1983 ،‬م)؛ وانظر‪:‬املجليس‪ ،‬البحار‪331/78 :‬؛‬
‫الس ّيد ياسني املوسوي)‪.‬‬
‫مفاتيح اجلنان‪ ،‬ومنازل اآلخرة‪ :‬ص ‪( ،198‬ت‪ّ :‬‬
‫الصادق خ‪ ،‬عنه‬ ‫ّ‬ ‫عن‬ ‫ً‬ ‫ال‬ ‫مرس‬ ‫اهلداية‬ ‫يف‬ ‫الصدوق‬ ‫‪ -3‬اإلقبال‪ ،144/1 :‬ويف هامشه‪ -1« :‬رواه‬
‫البحار‪ ،311/96 :‬وليس فيه‪( :‬يا ّ‬
‫علم)‪.»..‬‬
‫وليالحظ أ ّن هذه الصالة مل ت َِرد بعنوان‬ ‫‪ -4‬اإلقبال‪ ،198/1 :‬وعنه‪ :‬احلر العاميل‪ ،‬الوسائل‪ُ .41/8 :‬‬
‫الس ّيد ابن طاوس عن كتاب‬ ‫صالة ال ّليلة األوىل‪ ،‬بل بعنوان «عند دخول شهر رمضان»‪ ،‬وقد نقلها ّ‬
‫تقدم يف فقرة أدعية ال ّليلة األوىل‪-‬‬ ‫السيد ‪-‬كما ّ‬‫قرة يف «عمل أول يوم من شهر رمضان»‪ ،‬إال أ ّن ّ‬ ‫ابن أيب ّ‬
‫يرصح بأ ّن أول الشهر هو أول ليلته األوىل‪ ،‬وعليه فيقتيض االستظهار واالحتياط بأن ُيؤىت هبذه الصالة‬ ‫ّ‬
‫مرتني‪ ،‬يف ال ّليلة األوىل ويف اليوم األول‪ ،‬مع إمكان االكتفاء باإلتيان هبا يف ال ّليلة األوىل‪ .‬واهلل العامل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪24‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ّ‬ ‫أن تعبري «عند دخول شهر رمضان» هو من ّ‬ ‫ّ‬


‫الرواية‪ ،‬ويتحقق ذلك حبلول‬ ‫ومن الواضح‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أو ِل يلل ٍة منه كما تقدم عن الشيخ املفيد‪ ،‬وليس يف الرواية أن الصالة من «عمل أو ِل‬
‫يوم»‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اثلانية‪ :‬مروية عن اإلمام الصادق خ‪ ،‬ويه أطول بكثري‪ ،‬ويه عبارة عن ركعتني‪،‬‬
‫مرة وسورة (األنعام)‪ .‬وقد َو َرد يف ثوابها‪« :‬كفاهُ ُ‬ ‫لك ركع ٍة (احلمد) ّ‬ ‫ِّ‬
‫اهلل تعاىل ما‬ ‫يقرأ يف‬
‫الشهر َ‬ ‫ّ‬ ‫َ ُ‬
‫‪1‬‬
‫ووقاه من املخاوف واألسقام»‪.‬‬ ‫يافه من ذلك‬
‫صل يف ّ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫وليست هذه الصالة ّ‬
‫أول يللة من‬ ‫خاصة بالليلة األوىل من شهر رمضان‪ ،‬بل ت‬
‫ّ‬
‫لك شهر‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يذكر‬ ‫حديث طويل‬
‫ٍ‬ ‫مروية عن أمري املؤمنني خ يف‬ ‫خاصة بهذه الليلة‪ ،‬ويه‬ ‫اثلاثلة‪:‬‬
‫ّ‬
‫صالة لك يللة من يلايل شهر رمضان‪ ،‬وقد ورد فيه‪:‬‬
‫لك ركعة (احلمد) ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫صل يف َّ‬ ‫َ ْ َّ‬
‫مرة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫يف‬ ‫يقرأ‬ ‫ركعات‪،‬‬ ‫أو ِل يلل ٍة من شهر رمضان أربع‬ ‫«من‬
‫َ َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ ُ َ ِّ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ومخس عرشة مرة (قل هو اهلل أحد)‪ ،‬أعطاه اهلل ثواب الصديقني والشهداء‪ ،‬وغفر هل‬
‫َ َ‬
‫‪2‬‬
‫مجيع ذنوبه‪ ،‬واكن يوم القيام ِة مِن الفائزين»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تقع ضمن ترتيب ّ‬ ‫صالة ُ‬ ‫ٌ‬
‫وحصة هذه‬ ‫معي لصلوات شهر رمضان املبارك‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫الرابعة‪ :‬ويه‬
‫ّ‬
‫الليلة من هذا الرتتيب يه عرشون ركعة‪ ،‬ثماين ركعات منها بعد املغرب‪ ،‬واثنتا عرشة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مرة‪ ،‬و(قل هو اهلل‬ ‫لك ركعة (احلمد) ّ‬ ‫ركعة بعد العشاء (لك ركعتَني بتسليمة) يقرأ يف‬
‫مرات‪ ،‬خيتار‬ ‫مرات‪ ،‬أو عرش ّ‬ ‫مرات‪ ،‬أو سبع ّ‬ ‫مرات‪ ،‬أو مخس ّ‬ ‫مرة‪ ،‬أو ثالث ّ‬ ‫أحد) ّ‬
‫َ‬ ‫ُ ّ‬
‫المصل العدد اذلي يناسبُه‪.‬‬
‫ْ‬
‫و يأيت احلديث عنها باتلفصيل إن شاء اهلل تعاىل‪.‬‬
‫ّ‬
‫اللقمة احلالل‬
‫المكسب َّ‬
‫وادلخل املايل‬ ‫ويف طليعة أولويات االهتمام بشهر رمضان‪ ،‬اتلدقيق يف َ‬
‫ّّ‬ ‫ّ ً ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫عموما‪ ،‬حذرا من أن يكتشف الصائم متأخرا أنه اكن يف ضيافة اهلل تعاىل اكللص‬
‫اذلي يُشارك يف ضيافة َمن رسق منه‪ ،‬وهو يلبس اثلياب اليت اكنت من مجلة ما رسق‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫إن عدم اتلدقيق يف َّ‬‫ّ‬
‫ادلخل املايل وسائر املمتلاكت قد جيعل الصائم أيضا يأكل طعاما‬
‫ً‬
‫خمتلطا باحلرام اذلي ُسق من الفقراء واملحتاجني!‬
‫َ‬ ‫من هنا اكن اتلفكري باللّقمة احلالل اليت ترافق الصوم من ّ‬
‫أوهل إىل آخره‪ ،‬بالغ األهمية‪.‬‬
‫السيد ابن طاوس عليه الرمحة‪ ،‬وخالصة ما يظهر‬ ‫نب َه ىلع ذلك ّ‬
‫سي ُد العلماء املراقبني ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫من كالمه قدس رسه‪ ،‬أن ىلع الصائم أن يهتم بلقمته احلالل يف شهر رمضان املبارك‪،‬‬

‫‪ -1‬اإلقبال‪.75/1 :‬‬
‫‪25‬‬ ‫‪ -2‬احلر العاميل‪ ،‬الوسائل‪.38/8 :‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ًّ‬ ‫ُ ّ ّ‬


‫ظن أن هذه املسألة اعديّة جدا ومفروغ منها‪ ،‬إال أن احلقيقة أنه ليس من السهل‬ ‫وقد ي‬
‫َّ َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أن يعرف املرء أن هذه اللقمة حالل أو ليست حالال‪ ،‬لكرثة احلكم الظلمة اذلين‬
‫وه ْدرها‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ّ ّ‬ ‫َ‬
‫وط ْم ِس‬ ‫ِ‬ ‫كثري من احلقوق‬ ‫ٍ‬ ‫مما أدى إىل ضياع‬ ‫تعاقبوا واغتصبوا أموال انلاس‪،‬‬
‫معالم إاعدة األمور إىل نصابها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ذللك‪ ،‬فينبيغ أن يبذل الصائم اجلهد يف هذا املجال‪ ،‬ويويله عناية خاصة‪ ،‬ويتعامل‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫مصدر حرام‪ ،‬ولكن ال‬ ‫ٍ‬ ‫مع ما يملك كما أمرنا أن نتعامل مع املال اذلي نعلم أنه من‬
‫َ‬
‫ختميس‬ ‫احلق إىل أه ِله لعدم معرفتهم‪ .‬يقتيض االحتياط يف هذه احلال‬ ‫يُمكننا إرجاع ّ‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫وبناء ىلع ذلك فينبيغ َ‬ ‫ً‬ ‫املال ّ‬
‫‪-‬حت إذا اكن مطمئنا‬ ‫لمن يريد أن يصوم حقيقة‬ ‫مرتني‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫االطمئنان العادي إىل لقمته احلالل‪ -‬أن يستظ ِهر بتخميس لك ما يتقلب فيه‪ ،‬أي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مرة ثانية‪ ،‬غري اخلُمس‬ ‫لك ما يستعمله يف شهر رمضان املبارك ّ‬ ‫فيخمس‬ ‫حيتاط الصائم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫العادي اذلي يفرتض أنه قد أداه‪ ،‬والسبب يف هذا االحتياط هو أنه يف ضيافة الرمحن‪،‬‬
‫ّ ّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫عز وجل‪ ،‬وذللك‬ ‫ويف أفضل الشهور‪ ،‬وهو يريد أن يوفق للتوبة انلصوح‪ ،‬و أن يقبله اهلل‬
‫ب يف حالل‪.‬‬ ‫يطمنئ إىل أنّه يتقلّ ُ‬‫َّ‬ ‫فهو يبذل قصارى جهده من أجل أن‬
‫ُ ُ‬

‫مرة واحدة‪ ،‬إال أنه‬ ‫أن هذا ليس واجباً‪ ،‬فالواجب هو إخراج اخلُمس ّ‬ ‫ّ‬
‫ومن الواضح‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مستوى متقدم من االحتياط يف الوصول إىل االطمئنان باللقمة احلالل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ ٌّ ّ‬
‫يتأمل لك منا يف ما حوهل ويف ما يتقلب فيه‪ ،‬هل‬ ‫والفائدة العملية يف هذا املجال أن‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫خيمسه‪ ،‬هل َ‬ ‫يوجد يشء لم ّ‬
‫يوجد يشء فيه شبهة‪ ،‬فيخرج من العهدة فيه بالطرق‬
‫الرشعية ّ‬
‫املقررة‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫ّ‬ ‫خيمس أصال تكون فائدته العملية ّ‬ ‫ً‬ ‫أن من لم ّ‬ ‫ٌّ ّ‬
‫مما تقدم كبرية جدا‪ ،‬حيث‬ ‫وبدييه‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫إنّه َ‬
‫أمام كالمٍ عن خ ٍس آخر بعد اخلمس األول‪ ،‬فما هو إذا حال من لم خيمس أبدا؟!‬
‫وجل أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫لك مسلم أن يسأل نفسه‪ ،‬كيف يصوم ويطلب من اهلل ّ‬ ‫ّ‬
‫يتقبله وهو‬ ‫عز‬ ‫ٍ‬ ‫ىلع‬
‫ّ‬
‫يتقلب يف احلرام‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ويؤكد ّ‬ ‫ّ‬
‫السيد ابن طاوس كثريا ىلع مسألة اللقمة احلالل بشلك خاص‪ ،‬وينقل الرواية‬
‫اتلايلة‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫«قال الراوي‪ :‬قلت لإلمام اهلادي خ‪ :‬روينا عن آبائك أنه يأيت ىلع انلاس زمان ال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يشء ّ‬
‫ٌ‬
‫درهم من حالل‪ ،‬فقال‪ :‬يا أبا حممد‪ ،‬إن‬ ‫ٍ‬ ‫كسب‬
‫ِ‬ ‫أخ أنيس‪ ،‬أو‬
‫أعز من ٍ‬ ‫يكون‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫أخ يف اهلل‬ ‫درهم حالل‪ ،‬أو ٍ‬
‫ٍ‬ ‫زمان ليس فيه يشء أعرس من‬
‫ٍ‬ ‫العزيز موجود‪ ،‬ولكنك يف‬
‫ّ ّ‬
‫‪1‬‬
‫عز وجل»‪.‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫وتبي الرواية مدى اجلُهد اذلي جيب أن يبذل لالطمئنان إىل اللقمة احلالل‪.‬‬

‫‪ -1‬اإلقبال‪.41/1 :‬‬ ‫‪26‬‬


‫أعمال شهر رمضان‬

‫األعمال العامة لليوم ّ‬


‫األول‬
‫ّ‬
‫خاصة بايلوم ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫مستحبات ّ‬
‫اعمة لليوم ّ‬ ‫ّ‬
‫األول من‬ ‫األول من لك شهر‪ ،‬ومستحبات‬ ‫هناك‬
‫شهر رمضان‪.‬‬
‫ّ‬
‫للك ّ‬ ‫* من القسم ّ‬
‫أول شهر‪ ،‬أذكر ما ييل‪:‬‬ ‫األول‪ ،‬أي العامة‬
‫‪1‬‬
‫نافع لوجع العني‬ ‫‪ -1‬قراءة سورة (احلمد) سبع ّ‬
‫مرات‪ ،‬وذلك ٌ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫جلنب‪ ،‬وأن‬
‫‪ -2‬كما ورد أنه يستحب يف ايلوم األول من لك شهر أكل يش ٍء من ا ِ‬
‫ّ ‪2‬‬
‫هل فوائد هامة‪.‬‬
‫الس ّيد هذه الرواية يف كتابه (ادلروع الواقية)‪ ،‬قال‪:‬‬
‫وبعد أن أورد ّ‬
‫َ‬ ‫ّ َ‬
‫«فإياك أن تستبعد مثل هذه اآلثار‪ ،‬وقد رواها هارون بن موىس وهو من األخيار‪ ،‬وكم‬
‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫ّ‬
‫هلل جل جالهل يف بالده وعباده من األرسار‪ ،‬ما لم يطلع عليه إال من شاء من ُرسله‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫التسليم والرضا والقبول‪ ،‬ممن شهدت بوجوب تصديقه‬ ‫فيجب‬ ‫وخواصه األطهار‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪3‬‬
‫العقول»‪.‬‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املستغربة‪ ،‬الزتاما منهم باملنهج‬ ‫اتلأمل يف طريقة تعامل العلماء مع األمور‬ ‫املهم‬ ‫ومن‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫العقيل السليم اذلي ال يعترب االستغراب ديلال‪ ،‬ويدقق يف السنَد ويلزتم بما ورد عن‬
‫يهم بعد ذلك ماذا تقول «روح العرص»!‬ ‫املعصوم‪ .‬وال ّ‬

‫ُ‬
‫‪ -3‬الغسل‬
‫ّ‬
‫وقد ورد احلث عليه بطريقتَني‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الغسل يف ماء جار‪َ ،‬‬
‫ويصب ىلع رأسه‬ ‫ومن لم يتمكن من ذلك فليَغتسل كما يمكنه‪،‬‬ ‫ٍ ٍ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬
‫ثالثني كفا من املاء‪ ،‬فإن ذلك يورث األمن من مجيع اآلالم واألسقام يف تلك السنة‪.‬‬
‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ٍّ‬ ‫ُ‬
‫يصب شيئا‬ ‫‪ -4‬رضب الوجه بكف من ماء الورد يلنجو من املذلة والفقر‪ ،‬وأن‬
‫ٌ‬ ‫ينتج عنه َ‬ ‫ٌ‬
‫نوع من الورم يف ادلماغ ُ‬ ‫َ‬
‫األرق و نوع‬ ‫يلأمن من الربسام‪ ،‬وهو‬ ‫منه ىلع رأسه‬
‫من اجلنون‪.‬‬
‫ّ‬
‫الس ّيد ابن طاوس رمحه اهلل تعاىل‪:‬‬
‫تقدم قال ّ‬ ‫حول ما‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«عن جعفر بن حممد ‪-‬اإلمام الصادق‪ -‬عن أبيه‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن أمري املؤمنني صلوات‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫جار‪ ،‬وص َّب ىلع رأسه ثالثني‬ ‫ّ‬
‫اهلل عليهم أنه قال‪ :‬م ِن اغتسل أول يوم من السنة‪ ،‬يف ما ٍء ٍ‬

‫القمي‪ ،‬مفاتيح اجلنان‪ ،‬يف أعمال أوائل الشهور‪.‬‬


‫‪ -1‬املحدث ّ‬
‫ّ‬
‫‪ -2‬املجليس‪ ،‬البحار‪.105/36 :‬‬
‫‪27‬‬ ‫‪ -3‬الس ّيد ابن طاوس‪ ،‬الدروع الواقية‪ :‬ص ‪.42‬‬
‫ّ‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫لك سنة ّ‬‫ّ َّ ّ‬ ‫ً َ َ‬ ‫َ‬


‫أول يوم من شهر رمضان‪.‬‬ ‫دواء ل ِسنتِه‪ .‬وإن أول‬ ‫غرفة‪ ،‬اكن‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ِّ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َ َ‬
‫وعنه عليه السالم‪ :‬أن من ضب وجهه بِكف ماء ورد أم َِن ذلك ايلوم من املذلة‬
‫ََ ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫والفقر‪ ،‬ومن وضع ىلع رأسه من ماءِ ورد‪ ،‬أمِن تلك السنة من ِ‬
‫البسام‪ 1 ،‬فال تدعوا‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫‪2‬‬
‫ما نوصيكم به»‪.‬‬
‫َ َ‬
‫احلسنة الواحدة اخلادل‪ ،‬أعظم!‬ ‫جواب شبهة االستغراب‪ :‬ثواب‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫السيد ابن طاوس ىلع ما تقدم بقوهل‪« :‬لعل خاطر بعض من يقف ىلع هذه الرواية‬ ‫علّ َق ّ‬
‫َ‬
‫تضمنَته من العناية‪ ،‬ويقول‪ :‬كيف يقتيض ثالثون غرفة من املاء استمرار‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫يستبعد ما‬
‫ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يعتقد أن اهلل‬ ‫مسلم فإنه‬‫ٍ‬ ‫العافية طول سن ِته وزوال أخطار األدواء؟ فاعلم أن لك‬
‫ّ‬
‫جل جالهل يُعطي ىلع احلسنة الواحدة يف دار ابلقاء‪ ،‬من اخللود ودوام العافية وكمال‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المغتسل يف دار الفناء بعض ذلك العطاء‪ ،‬وهو‬ ‫انلعماء‪ ،‬ما حيتمل أن يقدم هلذا العبد‬
‫ُ‬
‫‪3‬‬
‫ما ذكر من العافية والشفاء»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -5‬صالة ّ‬
‫أول كل شهر‬
‫يل ّ‬
‫(الرضا)‬ ‫حممد (اجلواد) بن ع ّ‬‫الرمحة‪« :‬اكن أبو جعفر ّ‬ ‫الس ّيد ابن طاوس عليه ّ‬ ‫ّ‬
‫قال‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ ُ ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫َ َ‬
‫عليهما السالم‪ ،‬إذا دخل شهر جديد يصل أول يومٍ منه ركعتني‪ ،‬يقرأ يف أول ركعة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الركعة اثلّانية (إنا أنزنلاه يف يللة‬ ‫الشهر‪ ،‬ويف ّ‬ ‫مرة بِ َعدد أيّام‬
‫(قل هو اهلل أحد) ثالثني ّ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫القدر) مثل ذلك‪ ،‬ويتَ َصدق بما يت َس َّهل‪ ،‬فيشرتي به سالمة ذلك الشهر لكه‪ .‬ووجدت‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬
‫هذا احلديث مرويا أيضا عن موالنا جعفر بن حممد الصادق ج "‪ "..‬ورأيت يف ِ‬
‫غري‬
‫ّ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫هذه ّ‬
‫ستحب إذا فرغت من هذه الصالة أن تقول‪:‬‬ ‫الرواية زيادة ويه‪ :‬وي‬
‫الرحيم ﴿ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ‬ ‫الرمحن ّ‬
‫بسم اهلل ّ‬

‫ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ﴾‪﴿ ،‬ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ‬
‫الرمحن َّ‬
‫الرحيم ﴿‪ ..‬ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﴾‪..﴿ ،‬ﮊ ﮋ‬ ‫اهللِ َّ‬
‫ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ﴾‪ ،‬بسمِ‬
‫ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ‪ ..﴿ ،﴾..‬ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ﴾‪ ..﴿ ،‬ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ‬
‫ﮍ ﮎ ﮏ ﮐِ﴾‪ ..﴿ ،‬ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ﴾‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫﴿‪ ..‬ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ﴾‪..﴿ ،‬ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ﴾»‪.‬‬

‫يعرض للحجاب الذى‬ ‫ُ‬ ‫حار‬


‫ورم ّ‬ ‫‪ِ -1‬‬
‫«البسام ‪-‬بالكرس‪ -‬ع ّل ٌة ُيذى فيها‪ ،‬نعوذ باهلل منها‪ ،‬وهو ٌ‬
‫ِ‬
‫مربسم»‪ .‬الزبيدي‪ ،‬تاج‬ ‫–بالضم‪ -‬فهو‬ ‫الرجل‬ ‫م‬ ‫بني الكبد واألمعاء ثم يتصل إىل الدماغ‪ .‬وقد بر ِ‬
‫س‬
‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫العروس‪.199/8 :‬‬
‫الس ّيد ابن طاوس‪ ،‬إقبال األعمال‪ :‬ج ‪ /1‬ص ‪.193‬‬ ‫‪ّ -2‬‬
‫‪ -3‬اإلقبال‪.194-193/1 :‬‬
‫الدروع الواقية‪ :‬ص ‪.43‬‬ ‫السيد ابن طاوس‪ّ ،‬‬
‫‪ّ -4‬‬ ‫‪28‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ّ‬
‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫اقتداء بسيد انلبيني ح‬ ‫* االقتداء بالعرتة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ْ َ َّ‬
‫يب صلوات اهلل عليه وآهل الين اكنوا‬ ‫ذر ّية انلّ ّ‬
‫أن العرتة من ّ‬ ‫أضاف‪« :‬وقد عرفت‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قائمني مقامه يف فعاهل ومقاهل‪ ،‬قالوا‪ :‬إن ما نرويه فإنه عنه‪ ،‬ومأخوذ منه‪ ،‬فهم قدوة لِن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َْ‬ ‫ِّ‬ ‫َ َ‬ ‫ٌ‬
‫وهداة لِن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫رشف حملهم‪ ،‬فاقت ِد يف السالمة من خطر لك‬ ‫عرف‬ ‫اقتدى بفعلِهم وقوهلم‪،‬‬
‫ّ‬
‫حممد بن ع ّ‬
‫‪1‬‬
‫يل اجلواد صلوات اهلل عليه»‪.‬‬ ‫شهر كما أشار إيله موالنا‬
‫ٍ‬

‫أول الشهر بصيغة ثانية‬ ‫* صالة ّ‬


‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أول لك شهر ركعتان‪ ،‬يقرأ يف األوىل (احلمد) و(قل‬ ‫السيد‪« :‬وقد روينا أن صالة‬ ‫قال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫هو اهلل أحد) مرة‪ ،‬ويف اثلانية (احلمد) و(إنا أنزنلاه) مرة‪ .‬ولعل هذه الرواية اخلفيفة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ضيقا ً عن قراءة ثالثني ّ‬
‫مرة يف لك ركعة‪ ،‬إما ىلع طريق سفر‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ ٌ َ‬
‫خمتصة بمن يكون وقته‬
‫َ‬
‫‪2‬‬
‫أو ألجل م َر ٍض أو غري ذلك من األعذار»‪.‬‬

‫َّ َ‬
‫الصـدقـة‬ ‫‪-6‬‬
‫َ‬ ‫َ َ َّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫تقدم عن اإلمام اجلواد قول خ‪« :‬ويتصدق بما يتسهل‪ ،‬فيشرتي به سالمة ذلك‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الصدقة عن الشهر لكه اليت وردت يف‬ ‫السيد عن أدب هذه‬ ‫الشهر لكه»‪ ،‬وقد حتدث‬
‫ّ‬
‫الرواية املتقدمة‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬
‫«وينبيغ أن تتذكر عند صدقتك أن هذه الصدقة اليت يف يديك إنما يه هلل جل جالل‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ومِن إحسانه إيلك‪ ،‬والي تشرتيه من السالمة هو أيضا من ذخائره اليت يملكها هو‬
‫ُْ ُ‬ ‫ُ ْ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫جل جالل‪ ،‬وتريد أنت منه جل جالل أن ينع َِم بها عليك‪ ،‬وأنت ملكه ىلع ايلقني ال‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫حض بقلبك عند صالتك وصدقتك هذه أنك‬ ‫تشك يف ذلك إن كنت من العارفني‪ ،‬فأ ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ َّ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫ُ ُ ّ‬ ‫َ‬
‫اهلل جل جالل‪ ،‬فالمشرتي ‪-‬وهو أنت‪،‬‬ ‫اهلل جل جالل ل ِمن يملكه‬ ‫تشرتي ما يملكه‬
‫َّ ّ‬ ‫ُْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُْ ُ‬
‫كما قلناه‪ -‬ملكه‪ ،‬والي تشرتي به السالمة ‪-‬وهو الصدقة‪ -‬ملكه‪ ،‬وأن السالمة‬
‫َ‬ ‫أشنا إيله‪ ،‬فقد َّ‬ ‫َّ َ‬ ‫ْ ْ َ‬ ‫ُْ ُ‬ ‫ّ َ‬
‫رناه لكون ىلع خاطرك‬ ‫ِ‬ ‫كر‬ ‫فاحذر أن تغفل عما‬ ‫اليت تشرتيها ملكه‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ ْ َ‬ ‫ُ‬
‫االعتماد عليه‪ .‬فإذا أديت األمانة يف صالتك وصدقتك‪ ،‬وخلصت نيتك يف معاملتك‬
‫ُ ِّ ً‬ ‫َ‬ ‫ً ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫هللِ جل جالل ومراقبتك‪ ،‬فكن واثقا بالسالمة من أخطار شهرك‪ ،‬ومصدقا يف ذلك‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َ ّ ّ‬ ‫ُ َ‬
‫‪3‬‬
‫رصك»‪.‬‬ ‫والة أمرك‪ ،‬وحسن الظن باهلل جل جالل يف صِ يانتِك ون ِ‬

‫الدروع الواقية‪ :‬ص ‪.45-44‬‬


‫‪ -1‬السيد ابن طاوس‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫الدروع الواقية‪ :‬ص ‪.46‬‬
‫‪ -2‬السيد ابن طاوس‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫‪29‬‬ ‫بترصف‪.‬‬
‫الدروع الواقية‪ :‬ص ‪ّ ،45‬‬ ‫‪ -3‬السيد ابن طاوس‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫‪ -7‬الدعاء لصاحب العصر خ‬


‫ّ‬
‫قال السيد ابن طاوس عليه الرمحة‪:‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ َُ‬ ‫ّ‬ ‫ْ َ َُ‬ ‫ّ َ‬
‫فر بالسالمة‬ ‫أهل اتلوفيق وتعلمه‪ ،‬فهو أبلغ يف الظ ِ‬ ‫سبيل ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪« -1‬ومما ينبيغ أن تعرفه من‬
‫الص َدقة ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ َ‬ ‫ْ َ‬
‫وادلاعء‪،‬‬ ‫الركعتني‪ ،‬وعند‬ ‫ىلع اتلَّحقيق‪ ،‬وذلك أن تبدأ يف قلبك عند صالة‬
‫َ ُ َّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫ِكر سالمة من ي ُب االهتمام بسالمتِه قبل سالمتِك‪ ،‬وهو الي تعتقد أنه‬ ‫بِتقديم ذ ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ َّ‬ ‫َ‬ ‫وس ُ‬ ‫ُ َ َ‬
‫حمتاج‬ ‫ٍ‬ ‫صلوات اهلل عليه‪ُ ،‬‬
‫غري‬ ‫واعلم أنه‪،‬‬ ‫بب سعادت ِك يف دنياك وآخ َِرت ِك‪.‬‬ ‫إمامك‬
‫َ َ َْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ُّ‬
‫إىل توصلِك بصالت ِك وصدقتِك وداعئ ِك يف سالمتِه مِن شهره‪ ،‬لكن إذا نصته جازاك‬
‫ُ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ َّ‬
‫اهلل جل جالل‪..﴿ :‬ﭺ‬ ‫حصن حريز‪ ،‬قال‬ ‫ٍ‬ ‫اهلل جل جالل بِنرصه‪ ،‬وجعلك يف‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬
‫ائب خاتم‬ ‫الوفاء ل ِ‬
‫ِ‬ ‫كمال‬
‫ِ‬ ‫ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ﴾ احلج‪ .40:‬وألن مِن‬
‫ْ َ َ‬ ‫َ ْ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ ّ‬
‫حمذور أن ي ِصل إيله‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫تقدر عليه‪ ،‬ودفعِ لك‬ ‫خري‬
‫األنبياء‪ ،‬أن تقدمه قبل نفسك يف لك ٍ‬
‫َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ّ‬ ‫لك إنسان مع َمن هو ّ‬ ‫ُ ّ‬
‫أعز مِن نفسه عليه‪ .‬وألنك إذا استفتحت أبواب‬ ‫ٍ‬ ‫وكذا اعدة‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫القبول‪ ،‬بطاعة اهلل جل جالل والرسول‪ ،‬فيىج أن تفتح األبواب ألجلهم‪ ،‬فتدخل أنت‬
‫ِّ‬ ‫نفسك يف ضيافة ُّ‬ ‫َ‬
‫‪1‬‬
‫ادلخول حتت ظلهم‪ ،‬وىلع موائد فضلهم»‪.‬‬
‫َ ِّ‬ ‫َ َّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ّ ُ َ‬ ‫ٌ‬
‫نذكره مما يتم به لك يلل ٍة من شهر رمضان‪ :‬إعلم أن حديث لك‬ ‫‪« -2‬فصل‪ ،‬يف ما‬
‫ُ‬ ‫ِّ ُ ْ َ‬
‫صاحب ضِ يافتِه‪ ،‬ولك مستخف ٍِر خبفري‪ ،‬فحديثه مع املقصود خبفارته‪ ،‬وإذا‬ ‫ِ‬ ‫ضيف مع‬ ‫ٍ‬
‫‪َ 2‬‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ َ‬ ‫ُ‬
‫شهر رمضان قد اتذ خفريا وحامِيا‪ ،‬كما تقدم اتلنبيه عليه ‪ ،‬فينبيغ‬ ‫اكن اإلنسان يف ِ‬
‫َُ ُ َ ُ َ َ َ َ َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ ِ َ َ‬ ‫ّ‬
‫لك يلل ٍة بعد فراغ عملِه‪ ،‬أن يقصد بِقلبِه خفريه وم ِضيفه‪ ،‬ويعرض عمله عليه‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫ك ِّل َمن يَ ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َّ َ‬
‫عز عليه‪ ،‬وبكل‬ ‫ويتوجه إىل اهلل جل جالل باحلايم واخلفِري والم ِضيف‪ ،‬وب ِ‬
‫ِّ‬
‫وسيل ٍة إيله "‪ "..‬يلكون احلايم اخلفري هو املتول تلكميل [عمله] من انلّقصان‪ ،‬ويكون‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫الوسيط بينه وبني اهلل جل جالل يف تسليمِ العمل إيله‪ ،‬من باب قبول أهل اإلخالص‬
‫واألمان»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫عمل‬
‫ٍ‬ ‫‪« -3‬ومن وظائف لك يللة‪ ،‬أن يبدأ العبد يف لك داع ٍء مربور‪ ،‬ويتم يف لك‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫عتقد أنَّه ُ‬
‫َ َ ُ‬
‫نائب اهلل جل جالل يف عباده وبالده "‪.»"..‬‬ ‫مشكور‪ ،‬بذِكر من ي‬
‫ٍ‬

‫بترصف يسري‪.‬‬ ‫الدروع الواقية‪ :‬ص ‪ّ ،46-43‬‬‫‪ -1‬السيد ابن طاوس‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫تقدم بيان ذلك يف أعمال الثالثني من شهر رجب‪ ،‬واملراد به باختصار أ ّن ّ‬
‫لكل يوم من ّأيام‬ ‫‪ّ -2‬‬
‫األسبوع خفري ًا وحامي ًا بإذن اهلل تعاىل‪ ،‬فالسبت لرسول اهلل ح‪ ،‬واألحد لألمري خ‪ ،‬واالثنني‬
‫للحس َنني ج‪ ،‬والثالثاء للثالثة بعدمها‪ ،‬واألربعاء لألربعة بعدهم‪ ،‬واخلميس للعسكري خ‪،‬‬
‫واجلمعة لصاحب العرص صلوات اهلل عليهم أجمعني‪ ،‬وينبغي استحضار اخلفري عىل قاعدة‪:‬‬
‫﴿‪..‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ُﯖ‪.﴾..‬‬ ‫‪30‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫صلوات اهلل عليه‪ ،‬ما َ‬ ‫َ‬ ‫الرواية يف ّ‬
‫‪« -4‬من ّ‬
‫ذكره مجاعة من‬ ‫ادلاعء لمن أرشنا إيله‬
‫ابن أيب ّ‬
‫قرة يف كتابه‪ ،‬فقال بأسناده اىل ع ّ‬ ‫َ‬
‫اختنا ما ذكره ُ‬
‫يل بن احلسن بن‬ ‫أصحابنا‪ ،‬وقد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ع ّ‬
‫يل بن فضال‪ ،‬عن حممد بن عيىس بن عبيد‪ ،‬بأسناده عن الصاحلني عليهم السالم‪،‬‬
‫قال‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬
‫حال‪ ،‬والشهر‬ ‫شهر رمضان قائما وقاعدا وىلع لك ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وكرر يف يللة ثالث وعرشين من‬
‫َّ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ْ ََ َ َ َ َ َ َ َ ْ َ‬ ‫ّ‬
‫لكه‪ ،‬وكيف أمكنك‪ ،‬ومىت حضك يف ده ِرك‪ ،‬تقول بعد تمجي ِد اهلل تعاىل‪ ،‬والصالة ىلع‬
‫وآل عليهم السالم‪:‬‬ ‫يب ِ‬ ‫انلّ ِّ‬
‫َ ُ‬ ‫ََ‬ ‫ْ ّ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َّ ْ‬ ‫ّ ُ َّ ُ ْ َ ِّ َ‬
‫ِي‪ ،‬عليه َوع آبائ ِ ِه أفضل‬ ‫احلس ِن املهد‬ ‫احلج ِة ب ِن‬ ‫أمرك‬ ‫أللهم كن ل ِو ِلك القائ ِمِ ب ِ ِ‬
‫ً ََ ً ََ ً ََ ً‬ ‫َّ َ َ ُ ِّ َ َ َ ً َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ َ‬
‫اصا ود ِلال‬ ‫‪ ،‬ف ه ِذه ِ الساع ِة و ِف ك ساع ٍة و ِ ّلا وحاف ِظا وقائ ِدا ون ِ‬ ‫الصلة ِ والسالمِ ِ‬
‫ُ ً َ ً ََْ َُ ُ ََ ُ‬ ‫َ ُ َ ِّ ً َ ّ ُ ْ َ ُ ْ َ َ َ ً ُ َ ِّ َ ُ‬
‫أرضك ط ْواع َوتمتعه فِيها طوال َوع ْرضا َوتعله َوذ ِّريته م َِن‬ ‫ومؤيدا‪ ،‬حت تسكِنه‬
‫ثني‪.‬‬ ‫األئ َِّمة الوار َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ ْ َ َ ُ َ َ َ َ‬ ‫َّ ْ َ ْ َ َ ُ َ َ َ َ َ ْ َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ ُ َّ ْ ُ ْ ُ َ ْ َ‬
‫أللهم انصه وانت ِص بِهِ‪ ،‬واجع ِل انلص مِنك ل وع ي ِده ِ‪ ،‬واجع ِل انلص ل والفتح ع‬
‫َ َ َْ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ْ‬
‫األمر إل غيِه ِ‪.‬‬ ‫َوج ِههِ‪َ ،‬وال ت َوج ِه‬
‫َ َ ِّ َ َ َ َ َ‬ ‫َْ َ ْ َ َ‬ ‫َ َ َ ُ َّ َ َ ّ َ َ َّ‬ ‫َّ ُ َّ ْ ْ‬
‫احلق مافة أح ٍد م َِن‬ ‫ف بِش ٍء مِن‬ ‫أللهم أظ ِهر ب ِ ِه دِينك وسنة نبِيك حت ال يستخ ِ‬
‫َْ‬
‫اخلل ِق‪.‬‬
‫َُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ ُ َّ ّ ْ َ‬
‫أرغ ُب إِلك ِ ف دول ٍة ك ِريم ٍة تع ُِّز بِها اإلسالم وأهله َوتذِل بها انلِّفاق َوأهله‪،‬‬ ‫أللهم إن‬
‫َ‬ ‫َ َ ً‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ ُّ َ‬ ‫َ ََْ ُ‬
‫ِنا ف ادلنيا حسنة و ِف‬ ‫وتعلنا فِيها مِن ادلعة ِ إىل طاعتِك والقادة ِ إل سبِيلِك‪ ،‬وآت ِ‬
‫َّ َ َ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ ْ َ َ َ َ َّ َ ْ‬ ‫َ َ َ َّ‬ ‫َ َ َ ً َ‬
‫اري ِن واق ِض عنا جِيع ما ت ُِّب‬ ‫ار‪ ،‬واجع لا خري ادل‬ ‫اآلخِرة ِ حسنة وق ِنا عذاب انل ِ‬
‫ْ‬
‫ني‪َ ،‬و ِزدنا‬ ‫العالَم َ‬ ‫َ َ َّ َ‬ ‫َ‬
‫ِية ب ِ َرمحتِك َومنك ِ ف عفِي ٍة آمني رب‬
‫َ َ َ َ َ َ ِّ َ‬ ‫َ‬
‫ا ف ذل ِك اخل‬ ‫َ ْ َ ْ ََ‬
‫ِ‬ ‫ِيهما‪ ،‬واجعل ل ِ‬ ‫ف ِ‬
‫َ َ َ ُ َ ُ ُْ َ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ َ ْ َ َّ ُ َّ ُ ْ َ ُ ُ ْ ُ ْ‬
‫‪1‬‬
‫ك ِه وعطاؤكِ ي ِزيد ِ ف ملكِك»‪.‬‬ ‫مِن فضلِك ويدِك الملى فإن ك مع ٍط ينقص مِن مل ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ستفيض يف املصادر هو ُّ‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫* ت ُ‬ ‫َ‬
‫ادلاعء المختص املشهور‪ ،‬وقد رواه‬ ‫در اإلشارة إىل أن الم‬
‫ُ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬
‫ويس يف (اتلّهذيب‪ :‬ج ‪ ،3‬ص ‪ ،)102‬ويف (مصباح المتهجد‪ ،‬ص ‪ ،)630‬ولفظ‬ ‫الط ّ‬ ‫الشيخ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫«حمم ُد ُ‬‫َّ‬
‫بن عيىس بإسناده عن الصا ِدقِني عليهم السالم‪ ،‬قال‪َ :‬وك ِّرر‬ ‫(اتلّهذيب) ما ييل‪:‬‬
‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُّ‬
‫يف يللة ثالث وعرشين من شهر رمضان هذا ادلاعء ساجدا وقائما وقاعدا وىلع لك‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬
‫هرك‪ ،‬تقول بعد تمجي ِد اهللِ‬ ‫حال‪ ،‬ويف الشهر لكه‪ ،‬وكيف أمكنك‪ ،‬ومىت حضك مِن د ِ‬ ‫ٍ‬
‫َّ‬ ‫والصالة ىلع انلّ ّ‬ ‫َّ‬
‫يب عليه وآهل السالم‪:‬‬ ‫تعاىل‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ ِّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َّ ُ‬
‫بن فالن يف هذه ِ الساع ِة ويف ك ساع ٍة َو ِ ّلا وحاف ِظا وقائ ِدا‬ ‫فالن ِ‬ ‫ِ‬ ‫(ألله َّم كن ل َِو ِ ِّلك‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً َ ً َ ْ ً ّ ُ ْ َ ُ َ َ َ ً ُ َ ِّ َ ُ‬
‫وناصا ود ِلال وعينا‪ ،‬حت تسكِنه أرضك ط ْواع وتمكنه فيها طويال)»‪.‬‬ ‫ِ‬

‫‪31‬‬ ‫مصحح ًا عىل ما يف (وظيفة األنام) لألصفهاين‪ :‬ص ‪ .22‬‬


‫ّ‬ ‫‪ -1‬اإلقبال‪ :‬ج ‪ ،1‬ص ‪،192-190‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫األعمال العامة للك يوم من أيام شهر رمضان‬
‫أذكر منها‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫‪ّ -1‬‬
‫ادلاعء بعد لك فريضة‪ ،‬وقد وردت حتت هذا العنوان عدة أدعية‪ ،‬منها‪:‬‬
‫ْ َ َ ْ َ ْ ُ‬ ‫َ ُ ُ َ ُ ْ َ َّ ُّ َ ُ َّ‬ ‫ل يا َع ُ‬ ‫َ‬
‫ش ٌء وه َو‬ ‫ظيم الي ليس ك ِمثلِ ِه‬ ‫يم‪ ،‬يا غفور يا رحِيم‪ ،‬أنت الرب الع‬ ‫أ‪« -‬يا ع ِ ُّ ظِ‬
‫ُ َ َّ ُْ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ ُ َ ُ َ َ ٌ َ َّ ْ َ ُ َّ ْ َ ُ َ َّ ْ َ ُ َ َّ ْ َ ُ َ‬
‫هور‪ ،‬وهو الشهر‬ ‫الس ِميع ابلصري‪ ،‬وهذا شهر عظمته وكرمته وشفته وفضلته ع الش ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ َ ًُ‬ ‫ْ ْ َ‬ ‫َ ُ َ َ ُ َ ْ َ َ َّ‬ ‫ََ ْ َ‬ ‫َّ‬
‫اس‬ ‫ل‪ ،‬وه َو شه ُر َرمضان الِي أن َزلت فِي ِه القرآن‪ ،‬هدى ل ِلن ِ‬ ‫ت صِ يامه ع َّ‬ ‫الي فرض‬
‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َْ َ ْ ً‬ ‫َْ َ َ َ ْ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫َُْ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ ِّ‬
‫ِ للة القد ِر وجعلتها خيا مِن أل ِف شه ٍر‪،‬‬ ‫ان‪َ ،‬وجعلت فِيه‬ ‫نات مِن الهدى والفرق ِ‬ ‫وبي ٍ‬
‫ْ ْ‬ ‫َ ْ َُ َ ْ‬ ‫َ‬
‫َ َ‬ ‫ُ َ ُّ َ ْ َ ُ َّ َ َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫‪ ،‬ف من تم ُّن عليهِ‪ ،‬وأدخِل ِن‬ ‫ار ِ‬
‫َ َّ‬
‫يل بِفاككِ رقب ِت مِن انل ِ‬ ‫فياذا الم ِّن وال يمن عليك ‪ ،‬من ع‬
‫َ ‪1‬‬ ‫الر ِ‬‫أر َح َم َّ‬
‫ك يا ْ‬ ‫َ َّ َ َ ْ َ َ‬
‫احني»‪.‬‬ ‫اجلنة بِرحتِ‬
‫َّ ُ ْ ْ ُ َّ َ‬ ‫َ‬
‫ُّ ُ َ َّ ُ َّ ْ ُ َّ َ‬ ‫ُُ‬ ‫َّ ُ َّ ْ ْ َ ْ‬
‫ِري‪ ،‬ألله َّم أشبِع ك جائ ٍِع‪،‬‬ ‫ب‪« -‬أللهم أدخِل ع أه ِل القبورِ السور‪ ،‬أللهم أغ ِن ك فق ٍ‬
‫َّ ُ‬ ‫َّ ُ َّ َ ِّ ْ َ ْ ُ ِّ َ ْ ُ‬ ‫َّ ُ َّ ْ َ ْ َ ُ ِّ َ‬ ‫َّ ُ َّ ْ ُ ُ َّ ُ ْ َ‬
‫وب‪ ،‬ألله َّم‬ ‫ِين‪ ،‬أللهم فرج عن ك مكر ٍ‬ ‫ ك مد ٍ‬ ‫ان‪ ،‬أللهم اق ِض دين‬ ‫أللهم اكس ك عري ٍ‬
‫َ َّ ُ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َّ ُ ْ ْ ُ َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ َّ ُ َّ ُ َّ‬ ‫ُ َّ ُ َّ َ‬
‫ني‪ ،‬ألله َّم‬ ‫ِري‪ ،‬ألله َّم أصلِح ك فاس ٍِد مِن أمورِ المسلِ ِم‬ ‫يب‪ ،‬أللهم فك ك أس ٍ‬ ‫رد ك غ ِر ٍ‬
‫َ َ َّ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َّ ُ َّ َ ِّ ْ ُ َ َ‬ ‫َّ ُ ُ َّ َ ْ‬ ‫ُ َّ َ‬ ‫ْ‬
‫الا ِبُس ِن حال ِك‪ ،‬ألله َّم‬ ‫وء ح ِ‬ ‫يض‪ ،‬ألله َّم سد فق َرنا بِغِناك‪ ،‬أللهم غي س‬ ‫اش ِف ك م ِر ٍ‬
‫ ك َش ٍء َقد ٌ‬ ‫ْ َ َ َ ْ َّ َ َ ُ ِّ‬ ‫َ َّ َّ ْ‬ ‫ْ‬
‫ِير»‪.‬‬ ‫ادلي َن‪ ،‬وأغنِنا مِن الفق ِر‪ ،‬إنك ع‬ ‫اق ِض عنا‬
‫تقدم ُ‬ ‫ّ‬
‫ذكره يف أعمال ايلوم الواحد والعرشين من شهر شعبان‪ ،‬يف سياق «أدعية‬ ‫وقد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫الغيبة»‪ ،‬وأنه يف احلقيقة داعء لإلمام صاحب الزمان‪ ،‬ألن هذه املضامني الواردة فيه ال‬
‫ّ‬
‫تتحقق إال عند ظهوره ‪.#‬‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫وقد ذكر الشهيد ّ‬
‫خبطه أنه قد ورد يف احلث عليه عن رسول‬ ‫األول يف جمموعته اليت يه‬
‫َ‬ ‫غفر ُ‬ ‫ّ‬
‫ادلاعء يف (شهر) رمضان بعد لك فريضة َ‬ ‫َ‬
‫«من داع بهذا ّ‬
‫اهلل هل ذنوبه‬ ‫اهلل ح‪:‬‬
‫إىل يوم القيامة»‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫َ‬
‫ُْ ْ َ‬
‫س مِنك‬
‫ََْْ‬ ‫َ ُ ِّ‬ ‫ار ُز ْقن َح َّج بَيْتِك َ‬
‫احلرامِ ِ ف ِ‬
‫ت‪« -‬أللّ ُه َّم ْ‬
‫اعم هذا و ِف ك اعمٍ ما أبقيت ِن ِ ف ي ٍ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫َّ َ‬
‫يفةِ‪َ ،‬وز َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ ْ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ ْ‬
‫يارة ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش‬
‫ِ‬ ‫َواعفِي ٍة َوسع ِة رِز ِق‪َ ،‬وال تل ِِن مِن ت ِلك المواق ِِف الك ِريِم ِة َوالمشا ِه ِد‬

‫كل فريضة يف شهر رمضان ليالً كان أو هناراً‪،‬‬


‫السيد حوله‪« :‬وتدعو َعقيب ّ‬
‫‪ -1‬اإلقبال‪ ،79/1 :‬قال ّ‬
‫فتقول‪»..‬؛ والكفعمي‪ ،‬املصباح‪ :‬ص ‪ ،630‬قال‪« :‬ومن كتاب الفردوس‪ ،‬أنّه ُيدعى هبذا الدعاء يف‬
‫كل يوم من شهر رمضان وهو‪.»..‬‬
‫ّ‬
‫العامة‪ ،‬نقالً عن الشيخ‬‫ّ‬ ‫رمضان‬ ‫شهر‬ ‫أعمال‬ ‫اجلنان‪،‬‬ ‫مفاتيح‬ ‫ي‪،‬‬ ‫القم‬
‫عباس ّ‬ ‫املحدث الشيخ ّ‬
‫ّ‬ ‫‪-2‬‬
‫الكفعمي‪ .‬أنظر‪ :‬البلد األمني‪ :‬ص ‪( 222‬ط‪ :‬بريوت‪ ،‬بدون مشخّصات) أدعية أيام شهر رمضان‪،‬‬
‫واملصباح‪ :‬ص ‪ ( 617‬ط‪ :‬مؤسسة األعلمي‪ ،‬بريوت)‪.‬‬ ‫‪32‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ّ ُ ِّ‬ ‫َ ُ ْ‬ ‫ُّ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ َ ِّ َ َ َ ُ َ َ َ ْ‬


‫ ل‪ .‬ألله َّم إِن‬ ‫آلِ‪ ،‬و ِف جِيعِ حوائ ِِج ادلنيا واآلخرة ِ فكن ِ‬ ‫ب نبِيك صلواتك علي ِه َو ِ‬ ‫ق ِ‬
‫ُ َ ُّ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ َ َ ْ‬ ‫َ ُ َ ِّ ُ َ ْ َ ْ ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َُ‬
‫أسألك ِ ف ما تق ِض وتقدر مِن األم ِر المحتومِ ِ ف لل ِة القدرِ مِن القضاء الِي ال يرد‬
‫َ ُُ‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫َ ُّ ُ‬ ‫ْ ُ َّ َ ْ َ َرامِ َ‬
‫الم ْ ُ‬ ‫ُ َ َّ ُ َ ْ َ ْ ُ َ‬
‫بورِ حجهم‪ ،‬المشكورِ سعيهم‪،‬‬ ‫اج بيتِك احل‬ ‫َوال يبدل أن تكتب ِن مِن حج ِ‬
‫ُ َ ِّ َ ْ ُ َ ُ ْ‬ ‫َْ‬ ‫ْ َْ‬ ‫ُ َ َّ َ ْ ُ َ ِّ ُ ُ‬ ‫َ ْ ُ ُُ ُُ‬
‫ور ذنوبهم‪ ،‬المكف ِر عنه ْم سيئاته ْم‪َ ،‬واجعل فِيما تق ِض َوتقد ُر أن تطِيل عم ِري‬ ‫المغف ِ‬
‫َ ‪1‬‬
‫َ‬ ‫َ َ َّ‬ ‫َ ُ َ ِّ َ َ َ َّ ْ َ َ ِّ َ َ ِّ َ َ َ َ ْ‬
‫وتوسع عل ِرز ِق‪ ،‬وتؤدي عن أمان ِت ودي ِن‪ ،‬آمِني رب العال ِمني»‪.‬‬
‫َ ّ‬
‫ث‪ -‬داعء احلج‪« :2‬روى اللكيين يف (الاكيف) َعن أيب بصري‪ ،‬قال‪ :‬اكن الصادق عليه‬
‫َ‬ ‫السالم يدعو بهذا ُّ‬
‫ادلاعء يف شهر رمضان‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ ِّ َ ْ ُ‬ ‫َ ً‬ ‫َ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ ُ ِّ َ ْ َ َ ْ ُ‬
‫اس فإِن ال أطل ُب حاج ِت‬ ‫ألله َّم إِن بِك َومِنك أطل ُب حاج ِت‪َ ،‬ومن طل َب حاجة إِىل انلّ ِ‬
‫َ َ َ َ َ َ ْ َ ُ َ َ ْ َ َ ْ َ َ ْ ُ َ ِّ َ َ ُ َ َّ َ ْ‬ ‫ّ ْ َ ْ َ َ‬
‫ل ع مم ٍد َوأه ِل‬ ‫ال شيك لك‪ ،‬وأسألك بِفضلِك و ِرضوان ِك أن تص‬ ‫ِ‬ ‫إِل مِنك َوحدك‬
‫ًَ‬ ‫َ ً َّ ً َ ْ ُ َ ً ُ َ َ َّ َ ً‬ ‫َْ َ‬ ‫َ ْ ََْ َ‬ ‫َْ‬
‫ورة متقبلة زاك ِية‬ ‫احلرامِ سبِيال حِجة مب‬ ‫ك َ‬ ‫اعم هذا إِىل بيتِ‬ ‫بيتِهِ‪َ ،‬وأن تعل ِ ل ِ ف ِ‬
‫ْ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ َّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََْ ُُ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ ْ َََْ ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ً َ َ‬
‫صي َوأن أحفظ‬ ‫ك‪ ،‬تقر بِها عي ِن وترفع بِها درج ِت‪ ،‬وترزق ِن أن أغض ب ِ‬ ‫خالصة ل‬
‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ َ َ ٌ ََ ْ‬ ‫َ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ َ ْ َ ُ َّ‬ ‫َْ‬
‫ارمِك حت ال يكون شء آثر عِندِي مِن طاعتِك‬ ‫فر ِج وأن أكف بِها عن جِيعِ م ِ‬
‫س‬
‫ُْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َََْ َ َُْ َ ْ َْ‬ ‫َ ْ َ ْ َ َ َّ ْ‬ ‫َ َ ْ َ َ َ ََ‬
‫ ف ي ٍ‬ ‫وخشيتِك‪ ،‬والعم ِل بِما أحببت والتكِ لِا ك ِرهت ونهيت عنه‪ ،‬واجعل ذل ِك ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َْ َ َ‬ ‫َْ ً َ‬ ‫ت ب ِه َع َ ِّ َ ْ ُ َ ْ َ ْ َ َ َ‬ ‫َ َ َ َْْ َ‬ ‫ََ‬
‫فات قتال ِ ف سبِيلِك تت راي ِة‬ ‫ل‪ ،‬وأسألك أن تعل و ِ‬ ‫سار واعفِي ٍة وما أنعم ِ‬ ‫وي ٍ‬
‫ْ ُ َ ْ ُ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ َ ْ ََُْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ِّ َ َ َ‬
‫داء َرسول ِك‪َ ،‬وأسألك أن تك ِرم ِن‬ ‫نبِيك مع أ ْو ِلائ ِك‪َ ،‬وأسألك أن تقتل ِ ب أعداءك وأع‬
‫ََ‬ ‫َ ُّ ْ َْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫َ ْ ْ َ ْ َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫وان من شِئت مِن خلقِك‪َ ،‬وال ت ِهن بِكرام ِة أح ٍد مِن أ ْو ِلائ ِك‪ .‬ألله َّم اجعل ِ ل مع‬ ‫بِه ِ‬
‫ً‬
‫ُ ‪3‬‬
‫شاء اهلل»‪.‬‬ ‫اهلل ما َ‬ ‫ب ُ‬ ‫ول َسبِيال‪َ ،‬ح ْس َ‬ ‫َّ ُ‬
‫الرس ِ‬
‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُ َ َْ ْ َ َ‬ ‫ْ ْ َ‬ ‫َ َ َ َّ‬ ‫َّ َ ْ‬ ‫َّ ُ‬
‫ج‪« -‬ألله َّم َرب شه ِر َرمضان الِي أن َزلت فِي ِه الق ْرآن‪ ،‬وافتضت ع عِبادِك فِي ِه‬
‫ُ ِّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ ْ َ َّ َ ْ َ َ‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫ِّ َ َ ِّ َ ُ َ َّ‬
‫وف ك عمٍ ‪،‬‬ ‫وآل مم ٍد وارزق ِن حج بيتِك احلرامِ ِ ف ع ِم هذا ِ‬ ‫الصيام‪ ،‬صل ع مم ٍد ِ‬
‫َ َ َ َّ ُ َ ْ ُ َ َ ْ ُ َ َ ْ َ ُ َ َّ ُ‬ ‫ْ َ ُّ ُ َ‬ ‫ْ‬
‫يك يا َرحان يا عالم»‪.‬‬ ‫واغف ِْر ِ ل ت ِلك اذلنوب العِظام‪ ،‬فإنه ال يغفِرها غ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫وقد ورد يف ثوابه‪« :‬من قال هذا ادلاعء يف لك يللة من شهر رمضان غفرت هل ذنوب‬
‫‪4‬‬
‫أربعني سنة»‪.‬‬

‫القمي‪ ،‬مفاتيح اجلنان؛ وانظر‪ :‬اإلقبال‪.79/1 :‬‬


‫املحدث ّ‬‫ّ‬ ‫‪-1‬‬
‫والس ّيد ابن طاوس‪ ،‬اإلقبال‪78/1 :‬؛ واحلر العاميل‪ ،‬وسائل الشيعة‪:‬‬
‫‪ -2‬الكليين‪ ،‬الكايف‪74/4 :‬؛ ّ‬
‫‪.325/10‬‬
‫القمي‪ ،‬مفاتيح اجلنان؛ وانظر اإلقبال‪79-78/1 :‬؛ والكايف‪.74/4 :‬‬‫ّ‬ ‫ث‬ ‫‪ -3‬املحد‬
‫ّ‬
‫للمحدث القمي؛ وانظر‪ :‬اإلقبال‪144/1 :‬؛ والكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ :‬ص‬ ‫ّ‬ ‫‪ -4‬نقالً عن املفاتيح‬
‫‪33‬‬ ‫‪.223‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬
‫األعمال اخلاصة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اخلاصــة بايلــوم ّ‬ ‫ّ‬
‫اخلاصــة‬ ‫األول مــن شــهر رمضــان‪ ،‬فــي األدعيــة‬ ‫وأمــا األعمــال‬
‫بهــذا ايلــوم‪ ،‬وســأذكر منهــا مــا يــي‪:‬‬
‫‪ -1‬ادلاعء ّ‬
‫األول‪:‬‬
‫الســيد ابــن طــاوس عليــه الرمحــة‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ذكــره‬ ‫الســنة اذلي‬ ‫ســأُورد هنــا داعء مفتتَــح َّ‬
‫ّْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫لفــرادة املضمــون بشــل ّ‬
‫انلفــس بــن‬ ‫وأهميــة أن تتــاح للمؤمــن وقفــة مــع‬ ‫اعم‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬ ‫يــدي اهلل تعــاىل ىلع بــاب ّ‬ ‫َ‬
‫الســنة اجلديــدة‪ ،‬تكــون شــاملة مســتوعبة لــل‬
‫ّ ً‬ ‫ََ‬ ‫مســارب انلفــس وتشـ ُّ‬
‫ـعب األهــواء‪ ،‬ولــن اكن ادلاعء متضمنــا لفقــرات معروفــة‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫خاصــة‪ ،‬وفقراتــه األخ َ‬ ‫مــن أدعيــة معروفــة‪ ،‬فــإن طريقــة اتلضمــن ّ‬ ‫ّ‬
‫ــر غــر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫خصوصيــة كمــا ســرى‪.‬‬ ‫املضمنــة أشــد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وقد حتدث السيد حول هذا ادلاعء فقال‪:‬‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬
‫أول يلل ـ ٍة مــن شــهر الصيــام فقــدم لفــظ‪ :‬يللــي هــذه‬ ‫«داعء آخــر إن دعــوت بــه‬
‫ْ ُ ّ‬ ‫ـوت بــه ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫أول يــومٍ مــن الشــهر فــادع باللفظــة الــي تــأيت‬ ‫ىلع يــويم هــذا‪ ،‬وإن دعـ‬
‫ادلاعء بــه يف ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫أو ِل يــوم منــه‪ .‬روينــاه بأســنادنا اىل‬ ‫فيــه‪ ،‬واذلي رجــح يف خاطــري أن‬
‫ّ َ ْ‬ ‫ّ‬
‫أيب حممــد هــارون بــن مــوىس اتللعكــري‪ ،‬بأســناده إىل أيب عبــد اهلل عليــه الســام‬
‫ُ‬
‫قــال‪ :‬يقــول عنــد حضــور شــهر رمضــان‪:‬‬
‫ــه ُه ً‬ ‫ُ ْ َ َ َ َ َْ ُ‬ ‫ْ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫الم َب َ‬ ‫َّ ُ َّ َ َ َ ْ ُ َ َ َ َ ُ‬
‫ــدى‬ ‫ــارك‪ ،‬اذلي أن َزلــت فِيــ ِه القــرآن‪ ،‬وجعلت‬ ‫أللهــم هــذا شــهر رمضــان‬
‫َ‬ ‫َ َ ِّ ْ ُ َ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ َ ِّ ْ َ‬ ‫َ ُ َ َ َُْ‬ ‫َ َ ِّ َ‬ ‫َّ‬
‫ــان‪ ،‬قــد حــر فســلمنا فِيــ ِه وســلمه لــا‪،‬‬ ‫ــات مِــن الهــدى والفرق ِ‬ ‫ــاس‪ ،‬وبين ٍ‬ ‫ل ِلن ِ‬
‫َ َ‬
‫ـر يل يف شــه ِري هــذا‪،‬‬
‫َ ْ‬ ‫ـم َأ ْن َت ْغ ِفـ َ‬ ‫ك اللّ ُهـ َّ‬ ‫ُ ْ ْ َ َ َ َ ََ ْ َُ َ‬
‫ـر مِنــك وعفِيـ ٍة‪ ،‬وأســأل‬
‫َ َ َّ ْ ُ َّ‬
‫َوتســلمه مِنــا يف يـ‬
‫ٍ‬
‫َ ْ َ ْ َ َ َ ً‬ ‫ـن انلَّــار‪َ ،‬و ُت ْعط َِيــي فِيـ ِه َخـ ْ َ‬ ‫ـق َر َق َبــي مـ َ‬ ‫ََْ َ‬ ‫ََْ ََ‬
‫ـر مــا أعطيــت أحــدا‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ـي فِيـهِ‪ ،‬وتعتِـ‬ ‫وترحـ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ ْ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ُْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ُ ُْ ُ َ‬
‫ـر شــه ِر َرمضــان صمتــه لــك‬ ‫خـ‬
‫ََ ُ‬
‫ـر مــا أنــت معطِيـهِ‪َ ،‬وال تعلــه آ َ ِ‬ ‫ـك‪َ ،‬و َخـ ْ َ‬ ‫َ‬
‫مــن خل ِقـ‬
‫ْ َ‬
‫َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َْ ً‬ ‫َ ْ َ َ َ ْ َ ُ َ َ َّ َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ ُ ْ ْ ََْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ــي أتمــ ِه ن ِعمــة‪َ 1،‬وأعمــ ِه‬ ‫منــذ أن أســكنتين أ ْرضــك إىل يــو ِم هــذا‪ ،‬واجعلــه ع‬
‫َ َ ً َ ْ َ َ ْ َ ً َ َ َ ْ َ ُ َّ ُ َّ ّ ُ ُ َ َ ْ َ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عفِيــة‪َ ،‬وأوســع ِه ِرزقــا َوأجــز ُل َوأهنــأه‪ .‬أللهــم إن أعــوذ بِــك َوبِوج ِهــك الك ِريــمِ‬
‫ايلـ ْ‬ ‫ـذا َ‬ ‫ْ َ ْ َ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َّ ُ َ َ‬ ‫َ ْ َ ُ َ َّ ْ ُ‬ ‫َ ُْ َ َ‬
‫ـومِ ‪،‬‬ ‫ـي بقِيــة هـ‬ ‫وملـكِك العظِ يــمِ أن تغــرب َالشــمس ِمــن يــويم هــذا‪ ،‬أو ينقـ ِ‬
‫ْ َ ُ َ َ َّ ْ ُ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ ٌ َْ‬ ‫َ ْ َ ْ ُ َ َ ْ ُ َ َْ َ‬
‫ـي معــه‪ 2‬تبِعــة ‪ ،‬أو‬ ‫ للــي هـ ِذه ِ‪ ،‬أو يــرج هــذا الشــهر ولــك ق ِبـ ِ ْ‬ ‫أو يطلــع الفجــر ِمــن‬
‫َْ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ َُ‬ ‫َْ ٌ َْ َ َ ٌ ُ ُ َ ْ ُ َ‬
‫خــذين بــه‪ ،‬أو تقِفــي بــه موقِــف‬
‫‪3‬‬
‫ذنــب‪ ،‬أو خطِيئــة ت ِريــد أن تقايِســي بذلــك أو تؤا ِ‬

‫وأعمه عافيةً‪ .‬إلخ‪.‬‬


‫َّ‬ ‫عيل نعمةً‪،‬‬
‫أتم شهر رمضان ّ‬‫‪ -1‬أي‪ :‬واجعل شهر رمضان الذي أنا فيه ّ‬
‫بقية اليوم أو طلوع الفجر‪ ،‬أو خروج هذا الشهر‪.‬‬
‫‪ -2‬أي‪ :‬مع انقضاء ّ‬
‫‪ -3‬تُوقفَين‪.‬‬ ‫‪34‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ـن‪ .‬أللَّهـ َّ‬ ‫احـ َ‬ ‫ـم َّ‬ ‫ـاك يــا َأ ْر َحـ َ‬ ‫َ َ َْ َ َ‬


‫ـرة ِ‪ ،‬أ ْو تعذبــي بِهــا يــوم ألقـ‬
‫َ َ ُ َ ِّ َ‬ ‫ُّ ْ َ‬ ‫ْ‬
‫ـم‬ ‫الر ِ ِ‬ ‫خـ‬ ‫خــز ٍي يف ادلنيــا َواآل ِ‬ ‫ِ‬
‫ُُ‬ ‫َ‬ ‫ـك‪ ،‬ول َِكـ ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ـم ال ُي َف ِّر ُجــه غـ ُ‬ ‫ـوك ل َِهـ ٍّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ ْ‬
‫ـر ٍب ال يكشــفه‬ ‫ـرك‪ ،‬ول َِرمحـ ٍة ال تنــال إل بِـ‬ ‫إن أدعـ‬
‫َّ ُ َّ َ َ َ َ َ َ‬ ‫ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ُ َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ـم فكمــا كن‬ ‫ولاج ـ ٍة ال تقــى دونــك‪ .‬أللهـ‬ ‫إل أنــت‪ ،‬ول َِرغب ـ ٍة ال تبلــغ إل بِــك‪ِ ،‬‬
‫ْ ْ َ ََْ ُ ْ ْ‬ ‫ْ َ ْ َ َ َ َ َْ‬ ‫َ‬ ‫ََْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ْ‬
‫ـرك‪ ،‬فليكــن ِمــن‬ ‫ـن شــأن ِك مــا أردتــي ب ِـ ِه ِمــن مســأل ِك‪ ،‬ور ِحتــي ب ِـ ِه ِمــن ذِكـ ِ‬ ‫ِمـ‬
‫َ َ ْ َ ْ ُ َْ َ ْ ُ‬ ‫َ َ ُ َ َ َ ْ ُ َ َ َّ َ ُ‬ ‫َ ْ َ َ ّ‬
‫اإلجابــة فِيمــا دعوتــك‪ ،‬وانلجــاة يل فِيمــا قــد فزعــت إلــك مِنــه‪،‬‬ ‫شــأن ِك ســيدِي ِ‬
‫َ ْ َ َ َ ْ َ ً ُ َ ِّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َْ ْ‬ ‫ُ َ ِّ َ ُ َ َّ‬ ‫َّ ُ َّ َ ِّ‬
‫ـد‪ ،‬وافتــح يل ِمــن خزائِــن رحتِــك رحــة ال تعذبــي ‬ ‫آل ممـ ٍ‬ ‫ـد و ِ‬ ‫أللهــم صــل ىلع ممـ ٍ‬
‫ْ َ ً َ َ ً َ ِّ ً‬ ‫ـك َ‬ ‫ْ َ ْ َ‬ ‫َ َ ْ ُْ‬ ‫ُّ ْ َ‬ ‫َ ْ َ َ ََ ً‬
‫الوا ِســعِ ِرزقــا حــاال طيبــا‬ ‫ـي ِمــن فضلِـ‬ ‫خــرة ِ‪ ،‬و َارزقـ ِ‬ ‫بعدهــا أبــدا يف ادلنيــا َواآل ِ‬
‫ُ ْ ً َ َْ َ َ َ ً‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ ً َ ُ‬ ‫ُْ ُ َْ َُ َ َ‬
‫إلــك فاقــة‬ ‫ـواك أبــدا‪ ،‬ت ِزيــدين بذلــك لــك شــكرا و‬ ‫ـد ِسـ‬ ‫ال تف ِقــرين بعــده إىل أحـ ٍ‬
‫ـو َن َجـ َ‬ ‫كـ ْ‬ ‫َ َ َ ً َ َ َ ُّ ً َّ ُ َّ ّ َ ُ ُ َ َ ْ َ ُ‬ ‫َ َ َّ ْ‬ ‫ً‬
‫ـز ُ‬
‫اء‬ ‫وفقــرا‪َ ،‬وبِــك عمــن ِســواك ِغــى وتعففــا‪ .‬أللهــم إن أعــوذ بِــك أن ي‬
‫ـي و َبـ ْ َ‬ ‫ـح َع َمــي ف َمــا بَيْـ َ‬ ‫ُ‬
‫َّ ُ َّ ّ ُ ُ ُ َ ْ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ِّ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫ـن‬ ‫ِ ِ‬ ‫ـاءة ِمــي‪ ،‬أللهــم إن أعــوذ بِــك أن أصلِـ‬ ‫اإلسـ‬ ‫ِك ِ‬ ‫إحســان‬
‫ُ ُ ُ َ ْ َُ َ َ َ َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِيمــا بيْـ َ َ ْ َ َ َّ ُ َّ‬ ‫َ ْ َُ َ‬ ‫ُ‬
‫ـي‬ ‫سيــريت بيـ ِ‬ ‫ـي وبينــك‪ ،‬أللهــم إين أع َــوذ بِــك أن َ تــول ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـاس وأفسِ ــده ف‬ ‫انلَّـ ِ‬
‫ش ٌء مـ َ‬ ‫َ َ َ َ ْ َ ُ َ ُ َ َ ً َ َ َ َ َّ ُ َّ ّ ُ ُ َ ْ ُ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ـن‬ ‫ـون ْ ِ‬ ‫وبينــك أو تكــون مال ِفــة ل ِطاعتِــك‪ .‬أللهــم إن أعــوذ بِــك أن يكـ‬
‫ْ َ َ َ‬ ‫َ ُ ُ َ َ ْ َ ْ َ َ‬ ‫ـك‪ ،‬أللَّ ُهـ َّ‬ ‫ْ َ َ َ‬ ‫َ ْ َ َ َ ْ‬
‫ـم إين أعــوذ بِــك أن أعمــل ِمــن طاعتِــك‬ ‫ـر عن ـدِي ِمــن طاعتِـ‬ ‫الشــياءِ آثـ‬
‫َّ‬ ‫َ ً َ ْ َ َ ْ ْ َ َ َ َ ً ُ َ ُ ُ َ ٌ َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ًَْ َ ً‬ ‫َ‬
‫قلِيــا أو كثِــرا أرِيــد ب ِـ ِه أحــدا غــرك‪ ،‬أو أعمــل عمــا يال ِطــه رِيــاء‪ ،‬أللهــم إين‬
‫َ ْ َ َ ُ ُ َّ ُ َّ ّ ُ ْ ُ َ ْ َ َ َ َ ْ ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ـوى يُـ ْ‬ ‫ـن َهـ ً‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ ُْ َ‬
‫ـردِي مــن يركبــه‪ ،‬أللهــم إن أعــوذ بِــك أن أجعــل شــيئا‬ ‫ـوذ بِــك ِمـ‬ ‫أعـ‬
‫َّ‬ ‫َ َ ْ َ َّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ ْ َ َْ ُ‬ ‫َ َْ َ ْ َ‬ ‫ْ ُ ْ‬
‫ـرك أطلــب ب ِـ ِه رِضــا خل ِقــك‪ ،‬أللهــم إين‬ ‫َّ‬
‫ي ف مــا أنعمــت ب ِـ ِه عــي ل ِغـ ِ‬ ‫ِمــن شــك ِر ِ‬
‫ُ‬ ‫ََ ْ ُ‬ ‫َ َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ ْ ُ َ َ ْ َ َ َ َّ َ ّ ً ْ ُ ُ َ َ َ َ َّ‬
‫ـاس وأركــن ب ِـ ِه إىل‬ ‫أعــوذ بِــك أن أتعــدى حــدا ِمــن حــدودِك‪ ،‬أتزيــن بِذلِــك ل ِلنـ ِ‬
‫ْ َ َ َ‬ ‫ََ ُ ْ ُ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ ُ َّ ّ َ ُ ْ ُ َ ْ َ‬ ‫ُّ ْ َ‬
‫ــوك مــن عقوبتِــك‪ ،‬وأعــوذ ب ِ ِرضــاك مِــن ســخطِك‪،‬‬ ‫ادلنيــا‪ .‬أللهــم إن أعــوذ بعف ِ‬
‫ُْ‬ ‫ْ َ ْ َ َ َ ُ ُ َ ْ َ َ َّ َ َ ُ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ َ َ َ‬
‫ـي‬ ‫ـاء وج ِهــك‪ ،‬ال أحـ ِ‬ ‫َوأعــوذ بِطاعتِــك ِمــن مع ِصيتِــك‪ ،‬وأعــوذ بِــك مِنــك جــل ثنـ‬
‫ْ َ‬ ‫َ ُ ْ َ َ َ‬ ‫َْ‬ ‫َّ َ َ َ َ ْ َ َ َ ْ َ ْ ُ َ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ َ‬
‫ـو ح ِرصــت‪َ ،‬وأنــت كمــا أثنيــت ىلع نفسِ ــك ســبحانك َو ِبَمـدِك‪.‬‬ ‫اثلنــاء عليــك ولـ‬
‫َ ُّ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ ََ َ َ َ َ‬ ‫َّ ُ َّ ّ َ ْ َ ْ ُ َ َ َ ُ ُ َ ْ َ‬
‫أللهــم إن أســتغفِرك وأتــوب إلــك مِــن مظال ِــم كثِــر ٍة لِعِبــادِك عِنــدِي‪ ،‬فأيمــا‬
‫َ ْ ُ َ ٌ َ َ ْ ُ ُ َّ َ‬ ‫ْ َ َ َ َ ْ َُ َ‬ ‫ْ َ َ َ ََ‬ ‫َْ‬
‫ ل ق ِبــي مظلمــة ظلمتــه إياهــا يف‬ ‫ــد مِــن عِبــادِك أ ْو أمــ ٍة مِــن إمائ ِــك كنــت‬ ‫عب ٍ‬
‫َ َّ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫إل ـ ِه َوال أتَللهــا‬ ‫ـك َ ْ‬ ‫ْ َ ُ َ َ َ َ‬
‫ـال‪ ،‬أ ْو بدن ِـهِ‪ ،‬أ ْو ع ِْرضِ ـ ِه (أي كرامتِــه)‪ ،‬ال أســتطِيع أداء ذلِـ‬
‫ََ‬
‫مـ ِ‬
‫َ‬
‫ْ َ‬ ‫ْ َ َْ َ‬ ‫َ َ ِّ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َّ َ ُ َ َّ‬ ‫ْ ُ َ َ ِّ‬
‫ـد َوأ ْرضِ ـ ِه أنــت عــي بِمــا ِشــئت‪َ ،‬وكيــف ِشــئت‪،‬‬ ‫آل ممـ ٍ‬ ‫ـد و ِ‬ ‫مِنــه‪ ،‬فصــل ىلع ممـ ٍ‬
‫َ‬ ‫ ك َ ْ‬ ‫َ َ َ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ ُ َ ُ َّ‬ ‫َ ِّ‬ ‫َ َ ْ َ ُ‬ ‫ََْ‬
‫ش ٍء‪َ ،‬ومــا‬ ‫َوهبهــا يل‪َ ،‬ومــا تصنــع يــا ســيدِي بِعــذ ِاب وقــد وسِــعت رحتــك‬
‫َ َ َ َ ْ ُ َ َ َ ُّ َْ‬ ‫ََْ َ َ ُ َ‬ ‫َ َ ْ َ َ َ ُّ ْ ُ َ َ‬ ‫َ‬
‫ـي بِعذابِــك‪ ،‬وال ينقصــك يــا رب أن‬ ‫عليــك يــا رب أ َن تك ِر َمــي بِرحتِــك‪ ،‬وال ت ِهينـ ِ‬
‫َّ ُ َّ ِّ ْ َ ْ ُ َ َ ُ ُ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ُ َ َ ْ َ َ ٌ ُ ِّ‬
‫إلــك‬ ‫ش ٍء‪ .‬أللهــم إن أســتغفِرك‪ ،‬وأتــوب‬ ‫ـل َ ْ‬ ‫جــد لِـ‬
‫َ َ َ‬
‫تفعــل ِ ب مــا ســألك‪ ،‬وأنــت وا ِ‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َّ َ َّ ْ ُ‬ ‫ُ ْ ُ َ ْ َ ْ ُ ُ َّ ُ ْ ُ‬ ‫ْ ُ ِّ َ ْ‬
‫ــم عــدت فِيــهِ‪َ ،‬ومِمــا ضيعــت مِــن ف َرائ ِِضــك‬ ‫ــب تبــت إلــك مِنــه ث‬ ‫م َِــن ك ذن ٍ‬
‫ـب ِ‬ ‫َ َ ِّ َ ُ ْ َ َ ْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َّ َ َ ِّ َ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ َ َ ِّ َ‬
‫اغ‬ ‫جلهــادِ‪ ،‬واحلــج والعمــرة ِ‪ ،‬وإسـ‬ ‫وأداءِ حقــك ِمــن الصــاة ِ‪ ،‬والــزكة ِ‪ ،‬والصيــامِ وا ِ‬
‫َ َ َّ َ َ‬ ‫َ َ ْ َ ِّ ْ‬ ‫َّ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ََ َ‬ ‫َ ُ ْ‬ ‫ُ ُ‬
‫ــن‪35 ،‬‬ ‫ــر‪ ،‬وكفــارة ِ ايل ِم ِ‬ ‫ــل‪ ،‬وكــرة ِ اذلك ِ‬ ‫ــل مِــن اجلنابــةِ‪ ،‬وقِيــامِ اللي ِ‬ ‫الوضــوءِ‪ ،‬والغس ِ‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ْ ُ ِّ َ ْ َ َّ ْ ُ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ ْ‬


‫ـرت فِي ـهِ‪ِ ،‬مــن ف ِريض ـ ٍة‪ ،‬أ ْو‬ ‫اع يف المع ِصي ـةِ‪َ ،‬والصــدو ِد ِمــن ك ش ٍء قـ‬ ‫ـر َج ِ‬ ‫االسـ ِ ْ‬ ‫و‬
‫َ َْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫َّ ْ َ ْ ُ َ َ ُ ُ َ ْ َ ْ ُ َ َّ َ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ‬
‫ِــر‪ ،‬وأتيــت‬ ‫ســن ٍة‪ ،‬فــإن أســتغفِرك‪ ،‬وأتــوب إلــك مِنــه‪ ،‬ومِمــا رك ِبــت مِــن الكبائ ِ‬
‫ــت مِــنَ‬ ‫ََ َ ْ ُ‬ ‫َ َّ ّ‬ ‫َ ْ ََ ْ ُ‬ ‫َ ُّ ُ‬ ‫َ َ َ ِ َ َ ْ ُ‬
‫ئات‪ ،‬وأصب‬ ‫تحــت مِــن الســيِ ِ‬ ‫ــوب‪ ،‬واج‬ ‫ــاص‪ ،‬وع ِملــت مِــن اذلن ِ‬ ‫مِــن المع‬
‫َّ ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫َّ َ ْ ُ ُ ْ َ َ َ ْ ً ْ َ َ‬ ‫َ ََ َ‬ ‫ََ َ ْ ُ‬ ‫َّ َ َ‬
‫ات‪ ،‬وبــاشت مِــن اخلطايــا‪ ،‬مِمــا ع ِملتــه مِــن ذل ِــك عمــدا أو خطــأ‪ِ ،‬سا‬ ‫الشــهو ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َّ َ ُ ُ‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫َ ْ َ َ َ ً َ ِّ ُ ُ َ ْ َ ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ـن َوقطيعـ ِة‬ ‫ـوق الو ِاليـ ِ‬ ‫ك ادلمِ ‪ ،‬وعقـ ِ‬ ‫إلــك مِنــه‪َ ،‬و ِمــن ســف ِ‬ ‫أو علنِيــة‪ ،‬فــإن أتــوب‬
‫ََ َ ُ ْ ً‬ ‫َ‬ ‫ََ ْ َ ْ‬ ‫ُ ْ َ َ‬ ‫ََ ْ‬ ‫َ َّ ْ‬ ‫الف َ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬
‫ال ايلتــام ظلمــا‪،‬‬ ‫ــات‪ ،‬وأك ِل أمــو ِ‬ ‫ــف‪ ،‬وقــذ ِف المحصن ِ‬ ‫ار مِــن الزح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ــر‬ ‫الرحِــمِ ‪ ،‬و‬
‫ً‬ ‫ََ ً َ‬ ‫َْ َ َْ‬ ‫َّ َ َ َ َ ْ َ ْ َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ــي ثمنــا قلِيــا‪،‬‬ ‫ــري بِعهــدِك يف نف ِ‬ ‫ور‪ ،‬وك ِتمــا ِن الشــهادة ِ‪ ،‬وأن أش ِ‬ ‫و َشــهادة ِ الــز ِ‬
‫َ ّ َ َ َ ِّ ْ َ ِّ َ‬
‫ت َوالســح ِر‪َ ،‬والكِتمــان‪ ،‬والطــرة ِ‪ ،‬والــركِ ‪ ،‬و‬
‫ِّ ْ‬ ‫ُّ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ْ ِّ‬
‫الريــاءِ‪،‬‬ ‫ـول‪َ 1،‬والســح ِ‬ ‫وأك ِل الربــا‪ ،‬والغلـ ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ ِّ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫َو َّ َ َ ُ ْ‬
‫ـاق‪،‬‬ ‫اق‪ ،‬وانل ِفـ ِ‬ ‫ان‪ ،‬والشــق ِ‬ ‫ـس ال ِمــز ِ‬ ‫ـال‪َ ،‬و بـ ِ‬ ‫ـص ال ِمكيـ ِ‬ ‫ـر‪َ ،‬ونقـ ِ‬ ‫السق ـ ِة وش ِب اخلمـ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫ِّ ّ‬ ‫َ َْ َ َ َ َ َ ْ َ ْ َ‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬
‫ـف‪َ 2،‬والغِيب ـ ِة‬ ‫احللـ ِ‬ ‫ـار اذلم ـةِ‪ ،‬و‬ ‫ِ‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫إخ‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ر‬
‫ِ‬ ‫ـد‬ ‫ـ‬ ‫الغ‬ ‫و‬ ‫ِ‪،‬‬
‫ة‬ ‫ـ‬ ‫ان‬ ‫ِي‬ ‫خل‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ة‬ ‫ِ‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ِر‬ ‫ف‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫ِ‪،‬‬ ‫د‬ ‫ـ‬ ‫ه‬ ‫الع‬ ‫ـض‬ ‫ِ‬ ‫َونقـ‬
‫َُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ ُ‬ ‫َ َ ْ َ َّ ْ‬ ‫َ َُْ‬ ‫َ َّ َ‬
‫ــول‬
‫ــار‪ ،‬ودخ ِ‬ ‫ــاب‪ ،‬وأذى اجل ِ‬ ‫ــز بِاللق ِ‬ ‫ــز‪ ،‬واتلناب ِ‬ ‫ــز واللم ِ‬ ‫ــان‪ ،‬والهم ِ‬ ‫وانل ِميمــةِ‪ ،‬وابلهت ِ‬
‫َ ْ َ َ ْ ْ َ َ َ ْ‬ ‫ِــر‪َ ،‬و ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ْ َ َ ْ‬ ‫َْ‬
‫ــي‬ ‫ار‪ ،‬والم ِ‬ ‫ار‪ ،‬واالســتِكب ِ‬ ‫اإلص ِ‬ ‫اإلشاكِ ‪ ،‬و ِ‬ ‫ــر‪ ،‬والك ِ ِ‬ ‫ــر إذ ٍن‪ ،‬والفخ ِ‬ ‫ــت بِغ ِ‬ ‫بي ٍ‬
‫َ َّ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ََ ً َ َ ْ‬ ‫َ ْ‬
‫احل ِميــةِ‪،‬‬ ‫ــوب‬ ‫ــب‪ ،‬ورك ِ‬ ‫يف الر ِض مرحــا‪ ،‬واجلــورِ يف احلكــمِ ‪ ،‬واالعتِــداءِ يف الغض ِ‬
‫َ ََ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ َ ُ ْ َ َ َّ‬ ‫َ ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ ُّ‬
‫ـولِ‪،‬‬ ‫ـال والـ‬ ‫ـل واملـ ِ‬ ‫ان‪ ،‬وق ِلـ ِة العــد ِد يف الهـ ِ‬ ‫اإلثــمِ والعــدو ِ‬ ‫وتعضـ ِد الظالِــمِ ‪ ،‬وعــو ٍن ىلع ِ‬
‫َ َّ ْ َ‬ ‫المعـ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َّ ْ َ‬ ‫َ ِّ َ ِ َ َ َ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ ُ ُ‬
‫ـي ع ِن‬ ‫وف‪ ،‬وانلـ ِ‬ ‫ـر ِ‬ ‫ـر ب ِ‬ ‫ـل بِالشــهوة ِ‪ ،‬والمـ ِ‬ ‫ـاع الهــوى‪ ،‬والعمـ ِ‬ ‫ـن‪ ،‬واتبـ‬ ‫ـوب الظـ ِ‬ ‫و ر كـ ِ‬
‫ُ َّ َ ْ َ ِّ َ ْ‬ ‫َ ِّ َ ْ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫ََ َ‬ ‫ُْ َ‬
‫المنكــر‪ ،‬وفســا ٍد يف الر ِض‪ ،‬وجحــو ِد احلــق‪ ،‬و َاإلدالءِ إىل احلــامِ بِغــرِ احلــق‪ ،‬واملكـ ِ‬
‫ـر‬
‫ـر َومــا‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َ َ َّ َ َ ْ‬ ‫َ َ ُ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ََ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫ِنيـ ِ‬ ‫ُواخلدِيعـةِ‪ ،‬وابلخــل‪ ،‬وقــو ٍل ِ ف مــا ال أعلــم‪ ،‬وأك ِل الميتـ ِة وادلمِ ولــمِ اخل ِ‬
‫ـل ُ‬ ‫َ َ َ ِّ َ َ َّ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ْ َ ُّ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َّ‬
‫اهلل‪،‬‬ ‫ادلعءِ إىل الفاحِشـةِ‪ ،‬واتلمــي بِمــا فضـ‬ ‫احلسـدِ‪ ،‬وابلــي و‬ ‫ـر اهللِ‪ ،‬و‬ ‫أ ِهــل ب ِـ ِه ل ِغـ ِ‬
‫ُ ْ‬ ‫ُّ ْ ‪ُ ُ َ 3‬‬ ‫َ َ ِّ َ َّ َ ْ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ ْ َ‬
‫آن‪،‬‬ ‫اب إىل الظلــمِ ‪ ،‬وجحــو ِد القــر ِ‬ ‫ـاب بِال ِفــس‪ ،‬والمــن بِالعطِيـةِ‪ ،‬واالرتِــك ِ‬ ‫واإلعجـ ِ‬
‫َ‬
‫ــث يف األ ْي َمــان‪َ ،‬وك يَمــن كذِبــة فاج َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬
‫ــر ٍة‪،‬‬ ‫ِ ٍ ِ‬ ‫َِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫احلن ِ‬ ‫ــار الســائ ِِل‪ ،‬و‬ ‫ِ‬ ‫ايلتيــم‪َ ،‬وانتِه‬ ‫ــر‬
‫ِ‬ ‫َوقه‬
‫ـم َوأب ْ َشــاره ِْم‪َ ،‬و َمــا َرآهُ‬ ‫ـعاره ِْم‪َ ،‬و َأ ْع َر هـ ُ‬ ‫ْ َ ْ ََ ْ َ‬ ‫ْ َ ْ َ‬ ‫َُ ْ َ َ‬
‫ِ‬ ‫اضِ ِ‬ ‫ـد ِمــن خل ِقــك يف أموال ِِهــم‪ ،‬وأشـ ِ‬ ‫وظلــمِ أحـ ٍ‬
‫ََ ْ ُ َ َ‬ ‫َ َ َ ْ ُ َْ َ‬ ‫َ‬ ‫َََ َ‬ ‫َ َ َُ َ ْ‬ ‫َ َ‬
‫إلـ ِه يـدِي‪َ ،‬ونقلــت قــد ِم‪،‬‬ ‫ـان‪ ،‬وبســطت‬ ‫ـري‪ ،‬وسـ ِمعه ســم ِع‪ ،‬ونطــق ب ِـ ِه ل ِسـ ِ‬ ‫بـ ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ ُ َ َ َ َ ْ َ َ ُ ِّ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ َّ ْ ُ‬ ‫َ َ َْ ْ‬
‫ور‪َ ،‬و ِمــن‬ ‫ـن ز‬ ‫ـي‪ ،‬مِمــا هــو لــك مع ِصيــة‪ ،‬وك ي ِمـ ٍ‬ ‫جــدِي‪َ ،‬وحدثــت ب ِـ ِه نفـ ِ‬ ‫وبِــاشه ِ‬
‫ٍ َ َ َْ‬ ‫َّ َ‬ ‫َّ ْ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َُْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ ِّ َ َ َ َ ْ‬
‫ـاض انلهــارِ يف مــأ ٍ أو‬ ‫ـل وبيـ ِ‬ ‫ـب وخطِيئ ـ ٍة‪ ،‬ع ِملتهــا يف ســوا ِد الليـ ِ‬ ‫ك فاحِش ـ ٍة وذنـ ٍ‬
‫َ َ َّ َ ْ ُ ُ َ ْ َ ْ َ ْ َ ْ ُ َ َ ْ ُ ُ َ ْ َ ْ ُ ْ ُ َ ْ ُ ُ َ َ ْ َ ْ َ ْ ُ‬
‫خــأٍ‪ ،‬مِمــا علِمتــه أو لــم أعلمــه‪ ،‬ذكرتــه أو لــم أذكــره‪ ،‬س ـ ِمعته أو لــم أســمعه‪،‬‬
‫ٍّ َ ْ َ َ َ َ َّ ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ِّ َ ْ َ َ َ‬ ‫َ َ ُْ َ‬
‫ـرامٍ ‪ ،‬تعديــت فِيـ ِه‬ ‫حــل أو حـ‬ ‫ـن‪َ ،‬ويف مــا ِســواها‪ِ ،‬مــن ِ‬ ‫عصيتــك فِيـ ِه رب طرفــة عـ ٍ‬

‫السقة من الغَنيمة يف احلرب‪.‬‬ ‫‪ -1‬الغلول‪ :‬اخليانة‪ ،‬ومنه ‪-‬عىل رأي‪َّ -‬‬


‫اليمني‪.‬‬
‫نقض العهد و َ‬
‫‪ُ -2‬‬
‫‪ -3‬هكذا وردت العبارة أيض ًا يف (البحار)‪ ،‬وال ّظاهر ّأنا االرتكان إىل ال ّظامل‪.‬‬ ‫‪36‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫َ َ َ ّ َُ ُ‬ ‫َ ْ َ َ ْ ُ َْ‬ ‫َ ْ َ َّ ْ ُ َ ْ ُ ُ ْ ُ َ ْ َ َ ْ َ‬
‫لــي هــذا‪ ،‬فــإن أتــوب‬ ‫ــي إىل أن جلســت م ِ‬ ‫أو قــرت عن َــه‪ ،‬منــذ يــومِ خلقت ِ‬
‫اب َرحِيـ ٌ‬ ‫َ ُ َ َّ ٌ‬ ‫َْ َ ْ ُ ْ َ‬
‫ـم‪.‬‬ ‫إلــك مِنــه‪َ ،‬وأنــت يــا ك ِريــم تــو‬
‫ُ َ َّ َ ُ َ َّ‬ ‫َ ِّ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ ِّ َ َ ْ‬ ‫َّ ُ َّ‬
‫ـد‬ ‫آل ممـ ٍ‬ ‫ـد و ِ‬ ‫ـل‪ ،‬والمحا ِمـ ِد الــي ال تــى‪ ،‬صــل ىلع ممـ ٍ‬ ‫أللهــم يــا ذا المــن والفضـ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ ْ َْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ َّ َ َ ْ َ ُ ُ‬ ‫َ َْ ْ ََْ‬
‫ـي حــى ال أ ْرجــع يف‬ ‫سفــت ىلع نفـ ِ‬ ‫ـوب‪ ،‬ومــا أ‬ ‫ـي‪ ،‬وال تردهــا ل ِكــرة ِ ذنـ ِ‬ ‫واقبــل توبـ ِ‬
‫ً َ َ ً َ ْ َ ً ََ ْ َ‬ ‫َ ُ َ َ ً َ ُ‬ ‫ُ ْ ُ َْ َ ْ ُ َ ْ َ ْ َ‬ ‫َْ‬
‫ ليــك‪،‬‬ ‫ـز ت ْوبــة نصوحــا صادِقــة مــرورة‬ ‫إلــك مِنــه‪ ،‬فاجعلهــا يــا ع ِزيـ‬ ‫ـب تبــت‬ ‫ذنـ ٍ‬
‫َ َ ََْ ُْ‬ ‫َ َ ََْ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُْ ً َ ُ َ ً ْ َ َ‬
‫ـن قبِلتهــا مِنه ْم‪،‬‬ ‫حـ‬ ‫ولائِــك ِ‬ ‫مقب َولــة م ْرفوعــة عِنــدك‪ ،‬يف خ َزائِنِــك الــي ذخرتهــا ل ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َّ ْ َ َ ْ ُ َ ْ َ َ ْ ُ َ‬‫َ‬ ‫َ َ َ ْ ُ ْ َّ ُ َّ َّ‬
‫ـي ىلع‬ ‫ك أ ْن تُ َصـ ِّ َ‬ ‫ـم إن هـ ِذه ِ انلفــس نفــس عبـدِك‪ ،‬وأســأل‬ ‫َو َرضِ يــت بِهــا عنهــم‪ .‬أللهـ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ ُ ِّ َ‬ ‫ُ َ َّ َ ُ َ َّ‬
‫ـوب وتمنعهــا مــن اخلطايــا وت ِرزهــا مــن‬ ‫ـد وأن تصنهــا مــن اذلنـ ِ‬ ‫آل ممـ ٍ‬ ‫ـد و ِ‬ ‫ممـ ٍ‬
‫َ ُ َْ َْ ٌ َ َ َ ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ََْ ََ‬ ‫ّ ِّ‬
‫ـع ال ي ِصــل إيلهــا ذنــب‪ ،‬وال خطِيئــة‪،‬‬ ‫ـن منِيـ ٍ‬ ‫ـن ح ِصـ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الســيئات‪ ،‬وتعلهــا يف حِصـ‬
‫َ ََ‬ ‫َ َّ ْ َ َ َ ْ َ َ َ َ ْ َ َ ِّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُْ ُ َ َْ ٌ َ َْ َ‬
‫اض‪ ،‬وأنــا‬ ‫وال يفسِ ــدها عيــب وال مع ِصيــة‪ ،‬حــى ألقــاك يــوم القِيامـ ِة وأنــت عــي ر ٍ‬
‫َ َ َْ‬ ‫َ ُ َ َ ْ َ ُ َ َ َ ُ َ ْ َ ََ َ َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ٌ َْ ُ‬
‫ـي َوجعلتــي ‬ ‫مــرور تغبِطــي مالئ ِكتــك وأنبِيــاؤك وجيــع خل ِقــك‪ ،‬وقــد قبِلتـ ِ‬
‫الصادقـ َ‬ ‫ً ْ َ َ َ َّ‬ ‫ً َ‬ ‫ً َ‬
‫ـن‪.‬‬ ‫ِِ‬ ‫طائعــا طا ِهــرا زاك ِيــا عِنــدك ِمــن‬
‫ْ َ َْ ُُ ً‬ ‫ُ َ َّ َ ُ َ َّ‬ ‫َ َ ِّ‬ ‫َّ ُ َّ َّ ْ َ ُ َ َ ُ ُ‬ ‫َ‬
‫ــد َواجعلهــا ذنوبــا ال‬ ‫آل مم ٍ‬ ‫ــد و ِ‬ ‫ــوب‪ ،‬فصــل ىلع مم ٍ‬ ‫ــرف لــك بِذن ِ‬ ‫أللهــم إن أع ِ‬
‫َ ُ ْ َ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ ُ ُ‬ ‫ْ َ ْ َ‬ ‫ُْ َُ َ َ‬
‫ــوب‪ ،‬يــا أرحــم الرامحِــن‪ ،‬ســبحانك‬ ‫ــد مِــن خلقِــك‪ ،‬يــا غفــار اذلن ِ‬ ‫تظ ِهرهــا لح ٍ‬
‫َ ُ َ َّ‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫َ َ ِّ‬ ‫ّ ُ َّ َ ْ َ َ ْ ُ ُ ً َ َ ْ ُ َ ْ‬
‫ــد‪،‬‬ ‫آل مم ٍ‬ ‫ــد و ِ‬ ‫ــي‪ ،‬فصــل ىلع مم ٍ‬ ‫اللهــم َو ِبمــدِك‪ ،‬ع ِملــت ســوءا َوظلمــت نف ِ‬
‫الرح ُ‬ ‫ــور َّ‬ ‫الغ ُف ُ‬ ‫َّ َ َ ْ َ َ‬ ‫اغف ْ‬ ‫َ ْ‬
‫ِيــم‪.‬‬ ‫ِــر يل إنــك أنــت‬ ‫و‬
‫َ ْ َْ َُ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ِّ َ َ َ ْ َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َّ ُ َّ ْ َ َ‬
‫أللهــم إن كن مِــن عطائ ِــك ومنــك وفضلِــك‪ ،‬ويف عِل ِمــك وقضائ ِــك أن ترزقــي ‬
‫ِّ‬ ‫ََ ْ ْ َ ْ َ‬ ‫َ َّ َ ُ ْ‬ ‫ُ َ َّ َ َ ْ ْ‬ ‫َّ ْ َ َ َ َ ِّ‬
‫جلــد‬ ‫ـري‪ ،‬وأحسِ ــن معونــي يف ا ِ‬ ‫آلِ واع ِصمــي بقِيــة عمـ ِ‬ ‫ـد و ِ‬ ‫اتلوبــة‪ ،‬فصــل ىلع ممـ ٍ‬
‫َ َّ‬ ‫ّ َّ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ ُ ُّ َ َ ْ َ‬ ‫َ ُ َ َ َ‬ ‫ْ َ‬
‫ـر ِح َوالصح ـ ِة حــى‬ ‫الفـ َ‬ ‫ـاط و‬ ‫ـرض‪َ ،‬والنشـ ِ‬ ‫ـارع ِة إىل مــا تِــب وتـ‬ ‫َواالجتِهــادِ‪ ،‬والمسـ‬
‫َْ َ‬ ‫َ ُّ َ َ َ َ َ َ ْ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ََ َ َ‬ ‫ُْ َ‬
‫ـي رِضــاك‪َ ،‬وأن ت ْرزقــي ب ِ َرحتِــك مــا‬ ‫ـك الــي يِــق لــك عـ َّ‬ ‫أبلــغ يف عِبادتِــك وطاعتِـ‬
‫َ َ ُ َ َ ِّ َ َ َ ُ َ َ َ ْ‬ ‫َ َ َ َّ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫ُ ُ‬
‫آلِ‪،‬‬ ‫ـن نبِيــك‪ ،‬صل َواتــك عليـ ِه َو ِ‬ ‫أقِيــم ب ِـ ِه حــدود دِينِــك‪ ،‬وحــى أعمــل يف ذلِــك بِسـ ِ‬
‫ـم‬‫األر ِض َو َم َغارب َهــا‪ .‬أللَّ ُهـ َّ‬ ‫الم ْؤم َِنــات يف َم َشــارق ْ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ بَميــعِ المؤ ِمنِــن و‬
‫ُْ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ ْ‬
‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫وافعــل ذلِــك ِ‬
‫َ ََْ ُ َ َ َ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َ ْ ُ َ‬
‫ـم‬ ‫ـم ‪ -‬تقوهلــا ثالثــاً‪ ،‬ثـ ّ‬ ‫الرحِيـ ُ‬ ‫ـور َّ‬‫الغ ُفـ ُ‬ ‫إنــك تشــك ُر اليسِ ــر‪ ،‬وتغ ِفــر الكثِــر وأنــت‬
‫ُ ْ ُ َ ِّ‬ ‫َ ِّ َ َ َ ُ ِّ َ‬ ‫يل ك َمــا ُت ْطـ ُ‬ ‫َّ ُ َّ ْ ْ ُ َّ‬
‫ـل‪َ ،‬وت ِمــد عــي‬ ‫ـىء ب ِـ ِه عــي نائِــرة ك جا ِهـ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫تقــول‪ :‬أللهــم اقسِ ــم‬
‫َ ُ َّ ً ْ‬ ‫ُ ِّ َ َ َ َ ً ْ ُ ِّ َ ْ‬ ‫ُ ً‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ ْ َ َ ُ ِّ َ‬
‫ـر‪ ،‬وقــوة ِمــن‬ ‫ـي هــدى مــن ك ضلل ـ ٍة‪ ،‬و ِغ َـى ِمــن ك فقـ ٍ‬ ‫ـل‪ ،‬وأع ِطـ ِ‬ ‫شــعلة ك قائِـ ٍ‬
‫َ َ ً‬ ‫ ك َخـ ْ‬ ‫َ ّ ً ْ ُ ِّ ُ ٍّ َ ْ َ ً ْ ُ ِّ َ َ ْ ً ْ ُ ِّ‬ ‫ُ ِّ َ ْ‬
‫ـو ٍف‪َ ،‬وعفِيــة‬ ‫ـف‪ ،‬و ِعــزا ِمــن ك ذل‪ ،‬و ِرفعــة ِمــن ك ضِ عـ ٍة‪ ،‬وأمنــا ِمــن‬ ‫ك ضعـ ٍ‬
‫ً َ ُ ُّ َ ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ً َ ْ َ ُ َ َ ُ ِّ َ‬ ‫َّ ُ َّ ْ ُ ْ‬ ‫ْ ُ ِّ َ َ‬
‫ـم ارزقــي عمــا يفتــح يل بــاب ك ي ِقــن‪َ ،‬ويقِينــا يســد عــي‬ ‫ِمــن ك بــا ٍء‪ .‬أللهـ‬
‫ــر يل بِــهِ ك َرحــ ٍة‪،‬‬
‫ُ َّ ْ َ‬ ‫ــة‪َ ،‬و َخ ْوفــا ً تُيَ ِّ ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫اإلجاب‬ ‫اعء تبســط يل بــه‬
‫َ َ ُ ِّ ُ ْ َ َ ُ ً َ ْ ُ ُ‬
‫بــاب ك شــبه ٍة‪ ،‬ود‬
‫ِ‬
‫الرا ِِحــن‪َ.‬‬ ‫ـم َّ‬ ‫ـك يــا َأ ْر َحـ َ‬ ‫ََْ َ‬
‫ـوب‪ ،‬بِرحتِـ‬
‫ََ َْ ُُ‬ ‫َ ْ َ ً َ ُ ُ َْ‬
‫ـي وبــن اذلنـ ِ‬ ‫وعِصمــة تــول بيـ ِ‬
‫ربـك وتقــول‪:‬‬ ‫وتضـرع اىل ّ‬ ‫َّ‬
‫‪37‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬


‫يــا مــن نهــاين عــن المعــايص فعصيتــه فلــم يهتــك ِســري عنــد معصيتِــه‪ ،‬يــا مــن‬
‫َ‬ ‫ـة‪ ،‬يــا َمــن َ‬ ‫ً‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أكرمــي وأســبغ‬ ‫ألبســي اعفيتــه فعصيتــه فلــم يســلبين عنــد ذلــك اعفيـ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َ‬
‫ـزل عــي نعمتــه‪ ،‬يــا مــن نصــح يل فرتكــت نصيحتــه‬ ‫ي نعمــه فعصيتــه فلــم يـ ِ‬ ‫عـ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ‬
‫فلــم يســتد ِرجين عنــد تــريك نصيحتــه‪ .‬يــا مــن أوصــاين بوصايــا كثــر ٍة ال تــى‪،‬‬
‫ـم ســيّئايت وأظهـ َ‬ ‫وصي َتــه‪ ،‬يــا َمــن كتـ َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ـر‬ ‫ي ورمحــة منــه يل فرتكــت‬ ‫إشــفاقا منــه ع ـ َّ‬
‫َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ماســي حــى كأن لــم أزل أعمــل بطاعتِــه‪ ،‬يــا مــن أرضيــت عبــاده بســخطِه‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫فلــم يكِلــي إيلهــم ورزقــي مــن ســعتِه‪ ،‬يــا مــن داعين إىل جنتِــه فاخــرت‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ ُ‬ ‫َ‬
‫ـرات‬ ‫انلــار فلــم يمنعــه ذلــك أن فتــح يل بــاب توبتِــه‪ .‬يــا مــن أقالــي عظيــم العـ ِ‬
‫ي ويغضـ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وضمـ َ‬ ‫َ‬ ‫ـرين بـ ّ‬ ‫وأمـ َ‬
‫ـب يل إن‬ ‫ـر ع ـ َّ‬ ‫ـن يل إجابتــه‪ ،‬يــا مــن أعصيــه فيسـ‬ ‫ِ‬ ‫ـادلاعء‬
‫ـرت بمعصيتــه‪ .‬يــا مــن نهــا خلقــه عــن انتهــاك حمــاريم وأنــا مقيـ ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُعـ ِّ‬
‫ـم ىلع انتهــاك‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫حمار ِمــه‪ ،‬يــا مــن أفنيــت مــا أعطــاين يف معصيتِــه فلــم حيبــس عــي عطيتــه‪ ،‬يــا‬
‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ ْ ُ‬
‫مــن ق ِويــت ىلع املعــايص بكفايتِــه فلــم يذلــي ولــم يرجــي مــن كفايتِــه‪ .‬يــا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ َ ِّ‬ ‫ُ‬
‫مــن بارزتــه باخلطايــا فلــم يمثــل يب عنــد جــرأيت ىلع مبارزتِــه‪ ،‬يــا مــن أمهلــي ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مــن لايت ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ثــم وعــدين ىلع ترك ِهــا مغفرتــه‪ ،‬يــا مــن أدعــوه وأنــا‬ ‫حــى اســتغنيت‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫ىلع معصيتِــه فيجيبــي ويقــي حاجــي بقدرتِــه‪ ،‬يــا مــن عصيتــه بالليــل وانلهــار‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬
‫وقــد وك باالســتغفار يل مالئكتــه‪ .‬يــا مــن عصيتــه يف الشــباب والمشــيب وهــو‬
‫ـر يف عمــي وينــى الكثـ َ‬ ‫ـكر اليسـ َ‬ ‫ـاب رمحتِــه‪ ،‬يــا َمــن يشـ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََّ‬
‫ـر‬ ‫يتأنــاين ويفتــح يل بـ‬
‫ّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ‬
‫ـتدرجين حــى‬ ‫مــن كرامتِــه‪ ،‬يــا مــن خلصــي بقدرتِــه وجنّــاين بلط ِفــه‪ ،‬يــا مــن اسـ‬
‫َ‬ ‫ـرض الكثـ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ‬
‫ـر يل مــن إجابتِــه ىلع طــول إســاءيت وتضييــي ‬ ‫جانبــت حمبتــه‪ ،‬يــا مــن فـ‬
‫ّ‬ ‫وج ْرأتَنــا وهــو ال جيـ ُ‬ ‫َ‬ ‫َُْ ‪ُ 1‬‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ـور علينــا يف قضيتِــه‪،‬‬ ‫ـر ظلمنــا وحوبنــا‬ ‫فريضتــه‪ .‬يــا مــن يغفـ‬
‫َ‬ ‫ُ ََّ‬ ‫ يـ ِ َ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ـر املظلــوم بينتــه‪ ،‬يــا مــن‬ ‫مهــل حــى‬ ‫يــا مــن نتظالــم فــا يؤاخِذنــا بعل ِمــه وي ِ‬
‫ـر هل جريرتَــه‪ ،‬يــا َمــن َمـ َّ‬ ‫ـا يتعاظ ُمــه أن يغفـ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ـن‬ ‫ـرك بــه عبــده وهــو خلقــه فـ‬ ‫يـ ِ‬
‫ـذر‬ ‫بمشــيَّته‪ .‬يــا َمــن أعـ َ‬ ‫َ‬
‫يغفرهــا يل‬ ‫َ‬ ‫ي اذلنــوب وأرجــو أن‬
‫َ‬ ‫ي بتوحيـدِه وأحــى عـ َّ‬ ‫عـ َّ‬
‫ُ ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ـذر ثـ ّ‬ ‫وأنـ َ‬
‫ـم عــدت بعــد اإلعــذار واإلنــذار يف معصيتِــه‪ ،‬يــا مــن يعلــم أن حســنايت‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫ـر ن ِع ِمــه‪ ،‬يــا مــن أفنيــت عمــري يف معصيتِــه فلــم يغلــق‬ ‫ال تكــون ثمنــا ألصغـ ِ‬
‫ـر ِّب مــا أعظـ َ‬ ‫ـبحان هــذا الـ ّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ـم‬ ‫عــي بــاب توبتِــه‪ .‬يــا ويــي مــا أقــل حيــايئ‪ ،‬ويــا سـ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫هيبتــه‪ ،‬ويــا ويــي مــا أقطــع لســاين عنــد اإلعــذار‪ ،‬ومــا عــذري وقــد ظهــرت‬

‫بالض ّم‪ :‬اإلثم‪.‬‬


‫‪ -1‬احل ُْوب ّ‬ ‫‪38‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ّ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫بائــح جبُــريم‪ُ ،‬مق ٌّ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ ّ ُ‬


‫ِــر بذنــويب لــرب َليمحــي ويتغمــدين‬ ‫ي حجتــه‪ ،‬هــا أنــا ذا‬ ‫عــ‬
‫َ ْ َْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ـن األرضــون والســماوات مجيعــا يف قبضتِــه‪ ،‬يــا مــن اســتحققت‬ ‫بمغفرتِــه‪ ،‬يــا مـ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ َ َ َّ‬ ‫ُ ٌّ َ‬ ‫َ‬
‫عقوبتــه‪ ،‬هــا أنــا ذا م ِقــر بذنــي‪ .‬يــا مــن و ِســع لك يش ٍء برمحتِــه‪ ،‬هــا أنــا ذا عبــدك‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫خطيئتــه‪ ،‬يــا َمــن ُيـ ُ‬ ‫َ‬ ‫ـر اخلاطــئ‪ ،‬ا ِغفـ ْ‬ ‫احلسـ ُ‬
‫ـرين يف ميــاي ومــايت‪ ،‬يــا مــن‬ ‫ـر هل‬
‫ُ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ّ‬
‫هــو عــديت لظلمــة القــر ووحش ـتِه‪ ،‬يــا مــن هــو ثقــي ورجــايئ وعــديت لعــذاب‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫القــر وضغطتِــه‪ ،‬يــا مــن هــو غيــايث ومفــزيع وعــديت للحســاب ودقتِــه‪ ،‬يــا مــن‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ َْ َُ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫ـم َعفـ ُ‬ ‫َع ُظـ َ‬
‫ـرم صفحــه واشــتدت نِقمتــه‪ .‬إلــي ال تذلــي يــوم القيامــة‪ ،‬فإنــك‬ ‫ـوه وكـ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ ٌّ َ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ُ ّ‬
‫ـر بذنــي معــرف خبطيئــي‪،‬‬ ‫عــديت للمــزان وخِفتِــه‪ ،‬هــا أنــا ذا بائــح جبُــريم م ِقـ‬
‫بالشــهادة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬
‫والرمحــة‪.‬‬ ‫ـد واختِــم يل‬ ‫وآل حممـ ٍ‬ ‫ـد ِ‬ ‫إلــي وخالــي ومــوالي صــل ىلع حممـ ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ـة ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ ّ ّ‬
‫ادلاعء إذا دعِيــت‬ ‫ـم هــو لــك يِــق عليــك فيــه إجابـ‬ ‫أللهــم إن أســألك بــكل اسـ ٍ‬
‫ّ َ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ُ‬
‫ـك ىلع مجيــعِ َمــن دونــك‪ ،‬أن تُصـ ِّ َ‬
‫ـي‬ ‫بــه‪ ،‬وأســألك حبــق لك ذي حــق عليــك وحبقـ‬
‫َ‬ ‫ٍّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ــد عبيــدِك انلّجبــاءِ الميامــن‪ ،‬ومــن أرادين‬ ‫وآل حمم ٍ‬ ‫ــد عبــدِك ورســول ِك ِ‬ ‫ىلع حمم ٍ‬
‫َْ ُ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ َ ْ‬ ‫ُ‬
‫ـره‪ ،‬ومــن بــن يديــه ومــن خل ِفــه‪ ،‬وامنعــه عــي حبولِــك‬ ‫بســو ٍء فخــذ بســمعِه وبـ ِ‬
‫ـز بهــا‬ ‫ـك يف دولـة كريمـة تُعـ ُّ‬ ‫َ‬
‫ـب ايلـ‬ ‫ـم إنّــا نرغـ ُ‬ ‫لك يشء قديــر‪ .‬أللّهـ ّ‬ ‫ِّ‬
‫وقوتــك إنــك ىلع‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ٍ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وجتعلُنــا فيهــا مــن ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ادلاعة ِ إىل طاعتِــك‬ ‫اإلســام وأهلــه‪ ،‬وتـذِل بهــا انلّفــاق وأهلــه‪،‬‬
‫َ‬ ‫كرامــة ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫أرحــم الرامحــن‪.‬‬ ‫ادلنيــا واآلخــرة‪ ،‬يــا‬ ‫والقــادة ِ إىل ســبيلِك‪ ،‬وترزقنــا بهــا‬
‫ّ َ‬ ‫ّ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ ّ ّ‬
‫عدونــا وقلــة عددِنــا‪ ،‬وشــدة‬ ‫ـم إنــا نشــكو إيلــك غيبــة نبينــا عنــا‪ ،‬وكــرة‬ ‫أللهـ‬
‫َ‬ ‫ّ ََ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ ِّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫ـد وأعِنــا ىلع ذلــك‬ ‫ـد وآل حممـ ٍ‬ ‫ـن بنــا وتظاهــر الزمــان علينــا‪ ،‬فصــل ىلع حممـ ٍ‬ ‫ال ِفـ ِ‬
‫ُ‬ ‫ٍّ ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ ِّ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ َ‬
‫ظهــره‪ ،‬ورمح ـ ٍة منــك‬ ‫ـلطان حــق ت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـر ت ِعــزه‪ ،‬وسـ‬ ‫ـح منــك ت َعجلــه‪ ،‬ونـ ٍ‬ ‫يــا رب بفتـ ٍ‬
‫ّ ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ِّ ُ‬
‫ـل‬ ‫واعفيتــك فألبِســناها‪ ،‬برمحتِــك يــا أرحــم الرامحــن‪ .‬أللهــم إن لــم أعمـ ِ‬ ‫تللناهــا‪،‬‬
‫ُ‬ ‫بعــد أن زيَّ َنهــا َ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ ّ‬ ‫ّ َ ْ َ َْ‬ ‫َ‬
‫يل الشــيطان‬ ‫أعمــل الســيئة إل‬ ‫ِ‬ ‫احلســنة حــى أعطيتنيهــا‪ ،‬ولــم‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ـد َو ُعــد ع ـ َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ َ َ ّ‬
‫ي بعطائــك‪ ،‬وداوِ دايئ‪ ،‬فــإن‬ ‫ـد وآل حممـ ٍ‬ ‫الرجيــم‪ ،‬أللهــم فصــل ىلع حممـ ٍ‬
‫ْ‬ ‫ّ ّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫هــم ال تهتِــك‬ ‫عفــوك وحــاوة رمحتِــك‪ .‬ألل‬ ‫َِ‬ ‫ودواءك وعــد‬ ‫دايئ اذلنــوب القبيجــة‪،‬‬
‫ِّ ْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ُْ َ‬
‫ـض‬ ‫ِســري‪ ،‬وال تب ـ ِد عــوريت‪ ،‬وآ ِمــن روعــي‪ ،‬وأق ِلــي عــريت‪ ،‬ونفــس كربــي‪ ،‬واقـ ِ‬
‫ـدوي وعـ َّ‬ ‫حممــد وعـ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ َْ‬
‫ـدو املؤمنــن‪ ،‬مــن‬ ‫ٍ‬ ‫آل‬ ‫ـز عــدوك وعــدو ِ‬ ‫عــي ديــي وأمانــي‪ ،‬واخـ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ـن واإلنــس يف مشــارق األرض ومغاربهــا‪ .‬ألل ُهـ ّ‬ ‫اجلـ ّ‬
‫ـم حاجــي حاجــي حاجــي الــي ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ َََْ‬ ‫َََْ‬ ‫ْ َ‬
‫ـرين مــا منعتــي‪ ،‬وإن منعتنيهــا لــم ينفعــي مــا أعطيتــي‪،‬‬ ‫إن أ ْع َط ْيتَنيهــا لــم يَـ ُ َّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ ِّ‬ ‫ّ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ـد وارض عــي‪ ،‬وارض عــي‪،‬‬ ‫وآل حممـ ٍ‬ ‫ـد ِ‬ ‫ويه فــاك رقبــي مــن انلــار‪ ،‬فصــل ىلع حممـ ٍ‬
‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫‪39‬‬ ‫وارض عــي ‪-‬حــى ينقطــع انلَّفــس‪.‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ َ َ ََْ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ ُ ّ ّ َ َّ ْ ُ‬


‫ـم إيــاك تعمــدت حباجــي وبــك أنزلــت مســكنيت‪ ،‬فلتســعين َرمحتــك‪ ،‬يــا وهاب‬ ‫أللهـ‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ‬ ‫ّ‬
‫اجلنــة‪ ،‬يــا وهــاب املغفــرة‪ ،‬ال حــول وال قــوة إل بــك‪ ،‬أيــن أطلبــك يــا موجــودا يف‬
‫ـي انلـ َ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬
‫ـداء‪ ،‬فقــد‬ ‫ـرة‪ ،‬ويف القِفــار أخــرى؟ لعلــك تســمع مـ‬ ‫لك مــان‪ ،‬يف الفيــايف مـ‬
‫رب َّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُْ َ‬ ‫ََ ُْ‬ ‫َّ‬ ‫َ ُ َ ُ‬
‫أي‬ ‫ـل قلــي وبعـ ِد مطلــي وكــرة ِ أهــوايل‪.‬‬ ‫عظــم جــريم وقــل حيــايئ‪ ،‬مــع تقلقـ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ ُ‬ ‫َّ ُ َّ‬
‫ـر وأيهــا أنــى‪ ،‬فلــو لــم يكــن إل املــوت لكــى‪ ،‬فكيــف ومــا بعــد‬ ‫أهــوايل أتذكـ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ‬
‫املــوت أعظــم وأدىه‪ .‬يــا ث ِقــي ودمــاري وســوء ســليف وقلــة نظــري نلفــي‪ ،‬حــى‬
‫ً‬ ‫ّ َ ُ‬ ‫ًّ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ال تــد عنــدي صدقــا‬ ‫ِ‬ ‫ـرة بعــد أخــرى‪ ،‬ثــم‬ ‫مــى وإىل مــى أقــول‪ :‬لــك العتــى‪ ،‬مـ‬
‫وال وفـ ً‬
‫ـاء‪.‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫أســألك حبــق اذلي كنــت هل أنيســا يف الظلمــات‪ ،‬وحبــق اذليــن لــم يرضــوا بصيــام‬
‫ـى ّ‬ ‫ِّ َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ ُ ُ ً‬ ‫َ‬ ‫ّ َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫بادلمــاء‪،‬‬ ‫انلّهــار وبماكبــدة ِ الليــل‪ ،‬حــى مضــوا ىلع األ ِســنة قدمــا‪ ،‬فخضبــوا اللـ‬
‫ّ‬ ‫ـم وأســاء‪ .‬يــا َغوثــاه يــا ُ‬ ‫عمــن ظلـ َ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫َّ‬
‫أهلل يــا ربــاه‪،‬‬ ‫ـوه بالــرى‪ ،‬إل عفــوت‬ ‫ورملــوا الوجـ‬
‫اســتلكب عــ َّ‬ ‫َ‬ ‫ٍّ‬ ‫َ ََ‬ ‫ً‬ ‫ُ َ‬
‫ي‪ ،‬ومــن دنيــا‬ ‫عــدو قــد‬ ‫هــوى قــد غلبــي‪ ،‬ومــن‬ ‫أعــوذ بــك مــن‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ َّ َ ْ‬
‫ـم رب‪ ،‬فــإن كنــت ســيدي قــد‬ ‫حـ‬ ‫ـس أمــار ٍة بالســوءِ إل مــا ر ِ‬ ‫تزينــت يل‪ ،‬ومــن نفـ ٍ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َْ‬ ‫ْ َ‬
‫ارحــي‪ ،‬وإن كنــت ســيدي قــد قبلــت مثــي فاقبلــي‪ .‬يــا مــن قبِــل‬ ‫َر ِحــت مثــي ف‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ِّ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َ َ ْ َ ْ‬
‫الســح َرة فاقبلــي‪ ،‬يــا مــن يغذيــي بانلِّعــمِ صباحــا ومســاءا‪ ،‬قــد تــراين فريــدا‬
‫ُّ‬ ‫ّ َ‬ ‫ُ َْ‬ ‫َ‬ ‫ً َ َ َ ُ َّ ً َ َ‬ ‫ً‬
‫ـق مــي‪ ،‬نعــم وأيب وأم‬ ‫َ َ َّ‬
‫وحيــدا شــاخصا بــري مقــدا عمــي‪ ،‬قــد تــرأ مجيــع اخللـ ِ‬
‫َ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ِّ‬ ‫َ‬
‫ومــن اكن هل كــدي وســعيي‪ .‬إلــي فمــن يقبلــي ومــن يســمع نــدايئ ومــن يؤنِــس‬
‫َ‬
‫ّ َ ْ‬
‫َ‬
‫ـم ســألَين بمــا أنــت‬ ‫ـرى َوحــدي ثـ‬ ‫ـت يف الـ َّ َ‬ ‫ُ ِّ ْ ُ‬
‫وحشــي ومــن ين ِطــق لســاين إذا غيبـ‬
‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ـت‪ ،‬فأيـ َ‬‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫أعلـ ُ‬
‫ـن املهــرب مــن عدلِــك‪ ،‬وإن قلــت‪ :‬لــم‬ ‫ـم بــه مــي‪ ،‬فــإن قلــت‪ :‬قــد فعلـ‬
‫ُ َ‬ ‫َ ََ َ ُ ُ‬
‫أفعــل‪ ،‬قلــت‪ :‬ألــم أكــن أشــاهدك وأراك‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ـو‪ ،‬مــن يل غــرك‪ .‬إن ســألت غــرك لــم يع ِطــي‪ ،‬وإن دعــوت‬ ‫يــا أهلل يــا كريــم العفـ ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ـزول انلّــران‪،‬‬ ‫يبــي‪ ،‬رضــاك يــا رب قبــل لقائــك‪ ،‬رضــاك يــا رب قبــل نـ ِ‬ ‫غــرك لــم ِ‬
‫َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫رضــاك يــا رب قبــل أن تغــل األيــدي إىل األعنــاق‪ ،‬رضــاك يــا رب قبــل أن أنــادي‬
‫ُ ّ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الرجــاء‪،‬‬ ‫ـك ّ‬ ‫ـداء‪ .‬يــا أحــق مــن جتــاوز وعفــا‪َ ،‬وع َِّزتِــك ال أقطــع منـ‬ ‫ـاب انلّـ َ‬ ‫فــا أجـ‬
‫داء ليــس هل دواء‪ ،‬يــا مــن لــم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ـل حيــايئ‪ ،‬فقــد لَــز َق بالقلــب ٌ‬ ‫َ َ َّ‬
‫ـم جــريم وقـ‬
‫ْ َ ُ َ ُ‬
‫وإن عظـ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ّ‬
‫ـذ اللئــذون بمثلِــه‪ ،‬يــا مــن لــم يتعــر ِض المتعرضــون ألكــرم منــه‪ .‬يــا مــن لــم‬ ‫يـ ِ‬
‫َْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ َ َّ ِّ ُ‬
‫ـد واشــغل قلــي بعظيــمِ شــأن ِك‪،‬‬ ‫ـد وآل حممـ ٍ‬ ‫تشــد الرحــال إىل مثلِــه‪ ،‬صــل ىلع حممـ ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ َّ َ‬ ‫َ‬
‫وأرسِــل حمبتــك إيلــه حــى ألقــاك وأودايج تشــخب دمــا‪ ،‬يــا واحــد يــا أجــود‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ َ ِّ ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫ـد وافــكك رقبــي مــن انلــارِ‬ ‫وآل حممـ ٍ‬ ‫ـد ِ‬ ‫المنعِمــن المتكــر المتعــال‪ ،‬صــل ىلع حممـ ٍ‬
‫ـك يــا أرحـ َ‬ ‫َ‬
‫ـم الرامحــن‪.‬‬ ‫‪ 40‬برمحتِـ‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ســيدي َفلَ ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ ُ َ ْ َ‬ ‫َ َ ْ َْ ْ‬ ‫ّ‬ ‫َّ ُ‬


‫ــم‬ ‫ــم ت ِرمــي‪ ،‬وعظمــت خطيئــي‬ ‫إلــي‪ ،‬قــل شــكري ‪-‬ســيدي‪ -‬فل‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ‬
‫تفضحــي‪ ،‬ورأيتــي ىلع املعــايص ســيدي فلــم تمنعــي ولــم تهتِــك ِســري‪ ،‬وأم ْرتــي‬
‫ُ ّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ـر مــي؟‬ ‫ـر أفقـ‬ ‫ســيدي بالطاع ـ ِة فضيعــت مــا بــه أمرتــي‪ ،‬فــأي فقـ ٍ‬
‫َ ْ َ ّ ُّ‬ ‫َ‬ ‫ّ ْ‬ ‫ـأي َشـ ِ ٍّ‬ ‫إن لــم تُغنــي‪ ،‬فـ ُّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ـرب أنــت يــا‬ ‫ـي أشــى مــي إن لــم ترمحــي‪ .‬فنِعــم الـ‬ ‫ِ‬ ‫ســيدي‬
‫ْ ّ‬ ‫َ َْ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ـيدي ون ِْعـ َ‬ ‫ّ‬
‫ـم املــوىل‪ ،‬وبئــس العبــد أنــا يــا ســيدي َوجدتــي‪ ،‬أي ربــاه‪ ،‬هــا أنــا ذا‬ ‫سـ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ٌّ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ َ‬
‫بــن يديــك‪ ،‬معــرف بذنــويب‪ ،‬م ِقــر باإلســاءة ِ والظلــمِ ىلع نفــي‪ ،‬مــن أنــا يــا رب‬
‫ُ‬ ‫ُّ ّ ّ‬ ‫َ َْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ـم إن أســألك‬ ‫فتقصــد لعــذايب‪ ،‬أم (مــن) يدخــل يف مســأتل ِك إن أنــت َر ِحتــي‪ .‬أللهـ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ـن بــه َفـ ْ‬ ‫ـد بــه لســاين‪ ،‬وأ ْحصـ ُ‬‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫مــن ّ‬
‫ـريج‪ ،‬وأؤدي بــه عــي أمانــي‪َ ،‬وأصِ ل‬ ‫ِ‬ ‫ادلنيــا مــا أسـ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ُ َ ً‬ ‫وأتـ ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫ـر بــه آلخــريت‪ ،‬ويكــون يل عونــا ىلع احلــج والعمــرة‪ ،‬فإنــه ال حــول‬ ‫ـي‪ِ ،‬‬ ‫حـ ِ‬ ‫بــه ر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ـن‬ ‫ض َعـ َّ‬ ‫ـن إيلــك‪َ ،‬و َلتَ َ َّ‬ ‫ـن عليــك‪َ ،‬و َل ْطلـ َ َّ‬
‫ِ‬
‫لـ َّ‬ ‫ـم َل ِ َّ‬ ‫ـو َة ّإل بــك‪َ .‬وع َِّزتِــك يــا كريـ ُ‬ ‫وال قـ ّ‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ـط َّنها إيلــك‪ ،‬مــع مــا َ‬ ‫ََ ْ َ‬
‫اقرتفنــا مــن اآلثــام‪ ،‬يــا ســيدي فبِمــن أعــوذ‬ ‫إيلــك‪ ،‬ولبسِ ـ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُّ َ ْ ُ‬ ‫َ‬
‫وبمــن ألــوذ‪ ،‬لك مــن أتيتــه يف حاجــ ٍة وســأتله فائــدة فإيلــك يرشــدين وعليــك‬
‫َ‬ ‫ِّ ّ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ ِّ ُ‬ ‫َ ُّ‬
‫واحلســن‬
‫ِ‬ ‫ي وفاطمــة‬ ‫ــد وعــ ٍّ‬ ‫يدلــي‪ ،‬ويف مــا عنــدك يرغبــي‪ .‬فأســألك حبــق حمم ٍ‬
‫ّ‬ ‫بــن عــ ّ‬ ‫ّ‬ ‫واحلســن وعــ ِّ‬
‫وجعفــر بــن حممــد‪ ،‬ومــوىس‬ ‫ِ‬ ‫ي‪،‬‬ ‫احلســن‪ ،‬وحممــ ِد ِ‬ ‫ِ‬ ‫بــن‬
‫ي ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬
‫ـن‬ ‫ـن بـ ِ‬ ‫ـن حممــد‪ ،‬واحلسـ ِ‬ ‫ـن ع ـي‪ ،‬وع ـي بـ ِ‬ ‫ـن مــوىس‪ ،‬وحمم ـ ِد بـ ِ‬ ‫ـن جعفــر‪ ،‬وع ـي بـ ِ‬ ‫بـ ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬
‫ـأن اذلي هلــم‬ ‫عـي‪ ،‬واحلجـ ِة القائــمِ باحلــق صلواتــك يــا رب عليهــم أمجعــن‪ ،‬وبالشـ ِ‬
‫ً‬
‫وآل حممــد‪ ،‬وأن‬
‫ّ‬
‫ـد ِ‬
‫ّ‬
‫ـي ىلع حممـ ٍ‬ ‫الشــأن‪ ،‬أن تُصـ ِّ َ‬ ‫ّ‬
‫عنــدك‪ ،‬فــإن هلــم عنــدك شــأنا مــن‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ـاء ُ‬
‫اهلل تعــاىل)‪.‬‬ ‫لدلنيــا واآلخــرة‪ ،‬فإنّهــا تُقــى إن شـ َ‬
‫تفعــل يب ( كــذا وكــذا‪ .‬وتســأل حواجئَــك ّ‬

‫ثم تقول‪:‬‬ ‫ّ‬


‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫لك يشء‪ُ ،‬مـ ْ َ ّ‬ ‫َّ ِّ‬ ‫ّ ُ ّ َّ‬
‫ـان العظيــم‪ ،‬فالق‬ ‫ـل والزبــورِ والفرقـ ِ‬ ‫ـزل اتلــوراة ِ واإلجنيـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـم ربنــا رب‬ ‫أللهـ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ِّ ّ ّ‬ ‫ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫احلــب وانلــوى‪ ،‬أعــوذ بــك مــن رش لك دابــ ٍة أنــت آخــذ بناصيتِهــا‪ .‬أنــت األول‬
‫َ‬ ‫الظ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اهــر فليــس‬ ‫يشء‪ ،‬وأنــت‬ ‫اآلخــر فليــس بعــدك‬ ‫يشء‪ ،‬وأنــت‬ ‫فليــس قبلــك‬
‫ّ َّ ْ َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ َ َ ِّ‬ ‫َ‬
‫ـض عــي ادليــن وأغنِــي مــن الفقــر‪ .‬يــا َ‬
‫خري‬ ‫ـد ِ‬
‫وآل واقـ ِ‬ ‫دونــك يشء‪ ،‬فصــل ىلع حممـ ٍ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ـم مــن قهــر‪ ،‬ويــا أكــرم مــن قـدِر‪ ،‬ويــا‬ ‫حــد‪ ،‬ويــا أحلـ‬ ‫ـكر مــن ِ‬ ‫مــن عبـ ِد ويــا أشـ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ـن مــن اســتجري‪ ،‬ويــا أرأف مــن‬ ‫أســمع مــن نــودي‪ ،‬ويــا أقــرب مــن نــويج‪ ،‬ويــا آمـ‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫ـم مــن اســرح َِم‪،‬‬ ‫اســتغيث‪ ،‬ويــا أكــرم مــن سـئِل‪ ،‬ويــا أجــود مــن أعطــى‪ ،‬ويــا أرحـ‬
‫ّ َ ْ ً‬
‫ـن عـ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬
‫ـوال منــك‪،‬‬ ‫ي باجلنـ ِة طـ‬ ‫ـد وارحــم قلــة حِيلــي‪ ،‬وامـ‬ ‫وآل حممـ ٍ‬ ‫ـد ِ‬ ‫صــل ىلع حممـ ٍ‬
‫َ‬ ‫ـك يف أحـ ِّ‬ ‫َ‬
‫ّ َ ُّ ً ّ ُ ّ ّ َ ْ ُ َ‬ ‫ُ َّ‬
‫ـب األشــياء إيلــك وهــو‬ ‫وفــك رقبــي مــن انلــار تفضــا‪ .‬أللهــم إن أطعتـ‬
‫ّ‬ ‫َ َ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫وآل‬
‫ـد ِ‬ ‫اتلوحيــد‪ ،‬ولــم أع ِصــك يف أكــره ِ األشــياء إيلــك وهــو الــرك‪ ،‬فصــل ىلع حممـ ٍ‬
‫ً ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ًّ َ‬ ‫ُّ ّ ّ َ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ـي أمــر عــدوي‪ .‬أللهــم إن لــك عــدوا ال يألــوين خبــاال‪ ،‬بصــرا بعيــويب ‪41‬‬ ‫ـد واك ِفـ ِ‬ ‫حممـ ٍ‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ ُ ّ َ َ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬


‫ــم فصــل ىلع‬ ‫حريصــا ىلع غِوايــي‪ ،‬يــراين هــو وقبيلــه مــن حيــث ال أراهــم‪ ،‬ألله‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ـس أنفســنا وأموالــا وأهايلنــا‬ ‫رش شــياطني اجلــن واإلنـ ِ‬ ‫ـذ مــن ّ‬ ‫وآل حممــد‪ ،‬وأ ِعـ‬ ‫ـد ِ‬ ‫حممـ ٍ‬
‫ُ ‪ْ َ ّ ُّ 1‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ـم َوح ِّرمــي‬ ‫وأوالدنــا‪ ،‬ومــا أغلِقــت عليــه أبوابنــا ومــا أحاطــت بــه عوراتنــا ‪ .‬أللهـ‬
‫ّ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ ْ َ‬
‫عليــه كمــا ح َّرمــت عليــه اجلنــة‪ ،‬وبا ِعــد بيــي وبينــه كمــا باعــدت بــن الســماء‬
‫الشــيطان ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُّ ّ ّ‬ ‫َ َ‬
‫الرجيــم‪ ،‬ومــن‬ ‫ِ‬ ‫ــم إن أعــوذ بــك مــن‬ ‫واألرض‪ ،‬وأبعــد مــن ذلــك‪ ،‬ألله‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬
‫ـحره ون ْز ِغــه وف ِتنتِــه‬ ‫ـره‪ ،‬و ِسـ ِ‬ ‫ـزه ِ ونف ِخ ـهِ‪ ،‬وكي ـدِه ومكـ ِ‬ ‫ـزه ولمـ ِ‬ ‫رِجسِ ــه‪ ،‬ونصبــه‪ ،‬وهمـ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ـك م ِْنهــم يف ّ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُّ ّ ّ‬
‫ادلنيــا واآلخــرة‪َ ،‬ويف المحيــا والممــاة‪ .‬يــا‬ ‫ـم إن أعــوذ بـ‬ ‫وغوائلِــه‪ ،‬أللهـ‬
‫ُ‬ ‫َ ّ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ـي نفسِ ــه باإلســمِ اذلي قــى أن حاجــة مــن يدعــوه بــه مقضيــة‪ ،‬أســألك بــه‬ ‫مسـ ِّ َ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫وآل حممــد‪ ،‬وأن تفعــل يب‬ ‫ـد ِ‬ ‫إذ ال شــفيع يل عنــدك أوثــق منــه‪ ،‬أن تصــي ىلع حممـ ٍ‬
‫حاجتــك فإنّهــا تُقــى إن شــاء ُ‬ ‫َ‬ ‫َْ ْ‬ ‫َ‬
‫ـم تقــول‪:‬‬ ‫اهلل تعــاىل)‪ .‬ثـ ّ‬ ‫(كــذا وكــذا‪ ،‬وتســأل‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ٌ ْ َّ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ ّ ْ‬
‫ـم إن أدخلتــي اجلنــة فأنــت حممــود‪ ،‬وإن عذبتــي فأنــت حممــود‪ ،‬يــا مــن هــو‬ ‫أللهـ‬
‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫ـد وافعــل يب مــا تشــاء وأنــت حممــود‪.‬‬ ‫وآل حممـ ٍ‬ ‫ـد ِ‬ ‫ـال‪ ،‬صــل ىلع حممـ ٍ‬ ‫حممــود يف لك خصـ ِ‬
‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ ُ َ‬ ‫ُ َ ُ َ ِّ‬
‫اب خــدي‪ ،‬أتــراك معــذيب وحبــك يف‬ ‫إلــي أتــراك معــذيب وقــد عفــرت لــك يف الــر ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ـت بيــي وبـ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ـن قــومٍ طــال مــا اعديتهــم‬ ‫قلــي‪ ،‬أمــا إنــك إن فعلــت ذلــك يب مجعـ‬
‫ـة لـ ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ ّ ّ‬
‫ـداعء إذا‬ ‫ـم هــو لــك حيــق عليــك فيــه اإلجابـ‬ ‫فيــك‪ .‬أللهــم إن أســألك بــكل اسـ ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ َ‬ ‫ٍّ‬ ‫ّ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫دعيــت بــه‪ ،‬وأســألك حبــق لك ذي حــق عليــك وحبقــك ىلع مجيــع مــن هــو دونــك‪،‬‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫وآل الطاهريــن‪ ،‬ومــن أرادين أو أراد أحــدا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ـد عب ـدِك ورســول ِك ِ‬ ‫ـي ىلع حممـ ٍ‬
‫ّ‬ ‫أن تُصـ ِّ َ‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ـره‪ ،‬ومــن بــن يديــه ومــن خل ِفــه‪ ،‬وامنعــي‬ ‫مــن إخــواين بســوء‪ ،‬فخــذ بِســمعِه وبـ ِ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫وقوتِــك‪ .‬ألل ُهـ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ـرين‪ ،‬ولــم ينطــق‬ ‫ـي مــن أمــري أو حـ َ‬ ‫ـم مــا اغب عـ‬ ‫ـك ّ‬ ‫منــه حبَولِـ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ ِّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ُ َ‬ ‫ُ‬
‫ـد‬ ‫ـد وآل حممـ ٍ‬ ‫بــه لســاين ولــم تبلغــه مســأليت أنــت أعلــم بــه مــي‪ ،‬فصــل ىلع حممـ ٍ‬
‫َ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ ِّ ْ ُ‬ ‫َ ْ ْ ُ‬
‫وأصلِحــه يل َوســهله يــا رب العاملــن‪ .‬ربنــا ال تؤاخِذنــا إن نسِ ــينا أو أخطأنــا‪ ،‬وال‬
‫َ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ََْ‬ ‫ً‬ ‫َ ْ‬
‫ت ِمــل علينــا إرصا ‪ 2‬كمــا محلتــه ىلع اذليــن مــن قبلِنــا‪ ،‬ربنــا وال تملنــا مــا ال طاقة‬
‫ـت موالنــا ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ّ‬
‫فانصنــا ىلع القــوم الاكفريــن‪.‬‬ ‫نلــا بــه واعــف عنــا واغفــر نلــا وارحنــا أنـ‬
‫ّ َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ّ َّ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫مــاذا عليــك يــا رب لــو أرضيــت عــي لك مــن هل ق ِبــي تبعــة‪ ،‬وأدخلتــي اجلنــة‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫فاغفــر يل‬ ‫برمحتِــك‪ ،‬وغفــرت يل ذنــويب‪ ،‬فــإن مغفرتــك للخاطئــن وأنــا مِنهــم‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ـم إنّــك تلـ ُ‬ ‫َ‬ ‫رب العاملــن‪ .‬أللّ ُهـ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ‬
‫ـم عــن المذنبــن وتعفــو عــن اخلاطئــن‪،‬‬ ‫خطــأي يــا‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ُ َّ‬ ‫المذنـ ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫ـي‪ ،‬اذلي قــد أفزعتــي ذنــويب َوأ ْوبقتــي‬ ‫الشـ ِ ُّ‬ ‫ـب احلســر‬ ‫وأنــا عبــدك اخلاطــئ‬

‫الضر من خالهلا‪.‬‬ ‫‪ -1‬العورات هنا بمعىن الثغرات اليت ُيخىش دخول ّ‬


‫ْب والثِّقل‪.‬‬ ‫حتملنا إرصاً‪ :‬ال تك ِّلفنا تكليف ًا شا ّقاً‪ .‬واإلرص‪َّ :‬‬
‫الذن ُ‬ ‫‪ -2‬ال ِّ‬ ‫‪42‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫َ‬ ‫ً‬ ‫َّ ً‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬


‫ـال واإلكــرام‪ .‬إلــي‬ ‫جــد هلــا ســادا وال اغفــرا غــرك يــا ذا اجلـ ِ‬ ‫خطايــاي ‪ ،‬ولــم أ ِ‬
‫‪1‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ َ َْ‬ ‫ـت ْع َب َدتْين ّ‬ ‫َ‬
‫ادلنيــا واســتخدمتين‪ ،‬فــرت حــران بــن أطباق ِهــا‪ ،‬فيــا مــن أحــى‬ ‫اسـ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫القليــل فشــكره‪ ،‬وجتــاوز عــن الكثــر فغفــره بعــد أن ســره‪ ،‬ضا ِعــف يل القليــل‬
‫ُ‬ ‫ْ ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫يغفــر‬ ‫ِــره‪ ،‬فإنــه ال‬ ‫الكثــر يف معصيتِــك فاغف‬ ‫ِ‬ ‫يف طاعتِــك وتقبلــه‪ ،‬وجتــاوز عــن‬
‫الرامحــن‪.‬‬ ‫ـم ّ‬ ‫ـم‪ ،‬يــا أرحـ َ‬ ‫ـم ّإل العظيـ ُ‬ ‫العظيـ َ‬
‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ ّ‬
‫ــد وآل حممــد‪ ،‬وأعِــي ىلع صــاة ِ الليــل وصيــامِ انلّهــار‪،‬‬ ‫أللهــم صــل ىلع حمم ٍ‬
‫َ ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫حيجــزين عــن معاصيــك‪ ،‬واجعــل عبــادايت لــك أيــام‬ ‫ُ‬ ‫الــو َرع مــا‬ ‫وارزقــي مــن َ‬
‫وز ِّودين مــن ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ادلنيــا‬ ‫بعمــل تــرىض بــه عــي‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫حيــايت‪ ،‬واســتع ِملين أيــام عمــري‬
‫ــي مــن‬ ‫ادلنيــا‪ ،‬واجعــل مــا بَ ِ َ‬
‫ْ‬ ‫واجعــل يل يف لقائــك ُخلفــا ً مــن مجيــع ّ‬ ‫ْ‬
‫اتلّقــوى‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُ ّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ً‬ ‫ُ‬
‫الرامحــن يف موضــعِ‬ ‫أرحــم ّ‬ ‫ُ‬ ‫عمــري د ْراك ملــا مــى مــن أجيل‪.‬أيقنــت أنــك أنــت‬
‫جبين يف‬ ‫الم َت ّ‬ ‫ُ ُ‬
‫ـال وانلَّقِمــة‪ ،‬وأعظــم‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫ّ‬
‫ـو والرمحــة‪ ،‬وأشــد المعاقبــن يف موضــعِ انلـ ِ‬ ‫العفـ ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫جــب يــا رحيــم دعــويت‪،‬‬ ‫موضــعِ الكربيــاءِ والعظمــة‪ ،‬فاســمع يــا ســميع مِدحــي‪ ،‬وأ ِ‬
‫َ َ َْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ـور عــريت‪ .‬فكــم يــا إلــي مــن كربـ ٍة ف َّرجتهــا‪ ،‬وغمــر ٍة قــد كشــفتها‪،‬‬ ‫وأقِــل يــا غفـ‬
‫ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ََ َْ‬ ‫ََْ‬ ‫وعـ َ‬
‫ـر ٍة قــد أقلتهــا‪ ،‬ورمح ـ ٍة قــد نشتهــا‪ ،‬وحلق ـ ِة بــا ٍء قــد فككتهــا‪ ،‬أحلمــد هلل‬
‫ِي لــوال أن هدانــا اهلل‪.‬‬
‫ْ‬ ‫كنــا ِلَ ْه َتــد َ‬ ‫ّ‬
‫اذلي هدانــا هلــذا ومــا‬
‫َ‬
‫أشــهد أنّــك أنــت ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ً ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ ّ ّ ْ ُ َ َ‬ ‫ُ‬
‫اهلل‬ ‫ــهدك َوكــى بــك شــهيدا‪ ،‬فاشــهد يل بــأن‬ ‫أللهــم وإن أش ِ‬
‫َ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ ّ ً‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫اذلي ال هلإَ إل أنــت رب‪ ،‬وأن حممــدا رســولك نبــي‪ ،‬وأن ادليــن اذلي شعــت هل‬
‫وأن عــ َّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫طالــب إمــايم‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ي بــن أيب‬ ‫ديــي‪ ،‬وأن الكتــاب اذلي أنزلــت عليــه كتــايب‪،‬‬
‫ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ــهدك‬ ‫ــد صلواتــك عليــه وعليهــم أئمــي‪ .‬أللهــم إن أش ِ‬ ‫آل حمم ٍ‬ ‫وأن األئمــة مــن ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ي ال غـ ُ‬ ‫المنعـ ُ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫ّ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ـرك‪ ،‬لــك احلمــد‬ ‫ـم عـ َّ‬ ‫ِ‬ ‫وكــى بــك شــهيدا‪ ،‬فاشــهد يل بأنــك أنــت اهلل‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫وبَمـدِه‪ ،‬وتبــارك‬ ‫بنعمتِــك تتــم الصاحلــات‪ .‬ال هلإَ إل اهلل واهلل أكــر وســبحان اهلل ِ‬
‫ُ‬
‫َ‬ ‫ّ ّ‬ ‫َ‬
‫َ َ‬
‫ي العظيــم‪ ،‬وال ملجــأ وال منــى مــن‬ ‫ـو َة إل بــاهللِ العـ ِّ‬ ‫اهلل وتعــاىل‪ ،‬وال حــول وال قـ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ّ‬ ‫ّ‬
‫ـات املبــاراكت‪ ،‬صــدق‬ ‫ـات رب الطيبـ ِ‬ ‫والوتــر‪ ،‬وعــدد لكمـ ِ‬ ‫اهلل إل إيلــه‪ ،‬عــدد الشــفعِ ِ‬
‫ـد وآل‬
‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ َ ُ َ‬
‫اهلل وبلــغ المرســلون وحنــن ىلع ذلــك مــن الشــاهدين‪ .‬أللهــم صــل ىلع حممـ ٍ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ـور يف بَـ َ‬ ‫ـل انلّـ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ّ‬
‫ـرك بالليــل وانلّهــار‬ ‫ـة يف صــدري‪ ،‬وذِكـ َ‬ ‫ـري‪ ،‬وانلّصيحـ‬ ‫حممــد‪ ،‬واجعـ‬
‫ّ‬
‫فارزقــي‪ .‬ألل ُهـ ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ ِّ‬
‫ـم‬ ‫ـور‬
‫ـون وال حمظـ ٍ‬ ‫ـال غــر ممنـ ٍ‬ ‫ـب رزقِــك احلـ ِ‬ ‫ىلع لســاين‪ ،‬ومــن طيـ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫َّ ُ‬
‫ـوى بهــا ع مجيــعِ حاجــايت‪ ،‬وأتوســل بهــا يف‬
‫َ‬ ‫ـة أقـ َ‬ ‫ً‬
‫ـر املعيش ـ ِة معيشـ‬ ‫إن أســألُك خـ َ‬

‫‪43‬‬ ‫‪ -1‬أَوب َق ْتين‪ :‬أَهلكَ ْتين‪.‬‬


‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ـع ع ـ َّ‬ ‫َْ ْ‬ ‫ََ‬ ‫ُْ َ‬


‫ـال‬
‫ي مــن حـ ِ‬ ‫تفــي فيهــا فأشــى‪ ،‬وأو ِسـ‬ ‫احليــاة إىل آخــريت‪ ،‬مــن غــر أن ت ِ‬
‫ـاء غـ َ‬ ‫ً‬
‫ـيب فضلِــك‪ ،‬نعمــة منــك ســابغة وعطـ ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ ْ‬ ‫ـض عـ َّ‬ ‫َ ْ‬
‫ـر ممنــون‪،‬‬ ‫ي مــن سـ ِ‬ ‫رزقِــك‪ ،‬وأفِـ‬
‫فتلهيــي عجائــبُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ْ‬
‫بإكثــار منهــا‬ ‫ي‬ ‫ــكر نعمتِــك عــ َّ‬ ‫وال تشــغلين فيهــا عــن ش ِ‬
‫ٍ‬
‫َ‬ ‫َ ُّ‬
‫ـر بعمــي كــده‪ ،‬ويمــأ‬ ‫ـرات زينتِــه‪ ،‬وال بإقــال منهــا َف َيقـ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫بهجتِــه‪ ،‬وتفتِنــي زهـ‬
‫َْ َ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫ً ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫ار خل ِقــك‪ ،‬وبــااغ أنــال بــه‬ ‫ى عــن ِش ِ‬ ‫همــه‪ ،‬بــل أ ْع ِطــي مــن ذلــك غ ـ ً‬ ‫ُّ‬
‫صــدري‬
‫ورش أهلِهــا ورشِّ‬ ‫ادلنيــا ِّ‬ ‫رش ّ‬ ‫ـك مــن ّ‬ ‫ُ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫رضوانــك‪ ،‬يــا أرحــم الرامحــن‪ .‬أللهــم إن أعــوذ بـ‬
‫َ‬
‫فراقهــا يل حزنــاً‪ ،‬أجـ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ً‬ ‫مــا فيهــا‪ ،‬وال َتْ َعــل ّ‬
‫ـرين مــن‬ ‫ِ‬ ‫ي ِســجنا‪ ،‬وال جتعــل‬ ‫ادلنيــا ع ـ َّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫فتنتِهــا‪ ،‬واجعــل عمــي فيهــا مقبــوال‪ ،‬وســعيي فيهــا مشــكورا‪ ،‬حــى أصــل بذلــك‬
‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ ّ ّ‬ ‫ََ‬
‫وزلزا ِلــا‬ ‫ـاكن األخيــار‪ .‬أللهــم وإن أعــوذ بــك مــن أز ِلــا ِ‬
‫‪1‬‬
‫ِ‬ ‫ـوان ومسـ‬ ‫دار احليـ ِ‬ ‫اىل ِ‬
‫َ َ ِّ‬ ‫رش شــياطينِها وبــي مــن بــى ع ـ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫وات ســلطان ِها‪ ،‬ومــن ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫ي فيهــا‪ ،‬فصــل ىلع‬ ‫وســط ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬
‫ـرك‬ ‫جنــي يف سـ ِ‬
‫‪2‬‬
‫واعصمــي بالســكينة‪ ،‬وألبِســي درعــك احلصينــة‪ ،‬وأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـد وآهل‬ ‫حممـ ٍ‬
‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ ّ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ‬
‫ـد‬ ‫ـارك يل يف أهــي وودلي ومــايل‪ .‬أللهــم صــل ىلع حممـ ٍ‬ ‫الــوايق وأصلِــح يل حــايل‪ ،‬وبـ ِ‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ ِّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ِّ َ‬
‫وآهل وطهــر قلــي وجســدي‪ ،‬وزك عمــي‪ ،‬واقبــل ســعيي‪ ،‬واجعــل مــا عنــدك خــرا‬
‫َ‬ ‫ِّ َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ّ‬
‫يل‪ ،‬ســيدي أنــا مــن حبــك جائــع ال أشــبع‪ ،‬أنــا مــن حبــك ظمــآن ال أروى‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ـن مــن‬ ‫واشــوقاه إىل مــن يــراين وال أراه‪ .‬يــا حبيــب مــن حتبــب إيلــه‪ ،‬يــا قــرة عـ ِ‬
‫ّ‬ ‫َ َ ِّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ـد‬ ‫الذ بــه وانقطــع إيلــه‪ ،‬قــد تــرى وحــديت مــن اآلدميــن ووحشــي‪ ،‬فصــل ىلع حممـ ٍ‬
‫ـم حبوائــي‬ ‫ـم إنّــك اعلـ ٌ‬ ‫ربــي‪ .‬أللّ ُهـ ّ‬ ‫ُ َ‬
‫وارحــم َوحــديت وغ‬
‫ْ َ‬
‫ـر يل وآنِــس َوحشــي‬
‫ْ‬ ‫وآهل واغفـ ْ‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ َّ‬
‫وآل وافعــل يب مــا أنــت‬ ‫ـد ِ‬ ‫غــر معلــم‪ ،‬واســع هلــا غــر متلكــف‪ ،‬فصــل ىلع حممـ ٍ‬
‫ـريت‪.‬‬ ‫ـي مــن أمــر ُدنيــاي وآخـ َ‬ ‫ّ‬
‫ـم بــه مـ‬ ‫أعلـ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََْ ُ‬ ‫ّ ُ ّ َ ُ َ َّ ُ‬
‫العفــو عنــدك‪ ،‬يــا أهــل اتلّقــوى‬ ‫ــن‬‫أللهــم عظــم اذلنــب مــن عبــدِك فليحس ِ‬
‫َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫إن عفـ َ‬ ‫ُّ ّ ّ‬ ‫َ‬
‫ـوك عــن ذنــي وتــاوزك عــن خطيئــي‪ ،‬وصفحــك‬ ‫وأهــل املغفــرة‪ .‬أللهــم‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫ُ‬
‫ـر جــريم‪ ،‬عندمــا اكن‬ ‫عــن ظلــي‪ ،‬وســرك ع قبيــحِ عمــي‪ ،‬وحلمــك عــن كبـ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫مــن خطــأي وعمــدي‪ ،‬أطمعــي يف أن أســألك مــا ال أســتوجبه منــك‪ ،‬اذلي رزقتــي‬
‫ّ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬
‫ي يــا رب‪ ،‬إنــك‬ ‫ـك عـ َّ‬ ‫ـم منـ‬ ‫ـد ئليـ ٍ‬ ‫مــن رمحتِــك‪ ،‬فلــم أر مــول كريمــا أصــر ىلع عبـ ٍ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ‬
‫َ َ َّ ُ َّ َ َّ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫إيل فــا أقبــل منــك‪،‬‬ ‫ـود ُد َّ‬ ‫إيل فأتبغــض إيلــك‪ ،‬وتتـ‬ ‫تدعــوين فــأ َول عنــك‪ ،‬وتتحبــب‬

‫يق واحلَبس‪.‬‬ ‫‪ -1‬األَزَل‪ِّ :‬‬


‫الض ُ‬
‫‪ِ -2‬‬
‫أج َّنين‪ :‬اجعلين يف ُج َّنة‪ ،‬وهي الوقاية‪.‬‬ ‫‪44‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫َ ُّ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ ّ َّ‬


‫إيل واتلّفض ِل‬ ‫ـان ّ‬ ‫ل اتلطــول عليــك‪ ،‬فلــم يمنعــك ذلــك مــن الرمحـ ِة يل واإلحسـ ِ‬
‫ّ‬
‫كأن ِ‬
‫َ َ ِّ َ‬ ‫َ ََ‬
‫َ ُ ْ‬
‫وآل وارحــم عبــدك اجلاهــل‪ ،‬وعــد عليــه‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ‬
‫ـد ِ‬
‫ّ‬
‫ـي جبــودِك وكر ِمــك‪ ،‬فصــل ع حممـ ٍ‬ ‫َعـ َ َّ‬
‫ـم‪.‬‬‫ـواد َأ ْي َكريـ ُ‬ ‫َ ْ َ ُ‬
‫ـل إحســان ِك‪ ،‬إنــك جــواد كريــم‪ ،‬أي جـ‬
‫ٌ‬ ‫ّ َ‬
‫بفضـ ِ‬
‫ثـم تـقـول‪:‬‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الرمحــن ّ‬ ‫بســم اهلل ّ‬
‫الرحيــم‪ ،‬بســمِ اهللِ بســمِ اهللِ‪ ،‬باســمِ عل ِــمِ الغيــب‪ ،‬باســمِ مــن‬
‫َ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ليــس يف وحدانيتــه شــك وال َريـ ٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ـب‪ ،‬باســمِ مــن ال فــوت عليــه وال رغبــة إل إيلــه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ـوف‪ ،‬باســمِ مــن أمــات وأحيــا‪،‬‬ ‫ـروف غــرِ الموصـ ِ‬ ‫باســمِ املعلــومِ غــرِ المحــدو ِد واملعـ ِ‬
‫َ َ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬
‫ـل األجــل‪ .‬باســمِ‬ ‫ـز األعــز‪ ،‬باســمِ اجلليـ ِ‬ ‫بســمِ مــن هل اآلخــرة واألوىل‪ ،‬باســمِ العزيـ ِ‬
‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫ـور يف الشــدة ِ‬ ‫ـر املحــدود املســتحق ل ع الــراء والــراء‪ ،‬باســمِ املذكـ ِ‬
‫‪1‬‬
‫املحمــو ِد غـ ِ‬
‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َُ‬ ‫ّ‬
‫ـر‬
‫ـز مــن غـ ِ‬ ‫ـان‪ ،‬باســمِ العزيـ ِ‬ ‫ـان المنـ ِ‬ ‫ـن اجلبــار‪ ،‬باســمِ احلنـ ِ‬ ‫والرخــاء‪ ،‬باســمِ المهيمـ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َْ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫ـر مــن غــر تقــدر‪ ،‬باســمِ مــن لــم يــزل وال يــزول‪ ،‬باســمِ اهللِ اذلي ال‬ ‫تعــز ٍز والقديـ ِ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ـوم‪.‬‬ ‫ـنة َوال نـ ْ‬ ‫ـي القيــوم ل تأخــذه ِسـ‬
‫ُ‬ ‫ـو الـ َ ُّ‬ ‫هلإَ إل ُهـ َ‬
‫ثـم تقــول‪:‬‬ ‫ّ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ ّ َ ِّ‬
‫وآل وأصلِحــي قبــل املــوت‪ ،‬وارحــي عنــد املــوت‪ ،‬واغ ِفــر‬ ‫ـد ِ‬ ‫أللهــم صــل ىلع حممـ ٍ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ ّ َ ِّ‬ ‫َ‬
‫جــع‬ ‫وآل واحطــط عنــا أوزارنــا بالرمحــة‪ ،‬وار ِ‬ ‫ـد ِ‬ ‫يل بعــد املــوت‪ ،‬أللهــم صــل ىلع حممـ ٍ‬
‫ّ‬ ‫ِّ َ‬ ‫َ ُ َ ْ َ َّ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُّ ّ ّ ُ‬ ‫ُ‬
‫ــرت وجلــت عــن الصفــة‪ ،‬وإنهــا‬ ‫ــم إن ذنــويب قــد ك‬ ‫بِمســيئنا إىل اتلّوبــة‪ .‬ألله‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫وآل واعــف عــي‪ ،‬ألله ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫ــم إن كنــت‬ ‫ــد ِ‬ ‫عفــوك‪ ،‬فصــل ىلع حمم ٍ‬ ‫ِ‬ ‫نــب‬
‫صغــرة يف ج ِ‬
‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫أحــب َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ابتلَيتَــي َف َص ِّ‬ ‫َ‬
‫وآل‬ ‫ــد ِ‬ ‫إيل‪ .‬أللهــم صــل ىلع حمم ٍ‬ ‫ــرين والعافيــة (والعاقبــة)‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫وب ِّ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ِّ ْ‬ ‫َ ِّ ْ َ ّ‬
‫بمقــدار أمــي‬ ‫ِ‬ ‫عفــوك‬ ‫ِ‬ ‫ــر ف ِعــي‪ ،‬وأعطِــي مــن‬ ‫وحســن ظــي بــك وحققــه‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُّ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ‬
‫أذنــب‬ ‫ــي فتهلكــي‪ ،‬فــإن كرمــك يِــل عــن مــازاة ِ مــن‬ ‫ــازين بســوَءِ عم ِ‬ ‫وال ت ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ َ ِّ ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وقـ َّ َ‬
‫ـر واعنــد‪َ ،‬وأتــاك اعئــذا بفضلِــك‪ ،‬هاربــا منــك إيلــك‪ ،‬متنجــزا مــا وعــدت‬
‫ُْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫جلــد‬ ‫وآل واغفــر ِل وا ِ‬ ‫ـد ِ‬ ‫مــن الصفــحِ عمــن أحســن بــك ظنــا‪ .‬أللهــم صــل ىلع حممـ ٍ‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫بــارك ( بــارد)‪ 2‬وانلَّفــس دائــر‪ ،‬واللســان منطلِــق‪ ،‬والصحــف منــرة‪ 3،‬واألقــام‬

‫وردت هذه العبارة يف (اإلقبال)‪« :‬باسم ِ املحمود ِ غريِ املحمود»‪ّ ،‬إل ّأنا يف (البحار) نقالً عن‬ ‫ْ‬ ‫‪-1‬‬
‫حيمده‬
‫للحمد وال ُ‬ ‫ّ َ‬ ‫املستحق‬ ‫ىن‪:‬‬ ‫املع‬
‫َ‬ ‫يكون‬ ‫أن‬ ‫مكن‬ ‫في‬
‫ّ ُ‬‫ل‬‫األو‬ ‫ض‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫وعىل‬ ‫املحدود»‪،‬‬ ‫«غري‬ ‫(اإلقبال)‪:‬‬
‫اخل ْلق‪ُ .‬‬
‫واهلل العامل‪.‬‬
‫‪ -2‬يف املصدر ويف (البحار) وقد نقل عنه‪« :‬واجلِ ْل ُد ِ‬
‫بارك»‪ ،‬وع ّل َق حمقّق (البحار) باحتمال كَ ْونه‪:‬‬
‫ِ‬
‫حيتمل «بارك»‪ ،‬أي مل‬ ‫قبل دبيب احلرارة اليت هي عالم ُة املوت‪ ،‬وهو َ‬
‫حمتم ٌل كما َ‬ ‫«واجللد بارد»‪ ،‬أي َ‬
‫ُ‬
‫يتحرك وينطلق كما تربكُ الناقة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫والسيئات‪ ،‬وهو غري نرشِها َ‬
‫يوم‬ ‫ّ‬ ‫لتكتب فيها املالئكة احلسنات‬
‫َ‬ ‫نرشها‬
‫الصحف‪ :‬املراد هنا ُ‬ ‫‪ -3‬نرش ّ‬
‫‪45‬‬ ‫القيامة للحساب‪.‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ـدر ىلع اســتغفارك حـ َ‬ ‫ـل أن ال أقـ َ‬ ‫َ‬ ‫ع َمرجـ ّ‬ ‫ّ ُّ ُ‬ ‫ُ‬


‫ـن‬ ‫ِ‬ ‫ـو‪ ،‬قبـ‬ ‫جاريــة‪ ،‬واتلّوبــة مقبولــة‪ ،‬واتلــر‬
‫ُ‬ ‫َ َّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ ُّ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ََ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ـرك‪،‬‬ ‫ولــا غـ َ‬ ‫وآل وت َولــا وال ت ِ‬
‫ـد ِ‬ ‫يفــى األجــل وينقطــع العمــل‪ .‬أللهــم صــل ىلع حممـ ٍ‬
‫َ‬ ‫َ ّ‬ ‫ـد َره وال يَنظـ ُ‬ ‫َ‬ ‫ً ُ ِّ‬ ‫غفر َك اللّ ُهـ ّ‬ ‫َ َ‬
‫ـر أمــده إل املســتغف ُر بــه‪َ ،‬وال‬ ‫ـم اســتغفارا ال يقــدر قـ‬ ‫ـت ُ‬‫أسـ‬
‫ُ‬ ‫ُّ ّ ّ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يــدري مــا وراءه وال وراء مــا ورائــه‪ ،‬واملــراد بــه أحــد ســواه‪ .‬أللهــم إن أســتغفرك‬
‫ُ‬ ‫ـك منــه ثـ ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ـك مــن نَفــي ثـ ّ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ـم عــدت‬ ‫ـتغفرك لمــا تبــت إيلـ‬ ‫ـم أخلفتــك‪ ،‬وأسـ‬ ‫لِــا وعدتـ‬
‫َ‬ ‫ّ ََ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫ـر أردت بــه وجهــك ثــم خالطــي فيــه مــا ليــس لــك‪،‬‬ ‫فيــه‪ ،‬وأســتغفرك لــل َخـ ٍ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬ ‫وأسـ ُ‬
‫‪1‬‬ ‫َّ‬
‫ـتغفرك لــل نعم ـ ٍة أنعمــت بهــا ع ـي ثــم ق ِويــت بهــا ىلع معصيتِــك»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ّ -2‬‬
‫ادلاعء اثلاين‪:‬‬
‫ُ ْ‬ ‫ـر شـ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫«عــن أيب عبــد اهلل (اإلمــام ّ‬
‫ـهر رمضــان فقــل‪:‬‬ ‫الصــادق) خ قــال‪ :‬إذا حـ‬
‫َ ُ ََْ َ ْ َ ْ‬ ‫ََْ ْ َ َ َْ‬ ‫َ ََ‬ ‫َّ ُ َّ َ ْ َ َ َ َ ْ َ‬
‫ــر شــه ُر َرمضــان وقــ ِد افتضــت علينــا صِ يامــه وأنزلــت فِيــ ِه‬ ‫أللهــم قــد ح‬
‫َّ ُ َّ َ َّ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ ِّ‬ ‫ُ ْ َ ُ ً ْ َّ‬
‫ـان‪ ،‬أللهــم أعِنــا ع صِ يا ِم ـهِ‪،‬‬
‫ـات ِمــن الهــدى والفرقـ ِ‬ ‫ـاس وبينـ ٍ‬ ‫القــرآن هــدى ل ِلنـ ِ‬
‫ُ ْ ْ َ َ َ َّ َ َ ُ ِّ‬ ‫َ َّ ْ ُ َّ‬ ‫ّ ُ َّ َ َ َّ ْ ُ َّ َ َ ِّ ْ ْ‬
‫ـر مِنــك واعفِي ـ ٍة إِنــك ع ك‬ ‫َأللهــم َ تقبلــه مِنــا وســلمنا فِي ـ ِه وتســلمه منــا ِف يـ ٍ‬
‫‪2‬‬
‫احــن»‪.‬‬ ‫الر ِ‬ ‫أر َح َ‬
‫ــم ّ‬ ‫ِيــر يــا ْ‬
‫ش ٍء قد ٌ‬
‫‪ّ -3‬‬
‫ادلاعء اثلالث‪:‬‬
‫ٌ ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫داعء لــل يــوم مــن أيّــام الشــهر العظيــم‪.‬‬ ‫تتضمنــه الروايــة الــي ورد فيهــا‬ ‫وهــو مــا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ـرد يف مــا يــي موزعــة ىلع األيــام مــع وقفــة عنــد مضمــون داعء لك يــوم‪.‬‬ ‫وتـ ِ‬
‫داعء ايلوم ّ‬
‫األول‬
‫َ‬
‫ِيــام القائم َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫َّ ُ َّ ْ َ ْ‬
‫ــن‪،‬‬ ‫ِِ‬ ‫يــام فِيــ ِه صِ يــام الصائ ِ ِمــن‪َ ،‬وق ِ‬
‫ِيــام فِيــ ِه ق‬ ‫ــم اجعــل صِ ِ‬ ‫«ألله‬
‫َ َ َ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ ْ‬ ‫ْ َ ْ َْ َ‬ ‫َ َ ِّ ْ‬
‫ـي فِيـ ِه عــن نومـ ِة الغافِلِــن‪ ،‬وهــب ِل جــر ِم فِيـ ِه يــا إِهل العال ِمــن‪ ،‬واعــف‬ ‫ونبهـ ِ‬
‫َ ‪3‬‬ ‫ُ ْ‬ ‫ً َ‬ ‫َ ِّ‬
‫ــن المج ِرمِــن»‪.‬‬ ‫عــي يــا اعفِيــا ع ِ‬
‫وقفة مع مضمونه‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫يقــف بنــا هــذا ادلاعء عنــد الفــرق بــن الظاهــر وابلاطــن‪ ،‬الشــل واملحتــوى‪ ،‬وأن‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫اتلفريـ َ‬
‫ـق بينهمــا يكــون بايلَقظــة واخلــروج مــن الغفلــة وال يتحقــق ذلــك اعدة‬

‫‪ -1‬اإلقبال‪١٣٧ -١١٩/١ :‬‬


‫‪ -2‬احلر العاميل‪ ،‬وسائل الشيعة‪.325/10 :‬‬
‫‪ -3‬اإلقبال‪230/1 :‬؛ والكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ :‬ص ‪ ،219‬أدعية ّأيام شهر رمضان‪ ،‬واملصباح‪ :‬ص‬
‫‪613 - 612‬؛ واملجليس‪ ،‬البحار‪ ،4/95 :‬عن (اإلقبال)‪ .‬ونظر ًا لالختالف بني ال ُّن َسخ املطبوعة‬
‫القمي يف‬
‫املحدث ّ‬ ‫ّ‬ ‫األيام ال ّلفظ الذي أور َده‬
‫اعتمدت يف إيراد أدعية ّ‬
‫ُ‬ ‫من املصادر املذكورة آنفاً‪ ،‬فقد‬
‫مطابق ملا يف (املصباح)‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫(مفاتيح اجلنان)‪ ،‬وهو يف دعاء اليوم األول‪،‬‬ ‫‪46‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫وأسهــا وهــو‬
‫ْ‬ ‫ّإل إذا ختلّــص اإلنســان مــن تَبعــات اذلنــوب وخـ َ‬
‫ـرج مــن حجابهــا‬
‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يتوقــف ىلع عفــوه عـ ّ‬
‫ـز وجــل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫مــا‬
‫ّ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫َّ ُ َّ ْ َ ْ‬
‫ـام فِيـ ِه صِ يــام الصائ ِ ِمــن»‪ :‬مــا أكــر اذليــن يصومــون إل أن‬
‫* «أللهــم اجعــل صِ يـ ِ‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫احلقيــي قليــل‪ ،‬إلــي ال أريــد أن أكــون مــن الصائمــن ظاهــرا فقــط‪،‬‬ ‫الصــوم‬
‫ّ‬
‫فاجعلــي الل ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫هــم مــن‬ ‫اذليــن ليــس هلــم مــن صو ِمهــم إل اجلــوع والعطــش‪،‬‬
‫ً‬
‫حقيقــة‪ ،‬يف ابلاطــن ّ‬ ‫ّ‬
‫والسيــرة‪.‬‬ ‫الصائمــن‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ـام القائمـ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫* َ‬
‫ـن»‪ :‬أريــد أن تكــون عبــاديت لــك يــا إلــي عبــادة‬ ‫ِِ‬ ‫ـام فِي ـ ِه قِيـ‬ ‫«وقِيـ ِ‬
‫ـراب َّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ورب األربــاب‪ ،‬مــا أنــا ومــا َعمــي؟‬ ‫حقيقيــة‪ ،‬وأن للـ ِ‬
‫ّ‬
‫َ‬
‫ـن»‪ :‬ال يُمكنــي أن أحصــل ىلع صــوم الصائمــن‬ ‫ـن نَ ْو َمـة الغافِلـ َ‬ ‫ْ َ ْ‬
‫ـي فِيـ ِه عـ‬
‫َ َ ِّ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫* «ونبهـ ِ‬
‫نبهتَــي يــا إلــي عــن نَوم ـة الغافلــن‪ ،‬وال أسـ ّ‬
‫ـتحق ذلــك‬ ‫وقيــام القائمــن ّإل إذا َّ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ّ‬
‫أســتحق إيقاظــك يل‬ ‫ّ‬
‫حــى‬ ‫ّ‬
‫عــي‬ ‫حتيــط يب‪ .‬إلــي فاعــف‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫عــايص‬ ‫دامــت َم‬‫َ‬ ‫مــا‬
‫ـام الصائمــن‪.‬‬ ‫ـام القائمــن‪ ،‬وصيــايم صيـ َ‬ ‫ـح قيــايم قيـ َ‬ ‫وتنبيهــك‪ ،‬فيصبـ َ‬‫َ‬
‫الم ْجرمـ َ‬
‫ُ‬ ‫ً َ‬ ‫َ َ َ ْ ُ َ ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ َ ْ‬
‫ـن»‪:‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ـن‬
‫* « وهــب ِل جــر ِم فِيـ ِه يــا إِهل العال ِمــن‪ ،‬واعــف عــي يــا اعفِيــا عـ ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ـام هــو َ‬ ‫ختـ ٌ‬
‫المدخــل‪ ،‬فباالعــراف تبــدأ اتلوبــة‪ ،‬وبمقــدار مــا يكــون تكــون‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ـب ادلوايه ُ‬ ‫ٌ‬
‫ـر بذنــي‪ ،‬معــرف جبُــريم‪ ،‬أنــا صاحـ ُ‬ ‫إلــي أنــا ُمقـ ٌّ‬
‫العظــى! فاعــف‬
‫ً‬ ‫ـأول َمــن عصــاك فتُبـ َ‬ ‫عــن ُجــريم فمــا أنــا بـ ّ‬
‫ـت عليــه‪ .‬يااعفيــا عــن املجرمــن‪.‬‬
‫َ‬ ‫عتبيــن‪ ،‬وال َت َن ْ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ ْ‬
‫ــم نومــة الغافلــن‪،‬‬ ‫* عــن اإلمــام الصــادق خ‪« :‬نــم نــوم الم ِ‬
‫ْ ً ْ‬ ‫ً‬ ‫َّ ُ‬
‫ـو‬
‫عتبيــن مــن األكيــاس‪ ،‬ينامــون اســراحة‪ ،‬وال ينامــون اس ـتِبطارا‪ .‬وانـ ِ‬ ‫فــإن الم ِ‬
‫ِــس عــن شــهوات ِها‪،‬‬ ‫َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بنومتِــك ختفيــف مؤونتِــك ىلع املالئكــة‪ ،‬واعــزال انلف ِ‬
‫ٌ‬ ‫وكــن ذا معرفـة بأنَّــك اعجـ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ـز ضعيــف‪ ،‬ال تقـد ُِر ىلع يش ٍء مــن‬ ‫ٍ‬ ‫ـر بهــا نفســك‪،‬‬ ‫واختـ ْ‬
‫ِ‬
‫ْ َ ّ‬ ‫َ ُ‬
‫ـره‪ ،‬وأن انلّــوم أخ املــوت‪ ،‬واســتدِل بهــا‬
‫َّ‬ ‫َّ ُ‬
‫حراكتِــك وســكون ِك‪ ،‬إل ِبكــم اهلل وتقديـ ِ‬
‫َ‬ ‫ـبيل إىل االنتبــاه فيــه‪ُّ ،‬‬ ‫ُ ّ َ‬ ‫ّ‬
‫ـاح مــا فــات‬‫ـوع إىل صـ ِ‬ ‫والرجـ ِ‬ ‫ىلع املــوت‪ ،‬الي ال جتــد السـ‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َ‬
‫يشء‪ ،‬فذلــك نــوم‬ ‫عنــك‪ ،‬ومــن نــام عــن فريض ـ ٍة أو ســن ٍة أو نافل ـ ٍة فاتــه بســببِها‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الغافلــن‪ ،‬وســرة اخلارسيــن‪ ،‬وصاحبــه مغبــون‪ ،‬ومــن نــام بعــد فرا ِغــه مــن أداءِ‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ُّ َ‬
‫‪1‬‬
‫الفرائــض والســن والواجبــات مــن احلقــوق‪ ،‬فذلــك نــوم حممــود‪.»..‬‬

‫املحدث النوري‪ ،‬مستدرك الوسائل‪123/5 :‬؛ واملجليس‪ ،‬البحار‪ ،189/73 :‬كالمها نقالً عن‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪-1‬‬
‫‪47‬‬ ‫(مصباح الرشيعة)‪.‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬
‫أعمال لك يللة‬
‫ّ‬
‫لك يللة من هذا الشهر العظيم ىلع ثالث ّ‬ ‫ّ‬
‫حمطات‪:‬‬ ‫تتوزع أعمال‬
‫‪ -1‬اإلفطار‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫‪ -2‬ما بعده قبل انلوم‪ ،‬لمن لم يقو ىلع اإلحياء‪.‬‬
‫َّ َ‬
‫‪ -3‬السحر‪.‬‬
‫***‬
‫ّ ً‬
‫أوال‪ :‬اإلفطار‬ ‫*‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وهــو ّ‬
‫زمنيــة طويلــة‪،‬‬ ‫أهميتهــا لفــرة‬ ‫األهميــة للصائــم‪ ،‬وال تمتــد‬ ‫حمطــة شــديدة‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫فــي حركــة قلــب‪ ،‬وإرهــاف إحســاس‪ ،‬ونبــل مشــاعر‪ .‬تمامــا كمــا هــو حــال‬
‫ُ‬
‫َمــن دخــل إىل ضيافــة اعمــرة وقــد نصبــت املائــدة‪ .‬كــم يســتغرق مــن الوقــت‬
‫ـص صاحـ َ‬ ‫ـؤدي اتلحيــة بلبَاقــة ويلاقــة‪ ،‬وخيـ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ـر ىلع الضيــوف بسـ َ‬ ‫أن ينـ َ‬
‫ـب‬ ‫ـمة‪ ،‬ويـ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ـب مفعمـ ٍة بالشــكر‪ ،‬ملــا بــدر منه يف‬ ‫ـأدب جــم‪ ،‬ولكمــات قلـ ٍ‬ ‫الضيافــة بــرد اتلحيــة بـ ٍ‬
‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ـم ال عالقــة هل بالطعــام‪ ،‬فهــو لمــا يتذوقــه بعــد‪ .‬وكــم هــو الفارق‬ ‫حقــه مــن تكريـ ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بــن هــذا وبــن َمــن دخــل إىل مثــل هــذه الضيافــة‪ ،‬وكأنــه ال يــرى إل الطعــام‪.‬‬
‫ـايق كبـ ٌ‬
‫ـي واألخـ ّ‬ ‫إن الفــارق الزمــي ال يُذكــر‪ ،‬ولكــن الفــارق ال ِقيَـ ّ‬ ‫ّ‬
‫ـر‪ ،‬كبــر‪.‬‬
‫ـة عنــد إفطــاره‪ ..‬نــدرك منهــا هــذه الفرحــة الــي تالمـ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫ـس‬ ‫للصائــم فرحتــان‪ :‬فرحـ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫اجلــم‪ ،‬اذلي قــد‬ ‫شــغاف القلــوب دلى املشــاركة يف الضيافــة العامــرة‪ ،‬بــاألدب‬
‫ـارة مــن هنــاك‪َ .‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫خيــدش بهـ َ‬
‫فعــى مــاذا نفطــر؟ وكيــف‬ ‫ـاءه لكمــة مــن هنــا‪ ،‬أو إشـ‬
‫ســنفطر؟‬
‫واتلمــر وغريهمــا‪ ،‬ولكــن األهــمّ‬
‫كــر املــاء َّ‬
‫يف اجلــواب ىلع الســؤال األول ورد ِذ ُ‬
‫ّ‬ ‫مــن ذلــك مــا بيّنــه ّ‬
‫السـ ّ‬
‫ـيد ابــن طــاوس عليــه الرمحــة بقــوهل‪« :‬ولكمــا اكن اذلي‬
‫ُ‬
‫يفطــر عليــه اإلنســان أبعــد مــن الشــبهات‪ ،‬وأقــرب إىل املراقبــات اكن أفضــل أن‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫يفطـ َ‬
‫ـر بــه‪ ،‬وجيعلــه وســيلة ينهــض بهــا يف الطــااعت‪ ،‬وكســوة جلســده يقــف بهــا‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫بــن يــدي ســيده»‪.‬‬
‫َ‬
‫خمتــرة‪،‬‬ ‫ُ‬
‫اســتحباب أذاكر‬ ‫ويف اجلــواب ىلع الســؤال اثلــاين‪ :‬ورد يف آداب اإلفطــار‬
‫وســورة القــدر‪ُ ،‬‬
‫ويمكــن للصائــم اختيــار أحدهــا‪ ،‬كمــا ورد اســتحباب داعء‬
‫أطــول مــن األذاكرة والســورة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫والغالــب احلــث ىلع األول (األذاكر املختــرة‪ ،‬وســورة القــدر)‪ ،‬إل أن احلــث ىلع‬
‫ًّ‬
‫اثلــاين (ادلاعء الطويــل) كبــر جــدا‪ .‬وهمــا كمــا يــي‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ـد يصــوم ويقــول عنــد إفطــاره هــذا ادلاعء‪،‬‬ ‫‪ -1 48‬عــن رســول اهلل ح‪« :‬مــا ِمــن عبـ ٍ‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ـم يــا عظيـ ُ‬ ‫ـم يــا عظيـ ُ‬ ‫أمــه‪ ،‬وهــو‪ :‬يــا عظيـ ُ‬ ‫َ ـومِ َ َ َ ْ ُ ُّ‬ ‫ّ َ‬
‫ـم‪،‬‬ ‫إل خــرج مــن ذنوبِــه كيـ ولتــه‬
‫اذل َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫اذل َ‬ ‫ْ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ّ‬
‫نــب‬ ‫نــب العظيــم‪ ،‬إنــه ال يغفــر‬ ‫اهلل الي ال هلإَ إل أنــت‪ ،‬اغفِــر يل‬ ‫أنــت‬
‫َ‬ ‫َ ّ‬
‫‪1‬‬
‫العظيــم إل أنــت يــا عظيــم»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫‪ -2‬عــن اإلمــام الصــادق عــن آبائــه ت‪« :‬أن انلــي صــى اهلل عليــه وآهل اكن إذا‬
‫َ َ َّ ْ ُ َّ َ َ َ َّ َ ُ‬ ‫ْ َ َْ‬ ‫َّ ُ َّ َ ُ ْ‬
‫ـب الظمــأ‪،‬‬ ‫ـم لــك صمنــا وىلع ِرزقِــك أفط ْرنــا‪ ،‬فتقبلــه منــا‪ ،‬ذهـ‬ ‫أفطــر قــال‪ :‬أللهـ‬
‫ْ ُ ‪2‬‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ َّ‬
‫ـي األجــر»‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ـت العــروق‪ ،‬وبـ ِ‬ ‫وابتلـ ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َّ ُ َّ َ ُ ْ‬ ‫ْ‬
‫ـم لــك صمنــا وىلع رِزقِــك‬ ‫‪ -3‬اكن أمــر املؤمنــن خ إذا أراد أن يُفطــر‪ ،‬قــال‪« :‬أللهـ‬
‫ُ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ َ َّ ْ َّ َّ‬ ‫َْ‬
‫أفط ْرنــا‪ ،‬فتقبــل منــا إنــك أنــت الســميع العليم»‪.‬‬
‫ُ ‪3‬‬

‫ً‬ ‫ً ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬


‫ـره دعــوة مســتجابة‪ ،‬فــإذا اكن يف‬ ‫ـم عنــد ف ِطـ ِ‬ ‫‪ -4‬عــن رســول اهلل ح‪« :‬إن لِــل صائـ ٍ‬
‫َ‬ ‫ـع املغفــرة ِ‪ ،‬اغفـ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ـر يل‪ ،‬فمــن قاهلــا عنــد إفطــاره‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫أو ِل لقمــة‪ ،‬فقــل‪ :‬بِســمِ اهلل‪ ،‬يــا وا ِسـ‬
‫‪4‬‬
‫ـر هل»‪.‬‬ ‫ُغ ِفـ َ‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫‪ -5‬عــن اإلمــام الصــادق خ‪« :‬مــن قــرأ (القــدر) عنــد ســحورِه وعنــد إفطــارِه "‪"..‬‬
‫َ‬ ‫ُ َ ِّ‬ ‫َ‬
‫‪5‬‬
‫ـبيل اهلل‪».‬‬ ‫اكن بينهمــا اكلمتشــح ِط بِد ِمــه يف سـ ِ‬
‫الرمحة‪:‬‬ ‫ابن طاوس عليه ّ‬ ‫الس ّيد ُ‬ ‫اعء املشار إيله‪ ،‬فقد قال فيه ّ‬ ‫ادل ُ‬ ‫‪ -6‬وأما ّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫َ َ ّ‬
‫ـهر الصيــام‪ ،‬مــا َروينــاه بأســنادِنا إىل املفضــل‬ ‫ـار يف شـ ِ‬ ‫«و ِمــن ادلاعء املختــص باإلفطـ ِ‬
‫َ‬
‫بــن عمــر رمحــه اهلل‪:‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫قــال ّ‬
‫الصــادق خ‪ :‬إن رســول اهلل صــى اهلل عليــه وآهل قــال ألمــر املؤمنــن‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اعءك‬ ‫رمضــان قــد أقبــل‪ ،‬فاجعــل ُد َ‬ ‫ُ‬
‫شــهر‬ ‫احلســن‪ ،‬هــذا‬ ‫عليــه الســام‪ :‬يــا أبــا َ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫جــاءين فقــال‪ :‬يــا حممــد‪ ،‬مــن داع‬ ‫قبــل فطــورِك‪ ،‬فــإن جربئيــل عليــه الســام‬
‫َ َ َ‬ ‫اســتجاب ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫بهــذا ُّ‬
‫داعءه‪ ،‬وقبِــل‬ ‫اهلل تعــاىل‬ ‫شــهر رمضــان قبــل أن يفطــر‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ادلاعء يف‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫وفــرج همــه‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫عــر دعــوات‪ ،‬وغفــر هل ذنبــه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ص ْومــه وصالتــه‪ ،‬واســتجاب هل‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َّ‬
‫ونفــس كربتــه‪ ،‬وقــى حواجئَــه‪ ،‬وأجنــح طلِبتــه‪ ،‬ورفــع عملــه مــع أعمــال انلّبيــن‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ِّ‬
‫ـاء يــوم القيامــة ووجهــه أضــوأ مــن القمــر يللــة ابلــدر‪ ،‬فقلــت‪:‬‬ ‫والصديقــن‪ ،‬وجـ‬
‫َ ُ ْ‬
‫مــا هــو يــا جربئيــل؟ فقــال قــل‪:‬‬
‫َّ‬
‫ــجور‪ ،‬ورب‬
‫ْ‬
‫حــر املس‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ ُ َّ َّ ُّ‬
‫ِ‬ ‫ــور العظيــمِ ‪ ،‬ورب الكــريس الرفيــعِ ‪ ،‬ورب ابل ِ‬ ‫أللهــم رب انل ِ‬
‫ُ‬ ‫ورب اتلَّــوراة ِ واإلجنيــل َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ ْ‬
‫رقــان‬
‫ِ‬ ‫بــور‪ ،‬والف‬ ‫ِ‬ ‫والز‬ ‫ِ‬ ‫العزيــز‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ــور‬
‫الكبــر‪ ،‬وانل ِ‬ ‫ِ‬ ‫الشــفعِ‬

‫‪ -1‬الكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ :‬ص ‪.231‬‬


‫‪ -2‬الكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ :‬ص ‪.231‬‬
‫‪ -3‬الكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ :‬ص ‪.231‬‬
‫‪ -4‬الكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ :‬ص ‪.232‬‬
‫‪49‬‬ ‫‪ -5‬الكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ :‬ص ‪.232‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ـرك‪ ،‬وأنــت‬ ‫األرض ال هلإَ فيهمــا غـ‬ ‫ِ‬ ‫ـماوات وهلإُ مــن يف‬ ‫ِ‬ ‫العظيــمِ ‪ .‬أنــت هلإُ مــن يف السـ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫جب َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ ُ َ ْ‬ ‫َّ‬ ‫َّ ُ َ ْ‬
‫غــرك‪ ،‬وأنــت‬ ‫ــار فيهمــا‬ ‫األرض ال‬ ‫ِ‬ ‫ــار مــن يف‬ ‫ــماوات وجب‬ ‫ِ‬ ‫ــار مــن يف الس‬ ‫جب‬
‫ُ َ ْ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ ُ َ ْ‬
‫فيهمــا غــرك‪ ،‬أســألك‬ ‫األرض‪ ،‬ال ملِــك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـماوات وملِــك مــن يف‬ ‫ِ‬ ‫ملِــك مــن يف السـ‬
‫َُّ‬ ‫َ ُّ ُ‬ ‫َُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫ـر‪ ،‬وبِملـكِك القديــمِ ‪ ،‬يــا ح يــا قيــوم‪ ،‬يــا ح‬ ‫وجهــك المنـ ِ‬ ‫ـور ِ‬ ‫ـر‪ ،‬ونـ ِ‬ ‫باسـ ِمك الكبـ ِ‬
‫ْ َ َّ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ َّ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ُّ ُ‬ ‫ـوم‪ ،‬يــا َ ُّ‬ ‫َ ُّ ُ‬
‫أشق ب ِـ ِه ك يش ٍء‪ ،‬وباسـ ِمك الي‬ ‫ح يــا قيــوم‪ ،‬أســألك باسـ ِمك الي‬ ‫يــا قيـ‬
‫َ ْ ُ ُ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ َّ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ْ ََ ْ‬
‫أشقــت بــه الســماوات واألرض‪ ،‬وباس ـ ِمك الي صلــح ب ـ ِه األولــون‪ ،‬وب ِـ ِه يصلــح‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫يح‪ ،‬ويــا َ ُّ‬ ‫ك ّ‬ ‫َّ ً َ ُ ِّ‬ ‫ك َ ّ‬ ‫َّ ً َ ُ ِّ‬
‫ح ال هلإَ إل أنــت‪ ،‬صــل‬ ‫ح‪ ،‬ويــا حيــا بعــد‬ ‫خــرون‪ ،‬يــا حيــا قبــل‬ ‫اآل ِ‬
‫ً‬ ‫ُ ْ ً ََ ً‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ُ َّ‬
‫ـد‪ ،‬واغ ِفــر يل ذنــويب‪ ،‬واجعــل يل ِمــن أمــري يــرا وفرجــا قريبــا‪،‬‬ ‫وآل ممـ ٍ‬ ‫ـد ِ‬ ‫ىلع ممـ ٍ‬
‫َّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ ِّ ْ‬
‫ـد‬ ‫ـد‪ ،‬وىلع ســن ِة حممـ ٍ‬ ‫وآل حممـ ٍ‬ ‫ـد ِ‬ ‫ـد‪ ،‬وىلع هــدى حممـ ٍ‬ ‫وآل حممـ ٍ‬ ‫ـد ِ‬ ‫ـن حممـ ٍ‬ ‫وثبتــي ىلع ديـ ِ‬
‫َ ْ‬ ‫ْ ِ ُ َ َ َّ‬ ‫ْ َ ْ َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َّ‬
‫ـوع المتقبــل‪ ،‬وهــب يل‬ ‫ـم الســام‪ ،‬واجعــل عمــي يف املرفـ‬ ‫وعليهـ‬ ‫ِ‬ ‫ـد عليــه‬ ‫وآل حممـ ٍ‬ ‫ِ‬
‫ـك‪ُ ،‬منيــبٌ‬ ‫َ‬ ‫ٌ َ ُ َ ِّ ٌ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َْ َ‬
‫ِ‬ ‫ـل طاعتِــك‪ ،‬فــإن مؤمــن بِــك‪ ،‬ومتــوك عليـ‬ ‫كمــا وهبــت ألويلائِــك وأهـ ِ‬
‫َ َّ ُ َ ْ ُ َ ِّ‬ ‫ُْ‬ ‫َ ََْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ـرف عــي‬ ‫إيلــك‪ ،‬مــع م ِصــري إيلــك‪ ،‬وتمــع يل وألهــي ولِــولي اخلــر لكــه‪ ،‬وتـ ِ‬
‫َّ ُ َ َّ ُ َ ُ َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ َّ َّ ُ‬ ‫ْ‬
‫واألرض‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ــماوات‬
‫ِ‬ ‫الــر لكــه‪ .‬أنــت احلنــان المنــان بديــع الس‬ ‫وعــن ُولي وأهــي‬
‫أر َحـ َ‬ ‫ـك يــا ْ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫ُ ْ ُْ‬ ‫ُ َ ْ ُ َ َّ ْ‬ ‫َْ َ ْ‬ ‫ُ‬
‫ـم‬ ‫ـاء‪ ،‬فامــن ع ـي بِرمحتِـ‬ ‫صفــه عمــن تشـ‬ ‫تعطــي اخلــر مــن تشــاء‪ ،‬وت ِ‬
‫َ ‪1‬‬ ‫الر ِ‬ ‫ّ‬
‫احــن»‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫الطــويس ّ‬ ‫أورد الشــيخ ّ‬ ‫َ‬
‫ادلاعء املتقــدم باختــاف‪ ،‬خصوصــا يف آخــره‪،‬‬ ‫وقــد‬
‫ُ‬
‫واختــاف يف العــدد‪ ،‬فقــال رضــوان اهلل عليــه‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫ـرات‪ :‬أللّ ُهــمَّ‬ ‫ـبع مـ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫«ويســتحب لمــن صــام أن يدعــو بهــذا ادلاعء قبــل إفطــاره‪ ،‬سـ‬ ‫ُّ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ُّ َ‬ ‫ُ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ‬ ‫َّ ُّ‬
‫ابلحــر‬
‫ِ‬ ‫العــرش العظيــمِ ‪ ،‬ورب‬ ‫ِ‬ ‫ــريس الواسِــعِ ‪ ،‬ورب‬ ‫ورب الك‬ ‫ــور العظيــمِ ‪،‬‬ ‫رب انل ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ َّ‬ ‫ْ‬
‫ــور‬
‫واإلجنيــل‪ ،‬ورب الظلمــات وانل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ــر‪ ،‬ورب اتلَّــوراة ِ‬ ‫ــجور‪ ،‬ورب الشــفعِ والوت ِ‬ ‫ِ‬ ‫املس‬
‫َ ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ ِّ ِّ‬
‫ـماوات وهلإُ مــن يف‬ ‫ِ‬ ‫ـرآن العظيــمِ ‪ ،‬أنــت هلإُ مــن يف السـ‬ ‫ـرور ورب القـ ِ‬ ‫ورب الظــل واحلـ ِ‬
‫َّ ُ َ ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ َّ ُ َ ْ‬ ‫ُ َ‬
‫األرض‬ ‫ِ‬ ‫ـار مــن يف‬ ‫ـماوات وجبـ‬ ‫ِ‬ ‫ـار مــن يف السـ‬ ‫ـرك‪ ،‬وأنــت جبـ‬ ‫األرض ال هلإَ فيهمــا غـ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫األرض ال‬ ‫ِ‬ ‫ال جبــار فيهمــا غــرك‪ ،‬وأنــت خال ِــق مــن يف الســماء وخالــق مــن يف‬
‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ ُ َ ْ‬ ‫ـق فيهمــا غـ ُ‬ ‫َ‬
‫األرض ال ملِــك‬ ‫ِ‬ ‫ـرك‪ ،‬وأنــت ملِــك مــن يف الســماءِ وملِــك مــن يف‬ ‫خالِـ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ـر‪ ،‬وبِملـكِك القديــمِ ‪،‬‬ ‫وجهــك المنـ ِ‬ ‫ـور ِ‬ ‫ـر‪ ،‬ونـ ِ‬ ‫فيهمــا غــرك‪ ،‬أســألك باسـ ِمك الكبـ ِ‬
‫َ َّ‬ ‫َ َ ُ ُ ُ ُ ُ َ‬ ‫َ ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬
‫قديــر‪ ،‬وباســ ِمك الي أرشق هل نــور حجبِــك‪ ،‬وباســ ِمك الي‬ ‫إنــك ىلع لك يش ٍء‬
‫َّ ً‬ ‫ـل ُك َ ّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫ح‪ ،‬ويــا حيــا بعــد‬ ‫خــرون‪ ،‬يــا حيــا قبـ‬ ‫األولــون‪ ،‬وب ِـ ِه يصلــح اآل ِ‬ ‫صلــح ب ـ ِه‬
‫ُ َّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ـوىت‪ ،‬يــا َ ُّ‬ ‫المـ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫ُ ِّ ّ‬
‫ـد‪،‬‬ ‫وآل ممـ ٍ‬ ‫ـد ِ‬ ‫ح ال هلإَ إل أنــت‪ ،‬صــل ىلع ممـ ٍ‬ ‫ـي‬ ‫ك يح‪ ،‬ويــا يح مـ ِ‬

‫‪ -1‬اإلقبال‪240 - 239/1 :‬؛ والكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ :‬ص ‪.232 - 231‬‬ ‫‪50‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ‬


‫ادلنيــا واآلخرة ِ‪،‬‬ ‫أهمنــا ِمــن أمــر ُّ‬
‫ِ‬ ‫حوائَنــا‪ ،‬واكفِنــا مــا‬ ‫ِ‬ ‫ـض نلــا‬ ‫واغ ِفــر نلَــا ذنوبنــا واقـ ِ‬
‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ً َ ِّ‬ ‫ْ َ ْ‬
‫أمرنــا يــرا وثبتنــا ىلع هــدى َرســول ِك حمم ٍد صــى اهلل عليــه وآهل‪،‬‬ ‫واجعــل نلــا ِمــن ِ‬
‫َ‬ ‫واج َعــل ُد َ‬ ‫ً ْ‬ ‫َ ً َ‬ ‫ُ ِّ َ ٍّ َ ٍّ‬ ‫ْ َ‬
‫اعءنــا عنــدك يف‬ ‫فرجــا ومرجــا‪،‬‬ ‫واجعــل نلــا ِمــن ك غــم وهــم وضِ يـ ٍ‬
‫ـق‬
‫َ ْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ُ ِ ُ َ َ َّ‬
‫ـل طاعتِــك ِمــن خل ِقــك‬ ‫ـل المرحــومِ ‪ ،‬وهــب نلــا مــا وهبــت ِلهـ ِ‬ ‫ـوع المتقبـ ِ‬ ‫المرفـ‬
‫َ َّ َّ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ ِّ َ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ‬
‫فإنــا مؤمنــون بِــك منيبــون إيلــك متوكــون عليــك ومصرينــا إيلــك‪ .‬أللهــم اجــع‬
‫ُ َّ‬ ‫َّ ُ َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ َّ َّ َّ‬ ‫ْ ْ َّ‬ ‫َ َّ‬
‫ـماوات‬
‫ِ‬ ‫ـر لكــه إنــك أنــت احلنــان املنــان بديــع السـ‬ ‫واصف عنــا الـ‬ ‫ِ‬ ‫ـر لكــه‬ ‫نلــا اخلـ‬
‫ُْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َ َ ُ َ ُ ُ َ َّ َ‬ ‫ُ‬
‫رصفــه عمــن تشــاء‪ .‬أللهــم أعطِنــا مِنــه وامــن‬ ‫واألرض‪ ،‬تع ِطــي اخلــر مــن تشــاء وت ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ـال واإلكــرامِ ‪،‬‬ ‫علينــا ب ِـ ِه يــا أرحــم الرامحــن‪ .‬يــا أهلل يــا رمحــن يــا رحيــم يــا ذا اجلـ ِ‬
‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ََ َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫يــا ُ‬
‫ـرم مــن أعطــى‪،‬‬ ‫ـود مــن سـئِل‪ ،‬يــا أكـ‬ ‫يشء‪ ،‬يــا أجـ‬ ‫أهلل أنــت الي ليــس ك ِمثلِــه‬
‫َّ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َ ِّ‬ ‫ـم َمـ ْ ُ ْ‬ ‫أرحـ َ‬‫َ‬
‫وارحــم ضعــي وق ِلــة حيلــي إنــك‬ ‫ـد ِ‬
‫وآل‬ ‫ـن اســرحِم‪ ،‬صــل ىلع ممـ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫يــا‬
‫َ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ـي مــن انلــارِ بِرمحتِــك يــا أرحــم الرامحــن‪،‬‬ ‫َّ‬
‫ي باجلنـ ِة واعفِـ ِ‬
‫َّ‬ ‫ث َِقــي ورجــايئ‪ ،‬وامــن عـ َّ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ـم َّ‬ ‫أرحـ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ‬ ‫ـع نلــا خـ َ ُّ‬ ‫َْ ْ‬
‫‪1‬‬
‫احــن‪».‬‬ ‫الر ِ‬ ‫خــرة ِ ب ِ َرحتِــك يــا‬ ‫ـر ادلنيــا واآل ِ‬ ‫واجـ‬

‫تقديم الصالة‪ ،‬أو اإلفطار؟‬


‫قال الشيخ الطويس عليه الرمحة‪:‬‬
‫«وروى زرارة وفضيــل عــن أيب جعفــر (اإلمــام ابلاقــر) عليــه الســام‪ :‬يف رمضــان‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ـي ثـ ّ‬ ‫ُ ّ‬
‫ـم تف ِطــر إل أن تكــون مــع قــومٍ ينتظــرون اإلفطــار‪ ،‬فــإن كنــت معهــم فال‬ ‫تصـ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ ْ ْ َّ َ ِّ َّ ْ َ‬ ‫ُ‬
‫تالــف عليهــم‪ ،‬وأف ِطــر ثــم صــل‪ ،‬وإل فابــدأ بالصــاة‪ .‬قلــت‪ :‬ولِــم ذلــك؟ (أي مــا‬
‫الصــاة عندمــا ال يكــون ّ‬
‫الصائــم مــع قــومٍ ينتظــرون)‬ ‫الســبب يف تقديــم ّ‬ ‫هــو ّ‬
‫ُُ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ ّ‬ ‫َ ََ‬ ‫ّ‬
‫قــال‪ :‬ألنــه قــد حــرك فرضــان‪ :‬اإلفطــار والصــاة‪ ،‬فابــدأ بأفضلِهمــا‪ ،‬وأفضلهمــا‬
‫َّ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫الصــاة‪ ،‬ثـ ّ‬ ‫َّ‬
‫ـم‪ ،‬فتكتــب صالتــك تلــك‪ ،‬فتختــم بالصــوم‬ ‫ـم قــال‪ :‬تصــي وأنــت صائـ‬
‫ّ ‪2‬‬ ‫أحـ ُّ‬
‫ـب إيل»‪.‬‬

‫آداب اإلفطار‬
‫قال ّ‬
‫السيد ابن طاوس عليه الرمحة‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫ـل يف مــا نذكـ ُ‬
‫ـول يف حكــم‬ ‫ـروج الصائــم مــن صو ِمــه ودخـ ِ‬
‫ـره مــن كيفيــة خـ ِ‬ ‫«فصـ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً ُ ِّ َ‬ ‫َّ ّ‬
‫اإلفطــار‪ .‬ا ِعلــم أن للصائــم معاملــة كــف باســتمرارها قبــل صومــه‪ ،‬ومــع صومــه‪،‬‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫وبعــد صومــه‪ ،‬فــي مطلوبــة منــه قبــل اإلفطــار‪ ،‬ومعــه‪ ،‬وبعــده‪ ،‬يف الليــل وانلّهار‪،‬‬

‫املتهجد‪ :‬ص ‪.624 - 623‬‬


‫ّ‬ ‫‪ -1‬الشيخ الطويس‪ ،‬مصباح‬
‫‪51‬‬ ‫املتهجد‪ :‬ص ‪.624 - 623‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -2‬الشيخ الطويس‪ ،‬مصباح‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫واســتعمال جوارحِــه يف مــا يُ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫كر ُهــه َم ْ‬ ‫ممــا يَ َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫قربــه مِــن‬ ‫ــواله‪،‬‬ ‫ويه طهــارة قلبِــه‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫رضــاه‪ ،‬فهــذا أمـ ٌ‬
‫ـر مــراد مــن العبـ ِد مــدة مقا ِمــه يف دنيــاه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ ّ‬ ‫ّ‬
‫وأمــا املعاملــة المختصــة بزيــادة شــهر رمضــان‪ ،‬فــإن العبــد إذا اكن مــع اهللِ جــل‬
‫ٌ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫الصــوم واإلفطــار‪ ،‬يف الـ ِّ ّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ ُ‬ ‫ُ‬
‫ـر واإلعــان‪ ،‬فصومــه طاعــة‬ ‫ـره يف‬ ‫ِ‬ ‫ـرف بأمـ‬ ‫جــال‪ ،‬يتـ‬
‫ُ‬ ‫ٌ َ‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫ـر اهللِ جــل جــال عبــادة أيضــا جديــدة‪ .‬فيكــون خروجــه‬ ‫ســعيدة‪ ،‬وإفطــاره بأمـ ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َُْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ـع لِــا‬ ‫ـل أمــر اهللِ جــل جــال‪ ،‬وتابـ ٍ‬ ‫مــن الصــوم إىل حكــم اإلفطــار‪ ،‬خًــروج مم ًتثـ ٍ‬
‫َْ‬ ‫ـلطان ُّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫يُريــده منــه مــن االختيــار‪ُ ،‬م ِّ‬
‫ارتضــاه‬ ‫ادلنيــا واآلخــرة ِ‬ ‫ترشفــا ومتــذذا بــأن سـ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫نرصفــا إىل خدمتِــه‪ ،‬منتسِ ــبا إىل دوتلِــه وســلطتِه‪ ،‬وأنــه وفقــه‬ ‫أن يكــون بِبابِــه‪ ،‬م ِ‬
‫َّ‬ ‫َّ ُ ْ َ‬ ‫َ َّ َ‬
‫ـول‬ ‫ـراض عنــه‪ .‬وإيــاه وأن يعتقــد أنــه بدخـ ِ‬ ‫للقبــول منــه‪ ،‬وســلمه مــن خطــر اإلعـ ِ‬
‫ُ‬
‫ـال‬ ‫ـاح األعمـ ِ‬ ‫المطابلــة بِطهــارة ِ األرسار‪ ،‬وإصـ ِ‬ ‫ُ‬
‫ـي مــن هيبــة‬
‫َ‬ ‫ـت اإلفطــار‪ ،‬قــد أ ْعـ ِ َ‬ ‫وقـ ِ‬
‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َّ َ َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يف الليــل وانلهــار‪ ،‬وهــو يعلــم أن اهلل جــل جــال مــا أعفــاه (مــن الصيــام) إل ملزي ِد‬
‫ً‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫دوامِ إحســان ِه إيلــه‪ ،‬وإقبـ ِ َّ‬
‫ـال‬ ‫تهاونــا بإقبـ ِ‬ ‫ـال بالرمحــة عليــه‪ .‬وكيــف يكــون العبــد م ِ‬
‫ـوالهُ‬ ‫ـون‪ ،‬ألــم يســمع َمـ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ـون مــن ذلــك مــا لــم يهـ َّ‬ ‫مالــك حــارض ُمســن إيلــه‪ ،‬ويهـ ِّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫يقــول‪﴿ :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ﴾ ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ّ ُ‬ ‫َ‬
‫*ويف هدي ما تقدم يمكن القول‪:‬‬
‫ـروج مــن احلــى اخلـ ّ‬ ‫ـوع إحــال بعــد إحــرام‪ ،‬وخـ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫أن اإلفطـ َ‬ ‫ّ‬
‫ـاص بعــد‬ ‫ٍ‬ ‫ـار نـ‬ ‫اعلــم‬
‫ـوع ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ـج‪ ،‬يعقبُــه‬ ‫تمتــع باحلَـ ّ‬
‫ٍ‬ ‫ـ‬ ‫ن‬ ‫ـايل‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫اتل‬ ‫ـاك‬
‫ـ‬ ‫واإلمس‬ ‫ـار‬ ‫ـ‬ ‫اإلفط‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫ب‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫وأن‬ ‫ـه‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫في‬ ‫ـول‬ ‫ادلخـ‬
‫نصــب عيــيَ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ ُ‬ ‫ّ ً‬ ‫ُ‬
‫دخــول احلــى جمــددا يف موعــد اإلحــرام اتلــايل‪ ،‬ولكــن ذلــك‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫واســتحضه يف لك يللــ ٍة عنــد اإلفطــار‪ ،‬فإنــك‬ ‫ِ‬ ‫القلــب طيلــة ضيافــة الرمحــن‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ـروج‬ ‫ـفر احلــج عندمــا حيــن موعــد اخلـ ِ‬ ‫ـر سـ ِ‬ ‫تــد براكتِــه يف آخ ًـ ِ‬ ‫حبــول اهلل تعــاىل ِ‬
‫َ‬ ‫ـت احلــرام‪ ،‬واحلَـ َ‬
‫ـرم عمومــا‪ ،‬إىل عرفــات و ِمــى يللــة العيــد‪ ،‬كمــا جتدهــا‬ ‫مــن ابليـ ِ‬
‫ّ‬
‫ـد العــود ِة إىل «ادليــار» بعــد الســابع مــن شــوال‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ـ‬ ‫موع‬ ‫ـد‬ ‫ـ‬ ‫عن‬ ‫ـوم‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫الص‬ ‫يف آخــر ســفر ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ح ّ‬ ‫يتبعهــا مــن صيــامٍ مســتَ َ‬ ‫وانتهــاء موســم ضيافــة اهلل تعــاىل ومــا ُ‬

‫َ‬
‫ما بعـد اإلفطار‬
‫ُ‬
‫* الغسل‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ َ ّ ُ‬
‫حب الغسل يف لك يللة مفردة‪ ،‬أي األوىل‪ ،‬اثلاثلة‪ ،‬اخلامسة‪ ،‬وهكذا‪.‬‬ ‫يست‬
‫قال الشيخ الطويس عليه الرمحة‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫يلــال‪ :‬يللــة ســبع عــرة‪ ،‬وتســع عــرة‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫«وقــد بيَّنــا يلــايل الغســل ويه أربــع‬
‫ُ‬

‫بترصف ٍ يف العبارات األخرية‪.‬‬


‫‪ -1‬اإلقبال‪ّ ،236 – 235/1 :‬‬ ‫‪52‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬


‫وخاصــة‬ ‫وإن اغتســل يلــايل اإلفــراد لكهــا‬
‫وإحــدى وعرشيــن‪ ،‬وثــاث وعرشيــن‪ِ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫يللــة ّ‬
‫‪1‬‬
‫انلصــف‪ ،‬اكن هل فيــه فضــل كثــر»‪.‬‬
‫ويف (العروة الوثىق)‪:‬‬
‫َ‬ ‫ُ َ ُّ ُ‬
‫حب الغســل يف يلــايل اإلفــراد مــن شــهر رمضــان‪ ،‬وتمــامِ يلــايل العــر‬ ‫«يســت‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫األخــرة‪ ،‬ويســتحب يف يللــة اثلالــث والعرشيــن غســل آخــر يف آخــر الليــل‪،‬‬
‫فعــى هــذا‪ ،‬األغســال املسـ ّ‬ ‫األول منــه‪َ ،‬‬
‫الغســل يف ايلــوم ّ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ً‬
‫ـتحبة‬ ‫وأيضــا يســتحب‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫حــى يلــايل‬ ‫فيــه اثنــان وعــرون‪ .‬وقيــل باســتحباب الغســل يف مجيــع يلايلــه‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫األزواج‪ ،‬وعليــه يصــر (اثنَــن وثالثــن)‪ ،‬ولكــن ال ديلــل عليــه‪ ،‬لكـ ّ‬
‫ـن اإلتيــان‬
‫َُ‬ ‫ّ‬
‫املطلوبيــة يف يلــايل األزواج مــن ُ‬
‫الع َ‬
‫األولَــن ال بــأس بــه‪ .‬واآلكــد‬ ‫رشيــن‬ ‫الحتمــال‬
‫ّ‬
‫منهــا‪( :‬يف) يلــايل القــدر ويللــة انلصــف‪ ،‬ويللــة ســبعة عــر‪ ،‬واخلمــس وعرشين‪،‬‬
‫والســبع وعرشيــن‪ ،‬والتســع وعرشيــن منــه»‪.‬‬
‫ّ‬
‫طريقة الغسل‪ :‬لألمن من حكة ابلدن‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫أضــاف يف (العــروة الوثــى)‪« :‬يُسـ َ‬
‫ـتح ّ‬
‫ب أن يكــون الغســل يف الليلــة األوىل وايلــوم‬
‫ـتحب أن يصـ ّ‬
‫ـب ىلع رأســه‬ ‫األول مــن شــهر رمضــان يف املــاء اجلــاري‪ ،‬كمــا أنّــه يسـ ّ‬ ‫ّ‬
‫ابلـ َ‬ ‫ّ‬
‫ـن مــن حكـ ِة َ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫قبــل الغســل أو بعـ َ‬
‫ـده ثالثــن كفــا مــن املــاء يلأمـ َ‬
‫ـدن‪ ،‬ولكــن‬
‫َ ّ‬ ‫ُ‬
‫بالغســل‪ ،‬بــل هــو مســتَ ٌّ‬ ‫َ‬
‫حب مســتقل»‪.‬‬ ‫ال دخــل هلــذا العمــل‬
‫ُ‬
‫* وقت الغسل‬
‫* يف (العروة الوثىق)‪:‬‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ُ‬
‫«مســألة ‪ :16‬وقــت غســل الليــايل تمــام الليــل‪ ،‬وإن اكن األوىل اإلتيــان بــه أول‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ـل مــن‬‫الليــل‪ ،‬بــل األوىل اإلتيــان بــه قبــل الغــروب أو مقارنــا هل يلكــون ىلع غسـ ٍ‬
‫ُ‬
‫العــر األخــرة َرجحــان اإلتيــان بــه‬ ‫أول اللّيــل إىل آخــره‪ ،‬نعــم ال يَبعــد يف يلــايل َ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ـن املغــرب والعشــاء ملــا نُقــل مــن فعــل ّ‬
‫انلـ ّ‬ ‫بـ َ‬
‫ـر أن الغســل اثلــاين‬ ‫ـي ح‪ ،‬وقــد مـ‬
‫ّ‬
‫يف الليلــة اثلّاثلــة والعرشيــن يف آخــره‪.‬‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫َ ُ َ‬
‫األول يف الليلــة اثلّاثلــة والعرشيــن يف أول الليــل ال‬ ‫ـرك الغســل‬ ‫مســألة ‪ :17‬إذا تـ‬
‫َ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ُ‬
‫يَبعــد كفايــة الغســل اثلــاين عنــه‪ ،‬وإن اكن األوىل اإلتيــان بهمــا آخــر الليــل برجــاء‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ـد بعنــوان‬ ‫ـل واحـ ٍ‬ ‫املطلوبيــة‪ ،‬خصوصــا مــع الفصــل بينهمــا‪ ،‬وجيــوز اإلتيــان بغسـ ٍ‬
‫‪2‬‬ ‫َ‬
‫األمريــن»‪.‬‬ ‫ـد‬
‫اتلداخــل وقصـ ِ‬ ‫ّ‬

‫املتهجد‪ :‬ص ‪.636‬‬


‫ّ‬ ‫‪ -1‬الشيخ الطويس‪ ،‬مصباح‬
‫‪53‬‬ ‫الس ّيد الزيدي‪ ،‬العروة الوثقى‪( 150 – 149/2 :‬ط‪ :‬جديدة)‪.‬‬
‫‪ّ -2‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫داعء االفتتاح‬
‫نذكره من داعء االفتتاح وغريه من ّ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُّ‬
‫ادلعوات اليت‬ ‫ِ‬ ‫قال السيد ابن طاوس‪« :‬فصل يف ما‬
‫حممد بن أيب ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫لك يللة إىل آخر شهر ِالفالح‪َ .‬فمن ذلك ّ‬ ‫ّ ُ ّ‬
‫قرة‬ ‫اعء الي ذك َره‬ ‫ادل ُ‬
‫ٍ‬ ‫تتكرر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫احلسين‪ ،‬قال ‪:‬‬ ‫بأسناده‪ ،‬فقال‪ :‬حدثين أبو الغنائم حممد بن حممد بن حممد بن عبد اهلل‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫كوين ريض اهلل عنه‪ ،‬قال‪ :‬سألت أبا بكر‬ ‫أخبنا أبو عمرو حممد بن حممد بن نرص الس‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ابلغدادي رمحه اهلل‪ ،‬أن ير َج ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إيل أدعية شهر رمضان اليت‬ ‫ِ‬ ‫أمحد بن حممد بن عثمان‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(السفري اثلّاين لإلمام صاحب‬ ‫عمه أبو جعفر حممد بن عثمان بن السعيد العمري ّ‬ ‫اكن‬
‫ً ّ ً‬ ‫ّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫الزمان عليه السالم) ريض اهلل عنه وأرضاه يدعو بها‪ ،‬فأخرج إيل دفرتا جملا بأمحر‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫شهر‬
‫فنسخت منه أدعية كثرية‪ ،‬واكن من مجلتها‪ :‬وتدعو بهذا ادلاعء يف لك يلل ٍة من ِ‬
‫هم‬ ‫ستغفر ل ِصاحبه‪ ،‬وهو‪ :‬أللَّ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫اعء يف هذا الشهر تسمعه املالئكة وت‬
‫َ ُُ‬ ‫ّ‬ ‫ادل َ‬ ‫فإن ُّ‬ ‫َّ‬
‫رمضان‪،‬‬
‫ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ِّ‬ ‫َ ُ ِّ ٌ َّ‬ ‫ِّ َ ْ َ ُ ّ َ َ َ‬
‫واب بمنك‪ ،»..‬وأورد ادلاعء كما أورده الشيخ‬ ‫إن أفتتِح اثلناء ِبمدِك وأنت مسدد للص ِ‬
‫‪1‬‬
‫وسيأيت بتما ِمه‪.‬‬ ‫الرمحة‪َ ،‬‬ ‫ويس عليهما ّ‬ ‫الط ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫آخره‪:‬‬ ‫قال الشيخ َ الطويس‪« :‬داعء لك يللَ ٍة من شهر رمضان من أول الشهر َإىل ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ّ ُ َّ ِّ ْ َ ُ َّ َ َ َ َ َ ُ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫(و) أيقنت أنك أ ْرح ُم‬ ‫ك‪َ ،‬‬ ‫واب بِمن‬ ‫أللهم إِن أفتتِح اثلناء ِبمدِك وأنت مسدد ل ِلص ِ‬
‫َ َ ْ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َّ ْ َ َ َ َ ُّ ُ‬ ‫َْ‬ ‫الر ِ َ‬
‫اكل َوانلَّقِمةِ‪َ ،‬وأعظ ُم‬ ‫ِّ‬
‫احِني ِف موضِ عِ العف ِو والرحةِ‪ ،‬وأشد المعاقِبِني ِف موضِ عِ انل ِ‬
‫َّ‬
‫َ ْ َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫الم َت َج ِّ َ َ ْ‬ ‫ُ‬
‫ِبياءِ َوالعظمةِ‪ .‬ألله َّم أذِنت ِل ِف داعئ ِك َومسأل ِك فاسمع يا‬ ‫بين ِف مو َضِ عِ الك ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ِيم َد ْع َوت‪َ ،‬وأق ِل يا غ ُف ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫له مِن ك ْرب ٍة‬
‫ْ‬
‫ث ِت‪ ،‬فكم يا إ ِ ِ‬
‫َ ْ‬ ‫ور َع َ‬ ‫يع م ِْد َحت‪َ ،‬وأج ْب يا َرح ُ‬ ‫َ ُ‬
‫س ِم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َْ‬ ‫ْ‬
‫َ َ ََْ ْ َ َْ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ْ َ َْ َ َ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َّ ْ َ َ ُ ُ‬
‫قد فرجتها‪ ،‬وهمومٍ قد كشفتها‪ ،‬وعث ٍة قد أقلتها‪ ،‬ورح ٍة قد نشتها‪ ،‬وحلق ِة بال ٍء قد‬
‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫َ ً َ َ َ ً َ َْ َ ُ ْ َُ َ ٌ‬ ‫َّ َ ْ َ َّ ْ‬ ‫َْ ُ‬ ‫َ َ ْ َ‬
‫ك َول ْم‬ ‫شيك ِف المل ِ‬ ‫فككتها‪ .‬احلمد هللِ الي لم يتخِذ صاحِبة وال ولا ولم يكن ل ِ‬
‫َ ُ ْ َ ُ َ ٌّ َ ُّ ِّ َ َ ِّ ْ َ ْ ً‬
‫بهُ تكبِريا‪.‬‬ ‫يكن ل و ِل مِن اذلل وك‬
‫ُ َّ َ ُ ُ ْ‬ ‫َّ‬ ‫َْ ُ‬ ‫َ ُ ِّ‬ ‫ُ ِّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ ُ‬
‫ك ِه‬ ‫احلمد هللِ ِبمِيعِ ما ِم ِده ِ كها ع جِيعِ ن ِع ِم ِه كها‪ ،‬احلمد هللِ الِي ال مضاد ل ِف مل ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ ُ‬
‫شيك ُل ِف خل ِق ِه َوال شِبه ُل ِف عظمتِهِ‪،‬‬ ‫وال منازِع ل ِف أم ِره ِ‪ ،‬احلم َد هللِ الِي ال ِ‬
‫ُ َ َ َّ‬ ‫َ َُْ ُ‬ ‫َْ ْ ُ ََُُْ ّ‬ ‫َْ ُ‬
‫باجلو ِد يدهُ‪ ،‬الِي‬ ‫ِط‬ ‫الفاش ِف اخلل ِق أم ُره وحده‪ ،‬الظاه ِِر بالك َرمِ مده ابلاس ِ‬ ‫ِ‬ ‫احلمد هللِ‬
‫ّ َ َ ً ُ َ ً َّ ُ ُ َ َ ُ َ َّ ُ ّ ُ‬ ‫َُْ ُ َ ُُ َ َ ُُ َ َُ َ‬
‫الوهاب‪ .‬ألله َّم‬ ‫رثة العطاءِ إِل كرما وجودا‪ ،‬إِنه هو الع ِزيز‬ ‫ال تنقص خزائ ِنه وال ي ِزيده ك‬
‫َ َُْ َْ ٌ َ َُ ْ‬ ‫َْ َ َ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫ِّ َ ْ َ ُ َ َ ً ْ َ‬
‫ري مع حاج ٍة ِب إِل ِه عظِ يم ٍة ِوغِناك عنه قديم‪ ،‬وهو عِندِي‬ ‫ٍ‬ ‫إِن أسألك قلِيال مِن كثِ‬
‫َ ْ َ َ‬ ‫َ ٌ َ ُ َ َ َ ْ َ َ ْ ٌ َ ٌ ّ ُ َّ َّ َ ْ َ َ َ ْ َ ْ َ َ ُ َ َ َ ْ َ َ‬
‫اوزك عن خطِيئ ِت َوصفحك‬ ‫كثِري وهو عليك سهل يسِ ري‪ .‬أللهم إِن عفوك عن ذن ِب وت‬
‫َ ْ َ َ‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ َْ َ َ ْ َ‬ ‫َ ْ ُ ْ َ َ َْ َ ََ َ‬
‫ري جر ِم‪ ،‬عِندما اكن مِن خطأي‬ ‫عن ظل ِم وستك ع قبِيحِ عم ِل‪ ،‬وحِلمك عن كثِ ِ‬

‫‪ -1‬اإلقبال‪ .138/1 :‬وانظر‪ :‬الكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ :‬ص ‪ ،195 – 193‬واملصباح‪ :‬ص ‪579‬‬
‫‪.582-‬‬ ‫‪54‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ْ َْ َ َ َْ‬ ‫ََْ‬ ‫ْ َ ْ ُ ُ ْ َ َّ‬ ‫َ ْ َ ْ ََ َ‬ ‫َْ َ َ‬ ‫َ ْ‬


‫جبه مِنك الِي َرزقت ِن مِن َرحتِك َوأ َريت ِن‬ ‫ِ‬ ‫َوعمدِي أطمع ِن ِف أن أسألك ما ال أستو‬
‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ ْ ُ ْ ُ َ ً ْ ُ َ ُ ْ َ َ ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ُ ْ َ َ َ َ َّ ْ َ‬
‫صت أدعوك آمِنا َوأسألك مستأن ِسا ال خائ ِفا َوال‬ ‫مِن قدرت ِك وعرفت ِن مِن إِجابتِك‪ ،‬ف ِ‬
‫َ َ َ ْ ْ َ ِّ َ ْ ُ ْ َ َ ْ َ َ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ ُ‬ ‫َ ً ُ ّ َ َْ َ‬
‫جال‪ ،‬مدِل عليك ِف ما قصدت فِي ِه إ ِ ْلك‪ ،‬فإن أبطأ عن عتِبت ِبَه ِل عليك‪َ ،‬ولعل‬ ‫و ِ‬
‫ََْ َ َْ ً َ ً ْ ََ َ َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َّ َ ْ َ َ َ ِّ ُ َ َ ْ‬
‫ور‪ ،‬فلم أر موىل ك ِريما أصب ع عب ٍد‬ ‫ٌ‬
‫الِي أبطأ عن هو خي ِل لِعِل ِمك بِعاق ِب ِة األم ِ‬
‫َ ُ َ ِّ َ ْ َ َ َ َ َ َّ ُ َ َّ َ َ َ َ َّ ُ َ ْ َ َ َ َ َ َّ ُ‬ ‫ْ َ َ َ َّ َ ِّ َّ َ َ ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ون فأول عنك‪ ،‬وتتحبب إِل فأتبغض إِلك‪ ،‬وتتودد‬ ‫ل يا رب‪ َ .‬إِنك تدع ِ‬ ‫يم مِنك ع‬ ‫ل ٍ‬
‫َ ْ‬ ‫َ َ َّ ْ َ‬ ‫َ َّ َ ْ َ ُ ْ َ َ ّ َ َّ َ ُّ َ َ َ ْ َ َ َ ْ َ ْ َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫سان‬‫ل اتلطول عليك‪ ،‬ولم يمنعك ذل ِك مِن الرح ِة ِل واإلح ِ‬ ‫إِل فال أقبل مِنك‪ ،‬كأن ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ُ ْ َ َْ َ ْ‬ ‫َ َّ َ َّ َ ُّ َ َ َّ ُ َ َ َ َ َ َ ْ َ ْ َ ْ َ َ‬
‫إِل واتلفض ِل عل ِبودِك وكرمِك‪ ،‬فارحم عبدك اجلاهِل وجد علي ِه بِفض ِل إِحسان ِك‬
‫يم‪.‬‬‫واد َكر ٌ‬ ‫َّ َ َ ٌ‬
‫إِنك ج‬
‫ِ‬
‫َّ َ ِّ‬ ‫ْ ِ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ ْ ُ َ ِّ‬ ‫ُ ْ ُْ‬ ‫َْ ُ‬
‫ين رب‬ ‫ان ادل ِ‬ ‫ك مسخ ِر الرياح فال ِِق اإلصباح‪ ،‬دي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك م ِري الفل ِ‬ ‫احلمد هللِ مال ِِك المل ِ‬
‫َ َ ْ َْ َ ُْ َ َ َْ ُ‬ ‫ْ َْ َ ْ َ َْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َْ ُ‬
‫احلمد هللِ‬ ‫احلمد هللِ ع عف ِوه ِ بعد قدرت ِ ِه و‬ ‫احلمد هللِ ع حِل ِم ِه بعد عِل ِم ِه و‬ ‫العال ِمني‪،‬‬
‫ِّ ْ‬ ‫َْ‬ ‫ُ ُ َْ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ِط الرز ِق‬ ‫ول أنات ِ ِه ِف غضبِ ِه وهو القادِر ع ما ي ِريد‪ ،‬احلمد هللِ خال ِِق اخلل ِق وباس ِ‬ ‫عط ِ‬
‫َ َ ُ َ َ َ َ َّ ْ‬ ‫ََُ َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫اإلحسان الِي بعد فال يرى وقرب فش ِهد انلجوى‬ ‫ِ‬ ‫الل واإلك والفض ِل و‬ ‫رامِ‬ ‫ذِي اجل ِ‬
‫شاكُ ُه َوال َظه ٌ‬ ‫َ ٌ ُ‬ ‫ع يُعاد ُ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َْ َ َُ ُ‬ ‫َّ‬ ‫َْ ُ‬ ‫َ َ َ ََ‬
‫ري‬ ‫ِ‬ ‫ِل َوال شبِيه ي ِ‬ ‫تبارك وتعاىل‪ ،‬احلمد هللِ الِي ليس ل منازِ‬
‫َ ُ َْ ُ‬ ‫َُ ُ ََََ ُ ْ‬ ‫َّ َ َ َ َ َ َ َ‬ ‫ُ ََ‬ ‫ُ‬
‫احلمد‬ ‫ماء فبلغ بِقد َرت ِ ِه ما يشاء‪،‬‬ ‫اء َوتواضع ل ِعظمتِ ِه العظ‬ ‫يعاضِ دهُ‪ ،‬قه َر بِع َِّزت ِ ِه األعِز‬
‫َ ُ َ ِّ ُ ِّ ْ َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ ُ ُ َ َ ُ َّ‬ ‫ُ‬ ‫هللِ َّالِي ُييبُن ح َ‬
‫ل فال‬ ‫ل ك َع ْو َر ٍة وأنا أ ْع ِصي ِه ويعظم انلعمة ع َّ‬ ‫ِني أنادِي ِه ويست ع َّ‬ ‫ِ ِ‬
‫ََْ َ ُ َ‬ ‫َ َ َ َُ َ َْ َ‬ ‫َ‬
‫َ َ ْ ْ َْ َ َ َ َْ ْ‬ ‫ُ‬
‫فان وبهج ٍة مون ِق ٍة‬ ‫طان وعظِ يم ٍة موف ٍة قد ك ِ‬ ‫أجازِيهِ‪ ،‬فكم مِن موهِب ٍة هنِيئ ٍة قد أع ِ‬
‫ُْ َُ‬ ‫ُُ‬ ‫َُْ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ً َ َ ْ ُ ُ ُ ُ َ ِّ ً َ ْ ُ‬ ‫ُْ َ َْ‬ ‫َْ َ‬
‫احلمد هللِ الِي ال يهتك حِجابه َوال يغلق‬ ‫ران‪ ،‬فأث ِن علي ِه حامِدا وأذكره مسبحا‪.‬‬ ‫قد أ ِ‬
‫ال َ‬ ‫َّ‬ ‫َ ُ َ ِّ‬ ‫َّ ُ ْ‬ ‫ُُ َْ ُ‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫ُُ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫ُُ‬
‫ِني‬ ‫ِني َوينج الص ِ‬ ‫احلمد هللِ الِي يؤم ُِن اخلائِف‬ ‫بابه َوال ي َرد سائ ِله َوال يي ُب آمِله‪،‬‬
‫َ ََْ ُ ُ ْ َ ْ َ َ َ َ َ ُ ُ ْ َ ْ َ َ ُْ ُ ُ ُ ًَ َ َْ َ ْ ُ َ َ َْ ُ‬
‫احلمد هللِ‬ ‫بين ويهلِك ملوك ويستخلِف آخ ِرين‪،‬‬ ‫ويرفع المستضعفِني ويضع المستك ِ ِ‬
‫الم ْس َترصخِنيَ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ َ َ ُ ْ‬ ‫َ َّ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫صيخِ‬ ‫كال الظال ِ ِمني‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ارين مبِريِ الظلم ِة مدرِكِ اهلارِبِني ن‬ ‫قاصِ مِ اجلب‬
‫ْ َ ْ َ َ ْ َ ُ َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ ََُْ ُْ َ َْ ُ‬ ‫َّ‬ ‫َْ‬
‫الِني معتم ِد المؤ ِمنِني‪ ،‬احلمد هللِ الِي مِن خشيتِ ِه ترعد السماء‬ ‫حاجات الط ِ‬ ‫ِ‬ ‫موضِ عِ‬
‫َْ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ ْ َْ َ ُ‬ ‫ْ ُ َ ُ َّ ُ َ َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َّ ُ َ َ ْ ُ ُ‬
‫احلمد هللِ‬ ‫حار َومن يسبح ِف غمرات ِها‪،‬‬ ‫وسكنها‪ ،‬وترجف األرض وعمارها‪ ،‬وتموج ابلِ‬
‫ْ َ َ ُْ َ َ‬ ‫ُْ َ ُ ُ‬ ‫ُ َ ُ ُْ‬ ‫َّ َ ْ ُ ُ َ ُ ْ َ ْ َ ُ ُ‬
‫يي الم ْوىت‬ ‫الِي يلق َول ْم يلق ‪َ ،‬وي ْرزق َوال ي ْرزق َويطع ُِم َوال يطع ُم َوي ِميت األحياء و ي‬
‫ِير‪.‬‬‫ك َشء َقد ٌ‬ ‫َ ْ ُ َ ُ َ َ ُ ِّ‬
‫ح ال يموت بِي ِده ِ اخلي وهو ع‬
‫َ ُ َ َ ٌّ َ ُ ُ َ‬
‫وهو‬
‫ٍ‬
‫َ َ ََ َ ْ‬ ‫َ َ َ ِّ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ ُ َّ َ ِّ َ ُ َ َّ َ ْ َ َ َ ُ َ‬
‫أللهم صل ع مم ٍد عبدِك ورسول ِك‪ ،‬وأمِينِك وصفِيك‪ ،‬وحبِيبِك وخِيت ِك مِن‬
‫َْ‬ ‫َ ََْ َ ْ ََ َْ‬ ‫َْ َ َ َ ْ َ‬ ‫ِّ َ ُ َ ِّ‬ ‫َ ْ َ‬
‫سك َومبلغِ رِساالت ِِك‪ ،‬أفضل َوأحس َن َوأجل َوأكمل‪َ ،‬وأزىك َوأنىم‬ ‫خلقِك‪َ ،‬وحاف ِِظ ِ‬
‫َ َّ ْ َ َ َ ْ َ َ َّ ْ َ َ َّ ْ َ َ َّ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫باركت َوت َرحت َوتَننت َوسلمت ع‬ ‫ث ما صليت و‬ ‫َوأ ْط َي َب َوأ ْط َه َر‪َ ،‬وأ ْسىن َوأ ْك َ َ‬
‫َ َ َ َْ َ ْ َ ْ َ‬ ‫ُ َ َ ْ َ َْ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬
‫أح ٍد مِن عِبادِك َوأنبِيائ ِك َو ُرسلِك َوصف َوت ِك َوأه ِل الكرام ِة عليك مِن خلقِك‪،‬‬
‫ِّ ِّ َ َّ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ ْ َ َ َ ِّ َ ُ‬ ‫ّ ُ َّ َ ِّ َ َ َ‬
‫ني‪َ ،‬وع الصديق ِة الطاه َِرة ِ‬ ‫ول َرب العال ِم‬ ‫ل أمِريِ المؤ ِمنِني وو ِص رس ِ‬ ‫أللهم صل ع ع ِ ٍّ‬
‫َ َ َ ُ َ ْ‬ ‫َّ ْ َ َ َ ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ َ َ ِّ َ‬ ‫َ َ َ ِّ َ‬
‫ي ‪55‬‬ ‫ف ِاطِمة سيدة ِ ن ِساءِ العال ِمني‪ ،‬وصل ع سِبطي الرح ِة وإِمام الهدى احلس ِن واحلس ِ‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫َ َُ َ‬ ‫َ ُ َ َ َ‬ ‫َ َّ َ َ ِّ َ َ َّ ُ ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ ِّ َ ْ َ‬
‫جك ع عِبادِك َوأمنائ ِك ِف‬ ‫باب أه ِل اجلنةِ‪ ،‬وصل ع أئ ِم ِة المسلِ ِمني حج ِ‬ ‫سيدي ش ِ‬
‫ََُْ‬ ‫َْ‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫َ‬
‫َ ً َ َ ً َ ً ّ ُ َّ َ َ ِّ َ َ ِّ ْ‬
‫ل أم ِركِ القائ ِمِ المؤم ِل َوالعد ِل المنتظ ِر‪،‬‬ ‫ُبِالدِكِ صالة كثِرية دائ ِمة‪ .‬ألله َم وصل ع و ِ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الم َق َّرب َ‬ ‫ْ ُْ ُ َ‬
‫اع‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫القد ِس يا رب العال ِمني‪ ،‬أللهم اجعله ادل ِ َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ني َوأيِّ ْدهُ ب ِ ُر ِ‬
‫وح‬ ‫ِ‬
‫َ َ ُ‬
‫أحففه بِمالئ ِكتِك‬
‫َ ْ َ ْ َ ْ َ َّ َ ْ َ ْ َ ِّ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ ْ ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ِين مِن قبلِهِ‪ ،‬مكن‬ ‫إِىل ك ِتابِك َوالقائ َِم بِدِينِك‪ ،‬استخلِفه ِف األ ْر ِض كما استخلفت ال‬
‫ْ ً َُُْ َ ُْ ُ َ َ ْ ً ُّ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ َْ ُ َُ ْ ُ ْ َ ْ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ ُ َّ‬
‫شك بِك شيئا‪ ،‬ألله َّم‬ ‫َل دِين َه الِي ارتضيته ل‪ ،‬أبدِل مِن بع ِد خوف ِ ِه أمنا يعبدك ال ي َ ِ‬
‫َّ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ ُ ْ َ ْ ً َ ً ُّ ْ‬ ‫صهُ َو ْان َت ِ ْ‬ ‫أع َِّزهُ َوأ ْعز ْز ب ِه َوانْ ُ ْ‬
‫صهُ نصا ع ِزيزا‪ ،‬ألله َّم أظ ِه ْر ب ِ ِه دِينك َومِلة‬ ‫ص بِهِ‪( ،‬و) ان‬ ‫ِ ِ‬
‫َ َ َ َ‬ ‫ُّ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫َ َ ِّ َ َ َ َ‬ ‫َْ َ ْ َ َ‬ ‫َ ِّ َ َ َّ‬
‫احلق مافة أح ٍد م َِن اخلل ِق‪ .‬ألله َّم إِنا ن ْرغ ُب إ ِ ْلك ِف‬ ‫ف بِش ٍء مِن‬ ‫ِ‬ ‫خ‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫نبِيك حت ال‬
‫فاق َوأ ْهلَ ُه‪َ ،‬وتْ َعلُنا فِيها م َِن ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ َ‬ ‫ْ َ ْ َ ُ ُ ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ُ‬
‫ادلاعة ِ‬ ‫د ْول ٍة ك ِريم ٍة تع ُِّز بِها اإلسالم َوأهله َوتذِل بِها انل‬
‫َ َْ‬ ‫ُّ‬ ‫َ َ َ ُّ ْ‬ ‫َ َ ُُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ادلنيا َواآلخ َِرة ِ‪ .‬ألله َّم ما ع َّرفتنا م َِن‬ ‫إِىل طاعتِك َوالقادة ِ إِىل سبِيلِك َوت ْرزقنا بِها كرامة‬
‫َ ِّ َ َ ِّ ْ ُ َ َ ُ ْ َ ْ ُ َ َ ِّ ْ‬
‫صنا عنه فبلغناهُ‪.‬‬ ‫احلق فحملناه وما ق‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫َّ َ َ ْ ْ‬ ‫َ ْ َ َ َ ِّ‬ ‫َ ْ َ َ ُْْ‬ ‫َ ََ َ ْ َ ْ‬ ‫ُّ ُْ‬
‫ألله َّم الم ْم ب ِ ِه شعثنا واشعب ب ِ ِه صدعنا وارتق ب ِ ِه فتقنا‪ ،‬وكث ب ِ ِه ق ِلتنا وأع ِزز ب ِ ِه ذِلنا‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ب ب ِه َف ْق َرنا َو ُس َّد ب ِه َخلَّ َتنا َوي َ ِّ ْ‬ ‫َ ْ ُْ‬ ‫ََْ‬ ‫َ ْ َُْ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫ََ ْ‬
‫س‬ ‫َ ِ‬ ‫وأغ ِن ب ِ ِه اعئ ِلنا‪ ،‬واق ِض ب ِ ِه عن مغرمِنا (م َغرمِنا)‪َ ،‬واج ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َََ َ ْ‬ ‫ْ َ َ ْ ْ‬ ‫ُ ُ َ َ ُ َّ‬ ‫ُ ْ َ َ َ ِّ ْ‬
‫ن ْز ب ِ ِه مواعِيدنا‬ ‫نح ب ِ ِه طلِبتنا وأ َِ‬ ‫ب ِ ِه عسنا‪ ،‬وبيض ب ِ ِه و َجوهنا وفك ب ِ ِه أسنا‪ ،‬وأ ِ‬
‫الم ْعط َ‬ ‫َ َْ َ ْ ُ َ َ ْ َ َ ُ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ ْ َ ْ‬
‫ِني‬ ‫جب ب ِ ِه دع َوتنا‪َ ،‬وأعطِنا ب ِ ِه ف ْوق َرغبتِنا‪ ،‬يا خي المسؤول ِني وأوسع‬ ‫واست ِ‬
‫َ َ ِّ ْ َ‬ ‫ْ ُ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ََْ ُُ‬ ‫َ‬
‫ُ ُ َ َ ْ ْ‬ ‫ْ‬
‫اش ِف ب ِ ِه صدورنا وأذهِب ب ِ ِه غيظ قلوبِنا واهدِنا ب ِ ِه لِا اختلِف فِي ِه مِن احلق بِإِذن ِك‪،‬‬
‫ِني‪.‬‬ ‫احل ِّق آم َ‬ ‫صنا َع َع ُد ِّو َك َو َع ُد ِّونا إ َهل َ‬ ‫صاط ُم ْس َتقِيم‪َ ،‬وانْ ُ ْ‬ ‫َ ْ َ ُ‬ ‫َّ َ َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫إِنك تهدِي من تشاء إِىل ِ ٍ‬
‫مان‬ ‫ث َة َع ُد ِّونا َوش َِّد َة الف َ َ َ ُ َ َّ‬ ‫إمامِنا َو َك ْ َ‬ ‫ّ ُ َّ َّ َ ْ ُ َ ْ َ َ ْ َ َ ِّ َ َ ْ َ َ َ‬
‫ِت وتظاهر الز ِ‬ ‫ِ‬ ‫أللهم إِنا نشكو إِلك فقد نبِينا وغيبة‬
‫َ َ ْ ُ َ ِّ ُ ُ َ ُ َ ْ ُ ُ َ َ ْ‬ ‫ّ ََ ّ َ‬ ‫َ َ ْ َ َ ِّ َ ُ َ َّ َ‬
‫ص‬ ‫ض تكشِ فه‪ ،‬ون ٍ‬ ‫ع ذل ِك بِفت ٍح تعجله وب ِ ٍ‬ ‫آل حمم ٍد وأعِنا‬ ‫علينا‪ ،‬فصل ع مم ٍد و ِ‬
‫َْ َ‬ ‫َ ْ َ ُْ ُ‬ ‫ْ َ ْ َ ُ ِّ ُ‬ ‫َ ٍّ ُ ْ‬ ‫ُ ُّ ُ َ ُ ْ‬
‫طان حق تظ ِه ُرهُ‪َ ،‬و َرح ٍة مِنك تَللناها َواعفِي ٍة مِنك تلبِسناها ب ِ َرحتِك يا‬ ‫تعِزه وسل ِ‬
‫َ ‪1‬‬
‫احِني»‪.‬‬ ‫الر ِ‬ ‫أر َح َم َّ‬ ‫ْ‬
‫ّ‬
‫صالة كـل يلـلة‬
‫ّ‬ ‫تعددت ّ‬ ‫ّ‬
‫الروايات حول صالة لك يللة‪ ،‬ويه ىلع ثالثة أقسام كما ييل‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -1‬روايات صالة األلف ركعة موزعة ىلع الليايل‪ .‬ويأيت مزيد إيضاح‪ ،‬ويه اليت ينبيغ‬
‫ّ ّ‬ ‫َ‬
‫االهتمام بها أكرث من غريها‪ ،‬لِا ستعرف من رأي الفقهاء‪ ،‬وألن سيد العلماء املراقبني‬
‫ّ‬
‫السيد ابن طاوس قال عن الصلوات اآلتية‪:‬‬
‫ُ ُ‬
‫بطرق ِها ُ‬ ‫تركت َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ورواتها‪،‬‬ ‫صلوات يف يلايل شهر رمضان ما وثقت‬ ‫ٍ‬ ‫ذكر‬ ‫«واعلم أنين‬
‫ُ ُ‬
‫‪2‬‬
‫وصفت عن إثبات ِها»‪.‬‬‫ِ‬

‫املتهجد‪ :‬ص ‪.581 - 577‬‬


‫ّ‬ ‫‪ -1‬الشيخ الطويس‪ ،‬مصباح‬
‫‪ -2 56‬السيد ابن طاوس‪ ،‬إقبال األعمال‪.111/1 :‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ْ‬
‫باختالف يسري‪ ،‬وقد وردت‬ ‫ٍ‬ ‫‪2‬‬
‫‪ -2‬رواية عن رسول اهلل ح‪ ،1‬وعن أمري املؤمنني خ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فيها للك يللة صالة خاصة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫خمتصة‪ ،‬يؤىت بها يف لك يللة‪.‬‬ ‫‪ -3‬صالة واحدة‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ َ‬
‫قال الكفعيم‪« :‬ويستحب أن يصل يف لك يلل ٍة من شهر رمضان ركعتني بـ (احلمد)‬
‫ََُْ ُْ َ َ ْ ُ‬ ‫ُْ َ َ ْ ُ َ ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫مرة‪ ،‬و(اتلّوحيد) ثالثا‪ ،‬فإذا سلم قال‪ :‬سبحان من ه َو حفِيظ ال يغفل‪ ،‬سبحان من ه َو‬ ‫ّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ِيم ال يع َجل‪ ،‬سبحان َم ْن ه َو قائ ٌِم ال يسهو‪ ،‬سبحان َم ْن ه َو دائ ٌِم ال يلهو‪ّ .‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َرح ٌ‬
‫ثم يقول‬
‫َّ‬
‫يل اذل َ‬ ‫ْ‬
‫عظيم‪ ،‬ا ِغف ِْر َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫التّسبيحات األربعة سبعا‪َّ ،‬‬
‫نب‬ ‫ثم يقول‪ :‬سبحانك سبحانك يا‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ً َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫العظيم‪َّ .‬‬ ‫َ‬
‫‪3‬‬
‫ذنب»‪.‬‬ ‫يب عرشا‪ .‬من صلها غفر اهلل هل سبعني ألف ٍ‬ ‫ثم تصل ىلع انل ّ‬
‫ُ َ ُ َ َْ‬ ‫ََ َ ّ‬ ‫َْ ُ‬ ‫ُْ َ َ‬ ‫ّ‬
‫واحلمد هللِ ول إِهل إل اهلل واهلل أكب»‪.‬‬ ‫واملراد بالتسبيحات األربعة‪« :‬سبحان اهللِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ويستطيع املؤمن اختيار إحدى هذه الروايات‪ ،‬إل أن صالة األلف ركعة يه األرجح‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬
‫أعتمد يف عمل لك يومٍ ويللة‬ ‫فسأقف عندها يف ما ييل بيش ٍء من اتلفصيل‪ ،‬ثم‬ ‫وذللك‬
‫ّ َ‬ ‫ّ ً‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ذكر هذه الصالة ‪-‬األلف ركعة‪ -‬أوال‪ ،‬ثم أذكر الصالتني اثلانية واثلاثلة‪ ،‬بالرتتيب‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫الصلوات اثلّالثة للك يللة‪ ،‬أن ال ي َرم من صالة الليلة‬
‫ّ‬ ‫املذكور آنفاً‪ ،‬والسبب يف ذكر ّ‬
‫ّ‬ ‫يوفق ّ‬ ‫َّ‬
‫آخرين يُمكنه‬ ‫خيارين َ‬ ‫َ‬ ‫حلصة تلك الليلة من األلف ركعة‪ ،‬ويكون أمام‬ ‫َمن ال‬
‫ٌ ًّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ ً‬ ‫ُ‬
‫كبري جدا‪.‬‬ ‫جيدا إىل أن الفارق بني األوىل وغريها‬ ‫األخذ بأحبِّهما إيله‪ ،‬مع اتلنبه‬
‫ُ‬
‫* ترجيح األوىل‪ :‬األلف ركعة‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫أغلب الفقهاء اعتماد األلف ركعة اليت وردت يف عدة روايات‪ ،‬إل أن هناك‬ ‫يرجح‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫العملية أنه يُمكن اإلتيان بهذه األلف ركعة بإحدى‬ ‫اختالفا يف عدة موارد‪ ،‬وانلتيجة‬
‫طريقتَني‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األوىل‪ :‬عرشون ركعة يف لك يللة من ّ‬
‫أول الشهر إىل العرشين منه‪ ،‬وثالثون للك يللة‬
‫من العرش األخرية‪ ،‬وثالثمائة يُؤىت بها يلايل تسع عرشة‪ ،‬وإحدى وعرشين‪ ،‬وثالث‬
‫وعرشين‪ ،‬فيكون املجموع ألف ركعة‪.‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫قال الشهيدان األول واثلاين‪« :‬ثمان بعد املغرب واثنتا عرشة بعد العشاء‪ ،‬وجيوز‬

‫‪ -1‬الكفعمي‪ ،‬املصباح‪ :‬ص ‪ ،564 – 562‬والبلد األمني‪ :‬ص ‪« ،175‬صلوات شهر‬


‫«وأما صلوات ليايل شهر رمضان‪ ،‬فنقل ُتها من (كتاب‬ ‫ّ‬ ‫املصدرين‪:‬‬
‫َ‬ ‫رمضان»‪ .‬وقال يف‬
‫صل اهلل عليه وآله وس ّلم»‪.‬‬
‫النيب ّ‬
‫ّ‬ ‫عن‬ ‫ة‬ ‫مروي‬
‫ّ‬ ‫اهلل‪،‬‬ ‫ه‬ ‫رحم‬
‫َ‬ ‫هيد‬ ‫ش‬
‫ّ‬ ‫األربعني حديثاً) لل‬
‫‪ -2‬احلر العاميل‪ ،‬وسائل الشيعة‪.38/8 :‬‬
‫‪ -3‬الكفعمي‪ ،‬املصباح‪ :‬ص ‪ ،563‬اهلامش‪ ،‬وقد ورد فيه‪« :‬ركع َتني باحلمد فيها والتوحيد‬
‫وحذر التشويش عىل َمن خيتار هذه الصالة‪،‬‬ ‫عدلت عنه ملا يف املنت ألنّه املراد َ‬ ‫ثالثاً»‪ ،‬وإنّما َ‬
‫‪57‬‬ ‫الحظ‪.‬‬
‫فلي َ‬
‫ُ‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬
‫لك يللة من َ‬ ‫َ‬
‫العرش األخرية ثالثون ركعة‪ :‬ثمان منها بعد املغرب‪ ،‬وابلايق‬ ‫العكس ويف‬
‫‪1‬‬
‫بعد العشاء‪ .‬وجيوز اثنتا عرشة بعد املغرب‪ ،‬وابلايق بعد العشاء»‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫و(اتلوحيد) ّ‬ ‫ّ‬ ‫لك ركعة (احلمد) ّ‬ ‫ّ‬
‫مرة‪ ،‬أو ثالثا‪ ،‬أو مخسا‪ ،‬أو سبعا‪ ،‬أو عرشا‪،‬‬ ‫مرة‪،‬‬ ‫ويقرأ يف‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬
‫خيتار املصل بني ذلك‪ ،‬فقد تضمنت رواية هذه الصالة عن اإلمام الصادق قول خ‪:‬‬
‫ّ َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫الزيادة منها‪ 2،‬بـ (احلمد) و(قل‬ ‫«تقرأ يف هذه الصلوات لكها‪ ،‬أعين صالة شهر رمضان‪،‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫شئت مخس ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ثالث ّ‬ ‫َ‬ ‫َ ًّ ْ‬ ‫ْ‬
‫مرات‪ ،‬وإن شئت‬ ‫مرات‪ ،‬وإن‬ ‫مرة‪ ،‬وإن شئت‬ ‫هو اهلل أحد)‪ ،‬إن شئت‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً ْ‬
‫‪3‬‬
‫سبعا‪ ،‬وإن شئت عرشا»‪.‬‬
‫َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ ّ‬ ‫داعء ٌّ‬
‫وخمتصة‪.‬‬ ‫مطولة‪،‬‬ ‫بعد لك ركعتَني‪ ،‬وهو بصيغتَني‪:‬‬ ‫خاص‬ ‫ٌ‬ ‫وهناك‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ويأيت ِذكر ادلاعء املختص‪ ،‬يف آخر احلديث عن كيفية الصالة‪.‬‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫توزيعها بني املغرب والعشاء‪ ،‬وبعد‬ ‫ويتم‬ ‫اثلانية‪ :‬الصالة يف مجيع الليايل كما تقدم‪،‬‬
‫ُ ّ‬ ‫ّ‬
‫العشاء‪ ،‬ويقرأ فيها كما تقدم‪ ،‬ولكن ال تصل العرشون ركعة‪ ،‬وال اثلّالثون يف يلايل‬
‫ُ ّ‬ ‫ُ َّ‬
‫القدر‪ ،‬أي ال تصل عرشون ركعة يللة تسع عرشة‪ ،‬وال ت َصل ثالثون ركعة يللة إحدى‬
‫نقص من األلف ثمانني ركعة‪،‬‬ ‫وعرشين‪ ،‬وال ثالثون يللة ثالث وعرشين‪ ،‬فيكون ما َ‬
‫يُؤىت بها كما ييل‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫َُ‬ ‫أ‪ -‬تُ َّ‬
‫فرق يف أربع جع‪ ،‬يف لك مجعة عرش ركعات‪ ،‬أربع منها صالة أمري املؤمنني خ‪،‬‬
‫وركعتان صالة فاطمة ّ‬
‫الزهراء د‪ ،‬وأربع ركعات صالة جعفر رضوان اهلل تعاىل عليه‪.‬‬
‫ويؤىت يف يللة آخر مجعة بعرشين ركعة صالة أمري املؤمنني خ‪ ،‬ويف يللة آخر‬‫ب‪ُ -‬‬
‫سبت منه بعرشين ركعة صالة فاطمة د‪ ،‬فيكون ذلك ُ‬
‫تمام ألف ركعة‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫ّ‬ ‫ُ‬
‫وترصح لكمات العلماء بأن باإلماكن االختيار بني الطريقتَني‪ ،‬وباإلماكن الرجوع يف‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫معرفة هذه الصلوات إىل (مفاتيح اجلنان) للمحدث الشيخ عباس ّ‬
‫القم ب‪.‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫* ادلاعء بعد لك ركعتني‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مطولة يُدىع بها بعد لك‬ ‫َّ‬ ‫السيد ابن طاوس أدعية‬ ‫أورد الشيخ الطويس‪ ،‬ونقل عنه‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ركعتني من العرشين ومن اثلالثني‪ ،‬وبعد لك ركعتني من املائة اليت يؤىت بها يف يلايل‬
‫ّ‬
‫املتهجد)‪ ،‬أو (اإلقبال)‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫القدر‪َ ،‬‬
‫وسأكتيف هنا‬ ‫ومن أرادها يُمكنه الرجوع إىل (مصباح‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العسكري خ‪َ :‬و َلكن مما‬ ‫خمتص‪ ،‬يُدىع به بعد لك ركعتَني‪« :‬عن اإلمام‬
‫َ‬ ‫كر داع ٍء‬
‫بذ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫تدعو به لك يللة بني لك ركعتني من نوافل شهر رمضان‪:‬‬

‫‪ -1‬الشهيد الثاين‪ ،‬رشح ال ّلمعة الدمشقية‪.693/1 :‬‬


‫ألنا زيادة عىل النوافل‬
‫‪ -2‬املقصود بقوله عليه السالم‪« :‬الزيادة منها»‪ :‬األلف ركعة‪ّ ،‬‬
‫الراتبة‪.‬‬
‫اليومية ّ‬
‫ّ‬
‫‪ -3‬اإلقبال‪.52/1 :‬‬
‫‪ -4 58‬الشيخ املفيد‪ ،‬املُقنِعة‪.‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ْ ُ َّ َ ْ َ‬ ‫ْ َ ْ ُ َ ْ ََْ َ‬ ‫ُ َ ِّ‬ ‫َْ‬ ‫ُّ ْ َْ‬


‫ك َ‬
‫احلرامِ‬ ‫ألله َّم اجعل فِيما تق ِض َوتقد ُر م َِن األم ِر المحتومِ ‪ ،‬أن تعل ِن مِن حج ِ‬
‫اج بيتِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ُّ ُ ُ َ ْ ُ َ ْ ُ ُ ُ َ ْ ُ ُ ُ ُ ُ ْ َ ْ ُ َ ْ ُ َ ُ‬
‫مري ِف طاعتِك‬ ‫َُْ‬
‫ور ذنوبهم‪ ،‬وأسألك أن تطِيل ع ِ‬ ‫ور سعيهم المغف ِ‬ ‫ور حجهم الم َشك ِ‬ ‫المب ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫وصل ُ‬‫ّ‬ ‫اح َ‬ ‫َوتُ َو ِّس َع ف ر ْزق يا أ ْر َح َم َّ‬
‫‪1‬‬
‫اهلل ىلع مم ٍد ِ‬
‫وآلِ الطاهرين»‪.‬‬ ‫ِني‪،‬‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ّ‬
‫صالة الليلة اثلانية‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫عن رسول اهلل ح‪« :‬ومن صل يف الليلة اثلانية أربع ركعات‪ ،‬يقرأ يف لك ركعة (احلمد)‬
‫‪2‬‬ ‫مرة‪َ ،‬غ َف َر ُ‬
‫اهلل هل مجيع ذنوبه»‪.‬‬ ‫مرة‪ ،‬و(إنّا أنزنلاه يف يللة القدر) عرشين ّ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫تقدم الكالم عن ّ‬ ‫ّ‬
‫الصالة األخرى اليت يُؤت بها يف لك يللة بطريقة ثابتة‪.‬‬ ‫وقد‬
‫َّ َ‬ ‫ّ‬
‫السحور‪ :‬األلك يف وقت السحر‬
‫الروايات حول ّ‬
‫السحور‪:‬‬ ‫من ّ‬

‫عن رسول اهلل ح‪:‬‬


‫ُ َ َ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫رع املاء‪ ،‬أال صلوات اهللِ ىلع المتسحرين»‪.‬‬
‫‪3‬‬ ‫«تس َّحروا َولو ِبَ ِ‬ ‫‪-1‬‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫‪4‬‬
‫‪« -2‬السحور بركة‪ ،‬فال تدع أميت السحور‪.»..‬‬
‫ُ ِّ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ُ ُّ َ‬ ‫َّ‬
‫«إن َ‬
‫اهلل تبارك وتعاىل ومالئكته يصلون ىلع المستغفرين والمتسحرين‬ ‫‪-3‬‬
‫ُ‬ ‫ْ َ َ َ َّ‬
‫‪5‬‬
‫باألسحار‪ ،‬فليتسحر أحدكم ولو بِرشب ٍة من ماء‪.»..‬‬
‫ّ‬ ‫َ ََ‬ ‫عن اإلمام ّ‬
‫مؤمن صام فقرأ (إنا أنزنلاه يف يللة القدر) عند‬ ‫ٍ‬ ‫الصادق خ‪« :‬ما مِن‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫إفطاره‪ ،‬إل اكن يف ما بينهما اكلمتشحط بِدمِه يف سبيل اهلل»‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫حوره وعند‬‫س ِ‬
‫* آداب السحور‬
‫ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫الس ّيد ابن طاوس عليه ّ‬‫قال ّ‬
‫الرمحة‪« :‬وأما آداب السحور‪ ،‬فمنها‪:‬‬
‫َ َ َ َ َّ‬ ‫َّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫‪ -1‬أن يكون لك حال مع اهلل جل جالل‪ ،‬تعرف بها أنه يريدك أن تتسحر‪.‬‬
‫َّ‬
‫‪ -2‬وبماذا تتسحر؟‬
‫َ َ َ َّ‬
‫‪ -3‬ومقدار ما تتسحر به‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ َ َ َ ُ َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫اهلل جل جالل برمحتِه من معامل ِة‬ ‫فإن ذلك يكون من أعظم سعادت ِك‪ ،‬حيث نقلك‬

‫‪ -1‬الكفعمي‪ ،‬املصباح‪ :‬ص ‪ ،579‬اهلامش‪ ،‬نقالً عن السيد ابن طاوس‪ .‬أنظر‪ :‬اإلقبال‪:‬‬
‫‪.80/1‬‬
‫‪ -2‬احلر العاميل‪ ،‬وسائل الشيعة‪38/8 :‬؛ والكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ :‬ص ‪ ،175‬واملصباح‪:‬‬
‫ص ‪.563‬‬
‫‪ -3‬الشيخ املفيد‪ ،‬املقنعة‪ :‬ص ‪.316‬‬
‫بترصف‪.‬‬
‫املتهجد‪ :‬ص ‪ّ ،626‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ -4‬الشيخ الطويس‪ ،‬مصباح‬
‫‪59‬‬ ‫‪ -5‬اإلقبال‪.185/1 :‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ً ُ ُ‬ ‫َ َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫شهوت ِك وطبيعتِك‪ ،‬إىل تدبريه جل جالل يف إرادتك «‪ »..‬فال تتسحر سحورا يثقِلك عن‬
‫َّ‬
‫‪1‬‬
‫لطائف الطااعت يف إقبال انلّهار»‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وظائف األسحار‪ ،‬وعن‬
‫ِ‬ ‫تمامِ‬
‫ُّ‬
‫نية الصوم‬
‫ً َّ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ّ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫اهلل جل جالل بِصومِك واجبا ألنه‬ ‫قال السيد‪« :‬ويكون القصد بني ِة الصوم أنك تعبد‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫حيث َج َعلك ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ٌ‬
‫اهلل أهال هلذه السعادة‪،‬‬ ‫أهل للعبادة‪ ،‬وتعتقد أنه من أعظمِ ال ِمن ِة عليك‪،‬‬
‫ً‬
‫َّ َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ ْ َ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫سواء قصدت بانلّي ِة الواحدة ِ صوم الشهر لكه‪ ،‬أو جددت لك يومٍ نية ل ِصوم ذلك ايلوم‪،‬‬
‫َ ََ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ِّ ُ‬ ‫ْ َ َ َّ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ ََ َ‬
‫فر بفضلِه‪ ،‬وإن تهيأ أن تكون نيتك أن تصوم عن لك ما شغل‬ ‫يلكون أبلغ لك يف الظ ِ‬
‫َّ ُ ّ َ َ َ ُ‬
‫‪2‬‬
‫عن اهلل‪ ،‬فذلك الصوم الي تنافس المخلصون يف مثله»‪.‬‬
‫* ّ‬
‫أي صوم نريد؟‬
‫الرمحة عن أصناف ّ‬ ‫الس ّي ُد عليه ّ‬ ‫وحتدث ّ‬‫َّ‬
‫الصائمني‪ ،‬إىل أن قال‪:‬‬
‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫واختالف احلراكت والسكنات [درجات]‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫«واعل ْم أن ِلهل الصيام مع استمرار السااعت‬
‫ُ‬ ‫ُّ ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫يف أنهم ذاكرون أنهم بني يدي اهلل جل جالل‪ ،‬وأنه مطلِع عليهم‪ ،‬وما يلزمهم ذللك‬
‫ادلرجات ىلع قدرِ استمرار‬ ‫حق إحسان ِه إيلهم‪ ،‬فحال ُ ُهم يف ّ‬ ‫ِّ‬
‫من إقبالِم عليه‪ ،‬ومعرف ِة‬
‫ِّ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ُ َّ‬ ‫ُ‬
‫بأذيال اإلهمال‪،‬‬‫ِ‬ ‫متعث‬
‫ٍ‬ ‫اإلقبال ماكشف ذلك اجلالل‪ ،‬وبني‬ ‫ِ‬ ‫بني متصل‬ ‫املراقبات‪ ،‬فهم‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫وناهض مِن َت َعثه بإمساكِ ي ِد ّ‬
‫يعلم تفصيل مقدار مراقبات ِهم‬ ‫الرمحة هل واإلفضال‪ ،‬وال‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫َ َ ُّ‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ ّ ُ‬
‫اختالف إرادت ِهم‪ .‬فارح ْم ُروحك أيها العبد‬ ‫ِ‬ ‫وتكميل حاالتهم‪ ،‬إل المطلِع ىلع‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ ّ‬
‫عظيم واتلَّبجيل‬ ‫وعرض عليه اتلَّ‬ ‫الضعيف الي قد أحاط به اتلَّهديد واتلّخويف‪،‬‬
‫َّ‬
‫‪3‬‬
‫والترشيف»‪.‬‬
‫***‬

‫‪ -1‬اإلقبال‪.186/1 :‬‬
‫‪ -2‬اإلقبال‪.187/1 :‬‬
‫‪ -3 60‬اإلقبال‪.189/1 :‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫‪2‬‬
‫شهر رمضان‬

‫ُ‬
‫القلب بضيافة اهلل؟‬ ‫* هل َ‬
‫أيقن‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫جهدوا أنفسكم‪..‬‬
‫* إذا دخل شهر رمضان فأ ِ‬
‫* االستغفار وادلاعء‬
‫ّ‬
‫* من أدب الضيافة‬
‫* َ‬
‫احلذر من املاكبرة‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫* من َ‬
‫أين يدخل أصحاب املعايص؟‬
‫* داعء ايلوم اثلاين‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫* الغسل يف الليايل املفردة‬
‫ّ‬
‫* صالة الليلة اثلاثلة‬

‫‪61‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ُ‬
‫القلب بضيافة اهلل؟‬ ‫هل َ‬
‫أيقن‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ّ ّ‬ ‫َ‬
‫عز وجل أن نصل يف شهر رمضان املبارك إىل حيث ال يُمكنُنا أن نصل بدون‬ ‫أرادنا اهلل‬
‫الرمحن‪.‬‬ ‫الرمحن يف شهر ّ‬ ‫ضيافة ّ‬
‫َ‬ ‫املاكنية ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وجل أنّه َ‬ ‫ّ‬ ‫من حبِّه نلا ّ‬
‫املمية ليك نصل من خالهلا إىل‬ ‫املحطات‬ ‫أتاح نلا‬ ‫عز‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عز وجل أنه َ‬ ‫ّ‬ ‫حبه نلا ّ‬ ‫املراتب العايلة‪ ،‬ومن ّ‬
‫املمية‪ ،‬ويف‬ ‫الزمنية‬ ‫املحطات‬ ‫أقام هذه‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫وبسط سبحانه موائد الرمحة يف هذا الشهر الكريم‪،‬‬ ‫شهر رمضان املبارك‪،‬‬ ‫طليعتها‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫جند السري يف طريق احلصول ىلع رضوانه تقدست‬ ‫وداعنا إىل االسزتادة من اثلواب‪ ،‬وأن ِ‬
‫أسماؤه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫هل نتعامل مع هذه الفرصة اإلهلية الفريدة باملستوى املطلوب‪ ،‬هل ندرك ما معىن‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫ّ ّ‬
‫عز وجل‪ ،‬وهل نبذل جهدا من أجل هذه الضيافة يتناسب مع كونها ضيافة‬ ‫ضيافة اهلل‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫اهلل تعاىل؟ أال ينبيغ أن نلح ىلع أن يقتنع القلب ويوقن بأنه ضيف اهلل!‬
‫ّ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫سواء كنت كخل ِْرقة ابلايلة أو أشد من احلجارة‬ ‫ً‬ ‫بىل‪ ..‬أنت أيّها القلب ضيف اهلل تعاىل‪،‬‬
‫ً‬
‫والولوغ يف املعايص‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫أرسفت يف ُمعاقرة اذلنوب‬ ‫َ‬ ‫قسوة‪ ،‬ومهما‬
‫َ‬ ‫َ َّ‬ ‫جمال ُ‬ ‫َ‬ ‫أيّها القلب‪ ،‬يف شهر اهلل تعاىل وضيافة ّ‬
‫العاثر لكرث ِة‬ ‫تلندب حظك‬ ‫بعد‬ ‫الرمحن‪ ،‬ال‬
‫َ ْ ُ ّ َ ُ َ ِّ َ ُ َ ْ ُ ُ‬
‫وب»‪.‬‬ ‫املعايص‪ ،‬وتقول‪« :‬وييل‪ ،‬كما كب سِن كثت ذن ِ‬
‫َ‬ ‫حرص ِّ‬ ‫َ‬ ‫اهلل تعاىل َ‬ ‫فتحه ُ‬ ‫املجال اذلي َ‬ ‫َ‬
‫اهلم وبذل‬ ‫أمامك ىلع مصاريعه يستديع منك‬ ‫إن‬
‫َ َُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ّ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫وجهك الكريمِ أن ينقيض عن شهر رمضان أو يطلع‬ ‫الل ِ‬ ‫هد يف سياق‪« :‬أعوذ جب ِ‬ ‫اجل ِ‬
‫ٌ ُ ِّ ُ َ‬ ‫َ َ َ ٌَ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الفجر من لليت هذه‪ ،‬ولك ق ِبيل تبِعة أو ذنب تعذبين عليه»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫العميم إل َش ِق!ّ‬ ‫ِ‬ ‫فيضها‬ ‫َ‬
‫يندب حظه من ال تتاح هل فرصة ال حيرم من ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ َّ َ‬
‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ستثمر يف‬ ‫يضيع من حلظاتها من دون أن ي ُ َ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫أما وقد أصبَحنا فيها‪ ،‬فلنَن ِدب حظنا ىلع ما‬
‫ّ‬ ‫َْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫وعتق رقابنا اليت أذلْها واستعبدتها أهواؤنا والشهوات‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫املرتهنة‪،‬‬ ‫فاكك نفوسنا‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫جهدنا يف شهر رمضان املبارك من أجل‬ ‫ِ‬ ‫قصارى‬ ‫نبذل‬ ‫أن‬ ‫علينا‬ ‫إن‬ ‫احلبيب‪:‬‬ ‫أيها‬
‫الوصول إىل رضوان اهلل تعاىل‪.‬‬
‫ّ‬
‫شهر رمضان املبارك شهر ادلعة واالسرتاحة وانلوم‪ ،‬وليس شهر السهرات اليت‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ليس ُ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫يطانية اليت‬ ‫نمضيها يف اللهو واملرح وتقفية الشعر وما شابه‪ .‬وإن من أكرب احلِيَل الش‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫تنطيل ىلع الكثريين منا أن نلجأ إىل مثل هذه األسايلب‪ ،‬وإذا بشهر ضياف ِة اهلل تعاىل‪،‬‬
‫ابلطالني‪.‬‬ ‫العطالني ّ‬ ‫شهر ّ‬ ‫هو ُ‬
‫ّ‬ ‫ونتفرغ لعبادة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ٌ‬
‫ونتفرغ لألعمال‬ ‫الرمحن‪،‬‬ ‫اجلد‪،‬‬ ‫شهر ينبيغ فيه أن نشمر عن ساعد ِ‬
‫َ‬ ‫َُْ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫المقه ِق َهة بصخب‬ ‫شهر «الفزازير» واجللسات العابثة‬ ‫الصاحلة‪ ،‬وإذا بالغفلة جتعله‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫تنترش يف لك ماكن!‬ ‫احلرام‪ ،‬وثقاف ِتها وأجوائها اليت‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫‪ 62‬فكيف نتعايش مع ذلك‪ ،‬فضال عن أن نتقبله ونوغل فيه؟‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ ً‬ ‫ُ‬ ‫أنا يف ضيافة ّ‬


‫أسمح نلفيس أن أكون كرة يتقاذفها الشيطان حيث يريد‪،‬‬ ‫الرمحن‪ ،‬كيف‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ً َ‬ ‫ّ ّ‬
‫أسهر وأتند َر وأهزأ كما حيلو‬
‫َ‬ ‫ملء ّ‬
‫احلق يف أن‬ ‫بأن يل َ‬ ‫كنت صائما‪-‬‬‫أن ُ‬ ‫ويق ِن ُعين ‪-‬حبجة‬
‫ُ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫وكأن َ‬ ‫َ‬
‫يل‪ ،‬من دون أن أمحل َّ‬
‫موسم اتلفن يف‬ ‫شهر رمضان هو‬ ‫هم آخريت ىلع اإلطالق‪،‬‬
‫َ‬
‫أوصال املصري‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وتقطيع‬
‫ِ‬ ‫وأتفهها‪،‬‬
‫ِ‬ ‫السهرات وتمضية الوقت اثلّمني بأخب ِس انلتائج‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫الرشعية‪ ،‬ومنها‬
‫َ ّ‬
‫ضمن الضوابط‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫طبييع‪ ،‬و ال بد منه‬ ‫انل ْفس ٌ‬
‫أمر‬ ‫ويح عن ّ‬ ‫الت َ‬‫ٌ ّ ّ‬
‫صحيح أن‬
‫َ‬ ‫ُ َّ َ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫أنه دائما جيب أن يقدر بقد ِره‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫يستطيع أن يفعل‬
‫َ َّ‬
‫وأمامه مت َس ٌع من الوقت‬ ‫ك َم عليه باإلعدام‪،‬‬ ‫ً ُ‬ ‫ّ‬ ‫ََ‬
‫لو فرضنا أن إنسانا ح ِ‬
‫ْ‬ ‫ً‬
‫يترصف؟‬ ‫ّ‬ ‫شيئا من أجل رفع ُحكم اإلعدام عنه‪ ،‬فكيف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫والعبثية‪ ،‬ومشاهدة األفالم املختلفة‪ ،‬أم أنه‬ ‫والس َمر‬
‫ّ‬ ‫هل ينرصف إىل جمالس اللهو‬
‫ُ ّ‬
‫نفسه؟‬‫يستثمر لك حلظ ٍة من أجل إنقاذ ِ‬
‫ُ‬
‫يقرأ من عنوانه‪ ،‬فهل َ‬ ‫ُ‬
‫واملكتوب َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫بدأنا‬ ‫إن احلاجة إذا كبرية‪ ،‬والفرصة املتاحة عظيمة‪،‬‬
‫يتناسب مع فرادته؟‬ ‫ُ‬ ‫نتعاىط مع الشهر بما‬
‫َُْ َ‬ ‫َ ََ ْ‬ ‫َ‬
‫دخل ُ‬
‫شهر رمضان فأج ِهدوا أنفسكم‪»..‬‬ ‫«‪ ..‬إذا‬
‫ُّ‬ ‫الرامحني يف َموضعِ العفو ّ‬ ‫ُ‬
‫أرحم ّ‬ ‫ََْْ ُ ّ َ َ‬ ‫ُ‬
‫والرمحة‪ ،‬وأشد‬ ‫ِ‬ ‫نقرأ يف داعء االفتتاح‪« :‬وأيقنت أنك أنت‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫اكل وانلَّقِمة‪.»..‬‬ ‫َّ‬
‫المعاقبني يف موضعِ انل ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ويضعنا ذلك أمام أصلني هما مقتَىض العدل‪ ،‬ال بد أن نبين سلوكنا ىلع مرااعتهما‪.‬‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫الرامحني وأننا نتوقع أن تشملنا رمحتُه مهما اكنت ذنوبنا‪،‬‬ ‫ُ‬
‫أرحم ّ‬ ‫عز وجل‬ ‫ٌ‬
‫صحيح أن اهلل‬
‫نتأمل يف زوايا أنفسنا ونراقب أعمانلا حىت ال نُ َ‬ ‫أن الصحيح أيضا ً أن ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫فاجأ عندما‬ ‫إل‬
‫َ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫القبض ىلع‬
‫ِ‬ ‫تأيت مالئكة ربنا تلنقلنا إىل جوار اهلل عز وجل‪ ،‬بأنا أمام عملي ِة إلقا ِء‬
‫جمرمٍ َم َر َد ىلع اخلروج ىلع القانون‪ ،‬وارتكاب الفظائع ُ‬
‫والموبقات‪.‬‬ ‫ِ‬
‫﴿ﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜ‬
‫ﯝ﴾‪ .‬األنفال‪.50:‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ ٍّ ّ‬
‫ألي منا أن يعيش الغفلة واإلهمال وينرصف عما ينبيغ االهتمام به يف شهر‬ ‫فهل يصح‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫رمضان ثم يس ِلم نفسه إىل اعقبة من هذا انلوع‪ ،‬والعياذ باهلل؟‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫حتدث السيد ابن طاوس عليه الرمحة حول االهتمام بشهر اهلل تعاىل‪ ،‬وقد أورد يف هذا‬
‫الفصل بعض الروايات‪ ،‬منها‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ ََ ْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عن اإلمام الصادق × يويص ُودله‪« :‬إذا دخل شهر رمضان فأج ِهدوا أنفسكم يف هذا‬
‫ُ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪63‬‬ ‫احلجاج)‬ ‫الشهر‪ ،‬فإن فيه تقس ُم األرزاق‪ ،‬وتكت ُب اآلجال‪ ،‬وفيه يكت ُب وفد اهللِ (أي‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫َ‬ ‫العمل فيها ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬


‫ألف شهر»‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫العمل يف ِ‬‫ِ‬ ‫خري من‬ ‫اذلين يفِدون إيله‪ ،‬وفيه يللة‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّْ‬
‫انلفس حتميلها ما ال تطيق‪ ،‬بل املراد هو هذا اجلهد اذلي نبذهل‬ ‫وليس املراد بإجهاد‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫يف ما ّ‬
‫حنب اعدة‪ ،‬من قبيل اجلهد اذلي يستعذبه من اقتنع بأهمية الرياضة‪ ،‬أو استهواه‬
‫َ َ ً‬
‫إجناز عليم يستديع منه سهرا ومثابرة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ ُ‬ ‫ٌّ ّ‬ ‫َْ‬
‫حقيقة يف طاعة اهلل عزّ‬ ‫جهد نفيس‬ ‫يل أن أ ِ‬ ‫نفسه‪ :‬تُرى هل ينطبق ع ّ‬ ‫منا َ‬ ‫فليَسأل لك‬
‫ّ‬
‫وجل‪ ،‬و عبادته؟‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ألتفرغ يف الوقت ابلايق‬ ‫أحرص ىلع أن أكتيف باملقدار اذلي ال بد منه من انلوم‬ ‫هل‬
‫ُ ُ ُّ‬ ‫ّ ّ‬
‫لعبادة ريب عز وجل‪ ،‬كما حيرص ىلع ذلك الطالب الم ِجد؟‬
‫ّ‬ ‫الس َ‬‫هل أتعامل مع فرتة َّ‬
‫حر ىلع أساس أنها فرصة نادرة للعبادة‪ ،‬وهل أالحظ يف ما‬
‫ً ُ‬ ‫ّ‬ ‫أتناول من طعام أن َّ‬
‫أتقوى به ىلع عبادة رب‪ ،‬وال يكون اعئقا حيول بيين وبني ذلك؟‬
‫ّ‬ ‫الس َ‬ ‫اجلو الروحاين اإلليه العجيب يف وقت َّ‬ ‫هل أحاول استثمار ّ‬
‫حر‪ ،‬أم أن أنشغل‬
‫وقت اإلمساك؟‬ ‫حيني ُ‬ ‫بتناول الطعام واتلوابع إىل أن َ‬
‫ُ‬
‫املبارك َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫شهر قراءة كتاب اهلل تعاىل‪،‬‬ ‫ُ‬
‫الشهر‬ ‫أوليس هذا‬ ‫هل أجهد نفيس بقراءة القرآن؟‬
‫ُ َْ‬
‫واآلية خبت َمة؟‬
‫قسم‪ ،‬فليس املراد بها األرزاق املاديّة فقط‪ ،‬وإن اكنت من مجل ِتها‪،‬‬ ‫وأما األرزاق اليت تُ َّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ٌّ‬ ‫ّ ّ‬
‫إل أن اتلعبري اعم يشمل اخلشوع‪ ،‬احلياء‪ ،‬وال ِعفة‪ ،‬والعلم‪ ،‬والورع‪ ،‬إىل غري ذلك‪ ،‬من‬
‫فجميع ذلك هو من األرزاق‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ال ِقيَم الفاضلة وماكرم األخالق واألفعال‪،‬‬
‫االستغفار ّ‬
‫وادلاعء‬
‫ََ ُ‬ ‫أما ُّ‬
‫ادلاعء فيدفع‬
‫ّ‬ ‫«علَيكم يف شهر رمضان باالستغفار ُّ‬
‫وادلاعء‪،‬‬
‫َ‬
‫عن أمري املؤمنني ×‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ّ‬ ‫ُ‬
‫ابلالء‪ ،‬وأما االستغفار فيمحو ذنوبكم»‪.‬‬ ‫عنكم‬
‫املرء يف معرض اخلطر‪ ،‬يتعاظم مستوى حذره‪ ،‬وبمقدار ما يكون‬ ‫بمقدار ما يكون ُ‬
‫ُ‬
‫تطول عملية َ‬ ‫ُ‬
‫المحو‪.‬‬ ‫اخلطأ يف الكتابة‬
‫ٍّ‬ ‫ّ‬
‫إننا مع املوىل أيب احلسن × يف هذا احلديث‪ ،‬أمام حث ىلع اإلكثار من االستغفار‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وىلع اإلكثار من ّ‬
‫شحن شهر رمضان بعبادة اهلل تعاىل ىلع حد تعبري حفيده‬ ‫ادلاعء‪ ،‬لن‬
‫بمواعيده‪.‬‬ ‫قني‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫سيد الساجدين ×‪ ،‬ىلع ثق ٍة باهلل سبحانه وي ٍ‬
‫﴿ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ‬
‫ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ﴾ ابلقرة‪.186:‬‬
‫ْ‬
‫وردت هذه اآلية يف عداد آيات ّ‬
‫الصوم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وقد‬

‫‪ -1 64‬اإلقبال‪69/1 :‬؛ وانظر‪ :‬الكليين‪ ،‬الكايف‪.66/4 :‬‬


‫أعمال شهر رمضان‬

‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬


‫ويبلغ احلث ىلع االسزتادة من بَذل اجلهد يف شهر اهلل تعاىل اآلفاق اليت ال يُ َدرك مداها‪،‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫السيد ابن طاوس من أن رسول صل اهلل عليه وآهل وسلم اكن إذا دخل‬ ‫مع ما أورده‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ث ْت صالته‪ ،‬وابتهل ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بادلاعءِ‪َ ،‬وأشفق منه‪.‬‬ ‫تغي لونه‪ ،‬وك َ‬ ‫رمضان َّ َ‬ ‫ُ‬
‫شهر‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ ُّ‬
‫نفوس اخلل ِق يا رسول اهلل‪.‬‬ ‫فِداك لك ِ‬
‫َْ َ َ ْ‬ ‫ّ‬
‫جانب آخر!‬‫ٍ‬ ‫لك هذه املفردات يف جانب‪ ،‬و«أشفق مِنه» يف‬
‫ُ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وهل اإلشفاق فرع املعرفة‪ ،‬وهيبة الضيافة‪.‬‬
‫انلور ّ‬ ‫يفقه حرفا من حاالت ّ‬‫ً‬ ‫َ‬ ‫َّ ْ‬ ‫َ‬ ‫أن ُ‬ ‫ّ‬
‫األول‪.‬‬ ‫للموغل يف ظالم القلب واذلنب‪ ،‬أن‬
‫المرتىق َّ‬ ‫ً‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬
‫الصعب؟‬ ‫بدال عن هذا ُ‬ ‫وجهه ش ْط َر حاالته هو‬ ‫يول‬ ‫أوليس األوىل بالقلب أن‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫القلب ما يدعو إىل تغي اللون وكرثة الصالة‪ّ ،‬‬
‫وادلاع ِء بابتهال‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫هل استشعرت أيّها‬
‫ادلاعء؟‬ ‫جمر َد ّ‬ ‫وليس ّ‬
‫ٌ‬ ‫َ َ ٌ‬
‫راك طيف من َو َجل‪ ،‬ومسحة من إشفاق؟‬ ‫وهل ع‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وملاذا لك هذه الطمأنينة اليت يه والغفلة سواء؟‬
‫سيد املعصومني املصطىف احلبيب | فكيف ينبيغ أن يكون أدبناُ‬ ‫لو أنّنا يف ضيافة ّ‬
‫ّ ّ‬ ‫ً‬
‫عز وجل يف ضيافته؟‬ ‫معه؟ فكيف إذا ينبيغ أن يكون أدبُنا مع اهلل‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫نفس املصطىف‬ ‫يمكننا أن ندرك من معاين انلص املتقدم أنه اكنت لشهر رمضان يف ِ‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫صل اهلل عليه وآهل وسلم ماكنة ّ‬ ‫ّ‬
‫يتناسب معنا؟‬ ‫خاصة جدا‪ ،‬فهل أنا وأنت كذلك بما‬

‫من أدب الضيافة‬


‫أدب الضيافة يف الروايات‪ ،‬ىلع ثالثة حماور‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َّ َ‬
‫ركز السيد ابن طاوس يف بيان ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األول‪ :‬معرفة أهمية هذه الضيافة‪.‬‬
‫ّ‬
‫اثلاين‪ :‬معرفة حقيقة عالقة الضيف باملضيف‪.‬‬
‫َ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يناسب ادلخول منه حال الضيف‪.‬‬ ‫اثلالث‪ :‬معرفة ابلاب اذلي‬
‫وقال حول ّ‬
‫األول‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أن شهر ّ‬ ‫ّ‬
‫الصيام مثل دار ضياف ٍة فتحت لألنام‪ ،‬فيها من سائر أصناف اإلكرام‬ ‫«واعلم‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫‪1‬‬
‫كثري من األرسى‪.»...‬‬
‫ٍ‬ ‫وإطالق‬
‫ِ‬ ‫واإلنعام‪ ،‬ومن ذخائر خلع األمان والرضوان‪،‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وباملقارنة بني ما َ‬
‫ذكره هنا وما تقدم منه يف غريه‪ ،‬يتضح أن املراد لو أن ملاك من امللوك‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ووضع َ‬‫َ‬ ‫ً‬
‫تريد من هذه‬ ‫مئات املراسيم‪ ،‬وقال هل‪ :‬خذ ما‬ ‫ِ‬ ‫أمامه‬ ‫داع شخصا إىل ضياف ِته‬
‫َ‬
‫األهمية إىل أىلع مرسوم‪ ،‬فكيف‬ ‫ّ‬ ‫شديد‬
‫ِ‬ ‫املراسيم وما فيها بدءا ً من أصغر مرسومٍ ملويكٍّ‬
‫ِ‬
‫المتاحة؟‬ ‫احلريص ىلع هذه األمور مع هذه الفرصة ُ‬ ‫ُ‬ ‫يتعاىط‬

‫‪65‬‬ ‫‪ -1‬اإلقبال‪.70 - 69/1 :‬‬


‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬


‫الهبات اليت‬
‫ات ال تقاس بها ىلع اإلطالق هذه ِ‬
‫وها حنن يف ضيافة الرمحن أمام عطايا و ِهب ٍ‬
‫يُمكن ألكرب حاكم أو رئيس أو َم ِلك أن يعطيها‪ ،‬فهل نعرف قيمة هذه املواهب؟‬
‫َ‬ ‫ٍّ ّ‬
‫يصبح من أهل اتلقوى‪ ،‬أوايلقني‪ ،‬أو حيصل ىلع درجة الشهادة‪ ،‬أو‬ ‫أي منا أن‬ ‫باستطاعة‬
‫علم اتلوحيد‪ ،‬إىل غري ذلك من العطايا الكبرية واملواهب اليت يُميض اإلنسان َ‬
‫عمره يف‬
‫ُ‬
‫احلصول عليها وقد ال حيالفه اتلوفيق‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ٍّ ّ‬
‫منا أن يُ َ‬
‫يكابد‬ ‫منح يف شهر اهلل تعاىل «ماكرم األخالق» واحلال أنه قد‬ ‫باستطاعة أي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫عرشين سنة أو أكرث يلتخلص من حالة أخالقية سيئة معينة اكلرياء أو احلقد أو‬
‫َ‬
‫أخفق يف اخلالص منها‪.‬‬ ‫العجب‪ ،‬أو استبداد الغضب به‪ّ ،‬‬
‫وربما‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫متناول انلاس بيرس‪ ،‬ولكنها ليست مطلقة بل‬ ‫إن مجيع هذه العطايا واملواهب يف‬
‫برشطها ورشوطها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫الهبات والعطايا اإلهلية يف شهر‬ ‫وتسأل‪ :‬حت العايص يمكنه أن حيصل ىلع هذه ِ‬
‫رمضان املبارك؟‬
‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واجلواب‪ :‬بىل‪ ،‬وبكل تأكيد‪ ،‬ألن شهر رمضان املبارك ليس للعباد‪ ،‬والزهاد‪ ،‬فهؤالء‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫املقصين‪،‬‬ ‫وشهر رمضان املبارك نلا حنن الغافلني‪،‬‬ ‫بشلك وبآخر من الواصلني‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫هم‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫والغرىق يف حبار املعايص واذلنوب‪ ،‬ليك نصل‪.‬‬
‫َ َ‬
‫احلذر من املاكبرة‬
‫وع َدم ُ‬‫املوضوعية َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ّ ّ‬
‫الماكبرة‪،‬‬ ‫أساسيا ال بد من االتلفات إيله وهو‬ ‫* إل أن هنا رشطا‬
‫واالعرتاف باخلطأ‪ .‬وهو العنوان اثلاين اذلي اعجله ّ‬
‫السيد بقوهل‪:‬‬
‫ً‬ ‫جالل قبل الشهر ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َّ‬ ‫ْ‬
‫المشار إيله معاملة ال يرضاها‪ ،‬وهو‬ ‫اهلل جل‬ ‫«وإن اكن قد اعمل‬
‫َ‬ ‫خجالن من دخول دار ضيافته واحلضور بني َ‬
‫يديه ألجل ما سلف من معاصيه‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫بلسان احلال‪ :‬منها باب الغفلة‪ ،‬فال ي ِلم به‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫دلار هذه الضيافة أبوابا كثرية‬
‫ّ‬ ‫َ َْ‬
‫ِ‬ ‫[فليعلم أن] ِ‬
‫ُ ّ‬ ‫وال يدخل منه‪ ،‬ألنه ٌ‬
‫‪1‬‬
‫يصلح إل ألهل اإلهمال»‪.‬‬ ‫باب ال‬
‫َْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫يريد أنّه إذا اكن ّ‬ ‫ُ‬
‫أساء إىل اهلل تعاىل وعصاه قبل حلول هذا الشهر‪ ،‬فليَحذر‬ ‫َ‬ ‫ائم قد‬ ‫الص ُ‬
‫يدخل َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫شهر اهلل تعاىل‬ ‫«باب الغفلة»‪ ،‬أي أن‬ ‫أن يدخل إىل دار ضياف ِته عز وجل من ِ‬
‫َ ْ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫سادر يف غفل ِته‪.‬‬ ‫والضيافة فيه‪ ،‬وهو‬
‫ٍّ‬
‫رسيم‬ ‫جملس‬
‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫ّ‬
‫ممزقة‪ ،‬ملطخة بأنواع اللوثات‪ ،‬إذا محلته الغفلة إىل‬
‫ّ‬ ‫يلبس ثيابا ً ّ‬
‫ُ‬ ‫إن من‬
‫ّ‬
‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ َ ً‬ ‫ّ‬ ‫ثم ّ‬ ‫حافل‪ّ ،‬‬
‫تبتلعه‬ ‫وتغمره الفضيحة‪ ،‬ويود لو أن األرض‬ ‫جال‬ ‫تنبه ذللك‪ ،‬فإنه سيذوب خ‬

‫مصحح ًا عىل نسخة دار الكتب اإلسالمية‪ ،‬طهران ‪1367‬هجري شميس‬ ‫ّ‬ ‫‪ -1‬اإلقبال‪،70-69/1 :‬‬
‫حاولت تالفيه بما بني املعقو َفتني‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وليالحظ أ ّن يف العبارة مع ذلك َخ َلالً بحسب الظاهر‪،‬‬
‫ص ‪ُ ،20‬‬ ‫‪66‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ُ‬ ‫بمجرد أن يرى َ‬ ‫ّ‬


‫نفسه يف ذاك املجلس‪ ،‬فيرصخ القلب بأىلع الصوت‪« :‬ما اذلي جاء يب؟!‬
‫انلكراء! إىل هذا املجلس احلاشد!!»‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وبهذا املنظر؟! وىلع هذه الصورة‬
‫َّ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الغريق يف حبار اذلنوب ‪-‬امللطخ بال ِغيبة‪ ،‬وبعقوق الوادلين‪ ،‬واحلقد‪،‬‬ ‫دخلت أنا‬ ‫فكيف إذا‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫وحب ادلنيا‪ ،‬وغري ذلك‪ -‬إىل جمالس األطهار‪ ،‬وشاركت يف ضيافة الرمحن وأنا اغفل‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ُ‬
‫كذلك هو حال غفلتنا أيّها العزيز اليت حتملنا إىل ضيافة ّ‬ ‫ُ‬
‫الرمحن فندخل من بابها!‬ ‫ِ‬
‫فإن هذا الشعورَ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ ّ‬
‫واستشعر الفضيحة‪ ،‬وحاول أن يتدارك األمر‪،‬‬ ‫نبه منا‬ ‫ومن ت‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫نار انلدم‪ ،‬قد يصل من العمق وقوة اتلأثري إىل حيث يكون هو‬ ‫بالفضيحة‪ ،‬ورضام ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫احلقيقية ّ‬
‫انلصوح اليت ال تضاىه‪.‬‬ ‫اتلوبة‬
‫ّ‬
‫أما َمن دخل إىل ضيافة الرمحن وهو اغفل‪ ،‬وأقام ىلع ذلك‪ ،‬فسيكون مصداق من دخل‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫السيد ابن طاوس‪ ،‬وسيَنقيض الشهر وال تكون حصيلتُه منه‬ ‫يعب ّ‬ ‫من باب الغفلة كما ّ‬
‫َ‬
‫ربه واملزيد من تراكمات الغفلة‪.‬‬ ‫ّإل اجلُرأة ىلع ّ‬

‫ُ‬
‫من أين يدخل أصحاب املعايص؟‬
‫ُ‬
‫يقول فيه ّ‬ ‫ُ‬
‫السيد عليه الرمحة‪:‬‬ ‫هذا هو العنوان اثلالث اذلي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫«وإّنما (ينبيغ ملثلِه أن) يدخل من ابلاب اذلي دخل منه قوم إدريس‪ ،‬وقوم يونس ج‪،‬‬
‫َ‬
‫ومن اكن ىلع مثل سوءِ أعماهلم وظفروا منه بآمالِم‪.»..‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫جيمعهما ادلخول من باب األمل برمح ِة اهلل‬ ‫وقِ َّصتا قوم إدريس ويونس ج متشابهتان‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫باستحقاق العذاب‪.‬‬
‫ِ‬ ‫استحقاق الرمحة‪ ،‬بل‬
‫ِ‬ ‫تعاىل وايلقني بعدمِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫صاحب ادلوايه العظىم‪ ،‬اذلي طالت إقامته ىلع اتلمرد‪ ،‬أن يدخل من‬ ‫ِ‬ ‫ينبيغ للعايص‪،‬‬
‫ُ‬
‫باب األمل برمحة اهلل تعاىل‪ ،‬ويكون لسان حال‪:‬‬
‫ََ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ ّ ً‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تد‬ ‫«إليه وسيدي‪ ،‬أنا ال أستحق‪ ،‬أعرف نفيس‪ ،‬وأن اعهدتك رب مرة بعد أخرى فلم ِ‬
‫ُ‬ ‫ً ّ ّ‬ ‫ً‬
‫وفاء‪ ،‬إل أنك أكرم األكرمني»‪.‬‬ ‫عندي صدقا وال‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫وهكذا ّ‬
‫عدم املاكبرة‪ ،‬وت ْر ُك العناد‪ ،‬واعتماد‬
‫ُ‬ ‫يتضح أن خالصة آداب الضيافة يه‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املوضوعية بأجىل َ‬
‫والواقعية بأبىه جتلياتها املمكنة من هذا اآلبِق اذلي طال‬ ‫صورها‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ َ ِّ‬ ‫َ ُّ‬
‫ت َوثبه ىلع املحارم‪ ،‬وتعديه حدود اهلل تعاىل‪.‬‬
‫ُ‬
‫داعء ايلوم اثلاين‬
‫ِك َونَقِمات َِك‪َ ،‬و َو ِّف ْقن ف ِْي ِه لِق َ‬
‫ْ ْ َ َ َ‬ ‫َ َ ِّ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ ُ َ ْ‬
‫ِراءة ِ‬ ‫ِ‬ ‫«ألله َّم ق ِّرب ِن فِي ِه إِىل م ْرضات ِك‪َ ،‬وجنب ِن فِي ِه مِن سخط‬

‫قصة قوم إدريس ×‪ :‬ال ّطباطبايئ‪ ،‬تفسري املزيان‪ّ ،68 – 66/14 :‬‬
‫وقصة قوم‬ ‫‪ -1‬أنظر يف ّ‬
‫‪67‬‬ ‫معروفة‪.‬‬ ‫يونس ×‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫اح َ‬ ‫أر َح َم َّ‬


‫الر ِ‬ ‫َ ََْ َ‬
‫ك يا ْ‬
‫ِني»‪.‬‬ ‫آيات ِك‪ ،‬بِرحتِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬
‫بني القرب إىل اهلل تعاىل والقرب إىل مرضاتِه‪ ،‬أبعد مما بني السماء واألرض‪ ،‬إل أنه‬
‫َ‬ ‫بعده من مراتب ّ‬‫القرب وما َ‬‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫اخلطوة األوىل يف االجتاه ّ‬
‫ومقعد‬ ‫الويل‪،‬‬ ‫الصحيح املؤدي إىل‬
‫ِّ‬
‫الصدق‪ِّ ،‬‬
‫وادلرع احلَصني‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫للمسلم مع القرآن الكريم شأن‬
‫ِ‬ ‫آيات اهلل‪ .‬وكيف يكون‬‫ِ‬ ‫واملدخل إىل ذلك‪ :‬قراءة‬
‫هم ُ‬
‫ارزقنا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫خاص ّإل بتوفيق أرحم ّ‬
‫الرامحني‪ .‬ألل ّ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫الغسل يف الليايل املفردة‬


‫ّ‬ ‫اتلأكيد عليه يف هذه اللّيلة‪ .‬قال ّ‬
‫الس ّيد‪« :‬الليلة‬ ‫سبقت اإلشارة إىل ذلك‪ ،‬و من املناسب ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يستحب الغسل‪ ،‬ىلع مقتىض ّ‬ ‫ّ‬
‫الرواية اليت تضمنت أن يف لك يلل ٍة مفرد ٍة‬ ‫اثلاثلة "‪ "..‬وفيها‬
‫ّ‬
‫يستحب الغسل»‬ ‫من مجيع األشهر‬
‫ّ‬
‫صالة الليلة اثلاثلة‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َ ّ‬
‫بذكر ثالث صلوات للك يللة‪ ،‬يُمكن اختيار إحداها مع االنتباه إىل‬ ‫تقدم أن سألزتم ِ‬
‫موزعة ىلع يلايل الشهر)‪.‬‬ ‫أهمية ترجيح األوىل (األلف ركعة ّ‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ّ‬
‫‪ -1‬صالة لك يللة من هذه الليايل إىل يللة العرشين من شهر رمضان يه عرشون‬
‫لك ركعة (احلمد) ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫مرة‪ ،‬و(قل هو‬ ‫ركعة‪ ،‬ثمان منها بعد المغرب وابلايق بعد العشاء‪ ،‬يف‬
‫مرات‪.‬‬ ‫مرة‪ ،‬أو ثالث‪ ،‬أو َخس‪ ،‬أو َسبع‪ ،‬أو عرش ّ‬ ‫اهلل أحد) ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ ّ‬
‫عرش ركعات‪،‬‬ ‫شهر رمضان‬ ‫‪ -2‬عن رسول اهلل |‪« :‬ومن صل يف الليلة اثلاثلة من ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫مرة (قل هو ُ‬ ‫مرة‪ ،‬ومخسني ّ‬ ‫لك َركعة (احلمد) ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫اهلل أحد)‪ ،‬ناداه منا ٍد من ق ِبل اهلل‬ ‫يقرأ يف‬
‫ُ ّ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫فالن َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫بن فالن من عتقاءِ اهللِ من انلّار‪َ ،‬وفتِحت هل أبواب السماوات‪،‬‬ ‫عز وجل‪ :‬أال إن‬
‫َ ََ ُ َ‬ ‫َ‬
‫َ َ ّ َ َ ْ‬ ‫َ‬
‫‪1‬‬
‫اهلل ل»‪.‬‬ ‫ومن قام تلك الليلة فأحياها غفر‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ست ُّ‬ ‫ُ َ‬
‫حب أن يصل يف لك يلل ٍة من شهر رمضان ركعتني بـ (احلمد)‬ ‫‪ -3‬قال الكفعيم‪« :‬وي‬
‫حان َم ْن ُهوَ‬‫ََُْ ُْ َ‬ ‫ُْ َ َ ْ َُ َ ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫مرة‪ ،‬و(اتلّوحيد) ثالثا‪ ،‬فإذا سلم قال‪ :‬سبحان من هو حفِيظ ال يغفل‪ ،‬سب‬ ‫ّ‬
‫ُ‬
‫ثم يقول‬ ‫حان َم ْن ُه َو دائ ٌِم ال يَلْ ُهو‪ّ .‬‬ ‫َ ٌ َْ َ ُ ُْ َ َ ْ َُ ٌ َْ ُ ُْ َ‬
‫رحِيم ال يعجل‪ ،‬سبحان من هو قائ ِم ال يسهو‪ ،‬سب‬
‫ُ ْ ْ َ َّ‬
‫اذلنبَ‬ ‫َ َ‬
‫ثم يقول‪ :‬سبحانك سبحانك يا عظيم‪ ،‬ا ِغفِر يل‬
‫َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫التّسبيحات األربعة سبعاً‪َّ ،‬‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫العظيم‪َّ .‬‬ ‫َ‬
‫‪2‬‬
‫ذنب»‪.‬‬
‫يب عرشا‪ .‬من صلها غفر اهلل هل سبعني ألف ٍ‬ ‫ثم تصل ىلع انل ّ‬

‫احلر العاميل‪ ،‬وسائل الشيعة‪38/8 :‬؛ والكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ :‬ص ‪.175‬‬
‫‪ّ -1‬‬
‫‪ -2‬الكفعمي‪ ،‬املصباح‪ :‬ص ‪ ،563‬اهلامش‪.‬‬ ‫‪68‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫‪3‬‬
‫شهر رمضان‬

‫ّ‬
‫* معىن الضيافة‬
‫ّ‬
‫* من آداب الضيافة (‪)2‬‬
‫َ‬
‫‪ -1‬وداع سنة واستقبال أخرى‬
‫ّ‬
‫‪ -2‬رشيـط السنة املـاضـية‬
‫ُ‬
‫عـــالمة ّ‬
‫ـحب اهلل تعــالـــى‬ ‫‪-3‬‬
‫ُ‬
‫* دعــــاء ايلـــوم اثلــــالث‬
‫ّ‬
‫* صـالة الليــلة الرابعـة‬

‫‪69‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬ ‫َ‬
‫معىن الضيافة‬
‫ّ ّ‬
‫وجل‪ ،‬وهل هناك ٌ‬ ‫ّ‬
‫وقت لسنا فيه‬ ‫ما معىن أننا يف شهر رمضان املبارك يف ضيافة اهلل عز‬
‫يف ضيافة اهلل سبحانه وتعاىل؟‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ً َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً َّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫قرص فأفرد هل جناحا نزل الضيف فيه‪ ،‬إل‬‫أرأيت لو أن شخصا حل ضيفا ىلع صاحب ٍ‬
‫ٍّ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫جو آخر‪ ،‬أال‬ ‫طابق آخر ويف‬
‫أنه يف يومٍ من األيام ‪-‬ورغم أنه ضيفه‪ -‬أراد أن يستضيفه يف ٍ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫تكون هذه أيضا ضيافة رغم أنّه اكن سابقا يف ضيافته‪ .‬إنّها الضيافة ّ‬‫ُ‬
‫املمية‪ ،‬وكذلك‬
‫شهره العظيم‪.‬‬ ‫ّ‬
‫يه ضيافة الرمحن نلا يف ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫وضع ممي‪.‬‬
‫إننا دائما يف ضيافة ربنا عز وجل إل أننا يف هذا الشهر يف ٍ‬
‫فكيف نتعامل مع هذه الضيافة؟‬
‫ّ ً‬
‫من آداب الضيافة جمددا‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫بيّ ُ‬
‫جهدنا‪،‬‬
‫ِ‬ ‫تقصرينا‪ ،‬ونبذل قصارى‬ ‫ندرك‬ ‫نت يف احلديث السابق أن من واجبنا أن‬
‫ّ‬
‫اإلهلية‪.‬‬ ‫ُ‬
‫يرتبط حبقيقة اتلعامل مع هذا الشهر املبارك‪ ،‬وهذه الضيافة‬ ‫وأذكر هنا ما‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫تقدم حديث السيد ابن طاوس عليه الرمحة عن طريق ِته يف استقبال شهر رمضان‬
‫ُ‬
‫املبارك‪ ،‬وإيلك هنا بعض ادلروس منه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫‪ -1‬وداع سنة واستقبال أخرى‬
‫َّ َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ ّ َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ ُ ّ َ‬
‫«أودع السنة املاضية وأستقبل السنة اآلتية بصالة الشكر‪ ،‬كيف سلمين من أخطار‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ َ‬
‫ذلك العام املايض "‪ "..‬ولم يمنعين من الظفر بالسعادة والعبادة فيه‪ ،‬بم َر ٍض وال ع َر ٍض‬
‫َ‬
‫باطن وال ظاهر»‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ّ‬
‫‪ -2‬رشيط السنة املاضية‬
‫ًّ‬ ‫َ ٌّ ّ‬
‫منا ُم َريات هذه السنة املاضية‪ ،‬فيسأل َ‬ ‫ُ‬
‫نفسه جادا‬ ‫واملقصود بذلك أن يستعرض لك‬
‫ّ ً ًّ‬
‫ومتأمال‪ :‬حقا‪ ،‬ماذا جرى ع َّ‬
‫يل يف السنة املاضية؟‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫تعر ُ‬
‫ّ‬
‫ضت ألخطار وجنوت منها‪ ،‬والصعوبات اليت واجهتها؟ واملحرمات اليت ارتكبتها؟‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ِّ‬
‫والطااعت اليت وفقت هلا‪ ،‬وماذا يف جمال العالقات‪ ،‬املستجد منها والقديم‪ ،‬ويف باب‬
‫اتلعامل مع اآلخرين؟‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫وباملناسبة فإن السيد ابن طاوس عليه الرمحة اكن حيتفل بمرور سنة‪ ،‬ولكن ال ىلع‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫يهتم َّ‬
‫طريقتنا املتعارفة‪« ،‬عيد امليالد»‪ ،‬فهو ال ّ‬
‫بالسنة اليت أضيفت إىل عمره بدءا من‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اتللكيف‪ ،‬ويقول‪« :‬إن س َِّن‬ ‫سن ّ‬ ‫وتمر بدءا من ّ‬
‫ّ‬ ‫مرت‬‫بكل سنة ّ‬ ‫ّ‬
‫يهتم‬ ‫الوالدة‪ ،‬وإنما‬
‫ّ ً‬ ‫ّ‬
‫اإلليه»‪ .‬إن اإلنسان عندما يبلغ ُ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اتلّلكيف هو ُّ‬
‫ويصبح ملكفا‪،‬‬ ‫سن الترشيف باخلطاب‬
‫َ‬
‫يلزتم‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫خماطبا ً من قِبَل اهلل ّ‬
‫عز وجل باتلاكيلف الرشعية‪ ،‬ويريد اهلل تعاىل منه أن‬ ‫يصبح َ‬
‫‪70‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫َ‬ ‫ٌ‬
‫بها‪ ،‬وهذا رشف هلذا اإلنسان‪ ،‬ينبيغ أن يتعامل معه بمنتَىه اجلديّة واالحرتام‪ ،‬ومن‬
‫َ‬
‫ذلك أن حيتفل بمرور اعم أو أكرث ىلع ترشي ِفه باخلطاب باتللكيف اإلليه‪.‬‬
‫َ ّ‬ ‫ِّ‬ ‫وأول ما يستقبل به ّ‬
‫َ‬
‫يشكر اهلل تعاىل ألنه‬ ‫السنة أن يُصل صالة الشكر‪ ،‬إنه يريد أن‬ ‫ّ‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫أبقاه وسل َمه ووفقه للتوبة من املعايص اليت َ‬ ‫ّ‬
‫وقع فيها‪ ،‬كما وفقه للطااعت‪ ،‬أو ‪-‬إن اكن‬
‫َ‬ ‫ًّ‬ ‫ُ ّ‬ ‫َّ‬
‫حيا يلكون باستطاعته أن يَتوب‪.‬‬ ‫يشكره ألنه أبقاه‬ ‫لم يوفق ذللك‪-‬‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫ت أجوائنا‬‫ولك أن تقدر الفوارق الضوئية بني سن ٍة هذا مستهلها واالفتتاح‪ ،‬وبني تهاف ِ‬
‫ُ َ‬
‫منت َضحالة‬ ‫ّ‬ ‫ُ َ‬
‫يف «عيد امليالد» ومبتذالته والكوارث الرتبوية اليت ترافقه وترسي‪ ،‬ىلع ِ‬
‫انلقيض هلا‪.‬‬
‫ِ‬ ‫أوساط يه يف األصل يف موقع‬ ‫ٍ‬ ‫االنبهار‪ ،‬إىل‬
‫ُ‬
‫عالمة ِّ‬
‫حب اهلل تعاىل‬ ‫‪-3‬‬
‫ُ‬
‫ّ‬
‫ض هذا الكتاب‪ ،‬عمل شهر الصيام ‪-‬يقصد‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫«ثم إنّين أ ْح ِ ُ‬ ‫السيد عليه الرمحة‪ّ :‬‬ ‫ّ‬ ‫يقول‬
‫َ‬ ‫ٍّ ّ‬
‫كتابه (اإلقبال)‪ ،‬وباستطاعة أي منا أن يستبدل بكتاب أعمال شهر رمضان املبارك‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ ِّ ُ‬ ‫ّ‬
‫أو كتاب داعء اعم من قبيل (مفاتيح اجلنان)‪ -‬وأقبله وأجعله ىلع رأيس وعيين‬
‫َ‬ ‫ُّ‬
‫مالك أمري»‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫إيل من‬ ‫وصل َّ‬ ‫وأضمه إىل صدري‪ ،‬وأراهُ قد‬
‫ََ َ َ‬
‫وتسأل‪ :‬وملاذا ال يصنع ذلك بكتاب اهلل تعاىل‪ ،‬أوليس أوىل من كتاب داعء؟‬
‫َ‬ ‫َ ُ ٍّ َ ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫قماش من‬ ‫واجلواب‪ :‬لغة احلب ال تاكيها اللغات‪ ،‬أرأيت لو أنك قلت ألم تش ُّم قطعة ٍ‬
‫وتضمها إىل صدرها‪ :‬ملاذا ال تُ ّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ َ‬ ‫ّ‬
‫لني‬ ‫قب َ‬
‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫وتقبلها وت َض ُعها ىلع عينيها‬ ‫قميص ابنها الشهيد‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ ً َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫رط ما خانك من إرهاف‬ ‫القرآن الكريم؟ كم تكون حاجتك إىل أن تذوب خجال لف ِ‬
‫احلس؟‬ ‫ّ‬
‫ُ‬ ‫يضيف ّ‬
‫السيد ما حاصله‪:‬‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ ّ‬
‫ثم إنين أبدأ بالفعل‪ ،‬فأسأل اهلل جل جالل العفو عما جرى من ظليم‪ ،‬ولك ما‬ ‫«‪..‬‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫العفو عن لك‬ ‫عز وجل‬ ‫وأطلب من اهلل‬ ‫القلب وإصالحِه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫تطهري‬
‫ِ‬ ‫جمال‬ ‫يف‬ ‫به‬ ‫ساهلت‬ ‫ت‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬
‫جارح ٍة أهملت شيئا من مهماتها وعباداتها‪ ،‬وأطلب من اهلل عز وجل املغفرة‪ ،‬وأجتهد‬
‫ّ‬ ‫ّ َ‬ ‫ُ‬
‫ألجل‬
‫ِ‬ ‫أبادر إىل الصدقة عن لك يومٍ ويلل ٍة برغيف‪،‬‬ ‫يف اتلّوب ِة انلّصوح من جناياتها‪ ،‬كما‬
‫ّ َ‬
‫‪1‬‬
‫ما رويناه من فضل الصدقة وفائدتها‪.»..‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ ِّ‬
‫جيدر به أن‬ ‫املراقب نلفسه‪ ،‬بل وما‬ ‫وتلخص هذه الفقرة لك ما ينبيغ أن يبدأ به‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫يكون عليه‪ ،‬فيه توضح نلا أن علينا أن نعرتف بظلمنا‪ ،‬بذنوبنا‪ ،‬ونفكر طويال بكل‬
‫ذنوب القلب‪ّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ثم ذنوب‬ ‫ما تساهلنا به يف جمال تطهري القلب وإصالحه‪ ،‬فنستعرض‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ثم جنتهد يف اتلوبة انلصوح إىل اهلل ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫اجلوارح‪ ،‬ذنْبا ذنْبا‪ّ ،‬‬ ‫َ‬
‫ونعزز قبول هذه‬ ‫عز وجل‪،‬‬

‫‪71‬‬ ‫بترصف‪.‬‬
‫‪ -1‬اإلقبال‪ّ ،71 – 70/1 :‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬


‫الرب‪ ،‬فنتَصدق عن لك يوم ويللة‬ ‫غضب ّ‬‫َ‬ ‫تدفع ابلالء‪ ،‬وتطفئ‬ ‫ُ‬ ‫بالص َدقة اليت‬ ‫اتلوبة َّ‬

‫برغيف‪.‬‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫الص َدقة يف ّ‬ ‫احلث ىلع َّ‬ ‫ُّ‬ ‫وظاهر ّ‬
‫أول شهر رمضان املبارك عن السنة القادمة لكها‪،‬‬ ‫انلص‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫وقت واحد فباستطاع ِته‬ ‫عن لك يومٍ ويلل ٍة برغيف‪ ،‬ومن ال يستطيع أن يدفع ذلك يف ٍ‬
‫ّ‬ ‫ََْ‬ ‫ّ‬
‫جيزأه‪ ،‬كما أن َمن استطاع أن تكون صدقتُه أكرب‪ ،‬كأن يدفع عن لك يوم ويللة‬ ‫أن ّ‬
‫َ َْ‬ ‫َ‬
‫وجبة طعامٍ فليغتنم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ً‬ ‫أيّها احلبيب‪ُ :‬‬
‫جيدا فنتأدب بأدب اإلسالم اذلي علمنا إيّاه املصطىف‬ ‫جيب أن ننتبَه‬
‫الس َ‬
‫السجاد × يف داعء َّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫حر‪ ،‬أن يقول‬ ‫| وأهل ابليت مجيعا ^‪ ،‬ومنهم اإلمام‬
‫َ َّ‬ ‫َ‬ ‫ُْْ‬ ‫ِب َّ‬ ‫َ‬
‫أحدنا بوضوح ورصاحة من دون أدىن إبهام‪« :‬أنَا َصاح ُ‬ ‫ُ‬
‫اه العظ َم‪ ،‬أنا الِي‬ ‫ادل َو ِ‬
‫ََ‬ ‫َ َ ْ ُ َ َّ َ َّ َ َ َ َّ َ َ ْ َ َ َ َ ْ ُ َ َ َ ْ َ‬ ‫ْ َ َ َ َ َّ‬ ‫َ َ َ ِّ‬
‫ع سيدِه اجتى‪ ،‬أنا الِي عصيت جبار السما‪ ،‬أنا الي أمرت ِن فعصيت‪ ،‬ونهيتين فما‬
‫َ‬ ‫ْ َ ْ ُ‬
‫جنس َد االعرتاف احلقييق باملعصية واجلرأة‬ ‫ٌ‬
‫واتلمرد‪ ،‬وبمقدار‬ ‫ّ‬ ‫مطلوب أن ِّ‬ ‫ارع َويت‪،»..‬‬
‫ُعمق هذا االعرتاف‪ ،‬يكون األمل باالستجابة والقبول أكرب‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َْ ُ‬
‫المدخل إىل ُحسن اإلجابة‪ ،‬فليَكن لسان احلال‪:‬‬ ‫ُحسن االعتذار هو َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َْ َ ُ َ ْ‬
‫ضال َوأعظ ُم حِلما م ِْن أ ْن تقاي ِ َس ِن بعميل "‪َ "..‬س ِّيدِي‪ ،‬ت َص َّدق َع َ َّ‬
‫ل‬ ‫له‪ ،‬أنت أوسع ف‬ ‫«إ ِ ِ‬
‫َ َمِ َ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ َ َ ْ ُ َ ْ َ‬
‫يخ بِكر وج ِهك‪»..‬‬ ‫بِعف ِوك‪ ،‬واعف عن توب ِ ِ‬
‫ُ‬
‫داعء ايلوم اثلالث‬
‫داعء ايلوم اثلالث من شهر رمضان املبارك اذلي جاء فيه‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫يرتبط بهذه املضامني‬ ‫ُ‬
‫َ ْ َْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ِّ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ ُ َّ ْ ُ‬
‫ارزق ِن فِي ِه اذله َن َواتلَّنبِيه‪َ ،‬وباعِد ِن فِي ِه م َِن السفاه ِة َواتلَّمويهِ‪ ،‬واجعل ِل‬ ‫«أللهم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً ْ ُ ِّ َ ْ ُ ْ ُ ْ ُ َ َ ْ َ َ ْ‬ ‫َ‬
‫نل فِيهِ‪ِ ،‬بودِك يا أجود األجودِين»‪.‬‬ ‫يت ِ‬ ‫ن ِصيبا مِن ك خ ٍ‬
‫َ‬ ‫أحاول أن ّ‬ ‫ُ‬ ‫ً ّ ً‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫أغطي حقيقة أمري‬ ‫فرق بني أن أعرتف باحلقيقة‪ ،‬وبني أن أظل سفيها مموها‬
‫المظهر ادليين أو ذاك‪.‬‬ ‫ببقُع دين‪ ،‬بعماميت أو بهذا َ‬ ‫ُ‬
‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫ّ َ‬ ‫اذل َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫واتلنبيه فنخرج من غياهب‬ ‫هن‬ ‫اتلرضع إىل اهلل تعاىل لريزقنا‬ ‫تمس احلاجة إىل‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ ْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ارزق ِن فِي ِه اذله َن َواتلَّنبِيه‪َ ،‬وباعِد ِن فِي ِه م َِن‬ ‫والويع‪ :‬أللهم‬ ‫الغفلة إىل نور ايلَقظة َ‬
‫ْ‬ ‫َّ َ‬
‫السفاه ِة َواتلَّمويهِ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ابتعد عن ّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ َ ّ َ‬ ‫ُ‬ ‫وهما متالزمان‪َ ،‬‬
‫واتلمويه‪.‬‬ ‫السفاه ِة‬ ‫واتلنبيه فقد‬ ‫فمن أعطي اذلهن‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ ً‬
‫ري باختياره باتاه اهلاوية؟‬ ‫اإلنسان َّ‬
‫الس َ‬ ‫أليس َسف َها أن يُ ِغذ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ً‬
‫أليس َسفها أن تكون قيمة املال عند اإلنسان أىلغ من قيمة اثلواب؟‬
‫يكون ِح ْر ُص اإلنسان ىلع رضا انلاس َ‬ ‫َ‬ ‫َ ً‬
‫حرصه ىلع رضا اهلل‬ ‫ِ‬ ‫أكرث من‬ ‫ِ‬ ‫أليس َسفها أن‬ ‫َ‬
‫ّ ّ‬
‫عز وجل؟‬ ‫‪72‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ّ‬
‫صالة الليلة الرابعة‬
‫ّ‬ ‫ّ ُ‬
‫‪ -1‬حصة هذه الليلة من األلف ركعة‪ :‬ويه عرشون ركعة‪ ،‬ثمانية منها بني املغرب‬
‫َ َ َْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫والعشاء‪ ،‬وابلايق بعد العشاء‪َ ،‬‬
‫املطولة بعد لك ركعتني فليجع إىل‬ ‫ومن أراد األدعية‬
‫األول من‬ ‫املختص فيَج ْد ُه يف عمل ايلوم ّ‬ ‫َ‬ ‫وأما َمن أراد االقتصار ىلع ادلاعء‬ ‫(اإلقبال)‪ّ ،‬‬
‫ِ‬
‫هذا الكتاب‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫«ومن َص ّل يف اللّيلة ّ‬ ‫َ‬
‫الرابعة ثماين َركعات‪ ،‬يقرأ يف لك ركعة‬ ‫‪ -2‬عن رسول اهلل |‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫رفع ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫اهلل تبارك وتعاىل عمله‬ ‫مرة‪،‬‬ ‫عرشين ّ‬ ‫مرة‪ ،‬و(إنا أنزنلاهُ يف يللة القدر)‬ ‫(احلمد) ّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ّ‬
‫‪1‬‬
‫رساالت ربه»‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫تلك الليلة كعم ِل سبع ِة أنبياء ممن بلغ‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ست ُّ‬‫ُ َ‬
‫حب أن يصل يف لك يلل ٍة من شهر رمضان ركعتني بـ (احلمد)‬ ‫‪ -3‬قال الكفعيم‪« :‬وي‬
‫حان َم ْن ُهوَ‬ ‫ََُْ ُْ َ‬ ‫ُْ َ َ ْ َُ َ ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫مرة‪ ،‬و(اتلّوحيد) ثالثا‪ ،‬فإذا سلم قال‪ :‬سبحان من هو حفِيظ ال يغفل‪ ،‬سب‬ ‫ّ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫حان َم ْن ُه َو دائ ٌِم ال يَل ُهو‪ّ .‬‬ ‫َ ٌ َْ َ ُ ُْ َ َ ْ َُ ٌ َْ ُ ُْ َ‬
‫ثم يقول‬ ‫رحِيم ال يعجل‪ ،‬سبحان من هو قائ ِم ال يسهو‪ ،‬سب‬
‫اذلنبَ‬‫ُ ْ ْ َ َّ‬ ‫َ َ‬
‫ثم يقول‪ :‬سبحانك سبحانك يا عظيم‪ ،‬ا ِغفِر يل‬
‫َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫التّسبيحات األربعة سبعاً‪َّ ،‬‬
‫ِ‬
‫فر ُ‬ ‫صلها َغ َ‬ ‫َّ‬ ‫ً َ‬ ‫صل ىلع انلّ‬ ‫َّ ُ ّ‬ ‫َ‬
‫‪2‬‬
‫ذنب»‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ألف‬ ‫سبعني‬ ‫هل‬ ‫اهلل‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫‪.‬‬ ‫عرشا‬ ‫ّ‬
‫يب‬ ‫ت‬ ‫العظيم‪ .‬ثم‬
‫***‬
‫ّ‬ ‫من املناسب هنا اإلشارة إىل رضورة ّ‬
‫الرجوع إىل برنامج عمل الليلة األوىل‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫مشرتك بني مجيع الليايل‪.‬‬ ‫أكرثه‬ ‫اذلي تقدم بيانه‪ ،‬ألن‬

‫‪ -1‬احلر العاميل‪ ،‬وسائل الشيعة‪38/8 :‬؛ والكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ :‬ص ‪.175‬‬
‫‪73‬‬ ‫‪ -2‬الكفعمي‪ ،‬املصباح‪ :‬ص ‪ ،563‬اهلامش‪.‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫‪4‬‬
‫شهر رمضان‬

‫* ِلَ ْخ َت ْ‬
‫رب ما حنن عليه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ َ ّ‬ ‫ُ ّ‬
‫مراتب الصوم‪ :‬صوم العوام‪ ،‬واخلواص‪ ،‬وخواص اخلواص‬ ‫*‬
‫َ‬
‫*ماذا نأكل ونرشب‬
‫َْ َ ُ‬
‫* مأكلهم حرام‬
‫ُّ ُ‬ ‫َْ َ ُ‬
‫* مأكلهم من الشبهات‬
‫َْ َ ُ‬
‫* مأكلهم حالل‬
‫داعء ايلوم ّ‬
‫الرابع‬ ‫ُ‬ ‫*‬
‫ُ ّ‬
‫* صالة الليلة اخلامسة‬

‫‪74‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ِلَ ْخ َت ْ‬
‫ب َما ُ‬
‫حنن عليه‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ّ ّ‬
‫حنرص ىلع الوصول إىل أفضل املستويات اليت يُمكن‬ ‫عز وجل ينبيغ أن‬ ‫يف ضيافة اهلل‬
‫الوصول إيلها يف شهر اهلل سبحانه وتعاىل‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫نلَ ّ‬
‫أنفسنا وكأننا أصبحنا يف آخر يومٍ من شهر رمضان املبارك‪ ،‬وهذه يللة العيد‬ ‫تصور‬
‫َ ْ ُ َ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫وائزكم»‪ ،‬ولفكر من اآلن ما‬ ‫ىلع األبواب ومنادي ربنا عز وجل ينادي‪« :‬هلموا إىل ج ِ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫يه اجلوائز اليت نستَ ِحقها آنذاك؟‬
‫وجل‪ ،‬أيّة جائزة أستَ ّ‬‫ّ ّ‬ ‫منا فيقول‪ :‬أنا‪ ،‬وبطريقة تَ ِ َّ‬‫ُ َ ّ ْ ٌّ ّ‬
‫حق؟‬ ‫عاط مع شهر اهلل عز‬ ‫ِلفكر لك‬
‫أوالرابعة؟‬ ‫األول؟ هل آيت يف ُ‬
‫المبادرين؟ أم يف ادلرجة اثلّاثلة ّ‬ ‫الرعيل ّ‬
‫هل آيت يف َّ‬
‫ّ‬
‫عز وجل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫صاليت يف شهر رمضان‪ ،‬أعرفها كيف يه‪ ،‬وأعرف حريص ىلع طاعة رب ّ‬
‫بأي‬
‫متوسطة أو ّ‬
‫قوية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫سواء اكنت هذه ادلرجة ضعيفة أو‬ ‫ً‬ ‫درجة‪،‬‬
‫ً‬
‫أعرف أيضا ِحريص ىلع قراءة القرآن أو عدم حريص ىلع ذلك‪.‬‬
‫ٌّ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يطرحها لك منا ىلع نفسه مجيع املفردات اليت‬ ‫تستوعب األسئلة اليت‬ ‫وهكذا حبيث‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫وردت يف خطبة املصطىف | وسلم حول شهر رمضان املبارك‪ ،‬وحنن م ّ‬ ‫ْ‬
‫دعوون‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫لالهتمام بها واالسزتادة منها‪ ،‬نلعرف من خالل هذه األسئلة طريقة تعاملنا معها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ ٌّ ّ‬ ‫ّ‬
‫يستطيع لك منا أن يقدر ادلرجة اليت يستحقها يف مقابل ما هو‬ ‫العملية يه أن‬ ‫وانلتيجة‬
‫ّ‬
‫استمر ىلع احلال اليت هو فيها إىل آخر الشهر الكريم فما يه حصيلتُه‬
‫ّ‬ ‫عليه‪ ،‬أي أنه إذا‬
‫َ‬
‫منه‪ ،‬وما يه اجلائزة اليت سيُعطاها صبيحة يوم اجلوائز‪ ،‬يومِ العيد املبارك‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫سنشعر‬ ‫نتصور أنفسنا من اآلن‪ ،‬يف أواخر شهر رمضان املبارك‬ ‫وال شك أننا عندما‬
‫بدافع أكرب للتعايط األفضل مع هذا الشهر‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ُ‬
‫مراتب الصوم‬
‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫أراد نلا ُ‬
‫اهلل ّ‬
‫احليوانية وحنلق يف األاعيل‪،‬‬ ‫عز وجل يف ضيافته أن نسمو‪ ،‬ونبتعد عن‬
‫والصوم هو الطريق إىل هذا اتلحليق‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫فكيف نتعامل مع الصوم؟ هل نؤديه بعض حقه‪ ،‬أم أننا نعمد إيله فنُفرغه من حمتواه؟‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وختتلف حاالت الصائمني من جهة تعاطيهم مع الطعام والرشاب ما بني اإلفطار‬
‫القصد من الصيام وحقيقة ّ‬ ‫َ‬
‫انلية‬ ‫واإلمساك‪ ،‬ومن جهة ما يصومون عنه‪ ،‬ومن جهة‬
‫نتأمل يف هذه احلاالت مجيعا ً ّ‬
‫فيه‪ ،‬وينبيغ أن ّ‬
‫يلتضح كيف ينبيغ أن يكون صومنا‪،‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫وكيف ينبيغ أن نترصف نلحفظ األساس يف الضيافة اإلهلية وحنافظ ىلع آثاره ونتاجئه‪75 .‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬


‫صوم العوام‪ ،‬وصوم اخلواص‪ ،‬وخواص اخلواص‬
‫قال آية اهلل اتلربيزي‪:‬‬
‫قررهَ‬ ‫بتك الطعام والرشاب "‪ "..‬ىلع ما َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫«مراتب الصوم ثالثة‪ ،‬صوم العوامّ وهو‬
‫ترك ُ‬ ‫اخلواصّ وهو تَ ْر ُك ذلك ‪-‬أي ْ‬ ‫ُ َ‬ ‫ّ‬
‫المفطرات‬ ‫وحمرماته‪ ،‬وصوم‬ ‫الفقهاء من واجباته‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫حسبما َّ‬
‫قرره الفقهاء‪ -‬مع كف اجلوارح عن خمالفات اهلل جل جالل‪ ،‬وصوم خواص‬
‫ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ ُ ِّ‬
‫واحد من‬ ‫ٍ‬ ‫حالل أو حرام‪ ،‬وللك‬ ‫ٍ‬ ‫ص وهو ترك لك ما هو شاغل عن اهلل تعاىل من‬ ‫اخلوا ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫املرتبتَني األخريتني أصناف كثرية‪ ،‬ال سيما األوىل ‪-‬أي صوم اخلواص فإنها األوىل من‬ ‫ّ‬
‫كثرية ال ُتىص َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫أصحاب ايلمني من املؤمنني‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫بعدد مراتب‬ ‫األخريتني‪ -‬فإن أصنافها‬
‫يقرب‬ ‫حد صاحبه‪ ،‬ومن أهل املراتب أيضا ً َمن ُ‬ ‫َّ‬
‫خاص ال يُشبه‬ ‫حد ٌّ‬ ‫ٌّ‬
‫فس منهم هل‬
‫ُّ َ‬
‫بل لك ن ٍ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫‪1‬‬
‫عمل َمن هو فوقه‪ ،‬وإن لم يَكن من مرتب ِته»‪.‬‬ ‫عمله من ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العوام»‪ ،‬اذلين هم أهل املعايص‪ ،‬وليس املراد‬ ‫العوام يف مصطلح «صوم‬ ‫واملراد بكلمة‬
‫ّ ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املتعارف بيننا من أننا حنن معارش املشايخ أو معارش املثقفني انلخبة وابلايق عوام‪ ،‬إن‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫فانلخبة ّ‬ ‫الطبقية ابلغيضة مرفوضة يف اإلسالم‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫واخلواص هم أهل الطااعت‪،‬‬ ‫حبق‪،‬‬ ‫هذه‬
‫أصحاب املعايص‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫والعوام هم‬ ‫احلق وطاع ِة اهلل تعاىل‪،‬‬ ‫أهل االستقامة ىلع ّ‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬
‫شخص من انلاس حبسب الظاهر من علماء ادلين‪ ،‬ولكنه‬ ‫وبناء ىلع ذلك‪ ،‬فإذا اكن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫العوام‪ ،‬ألن هذا الصوم جيتمع مع‬ ‫صوم‬ ‫وصومه‬ ‫العوام‪،‬‬ ‫يرتكب املعايص فهو من‬
‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫يهتمون بدرج ٍة من الصوم غري اعتياديّة‪ ،‬يه‬ ‫املعايص اليت جيتنبُها اخلواص اذلين‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫‪-‬باإلضافة إىل اجتناب ُ‬
‫المفطرات‪ -‬كف اجلَوارح عن خمالفة اهلل تعاىل‪.‬‬
‫بأن يف ضيافة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الرمحن‪ ،‬وأنسجم مع هذا االعتقاد‪ ،‬ويكون أديب بمستواه‪،‬‬ ‫إما أن أعتقد‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫وإما أن أكون رصحيا مع نفيس‪ ،‬فأقول إن ال أعتقد بضيافة ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫الرمحن‪ ،‬والعياذ باهلل‪،‬‬
‫اتلصدي لعالجه‪ ،‬وقد ّ‬ ‫ّ‬ ‫عقائدي بُنيَ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫يتم ذلك برسعة‬ ‫وي جيب‬ ‫وهذا يعين وجود خل ٍل‬
‫َ ُ‬
‫ادلوار بطبِّه كما ي ِصفه أمري‬ ‫الطبيب ّ‬‫ُ‬ ‫من خالل اتلفكري خبطبة رسول اهلل |‪ ،‬وهو‬
‫املؤمنني ×‪.‬‬
‫ّ‬
‫ورفع‬
‫ِ‬ ‫واجب رفع مستوى اهتمامنا باحلُكم الرشيع‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫إننا يف شهر اهلل سبحانه أمام‬
‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫انل ْفس‪ ،‬باالتلفات إىل أنّنا يف َ‬
‫حمض اهلل ّ‬ ‫وترية اهتمامنا بمراقبة ّ‬
‫وصحيح‬ ‫عز وجل‪،‬‬
‫خاص ّ‬ ‫حمض ٍّ‬ ‫ّ‬
‫حمض اهلل سبحانه وتعاىل‪ ،‬إل أنّنا يف هذه الضيافة يف َ‬ ‫أنّنا دائما ً يف َ‬
‫وممي‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫اخلواص اذلي هو تَ ْر ُك ُ‬
‫ّ‬ ‫َْ‬
‫حفظ اجلوارح‬ ‫ِ‬ ‫المفطرات مع‬ ‫ّ‬
‫العوام إىل صوم‬ ‫فلنَخرج من صوم‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫مزيد مراقب ٍة هلذه اجلوارح‪ ،‬وخصوصا‬ ‫خمالفات اهلل جل جالل‪ ،‬وهو يستديع‬
‫ِ‬ ‫من‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫اجع‪.‬‬
‫اللسان والعني واألذن‪ ،‬باتلفصيل اذلي تقدم يف أواخر عمل شهر شعبان‪ ،‬فر ِ‬

‫بترصف يسري‪.‬‬
‫‪ -1‬آية اهلل ملكي تربيزي‪ ،‬املراقبات‪ :‬ص ‪( 95‬م‪.‬م)‪ّ ،‬‬ ‫‪76‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ٌ‬ ‫ِّ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬


‫عرفت ت ْر ُك لك ما هو شاغل‬ ‫اخلواص‪ ،‬فهو كما‬ ‫خواص‬ ‫ُ‬
‫صوم‬ ‫وأما القسم اثلالث‪ :‬وهو‬
‫وحفظ اجلوارح‬ ‫المفطرات‬ ‫عن اهلل من حالل أو حرام‪ ،‬أي أنّه باإلضافة إىل تَ ْرك ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ّ ّ‬ ‫فاملحض َ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ً ََ‬
‫عز وجل‪ ،‬وال يَ ِص ُّح‬ ‫حمض اهلل‬ ‫وايلقظة ادلائمة‪،‬‬ ‫حضور القلب دائما‪،‬‬ ‫َ‬ ‫يستديع‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫للقلب أن يشغله عن اهلل تعاىل شاغل‪ ،‬سواء اكن هذا الشاغل حالال أم حراما‪ ،‬بل‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ ّ‬
‫عز وجل‪ ،‬منقطعا إيله‪ُ ،‬مقيما ىلع طاعته‪ ،‬اعمرا حببِّه واحلنني إىل رضاه‪.‬‬ ‫يبىق مع اهلل‬
‫ً ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ٌ ّ‬
‫صحيح أن هذه املرتبة اعيلة جدا لسنا من أهلها‪ ،‬إل أن من الصحيح أيضا أن معرفة‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫حنرص ىلع الوصول إيلها‪ ،‬وبدال من‬ ‫هذه املرتبة جيعلنا ندرك اذلرى اليت ينبيغ أن‬
‫ُ‬ ‫أن ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ً َّ ً‬ ‫َ‬
‫جمرد امتنا ِعه عن الطعام جيعله يف‬ ‫معينا للصوم‪ ،‬ويتصور‬ ‫يضع املؤمن سقفا‬ ‫أن‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫عداد الصائمني اذلين يغدون يف يوم العيد إىل جوائزهم السنية والعظيمة‪- ،‬بدال من‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫أن عليه أن ِّ‬
‫يشم َر‬ ‫خواص اخلواص‬ ‫يسمع احلديث عن صوم‬ ‫ُ‬ ‫املؤمن عندما‬ ‫ُ‬ ‫در ُك‬ ‫ُ‬
‫ذلك‪ -‬ي ِ‬
‫ُ ٌْ‬ ‫ٌ ًّ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫أوليس‬ ‫َ‬ ‫بعد َسهل ممتَنع‪،‬‬ ‫مرتفع جدا‪ ،‬وهو‬ ‫فالطريق طويل والسقف‬ ‫ُ‬ ‫اجلد‪،‬‬ ‫عن ساعد ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫من أوضح الواضحات أن ىلع الصائم الضيف أن يتنبه إىل هذه الضيافة ىلع ادلوام؟‬
‫ُّ ْ‬ ‫ّ‬
‫انلد َرة؟‬ ‫أليس من أوضح الواضحات أن َمن هم كذلك يف اغية‬ ‫ثم َ‬‫ّ‬
‫بمن َ‬ ‫وسل إيله َ‬ ‫اع إذا َداعه‪ّ ،‬‬
‫واتل ُّ‬ ‫َ‬
‫دعوة َّ‬ ‫ُّ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ ّ‬
‫أمر‬ ‫ادل ِ‬ ‫لمن ييب‬ ‫وال حل إل بايلَقظة واتلرضع‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ ْ‬
‫احلبيب وآل األطهار‪ ،‬صلوات اهلل تعاىل عليهم‬ ‫بالوقوف ببابِه إن أردنا بابَه‪ ،‬املصطىف‬
‫أمجعني‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ َ ْ َ ِّ‬ ‫ُ‬
‫حالل أو حرام‪ ،‬أي ال أستطيع أن‬ ‫ٍ‬ ‫شاغل عن اهلل من‬
‫ٍ‬ ‫وإذا كنت ال أستطيع ترك لك‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اخلواص‪ ،‬فما اذلي يمنعين عن صوم اخلواص‪ ،‬أي حفظ اجلوارح‬ ‫خواص‬ ‫صوم‬ ‫أصوم‬
‫ّ ّ‬
‫عز وجل؟‬ ‫خمالفات اهلل‬
‫ِ‬ ‫من‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ما معىن أن يثبت يف صحيفة أعمال الصائم أنه صائم مغتاب؟ أو صائم يؤذي املؤمنني‪،‬‬
‫ُ ُ‬
‫يسء اخلُلق؟‬ ‫ٌ‬
‫صائم‬ ‫أو‬
‫ُ‬ ‫ّْ‬ ‫ً ّ ً‬ ‫ّ‬
‫ملاذا ال نقرر أن يكون شهر الصوم شهرا مميا يف حماسبة انلفس‪ ،‬يف احلرص ىلع حسن‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُُ‬
‫قد َم عليه؟‬‫اخللق‪ ،‬يف اتلفكري بكل لكمة قبل أن نقولا وبكل عمل قبل أن ن ِ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫املحبة يف األجواء اليت نكون فيها يف شهر‬ ‫ملاذا ال حنرص أن نكون سببا لنرش‬
‫رمضان املبارك؟‬
‫ُ َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ّ ٌّ ّ‬
‫ملاذا ال يقرر لك منا أن ال يؤذي أحدا طيلة هذا الشهر ىلع األقل‪ ،‬لعله بذلك يوفق ألن‬
‫ً‬
‫ال يؤذي أحدا بعد انقضائه؟‬
‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ُ‬
‫أسمح نلفيس وأنا أديع الصيام أن‬ ‫ّ‬
‫اخلاصة‪ ،‬فكيف‬ ‫عز وجل ُحرمتَه‬ ‫إن لشهر اهلل ّ‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫أن لم َ‬ ‫ّ‬
‫عز وجل؟‬ ‫أسمع بضيافة اهلل‬ ‫أترصف كما لو‬
‫َّ ْ‬
‫‪77‬‬ ‫أيّها العزيز‪ ،‬ال بّد من وقف ٍة مع انلفس يف هذا املجال‪.‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ماذا نأكل ونرشب‬


‫الصائمني من جهة الطعام والرشاب‪ ،‬أي كيف يتعاملون مع الطعام والرشاب‬ ‫أما أنواع ّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ما بني اإلفطار واإلمساك‪ ،‬فيُوضح آية اهلل اتلربيزي عليه الرمحة أنهم ىلع أقسام‪:‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫* القسم األول‪ :‬اذلين يعلمون بأن مأكلهم حرام‬
‫ُ‬
‫فاألجر ملالك‬ ‫وم ُ‬
‫رشبه من احلرام املعلوم‪،‬‬ ‫قال عن هذا القسم‪« :‬منهم من يكون مأكلُه َ‬
‫َُ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ ْ‬
‫الطعام وهل ِو ْز ُر ظلمه وغصبه‪ ،‬أو َمثله َمثل َمن ركب دابّة مغصوبة إىل بيت اهلل احلرام‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫وطاف بابليت ىلع هذه ادلابّة املغصوبة»‪.‬‬
‫ُّ ُ‬ ‫ُ َْ ُ‬
‫* القسم اثلاين‪ :‬اذلين يكون مأكلهم من الشبهات‬
‫وقد قال الشيخ اتلربيزي فيهم‪:‬‬
‫ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫قسم يكون أخذ هذا‬ ‫«ومنهم من يكون مأكله من الشبهات‪ ،‬وهو ىلع قسمني‪ٍ :‬‬
‫َّ ً‬ ‫ْ ُ‬ ‫َّ ً‬ ‫ُ َ‬
‫وقسم ال يكون أخذه حملال‪ ،‬ولو يف الظاهر‪،‬‬ ‫المشتبه الواقيع حملال هل يف الظاهر‪ٍ ْ ،‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫واألول يلحق يف حكمه بمن يكون مأكله وم ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫رشبه من احلالل‪ ،‬وإن اكن دونه بدرجة‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫واثلاين بمن يأكل احلرام املعلوم‪ ،‬وإن اكن فوقه بدرجة»‪.‬‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وحمل احلاجة هنا من ذلك هو أن اإلنسان قد ال يدقق يف احلكم الرشيع لمورده املايل‪،‬‬
‫ّ‬ ‫َ ُ‬ ‫ّ‬ ‫حبليته‪ ،‬فهو إذا مال ُشبهة‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫فيكون فيه ما ال جيزم َّ‬
‫قدم إل‬ ‫املؤمن ال ي ِ‬ ‫جيب اجتنابُه‪ ،‬ألن‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫ىلع ما يعلم أنه حالل‪ ،‬خصوصا يف شهر الصيام‪.‬‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ ً‬ ‫ّ‬
‫وانلتيجة أن املطلوب اتلدقيق جيدا فال تكون هناك شبهة يف مصدر املأكل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫والمرشب‪ ،‬بل ولك ما نتقلب فيه كما تقدم‪.‬‬
‫نتصور‬‫ّ‬ ‫جداً‪ ،‬وأكرث ّ‬
‫مما‬
‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫والواقع أن دائرة االبتالء بهذا انلوع‪ ،‬أي املال الشبهة‪ ،‬واسعة‬
‫ّ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫بمسؤويلة أمام اهلل تعاىل‪ ،‬حىت ال يُط ِع َم أهله‬ ‫ّ‬ ‫بكثري‪ ،‬وال بد للصائم من بَذ ِل اجلُهد‬
‫مما يكون و ْز َرا عليه‪ ،‬حياسب به َ‬ ‫ً‬ ‫وأوالده ويأكل هو ّ‬ ‫َ‬
‫يوم القيامة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫أمكن تفادي ذلك باليسري من ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫املزيد من العناية‬ ‫اتلأمل‪ ،‬كما أنه قد يستديع‬ ‫وربما‬
‫تقدم يف حديث ايلوم ّ‬ ‫ّ‬
‫األول ما ينفع فيه‪.‬‬ ‫والسؤال‪ ،‬وقد‬
‫ً‬ ‫َْ َ ُ‬
‫* القسم اثلالث‪ :‬اذلين يكون مأكلهم حالال‬
‫ّ‬
‫حتدث عنهم آية اهلل اتلربيزي بقوهل‪ ،‬فقال حول القسم ّ‬
‫األول‪:‬‬ ‫وهم ىلع أقسام‪،‬‬
‫َ‬ ‫ّ ُ ٌَْ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َُ‬ ‫ْ‬
‫كيفية طعامه بكثة‬‫ّ‬ ‫تف يف‬ ‫«ومنهم َمن يكون َمأكله حالال معلوما ولكنه م‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ََُ ََُ َ‬ ‫ِّ‬ ‫ٌَ‬
‫بع اذلي يشتغل‬
‫سيس الط ِ‬
‫األنواع‪ ،‬ومرتف يف مقداره إىل حد االمتالء‪ ،‬ومثله مثل خ ِ‬

‫‪-1‬آية اهلل ملكي تربيزي‪ ،‬املراقبات‪ :‬ص ‪.98‬‬ ‫‪78‬‬


‫أعمال شهر رمضان‬

‫َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫غري قربِه‪،‬‬ ‫بيبه باالتلذاذ بما يكرهه‪ ،‬وحبيبُه متوق ٌع أن ال يلتذ بيش ٍء‬ ‫يف حرضة ح ِ‬
‫عد َ‬
‫عبد بط ِنه‬
‫ْ ُ َّ‬
‫رت َك وما يلتذ به‪ ،‬وهو بأن ي‬
‫ُّ‬ ‫ليق به ّإل أن يُ َ‬ ‫فذللك اكن عبدا ً خسيسا ً ال يَ ُ‬
‫عبد ِّ‬ ‫عد َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َ‬
‫ربه»‪.‬‬ ‫أوىل من أن ي‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ ً‬
‫أوال من توضيح أن لإلنسان أن يأكل مقدار حاجة جس ِمه من الطعام‪ ،‬وقد‬ ‫وال بد‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫َ‬
‫تكون أكرث من حاجة غريه‪ ،‬إل أن من الرضوري اتلفريق بني حاجة اجلسم احلقيقية‬
‫ٍّ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫للجشع‪.‬‬ ‫الوهمية انلاشئة من االسرتسال وعدم َوض ِع حد‬ ‫وحاجته‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ليس املطلوب أن يأكل الصائم ما يض ِعفه ويمنعه عن مواصلة الصيام‪ ،‬بل املطلوب أن‬
‫ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫َ‬
‫وحب االسزتادة‪.‬‬ ‫دايع هل إل العادة‪،‬‬ ‫ال يأكل ما ال‬
‫واسرتسل مع شهوة الطعام‪ ،‬فهو ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫عبد َب ْط ِنه!‬ ‫وإذا لم يدقق يف ذلك‬
‫ً‬ ‫َُْ‬
‫* القسم اثلاين من أقسام َمن يكون َمأكلهم حالال‬
‫َ‬
‫الكيفية واملقدار فوق‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫الرمحة‪« :‬ومنهم َمن يكون حده يف‬ ‫الملَيك اتلربيزي عليه ّ‬ ‫قال َ‬
‫ُ‬ ‫واتلبذير‪ ،‬وهو َ‬
‫ملح ٌق َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫بمن يأكل احلرام‪ ،‬واألجدر به‬ ‫حد اإلرساف ّ‬ ‫التف‪ ،‬فيَصل إىل‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ ّ‬
‫أن ي َعد اعصيا ال ُمطيعا»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫الكمية إىل حد‬ ‫كم َّيته‪ ،‬تصل كرثة‬ ‫ثة ّ‬
‫فباإلضافة إىل اتلنوع الكثري يف الطعام َوك َ ِ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫اإلرساف واتلبذير‪ ،‬وهذا يف حد ذاته معصية‪.‬‬
‫َ‬ ‫َُْ‬
‫* القسم اثلالث‪َ :‬مأكله من احلالل بال ت َر ٍف وال إرساف‬
‫َ‬ ‫َ ْ َ ُ ُ َ َّ ُّ‬
‫ومتَقلبُه لكه من احلالل بال ت َر ٍف وال إرساف‪،‬‬ ‫قال اتلربيزي‪« :‬ومنهم من يكون مأكله‬
‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫يتواضع هلل تعاىل يف مقدار طعا ِمه ورشابه‪ ،‬فتزنل كميتهما عن احلد املحلل وغري‬ ‫بل‬
‫ُّ َ‬
‫لون واحد‪ ،‬أو يرتك‬ ‫املكروه‪ ،‬ويرتك اتلذلذ بالطعام والرشاب‪ ،‬ويقترص يف األدام ىلع ٍ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫بعض اللائذ‪ ،‬وبعض الزيادة‪.‬‬
‫وهؤالء ‪-‬أي القسم اثلالث‪ -‬ىلع درجات‪ ،‬ودر‬
‫َّ ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫جاتُهم عند ّ‬
‫جمزية مشكورة "‪"..‬‬ ‫حلفظ جماهداتِهم ومراقباتِهم حمفوظة‬ ‫ِ‬ ‫ربهم املراقب‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫َ ْ ُ َ ٌ َ ْ َ ُ ْ ْ َّ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي‪ ،﴾..‬بَل‬‫ف لهم مِن قرة ِ أع ٍ‬ ‫ويزيدهم من فض ِله بغري حساب‪﴿ ،‬فل تعلم نفس ما أخ ِ‬
‫َ‬
‫قلب بَش»‪.‬‬ ‫َ َ َ‬
‫وال خطر ىلع ِ‬
‫‪1‬‬

‫ّ‬ ‫ّْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫وال بد من اإلشارة هنا إىل أن تهذيب انلفس يف لك جماالته‪ ،‬ومنها الصوم‪ ،‬ىلع مراتب‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫اتلدرج فيها‪ ،‬وعدم تكلف ما لم تبلغ اهلمة اتلعامل معه‪ ،‬ولو بمل انلفس ىلع‬ ‫ينبيغ‬
‫ق من مرتب ٍة‬ ‫ُّ‬
‫تهاون يف الر ّ‬ ‫بال‬ ‫الصائم‬ ‫ج‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫يتدر‬ ‫أن‬ ‫الطعام‬ ‫باب‬ ‫يف‬ ‫ذلك‬ ‫ويعين‬ ‫ه‪،‬‬ ‫َ‬
‫تكر‬ ‫ما‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٍّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫شخص إىل آخر‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫إىل أخرى تدرج اتللميذ من صف إىل صف‪ ،‬وخيتلف اتلدرج من‬

‫‪79‬‬ ‫بترصف‪.‬‬
‫‪ -1‬آية اهلل ملكي تربيزي‪ ،‬املراقبات‪ :‬ص ‪ّ ،99‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫َ ُ ٍّ‬
‫جسمه وحاجتُه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ف ِلك‬
‫ّ َ ٌّ ّ‬
‫منا إىل نفسه‪ :‬تُرى‪ ،‬من ّ‬ ‫والسؤال اذلي ُ‬
‫أي األقسام أنا؟ هذا هو‬ ‫جيب أن يوجهه لك‬
‫السؤال ابلداية والرفيق وانلهاية‪.‬‬
‫داعء ايلوم ّ‬
‫الرابع‬ ‫ُ‬
‫ُ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ ََ ْ َ َ ْ‬ ‫َ َْ َ َ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َّ ُ َ‬
‫الوة ذِك ِرك‪َ ،‬وأ ْو ِزع ِن فِي ِه ألداءِ شك ِرك‬ ‫«ألله َّم ق ِّو ِن فِي ِه ع إِقام ِة أم ِرك‪َ ،‬وأذِق ِن فِي ِه ح‬
‫ص انلَّاظِر َ‬ ‫ك َو َسرت َك‪ ،‬يا أبْ َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫َ َ‬
‫ين»‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِك َرمِك‪َ ،‬واحفظ ِن فِي ِه ِبِفظِ‬
‫ُ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ادل ُ‬ ‫يريد هذا ّ‬ ‫ُ‬
‫املبارك أن يطل بنا ىلع احلقائق اتلايلة‪:‬‬ ‫اعء‬
‫َ‬ ‫ََ ْ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫ياهب‬
‫أوامرك ونواهيك‪ ،‬وأخ ِرجين من غ ِ‬ ‫ِ‬ ‫بامتثال‬
‫ِ‬ ‫أمرك‪،‬‬
‫إليه‪ ،‬قوين ُيف هذا ايلوم إلقام ِة ِ‬
‫َ‬ ‫َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫واهدين‬
‫ِ‬ ‫ذكرك‪،‬‬
‫ِ‬ ‫عند‬ ‫ك‬ ‫حضور‬
‫ِ‬ ‫حالوة‬ ‫ق‬ ‫أتذو‬ ‫لين‬ ‫واجع‬ ‫كر وحالوتِه‪،‬‬ ‫الغفلة إىل أنس اذل ِ‬
‫ذوق حالوة ذكرك‪ .‬إليه َ‬ ‫ماح يل بتَ ُّ‬ ‫وشكرك ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ليس‬ ‫ِ ِ‬ ‫للس ِ‬ ‫ِّ‬ ‫كرك ىلع توفييق لطاع ِتك‪،‬‬ ‫لش ِ‬
‫َْ ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ذلك َ‬
‫حبفظك‪ ،‬أد ِخل ِن‬
‫ِ‬ ‫رأيت إل مجيال‪ ،‬واحفظين يف يويم هذا‬ ‫بعميل بل بكر ِمك‪ ،‬فما‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫يف در ِعك احلصين ِة اليت جتعل فيها من تريد من عبا ِدك‪.‬‬
‫ّ‬
‫صالة الليلة اخلامسة‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ‬
‫‪ -1‬ويه كصلوات الليايل املتقدمة‪ ،‬عبارة عن عرشين ركعة‪ ،‬لك ركعتني بتسليمة‪،‬‬
‫َ ً‬ ‫َ ً‬ ‫ً‬ ‫إما ّ‬ ‫ّ‬ ‫لك منهما (احلمد) ّ‬ ‫ٍّ‬ ‫ُ‬
‫مرة‪ ،‬أو ثالثا‪ ،‬أو خسا‪ ،‬أو سبعا‪،‬‬ ‫مرة‪ ،‬و(قل هو اهلل أحد)‬ ‫يقرأ يف‬
‫َ‬ ‫َ ً ُ ّ‬
‫أو عرشا‪ ،‬وتصل هذه العرشون ىلع الشلك اتلّايل‪ :‬ثماين َركعات بعد صالة املغرب‪،‬‬
‫َ‬
‫عرشة َركعة بعد صالة العشاء‪.‬‬ ‫َ‬ ‫واثنتا‬
‫ركعتني‪ ،‬بمائة ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ ّ‬
‫مرة (قل هو اهلل‬ ‫‪ -2‬عن رسول اهلل |‪« :‬ومن صل يف الليل ِة اخلامس ِة‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫حممد مائة ّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫مرة‪ ،‬زامحين يوم القيامة‬ ‫ٍ‬ ‫وآل‬‫أحد) يف لك ركعة‪ ،‬فإذا فرغ صل ىلع حمم ٍد ِ‬
‫ّ‬
‫‪1‬‬
‫ىلع باب اجلنة»‪.‬‬
‫يصل هذه ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫السابقني‬ ‫الصالة يكون من ّ‬ ‫بمزامحة املصطىف | أن َمن‬ ‫ولعل املراد ُ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫معه إىل اجلنة‪.‬‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫‪ -3‬قال الكفعيم‪« :‬ويُست ُّ‬
‫حب أن يصل يف لك يلل ٍة من شهر رمضان ركعتني بـ (احلمد)‬
‫َ َ ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ َ ْ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫مرة‪ ،‬و(اتلّوحيد) ثالثا‪ ،‬فإذا سلم قال‪ :‬سبحان من ه َو حفِيظ ال يغفل‪ ،‬سبحان من ه َو‬ ‫ّ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫حان َم ْن ُه َو دائ ٌِم ال يَل ُهو‪ّ .‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ٌ َ َ‬ ‫ْ‬
‫ثم يقول‬ ‫ِيم ال يعجل‪ ،‬سبحان من ه َو قائ ٌِم ال يسهو‪ ،‬سب‬ ‫رح‬
‫َّ‬
‫يل اذلنبَ‬ ‫ْ‬
‫عظيم‪ ،‬ا ِغف ِْر َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫سبيحات األربعة سبعا‪ ،‬ثم يقول‪ :‬سبحانك سبحانك يا‬ ‫ِ‬ ‫الت‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ً َ‬ ‫ّ‬ ‫َّ ُ ّ‬ ‫َ‬
‫‪2‬‬
‫ذنب»‪.‬‬
‫العظيم‪ .‬ثم تصل ىلع انليب عرشا‪ .‬من صلها غفر اهلل هل سبعني ألف ٍ‬ ‫ّ‬

‫‪ -1‬احلر العاميل‪ ،‬وسائل الشيعة‪38/8 :‬؛ والكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ :‬ص ‪.175‬‬
‫‪ -2‬الكفعمي‪ ،‬املصباح‪ :‬ص ‪ ،563‬اهلامش‪.‬‬ ‫‪80‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫‪5‬‬
‫شهر رمضان‬

‫ُ ًّ‬ ‫ّ‬
‫* األحاكم الرشعية تفيض حبا نلا‬
‫َ ُ ِّ‬ ‫ُ‬
‫ظهر حبه نلا‬ ‫قضاء حواجئنا‪ ،‬م‬ ‫*‬
‫ُ‬
‫داعء ايلوم اخلامس‬ ‫*‬
‫ّ‬ ‫ُ ّ‬
‫* صالة الليلة السادسة‬

‫‪81‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ُ ًّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬


‫األحاكم الرشعية تفيض حبا نلا‬
‫ّ‬ ‫حب ّ‬ ‫ّ‬
‫أن ّ‬ ‫حبب ّ‬‫نشعر ّ‬
‫ُ‬ ‫ّ ّ‬ ‫نشعر ِّ‬
‫ُ‬
‫األم ليس إل‬ ‫األمهات؟ مع‬ ‫عز وجل نلا‪ ،‬كما‬ ‫حبب اهلل‬ ‫هل‬
‫ّ‬ ‫َْ َ ً‬
‫غيضا من فيض حب اهلل تعاىل‪.‬‬
‫ّ‬
‫باحلب نلا‪.‬‬ ‫الرشعية تَ ُ‬
‫طفح‬ ‫ّ‬ ‫واألحاكم‬
‫حب اهلل تعاىل نلا؟‬‫هل نُدرك ما يف ُحرمة الغيبة من خمزون ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ِّ ّ ّ‬ ‫َ‬
‫جتس ُده ُحرمة األذى؟‬‫وجل اذلي ِّ‬ ‫وكم هو خمزون حبه عز‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫حرم ُ‬‫لقد ّ‬
‫أليس يف هذا خمزون‬ ‫خاص‪ ،‬وأذى اإلنسان‪،‬‬ ‫بشلك‬
‫ٍ‬ ‫اهلل تعاىل أذى املؤمن‬
‫حب اعرم؟‬‫ٍّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫تطبع الفقه اإلساليم‬ ‫وكم هو خمزون حبِّه يف سائر أحاكمِ ِحفظ الكرامة واحلقوق‪ ،‬اليت‬
‫ُ‬
‫بطاب ِعها‪ ،‬فإذا هو فقه كرامة اإلنسان‪.‬‬
‫َ َ ِّ‬
‫جئنا‪ ،‬مظه ُر حبه نلا‬ ‫ُ‬
‫قضاء حوا ِ‬
‫َ ْ َ َ ُ ََ‬ ‫َّ‬
‫حواجئنا؟ وكم أك َد ىلع قضاء احلوائج‪« ،‬من ف َّرج ك ْربة‬ ‫ِ‬ ‫اهلل تعاىل بقضا ِء‬ ‫اهتم ُ‬ ‫َّ‬ ‫كم‬
‫َ‬ ‫ََْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫ٌَْ‬
‫وف‪ ،‬فرج اهلل تعاىل كربته»‪ ،‬كم يف ذلك من دف ِء احلنان؟‬ ‫مله ٍ‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫ووضع‬ ‫ولقد جعل سبحانه اجلهاد يف سبيلنا ومن أجلنا‪ ،‬تلحريرنا من الطواغيت‬
‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫إصهم عنا واألغالل‪ ،‬جهادا يف سبيله ومن أجله‪ ،‬وأعطى املجاهدين ثوابا ال يقدر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫طريق ادلفاع عن عباد اهلل فهو من أمراء اجلنة!‬ ‫ِ‬ ‫ومن استشهد يف هذا الطريق‪،‬‬
‫َ‬ ‫ًّ‬ ‫وجل ّ‬‫ّ ّ ّ‬
‫نظري هل ىلع اإلطالق‪.‬‬ ‫حبا ال‬ ‫حيبنا‬ ‫إنه عز‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫صحيح أن من واجبنا أن حنب اهلل تعاىل‪ ،‬إل أن من واجبنا أيضا أن نعرف حبه ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫عز‬
‫حبه نلا‪ ،‬من عط ِفه‬ ‫تقدست أسماؤه ّإل إذا انطلقنا من ّ‬ ‫ّ‬
‫حنبه‬ ‫وجل نلا‪ ،‬بل ال يُمكننا أن ّ‬ ‫ّ‬
‫َ ُ َ ِّ َ ْ َ َ َ َ َ َّ ُ َ َّ َ َ َ َ َّ ُ َ َ َ َ َّ ُ‬ ‫َّ َ َ ْ ُ‬
‫ل فأتبغض إ ِ ْلك‪َ ،‬وتت َودد‬ ‫ون فأول عنك‪ ،‬وتتحبب إ ِ‬ ‫علينا‪َ ،‬من رمح ِته بنا‪« ،‬إنك تدع ِ‬
‫َ َّ َ َ ْ َ ُ ْ َ‬
‫ل فل أقبل مِنك»‪.‬‬ ‫إِ‬
‫َ َ َ ُّ َ ْ‬ ‫َ َ ِّ َ ْ َ ُ َ ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َُُْ َ ّ ََّ‬ ‫َ َْ ْ ُ‬
‫«ألمد هللِ اذلي يلم عن كأن ال ذنب ِل‪ ،‬فرب أحد ش ٍء عِندِي وأحق ِبمدِي»!!‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫رس وبكل وضوح أن اهلل عز وجل‬ ‫ترى‪ ،‬أال نستطيع من خالل ذلك أن نكتشف بي ٍ‬
‫وجل ّ‬ ‫ّ ّ ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫يتقبلنا إذا رجعنا‬ ‫ألحد منا أن يدخل انلار‪ ،‬ومهما اكنت معاصينا فإنه عز‬ ‫ٍ‬ ‫ال يريد‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫بصدق‪ ،‬واكنت توبتنا توبة صادقة نصوحا؟‬ ‫إيله ِ‬
‫ُ‬
‫داعء ايلوم اخلامس‬
‫َ َ‬
‫القان َ‬ ‫َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َْ‬ ‫الم ْس َت ْغفِر َ‬
‫ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ َّ ُ ْ َ ْ‬
‫ِتني‪،‬‬ ‫الني‬
‫ين‪ ،‬واجعل ِن فِي ِه مِن عِبادِك الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫«ألله َّم اجعل ِن فِي ِه مِن‬
‫اح َ‬ ‫ك يَا َأ ْر َح َم َّ‬‫َ ُ َ َّ َ َ َ ْ َ َ‬ ‫ْ ْ َْ‬ ‫ْ َْ‬
‫ِني»‪.‬‬ ‫الر ِ‬ ‫‪َ 82‬واجعل ِن فِي ِه مِن أو ِلائ ِك المقربِني‪ ،‬برأفتِ‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬


‫وكأن ال َ‬
‫ذنب‬ ‫يسمح يل رب حببِّه يل‪ ،‬بِ َرأفته يب أن أدعوه‬ ‫ُ‬ ‫املآثم‬
‫ِ‬ ‫أنا العايص الغارق يف‬
‫ُ‬
‫العىل‪ ،‬إنّه يقول يل‪« :‬أ ْ‬ ‫أطلب منه ادلرجات ُ‬ ‫َ‬ ‫ويسمح يل ‪-‬بل ُّ‬
‫ُ‬
‫طلب أن‬ ‫ِ‬ ‫حيب يل‪ -‬أن‬ ‫يل‪،‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫أجعلك من الصاحلني‪ ،‬من القانتني‪ ،‬أطلب أن أجعلك من أويلايئ املقربني»‪ .‬إليه‬
‫أستغفر وأتوب‪ ،‬وأطلب منك َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫في ِّين َ‬
‫يل‬ ‫الصفح واملغفرة‪ُ ،‬‬ ‫َ‬ ‫در ُك خطورة ذنيب فأحاول أن‬
‫أ ِ‬
‫رش بال لُ ّ‬
‫ب‪.‬‬ ‫شلك بال حمتوى‪ ،‬و ِق ٌ‬‫ٌ‬
‫حب املعايص‪ ،‬فإذا باستغفاري‬ ‫الشيطان َّ‬
‫المستَغفرين‪.‬‬ ‫سيدي‪ ،‬اجعلين يف هذا ايلوم من ُ‬ ‫ّ‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫صالة الليلة السادسة‬
‫ّ‬
‫مرة‪ ،‬و(قل هو اهلل أحد) ّ‬
‫مرة‪ ،‬أو ثالث‪ ،‬أو‬ ‫لك ركعة (احلمد) ّ‬ ‫‪ -1‬عرشون َركعة‪ ،‬يف‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫خس‪ ،‬أو سبع‪ ،‬أو عرش‪ ،‬ثماين ركعات منها بعد صالة املغرب‪ ،‬واثنتا عرشة ركعة بعد‬
‫صالة العشاء‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ َ ّ‬
‫‪ -2‬عن رسول اهلل |‪« :‬ومن صل يف الليلة السادسة من شهر رمضان أربع ركعات‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫‪1‬‬
‫يقرأ يف لك ركعة (احلمد) و(تبارك اذلي بِيدِه الملك)‪ ،‬فكأنما صادف يللة القدر»‪.‬‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ست ُّ‬‫ُ َ‬
‫حب أن يصل يف لك يلل ٍة من شهر رمضان ركعتني بـ (احلمد)‬ ‫‪ -3‬قال الكفعيم‪« :‬وي‬
‫حان َم ْن ُهوَ‬ ‫ََُْ ُْ َ‬ ‫ُْ َ َ ْ َُ َ ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫مرة‪ ،‬و(اتلّوحيد) ثالثا‪ ،‬فإذا سلم قال‪ :‬سبحان من هو حفِيظ ال يغفل‪ ،‬سب‬ ‫ّ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ ٌ َْ َ ُ ُْ َ َ ْ َُ ٌ َْ ُ ُْ َ َ ْ َُ ٌ َُْ‬
‫رحِيم ال يعجل‪ ،‬سبحان من هو قائ ِم ال يسهو‪ ،‬سبحان من هو دائ ِم ال يلهو‪ .‬ثم يقول‬
‫نب‬
‫ُ ْ ْ َ َّ‬
‫اذل َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ثم يقول‪ :‬سبحانك سبحانك يا عظيم‪ ،‬ا ِغفِر يل‬
‫ُ‬ ‫التّسبيحات األربعة سبعاً‪َّ ،‬‬
‫ِ‬
‫فر ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫يب عرشا‪َ .‬من صلها غ َ‬ ‫ً‬ ‫َّ ُ ّ‬
‫صل ىلع انلّ‬ ‫َ‬
‫‪2‬‬
‫ذنب»‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ألف‬ ‫سبعني‬ ‫هل‬ ‫اهلل‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫العظيم‪ .‬ثم‬

‫‪ -1‬احلر العاميل‪ ،‬وسائل الشيعة‪38/8 :‬؛ والكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ :‬ص ‪.175‬‬
‫‪83‬‬ ‫‪ -2‬الكفعمي‪ ،‬املصباح‪ :‬ص ‪ ،563‬اهلامش‪.‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫‪6‬‬
‫شهر رمضان‬

‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫* هل اكن استعدادنا مناسبا‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫* من دخل ضيافة بما ال يناسب‬
‫ّ‬
‫* باتلّوبة يتحقق االستعداد واتلّناسب‬
‫َْ ُ‬
‫* بيعة اإلمام الرضا خ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫داعء ايلوم السادس‬ ‫*‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫* صالة الليلة السابعة‬

‫‪84‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ً‬ ‫ُ‬
‫هل اكن استعدادنا مناسبا‬
‫ّ ّ‬ ‫َ‬
‫عز وجل‪.‬‬ ‫‪-‬شئنا أم أبَينا‪َ ،‬رغبنا أم لم نرغب‪ -‬يف ضيافة اهلل‬
‫أصبحنا اآلن ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وإذا كنا لم نستعد قبل دخول شهر رمضان املبارك الستقباهل‪ ،‬فهل يصح أن نبىق يف‬
‫ّ‬
‫أهمية ضيافة أرحم ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫الرامحني‪ ،‬ونبحث عن مدى‬ ‫ندرك‬ ‫غفلة‪ ،‬أم أن من واجبنا أن‬
‫اتلناسب بيننا وبني هذه الضيافة؟‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫من دخل ضيافة بما ال يناسب‬
‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫األهمية‪ ،‬من حيث أعداد‬ ‫ّ‬ ‫مدعوا إىل ضياف ٍة ّما‪ ،‬ىلع درجة اعيلة من‬ ‫لو أن شخصا‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املدعو عن‬ ‫ونوعيتهم‪ ،‬واملوضوع اذلي هو حمور ادلعوة‪ ،‬وقد غفل هذا‬ ‫املدعوين‪،‬‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫االستعداد املناسب هلذه الضيافة‪ ،‬أو لم يستعد هلا أصال‪ ،‬فلم يَ ْرت ِد اثلياب املناسبة‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ً‬ ‫َ َّ‬ ‫ّ‬
‫دخلت أوىل‬ ‫وعندما ذهب من دون االستعداد اللزم ظل سادرا يف غفل ِته إىل أن‬
‫ّ‬ ‫ُ ِّ‬
‫األضواء الاكشفة‪ ،‬وبدأ ابلث‬‫ُ‬ ‫وسل َطت‬ ‫حلظات الفرتة الرئيسة يف موعد هذه الضيافة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ت عرشات الاكمريات ىلع َ‬‫وسلِّ َط ْ‬
‫الفضايئ‪ُ ،‬‬
‫المدعوين‪ ،‬و ما زالت الغفلة تسيطر عليه‬
‫بشلك أو بآخر‪.‬‬
‫ٍ‬
‫َُ ًَ‬ ‫ّ ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫وفجأة وقع نظره يف مرآ ٍة فاكتشف أثناء هذا احلفل انلويع أن ىلع ثيابه بقعا من‬
‫َ‬
‫ووضعه الظاهري ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ٌ‬ ‫ّ‬
‫يسء‬ ‫ملطخ باألدران واألوساخ‪ ،‬أو أن ثيابه رديئة‪،‬‬ ‫الزيت‪ ،‬أو أنه‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬
‫يترصف هذا الغافل‪ ،‬واحلفل قد بدأ‬ ‫جدا‪ ،‬ال يناسب هذا املاكن ىلع اإلطالق‪ .‬فكيف‬
‫الصميم؟‬‫وهو منه يف ّ‬
‫نترصف أنا وأنت وأمثانلا عندما جند َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ّ‬
‫أنفسنا‬ ‫يترصف‪ ،‬فهكذا ينبيغ أن‬ ‫كما تقدر هل أن‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫ّ‬ ‫الرمحن ّ‬
‫يف ضيافة ّ‬
‫حلولا‪،‬‬
‫ِ‬ ‫غمرتنا الغفلة فلم نستعد هلذه الضيافة قبل‬ ‫عز وجل وقد‬
‫ولما ننتبه ُ‬
‫بعد إىل آداب هذه الضيافة‬ ‫ومرت علينا أيّام ويلال من هذا الشهر املبارك ّ‬
‫ّ‬
‫ٍ‬
‫ّ‬
‫اإلهلية‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫* باتلّوبة يتحقق االستعداد واتلّناسب‬
‫يا قلب‪:‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫إذا اكن هلذا عذر من األعذار‪ ،‬فما هو عذر من يكتشف يف ضيافة اهلل تعاىل‪ ،‬اليت‬
‫وخ َي ُة عباد اهلل الصاحلني وسائر َمن داعهم اهلل ّ‬
‫عز‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫يشرتك بها انلبيون واألوصياء ِ‬
‫صفر َ‬ ‫َّ َ َّ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ ّ‬
‫ايلدين من بلاس اتلقوى‪،‬‬ ‫َ‬ ‫انلفس والفطرة‪،‬‬ ‫وجل‪ ،‬أن غفلتَه قد محلته إيلها مشوه‬
‫َ‬
‫خايل الوفاض من ماكرم األخالق؟!!‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ثم ها يه صورة باط ِنه تظهر يف مرآة احلقيقة‪ ،‬ىلع ما هو عليه! حيمل أطنانا من احلقد‪85 ،‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬


‫وحب اجلاه!! كيف‬ ‫وحب املال‬ ‫الظن‪ ،‬وأطنانا من اجلَشع‬ ‫وأطنانا من ال ِغيبة‪ ،‬وسوء‬
‫ّ‬
‫ُ‬
‫يذوب‬ ‫َ‬
‫املحض العظيم وال‬ ‫يُمكنُه أن يرىض بهذه احلقيقة الشوهاء‪ ،‬حقيقته‪ ،‬يف هذا‬
‫ويود لو ت ُ َّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫سوى به األرض؟!‬ ‫خجال‪،‬‬
‫وهل يُعقل أن يبىق يف هذه الضيافة ىلع ما هو عليه؟!‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫وكيف ال يبذل املستحيل َتلغيري هذا الوضع؟!‬
‫فما هو املطلوب؟‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫أمره ويتحرك حنو االنسجام مع هذه الضيافة حىت‬ ‫درك الغافل حقيقة ِ‬ ‫املطلوب أن ي ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َ ً‬
‫ٍّ‬
‫«رسيم»‬ ‫عجيبة يف ٍّ‬
‫جو‬ ‫ال يبىق نشازا غريبا عنها‪ ،‬اكلضيف اذلي يرتدي ثيابا ُملفتة‬
‫َ‬
‫صاحب هذا املنظر‬ ‫فحت ال أبىق أنا العايص‪،‬‬‫اخلصوصية‪ ،‬أال يبىق وجودا ً نشازاً؟ ّ‬
‫ّ‬ ‫شديد‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫المرعب‪ ،‬نشازا يف هذه الضيافة اإلهلية‪ ،‬ينبيغ أن ّ‬ ‫ابلاطين ُ‬
‫أحترك‪ ،‬وأبادر‪ ،‬أن أعمل‬
‫ً‬
‫شيئا‪.‬‬
‫مما هو فيه؟‬ ‫َ‬
‫خيرج ّ‬ ‫والسؤال هنا‪ :‬ماذا بِوسع الغافل أن يفعل؟ وكيف يُمكنُه أن‬
‫ّ ّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ ُ‬
‫عز وجل‪.‬‬ ‫واجلواب‪ :‬جيدد اتلوبة إىل اهلل‬
‫ُ‬ ‫«أستغفر َ‬‫ُ‬ ‫أي توبة؟ هل ُ‬ ‫ولكن‪َّ ،‬‬
‫اهلل وأتوب إيله»‪ ،‬وابلقاء ىلع ما هو‬ ‫المراد لكمات‬
‫ّ ّ‬ ‫اذلنْب بل ُ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫عز وجل؟‬ ‫عني االستهزا ِء باهلل‬ ‫إرصار ىلع‬ ‫عليه؟ وهل هذا إل‬
‫يت‬‫فاعلة‪ ،‬من األعماق‪ ،‬أَرأَ َ‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬
‫حارة‪،‬‬
‫َ‬
‫املطلوب منا ‪-‬أيّها احلبيب‪ -‬أن تكون اتلوبة‬
‫َ ّ‬
‫إن‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫وتتفجع‬ ‫حتتاج إىل َمن يعلمها كيف تندب‪ ،‬وتلطم‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫دلها‪ ،‬هل‬ ‫َ‬
‫إىل األم املفجوعة بو ِ‬
‫ّ‬
‫ِّ ً‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ىلع اب ِنها‪ ،‬أم أنها من شدة اضطرام نار احلُزن يف أعماقها تصبح معلمة لغريها يف باب‬
‫ّ‬ ‫َّ ْ‬ ‫اتل ُّ‬
‫وانلدب والل ْطم‪.‬‬ ‫فجع‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫َ ّ‬ ‫َ‬
‫بصددها‪ -‬من هذا انلوع‪،‬‬ ‫يلت أن أكون‬ ‫بصد ِد الكالم عنها ‪-‬ويا‬ ‫واتلوبة اليت أنا‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ُ َ َ َ ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫انل َدم ىلع ما‬‫وب إيله» فقط‪ ،‬بل أن يطول َّ‬ ‫ليست عبارة عن لكمات «أستغفِر اهلل رب وأت‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫َّ ْ‬
‫أعماق األعماق‪ ،‬بل تقول شغاف القلب‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ب اهلل‪ ،‬فنقول من‬ ‫فرطنا يف جن ِ‬
‫َ َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َ َ َّ َ ْ ُ َّ َ َ ُ َ ِّ َ ُ َ ْ ُ ُ‬ ‫َ ْ ُ َّ َ َ َ ُ ْ‬
‫وب‪ ،‬فك ْم أتوب‬ ‫اص‪ ،‬وي ِل كما كب سِن كثت ذن ِ‬ ‫«وي ِل كما طال عم ِري زادت مع ِ‬
‫َ َ ْ َ ُ َ َ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ ِّ‬
‫ح مِن َرب»‪.‬‬ ‫وكم أعود‪ ،‬أما آن ِل أن أست ِ‬
‫ََ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ ّ َ ْ ُ ُّ َ َ َ‬
‫مرة سمعت أم سلمة رسول اهلل صل اهلل عليه وآهل يقول يف داعئه‪ :‬ول تكِل ِن‬ ‫«ذات‬
‫َ ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ ْ َ َ َ ْ َ َ َ ً َ َ َ ْ ُ ُّ َ َ َ‬ ‫َْ‬
‫ِيك؟‬ ‫ي أبدا‪ ،‬فبكت أم سلمة‪ ،‬قال صل اهلل عليه وآهل‪ :‬ما يبك ِ‬ ‫إىل نف ِس طرفة ع ٍ‬
‫ُ َ َّ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫قالت‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬أنت تقول ذلك؟ قال صل اهلل عليه وآهل‪َ :‬ول َِم ال؟ وهذا ابن مت‬ ‫‪86‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫َ َ َ‬ ‫َ ََْ َْ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َََ‬


‫أمره ما كن»‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ي فكن مِن ِ‬ ‫يب يونس‪ -‬وكه اهلل إىل نفسِ ه طرفة ع ٍ‬ ‫‪-‬انلّ ّ‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫أي معادلة هذه اليت حنن عليها‪ :‬رسول اهلل | ُمش ِف ٌق َو ِجل‪ ،‬وحنن ُمطمئنون‪ ،‬ونشعر‬ ‫ّ‬
‫َ َْ ّ َ‬ ‫ّ ُ‬
‫يب!‬ ‫أننا قمنا بما علينا‪ ،‬يف غفل ٍة عما ِ‬
‫انلصوح يف شهر‬ ‫اتلوبة ّ‬
‫الصادقة ّ‬ ‫مدعوون إىل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األعزاء أقول‪ :‬حنن‬ ‫ِلفيس وجلميع‬
‫ّ‬ ‫ِّ ُ‬ ‫ُ ّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫ئات‬
‫رمضان املبارك‪ ،‬ول ِثق أن ربنا نِعم الرب‪ ،‬يبلغ قبول اتلوبة إىل حيث يبدل السي ِ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫نات‪َ ،‬وليه المزيد‪ ،‬ورضوان من ا ِ‬
‫هلل أكرب‪.‬‬ ‫حس ٍ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫* بيعة اإلمام الرضا ×‬
‫َ‬
‫بن عمران ×‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ّ‬
‫قال الشيخ املفيد‪« :‬ويف السادس منه أنزل اهلل اتلوراة ىلع موىس ِ‬
‫لسيدنا أيب احلسن ع ّ‬ ‫ُ‬
‫وفيه من سنة إحدى ومئتَني للهجرة اكنت ابليعة ّ‬
‫يل بن موىس‬
‫َ َ َّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫بة‬ ‫الص َدقة والم‬
‫ب فيه َّ‬ ‫رسور املؤمنني‪ ،‬ويُستَ َ‬
‫ح ُّ‬ ‫ُ‬ ‫الرضا ×‪ .‬وهو ٌ‬
‫يوم رشيف يتجدد فيه‬ ‫ّ‬
‫حق آل َّ‬
‫حمم ٍد ^‪،‬‬ ‫أظهر فيه من ِّ‬
‫َ‬ ‫عز ُ‬
‫اسمه ىلع ما‬ ‫ُ‬
‫واإلكثار لشكر اهلل َّ‬ ‫للمساكني‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪2‬‬
‫وإراغمِ املنافقني»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫وقال السيد ابن طاوس‪« :‬وروي أنه يصل يوم السادس من شهر رمضان ركعتني‪ ،‬لك‬
‫مرة‪ ،‬ألجل ما َ‬ ‫ً‬
‫مرة‪ ،‬وبـ (سورة اإلخالص) مخسا وعرشين ّ‬ ‫ركعة بـ (احلمد) ّ‬
‫ظهر من‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫وذكر املفيد يف (اتلواريخ الرشعية) أن ايلوم‬ ‫حقوق موالنا الرضا عليه السالم فيه‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪3‬‬
‫السادس من شهر رمضان اكنت مبايعة املأمون ملوالنا الرضا عليه السالم فيه»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫داعء ايلوم السادس‬
‫ْ‬ ‫َْ َ َ َ َ ْ ْ‬ ‫َْ َ َ َ َ ْ ْ‬ ‫ْ َ َ ُّ‬ ‫َّ ُ َّ َ ْ ُ ْ‬
‫ن فِي ِه‬
‫ياط نقمتِك‪ ،‬وزح ِزح ِ ِ‬ ‫ضب ِن بِسِ ِ‬ ‫«أللهم ال تذل ِن فِي ِه ِلعر ِض َمع ِصيتِك‪ ،‬وال ت ِ‬
‫َ ‪4‬‬ ‫ِيك يا ُم ْن َتىه َر ْغ َب ِة َّ‬
‫الرا ِغبِني»‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ ِّ َ‬
‫بات سخطِك‪ ،‬بِمنك َوأياد‬
‫ْ ُ‬
‫ج ِ‬ ‫مِن مو ِ‬
‫َ‬
‫األمور بينَهما إىل ماريها‪ ،‬كيف‬ ‫ُ‬ ‫اعدت‬
‫ِ‬
‫أساء إىل َحبيبه‪ّ ،‬‬
‫ثم‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ِّ‬
‫املحب اذلي‬ ‫أرأيت إىل‬ ‫َ‬
‫ِّ‬ ‫وحياذر أن ي ُ َ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫صفو الوئام؟‬ ‫يسء إيله فيُ َعك َر‬ ‫ُ‬ ‫حيرص ىلع رضا احلَبيب‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت ع َّ َ َ ْ َ ُ‬
‫يل‪ ،‬وسددين فال أعيص‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫عفوك ورأ ِفتك‪ ،‬فَأت ْ ِم ْم نعمتَك ع ّ‬ ‫يل‪ ،‬فشملتين ببد ِ‬
‫إليه‪ُ ،‬تبْ َ‬

‫ب ّ‬ ‫إن عصيتُك‪ ،‬وأنت تَ َّ‬


‫تحب ُ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫إيل!‬ ‫ما أقل حيايئ يا إليه‬

‫بترصف‪.‬‬
‫‪ -1‬املجليس‪ ،‬البحار‪ ،217/16 :‬و‪ّ ،384/14‬‬
‫مسار الشيعة‪ :‬ص ‪.22‬‬‫ُّ‬ ‫‪ -2‬الشيخ املفيد‪،‬‬
‫‪ -3‬اإلقبال‪.265 - 264/3 :‬‬
‫القمي‪ ،‬مفاتيح اجلنان‪ ،‬أدعية ّأيام شهر رمضان؛ وانظر‪ :‬الكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ :‬ص‬
‫املحدث ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪-4‬‬
‫‪87‬‬ ‫‪ ،220 – 219‬وال ّلفظ ّ‬
‫لألول‪.‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫َََْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َْ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫كس يف‬
‫كلين إىل نفيس فأرت ِ‬
‫وأن يل بالطاعة إل بالتسديد‪ .‬أللهم فال تذلين‪ ،‬وال ت ِ‬
‫املعايص‪ .‬يا ُمنتَىه رغب ِة ّ‬
‫الراغبني‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫صالة الليلة السابعة‬
‫ّ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ّ‬
‫اغب أيَّها أراد‪.‬‬
‫الر ُ‬
‫للك يللة ثالث صلوات يلَختار ّ‬ ‫مت اإلشارة إىل أن أورد‬
‫تقد ِ‬
‫ً‬ ‫مرة‪ ،‬و(اتلّوحيد) ّ‬‫‪ -1‬صالة عرشين ركعة من أصل األلف‪ ،‬بـ (احلمد) ّ‬
‫مرة‪ ،‬أو ثالثا‪،‬‬
‫ً ُ َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫أو مخسا‪ ،‬أو سبعا‪ ،‬أو عرشا‪ .‬يؤت بثماين َركعات منها بعد املغرب‪ ،‬وابلايق بعد العشاء‪.‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫‪ -2‬عن رسول اهلل |‪« :‬ومن صل يف الليلة السابعة من شهر رمضان أربع ركعات‪،‬‬
‫مرة‪َ ،‬ب َن ُ‬‫مرة‪ ،‬و(إنّا أنزنلاهُ يف يللة القدر) ثالث عرشة ّ‬ ‫لك ركعة (احلمد) ّ‬ ‫ّ‬
‫اهلل هل‬ ‫يقرأ يف‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ ْ‬
‫‪1‬‬
‫شهر رمضان مثلِه»‪.‬‬
‫أمان اهلل تعاىل إىل ِ‬
‫يف جن ِة عدن قرصي ذهب‪ ،‬واكن يف ِ‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ست ُّ‬‫ُ َ‬
‫حب أن يصل يف لك يلل ٍة من شهر رمضان ركعتني بـ (احلمد)‬ ‫‪ -3‬قال الكفعيم‪« :‬وي‬
‫ََُْ ُْ َ‬
‫حان َم ْن ُهوَ‬ ‫ُْ َ َ ْ َُ َ ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫مرة‪ ،‬و(اتلّوحيد) ثالثا‪ ،‬فإذا سلم قال‪ :‬سبحان من هو حفِيظ ال يغفل‪ ،‬سب‬ ‫ّ‬
‫ُ‬
‫ثم يقول‬‫حان َم ْن ُه َو دائ ٌِم ال يَلْ ُهو‪ّ .‬‬
‫َ ٌ َْ َ ُ ُْ َ َ ْ َُ ٌ َْ ُ ُْ َ‬
‫رحِيم ال يعجل‪ ،‬سبحان من هو قائ ِم ال يسهو‪ ،‬سب‬
‫نب‬
‫َّ‬
‫يل اذل َ‬ ‫ْ‬
‫عظيم‪ ،‬ا ِغف ِْر َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ُ‬
‫ثم يقول‪ :‬سبحانك سبحانك يا‬ ‫التّسبيحات األربعة سبعاً‪َّ ،‬‬
‫ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫العظيم‪َّ .‬‬
‫‪2‬‬
‫ذنب»‪.‬‬
‫يب عرشا‪ .‬من صلها غفر اهلل هل سبعني ألف ٍ‬ ‫ثم تصل ىلع انلّ ّ‬

‫‪ -1‬احلر العاميل‪ ،‬وسائل الشيعة‪39/8 :‬؛ والكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ :‬ص ‪ ،175‬ويف الثاين‪«ُ :‬بين له‬
‫قرص من ذهب»‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫‪ -2‬الكفعمي‪ ،‬املصباح‪ :‬ص ‪ ،563‬اهلامش‪.‬‬ ‫‪88‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫‪7‬‬
‫شهر رمضان‬

‫ّ‬
‫* داعء ايلوم السابع‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫* صالة الليلة اثلامنة‬

‫‪89‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬ ‫ُ‬
‫داعء ايلوم السابع‬
‫ْ‬ ‫َ ْ ُْ‬ ‫ْ ََ‬ ‫ْ‬ ‫َ ِّ ْ‬ ‫َّ ُ َ ِّ ْ َ‬
‫ارزق ِن فِي ِه‬ ‫«ألله َّم أعِن فِي ِه ع صِ يا ِم ِه َوقِيا ِمهِ‪َ ،‬وجنب ِن فِي ِه مِن هفوات ِ ِه َوآثا ِمهِ‪ ،‬و‬
‫المضلِّ َ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ْ َ َ‬
‫ني»‪.‬‬ ‫ذِك َرك بِدوا ِمهِ‪ ،‬بِتوفِيقِك يا هادِي ِ‬
‫شخصية مستقلّة لشهر رمضان املبارك‪ ،‬ولكن يُ َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ّ‬
‫أن ّ‬ ‫يُ َ‬
‫فهم‬ ‫الروايات تدثنا عن‬ ‫الحظ‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫شخصية مستقلة للك يومٍ من‬ ‫اتلأكيد ىلع‬ ‫من بعضها ‪-‬كما يف خطبة املصطىف |‪-‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أيّام شهر رمضان‪ ،‬ولك يللة من يلايل شهر رمضان‪ ،‬بل ولك ساعة من سااعت شهر‬
‫رمضان‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫وأدعية أيام شهر رمضان املبارك تؤكد نلا ىلع الشخصية املستقلة للك يومٍ من أيام‬
‫ّ ُ َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ات تطلب من‬ ‫هذا الشهر الكريم‪ ،‬ومن هنا جند الرتكزي يف داعء لك يوم ىلع خصوصي ٍ‬
‫ّ ّ‬
‫عز وجل فيه‪.‬‬ ‫اهلل‬
‫ّ ً ُ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ ُ ّ‬
‫ند أننا مأمورون بالطلب من اهلل تعاىل أوال أن يعيننا ىلع صيا ِمه‬ ‫ويف داعء يومنا هذا ِ‬
‫َ‬ ‫َ ّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫وقيا ِمه‪ ،‬وهذا ٌ‬
‫أمر ينبيغ أن يستمر طلبه من اهلل تعاىل طيلة الشهر‪ ،‬كما أمرنا املصطىف‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫صل اهلل عليه وآهل أن نطلبَه من اهلل تعاىل قبل حلول الشهر‪.‬‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫واآلثام‬ ‫وات‬
‫واألمر اثلاين اذلي ورد اتلأكيد عليه يف هذا ادلاعء أن جينبنا اهلل تعاىل الهف ِ‬
‫يف هذا ايلوم‪.‬‬
‫َْ ُ‬ ‫َْ َ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫عمال أدومها‬ ‫واألمر اثلالث أن يمن علينا عز وجل بدوام اذلكر‪ ،‬ىلع قاعدة «خي األ ِ‬
‫ْ َ َّ‬
‫وإن قل»‪.‬‬
‫متذكرا ً ربهّ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ٌّ ّ ّ‬ ‫ّ ْ‬
‫إن ِذك َر اهلل تعاىل مهم‪ ،‬إل أن األهم هو دوام هذا اذلكر‪ ،‬فيبىق اإلنسان‬
‫باستمرار‪.‬‬
‫أن ذلك ال يكون ّإل بتوفيق اهلل عزّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واألمر الرابع اتلأكيد ىلع غرار األدعية املتقدمة‬‫ُ‬
‫ِ‬
‫ّ‬ ‫وكأن هذه العبارة األخرية ُ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬
‫المضل ْ َ‬‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫تريد أن تقول أن َمن‬ ‫ي»‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وجل‪« :‬بِتوفِيقِك يا هادي‬
‫وجل أيضا ً يَهديه‪ ،‬ويه َ‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫بمعىن‪:‬‬ ‫فأصبح ُم ِضل‪ ،‬فإن اهلل عز‬‫َ‬ ‫وصل يف الضالل إىل اغي ِته‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ُ‬
‫أرحم ّ‬
‫الرامحني‪.‬‬ ‫فأنت اآلخذ بيَدي‪ ،‬فأنت‬‫َ‬ ‫كنت ضال فقط أو ُم ِضل‬ ‫إليه‪ ،‬سواء ُ‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫صالة الليلة اثلامنة‬
‫َ‬
‫‪ -1‬صالة عرشين َركعة‪ ،‬من األلف ركعة اليت يه األرجح عند الفقهاء بني روايات‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫نوافل هذا الشهر الكريم‪ ،‬لك ركعتني بتسليمة‪ ،‬ثمان منها بني املغرب والعشاء‪ ،‬وابلايق‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫مرة‪ ،‬و(اتلّوحيد) ّ‬
‫لك ركعة (احلمد) ّ‬‫ّ‬
‫مرة‪ ،‬أو ثالثا‪ ،‬أو مخسا‪ ،‬أو‬ ‫بعد العشاء‪ ،‬يقرأ يف‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫سبعا‪ ،‬أو عرشا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ّ ّ َ ّ َ‬
‫«ومن صل الليلة اثلامنة من شهر رمضان ركعتني‪ ،‬يقرأ يف لك‬ ‫‪ -2 90‬عن رسول اهلل |‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ُ َ‬ ‫َ َّ َ َ َ‬ ‫عرش ّ‬ ‫ركعة (احلمد) ّ‬


‫مرات‪َ ،‬وسبح ألف تسبيحة‪ ،‬فتِحت هل‬ ‫َ‬ ‫مرة‪ ،‬و(قل هو اهلل أحد)‬
‫ِّ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫‪1‬‬
‫جلنان اثلمانية‪ ،‬يدخل من أيها شاء»‪.‬‬ ‫أبواب ا ِ‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ست ُّ‬‫ُ َ‬
‫حب أن يصل يف لك يلل ٍة من شهر رمضان ركعتني بـ (احلمد)‬ ‫‪ -3‬قال الكفعيم‪« :‬وي‬
‫ََُْ ُْ َ‬
‫حان َم ْن ُهوَ‬ ‫ُْ َ َ ْ َُ َ ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫مرة‪ ،‬و(اتلّوحيد) ثالثا‪ ،‬فإذا سلم قال‪ :‬سبحان من هو حفِيظ ال يغفل‪ ،‬سب‬ ‫ّ‬
‫ُ‬
‫ثم يقول‬ ‫حان َم ْن ُه َو دائ ٌِم ال يَلْ ُهو‪ّ .‬‬
‫َ ٌ َْ َ ُ ُْ َ َ ْ َُ ٌ َْ ُ ُْ َ‬
‫رحِيم ال يعجل‪ ،‬سبحان من هو قائ ِم ال يسهو‪ ،‬سب‬
‫ُ ْ ْ َ َّ‬
‫اذلنبَ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ثم يقول‪ :‬سبحانك سبحانك يا عظيم‪ ،‬ا ِغفِر يل‬
‫ُ‬ ‫التّسبيحات األربعة سبعاً‪َّ ،‬‬
‫ِ‬
‫فر ُ‬ ‫صلها َغ َ‬ ‫َّ‬ ‫ً َ‬ ‫صل ىلع انلّ‬ ‫َّ ُ ّ‬ ‫َ‬
‫‪2‬‬
‫ذنب»‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ألف‬ ‫سبعني‬ ‫هل‬ ‫اهلل‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫‪.‬‬ ‫عرشا‬ ‫ّ‬
‫يب‬ ‫ت‬ ‫العظيم‪ .‬ثم‬

‫احلر العاميل‪ ،‬وسائل الشيعة‪39/8 :‬؛ والكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ :‬ص ‪.175‬‬
‫‪ّ -1‬‬
‫‪91‬‬ ‫‪ -2‬الكفعمي‪ ،‬املصباح‪ :‬ص ‪ ،563‬اهلامش‪.‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫‪8‬‬
‫شهر رمضان‬

‫ُُ‬ ‫ُ ْ‬
‫* حس ُن اخللق‬
‫َ‬ ‫* ّ‬
‫الرمحة يه المدخل‬
‫ْ‬
‫* نظرة يف انلَّفس‪َ ،‬‬
‫وابليت‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫داعء ايلوم اثلامن‬ ‫*‬
‫ّ‬ ‫ُ ّ‬
‫* صالة الليلة اتلاسعة‬

‫‪92‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫يف خطب ِة املصطىف احلبيب حول شهر رمضان املبارك ورد قول |‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫َّ ْ ُ َ ُ َ َ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َّ َ‬
‫اط يوم ت ِزل فيه األقدام‪.»..‬‬
‫«من حسن مِنكم يف هذا الشه ِر خلقه اكن ل جواز ىلع الص ِ‬
‫ُُ‬ ‫ُ‬
‫حسن اخللق‬
‫ُ‬
‫ِلُسن اخلُلق مرتبتَان‪:‬‬
‫َ‬
‫األوىل‪ :‬أن ال يُستف َّز اإلنسان يف باط ِنه‪ ،‬بل يكون هل من احلِلم وسائر األخالق احل َ َسنة‬
‫ما حيول بينَه وبني ذلك‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫اثلانية‪ :‬أن تعتمل يف باطنه عوامل االستثارة واالستفزاز‪ ،‬ولكنه يسيطر عليها فال‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫يترصف ىلع أساسها‪ ،‬فيُعامل الطرف‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫تلنعكس ىلع ظاهره‪ ،‬فضال عن أن‬ ‫ّ‬
‫تتفجر‬ ‫يَ َد ُعها‬
‫ينسجم معها‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫اآلخر بما‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌّ ّ‬
‫وبدييه أن حسن اخللق باملعىن األول‪ :‬أن ال يثار يف باطنه‪ ،‬أصعب بكثري من حسن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ ً‬ ‫اخلُلُق باملعىن اثلاين‪ :‬أن ال ّ‬
‫ترصفا سيّئا ُمستجيبا ملا‬ ‫يترصف‬ ‫ّ‬ ‫يعب عما يف داخله‪ ،‬أو ال‬
‫ُ‬
‫جراء سوء اخلُلق الاكمن‪.‬‬ ‫يدور يف باطنه من ّ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫إل أن َمن وصل إىل ُحسن اخلُلق بهذا املعىن اثلاين‪ ،‬أي إىل مرحلة أنه يُستثار لكنه وإن‬
‫ُّ‬
‫ويتجل‬
‫ُ‬
‫يستجيب لإلثارة‪ ،‬بل يتماسك‬ ‫ُ‬ ‫ثري يف داخ ِله إل أنه ىلع مستوى اخلارج ال‬
‫ّ ّ‬ ‫أُ َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُُ‬ ‫ُ‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ويكظ ُم غيظه‪ ،‬فهو يف مرحلة متقدمة جدا من «حسن اخللق»‪ ،‬ومع أنها أقل مرتبة‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ ّ‬
‫من األوىل‪ ،‬إل أنها الطريق احلرصي اعدة للوصول إىل األوىل‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫اتل ُّ‬
‫بد من ّ‬ ‫ّ‬
‫نبه إىل أن اهلدف اذلي ينبيغ أن يكون نصب العني دائما هو األوىل‪،‬‬ ‫وال‬
‫ُُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أي حسن اخللق بأىلع مراتبه‪ ،‬وال يصح أن تكون صعوبته الشديدة مانعا من احللم‬
‫بتحققه‪َ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ألمرين‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫واإلحلاح‬
‫ِ‬ ‫أي مرتبة من اخلُلق احلَسن‪ ،‬فرع اإلرصار للوصول‪،‬‬ ‫أن الوصول إىل ّ‬ ‫‪-1‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫يف الطلب‪ ،‬ومن رأى اهلل تعاىل صدقه أعطاه‪ ،‬وما دام هذا الوصول ليس حبونلا‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫حبول اهلل سبحانه ّ‬ ‫وقوتنا بل َ‬ ‫ّ‬
‫نطلب ما نظنه مستحيال؟‬ ‫وقوته فلماذا ال‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أي إجناز‪ ،‬بمعىن أن َمن وصل‬ ‫يهدد ّ‬ ‫جمرد بقاء آثار سوء اخلُلق يف ادلاخل‪،‬‬ ‫أن ّ‬ ‫‪-2‬‬
‫ُ َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫إىل مرتبة أنه يستثار يف داخله‪ ،‬ولكنه يكظم غيظه‪ ،‬فقد ينفجر هذا الغيظ‬
‫َ ْ‬ ‫ً‬
‫ثم يغلبُه فيُصبح اعجزا عن كظ ِمه‪.‬‬ ‫ويقوى‪ّ ،‬‬ ‫املرات فيبدأ يَرضى يف نفسه َ‬ ‫بعض ّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫كما ال بد من ّ‬ ‫ّ‬
‫اتلنبه بعد ما سبق إىل أن الظاهر من حديث حسن اخللق عند‬
‫َْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كثري َّ‬
‫وبشلك اعم‪ ،‬هو املعىن اثلاين‪ ،‬أي السيطرة ىلع اخلارج ومنع‬ ‫ٍ‬ ‫ممن تصدوا هل‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اجلوارح من االنسياق َ‬
‫أمام رغبة ابلاطن‪ ،‬إل أن من الوضوح بماكن أن انلصوص‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫املتقد َمني بشلك تَراتُ ّ‬ ‫ّ‬
‫يب‪ ،‬فاثلاين هدف‬ ‫ٍ‬ ‫تطرح املعنيَني‬ ‫ُ‬ ‫سواء اآليات أو الروايات‪،‬‬
‫الوصول إىل ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫‪93‬‬ ‫األول‪.‬‬ ‫يتيح‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اتلأمل يف انلصوص اليت تتحدث عن ُحسن الرسيرة‪ ،‬وطهارة‬ ‫ويكيف إلثبات ذلك‬
‫ِّ‬ ‫َْ ّ‬
‫ابلاطن‪ ،‬وسالم ِة القلب‪ ،‬وقلع الش من الصدر‪ ،‬وغريها‪.‬‬
‫ّ‬
‫واتلوسل ِلَ ُمن اهلل تعاىل علينا بأىلع مراتب‬
‫َّ‬ ‫ّ‬
‫اتلرضع‬ ‫َ‬
‫حنرص يف‬ ‫ّ‬
‫العملية يه أن‬ ‫والفائدة‬
‫َ‬ ‫ُُ‬
‫ُحسن اخللق‪ ،‬وما ذلك عليه بعزيز‪.‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫الرمحة يه المدخل‬
‫ّ َّ‬
‫ُ‬
‫تصدر‬ ‫فليس معىن ذلك أن لك َمن‬ ‫َ‬ ‫وح ُسن اخللق حباجة إىل توضيح‪،‬‬ ‫العالقة بني الرمحة ُ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ ّ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫يرحم‬ ‫منه الرمحة فهو يتَحل حب ُسن اخللق‪ ،‬ألن ما نشاهده وجدانا أن من انلاس من‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫يليق وال ينبيغ‪.‬‬ ‫ويترصف بما ال ُ‬ ‫ّ‬ ‫ويستجيب لإلثارة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫يس ُء اخلُلق‪ ،‬يُستثار‬ ‫ويعطف‪ّ ،‬إل أنّه ّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ ّ‬
‫ترصفاته‪ ،‬وبني َمن ال يمتلكها‪،‬‬ ‫الرمحة وتظهر يف ّ‬ ‫اجلوهري بني َمن يمتلك‬ ‫ّ‬ ‫إل أن الفرق‬
‫تكشف عن درجة ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ ّ َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ ٌ ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫مهم ٍة من درجات‬ ‫ٍ‬ ‫الرمحة‬ ‫للتحل باخلُل ِق احلَسن‪ ،‬ألن‬ ‫هو أنه مؤهل‬
‫صاحب ضمري َ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫حياة القلب‪ ،‬اليت قد ِّ‬
‫ح‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫نعب عنها بأنه‬
‫ِّ ّ‬ ‫َ‬ ‫إن وجود الرمحة يف القلب ّ‬ ‫ّ‬
‫والرقة‪،‬‬ ‫بأي مرتبة اكنت‪ ،‬يعين وجود مرتبة من ِلني القلب‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إماكنية الوصول إىل ماكرم األخالق‪ ،‬كما يه استجابة اجلسد ‪-‬اذلي‬ ‫ويه مؤش ىلع‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫إماكنية الشفاء‪.‬‬ ‫مؤش ىلع‬ ‫األويلة‬ ‫بلعض اإلسعافات‬ ‫حيتمل موته‪ِ -‬‬
‫ُُ ّ‬ ‫ّ‬
‫ورقة القلب يف ُحسن اخللق أن اإلنسان‬ ‫ّ‬
‫ومن املجاالت اليت يظهر فيها تأثري الرمحة ِ‬
‫ترصف غري سليم يكشف عن‬ ‫اذلي يمتلك مرتبة من مراتب الرمحة إذا صدر منه ّ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬
‫بوخز الضمري اذلي يالحقه إىل أن يعتذر ‪-‬وإن لم يفعل ألن‬
‫ُ‬ ‫ُسوء ُخلُق‪ ،‬فإنّه يشعر َ‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫رمحتَه لم تَصل ُ‬
‫بعد إىل هذه املرتبة‪ -‬فإن هذه املعاناة تشك ىلع األقل دافعا يُعينه يف‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫املراحل اتلايلة من حياته ىلع االقرتاب من ُحسن اخلُلق‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫من هنا اكنت الرمحة املدخل إىل اتلخلص من سوء اخلُلق والوصول إىل ُحسن اخلُلق‬
‫املحمديّة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وماكرم األخالق‬
‫اتلنبه إىل هذا الرتابط بني ما يف القلب من رمحة‪ ،‬واستثماره يف جمال بناء‬ ‫ّ‬ ‫وبمقدار‬
‫َ‬
‫انلفس‪ ،‬تكون انلتيجة أفضل وأرسع‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ ٌّ ّ‬ ‫ّ‬
‫قلبه‬
‫والرتمجة العملية ذللك يه أن ينطلق لك منا من خمزون الرمحة اذلي يكتشفه يف ِ‬
‫ّ ّ‬
‫للوصول إىل اتلحل بماكرم األخالق‪ ،‬وذلك بابليان اتلايل‪:‬‬
‫َ َ‬ ‫َ ْ ُ َ ْ َ َ ْ َ ً ُّ َ َّ َ ً‬ ‫ّْ‬ ‫ّ‬
‫ارة‪َ ،‬وإِىل اخلطِيئ ِة‬ ‫له أشكو إِلك نفسا بِالسوءِ أم‬ ‫انلفس‪« :‬إ ِ ِ‬ ‫اتلأمل يف تعقيدات‬ ‫‪-1‬‬
‫َ‬
‫َ َُْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ َ ً َ َ َ َ ُ َ َ ِّ َ ً َ ْ ُ ُ‬ ‫ُ ًَ َ َ‬
‫مبادِرة‪ ،‬وبِمعاصِ يك مولعة‪ ،‬ول ِسخطِك متعرضة‪ ،‬تسلك ِب مسال ِك المهال ِِك وتعل ِن‬
‫َ ََ َ َ ََ‬ ‫َْ َ ََْ َ‬
‫‪1‬‬
‫األمل»‪.‬‬
‫ِ‬ ‫رية العِل ِل‪ ،‬ط ِويلة‬‫عِندك أهون هال ٍِك‪ ،‬كثِ‬

‫السجاد ×‪.‬‬ ‫‪ -1‬من مناجاة الش ِ‬


‫اكني لإلمام‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪94‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ُ‬ ‫ّْ‬
‫انلفس واليت يه اخلُلق‪،‬‬ ‫الصفات ّ‬
‫الراسخة يف هذه‬ ‫‪ -2‬إدراك صعوبة اتلخلّص من ّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّْ‬ ‫ُ‬
‫انلفس والراسخة فيها‪ ،‬فإذا أراد اإلنسان أن يتخل َص من‬ ‫فاخلُلق هو الصفة اثلابتة يف‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ُّ‬
‫أواتلكب‪،‬‬ ‫العجب‪،‬‬ ‫الس َ‬
‫معة واجلاه‪ ،‬أوالرياء‪ ،‬أو ُ‬ ‫حب ُّ‬‫الظ ّن‪ ،‬أو ّ‬ ‫صفة سيّئة واحدة ك ُسوء‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫حيتاج إىل بَذ ِل اجلُهد؟‬ ‫فكم‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫تالمذة ّ‬ ‫ّ‬
‫السيد حبر العلوم رضوان اهلل عليه رأوه ذات يوم فرحا‬ ‫يُنقل يف هذا املجال أن‬
‫َّ‬ ‫َ ْ‬ ‫ً‬
‫تمك ُ‬
‫نت هذا ايلوم‬ ‫ّ‬
‫استمر عرشين سنة‪،‬‬ ‫«بعد ُجه ٍد‬ ‫مرسورا‪ ،‬وسألوه عن السبب فقال‪:‬‬
‫الرياء»‪.‬‬‫أن أختلّ َص من ّ‬
‫ّ‬
‫إذا اكنت ِخصلة واحدة سيّئة حتتاج إىل لك هذا اجلهاد األكرب‪ ،‬فكيف يستطيع اإلنسان‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫حسن اخلُلق‪.‬‬‫يلصبح َ‬
‫َ‬ ‫أن يتخلص من سائر الصفات السيّئة فيه‬
‫ُ‬
‫فاستثمار‬ ‫أحدنا يف قلبه‪،‬‬‫‪ -3‬هنا يأيت دور خمزون الرمحة الصغري أو الكبري اذلي جيده ُ‬
‫ُ‬
‫الطريق األقرص للوصول إىل ُحسن اخلُلق‪ ،‬وذلك ىلع قاعدة‪َ :‬من أراد أن‬ ‫ُ‬ ‫هذه الرمحة هو‬
‫َ ََْ َ ّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أراد أن يتَ َ‬ ‫رحم فَلْ َ ْ‬
‫اهلل عليه‪ ،‬فليتحن‪.‬‬ ‫ن ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ي َحم‪َ ،‬من‬ ‫يُ َ‬
‫َ‬
‫يريد الوصول بالرمح ِة إىل ُحسن اخلُلق‪ ،‬أن حيمل َّ‬ ‫ُ‬ ‫‪ -4‬وهذا يستديع ّ‬
‫هم تهذيب‬ ‫ممن‬
‫رحم‪ ،‬يبحث عن‬ ‫نفسه من مساوئ األخالق‪ ،‬ويبحث عن مواطن الرمحة َليحم فلعلّه يُ َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫أغنياء من اتلعفف‪،‬‬ ‫ممن حيسبُهم اجلاهل‬ ‫بكلْ َكه وهو ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يتيم‪ ،‬أو فقري قد سحقه الفقر‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫وخيدمه بما يستطيع‪ ،‬ولو باإلصغاء‬ ‫أو مريض ال سبيل هل إىل العالج‪ ،‬فيُسدي إيله يدا‬
‫ّ‬ ‫فيض خزين ّ‬ ‫ُ‬
‫الرمحة يف قلبه‪ ،‬ويكون هدفه أنه‬ ‫ِ‬ ‫بكلمات يه‬
‫ٍ‬ ‫إيله واتلخفيف عنه‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫يفعل ذلك ألنّه ّ‬
‫حق‪ ،‬ونوع من حسن اخللق‪ ،‬وهو يرجو من كرم اهلل تعاىل أن خيلصه‬
‫ُ ّ‬
‫من ُسوء اخلُلق ويل قلبَه حبُسنه‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اتلأمل دائما ً يف خماطر ُسوء اخلُلُق ِّ‬
‫‪ّ -5‬‬
‫احلب للتخلص منها‪َ ،‬ولَظهر‬ ‫يلعز َز يف نفسه شدة‬
‫ُّ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫اتلرضع إىل اهلل‬ ‫ذلك يف مدى ما يستعد هل من رمحة اآلخرين‪َ ،‬ولَظهر أيضا يف حرارة‬
‫ُ‬
‫تعاىل ِلَ ُم ّن عليه بهذه انلقلة الكبرية من مهاوي ُسوء اخلُلق إىل قِ َم ِم ُحسن اخلُلق‪.‬‬
‫‪ -6‬ويف الوقت اذلي يتعامل املؤمن مع مفردات سوء اخلُلق اليت يريد اخلالص منها‪،‬‬
‫ّ‬
‫العامة من قبيل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫حب‬ ‫اللكيات والعناوين‬ ‫فيذكر كل منها خبصوصه‪ ،‬ينبيغ الرتكزي ىلع‬
‫ُ‬ ‫ٍّ‬ ‫ِّ‬ ‫ََ‬
‫فوائد كبرية كما ال خيىف‪.‬‬ ‫والهوى وغري ذلك‪ ،‬وللك من الطريقتَني‬
‫الشقوة َ‬ ‫ادلنيا‪ ،‬وغلبة‬
‫ِّ‬ ‫ّ‬
‫منهجية استثمار الرمحة اليت نكتشف َ‬
‫بقاءها يف القلب رغم لك‬ ‫وهكذا نكون أمام‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َْ‬
‫نلتدرج بها ومعها يف مدارج الكمال‪.‬‬ ‫فت ِك اذلنوب‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫أيّها العزيز‪ُ :‬‬
‫‪95‬‬ ‫شهر اهلل تعاىل مناخ َتلحسني اخلُلق‪ ،‬فال جنعله مناخا تلجذير سوء اخلُلق‪.‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬


‫اهلم الكبري اذلي ينبيغ أن حنمله طيلة هذا الشهر العظيم‪ ،‬هو كيف يُمكننا أن‬ ‫إن ّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫نتخلص من األخالق السيّئة‪ ،‬وإذا لم نلتفت ذللك وأرخينا ألنفسنا العنان فإننا‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ًّ‬
‫والصوم واجلوع‪ ،‬نصبح نستثار برسعة أكرب‪ ،‬فنغضب‬ ‫تلقائيا‪ ،‬وبسبب هذه الغفلة‬
‫بدل أن نستثمر َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫شهر اهلل تعاىل‪،‬‬ ‫اتلرصفات املنافية‪ ،‬وستكون انلتيجة أننا‬ ‫ونكرث من‬
‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ونستفيد من الصيام َتلحسني اخلُلق‪ ،‬فإننا سنخرج من شهر رمضان وقد جتذر فينا‬
‫ُ‬ ‫ُ ُ ُ‬
‫وء اخلُلق‪ ،‬والعياذ باهلل تعاىل‪.‬‬ ‫س‬
‫ًّ‬ ‫َ‬
‫ذللك ينبيغ االنتباه واحلذر وأن نلزتم عمليا يف شهر اهلل تعاىل بتحسني أخالقنا ولو‬
‫َ‬ ‫أصل اإلرصار ىلع ذلك ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ابلاب أمام القلب ىلع املراتب اتلايلة‪.‬‬ ‫يفتح‬ ‫حبدود متدنية‪ ،‬فإن‬
‫َّ ْ ُ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫أشري هنا إىل أن املصطىف | يقول‪« :‬من حس َن منكم يف هذا الشه ِر خلقه‪ ،»..‬وهو‬
‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ُ‬ ‫أن َمن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫يشمل َمن لم يُصبح َ‬‫ُ‬
‫نسبيا فهو أيضا «هل‬ ‫حتسنت أخالقه‬ ‫حس َن اخلُلق مطلقا‪ ،‬أي‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫جواز ىلع ّ‬
‫الواقعية‪ ،‬بمعىن أن َمن ال يستطيع الوصول إىل ُحسن‬
‫ّ‬ ‫الصاط»‪ ،‬وهذا منتَىه‬
‫أحسن ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ َ‬ ‫ُ‬
‫مما يه عليه اآلن‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫تصبح أخالقه‬ ‫اتلام‪ ،‬فليُحاول ىلع األقل أن‬ ‫اخلُلق‬
‫ْ‬
‫نظرة يف انلّفس‪ ،‬وابليت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األساسيات يف هذا الشهر العمل ىلع حتسني اخلُلق‪.‬‬ ‫ويتوقف ذلك ىلع إدراك أن من‬
‫ُ‬ ‫ّْ‬
‫مضار ُسوء اخلُلق‪ ،‬من خالل طرح‬
‫ّ‬ ‫انلفس ىلع ذلك‪ ،‬اتلفكري يف‬ ‫ومن املفيد حلَمل‬
‫ّْ‬
‫انلفس‪:‬‬ ‫األسئلة اتلايلة ىلع‬
‫ُ‬ ‫ُُ‬ ‫ُّ ُ‬
‫بل يف ُسوء اخللق يا ترى؟‬ ‫أي ن ٍ‬
‫كثري من املوارد فيما مىض‪ ،‬فماذا اكنت انلتيجة؟‬ ‫ُ‬
‫غضبت يف‬ ‫لقد‬
‫ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ما أسوأ موقف من يغضب فييغ ويزبد ثم يتبي أنه لم يكن ىلع حق؟‬
‫يريده بطريقة هادئة وهو مسيطر ىلع أعصابه فيَشعر‬ ‫أيّهما أفضل‪ ،‬أن يتلكّم اإلنسان ما ُ‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ ّ‬ ‫بالسعادة ألنّه ّ‬
‫ويلقن اآلخرين درسا يف ُحسن اخلُلق‪ ،‬أو أن‬ ‫ترصف بعقل وحكمة‪،‬‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫َ ّ‬
‫ِّ‬
‫مهب ريح‬ ‫يسمح للشيطان بأن يستَ ِف ّزه فإذا هو خفيف ال قيمة هل وال وزن‪ ،‬ريشة يف‬
‫ُ‬
‫الشيطان‪ ،‬وكرة يتقاذفها؟‬
‫عزل عن اإلكثار من اتلواصل‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وال يمكن تصويب عملية اتلفكري هذه و ترشيدها بم ٍ‬
‫ًّ‬ ‫ً‬
‫مضار ُسوء اخلُلق‪ ،‬من قبيل‪:‬‬
‫ّ‬ ‫منصبا ىلع‬ ‫الروايات‪ ،‬خصوصا ما اكن منها‬ ‫مع ّ‬
‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫«من َ‬ ‫َ‬
‫ساء خلقه عذب نفسه»‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫َ ُ ُ ُ َ َّ ُ ُ‬ ‫َ‬
‫‪« -2‬من ساء خلقه مله أهله»‪.‬‬
‫ُ‬
‫الصديق ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫َ ُ ُُ‬ ‫َ‬
‫والرفيق»‪.‬‬ ‫ساء خلقه أعوزه‬ ‫‪« -3‬من‬ ‫‪96‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ُ ْ‬ ‫ُ ُُ َ َ ُ‬
‫العيش وعذاب انلَّفس»‪.‬‬
‫ِ‬ ‫«سوء اخللق نكد‬ ‫‪-4‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫‪« -5‬إن َ‬
‫‪1‬‬
‫سوء اخللق لُفسِ د العمل كما يفسد اخلل العسل»‪.‬‬
‫َ‬ ‫هل حنمل يف شهر اهلل تعاىل َّ‬
‫هم أن نصل إىل العيد وتوزيع اجلوائز‪ ،‬وإذا من بني اجلوائز‬
‫ّ‬
‫اليت حصلنا عليها جائزة ماكرم األخالق‪ ،‬أو جائزة اتلخلص من الرياء‪ ،‬أو من‬
‫ّ ً‬ ‫ُ‬
‫حممديّا‪.‬‬ ‫أوالعجب‪ ،‬أو جائزة أن يكون هذا ابليت‬ ‫الغضب‪،‬‬
‫جو ابليت‪ ،‬وجيعلُه جحيما ً ال يُطاق‪ ،‬وقد يكون ُ‬
‫األب َ‬
‫وحده هو‬ ‫إن سوء اخلُلُق ي ُ ِّ‬
‫سم ُم َّ‬ ‫ّ‬
‫رشيكة‪ّ ،‬‬‫ً‬
‫وربما اكن العكس‪.‬‬ ‫مصدر هذا اجلحيم‪ ،‬وقد تكون األم‬
‫األبوين‪ ،‬وهل من ّ‬
‫حق الودل ىلع‬ ‫َ‬ ‫بسبب ُسو ِء أخالق‬ ‫جحيم‬ ‫ما ُ‬
‫ذنب األوالد يلَعيشوا يف‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫حيسن تسميتَه وليس من حقه عليه أن ي ِس َن تربيتَه؟!‬ ‫َ‬ ‫الوادل أن‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫سوء اخللق َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫وأي سو ِء تربي ٍة يفوق أن يلق َن األبوان ‪-‬وهما القدوة‪َ -‬‬
‫للودل؟‬
‫ُ ََّ‬ ‫ّ‬
‫بروح جديدة؟‬
‫ٍ‬ ‫األعزاء يف شهر اهلل تعاىل أن نطل ىلع أوالدنا‬‫ّ‬ ‫هل نفكر أيّها‬
‫ّ‬ ‫َ ْ ُ َ ّ ٌّ ّ‬
‫ُ‬
‫يغيب عن أوال ِده‬ ‫احلب العارم واحلنان الطافح عندما‬ ‫يعمر قلبَه من‬
‫منا بما ُ‬ ‫فليفكر لك‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أو عندما يغيب عنه أوالده‪ ،‬يلتصور نفسه أنه مات وب ِ َ‬
‫ق أوالده بعده؟‬
‫َ‬
‫ونعم َق فيها كذلك خطورة‬‫ّ‬ ‫يساعدنا ىلع حتسني اخلُلُق‪ ،‬أن َ‬
‫نع ِّم َق َّ‬
‫حب أوالدنا يف نفوسنا‬ ‫ُ‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫ُسوء اخلُلق‪ ،‬خصوصا يف شهر اهلل تعاىل‪.‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫تشعر املرأة يف ابليت بإهانة‪ ،‬خصوصا يف شهر رمضان‪ ،‬أو‬ ‫جيب أن ن ْر َبأ ببيوتِنا عن أن‬
‫ٌ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫اغضب ألنه صائم‪.‬‬ ‫يشعر األوالد بأن أباهم‬ ‫أن‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ُ‬
‫وأمام أوالدها‪.‬‬ ‫نفسها‬
‫وجيب ىلع املرأة أن حتفظ حرمة األب وماكنته يف ِ‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫لسوء ُخلُقه‪ ،‬فليَ َّ‬ ‫وم عذرا ً ُ‬ ‫ومن اعترب ّ‬
‫الص َ‬ ‫َ‬
‫تنبه ببساطة إىل أن اآلخرين أيضا صائمون‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫تناسب املسلم‪.‬‬ ‫ّ‬
‫اتلرصفات ال‬ ‫وهذه‬
‫ُ‬
‫سيما يف شهر‬‫دي‪ ،‬ال ّ‬ ‫ّ‬
‫املحم ّ‬ ‫عطر حبُسن اخلُلق‬ ‫دي املبارك ينبيغ أن يُ َّ‬ ‫ّ‬
‫املحم ُّ‬ ‫ُ‬
‫ابليت‬ ‫هذا‬
‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫يكون َح َسن اخلُلق دائما فَليُحاول يف ابلدء أن ينرشَ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اهلل تعاىل‪ ،‬ومن لم يستطع أن‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫املحمديّة املباركة‪﴿ :‬ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﴾ القلم‪ ،4:‬ولو لسااعت‪ ،‬ويه‬ ‫شذا هذه الروح‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وبمجامع القلب إىل أعتاب ّ‬ ‫ٌ َ ْ‬
‫خذ بيده َ‬
‫سيد املرسلني‪ ،‬فإنه صل اهلل عليه وآهل‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫كفيلة باأل‬
‫﴿‪ ..‬ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚ﴾ اتلوبة‪.128:‬‬

‫‪97‬‬ ‫الريشهري‪ ،‬مزيان احلكمة‪.‬‬


‫‪ -1‬أنظر‪ّ :‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬ ‫ُ‬
‫داعء ايلوم اثلامن‬
‫ُ ْ ََ‬ ‫َ ْ َ َّ‬ ‫ْ َ َّ‬ ‫ْ ََْ ْ‬ ‫َّ ُ َّ ْ ُ ْ‬
‫شاء السالمِ ‪َ ،‬وصحبة الك َِرامِ ‪،‬‬ ‫ارزق ِن فِي ِه َرحة األيتامِ ‪َ ،‬وإِطعام الطعامِ ‪ ،‬وإِف‬ ‫«أللهم‬
‫َ‬ ‫َ ْ َ َْ ََ‬
‫بِطول ِك يا ملجأ اآل ِمنِني»‪.‬‬
‫ُ‬
‫ملاذا يبدأ ادلاعء بالرتكزي ىلع رمح ِة األيتام؟‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫مهب األاعصري مكشوفا‪،‬‬ ‫إن ايلتيم منق ِط ٌع ال ملجأ هل من انلاس‪ ،‬يقف وحيدا يف‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ً َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ومن ُر ِزق رمحتَه فقد ُر ِزق‬ ‫يح‪ ،‬وإنما قربة إىل اهلل تعاىل‪َ ،‬‬ ‫دف َمصل ّ‬ ‫ال يدم اعدة له ٍ‬
‫ايلتيم بسائر ينابيع احلبّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الرمحة ُ‬ ‫ً‬
‫إخالصا مضا‪ ،‬وبهذه ّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫ِ‬ ‫المخلصة تتصل نية من خدم‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫جزاء وال شكورا‪ ،‬ويفيش‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫ب‪ -‬فيط ِع ُم الطعام لوج ِه اهلل ال يريد‬‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ين ّإل احل ُ ّ‬ ‫ادل ُ‬ ‫‪-‬وهل ِّ‬
‫واإلحساس ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫بالطمأنينة يف بي ِته وبني جريانه ومعار ِفه‪،‬‬ ‫واألمن‬ ‫املحبة‬ ‫وينرش‬ ‫السالم‪،‬‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫كذلك لوج ِه اهلل‪ ،‬فينتظم يف ِسب الكرام البرة ‪-‬شبيه الشء منج ِذب إيله‪ -‬ومن‬
‫َ‬
‫الفضائل‬
‫ِ‬ ‫يعرب به من ُسوء اخلُلق إىل ديار‬ ‫اجلرس اذلي ُ‬ ‫َ‬ ‫صحبة الكرام فقد َ‬
‫أقام‬ ‫ُر ِزق‬
‫يل بذلك‪،‬‬ ‫في ِّدد‪ :‬إليه‪ُ ،‬م َّن ع ّ‬ ‫ويهوى الفؤاد‪ُ ،‬‬ ‫نفسه َ‬ ‫وماكرم األخالق‪ ،‬اذلي تهفو إيله ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ ُ َ َ‬ ‫َ‬
‫اآلمنني‪.‬‬ ‫بط ْولِك يا ملجأ‬ ‫الغين املتفضل‬ ‫ُّ‬ ‫الطول‬ ‫فأنت ذو َّ‬

‫ُ ّ‬
‫صالة الليلة اتلّاسعة‬
‫ْ‬ ‫ّ ّ‬
‫‪ -1‬صالة عرشين ركعة‪ ،‬يه حصة لك يللة إىل ايلوم العرشين‪ ،‬من األلف ركعة‪ ،‬ثمان‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫منها بني املغرب والعشاء‪ ،‬وابلايق بعد العشاء‪ ،‬لك ركعتني بتسليمة‪ ،‬يقرأ يف لك ركعة‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مرة‪ ،‬و(قل هو اهلل أحد) ّ‬ ‫(فاحتة الكتاب) ّ‬
‫مرة‪ ،‬أو ثالثا‪ ،‬أو مخسا‪ ،‬أو سبعا‪ ،‬أو عرشا‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ‬
‫العشاءين‬ ‫َ‬ ‫‪ -2‬عن رسول اهلل |‪« :‬ومن صل ِف الليل ِة اتلّاسعة من شهر رمضان قبل‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫يب‬‫وصل ىلع انلّ ّ‬ ‫سبع ّ‬
‫مرات‪،‬‬ ‫ّ‬
‫الكريس)‬ ‫ست َركعات‪ ،‬يقرأ يف لك ركعة (احلمد) و(آية‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫‪1‬‬
‫مل الصديقني والشهداء والصاحلني»‪.‬‬ ‫عدت املالئكة بعملِه كع ِ‬ ‫مخسني مرة‪ ،‬ص ِ‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ َ‬
‫‪ -3‬قال الكفعيم‪« :‬ويستحب أن يصل يف لك يلل ٍة من شهر رمضان ركعتني بـ (احلمد)‬
‫ََُْ ُْ َ َ ْ ُ‬ ‫ُْ َ َ ْ ُ َ ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫مرة‪ ،‬و(اتلّوحيد) ثالثا‪ ،‬فإذا سلم قال‪ :‬سبحان من ه َو حفِيظ ال يغفل‪ ،‬سبحان من ه َو‬ ‫ّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ِيم ال يعجل‪ ،‬سبحان َمن ه َو قائ ٌِم ال يسهو‪ ،‬سبحان َمن ه َو دائ ٌِم ال يلهو‪ّ .‬‬‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َرح ٌ‬
‫ثم يقول‬
‫اذلنبَ‬ ‫ُ ْ ْ َ َّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫سبيحات األربعة سبعا‪ ،‬ثم يقول‪ :‬سبحانك سبحانك يا عظيم‪ ،‬ا ِغفِر يل‬ ‫ِ‬ ‫الت‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ً َ‬ ‫ّ‬ ‫َّ ُ ّ‬ ‫َ‬
‫‪2‬‬
‫ذنب»‪.‬‬ ‫العظيم‪ .‬ثم تصل ىلع انليب عرشا‪ .‬من صلها غفر اهلل هل سبعني ألف ٍ‬ ‫ّ‬

‫احلر العاميل‪ ،‬وسائل الشيعة‪38/8 :‬؛ والكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ :‬ص ‪.175‬‬
‫‪ّ -1‬‬
‫‪ -2‬الكفعمي‪ ،‬املصباح‪ :‬ص ‪ ،563‬اهلامش‪.‬‬ ‫‪98‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫‪9‬‬
‫شهر رمضان‬
‫ُ‬
‫* آداب اإلفطار‬
‫ُ‬
‫* سرية املعصومني‬
‫َ ُ‬
‫* برجمة القلب‬
‫ّ‬
‫* تنبيهات هامة‬
‫* داعء ايلوم اتلّاسع‬
‫ّ‬
‫* صالة الليلة العارشة‬

‫‪99‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ُ‬
‫آداب اإلفطار‬
‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫املحور اذلي ّ‬
‫املحطة هو اتلايل‪:‬‬ ‫تتفرع عليه لك مظاهر العناية بهذه‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ٌ ّ‬
‫ضغط اجلوع جيعل الصائم يبادر تلقائيا إىل اإلفطار‪ ،‬وال مانع من ذلك‬ ‫صحيح أن‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫الصالة‪ ،‬خصوصا إذا اكن هناك َمن ينتظره‪ ،‬بل َمن‬ ‫اإلنسان اإلفطار ىلع ّ‬ ‫حت إذا قدم‬ ‫ّ‬
‫حيب أن يكون معه ىلع اإلفطار ولو لم ينتَظره‪ ،‬ولكن ما املانع من اإلتيان َ‬ ‫ّ‬
‫بدعوات‬
‫خمترصة قبل اإلفطار؟‬ ‫َ‬
‫ًّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫ادلعوات أحيانا َ‬ ‫أكرث من ذلك‪ ،‬ما املانع أن تكون هذه ّ‬
‫خمتصة جدا‪ ،‬خيتار هلا من‬ ‫غري‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫يساعده فيه ظرفه بمختلف جوانبه ىلع حتمل تأخري إفطاره عرش دقائق مثال‪.‬‬ ‫الليايل ما‬
‫ً‬ ‫َّ ْ‬ ‫ّ‬ ‫اتل ُّ‬ ‫ّ‬
‫الرضوري ّ‬
‫وانلفس هو اعدة أكرب بكثري من‬ ‫نبه إىل أن اتلغيري ىلع صعيد القلب‬ ‫من‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫الزمان اذلي يستغرقه اتلغيري يف اعلم الظاهر ويتم فيه‪ ،‬ىلع أن اتلغيري يف اعلم الظاهر‬
‫ّ‬
‫ترتدد أصداؤه عرب قرون‪ ،‬وال يستغرق من الوقت إل دقائق ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫قد يكون ّ‬
‫وربما‬ ‫مدويا‬
‫َ ً‬ ‫ُ‬
‫ص الوقت اذلي يَستدعيه العمل منطلقا لالستخفاف‬ ‫يصح أن يكون قِ َ ُ‬ ‫ّ‬ ‫حلظات‪ ،‬فال‬
‫َ َّ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ ً‬
‫خاصة عندما يكون احلديث عن اتلغيري يف اعلم انلفس‪.‬‬ ‫به‪،‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫صاحبها‪ ،‬وحلظة تضييعها عندما تتاح يه أيضا‬ ‫ِ‬ ‫إن حلظة اتلوبة الصادقة أكرب من عمر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫أكرب منه‪ ،‬ألن كل منهما يتحكم باملصري وحيدد نتاجئَه بما يتطابق معه‪.‬‬
‫يف هذا السياق ينبيغ أن َ‬
‫يوضع االهتمام بلحظات اإلفطار‪.‬‬

‫ُ‬
‫سرية املعصومني‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ ّ ّ‬
‫يب صل اهلل عليه وآهل وكيف اكن يَدعو قبل أن يفطر‪ ،‬ورد عن اإلمام‬ ‫‪ -1‬حول إفطار انل‬
‫ُ َّ َ ُ ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ّ َّ ّ‬ ‫ّ‬
‫الصادق × أن انليب صل اهلل عليه وآهل اكن إذا أفطر قال‪« :‬أللهم لك صمنا وىلع‬
‫ْ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫َ َ َّ ْ ُ َ َ َ َّ َ ُ ْ َ َّ‬ ‫ْ َ َْ ْ‬
‫ق األج ُر»‪1.‬‬
‫وب ِ َ‬ ‫ت العروق‪،‬‬
‫ِرزق ِك أفطرنا‪ ،‬فتقبله‪ ،‬ذهب الظمأ‪ ،‬وابتل ِ‬
‫ً‬ ‫ً ُ‬ ‫ْ‬ ‫َّ ُ ِّ‬ ‫ً‬ ‫‪ُ -2‬‬
‫صائم عند ف ِط ِره دعوة مستجابة‪ ،‬فإذا‬
‫ٍ‬ ‫وروي أيضا عن رسول اهلل |‪« :‬إن ل ِك‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫ّ ُ‬ ‫َ‬
‫اكن يف أو ِل لقمة‪ ،‬فقل‪ :‬بِسمِ اهلل‪ ،‬يا واسِع املغفرة ِ‪ ،‬ا ِغفِر يل‪ ،‬فمن قالا عند إفطارِه‪،‬‬
‫ُ‬
‫‪2‬‬
‫غف َِر هل»‪.‬‬
‫َّ ُ َ‬ ‫ّ‬
‫«بسم اهللِ‪ ،‬ألله َّم لك‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫أفطر قال‪:‬‬ ‫‪ -3‬ورد عن اإلمام أمري املؤمنني × أنه اكن إذا‬
‫َ َّ ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َّ ْ َّ‬ ‫ْ َ َْ‬ ‫ُ ْ‬
‫ُ ‪3.‬‬
‫صمنا وىلع ِرزق ِك أفط ْرنا‪ ،‬فتقبل منا إنك أنت السميع العليم»‬
‫ّ‬ ‫‪ -4‬و اكن اإلمام ّ‬
‫الصادق × يقول عند اإلفطار يف لك يللة من شهر رمضان‪:‬‬

‫‪ -1‬الكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ :‬ص ‪.231‬‬


‫‪ -2‬الكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ :‬ص ‪.232‬‬
‫‪ -3 100‬الكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ :‬ص ‪.231‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫َ َ َ َ َ ْ َ َ ّ ُ َ َ َّ ْ ّ َ ّ َ َ ْ‬ ‫ّ َ َ ََ َ ُ َْ‬ ‫َ َْ ْ ُ‬
‫لمد هللِ الِي أعننا فصمنا‪َ ،‬و َرزقنا فأفط ْرنا‪ ،‬ألله ّم تقبل مِنا َوأعِنا علي ِه‪،‬‬ ‫«أ‬
‫َ َ َ ّ َْ ًَ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ْ َ َ َ َ َْ ْ ُ‬ ‫َ َ ِّ ْ َ ْ َ َ َ َّ ْ ُ ّ‬
‫س وعفِي ٍة‪ ،‬ألمد هللِ الي قض عنا يوما مِن‬ ‫وسلمنا فِي ِه وتسلمه مِنا ِف ي ٍ‬
‫َ ْ َ َ‬
‫‪1‬‬
‫شه ِر َرمضان»‪.‬‬
‫يب |‪:‬‬ ‫‪ -5‬يف رواية عن ّ‬
‫انل ّ‬
‫َ يومِ َ َ َ ْ ُ ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ َ ّ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫لته أمه‪،‬‬ ‫اعء‪ ،‬إل خرج من ذنوبِه ك و‬ ‫عبد يصوم ويقول عند إفطارِه هذا ادل‬ ‫«ما مِن ٍ‬
‫ْ َ َّ‬
‫اذل َ‬ ‫ّ َ‬ ‫ُ َ ُ ّ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫نب العظيم‪،‬‬ ‫اهلل الي ال هلإَ إل أنت‪ ،‬ا ِغفِر يل‬ ‫عظيم يا عظيم‪ ،‬أنت‬ ‫عظيم يا‬ ‫وهو‪ :‬يا‬
‫ُ ‪2‬‬ ‫َ‬ ‫َ ّ‬ ‫َ ُ َّ‬
‫اذل َ‬ ‫َّ‬
‫العظيم إل أنت يا عظيم»‪.‬‬ ‫نب‬ ‫إنه ال يغفِر‬
‫الصادق ×‪:‬‬ ‫‪ -6‬عن اإلمام ّ‬
‫َ‬ ‫ُ َ ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫سبيل‬
‫ِ‬ ‫إفطاره اكن بينهما اكلمتشح ِط بِدمِه يف‬
‫ِ‬ ‫سحوره وعند‬
‫ِ‬ ‫«من قرأ (القدر) عند‬
‫‪3‬‬
‫اهلل»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫وهكذا يمكننا أن نفهم من اختالف انلصوص رغم اتفاقها يف بعض المضامني أنه‬
‫يذكر اهلل تعاىل ٍّ‬
‫بأي‬ ‫َ‬ ‫قيد بها‪ ،‬فيُمكن ّ‬
‫للصائم أن‬ ‫اتل ّ‬ ‫ّ‬
‫خاصة ينبيغ ّ‬ ‫ليست هناك صيغة‬
‫إفطاره‪.‬‬
‫ِ‬ ‫من هذه األذاكر قبل‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ َّ ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫‪ -7‬كما ورد احلديث عن داع ٍء ليس مطوال وال هو باختصار ما تقدم‪ ،‬وقد أوردته يف‬
‫نفسه من‬ ‫حيرم َ‬‫َ‬ ‫ّ‬
‫ومن لم يستطع أن يقرأه لك يللة‪ ،‬فيَنبيغ أن ال‬ ‫أعمال اللّيلة األوىل‪َ ،‬‬

‫ملزيد االهتمامِ به‪،‬‬ ‫تضمنَت روايتُه من اثلواب ما يكيف ُ‬


‫بعضه‬ ‫براكته‪ ،‬ولو أحياناً‪ ،‬فقد َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اتلايلة‪.‬‬ ‫الرواية ّ‬ ‫جند يف ّ‬ ‫كما ُ‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫احلسن‪ ،‬هذا ُ‬ ‫يب | أنّه قال َ‬
‫شهر رمضان قد أقبل‪ ،‬فاجعل‬ ‫يل ×‪« :‬يا أبا َ‬ ‫لع ٍّ‬ ‫عن ّ‬
‫انل ّ‬
‫ّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫خربين عن اهللِ تعاىل أنه من داع هذا‬ ‫جربئيل عليه السالم أ َ‬ ‫اعءك قبل فطورِك‪ ،‬فإن‬ ‫ُد َ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ُ‬
‫داعءه‪ ،‬وقبِل ص ْومه وصالته‪،‬‬ ‫استجاب ُ‬
‫اهلل هل‬ ‫شهر رمضان قبل أن يفطر‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫اعء يف‬ ‫ُّ‬
‫ادل َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وفرج همه‪ ،‬ونفس ك ْربه‪ ،‬وقىض حواجئَه‪،‬‬ ‫عرش دعوات‪ ،‬وغفر هل ذنبه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫واستجاب هل‬
‫َ ُ َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫وجاء يوم القيامة ووجهه أضوأ من القمر‬ ‫وأجنح طلِبته‪ ،‬ورفع عمله مع أعمال انلّبيني‪،‬‬
‫َ‬
‫يللة ابلدر‪.»..‬‬
‫ْ‬
‫حر املسجورِ‪.»..‬‬ ‫َّ َ‬ ‫َ َّ ُ ِّ َّ‬ ‫َ‬ ‫ّ ُ َّ َّ ُّ‬ ‫ُّ ّ‬
‫وأول ادلاعء‪« :‬أللهم رب انلورِ العظيمِ ‪ ،‬ورب الكريس الرفيعِ ‪ ،‬ورب ابل ِ‬
‫ُ‬
‫يشرتك َ‬ ‫ّ‬ ‫غري داعء َ‬ ‫وهو ُ‬
‫معه يف بداياته‪.‬‬ ‫العهد املعروف رغم أنه‬

‫‪ -1‬الكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ :‬ص ‪.231‬‬


‫‪ -2‬الكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ :‬ص ‪.231‬‬
‫‪101‬‬ ‫‪ -3‬الكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ :‬ص ‪.231‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫برجمة القلب‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫خنرج بها من استعراض هذه الروايات اليت حتث ىلع ادلاعء قبل أن‬ ‫وانلتيجة اليت‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫يفطر الصائم‪ ،‬أو قراءة (سورة القدر)‪ ،‬أن الصائم اذلي أمىض نهاره يعزز ُ‬ ‫َ‬
‫ابلعد الرويح‬
‫املسموح بها‬ ‫ِ‬ ‫وح ىلع حساب اجلَسد يف احلدو ِد‬ ‫الر َ‬ ‫نم ّ‬ ‫عد احليواين‪ ،‬فيُ ّ‬ ‫ابل َ‬ ‫ويض ِع ُف ُ‬ ‫فيه‪ُ ،‬‬
‫ّ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫نمط‬ ‫بل املطلوبة‪ ،‬أصبح اآلن عندما حل وقت اإلفطار أمام نمطني من اتلرصف‪ٍ ،‬‬
‫ألهمية ما َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ضعف هذا اإلدراك‬ ‫ِ‬ ‫ونمط يكشف عن‬ ‫ٍ‬ ‫قام به‪،‬‬ ‫يكشف عن إدرا ِكه‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫ت إىل رفع مستوى فه ِمه‬ ‫لف َ‬ ‫كثريا‪ ،‬أو يكشف عن َع َد ِمه‪ ،‬ول ِ َمصلح ِة الصائم أن ي‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫لف ُ‬
‫اتلحية ىلع املوجودين‬ ‫ت املرسع إىل املائدة إىل رضورة إلقاء‬ ‫ألهداف الصوم‪ ،‬كما ي‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫قلبه بذرة اآلداب االجتماعية يف مثل هذا الظرف وما يشبهه‪ ،‬أو يزول‬ ‫ِلتستقر يف ِ‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫ابلذرة املوجودة أصال‪.‬‬ ‫الراكم عن هذه ِ‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إن هذه اللحظات القليلة اليت تقع بني نية اإلفطار وبني تناول الطعام‪ ،‬فرتة خصبة‬
‫نطلق يف دروب احلياة يف َ‬ ‫استثمارها بذكر اهلل تعاىل من برجمة القلب يلَ َ‬ ‫ِّ‬
‫المسار‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫يُمكن‬
‫ُ‬ ‫َ ّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ ُ‬ ‫ّ‬
‫إدراك ال ِقيَم واتلعامل معها بما يعنيه‬ ‫األساس فيه واملناخ والتبة‬ ‫الصحيح اذلي يُشك‬
‫َ َ َُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألهميتها‪ ،‬وأنها أنبل من أن تطويها عجلة‬ ‫إلنسانية اإلنسان‪َ ،‬و َويع‬ ‫إدراك‬
‫ٍ‬ ‫ذلك من‬
‫َ َْ َ‬ ‫ُ ّ ٍ ُ‬ ‫ْ‬
‫َضغ ِط اجلوع أو العطش‪ ،‬أو غلبة أي غريز ٍة أخرى مهما اكنت شديدة الوطأة‪.‬‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إن هذه اللحظات القليلة اليت يُمضيها الصائم يف اإلقبال ىلع اهلل ّ‬ ‫ّ‬
‫اتلوجه‬ ‫عز وجل ويف‬
‫إنساين راق‪ ،‬وكأنه يريد أن يقول‪« :‬إليه ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫أريد أن‬
‫ُ‬ ‫ّ ٍ‬ ‫مضمون‬
‫ٍ‬ ‫إيله سبحانه‪ ،‬تكشف عن‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫أحافظ ىلع َحصيليت الروحية من الصيام‪ ،‬ال أريد أن أقبل ىلع الطعام جبشع ناسيا لك‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫ادلاعء‬ ‫واغفر يل»‪ .‬ومهما اكن ّ‬ ‫ْ‬ ‫كرك‪ ،‬بل أقبل عليه ذاكرا‪ ،‬إليه أ ِع ّن ىلع نفيس‪،‬‬ ‫ذل ِ‬ ‫و ِ‬
‫ّ‬ ‫َ ً ّ‬
‫آثاره كبرية‪ ،‬فيَنبيغ العناية بهذا احلث ىلع ادلاعء قبل اإلفطار واالهتمام به‪.‬‬ ‫فإن َ‬ ‫خمتصا‪،‬‬

‫ّ‬
‫تنبيهات هامة‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫‪ -1‬في تهيئة الطعام‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫السيد ابن طاوس عليه الرمحة‪« :‬إعلم أننا قد ذكرنا يف ما تقدم من هذا الكتاب‬ ‫قال‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫كيفية االحتياط يف الطعام والرشاب‪ ،‬ونضيف إيله هنا أنه ينبيغ أن يكون الطعام‬
‫َّ َ ْ ُ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫ُ‬
‫تزنهت ط ُرق تهيئتِه‬ ‫والرشاب اذلي يفطر عليه‪ ،‬مع طهارت ِه من احلرام والشبهات‪ ،‬قد‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫لمن يفطر عليه‪ ،‬من أن يكون قد اشتغل به من هيأه عن عباد ٍة هلل جل جالل‪ ،‬ويه‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫الطعام والشاب‪ ،‬لكونه عمل يف وقت اكن ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫اهلل‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫أهم منه‪ ،‬فربما يصري ذلك شبهة يف‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ْ ُ َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫رشاب أن يكون‬ ‫ٍ‬ ‫جل جالل اكرها للعمل فيه‪ ،‬ومعرضا عنه‪ .‬وحسبك يف سقمِ طعامٍ أو‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫‪ 102‬صاحبه ‪-‬رب األرباب‪ -‬اكرها تلَهيئتِه ىلع تلك الوجوه واألسباب‪ ،‬فما يؤمن املستعمل‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫َ ُ ً‬
‫‪1‬‬
‫هل أن يكون سقما يف القلوب واألجسام واألبلاب»‪.‬‬
‫ً‬
‫املرأة مثال ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫بالطعام عن بعض‬ ‫السيد هو أن تنشغل‬ ‫يوض ُح ما أراده‬ ‫واملثال اذلي ِ‬
‫وأهمية ّ‬
‫ّ‬ ‫ٌ ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫خاصة‪ ،‬أو‬ ‫وقت حمدد‬ ‫عباداتها‪ ،‬كأن يرصفها إعداد طعامِ اإلفطار عن داع ٍء هل‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫إعداد طعامِ ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫السحور بينها وبني صالة الليل‪ ،‬وما شابه‪.‬‬ ‫حيول‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫يفتح َ‬ ‫ُ‬
‫الجتناب لك طعامٍ تداخل‬ ‫ِ‬ ‫باب املراقبة‬ ‫ولكن ما قاهل رضوان اهلل تعاىل عليه‬
‫رب األرباب ٌ‬ ‫أن َّ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ُ‬
‫اكره تلهيئ ِته بهذه‬ ‫ينطبق عليه عنوان‬ ‫مع إعدا ِده أذى اآلخرين‪ ،‬حبيث‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫حينئذ مشرتك مع ما تقدم يف أنه ال يؤمن أن‬ ‫ٍ‬ ‫الوجوه واألسباب‪ ،‬أي بهذه الطريقة‪ ،‬فهو‬
‫ً‬ ‫ً ّ‬ ‫َ‬
‫يكون مرضا للظاهر وابلاطن معا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ٌّ ّ‬ ‫ّ ً‬ ‫ّ‬
‫اعم للك األوقات‪ ،‬إل‬ ‫خاصا بشهر اهلل تعاىل‪ ،‬بل هو‬ ‫ومن الواضح أن هذا ابلاب ليس‬
‫َ َ‬ ‫ُّ ُ ُ‬ ‫ترفع من مستوى احل َ َذر من ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫عبء ت ْر ِك‬ ‫ترص ٍف ي ِّمل اآلخرين‬ ‫أي‬ ‫الشهر ُ‬ ‫أن خصوصية‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫مرض يفتك‬ ‫العبء إىل ٍ‬ ‫ُ‬ ‫يتحول هذا‬ ‫ّ‬ ‫أوعبء إهان ٍة ّما‪ ،‬خمافة أن‬
‫َ‬ ‫ألجل الطعام‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫عباد ٍة ما‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫صاحبه وجس ِده‪.‬‬ ‫بروح‬
‫ِ‬
‫ّ‬
‫‪ -2‬في نية اإلفطار‬
‫ّ‬ ‫ًّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫لصاحبها‪ ،‬وليس‬
‫ِ‬ ‫العام‬ ‫تلقائيا‪ ،‬إل ثمرة السلوك‬ ‫العفوية اليت تصدر‬ ‫انلية‬ ‫ليست‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العفوية‪ ،‬بل تلك اليت ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫اتاذ القرار بها‪،‬‬ ‫يتم‬ ‫العام إل نتيجة انلوايا غري‬ ‫السلوك‬
‫ّ‬
‫واتلرصف ىلع أساسها‪.‬‬
‫أهمية قصوى تلصحيح ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ ّ‬
‫جدا أن يُويل ّ‬ ‫ً‬
‫انلية عند‬ ‫انلص املعصوم‬ ‫من هنا اكن طبيعيا‬
‫اإلفطار‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قال السيد ابن طاوس عليه الرمحة‪« :‬إعلم أن االفطار عمل يقوم به ديوان العبادة‪،‬‬
‫يليق بذلك‪ ،‬ومن ّ‬‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫أهم ما يقصد الصائم‬ ‫ومطلب نتيجته السعادة‪ ،‬فال بد هل من قص ٍد‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫حبفظ‬
‫ِ‬ ‫أمر اهلل جل جالل‬ ‫بإفطاره‪ ،‬وخيتم به تلك العبادة مع العالمِ بأرساره‪ ،‬هو امتثال ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫حياته‪ .‬وإذا لم يقصد بذلك حفظها طاعة هلل تعاىل‪ ،‬فكأنه قد ضيع الطعام وأتلفه‪،‬‬
‫ّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫تصدر منه عن ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وأي كف ٍة‬ ‫قو ٍة لم يسن بانلية راعيتها‪.‬‬ ‫وأتلف نفسه‪ ،‬فتصبح الطااعت‬
‫ّ‬
‫انلية‪ُ ،‬يل ّ‬ ‫ّ‬
‫رص الصائم ىلع اجتنابِها‪ ،‬ويلجأ إىل اإلفطار‬ ‫أو مشق ٍة يف ما ذكرناه من صالح‬
‫َ‬
‫‪2‬‬
‫بما تقتضيه الغريزة‪ ،‬إىل غري ذلك من األرضار»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫‪ُ -3‬‬
‫تناول الطعام‬
‫ِ‬ ‫ذكر اهلل عند‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫تصحيح‬
‫ِ‬ ‫متكرر ٍة يف‬ ‫حماوالت‬
‫ٍ‬ ‫انلية املدروسة واملستندة إىل قرار‪ ،‬إل نتيجة‬ ‫وليست‬

‫بترصف‪.‬‬
‫‪ -1‬اإلقبال‪ّ ،241/1 :‬‬
‫‪103‬‬ ‫بترصف‪.‬‬
‫‪ -2‬اإلقبال‪ّ ،242/1 :‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬


‫حقيقية خالصة من شوائب‬ ‫نية‬ ‫انلية من اتللكف‪ ،‬وتصبح‬ ‫انلية للوصول إىل حيث تلو‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ َّ ْ‬ ‫ّ‬
‫املتكررة يف تصحيح‬ ‫انلفس ىلع عظيم مزن ِتله إل هذه املحاوالت‬ ‫االداعء‪ ،‬وليس جهاد‬
‫انلوايا‪.‬‬ ‫ّ‬
‫َْ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أمور نرى أننا نتلكف كثريا إذا حاونلا محل‬ ‫من هذا املنطلق ينبيغ اتلعامل مع احلث ىلع ٍ‬
‫َ‬ ‫َ ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ّْ‬
‫تناول اإلفطار اتلقوية ىلع طاعة‬ ‫ِ‬ ‫انلفس عليها‪ ،‬من قبيل ما تقدم من أن تكون نية‬
‫َ ْ ّ‬
‫ُ‬
‫«نريد‬ ‫أثناء الطعام‪ ،‬ف ِلل ُمتَنَدر أن يقول‪:‬‬ ‫اتلنبه إىل ِذكر اهلل تعاىل َ‬ ‫اهلل تعاىل‪ ،‬أو من قبيل ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫غري مسؤول‪.‬‬ ‫‪-‬غرائزي‪ُ -‬‬ ‫ٌّ‬ ‫كالم طريف‪ ،‬لكنه‬ ‫ٌ‬ ‫أن نأكل‪ ،‬ف َدعوا مواعظكم جانبا»! وهو‬
‫َ ْ َ ُ َ ِّ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫قال ّ‬
‫السيد ابن طاوس عليه الرمحة‪« :‬اكن رسول اهلل يمد بني لك لقمتني»‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫ِّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألمر اهللِ جل جالل‪،‬‬ ‫ثم أضاف السيد‪«َ :‬أقول أنا‪ :‬أيها املسلم املصدق بالقرآن‪ ،‬الممتثِل ُ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ‬
‫رسول فاتبعوه واتبعوا انلور اذلي أنزل معه [من مضمون‬ ‫ِ‬ ‫إياك أن ختالف قول تعاىل يف‬
‫فتح هلا أنوارُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ّ ُ ٌ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫اآلية ‪ 157‬من سورة األعراف]‪ .‬أسلك سبيل هذه اآلداب‪ ،‬فإنها براق وعطايا ت‬
‫‪1‬‬
‫ادلنيا ويوم احلساب»‪.‬‬ ‫سعادة ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األهمية يف ذكر اهلل تعاىل ‪-‬عند الطعام ومعه‪ -‬حلَرك ِة اللسان‪ ،‬بل حلرك ِة‬ ‫وليست‬
‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬
‫تستتبع حركة اللسان‪ ،‬وقد تنفصل عنها‪ ،‬إل أن من شأن اذلكر اللساينّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫القلب اليت قد‬
‫ُّ‬ ‫َُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫تتحمل‬ ‫إيقاظ القلب‪ ،‬وقد يكون اإليقاظ مز ِعجا لكن املصلحة فيه ال تف َّوت‪ ،‬وكما‬
‫ممانعة َولها اذلي تُوقظه ألنّه قد حان ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫وقت ذهابِه إىل املدرسة وما يرافق ذلك من‬ ‫ِ‬ ‫األم‬
‫َ‬ ‫ّ َْ‬ ‫ً‬ ‫َ َ‬
‫إيقاظ القلب‬ ‫ِ‬ ‫نتحمل َم َضض‬ ‫ّ‬ ‫يغط يف نو ِمه‪ ،‬فيَنبيغ نلا أن‬ ‫تكه ُّ‬
‫مسواغ ل ِ ِ‬ ‫يعتب‬ ‫كد ال َ‬
‫ن ٍ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫ليستجيب نلصيح ِة العقل‪ ،‬فيكون ذاكرا ىلع لك حال‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وقد يكون هذا المضض خروجا ىلع املألوف اذلي قد يثري تندر ابلعض‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ويتضح ّ‬ ‫ّ‬
‫مما تقدم أن املحور يف اذلكر هو القلب‪ ،‬وليس اذلكر اللساين إل املفتاح‪.‬‬
‫َ‬
‫‪ -4‬عند الفراغ منه‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ِّ‬
‫اذل ُ‬ ‫ُ‬
‫خصوصيته‬ ‫كر عند الفراغ من الطعام يف شهر رمضان وغريه‪ ،‬إل أن‬ ‫ويلحق بذلك‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫يف ضيافة ّ‬
‫الرمحن ال تىف‪ .‬قال السيد عليه الرمحة والرضوان‪:‬‬
‫َْ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ََُ ُ‬ ‫ّ‬
‫الفراغ من الطعام‪ :‬أحلمد هللِ اذلي أطعم ِن‬ ‫«عن األئمة عليهم السالم "‪ :"..‬وتقول عند‬
‫َ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ ْ َ َ‬
‫من بِما‬ ‫أحلمد هللِ اذلي َّ‬
‫عرفين الربكة وايل‬ ‫فأشبع ِن‪َ ،‬وسقاين فأ ْر َو ِان‪َ ،‬وصان ِن َوحاين‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ َ ُْ‬
‫‪2‬‬
‫أصبته وتركته منه‪.»..‬‬

‫بترصف‪.‬‬
‫‪ -1‬اإلقبال‪ّ ،246/1 :‬‬
‫بترصف؛ وانظر‪ :‬املجليس‪ ،‬البحار‪ ،381/63 :‬و‪15/95‬؛‬ ‫ّ‬ ‫‪ -2‬اإلقبال‪،246/1 :‬‬
‫واملحدث النوري‪ ،‬مستدرك الوسائل‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫والطربيس‪ ،‬مكارم األخــاق‪ :‬ص ‪144‬؛‬
‫تتمة‪،‬‬ ‫بلفظ واحد ٍ ومنه قوله‪« :‬ترك ُته منه»‪ ،‬غري أ ّن ِّ‬
‫للذكر ّ‬
‫ٍ‬ ‫‪ ،280/16‬وقد ورد يف اجلميع‬
‫فليالحظ‪.‬‬
‫‪ُ 104‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫جزء من‬ ‫أن هذه املفردات وأمثاهلا يف الترشيع اإلساليم‪ ،‬إنّما يه ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫اتلأكيد ىلع‬ ‫ُ‬
‫وجيب‬
‫ُ ِّ‬ ‫ّ‬ ‫يصح من انلاحية َ‬
‫ُّ‬ ‫وحرف من القصيدة َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُّ‬
‫نهجية دراسة لك‬ ‫الم‬ ‫العصماء‪ ،‬وكما ال‬ ‫ِ‬ ‫ك‪،‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫إلصدار ُحك ٍم ىلع القصيدة‪ ،‬ال يَ ِص ُّح‬
‫ِ‬ ‫وحدها‪،‬‬ ‫أبيات‬
‫ٍ‬ ‫حرف أو لكم ٍة‪ ،‬وال ش ْط ٍر وال‬ ‫ٍ‬
‫ِّ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ًّ َ ْ ُ‬
‫بعض الترشيعات واالنطالق منها إلصدار حك ٍم ىلع الرشيعة لكها‪.‬‬ ‫منهجيا أخذ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫اخلصوصيات ملا حتمله لوثات اتلغريب املنترشة بيننا من طريقة‬ ‫وإنما أقف عند هذه‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫املستحبات واملكروهات‪ ،‬يف الوقت ذاته اذلي يستبدلا فيه هؤالء‬ ‫اتلعامل مع‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ومكروهات هلم يف «اتلعقيم» املوبوء‪ ،‬و«آداب املائدة»‪ ،‬ومنها ما‬
‫ٍ‬ ‫ات عندهم‬ ‫بمستحب ٍ‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫أصال ىلع تَشييء اإلنسان‪ ،‬وغري ذلك ّ‬
‫مما يصل‬ ‫القائم‬
‫ٍ‬ ‫ّ‬
‫الرسيم»‬ ‫يُذهب بالعقل‪ ،‬و«احلفل‬
‫ّ َ‬ ‫َ‬
‫عندهم إىل حد القداسة‪.‬‬
‫ص ىلع االلزتام بها‪ ،‬فيه ُ‬
‫وي َّ‬‫ُ‬ ‫لك مؤمن أن يُ َ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫آداب‬ ‫صيغ قلبه إىل آداب اإلسالم‪ِ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫إن ىلع‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫املستحبات واملكروهات عن‬ ‫ييد‬
‫اهلل تعاىل لعبا ِده‪ ،‬وما أمس احلاجة إىل مغادر ِة ت ِ‬
‫قعر االهتمام‪ ،‬وزوايا حركة احلياة والسلوك‪.‬‬
‫الواجهة وحمارصتِها يف ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫اثلقايف‪ ،‬باخلروج من هذه اللوثة القاتلة‪ ،‬بل الوباء‬ ‫ويتوقف الشفاء من هذا الفصام‬
‫ّ‬
‫اذلريع‪.‬‬

‫داعء ايلوم اتلّاسع‬


‫ُ‬
‫ُ ْ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ً ْ ََْ َ َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َّ ُ ْ َ ْ‬
‫الواسِعةِ‪َ ،‬واهد ِِن فِي ِه ل َِباهِينِك الساطِعةِ‪َ ،‬وخذ‬ ‫«ألله َّم اجعل ِل فِي ِه ن ِصيبا مِن رحتِك‬
‫الم ْشتاق َ‬‫َ َ َ َّ َ َ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِني»‪.‬‬ ‫بِناصِ ي ِت إِىل م ْرضات ِك اجلامِعةِ‪ ،‬بِمحبتِك يا أمل‬
‫َ ْ ٌ َ َْ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫ُ ُ ٍّ ّ‬ ‫ّ‬
‫ارحْ ِن‪.‬‬ ‫منا أن يقول‪ :‬إليه َوس َع ْ‬
‫ت َرمحتُك لك شءٍ‪ ،‬وأنا شء ف‬ ‫ِ‬ ‫ادلاعء يريد لك‬ ‫كأن ّ‬
‫ُ ُ َ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ٌ َ ْ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ‬
‫نوب‬‫ِاجعل يل نصيبا َمن رمح ِتك‪ ،‬فإنها ال ين ِقصها يشء‪ ،‬وأ ِزح عن بصرييت حجب اذل ِ‬
‫ْ َ َ َْ‬
‫ازعتين نفيس إىل َمعصي ِتك‪ ،‬فكما‬ ‫َ‬
‫األمور كما يه‪ .‬إليه‪ ،‬وإن ن‬ ‫وظالم املعايص‪ .‬أ ِر ِن‬ ‫َ‬
‫َ ُ ْ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الطبيب رغما عنه ّ‬ ‫األب بيَد ابنه إىل ّ‬ ‫يأخذ ُ‬ ‫ُ‬
‫حبا هل‪ ،‬فخذ بناصييت إىل مرضاتِك اجلامع ِة‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َ‬
‫المشتاقني‪.‬‬ ‫أمل ُ‬ ‫حببِّك يل يا‬

‫ُ ّ‬
‫صالة الليلة العارشة‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ‬
‫‪ -1‬حصة هذه الليلة من األلف ركعة‪ ،‬ويه عرشون َركعة‪ ،‬لك ركعتني بتسليمة‪ ،‬ثمان‬
‫مرة‪ ،‬و(اتلوحيد) ّ‬ ‫ّ‬
‫لك ركعة (احلمد) ّ‬ ‫ُ‬
‫مرة‪،‬‬ ‫منها بعد املغرب‪ ،‬وابلايق بعد العشاء‪ ،‬تقرأ يف‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ ً‬ ‫ً‬
‫‪105‬‬ ‫أو ثالثا‪ ،‬أو خسا‪ ،‬أو سبعا‪ ،‬أو عرشا‪.‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫‪ -2‬عن رسول اهلل |‪:‬‬


‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ّ ّ‬
‫شهر رمضان عرشين ركعة‪ ،‬يقرأ يف لك ركعة (احلمد)‬ ‫ِ‬ ‫«ومن صل الليلة العارشة من‬
‫َ‬ ‫وس َع ُ‬‫َ ّ َّ‬ ‫ّ‬
‫‪1‬‬
‫اهلل عليه رزقه‪ ،‬واكن من الفائزين»‪.‬‬ ‫مرة‪ ،‬و(قل هو اهلل أحد) إحدى وثالثني مرة‪،‬‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ َ‬
‫‪ -3‬قال الكفعيم‪« :‬ويستحب أن يصل يف لك يلل ٍة من شهر رمضان ركعتني بـ (احلمد)‬
‫ََُْ ُْ َ َ ْ ُ‬ ‫ُْ َ َ ْ ُ َ ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫مرة‪ ،‬و(اتلّوحيد) ثالثا‪ ،‬فإذا سلم قال‪ :‬سبحان من ه َو حفِيظ ال يغفل‪ ،‬سبحان من ه َو‬ ‫ّ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ ٌ َْ َ ُ ُْ َ َ ْ َُ ٌ َْ ُ ُْ َ‬
‫حان َم ْن ُه َو دائ ٌِم ال يَل ُهو‪ّ .‬‬
‫ثم يقول‬ ‫رحِيم ال يعجل‪ ،‬سبحان من هو قائ ِم ال يسهو‪ ،‬سب‬
‫َّ‬
‫يل اذلنبَ‬ ‫ْ‬
‫عظيم‪ ،‬ا ِغف ِْر َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ثم يقول‪ :‬سبحانك سبحانك يا‬
‫ُ‬ ‫التّسبيحات األربعة سبعاً‪َّ ،‬‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ً َ‬ ‫ّ‬ ‫َّ ُ ّ‬ ‫َ‬
‫‪2‬‬
‫ذنب»‪.‬‬
‫العظيم‪ .‬ثم تصل ىلع انليب عرشا‪ .‬من صلها غفر اهلل هل سبعني ألف ٍ‬ ‫ّ‬

‫احلر العاميل‪ ،‬وسائل الشيعة‪38/8 :‬؛ والكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ :‬ص ‪.176 - 175‬‬
‫‪ّ -1‬‬
‫‪ -2‬الكفعمي‪ ،‬املصباح‪ :‬ص ‪ ،563‬اهلامش‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫‪10‬‬
‫شهر رمضان‬

‫ّ‬ ‫ُ‬
‫* حسن الظ ّن باهلل‬
‫َّ َ‬
‫* يف داعء السحر‬
‫الروايات‬‫* يف ّ‬
‫* داعء ايلوم العارش‬
‫ّ‬
‫* صالة الليلة احلادية عرش‬

‫‪107‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ ّ‬ ‫ُ ُ ّ‬
‫عز وجل‬ ‫سن الظ ِّن باهلل‬‫ح‬
‫قال تعاىل‪﴿ :‬ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ﴾ فصلت‪.23:‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫إذا‪ ،‬وبرصيح القرآن الكريم هناك نوع من الظ ّن باهلل يكون سبب اهلالك‪ ،‬وهو سوء‬
‫َّ‬ ‫َّ َّ‬ ‫ّ‬
‫عز وجل‪ ،‬بديلل قوهل تقدست أسماؤه‪:‬‬ ‫الظ ّن باهلل‬
‫﴿‪ ..‬ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ‬
‫ﮭ ﮮ﴾ الفتح‪.6:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ما ُ‬
‫المراد إمجاال حبسن الظن باهلل تعاىل؟‬
‫تصورات ّ‬
‫معينة عن ّ‬ ‫ً‬
‫منا حيمل يف ذهنه اعدة‪ُّ ،‬‬ ‫ٌّ ّ‬
‫انلاس اذلين يتعامل معهم‪ ،‬فيقول هذا‬ ‫ٍ‬ ‫لك‬
‫ّ ًّ‬ ‫ِّ‬
‫كريم يلب برسعة‪ ،‬وهذا خبيل‪ ،‬وهذا بني وبني وهلم جرا‪.‬‬
‫وتصو ٍر حنمله عن اهلل تعاىل؟‬‫ّ‬ ‫ٍ‬
‫انطباع‬ ‫ّ‬
‫فأي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ َّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫عز وجل أم أننا لفرط معاصينا نعترب أنه لن يغفر نلا؟‬ ‫هل نسن الظ ّن به‬
‫والشفاء من ّ‬
‫الطبيب‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شعر بنعمة؟ أم أننا لفرط غفلتنا نعترب أن املال من فالن‪،‬‬ ‫هل ن َ ُ‬
‫جبها فال ندرك حقيقة‬ ‫والعلم من األستاذ وهكذا‪ ،‬فرنكض خلف الكرثة‪ ،‬وتعمينا ُح ُ‬
‫ّ‬
‫اتلوحيد؟‬
‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬
‫الظ ّن به َّ‬
‫عز وجل وأنه يعطينا إذا احتجنا وال يرتكنا؟‬ ‫هل حنسن‬
‫َّ ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫هل حنسن الظن به عز وجل أنه يرمحنا إذا عصينا‪ ،‬ويغفر نلا ذنوبنا مهما اكنت؟‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ًّ ّ‬
‫هل نعتقد حقا بأن ذنوبنا مهما عظمت فإنها دون عظمته‪ ،‬وأن طلباتنا مهما كرثت‬
‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫فإنها قليل من كثري‪ ،‬وأنها عليه سهل يسري؟‬
‫َّ َ‬
‫يف داعء السحر‬
‫السحر‪:‬‬ ‫ورد يف داعء َّ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫أنت ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ دَللتين عليك ود ْ‬ ‫ّ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫لم أد ِر ما أنت‪ ،‬احلمد‬ ‫عوتين إيلك‪ ،‬ولوال‬ ‫‪ -1‬بك عرفتك وأنت‬
‫ُُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ُ‬
‫هللِ اذلي أدعوه فيجيبين وإن كنت بطيئا حني يدعوين‪ ،‬احلمد هللِ اذلي أسأل فيعطيين‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫وإن كنت خبيال حني يستقرضين‪.‬‬
‫ّ‬ ‫انلعم ع ّ‬ ‫أعظم ِّ‬‫ُ‬
‫أصل إىل معرفتك بنفيس‪ ،‬وإنما أنت‬ ‫يل نعمة معرفتك‪ ،‬وأنا لم ِ‬ ‫إليه‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫أدر ما أنت‪ ،‬إليه‬
‫لتين عليك ولوال أنت لم ِ‬ ‫أوصلتين ولو أردت هواين لم تهدين‪ ،‬أنت دَل‬
‫ً ّ ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َ ُ‬ ‫ّ‬
‫جتدين بطيئا إل أنك مع ذلك‬ ‫أجدك رسيعا يف اإلجابة‪ ،‬ولكما أمرتين ِ‬ ‫لكما احتجتك ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫ستقرضين حني حتثين ىلع العطاء‬ ‫تظل تغمرين بعطفك وحنانك؛ أسألك فتعطيين‪ ،‬وت‬
‫ً‬ ‫ًّ‬
‫واإلنفاق‪ ،‬أوالقرض‪ ،‬وحني تريدين أن أكون بارا متساحما أعفو وأصفح‪ .‬تَستقرضين‬
‫ّ ّ‬ ‫ُ‬
‫ألعطي من املال ومن اخلُلق احلَسن فيغلب ع ّ‬
‫يل ابلخل‪ ،‬إل أن ذلك ال يمنعك من‬
‫‪ 108‬مواصلة عطايئ‪.‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ّ ُ‬


‫لرسي‪.‬‬‫شئت ّ‬ ‫‪ -2‬واحلم ُد هللِ الي أناديه لكما شئت حلاجيت وأخلو به حيث‬
‫َّ َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫عز وجل‬ ‫الفقري أن يناديه لكما اكنت هل إيله حاجة‪ ،‬إن ملك امللوك‬ ‫يستطيع‬ ‫أرأيت ملاك‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫فرط حبِّها البنها تيبه لكما ناداها ومهما اكنت‬ ‫َّ‬
‫قريب من عباده‪ ،‬كيف أن األم من ِ‬
‫ٌ‬
‫حب ِّ‬ ‫إن َّ‬‫َّ‬ ‫وحبه نلا أكرب من ِّ‬ ‫وجل َّ‬ ‫َّ َّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫األم‬ ‫حب األم بكثري‪ ،‬بل‬ ‫أعماهلا‪ ،‬إن حنان اهلل عز‬
‫ِّ َّ َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫عز وجل‪.‬‬ ‫فيض حبه‬ ‫تماوج حمدود من ِ‬
‫ّ‬ ‫الس َ‬‫هذه املعاين وأمثاهلا يف داعء َّ‬
‫تعزز فينا حسن الظ ّن‬ ‫حر ويف داعء االفتتاح‪ ،‬تريد أن ّ‬
‫ّ‬ ‫ٌ ّ‬ ‫ُّ ّ‬ ‫َّ‬
‫وجل‪ّ ،‬‬ ‫باهلل َّ‬
‫يهتم بنا ال‬ ‫تصور أن اهلل تعاىل بعيد عنا‪ ،‬ال‬ ‫حت ال حنمل يف ذهننا‬ ‫عز‬
‫باستجابة أدعيتنا وال بطلباتنا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بعمق أنه‬ ‫ٍ‬ ‫ليس ِمن ُحسن الظ ّن أن حنمل مثل هذه اتلصورات‪ ،‬بل ينبيغ أن نعيش‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ٌ ّ ّ‬
‫قريب منا‪ ،‬وأنه تعاىل أمل اآلملني‪ ،‬ومالذ اللئذين‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ِّ‬
‫‪ -4‬وأنا يا سيدي اعئذ بفضلك هارب منك إيلك متنج ٌز ما َوعدت من الصفح عمن‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫أحسن بك ظنا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ك مستجريا ً بك من ّ‬ ‫ُ َ‬
‫انلار فأجرين‪ ،‬مستعيذا بك فأعذين‪ .‬إليه‬ ‫إليه َمن يل غريك‪ .‬جئت‬
‫سن ظين بك‪ ،‬ال أتكل ىلع عميل ألنك أرحم الرامحني‪ ،‬أكرم األكرمني‪،‬‬
‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ال أمحل ّإل ُح َ‬
‫وسوء ّ‬‫ُ‬ ‫لك زادي هو ُحسن ّ‬ ‫ّ‬
‫ظن بنفيس‪.‬‬ ‫ظن بك‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ‬ ‫َُ‬
‫‪ -5‬أفتاك يا رب تلِف ظنوننا أو ختيب آمانلا‪ ،‬كل يا كريم فليس هذا ظننا بك‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ ّ‬
‫رجاء عظيما‪،‬‬ ‫وال هذا فيك طمعنا‪ ،‬يا رب إن نلا فيك أمال طويال كثريا‪ ،‬إن نلا فيك‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫تستجيب نلا‪ ،‬فحقق‬ ‫ودعوناك وحنن نرجو أن‬ ‫عصيناك وحنن نرجو أن تسرت علينا‪،‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ولكن علمك فينا وعلمنا بأنك‬ ‫ستوجب بأعمانلا‬ ‫رجاءنا موالنا‪ ،‬فقد علِمنا ما ن‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫جبني ل ِرمحتِك‪ ،‬فأنت أهل أن جتود علينا وىلع‬ ‫رصفنا عنك وإن كنا غري مستو ِ‬ ‫ال ت ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫المذنبني بفضل سعتِك‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ادلاعء‪ ،‬ومن‬ ‫وجل هو املناخ املالئم الستجابة ّ‬ ‫الظ ّن باهلل َّ‬
‫عز‬ ‫من الواضح أن ُحسن‬
‫ادلاعء ّ‬ ‫حجاب جيعل اإلنسان غري قادر ىلع ّ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حبق‪،‬‬ ‫عز وجل‬ ‫الواضح أن سوء الظ ّن باهلل‬
‫ّ ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ َّ‬
‫الس ّيئ‬ ‫طلب اإلنسان ّ‬ ‫َ‬ ‫حقيقيا‪ .‬إن‬ ‫عز وجل طلبا‬ ‫جيعله ال يستطيع أن يطلب من اهلل‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ً ّ‬ ‫ْ‬ ‫وجل‪ّ ،‬‬ ‫َّ َّ‬ ‫ّ‬
‫شخص تعلم مسبقا أنه لن يلب طلبك‪ ،‬مما جيعل‬ ‫ٍ‬ ‫اكلطلب من‬ ‫الظ ّن باهلل عز‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬
‫طلب ايلائس‪.‬‬ ‫شلكيا‪ ،‬فهو شبه طلب‪ .‬إنه‬ ‫طلبك منه‬
‫يف ّ‬
‫الروايات‬
‫ُّ‬ ‫َ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -1‬عن رسول اهلل صل اهلل عليه وآهل‪« :‬والي ال هلإ إل هو ال يسن ظن ٍ‬
‫عبد باهلل‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫سن ظن عبده املؤمن‪ ،‬ألن اهلل كريم بيده اخلريات‪ ،‬يستيح ‪109‬‬‫إل اكن اهلل عند ح ِ‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ ُ‬
‫ثم يلِف ظنه ورجاهُ‪ ،‬فأحسنوا باهلل الظ ّن‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الظن به‬ ‫أحسن‬ ‫املؤمن قد‬ ‫أن يكون‬
‫َ‬
‫وارغبوا إيله» ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وأهم ّية حسن الظ ّن‪ ،‬فإذا‬
‫ّ‬ ‫كونا فكرة جمملة عن خطورة سوء الظ ّن‪،‬‬ ‫وهكذا نكون قد َّ‬
‫ّ‬
‫دقيق‪ ،‬جند ما ييل‪:‬‬
‫بشلك ٍ‬
‫ٍ‬ ‫أردنا أن نعرف ما هو ُحسن الظ ّن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -2‬عن اإلمام الصادق عليه السالم‪« :‬حسن الظ ّن باهلل أن ال ترجو إل اهلل‪ ،‬وال ختاف‬
‫ّ َ‬
‫إل ذنبك»‪.‬‬
‫َ ّ ّ‬ ‫ّ ّ ً‬ ‫ّ‬
‫نوقن بأن لك يش ٍء هو منه‬ ‫الر ُ‬
‫جاء به‪ ،‬أي أن‬ ‫ينحرص ّ‬
‫َ‬ ‫عز وجل إذا‪ ،‬أن‬ ‫ُحسن الظ ّن باهلل‬
‫سبحانه وتعاىل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن َمن ُ‬ ‫ٌّ ّ‬
‫بشخص‪ ،‬فهو يلجأ إيله‪ ،‬ولكما اكن ُحسن الظ ّن به أقوى‪ ،‬اكن‬‫ٍ‬ ‫ه‬ ‫ظن‬ ‫ن‬‫حس‬ ‫بدييه‬
‫ُّ‬
‫اللجوء إيله أكرث‪.‬‬
‫ُ‬
‫يتوقف ىلع أن ن َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫سن‬ ‫لكن ذلك‬ ‫وىلع هذه القاعدة فال ينبيغ اللجوء إل إىل اهلل تعاىل‪،‬‬
‫ّ‬
‫الظ ّن به وحده دون سواه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الظن وشدة اخلوف‬ ‫اجلمع بني حسن‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الرواية باحلديث عن خمافة اذلنب‪ ،‬ويه‬ ‫الظ ّن باهلل يف هذه ّ‬ ‫ويقرتن احلديث عن ُحسن‬
‫ُ ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫سن الظ ّن باهلل‬ ‫شديد احلساسية يف باب ُحسن الظ ّن وسوئه‪ ،‬واملراد أن من ي‬ ‫مفصل‬
‫ً‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫عز وجل‪ ،‬ويصل به ذلك إىل حد عدم اخلوف مطلقا من ذنوبه‪ ،‬فهو أقرب إىل األمن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ َّ‬
‫جرؤ ىلع اهلل تعاىل‪ ،‬ألن ُحسن الظ ّن املطلوب هو أن‬ ‫واتل ّ‬‫وجل‪ ،‬بل ّ‬ ‫من عذاب اهلل عز‬
‫َّ‬ ‫َّ َّ ُ‬
‫خياف اإلنسان من ذنوبه فيلجأ إىل اهلل عز وجل ويسن الظن به‪ ،‬ال أن ال خياف من‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬
‫مأمن منه‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫نهائيا ويعترب أنه بمنأى من العذاب ويف‬ ‫ذنوبه‬
‫ّ‬
‫وجند توضيح ذلك يف الرواية اتلايلة‪:‬‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ ْ‬
‫«إن استطعتم أن يشتد خوفكم من اهلل وأن‬ ‫‪ -3‬عن أمري املؤمنني عليه السالم‪ِ :‬‬
‫ُ ِّ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ ّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ ُ‬
‫يسن ظنكم به فامجعوا بينهما‪ ،‬فإن العبد إنما يكون حسن ظنه بربه ىلع قدر خوفه‬
‫َّ َّ‬ ‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫ًّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫عز وجل»‪.‬‬ ‫أحسن انلّاس ظنا باهلل أشدهم خوفا هلل‬ ‫من ربه‪ ،‬وإن‬
‫ُ ّ‬ ‫ّ‬
‫بمقدار ما خناف اهلل تعاىل يكون ُحسن الظ ّن به‪ ،‬أخاف رب عندما أعيش حقيقة‬
‫عز وجل فأعيش بذلك خطورة املعصية‪،‬‬
‫َّ َّ‬ ‫حيق يل أن ّ‬
‫أجترأ عليه‬ ‫اتلوحيد وأُدرك أنّه ال ّ‬ ‫ّ‬
‫َّ َّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫وأعيش من خالل ذلك عجزي وضعيف فأدرك أنه ال ملجأ من اهلل عز وجل إل إيله‪،‬‬
‫وبشلك‬
‫ً‬
‫ظن برب سبحانه وتعاىل كبريا‬
‫ِّ‬ ‫وأُدرك رمحتَه الواسعة‪ ،‬عندها سيكون ُحسن ّ‬
‫ٍ‬
‫ٍّ‬
‫تلقايئ‪.‬‬

‫‪ -1 110‬انظر فيه وما بعده‪ :‬الريشهري‪ ،‬مزيان احلكمة‪.‬‬


‫أعمال شهر رمضان‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ َّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ ٌّ ّ‬


‫عز وجل‪ ،‬هل أنا َح َسن الظ ّن برب أم‬ ‫ّ‬
‫العملية أن يفكر لك منا يف ظنه باهلل‬ ‫وانلتيجة‬
‫ّ‬
‫ظنه به‪ ،‬فهو أرحمُ‬ ‫َ ٌّ ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أن والعياذ باهلل سيئ الظن؟ وأن يرفع لك منا من مستوى حسن‬
‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫ألصناف من اخلالئق‬
‫ٍ‬ ‫الرامحني‪ ،‬تمتد رمحتُه يوم القيامة كما ورد يف الروايات‪ ،‬تلتسع‬
‫ُ‬ ‫ََ‬
‫تشمله رمحة اهلل سبحانه وتعاىل!‬ ‫وعندئذ يطمع هو يف أن‬
‫ٍ‬ ‫اكن إبليس يعتربهم من ُجنده‪،‬‬

‫داعء ايلوم العارش‬


‫ْ َْ‬ ‫َ ََ ْ َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ َْ‬ ‫ْ ْ ُ َ َ ِّ َ َ َ ْ َ‬ ‫َّ ُ َّ ْ َ ْ‬
‫ليك‪َ ،‬واجعل ِن‪Ȁ‬‬ ‫ني عليك‪َ ،‬واجعل ِن‪ Ȁ‬فِي ِه مِن الفائ ِِزين‬ ‫«أللهم اجعل ِن‪ .‬فِي ِه مِن المتوك ِ‬
‫ال َ‬ ‫َ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ ُ َ َّ َ َ ْ َ‬
‫ني»‪.‬‬ ‫فِي ِه مِن المقربِني إِلك‪ ،‬بِإحسان ِك يا اغية الط ِ ِ‬
‫ّ ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ً‬ ‫أللّ ّ‬
‫واتلوك‪ ،‬وهما‬ ‫يل بتمام ايلقني‬ ‫اتلوك عليك‪ ،‬وأتمم نعمتَك ع ّ‬ ‫ارزقين يقينا ثمرته‬ ‫هم ُ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املقربني إيلك‪ ،‬وأن يل‬ ‫صالح ألكون من الفائزين دليك املبا ِدرين‬ ‫ٍ‬ ‫عمل‬
‫أساس لك ّ ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أستحق‪ ،‬فأصل إىل ِحاك وأكون‬ ‫بذلك يا إليه إل بإحسانك‪ ،‬أن تأخذ بيدي رغم أن ال‬
‫رعك احلصينة يا اغية ّ‬ ‫َ‬
‫الطابلني‪.‬‬ ‫يف ِد‬

‫صالة الليلة احلادية عرش‬


‫‪ -1‬مواصلة صالة األلف ركعة‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ّ‬
‫تصل عرشين ركعة لك ركعتني بتسليمة‪ ،‬ثماين ركعات بعد املغرب‪ ،‬وابلايق بعد‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مرة‪ ،‬و(اتلّوحيد) ّ‬ ‫ّ‬
‫العشاء وتقرأ يف لك ركعة (احلمد) ّ‬
‫مرة أو ثالثا‪ ،‬أو مخسا‪ ،‬أو سبعا‪،‬‬
‫ً‬
‫أو عرشا‪.‬‬
‫‪ -2‬عن رسول اهلل |‪:‬‬
‫لك ركعة (احلمد) مرةّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫«ومن صل يللة إحدى عرشة من شهر رمضان ركعتني‪ ،‬يقرأ يف‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫مرة‪ ،‬لم يتبعه يف ذلك ايلوم ٌ‬ ‫و(إنا أعطيناك الكوثر) عرشين ّ‬ ‫ّ‬
‫ذنب وإن جهد الشيطان‬
‫َ‬
‫جهده»‪.1‬‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫ستحب أن يصل يف لك يلل ٍة من شهر رمضان ركعتني بـ(احلمد)‬ ‫ّ‬
‫الكفعيم‪« :‬وي‬ ‫‪ -3‬قال‬
‫حان َم ْن ُهوَ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ َ ْ َُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫"‪ "..‬و(اتلوحيد) ثالثا‪ ،‬فإذا سلم قال‪ :‬سبحان من هو حفِيظ ال يغفل سب‬
‫ّ‬ ‫َ ٌ َْ َ ُ ُْ َ َ ْ َُ ٌ َْ ُ ُْ َ َ ْ َُ ٌ َُْ‬
‫رحِيم ال يعجل سبحان من هو قائ ِم ال يسهو سبحان من هو دائ ِم ال يلهو‪ .‬ثم يقول‬
‫نب‬
‫ُ ْ ْ َ َّ‬
‫اذل َ‬ ‫َ َ‬
‫ثم يقول‪ :‬سبحانك سبحانك يا عظيم‪ ،‬ا ِغفِر يل‬
‫َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫التّسبيحات األربع سبعاً‪َّ ،‬‬
‫َ َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ً َ‬ ‫َّ ُ ّ‬ ‫َ‬
‫ذنب‪.2»..‬‬
‫يب عرشا‪ .‬من صلها غفر اهلل هل سبعني ألف ٍ‬ ‫صل ىلع انلّ ّ‬ ‫العظيم‪ .‬ثم ت‬

‫احلر العاميل‪ ،‬وسائل الشيعة‪93/8 :‬؛ والكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪.671 :‬‬


‫‪ّ -1‬‬
‫‪111‬‬ ‫‪ -2‬الكفعمي‪ ،‬املصباح‪ .365 :‬اهلامش‪.‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫‪11‬‬
‫شهر رمضان‬

‫* االهتمام بمعرفة يللة القدر‬


‫طلب معرفة يللة القدر‬‫ُ‬ ‫*‬
‫* صالة ملعرفة يللة القدر‬
‫* داعء ايلوم احلادي عرش‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫* صالة الليلة اثلانية عرش‬

‫‪112‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫االهتمام بمعرفة يللة القدر‬


‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شهر رمضان املبارك شهر اثلّورة يف اذلات باتاه املصاحلة مع الكون‪ ،‬واالنسجام مع‬
‫تسبيح املوجودات مجيعها هلل الواحد ّ‬
‫القهار‪.‬‬ ‫ِ‬
‫﴿ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ‬
‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ﴾ اإلرساء‪.44:‬‬
‫ّ‬
‫ويمكن هلذه املصاحلة رغم صعوبتها أن تتم يف حلظة من حلظات يللة القدر‪.‬‬
‫﴿ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ِ﴾ القدر‪.2:‬‬
‫ّ‬
‫خصوصياتها‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫فربما‬ ‫ولست هنا بصدد احلديث عن عظمة هذه الليلة املباركة وال عن‬
‫ّ‬ ‫ِّ‬
‫يوفق اهلل سبحانه وتعاىل للحديث عن ذلك ىلع أبواب يلايل القدر‪ ،‬وإنما أنا هنا‬
‫بصدد احلديث عن االهتمام بمعرفة يللة القدر‪.‬‬
‫**‬
‫نتأمل مضامني أدعية شهر رمضان املبارك‪ ،‬جند تركزيا ً ىلع يللة القدر يلحّ‬ ‫عندما ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بشلك أو بآخر أن نتنبه إىل أهمية هذه الليلة املباركة‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫علينا‬
‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫َورد يف األدعية الملحقة بداعء االفتتاح ويللة القدر‪« :‬وحج بيتِك احلرام وقتال يف‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫سبيلك فوفق نلا»‪ ،‬كما ورد يف خمتلف األدعية احلديث عن يللة القدر تارة بلهجة‬
‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫وسل ّ‬ ‫واتل ّ‬ ‫ادلاعء ّ‬‫ّ‬
‫للتوفيق هلا وإلدراكها‪ ،‬وتارة بلهجة‪« :‬واجعل يف ما تقيض وتقدر من‬
‫َُّ‬ ‫ُ‬
‫األمر احلكيمِ يف يلل ِة القدر‪ ،‬مِن القضاء اذلي ال يرد‬
‫ِ‬ ‫األمر املحتوم ويف ما تفرق من‬
‫ُ َّ‬
‫وال يبدل‪.»..‬‬
‫ُ‬
‫طلب معرفة يللة القدر‬
‫ماذا تريد هذه املضامني املباركة لألدعية املباركة حول يللة القدر أن تقول نلا؟‬
‫أن من ّ‬‫ّ‬ ‫دلى ّ‬
‫أمهات‬ ‫الرجوع إىل لكمات العلماء األعالم يف هذا املجال‪ ،‬جند بوضوح‬
‫ّ‬ ‫الصائم باستمرار‪ ،‬من ّ‬ ‫املطالب اليت ينبيغ ىلع ّ‬
‫أول شهر رمضان‪ ،‬أن يركز عليها هو‬ ‫ٍ‬
‫َّ‬
‫أن يُوفق لليلة القدر‪.‬‬
‫ّ‬
‫يوفق اإلنسان ّ‬ ‫باتلوفيق لليلة القدر؟ هل ُ‬ ‫المراد ّ‬ ‫ما ُ‬
‫لدلاعء فيها؟‬ ‫المراد أن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫هذا مطلوب طبعا‪ ،‬إل أن السيد ابن طاوس وكذلك آية اهلل اتلربيزي عليهما ّ‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬
‫الرمحة‪،‬‬
‫عرفه اهللُ‬‫الصائم باستمرار طيلة شهر رمضان املبارك أن يُ ّ‬ ‫أهمية أن يدعو ّ‬ ‫يؤكدان ىلع ّ‬ ‫ِّ‬
‫وفق حينئذ إلحيائها ّ‬ ‫ُ ّ‬
‫وادلاعء فيها‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫تعاىل يللة القدر‪ ،‬في‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫معرفة يللة القدر إذا‪ ،‬هم ينبيغ أن حيمله الصائم طيلة أيام شهر رمضان املبارك قبل‬
‫عرفين يللة القدر‪ ،‬يف أيّة‬‫يلايل القدر‪ ،‬فيكون هاجس القلب وو ْر ُد لسان احلال‪ :‬إليه ّ‬
‫ِ‬
‫‪113‬‬ ‫يلل ٍة يه؟‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ َ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫الطلب غريب‪.‬‬ ‫يتصور ابلعض أن هذا‬ ‫قد‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عن هذه انلقطة باذلات يتحدث السيد ابن طاوس عليه الرمحة‪ ،‬فيبي رضورة أن‬
‫َّ َّ‬ ‫الصائم أن يُ ِّ‬ ‫يطلب ّ‬
‫عز وجل يللة القدر‪ ،‬ويقول‪:‬‬ ‫عرفه اهلل‬
‫أجد يف املعقوالت‬ ‫ْ‬ ‫ُ ّ‬ ‫َّ َ َ َ‬
‫«إن طلب معرفة يللة القدر من مهمات ذوي العبادات‪ ،‬حيث لم ِ‬
‫السعادات‪ ،‬ولقد ُ‬ ‫ّ‬
‫والظفر بما فيها من ّ‬
‫قلت‬ ‫واملنقوالت ما يَمنع ِمن طلب معرفتها‬
‫ْ‬ ‫َّ‬
‫بادلاعء أن‬ ‫أول شهر رمضان ّ‬ ‫حدثتُه من األعيان‪ :‬ملاذا ال تطلبون من ّ‬ ‫بلعض َمن‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َّ‬
‫اهلل جل جالل بليلة القدر‪ ،‬فإنه تقدست أسماؤه قد َجعلكم أهال ملعرف ِته‬ ‫يعرفكم‬ ‫ّ‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ند هل عذرا‬ ‫رسول ومعرف ِة خاص ِته‪ ،‬وليست يللة القدر أعظم من ذلك‪ ،‬فلم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومعرف ِة‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َّ ّ‬
‫إل اتباع العادة يف أنهم ما وجدوا من يهتم بهذا املطلب اجلليل‪ ،‬فقلوهم ومضوا ىلع‬
‫ذلك السبيل»‪.1‬‬
‫ّ‬
‫اهلل طيلة األيّام والليايل املباركة من هذا الشهر املبارك قبل يلايل‬
‫ّ‬ ‫حقاً‪ ،‬ملاذا ال ندعو َ‬ ‫ّ‬

‫يعرفنا يللة القدر؟‬ ‫القدر‪ ،‬أن ّ‬


‫ّ‬ ‫سيأيت يف لكمات السيد ابن طاوس عليه ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الرمحة وغريه من العلماء‪ ،‬أن هذا األمر‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َ ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌّ‬
‫رق خمتلفة‪ ،‬فيعرف‬ ‫طبييع‪ ،‬وأن من انلاس من يعرفهم اهلل عز وجل يللة القدر بِط ٍ‬
‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أحدهم أن يللة القدر يه الليلة الفالنية فيوفق لدلاعء فيها وإلحيائها‪ ،‬ويكون موقِنا‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫أنها يللة القدر‪.‬‬
‫ُ‬
‫االهتمام به؟‬ ‫اعدي ال ينبيغ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫األمر‬ ‫فهل هذا‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يذكر ّ‬
‫السيد عليه الرمحة أنه أورد لِمن خاطبه من أهل زمانه مثاال‪ ،‬هو اآليت‪:‬‬
‫ً َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫أخرب شخصا فقريا مسحوقا أن يف هذه‬ ‫لو أن شخصا صادقا يقطع بِصحة كالمه‪،‬‬
‫كزن‪ ،‬إذا أمكن‬ ‫األرض مساحة ثالثني ذراع‪ ،‬ويف ذراع من هذه اثلّالثني ذراع ٌ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بمجرد أن تصل ىلع هذا‬ ‫وأنت ستخرج من الفقر‬ ‫فقري‪،‬‬
‫الوصول إيله فإنه يغين لك ٍ‬
‫الكزن‪.‬‬
‫فكيف يترصف هذا الفقري مع هذه املعلومة؟‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫أل يطوف ابلدلان ليَسأل أهل اخلربة؟ أل يبحث يف هذا اثلالثني ذرااع حبثا مضنيا؟‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إذا ملاذا ال نتعامل مع يللة القدر كما يَتعامل هذا الفقري مع هذه اثلّالثني ذرااع‪،‬‬
‫ويللة منها يه يللة القدر‪ ،‬وال ّ‬ ‫ٌ‬
‫نهتم بمعرفتها!!‬ ‫ثالثون يللة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫كيف نرىض أن يأيت شهر اهلل تعاىل ويميض وحنن لسنا مستنفرين ملعرفة هذه الليلة‬
‫املباركة؟‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ َّ‬ ‫ّ‬
‫أين ُحسن الظن بربنا عز وجل؟ ملاذا ال نثق بأننا إذا كنا صادقني يف طلب معرفة هذه‬
‫ِّ‬ ‫ّ‬

‫‪ -1 114‬السيد ابن طاوس‪ ،‬إقبال األعمال‪ :‬ج‪148/1‬‬


‫أعمال شهر رمضان‬

‫ّ‬ ‫ً َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ َّ َّ‬ ‫ّ‬


‫عز وجل أكرم األكرمني‪ ،‬ولن يرد سائال َوقف ببابه‪ ،‬وهو يريد أن يوفق‬ ‫الليلة‪ ،‬فإنه‬
‫خري من ألف شهر‪.‬‬‫دلاعئه وعبادته يف يلل ٍة مبارك ٍة يه ٌ‬
‫َّ َّ‬ ‫ّ‬
‫عز وجل؟‬ ‫كيف يردنا‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫الس ّيد ابن طاوس عن املسلمني‬ ‫أن غفلتنا كبرية جدا‪ ،‬وجزى اهلل ّ‬
‫سيد املراقبني ّ‬ ‫الواقع‬
‫ً‬
‫مجيعا خري اجلزاء تلنبيهنا إىل هذه احلقيقة‪.‬‬

‫صالة إلدراك يللة القدر‬


‫إذا َو َجدنا يف أنفسنا اهتماما ً بمعرفة يللة القدر‪ ،‬فهناك صالة َذ َكرها ّ‬
‫الس ّيد ابن طاوس‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫آية اهلل ّ‬ ‫َ‬ ‫عليه ّ‬
‫السيد‪ ،‬ويه‬ ‫اتلربيزي يف (املراقبات) نقال عن‬ ‫الرمحة‪ ،‬وذكرها كذلك‬
‫كما ييل‪:‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫«روي عن عبد اهلل بن عباس أنه قال‪ :‬يا رسول اهلل طوىب لِمن رأى يللة القدر‪ ،‬فقال‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫هل‪ :‬يا ابن عباس‪ ،‬أال أعلمك صالة إذا صليتها رأيت بها يللة القدر‪ ،‬لك يلل ٍة عرشين‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مرة وأفضل‪ ،‬فقال‪ :‬علمين‪ ،‬صل اهلل عليك‪ ،‬فقال هل‪:‬‬
‫ُ ّ‬
‫تصل أربع ركعات يف تسليم ٍة واحدة‪ ،‬ويكون بعد العشاء األوىل‪ ،‬وتكون قبل الوتر‪:‬‬
‫ُ‬ ‫الركعة األوىل (فاحتة الكتاب) و(قُل يا أيّها الاكفرون) ثالث ّ‬ ‫* يف ّ‬
‫مرات‪ ،‬و(قل هو اهلل‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫أحد) ثالث مرات‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫اثلانية (فاحتة الكتاب) و(قُل يا أيّها الاكفرون) ثالث ّ‬ ‫ّ‬
‫مرات‪ ،‬و(قل هو اهلل أحد)‬ ‫* ويف‬
‫ّ‬
‫ثالث مرات‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫*ويف اثلاثلة والرابعة مثل ذلك‪ ،‬فإذا سلمت تقول ثالث عرش مرة‪ :‬أستغفر اهلل‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ َ‬ ‫َ ّ َ‬
‫مرة‪،‬‬‫وسبح يف آخرها ثالث عرش ّ‬ ‫ف َوحق من بعثين باحلق نبيا‪ ً،‬من صل هذه الصالة‬
‫ُ َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫واستغفر اهلل‪ ،‬فإنه يرى يللة القدر لكما صل بهذه الصالة ويوم القيامة يشفع يف‬
‫ْ‬ ‫أميت‪ ،‬وغفر ُ‬ ‫ّ‬
‫اهلل هل ولوادليه إن شاء اهلل تعاىل»‪.1‬‬ ‫ألف من‬ ‫سبعمائة ٍ‬
‫ّ‬
‫خصيص‪ :‬ال ترشيع وال تضييع‬ ‫الفقه اتلّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الصدر‪ ،‬وهو املرجع انلّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬
‫حيكم‬ ‫ويع ابلارز‪ ،‬أن العقل‬ ‫يؤكد الشهيد السيد حممد باقر‬
‫ُ ََ ُ ًّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫برتتيب األثر ىلع االحتمال الضعيف‪ ،‬عندما يكون المحتمل قويا‪ ،‬وهذا األصل هو‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫الي جرت عليه سرية الفقهاء وما تزال‪ ،‬فعندما جيدون أن رواية عمل يللة الراغئب‬
‫ّ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫الس ّند‪ ،‬ال ي ُ ِّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫القوي لضعف‬ ‫رشعون –وحاشاهم‪ -‬لكن ال يضيعون املحتمل‬ ‫مثال ضعيفة‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ ِّ‬
‫االحتمال‪ ،‬فينبهون ىلع االهتمام بهذا املحتمل «برجاء املطلوبية»‪.‬‬

‫‪115‬‬ ‫‪ -1‬اإلقبال‪.154-153/1 :‬‬


‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬


‫اتلربيزي حول «صالة معرفة يللة القدر»‪،‬‬ ‫وتأمل ميع يف ما علق به عليها آية اهلل‬
‫حيث قال‪:‬‬
‫ْ‬ ‫ً‬
‫ُ‬
‫اعتبارها‪،‬‬ ‫«وقد َر َوى ِ َل ْرك فضيلة يللة القدر يف (اإلقبال) رواية‪ ،‬ويه وإن لم يَثبت‬
‫ّ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ّ ّ‬
‫لصحتها وثبوتها يف الواقع»‪.‬‬ ‫ً‬
‫رجاء‬ ‫أمرها‪ ،‬ينبيغ أن يُعمل بها‬
‫إل أنها من أجل عظمة ِ‬
‫َّ‬
‫وعق َ‬ ‫ثم أورد ّ‬‫ّ‬
‫ب بقوهل‪:‬‬ ‫الرواية‪،‬‬
‫َّ‬ ‫الرواية رصحياً‪ ،‬ويمكن أن يكون ُ‬
‫المراد أنه حيصل هل من‬ ‫«أقول‪ :‬لم يُعلم ُ‬
‫المراد من ّ‬
‫ُ‬
‫يعادل أفضل من ّذلة رؤية يللة القدر عرشين ّ‬
‫مرة‪.1»..‬‬ ‫اثلّواب ما‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫أكد بعد ذكر هذه ّ‬ ‫وأما ّ‬‫· ّ‬
‫كنت تريد أن تصل‬ ‫الرواية أنك إذا‬ ‫السيد عليه الرمحة فقد‬
‫فصلِّها‪ ،‬ولكن ال تقترص عليها يف طلب معرفة يللة القدر‪ ،‬بل ّ‬
‫ترضع‬ ‫هذه ّ‬
‫الصالة َ‬
‫ّ ّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ثم أكد ىلع طلب معرفتها وأن ال حيُول االستبعاد‬ ‫عز وجل يلعرفك إيّاها‪،‬‬‫وادع اهلل َّ‬

‫دون ذلك‪ ،‬فقال‪:‬‬


‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫قادر أن يُ ِّ‬ ‫ُ‬
‫اهلل جل جالل ٌ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫أن َ‬
‫يشاء‪،‬‬ ‫يشاء‪ ،‬وبما‬ ‫يشاء‪ ،‬كما‬ ‫عرف بليلة القدر من‬ ‫«ا ِعلم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫فال تلزم هذه العالمة من اتلعريف‪ ،‬واطلب زيادة الكشف من املالك الرحيم الرؤوف‬
‫ُ َّ‬ ‫َ‬
‫الس ّيد‪ -‬عرفت وحتققت من بعض من أدركته أنه اكن يعرف‬
‫َّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫اللّطيف‪ ،‬فإنين ‪-‬يضيف ّ‬ ‫ّ‬
‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫يللة القدر لك سن ٍة ىلع ايلقني "‪ "..‬ويه رمحة أدركته من رب العاملني‪ ،‬وليست بأعظم‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫الم ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫زنهة‪ ،‬ومعرفة سيد املرسلني‬ ‫من رمح ِة اهلل جل جالل بمعرفة ذاته املقدسة وصفات ِه‬
‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وخواص عرتته الطاهرين‪ ،‬وإياك أن تكذب بما لم تِط به علما من فضل اهلل جل‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫جالل العظيم‪ ،‬فتكون كما قال اهلل جل جالل‪..﴿ :‬ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‬
‫ّ ْ َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ثم علمت بعد االستبعاد‬ ‫ﯯ ﯰ﴾ األحقاف‪ ،11:‬فلك املعلومات لم تكن حميطا بها‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ٌ َّ‬ ‫َ‬
‫هل‪ .‬ولو قال لك قائل‪ :‬إنه رأى ترابا يميش ىلع األرض باختياره‪ ،‬وييط بعلومٍ كثري ٍة يف‬
‫يتمكن منها ُ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ابن‬ ‫أرساره‪ ،‬ويغلب من هو أقوى منه مثل السبع والفيل‪ ،‬واألمور اليت‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ‬
‫آدم يف اقتِداره‪ ،‬كنت قد استبعدت هذا القول من قائله‪ ،‬وتطلعت إىل تقيقه ودالئلِه‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫فإذا قال لك‪ :‬هذا التاب الي أرشت إيله هو أنت ىلع ايلقني‪ ،‬فإنك تعلم أنك مِن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ّ‬
‫رصت كما أنت بقدرة رب العاملني‪ ،‬فذلك الي أقدرك مع‬ ‫تراب‪ ،‬وإنما‬ ‫تراب وتعود اىل ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ّ ُ‬
‫استبعاداتك هو الي يقدِر غريك ىلع ما لم تِط به علما بفطنتك» ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫اتلأكيد ىلع أمرين‪:‬‬ ‫يريد رضوان اهلل تعاىل عليه ّ‬

‫‪ -1‬املراقبات‪( 137 :‬م‪.‬م)‪.‬‬


‫‪ -2 116‬اإلقبال‪.154 :‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫َّ َّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬


‫عز وجل‬ ‫األول‪ :‬أن معرفتك بليلة القدر يه دون معرف ِتك باهلل سبحانه وتعاىل‪ ،‬واهلل‬
‫قد سمح لك بمعرفته‪ ،‬فلماذا ال ُ‬
‫يم ُّن عليك بتعريفك يللة القدر؟‬
‫ً َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اثلاين‪ :‬أن االستبعاد الي هو االستغراب‪ ،‬ال يصلح ديلال تستند إيله‪ ،‬فتَنيف ما تستبعده‪،‬‬
‫نفسك من براكتها‪.‬‬ ‫فال تَستند إىل استبعاد أن تعرف يللة القدر فتَحرم َ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫بالزهراء وأبيها وبعلها وبنيها ّ ّ‬
‫والس املستودع فيها‪.‬‬ ‫أللّ َّ‬
‫هم وفقنا ملعرفة يللة القدر ّ‬

‫* رؤية يللة القدر‬


‫ٌ َ‬ ‫تقدم اكن اهلدف منه معرفة يللة القدر ىلع وجه ّ‬‫ّ‬
‫اتلحديد‪ ،‬وهناك عنوان آخر‬ ‫ما‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يُتداول ىلع األلسن‪ ،‬وربما ال يعرف الكثريون أنه يمكن أن حيصل وهو‪« :‬رؤية يللة‬
‫القدر»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ََ‬ ‫ّ‬
‫حتدث عنه آية اهلل المليك اتلربيزي‪ ،‬الي طرح السؤال عن إماكنية رؤية يللة القدر‪،‬‬
‫وأجاب عليه فقال‪:‬‬
‫َ‬
‫«فإن قلت‪ :‬ما معىن رؤية يللة القدر؟‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫نزول‬
‫ِ‬ ‫شف ما يقع فيها من‬ ‫قلت‪ :‬رؤية يللة القدر كما أرشنا إيله سابقا‪ ،‬عبارة عن ك ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫األرض‪ ،‬كما يكشف إلمامِ العرص عليه السالم يف «تلك» الليلة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫األمر إىل‬ ‫ِ‬
‫هلل تعاىل بني اعلمَ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬
‫أضاف آية اهلل المليك‪ :‬وإن أردت هلذا اإلمجال توضيحا‪ ،‬فاعلم أن ِ‬
‫ُ َّ ً‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫األرواح واألجسام اعلَا ً ي ُ َّ‬
‫العالمي‪ ،‬ليس مضيقا‬ ‫سم اعلم املثال والربزخ‪ ،‬وهو اعل ٌم بني‬
‫ٌّ‬ ‫َّ‬ ‫ً َ ً‬ ‫ً‬
‫جمرد‬ ‫اعلم األرواح‬ ‫ألن َ‬ ‫مظلما مثل اعلم األجسام‪ ،‬وال واسعا ن ِّيا مثل اعلم األرواح‪،‬‬
‫َُ‬ ‫ّ‬ ‫ٌّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫والصورة‪ .‬واعلم‬ ‫باملادة ّ‬ ‫مقيد‬ ‫واعلم األجسام‬‫ُ‬ ‫الصورة واملقدار‪.‬‬ ‫املادة وضيق ّ‬
‫ِ‬ ‫عن ك َدر‬
‫ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫ومقي ٌد ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌّ‬
‫بالصورة واملقدار‪ ،‬وهو مشتمل ىلع عوالم كثرية‪ .‬ولك‬ ‫جمرد عن املادة‬ ‫املثال‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫موجو ٍد يف اعلم األجسام فله يف هذه العوالم املثايلة صور خمتلفة غري هذه الصورة‬
‫َْ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬
‫العالمي‬ ‫اليت (يه هل) يف اعلم األجسام‪ .‬ولك ما يف هذا العالم إنما يوجد بعد وجو ِده يف‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ َ‬
‫بنحو وجو ٍد يليق بهما‪ ،‬بل لك موجو ٍد يف العالم إنما يَزنل إيله من خزائن اهلل‬ ‫ِ‬ ‫األولني‬
‫ُّ‬ ‫الّيت أ َ‬‫ُ‬
‫شري يف القرآن إيلها بقوهل تعاىل‪﴿ :‬ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ‪ ﴾..‬احلجر‪ .21:‬ولك‬
‫بتوسط مالئكة اهلل‬ ‫وجسماين يف هذا العالّم‪ ،‬إنّما يزنل عليه من اعلم المثال ُّ‬ ‫ٍّ‬ ‫جسم‬
‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬
‫تعاىل‪.‬‬
‫َ‬ ‫لك َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ُّ‬
‫أرزاق موجودات هذا العالم‬ ‫ِ‬ ‫تقدير‬
‫ِ‬ ‫من‬ ‫ة‬
‫ٍ‬ ‫ن‬ ‫س‬ ‫أحاكم‬ ‫أن‬ ‫األخبار‬ ‫عليه‬ ‫يدل‬ ‫واذلي‬
‫ُ‬ ‫وينكشف ذلك َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫لمن هو خليفة اهلل يف األرض‬ ‫وآجاهلا‪ ،‬يزنل إىل األرض يف يللة القدر‪،‬‬
‫األمر‪-‬بتوسط املالئكة هل عليه ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫السالم‪ -‬رؤية‬ ‫ويسم انكشاف نزول‬ ‫يف هذه الليلة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫يللة القدر‪ ،‬وذلة هذا الكشف ومشاهدة نزول األمر واملالئكة إنما يعرفهما أهلهما‪،‬‬
‫ولعل ذلك من قبيل ما أر َي إلبراهيم اخلليل من َملَكوت ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫‪117‬‬ ‫السماوات واألرض‪.‬‬ ‫ِ‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫أضاف آية اهلل َ‬ ‫َ‬


‫وأغلب‬ ‫خمصوص به‪،‬‬ ‫نصيب اكمل من هذه العوالم‬ ‫إنسان‬
‫ٍ‬ ‫يك‪ :‬وللك‬ ‫المل ّ‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املثايلة‪ ،‬واغفلون عن غفل ِتهم أيضا‪ ،‬وكذلك عن عوال ِمهم‬ ‫انلاس اغفلون عن عوال ِمهم‬
‫َ‬ ‫اهلل عليه بمعرفة ّ‬ ‫من ُ‬ ‫َ‬
‫الروحانية إل من َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫انلفس‪ ،‬ومعرف ِة اعلم املثال يف طريق معرفة‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫انلفس‪ ،‬ألن حقيقة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫انلفس من اعلم األرواح‪ ،‬فمن كشف هل حجاب املادة عن وجه‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ ً‬ ‫روحه ونفسه‪ ،‬ورأى َ‬ ‫ْ‬
‫روحه‬‫جمردة عنها يف اعلم املثال يسهل هل االنتقال إىل حقيقة ِ‬ ‫نفسه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املجردة عن الصورة أيضا‪ ،‬وهذه املعرفة للنفس يه املراد من قوهل صل اهلل عليه وآهل‬
‫َ ُ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫الر ّب‬
‫انلفس بمعرفة ّ‬ ‫جه ارتباط معرفة ّ‬ ‫وسلم‪« :‬من عرف نفسه فقد عرف ربه»‪ ،‬وو‬
‫ُ‬ ‫ِّ َ‬ ‫ُ ّ َ‬
‫اكف يف ما حنن بصد ِده من‬ ‫ال يعرفه إل من ُوفق هلذه املعرفة‪ ،‬وهذا املقدار من ابليان ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫رك حقيقة يللة القدر للعاملني العابدين‪،‬‬ ‫تعريف ما يزول به اإلنكار واالستبعاد‪ ،‬دل ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألجل حتصيل الشوق اللزمِ للوصول»‪.1‬‬
‫ّ‬ ‫اتل ّ‬‫ومن الواضح دلى ّ‬
‫أمل يف كالمه رضوان اهلل تعاىل عليه‪ ،‬أن ما ينكشف لِصاحب‬
‫ّ ّ ّ َ َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الرمحن‪ ،‬هو ّ‬ ‫األمر عليه صلوات ّ‬
‫اخلاص به‪ ،‬إل أن للك من وصل إىل مرتبة‬ ‫األتم‬ ‫اتلجل‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫إماكنية ذلك االنكشاف هل‪ ،‬مرتبة تناسبه من «رؤية يللة القدر»‪ ،‬األمر الي يعين‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بوضوح أن باستطاعة املؤمن أن يرى يللة القدر بسبه‪ ،‬وهذا هو السبب يف ُّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫تطرق آية‬ ‫ِ ِ‬
‫ِّ‬ ‫اهلل املليك إىل هذا املوضوع‪ ،‬كما َّ‬
‫رصح به يف آخر كالمه املتقدم‪.‬‬

‫داعء ايلوم احلادي عرش‬


‫ُ ُ َ َ ْ َ َ َ ِّ ْ َ َ َّ ْ‬ ‫ْ َ َ َ ِّ ْ َ َّ ْ‬ ‫َّ ُ َّ َ ِّ ْ َ َّ ْ‬
‫ل فِي ِه‬ ‫ل فِي ِه الفسوق والعِصيان‪ ،‬وحرم ع‬ ‫ل فِي ِه اإلحسان‪ ،‬وكره إ ِ‬ ‫«أللهم حبب إ ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ ْ َ‬ ‫َّ َ َ َ ِّ َ َ ْ َ‬
‫السخط وانلريان‪ ،‬بِعون ِك يا غِياث المستغِيثِني»‪.‬‬
‫َ َ َ ً‬ ‫ّ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫الشء حسناً‪َ ،‬‬ ‫ُ ُْ ّ‬
‫أصاب يُقال هل أحسنت ألنه جعل ما فعله حسنا‪،‬‬ ‫ومن‬ ‫اإلحسان جعل‬
‫ُ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫وأوضح مصاديق الصواب‪ ،‬االنسجام مع احلق وطاعة اهلل تعاىل وقد ورد‪« :‬اإلحسان أن‬
‫َّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫تعبد اهلل كأنك تراه‪ ،‬فإن لم تكن تراه فإنه يراك»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫فالمحسن بهذا املعىن ال يطئ‪ ،‬ألنه ُع ِصم من اذلنوب ِبسبه‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫اتل ُّ‬‫إيل فيه ّ‬
‫وكره ّ‬ ‫اإلحسان‪ّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫هم حبِّب ّ‬ ‫أللّ ّ‬
‫رأيت منك إل‬ ‫مرد عليك‪ ،‬فما‬ ‫إيل يف يويم هذا‬
‫ّ‬ ‫ب ّ‬ ‫تتحب ُ‬‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫إيل فأتبغض إيلك‪.‬‬ ‫رأيت مين مجيال‪،‬‬ ‫مجيال وما‬
‫ك ّ‬ ‫َ َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫وانلريان‪ ،‬إليه‬ ‫أستحق به سخط‬ ‫املتحيين‪ ،‬وجنبين أن أفعل ما‬ ‫خذ بيدي يا ديلل‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ابلعد ومرارته‪ ،‬إىل أنس القرب وحالوتِه‪،‬‬ ‫هل َت ُم ّن ىلع هذا الغريق فتنتشله من لَج ُ‬
‫ياث ُ‬ ‫َ‬ ‫ُّ ً‬
‫المستغيثني‪.‬‬ ‫تكرما منك بعونك‪ .‬أ ِغثين‪ ،‬يا ِغ‬

‫بترصف ٍ يسري‪.‬‬
‫‪ -1 118‬املراقبات‪ّ 139-137 :‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ّ‬
‫صالة الليلة اثلانية عرشة‬
‫‪ -1‬مواصلة صالة األلف ركعة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ّ‬
‫تصل عرشين ركعة لك ركعتني بتسليم ٍة‪ ،‬ثماين ركعات بعد املغرب‪ ،‬وابلايق بعد‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫مرة و(قل هو اهلل أحد) ّ‬ ‫ّ‬
‫العشاء‪ ،‬وتقرأ يف لك ركعة (احلمد) ّ‬
‫مرة‪ ،‬أو ثالثا‪ ،‬أو مخسا‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أو سبعا‪ ،‬أو عرشا‪.‬‬
‫‪ -2‬عن رسول اهلل |‪:‬‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫«ومن صل يللة اثنيت عرشة من شهر رمضان ثماين ركعات‪ ،‬يقرأ يف لك ركعة (احلمد)‬
‫َ ّ‬ ‫مرة‪ ،‬أعطاهُ ُ‬ ‫مرة‪ ،‬و(إنا أنزنلاه) ثالثني ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اهلل ثواب الشاكرين واكن يوم القيامة من‬
‫الفائزين»‪.1‬‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫الكفعيم‪« :‬ويستحب أن يصل يف لك يلل ٍة من شهر رمضان ركعتني بـ(احلمد)‬ ‫ّ‬ ‫‪ -3‬قال‬
‫ََُْ ُْ َ َ ْ‬ ‫ُْ َ َ ْ َُ َ ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫«‪ »..‬و(اتلوحيد) ثالثا‪ ،‬فإذا سلم قال‪ :‬سبحان من هو حفِيظ ال يغفل سبحان من‬
‫حان َم ْن ُه َو دائ ٌِم ال يَلْ ُهو‪ّ .‬‬
‫ثم‬
‫َْ ُ ُْ َ‬ ‫َْ َ ُ ُْ َ َ ْ ُ‬
‫ِيم ال يعجل سبحان من ه َو قائ ٌِم ال يسهو سب‬ ‫ُه َو َرح ٌ‬
‫ْ َ َّ‬
‫اذل َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫يقول التّسبيحات األربع سبعا‪َّ ،‬‬
‫نب‬ ‫عظيم‪ ،‬ا ِغفِر يل‬ ‫ثم يقول‪ :‬سبحانك سبحانك يا‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ً َ‬ ‫َّ ُ ّ‬ ‫َ‬
‫ذنب‪.»2»..‬‬
‫يب عرشا‪ .‬من صلها غفر اهلل هل سبعني ألف ٍ‬ ‫صل ىلع انلّ ّ‬ ‫العظيم‪ .‬ثم ت‬

‫‪ -1‬احلر العاميل‪ ،‬وسائل الشيعة‪39/8 :‬؛ والكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪.176 :‬‬


‫‪ -2‬الكفعمي‪ ،‬املصباح‪ .563 :‬اهلامش‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫‪12‬‬
‫شهر رمضان‬

‫ّ‬
‫* وحج بيتك احلرام‬
‫ّ‬
‫* حقيقة احلج‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫* الضيافة األخص‬
‫ّ‬
‫* داعء ايلوم اثلاين عرش‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫* صالة الليلة اثلاثلة عرش‬
‫ّ‬
‫* صالة الليايل ابلِيض‬

‫‪120‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ّ‬
‫وحج بيتك احلرام‬
‫اتلوفيق ّ‬ ‫تتكرر يف أدعية شهر رمضان املبارك طلب ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حلج بيت اهلل‬ ‫من املضامني اليت‬
‫احلرام‪.‬‬
‫وهذه بعض انلماذج‪:‬‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َّ َّ ِّ‬ ‫ً‬
‫‪ -1‬جند مثال يف داع ٍء ملحق بداعء االفتتاح‪« :‬أللهم إن أسألك أن جتعل يف ما تقيض‬
‫ُ َّ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ّ‬
‫األمر احلكيمِ من القضاءِ الي ال يرد وال يبدل أن‬ ‫ِ‬ ‫األمر املحتومِ يف‬ ‫ِ‬ ‫وتقدر من‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َُ‬
‫املغفور ذنوبهم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫املشكور سعيهم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ربور حجهم‪،‬‬ ‫اج بيتك احلرام الم ِ‬ ‫تكتبين من حج ِ‬
‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫املكفر عنهم سيئاتهم»‪.‬‬
‫َّ ُ َّ َ ْ َ َ َ َ َ َُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫‪ -2‬وجند يف داع ٍء آخر‪« :‬ألله َّم إن بِك ومِنك أطل ُب حاجيت‪ ،‬أللهم من طلب حاجته‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ْ ُ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َ َ ْ ُ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ورضوان ِك‬ ‫إل أح ٍد مِن المخلوقِني‪ ،‬فإن ال أطلب حاج ِت إل مِنك‪ ،‬أسألك بِفضلِك ِ‬
‫َ ً َّ ً‬ ‫ك َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ََْ َ‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫أن تُ َص ِّ َ‬ ‫ْ‬
‫احلرامِ سبِيال‪ ،‬حِجة‬ ‫وآل مم ٍد‪ ،‬وأن تعل ِل يف عيم هذا إىل بيتِ‬ ‫ل ىلع مم ٍد ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َْ‬ ‫ًَ َ َ ً َ ََ‬ ‫َ ْ ُ َ ً ُ َ َ َّ َ ً‬
‫ورة متقبلة زاك ِية خال ِصة لك‪ ،‬تق ُّر بِها عي ِن‪ ،‬وت ْرفع بِها د َرج ِت»‪.‬‬ ‫مب‬
‫ُ ِّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ َّ ْ ُ ْ َ َّ َ ْ‬
‫وف ك عمٍ‬ ‫‪ -3‬كذلك جند يف داع ٍء آخر‪« :‬أللهم ارزق ِن حج بيتِك احلرامِ ِف ع ِم هذا ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ َ َ‬ ‫ُْ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫ََْْ‬
‫س وعفِي ٍة َوسع ِة ِرز ٍق‪َ ،‬وال تلِين مِن ت ِلك المواق ِِف الك ِريم ِة والمشا ِه ِد‬ ‫ما أبقيت ِن ِف ي ٍ‬
‫اتلأكيد ىلع ِّ‬ ‫يفةِ» إىل آخر ما يف ادلاعء وفيه مزيد من ّ‬ ‫َّ َ‬
‫حج بيت اهلل احلرام‪.‬‬ ‫الش‬‫ِ‬
‫ّ ّ‬ ‫أن َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عز وجل يُكتب‬ ‫وفد اهلل‬ ‫الروايات من‬ ‫تقدم مجيع ما ورد يف ّ‬ ‫ويضاف إىل ما‬ ‫‪ُ -4‬‬
‫َّ َّ‬ ‫ّ‬
‫عز وجل‪ ،‬يف يللة القدر‪.‬‬ ‫يف يللة القدر‪ ،‬أي تتحدد أسماء اذلين يفدون ىلع بيت اهلل‬
‫ّ‬
‫حقيقة احلج‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫للحج‪ ،‬وأن موقعه من منظومة‬ ‫ّ‬ ‫خاص ٍة‬ ‫أهم ّية‬‫وتكشف هذه املضامني مجيعها عن ّ‬
‫مما هو ّ‬‫انلظري والعميل أكرب بكثري ّ‬ ‫عدين ّ‬ ‫ابل َ‬
‫اتلوحيديّة للكون يف ُ‬ ‫الرؤية ّ‬ ‫ّ‬
‫السائد بيننا‪،‬‬
‫انلظرة ّ‬
‫واتلعامل‪.‬‬ ‫انلظر وتصويب ّ‬ ‫احلج بهدف إاعدة ّ‬ ‫يلح بوقفة ىلع أعتاب ّ‬ ‫وهو ما ّ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫تدريبية يف املجاالت ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يمثل ّ‬
‫اتلايلة‪:‬‬ ‫احلج يف احلقيقة دورة‬
‫لك مناسك ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ -1‬جتذير ّ‬
‫احلج‪،‬‬ ‫وتصب يف هذا اهلدف‬ ‫احلاج‪.‬‬ ‫اتلوحيد وتعزيزه يف نفس‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ومنها ما يأيت ذكره‪ ،‬تلكون انلتيجة أن اهلدف املركزي للحج هو هذا اهلدف باذلات‪.‬‬
‫‪ -٢‬االرتباط برسول اهلل | وأهل ابليت ^ من خالل زيارة قرب املصطىف احلبيب‬
‫أم َر من خالل طاعة أهل بيته األطهار‬ ‫ابليعة معه‪ ،‬وإعالن اتّباعه كما َ‬ ‫| وجتديد َ‬
‫صلوات اهلل وسالمه عليه وعليهم‪.‬‬
‫بقوة‪ ،‬فمنظر ّ‬ ‫احلج واملعاد حارضة ّ‬ ‫أن العالقة بني ّ‬ ‫ّ‬
‫احلجاج بثياب اإلحرام‬ ‫‪ -٣‬كذلك جند‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬
‫ُ‬
‫تلقائيا بتلك الصورة اليت خيزتنها املسلم يف ذهنه عن يوم المحرش‪ ،‬وكما ينفصل‬ ‫يُذكر‬
‫َّ‬ ‫ّ‬
‫ويتوجه إىل اهلل َّ‬ ‫احلاج ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عز وجل‪،‬‬ ‫ادلنيا وما فيها‬ ‫الراحل إىل املعاد عن لك يشء‪ ،‬يرتك‬
‫‪121‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حش ساحة ّ‬ ‫َ َ‬


‫احلاج يلزتم بأوامر اهلل تعاىل‬ ‫الطاعة بال معصية‪ ،‬فإن‬ ‫وكما يه أرض الم‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ ّ ُ َ‬
‫ستظل‪ .‬هنا جاء‬ ‫دون أي تردد‪ .‬يؤمر في ِطيع‪ .‬هنا ينبيغ أن ت ِرم وهنا تلب‪ .‬ال جيوز أن ت ِ‬
‫السيع‪ .‬وهكذا‪.‬‬ ‫الطواف‪ ،‬وهنا ّ‬ ‫دور ّ‬
‫ّ‬ ‫بادلنيا‪ّ ،‬‬
‫الرمحن وقد ترك لك ما يربطه ّ‬ ‫ّ‬ ‫نفسه ممتثال ألوامر ّ‬ ‫ً‬ ‫يَرى َ‬
‫حت ثيابه اليت اعتاد‬
‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫َ َّ َ َّ ُ َّ َ َّ َ‬
‫عليها‪ ،‬وهو يقول ليك اللهم ليك‪ ،‬ولعل القلب يردد‪:‬‬
‫﴿ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬
‫ﮰ ﴾ طه‪108:‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ َّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫هلل عز وجل‪ ،‬ورفض الشك وازدواجية الوالء‪ ،‬فهو‬ ‫‪ -4‬واحلج دورة تدريبية ىلع الوال ِء ِ‬
‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫خطوات الشيطان إىل حد‬ ‫ِ‬ ‫رفض الشيطان ومعسكر الشيطان‪ ،‬ومغادرة اتباع‬ ‫تعبري عن ِ‬
‫المطلق َّ‬‫َ‬ ‫َر ْجه‪ ،‬واخلضوع ُ‬
‫للرمحن‪.‬‬
‫ّ ّ‬ ‫الصورة ّ‬ ‫مما يُسهم كثريا يف رسم مالمح ّ‬ ‫ً‬ ‫ولعل ّ‬ ‫ّ‬
‫السائدة بيننا للحج‪ ،‬واليت تتناقض مع‬
‫حنج وال تَظهر فينا ُ‬ ‫ّ‬
‫األقل ّ‬ ‫َّ‬
‫آثار‬ ‫هذه املعاين العظيمة والواضحة‪ ،‬هو أننا يف الغالب ىلع‬
‫ُّ ً‬ ‫ك ِّون عن ّ‬ ‫ُ َ‬ ‫إدراك هذه احلقائق ّ‬
‫قريب‬ ‫ٍ‬ ‫تصورا ال ينسجم معه من‬ ‫احلج‬ ‫واتلفاعل معها‪ ،‬فن‬
‫بعيد‪.‬‬ ‫وال ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫ٌ ًّ‬ ‫ُ‬
‫والفرق كبري جدا بني احلج املقبول وغري املقبول‪ ،‬واحلج القيمة املهمة واألساسية‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ْ َ َُْ‬ ‫ً‬ ‫احلج املقبول‪ .‬ذللك جند ّ‬ ‫هو ّ‬
‫اتلأكيد واضحا يف األدعية ىلع حقيقة «أن تكتب ِن مِن‬
‫ُ َ َّ‬ ‫ُُ ُُ‬ ‫َ ُُْْ َُْ‬ ‫َ ُّ ُ ْ َ ْ ُ‬ ‫ُ َّ َ ْ َ َرامِ َ ُْ‬
‫اج بيتِك احل ‪ ،‬المبورِ حجهم‪ ،‬المشكورِ سعيهم‪ ،‬المغفورِ ذنوبهم‪ ،‬المكف ِر‬ ‫حج ِ‬
‫ْ‬ ‫َ ْ ُ َ ِّ ُ ُ‬
‫عنهم سيئاتهم»‪.‬‬
‫اهلل تعاىل نلكون من‬ ‫يلوفِّقنا ُ‬ ‫ادلائم احلضور ُ‬ ‫ادلاعء ّ‬ ‫وطيلة شهر رمضان املبارك يرافقنا ُّ‬
‫ادلاعء إىل اهلل تعاىل يلَكتبنا يف هذه‬ ‫يربز ُّ‬ ‫الوافدين عليه املقبولني دليه‪ ،‬ويف يللة القدر ُ‬
‫حجهم‪.‬‬ ‫اللّيلة يف عداد الوافدين عليه املربور ُّ‬
‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الضيافة األخص‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وي ُ‬
‫احلج‪،‬‬ ‫طرح ذلك سؤاال وجيها عن مدى ك ْون شهر رمضان موسم إعدا ٍد ِلوسم‬ ‫َ‬
‫أخص‪.‬‬ ‫ادلعوة إىل ضيافة ّ‬ ‫يتم من خالهلا توجيه ّ‬ ‫خاصة ّ‬‫وضيافة ّ‬
‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َّ‬ ‫وفد اهلل َّ‬ ‫أن َ‬‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إن ّ‬ ‫َّ‬
‫أسماء أعضاء هذا‬ ‫عز وجل يدد‪ ،‬وتكتب‬ ‫الروايات اليت تتحدث عن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بوضوح ىلع ما تقدم‪.‬‬‫ٍ‬ ‫الوفد يف يللة القدر‪ ،‬تدلا‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ ّ‬
‫وليس معىن هذا أن لك من يذهب إىل مكة يف موسم احلج يقبل عمله‪ ،‬فإن حتديد‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫يتم يف نفس الوقت الي ت ُ َّ‬
‫سجل فيه األسماء بما ال يُنايف العدل‪ ،‬واس ِتنادا إىل‬ ‫املقبولني ّ‬
‫احلج َمن َي ُ‬ ‫علم َمن هو بكل يش ٍء عليم‪ ،‬وذللك فقد يُكتَب يف عداد َوفد ّ‬ ‫ِّ‬
‫رج من‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ً َ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ُ َ‬ ‫ّ‬
‫قلبه إىل طالئع الوافدين‪.‬‬ ‫الشهر دون فائد ٍة تذكر‪ ،‬ثم يتوب توبة صادقة فتفعه حركة ِ‬
‫ورية هل يلُقبَل يف‬
‫الض ّ‬‫حجه‪ ،‬قد يكون ذلك املرحلة األوىل ّ‬ ‫إن َمن َي ّج وال يُقبَل ُّ‬ ‫ّ ّ‬
‫‪ 122‬ثم‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ٍّ َ‬
‫حج آخر‪.‬‬ ‫موسم‬
‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬
‫أن يُ َ‬ ‫اجلوهرية ّ‬ ‫ّ‬
‫أول يلل ٍة من رجب أننا‬ ‫ُ‬
‫القلب من َّ‬ ‫درك‬ ‫مما َسبق يه‬ ‫ّ‬ ‫العملية‬ ‫والفائدة‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ومركزه‪ :‬ابليت احلرام‪ ،‬وأن أعمال‬
‫ِ‬ ‫أمام تهيئ ٍة للضيافة اإلهلية األخص يف احلرم اإلليه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫رجب وشعبان وشهر رمضان خطوات جادة يف هذا الطريق‪.‬‬
‫***‬
‫ِّ‬ ‫ْ ِّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ٌّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬
‫هلل تعاىل أن يوفقه ِلج بيته احلرام‪،‬‬ ‫مسلم مدعو إىل أن يطلب من ا ِ‬ ‫ٍ‬ ‫صائم‪ ،‬بل ولك‬ ‫ٍ‬ ‫لك‬
‫ويتأكد هذا املعىن عندما َّ‬ ‫َّ‬
‫الروايات وجند الفضل الكبري واثلّواب اجلزيل‬ ‫نتأمل ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ ّ‬ ‫َّ‬
‫ولجلهم اكن هذا‬ ‫األعزاء خصوصية يف هذا املجال‪ِ ،‬‬ ‫للحجاج‪ ،‬إل أن هناك ِلعض‬
‫َّ‬ ‫ّ‬
‫فو َجب عليهم إل‬ ‫احلج َ‬‫احلديث يف الواقع‪ ،‬وأقصد األخوة واألخوات الين استَطاعوا َّ‬
‫َّ َّ ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ ّ‬ ‫أنّهم لم ّ‬
‫ويصلون ويافون اهلل عز وجل‪ ،‬إل‬ ‫األعزاء يَصومون‬ ‫ّ‬ ‫وكثري من هؤالء‬ ‫ٌ‬ ‫حيجوا‪،‬‬
‫أنّهم يقعون يف التّسويف واملماطلة يف موضوع ّ‬
‫احلج‪.‬‬
‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫حيج ال يموت مسلما‪.‬‬ ‫حيج ولم ّ‬‫أن ّ‬ ‫بوضوح أن َمن استطاع‬ ‫ٍ‬ ‫أختم برواي ٍة ميف ٍة تدل‬ ‫ُ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫«من مات ولم يج حجة اإلسالم‪ْ ،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫عن اإلمام ّ‬
‫ولم يمنعه مِن ذلك حاجة‬ ‫الصادق ×‪:‬‬
‫ًّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َُ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ ُ‬
‫تحِف به‪ ،‬أو مرض ال يطيق احلج من أجلِه‪ ،‬أو سلطان يمنعه‪ ،‬فليمت إن شاء يهوديا‬
‫ّ ‪1‬‬
‫ً‬ ‫وإن َ‬ ‫ْ‬
‫شاء نرصانيا»‪.‬‬
‫َ‬
‫السنة‪.‬‬ ‫احلج يف هذه ّ‬
‫حيج‪ ،‬فيجب أن حيرص ىلع أداء ّ‬ ‫احلج ولم ّ‬ ‫استطاع ّ‬ ‫األعزاء‪َ ،‬من‬
‫ّ‬ ‫أيّها‬

‫* يوم المؤاخاة‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫قال الشيخ املفيد‪« :‬ويف ايلوم اثلّاين عرش نزل اإلجنيل ىلع عيىس بن مريم ×‪.‬‬
‫َ ْ‬
‫ح ِبه‪ ،‬وآىخ بينه وبني ع ٍّ‬
‫يل صلوات اهلل‬ ‫ويوم املؤاخاة ّالي آىخ فيه ّ‬
‫انل ّ‬
‫يب | بني ص‬ ‫ُ‬

‫عليهما»‪.2‬‬
‫ّ‬
‫داعء ايلوم اثلاين عرش‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِباس الق ُن ِ‬
‫ْ‬ ‫اس ُ ْ‬
‫َ ْ‬ ‫ْ ِّ ْ َ َ‬ ‫َّ ُ َ ِّ ْ‬
‫فاف‪َ ،‬وحلين فِي ِه‬
‫وع َوالك ِ‬ ‫ت ِن فِي ِه بِل ِ‬ ‫ت َوالعفاف‪ ،‬و‬ ‫ألله َّم زين يل فِي ِه الس‬
‫ِص َم َة اخلائف َ‬
‫ِني‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ْ َ َ‬
‫واإلنصاف‪ ،‬بِعِصمتِك يا ع‬ ‫الفضل‬ ‫حب ِّ‬
‫يل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫‪ -1‬املصدر‪ .‬وانظر‪ :‬األحسايئ‪ ،‬عوايل الآليل ‪150/3‬؛ واحلر العاميل‪ ،‬الفصول املهمة يف‬
‫أصول األئمة‪ ،175/2 :‬وليس فيهما‪« :‬إن شاء»؛ واملجليس‪ ،‬البحار‪ ،20/96 :‬واللفظ‬
‫له‪.‬‬
‫‪123‬‬ ‫‪.22‬‬ ‫ص‬ ‫الشيعة‪:‬‬ ‫مسار‬
‫ّ‬ ‫املفيد‪،‬‬ ‫الشيخ‬ ‫‪-2‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ت‬ ‫ج َ‬ ‫َ ْ‬
‫بلباس القناعة فأخر‬
‫َ‬
‫ومن َسرتته‬ ‫ك‪َ ،‬‬‫َ‬
‫يعص‬ ‫َ ْ‬ ‫ّ َ‬ ‫ّ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫إليه من زينت هل السرت والعفاف لم ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫يد‬ ‫َ َ‬
‫يل الفضل واإلنصاف سما ولم ِ‬ ‫ومن حليْتَه حب ّ‬‫ادلنيا من قلبه لم يُفتَ َضح‪َ ،‬‬‫حب ُ‬ ‫َّ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫وح َّق ل ِ َمن طال‬ ‫خائف‪ُ ،‬‬ ‫فاعص ْمين فإن‬
‫ِ‬ ‫واستحق أن يكون يف عصمتك‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫منك بَدال‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وتمرده‪ ،‬ونِ َعمك ونكرانه‪ ،‬وإمهالك واغرتاره‪ ،‬أن خياف‪ ،‬أستعيذ بك يا‬ ‫ُّ‬ ‫إحسانك إيله‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫فأجرين يا ِعصمة اخلائفني‪.‬‬ ‫ّ‬
‫إليه فأعذين‪ ،‬وأستجري بك من انلار ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫صالة الليلة اثلاثلة عرشة‬
‫َّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -1‬حصة هذه الليلة من األلف ركعة املوزعة ىلع عرشين‪ ،‬يه عرشون ركعة تقرأ يف‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مرة و(قل هو اهلل أحد) ّ‬ ‫لك ركعة (احلمد) ّ‬ ‫ّ‬
‫مرة‪ ،‬أو ثالثا‪ ،‬أو مخسا‪ ،‬أو سبعا‪ ،‬أو عرشا‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫ّ‬
‫بالتتيب املتقدم‪.‬‬
‫َ‬
‫املختص‪ ،‬وقد سبق بيان ذلك ّ‬ ‫ركعتني ولو ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫تنس ُّ‬ ‫وال َ‬
‫باتلفصيل يف‬ ‫بادلاعء‬ ‫ادلاعء بعد لك‬
‫أول يلل ٍة‪ ،‬ضمن أعمال ايلوم ّ‬
‫األول‪.‬‬ ‫عمل ّ‬
‫‪ -2‬عن رسول اهلل |‪:‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫«ومن صل يللة ثالث عرشة من شهر رمضان أربع ركعات يقرأ يف لك ركعة (فاحتة‬
‫الكتاب) مرة ومخسا وعرشين مرة (قل هو اهلل أحد)‪ ،‬جاء يوم القيامة ىلع ِّ‬ ‫ً‬
‫الصاط‬
‫اكلربق اخلاطف»‪.1‬‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫الكفعيم‪« :‬ويستحب أن يصل يف لك يلل ٍة من شهر رمضان ركعتني بـ(احلمد)‬ ‫ّ‬ ‫‪ -3‬قال‬
‫ََُْ ُْ َ‬
‫حان َم ْن ُهوَ‬ ‫ُْ َ َ ْ َُ َ ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫"‪ "..‬و(اتلوحيد) ثالثا‪ ،‬فإذا سلم قال‪ :‬سبحان من هو حفِيظ ال يغفل سب‬
‫ّ‬ ‫َ ٌ َْ َ ُ ُْ َ َ ْ َُ ٌ َْ ُ ُْ َ َ ْ َُ ٌ َُْ‬
‫رحِيم ال يعجل سبحان من هو قائ ِم ال يسهو سبحان من هو دائ ِم ال يلهو‪ .‬ثم يقول‬
‫نب‬
‫ُ ْ ْ َ َّ‬
‫اذل َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ثم يقول‪ :‬سبحانك سبحانك يا عظيم‪ ،‬ا ِغفِر يل‬
‫ُ‬ ‫التّسبيحات األربع سبعاً‪َّ ،‬‬
‫َ َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ً َ‬ ‫َّ ُ ّ‬ ‫َ‬
‫ذنب‪.2»..‬‬
‫يب عرشا‪ .‬من صلها غفر اهلل هل سبعني ألف ٍ‬ ‫صل ىلع انلّ ّ‬ ‫العظيم‪ .‬ثم ت‬
‫َّ‬
‫صالة الليايل ابلِيض‬
‫َّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ابليض‪.‬‬
‫هذه الليلة القادمة يه اثلاثلة عرش من شهر رمضان املبارك‪ ،‬فيه أول الليايل ِ‬
‫أن لأليّام ابليض واللّيايل ابليض ّ‬
‫أهم ّية ّ‬
‫خاصة‪.‬‬
‫َّ‬
‫ومن الواضح‬
‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واألعمال اخلاصة بالليلة اثلاثلة عرش كما ييل‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ٌّ‬ ‫ً‬
‫مستحب يف لك يللة مفردة من شهر رمضان املبارك‪.‬‬ ‫أوال‪ :‬الغسل وهو‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫لك ركعة (احلمد) ّ‬
‫مرة و(قل هو‬ ‫ثانيا‪ :‬صالة أربع ركعات لك ركعتَني بتسليمة‪ ،‬نقرأ يف‬

‫‪ -1‬الحر العاملي‪ ،‬وسائل الشيعة‪39/8 :‬؛ والكفعمي‪ ،‬البلد األمين‪.176 :‬‬


‫‪ -2 124‬الكفعمي‪ ،‬المصباح‪ .563 :‬الهامش‪.‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ستحب يف هذه الليلة بعد الغسل‬


‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مرة‪ .‬إذا ً األمر اثلّاين ُ‬
‫الم‬ ‫اهلل أحد) مخسا ً وعرشين ّ‬
‫ً‬
‫مرة و(قل هو اهلل أحد) مخسا وعرشين ّ‬ ‫هو صالة أربع ركعات نقرأ فيها (احلمد) ّ‬
‫مرة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫ابليض من شهر رجب‪ ،‬ويف الليايل ابليض من‬ ‫ثاثلا‪ :‬صالة تقدم احلديث عنها يف الليايل ِ‬
‫َّ‬
‫تقدم ُ‬ ‫الصادق ×‪ ،‬وخالصة ّ‬ ‫مروية عن اإلمام ّ‬ ‫ّ‬
‫ذكرها‪-‬‬ ‫الرواية‪ -‬وقد‬ ‫شهر شعبان‪ ،‬ويه‬
‫ُ‬ ‫ًّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫أن اهلل َّ‬ ‫ّ‬
‫عط أمة من األمم مثلها يه رجب‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫لم‬ ‫أشهر‬ ‫ثالثة‬ ‫ة‬ ‫األم‬ ‫هذه‬ ‫أعطى‬ ‫عز وجل‬
‫ُ‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬
‫يعط أمة من األمم‬ ‫وشعبان وشهر رمضان املبارك‪ ،‬وأعطى هذه األمة ثالث يلايل لم ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫عز وجل هذه األمة ثالث س َور‬
‫َّ‬ ‫مثلها ويه اللّيايل ابليض من هذه األشهر‪ ،‬وأعطى اهلل َّ‬
‫ِ‬
‫ّ‬
‫يعط أمة من األمم مثلها يه سورة (يس) وسورة (تبارك) وسورة (قل هو اهلل أحد)‪.‬‬ ‫لم ِ‬
‫خري كثري‪ .‬وعندما‬ ‫اثلالثة‪ ،‬فقد ُجع هل ٌ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫الصادق ×‪ :‬فمن مجع بني هذه‬ ‫يقول اإلمام ّ‬
‫ُ ّ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُسئل عليه ّ‬
‫السالم‪ :‬كيف يمع بني هذه اثلّالثات أوضح يف اجلواب‪ :‬تصل لك يللة من‬
‫ُّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫هذه الليايل ابليض‪ ،‬يف لك شهر من هذه األشهر‪ ،‬صالة تقرأ فيها هذه الس َور اثلالث‪،‬‬
‫ثم َب َّي ما حاصله‪:‬‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تصل يللة اثلالث عرش ركعتني‪ ،‬ويللة الرابع عرش أربع ركعات‪ ،‬ويللة اخلامس عرش‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ست ركعات‪ ،‬وتأيت اإلشارة إىل هاتني الصالتني يف الليلتني القادمتني إن شاء اهلل‬
‫تعاىل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫صالة هذه الليلة إذا‪ ،‬عبارة عن ركعتني تقرأ يف لك ركعة (احلمد) مرة‪ ،‬وسورة (يس)‬
‫لك سورة منها ّ‬ ‫ّ‬
‫مرة‪.‬‬ ‫وسورة (تبارك) وسورة (قل هو اهلل أحد)‪،‬‬

‫‪125‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫‪13‬‬
‫شهر رمضان‬

‫ً‬
‫* وقتال يف سبيلك‬
‫ّ‬
‫* فوق لك ب ِ ّر‬
‫* الفصل ّ‬
‫ادلخيل‬
‫ّ‬
‫* هل الشهادة أمنيتنا‬
‫* أذى املجاهدين!‬
‫ّ‬
‫* داعء ايلوم اثلالث عرش‬
‫ُ‬
‫* داعء المجري‬
‫ّ‬
‫* صالة الليلة الرابعة عرش‬
‫ّ‬
‫* صالة الليايل ابلِيض‬

‫‪126‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ً‬
‫وقتال يف سبيلك‬
‫اتلأكيد عليها يف مضامني أدعية شهر رمضان املبارك‪َ ،‬‬
‫حمور القتل‬ ‫من املحاور اليت َورد ّ‬
‫ُ ّ‬ ‫وجل‪ ،‬أي أن ّ‬ ‫َّ َّ‬
‫املؤمن الشهادة يف سبيل اهلل‪ ،‬ويدعو اهلل سبحانه‬ ‫يتمن‬ ‫يف سبيل اهلل عز‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وتعاىل طيلة هذا الشهر املبارك أن يمن عليه بالشهادة يف سبيله‪.‬‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫يردد ّ‬‫ّ‬
‫الصائم يف لك يللة اعدة «وقتال يف سبيلِك فوفق نلا» باختالف الصيغ‪« :‬وقتال يف‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫سبيلك مع ويلك فوفق نلا»‪ ،‬أو «حتت راي ِة نبيك» كما سيأيت يف ٍّ‬
‫نص آخر‪.‬‬
‫َ‬
‫الس ّجاد × حول شهر رمضان املبارك «وأن تعل اسيم يف‬ ‫ادلاعء عن اإلمام ّ‬ ‫ويف ّ‬
‫ّّ‬ ‫ّ‬ ‫السعداء‪ُ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ورويح مع الشهداء‪ ،‬وإحساين يف عليني»‪.‬‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫مروي عن اإلمام ّ‬ ‫ٍّ‬
‫الصادق ×‪« :‬وأسألك أن جتعل وفايت قتال يف سبيلك حتت‬ ‫ويف داع ٍء‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫راي ِة نبيك مع أويلائك‪ ،‬وأسألك أن تقتل يب أعداءك وأعداء رسول ِك»‪.‬‬
‫ِّ‬
‫فوق لك ب ِ ّر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ونرجع إىل ّ‬
‫انلصوص حول الشهادة واجلهاد‪ ،‬فنجد أن موقع القتل يف سبيل اهلل حيتل‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫املرء يف سبيل اهلل‪ ،‬فإذا قتل يف سبيل اهلل َّ‬ ‫قتل ُ‬ ‫ٍّ ّ ّ ُ َ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬
‫عز وجل‬ ‫القمة‪« :‬فوق لك بر بر حت ي‬
‫بر» كما ورد عن رسول اهلل |‪.‬‬ ‫فليس فوقه ّ‬
‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫وتظهر سرية املصطىف احلبيب | بوضوح أن اذلين تربوا ىلع يديه واذلين أصبحوا‬
‫ّ‬ ‫ٌّ‬
‫لك منهم ُّ‬ ‫والزهد‪َ ،‬‬
‫والورع‪ّ ،‬‬ ‫رضب املثل يف العبادة‪ُّ ،‬‬ ‫َم َ‬
‫حين إىل الشهادة‪،‬‬ ‫واتلقوى‪ ،‬اكن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ويعترب أنه لم حيصل ىلع ما يريد ألنه لم يُستشهد بعد‪.‬‬
‫حايب الشاب اذلي اكن بعد صالة ّ‬ ‫ّ‬ ‫الص ّ‬ ‫تأمل يف حديث حارثة‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫الصبح يغفو ويفيق‪ ،‬وما‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬
‫دار بينه وبني رسول اهلل | وقوهل فيه‪« :‬هذا رجل نور اهلل يف قلبِه ايلقني‪ ،‬يا حارثة‬
‫ا َِلزم ما أنت عليه»‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َُْ‬ ‫َ‬
‫طلب من املصطىف‪ ،‬وقد واتته الفرصة؟ قال‪« :‬يا رسول اهلل‪ ،‬ادع‬ ‫وماذا قال حارثة؟ ماذا‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫اهلل تعاىل يل بالشهادة»!‬
‫ّ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫وفعال بعد مدة اكنت غزوة‪ ،‬وخرج حارثة يف من خرج‪ ،‬واكن أحد الشهداء رضوان‬
‫اهلل تعاىل عليه وعليهم‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يكتف حارثة بشهادة املصطىف | بأنه من أهل ايلقني‪ ،‬وإنما أراد أن يتوج ما وصل‬ ‫ِ‬ ‫لم‬
‫ّ‬
‫إيله بتاج الشهادة‪ :‬القتل يف سبيل اهلل تعاىل‪ ،‬بل ألجل ذلك اكنت شهادة املصطىف هل‪.‬‬
‫الفصل َّ‬
‫ادلخيل‬
‫ّ‬ ‫تبدلَت املفاهيم فإذا بنا أمام فهم يفصل بني ّ‬
‫اتلديُّن والشهادة؟‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ترى كيف‬
‫ٍ‬
‫ّ‬
‫بأتباع املصطىف احلبيب |‪ ،‬الي أمىض حياتَه ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫الطاهرة‬ ‫ِ‬ ‫كيف تبدلت املفاهيم فإذا‬
‫‪127‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫َّ‬ ‫َّ‬
‫يتصور الكثري منهم ‪-‬من أتباعه‪ -‬أن‬ ‫موقع‪،‬‬
‫موقع إىل ٍ‬
‫خندق‪ ،‬ومن ٍ‬
‫ٍ‬ ‫خندق إىل‬
‫ٍ‬ ‫ينتقل من‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫باإلماكن أن يكون الشخص مؤمنا دون أن حيمل هم اجلهاد‪ ،‬ودون أن يعيش بعمق‬
‫ّ‬
‫حلم الشهادة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫كيف أصبحنا أمام إسالمٍ مزنوع الفتيل‪ ،‬ال يفكر صاحبه جبها ٍد بل وأحيانا ‪-‬والعياذ‬
‫ُ‬
‫ارب املجاهدين؟!‬‫باهلل‪ -‬ي ِ‬
‫من أين جاءنا ذلك؟‬
‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬
‫إذا كنا يف أدعيتنا يف شهر اهلل تعاىل نؤكد ىلع طلب الشهادة «وقتال يف سبيلك فوفق‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫وبناء للنفس‪ ،‬أو وراع‪ ،‬وزهدا‪ ،‬بدون احلرص ىلع‬ ‫نتصور عبادة‪،‬‬ ‫نلا»‪ ،‬فهل يمكن أن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قمة اإليمان وتاج اإليمان أي الشهادة؟‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫هل الشهادة أمنِيتنا‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وحب االستشهاد‪ُ ،‬روح «وقتال يف‬ ‫ما َ‬
‫أحوجنا إىل هذه ّ‬
‫الروح‪ ،‬روح طلب الشهادة‬
‫سبيلك»‪.‬‬
‫ٍّ‬ ‫أحوجنا إىل ذلك باستمرار‪ ،‬وما َ‬ ‫ما َ‬
‫خاص اآلن‪ ،‬يف هذه املرحلة‬ ‫بشلك‬
‫ٍ‬ ‫إيله‬ ‫جنا‬ ‫أحو‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫باذلات حيث ّ‬ ‫ّ‬
‫يترصف مع مجيع الشعوب ىلع‬ ‫يرص الشيطان األكرب ىلع اهليمنة‪ ،‬وهو‬
‫«اخلوات» يف هذا املوقف ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫للسيارات‪،‬‬ ‫طريقة األشقياء و«القبضايات» الين يفرضون‬
‫ّ‬
‫أو يف هذا الشارع‪ ،‬أو ذاك‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫إن ّ‬ ‫ّ‬
‫والشهادة‪ٌ ،‬‬
‫قادر بعون اهلل تعاىل ىلع أن‬ ‫حممديّا واحدا حيمل ُروح اجلهاد‬ ‫ّ‬
‫األعزاء‪،‬‬ ‫أيّها‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫هيوين‪.‬‬ ‫يذل أمريكا ويذل الكيان الص‬
‫املهم أن تبىق جذوة اجلهاد فينا ّ‬ ‫ّ‬
‫مت ِقدة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫خري‪ ،‬ولن‬
‫ما دمنا حنمل هذهّ الروح ابلدرية الكربالئية‪ ،‬فإن املستقبل حيمل نلا لك ٍ‬
‫ّ‬
‫يرى األعداء منا إل ما يسوؤهم بإذن اهلل‪.‬‬
‫ّ‬
‫حنب الشهادة يف سبيله سبحانه وتقدست أسماؤه‪ ،‬بمقدار ما يكون ُ‬ ‫ّ‬ ‫بمقدار ما ّ‬
‫قربنا‬
‫ّ‬
‫منه‪ ،‬ونكون يف درعه احلصينة اليت جيعل فيها من يشاء‪.‬‬

‫أذى املجاهدين!‬
‫ْ ّ‬ ‫ّ‬
‫األعزاء‪ ،‬إن كنا ال جناهد يف سبيل اهلل تعاىل‪ ،‬فلنحذر أن نؤذي املجاهدين‪.‬‬ ‫أيّها‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫عن رسول اهلل |‪« :‬من اغتاب اغزيا أو آذاه أو خلفه بأهله خبالفة سو ٍء‪ ،‬ن ِصب هل‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫يوم القيامة عل ٌم فيستفرغ حبسناته (أي تستوىف لك حسناته حىت ال تبىق هل حسنة‬
‫ُ‬
‫واحدة) ويركس يف انلّار»‪.1‬‬

‫‪ -1‬أنظر‪ :‬الكليين‪ ،‬الكايف‪8/5 :‬؛ املحدث النوري‪ ،‬مستدرك الوسائل‪33/11 :‬؛ والقطب‬
‫الراوندي‪ ،‬النوادر‪ .142-141 :‬واملجليس‪ ،‬البحار‪ 50/97 :‬باختالف يف «فيستفرغ» ويف كثري‬
‫منها «فيستغرق»‪.‬‬ ‫‪128‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫فإن َ‬‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫اهلل يغضب هلم‬ ‫وعنه صل اهلل عليه وآهل‪« :‬ا ِتقوا أذى املجاهدين يف سبيل اهلل‪،‬‬
‫ُ‬
‫ويستجيب هلم كما يستجيب هلم»‪.‬‬ ‫كما يغضب ُّ‬
‫للرسل‪،‬‬
‫ّ‬
‫داعء ايلوم اثلالث عرش‬
‫َ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫طهرين فيه من َّ‬ ‫َّ ّ ِّ‬
‫ووفقين فيه‬ ‫وصبين فيه ىلع اكئنات األقدار‪،‬‬ ‫ادلنس واألقذار‪،‬‬ ‫أللهم‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫عني املساكني‪.‬‬‫للتىق وصحب ِة األبرار‪ ،‬بِعونك يا قرة ِ‬
‫َ َ‬
‫إيل الرصاط املستقيم‪ ،‬رك ْزت يف‬ ‫بت َّ‬ ‫ادلنس‪ّ ،‬‬
‫وحب َ‬ ‫سويا ً طاهرا ً من َّ‬ ‫إليه خلَقتَين برشا ً ّ‬
‫وحب الطاهرين ّ‬ ‫ِّ‬ ‫حب أحسن تقويم‪َ ،‬‬
‫حمم ٍد املصطىف وآهل‪،‬‬ ‫وهديتين إىل حبِّك‬ ‫فطريت ّ‬
‫هت فطريت‬‫فشو ُ‬ ‫بالشكر‪ ،‬وطالَت ىلع اخلطايا اإلقامة‪ّ ،‬‬ ‫ّ َ ّ‬ ‫ِّ‬
‫باحلب‪ ،‬وانلعمة‬ ‫َّ‬
‫احلب‬ ‫فلم أقابل‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ودن ّ ُ‬
‫ست نفيس‪ ،‬وها أنا عبدك اآلبق أعود إيلك منكرسا مستقيال‪ ،‬أمحل أوزاري‬
‫وم ّن ع ّ‬ ‫فطهرين يا إليه من دنسها واألقذار‪ُ ،‬‬ ‫ىلع ظهري ّ‬
‫بصرب من عندك أواجه‬ ‫ٍ‬ ‫يل‬
‫ْ‬ ‫اتل ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشدائد حىت ال يَسزتلين بها الشيطان فأعود إىل ّ‬ ‫ّ‬
‫مرد والعصيان‪ ،‬وأت ِمم نعمتك‬ ‫به‬
‫ََْ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫عيل بتوفييق لالستقامة وصحبة أويلائك األبرار‪ ،‬مسكني أنا يا إليه بِما جنته يداي‪،‬‬
‫تلقر عينُه‪ .‬يا ّ‬‫فتصدق ىلع هذا املسكني ب َعونِك َّ‬ ‫ّ‬
‫قرة عني املساكني‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫داعء المجري‬
‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫ادلاعء يف األيّام ابليض من شهر رمضان‪ ،‬وقد َورد أن ثوابه عظيم‪،‬‬ ‫يستحب قراءة هذا ّ‬
‫مرة‬ ‫انل ّص حوهل أن يُقرأ يف األيّام ابليض اثلالثة‪ ،‬ولو ّ‬ ‫وأنّه لقضاء احلوائج‪ ،‬وظاهر ّ‬
‫ِ‬
‫سيما من اكنت هل حاجة يُ ّ‬ ‫أن َمن زاد فقد ربح‪ ،‬ال َّ‬ ‫ّ ّ‬
‫لح يف قضائها‪.‬‬ ‫واحدة‪ ،‬وبدييه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬
‫القم عليه الرمحة والرضوان‪:‬‬ ‫قال املحدث‬
‫ّ‬ ‫يب |‪ ،‬نزل به جربئيل ىلع ّ‬
‫انل ّ‬ ‫ّ‬
‫مروي عن ّ‬
‫انل ّ‬ ‫داعء ُ‬
‫ٌ‬
‫يب |‪ ،‬وهو يصل‬ ‫رفيع الشأن‬ ‫«وهو‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫يف مقام إبراهيم‪ ،‬ذكر الكفعيم هذا ادلاعء يف كتابيه (ابلدل األمني)‪ ،‬و(املصباح)‪،‬‬
‫َّ‬
‫وأشار يف اهلامش إىل ما ُهل من الفضل‪ ،‬ومن مجلتها أن َمن داع به يف األيّام ابليض‬
‫الشجر‪ ،‬ورمل ّ‬
‫الرب‪،‬‬
‫ّ‬
‫ذنوبه ولو اكنت عدد قطر املطر‪ ،‬وورق‬ ‫من شهر رمضان‪ُ ،‬غفرت ُ‬
‫ويفرج ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ويدي يف شفاء املريض‪ ،‬وقضاء َّ‬ ‫ُ‬
‫الغم‪ ،‬ويكشف‬ ‫ادلين‪ ،‬وال ِغىن من الفقر‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ج ْرنا من انلار يا مري‪،»..‬‬ ‫ّ‬
‫الكرب‪ ،‬وهو هذا ادلاعء ‪ :‬سبحانك يا اهلل‪ ،‬تعايلت يا رمحن‪ ،‬أ ِ‬
‫‪1‬‬

‫ادلاعء بتمامه‪.‬‬ ‫وأَ ْورد ّ‬


‫الشيخ الكفعيم يف (ابلدل األمني) ىلع إيراد ّ‬ ‫ّ‬
‫ادلاعء بعد أن قال‪ :‬داعء املجري‬ ‫وقد اقترص‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مروي عن انليب | ‪.‬‬
‫‪2‬‬ ‫ٌّ‬ ‫وهو‬

‫املحدث القمي‪ ،‬مفاتيح اجلنان‪ :‬الدعاء الرابع بعد دعاء كميل‪.‬‬


‫ّ‬ ‫‪-1‬‬
‫‪129‬‬ ‫‪ -2‬الكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪.364-362 :‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬
‫أما يف (املصباح) فقال‪:‬‬
‫َ َُْ‬ ‫ُ ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ادلاعء ي ُ ّ‬
‫هذا ّ‬
‫سم داعء املجري‪ ،‬رفيع الشأن عظيم املزنلة‪ ،‬وهل نسخ كثرية أكملها ما‬
‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫رقَمناه‪ّ ،‬‬
‫مكتوب ىلع ُحجرات‬ ‫ثم أورد ما نقله عنه املحدث ملخصا‪ ،‬إىل أن قال‪ :‬وهو‬
‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اجلنة‪ ،‬ومن حافظ ىلع قراءته أ ِمن من لك آفة‪ ،‬واكن رفيقك (يا رسول اهلل‪ .‬املتحدث‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫اجلنة‪ُ ،‬‬
‫وحرش ووجهه اكلقمر يللة ابلدر‪ .‬ومن صام ثالثا وقرأ[ه] سبعا‬ ‫جربئيل ×) يف‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ونام ىلع ظهره رآك يف نومه‪ ،‬إىل قوهل‪ :‬وثواب قاريه ال يىص "‪ "..‬ثم ذكر بعض آثاره‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫سق فليصل‬ ‫ويه اليت نقلها عنه املحدث القم‪ ،‬إىل قوهل‪ :‬ومن ضاع هل يشء‪ ،‬أو ِ‬
‫مرة‪ّ ،‬‬ ‫لك ركعة (احلمد) مرة و(اتلوحيد) إحدى عرش ّ‬ ‫ِّ‬
‫ثم يقرأ‬ ‫أربع ركعات يقرأ يف‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬
‫ادلاعء ويضعه حتت رأسه فإنه تعاىل يرد عليه ما ذهب هل‪ ،‬ولو قرئ بإخالص ىلع‬
‫ميِّت لعاش‪.1»..‬‬
‫ّ‬
‫صالة الليلة الرابعة عرشة‬
‫األهم‪ ،‬األلف ركعة‪ ،‬يه عبارة عن عرشين ركعة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الصالة‬‫حصة هذه اللّيلة من ّ‬ ‫‪ّ -1‬‬
‫ثمان منها بعد املغرب‪ ،‬واثنا عرشة ركعة بعد العشاء‪ ،‬تقرأ يف لك ركعة (احلمد) مرة‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫و(اتلوحيد) ّ‬ ‫ّ‬
‫مرة أو ثالثا‪ ،‬أو مخسا‪ ،‬أو سبعا‪ ،‬أو عرشا‪.‬‬
‫‪ -2‬عن رسول اهلل |‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫«ومن صل يللة أربع عرشة من شهر رمضان ست ركعات يقرأ يف لك ركعة (احلمد)‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫هون ُ‬ ‫مرة َّ‬ ‫مرة و(إذا زلزلت) ثالثني ّ‬ ‫ّ‬
‫اهلل عليه سكرات املوت ومنكرا ونكريا»‪.2‬‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ستحب أن يصل يف لك يلل ٍة من شهر رمضان ركعتَني بـ(احلمد)‬ ‫ُّ‬ ‫الكفعيم‪« :‬وي ُ‬
‫ّ‬ ‫‪ -3‬قال‬
‫ََُْ ُْ َ َ ْ‬ ‫ُْ َ َ ْ َُ َ ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫"‪ "..‬و(اتلوحيد) ثالثا‪ ،‬فإذا سلم قال‪ :‬سبحان من هو حفِيظ ال يغفل سبحان من‬
‫حان َم ْن ُه َو دائ ٌِم ال يَلْ ُهو‪ّ .‬‬
‫ثم‬
‫َْ ُ ُْ َ‬ ‫َْ َ ُ ُْ َ َ ْ ُ‬
‫ِيم ال يعجل سبحان من ه َو قائ ٌِم ال يسهو سب‬ ‫ُه َو َرح ٌ‬
‫ُ ْ ْ َ َّ‬
‫اذل َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫يقول التّسبيحات األربع سبعاً‪َّ ،‬‬
‫نب‬ ‫ثم يقول‪ :‬سبحانك سبحانك يا عظيم‪ ،‬ا ِغفِر يل‬
‫َ َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ً َ‬ ‫صل ىلع ّ‬
‫انل ّ‬ ‫َّ ُ ّ‬ ‫َ‬
‫ذنب‪.3»..‬‬
‫يب عرشا‪ .‬من صلها غفر اهلل هل سبعني ألف ٍ‬ ‫العظيم‪ .‬ثم ت‬
‫ّ‬
‫صالة الليايل ابليض‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ابليض‪ ،‬ويه عبارة عن أربع ركعات لك‬
‫هلذه الليلة صالة خاصة باعتبارها من الليايل ِ‬
‫مرة‪ ،‬وسورة (ياسني) ّ‬
‫لك ركعة (احلمد) ّ‬ ‫ّ‬
‫مرة‪ ،‬وسورة (تبارك)‬ ‫اثنتني بتسليمة‪ ،‬تقرأ يف‬
‫ّ‬
‫مرة‪ ،‬وسورة (قل هو اهلل أحد) مرة‪.‬‬

‫‪ -1‬الكفعمي‪ ،‬املصباح‪ ،269-268 :‬اهلامش‪.‬‬


‫‪ -2‬احلر العاميل‪ ،‬وسائل الشيعة‪39/8 :‬؛ والكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪.176 :‬‬
‫‪ -3 130‬الكفعمي‪ ،‬املصباح‪ ،563 :‬اهلامش‪.‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫‪14‬‬
‫شهر رمضان‬

‫* والدة اإلمام احلسن ×‬


‫ّ‬
‫* عشية استشهاد األمري ×‬
‫َّ‬
‫* حراجة الظرف‬
‫ُ‬ ‫* ُّ‬
‫جترع الغصص‬
‫*مالمح من سريته ×‬
‫ّ‬
‫* أـجواء الشهـادة‬
‫الرابع عرش‬‫* داعء ايلوم ّ‬
‫ّ‬
‫* أعمال الليلة اخلامسة عرش‬

‫‪131‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬
‫والدة اإلمام احلسن عليه السالم‬
‫ُ‬
‫واسطة العقد من شهر رمضان املبارك ذكرى والدة اإلمام احلسن صلوات اهلل وسالمه‬
‫عليه‪ ،‬فإىل املوىل صاحب العرص ّ‬
‫والزمان أرواحنا فداه‪ ،‬نرفع آيات ّ‬
‫اتلهاين‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫حمتاج إىل بس ِط السؤال‬
‫‪1‬‬
‫ٍ‬ ‫غري‬ ‫ستجار الملتجا ‬ ‫والكريم الم‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫وحب املوىل أيب ّ‬
‫ُّ‬
‫حممد اإلمام احلسن × من األمور اليت أمجع عليها املسلمون‪ ،‬شأنه يف‬
‫ً‬
‫وأمه وأخيه‪ ،‬وأهل ابليت مجيعا ^‪ ،‬وقد ّ‬ ‫شأن أبيه ّ‬‫ُ‬
‫رصح بذلك القرآن الكريم‬ ‫ذلك‬
‫ُْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َّ َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُْ َ ْ ُ ْ َ ْ ْ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫﴿‪..‬قل ل أسألكم علي ِه أجرا إِل المودة ِف القرب‪ ﴾..‬الشورى‪.23:‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫تأكيد املصطىف احلبيب | ىلع ذلك‪ ،‬حبيث إنا عندما نستعرض سرية‬ ‫كما طال‬
‫ّ‬
‫أولوياته ّ‬ ‫ّ‬
‫اتلأكيد ىلع طاعة أهل ابليت‬ ‫رسول اهلل |‪ ،‬جند أنه اكن قد َوضع ضمن‬
‫ِّ‬ ‫^‪ ،‬ووجوب ّ‬
‫حبهم واتباعهم واالقتداء بهم‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً َّ ً‬
‫جند يف هذا املضمار تأكيدا مركزا جدا ىلع أمري املؤمنني × خبصوصه‪ ،‬وىلع‬
‫لك منهما ىلع حدة‪ ،‬إىل جانب ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫اتلأكيد‬ ‫الزهراء د خبصوصها‪ ،‬وىلع احلسنني معا وىلع ٍ‬
‫ًّ‬
‫اعمة ودون حتديد‪.‬‬ ‫ىلع أهل ابليت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وباإلضافة إىل اتلأكيد بالقول الي اكن يصدر عنه | باستمرار‪ ،‬فطاملا رأى‬
‫ٌ‬ ‫تدل ىلع تكريم أهل ابليت‪ّ ،‬‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫والروايات كثرية‬ ‫رسول اهلل | اليت‬ ‫ِ‬ ‫املسلمون أعمال‬
‫ومستفيضة دلى املسلمني مجيعا ً حول تكريم رسول اهلل | للحسنني ُ‬
‫وح ِّ‬
‫نوه‬
‫ٌ‬ ‫ًّ‬
‫جدا‬
‫واتلأكيد ىلع عظيم مزنتلهما عند اهلل تعاىل‪.‬‬‫الوصية بهما ّ‬‫ّ‬ ‫عليهما‪ ،‬باإلضافة إىل‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫الطبييع أن يمع املسلمون ىلع أن اإلمام احلسن × اكن خليفة‬ ‫من هنا اكن من‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ ّ‬
‫رسول اهلل | ‪ ،‬حت الين قد يبدو منهم تأييد ما ملعاوية‪ ،‬فإنهم ال خيالفون إمجاع‬
‫أن من ِّ‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫رشعية خالفة اإلمام احلسن ُ‬
‫ادلين عند‬ ‫المجتىب ×‪ ،‬كما‬ ‫املسلمني حول‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫عالقة املسلمني باإلمام احلسن × عالقة ٍّ‬
‫حب ومودة‪.‬‬ ‫اجلميع أن تكون‬
‫ّ‬ ‫ُودل عليه ّ‬
‫السالم يف يللة اخلامس عرش من شهر رمضان يف السنة اثلاثلة للهجرة‪،‬‬
‫ّ‬
‫أن والدتَه اكنت يف ّ‬
‫السنة اثلّانية‪.‬‬ ‫وهناك رأي يف‬
‫حوايل سبع سنوات‪ ،‬ومع ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫أمه‬ ‫|‬ ‫اإلمام احلسن × مع جده املصطىف‬ ‫أمىض‬
‫الزهراء د حوايل سبع سنوات وأشهر‪َ ،‬‬
‫وب ِق بعد أمري املؤمنني × يف حدود عرش‬ ‫ّ‬

‫سنوات‪.‬‬

‫‪ -1 132‬من قصيدة للشيخ البهايئ يف مدح اإلمام املهدي ×‪.‬‬


‫أعمال شهر رمضان‬

‫ّ‬
‫عشية استشهاد األمري ×‬
‫ُ‬ ‫ظروف بالغة ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫اتلعقيد‪ ،‬اكنت املعركة‬ ‫ٍ‬ ‫تول اإلمام احلسن × خالفة رسول اهلل | يف‬
‫ّ‬
‫اليت دارت بني أمري املؤمنني × ومعاوية قد ُح ِسمت لصالح معاوية منذ أن َوضعت‬
‫ّ ُ‬ ‫ِّ‬
‫أوزارها‪ ،‬واكن الضعف يف معسكر أمري املؤمنني × قد َح َسم املعركة‬ ‫َ‬ ‫حرب صفني‬ ‫ُ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫سلفا‪ ،‬ورغم أن املخلصني من جيش أيب احلسن × اكدوا يقتلون معاوية‪ ،‬ولكن‬
‫ّ‬ ‫يف ّ‬
‫اللحظات األخرية احلاسمة تدخل األشعث بن قيس وأرضابه من شيوخ العشائر‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫يف الكوفة‪ ،‬الين اكنوا يف الواقع من املنافقني إىل جانب أعدا ٍد كبرية من القراء الين‬
‫تدخل هؤالء يلحسموا نتيجة املعركة ّ‬ ‫ّ‬
‫بالطريقة اليت‬ ‫صاروا هم اخلوارج فيما بعد‪.‬‬
‫نعرف‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫َوضعت احلرب أوزارها واكنت مسألة اتلحكيم‪ ،‬ثم اكن من خداع عمرو بن العاص‬
‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫الكرة والقضاء ىلع‬ ‫واألشعث ما اكن‪ ،‬وفيما اكن أمري املؤمنني × يستعد ملعاودة‬
‫ُ‬ ‫حتركت فتنة اخلوارج ّ‬
‫اتلحريف لإلسالم ومصدرها‪َّ ،‬‬ ‫حماوالت ّ‬
‫ثم استشهد أمري‬
‫املؤمنني ×‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫وبويع اإلمام احلسن × باخلالفة يف هذه الظروف املعقدة‪.‬‬
‫الس ّ‬‫الظروف ّ‬ ‫ُّ‬
‫ياسية اليت اعشها اإلمام املجتىب ×‪ ،‬فيجب أن‬ ‫وإذا أردنا أن نعرف‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫نستحرض املحاوالت اليت اكن يبذهلا أمري املؤمنني × إلصالح الوضع داخل الكوفة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫السكوت‪ ،‬واجلهود ُ‬ ‫ثم اضطراره إىل ّ‬‫ّ‬
‫يضطر بلذهلا عندما اكن يريد‬ ‫المضنية اليت اكن‬
‫استنفار أهل الكوفة للحرب‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬
‫من الواضحات اليت أصبحت معروفة دلى اجلميع‪ ،‬أن اإلمام عليا × اكن يصعد املنرب‬
‫وبتحريض من نوع (نهج ابلالغة)‪ ،‬أو يكتب اخلطبة فيلقيها‬ ‫فيُ ِّ‬
‫حرض ىلع اجلهاد‬
‫ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫الكرباليئ سعد موىل‬ ‫أحد عنه كما هو احلال يف خطبة اجلهاد اليت ألقاها الشهيد‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫اخلطيب مما كتب األمري ×‪،‬‬ ‫وبمجرد أن يزنل عن املنرب‪ ،‬أو ينتيه‬ ‫أمري املؤمنني ×‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حلقات‪ ،‬وكأنهم لم يسمعوا احلث ىلع اجلهاد‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫حلقات‬
‫ٍ‬ ‫جيدهم قد جلسوا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إذا استَ َ‬
‫نفرهم عليه السالم يف الصيف تذرعوا باحلر‪ ،‬وإذا استنفرهم يف الشتاء تعللوا‬
‫بالربد‪ ،‬كما هو معروف‪.‬‬
‫ّ‬ ‫َ ً‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ألهل الكوفة قال عليه السالم‪« :‬مألتم قليب قيحا»‪ ،‬وألهل الكوفة قال عليه السالم‪:‬‬
‫ّ‬ ‫يلظهرن هؤالء القوم عليكم‪ ،‬ليس ألنّهم ْ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أوىل باحلق منكم‪،‬‬ ‫«أما والي نفيس بيدِه‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫األمم‬ ‫حت‬
‫باطل صاحبهم وإبطائ ِكم عن حق‪ .‬ولقد أصب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ولكن إلرساعِهم إىل‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ختاف َ‬
‫ظلم ُراعت ِها‪ ،‬وأصبحت أخاف ظلم رعييت‪ .‬استنفرتكم للجهاد فلم تنفروا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫كم فلم تسمعوا‪ ،‬ودعوتكم ّ‬ ‫َ‬ ‫ُْ ُ‬
‫رسا وجهرا فلم تستجيبوا‪ ،‬ونصحت لكم‬ ‫وأسمعت‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فلم تقبلوا‪ .‬أشهود كغياب وعبيد كأرباب؟ أتلو عليكم احل ِكم فتنفرون منها‪133 .‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫كم ىلع جهاد أهل َ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬


‫ابليغ فما آيت ىلع‬ ‫فتتفرقون عنها‪ .‬وأحث‬ ‫وأعِظكم باملوعظة ابلالغة‬
‫َ‬ ‫ِّ‬
‫متفرقني أيادي سبأ‪ ،‬ترجعون إىل جمالسكم وتتخادعون عن‬ ‫آخر القول حىت أراكم‬
‫َُ ُ‬
‫مواعظكم‪ .‬أق ِّومكم غدوة وترجعون إيل عشية كظهر «احلنية» عجز املقوم وأعضل‬
‫ِّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫َّ ّ‬
‫املقوم‪ ،‬أيها الشاهدة أبدانهم‪ ،‬الغائبة عقوهلم‪ ،‬املختلفة أهواؤهم‪ ،‬املبتىل بهم أمراؤهم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫صاحبكم يطيع اهلل وأنتم تعصونه‪ .‬وصاحب أهل الشام يعيص َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫اهلل وهم يطيعونه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ادلينار ّ‬ ‫أن معاوية صارفين بكم رصف ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ ْ ُ‬
‫بادلرهم‪ ،‬فأخذ من عرشة منكم‬ ‫لوددت واهلل‬
‫نيت بكم بثالث واثنتني‪ٌّ :‬‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫صم ذوو أسماع‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫وأعطاين رجال منهم‪ .‬يا أهل الكوفة‪ ،‬م‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ْ‬
‫صدق عند اللقاء‪ ،‬وال إخوان ثق ٍة عند‬ ‫ٍ‬ ‫يم ذوو أبصار‪ .‬ال أحرار‬ ‫وع ٌ‬ ‫وبك ٌم ذوو كالم‪،‬‬
‫اعتها لكّما مجعت من جانب ّ‬
‫تفرقت‬
‫ُ ُ‬
‫ابلالء‪ .‬ت ِربت أيديكم‪ .‬يا أشباه اإلبل اغب عنها ر‬
‫َ َ ْ‬

‫جانب آخر»‪.1‬‬ ‫ٍ‬ ‫من‬


‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫طاملا تمن عليه السالم فراقهم‪ ،‬موضحا أنه لوال حبه للشهادة ملىض عنهم وما طلبهم‬
‫‪2‬‬
‫ما اختلف جنوب وشمال‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اكن أهل الكوفة قد ركنوا إىل ادلنيا وأصبح ال حيركهم إل املال‪ ،‬وقد عرف معاوية‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫املخطط‬ ‫كيف يرضب ىلع هذا الوتر‪ ،‬واكن أبو احلسن × يعرف ذلك إل أنه اكن‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫املبديئ الي حيمل لواء الترشيع اذلي أرىس داعئمه رسول اهلل |‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫صفني يقول اإلمام عليه ّ‬ ‫ِّ‬
‫السالم‪ :‬وقد دخل يف هذا المعسكر طمع من معاوية‪،3‬‬ ‫ويف‬
‫حت عندما اكنوا يف الكوفة‪ ،‬فاكنت أموال معاوية َمهوى‬ ‫الطمع موجودا ً ّ‬ ‫واكن هذا ّ‬
‫ممن َو َصفهم بأنّهم باعوا اآلخرة ّ‬
‫بادلنيا‪،4‬‬ ‫أسماء عدد ّ‬
‫َ‬ ‫أفئدتهم‪ ،‬وقد ذكر عليه ّ‬
‫السالم‬
‫ٍ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كبري من ُ‬
‫عدد ٌ‬ ‫ٌ‬
‫المتظاهرين باإلسالم‪ ،‬إل أنهم اكنوا طليعة املنافقني‪،‬‬ ‫واكن داخل الكوفة‬
‫ًّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫الرعيل ّ‬ ‫ويف ّ‬
‫األول من هؤالء يأيت األشعث بن قيس الي عرف عنه أنه ال يرى رشا إل‬
‫أم فروة‪ ،‬وقد اكن دور األشعث‬ ‫زوجه أخته ّ‬
‫ويدخل فيه‪ ،‬كما َو َصفه أبو بكر بعد أن َّ‬
‫ًّ ّ‬ ‫ّ‬
‫مفصليا باتاه إفراغ احلرب من حمتواها‪ ،‬وإتاحة الفرصة ملعاوية‬ ‫بن قيس يف صفني‬
‫باتلحكيم‪.‬‬‫للقيام بمناورة ما ُعر َف ّ‬
‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫مرة أراد ُ‬ ‫ذات ّ‬
‫أمري املؤمنني × أن يعزل األشعث بن قيس من رئاسة « ِكندة»‪ ،‬ونصب‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ ّ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫بدال منه «حسان بن خمدوج»‪ ،‬إل أن « ِكندة» لم تطع اإلمام واضطر عليه السالم أن‬
‫يُعيد األمر إىل ما اكن‪.5‬‬

‫اإلمام عيل عليه السالم‪ ،‬هنج البالغة‪( .189/1 :‬عبده‪.‬ط‪ :‬دار املعرفة‪ ،‬بريوت)‬ ‫‪-1‬‬
‫املصدر‪.233/1 :‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ابن قتيبة‪ ،‬اإلمامة والسياسة‪( 134/1 :‬حتقيق الشريي)‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫املصدر‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫نرص بن مزاحم املنقري‪ ،‬وقعة صفني‪ :‬ص ‪.137‬‬ ‫‪-5‬‬ ‫‪134‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ً‬ ‫الس ّ‬ ‫َ‬


‫وضع الكوفة ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫يايس اكن يف زمن أمري املؤمنني × اغية يف‬ ‫ما أريد بيانه هو أن‬
‫معينا ً ّ‬
‫يل × يه اليت تفرض مسارا ً ّ‬ ‫ّ‬
‫شخصية اإلمام ع ّ‬ ‫ّ‬
‫يؤجل إعالن‬ ‫اتلعقيد‪ ،‬واكنت‬
‫اإلنهيار‪.‬‬
‫ّ ّ‬
‫فماذا سيواجه اإلمام احلسن × بمجرد توله اخلالفة؟‬
‫ّ‬ ‫الس ّ‬ ‫لك مراكز اثلّقل ّ‬‫ّ ّ ّ‬ ‫َ‬
‫يايس اليت اكن معاوية قد اشرتاها‪ ،‬واليت‬ ‫أليس من الطبييع أن‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫ملبدئية‬ ‫استمرار‬ ‫يل أمري املؤمنني ×‪ ،‬اليت يه‬ ‫بمبدئية ع ٍّ‬ ‫اكنت قد ضاقت ذراع‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املصطىف | ‪-‬أليس من الطبييع‪ -‬أن تتحرك مراكز اثلقل السيايس هذه تلثبيط‬
‫ّ‬
‫انلاس عن اإلمام احلسن ×؟‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ّ‬
‫من هنا قلت إن املعركة اكنت قد ح ِسمت يف صفني عند رفع املصاحف‪ ،‬واكنت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شخصية أمري املؤمنني × تمنع من إعالن اإلنهيار الكبري الي اكد أن يقع يف ِصفني‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫انلتيجة تبلغ أن يرجع أمري املؤمنني × ومعه ّ‬ ‫حيث اكدت ّ‬
‫–ربما‪ -‬عدد قليل من‬
‫ّ‬
‫«األمة» ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المجمعة ىلع ابلاطل أو معاوية‪،‬‬ ‫انلاس يشكون جمموعة صغرية‪ ،‬ويف املقابل‬
‫ال فرق‪.‬‬
‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬
‫أصبح اغية هم اإلمام أيب احلسن × أن يول دون ذلك ويبيق خطني ولو يف الظاهر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ ّ‬ ‫واكن صلوات اهلل عليه يَ َّ‬
‫تحي الفرصة تلغيري املعادلة‪ ،‬إل أنه استشهد قبل ذلك وتول‬
‫ُ‬
‫اإلمام احلسن × اخلالفة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫مسارها يف زمن‬
‫ِ‬ ‫وال يمكن إطالقا فصل األحداث بعد َبيْعة اإلمام احلسن × عن‬
‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫أمل يف ّ‬ ‫جدا ً ّ‬
‫اتل ّ‬ ‫ّ‬
‫عشية استشهاد أيب‬ ‫انلصوص اليت تتحدث عن‬ ‫األمري ×‪ ،‬ومن املفيد‬
‫َ‬
‫احلسن صلوات اهلل عليهما‪ ،‬وسأكتيف هنا بأح ِدها‪.‬‬
‫الط ّ‬ ‫ََ ّ‬
‫الشيخ ّ‬
‫ويس يف (أمايله)‪ ،‬اآليت‪:‬‬ ‫أورد‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«لما وجه معاوية بن أيب سفيان‪ ،‬سفيان بن عوف الغامدي إىل األنبار للغارة "‪ "..‬استنفر‬
‫واجتمعوا ىلع خذالنه‪َ ،‬‬
‫وأمر ُمناديه‬ ‫َ‬ ‫انل َ‬
‫اس وقد اكنوا تقاعدوا عنه‪،‬‬ ‫ُ‬
‫أمري املؤمنني × ّ‬
‫َّ‬ ‫ً‬ ‫يف ّ‬
‫انلاس فاجتمعوا‪ ،‬فقام خطيبا‪ ،‬فحمد اهلل وأثىن عليه وصل ىلع رسول اهلل |‪،‬‬
‫ّ‬
‫ثم قال‪:‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أما بعد‪ ،‬أيها انلّاس‪ ،‬فواهلل لهل مرصكم يف األمصار أكرث يف العرب من األنصار‪ ،‬وما‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫اكنوا يوم اعهدوا رسول اهلل |‪ ،‬أن يمنعوه ومن معه من املهاجرين حىت يبلغ رساالت‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫صغري مودلهما‪ ،‬ما هما بأقدم العرب ميالدا‪ ،‬وال بأكرثه عددا‪ ،‬فلما‬ ‫اهلل إل قبيلتني‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫آو ْوا رسول اهلل |‪ ،‬وأصحابه‪ ،‬ونرصوا اهلل ودينه‪َ ،‬رمتهم العرب عن قوس واحدة‪،‬‬ ‫َ‬
‫فتجردوا ِّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫لدلين‪ ،‬وقطعوا ما‬ ‫وحتالفت عليهم ايلهود‪ ،‬وغزتهم القبائل قبيلة بعد قبيلة‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫بينهم وبني العرب من احلبائ ِل‪ ،‬وما بينهم وبني ايلهود من العهود‪ ،‬ونصبوا ألهل ند‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ََ‬ ‫ّ‬
‫وتهامة وأهل مكة وايلمامة وأهل احلزن وأهل السهل قناة ادلين والصرب حتت محاس ‪135‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫قرة العني قبل أن يقبضه ُ‬ ‫حت دانت لرسول اهلل | العرب‪ ،‬فرأى فيهم ّ‬ ‫ّ‬
‫اهلل‬ ‫جلالد‪،‬‬‫ا ِ‬
‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫إيله‪ ،‬فأنتم يف انلاس أكرث من أوئلك يف أهل ذلك الزمان من العرب‪ .‬فقام إيله رجل‬
‫ُ ِّ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كمحم ٍد‪ ،‬وال حنن كأوئلك الين ذكرت‪ ،‬فال تكلفنا ما ال‬ ‫آدم طوال فقال‪ :‬ما أنت‬
‫ُ ّ ُ‬ ‫ً ُ‬ ‫ْ‬
‫طاقة نلا به‪ .‬فقال أمري املؤمنني ×‪ :‬أحسِ ن مسمعا تسن إجابة‪ ،‬ثكلتكم اثلوالك‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ ًّ‬
‫ما تزيدونين إل غما‪ ،‬هل أخربتكم أن مثل حممد |‪ ،‬وأنكم مثل أنصاره‪ ،‬وإنما‬
‫َ‬
‫أحوج أمري‬ ‫ثم قام رجل آخر فقال‪ :‬ما َ‬ ‫رضبت لكم مثالً‪ ،‬وأنا أرجو أن تَأ َّس ْوا بهم‪ّ .‬‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫انلهروان! ثم تكلم ّ‬ ‫ُ‬
‫املؤمنني ومن معه إىل أصحاب ّ‬ ‫َ‬
‫انلاس من لك ناحية ولغطوا‪ ،‬فقام‬ ‫ِ‬
‫ّ ً َ َّ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫رجل فقال بأىلع صوته‪ :‬استبان فقد األشرت ىلع أهل العراق‪ ،‬لو اكن حيا لقل اللغط‪،‬‬
‫ََ ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫امرئ ما يقول‪ :‬فقال هلم أمري املؤمنني صلوت اهلل عليه‪ :‬هبلتكم اهلوابل‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ول َع ِل َم لك‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫أو ُ‬ ‫ألنا ْ‬
‫جب عليكم حقا من األشرت‪ ،‬وهل لألشرت عليكم من احلق إل حق املسلم‬
‫وسعد بن قيس‪ ،‬فقاال‪ :‬ال يسوؤك اهلل‬ ‫ىلع املسلم؟ وغضب‪ ،‬فزنل‪ .‬فقام ُحجر بن َعد ّي َ‬
‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫يا أمري املؤمنني‪ُ ،‬م ْرنا بأمرك نتبعه‪ ،‬فواهلل العظيم ما يعظم جزعنا ىلع أموانلا أن تفرق‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫عدونا‪ّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ثم دخل‬ ‫وال ىلع عشائرنا أن تقتل يف طاعتك‪ ،‬فقال هلم‪ :‬جتهزوا للسري إىل‬
‫السالم‪ ،‬ودخل عليه وجوهُ أصحابه‪ ،‬فقال هلم‪ :‬أشريوا ع ّ‬ ‫ّ‬
‫صليب‬‫ٍ‬ ‫يل برجل‬ ‫مزنهل عليه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ناصح يرش انلاس من السواد‪ .‬فقال سعد بن قيس‪ :‬عليك يا أمري املؤمنني بانلاصح‬
‫َّ‬ ‫الصليب معقل بن قيس اتلمييم‪ ،‬قال‪ :‬نعم‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫ثم داعه فوجهه وسار‪ ،‬ولم‬ ‫األريب الشجاع‬
‫ّ‬ ‫َُ‬
‫يعد حت أصيب أمري املؤمنني عليه السالم»‪.1‬‬
‫ُ ّ‬
‫حراجة الظرف‬
‫وحت لو رصفنا ّ‬ ‫يايس بعد شهادة األمري‪ّ ،‬‬
‫الس ّ‬ ‫ً‬
‫قراءة يف الوضع ّ‬
‫انلظر‬ ‫وإذا أردنا أن جنري‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عن عصمة اإلمام احلسن ×‪ ،‬إلثبات أن اتلحليل املوضويع يقودنا إىل فرادة موقفه‬
‫الرمحن‪ ،‬فسنجد ّ‬
‫اتلايل‪:‬‬ ‫عليه صلوات ّ‬
‫موقف‬ ‫اكنت األعباء الّيت واجهت اإلمام املجتىب × بمستوى استحالة أن ّ‬
‫يتم انزتاع‬
‫ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫«األمة» أفضل ّ‬‫ّ‬
‫مما اكن‪ ،‬ويسلط ما تقدم الضوء ىلع بعض مالمح ذلك‪.‬‬ ‫من‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫لم يكن من السهل أبدا أن يستنفر اإلمام احلسن × جيشا من الكوفة‪ ،‬اليت‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اكن يصعب جدا ىلع أمري املؤمنني × أن يستنفر جيشا منها‪ ،‬من هنا فإن اإلمام‬
‫ً‬
‫كفاءة منقطعة ّ‬ ‫ً ّ ً‬
‫انلظري‪ ،‬فلم يسمح بانهيار‬ ‫جبارا وأثبت‬ ‫احلسن × قد بذل جهدا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بمجرد شهادة أمري املؤمنني ×‪ ،‬ومنع مراكز اثلقل السيايس ويه‬ ‫ّ‬ ‫الوضع يف الكوفة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫فاعلة أن تفرض موقفها وتوجه مسار األمور يف الكوفة‪ ،‬وإنما واجه ذلك لكه ووظف‬

‫‪ -1 136‬الشيخ الطويس‪ ،‬األمايل‪.175-174 :‬‬


‫أعمال شهر رمضان‬

‫ّ‬ ‫أجواء ّ‬
‫اتلعاطف مع شهادة املوىل أيب احلسن ×‪ ،‬وسار باتاه املواجهة مع باطل معاوية‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مرصا ً ىلع هذا ّ‬
‫ّ‬
‫الطريق‪ ،‬رغم لك اإلحباط الي رآه من حوهل‪.‬‬ ‫وبيق‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫اكن يرسل جيشا بقيادة من خيتاره من بني أفضل املوجودين‪ ،‬وبعد أيامٍ يأتيه اخلرب‬
‫عم أبيه عبيداهلل بن‬ ‫أنّه حلق بمعاوية‪ ،‬ويرسل اثلّاين ويأتيه اخلرب كذلك‪ ،‬ويرسل ابن ّ‬
‫َ‬
‫بح طفل عبيداهلل بن‬ ‫أن أحد جالوزة معاوية اكن قد َذ َ‬ ‫ّ‬
‫العباس فيشرتيه معاوية رغم‬
‫ّ‬ ‫العباس ّ‬
‫الصغريين‪ ،‬وقد جرت بعض املحاوالت الغتياهل ×‪ ،‬ويبدو –واهلل العالم‪ -‬أن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫سوء العاقبة قد تسلل إىل ّ‬
‫عصية ىلع معاوية‪.‬‬ ‫اخلاصة اليت يفرتض فيها أنها‬ ‫ادلائرة‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫هذه الظروف يه اليت ينبيغ أن تدرس جيدا عند مقاربة ما س ِّم صلح اإلمام احلسن‬
‫صا ً ىلع مواجهة ابلاطل إىل أن لم َي ُعد ممكنا ً أن َ‬
‫يواجه‬ ‫× مع معاوية‪ ،‬فلقد بيق × ُم ّ‬
‫ِ‬
‫بالشوط اليت اشرتطها سالم اهلل عليه ىلع معاوية‪ ،‬تلحقيق َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أمرين‪:‬‬ ‫هذا ابلاطل إل‬
‫انلاشئة من عدم وجود من يشرتط‬ ‫ّ‬
‫رشعية‪ ،‬ولو تلك ّ‬ ‫األول‪ :‬عدم إعطائه ّ‬
‫أي شائبة‬ ‫ّ‬
‫ً‬
‫عليه شيئا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واضح أمام انلاس يف عرصه واألجيال القادمة أن وصول معاوية‬ ‫ٍ‬ ‫موقف‬
‫ٍ‬ ‫اثلاين‪ :‬تسجيل‬
‫استثنائية فرضها ختاذل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫انلاس‪ ،‬وليس ملعاوية أن يعهد باألمر‬ ‫إىل موقع احلاكم حالة‬
‫أحد من بعده‪.‬‬ ‫إىل ٍ‬
‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واحلقيقة الصاح يه أن اإلمام احلسن × لم يصا ِلح معاوية‪ ،‬وإنما كشف استباحة‬
‫ّ‬ ‫ادلنيا ّ‬ ‫حب ّ‬ ‫ّ‬
‫لألمة بقيادة الشيطان ومعاوية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والي َّ‬ ‫ّ‬
‫االستشهادي‪ ،‬هو أن غمرات موجة ابلاطل اكنت من‬ ‫سوغ هل عدم اعتماد اخليار‬
‫ً‬
‫ومن يَقف معه هدرا‪ ،‬دون أن تقوى‬ ‫احلد ّالي تذهب فيه شهادة اإلمام َ‬ ‫ّ‬
‫الضاوة إىل‬ ‫ّ‬
‫ىلع إحداث تغيري يف وجدان ّ‬
‫األمة املريض‪ ،‬واملندفع برضاوة يف متاهات االحنراف‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫وبكلمة‪ :‬لقد سوغ هل ذلك ما سوغ ألبيه ‪ِ -‬من قبل‪ -‬أن يصرب‪ ،‬فيقول‪« :‬فصربت ويف‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫العني قذى‪ ،‬ويف احللق شج‪ ،‬أرى ترايث نهبا‪.»..‬‬ ‫ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ُّ‬
‫جترع الغصص‬
‫ُ َ‬
‫جترع الغصص‪،‬‬ ‫مرة‪« :‬ما العقل؟ فقال عليه ّ‬
‫السالم‪ُّ :‬‬ ‫ذات ّ‬ ‫×‬ ‫ُسئل اإلمام احلسن‬
‫ومداراة الرجال»‪.1‬‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬
‫اكنت لك الفرتة اليت أمضاها مع أبيه وبعده باخلصوص‪ ،‬مرحلة جترع الغصص‪ ،‬ولقد‬
‫الغصص إثر القرار ‪ّ 598‬‬‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الصادر عن األمم املتحدة‬ ‫وتذوقنا شيئا من هذه‬ ‫جربنا‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫اخلميين بأنه أشد من‬ ‫بإعالن وقف احلرب بني العراق وإيران‪ ،‬والي وصفه اإلمام‬

‫‪137‬‬ ‫‪ -1‬الشيخ الصدوق‪ ،‬معاين األخبار‪.361 :‬‬


‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫َ‬ ‫ّ‬
‫نقدر ّ‬ ‫جترع ّ‬
‫غصص ت ّرعها املوىل احلبيب‬
‫ٍ‬ ‫أي‬ ‫الس ّم ‪-‬وال قياس‪ -‬ومن هنا يمكننا أن‬ ‫ّ‬
‫المجتىب ×‪.‬‬ ‫اإلمام ُ‬
‫ٌ‬
‫أن سرية اإلمام احلسن × رمحة ّ‬ ‫ّ‬ ‫وجتدر اإلشارة إىل أنّه َورد يف بعض ّ‬
‫لألمة‪،‬‬ ‫الروايات‬
‫ّ ّ ّ‬ ‫فاألمة حباجة إىل ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن سرية اإلمام احلسني رمحة ّ‬ ‫ّ‬
‫انلهج املحمدي الي يفرض‬ ‫لألمة‪،‬‬ ‫كما‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫االقتداء حينا بسرية اإلمام احلسن × وحينا آخر بسرية اإلمام احلسني ×‪ ،‬وتقع‬
‫ُ‬
‫اإلمام احلسني‬ ‫منهج واحد‪ ،‬وذللك صالح‬ ‫سريتهما معا ً عليهما صلوات ّ‬
‫الرمحن يف‬
‫ٍ‬
‫وإمامه اإلمام احلسن ×‪ .‬وعندما طلب أهل الكوفة من‬ ‫ُ‬ ‫عندما صالح أخوه وسيِّ ُده‬
‫ّ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬
‫اإلمام احلسني × يف زمن معاوية أن يثور ىلع معاوية رفض ×‪ ،‬ولو أن اإلمام احلسن‬
‫× اكن موجودا ً حني بويع يزيد‪ ،‬لَاكن موقفه ّ‬
‫باتلأكيد نفس موقف أيب عبد اهلل اإلمام‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫احلسني ×‪ ،‬إنهما مشاكة واحدة‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫إن صلح اإلمام احلسن × كجها ِد اإلمام احلسني ×‪ ،‬وكربالء اإلمام احلسني ×‬
‫َ‬
‫ك ُصلح اإلمام احلسن من حيث االلزتام بما هو مصلحة اإلسالم واملسرية املؤمنة‪،‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ولعل األحاديث الواردة عن رسول اهلل |‪ ،‬واليت تقرن بني احلسنني تريدنا أن نفهم‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫«ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا»‪.‬‬ ‫ذلك بعمق‬

‫مالمح من سريته خ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫‪« -1‬ما بلغ أحد من الشف بعد رسول اهلل ما بلغ احلسن‪ ،‬ولقد رأيتُه يف طريق مكة‬
‫رأيت سعد بن أيب وقاص يميش»‪.1‬‬ ‫حت ُ‬ ‫أحد رآه ّإل نزل ومىش‪ّ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫َ ْ‬ ‫ً‬
‫ماشيا فما ِمن خل ِق اهلل‬
‫ّ‬ ‫‪ُ -2‬عرف عنه عليه ّ‬
‫السالم أنه اكن كثري امليش إىل بيت اهلل تعاىل‪ .‬قال عليه السالم‪:‬‬
‫أم ِش إىل بيته»‪ ،‬فمىش عرشين ّ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ ْ‬ ‫ّ‬
‫مرة من املدينة إىل‬ ‫«إن ألستيح من رب أن ألقاه ولم‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫بيت اهلل‪ ،‬ويف رواية أخرى‪« :‬ولقد ّ‬
‫احلسن بن عيل مخسة وعرشين حجة ماشيا‬ ‫حج‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫وإن ّ‬ ‫َّ‬
‫انلجائب تقاد معه» ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫واصفر لونه‪ ،‬فقيل هل يف ذلك فقال‪:‬‬ ‫‪ -3‬اكن عليه السالم إذا توضأ ارتعدت مفاصله‬
‫ُ‬ ‫َّ ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ٌّ‬
‫«حق ىلع من َوقف بني يدي رب العرش أن يصفر لونه وترتعد مفاصله» ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫َ ْ‬ ‫‪ -4‬واكن عليه ّ‬
‫السالم إذا بلغ باب املسجد رفع رأسه وقال‪« :‬إليه ضيفك ببابِك‪ .‬يا‬
‫ميل ما عندك يا كريم»‪.4‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫مسن قد أتاك الميسء‪ ،‬فتجاوز عن قبيح ما عندي ِب ِ‬
‫ّ‬ ‫‪ -5‬عن اإلمام ّ‬
‫يل ج اكن أعبد انلّاس يف زمان ِه‪ ،‬واكن‬ ‫«إن احلسن بن ع ّ‬ ‫الصادق ×‪:‬‬

‫إبن شهراشوب‪ ،‬املناقب‪.7/4 :‬‬ ‫‪-1‬‬


‫اإلربيل‪ ،‬كشف الغمة‪.178/2 :‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ابن شهراشوب‪ ،‬املناقب‪.180/3 :‬‬ ‫‪-3‬‬
‫املصدر؛ والنمازي‪ ،‬مستدرك سفينة البحار‪.304/2 :‬‬ ‫‪-4 138‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ً‬ ‫ً ّ‬ ‫َّ َّ‬


‫إذا حج حج ماشيا وربما مىش حافيا‪ ،‬واكن إذا ذكر املوت بكى‪ ،‬وإذا ذكر القرب بكى‪،‬‬
‫الصاط بكى‪ ".." ،‬واكن إذا قام يف صالته ترتعد‬ ‫وإذا ذكر ابلعث أو النّشور أو ّ‬
‫املمر ىلع ِّ‬
‫َ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ ّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ َّ َّ‬ ‫ُ‬
‫كر اجلنة أو انلّار اضطرب اضطراب السليم‪،‬‬ ‫عز وجل‪ ،‬واكن إذا ذ‬ ‫فرائصه بني يدي ربه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وسأل َ‬
‫وتعوذ به من انلّار»‪.1‬‬ ‫اهلل اجلنة‪،‬‬
‫َّ ْ َ َّ َُّ‬ ‫ُّ ّ‬ ‫َ‬
‫‪ -6‬وإذا قرأ يف القرآن الكريم قوهل تعاىل‪﴿ :‬يا أيها الين آمنوا﴾ قال‪« :‬بليك اللهم‬
‫ْ َ‬
‫َّبليك»‪.2‬‬
‫ّ‬
‫أـجواء الشهـادة‬
‫أمية يف مرض شهادته فقال هل‪« :‬يا ابن رسول اهلل ِعظين‪:‬‬ ‫‪ -1‬دخل عليه ُجنادة ابن أيب ّ‬
‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫فقال عليه ّ‬
‫السالم‪..« :‬استعد ل ِسفرك‪ ،‬وحصل زادك قبل حلول أجلِك‪ ،‬واعلم أنك‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫يأت ىلع يومِك الي أنت‬ ‫تطلب ادلنيا واملوت يطلبك‪ ،‬وال حتمل هم يومك الي لم ِ‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫فيه‪ ،‬واعلم أنك ال تكسب من املال شيئا فوق قوتك إل كنت فيه خازنا لغريك‪.‬‬
‫ادلنيا بمزنلة‬ ‫الشبهات عتاباً‪ ،‬فأَنزل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫واعلم أن يف حاللِا حسابا‪ ،‬ويف حرامِها عقابا‪ ،‬ويف‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ال ِميتة‪ ،‬خذ منها ما يكفيك‪ ،‬فإن اكن ذلك حالال كنت قد زهدت فيها‪ ،‬وإن اكن‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫حراما لم يكن فيه ِوزر فأخذت كما أخذت من ال ِميتة‪ ،‬وإن اكن العتاب فإن العتاب‬
‫ْ َ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫يسري‪ .‬واعمل ِلنياك كأنك تعيش أبدا‪ ،‬واعمل آلخرت ِك كأنك تموت غدا‪ ،‬وإذا أردت‬
‫عز طاعة اهلل َّ‬ ‫فاخرج من ذل معصية اهلل إىل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ًّ‬
‫عز‬ ‫عزا بال عشرية‪ ،‬وهيبة بال سلطان‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫ٌ ْ َ‬ ‫ك إىل صحب ِة ّ‬ ‫َْ َ‬ ‫َّ‬
‫الرجال حاجة فاصحب من إذا صحبته زانك‪ ،‬وإذا‬ ‫وجل‪ ،‬وإذا نازعت‬
‫َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ ّ‬ ‫ً‬ ‫ْ َ‬ ‫َْ‬
‫خدمته صانك‪ ،‬وإذا أردت منه معونة أاعنك‪ ،‬وإن قلت صدق قولك‪ ،‬وإن صلت شد‬
‫ٌَ ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ‬
‫بفضل مدها‪ ،‬وإن بدت عنك ثلمة سدها‪ ،‬وإن رأى منك‬ ‫ٍ‬ ‫صولك‪ ،‬وإن مددت يدك‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫حسنة عدها‪ ،‬وإن سأتلْه أعطاك‪ ،‬وإن سكت عنه ابتداك‪ ،‬وإن نزلت إحدى امللمات‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫تأتيك منه َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ابلوائق‪ ،‬وال يتلف عليك منه الطرائق‪ ،‬وال خيذلك عند‬ ‫به ساءك‪ .3‬من ال‬
‫ُ‬ ‫واصفر لونه‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫احلقائق‪ ،‬وإن تنازعتما منقسِ ما آث َرك‪ .‬قال‪ّ :‬‬
‫خشيت‬ ‫حت‬ ‫ثم انقطع نفسه‬
‫ّ‬
‫عليه‪ ،‬ودخل احلسني × واألسود بن أيب األسود فانكب عليه حىت قبل رأسه وبني‬‫ّ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫عينيه‪ّ ،‬‬
‫فتسارا مجيعا‪ ،‬فقال أبو األسود‪ :‬إنا هلل‪ ،‬إن احلسن قد ن ِعيت إيله‬ ‫ثم قعد عنده‬
‫ّ‬ ‫نفسه‪ .‬وقد ْ‬ ‫ُ‬
‫أوىص إىل احلسني × وتوف يوم اخلميس يف آخر صفر سنة مخسني من‬
‫ُ‬
‫اهلجرة‪ ،‬وهل سبعة وأربعون سنة ودفن بابلقيع»‪.4‬‬

‫أنظر‪ :‬املجليس‪ ،‬البحار‪331/43 :‬؛ وابن فهد احليل‪ ،‬عدة الداعي‪.139 :‬‬ ‫‪-1‬‬
‫املجليس‪ ،‬البحار‪.331/43 :‬‬ ‫‪-2‬‬
‫يمكن توجيه ما ذكر كما هو‪ ،‬وحيتمل كونه‪ :‬وإن نزلت إحدى امللمات بك واساك‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫‪139‬‬ ‫املجليس‪ ،‬بحار األنوار‪.140/44 :‬‬ ‫‪-4‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫‪ -2‬واكن سبب مفارقة أيب ّ‬


‫حممد احلسن × دار ُّ‬
‫ادلنيا وانتقاهل إىل دار الكرامة ىلع ما‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫َوردت به األخبار‪ ،‬أن معاوية بذل ِلعدة بنت حممد بن األشعث زوجة أيب حممد ×‬
‫ُ ًّ‬
‫«شعب سورا»‪ ،‬وسواد الكوفة‪ ،‬ومحل إيلها سما‬ ‫وإقطااعت كثرية من ِ‬ ‫ٍ‬ ‫عرشة آالف دينار‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ َ َْ‬ ‫َ ْ‬
‫فجعلته يف طعامٍ ‪ ،‬فلما وضعته بني يديه قال‪ :‬إنا هللِ وإنا إيله راجعون‪ ،‬واحلمد هللِ ىلع‬
‫سيدة نساء العاملني‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬
‫وعم جعفر‬ ‫لقاء حممد سيد املرسلني‪ ،‬وأيب سيد الوصيني‪ ،‬وأم‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫الطيار يف اجلنة‪ ،‬ومحزة سيد الشهداء صلوات اهلل عليهم أمجعني‪.1‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫تد نفسك؟ قال‪ :‬أنا‬ ‫‪ -3‬ودخل عليه أخوه احلسني صلوات اهلل عليهما‪ ،‬فقال‪ :‬كيف ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ادلنيا ّ‬ ‫يف آخِر يومٍ من ّ‬
‫وأول يوم من اآلخرة‪ ،‬ىلع كر ٍه من لفراقك وفراق إخويت‪ .‬ثم قال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫من للقاء رسول اهلل ص ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ُ‬
‫ىل اهلل عليه وآهل وأمري املؤمنني وفاطمة‬ ‫أستغفر اهلل‪ ،‬ىلع حمبة‬
‫َّ‬ ‫السالم‪ّ .‬‬ ‫ّ‬
‫ثم أوىص إيله وسلم إيله االسم األعظم‪ ،‬ومواريث األنبياء‬ ‫وجعفر ومحزة عليهم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عليهم السالم اليت اكن أمري املؤمنني عليه السالم سلمها إيله‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا أيخ إذا [أنا]‬
‫ّ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مت فغسلين وحنطين وكفن وامحلين إىل جدي صل اهلل عليه وآهل حت تلحدين إىل‬
‫ّ‬ ‫َ ِّ ّ‬ ‫ْ ُ ْ َ‬
‫جانبه‪ ،‬فإن منِعت من ذلك‪ ،‬فبِحق جدك رسول اهلل‪ ،‬وأبيك أمري املؤمنني‪ ،‬وأمك‬
‫َْ‬ ‫ُْْ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫فاطمة ّ‬
‫واردد جنازيت من فو ِرك إىل ابلقيع‪.‬‬ ‫الزهراء‪ ،‬عليهم السالم أن ال ختاصم أحدا‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫"‪ "..‬فلما فرغ من شأن ِه ومحله َيلدفنه مع رسول اهلل |‪َ ،‬ركب مروان بن احلكم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ ً‬ ‫ُ‬
‫طريد رسول اهلل | بغلة وأىت اعئشة فقال هلا‪ :‬يا أم املؤمنني‪ ،‬إن احلسني يريد أن‬
‫ذهنب ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ‬
‫فخر أبيك وصاحبه‬ ‫رسول اهلل |‪ ،‬واهلل إن دف ِن معه َل‬ ‫ِ‬ ‫يدفن أخاه احلسن مع‬
‫ْ ُ َ‬ ‫َ‬
‫عمر إىل يوم القيامة‪ .‬قالت‪ :‬فما أصنع يا مروان؟ قال‪ :‬احليق به وامنعيه من أن يدفن‬
‫َ ُّ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫معه‪ .‬قالت‪ :‬وكيف أحلقه؟ قال‪ :‬اركيب بغليت هذه‪ .‬فزنل عن بغلتِه ورك ِبتها‪ ،‬واكنت تؤز‬
‫ّ َ‬‫َ‬ ‫ّ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ َ‬
‫قرب‬
‫انلاس وبين أمية ىلع احلسني × وترضهم ىلع منعِه مما هم به‪ .‬فلما قربت من ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫فرمت بنفسها عن ابلغلة‪ ،‬وقالت‪:‬‬ ‫رسول اهلل | واكنت قد َوصلت جنازة احلسن‪،‬‬
‫ْ َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫شعرها‪ -‬فأراد بنو هاشم‬ ‫واهلل ال يدفن احلسن ههنا أبدا أو تز هذه ‪-‬وأومت بيدِها إىل ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ِّ‬
‫املجادلة فقال احلسني ×‪ :‬أهلل اهلل ال تضيعوا وصية أيخ‪ ،‬واعدلوا به إىل ابلقيع‪ ،‬فإنه‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ّ ْ‬
‫يل إن أنا منِعت من دفنِه مع جده صل اهلل عليه وآهل أن ال أخاصِ م فيه أحدا‬ ‫أقسم ع‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬
‫وأن أدفنه بابلقيع "‪ "..‬فعدلوا به ودفنوه بابلقيع "‪ . "..‬فقام ابن عباس ريض اهلل عنه‪،‬‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َُ‬
‫بواحد‪ ،‬يوم ىلع اجلمل ويوم ىلع ابلغلة‪ ،‬أما كفاكِ أن‬ ‫ٍ‬ ‫وقال‪ :‬يا حرياء ليس يومنا منك‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ُ‬
‫يقال «يوم اجلمل» حت يقال «يوم ابلغل» يوم ىلع هذا ويوم ىلع هذا‪ ،‬بارزة عن حجاب‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫نوره ولو ك ِر َه املرشكون‪ ،‬إنا هلل وإنا‬ ‫متم َ‬ ‫واهلل ٌّ‬ ‫نور اهلل‪،‬‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل | تريدين إطفاء ِ‬

‫‪ -1 140‬املصدر‪.140 :‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫َ‬ ‫ّ ُ ٍّ‬
‫إيله راجعون فقالت هل‪ :‬إيلك عن وأف لك ول ِقومك‪.1‬‬
‫داعء ايلوم ّ‬
‫الرابع عرش‬
‫ْ‬ ‫ََْ ْ‬ ‫َ ََ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ََ ْ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ ُ َّ‬
‫وات‪َ ،‬وال تعل ِن فِي ِه‬ ‫ات‪ ،‬وأق ِل ِن فِي ِه مِن اخلطايا والهف ِ‬‫أللهم ال تؤاخِذ ِن فِي ِه بِالعث ِ‬
‫الم ْسلم َ‬
‫َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ً َْ‬
‫ني‪.‬‬ ‫ِِ‬ ‫اآلفات‪ ،‬بِع َِّزت ِك يا عِز‬
‫ِ‬ ‫غ َرضا ل ِلباليا َو‬
‫ت يف معصيتك وتَ َو ّثبْت‪ ،‬فلست أدري أقبلْ َ‬ ‫ََْ ُ ُ ْ ُ‬ ‫إليه طاملا تبْ ُ‬
‫ت توبيت‬ ‫ِ‬ ‫ت إيلك وأنبت‪ ،‬وعد‬
‫ُ‬ ‫ُ ّ‬
‫عزى‪.‬‬‫يل ِلرأيت أل ّ‬ ‫هنأ‪ ،‬أم َر َد ْدتَها ع ّ‬ ‫أل‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫وعزتِك وجاللِك ما أردت بمعصييت خمالفتك‪ ،‬وال عصيتك إذ عصيتك وأنا بِربو بي ِتك‬
‫ّ‬ ‫فإن ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ ّ ََ‬
‫عبدك الضعيف‪ ،‬وأ ِقلين من‬ ‫جاحد‪ ،‬وإنما غلبَتين شق َويت‪ ،‬فال تؤاخذين بعرثايت‬
‫ً‬
‫اله َفوات‪ ،‬وأع ِّن ىلع نفيس فال أكون للبالء غرضا‪ ،‬فأسقط أمام َس ْورة الغريزة َ‬ ‫َ‬
‫وص ْولة‬ ‫ِ‬
‫الشيطان‪ُ .‬خذ بيدي يا إليه‪ ،‬واهدين ّ‬ ‫ّ‬ ‫انلفس ّ‬
‫الصاط املستقيم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وس ْطوة‬ ‫بالسوء‪َ ،‬‬ ‫األمارة ّ‬ ‫ّ‬
‫اجعلين منهم يا َّ‬ ‫العز ُة ولرسوهل واملؤمنني‪َ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫رصاط ّ‬
‫عز املسلمني‪.‬‬ ‫والعزة‪ ،‬فلل ِه ّ ِ‬ ‫ّ‬ ‫الطاعة‬
‫ّ‬
‫أعمال الليلة اخلامسة عرشة‬
‫ّ‬
‫مستحبات يللة ّ‬
‫انلصف من شهر رمضان املبارك‪ ،‬كما ييل‪:‬‬
‫ّ‬
‫األول‪ :‬الغسل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫انلصف منه ي ُ‬
‫الشيخ املفيد‪« :‬ويف يللة ّ‬‫ّ‬
‫ستحب الغسل»‪.2‬‬ ‫قال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قال الشيخ الطويس‪« :‬وإن اغتسل يلايل األفراد لكها وخاصة يللة انلصف‪ ،‬اكن هل فيه‬
‫ٌ‬
‫فضل كثري»‪.3‬‬
‫خصوصية للغسل يف هذه الليلة يه غري استحباب الغسل يف يلايل‬‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫رصيح يف‬ ‫وهو‬
‫اإلفراد‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اثلاين‪ :‬زيارة اإلمام احلسني عليه السالم‪.‬‬
‫ّ‬
‫أول يلل ٍة من شهر رمضان‪،‬‬‫السالم يف ّ‬ ‫الس ّيد ابن طاوس‪« :‬زيارة احلسني عليه‬ ‫قال ّ‬
‫ّ‬
‫ويللة انلصف منه‪ ،‬وآخر يلل ٍة منه»‪.4‬‬
‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫حني‪ ،‬فإن زيارته‬‫وقت ويف لك ٍ‬
‫عن اإلمام الصادق ×‪« :‬زوروه صل اهلل عليه يف لك ٍ‬
‫َّ ُ ِّ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫السالم ُ‬
‫موضوع‪ ،‬فمن أكث منها فقد استكث من اخلري‪ ،‬ومن قلل قلل هل‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫خري‬ ‫عليه‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫وحتروا بزيارتكم األوقات الشيفة‪ ،‬فإن األعمال الصاحلة فيها مضاعفة‪ ،‬ويه أوقات‬

‫املصدر‪.141-140 :‬‬ ‫‪-1‬‬


‫الشيخ املفيد‪ ،‬مسار الشيعة‪.23 :‬‬ ‫‪-2‬‬
‫الشيخ الطويس‪ ،‬مصباح املتهجد‪.636‬‬ ‫‪-3‬‬
‫‪141‬‬ ‫املصدر‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫جاءهُ‬‫َمهبط املالئكة لزيارته‪ .‬قال‪ :‬فسئل عن زيارته يف شهر رمضان؟ فقال‪َ :‬من َ‬
‫ً‬ ‫ً ُ‬ ‫ً ُ‬ ‫ً ُ‬ ‫ّ‬
‫عليه السالم خاشعا متسبا مستقيال مستغفرا‪ ،‬فشهد قربه يف إحدى ثالث يلال من‬
‫َ ََ‬ ‫ّ‬
‫أول يلل ٍة من الشهر‪ ،‬أو يللة انلّصف‪ ،‬أو آخِر يلل ٍة منه‪ ،‬تساقطت عنه‬ ‫شهر رمضان‪ّ :‬‬
‫ّ َّ‬ ‫هشيم الورق ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫بالريح العاصِ ف‪ ،‬حت أنه‬ ‫اجتحها‪ ،‬كما يتساقط‬ ‫ذنوبه وخطاياه اليت‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ ُّ‬
‫ولته أمه‪ ،‬واكن هل مع ذلك من األجر مثل أجر من حج‬ ‫يكون من ذنوبه كهيئ ِة يوم‬
‫اثلقلني من اجلنِّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫يف اعمه ذلك واعتمر‪ ،‬ويناديه ملاكن يسمع نداءهما لك ذي روح إل‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫واإلنس‪ ،‬يقول أحدهما‪ :‬يا عبد اهلل طه ْرت فاستأن ِف العمل‪ ،‬ويقول اآلخر‪ :‬يا عبد اهلل‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬
‫وفضل» ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ٍ‬ ‫أحسنت فأب ِش بمغفر ٍة من اهلل‬
‫ّ‬ ‫السالم يللة ّ‬ ‫ستحب ل َمن زاره عليه ّ‬ ‫ُّ‬ ‫وي ُ‬
‫انلصف من شهر رمضان أن يصل عرش ركعات‬ ‫ِ‬
‫احلث عليها‪ ،‬تُضاف إىل أعمال يللة ّ‬ ‫ُّ‬
‫انلصف ل ِ َمن اكن يف كربالء‪.‬‬ ‫ورد‬
‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«عن اإلمام الصادق عليه السالم أنه قيل هل‪ :‬فما ترى ل ِمن حض قربه ‪-‬يعين احلسني‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بخ‪ ،‬من صل عند قربه يللة‬ ‫بخ ٍ‬ ‫عليه السالم‪ -‬يللة انلصف من شهر رمضان؟ فقال‪ٍ :‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫غري صالة الليل‪ ،‬يقرأ يف‬ ‫انلصف من شهر رمضان عرش ركعات مِن بعد العشاء مِن ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫مرات‪ ،‬واستجار باهلل من انلّار‪،‬‬ ‫لك ركعة بـ(فاحتة الكتاب) و(قل هو اهلل أحد) عرش ّ‬
‫ّ‬ ‫ً ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ َُ‬ ‫ً‬ ‫َك َتبه ُ‬
‫ولم يمت حت يرى يف منامِه مالئكة يبشونه باجلنة‬ ‫اهلل عتيقا من انلّار‪،‬‬
‫ً‬
‫ومالئكة يؤمِنونه من انلّار»‪.2‬‬
‫الزيارة‬ ‫ترك ّ‬ ‫صح أبدا ً ُ‬ ‫الزيارة من قُرب‪ ،‬ولكن ال يَ ّ‬ ‫مصب احلديث هو ّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ومن الواضح أن‬
‫ّ‬
‫أول يلل ٍة من شهر رمضان‪.‬‬ ‫تقدم يف أعمال ّ‬ ‫من بُعد‪ ،‬كما‬
‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫وأما زيارة احلسني يف يللة مودل املجتىب‪ ،‬فهم مجيعا ^ نور واحد‪ .‬وزيارة األمري ×‬
‫ً‬ ‫يوم َ‬
‫المبعث‪ ،‬أو زيارة اإلمام احلسني يللة مودل اإلمام احلسن ج‪ ،‬ال تعين تفضيال‪ ،‬بل‬
‫يل × املحور يف هذا‬ ‫َ‬ ‫نور اتلوحيد‪ ،‬واعتبار والية ع ٍّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫تعين خصوصية ترتبط باستمرار ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إمام زمانه المجتىب ج ىلع‬ ‫ُ‬ ‫أكد ُ‬ ‫االستمرار‪ ،‬وكذلك يه شهادة سيِّد الشهداء‪ ،‬الي‬
‫َ َ‬ ‫قول عليه ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫السالم‪..« :‬ال يوم كيومِك يا أبا عبد اهلل‪.3»..‬‬ ‫تعلق القلوب بها‪ ،‬ويكيف‬
‫ركعات بـ(احلمد) و(يس)‬ ‫اثلالث‪ :‬صالة اللّيايل ابليض‪ ،‬ويه يف هذه اللّيلة‪ّ ،‬‬
‫ست‬
‫ّ‬
‫ٍ‬
‫ركعتني بتسليمة‪ ،‬تقرأ يف لك ركع ٍة (احلمد) ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مرة‪ ،‬و(يس)‬ ‫و(اتلوحيد)‪ ،‬لك‬ ‫و(تبارك)‬
‫ّ‬
‫و(تبارك) و(اتلوحيد) مرة‪.‬‬ ‫ّ‬

‫عمل‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الرابع‪ :‬صالة مائة ركعة يه غري األلف ركعة‪ ،‬وقد تقدم احلديث عنها يف‬
‫ِ‬

‫‪ -1‬اإلقبال‪.46/3 :‬‬
‫‪ -2‬اإلقبال‪.294/1 :‬‬
‫‪ -3‬الشيخ الصدوق‪ ،‬األمايل‪177 :‬؛ وابن شهراشوب‪ ،‬مناقب آل أيب طالب‪238/3 :‬؛‬
‫‪ 142‬والبحار‪.218/45 :‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أول يلل ٍة دلى ّ‬‫ّ‬


‫ركعتني بتسليمة‪ ،‬تقرأ يف لك ركعة‬ ‫اتلفصيل يف نوافل شهر رمضان‪ .‬لك‬
‫مرات‪.‬‬‫اتلوحيد عرش ّ‬ ‫بعد الفاحتة ّ‬
‫ُ‬
‫اإلنسان يف يللة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬
‫الشيخ املفيد‪« :‬وي ُ‬
‫انلصف من شهر رمضان مائة‬ ‫ستحب أن يصل‬ ‫قال‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫ركعة زيادة ىلع األلف‪ ،‬فقد ر ِوي عن الصادق عليه السالم أنه قال‪ :‬قال من صل يللة‬
‫ّ‬
‫انلّصف من شهر رمضان مائة ركعة‪ ،‬يقرأ يف لك ركعة منها (فاحتة) الكتاب و(قل هو‬
‫َْ‬ ‫أهبط ُ‬ ‫َ‬
‫اهلل إيله من املالئكة عرشة‪ ،‬يد َرؤون عنه أعداءه من‬ ‫مرات‪،‬‬ ‫اهلل أحد) عرش ّ‬
‫َ ً ّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬
‫اجلن واإلنس‪ ،‬وأهبط إيله عند موت ِه ثالثني ملاك يؤمنونه من انلّار»‪.1‬‬
‫ّ‬
‫تضمنت‬ ‫اخلامس‪ :‬صالة أربع ركعات‪ .‬عن أمري املؤمنني × يف ّ‬
‫الرواية اليت‬
‫انلصف‪ّ ،‬‬
‫ثم تضيف إيلها‬ ‫صلوات يلايل شهر رمضان‪ ،‬صالة هذه املائة ركعة يف يللة ّ‬
‫صالة أربع ركعات‪ ،‬كما ييل‪:‬‬
‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫«ومن صل يللة انلّصف منه مائة ركعة‪ ،‬يقرأ يف لك ركعة (احلمد) مرة‪ ،‬وعرش مرات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫وصل أيضا أربع ركعات يقرأ يف األوتلني مائة ّ‬ ‫ُ‬
‫مرة (قل هو اهلل‬ ‫(قل هو اهلل أحد)‪،‬‬
‫َ‬ ‫مرة (قل هو اهلل أحد)‪َ ،‬غ َفر ُ‬
‫اهلل هل ذنوبه ولو اكنت‬ ‫نتني األخريتَني مخسني ّ‬
‫ّ َ‬
‫أحد) واثل‬
‫مثل زبد ابلحر ورمل اعلج»‪.2‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫السادس‪ :‬حصة هذه الليلة من األلف ركعة‪ ،‬ويه عرشون ركعة‪ٍ ،‬‬
‫ثمان منها بعد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املغرب‪ ،‬وابلايق بعد العشاء‪ ،‬بالتتيب الي َع َرفت‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫السابع‪ :‬الصالة اليت يؤىت بها لك يللة وقد تقدم أن سبب إيرادها ‪-‬يف عمل لك يللة‬
‫ّ‬ ‫انلافلة َمن ال يساعده ظرفُه ىلع أداء ّ‬
‫يف هذا الكتاب‪ -‬أن ال ُيرم ِمن ّ‬
‫حصة الليلة من‬
‫األلف ركعة‪.‬‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫الكفعيم‪« :‬ويستحب أن يصل يف لك يلل ٍة من شهر رمضان ركعتني بـ(احلمد)‬ ‫ّ‬ ‫قال‬
‫ََُْ ُْ َ َ ْ‬ ‫ُْ َ َ ْ َُ َ ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مرة‪ ،‬و(اتلوحيد) ثالثا‪ ،‬فإذا سلم قال‪ :‬سبحان من هو حفِيظ ال يغفل سبحان من‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِيم ال يع َجل سبحان َم ْن ه َو قائ ٌِم ال يسهو سبحان َم ْن ه َو دائ ٌِم ال يلهو‪ّ .‬‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُه َو َرح ٌ‬
‫ثم‬
‫نب‬
‫ُ ْ ْ َ َّ‬
‫اذل َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ثم يقول‪ :‬سبحانك سبحانك يا عظيم‪ ،‬ا ِغفِر يل‬
‫ُ‬ ‫يقول التّسبيحات األربع سبعاً‪َّ ،‬‬
‫َ َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ً َ‬ ‫َّ ُ ّ‬ ‫َ‬
‫ذنب»‪.3‬‬
‫يب عرشا‪ .‬من صلها غفر اهلل هل سبعني ألف ٍ‬ ‫صل ىلع انلّ ّ‬ ‫العظيم‪ .‬ثم ت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬
‫ابليض‬ ‫* وأذكر هنا بداعء املجري‪ ،‬وقد تقدمت اإلشارة إىل أنه يستحب قراءته يف األيام ِ‬
‫نافع لشفا ِء‬ ‫ذنوبه مهما اكنت‪ ،‬وأنَّه ٌ‬‫وأن َمن قَرأه يف هذه األيّام ُغفرت ُ‬ ‫َّ‬
‫من شهر رمضان‪،‬‬
‫ِ‬
‫ّ َ‬ ‫ّ‬
‫املريض‪ ،‬وقضا ِء ادلين والغىن‪ ،‬وتفريج اهلم وكشف الكرب‪.‬‬

‫‪ -1‬املصدر‪.171 :‬‬
‫‪ -2‬احلر العاميل‪ ،‬وسائل الشيعة‪39/8 :‬؛ والكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪.176 :‬‬
‫‪143‬‬ ‫‪ -3‬الكفعمي‪،‬املصباح‪ .563 :‬اهلامش‪.‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫‪15‬‬
‫شهر رمضان‬

‫* شهر اإلسالم‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫* معرفة حرمة الشهر‬
‫ّ‬ ‫َّ‬
‫احلقييق‬ ‫* الصوم‬
‫ّ‬
‫*العمل الصالح بإخالص‬
‫* داعء ايلوم اخلامس عرش‬
‫ُ‬
‫* داعء المجري‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫* صالة الليلة السادسة عرشة‬

‫‪144‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫شهر اإلسالم‬
‫ّ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫«احلمد هللِ الي هدانا ِلمدِه وجعلنا من أهله نلكون إلحسانه من الشاكرين‪،‬‬
‫ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َِ‬
‫جزاء المحسنني‪ ،‬واحلمد هلل الي حبانا بِدِينِه واختصنا بملته‬ ‫ولجزينا ىلع ذلك‬
‫ّ‬ ‫َّ َ‬ ‫ً َ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َّ‬
‫وسبلنا يف سب ِل إحسانه لنسلكها بمنه ورضوانه‪ ،‬محدا يتقبله منا ويرىض به عنا»‪.‬‬
‫ّ‬
‫الس ّجاد × عدة أدعي ٍة حول شهر رمضان املبارك‪ ،‬اثنان منها مذكوران يف‬ ‫لإلمام ّ‬
‫األول منهما‬ ‫السجاديّة حتت ّ‬
‫الرقم الرابع واألربعني واخلامس واألربعني‪ّ ،‬‬ ‫الصحيفة ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشهر‪ ،‬واثلّاين يف وداعه‪ ،‬والفقرات اليت تقدمت يه افتتاح ّ‬
‫ادلاعء الرابع‬ ‫يف استقبال‬
‫واألربعني‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫بعد هذه الفقرات يبي اإلمام السجاد × أهمية هذا الشهر املبارك فيقول‪« :‬واحلمد‬
‫ّ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫هلل الي جعل من تلك السبل شهره شهر رمضان‪ ،‬شهر الصيام‪ ،‬وشهر اإلسالم‪ ،‬وشهر‬
‫ِّ‬ ‫ً ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫نات‬
‫الطهور‪ ،‬وشهر اتلمحيص‪ ،‬وشهر القيام اذلي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبي ٍ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫من الهدى والفرقان»‪.‬‬
‫ترى أين تكمن فضيلة شهر رمضان املبارك‪ ،‬هل السبب يف فضيلته وأهميته الصوم‬
‫فيه؟ أم أن عظمته تنبع من يشء آخر والصيام فيه من أجل تلك الفضيلة؟‬
‫الشهور بما جعل هل من ُ‬ ‫ُّ‬
‫احلرمات املفروضة والفضائل‬ ‫يقول ×‪« :‬فأبان فضيلته ىلع سائر‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً َ‬ ‫ّ‬ ‫املشهورة‪ّ ،‬‬
‫فحرم فيه ما أحل يف غريه إعظاما‪ ،‬وحجر فيه المطاعم واملشارب إكراما»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫فالص ُ‬
‫يام ليس إذا سبب فضيلة هذا الشهر املبارك‪ ،‬وإنما اكن الصيام فيه ملاكنته قبل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫رصح بذلك‬ ‫الشهر املبارك كما ّ‬ ‫الصيام‪ ،‬وهذه املاكنة سببُها نزول القرآن الكريم يف هذا‬
‫عز ُ‬
‫اسمه‪:‬‬ ‫الوصف ل ِ َشهره حيث قال ّ‬ ‫فهم من اختيار اهلل تعاىل هلذا َ‬‫بعض العلماء‪ ،‬وكما يُ َ‬

‫﴿ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ‬
‫ﮣ‪ ﴾..‬ابلقرة‪.185:‬‬
‫أن شهر رمضان ُ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫ربيع القرآن‪ ،‬ونفهم‬ ‫وهكذا نفهم استطرادا ‪-‬ولو يف حدودنا‪ -‬ما معىن‬
‫َ َ ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫جبا أن‬ ‫أهمية احلث ىلع تالوة القرآن يف هذا الشهر فإنه شهر القرآن الكريم‪ ،‬وليس ع‬
‫يكون ثواب اآلية الواحدة فيه ثواب ختمة من كتاب اهلل تعاىل‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫الس ّجاد × يف هذا ادلاعء؟‬
‫ّ‬ ‫حيددها اإلمام ّ‬ ‫ما يه واجباتنا يف شهر اهلل تعاىل كما‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫معرفة ح ْرمة الشهر‬
‫ْ‬ ‫ُّ‬
‫الرمحن ىلع أن نعرف ُحرمة شهر رمضان املبارك‪ ،‬وليس‬ ‫حيثنا عليه صلوات ّ‬ ‫ّ‬
‫األول‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٍّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫المراد بذلك طبعا هذه املعرفة العاديّة اليت تتاح للك منا‪ ،‬وإنما املطلوب أن نعرف‬ ‫ُ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أهمية هذا الشهر وعظمته معرفة ال تنفك عن االهتمام به‪ ،‬وعن احلرص ىلع استثمار‬
‫ّ‬
‫‪145‬‬ ‫لك أوقاته املباركة‪.‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ ّ‬


‫وألهمنا معرفة فضلِه‪ ،‬وإجالل ح ْرمتِه‪،‬‬ ‫وآل ِ‬ ‫هم صل ىلع حمم ٍد ِ‬ ‫يقول عليه السالم‪« :‬ألل‬
‫ّ َ َ‬ ‫ّ‬
‫واتلّحفظ مما حظ ْرت فيه»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫إن ّ‬ ‫ّ‬
‫جمرد املعرفة ال يكيف‪ ،‬بل املطلوب أن تقود هذه املعرفة إىل العمل الي ينشأ بدوره‬
‫َّ‬ ‫مما َح َظر ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ومنَعنا منه‪.‬‬ ‫عز وجل علينا‪َ ،‬‬ ‫اهلل َّ‬ ‫باتلحفظ فيه ّ‬ ‫ويتمثل ّ‬ ‫من إجالل هذا الشهر‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بوضوح أن املعصية يف هذا الشهر أشد خطورة من غريه من الشهور‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ينبيغ أن نشعر‬
‫ّ‬ ‫فلسنا يف ضيافة ّ‬
‫وقت كغريه‪ ،‬وليس الفارق بينه وبني غريه‬ ‫ٍ‬ ‫يف‬ ‫أسماؤه‬ ‫ست‬ ‫تقد‬ ‫محن‬ ‫الر‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ً ِّ ً ُ‬ ‫ً َ‬
‫وعز‪ -‬أن يقدم قبله‪ ،‬وال يقبل أن يؤخر عنه‪،‬‬ ‫‪-‬جل َّ‬ ‫اعديّا «وجعل هل وقتا بينا ال يزي‬
‫ُ‬ ‫وسماها يللة القدر‪َّ ،‬‬‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ َّ‬
‫تزنل املالئكة‬ ‫ثم فضل يللة واحدة من يلايله ىلع يلايل ألف شهر‪،‬‬
‫َ‬ ‫ٌ‬
‫سالم ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬
‫دائم الربكة إىل طلوع الفجر‪ ،‬ىلع من يشاء‬ ‫أمر‪،‬‬
‫بإذن ربهم من لك ٍ‬ ‫والروح فيها‬
‫َ َ‬
‫مِن عباده بما أحكم من قضائه»‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫أيُّها العزيز‪ِ :‬للق ْن أنفسنا دائما أهمية هذا الشهر‪ ،‬حت ال ترجنا العادة واإللفة من‬
‫ّ‬
‫أجواء االهتمام به‪.‬‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يف ايلوم ّ‬
‫األول واثلاين ربما نشعر بدرج ٍة اعيل ٍة من االهتمام بشهر رمضان‪ ،‬إل أننا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بتكرر أيّامه ويلايله ربما نصبح نتعاىط معه باعتباره وقتا من الوقت‪ ،‬وزمنا من الزمن‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫شأنه يف ذلك شأن غريه من الشهور‪.‬‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وها حنن يف ايلوم اخلامس عرش منه‪ ،‬فهل ما زنلا نستشعر هيْبته‪ ،‬ونرىع ُح ْرمته؟ إن‬
‫أمامنا ُمتّسعا ً ّ‬
‫للتعويض‪ ،‬أو لالسزتادة‪.‬‬

‫ّ‬ ‫َّ‬
‫احلقييق‬ ‫الصوم‬
‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ِّ‬
‫حقيقيا‪:‬‬ ‫السجاد × ىلع أن يكون َصومنا صوما‬ ‫يؤكد اإلمام ّ‬
‫ُ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫«وأعنا ىلع صيامِه بِكف اجلوارح عن معاصيك واستعمالِا فيه بما يرضيك»‪.‬‬
‫فمن صام َ‬ ‫الصوم‪ّ ،‬‬ ‫رشط لقبول ّ‬ ‫ٌ‬
‫مطلوب وهو ٌ‬ ‫ُّ‬
‫وعىص اهلل تعاىل‬ ‫ِ‬ ‫والكف عن املعايص‬
‫صومه يف أفضل احلاالت ليس من ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ادلرجة‬ ‫وامتنع عن املفطرات واغتاب أو كذب‪ ،‬فإن‬
‫الصوم‪ ،‬ويف رأي وجيه أنّه ال يُثاب ىلع هذا ّ‬
‫الصوم‪،‬‬ ‫واجب ّ‬
‫َ‬ ‫األوىل‪ ،‬وإن اكن يُس ِقط عنه‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫عب عنه بعدم القبول‪.‬‬ ‫وهو ما يُ َّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫فاملطلوب قبل لك يشء‪ ،‬الكف عن املعايص‪ ،‬إل أن ذلك ليس نهاية املطاف‪ ،‬بل املطلوب‬
‫ً‬ ‫أيضا ً أن ننتقل من الكف ّ‬
‫ّ‬
‫ليب إىل استعمال اجلوارح إجيابا بِما يُريض اهلل تعاىل‪.‬‬ ‫الس ّ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫من هنا لم يقترص اإلمام ّ‬
‫السجاد × ىلع قوهل‪ :‬وأعنا ىلع صومه بكف اجلوارح عن‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫معاصيك‪ ،‬وإنما أضاف‪ :‬واستعماهلا فيه بِما يرضيك‪.‬‬
‫َّ‬
‫وكيف يتحقق ذلك؟‬
‫ً ًّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫السؤال ّ‬ ‫السالم يف اجلواب ىلع هذا ُّ‬ ‫بي نلا عليه ّ‬ ‫يُ ّ‬
‫ثم حيدد نلا عنوانا اعما‬ ‫واجبات‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫ستة‬
‫شامال ألبواب ّ‬ ‫ً‬
‫الب‪.‬‬
‫ِ‬ ‫‪146‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫أما الواجبات ّ‬ ‫ّ‬


‫الستة فيه‪:‬‬
‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫‪ -1‬حت ال نصيغ بأسماعنا إىل لغ ٍو‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ٌ‬
‫رضر‪ ،‬أو ال‬ ‫واللغو لك ما فيه َضر أو ليس فيه نفع‪ .‬فال نصيغ بأسما ِعنا إىل يش ٍء فيه‬
‫ً‬
‫نفع فيه فيكون لغوا‪.‬‬
‫َْ‬ ‫ُ‬
‫‪ -2‬وال نرسع بأبصارنا إىل له ٍو‪.‬‬
‫ً ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ٍّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫لشهر اهلل تعاىل‬
‫ِ‬ ‫سواء اكن حراما أو حالال‪ ،‬فإن‬ ‫عبيث‬ ‫والمراد أن ال ننظر إىل يش ٍء‬
‫َ‬
‫ُحرمته اليت تفرض ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫صف الوقت يف ما ينفع كما سيأيت‪.‬‬
‫ّ‬
‫حمظور‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫‪ -3‬وحت ال نبسط أيدينا إىل‬
‫ُ‬
‫أي إىل ما نهينا عنه‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫جور‪.‬‬
‫‪ -4‬وال نطو بأقدامنا إىل م ٍ‬
‫ُ َّ َّ‬
‫جره علينا‪.‬‬ ‫وح َ‬ ‫وجل منه‪َ ،‬‬ ‫أي إىل ما َمنَعنا اهلل عز‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ْ َ‬
‫ع بطوننا إل ما أحللت‪.‬‬ ‫وحت ال تَ ِ َ‬ ‫ّ‬
‫‪-5‬‬
‫تقدم احلديث عن أهميةّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫وهو تأكيد ىلع ادلقة خصوصا يف املأكل واملرشب‪ ،‬وقد‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫واتلدقيق يف حل ّية لك ما نتقلب فيه يف شهر رمضان املبارك‪.‬‬ ‫ابلحث ّ‬
‫َّ َ‬ ‫ُ ّ‬ ‫َ‬
‫‪ -6‬وال تنطق ألسنتنا إل بما مثلت‪.‬‬
‫أي ال نقول ّإل ّ‬
‫احلق‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫اهتمامنا بها يف شهر اهلل تعاىل‪.‬‬ ‫أساسية ينبيغ أن يطول‬ ‫أمور‬
‫هكذا جند أنفسنا أمام ٍ‬
‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫للصائم أن يُ َ‬ ‫ال يمكن ّ‬
‫طلق العنان جلوارحه فإن ذلك ينايف نية الصوم‪ ،‬بل ينايف اهلدف‬
‫انل ّية اليت يلزتم ّ‬ ‫أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الصائم بمرااعتها ال ينبيغ أن‬ ‫منه ﴿لعلكم تتقون﴾‪ ،‬بل بما‬
‫فهما وجهان حلقيق ٍة واحدة‪.‬‬ ‫تنفصل يف احلقيقة عن هذا اهلدف‪ُ ،‬‬
‫تعب ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مصبها القلب «تقوى القلوب»‪ ،‬إل أن اجلوارح ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬
‫عما يف القلب‬ ‫واتلقوى وإن اكن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وتكيه بأفصح لغ ٍة‪ ،‬فتثبت صحة ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫انلية أو عدمها‪.‬‬
‫ُُ‬ ‫الس ُ‬ ‫يصوم ّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫مع يف شهر اهلل تعاىل‪ ،‬وصوم األذن يف عدم إصغائها للحرام‪ ،‬وأكرث‬ ‫ال بد أن‬
‫من ذلك يف عدم إصغائها للهو‪.‬‬
‫ً‬ ‫َّ َّ‬
‫وصوم العني يف اهتمامها بما يُقرب من اهلل عز وجل‪ ،‬فضال عن االهتمام برتك انلظرة‬
‫ّ‬ ‫ِّ‬
‫احلرام‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واللسان‪ ،‬وما أدراك! وجراحاته أشد خطرا من جراحات السنان‪.‬‬
‫َّ‬
‫عز وجل‪ ،‬بل أكرث‬ ‫حيرك لسانه يف ما يُسخط َ‬
‫اهلل َّ‬ ‫حذرا ً فال ّ‬
‫ينبيغ أن يكون الصائم ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ ً‬
‫من ذلك ينبيغ أن يكون ح ِذرا فال حيركه إل بما يدنيه من اهلل ويقربه منه تقدست‬
‫أسماؤه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪147‬‬ ‫وجتدر اإلشارة إىل أن هذه الفقرة مروية بصيغتني‪« :‬بما قلت» و«بما مثلت»‪.‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬ ‫ً‬
‫وبناء ىلع األوىل يكون املراد إشارة إىل قوهل تعاىل‪﴿ :‬وقوهل احلق﴾‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وقد ُروي عن اإلمام احلسني ×‪ :‬إنا أهل بيت رسول اهلل صل اهلل عليه وآهل واحلق‬
‫ُ ‪1‬‬
‫ِّ َ‬
‫فينا‪ ،‬وباحلق تنطق ألسنتنا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬
‫حرص اإلمام احلديث بما مثل اهلل تعاىل‪ ،‬يلتيق مع ما ورد‬ ‫َ‬ ‫بناء ىلع اثلّاين‪ ،‬فإن‬
‫أما ً‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫ص الكالم بما يَعنينا‪ ،‬إذ يبدو أن مراده ×‪ ،‬أن تكون‬ ‫ّ‬
‫احلث عليه يف الروايات من ح ِ‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ٍّ‬ ‫َ‬
‫األمثال الواردة يف القرآن الكريم ماور احلديث‪ .‬وللك من الصيغتني مرجحاتها‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬
‫األهمية‪ ،‬هو اجتناب حتريك اللسان‬ ‫تربويا شديد‬ ‫وانلتيجة واحدة ويه تشك أساسا‬
‫بانلفع يف دنياه وآخرته‪.‬‬ ‫باحلق‪ ،‬وما يعود ىلع اإلنسان ّ‬ ‫ِّ‬ ‫انلطق‬ ‫بابلاطل‪ ،‬وتعويده ىلع ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ومسلكية سليمتَني‪.‬‬‫ّ‬ ‫ومن الواضح أن ذلك ثمرة عقيد ٍة صحيح ٍة‪ ،‬تن ِتج ثقافة‬
‫َ َّ َّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫حصتها من َّ‬ ‫ولليَد ّ‬
‫الصوم‪ ،‬فينبيغ أن ال تمتد بأذى‪ ،‬وال بسائر ما يُسخط اهلل عز وجل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫والقدم كذلك هل نصيبه من الصوم‪ ،‬فكيف يكون الشخص صائما ويميش إىل جملس‬
‫حرام‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ّ‬
‫واللقمة اليت نأكل وت ِمد اجلوارح بالقوة‪ ،‬أال جيب أن نهتم بمعرفة أنها حالل‪ ،‬حت ال‬
‫ّ ُ َّ َّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫عز وجل‪.‬‬ ‫تيع بطوننا إل ما أحل اهلل‬
‫ّ‬ ‫تقدم احلديث عن َّ‬ ‫ّ‬
‫فراجع‪.‬‬
‫ِ‬ ‫احلقييق يف بداية هذه األعمال‪،‬‬ ‫الصوم‬ ‫وقد‬
‫ّ‬ ‫ٌ ّ‬
‫صحيح أن هذه األمور ينبيغ االهتمام بها يف شهر اهلل تعاىل ويف غريه من الشهور‪،‬‬
‫أشد تأكيداً‪ ،‬ألنّنا يف ضيافة اهلل تعاىل بمعىن أنّه َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫عز‬ ‫إل أنها يف هذا الشهر العظيم‪،‬‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫فجعل َ‬ ‫َ‬ ‫وجل رفَع درجة العناية بنا ّ‬ ‫َّ‬
‫وأنفاسنا تسبيحا‪ ،‬وعملنا‬ ‫نومنا عبادة‪،‬‬ ‫والراعية نلا‪،‬‬
‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫وداعءنا مستجابا‪ ،‬فإذا واجهنا ذلك بقلة احلياء منه واجلرأة عليه تقدست‬ ‫مقبوال‪،‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِّ‬
‫لعدوه‪.‬‬ ‫أسماؤه‪ ،‬فنحن ك َمن يأخذ ماال من أبيه ويعطيه أمامه‬
‫من ُ‬ ‫استعمال جوارحنا ‪-‬ويه ن َع ٌم ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫اهلل علينا بها‪ -‬يف معصية اهلل تعاىل‪ ،‬يعين‬ ‫ِ‬ ‫نعم إن‬
‫اتل ُّ‬
‫عز وجل وضيافته‪ ،‬ويف ذلك من ّ‬ ‫َّ‬ ‫الشيطان يف حمرض اهلل َّ‬ ‫ّ‬ ‫وضعها يف ُّ‬ ‫ْ‬
‫جرؤ عليه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ترصف‬
‫ّ‬
‫تقدست أسماؤه ما ال حيتاج إىل بيان‪.‬‬
‫ّ‬
‫العمل الصالح بإخالص‬
‫السجاد ×‪ ،‬فهو ما ّ‬ ‫ِّ‬
‫حيدده نلا اإلمام ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫عب عنه بقوهل‪:‬‬ ‫العام الي‬ ‫وأما العنوان‬
‫ّ ِّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫«وال نتلكف إل ما يدين من ثوابك‪ ،‬وال نتعاىط إل الي ييق من عقابك‪ ،‬ثم خلص‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫ذلك لكه من رياء املرائني وسمعة املسمعني‪ ،‬ال نرشك فيه أحدا دونك‪ ،‬وال نبتيغ فيه‬
‫ً‬
‫مرادا سواك»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عمل نعمله يف شهر رمضان بالعمل‬‫إنه عليه صلوات الرمحن ينبهنا إىل أن حنرص لك ٍ‬

‫حممدي)‪ ،‬أهل البيت يف الكتاب والس ّنة‪.164 :‬‬


‫(حممد ّ‬
‫‪ - -1 148‬الريشهري ّ‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫السيّئة تُفسد العمل ّ‬


‫الصالح‬ ‫إن ّ‬
‫انلية ّ‬ ‫ّ‬ ‫الصالح ّالي ّ‬
‫يقربنا من اهلل تعاىل‪ ،‬وحيث‬ ‫ّ‬
‫الرياء َ‬ ‫أن ال يغزو ّ‬ ‫ْ‬ ‫اتل ّ‬ ‫ّ‬
‫بد من ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫قلوبنا‪ ،‬فتفسد نوايانا ونقع‬ ‫نبه إىل‬ ‫وجتعله عمال سيئا‪ ،‬فال‬
‫السمعة‪ ،‬وخنرج بذلك من عبادة ِّ‬
‫احلق تعاىل إىل عبادة انلاس‪.‬‬ ‫حب ُّ‬‫يف أرس ّ‬
‫ِ‬
‫ً ّ ً‬ ‫ّ‬
‫إننا دلى استقبال هذا الشهر املبارك أمام ثالثني يوما «أياما معدودات»‪ ،‬وحنن نعلم‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ ٌّ‬ ‫ّ‬
‫بأهميتها‪ ،‬املدركون لعظمتها‪ ،‬طيلة‬ ‫إهلية فريدة ينتظرها أهلها العارفون‬ ‫أنها فرصة‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً َ‬
‫يصح نلا أن نبحث عن الوسيلة املسلية اليت‬ ‫أحد عرش شهرا ويزنون لفراقها‪ ،‬فهل‬
‫تفوت‪ ،‬فننشغل يف شهر اهلل تعاىل‬ ‫نستعني بها ىلع تمضية سااعت هذه الفرصة اليت ال َّ‬
‫ّ‬
‫العبثية؟‬ ‫السمر أو األلعاب‬ ‫يف جمالس َّ‬
‫حول بيننا وبني خري ّ‬ ‫عدونا املبني‪ ،‬لَ ُ‬
‫ُّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫الزاد يف‬ ‫ِ‬ ‫أوليست هذه األمور رشااك يصطادنا بها‬
‫ّ‬
‫خري الشهور؟‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُّ ً‬ ‫إن َ‬ ‫َّ‬
‫أمامنا بعد شهر اهلل تعاىل متسعا كبريا هلذه األمور إذا اكنت حالال ولم يشبها‬
‫عوض واستبداهل بما هو أدىن‪ ،‬وباإلماكن تعويضه؟‬ ‫ترك ما ال يُ َّ‬ ‫احلرام‪ ،‬فلماذا ّ‬
‫نرص ىلع ِ‬
‫املصدق بما أخرب به احلبيب املصطىف |‪ ،‬هو من ّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬
‫يفرغ أيام شهر اهلل تعاىل‬ ‫إن العاقل‬
‫ُ‬ ‫ِّ َّ‬ ‫َّ َّ‬ ‫ُ‬
‫عمل يمكن تأجيله إىل ما‬ ‫ويلايله ِلا يدين من ثواب اهلل تعاىل عز وجل‪ ،‬ويؤجل لك ٍ‬
‫َّ‬ ‫ّ‬
‫بعد هذا الشهر املبارك‪ ،‬ألن هل من االنشغال بِما يَيق من عقاب اهلل تعاىل ما يَرصفه‬
‫ِّ‬
‫شاغل سواه‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫عن لك‬
‫َّ‬
‫نعم‪ ،‬إن العاقل هو َمن يضع خطبة رسول اهلل | ‪-‬وهذا ادلاعء الرابع واألربعون‬
‫اكلشح تللك اخلطبة‪ -‬أمام َ‬ ‫ّ‬ ‫الصحيفة ّ‬ ‫من ّ‬
‫عين القلب‪ ،‬ويف واجهة‬ ‫السجادية‪ ،‬هو‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫والصالة ىلع‬ ‫عمليا فيُكرث من تالوة كتاب اهلل تعاىل‪،‬‬ ‫االهتمام‪ ،‬ويلزتم بها منهجا‬
‫السجود‪ ،‬وإكرام ايلتيم‪ ،‬وصلة األرحام‪ ،‬وغري ذلك مماّ‬ ‫يب وآهل‪ ،‬واالستغفار‪ ،‬وطول ّ‬ ‫ّ‬
‫انل ّ‬
‫الشيفة‪ ،‬يبتيغ بذلك ما يُ ّ‬ ‫ّ ّ ّ‬ ‫ُّ‬
‫طهره من اهلفوات واآلثام‬ ‫ورد احلث عليه يف اخلطبة انلبوية‬
‫قربه من اهلل تعاىل‪.‬‬ ‫وي ِّ‬ ‫ُ‬

‫داعء ايلوم اخلامس عرش‬


‫َ ُ ْ َ َ َ‬ ‫َ َ ْ َ ْ ْ َ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ ُ َّ ْ ُ ْ‬
‫ِني‪ ،‬بِأمان ِك يا‬ ‫اشح فِي ِه صد ِري بِإناب ِة المخبِت‬‫ارزق ِن فِي ِه طاعة اخلا ِشعِني‪ ،‬و‬ ‫أللهم‬
‫مان اخلائفِني‪َ.‬‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫أ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ٍّ ّ‬ ‫ّ‬
‫أزل عن‬ ‫يريد ادلاعء للك منا أن يقول‪ :‬إليه أ ِذقين حالوة حب َك‪ ،‬هب يل اخلشوع لك‪ِ ،‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫ألتوجه بفطريت إيلك‪ ،‬أعرف نفيس فأتواضع لك‪ .‬وييح‬ ‫قليب األقفال‪ ،‬وارشح صدري‬
‫ُ ِّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫إذا نظرت إىل املالئكة صفوفا واألنبياء وقوفا‪ ،‬ف ِمن عذابك غدا َمن يلصين‪ ،‬ومن‬
‫ُ ِّ ّ ً‬ ‫ْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫‪149‬‬ ‫مرة‬ ‫بأهل أن يُعىص‪ ،‬اعهدت رب‬ ‫أيدي اخلصماء من يستن ِقذين‪ ،‬عصيت من ليس ٍ‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫بعد أخرى‪ ،‬فلم َيد عندي صدقا ً وال ً‬
‫وفاء‪َ ،‬من غريك يرب كرسي‪ ،‬ويُسكن َر ْوعيت‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أدخلين يف أمانك فقد فز ُ‬
‫عت إيلك من نفيس‪ ،‬يا أمان اخلائفني‪.‬‬‫ِ‬
‫ُ‬
‫داعء المجري‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المجري الي تقدمت اإلشارة إىل استحباب قراءته يف األيّام ابليض من‬
‫أذكر هنا بداعء ُ‬
‫ً‬ ‫داعء ٌّ‬
‫ٌ‬
‫مهم جدا لقضاء احلوائج‪.‬‬ ‫شهر رمضان املبارك‪ ،‬وهو‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫صالة الليلة السادسة عرشة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -1‬حصة هذه الليلة من األلف ركعة‪ ،‬يه عرشون‪ ،‬ثمان منها بني املغرب والعشاء‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وابلايق بعد العشاء بالتتيب املذكور يف الليايل السابقة‪.‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -2‬عن رسول اهلل |‪« :‬ومن صل يللة ست عرشة من شهر رمضان اثنت عرشة‬
‫ّ َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬
‫مرة و(أهلاكم اتلّاكثر) اثنت عرشة مرة‪ ،‬خرج من‬ ‫لك ركعة (احلمد) ّ‬ ‫ركعة‪ ،‬يقرأ يف‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ ُ‬
‫يرد القيامة فيؤمر به إىل اجلنة‬ ‫قربه وهو ريان ينادي بشهادة أن ال هلإَ إل اهلل‪ ،‬حت ِ‬
‫بغري حساب»‪.1‬‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫الكفعيم‪« :‬ويستحب أن يصل يف لك يلل ٍة من شهر رمضان ركعتني بـ(احلمد)‬ ‫ّ‬ ‫‪ -3‬قال‬
‫ََُْ ُْ َ َ ْ‬ ‫ُْ َ َ ْ َُ َ ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مرة‪ ،‬و(اتلوحيد) ثالثا‪ ،‬فإذا سلم قال‪ :‬سبحان من هو حفِيظ ال يغفل سبحان من‬
‫ْ‬
‫حان َم ْن ُه َو دائ ٌِم ال يَل ُهو‪ّ .‬‬‫َْ ُ ُْ َ‬ ‫َْ َ ُْ َ َ ْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُه َو َرح ٌ‬
‫ثم‬ ‫ِيم ال يعجل سبحان من ه َو قائ ٌِم ال يسهو سب‬
‫َّ‬
‫يل اذل َ‬ ‫ْ‬
‫عظيم‪ ،‬ا ِغف ِْر َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫يقول التّسبيحات األربع سبعا‪َّ ،‬‬
‫نب‬ ‫ثم يقول‪ :‬سبحانك سبحانك يا‬
‫َ َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ً َ‬ ‫َّ ُ ّ‬ ‫َ‬
‫ذنب»‪.2‬‬
‫يب عرشا‪ .‬من صلها غفر اهلل هل سبعني ألف ٍ‬ ‫صل ىلع انلّ ّ‬ ‫العظيم‪ .‬ثم ت‬

‫‪ -1‬احلر العاميل‪ ،‬وسائل الشيعة‪39/8 :‬؛ والكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ .176 :‬وفيه‪« :‬وهو‬
‫ينادي بالشهادتني»‪.‬‬
‫‪ -2 150‬الكفعمي‪ ،‬املصباح‪ .563 :‬اهلامش‪.‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫‪16‬‬
‫شهر رمضان‬

‫ُ‬
‫* معركة بدر‪ ،‬يوم الفرقان‬
‫ّ‬ ‫* مِن َ‬
‫ابلدري‬ ‫صور اجلهاد‬
‫ّ ّ‬ ‫ُ‬
‫* بعض وفا ٍء حلمزة عم الرسول ح‬
‫ّ‬
‫*داعء ايلوم السادس عرش‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫* صالة الليلة السابعة عرشة‬

‫‪151‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫معركة بدر‪ ،‬يوم الفرقان‬


‫ُ‬
‫أو ِل معركة فاصلة بني اإلسالم والكفر‪،‬‬ ‫هذه اللّيلة القادمة يه ذكرى وقعة بدر‪َّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫اتلىق اجلَمعان كما يف كتاب اهلل َّ‬ ‫ويومها يوم الفرقان‪ ،‬يوم َ‬
‫عز وجل‪ ،‬ولك انتصارات‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وتستمد منها العزيمة ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ ُ‬
‫ستيضء بِنورها‪.‬‬ ‫الصادقة‪ ،‬وت‬ ‫تتفرع عليها‪،‬‬ ‫اإلسالم بعدها‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫اكنت وقعة بدر يف السنة اثلانية للهجرة‪ ،‬وقد سميت باسم املنطقة اليت حصلت‬
‫ِّ ُ‬ ‫ُ‬
‫املواجهة فيها بني املسلمني بقيادة رسول اهلل ح‪ ،‬وبني قريش بكل خيَالئها‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫وج َبوتها‪ ،‬ويه منطقة تقع ىلع بعد حوايل مائة وسبعني كيلو مرتا عن املدينة باتاه‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫مكة‪ ،‬وتبعد عن مكة حوايل مائتني وثالثني كيلو مرتا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واكنت هذه املنطقة يف طريق قوافل قريش اليت اكنت َّ‬
‫تسي بانتظام بني مكة والشام‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬
‫واسرتاتيجيا تلجارة قريش‪ ،‬اليت تشك عصب‬ ‫حيويا بل‬ ‫وهو ما يعين أنها اكنت ممرا‬
‫الس ّ‬
‫ياسية‪.‬‬ ‫وباتلايل ّ‬ ‫ّ‬ ‫حياتِها االقتصاديّة‪،‬‬
‫ََ ُ ُ ّ ّ‬ ‫ً‬
‫طيلة ثالثة عرش اعما من بعثة املصطىف ح‪ ،‬بذل عتاة مكة لك ما أمكنهم إلطفاء‬
‫ُ ّ ُّ ً‬
‫اإلسالم إل توهجا‪.‬‬ ‫نور اهلل تعاىل‪ ،‬فلم يزدد‬
‫حبصار الشعب‪ ،‬واذلي‬
‫ّ‬
‫جت‬ ‫و‬ ‫حديات الّيت تُ ِّ‬ ‫ّ ّ‬
‫اتل‬ ‫أمام‬ ‫مدوا‬ ‫وص‬‫صرب املسلمون ىلع األذى‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫استمر أكرث من ثالث سنوات‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫نع‬
‫ومن الواضح أن قريشا اكنت ماضية قدما يف تصعيد خطواتها ضد اإلسالم ِل ِ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫انتشاره‪ ،‬بل ْ‬
‫املتكررة لقتل رسول اهلل ح‪،‬‬ ‫وأوغلت يف تنفيذ ذلك إىل حد املحاوالت‬
‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬
‫ظروف‬‫ٍ‬ ‫األمر الي أدى إىل هجرة املسلمني األوىل إىل احلبشة‪ ،‬واثلانية إىل املدينة يف‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫حتمت هجرة املصطىف ح‪.‬‬
‫حت بعد اهلجرة‪ ،‬حماولة‬ ‫والرسالة ّ‬ ‫الرسول ح ّ‬ ‫وقد واصلت قريش عدوانَها ىلع ّ‬
‫استغالل نفوذها وهيمنتها ىلع العرب وعالقاتها بايلهود يف املدينة‪ ،‬باإلضافة إىل‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫املتكررة اليت خ ِّطط هلا يف مكة‪ ،‬واستهدفت رسول اهلل ح‪ ،‬وهو‬ ‫ِّ‬ ‫حماوالت االغتيال‬
‫املنورة‪.‬‬‫يف املدينة َّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫اتلعقيد‪ ،‬تتشابك يف َرسمه‬ ‫سياسي ٍة بالغ ِة ّ‬ ‫ظروف‬
‫ٍ‬ ‫اإلسالم يف‬ ‫لقد احتضنت املدينة‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫عنارص أربعة‪ّ :‬‬
‫الصاع القبيل احلاد بني األوس واخلزرج‪ ،‬واحلضور ايلهودي الفاعل‪،‬‬
‫اتلحالف مع رسول اهلل ح‪،‬‬ ‫وضغوط قريش ىلع أهل املدينة بهدف َمنعهم من ّ‬
‫ِ‬
‫ادل ّ‬ ‫انلصارى الخرتاق اجلبهة ّ‬ ‫ُ‬
‫اخلية للمدينة‪ ،‬عرب أيب اعمر‬ ‫حماوالت ّ‬ ‫ورساعن ما بَ َرزت‬
‫الراهب‪ ،‬ومسجد ّ‬ ‫ّ‬
‫الضار‪.‬‬
‫ّ‬
‫اإلساليم‪،‬‬ ‫الس ّ‬
‫يايس‬ ‫زرع العقبات يف طريق بناء نواة الكيان ّ‬ ‫حرصت قريش ىلع ِ‬ ‫َ‬ ‫وقد‬
‫يايس يف املدينة ِلأيلب األطراف ىلع رسول اهلل ح‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫من خالل توظيف ثقلها الس ّ‬
‫ّ‬ ‫َّ‬
‫مستمرة بني اإلسالم وقريش‪ ،‬ولو بصيغة «احلرب ابلاردة»‪،‬‬ ‫اكن ذلك يعين أن املعركة‬
‫‪152‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫يتيح هلا‬ ‫املنورة‪ُ ،‬‬‫احليوي ىلع مقربة من املدينة ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ممرها‬ ‫واكن استمرار قريش يق اإلفادة من ِّ‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫مواصلة تآمرها من موقع ُ‬
‫المتمكن من زمام األمور يف شبه اجلزيرة‪ ،‬كما اكن حرمانها‬
‫ّ‬ ‫ٍّ‬ ‫ُ ِّ َّ َ ٍّ‬ ‫ّ‬ ‫من هذا ّ‬
‫احليوي اآلمن يشك أول رد جذري ىلع مسريتها العدوانية احلافلة‪ ،‬واليت‬ ‫املمر‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫أخذت ً‬ ‫َ‬
‫نطق موازين القوى‬ ‫إعالن ادلعوة‪ ،‬ولم تكن َ املدينة بِم ِ‬
‫ّ‬ ‫منح تصاعديّا منذ‬
‫الم ِّ‬ ‫أن غزو املدينة اكن اخليار ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫تعي‬ ‫عقبة أمام جربوت قريش‪ ،‬األمر الي يعين جبالء‬
‫ّ‬
‫واألمنية‪.‬‬ ‫ياسية‬‫الس ّ‬ ‫يف حال فشل األسايلب األخرى ّ‬
‫ِّ‬ ‫يف هذا ّ‬
‫السياق جاء تصدي املسلمني بقيادة املصطىف جلربوت قريش‪ ،‬عرب استهداف‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املستمر‬ ‫قافلتها اليت اكنت قادمة من الشام بقيادة أيب سفيان‪ ،‬ردا ىلع هذا العدوان‬
‫ُ ِّ‬
‫شق طريقها باللكمة‬ ‫ادلعوة من ِّ‬ ‫مكن ّ‬ ‫بما يُسهم يف إضعافه ويفرض معادلة جديدة ت‬
‫بالقوة حني تدعو احلاجة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫واتلأسيس حلماية ذلك‬ ‫واملوعظة احلسنة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املوقف برسعة متوقعة ألن «أم القرى»‪ ،‬مركز اثلقل الس ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫وقد َّ‬
‫يايس والعسكري يف‬ ‫تطور‬
‫والصباة معه»‪.‬‬ ‫«حممد ُّ‬ ‫سيايس بقيادة ّ‬ ‫ِّ‬ ‫كيان‬ ‫تتحمل قيام‬ ‫ّ‬ ‫اجلزيرة العربية آنذاك‪ ،‬لم تكن‬
‫ٍ‬ ‫ََ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قرأت قريش املوقف بأبعاده‪ ،‬واستنفرت لك طاقتها اهلجومية –دون حلفائها‪ -‬وخرج‬
‫لشن هجومٍ‬ ‫بالطاعون بعد بدر بفرتة وجزية‪ِّ ،‬‬ ‫لك ُعتاتها‪ ،‬ماعدا أبا هلب ّالي مات ّ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫ًّ‬ ‫ً‬
‫ونهائيا‪.‬‬ ‫أرادته حاسما‬
‫كأن اهلل تعاىل أراد استدراجَ‬ ‫َّ‬ ‫بكل ثقله العسكري‪ّ.‬‬ ‫ِّ‬
‫ويف املقابل لم خيرج رسول اهلل ح‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬
‫لك قريش يلقتلها بصفو ٍة خمتار ٍة‪ ،‬يه من شهد املعركة وكشفت مواقفه يقينه‪ ،‬وشارك فيها‪.‬‬
‫ّ ً‬ ‫ّ‬
‫وكأن اهلل تعاىل أراد أن تكون املعركة األوىل بني اإلسالم والكفر غري متاكفئة ماديّا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫من َ‬
‫ابلدري‬ ‫صور اجلهاد‬
‫الص َور من جهاد املسلمني يف بدر‪:‬‬ ‫أذكر هنا بعض ُّ‬
‫«ثم خرج رسول اهلل ح وهو يَثب يف ّ‬ ‫ُ‬ ‫‪ -1‬جاء يف (تاريخ اخلميس)‪ّ :‬‬
‫ادلرع‪ ،‬وهو يقول‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫اجلمع ويولَّون األدبار‪ّ ،‬‬‫ُ‬ ‫ُ‬
‫فحرضهم وقال‪ :‬والي نفس حمم ٍد بيدِه‪ ،‬ال يقاتلهم ايلوم‬ ‫سيهزم‬
‫اجلنة‪ ،‬فقال ُ‬ ‫ُ ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ٌ ُ‬
‫أحد املسلمني‬ ‫مدبر إل أدخله اهلل‬ ‫ٍ‬ ‫رجل فيقتل صابرا حمتسبا مقبِال غري‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بخ (أي هنيئا هنيئا) فما بيين‬ ‫بخ ٍ‬ ‫وهو عمري بن احلمام‪ ،‬واكن يف يده تمرات يأكلهم قال‪ٍ :‬‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫فق َذف ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ ّ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫يده‪ ،‬وأخذ سيفه وأقبل‬ ‫اتلمرات من ِ‬ ‫وبني أن أدخل اجلنة إل أن يقتلين هؤالء‪،‬‬
‫يقاتل القوم وهو يقول‪:‬‬
‫اتلقـى وعمل املعاد‬ ‫ّإل ُّ‬ ‫هلل بغري زا ِ د‬
‫ً‬
‫ركضـا إىل ا ِ‬
‫ولك زا ٍد ُعرضة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫انلفـاد‬ ‫والصرب يف اهلل ىلع اجلهاد ‬
‫‪1‬‬
‫والرشا ِد‬ ‫اتلىق ّ‬
‫والب ّ‬ ‫غري ّ‬
‫ِ‬

‫‪ -1‬مل حيرضين تاريخ اخلميس عند تدوين اهلوامش‪ .‬انظر‪ :‬السيوطي‪ ،‬تنوير احلوالك‪:‬‬
‫‪153‬‬ ‫‪398‬؛ وابن األثري‪ ،‬أسد الغابة‪.143/4 :‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -2‬قال رسول اهلل ح‪ :‬قوموا إىل جن ٍة عرضها السماوات واألرض‪ ،‬فقال عون بن‬
‫ّ‬
‫الر ّب من عبده؟ (ما الي يفرح َّ ّ‬ ‫ُ‬
‫عبده)‬ ‫الرب ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫احلارث‪ :‬يا رسول اهلل ماذا يضحك ّ ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ُ ُ‬
‫العدو حارسا (أي بدون درع) فزنع دراع‬ ‫قال املصطىف احلبيب ح‪ :‬غمسه يده يف‬
‫َ ّ ُ‬ ‫اكنت عليه فقذفها‪ّ ،‬‬
‫ثم أخذ سيفه فقاتل القوم حت ق ِتل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫شاهت‬
‫ِ‬ ‫‪« -3‬أخذ صل اهلل عليه وآهل حفنة من احلصاء فاستقبل بها قريش‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫اهلل تلك‬ ‫شدوا‪ ،‬فاكنت اهلزيمة‪ ،‬وجعل ُ‬ ‫ّ‬
‫ثم أمر أصحابه فقال‪:‬‬
‫َ‬ ‫ثم َن َف َح ُهم بها‪ّ ،‬‬ ‫الوجوه‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬
‫عظيم شأنها‪ ،‬لم ترتك من املرشكني رجال إل مألت عينيه‪ ،‬واستوىل عليهم‬ ‫احلصاء‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫املسلمون ومعهم اهلل واملالئكة يقتلونهم ويأرسونهم» ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ُْ ْ‬ ‫ً‬
‫‪ -4‬سمع بعض املسلمني صوتا يقول‪« :‬اش ُدد َح ْيوم»‪ .‬واكن القائل من املالئكة‪ .‬وقيل‬
‫ّ‬
‫«ح ْيوم» اسم فرس جربئيل ×‪.‬‬ ‫إن َ‬
‫واكن املسلمون يعرفون قتىل املالئكة من ّ‬
‫الضب فوق األعناق ومن رضب األصابع‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫واكنت رضبات املالئكة ترتك آثارا ُسودا‪.2‬‬
‫مكة‪َ ،‬‬ ‫ّ‬
‫أحد ُعتاة قريش «أمية‬ ‫احلبيش هذا العبد املستضعف باألمس يف‬ ‫ّ‬ ‫‪ -5‬رأى بالل‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫بن خلف» فحمل عليه بالل وقال‪ :‬رأس الكفر ال جنوت إن جنا‪ ،‬ثم رصخ بأىلع‬
‫ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫صوته‪ :‬يا أنصار اهلل‪ ،‬رأس الكفر‪ّ ،‬‬
‫أمية بن خلف‪ ،‬ال جنوت إن جنا‪ ،‬وهجم املسلمون‬
‫َ‬
‫انل ّص‪ :‬وهربوهما بأسيافهم‪.3‬‬ ‫عليه وىلع ابنه‪ ،‬يقول ّ‬
‫لك وقعة من وقعات صدر اإلسالم‪ ،‬اكن للموىل احلبيب أيب احلسن × ُ‬ ‫ِّ‬
‫دوره‬ ‫ٍ‬ ‫وكما يف‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ابلارز يف االلزتام بأوامر املصطىف ح وادلفاع عن الرسالة‪ ،‬ولقد قتل من املرشكني‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫انلصف اآلخر‪ ،‬وأقل عدد ل ِ َمن قتَلهم خ هو‬ ‫املالئكة واملسلمون ّ‬ ‫انلصف‪ ،‬وقتَل‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُّ‬
‫رأي‪ ،‬ولنئ أتيح هل خ أن يشارك يف حروب كثرية بعد ذلك‪ ،‬إل أنه لم يتح‬ ‫اثللث ىلع ٍ‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫حلمزة ُ‬
‫رسول أن يعيش طويال‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وأسد‬ ‫اهلل‬ ‫أسد‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫بعض وفا ٍء حلمزة عم الرسول ح‬
‫ّ‬ ‫وري أن ّ‬
‫نتأمل يف ّ‬ ‫الض ّ‬ ‫ّ‬
‫فإن من ّ‬
‫اجلهادي اذلي خاضه املوىل اجلليل محزة‬ ‫ادلور‬ ‫من هنا‪،‬‬
‫رضوان اهلل تعاىل عليه‪.‬‬
‫ومما َو َرد حوهل رضوان اهلل تعاىل عليه‪..« :‬اكن محزة × قد رضع مع رسول اهلل ح‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫أرضعتهما امرأة من مكة (يقال هلا‪ :‬ثويبة)‪ ،‬وهاجر محزة مع رسول اهلل ح إىل املدينة‬
‫يومئذ‪ ،‬بَرز من املرشكني ُعتبة وشيبة ابنا ربيعة‪،‬‬ ‫وشهد بدراً‪ّ .‬‬
‫ولما أن توافقوا للقتال‬
‫ٍ‬

‫‪ -1‬الشيخ املفيد‪ ،‬اإلرشاد‪16/1 :‬؛ واملجليس‪ ،‬البحار‪.72/18 :‬‬


‫‪ -2‬املجليس‪ ،‬البحار‪.343 - 264 - 256/19 :‬‬
‫‪ -3 154‬ابن هشام‪ ،‬السرية النبوية‪.461/2 :‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫عم رسول اهلل ح‪ُ ،‬‬ ‫يل ×‪ ،‬ومحزة ّ‬ ‫فربز إيلهم ع ّ‬ ‫ودعوا للمبارزة‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫وعبيدة‬ ‫والويلد بن عتبة‪،‬‬
‫َّ‬ ‫ً ُ ًّ‬ ‫ّ‬
‫يومئذ شيخا مسنا‪ ،‬خرج إىل املبارزة يتوكأ ىلع‬ ‫ٍ‬ ‫بن احلارث بن عبد املطلب‪ ،‬وقد اكن‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫عصاه‪ّ ،‬‬
‫يومئذ أنزل اهلل عز وجل فيهم ﴿ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ‬ ‫ٍ‬ ‫ولما أن تبارزا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يل × الويلد بن عتبة فقتَله‪ ،‬وبارز محزة شيبة فقتَله‪.‬‬ ‫ﮢ ‪ ﴾..‬احلج‪ .19:‬فبارز ع ٌّ‬
‫ُّ‬
‫َ‬
‫واحد منهما صاحبه‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫وبارز ُعبيدة بن احلارث ُعتبة‪ ،‬فاختلف بينهما رضبتان أثبت لك‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يل × ىلع عتبة‪ ،‬فقتاله‪ ،‬واستنقذا ُعبيدة بن احلارث‪ ،‬وقد قطع‬ ‫فعطف محزة × وع ٌّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يومئذ‬
‫ٍ‬ ‫ُعتبة ِرجله‪ ،‬فمات من ذلك بعد منرصفِهم إىل املدينة بالصفراء‪ .‬وقتل محزة‬
‫ُ‬
‫وأسد‬ ‫المرشكني‪ ،‬واكن محزة يُدىع ُ‬
‫أسد اهلل‬ ‫اخلزايع‪ ،‬ومجاعة من ُ‬ ‫ّ‬ ‫عدي‪ ،‬وسبأ‬ ‫ّ‬ ‫طعيمة بن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫رسوهل‪ِ ،‬لجدتِه وشجاع ِته وإقدا ِمه‪ ،‬وشهد يوم أحد‪ ،‬فأبىل من املرشكني بالء شديدا‪،‬‬
‫ً َ َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫يومئذ عثمان بن أيب طلحة صاحب لواء املرشكني‪ .‬واكن‬ ‫ٍ‬ ‫وقتَل منهم عددا كثريا‪ ،‬وقتَل‬
‫ٌ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬
‫يومئذ انفرجوا‪ ،‬ولم يقم أحد منهم هل»‪.1‬‬ ‫ٍ‬ ‫إذا هجم‬
‫ونستمر يف ِّ‬‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ّ ّ ِّ‬
‫خط مواجهة أعدائِك وأعدا ِء رسولك‪ ،‬أعداء‬ ‫بدريني‪،‬‬ ‫هم وفقنا نلكون‬ ‫ألل‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫اإلنسانية مجيعا‪.‬‬
‫ّ‬
‫داعء ايلوم السادس عرش‬
‫َْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ََ َ ْ‬ ‫َ ِّ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ُ ََ‬ ‫َّ ُ َّ َ ِّ ْ‬
‫آو ِن فِي ِه ب ِ َرحتِك إِىل‬ ‫األش َ‬
‫ار‪ ،‬و ِ‬‫ِ‬ ‫رار‪َ ،‬وجنب ِن فِي ِه مرافقة‬ ‫أللهم َوفق ِن فِي ِه ل ِموافق ِة األب َ ِ‬
‫ك يا إ َهل العالم َ‬ ‫َّ َ‬
‫ني‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لهيتِ‬‫رار‪ ،‬بِإ ِ ِ‬
‫دار الق ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ظاهر األبرار‪ ،‬فهل إىل‬ ‫يا إليه‪ ،‬طاملا وافقت سرييت سرية األرشار‪ ،‬وإن اكن ظاهري‬
‫انلفاق من سبيل؟!‬ ‫مغادرة هذا ّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫يل فعرفتين أن ال ِعربة بالسائر‪ ،‬فهل تتم نعمتك ع َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫قديم اإلحسان‪ ،‬مننت ع ّ‬ ‫َ‬
‫يل فتأخذ‬ ‫يا‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫بيدي يلطابق باطين باطن األبرار‪ ،‬فأجانب زمرة األرشار؟!‬ ‫ُ‬
‫رضي َّ‬ ‫كشف ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ومن يل ُ‬‫اهلارب من نفسه‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وانلظر‬ ‫غريك أسأل‬ ‫اهلائم ىلع وجهه‪،‬‬ ‫أنا يا إليه‬
‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫وسالف برك يب‪ ،‬بإهليتك يا هلإَ العاملني‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫يف أمري‪ ،‬هبين البتدا ِء كر ِمك‬
‫ُ‬
‫* استحباب الغسل‬
‫ولكن للغسل يف اللّيلة ّ‬
‫السابعة عرش‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ستحب يف لك يلل ٍة فرد‪،‬‬
‫ّ ّ‬
‫تقدم أن الغسل ُم‬
‫ّ‬ ‫ٍّ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬
‫خصوصية يدل عليها ُ‬
‫بشلك خاص ىلع غرار الليلة اخلامسة عرش‪.‬‬‫ٍ‬ ‫ذكر استحبابه‬
‫ّ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قال الشيخ الطويس‪« :‬وقد بينا يلايل الغسل ويه أربع يلال ‪ :‬يللة سبع عرشة (ثم ذكر‬
‫ّ‬
‫وخاصة يللة ّ‬ ‫ّ‬
‫انلصف‪ ،‬اكن هل‬ ‫يلايل القدر‪ ،‬إىل أن قال)‪ :‬وإن اغتسل يلايل األفراد لكها‬
‫فيه فضل كثري»‪.2‬‬

‫‪ -1‬القايض النعمان‪ ،‬رشح األخبار‪.227/3 :‬‬


‫‪155‬‬ ‫‪ -2‬الشيخ الطويس‪ ،‬مصباح املتهجد‪.636 :‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬
‫وقال الشيخ املفيد‪« :‬ويف يللة سبعة عرش منه اكنت يللة بدر‪ ،‬ويه يللة الفرقان‪ ،‬يللة‬
‫ُّ‬
‫ويستحب فيها الغسل كما ذكرنا يف ّ‬
‫أول يلل ٍة من شهر رمضان»‪.1‬‬ ‫سة ألهل اإلسالم‪.‬‬‫َم َ َّ‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫صالة الليلة السابعة عرشة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -1‬حصة هذه الليلة من األلف ركعة‪ ،‬ويه عبارة عن عرشين ركعة‪ ،‬ثمان منها بعد‬
‫مرة و(قل هو اهلل أحد) ّ‬ ‫لك ركعة (احلمد) ّ‬ ‫ّ‬
‫مرة‪ ،‬أو‬ ‫املغرب وابلايق بعد العشاء‪ ،‬تقرأ يف‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ثالثا‪ ،‬أو مخسا‪ ،‬أو سبعا‪ ،‬أو عرشا‪.‬‬
‫ركعتني‪ ،‬يقرأ يف األوىل ما ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫تيس‬ ‫‪ -2‬عن رسول اهلل ح‪ :‬ومن صل يللة سبع عرشة منه‬
‫َّ‬ ‫اثلانية مائة ّ‬ ‫ّ‬
‫مرة (قل هو اهلل أحد)‪ ،‬وقال‪( :‬ال هلإَ إل اهلل)‬ ‫بعد (فاحتة الكتاب)‪ ،‬ويف‬
‫َّ‬ ‫مائة ّ‬
‫مرة‪ ،‬أعطاه اهلل ثواب ألف حجة‪ ،‬وألف عمرة‪ ،‬وألف غزوة‪.‬‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫ستحب أن يصل يف لك يلل ٍة من شهر رمضان ركعتني بـ(احلمد)‬ ‫ّ‬
‫الكفعيم‪« :‬وي‬ ‫‪ -3‬قال‬
‫َ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ َ ْ َُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مرة‪ ،‬و(اتلوحيد) ثالثا‪ ،‬فإذا سلم قال‪ :‬سبحان من هو حفِيظ ال يغفل سبحان من‬
‫ْ‬
‫حان َم ْن ُه َو دائ ٌِم ال يَل ُهو‪ّ .‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ ُ ُ‬ ‫َ َ ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ُ‬‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُه َو َرح ٌ‬
‫ثم‬ ‫ِيم ال يعجل سبحان من ه َو قائ ٌِم ال يسهو سب‬
‫َّ‬
‫يل اذل َ‬ ‫ْ‬
‫عظيم‪ ،‬ا ِغف ِْر َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫يقول التّسبيحات األربع سبعا‪َّ ،‬‬
‫نب‬ ‫ثم يقول‪ :‬سبحانك سبحانك يا‬
‫َ َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ً َ‬ ‫َّ ُ ّ‬ ‫َ‬
‫ذنب»‪.2‬‬
‫يب عرشا‪ .‬من صلها غفر اهلل هل سبعني ألف ٍ‬ ‫صل ىلع انلّ ّ‬ ‫العظيم‪ .‬ثم ت‬

‫مسار الشيعة‪.24 :‬‬


‫ّ‬ ‫‪ -1‬الشيخ املفيد‪،‬‬
‫‪ -2 156‬الكفعمي‪ ،‬املصباح‪ .563 :‬اهلامش‪.‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫‪17‬‬
‫شهر رمضان‬

‫ّ‬
‫الصالة ّ‬
‫أول وقتها‬ ‫*‬
‫ّ‬
‫الصـالة‬ ‫* آداب‬
‫* صـلة ّ‬
‫الـرــحــم‬
‫* اجلـــيـران‬
‫َّ‬
‫* ختليص املال من اتلبعات‬
‫* تطهري القلب من العداوات‬
‫* موقع العبادة يف حركة احلياة‬
‫ّ‬
‫* داعء ايلوم السابع عرش‬
‫ّ‬
‫* صالة الليلة اثلامنة عرشة‬

‫‪157‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬
‫الصالة ّ‬
‫أول وقتها‬
‫ادلاعء ّ‬ ‫احلديث حول جانب من ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫الرابع واألربعني من‬ ‫ٍ‬ ‫قبل احلديث عن يللة بدر‪ ،‬تقدم‬
‫تقدمت اإلشارة أحد أدعية اإلمام ّ‬ ‫ّ‬ ‫السجاديّة‪ ،‬هذا ّ‬ ‫الصحيفة ّ‬ ‫ّ‬
‫السجاد‬ ‫ادلاعء هو كما‬
‫ّ‬ ‫أن هذا ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ادلاعء يمتاز بأنه رديف خلطبة املصطىف‬ ‫× حول شهر رمضان املبارك‪ ،‬إل‬
‫ّ‬
‫ح حول هذا الشهر الكريم‪.‬‬
‫الرمحن‪:‬‬ ‫يقول عليه صلوات ّ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫أمهللّ صل ىلع حمم ٍد وآهل وق ِفنا فيه ىلع مواقيت الصلوات اخلمس حبدودها اليت‬
‫ْ‬ ‫ّ َّ‬ ‫ّ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ْ َ‬
‫وأنزلا فيها‬ ‫حددت‪ ،‬وفروضِ ها اليت فرضت‪ ،‬ووظائفها اليت وظفت‪ ،‬وأوقاتها اليت وقت‪ِ ،‬‬
‫ُ‬ ‫َ َّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫مزنلة المصيبني لِنازلِا احلاف ِظني ألراكن ِها‪ ،‬املؤدين هلا يف أوقاتها ىلع ما سنه عبدك‬
‫َّ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أتم الطهور‬ ‫ورسولك صلواتك عليه وآهل يف ركوعِها وسجودِها ومجيع فواضلها‪ ،‬ىلع‬
‫ُ‬ ‫َْ‬
‫وأسبغه‪ ،‬وأبي اخلشوع وأبلغه‪.‬‬
‫ِّ‬
‫وقد سبقت الوقفة عند فقر ٍة من خطبة املصطىف ح حول شهر رمضان‪ ،‬يؤكد فيها‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أهمية أوقات ّ‬ ‫ّ‬
‫الصالة يف هذا الشهر الكريم‪ ،‬وأنها خري األوقات‪.‬‬ ‫ىلع‬
‫ّ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫وتمس احلاجة إىل تذكري انلفس بذلك كثريا خالل الشهر العظيم‪ ،‬فربما ت ِرجنا العادة‬
‫اخلاص مع شهر رمضان املبارك يف بداية َّ‬ ‫ّ‬ ‫من ّ‬
‫الصوم‪.‬‬ ‫اتلعامل‬
‫أول أوقات‬ ‫خاص ٍة لشهر رمضان بل وب َرهبة‪ ،‬فيُويل َّ‬ ‫بهيبة ّ‬ ‫ائم َ‬ ‫الص ُ‬ ‫يشعر ّ‬ ‫ُ‬ ‫الصوم‬ ‫يف بداية َّ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫اتلعقيب ّ‬ ‫ويرص ىلع ّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وادلاعء عموما وقراءة القرآن‪ ،‬إل أنه‬ ‫أهمية ملحوظة‪،‬‬ ‫الصالة‬
‫قد ينىس ويرتاجع إىل حيث ال ينبيغ‪.‬‬
‫ُ ُّ‬ ‫ً ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫خري الشهور‪.‬‬ ‫عظيم وهو‬
‫ٍ‬ ‫شهر‬
‫ٍ‬ ‫يف‬ ‫زنلا‬ ‫ما‬ ‫نا‬ ‫أن‬ ‫من هنا اكن مفيدا نلا أن نتذكر دائما‬
‫الصالة يف ّ‬ ‫أن املحافظة ىلع ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫من ّ‬
‫أول وقتها يف شهر رمضان املبارك‬ ‫الضوري أن نتذكر‬
‫َّ‬ ‫الصالة يف ّ‬ ‫إهليا للمحافظة ىلع ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫قد تكون مفتاحا ّ‬
‫أول وقتها باستمرار‪ ،‬ومعىن ذلك أن‬
‫ينسجم مع ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ادلين‪ ،‬حيث‬ ‫خصية بما‬ ‫هذه املحافظة قد تكون املفتاح إلاعد ِة بنا ِء الش‬
‫أن ّ‬ ‫ّ‬
‫الصالة عموده‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اتلأكيد ّ‬ ‫املهمة‪ ،‬حيظى ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫خاص ٍة منه‬ ‫أول الوقت بعناي ٍة‬ ‫اخلصوصيات‬ ‫ومن بني لك هذه‬
‫انل ّص ثالث ّ‬ ‫الصالة يف وقتها يف هذا ّ‬ ‫احلث ىلع ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫عليه ّ‬
‫مرات‪.‬‬ ‫تكرر‬ ‫السالم‪ ،‬فقد‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫‪ -1‬وق ِفنا فيه ىلع مواقيت الصلوات اخلمس‪ -2 .‬وأوقاتها اليت وقت‪ -3 .‬املؤدين هلا‬
‫يف أوقاتها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ومما يُراد نلا أن نفهمه من هذه العناية بأول الوقت‪ ،‬أن هذا الوقت هو الظرف األفضل‬ ‫ّ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫الصالة بسائر حدو ِدها خارج ّ‬ ‫أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬
‫تنسجم‬ ‫أول الوقت‪ ،‬ليست يه اليت‬ ‫للك صال ٍة‪ ،‬بمعىن‬
‫والت ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫غيب به‪.‬‬ ‫مع ما ورد احلث عليه‬

‫‪158‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫يتعي أن يكون احلرص ىلع حدود ّ‬ ‫ومن هنا‪َّ ،‬‬


‫وفواضلها‬
‫ِ‬ ‫الصالة وأراكنِها ووظائ ِفها‬
‫أول وقتها‪.‬‬ ‫ُمقرتنا ً باالهتمام بأدائها ّ‬
‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫أذك ُر نفيس واإلخوة مجيعا بما تقدم يف آخر أعمال شهر شعبان حول خطبة رسول اهلل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬
‫ح‪ ،‬من مراقبة أمري املؤمنني × يف ساحة املعركة يف صفني للشمس يلُصل عند‬
‫ُ ُ‬ ‫زواهلا‪ ،‬وما قاهل هل ابن عباس وجواب األمري عليه صلوات ّ‬
‫الرمحن‪ :‬ىلع ما نقات ِلهم؟‬
‫الصالة‪.‬‬‫ادلين‪ ،‬فنحن نقاتلهم من أجل َّ‬ ‫ّ ُ‬
‫الة عمود ِّ‬ ‫ادلين‪ ،‬والص‬ ‫أي إنّما نقاتلهم من أجل ِّ‬
‫ِّ‬
‫فتؤخرنا عن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫الصالة‪ ،‬أليس‬ ‫إسالمية‪-‬‬ ‫‪-‬حت إذا اكنت أعماال‬ ‫عندما ننشغل بأعمانلا‬
‫ً‬
‫ذلك خطأ ينبيغ احلذر منه؟‬
‫إسالمية‪ ،‬إذاعة‪ ،‬أو مدرسة‪ ،‬أو يف هذا‬ ‫ّ‬ ‫أول الوقت يف ّ‬
‫مؤسسة‬ ‫الصالة يف ّ‬ ‫عندما ال تُقام ّ‬
‫ُ‬
‫املركز‪ ،‬أو املكتب‪ ،‬أو ذاك‪ ،‬تُرى هل نسأل أنفسنا ملاذا أقيمت هذه ّ‬
‫املؤسسات وهذه‬
‫املاكتب؟‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ألم تقم من أجل حفظ الصالة؟‬
‫أول وقتها‪.‬‬‫الصالة ّ‬‫يشء عن ّ‬
‫ٌ‬ ‫أيّها العزيز‪ :‬ينبيغ أن ال يمنعنا‬
‫الصرب‪ ،‬كما اكن ينتظرها‬ ‫الصالة بفارغ ّ‬ ‫أعنا ىلع أنفسنا ووفِّقنا النتظار ّ‬ ‫ّ‬ ‫أللّ ّ‬
‫هم‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫«أرحنا يا بالل»‪.‬‬ ‫رسولك ح قائال‪ِ :‬‬
‫ّ‬
‫آداب الصالة‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ‬ ‫بي عليه ّ‬ ‫الصالة‪ ،‬يُ ِّ‬
‫كيفية ّ‬ ‫ّ‬
‫السالم أن تكون «ىلع ما سنه عبدك ورسولك‬ ‫ويف جمال‬
‫َْ‬ ‫ِّ ّ‬ ‫ُ‬
‫صلواتك عليه وآهل يف ركوعِها وسجودِها ومجيع فواضِ لها ىلع أتم الطهور وأسبغِه وأبي‬
‫َ‬
‫اخلشوع وأبلغِه»‪.‬‬‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ما املانع أن جنرب الصالة أحيانا مع سائر املستحبات‪ ،‬بدءا من مستحبات الوضوء‬
‫الصالة؟‬‫باتلعقيبات بعد ّ‬ ‫وانتهاء ّ‬
‫ً‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ليس من ّ‬
‫أو ُيعقل أن‬ ‫نوع آخر؟‬‫شهر اهلل تعاىل موسما لصال ٍة من ٍ‬ ‫بييع أن يكون ُ‬ ‫الط ّ‬ ‫أو َ‬
‫َ‬
‫دوامة ال‬ ‫مستمرة‪ ،‬بل هو نفسه ّ‬ ‫ّ‬ ‫عمل‬ ‫دوامة‬‫شهر رمضان وهو يف ّ‬ ‫أحدنا ُ‬ ‫ينقيض عن ِ‬
‫ٍ‬
‫يعرف كيف يبدأ بصالته‪ ،‬وال كيف ينتيه منها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ِّ‬
‫شهر رمضان لكه حديث ذو شجون‪ ،‬إل أنه اكن هل صل اهلل‬ ‫اكن لِرسول اهلل ح مع ِ‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫عليه وآهل‪ ،‬مع العرش األواخر من شهر رمضان شأن خاص‪.‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫إذا كنا لم حنصل ىلع ما ينبيغ احلصول عليه من هذا الشهر املبارك يف ما مىض منه‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ ً‬ ‫ِّ‬
‫وخاصة العرش األواخر من هذا الشهر‪،‬‬ ‫فلماذا ال حنرص ىلع أن تكون األيّام املتبقية‪،‬‬
‫وص ْقل نفوسنا‪ّ ،‬‬ ‫وجل َ‬ ‫َّ َّ‬ ‫متمحضة بالعبادة‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫فتعوض ما يمكن‬ ‫ِ‬ ‫هلل عز‬ ‫نتفرغ فيها لطاعة ا ِ‬
‫تعويضه بَ ْول اهلل تعاىل ّ‬
‫وقوته‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ّ ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬
‫وإذا أردنا أن حنسن من مستوى صالتنا‪ ،‬فإن علينا أن نتأمل يف بنود هذه الفقرة جيدا‪.‬‬
‫‪159‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫الصالة ّ‬ ‫أهمية شهر رمضان‪ ،‬وىلع أن تكون ّ‬ ‫السجاد × ىلع إدراك ّ‬ ‫يؤكد اإلمام ّ‬ ‫ّ‬
‫أول‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫صالة ّ‬ ‫ً‬
‫وفروضها ووظائ ِفها اليت ف َرض‬ ‫ِ‬ ‫ممية حبدودها اليت حددها اهلل تعاىل‪،‬‬ ‫وق ِتها‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ووظف‪ ،‬وأن نزنهلا يف منازهلا‪ ،‬وأن نهتم بفواضلها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تضمنها كالم اإلمام ّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫العناوين ّ‬
‫السجاد × حول الصالة ‪-‬ما‬ ‫الرئيسة اليت‬ ‫وتندرج‬
‫ّ‬ ‫عدا ّ‬
‫أول الوقت وقد تقدم‪ -‬يف ما ييل‪:‬‬
‫‪ -1‬احلدود‪ -2 .‬الفروض‪ -3 .‬الوظائف‪ -4 .‬املنازل‪ -5 .‬األراكن‪ -6 .‬الفواضل‪.‬‬
‫ٍّ‬ ‫ٌ‬
‫موجز حول لك منها‪.‬‬ ‫ويف ما ييل‬
‫ٍّ‬ ‫َّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫‪ -1‬ورد يف الروايات عن اإلمامني الصادق والرضا ج‪ ،‬أن للصالة أربعة آالف حد‪،‬‬
‫باب‪.1‬‬
‫أو أربعة آالف ٍ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قال الشيخ املفيد عليه الرمحة‪« :‬وحدودها أربعة آالف‪ ،‬كما جاء عن الصاد ِقني ت‬
‫َ‬
‫"‪ "..‬وأبوابُها أربعة آالف باب‪ ،‬بما يُؤثر عن ّ‬
‫الصادقني ت‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫عدد الكبار من حدود ّ‬ ‫ّ‬
‫الصالة‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫إىل أن‬
‫الطهور‪ّ ،‬‬ ‫ثم ّ‬ ‫ُ‬
‫الوقت‪ّ ،‬‬ ‫وثالثة فيها‪ّ .‬‬‫ٌ‬ ‫أربعة قبل ّ‬ ‫ٌ‬
‫ثم‬ ‫أوهلا‪:‬‬ ‫الصالة‪،‬‬ ‫وعددها سبعة‪ :‬منها‬
‫عدد ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ثم ّ‬ ‫ثم الركوع‪ّ ،‬‬ ‫وجه‪ ،‬ثم تكبرية االفتتاح‪ّ ،‬‬ ‫اتل ّ‬ ‫ثم ّ‬ ‫القبلة‪ّ ،‬‬
‫الصغار من‬ ‫السجود‪ .‬ثم‬
‫حدودها‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫السجود‪ ،‬ثمّ‬ ‫ثم تكبرية ّ‬ ‫ثم التّسبيح‪ّ ،‬‬ ‫الركوع‪ّ ،‬‬ ‫ثم تكبرية ّ‬ ‫أوهلا القراءة‪ّ ،‬‬ ‫وعددها سبعة‪ّ :‬‬
‫ّ ّ‬ ‫ثم التّ ّ‬ ‫القنوت‪ّ ،‬‬
‫ثم التسليم‪.‬‬ ‫شهد‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫ثم قال‪ :‬مسألة وجواب وديلل‪:‬‬
‫ٍّ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫إن سأل سائل فقال‪ :‬ما بالكم لم تفصلوا األربعة آالف حد كتفصيل كبار ما ذكرتموه‬
‫من صغارها؟‬
‫وعلم هذه ٌّ‬ ‫َ‬ ‫علم تلك ٌّ‬ ‫ألن َ‬ ‫ّ‬
‫اعم‪.‬‬ ‫خاص‪،‬‬ ‫قيل هل‪:‬‬
‫ُّ‬
‫فإن قالوا‪ :‬دلوا ىلع ذلك‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ ْ‬ ‫قيل ‪ :‬دالتله ّ‬
‫صحة اخلرب بوضوح طريقه (و) عجز اللك عن اإلحاطة باتلفصيل إىل‬
‫الغاية»‪.2‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وقال الشهيد األول رضوان اهلل تعاىل عليه‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫املشهورين عن أهل بيت انلبوة أعظم ابليوتات‪ ،‬أحدهما عن‬ ‫وقفت ىلع احلديثني‬ ‫«لما‬
‫حيات‪:‬‬ ‫اتل ّ‬
‫حممد عليه وىلع آبائه وأبنائه أكمل ّ‬ ‫الصادق أيب عبد اهلل جعفر بن ّ‬ ‫اإلمام ّ‬
‫الرضا أيب احلسن ع ّ‬ ‫للصالة أربعة آالف حد‪ .‬واثلّاين عن اإلمام ّ‬ ‫ٍّ‬ ‫ّ‬
‫يل بن موىس عليهما‬

‫والصدوق‪ ،‬من‬
‫ّ‬ ‫‪ -1‬الكليين‪ ،‬الكايف‪272/3 :‬؛ والطويس‪ ،‬تهذيب األحكام‪242/2 :‬؛‬
‫ال حيرضه الفقيه‪.195/1 :‬‬
‫‪ -2 160‬الشيخ املفيد‪ ،‬األرشاف‪.23-22 :‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫(الرسالة‬ ‫اهلل سبحانه إلمالء ّ‬ ‫وو َّفق ُ‬ ‫الصالة هلا أربعة آالف باب‪َ .‬‬ ‫ّ‬
‫الصلوات املباراكت‪:‬‬ ‫ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬
‫ْ‬ ‫املستحبات‪ُّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫تيمنا بالعدد تقريبا‪ ،‬وإن اكن‬ ‫أحلقت بها بيان‬ ‫األلفية) يف الواجبات‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫املعدود لم يقع يف اخلدل حتقيقا‪ ،‬فتمت األربعة من نفس املقارنات‪ ،‬وأضيف إيلها سائر‬
‫واهلل حسيب يف مجيع احلاالت»‪.1‬‬ ‫املتعلِّقات‪ُ .‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ ّ َ ُ‬
‫الرضا ×‪« :‬واعلم أن الصالة ثلثها وضوء‪ ،‬وثلثها ُركوع‪ ،‬وثلثها‬ ‫‪ُ -2‬روي عن اإلمام ّ‬
‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ٍّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫سجود‪ .‬وأن هلا أربعة آالف حد‪ ،‬وأن فروضها عرشة‪ :‬ثالث منها كبار‪ ،‬ويه‪ :‬تكبرية‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫االفتتاح‪ ،‬والركوع‪ ،‬والسجود‪ ،‬وسبعة صغار ويه‪ :‬القراءة‪ ،‬وتكبري الركوع‪ ،‬وتكبري‬
‫ُ‬ ‫ّ ُّ‬ ‫ّ‬ ‫السجود‪ ،‬وتسبيح ّ‬ ‫ّ‬
‫الركوع‪ ،‬وتسبيح السجود‪ ،‬والقنوت‪ ،‬والتشهد‪ ،‬وبعض هذه أفضل‬
‫بعض»‪.2‬‬ ‫من ٍ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫‪ -3‬ويظهر أن المراد بالوظائف لك ما اشتط ىلع املصل اإلتيان به واعت ِب وظيفة هل‪،‬‬
‫َ‬
‫فيكون نفس معىن الفروض وقد ُع ِطف عليه للبيان‪.‬‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫السالكني) يف رشح الصحيفة ّ‬ ‫وأما املنازل‪ ،‬فقد ورد يف (رياض ّ‬ ‫‪ّ -4‬‬
‫السجادية أن‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫الصالة مراتب ّ‬ ‫المراد بمنازل ّ‬ ‫ُ‬
‫أنزلت فالنا مزنتله‪ ،‬أي مرتبته اليت‬ ‫الصالة‪ ،‬كما يقال‪:‬‬
‫ّ ً‬
‫يستحقها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫وبناء عليه‪ ،‬فيبدو أن املراتب مرتبطة باتلوجه واخلشوع وحضور القلب‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ ُ ّ ُ‬ ‫ّ‬
‫‪ -5‬وأراكن الصالة يه ما تبطل الصالة بدونها‪ .‬قال العلمة احلل‪« :‬املشهور أن أراكن‬
‫َّ‬ ‫ً‬ ‫والركوع ّ‬ ‫وانل ّية وتكبرية االفتتاح ّ‬ ‫الصالة مخسة‪ :‬القيام ّ‬ ‫ّ‬
‫والسجدتان معا‪ ،‬فلو أخل‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫بيش ٍء من هذه اعمدا أو ناسيا بطلت صالته»‪.3‬‬
‫مستحبا‪« ،‬ال تبطل ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الصالة باإلخالل به‬ ‫‪ -6‬والفواضل مجع فضيلة‪ ،‬ويه لك ما اكن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مطلقا»‪ ،4‬أي ال تبطل برتكه سهوا وال عمدا‪.‬‬
‫ّ‬
‫تستحق‪ ،‬ونكون من «احلافظني ألراكنِها‪ ،‬املؤدين‬ ‫ّ‬ ‫الصالة بما‬ ‫هم وفِّقنا نلَتعامل مع ّ‬ ‫أللَّ َّ‬
‫هلا يف أوقاتِها»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫نصل أرحامنا بالرب والصلة‪ ،‬وأن نتعاهد جرياننا باإلفضال‬ ‫* «أمهلل وفقنا فيه ألن ِ‬
‫نطهرها بإخراج ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬
‫الزكوات»‪.‬‬ ‫والعطية‪ ،‬وأن خنلص أموانلا من اتلّبعات‪ ،‬وأن‬
‫صلة ّ‬
‫الرحم‬

‫‪ -1‬الشهيد األول (الشيخ حممد بن جمال الدين مكي العاميل اجلزيين)‪ ،‬ذكرى الشيعة يف‬
‫أحكام الرشيعة‪ .22-21/1 :‬املقدمة‪ .‬نقالً عن الرسالة النفلية للشهيد اليت حتتوي عىل‬
‫ثالثة آالف نافلة تقريباً‪ ،‬كما ذكر الناقل‪.‬‬
‫‪ -2‬ابن بابويه‪ ،‬فقه الرضا عليه السالم‪.111-110 :‬‬
‫‪ -3‬العالمة احليل‪ ،‬خمتلف الشيعة‪.139/2 :‬‬
‫‪161‬‬ ‫‪ -4‬املصدر‪.‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ِّ‬
‫يؤكد عليه ّ‬
‫السالم يف هذه الفقرة ىلع ثالثة أمور‪:‬‬
‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫معنويا ّ‬
‫ثم ماديا‪.‬‬ ‫‪ -1‬صلة األرحام‬
‫‪ -2‬وتعاهد اجلريان باإلكرام والعطايا‪.‬‬
‫‪ -3‬ختليص األموال من ّ‬
‫اتلبعات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫صلة ّ‬
‫الرحم أسىم بكثري من أن تدور مدار الظاهر ومنه املال‪ ،‬فليس احلديث مع‬
‫الرحم‪ ،‬وال هو َ‬
‫حمور‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واتلواصل معه وال حت زيارته حمور احلديث عن صلة ّ‬
‫الرحم ّ‬
‫ّ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫احلديث عنها اتلفقد املايل؛ فقد يوجد ذلك لكه‪ ،‬وتكون القطيعة قائمة بأقبح‬
‫مظاهرها الكريهة!‬
‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫املحور هو االعرتاف بأن هذا الرحم إنسان هل كرامته‪ ،‬اليت أراد اهلل تعاىل حفظها‬ ‫إن‬
‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واتلنبه إىل أنه ليس هلذا اإلنسان إل ٌّ‬
‫ّ‬ ‫وبذل اجلهد يف َص ْونها ّ‬
‫رب واحد ال‬ ‫وادلفاع عنها‪،‬‬
‫عب أمري املؤمنني وهو نفس‬ ‫رشع فقه كرامة اإلنسان‪ ،‬اذلي َّ‬ ‫غريه‪ ،‬وهو سبحانه قد ّ‬ ‫هلإَ ُ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املصطىف احلبيب صل اهلل عليهما وآهلما عن عظيم جتلياته يف باب حفظ احلقوق‬
‫‪-‬واملعنوي منها هو األصل‪ -‬بقوهل‪:‬‬ ‫ّ‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫السعدان ُمسهدا‪ ،‬وأ َج ُّر يف األغالل مصفدا‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫أحب ّ‬
‫إيل من‬ ‫حسك‬
‫ِ‬ ‫‪«AA‬واهلل لنئ أبِيت ىلع‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫أن ألىق َ‬
‫اهلل ورسول يوم القيامة ظالِا بلعض العِباد‪ ،‬واغصِ با ليش ٍء من احلطام‪ ،‬وكيف‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫نلفس يرسع إىل ابلىل قفوهلا‪ ،‬ويطول يف الثى حلوهلا»‪.1‬‬ ‫أظلم أحدا ٍ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫محه جتعله قاطع رحم‪ ،‬وإن اكن يَ ِصله باملال‬ ‫الرحم لكرام ِة ر ِ‬ ‫مصادرة ّ‬ ‫ومعىن ذلك أن‬
‫السوية اليت ينبيغ أن تقوم بني‬ ‫ّ‬ ‫انل ّ‬
‫فسية‬ ‫الصلة تلك احلالة ّ‬ ‫أو يُنفق عليه‪ ،‬فاألصل يف ّ‬
‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ َ‬
‫الطرفني‪ ،‬واليت يه املناخ األمثل للك العالقات اإلنسانية انلبيلة‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫احلث ىلع ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫والصلة باملال السياج اذلي‬ ‫اتلواصل‬ ‫اعتبار‬ ‫وىلع هذا األساس‪ ،‬ينبيغ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ِّ‬
‫قلب ومشاعر‬ ‫تمكن راعيته من حتقيق صلة الرحم بمعناها احلقييق‪ ،‬اذلي هو حالة ٍ‬
‫تتجل يف الفعل ُّ‬ ‫ّ‬
‫والسلوك‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ّ ّ‬
‫ذر‪ ،‬إن اهلل تبارك تعاىل ال ينظر إىل ص َو ِركم وال‬ ‫وقد ورد عن رسول اهلل ح‪« :‬يا أبا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إىل أموالكم‪ ،‬ولكن ينظر إىل قلوبكم وأعمالكم‪ .‬يا أبا ذر‪ ،‬اتلقوى اتلقوى ها هنا‪،‬‬
‫وأشار إىل صدره»‪.2‬‬ ‫َ‬

‫اجلريان‬
‫َّ‬
‫ّ‬
‫اإلنسانية كما‬ ‫حيث إن اهلدف من ُحسن العالقة باجلار ينبع من نفس مشاكة العالئق‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫املحور فيها أيضا هو حالة القلب واملشاعر‪ ،‬وليس تقديم تعاهد‬ ‫أرادها اهلل تعاىل‪ ،‬فإن‬

‫عيل عليه السالم‪ ،‬هنج البالغة (عبده)‪.217/2 :‬‬


‫‪ -1‬اإلمام ّ‬
‫‪ -2 162‬الشيخ الطويس‪ ،‬األمايل‪ .536 :‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ّ ّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ّ ّ‬
‫بالعطية إنما اكن‬ ‫بالعطية إل إلفاتا إىل ذلك‪ ،‬كما أن تعاهده‬ ‫اجلار باإلفضال ىلع تعاهده‬
‫ّ َ‬ ‫ً ّ‬
‫«قيمة» ألنه يكشف عن احلالة القائمة بني الطرفني‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫إن علينا أن نتذكر دائما يف باب ّ‬ ‫ّ‬
‫اتلعامل مع اجلريان‪ ،‬أن اإلمام احلسن × قال‪ :‬رأيت‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫أم فاطمة د قائمة يف حمرابها يللة اجلمعة‪ ،‬فلم تزل راكعة ساجدة حت انفجر عمود‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫الصبح‪ ،‬وسمعتها تدعو للمؤمنني واملؤمنات‪ ،‬وتسميهم وتكث ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ادلاعء هلم وال تدعو‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫نلفسها بيشء‪ ،‬فقلت هلا‪ :‬يا أماه ل َِم ال تدعني نلفسك كما تدعني لغريك؟ فقالت‪ :‬يا‬
‫ثم ّ‬
‫ادلار!‪.1‬‬ ‫ُب َ ّ‬
‫ن‪ ،‬اجلار ّ‬
‫َ‬ ‫ّ ّ ّ‬ ‫ثم ّ‬ ‫أن رسول اهلل ح هو القائل‪ :‬اجلار ّ‬ ‫ّ‬
‫الصديقة تستشهد‬ ‫ادلار‪ ،2‬وكأن‬ ‫وقد ُروي‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ولست هنا بصدد بيان معىن احلديث‪ ،‬وإنما احلاجة‬ ‫بكال ِمه صل اهلل عليه وآهل‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أولوية‬ ‫منه إىل دالتله حبسب استدالل الصديقة الكربى عليها صلوات الرمحن ىلع‬
‫االهتمام بالغري يف فكر املؤمن واهتمامه ُ‬
‫وسلوكه‪.‬‬

‫ختليص املال من اتلّبعات‬


‫السؤال‪ :‬ما ُ‬ ‫ّ‬
‫فإن ّ‬ ‫ّ‬
‫اتلبعات؟‬‫المراد بتخليص األموال من ّ‬ ‫وأما األمر اثلّالث‪،‬‬
‫أن ُ‬‫َّ ّ‬ ‫حتدث صاحب (رياض ّ‬
‫السالكني) رمحه اهلل حول هذه ّ‬ ‫ّ‬
‫المراد‬ ‫انلقطة‪ ،‬فبي‬ ‫وقد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫باتلبعات لك ما جيب ىلع اإلنسان إنفاقه من املال ولك ما يستحب إنفاقه‪ ،‬فلم ينفقه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫مسؤويلة‪.‬‬ ‫وحلقه بسبب ذلك تبعة وترتبت عليه‬
‫انل ّص بقوهل عليه ّ‬
‫السالم‬ ‫الزاكة‪ ،‬وذلك ألنّها قد ُذكرت يف ّ‬
‫إما العموم أو غري ّ‬‫والمراد ّ‬
‫ُ‬
‫ّ‬
‫نطهرها بإخراج ّ‬
‫الزكوات»‪.‬‬ ‫«وأن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫فالمراد باتلبعات املسؤويلات املرتتبة نتيجة ترك اإلنفاق الواجب اكخلمس‪ ،‬واإلنفاق‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ثم أورد يف (رياض ّ‬ ‫اكلصدقة وما شابه‪ّ ،‬‬ ‫املستحب ّ‬‫ّ‬
‫تبي أن ىلع‬ ‫روايات‬
‫ٍ‬ ‫السالكني) عدة‬
‫اإلنسان أن ينفق من ماهل غري اخلمس ّ‬
‫والزاكة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الصادق ×‪« :‬إن اهلل َّ‬ ‫ّ‬ ‫من هذه ّ‬
‫عز وجل فرض للفقراء يف‬ ‫الروايات ما ورد عن اإلمام‬
‫ُ ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫أموال األغنياء فريضة ال يمدون إل بأدائها ويه ّ‬
‫دماءهم‪ ،‬وبها سموا‬ ‫الزاكة‪ ،‬بها حقنوا‬
‫ً‬
‫وجل فرض يف أموال األغنياءِ حقوقا غري ّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬
‫ولكن اهلل َّ‬
‫الزاكة‪ ،‬فقال عز‬ ‫ِ‬ ‫عز‬ ‫مسلمني‪،‬‬
‫فاحلق املعلوم غري ّ‬
‫الزاكة‪ ،‬وهو يشءٌ‬ ‫ُّ‬
‫وجل ﴿ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﴾ املعارج‪،24:‬‬

‫‪ -1‬الطربي (الشيعي)‪ ،‬دالئل اإلمامة‪152 :‬؛ وانظر‪ :‬الشيخ الصدوق‪ ،‬علل الرشائع‪:‬‬
‫‪ ،182/1‬واحلر العاميل‪ ،‬وسائل الشيعة (آل البيت)‪.113/7 :‬‬
‫‪ -2‬السيد عبد اهلل اجلزائري‪ ،‬التحفة السنية‪ ،316 :‬وقد روي عن لقمان عليه السالم‪،‬‬
‫‪163‬‬ ‫انظر‪ :‬املحدث النوري‪ ،‬مستدرك الوسائل‪.420/8 :‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫مال‪،‬‬‫مال جيب عليه أن يفرضه ىلع قدر طاقتِه وسع ِة ِ‬ ‫الرجل ىلع نفسِ ه يف ِ‬ ‫يفرضه ّ‬
‫ِّ‬ ‫لك مجعة‪ ،‬وإن َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ ّ‬
‫شاء يف لك‬ ‫فيؤدي الي فرض ىلع نفسِ ه إن شاء يف لك يومٍ ‪ ،‬وإن شاء يف‬
‫ً‬ ‫َّ‬ ‫شهر‪ ،‬وقد قال ُ‬
‫اهلل َّ‬
‫املز ّمل‪ ،20:‬وهذا غري‬
‫وجل أيضا‪ ..﴿ :‬ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ‪ّ ﴾..‬‬ ‫عز‬ ‫ٍ‬
‫الزكوة‪.1»..‬‬‫ّ‬
‫ّ‬ ‫أن الفقهاء ال يُفتون اآلن بوجوب إخراج ّ‬ ‫ّ‬
‫الصدقة‪ ،‬بل يُفتون بأن اإلنفاق‬ ‫صحيح‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫أمر ّما‪ ،‬إل أن من الواضح أن احلث ىلع‬‫ٍ‬ ‫مقابل‬ ‫ب‬ ‫ج‬‫والزاكة أو ما َو َ‬
‫الواجب هو اخلُمس ّ‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫اتل ُّ‬‫اإلنفاق يف سبيل اهلل يفوق ّ‬
‫صور‪ ،‬وهو حيتل مساحة واسعة جدا يف كتاب اهلل تعاىل‬
‫أهم العبادات‪.‬‬ ‫الروايات‪ ،‬بل ورد أنّه من ّ‬ ‫ويف ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وانلتيجة أنه ينبيغ نلا يف شهر رمضان املبارك أن حنرص ىلع اإلنفاق يف سبيل اهلل‪،‬‬
‫ُ‬
‫رصيح ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫الروايات‪.‬‬ ‫الغين فقط‪ ،‬كما هو‬ ‫وينبيغ أن يرص الفقري ىلع ذلك وليس‬

‫تطهري القلب من العداوات‬


‫َ‬ ‫ْ‬
‫‪ -1‬وأن نراجع من هاجرنا‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫ْ ُ‬
‫‪ -2‬وأن ننصف من ظلمنا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ‬
‫العدو اذلي ال نوايله‪،‬‬ ‫عودي فيك ولك‪ ،‬فإنه‬ ‫‪ -3‬وأن نسال ِم من اعدانا حاشا من‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫واحلزب الي ال نصافيه»‪.‬‬
‫ّ‬
‫يؤكد × يف هذه الفقرة ىلع احلقائق اتلايلة‪:‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ ً‬
‫أوال‪« :‬وأن نراجع من هاجرنا»‬
‫الصائم ىلع َم ِّد جسور ّ‬
‫اتلفاهم بينه وبني َمن بادر إىل هجرانه ومقاطعته‪،‬‬ ‫أن حيرص ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يلُثبت بذلك أنّه قد تفاعل مع ضيافة ّ‬
‫الرمحن‪ ،‬وختلص من قسوة القلب اليت حتمله ىلع‬
‫ً‬ ‫تقبل هجران مسلم هل دون أن ِّ‬ ‫ُّ‬
‫حيرك ساكنا‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫تصل رقة قلب املسلم‪ ،‬ويصل ُ‬
‫تأثري الصوم فيه إىل حد أنه يبادر إىل إصالح ذات َ‬ ‫ّ‬
‫ابلني‬
‫مع َمن بادر إىل قطيعته‪.‬‬
‫ومن هنا نفهم واجبنا جتاه من ْ‬
‫بادرنا ُ‬
‫حنن إىل قطيعتهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ِّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ادل ّ‬ ‫ٌ‬
‫فرصة تلحصني اجلبهة ّ‬ ‫ّ‬
‫اخلية لألمة‪ ،‬وسد لك ثغرة‪ ،‬وردمِ‬ ‫ِ‬ ‫إن شهر رمضان املبارك‬
‫لك َّ‬ ‫ّ‬
‫هوة‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫نصف من ظلمنا»‬ ‫ثانيا‪« :‬وأن ن ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ٌّ ّ‬ ‫ٌ ً‬
‫مطلوب إذا أن حيرص لك منا ىلع العدل حت مع من ظلمه‪ ،‬وأول ما يتطلبه ذلك أن‬

‫‪ -1‬املحقق السزبواري‪ ،‬ذخرية املعاد‪418/3 :‬؛ والسيد عيل خان‪ ،‬رياض السالكني‪:‬‬
‫بقم املقدسة)‪.‬‬
‫‪( 61/6 164‬ط‪ :‬مؤسسة النرش اإلسالمي التابعة جلماعة املدرسني ّ‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُّ‬ ‫ً ّ ّ‬ ‫انل ّ‬ ‫جوه ّ‬ ‫ال يُبيق ّ‬


‫أرضية خصبة‬ ‫باتلوتر والتشنج والغيظ واحلقد‪ ،‬فإن ذلك‬ ‫فيس مشحونا‬
‫ً‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬
‫ظلم َمن ظلمه‪ ،‬بدل أن يكون حريصا ىلع‬ ‫لردات الفعل غري املتوازنة‪ ،‬فيندفع إىل ِ‬
‫إنصافه‪.‬‬
‫َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ً‬
‫ثاثلا‪« :‬وأن نسالم من اعدانا»‬
‫فيس ّ‬
‫جو معادا ٍة‪ ،‬فهو ال يريد القطيعة‬ ‫انل ّ‬‫جوه ّ‬‫شخص شخصا ً دون أن يكون ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫قد يَهجر‬
‫تقدم من قوهل عليه ّ‬‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫انل ّ‬ ‫ّ‬
‫السالم‪:‬‬ ‫هائية‪ ،‬فإذا راجعه اعدت اللحمة‪ ،‬ويبدو أنه املراد بما‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫وأن نراجع من هاجرنا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ً‬
‫وقد يَهجره معاديا ال تنفع معه املحاوالت ملعاودة اللحمة‪ ،‬وهنا يأيت دور المساملة هلذا‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫املعادي‪ ،‬أي أن ال نكون حربا عليه‪ ،‬فال نقول فيه إل خريا وال نغتابه‪ ،‬فضال عن‬
‫العمل لإليقاع به‪.‬‬
‫َ‬
‫نعم يُستثىن من ذلك من هو ِمن الاكفرين واملنافقني‪ ،‬واكنت معاداته يف اهلل تعاىل وهل‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫العدو اذلي ال‬ ‫السالم‪« :‬حاشا من عود َِي فيك ولك‪ ،‬فإنه‬ ‫سبحانه‪ ،‬وذللك قال عليه ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫العدو‬ ‫نوايله واحلزب الي ال نصافيه»‪ ،‬أي ما عدا َمن اعديناه يف اهلل وهلل تعاىل‪ ،‬فهو‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫دائما وأبدا ما دام مقيما ىلع ابلاطل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫حت مع ُمصافاته اليت يه عبارة‬ ‫عدوه‪ ،‬وال ّ‬‫ّ‬ ‫ُ‬
‫الوالء هلل تعاىل إطالقا مع مواالة‬ ‫ال جيتمع‬
‫ّ ّ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عن سالمة العالقة من الشوائب‪ ،‬فال يكدر صفوها يشء‪ ،‬ويه دون املواالة‪ ،‬إل أنها‬
‫ُ َ َ‬
‫نطل ُق إيلها‪.‬‬ ‫الم‬
‫قال تعاىل‪ ﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫ﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨ‬
‫ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵ‬
‫ﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇ‬
‫ﮈ﴾ املجادلة‪.22:‬‬
‫ّ‬ ‫ٌ ّ‬
‫أن ّ‬
‫حب اهلل تعاىل الي يَعمر قلب املؤمن يفيض ىلع عباد اهلل تعاىل‪ ،‬فإذا‬ ‫صحيح‬
‫َّ‬ ‫ّ ّ ّ‬ ‫ً‬
‫عالقته بهم مجيعا عالقة حب‪ ،‬إل أن أعداء اهلل تمردوا عليه سبحانه فأصبح مقتىض‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اتلمايز عنهم ّ‬ ‫حبه ّ‬ ‫ّ‬
‫يلتم بذلك حتصني العقيدة والصف املسلم‪ ،‬فإن االنفتاح ىلع أويلاء‬
‫ّ ّ‬ ‫واتل ِّ‬ ‫ٌ‬
‫انغالق عن اهلل تعاىل وأويلائه‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ربي هو الوجه اآلخر حلقيقة اتلول‪.‬‬ ‫الشيطان‬
‫منا يف هذا الشهر عالقاته باآلخرين‪ ،‬فينرش ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫السالم‬ ‫العملية أن يبحث لك‬ ‫وانلتيجة‬
‫ّ ّ ّ‬ ‫واتل ّ‬ ‫ِّ‬
‫واتلول حيث ينبيغ ذلك‪ ،‬ويركز القطيعة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الصف‬ ‫ربي حيث ينبيغ‪ ،‬وجيب أن تعم‬
‫اتلصايف واإلخاء‪.‬‬‫اإلساليم ُروح ّ‬
‫ّ‬
‫ْ‬ ‫يلنظر ّ‬
‫ْ‬
‫الصائم يف عالقاته يف بيته ومع جريانه وأرحامه‪ ،‬ويلعمل ىلع ترميم ما حيتاج إىل‬
‫ّ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫ترميم منها‪ ،‬دون أن يقيم وزنا ّ‬
‫اعتبار مصدره احل ِمية واحلنق أو احلقد والتشف‪165 ،‬‬‫ٍ‬ ‫ألي‬ ‫ٍ‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫الشيطان‪ ،‬وهو يُبعد عن طاعة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫الرمحن‪.‬‬ ‫فإن مصدر ذلك لكه يف احلقيقة هو‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬
‫عمليا أن شهر اهلل تعاىل قد أحدث تغيريا يف قلوبنا فإذا يه فيْض رمح ٍة‬ ‫ْ‬
‫وتسامح‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫نلثبت‬
‫حب‪.‬‬ ‫وينبوع ّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫يؤكد عليه ّ‬ ‫ً ّ‬
‫السالم ىلع أن تصل أعمالا وطااعتنا يف شهر رمضان من حيث‬ ‫رابعا‪:‬‬
‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫وعية إىل ّ‬ ‫وانل ّ‬ ‫الكرثة ّ‬
‫شخص اغية ما يمكنه الوصول إيله‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫لك‬ ‫إىل‬ ‫سبة‬ ‫بالن‬ ‫ويه‬ ‫ة‪،‬‬ ‫القم‬
‫َ‬ ‫اتل ّ‬
‫أمر يستديع ّ‬ ‫وهو ٌ‬
‫فرغ للعبادة قدر املستطاع‪ ،‬وبذل قصارى اجلهد يف مراقبة‬
‫انلفس‪ ،‬ليك يَتواصل حضور القلب بني يدي اهلل تعاىل بأكرب نسب ٍة ممكنة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ُّ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫نتقرب إيلك فيه من األعمال ّ‬ ‫* وأن ّ‬
‫الزاكية بما تطهرنا به من اذلنوب‪.‬‬
‫ّ‬ ‫طهرنا معه من ذنوبنا ّ‬ ‫حدا ت ّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫السالفة‪ ،‬وال يتحقق ذلك‬ ‫إذا ينبيغ أن تصل عبادتنا‬
‫ّ‬ ‫ً ّ‬
‫‪-‬اعدة‪ -‬إل باجلد يف العبادة واملراقبة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ َ َ‬ ‫َ‬
‫«وتعصمنا فيه مما نستأنف من العيوب» أي أن تكون طااعتنا يف هذا الشهر‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫باإلضافة إىل تطهرينا ّ‬
‫مما سلف‪ ،‬عصمة نلا يف ما يأيت حىت ال نظل نعاين من عيوبنا‬
‫وح‬ ‫السري إىل اهلل تعاىل بعد شهر رمضان املبارك بِ ُر ٍ‬ ‫الّيت نعاين منها اآلن‪ ،‬ونواصل َّ‬
‫ّ‬
‫ونفس خايلة من العيوب اليت محلناها عندما دخلنا إىل ضيافة‬ ‫ٍ‬ ‫سليم‬
‫ٍ‬ ‫بقلب‬
‫ٍ‬ ‫جديدة‪،‬‬
‫َّ َّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الرمحن‪ ،‬وظلت تالحقنا وتشعرنا باخلجل عندما تنبهنا هلا وحنن يف ضيافته عز وجل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫وكيفيتها فيقول‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ويتابع خ ُمبيّنا نلا املستوى الي ينبيغ أن نصل إيله يف كرثة العبادة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫«حت ال يورد عليك أحد من مالئكتك إل دون ما نورد من أبواب الطاعة لك‬
‫ُ‬
‫والقربة إيلك»‪.‬‬
‫ُ‬ ‫هل ُ‬
‫المراد أن تكون أعمالا أكرث من أعمال املالئكة؟ إذا اكن هذا وما هو أىلع منه‬
‫ّ‬
‫الس ّجاد خ واملعصومني فإنه ّ‬ ‫ً‬
‫وال يُقاس به‪ ،‬مقدورا لإلمام ّ‬
‫باتلأكيد ليس يف متناونلا‪ .‬من‬
‫ّ‬
‫هنا‪ ،‬فإن ما ذكره يف (رياض السالكني) يف رشح هذه الفقرة وجيه ينبيغ الوقوف عنده‪.‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫قال رمحه اهلل ما حاصله‪ :‬هناك أعمال ال تكتبها املالئكة ألنها ال تسمعها‪ ،‬واملطلوب‬
‫ُ ّ‬
‫أن نكرث من هذه األعمال فتكون أعمالا اليت توردها املالئكة ىلع اهلل تعاىل يه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫احلقيقية‪.‬‬ ‫بعض أعمانلا‪ ،‬ويه دون لك أعمانلا وأقل من اكمل أعمانلا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والفارق بني ما تورده املالئكة من أعمانلا ىلع اهلل َّ‬
‫عز وجل وبني لك ما نعمله‪ ،‬هو‬
‫ََ‬
‫العبد إىل اهلل تعاىل بطاع ٍة بالغ‬ ‫ُ‬ ‫الس اذلي ال يعلمه ّإل اهلل تعاىل‪ ،‬فعندما َّ‬
‫يتقرب‬ ‫عمل ّ ّ‬
‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫فأو َد َعها ّ‬ ‫يف اإلخالص فيها ْ‬
‫رسه ورسيرته‪ ،‬وال يريد أن يعرفها أحد ىلع اإلطالق‪ ،‬فإن‬
‫ً‬ ‫ُْ‬ ‫الس َ‬ ‫ّ‬
‫يتكرم حبفظ هذا ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ َّ‬
‫ويصونه وال يط ِلع عليه أحدا من مالئكته‪.‬‬ ‫عز وجل‬ ‫اهلل‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫صحيح‬‫ٍ‬ ‫حسن أو‬ ‫ٍ‬ ‫بسند‬
‫ٍ‬ ‫وقد أورد يف (رياض السالكني) يف تأييد هذا الرأي رواية ويه‬
‫كما قال رضوان اهلل تعاىل عليه‪ ،‬ويه‪« :‬عن زرارة‪ ،‬عن أحدهما ج‪ ،‬قال‪ :‬ال يكتب‬
‫َّ‬ ‫اهلل َّ‬ ‫مع‪ ،‬وقال ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َّ‬
‫عز وجل‪ ﴿ :‬ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ‪﴾..‬‬ ‫امللك إل ما س‬ ‫‪166‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫األعراف‪ ،205:‬فال يعلم ثواب ذلك اذلكر يف نفس الرجل غري اهلل عز وجل لعظمته»‪.1‬‬
‫«فإن العبد إذ ذكره تعاىل حبيث ال ّ‬ ‫ّ‬
‫يطلع عليه أحد أثابه تعاىل‬ ‫وجاء يف رشح الرواية‪:‬‬
‫يطلع عليه أحد كما قال تعاىل‪﴿ :‬ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ‪﴾..‬‬ ‫ثوابا ً ال ّ‬
‫عباده ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫الصاحلني‪ .‬واهلل‬ ‫بعلم بعض ما يازي به‬ ‫السجدة‪ ،17:‬فأخرب سبحانه بأنه انفرد ِ‬
‫أعلم»‪.2‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ولهل الس يف يوم القيامة حديث ذو شجون‪ ،‬وقد ورد يف بعض الروايات أن قوما‬ ‫ِ‬
‫ّ َ‬ ‫ُ‬ ‫أحد‪ّ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫اجلنان‪ ،‬فإنه يدهم‬ ‫ِ‬ ‫خازن‬ ‫«رضوان»‬ ‫حت‬ ‫بدخوهلم‬ ‫يعلم‬ ‫أن‬ ‫دون‬ ‫ة‬ ‫اجلن‬ ‫يدخلون‬
‫َ ًّ‬ ‫ٌ ََ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫رسا‪،‬‬ ‫يف اجلنة فيقول‪ :‬من أنتم‪ ،‬وكيف دخلتم؟ فيقولون‪ :‬إيلك عنا‪ ،‬حنن قوم عبدنا اهلل‬
‫ّ ّ ‪ً3‬‬ ‫َ َ‬
‫فأدخلنا اجلنة رسا ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الس ّجاد ×‪ ،‬يؤكد ىلع أن حنرص يف هذا الشهر الكريم ىلع‬ ‫فإن اإلمام ّ‬ ‫ويف ضوء ذلك‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ ّ‬ ‫ّ‬
‫اخلاصة باهلل عز وجل‪ ،‬ويه « ِذكره تعاىل يف انلفس»‪ ،‬فهو أفضل أنواع اذلكر‬ ‫العالقة‬
‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫بوضوح من قوهل يف داع ٍء ينسب إيله خ‪« :‬إليه فأل ِهمنا ذِكرك يف اخلأل‬ ‫ٍ‬ ‫كما يُفهم‬
‫ِّ‬ ‫الساء ّ ّ‬ ‫واملأل‪ ،‬والليل وانلّهار‪ ،‬واإلعالن واإلرسار‪ ،‬ويف ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫اخليف»‪.4‬‬ ‫والضاء ‪ ،‬وآن ِسنا باذلكر‬
‫قرب إىل اهلل تعاىل باإلكثار‬ ‫اتل ّ‬ ‫ايلومية َتُول بيننا وبني ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫وإذا اكنت أعمالا وانشغاالتنا‬
‫ُ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫من قراءة القرآن‪ ،‬ومن ّ‬
‫املستحبة‪ ،‬واالستغفار‪ ،‬فما الي يمنعنا من اإلكثار من‬ ‫الصالة‬
‫ِذكر اهلل تعاىل يف ّ‬
‫انلفس؟‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ َّ ْ َ ْ‬
‫هم اشحنه بعبادتنا إياك» فكرثة العبادة إذا مطلوبة‪ ،‬رشط أن ال يكون ذلك‬ ‫«ألل‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ىلع حساب الكيفية‪« ،‬وزين أوقاته بطاعتِنا لك» فكيفية العبادة أيضا مطلوبة‪ ،‬ومن‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫الواضح أنه ال تكون عبادة أحدنا زينة هلذا الوقت أو ذاك من شهر اهلل تعاىل إل إذ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫نوعية‪.‬‬ ‫اكنت عبادة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ ّ‬
‫وآل‪ ،‬وجنبنا اإلحلاد يف توحيدك‪ ،‬واتلّقصري يف تمجيدك‪ ،‬والشك‬ ‫لهم صل ىلع حمم ٍد ِ‬ ‫* أل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫يف دِينِك‪ ،‬والعم عن سبيلِك‪ ،‬واإلغفال ِلرمتِك‪ ،‬واالخنداع لعدوك الشيطان الرجيم‪.‬‬
‫اتلايلة‪:‬‬ ‫تتضمن الفقرة املفردات ّ‬ ‫ّ‬
‫ٌّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -١‬جنبنا اإلحلاد يف توحيدك‪ :‬اتلجنيب املبالغة يف ُ‬ ‫ّ‬
‫ابلعد‪ ،‬حبيث يصبح لك منهما يف‬
‫جانب‪ ،‬وهو بمعىن قوهل تعاىل‪..﴿ :‬ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﴾ إبراهيم‪.35:‬‬ ‫ٍ‬
‫الطلب من اهلل تعاىل‬ ‫والمراد ّ‬ ‫احلق واإلحنراف عن االستقامة‪ُ .‬‬ ‫الميْل عن ّ‬ ‫واإلحلاد هو َ‬

‫‪ -1‬الكليين‪ ،‬الكايف‪.502/2 :‬‬


‫‪ -2‬املال صالح املازندراين‪ ،‬رشح أصول الكايف‪.287/10 :‬‬
‫‪ -3‬السيد ابن طاوس‪ ،‬فالح السائل‪36 :‬؛ واملحدث النوري‪ ،‬مستدرك الوسائل‪- 119/1 :‬‬
‫بترصف‪.‬‬
‫‪167‬‬ ‫‪ -4‬من مناجاة الذاكرين‪.‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫أن ّ‬


‫اخليف‪.‬‬ ‫يثبتنا ىلع توحيده وجينبنا الشك الظاهر والشك‬
‫‪ -٢‬واتلّقصري يف تمجيدك‪ّ :‬‬
‫«اتلمجيد من العبد هلل تعاىل بالقول‪ ،‬وذكر الصفات‬
‫احلسنة‪.1»..‬‬
‫ّ ّ‬
‫‪ -٣‬والشك يف دينك‪ :‬طلب اخلروج من القلق واالضطراب‪ ،‬والوصول إىل ايلقني‪.‬‬
‫‪ -٤‬والعىم عن سبيلك‪ :‬قال تعاىل‪﴿ :‬ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ‬
‫ّ‬
‫أن اإلقامة ىلع ما يُسخط اهلل تعاىل ً‬ ‫ّ‬
‫عم عن سبيله‬ ‫ﯛ ‪ ﴾..‬اإلرساء‪ ،72:‬وهو يدل ىلع‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الي هو دينه الي ارتضاه لعباده‪ ،‬وأمر رسوهل ح بإبالغه هلم‪﴿ .‬ﮀ ﮁ ﮂ‬
‫ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ﴾‬
‫يوسف‪.108:‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫‪ -٥‬واإلغفال ِلرمتك‪ :‬قال يف (رياض السالكني)‪ :‬أغفلت الشء‪ :‬تركته إهماال من‬
‫ّ‬
‫اتلفريط فيه واإلغفال هل‪ ،‬ومنه‬ ‫وحيرم ّ‬ ‫ُ‬ ‫غري نسيان‪ .‬واحلُرمة بالض ّم‪ :‬ما جيب القيام به‬
‫َ ُ َ َ ٌْ َ ْ‬ ‫َ َ ْ ُ َ ِّ ْ ُ َ‬
‫ي ُل ِعن َد َر ِّب ِه‪ ﴾..‬احلج‪ ،30:‬ويدخل فيه ما‬ ‫هلل فهو خ‬ ‫قوهل تعاىل‪﴿ :‬ومن يعظم ح ُرم ِ‬
‫ات ا ِ‬
‫ّ‬
‫املحرمات‪.2‬‬ ‫حرمه اهلل تعاىل من ترك الواجبات وفعل‬ ‫َّ‬
‫الرجيم‪ ،‬فهو ِّ‬
‫العدو ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يزين القبيح‬ ‫تتضمن اخندااع هلذا‬ ‫لعدوك‪ :‬لك معصية‬ ‫‪ -٦‬واإلخنداع‬
‫فننخدع بزينته عن حقيقة األمر‪ ،‬وال ينايف االخنداع اإلقدام ىلع مورد اخلداع مع‬
‫إن ذلك أوضح مصاديق االخنداع‪ ،‬حيث بلغت ّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قوة‬ ‫الظن وحىت اجلزم بأنه ال ينبيغ‪ ،‬بل‬
‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬
‫التيني حدا محلت ىلع الوقوع يف وهدته رغم ترجيح بطالنه‪ ،‬والسبب هو غلبة اهلوى‬
‫واالنسياق للبهارج اخلادعة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫احلقييق‪ ،‬وليس جمرد االمتناع‬ ‫«وأعنا يف نهاره ىلع صِ يامه» والمراد طبعا هو الصوم‬
‫عن املفطرات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«ويف يلله ىلع الصالة واتلرضع إيلك‪ ،‬واخلشوع لك‪ ،‬واذللة بني يديك» هكذا ينبيغ‬
‫وجل‪ ،‬وهو ٌ‬
‫أمر ال‬
‫َّ‬ ‫ترضاعً‪ ،‬وخشواعً‪ ،‬وذلّة بني يدي اهلل َّ‬
‫عز‬ ‫أن يكون يلل ّ‬
‫الصائم ّ‬
‫املبكر‪ ،‬يلكون هل يف اللّيل متّ ٌ‬
‫سع من‬
‫ّ‬ ‫يتحقق إذا لم حيرص ّ‬
‫الصائم ىلع ّ‬
‫انلوم‬
‫ّ‬
‫يمكن أن‬
‫ً ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫َّ َّ‬ ‫ّ‬
‫الوقت لعبادة الرمحن عز وجل‪ ،‬وهو ‪-‬بدوره‪ -‬أمر ال يتيس أيضا إل إذا أوقد الصائم‬
‫فرط يف جنب اهلل تعاىل‪ ،‬عندها يعيش احلاجة بوضوح إىل‬ ‫انلدم ىلع ما ّ‬‫يف قلبه نار ّ‬
‫ّ‬ ‫اتل ّ‬
‫ّ‬
‫رضع واخلضوع واذللة‪.‬‬
‫ّ‬
‫بتفريط»‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫«حت ال يشهد نهاره علينا بغفل ٍة وال يلله‬

‫السيد عيل خان‪ ،‬رياض السالكني‪.73/6 :‬‬


‫‪ّ -1‬‬
‫‪ -2 168‬املصدر‪.‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يشهد ّ‬


‫انلهار يف يوم القيامة ويشهد الليل كما اتضح ذلك يف حمله من الروايات ولكمات‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العلماء األعالم‪ ،‬وقد تقدم احلديث عن الشهود يف يوم القيامة عموما‪ ،‬وعن شهادة‬
‫خاص‪.‬‬‫وانلهار بشلك ٍّ‬ ‫اللّيل ّ‬
‫ٍ‬
‫ّ ُ‬ ‫ُ‬
‫اإلهلية للقرب‬ ‫نهار شهر اهلل تعاىل ويلله بالغفلة عن هذه الفرصة‬ ‫يل ُ‬ ‫َويْيل إذا شهد ع ّ‬
‫ّ‬
‫واتلفريط فيها‪ ،‬وأن بدل أن أستثمرها يف ما يُ ِّ‬ ‫ّ‬
‫وجل ّ‬ ‫منه َّ‬
‫قرب من املليك املقتدر‪،‬‬ ‫عز‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ابلعد‪ ،‬يلَطول نديم يوم‬
‫يل إل باخلرسان‪ ،‬أو باإلمعان يف ُ‬ ‫قد استثمرتها يف ما ال يعود ع ّ‬
‫القيامة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬
‫وأنت ترى بكل جال ٍء أن املحور يف لك فقرات هذا ادلاعء املبارك‪ ،‬أن ال نتعامل مع‬
‫ّ ّ‬
‫نتفرغ فيه للعبادة ونشحنه بها‪ ،‬وال شك أن إدراك‬ ‫شهر رمضان َكغريه من الشهور‪ ،‬بل ّ‬
‫ِّ‬ ‫اتلخطيط ُ‬
‫المسبق ِلا يُمكن من ذلك‪ ،‬وسنكتشف دلى املحاولة‬ ‫هذه احلقيقة حيمل ىلع ّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ َّ‬
‫أن باستطاعتنا ّ‬
‫اتلحلل من الكثري من انشغاالتنا أو تأجيلها‪ ،‬كما سنكتشف أن‬ ‫اجلادة‬
‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫املشلكة ليست يف عدم توفر الوقت‪ ،‬بل يف إعطاء األولوية ِلا ال يستحق ذلك‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫درج يف العبادات ٌ‬ ‫واتل ّ‬
‫ّ‬
‫األهمية كما تقدم‪ ،‬فلنحرص أن ال حنمل انلفس قرسا‬ ‫أمر شديد‬
‫جبموح شديد بعد فرتة قصرية‪ ،‬بل نميش ً‬
‫خبطى مدروس ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫ىلع ما يمكن أن تنفر منه‬
‫ٍ‬
‫ٌّ ّ ً ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ْ‬
‫وثابت ٍة‪ ،‬مدركني أن التاجع مذموم ومرض جدا‪ ،‬وأن اهلدف هو حتقيق هذه الوصايا‬
‫َْ‬ ‫سواء يف اخلطبة أو ّ‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫ادلاعء املباركي‪.‬‬ ‫انلبوية‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫هم واجعلنا يف سائر الشهور واأليام وما نستأنف من السنني واألعوام كذلك أبدا‬ ‫«أللّ ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫ما عمرتنا‪ ،‬فاجعلنا من عبادك الصاحلني الين يرثون الفردوس هم فيها خادلون»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اتل ّ‬
‫آخر‪ ،‬ويكتسب ّ‬ ‫ُ ً َ‬ ‫ّ‬
‫خاصة إذا‬ ‫درج فيها أهمية‬ ‫وتتخذ العبادة يف شهر اهلل تعاىل بعدا‬
‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫تأسيس هلا‪ ،‬واجلميع ‪-‬يه وما قبلها‪-‬‬ ‫شهري رجب وشعبان‬ ‫الحظنا أن ما قبلها يف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫نوعي ٍة هلل تعاىل يف سائر الشهور واأليّام‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫تأسيس دلوام عباد ٍة‬

‫موقع العبادة يف حركة احلياة‬


‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬
‫األهمية‪ ،‬يتعاىط الكثريون معها بتندر‬ ‫منهجية اغية يف‬ ‫تلقائيا أمام نقط ٍة‬ ‫يضعنا ذلك‬
‫العابث اجلاهل‪ ،‬ويه موقع العبادة يف حركة احلياة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫الم ْ َ‬ ‫ُ‬
‫العبادة َ‬ ‫ّ‬
‫ت‪ ،‬أم أن موقعها اهلامش‪.‬‬ ‫هل حتتل‬
‫يب وأهل بيته واألبرار من صحابته صىل اهلل‬ ‫وتكيف نظرة يف كتاب اهلل تعاىل وسرية ّ‬
‫انل ّ‬
‫ْ‬ ‫ّ ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫عليه وآهل‪ ،‬ويف احلديث الشيف ِلكشف‪ ،‬بِما ال يقبل الشك أن موقع العبادة هو َمت‬
‫ّ‬
‫أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬
‫السائد‬ ‫حركة احلياة‪ ،‬وأن سائر األمور عوامل مساعدة تمكن من القيام بها‪ ،‬إل‬
‫ّ‬
‫حد أن احلديث ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬
‫عما‬ ‫حت يف أكرث أوساط املتديِّنني هو أن موقع العبادة اهلامش‪ ،‬إىل‬ ‫ّ‬
‫ً‬
‫‪169‬‬ ‫سواه ال جيد أذنا صاغية‪.‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬
‫الش ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ َّ‬
‫عية هو عبادة‪.‬‬ ‫عمل ضمن الضوابط‬ ‫وقد حياول ابلعض توجيه ذلك بأن لك ٍ‬
‫للتقليل من العبادة ُ‬ ‫َّ َّ‬
‫أن جعله توجيها ً ّ‬
‫غري وجيه‪ ،‬فهو‬ ‫نفسه صحيح‪ ،‬إل‬
‫وهذا املعىن يف ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫ال يصلح مستندا تلهميش العبادة باملعىن المتعارف ملا تقدم من وضوح موقعها يف‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫انلصوص ّ‬ ‫ّ‬
‫يضطر اإلنسان ظرف طارئ تلأخري صالته وعدم اإلتيان‬ ‫والسرية‪ ،‬نعم قد‬
‫ّ‬
‫لكن ذلك ال ينبيغ‬ ‫الزيارة‪،‬‬ ‫باتلعقيب‪ ،‬أو عدم قراءة القرآن الكريم أو هذا ّ‬
‫ادلاعء أو ّ‬ ‫ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اعما ومسلاك دائما‪ ،‬بل العكس هو ّ‬ ‫ً‬
‫خطا ّ‬ ‫ً‬
‫أبدا أن يكون ّ‬
‫اخلط‪ ،‬وهو املسلك‪ ،‬واملنهج‪.‬‬
‫سيد الساجدين رصحية يف ذلك‪.‬‬ ‫وهذه الفقرة من داعء ّ‬
‫الس ّجاد داعءه يف استقبال شهر رمضان بقوهل عليه ّ‬
‫السالم‪:‬‬ ‫وخيتم اإلمام ّ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ ِّ‬
‫زمان‪ ،‬عدد‬
‫ٍ‬ ‫حال‪ ،‬ويف لك‬‫أوان‪ ،‬وىلع لك ٍ‬
‫وقت ولك ٍ‬‫وآل حمم ٍد يف لك ٍ‬
‫أللهم صل ىلع حمم ٍد ِ‬
‫باألضعاف الّيت ال ُيصيها ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ‬
‫غريك‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ما صليت ىلع من صليت عليه وأضعاف ذلك لكه‬
‫ّ ٌ‬ ‫ّ‬
‫إنك فعال ملا تريد‪.‬‬
‫ّ‬
‫داعء ايلوم السابع عرش‬
‫َْ ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ ُ َّ ْ‬
‫اآلمال‪ ،‬يا من ال يتاج إِىل‬ ‫ِ‬ ‫احلوائ ِج َو‬ ‫مال‪َ ،‬واق ِض ِل فِي ِه‬ ‫أللهم اهد ِِن فِي ِه ل ِصال ِحِ األع ِ‬
‫ني‪.‬‬ ‫السؤال‪ ،‬يا اعلِا ً بما ف ُص ُدور العالَم َ‬ ‫َ ُّ‬
‫ري و‬
‫َّ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اتلفسِ ِ‬
‫ً‬
‫الضيف بعدها جزءا من ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬
‫ستة عرش يوما يف ضيافة ّ‬ ‫ّ‬
‫جو ابليت‪ ،‬فإذا‬ ‫الرمحن‪ ،‬اكفية يلُصبح‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بالطلبات تكرب‪ ،‬واللهجة ختتلف‪.‬‬
‫ً‬ ‫ختتيف رنة احلزن والغربة‪ ،‬تلربز ترنيمة ّ‬ ‫ّ‬
‫الطمأنينة واألمن‪ ،‬بل واإلدالل أيضا‪.‬‬
‫ّ‬
‫وسبب؟ ربما!‬ ‫ٌ‬ ‫السكينة ن َ ٌ‬
‫سب‬ ‫بدر وهذه ّ‬ ‫ْ‬
‫وهل بني‬
‫نفسه يف هذا ّ‬ ‫املسلم َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ادلاعء أمام طلب صالح األعمال‪ ،‬وقضاء مجيع احلوائج‬ ‫يد‬
‫أحسن ما عندك!‬ ‫تأمر ايلوم؟ فيقول هل‪َ :‬‬ ‫صاحب ابليت‪ :‬ماذا ُ‬ ‫ُ‬ ‫كضيف يقول هل‬ ‫واآلمال‪،‬‬
‫ٍ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬
‫يل غمام رأفتك‪ ،‬وغمرتين بوابِ ِل‬ ‫َ‬
‫يل فجعلتين أهال لِضيافتك‪ ،‬وظللت ع ّ‬ ‫َ‬ ‫إليه منَنت ع ّ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫فعرفين َ‬ ‫َسيْبك‪ّ ،‬‬
‫أطلب منك صالح األعمال وال أكتيف بأن‬ ‫كرمك‪ ،‬وها أنا ذا العايص‬
‫ّ ُ‬ ‫ّ‬
‫تقيض حوائيج وإنما أريد قضاء اآلمال‪ ،‬ولشدة أنيس بك وركوين إىل عطفك‪ ،‬ال‬
‫ّ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ُ ّ‬
‫أكلف نفيس حتديد صالح األعمال اليت أريد‪ ،‬وال تعداد اآلمال اليت أتوقع قضاءها‪،‬‬
‫اتلفسري‬ ‫حيتاج إىل ّ‬‫ُ‬ ‫كل يف ذلك لكِّه ىلع ِعل ِمك يب وإحسانِك ّ‬
‫إيل‪ ،‬يا َمن ال‬
‫ّ ُ‬
‫بل أت‬
‫ً‬ ‫ُّ‬
‫والسؤال‪ ،‬يا اع ِلا بما يف صدور العاملني‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫صالة الليلة اثلامنة عرشة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -1‬حصة هذه الليلة من صالة األلف ركعة‪ ،‬يه عبارة عن عرشين ركعة اكلصلوات‬
‫ِّ‬ ‫ّ‬
‫ركعات بعد املغرب وابلايق بعد صالة العشاء‪ ،‬تقرأ يف لك ركعة (فاحتة‬
‫ٍ‬ ‫‪ 170‬املتقدمة‪ ،‬ثماين‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مرة و(قل هو اهلل أحد) ّ‬ ‫الكتاب) ّ‬


‫مرة‪ ،‬أو ثالثا‪ ،‬أو مخسا‪ ،‬أو سبعا‪ ،‬أو عرشا‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -2‬عن رسول اهلل ح‪« :‬ومن صل يللة ثماين عرشة من شهر رمضان أربع ركعات‪،‬‬
‫ً‬
‫مرة و(إنا أعطيناك الكوثر) مخسا وعرشين ّ‬ ‫ّ‬ ‫لك ركعة (احلمد) ّ‬ ‫ّ‬
‫مرة‪ ،‬لم خيرج‬ ‫يقرأ يف‬
‫َّ َ َّ َّ‬ ‫ِّ َ َ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫راض عنه‪ ،‬غري غضبان» ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫من ادلنيا حت يبشه ملك املوت بأن اهلل عز وجل ٍ‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫الكفعيم‪« :‬ويستحب أن يصل يف لك يلل ٍة من شهر رمضان ركعتني بـ(احلمد)‬ ‫ّ‬ ‫‪ -3‬قال‬
‫ََُْ ُْ َ َ ْ‬ ‫ُْ َ َ ْ َُ َ ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مرة‪ ،‬و(اتلوحيد) ثالثا‪ ،‬فإذا سلم قال‪ :‬سبحان من هو حفِيظ ال يغفل سبحان من‬
‫حان َم ْن ُه َو دائ ٌِم ال يَلْ ُهو‪ّ .‬‬
‫ثم‬
‫َْ ُ ُْ َ‬ ‫َْ َ ُ ُْ َ َ ْ ُ‬
‫ِيم ال يعجل سبحان من ه َو قائ ٌِم ال يسهو سب‬ ‫ُه َو َرح ٌ‬
‫ْ َ َّ‬
‫اذل َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫يقول التّسبيحات األربع سبعا‪َّ ،‬‬
‫نب‬ ‫عظيم‪ ،‬ا ِغفِر يل‬ ‫ثم يقول‪ :‬سبحانك سبحانك يا‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ً َ‬ ‫َّ ُ ّ‬ ‫َ‬
‫ذنب»‪.2‬‬ ‫يب عرشا‪ .‬من صلها غفر اهلل هل سبعني ألف ٍ‬ ‫صل ىلع انلّ ّ‬ ‫العظيم‪ .‬ثم ت‬

‫‪ -1‬احلر العاميل‪ ،‬وسائل الشيعة‪39/8 :‬؛ والكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪.176 :‬‬


‫‪171‬‬ ‫‪ -2‬الكفعمي‪ ،‬املصباح‪ .563 :‬اهلامش‪.‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫‪18‬‬
‫شهر رمضان‬

‫* نفس املصطىف‬
‫* القدر ويللته‬
‫ّ‬
‫* داعء ايلوم اثلامن عرش‬
‫ّ‬
‫* فضيلة الليلة اتلّاسعة عرش‬
‫ّ‬
‫*األعمال العامة لليلة القدر‬
‫ّ‬
‫* أعمال الليلة اتلّاسعة عرش‬
‫* يوم يللة القد‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ِّ‬
‫* ال تتهاون ِ‬
‫بيوم القدر‪ ،‬اتكاال ىلع ما عملته يف يللتِه‬

‫‪172‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫نفس املصطىف‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫هذه اللّيلة القادمة يه اللّيلة ّ‬
‫ويتالزم احلديث عنها‬ ‫اتلاسعة عرشة‪ ،‬أوىل يلايل القدر‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫مع ذكرى جرح أمري املؤمنني ×‪ ،‬وال يستطيع املسلم إل أن يشع دائما وأبدا يف‬
‫يل عليه صلوات ّ‬
‫الرمحن‪.‬‬ ‫حمراب ع ٍّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫يل × أحد اخللفاء األربعة! وليس أحد الصحابة الكبار‪ ،‬وال أفضلهم‬ ‫ُ‬ ‫ليس ع ٌّ‬
‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وحسب‪ ،‬فال يشك ذلك من مرايق فراد ِة مزن ِتله وعظم ِتها حت أدىن السفح‪ ،‬وليس‬
‫ِّ‬
‫يشك ذلك من ُ‬
‫سم ّو مزنتله‬ ‫وسي َد األوصياء فقط‪ ،‬فال‬
‫ويص املصطىف احلبيب ّ‬ ‫يل × ُّ‬ ‫ع ٌّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ ّ‬
‫املحمدية إل اتلاج الي يشري إيلها‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ ْ‬
‫أما آن أن يكف ذوو القرىب قبل غريهم عن مضض إدمان الظلم املتمثل بإنزال‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫رتبَهم ُ‬ ‫ّ‬
‫اهلل تعاىل فيها‪ ،‬وخصوصا أمري املؤمنني عليه‬ ‫أهل ابليت يف غري مراتبهم اليت‬
‫الرمحن‪.‬‬ ‫صلوات ّ‬
‫ُ‬ ‫ّّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫أما آن األوان إلدراك أهمية ادلقة يف استعمال المصطلحات يف احلديث عن احلقيقة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املحمديّة بتجلياتها‪.‬‬
‫يل عليه صلوت اهلل تعاىل وسالمه‪ ،‬هو ِّ‬ ‫إن احلديث عن ع ٍّ‬ ‫ّ‬
‫بنص القرآن الكريم‪ ،‬حديث‬
‫عن نفس املصطىف احلبيب ح‪ .‬قال تعاىل‪:‬‬
‫﴿ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ‬
‫ﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵ‬
‫ﯶﯷﯸﯹﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟ‬
‫ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ﴾ آل عمران‪.63-60:‬‬
‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫املفسون إطالق املسلمات أن املراد بقوهل تعاىل‪ :‬وأنفسنا وأنفسكم حممد‬ ‫ويطلق‬
‫ّ‬ ‫وع ّ‬
‫‪1‬‬
‫يل‪ ،‬صل اهلل عليهما وآهلما‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ولكن الغريب هو طمس معالم رصيح القرآن الكريم دلى احلديث عن أمري املؤمنني‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫يلتخذ منىح املقارنة بينَه وبني غريه‪ ،‬يف‬ ‫×‪ّ ،‬‬
‫إرصار ىلع أن اخلالف هل هم أفضل أم‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬ ‫ب ّ‬ ‫ّ‬
‫ظلم وتنك ٌ‬ ‫هو األفضل‪ ،‬وكالهما ٌ‬
‫القرآين القويم‪.‬‬ ‫للصاط‬
‫ُ‬
‫ّ‬
‫القرآين‪ ،‬كما‬ ‫انل ّص‬
‫اتلعامل معه كتفسري هلذا ّ‬
‫ٍ‬
‫رسول اهلل ح بما يمكن ّ‬ ‫رصح‬ ‫وقد َّ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫تفسري ذللك‪ ،‬حني قال‪« :‬وقد علِمت ْم م ْوضِ ِع‬ ‫ٌ‬ ‫بدوره‬
‫ِ‬ ‫ورصح بما هو‬ ‫ّ‬ ‫يل ×‬‫َن َقل عنه ع ٌّ‬
‫َ َ‬ ‫ْ َ ْ َ َْ َ‬ ‫َْ َ َ َْ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ َّ‬ ‫ْ َ ُ‬
‫نل ِة ال ِصيصةِ‪َ .‬وضع ِن ِف‬ ‫ول اهللِ صل اهلل علي ِه ِ‬
‫وآلِ بِالقراب ِة الق ِريبةِ‪ ،‬والم ِ‬ ‫مِن رس ِ‬

‫‪ -1‬أنظر‪ :‬احلسكاين‪ ،‬شواهد التزنيل‪160/1‬والسيوطي( جالل الدين) الدر املنثور‪39/2‬وابن‬


‫كثري‪ ،‬تفسري ابن كثري‪379/1‬وقد قال‪ :‬رواه احلاكم يف مستدركه‪ ،‬ثم قال‪ :‬صحيح عىل رشط مسلم‪،‬‬
‫‪173‬‬ ‫ومل خيرجاه هكذا‪.‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ُ ُّ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫َ ُُْ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫ٌ َ ُ ُّ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬


‫حِج ِره ِ وأنا َويلد يضم ِن إِل صد ِره ِ‪ ،‬ويكنف ِن ِف ف َِرا ِشهِ‪ ،‬وي ِمس ِن جسدهُ‪ ،‬ويشِ م ِن‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫َ ْ ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ًَ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ض ُغ َّ ْ‬ ‫َْ ُ َ َ َْ َ‬ ‫َ‬
‫الش َء ث َّم يلقِمنِيهِ‪ ،‬وما َوجد ِل كذبة ِف ق ْو ٍل‪ ،‬ول خطلة ِف ف ِع ٍل‪.‬‬ ‫عرفه‪ .‬وكن يم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ََ ْ ََ َ ُ َ‬
‫وآلِ من لن أن كن فطِيما أعظم مل ٍك مِن ملئ ِكتِ ِه‬ ‫ولقد قرن اهلل ب ِ ِه صل اهلل علي ِه ِ‬
‫ْ َ َ َ ْ َ ُ َ َ َ ُ َ َ ْ ُ ْ ُ َ َّ ُ ُ ِّ َ َ‬ ‫ََ َ َ ْ َ‬ ‫َ َ َْ َ‬ ‫َْ ُ ُ‬
‫يسلك ب ِ ِه ط ِريق المكرِمِ ‪ ،‬وماسِن أخل ِق العالمِ ‪ ،‬لله ونهاره‪ .‬ولقد كنت أتبِعه اتباع‬
‫ََ ْ َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ‬
‫َ َ ً َ ُ‬ ‫ُ ِّ َ ْ ْ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ِّ َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫القتِداءِ بِهِ‪ .‬ولقد كن‬ ‫يل أث َر أمهِ‪ ،‬ي ْرفع ِل ِف ك يومٍ مِن أخلق ِ ِه علما‪ ،‬ويأم ُر ِن ب ِ ِ‬ ‫الف ِص ِ‬
‫ْ َ‬ ‫ْ ََْ ْ َْ ٌ َ ٌ َْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ََ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُيَ ُ‬
‫اإلسلمِ‬ ‫ت واحِد يومئِ ٍذ ِف ِ‬ ‫يي‪ .‬ولم يمع بي‬ ‫اور ِف ك سن ٍة ِبِراء فأراه‪ ،‬ول يراه غ ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّ َ َ‬ ‫َ ََ ََ َ ُُ َ ََ ُ َ َْ ْ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ َّ‬ ‫ََْ َ ُ‬
‫ح والرسالةِ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫و‬ ‫ال‬ ‫ور‬ ‫ن‬ ‫ى‬ ‫ر‬ ‫أ‬ ‫ا‪.‬‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ال‬‫ِ‬ ‫ث‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫وأ‬ ‫ة‬ ‫ِجي‬ ‫د‬ ‫وخ‬ ‫ِ‬ ‫وآل‬ ‫ِ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫اهلل‬ ‫ل‬ ‫ص‬ ‫ِ‬ ‫هلل‬ ‫ا‬ ‫ول‬
‫ِ‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫غي‬
‫َ َْ‬ ‫َ َ َ َ ْ َ ْ ُ َ َ ْ َ َّ‬ ‫َ ُ ُّ َ ُّ ُ َّ َ َ ْ َ ْ ُ َ َّ َ َّ ْ َ‬
‫ان حِني نزل الوح علي ِه صل اهلل علي ِه‬ ‫وأشم رِيح انلبوة ِ‪ .‬ولقد س ِمعت رنة الشيط ِ‬
‫َّ َ‬ ‫َّ َّ ُ َ َ َ َ َ َّ ْ َ ُ َ ْ َ َ ْ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َُ ْ ُ َ ُ َ‬
‫الرنة؟ فقال‪ :‬هذا الشيطان قد أيِس مِن عِبادتِهِ‪ .‬إِنك‬ ‫وآلِ‪ ،‬فقلت‪ :‬يا َرسول اهللِ‪ ،‬ما ه ِذه ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫َّ َ َ ٌ َّ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ ُ َ َ‬
‫َ ْ ‪1‬‬ ‫ٍّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ي» ‪.‬‬ ‫تسمع ما أسمع ‪ ،‬وتر ّى ما أرى ‪ ،‬إِل أنك لست بِن ِب‪ ،‬ولكِنك لو ً ِزير وإِنك لعل خ ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واحلقيقة الواضحة اليت يأخذ ما تقدم بقلوب املسلمني مجيعا إىل أعتابها للتفاعل‬
‫ً‬ ‫بوة من مجيع ما ثبت لرسول اهلل ح‪ ،‬فهو ٌ‬ ‫انل ّ‬ ‫أن ما عدا ّ‬ ‫ّ‬
‫ثابت قطعا‬ ‫معها واالعتقاد بها‪،‬‬
‫ّ‬ ‫لك ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ِّ‬
‫انلصوص الواردة عنه صل اهلل عليه وآهل‬ ‫نلفسه أمري املؤمنني ×‪ ،‬وهو ما تؤكده‬
‫َّ‬ ‫وعن أهل بيته ت حول ُّ‬
‫انلور الواحد‪ ،‬واحلقيقة الواحدة‪ ،‬وأنه منهم وهم منه ح‪.2‬‬
‫ُ‬
‫القدر ويللته‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يف ُّ‬
‫أساس ملعرفة حقيقة‬ ‫ٍ‬ ‫كمنطلق‬
‫ٍّ‬ ‫العلوية‬ ‫توجهنا إىل اهلل تعاىل‪ ،‬ال بد أن نبدأ باحلقيقة‬
‫ُ‬
‫اتلوحيد‪ ،‬فال سبيل ملعرفة اهلل تعاىل كما بيّنها رسول اهلل ح إل من خالل باب مدينة‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العلم‪ ،‬ويف ُ‬
‫العلوية الطاهرة «ما‬ ‫توجهنا إىل رسول اهلل ح‪ ،‬ال بد أن نبدأ باحلقيقة‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫َع َر َفين ّإل اهلل وأنت»‪ .‬ويف ُّ‬
‫العلوية أيضا‪،‬‬ ‫توجهنا إىل الكعبة ال بد أن نلتيق باحلقيقة‬
‫ُ‬ ‫لك مسلم ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ ًّ‬
‫ظاهره إىل‬ ‫يتوجه‬ ‫ٍ‬ ‫عليا ُودل يف الكعبة إيذانا من اهلل تعاىل بأن ىلع‬ ‫حيث أن‬
‫يل‪ ،‬و ِمن ع ٍّ‬‫يتوجه باطنُه إىل ع ٍّ‬ ‫الكعبة‪ ،‬أن َّ‬
‫يل إىل رسول اهلل ح‪ ،‬ومنه إىل اهلل تعاىل‪.‬‬
‫توجهه إىل رسول اهلل ح‪ ،‬وإىل اهلل َّ‬ ‫يلصحح بذلك ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫باطن املسلم إىل ع ٍّ‬ ‫ّ‬
‫عز‬ ‫ِ‬ ‫يل‬ ‫يتوجه‬
‫ّ‬
‫وجل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫توجهنا إىل يللة القدر جند أنّنا ‪-‬منذ اللّيلة ّ‬ ‫ويف ّ‬
‫اتلاسعة عرشة وإىل الليلة اثلّاثلة‬
‫ّ‬ ‫وعلوية ّ‬
‫ّ‬ ‫حممديّة ع ّ‬ ‫والعرشين‪ -‬أمام اإلحلاح ىلع القلب لُدرك ّ‬
‫حممد صل اهلل عليهما‬ ‫يل‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ ّ ّ‬
‫مدعوة ىلع لسان املصطىف احلبيب ح بكل مكونات العقل‬ ‫األمة لكها‬ ‫وآهلما‪ ،‬بل إن‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫والويح والقلب والعاطفة ِليع آذان القلوب حقيقة أن شهر رمضان جيب أن يكون‬

‫عيل خ‪ ،‬هنج البالغة (عبده)‪157/2 :‬؛ وانظر‪ :‬ابن أيب احلديد‪ ،‬رشح النهج‪:‬‬
‫‪ -1‬اإلمام ّ‬
‫‪.197/13‬‬
‫‪ -2‬للتوسع يف ذلك‪ ،‬انظر‪ :‬يف حمراب فاطمة د‪ ،‬للمؤلف‪ ،‬حتت عنوان‪ :‬يف منهج البحث يف عظمتها د‪.‬‬ ‫‪174‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ُ‬ ‫حممديّة ع ّ‬ ‫شهر الوصول إىل اهلل تعاىل من خالل ّ‬


‫يل صىل اهلل عليهما وآهلما‪ ،‬فتشاطر‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫وبكاءه ِلا َع ِلم أنه سيجري يف هذا‬ ‫َ‬ ‫نبيها األعظم ح حزنه‬ ‫الشهر املبارك َّ‬ ‫األمة طيلة‬
‫ّ‬
‫الشهر ىلع أمري املؤمنني ×‪ ،‬فقد ورد يف آخر خطبة رسول اهلل ح حول شهر رمضان‬
‫املبارك‪ ،‬قول أمري املؤمنني ×‪:‬‬
‫َ َ‬ ‫َ َْ َ ُ َ ْ َ‬ ‫ُ َ َ ُ َ‬ ‫ُ ُ‬
‫ال ِف هذا‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫األ‬ ‫ل‬ ‫ض‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ِ!‬ ‫هلل‬ ‫ا‬ ‫ول‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫‪:‬‬ ‫وقلت‬ ‫اخلطبة‪-‬‬ ‫«فقمت ‪-‬أي بعد انتهاء‬
‫مارمِ اهللِ َّ‬ ‫َ‬
‫َ َ ُ َ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َّ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ْ‬
‫عز‬ ‫ِ‬ ‫ال ِف هذا الشه ِر‪ :‬الورع عن‬ ‫الشه ِر؟ فقال‪ :‬يا أبا الس ِن‪ ،‬أفضل األعم ِ‬
‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وجل‪ّ ،‬‬ ‫َّ‬
‫يل‪ ،‬أبكي ملا يستحل منك‬ ‫كيك؟ فقال‪ :‬يا ع ّ‬ ‫ثم بكى فقلت‪ :‬يا رسول اهللِ ما يب‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫األو َ‬‫انبعث أشىق َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ّ ِّ َ َ ْ‬ ‫ّ َ‬ ‫ّ‬
‫واآلخرين شقيق‬ ‫لني‬ ‫هر‪ ،‬كأن بِك وأنت تصل لربك َوقد‬ ‫يف هذا الش ِ‬
‫َ‬ ‫قال ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ َ‬
‫املؤمنني ×‪:‬‬ ‫أمري‬ ‫فخضب منها حليتك‪،‬‬ ‫اعقر ناق ِة ثمود فرضبك رضبة ىلع قرن ِك‬ ‫ِ‬
‫صل ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫اهلل عليه وآهل‪ :‬يف سالم ٍة‬ ‫فقلت‪ :‬يا رسول اهللِ وذلك يف سالم ٍة من ديين؟ فقال‬
‫َ ْ‬ ‫َ ْ ََْ َ َ ََ ْ‬ ‫َ ْ َََ ََ ْ َََ‬
‫ثم قال‪ :‬يَا ع ّ‬
‫ُّ َ‬
‫يل‪ ،‬من قتلك فقد قتلين‪َ ،‬ومن أبغضك فقد أبغضين‪َ ،‬ومن‬ ‫من دينِك‪،‬‬
‫إن اهللَ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ َ ََ ْ َ ّ‬
‫سبك فقد سبين‪ ،‬ألنك من كنفيس‪ ،‬روحك مِن رويح‪ ،‬وطينتك من طينيت‪،‬‬
‫َ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫للن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ َ‬ ‫ّ َ‬ ‫َ ََ‬ ‫َ‬
‫واختارك لإلمامةِ‪َ ،‬ومن‬ ‫بوة ِ‬ ‫تبارك وتعاىل خلقين وإياك واصطفاين وإياك واختارين‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ََ ّ َ ّ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫وصي وأبو ودلي وزوج ابنيت وخليفيت‬ ‫يل‪ ،‬أنت‬ ‫أنكر إمامتك فقد أنكر نبويت‪ .‬يا ع‬
‫عثين بانلّ ّ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ ُ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫بوة ِ‬ ‫قسم بالي ب‬ ‫نهي‪ ،‬أ‬ ‫مويت‪ ،‬أمرك أمري‪ ،‬ونهيك ِ‬ ‫ىلع أميت يف حيايت وبعد‬
‫خري الربي ِة إنك حلجة اهللِ ىلع خل ِق ِه وأمينِ ِه ىلع ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وج َعلين َ‬ ‫َ‬
‫رسه ِ وخليفتِه ىلع عبادِه»‪.1‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫خلق اهلل تعاىل قبل وقوعه‪،‬‬ ‫هذا المصاب اجللل والفاجعة العظىم الي أبكى خري ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫وقد أراد ُ‬
‫شخص‬ ‫املستهدف به اكن‬ ‫اهلل تعاىل أن نتعامل معه بمستوى ما لو أن‬
‫املصطىف ح‪ ،‬فكيف ينبيغ أن يكون تعايط ّ‬
‫األمة معه؟‬
‫ً‬ ‫وكم هو الفارق اهلائل بني ما هو ٌ‬
‫قائم فعال يف هذا املجال‪ ،‬وبني ما ينبيغ؟!‬
‫* ﴿ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ﴾ اإلرساء‪.84:‬‬

‫ّ‬
‫داعء ايلوم اثلامن عرش‬
‫َ ُ ْ ُ ِّ َ ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ ِّ ْ ْ َ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َّ ُ َّ َ ِّ ْ‬
‫ضائ إِىل‬
‫واره ِ‪ ،‬وخذ بِكل أع ِ‬ ‫حاره ِ‪ ،‬ونور فِي ِه قل ِب ب ِ ِضياءِ أن ِ‬
‫اكت أس ِ‬ ‫أللهم نبه ِن فِي ِه ل َِب ِ‬
‫ُ َ ُ ِّ َ ُ ُ‬ ‫ِّ‬
‫العارفِني‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وب‬
‫ورك يا منور قل ِ‬ ‫آثاره ِ‪ ،‬بِن ِ‬
‫باع ِ‬ ‫ات ِ‬
‫السماوات واألرض ﴿‪..‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﴾ انلور‪،40:‬‬ ‫نور ّ‬‫أنت ُ‬ ‫إليه َ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫نور الطاعة والهدى‪ ،‬نبهين يف هذا‬ ‫أخرجين يا إليه من ظلمات املعايص والعىم‪ ،‬إىل ِ‬ ‫ِ‬
‫حر يللة القدر‪ّ ،‬‬ ‫أشد من أن ال يُبرص نور َس َ‬ ‫ّ‬ ‫ايلوم إىل براكت أسحاره‪ّ .‬‬
‫فيغط يف‬ ‫أي عىم‬

‫‪ -1‬انظر اخلطبة املباركة بتمامها مع ذكر مصادرها‪ ،‬يف اجلزء الثاّين من مناهل الرجاء‪،‬‬
‫‪175‬‬ ‫أعمال شهر شعبان‪.337-334 :‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫حندس نوم عميق ﴿‪..‬ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ﴾ احلج‪،46:‬‬


‫ُ‬
‫الط ّيبة‪ ،‬فترسي يف أوصايل براكت ايلقني‪،‬‬
‫فنور قليب يا إليه يلنبض حبرارة احلياة ّ‬
‫ّ‬
‫الطاغوت وظالمه إىل واليتك يا ّ‬
‫رب‪ .‬بنورك يا ِّ‬
‫منور قلوب العارفني‪.‬‬ ‫وأَ َ‬
‫خرج من والية ّ‬

‫ّ‬
‫فضيلة الليلة اتلاسعة عرش‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫قال السيد ابن طاوس‪« :‬واعلم أن يللة تسع عرشة أوىل اثلالث الليايل األفراد‪ ،‬وهذه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حمل ّ‬ ‫ّ‬
‫الزيادة يف االجتهاد‪ ،‬ولعمري أن األخبار واردة وآكدة يف يللة إحدى‬ ‫الليايل‬
‫وعرشين منه أكرث من يللة تسع عرشة‪ ،‬ويف يللة ثالث وعرشين من أكرث من يللة‬
‫تسع عرش ومن يللة إحدى وعرشين»‪.1‬‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬
‫«يا أيها املقبل بإقبال اهلل جل جالل عليه‪ ،‬حيث استداعه إىل احلضور بني يديه‪،‬‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ممن ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫يعز عليه‪ ،‬لو عرفت ما يف مطاوي هذه‬ ‫وارتضاه أن خيدمه وخيتص به‪ ،‬ويكون‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬
‫العنايات من السعادات‪ ،‬ما كنت تستكرث هلل جل جالل شيئا من العبادات‪ ،‬فتمم‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫إعجاب‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫َر ِحك اهلل جل جالل وظائف هذه الليلة من غري تثاق ٍل وال تكاس ٍل وال‬
‫َّ‬ ‫َ ُّ‬ ‫ّ‬
‫التاب‪ ،‬الي ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫رشفك موالك رب األرباب‪ ،‬وخلصك من ذلك‬ ‫فأنت ذلك املخلوق من‬
‫َ ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫قدر ال ِمنة عليك‪.‬‬ ‫األصل اذلميم‪ ،‬وأحتَفك بهذا اتلّكريم واتلّعظيم‪ ،‬واخدِمه واعرف هل‬
‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وال خيطر بقلبك إل أن هذه العبادة من أعظم إحسانه إيلك‪ ،‬وأنت تعبده‪ ،‬ألنه أهل‬
‫واهللِ للعبادة»‪.2‬‬
‫ّ‬
‫األعمال العامة لليلة القدر‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تنقسم أعمال يللة القدر إىل َ‬
‫العامة‪ ،‬ويه اليت يؤت بها يف لك يلل ٍة‬ ‫قسمني‪ :‬األعمال‬
‫ّ‬ ‫مرة واحدة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اخلاصة‪ ،‬ويه اليت يؤىت بها ّ‬
‫إما يف الليلة اتلاسعة‬ ‫من يلايل القدر‪ .‬واألعمال‬
‫عرش‪ ،‬أو الواحدة والعرشين‪ ،‬أو اثلّاثلة والعرشين‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫العامة اليت يؤىت بها يف لك يللة يه‪:‬‬ ‫واألعمال‬

‫‪ -١‬الغسل‬
‫أورد اللكيين رضوان اهلل تعاىل عليه‪« :‬عن أيب عبد اهلل (اإلمام ّ‬
‫الصادق) ×‪ :‬الغسل‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫من اجلنابة‪ ،‬ويوم اجلمعة‪ ،‬والعيدين‪ ،‬وحني ترم‪ ،‬وحني تدخل مكة واملدينة‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ويوم عرفة‪ ،‬ويوم تزور ابليت‪ ،‬وحني تدخل الكعبة‪ ،‬ويف يللة تسع عرشة‪ ،‬وإحدى‬

‫‪ -1‬اإلقبال‪.312/1 :‬‬
‫‪ -2 176‬املصدر‪.340-339 :‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ّ ً‬ ‫َ ْ ّ‬
‫وعرشين‪ ،‬وثالث وعرشين من شهر رمضان‪ ،‬ومن غسل ميتا»‪.1‬‬
‫ّ‬ ‫وعن اإلمام ّ‬
‫الرضا × يف بيان بعض سرية املصطىف ح يف شهر رمضان‪« :‬فلما اكن‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ّ‬
‫سل»‪.2‬‬‫يللة تسع عرشة من شهر رمضان‪ّ ،‬اغتسل حني اغبت الشمس‪ ،‬وصل املغرب بِغ ٍ‬
‫ٌ‬
‫قال الشيخ املفيد‪« :‬وفيها غسل اكلي ذكرناه من األغسال»‪.3‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫الشيخ ّ‬‫ّ‬
‫سأتله عن الليايل اليت‬ ‫الطويس‪« :‬وروى زرارة عن أحدهما ج‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫وقال‬
‫يستحب فيها الغسل يف شهر رمضان فقال‪ :‬يللة تسع عرشة‪ ،‬ويللة إحدى وعرشين‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ُ َ ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫أمر‬
‫ويللة ثالث وعرشين‪ ،‬وقال‪ :‬يف يللة تسع عرشة يكتب وفد احلاج وفيها يفرق لك ٍ‬
‫ّ‬
‫يلال‪ :‬يللة سبع عرشة‪ ،‬وتسع عرشة‪ ،‬وإحدى‬ ‫حكيم» ‪« .‬وقد بينا يلايل الغسل ويه أربع ٍ‬
‫‪4‬‬

‫ّ‬
‫وعرشين وثالث وعرشين‪ ،‬وإن اغتسل يلايل األفراد لكها "‪ "..‬اكن هل فيه فضل كثري»‪.5‬‬

‫‪ -٢‬اإلحياء‬
‫الصباح‪.‬‬‫انلوم إىل ّ‬
‫والمراد به عدم ّ‬ ‫ُ‬
‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫عن ّ‬
‫انل ّ‬
‫يب |ح‪ ،‬أنه قال‪ :‬من أحيا يللة القدر حول عنه العذاب إىل السنة القابلة‪ .‬وعنه‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ح أنه قال‪ :‬قال موىس ×‪ :‬إليه أريد قربك‪ ،‬قال‪ :‬قريب لمن يستيقظ يللة القدر‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫قال‪ :‬إليه أريد رمحتك‪ ،‬قال‪ :‬رمحيت ل ِمن َرح َِم املساكني يللة القدر‪ ،‬قال‪ :‬إليه أريد‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اجلواز ىلع ِّ‬
‫الصاط‪ ،‬قال‪ :‬ذلك ل ِمن تصدق بصدق ٍة يف يللة القدر‪ ".." .‬قال‪ :‬إليه أريد‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫استغفر يف يللة القدر‪ ،‬قال‪ :‬إليه أريد ِرضاك‪ ،‬قال‪:‬‬‫َ‬ ‫انلّجاة من انلّار‪ ،‬قال‪ :‬ذلك ل ِمن‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ‬
‫رضاي ل ِمن صل ركعتني يف يللة القدر‪.6‬‬

‫زيارة اإلمام الحسين عليه السالم‬


‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬
‫والروايات ُمستفيضة‬
‫لك وقت‪ّ ،‬‬
‫ٍ‬ ‫وقد تقدم احلث ىلع زيارته × يف يللة القدر‪ ،‬بل يف‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫يف زيارته عليه صلوات ّ‬
‫إيضاح حول ذلك يف‬
‫ٍ‬ ‫مزيد‬ ‫ماكن‪ ،‬كما تقدم‬
‫ٍ‬ ‫الرمحن من لك‬
‫ّ‬
‫احلديث عن الليلة األوىل‪.‬‬

‫‪ -4‬دعاء القرآن الكريم‬


‫أ‪ -‬عن اإلمام ابلاقر ×‪« :‬تأخذ املصحف يف ثالث يلال من شهر رمضان‪ ،‬فتنرشهُ‬
‫ٍ‬

‫‪ -1‬الكليين‪ ،‬الكايف‪.40/3 :‬‬


‫‪ -2‬اإلقبال‪.50/1 :‬‬
‫مسار الشيعة‪.25 :‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -3‬الشيخ املفيد‪،‬‬
‫‪ -4‬الشيخ الطويس‪ ،‬مصباح املتهجد‪.636 :‬‬
‫‪ -5‬املصدر‪.‬‬
‫‪177‬‬ ‫‪ -6‬اإلقبال‪.345/1 :‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ ّ ّ‬ ‫َ ُ‬
‫هم إن أسألك بكتابك المزنل‪ ،‬وما فيه وفيه اسمك‬ ‫وتضعه بني يديك‪ ،‬وتقول‪ :‬ألل‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫احلسىن وما ياف ويرىج‪ ،‬أن جتعلين من عتقائك من انلّار‪ ،‬وتدعو‬ ‫األكرب‪ ،‬وأسماؤك ُ‬
‫بما بدا لك من حاجة»‪.1‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ب‪ -‬وقد روي عن موالنا الصادق صلوات اهلل عليه‪ ،‬قال‪« :‬خذ املصحف فدعه ىلع‬
‫َ َ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ َ‬ ‫ّ ّ ِّ‬
‫مؤمن مدحته‬‫ٍ‬ ‫هم حبق هذا القرآن‪ ،‬وحبق من أرسلته به‪ ،‬وحبق لك‬ ‫رأسك‪ ،‬وقل‪ :‬ألل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫فيه‪ ،‬وحبقك عليهم فال أحد أعرف حبقك منك‪ ،‬بك يا اهلل ‪ -‬عرش مرات‪ .‬ثم تقول‪:‬‬
‫مرات‪ ،‬باحلسن ‪ -‬عرش‬ ‫مرات‪ ،‬بفاطمة ‪ -‬عرش ّ‬ ‫يل ‪ -‬عرش ّ‬ ‫مرات‪ ،‬بع ٍّ‬ ‫بمحمد ‪ -‬عرش ّ‬
‫بمحمد بن ع ّ‬‫ّ‬ ‫يل بن احلسني ‪ -‬عرش ّ‬ ‫مرات‪ ،‬بع ّ‬ ‫مرات‪ ،‬باحلسني ‪ -‬عرش ّ‬ ‫ّ‬
‫يل ‪ -‬عرش‬ ‫مرات‪،‬‬
‫مرات‪ ،‬بع ّ‬ ‫مرات‪ ،‬بموىس بن جعفر ‪ -‬عرش ّ‬ ‫حممد ‪ -‬عرش ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يل بن موىس‬ ‫مرات‪ ،‬جبعفر بن‬
‫ّ‬
‫يل بن حممد ‪ -‬عرش ّ‬ ‫مرات‪ ،‬بع ّ‬‫يل ‪ -‬عرش ّ‬ ‫ّ‬
‫مرات‪ ،‬بمحمد بن ع ّ‬ ‫‪ -‬عرش ّ‬
‫مرات‪ ،‬باحلسن بن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ع ّ‬
‫يل ‪ -‬عرش مرات‪ ،‬باحلجة ‪ -‬عرش مرات‪ .‬وتسأل حاجتك»‪.2‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َّ ّ‬
‫‪ -5‬دعاء «أللهم إني أمسيت لك عبدا داخرا»‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الس ّيد ابن طاوس يف عداد‬ ‫العامة‪ ،‬فقد أورده ّ‬ ‫العلماء ىلع كونِه من األعمال‬ ‫ُ‬ ‫وال يمع‬
‫عباس ّ‬ ‫الشيخ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫القم نقل عن‬ ‫أدعية الليلة اتلاسعة عرش‪ ،3‬غري أن املحدث اجلليل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫املجليس عن‬ ‫الشيخ الكفعيم استحباب قراءته يف يلايل القدر‪ .4‬وقد نقل العلمة‬
‫ادلين) ما ييل‪:‬‬ ‫(املصباح) للكفعيم‪ ،‬وعن (إكمال ّ‬
‫ّ‬ ‫ْ ُ‬
‫«وادع يف هذه الليلة ‪-‬يعين يللة ثالث وعرشين‪ -‬ويف يللة تسع عرشة‪ ،‬وإحدى‬
‫ّ‬
‫وعرشين‪ ،‬بما ُروي عن موالنا زين العابدين × أنه اكن يدعو به يف يلايل اإلفراد‬
‫ْ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً َّ ُ ِّ َ ْ َ ُ َ َ َ ْ ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫قائما وقاعدا وراكعا وساجدا‪ :‬ألله َّم إِن أمسيت لك عبدا داخِرا ال أملِك ِلَف ِس‬
‫َ ْ َ ُ َ َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫َ‬
‫ْ ُ َْ ُ ً ْ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َْ ً َ َ ًّ َ‬
‫تف لك بِضع ِف‬ ‫صف عنها سوءا‪ ،‬أشهد بِذل َِك ع نف ِس‪ ،‬وأع ِ‬ ‫نفعا وال ضا وال أ ِ‬
‫الم ْؤمن َ‬ ‫َ َ َْ ََ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫م َّمد َو ُ َ َّ َ‬ ‫ُ َّ َ َّ َ َ َ َ ِّ َ ُ َ‬
‫ني‬ ‫ِِ‬ ‫ن ْز ِل ما وعدت ِن وجِيع‬ ‫آل َمم ٍد وأ ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫قو ِت‪ ،‬وق ِلة حِيل ِت‪ ،‬فصل ع‬
‫ل ما آتَيْ َتن َفإ ِّن َع ْب ُد َك الم ْسكِنيُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ ْ َ َ ْ ْ َ َ‬ ‫َْ‬
‫ِنات م َِن المغف َِرة ِ ِف ه ِذه ِ الليلة‪ ،‬وأت ِمم ع‬
‫َ ُْ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫والمؤم ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ََْ ْ‬ ‫ُ ْ َ ُ َّ ُ َ ُ َ ُ َّ ُ‬
‫ني‪ .‬ألله َّم ال تعل ِن ناسِيا ِلِك ِرك ِف ما أ ْو ْلت ِن‪َ ،‬وال‬ ‫المستكِني الضعِيف الفقِري الم ِه‬
‫َْ‬ ‫َ‬
‫َ َّ َ ْ َ‬ ‫ْ‬
‫َ َ َ ْ ْ َ َ َ ِّ‬ ‫َ‬ ‫ً ْ‬ ‫َ ْ َ َْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫الِحسان ِك ِف ما أعطيت ِن َوال آيسا مِن إِجابتِك وإِن أبطأت عن ِف ساء أو ضاء أو‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ْ َ َ َ َّ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ادلاعءِ»‪.5‬‬ ‫يع ُّ‬ ‫شِد ٍة أ ْو َرخا ٍء أ ْو اعفِي ٍة أ ْو بال ٍء أ ْو بؤ ٍس أو نعماء إِنك س ِم‬

‫املصدر‪.346 :‬‬ ‫‪-1‬‬


‫اإلقبال‪.347/1 :‬‬ ‫‪-2‬‬
‫املصدر‪.349-348 :‬‬ ‫‪-3‬‬
‫أنظر‪ :‬املحدث القمي‪ ،‬مفاتيح اجلنان‪ ،‬األعمال العامة لليايل القدر‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫املجليس‪ ،‬البحار‪.122/95 :‬‬ ‫‪-5 178‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫َ‬
‫‪ -6‬دعاء الج ْوشن الكبير‬
‫ادلعوات)‪ ،‬والكفعيم‬‫(م َهج ّ‬
‫الس ّيد ابن طاوس يف ُ‬
‫مروي عن رسول اهلل ح‪ ،‬ذكره ّ‬ ‫ٌّ‬ ‫وهو‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫يف (مصباحه) و(ابلدل األمني)‪ ،‬واملجليس يف (ابلحار) وحتدث عنه مطوال‪ ،‬وثوابه‬
‫ُّ‬
‫احلث ىلع قراءته يف ّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬
‫أول يلل ٍة من شهر رمضان‬ ‫تصور‪ ،‬وقد ورد فيه‬ ‫عظيم يفوق لك‬
‫املحدث ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫القم عند إيراده داعء‬ ‫ثالث منه دون تعيني يلايل القدر‪ ،‬إل أن‬
‫ٍ‬ ‫ويف يلل ٍة أو‬
‫ّ‬
‫اجلوشن يف (مفاتيح اجلنان)‪ ،‬نقل عن (زاد املعاد) للعلمة املجليس استحباب قراءته‬
‫يف يلايل القدر‪ ،‬وينبيغ مزيد االهتمام بذلك‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫وقد سبقت اإلشارة إىل استحباب قراءته يف عمل أول يللة‪ ،‬مع ذكر أكرث مصادر ادلاعء‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -7‬الصلوات‬
‫ويه كما ييل‪:‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أ‪ -‬صالة ركعتني يف لك ركعة (احلمد) مرة و(اتلوحيد) سبعا‪ ،‬وبعد الفراغ يقول‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫أستغفر اهلل وأتوب إيله‪ .‬سبعني مرة‪.‬‬ ‫املصل‪:‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ ّ‬
‫الس ّيد‪« :‬عن انليب صل اهلل عليه وآهل أنه قال‪ :‬من صل ركعتني يف يللة القدر‪،‬‬ ‫أورد ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يقرأ يف لك ركعة (فاحتة الكتاب) مرة‪ ،‬و(قل هو اهلل أحد) سبع مرات‪ ،‬فإذا فرغ‬
‫وبعث ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫يستغفر سبعني ّ‬
‫اهلل مالئكة‬ ‫وألبويه‪،‬‬ ‫مرة‪ ،‬ال يقوم من مقامه حت يغفر اهلل هل‬
‫اهلل مالئكة إىل اجلنان يغرسون هل‬ ‫يكتبون هل احلسنات إىل سنة أخرى‪ ،‬وبعث ُ‬
‫ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫األشجار‪ ،‬ويبنون هل القصور‪ ،‬ويرون هل األنهار‪ ،‬وال خيرج من ادلنيا حت يرى ذلك‬
‫ّ‬
‫لكه»‪.1‬‬
‫ً‬
‫مرة واتلّوحيد عرشا‪.‬‬ ‫ب‪ -‬صالة مائة ركعة‪ ،‬باحلمد ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الس ّيد ابن طاوس‪« :‬وقد ُروي أن هذه املائة ركعة تصل يف لك يلل ٍة من املفردات‪،‬‬ ‫قال ّ‬
‫َ َ‬ ‫مرة‪ ،‬و(قل هو اهلل أحد) عرش ّ‬ ‫لك ركعة بـ(احلمد) ّ‬ ‫ّ‬
‫مرات‪ ،‬وإن ق ِويت ىلع ذلك فاعمل‬
‫َ‬ ‫فإن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫سم الفناء يرسي إىل‬ ‫عليه‪ ،‬واغتنم أيها العبد امليت الفاين ما يبلغ اجتهادك عليه‪،‬‬
‫ّ‬
‫األعضاء مذ خرجت إىل دار الفناء‪ ،‬وآخره هجوم املمات وانقطاع األعمال الصاحلات‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫وأن تَصري من مجلة القبور ّ‬ ‫ْ‬
‫ادلائمات‪ ،‬فصل‬ ‫السعادات ّ‬ ‫ادلارسات املهجورات‪ ،‬فباد ِْر إىل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫ذكره من العرشين ركعة وأدعيتها‪ ،‬وسبح تسبيح ّ‬ ‫ما تقدم ُ‬ ‫ّ‬
‫الزهراء عليها السالم بني‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫لك ركعتني من العرشين ركعة وأدعيتها‪ ،‬وسبح تسبيح الزهراء عليها السالم بني لك‬
‫اثلمانني ركعة ابلاقيات»‪ّ .2‬‬ ‫ّ ّ‬ ‫ُ‬ ‫الركعات‪ّ ،‬‬ ‫ركعتني من مجيع ّ‬ ‫َ‬
‫ثم أورد األدعية‬ ‫ثم قم فصل‬

‫‪ -1‬املصدر‪.345-344/1 :‬‬
‫‪179‬‬ ‫‪ -2‬املصدر‪.313-312/1 :‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫اليت تقرأ بعد لك ركعتَني من اثلّمانني اليت يه تمام املائة‪ ،‬أي مع العرشين اليت يه‬
‫ّ‬ ‫ّ ِّ‬
‫لك يلل ٍة من ّ‬
‫أول الشهر إىل العرشين منه‪.‬‬ ‫حصة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وينبيغ اتلنبه إىل أن هذه الطريقة اليت اعتمدها السيد يف توزيع املائة ركعة بني‬
‫ّ‬
‫الطريقتَني يف توزيع األلف ركعة ىلع يلايل الشهر وأيّام‬
‫العرشين واثلّمانني يه إحدى ّ‬
‫تقدم بيان ذلك باتلفصيل يف أعمال ايلوم ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األول‪ ،‬فراجع‪.‬‬ ‫خاصة فيه‪ ،‬وقد‬
‫ج‪ -‬عن رسول اهلل ح‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫«ومن صل يللة تسع عرشة من شهر رمضان مخسني ركعة‪ ،‬يقرأ يف لك ركعة (احلمد)‬
‫ََ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ َ‬ ‫اهلل ّ‬ ‫ليق َ‬ ‫مرة‪َ ،‬‬ ‫مرة و(إذا زلزلت) مخسني ّ‬ ‫ّ‬
‫عز وجل كمن حج مائة حجة‪ ،‬واعتمر مائة‬
‫وقبل ُ‬ ‫َ‬
‫اهلل منه سائر عمله»‪.1‬‬ ‫عمرة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫د‪ -‬وأختم بذكر الصالة العامة اليت تصل يف لك يللة‪:‬‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫ستحب أن يصل يف لك يلل ٍة من شهر رمضان ركعتني بـ(احلمد)‬ ‫ّ‬
‫الكفعيم‪« :‬وي‬ ‫قال‬
‫ََُْ ُْ َ َ ْ‬ ‫ُْ َ َ ْ َُ َ ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مرة‪ ،‬و(اتلوحيد) ثالثا‪ ،‬فإذا سلم قال‪ :‬سبحان من هو حفِيظ ال يغفل سبحان من‬
‫ْ‬
‫حان َم ْن ُه َو دائ ٌِم ال يَل ُهو‪ّ .‬‬ ‫َْ ُ ُْ َ‬ ‫َْ َ ُ ُْ َ َ ْ ُ‬ ‫ُه َو َرح ٌ‬
‫ثم‬ ‫ِيم ال يعجل سبحان من ه َو قائ ٌِم ال يسهو سب‬
‫ْ َ َّ‬
‫اذل َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫يقول التّسبيحات األربع سبعا‪َّ ،‬‬
‫نب‬ ‫عظيم‪ ،‬ا ِغفِر يل‬ ‫ثم يقول‪ :‬سبحانك سبحانك يا‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ً َ‬ ‫َّ ُ ّ‬ ‫َ‬
‫ذنب»‪.2‬‬
‫يب عرشا‪ .‬من صلها غفر اهلل هل سبعني ألف ٍ‬ ‫صل ىلع انلّ ّ‬ ‫العظيم‪ .‬ثم ت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ّ ّ‬
‫العامة‬ ‫العامة واخلاصة لليايل القدر تغين عن األعمال‬ ‫تصور أن األعمال‬ ‫* وحيث قد ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫للك يللة‪ ،‬فقد وجب اتلنبيه ىلع املحافظة يف لك يلل ٍة من يلايل القدر ىلع األعمال‬
‫السيد ابن طاوس‪« :‬ومن ّ‬ ‫لك يللة‪ .‬قال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫مهمات يللة تسع‬ ‫العامة اليت ورد أنه يؤىت بها يف‬
‫ُ‬ ‫ّ ّ‬ ‫أول يللة منه‪ّ ،‬‬ ‫قدمناه يف ّ‬ ‫ّ‬
‫يتكرر لك يللة‪ ،‬فال تعرض عنه»‪.3‬‬ ‫مما‬ ‫عرشة ما‬
‫ّ‬
‫أعمال الليلة اتلّاسعة عرشة‬
‫اخلاصة باللّيلة ّ‬
‫اتلاسعة عرش‪ ،‬فيه‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وأما األعمال‬
‫ُ‬ ‫مرة‪ :‬أستغفر َ‬‫‪ -١‬مائة ّ‬
‫اهلل وأتوب إليه‪.‬‬
‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أمير المؤمنين عليه السالم‪.‬‬
‫‪ -٢‬مائة مرة‪ :‬أللهم العن قتلة ِ‬
‫الس ّيد‪« :‬وروي أنّه يَستغفر يللة تسع عرشة من شهر رمضان مائة ّ‬
‫مرة‪ ،‬ويلعن‬
‫ّ‬
‫قال‬
‫ّ‬
‫قاتل موالنا عيل عليه السالم مائة مرة»‪.‬‬
‫ُ ُّ‬ ‫ََْ‬ ‫ُ َّ َ ْ‬ ‫ُ َّ َ َ َ ُ ّ َ‬ ‫َ ََْ ُّ َ‬ ‫َّ‬
‫‪ -٣‬دعاء‪« :‬يا ذا الذِي كان قبل ك ِل شي ٍء‪ ،‬ثم خلق ك ِل شي ٍء‪ ،‬ثم يبقى ويفنى كل‬

‫‪ -1‬احلر العاميل‪ ،‬وسائل الشيعة‪39/8 :‬؛ والكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪.176 :‬‬


‫‪ -2‬الكفعمي‪ ،‬املصباح‪ .563 :‬اهلامش‪.‬‬
‫‪ -3 180‬املصدر‪.342 :‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َْ َ‬ ‫َّ‬ ‫َْ َ َ ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬


‫ماوات العلى َوال ف ِي‬
‫ِ‬ ‫شيء‪َ ،‬ويا ذا الذِي ليس ف ِي الس‬ ‫ٌ‬ ‫شي ٍء‪ ،‬يا ذا الذِي ليس ك ِمثلِه‬
‫َ َ ْ َ ُ َّ َ َ ْ َ ُ َّ َ َ ْ َ ُ َّ ٌ ُ ْ َ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ ْ ُ َ ْ ً‬ ‫ْ َ ُّ ْ‬ ‫َ‬
‫ين السفلى وال فوقهن وال تحتهن وال بينهن إِله يعبد غيره‪ ،‬لك الحمد حمدا‬ ‫األرضِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ َّ َ ُ َ َّ َ ً َ ْ‬ ‫ّ ْ َ َ َ ّ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫آل محم ٍد صالة ال يقوى على‬ ‫ال يقوى على إِحصائ ِ ِه إِل أنت‪ ،‬فص ِل على محم ٍد و ِ‬
‫َ‬
‫َّ ْ َ‬ ‫ْ‬
‫إِحصائ ِها إِل أنت»‪.‬‬
‫َْ ُ‬ ‫ْ َ ْ ُ‬ ‫َُ ّ‬ ‫َْ‬ ‫َّ ُ ْ َ ْ‬ ‫ٌ‬
‫دعاء آخر‪ :‬ألله َّم اجعل فِيما تق ِضي َوتقد ُِر م َِن األم ِر المحتومِ ‪َ ،‬وفِيما تف ُرق م َِن‬ ‫‪-٤‬‬
‫ْ‬ ‫ْ َ َُْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ ّ ُ َ ُ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫األم ِر الحكِيمِ ف ِي ليل ِة القد ِر و ِف القضاء الذِي ال يرد وال يبدل‪ ،‬أن تكتبنِي مِن‬
‫ُ َ َّ‬ ‫ُُ ُُ‬ ‫َ ُُُْ َُْ‬ ‫َ ُّ ُ ُ َ ْ ُ‬ ‫َُْ‬ ‫ُ َّ َ ْ َ َ‬
‫ور ذنوبه ُم‪ ،‬المكف ِر‬ ‫ور سعيهم‪ ،‬المغف ِ‬ ‫ور حجهم‪ ،‬المش َك ِ‬ ‫اج بيتِك الحرامِ المبر ِ‬ ‫حج ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َُْ‬
‫عنهم سيِئاتهم‪ ،‬واجعل فِيما تق ِضي وتقدِر أن تطِيل عم ِري‪ ،‬وتوسِع عل َّي ف ِي ِرز ِق‪،‬‬
‫َ ََ‬ ‫َْ ََ‬
‫َوتفعل بِي كذا وكذا‪.‬‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬


‫بي ح سبحان من ال يموت‪ ،‬سبحان‬ ‫الن ّ‬ ‫مروي عن‬ ‫دعاء آخر في هذه الليلة‬ ‫‪-٥‬‬
‫ٌ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫من ال يزول ملكه‪ ،‬سبحان من ال يخفى عليه خافية‪ ،‬سبحان من ال تسقط ورقة إل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫مبين إل بعل ِمه‬‫ٍ‬ ‫كتاب‬
‫ٍ‬ ‫بِعل ِمه‪ ،‬وال حبة في ظلمات األرض وال َرطب وال يابس إل في‬
‫َّ‬ ‫َ ُ‬ ‫َُ‬ ‫َُ ُ‬ ‫َُ ُ‬ ‫َُ ُ‬ ‫َُ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫أعظم شأنه‪ ،‬وأجل‬ ‫وبِقدرته‪ .‬فسبحانه سبحانه‪ ،‬سبحانه سبحانه‪ ،‬سبحانه سبحانه‪ ،‬ما‬
‫َ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ ّ‬ ‫ُ‬
‫صل على محم ٍد وآل ِه واجعلنا مِن عتقائك وسعداء خلقِك بمغفرتك‪،‬‬ ‫سلطانه‪ ،‬أللهم ِ‬
‫‪1‬‬
‫الرحيم‪.‬‬‫إنّك أنت الغفور ّ‬
‫الرمحة ّ‬
‫الشيخ املفيد عليه ّ‬ ‫ّ‬
‫والرضوان‪:‬‬ ‫قال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ َ‬
‫«فإذا حرضت يللة تسع عرشة‪ ،‬فاغتسل فيها قبل مغيب الشمس‪ ،‬فإذا صليت املغرب‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ونوافلها األربع والعشاء اآلخرة فصل بعدها مائة ركعة‪ ،‬تكرث فيها من قراءة (إنا‬
‫ّ‬
‫والصالة ىلع رسول اهلل صل اهلل عليه وآهل‪ّ ،‬‬
‫أنزنلاه يف يللة القدر) ّ‬
‫والصالة ىلع أمري‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األئمة املهديِّني صلوات اهلل عليهم أمجعني‪ ،‬واالبتهال يف اللعنة ّ‬ ‫املؤمنني ّ‬
‫وادلاعء‬ ‫وذريته‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ىلع ظالمهم‪ ،‬من اخلَلق أمجعني‪ ،‬وتتهد يف ّ‬
‫ولوادليك‪ ،‬وإلخوانِك من‬ ‫ادلاعء نلفسك‪،‬‬ ‫ِِ‬
‫املؤمنني‪.2»..‬‬

‫يوم يللة القدر‬


‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ادل ّ‬
‫يف األمور ّ‬
‫نيوية حنرص اعدة ىلع اغتنام لك فرصة حنتمل حصول ربح بسببها‪،‬‬
‫ّ‬
‫وباتلناسب معه‪ ،‬وهو من حيث املبدأ‬ ‫ُ‬
‫االهتمام‬
‫ّ‬ ‫ولكّما اكن احتمال ّ‬
‫الربح أكرث‪ ،‬اشتد‬
‫ُ‬

‫‪ -1‬أورد هذه األدعية السيد يف اإلقبال‪.349-348/1 :‬‬


‫‪181‬‬ ‫‪ -2‬الشيخ املفيد‪ ،‬املقنعة‪.167-166 :‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫يين‪ ،‬فتفوتنا ف َر ٌص فريدة يه من‬ ‫عقاليئ‪ّ ،‬إل أنّنا ال ّ‬
‫نهتم بتطبيقه يف املجال ِّ‬
‫ادل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫أصل‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫عرض عنها‪.‬‬‫انلفحات الرمحانية‪ ،‬اليت ينبيغ أن نتعرض ّهلا‪ ،‬وال ن ِ‬
‫يوم يللة القدر‪ ،‬الي َورد أنّه لكيلة القدر يف الفضيلة؛ ّ‬
‫مما‬ ‫المهملة ُ‬
‫من هذه الفرص ُ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫طول ظرف يللة القدر وخصائصه ليشمل ايلوم ّ‬ ‫أن اهلل تعاىل َّ‬‫ّ‬
‫اتلايل‪،‬‬ ‫يعين بوضوح‬
‫ً‬ ‫سع َفيْض ّ‬‫فيكون ُمتَّ ُ‬
‫الرمحة ُمضاعفا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫تتهاون بيوم القدر‪ ،‬اتكاال ىلع ما عملته يف يللته‬ ‫ال‬
‫الصادقني‪،‬‬ ‫عدة جهات عن ّ‬ ‫ّ‬
‫الرواية من‬‫أن ّ‬‫ّ‬ ‫الس ّيد ابن طاوس عليه ّ‬
‫الرمحة‪« :‬واعلم‬
‫ّ‬
‫قال‬
‫ٍ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫هلل جل جالل عليهم أفضل الصلوات‪ ،‬أن يوم يلل ِة القدر مثل يللته‪ ،‬فإياك أن‬ ‫عن ا ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫هون بنهار تسع عرشة‪ ،‬أو إحدى وعرشين‪ ،‬أو ثالث وعرشين‪ ،‬وتت ِك ىلع ما عملته‬ ‫تُ ِّ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وحقوق ربوبيته‪ .‬وكن يف‬ ‫ِ‬ ‫ستكثه ملوالك‪ ،‬وأنت اغفل عن عظيم نعمتِه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫يف يللتِها وت‬
‫ّ‬
‫هذه األيّام اثلالثة املعظمات ىلع أبلغ الغايات‪ ،‬يف العبادات وادلعوات‪ ،‬واغتنام احلياة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫الطاهرين ما قدمناه‬ ‫الروايات عن ّ‬ ‫واملهم من هذه اللّيايل يف ظاهر ّ‬ ‫ّ‬ ‫قبل املمات‪".." .‬‬
‫الرواية يف ذلك‬ ‫يومها‪ .‬فمن ّ‬ ‫«أهمها» يللة ثالث وعرشين‪ ،‬فال تُهمل َ‬ ‫ّ‬ ‫اتلرصيح‪ ،‬أن‬ ‫من ّ‬
‫ّ‬
‫بأسنادنا عن هشام بن احلكم رضوان اهلل عليه‪ ،‬عن أيب عبد اهلل الصادق صلوات‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫حديث آخر عن الصادق‬ ‫ٍ‬ ‫اهلل عليه‪ ،‬أنه قال‪ :‬يومها مثل يللتها ‪-‬يعين يللة القدر‪ .‬ويف‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫حديث آخر عن أيب عبد‬ ‫ٍ‬ ‫×‪ ،‬قال‪ :‬يه يف لك سن ٍة يللة‪ ،‬وقال‪ :‬يومها مثل يللتِها‪ .‬ويف‬
‫ً‬ ‫َُ ُ‬ ‫ّ‬
‫سأل بعض أصحابنا "‪ :"..‬كيف تكون يللة القدر خريا من ألف شهر؟‬ ‫اهلل ×‪ ،‬أنه‬
‫العمل فيها ٌ‬ ‫ُ‬
‫شهر‪ ،‬ليس فيه يللة القدر‪ ،‬وقال أبو عبد اهلل‬ ‫ٍ‬ ‫خري من العمل يف ألف‬ ‫قال‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫×‪ :‬يومها مثل يللتها ‪ -‬يعين يللة القدر‪ ،‬ويه تكون يف لك سنة» ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ّ‬ ‫َّ ّ‬ ‫َّ‬
‫عز وجل‪ ،‬يَستوجب أن نميض بعض الليايل‬ ‫إن ما نطمع للحصول عليه من مغفرة اهلل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫واتل ّ‬
‫هجد والعبادة‪ ،‬ونواصل العمل بنفس الوترية يف أيّام تلك الليايل‪ ،‬فإنا‬ ‫باإلحياء ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫هدف هو أقل بكثري من هذا اهلدف‬ ‫ٍ‬ ‫قد نبذل جهدا مماثال أو مضاعفا من أجل‬
‫ّ‬
‫صريي‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الم‬

‫‪ -1 182‬اإلقبال‪.350/1 :‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫‪١٩‬‬
‫شهر رمضان‬

‫* العرش األواخر‬
‫* أعماهلا اخلاصة‬
‫* االعتاكف‬
‫* داعء ايلوم اتلاسع عرش‬
‫* صالة الليلة العرشين‬

‫‪183‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫العرش األواخر‬
‫ٍّ‬ ‫شخصية ّ‬ ‫ّ‬
‫خاص هلا‬ ‫ممية ينبيغ تقديم احرتامٍ‬ ‫لليايل العرش األخرية من شهر رمضان‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يتجل باالهتمام بها بما يتناسب مع كونها اغية الغاية ونقطة انلهاية من القمة اليت بدأ‬
‫ً‬ ‫السري حنوها من ّ‬ ‫ّ‬
‫أول يللة من شهر رجب‪ ،‬ويتناسب أيضا مع كونها قاعدة االنطالق‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫انلموذجية حنو مدارج الكمال اإلنساين‪ ،‬واتلحليق يف آفاق القرب اليت ال تقع اجلنة‬
‫ب َذل َِك ُه َو الْ َف ْو ُز الْ َع ُ‬ ‫َ‬
‫يم﴾ اتلوبة‪.72 :‬‬ ‫ظِ‬ ‫ان م َِن الل َِّ أ ْك َ ُ‬ ‫َ ْ َ ٌ‬
‫حمطة يف طريقها‪..﴿ :‬و ِرضو‬ ‫ّإل ّ‬
‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أول يللة من شهر رمضان قام‬ ‫يل بن أيب طالب × أنه قال‪« :‬لما اكن‬ ‫عن موالنا ع ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫رسول اهلل صىل اهلل عليه وآهل‪ ،‬فحمد اهلل وأثىن عليه ثم قال‪ :‬أيها انلاس‪ ،‬قد كفاكم‬
‫ْ ُ َ ْ َ ْ َ ُ‬
‫جب لك ْم‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ون أست ِ‬ ‫اهلل عدوكم من اجلن واإلنس‪ ،‬ووعدكم اإلجابة وقال‪..﴿ :‬ادع ِ‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫شيطان مريد سبعة من املالئكة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫﴾اغفر‪ .60:‬أال وقد وك اهلل سبحانه وتعاىل بكل‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ينقيض ُ‬
‫َ‬
‫شهر رمضان‪ ،‬أال وأبواب السماء مفتحة من أول يلل ٍة منه‬ ‫بمحلول حىت‬
‫ٍ‬ ‫فليس‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اىل آخر يلل ٍة منه‪ ،‬أال وادلاعء فيه مقبول‪ .‬حت إذا اكن أول يللة من العرش قام فحمد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اهلل وأثىن عليه وقال مثل ذلك‪ّ ،‬‬
‫ثم قام وشمر وشد املزئر وبرز من بيته واعتكف وأحيا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الليل لكه‪ ،‬واكن يغتسل لك يللة منه بني العشائني‪ .‬فقلت‪ :‬ما معىن شد املزئر؟ فقال‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يعزتهلن»‪.1‬‬ ‫فيهن – ويف رواية أخرى‪ :‬انه ما اكن‬ ‫اكن يعزتل النساء‬
‫ّ‬ ‫وعن اإلمام ّ‬
‫الصادق ×‪« :‬اكن رسول اهلل صل اهلل عليه وآهل‪ ،‬إذا دخل العرش األواخر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شد املزئر‪ ،‬واجتنب النساء‪ ،‬وأحيا الليل وتفرغ للعبادة»‪.2‬‬
‫َّ‬ ‫ّ‬
‫ولعل شد املزئر كناية عن التشمري وبذل اغية اجلهد‪.3‬‬
‫ّ‬
‫واكن إذا دخلت العرش األخرية من شهر رمضان يطوى فراشه ‪ .‬ولقد اكن صل اهلل‬
‫‪4‬‬

‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬


‫عليه وآهل دائما ويف لك الليايل املصداق األوضح لقوهل تعاىل‪﴿ :‬ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫ﮑ﴾ و﴿ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ﴾‪ ،‬إل أنه صل اهلل عليه وآهل اكن يف الليايل العرش األخرية‬
‫ًّ ّ‬ ‫من شهر رمضان يرتك ّ‬
‫نهائيا ألنها آخر ضيافة الرمحن‪ ،‬فينبيغ أن نتعاىط معها ىلع‬ ‫انلوم‬
‫اقتداء بمن جعله اهلل تعاىل األسوة احلسنة للخلق‪.‬‬ ‫ً‬ ‫هذا األساس‬
‫ّ‬
‫األعمال اخلاصة للعرش األواخر‬
‫ّ‬
‫صل اهلل عليه وآهل بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة يف هذه العرش اخلاتمة‬ ‫ٍ‬ ‫وقد تناقلت األجيال اهتمامه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫للشهر‪ ،‬تكشف بمجموعها عن شخصيتها املمية‪ ،‬كما أكد األئمة من عرتته اذلين‬

‫‪ -1‬اإلقبال‪.72-71/1:‬‬
‫‪ -2‬العالمة احليل‪ ،‬تذكرة الفقهاء ‪.236/6‬‬
‫‪ُ -3‬فرس بغري ذلك يف ذيل الرواية املتقدمة عن األمري × فالحظ‪.‬‬
‫والس ّيد الطباطبايئ‪ُ ،‬سنن النيب‪.322| :‬‬
‫‪ -4‬املحدث النوري‪ ،‬مستدرك الوسائل‪470/7:‬؛ ّ‬ ‫‪184‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ً‬ ‫ّ‬
‫صل اهلل عليه وعليهم ىلع أعمال ّ‬ ‫ٌ‬
‫خاصة بها أيضا‪ ،‬واملجموع كما ييل‪:‬‬ ‫استمرار هل‬ ‫هم‬
‫ّ‬
‫‪ -1‬جماورة سيد الشهداء ×‬
‫«ذكر ما خنتار روايته من فضل املهاجرة إىل احلسني‬ ‫ُ‬ ‫الس ّيد ابن طاوس‪:‬‬
‫قال ّ‬
‫صلوات اهلل عليه يف العرش األواخر من شهر رمضان‪ :‬روينا ذلك بأسنادنا "‪"..‬‬
‫يل بن موىس عليهما السالم يقول‪ :‬عمرة يف شهر رمضان‬ ‫قال‪ :‬سمعت الرضا ع ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تعدل حجة‪ ،‬واعتاكف يللة يف شهر رمضان يعدل حجة‪ ،‬واعتاكف يللة يف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مسجد رسول اهلل صل اهلل عليه وآهل وعند قربه يعدل حجة وعمرة‪ ،‬ومن زار‬
‫ّ‬
‫احلسني عليه السالم يعتكف عنده العرش "‪ "..‬الغوابر من شهر رمضان فكأنما‬
‫ّ ّ‬
‫انليب صل اهلل عليه وآهل‪ ،‬ومن اعتكف عند قرب رسول اهلل‬ ‫اعتكف عند قرب‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫صل اهلل عليه وآهل اكن ذلك أفضل هل من حجة وعمرة بعد حجة اإلسالم‪ .‬قال‬
‫ّ‬ ‫ْ‬
‫الرضا عليه السالم‪ :‬ويلحرص من زار احلسني عليه السالم يف شهر رمضان أال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يفوتَه يللة ُ‬
‫اجل َه ّ‬
‫املرجوة‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫ين عنده‪ ،‬ويه يللة ثالث وعرشين‪ ،‬فإنها الليلة‬
‫ّ‬
‫وأدىن االعتاكف ساعة بني العشائني‪ ،‬فمن اعتكفها فقد أدرك حظه ‪-‬أو قال‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫نصيبه‪ -‬من يللة القدر»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫‪ -2‬الغسل يف لك يللة‬
‫ّ‬ ‫األول تعداد املوارد اليت ي ُ‬ ‫ّ‬
‫تقدم يف عمل الليلة األوىل وايلوم ّ‬
‫ستحب فيها‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌّ‬ ‫ّ‬
‫مستحب يف لك يللة‪ ،‬ويضاف إىل ذلك أن استحباب الغسل يف لك‬ ‫الغسل‪ ،‬وأنه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يللة من العرش األواخر قد ورد احلث عليه كعنوان مستقل‪.‬‬
‫ّ‬
‫عن أيب عبد اهلل (اإلمام الصادق) × قال‪« :‬اكن رسول اهلل صل اهلل عليه وآهل‬
‫ّ‬
‫‪2‬‬
‫يغتسل يف شهر رمضان يف العرش األواخر يف لك يللة»‪.‬‬

‫االعتـاكف‬
‫* تعـريفـه‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪3‬‬
‫أ‪ -‬هو اللبث يف ماكن خمصوص للعبادة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ب‪ -‬االعتاكف يف اللغة هو اللبث املتطاول‪ ،‬ويف الرشع قيِّد بالعبادة‪ 4.‬أي أنه يف الرشع‬

‫‪ -1‬اإلقبال‪.358/1:‬‬
‫‪ -2‬املصدر‪.‬‬
‫‪ -3‬الشيخ الطويس‪ ،‬مصباح املتهجد‪.635:‬‬
‫‪185‬‬ ‫‪ -4‬املصدر‪.243:‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬
‫بنية العبادة‪ .‬وال جيوز االعتاكف عند علمائنا أقل‬ ‫اللّبث الطويل يف ماكن واإلقامة فيه ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫للعامة اكفة‪ ،‬فإن الشافيع لم يقدره حبد‪ ،‬بل‬ ‫من ثالثة أيّام بليلتني متوايلات‪ ،‬خالفا‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫‪1‬‬
‫جوز اعتاكف ساعة واحدة فأقل‪ ،‬وهو( منقول أيضا) عن أمحد‪ ،‬وأيب حنيفة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وقد روي عن اإلمام الصادق ×‪« :‬ال يكون االعتاكف أقل من ثالثة أيام ومن‬
‫‪2‬‬
‫اعتكف صام»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫وقد تقدم استحباب كونه عرشة أيام اقتداء برسول اهلل صل اهلل عليه وآهل‪.‬‬

‫ُ‬
‫حقيقتـه‬ ‫*‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يمثل االعتاكف رفع وترية الصوم إىل أقىص احلدود املمكنة للك صائم‪ ،‬وإتاحة الفرصة‬
‫ّ‬
‫هل بللوغ أىلع ادلرجات من خالل تهيئة أفضل مناخ أشد خصوصية ضمن املناخ‬
‫نوع وقف للنفس ىلع طاعة ّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫احلق سبحانه‬ ‫ٍ‬ ‫اخلاص أصال‪ ،‬األمر اذلي جيعل االعتاكف‬
‫ً‬
‫وجمانبة ابلاطل‪ ،‬ودخوال يف دورة تدريبية طوعية ينحرص االنتساب إيلها باملشاركني يف‬
‫ضيافة الرمحن بالصوم‪ ،‬تهدف إىل نرش ثقافة «وقف انلفس ىلع احلق»‪.‬‬
‫ّ ّ‬
‫قال السيد ابن طاوس عليه الرمحة‪:‬‬
‫أن كمال االعتاكف هو إيقاف العقول والقلوب واجلوارح ىلع ّ‬ ‫ّ‬
‫جمرد العمل‬ ‫«واعلم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الصالح‪ ،‬وحبسها ىلع باب اهلل جل جالهل ومقدس إرادته‪ ،‬وتقييدها بقيود مراقباته‪،‬‬
‫ّ‬
‫وصيانتها عما يصون الصائم كمال صونه عنه‪ ،‬ويزيد ىلع احتياط الصائم يف صومه‬
‫زيادة معىن املراد من االعتاكف‪ ،‬وااللزتام بإقباهل ىلع اهلل وترك اإلعراض عنه‪ .‬فمىت‬
‫ً‬
‫أطلق املعتكف خاطرا لغري اهلل يف طرق أنوار عقله وقلبه‪ ،‬أو استعمل جارحة يف غري‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطاعة لربه‪ ،‬فإنه يكون قد أفسد من حقيقة كمال االعتاكف بقدر ما غفل أو ه َّون‬
‫‪3‬‬
‫به من كمال األوصاف»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وهكذا نكون مع خصائص االعتاكف أمام مفصل تربوي بالغ األهمية ملن أراد تزكية‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وامليض يف مدارج الكمال اإلنساين‪ ،‬جيب أن حيتل موقعه الطبييع يف حركة‬ ‫نفسه‬
‫العمل اثلقايف والرتبوي‪ ،‬تلصبح املساجد اجلامعة يف شهر اهلل تعاىل مراكز إعداد نويعّ‬
‫ً ّ‬
‫قد ال يكون ُمتاحا إل من خالل االعتاكف‪.‬‬
‫ّ‬
‫إنها أمنية برسم املعنيّني‪.‬‬

‫‪ -1‬املصدر‪ .242:‬بترصف‪.‬‬
‫‪ -2‬املصدر‪.243:‬‬
‫‪ -3‬اإلقبال‪ .358/1:‬بترصف يسري‪.‬‬ ‫‪186‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ُ‬
‫* فضله‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫عظيم الفضل‬ ‫قال السيد‪« :‬االعتاكف يف هذه العرش األواخر من شهر رمضان‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والرجحان‪ ،‬مقدم ىلع غريه من األزمان‪ .‬وقد روينا بعدة طرق عن الشيخ حممد بن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫يعقوب الكيين‪ ،‬وأيب جعفر حممد بن بابويه‪ ،‬وجدي أيب جعفر الطويس قدس اهلل‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العرش األواخر من شهر‬ ‫أرواحهم أن رسول اهلل صل اهلل عليه وآهل اكن يعتكف هذه‬
‫‪1‬‬
‫رمضان»‪.‬‬
‫مستحب مندوبٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫وقال الشيخ الطويس‪« :‬االعتاكف يف العرش األواخر من شهر رمضان‬
‫إيله فيه فضل كثري "‪ "..‬وحيتاج إىل رشوط ثالثة‪ :‬أحدها‪ :‬أن يعتكف يف أحد املساجد‬
‫انليب | أو مسجد الكوفة أو مسجد ابلرصة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫األربعة‪ :‬املسجد احلرام أو مسجد‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫واثلاين‪ :‬أن يصوم يف زمان االعتاكف‪ .‬وثاثلها‪ :‬أن يكون ثالثة أيام فصاعدا‪ .‬وجيب‬
‫ُ ُ ْ‬ ‫ّ‬
‫المح ِرم؛ من النساء‪ ،‬والطيب‪ ،‬واملماراة‪ ،‬واجلدال‪ .‬وجيب‬ ‫عليه أن جيتنب لكما جيتنبه‬
‫ّ‬ ‫عليه أيضا ً ُ‬
‫وامليش حتت الظالل‬ ‫ِ‬ ‫ترك ابليع والرشاء واخلروج عن املسجد إل لرضورة‪،‬‬
‫مع االختيار‪ ،‬والقعو ِد يف غريه مع االختيار‪ ،‬والصالة يف غري املسجد اذلي اعتكف‬
‫ً ْ ّ‬ ‫يصل كيف شاء وأين شاء‪ ،‬ومىت َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫جامع نهارا لزمته كفارتان‪ ،‬وإن‬ ‫فيه إل بمكة‪ ،‬فإنه‬
‫ً‬ ‫ً ْ ّ‬
‫جامع يلال لزمته كفارة واحدة مثل ما يلزم من أفطر يوما من شهر رمضان‪ ،‬وإذا مرض‬
‫‪2‬‬
‫ثم يُعيدان االعتاكف والصوم»‪.‬‬ ‫خرجا من املسجد‪ّ ،‬‬
‫املعتكف أو حاضت املرأة َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫انليب |اكن يعتكف‬ ‫ّ‬ ‫وقال العلمة احلل‪« :‬وقد أمجع املسلمون ىلع استحبابه‪ ،‬ألن‬
‫ّ‬
‫يف لك سنة‪ ،‬ويداوم عليه‪ .‬وأفضل أوقاته العرش األواخر من شهر رمضان‪ .‬قال رسول‬
‫حجتني وعمرتني‪َ .‬‬ ‫ّ‬
‫وداوم ىلع اعتاكفها‬ ‫اهلل |‪ :‬اعتاكف عرش يف شهر رمضان يعدل‬
‫ُ ّ‬ ‫ّ‬
‫حت قبضه اهلل تعاىل‪ .‬فمن رغب إىل املحافظة ىلع هذه السنة فينبيغ أن يدخل املسجد‬
‫‪3‬‬ ‫ّ‬
‫قبل غروب الشمس يوم العرشين حت ال يفوته شئ من يللة احلادي والعرشين»‪.‬‬
‫ُ‬
‫* مكانـه‬
‫يُشرتط أن يكون االعتاكف يف مسجد‪ ،‬واألفضل أن يكون املسجد اجلامع‪،‬‬
‫نيب أو ّ‬ ‫ّ‬
‫صل فيه اجلمعة ٌّ‬
‫ويص‪.‬‬ ‫مسجد‬
‫ٍ‬ ‫واألفضل منه يف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قال العلمة احلل‪« :‬وقد أمجع علماء األمصار ىلع اشرتاط املسجد يف اجلملة‪ ،‬لقوهل‬
‫‪4‬‬
‫تعاىل‪ ..﴿ :‬ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ‪ ﴾..‬ابلقرة‪.»187 :‬‬

‫املصدر‪.358-357:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫الشيخ الطويس‪ ،‬مصباح املتهجد‪.636-635:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫العالمة احليل‪ ،‬تذكرة الفقهاء‪.240/6:‬‬ ‫‪-3‬‬
‫‪187‬‬ ‫املصدر‪.246:‬‬ ‫‪-4‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يصح االعتاكف يف لك مسجد‪ .‬وقال‪ :‬وأفضل االعتاكف‬ ‫«وقال ابن أيب عقيل "‪:"..‬‬
‫يف املسجد احلرام‪ ،‬ومسجد الرسول |‪ ،‬ومسجد الكوفة‪ ،‬وسائر األمصار مساجد‬
‫‪1‬‬
‫اجلمااعت»‪.‬‬

‫ُ‬
‫زمانـه‬ ‫*‬
‫ّ‬
‫عن أيب عبد اهلل (اإلمام الصادق) × قال‪« :‬اعتكف رسول اهلل صل اهلل عليه وآهل‬
‫أول ما فرض شهر رمضان يف العرش َ‬
‫األول‪ ،‬ويف السنة اثلانية يف العرش األوسط‪ ،‬ويف‬ ‫يف ّ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬
‫‪2‬‬
‫السنة اثلاثلة يف العرش األواخر‪ ،‬فلم يزل يفعل ذلك حت مىض»‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫قال الشيخ الطويس‪« :‬وأفضل األوقات لالعتاكف يف العرش األواخر من شهر رمضان»‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وقد تقدم ذلك عن العلمة احلل أيضا‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -4‬األدعية اخلاصة‬
‫املختص بالعرش األواخر»‪ّ 4.‬‬
‫ثم‬ ‫ّ‬ ‫الطويس عليه الرمحة‪« :‬ونذكر اآلن ادلاعء‬‫ّ‬ ‫قال الشيخ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ترد يف املصادر املختلفة‪ ،‬واهلدف هنا اتلنبيه ىلع أن مما يدل ىلع‬ ‫أورد األدعية اليت ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وجود عنوان مستقل وممي هو العرش األواخر‪ ،‬أن هلذه الليايل أدعية خاصة بها‪.‬‬
‫اخلاصة بالعرش األواخر ىلع قسمني‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫وهذه األدعية‬
‫ّ‬
‫مايُدىع به يف لك يللة منها‪.‬‬
‫وما يُدىع به يف يللة واحدة منها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مرويان عن‬ ‫وأكتيف هنا بذكر داعءين يُدىع بهما يف لك يللة من العرش األخرية‪ ،‬وهما‬
‫اإلمام الصادق ×‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -1‬عن أيب عبد اهلل × قال‪« :‬تقول يف العرش األواخر من شهر رمضان لك‬
‫ّ‬
‫يللة‪ :‬أعوذ جبالل وجهك الكريم أن ينقيض عن شهر رمضان‪ ،‬أو يطلع الفجر‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫‪5‬‬
‫من يلليت هذه‪ ،‬وبيق لك عندي تبعة أو ذنب تعذبين عليه يوم ألقاك»‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫وقد روي بدون لكميت «يوم ألقاك»‪ ،‬كما روي مع إضافة‪.‬‬
‫َ ِّ ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -2‬عن اإلمام الصادق × أنه اكن يقول بعد الفرائض وانلوافل‪« :‬أمهلل أد عنا‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حق ما مىض من شهر رمضان‪ ،‬واغفر نلا تقصرينا فيه‪ ،‬وتسلمه منا مقبوال‪،‬‬

‫املصدر‪.244:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫اإلقبال‪.230/1:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫املصباح‪.635 :‬‬ ‫‪-3‬‬
‫املصباح‪.628:‬‬ ‫‪-4‬‬
‫اإلقبال‪.365/1:‬‬ ‫‪-5‬‬
‫أورد ه مع إضافات‪ ،‬الشيخ الطويس‪ ،‬املصباح‪.628 :‬‬ ‫‪-6‬‬ ‫‪188‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫وال تؤاخذنا بإرسافنا ىلع أنفسنا‪ ،‬واجعلنا من املرحومني وال جتعلنا من‬
‫املحرومني‪ .‬فمن قال ذلك غفر اهلل ما اجرتح يف ما مىض من شهر رمضان‪،‬‬
‫َ‬
‫‪1‬‬
‫وعصمه يف ما بيق»‪.‬‬

‫‪ -5‬زيادة انلوافل يف العرش األواخر‬


‫ّ‬
‫كما ينبيغ أن يلحظ يف السياق املتقدم ارتفاع وترية انلوافل يف العرش األواخر‪،‬‬
‫يلبلغ عدد نوافلها نصف نوافل شهر رمضان‪ ،‬باإلضافة إىل احتضانها أفضل‬
‫يللتني من الليايل اليت يُرىج اتلوفيق فيها لليلة القدر‪.‬‬

‫داعء ايلوم اتلاسع عرش‬


‫َْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬
‫«امهللّ وفر فيه حظي من براكته‪ ،‬وسهل سبييل إىل خياته‪ ،‬وال حترمين قبول حسناته‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫يا هاديا إىل احلق املبني»‪.‬‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫وبرق هل‬ ‫ال يدرك املقيم يف الظلمات مدى حرمانه والعىم‪ ،‬فإذا الح هل وميض نور‪،‬‬
‫ّ‬
‫المع من ضياء‪ ،‬طال منه األنني وتواصل بث الشكوى واحلنني‪.‬‬
‫تلك يه حال ادلايع بعدما مىض من الشهر أكرثه‪.‬‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫عميت ٌ‬
‫عني ال تراك عليها رقيبا "‪ "..‬مىت غبت حىت حتتاج إىل ديلل‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ومىت خيف احلق املبني الرصاح حت ال يرى‪ ،‬ومىت اتضح العىم واليغ والضالل؟‬
‫جب‪ ،‬وال‬ ‫احلق‪ .‬إنّه الضالل ابلعيد‪ .‬حالت بيين وبينك احل ُ ُ‬ ‫إليه لفرط ضاليل ال أرى ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫سبيل إىل العودة إل بتوفريك حظي من الرباكت‪ ،‬وتسهيلك سبييل إىل اخلريات‪ ،‬وتوفييق‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫وأصل‪ .‬يا هاديا إىل‬ ‫إىل الطااعت واحلسنات‪ .‬بك عرفتك‪ ،‬وبك يمكنين أن أعود إيلك ِ‬
‫ّ‬
‫احلق املبني‪.‬‬

‫صالة الليلة العرشين‬


‫ُ َّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -1‬حصة هذه الليلة من األلف ركعة‪ :‬يه آخر يللة تصل فيها عرشون ركعة‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫وبدءا من الليلة القادمة تصبح صلوات الليايل عبارة عن ثالثني‬ ‫بالرتتيب املتقدم‪.‬‬
‫ركعة‪.‬‬
‫صل يللة عرشين ثماين ركعات (بما ّ‬‫ّ‬
‫تيس) غفر اهلل‬ ‫‪ -2‬عن رسول اهلل |‪« :‬ومن‬
‫ّ‬
‫‪2‬‬
‫هل ما تقدم من ذنبه وما تأ خر»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«ويستحب أن يصل يف لك يللة من شهر رمضان ركعتني‬ ‫‪ -3‬قال الكفعيم‪:‬‬

‫‪ -1‬الكفعمي‪ ،‬املصباح‪ .582:‬وقد أورده املحدث القمي يف مفاتيح اجلنان‪.‬‬


‫‪189‬‬ ‫‪ -2‬احلر العاميل‪ ،‬وسائل الشيعة‪ 39/8:‬؛الكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ .176:‬وما بني القوسني منه‪.‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬


‫باحلمد"‪ "..‬واتلوحيد ثالثا‪ ،‬فإذا سلم قال‪ :‬سبحان من هو حفيظ ال يغفل‪ ،‬سبحان‬
‫قائم ال يسهو‪ ،‬سبحان من هو ٌ‬
‫دائم ال يلهو‪.‬‬ ‫رحيم ال يعجل‪ ،‬سبحان من هو ٌ‬‫ٌ‬ ‫من هو‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ثم يقول التسبيحات األربع سبعا‪ ،‬ثم يقول‪ :‬سبحانك سبحانك يا عظيم‪ .‬إغفر يل‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫تصل ىلع ّ‬ ‫اذلنب العظيم‪ّ .‬‬
‫‪1‬‬
‫انليب عرشا‪ .‬من صلها غفر اهلل هل سبعني ألف ذنب»‪.‬‬ ‫ثم‬

‫‪ -1‬الكفعمي‪ ،‬املصباح‪ .563:‬اهلامش‪.‬‬ ‫‪190‬‬


‫أعمال شهر رمضان‬

‫‪20‬‬
‫شهر رمضان‬

‫* يف حمراب ع ّ‬
‫يل خ‬
‫* الغريب املظلوم‬
‫ّ‬ ‫حب ع ّ‬‫* ّ‬
‫يل أو حب ادلنيا‬
‫* يا ِ َّ‬
‫س يللة القدر‬
‫* كيوم فقد املصطىف ح‬
‫ّ‬
‫* فتـح مكـة‬
‫* داعء ايلوم العرشين‬
‫* الليلة احلادية والعرشون‬
‫* فضيلتها‬
‫ّ‬
‫* األعمـال اخلاصـة‬

‫‪191‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫يف حمراب ع ّ‬
‫يل ×‬
‫بني اتلاسع عرش واحلادي والعرشين من شهر رمضان املبارك يومان اكنت قلوب‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫ويتفجر ّ‬
‫فوار هليبها فجيعة بشهادة‬ ‫تتفطر ً‬
‫أىس ولوعة‪،‬‬ ‫املؤمنني تزنف فيهما دما ً قبل أن ّ‬
‫يل ×‪.‬‬ ‫سيد الوصيني ع ّ‬‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫سيدنا وموالنا ّ‬
‫بقية اهلل يف َ‬ ‫إىل ّ‬
‫األرضني أقدم العزاء بذكرى شهادة جده املرتىض ×‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫من حمراب أيب احلسن × ينبيغ ادلخول إىل يللة القدر‪ ،‬ومن حمرابه نتذكر فتح مكة‬
‫ولك جوالت اإلسالم احلاسمة ما بني بدر ُ‬
‫وحنني‪ ،‬بل وما بني بدر ّ‬ ‫ّ‬
‫وانلهروان‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫مصاب شهيدها؟‬ ‫وهل يُدرك أحد يللة القدر إذا لم يَدمِ قلبَه‬
‫ممن ﴿‪ ..‬ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﴾ انلرص‪ ،2:‬إذا‬ ‫وهل يمكن ألحد أن يكون ّ‬
‫لم ي ِعش الفجيعة باملرتىض؟‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بل هل يمكن ألحد أن يديع اإلسالم إذا لم خيفق قلبه حبب عيل؟‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬
‫كين دما؟‬
‫مصاب طاملا أبكى املصطىف |‪ ،‬كيف أكون مقتديا برسول اهلل إذا لم يب ِ‬
‫ً‬
‫عليا (أي اعنقه) ّ‬
‫أن رسول اهلل | الزتم ّ‬‫ّ‬
‫وقبل ما بني عينيه وقال‪« :‬بأيب الشهيد‪.‬‬ ‫روي‬
‫‪1‬‬
‫بأيب الوحيد الشهيد»‪.‬‬

‫الغريب املظلوم‬
‫ً‬
‫يل × حاكما يقود‬ ‫وهذه الليلة أيّها املوالون ذكرى غربة ع ّ‬
‫يل وذكرى شهادته‪ .‬اكن ع ّ‬
‫اجليوش وحتُ ّف به األلوية‪ّ ،‬إل أنّه اكن يف الواقع غريبا غربة ّ‬
‫احلق بني أهل ابلاطل‪.‬‬
‫ً‬

‫يقول ابن أيب احلديد‪« :‬وأعجب وأطرف ما جاء به ادلهر ‪-‬وإن اكنت عجائبه وبدائعه‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬ ‫مجة‪ -‬أن يُفيض ُ‬ ‫ّ‬
‫يل × إىل أن يصري معاوية ندا هل ونظريا مماثال‪ ،‬يتعارضان‬ ‫أمر ع ّ‬
‫يل ×‬ ‫ُ‬
‫الكتاب واجلواب‪ ،‬ويتساويان يف ما يواجه به أحدهما صاحبه‪ ،‬وال يقول هل ع ٌّ‬
‫ّ ً ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫حممدا صل اهلل عليه وآهل اكن شاهد‬ ‫لكمة إل قال مثلها‪ ،‬وأخشن َم ّسا منها‪ ،‬فليْت‬
‫املشاق يف ّ‬‫ّ‬ ‫ً ّ‬ ‫ً‬
‫حتملها‪،‬‬ ‫ذلك‪ ،‬لريى عيانا ال خربا أن ادلعوة اليت قام بها‪ ،‬وقاىس أعظم‬
‫اذلب عنها‪ ،‬ورضب بالسيوف عليها تلأييد دوتلها‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫وشيد أراكنها‪،‬‬ ‫واكبد األهوال يف‬
‫ّ‬
‫كذبوه‪ّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫لما داع إيلها‪ ،‬وأخرجوه عن‬ ‫ومأل اآلفاق بها‪ ،‬خلصت صفوا عفوا ألعدائه اذلين‬
‫ّ‬ ‫وأدموا وجهه‪ ،‬وقتلوا ّ‬‫حض عليها‪َ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫أوطانه ّ‬
‫عمه وأهله‪ ،‬فكأنه اكن يسىع هلم ويدأب‬ ‫لما‬
‫مر بقرب محزه‪ ،‬ورضبه برجله‪ ،‬وقال‪:‬‬ ‫لراحتهم‪ ،‬كما قال أبو سفيان يف أيّام عثمان‪ ،‬وقد ّ‬
‫إن األمر اذلي اجتدلنا عليه بالسيف أمىس يف يد غلماننا ايلوم ّ‬ ‫ّ‬
‫يتلعبون‬ ‫يا أبا عمارة!‬

‫‪ -1‬أنظر‪ :‬الشيخ املفيد‪ ،‬األمايل‪.74:‬‬ ‫‪192‬‬


‫أعمال شهر رمضان‬

‫ًّ‬ ‫به! ّ‬
‫عليا كما يتفاخر األكفاء وانلظراء»‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ثم آل األمر إىل أن يفاخر معاوية‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫* وقد قال عليه السالم البن عباس‪« :‬ق ِرنت بابن آكلة األكباد‪ ،‬وعمرو‪ ،‬وعقبة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ليق يف رويع أن األمر ينقاد إىل‬‫والويلد‪ ،‬ومروان‪ ،‬وأتباعهم‪ ،‬فمىت اختلج يف صدري وأ َ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪2‬‬
‫دنيا يكون هؤالء فيها رؤوسا يطاعون‪.»..‬‬
‫* كما أوضح عليه السالم ما اكن عليه انلاس من حوهل حني قال ألحد أصحابه‪:‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َّ ّ‬
‫يل اعمة شيعيت اذلين بهم أقاتل‪ ،‬اذلين أق ّروا بطاعيت وسموين أمري‬ ‫«واهلل لو أدخلت ع‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫املؤمنني واستحلوا جهاد من خالفين فحدثتهم ببعض ما أعلم من احلق يف الكتاب‬
‫ّ‬ ‫حممد صىل اهلل عليه وآهل وسلّم‪ّ ،‬‬
‫تلفرقوا عن‬
‫ّ‬
‫اذلي نزل به جربئيل عليه السالم ىلع‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪3‬‬
‫حت أبىق يف عصابة من احلق قليلة‪.»..‬‬
‫َ‬
‫يل عليه السالم خيطب‪ ،‬إذ قام أعرايب‬ ‫املسيب بن نَبَة أنّه قال‪« :‬بينا ع ّ‬ ‫ّ‬ ‫* وروي عن‬
‫ُ‬
‫وقال‪ :‬وامظلمتاه (اكن اإلعرايب قد ظلم من بعض انلاس وأراد أن يشكو ظالمته إىل‬
‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫يل ×‪ّ ،‬‬
‫فلما دنا قال‪ :‬إنما لك مظلمة واحدة وأنا قد‬ ‫أمري املؤمنني ×) فاستدناه ع ّ‬
‫َ‬ ‫ُ ُ‬
‫‪4‬‬
‫ظلمت عدد املدر والوبر»‪.‬‬
‫استعرض مواقفه بني يدي‬ ‫ِ‬ ‫أيّها املوايل‪ :‬وليك تعيش بعض جوانب ظالمة األمري ×‪،‬‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل |‪ ،‬من بَدء ابلعثة فنول اآلية املباركة ﴿ ﭿ ﮀ ﮁ﴾‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫واستعرض ما جرى هل بعد رسول اهلل‬ ‫ِ‬ ‫الشعراء‪ ،214:‬مرورا باهلجرة وبدر وإىل فتح مكة‪،‬‬
‫صىل اهلل عليه وآهل‪.‬‬
‫ّ‬
‫قاتل عليه السالم آل أيب سفيان يف حروبهم الستئصال اإلسالم‪ ،‬وقاتلهم وهم يدعون‬
‫أحق خبالفة رسول اهلل | منه‪ ،‬ولعنوه ىلع منابر رسول اهلل مائة اعم‪.‬‬ ‫أنّهم ّ‬
‫اكن سالم اهلل عليه حيذو حذو رسول اهلل |‪ ،‬وقد قاتل ىلع اتلأويل كما قاتل ىلع‬
‫اتلزنيل‪ ،‬ال تأخذه يف اهلل لومة الئم‪ ،‬قد وتر فيه صناديد العرب وقتل أبطاهلم وناوش‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫ذؤبانهم فأودع قلوبهم أحقادا بدرية وخيربية وحنينية وغريهم‪ ،‬فأضبت ىلع عداوته‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وأكبت ىلع منابذته حت قتل انلاكثني والقاسطني واملارقني‪ .‬كما ورد يف داعء انلُدبة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ْ‬
‫واستعرض أيّها املوايل ما جرى ىلع أهل ابليت بعد أمري املؤمنني ×‪ ،‬خصوصا ما‬
‫وسيب زينب‬ ‫حت عن طفله الرضيع‪ّ ،‬‬ ‫جرى يف كربالء من منع املاء عن أيب عبد اهلل ّ‬
‫ّ‬
‫بنت أمري املؤمنني بنت رسول اهلل صل اهلل عليه وآهل‪.‬‬

‫‪ -1‬إبن أيب احلديد‪ ،‬رشح النهج‪.136/16 :‬‬


‫‪ -2‬املحدث القمي (الشيخ عباس ) بيت األحزان‪.92 :‬‬
‫‪ -3‬املجليس‪ ،‬البحار‪.70/53‬‬
‫‪ -4‬أنظر‪ :‬إبن شهراشوب‪ ،‬املناقب‪ .382/1 :‬وحممد طاهر القمي الشريازي‪ ،‬كتاب األربعني‪:‬‬
‫‪193‬‬ ‫‪ .176‬واملجليس‪ ،‬البحار‪.374/28 :‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫استعرض ذلك تلعيش جوانب من تلك الظالمة‪ ،‬وتشارك رسول اهلل | احلزن ىلع‬
‫مصاب أمري املؤمنني‪.‬‬
‫يبك املصطىف احلبيب يف آخر مجعة من شعبان عندما أورد خطبته املباركة حول‬ ‫أولم ِ‬ ‫َ‬
‫شهر رمضان‪ ،‬ويف آخر اخلطبة سأهل أمري املؤمنني ×‪« :‬ما أفضل األعمال يف هذا‬
‫ّ‬
‫صل اهلل عليه وآهل‪ :‬أفضل األعمال الورع عن حمارم اهلل‪ّ ،‬‬
‫ثم بكى‪..‬‬ ‫الشهر؟ فقال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫سأهل أمري املؤمنني ما يبكيك؟ قال‪ :‬يا ع ّ‬
‫يل! أبكي ملا يستحل منك يف هذا الشهر‪ ،‬كأن‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫بك وأنت تصل لربك وقد انبعث أشىق األولني واآلخرين‪ ،‬شقيق اعقر ناقة ثمود‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫فيرضبك رضبة ىلع قرنك ختضب منها حليتك»‪.‬‬
‫يل أو ّ‬ ‫ّ‬
‫حب ع ّ‬
‫حب ادلنيا‬
‫يف ذكرى شهادة أمري املؤمنني ×‪ ،‬ينبيغ إذا ً أن نشارك رسول اهلل | ّ‬
‫تفجعه‪ ،‬ولن‬
‫ْ‬ ‫ّ ّ‬
‫حقيقية إل إذا حاولا أن نعرف سبب ظالمة أمري املؤمنني ×‪.‬‬ ‫تكون املشاركة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إنه‪-‬أيها األعزاء‪ -‬حب ادلنيا!‬
‫حب ادلنيا هو اذلي جعل معاوية وأرضابه يُقدمون ىلع ما أقدموا عليه‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ثم احلسن ج وينرصون‬ ‫يل‪ّ ،‬‬
‫حب ادلنيا هو اذلي جعل أكرث انلاس يتخاذلون عن ع ّ‬ ‫ّ‬
‫معاوية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حب ادلنيا هو اذلي استنفر أهل الكوفة فوقفوا ضد اإلمام احلسني ×‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أن الشمس والليل ال جيتمعان‪ ،‬كذلك ّ‬ ‫ّ‬ ‫روي عن ع ّ‬
‫وحب ادلنيا‬ ‫حب اهلل‬ ‫يل ×‪« :‬كما‬
‫‪1‬‬
‫ال جيتمعان»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫وبما أن حب عيل فرع حب رسول اهلل صل اهلل عليه وآهل‪ ،‬وهو أيضا فرع حب اهلل‬
‫يل ال جيتمعان‪.‬‬ ‫ّ‬
‫وحب ع ّ‬ ‫ّ‬
‫وحب ادلنيا‬ ‫ّ‬
‫وحب املصطىف ال جيتمعان‪،‬‬ ‫فحب ادلنيا‬ ‫ّ‬ ‫تعاىل‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ُّ‬
‫التشيع لع ّ‬ ‫ّ‬
‫يل × كثريون‪ ،‬فسقطوا يف االمتحان‪ ،‬وكشفتهم ادلنيا‪ ،‬وفضحهم‬ ‫لقد ادىع‬
‫ُّ‬
‫حبها‪.‬‬

‫ماذا أخذ ّ‬
‫علي من الدنيا وكم نأخذ منها؟‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫«يللة اتلاسع عرش من شهر رمضان قدمت بنت أمري املؤمنني × هل طعام إفطاره‪:‬‬
‫ّ‬ ‫َ ً‬
‫طبقا فيه قرصان من خزب الشعري‪ ،‬وقصعة فيها لنب وملح جريش (أي خشن)‪ ،‬فلما‬
‫ً‬ ‫وتأمله ّ‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بكاء‬ ‫حرك رأسه وبكى‬ ‫فرغ من صالته أقبل ىلع فطوره‪ ،‬فلما نظر إيله‬
‫ّ‬
‫عز وجل يوم‬‫شديداً اعيلا ً وقال‪ ".." :‬أتريدين أن يطول وقويف غدا بني يدي اهلل َّ‬
‫ً‬

‫‪ -1‬املحدث النوري‪ ،‬مستدرك الوسائل‪.42/12 :‬‬ ‫‪194‬‬


‫أعمال شهر رمضان‬

‫ُ ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫القيامة؟ أنا أريد أن أتبع أيخ وابن عيم رسول اهلل صل اهلل عليه وآهل وسلم‪ ،‬ما قدم‬
‫ُ َّ‬
‫إيله إدامان يف طبق واحد إىل أن قبضه اهلل‪ ،‬يا بنيه‪ :‬ما من رجل طاب مطعمه ومرشبه‬
‫َّ ّ‬ ‫َّ ّ‬ ‫ّ‬
‫عز وجل يوم القيامة‪ .‬يا بنيه إن ادلنيا يف حالهلا‬ ‫وملبسه إل وطال وقوفه بني يدي اهلل‬
‫‪1‬‬
‫حساب ويف حرامها عقاب»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اكن انلاس مع معاوية ألنهم اكنوا مع حب ادلنيا‪ ،‬فقد اكنت مهمة معاوية الشيطانية‬
‫حب اهلل تعاىل ورسوهل‬ ‫حب ادلنيا يف قلوب انلاس فيبعدهم عن ّ‬ ‫أن يعمل ىلع جتذير ّ‬
‫ّ‬
‫املصطىف صل اهلل عليه وآهل ونفسه املرتىض وسائر أويلائه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تفرق انلاس عن ع ّ‬ ‫ّ‬
‫فتتعزز‬ ‫ويقوى‪،‬‬ ‫يل × ألنه اكن يريد هلم أن يتجذر إيمانهم‬
‫إنسانيّتهم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اإلنسانية ّ‬
‫احلق ال املداعة «كبرية إل ىلع اخلاشعني»‪.‬‬ ‫وطريق اإليمان اذلي هو‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يل × –وما يزال‪ -‬يريد للناس اجلنة‪ ،‬والفردوس وأىلع عليني‪ ،‬واكن معاوية‬ ‫اكن ع ٌّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يريد للناس انلار وأسفل سافلني‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وشد االنتباه والعزم‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫والصعود ٌّ‬
‫أما السقوط فهو اتلحلل‬ ‫ريق يستتبع اجلهد واملراقبة‬
‫ّ‬
‫من ذلك لكه‪.‬‬
‫يل عليه السالم إذا كنت ّ‬ ‫كيف يمكنين أن أحزن ىلع ع ّ‬
‫أحب ادلنيا؟‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫سيدي يا أمري املؤمنني‪ :‬لفرط اشتبايك بادلنيا أريد أن أمجع بني حبك وحب ادلنيا‪-‬‬
‫ّ‬
‫يل بعض ما أريد وآخذ من ادلنيا لك‬ ‫وهو حمال اكجلمع بني الليل وانلهار‪ -‬آخذ من ع ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ِّ‬
‫وأسم ذلك بأسماء ما أنزل اهلل بها من سلطان‪ :‬وراع تارة‪ ،‬أو زهدا أو‬ ‫ما أستطيع‬
‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫ً‬
‫يل يف طالق ادلنيا‬ ‫وأظل مذبذبا ال مع أهل ادلنيا يف إقباهلم عليها وال مع ع ّ‬ ‫جهادا!‬
‫«غري غريي»‪ ،‬واالنقطاع إىل اهلل تعاىل‪.‬‬ ‫ّ‬

‫يا ِ َّ‬
‫س يللة القدر‬
‫سيدي‪ :‬يف يللة القدر يا َّ‬ ‫ّ‬
‫رسها‪ ،‬سائل أنا وقف ببابك وهو باب املصطىف وباب اهلل‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫تعاىل‪ ،‬ال أريد شيئا؛ ال ماال‪ ،‬وال حطاما‪ .‬أريد رضاك‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أعلم سيدي أن سائل مثقِل مِلحاح‪ ،‬أستحق الطرد‪ ،‬ولكن أعلم أنك ال تطرد سائال‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫توجه بك إىل اهلل تعاىل «من اذلنوب هاربا»‪ ،‬خصوصا يف يللة القدر اليت جعلها اهلل‬
‫ّ‬
‫تعاىل رمحة لعباده‪ ،‬لريجع اآلبقون ويهتدي الضالون‪.‬‬
‫***‬

‫‪195‬‬ ‫‪ -1‬املجليس‪ ،‬البحار‪.276/42 :‬‬


‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫يا إليه وهلإ العاملني‪ ،‬امهلل لو وجدت أقرب إيلك من حممد املصطىف وأهل بيته األطهار‬
‫ّ‬ ‫َّ‬
‫صلواتك عليه وعليهم تلوسلت إيلك بهم‪ ،‬امهلل إن أسألك بلوعة نبيك املصطىف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لشهادة أمري املؤمنني عليه السالم إل ما وفقتنا لليلة القدر‪.‬‬
‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫امهلل إن أسألك حبرمة أمري املؤمنني عليه السالم إل ما مننت علينا بعتق رقابنا‬
‫من انلار‪.‬‬
‫ْ‬
‫كيوم فقد املصطىف |‬
‫ّ‬
‫أيّها املؤمنون‪ :‬عظم اهلل أجوركم‪.‬‬
‫وودعهم‪ ،‬واكن ّ‬ ‫ّ‬
‫مما قاهل‬ ‫يف مثل هذه الليلة‪ ،‬مجع أمري املؤمنني × أوالده وأهل بيته‬
‫هلم‪:‬‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يا أبا حممد ويا أبا عبداهلل! كأن بكما وقد خرجت عليكما من بعدي الفنت من‬
‫حت حيكم اهلل وهو خري احلاكمني‪ّ .‬‬ ‫ّ‬
‫ثم قال‪ :‬يا أبا عبد اهلل أنت شهيد‬ ‫ههنا‪ ،‬فاصربا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫هذه األمة‪ ،‬فعليك بتقوى اهلل والصرب ىلع بالئه‪ .‬ثم أغيم عليه ساعة‪ ،‬وأفاق وقال‪:‬‬
‫ّ‬ ‫هذا رسول اهلل صل اهلل عليه وآهل‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫وعم محزة وأيخ جعفر‪ ،‬وأصحاب رسول اهلل صل‬
‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬
‫اهلل عليه وآهل‪ ،‬ولكهم يقولون‪ :‬عجل قدومك علينا فإنا إيلك مشتاقون‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ثم أدار عينيه يف أهل بيته لكهم وقال‪ :‬أستودعكم اهلل اهلل مجيعا‪ ،‬سددكم اهلل‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫عليكم اهلل‪ ،‬وكىف باهلل خليفة‪.‬‬ ‫مجيعا‪ ،‬حفظكم اهلل مجيعا‪ ،‬خليفيت‬
‫ثم قال‪ :‬وعليكم السالم يا ُرسل ريب‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ثم قال‪ :‬ملثل هذا فليعمل العاملون‪ .‬إن اهلل مع اذلين اتقوا واذلين هم حمسنون‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وعرق جبينه وهو يذكر اهلل كثريا‪ ،‬وما زال يذكر اهلل كثريا ويتشهد الشهادتني‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ثم استقبل القبلة ّ‬ ‫ّ‬
‫وغمض عينيه ومد رجليه ويديه وقال‪ :‬أشهد أال هلإ إال اهلل وحده ال‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫رشيك هل‪ ،‬وأشهد أن حممدا عبده ورسوهل‪ّ .‬‬ ‫ّ‬
‫ثم اتلحق جبوار اهلل تعاىل‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وارجتت الكوفة بأهلها‪ ،‬وكرث ابلاكء وانلحيب والعجيج‪ ،‬واكن يوما‬ ‫الصيحة‪،‬‬ ‫وارتفعت‬
‫ّ‬ ‫ْ‬
‫كيوم فقد رسول اهلل صل اهلل عليه وآهل‪.‬‬
‫بن َصوحان العبدي ينوء بثقل الفجيعة‪ ،‬وثقل ّ‬
‫هم‬ ‫وىلع القرب الرشيف وقف صعصعة ُ‬
‫ِ‬
‫غربة املؤمنني بعد أمريهم‪ .‬وضع صعصعة إحدى يديه ىلع فؤاده‪ ،‬واألخرى قد أخذ بها‬
‫ّ‬
‫التاب يرضب به ىلع رأسه وهو يقول‪:‬‬
‫ثم قال‪:‬‬ ‫وأم يا أمري املؤمنني‪ّ ،‬‬ ‫بأيب أنت ّ‬
‫وعظم جهادك‪ ".." ،‬ورحبَ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫ت‬ ‫ُ‬
‫صربك‬ ‫مودلك وق ِو َي‬
‫ُ‬ ‫هنيئا لك يا أبا احلسن‪ ،‬فلقد طاب‬
‫ّْ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫وقدمت ىلع خالقك‪ ،‬فتلقاك اهلل ببشارته‪ ،‬وحفتك مالئكتُه ‪ ".." ،‬فأكرمك‬ ‫جتارتك‪ِ ،‬‬
‫وحلقت بدرجة أخيك املصطىف‪ ،‬ورشبت بكأسه األوىف‪ ،‬فاسأل اهلل أن‬ ‫َ‬ ‫اهلل جبواره‪،‬‬
‫‪196‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫يمن علينا باقتفائنا أثرك والعمل بسريتك‪ ،‬واملواالة ألويلائك‪ ،‬واملعاداة ألعدائك‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫وأن حيرشنا يف زمرة أويلائك‪ ،‬فقد نلت ما لم يَنله أحد‪ ،‬وأدركت ما لم يدركه أحد‪،‬‬
‫وقمت بدين اهلل حق‬ ‫َ‬ ‫حق جهاده‪،‬‬‫ربك بني يدي أخيك املصطىف ّ‬ ‫وجاهدت يف سبيل ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫القيام‪ ،‬حىت أقمت السنن‪ ،‬وأبَ ْرت الفنت‪ ،‬واستقام اإلسالم‪ ،‬وانتظم اإليمان‪ ،‬فعليك ّ‬
‫من‬ ‫ِ‬
‫ْ ً ْ ً‬ ‫َ‬
‫سبقت إىل إجابة انليب صىل اهلل عليه وآهل مق ِدما مؤثرا‪،‬‬ ‫أفضل الصالة والسالم‪".." ،‬‬
‫ََ‬ ‫ُ‬
‫ووقيْته بنفسك‪ ،‬ورميت سيفك ذا الفقار يف مواطن اخلوف‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وسارعت إىل نرصته‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫[لك ّ‬ ‫ّ‬
‫جبار عنيد‪ ،‬وأذل بك] لك ذي بأس شديد‪ ،‬وهدم بك حصون‬ ‫واحلذر‪ ،‬قصم اهلل بك‬
‫ً‬
‫أهل الرشك والكفر والعدوان والردى‪ ،‬وقتل بك أهل الضالل من العدى‪ ،‬فهنيئا لك‬
‫كنت أقرب انلاس من رسول اهلل صىل اهلل عليه وآهل قرباً‪ّ ،‬‬
‫وأوهلم‬ ‫َ‬ ‫يا أمري املؤمنني‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ِسلما‪ ،‬وأكرثهم علما وفهما‪ ،‬فهنيئا لك يا أبا احلسن»‪ »...‬فواهلل لقد اكنت حياتك مفاتح‬
‫لك خري»‪ّ »..‬‬‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ثم بكى‬ ‫للرش‪ ،‬وإن يومك هذا مفتاح لك رش ومغالق‬ ‫للخري ومغالق‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫‪1‬‬
‫بكاء شديدا وأبكى لك من اكن معه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫سالم عليك ّ‬
‫سيدي يا صاحب العرص والزمان‪ ،‬وعظم اهلل لك األجر‪ .‬وإنا هلل وإنا إيله‬
‫راجعون‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ْ‬
‫فتـح مكـة‬
‫ّ‬
‫عيد‬
‫قال الشيخ املفيد‪« :‬ويف العرشين منه سنة ثمان من اهلجرة اكن فتح مكة‪ ،‬وهو يوم ٍ‬
‫ومرسة بنرص اهلل تعاىل ّ‬
‫نبيه عليه السالم‪ ،‬وإجنازه هل ما وعده‪ ،‬واإلبانة‬ ‫ٍّ‬ ‫ألهل اإلسالم‪،‬‬
‫ّ‬
‫‪2‬‬
‫عن حقه‪ ،‬وبإبطال (األصنام)»‪.‬‬

‫داعء ايلوم العرشين‬


‫ّ‬ ‫ّ‬
‫امهلل افتح يل فيه أبواب اجلنان‪ ،‬وأغلِق عن فيه أبواب انلريان‪ ،‬ووفقين فيه تلالوة‬
‫ّ‬
‫القرآن‪ .‬يا مزنل السكينة يف قلوب املؤمنني‪.‬‬
‫ت فيها ىلع نفسك رمحة ال‬ ‫إليه‪ ،‬يف هذا ايلوم وىلع مشارف هذه الليلة اليت َكتبْ َ‬
‫ووفقين للعمل اذلي تُغلق به ّ‬ ‫ّ‬
‫عن أبواب انلريان‪،‬‬ ‫توصف‪ ،‬افتح يل أبواب اجلنان‬
‫واجعلين من أويلائك اذلين ال خوف عليهم وال هم حيزنون‪ ،‬وارزقين بتالوة كتابك‬
‫ْ‬ ‫ً‬
‫يقينا تثبت به هذا الفؤاد اهللوع‪ .‬يا منل السكينة يف قلوب املؤمنني‪.‬‬

‫‪ -1‬املجليس‪ ،‬البحار‪.296-295/42 :‬‬


‫‪197‬‬ ‫مسار الشيعة‪.26 :‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -2‬الشيخ املفيد‪،‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫الليلة احلادية والعرشون‬


‫‪ -1‬فضيلتها‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ويه أفضل من لك ما تقدم احلث عليه من الليايل‪ ،‬وال يفوقها يف الفضل إل يللة‬
‫اجل ُ َهين‪ ،‬الليلة اثلاثلة والعرشون‪.‬‬
‫ّ‬
‫قال السيد‪« :‬ويللة القدر يف العرش األواخر من شهر رمضان بال خالف‪ ،‬ويه يللة‬
‫ّ‬
‫اإلفراد بال خالف‪ .‬وقال أصحابنا‪ :‬يه إحدى الليلتني‪ :‬إما يللة إحدى وعرشين أو‬
‫‪1‬‬
‫ثالث عرشين»‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫وقد ّ‬
‫مر يف عمل الليلة اتلاسعة عرشة قوهل‪« :‬ولعمري إن األخبار واردة ومؤكدة يف يللة‬
‫إحدى وعرشين منه أكرث من يللة تسع عرشة‪ ،‬ويف يللة ثالث وعرشين أكرث من يللة‬
‫‪2‬‬
‫تسع عرشة ومن يللة إحدى وعرشين»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كما حتدث يف ماكن آخر حول الروايات اليت حتث ىلع االهتمام بليايل القدر اثلالث‪،‬‬
‫األهمية والفضيلة مستقلّ ًة ّ‬
‫عما سواها‪ ،‬وهو ما ّ‬
‫حيتم‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫فبي أن للك يللة منها مرتبة من‬
‫ّ ّ‬

‫االهتمام باجلميع‪ .‬قال رمحه اهلل‪:‬‬


‫متظاهرات بتعظيم هذه اثلالث يلال املفردات‪ :‬يللة تسع‬
‫ٍ‬ ‫«وقد كنت أجد الروايات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عرشة وإحدى وعرشين وثالث وعرشين‪ ،‬فربما اعتقدت أن تعظيمها ملجرد احتمال‬
‫ّ ّ‬ ‫أن تكون واحدة منها يللة القدر‪ّ ،‬‬
‫ثم وجدت يف األخبار أن لك يللة من هذه اثلالث‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫أرسار هلل جل جالهل وفوائد لعباده مذخورة‪ ،‬فمن ذلك ما رويته‬ ‫يلال املذكورة فيها‬
‫"‪ "..‬عن زرارة قال‪ :‬قال أبو عبد اهلل عليه السالم‪ :‬اتلقدير يف يللة تسع عرشة‪ ،‬واإلبرام‬
‫يف يللة إحدى وعرشين‪ ،‬واإلمضاء يف يللة ثالث وعرشين‪ ".." .‬وقال الصادق عليه‬
‫السالم‪ :‬يف يللة تسع عرشة من شهر رمضان اتلقدير‪ ،‬ويف يللة إحدى وعرشين‬
‫ّ‬ ‫القضاء‪ ،‬ويف يللة ثالث وعرشين إبرام ما يكون يف السنة إىل مثلها‪ ،‬وهلل ّ‬
‫عز وجل‬
‫‪3‬‬
‫أن يفعل ما يشاء يف خلقه»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫‪ -٢‬اإلرساء‪ .‬رفع عيىس‪ .‬قبض موىس‪ ،‬ووصيه‪ ،‬وسيد األوصياء‬
‫ّ‬
‫قال الشيخ املفيد‪« :‬ويف يللة إحدى وعرشين منه اكن اإلرساء برسول اهلل صل اهلل‬
‫ُ‬
‫عليه وآهل‪ ،‬وفيها رفع اهلل عيىس بن مريم عليهما السالم‪ ،‬وفيها قبض موىس بن‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫وصيه يوشع بن نون عليه السالم‪ ،‬وفيها اكنت‬ ‫عمران عليه السالم‪ ،‬ويف مثلها قبض‬

‫‪ -1‬اإلقبال‪149/1 :‬‬
‫‪ -2‬اإلقبال‪ .312/1 :‬بترصف بسري‪.‬‬
‫‪ -3‬اإلقبال‪.150-149/1 :‬‬ ‫‪198‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫وفاة أمري املؤمنني عليه السالم سنة أربعني من اهلجرة وهل يومئذ ثالث ّ‬
‫وستون سنة‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬
‫يتجدد فيها أحزان آل ّ‬
‫‪1‬‬
‫حممد ^ وأشياعهم»‪.‬‬ ‫ويه الليلة اليت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وقد روي أن اإلمام ابلاقر × اكن يف الليلة احلادية والعرشين يدعو حت منتصف‬
‫‪2‬‬
‫ثم يبدأ بالصالة‪.‬‬ ‫الليل ّ‬
‫كما روي عن اإلمام الصادق × إحياؤها بالعبادة‪ ،‬قال الراوي‪:‬‬
‫ُ‬
‫«دخلت ىلع أيب عبد اهلل عليه السالم يللة إحدى وعرشين من شهر رمضان‪ ،‬فقال‬
‫ِّ‬ ‫حاد اغتسلت؟ قلت‪ :‬نعم ُجعلت فداك‪ ،‬فداع حبصري‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ثم قال‪ :‬إىل ل ِْزيق فصل‪.‬‬ ‫يل‪ :‬يا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فلم يزل يصل وأنا أصل إىل ل ِزقه حت فرغنا من مجيع صالتنا‪ ،‬ثم أخذ يدعو وأنا أؤمن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ىلع داعئه إىل أن اعرتض الفجر‪ ،‬فأذن وأقام وداع بعض غلمانه‪ ،‬فقمنا خلفه فتقدم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وصل بنا الغداة‪ ،‬فقرأ بفاحتة الكتاب وإنا أنزنلاه يف يللة القدر يف األوىل‪ ،‬ويف الركعة‬
‫ّ‬
‫اثلانية بفاحتة الكتاب وقل هو اهلل أحد‪ .‬فلما فرغنا من التسبيح واتلحميد واتلقديس‬
‫واثلناء ىلع اهلل تعاىل‪ ،‬والصالة ىلع رسوهل صىل اهلل عليه وآهل‪ ،‬وادلاعء جلميع املؤمنني‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫األولني واآلخرين‪ّ ،‬‬
‫واملؤمنات واملسلمني واملسلمات ّ‬
‫خر ساجدا وال أسمع منه إل‬
‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫ساعة طويلة‪ّ ،‬‬ ‫َ‬
‫ثم سمعته يقول‪ :‬ال هلإ إل أنت مقلب القلوب واألبصار‪ ،‬ال هلإ‬ ‫انلفس‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫‪3‬‬
‫إل أنت خالق اخللق بال حاج ٍة فيك إيلهم»‪.‬‬
‫ّ‬
‫اخلاصـة‬ ‫‪ -٣‬األعمـال‬
‫ّ‬
‫اخلاصة بالليلة احلادية والعرشين‪ ،‬يه‪:‬‬ ‫األعمال‬
‫‪ -1‬الغسل‬
‫ُ‬
‫أورد الشيخ اللكيين عن اإلمام الصادق × يف حديث‪« :‬وغسل يللة إحدى وعرشين‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ٌّ‬
‫‪4‬‬
‫إحداهن يللة القدر»‪.‬‬ ‫وغسل يللة ثالث وعرشين سنة ال ترتكهما‪ ،‬فإنه يرىج يف‬
‫وعن اإلمام الرضا × يف معرض حديثه عن جانب من سرية رسول اهلل | يف شهر‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫رمضان‪« :‬فلما اكن يللة إحدى وعرشين اغتسل حني اغبت الشمس‪ ،‬وفعل فيها مثل‬
‫‪5‬‬
‫ما فعل يف يللة تسع عرشة»‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪6‬‬
‫وقال الشيخ املفيد‪« :‬والغسل فيها اكذلي ذكرته "‪ "..‬يللة تسعة عرش حسب ما قدمناه»‪.‬‬

‫مسار الشيعة‪.26 :‬‬


‫ُّ‬ ‫‪ -1‬الشيخ املفيد‪،‬‬
‫‪ -2‬املحدث القمي‪ ،‬مفاتيح اجلنان‪ ،‬أعمال الليلة الواحدة والعرشين نقالً عن الكليين يف الكايف‪.‬‬
‫‪ -3‬اإلقبال‪.366/1 :‬‬
‫‪ -4‬الكليين‪ ،‬الكايف‪.40/3 :‬‬
‫‪ -5‬اإلقبال‪.50/1 :‬‬
‫‪199‬‬ ‫مسار الشيعة‪.26 :‬‬‫ّ‬ ‫‪-6‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -2‬اإلكثار من الصالة على محمد وآله صلى اهلل عليه وآله‪.‬‬
‫(مسار الشيعة) يف عداد أعمال الليلة «اإلكثار من الصالة ىلع‬‫ِّ‬ ‫أورد الشيخ املفيد يف‬
‫‪1‬‬
‫حممد وآل حممد عليهم السالم»‪.‬‬‫ّ‬
‫وسيأيت يف كالمه حول صالة املائة ركعة قوهل‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«تفصل بني لك ركعتني باإلكثار من الصالة ىلع رسول اهلل صل اهلل عليه وآهل‪ ،‬وأمري‬
‫ّ‬
‫واألئمة الطاهرين صلوات اهلل عليهم أمجعني»‪.‬‬ ‫املؤمنني‬
‫ُ َ‬
‫لعن قتلة أمير المؤمنين ×‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ُ‬
‫قال الشيخ املفيد‪« :‬وتكرث من االبتهال إىل اهلل تعاىل يف تعذيب قتلة أمري املؤمنني‬
‫ّ‬
‫وذر ّيته الراشدين ^‪ ،‬واللعنة هلم بأسمائهم‪ ،‬ومن ّ‬
‫عليه السالم ّ‬
‫أسس هلم ذلك‪ ،‬وفتح‬
‫ّ‬ ‫وسهل ُ‬ ‫هلم فيه األبواب‪ّ ،‬‬
‫الط ُرق‪ ،‬ومن اتبعهم ىلع ذلك من سائر العاملني‪ ،‬وجتتهد يف‬
‫‪2‬‬
‫ادلاعء نلفسك‪ ،‬ولوادليك‪ ،‬وإلخوانك من املؤمنني»‪.‬‬
‫ِّ‬
‫(مسار الشيعة)‪:‬‬ ‫وقال يف‬
‫ّ‬
‫«واالجتهاد يف ادلاعء ىلع ظامليهم‪ ،‬ومواصلة اللعنة ىلع قاتيل أمري املومنني ×‪ ،‬ومن‬
‫(سهل الطرق وأاعن) ىلع ذلك وسبّبه‪ ".." ،‬ورضيَه من سائر انلاس»‪.‬‬
‫‪3‬‬ ‫ّ‬

‫‪ -4‬الصلوات‬
‫أ‪ -‬صالة مائة ركعة‬
‫ُ‬
‫قال الشيخ املفيد يف (المقنِعة)‪« :‬فإذا اكنت يللة إحدى وعرشين‪ ،‬وىه الليلة الىت‬
‫ْ‬
‫ت قبل مغيب الشمس كما صنع َ‬ ‫ْ‬
‫قُبض فيها أمري املؤمنني عليه السالم اغتسل َ‬
‫ت يللة‬
‫ّ‬
‫يت بعد العشاء اآلخرة مائة ركعة‪ ،‬تقرأ فيها بإحدى السورتني املقدم‬ ‫تسع عرشة‪ ،‬وصلّ َ‬
‫ّ‬
‫ذكرهما (اإلخالص أو القدر) تفصل بني لك ركعتني باإلكثار من الصالة ىلع رسول‬
‫ّ‬
‫‪4‬‬
‫اهلل |‪ ،‬وأمري املؤمنني واالئمة الطاهرين صلوات اهلل عليهم أمجعني»‪.‬‬
‫وقال ّ‬
‫السيد يف بيان نوافل شهر رمضان‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«ويف العرش األواخر( تصل) ثالثني ركعة يف لك يللة‪ ،‬يف لك ركعة عرش مرات‪ :‬قل هو‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اهلل أحد‪ ،‬فإن لم يكن ّ‬
‫فمرة‪ ،‬إل يف يللة إحدى وعرشين ويللة ثالث وعرشين‪ ،‬فإن‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬
‫فيهما مائة ركعة يف لك ركعة بعد فاحتة الكتاب عرش مرات قل هو اهلل أحد»‪.‬‬

‫مسار الشيعة‪.27 :‬‬


‫ُّ‬ ‫‪-1‬‬
‫‪ -2‬املقنعة‪.167 :‬‬
‫مسار الشيعة‪ .27‬وما بني القوسني مصحح يف ضوء ماتقدم منه عن املقنعة‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫‪ -3‬الشيخ املفيد‪،‬‬
‫‪ -4‬الشيخ املفيد‪ ،‬املقنعة‪.167 :‬‬
‫‪ -5‬اإلقبال‪.48/1 :‬‬ ‫‪200‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ّ‬
‫ب ‪ -‬حصة هذه الليلة من األلف ركعة‪ :‬ويه ثالثون ركعة‪ ،‬ثمان منها أو اثنتا عرشة‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مرة واتلوحيد ّ‬ ‫بعد املغرب وابلايق بعد العشاء‪ ،‬باحلمد ّ‬
‫مرة أو ثالثا أو مخسا أو سبعا‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫أو عرشا كما تقدم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ج‪ -‬عن رسول اهلل صل اهلل عليه وآهل‪« :‬ومن صل يللة إحدى وعرشين من شهر‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫رمضان ثماين ركعات (بما تيرس) فتحت هل سبع سماوات واستجيب هل ادلاعء‪ ،‬مع ما‬
‫‪1‬‬
‫هل عند اهلل من املزيد»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -3‬قال الكفعيم‪« :‬ويستحب أن يصل يف لك يللة من شهر رمضان ركعتني باحلمد»‪»..‬‬
‫َّ‬ ‫ً‬
‫واتلوحيد ثالثا‪ ،‬فإذا سلم قال‪ :‬سبحان من هو حفيظ ال يغفل‪ ،‬سبحان من هو رحيم ال‬
‫ثم يقول التسبيحات‬ ‫يعجل‪ ،‬سبحان من هو قائم ال يسهو‪ ،‬سبحان من هو دائم ال يلهو‪ّ .‬‬
‫ّ‬
‫ثم تصل‬‫ثم يقول‪ :‬سبحانك سبحانك ياعظيم‪ .‬إغفر يل اذلنب العظيم‪ّ .‬‬ ‫األربع سبعاً‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫‪2‬‬
‫انليب عرشا‪ .‬من صلها غفر اهلل هل سبعني ألف ذنب»‪.‬‬ ‫ىلع‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يف اخلتام جيدر اتلأكيد ىلع أهمية أيام القدر‪ ،‬وأنه ينبيغ اإلنشغال فيها بالعبادة‪ ،‬فقد‬
‫ّ‬
‫روي أن يوم القدر مثل يللته‪.‬‬

‫‪ -1‬احلر العاميل‪ ،‬وسائل الشيعة‪40/8 :‬؛ والكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ 176 :‬والتوضيح بحسبه‪.‬‬
‫‪201‬‬ ‫‪ -2‬الكفعمي‪ ،‬املصباح‪ .563 :‬اهلامش‪.‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫‪21‬‬
‫شهر رمضان‬

‫* أدعية العرش األواخر‬


‫* أن جتعل اسيم يف السعداء‪.‬‬
‫* داعء ايلوم احلادي والعرشين‬
‫* صالة الليلة اثلانية والعرشين‬

‫‪202‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫أدعية العرش األواخر‬


‫أهمية ّ‬‫تقدم أن لأليام العرش األخرية من شهر رمضان املبارك ّ‬ ‫ّ‬
‫خاصة‪ ،‬فيه ذروة ضيافة‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫اهلل تعاىل بديلل احتضانها يللة القدر ويللة الفطر اليت ال تقل أهمية عن يللة القدر‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اقتداء برسول اهلل‪ ،‬فقد اكن صل‬ ‫اجلد يف العبادة يف العرش األواخر‬ ‫وقد ورد احلث ىلع ِ‬
‫حت تلك الفرتة القليلة اليت‬ ‫اهلل عليه وآهل يطوي فراشه فال ينام يف يلايل هذه األيّام‪ّ ،‬‬
‫اكن ينامها يف سائر الليايل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫أدعية ّ‬
‫خاصة هلذه الليايل العرش تكشف ما ينبيغ أن نركز عليه يف ادلاعء‬ ‫وقد وردت‬
‫‪1‬‬ ‫ّ‬
‫طيلة هذه األيام والليايل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وترد يف هذه األدعية مجيعا فقرة تأيت ختاما دلاعء لك يللة‪ ،‬وهذه الفقرة مسبوقة يف‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫األدعية لكها بأسماء هلل تعاىل وصفات ختتلف من يللة إىل يللة‪ ،‬والفقرة املشرتكة يه‬
‫كما ييل‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫«أسألك أن تصل ىلع حمم ٍد وآل حممد وأن جتعل اسيم يف هذه الليلة يف السعداء‪،‬‬
‫ً ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ورويح مع الشهداء‪ ،‬وإحساين يف عليني‪ ،‬وإساءيت مغفورة‪ ،‬وأن ته َب يل يقينا تبارش‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً ُ‬
‫به قليب‪ ،‬وإيمانا يذهب الشك عين‪ ،‬وترضين بما قسمت يل‪ ،‬وآتنا يف ادلنيا حسنة ويف‬
‫اآلخرة حسنة وقنا عذاب انلار احلريق‪ ،‬وارزقين فيها ذكرك وشكرك والرغبة إيلك‪،‬‬
‫ً‬ ‫ّ َ‬
‫واإلنابة واتلوفيق ملا وفقت هل حممدا وآل حممد عليه وعليهم السالم»‪.‬‬
‫ّ‬
‫ومن الواضح أن اشرتاك مجيع أدعية الليايل العرش األخرية من شهر رمضان املبارك يف‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫أهمية مضامينها‪ ،‬ذللك ينبيغ اتلدبّر فيها جيدا‪ ( .‬للمزيد‪،‬‬ ‫هذه الفقرة يكشف عن‬
‫يراجع أصل هذا الكتاب)‪.‬‬

‫داعء ايلوم احلادي والعرشين‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫يل فيه سبيال‪ ،‬واجعل‬ ‫أمهلل اجعل يل فيه إىل مرضاتك ديلال‪ ،‬وال جتعل للشيطان ع ّ‬
‫َ‬ ‫ً َ ً‬ ‫ّ‬
‫قايض حوائج الطابلني‪.‬‬ ‫اجلنة يل مزنال ومقيال‪ .‬يا‬
‫ّ ّ‬
‫إليه هل يهتدي الضال يف صحراء قلبه إىل واضح الطريق بدون ديلل؟‬
‫ً ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫هدى إل يف ما يُرضيك‪.‬‬ ‫لك ما يف هذا القلب هوى انلفس والضالل‪ ،‬وال‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫املتحيين خذ بيدي‪ ،‬واجعل يل إىل مرضاتك ديلال‪ ،‬وأدخلين يف عبادك‬ ‫يا ديلل‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫املخلصني اذلين ليس للشيطان عليهم سلطان‪ ،‬ألصل إىل دار القرار‪ ،‬يا نعم املوىل‬
‫يا قايض حوائج الطابلني‪.‬‬

‫‪203‬‬ ‫‪ -1‬تقدمت اإلشارة إىل أن الشيخ الطويس أورد أدعية الليايل العرش األخرية يف املصباح‪.628 :‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫صالة الليلة اثلانية والعرشين‬


‫ّ‬
‫ثمان منها أو اثنتا عرشة‬
‫ٍ‬ ‫‪ -1‬حصة هذه الليلة من األلف ركعة‪ :‬يه ثالثون ركعة‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مرة واتلوحيد ّ‬‫بعد املغرب وابلايق بعد العشاء‪ ،‬باحلمد ّ‬
‫مرة أو ثالثا أو مخسا أو سبعا‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫أو عرشا كما تقدم‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -2‬عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآهل‪« :‬ومن صل يللة اثنتني وعرشين من شهر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫‪1‬‬
‫رمضان ثماين ركعات (بما تيرس) فتحت هل ثمانية أبواب اجلنة يدخل من أيها شاء»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«ويستحب أن يصل يف لك يللة من شهر رمضان ركعتني باحلمد"‪"..‬‬ ‫‪ -3‬قال الكفعيم‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫واتلوحيد ثالثا‪ ،‬فإذا سلم قال‪ :‬سبحان من هو حفيظ ال يغفل‪ ،‬سبحان من هو رحيم ال‬
‫ثم يقول التسبيحات‬ ‫دائم ال يلهو‪ّ .‬‬
‫قائم ال يسهو‪ ،‬سبحان من هو ٌ‬
‫يعجل‪ ،‬سبحان من هو ٌ‬
‫ثم تصيل‬‫ثم يقول‪ :‬سبحانك سبحانك ياعظيم‪ .‬إغفر يل اذلنب العظيم‪ّ .‬‬ ‫األربع سبعاً‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫‪2‬‬
‫انليب عرشا‪ .‬من صلها غفر اهلل هل سبعني ألف ذنب»‪.‬‬ ‫ىلع ّ‬

‫‪ -1‬احلر العاميل‪ ،‬وسائل الشيعة‪40/8 :‬؛ والكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ ،176 :‬وما بني القوسني منه‪.‬‬
‫‪ -2‬الكفعمي‪ ،‬املصباح‪ .563 :‬اهلامش‪.‬‬ ‫‪204‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫‪22‬‬
‫شهر رمضان‬

‫* داعء ايلوم اثلاين والعرشين‬


‫َُ‬
‫اجلهين‬ ‫* يللة‬
‫* الروايات ورأي العلماء‬
‫ْ‬
‫* معىن القـدر‬
‫* يللـة صـاحب األمـر‬
‫* عالمات يللة القدر‬
‫* أعمال الليلة اثلاثلة والعرشين‬

‫‪205‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫داعء ايلوم اثلاين والعرشين‬


‫ّ‬ ‫ْ‬
‫يل فيه أبواب براكتك‪ ،‬ووفقين فيه ملوجبات‬‫وأنزل ع ّ‬
‫أمهللّ افتح يل فيه أبواب فضلك‪ِ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مرضاتك وأسكن فيه حببوحات جناتك يا جميب دعوة املضطرين‪.‬‬
‫ّ‬
‫مهام هذا ادلاعء اإلعداد لليلة القدر‪ ،‬ويف ظالهل يقرأ القلب‪:‬‬ ‫بدييه أن يكون من‬‫ٌّ‬
‫َّ‬
‫إليه‪ ،‬إذا أسفر الصبح من يللة القدر ولم يكن اسيم يف ديوان السعداء فأي باب‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أطرق وإىل من أتوجه؟ ما أظنك يا أرحم الرامحني تردين يف حاجة أفنيت عمري يف‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫طلبها‪ .‬ما هكذا الظن بك وال املعروف من فضلك‪ .‬ال أسألك اتكاال ىلع عميل وإنما‬
‫ّّ‬ ‫ً‬ ‫كاال عليك‪ٌّ .‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫وحق ملن أحسن بك ظنا أن يطمع ب ِعليني ومرافقة‬ ‫أقف بأبواب فضلك ات‬
‫كنت بئس العبد‪.‬‬‫عم املوىل وإن ُ‬ ‫ّ‬
‫انلبيني إنك نِ َ‬
‫رضي وانلظر يف أمري يا جميب دعوة املضطرين‪.‬‬ ‫من يل غريك أسأهل كشف ّ‬

‫َُ‬
‫اجلهين‬ ‫يللة‬
‫ها حنن ىلع مشارف الليلة اثلاثلة والعرشين‪.‬‬
‫ّ‬
‫إنها أفضل يلايل القدر ىلع اإلطالق‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫املتأمل يف الروايات أنها تقرن احلديث عن الليلتني السابقتني باحلديث عن‬ ‫وجيد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫امتياز هذه الليلة‪ ،‬فهناك حرمة وفضيلة لليلة اتلاسعة عرشة إل أن ُحرمة الليلة‬
‫ّ‬
‫احلادية والعرشين أكرب وفضيلتها أكرث‪ ،‬ولكنها رغم ذلك دون فضيلة الليلة اثلاثلة‬
‫والعرشين‪ ،‬اليت تقع يف املرتبة األوىل‪ ،‬بل يه يللة القدر ىلع اإلطالق‪ ،‬وإن اكن‬
‫مدخلية يف اتلقدير‪ ،‬فذلك مرتبط بهذه الليلة‬ ‫ّ‬ ‫لسابقتَيها ولليلة انلصف من شعبان‬
‫ٌ‬
‫ومتفرع عليها‪.‬‬
‫َ‬
‫حتظ بها ّ‬ ‫وقد حظيَ ْ‬
‫أي‬ ‫ت هذه الليلة من رسول اهلل | وأهل ابليت ^ بعناية لم‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫يللة ىلع اإلطالق‪ ،‬فقد روي عن أمري املؤمنني صلوات اهلل عليه أن رسول اهلل |‬
‫ّ‬
‫اكن "‪ "..‬يوقظ أهله يللة ثالث وعرشين‪ ،‬واكن يرش وجوه انليام باملاء يف تلك الليلة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ ْ‬
‫واكنت فاطمة عليها السالم‪ ،‬ال تدع أحدا من أهلها ينام تلك الليلة‪ ،‬وتداويهم بقلة‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫‪1‬‬
‫الطعام‪ ،‬وتتأهب هلا من انلهار‪ ،‬وتقول‪ :‬حمروم من ح ِرم خريها»‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫إنّها يللة اجل ُ َهين‪ .‬بهذا االسم ُعرفت عرب القرون وما تزال‪ ،‬تميزيا ً هلا ّ‬
‫عما سواها‪ ،‬وشدا‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫لالنتباه الستثمار لك حلظة من حلظاتها العظيمة‪.‬‬

‫‪ -1‬املحدث النوري‪ ،‬مستدرك الوسائل‪.470/7 :‬‬ ‫‪206‬‬


‫أعمال شهر رمضان‬

‫«اجل َه ّ‬
‫ين»؟‬ ‫ما معىن ُ‬
‫ٌ‬
‫مسلم من قبيلة ُج َهينة‪ ،‬و اكنت هل إبل وأغنام ال يستطيع أن‬ ‫ٌ‬ ‫اكن بالقرب من املدينة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يرتكها يلدخل إىل املدينة املنورة ثالث مرات إلحياء يلايل القدر‪ ،‬فسأل رسول اهلل |‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫باتلهجد والعبادة‪،‬‬ ‫يف حمرض من املسلمني أن حيدد هل يللة يدخل املدينة فيها إلحيائها‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فأرس إيله املصطىف صل اهلل عليه وآهل اجلواب‪ .‬وانلتيجة أن احلارضين قد سمعوا‬
‫ّ‬
‫السؤال ولم يسمعوا اجلواب‪ ،‬إل أن هذا اجل ُ َه ّ‬
‫ين –‪-‬ويه النسبة إىل قبيلته ُجهينة‪ -‬اكن‬
‫َ‬
‫يشاهد يف ما بعد يدخل إىل املدينة يف الليلة اثلاثلة والعرشين من شهر رمضان املبارك‪،‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫فسميت هذه الليلة بليلة اجلُه ّ‬
‫ين‪.‬‬ ‫ين‪ُ ،‬‬ ‫َ‬
‫وقد ربط املسلمون بني السؤال وما الزتم به اجلُه ّ‬

‫* مالحظات‬
‫ين‪« :‬عبد الرمحن بن أنيس األنصاري»‪.‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪ -1‬اسم اجل ُ َه ّ‬
‫مروي عن اإلمام ابلاقر ×‪ ،‬قال الراوي‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ -2‬خرب اجل ُ َه ّ‬
‫ين‬
‫ّ‬ ‫اجل َه ّ‬
‫إن ُ‬‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ين أىت إىل رسول صل اهلل عليه وآهل‬ ‫«سمعت أبا جعفر عليه السالم يقول‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫فأحب أن تأمرين يللة أدخل فيها‬ ‫فقال هل‪ :‬يا رسول اهلل إن يل إبال وغنما وغلمة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فأشهد الصالة‪ ،‬وذلك يف شهر رمضان‪ ،‬فداعه رسول اهلل صل اهلل عليه وآهل فساره يف‬
‫ين إذا اكنت يللة ثالث وعرشين دخل بإبله وغنمه وأهله وودله‬ ‫اجل َه ّ‬
‫أذنه‪ .‬قال‪ :‬فاكن ُ‬
‫وغلمته‪ ،‬فاكن تلك الليلة يللة ثالث وعرشين باملدينة‪ ،‬فإذا أصبح خرج بأهله وغنمه‬
‫‪2‬‬
‫وإبله إىل ماكنه»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫‪ -3‬قال الشيخ الطويس‪« :‬وإنما لم تعي هذه الليلة يلتوفر العباد ىلع العمل يف سائر‬
‫‪3‬‬
‫الليايل»‪.‬‬
‫فلْنغتنم أيّها العزيز لك حلظة يمكننا استثمارها من يللة اجل ُ َهين‪ّ.‬‬
‫ّ‬

‫ْ‬
‫معىن القـدر‬
‫ْ‬
‫قال الشيخ الطويس‪ :‬والقد ُر كون اليشء ىلع مساواة غريه من غري زيادة وال نقصان‪،‬‬
‫ويللة القدر يه‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪ -1‬الليلة اليت حيكم اهلل فيها ويقيض بما يكون يف السنة بأمجعها من لك أمر "‪"..‬‬
‫ً‬
‫يقال‪ :‬قدر اهلل هذا األمر يقدره قدرا إذا جعله ىلع مقدار ما تدعو إيله احلكمة‪ .‬‬
‫‪ -2‬وقيل‪ّ :‬‬
‫فس اهلل تعاىل يللة القدر بقوهل‪﴿ :‬ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﴾ ادلخان‪.4:‬‬

‫‪ -1‬اإلقبال‪.375/1 :‬‬
‫‪ -2‬املصدر‪.‬‬
‫‪207‬‬ ‫‪ -3‬الشيخ الطويس‪ ،‬التبيان يف تفسري القرآن‪.384/10 :‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ٌ‬
‫‪ -3‬وقيل‪ُ :‬س ّميت يللة القدر لعظم شأنها وجاللة موقعها‪ ،‬من قوهلم‪ :‬فالن هل قدر‪.‬‬
‫ّ‬
‫واألول أظهر‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫فيف يللة القدر تدد األمور ىلع مقاديرها (اليت) جعلها اهلل يف اآلجال واألرزاق‪،‬‬
‫ُ‬
‫واملواهب اليت جيعلها اهلل للعباد‪ .‬ويقع فيها غفران السيئات ويعظم مزنلة احلسنات‬
‫‪1‬‬
‫ىلع ما ال يقع يف يللة من الليايل»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ومن الواضح أن مراد الشيخ رضوان اهلل تعاىل عليه من «املساواة» ما فسه بقوهل‪« :‬ما‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تدعو إيله احلكمة»‪ .‬وهو يعين أن التساوي يقع بني املقدمات وانلتائج وفق موازين‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫الرمحة والعدل‪ ،‬فيُ َ‬
‫خملوق عموما‪ ،‬ما ينسجم مع هذه‬ ‫ٍ‬ ‫شخص ولك مجاع ٍة ولك‬ ‫ٍ‬ ‫عطى لك‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اإلهلية‪ّ ،‬‬
‫حت إذا لم تتحقق به املساواة بني انلاس أو بني املخلوقات‪ ،‬بمعىن أن‬ ‫املوازين‬
‫ّ‬
‫يأخذ اجلميع حصة واحدة متساوية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫يللة القدر إذا‪ ،‬يه يللة القانون اإلليه اذلي حيكم الوجود لكه‪ ،‬ىلع قاعدة اإلمهال‪.‬‬

‫يللة صاحب األمر‬


‫ّ‬ ‫الصاح اليت جيب ُ‬ ‫احلقيقة ُّ‬
‫عقد القلب عليها أن شهر رمضان هو شهر القرآن الكريم‪،‬‬
‫ويللة القدر يللة نزول القرآن‪ ،‬ويللة حاكمية الرمحن‪ ،‬وذللك فيه يللة رسول اهلل |‬
‫سيد الرسل واملهيمن ىلع لك ماجاؤوا به‪ ،‬وصاحب األمر ورائد مرشوع هداية‬ ‫بما هو ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫البرشية إىل احلق وإنقاذها من براثن اجلهل والرشك‪ ،‬وبما هو صل اهلل عليه وآهل مركز‬
‫ّ‬
‫لك أمر نزل من اهلل تعاىل ويزنل من بدء اخللق إىل ما بعد اجلنة ونعيمها من رضوان‬
‫ّ‬
‫اهلل تعاىل‪ ،‬وبعد انلار وجحيمها من عذاب اهلل تعاىل للمستحقني‪.‬‬
‫يلة القدر يللته ويللة ّ‬ ‫ّ ََ ُ‬ ‫ّ‬
‫وصيه اذلي هو‬ ‫وحيث إن املصطىف | قطب رىح ذلك لكه‪ ،‬فل‬
‫ّ‬
‫استمراره صل اهلل عليه وآهل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫﴿تزنل املالئكة والروح فيها بإذن‬ ‫ومن غرائب الغفلة‪ ،‬أننا نعرف أن يللة القدر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ربهم من لك أمر﴾ القدر‪ ،4:‬ونعرف أن إمام زماننا بل إمام لك زمان يُطلق عليه اسم‬
‫«صاحب األمر» وال نربط بني املعلومتني اللتني هما وجهان حلقيقة واحدة‪ ،‬فاألمر‬
‫اذلي يزنل هو نفسه األمر اذلي يُعترب إمام الزمان صاحبه بإذن اهلل تعاىل‪ .‬والروايات‬
‫ّ‬
‫املرصحة بذلك كثرية‪ ،‬منها‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يشء خيرج من عند اهلل ّ‬
‫ٌ‬
‫عز وجل حت‬ ‫‪ -1‬عن أيب عبد اهلل (الصادق) × قال‪« :‬ليس‬
‫ّ‬ ‫صل اهلل عليه وآهل‪ّ ،‬‬
‫ثم بع ّ‬ ‫ّ‬
‫يل عليه السالم‪ ،‬ثم بواحد واحد‪ ،‬لكيال‬ ‫يبدأ برسول اهلل‬
‫‪2‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫يكون ُ‬
‫آخرنا أعلم من أونلا»‪.‬‬

‫‪ -1‬الشيخ الطويس‪ ،‬التبيان يف تفسري القرآن‪ .384/10 :‬بترصف يسري‪.‬‬


‫‪ -2‬الشيخ املفيد‪ ،‬اإلختصاص‪.313 :‬‬ ‫‪208‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫سمعتك وأنت تقول غري ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬


‫مرة‪ :‬لوال‬ ‫‪ -2‬قال الراوي‪ :‬سألت أبا عبد اهلل ×‪ ،‬فقلت هل‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أنا نزداد ألنفدنا‪ ،‬فقال‪ :‬أما احلالل واحلرام فقد أنزل اهلل ىلع نبيه صل اهلل عليه وآهل‬
‫ُ‬
‫بكماهل‪ ،‬وما يزاد اإلمام يف حالل وال حرام‪ .‬قلت هل‪ :‬فما هذه الزيادة؟ فقال‪ :‬يف سائر‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫األشياء سوى احلالل واحلرام‪ .‬قلت‪ :‬تزدادون شيئا خيىف ىلع رسول اهلل صل اهلل عليه‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫وآهل وال يعلمه؟ فقال‪ :‬ال‪ ،‬إنما خيرج العلم من عند اهلل فيأيت به امللك رسول اهلل صل‬
‫ربك يأمرك بكذا وكذا‪ .‬فيقول‪ :‬انطلق به إىل ع ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫يل‪.‬‬ ‫اهلل عليه وآهل‪ ،‬فيقول‪ :‬يا حممد‬
‫ً‬
‫فيأيت به عليا عليه السالم فيقول‪ :‬انطلق به إىل احلسن‪ .‬فال يزال هكذا ينطلق به إىل‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫واحد بعد واحد حت خيرج إيلنا‪ ،‬وحمال أن يعلم اإلمام شيئا لم يعلمه رسول اهلل صل‬
‫‪1‬‬
‫اهلل عليه وآهل واإلمام من قبله»‪.‬‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -3‬عن أيب جعفر × "‪ :"..‬إنما يأيت األمر من اهلل يف يلال القدر إىل انليب صل اهلل‬
‫عليه وآهل‪ ،‬وإىل األوصياء عليهم السالم‪ :‬افعل كذا وكذا‪.‬‬
‫َّ َ‬ ‫ّ‬ ‫عقب ّ‬ ‫ّ‬
‫السيد ىلع هذه الروايات بقوهل‪« :‬واعلم أن إلقاء هذه األرسار يف السنة إىل‬ ‫وقد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫انليب صىل اهلل عليه وآهل‪ ،‬إنما‬ ‫ويل األمر ما هو من الويح‪ ،‬ألن الويح انقطع بوفاة‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫هو بوج ٍه من وجوه اتلعريف يعرفه من يلىق إيله صلوات اهلل عليه‪ ،‬وقد قال جل‬
‫َ َ َ ْ َ َ ُ ِّ ُ َ‬ ‫ال َوار ِّي َ‬ ‫ت إ َل ْ َ‬ ‫َ ْ َْ َْ ُ‬
‫﴿وأ ْوحينا إِل أم موس‪..‬‬ ‫ني‪ ﴾..‬املائدة‪ ،111:‬وقال تعاىل‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫جالهل‪﴿ :‬وإِذ أوحي ِ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ُّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫﴿وأ ْوح َربك إِل انلَّح ِل‪ ﴾..‬انلحل‪ ،68:‬وللك منها‬ ‫﴾ القصص‪ ،7:‬وقال جل جالهل‪:‬‬
‫تأويل غري الويح انلبوي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وهكذا ّ‬
‫يتضح أن يللة القدر يه يللة صاحب األمر اذلي نص عليه رسول اهلل |‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وإيله يزنل األمر اذلي قد قيض وأميض من اهلل تعاىل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫والروايات كذلك رصحية يف احلث ىلع إدراك هذه احلقيقة باتلفصيل‪ ،‬ذللك فيه ال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بالعموميات املتقدمة رغم وضوحها‪ ،‬بل تريدنا أن نعرف أن املحور يف سورة‬ ‫تكتيف‬
‫َ‬ ‫ُْ‬
‫القدر‪ ،‬ويللة القدر‪ ،‬واألمر احلكيم‪ ،‬واألمر اذلي يزنل أو يفرق‪ ،‬هو «صاحب األمر»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫عز وجل‪﴿ :‬إنا أنزنلاه‬ ‫«سأتله [الصادق أو الاكظم ج] عن قول اهلل‬ ‫عن داود بن فرقد قال‪:‬‬
‫يف يللة القدر*وما أدراك ما يللة القدر﴾‪ .‬قال‪ :‬يزنل فيها ما يكون من السنة من‬
‫موت أو مولود‪.‬‬
‫ّ‬
‫قلت هل‪ :‬إىل من؟ فقال‪ :‬إىل من عىس أن يكون؟ إن انلاس يف تلك الليلة يف صالة‬
‫وداعء ومسألة‪ ،‬وصاحب هذا األمر يف شغل ّ‬
‫تزنل املالئكة إيله بأمور السنة من‬
‫ّ‬
‫‪2‬‬
‫غروب الشمس إىل طلوعها من لك أمر‪[ .‬سالم] يه هل إىل أن يطلع الفجر»‪.‬‬

‫‪ -1‬املصدر‪.‬‬
‫‪209‬‬ ‫‪ -2‬الشيخ حممد باقر امللكي‪ ،‬توحيد اإلمامية‪.358 :‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫وعن أيب عبد اهلل (اإلمام الصادق) × قال‪:‬‬


‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫«إن يللة القدر يكتب ما يكون منها يف السنة إىل مثلها من خري أو رش‪ ،‬أو موت أو‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫حياة أو مطر‪ .‬ويكتب فيها وفد احلاج‪ .‬ثم يفيض ذلك إىل أهل األرض‪ .‬فقلت‪ :‬إىل من‬
‫َ‬
‫‪1‬‬
‫من أهل األرض؟ فقال‪ :‬إىل من ترى»‪.‬‬

‫عالمات يللة القدر‬


‫ُ‬
‫هل هناك عالمة تعرف بها يللة القدر؟‬
‫ّ‬
‫ورد يف الروايات ذكر عدة عالمات يه‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يطيب رحيها‪.‬‬
‫‪ -2‬وتكون يف الربد يللة دافئة‪ ،‬ويف ّ‬
‫احلر باردة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫‪ -3‬يللة مضيئة ترى جنومها بوضوح‪.‬‬
‫ّ‬
‫الس ّيد ابن طاوس قدس رسه عن العالمات‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫حتدث ّ‬ ‫وقد‬
‫ّ ّ‬ ‫ٌ‬
‫«فصل يف ما نذكره من الرواية بعالمات يللة القدر‪ :‬إعلم أننا لما رأينا الروايات بذلك‬
‫ّ‬
‫منقولة‪ ،‬وأن إماكن الظفر بليلة القدر من األمور املعقولة‪ ،‬اقتىض ذلك ذكر طرف‬
‫ُ‬
‫من الروايات ببعض عالمات يللة القدر‪ ،‬واتلنبيه ىلع وقت ما يرىج هلا من السعادات‪.‬‬
‫ثم أورد الروايات اتلايلة‪:‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫‪ -1‬ف ِمن ذلك‪ :‬ما ذكره "‪ "..‬اللكيين "‪ "..‬عن أحدهما ج قال (حممد بن مسلم)‪ :‬سأتله‬
‫عن عالمة يللة القدر‪ ،‬فقال‪ :‬عالمتها أن تطيب رحيها‪ ،‬وإن اكنت يف برد دفئت‪ ،‬وإن‬
‫حر بردت وطابت‪ .‬وقد روى هذا احلديث "‪ "..‬يف كتاب (من ال حيرضه الفقيه)‪.‬‬ ‫اكنت يف ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -2‬ومن ذلك‪ ".." :‬قال (الراوي)‪ :‬قلت أليب عبد اهلل ×‪ :‬إنهم يقولون إنها ال ينبح‬
‫ّ‬
‫حر اكنت باردة طيبة‪ ،‬وإن اكنت يف‬ ‫فبأي يشء تُعرف؟ قال‪ :‬إن اكنت يف ّ‬ ‫ّ‬ ‫فيها لكب‪،‬‬
‫شتاء اكنت دفيئة ّيلنة‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -3‬ومن ذلك أيضا "‪ "..‬عن أيب عبد اهلل ×‪ ".." :‬يف الشتاء تكون دفيئة‪ ،‬ويف الصيف‬
‫ِّ‬
‫تكون رية طيبة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -4‬ومن ذلك "‪ "..‬عن إسماعيل بن جعفر بن ّ‬
‫حممد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده × قال‪ :‬يللة‬
‫حارة وال باردة‪ ،‬وجنومها اكلشمس الضاحية‪.‬‬ ‫القدر يللة بلجة‪ ،‬ال ّ‬
‫ً‬
‫‪ -5‬أقول‪ :‬ورأيت من غري طريق أهل ابليت عالمات أيضا وأمارات لليلة القدر‪ :‬فمن‬
‫حارة وال باردة‪ ،‬يصبح‬‫عباس فقال‪ :‬يللة القدر يللة طلقة‪ ،‬ال ّ‬ ‫ذلك ما "‪ "..‬عن ابن ّ‬
‫‪2‬‬
‫الشمس من يومها محراء ضعيفة‪.‬‬

‫‪ -1‬املصدر‪.‬‬
‫‪ -2‬اإلقبال‪.152-151/1 :‬‬ ‫‪210‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫أعمال الليلة اثلاثلة والعرشين‬


‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العامة اليت يؤت بها يف لك يلل ٍة من يلايل القدر‪ ،‬ويف ما ييل بيان‬ ‫تقدم ذكر األعمال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العامة ملزيد احلث عليها يف هذه الليلة‬ ‫اخلاصة مع اتلأكيد ىلع بعض األعمال‬ ‫األعمال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مما جيعلها اكخلاصة‪ ،‬ويه كما ييل‪:‬‬
‫ُ‬
‫‪ -1‬الغسل‬
‫ّ‬
‫املستحبة يف شهر‬ ‫تكرر ذكر استحباب الغسل يف هذه الليلة يف سياق تعداد األغسال‬‫ّ‬
‫رمضان‪ ،‬أو دلى ذكر رواية تقرن بينه وبني غريه‪.‬‬
‫ً‬
‫ويف حديث عن اإلمام الرضا يذكر فيه جانبا من سرية رسول اهلل | يف عمل شهر اهلل‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫تعاىل‪ ،‬ورد قوهل عليه السالم‪« :‬فلما اكن يللة ثالث وعرشين اغتسل ايضا كما اغتسل‬
‫‪1‬‬
‫يف يللة تسع عرشة‪ ،‬وكما اغتسل يف يللة إحدى وعرشين»‪.‬‬
‫ُ‬
‫ويقول أحد أصحاب اإلمام الصادق ×‪ :‬رأيته اغتسل يف يللة ثالث وعرشين من‬
‫‪2‬‬ ‫أول الليل‪ّ ،‬‬
‫ومرة يف آخره‪.‬‬ ‫مرة يف ّ‬
‫شهر رمضان ّ‬
‫وقد ورد اتلأكيد ىلع أن يزتامن الغسل مع مغيب الشمس‪ .‬قال الشيخ املفيد‪« :‬وفيها‬
‫ٌ‬
‫غسل عند وجوب الشمس»‪ 3.‬أي مغيبها‪.‬‬
‫ّ‬
‫وال يفوتنك الغسل اآلخر املستحب يف آخر هذه الليلة‪.‬‬
‫‪ -2‬اإلحياء‬
‫‪4‬‬
‫قال الشيخ املفيد‪« :‬وحتىي هذه الليلة بالصالة وادلاعء واالستغفار»‪.‬‬
‫قدمناه‪ّ .‬‬‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫ومما رويناه يف تعظيم فضلها وإحيائها‬ ‫وقال السيد‪« :‬وأن حتىي بالعبادة كما‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مرض أبو عبد اهلل عليه السالم مرضا شديدا‪ ،‬فلما اكن‬ ‫أيضا ما رواه ابن أيب عمري"‪ِ :"..‬‬
‫َ‬
‫‪5‬‬
‫يللة ثالث وعرشين أمر موايله فحملوه إىل املسجد‪ ،‬فاكن فيه يللته»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ويأيت يف صالة املائة ركعة احلث ىلع إحياء هذه الليلة باخلصوص‪ ،‬وقد تقدم املزيد‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -3‬زيارة سيد الشهداء ×‬
‫وهو أفضل أعمال هذه الليلة ىلع اإلطالق‪ ،‬واملراد بزيارته عليه السالم اتلواجد يف‬
‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫ّ ّ‬
‫كربالء كما سيأيت اتلرصيح بذلك‪ ،‬إل أن للزيارة من بُعد أيضا ثوابا عظيما فال ينبيغ‬
‫تركها‪ .‬ومن الروايات يف زيارته عليه السالم يف هذه الليلة‪:‬‬

‫املصدر‪.51 :‬‬ ‫‪-1‬‬


‫اإلقبال‪.376-375/1 :‬‬ ‫‪-2‬‬
‫مسار الشيعة‪.27 :‬‬
‫ّ‬ ‫‪-3‬‬
‫املصدر‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫‪211‬‬ ‫اإلقبال‪.386/1 :‬‬ ‫‪-5‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ُ ُ ّ‬ ‫أ‪ -‬عن أيب عبد اهلل جعفر بن ّ‬


‫حممد عليهما السالم يف هذه اآلية‪﴿ :‬فيها يفرق لك أمر‬
‫ّ‬
‫حكيم﴾‪ ،‬قال‪ :‬يه يللة القدر‪ ،‬يقيض فيها أمر السنة من حج وعمرة‪ ،‬أو رزق أو أجل‪،‬‬
‫ّ ُ‬
‫أو أمر أو سفر‪ ،‬أو نكاح أو ودل‪ ،‬إىل سائر ما ياليق ابن آدم مما يكتب هل أو عليه‬
‫ّ‬
‫يف بقية ذلك احلول من تلك الليلة إىل مثلها من اعم قابل‪ ،‬ويه يف العرش األواخر‬
‫ّ‬
‫من شهر رمضان‪ ،‬فمن أدركها ‪-‬أو قال‪ :‬شهدها‪ -‬عند قرب احلسني عليه السالم يصل‬
‫ّ‬ ‫عنده ركعتني أو ما ّ‬
‫تيس هل‪ ،‬وسأل اهلل تعاىل اجلنة‪ ،‬واستعاذ به من انلار‪ ،‬آتاه اهلل تعاىل‬
‫َ‬
‫مما استعاذ منه‪ ،‬وكذلك إن سأل اهلل تعاىل أن يؤتيه من خري ما َ‬ ‫ّ‬
‫فرق‬ ‫ِ‬ ‫ما سأل‪ ،‬وأاعذه‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫وقىض يف تلك الليلة‪ ،‬وأن يقيه من رش ما كتب فيها‪ ،‬أو داع اهلل وسأهل تبارك وتعاىل‬
‫ُ‬
‫أمر ال إثم فيه‪ ،‬رجوت أن يؤىت سؤهل‪ ،‬ويوىق حماذيره‪ ،‬ويشفع يف عرشة من أهل بيته‬ ‫يف ٍ‬‫ّ‬
‫‪1‬‬
‫لكهم قد استوجبوا العذاب‪ ،‬واهلل إىل سائله وعبده باخلري أرسع‪.‬‬
‫ب‪ -‬عن عبد العظيم احلسين‪ ،‬عن أيب جعفر اثلاين عليه السالم يف حديث قال‪ :‬من‬
‫ُ‬
‫زار احلسني عليه السالم يللة ثالث وعرشين من شهر رمضان‪ ،‬ويه الليلة اليت يرىج‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫أن تكون يللة القدر وفيها يفرق لك أمر حكيم‪ ،‬صافحه روح أربعة وعرشين ألف‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫‪2‬‬
‫ونيب‪ ،‬لكهم يستأذن اهلل يف زيارة احلسني عليه السالم يف تلك الليلة‪.‬‬‫ملك ّ‬
‫ُ‬
‫‪ -4‬الس َور املباركة‬
‫ّ‬
‫اخلاصة‪ ،‬وهما‬ ‫ّ‬
‫اخلاصة بهذه الليلة قراءة أربع سور اثنتني منها من األعمال‬ ‫ومن األعمال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العنكبوت والروم‪ ،‬واثنتني من األعمال العامة‪ ،‬وهما ادلخان والقدر‪ ،‬وعليه‪ ،‬فإن من‬
‫ّ‬
‫اخلاصة ال ينيف استحباب قراءتهما‪ ،‬فالحظ‪.‬‬ ‫ال يذكر ادلخان والقدر ضمن األعمال‬

‫أ‪ -‬العنكبوت والروم‬


‫خاصة سوريت العنكبوت والروم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«ويستحب أن يقرأ يف هذه الليلة‬ ‫قال الشيخ املفيد‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫‪3‬‬
‫فإن يف ذلك ثوابا عظيما»‪.‬‬
‫الس ّيد ابن طاوس‪« :‬ومن زيادات يللة ثالث وعرشين‪ ،‬القراءة فيها لسورة‬ ‫وقال ّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العنكبوت وسورة الروم‪ .‬نروي ذلك بعدة طرق عن الصادق × أنه قال‪ :‬من قرأ‬
‫ّ‬ ‫سورة العنكبوت ّ‬
‫والروم يف يللة ثالث وعرشين فهو واهلل يا أبا حممد من أهل اجلنة‬
‫ً ّ‬ ‫ً‬
‫ال أستثين فيه أبدا‪ ،‬وال أخاف أن يكتب اهلل تعاىل ع ّ‬
‫يل يف يميين إثما‪ ،‬وإن هلاتني‬
‫ً‬
‫‪4‬‬
‫السورتني من اهلل تعاىل ماكنا»‪.‬‬

‫‪ -1‬اإلقبال‪.383/1 :‬‬
‫‪ -2‬املصدر‪.‬‬
‫مسار الشيعة‪.27 :‬‬
‫ّ‬ ‫‪-3‬‬
‫‪ -4‬اإلقبال‪.381/1 :‬‬ ‫‪212‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ب‪ -‬الدخان‬
‫السيد ابن طاوس عليه الرمحة‪« :‬ومن الزيادات يللة ثالث وعرشين قراءة سورة‬ ‫قال ّ‬
‫ّ‬
‫قدمنا الرواية بذلك يف ّ‬ ‫ّ‬
‫‪1‬‬
‫أول يللة»‪.‬‬ ‫ادلخان فيها‪ ،‬ويف لك يللة‪ ،‬وقد‬
‫ْ‬
‫ج‪ -‬القدر‬
‫ّ‬
‫مرة‪ ،‬وقد تقدمت‬ ‫السيد‪« :‬ومن القراءة فيها سورة إنّا أنزنلاه يف يللة القدر ألف ّ‬
‫ّ‬ ‫قال‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫رواية ذللك يف الليلة األوىل‪ ،‬وعموما يف الشهر لكه‪ .‬وروينا ختصيص قراءتها يف هذه‬
‫ّ‬
‫الليلة بعدة طرق إىل موالنا أيب عبد اهلل ×‪ ،‬قال‪ :‬لو قرأ رجل يللة ثالث وعرشين من‬
‫ّ‬
‫شهر رمضان إنا أنزنلاه يف يللة القدر ألف ّ‬
‫مرة‪ ،‬ألصبح وهو شديد ايلقني باإلعرتاف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪2‬‬
‫بما خيتص فينا‪ ،‬وما ذاك إل ليشء اعينه يف نومه»‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-5‬األدعية‬
‫ّ‬
‫أ‪ -‬ادلاعء لصاحب األمر عجل اهلل تعاىل فرجه الرشيف‪ ،‬وقد ورد اتلأكيد ىلع اإلكثار‬
‫ّ‬
‫من قراءته يف خمتلف احلاالت يف لك يلل ٍة من شهر اهلل تعاىل ويف هذه الليلة املباركة‬
‫ّ‬ ‫حنو تنبيه إىل رضورة ّ‬ ‫ويعترب هذا اتلأكيد َ‬ ‫خاص‪ُ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ويص‬ ‫الربط بني الليلة وبني‬ ‫بشلك‬
‫رسول اهلل |اذلي هو باب اهلل اذلي منه يؤىت‪.‬‬
‫ّ‬
‫قال السيد‪:‬‬
‫ً‬ ‫«عن الصاحلني عليهم السالم "‪ّ :"..‬‬
‫وكرر يف يللة ثالث وعرشين من شهر رمضان قائما‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫وقاعدا وىلع لك حال‪ ،‬والشهر لكه‪ ،‬وكيف أمكنك‪ ،‬ومىت حرضك يف دهرك‪ ،‬تقول بعد‬
‫‪4‬‬ ‫تمجيد اهلل تعاىل والصالة ىلع انليب وآهل عليهم السالم‪ :‬أمهللّ كن ّ‬
‫لويلك‪.»..‬‬
‫تقدم ذكره يف عمل ايلوم ّ‬ ‫ّ‬
‫األول‪ ،‬وهل صيغتان إحداهما املعروفة‬ ‫وادلاعء هو نفسه اذلي‬
‫ّ‬
‫املشهورة‪ ،‬واثلانية أطول منها‪ ،‬وقد مر توضيح ذلك فراجع‪.‬‬
‫ّ‬
‫ب‪ -‬داعء يا رب يللة القدر‪ ،‬وهو‪:‬‬
‫ّ ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫يا رب يللة القدر وجاعلها خريا من ألف شهر‪ ،‬ورب الليل وانلهار‪ ،‬واجلبال وابلحار‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫مصور‪ ،‬يا حنان يا منان‪ ،‬يا أهلل يا رمحان‪،‬‬ ‫واألرض والسماء‪ ،‬يا بارئ يا‬ ‫ِ‬ ‫والظلمِ واألنوار‪،‬‬
‫بديع السماوات واألرض‪ .‬يا ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫يا ُّ‬
‫أهلل يا أهلل‪ ،‬يا أهلل يا أهلل‪ ،‬يا أهلل‬ ‫بديء يا‬ ‫يح يا قيوم‪ ،‬يا‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫والكربياء واآلالء وانلَّعماء‪ ،‬أسألك‬
‫ُ‬ ‫يا أهلل‪ ،‬يا أهلل‪ ،‬لك األسماء احلسىن‪ ،‬واألمثال العليا‪،‬‬

‫املصدر‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫املصدر‪.382 :‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أنظر يف جميع األدعية الواردة هنا ‪ :‬اإلقبال‪ 378 :‬فما بعدها‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫‪213‬‬ ‫املصدر‪ .191 :‬وانظر صيغة الدعاء املعروفة يف مصباح الشيخ الطويس‪.632-631 :‬‬ ‫‪-4‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫َ َ ُّ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫نل املالئكة والروح‬ ‫باسمك بسم اهلل الرمحن الرحيم‪ ،‬إن كنت قضيت يف هذه الليلة ت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫من لك أمر حكيم‪ .‬فصل ىلع حمم ٍد وآهل‪ ،‬واجعل اسيم يف هذه الليلة يف السعداء‪،‬‬
‫ً‬ ‫ِّ ّ‬
‫ورويح مع الشهداء‪ ،‬وإحساين يف عليني وإساءيت مغفورة‪ ،‬وأن تهب يل يقينا تبارش‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ ّ‬ ‫ً ُ‬
‫به قليب‪ ،‬وإيمانا يذهِب الشك عن‪ ،‬وترضيين بما قسمت يل‪ ،‬وآتين يف ادلنيا حسنة‪،‬‬
‫ذكرك و شكرك‪،‬‬ ‫ويف اآلخرة حسنة وقين عذاب انلار ‪ .‬وارزقين يا رب فيها(الليلة) َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والرغبة واإلنابة ايلك‪ ،‬واتلوبة واتلّوفيق ملا وفقت هل شيعة آل حممد يا أرحم الرامحني‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫عن حبولك ّ‬ ‫َ َْ َ ّ‬ ‫َ ْ ِّ‬
‫برزق منك واسع (و)‬ ‫ٍ‬ ‫وقوتك‪ ،‬وأغنين يا رب‬ ‫وال تفتِن بطلب ما زويت‬
‫هم ّ‬ ‫لك ٍّ‬ ‫ِّ ْ ّ َّ‬ ‫العفة يف بطين ْ‬ ‫ّ‬
‫وغم‪ ،‬وال‬ ‫وفريج‪ ،‬وفرج عن‬ ‫حباللك عن حرامك‪ .‬وارزقين‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ْ‬
‫عدوي ( ووفقين لليلة) القدر ىلع أفضل ما رآها أحد‪ ،‬ووفقين ملا وفقت هل‬ ‫تش ِمت يب‬
‫ّ‬ ‫ّ ً‬
‫حممدا وآل حممد عليه وعليهم السالم‪( .‬و) افعل يب كذا وكذا‪ ،‬الليلة الليلة الساعة‬
‫‪1‬‬
‫حت ينقطع انلفس‪.‬‬ ‫الساعة‪ّ ..‬‬
‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ت‪ -‬أمهللّ امدد يل يف عمري‪ ،‬وأوسع يل يف رزيق‪ ،‬وأصح جسيم‪ ،‬وبلغين أميل‪ ،‬وإن‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫كنت من األشقياء فامين من األشقياء واكتبين من السعداء‪ ،‬فانك قلت يف كتابك‬
‫ُ َ َ َ َ ُ ْ ُ َ ْ َ ُ ُُّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫اء ويثبِت وعِنده أم‬ ‫﴿ي ْم ُحوا الل َّ ما يش ُ‬ ‫املزنل‪ ،‬ىلع نبيك املرسل صلواتك عليه وآهل‪:‬‬
‫ْ َ‬
‫اب﴾ الرعد‪.39:‬‬ ‫الكِت ِ‬
‫َْ َ ْ‬ ‫ّ ْ ُ‬ ‫ّ‬
‫ث‪ -‬أمهللّ إياك تعمدت الليلة حباجيت‪ ،‬وبك أنزلت فقري ومسأليت‪( ،‬فلتسعين) الليلة‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وعفوك‪ ،‬فأنا لرمحتك (أرىج) من لعميل‪ ،‬ورمحتك ومغفرتك أوسع من ذنويب‪،‬‬ ‫رمحتك‬
‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫وتيسريه عليك‪ .‬فإن لم أصِ ب خريا إال‬ ‫ِ‬ ‫واق ِض يل لك حاج ٍة يه يل‪ ،‬بقدرتك ىلع ذلك‬
‫ٌ‬ ‫ً َ ُّ‬ ‫ٌ‬
‫رجاء دليين ودنياي‪ ،‬وال آلخريت‪،‬‬ ‫منك‪ ،‬ولم يرصف عين أحد سوءا قط غريك‪ ،‬وليس يل‬
‫ّ‬ ‫فردين انلاس بعميل َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َُّ‬
‫غريك‪ ،‬يا رب العاملني‪.‬‬ ‫وال يلوم فقري‪ ،‬يوم أدل يف حفريت‪ ،‬وي‬
‫د‪ -‬ومن داعء يللة ثالث وعرشين‪:‬‬
‫ُْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫نل‪،‬‬‫خري أنزتله يف هذه الليلة‪ ،‬أو أنت م ِ‬
‫أمهللّ اجعلين من أوفر عبادك نصيبا من لك ٍ‬
‫ٍّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫رزق تقسمه‪ ،‬أو بال ٍء تدفعه‪ ،‬أو ض تكشفه‪،‬‬ ‫نور تهدي به‪ ،‬أو رمح ٍة تنرشها‪ ،‬أو ٍ‬
‫من ٍ‬
‫َ‬
‫واكتب يل ما كتبت ألويلائك الصاحلني‪ ،‬اذلين استوجبوا منك اثلواب‪ ،‬وأمِنوا برضاك‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫كريم يا كريم‪ ،‬صل ىلع حمم ٍد وآل حممد‪ ،‬وافعل يب ذلك‪.‬‬ ‫عنهم منك العقاب‪ ،‬يا‬
‫برمحتك يا أرحم الرامحني‪.‬‬

‫‪ -1‬اإلقبال‪378/1 :‬؛ وانظر‪ :‬الطويس‪ ،‬املصباح‪631 -630 :‬باختالف‪ .‬خمترصاً‪.‬‬ ‫‪214‬‬


‫أعمال شهر رمضان‬

‫ج‪ -‬ومن ادلاعء يف هذه الليلة‪:‬‬


‫ّ‬ ‫ُ‬
‫أسألك مسألة املسكني املستكني‪ ،‬وأبتهل إيلك ابتهال املذنب ابلائس اذليلل مسألة‬
‫ُ‬ ‫ََ َ ْ‬ ‫ََُْ‬ ‫ُ‬
‫بته‪ ،‬وهملت لك دموعه‪،‬‬ ‫من خضعت لك ناصيته‪ ،‬واعرتف خبطيئته‪ ،‬ففاضت لك ع‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ‬
‫وضلت حيلته‪ ،‬وانقطعت حجته‪ ،‬أن تعطيين يف يلليت هذه مغفرة ما مىض من ذنويب‪،‬‬
‫ّ ً‬ ‫ّ‬ ‫ُ ْ‬
‫واعصمين يف ما بيق من عمري‪ ،‬وارزقين احلج والعمرة يف اعيم هذا‪ ،‬واجعلها حِجة‬ ‫ِ‬
‫ُْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ً‬ ‫ْ ْ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وارزقنيه أبدا ما أبقيتين‪ ،‬وال تلِين(من) زيار(ة بيتك)‬ ‫مربورة خالصة لوجهك‪،‬‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وزيارة قرب نبيك حمم ٍد صلواتك عليه وآهل‪ .‬إليه وأسألك أن تكفيين مؤونة خلقِك‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫اجلن واالنس‪ ،‬والعرب والعجم‪ ،‬ومن لك دابة أنت آخذ بناصيتها‪ ،‬إنك ىلع رصاط‬ ‫من‬
‫ُ‬ ‫ّ َْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫مستقيم‪ .‬أمهللّ اجعل يف ما تقيض وتقدر من األمر املحتوم‪ ،‬ومما تفرق من األمر‬
‫ّ‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫ُ ّ‬
‫احلكيم يف هذه الليلة‪ ،‬يف القضاء اذلي ال يرد وال يبدل‪ ،‬أن تكتبين من حجاج بيتك‬
‫ّ‬ ‫ُْ‬ ‫ّ‬
‫املغفور ذنوبهم‪ ،‬املكفر عنهم‬ ‫ِ‬ ‫املشكور سعيهم‪،‬‬‫ِ‬ ‫املربور حجهم‪،‬‬
‫ِ‬ ‫احلرام‪ ،‬يف اعيم هذا‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ً ًّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ‬
‫سيئاتهم‪ ،‬وأن تطيل عمري‪ ،‬وتوسع يل يف رزيق‪ ،‬وارزقين ودلا بارا‪ ،‬إنك ىلع لك يش ٍء‬
‫ّ‬
‫قدير‪ ،‬وبكل يش ٍء حميط‪.‬‬
‫ح‪ -‬ومن داعء يللة ثالث وعرشين‪:‬‬
‫َّ‬
‫أمهللَ إين أسألك سؤال املسكني املستكني‪ ،‬وأبتيغ إيلك ابتغاء ابلائس الفقري‪ ،‬وأترضع‬
‫ترضع الضعيف الرضير‪ ،‬وأبتهل إيلك ابتهال املذنب اذليلل‪ ،‬وأسألك مسألة من‬ ‫إيلك ُّ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫خضعت لك نفسه‪ ،‬ورغم لك أنفه‪ ،‬وعفر لك وجهه‪ ،‬وخضعت لك ناصيته‪ ،‬واعرتف‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ََْ َ ْ‬ ‫َ‬
‫خبطيئته‪ ،‬وفاضت لك عربته‪ ،‬وانهملت لك دموعه‪ ،‬وضلت عنه حيلته‪ ،‬وانقطعت‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫عنه حجته‪ ،‬حبق حمم ٍد وآل حمم ٍد عليك‪ ،‬وحبقك العظيم عليهم‪ ،‬أن تصل عليهم كما‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أنت أهله‪ ،‬وأن تصل ىلع نبيك وآل نبيك‪ ،‬وأن تعطيين أفضل ما أعطيت السائلني من‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫عبادك املاضني من املؤمنني‪ ،‬وأفضل ما تعطي ابلاقني من املؤمنني‪ ،‬وأفضل ما تعطي‬
‫َ‬ ‫جعلت هل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وخري اآلخرة‪ ،‬يا كريم‬ ‫خري ادلنيا‬ ‫من ختلقه من أويلائك إىل يوم ادلين‪ ،‬ممن‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يا كريم يا كريم‪ .‬وأعطين يف جمليس هذا مغفرة ما مىض من ذنويب‪ ،‬واعصمين يف ما‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ ً‬ ‫ّ‬
‫بيق من عمري‪ ،‬وارزقين احلج والعمرة يف اعيم هذا‪ ،‬متقبال مربورا خالصا لوجهك‬
‫ً‬
‫يا كريم‪ ،‬وارزقنيه أبدا ما أبقيتين‪ ،‬يا كريم يا كريم يا كريم‪ ،‬واكفين مؤونة نفيس‪،‬‬
‫ّ َ‬
‫رش فسقة العرب والعجم‪،‬‬ ‫واكفين مؤونة عيايل‪ ،‬واكفين مؤونة خلقك‪ ،‬واكفين‬
‫ّ ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫واكفين ّ‬
‫رش لك داب ٍة أنت آخذ بناصيتها‪ ،‬إن رب ىلع‬ ‫اجلن واإلنس‪ ،‬واكفين‬ ‫رش فسقة‬
‫رصاط مستقيم‪.‬‬
‫ٍ‬

‫‪215‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬
‫د‪ -‬ومن داعء يللة ثالث وعرشين ‪ -‬وقد تقدم حنوه يف يللة تسع عرشة عن موالنا‬
‫الاكظم ×‪-‬وهذا رويناه "‪ "..‬عن أيب عبد اهلل × قال‪ :‬يقول‪ :‬امهللّ اجعل يف ما‬
‫تقدر من األمر املحتوم‪ ،‬ويف ما ُ‬ ‫ّ‬
‫تفرق من األمر احلكيم يف يللة القدر‪،‬‬ ‫تقيض ويف ما‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫من القضاء اذلي ال يرد وال يبدل‪ ،‬أن تكتبين من حجاج بيتك احلرام يف اعيم هذا‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املربور حجهم‪ ،‬املشكور سعيهم‪ ،‬املغفور ذنوبهم‪ ،‬املكفر عنهم سيئاتهم‪ ،‬واجعل يف ما‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تقيض ويف ما تقدر أن تطيل عمري‪ ،‬وتوسع يل يف رزيق ‪.‬‬
‫ً‬
‫ذ‪ -‬داعء اإلمام احلسن بن عيل عليهما السالم يف يللة القدر‪ :‬يا باطنا يف ظهوره‪،‬‬
‫ً َُْ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ويا ظاهرا يف بطونه‪ ،‬يا باطنا ليس ( خيىف) ويا ظاهرا ليس يرى‪ ،‬يا موصوفا ال يبلغ‬
‫غري مفقود‪ ،‬ويا شاهداً َ‬
‫غري مشهود‪،‬‬ ‫حد حمدود‪ ،‬يا اغئبا ً َ‬‫ٌّ‬
‫بكينون ِيته موصوف‪ ،‬وال‬
‫ْ ّ‬
‫عي‪ ،‬ال يُ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َُْ‬ ‫ُْ َ ْ ُ‬
‫درك‬ ‫يطلب فيصاب‪ ،‬ولم يل منه السماوات واألرض وما بينهما طرفة‬
‫َ ّ َ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫بأين وال حبَيث‪ .‬أنت نور انلُّور‪ ،‬ورب األرباب‪ ،‬أحطت جبميع‬ ‫بكيف‪ ،‬وال يؤين ٍ‬
‫شئ وهو السميع ابلصري‪ ،‬سبحان من هو هكذا وال‬ ‫األمور‪ ،‬سبحان من ليس كمثله ٌ‬
‫ثم تدعو بما تريد‪.‬‬ ‫هكذا غريه ‪ّ -‬‬
‫* ويلحق بادلاعء يف هذه الليلة‪ :‬ادلاعء للمؤمنني والاكفرين‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قال السيد‪« :‬وال يمتنع اإلنسان يف هذه الليلة من دعوات بظهر الغيب ألهل احلق‪ ،‬وقد‬
‫ّ‬
‫‪1‬‬
‫قدمنا يف عمل ايلوم والليلة فضائل ادلاعء لإلخوان»‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫حيسن إسالم املسلم وال يستقيم إيمانه إذا فهم ّ‬ ‫ال ُ‬
‫اتلدين انغالقا ىلع انلفس وتقوقعا‬
‫ُ ُ‬
‫يف ق ْمق ِم اذلات‪.‬‬
‫ّ‬
‫اتلديّن اكلشمس الساطعة تبدد الظلمات وخترتق احلجب‪ ،‬واكهلواء الطلق ال يقف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫سد‪ ،‬وهو حركة القلب املنطلقة أبدا يف ّ‬ ‫ّ‬
‫بياين تصاعدي يف اتلحلل من‬ ‫خط‬ ‫يف طريقه‬
‫قيود األنا ابلغيضة‪.‬‬
‫العلو من شجرة االنغالق ابلغيضة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫فطلَ ُ‬
‫ب‬ ‫اتلعايل‪َ ،‬‬ ‫ّ‬
‫اتلدي ُن ّ‬ ‫يعرف‬‫ال ِ‬
‫واحلقد املمعن يف الشيطنة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ّ‬
‫وال ينسجم مع احلسد الشيطاين‬
‫ونبع حنان‪َ ،‬‬ ‫فيض ٍّ‬ ‫ُ‬
‫وم ُ‬
‫عني إيثار‪.‬‬ ‫حب‪ُ ،‬‬ ‫اتلديّن‬
‫وبمقدار االهتمام باآلخر يكون‪.‬‬
‫ّ‬
‫جمرد توصي ٍة اعبرة أن حيمل املؤمن يف يللة القدر هم غريه‪ ،‬فيدعو للمؤمنني‬ ‫وليس ّ‬
‫بظهر الغيب‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ ْ‬ ‫ّ‬
‫إنه مؤرش ِمدماك يف الرؤية اتلوحيدية‪ ،‬وقاعدة للفكر اإلساليم‪ ،‬ومنهج يف بناء‬
‫الشخصية اإلسالمية‪.‬‬ ‫ّ‬

‫‪ -1‬اإلقبال‪.384/1 :‬‬ ‫‪216‬‬


‫أعمال شهر رمضان‬

‫حج فصار إىل املوقف ( يف عرفة) أقبل ىلع ادلاعء إلخوانه‬ ‫«اكن عيىس بن أعني إذا ّ‬
‫حت إذا ِصت إىل املوضع اذلي‬
‫َ‬ ‫حت يفيض انلاس‪ ،‬فقيل هل‪ :‬تُنفق مالك وتُتعب بدنك ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫أقبلت ىلع ادلاعء ألخوانك وترتك نفسك؟ فقال‪ :‬إن ىلع يقني‬ ‫يُبث فيه احلوائج إىل اهلل‬
‫ٍّ‬ ‫َ‬
‫‪1‬‬
‫من داعء امللك يل ويف شك من ادلاعء نلفيس»‪.‬‬
‫املحمدي كما‬ ‫ّ‬ ‫وتلميذ أخر من مدرسة اإلسالم‬ ‫وجند توضيح مراده يف نموذج مماثل‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫ّ‬
‫قدمه أهل ابليت ^‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ّ َ ْ‬
‫«عن عبد اهلل بن جندب قال‪ :‬كنت يف املوقف‪ ،‬فلما أفضت لقيت إبراهيم بن شعيب‪،‬‬
‫َ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫فسلمت عليه واكن مصابا بإحدى عينيه‪ ،‬وإذا عينُه الصحيحة محراء كأنها َعلقة‬
‫َ َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫دم‪ ،‬فقلت هل‪ :‬قد أصبْ َ‬
‫قصت من‬ ‫مشفق لك ىلع األخرى فلو‬ ‫ت بإحدى عينيك‪ ،‬وأنا‬ ‫ِ‬
‫ً‬
‫ابلاكء قليال‪.‬‬
‫حممد‪ ،‬ما دعوت نلفيس ايلوم بدعوة‪ .‬فقلت‪ :‬فلمن دعوت؟‬ ‫قال‪ :‬ال واهلل يا أبا ّ‬
‫قال‪ :‬دعوت إلخواين‪ .‬سمعت أبا عبد اهلل × يقول‪ :‬من داع ألخيه بظهر الغيب ولك‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ ً‬
‫اهلل به ملاك يقول‪ :‬ولك مثاله‪ .‬فأردت أن أكون إنما أدعو إلخواين ويكون امللك‬
‫َ‬ ‫ٍّ‬ ‫ّ‬
‫‪2‬‬
‫يدعو يل‪ ،‬ألين يف شك من داعيئ نلفيس‪ ،‬ولست يف شك من داعء امللك يل»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫احلب يف اتلديّن عند هذا احلد‪ ،‬بل لم يتجاوز احلديث عن‬ ‫وال تكتمل صورة روعة‬
‫الصورة اإلطار!‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ليست اغية احلب أن حتب إخوانك املؤمنني فتؤثرهم ىلع نفسك يف ادلاعء إيثار جتارة‬
‫ّْ‬ ‫ّ ً َّ ً‬ ‫ّ‬
‫الربيح‬ ‫مزنها عن املردود‬ ‫احلب أن تدعو هلم حبا‬ ‫تبيغ بها مصلحتك‪ ،‬وال يه اغية‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫املصليح مهما اكن وجيها‪ ،‬بل اغيته أن حتب اخلري للاكفرين وتؤثرهم ىلع نفسك‬ ‫أو‬
‫ً‬
‫وتميض شطرا من يللة القدر بادلاعء هلم‪.‬‬
‫ّ ّ‬ ‫وال ّ‬
‫حترك باإلنكار قلبك‪ ،‬تلعجل به‪ ،‬فسيأيت ما يبدد لك غموض‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫نلصيغ بأذن القلب إىل تلميذ مدرسة أهل ابليت املحمدي السيد ابن‬ ‫وتعال ميع‬
‫ّ‬
‫طاوس قدس اهلل تعاىل نفسه الزاكية حيث يقول‪:‬‬
‫ُ‬
‫«وكنت يف يلل ٍة جليلة من شهر رمضان بعد تصنيف هذا الكتاب بزمان‪ ،‬وأنا أدعو‬
‫ُ‬ ‫َّ َ‬
‫يف السحر ملن جيب أو حيسن تقديم ادلاعء هل‪ ،‬ويل‪ ،‬وملن يليق باتلوفيق أن أدعو هل‪،‬‬
‫ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فورد ىلع خاطري أن اجلاحدين هلل جل جالهل ونل ِعمه واملستخفني حبرمته‪ ،‬والمبدلني‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫حلكمه يف عباده وخليقته‪ ،‬ينبيغ أن يبدأ بادلاعء هلم باهلداية من ضالتلهم‪ ،‬فإن‬
‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫جنايتهم ىلع الربوبية‪ ،‬واحلكمة اإلهلية‪ ،‬واجلاللة انلبوية أشد من جناية العارفني‬
‫باهلل وبالرسول صلوات اهلل عليه وآهل‪ .‬فيقتيض تعظيم اهلل وتعظيم جالهل وتعظيم‬

‫‪ -1‬املجليس‪ ،‬البحار‪.391/90 :‬‬


‫‪217‬‬ ‫‪ -2‬املصدر‪.‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ً‬ ‫ّ‬
‫رسوهل |وحقوق هدايته بمقاهل وفعاهل‪ ،‬أن يقدم ادلاعء بهداية من هو أعظم رضرا‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫وأشد خطرا‪ ،‬حيث لم يقدر أن يزال ذلك باجلهاد‪ ،‬ومنعهم من اإلحلاد والفساد‪".." .‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ّ‬
‫ضال عن الرسول بالرجوع إيله‪ ،‬وللك‬ ‫ضال عن اهلل باهلداية إيله‪ ،‬وللك ٍ‬ ‫فدعوت للك ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ضال عن احلق باالعرتاف به واالعتماد عليه‪ .‬ثم دعوت ألهل اتلوفيق واتلحقيق‬ ‫ٍ‬
‫باثلبوت ىلع توفيقهم‪ ،‬والزيادة يف حتقيقهم‪ ،‬ودعوت نلفيس ومن يعنيين أمره حبسب‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫أترضع إيله‪ ،‬وإىل مراد رسوهل صىل‬ ‫ما رجوته من الرتتيب اذلي يكون أقرب إىل من‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اهلل عليه وآهل‪ ،‬وقد قدمت مهمات احلاجات حبسب ما رجوت أن يكون أقرب إىل‬
‫اإلجابات»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ونتابع اإلصغاء إىل بيان احليثيات‪ ،‬اليت يرشحها السيد بقوهل‪« :‬أفال ترى ما‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تضمنه مقدس القرآن من شفاعة إبراهيم خ يف أهل الكفران‪ ،‬فقال اهلل ر‪:‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫أو ٌاه منيب﴾‪ .‬فمدحه ر ىلع حلمه وشفاعته‬ ‫ٌ‬
‫حلليم ّ‬ ‫َ‬
‫إبراهيم‬ ‫﴿جيادلا يف قوم لوط إن‬
‫ّ‬
‫وجمادتله يف قوم لوط‪ ،‬اذلين قد بلغ كفرهم إىل تعجيل نقمته‪ ".." .‬أما رأيت ما تضمنته‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أخبار صاحب الرسالة‪ ،‬وهو قدوة أهل اجلاللة‪ ،‬كيف اكن لكما آذاه قومه الكفار‪،‬‬
‫ّ‬
‫وبالغوا فيما يفعلون‪ ،‬قال صلوات اهلل عليه وآهل‪ :‬أمهللّ اغفر لقويم فإنهم ال يعلمون‪.‬‬
‫الب والفاجر‪ .‬وقول‬ ‫"‪ "..‬أما رأيت احلديث عن عيىس خ‪ :‬كن اكلشمس تطلع ىلع َّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫نبينا صلوات اهلل عليه وآهل‪ :‬إصنع اخلري إىل أهله وإىل غري أهله‪ ،‬فإن لم يكن أهله‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫تضمن ترجيح مقام املحسنني إىل املسيئني‪ ،‬قوهل ر‪﴿ :‬ﭹ‬ ‫فكن أنت أهله‪ ،‬وقد‬
‫ﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋ‬
‫ُ‬ ‫ّ ّ ً‬
‫‪1‬‬
‫ﮌ ﮍ ﮎ﴾‪ .‬ويكيف أن حممدا | بعث رمحة للعاملني»‪.‬‬
‫ّ ّ ّ‬
‫ومن الواضح أن السيد ‪ +‬قد راىع اثلوابت اتلايلة‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪ -1‬أن ادلاعء للاكفرين ﴿‪ ..‬ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ‪ ﴾..‬املمتحنة‪.8:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -2‬أنه لم حيبهم ىلع كفرهم‪ ،‬بل داع هلم باهلداية‪.‬‬
‫حيتم ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن األصل يف ادلاعء هلم هو ّ‬‫ّ‬
‫حب وضع‬ ‫وحب نبيه ح اذلي‬ ‫حب اهلل تعاىل‬ ‫‪-3‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫للتمرد ىلع طاعة اهلل ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عز وجل وخمالفة سيد أنبيائه عليه وآهل وعليهم الصالة‬ ‫احلد‬
‫والسالم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -4‬أن مبالغة الكفار يف األذى ما لم يصل إىل احلرب‪ ،‬ال تمنع من ادلاعء هلم باهلداية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ٌ ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -5‬أن املؤمن خري لكه‪ ،‬ال يصدر منه إل اخلري ﴿‪ ..‬ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ﴾ املمتحنة‪.8:‬‬
‫بهذا الفهم وهذه الروح ينبيغ أن نستقبل يللة القدر‪ ،‬موقنني بأنّه الحول نلا وال ّ‬
‫قوة‬
‫ّ‬
‫إل باهلل الع ّ‬
‫يل العظيم‪.‬‬

‫‪ -1‬اإلقبال‪.385-384/1 :‬‬ ‫‪218‬‬


‫أعمال شهر رمضان‬

‫‪ -6‬الصلوات‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أ‪ -‬صالة مائة ركعة‪ :‬بالحمد ّ‬
‫واألول أرجح‪ ،‬وهي‬ ‫مرة والتوحيد عشرا‪ ،‬وقيل بالقدر عشرا‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫من األعمال ّ‬
‫العامة لليالي القدر‪ ،‬ولكن ورد الحث عليها في هذه الليلة بشكل خاص‪.‬‬
‫ً‬ ‫ِّ‬
‫‪ -١‬عن أيب بصري قال‪ :‬قال أبو عبد اهلل خ‪ :‬صل يف العرشين من شهر رمضان ثمانيا‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫بعد املغرب‪ ،‬واثنيت عرشة ركعة بعد العتمة‪ ،‬فإذا اكنت الليلة اليت يرىج فيها ما ي ْرىج‬
‫ُ‬ ‫لك ركعة قل هو اهلل أحد عرش ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬
‫مرات‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬جعلت‬ ‫فصل مائة ركعة‪ ،‬تقرأ يف‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫فداك! فإن لم أق َو قائما؟ قال‪ :‬فجالسا‪ ،‬قلت‪ :‬فإن لم أق َو جالسا؟ قال‪ :‬فصل وأنت‬
‫ُ ْ َْ‬
‫‪1‬‬
‫مستل ِق ىلع فراشك‪.‬‬
‫حممد بن ع ّ‬ ‫ّ‬
‫يل ابلاقر ج‪ ،‬قال‪ :‬من أحيا يللة ثالث وعرشين‬ ‫‪-٢‬عن (اإلمام) أيب جعفر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫من شهر رمضان وصل فيها مائة ركعة وسع اهلل عليه معيشته يف ادلنيا وكفاه أمر‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ ّ‬ ‫من يُعاديه‪ ،‬وأاعذه من الغرق واهلدم َّ َ‬
‫رش السباع‪ ،‬ودفع عنه هول منكر‬ ‫والسق ومن‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ونكري‪ ،‬وخرج من قربه نور يتألأل ألهل اجلمع‪ ،‬ويعطى كتابه بيمينه‪ ،‬ويكتب هل‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫براءة من انلّار‪ ،‬وجواز ىلع الرصاط‪ ،‬وأمان من العذاب ويدخل اجلنة بغري حساب‪،‬‬
‫‪ً2‬‬ ‫َ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ويعل فيها من رفقاء انلبيني والصديقني والشهداء والصاحلني‪ ،‬وحسن أوئلك رفيقا‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫اغتسلت عند مغيب‬ ‫وقال الشيخ املفيد يف (المقنِعة)‪« :‬فإذا اكنت يللة ثالث وعرشين‬
‫ّ‬
‫ت بعد العشاء اآلخرة مائة ركعة‪ ،‬تقرأ يف لك ركعة منها فاحتة الكتاب‬ ‫الشمس‪ ،‬وصلّيْ َ‬
‫ّ‬
‫‪3‬‬
‫و إنا أنزنلاه يف يللة القدر»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ِّ‬
‫(مسار الشيعة)‪« :‬وصالة مائة ركعة‪ ،‬يقرأ يف لك ركعة فاحتة الكتاب وعرش‬ ‫وقال يف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪4‬‬
‫مرات إنا انزنلاه يف يللة القدر»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وقال السيد‪« :‬واعلم أن يللة تسع عرشة أوىل اثلالث الليايل األفراد‪ ،‬وهذه الليايل حمل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ّ‬
‫الزيادة يف االجتهاد "‪ "..‬وقد ُروي أن هذه املائة ركعة تصل يف لك يلل ٍة من املفردات لك‬
‫‪5‬‬
‫مرات»‪.‬‬ ‫مرة‪ ،‬وقل هو اهلل أحد عرش ّ‬ ‫ركعة باحلمد ّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫تنبيه هام‪ :‬وجتدر اإلشارة إىل الطريقتني الواردتني يف الروايات نلوافل شهر رمضان‪ ،‬فمن أخذ‬
‫ّ‬ ‫ِّ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫برواية توزيع الركعات اثلمانني ىلع األيام اليت خصصت هلا‪ ،‬فال يصل غري املائة ركعة من‬
‫ّ‬ ‫ً ّ‬
‫األلف شيئا‪ ،‬أما من أخذ بالطريقة اثلانية‪ ،‬فينبيغ أن يصل يف الليايل اثلالث –وهذه الليلة‬
‫بيان ذلك باتلفصيل يف عمل ايلوم ّ‬ ‫ُ‬
‫األول‪.‬‬ ‫منها– ثال ثني ركعة‪ ،‬وقد سبق‬

‫‪ -1‬الشيخ الطويس‪ ،‬تهذيب األحكام‪.64/3 :‬‬


‫‪ -2‬اإلقبال‪٣٨٦/1 :‬‬
‫‪ -3‬املقنعة‪.168 :‬‬
‫مسار الشيعة‪.27 :‬‬
‫ّ‬ ‫‪-4‬‬
‫‪219‬‬ ‫‪ -5‬اإلقبال‪.313-312/1 :‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ب‪ -‬صالة ثمان ركعات‪:‬‬


‫ّ‬
‫عن رسول اهلل |‪« :‬ومن صل يللة ثالث وعرشين من شهر رمضان ثماين ركعات‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ ُ‬
‫‪1‬‬
‫تيس) فتحت هل أبواب السماوات السبع واستجيب داعؤه»‪.‬‬ ‫(بما‬
‫ّ‬
‫ث ‪ -‬صالة لك يللة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قال الكفعيم‪« :‬ويستحب أن يصل يف لك يللة من شهر رمضان ركعتني باحلمد "‪"..‬‬
‫َّ‬ ‫ً‬
‫واتلوحيد ثالثا‪ ،‬فإذا سلم قال‪ :‬سبحان من هو حفيظ ال يغفل‪ ،‬سبحان من هو رحيم ال‬
‫ثم يقول التسبيحات‬ ‫يعجل‪ ،‬سبحان من هو قائم ال يسهو‪ ،‬سبحان من هو دائم ال يلهو‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ثم يقول‪ :‬سبحانك سبحانك يا عظيم‪ .‬إغفر يل اذلنب العظيم‪ .‬ثم تصل‬ ‫األربع سبعاً‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫‪2‬‬
‫انليب عرشا‪ .‬من صلها غفر اهلل هل سبعني ألف ذنب»‪.‬‬ ‫ىلع ّ‬

‫‪ -1‬احلر العاميل‪ ،‬وسائل الشيعة‪40/8 :‬؛ والكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪176 :‬ومابني القوسني بحسبه‪.‬‬
‫‪ -2‬الكفعمي‪ ،‬املصباح‪ .563 :‬اهلامش‪.‬‬ ‫‪220‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫‪23‬‬
‫شهر رمضان‬

‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫تذكري بأهمية يوم القدر‬ ‫*‬
‫* داعء ايلوم اثلالث والعرشين‬
‫*داعء آخر مجعة‬
‫*صالة الليلة الرابعة والعرشين‬

‫‪221‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬
‫تذكري بأهمية يوم القدر‬
‫تقدم اتلأكيد ىلع رضورة االهتمام بيوم القدر بمستوى االهتمام بليلته‪ ،‬وهو ٌ‬ ‫ّ‬
‫أمر بالغ‬
‫ّ‬
‫احلساسية عظيم الفوائد‪ ،‬فقد حيصل فيه املؤمن ىلع ما لم حيصل عليه يف يللة القدر‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫إما ألنه لم يوفق للعبادة فيها أو لم حيالفه اتلوجه‪ ،‬وقد تتعاظم حصيلة من وفق لليلة‬
‫ْ‬ ‫القدر ىلع أكمل وجه‪ ،‬فزيادة اخلري ٌ‬
‫خري‪ ،‬ويف ذلك فليتنافس املؤمنون‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أعيد هنا ما تقدم عن السيد ابن طاوس والروايات اليت أوردها حول «يوم القدر»‪:‬‬
‫تهون بنهار تسع عرشة أو إحدى وعرشين أو ثالث‬ ‫رسه‪« :‬فإيّاك أن ِّ‬
‫قدس ّ‬ ‫ّ‬
‫قال‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫وعرشين‪ ،‬وتتلك ىلع ما عملته يف يللتها وتستكرثه ملوالك‪ ،‬وأنت اغفل عن عظيم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫نعمته‪ ،‬وحقوق ربوبيته‪ .‬وكن يف هذه األيام اثلالثة املعظمات ىلع أبلغ الغايات‪ ،‬يف‬
‫ّ‬
‫واملهم من هذه الليايل يف ظاهر‬ ‫العبادات وادلعوات‪ ،‬واغتنام احلياة قبل املمات‪".." .‬‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫الروايات عن الطاهرين ما قدمناه من اتلرصيح‪ ،‬أن أهمها يللة ثالث وعرشين‪ ،‬فال‬
‫ُ‬
‫تهمل يومها‪ .‬فمن الرواية يف ذلك بأسنادنا عن هشام بن احلكم رضوان اهلل عليه عن‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫أيب عبد اهلل الصادق صلوات اهلل عليه أنه قال‪ :‬يومها مثل يللتها ‪-‬يعين يللة القدر‪.-‬‬
‫ّ‬
‫ويف حديث آخر عن الصادق × قال‪ :‬يه يف لك سنة يللة‪ ،‬وقال‪ :‬يومها مثل يللتها‪.‬‬
‫ّ‬
‫ويف حديث آخر عن أيب عبد اهلل × أنه سأهل بعض أصحابنا "‪ :"..‬كيف تكون يللة‬
‫خري من العمل يف ألف شهر ليس فيه يللة‬ ‫القدر خرياً من ألف شهر؟ قال‪ :‬العمل فيها ٌ‬

‫القدر‪ .‬وقال أبو عبد اهلل ×‪ :‬يومها مثل يللتها ‪-‬يعين يللة القدر‪ -‬ويه تكون يف‬
‫ّ‬
‫‪1‬‬
‫لك سنة»‪.‬‬

‫داعء ايلوم اثلالث والعرشين‬


‫َ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫أمهللّ اغسِ لين فيه من اذلنوب‪ ،‬وطهرين فيه من العيوب‪ ،‬وامتحِن قليب فيه بتقوى‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ات املؤمنني‬‫القلوب‪ ،‬يا مقيل عث ِ‬
‫أردت أن يكون باطين لك‪ ،‬وظاهري ألهل ادلنيا ألصبح من أهل ّ‬ ‫َ‬
‫رسك اذلين‬ ‫إليه‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫تدخلهم اجلنة رسا‪ ،‬فجعلت ظاهري لك من أجل انلاس وهربت بباطين عنك‪ ،‬رست‬
‫ُْ ً‬ ‫ْ ً‬
‫ُ‬
‫صبغت ظاهري بقرش ِة‬ ‫ومن ِجدا!‬ ‫يف خطوات الشيطان أقفو أثره ُمت ِهما يف ابلعد عنك‬
‫أطنان احلجب وأثقال اذلنوب!‬ ‫تقوى بينها وبني مالمسة القلب ْ‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫أدركت أن من األخرسين أعماال فهل تنهمر ُم ُزن‬ ‫ُ‬ ‫وها أنا ذا يا إليه يف ضيافتك‪ ،‬وقد‬
‫جراحات قليب املظلم‪ ،‬وتمطره حبزمة‬ ‫ِ‬ ‫رمحتك تلغسلين من أدراين؟ وهل تبلسم حبنانك‬

‫‪ -1‬اإلقبال‪.350 :‬‬ ‫‪222‬‬


‫أعمال شهر رمضان‬

‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬


‫بتقوى تالمس شغافه‪ ،‬فأعبدك وحدك وأخشاك‪،‬‬ ‫وتمن ع ّ‬
‫يل‬ ‫فتطهرين من عيويب‬ ‫سنا‬
‫وأرجوك وحدك ال رشيك لك؟‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫مذنب أنا‪ٌّ ،‬‬
‫مذعن‪ ،‬معرتف‪ ،‬فأقِلين‪ .‬يا مقيل عرثات املذنبني‪.‬‬ ‫مقر‪،‬‬

‫داعء الوداع يف آخر مجعة‬


‫دخلت ىلع رسول اهلل | يف آخر مجعة من‬ ‫ُ‬ ‫عن جابر بن عبد اهلل األنصاري قال‪:‬‬
‫ّ‬ ‫فلما ُ‬
‫شهر رمضان‪ّ ،‬‬
‫بص يب قال يل‪ :‬يا جابر هذا آخر مجعة من شهر رمضان فودعه‪،‬‬
‫وقل‪:‬‬
‫ً‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫أمهللّ ال جتعله آخر العهد من صيامنا إياه‪ ،‬فإن جعلته فاجعلين مرحوما‪ ،‬وال جتعلين‬
‫ّ‬ ‫ً ّ‬
‫حمروما‪ ،‬فانه من قال ذلك ظفر بإحدى احلسنيني‪ :‬إما ببلوغ شهر رمضان من قابل‪،‬‬
‫ّ‬
‫‪1‬‬
‫وإما بغفران اهلل ورمحته‪.‬‬
‫ّ‬
‫والظاهر أن املراد تكرار هذا الوداع يف األسبوع األخري من الشهر الكريم‪.‬‬

‫صالة الليلة الرابعة والعرشين‬


‫ّ‬
‫‪ -1‬حصة هذه الليلة من األلف ركعة‪ :‬ويه عبارة عن ثالثني ركعة‪ ،‬ثماين ركعات بعد‬
‫لك ركعة احلمد ّ‬‫ّ‬
‫مرة وقل هو‬ ‫صالة املغرب واثنان وعرشون بعد صالة العشاء‪ ،‬نقرأ يف‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫اهلل أحد مرة‪ ،‬أو بالرتتيب املتقدم ثالثا أو مخسا أو سبعا أو عرشا‪.‬‬
‫‪ -2‬عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآهل‪ :‬ومن صىل يللة أربع وعرشين منه ثماين ركعات‬
‫ّ‬
‫‪2‬‬
‫يقرأ فيها ما يشاء اكن هل من اثلواب كمن حج واعتمر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«ويستحب أن يصل يف لك يللة من شهر رمضان ركعتني باحلمد "‪"..‬‬ ‫‪ -3‬قال الكفعيم‪:‬‬
‫َّ‬ ‫ً‬
‫واتلوحيد ثالثا‪ ،‬فإذا سلم قال‪ :‬سبحان من هو حفيظ ال يغفل‪ ،‬سبحان من هو رحيم ال‬
‫ثم يقول التسبيحات‬ ‫يعجل‪ ،‬سبحان من هو قائم ال يسهو‪ ،‬سبحان من هو دائم ال يلهو‪ّ .‬‬
‫ثم تصيل‬‫ثم يقول‪ :‬سبحانك سبحانك يا عظيم‪ .‬إغفر يل اذلنب العظيم‪ّ .‬‬ ‫األربع سبعاً‪ّ ،‬‬
‫ً‬
‫‪3‬‬
‫انليب عرشا‪ .‬من صالها غفر اهلل هل سبعني ألف ذنب»‪.‬‬ ‫ىلع ّ‬

‫‪ -1‬اإلقبال‪.422/1 :‬‬
‫‪ -2‬احلر العاميل‪ ،‬وسائل الشيع‪ :‬ة‪40/8‬؛ والكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪.6 :‬‬
‫‪223‬‬ ‫‪ -3‬الكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ .563 :‬اهلامش‪.‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫‪24‬‬
‫شهر رمضان‬

‫* داعء ايلوم ّ‬
‫الرابع والعرشين‬
‫ّ‬
‫* صالة الليلة اخلامسة والعرشين‬

‫‪224‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫داعء ايلوم ّ‬
‫الرابع والعرشين‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ ّ‬
‫هم إن أسألك فيه ما يرضيك‪ ،‬وأعوذ بك مما يؤذيك‪ ،‬وأسألك اتلّوفيق ألن أطيعك‬ ‫الل‬
‫ّ‬
‫وال أعصيك يا جواد السائلني‪.‬‬
‫يل بما يرضيك؟!‪.‬‬ ‫تمن ع ّ‬‫تمردها‪ ،‬فهل ّ‬
‫لفرط ّ‬ ‫ُ‬
‫مللت نفيس ْ‬ ‫إليه طاملا أسخطتك! لقد‬
‫ّ‬
‫ما أسعد من رضيت عنه‪ ،‬وما أشىق من حل عليه غضبك فهوى!‪.‬‬
‫ّ‬
‫وتستبد به ّ‬
‫الراجفة من هذه اللكمة (يؤذيك)!!!‬ ‫إليه‪ ،‬يرجتف القلب‬
‫ّ‬ ‫َ ّ‬
‫يا لظي العاثر ومصريي ادلاثر!‬
‫بالسعادة‪ ،‬أن ال آيت يف ما‬‫يل فيها ّ‬
‫تمن ع ّ‬‫وهذه أيّام شهرك ويلايله آذنت بانقضاء‪ ،‬فهل ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أستقبل إل ما يرضيك‪ ،‬إليه إيلك اتلجأت‪ ،‬وبك استعذت فوفقين لطاعتك‪ ،‬واجعلين‬
‫بادلاعء وضمنت اإلجابة‬ ‫ممن نظرت إيله فرمحته‪ ،‬وأحللته محاك جبودك‪ ،‬يا من أمرتنا ّ‬
‫يا جواد ّ‬
‫السائلني‪.‬‬
‫(اآللويس)‪« :‬ويعجبين قول بعضهم‪ :‬وما أوىل هذا املذنب به‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫جاء يف تفسري‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫مذنب أنا خمطئ أنا اعيص ــهـو غـافـر ــهـو راحم هو اعيف‬ ‫ٌ‬ ‫أنا‬
‫ُ‬ ‫َ َْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫َ ُُْ‬
‫‪1‬‬
‫وستغلِب أوصافــــه أوصايف»‪.‬‬ ‫قـابـلتهن ثـالثــة بثالثـــ ٍة ‬
‫ّ‬
‫صالة الليلة اخلامسة والعرشين‬
‫‪ -1‬ويه عبارة عن ثالثني ركعة ثماين ركعات بعد صالة املغرب‪ ،‬واثنتان وعرشون‬
‫ّ‬ ‫مرة و(قل هو اهلل أحد) ّ‬ ‫لك ركعة (احلمد) ّ‬ ‫ّ‬
‫مرة أو بالتتيب‬ ‫بعد صالة العشاء‪ ،‬وتقرأ يف‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫اذلي ُذكر مراراً ثالث ّ‬
‫مرات أو مخسا أو سبعا أو عرشا‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -2‬عن رسول اهلل ح‪« :‬ومن صل يللة مخس وعرشين منه ثماين ركعات يقرأ فيها‬
‫‪2‬‬
‫مرات (قل هو اهلل أحد)‪ ،‬كتب اهلل هل ثواب العابدين»‪.‬‬ ‫(احلمد) وعرش ّ‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫ستحب أن يصل يف لك يلل ٍة من شهر رمضان ركعتني بـ(احلمد)‬ ‫ّ‬
‫الكفعيم‪« :‬وي‬ ‫‪ -3‬قال‬
‫حان َم ْن ُهوَ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ َ ْ َُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫"‪ "..‬و(اتلوحيد) ثالثا‪ ،‬فإذا سلم قال‪ :‬سبحان من هو حفِيظ ال يغفل سب‬
‫ّ‬ ‫َ ٌ َْ َ ُ ُْ َ َ ْ َُ ٌ َْ ُ ُْ َ َ ْ َُ ٌ َُْ‬
‫رحِيم ال يعجل سبحان من هو قائ ِم ال يسهو سبحان من هو دائ ِم ال يلهو‪ .‬ثم يقول‬
‫نب‬
‫ُ ْ ْ َ َّ‬
‫اذل َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ثم يقول‪ :‬سبحانك سبحانك يا عظيم‪ ،‬ا ِغفِر يل‬
‫ُ‬ ‫التّسبيحات األربع سبعاً‪َّ ،‬‬
‫َ َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ً َ‬ ‫َّ ُ ّ‬ ‫َ‬
‫‪3‬‬
‫ذنب‪.»..‬‬
‫يب عرشا‪ .‬من صلها غفر اهلل هل سبعني ألف ٍ‬ ‫صل ىلع انلّ ّ‬ ‫العظيم‪ .‬ثم ت‬

‫اآللويس‪.71/9 :‬‬
‫ّ‬ ‫اآللويس‪ ،‬تفسري‬
‫ّ‬ ‫‪-1‬‬
‫والكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ :‬ص‪.176‬‬
‫ّ‬ ‫‪40/8‬؛‬ ‫يعة‪:‬‬ ‫ش‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫وسائل‬ ‫‪،‬‬ ‫العاميل‬
‫ّ‬ ‫احلر‬
‫‪ّ -2‬‬
‫‪225‬‬ ‫الكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ :‬ص‪ .563‬اهلامش‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪-3‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫‪25‬‬
‫شهر رمضان‬

‫ْ‬
‫* نلتدارك تقصرينا‬
‫* رصيد اآلخرة‬
‫* كيف نتدارك؟‬
‫* داعء ايلوم اخلامس والعرشين‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫* صالة الليلة السادسة والعرشين‬

‫‪226‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ْ‬
‫نلتدارك تقصرينا‬
‫هذه يلايل شهر اهلل تعاىل قد آذنت بانقضاء ورساعن ما تأيت يللة العيد وينادي منادي‬
‫تلوزع اجلوائز يف يوم العيد‪.‬‬ ‫انلاس ّ‬
‫هلموا إىل جوائزكم‪ّ ،‬‬ ‫الرمحن أيّها ّ‬
‫ّ‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫السؤال اذلي ينبيغ أن يطرحه لك منا ىلع نفسه‪ :‬ما يه احلصيلة اليت سأصل بها إىل يوم‬
‫العيد‪ ،‬يوم توزيع جوائز اهلل تعاىل؟‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العملية من طرح هذا السؤال اآلن‪ ،‬أن نتدارك يف ما بيق من شهر اهلل تعاىل‬ ‫والفائدة‬
‫تقصرينا يف ما مىض منه‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ّ‬
‫إذا اكن بعضنا قد وفقه اهلل تعاىل لصالح األعمال ‪-‬وحافظ عليها‪ -‬فليحرص ىلع‬
‫ّ‬
‫ليستحق جوائز أفضل‪ ،‬ومواهب أسىن‪.‬‬ ‫حتصني ما حصل عليه وزيادته‬
‫ّ‬ ‫وهذا ّ‬
‫السؤال ‪-‬ما يه احلصيلة اليت سأصل بها إىل يللة العيد‪ -‬ينحل إىل أسئلة عديدة‬
‫ً‬
‫مليا يف عملنا من ّ‬ ‫ّ‬
‫ينبيغ أن يطول وقوفنا عندها‪ ،‬فنتأمل ّ‬
‫أول شهر رمضان املبارك وإىل‬
‫اآلن يف خمتلف اجلوانب‪.‬‬
‫ّ ّ‬
‫‪:‬ينبيغ أن يسأل لك منا نفسه‬

‫ما يه حقيقة صيايم؟‬


‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫هل اكن صويم صوما حقيقيا أم اكن جمرد امتناع عن املفطرات ألنه اكن مقرتنا‬
‫بمعايص اجلوارح؟‬
‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫فألجرب‪ ،‬إذا‪ ،‬أن أصوم يوما واحدا حقيقيا‪ ،‬ألقول بلسان احلال‪ :‬إليه ها أنا حاولت‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أن يكون صويم خالصا لك وصادقا‪.‬‬
‫ّ‬
‫والصالة ّ‬
‫أول وقتها؟‬
‫ادلين؟ هل الزتمت ّ‬
‫بالصالة ّ‬
‫أول وقتها‬ ‫ادلين» طيلة شهر ّ‬ ‫كيف تعاطيت مع «عمود ّ‬
‫ُ‬
‫حلث املصطىف ح لأل ّمة ىلع االهتمام ّ‬
‫بأول وقت ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫الصالة؟‬ ‫مستجيبا بذلك‬
‫وقراءة القرآن الكريم؟‬
‫ّ‬ ‫ّ ً‬ ‫ّ‬
‫كم قرأت من كتاب رب؟ أوليس هذا شهر القرآن؟ أوال تنبع أهمية شهر رمضان من‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫أنه حيتضن يللة القدر‪ ،‬يللة نزول القرآن الكريم؟‬
‫ُُ‬ ‫ُ‬
‫وحسن اخللق؟‬
‫اتلعامل مع ّ‬
‫الشهر؟ كيف اكن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫حاولت أن أ ِّ‬
‫الزوج واألوالد‬ ‫حسن خليق يف هذا‬ ‫هل‬
‫واجلريان ّ‬
‫وانلاس؟‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األعزاء‪ ،‬نفسه‪ ،‬فإذا رأى أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫انلتيجة اليت حصل عليها‬ ‫ينبيغ أن حياسب لك منا‪ ،‬أيها‬
‫‪227‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ُ‬ ‫ّ‬
‫دون ما ينبيغ‪ ،‬أو رأى ‪-‬ال سمح اهلل‪ -‬أنه ال وجود نلتيجة تذكر‪ ،‬فينبيغ استعظام ذلك‬
‫اهلمة يف ّ‬ ‫وشد ّ‬ ‫ّ‬ ‫اجلاد ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً ّ‬
‫اتلدارك‪.‬‬ ‫باتلقصري‪،‬‬ ‫حقيقة والشعور‬
‫ّ‬ ‫لقد بسط نلا ّ‬
‫الرمحن موائد رمحته وداعنا إىل ضيافته‪ ،‬وها أنا ذا أكاد أاغدر ضيافة رب‬
‫ّ‬
‫ولعلين خايل الوفاض‪ ،‬صفر ايلدين!!‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تتكرر‪ .‬من قال إن سأدرك شهر رمضان املبارك القادم؟ أو سأوفق‬ ‫إنها فرصة قد ال‬
‫ُ‬ ‫للوقوف يف عرفات‪ .‬عن اإلمام ّ‬
‫الصادق خ‪« :‬من لم يغفر هل يف شهر رمضان لم يغفر‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫السنة ّ‬ ‫هل إىل قابل (أي ّإل يف شهر رمضان من ّ‬
‫‪1‬‬
‫اتلايلة) إل أن يشهد عرفة»‪.‬‬
‫ولريد ْد ما يف داعء ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يلفرتض ّ‬
‫السحر‬ ‫الصائم ‪-‬وأطال أعمار اجلميع‪ -‬أنه توف قبل ذلك‬
‫وحب ّ‬ ‫ِلت ىلع مثل حايل (أي بتقصريي ّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ً ّ‬
‫لدلنيا‬ ‫«فمن يكون أسوأ حاال من إن أنا نق‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قرب لم أمهده لرقديت ولم أفرشه بالعمل الصالح‬ ‫وغيبيت وجرأيت ىلع اهلل تعاىل) إىل ٍ‬ ‫ِ‬
‫لضجعيت»‪.‬‬
‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ ّ ّ‬
‫يلفكر لك منا أيها األعزاء بهول العرض ىلع اهلل تعاىل‪« :‬فيا سوأتاه غدا من الوقوف‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ّ‬
‫بني يديك إذا قيل للمخفني جوزوا وللمثقلني حطوا أفمع املخفني أجوز أم مع‬
‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ّ‬
‫معايص‪ ،‬فكم‬ ‫كب سن كرثت ذنويب لكما طال عمري كرثت‬ ‫املثقلني أحط؟ وييل لكما‬
‫ّ‬
‫أتوب وكم أعود أما آن يل أن أستيح من رب»‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫إنها فرصة عظيمة وما تزال يف متناونلا‪ ،‬فمن لم يصم فباستطاعته أن يتدارك ما بيق يف‬
‫يرده وال ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ ّ‬ ‫ّ‬
‫خييب أمله‪.‬‬ ‫ويلثق بأن اهلل تعاىل ال‬ ‫هذا الشهر‬
‫ً‬ ‫َّ ّ‬ ‫ً‬ ‫للصالة فليبدأ اآلن ّ‬ ‫ً‬
‫من اكن تاراك ّ‬
‫عز وجل‪ ،‬ومن اكن مقيما ىلع‬ ‫الصالة تائبا إىل اهلل‬
‫الرحم‪ ،‬أو عقوق الوادلين‪ ،‬فليتدارك‪.‬‬ ‫الغيبة‪ ،‬أو قطيعة ّ‬
‫َّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إننا أمام فرصة عظيمة للتوبة إىل اهلل عز وجل‪.‬‬
‫ّ‬
‫هم انقلنا إىل درجة اتلّوبة إيلك‪ ،‬وأعنا بابلاكء ىلع أنفسنا‪.‬‬ ‫اللّ ّ‬

‫رصيد اآلخرة‬
‫ّ‬
‫أهمية اثلّواب‪ ،‬ونغتنم ما بيق من شهر اهلل تعاىل لرنفع من‬ ‫ّ‬
‫األعزاء‪ ،‬ينبيغ أن ندرك‬ ‫أيّها‬
‫رصيدنا من اثلّواب إىل أىلع ّ‬
‫ادلرجات‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫بدءا من سكرات املوت‪ ،‬ويف اعلم الربزخ‪ ،‬ويف اآلخرة عموما‪ ،‬سنجد أنفسنا وجها‬
‫ٌ‬
‫ادلنيا‪ ،‬ال تنفعه امليليارات‪ ،‬فيه ُعملة‬
‫لوجه أمام احلاجة إىل اثلّواب‪ .‬أغىن األغنياء يف ّ‬
‫للتداول‪ ،‬والعملة اليت تصلح ّ‬
‫غري راجئة هناك وال تصلح ّ‬
‫ُ‬
‫للتداول‪ ،‬وما ينجو به اإلنسان‬
‫هو رصيده من اثلّواب‪﴿ .‬ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ﴾‬

‫‪ -1 228‬ال ّشيخ املفيد‪ ،‬املقنعة‪ :‬ص ‪.309‬‬


‫أعمال شهر رمضان‬

‫يا قلب‪..‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يصح‬ ‫اإلهلية املتبقية من شهر رمضان املبارك؟ هل‬ ‫كيف أتعاىط مع هذه الفرصة‬
‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬
‫اتلعايط معها باإلهمال اذلي طبع عميل طيلة ما مىض من شهر اهلل عز وجل‪ ،‬حيث‬
‫ّ‬
‫الرمحة ألحصل ىلع عظيم اثلّواب بأرخص األثمان‪ ،‬وها أنا أكاد‬‫رب موائد ّ‬ ‫بسط يل‬
‫أاغدر املوسم الفريد دون حصيلة تذكر‪.‬‬
‫ً‬ ‫تقدست أسماؤه‪ ،‬أن ينقيض ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عن شهر رمضان وأنا من أغىن األغنياء ثوابا‪،‬‬ ‫أراد رب‪،‬‬
‫وها أنا ال أكاد ألوي ىلع يشء!!‬
‫وحية ينبيغ أن نستقبل ما بيق من شهر رمضان املبارك ويلايله‪ ،‬وما تزال‬ ‫الر ّ‬
‫بهذه ّ‬
‫اتلعويض ّ‬
‫واتلدارك‪.‬‬ ‫أمامنا فرصة يمكننا فيها ّ‬

‫كيف نتدارك؟‬
‫ّ‬
‫نلحاول استعادة إحساسنا من خالل تذكر مشاعرنا عند دخول شهر اهلل تعاىل حيث‬
‫يب ح فيصبح املؤمن يُصيغ باهتمام يلعرف ّ‬ ‫انل ّ‬‫اعدة‪ ،‬عن خطبة ّ‬ ‫ً‬
‫أهم‬ ‫يكرث احلديث‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األعمال يلكرث منها‪ ،‬إل أن تعاقب األيام والليايل يضعف هذا االهتمام‪ ،‬وربما نتعامل‬
‫ً‬
‫مع األيّام األخرية من شهر رمضان املبارك‪ ،‬خصوصا بعد يلايل القدر‪ ،‬بغري مباالة‬
‫وعدم اكرتاث‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ِّ‬
‫ذللك أذكر هنا نفيس وإخواين وأخوايت ببعض ما تقدم يف بداية الشهر املبارك‪.‬‬
‫ّ‬
‫نلضع خطبة رسول اهلل ح أمامنا وحناول أن نطبق ولو بعض ما أمرنا باالهتمام به‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ًّ ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫حقيقيا فإن يف ذلك خريا كثريا‪ ،‬ونلحاول أن نلزتم‬ ‫فلنحاول أن نصوم يوما واحدا صوما‬
‫ّ ْ ّ‬ ‫ْ ّ‬ ‫بالصالة ّ‬ ‫قدر االستطاعة ّ‬
‫ونؤجل لك ما يمكن‬ ‫أول وقتها‪ ،‬ونلُل ِغ لك ما يمكن إلغاؤه‬
‫ونلخصص أكرث وقتنا‬ ‫ّ‬ ‫بالطاعة والعبادة‪،‬‬ ‫نلعز َز الوقت اذلي يمكن أن نمضيَه ّ‬ ‫تأجيله ّ‬
‫السجود‪.‬‬ ‫يب وآهل وطول ّ‬ ‫والصالة ىلع ّ‬
‫انل ّ‬ ‫املتاح لقراءة القرآن الكريم‪ ،‬واالستغفار‪ّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألم يتقدم معنا أن آية واحدة تقرأ يف شهر اهلل تعاىل يعطى قارئها ثواب من ختم‬
‫القرآن الكريم؟‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫إذا كنت لم أقرأ من كتاب رب أو قرأت قليال فلماذا ال أحرص اآلن أن أعوض؟‬
‫ُ‬
‫كم استغفرت اهلل تعاىل؟‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألم يتقدم معنا‪« :‬أيها انلّاس أن نفوسكم مرهونة بأعمالكم ففكوها باستغفاركم»؟!‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬
‫كث من‬ ‫أثناءها أن أفك نفيس من الرهن‪ ،‬فلماذا ال أ ِ‬ ‫أمايم‪ ،‬إذا‪ ،‬فرصة قصرية يمكنين‬
‫االستغفار؟‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ّ‬
‫كث من الصالة ىلع انليب وآهل ح؟‬ ‫وملاذا ال أ ِ‬
‫ُّ‬ ‫ّ ُ َ ِّ‬ ‫ألم يقل نلا رسول اهلل ح‪ ،‬وهو ّ‬
‫الصادق األمني‪ ،‬إنها تثقل املوازين يوم ختف املوازين؟!‬
‫ِّ‬ ‫السجود يف هدي احلنان انلّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬
‫بوي‪« :‬وظهوركم ثقيلة من أوزاركم فخففوا‬ ‫نلجرب طول‬
‫‪229‬‬ ‫عنها بطول سجودكم»‪.‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ُُ‬ ‫ِّ ُ‬
‫ونلجرب حسن اخللق‪..‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ومن ال يستطيع منا أن يكون حسن اخللق يف لك الفرتة ابلاقية من شهر رمضان‬
‫ُُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ ُ ُ‬ ‫ِّ‬
‫فليجرب أن حيسن خلقه ولو بعض املرات‪ ،‬ومن حسن اخللق توقري الكبار‬ ‫املبارك‪،‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫ورمحة الصغار‪ ،‬فلنحرص ىلع أن ال ينقيض عنا شهر رمضان دون أن نكرم يتيما‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ونهتم بصلة ّ‬‫ّ‬
‫الرحم يف هذا الشهر الكريم‪ ،‬فلعل إحدى هذه املفردات تشك منعطفا‬
‫ًّ‬
‫مصرييا‪ ،‬وما ذلك ىلع اهلل تعاىل بعزيز‪.‬‬
‫ّ‬
‫املتبقية بالعمل ّ‬ ‫ً‬
‫الصالح‪.‬‬ ‫علينا‪ ،‬إذا‪ ،‬أيّها العزيز أن نشحن أوقاتنا يف هذه الفرتة‬

‫داعء ايلوم اخلامس والعرشين‬


‫ُ َّ ً َّ‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫اللّ ّ‬
‫هم اجعلين فيه حمبا ألويلائك ومعاديا ألعدائك مستنا بسنة خاتم أنبيائك‪ ،‬يا‬
‫ّ‬
‫اعصِ َم قلوب انلّبيني‪.‬‬
‫وحب من ّ‬ ‫ّ‬ ‫هم ارزقين ّ‬ ‫ّ‬
‫منا أن يدعو القلب‪ :‬الل ّ‬‫ٍّ ّ‬ ‫يريد ّ‬
‫حيبك‪ ،‬اجعلين يا‬ ‫حبك‬ ‫ادلاعء للك‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫سويا‪ ،‬خلصين من انفصام قليب بني وهم ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫إليه برشا ّ‬
‫وحب أعدائك يلوافق قويل‬ ‫حبك‬
‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬
‫فعيل وظاهري بواطين وتتعلق هميت بما عندك ورغبيت يف ما يرضيك فأقول صادقا‪:‬‬
‫ْ ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ّ‬
‫عليك يا واحدي عكفت هميت‪ ،‬ويف ما عندك انبسطت رغبيت‪ ،‬وبك أنست حمبيت‪.‬‬
‫ّ‬
‫حبب أويلائك‪ ،‬ومعاداة أعدائك‪ ،‬واالستنان بسنة خلقك‬ ‫سيدي وال سبيل إىل ذلك ّإل ّ‬ ‫ّ‬
‫انل ّ‬
‫فوفقين واعصم قليب يا اعصم قلوب ّ‬ ‫ّ‬
‫بيني‪.‬‬ ‫وخاتم أنبيائك‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫صالة الليلة السادسة والعرشين‬
‫ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -1‬حصة هذه الليلة من األلف ركعة‪ ،‬يه ثالثون ركعة‪ ،‬ثمان منها تصل بعد صالة‬
‫لك ركعة نقرأ (احلمد) ّ‬ ‫ّ‬
‫مرة و(قل هو‬ ‫املغرب واثنتان وعرشون بعد صالة العشاء‪ ،‬يف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اهلل أحد) بالتتيب املتقدم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -2‬عن رسول اهلل ح‪« :‬ومن صل يللة ست وعرشين منه ثماين ركعات‪ ،‬فتحت هل‬
‫واستجيب هل ّ‬ ‫ُ‬
‫‪1‬‬
‫ادلاعء‪ ،‬مع ما هل عند اهلل من املزيد»‪.‬‬ ‫سبع سماوات‪،‬‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫ستحب أن يصل يف لك يلل ٍة من شهر رمضان ركعتني بـ(احلمد)‬ ‫ّ‬
‫الكفعيم‪« :‬وي‬ ‫‪ -3‬قال‬
‫حان َم ْن ُهوَ‬‫ََُْ ُْ َ‬ ‫ُْ َ َ ْ َُ َ ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫"‪ "..‬و(اتلوحيد) ثالثا‪ ،‬فإذا سلم قال‪ :‬سبحان من هو حفِيظ ال يغفل سب‬
‫ّ‬ ‫َ ٌ َْ َ ُ ُْ َ َ ْ َُ ٌ َْ ُ ُْ َ َ ْ َُ ٌ َُْ‬
‫رحِيم ال يعجل سبحان من هو قائ ِم ال يسهو سبحان من هو دائ ِم ال يلهو‪ .‬ثم يقول‬
‫نب‬
‫ُ ْ ْ َ َّ‬
‫اذل َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ثم يقول‪ :‬سبحانك سبحانك يا عظيم‪ ،‬ا ِغفِر يل‬
‫ُ‬ ‫التّسبيحات األربع سبعاً‪َّ ،‬‬
‫َ َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ً َ‬ ‫َّ ُ ّ‬ ‫َ‬
‫‪2‬‬
‫ذنب‪.»..‬‬
‫يب عرشا‪ .‬من صلها غفر اهلل هل سبعني ألف ٍ‬ ‫صل ىلع انلّ ّ‬ ‫العظيم‪ .‬ثم ت‬

‫والكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ :‬ص‪.176‬‬


‫ّ‬ ‫العاميل‪ ،‬وسائل ال ّشيعة‪41-40/8 :‬؛‬
‫ّ‬ ‫احلر‬
‫‪ّ -1‬‬
‫الكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ :‬ص‪ .563‬اهلامش‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪-2‬‬ ‫‪230‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫‪26‬‬
‫شهر رمضان‬

‫* جتديد اتلّوبة‬
‫* رشوط اتلّوبة‬
‫* كيف حنيص ذنوبنا؟‬
‫* كيف نستغيث؟‬
‫ّ‬
‫* داعء ايلوم السادس والعرشين‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫* صالة الليلة السابعة والعرشين‬

‫‪231‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫جتديد اتلّوبة‬
‫ثالثة أيّام أو أربعة رساعن ما تنقيض‪ ،‬وإذا بنا خارج شهر رمضان املبارك‪ ،‬فهل‬
‫ّ‬ ‫من اهلل عليهم بعتق رقابهم من ّ‬ ‫السعداء اذلين َّ‬ ‫سنكون من ّ‬
‫انلار‪ ،‬أم أننا‪ ،‬ال سمح اهلل‪،‬‬
‫سنكون من األشقياء؟!‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫يلح علينا مجيعا بطرح هذا السؤال‪ ،‬ما ورد عن الصادق األمني‪ ،‬الرؤوف الرحيم ح‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«الش ّ‬
‫يق من حرم غفران ربه يف هذا الشهر الشيف»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫حتل به‪ ،‬إذا لم تشمله ّ‬ ‫ّ‬ ‫ىلع املسلم أن يعيش ْ‬
‫اإلهلية‬ ‫الرمحة‬ ‫بعم ٍق هول الاكرثة اليت‬
‫ّ‬ ‫فيُكتب من ّ‬
‫السعداء عتقاء اهلل تعاىل يف هذا الشهر املبارك‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بليلة واحدة‪ ،‬بل بساعة أو أقل‪ ،‬يمكن للتائب أن ينتقل من حضيض اذلنوب إىل أوج‬
‫ّ‬
‫القرب املمكن بالنسبة إيله‪.‬‬
‫ّ‬
‫فكيف إذا اكنت هذه الليلة يف شهر اهلل تعاىل‪ ،‬وكيف إذا اكنت يف العرش األواخر‬
‫ّ‬
‫اتلوبة فيها يف ُحرقتها ولوعتها من منطلق‪« :‬إليه ربح الصائمون‪ ،‬وفاز‬ ‫منه‪ ،‬تنطلق ّ‬

‫القائمون‪ ،‬وجنا املخلِصون‪ ،‬وحنن عبيدك املذنبون‪ ،‬فارمحنا برمحتك‪ ،‬واعتقنا من انلّار‬
‫بعفوك‪ ،‬واغفر نلا ذنوبنا‪ ،‬برمحتك يا أرحم ّ‬
‫الرامحني»‪.‬‬
‫***‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يرتكز احلديث هنا حول فقرات من داعء ّ‬ ‫ّ‬
‫اتلوبة لإلمام السجاد عليه السالم علنا نوفق‬
‫تقصرينا يف ما مىض‪.‬‬ ‫َ‬ ‫عمق ندمها َ َ‬
‫وض ُم حرستها‬ ‫يعوض ُ‬ ‫تلوب ٍة صادقة ِّ‬
‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أزمة اخلطايا واستحوذ‬ ‫يقول عليه السالم‪« :‬هذا مقام من تداوتله أيدي اذلنوب وقادته ِ‬
‫ّ‬
‫عليه الشيطان»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ذنب إىل ذنب فال يكاد خيرج من معصية إل ويقع‬ ‫تداوتله أيدي اذلنوب‪ :‬نقلته من ٍ‬
‫يف معصية أخرى‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫األزمة‪ ،‬فهو‬ ‫وقادته أزِمة اخلطايا‪ :‬كأن للك خطيئة زمام «رسن»! والعايص يقاد بهذه ِ‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫تابع لغريه كما يتبع احليوان صاحبه‪ ،‬بل هو أسوأ من احليوان‪ ،‬ألن هذا اذلي يتبعه هو‬
‫ّ‬
‫حيوان الشهوة واهلوى وشيطانهما‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واستحوذ عليه الشيطان‪ :‬سيطر عليه الشيطان فهو بالنسبة إيله أكرث من قرين‪ ،‬إنه ال‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ً‬
‫يسري مقتفيا أثره وحسب‪ ،‬وال يميش يف خطواته فقط‪ ،‬بل ملك الشيطان عليه عقله‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫صدى‬ ‫َ‬
‫واستحوذ‪ ،‬فغدا باختياره‬ ‫ّ‬
‫واستقر‬ ‫وقلبَه واجتاح لك مواقع نفسه‪ ،‬واستوىل عليه‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫للشيطان‪ ،‬ومظهرا الستحواذه‪.‬‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ّ َ َ‬ ‫َّ‬
‫«فقص عما أم ْرته به تفريطا‪ ،‬وتعاىط ما نهيت عنه تغريرا‪ ،‬اكجلاهل بقدرتك عليه‪،‬‬
‫أو اكملنكر فضل إحسانك إيله‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ ْ‬ ‫ٌ ّ‬
‫اتلضييع‪ ،‬وهو يف حقيقته ال ينفصل عن اتلعمد‪ ،‬بل هو أسوأ‬ ‫تقصري يؤدي إىل‬ ‫اتلّفريط‪:‬‬
‫‪232‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫اتلقصري‪ ،‬بل يستند إىل قناعة واضحة‬ ‫اتلعمد‪ ،‬ألنّه ال يستند إىل قناعة بما َّ‬
‫يسوغ ّ‬ ‫ّ‬ ‫أنواع‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بأن ذلك عني اخلطأ‪ ،‬ولكن غلبة الشقوة حتمل ىلع اتلضييع‪.‬‬
‫انلفس ىلع الغرور‪ ،‬والغرور‪ :‬االخنداع‪ ،‬فيكون املعىن‪ :‬محْل ّ‬
‫انلفس ىلع‬ ‫واتلّغرير‪ :‬محْل ّ‬
‫ّ‬
‫يصور‪ ،‬بإبداع‪ ،‬حال العايص اذلي تقحم أودية اخلطر وهو يعلم‬ ‫ِّ‬ ‫االخنداع‪ ،‬وهو معىن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫أنّه يُليق بيده إىل ّ‬
‫اتلهلكة‪ ،‬فهو ليس جاهال بقدرة اهلل تعاىل عليه‪ ،‬وال منكرا لفضل‬
‫محل نفسه ىلع أن يكون كذلك‪.‬‬ ‫إحسانه إيله‪ ،‬بل هو مثلهما‪ ،‬وقد ّ‬

‫رشوط اتلّوبة‬
‫َّ‬ ‫ّ‬
‫«حت إذا انفتح هل برص اهلدى‪ ،‬وتقشعت عنه سحائب العىم»‪.‬‬
‫يبدأ عليه ّ‬
‫السالم ببيان ما ينبيغ أن يقوم به ّ‬
‫اتلائب اذلي انفتح هل برص اهلدى وزالت‬
‫اتلايلة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫للتوبة‪:‬‬ ‫الشوط ّ‬ ‫اذلنوب‪ ،‬ويه غيوم العىم‪ ،‬فيذكر‪ ،‬عليه ّ‬
‫السالم‪،‬‬ ‫عنه ُحجب‬

‫‪-1‬أحصى ما ظلم به نفسه‬


‫ذنوبه‪ ،‬ويلحرص أن ال ينىس ّ‬
‫أي‬ ‫حييص َ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫حقيقية‪ ،‬فعليه أن‬ ‫من أراد أن تكون توبته‬
‫َّ ّ‬ ‫ذنب فيكون ّ‬
‫ممن قال فيهم عز وجل‪ ..﴿ :‬ﯵ ﯶ ﯷ‪ ﴾..‬املجادلة‪.6:‬‬
‫فيظن أنّه ال دايع ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واستحضاره‪ ،‬فقد روي عن رسول‬
‫ِ‬ ‫للتفكري به‬ ‫بذنب‬
‫ٍ‬ ‫وال يستخف‬
‫ّ‬ ‫ُ ّ ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ ّ‬
‫اهلل ح‪« :‬يا ابن مسعود‪ ،‬ال حتقرن ذنبا وال تصغرنه‪ ،‬واجتنب الكبائر‪ ،‬فإن العبد‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫إذا نظر يوم القيامة إىل ذنوبه دمعت عيناه قيحا ودما‪ ،‬يقول اهلل تعاىل‪﴿ :‬ﭑ ﭒ‬
‫ﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ‬
‫‪1‬‬
‫ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ﴾»‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ -2‬فرأى كبير عصيانه كبيرا‪ ،‬وجليل مخالفته جليال‪.‬‬
‫ّ‬ ‫للتوبة أن يدرك ّ‬ ‫والشط اثلّاين ّ‬‫ّ‬
‫اتلائب خطورة املعصية وهو يفكر يف معاصيه‪ ،‬فيتعامل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وواقعية‪ ،‬وال يسمح نلفسه أن حتجبه عن حجم خطورة ما اقرتف‪،‬‬ ‫موضوعية‬ ‫بكل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والواقع أن لك املعايص كبرية‪ ،‬بانلظر إىل من نعيص‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اذلنوب لكها كبائر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫جاء يف رشح أصول الاكيف‪« :‬وقال مجاعة‪ :‬اذلنوب لكها كبائر الشرتاكها يف خمالفة األمر‬
‫ّ‬ ‫وانليه‪ ،‬لكن قد يُطلَق ّ‬
‫الصغري والكبري ىلع اذلنب باإلضافة إىل ما فوقه وما حتته»‪»..‬‬ ‫ّ‬
‫الط ّ‬ ‫ّ‬
‫قال الشيخ ّ‬
‫ربيس يف (جممع ابليان) بعد نقل هذا القول‪ :‬وإىل هذا ذهب أصحابنا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لكن بعضها أكرب من بعض وليس يف‬ ‫ريض اهلل عنهم فإنهم قالوا‪ :‬املعايص لكها كبرية‬

‫يشهري‪ ،‬مزيان احلكمة‪ّ :‬‬


‫الذنوب‪.‬‬ ‫الر‬
‫‪ّ -1‬‬
‫‪233‬‬ ‫ّ‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫ويستحق العقاب عليه‬ ‫اذلنوب صغرية وإنما يكون صغريا باإلضافة إىل ما هو أكرب‬
‫ّ‬ ‫الشيخ ّ‬
‫الط ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ربيس مشعر بأن القول‬ ‫أكرث»؛ قال الشيخ يف (األربعني)‪ :‬ال خيىف أن كالم‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اذلنوب لكّها كبائر ّ‬
‫ّ ّ‬
‫اإلمامية وكىف بالشيخ ناقال‪:‬‬ ‫متفق عليه بني علماء‬ ‫بأن‬
‫ّ‬
‫‪1‬‬
‫إذا قالت حذام فصدقوها فإن القول ما قالت حذامِ »‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ ً‬ ‫َ‬
‫‪ -3‬فأقبل نحوك مؤمال لك مستحييا منك‪.‬‬
‫أن ِمن ّ‬ ‫ّ‬ ‫حنن أمام َ‬
‫مقومات االستغفار احلياء اذلي‬ ‫أمل املستيح‪ ،‬أو حياء اآلمل‪ ،‬نلدرك‬
‫ّ‬
‫ولكن حق ملن أىت بما‬ ‫ّ‬ ‫الرامحني‪،‬‬‫قد ننساه فنعيش األمل فحسب‪ ،‬واهلل تعاىل أرحم ّ‬
‫يوجب اخلجل أن يستيح‪ ،‬بل ويغمره احلياء واخلَجل‪ ،‬قبل حياء العرض ىلع اهلل تعاىل‪،‬‬
‫والوقوف بني يديه‪.‬‬
‫يشتد حياؤنا من ّ‬
‫ربنا عزّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫كم سنخجل عندما نرى ذنوبنا؟ أليس من األفضل نلا أن‬
‫ّ‬
‫ُ‬
‫صحائف أعمانلا وينيس بقاع‬ ‫ِ‬ ‫ويمحو سيّئاتِنا من‬
‫َ‬ ‫ويسرت علينا‪،‬‬‫َ‬ ‫وجل ونتوب فيغفر نلا‬
‫ويت صفحة ذنوبنا برمحته‪.‬‬ ‫األرض هذه املعايص فنقف بني يديه وقد ُط َ‬
‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫أ‪ -‬ووجه رغبته إيلك ثقة بك فأمك بطمعه يقينا‪.‬‬
‫الرجاء واألمل‪ ،‬بل اثلّقة بالكرم وايلقني بما وعد به من اإلجابة‪.‬‬ ‫وحنن هنا أمام ّ‬
‫الرجاء ىلع اخلوف ينسجم مع حال‬ ‫ُ‬
‫وتقديم ّ‬ ‫وسيأيت الكالم –مبارشة‪ -‬عن اخلوف‪،‬‬
‫الرجاء أكرث منه إىل اخلوف‪.‬‬ ‫اتلائب حيث إنّه حباج ٍة إىل ّ‬ ‫ّ‬
‫ً‬
‫ب‪ -‬وقصدك خبوفه إخالصا‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ال بد من اخلوف‪ ،‬إذا‪ ،‬وللمذنب أن خياف بل عليه أن يشتد خوفه‪ ،‬وبمقدار اجلناية‬
‫المنيج واملغيث‪،‬‬ ‫انلفس تكون احلاجة إىل ُ‬ ‫وجيب القلب‪ ،‬وبمقدار ُعم ِقه يف ّ‬ ‫ُ‬ ‫يكون‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫فيصبح لعنرصي األمل والرجاء معىن آخر‪.‬‬
‫السادس ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫رضع‬‫اتل ّ‬
‫للتوبة وهو ّ‬ ‫الشط ّ‬ ‫ويتفاعل ذلك لكه يف حلظة ايلقظة والويع‪ ،‬فيُنتج‬
‫واالستغاثة‪.‬‬
‫متخشعاً‪ ،‬وطأطأ رأسه ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ً‬ ‫ََََ‬
‫لعزتك‬ ‫مترضاع‪ ،‬وغمض برصه إىل األرض‬ ‫ت‪ -‬فمثل بني يديك‬
‫ً ّ‬ ‫َ‬ ‫وأبثك من ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ ً‬
‫رسه ما أنت أعلم به خضواع وعدد من ذنوبه ما أنت أحىص هلا‬ ‫متذلال‪،‬‬
‫ً‬
‫خشواع‪ ،‬واستغاث بك من عظيم ما وقع به من علمك وقبيح ما فضحه يف حكمك‪،‬‬
‫َ َ ْ‬ ‫ّ‬
‫من ذنوب أدبرت ذلاتها فذهبت وأقامت تبعاتها فل ِزمت‪.‬‬

‫املازندراين‪ ،‬رشح أصول الكايف‪ .260/9 :‬واملراد بــ ال ّشيخ يف (كتاب‬


‫ّ‬ ‫حممد صالح‬ ‫‪ -1‬املوىل ّ‬
‫البحراين‪ ،‬احلدائق الناظرة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫أنظر‪:‬‬ ‫عليه؛‬ ‫تعإىل‬ ‫اهلل‬ ‫رضوان‬ ‫العاميل‬
‫ّ‬ ‫الدين‬ ‫هباء‬ ‫يخ‬‫ش‬‫ّ‬ ‫األربعني) ال‬
‫‪.52/10‬‬ ‫‪234‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ّ ً‬ ‫ّ‬
‫تقف بنا هذه الفقرات عند اخلشوع وتعميق اخلجل واحلياء وتعداد اذلنوب جمددا‪،‬‬
‫الصفح من اهلل تعاىل‪.‬‬‫ومعاودة استعراضها تلعميق إدراك قبحها وطلب ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كما تقف الفقرات عند رفع وترية اتلرضع تلصل إىل االستغاثة‪ ،‬كما يه حال الغريق‬
‫انلار‪ ،‬فيستغيث من األعماق‪.‬‬‫أو َمن أحاطت به ّ‬
‫ّ‬
‫الر ّب‪ ،‬غياث من ال غياث هل‪ ،‬وموضع‬ ‫عم ّ‬ ‫أن ّ‬
‫ربنا نِ َ‬ ‫فلنستغث أيّها العزيز‪ ،‬واثقني‬
‫اتل ّوابني‪ ،‬ورصيخ املسترصخني‪ ،‬وأرحم ّ‬
‫الرامحني‪.‬‬ ‫ّ‬
‫وحمب ّ‬ ‫حاجات ّ‬
‫الطابلني‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ً ّ‬ ‫ّ‬
‫هذه ستة رشوط‪ ،‬إذا‪ ،‬للتوبة ويه كما ييل‪ :‬إحصاء اذلنوب‪ ،‬إدراك خطورتها‪ ،‬احلياء من‬
‫وجل‪ ،‬اخلوف من غضبه وأيلم عذابه‪ ،‬اتلّ ّ‬ ‫َّ ّ‬
‫رضع واالستغاثة‪.‬‬ ‫اهلل تعاىل‪ ،‬رجاء مغفرته عز‬

‫كيف حنيص ذنوبنا؟‬


‫يتخ َذ دفرتا ً ّ‬
‫يسجل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الملَ ّ ّ‬ ‫ِّ‬
‫يبي آية اهلل َ‬
‫يك اتلربيزي‪ ،‬ب أنه يستحب ملن أراد اتلوبة أن ِ‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يسجل لك ما يتذكره‪ ،‬واألفضل أن جيعل جدوال‬ ‫عليه معاصيه فيبىق ملدة يومني‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫ملعايص العني‪ ،‬وجدوال ملعايص األذن‪ ،‬واللسان وهكذا‪ ..‬ويظل يفكر خبطورة ذلك‬
‫ّ‬
‫لك ّ‬ ‫ًّ‬ ‫جادا ً ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ذرة يف وجوده تقول‪:‬‬ ‫للتوبة مستعدا للعالج‪ ،‬وتصبح‬ ‫حىت يصبح بكل كيانه‬
‫ًّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«أستغفر اهلل رب وأتوب إيله» عندها تتحقق تلقائيا لك املراتب األخرى‪.‬‬
‫يسجله يف يد أحد‪ ،‬فاهلل تعاىل خري ّ‬
‫الساترين حيرم‬ ‫ّ‬ ‫وجوب احلذر أن يقع ما‬ ‫ُ‬ ‫ويلالحظ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ً‬
‫فضيحة العبد نلفسه‪ .‬ذلا يمكن أن يكتب مرمزا خيلط بني احلسنات والسيئات‬
‫ّ‬
‫حبيث ال يعرفه إل اكتبه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫اإللفات إىل ّ‬ ‫ّ‬
‫اتلدقيق يف إحصاء اذلنوب وابلايق تفصيل‪.‬‬ ‫املهم‬

‫كيف نستغيث؟‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الس ّجاد خ‪ ،‬علنا نتعلم منه كيف تكون االستغاثة‪:‬‬ ‫بقية داعء املوىل اإلمام ّ‬ ‫أورد هنا ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ ّ‬
‫هم إن أتوب إيلك يف مقايم هذا من كبائر ذنويب وصغائرها‪ ،‬وبواطن سيئايت‬ ‫«الل‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬
‫وسوالف زليت وحوادث ِها‪ ،‬توبة من ال حيدث نفسه بمعصية‪ ،‬وال يضمر‬ ‫ِ‬ ‫وظواهرها‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫أن يعود يف خطيئة‪ ،‬وقد قلت يا إليه يف حمكم كتابك إنك تقبل اتلوبة عن عبادك‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫وحتب اتلّ ّوابني‪ ،‬فاقبل توبيت كما وعدت‪ ،‬واعف عن سيئايت كما‬ ‫وتعفو عن السيئات‪،‬‬
‫ّ‬ ‫رب َ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫شيط أل أعود يف مكروهك‪،‬‬ ‫ضمنت‪ ،‬وأوجب يل حمبتك كما رشطت‪ .‬ولك يا‬
‫ُ‬ ‫ّ ّ ّ‬ ‫ُ‬
‫أعلم‬ ‫هم إنك‬ ‫وضماين أن ال أرجع يف مذمومك‪ ،‬وعهدي أن أهجر مجيع معاصيك‪ ،‬الل‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫واصفين بقدرتك إىل ما أحببت‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫بما ع ِملت فاغفر يل ما علِمت‪،‬‬
‫هن‪ ،‬ولكُّ ّ‬ ‫نسيت ّ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫حفظت ّ‬ ‫ٌ‬ ‫هم وع ّ‬ ‫اللّ ّ‬
‫هن بعينك اليت ال تنام‪،‬‬ ‫هن‪ ،‬وتبعات قد‬ ‫يل تبعات قد‬
‫ْ َ‬ ‫ّ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ِّ ْ‬ ‫َ‬
‫فعوض منها أهلها‪ ،‬واحطط عين وِز َرها‪ ،‬وخفف عين ث ِقلها‪،‬‬ ‫وعِل ِمك اذلي ال ينىس‪،‬‬
‫‪235‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬ ‫ّ ّ ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫هم وإنه ال وفاء يل باتلّوبة إل بعصمتك‪ ،‬وال‬ ‫قارف مثلها‪ ،‬الل‬ ‫واعصمين من أن أ ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫استمساك يب عن اخلطايا إل عن قوتك‪ ،‬فقوين بقوة اكفية وتولين بعصم ٍة مانعة‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ ّ ُّ‬
‫عبد تاب إيلك وهو يف عِلم الغيب عندك فاسخ تلوبته‪ ،‬واعئد يف ذنبه‬ ‫اللهم أيما ٍ‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫وخطيئته‪ ،‬فإن أعوذ بك أن أكون كذلك‪ ،‬فاجعل توبيت هذه توبة ال أحتاج بعدها‬
‫ّ ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ‬ ‫ً َ ْ‬ ‫ً‬
‫هم إن أعتذر إيلك‬ ‫إىل توبة‪ ،‬توبة موجبة ل ِمح ِو ما سلف‪ ،‬والسالم ِة يف ما بيق‪ ،‬الل‬
‫ُْ‬ ‫َ ُّ ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َ ُ‬ ‫ْ‬
‫واستين بسِ رت‬ ‫طوال‪،‬‬ ‫من جهيل‪ ،‬وأست ْوهِبك سوء ف ِعيل‪ ،‬فاضممين إىل كن ِف َرحتِك ت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ ً ّ ّ ّ‬
‫هم وإن أتوب إيلك من لك ما خالف إرادتك‪ ،‬أو زال عن حمبتك من‬ ‫اعفيتك تفضال‪ ،‬الل‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َْ َ‬
‫خطرات قليب وحلظات عيين‪ ،‬وحاكيات لساين‪ ،‬توبة تسلم بها لك جارحة ىلع حياهلا‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫من تبِعاتك‪ ،‬وتأمن مما خياف املعتدون من أيلم سطواتك‪.‬‬
‫َ‬
‫يب قليب من خشيتك‪ ،‬واضطراب أراكين من‬ ‫ووج َ‬ ‫فارحم َوحديت بني يديك‪َ ،‬‬ ‫هم ْ‬ ‫اللّ ّ‬
‫ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َْ‬
‫هيبتك‪ ،‬فقد أقامتين ‪-‬يا رب‪ -‬ذنويب مقام اخل ِْز ِي بفِنائك‪ ،‬فإن سكت لم ينطِق عن‬
‫ِّ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫هم صل ىلع حممد وآهل‪ ،‬وشفع يف خطاياي‬ ‫أحد‪ ،‬وإن شفعت فلست بأهل الشفاعة‪ .‬الل‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫يل ط ْولك‪،‬‬ ‫وع ْد ىلع سيّئايت بعفوك‪ ،‬وال ت ِزين جزايئ من عقوبتك واب ْ ُسط ع ّ‬ ‫ُ‬
‫كرمك‪،‬‬
‫َ‬
‫غين ّ‬ ‫ٌ َِ‬ ‫ٌ‬ ‫وافعل يب ف ِْع َل عزيز ّ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ ْ‬
‫تعرض هل‬ ‫فرحه‪ ،‬أو ٍّ‬ ‫ترضع إيله عبد ذيلل‬ ‫وجللين بسرتك‪،‬‬
‫ٍ‬
‫ٌ ََ َ‬ ‫ٌ‬
‫فقري فنعشه‪.‬‬ ‫عبد‬
‫ْ‬
‫عزك‪ ،‬وال شفيع يل إيلك فليشفع يل فضلك‪ ،‬وقد‬
‫ْ َ ْ‬ ‫خفري يل منك فلْ َيخف ِْرين ّ‬ ‫َ‬ ‫هم ال‬ ‫اللّ ّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ّ‬
‫جهل من بسوء أثري‪ ،‬وال‬ ‫أوجلتين خطاياي فليؤمِن عفوك‪ ،‬فما لك ما نطقت به عن ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫نسيان ملا سبق مِن ذميمِ ف ِعيل‪ ،‬لكن ل ِتسمع سماؤك ومن فيها‪ ،‬وأرضك ومن عليها ما‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ُ‬
‫أظهرت لك من انلّدم‪ ،‬وجلأت إيلك فيه من اتلّوبة‪ ،‬فلعل بعضهم برمحتك يرمحين لسوء‬
‫يل لسوء حايل‪ ،‬فينالُين منه بدعوة يه أسمع َ َ‬ ‫ُ ِّ ّ‬
‫ليك من داعيئ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫الرقة ع ّ‬ ‫موقيف‪ ،‬أو تدركه‬
‫َْ َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫أو شفاع ٍة أ ْوكد عندك من شفاعيت تكون بها جنايت من غضبك‪ ،‬وفوزيت برضاك‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َْ ُ‬ ‫ً‬ ‫ّ ّ ْ ُ‬
‫يكن التك ملعصيتك إنابة‬ ‫ِ‬ ‫هم إن يك ِن انلّدم توبة إيلك‪ ،‬فأنا أندم انلّادمني‪ ،‬وإن‬ ‫الل‬
‫فإن لك من املستغفرين‪ ،‬اللّهمّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ ً ّ‬
‫يكن االستغفار حِطة لذلنوب‪،‬‬
‫ْ‬
‫فأنا أول املنيبني‪ ،‬وإن‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ َْ َ‬
‫فكما أمرت باتلّوبة‪ ،‬وضمنت القبول‪ ،‬وحثثت ىلع ادلاعء‪ ،‬ووعدت اإلجابة‪ ،‬فصل ىلع‬
‫ّ‬ ‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫ّ‬
‫جع اخليبة مِن رمحتك‪ ،‬إنك أنت اتلّ ّواب ىلع‬ ‫جعين مر ِ‬ ‫حممد وآهل‪ ،‬واقبل توبيت‪ ،‬وال تر ِ‬
‫والرحيم للخاطئني املنيبني‪.‬‬ ‫املذنبني‪ّ ،‬‬
‫ََْ ْ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ ّ‬
‫هم صل ىلع حممد وآهل‪ ،‬كما هديتنا به‪ ،‬وصل ىلع حممد وآهل‪ ،‬كما استنقذتنا به‪،‬‬ ‫الل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وصل ىلع حممد وآهل‪ ،‬صالة تشفع نلا يوم القيامة ويوم الفاقة إيلك‪ ،‬إنك ىلع لك يش ٍء‬
‫قدير‪ ،‬وهو عليك يسري»‪.‬‬
‫‪236‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ّ‬
‫داعء ايلوم السادس والعرشين‬
‫ً َْ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫هم اجعل سعيي فيه مشكورا‪ ،‬وذنيب فيه مغفورا‪ ،‬وعميل فيه مقبوال وعييب فيه‬ ‫اللّ ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫مستورا‪ .‬يا أسمع السامعني‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫انشغلت عنك ولم أنشغل‬ ‫وقفت ببابك يف هذا الشهر مع الواقفني‪ ،‬ولسوء حظي‬ ‫إليه‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بالطلب منك واتلقرب إيلك‪ ،‬وها يه قوافل السائرين تستعد ملغادرة باب ضيافتك‬
‫ّ ً‬
‫حمملة بأنواع العطايا واهلدايا‪ ،‬وها أنا ذا اكيلتيم املنقطع فارمحين‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫طاملا ّ‬
‫فرطت وأرسفت وهذا قليل سعيي أريد به كثري العطاء فاجعل‪ ،‬اللهم‪ ،‬قليل‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫سعيي مشكورا‪ ،‬أسعدين بسرت عيويب والرضا وقبول القليل‪ ،‬يا من قبل اليسري‪ ،‬يا أسمع‬
‫السامعني‪.‬‬ ‫ّ‬

‫* الغسل‪ :‬يللة ‪27‬‬


‫ّ‬ ‫ّ‬
‫انل ّص عليه خبصوصه‪ ،‬فقد روي عن اإلمام‬
‫خصوصية منشأها ّ‬ ‫للغسل يف هذه الليلة‬
‫الصادق خ‪« :‬إغتسل يللة تسع عرشة‪ ،‬وإحدى وعرشين‪ ،‬وثالث وعرشين‪ ،‬وسبع‬ ‫ّ‬
‫‪1‬‬
‫عرشين‪ ،‬وتسع وعرشين»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫صالة الليلة السابعة والعرشين‬
‫ّ ّ‬
‫‪ -1‬حصة لك يللة من العرش األواخر‪ :‬ثالثون ركعة‪ ،‬ثمان ركعات بعد صالة املغرب‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫واثنتان وعرشون بعد صالة العشاء باتلّفصيل اذلي تقدم مرارا‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -2‬عن رسول اهلل ح‪ :‬ومن صل يللة سبع وعرشين منه أربع ركعات بـ (فاحتة‬
‫الملك)‪ ،‬فإن لم حيفظ تبارك‪ ،‬فخمس وعرشون ّ‬ ‫ُ‬ ‫الكتاب) ّ‬
‫مرة‬ ‫مرة و(تبارك اذلي بيده‬
‫‪2‬‬
‫(قل هو اهلل أحد)‪ ،‬غفر اهلل هل ولوادليه»‪.‬‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫ستحب أن يصل يف لك يلل ٍة من شهر رمضان ركعتني بـ(احلمد)‬ ‫ّ‬
‫الكفعيم‪« :‬وي‬ ‫‪ -3‬قال‬
‫حان َم ْن ُهوَ‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ َ ْ َُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫"‪ "..‬و(اتلوحيد) ثالثا‪ ،‬فإذا سلم قال‪ :‬سبحان من هو حفِيظ ال يغفل سب‬
‫ّ‬ ‫َ ٌ َْ َ ُ ُْ َ َ ْ َُ ٌ َْ ُ ُْ َ َ ْ َُ ٌ َُْ‬
‫رحِيم ال يعجل سبحان من هو قائ ِم ال يسهو سبحان من هو دائ ِم ال يلهو‪ .‬ثم يقول‬
‫نب‬
‫ُ ْ ْ َ َّ‬
‫اذل َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ثم يقول‪ :‬سبحانك سبحانك يا عظيم‪ ،‬ا ِغفِر يل‬
‫ُ‬ ‫التّسبيحات األربع سبعاً‪َّ ،‬‬
‫َ َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ً َ‬ ‫َّ ُ ّ‬ ‫َ‬
‫‪3‬‬
‫ذنب‪.»..‬‬
‫يب عرشا‪ .‬من صلها غفر اهلل هل سبعني ألف ٍ‬ ‫صل ىلع انلّ ّ‬ ‫العظيم‪ .‬ثم ت‬

‫‪ -1‬اإلقبال‪.400/1 :‬‬
‫والكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ :‬ص‪.176‬‬
‫ّ‬ ‫‪40/8‬؛‬ ‫يعة‪:‬‬ ‫ش‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫وسائل‬ ‫العاميل‪،‬‬
‫ّ‬ ‫احلر‬
‫‪ّ -2‬‬
‫‪237‬‬ ‫الكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ :‬ص‪ .563‬اهلامش‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪-3‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫‪27‬‬
‫شهر رمضان‬

‫* االستعداد للوداع‬
‫* قبل فوات األوان‬
‫ّ‬
‫* داعء ايلوم السابع والعرشين‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫* صالة الليلة اثلامنة والعرشين‬

‫‪238‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫االستعداد للوداع‪ :‬وداع َمن ّ‬


‫عز فراقه‬
‫ً ْ ً‬
‫داعء يف وداع شهر رمضان املبارك‪ ،‬يفتح نلا آفاقا رحبَة إلدراك‬ ‫ٌ‬ ‫الس ّجاد خ‪،‬‬ ‫لإلمام ّ‬
‫ً‬ ‫الشهر‪ ،‬ومن يقرأ هذا ّ‬ ‫ّ‬
‫ادلاعء بعد انقضاء شهر اهلل تعاىل سيشعر حتما‬ ‫عظمة هذا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بانلدم تلفريطه وعدم اغتنام فرصة الشهر العظيم‪.‬‬
‫ادلاعء قبل انقضاء ضيافة ّ‬ ‫وقد آثرت أن أقف عند بعض فقرات هذا ّ‬ ‫ُ‬
‫الرمحن يلكون‬
‫ّ‬
‫واتلعويض قبل ضياع الفرصة واستحاكم انلدم‪.‬‬ ‫حافزا ً ىلع تدارك ما فات ّ‬
‫داع من ّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬
‫عز فراقه علينا‪،‬‬ ‫يقول عليه السالم‪« :‬فنحن مودعوه ‪ -‬أي شهر رمضان ‪ِ -‬و‬
‫ْ َ َ ْ ُ ّ‬ ‫َ ّ‬
‫وأوحشنا ان ِصافه عنا‪ ،‬فنحن قائلون‪:‬‬ ‫وغمنا‬
‫ْ َ َ‬ ‫السالم عليك من أيلف آنس َ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وأوحش‬ ‫فس‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫السالم عليك يا شهر اهلل األكرب‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً ََ ّ‬
‫جماور رقت فيه القلوب وقلت فيه‬ ‫ٍ‬ ‫منقضيا فمض (أي آلم وأوجع) السالم عليك من‬
‫ّ ُ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وصاحب سهل سبل اإلحسان‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫نارص أاعن ىلع الشيطان‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫اذلنوب‪ ،‬السالم عليك من‬
‫ّ‬ ‫ُ ََ‬ ‫ْ ََ َ ْ‬ ‫أكرث ُع َت َ‬ ‫ّ‬
‫قاء اهلل فيك‪ ،‬وما أسعد من راع ح ْرمتك بك‪ ،‬السالم عليك‬ ‫السالم عليك ما َ‬
‫وأس َ َ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫تك ألنواع العيوب»‪.‬‬ ‫ما اكن أماك لذلنوب‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ال شك يف أن من يقرأ هذه الفقرات أو يسمعها بعد انقضاء شهر اهلل تعاىل‪ ،‬سيقول‪ :‬يا‬
‫يلتين قمت يف شهر اهلل بما جيعلين من عتقاء اهلل تعاىل فيه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ ً‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫األعزاء‪ ،‬متسعا ذللك‪ ،‬فإن يوما واحدا من شهر اهلل عز وجل كثري‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫إن أمامنا‪ ،‬أيّها‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫عظيم القدر‪ ،‬يمكن أن يتدارك فيه املسلم تقصريه طيلة حياته‪ ،‬بل إن ساعة واحدة‬
‫ّ‬ ‫لك ذنوبه ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫خاصة وأن أمامنا يللة العيد اليت‬ ‫فيه ل ِ َم ْن عرف حقها اكفية ألن خترجه من‬
‫الس ّجاد عليه ّ‬ ‫تقل عن يللة القدر كما روي عن اإلمام ّ‬ ‫ّ‬
‫السالم‪.‬‬ ‫ال‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬
‫نلتعامل‪ ،‬إذا‪ ،‬مع هذه املدة القصرية ابلاقية من شهر رمضان املبارك‪ ،‬من منطلق‬
‫اإلهلية العظيمة‪ ،‬فيه ذللك ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أعز أوقاتها وأغالها‪ ،‬ونلتأمل يف هذه‬ ‫أنها آخر الفرصة‬
‫ادلاعء اخلامس واألربعون من أدعية‬ ‫الس ّجاد خ‪ ،‬وهو ّ‬ ‫الفقرات من داعء اإلمام ّ‬
‫الس ّجاديّة‪.‬‬ ‫الصحيفة ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫يك ال أكون اكذبا عندما أقول غدا‪ :‬إن فراق شهر رمضان ّ‬ ‫ً‬
‫يل‪ ،‬كيف أتعامل معه‬ ‫عز ع ّ‬
‫اآلن؟‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫يل هل تدل طريقة تفاعيل معه اآلن ىلع أنين سيوحشين‬ ‫ألقول صادقا‪ :‬عز فراقه ع ّ‬
‫عن؟‬ ‫انرصافه ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬
‫أيلف‬
‫هل أنا مرسور به اآلن وأعيش األنس به‪ ،‬ألخاطبه غدا السالم عليك من ٍ‬
‫فرس؟‬‫آنس ّ‬
‫يلؤلمين انقضاؤه ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫عن ويوجعين؟‬ ‫هل أنا متعل ٌق به‬
‫شعرت فيه برقة القلب‪ ،‬كم يتيم أكرمت‪ ،‬كم ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫مرة عفوت‪ ،‬كم كظمت غيظي‪،‬‬ ‫هل‬
‫‪239‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬ ‫َّ‬
‫وهل قلت فيه ذنويب‪ ،‬وهل أاعنين تقييد الشياطني فيه ىلع كثري طااعت؟‬
‫ّ ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫عز وجل وألسزتد‪،‬‬ ‫محد اهلل‬
‫إن وجدت اإلجابة ىلع هذه األسئلة باإلجياب ولصاليح فل ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ت األوان بعد‪.‬‬‫أما إذا وجدت اإلجابة سلبية وليست لصاليح‪ ،‬فلم يف ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫إن أمايم جماال رحبا يمكنين أن أتدارك فيه ما فات‪.‬‬
‫تذكري انلّفس بالربنامج انلّ ّ‬
‫ُ‬
‫بوي‬ ‫قبل فوات األوان‪:‬‬
‫ْ ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫األعزاء خطبة رسول اهلل ح‪ ،‬حول شهر‬ ‫ّ‬ ‫يلضع لك منا أيّها‬ ‫تقدمت اإلشارة وأضيف‪:‬‬
‫ّ ّ‬
‫رمضان املبارك بني يديه‪ ،‬وحياول أن ينفذ لك ما فيها خالل ما بيق من شهر اهلل تعاىل‬
‫لك مفرد ٍة فيها فيحاول تنفيذها ولو ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مرة واحدة‪:‬‬ ‫بمعىن أنه يعمد إىل‬
‫‪ -1‬يكرث من قراءة القرآن الكريم ولو ّ‬
‫مرة واحدة‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املحرمات ولو يلوم واحد يلصوم صوما حقيقيا‪.‬‬ ‫‪ -2‬يكف نفسه عن‬
‫ّ‬ ‫فإن أوقات ّ‬ ‫ّ‬ ‫يصل ّ‬ ‫ّ‬
‫الصالة أفضل أوقات هذا الشهر املبارك‪.‬‬ ‫أول الوقت‬ ‫‪-3‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫‪ -4‬يكرث من االستغفار‪ ،‬كأن يستغفر‪ ،‬مثال‪ ،‬ثالث مائة مرة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫السجود ولو ّ‬ ‫‪ -5‬يطيل ّ‬
‫مرة واحدة‪ .‬ومن أفضل ما يقال يف السجود‪ ،‬اذلكر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ايلونيس‪ :‬ال هلإ إل أنت سبحانك إن كنت من الظاملني‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -6‬يكرث الصالة ىلع انليب وآهل‪ ،‬ح‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ً‬
‫‪ -7‬يكرم يتيما‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -8‬يصل ولو واحدا من أرحامه‪.‬‬
‫ً‬
‫مرة واحدة‪ ،‬يُستثار فال يثور‪ ،‬يلكون بذلك مستجيبا لرسول‬ ‫حيسن خلقه ولو ّ‬ ‫‪ّ -9‬‬
‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫اهلل ح‪ ،‬ملتمسا منه ّ‬
‫ادلاعء والشفاعة وهو ح‪ ،‬باملؤمنني رؤوف رحيم‪ .‬وقد‬
‫الرسول‪:‬‬ ‫ربنا أن نأتيه أذا أخطأنا لنستغفر اهلل تعاىل‪ ،‬ويستغفر نلا ّ‬ ‫أمرنا ّ‬
‫قال اهلل ّ‬
‫عز وجل‪...﴿ :‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬
‫ّ‬
‫ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﴾ النساء‪.64 :‬‬
‫حسيين تذكر خالهل فجيعة املصطىف‬‫ّ‬ ‫وما أروع أن يفتتح ذلك أو خيتم بمجلس عزاء‬
‫ّ‬ ‫ً ّ‬ ‫ّ‬
‫احلبيب بنفسه أمري املؤمنني صل اهلل عليهما وآهلما‪ ،‬إعالنا للثبات يف خط رسول‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫وحب من أحبهم وبلغ عن‬ ‫اهلل ح‪ ،‬وإشهادا للمالئكة والوجود بابلاكء ملا أبكاه‪،‬‬
‫ّ‬
‫اهلل تعاىل وجوب حبهم‪.‬‬
‫ّ‬
‫«الش ّ‬ ‫ّ‬
‫يق‬ ‫سيدي يا رسول اهلل هذا شهر اهلل قد آذن بانقضاء‪ ،‬وقد بلغنا عنك قولك‪:‬‬
‫ّ‬
‫الشهر العظيم»‪ .‬وها أنا ّ‬ ‫َ ُ‬
‫سيدي ب ِفنائك أوقفتين اخلصاصة‬ ‫من حرم غفران اهلل يف هذا‬
‫ً‬
‫ببابك وأنت الكريم‪ :‬يا وجيها عند اهلل أشفع نلا عند اهلل‪.‬‬
‫ُ ّ‬ ‫ّ‬
‫أنت اهلدى وانلّور أنت حممد األوصاف حممود الشمائل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حاشا خيــيب إذا أتاك مؤمــل‪ ،‬ويــرد ســائل‬ ‫‪240‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ها قـد أتيت يقودين أميل أفهل أعـود بغري طائل‬


‫ّ‬ ‫ّ‬
‫رباه عبدك قد أســـاء وإن عفـــوك خري نائـل‬
‫ُ‬
‫عميل هبــاء لست أرجوه تلحقيــق املســائـل‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪1‬‬
‫إل الصالة ىلع احلبـــيب وآهل الغ ّر األفـاضـل‬
‫ّ‬
‫داعء ايلوم السابع والعرشين‬
‫َ‬
‫رس‪ ،‬واقبل‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫اللهم ارزقين فيه فضل يللة القدر‪ ،‬وصي أموري من الع ِ‬
‫رس إىل الي ِ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ُ َّ ّ ّ‬
‫‪2‬‬
‫والوزر‪ .‬يا رؤوفا بعباده الصاحلني‪.‬‬
‫معاذيري‪ ،‬وحط عن اذلنب ِ‬
‫ً‬
‫يل بوافر فضلك وجزيل عطاياك‪،‬‬ ‫أنت إليه أوسع فضال من أن تقايسين جبهيل‪ُ ،‬م َّن ع ّ‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ِّ‬
‫فضل يللة القدر‪ .‬بدل عرسي يرسا‪ ،‬واقبل ما أظنه عذرا‪ ،‬وال عذر يل فأعتذر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫فليشملين عفوك فإنك ترزق العاصني كما ترزق املطيعني‪ ،‬إليه إن كنت ال ترحم‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫إال املطيعني ّ‬
‫الصاحلني فمن للعاصني‪ ،‬فاعف عن عبدك العايص وارأف به يا رؤوفا‬
‫بعباده ّ‬
‫الصاحلني‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫صالة الليلة اثلامنة والعرشين‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -1‬حصة هذه الليلة من األلف ركعة يه ثالثون ركعة‪ :‬ثمان منها بعد صالة املغرب‬
‫ّ‬
‫واثنتان وعرشون بعد العشاء‪ ،‬بالتتيب املذكور‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -2‬عن رسول اهلل ح‪« :‬ومن صل يللة ثمان وعرشين من شهر رمضان ست‬
‫ّ‬ ‫الكريس) وعرش ّ‬
‫ّ‬ ‫[مرة واحدة] وعرش ّ‬ ‫ركعات بـ (فاحتة الكتاب) ّ‬
‫مرات‪( :‬إنا‬ ‫مرات (آية‬
‫وصل ىلع انلّ ّ‬‫ّ‬ ‫أعطيناك الكوثر)‪ ،‬وعرش ّ‬
‫‪3‬‬
‫يب ح‪ ،‬غفر اهلل هل»‪.‬‬ ‫مرات (قل هو اهلل أحد)‪،‬‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫ستحب أن يصل يف لك يلل ٍة من شهر رمضان ركعتني بـ(احلمد)‬ ‫ّ‬
‫الكفعيم‪« :‬وي‬ ‫‪ -3‬قال‬
‫ََُْ ُْ َ َ ْ‬ ‫ُْ َ َ ْ َُ َ ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫"‪ "..‬و(اتلوحيد) ثالثا‪ ،‬فإذا سلم قال‪ :‬سبحان من هو حفِيظ ال يغفل سبحان من‬
‫حان َم ْن ُه َو دائ ٌِم ال يَلْ ُهو‪ّ .‬‬
‫ثم‬
‫َْ ُ ُْ َ‬ ‫َْ َ ُ ُْ َ َ ْ ُ‬
‫ِيم ال يعجل سبحان من ه َو قائ ٌِم ال يسهو سب‬ ‫ُه َو َرح ٌ‬

‫نب‬
‫ُ ْ ْ َ َّ‬
‫اذل َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ثم يقول‪ :‬سبحانك سبحانك يا عظيم‪ ،‬ا ِغفِر يل‬
‫ُ‬ ‫يقول التّسبيحات األربع سبعاً‪َّ ،‬‬
‫َ َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ً َ‬ ‫َّ ُ ّ‬ ‫َ‬
‫‪4‬‬
‫ذنب‪.»..‬‬
‫يب عرشا‪ .‬من صلها غفر اهلل هل سبعني ألف ٍ‬ ‫صل ىلع انلّ ّ‬ ‫العظيم‪ .‬ثم ت‬

‫‪ -1‬للكاتب‪.‬‬
‫الكفعمي‬
‫ّ‬ ‫يخ‬‫ش‬‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ذكر‬ ‫فقد‬ ‫ام‬ ‫األي‬
‫ّ‬ ‫أدعية‬ ‫ترتيب‬ ‫يف‬ ‫اختالف‬ ‫إىل‬ ‫اهلل‬ ‫رحمه‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫القم‬
‫ّ‬ ‫ث‬ ‫املحد‬
‫ّ‬ ‫‪ -2‬أشار‬
‫القم ّي‪:‬‬
‫املحدث ّ‬ ‫ّ‬ ‫السابع والعرشين‪.‬أضاف‬ ‫الدعاء يف اليوم ال ّتاسع والعرشين بدالً من ّ‬
‫هذا ّ‬
‫واألنسب أن يدعى به يف اليوم الثّالث والعرشين‪.‬‬
‫والكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ :‬ص‪.176‬‬
‫ّ‬ ‫العاميل‪ ،‬وسائل ال ّشيعة‪41/8 :‬؛‬
‫ّ‬ ‫احلر‬
‫‪ّ -3‬‬
‫‪241‬‬ ‫الكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ :‬ص‪ .563‬اهلامش‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪-4‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫‪28‬‬
‫شهر رمضان‬

‫* ملن امللك ايلوم؟‬


‫* املبالغة يف اإلحلاح‬
‫ّ‬
‫* داعء ايلوم اثلامن والعرشين‬
‫ّ‬
‫* صالة الليلة اتلّاسعة والعرشين‬

‫‪242‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ُ‬
‫ملن الملك ايلوم؟‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫هذا هو ايلوم اثلّامن والعرشون من شهر اهلل تعاىل‪ ،‬وإذا اكن الشهر ناقصا فمعىن ذلك‬
‫ًّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أنّه لم يبق أمامنا من هذه ّ‬
‫اخلاصة جدا إل ايلوم ويوم الغد‪.‬‬ ‫اإلهلية‬ ‫الرمحة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أما يوم الغد فينبيغ االنشغال فيه بوداع الشهر الكريم وأعمال يللة العيد إذا ثبت‪ ،‬أو‬
‫االستعداد هل يف ايلوم ّ‬
‫اتلايل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وأما هذا ايلوم‪ ،‬فينبيغ مالحظة ما جيب أن تكون نلا وقفة معه قبل انقضاء الشهر‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫الكريم‪ ،‬خصوصا ما لم يُذكر إل ملاما‪.‬‬
‫انية‪ ،‬نفيس ونفسك أيّها العزيز‪ ،‬وكيف‬ ‫إن املحور دائما ً وأبدا ً هو هذه الوديعة ّ‬
‫الرب ّ‬ ‫ّ‬
‫انلاشئة من اإلعراض عن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫ترد األمانة إىل صاحبها سليمة من لك مظاهر الت ّ‬
‫شوه ّ‬ ‫ّ‬
‫احلق‬
‫والركض يف أودية ابلاطل‪.‬‬‫ّ‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫وىلع هذا األساس فإن ايلوم وغدا وما بعده إن اكن‪ ،‬بتمامها وكماهلا ينبيغ أن تكون‬
‫ّ‬
‫املودع ّ‬ ‫ّ‬
‫لدلنيا‪.‬‬ ‫بالنسبة إيلنا فرصة‬
‫ّ‬
‫يلرتدد يف آصال آذان القلوب نداء‪..﴿ :‬ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ﴾ اغفر‪.16 :‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إن ما توعدون آلت‪ .‬أنا وأنت ولك اخلالئق أيّها احلبيب‪ ،‬سنقف يف ذلك ايلوم للحساب‪.‬‬
‫ّ‬
‫فماذا أعددنا؟ وهل حناول استثمار هذه الفرصة الفريدة املتبقية؟‬

‫اإلليه‪ ﴿ :‬ﯸ ﯹ ﯺ ﴾؟‬ ‫ّ‬ ‫تعال ميع تُ ْصغ أفئدتنا لآليات املحيطة جبو هذا ّ‬
‫انلداء‬ ‫ِ‬
‫وهم الكرثة ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واتليه‬ ‫ِ‬ ‫تعاىل‪،‬‬ ‫اهلل‬ ‫غري‬ ‫احلاكم‬ ‫أن‬ ‫م‬‫وه‬ ‫من‬ ‫اخلروج‬ ‫من‬ ‫علنا نتمكن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والعبثية‪ ،‬إىل نور ّ‬
‫اتلوحيد العم ّ‬
‫والسلوك والء الواحد‬ ‫يل يلتجل يف عقونلا وقلوبنا‬
‫العز ّ‬ ‫ّ‬
‫والء صادق اللهجة ثابت اخلطى‪ ،‬ملؤه ّ‬ ‫األحد‪ٌ ،‬‬
‫والسؤدد‪ ،‬ال يعرف أدىن شائبة من‬
‫ّ‬
‫ازدواجية الوالء‪.‬‬
‫﴿ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ‪ ﴾...‬اغفر‪. 18 :‬‬
‫قال تعاىل‪﴿ :‬ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬
‫ﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞ‬
‫ﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ‬
‫ﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﭑﭒﭓﭔﭕ‬
‫ﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ‬
‫ﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵ‬
‫ﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ‬
‫ﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖ‬
‫ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ‬
‫ﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗ‬
‫‪243‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ﯘ ﯙ ﯚ ﴾ اغفر ‪22-13‬‬
‫ّ‬
‫تمس حاجتنا أيّها احلبيب إىل أن نثبت ىلع قرار طاملا اتذناه ثم تراجعنا عنه‪ ،‬أن ال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫نعبد إل اهلل!‬

‫ما أوضح اهلدف!‬


‫ّ‬
‫ما أوضح اهلدف وما أشد خفاءه؟!‬
‫ّ‬ ‫ما أسهل ّ‬
‫الطريق‪ ،‬وما أشد وعورته؟!‬
‫ادلنيا اليت ختتطفنا فنصبح فيها أرسى أهوائنا‪ ،‬وما أكرب اآلخرة اليت ال تدرك‬ ‫ما أصغر ّ‬
‫ّ‬
‫إل بالعقول‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫تضيع عنا عقونلا فإذا ّ‬
‫ادلنيا لك يشء‪ ،‬واآلخرة ال يشء! بل ما أصغرنا حني نبيع نفسا‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫يه أكرب من ّ‬
‫بهوى هباء‪ ،‬وشهوة‬ ‫ادلنيا واآلخرة وال جزاء هلا إل رضوان اهلل تعاىل‪ ،‬نبيعها‬
‫تعقب ويالت!‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ومن نعارض‪ ،‬وىلع من نتمرد؟‬ ‫ومن نؤذي‪َ ،‬‬‫َ‬
‫ًّ‬
‫حمبا هل قد حمضه أسىم حنان؟‬ ‫أرأيت إىل من يؤذي‬
‫الرؤوف ّ‬
‫الرحيم؟!‬ ‫أرأيت إىل من يؤذي رسول اهلل ح‪ ،‬وهو ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬
‫ويلا هلل وأهانه‪ ،‬فقد استعد وأعد وأرصد ملحاربته تعاىل!‬ ‫من آذى‬
‫فكيف بمن آذى رسول اهلل ح؟!!‬
‫وكيف بمن آذى اهلل تعاىل؟!!!‬
‫ّ ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألم يتقدم معنا يف داعء ايلوم الرابع والعرشين‪ :‬اللهم إن أسألك فيه ما يرضيك‪ ،‬وأعوذ‬
‫ّ‬
‫بك مما يؤذيك!‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألم نقرأ يف داعء السحر‪« :‬تعارضنا بانلعم ونعارضك باذلنوب‪ ،‬خريك إيلنا نازل ورشنا‬
‫إيلك صاعد»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نعارضه ّ‬
‫عز وجل‪ ،‬ونتمرد عليه‪ ،‬إىل حيث قد أوحش ما بيننا وبينه فرط العصيان‬
‫والطغيان‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫ورغم لك ما اقرتفنا وما يعلم منا أننا اعئدون فيه‪ ،‬فهو يريدنا أن حنسن الظن به وال‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫فنتصور أنه سبحانه ال يغفر نلا وال يقبلنا‪.‬‬ ‫يذهب حبلمنا الشيطان‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ولكن ماذا لو تبنا ّ‬
‫ثم كرسنا توبتنا وعدنا يف اتلوثب ىلع معاصيه؟‬
‫ً ّ‬
‫أيّها احلبيب‪ ،‬ومن أين نلا أن نتوب توبة نصوحا‪ ،‬إل بتوفيق منه سبحانه؟‬
‫ّ‬ ‫جل ثناؤه وقفة من ال وفاء هل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫باتلوبة إل‬ ‫يؤكد ذلك حاجتنا إىل أن تكون الوقفة ببابه‬
‫ّ‬ ‫فقوين ّ‬ ‫لريدد القلب‪ّ :‬‬ ‫ّ‬
‫بقوة اكفية‪ ،‬وتولين بعصمة مانعة‪.‬‬ ‫بعصمته‪،‬‬
‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫إليه‪ ،‬وإذا كنت كما أنا بما كسبت يداي‪ ،‬اعجزا عن طاعتك فاستصلحين‪ ،‬واجعلين‬
‫كما ّ‬
‫حتب‪:‬‬
‫‪244‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ّ‬ ‫«اللّ ّ‬
‫هم ّ‬
‫قوين لعبادتك‪ ،‬واستعملين يف طاعتك‪ ،‬وبلغين اذلي أرجو من رمحتك يا أرحم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ ّ‬
‫الري يوم الظمأ‪ ،‬وانلّجاة يوم الفزع األكرب‪ ،‬والفوز يوم‬
‫إن أسألك ِّ‬ ‫ّ‬
‫الرامحني‪ ،‬اللهم‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫احلساب‪ ،‬واألم َن يوم اخل َوف‪ .‬وأسألك انلّظر إىل وجهك الكريم‪ ،‬واخللود يف جنتك يف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫دار املقامة من فضلك‪ ،‬والسجود يوم يكشف عن ساق‪ ،‬والظل يوم ال ظل إل ظلك‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫ومرافقة أنبيائك ورسلِك وأويلائك»‪.‬‬
‫ّ‬
‫داعء ايلوم اثلامن والعرشين‬
‫حظي من انلّوافل‪ ،‬وأكر ْمين فيه بإحضار املسائل‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ ّ‬
‫وقرب فيه وسيليت‬ ‫ِ‬ ‫هم وفر فيه‬ ‫الل‬
‫ّ‬ ‫َ ْ‬
‫إيلك من بني الوسائل‪ ،‬يا من ال يشغله إحلاح امللحني‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫حق َ‬ ‫إليه َّ‬
‫لمن أقام يف ضيافتك شهرا أن يطمع‪ ،‬وها أنا ذا أطلب منك توفري حظي‬
‫تقرب إيلك بها أحببتَه‪ ،‬وما أسعد من أحبَبته‪ ،‬وقد بلغ مسامع قليب‬
‫انلوافل‪ ،‬ومن ّ‬ ‫من ّ‬
‫ّ‬
‫باحهم‪ ،‬فهل إىل حبك من سبيل؟‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حديث حبك لعبادك‪ ،‬ولكن من قِباح قِ ِ‬
‫ً‬ ‫وفقين الستحضار ما أريد منك‪ّ ،‬‬ ‫ّ ّ ّ‬
‫وتلطف باإلجابة واجعل وسيليت موصلة إيلك‬ ‫اللهم‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫من بني مشتب ِك اإلحلاح والط ِلبات‪ .‬يا من ال يشغله إحلاح امللحني‪.‬‬
‫ّ‬
‫صالة الليلة اتلّاسعة والعرشين‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -1‬حصة هذه الليلة من األلف ركعة‪ :‬ثالثون ركعة بالتتيب املتقدم‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -2‬عن رسول اهلل ح‪« :‬ومن صل يللة تسع وعرشين من شهر رمضان ركعتني بـ‬
‫مرة (قل هو اهلل أحد)‪ ،‬مات من املرحومني‬ ‫[مرة واحدة] وعرشين ّ‬ ‫(فاحتة الكتاب) ّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫‪2‬‬
‫ورفع كتابه يف أىلع عليني»‪.‬‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫الكفعيم‪« :‬ويستحب أن يصل يف لك يلل ٍة من شهر رمضان ركعتني بـ(احلمد)‬ ‫ّ‬ ‫‪ -3‬قال‬
‫حان َم ْن ُهوَ‬‫ََُْ ُْ َ‬ ‫ُْ َ َ ْ َُ َ ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫"‪ "..‬و(اتلوحيد) ثالثا‪ ،‬فإذا سلم قال‪ :‬سبحان من هو حفِيظ ال يغفل سب‬
‫ّ‬ ‫َ ٌ َْ َ ُ ُْ َ َ ْ َُ ٌ َْ ُ ُْ َ َ ْ َُ ٌ َُْ‬
‫رحِيم ال يعجل سبحان من هو قائ ِم ال يسهو سبحان من هو دائ ِم ال يلهو‪ .‬ثم يقول‬
‫نب‬
‫ُ ْ ْ َ َّ‬
‫اذل َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ثم يقول‪ :‬سبحانك سبحانك يا عظيم‪ ،‬ا ِغفِر يل‬
‫ُ‬ ‫التّسبيحات األربع سبعاً‪َّ ،‬‬
‫َ َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ً َ‬ ‫َّ ُ ّ‬ ‫َ‬
‫‪3‬‬
‫ذنب‪.»..‬‬
‫يب عرشا‪ .‬من صلها غفر اهلل هل سبعني ألف ٍ‬ ‫صل ىلع انلّ ّ‬ ‫العظيم‪ .‬ثم ت‬

‫غرة شهر جمادى األوىل‪ .‬أنظر‪ :‬اإلقبال‪.151/3 :‬‬ ‫‪ -1‬من دعاء ّ‬


‫والكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ :‬ص‪.176‬‬
‫ّ‬ ‫‪41/8‬؛‬ ‫يعة‪:‬‬ ‫ش‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫وسائل‬ ‫‪،‬‬ ‫العاميل‬
‫ّ‬ ‫احلر‬
‫‪ّ -2‬‬
‫‪245‬‬ ‫الكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪ :‬ص‪ .563‬اهلامش‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪-3‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫‪29‬‬
‫شهر رمضان‬

‫*ايلوم األخري‪ ،‬ويللة العيد‬


‫* أعمال ايلوم األخري‬
‫* املحاسبة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫* جتديد اتلوبة الصادقة‬
‫ّ‬
‫* االستعداد إلطالق الشياطني‬
‫* داعء ختم القرآن الكريم‬
‫* يللــة العــيد‬
‫ّ‬
‫* اجلد يف العبادة‬
‫ّ‬
‫* اتلّوسـل‬
‫* جبنايح اخلوف ّ‬
‫والرجاء‬
‫* أعمـال يلـلة العـيد‬
‫* الغسل‬
‫ٌ‬ ‫ْ‬
‫* اإلحياء* ذكر خاص‬
‫* اتلّكبري‬
‫ّ‬
‫* زيارة اإلمام احلسني عليه السالم‬
‫* ثالث َ‬
‫سور‬
‫ّ‬
‫* الصلوات‬
‫ّ‬
‫* من األدعية اخلاصة‬
‫* داعء ايلوم اتلّاسع والعرشين‬

‫‪246‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ايلوم األخري‪ ،‬ويللة العيد‬


‫أن أعمال ايلوم األخري يؤىت بها يف ايلوم ّ‬ ‫ّ‬ ‫اتل ّ‬
‫ينبيغ ّ‬
‫اتلاسع والعرشين الحتمال‬ ‫نبه إىل‬
‫شوال يف يللة ذلك ايلوم‪ ،‬ويكون ايلوم اتلايل يوم عيد‪ ،‬ومن أىت بهذه‬ ‫أن يثبت هالل ّ‬
‫ّ‬ ‫ثم لم يثبت العيد فينبيغ هل اإلتيان بها يف ايلوم ّ‬‫األعمال ّ‬
‫اتلايل ألنه سيكون حينئذ هو‬
‫ايلوم األخري‪.‬‬
‫ّ‬
‫مرة واحدة وذلك ألن باإلماكن االنتظار‬‫الطبييع أن ال يؤىت بها ّإل ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أما يللة العيد‪ ،‬فمن‬
‫بعض الوقت ملعرفة ما إذا ثبتت رؤية اهلالل أم ال‪ ،‬فإذا ثبتت أىت بأعمال يللة العيد‪،‬‬
‫ّ‬
‫وإذا لم تثبت اقترص ىلع عمل يللة تسع وعرشين‪ ،‬ويأيت بأعمال يللة العيد يف الليلة‬
‫ّ‬
‫اتلايلة‪.‬‬

‫أعمال ايلوم األخري‬


‫‪ -1‬املحاسبة‬
‫الس ّيد ابن طاوس‪« :‬ومنها‪ :‬اعتبار جريدة‬
‫يف معرض حديثه عن مهام هذا ايلوم‪ ،‬قال ّ‬
‫ّ‬ ‫أعمالك من ّ‬
‫أول الشهر إىل آخر يوم منه وقبل انفصاهل‪ .‬فيجلس بني يدي مالك يوم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫احلساب ىلع التاب‪ ،‬أو حبسب ما يتهيأ جلوسه عليه بلزوم اآلداب‪ ،‬وحياسب نفسه‬
‫الضعيف احلقري مع مالكه املطلع ىلع الكبري ّ‬‫ّ‬
‫والصغري‪ .‬فينظر ما اكن‬ ‫حماسبة اململوك‬
‫‪1‬‬
‫عليه من حيث دخل دار ضيافة اهلل جل جالهل واحلضور بني يديه»‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -2‬جتديد اتلّوبة الصادقة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫قال السيد‪« :‬يتوب إىل اهلل جل جالهل ىلع قدر اخلطر اذلي بني يديه‪ ،‬فإن توقفت نفسه‬
‫ّ‬
‫عن الصدق يف اتلّوبة وانلّدم ىلع ما فات وترك ما هو آت‪ ،‬وعرف منها "‪ "..‬اإلرصار‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫"‪ "..‬وتعذر عليه حصول الصدق يف هذه احلال‪ ،‬وأبت نفسه املعتادة ىلع اإلهمال إل أن‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫يكون حديثها هلل جل جالهل وبني يديه بمجرد اللفظ واملقال‪ ،‬والقلب خال عن‬
‫اإلقبال‪ ،‬فليرشع يف داعء أهل ابلالء واالبتالء»‪ »..‬وجيتهد ىلع عربات تطىفء نريان‬
‫الغضب‪ ،‬وىلع دعوات معروفة بلزوم األدب‪ ،‬وتسليم العمل اذلي عمله يف شهره‪ ،‬إىل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫من اكن قد جعله خفريا وحاميا ومالاك ألمره‪ ،‬فلعل اهلل جل جالهل لعنايته خباصته‬
‫ّ‬
‫يقبل العمل من يد نائبه احلافظ لرشيعته‪ ،‬ويتمم ما فيه من انلّقصان وتربح ما‬
‫‪2‬‬
‫اشتملت عليه بضاعته من اخلرسان إن شاء اهلل تعاىل»‪.‬‬

‫‪ -1‬اإلقبال‪.448/1 :‬‬
‫‪247‬‬ ‫‪ -2‬املصدر‪.455-454 :‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫‪ -3‬داعء ختم القرآن‬


‫َّ‬
‫من َوفقه اهلل تعاىل خلتمة من القرآن الكريم‪ ،‬أو أكرث‪ ،‬فليقرأ ما يأيت احلديث عنه من‬
‫أدعية ختم كتاب اهلل تعاىل وعهده إىل خلقه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫كنا‪ ،‬أيّها العزيز‪ ،‬قد قرصنا يف ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اتلفاعل مع أصل هذا الشهر وحموره اذلي به‬ ‫أما إذا‬
‫أصبح شهر رمضان شهر يللة القدر وربيع القرآن‪ ،‬فلنبادر إىل اإلكثار من قراءة كتاب‬
‫سيد رسله وخري خلقه ح‪ ،‬ونلعاهد اهلل تعاىل أن نصلح‬ ‫ربنا ورساتله إيلنا ىلع يدي ّ‬ ‫ّ‬
‫أمر عالقتنا حبياة العقول والقلوب قرآنه الكريم وجنعل ما نقرأه منه يف هذا ايلوم‬
‫ّ‬
‫بداية ختمة نواصل قراءتها جبد بعد شهر اهلل تعاىل‪ ،‬يلكون ذلك بعض تعويض عما‬
‫َْ‬
‫ب اهلل سبحانه‪.‬‬‫ِ‬ ‫فر ْطنا يف جن‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قال السيد‪« :‬ومنها (أي مهام هذا ايلوم)‪ :‬داعء ختم القرآن‪ ،‬فال أقل أن يكون قد‬
‫ّ‬
‫تقدم ذكره يف بعض األخبار»‪ّ 1.‬‬
‫ثم أورد داعء‬ ‫ختم واحدة يف طول شهر رمضان‪ ،‬كما‬
‫ّ ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫‪2‬‬
‫اإلمام السجاد عليه السالم الوارد يف الصحيفة السجادية عند ختم القرآن‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫القم ب‪« :‬وخيتم القرآن اغبلا يف هذا ايلوم ‪-‬أي يف ايلوم األخري‪-‬‬ ‫املحدث ّ ّ‬ ‫وقال‬
‫الس ّجاديّة وإن شاء‬ ‫بادلاعء اثلّاين واألربعني من ّ‬
‫الصحيفة ّ‬ ‫فينبيغ أن يدىع عند اخلتم ّ‬
‫‪3‬‬
‫ثم ذكر داعءين خمترصين‪.‬‬ ‫أن يدعو بهذا ّ‬
‫ادلاعء الوجزي ّ‬
‫ّ‬ ‫االستعداد دلخول ّ‬
‫شوال وإطالق الشياطني اذلين اكنوا يف االعتقال‬
‫ّ‬
‫بديهية اغئبة عن االهتمام‪،‬‬ ‫سيد العلماء املراقبني إىل مسألة‬‫نبه ّ‬
‫حتت هذا العنوان ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫السهل املمتنع‪ ،‬تتلخص يف أن املصدق بما جاء عن رسول‬ ‫منسية لكياً‪ ،‬ويه من ّ‬
‫ّ‬ ‫بل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اهلل ح جيب أن يعتقد بأن الشياطني املغلولة‪ ،‬يفك اعتقاهلا يف شوال‪ ،‬فينبيغ أن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يشتد حذرنا من األخطار اليت تتهددنا نتيجة ذلك‪ ،‬وتظهر آثار هذا احلذر يف سلوكنا‬
‫ّ‬
‫باللجوء إىل اهلل‪.‬‬

‫داعء ايلوم اتلّاسع والعرشين‬


‫ّ‬ ‫ّ ّ ّ‬
‫الرمحة‪ ،‬وارزقين فيه اتلّوفيق والعصمة‪ ،‬وطهر قليب من غياهب اتلّهمة‬
‫غشين فيه ّ‬ ‫اللهم‬
‫ً‬
‫يا رحيما بعباده املؤمنني‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إليه‪ ،‬كنت أطلب منك الرمحة‪ ،‬وها أنا أطلب أن تغشيين بها‪ ،‬وكنت أطلب منك‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫اجلد وأزفت ساعة اخلروج من احلِىم‪ ،‬وال‬
‫اتلوفيق أو العصمة وها أنا أمجعهما‪ .‬لقد جد ِ‬
‫أدري إىل ما يكون مصريي!!‬

‫‪ -1‬املصدر‪.‬‬
‫‪ -2‬املصدر‪ :‬ص‪ 449‬فما بعدها‪.‬‬
‫القم ّي‪ ،‬مفاتيح اجلنان‪.‬‬
‫املحدث ّ‬
‫ّ‬ ‫‪-3‬‬ ‫‪248‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ّ‬ ‫فيضا ً من ُم ْزن رمحتك‪ ،‬واعرضا ً من وابلها‪ ،‬ألتقلّب يف ّ‬


‫الرمحة فتوفقين وتعصمين‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫وتطهر قليب من ظلمات الشك وسو ِء الظ ّن بك وبمواعيدك وبعبادك‪.‬‬
‫إيل من نفيس وقليب‪ ،‬فإيلك أشكوهما فارمحين أنا العايص كما ترحم‬ ‫ُ‬
‫أقرب ّ‬ ‫أنت إليه‬
‫ّ‬ ‫أهل ّ‬
‫الطااعت فإن شمسك ترشق ىلع املحسن وامليسء‪.‬‬

‫يللة العيد‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫إذا اكن الشهر ناقصا فغدا يوم العيد‪ ،‬وعليه فينبيغ احلديث عنه وعن يللته‪ ،‬ىلع أن‬
‫يتواصل احلديث يوم الغد إذا لم يثبت العيد‪.‬‬
‫* يف ّ‬
‫الروايات‬
‫تسم يللة‬‫‪ -1‬عن رسول اهلل ح‪ ،‬يف حديث طويل‪« :‬فإذا اكنت يللة الفطر‪ ،‬ويه ّ‬
‫اجلوائز‪ ،‬أعطى اهلل العاملني أجرهم بغري حساب»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪« -2‬قال اإلمام ّ‬
‫‪1‬‬
‫الصادق خ‪« :‬يللة الفطر‪ ،‬الليلة اليت يستويف فيها األجري أجره»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إن ّ‬ ‫الراوي واسمه حسن‪« :‬قلت أليب عبد اهلل ّ‬ ‫‪ -3‬قال ّ‬
‫انلاس يقولون‪ :‬إن‬ ‫[الصادق] خ‪:‬‬
‫ّ‬
‫املغفرة تزنل ىلع من صام شهر رمضان يللة القدر؟ فقال‪« :‬يا حسن إن القارجيار(أي‬
‫ّ‬
‫‪2‬‬
‫العامل) إنما يعطى أجرته عند فراغه وذلك يللة العيد»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الس ّجاد خ‪ ،‬اكن يمضيها‬ ‫أن اإلمام ّ‬ ‫‪ -4‬وقد تقدمت اإلشارة حول يللة العيد إىل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪3‬‬
‫أهمية عن يللة القدر‪.‬‬ ‫بالعبادة وحيث ىلع اجلد يف العبادة فيها ويقول إنها ال تقل‬
‫ّ‬
‫اجلد يف العبادة‬
‫ّ‬ ‫الرمحة‪ ،‬مشريا ً إىل هذه ّ‬ ‫ّ‬
‫ربيزي‪ ،‬عليه ّ‬ ‫قال آية اهلل ّ‬
‫الرواية‪« :‬عبادة هذه الليلة عظيمة‬ ‫اتل‬
‫ّ‬ ‫جدا ً ملا روي عن اإلمام ّ‬
‫الس ّجاد عليه ّ‬ ‫ّ‬
‫السالم‪ ،‬فيلزم ىلع العامل أن يبذل يف هذه الليلة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫جهدا أكرب من جهده يف يللة القدر‪ ،‬ألنها مجعت مع رشفها أنها وقت اجلزاء وآخر‬
‫‪4‬‬
‫العمل»‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫قد يبدو غريبا الكالم عن أن يبذل اإلنسان جهدا يف يللة العيد أكرب من جهده يف يللة‬
‫ّ‬ ‫الروايات يوضح ّ‬ ‫تقدم من ّ‬‫ّ‬
‫السبب‪ ،‬ولعل من املعاين اليت تريم إيلها‬ ‫القدر‪ ،‬ولكن ما‬
‫ّ ّ ّ‬ ‫هذه ّ‬
‫الروايات املباركة أن شدة اذلنوب وخطورتها قد تكون حجبت استحقاق املغفرة‬
‫ّ‬
‫يف يللة القدر‪ ،‬وأن هذا العايص اكن ما يزال حباجة إىل ما يوصله إىل درجة املغفرة‬

‫الصدوق‪ ،‬اهلداية‪ :‬ص‪.210‬‬


‫‪ -1‬ال ّشيخ ّ‬
‫البحراين‪ ،‬احلدائق النارضة‪.191/4 :‬‬
‫ّ‬ ‫‪-2‬‬
‫‪ -3‬اإلقبال‪.364-363/1 :‬‬
‫‪249‬‬ ‫بترصف‪.‬‬
‫‪ -4‬املراقبات‪ :‬ص‪ّ 169‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬


‫والقبول‪ ،‬وها هو أمام الفرصة األخرية اليت تستديع اجتهادا شديدا‪ ،‬بل وأكرثمن لك‬
‫ّ‬
‫ما بذهل يف مجيع يلايل القدر وطيلة الشهر العظيم‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫قال آية اهلل املليك اتلّ‬
‫ربيزي‪ ،‬أيضا‪:‬‬
‫ّ‬
‫«واعلم أن وقت ظهور آثار أعمال شهر رمضان‪ ،‬وإعطاء جزاء عباداته هو يوم العيد‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فمن أحسن مراقبة اهلل جل جالهل يف يللة عيده‪ ،‬واعلج يف هذه الليلة تقصريه يف‬
‫ً‬
‫ما جيب عليه يف شهر رمضان‪ ،‬وجعل نفسه أهال للعيد‪ ،‬وخلط نفسه يف عباد اهلل‬
‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬
‫خاصة‬ ‫الصاحلني‪ ،‬يرىج هل أن يقبله اهلل تعاىل يوم العيد كما يقبلهم‪ ،‬وال يقنطه من‬
‫ّ‬
‫ألطافه‪ ،‬وال يدقق عليه يف تقصريه يف عباداته العرتافه ّ‬
‫باتلقصري‪ ،‬وطلبه من اهلل تعاىل‬
‫ّ‬
‫أن يصفح عنه بكرم وجهه‪ ،‬ويلحقه بأهل نواهل من عباده املكرمني‪ ،‬والشهداء‬
‫ّ ّ‬
‫‪1‬‬
‫والصديقني»‪.‬‬
‫ّ‬
‫اتلّوسـل‬
‫ّ‬ ‫اتل ّ‬
‫الرمحة‪ ،‬ىلع ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫حيث عليه ّ‬
‫وسل يف هذه الليلة باملصطىف وأهل بيته األطهار‪ ،‬صلوات‬ ‫ثم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اهلل عليه وعليهم‪ ،‬إلصالح أعمال الشهر لكه‪ ،‬فيسلم املتوسل بهم أعماهل طيلة شهر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ويتوسل‬ ‫رمضان املبارك إيلهم ‪-‬إىل رسول اهلل وأهل ابليت‪ -‬صل اهلل عليه وعليهم‪،‬‬
‫إلصالح نفسه‪ ،‬وقلبه‪ ،‬وظاهره‪ ،‬وباطنه‪ ،‬ويستشفع بهم إىل اهلل يف شمول توفيق اهلل‬
‫ّ‬
‫تعاىل هل طيلة سنته القادمة بل طيلة عمره لكه‪.‬‬
‫بتوسله هذا مجيع ما أفسده يف شهر اهلل تعاىل ومجيع‬‫يهتم املسلم يلصلح ّ‬‫ّ‬ ‫ينبيغ أن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عمره‪ ،‬وحيرص ىلع إحياء هذه الليلة باتلرضع واجلد يف العبادة‪.‬‬
‫َ‬
‫جبناح اخلوف ّ‬
‫والرجاء‬
‫رضع واالستغاثة‬‫باتل ّ‬ ‫ّ‬
‫خصوصية بذل قصارى اجلهد ّ‬ ‫ويشرتك ايلوم األخري ويللة العيد يف‬
‫ّ‬
‫اخلاصة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫يلمن اهلل علينا تعاىل بعتق رقابنا من ّ‬
‫انلار‪ ،‬وإن اكنت لليلة مزيتها‬
‫ّ‬
‫اإلهلية يف يللة العيد‪ ،‬ورد يف حديث عن‬ ‫وحول األعداد الكبرية اليت تشملها ّ‬
‫الرمحة‬
‫الرضا خ‪:‬‬ ‫اإلمام ّ‬
‫ّ‬
‫‪2‬‬
‫«فإذا اكن يللة الفطر أعتق من انلّار مثل ما أعتق يف سائر الشهر»‪.‬‬
‫يوم وبعض يوم يلحاول فيها يك ال‬ ‫نلتصور شخصا ً ُحكم عليه باإلعدام وأمامه ٌ‬ ‫ّ‬
‫يصدق امللك احلكم عليه باإلعدام فما يه حاهل يف هذه الفرتة؟‬
‫ّ‬
‫باذلات يف ّ‬
‫السااعت األخرية؟‬ ‫وما يه حاهل‬

‫‪ -1‬املصدر‪.‬‬
‫السالم‪ :‬ص‪.205‬‬
‫الرضا عليه ّ‬
‫ّ‬ ‫فقه‬ ‫بابويه‪،‬‬ ‫‪ -2‬ابن‬ ‫‪250‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ّ‬
‫األعزاء‪ ،‬يف شهر اهلل تعاىل أو سمعنا‪ :‬احلمد هلل اذلي من خشيته ترعد‬ ‫طاملا قرأنا‪ ،‬أيّها‬
‫وعمارها‪ ،‬وتموج ابلحار ومن يسبح يف ّ‬‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫غمراتها‪.‬‬ ‫السماء وسكنها‪ ،‬وترجف األرض‬
‫وطاملا قرأنا أو سمعنا‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ّ ّ‬
‫واحلمد هلل اذلي حيلم عن حت كأن ال ذنب يل‪ ،‬فرب أمحد يش ٍء عندي وأحق حبمدي‪.‬‬
‫ّ‬
‫املحببة الواعدة‪.‬‬ ‫الرجاء‬ ‫ّ‬
‫واحلب يف معادلة ّ‬ ‫وقد آن أوان أن نمزج بني اخلوف‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ ّ ّ‬
‫ليسأل لك منا نفسه هل أنا خائف لفرط إرسايف ىلع نفيس‪ ،‬وجرأيت ىلع رب؟‬

‫أعمال يللة العيد‬


‫* األول‪ :‬الغسل‬
‫ً ّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -1‬قال الشيخ املفيد‪« :‬وغسل يللة الفطر ُسنة»‪ 1‬وقال يف ماكن آخر‪« :‬والغسل أيضا سنة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪2‬‬
‫عند انقراضه (الشهر) يف يللة الفطر ويه الليلة اليت يعطى فيها العامل أجره‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشيخ ّ‬
‫الط ّ‬
‫‪3‬‬
‫«ويستحب الغسل يف هذه الليلة بعد غروب الشمس»‪.‬‬ ‫ويس‪:‬‬ ‫وقال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وسيأيت عنه‪ ،‬رمحه اهلل‪ ،‬يف آخر الصلوات استحباب غسل يف آخر الليل‪.‬‬
‫ّ‬
‫* اثلاين‪ :‬اإلحياء‬
‫عن رسول اهلل ح‪« :‬من أحيا يللة العيد لم يمت قلبه يوم يموت القلوب»‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫يل عليهم ّ‬
‫السالم قال‪« :‬اكن يعجبه أن‬ ‫الصادق] عن أبيه عن ع ّ‬‫وعن أيب عبد اهلل [اإلمام ّ‬
‫ّ‬
‫أول يللة من رجب‪ ،‬ويللة انلّصف من شعبان‪،‬‬ ‫يفرغ نفسه أربع يلال يف السنة ويه‪ّ :‬‬
‫‪5‬‬
‫ويللة الفطر‪ ،‬ويللة انلّحر»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الرضا خ‪« :‬اجتهدوا يف يللة الفطر يف ّ‬ ‫ويف فقه اإلمام ّ‬
‫‪6‬‬
‫ادلاعء والسهر»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫* اثلالث‪ :‬ذكر يف السجود بعد املغرب‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫الط ّ‬ ‫ّ‬
‫السنة أن يقول عقيب صالة املغرب يللة الفطر وهو‬ ‫ويس‪« :‬ومن‬ ‫قال الشيخ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ً ّ ً‬
‫ساجد‪ :‬يا ذا اجلالل واإلكرام‪ ،‬يا مصطفيا حممدا ونارصه‪ ،‬صل ىلع حممد وآل حممد‬
‫ّ‬
‫لك ذنب أذنبته ونسيته أنا وهو عندك يف كتاب مبني‪ّ .‬‬
‫ثم يقول‪ :‬أتوب إىل‬ ‫واغفر يل‬

‫ال ّشيخ املفيد‪ ،‬املقنعة‪ :‬ص‪.51‬‬ ‫‪-1‬‬


‫املصدر‪ :‬ص‪.311‬‬ ‫‪-2‬‬
‫املتهجد‪ :‬ص‪.648‬‬ ‫ويس‪ ،‬مصباح‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ال ّشيخ الط ّ‬ ‫‪-3‬‬
‫الدعوات‪ :‬ص‪.279‬‬ ‫اوندي‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫الر‬
‫ّ‬ ‫‪-4‬‬
‫ال ّشيخ املفيد‪ ،‬املقنعة‪ :‬ص‪.51‬‬ ‫‪-5‬‬
‫‪251‬‬ ‫السالم‪ :‬ص‪.206‬‬
‫الرضا عليه ّ‬
‫ابن بابويه‪ ،‬فقه ّ‬ ‫‪-6‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫‪1‬‬ ‫اهلل‪ .‬مائة ّ‬


‫مرة»‪.‬‬
‫وهو غري ما يدىع به بعد صالة أمري املؤمنني عليه ّ‬
‫السالم كما سيأيت‪.‬‬

‫الرابع‪ :‬اتلّكبري‬
‫* ّ‬
‫يكرر يف أربعة أوقات بعد صالة املغرب والعشاء وصالة ّ‬
‫ّ‬ ‫ذكر ّ‬
‫وهو ٌ‬
‫الصبح من‬ ‫خاص‬
‫يوم العيد وبعد صالة العيد‪.‬‬
‫ّ‬
‫الشيخ املفيد‪ّ :‬‬
‫«اتلكبري عند الفراغ من فرض املغرب‪ ،‬وانتهاؤه عند الفراغ من‬ ‫وقال‬
‫صالة العيد من يوم الفطر‪ ،‬فيكون ذلك يف عقب أربع صلوات‪ .‬ورشحه أن يقول‬
‫ّ‬ ‫املصل عند ّ‬‫ّ‬
‫السالم من لك فريضة‪ :‬اهلل أكرب‪ ،‬اهلل أكرب اهلل أكرب‪ ،‬ال هلإ إال اهلل‬
‫ّ‬
‫واهلل أكرب‪ ،‬اهلل أكرب‪ ،‬احلمد هلل ىلع ما هدانا‪ ،‬وهل الشكر ىلع ما أوالنا‪ .‬فبذلك ثبتت‬
‫الصادقني من عرتته عليهم‬ ‫الس ّنة عن رسول اهلل ح‪ ،‬وجاءت األخبار بالعمل به عن ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫السالم»‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫ّ‬
‫«يستحب ّ‬ ‫ّ‬
‫الط ّ‬ ‫ّ‬
‫اتلكبري يللة الفطر‪ ،‬وبه قال مجيع الفقهاء‪.3‬‬ ‫ويس‪:‬‬ ‫قال الشيخ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ ّ‬
‫"‪ "..‬قال أبو عبد اهلل خ‪ :‬أما إن يف الفطر تكبريا ولكنه مسنون قال‪ :‬قلت‪ :‬وأين هو؟‬
‫قال‪ :‬يف يللة الفطر يف املغرب والعشاء اآلخرة ويف صالة الفجر وصالة العيد ّ‬
‫ثم يقطع‪.‬‬
‫قال‪ :‬قلت كيف أقول؟ قال‪ :‬تقول‪ :‬اهلل أكرب اهلل أكرب ال هلإ إال اهلل واهلل أكرب وهلل‬
‫احلمد اهلل أكرب ىلع ما هدانا‪ .‬وهو قول اهلل تعاىل‪ ...﴿ :‬ﯟ ﯠ ﯡ‬
‫‪4‬‬
‫ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ‪.»﴾...‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫«ويستحب أيضا اتلكبري عقيب أربع صلوات‪ :‬املغرب والعشاء اآلخرة‬ ‫وقال أيضا‪:‬‬
‫وصالة الفجر وصالة العيد يقول‪ :‬اهلل أكرب اهلل أكرب ال هلإ إال اهلل واهلل أكرب‪ ،‬اهلل‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬
‫أكرب وهلل احلمد‪ ،‬احلمد هلل ىلع ما هدانا وهل الشكر ىلع ما أوالنا»‪.‬‬
‫قدم هذا ّ‬‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫اتلكبري عقيب صالة املغرب وقبل نوافلها اكن أقرب إىل‬ ‫وقال السيد‪« :‬وإن‬
‫‪6‬‬ ‫ّ‬
‫اتلوفيق»‪.‬‬
‫ّ‬
‫اخلامس‪ :‬زيارة اإلمام احلسني عليه السالم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الط ّ‬ ‫ّ‬
‫«ويستحب زيارة احلسني خ يف يللة الفطر ويوم الفطر‪ ،‬وروي‬ ‫ويس‪:‬‬ ‫قال الشيخ‬

‫املتهجد‪ :‬ص‪.648‬‬ ‫ويس‪ ،‬مصباح‬ ‫ّ‬


‫ّ‬ ‫ال ّشيخ الط ّ‬ ‫‪-1‬‬
‫مسار ال ّشيعة‪ :‬ص‪.29‬‬
‫ُّ‬ ‫ال ّشيخ املفيد‪،‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ويس‪ ،‬اخلالف‪ .656/1‬املسألة ‪.424‬‬ ‫ّ‬
‫ال ّشيخ الط ّ‬ ‫‪-3‬‬
‫املصدر‪ :‬ص‪.653‬‬ ‫‪-4‬‬
‫املتهجد‪ :‬ص‪.460‬‬ ‫ويس‪ ،‬مصباح‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ال ّشيخ الط ّ‬ ‫‪-5‬‬
‫اإلقبال‪.459/1 :‬‬ ‫‪-6‬‬ ‫‪252‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫يف ذلك فضل كبري»‪.‬‬


‫‪1‬‬

‫الس ّيد‪« :‬زيارة احلسني‪ ،‬صلوات اهلل عليه‪ ،‬يف يللة عيد الفطر‪ .‬وقد ذكرنا يف "‪"..‬‬
‫وقال ّ‬
‫ّ‬ ‫الزائر‪ ".." 2‬بعض فضلها وما اخرتناه من "‪ "..‬ألفاظ ّ‬
‫مصباح ّ‬
‫الزيارة املختصة بها‪ .‬فإن لم‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫يكن كتابنا عنده موجودا يف مثل هذا امليقات‪ ،‬فلزير احلسني‪ ،‬عليه أفضل الصلوات‪،‬‬
‫الزيارة من ّ‬
‫الزيارات املرويات‪ .‬فإن لم جيد زيارة من املنقوالت فلزيره‪ ،‬عليه‬ ‫بغري تلك ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫السالم‪ ،‬بما يفتح اهلل‪ ،‬جل جالهل‪ ،‬عليه من التّسليم عليه ّ‬ ‫ّ‬
‫واتلعظيم هل واثلناء عليه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واالعرتاف هل عليه السالم بإمامته والرباءة من أهل عداوته‪ ،‬واتلّوسل إىل اهلل جل‬
‫‪3‬‬
‫جالهل برشيف مقاماته يف قضاء ما يعرض هل من حاجاته»‪.‬‬
‫ّ‬
‫السادس‪ :‬قراءة ثالث َ‬
‫سور‬
‫ّ‬
‫وروي أنه يقرأ آخر يللة من شهر رمضان سورة األنعام‪ ،‬والكهف‪ ،‬ويس‪ ،‬ويقول‪ :‬مائة‬
‫‪4‬‬ ‫ّ‬
‫مرة‪ :‬أستغفر اهلل وأتوب إيله‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫السابع‪ :‬الصلوات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يلتقبل اهلل تعاىل عمل شهر‬ ‫‪ -1‬عرش ركعات‪ :‬صالة يؤىت بها يف الليلة األخرية‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫أكد ّ‬
‫واملحدث ّ ّ‬
‫القم رمحهم‬ ‫ّ‬
‫الكفعيم‬ ‫الس ّيد ابن طاووس والشيخ‬
‫الصالة ّ‬ ‫رمضان لكه؛‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اهلل تعاىل‪ ،‬ويه مروية عن انل ّ‬
‫يب ح قال‪« :‬من صل يللة عيد الفطر عرش ركعات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بـ (احلمد) ّ‬
‫مرة و(اإلخالص) عرش مرات‪ ،‬ويقول ماكن تسبيح الركوع والسجود‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫سبحان اهلل واحلمد هلل وال هلإ إل اهلل واهلل أكرب‪ .‬ويسلم بني لك ركعتني ويستغفر اهلل‬
‫ّ‬ ‫الشكر‪ :‬يا ّ‬ ‫ّ‬ ‫ألف ّ‬
‫يح يا قيوم‪ ،‬يا ذا اجلالل واإلكرام‪،‬‬ ‫مرة بعد الفراغ‪ ،‬ويقول يف سجدة‬
‫الرامحني‪ ،‬يا هلإ ّ‬
‫األولني واآلخرين‪ ،‬اغفر‬ ‫يا رمحن ّ‬
‫ادلنيا واالخرة ورحيمهما‪ ،‬يا ارحم ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يل ذنويب وتقبل صويم وصاليت‪ .‬لم يرفع رأسه من السجود حت يغفر هل ويتقبل منه‬
‫‪5‬‬
‫صومه ويتجاوز عن ذنوبه»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ست ركعات‪ :‬عن ّ‬
‫انل ّ‬ ‫ّ‬
‫يب ح أنه قال‪« :‬من صل يللة العيد ست ركعات‪ ،‬يقرأ يف لك‬ ‫‪-2‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ركعة مخس مرات (قل هو اهلل أحد) إل شفع يف أهل بيته لكهم‪ ،‬وإن اكنوا قد وجبت‬

‫املتهجد‪ :‬ص‪.665‬‬ ‫ويس‪ ،‬مصباح‬ ‫ّ‬


‫ّ‬ ‫‪ -1‬ال ّشيخ الط ّ‬
‫املجليس ال ّزيارة املذكورة نقالً عن مصباح ال ّزائر يف البحار‪ ،352/98 :‬وقد ذكر يف‬
‫ّ‬ ‫‪ -2‬أورد‬
‫هامشه ّأنا يف مصباح ال ّزائر‪ :‬ص‪.175-172‬‬
‫القم ّي‪ ،‬مفاتيح اجلنان؛ واإلقبال‪.464/1 :‬‬ ‫املحدث ّ‬
‫ّ‬ ‫‪-3‬‬
‫‪ -4‬اإلقبال‪.419/1 :‬‬
‫‪253‬‬ ‫‪ -5‬اإلقبال‪.460/1 :‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫‪1‬‬
‫هلم انلّار ‪ -‬اخلرب‬
‫ّ‬
‫‪ -3‬صالة يللة ثالثني‪ :‬عن رسول اهلل ح‪« :‬ومن صل يللة ثالثني من شهر رمضان‬
‫[مرة واحدة] وعرشين ّ‬ ‫لك ركعة (فاحتة الكتاب) ّ‬ ‫ّ‬
‫مرة (قل‬ ‫اثنيت عرشة ركعة يقرأ يف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ويصل ىلع انل ّ‬ ‫ّ‬
‫‪2‬‬
‫يب‪ ،‬ح‪ ،‬مائة مرة ختم اهلل هل بالرمحة»‪.‬‬ ‫هو اهلل أحد)‬
‫ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -4‬ركعتان‪ :‬قال الشيخ املفيد‪« :‬ويستحب أن يصل يللة الفطر ركعتان‪ ،‬يقرأ يف األوىل‬
‫مرة‪ ،‬ويف اثلّانية (احلمد) و(قل هو اهلل أحد)‬ ‫منهما (احلمد) و(قل هو اهلل أحد) ألف ّ‬
‫ّ‬
‫مرة واحدة‪ ،‬فقد ُروي عن موالنا أمري املؤمنني صلوات اهلل عليه وآهل أنه قال‪« :‬من‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫صل هاتني ّ‬ ‫ّ‬
‫‪3‬‬
‫الركعتني يف يللة الفطر لم يسأل اهلل شيئا إل أعطاه»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الشيخ الط ّ‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ويس‪« :‬ويصل يللة الفطر بعد الفراغ من صالته لكها ركعتني‪ ،‬يقرأ‬ ‫وقال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يف األوىل (احلمد) مرة واحدة و(قل هو اهلل أحد) ألف مرة‪ ،‬ويف اثلانية (احلمد) مرة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫‪4‬‬
‫ومرة واحدة (قل هو اهلل أحد)»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫وقال السيد‪« :‬ومن ذلك ما رويناه بأسنادنا "‪"..‬أن أمرياملؤمنني صلوات اهلل عليه اكن‬
‫يصل يللة الفطر ركعتني‪ ،‬يقرأ يف األوىل (فاحتة الكتاب) ّ‬ ‫ّ‬
‫مرة و(قل هو اهلل أحد)‬
‫مرة واحدة‪ّ ،‬‬ ‫اثلانية (فاحتة الكتاب) و(قل هو اهلل أحد) ّ‬ ‫ّ‬ ‫ألف ّ‬
‫ثم يقنت ويركع‬ ‫مرة‪ ،‬ويف‬
‫مرة ‪ّ -‬‬ ‫خر ساجدا ويقول يف سجوده‪ :‬أتوب إىل اهلل ‪ -‬مائة ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ويسجد ويسلم‪ .‬فإذا سلم ّ‬ ‫ّ‬
‫ثم‬
‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ َّ‬ ‫يقول‪ :‬يا ذا ّ‬
‫املن واجلود‪ ،‬يا ذا املن والطول‪ ،‬يا مصطيف حممد‪ ،‬صل ىلع حممد وآهل وافعل‬
‫ثم يقول‪ :‬واذلي نفيس بيده ال يفعلها‬ ‫يب كذا وكذا‪ .‬فإذا رفع رأسه أقبل علينا بوجهه ّ‬
‫ّ‬ ‫ً ّ‬
‫أحد يسأل اهلل تعاىل شيئا إل أعطاه‪ ،‬ولو [اكن ما] أتاه من اذلنوب بعدد رمل اعلج‬
‫‪5‬‬
‫غفر اهلل تعاىل هل»‪.‬‬
‫الطويس‪ّ:‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وقال الشيخ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫«ويستحب أيضا أن يصل بعد الفراغ من مجيع صلواته يف هذه اللية‪ ،‬ركعتني يقرأ يف‬
‫الركعة اثلّانية (احلمد)‬ ‫مرة (قل هو اهلل أحد)‪ ،‬ويف ّ‬ ‫مرة‪ ،‬وألف ّ‬ ‫األوىل منهما (احلمد) ّ‬
‫ومرة (قل هو اهلل أحد)»‪.‬‬ ‫مرة‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫أضاف‪:‬‬
‫«ويستحب أن يدعو بعدها بهذا ّ‬ ‫ّ‬
‫ادلاعء‪:‬‬
‫ّ‬
‫يا اهلل يا اهلل يا اهلل‪ ،‬يا رمحن يا اهلل‪ ،‬يا رحيم يا اهلل‪ ،‬يا ملك يا اهلل‪ ،‬يا قدوس يا اهلل‪،‬‬

‫املصدر‪ :‬ص‪.459‬‬ ‫‪-1‬‬


‫والكفعمي‪ ،‬البلد األمني‪.176‬‬
‫ّ‬ ‫يعة‪.41/8‬‬ ‫ش‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫وسائل‬ ‫العاميل‪،‬‬
‫ّ‬ ‫احلر‬
‫ّ‬ ‫‪-2‬‬
‫ال ّشيخ املفيد‪ ،‬املقنعة‪.171‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ويس‪ ،‬االقتصاد‪ :‬ص ‪.273‬‬ ‫ّ‬
‫ال ّشيخ الط ّ‬ ‫‪-4‬‬
‫اإلقبال‪.459/1 :‬‬ ‫‪-5‬‬ ‫‪254‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ّ‬
‫يا سالم يا اهلل‪ ،‬يا مؤمن يا اهلل‪ ،‬يا مهيمن يا اهلل‪ ،‬يا عزيز يا اهلل‪ ،‬يا جبار يا اهلل‪ ،‬يا‬
‫ّ‬
‫مصور يا اهلل‪ ،‬يا اعلم يا اهلل‪ ،‬يا عظيم‬ ‫ّ‬
‫متكب يا اهلل‪ ،‬يا خالق يا اهلل‪ ،‬يا بارئ يا اهلل‪ ،‬يا‬
‫يا اهلل‪ ،‬يا عليم يا اهلل‪ ،‬يا كريم يا اهلل‪ ،‬يا حليم يا اهلل‪ ،‬يا حكيم يا اهلل‪ ،‬يا سميع يا اهلل‪،‬‬
‫يا بصري يا اهلل‪ ،‬يا قريب يا اهلل‪ ،‬يا جميب يا اهلل‪ ،‬يا جواد يا اهلل‪ ،‬يا ماجد يا اهلل‪ ،‬يا ميلء‬
‫يا اهلل‪ ،‬يا ّ‬
‫ويف يا اهلل‪ ،‬يا موىل يا اهلل‪ ،‬يا قايض يا اهلل‪ ،‬يا رسيع يا اهلل‪ ،‬يا شديد يا اهلل‪،‬‬
‫يا رؤوف يا اهلل‪ ،‬يا رقيب يا اهلل‪ ،‬يا جميد يا اهلل‪ ،‬يا حفيظ يا اهلل‪ ،‬يا حميط يا اهلل‪ ،‬يا‬
‫ّ ّ‬
‫السادة يا اهلل‪ ،‬يا ّ‬
‫أول يا اهلل‪ ،‬يا آخر يا اهلل‪ ،‬يا ظاهر يا اهلل‪ ،‬يا باطن يا اهلل‪ ،‬يا فاخر‬ ‫سيد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يا اهلل‪ ،‬يا قاهر يا اهلل‪ ،‬يا رباه يا اهلل‪ ،‬يا رباه يا اهلل‪ ،‬يا رباه يا اهلل‪ ،‬يا ودود يا اهلل‪ ،‬يا‬
‫ّ‬
‫نور يا اهلل‪ ،‬يا رافع يا اهلل‪ ،‬يا مانع يا اهلل‪ ،‬يا دافع يا اهلل‪ ،‬يا فاتح يا اهلل‪ ،‬يا نفاع يا اهلل‪،‬‬
‫يا جليل يا اهلل‪ ،‬يا مجيل يا اهلل‪ ،‬يا شهيد يا اهلل‪ ،‬يا شاهد يا اهلل‪ ،‬يا مغيث يا اهلل‪ ،‬يا‬
‫حبيب يا اهلل‪ ،‬يا فاطر يا اهلل‪ ،‬يا مطهر يا اهلل‪ ،‬يا ملك يا اهلل‪ ،‬يا مقتدر يا اهلل‪ ،‬يا قابض‬
‫يا اهلل‪ ،‬يا باسط يا اهلل‪ ،‬يا حميي يا اهلل‪ ،‬يا مميت يا اهلل‪ ،‬يا باعث يا اهلل‪ ،‬يا وارث يا اهلل‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يا معطي يا اهلل‪ ،‬يا مفضل يا اهلل‪ ،‬يا منعم يا اهلل‪ ،‬يا حق يا اهلل‪ ،‬يا مبني يا اهلل‪ ،‬يا طيب‬
‫يا اهلل‪ ،‬يا حمسن يا اهلل‪ ،‬يا جممل يا اهلل‪ ،‬يا مبدئ يا اهلل‪ ،‬يا معيد يا اهلل‪ ،‬يا بارئ يا اهلل‪،‬‬
‫يل يا اهلل‪ ،‬يا عظيم‬ ‫يا بديع يا اهلل‪ ،‬يا هادي يا اهلل‪ ،‬يا اكيف يا اهلل‪ ،‬يا شايف يا اهلل‪ ،‬يا ع ّ‬
‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يا اهلل‪ ،‬يا حنان يا اهلل‪ ،‬يا منان يا اهلل‪ ،‬يا ذا الط ْول يا اهلل‪ ،‬يا متعايل يا اهلل‪ ،‬يا عدل يا‬
‫ّ‬
‫اهلل‪ ،‬يا ذا املعارج يا اهلل‪ ،‬يا صدق يا اهلل‪ ،‬يا ديان يا اهلل‪ ،‬يا بايق يا اهلل‪ ،‬يا وايق يا اهلل‪،‬‬
‫يا ذا اجلالل يا اهلل‪ ،‬يا ذا اإلكرام يا اهلل‪ ،‬يا حممود يا اهلل‪ ،‬يا معبود يا اهلل‪ ،‬يا صانع يا‬
‫َّ‬ ‫اهلل‪ ،‬يا معني يا اهلل‪ ،‬يا ِّ‬
‫مكون يا اهلل‪ ،‬يا فعال يا اهلل‪ ،‬يا لطيف يا اهلل‪ ،‬يا جليل يا اهلل‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يا غفور يا اهلل‪ ،‬يا شكور يا اهلل‪ ،‬يا نور يا اهلل‪ ،‬يا قدير يا اهلل‪ ،‬يا رباه يا اهلل‪ ،‬يا رباه يا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اهلل‪ ،‬يا رباه يا اهلل‪ ،‬يا رباه يا اهلل‪ ،‬يا رباه يا اهلل‪ ،‬يا رباه يا اهلل‪ ،‬يا رباه يا اهلل‪ ،‬يا رباه‬
‫ّ‬
‫وتمن ع َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يل‬ ‫يا اهلل‪ ،‬يا رباه يا اهلل‪ ،‬يا رباه يا اهلل‪ ،‬أسألك أن تصل ىلع حممد وآل حممد‬
‫ّ ّ‬ ‫وتو ِّسع ع ّ‬
‫عن حبلمك‪َ ،‬‬ ‫ّ‬
‫يل من رزقك احلالل الطيب من حيث أحتسب‬ ‫برضاك‪ ،‬وتعفو‬
‫ّ‬
‫ومن حيث ال أحتسب‪ ،‬فإن عبدك ليس يل أحد سواك وال أحد أسأهل غريك يا أرحم‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫قوة إل باهلل الع ّ‬
‫يل‪.‬‬ ‫الرامحني‪ ،‬ما شاء اهلل‪ ،‬ال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ثم تسجد وتقول‪ :‬يا اهلل يا اهلل‪ ،‬يا رب يا اهلل‪ ،‬يا رب يا اهلل‪ ،‬يا رب يا اهلل‪ ،‬يا رب يا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫رب يا رب‪ ،‬يا مزنل الرباكت‪ ،‬بك تزنل لك حاجة‪ ،‬أسألك بكل اسم يف خمزون الغيب‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عندك واألسماء املشهورات عندك املكتوبة ىلع رسادق عرشك أن تصل ىلع حممد وآل‬
‫‪255‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حممد وأن تقبل من شهر رمضان وتكتبين من الوافدين إىل بيتك احلرام وتصفح يل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عن اذلنوب العظام وتستخرج يا رب كنوزك يا رمحن»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫* الغسل يف آخر الليل‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬
‫أضاف أيضا‪« :‬واغتسِ ل يف آخر الليل‪ ،‬واجلس يف مصالك إىل طلوع الفجر‪ ،‬واستفتح‬
‫ّ‬
‫هم‪ ،‬إيلك وجهت وجيه‬ ‫الصالة‪ ،‬فتقول‪ :‬اللّ ّ‬
‫ّ‬ ‫خروجك ّ‬
‫بادلاعء إىل أن تدخل مع اإلمام يف‬
‫ّ‬ ‫وإيلك ّ‬
‫فوضت أمري‪ ،‬وعليك توكت‪ ،‬اهلل أكرب ىلع ما هدانا‪ ،‬اهلل أكرب إهلنا وموالنا‪،‬‬
‫ّ‬ ‫اهلل أكرب ىلع ما أوالنا وحسن ما أبالنا‪ ،‬اهلل أكرب ّ‬
‫ويلنا اذلي اجتبانا‪ ،‬اهلل أكرب ربنا‬
‫ّ‬ ‫اذلي برأنا‪ ،‬اهلل أكرب اذلي خلقنا ّ‬
‫وسوانا‪ ،‬اهلل أكرب ربنا اذلي أنشأنا‪ ،‬اهلل أكرب اذلي‬
‫بقدرته هدانا‪ ،‬اهلل أكرب اذلي بدينه حبانا‪ ،‬اهلل أكرب اذلي من فتنته اعفانا‪ ،‬اهلل أكرب‬
‫ّ‬
‫اذلي باإلسالم اصطفانا‪ ،‬اهلل أكرب اذلي فضلنا باإلسالم ىلع من سوانا‪ ،‬اهلل أكرب وأكرب‬
‫سلطانا‪ ،‬اهلل أكرب وأىلع برهانا‪ ،‬اهلل أكرب وأجل سبحانا‪ ،‬اهلل أكرب وأقدم إحسانا‪ ،‬اهلل‬
‫ّ‬
‫وأعز أراكنا‪ ،‬اهلل أكرب وأىلع ماكنا‪ ،‬اهلل أكرب وأسىن شأنا‪ ،‬اهلل أكرب نارص من‬ ‫أكرب‬
‫وصور‪ ،‬اهلل أكرب اذلي‬ ‫ّ‬ ‫استنرص‪ ،‬اهلل أكرب ذو املغفرة ملن استغفر‪ ،‬اهلل أكرب اذلي خلق‬
‫ّ‬
‫أمات فأقرب‪ ،‬اهلل أكرب اذلي إذا شاء أنرش‪ ،‬اهلل أكرب أقدس من لك يشء وأظهر‪ ،‬اهلل‬
‫وكب وكما ّ‬ ‫سبح اهلل يشء ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حيب اهلل أن‬ ‫والرب وابلحر‪ ،‬اهلل أكرب لكما‬ ‫أكرب رب اخللق‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬
‫يكب‪ ،‬الل ّ‬ ‫َّ‬
‫هم صل ىلع حممد عبدك ورسولك ونبيك وصفيك وحبيبك وجنيك وأمينك‬
‫ّ‬
‫وجنيبك وصفوتك من خلقك وخليلك وخاصتك وخالصتك وخريتك من خلقك‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ ِّ‬
‫هم صل ىلع حممد عبدك ورسولك اذلي هديتنا به من الضاللة‪ ،‬وعلمتنا به من‬ ‫الل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اجلهالة وبصتنا به من العيم وأقمتنا به ىلع املحجة العظىم وسبيل اتلقوى وأخرجتنا‬
‫ّ ّ ِّ‬
‫هم صل ىلع‬ ‫به من الغمرات إىل مجيع اخلريات وأنقذتنا به من شفا جرف اهللاكت‪ ،‬الل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حممد أفضل وأكمل وأرشف وأكرب وأطهر وأطيب ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وأعم وأعز وأزىك‬ ‫وأتم‬ ‫حممد وآل‬
‫هم ّ‬ ‫ّ‬
‫يت ىلع أحد من العاملني‪ ،‬الل ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫رشف مقامه يف القيامة‬ ‫وأنىم وأحسن وأمجل ما صل‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وعظم ىلع رؤوس اخلالئق حاهل‪ ،‬اللهم اجعل حممدا وآل حممد يوم القيامة أقرب اخللق‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫منك مزنلة وأعالهم ماكنا وأفسحهم دليك جملسا وأعظمهم عندك رشفا وأرفعهم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً ّ ّ ِّ‬
‫هم صل ىلع حممد وآل حممد وىلع أئمة اهلدى واحلجج ىلع خلقك واألدلء‬ ‫مزنال‪ ،‬الل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ىلع سنتك‪ ،‬وابلاب اذلي منه يؤىت‪ ،‬والتامجة لوحيك املستنني بسنتك انلاطقني‬
‫هم اشعب بهم الصدع وارتق بهم الفتق‪ ،‬وأمت‬
‫ّ‬ ‫الشهداء ىلع خلقك‪ ،‬اللّ ّ‬ ‫ّ‬
‫حبكمتك‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بهم اجلور وأظهر بهم العدل‪ ،‬وزين بطول بقائهم األرض‪ ،‬وأيدهم بنرصك وانرصهم‬
‫ّ‬ ‫بالرعب‪ِّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫وقو نارصهم‪ ،‬واخذل خاذهلم‪ ،‬ودمدم ىلع من نصب هلم ودمر ىلع من غشمهم‪،‬‬
‫‪256‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫وأعز‬ ‫واملتعززين بابلاطل‪،‬‬ ‫وافضض بهم رؤوس الضاللة وشارعة ابلدع ومميتة السنن‬
‫ّ‬
‫بهم املؤمنني وأذل بهم الاكفرين واملنافقني ومجيع امللحدين واملخالفني يف مشارق‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫الرامحني‪ .‬اللّ ّ‬
‫هم وصل ىلع مجيع املرسلني وانلّبيني اذلين بلغوا‬ ‫األرض ومغاربها يا أرحم ّ‬
‫ّ‬
‫عنك اهلدى واعتقدوا لك املواثيق بالطاعة‪ ،‬ودعوا العباد إيلك بانلّصيحة‪ ،‬وصربوا‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ ّ‬
‫هم صل ىلع حممد وآهل وعليهم وىلع‬ ‫ىلع ما لقوا من األذى واتلّكذيب يف جنبك‪ ،‬الل‬
‫ذراريهم وأهل بيوتاتهم وأزواجهم ومجيع أشياعهم وأتباعهم من املؤمنني واملؤمنات‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫واملسلمني واملسلمات األحياء منهم واألموات‪ ،‬والسالم عليهم مجيعا يف هذه الساعة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫هم اخصص أهل بيت نبيك حممد املباركني السامعني‬ ‫ويف هذا ايلوم ورمحته وبراكته‪ ،‬اللّ ّ‬
‫ً‬ ‫ّ َ‬ ‫أذهبت عنهم ّ‬‫َ‬
‫الرجس وطهرتهم تطهريا بأفضل صلواتك ونوايم‬ ‫املطيعني لك اذلين‬
‫ّ‬
‫‪1‬‬
‫براكتك والسالم عليهم ورمحة اهلل وبراكته»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫* اثلامن‪ :‬األدعية اخلاصة‬
‫َ‬ ‫ّ َ‬ ‫ّ‬ ‫ومنها‪« :‬اللّ ّ‬
‫هم إنّك أرحم ّ‬
‫الرامحني ال هلإ إل أنت‪ ،‬تفضلت علينا فهديتنا‪ ،‬ومننت‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫علينا ّ‬
‫فعرفتنا‪ ،‬وأحسنت إيلنا فأعنتنا ىلع أداء ما افرتضت علينا من صيام شهرك‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شهر رمضان‪ .‬فلك احلمد بمحامدك لكها ىلع جيمع نعمائك لكها‪ ،‬حت ينتيه احلمد‬
‫ّ‬ ‫إىل ما ّ‬
‫حتب وترىض‪ .‬وهذا آخر يوم من شهر رمضان فإذا انقىض فاختمه نلا بالسعادة‬
‫ّ‬ ‫والرمحة واملغفرة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫والرزق الواسع الكثري الطيب‪ ،‬اذلي ال حساب فيه وال عذاب عليه‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والربك ِة والفوز باجلنة‪ ،‬والعتق من انلّار‪ ،‬وال جتعله آخر العهد منه‪ ،‬وأهله علينا‬
‫هم هذا شهر‬ ‫وذر ّييت يا كريم‪ .‬اللّ ّ‬ ‫َّ‬
‫ووادلي ّ‬ ‫يل وىلع أهيل‬ ‫بأفضل اخلري والربكة ّ‬
‫والسور ع َّ‬
‫للناس وبيّنات من اهلدى والفرقان وقد ّ‬ ‫ّ‬
‫ترصم‪،‬‬ ‫رمضان اذلي أنزلت فيه القرآن هدى‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فأعوذ بوجهك الكريم أن تغيب الشمس من هذا ايلوم‪ ،‬أو يطلع الفجر من هذه الليلة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ولك قبيل ذنب أو تبعة‪ ،‬تريد أن تعذبين عليها يوم ألقاك‪ .‬أي ملي احلديد دلاود‪ ،‬أي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫اكشف الكرب العظيم عن ّ‬
‫أيوب‪ ،‬صل ىلع حممد وىلع أهل بيت حممد وهب يل فاكك‬
‫ّ‬ ‫ولك تبعة وذنب لك قبيل‪ ،‬واختم يل ّ‬ ‫ّ‬
‫بالرضا واجلنة‪ .‬يا اهلل يا أرحم‬ ‫رقبيت من انلّار‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬
‫‪2‬‬
‫الرامحني‪ ،‬صل ىلع حممد وىلع أهل بيته املباركني األخيار وسلم تسليما»‪.‬‬

‫املتهجد‪ :‬ص‪.650-649‬‬ ‫ويس‪ ،‬مصباح‬ ‫ّ‬


‫ّ‬ ‫‪ -1‬ال ّشيخ الط ّ‬
‫‪257‬‬ ‫القم ّي بعض هذه األدعية‪.‬‬
‫املحدث ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -2‬املصدر‪ :‬ص‪ .447-446‬وقد أورد‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫* اتلّاسع‪ :‬وداع شهر رمضان املبارك‬


‫القم‪ ،‬رمحه اهلل‪ّ ،‬‬
‫عب املحدث ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫عدة أدعية ذللك أحسنها كما ّ‬
‫ادلاعء‬ ‫وقد وردت‬
‫ّ ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫اخلامس واألربعون من الصحيفة السجادية‪.‬‬

‫‪258‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫‪30‬‬
‫شهر رمضان‬

‫ّ‬
‫* من مستحبات يوم العيد‬
‫* معرفة فضيلة ايلوم‬
‫* الــغســــل‬
‫ّ‬
‫* خصوصيتان لصالة الفجر‬
‫ّ‬
‫* األدب مع املوىل صاحب الزمان ×‬
‫* دعــــاء انلّـدبـــة‬
‫* زكـاة الفـطرة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫* اتلّوجه إىل املصل‬
‫ادلاعء بعد صالة العيد‬‫* ّ‬
‫ّ ّ‬
‫* صوم ستة أيام‬
‫ُّ‬
‫* عيد الفرد‪ ،‬واألمة‬
‫* وفــــــي اخلتــــام‬

‫‪259‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫‪260‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ّ‬
‫من مستحبات يوم العيد‬
‫‪ -1‬معرفة فضيلة ايلوم‬
‫الصبح فيه؟‬ ‫كيف نستقبل فجر العيد أو صالة ّ‬
‫ّ‬
‫موذجية‪ ،‬ما بني الفجر واخلروج إىل صالة العيد؟‬ ‫وكيف نتعامل مع هذه الفرتة ّ‬
‫انل‬
‫والورد؟‬
‫القلب‪ ،‬ومناجاته ِ‬ ‫وما يه حاالت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫هل يشري ذلك أو يدل ىلع أننا نستقبل حلظات مفصلية نتسلم فيها ما نستحق؟!‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ال شك يف أن ذلك مرتبط بمدى معرفة يوم العيد‪.‬‬
‫والرضوان‪:‬‬ ‫الس ّيد ابن طاوس عليه ّ‬
‫الرمحة ّ‬ ‫قال ّ‬
‫ّ‬
‫جير مثله منذ سنة‬
‫«إعلم أن نهار يوم العيد فتح باب سعيد‪ ،‬وجتديد فضل جديد لم ِ‬
‫ماضية‪ ،‬ويميض فال يعود مثله إىل حنو سنة آتية»‪.‬‬
‫ًّ‬
‫ومثل هذه الفرص اثلّمينة جدا واملتباعدة حيكم العقل بوجوب اغتنامها‪ ،‬فلنغتنم‪.‬‬

‫‪ -2‬الغسل‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫قال السيد‪« :‬إعلم أنه ينبيغ ابتداء هذا ايلوم بعد ما ذكرناه بالغسل‪ ،‬ملا رويناه بأسنادنا‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫"‪ "..‬عن أيب عبد اهلل عليه السالم قال‪« :‬الغسل يوم الفطر سنة‪ ".." .‬فإذا هممت بذلك‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫فقل‪ :‬اللّ ّ‬
‫هم إيمانا بك‪ ،‬وتصديقا بكتابك‪ ،‬واتباع سنة نبيك حممد ح‪ ".." .‬فإذا فرغت‬
‫‪1‬‬ ‫عن ّ‬
‫ادلنس»‪.‬‬
‫ّ‬
‫هم اذهب‬ ‫وطهرين ديين‪ ،‬اللّ ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫من الغسل فقل‪ :‬اللّ ّ‬
‫هم اجعله كفارة ذلنويب‪،‬‬

‫‪ -3‬صالة الفجر‬
‫ّ‬ ‫تتمي صالة الفجر يوم العيد باتلّكبري بعدها‪ ،‬كما ّ‬ ‫ّ‬
‫مر يف مستحبات يللة العيد‪،‬‬
‫الس ّيد يف اإلقبال‪ ،‬وهو نفسه ّ‬
‫ادلاعء اذلي يأيت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وبتعقيب خاص بها ىلع ما نص عليه‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫الط ّ‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ويس حتت عنوان‪( :‬اتلوجه إىل املصل) أنه يدىع به بعد صالة العيد‪.‬‬ ‫عن الشيخ‬
‫الط ّ‬ ‫ّ‬
‫الشيخ ّ‬
‫ويس‪:‬‬ ‫قال‬
‫يستحب هل أن يغتسل‪ ،‬ووقته بعد طلوع الفجر إىل وقت صالة‬ ‫ّ‬ ‫«فإذا أصبح يوم الفطر‬
‫ّ‬
‫ثم خيرج إىل املصل‬ ‫ويمس شيئا ً من ّ‬
‫الطيب جسده "‪ّ "..‬‬ ‫ّ‬ ‫العيد ويلبس أطهر ثيابه‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫بسكينة ووقار لصالة العيد»‪.‬‬

‫‪ -1‬املصدر‪ :‬ص‪.467-466‬‬
‫املتهجد‪ :‬ص‪.653‬‬ ‫ويس‪ ،‬مصباح‬ ‫ّ‬
‫‪261‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ -2‬ال ّشيخ الط ّ‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫‪ -4‬األدب مع املوىل صاحب ّ‬


‫الزمان خ‬
‫تتلخص حصيلة ّ‬ ‫ّ‬
‫الصيام يف جتذير توحيد اهلل تعاىل يف العقل والقلب والوجدان‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ويتوقف صدق ذلك ىلع طبيعة العالقة برسول اهلل ح‪ ،‬ويه عالقة تدور إثباتا ونفيا‬
‫مدار العالقة بأوصيائه ويف عرصنا ّ‬
‫وصيه املهدي املنتظر أرواح العاملني هل الفداء‪.‬‬
‫فكيف يه عالقتنا به يف يوم العيد‪ ،‬وهو صاحب األمر اذلي ّ‬
‫يتزنل يف يللة القدر؟‬
‫ّ ّ‬
‫قال السيد‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫«فصل يف ما نذكره من أدب العبد يوم العيد مع من يعتقد أنه إمامه وصاحب ذلك‬
‫ّ‬
‫املقام املجيد‪ ،‬فأقول‪ :‬إعلم أنه إذا اكن يوم عيد الفطر‪ ،‬فإن اكن صاحب احلكم واألمر‬
‫ّ ً‬ ‫ْ‬ ‫ّ ً‬
‫مترصفا يف ملكه وراعياه ىلع الوجه اذلي أعطاه مواله‪ ،‬فليكن مهنئا هل صلوات اهلل‬
‫جل جالهل‪ ،‬عليه وتمام تمكينه من إحسانه إيله‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ثم كن‬ ‫عليه برشف إقبال اهلل‪،‬‬
‫ّ‬
‫ولدلنيا وأهلها‪ ،‬وللك مسعو ٍد بإمامته بوجوده عليه‬‫يعز عليك ّ‬‫مهنئا ً نلفسك ولِن ّ‬ ‫ّ‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫السالم‪ ،‬وسعوده وهدايته وفوائد دوتله‪ .‬وإن اكن من يعتقد وجوب طاعته ممنواع‬
‫ّ‬ ‫من اتلّ ّ‬
‫رصف يف مقىض رياسته‪ ،‬فليكن عليك أثر املساواة يف الغضب مع اهلل‪ ،‬جل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫جالهل‪ ،‬موالك ومواله‪ ،‬والغضب ألجله‪ ،‬واتلأسف ىلع ما فات من فضله‪ .‬واعلم أن‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫الصفاء والوفاء ألصحاب احلقوق عند اتلّ ّ‬ ‫ّ‬
‫أحسن من الصفاء والوفاء مع‬ ‫فرق وابلِعاد‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫ّ‬
‫احلضور واجتماع األجساد‪ ،‬فليكن الصفاء والوفاء شعار قلبك ملوالك‪ ،‬وربك القادر‬
‫‪1‬‬
‫ىلع تفريج كربك»‪.‬‬

‫‪ -5‬داعء انلّدبة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ويستحب يف يوم العيد قراءة داعء ّ‬
‫انلدبة اذلي ورد أنه يقرأ يف األعياد األربعة‪ :‬الفطر‬
‫ّ‬ ‫واألضىح والغدير ويوم اجلمعة‪ ،‬وهو من تعابري األدب مع ّ‬
‫ويل اهلل تعاىل‪ ،‬ووص رسوهل‬
‫ح‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وبعد أن أورد السيد ادلاعء يف اإلقبال قال‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫«فإذا فرغت من ّ‬
‫ادلاعء‪ ،‬فتأهب للسجود بني يدي موالك‪ ،‬وقل ما رويناه بأسنادنا إىل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أيب عبد اهلل عليه السالم قال‪« :‬إذا فرغت من داعء العيد املذكور ضع خدك األيمن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ىلع األرض وقل‪ :‬سيدي سيدي‪ ،‬كم عتيق لك‪ ،‬فاجعلين ممن أعتقت‪ ،‬سيدي سيدي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وكم من ذنب قد غفرت‪ ،‬فاجعل ذنيب يف من غفرت‪ ،‬سيدي سيدي‪ ،‬وكم من حاجة‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قد قضيت‪ ،‬فاجعل حاجيت فيما قضيت‪ ،‬سيدي سيدي‪ ،‬وكم من كربة قد كشفت‪،‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ ّ‬
‫مستغيث قد أغثت‪ ،‬فاجعلين يف من‬
‫ٍ‬ ‫فاجعل كربيت فيما كشفت‪ .‬سيدي سيدي‪ ،‬وكم‬

‫‪ -1‬اإلقبال‪.474/1 :‬‬ ‫‪262‬‬


‫أعمال شهر رمضان‬

‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬


‫أغثت‪ ،‬سيدي سيدي كم من دعوة قد أجبت‪ ،‬فاجعل دعويت يف ما أجبت‪ ،‬سيدي‬
‫ّ‬
‫الساجدين‪ ،‬وارحم عربيت يف املستعربين‪ ،‬وارحم ّ‬ ‫ّ‬
‫ترضيع‬ ‫سيدي‪ ،‬إرحم سجودي يف‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫فيمن ّ‬
‫املترضعني‪ .‬سيدي سيدي‪ ،‬كم من فقري قد أغنيت‪ ،‬فاجعل فقري‬ ‫ترضع من‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫سيدي‪ ،‬إرحم دعويت يف ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ادلاعني‪ ،‬سيدي وإليه أسأت وظلمت‬ ‫يف ما أغنيت‪ ،‬سيدي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫وعملت سوءا‪ ،‬واعرتفت بذنيب‪ ،‬وبئس ما عملت‪ ،‬فاغفر يل يا موالي‪ ،‬أي كريم أي‬
‫‪1‬‬
‫عزيز أي مجيل»‪.‬‬

‫‪ -6‬زاكة الفطرة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫األساسية‪،‬‬ ‫الغذائية‬ ‫وتسم أيضا زاكة ابلدن‪ ،‬ويه حوايل ثالث كيلوغرامات من املواد‬
‫ّ‬ ‫املقررة يف ّ‬ ‫ّ‬
‫أو ثمنها بالشوط ّ‬
‫العملية‪.‬‬ ‫الرسائل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ويمتد وقت إخراجها إىل الظهر‪ ،‬ولكن ينبيغ عزهلا قبل اخلروج إىل الصالة‪.‬‬
‫الزاكة وعظيم دالالت ّ‬ ‫أهمية هذه ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ً‬ ‫اتل ّ‬
‫بد من ّ‬ ‫ّ‬
‫اتلعامل معها‬ ‫جيدا إىل عظيم‬ ‫نبه‬ ‫وال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملوقف منها ىلع لك حالت الصائم طيلة الشهر الكريم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عن اإلمام ّ‬
‫الصادق ×‪« :‬إن من تمام الصوم إعطاء الزاكة ‪-‬يعين الفطرة‪ -‬كما أن‬
‫ّ‬
‫يؤد ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الصالة ىلع انلّ ّ‬ ‫ّ‬
‫الزاكة فال صوم هل إذا تركها‬ ‫يب ح تمام الصالة‪ ،‬ألنه من صام ولم‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ً‬
‫عز وجل قد بدأ بها قبل‬ ‫يب ح‪ ،‬ألن اهلل‬ ‫الصالة ىلع انلّ ّ‬ ‫متعمدا‪ ،‬وال صالة هل إذا ترك‬
‫ّ‬
‫‪3‬‬
‫الصوم‪ ،2‬وقال‪ ﴿ :‬ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﴾»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫َْ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ّ ً‬
‫ومنع اهلل جل جالهل‬ ‫الس ّيد معقبا‪« :‬واعلم أن بل اإلنسان بزاكة الفطرة اليسرية‪،‬‬ ‫قال ّ‬
‫ٌ‬ ‫يترصف فيه باحلوالة لفقري بمقدار ّ‬ ‫ّ‬
‫الزاكة احلقرية‪ ،‬فضيحة ىلع العبد‬ ‫من ماهل أن‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫املديع لإلسالم‪ ،‬وخروج عن حكم العقول واألحالم‪ ،‬ألن حكم األبلاب يقتيض‬
‫باتل ّ‬
‫أحق ّ‬ ‫رب األرباب‪ّ ،‬‬ ‫أن صاحب املال‪ ،‬وهو ّ‬ ‫ّ‬
‫رصف يف ماهل من عباده‪ ،‬يعطي من يشاء‬
‫من عباده ويمنع من يشاء وحيكم فيه حبسب مراده‪ .‬وكيف يستحسن العبد أن يقوم‬
‫الر ّب يف صالة أو يف يشء من العبادات‪ ،‬وهو قد منعه من هذا املقدار اليسري‬
‫بني يدي ّ‬
‫ّ‬ ‫ّّ‬ ‫ّ‬ ‫من ّ‬
‫بالرد واالستخفاف وإهمال اتلقدمات‪ .‬ما يفعل‬ ‫الزكوات وقابل مراسمه الشيفة‬
‫ً‬ ‫ُ ً‬ ‫ّ‬ ‫ٌَْ‬ ‫ّ‬
‫هذا إل من قلبه ُمدنف سقيم‪ ،‬وعقله ذميم‪ ،‬وعساه يكون ممن اتذ دينه هزوا ولعبا‪،‬‬
‫ً‬
‫‪4‬‬
‫واكنت دعواه لإلسالم كذبا»‪.‬‬

‫اإلقبال‪.514-513/1 :‬‬ ‫‪-1‬‬


‫الصالة‪.‬‬
‫الصوم؛ ويف ال ّتهذيب‪ :‬قبل ّ‬
‫الرواية يف وسائل ال ّشيعة‪ :‬يف الفقيه‪ :‬قبل ّ‬
‫جاء يف هامش ّ‬ ‫‪-2‬‬
‫اإلقبال‪.465/1 :‬‬ ‫‪-3‬‬
‫‪263‬‬ ‫املصدر‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -7‬اتلوجه إىل املصل‬
‫ّ‬
‫املصل‪ ،‬فادع بهذا ّ‬ ‫والرضوان‪« :‬فإذا ّ‬
‫توج َ‬ ‫الرمحة ّ‬ ‫ويس عليه ّ‬ ‫الط ّ‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ادلاعء‪:‬‬ ‫هت إىل‬ ‫قال الشيخ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫هم من تهيأ وتعبأ وأعد واستعد لوفادة إىل خملوق رجاء رفده وطلب جوائزه وفواضله‬
‫ّ‬ ‫اللّ ّ‬
‫ّ‬
‫ونوافله فإيلك يا سيدي وفاديت وتهيئيت وإعدادي واستعدادي رجاء رفدك وجوائزك‬
‫ّ‬
‫ونوافلك‪ ،‬فال ختيب ايلوم رجايئ يا موالي‪ ،‬يا من ال خييب عليه سائل وال ينقصه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫نائل‪ ،‬فإن لم آتك ايلوم بعمل صالح قدمته وال شفاعة خملوق رجوتها‪ ،‬ولكن أتيتك‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ًّ ّ‬
‫مقرا بالظلم واإلساءة ال حجة يل وال عذر فأسألك يا رب أن تعطيين مسأليت وتقلبين‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫برغبيت وال ّ‬
‫تردين جمبوها وال خائبا يا عظيم يا عظيم يا عظيم‪ ،‬أرجوك للعظيم‪ ،‬أسألك‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ ِّ‬ ‫ّ‬
‫هم صل ىلع حممد وآل حممد وارزقين خري‬ ‫يا عظيم أن تغفر يل العظيم ال هلإ إل أنت الل‬
‫ّ‬ ‫هذا ايلوم اذلي ّ‬
‫رشفته وعظمته وتغسلين فيه من مجيع ذنويب وخطاياي وزدين من‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فضلك إنك أنت الوهاب‪.‬‬
‫‪ّ -8‬‬
‫ادلاعء بعد صالة العيد‬
‫ّ‬ ‫عقب بتسبيح ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫الشيخ صالة العيد ّ‬
‫الزهراء عليها السالم وما‬ ‫ثم قال‪« :‬فإذا سلم‬ ‫وأورد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫خف عليه من ادلاعء ثم يدعو بهذا ادلاعء‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ ّ‬
‫يل من خليف وأئميت عن يميين وشمايل‪،‬‬ ‫بمحمد أمايم وع ّ‬ ‫هم إن توجهت إيلك‬ ‫الل‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ً‬
‫أسترت بهم من عذابك وسخطك وأتقرب إيلك زلىف‪ ،‬ال أجد أحدا أقرب إيلك منهم‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فهم أئميت‪ ،‬فآمن بهم خويف من عذابك وسخطك‪ ،‬وأدخلين برمحتك اجلنة يف عبادك‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫حممد وسنّته وىلع دين ع ّ‬
‫يل‬
‫ّ‬
‫الصاحلني‪ ،‬أصبحت باهلل مؤمنا موقنا خملصا ىلع دين‬
‫ّ‬
‫وسنّته وىلع دين األوصياء وسنّتهم‪ ،‬آمنت ّ‬
‫برسهم وعالنيتهم وأرغب إىل اهلل تعاىل‬
‫رش ما استعاذوا منه‪ ،‬وال حول وال ّ‬
‫قوة وال منعة‬ ‫فيما رغبوا فيه‪ ،‬وأعوذ باهلل من ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يل العظيم‪ ،‬توكت ىلع اهلل حسيب اهلل ومن يتوك ىلع اهلل فهو حسبه‪،‬‬ ‫إل باهلل الع ّ‬
‫ّ ّ ّ‬ ‫إن أريدك فأردين وأطلب ما عندك ّ‬ ‫ّ ّ ّ‬
‫هم إنك قلت يف حمكم كتابك‬ ‫فيسه يل‪ .‬الل‬ ‫اللهم‬
‫ّ‬
‫املزنل وقولك احلق ووعدك الصدق‪﴿ :‬شهر رمضان اذلي أنزل فيه القرآن هدى‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫للناس وبينات من اهلدى والفرقان﴾‪ ،‬فعظمت شهر رمضان بما أنزلت فيه من القرآن‬
‫ّ‬
‫هم وقد انقضت أيامه ويلايله وقد‬ ‫وخصصته بأن جعلت فيه يللة القدر‪ ،‬اللّ ّ‬ ‫ّ‬
‫الكريم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫رصت منه إىل ما أنت أعلم به من‪ ،‬وأسألك يا إليه بما سألك به مالئكتك املقربون‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وأنبياؤك املرسلون وعبادك الصاحلون أن تصل ىلع حممد وآل حممد وأن تقبل من لك‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وتتفضل ع ّ‬ ‫ما ّ‬
‫يل بتضعيف عميل وقبول تقرب وقربايت واستجابة‬ ‫تقربت به إيلك فيه‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ 264‬داعيئ‪ ،‬وهب يل من دلنك رمحة‪ ،‬وأعتق رقبيت من انلّار‪ ،‬وآمن يوم اخلوف من لك‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الفزع ومن لك هول أعددته يلوم القيامة‪ ،‬أعوذ حبرمة وجهك الكريم وحبرمة نبيك‪،‬‬
‫يترصم هذا ايلوم ولك قبيل تبعة تريد أن تؤاخذين بها أو خطيئة‬ ‫ّ‬ ‫وحبرمة األوصياء أن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تريد أن تقتصها من لم تغفرها يل‪ ،‬أسألك حبرمة وجهك الكريم يا ال هلإ إل أنت بال هلإ‬
‫َ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إل أنت أن ترىض عن‪ ،‬وإن كنت قد رضيت عن فزد يف ما بيق من عمري رىض‪ ،‬وإن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫كنت لم ترض عن فمن اآلن فارض عن يا سيدي وموالي الساعة الساعة الساعة‪،‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫واجعلين يف هذه الساعة ويف هذا ايلوم ويف هذا املجلس من عتقائك من انلّار عتقا ال‬
‫ّ ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫هم إن أسألك حبرمة وجهك الكريم أن جتعل يويم هذا خري يوم عبدتك‬ ‫رق بعده‪ .‬الل‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫فيه منذ أسكنتين األرض أعظمه أجرا‪ ،‬وأعمه نعمة واعفية‪ ،‬وأوسعه رزقا‪ ،‬وأبتله عتقا‬
‫هم ال جتعله‬‫حتب وترىض‪ .‬اللّ ّ‬ ‫من انلّار وأوجبه مغفرة وأكمله رضوانا ً وأقربه إىل ما ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫آخر شهر رمضان صمته لك وارزقين العود فيه ّ‬
‫ثم العود فيه حت ترىض وتريض لك‬
‫ّ‬
‫هم اجعلين من حجاج‬ ‫ادلنيا ّإل وأنت عين راض‪ ،‬اللّ ّ‬
‫من هل قبيل تبعة وال خترجين من ّ‬
‫ّ‬
‫بيتك احلرام يف هذا العام املربور حجهم املشكور سعيهم املغفور ذنبهم املستجاب‬
‫داعؤهم املحفوظني يف أنفسهم وأديانهم وذراريهم وأمواهلم ومجيع ما أنعمت به عليهم‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫اللّ ّ‬
‫هم اقلبين من جمليس هذا ويف يويم هذا ويف ساعيت هذه مفلحا منجحا مستجابا‬
‫هم واجعل فيما شئت وأردت وقضيت وحتمت‬ ‫داعيئ مرحوما ً صويت مغفوراً ذنيب‪ ،‬اللّ ّ‬

‫وأنفذت أن تطيل عمري وأن تقوي ضعيف وأن جترب فاقيت وأن ترحم مسكنيت وأن‬
‫ذل وتؤنس وحشيت وأن تكرث قلّيت وأن ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫تدر رزيق يف اعفية ويرس وخفض عيش‬ ‫تعز‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وتكفيين لك ما أهمين من أمر آخريت ودنياي‪ ،‬ال تكلين إىل نفيس فأعجز عنها‬
‫وال إىل انلّاس فريفضوين واعفين يف بدين وأهيل وودلي وأهل ّ‬
‫موديت وجرياين وإخواين‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫وذر ّييت وأن ّ‬
‫ّ‬
‫يل باألمن أبدا ما أبقيتين‪ ،‬توجهت إيلك بمحمد وآل حممد ح‪،‬‬ ‫تمن ع ّ‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وترضيع ومسأليت‪ ،‬فاجعلين بهم وجيها‬ ‫وقدمتهم إيلك أمايم وأمام حاجيت وطلبيت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫املقربني فإنّك مننت ع ّ‬
‫ادلنيا واآلخرة ومن ّ‬ ‫يف ّ‬
‫يل بمعرفتهم فاختم يل بها السعادة إنك‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لك يشء قدير‪ ،‬فإنّك ّ‬ ‫ّ‬
‫ولي وموالي وسيدي ورب وإليه وثقيت ورجايئ ومعدن‬ ‫ىلع‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫خيينب عليك داعيئ يا سيدي وموالي‪،‬‬ ‫مسأليت وموضع شكواي ومنتىه رغبيت فال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يبطلن طميع ورجايئ دليك‪ ،‬فقد توجهت إيلك بمحمد وآل حممد صل اهلل عليه‬ ‫وال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وترضيع ومسأليت‪ ،‬واجعلين بهم‬ ‫وعليهم وقدمتهم إيلك أمايم وأمام حاجيت وطلبيت‬
‫املقربني إيلك فإنّك مننت ع ّ‬
‫يل بمعرفتهم فاختم يل بها‬ ‫ادلنيا واآلخرة ومن ّ‬‫وجيها ً يف ّ‬

‫هم وال تبطل عميل ورجايئ يا إليه ومسأليت‪،‬‬‫لك يشء قدير‪ .‬اللّ ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫السعادة‪ .‬إنك ىلع‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والسالمة واإلسالم واألمن واإليمان واملغفرة ّ‬ ‫ّ‬
‫‪265‬‬ ‫والرضوان والشهادة‬ ‫واختم يل بالسعادة‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫َ َ َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬


‫واحلفظ‪ ،‬يا مزنوال به لك حاجة يا اهلل يا اهلل يا اهلل‪ ،‬أنت للك حاجة فت َول اعقبتها وال‬
‫وفرغنا ألمر اآلخرة‬ ‫تسلّط علينا أحداً من خلقك بيشء ال طاقة نلا به من أمر ّ‬
‫ادلنيا‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬
‫يا ذا اجلالل واإلكرام‪ ،‬صل ىلع حممد وآل حممد‪ ،‬وبارك ىلع حممد وآل حممد وحتن ىلع‬
‫ّ َ‬ ‫ّ َ‬ ‫ّ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حممد وآل حممد كأفضل ما صليت وباركت وترحت وسلمت وحتننت ىلع إبرهيم وآل‬
‫ّ‬
‫‪1‬‬
‫إبرهيم إنك محيد جميد»‪.‬‬
‫ّ ّ‬
‫صوم ستة أيام‬
‫حمببة يه صيام ّ‬
‫السنوات األخرية ظاهرة ّ‬
‫ستة أيّام بعد يوم العيد‪ ،‬ويف ما ييل‬ ‫انترشت يف ّ‬

‫يستحب صومها بشلك اعم‪.‬‬‫ّ‬ ‫تأكيد ذلك‪ ،‬وىلع األيّام ّ‬


‫الت‬
‫الط ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ويس‪:‬‬ ‫قال الشيخ‬
‫الصيام ما يكون صاحبه فيه باخليار ّ‬ ‫هري يف رشح وجوه ّ‬
‫ستة أيّام‬ ‫الز ّ‬ ‫وقد روى ّ‬
‫ّ ّ‬ ‫عقيب يوم الفطر وهو اذلي ّ‬
‫تسميه العامة التشييع‪ ،‬فمن صامه اكن هل فيه فضل‪ ،‬ويف‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫اتلخيري‪ ،‬والصوم عبادة ال تكره ألن انلّ ّ‬ ‫أصحابنا من كرهه‪ ،‬واألصل فيه ّ‬
‫يب عليه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الصالة والسالم قال‪« :‬الصوم جنة من انلار»‪ .‬وهو ىلع عمومه‪ .‬ويستحب يف هذا الشهر‬
‫األول‪ّ ،‬‬ ‫أول مخيس يف العرش ّ‬ ‫الشهور صوم ثالثة أيّام‪ّ :‬‬ ‫ّ‬
‫وأول أربعاء يف العرش‬ ‫ويف سائر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اثلاين‪ ،‬وآخر مخيس يف العرش األخري‪ ،‬وكذلك يف لك شهر‪ ،‬فإنه مروي عنهم‪ ،‬عليهم‬
‫أن ذلك يعدل صيام ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪2‬‬
‫ادلهر‪.‬‬ ‫السالم‪،‬‬
‫الصوم‪،‬‬‫الصوم بعد العيد يف اإلرصار ىلع حتصني حصيلة ّ‬ ‫أهمية ّ‬
‫ّ‬ ‫وجتدر اإلشارة إىل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫وامليض قدما يف خط ضيافة الرمحن‪ .‬وعليه سبحانه قصد السبيل‪.‬‬
‫ُّ‬
‫عيد الفرد‪ ،‬واألمة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تقبل اهلل أعمالكم وأسعد اهلل أيّامكم‪ ،‬ولك اعم وأنتم خبري‪ .‬أاعده اهلل تعاىل ىلع‬
‫ّ‬ ‫ْ‬
‫اجلميع بايلُمن والربكة وواسع ّ‬
‫الرمحة واملغفرة ّ‬
‫وانلرص واملنعة إنه سميع جميب‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫ماذا يعين العيد‪ ،‬هل هو فرح باتلحلل من قيود الصوم‪ ،‬وابتهاج باستئناف دورة احلياة‬
‫العاديّة؟‬
‫ً‬
‫وما قيمة ذلك إذا اكن ابلاطن مظلما مطرودا ً لم ينعم ّ‬
‫بالرىض والقرب من املليك‬
‫املقتدر؟‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫أو لم يقل املوىل أمري املؤمنني خ‪« :‬إنما هو عيد ملن قبِل اهلل صيامه وقيامه وشكر‬

‫املتهجد‪ :‬ص ‪.658-654‬‬ ‫ويس‪ ،‬مصباح‬ ‫ّ‬


‫ّ‬ ‫‪ -1‬ال ّشيخ الط ّ‬
‫‪ -2‬املصدر‪ :‬ص ‪.666-665‬‬ ‫‪266‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ّ‬
‫قيامه‪ ،‬ولك يوم ال يعىص اهلل فيه فهو عيد»‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫بالطاعة‪ ،‬والفوز ّ‬
‫بالرضوان‪.‬‬ ‫العيد هو الفرحة ّ‬
‫ّ‬
‫اإلهلية ىلع ضيوف ّ‬ ‫ّ‬
‫الرمحن‪.‬‬ ‫إنه يوم توزيع اجلوائز‬
‫اتلقوى‪ ،‬ومن حافظ فيه ىلع أوقات ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫حقيقيا فجائزته ّ‬
‫الصلوات فجائزته‬ ‫من اكن صومه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫استجابة اهلل تعاىل داعءه‪ ،‬ومن حسن فيه خلقه استحق جوائز املرور ىلع الصاط‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫استحق جائزة إكرام اهلل هل يوم يلقاه‪ ،‬ومن وصل فيه رمحه وصله‬ ‫ومن أكرم فيه يتيما‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اهلل تعاىل برمحته‪ ،‬ومن أكرث فيه من االستغفار وطول السجود استحق جائزة فاكك‬
‫ّ‬
‫استحق جائزة‬ ‫يب‪ ،‬ح‪،‬‬ ‫وحط األوزار عن اكهله‪ ،‬ومن أكرث فيه ّ‬
‫الصالة ىلع ّ‬
‫انل ّ‬ ‫نفسه ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫رجحان كفته وثقل مزيانه يوم ختف املوازين‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫السيّئات‪،‬‬
‫وتكفر ّ‬ ‫احلج املربور اذلي يغفر معه اذلنب‪،‬‬‫ّ‬ ‫ومن اجلوائز يف يوم العيد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واتلوفيق للشهادة يف سبيل اهلل تعاىل‪ ،‬كما أن من ألح فيه ىلع اتلوبة وسىع أن تكون‬
‫من اهلل تعاىل عليه يف يوم العيد جبائزة قبوهلا‪ ،‬وأكرب من ذلك أن يغفر اهلل ما‬ ‫صادقة‪ّ ،‬‬
‫حب ّ‬ ‫ويسدد يف ما يأيت‪ ،‬ومن أعظم جوائز يوم العيد استحقاق إخراج ّ‬ ‫ّ‬
‫ادلنيا‬ ‫سلف‬
‫من القلب‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫سيدي أخرج حب ادلنيا من قليب‪.‬‬‫ّ‬
‫َّ ّ‬ ‫يمن اهلل تعاىل ّ‬
‫وأعظم منها أن ّ‬
‫عز وجل‪.‬‬ ‫حببه‪ ،‬فيصبح القلب حرم اهلل‬
‫ُ‬
‫أهل هذه اجلوائز وأمثاهلا هم أهل العيد‪ ،‬ومن عداهم املسيئون اذلين إذا ك ِشف هلم‬
‫ُ‬
‫أيد وثياب وترجيل ِشعر‪.‬‬
‫الغطاء شغلوا بإساءتهم عن تصفيق ٍ‬
‫ثم قال‪:‬‬ ‫مر اإلمام احلسن خ يف يوم فطر بقوم يلعبون ويضحكون‪ ،‬فوقف عليهم ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫«إن اهلل جعل شهر رمضان مضمارا خللقه ‪-‬أي ميدانا للسباق‪ -‬يستبقون فيه بطاعته‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫قوم ففازوا ّ‬
‫وقص آخرون فخابوا‪ ،‬فالعجب لك العجب من ضاحك‬ ‫إىل مرضاته فسبق‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫العب يف ايلوم اذلي يثاب فيه املحسنون وخيرس فيه املبطلون‪ ،‬وأيم اهلل لو كشف‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬
‫‪2‬‬
‫الغطاء لعلموا أن املحسن مشغول بإحسانه وامليسء مشغول بإساءته فمىض»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الس ّيد ابن طاوس عليه ّ‬
‫يقول ّ‬
‫الرمحة حول يوم العيد‪« :‬وال تقطع يومك هذا باللعب‬
‫واإلهمال وأنت ال تعلم أمردود أم مقبول األعمال‪ ،‬فإن رجوت القبول‪ ،‬فقابل ذلك‬
‫ّ‬ ‫َ ّّ‬ ‫ّ‬
‫الرد فكن أسري احلزن الطويل»‪.‬‬ ‫بالشكر اجلميل وإن خفت‬
‫ّ‬
‫التكزي ىلع هذا اجلانب إدخال احلزن ىلع ّ‬
‫انلاس يف يوم‬ ‫ّ‬
‫األعزاء من‬ ‫وليس اهلدف أيّها‬
‫ّ ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫عيدهم‪ ،‬وإنّما اهلدف احلفاظ ىلع ّ‬
‫يصح أبدا أن يُفهم العيد حتلال من‬ ‫اتلوازن‪ ،‬فال‬

‫السالم‪ ،‬هنج البالغة (عبده)‪ :‬ص‪.100‬‬


‫عيل عليه ّ‬
‫‪ -1‬اإلمام ّ‬
‫‪267‬‬ ‫‪ -2‬الكليين‪ ،‬الكايف‪١٨١/٤ :‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬
‫يصح بطبيعة احلال أن تغلب الكآبة فيه‪ ،‬بل ينبيغ أن يواجه املؤمن‬ ‫العبادة‪ ،‬كما ال‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫انلاس بالبشاشة وابلهجة‪ ،‬إل أنه يظل حريصا يف باطنه ىلع صون ما أجنزه طيلة ضيافة‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫يضيعه يف االجنراف يف ّ‬
‫اهلل تعاىل‪ ،‬فال ّ‬
‫تيار املعايص ويظل حريصا من الشياطني اذلين‬
‫ُ َّ‬
‫طال تقييدهم‪ ،‬وهاهم ايلوم قد فكت أغالهلم‪ ،‬يبذلون قصارى جهدهم يف اإلغواء‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫والتيني ّ‬
‫واتللبيس‪ ،‬إىل حد أن بعضنا قد خيرس يف يوم العيد لك ما حصل عليه طيلة‬
‫شهر اهلل تعاىل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫من أجل هذا ّ‬
‫اتلوازن اكن هذا التكزي‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫خطب أمري املؤمنني عليه ّ‬
‫السالم يف يوم الفطر فقال‪« :‬أيها انلّاس إن يومكم هذا يثاب‬
‫فيه املحسنون وخيرس فيه املبطلون وهو أشبه بيوم قيامتكم‪ ،‬فاذكروا خبروجكم من‬
‫ّ‬
‫منازلكم إىل مصالكم‪ ،‬خروجكم من األجداث إىل ربكم‪ ،‬واذكروا بوقوفكم يف‬
‫ّ‬
‫مصالكم وقوفكم بني يدي ربكم‪ ،‬واذكروا برجوعكم إىل منازلكم‪ ،‬رجوعكم‬
‫ّ‬
‫إىل منازلكم يف اجلنة»‪.‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«عباد اهلل إن أدىن ما للصائمني والصائمات أن يناديهم ملك يف آخر يوم من شهر‬
‫رمضان أبرشوا عباد اهلل! فقد غفر لكم ما سلف من ذنوبكم فانظروا كيف‬
‫‪1‬‬
‫تكونون يف ما تستأنفون»‪.‬‬
‫ً‬ ‫إن احلرص ىلع ّ‬ ‫ّ‬
‫اتلناسب بني ما سلف وما نستأنف هو‪ ،‬إذا‪ ،‬منشأ تأكيد أن ال يكون‬
‫ً‬
‫يوم العيد نشازا ال يصل املايض باملستقبل‪ ،‬فإذا اجتاز ّ‬
‫الصائم يوم العيد دون أن يصاب‬
‫بنكسة يف إيمانه ومراقبته نلفسه‪ ،‬اكن أقدر ىلع مواصلة ذلك يف ما بعد‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وعندما ّ‬
‫مستحبات يوم العيد جند أنها تركز ىلع صون ما أجنز طيلة شهر‬ ‫نتأمل يف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫عوري اذلي يمكن من مواصلة‬ ‫اإليماين والش‬ ‫رمضان املبارك وتعزيزه يلكون املخزون‬
‫ّ ّ‬
‫رحلة احلياة الشاقة بيُرس‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الس ّيد ابن طاوس‪ ،‬عليه ّ‬ ‫ّ‬
‫حيدثنا ّ‬
‫الرمحة‪ ،‬عن استحباب صالة العيد ىلع التاب ويذكر‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ما جرى معه ذات ّ‬
‫مرة فيقول‪« :‬واعلم أنين كنت يوم من أيام األعياد وقد قمت من‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫السجادة ألجلس ىلع التاب ألصل صالة العيد‪ ،‬ىلع املأمور به من اآلداب‪ ،‬فأردت أن‬
‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫أجعل ذلك ىلع سبيل العبادة هلل جل جالهل ألنه أهل للعبادة‪ ،‬فورد ىلع خاطري ما‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫معناه‪ :‬أذكر كيف نقلناك من هذا التاب (أي أذكر أنك كنت يف األصل ترابا) اذلي‬
‫ّ‬
‫جتلس عليه إىل ما قد بلغناك إيله من اتلّكريم واتلّعظيم وتسخرينا لك ما سخرناه‬
‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫من األفالك ّ‬
‫وادلنيا واآلخرة وامللك العظيم واشتغِل بالشكر نلا واعتقاد ال ِمنة العظيمة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عن تطلع خاطرك إىل الوسيلة إيلنا بهذه اخلدمة اليسرية السقيمة‪ ،‬فإنا إذا رأيناك‬

‫الصدوق‪ ،‬األمايل‪ :‬ص‪.160‬‬


‫‪ -1‬ال ّشيخ ّ‬ ‫‪268‬‬
‫أعمال شهر رمضان‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تقدم حقنا ىلع ما يقع منك من اخلدمة‪ ،‬اكن أثبت لك يف رسوخ القدم وسبوغ انلّعم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يريد‪ ،‬عليه ّ‬
‫الرمحة‪ ،‬أن ىلع اإلنسان أن ال يستكرث عمله مهما اكن العمل فإنه بالنسبة‬
‫َّ‬
‫املنة ّ‬ ‫ّ‬
‫ادلائمة فقد نقله من‬ ‫عز وجل ال يُذكر ىلع اإلطالق فلله سبحانه وتعاىل‬ ‫إىل اهلل َّ‬
‫ً‬
‫(تراب) إىل (إنسان) ومهما صدر من هذا اإلنسان فلن يكون معادال هلذه ّ‬
‫انلقلة‪،‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫يصح أن يتباىه اإلنسان بعباداته وإجنازاته اليت يه فرع كونه إنسانا‪ ،‬بل جيب أن‬ ‫فال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫احلقييق اذلي‬ ‫يكون مستحرضا أبدا لعظيم فضل اهلل تعاىل عليه‪ ،‬يلتحقق منه الشكر‬
‫انلقطة ّ‬
‫انلقيض للتبايه املشار إيله‪.‬‬ ‫يقوم ىلع ّ‬
‫الرمحة‪« :‬وقل يف يوم العيد‪ّ :‬‬
‫بالرمحة واجلود ومجيع الوسائل اليت‬ ‫الس ّيد عليه ّ‬
‫إىل أن يقول ّ‬
‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬
‫نقلتين بها من ذلك املقام انلازل إىل هذا الفضل الشامل الاكمل صل ىلع حممد وآل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حممد وانقلين عما تكره وقوعه من إىل ما يرضيك عن‪.‬‬
‫فتممه‪ ،‬وكما نقلتين من تراب إىل إنسان‬ ‫وحب وحنان ّ‬‫ّ‬ ‫إليه‪ ،‬ما بدأت به من كرم وفضل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فانقلين عن مصارع اذلنوب إىل ما يرضيك‪ ،‬فأنت احلق وماذا بعد احلق إل الضالل»؟!‬
‫ّ‬
‫اإليمانية اليت عشناها يف شهر اهلل تعاىل‪،‬‬ ‫هكذا يمكن أن ّ‬
‫نعزز يف نفوسنا مجيع املعاين‬
‫وحاونلا وهكذا يمكن أن يكون العيد همزة وصل بني ضيافة ّ‬
‫الرمحن والوصول إيله‬
‫بقلب سليم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ورد عن رسول اهلل ح‪« :‬زينوا أعيادكم باتلكبري»‪ .‬وروي «أنه اكن ح خيرج يف‬
‫العيدين رافعا ً صوته باتلّهليل واتلّكبري وأنّه اكن يُ ِّ‬
‫كب يوم الفطر حني خيرج من بيته‬
‫ّ‬
‫حىت يأيت املصل»‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ّ‬
‫اجلوائزالقيمة والفوز‬ ‫يوم العيد‪ ،‬إذاً‪ ،‬يوم عبادة‪ ،‬يوم تكبري وتهليل‪ ،‬يوم ّ‬
‫ترضع نليل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بالرضوان‪ ،‬واتلحل بماكرم األخالق‪ ،‬ويلحق بذلك ويقع يف سياقه احلصول ىلع اجلوائز‬
‫املاديّة بمختلف مظاهرها‪.‬‬
‫ّ‬
‫ويرمم بها شؤونه‪.‬‬ ‫األعزاء باجلائزة ألنّه ّ‬
‫حيسن بها أوضاعه‬ ‫ّ‬ ‫ويفرح اإلنسان أيّها‬
‫الشعث ورأب ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫َّ‬
‫الصدع؟‬ ‫وما قيمة اجلائزة إذا لم توظف يف بلسمة اجلراح ولم‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وأي جراح أبلغ رضرا وأبعد غورا من جراح القلب وندوب تشويه الفطرة؟!‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫اإلهلية اليت حنصل عليها يف يوم العيد منطلقا تلحسني‬ ‫هكذا ينبيغ أن تكون اجلوائز‬
‫ّ‬ ‫خصية ّ‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العامة‪.‬‬ ‫نلؤسس ىلع ذلك يف حتسني أوضاعنا‬ ‫أوضاعنا الش‬
‫ّ‬
‫إنها جوائز اجلهاد األكرب اليت ننطلق بها يف ساحات اجلهاد األصغر فنحمل هموم‬

‫‪269‬‬ ‫يشهري‪ ،‬مزيان احلكمة‪ ،2198/3 :‬نقالً عن كزن العمال‪.‬‬


‫ّ‬ ‫الر‬
‫‪ّ -1‬‬
‫خمترص مناهل الرجاء ‪ /‬ج ‪٣‬‬

‫ّ‬ ‫املسلمني واملستضعفني يف األرض بزخم جديد وروح ّ‬


‫حتن إىل الشهادة فطاملا رددنا‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫يف يلايل شهر رمضان املبارك «وقتال يف سبيلك فوفق نلا» هذه مواقع اجلهاد تنتظرنا‬
‫﴿‪..‬ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﴾ ابلقرة‪.45 :‬‬
‫***‬
‫سيدنا يا صاحب العرص ّ‬
‫والزمان عليك صلوات ّ‬
‫الرمحن‪ ،‬ما معىن العيد يف غيابك‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫وجدك اإلمام ّ‬
‫الصادق خ خياطبك قبل والدتك فيقول‪« :‬سيدي غيبتك نفت رقادي»!‬
‫طالت علينا يلايل االنتظار‪ ،‬فهل يا ابن انلّ ّ‬
‫يب لليل االنتظار غد؟!‬

‫يتيم منقطع وحيد فريد ينظر إىل ثياب األطفال وبهارجها‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أرأيتم أيها األعزاء إىل ٍ‬
‫ّ‬
‫وألعابهم يف يوم العيد وزخارفها‪ ،‬وهو يعيش اللوعة واحلرسة؟!‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫يف شهر رمضان حقه‪ ،‬وهو ينظر‬
‫هكذا ينبيغ أن تكون حال خايل الوفاض اذلي لم ِ‬
‫اإلهلية اعدوا َّ‬
‫حمملني جبوائزهم وهو ال يلوي ىلع يشء‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫إىل أهل اجلوائز‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ينبيغ أن يستبد به احلزن فيرصخ من األعماق‪« :‬إليه ربح الصائمون وفاز القائمون»؛‬
‫ّ‬
‫رب ﴿‪ ..‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ‬ ‫القصص‪24:‬؛‬ ‫﴿‪..‬ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﴾‬

‫ﭩ ﴾ األنبياء‪.83:‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ويلكن ىلع يقني أنه إن اعش هذه احلالة فإنه لن يرجع خائبا‪.‬‬
‫ُ‬
‫هم ُص ْن ماء وجوهنا‪ ،‬وال ختزنا أمام أهلينا وأويلائك ومالئكتك‪ ،‬وال تشمت بنا‬ ‫اللّ ّ‬

‫حتب وكما أنت‬‫هم إنّك أكرم األكرمني فاجعل بفضلك وكرمك عيدنا كما ّ‬ ‫عدوك‪ ،‬اللّ ّ‬
‫ّ‬

‫أهل هل فإنّك نِ َ‬
‫عم املوىل ونِ َ‬
‫عم ّ‬ ‫ٌ‬
‫انلصري‪.‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫إقض دين لك‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫جريح ولك مريض‪ِ ،‬‬
‫ٍ‬ ‫إشف لك‬
‫اقض يف هذا ايلوم حوائج املحتاجني‪ِ ،‬‬ ‫اللهم ِ‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫مدين‪ ،‬رد لك غريب‪ ،‬فك لك أسري‪ ،‬أيِّد جندك‪ ،‬وأنزل نرصك‪ ،‬وأرنا هالك الاكفرين‪،‬‬
‫لولِّك الفرج‪ ،‬إنّك ّ‬
‫ويل اإلحسان ّ‬
‫وانلعم‪.‬‬ ‫ّ‬
‫وعجل ِ‬
‫ّ‬
‫حسني حممد كوراين‬
‫بلنان‪ -‬بريوت‬

‫‪270‬‬

You might also like