Professional Documents
Culture Documents
قد يشترك األفراد فيما بينهم في بعض الخصائص والسمات لكن بالرغم من ذلك ،فإن لكل
شخص خصائص وصفات ومميزات خاصة به تجعله متفردا عن اآلخرين ويظهر ذلك في
تصرفاتنا واستجاباتنا وطريقة تفكيرنا وأحاسيسنا وحتى ردود أفعالنا ،هذه األخيرة تنتظم داخل
تكوين يعرف في علم النفس بمصطلح الشخصية .بهذا المفهوم المعقد وصعب التركيب ،كونه نتاج
عدة عوامل وراثية وبيئية وتربوية واجتماعية وثقافية بصفة ديناميكية ،وتسمح الشخصية للفرد
السوي أن ينمو وينسجم مع متطلبات الحياة ،لكن في الحالة الالسوية تصبح جامدة غير مرنه،
وبالتالي تنعكس على حياتهم إذ تصبح تعيسة تمنعهم من مواجهة متطلبات الحياة بصفة متكفية
ومتأقلمة ،إذا يمكننا القول أن سمات الشخصية غير متكيفة تتطور إلى أنماط مضطربة من
الشخصية وسنتعرف من خالل هذا البحث على أحد انواع هذه االضطرابات وهي اضطرابات
الشخصية االضطهادية والتي تسمى أيضا البارونويدية ( الشكاكة ) وماهي أهم خصائصها
وأعراضها وماهي أسبابها وأهم النظريات المفسرة لها ومعايير تشخيصها وطريقة عالجها .
-1-
خطة البحث
مقدمة
مفهوم الشخصية االضطهادية
أعراض الشخصية االضطهادية
سمات (خصائص) الشخصية االضطهادية
أسباب الشعور باالضطهاد
نظريات في الشخصية االضطهادية
معايير اضطراب الشخصية االضطهادية
طرق عالج الشخصية االضطهادية
خاتمة
-2-
-/Iمفهوم الشخصية االضطهادية :
هناك العديد من تعريفات الشخصية االضطهادية ومنها ما يلي:
تعريف الدباغ ( :)1983صاحب الشخصية االضطهادية هو الشخص الحساس اليقظ الذي ال تفوته
ملحوظة عابرة أو حركة بسيطة ،فهو يفسر ظواهر الحياة كما يمليه عقله الباطن ،يتوقع األذى من
الغير ويميل إلى الشجار والتفاسير الخيالية( .الدباغ ،1983،ص.)264
تعريف العنزي :بأنها شخصية شكاكة ال تثق باآلخرين مفرطة في الحساسية دائما ما يتفحص البيئة
إليجاد عالمات تصدق أفكاره المتعصبة( .العنزي ،1998 ،ص.)204
تعريف فنجستون ( :)Fenigsteinبأنها حالة مرتبكة من األفكار التي يهيمن عليها التوتر
واالندفاع ،إضافة إلى عدم الثقة والشك المتواصل بالناس والنزعة إلى تغير األفعال التي يقوم بها
اآلخرون ،بأنها أفعال عدوانية (تهديدية) وإنها تحط من قدره وإمكاناته)Fenigstein,1996,244(.
تعريف الدليل التشخيصي واإلحصائي ( :)DSMIVبأنها الشخصية التي تتميز بانعدام الثقة التام
والشك باآلخرين وتؤول دوافعهم على إنها حقودة أو حسودة وتضمر الضغينة.
(سعيد،1999،ص.)15
-/IIأعراض الشخصية االضطهادية :
حددت منظمة الصحة العالمية ( )ICDمجموعة من أعراض اضطراب الشخصية
االضطهادية وهي كاآلتي:
حساسية مفرطة للنكسات أو العقبات والصد والرفض. -
نزعة لحمل ضغينة مستديمة ورفض التسامح عن اإلهانات. -
شك ونزعة شاملة نحو تشويه الخبرة تتضمن سوء الفهم لألفعال الحيادية أو الصديقة -
لآلخرين وتفسيرها على إنها عداء.
استعداد للقتال أو المقاومة واإلصرار بعناد على التمسك بحقوقه الشخصية. -
استفهامات ال مبرر لها بخصوص إخالص اآلخرين له. -
نزعة مفرطة في اإلحساس بأهمية الذات. -
انشغال ال مبرر له بتفسير األحداث المحيطة به ،أو في العالم على سعته ،بأنها تآمر موجه -
ضده( .العنزي،2001،ص.)22
-3-
-/IIIسمات (خصائص) الشخصية االضطهادية :
تتضمن سمات هذه الشخصية الغيرة الشديدة والشك في اآلخرين وتفسير ما يفعله الغير من
وجهة نظر شخصية بحتة ومن محاولة التحقق من صدق النتائج والمريض به ال يحتمل نقاشا أو
جداال وتنتظم أفكاره في سلسلة منطقية يخدع بها نفسه وغيره كما يمتاز بالميل الشديد لالنتقام
وبذكاء فوق المستوى العادي ويميل عادة إلى المباهرة والمفاخرة والحساسية الزائدة والجمود
والتزمت ،وقد تعتري المريض موجات من الهياج واالضطراب والغضب والنشوة ،والمجنون
بجنون االضطهاد قادر على إيقاع غيره في مشاكل مختلفة انتقاما منه ألسباب ينسجها خياله .وهو
حريص على أن ال يتورط هو نفسه في هذه المشاكل ،لذا كانت مشكلة أصحاب هذه الشخصية كبيرة
ألنهم ينغصون حياة كل من يتعامل معهم أو يحتك بهم ،لتأويلهم وتفسيرهم أي بادرة بأنها اضطهاد
لهم ،وإن تزوجوا فهم دائمي الشك في زوجاتهم والغيرة عليهن( .جالل،1985،ص.)504
-/IVأسباب الشعور باالضطهاد :
يمكن تحديد أسباب الشعور باالضطهاد على النحو اآلتي:
عوامل واستعدادات شخصية قبل اإلصابة بالمرض :فقد يتصف الفرد بسمات الشخصية
االضطهادية وتتطور هذه السمات تبعا لنمو الفرد.
عوامل نفسية :منها الشعور بالتهديد واإلحباط نتيجة الهزيمة أو الفشل في المنافسة أو
الحب ،أو نتيجة تأخر الزواج ومنها أيضا الخبرات السابقة التي يمر بها.
عوامل بيئية وأسرية :حيث يشيع االضطهاد عند األفراد الذين ينتمون إلى أجواء أسرية
تتسم بالشك والتشكك وبالتسلط والنقد والتهديد ،كما يشيع فيها الشعور بالتهديد وعدم
األمن واالنعزالية مما يساعد على تهيئة األفراد لالستعداد النفسي لإلصابة بالمرض.
(العنزي،2001،ص.)18
-/Vنظريات في الشخصية االضطهادية :
هناك عدد من النظريات تفسر طبيعة الشخصية االضطهادية ومن هذه النظريات:
أوال:فرويد :يرى أن االضطهاد شكل من المثلية الجنسية المكبوتة ،وإنها تصيب الرجال بسبب
مشاعر الطفولة المثلية نحو األب فيقوم بدفعها نحو الالشعور وتبقى فيه لتعاود الظهور في مرحلة
الرشد عندما يواجه الرجل أزمة انفعالية حيث تنقلب إلى شكوك وأوهام تأخذ صيغة اآللية الدفاعية
المتمثلة باإلسقاط يتم فيها عزو الرغبات والدوافع غير المقبولة إلى شخص آخر.
(العيسوي،1989،ص.)251
-4-
ثانيا :سواتسـون ( :)1970يرى إن أفعال المضطربين ذوو الشخصية االضطهادية تتميز بأنها
تنتظم في عملية معرفية تأخذ شكل نظام وهي ال تختلف عن النزعات المتميزة لعدد كبير من األفراد
الذين يمتلكون معتقدات قوية ،تركز على انتقاء أحداث معتقداتهم ويعمدون على تضخيمها أو
تحريفها أو تشويهها فضال عن الشك باآلخرين الذي يقود إلى عدم الثقة وتوجيه النقد لآلخرين
فيضطر اآلخرون إلى االبتعاد عنه مما يجعله في احتكاك مستمر باآلخرين ليتولد عنه أحداث جديدة
فيعمد إلى تشويهها وتضخيمها( .العنزي،2001،ص.)24
ثالثا :كولبي( :)1981( )Colbyإن االضطهاد مجموعة من االستراتيجيات المبنية لغرض الدفاع
ضد مشاعر الخجل واإلحراج ،ذلك أن األفراد المصابين بهذا االضطراب هم في الواقع يشعرون
بالضعف أو عدم القدرة على تحمل المستويات العالية من اإلذالل والخجل ،كما يحدد كولبي ثالثة
عوامل أساسية في الشخصية االضطهادية هي الفشل والشعور بالدونية (النقص) واحترام واطئ
للذات.)Colby,1981,4( .
ويرى إن ذوي الشخصية االضطهادية كانوا في طفولتهم انعزاليين وعنيدين يستنكرون العقوبة
ولم يحصلوا في طفولتهم على تنشئة أسرية تضمن الدفء والعطف والعالقات االجتماعية وإن
تأريخهم األسري يتسم بسيطرة أحد الوالدين أو كليهما وسوء المعاملة ونقص الحب مما ينتج عنه
نقص في الثقة( .سعيد،1999،ص.)27
-/VIمعـايير اضطراب الشخصية االضطهادية :
منشغل بشكوك ال مسوغ لها حول وفاء وانتمائية االصدقاء والزمالء. -
يتردد في الوثوق باآلخرين بسبب الخوف غير المسوغ من أن المعلومات ستستخدم بشكل -
خبيث ضده.
يستنبط من المالحظات أو األحداث البريئة إهانات وتهديدات خفية. -
يحمل الضغائن بصورة متواصلة. -
يستشعر هجمات على شخصه أو سمعته ال تكون ظاهرة لآلخرين ،وهو سريع االستجابة -
بالغضب أو القيام بهجوم مضاد.
لديه شكوك متكررة دون أي مسوغ في إخالص الزوج أو الشريك الجنسي. -
شبهات دون أساس كاف في أن اآلخرين يستغلونه أو يلحقون به األذى أو يخدعونه. -
(جهاد،2014،ص.)203
-5-
-/VIIطرق عالج الشخصية االضطهادية :
-/1العالج النفسي :
-يهدف إلى خفض المستوى المرتفع للقلق عند المريض.
-تحديد قدرة المريض على االتصال على المستوى الواقعي في العالقات الشخصية للتخلص
من األوهام.
-يحرص المعالج على إقامة الثقة بينه وبين المريض وأن يتجنب التدخل في شؤونه وال يثير
الخوف والشك للمريض( .رشاد،2001،ص.)204
-/2العالج السلوكي :
-يمنح المعالج للمريض مكافأة معنوية من األشياء المحبوبة لديه وذلك عقب كل سلوك نكيف
ناجح يقوم به المريض( .محمد جبل،2000،ص.)231
-/3العالج الطبي :
-إدخال المريض المستشفى في الحالة التي يصبح فيها خطيرا على نفسه وعلى اآلخرين حيث
توصف له العقاقير ،مع توضيح أعراضها الجانبية حتى ال يشك في نوايا المعالج.
(رشاد،2001،ص.)204
-كذلك يمكن استخدام الصدمات الكهربائية في عالج المريض(.محمد جبل،2000،ص.)231
-6-
خــــاتمـة
نستخلص من هذا البحث أن أهم ما يميز هذا االضطراب من سمات هي الشك الدائم
والريبة اتجاه اآلخرين ولديهم حساسية زائدة ،وحياتهم العاطفية محصورة جدا ويحملون
الضغائن لآلخرين وكذلك يتميزون بشدة الكراهية.
-7-
قائمة المراجع :
الدباغ فخري ( )1983أصول الطب النفسي ،بيروت ،دار الطليعة للطباعة والنشر. -
العنزي عالء الدين علي حسين ،2001الشخصية االضطهادية وعالقتها بدافع االنجاز -
الدراسي لدى طلبة جامعة الموصل ،رسالة ماجستير ،كلية التربية ابن الهيثم.
سعيد ياسر مجيد ( ،)1999بناء مقياس الشخصية االضطهادية لطلبة جامعة بغداد ،رسالة -
ماجستير ،جامعة بغداد ،كلية التربية ابن رشد.
العيسوي محمد عبد الرحمان 1989 ،أمراض العصر ،األمراض النفسية والعقلية -
والسيكولوجية ،القاهرة ،دار الفكر العربي.
بالل سعد ،1985المرجع في علم النفس دار الفكر العربي. -
سوسن شاكر مجيد ،2015،اضطرابات الشخصية أنماطها وقياسها ،عمان دار صفاء للنشر -
والتوزيع.
جهاد محمد حمد ،كتاب الدليل التشخيصي .2014 ،DSMS -
رشاد علي عبد العزيز موسى ،أساسيات الصحة النفسية والعالج النفسي ،مؤسسة المختار -
للنشر والتوزيع ،طبعة ( )1سنة .2001
فوزي محمد جبل ،الصحة النفسية وسيكولوجية الشخصية ،المكتبة الجامعية ،القاهرة، -
سنة .2000
-8-