You are on page 1of 100

‫مختصر المحاضرات‬

‫‪1‬‬
‫احملاضرة األوىل‬
‫وأن العلم بالتعلُّم ال بمطالعة الكتب‬ ‫كيف يؤخذ علم الدين َّ‬
‫الرحي ِم‬
‫الرمح ِن ّ‬ ‫بسم اللَّه ّ‬
‫ِ‬
‫ءاله وص ِ‬
‫حابته الطّاهرين‪.‬‬ ‫احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ َ ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫خيرا يف ّقهه في ال ّدين إنّما العلم بالتعلُّم‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم "من يرد الله به ً‬ ‫قال ُ‬ ‫‪َ ‬‬
‫حيح ‪.‬‬‫الص ِ‬‫البخاري يف ّ‬
‫ُّ‬ ‫والفقه بالتف ّقه" َ‬
‫أخرجهُ‬
‫عمن ت ـأخذو َن‬ ‫لم دي ـ ـ ـ ـ ـن فـانظروا َّ‬ ‫إن هذا الع ـ َ‬ ‫التابعني " َّ‬
‫َ‬ ‫هو ِمن كبا ِر‬
‫سريين الذي َ‬ ‫َ‬ ‫بن‬
‫حمم ُد ُ‬ ‫قال ّ‬ ‫‪َ ‬‬
‫أمور الدي ِن‪.‬‬ ‫مة صحيحه ‪ ،‬أ ِي انتبِهوا َّ‬ ‫ِدين ُكم" اه رواه مسلم يف مق ّد ِ‬
‫عمن تأخذو َن َ‬ ‫ُ‬
‫الشخص‬
‫ُ‬ ‫الكتب اليت يُطالِعُها‬‫ِ‬ ‫الكتب ألنه قَد يكو ُن يف هذهِ‬
‫ِ ُ‬
‫ِ‬
‫أمور ال ّدي ِن ال تُؤخ ُذ باملطالعة َ‬
‫من‬ ‫‪ُ ‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ؤدي عبادةً فاسدةً أو‬ ‫هي عليه فيُ ّ‬ ‫منها أشياءَ علَى خالف ما َ‬ ‫دس وافرتاء على ال ّدي ِن‪ ،‬أو قَد يَ َ‬
‫فه ُم َ‬ ‫ٌّ‬
‫تصح عبادتُهُ‪.‬‬ ‫أوهامه فال ُّ‬ ‫لته و ِ‬ ‫وتوّهه يف ُُمي ِ‬ ‫تشبيه اللَّه خبَ ِ‬
‫يقع يف ِ‬
‫عبد شيئًا ختيّـلَهُ ّ ُ ّ‬ ‫لقه فيَ ُ‬ ‫َُ‬
‫البغدادي أحد كبا ِر احمل ّدثني "ال يؤخ ُذ العِلم إال ِمن أفواهِ الع ِ‬
‫لماء"‬ ‫اخلطيب‬ ‫ظ أبو بك ٍر‬ ‫قال احلاف ُ‬‫‪َ ‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫ُ‬
‫حابة إىل‬ ‫ثقة وهكذا إىل الص ِ‬ ‫عارف ٍ‬ ‫ثقة يكو ُن أخ َذ عن ٍ‬ ‫عارف ٍ‬ ‫بد ِمن تَعلُّ ِم أموِر ال ّدي ِن ِمن ٍ‬ ‫اه فال َّ‬
‫ّ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬
‫الكتب‬ ‫من‬ ‫الس ِ‬ ‫عليه وسلَّم‪َ .‬‬ ‫رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ‬ ‫ِ‬
‫احلديث َ‬
‫َ‬ ‫لف الذي يَأخ ُذ‬ ‫بعض َّ‬ ‫قال ُ‬ ‫أيضا " َ‬ ‫وقال ً‬
‫سمى قارئًا" اه‪.‬‬ ‫صحفيًّا وال يُ َّ‬ ‫سمى صحفيًّا والذي يأخ ُذ القرءا َن من املصح ِ‬
‫سمى ُم َ‬ ‫ف يُ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يُ َّ ُ‬
‫نبيههُ ال ََيُُّر إىل‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬لو ُُِسع ِمن عا ٍمل كالم ُمالف ّ‬
‫السام ِع أ ْن يُنبّـ َههُ َعن َخطئه إ ْن كا َن تَ ُ‬ ‫للشرِع فعلَى ّ‬
‫خياف اللَّه إذا أخطأَ‬ ‫ِ‬ ‫الناصح ِ‬ ‫مفسدةٍ أعظم‪ِ َّ ،‬‬
‫الورِع الذي ُ‬ ‫فيق على دينهم َ‬ ‫الش َ‬ ‫للناس ّ‬ ‫َ‬ ‫التقي‬
‫فإن العاملَ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بن‬
‫عمر ُ‬ ‫خطب سيدنا ُ‬ ‫َ‬ ‫ذلك‪ ،‬ف َقد‬ ‫للناس َ‬ ‫بني ِ‬ ‫يعود عنهُ ويُ ُّ‬ ‫الناس ُ‬ ‫من ِ‬ ‫أمام مج ٍع َ‬ ‫طؤهُ ولو َ‬ ‫ني لهُ َخ ُ‬ ‫فبُـ َّ‬
‫ساء فإنهُ ال‬ ‫وقال "أال ال تُغالُوا يف صد ِاق النّ ِ‬ ‫ليه َ‬ ‫فحم َد اللَّه تعاىل وأثىن ع ِ‬ ‫اب رضي اللَّه عنه ِ‬ ‫اخلطّ ِ‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ساق أكثر ِمن ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ذلك‬
‫فضل َ‬ ‫علت َ‬ ‫رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّ َم إال َج ُ‬ ‫شىء ساقَهُ ُ‬ ‫يَبلغُين َعن أحد َ َ‬
‫أكتاب اللَّه ُّ‬
‫أحق أن يـُتّبَ َع‬ ‫ُ‬ ‫املؤمنني‬
‫َ‬ ‫أمري‬
‫فقالت "يا َ‬ ‫َ‬ ‫ضت لهُ امرأة ِمن قُر ٍ‬
‫يش‬ ‫نزل فَـ َعَر ْ‬
‫املال" مث َ‬ ‫بيت ِ‬ ‫يف ِ‬
‫ذاك؟" قالَت " ََنيت الناس ءان ًفا أن يغالوا يف ص ِ‬
‫داق‬ ‫قال "بل كتاب اللَّه تعاىل‪ ،‬فما ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ك؟" َ َ‬ ‫أو قَولُ َ‬

‫البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ .‬كتاب العلم‪ :‬باب العلم قبل القول والعمل‪ ،‬ج ص‪. 4‬‬
‫مسلم‪ .‬صحيح مسلم‪ .‬املقدمة‪ :‬باب يف أن اإلسناد من الدين‪ ،‬ج ص ‪.‬‬
‫اخلطيب البغدادي‪ .‬الفقيه واملتفقه‪ .‬باب اختيار الفقهاء الذين يتعلم منهم‪ ،‬ج ص‪.79‬‬
‫املصدر السابق ص‪.79‬‬
‫‪2‬‬
‫كتابه ﴿ َوءَاتَـْيتُم إِ ْح َد ُاه َّن قِْنطَ ًارا فَ َال تَأْ ُخ ُذ ْوا ِمْنهُ َشْيئًا(‪ُ ( ﴾) 2‬س ْوَرةُ‬
‫يقول يف ِ‬ ‫ساء‪ ،‬واللَّه تعاىل ُ‬ ‫النّ ِ‬
‫مر" مث‬ ‫ِ‬ ‫أحد أفقه ِمن عمر ُّ ٍ‬ ‫كل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫فقال عمر " ُّ ٍ‬
‫كل أحد أف َقهُ من عُ َ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫مر ُّ‬ ‫كل أحد أفقهُ من عُ َ‬ ‫ِّساء) ‪ُ َ .‬‬ ‫الن َ‬
‫اله ما بَدا‬ ‫النساء أال فليفعل رجل يف م ِ‬
‫َ‬ ‫َ َْ َ‬
‫ِ‬ ‫للناس "إين قَد َنيتُ ُكم أ ْن تُغالُوا يف ص ِ‬
‫داق‬ ‫َ‬ ‫فقال ِ‬ ‫رجع إىل املِن ِرب َ‬ ‫َ‬
‫له" أخرجه البيهقي يف س ِ‬
‫ننه ‪.‬‬ ‫َ ُ َ ُّ ُ‬ ‫ُ‬
‫شىء ِمن أموِر‬ ‫أن الشيخ أو اإلمام أو اخلطيب ال ُخيطئ يف ٍ‬ ‫من ِ‬ ‫ُ ٍ‬ ‫‪ِ ‬من الغُ ّلو‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الناس َّ ّ َ‬ ‫اعتقاد كثري َ‬
‫غري‬ ‫ِ‬ ‫أحد من ُكم إال ي ِ‬ ‫عليه وسلَّم "ما ِمن ٍ‬ ‫ال ّدي ِن وهذا ُمالف لقو ِله صلَّى اللَّه ِ‬
‫ؤخ ُذ من قَوله ويُ َرت ُك َ‬ ‫ُ َ‬
‫اخلطيب مهما َعلَت َمرتبتُهُ ُخي ِط ُئ‬ ‫ُ‬ ‫اإلمام و‬
‫يخ و ُ‬ ‫فالش ُ‬
‫اقي‪ّ ،‬‬ ‫ظ العر ُّ‬ ‫وحسنَهُ احلاف ُ‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫رسول اللَّه" رواهُ الطّرباينُّ‬
‫املسائل‪ ،‬وعلى هذا كبار ِ‬
‫القوم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫يف ِ‬
‫بعض‬
‫ُ‬
‫يد" "إذا َعلِ َم املر ُ‬
‫يد اخلطأَ على‬ ‫كتابه "أدب املر ِ‬ ‫عبد ال َقاد ِر اجليالينُّ رضي اللَّه عنه يف ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫يخ ُ‬ ‫الش ُ‬‫قال ّ‬ ‫‪َ -‬‬
‫ع" اه‬ ‫يخ فلينبـهه فإ ْن رجع عن خ ِ‬
‫الشر َ‬
‫َّبع ّ‬‫األمر وإال َترَك قولَهُ وات َ‬ ‫فذاك ُ‬ ‫طئه َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫الش ِ ُ ّ ْ ُ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫ع فإن َخالفوا‬ ‫رضي اللَّه عنهُ " َسلّ ْم لل َقوم أحوا ََلم َما مل ُخيالفوا ّ‬
‫الشر َ‬ ‫فاعي َ‬ ‫أمحد الر ُّ‬ ‫يخ ُ‬ ‫الش ُ‬‫وقال ّ‬ ‫‪َ -‬‬
‫ع" اه‬‫ع فاترْك ُهم واتب ِع الشر َ‬ ‫الشر َ‬
‫ّ‬
‫األمانة في العلم‬
‫ألن اخليانةَ يف عل ِم ال ّدي ِن‬ ‫األمانة يف ِ‬
‫املال َّ‬ ‫ِ‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن األمانةَ يف تل ّقي العل ِم‬
‫‪ ‬ليُعلَم َّ‬
‫أهم َ‬
‫وتبليغه ُّ‬ ‫وفهمه‬
‫املال‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اخليانة يف ِ‬ ‫من‬
‫أعظم َ‬
‫ُ‬
‫قوال ِمن غ ِري‬‫تقل ً‬
‫أي ال ْ‬
‫قال اللَّه تَعاىل‪﴿ :‬وَال تَـ ْقف ما لَيس لَ َ ِِ ِ‬
‫ك به ع ْلم(‪ُ ( ﴾) 3‬س ْوَرةُ ا ِإل ْسَراء) ْ‬ ‫ُ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫عل ٍم‪ ،‬فيَنبغي علَى ِ‬
‫طالب العل ِم أن ال يَغ َف َل كلمةَ ال أد ِري‪.‬‬
‫السماء واألرض" اه‬ ‫عليه وسلَّ َم "من أفتى بغير ٍ‬ ‫رسول اللَّه صلَّى اللَّه ِ‬
‫علم لعنته مالئكة ّ‬ ‫‪َ ‬‬
‫وقال ُ‬
‫رضي اللَّه عنهُ‪.4‬‬‫علي َ‬ ‫عساكر َعن ّ‬ ‫َ‬ ‫ابن‬
‫رواهُ ُ‬

‫يف املصباح املنري "القنطار هو املال الكثري " اهـ ج‪ 9‬ص‪ 4‬مادة (ق ط ر)‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫البيهقي‪ .‬سنن البيهقي‪ .‬كتاب الصداق‪ :‬باب ال وقت يف الصداق كثر أو قل‪ ،‬ج‪ 9‬ص‬
‫الطرباين‪ .‬املعجم الكبري‪..‬‬
‫الرفاعي‪ .‬كتاب احلكم‪ .‬ص‪. 7‬‬
‫‪ 4‬ابن عساكر‪ .‬تاريخ دمشق‪ .‬ج ص‪. 2‬‬
‫‪3‬‬
‫فقال"ال أدري أسأل‬ ‫قاع َ‬ ‫شر البِ ِ‬ ‫عليه وسلَّ َم َعن َخ ِري البِ ِ‬ ‫سول اللَّه صلَّى اللَّه ِ‬
‫وعن ّ‬ ‫قاع َ‬ ‫ئل َر ُ‬ ‫وقَد ُس َ‬
‫خري البِ ِ‬
‫قاع‬ ‫نزل الوحي علَى ِ‬
‫رسول اللَّه َّ‬ ‫رب ِّ‬ ‫جربيل فق َال ال أد ِري ُ‬ ‫جبريل" مث َ‬
‫بأن َ‬ ‫العزة مث َ َ ُ‬ ‫أسأل َّ‬ ‫َ‬ ‫سأل‬
‫األُساء والص ِ‬
‫فات ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫البيهقي يف‬ ‫وشر البِقا ِع األسو ُ‬
‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫اق‪ ،‬رواهُ‬ ‫املساجد َّ‬
‫ُ‬
‫ُسأل َعن‬ ‫فقال "وابردها على ِ‬
‫الكبد أ ْن أ َ‬ ‫شىء َ‬ ‫‪ ‬روي عن سيدنا علي رضي اللَّه عنه أنه سئل عن ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ ُ ُ َ َ‬ ‫ّ َ‬ ‫ُ َ َ ّ‬
‫فأقول ال أد ِري" ‪.‬‬ ‫علم يل ِبه ُ‬ ‫ٍ‬
‫شىء ال َ‬
‫وقال ع ِن‬‫ستة َ‬‫مالك رضي اللَّه عنه أنه سئل مثانيةً وأربعني سؤ ًاال فأجاب عن ٍ‬ ‫اإلمام ٍ‬ ‫‪ ‬وقَد جاء َع ِن ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫ََ‬
‫الح ‪.‬‬ ‫الص ِ‬ ‫ِ‬
‫ابن ّ‬ ‫البَقية"ال أدري"‪ ،‬رواهُ ُ‬
‫ٍ ٍ‬ ‫فقال ل َقد ِج ِ‬
‫فت أَهلي َورائي‬ ‫ئت من مكان بعيد وخلَّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫فقال "ال أدري" َ‬ ‫وسأل شخص مال ًكا يف أم ٍر َ‬ ‫َ‬
‫رضي اللَّه‬
‫فقال مالك َ‬ ‫قال مالك مباذا أُجيبُهم َ‬ ‫جعت إلي ِهم فقالوا يل َماذا َ‬ ‫السؤ َال فإذا َر ُ‬ ‫ك هذا ّ‬ ‫ألسألَ َ‬
‫فقال ال أد ِري" ‪.‬‬ ‫سألت مال ًكا َ‬ ‫تقول ُ‬ ‫عنهُ " ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عمل مبا‬
‫لسالمة‪ .‬ويَنبغي أن يَ َ‬ ‫جانب ا ّ‬
‫َ‬ ‫دائما‬
‫يلزم ً‬ ‫أي أ ْن َ‬ ‫‪ ‬يَنبغي لإلنسان أن يكو َن حمتاطًا يف كالمه ْ‬
‫ِ‬
‫العلم ثالثة كتاب ناطق وسنة ماضية وال‬ ‫عنهما " ُ‬ ‫رضي اللَّه ُ‬ ‫عمر بن اخلطاب َ‬
‫بن َ ِ‬ ‫عبد اللَّه ُ‬ ‫قال سيّ ُدنا ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‪4‬‬
‫الثابت‬
‫َ‬ ‫احلديث‬
‫َ‬ ‫املاضية‬ ‫وبالسنة‬ ‫كتاب اللَّه‬
‫َ‬ ‫الناطق‬ ‫بالكتاب‬ ‫يد‬
‫ُ‬ ‫ر‬‫أخرجهُ الطّرباينُّ يف األوسط ُ‬
‫ي‬ ‫أد ِري" َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب الفتوى‬ ‫يث ال يَعلَ ُم ويَتجنّ َ‬ ‫بذلك َح ُ‬‫يب َ‬ ‫َعن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّ َم وبقوله ال أَدري أ ْن َُي َ‬
‫ك‪.‬‬ ‫ذلك َهلَ َ‬‫فعل َ‬ ‫بغَ ِري عل ٍم ألنهُ إذا مل يَ َ‬
‫ناسبهُ وإىل غ ِري‬‫حال الذي يدرس على املدر ِس في ِلقي إىل املبتد ِئ ما ي ِ‬ ‫أيضا التفكري يف ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫املهم ً‬ ‫ومن ّ‬ ‫‪َ ‬‬
‫فظ‬ ‫حث املدرس الطالب على ِح ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الب ِص َ ِ ِ‬ ‫املبتد ِئ ما يُناسبهُ ويَبدأُ بتعلي ِم الطّ ِ‬
‫َ‬ ‫قبل كباره فيَ ُّ ّ ُ‬ ‫غار العلم َ‬
‫بعد أن‬ ‫أوسع منهُ إال َ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍَ‬
‫ءاخر َ‬ ‫نتقل معهُ من شرِح كتاب إىل كتاب َ‬ ‫درسهُ إياهُ وال يَ ُ‬ ‫فن يُ ّ‬
‫كل ّ‬ ‫ُمتصر يف ّ‬
‫أكثر ِمن‬ ‫ِ‬
‫الب تل ّقي الكتاب َ‬ ‫عيد الطّ ُ‬ ‫الزم ِن أن يُ َ‬ ‫ب يف هذا ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫فهم الكتاب األول بَل ويُناس ُ‬ ‫الطالب َ‬ ‫ُ‬ ‫يُ ِتق َن‬
‫ِ‬
‫بالقلب‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ألحكامها َّ‬ ‫ملسائله وم ِ‬ ‫ِ‬ ‫مرةٍ ليتأ ّك َد ِمن ُحس ِن تَ ُّ‬
‫صورهِ‬
‫من املعلومات إمنا تَثبُ ُ‬ ‫كثريا َ‬ ‫فإن ً‬ ‫عرفته‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫بعد مرةٍ وقَد‬‫رحها مرًة َ‬ ‫لش ِ‬ ‫القلب على التّ ِ‬ ‫ضح يف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تماع َ‬
‫مام إال باالس ِ‬ ‫منها ال تتّ ُ‬ ‫كثريا َ‬
‫بالتكرار واإلعادة و ً‬

‫البيهقي‪ .‬األُساء والصفات‪ .‬باب إثبات صفة الكالم‪ ،‬ص‪. 94‬‬


‫الدارمي‪ .‬سنن الدارمي‪ .‬باب تغري الزمان وما حيدث فيه ج ص‪. 7‬‬
‫ابن الصالح‪ .‬فتاوى ابن الصالح‪.‬‬
‫ابن اجلوزي‪ .‬صيد اخلاطر‪ .‬ص‪. 23‬‬
‫‪ 4‬الطرباين‪ .‬املعجم األوسط‪ .‬ج ص‪. 77‬‬
‫‪4‬‬
‫اَلرري رمحه اللَّه على م ِ‬ ‫عبد اللَّه‬
‫ثالث عشرَة مرة وكا َن‬ ‫شاخيه كتابًا َ‬ ‫ُّ ُ َ َ‬ ‫الشيخ ُ‬
‫ُ‬ ‫يخنا احلافظ احملدث‬ ‫قرأَ َش ُ‬
‫طلب العل ِم ال‬‫املخلص يف ِ‬ ‫ادق‬
‫الص ُ‬ ‫ثالث مر ٍ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫يقول " ّ‬ ‫ات" وكا َن ُ‬ ‫للطالب َ‬ ‫الكتاب‬
‫ُ‬ ‫عاد‬
‫أقل ما يُ ُ‬
‫قول " ُّ‬‫يَ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلبل‬ ‫ِ‬
‫قيل بالتّكرار يَقطَ ُع ُ‬ ‫من اإلفادة وقدَيًا َ‬ ‫وذلك ملا يف اإلعادة َ‬ ‫ََي ُّل ِمن تَكرا ِر تَل ّقي ما أَخ َذ" اه َ‬
‫جر‪.‬‬
‫احلَ َ‬
‫لسهُ ِمن غ ِري طَلبتِ ِه َه ِل العبارةُ اليت يَذ ُك ُرها يف‬ ‫ضر ََم َ‬
‫حال َمن َحي ُ‬
‫س َ‬ ‫املدر ُ‬
‫ِ‬
‫أيضا أ ْن يُراع َي ّ‬
‫املهم ً‬
‫ومن ّ‬ ‫‪َ ‬‬
‫يدهُ ِمن هذهِ العبارةِ‪.‬‬ ‫هو ويُر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫فه ُمهُ َ‬ ‫عناها كما يَنبغي أو ال يَفهمو َن ما يَ َ‬ ‫فه ُم احلاضرو َن َم َ‬‫أثناء َدرسه يَ َ‬
‫ب اللَّه َورسولُهُ" اه رواهُ‬ ‫كذ َ‬‫فه ُمو َن أحتبُّو َن أن يُ َّ‬ ‫الناس مبا يَ َ‬ ‫َّ‬
‫رضي الله عنهُ "ح ّدثُوا َ‬ ‫علي َ‬ ‫اإلمام ٌّ‬
‫ُ‬ ‫قال‬
‫َ‬
‫البخاري ‪.‬‬
‫ُّ‬
‫واللَّهُ َ‬
‫تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم‬

‫البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ .‬كتاب العلم‪ :‬باب من خص بالعلم قوما دون قوم كراهية أن ال يفهموا‪ .‬ج ص ‪.9‬‬
‫‪5‬‬
‫احملاضرة الثانية‬
‫أهميّة علم ال ّدين وبيان ما يجب على المكلّف تعلّمه من أمور ال ّدين‬
‫بس ِم اللَّه الرمح ِن الرحي ِم‬
‫وصحابتِ ِه الطّاهرين‪.‬‬ ‫ِِ‬ ‫احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سي ِدنا ٍ‬
‫حممد وعلَى ءاله َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ َ ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫العلماء يف قو ِله تَعاىل‪﴿ :‬يَـ ْرفَ ِع اهللُ الَّ ِذيْ َن ءَ َامنُـ ْوا ِمْن ُكم َوالَّ ِذيْ َن أُْوتُـ ْوا العِْل َم‬ ‫مقام العل ِم و ِ‬ ‫‪ ‬بيا ُن ِ‬
‫لب‬‫القرءان بطَ ِ‬‫ِ‬ ‫عليه وسلَّ َم يف‬ ‫أن اللَّه ما أمر نبيَّه صلَّى اللَّه ِ‬ ‫ات﴾ ( ) ( َس ْوَرةُ الْ ُم َج َادلَة)‪ ،‬و َّ‬ ‫درج ٍ‬
‫َ ُ‬ ‫ََ َ‬
‫ب ِزْدِين ِع ْل ًما( )﴾ ( ُس ْوَرةُ طَهَ)‪.‬‬ ‫قائل‪َ ﴿ :‬وقُ ْل َر ِّ‬ ‫فقال َعَّز ِمن ٍ‬ ‫شىء إال ِم َن العل ِم َ‬ ‫االزدياد ِمن ٍ‬ ‫ِ‬
‫ف ملا جاءَ يف قولِه تَعاىل‪﴿ :‬يَا أَيـُّ َها‬ ‫عني ِمن عل ِم ال ّدي ِن علَى كل مكلّ ٍ‬
‫ّ‬
‫جوب تعلُّ ِم قد ٍر ُم ّ ٍ‬ ‫‪ ‬بيا ُن و ِ‬
‫َ ُ‬
‫َّح ِرْي) ف َقد جاءَ َعن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫َّاس َواحل َج َارةُ(‪ُ ( ﴾)3‬س ْوَرةُ الت ْ‬ ‫الذيْ َن ءَ َامنُـ ْوا قُـ ْوا أَنْـ ُف َس ُكم َوأ َْهلْي ُكم نَ ًارا َوقُـ ْوُد َها الن ُ‬
‫املؤمنني أن يَـ ُقوا أن ُف َس ُهم‬ ‫يأمر‬ ‫اآلية َّ َّ‬ ‫طالب رضي اللَّه عنه يف تفس ِري ِ‬ ‫سيّ ِدنا علي ب ِن أيب ٍ‬
‫َ‬ ‫أن الله ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫فقال " َعلّموا‬ ‫ذلك َ‬ ‫الناس واحلجارةُ بتعلُّ ِم أموِر ال ّدي ِن وتَعلي ِم أهلي ِهم َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ودها ُ‬ ‫النار اليت َوقُ ُ‬ ‫وأهليه ُم َ‬
‫عليه وسلّ َم "طلب العلم فريضةٌ‬ ‫أنفس ُكم وأهلِي ُكم اخلري" رواه احلاكم وصححه ‪ ،‬وقولِه صلّى اللَّه ِ‬
‫ُ ّ ُ‬ ‫ْ ُ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ي‪.‬‬ ‫وح َّسنهُ احلافِ ُ‬
‫ظ املز ُّ‬ ‫البيهقي َ‬‫ُّ‬ ‫على كل م ٍ‬
‫سلم" رواهُ‬
‫نقسم إىل قِسم ِ‬ ‫ِ‬ ‫الع ُّ ِ ِ‬
‫ني‬ ‫يين من علم ال ّدي ِن يَ ُ‬ ‫رض َ‬ ‫‪ ‬ال َف ُ‬
‫العقيدةِ‪.‬‬ ‫‪ .1‬قسم يتعلّ ُق بأصول ال ّدي ِن أ ِي َ‬
‫ِ‬
‫باألحكام‪.‬‬ ‫‪ .‬وقسم يَتعلّ ُق‬
‫العبادات ِمن طهارةٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الشر ِ‬
‫أحكام‬ ‫فيد معرفةَ‬‫العلم يُ ُ‬ ‫علم األحكام‪ ،‬وهذا ُ‬ ‫سمى َ‬ ‫يعة فيُ َّ‬ ‫علم ّ‬ ‫‪ ‬وأما ُ‬
‫ذلك ِمن ضروري ِ‬ ‫وصيام وزكاةٍ وحج أركانًا وشروطًا وم ٍ‬ ‫وصالةٍ ٍ‬
‫ات عل ِم ال ّدي ِن‪.‬‬ ‫َ ّ‬ ‫بطالت وغ ِري َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ومعرفة رسو ِله صلّى اللَّه ِ‬
‫عليه‬ ‫ِ‬ ‫املعلومات ِ‬
‫معرفة اللَّه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بأشرف‬ ‫التوحيد لتعلُّ ِق ِه‬
‫ِ‬ ‫علم‬ ‫صيال‬
‫ً‬ ‫حت‬
‫َ‬ ‫‪ ‬أوىل الع ِ‬
‫لوم‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وسلّ َم‪.‬‬
‫قدي العل ِم باللَّه على االستغفا ِر يف قَو ِله تَعاىل‪﴿ :‬فاعلم أنه ال إله إال اهلل واستغفر لذنبك‬ ‫‪ ‬ويف تَ ِ‬
‫ذلك‪.‬‬
‫وللمؤمنني واملؤمنات (‪ُ ( ﴾) 7‬س ْوَرةُ ُحمَ َّمد) إشارة إىل َ‬

‫هـ‪ .‬قال عن احلديث‪ :‬صحيح على شرط الشيخني‪.‬‬ ‫احلاكم‪ .‬املستدرك‪ .‬تفسري سورة التغابن‪ .‬ج ص ‪ . 7‬ط ‪9‬‬
‫البيهقي‪ .‬شعب اإلَيان‪ .‬باب يف طلب العلم‪ ،‬ج ص‪. 74‬‬
‫ابن ماجه‪ .‬سنن ابن ماجه‪ .‬ج ص ‪،4‬‬
‫‪6‬‬
‫قال " ُكنا مع النيب صلّى اللَّه ِ‬ ‫رضي اللَّه عنهُ َ‬ ‫ِ ِ ِ َّ‬ ‫ِ‬
‫عليه‬ ‫َ ّ‬ ‫ماجه يف ُسننه َعن ُجندب بن عبد الله َ‬ ‫ابن َ‬ ‫‪ ‬روى ُ‬
‫وسلّم وحنن فِتيان حزا ِورة فتعلَّمنا اإلَيا َن قبل أ ْن نَتعلَّم ال ُقرءا َن مث تَعلَّمنا القرءا َن فازددنا ِبه إَيانًا" ِ‬
‫فيه‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫مجع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عليه وسلّم بتعلي ِم الص ِ‬ ‫اهتمام النيب صلّى اللَّه ِ‬ ‫ِ‬
‫التوحيد وتقدَيه علَى َغريه‪ .‬واحلزاورةُ ُ‬ ‫َ‬ ‫حابة‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫بيا ُن‬
‫كاد‪.‬‬ ‫حزوٍر واحلزور يف ِ‬
‫لغ أو َ‬ ‫اللغة يُطلَ ُق علَى َمن بَ َ‬ ‫َّ َ ُّ‬
‫أن الفقه يف ال ّدي ِن أفضل من ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفقه‬ ‫َُ َ‬ ‫رضي اللَّه عنهُ يف الفقه األبسط "اعلَم َّ َ‬ ‫اإلمام أبو حنيفةَ َ‬ ‫قال ُ‬ ‫‪َ ‬‬
‫ات‬ ‫ِ‬
‫االعتقادي ِ‬ ‫يتعلَّ ُق ِبه ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫وقال أيضا "أَصل التّ ِ‬
‫وحيد وما ي ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫االعتقاد عليه وما َ‬
‫ُ‬ ‫ص ُّح‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫األحكام" اهـ َ ً‬ ‫يف‬
‫هو ِ‬
‫الفقهُ األكربُ" اهـ‪.‬‬ ‫َ‬
‫أي‬ ‫‪ ‬كا َن اإلمام الشافعي رضي اللَّه عنه ي ِتقن علم التّ ِ‬
‫قبل هذا" ْ‬‫ذاك َ‬ ‫قال "أح َك ْمنا َ‬ ‫وحيد َحىت َ‬ ‫ُُ ُ َ‬ ‫ُّ َ‬ ‫ُ‬
‫افعي ‪.‬‬ ‫يهقي يف َم ِ‬ ‫وحيد قبل فُ ِ ِ‬ ‫أت َقنّا علم التّ ِ‬
‫الش ّ‬
‫ناقب ّ‬ ‫أخرجهُ البَ ُّ‬
‫روع الفقه‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫واللَّهُ َ‬
‫تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم‬

‫ابن ماجه‪ .‬سنن ابن ماجه‪ .‬باب يف اإلَيان‪ ،‬ج ص ‪ ،‬وصححه البوصريي يف مصباح الزجاجة‪ .‬باب اإلَيان‪ .‬ج ص ‪.‬‬
‫أبو حنيفة‪ .‬الشرح امليسر على الفقهني األبسط واألكرب‪ .‬باب أفضل الفقه وتعريف اإلَيان وأركانه‪ ،‬ج ص ‪.4‬‬
‫املصدر السابق‪ .‬باب بيان أصول اإلَيان‪ .‬ج ص‪.4‬‬
‫البيهقي‪ .‬مناقب الشافعي‪ .‬ج ص‪. 49‬‬
‫‪7‬‬
‫احملاضرة الثالثة‬
‫اإلسالم دين جميع األنبياء‬
‫الرحي ِم‬
‫الرمح ِن ّ‬ ‫بسم اللَّه ّ‬
‫ِ‬
‫ءاله وص ِ‬
‫حابته الطّاهرين‪.‬‬ ‫احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ َ ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫احلق َ َّ‬
‫اإلسالم ق َال‬
‫ُ‬ ‫كل األنبياء بدي ٍن واحد َ‬
‫هو‬ ‫اإلسالم‪ ،‬وقَد جاءَ ُّ‬ ‫ُ‬ ‫هو‬
‫عند الله َ‬ ‫ين َّ‬ ‫فإن ال ّد َ‬ ‫وبعد َّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫تَعاىل‪ ﴿ :‬إِ َّن ِّ ِ ِ‬
‫حيح الذي ارتضاهُ اللَّه لعباده البش ِر و ّ‬
‫اجلن‬ ‫الص َ‬ ‫ين ّ‬ ‫أن ال ّد َ‬ ‫أي َّ‬ ‫اإلس َال ُم﴾ ْ‬ ‫الديْ َن عْن َد اهلل ْ‬
‫األديان باطل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫من‬ ‫ِ‬
‫اإلسالم ال غريُ وما سواهُ َ‬ ‫ُ‬ ‫املالئكة‬‫و‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫أن َمن‬‫أي َّ‬ ‫اإلس َالم ديْـنًا فَـلَ ْن يـُ ْقبَ َل مْنهُ َوُه َو ِيف اآلخَرةِ م َن اخلَاس ِريْ َن﴾ ْ‬
‫وقال تَعاىل‪َ ﴿ :‬وَم ْن يَـْبتَ ِغ َغْيـَر ْ‬‫َ‬
‫دين ِبه فلَن يَقبلَهُ اللَّه منهُ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫غري اإلسالم يَ ُ‬ ‫طلب دينًا َ‬ ‫يَ ُ‬
‫ومن‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫موسوي‪َ ،‬‬
‫ٌّ‬ ‫فهو ُمسلم‬‫ملوسى صلّى الله عليه وسلّ َم َ‬ ‫َّبعا َ‬ ‫فمن كا َن مت ً‬ ‫فكل األنبياء ُمسلمو َن َ‬ ‫ُّ‬
‫حمم ًدا صلّى‬ ‫قال مل ِن ات َ‬
‫َّبع ّ‬ ‫صح أن يُ َ‬ ‫يسوي‪ ،‬ويَ ُّ‬‫فهو ُمسلم ِع ٌّ‬ ‫َّ ِ‬
‫لعيسى صلّى الله عليه وسلّ َم َ‬ ‫َّبعا َ‬ ‫كا َن مت ً‬
‫دي‪ .‬واإلسالم هو ال ّدين الذي رضيه اللَّه لعبادهِ وأمرنا باتّ ِ‬
‫باع ِه‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ َُ‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫حمم ٌّ‬‫اللَّه عليه وسلّ َم ُمسلم ّ‬

‫واللَّهُ َ‬
‫تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم‬

‫سورة ءال عمران‪ /‬ءاية ‪. 7‬‬


‫سورة ءال عمران‪ /‬ءاية ‪.44‬‬
‫‪8‬‬
‫احملاضرة الرابعة‬
‫اإلسالم واإليمان متالزمان‬
‫بس ِم اللَّه الرمح ِن الرحي ِم‬
‫ءاله وص ِ‬
‫حابته الطّاهرين‪.‬‬ ‫احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ َ ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫معنى اإليمان واإلسالم وأنهما متالزمان‬
‫عليه وسلَّم ِمن ِع ِ‬
‫ند‬ ‫لب مبا جاء ِبه النيب صلَّى اللَّه ِ‬ ‫صديق بال َق ِ‬ ‫صديق بال َق ِ‬
‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫وشرعا التّ ُ‬ ‫لب‪ً ،‬‬ ‫اإلَيا ُن لغةً التّ ُ‬
‫طق‬ ‫عليه وسلَّم ِمن ِ‬
‫عند اللَّه بالنّ ِ‬ ‫اللَّه‪ ،‬واإلسالم لغةً االنقياد‪ ،‬وشرعا االنقياد ملا جاء ِبه النيب صلَّى اللَّه ِ‬
‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫بالشهادت ِ‬
‫ني‪.‬‬ ‫ّ‬
‫عند‬
‫ني ال يُقبَ ُل َ‬ ‫بالشهادت ِ‬
‫فالنطق ّ‬ ‫ون اآلخ ِر‪،‬‬ ‫بد ِ‬ ‫منهما ُ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬و‬
‫ُ‬ ‫صح كلٌّ ُ‬ ‫تالزمان فال يَ ُّ‬ ‫اإلسالم واإلَيا ُن ُم‬
‫ُ‬
‫طق‬‫ون النّ ِ‬‫بد ِ‬
‫عند اللَّه ُ‬
‫ني ال يُقبَ ُل َ‬ ‫الشهادت ِ‬ ‫لب مبعىن ّ‬ ‫صديق بال َق ِ‬ ‫صديق بال َق ِ‬
‫ون التّ ِ‬ ‫بد ِ‬‫اللَّه ُ‬
‫لب مبعنَاّها‪ ،‬والتّ ُ‬
‫الم وكا َن‬‫اإلسالم وأما من نَشأَ َعلى اإلس ِ‬ ‫ِ‬ ‫خول يف‬ ‫ِ‬
‫اإلسالم مث أر َاد ال ّد َ‬ ‫فيمن كا َن َعلى َغ ِري‬
‫َ‬ ‫هبما هذا َ‬
‫نطق‪.‬‬‫ط يف ح ّق ِه النّطق هبما بل هو مسلم مؤمن لَو مل ي ِ‬ ‫ني فال يُشرت ُ‬ ‫الشهادت ِ‬ ‫عتقد ّ‬‫يَ ُ‬
‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫فهما‬‫اإلمام أبو َحنيفةَ يف الفقه األك ِرب "ال يكو ُن إَيان بال إسالم وال إسالم بال إَيان ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪َ ‬‬
‫قال‬
‫نفصل ع ِن‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ال‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫اإلَيا‬ ‫ذلك‬
‫َ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ف‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫ط‬ ‫الب‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫صل‬ ‫نف‬‫َ‬‫ي‬ ‫ال‬ ‫هر‬‫أن الظَّ‬‫َّ‬ ‫ما‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫أي‬
‫ْ‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬‫ا‬‫‪1‬‬
‫مع البَط ِن"‬ ‫كالظّه ِر َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫العكس‬ ‫قال فالن مسلم ولكنّهُ ليس مبؤم ٍن أ ِ‬
‫و‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫فلذلك‬ ‫ِ‬
‫اإلَيان‬ ‫نفصل ع ِن‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫اإلسالم ال يَ ُ‬ ‫ُ‬ ‫اإلسالم و‬
‫ِ‬
‫اإلَيان َّ‬
‫ألن‬ ‫ناقص‬ ‫ِ‬ ‫ليس مبسل ٍم بل يُ ُ‬
‫كامل اإلَيان أَو فالن مؤمن ُ‬ ‫قال فالن مؤمن ُ‬ ‫فالن مؤمن ولكنهُ َ‬
‫باحلسنات وتَنقص بالس ِ‬
‫يئات‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫يد‬ ‫ِ‬
‫اإلَيان تَز ُ‬ ‫صفةَ‬
‫ُ ّ‬
‫مات فهذا مسلم‬ ‫اجبات واجتنب احملر ِ‬ ‫عليه وسلّم وأدى الو ِ‬ ‫فمن ءامن باللَّه ورسو ِله حمم ٍد صلّى اللَّه ِ‬
‫َ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ‬
‫مات ِ‬
‫كأكل‬ ‫اخلمس أ ِو ارتكب بعض احملر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات‬‫اجبات كالصلو ِ‬ ‫ترك بعض الو ِ‬
‫َ َ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ومن َ َ‬ ‫مؤمن وإَيانهُ كامل‪َ ،‬‬
‫وشرب اخلم ِر فهذا مسلم مؤمن وإَيانهُ ناقص‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الّربا‬
‫ؤمن أحد ُكم‬ ‫حب لنفسه" َ‬
‫فمعناهُ ال يُ ُ‬ ‫ب ألخيه ما ي ُّ‬ ‫حديث "ال يؤمن أحدكم حتى يح َّ‬ ‫ُ‬ ‫‪ ‬أما‬
‫حديث‬ ‫فتح البا ِري‪ ،‬و َ‬
‫كذلك‬ ‫ابن َحج ٍر يف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب أل ِ‬
‫ُ‬ ‫ظ ُ‬ ‫ذكرهُ احلاف ُ‬
‫ب لنَفسه َ‬‫َخيه ما ُحي ُّ‬ ‫كامال َحىت ُحي َّ‬
‫إَيانًا ً‬
‫مؤمن وال يرر ُ‬
‫السارُ حين يسرُ وهو ٌ‬ ‫مؤمن وال يسرُ ّ‬ ‫الناني حين ينني وهو ٌ‬ ‫"ال ينني ّ‬

‫مال علي القاري‪ .‬شرح الفقه األكرب‪ .‬ص‪. 42‬‬


‫البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ .‬كتاب اإلَيان‪ :‬باب من اإلَيان أن حيب ألخيه ما حيب ألخيه من اإلَيان‪ .‬ج ص ‪. 9‬‬
‫‪9‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫النووي يف‬
‫ُّ‬ ‫وهو مؤمن كامل ذكرهُ‬ ‫ؤمن" معناهُ ال يَ َ‬
‫فع ُل هذه املعاصي َ‬ ‫الخمر حين يرربها وهو م ٌ‬
‫حيح مسل ٍم‪.‬‬
‫ص ِ‬ ‫َشرِح َ‬
‫أصل اإليمان واإلسالم‬
‫َّق‬
‫فمن صد َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ديق مبعىن ّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪‬‬
‫لذلك بالنّطق هبما‪َ ،‬‬ ‫االنقياد َ‬
‫ُ‬ ‫اإلسالم‬ ‫أصل‬
‫الشهادتني‪ ،‬و ُ‬ ‫أصل اإلَيان التص ُ‬ ‫ُ‬
‫ذلك ال‬ ‫مات على َ‬ ‫اإلَيان و ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الشهادت ِ‬
‫اإلسالم إ ْن َ‬ ‫أصل‬
‫صح لهُ ُ‬ ‫بالنطق هبما َّ‬ ‫لذلك‬
‫انقاد َ‬ ‫ني و َ‬ ‫مبعىن ّ‬
‫دخ َل اجلنّةَ‪.‬‬
‫بد أن يَ ُ‬ ‫َّ‬
‫عليه وسلَّ َم "يخرج من النار من قال ال إله إال اللَّه وفي قلبه وزن‬ ‫رسول اللَّه صلَّى اللَّه ِ‬ ‫قال ُ‬ ‫‪َ ‬‬
‫ِ‬
‫اإلَيان و ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ائض العمليّةَ‬‫ؤد ال َفر َ‬ ‫اإلسالم ولو مل يُ ّ‬ ‫أصل‬
‫صح لهُ ُ‬ ‫أي َمن َّ‬ ‫البخاري ْ‬
‫ُّ‬ ‫ذ َّرة من إيمان" رواهُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات اخلَ ِ‬ ‫كالصلو ِ‬
‫احملرمات كأك ِل ّ‬
‫الربا‬ ‫مس وصيام َرمضا َن من َغري إنكار لفرضيّتها ومل َيتنب ّ‬ ‫ّ‬
‫األبدي يف النا ِر‪ .‬واملر ُاد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وش ِ‬
‫ّ‬ ‫اخللود‬ ‫من‬
‫ذلك ف َقد ََنا َ‬ ‫ومات َعلى َ‬ ‫رب اخلَم ِر لك ْن مل يَستحلّها َ‬ ‫ُ‬
‫ألن ِذكر ّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫بذك ِر ّ ِ‬ ‫ِ‬
‫صار يف‬ ‫الشهادة األُوىل َ‬ ‫الشهاد َة الثانيةَ َّ َ‬ ‫شمل ّ‬
‫الشهادة األُوىل يف هذا احلديث ما يَ ُ‬
‫الشهادةُ الثانيةُ‪.‬‬
‫فيه ّ‬ ‫الشرِع ملحوظًا ِ‬ ‫ِ‬
‫عُرف ّ َ‬
‫وهو نائم‬ ‫َتيت َّ َّ َّ ِ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪َ ‬‬
‫النيب صلى الله َعليه وسل َم َ‬ ‫قال أ ُ‬ ‫ذر َ‬ ‫وروى البخاري ومسلم من َحديث أيب ّ‬
‫عبد قال‬ ‫فقال "ما من ٍ‬ ‫إليه َ‬‫ظ فجلست ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هو نائم مث أتيتُهُ وقَد استيق َ َ ُ‬ ‫أبيض مث أتيتُهُ فإذا َ‬‫عليه ثوب ُ‬
‫قال"وإن زنى وإن‬ ‫سرق؟ َ‬ ‫ال إله إال اللَّه ثم مات على ذلك إال دخل الجنة" ُ‬
‫قلت وإ ْن َزىن وإ ْن َ‬
‫ابعة"على رغم‬ ‫قال يف الر ِ‬ ‫قال"وإن زنى وإن سرُ" ثالثًا‪ ،‬مث َ‬ ‫قلت وإ ْن َزىن وإ ْن َسرق؟ َ‬ ‫سرُ"‪ُ ،‬‬
‫مات‬ ‫ِ‬ ‫اإلسالم َّ ِ‬
‫اإلَيان و ِ‬ ‫ِ‬ ‫احلديث‪ِ ،‬‬
‫ففيه َّ‬ ‫أنف أبي ذ ّر"‬
‫البد من ُدخوله اجلنةَ ولَو َ‬ ‫مات على‬‫أن َمن َ‬ ‫َ‬
‫من الكبائ ِر‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫وهو غريُ تائب َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫منهم يُع ّذ ُهبم مث‬‫لهم اجلنةَ بال عذاب وقسم ُ‬ ‫ساحمه ُم اللَّه ويُدخ ُ‬
‫منهم يُ ُ‬ ‫أهل الكبائ ِر قسم ُ‬ ‫‪ ‬املؤمنو َن ُ‬
‫يُدخلُ ُهم اجلنةَ‪ ،‬واللَّه أعلَ ُم مبن يُساحمُهُ ومبَن ال يُساحمُهُ‪.‬‬

‫البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ .‬كتاب املظامل والغصب‪ :‬باب النهب بغري إذن صاحبه‪ .‬ج ص ‪. 9‬‬
‫البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ .‬كتاب اإلَيان‪ :‬باب زيادة اإلَيان ونقصانه ج ص ‪. 2‬‬
‫البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ .‬كتاب اللباس‪ :‬باب الثياب البيض ج ‪ 9‬ص ‪. 9‬‬
‫مسلم‪ .‬صحيح مسلم‪ .‬كتاب اإلَيان‪ :‬باب من مات ال يشرك باللَّه شيئا دخل اجلنّة ومن مات مشركا دخل النّار‪ .‬ج‬
‫ص‪.33‬‬
‫‪11‬‬
‫ب لقولِِه صلَّى اللَّه‬ ‫ِ‬
‫فهو كأنهُ مل يُذن ْ‬‫قبل َ‬
‫من ال ّذنوب اليت كا َن قَد فَعلَها ُ‬
‫ِ‬
‫تاب َ‬ ‫بعد أَن َ‬
‫مات َ‬ ‫‪ ‬أما َمن َ‬
‫ِ‬
‫اجه ‪.‬‬ ‫َعليه وسلَّ َم "التائب من ال ّذنب كمن ال ذنب له" َرواهُ ُ‬
‫ابن َم َ‬
‫اجبات واجتنب مجيع احملر ِ‬ ‫اإلسالم وكا َن قَد أدى مجيع الو ِ‬ ‫اإلَيان و ِ‬ ‫ِ‬
‫مات فال‬ ‫َ َ ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫مات على‬ ‫‪ ‬وأما َمن َ‬
‫النعيم‬ ‫نكدا يف الق ِرب وال يف اآلخرةِ بل يدخل اجلنةَ بال ٍ‬
‫حيث ُ‬ ‫عذاب ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫عطشا وال ً‬ ‫جوعا وال ً‬ ‫يَل َقى ً‬
‫أبدا‪.‬‬
‫اخلالد فيكو ُن مأواهُ الذي ال خير ُج منهُ ً‬ ‫املقيم ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نقطع يف‬ ‫ف وال يَ ُ‬ ‫أبدا ال ُخي ّف ُ‬
‫فيها ً‬‫خالدا َ‬
‫جهنم ً‬ ‫فمأواهُ ُ‬ ‫مات َعلى غري اإلَيان واإلسالم َ‬ ‫‪ ‬وأما َمن َ‬
‫قال تَعاىل‪﴿ :‬إِ َّن اهللَ لَ َع َن ال َكافِ ِريْ َن‬
‫من النا ِر َ‬‫هو خبارٍج َ‬ ‫وما َ‬ ‫العذاب إىل ما ال َنايةَ لهُ َ‬ ‫ُ‬ ‫اآلخرةِ عنهُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َحَزاب)‪.‬‬ ‫َوأَ َع َّد ََلُ ْم َسعْيـًرا( ‪َ )3‬خالديْ َن فْيـ َها أَبَ ًدا َال ََِي ُد ْو َن َوليًّا َوَال نَصْيـًرا(‪ُ ( ﴾)34‬س ْوَرةُ األ ْ‬
‫رسول اللَّه واختِم لنَا باحلُسىن‪.‬‬
‫حمم ًدا ُ‬ ‫أن َ‬ ‫هم ثبّتنا على شهادةِ أ ْن ال إلهَ إال اللَّه و َّ‬ ‫اللَّ َّ‬

‫واللَّهُ َ‬
‫تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم‬

‫ابن ماجه‪ .‬سنن ابن ماجه‪ .‬كتاب الزهد‪ ،‬ج‪ 4‬ص‪. 2‬‬
‫‪11‬‬
‫احملاضرة اخلامسة‬
‫معرفة اللَّه تعالى ليست على سبيل اإلحاطة‬
‫بس ِم اللَّه الرمح ِن الرحي ِم‬
‫حابته الطّاهرين‪.‬‬ ‫ءاله وص ِ‬ ‫احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ َ ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫العلم باللَّه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َيب َعلى العبد ُ‬ ‫األشعري رمحهُ اللَّه تَعاىل يف النوادر " ّأو ُل َما ُ‬ ‫ُّ‬ ‫اإلمام أبو احلس ِن‬‫قال ُ‬ ‫‪َ ‬‬
‫ورسو ِله ِ‬
‫ودينه" اه‬
‫قيقة إال اللَّه‪ ،‬اإلنسا ُن ال‬ ‫اإلحاطة ألنه ال يعلم اللَّه على احل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت َعلى ِ‬ ‫َّ‬
‫َ‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫سبيل‬ ‫‪ ‬معرفةُ الله َ‬
‫ليس ْ‬
‫حبقيقة ِ‬
‫خالق ِه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫علما‬ ‫نفس ِه‬
‫حبقيقة ِ‬
‫ِ‬
‫ط ً‬ ‫فكيف حيي ُ‬ ‫َ‬ ‫علما‬
‫ط ً‬ ‫حيي ُ‬
‫رضي اللَّه عنهُ‬
‫بن كعب َ‬
‫ٍ‬
‫ُيب ُ‬‫قال أ ُّ‬‫َّجم) َ‬ ‫ك الْ ُمْنتَـ َهى( )﴾ ( ُس ْوَرةُ الن ْ‬ ‫َن إِ َىل َربِّ َ‬
‫‪ ‬قال تعاىل‪َ ﴿ :‬وأ َّ‬
‫صل إىل معر ِفة‬‫ُ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ال‬ ‫ه‬‫العباد ال تُد ِرُك حقيقةَ اللَّ‬ ‫فكرات ِ‬
‫ُ‬ ‫أي تَ ُّ‬ ‫ْ‬ ‫‪،‬‬ ‫انتهى فِك ُْر َمن تَـ َفكَر"‬
‫َّ ‪1‬‬
‫"إليه َ‬
‫ِ‬
‫حقيقة اللَّه ال يصل إىل نَ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫صل إىل م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تيجة ألنهُ تَعاىل‬ ‫ُ‬ ‫عرفة‬ ‫كرهُ ليَ َ َ‬ ‫فالعبد َمهما َشغَ َل ف َ‬ ‫حقيقة اللَّه ُ‬
‫من الوجوهِ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بأي َوجه َ‬
‫ِ‬
‫موجود ال يُشبهُ املوجودات ّ‬
‫ظ أبو القاس ِم‬ ‫ ُ" رواهُ احلاف ُ‬ ‫عليه وسلَّ َم "ال فكرة في َّ‬ ‫رسول اللَّه صلَّى اللَّه ِ‬
‫األنصاري‬
‫ُّ‬ ‫الر ّ‬ ‫قال ُ‬ ‫‪َ ‬‬
‫كعب ع ِن النيب صلَّى اللَّه ِ‬
‫عليه وسلَّ َم ‪.‬‬ ‫اإلرشاد َعن أ َُيب ب ِن ٍ‬ ‫ِ‬ ‫يف شرِح‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تفكروا يف ُملوقات اللَّه وال تَ َّ‬ ‫عنهما " َّ‬
‫حقيقة‬ ‫فكروا يف ذات اللَّه‪ْ -‬‬
‫أي‬ ‫رضي اللَّه ُ‬ ‫ابن عباس َ‬
‫قال ُ ٍ‬ ‫‪َ ‬‬
‫األُساء والص ِ‬ ‫ِ‬
‫فات ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يهقي يف‬‫اللَّه‪ "-‬اه َرواهُ البَ ُّ‬
‫هم َحي ُك ُم َعلى ما مل يَـَرهُ حبك ِم ما َرءاهُ فال يُد ِرُك إال األشياءَ اليت‬ ‫الو َ‬‫ألن َ‬ ‫هم َّ‬ ‫الو ُ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫‪ ‬حقيقةُ الله ال يُدرُكها َ‬
‫ليس كمثله شىء فال يُدرُكهُ‬
‫ِ‬
‫ذلك أما َمن َ‬ ‫الم وحن ِو َ‬ ‫الشج ِر والنّوِر والظّ ِ‬ ‫مام و ّ‬ ‫ِ‬
‫كاإلنسان والغَ ِ‬ ‫ألَِفها‬
‫جسما‪.‬‬ ‫جسمهُ وأما اللَّ‬ ‫ِ‬ ‫ذات اللَّ‬ ‫ِ‬
‫حقيقة اللَّ‬
‫فليس ً‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫هبا‬ ‫اد‬
‫ُ‬ ‫ر‬ ‫فامل‬ ‫اإلنسان‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫قيق‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫أما‬‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ومعىن‬‫هم‪َ .‬‬‫الو ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ذلك" اه رواهُ عنهُ‬ ‫ببالك فاللَّه ِخبالف َ‬ ‫رت َ‬ ‫رضي اللَّه عنهُ " َمهما َّ‬
‫تصو َ‬ ‫َ‬ ‫املصري‬
‫ُّ‬ ‫قال اإلمام ذو النّ ِ‬
‫ون‬ ‫ُ‬ ‫‪َ ‬‬
‫ليس لهُ‬‫ك ألنهُ َ‬ ‫أي صورةٍ خطََرت على قلبِ َ‬ ‫أن اللَّه ال يُشبِهُ َّ‬ ‫يخ دمشق‪ ،‬ومعناهُ َّ‬ ‫ابن عساكر يف تار ِ‬
‫فخالق الصوِر ال يكو ُن صورًة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الص َوَر كلَّها‪،‬‬‫املص ّوُر الذي َخلَ َق ُّ‬ ‫البارئ َ‬ ‫اخلالق ُ‬ ‫هو اللَّه ُ‬ ‫صورة بَل َ‬ ‫ُ‬

‫أبو القاسم األنصاري‪ .‬شرح اإلرشاد ص ‪.32-44‬‬


‫املصدر السابق‪.‬‬
‫البيهقي‪ .‬األُساء والصفات‪ .‬باب ما ذكر يف الذات‪ ،‬ص‪. 32‬‬
‫‪12‬‬
‫كيف وال‬‫الرفاعي رضي اللَّه عنهُ "غايةُ املعر ِفة باللَّه اإليقا ُن بوجودهِ تعاىل بال ٍ‬ ‫أمحد‬
‫اإلمام ُ‬ ‫‪َ ‬‬
‫قال‬
‫ُ‬ ‫ُّ َ‬ ‫ُ‬
‫بأن اللَّه‬
‫اجلازم َّ‬ ‫ِ‬
‫املعرفة باللَّه اإليقا ُن أ ِي‬ ‫مكان" اه أي َنايةُ ما يصل ِ‬ ‫ٍ‬
‫االعتقاد ُ‬‫ُ‬ ‫من‬
‫العبد َ‬
‫إليه ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫املوجودات موجود بال ٍ‬
‫مكان‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َموجود ال يُشبِهُ‬
‫عليه وسلَّ َم‪ ،‬ومعرفةُ‬‫عليه العقيدةُ اإلسالميةُ معرفةُ اللَّه ومعرفةُ رسو ِله صلَّى اللَّه ِ‬ ‫‪ ‬األصل الذي تُبىن ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫كل‬
‫ستحيل عليه من ّ‬ ‫ُ‬ ‫ومعرفةُ ما يَ‬ ‫ليق بهِ َ‬ ‫َيب هلل من صفات الكمال اليت تَ ُ‬ ‫اللَّه تكو ُن مبعرفة ما ُ‬
‫وإعد ِامها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫املخلوقات َ‬ ‫كخ ِلق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫َيوز يف ح ّقه تَعاىل َ‬
‫ومعرفةُ ما ُ‬ ‫نقص يف ح ّقه‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫اعتقاد‬ ‫مع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪َ ‬يب َعلى كل مكلّ ٍ‬
‫شرَة صفةً واجبةً هلل تَعاىل بإثباِتا لهُ تَعاىل َ‬ ‫ثالث َع َ‬
‫ف معرفةُ َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫صاحب‬ ‫رحه و‬ ‫ايل يف َش ِ‬ ‫الفض ُّ‬ ‫الس ِ‬ ‫نويب يف شرِح ِ‬ ‫عبد ِ‬
‫ُ‬ ‫لوك و َ‬ ‫تائية ُّ‬ ‫الشر ُّ‬
‫اجمليد ُّ‬ ‫ذلك ُ‬ ‫معانيها‪ .‬وممن ذ َكَر َ‬ ‫َ‬
‫صاحب عقيدةِ العوِام وقبلَ ُهم‬‫ُ‬ ‫رزوقي‬
‫أمحد امل ُّ‬ ‫البني و ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫السنوسيَّة وأبو بك ٍر ال ّدميَاط ُّي يف إعانة الطّ َ‬
‫اإلمام أبو حنيفةَ رضي اللَّه عنه‪ .‬وهذه الصفات هي‪ :‬الوجود‪ ،‬الوحدانيةُ‪ِ ،‬‬
‫الق َد ُم أ ِي األزليةُ‪،‬‬ ‫ُ‬
‫الكالم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫البصر‪ ،‬احلياةُ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫مع‪،‬‬
‫الس ُ‬
‫العلم‪ّ ،‬‬ ‫بالنفس‪ ،‬القدرةُ‪ ،‬اإلرادةُ أ ِي املشيئةُ‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫القيام‬
‫ُ‬ ‫البَقاءُ‪،‬‬
‫واملخالفةُ للحو ِ‬
‫ادث‪.‬‬

‫واللَّهُ َ‬
‫تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم‬

‫الرفاعي‪ .‬كتاب احلكم‪ .‬ص‪. 3‬‬


‫ألف ثالث عقائد صغرى ووسطى وكربى‪.‬‬
‫أبو عبد اهلل السنوسي‪ .‬منت السنوسية‪ .‬ص ‪.‬‬
‫الدمياطي‪ .‬إعانة الطالبني‪ .‬فصل يف شروط التمييز‪ .‬ج ص‪. 3‬‬
‫‪13‬‬
‫احملاضرة السادسة‬
‫تننيه اللَّه عن الجسميّة والح ّد‬
‫بس ِم اللَّه الرمح ِن الرحي ِم‬
‫ءاله وص ِ‬
‫حابته الطّاهرين‪.‬‬ ‫احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ َ ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫قال اللَّه تَعاىل‪﴿ :‬لَيس َك ِمثْلِ ِه َشىء ( )﴾ (سورةُ الشُّورى) فهذهِ اآليةُ هي أصرح ٍ‬
‫ءاية يف‬ ‫‪َ ‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َْ َْ َ‬ ‫ْ َ‬
‫بأي‬ ‫أن اللَّه َ‬ ‫ِ‬
‫فأفادت اآليةُ َّ‬ ‫رءان يف تْنز ِيه اللَّه التْنزيهَ ال ُكلّ َّي‬
‫ال ُق ِ‬
‫املني ّ‬‫الع َ‬
‫من َ‬‫تبارك وتَعاىل ال يُشبههُ َشىء َ‬
‫ِ‬ ‫الوجوهِ‪ُ .‬‬ ‫ٍ‬
‫صورة‬‫حتصى ولَو كا َن لهُ ُ‬‫سما لكا َن لهُ أمثال ال َ‬ ‫نقول لَو كا َن اللَّه ُسبحانَهُ وتَعاىل ج ً‬ ‫من ُ‬‫َوجه َ‬
‫ٍ‬
‫أي كميّة لكا َن‬‫حتصى ولَو كا َن لهُ َح ٌّد ْ‬ ‫حتصى ولَو كا َن يف مكان لكا َن لهُ أَمثال ال َ‬ ‫لكا َن لهُ أَمثال ال َ‬
‫حتصى ولَو كا َن ساكنًا لكا َن لهُ أَمثال ال‬ ‫ٍ‬
‫حتصى ولَو كا َن يف جهة لكا َن لهُ أمثال ال َ‬ ‫لهُ أَمثال ال َ‬
‫ومتحرًكا وقتًا لكا َن لهُ أمثال ال‬
‫ّ‬ ‫حتصى ولَو كا َن ساكنًا وقتًا‬ ‫تحرًكا لكا َن لهُ أمثال ال َ‬ ‫حتصى ولَو كا َن ُم ّ‬ ‫َ‬
‫من‬ ‫ٍ‬ ‫بشىء من ِ‬ ‫ٍ‬
‫نفصال َعن َشىء َ‬ ‫حتصى ولَو كا َن ُم ً‬ ‫اخللق لكا َن لهُ أمثال ال َ‬ ‫َ‬ ‫صال‬
‫حتصى ولَو كا َن متّ ً‬
‫حتصى‪.‬‬ ‫ِ‬
‫املخلوقات لكا َن لهُ أمثال ال َ‬
‫ِ‬
‫بصفات اجلس ِم‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫وصف تعاىل‬
‫وعرض وُسَْك وال يُ ُ‬ ‫اجلسم ما لهُ طول َ‬ ‫ُ‬ ‫سما‪،‬‬
‫ليس ج ً‬ ‫‪ ‬الله تَعاىل َ‬
‫الشعوِر‬
‫عب و ّ‬ ‫كاإلحساس بالتّ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االنفعال‬ ‫التغري و ِ‬
‫اجللوس و‬ ‫كون و ِّ‬ ‫كة والس ِ‬ ‫كل واحلر ِ‬ ‫الش ِ‬‫الصورةِ و ّ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫كاللون و ّ‬
‫باآلالم و ِ‬
‫اللذات‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ظ‬‫املعبود" اه رواهُ احلاف ُ‬‫َ‬ ‫أن إَلنا َحمدود ف َقد َج ِه َل َ‬
‫اخلالق‬ ‫عم َّ‬ ‫َّ‬
‫رضي الله عنهُ " َمن َز َ‬
‫علي َ‬ ‫اإلمام ٌّ‬
‫قال ُ‬ ‫‪َ ‬‬
‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وهي اَلباءُ‬
‫صغريا كا َن كالذ ّرة َ‬ ‫عند عُلماء التّوحيد َما لهُ حجم ً‬ ‫أبو نُعي ٍم يف حلية األولياء ‪ .‬و ُ‬
‫احملدود َ‬
‫فالذرةُ َحمدودة‬ ‫ِ‬ ‫كالع ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫عند ُد ِ‬
‫خول نُوِر ّ‬
‫سقف اجلنّة‪ّ ،‬‬ ‫وهو ُ‬ ‫رش َ‬ ‫كبريا َ‬
‫من النافذة أو ً‬ ‫مس َ‬ ‫ظهر َ‬ ‫الذي يَ ُ‬
‫قال اللَّه تَعاىل‪ ﴿ :‬وُكل ش ٍ‬
‫ىء ِعْن َدهُ مبِِ ْق َدا ٍر(‪﴾)4‬‬ ‫ذلك حمدود َ‬
‫َ ُّ َ‬ ‫يح ُك ُّل َ‬‫الم والر ُ‬
‫ور والظّ ُ‬‫رش حمدود والنّ ُ‬ ‫الع ُ‬‫وَ‬
‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬
‫املساحة يَنت ِهي َ‬
‫إليها‪.‬‬ ‫َ‬ ‫من‬
‫كل َحجم َعلى مقدار َ‬
‫أن اللَّه َجعل َّ ٍ‬
‫َ‬ ‫أي َّ‬ ‫الر ْعد) ْ‬
‫( ُس ْوَرةُ َّ‬
‫كبريا‬ ‫ِ‬ ‫اإلمام علي رضي اللَّه عنهُ َّ َّ‬ ‫كالم ِ‬ ‫‪ ‬ومعىن ِ‬
‫جسما ً‬ ‫ليس ً‬ ‫صغريا كال ّذرة و َ‬ ‫جسما ً‬ ‫ليس ً‬ ‫أن الله َ‬ ‫ّ َ‬ ‫َ‬
‫صغريا كال ّذرةِ لكا َن لهُ أمثال َ‬
‫قال تَعاىل‪:‬‬ ‫جسما ً‬ ‫ذلك ألنهُ لَو كا َن ً‬ ‫أكرب ِمن َ‬ ‫جسما َ‬
‫ليس ً‬ ‫َ ِ‬
‫كالعرش و َ‬
‫األمثال أي ال تُشبـهوه خبَ ِ‬
‫لقه ‪ ،‬ولو‬ ‫ض ِربـوا هللِ األَمثَال( ‪( ﴾)9‬سورةُ النَّحل) أي ال ََتعلوا هللِ‬
‫ُّ ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫﴿فَ َال تَ ْ ُ ْ‬

‫رواه احلافظ أبونعيم األصفهاين يف كتاب حلية األولياء ص‪. 4‬‬


‫النسفي‪ .‬تفسري النسفي‪ .‬ج ص‪. 92‬‬
‫‪14‬‬
‫َحد( )﴾ ( ُس ْوَرةُ ا ِإل ْخ َالص)‬ ‫ِ‬ ‫كالع ِ‬
‫رش لكا َن م ًثال لهُ قالَ تَعاىل ﴿ َوَملْ يَ ُك ْن لَهُ ُك ُف ًوا أ َ‬ ‫كبريا َ‬ ‫جسما ً‬ ‫كا َن ً‬
‫حمتاجا‬ ‫الع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫رش لكا َن ً‬ ‫من َ‬ ‫أكرب َ‬
‫جسما َ‬ ‫الوجوه‪ ،‬ولَو كا َن ً‬ ‫من ُ‬ ‫ظري لهُ َبوجه َ‬ ‫أي ال نَ َ‬ ‫هو النّظريُ‪ْ ،‬‬ ‫فو َ‬ ‫وال ُك ُ‬
‫حيد نفسه حب ّد يكو ُن ِ‬ ‫السم ِ‬ ‫ِ‬
‫ألن َمعىن‬ ‫عليه َّ‬ ‫َيوز أ ْن َّ َ ُ‬ ‫ك وال ُ‬ ‫رض وهبذا َّ ْ‬ ‫ملن َحدَّهُ هبذا الطُّول وهبذا َ‬
‫الع ِ‬
‫نفسهُ‪.‬‬
‫خيلق َ‬ ‫الشىءَ ال ُ‬ ‫ألن ّ‬ ‫وذلك حمال َّ‬ ‫نفسهُ َ‬ ‫لق َ‬ ‫ذلك أنهُ َخ َ‬ ‫َ‬
‫كل‬ ‫ِ‬ ‫األجسام بَل َمعناهُ َّ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬فقولُنا "اللَّه أكربُ" ليس َمعناهُ َّ َّ‬
‫أن الله أكربُ من ّ‬ ‫كل‬
‫أن الله جسم أكربُ من ّ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫وعلما‪.‬‬
‫وقوةً ً‬ ‫قدرا ومْن ِزلةً ّ‬ ‫كبري ً‬
‫يوطي يف األَشباهِ والنّظائ ِر ‪.‬‬ ‫الس ُّ‬ ‫اجملسم كافر" رواهُ ُّ‬ ‫الشافعي " ّ‬ ‫ُّ‬ ‫اإلمام‬
‫قال ُ‬ ‫‪َ ‬‬
‫َجسام كفر" ذكره صاحب اخلِ ِ‬
‫صال‬ ‫قال اللَّه جسم ال كاأل ِ‬ ‫أمحد رضي اهلل عنه " َمن َ‬ ‫اإلمام ُ‬ ‫‪َ ‬‬
‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫قال ُ‬
‫ِ‬
‫احلنابلة‪.‬‬ ‫وهو ِمن َمشاه ِري‬ ‫َ‬
‫وغريهُ ح َكوا‬‫ايف َ‬ ‫أن ال َقر َّ‬‫مة احلضرميّ ِة "واعلَم َّ‬ ‫وي َشرِح املق ّد ِ‬ ‫املنهاج ال َق ِ‬
‫ِ‬ ‫اَليتمي يف‬
‫ُّ‬ ‫ابن َحج ٍر‬ ‫وقال ُ‬ ‫‪َ ‬‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫وهم حقي ُقو َن‬ ‫ئلني باجلـ ـهة والتجسي ِم ُ‬ ‫ول ب ُكـ ـ ـف ِر القا َ‬ ‫أمحد الق ـ ـ ـ َ‬‫ومالك وأيب حنيفةَ و َ‬ ‫افعي‬
‫الش ّ‬ ‫َع ِن ّ‬
‫بذلك" اه‬ ‫َ‬
‫قال "سريجع قوم ِمن هذهِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫رضي اللَّه عنهُ َ َ ُ‬ ‫علي َ‬ ‫‪ ‬يف كتاب َنم املهتَدي البن املعلّم ال ُقَرش ّي َعن ّ‬
‫أباإلحداث أم باإلنكا ِر َ‬
‫فقال‬ ‫ِ‬ ‫فرُهم مباذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أمري املؤمنني ُك ُ‬ ‫قال رجل يا َ‬ ‫كفارا َ‬
‫الساعة ً‬ ‫عند اقرتاب ّ‬ ‫األمة َ‬
‫نكرو َن خال َقهم فيصفونَه باجلس ِم واأل ِ‬
‫َعضاء" اه ‪.‬‬ ‫بل باإلنكا ِر ي ِ‬
‫ُ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫أي‬ ‫ني جسم كثيف وجسم لَطيف‪ .‬فأما اجلسم الكثيف فهو ما يضب ُ ِ‬ ‫األجسام َعلى نَوع ِ‬ ‫‪‬‬
‫ط باليد ْ‬ ‫ُ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫اجلسم‬
‫ُ‬ ‫مس وال َقم ِر‪ .‬وأما‬ ‫الش ِ‬‫اكب و ّ‬ ‫األرض والكو ِ‬ ‫ات و ِ‬ ‫الشج ِر واحلج ِر والسمو ِ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫كاإلنسان و ّ‬ ‫س باليَ ِد‬‫َُي ُّ‬
‫ِ‬
‫املالئكة‪.‬‬ ‫وح واَلو ِاء واجلِ ّن و‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س باليَد كالظُّلُمات والنّور و ّ‬
‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫أي ال َُي ُّ‬
‫اللطيف فهو ما ال يضب ُ ِ‬
‫ط باليَد ْ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ َ‬
‫ات َوالنـ ُّْوَر( )﴾ ( ُس ْوَرةُ‬ ‫ات واألَرض وجعل الظُّلُم ِ‬ ‫هلل الَّ ِذي خلَق َّ ِ‬ ‫قال اللَّه تَعاىل ﴿احلم ُد ِ‬ ‫‪َ ‬‬
‫الس َم َو َ ْ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ‬
‫جسما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اآلية دليل على َّ َّ‬ ‫األَنْـعام)‪ .‬ففي هذهِ ِ‬
‫ليس ً‬ ‫كالسموات واألَرض و َ‬ ‫جسما كثي ًفا ّ‬ ‫ليس ً‬ ‫أن الله َ‬ ‫َ‬
‫ليه ما‬ ‫لقه جلاز ع ِ‬ ‫لمات والنّوِر ألنه ال َيكن أ ْن يشبِه خل َقه ألنه لَو كا َن يشبِه شيئًا ِمن خ ِ‬ ‫لطي ًفا كالظّ ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ ُ َ َ ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫بعضها ولو‬ ‫َيوز على ِ‬ ‫ِ‬ ‫عف َّ‬ ‫الض ِ‬ ‫العج ِز و ّ‬ ‫لقه من التَ ُِّ‬ ‫َيوز على خ ِ‬
‫َيوز َعليها ما ُ َ‬ ‫ألن املتماثالت ُ‬ ‫غري و َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ‬

‫السيوطي‪ .‬األشباه والنظائر‪ .‬ص ‪. 44‬‬


‫ذكر ذلك احملدث الفقيه بدر الدين الزركشي يف تشنيف املسامع ج ص‪.3 4‬‬
‫‪.‬‬ ‫ابن حجر اَليتمي‪ .‬املنهاج القوي شرح املقدمة احلضرمية‪ .‬فصل يف صالة اجلمعة وأحكامها ج ص‬
‫ابن املعلم القرشي‪َ .‬نم املهتدي ورجم املعتدي‪ .‬ص‪.444‬‬
‫‪15‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ذلك الحتاج إىل من ي ِ‬ ‫جاز ِ‬
‫ليس‬
‫ـثبت أنهُ َ‬ ‫احملتاج إىل الغَ ِري ال يكو ُن إَلًا ف َ‬‫غريهُ من حال إىل حال و ُ‬ ‫َ َ ُّ‬ ‫عليه َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫اإلمام أبو حنيفةَ يف الفقه األك ِرب "أ ّىن يُشبهُ ُ‬
‫اخلالق ُملوقَهُ" اه َمعناهُ‬ ‫قال ُ‬ ‫جسما كثي ًفا وال لطي ًفا‪ ،‬وقَد َ‬ ‫ً‬
‫اخلالق ُملوقَهُ‪.‬‬ ‫نقال أن يُشبِهَ ُ‬ ‫عقال وال ً‬ ‫صح ً‬ ‫ال يَ ُ‬
‫اعتقاد ِ‬
‫اإلمام املبَ َّج ِل َ‬
‫أمحد‬ ‫ِ‬ ‫ئيسها يف ِ‬
‫كتابه‬ ‫احلنابلة يف بغداد وابن ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ئيس‬ ‫ِ‬ ‫‪َ ‬‬
‫َ ُ‬ ‫التميمي ر ُ‬‫ُّ‬ ‫الفضل‬ ‫قال أبو‬
‫حق اللَّه تَعاىل‪َ -‬‬
‫وقال َّ‬ ‫قال باجلس ِم‪ْ -‬‬ ‫ابن ٍ‬ ‫ب ِن ٍ‬
‫‪1‬‬
‫إن‬ ‫أي يف ّ‬ ‫حنبل‪َ -‬على َمن َ‬ ‫َ‬ ‫يعين‬ ‫‪-‬‬ ‫أمحد‬
‫ُ‬ ‫أنكر‬
‫َ‬ ‫"‬ ‫حنبل‬
‫وُسك وتأليف‬ ‫وعرض َ‬ ‫اللغة وأهل ِ‬ ‫يعة و ِ‬ ‫الشر ِ‬
‫االسم ملا لهُ طول َ‬ ‫َ‬ ‫اللغة وضعوا هذا‬ ‫ُ‬ ‫من ّ‬ ‫األُساءَ مأخوذة َ‬
‫يعة فبطَل" اه‪.‬‬ ‫الشر ِ‬ ‫ذلك كلّ ِه ومل َِيئ يف ّ‬ ‫وتركيب وصورة واللَّه خارج َعن َ‬
‫ذكر أَنا بيا ُن َعقيدةِ ِ‬
‫أهل‬ ‫ِ‬
‫ه يف عقيدته اليت َ‬ ‫املتوّف سنةَ‬
‫اوي ّ‬ ‫اإلمام أبو جعف ٍر الطّح ُّ‬ ‫وقال ُ‬ ‫‪َ ‬‬
‫ات"‪"،‬تَعاىل" أي‬ ‫كان واأل ِ‬
‫َعضاء واألدو ِ‬ ‫الغايات واألر ِ‬ ‫احلدود و ِ‬ ‫ِ‬ ‫اجلماعة "تَعاىل ‪-‬يعين اللَّه‪ -‬ع ِن‬ ‫ِ‬ ‫الس ِنة و‬ ‫ُّ‬
‫أي‬ ‫ِ‬ ‫النهايات"واألركا ِن" أ ِي اجلو ِ‬ ‫ِ‬ ‫َحجام "و ِ‬
‫الغايات" أ ِي‬ ‫احلدود" أ ِي األ ِ‬ ‫تنَـَّزه اللَّه ع ِن " ِ‬
‫انب "واألَعضاء" ْ‬ ‫َ َ‬
‫اإلنسان الصغريةِ‬
‫ّ‬
‫ِ‬ ‫أي أجز ِاء‬ ‫ِ‬
‫الرجل اجلارحة "واألدوات" ْ‬
‫ِ‬ ‫اجلارحة و ِ‬ ‫ِ‬ ‫أس و ِ‬
‫اليد‬ ‫اإلنسان الكبريةِ كالر ِ‬ ‫ِ‬ ‫أجز ِاء‬
‫ِ‬
‫اجلارحة‪.‬‬ ‫الع ِ‬
‫ني‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كاألُذن واألَنف واللسان و َ‬
‫أن اللَّه تعاىل َه ِادي‬ ‫ض(‪ُ ( ﴾) 4‬س ْوَرةُ النـ ُّْور) َمعناهُ َّ‬ ‫‪ ‬وأما قوله تَعاىل‪﴿ :‬اهلل نـُور َّ ِ‬
‫الس َم َوات َواأل َْر َ‬ ‫ُ ُْ‬ ‫ُ‬
‫رضي اللَّه‬ ‫عبد اللَّه ب ِن ٍ‬
‫عباس‬ ‫اإلَيان‪ ،‬رواه البيهقي عن ِ‬ ‫ِ‬ ‫املؤمنني لنوِ‬
‫ر‬ ‫ِ‬
‫األرض‬ ‫أهل‬ ‫و‬ ‫ات‬‫أهل السمو ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ّ‬
‫ات‬‫قال تَعاىل ﴿ وجعل الظُّلُم ِ‬ ‫لق النّ َور‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫َ ََ َ َ‬ ‫الضوء بَل ُه َو الذي َخ َ‬ ‫نورا مبعىن ّ‬ ‫ليس ً‬ ‫عنهما ‪ ،‬فالله تَعاىل َ‬ ‫ُ‬
‫َيكن أَن يكو َن نورا كخ ِ‬
‫لقه‪ ،‬تَعاىل‬ ‫لمات والنور‪ ،‬فكيف ِ‬ ‫والنُّور ﴾( )﴾ (سورةُ األَنْـعام)‪ .‬أي خلق الظّ ِ‬
‫ً َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ َْ َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اآلية‪﴿ :‬يَـ ْهدي اهللُ لنُـ ْوِرهِ َم ْن يَ َشاءُ(‪﴾) 4‬‬ ‫ذلك ع ًّلوا كبريا‪ ،‬وقولُه تَعاىل يف ءاخ ِر ِ‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫تَعاىل اللَّه َعن َ ُ‬
‫(سورةُ النـُّور) يفسر َ ِ‬
‫مسلما‪.‬‬
‫ضوء ال يَكو ُن ً‬ ‫أن اللَّه تَعاىل َ‬ ‫وم ِن َ‬
‫اعتقد َّ‬ ‫أول اآلية‪َ ،‬‬ ‫ُ َْ ْ ُ ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صف الذي ال‬ ‫الو ُ‬ ‫َّحل) هذه اآليةُ َمعناها هلل َ‬ ‫قال اللَّه تَعاىل‪َ ﴿ :‬وهلل الْ َمثَ ُل األ َْعلَى(‪ُ (﴾)32‬س ْوَرةُ الن ْ‬ ‫‪َ ‬‬
‫أسوُد أو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يُشبهُ َو َ ِ َّ‬
‫أبيض أو َ‬ ‫فليس لهُ لون ُ‬ ‫صف َغريه‪ .‬فالله ُمنَـَّزه عن االتصاف بصفات اجلسم كاللون َ‬
‫من األلو ِان‪.‬‬ ‫ذلك َ‬‫أزرق أو غريُ َ‬ ‫ُ‬
‫كون فاللَّه ليس جسما متحرًكا َعلى ال ّدوِام كالكو ِ‬ ‫كة والس ِ‬ ‫ِ‬
‫االتصاف باحلر ِ‬
‫ليس‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫اكب‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫منزه ع ِن‬ ‫‪ ‬واللَّه ّ‬
‫ءاخر‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫متحرًكا يف َوقت وساكنًا يف وقت َ‬ ‫جسما ّ‬ ‫ً‬ ‫ليس‬
‫كالسموات و َ‬ ‫جسما ساكنًا َعلى ال ّدوام ّ‬ ‫ً‬

‫‪.‬‬ ‫أبو الفضل التميمي‪ .‬اعتقاد اإلمام املبجل أمحد بن حنبل‪ .‬ص‬
‫ص‪. 49‬‬ ‫البيهقي‪ .‬األُساء والصفات‪ .‬ص ‪ . 2‬القرطيب‪ .‬تفسري القرطيب‪ .‬تفسري سورة النور‪ .‬ج‬
‫‪16‬‬
‫ُّل ِمن عُْل ٍو إىل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف بالتنق ِ‬
‫وص ُ‬
‫بالتغري من حال إىل حال فال يُ َ‬ ‫كاإلنسان فاللَّه تَعاىل ُمنَـَّزه ع ِن االتّصاف ّ‬
‫العرش وال بالتحيّ ِز‬
‫باجللوس َعلى ِ‬ ‫ِ‬ ‫باالجتماع واالفرت ِاق وال‬
‫ِ‬ ‫مكان وال‬‫مكان إىل ٍ‬ ‫باجمليء ِمن ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُس ْف ٍل وال‬
‫اجلهة و ِ‬
‫املكان‪.‬‬ ‫يف ِ‬
‫أي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َّ‬ ‫ِ‬ ‫اإلمام أبو جعف ٍر الطّ ُّ‬ ‫‪َ ‬‬
‫كفر"اه ْ‬ ‫وصف الله مبعىن من َمعاين البَشر ف َقد َ‬ ‫ومن‬‫حاوي يف َعقيدته " َ‬ ‫قال ُ‬
‫صفات‬ ‫هي‬ ‫ِ‬ ‫صفات البش ِر فَقد كفر و ُّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫بصفة واحدةٍ ِمن‬
‫من وصف اللَّه ولَو ٍ‬
‫ُ‬ ‫الصفات َ‬ ‫كل هذه ّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫البَش ِر‪.‬‬
‫صورةٍ‬ ‫ِ‬
‫ليس بذي ُ‬ ‫أن ربَّنا َ‬ ‫كل ُمسل ٍم أَن يَ َ‬
‫علمهُ َّ‬ ‫َيب َعلينا وعلى ّ‬ ‫إن الذي ُ‬ ‫ايب " َّ‬
‫قال أبو ُسليما َن اخلطّ ُّ‬ ‫‪َ ‬و َ‬
‫صفاته منفية" رواه عنه البيهقي يف األ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وال ه ٍ‬
‫َُساء‬ ‫ُّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫وهي َع ِن اللَّه َ‬
‫وعن‬ ‫الصورةَ تقتَضي الكيفيَّةَ َ‬ ‫فإن ّ‬ ‫يئة َّ‬ ‫َ‬
‫الفرق ‪" :‬وأمجعوا على نف ِي احلر ِ‬
‫كة‬ ‫الفرق بني ِ‬ ‫كتابه ُ‬‫البغدادي يف ِ‬ ‫ُّ‬ ‫وقال أبو منصوٍر‬ ‫فات ‪َ .‬‬ ‫والص ِ‬
‫ّ‬
‫السكون عن اللَّ ِه" اهـ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫و‬

‫واللَّهُ َ‬
‫تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم‬

‫البيهقي‪ .‬األُساء والصفات‪ .‬باب ما ذكر يف الصورة‪ ،‬ص ‪. 93‬‬


‫أبو منصور البغدادي‪ .‬الفرق بني الفرق‪ .‬ج ص ‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫احملاضرة السابعة‬
‫تننيه اللَّه تعالى عن التحيّن في المكان والجهة‬
‫بس ِم اللَّه الرمح ِن الرحي ِم‬
‫حابته الطّاهرين‪.‬‬ ‫اله وص ِ‬ ‫ِ‬ ‫احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا ٍ‬
‫حممد وعلَى ء َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ َ ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ك يَ ْسبَ ُح ْو َن( )‬ ‫الشمس وال َقمر ُكلٌّ ِيف فَـلَ ٍ‬ ‫َّ‬ ‫َّ ِ‬ ‫‪َّ َ ‬‬
‫قال اللهُ تَـ َع َاىل‪َ ﴿ :‬وُه َو الذي َخلَ َق اللْي َل َوالنَّـ َه َار َو َّ ْ َ َ َ َ‬
‫مس والقم ِر‬ ‫كالش ِ‬
‫الكثيفة ّ‬ ‫كالليل والنها ِر و ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اللطيفة‬ ‫ِ‬
‫األجسام‬ ‫من‬ ‫( ُس ْوَرةُ األَنْبِيَاء﴾‪َّ َ ،‬‬
‫لكل َ‬ ‫أثبت الله ّ‬
‫ِ‬
‫اجلهات‬ ‫من‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫من ال َفر ِاغ يف جهة َ‬ ‫هو أخ ُذ مقدار َ‬ ‫املدار الذي يَسبَ ُح فيه‪ ،‬والتحيُّـ ُز َ‬ ‫وهو ُ‬ ‫التحيّـَز يف فُلكه َ‬
‫صفات األ ِ‬
‫َجسام‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وهو ِمن‬
‫َ‬
‫مكان ٍ‬ ‫اجلهات فهو موجود يف ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫وجهة وكذا‬ ‫َ‬ ‫من‬
‫من الفر ِاغ يف جهة َ‬ ‫مقدارا َ‬‫الليل جسم لطيف يأخ ُذ ً‬ ‫‪ُ ‬‬
‫فهي َموجودة يف‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِِ ٍ‬
‫من اجلهات َ‬ ‫من ال َفر ِاغ يف جهة َ‬ ‫الشمس جسم كثيف حمتاج ألخذ مقدار َ‬ ‫ُ‬ ‫النهار‪ ،‬و‬
‫ُ‬
‫جسما كثي ًفا‬ ‫ليس‬ ‫و‬ ‫ر‬‫كالليل والنها ِ‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ف‬
‫ً‬ ‫لطي‬ ‫ا‬ ‫جسم‬ ‫فليس‬ ‫عاىل‬ ‫َ‬‫ت‬ ‫ه‬ ‫وجهة وكذا القمر أما اللَّ‬ ‫ٍ‬ ‫م ٍ‬
‫كان‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫اجلهات‬ ‫كل‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫كالش ِ‬
‫من اجلهات وال يف ّ‬ ‫من ال َفر ِاغ يف جهة َ‬ ‫حمتاج ألخذ مقدار َ‬ ‫غري ٍ‬ ‫فهو ُ‬ ‫مس وال َقمر َ‬ ‫ّ‬
‫مكان ٍ‬
‫وجهة‪.‬‬ ‫فهو سبحانه وتَعاىل موجود بال ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وجهة" َّ َّ‬ ‫مكان ٍ‬ ‫أهل الس ِنة "اللَّه موجود بال ٍ‬ ‫ِ‬
‫مقدارا‬
‫جسما يأخ ُذ ً‬ ‫ليس ً‬ ‫أن الله موجود َ‬ ‫ومعىن قول ِ ّ‬ ‫‪َ ‬‬
‫ِ‬
‫اجلهات‪.‬‬ ‫كل‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫من اجلهات وال يف ّ‬ ‫من ال َفر ِاغ يف جهة َ‬ ‫َ‬
‫ه ع ِن اللَّه تعاىل "ال َحت ِ‬
‫ويه‬ ‫املتوّف سنةَ‬ ‫حاوي ّ‬ ‫بن سالمةَ الطّ ُّ‬ ‫اإلمام أبو جعف ٍر ُ‬ ‫‪َ ‬‬
‫أمحد ُ‬ ‫ُ‬ ‫قال‬
‫من‬ ‫ط ِبه اجلهات وال يتحيـز يف ٍ‬
‫جهة‬ ‫ي‬ ‫حت‬ ‫ال‬ ‫ه‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫ال‬ ‫َّ‬
‫أن‬ ‫أي‬ ‫ه‬ ‫ا‬ ‫"‬ ‫عات‬ ‫املبتد‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ائ‬ ‫كس‬ ‫‪1‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ت َ‬ ‫الس ُّ‬
‫اجلهات ّ‬
‫ُ‬
‫ضاء كاَلو ِاء وال يف الس ِ‬
‫ماء‬ ‫األرض وال يف ال َف ِ‬ ‫ِ‬ ‫املخلوقات فال يَتحيّـ ُز يف‬ ‫ِ‬ ‫ت كسائ ِر‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫الس ّ‬‫اجلهات ّ‬
‫جالسا على ِ‬
‫العرش‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ليس ً‬ ‫كاملالئكة و َ‬
‫س َك ِمثْلِ ِه َشىء ( )﴾ ( ُس ْوَرةُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ ‬يَكفي يف تْنزيه الله عن التحيُّز يف املكان واجلهة قولهُ تَعاىل‪﴿ :‬لَْي َ‬
‫ِ َّ ِ‬
‫وجهة لكا َن جسما ولكا َن له أمثال وهو مناقِض ِ‬
‫لآلية ولَو‬ ‫كان ٍ‬ ‫الشُّورى) ألنه لَو كا َن متحيـزا يف م ٍ‬
‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ ًّ َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬
‫ول وهبذا‬ ‫كذلك لكا َن حمتاجا ملن ح ّده هبذا الطّ ِ‬ ‫َ‬ ‫ك ولَو كا َن‬ ‫رض وُسَْ ٍ‬ ‫وع ٍ‬ ‫طول َ‬ ‫كا َن جسما لكا َن ذا ٍ‬
‫َ ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫كل ما سواهُ‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫مك واحملتاج إىل الغَ ِري ال يكو ُن إَلا َّ ِ‬ ‫رض وهبذا الس ِ‬ ‫الع ِ‬
‫ألن من َشرط اإلله االستغناءَ َعن ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬

‫اجلهات الست هي فوق وحتت وَيني ومشال وأمام وخلف كما يف االقتصاد يف االعتقاد للغزايل ج ص ‪.‬‬
‫يف عقيدته املشهورة اليت هي عقيدة أهل السنة واجلماعة‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫قال "كان اللَّه ولم‬ ‫رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ‬ ‫خاري َّ‬ ‫ِ‬
‫عليه وسلّم َ‬ ‫أن َ‬ ‫احلديث ما رواهُ البُ ُّ‬ ‫من‬
‫ليل َ‬ ‫‪ ‬ال ّد ُ‬
‫ليس معهُ غريُهُ ال أرض وال ُساء وال‬ ‫ِ‬ ‫أن اللَّه كا َن‬ ‫يكن شىءٌ غيره" اه ومعناهُ َّ‬
‫موجودا يف األزل َ‬ ‫ً‬
‫خلق‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وهو الذي َ‬ ‫قبل املكان بال مكان‪َ ،‬‬ ‫فهو تَعاىل موجود َ‬ ‫كرسي وال عرش وال مكان وال جهات َ‬ ‫ٌّ‬
‫حباجة ِ‬
‫إليه‪.‬‬ ‫املكا َن فليس ٍ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫املكان عنه بقولِ‬ ‫ِ‬
‫أصحابنا يف نَف ِي‬ ‫فات" ‪َّ " :‬‬ ‫ِ‬ ‫‪َ ‬‬
‫ُ‬ ‫بعض َ‬ ‫استدل ُ‬ ‫الص ُ‬ ‫البيهقي يف كتابه "األُساءُ و ّ‬ ‫ُّ‬ ‫وقال‬
‫عليه وسلّم "أنت الظّاهر فليس فوقك شىءٌ وأنت الباطن فليس دونك شىءٌ" اه‬ ‫النيب صلَّى اللَّه ِ‬
‫ّ‬
‫كان" اه‪.‬‬ ‫وإذا َمل ي ُكن فوقَه َشىء وال دونَه َشىء َمل ي ُكن يف م ٍ‬
‫َ ْ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫بعض‬ ‫أُساء اللَّ ِه فمعناهُ على ما َ‬ ‫شىء‪ ،‬وأما الباطن من ِ‬ ‫يدل عليه كل ٍ‬ ‫ومعىن الظاه ِر الذي ُّ‬
‫قال ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫حقائق األموِر‪.‬‬ ‫يعلم‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫العلماء‪ :‬الذي ُ‬
‫اإلمام أبو‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫‪َ ‬‬
‫وهو اآل َن َعلى ما َعليه كا َن" رواهُ ُ‬ ‫رضي الله عنهُ "كا َن الله وال مكان َ‬ ‫علي َ‬ ‫اإلمام ٌّ‬
‫قال ُ‬
‫ِ‬ ‫رق بني ِ‬
‫الف ِ‬ ‫غدادي يف ال َف ِ‬ ‫َمنصوٍر البَ ُّ‬
‫أي ومل‬‫أي يف األزل "وال مكان" ْ‬ ‫ذلك "كا َن اللَّه" ْ‬ ‫رق ‪ ،‬وتفسريُ َ‬ ‫َ‬
‫ليه كا َن" أي مل ي ْزل موجودا بال ٍ‬
‫مكان‬ ‫بعد أن خلق املكا َن "على ما ع ِ‬ ‫أي َ‬
‫ً‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وهو اآل َن" ْ‬ ‫يَ ُكن مكان " َ‬
‫حال إىل ٍ‬
‫حال‪.‬‬ ‫االنتقال ِمن ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ألنه ال َيوز ع ِ‬
‫ليه التَغيُّـ ُر أ ِي‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬
‫قال َلم إ ْن أردمت بال َفه ِم‬ ‫ت املشبهةُ ال يفهم وجوده تَعاىل بال كمي ٍة وبال ٍ‬
‫مكان‪ ،‬يُ ُ‬ ‫‪ ‬تنبيه إذا قالَ ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ َ ُ ُ ُُ‬ ‫ّ‬
‫الوقت الذي‬ ‫مع َّ‬ ‫املخلوق ما َيب اإلَيا ُن بوجودهِ وال ِ‬ ‫ِ‬ ‫صور‪ِ ،‬‬
‫وهو ُ‬ ‫قل يُثبتُهُ َ‬‫الع َ‬
‫أن َ‬ ‫صورهُ َ‬‫َيك ُن تَ ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫فم َن‬ ‫التّ ُّ َ‬
‫قال اللَّه تَعاىل‪:‬‬‫وجوديْ َن َ‬ ‫أوجدّها اللَّه َ‬ ‫فيه نور وال ظالم فإَنما ح ِ‬ ‫مل ي ُكن ِ‬
‫بعد أ ْن مل يَ ُكونا َم َ‬ ‫ادثان َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫مضى‬ ‫بعض ما َ‬ ‫اعتقاد أَنما مل يَ ُكونا يف ِ‬ ‫ُ‬ ‫جب َعلينا‬‫﴿ َو َج َع َل الظُّلُ َمات َوالنـ ُّْوَر( )﴾ ( ُس ْوَرةُ األَنْـ َعام) فيَ ُ‬
‫وقت مل ي ُكن ِ‬ ‫اإلنسان وجود ٍ‬ ‫ِ‬
‫فيه نور وال ظالم‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قل‬
‫تصوُر َع ُ‬
‫أي مل يَ ُكن هذا وال هذا فال يَ ّ‬ ‫الزم ِن ْ‬‫من ّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫اجلهات‬ ‫فوجود اللَّه تعاىل بال كميّة وال مكان وال جهة َ‬
‫من‬ ‫ُ‬ ‫العقل يَقبلُهُ‬
‫بذلك و ُ‬ ‫َيب اإلَيا ُن َ‬ ‫لكن ُ‬ ‫ْ‬
‫صوِرِه‪.‬‬
‫جود إمكا ُن تَ ُّ‬ ‫رط الو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يقبلُه العقل وإ ْن مل ِ‬
‫ليس من َش ُ‬ ‫صورهُ إذ َ‬ ‫َيكن تَ ُّ‬ ‫َ ُ َ ُ‬
‫ليس على الوه ِم َّ‬ ‫هو شاهد على ّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اعتقاد املسل ِم َعلى ِ‬ ‫ِ‬
‫ألن‬ ‫صحة ال ّدين و َ‬ ‫السليم الذي َ‬ ‫العقل ّ‬ ‫‪َ ‬‬
‫وحموُر‬
‫يقول لهُ َّ‬
‫إن‬ ‫روب وّهُهُ ُ‬ ‫عند الغُ ِ‬ ‫ظر إنسان إىل البَح ِر َ‬ ‫ذلك لو نَ َ‬
‫ومثال َ‬ ‫تصوُر أشياءَ ال حقيقةَ َلا ُ‬ ‫هم يَ ّ‬ ‫الو َ‬
‫َ‬
‫السماء م ِ‬
‫حيكم َعلى َما مل‬‫هم ُ‬ ‫فالو ُ‬
‫ذلك‪َ ،‬‬ ‫اقع غريُ َ‬ ‫زل يف البَح ِر لك ِن الو ُ‬ ‫مس تَـْن ُ‬ ‫الش َ‬ ‫وإن ّ‬ ‫لتص َقة بالبَح ِر َّ‬ ‫ّ َُ‬
‫البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ .‬كتاب بدء اخللق ج ص ‪.‬‬
‫البيهقي‪ .‬األُساء والصفات‪ .‬باب ما جاء يف العرش والكرسي ص‪.423‬‬
‫أبو منصور البغدادي‪ .‬الفرق بني الفرق ص ‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫بأن اللَّه موجود ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫مبكان‪ ،‬أما‬ ‫حكم َّ َ‬ ‫كل َموجود يف َمكان فيَ ُ‬ ‫بأن َّ‬‫حيكم َّ‬
‫هم ُ‬ ‫الو ُ‬ ‫يُشاه ْدهُ حبُك ِم َما َ‬
‫شاه َدهُ‪َ ،‬‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫قضي َّ‬ ‫العقل السليم في ِ‬
‫وجودهُ‬
‫صح ُ‬ ‫فكما َّ‬ ‫قبل املكان بال مكان‪َ ،‬‬ ‫موجودا َ‬‫ً‬ ‫لق املكا َن كا َن‬‫بأن الذي َخ َ‬ ‫ُ ّ ُ َ‬
‫اجلهات بال ٍ‬
‫مكان‬ ‫بعد خ ِلق األماك ِن و ِ‬ ‫املكان بال ٍ‬ ‫ِ‬ ‫قبل َخ ِلق‬
‫وجودهُ تَعاىل َ َ‬ ‫يصح ُ‬ ‫فكذلك ُّ‬ ‫َ‬ ‫مكان‬ ‫تَعاىل َ‬
‫وه ُم ال ّدعاةُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ٍ‬
‫الوهم ُ‬‫الذين تَبعُوا َ‬ ‫زعمت املشبّهةُ الوهابيّةُ َ‬ ‫وجهة‪ ،‬وهذا ال يكو ُن نفيًا ُلوجوده تَعاىل كما َ‬
‫إىل التجسي ِم يف هذا العص ِر‪.‬‬
‫أن اللَّه موجود بال ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مكان‬ ‫املسلمني سلف ِهم وخلف ِهم َعلى َّ َ‬ ‫َ‬ ‫إمجاع‬
‫البغدادي َ‬
‫ُّ‬ ‫اإلمام أبو منصوٍر‬
‫نقل ُ‬ ‫‪َ ‬‬
‫اجلماعة‪ -‬على أنه‪-‬أ ِي اللَّه‪ -‬ال ِ‬
‫حيويه‬ ‫ِ‬ ‫الس ِنة و‬
‫أهل ُّ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫أي ُ‬ ‫نصهُ "وأمجعوا‪ْ -‬‬ ‫بني الفَرق" ما ّ‬ ‫وجهة يف "ال َفرق َ‬
‫عليه زمان" اه‪.‬‬ ‫مكان وال َي ِري ِ‬
‫أعرف ريب أيف الس ِ‬
‫ماء أم يف‬ ‫الفقه األك ِرب " َمن َ‬ ‫قال اإلمام أبو حنيفةَ رضي اللَّه عنه يف ِ‬ ‫‪َ ‬‬
‫ّ‬ ‫قال ال ُ َ‬ ‫ُ‬
‫فهو كافر وكذا من قال إنه على العرش وال أدري العرش أيف السماء أو يف األرض " اه‬ ‫ِ‬
‫األرض َ‬
‫للح ّق َمكانًا ‪.‬‬ ‫وذلك ألنهُ َج ّوَز َ‬
‫َ‬
‫وحكم‬ ‫يقال اللَّه موجود يف كل ٍ‬
‫مكان‪،‬‬ ‫مكان وال ُ‬ ‫مكان وهو عامل بكل ٍ‬ ‫اللَّه تَعاىل موجود بال ٍ‬ ‫‪‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ‬
‫نبث أو ٌّ‬
‫حال يف‬ ‫أن اللَّه ِ‬
‫بذاته ُم ٌّ‬ ‫فه ُم ِمن هذهِ العبارةِ َّ‬ ‫ٍ‬
‫كل مكان" التكفريُ إ ْن كا َن يَ َ‬ ‫َمن ُ َّ‬
‫يقول "الله يف ّ‬
‫مكان وعامل بكل ٍ‬
‫مكان فال‬ ‫سيطر على كل ٍ‬ ‫كان‪ ،‬أما إذا كا َن يفهم ِمن هذهِ العبارةِ أنه تَعاىل م ِ‬ ‫كل م ٍ‬
‫ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َُ‬ ‫َّ‬
‫الكلمة‪ ،‬وَيب النهي َعن هذهِ العبارةِ َعلى كل ٍ‬
‫حال ألَنا‬ ‫ِ‬ ‫قصد كث ٍري ممن يلهج هبذهِ‬ ‫يكفر‪ ،‬وهذا ُ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ََ ُ‬ ‫ُ‬
‫الضالِّة ُ‬ ‫أتباع جه ِم اب ِن صفوا َن َ ِ‬ ‫لف بَل ع ِن اجلهميّ ِة ِ‬
‫ويقال َلم‬ ‫إحدى الفَرِق ّ‬ ‫ليست صادرًة َع ِن الس ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫العو ّام‪.‬‬
‫استعملَها جهلةُ َ‬
‫اجلربيّةُ مث َ‬
‫أن اللَّه يكو ُن ب َذ ِ‬ ‫‪ ‬قوله تَعاىل‪﴿ :‬وهو مع ُكم أَيـنما ُكْنتم( )﴾ (سورةُ احل ِ‬
‫اته مع ُكم‬ ‫فليس َمعناهُ َّ َ‬ ‫َ‬ ‫)‬ ‫د‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫د‬ ‫ُ َْ َ‬ ‫َ ُ َ َ َ َْ َ ُ‬ ‫ُ‬
‫الثوري رضي‬ ‫فسرها بالعل ِم سفيا ُن‬ ‫مكان كنتُم إمنا معناهُ َّ َّ‬ ‫يف أي ٍ‬
‫ُ‬ ‫أن الله َعامل ب ُكم أينَما كنتُم‪ .‬وممن َ‬ ‫ّ‬
‫سألت سفيا َن الثوري عن ِ‬
‫قول‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اللَّه عنهُ فقد روى احلاف ُ‬
‫َ‬ ‫البيهقي باإلسناد إىل معدان العابد قال‪ُ " :‬‬ ‫ُ‬ ‫ظ‬
‫وجل‪َ ﴿ :‬وُه َو َم َع ُكم أَيْـنَ َما ُكْنتُم( )﴾ ( ُس ْوَرةُ احلَ ِديْد) قال‪ :‬علمه" ‪.‬‬ ‫عز ّ‬ ‫اللَّه ّ‬

‫أبو منصور البغدادي‪ .‬الفرق بني الفرق‪ .‬ص ‪.‬‬


‫أبو حنيفة‪ .‬الفقه األبسط ص‪ . 7‬وهذا القول ثابت عنه نقله من ال حيصى كابن عبد السالم وتقي الدين احلصين وغريّها كثري‪.‬‬

‫كما قال مال علي القاري يف شرح الفقه األكرب ص‪. 74‬‬
‫البيهقي‪ .‬األُساء والصفات‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫عرشا‪.‬‬
‫مسجدا أو كعبةً أو ً‬ ‫ً‬ ‫أن اللَّه شىء كاَلو ِاء أو كالنّوِر ََيألُ غُرفةً أو‬ ‫ليس مبسل ٍم َمن يَ ُ‬
‫عتقد َّ‬ ‫‪ ‬و َ‬
‫ِ‬ ‫أماكن ُمعدَّة لذك ِر اللَّه‬ ‫بيوت اللَّه ال َّ َّ‬
‫كذلك‬
‫وعبادته‪ ،‬و َ‬ ‫بل ألَنا ُ‬ ‫ألن الله يَس ُكنها ْ‬ ‫املساجد َ‬
‫َ‬ ‫سمي‬‫‪ ‬ونُ ّ‬
‫الع ِ‬
‫رش إنهُ‬ ‫عند اللَّه‪ُ ،‬‬
‫ونقول يف َ‬ ‫شرف َ‬ ‫ألن اللَّه يَس ُكنها بَل ألَنا بَيت ُم ّ‬ ‫بيت اللَّه ال َّ‬
‫سمي الكعبةَ َ‬ ‫نُ ّ‬
‫عبة ال ليتّخ َذه مكانًا ِ‬
‫لذاته‪.1‬‬ ‫طوف بال َك ِ‬
‫طوف ِبه املالئكةُ كما نَ ُ‬ ‫جرم كبري أع ّدهُ اللَّه ليَ َ‬
‫َ َُ‬

‫واللَّهُ َ‬
‫تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم‬

‫ذكر ذلك الرازي يف تفسريه‪ .‬ج‪ 9‬ص‪. 49‬‬


‫‪21‬‬
‫احملاضرة الثامنة‬
‫السبع‬
‫السموات ّ‬ ‫الرسول إلى ّ‬ ‫المقصود من معراج ّ‬
‫الرحي ِم‬
‫الرمح ِن ّ‬ ‫بسم اللَّه ّ‬
‫ِ‬
‫ءاله وص ِ‬
‫حابته الطّاهرين‪.‬‬ ‫احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ َ ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫بيان ما هو المقصود من المعراج‬
‫ات السب ِع وصوله إىل ٍ‬ ‫عليه وسلّم إىل السمو ِ‬ ‫سول صلّى اللَّه ِ‬ ‫املقصود مبعر ِاج الر ِ‬
‫مكان‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫‪ ‬اعلَم أنهُ َ‬
‫ليس‬
‫سول صلّى اللَّه‬ ‫يف الر ِ‬ ‫كفر م ِن َ‬ ‫ِ‬ ‫ينتهي ُ َّ‬
‫هو تشر ُ ّ‬ ‫املقصود منهُ َ‬
‫ُ‬ ‫ذلك إمنا‬
‫اعتقد َ‬ ‫وجود الله تَعاىل إليه ويَ ُ‬
‫وهو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جائب يف العا ِمل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املعمور َ‬
‫َ‬ ‫البيت‬
‫السابعة َ‬ ‫السماء ّ‬ ‫حيث رأى يف ّ‬ ‫العلوي ُ‬ ‫ّ‬ ‫عليه وسلّ َم بإطالعه على َع َ‬
‫ملك يصلّو َن ِ‬ ‫ألف ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كالكعبة ِ‬ ‫ألهل الس ِ‬
‫فيه‬ ‫ُ‬ ‫كل يوم يَدخلهُ سبعو َن َ‬ ‫األرض ّ‬ ‫ألهل‬ ‫ماء‬ ‫وهو ِ ّ‬ ‫شرف َ‬ ‫بيت ُم ّ‬
‫أبدا‪.‬‬
‫مث خيرجو َن وال يعودو َن ً‬
‫من احلُس ِن ما ال يَصفهُ أحد ِمن‬ ‫ماء الس ِ‬ ‫ورأى أيضا يف الس ِ‬
‫وهي شجرة عظيمة هبا َ‬ ‫َ‬ ‫املنتهى‬ ‫ة‬
‫َ‬‫سدر‬ ‫ابعة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫ماء الس ِ‬
‫ابعة‪.‬‬ ‫ادسة وتَصل إىل الس ِ‬ ‫ماء الس ِ‬ ‫هب‪ ،‬وأصلُها يف الس ِ‬ ‫خلق اللَّه‪ ،‬يَغشاها فَراش ِمن َذ ٍ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فطلب منهُ سيّدنا جرب ُ‬ ‫َ‬ ‫العني‬
‫احلور َ‬ ‫السابعة ُمنفصلةً عنها ورأى فيها َ‬ ‫السماء ّ‬ ‫فوق ّ‬ ‫وهي َ‬ ‫ورأى اجلنةَ َ‬
‫بالقول ف ُقلن له حنن خريات حسان أزواج ٍ‬
‫قوم كِرٍام‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫أن يُسلّ َم علي ِه َّن ِ َ ُ ُ َ ْ‬
‫احلجم‪.‬‬ ‫املخلوقات ِمن ُ‬
‫حيث‬ ‫ِ‬ ‫أعظم‬
‫ُ‬ ‫هو ُ‬ ‫رش الذي َ‬ ‫الع َ‬‫ورأى َ‬
‫رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ‬
‫يسمع‬
‫ُ‬ ‫مستوى‬
‫وصل إىل ً‬ ‫املنتهى حىت َ‬ ‫بعد سدرةِ َ‬ ‫جربيل َ‬
‫َ‬ ‫عليه وسلّ َم َعن‬ ‫انفرد ُ‬ ‫مثَّ َ‬
‫عليه وسلّم‬‫سول صلّى اللَّه ِ‬ ‫الر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُسع ّ‬ ‫ناك َ‬ ‫احملفوظ وه َ‬ ‫اللوح‬
‫من ِ‬ ‫تنسخ هبا املالئكةُ َ‬ ‫األقالم اليت ُ‬ ‫يف‬
‫فيه صر َ‬
‫مخسني‬ ‫عليه وسلّ َم منهُ فرضيةَ‬‫الرسول صلّى اللَّه ِ‬ ‫ككالم العاملني ف َف ِه َم‬ ‫ِ‬ ‫ليس‬ ‫َ َّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫كالم الله الذاتَّ الذي َ‬
‫ِ‬
‫الكتب‬ ‫وجود اللَّه َكما يف ِ‬
‫بعض‬ ‫ِ‬ ‫فوق سدرةِ‬ ‫صالةٍ‬
‫ليس مكانًا ينتهي إليه ُ‬ ‫َ‬ ‫ى‬ ‫املنته‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫الذي‬ ‫ن‬‫ُ‬ ‫املكا‬ ‫وذلك‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬
‫ألن اللَّه موجود بال ٍ‬
‫مكان‪.‬‬ ‫يفة َّ‬ ‫املز ِ‬
‫سول صلّى اللَّه‬ ‫الر ُ‬ ‫وتنبيهات من بعض األكاذيب‪ :‬ملا َ‬
‫نزل ّ‬ ‫ٌ‬ ‫بيان معنى (ارجع وسل ربّك التخفيف)‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قال لهُ "خمسين صالة"‪،‬‬ ‫تك؟ َ‬ ‫فرض اللَّه َعلى ّأم َ‬ ‫موسى ماذا َ‬ ‫السادسة سألهُ َ‬ ‫السماء ّ‬ ‫عليه وسلّم إىل ّ‬
‫ِ‬
‫املكان الذي‬ ‫مكان اللَّه إمنا معناه ِ‬
‫ارجع إىل‬ ‫ارجع إىل ِ‬ ‫ارجع وسل ربك التخفيف‪ ،1‬فليس معناه ِ‬ ‫قال ِ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬
‫من اللَّه‪.‬‬ ‫تتل ّقى ِ‬
‫الوحي َ‬‫َ‬ ‫فيه‬

‫مسلم‪ .‬صحيح مسلم‪ .‬كتاب اإلَيان‪ :‬باب اإلسراء بالرسول إىل السموات وفرض الصلوات‪ .‬ج ص‪.77‬‬
‫‪22‬‬
‫إن اخرتقت احرتقت وأنت ِ‬
‫إن‬ ‫فقال جربيل جز فأنا ِ‬ ‫سول وصل وجربيل إىل ٍ‬
‫مكان َ‬ ‫يقال َّ‬
‫‪ -‬تنبيهٌ ما ُ‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الر َ َ‬‫إن ّ‬
‫لت فهذا وحنوهُ كذب وباطل‪.‬‬ ‫وص َ‬ ‫اخرتقت َ‬‫َ‬
‫ني‪ ،‬يف املرةِ‬ ‫هيئته األصليّ ِة مرت ِ‬ ‫عليه السالم على ِ‬
‫ّ ُ‬
‫عليه وسلّم رأى جربيل ِ‬ ‫رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ‬ ‫‪ -‬كا َن ُ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫األرض‬ ‫بني‬ ‫جناح يَ ُّ‬ ‫ِ‬ ‫األُوىل رءاه يف م ّكةَ يف ٍ‬
‫سد ما َ‬ ‫كل ٍ‬ ‫جناح و ُّ‬
‫ستمائة ٍ‬ ‫يقال لهُ أجيَاد ولهُ‬ ‫مكان ُ‬ ‫ُ‬
‫الثانية على ِ‬
‫هيئته‬ ‫كة ف َقد رءاه للمرةِ ِ‬ ‫عليه صلّى اللَّه عل ِيه وسلّم‪ ،‬أما يف هذهِ ِ‬
‫الليلة املبار ِ‬ ‫ماء فغُشي ِ‬ ‫والس ِ‬
‫ُ ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫قال تَعاىل ﴿ َولََق ْد َرءَاهُ نَـ ْزلَةً أُ ْخَرى( ) ِعْن َد ِس ْد َرةِ الْ ُمْنتَـ َهى( )﴾‬ ‫املنتهى كما َ‬ ‫عند سدرةِ َ‬ ‫األصليّ ِة َ‬
‫فعندها اقرتب جربيل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عليه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وقوةً َ‬‫ازداد مت ّكنًا ّ‬
‫غش عليه إذ إنهُ َ‬ ‫لكن يف املرةِ الثانية مل يُ َ‬ ‫َّجم)‪ْ .‬‬ ‫( ُس ْوَرةُ الن ْ‬
‫املسافة مقدار ذراع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس ِ‬
‫ني بل‬ ‫الم من رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّ َم فتدىل إليه فكا َن ما بينَهما َ‬
‫من‬ ‫ّ ُ‬
‫َّجم)‪.‬‬ ‫ني أ َْو أ َْد َىن(‪ُ ( ﴾ )7‬س ْوَرةُ الن ْ‬‫اب قَـ ْو َس ْ ِ‬
‫قال تَعاىل ﴿ ُمثَّ َدنَا فَـتَ َد َّىل(‪ )4‬فَ َكا َن قَ َ‬‫أقرب كما َ‬ ‫ُ‬
‫عنها أَنا قالَت يف قو ِله تَعاىل ﴿ ُمثَّ َدنَا فَـتَ َد َّىل(‪ )4‬فَ َكا َن‬ ‫‪ -‬روى مسلم‪ 1‬ع ِن السيدةِ‬
‫رضي اللَّه َ‬‫َ‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫عائش‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫َّجم) "إنما ذاك جبريل"‪.‬‬ ‫ني أ َْو أ َْد َىن(‪ُ ( ﴾ )7‬س ْوَرةُ الن ْ‬ ‫اب قَـ ْو َس ْ ِ‬
‫قَ َ‬
‫رسول اللَّه صلّى اللَّه‬ ‫أول هذهِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ذلك َ‬ ‫سأل َعن َ‬ ‫األمة َ‬ ‫عنها "أنا ُ‬ ‫رضي اللَّه َ‬ ‫َ‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫عائش‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫د‬ ‫السي‬
‫ّ‬ ‫وقالت‬ ‫‪-‬‬
‫ِ‬
‫فقال "إنما هو جبريل لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين" رواهُ‬ ‫عليه وسلّم َ‬
‫حمم ٍد‬
‫بني ّ‬ ‫حممد فكا َن َ‬
‫بذاته ِمن ٍ‬
‫ّ‬
‫إن اللَّه دنا ِ‬ ‫الناس فيقولو َن َّ‬ ‫بعض ِ‬ ‫األمر كما يَفرتي ُ‬ ‫ليس ُ‬ ‫مسلم ‪ ،‬و َ‬
‫ِ‬
‫املكان‪ ،‬واللَّه‬ ‫ِ ِ‬ ‫احلاجب أو قدر ذراع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إثبات‬
‫إثبات املسافة هلل ُ‬ ‫ألن َ‬ ‫ني َّ‬ ‫َ‬ ‫احلاجب و‬ ‫بني‬
‫كما َ‬ ‫وبني اللَّه َ‬ ‫َ‬
‫موجود بال ٍ‬
‫مكان‪.‬‬

‫واللَّهُ َ‬
‫تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم‬

‫مسلم‪ .‬صحيح مسلم‪ .‬كتاب اإلَيان‪.‬‬


‫مسلم‪ .‬صحيح مسلم‪ .‬كتاب اإلَيان‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫احملاضرة التاسعة‬
‫اآليات المحكمات والمترابهات الجنء األول‬
‫بس ِم اللَّه الرمح ِن الرحي ِم‬
‫حابته الطّاهرين ‪.‬‬ ‫ءاله وص ِ‬ ‫احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ َ ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫الكتَاب ِمْنه ءايات ُْحم َكمات ه َّن أ ُُّم ِ‬
‫الكتَ ِ‬ ‫ك ِ‬ ‫ِ‬
‫ُخ ُر‬
‫اب َوأ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ُ ََ‬ ‫قال اللَّه تَعاىل‪ُ ﴿ :‬ه َو الَّذي أَنْـَزَل َعلَْي َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫الفْتـنَ ِة َوابْتِغَاءَ تَأ ِويْلِ ِه َوَما يَـ ْعلَ ُم‬
‫متش ِاهبات فَأ ََّما الَّ ِذين ِيف قُـلُوهبِِم زيغ فَـيتَّبِعو َن ما تَشابه ِمْنه ابتِغَاء ِ‬
‫ْ َْ َ ُ ْ َ َ ََ ُ ْ َ‬ ‫َْ‬ ‫َُ َ َ‬
‫الر ِاس ُخ ْو َن ِيف العِْل ِم يَـ ُق ْولُْو َن ءَ َامنَّا بِِه ُكلٌّ ِم ْن ِعْن ِد َربـِّنَا َوَما يَ َّذ َك ُر إَِّال أُولُوا‬ ‫تَأ ِويْـلَهُ إَِّال اهللُ َو َّ‬
‫فيه آيات حمكمات وآيات‬ ‫أن ال ُقرءا َن ِ‬ ‫نت هذهِ اآليةُ َّ‬ ‫ِ‬
‫اب(‪ُ ( ﴾)9‬س ْوَرةُ ءَ ِال ع ْمَران)‪ .‬بيّ ْ‬ ‫األَلْب ِ‬
‫َ‬
‫متشاهبات‪.‬‬
‫رف‬‫احدا ‪ ،‬أو ما عُ َ‬
‫‪1‬‬
‫وجها و ً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬فأما‬
‫حبسب َوض ِع اللغة إال ً‬ ‫التأويل‬ ‫من‬
‫حيتمل َ‬
‫ُ‬ ‫فهي ما ال‬ ‫اآليات احملكمةُ َ‬ ‫ُ‬
‫منها‬
‫فإن املر َاد َ‬ ‫س َك ِمثْلِ ِه َشىء ( )﴾ ( ُس ْوَرةُ الش ُّْوَرى) َّ‬ ‫ي‬
‫ْ‬‫َ‬‫ل‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬ ‫عاىل‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ضوح املعىن املر ِاد منه كقو ِ‬
‫له‬ ‫ُ‬ ‫ُبو ِ‬
‫َ‬
‫ِِ‬
‫َحد( )﴾ ( ُس ْوَرةُ ا ِإل ْخ َالص)‪.‬‬ ‫املثل َع ِن اللَّه‪ ،‬وقَوله تَعاىل﴿ َوَملْ يَ ُك ْن لَهُ ُك ُف ًوا أ َ‬ ‫وهو نَفي ِ‬
‫واضح َ ُ‬
‫احتيج إىل‬ ‫‪ ‬وأما اآليات املتشاهبةُ فهي اليت ِداللتُها على املر ِاد غري و ٍ‬
‫أوج ًها عديد ًة و َ‬ ‫حتتمل ُ‬ ‫ُ‬ ‫اضحة أو‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫املطابق كقو ِله تَعاىل‪َّ ﴿ :‬‬ ‫ِ‬ ‫النظ ِر حلملِها على الو ِ‬
‫استَـ َوى(‪ُ ( ﴾)4‬س ْوَرةُ طَهَ) فإَنا‬ ‫الع ْر ِش ْ‬
‫الر ْمحَ ُن َعلَى َ‬ ‫جه‬ ‫َ َ‬
‫منها إىل نَظ ِر ِ‬
‫أهل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫من التّ ِ‬ ‫ِ‬
‫احتيج ملعرفة املعىن املراد َ‬ ‫أوج ًها عديد ًة و َ‬ ‫حبسب َوض ِع اللغة العربيّة ُ‬ ‫أويل‬ ‫حتتم ُل َ‬
‫حلملِها على‬ ‫العرب فال خت َفى علي ِهم املعاين ْ‬
‫بلغة ِ‬
‫َ‬
‫صوص ومعانِيها وَلم دراية ِ‬
‫الذين َلم دراية بالنّ ِ َ‬ ‫العلم َ‬
‫ِِ‬
‫فقول اللَّه‬ ‫س َك ِمثْلِ ِه َشىء ( )﴾ ( ُس ْوَرةُ الش ُّْوَرى)‪ُ .‬‬ ‫ِ ِ‬
‫احملكمة ك َقوله تَعاىل ﴿لَْي َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫لآليات‬ ‫ِ‬
‫املطابق‬ ‫الو ِ‬
‫جه‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب َكال إلهَ إال اللَّه يَ ُ‬
‫صعد‬ ‫لم الطّيّ َ‬ ‫أي َّ‬
‫أن ال َك َ‬ ‫ب(‪ُ ( ﴾) 2‬س ْوَرةُ فَاطر) ْ‬ ‫تَعاىل‪﴿ :‬إِلَْيه يَ ْ‬
‫ص َع ُد ال َكل ُم الطَّيِّ ُ‬
‫ِ‬
‫احملكمة‬ ‫عند اللَّه وهو السماء أي يتقبـلُه اللَّه ‪ ،‬وهذا منطبق ومنسجم مع ِ‬
‫اآلية‬ ‫ف َ‬ ‫املكان املشر ِ‬
‫ِ‬ ‫إىل‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ّ ُ ْ َ ُّ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫اآليات‬ ‫وردها إىل‬ ‫ِ‬
‫تأويل اآليات املتشاهبة ّ‬
‫ِ‬ ‫بد ِمن ِ‬ ‫س َك ِمثْلِ ِه َشىء ( )﴾ ( ُس ْوَرةُ الش ُّْوَرى) فال َّ‬ ‫﴿لَْي َ‬
‫ِ‬
‫احملكمات‪.‬‬

‫النسفي‪ .‬تفسري النسفي‪ .‬ج ص‪. 3‬‬


‫قال السيوطي يف كتابه اإلتقان يف علوم القرآن ج ص عن هذه اآلية‪" :‬إَنا حمكمة" اهـ‬
‫قال الرازي يف تفسريه ج ص‪ 7-4‬عن هذه اآلية‪" :‬إَنا متشاهبة" اهـ‬
‫النسفي‪ .‬تفسري النسفي‪ .‬ج ص ‪. 3‬‬
‫‪24‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يليق باللَّه إليه سبحانهُ‬ ‫التأويل لآليات املتشاهبة اليت يُوه ُم ظاه ُرها نسبةَ ما ال ُ‬ ‫ِ‬ ‫ترك‬
‫َيوز ُ‬ ‫‪ ‬وال ُ‬
‫ظاهر قو ِله تَعاىل‪:‬‬ ‫ألن َ‬ ‫وذلك َّ‬ ‫عض َ‬ ‫رءان بعضه ببَ ٍ‬ ‫ك ضرب ال ُق ِ‬
‫ُ‬ ‫لزم ِمن ذل َ‬ ‫واحلمل َعلى الظّاه ِر ألنهُ يَ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب(‪﴾) 2‬‬ ‫ص َع ُد ال َكل ُم الطَّيِّ ُ‬ ‫استَـ َوى(‪ُ ( ﴾)4‬س ْوَرةُ طَهَ)‪ ،‬وقوله تَعاىل‪﴿ :‬إِلَْيه يَ ْ‬ ‫الع ْر ِش ْ‬‫الر ْمحَ ُن َعلَى َ‬
‫﴿ َّ‬
‫ب فَأَيْـنَ َما تُـ َولُّوا‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫( ُس ْوَرةُ فَاطر) حتيّـ ُز اللَّه تَعاىل يف جهة فوق‪ ،‬وظاه ُر قوله تَعاىل‪َ ﴿ :‬وهلل الْ َم ْش ِر ُق َوالْ َم ْغ ِر ُ‬
‫لسطني‪﴿ :‬إِ ِّين َذ ِاهب‬ ‫فَـث َّم وجه اهللِ(‪(﴾) 4‬سورةُ البـ َقرة)‪ ،‬وقولِِه تَعاىل يف حق إبراهيم ملا َذهب إىل فِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ َْ َ َ‬ ‫َ َُْ‬
‫اه ُر قو ِله تَعاىل‪َ ﴿ :‬وَْحن ُن‬ ‫جهة حتت‪ ،‬وظ ِ‬ ‫الصافَّات)‪ .‬حتيـز اللَّه يف ِ‬ ‫إِ َىل َرِّيب َسيَـ ْه ِديْن(‪ُ ( ﴾)77‬س ْوَرةُ َّ‬
‫ُّ‬
‫عرقان ِمن‬ ‫يد ِ‬ ‫الور َ‬
‫ألن َ‬ ‫اإلنسان َّ‬‫ِ‬ ‫أن اللَّه داخل ر ِ‬
‫قبة‬‫َُ‬ ‫الوِريْ ِد(‪ُ ( ﴾) 3‬س ْوَرةُ ق) َّ‬ ‫أَقْـر ِ ِ ِ‬
‫ب إلَْيه م ْن َحْب ِل َ‬ ‫َُ‬
‫لك‬ ‫القلب فإن ُمحلَت هذهِ‬ ‫بعرق ِ‬ ‫صالن ِ‬ ‫أس ويتّ ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫جانِيب ِ ِ‬
‫اآليات على ظَواهرها كا َن ذ َ‬ ‫ُ‬ ‫من ّ‬ ‫الرقبة يَـْنزالن َ‬ ‫َ َ ّ‬
‫رءان ل َقو ِله تَعاىل‪﴿ :‬أَفَ َال يَـتَ َدبـَُّرْو َن ال ُق ْرءَا َن َولَْو َكا ْن ِم ْن ِعْن َد َغ ِْري‬ ‫ناقض يف ال ُق ِ‬ ‫َيوز وقوعُ التّ ِ‬ ‫تناقضا وال ُ‬‫ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اهللِ لَوج ُدوا فِي ِه ِ‬
‫ترك األَخذ بظَواه ِر هذه اآليات والرجوعُ‬ ‫فوجب ُ‬‫َ‬ ‫ِّساء)‬‫اخت َالفًا َكثْيـًرا( ‪ُ ( ﴾)4‬س ْوَرةُ الن َ‬ ‫ََ ْ ْ ْ‬
‫اهيم‬ ‫ِ‬ ‫اآلية احملكم ِة﴿لَي ِ ِ ِ‬ ‫إىل ِ‬
‫حق إبر َ‬ ‫س َكمثْله َشىء ( )﴾ ( ُس ْوَرةُ الش ُّْوَرى)‪ .‬وأما معىن قوله تَعاىل يف ّ‬ ‫َ ْ َ‬
‫ريب‪ ،‬أو‬ ‫حيث َو ّجهين ّ‬ ‫إين ذاهب إىل ُ‬ ‫أي ّ‬ ‫الصافَّات)‪ْ .‬‬ ‫﴿إِ ِّين َذ ِاهب إِ َىل َرِّيب َسيَـ ْه ِديْن(‪ُ ( ﴾)77‬س ْوَرةُ َّ‬
‫ألن فلسطني أرض األ ِ‬
‫َنبياء ‪.‬‬ ‫ريب َّ‬ ‫َرض املبار ِ‬‫فلسطني األ ِ‬
‫َ ُ‬ ‫عند ّ‬
‫كة َ‬ ‫َ‬ ‫إين ذاهب إىل‬ ‫ّ‬
‫القرءان ألَنا األَصل الذي تُ ُّرد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اآليات املتشاهبةُ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫إليه‬ ‫ُ‬ ‫أي َّأم‬‫وقَد ُسّى اللَّه اآليات احملكمة َّأم الكتاب ْ‬
‫احملكم ِة كتفس ِري االستو ِاء بال َقه ِر فإنهُ موافق‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫لآليات‬ ‫َيب أن يكو َن مواف ًقا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فتفسريُ اآليات املتشاهبة ُ‬
‫س َك ِمثْلِ ِه َشىء ( )﴾ ( ُس ْوَرةُ الش ُّْوَرى)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫احملكمة﴿لَْي َ‬
‫لآلية َ‬
‫ِ‬
‫ألن املشبّهةَ‬ ‫تنة َّ‬ ‫الف ِ‬‫ذم اللَّه تَعاىل الذين يف قُلوهبم زيغ أي ميل ع ِن احلق فيتّبعو َن ما تشابه منه ابتغاء ِ‬ ‫َّ‬
‫َ ُ َ‬ ‫ّ َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫الباطل يف التّ ِ‬
‫شبيه‪.‬‬ ‫اعتقادهم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين يف‬‫الس َّ‬‫املتشاهبة أن يُوقِعُوا ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اآليات‬ ‫غرض ُهم يف ِذك ِر‬
‫ُ‬
‫‪ ‬املتشابهُ على قسم ِ‬
‫ني‪:‬‬
‫جال على التّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫حديد وحن ِو‬ ‫روج ال ّد ِ َ‬ ‫وخ ِ‬ ‫الساعة ُ‬ ‫وهو ما كا َن من قيام ّ‬
‫َّ‬
‫علم تأويلهُ إال الله َ‬ ‫‪ -‬قسم ال يَ ُ‬
‫قف‬ ‫ذلك‪ ،‬وهو املر ُاد ب َقو ِله تَعاىل ﴿وما يـ ْعلَم تَأ ِويْـلَهُ إَِّال اهلل(‪( ﴾)9‬سورةُ ء ِال ِعمران) َعلى قراءةِ الو ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َْ َ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫القس ِم ءايةُ االستو ِاء‪.‬‬ ‫اجلاللة‪ ،‬وليس ِمن هذا ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫على ِ‬
‫لفظ‬ ‫َ‬

‫سورة فاطر‪ /‬ءاية ‪. 2‬‬


‫ص ‪.9‬‬ ‫قال الطربي يف جامع بيان التأويل ج‬
‫‪25‬‬
‫الراسخو َن يف العل ِم ومثالُهُ ما كا َن ِمن َمعىن االستو ِاء املذكوِر يف قَو ِله تَعاىل‬ ‫يعلم تأويلَهُ اللَّه و ّ‬
‫‪ -‬وقسم ُ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫الع ْر ِش ْ‬
‫فسروهُ‬ ‫فالراسخو َن يف العلم أ ِي املتم ّكنو َن يف العلم ّ‬ ‫استَـ َوى(‪ُ ( ﴾)4‬س ْوَرةُ طَهَ)‪ّ ،‬‬ ‫الر ْمحَ ُن َعلَى َ‬ ‫﴿ َّ‬
‫الر ِاس ُخ ْو َن ِيف العِْل ِم يَـ ُق ْولُْو َن ءَ َامنَّا‬
‫وهو املر ُاد ب َقو ِله تَعاىل ﴿ َوَما يَـ ْعلَ ُم تَأ ِويْـلَهُ إَِّال اهللُ َو َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بال َقهر واالستيالء‪َ ،‬‬
‫أيضا يَعلمو َن تأويلَهُ ويَقولو َن آمنّا ِبه‪،‬‬ ‫الراسخو َن يف العل ِم ً‬ ‫قال و ّ‬‫بِِه (‪ُ ( ﴾)9‬س ْوَرةُ ءَ ِال ِع ْمَران) فكأنهُ َ‬
‫اسخني يف العِل ِم أنا ممن‬ ‫الر َ‬ ‫من ّ‬‫قال "أنا َ‬ ‫اس رضي اهلل عنهما أنهُ َ‬ ‫ويُؤيّ ُد هذا ما رواهُ َماهد ع ِن اب ِن عبّ ٍ‬
‫علم تأويلَهُ" اه‪.‬‬ ‫يَ ُ‬
‫وهم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪‬‬
‫وهو جائز يف اآليات واألحاديث اليت يُ ُ‬ ‫ص املتشابه َعن ظاهره‪َ ،‬‬ ‫اج النّ ّ‬ ‫هو إخر ُ‬ ‫التأويل َ‬
‫ُ‬
‫رش أو أنهُ‬ ‫الع ِ‬ ‫السماءَ أَو أنهُ جالس َعلى َ‬ ‫سكن ّ‬ ‫أن اللَّه لهُ يد جارحة أو وجه جارحة أو أنهُ يَ ُ‬ ‫ظاهرها َّ‬‫ُ‬
‫صفات ِ‬ ‫ِ‬ ‫بصفة ِمن‬
‫يوصف ٍ‬
‫من‬
‫صونوا عقائد ُكم َ‬ ‫رضي اللَّه عنهُ " ُ‬ ‫الرفاعي َ‬ ‫ّ‬ ‫أمحد‬
‫اإلمام ُ‬ ‫ُ‬ ‫قال‬
‫اخللق‪ .‬اهـ َ‬ ‫ُ َ ُ‬
‫أصول الكف ِر" اه‪.‬‬ ‫ذلك ِمن ِ‬ ‫الس ِنة َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فإن َ‬ ‫من الكتاب و ّ‬ ‫التمسك بظاه ِر ما تشابهَ َ‬ ‫ّ‬
‫منهما صحيح‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬و ِ‬
‫للتأويل َمسلكان كلٌّ ُ‬
‫الثالثة األُوىل قَر ُن الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫لف وهم أهل ال ُق ِ‬
‫التابعني وقَر ُن أتبا ِع‬ ‫َ‬ ‫حابة وقَر ُن‬ ‫ّ‬ ‫رون‬ ‫ُ‬ ‫الس ِ ُ‬ ‫سلك ّ‬ ‫األو ُل َم ُ‬ ‫‪ّ -‬‬
‫منها‬ ‫باإلَيان هبا واعتقاد َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫التابعني َّ‬
‫أن املعىن املر َاد َ‬ ‫تأويال إمجاليًّا‬ ‫اآليات املتشاهبةَ ً‬ ‫ؤولو َن‬
‫أكثرُهم يُ ّ‬
‫فإن َ‬ ‫َ‬
‫جبالل اللَّه وع ِ‬ ‫أن َلا معىن يليق ِ‬ ‫ليس ِمن معاين األ ِ‬
‫تلك‬
‫وردوا َ‬ ‫ذلك املعىن‪ُّ ،‬‬ ‫ظمته ومل يُعيّنوا َ‬ ‫َ‬ ‫َجسام بَل َّ َ َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫س َك ِمثْلِ ِه َشىء ( )﴾ ( ُس ْوَرةُ الش ُّْوَرى)‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اآليات إىل اآليات احملكمة ك َقوله تَعاىل﴿لَْي َ‬
‫ِ‬
‫اآليات املتشاهبةَ‬ ‫ِ‬ ‫ؤولو َن‬ ‫ِ‬ ‫أغلب ِ‬ ‫اخللف أَي ِ‬ ‫سلك ِ‬
‫السلف فإَنم يُ ّ‬ ‫بعد ّ‬ ‫وهم َمن جاءَ َ‬ ‫اخللف ُ‬ ‫‪ -‬والثاين َم ُ‬
‫يليق‬ ‫ليس ِمن َمعاين األَجساِم بَل َّ‬ ‫َّ‬ ‫باإلَيان هبا و ِ‬ ‫ِ‬
‫أن َلا َمعىن ُ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫منه‬
‫َ‬ ‫اد‬
‫َ‬ ‫ر‬‫امل‬ ‫املعىن‬ ‫أن‬ ‫اعتقاد‬ ‫تأويال تفصيليًّا‬ ‫ً‬
‫ِ‬
‫اآليات‬ ‫اآليات إىل‬ ‫ِ‬ ‫تلك‬ ‫قتضيه لغةُ الع ِ‬ ‫ذلك املعىن الذي تَ ِ‬ ‫جبالل اللَّه وع ِ‬ ‫ِ‬
‫وردوا َ‬ ‫رب‪ّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ظمته وعيّنوا َ‬ ‫َ‬
‫اخلوف ِمن تز ُلزِل‬ ‫ِ‬ ‫عند‬ ‫لف‪ ،‬وال بأس بسلو ِ‬ ‫أيضا كالس ِ‬ ‫ِ‬ ‫احملكم ِة ومل ِ‬
‫كه والسيّما َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ّ‬ ‫حيملوها على ظواهرها ً‬ ‫َ‬
‫العقيدةِ حفظًا من ال ِ‬
‫تشبيه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الشافعي رضي اللَّه عنهُ وهو من الس ِ‬ ‫ُّ ِ ِ‬ ‫‪ ‬وقَد َّ‬
‫ثبت عنهُ أنهُ‬ ‫لف ف َقد َ‬ ‫َ َ ّ‬ ‫اإلمجايل عن اإلمام ّ ّ َ‬ ‫التأويل‬
‫ُ‬ ‫صح‬
‫ليه وسلَّم َعلى ُمر ِاد‬ ‫سول اللَّه صلَّى اللَّه ع ِ‬
‫َ‬ ‫ءامنت مبا جاء َع ِن اللَّه َعلى مر ِاد اللَّه ومبا جاء َعن ر ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫قال " ُ‬ ‫َ‬

‫نقله احلافظ الزبيدي يف اإلحتاف ج ص‪ 27- 29‬عن القشريي‪.‬‬


‫الرفاعي‪ .‬الربهان املؤيد‪ .‬ص ‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫ضي اللَّه عنهُ ال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رسول اللَّه" اه نقلَهُ عنهُ احلاف ُ‬ ‫ِ‬
‫مترَد ‪ ،‬يَعين َر َ‬ ‫احلصين يف كتابه َدف ِع ُشبه َمن شبّهَ و ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ظ‬
‫حق اللَّه تَعاىل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َتوز يف ّ‬ ‫احلسيّة واجلسميّة اليت ال ُ‬ ‫من املعاين ّ‬ ‫َوهام والظّنو ُن َ‬‫ذهب إليه األ ُ‬ ‫َعلى ما قَد تَ ُ‬
‫أخرب ال‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّ‬ ‫اإلمام َ ِ ٍ‬ ‫وثبت ع ِن ِ‬ ‫‪‬‬
‫استوى كما َ‬ ‫رضي الله عنهُ تأويلهُ ءايةَ االستواء بقوله " َ‬ ‫أمحد بن حنبل َ‬ ‫َ‬
‫مترَد ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫طر للبَش ِر" اه نقلَهُ عنهُ احلاف ُ‬
‫احلصين يف كتابه َدف ِع ُشبه َمن شبّهَ و ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ظ‬ ‫كما َخي ُ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫يهقي قال‪:‬‬ ‫اإلمجايل يف ما رواهُ عنهُ البَ ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫التأويل‬
‫ُ‬ ‫رضي اللَّه عنهُ‬ ‫وثبت عن اإلمام مالك َ‬
‫َ ِ‬ ‫‪‬‬
‫"أخربنا أبو عبد اللَّه احلافظ‪ ،‬أخربين أمحد بن حممد بن إُساعيل بن مهران حدثنا أيب حدثنا أبو‬
‫أنس‬‫مالك اب ِن ٍ‬ ‫عند ِ‬ ‫الربيع ابن أخي رشدين بن سعد قال‪ُ :‬سعت عبد اللَّه بن وهب يقول كنّا َ‬
‫ِ‬
‫قال فأطر َق مالك‬ ‫كيف استو ُاؤه؟ َ‬ ‫استوى َ‬ ‫رش َ‬ ‫الع ِ‬‫محن َعلى َ‬ ‫الر ُ‬‫فقال يا أبا َعبد اللَّه ّ‬ ‫فدخل رجل َ‬ ‫َ‬
‫استوى‬ ‫الع ِ‬ ‫ِ‬
‫رش َ‬ ‫محن على َ‬ ‫الر ُ‬ ‫فقال " ّ‬ ‫أسهُ َ‬ ‫رفع ر َ‬‫يغسل اجللد لكثرته‪ -‬مث َ‬ ‫وهو َعَرق ُ‬ ‫الر َحضاءُ ‪َ -‬‬ ‫وأَخذتهُ ُّ‬
‫قال‬
‫بدعة أخرجوهُ" َ‬ ‫سوء صاحب ٍ‬ ‫قال كيف وكيف عنه مرفوع وأنت رجل ٍ‬
‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫نفسهُ وال يُ ُ َ‬ ‫وصف َ‬ ‫َ‬ ‫كما‬
‫الرجل اه‪.‬‬‫ِج ُ‬ ‫فأُخر َ‬
‫حيح البخاري يف ِ‬ ‫ِ‬
‫كتاب‬ ‫ّ‬ ‫ص ِ‬ ‫فمردود مبا يف َ‬ ‫عم بَعض َ‬ ‫كما َز َ‬ ‫السلف َ‬ ‫التفصيلي َع ِن ّ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫التأويل‬ ‫‪ ‬أما ُ‬
‫نفي‬
‫ٍ ِ‬ ‫تفس ِري ال ُق ِ‬
‫صص) "إال ُمل َكهُ‬ ‫هناك ﴿ ُك ُّل َشىء َهالك إَِّال َو ْج َههُ(‪ُ ( ﴾)44‬س ْوَرةُ ال َق َ‬ ‫رءان وعبارتهُ َ‬
‫كامللك الذي ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫صفاته األَزلي ِ‬
‫ِ‬ ‫لك اللَّه صفة ِ‬
‫عطيه‬ ‫ُ‬ ‫يس‬
‫َ‬ ‫ل‬ ‫ة‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫فم ُ‬ ‫ويقال إال ما أريد به وجه اللَّه" اه ُ‬ ‫ُ‬
‫احلديث بالر ِ‬
‫محة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫حق اللَّه يف‬ ‫ِ‬ ‫للمخلوقني‪ِ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ارد يف ّ‬ ‫حك الو َ‬ ‫الض َ‬ ‫كتأويله ّ‬ ‫وفيه غريُ هذا املوض ِع‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قال يف قو ِله‬ ‫ثبت عنهُ أنهُ َ‬ ‫لف ف َقد َ‬ ‫أمحد وهو من الس ِ‬
‫التفصيلي َع ِن اإلمام َ َ َ ّ‬
‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫التأويل‬
‫ُ‬ ‫أيضا‬
‫وصح ً‬ ‫َّ‬ ‫‪‬‬
‫البيهقي يف‬
‫ُّ‬ ‫ظ‬
‫ك" اه رواهُ احلاف ُ‬ ‫أمر ربّ َ‬ ‫ك( ) ﴾ ( ُس ْوَرةُ ال َف ْجر) "إمنا جاءَ ُ‬ ‫تَعاىل ﴿ َو َجاءَ َربُّ َ‬
‫ءاخر‬ ‫ٍ ِ‬ ‫االنتقال و ِ‬‫كة و ِ‬ ‫سنده‪ ،‬أي ليس َميء احلر ِ‬ ‫َم ِ‬
‫الزوال وإفر ِاغ مكان وملء َ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ‬ ‫وصح َح َ ُ‬ ‫أمحد َّ‬ ‫ناقب َ‬
‫السكو َن وك َّل ما كا َن ِمن‬ ‫خلق احلركةَ و ّ‬ ‫يكفر‪ .‬فاللَّه تَعاىل َ‬ ‫ذلك ُ‬ ‫اعتقد َ‬ ‫وم ِن َ‬ ‫ِ‬
‫بالنسبة إىل اللَّه َ‬
‫ِ‬
‫يعتقد يف اللَّه‬
‫أمحد ُ‬ ‫اإلمام ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وص ُ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالسكون‪ .‬لو كا َن ُ‬ ‫ف الله تَعاىل باحلركة وال ّ‬ ‫صفات احلوادث فال يُ َ‬
‫اجمليء مبعىن التن ّق ِل من عل ٍو إىل‬ ‫لرتك اآليةَ على ظاه ِرها ومحلَها على ِ‬ ‫االنتقال َ‬
‫احلركةَ والسكو َن و َ‬
‫ِ‬
‫التأويل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫املالئكة ولَ َما تكلّ َم هبذا‬ ‫ِ‬
‫كمجيء‬ ‫ٍ‬
‫سفل‬

‫تقي الدين احلصين‪ .‬دفع شبه من شبّه ومترد‪ .‬ص‪.43‬‬


‫املصدر السابق‪ .‬ص‪ . 9‬وذكره اإلمام أمحد الرفاعي يف الربهان املؤيد ص ‪.‬‬
‫البيهقي‪ .‬األُساء والصفات‪.‬‬
‫ص‪. 9‬‬ ‫البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ .‬كتاب تفسري القرءان‪ :‬باب تفسري سورة القصص ج‬
‫‪27‬‬
‫ِ‬
‫حديث‬ ‫قال يف‬
‫ثبت عنهُ أنهُ َ‬ ‫مالك وهو من الس ِ‬ ‫اإلمام ٍ‬‫التفصيلي ع ِن ِ‬ ‫‪‬‬
‫لف ف َقد َ‬ ‫َ َ ّ‬ ‫ُّ‬ ‫التأويل‬
‫ُ‬ ‫أيضا‬
‫وصح ً‬ ‫َّ‬
‫داع فيستجا ُ له هل من مستغف ٍر‬ ‫السماء ال ّدنيا فيقول هل من ٍ‬ ‫"يننل ربُّنا َّ ٍ‬
‫كل ليلة إلى ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكلمات‪،‬‬ ‫ك بأم ِر ربّنا فيُنادي ُمبلّغًا ع ِن اللَّه َ‬
‫تلك‬ ‫زل امللَ ُ‬‫سائل فيعطى" إمنا يَن ُ‬ ‫فيغفر له هل من ٍ‬
‫رحه َعلى املوطّأ‪.1‬‬‫نقلَه الزرقاينُّ يف َش ِ‬
‫ُ ّ‬
‫املشايخ‬
‫ِ‬ ‫بعض‬
‫أن َ‬ ‫ابن فُورك َّ‬ ‫خاري وقَد ح َكى ُ‬ ‫حيح البُ ّ‬ ‫ص ِ‬ ‫تح البَاري َشرِح َ‬ ‫ابن حج ٍر يف فَ ِ‬ ‫ظ ُ‬ ‫قال احلاف ُ‬ ‫و َ‬
‫ِ‬ ‫زول بضم أو ِله على ح ِ‬ ‫حديث النّ ِ‬
‫ك" اه‬ ‫املفعول أَي يـُْن ِزل امللَ َ‬ ‫ذف‬ ‫َّ ّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ط‬‫ضب َ‬
‫َ‬
‫اس رضي اهلل عنهما وهو من الس ِ‬ ‫التفصيلي َع ِن اب ِن عبّ ٍ‬ ‫‪‬‬
‫ثبت عنهُ أنهُ‬ ‫لف ف َقد َ‬ ‫َ َ ّ‬ ‫ُّ‬ ‫التأويل‬
‫ُ‬ ‫أيضا‬
‫وصح ً‬ ‫َّ‬
‫اق( )﴾ ( ُس ْوَرةُ ال َقلَم) َعن ش ّدةٍ َ ِ‬ ‫ْشف عن س ٍ‬ ‫ِ‬
‫ذكرهُ‬
‫من األَمر‪َ ،‬‬ ‫قال يف قوله تَعاىل‪ ﴿ :‬يَـ ْوَم يُك َ ُ َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫خاري ‪.‬‬
‫حيح البُ ّ‬ ‫ص ِ‬ ‫تح البَاري َشرِح َ‬ ‫ابن َحج ٍر يف فَ ِ‬ ‫ظ ُ‬ ‫احلاف ُ‬
‫اس وهو من الس ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫قال‬
‫ثبت عنهُ أنهُ َ‬‫لف ف َقد َ‬ ‫التفصيلي َعن َماهد تلميذ اب ِن عبّ ٍ َ َ ّ‬ ‫ُّ‬ ‫التأويل‬
‫ُ‬ ‫أيضا‬
‫وصح ً‬ ‫َّ‬ ‫‪‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ظ‬‫أي قبلةُ اللَّه" اه رواهُ احلاف ُ‬‫يف قوله تَعاىل‪﴿ :‬فَأَيْـنَ َما تُـ َولُّوا فَـثَ َّم َو ْجهُ اهلل(‪ُ (﴾) 4‬س ْوَرةُ البَـ َقَرة) " ْ‬
‫فل يف السف ِر على الر ِ‬
‫احلة‬ ‫صالةِ النّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ َ ّ‬ ‫جوه ُكم يف َ‬ ‫وج ُهوا ُو َ‬ ‫أي فأَينما تُ ّ‬ ‫الصفات ْ‬ ‫البيهقي يف األَُساء و ّ‬ ‫ُّ‬
‫يعتقد اجلارحةَ‬
‫وحكم َمن ُ‬ ‫جه اجلارحةُ‪،‬‬ ‫لك الوجهةُ اليت تَوجهتُم إليها هي قِبلةُ اللَّه‪ ،‬وال يراد بالو ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُُ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫فت َ ُ‬
‫عب و ِ‬
‫املرض‬ ‫َيوز َعلينا من التّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َيوز عليه ما ُ‬ ‫هلل التكفريُ ألنهُ لَو كانَت لهُ َجارحة لكا َن م ًثال لَنا ُ‬
‫أحدهم "فَعلت َكذا وَكذا لو ِ‬
‫جه‬ ‫ب إىل اللَّ ِه تَعاىل‪ ،‬كأَن َ‬ ‫قصد التّقر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫يقول ُ‬ ‫بالوجه ُ ّ‬ ‫وال َفناء‪ .‬وقَد يُر ُاد َ‬
‫تقربًا إىل اللَّ ِه أ ِي ً‬
‫امتثاال ألم ِر اللَّه تَعاىل"‪.‬‬ ‫علت َكذا وَكذا ّ‬ ‫ذلك "فَ ُ‬ ‫ومعىن َ‬ ‫اللَّه"‪َ ،‬‬
‫ليق باللَّه َّ‬ ‫جوب ِ‬ ‫اخللف متّفقو َن َعلى و ِ‬ ‫كر َّ‬ ‫ِ‬
‫عز‬ ‫ظاهرهُ ما ال يَ ُ‬
‫وهم ُ‬ ‫تأويل ما يُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫لف و َ ُ‬ ‫الس َ‬ ‫أن ّ‬ ‫‪ ‬فعُل َم مما ذُ َ‬
‫تأويال‬
‫ومنهم َمن ّأوَلا ً‬ ‫ِ‬ ‫تلك النّ ِ‬ ‫تأويال إمجاليًّا ومل ِ‬ ‫وجل ِ‬
‫صوص َعلى ظَواهرها ُ‬ ‫حيمل َ‬ ‫فم ُنهم َمن ّأوَل ً‬ ‫َّ‬
‫صوص َعلى ظو ِاهرها‪.‬‬ ‫تلك النّ ِ‬ ‫حيمل َ‬ ‫تفصيليًّا ومل ِ‬

‫واللَّهُ َ‬
‫تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم‬

‫أبو عبد اهلل حممد الزرقاين‪ .‬شرح موطأ اإلمام مالك‪ .‬كتاب الصالة‪ :‬باب ما جاء يف الدعاء ج ص‪. 4‬‬
‫ابن حجر العسقالين‪ .‬فتح البَاري شرح صحيح البخاري‪ .‬كتاب التهجد‪ :‬باب الدعاء والصالة من ءاخر الليل‪ ،‬ج ص ‪. 9‬‬
‫ابن حجر العسقالين‪ .‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ .‬ج ص‪. 4‬‬
‫البيهقي‪ .‬األُساء والصفات‪ .‬باب‪ :‬ما جاء يف إثبات الوجه صفة ال من حيث الصورة ص ‪. 7‬‬
‫‪28‬‬
‫احملاضرة العاشرة‬
‫الكالم على حديث الجارية وحديث "ارحموا من في األرض"‬
‫بس ِم اللَّه الرمح ِن الرحي ِم‬
‫ءاله وص ِ‬
‫حابته الطّاهرين‪.‬‬ ‫احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ َ ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫أن اللَّه ساكن يف الس ِ‬ ‫ِ‬
‫إلثبات َّ‬ ‫إن غالب ما يتمس ُ ِ‬
‫حبديث‬ ‫عرف‬
‫ماء بزعمه هو ما يُ ُ‬ ‫ّ‬ ‫الوهابيّةُ‬
‫ك به ّ‬ ‫‪ّ َ َ َّ ‬‬
‫عليه وسلّ َم فسألَهُ َعن جار ٍية لهُ قا َل‬
‫سول اللَّه صلّى اللَّه ِ‬ ‫جال جاء إىل ر ِ‬
‫أن َر ً َ َ‬ ‫اجلار ِية الذي َرواهُ ُمسلم َّ‬
‫فقال َلا "أين اللَّه"‪ ،‬قالَت يف الس ِ‬
‫ماء‪،‬‬ ‫قال "ائتني بها"‪ ،‬فأتاهُ هبا َ‬ ‫رسول اللَّه أفال أُعتِ ُقها‪َ ،‬‬ ‫قلت يا َ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫رسول اللَّه‪ ،‬قال "أعتقها فإنّها مؤمنةٌ" اه‪.‬‬ ‫أنت ُ‬ ‫قال "من أنا"‪ ،‬قالَت َ‬ ‫َ‬
‫أن اللَّه عايل‬ ‫أن اللَّه يسكن السماء كما توهم بعض ِ‬
‫اجلهلة بَل َمعناهُ َّ‬ ‫َّ َ ُ‬ ‫ليس َمعناهُ َّ َ ُ ّ َ‬ ‫احلديث َ‬
‫ُ‬ ‫هذا‬
‫عظيمها هللِ‬
‫قال َلا "أين اللَّه" سؤال عن تَ ِ‬ ‫ليه وسلّم َ‬ ‫اية أنه صلّى اللَّه ع ِ‬ ‫ال َقد ِر جدًّا فما يف هذهِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫الرو ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫قول اجلار ِية "يف‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫املكانة أ ِي ال َقد ِر‪ .‬ومعىن ِ‬ ‫للسؤ ِال َع ِن‬ ‫ِ‬
‫للسؤال َع ِن املكان وتأت ّ‬
‫ِ‬
‫أين" تأت ّ‬ ‫فإن " َ‬‫َّ‬
‫أن اللَّه َعايل ال َقد ِر جدًّا‪.‬‬ ‫الس ِ‬
‫ماء" َّ‬ ‫ّ‬
‫ك مل ي ِرد بذلك أنه وصل إىل الس ِ‬
‫ماء‪.‬‬ ‫الرفيعةَ وال َش َّ‬
‫ّ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫بلغ ََم ُدنا املكانةَ العاليةَ ّ‬‫أي َ‬ ‫ْ‬
‫حيح مسل ٍم على هذا ِ‬
‫الوجه ‪.‬‬ ‫ص ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬هذا‬
‫َ‬ ‫ووي يف َشرحه َعلى َ‬ ‫احلديث ّأولهُ النّ ُّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ديث‬
‫فح ُ‬ ‫الصفات ‪َ .‬‬ ‫عف كما يف األَُساء و ّ‬ ‫حديث اجلار ِية ّ‬
‫بالض ِ‬ ‫ِ‬ ‫البيهقي ف َقد ح َكم َعلى‬
‫ُّ‬ ‫‪ ‬وأما‬
‫فظ "من‬ ‫اللفظ ورواه ابن حبا َن بلَ ِ‬‫فإن مسلما رواه هبذا ِ‬ ‫اب ‪َّ ،‬‬ ‫حيح ألَمري ِن لالضطر ِ‬ ‫بص ٍ‬ ‫ِ‬
‫ُ ُ ّ‬ ‫ً ُ‬ ‫ليس َ‬ ‫اجلارية َ‬
‫ماء‪ ،‬ورواه مالك ِ‬
‫بلفظ‬ ‫بلفظ "أين اللَّه"‪ ،3‬فأشارت إىل الس ِ‬ ‫ت اللَّه‪ ،‬ورواه البيهقي ِ‬ ‫ربك"‪ ،4‬فقالَ ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫قال "أترهدين أنّي رسول اللَّه"‪ ،‬قالَت َنعم‪.‬‬ ‫"أترهدين أن ال إله إال اللَّه" ‪ ،‬فقالَت نَعم‪َ ،‬‬
‫‪9‬‬

‫مسلم‪ .‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب املساجد ومواضع الصالة‪ :‬باب حتري الكالم يف الصالة ونسخ ما كان من إباحته‪ ،‬ج ص ‪.9‬‬
‫النووي‪ .‬شرح صحيح مسلم‪ .‬كتاب املساجد ومواضع الصالة‪ :‬باب حتري الكالم يف الصالة ونسخ ما كان من إباحته‪ ،‬ج‪4‬‬
‫ص ‪.‬‬
‫البيهقي‪ .‬األُساء والصفات‪.‬‬
‫واحلديث املضطرب هو ما روي من طرق ُمتلفة وال َيكن اجلمع بينها‪.‬‬
‫‪ 4‬ابن حبان‪ .‬صحيح ابن حبان‪ .‬كتاب اإلَيان‪ :‬باب فرض اإلَيان ج ص‪. 7‬‬
‫‪ 3‬البيهقي‪ .‬األُساء والصفات‪.‬‬
‫‪ 9‬مالك‪ .‬املوطأ‪ .‬كتاب العتق والوالء‪ :‬باب ما َيوز من العتق يف الرقاب الواجبة ج ص ‪.993‬‬
‫‪29‬‬
‫ِ‬
‫باإلسالم بقوَلا‬ ‫حكم على اجلار ِية‬ ‫سول صلى اهلل عليه وسلم َ‬ ‫الر َ‬
‫أن ّ‬‫أن ما رواهُ مسلم ِمن َّ‬ ‫األمر الثاين َّ‬ ‫و ُ‬
‫ول "اللَّه يف‬ ‫الشخص ال ُحي َكم له ب َق ِ‬ ‫الشر ِ‬
‫يعة َّ‬ ‫ألن ِمن ِ‬ ‫ُصول َّ‬‫ماء ُمالف لأل ِ‬ ‫اللَّه يف الس ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫أن ّ َ‬ ‫أصول ّ‬ ‫ّ‬
‫رق ِمن َغ ِري‬ ‫فيه بني فِ ٍ‬ ‫التوحيد بل هو قول مشرتك ِ‬ ‫ِ‬ ‫قول‬
‫ليس َ‬ ‫ِ‬
‫باإلسالم َّ‬ ‫الس ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫القول َ‬‫ألن هذا َ‬ ‫ماء"‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومسلم‬‫البخاري ُ‬
‫ُّ‬ ‫املعروف يف َشريعة اللَّه ما جاءَ يف احلديث املتوات ِر الذي َرواهُ‬ ‫ُ‬ ‫َصل‬
‫املسلمني وإمنا األ ُ‬
‫َ‬
‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫والذي فيه "حتى يرهدوا أن ال إله إال الله وأنّي رسول الله"‪ .‬وروايةُ مالك "أترهدين" َ‬
‫هي‬
‫اية مسل ٍم‪.‬‬ ‫احلديث املشهوِر فتُـر َّجح على رو ِ‬
‫َ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫الصحيحةُ املوافِقةُ لأل ِ‬
‫ُصول ألََنا يف َمعىن‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫كيف تكو ُن روايةُ مسل ٍم مردودةً و ُّ‬
‫اب‬
‫صحيح‪ ،‬فاجلو ُ‬ ‫فهو َ‬ ‫صحيحه َ‬ ‫كل ما َرواهُ ُمسلم يف َ‬ ‫قيل َ‬ ‫‪ ‬فإ ْن َ‬
‫إن أبي وأباك‬ ‫ديث " َّ‬‫احلديث وذ َكرها احمل ّدثو َن يف ُكتب ِهم كح ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫َحاديث ُمسل ٍم ّ‬
‫ردها عُلماءُ‬
‫ِ‬ ‫عددا ِمن أ‬ ‫أن ً‬ ‫َّ‬
‫مر ف َكانوا ال يَذ ُكرو َن بس ِم اللَّه‬ ‫ٍ‬ ‫ِ َّ‬ ‫وحديث ٍ‬ ‫ِ‬ ‫في النار"‬
‫خلف َرسول الله وأَيب بَكر وعُ َ‬ ‫يت َ‬ ‫أنس "صلّ ُ‬
‫الرحي ِم" فأما األ َّو ُل َ‬
‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬
‫من‬
‫َ‬ ‫دد‬ ‫وع‬
‫َ‬ ‫افعي‬
‫ُّ‬ ‫الش‬
‫ّ‬ ‫اإلمام‬
‫ُ‬ ‫فه‬
‫ُ‬ ‫ضع‬
‫ّ‬ ‫الثاين‬‫و‬ ‫يوطي‬
‫الس ُ‬ ‫ظ ّ‬ ‫فض ّعفهُ احلاف ُ‬ ‫الرمح ِن ّ‬‫ّ‬
‫اظ‪.‬‬‫احل ّف ِ‬
‫عليه وسلَّم َ‬ ‫أن النيب صلّى اللَّه ِ‬
‫قال "إذا كان أحدكم في صالته فإنه يناجي ربَّه فال‬ ‫البخاري َّ َّ‬ ‫ُّ‬ ‫‪َ ‬روى‬
‫عليه وسلَّ َم " َّ‬
‫فإن‬ ‫فإن ربَّه بينه وبين قبلته"‪ ،‬فمعىن قو ِله صلَّى اللَّه ِ‬ ‫يبصق َّن في قبلته وال عن يمينه َّ‬
‫َ‬
‫زل علَى املصلّي تكو ُن بني املصلّي وقِ ِ‬ ‫إن رمحةَ ربِّه اخلاصةَ اليت تْن ُ‬ ‫أي َّ‬
‫بلته‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ربَّه بينه وبين قبلته" ْ‬
‫قال‬‫عليه وسلَّم َ‬ ‫رسول اللَّه صلَّى اللَّه ِ‬ ‫أن َ‬ ‫األشعري َّ‬ ‫موسى‬ ‫‪ ‬وأخر َج‬
‫ّ‬ ‫أيضا َعن أيب َ‬ ‫البخاري ً‬ ‫ُّ‬
‫سميعا قريبًا‪ ،‬والذي‬ ‫ً‬ ‫أصم وال غائبًا‪ ،‬إنكم تدعون‬ ‫"اربعوا على أنفسكم فإنكم ال تدعون َّ‬

‫البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ .‬كتاب الزكاة‪ :‬باب وجوب الزكاة ج ص‪. 3‬‬
‫مسلم‪ .‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب اإلَيان‪ :‬باب األمر بقتال الناس حىت يقولوا ال إله إال اهلل حممد رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫ج ص‪. 4‬‬
‫مسلم‪ .‬صحيح مسلم‪ .‬كتاب اإلَيان‪ :‬باب بيان أن من مات على الكفر فهو يف النار ج ص ‪.‬‬
‫مسلم‪ .‬صحيح مسلم‪ .‬كتاب الصالة‪ :‬باب حجة من قال ال َيهر بالبسملة ج ص ‪.‬‬
‫‪ 4‬السيوطي‪ .‬احلاوي للفتاوى‪ .‬ج ص ‪. 7 - 7‬‬
‫‪ 3‬املصدر السابق‪ .‬ج ص ‪. 7‬‬
‫‪ 9‬البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ .‬كتاب الصالة‪ :‬باب حك البزاق باليد من املسجد‪ ،‬ج ص‪. 97‬‬
‫‪ 4‬البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ .‬كتاب اجلهاد والسري‪ :‬باب ما يكره من رفع الصوت يف التكبري‪ ،‬ج ص‪. 7‬‬
‫‪ 7‬أي ال َتهدوها برفع الصوت‪.‬‬
‫‪31‬‬
‫عليه وسلَّم "أقر ُ إلى‬ ‫تدعونه أقر ُ إلى أحدكم من عنق راحلة أحدكم" فمعىن قو ِله صلَّى اللَّه ِ‬
‫َ‬
‫بالعبد ِمن نَ ِ‬‫أن اللَّه أعلَم ِ‬ ‫أي َّ‬
‫فسه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫أحدكم من عنق راحلة أحدكم" ْ‬
‫ِ‬ ‫ففسرتَه َّ َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫أخذت‬
‫السماء و َ‬ ‫بأن الله بذاته يف ّ‬ ‫حديث اجلارية على ظاهرهِ َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫أخذت‬
‫َ‬ ‫عرتض إذا‬‫للم ِ‬ ‫فيقال ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪‬‬
‫أن اللَّه‬ ‫ني ِ‬ ‫ألن َهذي ِن احلديث ِ‬ ‫أن اللَّه يف الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ظاه ُرّها َّ‬ ‫ماء َّ‬ ‫ّ‬ ‫ك َّ‬ ‫عم َ‬ ‫طل َز ُ‬‫هذي ِن احلديثني على ظاهرّها لبَ َ‬
‫حديث‬ ‫ني ومل تُ ّأو ْل‬‫ت َهذي ِن احلديث ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بذاته يف أُفُ ِق‬
‫َ‬ ‫إسنادا من َحديث اجلارية‪ .‬وإ ْن َّأولْ َ‬ ‫أقوى ً‬ ‫األرض وّها َ‬
‫اب‬ ‫ض ِ‬
‫الكتَ ِ‬ ‫قول اللَّه يف ِ‬
‫اليهود‪﴿ :‬أَفَـتُـ ْؤِمنُـ ْو َن بِبَـ ْع ِ‬ ‫عليك ُ‬ ‫أي قول بال ٍ‬ ‫اجلار ِية فهذا ُّ‬
‫صدق َ‬ ‫دليل‪ ،‬ويَ ُ‬ ‫حتكم ْ‬
‫ِ‬ ‫َوتَ ْك ُف ُرْو َن بِبِ ْع ٍ‬
‫تقول يف قوله تَعاىل ﴿فَأَيْـنَ َما تُـ َولُّوا فَـثَ َّم َو ْجهُ‬ ‫كذلك ماذا ُ‬ ‫ض(‪ُ ( ﴾)44‬س ْوَرةُ البَـ َقَرة) و َ‬
‫َماهد تلمي َذ اب ِن‬ ‫َ‬ ‫حديث اجلار ِية‪ .‬وقَد تقدم أن‬ ‫َ‬ ‫اهللِ(‪ُ (﴾) 4‬س ْوَرةُ البَـ َقَرة) فإ ْن ّأولتَهُ فلِ َم ال تُ ّأو ُل‬
‫السف ِر على‬ ‫يف‬ ‫ِ‬
‫النفل‬ ‫بلة‪ ،‬أي لصالةِ‬ ‫ففسر الوجه ِ‬
‫بالق ِ‬ ‫َّ‬ ‫‪،‬‬ ‫"‬‫ه‬‫َّ‬
‫ل‬ ‫ال‬ ‫بلة‬ ‫ق‬ ‫اس‪ 1‬قال يف تفس ِري هذهِ ِ‬
‫اآلية‬ ‫عبّ ٍ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الر ِ‬
‫احلة‪.‬‬
‫الرحمن ارحموا من في األرض‬ ‫الراحمون يرحمهم ّ‬ ‫وهو " ّ‬ ‫الرتمذي َ‬ ‫ُّ‬ ‫احلديث الذي رواهُ‬
‫ُ‬ ‫‪ ‬وأما‬
‫وهي "الراحمون يرحمهم الرحيم‬ ‫ٍ‬
‫اقي َ‬ ‫ظ العر ُّ‬ ‫أخرى َرواها احلاف ُ‬ ‫السماء" ‪ .‬ويف رواية َ‬ ‫يرحمكم من في ّ‬
‫ماء هم املالئكةُ فهم س ّكا ُن السمو ِ‬ ‫ِ‬
‫ات‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫الس ُ‬ ‫أهل ّ‬ ‫السماء" و ُ‬ ‫ارحموا أهل األرض يرحمكم أهل ّ‬
‫السماء" َّ‬ ‫ِ‬
‫ألن‬ ‫الرتمذي "يرحمكم من في ّ‬ ‫ّ‬ ‫السماء" تُ ّ‬
‫فس ُر روايةَ‬ ‫اقي "يرحمكم أهل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬‫الع‬ ‫احلافظ‬ ‫فروايةُ‬
‫ظ العراقي يف ألفي ِته وخري ما فسرتَه بالو ِ‬
‫ارد‪.‬‬ ‫قال احلاف ُ‬ ‫ارد كما َ‬ ‫فسر ِبه احلديث الوارد بالو ِ‬
‫ّ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫خري ما يُ َّ ُ‬
‫َ‬
‫ونص‬ ‫ِ‬
‫احلديث‪ُّ ،‬‬ ‫قيب هذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬مث املر ُاد ِ‬
‫اقي يف أماليّه َع َ‬ ‫ظ العر ُّ‬ ‫ذلك احلاف ُ‬ ‫ذكر َ‬ ‫السماء املالئكةُ‪َ ،‬‬ ‫بأهل ّ‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫أن المراد بقوله تعالى في اآلية‬ ‫السماء" على َّ‬ ‫عبارته "واستدل بقوله صلَّى اللَّه عليه وسلّم "أهل ّ‬
‫ِ‬ ‫﴿ءأ َِمْنتم من ِيف َّ ِ‬
‫ض(‪ُ ( ﴾) 3‬س ْوَرةُ الْ ُم ْلك) المالئكة" اه‪ ،‬ألنهُ ال ُ‬
‫يقال‬ ‫ف بِ ُك ُم األ َْر َ‬ ‫الس َماء أَ ْن َخيْس َ‬ ‫َ ُ َْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك(‪﴾) 4‬‬ ‫قال تَعاىل‪َ ﴿ :‬وِمْنـ ُهم َم ْن يَ ْستَ ِم ُع إِلَْي َ‬ ‫للجم ِع َ‬ ‫للمفرد و َ‬ ‫السماء"‪ .‬و" َمن" تَصلُ ُح ُ‬ ‫أهل ّ‬ ‫هلل " ُ‬
‫ِ‬
‫ك( )﴾ ( ُس ْوَرةُ يـُ ْونُس)‪.‬‬ ‫وقال تَعاىل َوِمْنـ ُهم َم ْن يَ ْستَ ِمعُ ْو َن إِلَْي َ‬
‫( ُس ْوَرةُ األَنْـ َعام) َ‬

‫البيهقي‪ .‬األُساء والصفات‪ .‬باب‪:‬ما جاء يف إثبات الوجه صفة ال من حيث الصورة ص ‪. 7‬‬
‫الرتمذي‪ .‬سنن الرتمذي‪ .‬ج ص ‪. 9‬‬
‫أمحد ابن حنبل‪ .‬مسند اإلمام أمحد ج ص ‪.44‬‬
‫العراقي‪ .‬شرح ألفية احلديث‪ .‬ص‪. 4‬‬
‫‪ 4‬العراقي‪ .‬األمايل‪ .‬ص‪.99‬‬
‫‪31‬‬
‫ثبت‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬مث لَو كا َن اللَّه‬
‫احم املالئكةَ وهذا حمال‪ ،‬ف َقد َ‬
‫البعض لكا َن الله يُز ُ‬
‫ُ‬ ‫يزعم‬
‫السماء كما ُ‬
‫ساكن ّ‬
‫َ‬
‫اكع أو ساج ٌد" رواهُ‬
‫قائم أو ر ٌ‬
‫لك ٌ‬ ‫السماوات موضع أربع أصابع إال وفيه م ٌ‬ ‫حديث "ما في ّ‬ ‫ُ‬
‫الرتمذي‪.1‬‬
‫ُّ‬
‫وهو "والذي نفسي بيده ما من ٍ‬
‫رجل يدعو امرأته إلى‬ ‫احلديث الذي رواهُ مسلم َ‬
‫ُ‬ ‫‪ ‬و َ‬
‫كذلك‬
‫ِ‬ ‫السماء ساخطًا عليها"‬
‫أيضا‬
‫صود به املالئكةُ ً‬
‫احلديث‪ ،‬فاملق ُ‬
‫َ‬ ‫فراشه فتأبى عليه إال كان الذي في ّ‬
‫وهي "لعنتها المالئكة حتّى تصبح" اه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أشهر من هذه َ‬ ‫هي ُ‬ ‫الصحيحة واليت َ‬
‫الرواية الثانية ّ‬ ‫بدليل ّ‬
‫ابن حبّا َن وغريهُ ‪.‬‬ ‫َرواها ُ‬

‫واللَّهُ َ‬
‫تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم‬

‫الرتمذي‪ .‬سنن الرتمذي‪ .‬كتاب الزهد‪ :‬باب يف قول النيب صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬لو تعلمون ما أعلم"‪ .‬ج ص‪. 2‬‬
‫مسلم‪ .‬صحيح مسلم‪ .‬كتاب النكاح‪ :‬باب حتري امتناع املرأة من فراش زوجها‪ .‬ج‪ 2‬ص‪.9‬‬
‫ابن حبان‪ .‬اإلحسان برتتيب صحيح ابن حبان ج‪ 7‬ص‪. 42‬‬
‫‪32‬‬
‫احملاضرة احلادية عشر‬
‫الرحمن على العرش است وى(‪ُ ( ﴾)4‬س ْوَرةُ طَهَ)‪.‬‬ ‫تفسير اآلية ﴿ َّ‬
‫الرحي ِم‬ ‫ِ‬
‫بسم اللَّه ّ‬
‫الرمح ِن ّ‬
‫ءاله وص ِ‬
‫حابته الطّاهرين‪.‬‬ ‫احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ َ ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ذلك‬
‫حجةَ َلم يف َ‬ ‫احتج املشبهةُ قدَيًا وحديثًا إلثبات حتيّ ِز اللَّه َعلى َعرشه بآية االستواء وال ّ‬ ‫َّ‬ ‫‪‬‬
‫فوجب أن يكو َن تفسريُ االستو ِاء‬ ‫َ‬ ‫األم ِة‬
‫وإمجاع ّ‬
‫ِ‬ ‫القرءان و ِ‬
‫احلديث‬ ‫ِ‬ ‫لنص‬ ‫ِ‬
‫لكون هذا االعتقاد ُمال ًفا ّ‬
‫ِ‬
‫اجللوس واالستقرا ِر واحملاذاةِ‬
‫ِ‬ ‫استَـ َوى(‪ُ ( ﴾)4‬س ْوَرةُ طَهَ) بغ ِري‬ ‫املذكوِر يف قو ِله تَعاىل ﴿ َّ‬
‫الع ْر ِش ْ‬
‫الر ْمحَ ُن َعلَى َ‬
‫كمال هللِ‬
‫باالستيالء أ ِي ال َقه ِر وهو صفةُ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫فس ُر‬ ‫ِ‬
‫األجسام‪ ،‬بل يُ َّ‬ ‫ِ‬
‫صفات‬ ‫ألن هذه املعاين ِمن‬ ‫َمن فَوق َّ‬
‫َ‬
‫ىء وهو الو ِ‬‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ َّ‬
‫اح ُد‬ ‫قال تَعاىل ﴿قُ ِل اهللُ َخال ُق ُك ِّل َش َ ُ َ َ‬ ‫بذلك‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫نفسهُ‬
‫وصف الله تَعاىل َ‬ ‫تَعاىل وقَد‬
‫الر ْعد)‪.‬‬
‫ال َق َّه ُار(‪ُ ( ﴾) 3‬س ْوَرةُ َّ‬
‫أبرز العرش من ِ‬
‫العدم‬ ‫َ َ‬ ‫هو الذي َ‬ ‫أي َّ َّ‬
‫أن الله َ‬ ‫للعرش ْ‬‫الس ِنة اآلية بأ َّن اللَّه قاهر ِ‬ ‫أهل ّ‬ ‫ومعىن تفس ِري ِ‬ ‫‪َ ‬‬
‫ات و ِ‬
‫األرض‬ ‫جهة العلو ِمن أَن يه ِوي على السمو ِ‬ ‫عليه وجوده يف ِ‬ ‫ظ ِ‬ ‫وهو الذي حيف ُ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫إىل الوجود َ‬
‫لقه‪،‬‬‫ىء ِمن خ ِ‬ ‫العرش كما تزعم املشبهةُ لكا َن اللَّه حمتاجا لش ٍ‬ ‫مستقرا على ِ‬ ‫ًّ‬ ‫فيُحطّمها‪ .‬ولو كا َن اللَّه‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ ّ‬
‫ِ‬ ‫ذلك بل لكا َن ً ِ‬
‫يقول‬
‫عما ُ‬ ‫العرش سبحانهُ وتَعاىل ّ‬ ‫َ‬ ‫الذين حيملو َن‬ ‫حمموال م َن املالئكة َ‬ ‫تَعاىل اللَّه َعن َ َ‬
‫كبريا‪.‬‬
‫الظّاملو َن عُ ًّلوا ً‬
‫ٍ‬
‫حقيقة‬ ‫عشَر َمعىن ما بني‬‫العرب مخسةَ َ‬ ‫ظ أبو بك ِر بن العريب‪" :1‬ولالستو ِاء يف كالم ِ‬ ‫قال احلاف ُ‬ ‫‪َ ‬‬
‫ُ َ ّ‬
‫َيوز على اللَّه حبال‪ ،‬وهو ما إذا كان‬ ‫َيوز على اللَّه وهو معىن اآلية‪ ،‬ومنها ما ال ُ‬ ‫وَما ٍز‪ :‬منها ما ُ‬
‫َيوز على البار ِئ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫االستواءُ مبعىن التمك ِن أو االستقرا ِر أو‬
‫االتصال أو احملاذاة‪ ،‬فإن شيئًا من ذلك ال ُ‬
‫األمثال يف املخلوقات" اه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫نضرب له‬
‫ُ‬ ‫تعاىل وال‬
‫ِ‬
‫العلو‬
‫االعتدال واالستعالءُ و ّ‬ ‫ُ‬ ‫مام و‬ ‫اجللوس واالستقامةُ والتّ ُ‬ ‫‪ ‬ومن َمعاين االستواء االستقر ُار و ُ‬
‫لك‪.‬‬‫النضج والتسا ِوي وغريُ ذ َ‬ ‫القهر و ُ‬ ‫واالستيالءُ أ ِي ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ظ االستو ِاء يف‬
‫عض هذه املعاين كاالستواء مبعىن االستقرا ِر منهُ قولهُ‬ ‫القرءان على بَ ِ‬ ‫‪ ‬وقَد جاءَ لف ُ‬
‫جبل اجلودي ‪،‬‬ ‫استقرت َعلى ِ‬ ‫نوح ّ‬ ‫أن سفينةَ ٍ‬ ‫ي( )﴾ ( ُس ْوَرةُ ُه ْود) أَي َّ‬ ‫ت َعلَى اجلُْوِد ِّ‬ ‫استَـ َو ْ‬‫تَعاىل ﴿ َو ْ‬

‫‪.‬‬ ‫ابن العريب‪ .‬العارضة‪ .‬ج ص‬


‫الفريوزآبادى‪ .‬بصائر ذوي التمييز ّف لطائف الكتاب العزيز‪ .‬ج ص‪. 23‬‬
‫‪33‬‬
‫استقام الزرعُ‬
‫َ‬ ‫استَـ َوى َعلَى ُس ْوقِ ِه(‪ُ (﴾) 7‬س ْوَرةُ ال َفْتح) أ ِي‬ ‫ِ‬
‫واالستواءُ مبعىن االستقامة منهُ قولهُ تَعاىل ﴿ فَ ْ‬
‫صبه‪ ،1‬واالستواء مبعىن التّ ِ‬ ‫على قَ ِ‬
‫َشدَّهُ‬
‫موسى ﴿ َولَ َّما بَـلَ َغ أ ُ‬ ‫حق َ‬ ‫مام منهُ قولهُ تَعاىل يف ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫صص) أَي متّت ّقوتهُ البدنيةُ ‪.‬‬ ‫استَـ َوى( )﴾( ُس ْوَرةُ ال َق َ‬ ‫َو ْ‬
‫ِ‬
‫املمالك إذا‬ ‫استوى فالن على‬ ‫لغة ِ‬ ‫االستيالء أ ِي القه ِر ‪ ،‬ففي ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬ويأت االستواءُ مبعىن‬
‫يقال َ‬ ‫العرب ُ‬
‫كقول الشاع ِر (الرجز)‪:‬‬ ‫البلد ِ‬ ‫أهل ِ‬ ‫امللك واستَوىل َعلى ِ‬ ‫احتوى على مقاليد ِ‬
‫َ‬
‫ودٍم ُمهر ِاق‬ ‫من غ ِري ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫استوى بِشر َعلى العر ِاق‬ ‫ِ‬
‫سيف َ‬ ‫قد َ‬
‫مدح بش ِر ب ِن مروا َن يف هذا‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ ِ ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫فليس ُ‬ ‫يطر على العراق وملَ َكها من غري حرب وإراقة دماء َ‬ ‫ومعناهُ أنهُ َس َ‬
‫يف‬ ‫يشرتك ِ‬ ‫اجللوس يف العر ِاق‬ ‫البلد َّ‬‫البيت ِمن حيث إنه جالس يف هذا ِ‬ ‫ِ‬
‫الشر ُ‬‫فيه اإلنسا ُن ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ألن‬ ‫ُ ُ‬
‫قهَر وسيطََر على العر ِاق‪ ،‬واللَّه مت ّد َح بقو ِله‬ ‫أي َ‬ ‫املدح لهُ ألنهُ استَوىل ْ‬ ‫واإلنسا ُن ال ّدينءُ‪ ،‬إمنا كا َن ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باالستيالء أ ِي القه ِر‬
‫أعظم‬
‫ُ‬ ‫هو‬
‫للعرش الذي َ‬ ‫استَـ َوى(‪ُ ( ﴾)4‬س ْوَرةُ طَهَ)‬ ‫الع ْر ِش ْ‬ ‫الر ْمحَ ُن َعلَى َ‬ ‫﴿ َّ‬
‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مشول االستيالء أ ِي القهر ملا دونهُ من باب األَوىل‪ ،‬ألننا إذا قُلنا الله َ‬
‫قهر‬ ‫علم ُ‬ ‫حجما فيُ ُ‬ ‫املخلوقات ً‬
‫رش يف احلج ِم كا َن االستيالء ِ‬
‫عليه‬ ‫الع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫فكل املخلوقات ملا كانَت دو َن َ‬ ‫كل شىء ُّ‬ ‫قهر َّ‬ ‫العرش معناهُ َ‬ ‫َ‬
‫رش‬ ‫الع ِ‬
‫ورد االستواءُ َعلى َ‬ ‫لذلك َ‬ ‫جلس عل ِيه‪ ،‬و َ‬ ‫ِ‬
‫العرش بال ّذكر ال ليَ َ‬ ‫ص اللَّه َ‬ ‫استيالءً َعلى مجيعِها َلذا َخ َّ‬
‫حسب تفسريُكم‬ ‫ِ‬ ‫استوى على ِ‬
‫العرش َعلى‬ ‫اضع‪ .‬فإ ْن قيل ملاذا َ َّ‬ ‫القرءان يف ع ّدةِ مو ِ‬‫ِ‬
‫قال الله بأنهُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يف‬
‫الع ِظْيم(‪﴾) 7‬‬ ‫أن اللَّه تَعاىل َ‬ ‫ٍ‬
‫الع ْر ِش َ‬
‫ب َ‬ ‫قال ﴿ َوُه َو َر ُّ‬ ‫اب َّ‬ ‫كل شىء؟ فاجلو ُ‬ ‫قاهر ّ‬ ‫وهو ُ‬ ‫قهَر َ‬ ‫مبعىن َ‬
‫رب كل ٍ‬
‫شىء‪.‬‬ ‫مع أنهُ ُّ ّ‬ ‫( ُس ْوَرةُ التـ َّْوبَة) َ‬
‫إن اللَّه تَعاىل خلق العرش إظهارا ل ُقدر ِته‪ ،‬ومل يتّخذه مكانًا ِ‬
‫لذاته"‬ ‫علي رضي اللَّه عنهُ " َّ‬ ‫‪َ ‬‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اإلمام ٌّ َ‬ ‫قال ُ‬
‫اللغوي أبو منصوٍر التميمي يف ِ‬
‫كتابه التبصرةِ ‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ث الفقيهُ‬ ‫اإلمام احمل ّد ُ‬
‫اه رواهُ ُ‬
‫قال‬
‫عليه" إىل أَن َ‬ ‫املهتدي الب ِن املعلّ ِم ال ُقرشي‪" 1‬وهذا منتظم من ُكفره َُممع ِ‬ ‫كتاب َن ِم ِ‬ ‫‪ ‬ويف ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫أصحاب‬ ‫القاضي حسني ‪ِ -‬من أكاب ِر‬ ‫ِ‬
‫رش كما حكاهُ‬ ‫أن اللَّه جالس على َ‬
‫الع ِ‬ ‫يعتقد َّ‬
‫"وكذا َمن ُ‬
‫افعي" اهـ‪.‬‬
‫الش ّ‬ ‫نص ّ‬ ‫افعي‪ -‬هنا َعن ّ‬ ‫الش ّ‬ ‫ّ‬

‫أبو حيان األندلسي‪ .‬البحر احمليط ج‪ 4‬ص ‪. 2‬‬


‫الفريوزآبادي‪ .‬القاموس احمليط ص ‪. 39‬‬
‫الراغب األصفهاين‪ .‬املفردات يف غريب القرءان‪ .‬ص ‪. 4‬‬
‫ابن منظور‪ .‬لسان العرب‪ .‬ج ص‪ . 24‬مادة (سوا)‪ .‬والشاعر هو األخطل بن غياث بن غوث وهو تغليب عريب‪.‬‬
‫‪ 4‬أبو منصور البغدادي‪ .‬الفرق بني الفرق‪ .‬ص ‪.‬‬
‫‪34‬‬
‫ِ‬
‫صحيحان‪:‬‬ ‫ِ‬
‫سلكان‬‫ءاية االستو ِاء َم‬
‫تأويل ِ‬
‫الس ِنة يف ِ‬ ‫ِ‬
‫لعلماء ِ‬
‫أهل ّ‬ ‫‪‬‬
‫يليق ِبه‬
‫استوى استواءً ُ‬
‫ٍ‬
‫استوى بال كيف أو َ‬ ‫تأويال إمجاليًّا فيقولو َن َ‬
‫ؤولوَنا ً‬ ‫وهم يُ ّ‬ ‫السلف ُ‬ ‫األول مسلك ّ‬ ‫ُ‬
‫كاجللوس واالستقرا ِر‪.‬‬
‫ِ‬ ‫املخلوقني‬
‫َ‬ ‫يهه َع ِن استو ِاء‬ ‫مع تْنز ِ‬
‫َ‬
‫تأويال إمجاليًّا‪:‬‬
‫تأوَل اآليةَ ً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومن مجلة َمن ّ‬
‫ئل ع ِن االستو ِاء َ‬
‫فقال‬ ‫السلف‪ ،‬فقد ثبت عنه أنهُ ُس َ‬
‫ِ‬
‫من ّ‬‫وهو َ‬‫رضي الله عنهُ َ‬
‫َّ‬
‫الشافعي َ‬ ‫ّ‬ ‫اإلمام‬
‫ُ‬ ‫‪-‬‬
‫الربهان املؤيّ ِد" ‪.‬‬
‫أمحد الرفاعي يف " ِ‬
‫ُّ‬ ‫اإلمام ُ‬
‫متثيل" اه ذكرهُ ُ‬ ‫قت بال ٍ‬ ‫وص ّد ُ‬
‫ٍ‬
‫ءامنت بال تشبيه َ‬ ‫" ُ‬
‫أخرب ال كما خيطُُر للبَش ِر" اه ذكرهُ‬ ‫كما َ‬ ‫استوى َ‬ ‫فقال " َ‬ ‫أيضا ع ِن االستو ِاء َ‬ ‫أمحد ً‬ ‫اإلمام ُ‬ ‫ُ‬ ‫ئل‬
‫وس َ‬ ‫‪ُ -‬‬
‫تذهب‬ ‫رضي اللَّه عنهُ ال َعلى ما قَد‬ ‫ِ‬ ‫تقي ال ّدي ِن‬
‫ُ‬ ‫مترَد" ‪ .‬يعين َ‬ ‫احلصين يف "دف ِع شبه َمن شبّهَ و ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلمام ُّ‬ ‫ُ‬
‫كاجللوس واالستقرا ِر‬
‫ِ‬ ‫حق اللَّه تَعاىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َتوز يف ّ‬ ‫من املعاين احلسيّة واجلسميّة اليت ال ُ‬ ‫األوهام والظنو ُن َ‬ ‫ُ‬ ‫إليه‬
‫واحملاذاةِ‪.‬‬
‫اإلمام أبو حنيفةَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫اجللوس واالستقرا ِر َعلى ِ‬ ‫ِ‬
‫السلف ُ‬ ‫حق الله من أئمة ّ‬ ‫العرش يف ّ‬ ‫صر َح بنف ِي‬ ‫‪ -‬وممن ّ‬
‫استوى ِمن غ ِري أن يَكو َن لهُ حاجة‬ ‫رش َ‬ ‫الع ِ‬
‫محن على َ‬ ‫الر َ‬ ‫قال يف الوصيّ ِة "نُِقُّر َّ‬
‫بأن ّ‬ ‫رضي اللَّه عنه ف َقد َ‬
‫عليه" اه‪.‬‬ ‫إليه واستقرار ِ‬ ‫ِ‬
‫استوى كما‬ ‫ِ َّ‬ ‫قوي جيّ ٍد أنهُ َ‬ ‫ٍ‬
‫ضي اللَّه عنهُ بإسناد ّ‬
‫ِ ِ ٍ‬
‫قال يف استواء الله " َ‬ ‫ثبت عن اإلمام مالك ر َ‬ ‫‪ -‬وقَد َ‬
‫كيف وكيف عنهُ مرفوع"‪ 9‬اه‪.‬‬ ‫يقال َ‬ ‫نفسهُ وال ُ‬ ‫وصف َ‬ ‫َ‬
‫قال "االستواءُ معلوم‬ ‫لف أنهُ َ‬ ‫مالك وال َعن َغريهِ من الس ِ‬ ‫اإلسناد َعن ٍ‬
‫ُ‬ ‫‪ -‬تنبيهٌ‪ :‬مل يَثبُت ِمن ُ‬
‫حيث‬
‫َ ّ‬
‫هة والوهابيّ ِة ألَنم يَعتقدو َن َّ‬
‫أن املر َاد‬ ‫والكيفيةُ َمهولة" وهذهِ العبارةُ كثريةُ الدَّور ِان على ِ‬
‫ألسنة املشب ِ‬
‫ّ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬
‫مماس ٍة وال‬
‫العرش من غ ِري ّ‬
‫فوق ِ ِ‬ ‫بعضهم احملاذاةُ َ‬ ‫وعند ِ‬ ‫عند أغلب ِهم َ‬ ‫أي َ‬ ‫اجللوس واالستقر ُار ْ‬ ‫ُ‬ ‫باالستو ِاء‬
‫أي "والكيفيّةُ َمهولة" قاَلا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫املنفي ع ِن اللَّه َ‬ ‫درو َن َّ‬
‫السلف‪ ،‬وهذه العبارةُ ْ‬ ‫عند ّ‬ ‫يف ُّ‬ ‫هو ال َك ُ‬ ‫أن هذا َ‬ ‫يَ ُ‬

‫ابن املعلم القرشي‪َ .‬نم املهتدي‪ .‬ص ‪.44‬‬


‫أي ما نظمتُه يف بيان كذا‪ .‬مثل قوَلم هذا فصل‪.‬‬
‫الرفاعي‪ .‬الربهان املؤيد‪ .‬ص ‪.‬‬
‫احلصين‪ .‬دفع شبه من تشبه ومترد‪ .‬ص ‪. 9‬‬
‫‪ 4‬مال علي القاري‪ .‬شرح الفقه األكرب‪ .‬ص‪.92‬‬
‫‪ 3‬البيهقي‪ .‬األُساء والصفات ص‪.4 4‬‬
‫الش ِ‬
‫كل‪.‬‬ ‫‪ 9‬معناه ال َيوز على اهللِ ِ‬
‫اَليئة والكيفيّةِ و ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫‪35‬‬
‫للخ ِلق‪ ،‬وال يُغتَـَّر‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫بعض األشاعرةِ وال يَفهمو َن هذا املعىن بَل يفهمو َن َّ‬
‫أن حقيقةَ االستواء غريُ معلوم َ‬ ‫ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ايل ما تفهمهُ املشبّهةُ ألنهُ‬ ‫يد مؤلّفهُ الغَز ُّ‬ ‫كتاب إحياء علوم ال ّدي ِن وحنوهِ وال ير ُ‬ ‫بوجود هذهِ العبارةِ يف ِ‬
‫وع ِن احل ّد واملقدا ِر‪.1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مصرح يف ِ‬
‫بأن اللَّه منَـّزه ع ِن اجلسميّة والتحيّ ِز يف املكان َ‬ ‫كتبه َّ‬ ‫ّ‬
‫تأويال تفصيليًّا ومنهم‪:‬‬
‫السلف من َّأوَل هذه اآليةَ ً‬ ‫ِ‬ ‫ومن‬
‫املتوّف سنةَ ‪ 9‬هـ ق َال يف ِ‬
‫كتابه‬ ‫املبارك ّ‬ ‫عبد اللَّه بن حيىي بن ِ‬ ‫األديب أبو عبد الرمحن ُ‬ ‫اللغوي‬
‫ُّ‬ ‫‪-‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫استوى ﴾ استَوىل" اهـ‪.‬‬ ‫الع ِ‬ ‫ِ‬
‫رش َ‬ ‫محن على َ‬ ‫الر ُ‬‫نصه ‪" :‬قولهُ تَعاىل ﴿ ّ‬ ‫القرءان وتفسريهُ ما ُّ‬ ‫يب‬
‫غر ُ‬
‫ِ‬
‫علو‬
‫تفع عليها َ‬ ‫الطربي املتوّف سنة ‪ 2‬هـ يف تفس ِريه ‪" :‬استوى إىل السماء عال وار َ‬ ‫ُّ‬ ‫ابن جري ٍر‬ ‫‪ -‬قال ُ‬
‫انتقال وزو ٍال" اهـ‪.‬‬
‫علو ٍ‬ ‫وسلطان ال َّ‬‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ملك‬
‫السن ِة يف‬ ‫أهل ّ‬ ‫تأويالت ِ‬
‫ُ‬
‫هـ يف ِ‬
‫كتابه‬ ‫املتوّف سنةَ‬
‫يدي ّ‬ ‫الس ِنة أبو منصوٍر املاتر ُّ‬ ‫أهل ّ‬ ‫إمام ِ‬ ‫‪ -‬وق َال ُ‬
‫الر ْمحن علَى العر ِش استَـوى(‪( ﴾)4‬سورةُ طَه) "استَوىل ِ‬
‫عليه" اهـ‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫ُ َْ َ‬ ‫تفسري قوله تَعاىل ﴿ َّ َ ُ َ َ ْ ْ َ‬
‫ني معىن َلا مما تَ ِ‬
‫قتضيه لغةُ الع ِ‬
‫رب وال‬ ‫َ‬ ‫تأويال تفصيليًّا بتَعي ِ َ‬ ‫يؤولوَنا ً‬ ‫وهم ّ‬ ‫الثاين مسلك الخلف ُ‬
‫قهر أ ِو استَوىل‪ ،‬ومنهم‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أي َ‬ ‫كالسلف‪ ،‬فيقولو َن اس َتوى ْ‬ ‫أيضا ّ‬ ‫حيملوَنا َعلى ظاهرها ً‬
‫هو‬
‫اإلرشاد ما نصه ‪" :‬االستواءُ َ‬ ‫ُ‬ ‫املتوّف سنةَ ‪ 94‬هـ فقد قـ ـال يف كتابـ ـ ـ ـ ـ ـ ِه‬ ‫اجلويين ّ‬
‫ُّ‬ ‫إمام احلرم ِ‬
‫ني‬ ‫‪ُ -‬‬
‫القهر" اهـ‪.‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫األئمة ‪،‬‬ ‫الطبسي ِ‬
‫بإمام‬ ‫عبد الرز ِاق‬
‫ظ ُ‬ ‫املتوّف سنةَ ‪ 4‬هـ الذي وص َفه احلاف ُ‬ ‫القشريي ّ‬‫ُّ‬ ‫‪ -‬وأبو نص ٍر‬
‫ُّ‬
‫قهر‬
‫استَـ َوى(‪ُ ( ﴾)4‬س ْوَرةُ طَهَ) َ‬ ‫الع ْر ِش ْ‬‫الر ْمحَ ُن َعلَى َ‬ ‫قـ ـ ـ ـال يف كتابـ ـ ِه التذكرةُ الشرقيّةُ ‪" :‬قولُه تَعاىل ﴿ َّ‬
‫ظ وأب َقى" اهـ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وحف َ‬
‫املتوّف سنةَ ‪ 9‬ه يف ِ‬
‫إيضاح ال ّد ِ‬ ‫وقال بد ُر ال ّدي ِن ُ‬
‫‪1‬‬
‫الر ْمحَ ُن‬
‫ليل ‪" :‬قُولهُ تَعاىل ﴿ َّ‬ ‫ُ‬ ‫كتابه‬ ‫مجاعة ّ‬ ‫بن َ‬ ‫‪َ -‬‬
‫االستيالء والقه ِر ال ال ُقعود واالستقرار" اهـ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫علَى العر ِش استَـوى(‪( ﴾)4‬سورةُ طَه) يتعني ِ‬
‫فيه َمعىن‬ ‫ُ ْ َ َ ُّ‬ ‫َ َْ ْ َ‬
‫انظر كتابه إحياء علوم الدين ج ص‪. 4- 9‬‬
‫‪.‬‬ ‫ابن املبارك‪ .‬غريب القرءان وتفسريه‪ .‬ص‬
‫سورة طه‪ /‬ءاية ‪.4‬‬
‫الطربي‪ .‬تفسري الطربي‪ .‬ج ص‪. 49‬‬
‫‪ 4‬املاتريدي‪ .‬تأويالت أهل السنة ج ص‪.44‬‬
‫‪ 3‬اجلويين‪ .‬اإلرشاد‪ .‬ص ‪ ،47‬وقال مثل ذلك يف كتابه ملع األدلة ص‪. 27‬‬
‫‪ 9‬نقل ذلك احلافظ ابن عساكر يف كتابه تبيني كذب املفرتي ص‪. 39‬‬
‫‪ 4‬نقله احلافظ مرتضى الزبيدي يف اإلحتاف ج ص‪. 24‬‬
‫‪36‬‬
‫هو‬ ‫ِ‬ ‫تقي ال ّدي ِن‬
‫قيل ‪" :‬االستواءُ َ‬ ‫الص ُ‬
‫يف ّ‬ ‫الس ُ‬ ‫املتوّف سنةَ ‪ 943‬هـ يف كتابه ّ‬ ‫السبكي ّ‬ ‫ُّ‬ ‫وقال ُّ‬ ‫‪َ -‬‬
‫االستيالءُ" اهـ وغريُهم كثري‪.‬‬
‫أن اللَّه مأل ُساواته وأرضه أو أنه‬ ‫الرباينّ" ‪" :‬م ِن َ‬
‫اعتقد َّ‬ ‫الفتح ّ‬
‫النابلسي يف " ِ‬ ‫ُّ‬ ‫الغين‬
‫عبد ّ‬ ‫الشيخ ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪َ ‬‬
‫قال‬
‫زعم أنهُ مسلم" اه‪.‬‬ ‫فهو كافر وإ ْن َ‬ ‫العرش َ‬ ‫فوق ِ‬ ‫جسم قاعد َ‬
‫بذلك على ما يعتقدونَه ِمن ِ‬
‫نسبة التحيّ ِز‬ ‫ني َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫‪َّ ‬‬
‫ُ‬ ‫حمتج َ‬
‫إن ّادعاءَ الوهابية أنهُ ال يُع َق ُل َموجود إال يف مكان ّ‬
‫بيدي‬
‫الز ُّ‬ ‫ِ ِ‬
‫تضى ّ‬
‫ظ مر َ‬ ‫قال احلاف ُ‬ ‫ض ُشبَـ َه ُهم كما َ‬ ‫دح ُ‬ ‫وحجة داحضة‪ ،‬والذي يَ َ‬ ‫واجلهة هلل تَعاىل ّادعاء باطل ّ‬
‫خيلق اللَّه َ‬
‫العرش واملكا َن َهل كا َن‬ ‫قبل أَن َ‬ ‫يقال َلم َ‬ ‫إحياء عُلوِم ال ّدي ِن "أن َ‬ ‫إحتاف السادةِ املتقني شرح ِ‬
‫ّ ّ َ‬
‫يف ِ‬
‫كا َن اللَّه موجودا أم ال؟ ِ‬
‫صح قولهُ ال يُعلم موجود إال يف‬ ‫قل أَن ي ُقولوا بلَى‪ ،‬فيلزمهُ لَو َّ‬ ‫ضرورةِ َ‬
‫الع ِ‬ ‫فمن َ‬ ‫ً‬
‫ِ‬
‫اجلهلة‬ ‫مآل‬
‫ب ُحم َدث وهذا ُ‬ ‫يقول ا ّلر ُّ‬
‫العرش والعامل قدي وإما أن َ‬ ‫أحد أمري ِن إما أن َ‬ ‫ٍ‬
‫يقول املكا ُن و ُ‬ ‫مكان ُ‬
‫ِ‬
‫بالقدي" اه‪.‬‬ ‫ث‬‫احملد ُ‬
‫ثو َ‬ ‫باحملد ِ‬
‫ليس القديُ َ‬ ‫احلشوي ِ‬
‫ة‬
‫ّ َ‬
‫استَـ َوى(‪﴾)4‬‬ ‫الع ْر ِش ْ‬
‫الر ْمحَ ُن َعلَى َ‬ ‫أليس اللَّه ُ‬
‫يقول ﴿ َّ‬ ‫قيل َ‬ ‫القشريي ‪:" :‬فإ ْن َ‬
‫ُّ‬ ‫اإلمام أبو نص ٍر‬ ‫قال ُ‬ ‫‪ ‬وقد َ‬
‫أيضا‪َ ﴿ :‬وُه َو َم َع ُك ْم أَيْـنَ َما ُكْنتُ ْم ( )﴾ ( ُس ْوَرةُ‬ ‫يقول ً‬ ‫فيجب األَخ ُذ بظاهرهِ‪ ،‬قُلنا اللَّه ُ‬ ‫ُ‬ ‫( ُس ْوَرةُ طَهَ)‬
‫صلَّت) فينبغي أيضا أن نأخ َذ بظاه ِر هذهِ‬ ‫ىء ُِحمْي ٍط( ‪ُ ( ﴾)4‬س ْوَرةُ فُ ِّ‬ ‫ويقول‪ ﴿ :‬أََال إِنَّه بِ ُكل ش ٍ‬ ‫احلَ ِديْد)‪ُ ،‬‬
‫ً‬ ‫ُ ِّ َ‬
‫حالة واحدةٍ والو ُ‬
‫احد‬ ‫ات يف ٍ‬ ‫وعندنا ومعنا وحميطًا بالعا ِمل حمدقًا ِبه بالذ ِ‬ ‫العرش َ‬ ‫اآليات حىت يكو َن َعلى ِ‬ ‫ِ‬
‫مكان‪ ،‬قالوا قولُه ﴿ َوُه َو َم َع ُك ْم ﴾ يعين بالعل ِم‪ ،‬و ﴿ بِ ُك ِّل‬ ‫حالة واحدةٍ بكل ٍ‬ ‫بذاته يف ٍ‬ ‫يستحيل أن يكو َن ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫صلَّت) إحاطة العل ِم‪ ،‬قلنا وقولهُ﴿ َّ‬ ‫ىء ُِحمْي ٍط( ‪ُ ( ﴾)4‬س ْوَرةُ فُ ِّ‬ ‫ش ٍ‬
‫استَـ َوى(‪ُ ( ﴾)4‬س ْوَرةُ‬‫الع ْر ِش ْ‬
‫الر ْمحَ ُن َعلَى َ‬ ‫َ‬
‫ظ وأب َقى" اه‪.‬‬ ‫طَه) قهر ِ‬
‫وحف َ‬ ‫َ َ‬
‫آية االستو ِاء‬
‫حتملوها على ظو ِاهرها فكيف تَعيبو َن على غريُكم تأويل ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اآليات ومل ِ‬ ‫ِ‬ ‫يعين أن ُكم قَد أولتم هذهِ‬
‫ّ‬
‫بالقه ِر‪ ،‬فما هذا التح ّكم؟!‪.‬‬

‫واللَّهُ َ‬
‫تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم‬

‫بدر الدين بن مجاعة‪ .‬إيضاح الدليل‪ .‬ص ‪. 2‬‬


‫السبكي‪ .‬السيف الصقيل‪ .‬ص‪.49‬‬
‫‪ِ.‬‬ ‫عبد الغين النابلسي‪ .‬الفتح الرباين‪ .‬ص‬
‫مرتضى الزبيدي‪ .‬إحتاف السادة املتقني ج ص ‪. 27‬‬
‫‪ 4‬نقله احلافظ حممد مرتضى الزبيدي يف اإلحتاف ج ص‪. 24‬‬
‫‪37‬‬
‫احملاضرة الثانية عشر‬
‫كالم اللَّه تعالى‬
‫الرحي ِم‬‫بسم اللَّه الّرمح ِن ّ‬
‫ِ‬
‫ءاله وص ِ‬
‫حابته الطّاهرين‪.‬‬ ‫احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ َ ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫أيضا كالم اللَّه ألنه عبارة عن ِ‬
‫كالم‬ ‫كالم اللَّه الذاتُّ صفة أزلية أبديَّة ‪ ،‬واللف ُ‬ ‫‪‬‬
‫يقال عنه ً ُ‬ ‫ظ املن َّـزُل ُ‬ ‫ُ‬
‫كالم اللَّه الذاتّ الذي هو صفتُهُ‪.‬‬ ‫عني ِ‬ ‫األزيل ال ألنه ُ‬ ‫َّ‬
‫الله الذاتّ ّ‬
‫كالم‬ ‫ِ‬ ‫‪َّ َ ‬‬
‫الم َ‬ ‫الس ُ‬ ‫موسى عليه ّ‬ ‫ِّساء)‪ُ ،‬س ِع َ‬ ‫قال الله تَعاىل ﴿وكلم اهلل موسى تكليما( ‪ُ ( ﴾) 3‬س ْوَرةُ الن َ‬
‫أذن مو َسى‬ ‫اللَّه الذات األزيل الذي ليس حرفًا وال صوتًا وال لغةً وال يبتدأُ وال خيتتم ِمن غ ِري أن َحيل يف ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ ّ‬
‫لكالم اللَّه حادث‪.‬‬ ‫فف ِهم منهُ موسى عليه السالم ما فهم فتكليم اللَّه أزيل وموسى وُسعهُ ِ‬
‫ّ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وذلك َّ‬
‫ألن‬ ‫األبدي أزيلٌّ ال ابتداءَ لهُ َ‬ ‫األزيل‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ َّ‬ ‫‪‬‬
‫ّ‬ ‫هو صفة من صفاته الثابتة لذاته ّ‬ ‫كالم الله تَعاىل الذي َ‬
‫ليس‬ ‫و‬ ‫خيتتم‬ ‫وال‬ ‫ُ‬
‫أ‬ ‫بتد‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫الذات‬
‫َّ‬ ‫ه‬ ‫كالم اللَّ‬ ‫َّ‬
‫أن‬ ‫ذلك‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫األزيل ال تقوم ِبه صفة حادثة فيعلم ِ‬
‫م‬ ‫الذات َّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ليس صوتًا‬ ‫بعضا َّ‬
‫بعضا يكو ُن حادثًا‪ ،‬وكالم اهلل َ‬ ‫بعضهُ ً‬ ‫سبق ُ‬ ‫ألن الذي يَ ُ‬ ‫بعضها ً‬ ‫سبق ُ‬ ‫حروفًا متعاقبةً يَ ُ‬
‫ِ‬
‫اللغات حادثة‪.‬‬ ‫اللغات َّ‬
‫ألن‬ ‫ِ‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫حيدث ِمن ُِ‬
‫ليس لغةً عربيّةً وال غريها َ‬ ‫تصادم األجرام و َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫باللغة العربي ِ‬
‫عليه وسلّم ِ‬ ‫ظ املنزُل على سيدنا حمم ٍد صلّى اللَّه ِ‬
‫فهو‬
‫َ‬ ‫املصاحف‬ ‫يف‬ ‫املكتوب‬
‫ُ‬ ‫ة‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ ‬أما اللف ُ ّ‬
‫ُسع‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫جربيل َ‬ ‫ُ‬ ‫احملفوظ‪،‬‬ ‫اللوح‬
‫هو مكتوب يف ِ‬ ‫ليس من تأليف ملك وال بَشر إمنا َ‬ ‫حادث ُملوق لكنهُ َ‬
‫احملفوظ مث ِ‬
‫النزول‬ ‫ِ‬ ‫اللوح‬
‫من ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َّ‬
‫األمر بأخذ القرءان َ‬ ‫ففهم منهُ َ‬ ‫ليس حرفًا وال صوتًا َ‬ ‫كالم الله الذاتَّ الذي َ‬
‫ول َك ِرٍي(‪ُ ( ﴾) 2‬س ْوَرةُ احلَاقَّة)‬ ‫ذلك قوله تَعاىل ﴿إِنَّه لََقو ُل رس ٍ‬ ‫عليه ُّ‬ ‫ِبه على حمم ٍد وقراءته ِ‬
‫ُ ْ َُ‬ ‫ويدل َعلى َ ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫‪1‬‬
‫القرطيب ‪ " :‬والرسول الكري جربيل‪ ،‬قاله احلسن‬ ‫ُّ‬ ‫جربيل‪ ،‬قال‬
‫َ‬ ‫مقروء‬
‫ُ‬ ‫أي‬
‫ْ‬ ‫ين‬
‫املفسر َ‬
‫بإمجاع ّ‬‫ِ‬ ‫جربيل‬
‫َ‬ ‫أي‬
‫ول عن اللَّه َك ِرٍي على اللَّه" اه‪ ،‬فلو كا َن اللَّه قرأَ القرءا َن على‬ ‫وقتادة والضحاك‪ .‬واملعىن إِنَّه لََقو ُل رس ٍ‬
‫ُ ْ َُ‬
‫العاملني‪.‬‬
‫َ‬ ‫رب‬ ‫ِ‬
‫لقال إنهُ لقول ّ‬ ‫كري بل َ‬ ‫رسول ٍ‬‫لقول ٍ‬ ‫وت مل ي ُقل إنهُ ُ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫باحلرف والص ِ‬ ‫حمم ٍد‬
‫ّ‬

‫ص ‪. 3‬‬ ‫السيوطي‪ .‬تفسري السيوطي‪ .‬ج‪ 4‬ص‪ ، 2‬الطربي‪ .‬تفسري الطربي‪ .‬ج‬
‫القرطيب‪ .‬تفسري القرطيب‪ .‬ج‪ 7‬ص‪. 2‬‬
‫‪38‬‬
‫معنى قول اللَّه تعالى ﴿فَِإ َذا قَـرأْنَاه فَاتَّبِع قُـرءانَه(‪( ﴾) 4‬سورةُ ِ‬
‫القيَ َامة)‪.‬‬ ‫ُ َْ‬ ‫َ ُ ْ َْ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫درك يا‬ ‫ص َ‬ ‫لك يف َ‬ ‫فمعىن قرأناهُ مجعناهُ َ‬ ‫أما قوله تعاىل﴿فَإ َذا قَـَرأْنَاهُ فَاتَّب ْع قُـ ْرءَانَهُ(‪ُ ( ﴾) 4‬س ْوَرةُ القيَ َامة)‪َ .‬‬
‫رءان وجربيل يقرأُ ِ‬ ‫عليه السالم كا َن حيرُك لسانَه بال ُق ِ‬ ‫حمم ُد ألنه ِ‬
‫ليس معناهُ‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫شىء‬ ‫منه‬
‫ُ‬ ‫ت‬‫ُ‬ ‫ل‬
‫ّ‬ ‫يتف‬ ‫ال‬ ‫لئ‬
‫َ‬ ‫عليه‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ‬
‫باحلرف و ِ‬
‫الصوت‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫حمم ٍد‬
‫أن اللَّه قرأَ القرءا َن َعلى ّ‬ ‫َّ‬
‫أن القرءان له إطالقان‬ ‫بيان َّ‬
‫ليس حرفًا وال صوتًا وال‬ ‫ِ‬ ‫إطالقان أي م ِ‬ ‫ِ‬
‫األول إطالقهُ على الكالم الذاتّ الذي َ‬ ‫عنيان ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫‪ -‬القرءا ُن لهُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫عني الكالم الذاتّ‬ ‫هو َ‬ ‫ليس َ‬ ‫وهو عبارة عن الكالم الذاتّ و َ‬ ‫لغةً والثاين إطالقُهُ على اللفظ املنَـّزل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬
‫فقيل ما هذا‬ ‫ظ َ‬ ‫ب هذا اللف ُ‬ ‫األبدي فإذا ُكت َ‬‫ّ‬ ‫ظ اجلاللة الله عبارة ع ِن الذات األز ّ‬
‫يل‬ ‫أن لف َ‬ ‫ذلك َّ‬‫يب َ‬ ‫وتقر ُ‬
‫هي‬ ‫أن هذهِ‬ ‫األبدي ال مبعىن َّ‬ ‫ِ‬ ‫احلروف ُّ‬ ‫أن هذهِ‬ ‫يقال اللَّه مبعىن َّ‬
‫احلروف َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫األزيل‬
‫ذلك الذات ّ‬ ‫تدل على َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الذات الذي نَعبدهُ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫كالم اللَّه‬ ‫كالم اللَّه واللف ُ‬ ‫ِ‬
‫يقال لهُ ُ‬ ‫املنزُل ُ‬ ‫ظ ّ‬ ‫يقال لهُ ُ‬ ‫الكالم الذاتَّ ُ‬ ‫َ‬ ‫أي َّ‬
‫أن‬ ‫كالم اللَّه ْ‬‫طلق عليه ُ‬ ‫وكلٌّ يُ ُ‬
‫الكفار يُريدو َن‬‫َ‬ ‫ذلك قولهُ تَعاىل ﴿يُِريْ ُد ْو َن أَ ْن يـُبَ ِّدلُْوا َك َال َم اهللِ(‪ُ ( ﴾) 4‬س ْوَرةُ ال َفْتح) َّ‬
‫ألن‬ ‫ويدل على َ‬ ‫ُّ‬
‫املنزِل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫تبديل اللفظ ّ‬ ‫َ‬
‫احلق على َّ‬ ‫َ ِ‬ ‫مهمةٌ‪َّ :‬‬
‫ليس حرفًا وال صوتًا وال لغةً ءايات‬ ‫الكالم الذاتَّ َ‬ ‫َ‬ ‫أن‬ ‫أهل ّ‬ ‫استدل به ُ‬ ‫إن مما‬ ‫فائدةٌ ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني( ‪ُ ( ﴾)3‬س ْوَرةُ‬ ‫منها قولُه تَعاىل ﴿ ُمثَّ ُرُّد ْوا إِ َىل اهلل َم ْوَال ُه ُم احلَ ُّق أََال لَهُ احلُ ْك ُم َوُه َو أَ ْسَرعُ احلَاسبِ ْ َ‬
‫منهم ِبه‪،‬‬ ‫وحياسب َمن حياسبهُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫كالمهُ‬
‫ِ ِ‬
‫يوم القيامة فيُ ْسمعُهُ َ‬
‫ٍ‬
‫كل إنسان َ‬ ‫ألن اللَّه يُكلّ ُم َّ‬ ‫وذلك َّ‬ ‫األَنْـ َعام)‪َ .‬‬
‫أحد إال سيكلّمه ربّه يوم القيامة ليس بينه‬ ‫عليه السالم "ما منكم من ٍ‬ ‫ذلك قوله ِ‬ ‫كما َّ‬
‫ّ ُ‬ ‫دل على َ ُ‬
‫كالم اللَّه السؤ َال عن ِ‬ ‫العبد ِمن ِ‬
‫حاجب يحجبه" اه رواهُ‬ ‫وبينه ترجما ٌن وال‬
‫‪1‬‬
‫أفعاله‬ ‫ّ َ‬ ‫فه ُم ُ‬ ‫البخاري َ َ‬
‫في‬ ‫ُّ‬ ‫ٌ‬
‫القيامة‪ .‬فلو كا َن‬‫ِ‬ ‫اقف ِ‬
‫يوم‬ ‫وقف ِمن مو ِ‬ ‫وقت قص ٍري ِمن م ٍ‬ ‫اعتقاداته وينتهي اللَّه ِمن ِحساهبم يف ٍ‬ ‫ِ‬ ‫اله و‬‫وأقو ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ألف ٍ‬ ‫مبائة ِ‬ ‫وصوت ما كا َن ينتهي ِمن ِحساهبم ِ‬ ‫ٍ‬ ‫إنس وجن ٍ‬ ‫ِِ‬
‫اخللق‬
‫ألن َ‬ ‫سنة َّ‬ ‫َ‬ ‫حبرف‬ ‫حساب اللَّه خللقه من ٍ ّ‬ ‫ُ‬
‫احد ِمن‬ ‫مائة وقيل كو ٍ‬ ‫احد ِمن ٍ‬ ‫بالنسبة َلم كو ٍ‬ ‫ِ‬ ‫البشر كلُّهم‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫يوم القيامة ُ‬ ‫وحد ُهم َ‬ ‫ومأجوج َ‬‫ُ‬ ‫يأجوج‬
‫ُ‬ ‫كثري‬
‫ومنهم َمن‬ ‫ٍ‬ ‫وبعض اجلن يعيشو َن ءاالفًا من السن ِ‬ ‫ٍ‬
‫ألف سنة ُ‬ ‫عاش َ‬ ‫منهم َمن َ‬ ‫الناس ُ‬
‫كذلك ُ‬ ‫ني‪ ،‬و َ‬ ‫َ ّ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ألف‪،‬‬
‫طويال جدًّا ومل‬ ‫الستغرق حساهبم زمنًا ً‬ ‫َ‬ ‫باحلرف والص ِ‬
‫وت‬ ‫ِ‬ ‫ني فلو كا َن ِحساهبم‬ ‫مئات من السن ِ‬ ‫عاش ٍ‬
‫ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫َ‬

‫البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ .‬ص ‪. 9‬‬


‫‪39‬‬
‫ِ‬
‫ني( ‪﴾)3‬‬ ‫َسَرعُ احلَاسبِ ْ َ‬ ‫احلاسبني‪ ،‬واللَّه تَعاىل ُ‬
‫يقول ﴿ َوُه َو أ ْ‬ ‫َ‬ ‫ع احلاسبني بَل لكا َن أبطأَ‬ ‫يَ ُك ِن اللَّه أسر َ‬
‫( ُس ْوَرةُ األَنْـ َعام)‪.‬‬
‫ِ‬ ‫َِّ‬
‫تنبيهٌ‪ :‬قولهُ تَعاىل ﴿ إمنَا أَْم ُرهُ إذَا أََر َاد َشْيئًا أَ ْن يَـ ُق ْوَل لَهُ ُك ْن فَـيَ ُك ْون ( ‪ُ ( ﴾)4‬س ْوَرةُ يَس) َ‬
‫ليس َمعناهُ‬
‫كل ال ِ‬ ‫كلَّما أراد اللَّه خلق ٍ‬
‫يقول ُكن ُكن‬‫وقت ُ‬ ‫أن اللَّه َّ‬
‫ذلك َّ‬
‫يقول ُكن ُكن ُكن وإال لكا َن َمعىن َ‬ ‫شىء ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أن اللَّه ي ِ‬ ‫اللحظة الواحدةِ ما ال‬‫ِ‬
‫وج ُد‬‫يدخل حتت احلص ِر إمنا معناهُ َّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ألن اللَّه ُ‬
‫خيلق يف‬ ‫ُكن وهذا حمال َّ‬
‫ٍ‬
‫بسرعة بال‬ ‫خيلق األشياءَ اليت شاءَ أَن خيلَُقها‬ ‫ِ ِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫األشياء ِ‬
‫بدون ٍ‬
‫أي أنهُ ُ‬ ‫تعب ومش ّقة وبدون ممانعة أحد لهُ ْ‬ ‫َ‬
‫يدل على ِ‬
‫سرعة‬ ‫فيه‪ ،‬فقولُه ﴿ ُك ْن فَـيَ ُك ْون ( ‪ُ ( ﴾)4‬س ْورةُ يَس) ُّ‬ ‫الوقت الذي شاء وجودها ِ‬ ‫تأخ ٍر ع ِن ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬
‫ِ‪1‬‬
‫اإلَياد ‪.‬‬

‫واللَّهُ َ‬
‫تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم‬

‫ص ‪ ، 4‬الطربي‪ .‬تفسري الطربي ج‪ 7‬ص‪. 72‬‬ ‫السيوطي‪ .‬تفسري السيوطي‪ .‬ج‬


‫‪41‬‬
‫احملاضرة الثالثة عشر‬
‫السنة والجماعة‬ ‫أن األشاعرة والماتريدية هم أهل ّ‬ ‫بيان َّ‬
‫الرحي ِم‬ ‫ِ‬
‫بسم اللَّه ّ‬
‫الرمح ِن ّ‬
‫ءاله وص ِ‬
‫حابته الطّاهرين‪.‬‬ ‫احلم ُد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ َ ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫األمة احملمدي ِة وهم الصحابةُ ومن تبعهم يف ِ‬
‫أصول‬ ‫اجلماعة هم مجهور ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس ِنة و‬ ‫‪ ‬ليُعلَم َّ‬
‫َ َ‬ ‫ّ ُ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أهل ّ‬ ‫أن َ‬
‫عليه وسلّم‬ ‫الرسول صلّى اللَّه ِ‬ ‫قال ِ‬
‫فيه‬ ‫يل الذي َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫الستةُ املذكورةُ يف حديث جرب َ‬ ‫األمور ّ‬ ‫ُ‬ ‫وهي‬
‫االعتقاد َ‬
‫"اإليمان أن تؤمن باللَّه ومالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر والقدر خيره وشره" رواهُ مسلم‪.1‬‬
‫الثالثة األوىل قر ُن الص ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫التابعني وقر ُن أتبا ِع‬
‫َ‬ ‫حابة وقر ُن‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫القرون‬ ‫أهل‬
‫اإلمجال ُ‬
‫ُ‬ ‫أفضل هؤالء ِمن ُ‬
‫حيث‬ ‫‪ ‬و ُ‬
‫بقول ِ‬
‫رسول‬ ‫ظ أبو القاس ِم بن عساكر وهم املرادو َن ِ‬ ‫ذلك احلاف ُ‬‫رج َح َ‬ ‫ٍ‬
‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ني والقر ُن مائةُ سنة كما ّ‬ ‫التابع َ‬
‫عليه وسلَّم "خير القرون قرني َّ‬ ‫اللَّه صلَّى اللَّه ِ‬
‫وهم املرادو َن‬‫ثم الذين يلونهم" ُ‬ ‫ثم الذين يلون هم َّ‬
‫وفيه قولُه "عليكم‬ ‫ثم الذين يلون هم" ِ‬ ‫ثم الذين يلون هم َّ‬ ‫الرتمذي "أوصيكم بأصحابي َّ‬ ‫ِ‬
‫حبديث‬ ‫أيضا‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫ريطان مع الواحد وهو من االثنين أبعد فمن أراد بحبوحة الجنة‬ ‫بالجماعة وإيّاكم والفرقة َّ‬
‫فإن ال ّ‬
‫احملمديِّة يف‬ ‫ِ‬
‫مجهور األمة ّ‬
‫ُ‬
‫فليلنم الجماعة" أي من أراد العيش اَلينء يف اآلخرةِ فليثبت على ما ِ‬
‫عليه‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫الرتمذي حسن صحيح‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫وقال‬ ‫ِ‬
‫االعتقاد َ‬
‫ِ‬
‫حديث معاويةَ " َّ‬
‫وإن هذه الملة‬ ‫داود ِمن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أيضا باجلماعة الواردة يف ما رواهُ أبو َ‬ ‫‪ُ ‬‬
‫وهم املرادو َن ً‬
‫ثالث وسبعين فرقة ثنتان وسبعون في النار وواحدةٌ في الجنة وهي الجماعة"‬ ‫ستفترُ على ٍ‬
‫ايات متع ّددةٍ ورد ِ‬
‫بلفظ "كلّهم في النار‬ ‫احلديث ورد برو ٍ‬ ‫ابن حج ٍر يف الكايف ّ‬
‫َ‬ ‫الشايف‪ ،‬و ُ َ‬ ‫ظ ُ‬
‫حسنهُ احلاف ُ‬
‫ّ‬
‫السواد األعظم"‬
‫إال ّ‬

‫مسلم‪ .‬صحيح مسلم‪ .‬باب معرفة اإلَيان واإلسالم والقدر‪ .‬ج ص ‪. 4‬‬
‫ابن عساكر‪ .‬تبيني كذب املفرتي‪ .‬ص ‪.‬‬
‫البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ .‬كتاب الشهادات‪ :‬باب ال يشهد على شهادة جور إِذا أشهد‪ .‬ج ص ‪.‬‬
‫الرتمذي‪ .‬سنن الرتمذي‪ .‬كتاب الفنت عن رسول اهلل صلى اهلل عليه و سلم‪ :‬باب ما جاء يف لزوم اجلماعة‪ .‬ج ص‪. 34‬‬
‫‪ 4‬أبو داود‪ .‬سنن أيب داود‪ .‬كتاب السنة‪ :‬باب شرح السنة‪ ،‬ج ص‪. 74‬‬
‫‪ 3‬البيهقي‪ .‬سنن البيهقي‪ .‬كتاب قتال أهل البغى‪ :‬باب اخلالف ّف قتال أهل البغى‪ .‬ج‪ 4‬ص‪. 44‬‬
‫‪41‬‬
‫وذلك َّ‬
‫ألن‬ ‫ِ‬ ‫بلفظ "ما أنا عليه وأصحابي" وكلٌّ من الرو ِ‬ ‫الرتمذي‪ِ 1‬‬
‫الثالث يف املعىن واحد َ‬ ‫ايات‬ ‫َ ّ‬ ‫ُّ‬ ‫أوردهُ‬
‫و َ‬
‫عليه وسلّ َم‬ ‫سول صلَّى اللَّه ِ‬ ‫الر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عما كا َن عليه ّ‬ ‫معظم ُهم يف أصول االعتقاد مل خيرجوا ّ‬ ‫أي َ‬ ‫مجهور األمة ْ‬ ‫َ‬
‫َعظم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السو ُاد األ ُ‬ ‫الذين ُهم ّ‬ ‫فيجب االعتناءُ مبعرفة عقيدة الفرقة الناجية َ‬ ‫ُ‬ ‫وأصحابُهُ‪.‬‬
‫عث اللَّه َلذهِ ِ‬
‫األمة‬ ‫بدعة املعتز ِلة وغ ِريهم فبَ َ‬‫ني وستني سنة من اَلجرةِ انتشار ِ‬ ‫بعد مائت ِ‬‫حدث َ‬ ‫َ‬ ‫‪ ‬مث‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يدي ليج ّددا َلذه ِ‬ ‫املائة الر ِ‬ ‫أس ِ‬
‫األمة‬ ‫اإلمام أبا منصوٍر املاتر َّ ُ‬ ‫األشعري و َ‬ ‫َّ‬ ‫اإلمام أبا احلس ِن‬ ‫َ‬ ‫ابعة‬ ‫على ر ِ‬
‫أدلة نقليّ ٍة وعقليّ ٍة‬ ‫أهل الس ِنة اليت كا َن عليها الصحابةُ ومن تبعهم بإير ِاد ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ َُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫بإيضاح عقيدة ِ ّ‬ ‫ِ‬ ‫فقاما‬
‫دينَها َ‬
‫الفرق أمت‬‫بالرد على كل هذهِ ِ‬ ‫فقاما ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ين فرقةً َ‬ ‫عدد ُهم عشر َ‬ ‫بلغ ُ‬ ‫وهم فرق عديدة َ‬ ‫رد شبه املعتزلة ُ‬ ‫مع ّ‬ ‫َ‬
‫الس ِنة أشعريو َن وماتريديو َن‪.‬‬ ‫ألهل ّ‬‫يقال ِ‬ ‫فصار ُ‬ ‫السنة‪َ ،‬‬
‫القيام برد شب ِههم وإبطاَلا فنُسب إلي ِهما أهل ِ‬
‫ُ ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ ّ‬
‫اجلماعة فاملر ُاد هبِم‬
‫ِ‬ ‫الس ِنة و‬ ‫ِ‬
‫أهل ّ‬‫بيدي ‪" :‬إذا أُطل َق ُ‬ ‫تضى الز ُّ‬ ‫حمم ُد مر َ‬ ‫اللغوي ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ث الفقيهُ‬ ‫ظ احمل ّد ُ‬ ‫قال احلاف ُ‬ ‫َ‬
‫األشاعرةُ واملاتريديةُ" اه‪.‬‬
‫وتويف أبو منصوٍر املاتر ُّ‬ ‫الثالمثائة للهجرةِ‪ّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬وكانَت وفاةُ‬
‫بعدهُ‬‫يدي َ‬ ‫بعد‬
‫ين َ‬ ‫األشعري سنةَ أرب ٍع وعشر َ‬ ‫ّ‬
‫امغة الكثريةِ‬ ‫باحلجج ال ّد ِ‬
‫ِ‬ ‫دات يف الرد على املبتد ِ‬
‫عة‬ ‫املئات من اجمللّ ِ‬ ‫عدّها ِ‬ ‫بقليل‪ .‬وصنّف أتباعهما ِمن ب ِ‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫ِ‬
‫مذهب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫من املبتدعة َورفعوا لواءَ‬ ‫وغريهم َ‬ ‫واملناظرات العديدة قَطعوا هبا املعتزلةَ وال ّدهريةَ والفالسفةَ َ‬
‫ت املائةُ اخلامسةُ إال واألمةُ اإلسالميّةُ أشعريّة‬ ‫املغرب فما جاء ِ‬ ‫املشرق و ِ‬ ‫ِ‬ ‫يدي يف‬
‫َ‬ ‫األشعري واملاتر ّ‬ ‫ّ‬
‫َتد عاملا‬ ‫من اخلوارِج فال ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّ‬
‫من املشبّهة وطائفة َ‬ ‫من املعتزلة وشرذمة َ‬ ‫سوى نزر َ‬ ‫وماتريديّة مل يشذ عنها َ‬
‫يدي‪.‬‬
‫أشعري أو ماتر ٌّ‬ ‫ٌّ‬ ‫وهو‬
‫فقيها مدقّـ ًقا إال َ‬ ‫حمق ًقا أو ً‬
‫بن فُورك‬ ‫بن الباقالينّ واألستاذُ أبو بكر ُ‬ ‫الباهلي والقاضي أبو بكر ُ‬ ‫ُّ‬ ‫فمن األشاعرةِ أبو احلس ِن‬ ‫‪َ ‬‬
‫اجلويين‬
‫ُّ‬ ‫البيهقي وإم ُام احلرم ِ‬
‫ني‬ ‫ُّ‬ ‫ظ‬‫البغدادي واحلاف ُ‬
‫ُّ‬ ‫اإلمام أبو منصوٍر‬ ‫اييين و ُ‬ ‫إسحق األَسفر ُّ‬ ‫َ‬ ‫واألستاذُ أبو‬
‫اعي‬ ‫الرفَ ِ‬
‫َمحَ ُد ِّ‬ ‫اإلمام أ ْ‬ ‫اإلمام أبو نص ٍر ال ُقشري ُّ‬
‫ومنهم القاضي عياض و ُ‬ ‫ي ُ‬ ‫ازي و ُ‬ ‫الشري ُّ‬ ‫إسحق ّ‬ ‫َ‬ ‫اإلمام أبو‬
‫و ُ‬
‫ِ‬
‫العلماء‬ ‫من‬ ‫صالح ال ّدي ِن‬
‫األيويب والشيخ عبد اهلل اَلرري وغريُهم كثري َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫النووي والسلطان‬ ‫ُّ‬ ‫واحلافظ‬
‫ِ‬
‫املختلفة‪.‬‬ ‫األكاب ِر يف ِ‬
‫الفنون‬
‫مئات املالي ِ‬
‫ني‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪‬‬
‫وهم ُ‬ ‫هو ما عليه األَشعريّةُ واملاتريديّةُ ُ‬ ‫الصاحلُ َ‬ ‫لف ّ‬ ‫الس ُ‬ ‫احلق الذي كا َن عليه ّ‬ ‫فاملذهب ُّ‬ ‫ُ‬
‫من املسلمني‪.‬‬ ‫َ‬

‫الرتمذي‪ .‬سنن الرتمذي‪ .‬كتاب اإلَيان عن رسول اهلل صلى اهلل عليه و سلم‪ :‬باب ما جاء يف افرتاق األمة‪ .‬ج‪ 4‬ص‪. 3‬‬
‫مرتضى الزبيدي‪ .‬إحتاف السادة املتقني‪ .‬ج ص‪.3‬‬
‫‪42‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كل َمن‬ ‫أن َّ‬ ‫مع كوَنم قلّةً قليلةً و َّ‬ ‫دعيني كالوهابيّة أَنم ُهم املرادو َن باجلماعة َ‬ ‫بعض البِ َ‬‫‪ ‬وأما ما ي ّدعيه ُ‬
‫األمة مزية على‬ ‫كذلك مل ي ُكن َلذهِ ِ‬ ‫األمر‬ ‫فهو َدعوى بال ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫دليل فإنهُ لو كا َن ُ‬ ‫هو يف النار َ‬ ‫خال َفهم َ‬
‫اس(‪ُ ( ﴾) 2‬س ْوَرةُ ءَ ِال‬ ‫ت لِلنَّ ِ‬ ‫ٍ‬
‫فيها ﴿ ُكْنتُم َخْيـَر أَُّمة أُ ْخ ِر َج ْ‬ ‫من األُم ِم اليت َ‬
‫قال اللَّه تَعاىل َ‬ ‫ِ‬
‫غريها َ‬
‫اجلنة مائة‬‫أهل ِ‬ ‫صفوف ِ‬ ‫ٍ‬
‫ضاللة و َّ‬
‫أن‬ ‫َتتمع على‬ ‫ِعمران) وأخرب النيب صلَّى اللَّه ِ‬
‫عليه وسلَّ َم َّ‬
‫َ‬ ‫أن ّأمتهُ ال ُ‬ ‫َ ُّ‬ ‫َْ‬
‫دعوى الوهابيّ ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وعشرو َن صفًّا مثانو َن منها ِمن أم ِة سيدنا ٍ‬
‫حممد صلَّى اللَّه عليه وسلَّ َم َ‬
‫‪1‬‬
‫الوقاحة َ‬ ‫فمن َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫ضالل وتكو ُن شرذمة هي حنو ِ‬
‫ثالثة‬ ‫ٍ‬ ‫السو ُاد األعظَ ُم على‬ ‫ِ‬
‫َ ُ‬ ‫فكيف يكو ُن هؤالء ّ‬ ‫َ‬ ‫هم املرادو َن‬
‫أَنم ُ‬
‫ويدل على‬ ‫الم أخرب بأن مجهور أمتِ ِه ال يضلّو َن ُّ‬ ‫َ ِ‬ ‫اب َّ‬
‫َ‬ ‫الس ُ َ‬ ‫الرسول عليه ّ‬ ‫أن‬ ‫الصو ُ‬
‫احلق‪ ،‬و ّ‬
‫ماليني على ّ‬‫َ‬
‫بالسواد‬‫إن اللَّه ال يجمع ّأمتي على ضالل ٍة فإذا رأيتم اختالفًا فعليكم َّ‬ ‫ماجه " َّ‬
‫ابن َ‬ ‫ذلك ما رواهُ ُ‬
‫َ‬
‫األعظم"‪.‬‬
‫ف يَ ِأت اهللُ بَِق ْوٍم ُِحيبُّـ ُهم‬
‫قال اللَّه تَعاىل ﴿ يَا أَيـُّ َها الَّ ِذيْ َن ءَ َامنُـ ْوا َم ْن يَـ ْرتَ َّد ِمْن ُكم َع ْن ِديْنِ ِه فَ َس ْو َ‬
‫‪َ ‬‬
‫ني ِ‬
‫كذب‬ ‫ظ ابن عساكر يف "تبي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َوُحيبُّـ ْونَهُ( ‪ُ ( ﴾)4‬س ْوَرةُ الْ َمائ َدة) وأخر َج احلاكم يف املستدرك واحلاف ُ ُ‬
‫املفرتي" أنهُ ملا نزلَت هذهِ اآليةُ قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و سلم ‪" :‬هم قومك يا أبا موسى"‬
‫احلاكم‪ :‬هذا حديث‬
‫ُ‬ ‫وأومأ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و سلم بيده إىل أيب موسى األشعري " اه‪َ ،‬‬
‫قال‬
‫األشعري‪.‬‬ ‫موسى‬ ‫األشعري ِ ِ‬ ‫شرط مسلم ‪ ،‬وأبو احلس ِن‬ ‫صحيح على ِ‬
‫ّ‬ ‫هو من قوم أيب َ‬ ‫ُّ َ‬
‫أقماع‬
‫فح َجزهم يف ِ‬ ‫أظهر اللَّه‬ ‫ِ‬
‫األشعري َ‬
‫َّ‬ ‫ؤوس ُهم حىت َ‬‫العريب "كانت املعتزلةُ قَد َرفعوا ُر َ‬
‫ّ‬ ‫ابن‬
‫وقال ُ‬ ‫َ‬
‫أي ضيّ َق علي ِهم‪.‬‬
‫السماس ِم"‪ْ ،‬‬ ‫َّ‬
‫رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ‬
‫عليه‬ ‫السنيِّة اليت كا َن عليها ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬وهللِ‬
‫احلمد على العقيدة األشعريّة واملاتريديّة ّ‬ ‫ُ‬
‫فقال صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬ ‫الرسول معتنِ َقها َ‬
‫ُ‬ ‫مدح‬ ‫ٍ‬
‫تبع ُهم بإحسان واليت َ‬ ‫ومن َ‬ ‫وسلّ َم وأصحابهُ َ‬
‫ٍ‬
‫بسند‬ ‫"لتفتح َّن القسطنطينيّة فلنعم األمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش" رواهُ ُ‬
‫أمحد‬

‫ابن أيب شيبة‪ .‬مسند ابن أيب شيبة‪ .‬ج ص‪ . 73‬الطرباين‪ .‬املعجم الكبري‪.‬‬
‫السواد األعظم‪ .‬ج‪ 4‬ص‪ ،73‬الرتمذي‪ .‬سنن الرتمذي‪ .‬كتاب الفنت عن رسول‬ ‫ابن ماجه‪ .‬سنن ابن ماجه‪ .‬كتاب الفنت‪ :‬باب ّ‬
‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬باب ما جاء يف لزوم اجلماعة‪ .‬ج ص‪. 3‬‬
‫احلاكم‪ .‬املستدرك‪ .‬ج ص ‪.‬‬
‫ابن عساكر‪ .‬تبيني كذب املفرتي‪ .‬ص‪. 7‬‬
‫‪ 4‬احلاكم‪ .‬املستدرك‪ .‬ج ص ‪ .‬وقال‪ :‬قال الذهيب قي التلخيص‪ :‬على شرط مسلم‪.‬‬
‫‪43‬‬
‫الفاتح رمحهُ اللَّه وكا َن‬ ‫د‬‫حمم‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫لطا‬‫الس‬
‫ُّ‬ ‫ها‬ ‫ح‬ ‫فت‬ ‫عام‬ ‫ِ‬
‫مثامنائة ٍ‬ ‫بعد‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫سطنطيني‬ ‫ت ِ‬
‫الق‬ ‫صحيح‪ ،1‬ول َقد فُتِح ِ‬
‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ُسنّـيًّا ماتريديًّا‪.‬‬

‫واللَّهُ َ‬
‫تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم‬

‫أمحد‪ .‬مسند أمحد‪ .‬ج ص‪. 4‬‬


‫‪44‬‬
‫احملاضرة الرابعة عشر‬
‫األمر بالمعروف والنهي عن المنكر‬
‫الرحي ِم‬ ‫بسم اللَّه ّ‬
‫الرمح ِن ّ‬
‫ِ‬
‫حابته الطّاهرين‪.‬‬ ‫ءاله وص ِ‬ ‫احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ َ ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وإبطال ِ‬
‫الباطل‪.‬‬ ‫الشرعُ الكريُ إىل األم ِر باملعروف والنه ِي ع ِن املنك ِر وإحقاق ّ‬
‫احلق‬ ‫‪َ ‬دعانا ّ‬
‫ف َوتَـْنـ َه ْو َن َع ِن الْ ُمْن َك ِر َوتُـ ْؤِمنُـ ْو َن‬ ‫َّاس تَأْمرو َن بِالْمعرو ِ‬ ‫قال اللَّه تَعاىل ﴿ ُكْنتم خيـر أ َُّم ٍة أُخ ِرج ِ‬
‫ت للن ِ ُ ُ ْ َ ْ ُ ْ‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫ُ ََْ‬ ‫‪َ -‬‬
‫بِاهللِ ‪ُ ( ﴾) 2‬س ْوَرةُ ءَ ِال ِع ْمَران)‪.‬‬
‫نكرا‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫منك‬ ‫ى‬ ‫أ‬‫ر‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫"‬ ‫قال‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫وس‬ ‫رسول اللَّه صلَّى اللَّه ِ‬
‫عليه‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‪1‬‬
‫وروى مسلم يف صحيحه‬
‫ً‬ ‫‪َ -‬‬
‫أقل مثرةِ‬ ‫أي ُّ‬ ‫فليغيّره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف اإليمان" ْ‬
‫عند العج ِز‪.‬‬
‫يلزُم اإلنسا ُن َ‬ ‫ِ‬
‫أقل ما َ‬ ‫أي ُّ‬
‫اإلَيان ْ‬
‫إن الناس إذا رأوا المنكر فلم‬ ‫قال " َّ‬ ‫رسول اللَّه صلَّى اللَّه ِ‬
‫عليه وسلَّ َم َ‬ ‫أن َ‬ ‫أمحد َّ‬‫اإلمام ُ‬ ‫وروى‬
‫ُ‬ ‫‪َ -‬‬
‫ِ َّ‬ ‫عمهم اللَّه بعق ٍ‬
‫منهم يـُْنزل‬ ‫تقم ُ‬ ‫النهي ع ِن املنكر الله يَن ُ‬ ‫الناس إذا ترُكوا َ‬ ‫إن َ‬ ‫أي َّ‬ ‫ا ُ"‪ْ .‬‬ ‫يغيّروه أوشك أن ي ّ‬
‫األزمنة ِمن ُش ِؤم‬ ‫ِ‬ ‫زل باملسلمني يف هذهِ‬
‫َ‬ ‫النقم اليت تْن ُ‬
‫أن َ‬ ‫شك َّ‬ ‫قبل اآلخرةِ‪ ،‬وال َّ‬ ‫َ‬ ‫نيا‬ ‫د‬‫ّ‬ ‫ال‬ ‫يف‬ ‫كبات‬ ‫الن‬
‫ّ‬ ‫م‬ ‫هبِ‬
‫الكفر‪.‬‬ ‫ترك تغي ِري املنك ِر والنه ِي عنهُ‪ ،‬و ُّ ِ‬ ‫ِ‬
‫هو ُ‬ ‫أشد املنكر َ‬
‫وثبت‬ ‫غش يف الطّ ِ‬ ‫رسول اللَّه صلَّى اللَّه ِ‬ ‫ثبت َعن ِ‬
‫عام رواهُ مسلم ‪َ ،‬‬ ‫عليه وسلّ َم أنهُ ح ّذ َر ممن َّ‬ ‫‪ -‬وقَد َ‬
‫أظن فالنًا وفالنًا يعرفان من ديننا شيئًا"‬ ‫ني "ما ُّ‬ ‫بني املسلم ِ‬ ‫ِ‬ ‫قال يف رجل ِ‬
‫ني كانا يَعيشان َ‬ ‫أيضا أنهُ َ‬
‫عنهُ ً‬
‫البخاري ‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫رواهُ‬
‫قال َمن يُط ِع اللَّه ورسولَهُ ف َقد َ‬
‫رشد‬ ‫ِ‬
‫للخطيب الذي َ‬ ‫قال‬ ‫سول صلَّى اللَّه ِ‬
‫عليه وسلَّ َم َ‬ ‫الر ُ‬
‫‪ -‬وإذا كا َن ّ‬
‫بني اللَّه والر ِ‬
‫سول‬ ‫مجع َ‬ ‫غوى "بئس الخطيب أنت" رواهُ مسلم ‪َ .‬‬ ‫ِِ‬
‫ّ‬ ‫وذلك ألنهُ َ‬ ‫ومن يعصهما ف َقد َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫اخلفيف الذي‬ ‫فقال لهُ "قل ومن يعص اللَّه ورسوله" اه فلَم يَس ُكت َعن هذا األم ِر‬
‫احد َ‬ ‫بضم ٍري و ٍ‬

‫مسلم‪ .‬صحيح مسلم‪ .‬كتاب اإلَيان‪ .‬ج ص‪.42‬‬


‫أمحد‪ .‬مسند أمحد‪ .‬ج ص ‪. 3‬‬
‫مسلم‪ .‬صحيح مسلم‪ .‬كتاب اإلَيان‪ :‬باب قول النىب صلى اهلل تعاىل عليه وسلم « من غرنا فليس منا »‪ .‬ج ص‪.37‬‬
‫البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ .‬كتاب األدب‪ :‬باب ما َيوز من الظن‪ .‬ج‪ 4‬ص‪. 3‬‬
‫‪ 4‬مسلم‪ .‬صحيح مسلم‪ .‬كتاب اجلمعة‪ :‬باب ختفيف الصالة واخلطبة‪ .‬ج ص ‪.‬‬
‫‪45‬‬
‫أجدر بالتحذي ِر والتنف ِري‬ ‫بني ِ‬ ‫ليس ِ‬
‫الناس فهذا ُ‬ ‫نشر هذا َ‬‫ين ويَ ُ‬ ‫ف ال ّد َ‬ ‫عمن ُحيّر ُ‬‫يسكت َّ‬
‫ُ‬ ‫فكيف‬
‫َ‬ ‫فيه كفر‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫منه‪.‬‬
‫ثبت َّ‬ ‫مة إمنا هو من التحذي ِر الو ِ‬ ‫الغيبة احملر ِ‬
‫لبعض املنحرفني من ِ‬ ‫ذكرنا ِ‬
‫أن فاطمةَ‬ ‫اجب ف َقد َ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ‬ ‫ليس ُ‬‫‪ ‬و َ‬
‫رسول اللَّه إنهُ َخطبين معاويةُ وأبو جه ٍم َ‬
‫فقال‬ ‫عليه وسلّم يا َ‬ ‫ول اللَّه صلّى اللَّه ِ‬ ‫قيس قالَت لرس ِ‬ ‫بنت ٍ‬ ‫َ‬
‫فصعلوك ال‬
‫ٌ‬ ‫جهم فال يضع العصا عن عاتقه وأما معاوية‬ ‫عليه وسلَّم "أما أبو ٍ‬ ‫رسول اللَّه صلَّى اللَّه ِ‬‫ُ‬
‫ِ‬
‫سول صلَّى اللَّه عليه وسلَّ َم ح ّذ َر فاطمةَ ُ‬ ‫مال له انكحي أسامة" اه رواهُ مسلم‬
‫‪1‬‬
‫منهما‬ ‫الر ُ‬
‫ّ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫كا‬ ‫فإذا‬ ‫‪.‬‬
‫يقوم حباجتِها بأم ِر‬ ‫خلفهما مبا ي ِ‬
‫كرهان َلذي ِن السبب ِ‬ ‫وذ َكرّها يف ِ‬
‫شديد الفق ِر ال ُ‬‫أحدّها كو ُن معاويةَ َ‬
‫ني ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫الكفر‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫النفقة والثاين َّ‬
‫الناس وجعلوا َ‬ ‫وغشوا َ‬ ‫العلم ّ‬‫فكيف أناس ّادعوا َ‬
‫َ‬ ‫النساء‬ ‫ضرب‬
‫كثر َ‬ ‫أن أبا جهم يُ ُ‬
‫الشافعي ِمن ح ٍ ِ‬
‫البيهقي‬
‫ُّ‬ ‫العظي ِم رواهُ‬
‫كفرت باللَّه َ‬
‫وقال لهُ ل َقد َ‬
‫أمام مج ٍع َ‬‫فص الفرد َ‬ ‫َ‬ ‫إسالما وَلذا ح ّذ َر ّ ُّ‬ ‫ً‬
‫افعي ‪.‬‬ ‫يف ِ‬
‫الش ّ‬ ‫مناقب ّ‬
‫ضالالِتِم ِ‬
‫وبيان م ِ‬ ‫ِ‬ ‫الض ِ‬ ‫التحذير ِمن ِ‬
‫فاسدهم ومسا ِوئهم ال يُ ُّ‬
‫عد‬ ‫َ‬ ‫الل بتَسميَت ِهم وذك ِر َ‬ ‫أهل ّ‬ ‫َ‬ ‫‪َّ ‬‬
‫وإن‬
‫احلق حقًّا و ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صفوف ِ‬ ‫ِ‬ ‫تفرقةً لصف ِ‬
‫باطال‬
‫الباطل ً‬ ‫احلق وبيان ّ‬ ‫أهل ّ‬ ‫بتوحيد‬ ‫ف يكو ُن‬ ‫الص ّ‬ ‫األمة أل َّن َ‬
‫توحيد ّ‬ ‫ّ‬
‫وبذلك‬
‫َ‬ ‫الباطل وأهلَهُ فيَجتنبوهُ‬
‫احلق وأهلَهُ فيتّبعوهُ و َ‬
‫الناس َّ‬ ‫عرف ُ‬ ‫ِ‬
‫الباطل ويَ َ‬ ‫من‬
‫احلق َ‬
‫يتم َيز ُّ‬ ‫حىت ّ‬
‫َسعادِتم‪.‬‬

‫واللَّهُ َ‬
‫تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم‬

‫املصدر السابق كتاب الطالق‪ :‬باب املطلقة ثالثا ال نفقة َلا‪ .‬ج ص‪. 74‬‬
‫ابن عساكر‪ .‬تبيني كذب املفرتي‪ .‬ص ‪. 4-‬‬
‫‪46‬‬
‫احملاضرة اخلامسة عشر‬
‫التعريف بابن تيمية‬
‫الرحي ِم‬ ‫ِ‬
‫بسم اللَّه ّ‬
‫الرمح ِن ّ‬
‫حابته الطّاهرين‪.‬‬‫ءاله وص ِ‬ ‫احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ َ ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫حبرا َن سنةَ ‪ 33‬ه‬ ‫أمحد بن ِ‬
‫عبد احللي ِم احلراينُّ‬ ‫هو أبو العبّ ِ‬ ‫‪ ‬ليُعلم َّ‬
‫الدمشقي َو َلد ّ‬
‫ُّ‬ ‫اس ُ ُ‬ ‫ابن تيميةَ َ‬ ‫أن َ‬
‫أكرمهُ‬
‫الشام خوفًا من ِ‬ ‫احلنابلة وقَد أتى ِبه والده إىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍِ‬
‫رجال هادئًا َ‬ ‫املغول وكا َن أبوهُ ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫من‬
‫ببيت علم َ‬
‫ابن‬
‫مات والدهُ ولّوا َ‬ ‫وبعد أن َ‬ ‫وظائف علميّ ٍة مساعدةً لهُ َ‬ ‫َ‬ ‫احلكومة حىت ولَّوهُ عدةَ‬ ‫ِ‬ ‫ورجال‬
‫ُ‬ ‫علماء ِ‬
‫الشام‬ ‫ُ‬
‫خريا‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫املضي يف وظائف والده وأثنَوا عليه ً‬ ‫تشجيعا لهُ على ّ‬ ‫ً‬ ‫درسهُ‬
‫حضروا َ‬ ‫وظائف والده بَل َ‬ ‫َ‬ ‫تيميةَ هذا‬
‫الباعث على‬‫ِ‬ ‫ابن تيميةَ ومل ينتبه إىل‬ ‫عاية لكن ثناء ِ‬ ‫حقيق بالر ِ‬ ‫ناشئ ٍ‬ ‫كل ٍ‬
‫غر َ‬ ‫هؤالء َّ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ّ‬ ‫مع ّ‬‫هو شأَنم َ‬ ‫كما َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بني ح ٍ‬ ‫ِ‬
‫حيح فتخلَّوا عنهُ‬ ‫الص ِ‬ ‫فخاب ظنّـ ُهم وعلموا أنهُ فاتن باملعىن ّ‬ ‫َ‬ ‫وءاخر‬
‫َ‬ ‫ني‬ ‫بدعا َ‬ ‫يذيع ً‬ ‫ثنائهم فبدأَ ُ‬
‫احد على توايل ِ‬
‫فتنه‪.‬‬ ‫احدا إثر و ٍ‬
‫و ً َ‬
‫ظ الفقيهُ‬ ‫ث احلاف ُ‬ ‫قال فيه احمل ّد ُ‬‫هو كما َ‬ ‫ذاع صيتهُ وكثُرت مؤلفاتهُ وأتباعهُ َ‬ ‫ابن تيميةَ وإن كا َن َ‬ ‫إن َ‬ ‫‪ ‬مث َّ‬
‫خرق‬
‫أيضا "إنهُ َ‬ ‫وقال ً‬ ‫لمهُ أكربُ ِمن عقلِه" َ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اقي يف األجوبة املرضيّة على األسئلة املكيّة "ع ُ‬
‫ِ‬
‫ويل ال ّدي ِن العر ُّ‬ ‫ُّ‬
‫بعد‬
‫خالف فيها َ‬ ‫الفروع‬
‫وبعضها يف ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلمجاع يف مسائل كثريةٍ‬
‫َ‬ ‫األصول ُ‬ ‫بعضها يف‬‫ستني مسئلة ُ‬ ‫تبلغ َ‬ ‫قيل ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ذلك خلق من العوام وغريهم فأسرع علماء عصرهِ يف الرد ِ‬
‫عليه‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫اإلمجاع عليها" وتبعهُ على َ‬ ‫ِ‬ ‫انعقاد‬
‫ِ‪1‬‬ ‫ِ‬
‫ابن‬
‫ُ‬ ‫أحدث‬
‫َ‬ ‫ا‬‫مل‬ ‫ُ‬‫فإنه‬ ‫بعد‬
‫ُ‬ ‫أما‬ ‫"‬ ‫الدرةِ املضيّة‬
‫ّ‬ ‫قال يف‬
‫حيث َ‬ ‫بكي ُ‬ ‫ُّ‬ ‫الس‬
‫ّ‬ ‫قي ال ّدي ِن‬‫ُّ‬ ‫ظت‬‫منهم احلاف ُ‬ ‫ُ‬ ‫وتبديعه‬
‫ّ‬ ‫ِ‬
‫بعد أن كا َن ُمستََرتا‬ ‫املعاقد َ‬
‫اإلسالم األركا َن و َ‬ ‫ِ‬ ‫ونقض ِمن َدعائ ِم‬ ‫َ‬ ‫العقائد‬ ‫أحدث يف ِ‬
‫أصول‬ ‫َ‬ ‫تيميةَ ما‬
‫وشذ َعن‬‫االبتداع َّ‬ ‫االتباع إىل‬ ‫جلنة فخر َج ع ِن‬ ‫هاد إىل ا ِ‬ ‫داع إىل احلق ٍ‬ ‫مظهرا أنهُ ٍ‬ ‫الكتاب و ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِتَبَعِية‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫السنَّة ً‬ ‫ّ‬
‫اإلمجاع"‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مبخالفة‬ ‫املسلمني‬ ‫ِ‬
‫مجاعة‬
‫َ‬

‫السبكي‪ .‬مقدمة الدرة املضية‪.‬‬


‫‪47‬‬
‫ِ‬
‫مقاالت اب ِن تيميةَ اليت‬
‫اإلمجاع‪:‬‬
‫َ‬ ‫خالف فيها‬
‫َ‬ ‫‪ ‬وها ُكم َ‬
‫بعض‬
‫قديم بالنوع‪.‬‬ ‫إن العالم ٌ‬ ‫املقالةُ األوىل‪ :‬قوله َّ‬
‫الس ِنة النبويِّة‬ ‫ِ‬ ‫يح ا ِ‬ ‫ذكر هذهِ املقالةَ يف ٍ‬
‫سبعة ِمن ُك ِ‬
‫ومنهاج ّ‬
‫ُ‬ ‫املنقول‬ ‫لصحيح‬
‫ِ‬ ‫ملعقول‬ ‫تبه موافقةُ صر ِ‬ ‫َ‬
‫كتاب‬ ‫‪4‬‬
‫الفتاوى و ُ‬ ‫حديث ِعمرا َن ب ِن حص ٍ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َمموع َ‬
‫كتاب ِ‬ ‫ني و ُ‬ ‫كتاب شرِح‬‫كتاب شرِح حديث النزول و ُ‬ ‫و ُ‬
‫ِ‬ ‫كل هذهِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ست سوٍر و ُّ‬ ‫اإلمجاع وَمموعةُ تفس ٍري من ّ‬ ‫نقد مر ِ‬
‫‪9‬‬ ‫‪3‬‬
‫الكتب مطبوعة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اتب‬
‫املقالةُ الثانيةُ‪ :‬قوله بالجسميّة في ح ّق اللَّه تعالى‪.‬‬
‫املنقول ‪ 7‬و ِ‬
‫كتابه‬ ‫لصحيح ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املعقول‬ ‫يح‬ ‫كتابه مو ِ‬
‫افقة صر ِ‬ ‫ُّزول ‪ 4‬و ِ‬
‫حديث الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ذكر هذهِ املقالةَ يف ِ‬
‫كتابه شرِح‬ ‫َ‬
‫ِ‪2‬‬ ‫ِ‬
‫السنة النبويّة ‪.‬‬
‫منهاج ّ‬
‫ِ‬
‫ٍ‬
‫وصوت‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بحرف‬ ‫إن اللَّه يتكلّم‬
‫املقالةُ الثالثةُ‪ :‬قوله َّ‬
‫ِ‬
‫املنقول‬ ‫لصحيح‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املعقول‬ ‫يح‬ ‫كتابه مو ِ‬
‫افقة صر ِ‬ ‫الكالم و ِ‬ ‫ِ‬ ‫رسالة يف ِ‬
‫صفة‬ ‫كتابه ٍ‬ ‫ذكر هذهِ املقالةَ يف ِ‬
‫َ‬
‫الس ِنة النبويِّة ‪.‬‬
‫منهاج ّ‬
‫كتابه ِ‬‫و ِ‬
‫املقالةُ الرابعةُ‪ :‬قوله باالنتقال والحركة والنُّنول على معنى النقلة والحركة في ح ّق اللَّه تعالى‪.‬‬
‫الس ِنة النبويِّة‬ ‫ذكر هذهِ املقالةَ يف ِ‬
‫منهاج ّ‬
‫كتابه ِ‬ ‫َ‬

‫ابن تيمية‪ .‬املوافقة‪ .‬ج ص‪.94‬‬


‫ابن تيمية‪ .‬املنهاج‪ .‬ج ص ‪.‬‬
‫ابن تيمية‪ .‬شرح حديث النزول‪ .‬ص ‪. 3‬‬
‫ابن تيمية‪ .‬شرح حديث عمران بن احلصني‪ .‬ص ‪. 7‬‬
‫‪ 4‬ابن تيمية‪ .‬الفتاوى‪ .‬ج‪ 4‬ص‪. 7‬‬
‫‪ 3‬ابن تيمية‪ .‬نقد مراتب اإلمجاع‪ .‬ص‪. 34‬‬
‫‪ 9‬ابن تيمية‪َ .‬مموعة تفسري‪ .‬ص ‪. -‬‬
‫‪ 4‬ابن تيمية‪ .‬شرح حديث النزول‪ .‬ص ‪.42‬‬
‫‪ 7‬ابن تيمية‪ .‬املوافقة‪ .‬ج ص ‪.3‬‬
‫‪ 2‬ابن تيمية‪ .‬منهاج السنة النبوية‪ .‬ج ص‪ 79‬وحنوه ج ص ‪. 2‬‬
‫ابن تيمية‪ .‬رسالة يف صفة الكالم‪ .‬ص ‪.4‬‬
‫ابن تيمية‪ .‬املوافقة‪ .‬ج ص ‪ 4 -‬و ج ص‪. 29‬‬
‫ابن تيمية‪ .‬املنهاج‪ .‬ج ص ‪.‬‬
‫ابن تيمية‪ .‬املنهاج‪ .‬ج ص‪. 2‬‬
‫‪48‬‬
‫ُّزول ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫حديث الن ِ‬ ‫لصحيح ِ‬
‫املنقول وشرِح‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املعقول‬ ‫يح‬ ‫كتابه مو ِ‬
‫افقة صر ِ‬ ‫و ِ‬
‫املقالةُ اخلامسةُ‪ :‬قوله بنسبة الح ّد لذات اللَّه تعالى‪.‬‬
‫تلبيس اجلهميّ ِة ‪.‬‬
‫بيان ِ‬ ‫املنقول و ِ‬
‫كتابه ِ‬ ‫لصحيح ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املعقول‬ ‫يح‬
‫افقة صر ِ‬ ‫ذكر هذهِ املقالةَ يف ِ‬
‫كتابه مو ِ‬
‫َ‬
‫السادسةُ‪ :‬قوله بالجلوس في ح ّق اللَّه تعالى‪.‬‬ ‫املقالةُ ّ‬
‫تلبيس اجلهميّ ِة‪.9‬‬
‫بيان ِ‬ ‫ُّزول‪ 3‬و ِ‬
‫كتابه ِ‬ ‫ِ‬
‫حديث الن ِ‬ ‫منهاج السنة‪ 4‬و ِ‬
‫كتابه شرِح‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ذكر هذه املقالةَ يف كتابه ِ ّ‬ ‫َ‬
‫وكتابه َمموع الفتاوى ‪.‬‬
‫السابعةُ‪ :‬قوله بفناء النار وانتهاء عذا ُ الكفار فيها‪.‬‬
‫املقالةُ ّ‬
‫ابن قَـيّ ِم اجلوزيِّة يف‬ ‫الرد على َمن َ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قال بفناء اجلنة والنار ونقلَها عنهُ تلميذهُ ُ‬ ‫ذكر هذه املقالةَ يف كتابه ّ‬ ‫َ‬
‫بفناء ِ‬ ‫يقول ِ‬ ‫حادي األرو ِاح إىل ِ‬
‫بالد األفر ِاح ويف ٍ‬
‫‪7‬‬ ‫كتابه ِ‬
‫ِ‬
‫اجلنة‬ ‫الرد على َمن ُ‬ ‫كتاب الب ِن تيميةَ ُساهُ ّ‬
‫والنا ِر‪. 2‬‬
‫السلف‪.‬‬
‫التفصيلي عن ّ‬
‫ّ‬ ‫املقالةُ الثامنةُ‪ :‬قوله في نفي التأويل‬
‫ذكر هذهِ املقالةَ يف ِ‬
‫فتاويه ‪.‬‬ ‫َ‬
‫والتبرك بهم وءاثارهم‪.‬‬
‫والصالحين ّ‬ ‫التوسل باألنبياء ّ‬
‫املقالةُ التاسعةُ‪ :‬قوله في تحريم ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املنطقيني ‪.‬‬
‫َ‬ ‫التوس ِل وكتابه ّ‬
‫الرد على‬ ‫ذكر هذه املقالةَ يف كتابه ّ‬ ‫َ‬

‫ابن تيمية‪ .‬املوافقة‪ .‬ج ص‪ 3‬وج ص ‪.4-‬‬


‫ابن تيمية‪ .‬شرح حديث النزول‪ .‬ص وص‪.33‬‬
‫ابن تيمية‪ .‬املوافقة‪ .‬ج ص‪. 2- 7‬‬
‫ابن تيمية‪ .‬بيان تلبيس اجلهمية‪ .‬ج ص‪. 4‬‬
‫‪ 4‬ابن تيمية‪ .‬املنهاج‪ .‬ج ص ‪. 3‬‬
‫‪ 3‬ابن تيمية‪ .‬شرح حديث النزول‪ .‬ص‪. 24-33‬‬
‫‪ 9‬ابن تيمية‪ .‬بيان تلبيس اجلهمية‪ .‬ج ص‪.493‬‬
‫‪ 4‬ونص عبارته‪" :‬فقد حدث العلماء املرضيون وأولياؤه املقبولون أن حممدا َيلسه ربه على العرش معه" اهـ ابن تيمية‪ .‬الفتاوى‪.‬‬
‫ج ص‪. 7‬‬
‫‪ 7‬ابن تيمية‪ .‬حادي األرواح‪ .‬ص‪.44 -497‬‬
‫‪ 2‬ابن تيمية‪ .‬الرد على من يقول بفناء اجلنة والنار‪ .‬ص‪.39‬‬
‫ابن تيمية‪َ .‬مموع الفتاوى‪ .‬ج‪ 3‬ص ‪. 7‬‬
‫ابن تيمية‪ .‬التوسل والوسيلة‪ .‬ص ‪. 42-‬‬
‫ابن تيمية‪ .‬الرد على املنطقيني‪ .‬ص‪.4 3‬‬
‫‪49‬‬
‫النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم معصيةٌ ال تقصر فيها‬
‫السفر لنيارة قبر ّ‬
‫املقالةُ العاشرةُ‪ :‬قوله َّ‬
‫إن إنراء ّ‬
‫الصالة‪.‬‬
‫ّ‬
‫الكربى ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفتاوى َ‬ ‫ذكر هذه املقالةَ يف فتاويه و َ‬ ‫َ‬
‫ظ‬‫ذلك احلاف ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نقل َ‬ ‫اقي َ‬ ‫شيخ احلافظ العر ّ‬ ‫العالئي ُ‬
‫ُّ‬ ‫ظ أبو سعيد‬ ‫كثريا من هذه املقاالت احلاف ُ‬ ‫أورد ً‬ ‫وقَد َ‬
‫بن طُولُون يف ذخائ ِر القص ِر‪.‬‬ ‫مشس ال ّدي ِن ُ‬
‫املؤر ُخ ُ‬
‫ّ‬
‫ذم ابن تيمية‪.‬‬ ‫‪ ‬ذكر بعض من َّ‬
‫وإياك أن تُصغي إىل ما يف ِ‬
‫كتب اب ِن تيميةَ‬ ‫احلديثية " َ‬ ‫ِ‬ ‫الفتاوى‬ ‫ابن حج ٍر‬
‫اَليتمي يف َ‬‫ُّ‬ ‫الشيخ ُ‬
‫ُ‬ ‫قال‬
‫‪َ -‬‬
‫وجعل‬ ‫عه ِ‬
‫وقلبه‬ ‫وتلميذهِ اب ِن قي ِم اجلوزي ِة وغ ِريّها ممَن اخت َذ إَله هواه وأضلّه اللَّه على عل ٍم وختم على َُس ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فمن يهدهِ ِمن بَعد اللَّه" اه‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫على بَص ِره غشاوًة َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العلماء"‬ ‫من‬
‫ابن تيمية‪ -‬كثري َ‬ ‫للنووي "ول َقد كفَّرهُ‪-‬أ ِي َ‬ ‫ّ‬ ‫املناسك‬ ‫اإليضاح يف‬
‫ِ‬ ‫حاشية‬ ‫أيضا يف‬
‫وقال ً‬ ‫َ‬
‫اه‪.‬‬
‫مدحهُ يف ّأوِل األم ِر مث ملا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قال يف‬‫انكشف لهُ حالهُ َ‬
‫َ‬ ‫وهو من ُمعاصري اب ِن تيمية َ‬ ‫الذهيب َ‬
‫ُّ‬ ‫‪ -‬وكا َن‬
‫يقال لهُ‬
‫رجل ُ‬ ‫علما وال أقوى ذكاءً ِمن ٍ‬ ‫أوسع ً‬‫لب "فواللَّه ما َرم َقت َعيين َ‬ ‫زغل العل ِم والطّ ِ‬‫بيان ِ‬ ‫ِ‬
‫رسالته ِ‬
‫مصر‬ ‫بني ِ‬ ‫ِ‬
‫أهل َ‬ ‫أخرهُ َ‬‫وجدت ّ‬
‫ُ‬ ‫مللت يف سنني طويلة فما‬ ‫عبت يف وزنه وفتشه حىت ُ‬ ‫ابن تيمية وقَد تَ ُ‬ ‫ُ‬
‫ئاسة املشيخةِ‬
‫الشام ومقتته نفوسهم وازدروا ِبه وك ّذبوه وك ّفروه إال الكرب والعجب وفر َط الغرِام يف ر ِ‬ ‫و ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫ابن تيمية‪.‬‬ ‫ذم َ‬ ‫الذهيب َّ‬
‫َّ‬ ‫فتبني َّ‬
‫أن‬ ‫واالزدراء بالكبار" اه َّ‬
‫من‬ ‫وعهودهُ يف كل ٍ‬ ‫وقد استُتيب ابن تيمية ٍ‬ ‫‪ِ ‬‬
‫بفتوى َ‬‫بس َ‬ ‫مرة حىت ُح َ‬ ‫ّ ّ‬ ‫َ‬ ‫ينقض مواثي َقهُ‬‫ُ‬ ‫وهو‬
‫مرات َ‬ ‫ّ‬ ‫َ ُ‬
‫التحذير منهُ كما‬ ‫َيب‬ ‫ٌّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عة ّ ِ‬ ‫ال ُقضاةِ األرب ِ‬
‫ُ‬ ‫الشافعيّة واملالكيّة واحلنفيّة واحلنابلة وح َكموا عليه بأنهُ ضال ُ‬
‫وهو ِمن تالمذةِ اب ِن تيمية‪.‬‬ ‫يخ َ‬
‫قال ابن شاك ِر الكتيب يف ِ‬
‫عيون التوار ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ ُ‬

‫ابن تيمية‪َ .‬مموع الفتاوى‪ .‬ج ص‪.4 2‬‬


‫ابن تيمية‪ .‬الفتاوى الكربى‪ .‬ج ص ‪.‬‬
‫أمحد شهاب الدين بن حجر اَليتمي املكي‪ .‬مطلب يف عقيدة اإلمام أمحد رضي اهلل عنه وأرضاه ص ‪. 2‬‬
‫حاشيته على مناسك النووي‪ .‬ص‪. 47‬‬
‫‪ 4‬الذهيب‪ .‬زغل العلم والطلب‪ .‬ص‪. 4‬‬
‫‪ 3‬ابن املعلم القرشي‪َ .‬نم املهتدي ورجم املعتدي ص‪.3 -3 2‬‬
‫‪ 9‬ابن شاكر الكتيب‪ .‬عيون التواريخ ص‪ ، 97‬احلصين‪ .‬دفع شبه من شبه ومترد ص ‪. 4-‬‬
‫‪51‬‬
‫ومن ِ‬
‫أتباعه‬ ‫الشام للتحذي ِر منه ِ‬
‫امللك حمم ُد بن قَالوون منشورا ليقرأَ على املن ِرب يف مصر و ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ً‬ ‫أصدر ُ ّ ُ‬ ‫و َ‬
‫مات سنةَ ‪9 4‬ه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اعتقل بالقلعة إىل أَن َ‬
‫و َ‬
‫العلماء و ِ‬
‫الفقهاء والقضاةِ الذين ناظَروا ابن تيميةَ أو ردوا ِ‬
‫عليه وذ َكروا َمعايبَهُ ممن‬ ‫ِ‬ ‫أُساء ِ‬
‫بعض‬ ‫‪ِ ‬ذكر ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫وحنابلة ونذكر رسائلَهم وكتبـهم اليت ردوا ِ‬
‫عليه‬ ‫ٍ‬ ‫عاصروهُ أو جاءوا بعدهُ ِمن شافعيّ ٍة وحنفيّ ٍة ومالكيٍّة‬
‫ّ‬ ‫ُ َُ‬ ‫ُ‬
‫فمنهم‪:‬‬
‫فيها ُ‬‫َ‬
‫بكي المتوفّى سنة ‪657‬ه ‪.‬‬ ‫الس ُّ‬ ‫تقي ال ّدين ّ‬ ‫الحافظ المجتهد ُّ‬
‫الرد على اب ِن تيميةَ‪.‬‬‫الدرةُ املضيّةُ يف ّ‬
‫ّ‬
‫ببقاء ِ‬
‫اجلنة والنا ِر‪.‬‬ ‫االعتبار ِ‬
‫ُ‬
‫العالئي المتوفّى سنةّ ‪677‬ه ‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫قدح فيه الحافظ أبو ٍ‬
‫سعيد‬
‫ذخائر القص ِر يف تراج ِم ِ‬
‫نبالء العص ِر الب ِن طُولون‪.‬‬ ‫ُ‬
‫الذهبي المتوفّى سنة ‪647‬ه ‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫معاصره الحافظ‬
‫لب‪.‬‬‫زغل العل ِم والطّ ِ‬
‫بيا ُن ِ‬
‫النصيحةُ الذهبيّةُ‪.‬‬
‫األندلسي المتوفّى سنة ‪645‬ه ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المفسر أبو حيان‬
‫ّ‬
‫تفسري النه ِر املاد من البح ِر ِ‬
‫احمليط‪.‬‬ ‫ّ َ‬ ‫ُ‬
‫الكتبي المتوفّى سنةّ ‪674‬ه ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المؤرخ ابن شاك ٍر‬
‫تلميذه ّ‬
‫يخ‪.‬‬
‫عيو ُن التوار ِ‬
‫العسقالني المتوفّى سنة ‪758‬ه ‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫الحافظ ابن حج ٍر‬
‫املائة ِ‬
‫الثامنة‪.‬‬ ‫أعيان ِ‬ ‫ال ّدرر الكامنةُ يف ِ‬
‫ُ‬
‫العراقي المتوفّى سنة ‪787‬ه ‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫ولي ال ّدين‬ ‫الحافظ ُّ‬
‫األسئلة املكيّ ِة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫الرد على‬ ‫األجوبةُ املرضيّةُ يف ّ‬
‫الحصني المتوفى سنة ‪78‬ه ‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫الفقيه أبو بك ٍر‬
‫مترَد‪.‬‬ ‫ِ‬
‫دفع ُشبَه َمن َشبَّهَ و ّ‬‫ُ‬
‫الهيتمي المتوفّى سنة ‪ 64‬ه ‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫الريخ ابن حج ٍر‬
‫الفتاوى احلديثيةُ‪.‬‬
‫َ‬

‫‪51‬‬
‫ِ‬
‫املناسك‪.‬‬ ‫اإليضاح يف‬
‫ِ‬ ‫حاشيةُ‬
‫واني المتوفّى سنة ‪ 87‬ه ‪.‬‬
‫الريخ جالل ال ّدين ال ّد ُّ‬
‫شرح العض ِ‬
‫دية‪.‬‬ ‫ُ َُ‬
‫وثري المتوفّى سنة‬
‫محمد زاهد الك ُّ‬
‫ريخ ّ‬
‫وكيل المريخة اإلسالمية في دار الخالفة العثمانيّة ال ّ‬
‫‪7767‬ه ‪.‬‬
‫الكوثري‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مقاالت‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫احلديث‪.‬‬ ‫من‬ ‫ِ‬
‫ابن تيميةَ َ‬
‫احلثيث ملا ينفيه ُ‬
‫ُ‬ ‫ب‬‫التع ّق ُ‬
‫المغربي المتوفّى سنة ‪7477‬ه ‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫الريخ المح ّدث عبد اللَّه الغ ُّ‬
‫ماري‬
‫حتقيق معىن ال ِ‬ ‫ِ‬
‫بدعة‪.‬‬ ‫الصنعة يف ِ َ‬‫إتقا ُن ّ‬
‫الريخ المحدث عبد اهلل الهرري المتوفى سنة ‪748‬ه‪.‬‬
‫املقاالت السنية يف كشف ضالالت أمحد بن تيمية‪.‬‬
‫فيه كل ِ‬
‫هؤالء العلماء ليبيّنوا‬ ‫رجل تكلّ َم ِ ُّ‬
‫يلتفت إىل ٍ‬
‫ُ‬ ‫كيف‬
‫ذلك َ‬‫بعد َ‬ ‫متعن َ‬
‫للحق و ّ‬
‫الب ّ‬ ‫فانظُر أيّها الطّ ُ‬
‫سبحانك هذا هبتان عظيم‪.‬‬
‫َ‬ ‫للناس وليح ّذروا منه فهل يكو ُن بيا ُن احلق َشىء يعرتض ِ‬
‫عليه‬ ‫حقيقتَهُ ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ َ‬

‫واللَّهُ َ‬
‫تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم‬

‫‪52‬‬
‫احملاضرة السادسة عشر‬
‫النجدي‬
‫ّ‬ ‫محمد بن عبد الوها ُ‬ ‫الوهابيّة أتباع ّ‬
‫الرحي ِم‬ ‫ِ‬
‫بسم اللَّه ّ‬
‫الرمح ِن ّ‬
‫حابته الطّاهرين‪.‬‬‫ءاله وص ِ‬ ‫احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ َ ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫رسول اللَّه‬
‫َندنا يا َ‬ ‫عليه وسلَّم "اللَّه َّم بارك في شامنا ويمننا" قالوا ويف ِ‬ ‫رسول اللَّه صلَّى اللَّه ِ‬ ‫قال ُ‬ ‫‪َ ‬‬
‫َ‬
‫ريطان"‬ ‫قال "هناك يطلع قرن ال ّ‬ ‫رسول اللَّه َ‬ ‫َندنا يا َ‬ ‫قال "اللَّه َّم بارك في شامنا ويمننا" قالوا ويف ِ‬ ‫َ‬
‫النجدي‪.‬‬ ‫الوه ِ‬
‫اب‬ ‫ِ‬ ‫ومن َند احلجا ِ‬ ‫البخاري‪ِ 1‬‬ ‫أي قوةُ ّ ِ‬
‫ّ‬ ‫بن عبد ّ‬ ‫ُ‬ ‫د‬
‫ُ‬ ‫حمم‬
‫ّ‬ ‫ع‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ط‬ ‫ز‬ ‫ُّ‬ ‫الشيطان‪ ،‬رواهُ‬ ‫ْ ّ‬
‫بعد ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫الوه ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬وكا َن ابتداء ظهوِر أم ِر ِ‬
‫سنة‬ ‫اشتهر أمرهُ َ‬‫هـ و َ‬ ‫رق سنةَ‬ ‫اب يف ّ‬ ‫حممد ب ِن عبد ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ويف سنةَ ‪ 23‬هـ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫‪ 42‬هـ بنجد احلجاز وقُراها وتُ ّ‬
‫الس ِنة‪ ،‬وأخ َذ ِ‬
‫ببعض‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫اب َ ٍ‬ ‫الوه ِ‬ ‫ِ‬
‫من الكتاب و ّ‬ ‫زعم أَنا َ‬ ‫بدعوة ممزوجة بأفكار منهُ َ‬ ‫بن عبد ّ‬ ‫ظهر حم ّم ُد ُ‬ ‫وقَد َ‬
‫سول صلَّى اللَّه ِ‬
‫عليه وسلّ َم‬ ‫بدع اب ِن تيميةَ فأحياها وهي حتريُ التوس ِل بالنيب‪ ،‬وحتريُ السف ِر لزيارةِ ق ِرب الر ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اإلجابة من اللَّه‪ ،‬وتكفري من ينادي هبذا ِ‬
‫اللفظ‬ ‫ِ‬ ‫صد ال ّد ِ‬ ‫ِ‬
‫األنبياء والصاحلني ب َق ِ‬ ‫ِ‬
‫َُ ُ‬ ‫َ‬ ‫هناك رجاءَ‬
‫عاء َ‬ ‫ّ َ‬ ‫من‬
‫وغريه َ‬
‫ذلك إال للحي احلاض ِر‪ ،‬وعقيدةُ التجسي ِم هللِ‬
‫ّ‬ ‫مبثل َ‬ ‫حمم ُد أو يا علي أغثين أو ِ‬
‫ّ‬ ‫رسول اللَّه أو يا ّ‬ ‫يا َ‬
‫والتحي ِز يف ٍ‬
‫جهة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ذكر‬ ‫أو‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫القرءا‬ ‫إال‬ ‫ا‬‫فيه‬ ‫ليس‬ ‫اليت‬ ‫تعليق احلروِ‬
‫ز‬ ‫نفسه حتريَ ِ‬ ‫عند ِ‬ ‫اب ِمن ِ‬ ‫الوه ِ‬ ‫‪ ‬ابتدع حمم ُد بن ِ‬
‫عبد‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ ّ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اللَّه‪ ،‬وحتري اجله ِر بالصالةِ‬
‫االحتفال‬
‫َ‬ ‫حيرمو َن‬
‫عقب األذان ‪ ،‬وأتباعهُ ّ‬ ‫النيب صلّى اللَّه عليه وسلّم َ‬ ‫ّ‬ ‫على‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫لشيخ ِهم اب ِن تيميةَ ‪.‬‬ ‫الشر ِ‬ ‫باملو ِ‬
‫يف خالفًا َ‬ ‫لد ّ‬
‫ِ‬
‫الفتوحات‬ ‫ِ‬
‫تارخيه "‬ ‫لطنة العُثمانيّ ِة يف‬
‫الس ِ‬ ‫أمحد زيين َدحالن ُمفيت مكةَ يف أواخ ِر َّ‬ ‫الشيخ ُ‬ ‫‪َ ‬‬
‫قال‬
‫ُ‬
‫ابتداء أمرهِ ِمن طَ ِ‬
‫لبة العل ِم يف‬ ‫اب يف ِ‬ ‫الوه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلسالمية" حتت ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫بن عبد ّ‬ ‫حمم ُد ُ‬‫الوهابية" "كا َن ّ‬ ‫فصل "فتنة ّ‬ ‫َ‬
‫رجال صاحلًا ِمن ِ‬ ‫الصالةِ والس ِ‬ ‫املنورةِ على ساكِنها‬ ‫ِ‬
‫أهل العل ِم وكذا أخوهُ‬ ‫الم وكا َن أبوه ً‬ ‫ّ‬ ‫أفضل ّ‬ ‫ُ‬ ‫املدينة ّ‬

‫البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ .‬كتاب الوترج ص ‪.‬‬


‫حممد بن عبد الوهاب‪ .‬الكتاب املسمى معلومات من الدين‪ .‬ص‪. 3‬‬
‫ابن باز‪ .‬تعليق ابن باز على فتح الباري‪ .‬ج ص ‪.7‬‬
‫املصدر السابق ص‪.79‬‬
‫‪ 4‬ابن تيمية‪ .‬الكتاب املسمى اقتضاء الصراط املستقيم‪ .‬ص ‪.‬‬
‫‪ 3‬أمحد بن زيين دحالن‪ .‬فتنة الوهابية‪ .‬ص ‪.‬‬
‫‪53‬‬
‫فيه أنهُ سيكو ُن منهُ زيغ وضالل ملا يشاهدونهُ ِمن‬ ‫الشيخ سليما ُن وكا َن أبوه وأخوه ومشاخيه يتفرسو َن ِ‬
‫ُ ّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫املسائل وكانوا يوخبونه وحي ّذرو َن الناس منه فح ّقق اللَّه فِراستهم ِ‬
‫فيه ملا‬ ‫ِ‬ ‫من‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫أقواله وأفعاله ونزغاته يف كثري َ‬
‫بذلك إىل‬
‫وتوصل َ‬ ‫فيه أئمةَ ال ّدي ِن‬‫الل الذي أغوى ِبه اجلاهلني وخالف ِ‬ ‫الض ِ‬‫الزي ِغ و ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫من ّ‬ ‫ابتدعهُ َ‬
‫ابتدع ما َ‬ ‫َ‬
‫للترب ِك شرك‪ ،‬و َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫املؤمنني َ َّ‬ ‫تكف ِري‬
‫التوسل به وباألنبياء واألولياء وزيارَة قبورهم ّ‬ ‫النيب و َ‬ ‫فزعم أن زيارَة قرب ّ‬ ‫َ‬
‫التوس ِل هبم شرك‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أيضا‬
‫وقال ً‬ ‫عند ّ‬ ‫من األنبياء واألولياء َ‬ ‫التوس ِل به شرك وكذا نداءُ غريه َ‬ ‫عند ّ‬ ‫النيب َ‬ ‫نداءَ ّ‬
‫أعمى وكا َن مؤذّنًا‬ ‫األذان حىت َّ‬ ‫ِ‬ ‫النيب على املنائ ِر َ‬ ‫"وَينعو َن من الصالةِ‬
‫رجال صاحلًا كا َن َ‬ ‫إن ً‬ ‫بعد‬ ‫ّ‬ ‫على‬ ‫َ ّ‬
‫حمم ِد اب ِن‬ ‫ِ‬
‫منهم‪ ،‬فأتَوا به إىل ّ‬ ‫املنع ُ‬‫بعد أن كا َن ُ‬ ‫األذان َ‬‫ِ‬ ‫عليه وسلَّ َم َ‬
‫بعد‬ ‫وصلَّى على النيب صلَّى اللَّه ِ‬
‫ّ‬
‫ملألت‬ ‫ذلك‬ ‫لك م ـا كـ ـانوا يفعلونـ ـه ِمن أم ِ‬ ‫ِ‬ ‫عبد ّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ثال َ‬ ‫ُ‬ ‫تتبعت َ‬ ‫ُ‬ ‫تل‪ ،‬ولو‬ ‫فأمر به أن يُقتَ َل ف ُق َ‬ ‫الوهاب َ‬
‫فاتر" اهـ‪.‬‬ ‫ال ّد َ‬
‫ِ‬
‫الدرعية‬ ‫ِ‬
‫مسجد‬ ‫ِ‬
‫للجمعة يف‬ ‫خيطب‬ ‫البدع‬ ‫ِ‬ ‫الوه ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ابتدع هذه َ‬ ‫اب الذي َ‬ ‫بن عبد ّ‬ ‫حمم ُد ُ‬ ‫أيضا "كا َن ّ‬ ‫وقال ً‬ ‫َ‬
‫نكر‬ ‫عبد ّ ِ‬ ‫خطبة ومن توسل بالنيب ف َقد كفر‪ ،‬وكا َن أخوه الشيخ سليما ُن بن ِ‬ ‫ويقول يف كل ٍ‬
‫الوهاب يُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫فقال‬
‫فقال "مخسة" َ‬ ‫حمم ُد َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يوما َكم أركا ُن اإلسالم يا ّ‬ ‫وقال لهُ ً‬ ‫كل ما يَفعلهُ َ‬ ‫شديدا يف ّ‬ ‫ً‬ ‫إنكارا‬
‫عليه ً‬
‫مسلما"‪.‬‬
‫فليس ً‬ ‫السادس َمن مل يَتبَعك َ‬ ‫ُ‬ ‫أنت جعلتَها ستةً‬ ‫" َ‬
‫ليس عاملا‪:‬‬ ‫الوه ِ‬
‫اب‬ ‫‪ ‬حمم ُد بن ِ‬
‫عبد‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ‬
‫علماء عصرهِ بالعل ِم بَل َّ‬ ‫ِ‬ ‫يشهد لهُ أحد ِمن‬ ‫الوه ِ‬ ‫ِ‬
‫إن أخاهُ‬ ‫هو رجل مل َ‬ ‫النجدي َ‬
‫ّ‬ ‫اب‬ ‫بن عبد ّ‬ ‫حمم ُد ُ‬ ‫‪ّ -‬‬
‫ِ‬
‫أهل بلدهِ وغريهِ ُ‬
‫أحد‬ ‫عليه املسلمو َن ِمن ِ‬ ‫ملخالفته ما كا َن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ردي ِن‬ ‫اب َّ ِ‬
‫رد عليه ّ‬ ‫الوه ِ‬‫بن عبد ّ‬ ‫سليما َن َ‬
‫الرد على‬ ‫ِ‬ ‫الردي ِن يسمى "الصواعق اإلَليةُ يف الرد على الوهابي ِ‬
‫اخلطاب يف ّ‬ ‫فصل‬
‫ُ‬ ‫"‬ ‫ى‬ ‫سم‬
‫ّ‬ ‫ي‬
‫ُ‬ ‫اآلخر‬
‫ُ‬ ‫الرد‬
‫ُّ‬ ‫و‬ ‫"‬ ‫ة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ّ ُ ّ‬
‫الوه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اب"‪.‬‬ ‫حممد ب ِن عبد ّ‬ ‫ّ‬
‫بعد حمم ِد اب ِن ِ‬
‫عبد‬ ‫عبد اللَّه ب ِن ُمح ٍ‬ ‫‪ -‬وكذلك العامل الشهري احلنبلي مفيت م ّكةَ حمم ُد بن ِ‬
‫ويف َ ّ‬ ‫يد وكا َن تُ ّ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُ‬
‫احلنابلة"‪ 1‬ذكر ِ‬ ‫ِ‬ ‫الوه ِ‬
‫فيه‬ ‫َ‬ ‫ائح‬
‫ضر ِ‬ ‫حب الوابلةُ على َ‬ ‫الس ُ‬ ‫كتب كتابًا ُساهُ " ُّ‬ ‫مثانني سنةً َ‬ ‫النجدي بنح ِو َ‬ ‫ّ‬ ‫اب‬ ‫ّ‬
‫عداد ِ‬
‫أهل‬ ‫اب النجدي يف ِ‬ ‫الوه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مثامنائة عا ٍمل ٍ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫بن عبد ّ‬ ‫حمم َد َ‬
‫احلنبلي ومل يَذ ُكر ّ‬ ‫ّ‬ ‫املذهب‬ ‫يف‬ ‫وعاملة‬ ‫حنو‬
‫َ‬
‫صاحب ال ّدعوةِ‬
‫ِ‬ ‫حمم ٍد‬
‫الد ّ‬ ‫هو و ُ‬ ‫فقال " َ‬ ‫اب َ‬ ‫الوه ِ‬ ‫ِ‬
‫حممد ب ِن عبد ّ‬
‫الد ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ذكر يف ترمجة و ّ‬ ‫من احلنابلة بَل َ‬
‫ِ‬
‫العلم َ‬
‫ِ‬
‫موت والدهِ‪،‬‬ ‫بعد ِ‬ ‫عوته إال َ‬ ‫بد ِ‬ ‫تظاهر َ‬ ‫حمم ًدا مل يَ َ‬ ‫أن ّ‬ ‫مع َّ‬ ‫ِ‬
‫شررها يف اآلفاق لكن بينَـ ُهما تباين َ‬ ‫انتشر ُ‬ ‫اليت َ‬
‫لد‬ ‫عبد ّ ِ‬ ‫أهل العل ِم عمن عاصر حمم َد بن ِ‬ ‫بعض ِ‬ ‫بعض َمن لَقيتهُ َعن ِ‬
‫أي وا ُ‬ ‫الوهاب أنهُ ‪ْ -‬‬ ‫َ ّ َ‬ ‫ّ‬ ‫وأخربين ُ‬

‫حممد بن عبد اهلل بن محيد‪ .‬السحب الوابلة على ضرائح احلنابلة‪ .‬ص‪. 94‬‬
‫ّ‬
‫‪54‬‬
‫أهل ِ‬
‫جهته وح ّذ َر‬ ‫ِ‬
‫كأسالفه و ِ‬ ‫ِ‬
‫بالفقه‬ ‫رض أَن يشتغِ َل‬ ‫ِ‬ ‫حمم ٍد‪ -‬كا َن َغضبا َن على ولدهِ ٍ‬
‫حممد لكونه مل يَ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫صار‪.‬‬‫صار ما َ‬ ‫الشر" وقَد ق ّد َر اللَّه أَن َ‬ ‫حممد م َن ّ‬ ‫للناس "يا ما ترو َن من ّ‬ ‫يقول ِ‬ ‫منهُ وكا َن ُ‬
‫ِ‬
‫اإلسالم‪:‬‬ ‫الوهاب يدعُو إىل دي ٍن غ ِري‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬حمم ُد بن ِ‬
‫عبد‬ ‫ّ ُ‬
‫ِ‬
‫الوهابية‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ألتباعه‬ ‫ِ‬ ‫غري دي ِن‬ ‫الوه ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلسالم علمهُ‬ ‫جديدا َ‬ ‫ً‬ ‫النجدي دينًا‬
‫ُّ‬ ‫اب‬ ‫بن عبد ّ‬ ‫حمم ُد ُ‬ ‫أحدث ّ‬ ‫َ‬ ‫وقَد‬
‫وأصل هذا ال ّدي ِن ِ‬
‫شيئان‪:‬‬ ‫ُ‬
‫قول اللَّه‬
‫بذلك َ‬ ‫ب َ‬ ‫البشر وأنهُ جسم قاعد على ِ‬
‫العرش وك ّذ َ‬ ‫أن الله يُشبهُ َ‬
‫اعتقاد َّ َّ‬‫ُ‬ ‫األول‬
‫ُ‬ ‫‪-‬‬
‫س َك ِمثْلِ ِه َشىء( )﴾ ( ُس ْوَرةُ ُّ‬
‫الش ْوَرى)‪.‬‬ ‫تَعاىل ﴿لَْي َ‬
‫للترب ِك أو َمن يُعلّ ُق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قبور األنبياء واألولياء ّ‬ ‫زور َ‬ ‫حمم ُد أو َمن يَ ُ‬ ‫يقول يا ّ‬ ‫‪ -‬والثاين تكفريُ َمن ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الصن ِم‪.‬‬
‫ذلك كعبادة ّ‬ ‫وذكر اللَّه وَيعلو َن َ‬ ‫حرزا فيه قرءان ُ‬ ‫على صدرهِ ً‬
‫يصح تسميةُ الوه ِ‬
‫ابية سلفيّةً‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫َيوز وال ُّ‬ ‫‪ ‬ال ُ‬
‫ذلك‬
‫وهم كاذبو َن يف َ‬ ‫لف ُ‬ ‫الناس أَنم َعلى عقيدةِ الس ِ‬ ‫بعض ِ‬
‫ّ‬ ‫أنفس ُهم سلفيّةً ليُوّهوا َ‬ ‫سمي الوهابيةُ َ‬ ‫‪ -‬يُ ّ‬
‫سنة وأما حمم ُد بن ِ‬ ‫ألف ٍ‬ ‫لف كانوا ِمن أكث ِر ِمن ِ‬
‫عبد‬ ‫ّ ُ‬ ‫الس َ‬ ‫ألن ّ‬ ‫من َّ‬ ‫الز ُ‬‫يث ّ‬‫ليسوا سلفيّةً ال ِمن َح ُ‬ ‫فهم ُ‬ ‫ُ‬
‫الصاحلَ‬‫لف ّ‬ ‫الس َ‬ ‫ألن ّ‬ ‫حيث العقيدةُ َّ‬ ‫مثانني سنةً‪ ،‬وال َسلفيةً ِمن ُ‬ ‫ني و َ‬ ‫النجدي فكا َن ِمن حن ِو مائت ِ‬ ‫ُّ‬ ‫الوه ِ‬
‫اب‬ ‫ّ‬
‫لفي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ َّ‬ ‫متّفقو َن َعلى َّ‬
‫الس ُّ‬‫اإلمام ّ‬
‫قال ُ‬ ‫كما َ‬ ‫كفر َ‬‫وصف الله ولو بصفة واحدة من صفات البشر ف َقد َ‬ ‫أن َمن‬
‫وصف اللَّه مبعىن ِمن َمعاين البش ِر ف َقد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ومن‬ ‫حاوي يف عقيدته املشهورةِ باس ِم العقيدة الطّحاوية " َ‬ ‫الطّ ُّ‬
‫كفر"‪.‬‬
‫َ‬
‫حممد"‪:‬‬ ‫القائلني "يا ّ‬‫َ‬ ‫املسلمني‬
‫َ‬ ‫‪ ‬الوهابيّةُ يك ّفرو َن‬
‫التوحيد‬
‫َ‬ ‫فه ُم‬
‫كيف نَ َ‬
‫املسمى َ‬ ‫حمم ُد ما قالوهُ يف كتاهبِم َّ‬ ‫يقول يا ّ‬ ‫أن الوهابيةَ يك ّفرو َن َمن ُ‬ ‫يشه ُد على َّ‬ ‫ومما َ‬
‫الذين يقولو َن ال‬ ‫املسلمني‬ ‫من‬ ‫توحيدا هللِ وأخلص إَيانًا ِ‬
‫به‬ ‫ً‬ ‫أكثر‬ ‫ٍ‬
‫َلب‬ ‫أبو‬ ‫و‬ ‫ٍ‬
‫هل‬ ‫ج‬ ‫أبو‬ ‫"‬ ‫‪1‬‬
‫حملمد بامشيل‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫بذلك ما كا َن ِ‬ ‫ِ‬ ‫رسول اللَّه‬
‫عليه‬ ‫احلني" اه وقَد َخالفوا َ‬ ‫الص َ‬ ‫ويتوسلو َن باألولياء و ّ‬ ‫ّ‬ ‫حممد ُ‬ ‫إلهَ إال اللَّه ّ‬
‫حايب‬
‫الص َّ‬ ‫أن َّ‬ ‫األدب ِ‬
‫املفرد َّ‬ ‫كتاب ِ‬ ‫خاري يف ِ‬ ‫الصاحلُ وش ّذوا ع ِن األَمة‪ .‬ف َقد َروى البُ ُّ‬ ‫لف ّ‬ ‫الس ُ‬‫الصحابةُ و ّ‬
‫ّ‬
‫محمد"‪.‬‬ ‫قال "يا ّ‬ ‫اب ملا َخ ِد َرت رجلهُ َ‬ ‫عبد اللَّه بن عمر ب ِن اخلطّ ِ‬
‫َ ََ‬ ‫َ‬

‫حممد بامشيل‪ .‬الكتاب املسمى كيف نفهم التوحيد‪ .‬ص‪. 3‬‬


‫البخاري‪ .‬األدب املفرد‪ .‬باب ما يقول الرجل إذا خدرت رجله ج ص‪. 4‬‬
‫‪55‬‬
‫الوه ِ‬ ‫ِ‬
‫حق‪:‬‬ ‫القتل بغ ِري ّ‬ ‫اب يدعُو إىل ِ‬ ‫بن عبد ّ‬ ‫حمم ُد ُ‬ ‫‪ّ ‬‬
‫وضع َلم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الوه ِ‬ ‫ِ‬
‫الوهابية َ‬ ‫اجلديد وعلّمهُ ألتباعه ّ‬ ‫َ‬ ‫ين‬
‫النجدي هذا ال ّد َ‬ ‫ُّ‬ ‫اب‬ ‫بن عبد ّ‬ ‫حمم ُد ُ‬
‫ث ّ‬ ‫أحد َ‬ ‫وبعد أَن َ‬ ‫َ‬
‫فهو كافر‬ ‫ِ‬
‫دعوتنا َ‬ ‫دخل يف َ‬ ‫ومن مل يَ ُ‬ ‫عوتنا فلهُ ما لنا وعليه ما علينَا َ‬ ‫دخل يف د َ‬ ‫قال فيها " َمن َ‬ ‫قاعد ًة َ‬
‫فعمال هبذهِ القاعدةِ اليت وضعها حمم ُد بن ِ‬
‫عبد‬ ‫بهات ً‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫مباح ال ّدِم" اه ذكرها يف ِ‬
‫ّ ُ‬ ‫َ‬ ‫كشف ّ‬ ‫كتابه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫خيالفهم ويَستحلّو َن قتلهُ‪.‬‬ ‫ّ ِ‬
‫تكفري َمن ُ‬ ‫الوهاب َلم يَستحلّو َن َ‬
‫ائف قتلوا‬ ‫‪1‬‬ ‫شىء ِمن جر ِ‬ ‫وقَد وقف الشيخ أمحد بن زيين دحال َن على ٍ‬
‫فقال "وملا دخلُوا الطّ َ‬ ‫ائمهم َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ ُ َ َ‬ ‫َ‬
‫وصاروا يَذحبو َن على‬ ‫ضيع َ‬ ‫الو َ‬ ‫يف و َ‬ ‫الشر َ‬‫األمري و ّ‬
‫املأمور و َ‬ ‫غري و َ‬ ‫الص َ‬
‫الكبري و ّ‬
‫َ‬ ‫استوعبوا‬
‫عاما و َ‬ ‫قتال ًّ‬ ‫الناس ً‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫فيها فيَقتلوَنم‪َ ،‬فوجدوا‬ ‫وصاروا يَصعدو َن إىل البيوت خيرجو َن َمن تَوارى َ‬ ‫ضيع َ‬ ‫الر َ‬‫فل ّ‬ ‫األم الطّ َ‬ ‫صد ِر ّ‬ ‫َ‬
‫املساجد وقتلوا َمن فيها‪،‬‬‫ِ‬ ‫انيت و‬‫ءاخرهم وخرجوا إىل احلو ِ‬ ‫مجاعةً يتدارسو َن القرءا َن ف َقتلوهم عن ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫املخلوقات‪ ،‬فويل َلم ِمن جبّا ِر‬‫ِ‬ ‫املسجد وهو راكع أو ساجد‪ ،‬حىت أفنوا ِ‬
‫هؤالء‬ ‫ِ‬ ‫الرجل يف‬ ‫ويقتلو َن‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ات‪.‬‬ ‫السماو ِ‬
‫ّ‬
‫للمسلمني‪:‬‬
‫َ‬ ‫تشهد على تكف ِري الوهابيّ ِة‬ ‫بعض األموِر اليت ُ‬ ‫ذكر ِ‬ ‫‪ُ ‬‬
‫األردن وما يفعلونهُ اآل َن يف‬ ‫احلبشة و ِ‬ ‫ِ‬ ‫للمسلمني ما فعلوهُ ساب ًقا يف‬ ‫ِ‬
‫الوهابية‬ ‫اهد تكف ِري‬ ‫ومن شو ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫الوسائل ويستحلّو َن نساءَ ُهم وأمواَلم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫املسلمني بأبش ِع‬ ‫البالد فإَنم يقتلو َن‬ ‫ومال وغ ِريها من ِ‬ ‫الص َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫الض ِ‬ ‫أكثر فرِق ّ‬
‫ليس‬
‫اليوم املشبّهةُ الوهابيّةُ وها ُهم يصرحو َن بتشبيه الله خبلقه واملشبّهُ َ‬ ‫وجودا َ‬ ‫الل ً‬ ‫‪ُ ‬‬
‫الناس أَنم َعلى‬ ‫بني ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فيتوه َم ُ‬ ‫عنهم ّ‬ ‫كوت ُ‬ ‫الس ُ‬ ‫َيوز ّ‬‫الناس فال ُ‬ ‫مسلما ويَنشرو َن هذه العقيدة الفاسدة َ‬ ‫ً‬
‫اجلاهل أَنم ِمن‬ ‫ظن‬ ‫ِ‬ ‫قبل ولتهون ُمالفتهم ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫احلق يف العقيدة فيَ ّ‬ ‫ألهل ّ‬ ‫تبع ُهم ُ‬ ‫أكثر ممن َ‬ ‫فيتبع ُهم ُ‬ ‫اإلسالم َ‬
‫أن تشبيه اللَّه هو ما جاء ِبه النيب الكري‪ِ َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫داهن يف الدي ِن لَـبَّس َ‬
‫ذلك‬ ‫فإن العامل إذا َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫املسلمني و َّ‬
‫َ‬ ‫مجلة‬
‫ذلك‪.‬‬
‫األمر َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وبئس ُ‬ ‫أمر دينهم َ‬ ‫على العامة َ‬
‫ِ‬
‫تطرفني‪:‬‬
‫من امل َ‬ ‫الصف ال يكو ُن برتك التحذي ِر َ‬ ‫ّ‬ ‫توحيد‬
‫ُ‬ ‫‪‬‬
‫اإلسالمي‬ ‫الصف‬ ‫ِ‬
‫توحيد‬ ‫عوى‬ ‫بد‬ ‫ضالل ِ‬
‫هؤالء‬ ‫عرف‬
‫سكت كما س َكت غريُنا ممن يَ ُ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َيوز أن نَ َ‬ ‫وال ُ‬
‫ِ‬
‫املسلمني؟‬
‫َ‬ ‫إنكار املن َك ِر تفريق ّ‬
‫لصف‬ ‫وهل ُ‬ ‫ك؟ َ‬ ‫دمك ومالَ َ‬ ‫ستبيح َ‬ ‫الصف َمع َمن يَ ُ‬ ‫ّ‬ ‫وهل يـُ َو َّح ُد‬ ‫بزعمه َ‬
‫الصف يكو ُن َمع َمن‬ ‫توحيد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حاشا وَكال‪َّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫للحق‪ُ ،‬‬ ‫للصف بل بيان ّ‬ ‫ّ‬ ‫ليس تفري ًقا‬
‫فإن بيا َن فساد الفاسد َ‬ ‫َ‬
‫ملنهج ِ‬
‫رسول اللَّه صلّى‬ ‫أهل ِ‬
‫بع ِ‬ ‫وحدهُ املتّ َ‬
‫هو َ‬ ‫حيرفها وي ّدعي أنهُ َ‬ ‫السنة ال َمع َمن ّ‬ ‫عشَر ِ ّ‬ ‫عقيدتنا َم َ‬ ‫يعتقد َ‬ ‫ُ‬

‫أمحد بن زيين دحالن‪ .‬أمراء البلد احلرام‪ .‬ص‪. 79‬‬


‫‪56‬‬
‫ألهل ِ‬ ‫َّ ِ َّ‬
‫هو اجتهاد مقبول بل هذا خيانة‬ ‫السنة َ‬ ‫أن خالفَهُ ِ ّ‬ ‫احلق و َّ‬
‫الناس أنهُ َعلى ّ‬ ‫ليوهم َ‬ ‫الله عليه وسلم َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كفارا‬
‫دمنا‪ ،‬فالوهابيّةُ يَـَروننا ً‬ ‫ستحل َ‬
‫ف َمع َمن يُك ّفرنا ويَ ُّ‬ ‫الص َ‬
‫نوح ُد ّ‬ ‫كيف ّ‬ ‫ُمالفة لسنّة خ ِري األنبياء‪ ،‬و َ‬
‫كافرا‪.‬‬
‫ليس وهابيًّا ً‬ ‫كل َمن َ‬ ‫بل يَرو َن َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫سلمني‪:‬‬
‫للم َ‬ ‫ذكر أمثلة أخرى لتكفري الوهابيّة ُ‬ ‫‪ُ ‬‬
‫اجلامعة اإلسالمي ِة يف ِ‬ ‫ِ‬ ‫اجلامعة املسماةِ‬
‫ِ‬ ‫الوهايب علي بن ِ‬
‫كتابه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حممد ب ِن سنان ّ‬
‫املدرس يف‬ ‫ُّ ُّ ُ ّ‬ ‫قال‬
‫‪َ -‬‬
‫عباد اللَّه‬
‫الصوفيّةُ ُهم ُ‬‫اجملوس"‪ .‬و ّ‬ ‫اليهود و َ‬ ‫َ‬ ‫قبل أن تُقاتِلوا‬‫َ‬ ‫ة‬ ‫وفي‬
‫ّ‬ ‫الص‬
‫ّ‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ل‬‫املسمى "اجملموع املفيد‪" "1‬قاتِ‬ ‫َّ‬
‫التابعني‪.‬‬
‫َ‬ ‫التابعني وكثري ِمن ِ‬
‫أتباع‬ ‫َ‬ ‫من‬
‫منهم اخللفاءُ األربعةُ وكثري َ‬ ‫الصاحلو َن ُ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫الوهابية‬ ‫كبريا فتعلَّ َم ابنهُ عقيدةَ‬ ‫يهتم باملو ِ‬ ‫ِ‬
‫احلبشة َّ‬ ‫أيضا يف ِمجَّة يف‬
‫اهتماما ً‬ ‫ً‬ ‫لد‬ ‫رجال كا َن ُّ‬ ‫أن ً‬ ‫وحصل ً‬‫َ‬
‫لد‬ ‫الناس يف املو ِ‬
‫إلطعام ِ‬‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وصار ُ ِ‬
‫لد فجاءَ الو ُ‬ ‫عام‬
‫الد يُهيّ ُئ الطّ َ‬
‫أنت كافر مث يف يوم كا َن الو ُ‬ ‫يقول ألبيه َ‬ ‫َ‬
‫بزعمه وكا َن األب خارج ِ‬ ‫ِ‬ ‫عام َّ‬ ‫الكاز على الطّ ِ‬
‫قال لهُ‬ ‫رجع َ‬‫فلما َ‬ ‫البيت َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ألن هذا ُمنكر‬ ‫فسكب َ‬ ‫َ‬
‫ابنك فعل َكذا وَكذا فغَضب األب ف َقتله مث سلّم نفسه للح ِ‬
‫كومة‪.‬‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫احلاضرو َن َ َ‬

‫واللَّهُ َ‬
‫تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم‬

‫علي بن حممد بن سنان‪ .‬اجملموع املفيد من عقيدة التوحيد‪ .‬ص ‪. 2‬‬


‫‪57‬‬
‫احملاضرة السابعة عشر‬
‫ناقض لإلسالم معنًى‬ ‫حكم من ي ّدعي اإلسالم لفظًا وهو م ٌ‬
‫الرحي ِم‬
‫الرمح ِن ّ‬
‫ِ‬
‫بسم اللَّه ّ‬
‫ءاله وص ِ‬
‫حابته الطّاهرين ‪.‬‬ ‫احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ َ ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫ذلك على‬ ‫معتقدا َمعىن َ‬
‫ً‬ ‫رسول اللَّه‬
‫حممد ُ‬ ‫يقول ال إلهَ إال اللَّه ّ‬ ‫هو الذي ُ‬ ‫املؤمن َ‬
‫املسلم َ‬‫َ‬ ‫‪ ‬اعلَم َّ‬
‫أن‬
‫الشهادت ِ‬
‫ني‪.‬‬ ‫ناقض َمعىن ّ‬ ‫ٍ‬
‫اعتقاد أ ِو ٍ‬ ‫اب ومل يبطُل إسالمه ٍ‬
‫بقول أ ِو‬ ‫الصو ِ‬
‫فعل يُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫الشهادت ِ‬ ‫ِ‬ ‫هناك فِرق عديدة ك ّذ ِ‬
‫أشهد أن ال إلهَ إال‬
‫ني ُ‬ ‫لإلسالم بقوَلم ّ‬ ‫اإلسالم َمعىن ول ِو َ‬
‫انتموا‬ ‫َ‬ ‫بت‬ ‫‪َ ‬‬
‫ِ‬ ‫الشهادت ِ‬
‫باعتقاد ما‬ ‫ني‬ ‫أصل َمعىن ّ‬ ‫ناقضوا َ‬ ‫وصاموا ألَنم ُ‬ ‫رسول اللَّه وصلّوا َ‬ ‫حمم ًدا ُ‬ ‫أن ّ‬ ‫أشهد َّ‬‫اللَّه و ُ‬
‫ِ‬
‫مسلمني‪.‬‬
‫َ‬ ‫فهم ك ّفار ليسوا‬ ‫بعبادِتم لغ ِري اللَّه ُ‬
‫من التوحيد َ‬ ‫يُنافي ِهما فإَنم َخ ُ‬
‫رجوا َ‬
‫الشهادت ِ‬
‫ني‬ ‫ِ‬
‫اإلسالم بقوَلم ّ‬ ‫‪ -‬كاخلوارِج فإَنم أو ُل فر ٍقة ش ّذت عن معت َق ِد الص ِ‬
‫حابة كانوا يَنتمو َن إىل‬ ‫ّ‬ ‫َ ُ‬ ‫ّ‬
‫ذلك‬
‫مع َ‬ ‫رسول اللَّه ويُصلّو َن ويَصومو َن ويَقرؤ َن القرءا َن َ‬ ‫حمم ًدا ُ‬ ‫أن ّ‬ ‫أشهد أن ال إلهَ إال اللَّه و ُ‬
‫أشهد َّ‬ ‫ُ‬
‫رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ‬
‫عليه‬ ‫قال ُ‬ ‫ني‪َ ،‬‬ ‫الشهادت ِ‬‫أصل َمعىن ّ‬ ‫ح َكم الر ُ ِ‬
‫سول عليهم بأَنم ك ّفار ألَنم ناقَضوا َ‬ ‫َ ّ‬
‫وسلّ َم في ِهم "يحقر أحدكم صالته إلى صالتهم وصيامه إلى صيامهم يقرؤون القرءان ال يجاوز‬
‫البخاري‪ 1‬ومسلم‬
‫ُّ‬ ‫الرمية ثم ال يعودون إليه" رواهُ‬ ‫السهم من ّ‬ ‫حناجرهم يمرقون من ال ّدين مروُ ّ‬
‫ِ‬
‫أيضا "لئن أدركت هم ألقتلنّ هم قتل عاد" رواهُ‬ ‫رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّ َم في ِهم ً‬ ‫وقال ُ‬ ‫وغريّها ‪َ ،‬‬
‫شر الخلق والخليقة" رواهُ مسلم ‪،‬‬ ‫أيضا "هم ُّ‬ ‫البخاري ومسلم ‪ِ َ ،‬‬
‫الم ً‬ ‫الس ُ‬ ‫الصالةُ و ّ‬ ‫وقال عليه ّ‬ ‫ُّ‬
‫اب ِعْن َد اهللِ الَّ ِذيْ َن َك َف ُروا فَـ ُهم َال يـُ ْؤِمنُـ ْو َن(‪﴾ )44‬‬ ‫ِ‬ ‫صف الك ّفا ِر َ‬
‫قال اللَّه تَعاىل ﴿ إ َّن َشَّر الد َ‬
‫َّو ِّ‬ ‫وهذا َو ُ‬
‫املسلمني وأمواَلم إال ألَنم أخطَأوا خبَطإٍ‬ ‫استحالل ِ‬
‫دماء‬ ‫َ‬ ‫تكبوا‬ ‫(سورةُ األَنْـ َفال)‪ ،‬ومن ِ‬
‫املعلوم أَنم مل ير ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َْ‬
‫رءان َعلى غ ِري املر ِاد منهُ‪.‬‬
‫منهم يف ما تأولوه ِمن ءا ِي ال ُق ِ‬
‫َ ّ ُ‬ ‫ُ‬

‫البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪.‬‬


‫مسلم‪ .‬صحيح مسلم‪ .‬كتاب الزكاة‪ :‬باب التّحريض على قتل اخلوارج‪ .‬ج ص‪. 4‬‬
‫مالك‪ .‬املوطأ‪ .‬باب ما جاء يف القرءان‪ .‬ج ص ‪. 2‬‬
‫البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ .‬كتاب أحاديث األنبياء‪.‬‬
‫‪ 4‬مسلم‪ .‬صحيح مسلم‪ .‬كتاب الزكاة‪ :‬باب ذكر اخلوارِِج وصفاِتم‪ .‬ج ص‪. 2‬‬
‫‪3‬‬
‫شر اخللق واخلليقة‪ .‬ج ص‪. 3‬‬
‫مسلم‪ .‬صحيح مسلم‪ .‬كتاب الزكاة‪ :‬باب اخلوارج ّ‬
‫‪58‬‬
‫حمم ًدا‬ ‫أشهد أَن ال إلهَ إال اللَّه و ُ‬
‫أشهد َّ‬ ‫الشهادت ِ‬ ‫ِ‬
‫أن ّ‬ ‫ني ُ‬ ‫اإلسالم بقوَلم ّ‬ ‫كذلك الوهابيّةُ يَنتمو َن إىل‬
‫َ‬ ‫‪-‬‬
‫ِ‬
‫احلقيقة يُناقضو َن َمعىن ال إلهَ إال‬ ‫لكن يف‬‫رسول اللَّه ويأتون بصورة الصالة والصيام ويقرؤ َن ال ُقرءا َن و ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫حبق إال اللَّه والوهابيّةُ ال يَعبدو َن اللَّه بل يَعبدو َن ً‬
‫جسما ُم َّ‬
‫توّهًا‬ ‫عبود ّ‬‫ألن ال إلهَ إال اللَّه َمعناها ال َم َ‬ ‫اللَّه َّ‬
‫العرش‪ ،‬فالوهابيّةُ َعبدوا صورةً‬ ‫توّهوهُ وختيّلوهُ يف ُميّلت ِهم وأوهام ِهم ويزعمو َن أنهُ جالس على ِ‬ ‫ُمتخيَّ ًال ّ‬
‫عبد صورةً‬ ‫األصنام عبَدوا صورًة حنتُوها بأيدي ِهم كِالّها َ‬ ‫َ‬ ‫الذين يَعبدو َن‬ ‫ِ‬
‫صوُروها يف ُميّلتهم و َ‬ ‫توّهوها وتَ َّ‬‫ّ‬
‫غري اللَّه كِالّها َ‬
‫أشرك باللَّه‪.‬‬ ‫عبد َ‬ ‫كِالّها َ‬
‫ألصل َمعىن ال إلهَ إال‬‫هو مناقض ِ‬ ‫أن اللَّه جسم جالس على ِ‬
‫العرش َ‬ ‫أن ما تعتقدهُ الوهابيّةُ ِمن َّ‬ ‫فتبني َّ‬
‫َّ‬
‫الشافعي‬ ‫بني ِ‬
‫اإلمام‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫خالف يف فرٍع ِمن ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬
‫ّ‬ ‫صل َ‬ ‫ليس كاخلالف الذي ح َ‬ ‫فروع األحكام َ‬ ‫َمرَد‬
‫ليس ّ‬ ‫الله َ‬
‫ِ‬ ‫مالك و ِ‬ ‫اإلمام ٍ‬ ‫و ِ‬
‫رضي اللَّه ُ‬
‫عنهم‪.‬‬ ‫أمحد واإلمام أيب حنيفةَ َ‬ ‫اإلمام َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أصول العقيدةِ وأنهُ ال يُع َذ ُر‬ ‫ِ‬
‫خبالف‬ ‫االعتقاد‬ ‫املخطئ يف‬
‫ُ‬
‫لالجتهاد يف ِ‬ ‫َمال‬
‫ذلك أ ْن ال َ‬ ‫لم ِمن َ‬ ‫‪ ‬وعُ َ‬
‫أن اجملتهدين يف ِ‬
‫أصول‬ ‫زعم َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫فمن َ‬ ‫أهال لالجتهاد‪َ .‬‬ ‫األحكام إذا كا َن ً‬ ‫فروع‬
‫االجتهاد يف ِ‬ ‫املخطئ يف‬
‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ألهل ِ‬ ‫العقيدةِ‬
‫زعمهُ‪.‬‬
‫فمردود عليه ُ‬ ‫السنة كالوهابيّة وغريهم يُعذرو َن َ‬ ‫املخالفني ِ ّ‬ ‫َ‬
‫سلمني ملناقضت ِهم ال إلهَ إال اللَّه وإن تل ّفظوا هبا وقالوا إَنم ُمسلمو َن‪.‬‬ ‫ليسوا ُم َ‬ ‫‪ ‬فالوهابيّةُ ُ‬
‫رسول اللَّه‪.‬‬
‫حممد ُ‬ ‫نسأل اللَّه تَعاىل أن يُثبّتنا على ال إلهَ إال اللَّه ّ‬ ‫ُ‬

‫واللَّهُ َ‬
‫تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم‬

‫‪59‬‬
‫احملاضرة الثامنة عشر‬
‫البدعة‬
‫الرحي ِم‬ ‫ِ‬
‫بسم اللَّه ّ‬
‫الرمح ِن ّ‬
‫حابته الطّاهرين‪.‬‬ ‫احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ‬
‫ءاله وص ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ َ ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫بيان أن البدعة بدعتان عند أهل السنة والجماعة وحديث‪ :‬وكل بدعة ضاللة‪ ،‬عام مخصوص‬
‫تعريف البدعة‪:‬‬
‫ينص عليه القرءا ُن وال جاءَ يف‬
‫ث الذي مل َّ‬
‫احملد ُ‬
‫مثال سابق‪ ،‬ويف الشرِع‪َ :‬‬ ‫ُحدث على غ ِري ٍ‬
‫لغةً ما أ َ‬
‫الفيومي يف كتابه "املصباح املنري" مادة " "ب د ع"‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫املشهور‬
‫ُ‬ ‫اللغوي‬
‫ُّ‬ ‫ذكر ذلك‬
‫السنة‪ ،‬كما َ‬
‫أقسام البدعة‪:‬‬
‫‪ -‬فالبدعة تنقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫السنةَ‪.‬‬
‫افق القرءا َن و ّ‬
‫ث الذي يُو ُ‬ ‫احملد ُ‬
‫وهي َ‬‫السنةَ احلسنةَ‪َ ،‬‬ ‫األول‪ :‬البدعةُ احلسنةُ ّ‬
‫وتسمى ّ‬ ‫القسم ّ‬
‫السنةَ‪.‬‬
‫خيالف القرءا َن و ّ‬
‫ث الذي ُ‬ ‫احملد ُ‬
‫وهي َ‬‫السيئةَ‪َ ،‬‬ ‫السنةَ ّ‬ ‫والقسم الثاني‪ :‬البدعةُ السيئةُ ّ‬
‫وتسمى ّ‬
‫رسول اللَّه‬
‫قال ُ‬ ‫قال َ‬ ‫رضي اللَّه عنهُ‪َ ،‬‬ ‫ث جري ِر ب ِن ِ‬
‫عبد اللَّه‬ ‫وهذا التقسيم مفهوم ِمن حدي ِ‬
‫البجلي َ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫عليه وسلَّ َم "من س َّن في اإلسالم سنّةً حسنةً فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من‬ ‫صلَّى اللَّه ِ‬
‫سن في اإلسالم سنةً سيّئةً كان عليه وزرها ووزر من‬ ‫غير أن ينقص من أجورهم شىءٌ‪ ،‬ومن َّ‬
‫عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شىءٌ" رواهُ مسلم ‪.‬‬
‫بعد ِ‬ ‫سن يف حياةِ الر ِ‬
‫تثبت‬
‫يقال لهُ "ال ُ‬ ‫وفاته فال‪ُ ،‬‬ ‫سول أما َ‬ ‫ّ‬ ‫احلديث معناهُ َمن َّ‬
‫ُ‬ ‫تنبيهٌ‪ :‬إ ْن َ‬
‫قيل هذا‬
‫سن في اإلسالم"‪،‬‬ ‫قال "من َّ‬‫سول َ‬ ‫الر َ‬
‫ألن ّ‬‫خالف ما ت ّدعي َّ‬ ‫َ‬ ‫ليل يُعطي‬ ‫اخلصوصيّةُ إال ٍ‬
‫بدليل" وهنا ال ّد ُ‬
‫سن يف َحيات‪.‬‬
‫ومل ي ُقل َمن َّ‬
‫رسول صلى اللَّه عليه وسلم فيما رواه أبو داود عن العرباض بن سارية‪":‬‬ ‫قال ُ‬ ‫أليس َ‬
‫وإن قيل‪َ :‬‬
‫وإيّاكم ومحدثات األمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضاللة"‪.‬‬

‫مسلم‪ .‬صحيح مسلم‪ .‬كتاب الزكاة‪ :‬باب احلث على الصدقة ولو بشق مترة أو كلمة طيبة وأَنا حجاب من النار‪ .‬ج‬
‫ص‪.49‬‬
‫أبو داود‪ .‬سنن أيب داود‪ .‬كتاب السنة‪ :‬باب يف لزوم اجلماعة‪ .‬ج ص‪. 22‬‬
‫‪61‬‬
‫ِ‬
‫السابق ذكرها فيقال‪ :‬إن مراد النيب‬ ‫ِ‬
‫األحاديث‬ ‫احلديث لفظُه عام وُمصوص بدليل‬ ‫ب‪ :‬أن هذا‬
‫َ‬ ‫فاجلوا ُ‬
‫صلى اللَّه عليه وسلم ما أحدث على خالف الكتاب أو السنة أو اإلمجاع أو األثر‪.‬‬
‫يف شرح النووي لصحيح مسلم ما نصه قوله صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬وكل بدعة ضاللة" هذا عام‬
‫ُمصوص واملراد به غالب البدع‪.‬اهـ‪ .‬نظري ذلك حديث‪" :‬كل عين زانية" والعني الزانية هي اليت‬
‫حيصل منها النظرة احملرمة فهذا احلديث ليس معناه حىت عيون األنبياء حتصل منهم النظرة احملرمة إمنا‬
‫معناه أغلب العيون حيصل منها النظرة احملرمة‪.‬‬
‫كدا بكل بل يدخله‬ ‫عاما ُمصوصا قوله‪" :‬كل بدعة ضاللة" مؤ ً‬ ‫كذلك ال َينع من كون احلديث ًّ‬
‫تدمر الريح‬ ‫ٍ‬
‫َح َقاف) ومعناه ّ‬ ‫التخصيص مع ذلك كقوله تعاىل‪﴿ :‬تُ َد ِّم ُر ُك َّل َشىء(‪ُ ( ﴾ ) 4‬س ْوَرةُ األ ْ‬
‫مرت عليه من رجال عاد وأمواَلا‪.‬‬ ‫كل شيء ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بعض هؤالء حبديث "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ" رواهُ‬
‫‪1‬‬
‫البخاري‬
‫ُّ‬ ‫حيتج ُ‬ ‫‪ ‬قَد ُّ‬
‫عمال ليس عليه أمرنا فهو رد"‪ .‬فأفهم رسول اللَّه صلى اللَّه‬ ‫ومسلم ‪ ،‬لفظ مسلم هو‪":‬من عمل ً‬
‫مردودا إذا كان على خالف الشريعة‪،‬‬ ‫احملدث إمنا يكون ًردا أي ً‬ ‫عليه وسلم بقوله‪":‬ما ليس منه"‪ .‬أن َ‬
‫ِ‬
‫القرءان‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫مردودا‪ .‬ومل يَعلَم َّ‬
‫ليس َ‬ ‫أحدث ما َ‬ ‫َ‬ ‫احلديث َمن‬ ‫أن َمعىن‬ ‫احملدث املوافق للشريعة ليس ً‬ ‫وأن َ‬
‫ِ‬
‫القرءان‬ ‫من‬ ‫احلديث إشعار َّ‬ ‫ِ‬ ‫و ِ‬
‫هو َ‬ ‫أحدث ما َ‬ ‫َ‬ ‫بأن َمن‬ ‫فهو مردود بَل يف هذا‬ ‫السنة أي ما ال يُوافقهُ َ‬ ‫ّ‬
‫والس ِنة أي ما يوافقه فهو غري ٍ‬
‫مردود‪.‬‬ ‫ُ ُ َ ُ‬ ‫ّ‬
‫ِ ِ‬ ‫‪ ‬والدليل من ال ُق ِ‬
‫هو حسن قولُه تَعاىل‪َ ﴿ :‬و َج َع ْلنَا ِيف قُـلُ ْوب الَّذيْ َن اتَّـبَـعُ ْوهُ‬ ‫أن البدعةَ منها ما َ‬ ‫رءان على َّ‬ ‫ُ َ‬
‫ِ‬
‫ض َو ِان اهللِ (‪ُ ( ﴾ ) 9‬س ْوَرةُ احلَديْد)‪ .‬ففي‬ ‫اها َعلَْي ِه ْم إَِّال ابْتِغَاءَ ِر ْ‬ ‫ِ‬
‫َرأفَةً َوَر ْمحَةً َوَرْهبَانيَّةً ابْـتَ َدعُ ْوَها َما َكتَْبـنَ َ‬
‫وهي‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫الرهباني‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ع‬ ‫ابتد‬
‫َ‬ ‫وألَنم‬ ‫أفة ٍ‬
‫ورمحة‬ ‫أمة عيسى ألَنم كانوا أهل ر ٍ‬ ‫اآلية مدح املؤمنني ِمن ِ‬ ‫هذهِ ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫االنقطاع ع ِن ّ ِ‬
‫الزو ِاج وتركوا اللذائ َذ‬ ‫احملرمات حىت إَنم انقطَعوا ع ِن ّ‬ ‫الشهوات املباحة زيادة َعلى َتنّب ّ‬ ‫ُ‬
‫تاما‪ ،‬فقولُه تَعاىل َوَرْهبَانِيَّةً ابْـتَ َدعُ ْوَها َما‬ ‫الثياب الفاخرَة وأقبلُوا على اآلخرةِ ً‬
‫إقباال ًّ‬ ‫ِ‬
‫من املطعومات و َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ابتدعوا أي مما‬ ‫ض َوان اهلل (‪ُ ( ﴾ ) 9‬س ْوَرةُ احلَديْد)‪ .‬فيه مدح َلم َعلى ما َ‬ ‫اها َعلَْي ِه ْم إَِّال ابْتغَاءَ ِر ْ‬ ‫َكتَْبـنَ َ‬
‫قال َلم املسيح بنص منه افعلوا كذا‪ ،‬إمنا هم أرادوا املبالغةَ يف ِ‬
‫طاعة‬ ‫اإلَنيل وال َ‬ ‫ِ‬ ‫عليه يف‬‫ينص َلم ِ‬ ‫مل َّ‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ ّ ُ َ‬
‫عم َل شيئًا حسنًا‪.‬‬ ‫للقرءان والس ِنة ف َقد ِ‬ ‫ِ‬ ‫هو موافق‬ ‫اللَّه‪ ِ.‬فيؤخ ُذ ِمن هذهِ ِ‬
‫اآلية َّ‬
‫ّ‬ ‫أحدث ما َ‬ ‫َ‬ ‫أن َمن‬ ‫ُ‬

‫البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ .‬كتاب الصلح‪ :‬باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود‪ .‬ج ص ‪.‬‬
‫مسلم‪ .‬صحيح مسلم‪ .‬كتاب األقضية‪ :‬باب نقض األحكام الباطلة ورد حمدثات األمور‪ .‬ج‪ 4‬ص ‪.‬‬
‫‪61‬‬
‫ذكر بعض األمثلة عن البدعة الحسنة‬
‫اويح يف رمضا َن‬ ‫الناس على صالةِ الرت ِ‬ ‫مجع َ‬ ‫رضي اللَّه عنهُ َ‬ ‫َ‬
‫أن عمر بن اخلطّ ِ‬
‫اب‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫احلسنة َّ‬ ‫البدع‬
‫ومن ِ‬ ‫َ‬ ‫‪‬‬
‫ذلك "نعم البدعة‬ ‫عمر َعن َ‬ ‫رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ‬ ‫أيام ِ‬ ‫وكانوا يف ِ‬
‫وقال ُ‬ ‫عليه وسلّ َم يُصلّوَنا فر َادى َ‬
‫هذه"‪.‬‬
‫ِ‬
‫اجلمعة ومل ي ُكن هذا‬ ‫يوم‬ ‫ا‬‫ثاني‬ ‫ا‬‫ن‬ ‫أذا‬ ‫َحدث‬ ‫أ‬ ‫ان‬ ‫ف‬ ‫ع‬ ‫بن‬ ‫ن‬ ‫عثما‬ ‫َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‪1‬‬
‫أيضا يف صحيحه‬ ‫‪‬‬
‫ً َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫البخاري ً‬
‫ُّ‬ ‫وروى‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫األرض‬ ‫اجلمعة يف م ِ‬
‫شارق‬ ‫ِ‬ ‫يوم‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ َّ‬
‫َ‬ ‫اس على هذا األذان الثاين َ‬ ‫األذا ُن يف أيام رسول الله‪ ،‬وما ز َال الن ُ‬
‫ومغارهبا‪.‬‬ ‫َ‬
‫أحدث صال َة‬ ‫حايب اجلليل ُخبيب بن َعدي ُّ‬
‫أول َمن‬ ‫الص َّ‬ ‫صحيحه َّ‬ ‫ِ‬ ‫‪‬‬
‫َ‬ ‫ُ ُ ّ‬ ‫َ‬ ‫أن ّ‬ ‫أيضا يف‬
‫البخاري ً‬
‫ُّ‬ ‫وروى‬
‫عند ِ‬
‫القتل‪.‬‬ ‫ني َ‬ ‫ركعت ِ‬
‫النيب صلّى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪‬‬
‫يوما نصلّي وراءَ ّ‬ ‫قال كنا ً‬ ‫قي َ‬ ‫أيضا يف صحيحه َعن رفاعة بن راف ٍع األزر ّ‬ ‫البخاري ً‬
‫ُّ‬ ‫وروى‬ ‫َ‬
‫لك‬‫قال رجل وراءهُ ربّنا و َ‬ ‫قال "سمع اللَّه لمن حمده" َ‬ ‫كعة َ‬ ‫عليه وسلّم فلما رفع رأسه من الر ِ‬ ‫اللَّه ِ‬
‫ّ َ ُ َ ّ‬
‫قال "رأيت بضعةً‬ ‫قال أنا‪َ ،‬‬ ‫قال "من المتكلّم" َ‬ ‫ف َ‬ ‫انصر َ‬ ‫ِ‬
‫فلما َ‬ ‫كثريا طيّبًا مبارًكا فيه‪ّ ،‬‬ ‫محدا ً‬ ‫احلمد ً‬‫ُ‬
‫ِ‬
‫احلديث على‬ ‫الفتح "واستُ َّ‬
‫دل هبذا‬ ‫ابن حج ٍر يف ِ‬ ‫وثالثين مل ًكا يبتدرونها أيّهم يكتبها ّأول"‪َ .‬‬
‫قال ُ‬
‫الصالةِ غ ِري املأثوِر إذا كا َن غري ٍ‬
‫ُمالف للمأثوِر"‪.‬‬ ‫ِ‬
‫جوا ِز إحداث ذك ٍر يف ّ‬
‫التشه ِد " َ‬
‫وحده ال‬ ‫يد يف ّ‬ ‫عمر رضي اهلل عنهما أنهُ كا َن يز ُ‬ ‫ِ َّ‬
‫داود يف سننه َعن عبد الله ب ِن َ‬
‫ِ‬
‫وروى أبو َ‬ ‫َ‬ ‫‪‬‬
‫ويقول أنا زدِتا‪.‬‬ ‫يك لهُ"‪ُ ،‬‬ ‫شر َ‬
‫شكرا هللِ على‬ ‫ِ‬ ‫االحتفال مبو ِ‬ ‫ِ‬
‫األول ً‬ ‫النيب صلّى اللَّه عليه وسلّم يف شه ِر ربيع َ‬ ‫ّ‬ ‫لد‬ ‫ُ‬ ‫احلسنة‬ ‫البدع‬
‫ومن ِ‬ ‫َ‬ ‫‪‬‬
‫اَلجري‪،‬‬ ‫الساب ِع‬ ‫ِ‬ ‫اليوم‪ ،‬و ّأو ُل َمن أحدثهُ َم ُ ِ‬ ‫مثل هذا ِ‬ ‫ظيمة يف ِ‬ ‫النعمة الع ِ‬ ‫ِ‬ ‫إظها ِر هذهِ‬
‫ّ‬ ‫لك إربل يف القرن ّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫احلديث‬ ‫العلماء في ِهم ِمن ِ‬
‫أهل‬ ‫ِ‬ ‫من‬
‫كثريا َ‬
‫مجع َلذا ً‬ ‫يقال لهُ املظ ّف ُر َ‬ ‫شجاعا سنيًّا ُ‬ ‫ً‬ ‫وكا َن عاملا تقيًّا‬
‫ابن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ظ ُ‬ ‫منهم احلاف ُ‬ ‫ومغارهبا ُ‬ ‫األرض َ‬ ‫مشارق‬ ‫العمل العلماءُ يف‬ ‫َ‬ ‫ذلك‬
‫فاستحس َن َ‬
‫َ‬ ‫ادقني‬
‫الص َ‬ ‫الصوفيّة ّ‬ ‫و ّ‬

‫البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ .‬كتاب اجلمعة‪ :‬باب األذان يوم اجلمعة‪ .‬ج ص‪. 7‬‬
‫املصدر السابق كتاب املغازي‪ :‬باب غزوة الرجيع‪ .‬ج‪ 4‬ص ‪.‬‬
‫البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ .‬كتاب األذان‪ :‬باب فضل اللهم ربنا ولك احلمد‪ .‬ج ص‪. 3‬‬
‫ابن حجر العسقالين‪ .‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ .‬ج ص‪. 49‬‬
‫‪ 4‬أبو داود‪ .‬سنن أيب داود‪ .‬باب التشهد‪ .‬ج ص‪. 39‬‬
‫‪62‬‬
‫ِ‬
‫يوطي رسالةً‬ ‫الس ّ‬ ‫يوطي‪ .‬وللحافظ ّ‬ ‫الس ُّ‬ ‫ظ ّ‬ ‫كذلك احلاف ُ‬ ‫خاوي و َ‬ ‫الس ُّ‬ ‫ظ ّ‬ ‫العسقالينُّ وتلمي ُذهُ احلاف ُ‬ ‫حج ٍر َ‬
‫هو‬ ‫إن أصل ِ ِ‬ ‫َّ‬ ‫‪1‬‬ ‫عمل املو ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عمل املولد الذي َ‬ ‫َ‬ ‫"‬ ‫للفتاوى‬ ‫احلاوي‬ ‫يف‬ ‫وقال‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫"‬ ‫لد‬ ‫يف‬ ‫املقصد‬ ‫حسن‬
‫ُساها " َ‬
‫رءان‪ ،‬وروايةُ األخبا ِر الواردةِ يف مبدإ أم ِر النيب صلّى اللَّه ِ‬
‫عليه‬ ‫الناس‪ ،‬وقراءةُ ما تيسر من ال ُق ِ‬ ‫اجتماعُ ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اآليات‪ ،‬مث َي ّد َلم ُساط يأكلونهُ وينصرفو َن ِمن غ ِري زيادة على َ‬
‫ذلك‬ ‫من‬
‫وقع يف مولده َ‬ ‫وسلّ َم وما َ‬
‫فيه ِمن تَعظي ِم قد ِر النيب صلّى اللَّه ِ‬
‫عليه وسلّ َم‬ ‫احلسنة اليت يثاب عليها صاحبها ملا ِ‬ ‫ِ‬ ‫البدع‬
‫من ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫هو َ‬ ‫َ‬
‫امللك املظ ّف ُر أبو‬ ‫الشر ِ‬ ‫ِ‬
‫وإظها ِر الفرِح واالستبشا ِر مبولده ّ‬
‫صاحب إربل ُ‬ ‫ُ‬ ‫ذلك‬
‫أحدث َ‬ ‫َ‬ ‫يف‪ ،‬و ّأو ُل َمن‬
‫وهو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سعيد بن زي ِن ال ّدي ِن ب ِن بكْتَ ِكني ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫أحد امللوك األَماد وال ُكرباء األجواد‪ ،‬وكا َن لهُ آثار حسنة َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ري يف سفح قاسيُون‪.‬‬ ‫اجلامع املظ ّف َّ‬
‫َ‬ ‫عمَر‬‫الذي ّ‬
‫قال اللَّه‬ ‫بعد كل ٍ‬ ‫َّ ِ‬ ‫بالصالةِ و ِ‬ ‫ِ‬
‫أذان‪َ .‬‬ ‫نيب صلّى الله عليه وسلّم َ ّ‬ ‫السالم على ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫اجلهر ّ‬ ‫البدع احلسنة ُ‬ ‫ومن ِ‬ ‫‪َ ‬‬
‫صلُّ ْوا َعلَْي ِه َو َسلِّ ُم ْوا تَ ْسلِْي ًما(‪﴾ )43‬‬ ‫ِ‬
‫يب يَا أَيـُّ َها الَّذيْ َن ءَ َامنُـ ْوا َ‬
‫ِ‬
‫تَعاىل ﴿إِ َّن اهللَ َوَم َالئ َكتَهُ يُ َ‬
‫صلُّ ْو َن َعلَى النَِّ ِّ‬
‫(سورة األحزاب)‪.‬‬
‫النيب‬ ‫يوطي يف الوسائ ِل يف مسامرةِ األو ِ‬
‫الم على ّ‬ ‫الس ُ‬‫الصالةُ و ّ‬ ‫يد ّ‬ ‫أول ما ز َ‬ ‫ائل " ُ‬ ‫الس ُّ‬ ‫ظ ّ‬ ‫وقال احلاف ُ‬ ‫‪َ -‬‬
‫اَلجري اه‬ ‫لطان اب ِن قَالوون يف ِ‬
‫القرن الثام ِن‬ ‫أذان يف املنارةِ يف زم ِن الس ِ‬ ‫بعد كل ٍ‬ ‫َّ ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫صلّى الله عليه وسلّ َم َ ّ‬
‫أذان بدعةً‬ ‫بعد كل ٍ‬ ‫َّ ِ‬ ‫بالصالةِ والس ِ‬ ‫كون اجله ِ‬ ‫إثبات ِ‬ ‫ويِكفي يف ِ‬
‫النيب صلّى الله عليه وسلّ َم َ ّ‬ ‫ّ‬ ‫على‬ ‫الم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬
‫ِ‬
‫ثم صلوا علي" أخرجهُ‬ ‫الم "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول َّ‬ ‫الس ُ‬ ‫الصالةُ و ّ‬ ‫حسنةً قولُه عليه ّ‬
‫علي" أخرجهُ احلاف ُ‬ ‫صل َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ظ‬ ‫الم "من ذكرني فلي ّ‬ ‫الس ُ‬‫الصالةُ و ّ‬ ‫مسلم يف صحيحه ‪ ،‬وقولهُ عليه ّ‬
‫ِ‬
‫أن املؤذّ َن‬ ‫الشفي ِع" ‪ ،‬فيُؤخ ُذ ِمن َ‬
‫ذلك َّ‬ ‫النيب ّ‬ ‫الصالة على ّ‬ ‫بديع يف ّ‬ ‫القول ال ُ‬ ‫كتابه " ُ‬ ‫السخاوي يف ِ‬
‫ّ ُ‬
‫بالسّر واجله ِر‪.‬‬ ‫واملستمع كلَيهما مطلوب منه الصالةُ على النيب صلّى اللَّه ِ‬
‫حيصل ّ‬ ‫ُ‬ ‫عليه وسلّم‪ ،‬وهذا‬ ‫ّ‬ ‫ُ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أهل العل ِم‬ ‫املصحف‪ ،‬وكا َن ِمن ِ‬ ‫َ‬ ‫عمر‬
‫بن يَ َ‬ ‫اجلليل حيىي ُ‬ ‫ِ‬ ‫التابعي‬ ‫ط‬
‫ُ‬ ‫تنقي‬ ‫ِ‬
‫احلسنة‬ ‫البدع‬
‫من ِ‬ ‫‪ ‬وكذلك َ‬
‫ّ‬
‫الرسول صلّى‬ ‫عندما أملَى‬‫ثني وغ ِريهم واستحسنوهُ ومل ي ُكن منقطًا َ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ذلك العلماءُ من حم ّد َ‬ ‫أقر َ‬ ‫التقوى‪ ،‬و َّ‬ ‫و َ‬
‫بن ع ّفان‬ ‫كتبة الوح ِي فكانوا يكتبو َن الباء والتاء وحنوّها بال ٍ‬ ‫عليه وسلّم على ِ‬ ‫اللَّه ِ‬
‫كذلك عثما ُن ُ‬ ‫نقط‪ ،‬و َ‬ ‫َ َ َ‬

‫السيوطي‪ .‬احلاوي للفتاوى‪ .‬ج ص‪. 79/ 47‬‬


‫السيوطي‪ .‬الوسائل يف مسامرة األوائل‪ .‬ص ‪.‬‬
‫مسلم‪ .‬صحيح مسلم‪ .‬كتاب الصالة‪ :‬باب استحباب القول مثل قول ا ِ‬
‫ملؤذن ملن ُسعه مث يصلى على النيب صلى اهلل عليه‬
‫وسلم مث يسأل اللّه له الوسيلة‪ .‬ج ص ‪.‬‬
‫السخاوي‪ .‬القول البديع‪ .‬ص‪. 2‬‬
‫‪63‬‬
‫بعضها إىل ِ‬
‫اآلفاق إىل البَصرةِ ومكةَ وغ ِريّها واستب َقى عندهُ نسخةً مل‬ ‫أرسل َ‬‫املصاحف الستةَ و َ‬
‫َ‬ ‫كتب‬
‫ملا َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫التنقيط مل ِ‬
‫يقال يف هذا إنهُ بدعةُ‬
‫فهل ُ‬ ‫ذلك إىل اليوم‪َ ،‬‬ ‫املسلمني على َ‬‫َ‬ ‫يزل‬ ‫ذلك‬
‫ت ُكن منقطةً‪ ،‬ومن ُذ َ‬
‫كذلك فليرتكوا هذهِ املصاحف املنقطةَ أو ِ‬
‫ليكشطوا هذا‬ ‫األمر َ‬ ‫ٍ‬
‫ضاللة َّ‬
‫َ‬ ‫سول مل يَفعلهُ؟ فإ ْن كا َن ُ‬
‫الر َ‬
‫ألن ّ‬
‫تعود َمرد ًة كما يف ِ‬
‫السن ِن‬
‫داود صاحب ّ‬ ‫بن أيب َ‬ ‫قال أبو بك ِر ُ‬‫أيام عثما َن‪َ .‬‬ ‫املصاحف حىت َ ّ‬
‫َ‬ ‫من‬
‫ط َ‬ ‫التنقي َ‬
‫املصاحف‪" 1‬أول من نقط المصاحف يحيى بن يعمر" اه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫يف ِ‬
‫كتاب‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّ‬
‫أرسل هبا إىل‬
‫لنيب ذلك يف رسائله اليت َ‬ ‫‪ ‬ومنها كتابةُ صلى الله عليه وسلم عند كتابة اُسه‪ ،‬ومل يكتب ا ُ‬
‫حمم ٍد ِ‬
‫رسول اللَّ ِه إىل فالن‪.‬‬ ‫يكتب من َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫امللوك والرؤساء وإمنا كان ُ‬
‫حنو أربعني طريقةً‪ ،‬فهذه الطر ُق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الطرق اليت أحدثَها بعض ِ َّ ِ‬ ‫‪ ‬ومنها ُ‬
‫أهل الله كالرفاعية والقادرية وهي ُ‬ ‫ُ‬
‫يقدح يف أصلها‪.‬‬‫املنتسبني إليها وهذا ال ُ‬
‫َ‬ ‫بعض‬
‫شذ ُ‬ ‫أصلُها بدع حسنة‪ ،‬ولكن َّ‬

‫من األمثلة على البدعة السيئة‬


‫والبدعة السيّئة على نوعين البدعةُ السيّئةُ االعتقاديةُ والبدعةُ السيّئةُ العمليّةُ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العقائد وكانَت ُمالفةً‬ ‫حدثَت يف‬‫وهي اليت َ‬ ‫هي اليت تتعلّ ُق بأصول ال ّدين َ‬ ‫البدعة السيّئة االعتقاديّة‪َ :‬‬
‫وهي كثرية ومنها‪:‬‬ ‫‪،‬‬ ‫ِ‬
‫املعتقد‬ ‫يف‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫حاب‬‫الص‬ ‫ملا كا َن ِ‬
‫عليه‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫تكب‬
‫أن مر َ‬ ‫رضي اللَّه عنهُ‪ ،‬فإَنم ُ‬
‫يزعمو َن َّ‬
‫علي َ‬ ‫الذين َخرجوا على سيّدنا ّ‬ ‫وهم َ‬ ‫‪ ‬بدعة الخوارج‪ُ :‬‬
‫الكبريةِ كافر‪.‬‬
‫ذلك الفقيهُ‬
‫ذكر َ‬
‫املتوّف سنةَ ‪9 4‬ه َ‬ ‫بن تيميةَ احلراينُّ ّ‬‫أمحد ُ‬
‫أحدثها ُ‬ ‫التوسل و ّأو ُل َمن َ‬
‫‪ ‬وبدعة نفاة ّ‬
‫بعد‬ ‫ِ‬ ‫السبكي يف ِش ِ‬
‫فاء الس ِ‬
‫احلني َ‬
‫الص َ‬
‫التوس ُل باألنبياء و ّ‬
‫َيوز ّ‬‫قام كما تقدم‪ ،‬فإَنم يَزعمو َن أنهُ ال ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫حضرِتم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َوفاِتم أو يف حيَاِتم يف غري َ‬
‫وأما البدعةُ اليت تتعلق بالفروع فهي املنقسمة التقسيم املذكور ءان ًفا‪.‬‬
‫ومن البدع السيئة العملية‪:‬‬
‫ِ‬
‫أقبح (صلعم) وهو مكروه‪.‬‬‫‪ ‬كتابة (ص) عند كتابة اس ِم النيب صلى اللَّه عليه وسلم‪ ،‬وأسوأُ منه و ُ‬
‫بعضهم يبدءون بـ"اللَّه" مث‬ ‫‪ ‬ومنها حتريف اس ِم اللَّ ِه كما حيصل من كث ٍري من املنتسبني إىل ِ‬
‫الطرق‪ ،‬فإن َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫نفسها فيقولون‬ ‫ِ‬
‫األلف اليت بني الالم واَلاء فينطقون هبا بال م ّد‪ ،‬وإما أن حيذفوا اَلاءَ َ‬
‫إما أن حيذفوا َ‬

‫أبو بكر بن أيب داود‪ .‬املصاحف‪ .‬ص ‪. 44‬‬


‫‪64‬‬
‫اخلليل بن‬ ‫بإمجاع أهل اللغة‪ ،‬قال‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشكاية‬
‫"الال" ومنهم من يقول "ءاه" وهو لفظ موضوع للتوج ِع و‬
‫ُ‬
‫أمحد‪" :‬ال َيوز حذف ألف املد من كلمة اللَّه" اهـ‬
‫هم صلّي" ِ‬ ‫الناس يقولو َن "اللَّ َّ‬
‫بعض ِ‬
‫بالياء وهذا غلط فاحش ينبغي التنبّهُ منهُ‪.‬‬ ‫‪ ‬تنبيهٌ‪ُ :‬‬

‫واللَّهُ َ‬
‫تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم‬

‫‪65‬‬
‫احملاضرة التاسعة عشر‬
‫ولي أو االستعانة أو االستغاثة به أو زيارة قبره أو‬ ‫بيان معنى العبادة َّ‬
‫بنبي أو ّ‬
‫التوسل ّ‬
‫مجرد ّ‬
‫وأن ّ‬
‫جائن‪ ،‬وأنه ليس شرًكا كما تقول الوهابيّة‬ ‫التبرك بآثاره ٌ‬ ‫ّ‬
‫الرحي ِم‬‫الرمح ِن ّ‬
‫ِ‬
‫بسم اللَّه ّ‬
‫ءاله وص ِ‬
‫حابته الطّاهرين‪.‬‬ ‫احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ َ ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫لياء يف ِ‬ ‫باألنبياء واألو ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حال غيبَت ِهم أو َ‬
‫بعد‬ ‫يدل على عدم جوا ِز ّ‬
‫التوس ِل‬ ‫حقيقي ُّ‬
‫ٌّ‬ ‫‪ ‬اعلَم أنهُ ال َ‬
‫دليل‬
‫ٍ‬ ‫أن ذلك عبادة لغ ِري اللَّه ألنه ليس عبادةً لغ ِري اللَّه َمرد ِ‬
‫َمرُد‬
‫حي أو ميّت وال ّ‬ ‫ّ‬ ‫نداء‬ ‫ُّ‬ ‫ُ َ‬ ‫بدعوى َّ َ‬ ‫َوفاِتم َ‬
‫ِ‬
‫طلب ما مل َت ِر به العادةُ َ‬ ‫للترب ِك وال َمرُد ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫بني‬ ‫ّ‬ ‫ويل ّ‬ ‫َمرُد قصد قرب ّ‬ ‫االستعانة أ ِو االستغاثة بغري اللَّه وال ّ‬
‫عندهم الطّاعةُ‬ ‫اللغويني َّ‬
‫ألن العباد َة َ‬ ‫َ‬ ‫يف العبادةِ َ‬
‫عند‬ ‫ِ‬
‫نطبق عليه تعر ُ‬‫ذلك شرًكا ألنهُ ال يَ ُ‬ ‫ليس َ‬ ‫الناس أي َ‬
‫ِ‬
‫اخلضوع‪.‬‬
‫ِ‬ ‫مع‬
‫َ‬
‫اخلضوع‪.1‬‬
‫ِ‬ ‫اخلشوع و‬
‫ِ‬ ‫اللغة أقصى ِ‬
‫غاية‬ ‫اللغوي تقي الدي ِن السبكي العبادةُ يف ِ‬ ‫ظ‬
‫وقال احلاف ُ‬‫‪َ -‬‬
‫َ‬ ‫ّ ُّ‬ ‫ُّ ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ثبت‬
‫يتذلل للملوك والعظماء‪ .‬وقَد َ‬ ‫كل َمن ُ‬ ‫التذلل عباد ًة لغ ِري اللَّه وإال لك َفَر ُّ‬
‫َمرُد ِ‬ ‫ليس ّ‬‫كذلك َ‬ ‫‪ ‬و َ‬
‫لرسول اللَّه صلّى اللَّه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رسول اللَّه‬
‫فقال لهُ ُ‬ ‫عليه وسلّ َم‪َ ،‬‬ ‫الش ِام َ‬
‫سجد‬ ‫من ّ‬ ‫جبل ملا قد َم َ‬‫بن ٍ‬ ‫أن معا َذ َ‬ ‫َّ‬
‫الش ِام يَسجدو َن لبطَارقَت ِهم‬ ‫صلّى اللَّه ِ‬
‫أهل ّ‬ ‫أيت َ‬ ‫رسول اللَّه إين ر ُ‬ ‫فقال يا َ‬ ‫عليه وسلّ َم "ما هذا" َ‬
‫فقال "ال تفعل‪ ،‬لو كنت ءامر أح ًدا أن يسجد ٍ‬
‫ألحد ألمرت المرأة‬ ‫بذلك‪َ ،‬‬ ‫أنت أوىل َ‬ ‫وأساق َفت ِهم و َ‬
‫رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ‬
‫عليه‬ ‫ماجه وغريُّها ومل ي ُقل لهُ ُ‬ ‫ابن َ‬ ‫ابن حبا َن و ُ‬ ‫أن تسجد لنوجها"‪ ،‬رواهُ ُ‬
‫سجودهُ للنيب َمظهر كبري ِمن مظاه ِر ِ‬
‫التذلل‪.‬‬ ‫مع َّ‬
‫أن‬ ‫كت َ‬ ‫قال لهُ أشر َ‬ ‫رت‪ ،‬وال َ‬ ‫وسلّم ك َف َ‬
‫َ ّ‬
‫رب قبل ِ‬
‫إطالق‬ ‫األنبياء ليتعلّموا معىن العبادةِ يف ِ‬
‫لغة الع ِ‬ ‫لياء و ِ‬ ‫فهؤالء الذين يك ّفرو َن املستغيثني باألو ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪-‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬
‫املسلمني سل ًفا وخل ًفا مل‬ ‫عليه املسلمو َن‪َّ ،‬‬
‫ألن‬ ‫ألسنت ِهم بالتكف ِري فإَنم ج ِهلوا معىن العبادةِ وخالَفوا ما ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫خيلق َلم الربكةَ ِبل املعىن أَنم يَرجو َن‬ ‫سول ُ‬ ‫الر َ‬ ‫أن ّ‬ ‫للترب ِك َّ‬
‫ليس َمعىن الزيارةِ ّ‬
‫يزالوا يزورو َن قرب النيب ِ‬
‫للتربك و َ‬ ‫َ ّ ّ‬ ‫َ َ‬
‫يارِتم لقربهِ صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬ ‫خيلق اللَّه َلم الربكةَ بز َ‬
‫أن َ‬

‫السبكي‪ .‬فتاوى السبكي‪ .‬ج ص‪. 2‬‬


‫ابن حبان‪ .‬صحيح ابن حبان‪ .‬ذكر تعظيم اهلل جل وعال حق الزوج على الزوجة‪ ،‬ج‪ 7‬ص‪. 92‬‬
‫ابن ماجه‪ .‬سنن ابن ماجه‪ .‬كتاب النكاح‪ :‬باب يف حق الزوج على املرأة‪ ،‬ج ص ‪.4‬‬
‫البيهقي‪ .‬سنن البيهقي‪ .‬ج‪ 9‬ص ‪. 7 - 7‬‬
‫‪66‬‬
‫السبب‬ ‫بيان جواز االستعانة باألنبياء واألولياء على معنى ّ‬
‫احلقيقة واستعانة على َمعىن الس ِ‬
‫بب‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫نوعان استعانة على َمعىن‬ ‫‪ ‬االستعانةُ ِ‬
‫ّ‬
‫فمعناهُ يا اللَّه‬ ‫ِ‬
‫بك لتخلُ َق لنا‬ ‫نستعني َ‬
‫ُ‬ ‫وحده على َمعىن احلقيقة فإذا قُلنا يا اللَّه َ‬ ‫نستعني باللَّه َ‬ ‫ُ‬ ‫‪ُ ‬‬
‫حنن‬
‫نستعني‬
‫ُ‬ ‫رسول اللَّه‬
‫رسول اللَّه فمعناهُ يا َ‬ ‫بب فإذا قُلنا يا َ‬ ‫فنستعني ِبه على َمعىن الس ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫بالرسول‬ ‫النفع‪ ،‬أما‬
‫َ‬
‫ّ‬
‫بك لتن َفعنا ِ‬
‫بإذن اللَّه‪.‬‬ ‫َ َ‬
‫الص َالةِ(‪ُ ( ﴾ ) 4‬س ْوَرةُ البَـ َقَرة) أ ِي استَعينوا‬ ‫استَعِْيـنُـ ْوا بِ َّ‬
‫الص ِْرب َو َّ‬ ‫ذلك قولُه تَعاىل ﴿ َو ْ‬ ‫يدل على َ‬ ‫‪ -‬ومما ُّ‬
‫اب من غ ِري أن َ‬
‫نقوم‬ ‫اب من اللَّه مع أنه قادر على أن يعطينا الثو ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫لنيل الثو ِ‬‫الصالةِ ِ‬ ‫بالص ِرب و ّ‬
‫ّ‬
‫األسباب ِ‬
‫املعينة‬ ‫ِ‬ ‫ومن هذهِ‬ ‫بات ِ‬ ‫األسباب واملسب ِ‬
‫ِ‬ ‫أمور ال ّدنيا على‬ ‫احلة َّ َّ‬ ‫باألعمال الص ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫جعل َ‬ ‫لكن الله َ‬ ‫ّ‬
‫وبعد مماِتِم‪.‬‬ ‫لياء يف ِ‬ ‫باألنبياء واألو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫حال حياِتم َ‬ ‫التوس ُل‬
‫لتحقيق َمطالبنا ّ‬ ‫لنا‬
‫أي اطلبوا ما يقربُكم إىل اهلل‪،1‬‬ ‫ِ‬ ‫قال تَعاىل‪﴿ :‬وابـتَـغُوا إِلَي ِه ِ‬
‫الوسْيـلَةَ(‪ُ ( ﴾) 4‬س ْوَرةُ الْ َمائ َدة) ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َْ‬ ‫‪َ -‬‬
‫الطاعات كلٌّ منها وسيلة أي قربة إىل اهلل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫افل‬
‫وبر الوالدين ونو ُ‬ ‫احلج ُ‬ ‫الصيام والزكاةُ و ُ‬
‫فالصالةُ و ُ‬
‫لياء رجاءَ حت ّق ِق‬ ‫كاألنبياء واألو ِ‬
‫ِ‬ ‫عنده‬ ‫ِ‬
‫التوسل مبن لهُ جاه ُ‬ ‫ُ‬ ‫أيضا‬
‫يقرب إىل اهلل ً‬ ‫ومن مجلة ما ُ‬
‫ك جباهِ ِ‬ ‫لني هبم رجاءَ حت ّق ِق َمطالبِنا ُ‬
‫فنقول اللَّه َّم إنا نسألُ َ‬
‫رسول‬ ‫متوس َ‬‫نسأل اللَّه ّ‬ ‫فنحن ُ‬ ‫املطالب‪ُ ،‬‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫اللَّه أن تقضي حوائجنا ّ‬
‫وتفرج ُكرباتنا‪.‬‬
‫َيوز االستعانةُ بغ ِري‬ ‫ليس معناهُ أنهُ ال ُ‬ ‫‪ -‬تنبيهٌ‪ :‬قولُه تَعاىل ﴿وإياك نستعني(‪( ﴾ )4‬سورة الفاحتة)‪َ .‬‬
‫بب‬ ‫احلقيقة أما َعلى َمعىن الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫َيوز االستعانةُ بغ ِري اللَّه َعلى َمعىن‬ ‫ِ‬ ‫اللَّه َعلى‬
‫ّ‬ ‫اإلطالق‪ ،‬إمنا معناهُ ال ُ‬
‫عليه وسلّم "واللَّه في عون العبد ما كان العبد في عون‬ ‫ذلك قوله صلَّى اللَّه ِ‬ ‫فيجوز ُّ‬
‫ويدل َعلى َ ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫احلقيقة‪ ،‬ما‬ ‫العبد على‬
‫عني َ‬ ‫الرتمذي وغريّها ‪ .‬واللَّه يف عون العبد أ ِي اللَّه يُ ُ‬ ‫ُّ‬ ‫أخيه" رواهُ مسلم و‬
‫عني أخاهُ على َمعىن الس ِ‬
‫بب‪.‬‬ ‫أخيه أ ِي ُ‬ ‫ون ِ‬ ‫العبد يف ع ِ‬
‫ّ‬ ‫العبد يُ ُ‬ ‫كا َن ُ َ‬
‫عد َ ِ‬ ‫عبد الرمح ِن ب ِن س ٍ‬ ‫املفرد عن ِ‬ ‫األدب ِ‬ ‫ِ‬ ‫البخاري يف ِ‬
‫رجل اب ِن َ‬
‫عمر‬ ‫قال "خد َرت ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫كتاب‬ ‫ُّ‬ ‫‪َ -‬روى‬
‫ابن تيميةَ يف‬ ‫ِ‬ ‫أحب ِ‬
‫خدر رجله"‪ .‬وأوردهُ ُ‬ ‫فذهب ُ‬ ‫َ‬ ‫حمم ُد"‬
‫فقال "يا ّ‬ ‫إليك َ‬ ‫الناس َ‬ ‫فقال لهُ رجل اذ ُكر َّ‬ ‫َ‬

‫الرازي‪ .‬مفاتيح الغيب‪ .‬ج ص ‪ . 9‬القرطيب‪ .‬تفسري القرطيب‪ .‬ج‪ 3‬ص‪. 47‬‬
‫االجتماع على تالوة القرآن وعلى ال ّذكر ج‪ 4‬ص ‪.9‬‬
‫ِ‬ ‫مسلم‪ .‬صحيح مسلم‪ .‬كتاب الذكر والدعاء والتوبة‪ :‬باب فضل‬
‫الرتمذي‪ .‬سنن الرتمذي‪ .‬كتاب احلدود عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬باب ما جاء يف السرت على املسلم ج ص ‪.‬‬
‫أمحد‪ .‬مسند أمحد ج ص ‪ ، 4‬أبو داود‪ .‬سنن أيب داود‪ .‬باب يف املعونة للمسلم‪ .‬ج ص ‪.‬‬
‫‪ 4‬البخاري‪ .‬األدب املفرد‪ .‬باب ما يقول الرجل إذا خدرت رجله ج ص‪. 4‬‬
‫‪67‬‬
‫حمم ُد‬ ‫يا‬ ‫برسول اللَّه ِ‬
‫بلفظ‬ ‫عبد اللَّه ب ِن عمر استعانة ِ‬ ‫كتابه ال َكلم الطيب‪ 1‬وهذا الذي حصل ِمن ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫تفعل الوهابيّةُ أيرجعو َن َعن رأيهم من تكف ِري َمن يُنادي يا ّ‬
‫حمم ُد أم‬ ‫عند الوهابيّة كفر فماذا ُ‬ ‫وذلك َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلسالم‪.‬‬ ‫شيخ‬
‫عندهم َ‬ ‫ب َ‬ ‫يتربءُو َن م ِن اب ِن تيميةَ يف هذه املسألة َ‬
‫وهو املل ّق ُ‬
‫أن النيب صلّى اللَّه ِ‬ ‫حديث اب ِن عبّ ٍ‬
‫قال لهُ "إذا‬ ‫عليه وسلّم َ‬ ‫الرتمذي َّ َّ‬
‫ُّ‬ ‫اس الذي رواهُ‬ ‫ُ‬ ‫‪ ‬تنبيهٌ ءاخر‪:‬‬
‫باألنبياء واألو ِ‬
‫ِ‬ ‫التوس ِل‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫لياء‬ ‫فليس فيه دليل على من ِع ّ‬ ‫سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله"‪َ ،‬‬
‫غري اللَّه وال‬ ‫ِ َّ‬ ‫احلديث معناهُ َّ‬ ‫َّ‬
‫ليس معناهُ ال تسأَل َ‬ ‫سأل ويُستعا َن به الله تَعاىل‪ ،‬و َ‬ ‫أن األَْوىل بأن يُ َ‬ ‫َ‬ ‫ألن‬
‫ذلك قوله صلّى اللَّه ِ‬ ‫ِ‬
‫عليه وسلَم "ال تصاحب إال مؤمنًا وال يأكل طعامك إال‬ ‫تستعن بغ ِري اللَّه‪ .‬نظريُ َ ُ‬
‫ِ‬
‫وإطعام غ ِري‬ ‫صحبة غ ِري املؤم ِن‬‫ِ‬ ‫عدم جوا ِز‬ ‫ِ‬ ‫تقي" رواه ابن حبا َن ‪ ،‬فكما ال ي ِ‬
‫فهم من هذا احلديث ُ‬ ‫َُ‬ ‫ٌّ ُ ُ ّ‬
‫حديث اب ِن‬ ‫كذلك‬
‫التقي‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫املؤمن و َّ‬ ‫ِ‬ ‫فهم منهُ َّ‬
‫ُ‬ ‫هو ُّ‬ ‫أن األَوىل باإلطعام َ‬ ‫الصحبة ُ‬ ‫أن األ َْوىل يف ّ‬ ‫التقي‪ ،‬إمنا يُ ُ‬‫ّ‬
‫ِ‬
‫فليس يف هذا احلديث‪.‬‬ ‫عبّ ٍ‬
‫فهم منهُ إال األولويّةُ وأما التحريُ الذي يدعونهُ َ‬ ‫اس ال يُ ُ‬
‫بب ما رواهُ مسلم‬ ‫عليه وسلّم على َمعىن الس ِ‬ ‫سول صلّى اللَّه ِ‬ ‫أيضا على جوا ِز سؤ ِال الر ِ‬ ‫‪ -‬ومما ُّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫يدل ً‬
‫رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ‬ ‫أن ربيعةَ بن ٍ‬ ‫صحيحه ِمن َّ‬ ‫ِ‬
‫قال لهُ‬ ‫عليه وسلّم َ‬ ‫خدم َ‬ ‫األسلمي الذي َ‬ ‫ّ‬ ‫كعب‬ ‫َ‬ ‫يف‬
‫افقتك يف ِ‬
‫اجلنة‬ ‫أسألك مر َ‬ ‫َ‬ ‫حب املكافأةِ "سلني" َ‬
‫فقال لهُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم من باب ّ‬ ‫ُ‬
‫باب التواض ِع "أو غير ذلك" َ‬
‫فقال‬ ‫قال لهُ ِمن ِ‬ ‫عليه وسلّم بَل َ‬ ‫رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ‬ ‫عليه ُ‬ ‫نكر ِ‬ ‫فلم ي ِ‬
‫ُ‬
‫ُ ِ‬ ‫السجود"‪ .‬وهذا‬
‫أيضا‬‫احلديث فيه دليل ً‬ ‫فقال لهُ "فأعنّي على نفسك بكثرة ّ‬ ‫ذاك‪َ ،‬‬ ‫هو َ‬ ‫حايب َ‬ ‫الص ُّ‬ ‫ّ‬
‫فمن أين الب ِن تيميةَ و ِ‬ ‫طلب ما مل َت ِر ِبه العادةُ ِمن غ ِري اللَّه ليس شرًكا‪ِ ،‬‬ ‫أن َمرَد ِ‬
‫أتباعه أن يَبنوا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫على َّ ّ‬
‫طلب ما مل َت ِر ِبه العادةُ ِمن غ ِري اللَّه شرك"‪.‬‬ ‫وهي قوَلم " ُ‬ ‫قاعدةً َ‬
‫قال‬ ‫موته ِ‬
‫بإذن اللَّه ف َقد َ‬ ‫بعد ِ‬ ‫حي يف قربهِ وأنهُ يَنفعُنا َ‬ ‫ِ‬
‫سول صلّى اللَّه عليه وسلّم ٌّ‬ ‫الر َ‬ ‫أن ّ‬ ‫ثبت َّ‬
‫‪ -‬وقَد َ‬
‫ِ‬
‫البيهقي وصححهُ يف‬ ‫ُّ‬ ‫رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم "األنبياء أحياءٌ في قبورهم يصلّون" رواهُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جزء حياةِ‬ ‫ِ‬
‫خير‬
‫أيضا "حياتي ٌ‬ ‫رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّ َم ً‬ ‫وقال ُ‬ ‫األنبياء وأقره احلافظ ابن حجر ‪َ ،‬‬

‫ابن تيمية‪ .‬الكلم الطيب‪ .‬فصل يف ال ِرجل إذا خدرت‪ .‬ص‪. 2‬‬
‫الرتمذي‪ .‬سنن الرتمذي‪ .‬ج ص‪.339‬‬
‫ابن حبان‪ .‬صحيح ابن حبان‪ .‬ج ص ‪.‬‬
‫مسلم‪ .‬صحيح مسلم‪ .‬باب فضل السجود واحلث عليه‪ .‬ج ص ‪.4‬‬
‫‪ 4‬البيهقي‪ .‬حياة األنبياء بعد وفاِتم‪ .‬ص‪ . 4- 9‬البزار‪ .‬مسند البزار‪ .‬ج ص‪. 77‬‬
‫‪ 3‬ابن حجر العسقالين‪ .‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ .‬ج‪ 3‬ص‪. 49‬‬
‫‪68‬‬
‫علي أعمالكم فما‬ ‫خير لكم تعرض َّ‬ ‫خير لكم تحدثون ويحدث لكم ووفاتي ٌ‬ ‫خير لكم ومماتي ٌ‬ ‫ٌ‬
‫شر استغفرت لكم"‪ ،‬رواهُ ّ‬ ‫رأيت من خي ٍر حمدت اللَّه عليه وما رأيت من ّ‬
‫‪1‬‬
‫اَليثمي يف‬
‫ُّ‬ ‫البز ُار ‪ ،‬قال‬
‫خير لكم"‬ ‫ِ‬ ‫َمم ِع الزو ِ‬
‫قال "ومماتي ٌ‬ ‫الم ملا َ‬
‫الس ُ‬
‫الصالةُ و ّ‬
‫حيح"‪ ،‬فإنهُ عليه ّ‬‫الص ِ‬
‫رجال ّ‬ ‫ائد ‪" :‬ورجالهُ ُ‬
‫ِ‬ ‫أفهمنا أنه ينفعنا َ ِ ِ‬
‫النيب ماذا‬
‫سأل َّ‬
‫الم ليلةَ املعر ِاج ملا َ‬
‫الس ُ‬
‫موسى عليه ّ‬‫نفعنا َ‬ ‫بعد موته بإذن اللَّه‪ ،‬كما َ‬ ‫َُ ُ‬ ‫َ‬
‫فقال له "خمسين صالةً" َ ِ‬
‫فطلب‬
‫َ‬ ‫فرجع‬
‫التخفيف ‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫ك‬
‫وسل ربّ َ‬
‫قال ارجع َ‬ ‫أمتك؟ َ ُ‬ ‫فرض اللَّه على َ‬
‫َ‬
‫يشك عاقل بنف ِع موسى ِ‬
‫عليه‬ ‫فهل ُّ‬ ‫ات بأج ِر‬‫بعد مرةٍ إىل أن ِصر َن مخس صلو ٍ‬
‫َ‬ ‫مخسني‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫التخفيف مرًة َ‬
‫َ‬
‫سنة‪ ،‬فهذا‬‫ألف ٍ‬‫ليلة املعر ِاج بأكثر ِمن ِ‬
‫األمة هذا النفع العظيم وقَد كا َن موسى تويف قبل ِ‬
‫السالم َلذه ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ ُ‬
‫حمم ٍد‪.‬‬ ‫ِ‬
‫نفع به أمةَ ّ‬
‫عمل َ ِ‬
‫بعد املوت َ‬
‫السبب‬ ‫بيان جواز االستغاثة باألنبياء واألولياء على معنى ّ‬
‫الشدةِ‪.‬‬ ‫عند ّ‬ ‫فهي االستعانةُ َ‬ ‫‪ ‬أما االستغاثةُ َ‬
‫ِ ِ ِ ِِ‬
‫صص)‪.‬‬ ‫استَـغَاثَهُ الَّذي م ْن شْيـ َعته(‪ُ ( ﴾) 4‬س ْوَرةُ ال َق َ‬
‫قال تَعاىل‪﴿ :‬فَ ْ‬‫‪َ -‬‬
‫إن هلل مالئكةً في األرض سوى‬ ‫قال " َّ‬
‫عليه وسلّم َ‬ ‫رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ‬ ‫أن َ‬ ‫اس َّ‬ ‫‪ -‬وع ِن اب ِن عبّ ٍ‬
‫رجر فإذا أصا ُ أحدكم عرجةٌ بأرض فالة‪ 7‬فليناد أعينوا‬ ‫الحفظة يكتبون ما يسقط من ورُ ال ّ‬
‫سول "فليناد أعينوا عباد اللَّه" ِ‬
‫فقول الر ِ‬ ‫َّ‬
‫فيه‬ ‫اَليثمي ‪ّ ُ .‬‬ ‫ُّ‬ ‫ظ‬‫وحسنهُ احلاف ُ‬ ‫عباد الله"‪ ،‬رواهُ الطّرباينُّ‪ّ ،‬‬
‫ِ‬
‫االستغاثة بغ ِري اللَّه‪.‬‬ ‫داللة واضحة على جوا ِز‬
‫قال " َّ‬ ‫أن النيب صلّى اللَّه ِ‬
‫رمس تدنو يوم القيامة‬ ‫إن ال ّ‬ ‫عليه وسلّ َم َ‬ ‫حيح َّ َّ‬‫الص ِ‬
‫البخاري يف ّ‬
‫ُّ‬ ‫وروى‬
‫‪َ -‬‬
‫بمحم ٍد صلّى اللَّه‬
‫ّ‬ ‫حتى يبلغ العرُ نصف األذن فبينما هم كذلك استغاثوا بآدم ثم موسى ثم‬

‫البزار‪ .‬مسند البزار‪ .‬ج‪ 4‬ص‪ ، 24‬وصححه العراقي يف طرح التثريب ج ص‪. 24‬‬
‫نور الدين اَليثمي‪َ .‬ممع الزوائد ومنبع الفوائد‪ .‬ج‪ 4‬ص ‪.‬‬
‫أي ارجع إىل املكان الذي كنت تسمع فيه كالم اهلل‪ ،‬وليس معناه أن اهلل يف مكان‪.‬‬
‫مسلم‪ .‬صحيح مسلم‪ .‬كتاب اإلَيان‪ :‬باب اإلسراء بالرسول إىل السموات وفرض الصلوات‪ .‬ج ص‪.77‬‬
‫‪ 4‬البيهقي‪ .‬شعب اإلَيان‪ .‬فصل يف معرفة املالئكة‪ ،‬ج ص‪. 4‬‬
‫‪ 3‬أي إن أصاب أحدكم مصيبة يف ب ِريّة من األرض‪.‬‬
‫‪ 9‬قال احلافظ اَليثمي يف َممع الزوائد ج‪ 2‬ص ‪ :‬رواه الطرباين ورجاله ثقات‪ .‬اهـ‬
‫‪ 4‬البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ .‬كتاب الزكاة‪ :‬باب من سأل الناس تكثرا‪ .‬ج ص‪. 9‬‬
‫‪69‬‬
‫عليه وسلّم هذا الطّ ِ‬ ‫سول صلّى اللَّه ِ‬
‫يشفع َلم إىل رهبم‬ ‫َ‬ ‫ءادم أَن‬
‫لب من َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الر ُ‬
‫فسمى ّ‬ ‫عليه وسلّم" ّ‬
‫استغاثةً‪.‬‬
‫سول صلّى اللَّه‬‫الر َ‬ ‫حيح َّ‬ ‫ِ‬ ‫‪1‬‬
‫أن ّ‬ ‫الص ِ‬
‫داود وغريُهُ باإلسناد ّ‬ ‫املطر مغيثًا ف َقد َروى أبو َ‬ ‫سول ُسّى َ‬ ‫الر ُ‬ ‫‪ -‬مث ّ‬
‫ِ‬
‫سول صلّى‬ ‫فالر ُ‬ ‫عاجال غير ٍ‬
‫ءاجل"‪ّ ،‬‬ ‫ضار ً‬ ‫نافعا غير ّ‬ ‫قال "اللَّه َّم اسقنا غيثًا مغيثًا مر ًيعا ً‬‫عليه وسلّ َم َ‬
‫الشدةِ‬ ‫ِ‬ ‫الشدةِ ِ‬ ‫ِ‬
‫من ّ‬ ‫الويل يُنقذان َ‬
‫النيب و ُّ‬ ‫بإذن اللَّه‪َ ،‬‬
‫كذلك ُّ‬ ‫من ّ‬ ‫اللَّه عليه وسلّ َم ُسّى ّ‬
‫املطر مغيثًا ألنهُ يُنق ُذ َ‬
‫ِ‬
‫بإذن اللَّه تَعاىل‪.‬‬
‫البكري‬ ‫احلارث بن حس ٍ‬
‫ان‬ ‫ابن حج ٍر َّ‬
‫أن‬ ‫بإسناد َحس ٍن كما َ‬‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫َ َ ّ‬ ‫ظ ُ‬‫قال احلاف ُ‬ ‫املسند‬ ‫أمحد يف‬
‫‪ -‬وأخر َج ُ‬
‫عاد ‪-‬أي أَن ِ‬
‫أرج َع‬ ‫افد ٍ‬ ‫عليه وسلّم أعوذُ باللَّه ورسو ِله أن أكو َن كو ِ‬
‫لرسول اللَّه صلّى اللَّه ِ‬
‫قال ِ‬ ‫البكري َ‬
‫ّ‬
‫املطر‪ ،-‬احلديث بطولِه‬ ‫َلم َ‬ ‫ب ُ‬ ‫قومه ليطلُ َ‬
‫خائبا يف طَليب وحاجيت كما رجع و ُ ٍ‬
‫افد عاد الذي أرسلهُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫قول الوه ِ‬
‫ابية االستعاذةُ بغ ِري اللَّه شرك‪.‬‬ ‫بطل َ ّ‬ ‫دليل يُ ُ‬

‫واللَّهُ َ‬
‫تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم‬

‫أبو داود‪ .‬سنن أيب داود‪ .‬كتاب االستسقاء‪ :‬باب رفع اليدين يف االستسقاء‪ ،‬ج ص ‪. 4‬‬
‫ابن ماجه‪ .‬سنن ابن ماجه‪ .‬كتاب إقامة الصالة‪ ،‬ج ص ‪.‬‬
‫أمحد‪ .‬مسند أمحد‪ .‬ج ص ‪ ، 4‬املعجم الكبري للطرباين‪ ،‬ج ص ‪.‬‬
‫ابن حجر العسقالين‪ .‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ .‬ج‪ 4‬ص‪.497‬‬
‫‪71‬‬
‫احملاضرة العشرون‬
‫التوسل باألنبياء واألولياء في حياتهم وبعد وفاتهم‬ ‫بيان جواز ّ‬
‫الرحي ِم‬
‫الرمح ِن ّ‬
‫ِ‬
‫بسم اللَّه ّ‬
‫ءاله وص ِ‬
‫حابته الطّاهرين‪.‬‬ ‫احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ َ ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫للمتوس ِل‬ ‫ويل إكر ًاما‬ ‫َّ ِ ِ ِ‬ ‫اندفاع ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫‪‬‬
‫ّ‬ ‫نيب أو ّ‬ ‫من الله بذكر اسم ّ‬ ‫مضرة َ‬ ‫طلب حصول منفعة أو ِ ّ‬ ‫هو ُ‬ ‫التوس ُل َ‬
‫ّ‬
‫ِبه‪.‬‬
‫يبته َ ِ‬ ‫عليه وسلّم يف َغ ِ‬ ‫يدل على جوا ِز التوس ِل بالنيب حمم ٍد صلّى اللَّه ِ‬ ‫‪ ‬ومما ُّ‬
‫وبعد وفاته ما أخرجهُ‬ ‫َ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫يرتد ُد‪ -‬إىل‬
‫خيتلف ‪-‬أي ّ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫كا‬ ‫رجال‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫أن‬ ‫ٍ‬
‫حنيف‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫ب‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫عثما‬ ‫ن‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ري‬ ‫غ‬ ‫الص‬
‫ّ‬ ‫و‬ ‫عجم ِيه الكبري‬
‫ِ‪1‬‬
‫الطّرباينُّ يف ُم َ‬
‫حنيف فش َكى‬‫ٍ‬ ‫بن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عثما َن ب ِن ع ّفان‪ ،‬فكا َن عثما ُن ال‬
‫فلقي عثما َن ا َ‬‫ينظر يف حاجته َ‬ ‫يلتفت إليه وال ُ‬ ‫ُ‬
‫حمم ٍد‬
‫إليك بنبيّنا ّ‬‫أتوجهُ َ‬‫أسألك و ّ‬‫َ‬ ‫ني مث قُل اللَّه َّم إين‬ ‫فتوضأ مث صل ركعت ِ‬
‫ّ‬ ‫ائت امليضأَةَ ّ‬ ‫فقال ِ‬‫ذلك‪َ ،‬‬ ‫إليه َ‬‫ِ‬
‫فانطلق‬ ‫معك‬
‫أروح َ‬ ‫نيب ِ‬
‫َ‬ ‫قضى يل‪ ،‬مث ُرح حىت َ‬ ‫حاجيت لتُ َ‬ ‫بك إىل ريب يف َ‬ ‫أتوجهُ َ‬‫حمم ُد إين ّ‬ ‫الرمحة‪ ،‬يا ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫البواب فأخذهُ بيدهِ فأدخلهُ على عثما َن ب ِن عفان‬ ‫باب عثمان فجاءَ ّ‬ ‫قال‪ ،‬مث أتى َ‬ ‫ففعل ما َ‬‫الرج ُل َ‬
‫وقال‬
‫فقضى لهُ حاجتهُ َ‬ ‫ِ‬ ‫فأجلسه على ِط ِ‬
‫فذكر لهُ حاجتهُ‪َ ،‬‬ ‫ك؟ َ‬ ‫فقال ما حاجتُ َ‬ ‫سجادته‪َ -‬‬ ‫نفسته ‪-‬أي‬ ‫ُ‬
‫فقال جز َاك‬
‫حنيف َ‬ ‫ٍ‬ ‫بن‬ ‫ما ذكرت حاجتك حىت كانَت هذهِ الساعةُ‪ ،‬مث خرج ِمن عندهِ‬
‫فلقي عثما َن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫حنيف واللَّه ما‬ ‫بن‬
‫فقال عثما ُن ُ‬ ‫يف‪َ ،‬‬ ‫إيل حىت كلّمتهُ َّ‬ ‫يلتفت َّ‬
‫ُ‬ ‫حاجيت وال‬ ‫ينظر يف َ‬ ‫خريا‪ ،‬ما كا َن ُ‬ ‫اللَّه ً‬
‫فقال إن شئت صبرت‬ ‫ذهاب بَصرهِ‪َ ،‬‬ ‫رسول اللَّه وقَد أتاه ضرير فش َكى ِ‬
‫إليه‬ ‫هدت َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫لكن َش ُ‬ ‫كلّمتُهُ و ْ‬
‫فقال لهُ‬
‫ليس يل قائد َ‬ ‫ذهاب بَصري وإنهُ َ‬ ‫ُ‬ ‫علي‬
‫شق َّ‬ ‫رسول اللَّه إنهُ ّ‬ ‫قال يا َ‬ ‫وإن شئت دعوت لك‪َ ،‬‬
‫قال‪ ،‬فواللَّه ما ّ‬
‫تفرقنا‬ ‫الرجل ما َ‬
‫ففعل ُ‬ ‫وصل ركعتين ثم قل هؤالء الكلمات"‪َ ،‬‬ ‫ضأ ّ‬ ‫"ائت الميضأة فتو ّ‬
‫ط‪.‬‬‫ضر ق ّ‬ ‫ِ‬
‫أبصر كأنهُ مل ي ُكن به ّ‬ ‫الرجل وقَد َ‬ ‫دخل علينا ُ‬ ‫اجمللس حىت َ‬ ‫ُ‬ ‫طال بنا‬
‫وال َ‬
‫عادته أنهُ ال ينص على تصحيح‬ ‫احلديث صحيح‪ ،‬والطّرباينُّ ِمن ِ‬ ‫عجميه" و ُ‬ ‫قال الطّرباينُّ يف كل ِمن "م ِ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫احلديث‬ ‫صحيحا‬ ‫أوردهُ ولو كا َن‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫قال َعن حديث َ‬ ‫حديث يف معجميه إال حديث األعمى‪ ،‬ما َ‬
‫ِ‬
‫وصححهُ‪.‬‬ ‫الصغ ِري ّ‬ ‫كذلك أخرجهُ يف ّ‬ ‫احلديث‪ ،‬و َ‬ ‫صحيح‪ ،‬إال َعن هذا‬

‫الطرباين‪ .‬املعجم الكبري ج‪ 7‬ص‪ . 4- 9‬وقال احلديث صحيح‪.‬‬


‫الطرباين‪ .‬املعجم الصغري ج ص ‪ . 2 - 2‬وقال احلديث صحيح‪.‬‬
‫‪71‬‬
‫ٍ‬ ‫أن األعمى توسل بالنيب يف غ ِري حضر ِته ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫بدليل قول عثما َن ب ِن حنيف "حىت َ‬
‫دخل‬ ‫َ‬ ‫َّ ّ‬ ‫ففيه دليل على َّ َ‬
‫حياته َ ِ‬ ‫حالة ِ‬ ‫أن التوسل بالنيب جائز يف ِ‬ ‫علينا الرجل"‪ِ ،‬‬
‫قول اب ِن تيميةَ ال ُ‬
‫َيوز‬ ‫فبطل ُ‬ ‫وبعد مماته َ‬ ‫َّ ّ‬
‫وفيه َّ‬ ‫ّ ُ‬
‫كتاب اللَّه فهو باطل وإن كا َن مائة ٍ‬
‫شرط‪.‬‬ ‫شرط ليس يف ِ‬ ‫كل ٍ‬ ‫باحلي احلاض ِر‪ ،‬و ُّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫التوس ُل إال ّ‬ ‫ّ‬
‫أن مر َاد الطّرباينّ بقو ِله و ُ‬
‫احلديث‬ ‫ناصر ال ّدي ِن األلباينُّ َّ‬ ‫وهو ُ‬
‫ِ‬
‫بعد هذا إىل دعوى بعضهم َ‬ ‫يلتفت َ‬ ‫ُ‬ ‫‪ ‬وال‬
‫سول وهذا مردود َّ‬
‫ألن‬ ‫بعد وفاةِ الر ِ‬ ‫أيام عثمان ب ِن ع ّفان َ‬
‫ّ‬ ‫الرجل َ‬
‫ُ‬ ‫األصلي ال ما فعلهُ‬ ‫ّ‬ ‫صحيح ال َقدر‬
‫ُ‬
‫كالم‬ ‫الصحابة‪ ،‬أي َّ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أن َ‬ ‫النيب واملوقوف على ّ‬ ‫املرفوع إىل ّ‬ ‫ِ‬ ‫طلق على‬ ‫احلديث يُ ُ‬‫ُ‬ ‫املصطلح قالوا‬
‫ِ‬ ‫علماءَ‬
‫النيب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مقصورا على كالم ّ‬ ‫ً‬ ‫احلديث‬ ‫ظ‬
‫ليس لف ُ‬ ‫سمى حديثًا‪ ،‬و َ‬ ‫حايب يُ ّ‬ ‫الص ّ‬ ‫وقول ّ‬ ‫سمى حديثًا ُ‬ ‫الرسول يُ ّ‬ ‫ّ‬
‫املصطلح فلينظُر من شاء يف ِ‬
‫كتاب‬ ‫املقرر يف عل ِم‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫افق ّ‬ ‫املموهُ كالمه ال يُو ُ‬ ‫ف َقط يف اصطالحهم‪ ،‬وهذا ّ‬
‫َيره إىل هذهِ ال ّدعوى إال‬ ‫ّ‬ ‫مل‬ ‫األلباين‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫فإن‬ ‫‪،‬‬ ‫املصطلح‬
‫ِ‬ ‫اإلفصاح وغ ِريّها ِمن ِ‬
‫كتب‬ ‫ِ‬ ‫و‬ ‫‪1‬‬
‫الراوي‬ ‫ِ‬
‫تدريب ّ‬
‫ليس حجةً‬ ‫األلباين‬ ‫قول‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫أن‬ ‫على‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫تيمي‬ ‫ن‬ ‫ِ‬
‫كسلفه اب ِ‬ ‫ِ‬
‫العلماء‬ ‫ِ‬
‫مبخالفة‬ ‫شدةُ تعص ِبه َلواه وعدم م ِ‬
‫باالته‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ُُ‬ ‫ّ‬
‫ظ عشرَة‬ ‫افه فال حيف ُ‬ ‫احلفظ فهو ليس حافظًا باعرت ِ‬ ‫التصحيح ألنه حمروم من ِ‬ ‫ِ‬
‫للتضعيف و‬ ‫أهال‬
‫ليس ً‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ ُ‬ ‫ألنهُ َ‬
‫التصحيح‬ ‫حفظ"‪ .‬و‬ ‫ث ٍ‬ ‫ث ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫لست حم ّد َ‬ ‫ُ‬ ‫كتاب‬ ‫نفسه "أنا حم ّد ُ‬ ‫قال َعن‬ ‫بأسانيدها‪ ،‬فإنهُ َ‬ ‫أحاديث‬
‫يوطي يف ألفيّ ِته‬‫الس ُّ‬ ‫ظ ّ‬ ‫قال احلاف ُ‬ ‫احلديث‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫عند ِ‬
‫أهل‬ ‫هو معلوم َ‬ ‫ِ‬
‫التضعيف من شأن احلافظ كما َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫و‬
‫(الرجز)‪:‬‬
‫ص‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أو من ُمصنّف جبمعه ُخي ّ‬ ‫نص‬
‫حيث حافظ عليه ّ‬ ‫وخذهُ ُ‬
‫سول صلّى اللَّه‬ ‫فليس َّ‬ ‫َّ ِ‬ ‫اس َ ِ‬ ‫عمر بالعبّ ِ‬
‫الر َ‬ ‫ألن ّ‬ ‫النيب صلّى الله عليه وسلّم َ‬ ‫بعد موت ّ‬ ‫توس ُل َ‬ ‫‪ -‬تنبيهٌ‪ :‬أما ّ‬
‫بدليل ِ‬
‫قول‬ ‫عليه وسلّم‪ِ ،‬‬ ‫ابته من النيب صلّى اللَّه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مات‪ ،‬بل كا َن ِ‬ ‫ِ‬
‫حق قر َ ّ‬ ‫ألجل رعاية ّ‬ ‫عليه وسلّم قَد َ‬
‫بن‬
‫األثر الزبريُ ُ‬ ‫ك"‪َ ،‬روى هذا َ‬ ‫إليك ملكاين ِمن نبيّ َ‬ ‫توجهوا يب َ‬ ‫القوم ّ‬ ‫إن َ‬ ‫عمر "اللَّه َّم َّ‬
‫حني قدَّمهُ ُ‬ ‫اس َ‬ ‫العبّ ِ‬
‫ابن حج ٍر ‪.‬‬ ‫ظ ُ‬ ‫قال احلاف ُ‬ ‫كما َ‬ ‫بكار َ‬
‫ِ‬
‫فقال "أيّها‬ ‫الناس َ‬‫خطب َ‬ ‫َ‬ ‫رضي اللَّه عنهُ‬ ‫عمر َ‬ ‫أن َ‬ ‫املستدرك َّ‬ ‫احلاكم يف‬
‫ُ‬ ‫أيضا مبا رواهُ‬ ‫ويستأنس لهُ ً‬‫ُ‬ ‫‪-‬‬
‫قسمهُ‪ ،‬فاقتدوا أيّها‬ ‫ِ‬ ‫الرسول كا َن َيرى للعبّ ِ‬ ‫الناس َّ‬
‫ويرب َ‬ ‫ويفخمهُ ّ‬ ‫لد لوالده‪ ،‬يُعظّمهُ ّ‬ ‫اس ما َيرى الو ُ‬ ‫َ‬ ‫إن‬ ‫ُ‬

‫السيوطي‪ .‬تدريب الراوي‪ .‬ج ص ‪.‬‬


‫ابن الصالح‪ .‬مقدمة ابن الصالح‪ .‬ص ‪.‬‬
‫السيوطي‪ .‬ألفية السيوطي يف احلديث‪.‬‬
‫ابن حجر العسقالين‪ .‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ .‬ج ص‪. 79‬‬
‫‪ 4‬احلاكم‪ .‬املستدرك‪ .‬كتاب معرفة الصحابة‪ .‬ج ص ‪.‬‬
‫‪72‬‬
‫توس ِل‬
‫سبب ّ‬ ‫يوضح َ‬‫ُ‬ ‫اس واختذوهُ وسيلةً إىل اللَّ ِه يف ما َ‬
‫نزل ب ُكم"‪ ،‬فهذا‬ ‫عم ِه العبّ ِ‬ ‫ِ‬
‫الناس برسول اللَّه يف ّ‬ ‫ُ‬
‫عمر بالعبّ ِ‬
‫اس‪.‬‬ ‫َ‬
‫مع قدر ِته‬‫اس َ‬‫عمر بالعبّ ِ‬
‫توس َل ُ‬‫جائزا ملا ّ‬
‫بعد َموِتم ً‬ ‫احلني َ‬
‫بالص َ‬
‫التوس ُل ّ‬ ‫ِ‬
‫البعض إنهُ لو كا َن ّ‬ ‫قول‬
‫‪ -‬وأما ُ‬
‫ِ‬
‫املباحات‬ ‫من‬ ‫يدل على ِ‬
‫عدم اجلوا ِز ف َقد َ‬ ‫ترك الش ِ‬
‫ىء ال ُّ‬ ‫على ّ ِ‬
‫كثريا َ‬
‫النيب ً‬
‫ترك ُّ‬ ‫اب أن َ ّ‬ ‫بالنيب فاجلو ُ‬
‫التوسل ّ‬
‫يدل على‬ ‫ِ‬
‫الشىء ال ُّ‬ ‫ترك‬
‫أن َ‬ ‫ِ‬
‫األصول يف كتب ِهم‪َّ " 1‬‬ ‫َ َّ‬
‫ذكر علماءُ‬
‫فهل دل ترُكهُ َلا َعلى ُح َرمتها؟ ال‪ .‬وقَد َ‬
‫م ِ‬
‫نعه"‪.‬‬ ‫َ‬
‫اس‬ ‫فتح الباري عقب هذهِ القص ِة ما نصه "يستفاد ِمن ِ‬
‫قصة العبّ ِ‬ ‫ابن حج ٍر يف ِ‬
‫ُّ ُ ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ظ ُ‬ ‫قال احلاف ُ‬ ‫‪َ -‬‬
‫النبوةِ" اه‪.‬‬ ‫الح و ِ ِ‬
‫أهل بيت ّ‬ ‫الص ِ‬‫بأهل اخل ِري و ّ‬
‫االستشفاع ِ‬
‫ِ‬ ‫استحباب‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫ومن تبعهُ من ُمنك ِري ّ‬
‫التوسل‪.‬‬ ‫فتبني بطال ُن رأ ِي اب ِن تيميةَ َ‬
‫َّ‬

‫واللَّهُ َ‬
‫تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم‬

‫عبد اهلل الغماري‪ .‬حسن التفهم والدرك ملسألة الرتك‪ .‬ص ‪.‬‬
‫ابن حجر العسقالين‪ .‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ .‬ج ص ‪. 79‬‬
‫‪73‬‬
‫احملاضرة احلادية والعشرون‬
‫للتبرك والدعاء عندها‬ ‫بيان جواز زيارة قبور األنبياء واألولياء ّ‬
‫الرحي ِم‬
‫الرمح ِن ّ‬‫بسم اللَّه ّ‬
‫ِ‬
‫حابته الطّاهرين‪.‬‬ ‫ءاله وص ِ‬ ‫احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ َ ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫الر ُس ْو ُل لََو َج ُد ْوا‬
‫استَـ ْغ َفَر ََلُ ُم َّ‬ ‫َّهم إِ ْذ ظَلَ ُم ْوا أَنْـ ُف َس ُهم َجاءُْو َك فَ ْ‬
‫استَـ ْغ َف ُرْوا اهللَ َو ْ‬ ‫قال اللَّه تَعاىل‪َ ﴿ :‬ولَ ْو أَنـ ُ‬
‫‪َ -‬‬
‫سول صلى اهلل عليه وسلم ووقف ِ‬
‫ببابه‬ ‫اهلل تَـ َّوابا رِحيما( ‪( ﴾)3‬سورةُ النِّساء) فمن جاء قرب الر ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ َْ َ‬ ‫َ ً َ ًْ‬
‫وجد اللَّه ّتوابًا ً‬
‫رحيما‪.‬‬ ‫وتوس َل ِبه َ‬‫ّ‬
‫ِ‬
‫رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم "من زار قبري وجبت له شفاعتي" رواهُ ال ّدار ُّ‬
‫‪1‬‬
‫وقواهُ‬
‫قطين ّ‬ ‫وقال ُ‬ ‫‪َ -‬‬
‫بكي وغريّها‪.‬‬ ‫الس ُّ‬ ‫ظ ّ‬ ‫احلاف ُ‬
‫أصاب‬ ‫قال‬
‫عمر َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫‪ -‬وروى البيهقي يف دالئ ِل النبوةِ‬
‫َ‬ ‫صحيح َعن مالك ال ّدار وكا َن خاز َن َ‬ ‫ٍ‬ ‫بإسناد‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫استسق‬ ‫رسول اللَّه‬
‫فقال يا َ‬ ‫ِ‬
‫النيب صلّى اللَّه عليه وسلّ َم َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عمر فجاءَ رجل إىل قرب ّ‬ ‫الناس قحط يف زمان َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الم وأخربهُ أَنم يُس َقو َن وقُل لهُ‬ ‫الس َ‬
‫عمَر ّ‬ ‫فقيل لهُ أق ِرئ َ‬
‫جل يف املنام َ‬‫الر ُ‬‫تك فإَنم قَد َهلكوا فأُتَ ّ‬ ‫ألم َ‬
‫ّ‬
‫رب ما ءالو إال ما َعجزت ‪.‬‬ ‫وقال يا ّ‬ ‫عمر َ‬ ‫عمر فأخربهُ‪ ،‬فب َكى ُ‬ ‫الرجل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عليك بالكيس الكيس فأتى ُ‬ ‫َ‬
‫قرب‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫قصد َ‬ ‫حايب قَد َ‬ ‫الص ُّ‬ ‫حايب‪ .‬فهذا ّ‬‫الص ُّ‬ ‫بن احلارث املزينُّ ّ‬‫بالل ُ‬
‫جل أنهُ ُ‬ ‫وقَد جاءَ يف تفسري هذا ّ‬
‫أن هذهِ‬ ‫دعوى اب ِن تيميةَ َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫عليه وسلّم ِ‬ ‫سول صلّى اللَّه ِ‬ ‫الر ِ‬
‫فبطل َ‬‫عم ُر وال غريهُ َ‬ ‫للتربك فلَم يُنكر عليه َ‬‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫الزيارَة شركيّة‪.‬‬
‫ّ‬
‫فقال أتدري ما‬ ‫وجههُ على ال َق ِرب َ‬
‫اضعا َ‬ ‫رجال و ً‬‫فوجد ً‬ ‫يوما َ‬ ‫أقبل مروا ُن ً‬
‫قال َ‬ ‫داود ب ِن أيب صا ٍحل َ‬ ‫وعن َ‬ ‫‪َ -‬‬
‫رسول اللَّه‬
‫ُسعت َ‬ ‫ِ‬ ‫ئت َ َّ‬ ‫ِ‬
‫احلجر ُ‬‫رسول الله ومل ءات َ‬ ‫قال َنعم ج ُ‬
‫هو أبو أيوب ف َ‬ ‫جل فإذا َ‬ ‫الر ُ‬‫فأقبل ّ‬
‫صنع‪َ ،‬‬ ‫تَ ُ‬
‫يقول "ال تبكوا على ال ّدين إذا وليه أهله ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير‬ ‫عليه وسلّ َم ُ‬ ‫صلّى اللَّه ِ‬
‫الوجه على ال َق ِرب ِمن أيب أيوب‬‫َوسط‪ .1‬فإذا كا َن وضع ِ‬
‫ُ‬
‫أمحد والطّرباينُّ يف الكب ِري واأل ِ‬‫أهله" اه رواهُ ُ‬

‫الدارقطين‪ .‬سنن الداقطين‪ .‬ج ص ‪ .‬وقال ابن ماجه يف سننه ج ص‪ : 2 7‬رواه الدارقطين وصححه عبد احلق‪.‬‬
‫السبكي‪ .‬شفاء السقام يف زيارة خري األنام‪.‬‬
‫البيهقي‪ .‬دالئل النبوة ج‪ 9‬ص‪ . 9‬ابن كثري‪ .‬البداية والنهاية ج‪ 9‬ص ‪.7 -7‬‬
‫أي باالجتهاد بالسعي خلدمة األمة‪.‬‬
‫‪ 4‬أي ال أقصر إال ما عجزت عنه أي سأفعل ما يف وسعي خلدمة األمة‪.‬‬
‫‪ 3‬أمحد‪ .‬مسند أمحد‪ .‬ج‪ 4‬ص ‪.‬‬
‫‪74‬‬
‫ِ‬
‫سول صلّى اللَّه‬
‫الر ُ‬
‫نزل ّ‬ ‫هو ّأول َمن َ‬ ‫الصحابة والذي َ‬ ‫أحد مشاه ِري ّ‬ ‫هو ُ‬ ‫رضي الله عنهُ الذي َ‬
‫َّ‬
‫األنصاري َ‬
‫ّ‬
‫الكف على‬ ‫املدينة مل ينكره أحد من الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫هاجر ِمن مكةَ إىل‬ ‫ِ‬
‫وضع ّ‬ ‫فكيف ُ‬ ‫َ‬ ‫حابة‬ ‫َ ّ‬ ‫ُ‬ ‫عليه وسلّم عندهُ ملا َ‬
‫الش ِ‬
‫ستوجب‬
‫ُ‬ ‫األكرب الذي يَ‬
‫َ‬ ‫رك‬‫الش َ‬
‫لكن الوهابيةَ يعتربو َن هذا ّ‬ ‫وبني الزائ ِر و َّ‬‫بني الق ِرب َ‬ ‫هي َ‬ ‫َ‬ ‫اليت‬ ‫بيكة‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫ين‪.‬‬ ‫تصرف ِهم َ‬
‫مع الزائر َ‬ ‫هو َمعروف من ّ‬ ‫كما َ‬
‫ِ‬
‫األبدي يف النار َ‬
‫ّ‬ ‫فاعلُهُ اخللود‬
‫وسأل مال ًكا‬
‫عليه وسلّم َ‬ ‫حج وزار قرب النيب صلّى اللَّه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلمام مالك للخليفة املنصور ملا َّ َ َ ّ‬ ‫قال ُ‬ ‫‪ -‬وقَد َ‬
‫رسول اللَّه "فلم تصرف وجهك عنه وهو‬ ‫أستقبل القبلةَ وأدعُو أم أستقبِل َ‬ ‫ه‬‫عبد اللَّ‬‫قائال يا أبا ِ‬ ‫ً‬
‫ُ‬
‫القاضي عياض‬ ‫وسيلتك ووسيلة أبيك ءادم إلى اللَّه بل استقبله واسترفع به فيرفعه اللَّه"‪ ،‬ذكره ِ‬
‫ُ‬
‫صحيح ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫حقوق املصطفى وساقهُ بإسنا ٍد‬ ‫يف ِ‬ ‫الشفا بتعر ِ‬
‫يف ّ‬
‫النبي أتى القبر فجعل يبكي‬ ‫لما قدم ٌ‬ ‫ِ‬
‫رام لنيارة ّ‬ ‫بالل من ال ّ‬ ‫الوفا " ّ‬ ‫السمهودي يف وفاء َ‬
‫ُّ‬ ‫وقال‬
‫‪َ -‬‬
‫عنده ويمرغ وجهه عليه وإسناده جيّ ٌد" اه‪.‬‬
‫عليه وسلّم ‪-‬‬ ‫رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ‬ ‫س ُ‬ ‫حتفة اب ِن عساكر عن علي رضي اللَّه عنه َ ِ‬ ‫‪ -‬ويف ِ‬
‫قال ملا ُرم َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ّ َ‬
‫ووضعت على عينِها وب َكت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أي ُدف َن‪ -‬جاءَت فاطمةُ فوق َفت على قربه وأخ َذت قبضةً من تراب الق ِرب َ‬
‫تقول (الكامل)‪:‬‬ ‫أنشدت ُ‬ ‫و َ‬
‫مان َغواليا‬ ‫مدى الز ِ‬
‫أَن ال يَ َش َّم َ ّ‬ ‫ماذا َعلى َمن َش َّم تربةَ أمح ٍـد‬
‫صبَّت َعلى األيّ ِام عُد َن لَياليَـا‬ ‫ُ‬ ‫علي َمصائب لَو أَنـا‬ ‫صبّت ّ‬ ‫ُ‬
‫ألتبرك بأبي حنيفة‬
‫يقول "إني ّ‬
‫افعي ُ‬
‫الش َّ‬ ‫قال ّ‬
‫بغداد َ‬
‫يخ َ‬ ‫البغدادي يف تار ِ‬
‫ُّ‬ ‫اخلطيب‬
‫ُ‬ ‫ظ‬‫وقال احلاف ُ‬
‫‪َ -‬‬
‫ائرا‪ -‬فإذا عرضت لي حاجةٌ صلّيت ركعتين وجئت إلى قبره‬ ‫ٍ‬
‫كل يوم ‪-‬يعين ز ً‬
‫وأجيء إلى قبره في ّ‬
‫وسألت اللَّه تعالى الحاجة عنده فما تبعد عني حتى تقضى" اهـ‪.‬‬

‫الطرباين‪ .‬املعجم الكبري ج ص‪ . 47‬نور الدين اَليثمي‪َ .‬ممع الزوائد ج‪ 4‬ص‪ ، 4‬وأخرجه احلاكم يف املستدرك ج‬
‫ص‪ 4 4‬وصححه ووافقه الذهيب‪.‬‬
‫القاضي عياض‪ .‬الشفا بتعريف حقوق املصطفى‪ .‬ج ص ‪.7 -7‬‬
‫حممد بن يوسف الصاحلي الشامي‪ .‬سبل اَلدى والرشاد يف سرية خري العباد‪ .‬ج ص‪. 74‬‬
‫ابن عساكر‪ .‬إحتاف الزائر وإطراف املقيم للسائر يف زيارة النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ .‬باب يف وفاته صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ج‬
‫ص‪. 39‬‬
‫‪ 4‬اخلطيب البغدادي‪ .‬تاريخ بغداد‪ .‬ج ص ‪. 4-‬‬
‫‪75‬‬
‫ِ‪1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫النيب‬
‫ّ َ ّ‬ ‫منرب‬ ‫َيس‬ ‫ِ‬
‫جل‬ ‫الر‬
‫ّ‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫ع‬ ‫أيب‬ ‫ألت‬
‫ُ‬ ‫س‬
‫الرجال َ‬ ‫حنبل يف الع ِلل ومعرفة ّ‬ ‫أمحد ب ِن ٍ‬
‫بن َ‬ ‫عبد اللَّه ُ‬
‫قال ُ‬ ‫‪َ -‬‬
‫ب إىل‬ ‫ِِ‬ ‫عليه وسلّم ويترب ُك ِ‬
‫صلّى اللَّه ِ‬
‫التقر َ‬
‫بذلك ّ‬
‫يد َ‬ ‫حنو هذا ير ُ‬‫ذلك أو َ‬‫ثل َ‬ ‫ويفعل بالقرب م َ‬
‫ُ‬ ‫مبسه ويُقبّلهُ‬
‫َ ّ ّ‬
‫فقال "ال بأس بذلك" اه‪.‬‬ ‫وعز َ‬ ‫جل َّ‬ ‫اللَّ ِه َّ‬
‫ِ‬
‫حديث "ال‬ ‫متمسك يف‬‫عليه وسلّم َّ‬ ‫‪ ‬تنبيه‪ :‬ليس للمحرمني من السف ِر لزيارةِ ق ِرب النيب صلّى اللَّه ِ‬
‫ّ‬ ‫َ ُ ّ َ َ ّ‬
‫الرحال إال إلى ثالثة مساجد المسجد الحرام والمسجد األقصى ومسجدي هذا" َّ‬
‫ألن‬ ‫رد ّ‬ ‫ت ُّ‬
‫مائة ٍ‬
‫ألف‬ ‫املضاعفة إىل ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املسجد‪ ،‬أي ال مزيةَ يف‬ ‫الصالةِ يف‬ ‫بالسف ِر ِ‬
‫ألجل ّ‬ ‫احلديث ُمصوص ّ‬ ‫َ‬ ‫هذا‬
‫ِ‬ ‫ألجل الصالةِ يف املسج ِد إال إىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫املسجد‬ ‫مساجد‬
‫َ‬ ‫ثالثة‬ ‫بالسف ِر ِ ّ‬ ‫الرحال ّ‬ ‫وألف ومخسمائة يف ش ّد ّ‬
‫أمحد يف مسندهِ أن أبا ٍ‬
‫سعيد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلمام ُ ُ‬ ‫ذلك مما رواهُ ُ‬‫األقصى ومسجدي هذا َكما يُؤخ ُذ َ‬ ‫احلرام واملسجد َ‬
‫ٍ‬
‫مسجد‬ ‫يقول "ال ينبغي للمطي أن تعمل إلى‬ ‫رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ‬
‫عليه وسلّ َم ُ‬ ‫ُسعت َ‬ ‫قال ُ‬ ‫ي َ‬ ‫اخلدر ّ‬
‫الصالة غير المسجد الحرام والمسجد األقصى ومسجدي"‪.‬‬ ‫تبتغى فيه ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حجةَ ملانعي‬‫احلني للتربّك وقبوِر غ ِريهم لالعتبا ِر جائزة للرجال والنساء وال ّ‬ ‫الص َ‬‫فزيارةُ قبوِر ّ‬ ‫‪-‬‬
‫ِ‬
‫تذكركم‬ ‫ِ‬
‫زوارات القبور" فإنهُ َمنسوخ حبديث "زوروا القبور فإنها ّ‬
‫ِ‬
‫ذلك حبديث "لعن اللَّه ّ‬ ‫النساء ِمن َ‬
‫البيهقي ‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫اآلخرة" رواهُ‬

‫واللَّهُ َ‬
‫تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم‬

‫أمحد بن حنبل‪ .‬العلل ومعرفة الرجال‪ .‬ج ص ‪ . 7‬البهوت‪ .‬كشاف القناع عن منت اإلقناع‪ .‬ج ص‪. 42‬‬
‫البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ .‬كتاب فضل الصالة ّف مسجد مكة واملدينة ج ص‪.93‬‬
‫أمحد‪ .‬مسند أمحد‪ .‬ج ص ‪.3‬‬
‫البيهقي‪ .‬سنن البيهقي الكربى‪ .‬ج ص‪.99‬‬
‫‪76‬‬
‫احملاضرة الثانية والعشرون‬
‫النبي‬
‫التبرك بآثار ّ‬ ‫ّ‬
‫الرحي ِم‬ ‫ِ‬
‫بسم اللَّه ّ‬
‫الرمح ِن ّ‬
‫ءاله وص ِ‬
‫حابته الطّاهرين‪.‬‬ ‫مد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ‬ ‫احل ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ َ ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫هو اللَّه تَعاىل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اعتقاد َّ‬ ‫ِ‬
‫النافع على احلقيقة َ‬ ‫أن َ‬ ‫مع‬
‫طلب زيادة النف ِع َ‬
‫هو ُ‬ ‫‪ّ ‬‬
‫الترب ُك َ‬
‫تبِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫صْيـًر ( ‪﴾)7‬‬‫يوسف ﴿ا ْذ َهبُـ ْوا ب َقمْيصي َه َذا فَأَلْ ُق ْوهُ َعلَى َو ْجه أَِيب يَأْ َ‬
‫َ‬ ‫قال تَعاىل حكايةً َعن‬
‫‪َ -‬‬
‫( ُس ْوَرةُ يـُ ْو ُسف)‪.‬‬
‫كة بشعرهِ‬ ‫املبارك وبآثارهِ املبار ِ‬
‫ِ‬ ‫أن الصحابةَ رضوا ُن اللَّه علي ِهم كانوا يتربكو َن ِ‬
‫النيب‬
‫ّ‬ ‫بذات‬ ‫ّ‬ ‫‪ ‬اعلَم َّ ّ‬
‫يومنا هذا على‬ ‫بعدهم إىل ِ‬ ‫حياته َ ِ‬ ‫ذلك يف ِ‬ ‫المة ظُفرهِ وجببَّتِ ِه وغ ِري َ‬ ‫وب ُق ِ‬
‫وبعد مماته وال يز ُال املسلمو َن َ ُ‬
‫وذلك أنه صلّى اللَّه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ذلك‪ ،‬وجو ُاز هذا األم ِر يُ ُ ِ ِ‬
‫عليه وسلّم‬ ‫النيب صلّى اللَّه عليه وسلّم َ ُ‬ ‫عرف من فعل ّ‬ ‫َ‬
‫داع وأظفارهِ‪.‬‬ ‫الو ِ‬ ‫قسم شعره حني حلق يف ِ‬
‫حجة ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ ُ َ َ‬
‫عليه وسلّم‬‫رسول اللَّه صلَّى اللَّه ِ‬ ‫قال ملا َرمى ُ‬ ‫أنس أنهُ َ‬ ‫حديث ٍ‬ ‫ِ‬ ‫البخاري‪ 1‬ومسلم ِمن‬ ‫ُّ‬ ‫‪ -‬أخر َج‬
‫احلالق‬
‫ناول َ‬ ‫األنصاري مث َ‬
‫َّ‬ ‫فحلق فأعطاهُ أبا طلحةَ‬ ‫األَين َ‬‫احلالق ش ّقهُ َ‬ ‫ناول َ‬ ‫وحلق َ‬ ‫وحنر نُس َكهُ َ‬ ‫اجلمرَة َ‬
‫فقال "اقسمه بين الناس"‪ .‬ف َقد قسم صلّى اللَّه ِ‬
‫عليه وسلّ َم‬ ‫فحلق فأعطاهُ أبا طلحةَ َ‬
‫َ‬ ‫األيسر َ‬‫َ‬ ‫الشق‬
‫َّ‬
‫قسم بينَـ ُهم ليكو َن بركةً باقيةً‬ ‫‪،‬‬ ‫بذلك ِ‬
‫إليه‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ب‬‫ويتقر‬ ‫منه‬ ‫هو‬ ‫مبا‬ ‫ه‬ ‫ِ‬
‫ليستشفعوا إىل اللَّ ِ‬ ‫ليتربكوا ِبه و‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫شعرهُ ّ‬ ‫َ‬
‫عليه وسلّم َمن أسعدهُ اللَّه‬ ‫بينَـهم وتذكرًة َلم مث تبع الصحابةَ يف خطّت ِهم يف الترب ِك بآثارهِ صلّى اللَّه ِ‬
‫ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ُ‬
‫لف‪.‬‬‫اخللف ع ِن الس ِ‬ ‫ذلك ُ‬ ‫ارد َ‬ ‫وتو َ‬
‫ّ‬
‫ناصية ِ‬
‫رسول اللَّه صلّى‬ ‫ليد رضي اللَّه عنه كانَت له قلنسوة وضع يف طيها شعرا ِمن ِ‬ ‫وخالد بن الو ِ‬ ‫‪-‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬
‫اته‪َ ،‬روى‬ ‫انة فكا َن يلبسها يترب ُك هبا يف َغزو ِ‬ ‫أسه ملا حلَق يف عمرةِ اجلعر ِ‬ ‫عليه وسلّم أي مق ّدِم ر ِ‬ ‫اللَّه ِ‬
‫ّ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫ليد أنه ق َال "اعتمرنا مع ِ‬
‫رسول اللَّه صلّى اللَّه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ابن حج ٍر يف‬
‫َ َ‬ ‫املطالب العالية َعن خالد ب ِن الو ُ‬ ‫ظ ُ‬ ‫احلاف ُ‬
‫مة ال َقلنسوةِ فما‬ ‫الناصية فجعلتُها يف مق ّد ِ‬ ‫ِ‬ ‫فسبقت إىل‬
‫ُ‬ ‫شعرهُ‬
‫فحلق َ‬ ‫َ‬
‫عليه وسلّم يف عمرةِ اجلعر ِ‬
‫انة‬ ‫ُ‬
‫ِ‬

‫البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ .‬كتاب الوضوء‪ :‬باب املاء الذي يغسل به شعر اإلنسان‪ .‬ج ص ‪.4‬‬
‫مسلم‪ .‬صحيح مسلم‪ .‬كتاب احلج‪ :‬باب بيان أن السنة يوم النحر أن يرمي مث ينحر مث حيلق واالبتداء يف احللق باجلانب األَين‬
‫من رأس احمللوق‪ .‬ج ص ‪.4‬‬
‫ا بن حجر العسقالين‪ .‬املطالب العالية بزوائد املسانيد الثمانية‪ .‬ج ص‪.72‬‬
‫‪77‬‬
‫ائد‪" 1‬رواه الطّرباينُّ وأبو يعلى بنحوهِ‬ ‫ظ اَليثمي يف َمم ِع الزو ِ‬ ‫وقال احلاف ُ‬
‫فتح يل"‪َ .‬‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫وجهت يف وجه إال َ‬ ‫ُ‬
‫حيح" اهـ‪.‬‬
‫الص ِ‬ ‫رجال ّ‬ ‫ورجاَلما ُ‬
‫‪ -‬وروى ابن اجلوزي يف مناقب أمحد باإلسناد املتصل إىل ِ‬
‫أيت‬
‫قال "ر ُ‬‫حنبل َ‬ ‫أمحد ب ِن ٍ‬‫عبد اللَّه ب ِن َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أحسب أين رأيتهُ‬ ‫فيضعها َعلى فيه يُقبّلها و ُ‬ ‫النيب صلّى اللَّه عليه وسلّم َ‬ ‫ِ‬
‫أيب يأخ ُذ شعرًة من شعر ّ‬
‫زمزم يَستشفي ِبه‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يشرب من ماء َ‬ ‫ُ‬ ‫غمسها يف املاء ويشربهُ يستشفي به‪ ،‬ورأيتهُ‬ ‫يضعُها على عينيه ويَ ُ‬ ‫َ‬
‫ووجههُ" اه‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫َيسح به يديه َ‬ ‫و ُ‬
‫بني ِ‬
‫الناس‪،‬‬ ‫وقسمها َ‬ ‫أظفارهُ َ‬
‫ِ‬
‫النيب صلّى اللَّه عليه وسلّ َم قلّم َ‬ ‫أن َّ‬ ‫أمحد يف ُمسندهِ َّ‬ ‫اإلمام ُ‬‫ُ‬ ‫‪ -‬وأخر َج‬
‫ظ اَليثمي يف َمم ِع الزو ِ‬
‫ائد‬ ‫وقال احلاف ُ‬ ‫ليتربكوا هبا‪َ .‬‬ ‫ومعلوم َّ‬
‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫الناس بل ّ‬ ‫ذلك مل ي ُكن ليأكلها ُ‬ ‫أن َ‬
‫حيح"‪.‬‬
‫الص ِ‬ ‫رجال ّ‬ ‫"ورجالهُ ُ‬
‫أخرجت إلينا‬ ‫بنت أيب بك ٍر َ‬ ‫عبد اللَّه ب ِن َكيسان موىل أُساء ِ‬ ‫حيح عن ِ‬
‫قال " َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الص ِ َ‬ ‫‪ -‬وأخر َج مسلم يف ّ‬
‫بضت قَبضتُها‬ ‫لما قُ َ‬
‫رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ‬ ‫جبةً‪ ،‬وقالَت هذهِ جبةُ ِ‬
‫عند عائشةَ‪ ،‬ف ّ‬ ‫عليه وسلّم كانَت َ‬ ‫ّ‬
‫نغسلُها للمرضى نَ ِ‬
‫ستشفي هبا" اه‪.‬‬ ‫عليه وسلّم يلبسها فنحن ِ‬ ‫وكا َن النيب صلّى اللَّه ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُّ‬
‫أقول‬
‫بيديه فأقبّلهما و ُ‬‫قال "كنت إذا أتيت أنسا ءاخ ُذ ِ‬ ‫رضي اللَّه عنهُ َ‬ ‫ٍ‬ ‫‪ -‬وع ِن‬
‫ُ ً‬ ‫ُ‬ ‫التابعي ثابت البُناينّ َ‬‫ّ‬
‫ِ‬
‫العينان‬ ‫أقول بأيب ِ‬
‫هاتان‬ ‫عليه وسلّم وأقبل ِ‬
‫عينيه و ُ‬ ‫رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ‬
‫مستا َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫بأيب هاتان اليدان اللتان ّ‬
‫اَليثمي يف‬ ‫ظ‬
‫وقال احلاف ُ‬
‫سنده َ‬‫عليه وسلّم" اه رواه أبو يعلى يف م ِ‬ ‫رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ‬ ‫اللتان رأتا َ‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ َّ‬ ‫َمم ِع الزو ِ‬
‫حيح غريُ عبد الله ب ِن أيب بكر املقدمي َ‬
‫وهو ثقة" اه‪.‬‬ ‫الص ِ‬ ‫رجال ّ‬
‫ائد "ورجالهُ ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ -‬ويف ِ‬
‫جل ّرمانةَ‬‫الر ِ‬
‫مس ّ‬ ‫سألت أيب َعن ّ‬ ‫قال " ُ‬ ‫حنبل ألمحد َ‬‫أمحد ب ِن ٍ‬ ‫كتاب سؤاالت عبد اللَّه ب ِن َ‬
‫ِ‬
‫اقتضاء‬ ‫وقال ابن تيميةَ يف ِ‬
‫كتابه‬ ‫مس الق ِرب َ‬ ‫املن ِرب‬
‫بذلك‪ُ َ .‬‬ ‫بأس َ‬ ‫فقال ال َ‬ ‫كذلك َعن ّ‬ ‫الترب َك‪ ،‬و َ‬ ‫يقصد ّ‬ ‫ُ‬

‫ص‪. 7‬‬ ‫نور الدين اَليثمي‪َ .‬ممع الزوائد‪ .‬ج‪ 7‬ص‪ . 7‬أبو يعلى‪ .‬مسند أيب يعلى‪ .‬ج‬
‫ابن اجلوزي‪ .‬مناقب أمحد بن حنبل‪ .‬ص‪. 49- 43‬‬
‫أمحد‪ .‬مسند أمحد‪ .‬ج ص ‪.‬‬
‫نور الدين اَليثمي‪َ .‬ممع الزوائد‪ .‬ج ص‪. 7‬‬
‫‪ 4‬مسلم‪ .‬صحيح مسلم‪ .‬كتاب اللباس والزينة‪ :‬باب حتري استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال والنساء وخامت الذهب‬
‫واحلرير على الرجال وإباحته للنساء‪ .‬ج‪ 3‬ص‪. 7‬‬
‫‪ 3‬أبو يعلى‪ .‬مسند أيب يعلى‪ .‬ج‪ 3‬ص ‪.‬‬
‫‪ 9‬نور الدين اَليثمي‪َ .‬ممع الزوائد‪ .‬ج‪ 7‬ص‪. 4‬‬
‫‪ 4‬البهوت‪ .‬كشاف القناع‪ .‬ج ص‪. 42‬‬
‫‪78‬‬
‫أمحد وغريه يف التمس ِح باملن ِرب والرمانـ ـ ِة اليت ه ـي موضع م ِ‬ ‫ِ‬
‫النيب‬
‫قعد ّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ص ُ ُ‬ ‫رخ ُ‬‫الصراط املستقي ِم "ف َقد ّ‬
‫ّ‬
‫ويدهِ" اه‪.‬‬
‫كذلك فإذا كا َن وضع ِ‬ ‫ِ‬ ‫الترب ِك بآثا ِ‬ ‫ُّ‬
‫الوجه على‬ ‫ُ‬ ‫النيب وبقربه َ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫‪ ‬هذا الذي ذكرناهُ كلّهُ يدل على جوا ِز ّ‬
‫يقول أتباعُ اب ِن‬
‫حابة فماذا ُ‬ ‫بالل احلبشي مل ينكره أحد من الص ِ‬ ‫ومن ٍ‬‫الق ِرب ِمن أيب أيوب األنصاري ِ‬
‫َ ّ‬ ‫ّ ُ ُ‬ ‫ّ‬
‫احلبشي أم ماذا‬
‫َّ‬ ‫وبالال‬
‫األنصاري ً‬
‫ّ‬ ‫للترب ِك شرًكا؟ هل يُك ّفرو َن أبا أيوب‬
‫قصد الق ِرب ّ‬
‫الذين يعتربو َن َ‬
‫تيميةَ َ‬
‫العص ِر‬
‫أهل هذا َ‬ ‫للترب ِك ِمن ِ‬
‫احلني ّ‬‫الص َ‬
‫قبور ّ‬ ‫قصد َ‬‫ضيحة فتكفريُ الوهابيّ ِة ملن يَ ُ‬
‫يفعلو َن؟ فيا َلا ِمن فَ ٍ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ابن تيميةَ‬‫أن َ‬ ‫احملمديةَ فبهذا يُعلَ ُم َّ‬
‫الصحابة فيكونو َن ك ّفروا األمةَ ّ‬ ‫العص ِر إىل ّ‬
‫قبل هذا َ‬
‫نعطف على َمن َ‬ ‫يَ ُ‬
‫دعوى‬‫بعد هذا إىل َ‬ ‫التفات َ‬
‫َ‬ ‫وخلَ ِفها فال‬ ‫ِ ِ‬
‫أتباع ُهما شاذّو َن ع ِن األمة َسلفها َ‬
‫اب و َ‬ ‫الوه ِ‬ ‫ِ‬
‫بن عبد ّ‬ ‫وحمم َد َ‬
‫ّ‬
‫يفة صلّى اللَّه ِ‬‫الشر ِ‬
‫الترب ِك بآثارهِ ّ‬
‫عليه وسلّم‪.‬‬ ‫ُمنك ِري ّ‬
‫التوس ِل و ّ‬

‫واللَّهُ َ‬
‫تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم‬

‫‪79‬‬
‫احملاضرة الثالثة والعشرون‬
‫النبوة والمعجنة‬
‫الرحي ِم‬ ‫ِ‬
‫بسم اللَّه ّ‬
‫الرمح ِن ّ‬
‫حابته الطّاهرين‪.‬‬‫ءاله وص ِ‬ ‫احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ َ ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫الرفْـ َعةُ‪.‬‬
‫وهي ّ‬ ‫النبوَة إخبار ع ِن اللَّه تَعاىل‪ ،‬أو َ‬ ‫من النبِإ أ ِي اخل ِرب َّ‬ ‫‪ ‬النبوةُ ُمشتقة َ‬
‫من النَّْبـ َوة َ‬ ‫ألن ّ‬
‫يستقل‬ ‫العقل ال‬ ‫عنهم َّ‬ ‫ِ‬ ‫للعباد إذ ليس يف ِ‬ ‫‪ ‬واللَّه تَعاىل بعث األنبياء رمحةً ِ‬
‫ُّ‬ ‫ألن َ‬ ‫العقل ما يُستغىن به ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫املنجية يف اآلخرةِ‪ ،‬ففي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مبعر ِفة‬
‫متفضل هبا‬‫لذلك‪ .‬فاللَّه ّ‬ ‫بعثة األنبياء َمصلحة ضرورية حلاجت ِهم َ‬ ‫األشياء‬
‫وبني ِ‬
‫اخللق‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫على عبادهِ‬
‫احلق تَعاىل َ‬ ‫بني ّ‬ ‫فهي سفارة َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫هو إنسان‬ ‫سول َ‬ ‫الر ُ‬ ‫فالنيب ّ‬
‫رسوال ُّ‬ ‫منهم ً‬ ‫ومن مل ي ُكن ُ‬ ‫رسوال َ‬
‫منهم ً‬ ‫وَيب اإلَيا ُن بأنبياء اللَّه َمن كا َن ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪‬‬
‫ات اللَّه وسالمهُ علي ِهم‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫بتبليغه ِ‬ ‫ٍ‬
‫جديد وأُِمَر‬ ‫أوحى اللَّه ِ‬
‫وحممد صلو ُ‬ ‫وعيسى ّ‬ ‫كموسى َ‬ ‫َ‬ ‫للناس‬ ‫إليه بشرٍع‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫رسول قبلَهُ وأُِمَر‬‫ع ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بتبليغه‬ ‫بع شر َ‬ ‫فهو إنسان أَْو َحى اللَّه إليه ال بشرٍع جديد بل ليتّ َ‬ ‫الرسول َ‬ ‫النيب غريُ ّ‬
‫أما ُّ‬
‫الم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس ُ‬
‫موسى عليه ّ‬ ‫كداود وسليما َن أُمرا بتبلي ِغ شرِع التوراة الىت أنزلَت َعلى سيّدنا َ‬ ‫َ‬
‫ين نبيًّا‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫األنبياء كبري ًّ‬ ‫ِ‬ ‫‪‬‬
‫ورد يف القرءان أُساءُ مخسة وعشر َ‬ ‫جدا‪ ،‬وقَد َ‬ ‫وعدد‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫حممد‬‫عند اللَّه ّ‬ ‫أعالهم درجةً ومْنزلةً َ‬ ‫حممد‪ ،‬وأفضلُهم و ُ‬ ‫وءاخرهم سيّدنا ّ‬ ‫ُ‬ ‫ءادم‬
‫ُ‬ ‫دنا‬ ‫سي‬
‫ّ‬ ‫األنبياء‬ ‫‪ ‬و ُ‬
‫أول‬
‫أمجعني‪.‬‬
‫َ‬ ‫ات اللَّه وسالمهُ علي ِهم‬ ‫عيسى مث نوح صلو ُ‬ ‫موسى مث َ‬ ‫اهيم مث َ‬ ‫مث إبر ُ‬
‫الم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يدل على َّ‬ ‫‪ ‬تنبيهٌ‪ :‬مما ُّ‬
‫الس ُ‬‫ءادم عليه ّ‬ ‫أول األنبياء ُ‬ ‫أن َ‬
‫ني( ) ﴾ ( ُس ْوَرةُ‬ ‫‪ -‬قوله تَعاىل ﴿إِ َّن اهلل اصطََفى ءادم ونـُوحا وء َال إِبـر ِاهيم وء َال ِعمرا َن علَى ِ‬
‫العالَم ْ َ‬
‫َ َ َ َ ْ ً َ َ َْ ْ َ َ َ ْ َ َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬
‫كل كا َن بالنبوةِ‪.‬‬ ‫ءَال ع ْمَران) واصطفاءُ ّ‬
‫ِ ِ‬
‫عليه وسلَم "أنا سيّد ولد ءادم يوم القيامة وبيدي لواء الحمد وال‬ ‫رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ‬ ‫وقول ِ‬ ‫ُ‬ ‫‪-‬‬
‫ٍ‬
‫وحسنهُ‪.1‬‬
‫الرتمذي ّ‬
‫ُّ‬ ‫نبي يومئذ ءادم فمن سواه إال تحت لوائي" رواهُ‬ ‫فخر‪ ،‬وما من ّ‬
‫أن ّأول من أرسل من‬ ‫أصول ال ّدي ِن "أجمع المسلمون على َّ‬ ‫البغدادي يف ِ‬‫ُّ‬ ‫وقول أيب منصوٍر‬ ‫ُ‬ ‫‪-‬‬
‫السالم" اه‪.‬‬
‫الناس ءادم عليه ّ‬

‫الرتمذي‪ .‬سنن الرتمذي‪ .‬ج‪ 4.‬ص‪ ، 24‬أمحد‪ .‬مسند أمحد‪ .‬ج ص‪. 47‬‬
‫أبو منصور البغدادي‪ .‬أصول الدين‪ .‬ج ص‪. 47‬‬
‫‪81‬‬
‫اتب اإلمجا ِع‪.1‬‬ ‫باإلمجاع كما ذكر ابن ح ٍزم يف ِ‬
‫كتابه مر ِ‬ ‫ليس مبسل ٍم‬
‫َ ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫فهو َ‬ ‫ءادم َ‬‫فمن نفى نبوَة َ‬ ‫‪َ -‬‬
‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هي أمر خارق‬ ‫نيب إال وقَد أيّدهُ الله مبعجزة‪ ،‬واملعجزةُ َ‬ ‫النيب املعجزةُ فما من ّ‬ ‫بيل إىل َمعرفة ّ‬ ‫‪ ‬و ّ‬
‫الس ُ‬
‫من‬ ‫املعارضة ِ‬‫ِ‬ ‫للعادةِ يظهره اللَّه على ِ‬
‫باملثل َ‬ ‫من‬
‫تأييدا لهُ وتصدي ًقا لهُ يف دعواهُ‪ ،‬سامل َ‬ ‫النيب ً‬ ‫ّ‬ ‫يد‬ ‫ُ ُ‬
‫املعارضني‪ ،‬صاحل للتح ّدي‪.‬‬ ‫َ‬
‫اآلالف منها ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫فمن‬ ‫ُ‬ ‫وي عنهُ‬
‫أكثر األنبياء ُمعجزات إذ ُر َ‬ ‫حممد صلّى الله عليه وسلّم َ‬ ‫‪ ‬وقَد كا َن نبيّنا ّ‬
‫املنقول بالتوات ِر ال يكو ُن إال صدقًا َّ‬ ‫هذه املعجز ِ‬
‫املنقول‬
‫َ‬ ‫اخلرب‬
‫ألن َ‬ ‫ُ‬ ‫نقل إلينا بالتوات ِر‪ ،‬واخلربُ‬ ‫َ‬ ‫ما‬ ‫ات‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫من ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫اطؤُهم على الكذب مث هؤالء نقلوهُ‬ ‫ستحيل عاد ًة تو ُ‬ ‫ُ‬ ‫الناس يَ‬ ‫شاهدها مجع َ‬ ‫حبادثة َ‬ ‫هو خرب‬ ‫بالتواتر َ‬
‫ِِ‬ ‫جلم ٍع مثلِهم ال يقبل اتفاقُهم على ال ِ‬
‫فيما‬‫الناس َعن ُوجود فرعو َن َ‬ ‫بني ِ‬ ‫كذب وهكذا كاألخبا ِر املتواترِة َ‬ ‫ُ ُ‬
‫قدر على دف ِع العل ِم‬ ‫شاهدناها َّ‬ ‫ِ ٍ ٍ‬ ‫ِ‬
‫احد منّا ال يَ ُ‬ ‫فإن الو َ‬ ‫حنن ما َ‬ ‫مضى وكاألخبار َعن ُوجود بلدان نائية ُ‬ ‫َ‬
‫اليقيين ف َكما نُص ّد ُق هبذا نُص ّد ُق‬ ‫العلم‬ ‫بهة َّ‬ ‫بشك أو ُش ٍ‬ ‫بذلك عن ِ‬
‫َّ‬ ‫فيد َ‬ ‫اتر يُ ُ‬ ‫اخلرب املتو َ‬
‫ألن َ‬ ‫قلبه ّ‬ ‫َ َ‬
‫صول ذلك على ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أيديهم‪.‬‬ ‫اتر ِمن ُح ِ َ‬ ‫مبعجزات األنبياء ملا تو َ‬
‫القرءان ِ‬
‫الكري‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫عليه وسلّم معجزةُ‬ ‫سول صلّى اللَّه ِ‬ ‫ات الر ِ‬ ‫ِ‬
‫أعظم معجز ّ‬ ‫‪ -‬و ُ‬
‫ب إىل ِج ْذ ِع ََنْ ٍل‬ ‫حني َخيطُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫النيب صلّى اللَّه عليه وسلّ َم كا َن يَ ْستَن ُد َ‬ ‫أن َّ‬ ‫ك َّ‬ ‫ِ‬
‫ني اجلِ ْذ ِع ‪َ ،‬وذَل َ‬ ‫ِ‬
‫‪ -‬ومنها حن ْ ُ‬
‫عليه فبَدأَ باخلُطبَ ِة‬
‫عليه وسلّم ِ‬ ‫فلما ع ِمل له املِْنبـر صعِ َد صلّى اللَّه ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َُ َ‬ ‫عم َل لهُ املنربُ‪َ ُ َّ ،‬‬ ‫قبل أن يُ َ‬ ‫يف مسجده َ‬
‫رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ‬ ‫ِ‬ ‫حىت ُِس َع حنِينَه َم ْن يف‬ ‫ِ‬
‫عليه‬ ‫املسجد‪ ،‬فنَ َزل ُ‬ ‫فح َّن اجل ْذعُ ّ‬‫وهو قائم على املن ِرب َ‬ ‫َ‬
‫أن القرءا َن متواتر‬ ‫اجلذع هذا ُمتواتر كما َّ‬ ‫ني ِ‬ ‫ديث َحن ِ‬ ‫وح ُ‬ ‫ت‪َ .‬‬ ‫فس َك َ‬ ‫ض َّمهُ واعتن َقهُ‪َ -‬‬ ‫أي َ‬ ‫فالتزَمهُ ‪ْ -‬‬ ‫وسلّ َم َ‬
‫ص َل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صح ٍ‬ ‫أعجب املعجز ِ‬ ‫ِ‬ ‫وهذهِ ِمن‬
‫أعجب من إحياء املوتى الذي َح َ‬ ‫ُ‬ ‫قول ّإَنا‬‫لقائل أن يَ َ‬ ‫ات ويَ ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫قبل أن َيوتوا‪ ،‬أما‬ ‫رجوع هؤالء األشخاص إىل م ِثل ما كانوا عليه َ‬ ‫تضم ُن َ‬ ‫ألن إحياءَ املوتى يَ َّ‬ ‫سيح َّ‬ ‫للم ِ‬‫َ‬
‫أعجب‪ ،‬هذا ِمن أظه ِر‬ ‫فهو‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫من اجلَ َماد الذي مل ي ُكن من عادته أن يتكل َم بإرادة َ‬ ‫فهو َ‬ ‫اخلشب َ‬ ‫ُ‬
‫ات‪.‬‬‫املعجز ِ‬

‫أبو حممد علي بن حزم‪ .‬مراتب اإلمجاع يف العبادات واملعامالت واالعتقادات‪ .‬ص ‪. 9‬‬
‫البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ .‬كتاب املناقب‪ :‬باب عالمات النبوة يف اإلسالم‪ .‬ج ص‪. 9‬‬
‫‪81‬‬
‫ِ‬ ‫بعض معجز ِ‬ ‫ذكر ِ‬
‫األنبياء‪:‬‬ ‫ات‬ ‫‪ُ ‬‬
‫ِ‬ ‫الصخرةِ ف َق ِد اقرتح قومه ِ‬
‫كنت نبيًّا َمبعُوثًا‬
‫ذلك بقوَلم إ ْن َ‬ ‫عليه َ‬ ‫َ ُُ‬ ‫من َّ‬ ‫ت َ‬ ‫نيب اللَّه َ‬
‫صا ٍحل اليت َخَر َج ْ‬ ‫‪ -‬ناقةُ ّ‬
‫لدها)‬ ‫فصيلُها (أي و ُ‬ ‫الصخرةِ ناقةً وفَصيلَها فأخرج َلم ناقةً معها ِ‬ ‫بك فأخ ِر ْج لَنا ِمن هذهِ َّ‬ ‫ؤم َن َ‬ ‫إلينا لِنُ ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫فانده ُشوا فآمنوا ِبه‪.‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الم‬
‫الس ُ‬ ‫اهيم عليه ّ‬
‫ِ‬
‫يث مل ُْحترقْهُ وال ثيابَهُ‪ ،‬سيّ ُدنا إبر ُ‬ ‫اهيم َح ُ‬
‫العظيمة على سيّدنا إبر َ‬ ‫عد ُم تأث ِري النّا ِر َ‬
‫‪َ -‬‬
‫نارا‬
‫فأضرموا لهُ ً‬ ‫ِ ِ ِ َّ‬ ‫رتك دينَه الذي هو ِ‬
‫الباطل بعبادة غري الله فأىب َ‬ ‫َ‬ ‫هم‬ ‫دين‬
‫َ‬ ‫َّبع‬
‫َ‬ ‫ت‬ ‫وي‬ ‫عليه‬ ‫َ‬ ‫قومهُ أن يَ َ ُ‬ ‫أر َاد منهُ ُ‬
‫وجل َسلَّمهُ‬ ‫عز َّ‬ ‫لكن اللَّه َّ‬ ‫ِ‬
‫باملنجنيق و َّ‬ ‫عظيمةً ما استطاعُوا ِمن قُـ َّوِتا أن يَقرتبوا ِمنها ف َقذفوهُ إليها‬
‫القيد الذي قَـيَّدوهُ ِبه‪.‬‬
‫َحرقَت َ‬ ‫ِ‬
‫وسالما عليه فلَم ُحترقهُ وال ثيابهُ وإّمنا أ َ‬ ‫ً‬ ‫بردا‬
‫النار ً‬
‫فكانت ُ‬
‫ِ‬
‫انقالب َعصاهُ ثعبانًا حقيقيّا‪،‬‬ ‫الم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫الس ُ‬
‫موسى عليه ّ‬ ‫صلَت لسيّدنا َ‬ ‫‪ -‬وم َن املعجزات العظيمة اليت َح َ‬
‫عندهُ‪،‬‬ ‫بعني ساحرا ِمن كبا ِر َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫الذين َ‬
‫السحرة َ‬ ‫ً‬ ‫مع فرعو ُن َس َ‬ ‫فج َ‬ ‫موسى‪َ ،‬‬ ‫وذلك ملا حتدَّى فرعو ُن سيّ َدنا َ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫موسى َبعصاهُ فانقلَ َ‬ ‫تس َعى‪ ،‬فأل َقى سيّ ُدنا َ‬ ‫للناس أ َّنا حيّات ْ‬ ‫احلبال اليت يف أيدي ِهم فَ ُخيّل ِ‬ ‫فألْ َقوا َ‬
‫َ‬
‫أن هذا ليس ِمن ِ‬
‫قبيل‬ ‫رف ال ّسحرةُ َّ‬ ‫فع َ‬ ‫السحرةُ‪َ ،‬‬ ‫احلبال اليت رماها َّ‬ ‫تلك َ‬ ‫أكل َ‬ ‫صا ثعبانًا حقيقيًّا َ‬ ‫الع َ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫موسى وهارو َن‪،‬‬ ‫برب َ‬ ‫للعادة ال يَستطيعو َن ُمعارضتهُ باملثل‪ ،‬فقالوا ءامنَّا ّ‬ ‫الس ْح ِر وإّمنا هو أمر خارق َ‬ ‫ّ‬
‫نارا عظيمةً فلم يَرجعوا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فأضرَم َلم ً‬ ‫قبل أن يأذ َن َلم وتركوا ما كانوا عليه َ‬ ‫ب فرعو ُن ألَنم ءامنوا َ‬ ‫فَـغَض َ‬
‫ِ‬
‫موسى وهارو َن فَـ َقتَـلَهم‪.‬‬‫برب َ‬ ‫ع ِن اإلَيان ّ‬
‫هود‬ ‫وذلك ال يستَطاع معارضتُه باملِ ِثل فلَم ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ -‬ومنها ما ظَهر للم ِ ِ‬
‫تستَط ِع اليَ ُ‬ ‫ْ‬ ‫سيح من إحياء املوتَى َ ُ ْ ُ ُ َ‬ ‫ََ َ‬
‫أيضا َبعجيبَ ٍة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضوهُ بامل ِثل‪ .‬وقَد أتى ً‬ ‫يصني على االفرتاء عليه أن يُعا ِر ُ‬ ‫وحر َ‬ ‫ني بتكذيبه َ‬ ‫الذين كانوا ُمولَع َ‬
‫أحد ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أخرى ع ٍ‬
‫أهل َعص ِرهِ ُم َ‬
‫عارضتَهُ‬ ‫وهي إبراءُ األ ْك َمه ‪-‬أ ِي الذي ُول َد أعمى‪ -‬فلَم يَستط ْع َ‬ ‫َ‬ ‫ظيمة‬ ‫َ‬
‫جوب عبادةِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كل ما ُخيِربُ به من ُو ِ َ‬ ‫فذلك دليل على ص ْدقه يف ّ‬ ‫العص ِر‪َ .‬‬ ‫ذلك َ‬ ‫ب يف َ‬ ‫مع تَوفُّ ِر الط ّ‬‫بامل ِثل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫اخلالق َ ِ‬
‫وحدهُ من غ ِري إشراك به ووجوب متابعته يف األعمال اليت ُ‬
‫يأم ُرهم هبا‪.‬‬ ‫ِ‬

‫واللَّهُ َ‬
‫تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم‬

‫‪82‬‬
‫احملاضرة الرابعة والعشرون‬
‫عصمة األنبياء‬
‫الرحي ِم‬
‫الرمح ِن ّ‬
‫ِ‬
‫بسم اللَّه ّ‬
‫ءاله وص ِ‬
‫حابته الطّاهرين‪.‬‬ ‫احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ َ ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫الصفات‬‫ما يجب لألنبياء من ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َيوز يف‬‫ستحيل علي ِهم وما ُ‬ ‫ُ‬ ‫أي وما يَ‬ ‫الصفات ْ‬ ‫من ّ‬ ‫َيب َلم َ‬ ‫إن معرفةَ األنبياء تكو ُن مبعرفة ما ُ‬ ‫‪َّ ‬‬
‫الناس َمصاحلَ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫صفوةُ ِ‬ ‫ح ّق ِهم‪ .‬فاألنبياءُ ُهم َ‬
‫ات ريب وسالمهُ عليهم أرسلَهم الله ليبلّغوا َ‬ ‫اخللق صلو ُ‬
‫ههم‬ ‫ونز ُ‬
‫ِ‬
‫احلسنة َّ‬ ‫ِ‬
‫األخالق‬ ‫فات احلميدةِ و‬ ‫فإن اللَّه مجَّلهم بالص ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫لذلك َّ‬‫للناس و َ‬ ‫فهم قدوة ِ‬ ‫نياهم ُ‬‫ود ُ‬ ‫دين ِهم ُ‬
‫ِ‬
‫العالَ ِم ْني(‪﴾)43‬‬ ‫ِ‬
‫األنبياء ﴿ َوَك ًّال فَ َّ‬ ‫فات ال ّذ ِ‬ ‫ع ِن الص ِ‬
‫ض ْلنَا َعلَى َ‬ ‫من‬
‫عددا َ‬ ‫بعد أن ذ َكَر ً‬ ‫قال تَعاىل َ‬ ‫ميمة َ‬ ‫ّ‬
‫( ُس ْوَرةُ األَنْـ َعام)‪.‬‬
‫النبوةِ َّ‬ ‫ِ‬
‫وألن‬ ‫نصب ّ‬ ‫ذلك نقص يُنايف َم َ‬ ‫ألن َ‬ ‫لكذب َّ‬ ‫فيستحيل علي ِهم ا ُ‬ ‫ُ‬ ‫دق‬
‫ُ‬ ‫الص‬
‫ّ‬ ‫لألنبياء‬ ‫‪ُ ‬‬
‫َيب‬
‫ريهم‬ ‫ِ‬ ‫نقل خ ٍرب‬
‫متن على ِ‬
‫الناس رسالةَ رهبم ويرشدهم إىل ما فيه َخ ُ‬ ‫فكيف مبن يبلّغ َ‬ ‫َ‬ ‫الكاذب ال يؤ ُ‬ ‫َ‬
‫وصالحهم‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وجهه على ما بيّنهُ العلماءُ مبا‬‫باألنبياء على ِ‬ ‫ِ‬ ‫النصوص الشرعيّ ِة مبا يتعلّ ُق‬
‫ِ‬ ‫بد ِمن فَه ِم ما جاءَ يف‬ ‫‪ ‬ال َّ‬
‫لسوء فَه ِم ِ‬
‫بعض‬ ‫املكذوبة علي ِهم ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القصص‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫سب إىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بعض األنبياء َ‬ ‫مع األصول واحلذر مما نُ َ‬ ‫افق َ‬ ‫يتو ُ‬
‫ِ‬
‫النصوص‪.‬‬
‫أسند الفعل إىل ِ‬
‫كبريهم‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫كبريه‬ ‫عله‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫بل‬ ‫اهيم‬ ‫ر‬ ‫إب‬ ‫قال‬
‫َ‬ ‫"‬ ‫ِ‪1‬‬
‫األندلسي يف النه ِر املاد‬ ‫قال أبو حيّا َن‬ ‫‪َ -‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫األصنام‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫تعظيمهم وعبادِتم لهُ وملا دونهُ َ‬ ‫ُ‬ ‫هو‬
‫َعلى جهة اجملاز ملا كا َن سببًا يف كسر هذه األَصنام َ‬
‫أكثر ِمن تعظي ِم‬‫تعظيمهم لهُ ُ‬‫الفعل إىل الكبري إذ كا َن ُ‬
‫ِ‬
‫فأسند َ‬ ‫حتطيمها وكس ِرها َ‬ ‫حامال على ِ‬ ‫ذلك ً‬ ‫كا َن َ‬
‫ما دونهُ" اه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫لألنبياء األمانةُ ويستحيل علي ِهم اخليانةُ فال يأكلو َن أمو َال ِ‬ ‫ِ‬
‫استنصح ُهم‬
‫َ‬ ‫بالباطل وإذا‬ ‫الناس‬ ‫ُ‬ ‫‪ُ ‬‬
‫َيب‬
‫يغشوهُ‪.‬‬
‫صحوهُ ومل ّ‬ ‫َشخص نَ ُ‬

‫أبو حيان األندلسي‪ .‬تفسري النهر املاد‪ .‬ج ص‪. 37‬‬


‫‪83‬‬
‫عش َق امرأ َة‬ ‫األنبياء "ما حكاه بعض املفسرين عن داود وهو أنه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ازي‪ 1‬يف ِع ِ‬
‫صمة‬ ‫قال الر ُّ‬ ‫‪ ‬تنبيهٌ‪َ :‬‬
‫َ َ ُ‬ ‫ُ ُ ّ َ َ‬
‫باألنبياء بل لَو وصف بـ ـ ـ ـ ـ ِه أفسق ِ‬
‫امللوك لكـ ـ ـ ـ ـا َن‬ ‫ِ‬ ‫يليق‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫فتزو َجها ال ُ‬ ‫زوجها ّ‬ ‫قتل َ‬ ‫فاحتال حىت َ‬ ‫َ‬ ‫أوريا‬
‫منكرا" اه‪.‬‬
‫ً‬
‫صح ِة هذا ال ّدي ِن‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلجة على ّ‬ ‫بذلك على إقامة ّ‬ ‫أي قوةُ الفه ِم ليستطيعوا َ‬ ‫وَيب لألنبياء الفطانةُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫‪‬‬
‫احلج ِة على َمن‬ ‫ِ‬
‫غيب عاجز َعن إقامة ّ‬ ‫هو ٌّ‬ ‫ِ‬
‫ضعف الفهم فليس فيهم َمن َ‬
‫ُ ِ‬ ‫عليهم الغباوةُ أي‬ ‫ُ‬ ‫ويستحيل‬
‫ُ‬
‫عليهم‬
‫ُ‬ ‫ويستحيل‬
‫ُ‬ ‫املعاندين‪.‬‬
‫َ‬ ‫احلجةَ على الك ّفا ِر‬ ‫قيموا ّ‬ ‫الرسالةَ ويُ ُ‬ ‫ألن اللَّه أرسلَ ُهم ليبلّغوا ّ‬ ‫يُعارضهُ َّ‬
‫بعد أن‬ ‫املرةِ األوىل إال َ‬ ‫ُ ِ‬ ‫بليد ال ّذه ِن أي‬ ‫ِ‬
‫من ّ‬ ‫الكالم َ‬
‫َ‬ ‫يفهم‬
‫ضعيف ال َفهم ال ُ‬ ‫هو ُ‬ ‫فليس فيهم َمن َ‬ ‫البالدةُ َ‬
‫ويستحيل علي ِه ُم اجلنو ُن قليلُهُ وكثريهُ‪.‬‬ ‫ات‪،‬‬‫عليه ع ّد َة مر ٍ‬ ‫يكرر ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ َّ‬
‫األنبياء َمن‬‫ِ‬ ‫فليس يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪‬‬
‫أخالق األسافل ال ّدون َ‬ ‫ُ‬ ‫وهي‬
‫الرذالةُ َ‬ ‫فيستحيل عليه ُم ّ‬
‫ُ‬ ‫لألنبياء الع ّفةُ‪،‬‬ ‫وَيب‬
‫ُ‬
‫بشهوةٍ ً‬
‫مثال‪.‬‬ ‫ساء األجنبي ِ‬ ‫هو رذيل خيتلس النّظر إىل النّ ِ‬
‫ات َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يقول ألفاظًا‬ ‫هو سفيه ُ‬ ‫فليس فيهم َمن َ‬ ‫ف خبالف احلكمة َ‬ ‫التصر ُ‬
‫وهي ّ‬ ‫السفاهةُ َ‬ ‫ستحيل عليهم ّ‬ ‫ُ‬ ‫‪ ‬ويَ‬
‫النفس‪.‬‬
‫تستقبحها ُ‬ ‫ُ‬ ‫شنيعةً‬
‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫سول ما كا َن و َ ِ‬
‫الزوجات حل َك ٍم ع ّدة منها أن َ‬
‫َيمع‬ ‫من ّ‬
‫لوع القلب بالنّساء وإمنا ع ّد َد َ‬ ‫الر ُ‬ ‫‪ ‬تنبيهٌ ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العرب باملصاهرةِ‬ ‫ِ‬
‫الصالةُ‬ ‫وينشر دعوتَهُ بطَر ِيق النّساء إىل النّساء‪ .‬وأما قولُه عليه ّ‬ ‫َ‬ ‫َشتات ِ‬
‫قبائل‬
‫ِ ِ‬
‫الصالة" فمعناهُ ُجع َل ّ‬
‫يف‬ ‫الم "حبّب إل ّي من دنياكم الطيب والنساء وجعلت ق ّرة عيني في ّ‬ ‫الس ُ‬‫و ّ‬
‫ِ‬
‫للنساء ِمن غري تتبُّ ٍع ِم ّين‪.‬‬ ‫الطبيعي‬ ‫امليل‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫ستحيل علي ِهم ُ‬
‫اجلب‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الشجاعةُ‪ ،‬فيَ‬ ‫وَيب لألنبياء ّ‬ ‫ُ‬ ‫‪‬‬
‫ِ‬
‫بتبليغه‪.‬‬ ‫سالة‪ ،‬فيستحيل علي ِهم كتما ُن ٍ‬
‫شىء مما أُمروا‬ ‫تبليغ الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪‬‬
‫ُ‬ ‫وَيب لألنبياء ُ ّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اللسان يف ّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يقول‬
‫اللسان أن َ‬ ‫وسبق‬
‫الشرعيّات والعاديّات‪ُ .‬‬ ‫سبق‬
‫يستحيل على األنبياء ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪ ‬و َ‬
‫كذلك‬
‫اللسان الر ِ‬‫ِ‬
‫تفعت الثقةُ مبا يقولو َن‪.‬‬ ‫َيوز علي ِهم ُ‬
‫سبق‬ ‫باملرةِ‪ ،‬فلو كا َن ُ‬ ‫شيئًا ما أر َاد أَن يقولَهُ ّ‬
‫روج ال ّد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ود‬ ‫وذلك ك ُخ ِ‬ ‫اض املن ّفرةِ َ‬ ‫منهم كاألمر ِ‬ ‫كل ما يُن ّفر َعن قَبول ال ّدعوة ُ‬ ‫ويستحيل علي ِهم ً‬
‫أيضا ُّ‬ ‫ُ‬ ‫‪‬‬
‫من اجلس ِم‪.‬‬ ‫َ‬

‫الرازي‪ .‬مفاتيح الغيب‪ .‬ج‪ 3‬ص‪. 99‬‬


‫النسائي‪ .‬سنن النسائي‪ .‬ج‪ 9‬ص ‪.3‬‬
‫‪84‬‬
‫ط مث‬‫ود يتساق ُ‬ ‫جسمهُ فكا َن ال ّد ُ‬
‫أكل َ‬ ‫الدود َ‬‫إن َ‬ ‫الناس يَفرتو َن على نيب اللَّه أيوب فيقولو َن َّ‬ ‫بعض ِ‬ ‫ُ‬ ‫‪-‬‬
‫ّ‬
‫قك الذي رزقك‪.‬‬ ‫ويقول يا ُملوقة ريب ُكلي ِمن رز ِ‬ ‫سمه ُ‬ ‫مكانه ِمن ِج ِ‬
‫عيدها إىل ِ‬ ‫يأخ ُذ ال ّدودةَ ويُ ُ‬
‫ّ‬
‫‪ -‬ويستحيل على األنبياء الربص وهو بياض مستبشع يف ِ‬
‫اجللد‪.‬‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫كالفظاظة‬ ‫كل ما يُن ّفر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪1‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ -‬تنبيهٌ‪َ :‬‬
‫السالمةُ من ّ‬ ‫َيب لألنبياء ّ‬ ‫الدر الثّمني " ُ‬ ‫حممد ميّارة يف ّ‬ ‫الشيخ ّ‬
‫ُ‬ ‫قال‬
‫وخلُق ِهم" اه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كالربص و ِ‬ ‫و ِ‬
‫اجلذام واألُدرِة ألَنم على غاية ال َكمال يف َخلق ِهم ُ‬ ‫ِ‬ ‫العيوب املن ّفرةِ‬
‫فليس مبسل ٍم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يقول َّ‬
‫‪ ‬تنبيهٌ ءاخر‪َ :‬من ُ‬
‫شبيها بالقرد َ‬ ‫قصري القامة ً‬ ‫متوح ًشا َ‬ ‫الم كا َن ّ‬ ‫الس ُ‬
‫ءادم عليه ّ‬
‫إن َ‬
‫ِ ِ‬
‫ذلك تكذيبًا لل ُقرءان لقوله تَعاىل ﴿لََق ْد َخلَ ْقنَا ا ِإلنْ َسا َن ِيف أ ْ‬
‫َح َس ِن تَـ ْق ِوْي( )﴾ ( ُس ْوَرةُ التـ ِّْني)‬ ‫ألن يف َ‬ ‫َّ‬
‫عليه وسلّم "ما بعث اللَّه نبيًّا إال حسن الوجه‬ ‫رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ‬ ‫لقول ِ‬ ‫أي يف أحسن صورةٍ‪ ،‬و ِ‬
‫حكم َمن‬‫كذلك ُ‬ ‫الرتمذي ‪ .‬و َ‬
‫ُّ‬ ‫وجها وأحسنهم صوتًا" رواهُ‬ ‫الصوت وإ ّن نبيّكم أحسنهم ً‬ ‫حسن ّ‬
‫األرض عُريانًا كالبهائ ِم‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ءادم كا َن َيشي يف‬ ‫إن َ‬ ‫يقول َّ‬‫ُ‬
‫عريب‬
‫ألن اللوا َط لفظ ٌّ‬ ‫اط َّ‬ ‫شتق ِمن فِ ِ‬
‫عل اللو ِ‬ ‫نيب اللَّه لُوط ُم ٌّ‬ ‫قال َّ‬ ‫‪ ‬تنبيهٌ ءاخر‪ :‬ال ُ‬
‫اسم ّ‬
‫إن َ‬ ‫َيوز أن يُ َ‬
‫أعجمي‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫صدر ال َط ولُوط اسم‬ ‫وهو َم ُ‬ ‫َ‬
‫النبوة وبعدها‬
‫الخسة قبل ّ‬ ‫تجب العصمة لألنبياء من الكفر والكبائر وصغائر ّ‬
‫فليس في ِهم َمن‬ ‫ِ‬
‫الوقوع يف الكفر َ‬ ‫من ِ‬ ‫تاما َ‬ ‫الم َمعصومو َن أي حمفوظو َن حفظًا ًّ‬ ‫الس ُ‬ ‫ِ‬
‫‪ ‬واألنبياءُ عليه ُم ّ‬
‫النبوةِ وال َ‬
‫بعدها‪.‬‬ ‫قبل ّ‬
‫ٍ‬ ‫يعبد َ َّ‬
‫غري الله طَرفةَ عني ال َ‬ ‫ُ‬
‫حني رءاهُ ﴿ َه َذا َرِّيب(‪ُ ( ﴾)93‬س ْوَرةُ األَنْـ َعام)‬ ‫الم ع ِن الكو ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ -‬تنبيهٌ‪ُ :‬‬
‫كب َ‬ ‫الس ُ‬‫اهيم عليه ّ‬ ‫قول سيّدنا إبر َ‬
‫ب‬‫قال ﴿َال أُ ِح ُّ‬ ‫غاب َ‬
‫قال أهذا ريب كما تزعمو َن مث ملا َ‬ ‫اإلنكاري فكأنهُ َ‬
‫ّ‬
‫فهو على تقدي ِر االس ِ‬
‫تفهام‬ ‫َ‬
‫أحب اآلفلين َّ‬
‫أن‬ ‫ايين يف التبص ِري "بيَّن إبراهيم بقوله ال ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قال اإلسفر ُّ‬ ‫اآلفل ْني(‪ُ ( ﴾)93‬س ْوَرةُ األَنْـ َعام)‪َ .‬‬
‫حال كان محدثًا ال يصح أن يكون إلها"‪َ ،‬‬
‫وقال‬ ‫حال إلى ٍ‬ ‫حل به من المعاني ما يغيّره من ٍ‬ ‫أن من َّ‬ ‫َّ‬
‫املفسرو َن يف قو ِله تَعاىل ﴿ َولََق ْد ءَاتَـْيـنَا إِبْـَر ِاهْي َم ُر ْش َدهُ ِم ْن قَـْب ُل ( ‪﴾)4‬‬ ‫قال ّ‬ ‫رطيب يف تفسريهِ " َ‬ ‫ال ُق ُّ‬
‫صغريا" اهـ‪.‬‬‫أي هديناهُ ً‬ ‫( ُس ْوَرةُ األَنْبِيَاء) ْ‬

‫حممد ميارة‪ .‬الدر الثمني واملورد املعني‪ .‬ج ص ‪. 9- 3‬‬


‫ص ِية" اهـ‬
‫قال ابن منظور يف لسان العرب ج ص‪" : 4‬األ ُْد َرةُ بالضم نفخة يف اخلُ ْ‬
‫الرتمذي‪ .‬الشمائل احملمدية واخلصائل املصطفوية ‪ .‬ص ‪ 4‬من حديث قتادة‪.‬‬
‫اإلسفراييين‪ .‬التبصري يف الدين‪ .‬ج ص ‪. 3‬‬
‫‪ 4‬القرطيب‪ .‬تفسري القرطيب‪ .‬ج‪ 3‬ص‪.43‬‬
‫‪85‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فليس‬
‫الوقوع يف املعاصي الكبرية َ‬ ‫من ِ‬ ‫تاما َ‬
‫أي حمفوظو َن حفظًا ًّ‬ ‫الم َمعصومو َن ْ‬ ‫الس ُ‬‫عليهم ّ‬
‫ُ‬ ‫‪ ‬واألنبياءُ‬
‫النبوةِ وال َ‬
‫بعدها‪.‬‬ ‫قبل ّ‬ ‫اخلمر ال َ‬ ‫شرب َ‬ ‫في ِهم َمن يَزين وال َمن يَ ُ‬
‫ليس‬ ‫)‬ ‫ف‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫ـ‬‫ي‬ ‫ُ‬‫ة‬‫ر‬ ‫و‬ ‫س‬ ‫(‬ ‫﴾‬ ‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -‬تنبيهٌ‪ :‬قوله تَعاىل ﴿ولََق ْد َّهَّت بِِه وه َّم ِهبا لَوَال أَ ْن رأَى بـرها َن ربِِّ‬
‫ه‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُْ َ َ‬ ‫ْ ََ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫هم بدفعِها لَوال أن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أي َّ‬ ‫بالزنا بامرأة العزي ِز وإمنا َمعىن ﴿ َوَه َّم هبَا﴾ ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫الم َّ‬
‫الس ُ‬
‫يوسف عليه ّ‬ ‫َ‬ ‫َمعناهُ َّ‬
‫أن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جربين‬
‫يوسف لو َدفعتَها لقالَت لزوجها َدفعين ليُ َ‬ ‫أنك يا ُ‬ ‫وهو َ‬ ‫أعلمهُ الربها َن َ‬ ‫أن اللَّه َ‬ ‫أي َّ‬
‫رأَى بُرها َن ربّه ْ‬
‫قال‬
‫عليها َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ليل َ‬ ‫قميصهُ من خلف فكا َن ال ّد ُ‬ ‫ظهرهُ ذاهبًا فشقَّت َ‬ ‫أدار َلا َ‬ ‫على الفاحشة فلَم يَدفَـ ْعها بل َ‬
‫ص احلَ ُّق أَنَا َر َاوْدتُهُ َع ْن نـَ ْف ِس ِه َوإِنَّهُ لَ ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫تَعاىل يف براءةِ‬
‫الع ِزيْ ِز اآل َن َح ْ‬
‫ص َح َ‬ ‫يوسف ﴿قَالَت ْامَرأَةُ َ‬ ‫َ‬
‫اآلية على أنه ِ‬
‫عليه‬ ‫يصح تفسري ِ‬ ‫ال‬ ‫ِ‪1‬‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ازي يف تفسريه ُ‬
‫أنه‬ ‫بني الر ُّ‬ ‫ني( ‪ُ ( ﴾)4‬س ْوَرةُ يـُ ْو َسف) وقَد َّ‬ ‫الصادق ْ َ‬
‫المفسرين‬‫ّ‬ ‫المحرم وهذا قول المح ّققين من‬ ‫ّ‬ ‫الهم‬
‫إن يوسف كان بريئًا من ّ‬ ‫فقال " َّ‬‫بالزنا َ‬
‫هم ّ‬ ‫الم َّ‬‫الس ُ‬‫ّ‬
‫والمتكلّمين وبه نقول وعنه نذ ُ" اه‪.‬‬
‫الصغريةِ اليت‬ ‫ِ‬
‫س يف املعاصي ّ‬ ‫من التلبّ ِ‬
‫الم َمعصومو َن أي حمفوظو َن حفظًا تا ًّما َ‬
‫ِ‬
‫‪ ‬واألنبياءُ عليه ُم ّ‬
‫الس ُ‬
‫وَيوز علي ِهم ما‬
‫بعدها‪ُ .‬‬ ‫النبوةِ وال َ‬
‫قبل ّ‬
‫ٍ‬
‫سرق ولو حبّةَ عنب ال َ‬ ‫فليس في ِهم َمن يَ ُ‬
‫خسة ودناءة َ‬ ‫فيها ّ‬ ‫َ‬
‫ذلك من املعاصي الصغريةِ اليت ليس فيها خسة وال دناءة كما حصل مع سيدنا ءادم ِ‬
‫عليه‬ ‫َ‬ ‫ََ َ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫سوى َ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫املعصية‬ ‫تلك‬
‫يقتدي هبم يف َ‬ ‫قبل أن‬ ‫ِ‬ ‫منهم شىء ِمن َ‬
‫َ‬ ‫فورا للتوبة َ‬ ‫ذلك ينبّهو َن ً‬ ‫حصل ُ‬
‫َ‬ ‫كن إن‬
‫الم ل ْ‬
‫الس ُ‬
‫ّ‬
‫الصغريةِ غريُُهم ِمن أمم ِهم فيفعل مثل ما فَعلوا ألَنم قدوة ِ‬
‫للناس‪.‬‬ ‫ّ‬
‫َ‬
‫املوت‪.‬‬
‫اج و ُ‬ ‫من األ ِمل و ّ‬
‫الزو ُ‬ ‫املرض غريُ املن ّف ِر واإلغماءُ َ‬
‫النوم و ُ‬
‫رب و ُ‬ ‫الش ُ‬
‫األكل و ّ‬
‫ُ‬ ‫وَيوز يف ح ّقهم‬
‫ُ‬ ‫‪‬‬

‫واللَّهُ َ‬
‫تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم‬

‫الرازي‪ .‬مفاتيح الغيب‪ .‬ج‪ 4‬ص‪. 2‬‬


‫‪86‬‬
‫احملاضرة اخلامسة والعشرون‬
‫التحذير من سيّد قطب وحن ُ اإلخوان‬
‫الرحي ِم‬
‫الرمح ِن ّ‬
‫ِ‬
‫بسم اللَّه ّ‬
‫حابته الطّاهرين‪.‬‬ ‫ءاله وص ِ‬ ‫احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ َ ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫الزمان فرقة تتسرتُ َ ِ‬ ‫إن ِمن أخط ِر ما يه ّدد األمةَ يف هذا ِ‬
‫الل‬
‫الض َ‬
‫الفساد و ّ‬ ‫َ‬ ‫حتت ستار ال ّدي ِن ُ‬
‫وتنشر‬ ‫ُ‬ ‫‪َّ ‬‬
‫ت‬‫ُخ ِر َج ْ‬
‫ٍ‬
‫مال بقوله تَعاىل ﴿ ُكْنتُم َخْيـَر أ َُّمة أ ْ‬
‫ِ‬ ‫التحذير منها وبيا ُن زيغِها واحنرافِها َع ً‬ ‫ُ‬ ‫فوجب‬
‫َ‬ ‫املسلمني‬
‫َ‬ ‫بني‬
‫َ‬
‫حزب‬
‫هي ُ‬ ‫ُ‬‫ة‬ ‫ق‬
‫ر‬ ‫الف‬ ‫ف وتَـْنـهو َن ع ِن الْمْن َك ِر(‪( ﴾) 2‬سورةُ ء ِال ِعمران) وهذهِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َّاس تَأْمرو َن بِالْمعرو ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫لِلن ِ‬
‫َ‬
‫اإلخو ِان أتباعُ سيّد قطُب‪.‬‬
‫الناس وقتلوا خل ًقا كثريا يف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املسلمني‬
‫َ‬ ‫بالد‬ ‫ً‬ ‫استحل كثري من أتباعه دماءَ ِ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫وبسبب فتاوى سيّد قطُب‬ ‫‪‬‬
‫املسلمني‪.‬‬ ‫الشيشان وغ ِريها ِمن ِ‬
‫بالد‬ ‫ِ‬ ‫ائر و‬ ‫كما ُ ِ‬
‫َ‬ ‫مصر واجلز َ‬ ‫تشهد عليهم أعماَلم يف َ‬
‫العلماء للتعلّ ِم‪ ،‬وال قرأَ علي ِهم وال َّ‬ ‫ِ‬
‫شم رائحةَ‬ ‫بني يد ِي‬‫‪ ‬وسيّد قطُب هذا مل يَ ْسبِ ْق لهُ أن َجثا َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فأقدم على‬
‫فصدَّروهُ‪َ ،‬‬ ‫ذلك يف حزب اإلخوان َ‬ ‫بعد َ‬ ‫صحفيًّا ماركسيًّا‪ ،‬مث اَنر َط َ‬ ‫العل ِم‪ .‬كا َن يف ّأول أم ِرهِ ُ‬
‫بالفتاوى اليت‬
‫َ‬ ‫وجدها َْحم ُش َّوًة‬ ‫أهل ال َفه ِم والتميي ِز َ‬ ‫وقف على كتبِ ِه وكا َن ِمن ِ‬ ‫ومن َ‬ ‫وضل‪َ ،‬‬ ‫التأليف َفزَّل َّ‬‫ِ‬
‫منها‪.‬‬ ‫تنادي جبهلِ ِ‬‫سلطان‪ ،‬وعلِم أَنا ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أنزل اللَّه هبا ِمن‬
‫بعضا َ‬ ‫وهي كثرية نذ ُك ُر ً‬ ‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬ ‫ََ‬ ‫ما َ‬
‫اضع ع ّدةٍ ِمن‬ ‫اخلالقة والـمب ِد ِ‬
‫ِ‬ ‫املعجزةِ‪ ،‬وبالر ِ‬ ‫يشة ِ‬ ‫ذلك أنه يسمي اللَّه بالر ِ‬ ‫ِ‬
‫وذلك يف مو َ‬ ‫عة‪َ ،‬‬ ‫ُْ‬ ‫يشة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ -‬فمن َ ُ ُ ّ‬
‫بالعقل املدب ِر يف تفس ِريهِ سورة ِ‬
‫النبأ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ه‬‫َّ‬
‫ل‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫سم‬ ‫ِِ‪1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ّ‬ ‫الفين يف القرءان» وغريه ُ ّ‬
‫وي‬ ‫‪،‬‬ ‫التصوير َّ‬ ‫َ‬ ‫املسمى «‬
‫كتابه ّ‬
‫َُسَاءُ احلُ ْس َىن فَ ْادعُ ْوهُ ِهبَا َو َذ ُرْوا الَّ ِذيْ َن يـُْل ِح ُد ْو َن ِيف‬ ‫قال تعاىل ﴿ َوهللِ األ ْ‬ ‫وهذا مما ال َخيفى أنهُ إحلاد‪َ ،‬‬
‫حاوي يف عقيدتِِه اليت هي عقيدةُ ِ‬
‫أهل‬ ‫ُّ‬ ‫ط‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫اإلمام أبو جعف ٍ‬
‫ر‬ ‫ُ‬ ‫وقال‬
‫َ‬ ‫)‬ ‫اف‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫َع‬
‫ْ‬ ‫أل‬‫ا‬ ‫ة‬
‫ُ‬‫ر‬‫َ‬‫و‬ ‫ْ‬ ‫س‬
‫ُ‬ ‫(‬ ‫﴾‬ ‫)‬ ‫‪42‬‬ ‫(‬ ‫َُسائِِ‬
‫ه‬ ‫أ َْ‬
‫َ‬
‫اجلماعة «ومن وصف اللَّه بمعنى من معاني البرر فقد كفر»‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫السنّ ِة و‬
‫َّت البشريةُ إىل‬ ‫نصه «ف َق ِد ارتَد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫‪ -‬مث َّ‬
‫املسمى «يف ظالل القرءان» ما ُّ ُ‬ ‫إن سيّد قطُب يقول يف كتابه ّ‬
‫يردد على ِ‬
‫املآذن ال‬ ‫صت َعن ال إ ٰله إال اللَّه‪ ،‬وإ ْن َّ‬ ‫ِ‬ ‫عبادةِ ِ‬
‫العباد وإىل َج ْوِر‬
‫ظل فريق منها ّ ُ‬ ‫األديان‪ ،‬ونَ َك ْ‬
‫درك مدلوََلا‪.» ،‬‬ ‫إلهَ إال اللَّه دو َن أن يُ َ‬

‫سيد قطب‪ .‬الكتاب املسمى التصوير الفين يف القرءان ص‪. 2 4- 2 - 94‬‬


‫سيد قطب‪ .‬الكتاب املسمى يف ظالل القرءان‪ .‬ج ص‪.472‬‬
‫‪87‬‬
‫مسئلة صغريةٍ‬ ‫ٍ‬ ‫كم بالتكفري على كل َم ْن َح َك َم بغري حكم اهللِ ولو يف‬ ‫‪ -‬وقد أطلق ّسيد قُطْب احلُ َ‬
‫ك ُه ُم ال َكافُِرو َن( ) ﴾(سورة‬ ‫مفسرا قوله تعاىل( َوَم ْن َملْ َْحي ُك ْم ِمبَا أَنْـَزَل اهللُ فَأُْولَئِ َ‬ ‫تفصيل ً‬ ‫ٍ‬ ‫من غ ِري‬
‫ذكر ال ُق ْرطُيب يف‬
‫ف ومن بعدهم ّأولوا هذه األَيةَ‪ ،‬فقد َ‬ ‫مكربا أن السلَ َ‬ ‫املائدة) على ظاهره‪،‬جاهالً أو ً‬
‫ت كلُها يف الكفا ِر‪،‬ثبت ذلك يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القرءان)يف تفسري هذه األية مانصهُ‪(:‬نَـَزلَ ْ‬ ‫اجلامع ألحكام‬
‫كتابه( ُ‬
‫عباس رضي اهلل عنهما فقد َوَرَد عنه يف‬ ‫ابن ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫صحيح مسلم من حديث الرباء)‪ .‬وأما ترمجا ُن القرءا َن ُ‬
‫وصح َحهُ ووافقهُ الذهيب أنه قال‪( :‬ليس بالكفر الذي يذهبون إليه‪ ،‬إنه‬ ‫احلاكم َّ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫تفسري األية فيما رواهُ‬
‫ك ُه ُم ال َكافُِرو َن( ) ﴾(سورة املائدة) كفر‬ ‫امللة( َوَم ْن َملْ َْحي ُك ْم ِمبَا أَنْـَزَل اهللُ فَأ ُْولَئِ َ‬
‫ليس كفرا يـْنـ ُقل ع ِن ِ‬
‫ً َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫الفظاعة‪.‬‬ ‫الكفر يف‬
‫ومعىن (كفر دون كفر) أي َذنْب كبري يشبه َ‬ ‫دون كف ٍر) َ‬
‫ضيَعة للعُ ْم ِر‬ ‫ِ‬
‫لإلسالم َم ْ‬ ‫بالفقه اآل َن بو ِ‬
‫صف ِه َع َم ًال‬ ‫االشتغال ِ‬ ‫َ‬ ‫الالت سيد قطب أنهُ يزعُ ُم َّ‬
‫أن‬ ‫ومن ض ِ‬ ‫‪ِ -‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ذاك منهُ إال‬ ‫‪1‬‬ ‫اهلية يعبدو َن ح َّكامهم‪ ،‬ذكر ذلك يف ِ‬
‫اجلزء الراب ِع ‪ ،‬وما َ‬ ‫واألج ِر أيضا طاملا الناس يف ج ٍ‬
‫َ َ‬ ‫ُ َُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ً‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫خيرا يف ّقهه‬‫النيب صلّى اللَّه عليه وسلّم "من يرد الله به ً‬ ‫ديث ّ‬ ‫ذلك َح َ‬ ‫وخيالف َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫للجهل‪،‬‬ ‫دعوة واضحة‬
‫حيح ويف رواية للطرباين "يا‬ ‫ُّ‬
‫الص ِ‬ ‫البخاري يف ّ‬ ‫ُّ‬ ‫في ال ّدين إنّما العلم بالتعلم والفقه بالتف ّقه" َ‬
‫أخرجهُ‬
‫أيُّها الناس تعلّموا إنما العلم بالتعلّم والفقه بالتفقه"‪.‬‬
‫يليق ِبه ‪ ،‬وغري ذلك من الكفريات‬ ‫تبارك وتعاىل مبا ال ُ‬ ‫صف سيّد قطُب هللِ َ‬ ‫ص مما مضى َو ُ‬ ‫فيتلخ ُ‬
‫ّ‬ ‫‪‬‬
‫بكالمه وال يعتربُ قُدوةً‪ ،‬فليُ ْح َذ ْر ِمن‬
‫ِ‬ ‫ومن كا َن هذا حالَهُ ال يُؤخ ُذ‬ ‫ِ‬
‫وتكفريُ األمة اإلسالميّة مجعاءَ‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫متبوعهم ما َوصفنا‬ ‫ضالالتِِه وك َفى حزب اإلخو ِان خزيا كو ُن دي ِن ِ‬
‫ً‬

‫واللَّهُ َ‬
‫تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم‬

‫سيد قطب‪ .‬الكتاب املسمى يف ظالل القرءان‪ .‬ج ص ‪. 2‬‬


‫البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ .‬كتاب العلم‪ :‬باب العلم قبل القول والعمل‪ ،‬ج ص‪. 4‬‬
‫الطرباين‪ .‬املعجم الكبري ج ص ‪.‬‬
‫‪88‬‬
‫احملاضرة السادسة والعشرون‬
‫التعريف بحن ُ التحرير‬
‫الرحي ِم‬ ‫بسم اللَّه ّ‬
‫الرمح ِن ّ‬
‫ِ‬
‫حابته الطّاهرين‪.‬‬ ‫احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ‬
‫ءاله وص ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ َ ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫األباطيل‪،‬‬
‫َ‬ ‫دين اللَّه ويَنشرو َن‬ ‫حزب التحري ِر‪ّ ،‬‬
‫حيرفو َن َ‬ ‫سم ْو َن َ‬ ‫من ِ‬
‫الناس يُ َّ‬ ‫ظهرت مجاعة َ‬ ‫بعد ف َقد َ‬
‫أما ُ‬
‫ِ‬
‫اخلالفات اليت ال َمعىن َلا‪.‬‬ ‫ويُثريو َن‬
‫وخاض يف الدي ِن ٍ‬
‫جبهل‪،‬‬ ‫االجتهاد‬ ‫تقي ال ّدي ِن النبهاينَّ‪ّ ،1‬ادعى‬
‫يسمى َّ‬‫احلزب رجل ّ‬ ‫س هذا‬ ‫‪ّ ‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أس َ‬
‫اإلمجاع يف‬ ‫وخرق‬
‫عليه وسلّم‪َ ،‬‬ ‫وسنة رسو ِله صلّى اللَّه ِ‬
‫لكتاب اللَّه ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫التكذيب‬ ‫يف و‬ ‫فوقع يف التحر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وفروع ِه‪.‬‬
‫أصول الدي ِن ِ‬‫مسائل يف ِ‬
‫َ‬
‫‪ ‬أما في أصول العقيدة فمن أشنع مسائلهم موافقتهم لعقيدة المعتنلة القدرية مجوس هذه‬
‫األمة‬
‫كتابه املسمى "الشخصيةَ اإلسالميةَ" ما نصه "وهذهِ‬ ‫‪ -‬فمما قاله زعيمهم تقي الدي ِن النبهاينُّ يف ِ‬
‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫ُ‬
‫ألن اإلنسا َن هو الذي قام هبا بإر ِ‬
‫ادته واختيارهِ‪،‬‬ ‫ضاء هبا‪َّ ،‬‬‫اإلنسان‪ -‬ال دخل لل َق ِ‬ ‫ِ‬ ‫أفعال‬
‫األفعال ‪-‬أي ُ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫العقوبة‬ ‫ِ‬
‫املثوبة أو‬ ‫فتعليق‬ ‫ِ‬ ‫ذلك َّ‬
‫حتت القضاء" مث قال ‪ُ " :‬‬ ‫تدخل َ‬ ‫ُ‬ ‫األفعال االختياريةَ ال‬
‫َ‬ ‫فإن‬ ‫وعلى َ‬
‫النبهاين‬ ‫كالم‬ ‫و‬ ‫ه‬‫ا‬ ‫"‬ ‫ه‬ ‫العبد وليسا من اللَّ‬ ‫فعل ِ‬ ‫الضالل ّها من ِ‬ ‫يدل على أن اَلدايةَ و َ‬ ‫باَلدى و ِ‬
‫الضالل ُّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫يح ِ‬
‫العقل‪.‬‬ ‫للقرءان و ِ‬
‫احلديث وصر ِ‬ ‫ِ‬ ‫هذا ُمالف‬
‫َّرهُ تَـ ْق ِديْـًرا( )﴾ ( ُس ْوَرةُ ال ُف ْرقَان) َ‬ ‫ٍ‬
‫وقال‬ ‫قال اللَّه تَعاىل ﴿ َو َخلَ َق ُك َّل َشىء فَـ َقد َ‬‫‪ -‬فأما القرءا ُن ف َقد َ‬
‫ىء َخلَ ْقنَاهُ بَِق َدر(‪﴾ ) 7‬‬ ‫وقال ﴿إِنَّا ُكل ش ٍ‬ ‫الصافَّات) َ‬ ‫﴿ َواهللُ َخلَ َق ُكم َوَما تَـ ْع َملُ ْو َن(‪ُ ( ﴾)73‬س ْوَرةُ َّ‬
‫َّ َ‬
‫أفعال ِ‬
‫للعباد ما كا َن منها‬ ‫أجسام و ٍ‬‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الوجود ِمن‬ ‫يدخل يف‬ ‫لكل ما‬
‫ُ‬ ‫الشىءُ هنا شامل ّ‬ ‫( ُس ْوَرةُ ال َق َمر)‪ ،‬و ّ‬
‫ِ‬
‫اإلنسان موجودة‪.‬‬ ‫أعمال‬
‫املوجود‪ ،‬و ُ‬ ‫ِ‬ ‫اختياريًّا وما كا َن منها اضطراريًّا َّ‬
‫ُ‬ ‫الشىءَ يف اللغة معناهُ‬ ‫ألن ّ‬
‫سول صلّى اللَّه‬‫الر َ‬ ‫َّ‬
‫أن‬ ‫ّها‬‫وغري‬ ‫‪1‬‬
‫البيهقي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫‪ -‬وأما ُمالفتهُ للحديث ف َقد َروى مسلم يف صحيحه و ُّ‬
‫قال " ُّ ٍ‬ ‫ِ‬
‫الكيس الذكاءُ‪.‬‬‫العجز البالدةُ‪ ،‬و ُ‬ ‫كل شىء بقد ٍر حتى العجن والكيس" و ُ‬ ‫عليه وسلّ َم َ‬

‫وهو غري الشيخ يوسف النبهاين‪.‬‬


‫الكتاب املسمى الشخصية اإلسالمية‪ .‬ج القسم األول ص ‪.9 -9‬‬
‫املصدر السابق‪ .‬ص ‪.9‬‬
‫كل شىء بقدر‪ .‬ج‪ 4‬ص ‪.4‬‬
‫مسلم‪ .‬صحيح مسلم‪ .‬كتاب القدر‪ :‬باب ّ‬
‫‪89‬‬
‫قهورا‪ ،‬ألنهُ يكو ُن‬ ‫ذلك أن يكو َن اللَّه مغلوبًا َم ً‬ ‫لزم ِمن قو ِله َ‬ ‫فهو أنهُ ي ُ‬ ‫العقل َ‬‫يح ِ‬ ‫‪ -‬وأما ُمالفتهُ لصر ِ‬
‫ضاء هبا"‪ ،‬واللَّه ال يكو ُن إال‬ ‫قال "ال دخل لل َق ِ‬ ‫حيث‬ ‫ه‬‫ألفعاله على رغ ِم إرادةِ اللَّ‬ ‫ِ‬ ‫العبد خال ًقا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫جعل َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫قال تَعاىل ﴿ َواهللُ َغالب َعلَى أ َْم ِرهِ( )﴾ ( ُس ْوَرةُ يـُ ْو ُسف)‪.‬‬ ‫غالبًا‪َ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ضد عقيدةِ‬ ‫كالم القدر ِية ُّ‬
‫اس‬‫بن عبّ ٍ‬ ‫عبد اللَّه ُ‬
‫القرءان ُ‬ ‫ذلك ترمجا ُن‬ ‫نص على َ‬ ‫املسلمني كما َّ‬ ‫َ‬ ‫أن َ‬ ‫وليعلَم َّ‬
‫ِ‬ ‫الس ِنة و‬ ‫اإلسالم احمل ّققو َن ِمن ِ‬
‫ِ‬ ‫اتفق على ع ّد املعتز ِلة‬
‫اجلماعة‬ ‫أهل ّ‬ ‫خارجني ع ِن‬ ‫َ‬ ‫عنهما و َ‬ ‫رضي اللَّه ُ‬ ‫َ‬
‫فقال يف كتابهِ‬ ‫البغدادي َ‬ ‫اإلمام الكبريُ أبو منصوٍر‬ ‫إمجاعهم‬ ‫فنقل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫األشاعرة واملاتريدية أما األشاعرةُ َ‬
‫فات "أصحابُنا أمجعُوا على تكف ِري املعتز ِلة" اه ومرادهُ بأصحابِنا األشاعرةَ‬ ‫األُساء والص ِ‬ ‫ِ‬ ‫تفس ِري‬
‫ّ‬
‫ني‬ ‫ِ‬ ‫وهو إمام مق ّدم يف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بني الفقهاء واألصولي َ‬ ‫بذلك َ‬
‫النقل معروف َ‬ ‫الشافعيّةَ ألنهُ رأس كبري من رؤوسهم َ‬ ‫ّ‬
‫حمم ُد‬ ‫ِ‬
‫اللغوي ّ‬
‫ُّ‬ ‫ث‬
‫ذلك احمل ّد ُ‬
‫نقل اتفاقَـ ُهم على َ‬ ‫فممن َ‬ ‫الذين ألّفوا يف الفرق وأما املاتريديةُ ّ‬ ‫املؤرخني َ‬ ‫َ‬ ‫و‬
‫فيه "مل يتوقّف علماءُ ما ور ِاء النه ِر‬ ‫فقال ِ‬ ‫املتقني َ‬ ‫السادة َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ذلك يف كتابه إحتاف ّ‬ ‫ذكر َ‬ ‫بيدي َ‬ ‫تضى الز ُّ‬ ‫مر َ‬
‫ذلك َعن ِ‬
‫بعض‬ ‫وروي َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِمن أصحابِنا يف تكف ِري املعتز ِلة" اه واألئمةُ األربعةُ على‬
‫تضليل القدرية َ‬
‫اجملتهد‬
‫ُ‬ ‫ظ‬
‫احلديث الذي رواهُ احلاف ُ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اإلسالم‬ ‫خارجني ع ِن‬‫َ‬ ‫حابة بل يَكفي يف تضليلِهم وع ّد ِهم‬ ‫الص ِ‬
‫ّ‬
‫قال "صنفان‬ ‫عليه وسلّم َ‬ ‫رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ‬ ‫أن َ‬ ‫ِتذيب اآلثا ِر َّ‬ ‫ِ‬ ‫وصححهُ يف‬ ‫بن جري ٍر‬
‫الطربي ّ‬ ‫ُّ‬ ‫حمم ُد ُ‬‫ّ‬
‫وهو صريح يف احلك ِم على ِ‬
‫أهل‬ ‫نصيب في اإلسالم القدرية والمرجئة" اه َ‬ ‫ٌ‬ ‫من ّأمتي ليس لهما‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مسلمني‪.‬‬
‫َ‬ ‫ليسوا‬ ‫ِ‬
‫افقهم كحزب التحرير بأَنم ُ‬ ‫ومن و ُ‬ ‫القد ِر كاملعتزلة َ‬
‫الشام من ُذ أك َثر ِمن‬ ‫ِ‬ ‫حزب التحري ِر قوَلم يف بَ ِ‬ ‫أباطيل ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ -‬‬
‫ابلس ّ‬ ‫نشروها يف طر َ‬ ‫عض مناشريهم اليت َ‬ ‫ومن‬
‫ِ‬
‫التطبيق‬ ‫الزىن بامرأةٍ أ ِو الفجوِر ٍ‬
‫بغالم‪ ،‬وإمنا املعصيةُ يف‬ ‫ِ‬
‫املشي بقصد ّ‬ ‫حيرم ُ‬ ‫عشر سنة تقريبًا إنهُ ال ُ‬ ‫مخسةَ َ‬
‫البخاري ومسلم وغريُّها "كتب على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫لإلمجاع‪ ،‬وللحديث الذي رواهُ‬ ‫ِ‬ ‫الكالم ُمالف‬ ‫ُ‬ ‫بالفعل‪ .‬وهذا‬
‫درك ذلك ال محالة‪ ،‬فالعينان زناهما النظر‪ ،‬واألذنان زناهما‬ ‫الننى م ٌ‬ ‫ابن ءادم نصيبه من ّ‬
‫البيهقي‪ .‬السنن الكربى‪ .‬كتاب الشهادات‪ :‬باب ما ترد به شهادة أهل األهواء‪ .‬ج‪ 2‬ص‪. 24‬‬
‫مكروها‪ .‬ج‬
‫ً‬ ‫ابن حبان‪ .‬صحيح ابن حبان‪ .‬ذكر األخبار بأن كل شىء مبشيئة اهلل جل وعال وقدرته سواء كان حمبوبًا أو‬
‫ص‪. 9‬‬
‫البيهقي‪ .‬األُساء والصفات‪ .‬ص ‪. 7‬‬
‫مرتضى الزبيدي‪ .‬إحتاف السادة املتقني‪ .‬ج ص‪. 4‬‬
‫‪ 4‬الرتمذي‪ .‬سنن الرتمذي‪ .‬كتاب القدر عن رسول اهلل صلى اهلل عليه و سلم‪ :‬باب ما جاء يف القدرية‪ .‬ج ص ‪. 4‬‬
‫‪ 3‬البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ .‬كتاب االستئذان‪ :‬باب زنا اجلوارح دون الفرج‪ .‬ج‪ 4‬ص ‪.3‬‬
‫‪ 9‬مسلم‪ .‬صحيح مسلم‪ .‬كتاب القدر‪ :‬باب قدر على ابن ءادم حظه من الزىن وغريه‪ .‬ج‪ 4‬ص ‪.4‬‬
‫‪91‬‬
‫النووي يف‬
‫ُّ‬ ‫والرجل زناها الخطا"‪ ،‬وقَد َ‬
‫ذكر‬ ‫االستماع‪ ،‬واللسان زناه الكالم‪ ،‬واليد زناها البطش‪ّ ،‬‬
‫ِ‬
‫احلديث املذكوِر‪.‬‬ ‫شرحه على مسل ٍم‪ 1‬كو َن املش ِي للزىن حر ًاما و ِ‬
‫اللمس حر ًاما ِ‬
‫بدليل‬ ‫ِ‬
‫عليه املسلمو َن وَلذهِ ِ‬
‫أن هذهِ الفرقةَ ُمالفة ملا ِ‬
‫مضى َّ‬
‫الفرقة ضالالت وأباطيل أخرى‬ ‫ص مما َ‬ ‫‪ّ ‬‬
‫فتلخ َ‬
‫منهم غريةً‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫التحذير ُ‬
‫ُ‬ ‫احلذر و‬
‫لكن يف ما ذكرناهُ كفاية يف بيان شذوذهم وحتريفهم وش ّدة َخطرهم فينبغي ُ‬
‫على ال ّدي ِن‪.‬‬

‫واللَّهُ َ‬
‫تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم‬

‫النووي‪ .‬شرح النووي على مسلم‪ .‬ج‪ 7‬ص‪.9‬‬


‫‪91‬‬
‫احملاضرة السابعة والعشرون‬
‫أن عقيدة الحلول واالتحاد عقيدةٌ مخالفةٌ لإلسالم‬ ‫بيان َّ‬
‫الرحي ِم‬
‫الرمح ِن ّ‬ ‫بسم اللَّه ّ‬
‫ِ‬
‫ءاله وص ِ‬
‫حابته الطّاهرين‪.‬‬ ‫احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ َ ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫بعضهم‬ ‫إمجاال حىت صدر عن ِ‬
‫َ َ‬ ‫الصوفيّ ِة ً‬ ‫ِ‬
‫ملنتسبني للطّرق ّ‬ ‫َ‬ ‫طح والغُ ّلو ِمن بَ ِ‬
‫عض ا‬ ‫الش ُ‬‫وقع ّ‬ ‫بعد قَد َ‬ ‫‪ ‬أما ُ‬
‫وهم يَظنّو َن أَنم يتكلّمو َن باألسرا ِر اليت ختفى َعلى‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫لإلسالم وتل ّفظوا بأقوال شنيعة ُ‬ ‫اعتقادات ُمالفة‬
‫ِ‬
‫االحتاد‬ ‫احللول وأحيانًا بعقيدةِ‬
‫ِ‬ ‫عال وهم أحيانًا يتكلّمو َن بعقيدةِ‬ ‫ومقام ٍ‬ ‫تبة ٍ‬ ‫ُمالفي ِهم وأَنم على مر ٍ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وكالّها ِمن أشنَ ِع الكف ِر و ِ‬
‫اإلحلاد‪.‬‬
‫أهل الوحدةِ‬ ‫اعتقاد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ َّ َّ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫فهي‬
‫اعتقاد أن الله َحيُ ُّل يف غريه‪ ،‬وأما عقيدةُ االحتاد َ‬ ‫‪ ‬فأما عقيدةُ احللول َ‬
‫فهي‬
‫ِ‬
‫اإلسالم والعياذُ باللَّه‪.‬‬ ‫من‬
‫منهما ُمرِج َ‬ ‫العا ِمل‪ ،‬وكلٌّ ُ‬ ‫هو مجلةُ َ‬ ‫َّ َّ‬
‫أن الله َ‬
‫الصوفيّ ِة َّ‬ ‫هؤالء إىل التصو ِ‬ ‫أمثال ِ‬
‫ف‬ ‫التصو َ‬
‫ّ‬ ‫ألن‬ ‫ضد ّ‬ ‫وهم ُّ‬ ‫اإلسالمي ُ‬
‫ّ‬ ‫ف‬ ‫ّ‬ ‫نتسب ُ‬ ‫كيف يَ ُ‬ ‫العجب َ‬ ‫‪ ‬و ُ‬
‫ِ‬
‫القرءانية‪.‬‬ ‫ِ‬
‫للنصوص‬ ‫وهو موافق‬ ‫اإلسالمي ما ذهب ِ‬
‫اجلنيد وأمثالُه َ‬ ‫إليه ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫الص َم ُد( ) َملْ يَلِ ْد َوَملْ يـُ ْولَ ْد( ) َوَملْ يَ ُك ْن لَهُ ُك ُف ًوا‬ ‫َحد( ) اهللُ َّ‬ ‫‪ -‬كقوله تعاىل ﴿ قُ ْل ُه َو اهللُ أ َ‬
‫َحد( )﴾ ( ُس ْوَرةُ ا ِإل ْخ َالص)‪.‬‬ ‫أَ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فإن هذا صريح يف َّ َّ‬ ‫َّ‬
‫فرعا َعن غريه بَل يف قَوله تَعاىل ﴿ َملْ يَل ْد َوَملْ‬ ‫أصال لغريه وال ً‬ ‫ليس ً‬ ‫أن الله َ‬
‫َيوز أَن‬ ‫ِ‬ ‫يـولَ ْد( )﴾ نَـ ْفي لِلم ّاديَِّة و ِْ ِ‬
‫أي ال ُ‬ ‫نح ُّل منهُ شىء ْ‬ ‫االحنالل‪ ،‬فقولُهُ ﴿ َملْ يَل ْد﴾ يُعطي أنهُ ال يَ َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬
‫جل ولده‪ ،‬وقولُه ﴿وَمل يـولَ ْد﴾ يعطي أنه ال َحيل هو يف ٍ‬ ‫نفصل ع ِن َّ‬ ‫ِ‬
‫شىء‪،‬‬ ‫ُ ُ ُّ َ‬ ‫ُ َ ْ ُْ ُ‬ ‫الر ِ ُ‬ ‫كما يَ ُ‬ ‫يَنفص َل منهُ شىء َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أُسج الكف ِر وأشنعُه‪.‬‬‫فرهم ُ‬ ‫النص وغ ِريه‪ ،‬ف ُك ُ‬ ‫بالوحدة واحللول ُمصادمو َن َلذا ّ‬ ‫فهؤالء القائلو َن َ‬
‫ِ ‪1‬‬
‫فقول‬
‫ُ‬ ‫حدث"‬ ‫من املـُ َ‬ ‫ِ‬
‫التوحيد إفر ُاد القدي َ‬ ‫ُ‬ ‫القائل "‬
‫َ‬ ‫اجلنيد‬
‫اإلمام َ‬ ‫َ‬ ‫الصوفيّ ِة‬
‫وهم قَد َخالفوا سيّ َد ّ‬ ‫‪ُ -‬‬
‫احللول أي ِ‬
‫حلول‬ ‫ات ِ‬ ‫ات الوحدةِ ومرًة بعبار ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫الذين يَقولو َن مرًة بعبار َ‬ ‫اإلمام اجلنيد يف واد وهؤالء اجلهلةُ َ‬
‫ني‪.‬‬‫ني الواديَ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫أبعد ما بَ َ‬
‫ءاخر فما َ‬ ‫الله يف خلقه يف واد َ‬
‫ِ‬ ‫حل يف العا ِمل‪ ،‬وأما أهل الوحدةِ‬ ‫أن اللَّه َ‬ ‫احللول يَعتقدو َن َّ‬‫ِ‬
‫املطلقة‬ ‫ُ َ‬ ‫العاملَ َّ‬ ‫خلق َ‬ ‫بعد أن َ‬ ‫‪ُ ‬‬
‫أهل‬
‫بعضهم "أنا جزء‬ ‫قال ُ‬ ‫العا ِمل وأفر َاد العا ِمل أجزاء منهُ‪ ،‬وقَد َ‬ ‫أن اللَّه مجلةُ َ‬ ‫كالشاذليّ ِة اليشرطيّ ِة فيعتقدو َن َّ‬ ‫ّ‬
‫من اللَّه"‪.‬‬ ‫َ‬

‫ص ‪. 49‬‬ ‫ابن حجر العسقالين‪ .‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ .‬كتاب التوحيد ج‬
‫‪92‬‬
‫أهل الوحدةِ قولُهُ تَعاىل ﴿احلمد هلل ري العاملني( )﴾‬ ‫كالم ِ‬ ‫طالن ِ‬ ‫دل ِبه على ب ِ‬
‫ُ‬ ‫كذلك مما يُست ُّ‬ ‫‪ -‬و َ‬
‫ووجود العا ِ‬ ‫اآلية وجود نَ ِ‬ ‫وجل يف هذهِ ِ‬ ‫(سورةُ الف ِ‬
‫جعل اللَّه والعاملَ‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫فم‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫مل‬ ‫َ‬ ‫فسه‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫عز‬
‫َّ‬ ‫ه‬‫أثبت اللَّ‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫)‬‫ة‬‫َ‬‫احت‬ ‫ُ َْ َ‬
‫ليس يف‬ ‫الوحدةِ يقولو َن َّ‬
‫املطلق ‪ ،‬و َ‬‫ُ‬ ‫الوجود‬
‫ُ‬ ‫هو‬
‫احلق َ‬
‫إن َّ‬ ‫فأهل َ‬ ‫خالف اآليةَ‪ُ ،‬‬ ‫َ‬ ‫احدا يكو ُن قَد‬ ‫شيئًا و ً‬
‫س‬ ‫ُمالفة ِ‬
‫لقول اللَّه َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ني ِمن‬
‫العقيديت ِ‬ ‫الوجود سوى اللَّه تَعاىل‪ ،‬وال خي َفى ما يف هات ِ‬ ‫ِ‬
‫وجل ﴿لَْي َ‬‫عز َّ‬ ‫ني َ‬ ‫َ‬
‫لوقاته ٍ‬‫أن اللَّه تَعاىل ال يشبه شيئًا ِمن ُم ِ‬ ‫ألن معىن ِ‬
‫اآلية َّ‬ ‫ِ ِِ‬
‫بوجه‬ ‫ُ‬ ‫َكمثْله َشىء( )﴾ ( ُس ْوَرةُ الش ُّْوَرى) َّ َ‬
‫أمثاال وشبهوه ِ‬
‫خبلقه تَعاىل اللَّه َعن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إن اللَّه حيُ ُّل يف خلقه جعلوا لهُ ً ّ ُ‬ ‫الذين يقولو َن َّ‬‫من الوجوه‪ ،‬وهؤالء َ‬ ‫َ‬
‫قوَلم‪.‬‬
‫املسلمني بَل ّها‬ ‫إلمجاع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُمالفتان‬ ‫ِ‬
‫االحتاد‬ ‫احللول وعقيد َة‬‫ني عقيد َة ِ‬ ‫ني الفاسدت ِ‬ ‫ني العقيدت ِ‬ ‫إن هات ِ‬ ‫‪ -‬مث َّ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫اإلسالم‪.‬‬ ‫القائل هبما َع ِن‬
‫روج ِ‬ ‫أمجع املسلمو َن على خ ِ‬ ‫مما َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫القاضي عياض يف ِ‬ ‫‪ -‬وقَد نقل ِ‬
‫وم ِن ّادعى‬‫إمجاع املسلمني َعلى كف ِر أصحاب احللول َ‬
‫‪1‬‬
‫َ‬ ‫الشفا"‬
‫كتابه " ّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫املتصوفة‪.‬‬ ‫كقول ِ‬
‫بعض‬ ‫األشخاص ِ‬‫ِ‬ ‫حلول البار ِئ سبحانَه يف ِ‬
‫أحد‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الوجود‬ ‫الفتوحات" عقيد َة وحدةِ‬
‫ِ‬ ‫ذم الشيخ حميي ال ّدي ِن بن عريب رضي اللَّه عنه يف ِ‬
‫كتابه "‬ ‫‪ -‬وقَد َّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬
‫فدينهُ معلول وما‬ ‫باحللول ِ‬
‫ِ‬ ‫قال‬
‫ونصهُ " َمن َ‬ ‫ني العقيدت ِ‬ ‫ذم هات ِ‬ ‫وعقيدةَ ِ‬
‫ني ّ‬ ‫شديدا يف ّ‬ ‫قوال ً‬ ‫وقال ً‬ ‫احللول َ‬
‫ِ‬
‫اإلحلاد" ‪.‬‬ ‫أهل‬ ‫ِ‬
‫قال باالحتاد إال ُ‬ ‫َ‬
‫شىء أو على ٍ‬
‫شىء‬ ‫شىء أو ِمن ٍ‬ ‫أن اللَّه يف ٍ‬ ‫زعم َّ‬ ‫َّ‬
‫َ‬ ‫رضي الله عنهُ " َمن َ‬ ‫ادق َ‬ ‫الص ُ‬ ‫جعفر ّ‬ ‫اإلمام ُ‬ ‫وقال ُ‬ ‫‪َ -‬‬
‫شىء لكا َن حمصورا ولو كا َن ِمن ٍ‬
‫شىء‬ ‫حمموال ولو كا َن يف ٍ‬ ‫شىء لكا َن ً‬ ‫أشرك إذ لو كا َن على ٍ‬ ‫ف َقد َ‬
‫ً‬
‫ِ‬
‫رسالته‪.‬‬ ‫شريي يف‬
‫أي ُملوقًا اه ذكرهُ ال ُق ُّ‬ ‫حمدثًا" ْ‬ ‫لكا َن َ‬

‫واللَّهُ َ‬
‫تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم‬

‫القاضي عياض‪ .‬الشفا بتعريف حقوق املصطفى‪ .‬فصل يف بيان ما هو من املقاالت كفر‪ ،‬ج ص ‪. 4‬‬
‫وهذا مما يدل على أن ما ينسب إىل الشيخ حمىي الدين بن عريب من القول هباتني العقيدتني مدسوس عليه كما ذكر ذلك الشيخ‬
‫عبدالوهاب الشعراين يف كتابه لطائف املنن واحمل ِدث ويل الدين العراقي يف رسالة ُساها "األجوبة املرضية" ص ‪ ، 9‬وغريّها‪.‬‬
‫القشريي‪ .‬رسالة القشريي‪ .‬ص‪.3‬‬
‫‪93‬‬
‫احملاضرة الثامنة والعشرون‬
‫تقدير اللَّه تعالى ال يتغيّ ر‬
‫الرحي ِم‬
‫الرمح ِن ّ‬ ‫بسم اللَّه ّ‬
‫ِ‬
‫حابته الطّاهرين‪.‬‬ ‫ءاله وص ِ‬ ‫احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ َ ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫الشىءَ ولو تص ّد َق‬ ‫ذلك ّ‬ ‫بد أن يُصيبَهُ َ‬ ‫احدا ِمن عبادهِ يُصيبهُ َكذا ال َّ‬ ‫أن و ً‬ ‫َّر َّ‬‫إن اللَّه تعاىل إذا قد َ‬ ‫‪َّ ‬‬
‫وخالته و ِ‬
‫أبيه‬ ‫ِ‬ ‫وعم ِته‬ ‫عمل إحسانًا ألقار ِبه ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ألمه وأخته ّ‬ ‫ّ‬ ‫وصل َرمحهُ أو َ‬ ‫ذلك اإلنسا ُن صدقةً أو دعا أو َ‬ ‫َ‬
‫بد أن يتن ّف َذ ما ق ّد َر اللَّه أن يُصيبَهُ‪.‬‬ ‫عمل َلم إحسانًا ال َّ‬ ‫ِ‬ ‫وج ّدهِ وحن ِو َ ِ‬
‫ذلك من أهله لو َ‬
‫َّر اللَّه أن‬ ‫ٍ‬
‫ينجو مما قد َ‬ ‫صل رمحَهُ أو َدعا دعاءً ُ‬ ‫بصدقة أو َو َ‬ ‫احد أنهُ إ ْن تص ّد َق َ‬ ‫عتقد الو ُ‬ ‫َيوز أن يَ َ‬ ‫‪ ‬ال ُ‬
‫ذهب‬ ‫الليلة ي ِ‬‫النصف ِمن شعبا َن أَنم إ ْن دعوا اللَّه يف هذهِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الناس يف ِ‬
‫ليلة‬ ‫بعض ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫يزعم ُ‬ ‫يُصيبَهُ كما ُ‬
‫َّر اللَّه أن يُصيبَـ ُهم‪.‬‬
‫ذلك الشىءَ الذي قد َ‬ ‫عنهم َ‬ ‫ُ‬
‫بأن مريئة اللَّه تتغيّ ر فهو ٌ‬
‫كافر‪.‬‬ ‫أن الذي يعتقد َّ‬ ‫بيان َّ‬
‫وعلِ َم تَعاىل أنهُ يُصيبهُ ال حمالةَ‬ ‫ِ‬
‫النصف من شعبان بنيّة أن يسلّم مما قدَّر اللَّه َ‬
‫ِ ِ‬ ‫‪ ‬الذي يدعو يف ِ‬
‫ليلة‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫جعل اللَّه متغيّـَر املشيئة والعل ِم‪ ،‬وتغيّـ ُر العل ِم واملشيئة من صفات املخلوقات‪ ،‬وأما قولهُ‬ ‫هذا كافر ألنهُ َ‬
‫ِ‬
‫باختالف‬ ‫أن اللَّه يغيّـ ُر َمشيئتَهُ‬ ‫فليس معناهُ َّ‬ ‫الر ْمحَن) َ‬ ‫تَعاىل ﴿ ُك َّل يَـ ْوٍم ُه َو ِيف َشأْ ٍن(‪ُ ( ﴾) 7‬س ْوَرةُ َّ‬
‫ِ‬
‫ومشيئته‪.1‬‬ ‫لقه وال يتغيـر يف ِ‬
‫علمه‬ ‫يوم يغيـر يف خ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُّ‬ ‫كل ُ ّ ُ َ‬ ‫ديدا‪َّ ،‬‬ ‫خيلق َخل ًقا َج ً‬
‫األزمان واألحوال بل َمعناهُ ُ‬
‫ليس‬ ‫)‬ ‫د‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫الر‬
‫َّ‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫س‬ ‫(‬ ‫﴾‬ ‫)‬ ‫‪7‬‬ ‫(‬ ‫اب‬ ‫كذلك قوله تَعاىل ﴿َيَْحوا اهلل ما ي َشاء ويـثْبِت و ِعْن َده أ ُُّم ِ‬
‫الكتَ ِ‬ ‫‪‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ْ ُ َ َ ُ َُ ُ َ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫ِ‬
‫بالقضاء‬ ‫عنهما‬ ‫رضي اللَّه ُ‬ ‫بن عبّاس َ‬
‫عبد اللَّه ُ ٍ‬ ‫فسرهُ ُ‬ ‫ِ َّ‬
‫اإلثبات يف تقدير الله‪ ،‬وقَد ّ‬ ‫احملو و َ‬ ‫أن َ‬ ‫معناهُ َّ‬
‫َيحو ما يشاءُ‬ ‫أن اللَّه تَعاىل ُ‬ ‫سوخ أي َّ‬ ‫بالناسخ واملن ِ‬
‫ِ‬ ‫فسرهُ‬ ‫َّ‬
‫رضي الله عنهُ ف َقد ّ‬ ‫الشافعي َ‬ ‫ُّ‬ ‫املعلّ ِق وأما‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نسخهُ‪ ،‬وما يـُبَ ّد ُل‬ ‫من القرءان فال يَ ُ‬ ‫ت ما يشاءُ َ‬ ‫حكمهُ ويَنسخهُ حبك ٍم الح ٍق ويُثبِ ُ‬ ‫يرفع َ‬ ‫من القرءان أي ُ‬ ‫َ‬
‫نسخ‪،‬‬
‫بعد وفاته فال َ‬
‫سول صلى اهلل عليه وسلم وأما َ ِ‬ ‫كتاب‪ ،‬وهذا يف حياةِ الر ِ‬ ‫ذلك يف ٍ‬ ‫كل َ‬ ‫ت ُّ‬
‫ّ‬ ‫وما يُثبَ ُ‬
‫السعادةِ فإنهُ ثابت ال‬ ‫ِ‬ ‫يقو ُل البيهقي "هذا أصح ما قيل يف ِ ِ ِ‬
‫الشقاء و ّ‬ ‫كتاب ّ‬ ‫تأويل هذه اآلية" اهـ وأما ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫يُغيّـ ُر‪.‬‬

‫ص‪ ، 7‬ابن أيب حامت‪.‬‬ ‫السيوطي‪ .‬تفسري السيوطي‪ .‬ج‬


‫البيهقي‪ .‬القضاء والقدر ص ‪.‬‬
‫البيهقي‪ .‬القضاء والقدر‪ .‬ص‪. 9‬‬
‫املصدر السابق ص‪. 4‬‬
‫‪94‬‬
‫النصف ِمن‬
‫ِ‬ ‫الناس يف ِ‬
‫بعض ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ليلة‬ ‫يعمل به ُ‬ ‫التفات إىل نسبة هذا الدعاء الذي ُ‬ ‫َ‬ ‫تقرَر هذا فال‬ ‫‪ ‬فإذا ّ‬
‫حمروما‬ ‫ِ‬ ‫عليه" ِ‬
‫وفيه "اللَّ َّ‬ ‫شعبا َن الذي أوله "يا من َيُ ُّن وال َُي ُّن ِ‬
‫كنت َكتبتين يف ّأم الكتاب شقيًّا أو ً‬ ‫هم إن َ‬ ‫ُّ َ‬
‫تقول يف‬
‫فإنك ُ‬ ‫سعيدا موف ًقا للخ ِري‪َ ،‬‬‫عندك ً‬ ‫وتقتري ِرزقي وأثبتين َ‬
‫هم َشقاوت َ‬ ‫علي ِرزقي ُ‬
‫فامح اللَّ َّ‬ ‫أو مقتّـًرا َّ‬
‫ٍ‬
‫وَماهد وغ ِريّها‬ ‫عمر‬ ‫ب(‪ُ ( ﴾) 7‬س ْوَرةُ َّ‬ ‫كتابك ﴿َيَْحوا اهلل ما ي َشاء ويـثْبِت و ِعْن َده أ ُُّم ِ‬
‫الكتَا ِ‬
‫الر ْعد) إىل َ‬ ‫ُ ْ ُ َ َ ُ َُ ُ َ ُ‬ ‫َ‬
‫البيهقي يف ِ‬
‫كتاب القد ِر‪.1‬‬ ‫ُّ‬ ‫ظ‬
‫ذلك احلاف ُ‬
‫أشار إىل َ‬ ‫ذلك كما َ‬ ‫يثبت شىء ِمن َ‬ ‫لف‪ ،‬فال ُ‬ ‫من الس ِ‬
‫َ ّ‬
‫ِ‬
‫أن اللَّه ال يُغيّـ ُر َمشيئتَهُ لدعاء ٍ‬ ‫احلق على َّ‬ ‫َّ ِ‬
‫عبد‬
‫ظ ُ‬ ‫احلديث الذي رواهُ احلاف ُ‬
‫ُ‬ ‫داع‬ ‫أهل ّ‬ ‫‪ ‬ومما استدل به ُ‬
‫قال "سألت‬ ‫رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ‬
‫عليه وسلّ َم َ‬ ‫أن َ‬ ‫حامت َعن أيب هريرةَ رضي اللَّه عنهُ َّ‬ ‫الرمح ِن بن أيب ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫اية مسل ٍم "سألت ربي ثالثًا‬ ‫احلديث‪ ،‬ويف رو ِ‬ ‫أربعا فأعطاني ثالثًا ومنعني واحدة‪"...‬‬
‫َ‬ ‫ألمتي ً‬ ‫ربّي ّ‬
‫قضاء فإنه ال‬ ‫محمد إني إذا قضيت‬ ‫فأعطاني ثنتين ومنعني واحدة"‪ ،‬ويف رو ٍ‬
‫اية " َّ‬
‫ً‬ ‫وإن ربي قال يا ّ‬
‫لكن اللَّه َّ‬
‫عز‬ ‫حلبيبه املصط َفى صلّى اللَّه ِ‬
‫عليه وسلّ َم‪ ،‬و َّ‬ ‫رد"‪ ،‬فلو كا َن اللَّه يغيـر مشيئته بدعوةٍ لغريها ِ‬ ‫ي ُّ‬
‫ّ‬ ‫ُ ُّ َ ُ‬
‫وجل ال تتغيّـ ُر صفاتهُ‪.‬‬
‫َّ‬

‫واللَّهُ َ‬
‫تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم‬

‫املصدر السابق ص ‪. 4-‬‬


‫‪.‬‬ ‫ابن أيب حامت‪ .‬تفسري ابن أيب حامت‪ .‬ج ص‬
‫األمة بعضهم ببعض‪ .‬ج‪ 4‬ص ‪. 9‬‬
‫مسلم‪ .‬صحيح مسلم‪ .‬كتاب الفنت وأشراط الساعة‪ :‬باب هالك هذه ّ‬
‫‪95‬‬
‫احملاضرة التاسعة والعشرون‬
‫كل الغيب‬ ‫الولي يعلم َّ‬ ‫النبي أو َّ‬ ‫بأن َّ‬ ‫الغلو القول َّ‬ ‫أن من ّ‬ ‫بيان َّ‬
‫الرحي ِم‬
‫الرمح ِن ّ‬ ‫بسم اللَّه ّ‬
‫ِ‬
‫حابته الطّاهرين‪.‬‬ ‫ءاله وص ِ‬ ‫احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ َ ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫استقالال وال عطاءً‪.‬‬ ‫كل ِ‬
‫الغيب ال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫يعلم َّ‬
‫من األنبياء أو األولياء ُ‬ ‫أحدا َ‬
‫اعتقاد أ ّن ً‬ ‫ُ‬ ‫َيوز‬
‫اعلَم أنهُ ال ُ‬
‫أهل‬ ‫َّ‬
‫أن‬ ‫عناه‬ ‫فم‬ ‫)‬ ‫ة‬‫ر‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ـ‬‫ب‬ ‫ال‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫س‬ ‫(‬ ‫﴾‬ ‫)‬ ‫‪44‬‬ ‫(‬ ‫اء‬ ‫ش‬ ‫ا‬ ‫ىء ِمن ِع ْل ِم ِه إَِّال ِ‬
‫مب‬ ‫قال اللَّه تَعاىل ﴿وَال ُِحييطُو َن بِش ٍ‬ ‫‪َ ‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ ْ َ‬
‫بشىء ِمن ِع ِ‬
‫لمه‬ ‫ٍ‬ ‫غريهم ال حييطو َن‬ ‫فضال عن ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫األرض من أنبياء وأولياء ً َ‬ ‫أهل‬
‫وهم املالئكةُ و َ‬ ‫السموات ُ‬ ‫ّ‬
‫أي إال بال َقد ِر الذي شاءَ اللَّه أن يَعلموهُ‪ ،‬هذا الذي حييطو َن ِبه‪.‬‬ ‫أي معلومه إال مبا شاءَ ْ‬
‫ِ‬
‫ض الغَيب إَِّال اهلل(‪( ﴾)34‬سورةُ الن ِ‬ ‫قول اللَّه تَعاىل ﴿قُل َال يـعلَم من ِيف َّ ِ‬
‫َّمل)‬ ‫ُ َْ‬ ‫ُ‬ ‫الس َم َوات َواأل َْر ِ ْ َ‬ ‫ْ َْ ُ َ ْ‬ ‫‪ ‬أما ُ‬
‫وبعض البش ِر‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫عض ِ‬ ‫اخللق علم مجي ِع الغَ ِ‬ ‫فاملنفي ع ِن ِ‬
‫َ‬ ‫املالئكة‬ ‫فإن اللَّه يُطل ُع عليه َ‬
‫بعض‬ ‫الغيب َّ‬ ‫يب أما بَ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫وهم األنبياءُ واألولياءُ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫الرسول باللَّه‬
‫َ‬ ‫كل ما يَعلمهُ اللَّه ف َقد َّ‬
‫سوى‬ ‫علم َّ‬ ‫سول صلى اهلل عليه وسلم يَ ُ‬ ‫الر َ‬ ‫أن ّ‬ ‫‪ ‬أما َم ِن ّادعى َّ‬
‫أن هذا ِمن ّقوةِ تَعظي ِم‬ ‫وهؤالء يَزعمو َن َّ‬ ‫ِ‬ ‫الغلو الذي َنانا اللَّه عنهُ ورسولُهُ‪.‬‬ ‫من ّ‬ ‫وهذا َ‬ ‫وذلك كفر‪َ ..‬‬ ‫َ‬
‫ف يف ِ‬
‫اَلند‪.‬‬ ‫وهؤالء َلم وجود يف فر ٍقة تَنتسب إىل التصو ِ‬ ‫ِ‬ ‫سول وحمبّ ِته‪.‬‬
‫الر ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كل شىء يعلمهُ‬ ‫علم َّ‬ ‫سول يَ ُ‬ ‫الر ُ‬ ‫تقول ّ‬ ‫كيف ُ‬ ‫قيل ألحدهم َ‬ ‫ظهر من هؤالء الغُالة ملا َ‬ ‫‪ ‬من أعجب ما َ‬
‫فحص ُدوهم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫اللَّه وقَد أرسل س ِ‬
‫القبائل َ‬ ‫عض‬
‫فاعرتض ُتهم بَ ُ‬ ‫َ‬ ‫ين‬
‫موهم ال ّد َ‬ ‫بعني من أصحابه إىل قبيلة ليعلّ ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫فقال والعياذُ باللَّه تَعاىل نعم يرسلهم مع ِ‬
‫علمه‬ ‫رسلهم؟ َ‬
‫َ ُ ُ َ‬ ‫حيص ُل َلم هذا َهل كا َن يُ ُ‬ ‫علم أنهُ ُ‬ ‫فلو كا َن يَ ُ‬
‫البخاري وغريهُ‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫احلديث رواهُ‬
‫ُ‬ ‫بذلك‪ .‬وهذا‬ ‫َ‬

‫واللَّهُ َ‬
‫تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم‬

‫‪96‬‬
‫احملاضرة الثالثون‬
‫اسما هلل تعالى‬ ‫ءاه ليس ً‬
‫الرحي ِم‬
‫الرمح ِن ّ‬
‫ِ‬
‫بسم اللَّه ّ‬
‫حابته الطّاهرين‪.‬‬ ‫ءاله وص ِ‬ ‫احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ َ ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ‬
‫رد" رواهُ‬ ‫عمال ليس عليه أمرنا فهو ٌّ‬ ‫عليه وسلّ َم "من عمل ً‬
‫‪1‬‬
‫البخاري‬
‫ُّ‬ ‫قال ُ‬ ‫‪َ ‬‬
‫أي‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫كل ٍ‬ ‫ِ‬
‫احلديث َّ‬
‫فهو مردود‪ْ ،‬‬ ‫الرسول صلّى الله عليه وسلّ َم َ‬ ‫افق شريعةَ ّ‬ ‫عمل ال يُو ُ‬ ‫أن َّ‬ ‫ومسلم ‪ ،‬ومعىن‬
‫سول صلّى اللَّه ِ‬ ‫احلج والزكاةَ وال ّذكر وال ّدعاء اذا مل يوافِق شريعةَ الر ِ‬
‫عليه‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يام و َّ‬ ‫الص َ‬‫الصالةَ و ّ‬ ‫يقبل اللَّه ّ‬
‫ال ُ‬
‫وسلّم‪.‬‬
‫َّ‬ ‫من ِ‬ ‫ٍ‬
‫اسم‬
‫اسم الله‪ُ ،‬‬ ‫غريون َ‬ ‫الناس يقولو َن ُسبحان الال ُسبحان الال‪ ،‬يُ ّ‬ ‫حيتاج إىل علم‪ ،‬كثري َ‬ ‫كر ُ‬ ‫‪ ‬ال ّذ ُ‬
‫قول سبحان الال ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َيوز تغيريهُ بل‬ ‫بدون حرف اَلاء فحرام‪ ،‬ال ُ‬ ‫اللَّه كما جاءَ يف القرءان "اللَّه"‪ ،‬أما ُ ُ‬
‫أهل الطّر ِ‬
‫يقة‬ ‫الناس ِمن ِ‬ ‫من ِ‬ ‫ِ‬
‫ظ كما جاءَ يف القرءان‪ ،‬ألف والم مش ّددة مث ألف ليّنة مث اَلاءُ‪ .‬وكثري َ‬ ‫يُل َف ُ‬
‫انتسبوا إىل الشاذليّ ِة‪ ،‬وأناس‬ ‫لكن أناس َ‬ ‫حق‪ْ ،‬‬ ‫ليست الشاذليةَ األصليّةَ‪ ،‬الشاذليّةُ األصليّةُ ٌّ‬ ‫ّ ِ‬
‫الشاذلية‪َ ،‬‬
‫أوال اللَّه اللَّه‪ ،‬مث يقولو َن ءاه ءاه‪ .‬ءاه يقوَلا‬ ‫كر‪ .‬يقولو َن ً‬ ‫ِ‬
‫حرفوا ال ّذ َ‬‫ين ّ‬‫انتسبوا إىل القادرية‪ ،‬ما تعلّموا ال ّد َ‬ ‫َ‬
‫ضع‬ ‫اللغة على َّ‬ ‫املتوِجع‪ ،‬والذي يش ُكو شكوى‪ ،‬ءاه ليس اُسا هللِ‪ِ ،‬بل اتّفق أهل ِ‬
‫أن ءاه لفظ ُو َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ً‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫ليس‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫اب‬‫و‬ ‫ث‬ ‫َلم‬ ‫َّ‬
‫أن‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫ويظن‬
‫ّ‬ ‫هلل‬ ‫اسم‬ ‫أنه‬ ‫على‬ ‫آه‬ ‫يذكرون‬ ‫كر‬ ‫ذ‬‫ّ‬ ‫ال‬ ‫هذا‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫يذكرو‬ ‫للتوج ِع‪ .‬كثري من الشاذلي ِ‬
‫ة‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫معصية تُكتب ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َلم ثواب بل علي ِهم ذنب ِ‬
‫عليه ألنهُ ما‬ ‫ُ‬ ‫مرةٍ ُ‬
‫فألف‬ ‫ألف ّ‬‫قال َ‬ ‫بعدد ما يقولو َن ءاه‪ .‬إ ْن َ‬
‫سول صلّى اللَّه ِ‬
‫عليه وسلّم‪.‬‬ ‫وافق شريعةَ الر ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫بن املنذ ِر يف‬ ‫ِ‬ ‫ليس اُسًا هللِ‪ ،‬ف َقد َروى‬
‫األوسط َّ‬
‫أن‬ ‫اجملتهد أبو بك ِر ُ‬
‫ُ‬ ‫اإلمام‬
‫الرتمذي يف جامعه و ُ‬ ‫ُّ‬ ‫‪ ‬ءاه َ‬
‫قال "إذا تثاء ُ أحدكم فليضع يده على فيه ‪-‬أي على ِ‬
‫فمه‪ -‬وال‬ ‫عليه وسلّم َ‬ ‫رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ‬ ‫َ‬
‫ْ‬
‫الرتمذي إنهُ حديث‬ ‫ُّ‬ ‫قال ِ‬
‫فيه‬ ‫احلديث صحيح وقَد َ‬ ‫ُ‬ ‫ريطان يضحك منه" هذا‬ ‫يقل ءاه ءاه َّ‬
‫فإن ال ّ‬
‫ليس ِمن‬
‫أن "ءاه" َ‬ ‫فيه داللة على َّ‬ ‫احلديث ِ‬
‫ُ‬ ‫قوي‪ .‬وهذا‬ ‫أي كِالّها ٌّ‬ ‫ِ‬
‫حيح أَ َخوان ْ‬ ‫الص ُ‬ ‫احلسن و ّ‬‫حسن‪ ،‬و ُ‬

‫الرسول من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ .‬كتاب االعتصام بالكتاب والسنة‪ :‬باب إذا اجتهد العامل أَو احلاكم فَأَخطَأ خالَف َ‬
‫غري علم فحكمه مردود‪.‬‬
‫مسلم‪ .‬صحيح مسلم‪ .‬كتاب األقضية‪ :‬باب نقض األحكام الباطلة ورد حمدثات األمور‪ .‬ج‪ 4‬ص ‪.‬‬
‫الرتمذي‪ .‬سنن الرتمذي‪ .‬كتاب األدب عن رسول اهلل صلى اهلل عليه و سلم‪ :‬ما جاء إن اهلل حيب العطاس ويكره التثاؤب‪.‬‬
‫ج‪ 4‬ص‪.43‬‬
‫‪97‬‬
‫وضع يدهُ اليُسرى كا َن‬ ‫ِ‬ ‫احلديث ِ‬ ‫ِ‬
‫أُساء اللَّه‪ ،‬وهذا‬
‫يدهُ على فيه وإ ْن َ‬ ‫ضع َ‬ ‫ب أن يَ َ‬ ‫سن ملن تثاءَ َ‬ ‫فيه أنهُ يُ ُّ‬ ‫ُ‬
‫أحسن‪.‬‬
‫َ‬
‫َُسَاءُ احلُ ْس َىن فَ ْادعُ ْوهُ ِهبَا َو َذ ُرْوا الَّ ِذيْ َن يـُْل ِح ُد ْو َن ِيف‬
‫القرءان ﴿ َوهللِ األ ْ‬
‫ِ‬ ‫قال اللَّه تَعاىل يف‬ ‫‪ ‬وقد َ‬
‫َيوز أن يكو َن اسم ِمن‬ ‫مال فال ُ‬ ‫أي ال ّدالة على ال َك ِ‬ ‫ومعىن احلسىن ِ‬ ‫َُسَائه(‪ُ ( ﴾) 42‬س ْوَرةُ األ َْعَراف)‪َ ،‬‬
‫أ ْ ِِ‬
‫سم ِبه‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أُساء اللَّه تعاىل داال على‬ ‫ِ‬
‫اج "وال ينبغي ألحد أن يَدعوهُ مبا مل يُ ّ‬ ‫الزج ُ‬
‫قال ّ‬ ‫الكمال‪َ ،‬‬ ‫خالف‬
‫يغ عنها إحلاد" اه‬ ‫أُسائه والز َ‬‫ط يف ِ‬ ‫أن الغل َ‬ ‫اخلطايب "ودليل هذهِ ِ‬
‫اآلية َّ‬ ‫ُّ‬ ‫وقال أبو سليما َن‬ ‫نفسهُ" اه‪َ ،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫النسفي يف تفسريهِ "ومعىن قو ِله تَعاىل ﴿ َو َذ ُرْوا‬ ‫عنهما يف ابن اجلوزي ز ِاد املس ِري ‪َ ،‬‬
‫‪1‬‬
‫ُّ‬ ‫وقال‬ ‫كما نقلهُ ُ‬
‫الَّ ِذين يـ ْل ِح ُدو َن ِيف أ ْ ِِ‬
‫الذين َييلو َن ع ِن ّ‬
‫احلق‬ ‫َُسَائه(‪ُ ( ﴾) 42‬س ْوَرةُ األ َْعَراف)‪ ،‬أ ِي اترُكوا تسميةَ َ‬ ‫َْ ُ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫و ّ ِ‬
‫اإلحلاد يف‬
‫َ‬ ‫فتبني َّ‬
‫أن‬ ‫َيوز عليه‪َّ .‬‬ ‫سموهُ مبا ال ُ‬ ‫وذلك أن يُ ّ‬ ‫فيسمونهُ بغ ِري األُساء احلسىن َ‬ ‫الصواب فيها ّ‬
‫إمجاع َّ‬
‫ألن‬ ‫سنة وال ٍ‬ ‫كتاب وال ٍ‬ ‫نص ِمن ٍ‬ ‫فيه ٌّ‬ ‫أُساء اللَّه تعاىل هو تسميته مبا مل يسم ِبه نفسه ومل يرد ِ‬ ‫ِ‬
‫َُ َ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫سنة نبيِّه أو‬‫كتاب اللَّه أو ِ‬ ‫رودها يف ِ‬ ‫عليه تَعاىل على و ِ‬ ‫أُساء اللَّه تعاىل كلَّها تَوقيفية أي يتوقّف إطالقُها ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫إمجاع‪.‬‬
‫ٍ‬
‫تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم‬ ‫واللَّهُ َ‬

‫عليه ما حيينا ويتوفّانا ع ِ‬


‫ليه‪.‬‬ ‫نسأل اللَّه أن يثبتنا ِ‬
‫ُ‬
‫َ‬ ‫ُّ‬
‫العاملني‪.‬‬ ‫و ُ ِ‬
‫رب َ‬ ‫احلمد هلل ّ‬

‫ابن اجلوزي‪ .‬زاد املسري يف علم التفسري‪ .‬ج ص ‪.3‬‬


‫النسفي‪ .‬تفسري النسفي‪ .‬ج ص ‪. 2‬‬
‫‪98‬‬
‫الصحيفة‬ ‫فهرس الموضوعات‬
‫احملاضرة األوىل‪ :‬كيف يؤخذ علم الدين وأ ّن العلم بالتعلّم ال مبطالعة الكتب‬
‫‪3‬‬ ‫احملاضرة الثانية‪ :‬أّهيّة علم ال ّدين وبيان ما َيب على املكلّف تعلمه من أمور ال ّدين‬
‫‪4‬‬ ‫احملاضرة الثالثة‪ :‬اإلسالم دين مجيع األنبياء‬
‫‪7‬‬ ‫احملاضرة الرابعة‪ :‬اإلسالم واإلَيان متالزمان‬
‫احملاضرة اخلامسة‪ :‬معرفة اللَّه تعاىل ليست على سبيل اإلحاطة‬
‫احملاضرة السادسة‪ :‬تنزيه اللَّه تعاىل عن اجلسميّة واحل ّد‬
‫‪4‬‬ ‫احملاضرة السابعة‪ :‬تنزيه اللَّه تعاىل عن التحيّز يف املكان واجلهة‬
‫السبع‬
‫السموات ّ‬ ‫الرسول صلى اهلل عليه وسلم إىل ّ‬ ‫احملاضرة الثامنة‪ :‬املقصود من معراج ّ‬
‫احملاضرة التاسعة‪ :‬اآليات احملكمات واملتشاهبات‬
‫‪7‬‬ ‫احملاضرة العاشرة‪ :‬الكالم على حديث اجلارية وحديث "ارحموا من في األرض"‬
‫الع ْر ِش ْ‬
‫استَـ َوى﴾‬ ‫الر ْمحَ ُن َعلَى َ‬
‫احملاضرة احلادية عشر‪ :‬تفسري اآلية ﴿ َّ‬
‫‪4‬‬ ‫احملاضرة الثانية عشر‪ :‬كالم اللَّه تعاىل‬
‫السنة واجلماعة‬
‫احملاضرة الثالثة عشر‪ :‬بيان أن األشاعرة واملاتريدية هم أهل ّ‬
‫‪4‬‬ ‫احملاضرة الرابعة عشر‪ :‬األمر باملعروف والنهي عن املنكر‬
‫‪9‬‬ ‫احملاضرة اخلامسة عشر‪ :‬التعريف بابن تيمية‬
‫‪4‬‬ ‫احملاضرة السادسة عشر‪ :‬الوهابيّة أتباع حممد بن عبد الوهاب النجدي‬
‫‪44‬‬ ‫معىن‬
‫احملاضرة السابعة عشر‪ :‬حكم من ي ّدعي اإلسالم لفظًا وهو مناقض لإلسالم ً‬
‫‪32‬‬ ‫احملاضرة الثامنة عشر‪ :‬البدعة‬
‫ويل أو االستعانة أو‬‫بنيب أو ّ‬
‫التوسل ّ‬
‫احملاضرة التاسعة عشر‪ :‬بيان معىن العبادة وأ ّن َمرد ّ‬
‫‪33‬‬ ‫التربك بآثاره جائز‪ ،‬وأنه ليس شركا كما تقول الوهابيّة‬‫االستغاثة به أو زيارة قربه أو ّ‬
‫‪9‬‬ ‫التوسل باألنبياء واألولياء يف َحياِتم وبعد وفاِتم‬
‫احملاضرة العشرون‪ :‬بيان جواز ّ‬
‫‪9‬‬ ‫للتربك والدعاء عندها‬
‫احملاضرة احلادية والعشرون‪ :‬بيان جواز زيارة قبور األنبياء واألولياء ّ‬
‫‪99‬‬ ‫النيب‬
‫التربك بآثار ّ‬
‫احملاضرة الثانية والعشرون‪ّ :‬‬
‫‪42‬‬ ‫احملاضرة الثالثة والعشرون‪ :‬النبوة واملعجزة‬

‫‪99‬‬
‫‪4‬‬ ‫احملاضرة الرابعة والعشرون‪ :‬عصمة األنبياء‬
‫‪49‬‬ ‫احملاضرة اخلامسة والعشرون‪ :‬التحذير من سيّد قطب وحزب اإلخوان‬
‫‪47‬‬ ‫احملاضرة السادسة والعشرون‪:‬التعريف حبزب التحرير‬
‫‪7‬‬ ‫احملاضرة السابعة والعشرون‪ :‬بيان أ ّن عقيدة احللول واالحتاد عقيدة ُمالفة لإلسالم‬
‫‪7‬‬ ‫احملاضرة الثامنة والعشرون‪ :‬تقدير اهلل تعاىل ال يتغ ّري‬
‫‪73‬‬ ‫الويل يعلم كل الغيب‬
‫الغلو القول بأ ّن النيب أو ّ‬
‫احملاضرة التاسعة والعشرون‪ :‬بيان أ ّن من ّ‬
‫‪79‬‬ ‫احملاضرة الثالثون‪ :‬ءاه ليس اُسا هلل تعاىل‬
‫‪77‬‬ ‫فهرس املوضوعات‬

‫‪111‬‬

You might also like