Professional Documents
Culture Documents
مختصر المحاضرات Nessim Almuhaba ሙሀዷራት
مختصر المحاضرات Nessim Almuhaba ሙሀዷራት
1
احملاضرة األوىل
وأن العلم بالتعلُّم ال بمطالعة الكتب كيف يؤخذ علم الدين َّ
الرحي ِم
الرمح ِن ّ بسم اللَّه ّ
ِ
ءاله وص ِ
حابته الطّاهرين. احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ ُ
َ ّ ّ ُ َ ّ َ ّ ّ
خيرا يف ّقهه في ال ّدين إنّما العلم بالتعلُّم َّ ِ
رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم "من يرد الله به ً قال ُ َ
حيح .الص ِالبخاري يف ّ
ُّ والفقه بالتف ّقه" َ
أخرجهُ
عمن ت ـأخذو َن لم دي ـ ـ ـ ـ ـن فـانظروا َّ إن هذا الع ـ َ التابعني " َّ
َ هو ِمن كبا ِر
سريين الذي َ َ بن
حمم ُد ُ قال ّ َ
أمور الدي ِن. مة صحيحه ،أ ِي انتبِهوا َّ ِدين ُكم" اه رواه مسلم يف مق ّد ِ
عمن تأخذو َن َ ُ
الشخص
ُ الكتب اليت يُطالِعُهاِ الكتب ألنه قَد يكو ُن يف هذهِ
ِ ُ
ِ
أمور ال ّدي ِن ال تُؤخ ُذ باملطالعة َ
من ُ
ِ ِ
ؤدي عبادةً فاسدةً أو هي عليه فيُ ّ منها أشياءَ علَى خالف ما َ دس وافرتاء على ال ّدي ِن ،أو قَد يَ َ
فه ُم َ ٌّ
تصح عبادتُهُ. أوهامه فال ُّ لته و ِ وتوّهه يف ُُمي ِ تشبيه اللَّه خبَ ِ
يقع يف ِ
عبد شيئًا ختيّـلَهُ ّ ُ ّ لقه فيَ ُ َُ
البغدادي أحد كبا ِر احمل ّدثني "ال يؤخ ُذ العِلم إال ِمن أفواهِ الع ِ
لماء" اخلطيب ظ أبو بك ٍر قال احلاف َُ
ُ ُ َ ُ َ ُّ ُ ُ
حابة إىل ثقة وهكذا إىل الص ِ عارف ٍ ثقة يكو ُن أخ َذ عن ٍ عارف ٍ بد ِمن تَعلُّ ِم أموِر ال ّدي ِن ِمن ٍ اه فال َّ
ّ َ َ
ِ
الكتب من الس ِ عليه وسلَّمَ . رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ ِ
احلديث َ
َ لف الذي يَأخ ُذ بعض َّ قال ُ أيضا " َ وقال ً
سمى قارئًا" اه. صحفيًّا وال يُ َّ سمى صحفيًّا والذي يأخ ُذ القرءا َن من املصح ِ
سمى ُم َ ف يُ َّ َ َ يُ َّ ُ
نبيههُ ال ََيُُّر إىل ِ لو ُُِسع ِمن عا ٍمل كالم ُمالف ّ
السام ِع أ ْن يُنبّـ َههُ َعن َخطئه إ ْن كا َن تَ ُ للشرِع فعلَى ّ
خياف اللَّه إذا أخطأَ ِ الناصح ِ مفسدةٍ أعظمِ َّ ،
الورِع الذي ُ فيق على دينهم َ الش َ للناس ّ َ التقي
فإن العاملَ َّ َ َ
بن
عمر ُ خطب سيدنا ُ َ ذلك ،ف َقد للناس َ بني ِ يعود عنهُ ويُ ُّ الناس ُ من ِ أمام مج ٍع َ طؤهُ ولو َ ني لهُ َخ ُ فبُـ َّ
ساء فإنهُ ال وقال "أال ال تُغالُوا يف صد ِاق النّ ِ ليه َ فحم َد اللَّه تعاىل وأثىن ع ِ اب رضي اللَّه عنه ِ اخلطّ ِ
ََ َ ُ َ
ِ ساق أكثر ِمن ٍ ٍ
ذلك
فضل َ علت َ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّ َم إال َج ُ شىء ساقَهُ ُ يَبلغُين َعن أحد َ َ
أكتاب اللَّه ُّ
أحق أن يـُتّبَ َع ُ املؤمنني
َ أمري
فقالت "يا َ َ ضت لهُ امرأة ِمن قُر ٍ
يش نزل فَـ َعَر ْ
املال" مث َ بيت ِ يف ِ
ذاك؟" قالَت " ََنيت الناس ءان ًفا أن يغالوا يف ص ِ
داق قال "بل كتاب اللَّه تعاىل ،فما ِ
َ ُ َ َ ُ ك؟" َ َ أو قَولُ َ
البخاري .صحيح البخاري .كتاب العلم :باب العلم قبل القول والعمل ،ج ص. 4
مسلم .صحيح مسلم .املقدمة :باب يف أن اإلسناد من الدين ،ج ص .
اخلطيب البغدادي .الفقيه واملتفقه .باب اختيار الفقهاء الذين يتعلم منهم ،ج ص.79
املصدر السابق ص.79
2
كتابه ﴿ َوءَاتَـْيتُم إِ ْح َد ُاه َّن قِْنطَ ًارا فَ َال تَأْ ُخ ُذ ْوا ِمْنهُ َشْيئًا(ُ ( ﴾) 2س ْوَرةُ
يقول يف ِ ساء ،واللَّه تعاىل ُ النّ ِ
مر" مث ِ أحد أفقه ِمن عمر ُّ ٍ كل ٍ ِ فقال عمر " ُّ ٍ
كل أحد أف َقهُ من عُ َ ُ ُ َ مر ُّ كل أحد أفقهُ من عُ َ ِّساء) ُ َ . الن َ
اله ما بَدا النساء أال فليفعل رجل يف م ِ
َ َ َْ َ
ِ للناس "إين قَد َنيتُ ُكم أ ْن تُغالُوا يف ص ِ
داق َ فقال ِ رجع إىل املِن ِرب َ َ
له" أخرجه البيهقي يف س ِ
ننه . َ ُ َ ُّ ُ ُ
شىء ِمن أموِر أن الشيخ أو اإلمام أو اخلطيب ال ُخيطئ يف ٍ من ِ ُ ٍ ِ من الغُ ّلو
ُ َ َ الناس َّ ّ َ اعتقاد كثري َ
غري ِ أحد من ُكم إال ي ِ عليه وسلَّم "ما ِمن ٍ ال ّدي ِن وهذا ُمالف لقو ِله صلَّى اللَّه ِ
ؤخ ُذ من قَوله ويُ َرت ُك َ ُ َ
اخلطيب مهما َعلَت َمرتبتُهُ ُخي ِط ُئ ُ اإلمام و
يخ و ُ فالش ُ
اقيّ ، ظ العر ُّ وحسنَهُ احلاف ُ
َّ ِ
رسول اللَّه" رواهُ الطّرباينُّ
املسائل ،وعلى هذا كبار ِ
القوم. ِ يف ِ
بعض
ُ
يد" "إذا َعلِ َم املر ُ
يد اخلطأَ على كتابه "أدب املر ِ عبد ال َقاد ِر اجليالينُّ رضي اللَّه عنه يف ِ
ُ ُ َ يخ ُ الش ُقال ّ َ -
ع" اه يخ فلينبـهه فإ ْن رجع عن خ ِ
الشر َ
َّبع ّاألمر وإال َترَك قولَهُ وات َ فذاك ُ طئه َ َ َ َ الش ِ ُ ّ ْ ُ ّ
ِ
ع فإن َخالفوا رضي اللَّه عنهُ " َسلّ ْم لل َقوم أحوا ََلم َما مل ُخيالفوا ّ
الشر َ فاعي َ أمحد الر ُّ يخ ُ الش ُوقال ّ َ -
ع" اهع فاترْك ُهم واتب ِع الشر َ الشر َ
ّ
األمانة في العلم
ألن اخليانةَ يف عل ِم ال ّدي ِن األمانة يف ِ
املال َّ ِ من ِ ِ أن األمانةَ يف تل ّقي العل ِم
ليُعلَم َّ
أهم َ
وتبليغه ُّ وفهمه
املال. ِ
اخليانة يف ِ من
أعظم َ
ُ
قوال ِمن غ ِريتقل ً
أي ال ْ
قال اللَّه تَعاىل﴿ :وَال تَـ ْقف ما لَيس لَ َ ِِ ِ
ك به ع ْلم(ُ ( ﴾) 3س ْوَرةُ ا ِإل ْسَراء) ْ ُ َ ْ َ َ َ
عل ٍم ،فيَنبغي علَى ِ
طالب العل ِم أن ال يَغ َف َل كلمةَ ال أد ِري.
السماء واألرض" اه عليه وسلَّ َم "من أفتى بغير ٍ رسول اللَّه صلَّى اللَّه ِ
علم لعنته مالئكة ّ َ
وقال ُ
رضي اللَّه عنهُ.4علي َ عساكر َعن ّ َ ابن
رواهُ ُ
يف املصباح املنري "القنطار هو املال الكثري " اهـ ج 9ص 4مادة (ق ط ر).
. البيهقي .سنن البيهقي .كتاب الصداق :باب ال وقت يف الصداق كثر أو قل ،ج 9ص
الطرباين .املعجم الكبري..
الرفاعي .كتاب احلكم .ص. 7
4ابن عساكر .تاريخ دمشق .ج ص. 2
3
فقال"ال أدري أسأل قاع َ شر البِ ِ عليه وسلَّ َم َعن َخ ِري البِ ِ سول اللَّه صلَّى اللَّه ِ
وعن ّ قاع َ ئل َر ُ وقَد ُس َ
خري البِ ِ
قاع نزل الوحي علَى ِ
رسول اللَّه َّ رب ِّ جربيل فق َال ال أد ِري ُ جبريل" مث َ
بأن َ العزة مث َ َ ُ أسأل َّ َ سأل
األُساء والص ِ
فات . ِ البيهقي يف وشر البِقا ِع األسو ُ
ّ ُّ اق ،رواهُ املساجد َّ
ُ
ُسأل َعن فقال "وابردها على ِ
الكبد أ ْن أ َ شىء َ روي عن سيدنا علي رضي اللَّه عنه أنه سئل عن ٍ
َ ُ ُ ُ َ َ ّ َ ُ َ َ ّ
فأقول ال أد ِري" . علم يل ِبه ُ ٍ
شىء ال َ
وقال ع ِنستة َمالك رضي اللَّه عنه أنه سئل مثانيةً وأربعني سؤ ًاال فأجاب عن ٍ اإلمام ٍ وقَد جاء َع ِن ِ
َ َ َ ُ ُ َ ََ
الح . الص ِ ِ
ابن ّ البَقية"ال أدري" ،رواهُ ُ
ٍ ٍ فقال ل َقد ِج ِ
فت أَهلي َورائي ئت من مكان بعيد وخلَّ ُ ُ فقال "ال أدري" َ وسأل شخص مال ًكا يف أم ٍر َ َ
رضي اللَّه
فقال مالك َ قال مالك مباذا أُجيبُهم َ جعت إلي ِهم فقالوا يل َماذا َ السؤ َال فإذا َر ُ ك هذا ّ ألسألَ َ
فقال ال أد ِري" . سألت مال ًكا َ تقول ُ عنهُ " ُ
ِ ِ ِ
عمل مبا
لسالمة .ويَنبغي أن يَ َ جانب ا ّ
َ دائما
يلزم ً أي أ ْن َ يَنبغي لإلنسان أن يكو َن حمتاطًا يف كالمه ْ
ِ
العلم ثالثة كتاب ناطق وسنة ماضية وال عنهما " ُ رضي اللَّه ُ عمر بن اخلطاب َ
بن َ ِ عبد اللَّه ُ قال سيّ ُدنا ُ َ
ِ ِ ِ ِ ِ4
الثابت
َ احلديث
َ املاضية وبالسنة كتاب اللَّه
َ الناطق بالكتاب يد
ُ رأخرجهُ الطّرباينُّ يف األوسط ُ
ي أد ِري" َ
ِ ِ ِ
ب الفتوى يث ال يَعلَ ُم ويَتجنّ َ بذلك َح ُيب َ َعن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّ َم وبقوله ال أَدري أ ْن َُي َ
ك. ذلك َهلَ َفعل َ بغَ ِري عل ٍم ألنهُ إذا مل يَ َ
ناسبهُ وإىل غ ِريحال الذي يدرس على املدر ِس في ِلقي إىل املبتد ِئ ما ي ِ أيضا التفكري يف ِ
ُ ّ ُ َ ُ ُ املهم ً ومن ّ َ
فظ حث املدرس الطالب على ِح ِ ِ ِ الب ِص َ ِ ِ املبتد ِئ ما يُناسبهُ ويَبدأُ بتعلي ِم الطّ ِ
َ قبل كباره فيَ ُّ ّ ُ غار العلم َ
بعد أن أوسع منهُ إال َ ٍ ٍ ِ ٍَ
ءاخر َ نتقل معهُ من شرِح كتاب إىل كتاب َ درسهُ إياهُ وال يَ ُ فن يُ ّ
كل ّ ُمتصر يف ّ
أكثر ِمن ِ
الب تل ّقي الكتاب َ عيد الطّ ُ الزم ِن أن يُ َ ب يف هذا ّ
ِ ِ ِ
فهم الكتاب األول بَل ويُناس ُ الطالب َ ُ يُ ِتق َن
ِ
بالقلب ت ِ ِ
ألحكامها َّ ملسائله وم ِ ِ مرةٍ ليتأ ّك َد ِمن ُحس ِن تَ ُّ
صورهِ
من املعلومات إمنا تَثبُ ُ كثريا َ فإن ً عرفته َ ّ
بعد مرةٍ وقَدرحها مرًة َ لش ِ القلب على التّ ِ ضح يف ِ ِ ِ ِ
تماع َ
مام إال باالس ِ منها ال تتّ ُ كثريا َ
بالتكرار واإلعادة و ً
البخاري .صحيح البخاري .كتاب العلم :باب من خص بالعلم قوما دون قوم كراهية أن ال يفهموا .ج ص .9
5
احملاضرة الثانية
أهميّة علم ال ّدين وبيان ما يجب على المكلّف تعلّمه من أمور ال ّدين
بس ِم اللَّه الرمح ِن الرحي ِم
وصحابتِ ِه الطّاهرين. ِِ احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سي ِدنا ٍ
حممد وعلَى ءاله َ ّ ّ ُ َ ّ َ ّ ّ ُ
العلماء يف قو ِله تَعاىل﴿ :يَـ ْرفَ ِع اهللُ الَّ ِذيْ َن ءَ َامنُـ ْوا ِمْن ُكم َوالَّ ِذيْ َن أُْوتُـ ْوا العِْل َم مقام العل ِم و ِ بيا ُن ِ
لبالقرءان بطَ ِِ عليه وسلَّ َم يف أن اللَّه ما أمر نبيَّه صلَّى اللَّه ِ ات﴾ ( ) ( َس ْوَرةُ الْ ُم َج َادلَة) ،و َّ درج ٍ
َ ُ ََ َ
ب ِزْدِين ِع ْل ًما( )﴾ ( ُس ْوَرةُ طَهَ). قائلَ ﴿ :وقُ ْل َر ِّ فقال َعَّز ِمن ٍ شىء إال ِم َن العل ِم َ االزدياد ِمن ٍ ِ
ف ملا جاءَ يف قولِه تَعاىل﴿ :يَا أَيـُّ َها عني ِمن عل ِم ال ّدي ِن علَى كل مكلّ ٍ
ّ
جوب تعلُّ ِم قد ٍر ُم ّ ٍ بيا ُن و ِ
َ ُ
َّح ِرْي) ف َقد جاءَ َعن ِ ِ َّ ِ
َّاس َواحل َج َارةُ(ُ ( ﴾)3س ْوَرةُ الت ْ الذيْ َن ءَ َامنُـ ْوا قُـ ْوا أَنْـ ُف َس ُكم َوأ َْهلْي ُكم نَ ًارا َوقُـ ْوُد َها الن ُ
املؤمنني أن يَـ ُقوا أن ُف َس ُهم يأمر اآلية َّ َّ طالب رضي اللَّه عنه يف تفس ِري ِ سيّ ِدنا علي ب ِن أيب ٍ
َ أن الله ُ ُ َ ّ
فقال " َعلّموا ذلك َ الناس واحلجارةُ بتعلُّ ِم أموِر ال ّدي ِن وتَعلي ِم أهلي ِهم َ ِ ِ
ودها ُ النار اليت َوقُ ُ وأهليه ُم َ
عليه وسلّ َم "طلب العلم فريضةٌ أنفس ُكم وأهلِي ُكم اخلري" رواه احلاكم وصححه ،وقولِه صلّى اللَّه ِ
ُ ّ ُ ْ ُ َ ُ َ
ي. وح َّسنهُ احلافِ ُ
ظ املز ُّ البيهقي َُّ على كل م ٍ
سلم" رواهُ
نقسم إىل قِسم ِ ِ الع ُّ ِ ِ
ني يين من علم ال ّدي ِن يَ ُ رض َ ال َف ُ
العقيدةِ. .1قسم يتعلّ ُق بأصول ال ّدي ِن أ ِي َ
ِ
باألحكام. .وقسم يَتعلّ ُق
العبادات ِمن طهارةٍ ِ ِ ِ الشر ِ
أحكام فيد معرفةَالعلم يُ ُ علم األحكام ،وهذا ُ سمى َ يعة فيُ َّ علم ّ وأما ُ
ذلك ِمن ضروري ِ وصيام وزكاةٍ وحج أركانًا وشروطًا وم ٍ وصالةٍ ٍ
ات عل ِم ال ّدي ِن. َ ّ بطالت وغ ِري َ ُ ّ
ومعرفة رسو ِله صلّى اللَّه ِ
عليه ِ املعلومات ِ
معرفة اللَّه ِ ِ
بأشرف التوحيد لتعلُّ ِق ِه
ِ علم صيال
ً حت
َ أوىل الع ِ
لوم
ُ ُ
وسلّ َم.
قدي العل ِم باللَّه على االستغفا ِر يف قَو ِله تَعاىل﴿ :فاعلم أنه ال إله إال اهلل واستغفر لذنبك ويف تَ ِ
ذلك.
وللمؤمنني واملؤمنات (ُ ( ﴾) 7س ْوَرةُ ُحمَ َّمد) إشارة إىل َ
هـ .قال عن احلديث :صحيح على شرط الشيخني. احلاكم .املستدرك .تفسري سورة التغابن .ج ص . 7ط 9
البيهقي .شعب اإلَيان .باب يف طلب العلم ،ج ص. 74
ابن ماجه .سنن ابن ماجه .ج ص ،4
6
قال " ُكنا مع النيب صلّى اللَّه ِ رضي اللَّه عنهُ َ ِ ِ ِ َّ ِ
عليه َ ّ ماجه يف ُسننه َعن ُجندب بن عبد الله َ ابن َ روى ُ
وسلّم وحنن فِتيان حزا ِورة فتعلَّمنا اإلَيا َن قبل أ ْن نَتعلَّم ال ُقرءا َن مث تَعلَّمنا القرءا َن فازددنا ِبه إَيانًا" ِ
فيه َ ْ َ َ ْ َ َ ُ
مجع ِ ِ عليه وسلّم بتعلي ِم الص ِ اهتمام النيب صلّى اللَّه ِ ِ
التوحيد وتقدَيه علَى َغريه .واحلزاورةُ ُ َ حابة ّ َ ّ بيا ُن
كاد. حزوٍر واحلزور يف ِ
لغ أو َ اللغة يُطلَ ُق علَى َمن بَ َ َّ َ ُّ
أن الفقه يف ال ّدي ِن أفضل من ِ ِ ِ
الفقه َُ َ رضي اللَّه عنهُ يف الفقه األبسط "اعلَم َّ َ اإلمام أبو حنيفةَ َ قال ُ َ
ات ِ
االعتقادي ِ يتعلَّ ُق ِبه ِم َن ِ وقال أيضا "أَصل التّ ِ
وحيد وما ي ِ ِ
ّ االعتقاد عليه وما َ
ُ ص ُّح َ ُ األحكام" اهـ َ ً يف
هو ِ
الفقهُ األكربُ" اهـ. َ
أي كا َن اإلمام الشافعي رضي اللَّه عنه ي ِتقن علم التّ ِ
قبل هذا" ْذاك َ قال "أح َك ْمنا َ وحيد َحىت َ ُُ ُ َ ُّ َ ُ
افعي . يهقي يف َم ِ وحيد قبل فُ ِ ِ أت َقنّا علم التّ ِ
الش ّ
ناقب ّ أخرجهُ البَ ُّ
روع الفقهَ ، َ َ
واللَّهُ َ
تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم
ابن ماجه .سنن ابن ماجه .باب يف اإلَيان ،ج ص ،وصححه البوصريي يف مصباح الزجاجة .باب اإلَيان .ج ص .
أبو حنيفة .الشرح امليسر على الفقهني األبسط واألكرب .باب أفضل الفقه وتعريف اإلَيان وأركانه ،ج ص .4
املصدر السابق .باب بيان أصول اإلَيان .ج ص.4
البيهقي .مناقب الشافعي .ج ص. 49
7
احملاضرة الثالثة
اإلسالم دين جميع األنبياء
الرحي ِم
الرمح ِن ّ بسم اللَّه ّ
ِ
ءاله وص ِ
حابته الطّاهرين. احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ ُ
َ ّ ّ ُ َ ّ َ ّ ّ
ٍ ِ احلق َ َّ
اإلسالم ق َال
ُ كل األنبياء بدي ٍن واحد َ
هو اإلسالم ،وقَد جاءَ ُّ ُ هو
عند الله َ ين َّ فإن ال ّد َ وبعد َّ
ُ
ِ تَعاىل ﴿ :إِ َّن ِّ ِ ِ
حيح الذي ارتضاهُ اللَّه لعباده البش ِر و ّ
اجلن الص َ ين ّ أن ال ّد َ أي َّ اإلس َال ُم﴾ ْ الديْ َن عْن َد اهلل ْ
األديان باطل. ِ من ِ
اإلسالم ال غريُ وما سواهُ َ ُ املالئكةو
ِ ِ ِ ِ ِ ِ
أن َمنأي َّ اإلس َالم ديْـنًا فَـلَ ْن يـُ ْقبَ َل مْنهُ َوُه َو ِيف اآلخَرةِ م َن اخلَاس ِريْ َن﴾ ْ
وقال تَعاىلَ ﴿ :وَم ْن يَـْبتَ ِغ َغْيـَر َْ
دين ِبه فلَن يَقبلَهُ اللَّه منهُ. ِ
غري اإلسالم يَ ُ طلب دينًا َ يَ ُ
ومن َّ ِ ِ
موسويَ ،
ٌّ فهو ُمسلمملوسى صلّى الله عليه وسلّ َم َ َّبعا َ فمن كا َن مت ً فكل األنبياء ُمسلمو َن َ ُّ
حمم ًدا صلّى قال مل ِن ات َ
َّبع ّ صح أن يُ َ يسوي ،ويَ ُّفهو ُمسلم ِع ٌّ َّ ِ
لعيسى صلّى الله عليه وسلّ َم َ َّبعا َ كا َن مت ً
دي .واإلسالم هو ال ّدين الذي رضيه اللَّه لعبادهِ وأمرنا باتّ ِ
باع ِه ِ
َ َ َُ ُ َ ُ حمم ٌّاللَّه عليه وسلّ َم ُمسلم ّ
واللَّهُ َ
تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم
البخاري .صحيح البخاري .كتاب املظامل والغصب :باب النهب بغري إذن صاحبه .ج ص . 9
البخاري .صحيح البخاري .كتاب اإلَيان :باب زيادة اإلَيان ونقصانه ج ص . 2
البخاري .صحيح البخاري .كتاب اللباس :باب الثياب البيض ج 9ص . 9
مسلم .صحيح مسلم .كتاب اإلَيان :باب من مات ال يشرك باللَّه شيئا دخل اجلنّة ومن مات مشركا دخل النّار .ج
ص.33
11
ب لقولِِه صلَّى اللَّه ِ
فهو كأنهُ مل يُذن ْقبل َ
من ال ّذنوب اليت كا َن قَد فَعلَها ُ
ِ
تاب َ بعد أَن َ
مات َ أما َمن َ
ِ
اجه . َعليه وسلَّ َم "التائب من ال ّذنب كمن ال ذنب له" َرواهُ ُ
ابن َم َ
اجبات واجتنب مجيع احملر ِ اإلسالم وكا َن قَد أدى مجيع الو ِ اإلَيان و ِ ِ
مات فال َ َ ّ َ ّ مات على وأما َمن َ
النعيم نكدا يف الق ِرب وال يف اآلخرةِ بل يدخل اجلنةَ بال ٍ
حيث ُ عذاب ُ َ ُ عطشا وال ً جوعا وال ً يَل َقى ً
أبدا.
اخلالد فيكو ُن مأواهُ الذي ال خير ُج منهُ ً املقيم ُ ُ
ِ ِ ِ
نقطع يف ف وال يَ ُ أبدا ال ُخي ّف ُ
فيها ًخالدا َ
جهنم ً فمأواهُ ُ مات َعلى غري اإلَيان واإلسالم َ وأما َمن َ
قال تَعاىل﴿ :إِ َّن اهللَ لَ َع َن ال َكافِ ِريْ َن
من النا ِر َهو خبارٍج َ وما َ العذاب إىل ما ال َنايةَ لهُ َ ُ اآلخرةِ عنهُ
ِ ِ ِِ ِ ِ
َحَزاب). َوأَ َع َّد ََلُ ْم َسعْيـًرا( َ )3خالديْ َن فْيـ َها أَبَ ًدا َال ََِي ُد ْو َن َوليًّا َوَال نَصْيـًرا(ُ ( ﴾)34س ْوَرةُ األ ْ
رسول اللَّه واختِم لنَا باحلُسىن.
حمم ًدا ُ أن َ هم ثبّتنا على شهادةِ أ ْن ال إلهَ إال اللَّه و َّ اللَّ َّ
واللَّهُ َ
تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم
ابن ماجه .سنن ابن ماجه .كتاب الزهد ،ج 4ص. 2
11
احملاضرة اخلامسة
معرفة اللَّه تعالى ليست على سبيل اإلحاطة
بس ِم اللَّه الرمح ِن الرحي ِم
حابته الطّاهرين. ءاله وص ِ احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ ُ
َ ّ ّ ُ َ ّ َ ّ ّ
العلم باللَّه ِ ِ
َيب َعلى العبد ُ األشعري رمحهُ اللَّه تَعاىل يف النوادر " ّأو ُل َما ُ ُّ اإلمام أبو احلس ِنقال ُ َ
ورسو ِله ِ
ودينه" اه
قيقة إال اللَّه ،اإلنسا ُن ال اإلحاطة ألنه ال يعلم اللَّه على احل ِ ِ ت َعلى ِ َّ
َ ُ َ ُ سبيل معرفةُ الله َ
ليس ْ
حبقيقة ِ
خالق ِه. ِ علما نفس ِه
حبقيقة ِ
ِ
ط ً فكيف حيي ُ َ علما
ط ً حيي ُ
رضي اللَّه عنهُ
بن كعب َ
ٍ
ُيب ُقال أ َُّّجم) َ ك الْ ُمْنتَـ َهى( )﴾ ( ُس ْوَرةُ الن ْ َن إِ َىل َربِّ َ
قال تعاىلَ ﴿ :وأ َّ
صل إىل معر ِفةُ ت
َ ال هالعباد ال تُد ِرُك حقيقةَ اللَّ فكرات ِ
ُ أي تَ ُّ ْ ، انتهى فِك ُْر َمن تَـ َفكَر"
َّ 1
"إليه َ
ِ
حقيقة اللَّه ال يصل إىل نَ ٍ ِ صل إىل م ِ ِ ِ ِ
تيجة ألنهُ تَعاىل ُ عرفة كرهُ ليَ َ َ فالعبد َمهما َشغَ َل ف َ حقيقة اللَّه ُ
من الوجوهِ. ٍ
بأي َوجه َ
ِ
موجود ال يُشبهُ املوجودات ّ
ظ أبو القاس ِم ُ" رواهُ احلاف ُ عليه وسلَّ َم "ال فكرة في َّ رسول اللَّه صلَّى اللَّه ِ
األنصاري
ُّ الر ّ قال ُ َ
كعب ع ِن النيب صلَّى اللَّه ِ
عليه وسلَّ َم . اإلرشاد َعن أ َُيب ب ِن ٍ ِ يف شرِح
ّ ّ
ِ ِ تفكروا يف ُملوقات اللَّه وال تَ َّ عنهما " َّ
حقيقة فكروا يف ذات اللَّهْ -
أي رضي اللَّه ُ ابن عباس َ
قال ُ ٍ َ
األُساء والص ِ ِ
فات . ّ يهقي يفاللَّه "-اه َرواهُ البَ ُّ
هم َحي ُك ُم َعلى ما مل يَـَرهُ حبك ِم ما َرءاهُ فال يُد ِرُك إال األشياءَ اليت الو َألن َ هم َّ الو ُ
ِ َّ
حقيقةُ الله ال يُدرُكها َ
ليس كمثله شىء فال يُدرُكهُ
ِ
ذلك أما َمن َ الم وحن ِو َ الشج ِر والنّوِر والظّ ِ مام و ّ ِ
كاإلنسان والغَ ِ ألَِفها
جسما. جسمهُ وأما اللَّ ِ ذات اللَّ ِ
حقيقة اللَّ
فليس ً َ ه ُ هبا اد
ُ ر فامل اإلنسان ة
ُ قيق ح
َ أماو ، ه ُ ه ومعىنهمَ .الو ُ َ
ِ
ذلك" اه رواهُ عنهُ ببالك فاللَّه ِخبالف َ رت َ رضي اللَّه عنهُ " َمهما َّ
تصو َ َ املصري
ُّ قال اإلمام ذو النّ ِ
ون ُ َ
ليس لهُك ألنهُ َ أي صورةٍ خطََرت على قلبِ َ أن اللَّه ال يُشبِهُ َّ يخ دمشق ،ومعناهُ َّ ابن عساكر يف تار ِ
فخالق الصوِر ال يكو ُن صورًة. ُ الص َوَر كلَّها،املص ّوُر الذي َخلَ َق ُّ البارئ َ اخلالق ُ هو اللَّه ُ صورة بَل َ ُ
واللَّهُ َ
تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم
. أبو الفضل التميمي .اعتقاد اإلمام املبجل أمحد بن حنبل .ص
ص. 49 البيهقي .األُساء والصفات .ص . 2القرطيب .تفسري القرطيب .تفسري سورة النور .ج
16
ُّل ِمن عُْل ٍو إىل ٍ ٍ ِِ ِ ِ
ف بالتنق ِ
وص ُ
بالتغري من حال إىل حال فال يُ َ كاإلنسان فاللَّه تَعاىل ُمنَـَّزه ع ِن االتّصاف ّ
العرش وال بالتحيّ ِز
باجللوس َعلى ِ ِ باالجتماع واالفرت ِاق وال
ِ مكان والمكان إىل ٍ باجمليء ِمن ٍ ِ ُس ْف ٍل وال
اجلهة و ِ
املكان. يف ِ
أي ِ ِ َ َّ ِ اإلمام أبو جعف ٍر الطّ ُّ َ
كفر"اه ْ وصف الله مبعىن من َمعاين البَشر ف َقد َ ومنحاوي يف َعقيدته " َ قال ُ
صفات هي ِ صفات البش ِر فَقد كفر و ُّ ِ ِ بصفة واحدةٍ ِمن
من وصف اللَّه ولَو ٍ
ُ الصفات َ كل هذه ّ َ َ َ َ
البَش ِر.
صورةٍ ِ
ليس بذي ُ أن ربَّنا َ كل ُمسل ٍم أَن يَ َ
علمهُ َّ َيب َعلينا وعلى ّ إن الذي ُ ايب " َّ
قال أبو ُسليما َن اخلطّ ُّ َ و َ
صفاته منفية" رواه عنه البيهقي يف األ ِ ِ ِ وال ه ٍ
َُساء ُّ ُ ُ َ وهي َع ِن اللَّه َ
وعن الصورةَ تقتَضي الكيفيَّةَ َ فإن ّ يئة َّ َ
الفرق " :وأمجعوا على نف ِي احلر ِ
كة الفرق بني ِ كتابه ُالبغدادي يف ِ ُّ وقال أبو منصوٍر فات َ . والص ِ
ّ
السكون عن اللَّ ِه" اهـ.
ِ و
واللَّهُ َ
تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم
اجلهات الست هي فوق وحتت وَيني ومشال وأمام وخلف كما يف االقتصاد يف االعتقاد للغزايل ج ص .
يف عقيدته املشهورة اليت هي عقيدة أهل السنة واجلماعة.
18
قال "كان اللَّه ولم رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ خاري َّ ِ
عليه وسلّم َ أن َ احلديث ما رواهُ البُ ُّ من
ليل َ ال ّد ُ
ليس معهُ غريُهُ ال أرض وال ُساء وال ِ أن اللَّه كا َن يكن شىءٌ غيره" اه ومعناهُ َّ
موجودا يف األزل َ ً
خلق ٍ ِ
وهو الذي َ قبل املكان بال مكانَ ، فهو تَعاىل موجود َ كرسي وال عرش وال مكان وال جهات َ ٌّ
حباجة ِ
إليه. املكا َن فليس ٍ
َ
ِ
املكان عنه بقولِ ِ
أصحابنا يف نَف ِي فات" َّ " : ِ َ
ُ بعض َ استدل ُ الص ُ البيهقي يف كتابه "األُساءُ و ّ ُّ وقال
عليه وسلّم "أنت الظّاهر فليس فوقك شىءٌ وأنت الباطن فليس دونك شىءٌ" اه النيب صلَّى اللَّه ِ
ّ
كان" اه. وإذا َمل ي ُكن فوقَه َشىء وال دونَه َشىء َمل ي ُكن يف م ٍ
َ ْ َ ُ ُ ُ
بعض أُساء اللَّ ِه فمعناهُ على ما َ شىء ،وأما الباطن من ِ يدل عليه كل ٍ ومعىن الظاه ِر الذي ُّ
قال ُ ُ ُ
حقائق األموِر. يعلم ِ
َ العلماء :الذي ُ
اإلمام أبو ِ َّ َّ َ
وهو اآل َن َعلى ما َعليه كا َن" رواهُ ُ رضي الله عنهُ "كا َن الله وال مكان َ علي َ اإلمام ٌّ
قال ُ
ِ رق بني ِ
الف ِ غدادي يف ال َف ِ َمنصوٍر البَ ُّ
أي وملأي يف األزل "وال مكان" ْ ذلك "كا َن اللَّه" ْ رق ،وتفسريُ َ َ
ليه كا َن" أي مل ي ْزل موجودا بال ٍ
مكان بعد أن خلق املكا َن "على ما ع ِ أي َ
ً ْ َ َ َ َ وهو اآل َن" ْ يَ ُكن مكان " َ
حال إىل ٍ
حال. االنتقال ِمن ٍ ُ ألنه ال َيوز ع ِ
ليه التَغيُّـ ُر أ ِي ُ َ ُ
قال َلم إ ْن أردمت بال َفه ِم ت املشبهةُ ال يفهم وجوده تَعاىل بال كمي ٍة وبال ٍ
مكان ،يُ ُ تنبيه إذا قالَ ِ
ّ ُ َ ُ ُ ُُ ّ
الوقت الذي مع َّ املخلوق ما َيب اإلَيا ُن بوجودهِ وال ِ ِ صورِ ،
وهو ُ قل يُثبتُهُ َالع َ
أن َ صورهُ ََيك ُن تَ ُّ ُ ُ فم َن التّ ُّ َ
قال اللَّه تَعاىل:وجوديْ َن َ أوجدّها اللَّه َ فيه نور وال ظالم فإَنما ح ِ مل ي ُكن ِ
بعد أ ْن مل يَ ُكونا َم َ ادثان َ َ َ
ِ
مضى بعض ما َ اعتقاد أَنما مل يَ ُكونا يف ِ ُ جب َعلينا﴿ َو َج َع َل الظُّلُ َمات َوالنـ ُّْوَر( )﴾ ( ُس ْوَرةُ األَنْـ َعام) فيَ ُ
وقت مل ي ُكن ِ اإلنسان وجود ٍ ِ
فيه نور وال ظالم َ َ قل
تصوُر َع ُ
أي مل يَ ُكن هذا وال هذا فال يَ ّ الزم ِن ْمن ّ َ
ِ ٍ ٍ ٍ
اجلهات فوجود اللَّه تعاىل بال كميّة وال مكان وال جهة َ
من ُ العقل يَقبلُهُ
بذلك و ُ َيب اإلَيا ُن َ لكن ُ ْ
صوِرِه.
جود إمكا ُن تَ ُّ رط الو ِ ِ ِ يقبلُه العقل وإ ْن مل ِ
ليس من َش ُ صورهُ إذ َ َيكن تَ ُّ َ ُ َ ُ
ليس على الوه ِم َّ هو شاهد على ّ ِ ِ ِ اعتقاد املسل ِم َعلى ِ ِ
ألن صحة ال ّدين و َ السليم الذي َ العقل ّ َ
وحموُر
يقول لهُ َّ
إن روب وّهُهُ ُ عند الغُ ِ ظر إنسان إىل البَح ِر َ ذلك لو نَ َ
ومثال َ تصوُر أشياءَ ال حقيقةَ َلا ُ هم يَ ّ الو َ
َ
السماء م ِ
حيكم َعلى َما ملهم ُ فالو ُ
ذلكَ ، اقع غريُ َ زل يف البَح ِر لك ِن الو ُ مس تَـْن ُ الش َ وإن ّ لتص َقة بالبَح ِر َّ ّ َُ
البخاري .صحيح البخاري .كتاب بدء اخللق ج ص .
البيهقي .األُساء والصفات .باب ما جاء يف العرش والكرسي ص.423
أبو منصور البغدادي .الفرق بني الفرق ص .
19
بأن اللَّه موجود ٍ ٍ ٍ ِ
مبكان ،أما حكم َّ َ كل َموجود يف َمكان فيَ ُ بأن َّحيكم َّ
هم ُ الو ُ يُشاه ْدهُ حبُك ِم َما َ
شاه َدهَُ ،
ٍ ِ قضي َّ العقل السليم في ِ
وجودهُ
صح ُ فكما َّ قبل املكان بال مكانَ ، موجودا ًَ لق املكا َن كا َنبأن الذي َخ َ ُ ّ ُ َ
اجلهات بال ٍ
مكان بعد خ ِلق األماك ِن و ِ املكان بال ٍ ِ قبل َخ ِلق
وجودهُ تَعاىل َ َ يصح ُ فكذلك ُّ َ مكان تَعاىل َ
وه ُم ال ّدعاةُ ِ ِ ِِ ٍ
الوهم ُالذين تَبعُوا َ زعمت املشبّهةُ الوهابيّةُ َ وجهة ،وهذا ال يكو ُن نفيًا ُلوجوده تَعاىل كما َ
إىل التجسي ِم يف هذا العص ِر.
أن اللَّه موجود بال ٍ ِ ِ
مكان املسلمني سلف ِهم وخلف ِهم َعلى َّ َ َ إمجاع
البغدادي َ
ُّ اإلمام أبو منصوٍر
نقل ُ َ
اجلماعة -على أنه-أ ِي اللَّه -ال ِ
حيويه ِ الس ِنة و
أهل ُّ ِِ ِ ٍ
ُ أي ُ نصهُ "وأمجعواْ - بني الفَرق" ما ّ وجهة يف "ال َفرق َ
عليه زمان" اه. مكان وال َي ِري ِ
أعرف ريب أيف الس ِ
ماء أم يف الفقه األك ِرب " َمن َ قال اإلمام أبو حنيفةَ رضي اللَّه عنه يف ِ َ
ّ قال ال ُ َ ُ
فهو كافر وكذا من قال إنه على العرش وال أدري العرش أيف السماء أو يف األرض " اه ِ
األرض َ
للح ّق َمكانًا . وذلك ألنهُ َج ّوَز َ
َ
وحكم يقال اللَّه موجود يف كل ٍ
مكان، مكان وال ُ مكان وهو عامل بكل ٍ اللَّه تَعاىل موجود بال ٍ
ُ ّ ّ َ َ
نبث أو ٌّ
حال يف أن اللَّه ِ
بذاته ُم ٌّ فه ُم ِمن هذهِ العبارةِ َّ ٍ
كل مكان" التكفريُ إ ْن كا َن يَ َ َمن ُ َّ
يقول "الله يف ّ
مكان وعامل بكل ٍ
مكان فال سيطر على كل ٍ كان ،أما إذا كا َن يفهم ِمن هذهِ العبارةِ أنه تَعاىل م ِ كل م ٍ
ّ َ ّ ُ ُ َ َُ َّ
الكلمة ،وَيب النهي َعن هذهِ العبارةِ َعلى كل ٍ
حال ألَنا ِ قصد كث ٍري ممن يلهج هبذهِ يكفر ،وهذا ُ
ّ ُ ُ ََ ُ ُ
الضالِّة ُ أتباع جه ِم اب ِن صفوا َن َ ِ لف بَل ع ِن اجلهميّ ِة ِ
ويقال َلم إحدى الفَرِق ّ ليست صادرًة َع ِن الس ِ
ّ َ
العو ّام.
استعملَها جهلةُ َ
اجلربيّةُ مث َ
أن اللَّه يكو ُن ب َذ ِ قوله تَعاىل﴿ :وهو مع ُكم أَيـنما ُكْنتم( )﴾ (سورةُ احل ِ
اته مع ُكم فليس َمعناهُ َّ َ َ ) د ي
ْ د ُ َْ َ َ ُ َ َ َ َْ َ ُ ُ
الثوري رضي فسرها بالعل ِم سفيا ُن مكان كنتُم إمنا معناهُ َّ َّ يف أي ٍ
ُ أن الله َعامل ب ُكم أينَما كنتُم .وممن َ ّ
سألت سفيا َن الثوري عن ِ
قول ِ ِ اللَّه عنهُ فقد روى احلاف ُ
َ البيهقي باإلسناد إىل معدان العابد قالُ " : ُ ظ
وجلَ ﴿ :وُه َو َم َع ُكم أَيْـنَ َما ُكْنتُم( )﴾ ( ُس ْوَرةُ احلَ ِديْد) قال :علمه" . عز ّ اللَّه ّ
كما قال مال علي القاري يف شرح الفقه األكرب ص. 74
البيهقي .األُساء والصفات.
21
عرشا.
مسجدا أو كعبةً أو ً ً أن اللَّه شىء كاَلو ِاء أو كالنّوِر ََيألُ غُرفةً أو ليس مبسل ٍم َمن يَ ُ
عتقد َّ و َ
ِ أماكن ُمعدَّة لذك ِر اللَّه بيوت اللَّه ال َّ َّ
كذلك
وعبادته ،و َ بل ألَنا ُ ألن الله يَس ُكنها ْ املساجد َ
َ سمي ونُ ّ
الع ِ
رش إنهُ عند اللَّهُ ،
ونقول يف َ شرف َ ألن اللَّه يَس ُكنها بَل ألَنا بَيت ُم ّ بيت اللَّه ال َّ
سمي الكعبةَ َ نُ ّ
عبة ال ليتّخ َذه مكانًا ِ
لذاته.1 طوف بال َك ِ
طوف ِبه املالئكةُ كما نَ ُ جرم كبري أع ّدهُ اللَّه ليَ َ
َ َُ
واللَّهُ َ
تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم
مسلم .صحيح مسلم .كتاب اإلَيان :باب اإلسراء بالرسول إىل السموات وفرض الصلوات .ج ص.77
22
إن اخرتقت احرتقت وأنت ِ
إن فقال جربيل جز فأنا ِ سول وصل وجربيل إىل ٍ
مكان َ يقال َّ
-تنبيهٌ ما ُ
ُ َ ُ ُ َ الر َ َإن ّ
لت فهذا وحنوهُ كذب وباطل. وص َ اخرتقت ََ
ني ،يف املرةِ هيئته األصليّ ِة مرت ِ عليه السالم على ِ
ّ ُ
عليه وسلّم رأى جربيل ِ رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ -كا َن ُ
ّ ّ َ
ِ
األرض بني جناح يَ ُّ ِ األُوىل رءاه يف م ّكةَ يف ٍ
سد ما َ كل ٍ جناح و ُّ
ستمائة ٍ يقال لهُ أجيَاد ولهُ مكان ُ ُ
الثانية على ِ
هيئته كة ف َقد رءاه للمرةِ ِ عليه صلّى اللَّه عل ِيه وسلّم ،أما يف هذهِ ِ
الليلة املبار ِ ماء فغُشي ِ والس ِ
ُ ّ َ ّ
قال تَعاىل ﴿ َولََق ْد َرءَاهُ نَـ ْزلَةً أُ ْخَرى( ) ِعْن َد ِس ْد َرةِ الْ ُمْنتَـ َهى( )﴾ املنتهى كما َ عند سدرةِ َ األصليّ ِة َ
فعندها اقرتب جربيل ِ ِ ِ
عليه ُ َ وقوةً َازداد مت ّكنًا ّ
غش عليه إذ إنهُ َ لكن يف املرةِ الثانية مل يُ َ َّجم)ْ . ( ُس ْوَرةُ الن ْ
املسافة مقدار ذراع ِ ِ ِ ِ ِ الس ِ
ني بل الم من رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّ َم فتدىل إليه فكا َن ما بينَهما َ
من ّ ُ
َّجم). ني أ َْو أ َْد َىن(ُ ( ﴾ )7س ْوَرةُ الن ْاب قَـ ْو َس ْ ِ
قال تَعاىل ﴿ ُمثَّ َدنَا فَـتَ َد َّىل( )4فَ َكا َن قَ َأقرب كما َ ُ
عنها أَنا قالَت يف قو ِله تَعاىل ﴿ ُمثَّ َدنَا فَـتَ َد َّىل( )4فَ َكا َن -روى مسلم 1ع ِن السيدةِ
رضي اللَّه ََ ة
َ عائش ّ َ
َّجم) "إنما ذاك جبريل". ني أ َْو أ َْد َىن(ُ ( ﴾ )7س ْوَرةُ الن ْ اب قَـ ْو َس ْ ِ
قَ َ
رسول اللَّه صلّى اللَّه أول هذهِ ِ ِ
ذلك َ سأل َعن َ األمة َ عنها "أنا ُ رضي اللَّه َ َ ة
َ عائش ة
ُ د السي
ّ وقالت -
ِ
فقال "إنما هو جبريل لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين" رواهُ عليه وسلّم َ
حمم ٍد
بني ّ حممد فكا َن َ
بذاته ِمن ٍ
ّ
إن اللَّه دنا ِ الناس فيقولو َن َّ بعض ِ األمر كما يَفرتي ُ ليس ُ مسلم ،و َ
ِ
املكان ،واللَّه ِ ِ احلاجب أو قدر ذراع ِ ِ ِ
إثبات
إثبات املسافة هلل ُ ألن َ ني َّ َ احلاجب و بني
كما َ وبني اللَّه َ َ
موجود بال ٍ
مكان.
واللَّهُ َ
تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم
واللَّهُ َ
تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم
أبو عبد اهلل حممد الزرقاين .شرح موطأ اإلمام مالك .كتاب الصالة :باب ما جاء يف الدعاء ج ص. 4
ابن حجر العسقالين .فتح البَاري شرح صحيح البخاري .كتاب التهجد :باب الدعاء والصالة من ءاخر الليل ،ج ص . 9
ابن حجر العسقالين .فتح الباري شرح صحيح البخاري .ج ص. 4
البيهقي .األُساء والصفات .باب :ما جاء يف إثبات الوجه صفة ال من حيث الصورة ص . 7
28
احملاضرة العاشرة
الكالم على حديث الجارية وحديث "ارحموا من في األرض"
بس ِم اللَّه الرمح ِن الرحي ِم
ءاله وص ِ
حابته الطّاهرين. احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ ُ
َ ّ ّ ُ َ ّ َ ّ ّ
ِ أن اللَّه ساكن يف الس ِ ِ
إلثبات َّ إن غالب ما يتمس ُ ِ
حبديث عرف
ماء بزعمه هو ما يُ ُ ّ الوهابيّةُ
ك به ّ ّ َ َ َّ
عليه وسلّ َم فسألَهُ َعن جار ٍية لهُ قا َل
سول اللَّه صلّى اللَّه ِ جال جاء إىل ر ِ
أن َر ً َ َ اجلار ِية الذي َرواهُ ُمسلم َّ
فقال َلا "أين اللَّه" ،قالَت يف الس ِ
ماء، قال "ائتني بها" ،فأتاهُ هبا َ رسول اللَّه أفال أُعتِ ُقهاَ ، قلت يا َ
ّ ُ
رسول اللَّه ،قال "أعتقها فإنّها مؤمنةٌ" اه. أنت ُ قال "من أنا" ،قالَت َ َ
أن اللَّه عايل أن اللَّه يسكن السماء كما توهم بعض ِ
اجلهلة بَل َمعناهُ َّ َّ َ ُ ليس َمعناهُ َّ َ ُ ّ َ احلديث َ
ُ هذا
عظيمها هللِ
قال َلا "أين اللَّه" سؤال عن تَ ِ ليه وسلّم َ اية أنه صلّى اللَّه ع ِ ال َقد ِر جدًّا فما يف هذهِ ِ
َ َ الرو ُ ّ َ
قول اجلار ِية "يف َ
ِ
املكانة أ ِي ال َقد ِر .ومعىن ِ للسؤ ِال َع ِن ِ
للسؤال َع ِن املكان وتأت ّ
ِ
أين" تأت ّ فإن " ََّ
أن اللَّه َعايل ال َقد ِر جدًّا. الس ِ
ماء" َّ ّ
ك مل ي ِرد بذلك أنه وصل إىل الس ِ
ماء. الرفيعةَ وال َش َّ
ّ َ ُ َ بلغ ََم ُدنا املكانةَ العاليةَ ّأي َ ْ
حيح مسل ٍم على هذا ِ
الوجه . ص ِ ِ هذا
َ ووي يف َشرحه َعلى َ احلديث ّأولهُ النّ ُّ
ُ
ِ ِ
ديث
فح ُ الصفات َ . عف كما يف األَُساء و ّ حديث اجلار ِية ّ
بالض ِ ِ البيهقي ف َقد ح َكم َعلى
ُّ وأما
فظ "من اللفظ ورواه ابن حبا َن بلَ ِفإن مسلما رواه هبذا ِ اب َّ ، حيح ألَمري ِن لالضطر ِ بص ٍ ِ
ُ ُ ّ ً ُ ليس َ اجلارية َ
ماء ،ورواه مالك ِ
بلفظ بلفظ "أين اللَّه" ،3فأشارت إىل الس ِ ت اللَّه ،ورواه البيهقي ِ ربك" ،4فقالَ ِ
ُ ّ َ ُّ ُ ّ
قال "أترهدين أنّي رسول اللَّه" ،قالَت َنعم. "أترهدين أن ال إله إال اللَّه" ،فقالَت نَعمَ ،
9
مسلم .صحيح مسلم :كتاب املساجد ومواضع الصالة :باب حتري الكالم يف الصالة ونسخ ما كان من إباحته ،ج ص .9
النووي .شرح صحيح مسلم .كتاب املساجد ومواضع الصالة :باب حتري الكالم يف الصالة ونسخ ما كان من إباحته ،ج4
ص .
البيهقي .األُساء والصفات.
واحلديث املضطرب هو ما روي من طرق ُمتلفة وال َيكن اجلمع بينها.
4ابن حبان .صحيح ابن حبان .كتاب اإلَيان :باب فرض اإلَيان ج ص. 7
3البيهقي .األُساء والصفات.
9مالك .املوطأ .كتاب العتق والوالء :باب ما َيوز من العتق يف الرقاب الواجبة ج ص .993
29
ِ
باإلسالم بقوَلا حكم على اجلار ِية سول صلى اهلل عليه وسلم َ الر َ
أن ّأن ما رواهُ مسلم ِمن َّ األمر الثاين َّ و ُ
ول "اللَّه يف الشخص ال ُحي َكم له ب َق ِ الشر ِ
يعة َّ ألن ِمن ِ ُصول َّماء ُمالف لأل ِ اللَّه يف الس ِ
ُ ُ أن ّ َ أصول ّ ّ
رق ِمن َغ ِري فيه بني فِ ٍ التوحيد بل هو قول مشرتك ِ ِ قول
ليس َ ِ
باإلسالم َّ الس ِ
َ ُ َ َ َ القول َألن هذا َ ماء" ّ
ِ ِ
ومسلمالبخاري ُ
ُّ املعروف يف َشريعة اللَّه ما جاءَ يف احلديث املتوات ِر الذي َرواهُ ُ َصل
املسلمني وإمنا األ ُ
َ
ٍ َّ َّ ِ
والذي فيه "حتى يرهدوا أن ال إله إال الله وأنّي رسول الله" .وروايةُ مالك "أترهدين" َ
هي
اية مسل ٍم. احلديث املشهوِر فتُـر َّجح على رو ِ
َ ُ َ
ِ الصحيحةُ املوافِقةُ لأل ِ
ُصول ألََنا يف َمعىن ّ
ِ كيف تكو ُن روايةُ مسل ٍم مردودةً و ُّ
اب
صحيح ،فاجلو ُ فهو َ صحيحه َ كل ما َرواهُ ُمسلم يف َ قيل َ فإ ْن َ
إن أبي وأباك ديث " َّاحلديث وذ َكرها احمل ّدثو َن يف ُكتب ِهم كح ِ
َ
ِ َحاديث ُمسل ٍم ّ
ردها عُلماءُ
ِ عددا ِمن أ أن ً َّ
مر ف َكانوا ال يَذ ُكرو َن بس ِم اللَّه ٍ ِ َّ وحديث ٍ ِ في النار"
خلف َرسول الله وأَيب بَكر وعُ َ يت َ أنس "صلّ ُ
الرحي ِم" فأما األ َّو ُل َ
3 4
من
َ دد وع
َ افعي
ُّ الش
ّ اإلمام
ُ فه
ُ ضع
ّ الثاينو يوطي
الس ُ ظ ّ فض ّعفهُ احلاف ُ الرمح ِن ّّ
اظ.احل ّف ِ
عليه وسلَّم َ أن النيب صلّى اللَّه ِ
قال "إذا كان أحدكم في صالته فإنه يناجي ربَّه فال البخاري َّ َّ ُّ َ روى
عليه وسلَّ َم " َّ
فإن فإن ربَّه بينه وبين قبلته" ،فمعىن قو ِله صلَّى اللَّه ِ يبصق َّن في قبلته وال عن يمينه َّ
َ
زل علَى املصلّي تكو ُن بني املصلّي وقِ ِ إن رمحةَ ربِّه اخلاصةَ اليت تْن ُ أي َّ
بلته. َ ربَّه بينه وبين قبلته" ْ
قالعليه وسلَّم َ رسول اللَّه صلَّى اللَّه ِ أن َ األشعري َّ موسى وأخر َج
ّ أيضا َعن أيب َ البخاري ً ُّ
سميعا قريبًا ،والذي ً أصم وال غائبًا ،إنكم تدعون "اربعوا على أنفسكم فإنكم ال تدعون َّ
البخاري .صحيح البخاري .كتاب الزكاة :باب وجوب الزكاة ج ص. 3
مسلم .صحيح مسلم :كتاب اإلَيان :باب األمر بقتال الناس حىت يقولوا ال إله إال اهلل حممد رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم
ج ص. 4
مسلم .صحيح مسلم .كتاب اإلَيان :باب بيان أن من مات على الكفر فهو يف النار ج ص .
مسلم .صحيح مسلم .كتاب الصالة :باب حجة من قال ال َيهر بالبسملة ج ص .
4السيوطي .احلاوي للفتاوى .ج ص . 7 - 7
3املصدر السابق .ج ص . 7
9البخاري .صحيح البخاري .كتاب الصالة :باب حك البزاق باليد من املسجد ،ج ص. 97
4البخاري .صحيح البخاري .كتاب اجلهاد والسري :باب ما يكره من رفع الصوت يف التكبري ،ج ص. 7
7أي ال َتهدوها برفع الصوت.
31
عليه وسلَّم "أقر ُ إلى تدعونه أقر ُ إلى أحدكم من عنق راحلة أحدكم" فمعىن قو ِله صلَّى اللَّه ِ
َ
بالعبد ِمن نَ ِأن اللَّه أعلَم ِ أي َّ
فسه. ُ أحدكم من عنق راحلة أحدكم" ْ
ِ ففسرتَه َّ َّ ِ ِ
أخذت
السماء و َ بأن الله بذاته يف ّ حديث اجلارية على ظاهرهِ َّ ُ َ أخذت
َ عرتض إذاللم ِ فيقال ُ ُ
أن اللَّه ني ِ ألن َهذي ِن احلديث ِ أن اللَّه يف الس ِ ِ ِ
ظاه ُرّها َّ ماء َّ ّ ك َّ عم َ طل َز ُهذي ِن احلديثني على ظاهرّها لبَ َ
حديث ني ومل تُ ّأو ْلت َهذي ِن احلديث ِ ِ ِ ِ ِ ِ
بذاته يف أُفُ ِق
َ إسنادا من َحديث اجلارية .وإ ْن َّأولْ َ أقوى ً األرض وّها َ
اب ض ِ
الكتَ ِ قول اللَّه يف ِ
اليهود﴿ :أَفَـتُـ ْؤِمنُـ ْو َن بِبَـ ْع ِ عليك ُ أي قول بال ٍ اجلار ِية فهذا ُّ
صدق َ دليل ،ويَ ُ حتكم ْ
ِ َوتَ ْك ُف ُرْو َن بِبِ ْع ٍ
تقول يف قوله تَعاىل ﴿فَأَيْـنَ َما تُـ َولُّوا فَـثَ َّم َو ْجهُ كذلك ماذا ُ ض(ُ ( ﴾)44س ْوَرةُ البَـ َقَرة) و َ
َماهد تلمي َذ اب ِن َ حديث اجلار ِية .وقَد تقدم أن َ اهللِ(ُ (﴾) 4س ْوَرةُ البَـ َقَرة) فإ ْن ّأولتَهُ فلِ َم ال تُ ّأو ُل
السف ِر على يف ِ
النفل بلة ،أي لصالةِ ففسر الوجه ِ
بالق ِ َّ ، "هَّ
ل ال بلة ق اس 1قال يف تفس ِري هذهِ ِ
اآلية عبّ ٍ
ّ ْ َ َ
الر ِ
احلة.
الرحمن ارحموا من في األرض الراحمون يرحمهم ّ وهو " ّ الرتمذي َ ُّ احلديث الذي رواهُ
ُ وأما
وهي "الراحمون يرحمهم الرحيم ٍ
اقي َ ظ العر ُّ أخرى َرواها احلاف ُ السماء" .ويف رواية َ يرحمكم من في ّ
ماء هم املالئكةُ فهم س ّكا ُن السمو ِ ِ
ات، ّ ُ الس ُ أهل ّ السماء" و ُ ارحموا أهل األرض يرحمكم أهل ّ
السماء" َّ ِ
ألن الرتمذي "يرحمكم من في ّ ّ السماء" تُ ّ
فس ُر روايةَ اقي "يرحمكم أهل ّ ّ رالع احلافظ فروايةُ
ظ العراقي يف ألفي ِته وخري ما فسرتَه بالو ِ
ارد. قال احلاف ُ ارد كما َ فسر ِبه احلديث الوارد بالو ِ
ّ ُ ّ ُّ ُ ُ خري ما يُ َّ ُ
َ
ونص ِ
احلديثُّ ، قيب هذا ِ ِ مث املر ُاد ِ
اقي يف أماليّه َع َ ظ العر ُّ ذلك احلاف ُ ذكر َ السماء املالئكةَُ ، بأهل ّ
َّ ِ
أن المراد بقوله تعالى في اآلية السماء" على َّ عبارته "واستدل بقوله صلَّى اللَّه عليه وسلّم "أهل ّ
ِ ﴿ءأ َِمْنتم من ِيف َّ ِ
ض(ُ ( ﴾) 3س ْوَرةُ الْ ُم ْلك) المالئكة" اه ،ألنهُ ال ُ
يقال ف بِ ُك ُم األ َْر َ الس َماء أَ ْن َخيْس َ َ ُ َْ
ِ ِ
ك(﴾) 4 قال تَعاىلَ ﴿ :وِمْنـ ُهم َم ْن يَ ْستَ ِم ُع إِلَْي َ للجم ِع َ للمفرد و َ السماء" .و" َمن" تَصلُ ُح ُ أهل ّ هلل " ُ
ِ
ك( )﴾ ( ُس ْوَرةُ يـُ ْونُس). وقال تَعاىل َوِمْنـ ُهم َم ْن يَ ْستَ ِمعُ ْو َن إِلَْي َ
( ُس ْوَرةُ األَنْـ َعام) َ
البيهقي .األُساء والصفات .باب:ما جاء يف إثبات الوجه صفة ال من حيث الصورة ص . 7
الرتمذي .سنن الرتمذي .ج ص . 9
أمحد ابن حنبل .مسند اإلمام أمحد ج ص .44
العراقي .شرح ألفية احلديث .ص. 4
4العراقي .األمايل .ص.99
31
ثبت َّ ِ مث لَو كا َن اللَّه
احم املالئكةَ وهذا حمال ،ف َقد َ
البعض لكا َن الله يُز ُ
ُ يزعم
السماء كما ُ
ساكن ّ
َ
اكع أو ساج ٌد" رواهُ
قائم أو ر ٌ
لك ٌ السماوات موضع أربع أصابع إال وفيه م ٌ حديث "ما في ّ ُ
الرتمذي.1
ُّ
وهو "والذي نفسي بيده ما من ٍ
رجل يدعو امرأته إلى احلديث الذي رواهُ مسلم َ
ُ و َ
كذلك
ِ السماء ساخطًا عليها"
أيضا
صود به املالئكةُ ً
احلديث ،فاملق ُ
َ فراشه فتأبى عليه إال كان الذي في ّ
وهي "لعنتها المالئكة حتّى تصبح" اه ِ ِ ِ ِ ِ ِ
أشهر من هذه َ هي ُ الصحيحة واليت َ
الرواية الثانية ّ بدليل ّ
ابن حبّا َن وغريهُ . َرواها ُ
واللَّهُ َ
تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم
الرتمذي .سنن الرتمذي .كتاب الزهد :باب يف قول النيب صلى اهلل عليه وسلم" :لو تعلمون ما أعلم" .ج ص. 2
مسلم .صحيح مسلم .كتاب النكاح :باب حتري امتناع املرأة من فراش زوجها .ج 2ص.9
ابن حبان .اإلحسان برتتيب صحيح ابن حبان ج 7ص. 42
32
احملاضرة احلادية عشر
الرحمن على العرش است وى(ُ ( ﴾)4س ْوَرةُ طَهَ). تفسير اآلية ﴿ َّ
الرحي ِم ِ
بسم اللَّه ّ
الرمح ِن ّ
ءاله وص ِ
حابته الطّاهرين. احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ ُ
َ ّ ّ ُ َ ّ َ ّ ّ
ِ ِ ِ ِ
ذلك
حجةَ َلم يف َ احتج املشبهةُ قدَيًا وحديثًا إلثبات حتيّ ِز اللَّه َعلى َعرشه بآية االستواء وال ّ َّ
فوجب أن يكو َن تفسريُ االستو ِاء َ األم ِة
وإمجاع ّ
ِ القرءان و ِ
احلديث ِ لنص ِ
لكون هذا االعتقاد ُمال ًفا ّ
ِ
اجللوس واالستقرا ِر واحملاذاةِ
ِ استَـ َوى(ُ ( ﴾)4س ْوَرةُ طَهَ) بغ ِري املذكوِر يف قو ِله تَعاىل ﴿ َّ
الع ْر ِش ْ
الر ْمحَ ُن َعلَى َ
كمال هللِ
باالستيالء أ ِي ال َقه ِر وهو صفةُ ٍ ِ فس ُر ِ
األجسام ،بل يُ َّ ِ
صفات ألن هذه املعاين ِمن َمن فَوق َّ
َ
ىء وهو الو ٍِ ِ َ َّ
اح ُد قال تَعاىل ﴿قُ ِل اهللُ َخال ُق ُك ِّل َش َ ُ َ َ بذلكَ ، َ نفسهُ
وصف الله تَعاىل َ تَعاىل وقَد
الر ْعد).
ال َق َّه ُار(ُ ( ﴾) 3س ْوَرةُ َّ
أبرز العرش من ِ
العدم َ َ هو الذي َ أي َّ َّ
أن الله َ للعرش ْالس ِنة اآلية بأ َّن اللَّه قاهر ِ أهل ّ ومعىن تفس ِري ِ َ
ات و ِ
األرض جهة العلو ِمن أَن يه ِوي على السمو ِ عليه وجوده يف ِ ظ ِ وهو الذي حيف ُ ِ
ّ َ َ َ ُ َُ إىل الوجود َ
لقه،ىء ِمن خ ِ العرش كما تزعم املشبهةُ لكا َن اللَّه حمتاجا لش ٍ مستقرا على ِ ًّ فيُحطّمها .ولو كا َن اللَّه
َ ً ُ ّ
ِ ذلك بل لكا َن ً ِ
يقول
عما ُ العرش سبحانهُ وتَعاىل ّ َ الذين حيملو َن حمموال م َن املالئكة َ تَعاىل اللَّه َعن َ َ
كبريا.
الظّاملو َن عُ ًّلوا ً
ٍ
حقيقة عشَر َمعىن ما بنيالعرب مخسةَ َ ظ أبو بك ِر بن العريب" :1ولالستو ِاء يف كالم ِ قال احلاف ُ َ
ُ َ ّ
َيوز على اللَّه حبال ،وهو ما إذا كان َيوز على اللَّه وهو معىن اآلية ،ومنها ما ال ُ وَما ٍز :منها ما ُ
َيوز على البار ِئ ِ ِ االستواءُ مبعىن التمك ِن أو االستقرا ِر أو
االتصال أو احملاذاة ،فإن شيئًا من ذلك ال ُ
األمثال يف املخلوقات" اه. َ نضرب له
ُ تعاىل وال
ِ
العلو
االعتدال واالستعالءُ و ّ ُ مام و اجللوس واالستقامةُ والتّ ُ ومن َمعاين االستواء االستقر ُار و ُ
لك.النضج والتسا ِوي وغريُ ذ َ القهر و ُ واالستيالءُ أ ِي ُ
ِ ِ ظ االستو ِاء يف
عض هذه املعاين كاالستواء مبعىن االستقرا ِر منهُ قولهُ القرءان على بَ ِ وقَد جاءَ لف ُ
جبل اجلودي ، استقرت َعلى ِ نوح ّ أن سفينةَ ٍ ي( )﴾ ( ُس ْوَرةُ ُه ْود) أَي َّ ت َعلَى اجلُْوِد ِّ استَـ َو ْتَعاىل ﴿ َو ْ
واللَّهُ َ
تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم
ص . 3 السيوطي .تفسري السيوطي .ج 4ص ، 2الطربي .تفسري الطربي .ج
القرطيب .تفسري القرطيب .ج 7ص. 2
38
معنى قول اللَّه تعالى ﴿فَِإ َذا قَـرأْنَاه فَاتَّبِع قُـرءانَه(( ﴾) 4سورةُ ِ
القيَ َامة). ُ َْ َ ُ ْ َْ ُ
ِ ِ ِ
درك يا ص َ لك يف َ فمعىن قرأناهُ مجعناهُ َ أما قوله تعاىل﴿فَإ َذا قَـَرأْنَاهُ فَاتَّب ْع قُـ ْرءَانَهُ(ُ ( ﴾) 4س ْوَرةُ القيَ َامة)َ .
رءان وجربيل يقرأُ ِ عليه السالم كا َن حيرُك لسانَه بال ُق ِ حمم ُد ألنه ِ
ليس معناهُ َ و شىء منه
ُ تُ ل
ّ يتف ال لئ
َ عليه ُ ُ َ ُ ّ ّ ُ
باحلرف و ِ
الصوت. ِ حمم ٍد
أن اللَّه قرأَ القرءا َن َعلى ّ َّ
أن القرءان له إطالقان بيان َّ
ليس حرفًا وال صوتًا وال ِ إطالقان أي م ِ ِ
األول إطالقهُ على الكالم الذاتّ الذي َ عنيان ُ ْ َ -القرءا ُن لهُ
ِ ِ ِ ِ ِ
عني الكالم الذاتّ هو َ ليس َ وهو عبارة عن الكالم الذاتّ و َ لغةً والثاين إطالقُهُ على اللفظ املنَـّزل َ
ِ ِ ِ َّ
فقيل ما هذا ظ َ ب هذا اللف ُ األبدي فإذا ُكت َّ ظ اجلاللة الله عبارة ع ِن الذات األز ّ
يل أن لف َ ذلك َّيب َ وتقر ُ
هي أن هذهِ األبدي ال مبعىن َّ ِ احلروف ُّ أن هذهِ يقال اللَّه مبعىن َّ
احلروف َ َ ّ األزيل
ذلك الذات ّ تدل على َ َ ُ
الذات الذي نَعبدهُ. ُ
كالم اللَّه كالم اللَّه واللف ُ ِ
يقال لهُ ُ املنزُل ُ ظ ّ يقال لهُ ُ الكالم الذاتَّ ُ َ أي َّ
أن كالم اللَّه ْطلق عليه ُ وكلٌّ يُ ُ
الكفار يُريدو َنَ ذلك قولهُ تَعاىل ﴿يُِريْ ُد ْو َن أَ ْن يـُبَ ِّدلُْوا َك َال َم اهللِ(ُ ( ﴾) 4س ْوَرةُ ال َفْتح) َّ
ألن ويدل على َ ُّ
املنزِل. ِ
تبديل اللفظ ّ َ
احلق على َّ َ ِ مهمةٌَّ :
ليس حرفًا وال صوتًا وال لغةً ءايات الكالم الذاتَّ َ َ أن أهل ّ استدل به ُ إن مما فائدةٌ ّ
ِ ِ
ني( ُ ( ﴾)3س ْوَرةُ منها قولُه تَعاىل ﴿ ُمثَّ ُرُّد ْوا إِ َىل اهلل َم ْوَال ُه ُم احلَ ُّق أََال لَهُ احلُ ْك ُم َوُه َو أَ ْسَرعُ احلَاسبِ ْ َ
منهم ِبه، وحياسب َمن حياسبهُ ُ ُ كالمهُ
ِ ِ
يوم القيامة فيُ ْسمعُهُ َ
ٍ
كل إنسان َ ألن اللَّه يُكلّ ُم َّ وذلك َّ األَنْـ َعام)َ .
أحد إال سيكلّمه ربّه يوم القيامة ليس بينه عليه السالم "ما منكم من ٍ ذلك قوله ِ كما َّ
ّ ُ دل على َ ُ
كالم اللَّه السؤ َال عن ِ العبد ِمن ِ
حاجب يحجبه" اه رواهُ وبينه ترجما ٌن وال
1
أفعاله ّ َ فه ُم ُ البخاري َ َ
في ُّ ٌ
القيامة .فلو كا َنِ اقف ِ
يوم وقف ِمن مو ِ وقت قص ٍري ِمن م ٍ اعتقاداته وينتهي اللَّه ِمن ِحساهبم يف ٍ ِ اله ووأقو ِ
َ َ َ
ألف ٍ مبائة ِ وصوت ما كا َن ينتهي ِمن ِحساهبم ِ ٍ إنس وجن ٍ ِِ
اخللق
ألن َ سنة َّ َ حبرف حساب اللَّه خللقه من ٍ ّ ُ
احد ِمن مائة وقيل كو ٍ احد ِمن ٍ بالنسبة َلم كو ٍ ِ البشر كلُّهم ِ
َ يوم القيامة ُ وحد ُهم َ ومأجوج َُ يأجوج
ُ كثري
ومنهم َمن ٍ وبعض اجلن يعيشو َن ءاالفًا من السن ِ ٍ
ألف سنة ُ عاش َ منهم َمن َ الناس ُ
كذلك ُ ني ،و َ َ ّ ُ ّ ألف،
طويال جدًّا ومل الستغرق حساهبم زمنًا ً َ باحلرف والص ِ
وت ِ ني فلو كا َن ِحساهبم مئات من السن ِ عاش ٍ
ّ َ ّ َ
واللَّهُ َ
تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم
مسلم .صحيح مسلم .باب معرفة اإلَيان واإلسالم والقدر .ج ص . 4
ابن عساكر .تبيني كذب املفرتي .ص .
البخاري .صحيح البخاري .كتاب الشهادات :باب ال يشهد على شهادة جور إِذا أشهد .ج ص .
الرتمذي .سنن الرتمذي .كتاب الفنت عن رسول اهلل صلى اهلل عليه و سلم :باب ما جاء يف لزوم اجلماعة .ج ص. 34
4أبو داود .سنن أيب داود .كتاب السنة :باب شرح السنة ،ج ص. 74
3البيهقي .سنن البيهقي .كتاب قتال أهل البغى :باب اخلالف ّف قتال أهل البغى .ج 4ص. 44
41
وذلك َّ
ألن ِ بلفظ "ما أنا عليه وأصحابي" وكلٌّ من الرو ِ الرتمذيِ 1
الثالث يف املعىن واحد َ ايات َ ّ ُّ أوردهُ
و َ
عليه وسلّ َم سول صلَّى اللَّه ِ الر ُ ِ ِ ِ ِ
عما كا َن عليه ّ معظم ُهم يف أصول االعتقاد مل خيرجوا ّ أي َ مجهور األمة ْ َ
َعظم. ِ ِ ِ ِ
السو ُاد األ ُ الذين ُهم ّ فيجب االعتناءُ مبعرفة عقيدة الفرقة الناجية َ ُ وأصحابُهُ.
عث اللَّه َلذهِ ِ
األمة بدعة املعتز ِلة وغ ِريهم فبَ َني وستني سنة من اَلجرةِ انتشار ِ بعد مائت ِحدث َ َ مث
ُ َ َ
يدي ليج ّددا َلذه ِ املائة الر ِ أس ِ
األمة اإلمام أبا منصوٍر املاتر َّ ُ األشعري و َ َّ اإلمام أبا احلس ِن َ ابعة على ر ِ
أدلة نقليّ ٍة وعقليّ ٍة أهل الس ِنة اليت كا َن عليها الصحابةُ ومن تبعهم بإير ِاد ٍ ِ
َ َُ ّ َ بإيضاح عقيدة ِ ّ ِ فقاما
دينَها َ
الفرق أمتبالرد على كل هذهِ ِ فقاما ّ
ِ ِ
ّ ين فرقةً َ عدد ُهم عشر َ بلغ ُ وهم فرق عديدة َ رد شبه املعتزلة ُ مع ّ َ
الس ِنة أشعريو َن وماتريديو َن. ألهل ّيقال ِ فصار ُ السنةَ ،
القيام برد شب ِههم وإبطاَلا فنُسب إلي ِهما أهل ِ
ُ ّ َ ِ ّ
اجلماعة فاملر ُاد هبِم
ِ الس ِنة و ِ
أهل ّبيدي " :إذا أُطل َق ُ تضى الز ُّ حمم ُد مر َ اللغوي ّ ُّ ث الفقيهُ ظ احمل ّد ُ قال احلاف ُ َ
األشاعرةُ واملاتريديةُ" اه.
وتويف أبو منصوٍر املاتر ُّ الثالمثائة للهجرةِّ ، ِ وكانَت وفاةُ
بعدهُيدي َ بعد
ين َ األشعري سنةَ أرب ٍع وعشر َ ّ
امغة الكثريةِ باحلجج ال ّد ِ
ِ دات يف الرد على املبتد ِ
عة املئات من اجمللّ ِ عدّها ِ بقليل .وصنّف أتباعهما ِمن ب ِ ٍ
ّ َ َ َ ُ
ِ
مذهب ِ ِ ِ
من املبتدعة َورفعوا لواءَ وغريهم َ واملناظرات العديدة قَطعوا هبا املعتزلةَ وال ّدهريةَ والفالسفةَ َ
ت املائةُ اخلامسةُ إال واألمةُ اإلسالميّةُ أشعريّة املغرب فما جاء ِ املشرق و ِ ِ يدي يف
َ األشعري واملاتر ّ ّ
َتد عاملا من اخلوارِج فال ُ ِ ِ ِ َّ
من املشبّهة وطائفة َ من املعتزلة وشرذمة َ سوى نزر َ وماتريديّة مل يشذ عنها َ
يدي.
أشعري أو ماتر ٌّ ٌّ وهو
فقيها مدقّـ ًقا إال َ حمق ًقا أو ً
بن فُورك بن الباقالينّ واألستاذُ أبو بكر ُ الباهلي والقاضي أبو بكر ُ ُّ فمن األشاعرةِ أبو احلس ِن َ
اجلويين
ُّ البيهقي وإم ُام احلرم ِ
ني ُّ ظالبغدادي واحلاف ُ
ُّ اإلمام أبو منصوٍر اييين و ُ إسحق األَسفر ُّ َ واألستاذُ أبو
اعي الرفَ ِ
َمحَ ُد ِّ اإلمام أ ْ اإلمام أبو نص ٍر ال ُقشري ُّ
ومنهم القاضي عياض و ُ ي ُ ازي و ُ الشري ُّ إسحق ّ َ اإلمام أبو
و ُ
ِ
العلماء من صالح ال ّدي ِن
األيويب والشيخ عبد اهلل اَلرري وغريُهم كثري َ ُّ ُ النووي والسلطان ُّ واحلافظ
ِ
املختلفة. األكاب ِر يف ِ
الفنون
مئات املالي ِ
ني ِ ِ
وهم ُ هو ما عليه األَشعريّةُ واملاتريديّةُ ُ الصاحلُ َ لف ّ الس ُ احلق الذي كا َن عليه ّ فاملذهب ُّ ُ
من املسلمني. َ
الرتمذي .سنن الرتمذي .كتاب اإلَيان عن رسول اهلل صلى اهلل عليه و سلم :باب ما جاء يف افرتاق األمة .ج 4ص. 3
مرتضى الزبيدي .إحتاف السادة املتقني .ج ص.3
42
ِ ِ ِ
كل َمن أن َّ مع كوَنم قلّةً قليلةً و َّ دعيني كالوهابيّة أَنم ُهم املرادو َن باجلماعة َ بعض البِ َ وأما ما ي ّدعيه ُ
األمة مزية على كذلك مل ي ُكن َلذهِ ِ األمر فهو َدعوى بال ٍ ِ
َ دليل فإنهُ لو كا َن ُ هو يف النار َ خال َفهم َ
اس(ُ ( ﴾) 2س ْوَرةُ ءَ ِال ت لِلنَّ ِ ٍ
فيها ﴿ ُكْنتُم َخْيـَر أَُّمة أُ ْخ ِر َج ْ من األُم ِم اليت َ
قال اللَّه تَعاىل َ ِ
غريها َ
اجلنة مائةأهل ِ صفوف ِ ٍ
ضاللة و َّ
أن َتتمع على ِعمران) وأخرب النيب صلَّى اللَّه ِ
عليه وسلَّ َم َّ
َ أن ّأمتهُ ال ُ َ ُّ َْ
دعوى الوهابيّ ِة ِ ِ وعشرو َن صفًّا مثانو َن منها ِمن أم ِة سيدنا ٍ
حممد صلَّى اللَّه عليه وسلَّ َم َ
1
الوقاحة َ فمن َ ّ ّ ّ
ضالل وتكو ُن شرذمة هي حنو ِ
ثالثة ٍ السو ُاد األعظَ ُم على ِ
َ ُ فكيف يكو ُن هؤالء ّ َ هم املرادو َن
أَنم ُ
ويدل على الم أخرب بأن مجهور أمتِ ِه ال يضلّو َن ُّ َ ِ اب َّ
َ الس ُ َ الرسول عليه ّ أن الصو ُ
احلق ،و ّ
ماليني على َّ
بالسوادإن اللَّه ال يجمع ّأمتي على ضالل ٍة فإذا رأيتم اختالفًا فعليكم َّ ماجه " َّ
ابن َ ذلك ما رواهُ ُ
َ
األعظم".
ف يَ ِأت اهللُ بَِق ْوٍم ُِحيبُّـ ُهم
قال اللَّه تَعاىل ﴿ يَا أَيـُّ َها الَّ ِذيْ َن ءَ َامنُـ ْوا َم ْن يَـ ْرتَ َّد ِمْن ُكم َع ْن ِديْنِ ِه فَ َس ْو َ
َ
ني ِ
كذب ظ ابن عساكر يف "تبي ِ ِ ِ
َ َوُحيبُّـ ْونَهُ( ُ ( ﴾)4س ْوَرةُ الْ َمائ َدة) وأخر َج احلاكم يف املستدرك واحلاف ُ ُ
املفرتي" أنهُ ملا نزلَت هذهِ اآليةُ قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و سلم " :هم قومك يا أبا موسى"
احلاكم :هذا حديث
ُ وأومأ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و سلم بيده إىل أيب موسى األشعري " اهَ ،
قال
األشعري. موسى األشعري ِ ِ شرط مسلم ،وأبو احلس ِن صحيح على ِ
ّ هو من قوم أيب َ ُّ َ
أقماع
فح َجزهم يف ِ أظهر اللَّه ِ
األشعري َ
َّ ؤوس ُهم حىت َالعريب "كانت املعتزلةُ قَد َرفعوا ُر َ
ّ ابن
وقال ُ َ
أي ضيّ َق علي ِهم.
السماس ِم"ْ ، َّ
رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ
عليه السنيِّة اليت كا َن عليها ُ ِ ِ ِ وهللِ
احلمد على العقيدة األشعريّة واملاتريديّة ّ ُ
فقال صلى اهلل عليه وسلم: الرسول معتنِ َقها َ
ُ مدح ٍ
تبع ُهم بإحسان واليت َ ومن َ وسلّ َم وأصحابهُ َ
ٍ
بسند "لتفتح َّن القسطنطينيّة فلنعم األمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش" رواهُ ُ
أمحد
ابن أيب شيبة .مسند ابن أيب شيبة .ج ص . 73الطرباين .املعجم الكبري.
السواد األعظم .ج 4ص ،73الرتمذي .سنن الرتمذي .كتاب الفنت عن رسول ابن ماجه .سنن ابن ماجه .كتاب الفنت :باب ّ
اهلل صلى اهلل عليه وسلم :باب ما جاء يف لزوم اجلماعة .ج ص. 3
احلاكم .املستدرك .ج ص .
ابن عساكر .تبيني كذب املفرتي .ص. 7
4احلاكم .املستدرك .ج ص .وقال :قال الذهيب قي التلخيص :على شرط مسلم.
43
الفاتح رمحهُ اللَّه وكا َن دحمم ن
ُ لطاالس
ُّ ها ح فت عام ِ
مثامنائة ٍ بعد ة
ُ سطنطيني ت ِ
الق صحيح ،1ول َقد فُتِح ِ
ٍ
ُ ّ َ َ َ ّ َ
ُسنّـيًّا ماتريديًّا.
واللَّهُ َ
تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم
واللَّهُ َ
تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم
املصدر السابق كتاب الطالق :باب املطلقة ثالثا ال نفقة َلا .ج ص. 74
ابن عساكر .تبيني كذب املفرتي .ص . 4-
46
احملاضرة اخلامسة عشر
التعريف بابن تيمية
الرحي ِم ِ
بسم اللَّه ّ
الرمح ِن ّ
حابته الطّاهرين.ءاله وص ِ احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ ُ
َ ّ ّ ُ َ ّ َ ّ ّ
حبرا َن سنةَ 33ه أمحد بن ِ
عبد احللي ِم احلراينُّ هو أبو العبّ ِ ليُعلم َّ
الدمشقي َو َلد ّ
ُّ اس ُ ُ ابن تيميةَ َ أن َ
أكرمهُ
الشام خوفًا من ِ احلنابلة وقَد أتى ِبه والده إىل ِ ِ ِ ٍِ
رجال هادئًا َ املغول وكا َن أبوهُ ً َ ُ من
ببيت علم َ
ابن
مات والدهُ ولّوا َ وبعد أن َ وظائف علميّ ٍة مساعدةً لهُ َ َ احلكومة حىت ولَّوهُ عدةَ ِ ورجال
ُ علماء ِ
الشام ُ
خريا ِ ِ ِ ِ
املضي يف وظائف والده وأثنَوا عليه ً تشجيعا لهُ على ّ ً درسهُ
حضروا َ وظائف والده بَل َ َ تيميةَ هذا
الباعث علىِ ابن تيميةَ ومل ينتبه إىل عاية لكن ثناء ِ حقيق بالر ِ ناشئ ٍ كل ٍ
غر َ هؤالء َّ ْ ُ ّ مع ّهو شأَنم َ كما َ َ
ِ ِ بني ح ٍ ِ
حيح فتخلَّوا عنهُ الص ِ فخاب ظنّـ ُهم وعلموا أنهُ فاتن باملعىن ّ َ وءاخر
َ ني بدعا َ يذيع ً ثنائهم فبدأَ ُ
احد على توايل ِ
فتنه. احدا إثر و ٍ
و ً َ
ظ الفقيهُ ث احلاف ُ قال فيه احمل ّد ُهو كما َ ذاع صيتهُ وكثُرت مؤلفاتهُ وأتباعهُ َ ابن تيميةَ وإن كا َن َ إن َ مث َّ
خرق
أيضا "إنهُ َ وقال ً لمهُ أكربُ ِمن عقلِه" َ ِ ِ ِ ِ
اقي يف األجوبة املرضيّة على األسئلة املكيّة "ع ُ
ِ
ويل ال ّدي ِن العر ُّ ُّ
بعد
خالف فيها َ الفروع
وبعضها يف ِ ِ اإلمجاع يف مسائل كثريةٍ
َ األصول ُ بعضها يفستني مسئلة ُ تبلغ َ قيل ُ َ َ َ
ذلك خلق من العوام وغريهم فأسرع علماء عصرهِ يف الرد ِ
عليه ِ
ّ ُ َ َ َ َ اإلمجاع عليها" وتبعهُ على َ ِ انعقاد
ِ1 ِ
ابن
ُ أحدث
َ امل ُفإنه بعد
ُ أما " الدرةِ املضيّة
ّ قال يف
حيث َ بكي ُ ُّ الس
ّ قي ال ّدي ِنُّ ظتمنهم احلاف ُ ُ وتبديعه
ّ ِ
بعد أن كا َن ُمستََرتا املعاقد َ
اإلسالم األركا َن و َ ِ ونقض ِمن َدعائ ِم َ العقائد أحدث يف ِ
أصول َ تيميةَ ما
وشذ َعناالبتداع َّ االتباع إىل جلنة فخر َج ع ِن هاد إىل ا ِ داع إىل احلق ٍ مظهرا أنهُ ٍ الكتاب و ِ ِ بِتَبَعِية
ِ ِ ّ السنَّة ً ّ
اإلمجاع".
ِ ِ
مبخالفة املسلمني ِ
مجاعة
َ
51
ِ
املناسك. اإليضاح يف
ِ حاشيةُ
واني المتوفّى سنة 87ه .
الريخ جالل ال ّدين ال ّد ُّ
شرح العض ِ
دية. ُ َُ
وثري المتوفّى سنة
محمد زاهد الك ُّ
ريخ ّ
وكيل المريخة اإلسالمية في دار الخالفة العثمانيّة ال ّ
7767ه .
الكوثري.
ّ مقاالت
ُ
ِ
احلديث. من ِ
ابن تيميةَ َ
احلثيث ملا ينفيه ُ
ُ بالتع ّق ُ
المغربي المتوفّى سنة 7477ه .
ُّ الريخ المح ّدث عبد اللَّه الغ ُّ
ماري
حتقيق معىن ال ِ ِ
بدعة. الصنعة يف ِ َإتقا ُن ّ
الريخ المحدث عبد اهلل الهرري المتوفى سنة 748ه.
املقاالت السنية يف كشف ضالالت أمحد بن تيمية.
فيه كل ِ
هؤالء العلماء ليبيّنوا رجل تكلّ َم ِ ُّ
يلتفت إىل ٍ
ُ كيف
ذلك َبعد َ متعن َ
للحق و ّ
الب ّ فانظُر أيّها الطّ ُ
سبحانك هذا هبتان عظيم.
َ للناس وليح ّذروا منه فهل يكو ُن بيا ُن احلق َشىء يعرتض ِ
عليه حقيقتَهُ ِ
ُ ّ ُ َ
واللَّهُ َ
تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم
52
احملاضرة السادسة عشر
النجدي
ّ محمد بن عبد الوها ُ الوهابيّة أتباع ّ
الرحي ِم ِ
بسم اللَّه ّ
الرمح ِن ّ
حابته الطّاهرين.ءاله وص ِ احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ ُ
َ ّ ّ ُ َ ّ َ ّ ّ
رسول اللَّه
َندنا يا َ عليه وسلَّم "اللَّه َّم بارك في شامنا ويمننا" قالوا ويف ِ رسول اللَّه صلَّى اللَّه ِ قال ُ َ
َ
ريطان" قال "هناك يطلع قرن ال ّ رسول اللَّه َ َندنا يا َ قال "اللَّه َّم بارك في شامنا ويمننا" قالوا ويف ِ َ
النجدي. الوه ِ
اب ِ ومن َند احلجا ِ البخاريِ 1 أي قوةُ ّ ِ
ّ بن عبد ّ ُ د
ُ حمم
ّ ع ل
َ ط ز ُّ الشيطان ،رواهُ ْ ّ
بعد ِ الش ِ الوه ِ ِ وكا َن ابتداء ظهوِر أم ِر ِ
سنة اشتهر أمرهُ َهـ و َ رق سنةَ اب يف ّ حممد ب ِن عبد ّ ّ ُ
ويف سنةَ 23هـ. ِ
42هـ بنجد احلجاز وقُراها وتُ ّ
الس ِنة ،وأخ َذ ِ
ببعض ِ ٍ ٍ اب َ ٍ الوه ِ ِ
من الكتاب و ّ زعم أَنا َ بدعوة ممزوجة بأفكار منهُ َ بن عبد ّ ظهر حم ّم ُد ُ وقَد َ
سول صلَّى اللَّه ِ
عليه وسلّ َم بدع اب ِن تيميةَ فأحياها وهي حتريُ التوس ِل بالنيب ،وحتريُ السف ِر لزيارةِ ق ِرب الر ِ ِ
ّ ّ ّ ّ َ َ
اإلجابة من اللَّه ،وتكفري من ينادي هبذا ِ
اللفظ ِ صد ال ّد ِ ِ
األنبياء والصاحلني ب َق ِ ِ
َُ ُ َ هناك رجاءَ
عاء َ ّ َ من
وغريه َ
ذلك إال للحي احلاض ِر ،وعقيدةُ التجسي ِم هللِ
ّ مبثل َ حمم ُد أو يا علي أغثين أو ِ
ّ رسول اللَّه أو يا ّ يا َ
والتحي ِز يف ٍ
جهة. ّ
ذكر أو ن
ُ القرءا إال افيه ليس اليت تعليق احلروِ
ز نفسه حتريَ ِ عند ِ اب ِمن ِ الوه ِ ابتدع حمم ُد بن ِ
عبد
ُ َ َ ّ َ ّ ُ
ِ ِ اللَّه ،وحتري اجله ِر بالصالةِ
االحتفال
َ حيرمو َن
عقب األذان ،وأتباعهُ ّ النيب صلّى اللَّه عليه وسلّم َ ّ على ّ َ
لشيخ ِهم اب ِن تيميةَ . الشر ِ باملو ِ
يف خالفًا َ لد ّ
ِ
الفتوحات ِ
تارخيه " لطنة العُثمانيّ ِة يف
الس ِ أمحد زيين َدحالن ُمفيت مكةَ يف أواخ ِر َّ الشيخ ُ َ
قال
ُ
ابتداء أمرهِ ِمن طَ ِ
لبة العل ِم يف اب يف ِ الوه ِ ِ ِ اإلسالمية" حتت ِ ِ ِ
بن عبد ّ حمم ُد ُالوهابية" "كا َن ّ فصل "فتنة ّ َ
رجال صاحلًا ِمن ِ الصالةِ والس ِ املنورةِ على ساكِنها ِ
أهل العل ِم وكذا أخوهُ الم وكا َن أبوه ً ّ أفضل ّ ُ املدينة ّ
حممد بن عبد اهلل بن محيد .السحب الوابلة على ضرائح احلنابلة .ص. 94
ّ
54
أهل ِ
جهته وح ّذ َر ِ
كأسالفه و ِ ِ
بالفقه رض أَن يشتغِ َل ِ حمم ٍد -كا َن َغضبا َن على ولدهِ ٍ
حممد لكونه مل يَ َ ّ َ ّ
ِ ٍ ِ
صار.صار ما َ الشر" وقَد ق ّد َر اللَّه أَن َ حممد م َن ّ للناس "يا ما ترو َن من ّ يقول ِ منهُ وكا َن ُ
ِ
اإلسالم: الوهاب يدعُو إىل دي ٍن غ ِري ِ حمم ُد بن ِ
عبد ّ ُ
ِ
الوهابية، ِ
ألتباعه ِ غري دي ِن الوه ِ ِ
اإلسالم علمهُ جديدا َ ً النجدي دينًا
ُّ اب بن عبد ّ حمم ُد ُ أحدث ّ َ وقَد
وأصل هذا ال ّدي ِن ِ
شيئان: ُ
قول اللَّه
بذلك َ ب َ البشر وأنهُ جسم قاعد على ِ
العرش وك ّذ َ أن الله يُشبهُ َ
اعتقاد َّ َُّ األول
ُ -
س َك ِمثْلِ ِه َشىء( )﴾ ( ُس ْوَرةُ ُّ
الش ْوَرى). تَعاىل ﴿لَْي َ
للترب ِك أو َمن يُعلّ ُق ِ ِ
قبور األنبياء واألولياء ّ زور َ حمم ُد أو َمن يَ ُ يقول يا ّ -والثاين تكفريُ َمن ُ
ِ ِ ِ
الصن ِم.
ذلك كعبادة ّ وذكر اللَّه وَيعلو َن َ حرزا فيه قرءان ُ على صدرهِ ً
يصح تسميةُ الوه ِ
ابية سلفيّةً: ّ َيوز وال ُّ ال ُ
ذلك
وهم كاذبو َن يف َ لف ُ الناس أَنم َعلى عقيدةِ الس ِ بعض ِ
ّ أنفس ُهم سلفيّةً ليُوّهوا َ سمي الوهابيةُ َ -يُ ّ
سنة وأما حمم ُد بن ِ ألف ٍ لف كانوا ِمن أكث ِر ِمن ِ
عبد ّ ُ الس َ ألن ّ من َّ الز ُيث ّليسوا سلفيّةً ال ِمن َح ُ فهم ُ ُ
الصاحلَلف ّ الس َ ألن ّ حيث العقيدةُ َّ مثانني سنةً ،وال َسلفيةً ِمن ُ ني و َ النجدي فكا َن ِمن حن ِو مائت ِ ُّ الوه ِ
اب ّ
لفي ِ ِ ٍِ ٍ َ َّ متّفقو َن َعلى َّ
الس ُّاإلمام ّ
قال ُ كما َ كفر َوصف الله ولو بصفة واحدة من صفات البشر ف َقد َ أن َمن
وصف اللَّه مبعىن ِمن َمعاين البش ِر ف َقد ِ ِ ِ
َ ومن حاوي يف عقيدته املشهورةِ باس ِم العقيدة الطّحاوية " َ الطّ ُّ
كفر".
َ
حممد": القائلني "يا َّ املسلمني
َ الوهابيّةُ يك ّفرو َن
التوحيد
َ فه ُم
كيف نَ َ
املسمى َ حمم ُد ما قالوهُ يف كتاهبِم َّ يقول يا ّ أن الوهابيةَ يك ّفرو َن َمن ُ يشه ُد على َّ ومما َ
الذين يقولو َن ال املسلمني من توحيدا هللِ وأخلص إَيانًا ِ
به ً أكثر ٍ
َلب أبو و ٍ
هل ج أبو " 1
حملمد بامشيل
َ َ َ ُ ُ َ ّ
بذلك ما كا َن ِ ِ رسول اللَّه
عليه احلني" اه وقَد َخالفوا َ الص َ ويتوسلو َن باألولياء و ّ ّ حممد ُ إلهَ إال اللَّه ّ
حايب
الص َّ أن َّ األدب ِ
املفرد َّ كتاب ِ خاري يف ِ الصاحلُ وش ّذوا ع ِن األَمة .ف َقد َروى البُ ُّ لف ّ الس ُالصحابةُ و ّ
ّ
محمد". قال "يا ّ اب ملا َخ ِد َرت رجلهُ َ عبد اللَّه بن عمر ب ِن اخلطّ ِ
َ ََ َ
واللَّهُ َ
تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم
واللَّهُ َ
تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم
59
احملاضرة الثامنة عشر
البدعة
الرحي ِم ِ
بسم اللَّه ّ
الرمح ِن ّ
حابته الطّاهرين. احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ
ءاله وص ِ ُ
َ ّ ّ ُ َ ّ َ ّ ّ
بيان أن البدعة بدعتان عند أهل السنة والجماعة وحديث :وكل بدعة ضاللة ،عام مخصوص
تعريف البدعة:
ينص عليه القرءا ُن وال جاءَ يف
ث الذي مل َّ
احملد ُ
مثال سابق ،ويف الشرِعَ : ُحدث على غ ِري ٍ
لغةً ما أ َ
الفيومي يف كتابه "املصباح املنري" مادة " "ب د ع".
ُّ املشهور
ُ اللغوي
ُّ ذكر ذلك
السنة ،كما َ
أقسام البدعة:
-فالبدعة تنقسم إلى قسمين:
السنةَ.
افق القرءا َن و ّ
ث الذي يُو ُ احملد ُ
وهي َالسنةَ احلسنةََ ، األول :البدعةُ احلسنةُ ّ
وتسمى ّ القسم ّ
السنةَ.
خيالف القرءا َن و ّ
ث الذي ُ احملد ُ
وهي َالسيئةََ ، السنةَ ّ والقسم الثاني :البدعةُ السيئةُ ّ
وتسمى ّ
رسول اللَّه
قال ُ قال َ رضي اللَّه عنهَُ ، ث جري ِر ب ِن ِ
عبد اللَّه وهذا التقسيم مفهوم ِمن حدي ِ
البجلي َ
ّ ُ
عليه وسلَّ َم "من س َّن في اإلسالم سنّةً حسنةً فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من صلَّى اللَّه ِ
سن في اإلسالم سنةً سيّئةً كان عليه وزرها ووزر من غير أن ينقص من أجورهم شىءٌ ،ومن َّ
عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شىءٌ" رواهُ مسلم .
بعد ِ سن يف حياةِ الر ِ
تثبت
يقال لهُ "ال ُ وفاته فالُ ، سول أما َ ّ احلديث معناهُ َمن َّ
ُ تنبيهٌ :إ ْن َ
قيل هذا
سن في اإلسالم"، قال "من َّسول َ الر َ
ألن ّخالف ما ت ّدعي َّ َ ليل يُعطي اخلصوصيّةُ إال ٍ
بدليل" وهنا ال ّد ُ
سن يف َحيات.
ومل ي ُقل َمن َّ
رسول صلى اللَّه عليه وسلم فيما رواه أبو داود عن العرباض بن سارية": قال ُ أليس َ
وإن قيلَ :
وإيّاكم ومحدثات األمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضاللة".
مسلم .صحيح مسلم .كتاب الزكاة :باب احلث على الصدقة ولو بشق مترة أو كلمة طيبة وأَنا حجاب من النار .ج
ص.49
أبو داود .سنن أيب داود .كتاب السنة :باب يف لزوم اجلماعة .ج ص. 22
61
ِ
السابق ذكرها فيقال :إن مراد النيب ِ
األحاديث احلديث لفظُه عام وُمصوص بدليل ب :أن هذا
َ فاجلوا ُ
صلى اللَّه عليه وسلم ما أحدث على خالف الكتاب أو السنة أو اإلمجاع أو األثر.
يف شرح النووي لصحيح مسلم ما نصه قوله صلى اهلل عليه وسلم" :وكل بدعة ضاللة" هذا عام
ُمصوص واملراد به غالب البدع.اهـ .نظري ذلك حديث" :كل عين زانية" والعني الزانية هي اليت
حيصل منها النظرة احملرمة فهذا احلديث ليس معناه حىت عيون األنبياء حتصل منهم النظرة احملرمة إمنا
معناه أغلب العيون حيصل منها النظرة احملرمة.
كدا بكل بل يدخله عاما ُمصوصا قوله" :كل بدعة ضاللة" مؤ ً كذلك ال َينع من كون احلديث ًّ
تدمر الريح ٍ
َح َقاف) ومعناه ّ التخصيص مع ذلك كقوله تعاىل﴿ :تُ َد ِّم ُر ُك َّل َشىء(ُ ( ﴾ ) 4س ْوَرةُ األ ْ
مرت عليه من رجال عاد وأمواَلا. كل شيء ّ
ِ ِ
بعض هؤالء حبديث "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ" رواهُ
1
البخاري
ُّ حيتج ُ قَد ُّ
عمال ليس عليه أمرنا فهو رد" .فأفهم رسول اللَّه صلى اللَّه ومسلم ،لفظ مسلم هو":من عمل ً
مردودا إذا كان على خالف الشريعة، احملدث إمنا يكون ًردا أي ً عليه وسلم بقوله":ما ليس منه" .أن َ
ِ
القرءان من ِ مردودا .ومل يَعلَم َّ
ليس َ أحدث ما َ َ احلديث َمن أن َمعىن احملدث املوافق للشريعة ليس ً وأن َ
ِ
القرءان من احلديث إشعار َّ ِ و ِ
هو َ أحدث ما َ َ بأن َمن فهو مردود بَل يف هذا السنة أي ما ال يُوافقهُ َ ّ
والس ِنة أي ما يوافقه فهو غري ٍ
مردود. ُ ُ َ ُ ّ
ِ ِ والدليل من ال ُق ِ
هو حسن قولُه تَعاىلَ ﴿ :و َج َع ْلنَا ِيف قُـلُ ْوب الَّذيْ َن اتَّـبَـعُ ْوهُ أن البدعةَ منها ما َ رءان على َّ ُ َ
ِ
ض َو ِان اهللِ (ُ ( ﴾ ) 9س ْوَرةُ احلَديْد) .ففي اها َعلَْي ِه ْم إَِّال ابْتِغَاءَ ِر ْ ِ
َرأفَةً َوَر ْمحَةً َوَرْهبَانيَّةً ابْـتَ َدعُ ْوَها َما َكتَْبـنَ َ
وهي ة
َ الرهباني ا
و ع ابتد
َ وألَنم أفة ٍ
ورمحة أمة عيسى ألَنم كانوا أهل ر ٍ اآلية مدح املؤمنني ِمن ِ هذهِ ِ
َ ّ َ َ َ ُ
ِ ِ ِ االنقطاع ع ِن ّ ِ
الزو ِاج وتركوا اللذائ َذ احملرمات حىت إَنم انقطَعوا ع ِن ّ الشهوات املباحة زيادة َعلى َتنّب ّ ُ
تاما ،فقولُه تَعاىل َوَرْهبَانِيَّةً ابْـتَ َدعُ ْوَها َما الثياب الفاخرَة وأقبلُوا على اآلخرةِ ً
إقباال ًّ ِ
من املطعومات و َ َ
ِ ِ ِ ِ ِ
ابتدعوا أي مما ض َوان اهلل (ُ ( ﴾ ) 9س ْوَرةُ احلَديْد) .فيه مدح َلم َعلى ما َ اها َعلَْي ِه ْم إَِّال ابْتغَاءَ ِر ْ َكتَْبـنَ َ
قال َلم املسيح بنص منه افعلوا كذا ،إمنا هم أرادوا املبالغةَ يف ِ
طاعة اإلَنيل وال َ ِ عليه يفينص َلم ِ مل َّ
ُ ُ ُ ّ ُ َ
عم َل شيئًا حسنًا. للقرءان والس ِنة ف َقد ِ ِ هو موافق اللَّه ِ.فيؤخ ُذ ِمن هذهِ ِ
اآلية َّ
ّ أحدث ما َ َ أن َمن ُ
البخاري .صحيح البخاري .كتاب الصلح :باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود .ج ص .
مسلم .صحيح مسلم .كتاب األقضية :باب نقض األحكام الباطلة ورد حمدثات األمور .ج 4ص .
61
ذكر بعض األمثلة عن البدعة الحسنة
اويح يف رمضا َن الناس على صالةِ الرت ِ مجع َ رضي اللَّه عنهُ َ َ
أن عمر بن اخلطّ ِ
اب َ َ
ِ
احلسنة َّ البدع
ومن ِ َ
ذلك "نعم البدعة عمر َعن َ رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ أيام ِ وكانوا يف ِ
وقال ُ عليه وسلّ َم يُصلّوَنا فر َادى َ
هذه".
ِ
اجلمعة ومل ي ُكن هذا يوم اثاني ان أذا َحدث أ ان ف ع بن ن عثما َّ
أن ِ1
أيضا يف صحيحه
ً َ ً َ ّ َ َ البخاري ً
ُّ وروى َ
ِ
األرض اجلمعة يف م ِ
شارق ِ يوم ِ ِ ِ َّ
َ اس على هذا األذان الثاين َ األذا ُن يف أيام رسول الله ،وما ز َال الن ُ
ومغارهبا. َ
أحدث صال َة حايب اجلليل ُخبيب بن َعدي ُّ
أول َمن الص َّ صحيحه َّ ِ
َ ُ ُ ّ َ أن ّ أيضا يف
البخاري ً
ُّ وروى
عند ِ
القتل. ني َ ركعت ِ
النيب صلّى ِ ِ
يوما نصلّي وراءَ ّ قال كنا ً قي َ أيضا يف صحيحه َعن رفاعة بن راف ٍع األزر ّ البخاري ً
ُّ وروى َ
لكقال رجل وراءهُ ربّنا و َ قال "سمع اللَّه لمن حمده" َ كعة َ عليه وسلّم فلما رفع رأسه من الر ِ اللَّه ِ
ّ َ ُ َ ّ
قال "رأيت بضعةً قال أناَ ، قال "من المتكلّم" َ ف َ انصر َ ِ
فلما َ كثريا طيّبًا مبارًكا فيهّ ، محدا ً احلمد ًُ
ِ
احلديث على الفتح "واستُ َّ
دل هبذا ابن حج ٍر يف ِ وثالثين مل ًكا يبتدرونها أيّهم يكتبها ّأول"َ .
قال ُ
الصالةِ غ ِري املأثوِر إذا كا َن غري ٍ
ُمالف للمأثوِر". ِ
جوا ِز إحداث ذك ٍر يف ّ
التشه ِد " َ
وحده ال يد يف ّ عمر رضي اهلل عنهما أنهُ كا َن يز ُ ِ َّ
داود يف سننه َعن عبد الله ب ِن َ
ِ
وروى أبو َ َ
ويقول أنا زدِتا. يك لهُ"ُ ، شر َ
شكرا هللِ على ِ االحتفال مبو ِ ِ
األول ً النيب صلّى اللَّه عليه وسلّم يف شه ِر ربيع َ ّ لد ُ احلسنة البدع
ومن ِ َ
اَلجري، الساب ِع ِ اليوم ،و ّأو ُل َمن أحدثهُ َم ُ ِ مثل هذا ِ ظيمة يف ِ النعمة الع ِ ِ إظها ِر هذهِ
ّ لك إربل يف القرن ّ َ
ِ
احلديث العلماء في ِهم ِمن ِ
أهل ِ من
كثريا َ
مجع َلذا ً يقال لهُ املظ ّف ُر َ شجاعا سنيًّا ُ ً وكا َن عاملا تقيًّا
ابن ِ ِ ِ
ظ ُ منهم احلاف ُ ومغارهبا ُ األرض َ مشارق العمل العلماءُ يف َ ذلك
فاستحس َن َ
َ ادقني
الص َ الصوفيّة ّ و ّ
البخاري .صحيح البخاري .كتاب اجلمعة :باب األذان يوم اجلمعة .ج ص. 7
املصدر السابق كتاب املغازي :باب غزوة الرجيع .ج 4ص .
البخاري .صحيح البخاري .كتاب األذان :باب فضل اللهم ربنا ولك احلمد .ج ص. 3
ابن حجر العسقالين .فتح الباري شرح صحيح البخاري .ج ص. 49
4أبو داود .سنن أيب داود .باب التشهد .ج ص. 39
62
ِ
يوطي رسالةً الس ّ يوطي .وللحافظ ّ الس ُّ ظ ّ كذلك احلاف ُ خاوي و َ الس ُّ ظ ّ العسقالينُّ وتلمي ُذهُ احلاف ُ حج ٍر َ
هو إن أصل ِ ِ َّ 1 عمل املو ِ
ِ ِ
عمل املولد الذي َ َ " للفتاوى احلاوي يف وقال
َ ، " لد يف املقصد حسن
ُساها " َ
رءان ،وروايةُ األخبا ِر الواردةِ يف مبدإ أم ِر النيب صلّى اللَّه ِ
عليه الناس ،وقراءةُ ما تيسر من ال ُق ِ اجتماعُ ِ
ّ َ َّ َ
ٍ ِ ِ
اآليات ،مث َي ّد َلم ُساط يأكلونهُ وينصرفو َن ِمن غ ِري زيادة على َ
ذلك من
وقع يف مولده َ وسلّ َم وما َ
فيه ِمن تَعظي ِم قد ِر النيب صلّى اللَّه ِ
عليه وسلّ َم احلسنة اليت يثاب عليها صاحبها ملا ِ ِ البدع
من ِ
ّ ُ ُ ُ َ هو َ َ
امللك املظ ّف ُر أبو الشر ِ ِ
وإظها ِر الفرِح واالستبشا ِر مبولده ّ
صاحب إربل ُ ُ ذلك
أحدث َ َ يف ،و ّأو ُل َمن
وهو ِ ِ ِ سعيد بن زي ِن ال ّدي ِن ب ِن بكْتَ ِكني ُ ِ ِ
أحد امللوك األَماد وال ُكرباء األجواد ،وكا َن لهُ آثار حسنة َ َ ُ
ري يف سفح قاسيُون. اجلامع املظ ّف َّ
َ عمَرالذي ّ
قال اللَّه بعد كل ٍ َّ ِ بالصالةِ و ِ ِ
أذانَ . نيب صلّى الله عليه وسلّم َ ّ السالم على ال ّ ّ اجلهر ّ البدع احلسنة ُ ومن ِ َ
صلُّ ْوا َعلَْي ِه َو َسلِّ ُم ْوا تَ ْسلِْي ًما(﴾ )43 ِ
يب يَا أَيـُّ َها الَّذيْ َن ءَ َامنُـ ْوا َ
ِ
تَعاىل ﴿إِ َّن اهللَ َوَم َالئ َكتَهُ يُ َ
صلُّ ْو َن َعلَى النَِّ ِّ
(سورة األحزاب).
النيب يوطي يف الوسائ ِل يف مسامرةِ األو ِ
الم على ّ الس ُالصالةُ و ّ يد ّ أول ما ز َ ائل " ُ الس ُّ ظ ّ وقال احلاف ُ َ -
اَلجري اه لطان اب ِن قَالوون يف ِ
القرن الثام ِن أذان يف املنارةِ يف زم ِن الس ِ بعد كل ٍ َّ ِ
ّ ّ صلّى الله عليه وسلّ َم َ ّ
أذان بدعةً بعد كل ٍ َّ ِ بالصالةِ والس ِ كون اجله ِ إثبات ِ ويِكفي يف ِ
النيب صلّى الله عليه وسلّ َم َ ّ ّ على الم ّ ّ ر
ِ
ثم صلوا علي" أخرجهُ الم "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول َّ الس ُ الصالةُ و ّ حسنةً قولُه عليه ّ
علي" أخرجهُ احلاف ُ صل َّ ِ ِ
ظ الم "من ذكرني فلي ّ الس ُالصالةُ و ّ مسلم يف صحيحه ،وقولهُ عليه ّ
ِ
أن املؤذّ َن الشفي ِع" ،فيُؤخ ُذ ِمن َ
ذلك َّ النيب ّ الصالة على ّ بديع يف ّ القول ال ُ كتابه " ُ السخاوي يف ِ
ّ ُ
بالسّر واجله ِر. واملستمع كلَيهما مطلوب منه الصالةُ على النيب صلّى اللَّه ِ
حيصل ّ ُ عليه وسلّم ،وهذا ّ ُ ّ َ َ
أهل العل ِم املصحف ،وكا َن ِمن ِ َ عمر
بن يَ َ اجلليل حيىي ُ ِ التابعي ط
ُ تنقي ِ
احلسنة البدع
من ِ وكذلك َ
ّ
الرسول صلّى عندما أملَىثني وغ ِريهم واستحسنوهُ ومل ي ُكن منقطًا َ ِ
ُ ذلك العلماءُ من حم ّد َ أقر َ التقوى ،و َّ و َ
بن ع ّفان كتبة الوح ِي فكانوا يكتبو َن الباء والتاء وحنوّها بال ٍ عليه وسلّم على ِ اللَّه ِ
كذلك عثما ُن ُ نقط ،و َ َ َ َ
واللَّهُ َ
تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم
65
احملاضرة التاسعة عشر
ولي أو االستعانة أو االستغاثة به أو زيارة قبره أو بيان معنى العبادة َّ
بنبي أو ّ
التوسل ّ
مجرد ّ
وأن ّ
جائن ،وأنه ليس شرًكا كما تقول الوهابيّة التبرك بآثاره ٌ ّ
الرحي ِمالرمح ِن ّ
ِ
بسم اللَّه ّ
ءاله وص ِ
حابته الطّاهرين. احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ ُ
َ ّ ّ ُ َ ّ َ ّ ّ
لياء يف ِ باألنبياء واألو ِ
ِ ِ
حال غيبَت ِهم أو َ
بعد يدل على عدم جوا ِز ّ
التوس ِل حقيقي ُّ
ٌّ اعلَم أنهُ ال َ
دليل
ٍ أن ذلك عبادة لغ ِري اللَّه ألنه ليس عبادةً لغ ِري اللَّه َمرد ِ
َمرُد
حي أو ميّت وال ّ ّ نداء ُّ ُ َ بدعوى َّ َ َوفاِتم َ
ِ
طلب ما مل َت ِر به العادةُ َ للترب ِك وال َمرُد ِ ِ ِ ِ ِ ِ
بني ّ ويل ّ َمرُد قصد قرب ّ االستعانة أ ِو االستغاثة بغري اللَّه وال ّ
عندهم الطّاعةُ اللغويني َّ
ألن العباد َة َ َ يف العبادةِ َ
عند ِ
نطبق عليه تعر ُذلك شرًكا ألنهُ ال يَ ُ ليس َ الناس أي َ
ِ
اخلضوع.
ِ مع
َ
اخلضوع.1
ِ اخلشوع و
ِ اللغة أقصى ِ
غاية اللغوي تقي الدي ِن السبكي العبادةُ يف ِ ظ
وقال احلاف َُ -
َ ّ ُّ ُّ ُّ
ِ ِ
ثبت
يتذلل للملوك والعظماء .وقَد َ كل َمن ُ التذلل عباد ًة لغ ِري اللَّه وإال لك َفَر ُّ
َمرُد ِ ليس ّكذلك َ و َ
لرسول اللَّه صلّى اللَّه ِ ِ ِ
رسول اللَّه
فقال لهُ ُ عليه وسلّ َمَ ، الش ِام َ
سجد من ّ جبل ملا قد َم َبن ٍ أن معا َذ َ َّ
الش ِام يَسجدو َن لبطَارقَت ِهم صلّى اللَّه ِ
أهل ّ أيت َ رسول اللَّه إين ر ُ فقال يا َ عليه وسلّ َم "ما هذا" َ
فقال "ال تفعل ،لو كنت ءامر أح ًدا أن يسجد ٍ
ألحد ألمرت المرأة بذلكَ ، أنت أوىل َ وأساق َفت ِهم و َ
رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ
عليه ماجه وغريُّها ومل ي ُقل لهُ ُ ابن َ ابن حبا َن و ُ أن تسجد لنوجها" ،رواهُ ُ
سجودهُ للنيب َمظهر كبري ِمن مظاه ِر ِ
التذلل. مع َّ
أن كت َ قال لهُ أشر َ رت ،وال َ وسلّم ك َف َ
َ ّ
رب قبل ِ
إطالق األنبياء ليتعلّموا معىن العبادةِ يف ِ
لغة الع ِ لياء و ِ فهؤالء الذين يك ّفرو َن املستغيثني باألو ِ ِ -
َ َ َ َ َُ
املسلمني سل ًفا وخل ًفا مل عليه املسلمو َنَّ ،
ألن ألسنت ِهم بالتكف ِري فإَنم ج ِهلوا معىن العبادةِ وخالَفوا ما ِ
َ َ
خيلق َلم الربكةَ ِبل املعىن أَنم يَرجو َن سول ُ الر َ أن ّ للترب ِك َّ
ليس َمعىن الزيارةِ ّ
يزالوا يزورو َن قرب النيب ِ
للتربك و َ َ ّ ّ َ َ
يارِتم لقربهِ صلى اهلل عليه وسلم. خيلق اللَّه َلم الربكةَ بز َ
أن َ
الرازي .مفاتيح الغيب .ج ص . 9القرطيب .تفسري القرطيب .ج 3ص. 47
االجتماع على تالوة القرآن وعلى ال ّذكر ج 4ص .9
ِ مسلم .صحيح مسلم .كتاب الذكر والدعاء والتوبة :باب فضل
الرتمذي .سنن الرتمذي .كتاب احلدود عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم :باب ما جاء يف السرت على املسلم ج ص .
أمحد .مسند أمحد ج ص ، 4أبو داود .سنن أيب داود .باب يف املعونة للمسلم .ج ص .
4البخاري .األدب املفرد .باب ما يقول الرجل إذا خدرت رجله ج ص. 4
67
حمم ُد يا برسول اللَّه ِ
بلفظ عبد اللَّه ب ِن عمر استعانة ِ كتابه ال َكلم الطيب 1وهذا الذي حصل ِمن ِ ِ
ّ َ َ ُ ُّ
ِ ِ ِ
تفعل الوهابيّةُ أيرجعو َن َعن رأيهم من تكف ِري َمن يُنادي يا ّ
حمم ُد أم عند الوهابيّة كفر فماذا ُ وذلك َ َ
ِ ِ ِ
اإلسالم. شيخ
عندهم َ ب َ يتربءُو َن م ِن اب ِن تيميةَ يف هذه املسألة َ
وهو املل ّق ُ
أن النيب صلّى اللَّه ِ حديث اب ِن عبّ ٍ
قال لهُ "إذا عليه وسلّم َ الرتمذي َّ َّ
ُّ اس الذي رواهُ ُ تنبيهٌ ءاخر:
باألنبياء واألو ِ
ِ التوس ِل ِ َّ َّ
لياء فليس فيه دليل على من ِع ّ سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله"َ ،
غري اللَّه وال ِ َّ احلديث معناهُ َّ َّ
ليس معناهُ ال تسأَل َ سأل ويُستعا َن به الله تَعاىل ،و َ أن األَْوىل بأن يُ َ َ ألن
ذلك قوله صلّى اللَّه ِ ِ
عليه وسلَم "ال تصاحب إال مؤمنًا وال يأكل طعامك إال تستعن بغ ِري اللَّه .نظريُ َ ُ
ِ
وإطعام غ ِري صحبة غ ِري املؤم ِنِ عدم جوا ِز ِ تقي" رواه ابن حبا َن ،فكما ال ي ِ
فهم من هذا احلديث ُ َُ ٌّ ُ ُ ّ
حديث اب ِن كذلك
التقيَ ، ِ املؤمن و َّ ِ فهم منهُ َّ
ُ هو ُّ أن األَوىل باإلطعام َ الصحبة ُ أن األ َْوىل يف ّ التقي ،إمنا يُ ُّ
ِ
فليس يف هذا احلديث. عبّ ٍ
فهم منهُ إال األولويّةُ وأما التحريُ الذي يدعونهُ َ اس ال يُ ُ
بب ما رواهُ مسلم عليه وسلّم على َمعىن الس ِ سول صلّى اللَّه ِ أيضا على جوا ِز سؤ ِال الر ِ -ومما ُّ
ّ َ ّ َ يدل ً
رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ أن ربيعةَ بن ٍ صحيحه ِمن َّ ِ
قال لهُ عليه وسلّم َ خدم َ األسلمي الذي َ ّ كعب َ يف
افقتك يف ِ
اجلنة أسألك مر َ َ حب املكافأةِ "سلني" َ
فقال لهُ ِ ِ ِ
رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم من باب ّ ُ
باب التواض ِع "أو غير ذلك" َ
فقال قال لهُ ِمن ِ عليه وسلّم بَل َ رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ عليه ُ نكر ِ فلم ي ِ
ُ
ُ ِ السجود" .وهذا
أيضااحلديث فيه دليل ً فقال لهُ "فأعنّي على نفسك بكثرة ّ ذاكَ ، هو َ حايب َ الص ُّ ّ
فمن أين الب ِن تيميةَ و ِ طلب ما مل َت ِر ِبه العادةُ ِمن غ ِري اللَّه ليس شرًكاِ ، أن َمرَد ِ
أتباعه أن يَبنوا َ َ على َّ ّ
طلب ما مل َت ِر ِبه العادةُ ِمن غ ِري اللَّه شرك". وهي قوَلم " ُ قاعدةً َ
قال موته ِ
بإذن اللَّه ف َقد َ بعد ِ حي يف قربهِ وأنهُ يَنفعُنا َ ِ
سول صلّى اللَّه عليه وسلّم ٌّ الر َ أن ّ ثبت َّ
-وقَد َ
ِ
البيهقي وصححهُ يف ُّ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم "األنبياء أحياءٌ في قبورهم يصلّون" رواهُ ُ
ِ ِ جزء حياةِ ِ
خير
أيضا "حياتي ٌ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّ َم ً وقال ُ األنبياء وأقره احلافظ ابن حجر َ ،
ابن تيمية .الكلم الطيب .فصل يف ال ِرجل إذا خدرت .ص. 2
الرتمذي .سنن الرتمذي .ج ص.339
ابن حبان .صحيح ابن حبان .ج ص .
مسلم .صحيح مسلم .باب فضل السجود واحلث عليه .ج ص .4
4البيهقي .حياة األنبياء بعد وفاِتم .ص . 4- 9البزار .مسند البزار .ج ص. 77
3ابن حجر العسقالين .فتح الباري شرح صحيح البخاري .ج 3ص. 49
68
علي أعمالكم فما خير لكم تعرض َّ خير لكم تحدثون ويحدث لكم ووفاتي ٌ خير لكم ومماتي ٌ ٌ
شر استغفرت لكم" ،رواهُ ّ رأيت من خي ٍر حمدت اللَّه عليه وما رأيت من ّ
1
اَليثمي يف
ُّ البز ُار ،قال
خير لكم" ِ َمم ِع الزو ِ
قال "ومماتي ٌ الم ملا َ
الس ُ
الصالةُ و ّ
حيح" ،فإنهُ عليه ّالص ِ
رجال ّ ائد " :ورجالهُ ُ
ِ أفهمنا أنه ينفعنا َ ِ ِ
النيب ماذا
سأل َّ
الم ليلةَ املعر ِاج ملا َ
الس ُ
موسى عليه ّنفعنا َ بعد موته بإذن اللَّه ،كما َ َُ ُ َ
فقال له "خمسين صالةً" َ ِ
فطلب
َ فرجع
التخفيف َ ،
َ ك
وسل ربّ َ
قال ارجع َ أمتك؟ َ ُ فرض اللَّه على َ
َ
يشك عاقل بنف ِع موسى ِ
عليه فهل ُّ ات بأج ِربعد مرةٍ إىل أن ِصر َن مخس صلو ٍ
َ مخسنيَ ،
َ َ التخفيف مرًة َ
َ
سنة ،فهذاألف ٍليلة املعر ِاج بأكثر ِمن ِ
األمة هذا النفع العظيم وقَد كا َن موسى تويف قبل ِ
السالم َلذه ِ
َ َ َ َ َ ّ ُ
حمم ٍد. ِ
نفع به أمةَ ّ
عمل َ ِ
بعد املوت َ
السبب بيان جواز االستغاثة باألنبياء واألولياء على معنى ّ
الشدةِ. عند ّ فهي االستعانةُ َ أما االستغاثةُ َ
ِ ِ ِ ِِ
صص). استَـغَاثَهُ الَّذي م ْن شْيـ َعته(ُ ( ﴾) 4س ْوَرةُ ال َق َ
قال تَعاىل﴿ :فَ َْ -
إن هلل مالئكةً في األرض سوى قال " َّ
عليه وسلّم َ رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ أن َ اس َّ -وع ِن اب ِن عبّ ٍ
رجر فإذا أصا ُ أحدكم عرجةٌ بأرض فالة 7فليناد أعينوا الحفظة يكتبون ما يسقط من ورُ ال ّ
سول "فليناد أعينوا عباد اللَّه" ِ
فقول الر ِ َّ
فيه اَليثمي ّ ُ . ُّ ظوحسنهُ احلاف ُ عباد الله" ،رواهُ الطّرباينُّّ ،
ِ
االستغاثة بغ ِري اللَّه. داللة واضحة على جوا ِز
قال " َّ أن النيب صلّى اللَّه ِ
رمس تدنو يوم القيامة إن ال ّ عليه وسلّ َم َ حيح َّ َّالص ِ
البخاري يف ّ
ُّ وروى
َ -
بمحم ٍد صلّى اللَّه
ّ حتى يبلغ العرُ نصف األذن فبينما هم كذلك استغاثوا بآدم ثم موسى ثم
البزار .مسند البزار .ج 4ص ، 24وصححه العراقي يف طرح التثريب ج ص. 24
نور الدين اَليثميَ .ممع الزوائد ومنبع الفوائد .ج 4ص .
أي ارجع إىل املكان الذي كنت تسمع فيه كالم اهلل ،وليس معناه أن اهلل يف مكان.
مسلم .صحيح مسلم .كتاب اإلَيان :باب اإلسراء بالرسول إىل السموات وفرض الصلوات .ج ص.77
4البيهقي .شعب اإلَيان .فصل يف معرفة املالئكة ،ج ص. 4
3أي إن أصاب أحدكم مصيبة يف ب ِريّة من األرض.
9قال احلافظ اَليثمي يف َممع الزوائد ج 2ص :رواه الطرباين ورجاله ثقات .اهـ
4البخاري .صحيح البخاري .كتاب الزكاة :باب من سأل الناس تكثرا .ج ص. 9
69
عليه وسلّم هذا الطّ ِ سول صلّى اللَّه ِ
يشفع َلم إىل رهبم َ ءادم أَن
لب من َ َ َ الر ُ
فسمى ّ عليه وسلّم" ّ
استغاثةً.
سول صلّى اللَّهالر َ حيح َّ ِ 1
أن ّ الص ِ
داود وغريُهُ باإلسناد ّ املطر مغيثًا ف َقد َروى أبو َ سول ُسّى َ الر ُ -مث ّ
ِ
سول صلّى فالر ُ عاجال غير ٍ
ءاجل"ّ ، ضار ً نافعا غير ّ قال "اللَّه َّم اسقنا غيثًا مغيثًا مر ًيعا ًعليه وسلّ َم َ
الشدةِ ِ الشدةِ ِ ِ
من ّ الويل يُنقذان َ
النيب و ُّ بإذن اللَّهَ ،
كذلك ُّ من ّ اللَّه عليه وسلّ َم ُسّى ّ
املطر مغيثًا ألنهُ يُنق ُذ َ
ِ
بإذن اللَّه تَعاىل.
البكري احلارث بن حس ٍ
ان ابن حج ٍر َّ
أن بإسناد َحس ٍن كما ٍَ ِ
ّ َ َ ّ ظ ُقال احلاف ُ املسند أمحد يف
-وأخر َج ُ
عاد -أي أَن ِ
أرج َع افد ٍ عليه وسلّم أعوذُ باللَّه ورسو ِله أن أكو َن كو ِ
لرسول اللَّه صلّى اللَّه ِ
قال ِ البكري َ
ّ
املطر ،-احلديث بطولِه َلم َ ب ُ قومه ليطلُ َ
خائبا يف طَليب وحاجيت كما رجع و ُ ٍ
افد عاد الذي أرسلهُ ُ َ َ ً
قول الوه ِ
ابية االستعاذةُ بغ ِري اللَّه شرك. بطل َ ّ دليل يُ ُ
واللَّهُ َ
تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم
أبو داود .سنن أيب داود .كتاب االستسقاء :باب رفع اليدين يف االستسقاء ،ج ص . 4
ابن ماجه .سنن ابن ماجه .كتاب إقامة الصالة ،ج ص .
أمحد .مسند أمحد .ج ص ، 4املعجم الكبري للطرباين ،ج ص .
ابن حجر العسقالين .فتح الباري شرح صحيح البخاري .ج 4ص.497
71
احملاضرة العشرون
التوسل باألنبياء واألولياء في حياتهم وبعد وفاتهم بيان جواز ّ
الرحي ِم
الرمح ِن ّ
ِ
بسم اللَّه ّ
ءاله وص ِ
حابته الطّاهرين. احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ ُ
َ ّ ّ ُ َ ّ َ ّ ّ
للمتوس ِل ويل إكر ًاما َّ ِ ِ ِ اندفاع ٍ ٍ ِ
ّ نيب أو ّ من الله بذكر اسم ّ مضرة َ طلب حصول منفعة أو ِ ّ هو ُ التوس ُل َ
ّ
ِبه.
يبته َ ِ عليه وسلّم يف َغ ِ يدل على جوا ِز التوس ِل بالنيب حمم ٍد صلّى اللَّه ِ ومما ُّ
وبعد وفاته ما أخرجهُ َ ّ ّ ّ
يرتد ُد -إىل
خيتلف -أي ّ ُ ن
َ كا رجال
ً َّ
أن ٍ
حنيف ِ
ن ب ن
َ عثما ن ع
َ ِ
ري غ الص
ّ و عجم ِيه الكبري
ِ1
الطّرباينُّ يف ُم َ
حنيف فش َكىٍ بن ِ ِ عثما َن ب ِن ع ّفان ،فكا َن عثما ُن ال
فلقي عثما َن ا َينظر يف حاجته َ يلتفت إليه وال ُ ُ
حمم ٍد
إليك بنبيّنا ّأتوجهُ َأسألك و َّ ني مث قُل اللَّه َّم إين فتوضأ مث صل ركعت ِ
ّ ائت امليضأَةَ ّ فقال ِذلكَ ، إليه َِ
فانطلق معك
أروح َ نيب ِ
َ قضى يل ،مث ُرح حىت َ حاجيت لتُ َ بك إىل ريب يف َ أتوجهُ َحمم ُد إين ّ الرمحة ،يا ّ ّ ّ
البواب فأخذهُ بيدهِ فأدخلهُ على عثما َن ب ِن عفان باب عثمان فجاءَ ّ قال ،مث أتى َ ففعل ما َالرج ُل َ
وقال
فقضى لهُ حاجتهُ َ ِ فأجلسه على ِط ِ
فذكر لهُ حاجتهَُ ، ك؟ َ فقال ما حاجتُ َ سجادتهَ - نفسته -أي ُ
فقال جز َاك
حنيف َ ٍ بن ما ذكرت حاجتك حىت كانَت هذهِ الساعةُ ،مث خرج ِمن عندهِ
فلقي عثما َن َ َ َ ّ َ َ
ٍ
حنيف واللَّه ما بن
فقال عثما ُن ُ يفَ ، إيل حىت كلّمتهُ َّ يلتفت َّ
ُ حاجيت وال ينظر يف َ خريا ،ما كا َن ُ اللَّه ً
فقال إن شئت صبرت ذهاب بَصرهَِ ، رسول اللَّه وقَد أتاه ضرير فش َكى ِ
إليه هدت َ
َ ُ لكن َش ُ كلّمتُهُ و ْ
فقال لهُ
ليس يل قائد َ ذهاب بَصري وإنهُ َ ُ علي
شق َّ رسول اللَّه إنهُ ّ قال يا َ وإن شئت دعوت لكَ ،
قال ،فواللَّه ما ّ
تفرقنا الرجل ما َ
ففعل ُ وصل ركعتين ثم قل هؤالء الكلمات"َ ، ضأ ّ "ائت الميضأة فتو ّ
ط.ضر ق ّ ِ
أبصر كأنهُ مل ي ُكن به ّ الرجل وقَد َ دخل علينا ُ اجمللس حىت َ ُ طال بنا
وال َ
عادته أنهُ ال ينص على تصحيح احلديث صحيح ،والطّرباينُّ ِمن ِ عجميه" و ُ قال الطّرباينُّ يف كل ِمن "م ِ َ
ُ ّ
احلديث صحيحا أوردهُ ولو كا َن ٍ
ُ ً قال َعن حديث َ حديث يف معجميه إال حديث األعمى ،ما َ
ِ
وصححهُ. الصغ ِري ّ كذلك أخرجهُ يف ّ احلديث ،و َ صحيح ،إال َعن هذا
واللَّهُ َ
تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم
عبد اهلل الغماري .حسن التفهم والدرك ملسألة الرتك .ص .
ابن حجر العسقالين .فتح الباري شرح صحيح البخاري .ج ص . 79
73
احملاضرة احلادية والعشرون
للتبرك والدعاء عندها بيان جواز زيارة قبور األنبياء واألولياء ّ
الرحي ِم
الرمح ِن ّبسم اللَّه ّ
ِ
حابته الطّاهرين. ءاله وص ِ احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ ُ
َ ّ ّ ُ َ ّ َ ّ ّ
الر ُس ْو ُل لََو َج ُد ْوا
استَـ ْغ َفَر ََلُ ُم َّ َّهم إِ ْذ ظَلَ ُم ْوا أَنْـ ُف َس ُهم َجاءُْو َك فَ ْ
استَـ ْغ َف ُرْوا اهللَ َو ْ قال اللَّه تَعاىلَ ﴿ :ولَ ْو أَنـ ُ
َ -
سول صلى اهلل عليه وسلم ووقف ِ
ببابه اهلل تَـ َّوابا رِحيما( ( ﴾)3سورةُ النِّساء) فمن جاء قرب الر ِ
َ َ َ ّ َ ُ َْ َ َ ً َ ًْ
وجد اللَّه ّتوابًا ً
رحيما. وتوس َل ِبه َّ
ِ
رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم "من زار قبري وجبت له شفاعتي" رواهُ ال ّدار ُّ
1
وقواهُ
قطين ّ وقال ُ َ -
بكي وغريّها. الس ُّ ظ ّ احلاف ُ
أصاب قال
عمر َ ِ ِ ٍ -وروى البيهقي يف دالئ ِل النبوةِ
َ صحيح َعن مالك ال ّدار وكا َن خاز َن َ ٍ بإسناد ّ ُّ َ
ِ
استسق رسول اللَّه
فقال يا َ ِ
النيب صلّى اللَّه عليه وسلّ َم َ ِ ِ
عمر فجاءَ رجل إىل قرب ّ الناس قحط يف زمان َ َ
ِ
الم وأخربهُ أَنم يُس َقو َن وقُل لهُ الس َ
عمَر ّ فقيل لهُ أق ِرئ َ
جل يف املنام َالر ُتك فإَنم قَد َهلكوا فأُتَ ّ ألم َ
ّ
رب ما ءالو إال ما َعجزت . وقال يا ّ عمر َ عمر فأخربهُ ،فب َكى ُ الرجل َ ِ ِ
عليك بالكيس الكيس فأتى ُ َ
قرب ِ الر ِ ِ
قصد َ حايب قَد َ الص ُّ حايب .فهذا ّالص ُّ بن احلارث املزينُّ ّبالل ُ
جل أنهُ ُ وقَد جاءَ يف تفسري هذا ّ
أن هذهِ دعوى اب ِن تيميةَ َّ ِ ِ عليه وسلّم ِ سول صلّى اللَّه ِ الر ِ
فبطل َعم ُر وال غريهُ َ للتربك فلَم يُنكر عليه ََ ّ ّ
الزيارَة شركيّة.
ّ
فقال أتدري ما وجههُ على ال َق ِرب َ
اضعا َ رجال و ًفوجد ً يوما َ أقبل مروا ُن ً
قال َ داود ب ِن أيب صا ٍحل َ وعن َ َ -
رسول اللَّه
ُسعت َ ِ ئت َ َّ ِ
احلجر ُرسول الله ومل ءات َ قال َنعم ج ُ
هو أبو أيوب ف َ جل فإذا َ الر ُفأقبل ّ
صنعَ ، تَ ُ
يقول "ال تبكوا على ال ّدين إذا وليه أهله ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير عليه وسلّ َم ُ صلّى اللَّه ِ
الوجه على ال َق ِرب ِمن أيب أيوبَوسط .1فإذا كا َن وضع ِ
ُ
أمحد والطّرباينُّ يف الكب ِري واأل ِأهله" اه رواهُ ُ
الدارقطين .سنن الداقطين .ج ص .وقال ابن ماجه يف سننه ج ص : 2 7رواه الدارقطين وصححه عبد احلق.
السبكي .شفاء السقام يف زيارة خري األنام.
البيهقي .دالئل النبوة ج 9ص . 9ابن كثري .البداية والنهاية ج 9ص .7 -7
أي باالجتهاد بالسعي خلدمة األمة.
4أي ال أقصر إال ما عجزت عنه أي سأفعل ما يف وسعي خلدمة األمة.
3أمحد .مسند أمحد .ج 4ص .
74
ِ
سول صلّى اللَّه
الر ُ
نزل ّ هو ّأول َمن َ الصحابة والذي َ أحد مشاه ِري ّ هو ُ رضي الله عنهُ الذي َ
َّ
األنصاري َ
ّ
الكف على املدينة مل ينكره أحد من الص ِ ِ هاجر ِمن مكةَ إىل ِ
وضع ّ فكيف ُ َ حابة َ ّ ُ عليه وسلّم عندهُ ملا َ
الش ِ
ستوجب
ُ األكرب الذي يَ
َ ركالش َ
لكن الوهابيةَ يعتربو َن هذا ّ وبني الزائ ِر و َّبني الق ِرب َ هي َ َ اليت بيكة ّ
ِ
ين. تصرف ِهم َ
مع الزائر َ هو َمعروف من ّ كما َ
ِ
األبدي يف النار َ
ّ فاعلُهُ اخللود
وسأل مال ًكا
عليه وسلّم َ حج وزار قرب النيب صلّى اللَّه ِ ِ ِ
اإلمام مالك للخليفة املنصور ملا َّ َ َ ّ قال ُ -وقَد َ
رسول اللَّه "فلم تصرف وجهك عنه وهو أستقبل القبلةَ وأدعُو أم أستقبِل َ هعبد اللَّقائال يا أبا ِ ً
ُ
القاضي عياض وسيلتك ووسيلة أبيك ءادم إلى اللَّه بل استقبله واسترفع به فيرفعه اللَّه" ،ذكره ِ
ُ
صحيح .
ٍ حقوق املصطفى وساقهُ بإسنا ٍد يف ِ الشفا بتعر ِ
يف ّ
النبي أتى القبر فجعل يبكي لما قدم ٌ ِ
رام لنيارة ّ بالل من ال ّ الوفا " ّ السمهودي يف وفاء َ
ُّ وقال
َ -
عنده ويمرغ وجهه عليه وإسناده جيّ ٌد" اه.
عليه وسلّم - رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ س ُ حتفة اب ِن عساكر عن علي رضي اللَّه عنه َ ِ -ويف ِ
قال ملا ُرم َ ُ َ ّ َ
ووضعت على عينِها وب َكت ِ ِ ِ ِ
أي ُدف َن -جاءَت فاطمةُ فوق َفت على قربه وأخ َذت قبضةً من تراب الق ِرب َ
تقول (الكامل): أنشدت ُ و َ
مان َغواليا مدى الز ِ
أَن ال يَ َش َّم َ ّ ماذا َعلى َمن َش َّم تربةَ أمح ٍـد
صبَّت َعلى األيّ ِام عُد َن لَياليَـا ُ علي َمصائب لَو أَنـا صبّت ّ ُ
ألتبرك بأبي حنيفة
يقول "إني ّ
افعي ُ
الش َّ قال ّ
بغداد َ
يخ َ البغدادي يف تار ِ
ُّ اخلطيب
ُ ظوقال احلاف ُ
َ -
ائرا -فإذا عرضت لي حاجةٌ صلّيت ركعتين وجئت إلى قبره ٍ
كل يوم -يعين ز ً
وأجيء إلى قبره في ّ
وسألت اللَّه تعالى الحاجة عنده فما تبعد عني حتى تقضى" اهـ.
الطرباين .املعجم الكبري ج ص . 47نور الدين اَليثميَ .ممع الزوائد ج 4ص ، 4وأخرجه احلاكم يف املستدرك ج
ص 4 4وصححه ووافقه الذهيب.
القاضي عياض .الشفا بتعريف حقوق املصطفى .ج ص .7 -7
حممد بن يوسف الصاحلي الشامي .سبل اَلدى والرشاد يف سرية خري العباد .ج ص. 74
ابن عساكر .إحتاف الزائر وإطراف املقيم للسائر يف زيارة النيب صلى اهلل عليه وسلم .باب يف وفاته صلى اهلل عليه وسلم ،ج
ص. 39
4اخلطيب البغدادي .تاريخ بغداد .ج ص . 4-
75
ِ1 ِ ِ
النيب
ّ َ ّ منرب َيس ِ
جل الر
ّ نِ ع أيب ألت
ُ س
الرجال َ حنبل يف الع ِلل ومعرفة ّ أمحد ب ِن ٍ
بن َ عبد اللَّه ُ
قال ُ َ -
ب إىل ِِ عليه وسلّم ويترب ُك ِ
صلّى اللَّه ِ
التقر َ
بذلك ّ
يد َ حنو هذا ير ُذلك أو َثل َ ويفعل بالقرب م َ
ُ مبسه ويُقبّلهُ
َ ّ ّ
فقال "ال بأس بذلك" اه. وعز َ جل َّ اللَّ ِه َّ
ِ
حديث "ال متمسك يفعليه وسلّم َّ تنبيه :ليس للمحرمني من السف ِر لزيارةِ ق ِرب النيب صلّى اللَّه ِ
ّ َ ُ ّ َ َ ّ
الرحال إال إلى ثالثة مساجد المسجد الحرام والمسجد األقصى ومسجدي هذا" َّ
ألن رد ّ ت ُّ
مائة ٍ
ألف املضاعفة إىل ِ
ِ ِ
املسجد ،أي ال مزيةَ يف الصالةِ يف بالسف ِر ِ
ألجل ّ احلديث ُمصوص ّ َ هذا
ِ ألجل الصالةِ يف املسج ِد إال إىل ِ ِ ٍ ٍ
املسجد مساجد
َ ثالثة بالسف ِر ِ ّ الرحال ّ وألف ومخسمائة يف ش ّد ّ
أمحد يف مسندهِ أن أبا ٍ
سعيد ِ ِ ِ
اإلمام ُ ُ ذلك مما رواهُ ُاألقصى ومسجدي هذا َكما يُؤخ ُذ َ احلرام واملسجد َ
ٍ
مسجد يقول "ال ينبغي للمطي أن تعمل إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ
عليه وسلّ َم ُ ُسعت َ قال ُ ي َ اخلدر ّ
الصالة غير المسجد الحرام والمسجد األقصى ومسجدي". تبتغى فيه ّ
ِ ِ ِ
حجةَ ملانعياحلني للتربّك وقبوِر غ ِريهم لالعتبا ِر جائزة للرجال والنساء وال ّ الص َفزيارةُ قبوِر ّ -
ِ
تذكركم ِ
زوارات القبور" فإنهُ َمنسوخ حبديث "زوروا القبور فإنها ّ
ِ
ذلك حبديث "لعن اللَّه ّ النساء ِمن َ
البيهقي .
ُّ اآلخرة" رواهُ
واللَّهُ َ
تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم
أمحد بن حنبل .العلل ومعرفة الرجال .ج ص . 7البهوت .كشاف القناع عن منت اإلقناع .ج ص. 42
البخاري .صحيح البخاري .كتاب فضل الصالة ّف مسجد مكة واملدينة ج ص.93
أمحد .مسند أمحد .ج ص .3
البيهقي .سنن البيهقي الكربى .ج ص.99
76
احملاضرة الثانية والعشرون
النبي
التبرك بآثار ّ ّ
الرحي ِم ِ
بسم اللَّه ّ
الرمح ِن ّ
ءاله وص ِ
حابته الطّاهرين. مد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ احل ُ
َ ّ ّ ُ َ ّ َ ّ ّ
هو اللَّه تَعاىل. ِ ِ
اعتقاد َّ ِ
النافع على احلقيقة َ أن َ مع
طلب زيادة النف ِع َ
هو ُ ّ
الترب ُك َ
تبِ ِ ِ ِِ ِ
صْيـًر ( ﴾)7يوسف ﴿ا ْذ َهبُـ ْوا ب َقمْيصي َه َذا فَأَلْ ُق ْوهُ َعلَى َو ْجه أَِيب يَأْ َ
َ قال تَعاىل حكايةً َعن
َ -
( ُس ْوَرةُ يـُ ْو ُسف).
كة بشعرهِ املبارك وبآثارهِ املبار ِ
ِ أن الصحابةَ رضوا ُن اللَّه علي ِهم كانوا يتربكو َن ِ
النيب
ّ بذات ّ اعلَم َّ ّ
يومنا هذا على بعدهم إىل ِ حياته َ ِ ذلك يف ِ المة ظُفرهِ وجببَّتِ ِه وغ ِري َ وب ُق ِ
وبعد مماته وال يز ُال املسلمو َن َ ُ
وذلك أنه صلّى اللَّه ِ ِ ذلك ،وجو ُاز هذا األم ِر يُ ُ ِ ِ
عليه وسلّم النيب صلّى اللَّه عليه وسلّم َ ُ عرف من فعل ّ َ
داع وأظفارهِ. الو ِ قسم شعره حني حلق يف ِ
حجة ّ ّ َ ُ َ َ
عليه وسلّمرسول اللَّه صلَّى اللَّه ِ قال ملا َرمى ُ أنس أنهُ َ حديث ٍ ِ البخاري 1ومسلم ِمن ُّ -أخر َج
احلالق
ناول َ األنصاري مث َ
َّ فحلق فأعطاهُ أبا طلحةَ األَين َاحلالق ش ّقهُ َ ناول َ وحلق َ وحنر نُس َكهُ َ اجلمرَة َ
فقال "اقسمه بين الناس" .ف َقد قسم صلّى اللَّه ِ
عليه وسلّ َم فحلق فأعطاهُ أبا طلحةَ َ
َ األيسر ََ الشق
َّ
قسم بينَـ ُهم ليكو َن بركةً باقيةً ، بذلك ِ
إليه او بويتقر منه هو مبا ه ِ
ليستشفعوا إىل اللَّ ِ ليتربكوا ِبه و
َ َ ّ ُ َ شعرهُ ّ َ
عليه وسلّم َمن أسعدهُ اللَّه بينَـهم وتذكرًة َلم مث تبع الصحابةَ يف خطّت ِهم يف الترب ِك بآثارهِ صلّى اللَّه ِ
ّ َ ّ ُ
لف.اخللف ع ِن الس ِ ذلك ُ ارد َ وتو َ
ّ
ناصية ِ
رسول اللَّه صلّى ليد رضي اللَّه عنه كانَت له قلنسوة وضع يف طيها شعرا ِمن ِ وخالد بن الو ِ -
ً ّ َ ُ ُ َ ُ ُ
اتهَ ،روى انة فكا َن يلبسها يترب ُك هبا يف َغزو ِ أسه ملا حلَق يف عمرةِ اجلعر ِ عليه وسلّم أي مق ّدِم ر ِ اللَّه ِ
ّ َ ُ َ ُ ُ
ليد أنه ق َال "اعتمرنا مع ِ
رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ ِ ِ ِ ابن حج ٍر يف
َ َ املطالب العالية َعن خالد ب ِن الو ُ ظ ُ احلاف ُ
مة ال َقلنسوةِ فما الناصية فجعلتُها يف مق ّد ِ ِ فسبقت إىل
ُ شعرهُ
فحلق َ َ
عليه وسلّم يف عمرةِ اجلعر ِ
انة ُ
ِ
البخاري .صحيح البخاري .كتاب الوضوء :باب املاء الذي يغسل به شعر اإلنسان .ج ص .4
مسلم .صحيح مسلم .كتاب احلج :باب بيان أن السنة يوم النحر أن يرمي مث ينحر مث حيلق واالبتداء يف احللق باجلانب األَين
من رأس احمللوق .ج ص .4
ا بن حجر العسقالين .املطالب العالية بزوائد املسانيد الثمانية .ج ص.72
77
ائد" 1رواه الطّرباينُّ وأبو يعلى بنحوهِ ظ اَليثمي يف َمم ِع الزو ِ وقال احلاف ُ
فتح يل"َ . ٍ
َ ُ ُّ وجهت يف وجه إال َ ُ
حيح" اهـ.
الص ِ رجال ّ ورجاَلما ُ
-وروى ابن اجلوزي يف مناقب أمحد باإلسناد املتصل إىل ِ
أيت
قال "ر ُحنبل َ أمحد ب ِن ٍعبد اللَّه ب ِن َ َ
ِ ِ ِ
أحسب أين رأيتهُ فيضعها َعلى فيه يُقبّلها و ُ النيب صلّى اللَّه عليه وسلّم َ ِ
أيب يأخ ُذ شعرًة من شعر ّ
زمزم يَستشفي ِبه ِ ِ ِ ِ ِ ِ
يشرب من ماء َ ُ غمسها يف املاء ويشربهُ يستشفي به ،ورأيتهُ يضعُها على عينيه ويَ ُ َ
ووجههُ" اه. ِ ِ
َيسح به يديه َ و ُ
بني ِ
الناس، وقسمها َ أظفارهُ َ
ِ
النيب صلّى اللَّه عليه وسلّ َم قلّم َ أن َّ أمحد يف ُمسندهِ َّ اإلمام ُُ -وأخر َج
ظ اَليثمي يف َمم ِع الزو ِ
ائد وقال احلاف ُ ليتربكوا هباَ . ومعلوم َّ
َ ُّ الناس بل ّ ذلك مل ي ُكن ليأكلها ُ أن َ
حيح".
الص ِ رجال ّ "ورجالهُ ُ
أخرجت إلينا بنت أيب بك ٍر َ عبد اللَّه ب ِن َكيسان موىل أُساء ِ حيح عن ِ
قال " َ َ َ الص ِ َ -وأخر َج مسلم يف ّ
بضت قَبضتُها لما قُ َ
رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ جبةً ،وقالَت هذهِ جبةُ ِ
عند عائشةَ ،ف ّ عليه وسلّم كانَت َ ّ
نغسلُها للمرضى نَ ِ
ستشفي هبا" اه. عليه وسلّم يلبسها فنحن ِ وكا َن النيب صلّى اللَّه ِ
َ َ ُ َ ُ ُّ
أقول
بيديه فأقبّلهما و ُقال "كنت إذا أتيت أنسا ءاخ ُذ ِ رضي اللَّه عنهُ َ ٍ -وع ِن
ُ ً ُ التابعي ثابت البُناينّ َّ
ِ
العينان أقول بأيب ِ
هاتان عليه وسلّم وأقبل ِ
عينيه و ُ رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ
مستا َ ِ ِ ِ
ُّ بأيب هاتان اليدان اللتان ّ
اَليثمي يف ظ
وقال احلاف ُ
سنده َعليه وسلّم" اه رواه أبو يعلى يف م ِ رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ اللتان رأتا َ ِ
ُّ ُ ُ َ
ٍ ِ َّ َمم ِع الزو ِ
حيح غريُ عبد الله ب ِن أيب بكر املقدمي َ
وهو ثقة" اه. الص ِ رجال ّ
ائد "ورجالهُ ُ َ
ِ ِ -ويف ِ
جل ّرمانةَالر ِ
مس ّ سألت أيب َعن ّ قال " ُ حنبل ألمحد َأمحد ب ِن ٍ كتاب سؤاالت عبد اللَّه ب ِن َ
ِ
اقتضاء وقال ابن تيميةَ يف ِ
كتابه مس الق ِرب َ املن ِرب
بذلكُ َ . بأس َ فقال ال َ كذلك َعن ّ الترب َك ،و َ يقصد ّ ُ
ص. 7 نور الدين اَليثميَ .ممع الزوائد .ج 7ص . 7أبو يعلى .مسند أيب يعلى .ج
ابن اجلوزي .مناقب أمحد بن حنبل .ص. 49- 43
أمحد .مسند أمحد .ج ص .
نور الدين اَليثميَ .ممع الزوائد .ج ص. 7
4مسلم .صحيح مسلم .كتاب اللباس والزينة :باب حتري استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال والنساء وخامت الذهب
واحلرير على الرجال وإباحته للنساء .ج 3ص. 7
3أبو يعلى .مسند أيب يعلى .ج 3ص .
9نور الدين اَليثميَ .ممع الزوائد .ج 7ص. 4
4البهوت .كشاف القناع .ج ص. 42
78
أمحد وغريه يف التمس ِح باملن ِرب والرمانـ ـ ِة اليت ه ـي موضع م ِ ِ
النيب
قعد ّ َ َ َ َ ّ ص ُ ُ رخ ُالصراط املستقي ِم "ف َقد ّ
ّ
ويدهِ" اه.
كذلك فإذا كا َن وضع ِ ِ الترب ِك بآثا ِ ُّ
الوجه على ُ النيب وبقربه َ ّ ر هذا الذي ذكرناهُ كلّهُ يدل على جوا ِز ّ
يقول أتباعُ اب ِن
حابة فماذا ُ بالل احلبشي مل ينكره أحد من الص ِ ومن ٍالق ِرب ِمن أيب أيوب األنصاري ِ
َ ّ ّ ُ ُ ّ
احلبشي أم ماذا
َّ وبالال
األنصاري ً
ّ للترب ِك شرًكا؟ هل يُك ّفرو َن أبا أيوب
قصد الق ِرب ّ
الذين يعتربو َن َ
تيميةَ َ
العص ِر
أهل هذا َ للترب ِك ِمن ِ
احلني ّالص َ
قبور ّ قصد َضيحة فتكفريُ الوهابيّ ِة ملن يَ ُ
يفعلو َن؟ فيا َلا ِمن فَ ٍ
َ
ِ
ابن تيميةَأن َ احملمديةَ فبهذا يُعلَ ُم َّ
الصحابة فيكونو َن ك ّفروا األمةَ ّ العص ِر إىل ّ
قبل هذا َ
نعطف على َمن َ يَ ُ
دعوىبعد هذا إىل َ التفات َ
َ وخلَ ِفها فال ِ ِ
أتباع ُهما شاذّو َن ع ِن األمة َسلفها َ
اب و َ الوه ِ ِ
بن عبد ّ وحمم َد َ
ّ
يفة صلّى اللَّه ِالشر ِ
الترب ِك بآثارهِ ّ
عليه وسلّم. ُمنك ِري ّ
التوس ِل و ّ
واللَّهُ َ
تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم
79
احملاضرة الثالثة والعشرون
النبوة والمعجنة
الرحي ِم ِ
بسم اللَّه ّ
الرمح ِن ّ
حابته الطّاهرين.ءاله وص ِ احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ ُ
َ ّ ّ ُ َ ّ َ ّ ّ
الرفْـ َعةُ.
وهي ّ النبوَة إخبار ع ِن اللَّه تَعاىل ،أو َ من النبِإ أ ِي اخل ِرب َّ النبوةُ ُمشتقة َ
من النَّْبـ َوة َ ألن ّ
يستقل العقل ال عنهم َّ ِ للعباد إذ ليس يف ِ واللَّه تَعاىل بعث األنبياء رمحةً ِ
ُّ ألن َ العقل ما يُستغىن به ُ َ َ َ
ِ املنجية يف اآلخرةِ ،ففي ِ ِ ِ مبعر ِفة
متفضل هبالذلك .فاللَّه ّ بعثة األنبياء َمصلحة ضرورية حلاجت ِهم َ األشياء
وبني ِ
اخللق. ِ على عبادهِ
احلق تَعاىل َ بني ّ فهي سفارة َ َ
ِ
هو إنسان سول َ الر ُ فالنيب ّ
رسوال ُّ منهم ً ومن مل ي ُكن ُ رسوال َ
منهم ً وَيب اإلَيا ُن بأنبياء اللَّه َمن كا َن ُ ُ
ات اللَّه وسالمهُ علي ِهم، ٍ ِ
بتبليغه ِ ٍ
جديد وأُِمَر أوحى اللَّه ِ
وحممد صلو ُ وعيسى ّ كموسى َ َ للناس إليه بشرٍع َ
ِ رسول قبلَهُ وأُِمَرع ٍ ٍ ِ ِ
بتبليغه بع شر َ فهو إنسان أَْو َحى اللَّه إليه ال بشرٍع جديد بل ليتّ َ الرسول َ النيب غريُ ّ
أما ُّ
الم. ِ ِ ِ
الس ُ
موسى عليه ّ كداود وسليما َن أُمرا بتبلي ِغ شرِع التوراة الىت أنزلَت َعلى سيّدنا َ َ
ين نبيًّا. ٍ ِ األنبياء كبري ًّ ِ
ورد يف القرءان أُساءُ مخسة وعشر َ جدا ،وقَد َ وعدد
ُ
ِ
حممدعند اللَّه ّ أعالهم درجةً ومْنزلةً َ حممد ،وأفضلُهم و ُ وءاخرهم سيّدنا ّ ُ ءادم
ُ دنا سي
ّ األنبياء و ُ
أول
أمجعني.
َ ات اللَّه وسالمهُ علي ِهم عيسى مث نوح صلو ُ موسى مث َ اهيم مث َ مث إبر ُ
الم ِ ِ يدل على َّ تنبيهٌ :مما ُّ
الس ُءادم عليه ّ أول األنبياء ُ أن َ
ني( ) ﴾ ( ُس ْوَرةُ -قوله تَعاىل ﴿إِ َّن اهلل اصطََفى ءادم ونـُوحا وء َال إِبـر ِاهيم وء َال ِعمرا َن علَى ِ
العالَم ْ َ
َ َ َ َ ْ ً َ َ َْ ْ َ َ َ ْ َ َ َ َ ْ ُ
كل كا َن بالنبوةِ. ءَال ع ْمَران) واصطفاءُ ّ
ِ ِ
عليه وسلَم "أنا سيّد ولد ءادم يوم القيامة وبيدي لواء الحمد وال رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ وقول ِ ُ -
ٍ
وحسنهُ.1
الرتمذي ّ
ُّ نبي يومئذ ءادم فمن سواه إال تحت لوائي" رواهُ فخر ،وما من ّ
أن ّأول من أرسل من أصول ال ّدي ِن "أجمع المسلمون على َّ البغدادي يف ُِّ وقول أيب منصوٍر ُ -
السالم" اه.
الناس ءادم عليه ّ
الرتمذي .سنن الرتمذي .ج 4.ص ، 24أمحد .مسند أمحد .ج ص. 47
أبو منصور البغدادي .أصول الدين .ج ص. 47
81
اتب اإلمجا ِع.1 باإلمجاع كما ذكر ابن ح ٍزم يف ِ
كتابه مر ِ ليس مبسل ٍم
َ ُ َ ِ فهو َ ءادم َفمن نفى نبوَة َ َ -
ٍ َّ ِ ِ
هي أمر خارق نيب إال وقَد أيّدهُ الله مبعجزة ،واملعجزةُ َ النيب املعجزةُ فما من ّ بيل إىل َمعرفة ّ و ّ
الس ُ
من املعارضة ِِ للعادةِ يظهره اللَّه على ِ
باملثل َ من
تأييدا لهُ وتصدي ًقا لهُ يف دعواهُ ،سامل َ النيب ً ّ يد ُ ُ
املعارضني ،صاحل للتح ّدي. َ
اآلالف منها ِ ٍ ِ َّ ِ
فمن ُ وي عنهُ
أكثر األنبياء ُمعجزات إذ ُر َ حممد صلّى الله عليه وسلّم َ وقَد كا َن نبيّنا ّ
املنقول بالتوات ِر ال يكو ُن إال صدقًا َّ هذه املعجز ِ
املنقول
َ اخلرب
ألن َ ُ نقل إلينا بالتوات ِر ،واخلربُ َ ما ات
ِ ِ من ِ ٍ ِ
اطؤُهم على الكذب مث هؤالء نقلوهُ ستحيل عاد ًة تو ُ ُ الناس يَ شاهدها مجع َ حبادثة َ هو خرب بالتواتر َ
ِِ جلم ٍع مثلِهم ال يقبل اتفاقُهم على ال ِ
فيماالناس َعن ُوجود فرعو َن َ بني ِ كذب وهكذا كاألخبا ِر املتواترِة َ ُ ُ
قدر على دف ِع العل ِم شاهدناها َّ ِ ٍ ٍ ِ
احد منّا ال يَ ُ فإن الو َ حنن ما َ مضى وكاألخبار َعن ُوجود بلدان نائية ُ َ
اليقيين ف َكما نُص ّد ُق هبذا نُص ّد ُق العلم بهة َّ بشك أو ُش ٍ بذلك عن ِ
َّ فيد َ اتر يُ ُ اخلرب املتو َ
ألن َ قلبه ّ َ َ
صول ذلك على ِ ِ ِ
أيديهم. اتر ِمن ُح ِ َ مبعجزات األنبياء ملا تو َ
القرءان ِ
الكري. ِ عليه وسلّم معجزةُ سول صلّى اللَّه ِ ات الر ِ ِ
أعظم معجز ّ -و ُ
ب إىل ِج ْذ ِع ََنْ ٍل حني َخيطُ ُ
ِ ِ
النيب صلّى اللَّه عليه وسلّ َم كا َن يَ ْستَن ُد َ أن َّ ك َّ ِ
ني اجلِ ْذ ِع َ ،وذَل َ ِ
-ومنها حن ْ ُ
عليه فبَدأَ باخلُطبَ ِة
عليه وسلّم ِ فلما ع ِمل له املِْنبـر صعِ َد صلّى اللَّه ِ ِ ِ
َ َُ َ عم َل لهُ املنربَُ ُ َّ ، قبل أن يُ َ يف مسجده َ
رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ ِ حىت ُِس َع حنِينَه َم ْن يف ِ
عليه املسجد ،فنَ َزل ُ فح َّن اجل ْذعُ ّوهو قائم على املن ِرب َ َ
أن القرءا َن متواتر اجلذع هذا ُمتواتر كما َّ ني ِ ديث َحن ِ وح ُ تَ . فس َك َ ض َّمهُ واعتن َقهَُ - أي َ فالتزَمهُ ْ - وسلّ َم َ
ص َل ِ ِ صح ٍ أعجب املعجز ِ ِ وهذهِ ِمن
أعجب من إحياء املوتى الذي َح َ ُ قول ّإَنالقائل أن يَ َ ات ويَ ُّ
ِ ِ ِ ِ
قبل أن َيوتوا ،أما رجوع هؤالء األشخاص إىل م ِثل ما كانوا عليه َ تضم ُن َ ألن إحياءَ املوتى يَ َّ سيح َّ للم َِ
أعجب ،هذا ِمن أظه ِر فهو ٍ َّ ِِ ِ ِ
ُ من اجلَ َماد الذي مل ي ُكن من عادته أن يتكل َم بإرادة َ فهو َ اخلشب َ ُ
ات.املعجز ِ
أبو حممد علي بن حزم .مراتب اإلمجاع يف العبادات واملعامالت واالعتقادات .ص . 9
البخاري .صحيح البخاري .كتاب املناقب :باب عالمات النبوة يف اإلسالم .ج ص. 9
81
ِ بعض معجز ِ ذكر ِ
األنبياء: ات ُ
ِ الصخرةِ ف َق ِد اقرتح قومه ِ
كنت نبيًّا َمبعُوثًا
ذلك بقوَلم إ ْن َ عليه َ َ ُُ من َّ ت َ نيب اللَّه َ
صا ٍحل اليت َخَر َج ْ -ناقةُ ّ
لدها) فصيلُها (أي و ُ الصخرةِ ناقةً وفَصيلَها فأخرج َلم ناقةً معها ِ بك فأخ ِر ْج لَنا ِمن هذهِ َّ ؤم َن َ إلينا لِنُ ِ
َ ََ
فانده ُشوا فآمنوا ِبه. َ
ِ ِ
الم
الس ُ اهيم عليه ّ
ِ
يث مل ُْحترقْهُ وال ثيابَهُ ،سيّ ُدنا إبر ُ اهيم َح ُ
العظيمة على سيّدنا إبر َ عد ُم تأث ِري النّا ِر َ
َ -
نارا
فأضرموا لهُ ً ِ ِ ِ َّ رتك دينَه الذي هو ِ
الباطل بعبادة غري الله فأىب َ َ هم دين
َ َّبع
َ ت وي عليه َ قومهُ أن يَ َ ُ أر َاد منهُ ُ
وجل َسلَّمهُ عز َّ لكن اللَّه َّ ِ
باملنجنيق و َّ عظيمةً ما استطاعُوا ِمن قُـ َّوِتا أن يَقرتبوا ِمنها ف َقذفوهُ إليها
القيد الذي قَـيَّدوهُ ِبه.
َحرقَت َ ِ
وسالما عليه فلَم ُحترقهُ وال ثيابهُ وإّمنا أ َ ً بردا
النار ً
فكانت ُ
ِ
انقالب َعصاهُ ثعبانًا حقيقيّا، الم ِ ِ ِ ِ
ُ الس ُ
موسى عليه ّ صلَت لسيّدنا َ -وم َن املعجزات العظيمة اليت َح َ
عندهُ، بعني ساحرا ِمن كبا ِر َّ ِ ِ
الذين َ
السحرة َ ً مع فرعو ُن َس َ فج َ موسىَ ، وذلك ملا حتدَّى فرعو ُن سيّ َدنا َ َ
ب موسى َبعصاهُ فانقلَ َ تس َعى ،فأل َقى سيّ ُدنا َ للناس أ َّنا حيّات ْ احلبال اليت يف أيدي ِهم فَ ُخيّل ِ فألْ َقوا َ
َ
أن هذا ليس ِمن ِ
قبيل رف ال ّسحرةُ َّ فع َ السحرةَُ ، احلبال اليت رماها َّ تلك َ أكل َ صا ثعبانًا حقيقيًّا َ الع َ
َ
َ
ِ ِ
موسى وهارو َن، برب َ للعادة ال يَستطيعو َن ُمعارضتهُ باملثل ،فقالوا ءامنَّا ّ الس ْح ِر وإّمنا هو أمر خارق َ ّ
نارا عظيمةً فلم يَرجعوا ِ ِ
فأضرَم َلم ً قبل أن يأذ َن َلم وتركوا ما كانوا عليه َ ب فرعو ُن ألَنم ءامنوا َ فَـغَض َ
ِ
موسى وهارو َن فَـ َقتَـلَهم.برب َ ع ِن اإلَيان ّ
هود وذلك ال يستَطاع معارضتُه باملِ ِثل فلَم ِ ِ -ومنها ما ظَهر للم ِ ِ
تستَط ِع اليَ ُ ْ سيح من إحياء املوتَى َ ُ ْ ُ ُ َ ََ َ
أيضا َبعجيبَ ٍة ِ ِ ِ ِ
ضوهُ بامل ِثل .وقَد أتى ً يصني على االفرتاء عليه أن يُعا ِر ُ وحر َ ني بتكذيبه َ الذين كانوا ُمولَع َ
أحد ِمن ِ ِ ِ ِ أخرى ع ٍ
أهل َعص ِرهِ ُم َ
عارضتَهُ وهي إبراءُ األ ْك َمه -أ ِي الذي ُول َد أعمى -فلَم يَستط ْع َ َ ظيمة َ
جوب عبادةِ ِِ ِ ِِ ِ ِ
كل ما ُخيِربُ به من ُو ِ َ فذلك دليل على ص ْدقه يف ّ العص ِرَ . ذلك َ ب يف َ مع تَوفُّ ِر الط ّبامل ِثل َ
ِ ِ ِ ٍ ِ اخلالق َ ِ
وحدهُ من غ ِري إشراك به ووجوب متابعته يف األعمال اليت ُ
يأم ُرهم هبا. ِ
واللَّهُ َ
تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم
82
احملاضرة الرابعة والعشرون
عصمة األنبياء
الرحي ِم
الرمح ِن ّ
ِ
بسم اللَّه ّ
ءاله وص ِ
حابته الطّاهرين. احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ ُ
َ ّ ّ ُ َ ّ َ ّ ّ
الصفاتما يجب لألنبياء من ّ
ِ ِ ِ
َيوز يفستحيل علي ِهم وما ُ ُ أي وما يَ الصفات ْ من ّ َيب َلم َ إن معرفةَ األنبياء تكو ُن مبعرفة ما ُ َّ
الناس َمصاحلَ َّ ِ صفوةُ ِ ح ّق ِهم .فاألنبياءُ ُهم َ
ات ريب وسالمهُ عليهم أرسلَهم الله ليبلّغوا َ اخللق صلو ُ
ههم ونز ُ
ِ
احلسنة َّ ِ
األخالق فات احلميدةِ و فإن اللَّه مجَّلهم بالص ِ
ّ ُ لذلك َّللناس و َ فهم قدوة ِ نياهم ُود ُ دين ِهم ُ
ِ
العالَ ِم ْني(﴾)43 ِ
األنبياء ﴿ َوَك ًّال فَ َّ فات ال ّذ ِ ع ِن الص ِ
ض ْلنَا َعلَى َ من
عددا َ بعد أن ذ َكَر ً قال تَعاىل َ ميمة َ ّ
( ُس ْوَرةُ األَنْـ َعام).
النبوةِ َّ ِ
وألن نصب ّ ذلك نقص يُنايف َم َ ألن َ لكذب َّ فيستحيل علي ِهم ا ُ ُ دق
ُ الص
ّ لألنبياء ُ
َيب
ريهم ِ نقل خ ٍرب
متن على ِ
الناس رسالةَ رهبم ويرشدهم إىل ما فيه َخ ُ فكيف مبن يبلّغ َ َ الكاذب ال يؤ ُ َ
وصالحهم. ُ
وجهه على ما بيّنهُ العلماءُ مباباألنبياء على ِ ِ النصوص الشرعيّ ِة مبا يتعلّ ُق
ِ بد ِمن فَه ِم ما جاءَ يف ال َّ
لسوء فَه ِم ِ
بعض املكذوبة علي ِهم ِ
ِ ِ
القصص من ِ سب إىل ِ ِ ِ
بعض األنبياء َ مع األصول واحلذر مما نُ َ افق َ يتو ُ
ِ
النصوص.
أسند الفعل إىل ِ
كبريهم و م كبريه عله ف
َ بل اهيم ر إب قال
َ " ِ1
األندلسي يف النه ِر املاد قال أبو حيّا َن َ -
َ َ ُ ُ ُ ّ
ِ
األصنام من ِ ِ ِ ِ ِ
تعظيمهم وعبادِتم لهُ وملا دونهُ َ ُ هو
َعلى جهة اجملاز ملا كا َن سببًا يف كسر هذه األَصنام َ
أكثر ِمن تعظي ِمتعظيمهم لهُ ُالفعل إىل الكبري إذ كا َن ُ
ِ
فأسند َ حتطيمها وكس ِرها َ حامال على ِ ذلك ً كا َن َ
ما دونهُ" اه.
ِ لألنبياء األمانةُ ويستحيل علي ِهم اخليانةُ فال يأكلو َن أمو َال ِ ِ
استنصح ُهم
َ بالباطل وإذا الناس ُ ُ
َيب
يغشوهُ.
صحوهُ ومل ّ َشخص نَ ُ
واللَّهُ َ
تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم
واللَّهُ َ
تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم
واللَّهُ َ
تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم
ص . 49 ابن حجر العسقالين .فتح الباري شرح صحيح البخاري .كتاب التوحيد ج
92
أهل الوحدةِ قولُهُ تَعاىل ﴿احلمد هلل ري العاملني( )﴾ كالم ِ طالن ِ دل ِبه على ب ِ
ُ كذلك مما يُست ُّ -و َ
ووجود العا ِ اآلية وجود نَ ِ وجل يف هذهِ ِ (سورةُ الف ِ
جعل اللَّه والعاملَ
َ ن فم
َ ، مل َ فسه َ َّ عز
َّ هأثبت اللَّ
َ ، )ةَاحت ُ َْ َ
ليس يف الوحدةِ يقولو َن َّ
املطلق ،و َُ الوجود
ُ هو
احلق َ
إن َّ فأهل َ خالف اآليةَُ ، َ احدا يكو ُن قَد شيئًا و ً
س ُمالفة ِ
لقول اللَّه َّ ٍ ني ِمن
العقيديت ِ الوجود سوى اللَّه تَعاىل ،وال خي َفى ما يف هات ِ ِ
وجل ﴿لَْي َعز َّ ني َ َ
لوقاته ٍأن اللَّه تَعاىل ال يشبه شيئًا ِمن ُم ِ ألن معىن ِ
اآلية َّ ِ ِِ
بوجه ُ َكمثْله َشىء( )﴾ ( ُس ْوَرةُ الش ُّْوَرى) َّ َ
أمثاال وشبهوه ِ
خبلقه تَعاىل اللَّه َعن ِ ِ ِ
إن اللَّه حيُ ُّل يف خلقه جعلوا لهُ ً ّ ُ الذين يقولو َن َّمن الوجوه ،وهؤالء َ َ
قوَلم.
املسلمني بَل ّها إلمجاع
ِ ِ
ُمالفتان ِ
االحتاد احللول وعقيد َةني عقيد َة ِ ني الفاسدت ِ ني العقيدت ِ إن هات ِ -مث َّ
َ
ِ
اإلسالم. القائل هبما َع ِن
روج ِ أمجع املسلمو َن على خ ِ مما َ
ِ ِ القاضي عياض يف ِ -وقَد نقل ِ
وم ِن ّادعىإمجاع املسلمني َعلى كف ِر أصحاب احللول َ
1
َ الشفا"
كتابه " ّ َ
ِ
املتصوفة. كقول ِ
بعض األشخاص ِِ حلول البار ِئ سبحانَه يف ِ
أحد َ
ُ
ِ
الوجود الفتوحات" عقيد َة وحدةِ
ِ ذم الشيخ حميي ال ّدي ِن بن عريب رضي اللَّه عنه يف ِ
كتابه " -وقَد َّ
ُ َ ُ َ ُ
فدينهُ معلول وما باحللول ِ
ِ قال
ونصهُ " َمن َ ني العقيدت ِ ذم هات ِ وعقيدةَ ِ
ني ّ شديدا يف ّ قوال ً وقال ً احللول َ
ِ
اإلحلاد" . أهل ِ
قال باالحتاد إال ُ َ
شىء أو على ٍ
شىء شىء أو ِمن ٍ أن اللَّه يف ٍ زعم َّ َّ
َ رضي الله عنهُ " َمن َ ادق َ الص ُ جعفر ّ اإلمام ُ وقال ُ َ -
شىء لكا َن حمصورا ولو كا َن ِمن ٍ
شىء حمموال ولو كا َن يف ٍ شىء لكا َن ً أشرك إذ لو كا َن على ٍ ف َقد َ
ً
ِ
رسالته. شريي يف
أي ُملوقًا اه ذكرهُ ال ُق ُّ حمدثًا" ْ لكا َن َ
واللَّهُ َ
تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم
القاضي عياض .الشفا بتعريف حقوق املصطفى .فصل يف بيان ما هو من املقاالت كفر ،ج ص . 4
وهذا مما يدل على أن ما ينسب إىل الشيخ حمىي الدين بن عريب من القول هباتني العقيدتني مدسوس عليه كما ذكر ذلك الشيخ
عبدالوهاب الشعراين يف كتابه لطائف املنن واحمل ِدث ويل الدين العراقي يف رسالة ُساها "األجوبة املرضية" ص ، 9وغريّها.
القشريي .رسالة القشريي .ص.3
93
احملاضرة الثامنة والعشرون
تقدير اللَّه تعالى ال يتغيّ ر
الرحي ِم
الرمح ِن ّ بسم اللَّه ّ
ِ
حابته الطّاهرين. ءاله وص ِ احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ ُ
َ ّ ّ ُ َ ّ َ ّ ّ
الشىءَ ولو تص ّد َق ذلك ّ بد أن يُصيبَهُ َ احدا ِمن عبادهِ يُصيبهُ َكذا ال َّ أن و ً َّر َّإن اللَّه تعاىل إذا قد َ َّ
وخالته و ِ
أبيه ِ وعم ِته عمل إحسانًا ألقار ِبه ِ ِ ِ
ألمه وأخته ّ ّ وصل َرمحهُ أو َ ذلك اإلنسا ُن صدقةً أو دعا أو َ َ
بد أن يتن ّف َذ ما ق ّد َر اللَّه أن يُصيبَهُ. عمل َلم إحسانًا ال َّ ِ وج ّدهِ وحن ِو َ ِ
ذلك من أهله لو َ
َّر اللَّه أن ٍ
ينجو مما قد َ صل رمحَهُ أو َدعا دعاءً ُ بصدقة أو َو َ احد أنهُ إ ْن تص ّد َق َ عتقد الو ُ َيوز أن يَ َ ال ُ
ذهب الليلة ي ِالنصف ِمن شعبا َن أَنم إ ْن دعوا اللَّه يف هذهِ ِ ِ الناس يف ِ
ليلة بعض ِ
ُ َ يزعم ُ يُصيبَهُ كما ُ
َّر اللَّه أن يُصيبَـ ُهم.
ذلك الشىءَ الذي قد َ عنهم َ ُ
بأن مريئة اللَّه تتغيّ ر فهو ٌ
كافر. أن الذي يعتقد َّ بيان َّ
وعلِ َم تَعاىل أنهُ يُصيبهُ ال حمالةَ ِ
النصف من شعبان بنيّة أن يسلّم مما قدَّر اللَّه َ
ِ ِ الذي يدعو يف ِ
ليلة َ
ِ ِ ِِ ِ
جعل اللَّه متغيّـَر املشيئة والعل ِم ،وتغيّـ ُر العل ِم واملشيئة من صفات املخلوقات ،وأما قولهُ هذا كافر ألنهُ َ
ِ
باختالف أن اللَّه يغيّـ ُر َمشيئتَهُ فليس معناهُ َّ الر ْمحَن) َ تَعاىل ﴿ ُك َّل يَـ ْوٍم ُه َو ِيف َشأْ ٍن(ُ ( ﴾) 7س ْوَرةُ َّ
ِ
ومشيئته.1 لقه وال يتغيـر يف ِ
علمه يوم يغيـر يف خ ِ ٍ ِ ِ
َ ُّ كل ُ ّ ُ َ ديداَّ ، خيلق َخل ًقا َج ً
األزمان واألحوال بل َمعناهُ ُ
ليس ) د ع
ْ الر
َّ ة
ُ ر و س ( ﴾ ) 7 ( اب كذلك قوله تَعاىل ﴿َيَْحوا اهلل ما ي َشاء ويـثْبِت و ِعْن َده أ ُُّم ِ
الكتَ ِ
َ َ ْ ُ ُ ْ ُ َ َ ُ َُ ُ َ ُ َ ُ
ِ
بالقضاء عنهما رضي اللَّه ُ بن عبّاس َ
عبد اللَّه ُ ٍ فسرهُ ُ ِ َّ
اإلثبات يف تقدير الله ،وقَد ّ احملو و َ أن َ معناهُ َّ
َيحو ما يشاءُ أن اللَّه تَعاىل ُ سوخ أي َّ بالناسخ واملن ِ
ِ فسرهُ َّ
رضي الله عنهُ ف َقد ّ الشافعي َ ُّ املعلّ ِق وأما
ِ ِ ِ
نسخهُ ،وما يـُبَ ّد ُل من القرءان فال يَ ُ ت ما يشاءُ َ حكمهُ ويَنسخهُ حبك ٍم الح ٍق ويُثبِ ُ يرفع َ من القرءان أي ُ َ
نسخ،
بعد وفاته فال َ
سول صلى اهلل عليه وسلم وأما َ ِ كتاب ،وهذا يف حياةِ الر ِ ذلك يف ٍ كل َ ت ُّ
ّ وما يُثبَ ُ
السعادةِ فإنهُ ثابت ال ِ يقو ُل البيهقي "هذا أصح ما قيل يف ِ ِ ِ
الشقاء و ّ كتاب ّ تأويل هذه اآلية" اهـ وأما ُ َ ُ ُّ
يُغيّـ ُر.
واللَّهُ َ
تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم
واللَّهُ َ
تعاىل أعلَ ُم وأَح َكم
96
احملاضرة الثالثون
اسما هلل تعالى ءاه ليس ً
الرحي ِم
الرمح ِن ّ
ِ
بسم اللَّه ّ
حابته الطّاهرين. ءاله وص ِ احلمد هللِ رب العاملني والصالةُ والسالم على سيدنا حمم ٍد وعلَى ِ ُ
َ ّ ّ ُ َ ّ َ ّ ّ
رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ
رد" رواهُ عمال ليس عليه أمرنا فهو ٌّ عليه وسلّ َم "من عمل ً
1
البخاري
ُّ قال ُ َ
أي َّ ِ ِ كل ٍ ِ
احلديث َّ
فهو مردودْ ، الرسول صلّى الله عليه وسلّ َم َ افق شريعةَ ّ عمل ال يُو ُ أن َّ ومسلم ،ومعىن
سول صلّى اللَّه ِ احلج والزكاةَ وال ّذكر وال ّدعاء اذا مل يوافِق شريعةَ الر ِ
عليه ّ ُ َ َ يام و َّ الص َالصالةَ و ّ يقبل اللَّه ّ
ال ُ
وسلّم.
َّ من ِ ٍ
اسم
اسم اللهُ ، غريون َ الناس يقولو َن ُسبحان الال ُسبحان الال ،يُ ّ حيتاج إىل علم ،كثري َ كر ُ ال ّذ ُ
قول سبحان الال ِ ِ ِ ِ
َيوز تغيريهُ بل بدون حرف اَلاء فحرام ،ال ُ اللَّه كما جاءَ يف القرءان "اللَّه" ،أما ُ ُ
أهل الطّر ِ
يقة الناس ِمن ِ من ِ ِ
ظ كما جاءَ يف القرءان ،ألف والم مش ّددة مث ألف ليّنة مث اَلاءُ .وكثري َ يُل َف ُ
انتسبوا إىل الشاذليّ ِة ،وأناس لكن أناس َ حقْ ، ليست الشاذليةَ األصليّةَ ،الشاذليّةُ األصليّةُ ٌّ ّ ِ
الشاذليةَ ،
أوال اللَّه اللَّه ،مث يقولو َن ءاه ءاه .ءاه يقوَلا كر .يقولو َن ً ِ
حرفوا ال ّذ َين ّانتسبوا إىل القادرية ،ما تعلّموا ال ّد َ َ
ضع اللغة على َّ املتوِجع ،والذي يش ُكو شكوى ،ءاه ليس اُسا هللِِ ،بل اتّفق أهل ِ
أن ءاه لفظ ُو َ َ ُ َ ً َ َ ُ
ليس و ا ابو ث َلم َّ
أن ن
َ و ويظن
ّ هلل اسم أنه على آه يذكرون كر ذّ ال هذا نَ يذكرو للتوج ِع .كثري من الشاذلي ِ
ة
َ ً َ ّ َ ّ
معصية تُكتب ِ ٍ َلم ثواب بل علي ِهم ذنب ِ
عليه ألنهُ ما ُ مرةٍ ُ
فألف ألف ّقال َ بعدد ما يقولو َن ءاه .إ ْن َ
سول صلّى اللَّه ِ
عليه وسلّم. وافق شريعةَ الر ِ
ّ َ
ِ بن املنذ ِر يف ِ ليس اُسًا هللِ ،ف َقد َروى
األوسط َّ
أن اجملتهد أبو بك ِر ُ
ُ اإلمام
الرتمذي يف جامعه و ُ ُّ ءاه َ
قال "إذا تثاء ُ أحدكم فليضع يده على فيه -أي على ِ
فمه -وال عليه وسلّم َ رسول اللَّه صلّى اللَّه ِ َ
ْ
الرتمذي إنهُ حديث ُّ قال ِ
فيه احلديث صحيح وقَد َ ُ ريطان يضحك منه" هذا يقل ءاه ءاه َّ
فإن ال ّ
ليس ِمن
أن "ءاه" َ فيه داللة على َّ احلديث ِ
ُ قوي .وهذا أي كِالّها ٌّ ِ
حيح أَ َخوان ْ الص ُ احلسن و ّحسن ،و ُ
99
4 احملاضرة الرابعة والعشرون :عصمة األنبياء
49 احملاضرة اخلامسة والعشرون :التحذير من سيّد قطب وحزب اإلخوان
47 احملاضرة السادسة والعشرون:التعريف حبزب التحرير
7 احملاضرة السابعة والعشرون :بيان أ ّن عقيدة احللول واالحتاد عقيدة ُمالفة لإلسالم
7 احملاضرة الثامنة والعشرون :تقدير اهلل تعاىل ال يتغ ّري
73 الويل يعلم كل الغيب
الغلو القول بأ ّن النيب أو ّ
احملاضرة التاسعة والعشرون :بيان أ ّن من ّ
79 احملاضرة الثالثون :ءاه ليس اُسا هلل تعاىل
77 فهرس املوضوعات
111