Professional Documents
Culture Documents
احلمد هلل رب العادلني ،والصالة والسالـ على النيب اذلادي األمني ،نبينا زلمد وعلى آلو وصحبو أصبعني.
أما بعد:
ٔ
يف رللة صػوت اههػاد ،وىػ اللػة فهذا رلموعٌ دلسائل يف االعتقاد قد كتبها الشيخ فرحان بن مشهور الرويلي
الصادرة عن تنظيم القاعدة يف جزيرة العرب.
نس ػ ؿ اهلل العظػػيم ،رب العػػرش ال ػػرم ،أف ينصػػر الاىػػدين يف كػػل م ػػاف وأف ينػػتقم ذلػػم شلػػن آكاىػػم إنػػو و كل ػ
والقادر عليو.
( ٔ ) ىذا احد االمساء اليت كاف ي تب هبا العالمة :عبد العزيز بن رشيد بن ضبداف الطويلع العنزي – ف اهلل اسره واخوانو.. -
ٕ
المحتويات
شرح نواقض اإلسالـ ________________________________ ____________ٗ
نواقض اإلسالـ الػ(ٓٓٔ) ________________________________________٘
الناقض األوؿ :الشرؾ يف عبادة اهلل ____________________________________ٚ
الناقض الثاين :ازباك الوسائط _______________________________________ٜ
الناقض الثالث :من مل ي فر ال افرين أو ش يف كفرىم أو صحح مذىبهم ______________ ٕٔ
الناقض الرابع” :من اعتقد أف غري ىدي النيب صلى اهلل عليو وسلم أكمل من ىديو“ __________ ٗٔ
الناقض اخلامس :من أبغض شيئًا شلا جاء بو الرسوؿ صلى اهلل عليو وسلم ________________ ٔٚ
الناقض السادس :االستهزاء بالدين ___________________________________ ٜٔ
الناقض السابع :السحر ________________________________ _________ ٖٕ
الناقض الثامن :تو ال افرين ومظاىرهتم على ادلسلمني _________________________ ٕٙ
أحدا يسعو اخلروج عن شريعة زلمد صلى اهلل عليو وسلم _________ ٕٜ
الناقض التاسع :من اعتقد أف ً
الناقض العاشر :اإلعراض عن دين اهلل؛ ال يتعلمو وال يعمل بو _____________________ ٖٖ
إصالح الغلط يف فهم النواقض ______________________________________ ٖٙ
التحذير من الت فري مطل ًقا _______________________________________ ٖٚ
تد بلفظ ال إلو إال اهلل (ٔ) _____________________________ ٖٜ
الغلط يف عصمة ادلر ِّ
تد بلفظ ال إلو إال اهلل (ٕ) _____________________________ ٔٗ
الغلط يف عصمة ادلر ِّ
اخلط يف مناط الت فري يف النواقض ___________________________________ ٗٗ
اشرتاط ال فر االعتقادي يف ادل فرات العملية ______________________________ ٗٚ
عذر اهاىل من ادلشركني إكا كاف منتسباً إىل ادلسلمني _________________________ ٓ٘
اخللط بني األمساء اللغوية واحلقائق الشرعية _______________________________ ٖ٘
تسمية ال فر األصغر بال فر العمل __________________________________ ٘٘
اخللط بني اإلذلية واألُلوىية _______________________________________ ٘ٚ
إدخاؿ االصطالحات العلمية يف احلقائق الشرعية (ٔٙٓ ________________________ )ٕ/
إدخاؿ االصطالحات العلمية يف احلقائق الشرعية (ٕٕٙ ________________________ )ٕ/
الذيل على شرح النواقض ________________________________ _________ ٘ٙ
أقساـ نواقض اإلسالـ من حيث اإلصباع واخلالؼ ___________________________ ٙٙ
شرح نواقض اإلسالم
نواقض اإلسالم الـ()611
ػوىم كثػػريٌ مػػن النػػاس أ عف ىػػذا العػػدد مػ خوكٌ عػػن حصػ ٍر واسػػتقر ٍاء
اعتػػاد النػػاس عبػػارة ”نػواقض اإلسػػالـ العشػػرة“ ،وتػ ّ
مانع ل ل ما ينقض اإلسالـ.. جامع ٌ
للنواقض ،وأنعو ٌ
واإلماـ زلمػد بػن عبػد الوىػاب حػني صػنف رسػالتو ”نػواقض اإلسػالـ“ أراد أف يُنبِّػو علػى عشػرةِ نػو َ
اقض شلػا كثػر يف
زمانػِػو واشػػتهر ،..وإالع فقػػد قػػاؿ يف بعػػض رسػػائلو ..وفػػيهم مػػن ن ػواقض اإلسػػالـ أكثػ ُػر مػػن مائػ ِػة نػ ٍ
ػاقض (ٔ) (وك نػعػو
يتح ّدث عن احل ومات ادلس عماة باإلسالميعة اليوـ !).
وقد رب ّدث أىل العلم عن النػواقض يف كتػب الفقػو ،يف أبػواب ”حكـم المردـد“ ،وربػ ّدث كثػريٌ مػن أىػل العلػم عػن
صػػلةٌ يف كتػػب االعتقػػاد هماعػػة مػػن السػػلف متفرقػةً يف موااػػعها ،فػػالنواقض ادلتعلقػػة باألمسػػاء والصػػفات مف ع النػواقض ِّ
ػيل يف مظا ِّ ػػا مػػن كتػػبوأئمػػة أىػػل السػػنة شلػػن بعػػدىم ،والنػواقض ادلتعلقػػة بتوحيػػد األلوىيعػػة والعبػػادةِ ،موجػػودةٌ بتفصػ ٍ
ري وغ ِريه.
الرد على الب ِّ
التفسري ،ويف بعض كتب شيخ اإلسالـ ابن تيميعة ك تاب االستغاةة يف ِّ
ودلػػا ابتُلػ ادلسػػلموف يف وقػػحم اإلمػػاـ زلمػػد بػػن عبػػد الوىػػاب ومػػن بعػػده مػػن العلمػػاء األئمػػة بانتشػػار الشػػرؾ وعبػػادة
ّ
ال ُقبػػور ودعائهػػا والنػػذر والػػذبح ذلػػا واالسػػتغاةة هبػػا ،وبػػادلعظعمني ادلعبػػودين مػػن دوف اهلل كػػاف لحممػػاـ زلمػ ِػد بػػن عبػػد
الوىاب ومن بعده كتب ورسائل كثريةٌ يف كل .
٘
ودلا عمحم ىذه الفتنة وانتشرت واستشرت بعػد األلػف خػرج اإلمػاـ زلمػد بػن عبػد الوىػاب ،وبػني تلػ النػواقض يف
صػػل تالميػػذه مػػن بعػػده مصػػنفات عديػػدةٍ سلتصػػرةٍ بينػ ٍػة ،ال ت ػػاد ذبػػد مثلهػػا يف اإلاػػاز والبيػ ِ
ػاف واحل عجػػة وال فايػػة ،وف ع ّ
ٍ
وتالميذىم تل ادلسائل يف مصنفات كثرية منشورةٍ.
ٙ
الناقض األول :الشرك في عبادة اهلل
احلمد هلل رب العادلني ،والصالة والسالـ على أشرؼ ادلرسلني ،أما بعد:
صبيعػا لعبادتػػو وحػػده ال شػري لػػو ،وجعػػل أسػػاس الػػدين وقوامػػو كلمػػة ال إلػػو إال اهلل ،ولشػػهادة فقػػد خلػػق اهلل اخللػػق ً
ػوؿ أو اعتقػ ٍ
ػاد منػ ٍ
ػاقض لحمديػػاف التوحيػػد ركنػػاف :اإلةبػػات والنفػ ،ف ػػل مػػا ا ػػرـ بػػو إةبػػات األلوىيػػة هلل مػػن فعػػل أو قػ ٍ
كل ما ا ػرـ بػو نفػ األلوىيػة عػن غػري اهلل باهلل وعبادتو ،أو ترؾ دلا ال يصح اإلةبات إال بو كرتؾ صبيع العمل ،وكذا ُّ
ناقضا من نواقض اإلسالـ. ٍ
ً من صرفها دلعبود سواه ،كل ما كاف من كل مسّ
وأول النواقض التي ذكرها اإلمام محمد بن عبد الوهاب فـي رسـالة النـواقض :الشػرؾ يف عبػادة اهلل فقػاؿ رضبػو
اهلل” :األوؿ :الشػػرؾ يف عبػػادة اهلل :قػػاؿ اهلل -تعػػاىل ( :-إِ عف اللعػػوَ ال يػَ ْغ ِفػ ُػر أَ ْف يُ ْشػ َػرَؾ بِػ ِػو َويػَ ْغ ِفػ ُػر َمػػا ُدو َف َكلِػ َ لِ َمػ ْػن
صػا ٍر) ،ومنػو الػذبح لغػري اهلل، اهنعةَ وم ْواه النعػار ومػا لِلظعػالِ ِم ِ ِ ِ ِ ِ
ني م ْػن أَنْ َ َ يَ َشاءُ)( ،إنعوُ َم ْن يُ ْش ِرْؾ باللعو فَػ َق ْد َحعرَـ اللعوُ َعلَْيو َْ َ َ َ ُ ُ َ َ
كمػػن يػػذبح للجػػن أو للقػػا“ والشػػرؾ يف عبػػادة اهلل إخػػالؿ بػػركن النف ػ مػػن شػػهادة أف ال إلػػو إال اهلل ،فمػػن أشػػرؾ
وجل.
ينف الشري عن اهلل ععز ع فقد جعل مع اهلل إذلًا آخر ومل ِ
دوحيد المعرفة واإلثبات :أي يف معرفة اهلل عػعز وج عػل وأف يثبػحم هلل مػا اخػتب بػو مػن األمسػاء والصػفات واألفعػاؿ،
ويُنفى كل عن غري اهلل ،وىو توحيد الربوبية ويدخل فيو توحيد األمساء والصفات.
ودوحيد الطلب والقصد :وىو أفعاؿ العبد بقلبو وجوارحو وأقوالو مػن العبػادات الػيت يصػرفها هلل عػعز وج عػل ويقصػده
هبا ،وال يصرؼ شيئًا منها لغري اهلل.
تبعػػا لػػذل قسػػمني :شػػركاً يف الربوبيػػة ،وشػػركاً يف األلوىيػػة ،فمػػن نسػػب إىل غػػري اهلل مػػا ال ي ػػوف إالوي ػػوف الشػػرؾ ً
هلل ،كمن نسب القدرة ادلطلقة ،واخللق والرزؽ واإلحياء واإلماتة وعلم الغيػب وتػدبري ال ػوف إىل غػري اهلل فقػد أشػرؾ
يف الربوبية ،وازبذ غري اهلل ربًّا.
وم ػػن دع ػػا غ ػػري اهلل ،وسػ ػ ؿ الغائ ػػب ،أو طل ػػب م ػػن احلاا ػػر م ػػا ال يق ػػدر علي ػػو إال اهلل ،أو اس ػػتعاك أو اس ػػتعاف أو
استغاث بغري اهلل ،وكذا من سجد أو كبح أو نذر لغري اهلل ،ومن صاـ أو ح عج لغري اهلل ؛ فقد أشرؾ يف األلوىيعة.
ٚ
ػور عديػػدةٌ موجػػودةُ اليػػوـ ،فمنهػػا دعػػاء مػن يػػدعو النػػيب زلمػ ًػدا صػػلى اهلل عليػػو وسػػلم ويسػ لو
وللشػػرؾ يف األلوىيعػػة صػ ٌ
شفع -أي شفاعت ،-وىذا من دعاء غري اهلل ادل ػرج مػن ادللعػة ،إالع مػن الشفاعة ،كمن إكا عثر قاؿ :يا زلمد َ
عارؼ دلعناىػا ،أو اعتادىػا ف رجػحم منػو بػال قصػد مػع جهػده يف الػت لب منهػا ،معفػو عنػو ،أ عمػا مػن تل ّفظ هبا غري ٍ
ػافر بػاهلل العظػيم ،وشػفاعة النػيب ال ػرم صػلى اهلل عليػو وسػلم
مشرؾ ك ٌويصر عليها فهو ٌ يقوذلا بعد أف يعرؼ معناىا ُّ
حقيق ػةٌ ةابت ػةٌ ،إالع أ ع ػػا تُطلػػب مػػن اهلل ،كمػػا أ عف اإلعانػػة ال تُطلػػب مػػن ادلالئ ػػة ال ػراـ ،وإف كانػػحم ربصػػل ب يػػدي
ادلالئ ة إكا أمرىم اهلل.
ومن صور الشرؾ يف األلوىيعة :ما يُفعل عند القبور واآلةار الػيت تعبػد مػن دوف اهلل عػعز وج عػل ،كالػذي يقػع يف األبػواء
عند قا آمنػة أـ النػيب صػلى اهلل عليػو وسػلم ،والػذي يقػع عنػد معبػد البػدوي دبصػر ،وغريىػا كثػريٌ ج ًػدا يف العػامل كلِّػو
يس ظَنعوُ فَاتػعبَػعُوهُ).دبا فيو بالد اهزيرة( :ولََق ْد صد َ ِ ِ ِ
عؽ َعلَْيه ْم إبْل ُ َ َ
ػب راػ اهلل عنػو ولعػن اهلل مػػنومػن صػور الشػرؾ يف الػدعاء مػا فعلػو الرافضػة ىػذا العػاـ مػن دعػاء علػ بػن أهلل طال ٍ
عبػػده مػػن دوف اهلل ،واحلسػ ِ
ني سػػيد شػػباب أىػػل اهنػػة ،وفاطمػػة بنػػحم زلمػػد صػػلى اهلل عليػػو وسػػلم ،مػػن دوف اهلل يف
النجػػف ويف البقي ػ ِع عنػػد قب ػور الص ػػحابة ،ح ػ ع بل ػ هبػػم األمػػر أف رفع ػوا أص ػواهتم بػػذل دب ػاات الصػػوت ،وبل ػ
ين باحل ومة السلولية ال فر أف ضبتهم جبنودىا ،وساقحم من أن ر عليهم بلسانو مػن ادلوحػدين إىل السػجوف ،ع ِ
(والػذ َ
َ
ض).ض ُه ْم أ َْولِيَاءُ بػَ ْع ٍ
َك َف ُروا بػَ ْع ُ
ومػػن ص ػػور الش ػ ِ
ػرؾ يف الربوبي ػػة مػػا يتح ػػدث ب ػػو غ ػػالة الص ػػوفية ،ويدرس ػػونو يف ادل ػػدارس ادلرخص ػػة ذل ػػم ،وينش ػػرونو يف
كتػػبهم ،واتمػػع النػػاس علػػيهم يف بيػػوهتم كمػػا يفعػػل ادلرتػػد ادلشػػرؾ :زلمػػد بػػن علػػوي مػػال الػػذي يس ػ ن بلػػد اهلل
احلػراـ ،وىػو رأس مػن رؤوس ال فػر ،داعيػة مػن دعػاة الشػرؾ ،أسػ ؿ اهلل أف يثيػب مػن يغتالػو ويطهػر بيػحم اهلل احلػراـ
يتمَّن من خري الدنيا واآلخرة.
منو أعظم شلا ع
نس ؿ اهلل أف يفقهنا يف الدين ،ويهدينا سبيل ادلػممنني ،ونسػ لو أف يشػفِّع فينػا زلم ًػدا سػيد ادلرسػلني ،صػلى اهلل عليػو
وعلى آلو وأصحابو أصبعني.
ٛ
الناقض الثاني :ادخاذ الوسائط
احلمد هلل رب العادلني ،والصالة والسالـ نبينا زلمد وعلى آلو وصحابتو أصبعني..
أما بعد:
فقد تقدـ احلديث عن أوؿ نػاقض ككػره شػيخ اإلسػالـ زلمػد بػن عبػد الوىػاب رضبػو اهلل مػن نػواقض اإلسػالـ ،وىػو
الشرؾ يف عبادة اهلل ،وككر من صور الشرؾ دعاء غري اهلل.
والنػػاقض الثػػاين الػػذي ككػػره اإلمػػاـ رضبػػو اهلل متفػػرع علػػى النػػاقض األوؿ وجػػزء منػػو ،وىػػو :مػػن ازبػػذ وسػػائط يػػدعوىم
مػػن دوف اهلل ويسػػتغيث هبػػم ويتوكػػل علػػيهم ،وإإلػػا أفػػرده اإلمػػاـ أل عف البلػػو بػػو أكػػا وأعػػم وألف أكثػػر ادلشػػركني مػػن
ادلنتسبني إىل اإلسالـ يستدؿ بو ويستند إليو.
أف يعتقػػد أ عف ادلػػدع عو قػػادر مسػػتقل عػػن اهلل عػػز وجػػل ،وأنعػػو مسػػتحق ألف يُػػدعى ويُطلػػب منػػو مػػا ي ػػوف مػػن
خصائب الرب جل وعال ،سواء اعتقد أنو ىو اهلل ،أو أن ر وجود اهلل واعتقد ربًّا غريه ،مثل مػن يعبػد النمػرود
وفرعوف وحنوىم شلن ين ر وجود اهلل ويدع أف معبوده ىو ادلعبود األحد الذي ال إلو غريه وال رب سواه.
أو أف يعتقد أنو قادر شري هلل عز وجل ،ويستحق الػدعاء مػع اهلل ،فيػدعوه :كمػن يػدعو عيسػى عليػو السػالـ
وأمو.
أو أف يعتقد أنو ليس شري ً ا هلل بل ىو عبد من عباد اهلل ،ول ن يت ذه وسيطًا بينػو وبػني اهلل ،كمػا كػاف يفعلػو
بعض ادلشركني الذين بُعث إليهم النيب صلى اهلل عليو وسلم.
فالنػػاقض األوؿ يشػػمل الصػػور الثالةػػة ،والنػػاقض الثػػاين خصػػو شػػيخ اإلسػػالـ زلمػػد بػػن عبػػد الوىػػاب بالصػػورة الثالثػػة
من ىذه الصور.
وصػػاحب ىػػذه الصػػورة الثالثػػة ال ي ػػوف مشػػرًكا يف الربوبيػػة مػػن ىػػذا الوجػػو ،بػػل شػػركو يف األلوىيػػة ،أي يف صػػرؼ
العبادة إىل غري اهلل عز وجل.
ٜ
ين عازبَػ ُذوا ِم ْػن ُدونِ ِػو أ َْولِيَػاءَ َمػا نػَ ْعبُ ُػد ُى ْم إِعال اخلػالِ ع ِ
ب َوالػذ َ
ِّين َْ ُ
ِع ِ
ومن كلػ ادلشػركوف الػذين ح ػى اهلل عػنهم لأَال للػو الػد ُ
لِيُػ َقِّربُونَا إِ َىل اللع ِو ُزلْ َفى).
وأمػػا ادلشػػركوف ادلعاصػػروف الػػذين يعبػػدوف النػػيب صػػلى اهلل عليػػو وسػػلم واألوليػػاء والصػػلحاء ويػػدعو م مػػن دوف اهلل،
احلجػػة ،فػػإ عف أكثػػر مػػا حيتجػػوف بػػو أ عف اآليػػة فػػيمن دعػػا األصػػناـ الػػيت ىػ أحجػػار ال تضػػر وال تنفػػع،
وحيتجػػوف هبػػذه ّ
ّ
خبالؼ من دعا الصاحلني واألولياء واألتقياء.
ف واػػح اهلل يف خطابػػو للمشػػركني أ ّف الػػذين يػػدعوىم ادلشػػركوف كػػانوا موحػػدين يس ػ لوف اهلل يرجػػوف رضبتػػو وخيػػافوف
ػناما مػن حجػ ٍر أو
عذابو ،وزكاىم اهلل عز وجل يف ىذا ،فهمالء ادلعبودوف من دوف اهلل أولياء هلل سللصػوف وليسػوا أص ً
سب ٍر ،ومع كل فقد جعل اهلل من دعاىم مشرًكا كالذي يدعو احلجر والشجر.
وادلشركوف يف حجتهم يف ازباك الوسائط احتجوا ب ع م ال يعبدو م إال ليقربوىم إىل اهلل ،فتضمن ىذا أمرين:
وكػػذل مػػن يػػدعو األوليػػاء والصػػاحلني مػػن دوف اهلل يف ادلشػػركني ادلعاصػرين ،حيػػتج فيقػػوؿ :ىػػمالء أنػػاس صػػاحلوف ال
يرد اهلل ذلم طلبًا ،وأنا رجل كثري الذنوب لسحم ب ىل إلجابة الػدعوة ،فػدعوت ىػذا الػو ع لتُجػاب دعػويت جباىػو ىػو
حني يطلب من اهلل أف يقض حاجيت ،فيتض ّػمن األمػرين بعينهمػا :أف ادلػدعو كو جػاه عنػد اهلل ،وأف الػداع حيتػاج
إىل ىذا ادلدعو بسبب قربو من اهلل.
ِ
الغائب أي طلب ولو صغُر ،كما لو طلػب مػن الغائػب أف يعينػو علػى وي وف الداع للوسيط مشرًكا إكا طلب من
صعود جبل وحنوه.
وكػذل إف طلػػب مػػن احلااػر مػػا ال يقػػدر عليػػو إال اهلل ،كمػن يطلػػب منػػو ادلغفػػرة لذنوبػو ،أو أف يصػػرؼ عنػػو ادلػػوت
وحنو كل .
ٓٔ
أمػػا مػػن طلػػب مػػن احلااػػر مػػا يقػػدر عليػػو احلااػػر :مثػػل أف يطلػػب مػػن الطبيػػب العػػالج الػػذي ىػػو سػػبب الشػػفاء،
ومثل قولو دلن عنده ناولين ال س ،وأعطين كذا وكذا ،فهذا مباح بال ش .
والدليل على التفريق :أ عف النيب صلى اهلل عليو وسلم جاء وادلشركوف يطلبػوف مػن األصػناـ أو مػن الصػاحلني أشػياء ال
يقػػدر عليهػػا إال اهلل كالنصػػر علػػى األعػػداء ،وكػػذل يطلبػػوف منهػػا وىػػم غػػائبوف عنهػػا ،فبػػني أف ىػػذا شػػرؾ وكفػػر،
وح م اهلل عز وجل يف كتابو ب نعو شرؾ.
وقد كػاف ادلشػركوف يطلػب بعضػهم مػن بعػض األشػياء الدنيويػة الػيت جعلهػا اهلل أسػبابًا طبيعيػة ،كمػن يطلػب اإلعانػة
على أمر وحنوه ،فلم ينههم عن ىذا ،بل فعلو النيب صلى اهلل عليو وسلم وصحابتو.
ف ان ػػحم الص ػػورة األوىل ش ػػرًكا ب ػػالنب م ػػن ال ت ػػاب والس ػػنة ،وباإلصب ػػاع ،وكان ػػحم الص ػػورة الثاني ػػة ج ػػائزة ب ػػالنب م ػػن
ال تاب والسنة ،وباإلصباع.
أيضػا،
ومن صور الشرؾ يف الوسائط اليت ككرىا الشيخ يف ىذا الناقض :من يتوكل على الوسطاء ،فهذا من الشػرؾ ً
ويقػػع مػػن أكثػػر ادلشػػركني قػػدديًا وحػػديثًا ،وخاصػػة مػػن تقػػرب إىل ادلعبػػود مػػن دوف اهلل بقربػػاف ،فإنػعػو يطمػػئن بعػػده مػػن
اخلوؼ واخلطر وير أف معبوده حيفظو من ىذه األمور وال خيذلو بعد أف قرب لو كل القرباف.
وصبيع ما يقع من الصور ادلعاصرة للشرؾ يف الناقض األوؿ ،يقع يف ىذا الناقض وإإلا ىذا النػاقض كمػا تقػدـ حجػة
من حجج من يقع يف بعض صور الناقض األوؿ.
ٔٔ
الناقض الثالث :من لم يكفر الكافرين أو شك في كفرهم أو
صحح مذهبهم
ىذا الناقض ىو ةالث النواقض اليت ككرىا الشيخ زلمد بػن عبػد الوىػاب يف نػواقض اإلسػالـ ،وقػد أصبػع عليػو أىػل
العلم يف اهملة.
ومرجع ىذا الضابط إىل التصديق بالنصوص ،والقبوؿ ألح اـ اهلل عز وجل ،فمػن مل ي فػر مػن كفػرىم اهلل فقػد رعد
على اهلل ح مو ،وامتنع عن العمل بو ،وك عذب خاه وعاند أمره.
وقػػد ككػػر أىػػل العلػػم ىػػذه القاعػػدة يف مسػػائل عػدعة:كمن مل ي ّفػػر مػػن يػػدعو عل ػ بػػن أهلل طالػػب راػ اهلل عنػػو،
ومن مل ي فِّر النصريية ،ومن مل ي فِّر اليهود والنصار ،وحنو كل .
ومػػن مل يفقػػو ا ػوابط ىػػذا النػػاقض أ عد ب ػو إىل التسلسػػل يف الت فػػري ،وىػػذا مػػا وقػػع هماعػػات مػػن الغػػالة أبرزىػػا
اهماعػػة اإلسػػالمية ادلسػػلحة يف اهزائػػر بعػػد احن ػراؼ مسػػريهتا ،والػػيت ىادنػػحم الطواغيػػحم لتتفػػرغ لقتػػاؿ الاىػػدين يف
سبيل اهلل.
وأ عما إكا كاف يعرؼ حالو ،فيُنظر فيو حبسب ال افر الذي مل ي فِّره أو شػ يف كفػره أو صػحح مذىبػو ،وىػذا علػى
أقساـ:
األول :أف ي وف كفر ىذا ال افر من ادلعلوـ بالدين بالضػرورة ،ومػن مل يعرفػو فلػيس مػن أىػل اإلسػالـ ،كمػن شػ
َّ
يف كفػر عبػاد األوةػاف والبػػوكيني واليهػود والنصػار علػػى العمػوـ ،فمػن شػ يف كفػر بعػض ىػػمالء ال فػار فهػو كػػافر
مثلهم.
الثاني :أف ي وف كفره ليس من ادلعلوـ من الدين بالضرورة ،ول ن النصوص تدؿ عليو داللة قطعية ،فمػن شػ يف
كفػػره بػُيِّنػػحم لػػو النصػػوص فػإف مل يقبلهػػا كفػػر ،ومثػػاؿ كلػ :عبػػاد القبػػور الػػذين يػػدعو ا وينػػذروف ذلػػا وحيجػػوف إليهػػا
من ادلنتسبني إىل اإلسالـ ،فمن ش يف كفرىم بػُيِّنحم لو األدلعة على كل فإف مل ي فرىم كفر.
ٕٔ
الثالــث :أف ي ػػوف ت فػػريه زلػػتمالً للشػػبهة ،كاحل ػػاـ احلػػاكمني بغػػري مػػا أنػػزؿ اهلل وحنػػوىم ،فهػػمالء وإف كػػاف كفػػرىم
قطعيًّػػا عنػػد مػػن حقػػق ادلس ػ لة ،فػػإ عف ورود الشػػبهة زلتمػػل فػػال ي عفػػر مػػن مل ي ِّفػػرىم ،إالع إف أُقيمػػحم عليػػو احلجػػة،
وٌكشفحم عنو الشبهة وأزيلحم ،وعرؼ أ عف ح م اهلل فيهم ىو ت فريىم.
وقد ككر الشيخ زلمد بن عبد الوىاب يف ىذا الناقض ةالث صور:
الصــورة الثانيــة :مػػن ش ػ ع يف كفػػرىم ،وىػػو عائػػد إىل مػػا تقػػدـ ،مقيػػد بالض ػوابط نفسػػها ،فػػإ عف مػػن مل ي ِّفػػر
افر ي فر لت ذيبو خا اهلل ورده لو ،ومن ش يف كفر ال افر ي فر لش و يف خا اهلل وعدـ قبولو لو. ال َ
والصـورة الثالثــة :مػن صػػحح مػذىبهم ،وىػػذه الصػورة يف احلقيقػػة داخلػة يف النػػاقض الرابػع التػػا ذلػذا النػػاقض،
وإعإلا ككرىا اإلماـ ىنا دلشاهبتها ادلس لة ال باعتبارىا صورًة من صورىا ،وسي يت احلديث عنها بإكف اهلل.
ٖٔ
الناقض الرابع” :من اعتقد أن غير هدي النبي صلى اهلل عليه
وسلم أكمل من هديه“
ىػػذا النػػاقض ىػػو رابػػع الن ػواقض الػػيت ككرىػػا الشػػيخ زلمػػد بػػن عبػػد الوىػػاب رضبػػو اهلل تعػػاىل ،وىػػو نػػاقض اعتقػػادي،
دبعػػَّن أ عف ال فػػر فيػػو ي ػػوف باالعتقػػاد ،وإف كػػاف ىػػذا االعتقػػاد قػػد يعػػرؼ بػػالقوؿ وبالفعػػل ،إالع أ عف ادل ِّفػػر فيػػو ىػػو
االعتقاد ال فري.
وتتمػػة كػػالـ الشػػيخ يف ىػػذا النػػاقض” :أو ح ػػم غػػريه أحسػػن مػػن ح مػػو؛ كالػػذي يفضػػل ح ػػم الطواغيػػحم علػػى
ح مو صلى اهلل عليو وسلم“.
وال بػػد مػػن التنبػػو إىل مس ػ لة :وى ػ أف ىػػدي النػػيب ادل ػراد ىػػو ىديػػو التش ػريع ،أمػػا مػػا كػػاف مػػن أمػػور الػػدنيا الػػيت ال
تشػريع فيهػػا ،فقػػد ي ػػوف اذلػػدي الػػذي يفعلػػو النػػيب صػػلى اهلل عليػػو وسػػلم مناسػػبًا لزمانػػو دوف األزمػػاف الػػيت بعػػده ،أو
دل انو دوف األم نة ادل تلفة عنو.
ف ما التوحيد فألنعو طعن يف اهلل عز وجل ويف شرعو وكماؿ دينو ،وىػذا طعػن يف الربوبيػة ألف التشػريع مػن خصػائب
الربوبيػػة ،فه ػػو مػػن نسػػبة الػػنقب إىل اهلل يف شػػرعو ،كمػػا لػػو نسػػب الػػنقب إىل اهلل عػػز وجػػل يف خلقػػو ،أو نس ػػب
وجل يف قدرتو وحنو كل . النقب إليو ععز ع
وأمػا الرسػػالة فألنػػو طعػػن يف رسػػالة النػػيب صػػلى اهلل عليػػو وسػػلم وكماذلػػا وصػػحتها ،فػػإ عف الػػذي يعتقػػد غػػري ىػػدي النػػيب
صلى اهلل عليػو وسػلم أكمػل مػن ىديػو ،إ عمػا أف يعتقػد أنػو ىػدي مػن عنػد اهلل ول نعػو نػاقب ،وإ عمػا أف يعتقػد أنػو مػن
عند غري اهلل ،وعليػو فإمػا أف ت ػوف رسػالة النػيب صػلى اهلل عليػو وسػلم ناقصػة باعتبػار أ ػا جػاءت بػالنقب ،وإمػا أف
ت وف باطلة باعتبار أ ا من عند غري اهلل.
وخَر َج من ادللة ،بت ذيبو خلا اهلل عز وجل وكػالـ نبيػو صػلى اهلل عليػو
ا َح لو َك َفَر َ
وو ِّ
فإف أصعر بعد أف عُِّرؼ الدليل ُ
وسلم.
وىذا الناقض يشمل من اعتقد أف غري ىػدي النػيب صػلى اهلل عليػو وسػلم أكمػل مػن ىديػو علػى جهػة العمػوـ ،كمػا
حاؿ مػن األحػواؿ أكمػل مػن ىديػو ،كمػن اعتقػد أف يشمل من اعتقد أف غري ىدي النيب يف مس ٍلة من ادلسائل أو ٍ
ىػدي الغػػرب ال ػافر يف مسػ ٍلة أكمػل شلػػا جػػاء بػو الرسػػوؿ صػلى اهلل عليػػو وسػػلم ،أو اعتقػد أف مػػا ينتهػ إليػػو عقلػػو
وىواه يف أمر من األمور أكمل شلا اده يف ىدي النيب صلى اهلل عليو وسلم.
أيضا يف بقية ىػذا النػاقض :أو حكـم غيـرأ أح ـن مـن حكمـه ،فمػن اعتقػد أف رب ػيم ق ٍ
ػانوف مػن القػوانني ً وكذل
الواػػعية ،أو ملػة مػػن ادللػػل ادلنسػػوخة أحسػػن مػػن رب ػػيم شػػرع اهلل وسػػنة نبيػػو صػػلى اهلل عليػػو وسػػلم؛ فقػػد خػػرج مػػن
ادللة ،ومن اعتقد أف ح م القانوف يف مس ٍلة من ادلسائل كمسائل احلدود والقطػع والػرجم وغريىػا أكمػل مػن ح ػم
اهلل ورسولو فقد كفر.
الثالثــة :أف يعتقػػد أف ح ػػم اهلل أكمػػل مػػن ح ػػم غػػريه يف كػػل مس ػ لة ،ول ػػن لػػيس يف كػػل العصػػور ،بػػل يف
بعض العصور ي وف ح م غري اهلل أكمل من ح مو سواء يف مس ٍلة معينة أو يف صبيع الشريعة.
وىذه احلاالت الثالث كلها من ال فر األكا ادل رج من ادللة الناقض لعر التوحيد ،وإإلا ى ألػوا ٌف لل فػ ِر ،وكلهػا
ترجػػع إىل نسػػبة الػػنقب يف شػػرع اهلل وح مػػو :إمػػا الػػنقب يف بعػػض التش ػريعات ،وإمػػا اهمػػود يف بعػػض األزمػػاف،
وعدـ ادلناسبة للعصر احلديث ،وك ف اهلل جل وعال جهل العصر احلديث أو عزب عن علمو منو مثقػاؿ كرةٍ ،تعػاىل
كبريا.
علوا ً
اهلل عما يقوؿ الظادلوف ًّ
٘ٔ
ومػػن ص ػػور تفضػػيل غػػري ح ػػم اهلل علػػى ح مػػو :مػػا يعتقػػده بعػػض مػػن زاغ قلبػػو وعميػػحم بص ػريتو ،أف تش ػريعات
القػػانوف الفرنسػ يف نظػػاـ العمػػل والع عمػاؿ احمل ػػوـ بػػو يف بػػالد احلػػرمني ،أكمػػل مػػن شػػرع اهلل عػػز وجػػل ،أل ػػا ربفػػظ
ػريا ًّ
وحقػا وكمػاالً وعػدالً ،دلػا خػال منػو شػرع حقوؽ العامل ،وربميو من ظلم أرباب العمل وحنو كلػ ،شلػا لػو كػاف خ ً
اهلل عز وجل ،وإإلا ىو زبالة أف ار الصليبيني ،فعجبًا دلن يقدمها على شرع اهلل العزيز احل يم!
وم ػػن ص ػػور تفض ػػيل غ ػػري ح ػػم اهلل عل ػػى ح م ػػو ،م ػػن يعل ػػم أف ح ػػم اهلل يف احل ػػاـ ادلرت ػػدين وج ػػوب مناب ػػذهتم
بالسػػيف عنػػد القػػدرة ،وقتػػاذلم ح ػ ي ػػوف الػػدين كلػػو هلل ،ل يعتقػػد أ عف غػػري القتػػاؿ الػػذي ىػػو ح ػػم اهلل أنفػػع مػػن
القتاؿ ،وأ عف القتاؿ فيو مفاسد أرجح من مصلحتو ،مع علمو أ عف ح م اهلل ىو القتاؿ.
واهلل أعلم وصلى اهلل وسلم على نبينا زلمد وعلى آلو وصحبو أصبعني.
ٔٙ
الناقض الخامس :من أبغض شيئًا مما جاء به الرسول صلى اهلل
عليه وسلم
وىػػذا مػػن ن ػواقض اإلسػػالـ المػػع عليهػػا ،ف ػػل مػػن أبغػػض الػػدين الػػذي بُعػػث بػػو زلمػػد صػػلى اهلل عليػػو وسػػلم ،أو
أبغض ح ًما من أح امو ،أو شريعةً من شرائعو ،فقد خرج من ادللة ،وخلع ربقة اإلسالـ من عنقو.
وىػػذا النػػاقض كالػػذي قبلػػو يُنػػاقض شػػهادة أف ال إلػػو إال اهلل ،كمػػا ينػػاقض شػػهادة أف زلمػ ًػدا رسػػوؿ اهلل ،لتضػ ّػمنو
الطعن يف اهلل عز وجل وتشريعو ،ويف النيب صلى اهلل عليو وسلم وكماؿ رسالتو وىديو وسنتو ،أو يف أمانتو وتبليغو.
ين َك َفػ ُػروا فَػتَػ ْعسػاً َذلػُ ْػم ودليػػل كفػػر مػػن أبغػػض شػػيئا شلػػا جػػاء بػػو الرسػػوؿ صػػلى اهلل عليػػو وسػػلم قولػػو عػػز وجػػل :ع ِ
(والػػذ َ
َ ً
ِ
ط أ َْع َما َذلُ ْم) ،فعلل الػتعس واػالؿ األعمػاؿ وإحباطهػا للػذين َا عل أ َْع َما َذلُ ْم ا َكل َ بَِنػ ُعه ْم َك ِرُىوا َما أَنْػَزَؿ اللعوُ فَ ْ
َحبَ َ َوأ َ
كفروا ب ع م كرىوا ما أنزؿ اهلل عز وجل.
وال دي ػػن أف اتمػػع بغػػض شػ ٍء مػػن ديػػن اهلل عػػز وجػػل مػػع زلبػػة اهلل ،بػػل ادلػػممن بػػاهلل عػػز وجػػل حيبػػو وحيػػب أوامػػره،
وادلنػافق ال حيػػب اهلل وال حيػب أوامػػره ،كمػػا أف ادلػممن إكا علػػم كمػػاؿ الػدين واشػػتمالو علػى ادلصػا العاجلػػة واآلجلػػة
يستحيل أف يبغض شيئًا منها ،وكيف يبغض شيئًا يعلم أنّو ىو اخلري وادلصلحة لو يف عاجلو وآجلو؟
ومن األدلة على كفر من أبغػض شػيئًا شلػا جػاء بػو الرسػوؿ صػلى اهلل عليػو وسػلم قولػو تعػاىل( :فَػال َوَربػِّ َ ال يػُ ْمِمنُػو َف
حم َويُ َسلِّ ُموا تَ ْسلِيماً). ِ ِ ح ع ُحي ِّ م َ ِ
يما َش َجَر بػَْيػنَػ ُه ْم لُع ال َِا ُدوا ِيف أَنْػ ُفس ِه ْم َحَرجاً شلعا قَ َ
ضْي َ وؾ ف َ َ َ ُ
ٔٚ
واػػب االنتبػػاه إىل مواػػع مػػن موااػػع الزلػػل يف ىػػذا البػػاب ،وىػػو عػػدـ التفريػػق بػػني الػػبغض ادلقصػػود يف اآليػػة وىػػذه
النصػػوص ،وىػػو أف يػػبغض كات ح ػػم اهلل عػػز وجػػل ،وبػػني الػػبغض الطبع ػ للمشػػقة ادلصػػاحبة لػػبعض األح ػػاـ،
فرؽ بني من يبغض ح م القتاؿ يف سػبيل اهلل ،ومػن ي ػره القتػاؿ مػن حيػث ىػو مشػقة علػى الػنفس وركػوب فهناؾ ٌ
ٍ
أىػو ٍاؿ عظيم ػة وسلػػاطرةٍ بػػالنفس ،وقػػد وجػ ُ
ػدت مػػن يغلػػط فػػي لط بػػني ادل ػرأة الػػيت تػػبغض مشػػروعية تعػػدد الزوجػػات،
وت ره ىذا احل م الشرع ،وبني اليت تبغض أف يتزوج زوجها عليها امرأ ًة أُخػر شلػا ىػو مقتضػى الغػرية الفطريػة الػيت
عليهن.
ّ مل زبل منها أمهات ادلممنني راواف اهلل
كرىػا لػنفس احل ػم ادلشػروع ،وإعإلػا ىػو كػره لألمػور الشػاقةكفرا ،ألنعو ليس ً ومل ي ن ال ره يف ىذه احلالة وىذه احلالة ً
علػػى الػػنفس الػػيت تضػ ّػمنها احل ػػم ،ومػػن ادلعلػػوـ أ عف األح ػػاـ الشػػرعية تتضػ ّػمن أمػ ً
ػورا م روىػةً للػػنفس ول ػ عن عاقبتهػػا
كافرا.
روىا للنفس ل مل ينقلب كرىو لو زلبةً ي وف ً أمرا م ً اخلري كلو ،فال يُقاؿ إ عف من علم حب م شرع يتضمن ً
بل كل من كره مشقة نفسػو الػيت يف احل ػم وسػلم مػع كلػ هلل عػز وجػل ،وصػا علػى مػا ي ػره ألمػر اهلل عػز وجػل،
فهو مممن من الصاحلني ادلطيعني هلل.
وم ػػن ت ػػرؾ احل ػػم ال ػػذي يتض ػ ّػمن م ػػا ت رى ػػو نفس ػو ،أل عف نفس ػػو ت ػػره ادلش ػ ّقة ادلص ػػاحبة ل ػػو ،أو التن ػػازؿ ع ػػن ىواى ػػا
ادلعػػارض لػػو ،دوف أف يػػبغض ح ػػم اهلل عػػز وجػػل ،فلػػم يػػبغض مشػػروعية اههػػاد ،ومل ي ػػره أمػػر اهلل بػػو ،وإعإلػػا أبغػػض
ػاص هلل عػز وجػل بفعلػو ،فاس ٌػق برتكػو اههػاد ،ول نػو مسػلم مػن ادلسػلمني ال خيػرج القتاؿ دلا فيو من ادلشقة ،فهػذا ع ٍ
من ادللة.
واهلل أعلم وصلى اهلل وسلم على نبينا زلمد وعلى آلو وصحبو أصبعني.
ٔٛ
الناقض ال ادس :االستهزاء بالدين
احلمػػد هلل رب العػػادلني ،والصػػالة والسػػالـ علػػى إمػػاـ ادلرسػػلني ،وعلػػى آلػػو وصػػحبو والتػػابعني ذلػػم بإحسػػاف إىل يػػوـ
الدين ،أ عما بعد:
فقد ككػر اهلل عػز وجػل مػن صػفة ال عفػار اسػتهزاءىم بػدين اهلل عػز وجػل ورسػلو وآياتػو ،وح ػى عػنهم كلػ يف غػري
ِ عِ ِِ (وَم ػػا نػُْرِس ػػل الْ ُم ْر َس ػػلِ َ ِع
ين َك َف ػ ُػروا
ين َوُاَػػاد ُؿ ال ػػذ َ ين َوُمْن ػػذر َ ني إال ُمبَ ِّش ػ ِر َ ُ مواػػع م ػػن كتاب ػػو ،فح ػػى اس ػػتهزاءىم ب يات ػػوَ :
ػاؾ أَةِػي ٍم ا يسػػمع آي ِ
ػات اللعػ ِػو تػُْتػلَػػى احلػ عق و عازبَػ ُذوا آيػ ِػايت ومػا أُنْػ ِػذروا ىػػزواً) ،وقػاؿ( :ويػػل لِ ُ ِّػل أَفعػ ٍ اط ِػل لِي ْد ِح ِ ِ بِالْب ِ
ََُْ َ َْ ٌ َ ََ ُ ُ ُ ضػوا بػو َْ َ ُ ُ َ
اب أَلِػػي ٍم ا َوإِكَا َعلِػ َػم ِمػ ْػن آيَاتِنَػػا َش ػْيئاً عازبَػ َذ َىا ُىػ ُػزواً أُولَئِ ػ َ َذلػُ ْػم ِ ِ
صػ ُّػر مسػػتَ ِْااً َك ػ َ ْف َمل يسػػم ْعها فَػب ِّشػػره بِع ػ َذ ٍ
ْ َ ْ َ َ َ ُْ َ َعلَْيػػو لُع يُ ُ ْ
ين َك َفػ ُػروا إِ ْف يػَتع ِ ػ ُذونَ َ إِعال ُىػ ُػزواً أ ََىػ َذا عػ َذاب م ِهػػني) ،وككػػر اسػػتهزاءىم بنبيػػو صػػلى اهلل عليػػو وسػػلم( :وإِكَا ر َ ع ِ
آؾ الػػذ َ َ َ َ ٌ ُ ٌ
ِ ِ عِ
ػث اللعػػوُ َر ُسػػوالً) ،وبػ ّػني أ عف اسػػتهزاء (وإِكَا َرأ َْو َؾ إِ ْف يػَتع ِ ػ ُذونَ َ إِعال ُىػ ُػزواً أ ََى ػ َذا العػػذي بػَ َعػ َ
الػػذي يَػ ْذ ُك ُر آذلػَػتَ ُ ْم) ،وقػػاؿَ :
ئ بُِر ُس ٍػل ِم ْػن قَػْبلِػ َ فَ َح َ
ػاؽ اسػتُػ ْه ِز َ ال فعار كاف جبميع الرسل وليس دبحمد صلى اهلل عليو وسلم وحده فقػاؿِ :
(ولََقػد ْ َ
ػني ا َوَمػا يػَ ْتِي ِه ْم ِم ْػن نَِػيب إِعال َكػانُوا ِ ِ ِِ ِ ِ ِ عِ
(وَك ْم أ َْر َس ْلنَا م ْن نَِػيب ِيف ْاألَعول َ ِ
ين َس ُروا مْنػ ُه ْم َما َكانُوا بو يَ ْستَػ ْهزئُو َف) ،وقاؿَ : بالذ َ
وؿ إِعال َكانُوا بِِو يَ ْستَػ ْه ِزئُو َف). ني ا وما ي ْتِي ِهم ِمن رس ٍ ِ ِ ِ ِ ِِ
(ولََق ْد أ َْر َس ْلنَا م ْن قَػْبل َ ِيف شيَ ِع ْاألَعول َ َ َ َ ْ ْ َ ُ بو يَ ْستَػ ْه ِزئُو َف) ،وقاؿَ :
واآليػػات والنصػػوص يف كلػ أكثػػر مػػن أف ربصػػر ،فػػإ عف االسػػتهزاء كفػٌػر مغلّػ ٌ
ظ وقػػع فيػػو أكثػػر األ عولػػني ،ف ػػاف كفػػرىم
بالرد والت ذيب ،أو باإلباء واالست بار واالمتناع ،وأاػافوا إليػو االسػتهزاء بالرسػل والرسػاالت ،وككػر اهلل كلػ عػن
صبيع األمم ال افرة.
وع ػ عد اإلمػػاـ زلمػػد بػػن عبػػد الوىػػاب رضبػػو اهلل تعػػاىل ىػػذا النػػاقض سػػادس الن ػواقض الػػيت صبعه ػػا يف رسػػالة ن ػواقض
اإلسالـ ،وىو من أعظم النواقض وأغلظها وأكثرىا زلا عدةً هلل ورسولو.
وىػػذه الصػػفة مػػن صػػفات ال عفػػار (االسػػتهزاء) ىػ أكثػػر مػػا يرتػ ُّػد بػػو ادلرتػػدُّوف مػػن ادلنتسػػبني إىل اإلسػػالـ يف القػػدم
واحلديث ،وقػد حفػظ الػرواة قصػة مػن قصػب االسػتهزاء وقعػحم زمػن النػيب صػلى اهلل عليػو وسػلم ،فػ خرج ابػن جريػر
ػناد جيػ ٍػد عػػن عبػػد اهلل بػػن عمػػر را ػ اهلل عنػػو :قػػاؿ رجػػل يف غػػزوة تبػػوؾ يف رللػػس :مػػا رأينػػا مثػػل ّقرائنػػا
وغػػريه بإسػ ٍ
ىمالء أرغب بطونػا وال أكػذب ألسػنة وال أجػد عنػد اللقػاء فقػاؿ رجػل يف اللػس :كػذبحم ول نػ منػافق ،ألخػا ّف
ػيب صػػلى اهلل عليػػو وسػػلم ونػػزؿ القػػرآف ،قػػاؿ عبػػد اهلل بػػن عمػػر :ف نػػا
رسػػوؿ اهلل صػػلى اهلل عليػػو وسػػلم؛ فبلػ كلػ النػ ّ
رأيتػػو متعلقػػا حبقػػب ناقػػة رسػػوؿ اهلل صػػلى اهلل عليػػو وسػػلم تن بػػو احلجػػارة وىػػو يقػػوؿ :يػػا رسػػوؿ اهلل إإلػػا كنػػا ػػوض
ٜٔ
ونلعػػب ،ورسػػوؿ اهلل صػػلى اهلل عليػػو وسػػلم يقػػوؿ( :أَبِاللعػ ِػو َوآيَاتػِ ِػو َوَر ُسػولِِو ُكْنػػتُ ْم تَ ْسػتَػ ْه ِزئُو َف ال تَػ ْعتَػ ِػذ ُروا قَػ ْد َك َفػ ْػرُْ بػَ ْعػ َػد
إِديَانِ ُ ْم).
وقد كاف أولئ النفر من ادلنافقني مممنني قبل كل ،كما قاؿ اهلل عز وجل :قد كفػر بعػد إديػان م ،وكػانوا مػممنني
اعيف ضبلهم على االستهزاء.ٌ وبني شيخ اإلسالـ ابن تيمية ،ول ن كاف ذلم إديا ٌف
وظاىرا كما قعرر ّ
ً باطنًا
ويف القص ػػة أ عف مرت ػػب ال ف ػػر ال يش ػػرتط ل ف ػػره أف يعل ػػم أ عف فعل ػػو كف ػػر ،وإعإل ػػا يش ػػرتط أف يعل ػػم ب ػػالتحرم ،فه ػػمالء
ػب مػن صبلػة الػذنوب ال خيػرج مػن اإلديػاف ،ومل يقبػل اهلل عػز وجػل ادلستهزئوف مل يعلموا أ عف ىذا كفر ،بل ظنُّوا أنعو كن ٌ
منهم كل العذر.
وفيهػػا أف ادلشػػارؾ يف ال فػػر والرااػ بػػو والػػالس قائلػػو علػػى وجػػو يتضػ ّػمن اإلقػرار ،كلهػػم ك عفػػار ،فقػػد ح ػػم اهلل يف
اآليػػة ب فػػر أولئ ػ النفػػر اهلػػوس صبػػيعِهم ومل يسػػتثن مػػنهم أحػ ًػدا ،مػػع أف ادلػػت لم أحػػدىم والبقيػػة يسػػتمعوف ،وأمػػا
الطائفة اليت يعفو اهلل عنها ،فقيل ىػو رجػل أن ػر علػيهم بعػض حػديثهم ،وقيػل بػل ادلػراد طائفػة مػنهم تتػوب ويعفػو
اهلل عنها ،وطائفة تبقى على كفرىا وتُنافق فه اليت تُع عذب.
وفيها أف من ارت ب ال فر حبط عملو وخرج من ادللة ولو كاف رجالً صاحلًا ،ولو كاف لو مػن األعمػاؿ العظيمػة مػا
لػػيس آلحػػاد ادلسػػلمني ،فهػػمالء ككػػرىم اهلل عػػز وجػػل باإلديػػاف ،وقػػد خرج ػوا يف غػػزوة العسػػرة الػػيت كانػػحم مػػن أعظػػم
امتحػػاف اهلل عػػز وجػػل لعبػػاده ،وقعػػد عنهػػا ادلنػػافقوف والثالةػػة ادل لعفػػوف ،وزعكػػى اهلل عػعز وجػ عػل أىػػل تلػ الغػػزوة( :لََقػ ْد
اع ِة الْعُ ْسَرةِ) واههاد أعظم األعماؿ ،فقػد قػاؿ اهلل عػز اج ِرين و ْاألَنْ ِ ع ِ ِ
ين اتػعبَػعُوهُ ِيف َس َ صار الذ َ عيب َوالْ ُم َه َ َ َ اب اللعوُ َعلَى النِ ِّتَ َ
اىػ َد ِيف َسػبِ ِيل اللع ِػو ال يَ ْسػتَػ ُوو َف ِ ِ ِ اج َو ِع َم َارةَ الْ َم ْس ِج ِد ْ َج َع ْلتُ ْم ِس َقايَةَ ْ
احلََرِاـ َك َم ْن َآم َن بِاللعو َوالْيَػ ْوـ ْاآلخ ِر َو َج َ احلَ ِّ وجل( :أ َ
ِعْن َد اللع ِو) فإكا مل ي ن إديا م قبل ارتدادىم ،وجهادىم يف غزوة العسرة مانعني ذلم من ال فػر ،ف يػف دبػن لػيس لػو
إالع سػقاية احلػػاج وعمػػارة ادلسػػجد احلػراـ ،ولػػيس يفعػػل كلػ مػن مالػػو وال بيػػده ،ويتبعػػو ألػواف ادلػ ِّػن واألك ؟ عػػن غػػري
إخالص دفع إليو ،بل ىو البطر ورئاء الناس والصد عن سبيل اهلل. ٍ إسالـ سبق كل ،وال ٍ
ف صحاب األعماؿ العظيمة ،من العلماء والاىدين والدعاة وادلنفقني ال ي منوف ال فػر وال يعصػمهم مػا قػ ّدموه مػن
ٍ ُ
منثورا.
ً ً ىباء اهلل اعلو بل ، كفري أعماؿ عظيمة إكا خرجوا من ادللة بقوؿ أو ٍ
عمل أو اعتقاد
ٕٓ
ين َآمنُػوا ال تَػتع ِ ػ ُذوا عِ ع
وأدلػػة كفػػر ادلسػػتهزئني كثػػريةٌ يف ال تػػاب والسػػنة منهػػا مػػا تقػدعـ ،ومنهػػا قولػػو تعػػاىل( :يػَػا أَيػُّ َهػػا الػػذ َ
ني ا َوإِ َكا ِِ الع ِذين عازب ُذوا ِدين ُ م ىزواً ولَعِباً ِمن الع ِذين أُوتوا الْ ِتاب ِمن قَػبلِ ُ م والْ ُ ف ِ
عار أ َْوليَاءَ َواتػع ُقوا اللعوَ إِ ْف ُكْنػتُ ْم ُم ْػممن َ َ َ ُ َ َ ْ ْ َْ َ َ ْ ُُ َ َ َ
ِ ِ ِ نَاديػتم إِ َىل ال ع ِ
َخ َسػ ِر َ
ين وىا ُى ُزواً َولَعبػاً َكلػ َ بِػ َنػ ُعه ْم قَػ ْػوٌـ ال يػَ ْعقلُػو َف) ،وقولػو عػز وجػل( :قُ ْػل َى ْػل نػُنَبِّػئُ ُ ْم بِ ْاأل ْ صالة عازبَ ُذ َ َ ُْ ْ
احليػاةِ ال ُّػدنْػيا وىػم َحيسػبو َف أَنػعهػم ُحي ِسػنُو َف صػْنعاً ا أُولَئِػ الع ِػذين َك َفػروا بِ ي ِ
ػات َرِّهبِ ْػم عِ
َ َ ُ ُ َ َُ ْ ْ َُ ُ ْ ْ ا عل َس ْػعيُػ ُه ْم ِيف ََْين َ أ َْع َماالً ا الذ َ
عم ِدبَا َك َف ُروا َو عازبَػ ُذوا آيَ ِػايت َوُر ُسػلِ ُى ُػزواً)، ِ ِ ِ ِ ِ ِِ
يم َذلُ ْم يػَ ْوَـ الْقيَ َامة َوْزناً ا َكل َ َجَز ُاؤُى ْم َج َهن ُ َول َقائو فَ َحبِطَ ْ
حم أ َْع َما ُذلُ ْم فَال نُق ُ
ني) إىل قولػوَ ( :كلِ ُ ْػم ِ
ين َك َف ُػروا أَفَػلَ ْػم تَ ُ ْػن آيَ ِػايت تػُْتػلَػى َعلَ ْػي ُ ْم فَ ْ
اسػتَ ْ بَػ ْرُْ َوُكْنػتُ ْم قَػ ْومػاً ُْرلػ ِرم َ
عِ
(وأَعمػا الػذ َ
وقاؿ عز وجػلَ :
الدنْػيَا فَالْيَػ ْوَـ ال ُخيَْر ُجو َف ِمْنػ َها َوال ُى ْم يُ ْستَػ ْعتَبُو َف). ات اللع ِو ُى ُزواً َو َغعرتْ ُ ُم ْ
احلَيَاةُ ُّ بَِنع ُ م عازب ْذ ُ آي ِ
ُ َ ْ َ
كفر يف الظاىر والباطنُ ،حي م فيو ب فر من قالو دوف اسػتتابة ،وي ػوف بلحػن واالستهزاء ي وف صرحيًا مبيّػنًا ،وىذا ٌ
ػاىرا بػػل يُسػػتحلف علػػى قصػػده إف ُرفػػع إىل
القػػوؿ الػػذي حيتمػػل أكثػػر مػػن معػ ًػَّن ،في فػػر صػػاحبو باطنًػػا وال ي فػػر ظػ ً
قػػا ٍ
ض حي ػػم بالشػػرع ،ومعػػَّن كفػػره باطنًػػا أنػعػا حن ػػم بإسػػالمو دلػػا ظهػػر لنػػا ،وإف كػػاف قصػػد االسػػتهزاء فهػػو كػ ٌ
ػافر يف
حقيقتو.
وحلن القوؿ قد ي وف ب الـ حيتمػل االسػتهزاء وغػري االسػتهزاء ،أو ب ػالـ وااػح يف االسػتهزاء ول نػو ال يواػح مػا
اسػػتهزأ بػػو ،فيحتمػػل االسػػتهزاء بػػاهلل ورس ػولو وآيات ػو وحيتمػػل االسػػتهزاء بغػػري كل ػ ،أو ب ػػالـ وااػػح يف االسػػتهزاء
بشػ ب ول ػػن حيتمػػل االسػػتهزاء بش صػػو واالسػػتهزاء بالػػدين ،وأكثػػر اسػػتهزاء ادلنػػافقني زمػػن النػػيب صػػلى اهلل عليػػو
وسػػلم كػػاف مػػن حلػػن القػػوؿ وكػػاف النػػيب صػػلى اهلل عليػػو وسػػلم يعػػرفهم بػػو ول ػػن احلػػدود واألح ػػاـ ال تنػعزؿ إالع علػى
اى ْم ِِ
ػيم ُ
(ولَػ ْػو نَ َش ػػاءُ َأل ََريْػنَػػا َك ُه ْم فَػلَ َع ػ َػرفْػتَػ ُه ْم بس ػ َ
األم ػػور البيّن ػػة ال ػػيت ُحي ػػيط هب ػػا الش ػػهود وتثب ػػحم يف الواق ػػع ،ق ػػاؿ تع ػػاىلَ :
عه ْم ِيف َحلْ ِن الْ َق ْوِؿ).
َولَتَػ ْع ِرفَػنػ ُ
ومػػن اخلط ػ يف احل ػػم علػػى ادلسػػتهزئني أف ُحي ػػم ب ف ػ ِر ادلسػػتهزئ ب ىػػل الػػدين ورجالػػو مػػن علم ػاء أو رلاىػػدين أو
متصدِّقني دوف التفريق بني أمرين:
األول :االسػػتهزاء بالػػدين ،أو برجػ ٍػل مػػن أىػػل الػػدين ألجػػل الػػدين ،كمػػن يسػػتهزئ بالعلمػػاء أل ع ػػم علمػػاءُ الشػريعة،
َّ
ومن يسػتهزئ بػذات العلػم الشػرع الػذي حيملػو العلمػاء ،أو مػن يسػتهزئ بالاىػدين أل ع ػم رلاىػدوف ،أو يسػتهزئ
بػػذات اههػػاد يف سػػبيل اهلل ،أو مػػن يسػػتهزئ بعمػػوـ علمػػاء اإلسػػالـ دوف اسػػتثناء ،أو بعمػػوـ الاىػػدين وجبهػػات
يتعني فيو أف ادلستهزأَ بو ىو الدين. اههاد دوف استثناء ،شلا ّ
ُ
والثــاني :االسػػتهزاء برجػ ٍػل مػػن أىػػل الػػدين مػػن جهػ ٍػة غػػري دينػػو ،كمػػن اسػػتهزأ بعػػا ٍمل أو رلاىػ ٍػد يف أمػ ٍر مػػن صػورتو أو
كالمو أو حنو كل من العادات اليت ليسحم من الدين ،أو استهزأ بعا ٍمل ير أنعو ليس عادلا يف احلقيقػة ،أو أنعػو عػامل
ً
ٕٔ
ٍ
دبجاىد يف احلقيقػة ،أو أ عف جهػاده باط ٌػل، ٍ
دبجاىد ير أنعو ليس ٍ
سوء من الذين ح عذر اهلل منهم يف كتابو ،أو استهزأ
فهذا وإف كاف يقع يف ٍإل عظيم يف بعض الصور إالع أنعو ال ي فر ح ي وف استهزاؤه ر ً
اجعا إىل الدين.
ومػػن أمثلػػة كلػ :مػػن اسػػتهزأ بػػاللحى ومساىػػا م ػػانس ،فهػػو كػػافر دوف توقػػف ،أمػػا مػػن اسػػتهزأ بلحيػ ِػة رجػ ٍػل معػ ّػني،
صػة ال بعمػوـ اللحػى أو بػاحل م الشػرع يف إعفػاء اللحيػة ،فهػذا ال ي فػر وإف كػاف
وكاف استهزاؤه بصػورة حليتػو خا ع
قد يفسق أو ي ل حبسب حالو.
فػػال اػػوز التسػػرع بػػالت فري لػ ّػرد مسػػاع االسػػتهزاء دوف االستفصػػاؿ والنظػػر يف ىػػذا االسػػتهزاء إىل أي ش ػ ء يعػػود؟
وب ي أي ش ٍء عُلِّق؟ واهلل أعلم وصلى اهلل وسلم على نبينا زلمد وعلى آلو وصحبو أصبعني.
ٕٕ
الناقض ال ابع :ال حر
احلمد هلل رب العادلني ،والصالة والسالـ على أشرؼ ادلرسلني نبينا زلمد وعلى آلو وصحابتو أصبعني ،أما بعد:
وقػػد ككػػر الشػػيخ زلمػػد بػػن عبػػد الوىػػاب يف رسػػالة النػواقض ىػػذا النػػاقض سػػابع النػواقض الػػيت زبػػرج العبػػد مػػن ادللػػة،
واستدؿ عليو هبذه اآلية.
ف ػػذىب اهم ػػاىري إىل كف ػػر الس ػػاحر مطل ًق ػػا أخ ػ ًذا بظ ػػاىر اآلي ػػة ،وكى ػػب الش ػػافع إىل التفص ػػيل ادل ػػذكور ،ورأ أف
حاؿ ،بل يستفصل ويُس ؿ عن سحره فإف كاف فيو كفر ح م ب فره وإال فال. الساحر ال ي فر ب ل ٍ
إف للسحر حقيقة شرعية ،وحقيقة لغوية ،فاحلقيقة اللغوية كما قاؿ أىل العلػم شػاملة ل ػل مػا خفػ ولطُػف سػببو،
فتشمل سػحر البيػاف ،وتشػمل أنػواع احليػل واخلػدع الػيت تػ يت بػ مور مسػتغر ٍبة عنػد مػن مل يعرفهػا علػى التفصػيل ،وإف
كانػػحم راجع ػةً إىل الطبيعػػة وخصائصػػها وتفػػاعالت ادل ػواد ال يميائيػػة أو اخل ػواص الفيزيائيػػة لألشػػياء ،وىػػذا كلػػو مػػن
ادلباح ما مل يُستعمل يف زلرـ وتشمل السحر ادلعروؼ وغريه.
وأمػػا احلقيقػػة الشػػرعية فإ ع ػػا سلتصػػة بالسػػحر الػػذي ككػػره اهلل يف اآليػػة ادل ػ خوك عػػن الشػػياطني وىػػو سػػحر قػػائم علػػى
الشػػرؾ معتم ػ ٌد عليػػو ،ال يػػتم إال باالسػػتغاةة بػػاهن والشػػياطني ،واالسػػتهزاء بالػػدين وسػػب رب العػػادلني ،وىػػذا أمػػر
كادلسلعم عند العارفني بو.
ٖٕ
ػحرا باحلقيقػػة الشػػرعية مػػن سػػحر السػػحرة الػػذي يُعػػرؼ ب ماراتػػو مػػن الطالسػػم ادلعهػػودة عػػن السػػحرة،
فمػػا كػػاف سػ ً
والعقد اليت يُنفث فيها ،واآلةار اليت يُعرؼ أ ا ت وف عن ىذا السحر كالتفريق بني ادلرء وزوجو وىػو الصػرؼ ،وكػذا
أسباب ظاىرٍة ،ويثبحم كونو ناذبًا عن سحر كل الساحر ،وحنو ىػذه األمػارات ،فهػ ظػاىرة ٍ العطف شلا ي وف بال
يثبحم هبا السحر كما تثبحم األح اـ بالبينات ادلعروفة ،ما كاف من ىذا الباب فهو كفر سلرج من ادللة.
وأمػػا مػػا نُظػػر فيػػو ُفوجػػد أنػعػو راجػػع إىل أمػػور مػػن السػػنن ال ونيػػة واخلصػػائب الطبيعيػػة الػػيت يعرفهػػا أىػػل كػػل شػ ف يف
سحرا لبعد أكىاف كثري من النػاس عػن إدراؾ كنههػا ،وكػبعض احليػل ادلعروفػة ش م ،كادل رتعات احلديثة اليت ظُنعحم ً
ػاح لػيس فيػو إال اسػتعماؿ مػا خلػق ةريا خارقًػا للعػادة يف وىػم مػن اهلهػا وحنػو كلػ ،فهػذا مب ٌ من خلط مواد تمةر ت ً
اهلل على وجو ال زلذور فيو ما مل يُتو عسل هبا إىل زلعرـ.
وهبذا القوؿ اتمع قوؿ الشافع مع قوؿ اهمهور ،فالشافع عمم اسم السحر واشػرتط ةبػوت فعػل الشػرؾ يف كػل
و ٍ
اقعة من السحر حني رأ أف السحر ي وف بشرؾ وبػدوف شػرؾ ،فػرأ أف ال ُحي ػم ب فػر السػاحر حػ يثبػحم أف
سحره من النوع الذي فيو الشرؾ.
كما أ عف اهمهور حني أطلقوا كفر الساحر مل يريدوا األنواع اليت ترجع إىل طبائع ادلواد ،وال يمياء الصػحيحة ،وحنػو
كل من األمور اليت ال دييزىا إال خفاء أسباهبا عن كثري من الناس.
وحنن نقوؿ :إ عف الساحر ُحي م بسػحره دبجػرد ةبػوت السػحر عنػو ،ونريػد بالسػحر معنػاه الشػرع ع الػذي ال ي ػوف إالع
ِ
بالشرؾ ،فما علق الشافع احل م على ةبوتو ،علمنا ةبوتَو فاستغنينا عن تعليق احل م بو.
والنوع اآلخر الذي ككره الشافع وجعلو دوف ال فر وىو ما كاف بغري األلفػاظ الشػركية ،فإنعػو مل يثبػحم وجػوده وإعإلػا
احتمل لوجود ما ال يُفهم من طالسم السحرة ،وتعليق احل م هبا ال يصػح عنػد مػن علػم أ ع ػا وإف مل تُعلػم تفاصػيل
معانيهػػا ال زبلػػو مػػن الشػػرؾ حبػ ٍ
ػاؿ مػػن األحػواؿ ،علػػى أ عف معرفػػة مػػا فيهػػا اليػػوـ ليسػػحم بادلتعػػذرة بػػل يف كتػػب السػػحر
ػريا فلػم يوجػد شػ ء مػن طالمسهػم وكتابػاهتم خيلػو مػن اليت توجد عندىم ما يواح معانيها ويبينهػا وقػد نُظػر فيهػا كث ً
الشرؾ ،ومثل ىذا مع استفااتو دبنزلة البينة اليت اشرتطها الشافع يف احل م ب فر الساحر.
ناقضػػا مسػػتقالًّ عػػن غػػريه مػػن النػواقض ،بػػل ىػػو يف احلقيقػػة عائػػد إىل نػواقض أخػػر
وعلػػى ىػػذا فػػال ي ػػوف السػػحر ً
م فرةٍ بذاهتا.
ومن األح اـ الثابتة يف الساحر الذي ةبحم كفػره عنػد الشػافع ومطل ًقػا عنػد اهمهػور :اػرب عنقػو بالسػيف ،وقػد
ةبحم من كالـ جندب بن جنادة وعمر بن اخلطاب ومن فعل حفصػة بنػحم عمػر بػن اخلطػاب راػ اهلل عػنهم قت ُػل
الساحر ،ف اف يف كتاب عمر بن اخلطاب الػذي رواه جبالػة بػن عبػدة :اقتلػوا كػل سػاحر وسػاحرة ،قػاؿ جبالػة فقتلنػا
ٕٗ
ةػػالث س ػواحر ،وقػػد اختصػػر الب ػػاري ىػػذا احلػػديث فػػرو بعضػػو وأسػػنده غػػريه بتمامػػو وىػػو علػػى ش ػػرطو ،وقػػاؿ
جندب :حد الساحر اربو بالسيف ،وأمرت حفصة بقتل جار ٍية ذلا سحرهتا.
وأما لبيد بن األعصم الذي سحر النيب صلى اهلل عليو وسلم ومل يقتلو النيب ،فح مو سلتلف من وجوه:
األول :أف علة قتل الساحر ى الردة ،ولبيد يهودي مل يسلم أصالً فانتفحم العلة فيو من جهة السػحر وبقيػحم مػن
جهػة العػػدواف ،وىػػذا حػػق خػاص للنػػيب صػػلى اهلل عليػػو وسػلم لػػو إسػػقاطو ولػػو ادلطالبػة بػػو ،وانتقػػاض عهػػده بالعػػدواف
إإلا ي وف حيث ال يسقط صاحب احلق حقو أما إف أسقطو فال ألف احلق فيو حق خاص.
الثــاني :أف ةبػػوت السػػحر عليػػو مل ي ػػن ببينػػة ،وإإلػػا كػػاف بػػالوح ،واألرجػػح أف النػػيب صػػلى اهلل عليػػو وسػػلم مل ي ػػن
ي خذ يف األح اـ القضائية بالوح بل كاف ي خذ بالبينات.
الثالـث :أ عف تػرؾ النػػيب صػلى اهلل عليػػو وسػلم لقتلػػو متقػدـ علػى فعػػل الصػحابة وأمػػر عمػر بػػن اخلطػاب ،فيحتمػػل أف
حد الساحر إإلا ُشرع بعد كل وأفعاؿ الصحابة دليل على آخر األمرين.
ىذا واهلل أعلم وصلى اهلل وسلم على نبينا زلمد وعلى آلو وصحبو أصبعني.
ٕ٘
الناقض الثامن :دولي الكافرين ومظاهردهم على الم لمين
احلمد هلل رب العادلني ،والصالة والسالـ على أشرؼ ادلرسلني ،نبينا زلمد وعلى آلو وصحابتو أصبعني ،أما بعد:
فإف من نواقض اإلسالـ اليت كثر الوقوع فيها يف قدم العصػور وحػديثها :تػو ال ػافرين ومظػاىرهتم علػى ادلسػلمني،
ػرؾ يف عبادتػػو ،ومل ي ػواؿ ادلػػممنني ويعػ ِ
ػاد ال ػػافرين فلػػيس دبسػػلم ،إك قيػػاـ الػػدين علػػى والعبػػد إكا و عحػػد اهلل وتػػرؾ الشػ َ
ُ
ومعاداةِ أعدائِو.
توحيد اهلل عز وجل وال فر دبا يُعبد من دونو ،ومواالة أولياء اهلل ُ
ض ُػه ْم أ َْولِيَػاءُ بػَ ْع ٍ
ػض َوَم ْػن يػَتَػ َػوعذلُ ْم ِمػْن ُ ْم ِ
عص َػار أ َْوليَػاءَ بػَ ْع ُ
ػود َوالن َ
ِ
ين َآمنُػوا ال تَػتع ػ ُذوا الْيَػ ُه َ
عِ
قاؿ اهلل عز وجل (يَا أَيػُّ َهػا الػذ َ
ض يُ َسػػا ِرعُو َف فِ ػي ِه ْم يػَ ُقولُػػو َف َ ْ َشػػى أَ ْف ِِ
ين ِيف قُػلُػػوهب ْم َمػ َػر ٌ
عِ
ني ا فَػتَ ػ َػر الػػذ َ
ِِ ِ ِ
فَِإنػعػوُ م ػْنػ ُه ْم إِ عف اللعػػوَ ال يػَ ْهػػدي الْ َقػ ْػوَـ الظعػػالم َ
ػوؿ
ني ا َويػَ ُقػ ُ ِِ ِ
َسػ ُّػروا ِيف أَنْػ ُفس ػ ِه ْم نػَػادم َ صػػيبَػنَا َدائػِػرةٌ فَػ َعسػػى اللعػػوُ أَ ْف يَػ ِْيت بِػػالْ َفْت ِح أ َْو أ َْمػ ٍر ِمػ ْػن ِعْنػ ِػدهِ فَػيُ ْ ِ
تُ ِ
صػب ُحوا َعلَػػى َمػػا أ َ َ َ َ
ِ ِِ ِ ِ عِ عِ
ين).َصبَ ُحوا َخاس ِر َ حم أ َْع َما ُذلُ ْم فَ ْ ين أَقْ َس ُموا بِاللعو َج ْه َد أَْديَا ْم إِنػ ُعه ْم لَ َم َع ُ ْم َحبِطَ ْ ين َآمنُوا أ ََى ُمالء الذ َ الذ َ
وقد نزلحم ىػذه اآليػات يف عبػد اهلل بػن أهلل بػن سػلوؿ ومواالتػو ألوليائػو مػن اليهػود ،ومل يعػرؼ أكثػر الصػحابة نفاقػو
ين أَقْ َسػ ُػموا بِاللعػ ِػو َج ْهػ َػد أَْديػَػا ِِ ْم إِنػ ُعهػ ْػم لَ َم َع ُ ػ ْػم ِ عِ إال يومئػػذ ويف ىػػذا قػػاؿ اهلل سػػبحانو( :ويػ ُقػ ُ ع ِ
ين َآمنُػوا أ ََىػ ُػمالء الػػذ َ
ػوؿ الػػذ َ ََ
ِ
ين) ،وادل ػواالة لل ػػافرين ت ػػوف كفػ ًػرا بالقلػػب وبالعمػػل وباالعتقػػاد وال يشػػرتط أف َصػػبَ ُحوا َخاس ػ ِر َ َحبِطَػ ْ
ػحم أ َْع َمػػا ُذلُ ْم فَ ْ
يقار ػا صبيعهػا االعتقػػاد ،بػل مػػذىب أىػل السػػنة أف اإلديػاف واخلػروج منػػو ي ػوف بقػػوؿ رلػرد أو عمػػل رلػرد أو اعتقػ ٍ
ػاد
رلرد.
فػػإف قيػػل يع ػػر علػػى االسػػتدالؿ باآليػػة أ ػػم قػػالوه كػػاكبني يف كل ػ فػػال يُلحػػق هبػػم مػػن يعتػػذر بػػذل وىػػو صػػادؽ
فاهواب من وجوه:
األول :أ م كانوا ازبذوا أولياءىم من اليهود أوليػاء يف اهاىليػة ،ومل ي ػن لػذل سػبب إال خػوؼ الػدوائر ،وقلػوهبم
مل تشبع من التوحيد وحسن الظن باهلل ما اعلها تستغين عن واليتها اهاىلية فهػ علػى خوفهػا وىلعهػا ،ومقتضػى
ىذا أ م صادقوف يف قوذلم شى أف تصيبنا دائرة.
ٕٙ
الثاني :أ عف اهلل عز وجل مل يُ ِّذهبم يف ىذا ومل يرده عليهم فهو دليل علػى صػحتو ،مػع وجػود غػريه مػن النػواقض يف
ِِ ِ
َسُّروا ِيف أَنْػ ُفس ِه ْم نَادم َ
ني). قلوهبم كما قاؿ( :فَػيُ ْ ِ
صب ُحوا َعلَى َما أ َ
ع
سرونو ،وادلممنوف ح موا ب فػرىم وقػحم الثالث :أف ال فر إإلا ُحي م بو يف الدنيا على ما يُظهره الناس ال على ما يُ ّ
ِِ ِ ِ عِ كلػ كمػػا يف اآليػػة( :ويػ ُقػ ُ ع ِ
ين أَقْ َسػ ُػموا بِاللعػػو َج ْهػ َػد أَْديػَػا ْم إِنػ ُعهػ ْػم لَ َم َع ُ ػ ْػم َحبِطَػ ْ
ػحم أ َْع َمػػا ُذلُ ْم ين َآمنُػوا أ ََىػ ُػمالء الػػذ َ
ػوؿ الػػذ َ ََ
ػب مسػػتقل للح ػػم ب فػػرىم ،والػذي ظهػػر مػػنهم إإلػػا ػدؿ علػػى أ عف مػا ظهػػر مػػنهم وحػػده موج ٍ ِ
اسػ ِرين) ،فػ ع
َصػبَ ُحوا َخ َفَ ْ
ىو ادلواالة العملية ،وال دي ن الشق عن قلوهبم ومعرفة أفعلوا كل عن زلبة لل فر وأىلو أـ ال؟
ػحيحا ،وأ عف اخلط ػ مل ي ػػن يف اعتػػذارىم بػػو الرابــع :أف مقتضػػى ىػػذا القػػوؿ أ عف عػػذر ادلنػػافقني كػػاف عػ ً
ػذرا شػػرعيًّا صػ ً
ػذرا
ػذـ مػع كونػو ع ًوإعإلا دبا يف قلوهبم ،مع أ عف اهلل سبحانو ككر عنهم ىذا العذر بعينو على جهة الػذـ وال دي ػن أف ي ّ
شرعيًّا.
ػذرا شػرعيًّا ول نػو معصػية ولػيس كف ًػرا ،فػاهواب :أ ع ػم ارت بػوا كف ًػرا بػنب اآليػة،
فإف قيل :ال يلزـ أف ي ػوف العػذر ع ً
فإف مل ي ن العذر شرعيًّا لزمهم ح م ال فر وال ةالث بني احلالني.
واآليػػة مػػن أصػػرح النصػػوص يف ت فػػري مػػن تػػوىل ال ػػافرين بعملػػو أو بقولػػو وإف مل ي ػػن عػػن زلبػػة لػػدينهم ،وال دي ػػن
اهواب عنها إال بتحريف ال لم عن موااعو و اللساف بال تاب ،كما يفعل كل اليوـ من ال خالؽ ذلم.
والػدائرة الػيت كػػانوا خيشػو ا قيػػل ىػ الفقػر ،وقيػػل احلػرب ،وكالمهػػا يعتػذر بػو ادلرتػػدوف اليػوـ ،فإ عمػػا أف يتػذرعوا خبػػوؼ
واػػادؿ
الفقػػر وانقطػػاع الػػنفط والرواتػػب كمػػا قػػاؿ كلػ بعػػض مػػن يلػػبس ةيػػاب العلػػم وينطػػق باسػػم طواغيػػحم اهزيػػرة ُ
عنهم يف احلياة الدنيا ،وإ عما أف يتذرعوا باخلوؼ من العدو كالنظاـ العراق البعث السابق وحنػوه ،وكالمهػا سػريٌ مػنهم
على سنّة أسالفهم من ادلنافقني.
وللتػػو صػػور عديػػدة وأن ػواع سلتلفػػة ،فمنهػػا الوقػػوؼ مػػع ال ػػافرين علػػى ادلػػممنني وأعظػػم كل ػ مػػا ي ػػوف يف احلػػرب
والقتػػاؿ ،وقػػد قػػاؿ اهلل عػػز وجػػل( :أَ َمل تَػػر إِ َىل العػ ِػذين نػَػافَػ ُقوا يػ ُقولُػػو َف ِِإل ْخػػوا ِِم العػ ِػذين َك َفػػروا ِمػػن أ َْىػ ِػل الْ ِتَػ ِ
ػاب لَػػئِ ْن َ ُ َ ُ ْ َ َ ْ َ
ِ
صػ َػرنع ُ ْم َواللعػػوُ يَ ْشػ َػه ُد إِنػ ُعهػ ْػم لَ َ ػػاكبُو َف) ،فعػػد اهلل ِ ِ ِ
َحػػداً أَبػَػداً َوإِ ْف قُػػوت ْلتُ ْم لَنَػْن ُ
ُخػ ِر ْجتُ ْم لَنَ ْ ػ ُػر َج عن َم َع ُ ػ ْػم َوال نُطيػ ُػع فػػي ُ ْم أ َ
أْ
كفرا ومسػى مػن فعلػو منػافقني ،ف يػف دبػن خػرج حقيقػة وسػار ربػحم لػوائهم وقاتػل وعدىم إلخوا م ال فار بالنصرة ً
ػات شػهد اهلل ب ػذهبا وال وجػود يف صفهم؟ ىذا وىم كاكبوف يف قوذلم ووعدىم فليس وعػدىم ذلػم بالنصػرة إال كلم ٍ
وى ْم لَيُ ػ َػولُّ عن ْاأل َْدبَػ َػار لُع ال ِ ِ ِ ِ
ص ػ ُر ُ ُخ ِر ُج ػوا ال َخيُْر ُجػػو َف َم َع ُهػ ْػم َولَػػئ ْن قُوتلُ ػوا ال يػَْن ُ
صػ ُػرونػَ ُه ْم َولَػػئ ْن نَ َ ذلػػا يف الواقػػع ،بػػل (لَػػئ ْن أ ْ
صػ ُػرو َف) ،ف يػػف دبػػن كػػاف صػػادقًا بقولػػو وفعلػػو يف نصػػرة ال ػػافرين علػػى ادلسػػلمني ومظػػاىرة أمري ػػا علػػى الشػػعوب
يػُْن َ
ادلسلمة ،واهماعات الاىدة يف سبيل اهلل؟
ٕٚ
ػودا كليًّػا ،فضػالً عػن الزيػادة يف
ومن تػوليهم التصػريح بإن ػار عػداوهتم وبغضػهم ،وجحػود ىػذا األصػل الشػرع جح ً
كل بإعالف احملبة واالتفاؽ واالرباد ووحدة ادلصري والصداقة الدائمة وادلودة اخلالصة.
وقػػد ككػػر الشػػيخ زلمػػد بػػن عبػػد الوىػػاب رضبػػو اهلل تعػػاىل ىػػذا النػػاقض ةػػامن الن ػواقض يف رسػػالتو ادلشػػهورة ،واقتصػػر
على ككر ادلظاىرة وى أصل ادلودة وقطب رحاىا الذي تدور أكثر صورىا عليو ،والشيخ يف رسػالتو كمػا أسػلفنا مل
يقصد إىل االستيعاب يف النواقض بل اقتصر على ما ت ثر احلاجة إليو والوقوع فيو يف وقتو.
وصلى اهلل وسلم على عبده ورسولو زلمد وعلى آلو وصحبو أصبعني.
ٕٛ
الناقض التاسع :من اعتقد أن أح ًدا ي عه الخروج عن شريعة
محمد صلى اهلل عليه وسلم
احلمد هلل ،والصالة والسالـ على رسولو اهلل ،وعلى آلو وصحبو ومن اىتد هبداه ،أما بعد:
فقد أكمل اهلل عز وجل لنا الدين وأ النعمة ،وكاف الدين عنده اإلسالـ فمن ابتغى غريه دينًػا مل يُقبػل منػو وىػو يف
اآلخرة من اخلاسرين.
أحدا من البشػر يسػعو أف خيػرج عػن شػرع خػا النبيػني ومن النواقض االعتقادية اليت ُزبرج العبد من ادللعة :اعتقاد أف ً
وسػػيد األولػػني واآلخ ػرين ،س ػواء إىل ش ػر ِ
يعة غػػريه مػػن األنبيػػاء مػػن الش ػرائع ادلنسػػوخة ،أو اتبػػاع مػػا واػػعو البشػػر مػػن ً
القوانني أو أماله اذلو وإبليس اللعني.
وقػػد ككػػر الشػػيخ زلمػػد بػػن عبػػد الوىػػاب ىػػذا النػػاقض فقػػاؿ” :النػػاقض التاسػػع :مػػن اعتقػػد أف بعػػض النػػاس يسػػعو
اخلػػروج عػػن ش ػريعة زلمػػد صػػلى اهلل عليػػو وسػػلم ،كمػػا وسػػع اخلضػػر اخلػػروج عػػن ش ػريعة موسػػى عليػػو السػػالـ ،فهػػو
كافر“.
والذي يعتقد أف من الناس من يسعو اخلروج عن شريعة زلمد صػلى اهلل عليػو وسػلم ،يلزمػو ت ػذيب النػيب صػلى اهلل
عليو وسلم يف عموـ رسالتو ،وت ػذيب اهلل عػز وجػل يف خػاه بإرسػاؿ زلمػد صػلى اهلل عليػو وسػلم إىل النػاس كافعػة،
ػالـ ِدينػاً فَػلَ ْػن يػُ ْقبَ َػل
األس ِ ِ
وجحود أوامر اهلل عز وجل باتباع الشريعة والدين كافعة ،قاؿ اهلل عز وجلَ :
(وَم ْن يػَْبتَ ِ َغْيػ َػر ْ ْ
ِمْنو وىو ِيف ْاآل ِخرِة ِمن ْ ِ
اخلَاس ِر َ
ين). َ َ ُ ََُ
ويدخل يف ىذا الناقض ةالث مقاالت كفرية مشهورة:
المقالــة األولــى :مػػن يعتقػػد أنػػو اػػوز لليهػػود والنصػػار أو بعضػػهم أف يبقػوا علػػى أديػػا م بعػػد بعثػػة زلمػػد صػػلى اهلل
زلمدا صلى اهلل عليو وسلم ،وىذا القوؿ كفػر صػريح ال مريػة فيػو ،وقػد عليو وسلم ،أو أ م ال ي فروف إف مل يتبعوا ً
قػػاؿ أكػػرـ اخللػػق صػػلى اهلل عليػػو وسػػلم” :والػػذي نفس ػ بيػػده ال يسػػمع هلل يهػػودي وال نص ػراين ل ال يػُػممن هلل إالع
كاف من أصحاب النعار“.
ٕٜ
وقد كاف من اليهود والنصار من يعلنوف وال ين روف إديا م بنبوة زلمد صلى اهلل عليػو وسػلم وصػحة رسػالتو ،وقػد
ككػػر كلػ ابػػن القػػيم عػػن بعػػض علمػػاء أىػػل ال تػػاب وأنػػو قػػاؿ :كػػل منصػػف منػػا يعلػػم نبوتػػو ،ول ػػنهم ي ػدععوف أف
رسػالتو خاصػػة بػػالعرب ،وىػػذا ال ي فػيهم وال خيػػرجهم مػػن ال فػػر ،بػل إف كػػاف نبيًػػا صػػادقًا فقػد أخػػا بعمػػوـ رسػػالتو
وب فر من مل يتبعو ،وأبػاح دمػاءىم وأمػواذلم وأوجػب قتػا َذلم ،وتصػديقهم لػو بػبعض رسػالتو مػن جػنس كفػرىم الػذي
ض) ،وال ش ػ أف ال فػػر بػػبعض ال تػػاب أو ض الْ ِتَػ ِ
ػاب َوتَ ْ ُفػ ُػرو َف بِػبَػ ْع ٍ ح ػػاه اهلل عػػنهم يف القػػرآف (أَفَػتُػ ْمِمنُػػو َف بِػبَػ ْع ِ
ببعض نبوة النيب صػلى اهلل عليػو وسػلم ،أو بشػ ء شلػا أخػا بػو كفػر جبميػع ال تػب والرسػل ،ولػذل قػاؿ اهلل تعػاىل:
ِ
نوح عليو السالـ. ني) ومل يُبعث يف وقتهم رسوؿ غري ٍ وح الْ ُم ْر َسل َ ( َك عذبَ ْ
حم قَػ ْوُـ نُ ٍ
المقالــة الثانيــة :مػػن يعتقػػد أف اخلػػروج عػػن بعػػض أح ػػاـ الشػريعة جػػائز يف العصػػور ادلتػ خرة ،وأف مػػن اخلطػ األخػػذ
بال عشػريعة كلهػػا بػػل ال بػػد مػن أف يُضػػاؼ إليهػػا مػػا ي ملهػػا ،سػواء كػػاف مػػا يريػػدوف ت ميػل شػػرع اهلل بػػو مػػن ادلػػذاىب
الف رية العصرية ،أو القوانني الواعية ال فرية.
َح َسػ ُػن ِمػ َػن اللعػ ِػو ُح ْ مػاً لَِقػ ْػوٍـ يُوقِنُػػو َف) وىػػذا كفػػر صػريح وابتغػػاء لغػػري ح ػػم اهاىليػػة (أَفَح ْ ػػم ْ ِ ِ ِ
اهَاىليعػػة يػَْبػغُػػو َف َوَمػ ْػن أ ْ ُ َ
والػػنقب والباطػػل ال يػ يت مػػن قبػػل كتػػاب اهلل ودينػػو وشػػرعو ،بػػل مػػن عقػػوذلم القاصػػرة الضػػعيفة ،أمػػا كتػػاب اهلل فػػ(ال
ضب ٍني ي َدي ِو وال ِمن خ ْل ِف ِو تَػْن ِزيل ِمن ح ِي ٍم َِ ِِ ِ ِ
يد). ٌ ْ َ يَْتيو الْبَاط ُل م ْن بػَ ْ ِ َ ْ َ ْ َ
ومػػن ىػػمالء ادلرتػػدين مػػن ُاػػادلوف اليػػوـ عػػن القػوانني الواػػعية ،فيػدععوف أف نظػػاـ العمػػل والعمػػاؿ الواػػع الطػػاغويت
وإف كػػاف مػ خوكًا عػػن الغػػرب إال أنػػو ال بػػد منػػو حلفػػظ حقػػوؽ العمػػاؿ ،وأف نظػػاـ احمل مػػة التجاريػػة اػػروري ألجػػل
مسػػتجدعات العصػػر ،ويقػػوؿ بعضػػهم بلسػػاف حالػػو ،وبعػػض بلسػػاف مقالػػو :إف األح ػػاـ الشػػرعية ال ت فػ وال تف ػ
ػاب ِم ْػن َشػ ْ ٍء)،
دبتطلبات العصر ومستجدعاتو ،وىػذا كفػر صػريح وت ػذيب هلل عػز وجػل القائػل( :مػا فَػعرطْنَػا ِيف الْ ِتَ ِ
َ
والعجيػػب أف اػػرتئ أصػػحاب ىػػذا ال فػػر علػػى علػػوـ الش ػريعة فيح مػػوف عليهػػا بػػالنف وخبلوىػػا مػػن األح ػػاـ يف
ادلستجدات ،والنفػ ال ي ػوف إال عػن علػم ،وىػمالء أجهػل النػاس بشػرع اهلل ،وأبعػدىم عػن معرفػة األح ػاـ وأدلتهػا
وقواعدىا واستنباطاهتا ،ومع كلػ فهػم حي مػوف بقػوانني مواػوعة منػذ مئػات السػنني ومل يغػري فيهػا شػ ء إال مػا ال
يػُػذكر ،وال يػػروف أف العصػػر ذبػػاوز ىػػذه القػوانني فيبحثػػوف ذلػػا عػػن بػػديل ،بػػل ال يريػػدوف ذلػػا بػػديالً ،وال يبحثػػوف عػػن
كف ٍر سواىا ،وما كاؾ إال تلبيس عدو اهلل إبليس على أوليائو.
ومػػن يقػػوؿ هبػػذه ادلقالػػة شلػػن حي ػػم هبػػذه الق ػوانني الواػػعية امػػع كف ػرين :ال فػػر العمل ػ دبػػا حي ػػم بػػو مػػن الق ػوانني
ال فرية ،وال فر االعتقادي باستحاللو لل فر وذبويزه لو ودفاعو عنو ،وقد الشيخ قػاؿ زلمػد بػن عبػد الوىػاب رضبػو
اهلل :وكذل ن فِّر من زيّن الشرؾ وأقاـ الشبهة الباطلة على إباحتو ،وكفر مػن يسػتحل احل ػم بغػري مػا أنػزؿ اهلل شلػا
يُنازع فيو ح ع ادلرجئة.
ٖٓ
المقالــة الثالثــة :مػػن يعتقػػد أنػػو اػػوز لل اصػػة ،أو لألوليػػاء اخلػػروج عػػن الشػريعة الػػيت جػػاء هبػػا زلمػػد صػػلى اهلل عليػػو
ػب ،وىػمالء غػالة الصػوفية وىػم وسلم ،والعمل دبا يسمونو احلقيقة ،واعلوف الشريعة دبنزلة القشػر واحلقيقػة دبنزلػة اللُّ ِّ
الذين يستدلوف بفعل اخلضر مع موسى.
وخَر َؽ سفينةَ من أحسػن إليػو ،وكػاف واستدالذلم ىو ب ف اخلضر تصرؼ بغري ما يقتضيو ظاىر الشرع :فقتل الصيبَ ،
فعلو يف الظاىر من ًرا ،ويف الباطن عني ح م اهلل ،ومل يلتزـ اخلضر شريعة موسى اليت تقتضػ منعػو مػن قتػل الػنفس
ِ ػحم نػَ ْفسػاً َزكِيعػةً بِغَػ ِْػري نػَ ْفػ ٍ
ػحم
ػس لََقػ ْد جْئػ َ وزبريػػب السػػفينة ،وال اسػػتمع إىل إن ػػار موسػػى عليػػو السػػالـ حػػني قػػاؿ( :أَقَػتَػ ْلػ َ
حم َشْيئاً إِ ْمراً). ِ ِ
َخَرقْػتَػ َها لتُػ ْغ ِر َؽ أ َْىلَ َها لََق ْد جْئ َ
َشْيئاً نُ ْ راً) ،وقاؿ يف خرؽ السفينة( :أ َ
وىػذا اسػػتدالؿ باطػػل؛ فاخلضػر أوالً كػػاف أعلػػم مػن موسػػى كمػػا يف الصػحيحني مػػن حػػديث أهلل بػن كعػػب عػػن النػػيب
صلى اهلل عليو وسلم :أف موسى وعظ الناس ،فذكر احلديث وفيو أف رجالً س ؿ موسػى أي النػاس أعلػم؟ قػاؿ أنػا،
عبدا من عبادي دبجمع البحرين ىو أعلم من .فعتب اهلل عليو أف مل يرد العلم إليو ف وحى إليو :أف ً
وما فعلو اخلضر شلا أن ػره موسػى كػاف لػد اخلضػر فيػو زيػادة علػم ،فػإكا قيػل إف العلػم الػذي اخػتب بػو اخلضػر ىػو
ػدما نفسػػو علػػى موسػػى يف العلػػم علػم احلقيقػػة كمػػا يػدععوف ،كػػاف مػػن يػ ّدع كلػ العلػم مػػن أوليػػائهم وُشل ػػرقيهم مقػ ً
ألف موسػػى مل ي ػن يعلػػم مػػا علمػػو اخلضػػر ،وإف أُريػػد علػػم الش ػريعة فلػػيس فيػػو ح عجػػة ذلػػم يف التفريػػق بػػني احلقيقػػة
والشريعة وادعاء أف فعل اخلضر جر على علم احلقيقة.
األول :ما ظاىره أنو جائز ال حيرـ ،وباطنو أنو عمل صا ،وىو بناء اهدار ألف بنػاء اهػدار ولػو مل ي ػن ربتػو كنػز
ألحد جائز مباح ،وإإلا استن ر موسى ارت ابو لتل ادلشقة بال أجرة ،شلن ال يستحق التاع لو بذل .
الثاني :ما ظاىره أنو زلرـ ،وسػبب اسػتثنائو مػن التحػرم داخػل يف علػوـ البشػر غػري األنبيػاء ،فػيُم ن أف يفعلػو النػيب
وغػري النػيب ،وىػو خػػرؽ السػفينة ،فلػو أف رجػالً علػػم عػن ملػ ظػػامل يغصػب السػفن ،جػاز لػػو أف يعيػب سػفينة غػػريه
الستنقاكىا ،وإإلا استن ار موسى ألنعو مل يعلم سبب االستثناء.
الثالث :ما ظاىره أنػو زلػرـ ،وسػبب اسػتثنائو مػن التحػرم شلػا ال يُعػرؼ إال بػالوح ،وىػو قتػل الصػيب ،فػال ُدي ػن أف
ػريا منػػو
يعػرؼ أحػد أف كلػ الصػػيب سػي فر وت ػوف مفسػدة بقائػػو أعظػم مػن مفسػدة قتلػػو ،وأف اهلل سػيبدؿ أبويػو خ ً
إال بوح من اهلل عز وجل ،فهو ح م شرع صحيح ول ن ال ُدي ػن أف يعمػل بػو إال األنبيػاء ،وقػد يُػوح اهلل إىل
نيب من األنبياء بسبب إباحة القتل دوف اآلخر.
ٖٔ
والعلة يف القتل يف صبيع الصور الثالث اليت فعلها اخلضر علة صحيحة ذبري علػى أح ػاـ الشػريعة ادلعروفػة ،والفػرؽ
إإلا ىو يف زيادة معرفة بػالواقع أو بالغيػب ادلسػتقبل لػد نػيب اهلل اخلضػر ،ومػع كلػ فلػم يسػ حم اخلضػر عػن كلػ
ث لَػ َ ِمْنػوُ ِك ْكػراً) فػ خاه قبػل ػاؿ فَػِإ ِف اتػعبػعت ِػين فَػال تَسػ َلِْين عػن شػ ٍء حػ ع أ ِ
ُحػد َ
ْ َْ َْ َ ْ َ َْ وي تمو عن موسى ،بل قػاؿ لػو( :قَ َ
ويواح لو العلل واألح اـ. أف يفعل ما فعل أنو سيُ ّبني لو األمر ّ
ولو أف رجالً فعل ما فعلو نيب اهلل اخلضر ل عُلم منو سبب ُمبيح دلا فعلػو سػقط عنػو الضػماف ،بػل واسػتحق الشػ ر
والثػواب علػػى فعلػػو ،بشػػرط أف ي ػػوف كلػ شلػػا ُدي ػن إةباتػػو بالبينػػة يف حػػق عامػػة النػػاس أمػػا األنبيػػاء فهػػم لصػػدقهم
مستغنوف عن البينات.
ف ػ ين ىػػذا شلػػا يرت بػػو زنادقػػة التصػػوؼ مػػن ركػػوب الفػػروج احملرمػػة ،وارت ػػاب احملرمػػات الػػيت ال ُدي ػػن أف تُبػػاح ل مػػع
كل ال يظهروف علةً تُبيح ما فعلوه وال جوابًا عما ينته وف من حدود اهلل؟!
وادلقاالت الثالث سواء يف ال فػر وقػد ظهػرت كػل مقالػة يف عصػر ،وابتُلػ ب ػل فتن ٍػة وردة أقػواـ ،نسػ ؿ اهلل الثبػات
على احلق واذلد والتوحيد واههاد ح نلقاه ،وآخر دعوانا أف احلمد هلل رب العادلني.
ٕٖ
الناقض العاشر :اإلعراض عن دين اهلل؛ ال يتعلمه وال يعمل به
احلمد هلل ،والصالة والسالـ على رسولو اهلل ،وعلى آلو وصحبو ومن اىتد هبداه ،أما بعد:
فػػإ عف مػػن ال فػػر ادلبػػني ،ادل ػػرج عػػن ادللػػة والػػدين :اإلعػراض عػػن ديػػن اهلل عػػز وجػػل ،وتػػرؾ تعلُّمػػو أو العمػػل بػػو ،وىػػو
ُ
آخر النواقض اليت ككرىا زلمد بن عبد الوىاب يف رسالتو الشهرية :نواقض اإلسالـ.
داخل يف مس لة تػرؾ جػنس األعمػاؿ ،وتػرؾ جػنس العمػل التاـ عن دين اهلل بال ليعة ،وىذا ٌ الوجه األول :اإلعراض ّ
اض عػػن العمػػل بال ليػػة ،فهػ داخلػةٌ يف ىػػذا النػػاقض مػػن ىػػذا الوجػػو ،والظػػاىر مػػن كػػالـ الشػػيخ أنػعػو يعػػين ىػػذا
إعػر ٌ
الناقض.
ٍ
والوجه الثاني :ترؾ التزاـ شػ ء مػن أح ػاـ اهلل وشػريعتو ،وىػذا إعػر ٌ
اض خػاص عػن بعػض األح ػاـ ،وتػارؾ االلتػزاـ
ي فػػر إف تػػرؾ الت ػزاـ ش ػ ء مػػن األح ػػاـ الشػػرعية ،فلػػم حيػػرـ مػػا حػػرـ اهلل ،ومل يسػػتحل مػػا أحػػل اهلل ،ومل يوجػػب مػػا
أوجب اهلل.
ناقض مستقل ،يسػتحق إفػراده بالشػرح والتواػيح ،وحنػن نػذكر مػا يتعلػق ب ػل منهمػا علػى
وكل من ىذين الوجهني ٌ
جهة اإلااز واالختصار بإكف اهلل.
ىذه ادلس لة شلا أصبعػحم عليػو األمػة ،بػل جػاء عػن بعػض السػلف أنعػو ح ػم ب فػر مػن مل ي ِّفػر تػارؾ جػنس العمػل،
والنصػػوص كثػػرية يف ىػػذا البػػاب ،باسػػم التػػو وباسػػم اإلعػراض وحنػػو كل ػ ،واإلديػػاف قػػوؿ وعمػػل واعتقػػاد ،فمػػن مل
(اعبُ ُػدوا اللعػوَ َمػا لَ ُ ْػم
ي ن لو من العمل ش ء مل يقم إديانو بدوف ىذا الركن ،وىذا أصل ما أمر اهلل بو عباده فقاؿْ :
(اعبُ ُدوا َربع ُ ُم الع ِػذي َخلَ َق ُ ْػم) وغػري كلػ ،والتوحيػد ركنػاف :عبػادة اهلل ،وتػرؾ عبػادة غػريه ،فالػذي ال
ِم ْن إِلٍَو َغْيػ ُرهُ)ْ ،
يعمل من األعماؿ شيئًا ترؾ أحد الركنني.
ٖٖ
والقػػائلوف ب فػػر تػػارؾ الصػػالة ال حيتػػاجوف إىل التنبيػػو علػػى كفػػر تػػارؾ جػػنس العمػػل ،ألف مػػن أتػػى بالصػػالة مل ي ػػن
ويفرقػوف بػني ادلسػ لة ومسػ لة تػارؾ الصػػالة عنػد ال ػالـ عػػن ادل ػالف ،فيُعػػذر ع
تارًكػا هػنس العمػػل ،وإإلػا ينبّهػوف إليػػو ّ
من ُخيالف يف تارؾ الصالة خبالؼ من ُخيالف يف تارؾ صبيع العمل.
كفر عمل ،وإف كاف يف الواقع ال ُدي ن أف يُتص عور إالع شلن اشتمل قلبػو علػى ال فػر ،فيمتنػع
وكفر تارؾ صبيع العمل ٌ
أف يُوجد أصل اإلدياف يف قلب رجل ،ل ال يدفعو إىل عبادة اهلل والتقرب إليو بش ء من األعماؿ.
حاج ػػا ،لع ديتن ػػع ع ػػن التػ ػزاـ شػ ػ ء م ػػن أح ػػاـ اهلل
ػائما مزكيً ػػا ًّ
وى ػػذا وج ػػو مس ػػتقل ،فق ػػد ي ػػوف الرج ػػل مص ػػليًّا ص ػ ً
كافرا مرتدًّا عن دينو. كمشروعية اههاد أو ربرم اخلمر في وف ً
وتػػرؾ االلت ػزاـ لػػو صػػور متعػػددة ،فمنهػا االمتنػػاع عػػن ش ػ ء مػػن الش ػرائع ،كمػػا ح ػػم الصػػحابة ب فػػر مػػانع الزكػػاة،
يل َذلُ ْػم تَػ َعػالَ ْوا إِ َىل َمػا أَنْػ َػزَؿ اللعػوُ َوإِ َىلومنو االمتناع عن ح م الرسوؿ صلى اهلل عليو وسلم كما فعل ادلنافقوف ِ ِ
(وإ َكا ق َ
َ
ص ُدوداً). ِِ ِ
صدُّو َف َعْن َ ُ
ني يَ ُ
حم الْ ُمنَافق َ
العر ُسوؿ َرأَيْ َ
ومن شروط ال إلو إال اهلل ،االنقياد والقبوؿ ذلا ودلا تقتضيو ،ومػن تػرؾ التػزاـ شػ ء شلػا جػاء بػو اهلل ورسػولو فلػم ينقػد
ومل يقبل ،بل ىو شلن علم ومل يعمل ،وعرؼ التوحيد وأعرض عنو.
ومن ىذا النوع كفر إبليس لعنة اهلل عليو ،فإنعو امتنع عن قبوؿ أمػر اهلل بالسػجود آلدـ ،ومل ي ػن قبػل كلػ االمتنػاع
إماما لل افرين ،وحلعحم عليو اللعنة إىل يوـ الدين.
كافرا ،لع كفر بفعلو وصار ً
ً
وأما اإلعراض العلم ،فهو على قسمني:
الق م األول :اإلعراض عن تعلم اروريات الػدين ومػا ال يصػح اإلديػاف واإلسػالـ إال بػو ،فمػن قبػل اإلسػالـ وقػاؿ
ال إلػػو إال اهلل ،ل أعػػرض عػػن الػػدين ومل يػػتعلم مػػا اػػب عليػػو مػػن العمػػل هبػػا ،ومل يػػتعلم أركػػاف اإلسػػالـ ،وال تعلػػم
كافر معرض عن اإلسالـ. الصالة والصياـ ،وال تعلم ما تصح بو عباداتو ،فهو ٌ
وكػػذا مػػن شػػهد أف ال إلػػو إال اهلل وأف زلمػ ًػدا رسػػوؿ اهلل ،ل أعػػرض عػػن معرفػػة الرسػػوؿ ومػػا اػػب مػػن حقوقػػو ،وعػػن
أحدا جهلو من صفاتو وحقوقو ،فهو يف ال فر كسابقو. معرفة اهلل وما ال يسع ً
والق ــم الثــاني :اإلعػراض عػػن شػ ء مػػن أح ػػاـ الػػدين دوف الضػػروريات ،وىػػذا لػػيس بنػ ٍ
ػاقض مسػػتقل ،ول ػػن مػػن
ػانع مػػن موانػػع الت فػػري يف مرت ػػب النػواقض ،فػػإكا وجػد مػػن ارت ػػب
النػػاس مػػن خيلػػط بينػػو وبػػني اههػػل الػػذي ىػػو مػ ٌ
ٖٗ
ناقضا من نواقض اإلسالـ كاحل م بغػري مػا أنػزؿ اهلل ،وأعػرض عػن معرفػة احل ػم الشػرع فيمػا فعلػو ،جعػل إعرااػو
ً
مانعا لو من اخلروج من الدين.
عذرا لو يف كفره ،وجعل جهلو االختياري ً ً
وال فار مل ي ونوا كلهم عادلني معانػدين ،بػل مػنهم مػن ال يعلمػوف احلػق فريت بػوف ال فػر( ،بَ ْػل أَ ْكثَػ ُػرُى ْم ال يػَ ْعلَ ُمػو َف
مانعا من ت فري صاحبو؟او َف) ،وإكا كاف اههل كنبًا مستقالً ف يف ي وف ً احلَ عق فَػ ُه ْم ُم ْع ِر ُ
ْ
واههل الذي يُعذر بو إعإلا ىو اههل االاطراري دلن ال يستطيع دفعو ،أمػا اهاىػل ادلػتم ن مػن العلػم فػال يُعػذر يف
ادلسائل الظاىرة من الدين ،واهلل أعلم وصلى اهلل وسلم على نبينا زلمد وعلى آلو وصحابتو أصبعني.
ٖ٘
إصالح الغلط في فهم النواقض
التحذير من التكفير مطل ًقا
احلمد هلل رب العادلني ،والصالة والسالـ على أشرؼ ادلرسلني ،نبينا زلمد وعلى آلو وصحابتو أصبعني ،أما بعد:
فشػ ف نػواقض اإلسػػالـ واحلػػديث عنهػػا وتنزيػػل أح امهػػا شػ ف خطػػريٌ ،والنػػاس فيػػو طرفػػاف ووسػػط ،فمػػن النػػاس مػػن
يغلػػو يف تطبيػػق النػواقض وي ِّفػػر بػػالالزـ والزـ الػػالزـ ،وبػػالفهم اخلػػاطش للنػػاقض ،ودبػػا يُشػػبهو ويشػػاكلو ،ومػػن النػػاس
مػن يعطّلهػػا بال ليػة ،ويػوا ألػ عد أعػػداء اهلل مػن ادلرتػ ّدين وحي ػػم بإسػالمهم ُ
واػػادؿ مػن يُنػ ّػزؿ ح ػم اهلل فػػيهم ،وأىػػل
السػػنة وأىػػل العلػػم وسػػط بػػني الغػػا واهػػايف ،فهػػم ال يُعطّلػػوف أح ػػاـ اهلل ،وال يُعملو ػػا دوف ا ػوابطها وشػػروطها
والنظر يف ادلوانع واألحواؿ ادل تلفة.
حسػػن
وبعػػد أف انتهينػػا مػػن احلػػديث عػػن ن ػواقض اإلسػػالـ الػػيت ككرىػػا الشػػيخ زلمػػد بػػن عبػػد الوىػػاب رضبػػو اهللُ ،
احلديث عن الغلط العذي يقع يف النواقض وأسبابِو ومواطن الزلل واخللل فيو.
وأوؿ األغالط اليت نذكرىا :غلػط مػن حي ِّػذر مػن الت فػري مطل ًقػا ،وال حي ػم علػى أحػد بػال ف ِر ،ويسػت ُّ
دؿ علػى كلػ
بػػبعض النصػػوص الػػيت ال ُحيسػػن تنزيلهػػا يف موااػػعها ،كمػػن يسػػتدؿ بقػػوؿ النػػيب صػػلى اهلل عليػػو وسػػلم” :مػػن قػػاؿ
ألخيو يا كافر فقد باء بو أحدمها“ ،مع أ عف احلديث يف ت فري ادلسلم بال دليل وبينة ،أما ما كػاف بالػدليل فػال ،أل عف
من قاـ الدليل على كفره ال ي وف أخاً ،وال يدخل يف قولو صلى اهلل عليو وسلم” :من قاؿ ألخيو“.
يستدؿ ذلذا القػوؿ يف ت فػري احلػاكم بقػوؿ النػيب صػلى اهلل عليػو وسػلم” :مػن مػات ولػيس يف عنقػو بيعػة ّ ومنهم من
مات ميتة جاىلية“ وىذا احلديث يف العذي يرتؾ بيعة اإلماـ ادلسػلم ،أمػا ال ػافر ادلتسػلط علػى ادلسػلمني فبيعتػو مػن
ادلػواالة الػيت ػى اهلل عنهػا وحػ عذر منهػا ،ويلػزمهم هبػذا صػ عحة واليػة بػوش وشػاروف وأمثاذلمػا علػى ادلسػلمني العػػذين يف
ديارمها.
ومنشػ الغلػػط يف ىػػذا :اخلطػ يف تصػػور معػػَّن اإلديػػاف وال فػػر ،فمػػن القػػائلني هبػػذا مػػن ين ػػر زيػػادة اإلديػػاف ونقصػػانو،
إ عمػػا مطل ًقػػا ،وإ عمػػا أف يُن ػػر أ عف اإلديػػاف يػػنقب ح ػ ال يبقػػى منػػو ش ػ ء ،بػػل يػػر أ عف اإلديػػاف يػػنقب ح ػ ع يبقػػى منػػو
ػاد ،ول نعػػو ال يػػر ال فػػر كػػذل بػػل اعػػل ال فػػر ػزوؿ وال يػػنقب ،أو يػػر أ عف اإلديػػاف قػ ٌ
ػوؿ وعمػ ٌػل واعتقػ ٌ شػ ءٌ ال يػ ُ
اعتقادا فحسب ،أو ير أ عف اإلدياف يزيد بالعمل وينقب بالعمل ح ال يبقػى منػو إالع كرة ال تػنقب مهمػا فعػل إالع ً
جبحود التوحيد القليب ال غري.
ٖٚ
وىذه كلُّها من مقاالت ادلرجئة اخللعب ،ومن فروعها واألقواؿ ادلرعكبة عليها ،وقػد ي ػوف قائلهػا يف كثػ ٍري مػن األحيػاف
يُن رىػا لػو مسعهػػا بامسهػا العػذي حػ عذر منػو السػػلف ،وإف كػاف يعتقػد معناىػػا وىػو اهلػو ،وىػذا مػن نقػػب العلػم وقلػػة
ادلعرفػػة دبػػذىب أىػػل السػػنة ،وكثػػري مػػن القػػائلني هبػػذا يتعصػػبوف فيػػو لػػبعض مػػن كىػػب إىل مػػذىب ادلرجئػػة ونصػػره مػػن
ادلعظعمني عندىم.
والت فري إ عما أف ي وف ح ًما شرعيًّا ،وإف وقع فيػو بعػض الغلػط ،وإ عمػا أف ي ػوف بػاطالً ،والثػاين ال قائػل بػو ،واألوؿ
وىػو ادلتعػػني يقتضػ أنػعػو ال اػػوز التحػػذير مػػن الت فػػري بػػإطالؽ ،بػػل احملػ ِّػذر مػػن الت فػػري يلزمػػو التفصػػيل فيحػ ِّػذر مػػن
احلق يف مواعو وبشروطو. الت فري بالباطل ،وي مر بالت فري ِّ
ول عن من يتولعوف كػا ىػذه ادلسػ لة يتحاشػوف ىػذا ويتهعربػوف منػو ،أل ع ػم يعلمػوف أ عف التفصػيل احلػ عق يُبطػل مػذاىبهم،
وأ عف إةبات الت فري يف مواعو الصحيح يثبحم بو ت فري الطواغيحم العذين ُاادلوف عنهم.
صػػل يف التحػػذير مػػن الغلػػو يف الت فػػري، وذلػػذا السػػبب ذبػػد أ عف الػػادلني عػػن الطواغيػػحم لػػيس ذلػػم كػ ٌ
ػالـ علم ػ مف ع
لعلمهم هبشاشة أصوذلم وتناقض قواعدىم يف أبػواب الت فػري ،وال ذبػد مػن كتػب يف الػرد علػى مػن يغلػو يف الت فػري
أحسػػن مػػن أهلل زلمػػد ادلقدسػ فػ ع اهلل أسػػره ،لواػػوح مذىبػػو وصػػحة أصػولو وقواعػػده يف أبػواب الت فػػري واإلديػػاف،
أحدا.
ولصدعو باحلق دوف مداىنة فيما حنسبو واهلل حسيبو وال نزك على اهلل ً
وكتػػاب أهلل زلمػػد ادلقدسػ موسػػوـ بالثالةينيػػة يف التحػػذير مػػن الغلػػو يف الت فػػري ،وىػػو كتػػاب نفػػيس ال يسػػتغين عنػػو
طالػػب العلػػم ،وأكثػػر مػػن ن َفػػر مػػن أهلل زلمػػد ون عفػػر وح ػ عذر مل يق ػرأ لػػو حرفًػػا ومل يعلػػم مػػن مقالتػػو شػػيئًا ،ولػػو أنصػػفوا
ونظ ػػروا يف أصػ ػولو وقواع ػػده لعلمػ ػوا أ ع ػػا احل ػ ّػق ،إالع م ػػا ال يس ػػلم من ػػو أح ػػد م ػػن اخلطػ ػ اليس ػػري يف الف ػػروع وادلس ػػائل
االجتهادية.
واهلل أعلم ،والصالة والسالـ على نبينا زلمد وعلى آلو وصحابتو أصبعني.
ٖٛ
الغلط في عصمة المردد بلفظ ال إله إال اهلل ()6
احلمد هلل رب العادلني ،والصالة والسالـ على أشرؼ ادلرسلني ،نبينا زلمد وعلى آلو وصحابتو أصبعػني ،ومػن تػبعهم
بإحساف إىل يوـ الدين ،أما بعد:
فمن الغلط الشائع عند كثري من الناس ،ظنُّهم أ عف من قػاؿ ال إلػو إال اهلل مل ُخيرجػو مػن اإلسػالـ شػ ٍء ،ولػو ارت ػب
الن ػواقض وتع ػ عود ادل ِّف ػرات ،لع يبن ػػوف عل ػػى ى ػػذا حرم ػػة القت ػػل ،وعص ػػمة ال ػػدـ وادل ػػاؿ ،ف ػػال ي ّف ػػروف م ػػن يس ػ ُّ
ػب اهلل
يتوىل أعداء اهلل ،أو حي م بغري ما أنزؿ اهلل ،أو يدعو ادل لػوقني مػن دوف اهلل ،ويف ىػذا مناقضػةٌ عظيمػةٌ ورسولو ،أو ع
ألصل التوحيد ،ومعاراةٌ ل تاب اهلل وسنة نبيو صلى اهلل عليو وسلم وإصباع األمة.
والعػػذي يطػػرد ىػػذا األصػػل يعسػػر عليػػو أف حي ػػم ب فػػر مسػػيلمة ال ػ عذاب واألسػػود العنس ػ ،وأمثػػاذلم مػػن ادلرت ػ ّدين
بإصب ػػاع الص ػػحابة والس ػػلف الص ػػاحلني ،بع ػػد أف يعل ػػم أ ع ػػم ً
صبيع ػػا ك ػػانوا يش ػػهدوف أف ال إل ػػو إال اهلل ،وينتس ػػبوف إىل
اإلسالـ ،بل كانوا يشهدوف هلل بالوحدانية وللنيب زلمد صلى اهلل عليو وسلم بالرسالة.
وقوؿ ال إلو إال اهلل ،يثبحم بو اإلسالـ ابتداء باإلصبػاع لع يطالَػب مػن قاذلػا بػالتزاـ مقتض ِ
ػياهتا ،مػن األقػواؿ واألعمػاؿ ُ ً ُ
ػافرا ،وإف جػاء دبػا يُناقضػها كػاف
واالعتقادات ،فإف مل يلتزمها ُسلب اسم اإلسالـ الذي ُح م لػو بػو ،وكػاف مرتػدًّا ك ً
مرتدًّا كذل .
ت يقصػد اإلسػالـ دوف اسػتهزاء ،أو صػلى مػع ادلسػلمني ،أو فعػل شػيئًا شلػا أسلمحم أو قاؿ :صػب ُ
ُ وكذل من قاؿ:
ػتب باإلسػػالـ ،فإنعػو ُحي ػػم لػو باإلسػػالـ ،ولػيس معػػَّن ىػذا أ عف اإلسػػالـ ال يػزوؿ ولػػو جحػد الشػػهادتني مػع التزامػػو
خي ُّ
بش ٍء من الشعائر.
ٖٜ
وقػػد ح ػػم اهلل جػػل جاللػػو ب فػػر ادلسػػتهزئني بالػػدين ،شلػػن كػػانوا خيواػػوف ويلعبػػوف يف اسػػتهزائهم ،فقػػاؿ تعػػاىل ذلػػم:
(الَ تَػ ْعتَ ِذ ُرواْ قَ ْد َك َف ْرُ بػَ ْع َد إِديَانِ ُ ْم) ،وكػانوا ينتسػبوف إىل اإلسػالـ ويشػهدوف ب لسػنتهم أف ال إلػو إال اهلل ،وأف زلم ًػدا
مانعا ذلم من ال فر. ً رسوؿ اهلل ،ومل ي ن كل
ين وح م ب فر ادلنافقني الذين يتولوف ال افرين ،وككػر عػن ادلػممنني أ ع ػم ح مػوا علػيهم بػذل فقػاؿ( :ويػ ُق ُ ع ِ
ػوؿ الػذ َ ََ
ِ ِِ ِ عِ
ين).َصبَ ُحواْ َخاس ِر َ ين أَقْ َس ُمواْ بِاللّو َج ْه َد أَْديَا ْم إِنػ ُعه ْم لَ َم َع ُ ْم َحبِطَ ْ
حم أ َْع َما ُذلُ ْم فَ ْ َآمنُواْ أ ََى ُػمالء الذ َ
وح ػػم رسػػوؿ اهلل صػػلى اهلل عليػػو وسػػلم علػػى العػػذي ن ػػح امػرأة أبيػػو ،بالقتػػل وزبمػػيس ادلػػاؿ ،وىػػذا ح ػػم منػػو عليػػو
بال فر ،وكفره من االستحالؿ العمل ،واحلديث صححو صباعةٌ من أىل العلم منهم ابن تيمية.
وح ػػم الصػػحابة بػػرعدة مػػن اسػػتحلُّوا اخلمػػر ،يف قصػػة قدامػػة بػػن مظعػػوف ادلشػػهورة يف الصػػحيح ،فػ مر هبػػم عمػػر بػػن
اخلطاب را اهلل عنهإف استحلُّوىا بعد إقامة احلجة أف يُقتلوا ردةً وإف ُّ
أقروا هبا أف ُالدوا حدًّا.
وح م الصحابة برعدة من ا عدعوا النبوة ،كمسيلمة ال عذاب واألسػود العنسػ ِّ ،وسػجاح التميميعػة ،وطليحػة األسػدي،
وغػػريىم مػػن ادلتنبئػػني ،مػػع إق ػرارىم أو أكثػػرىم بشػػهادة أف ال إلػػو إال اهلل ،وب ػ ف زلمػ ًػدا رسػػوؿ اهلل ،وإعإلػػا ا عدع ػوا أ ع ػػم
ةابحم باألسانيد الصحيحة عن مسيلمة رأس ال عذابني.
أُش ِركوا يف األمر ،وىذا ٌ
وىذه ادلس لة من ادلسائل الظاىرة اليت ال زبفى على من يفهم التوحيد ،ومنش الغلط فيها كمػا ككرنػا ،عػدـ التفريػق
بني ما يُدخل بو يف اإلسالـ ،وما يبقى اإلسالـ مع وجوده ،فيُدخل باإلسالـ بش ٍء من الشػعائر ادل تصػة بػو ،وال
بػ عد مػػن القيػػاـ ب ركػػاف اإلسػػالـ والسػػالمة مػػن نواقضػػو لبقػػاء اإلسػػالـ ،وسػػي يت ذلػػذا مزيػػد مػػن البيػػاف يف ادلقػػاؿ القػػادـ
بإكف اهلل ،يف بياف الغلط فيما يثبحم بو اإلدياف وال فر.
ٓٗ
الغلط في عصمة المردد بلفظ ال إله إال اهلل ()4
احلمد هلل رب العادلني ،والصالة والسالـ على أشرؼ ادلرسلني ،نبينا زلمد وعلى آلو وصحابتو أصبعني ،أما بعد:
فػػإ عف معرفػػة مػػا يثبػػحم بػػو اإلديػػاف وال فػػر مػػن أىػػم أح ػػاـ اإلديػػاف ،فبػػذل يُعػػرؼ ادلػػممن مػػن ال ػػافر ،وأح ػػاـ الػػدنيا
واآلخػػرة متعلقػػة هبػػذا التمييػػز بػػني ادلػػممنني وال فػػار ،ومػػن مل يعػػرؼ يثبػػحم اإلديػػاف وال فػػر مل يعػػرؼ ادلػػممن مػػن
ال ػػافر ،وبػػاب معرفػػة مػػا يثبػػحم بػػو اإلديػػاف وال فػػر واسػػع ع ػريض ،يػػدخل فيػػو ال ػػالـ عل ػػى حقيقػػة اإلديػػاف وزللػػو
ونواقضو وشروط الت فري وموانعو ،وادلراد يف ىذا ادلقاؿ ادل تصػر احلػديث عػن مزل ٍػق مػن ادلزالػق يف ىػذا البػاب وةغػرة
ي ثر الغلط فيها.
والغلػػط الػػذي يقػػع فيػػو كثػػريٌ مػػن النػػاس ىنػػا ،ىػػو ادلسػػاواة بػػني اإلديػػاف وال فػػر ،وبػػني شػػعب اإلديػػاف وشػػعب ال فػػر،
وفروع ىذا الغلط تتجلعى يف صورتني:
وأن الكفــر يمتنــع بــبعض شــعب اإليمــان كفعػػل مػػن يسػ ُّ
ػتدؿ أن اإليمــان يثبــع بــبعض شــعبه َّ
األولــى :اعتقــاد َّ
علػى إديػاف الرجػػل بػبعض الشػػعائر ،كمػن يسػ ُّ
ػتدؿ علػى إسػػالـ احل ومػة السػػعودية ادلرتػدعة دبػػا يتظػاىروف بػػو مػن رعايػػة
ػعب مػػن شػػعب اإلديػػاف ،واإلديػػاف ال
ػاج ،وطباعػػة ادلصػػحف ،والقيػػاـ علػػى شػػئوف احلػػرمني ،وىػػذه لػػو ص ػ عححم ُشػ ٌ
احلػ ِّ
يثبحم ببعض ُشعبو ،ودينع يف ادلقابل من ت فػري مػن ةبػحم كفػره باألدلعػة ،لوجػود بعػض شػعائر اإلسػالـ وفػروع اإلديػاف
حيب اهلل ،وال من توىل ال افرين ألنعو ناصػر مػرًة بعػض طوائػف ادلػممنني ،وال مػن عنده ،فال ي فر من سب اهلل ألنو ُّ
يسجد لألصناـ والقبور واألولياء واألارحة ألنعو يسجد هلل ويصل لو.
أن الكفر ال يثبع إالَّ باجتماع ُشـعبه كمػن يػر أ عف العػذي يعبػد األصػناـ ال ي فػر حػ ع امػع مػع الثانية :اعتقاد َّ
فري االعتقاد بربوبيػة تلػ األصػناـ ،ويػر أ عف مػن عبػد األوليػاء ال ي فػر ألنعػو مل يػرتؾ عبػادة اهلل ،ويعتقػد
العمل ال ِّ
كفر ويقصػد إليػو ،أو أ عف مػن فعػل ال فريػات الػيت كانػحم ٌ أ عف من عبد األارحة والقبور ال ي فر ح ع يعتقد أ عف كل
صبيعػػا ،بػػل ح ػ ع امػػع صبيػػع مػػا لػػد كفػػار اهاىليػػة مػػن ال فػػر؛ فين ػػر
لػػد كفػػار ق ػريف ال ي فػػر ح ػ ع امعهػػا ً
الرسػالة والبعػث بعػد ادلػػوت ويعتقػد هلل الولػد والصػاحبة وحنػػو كلػ ،ويػر أ عف الطواغيػحم احلػػاكمني بغػري مػا أنػػزؿ اهلل
ٔٗ
صبيعػػا ،ويسػػبوا اهلل
وحيرم ػوا إعػػالف التوحيػػد واههػػر بػػو ،ويُبيح ػوا ادلن ػرات ً
ال ي فػػروف ح ػ ع دينع ػوا الصػػالة والزكػػاةّ ،
ورسولو ودينو وكتابو على رؤوس األشهاد.
وىذا الغلط ين شف عند من لو أدٍ ت ُّمل يف األدلعة ،ويف حاؿ من كفػرىم اهلل ورسػولو ،وح ػم ب فػرىم أصػحاب
رسػػوؿ اهلل صػػلى اهلل عليػػو وسػػلم ،وكثػػريٌ شلػػن يقػػع يف ىػػذا الغلػػط ال يعلػػم بػػو ولػػو أُلػػزـ بػػو أن ػػره ومػػا التزمػػو ،ول نعػ
ذبػػده عنػػد النظػػر يف ادلسػػائل وادلنػػاظرة يف احل ػػم بت فػػري بعػػض ادلعينػػني ،يقػػع فيػػو مػػن حيػػث ال يشػػعر ،وي ػػوف مػػن
أكثر أسباب الغلط والزلل عنده.
أيضػػا ىػػو منش ػ غلػػط ادلعتزلػػة الػػذين قػػالوا بادلنزلػػة بػػني ادلن ػزلتني ،فتصػػوروا ال فػػر كاإلديػػاف ال يثبػػحم إال
وىػػذا الغلػػط ً
باجتماع بعض الشعب ،فلما قالوا بسلب اإلدياف عن فاعل ال برية مل يسػتطيعوا إدخالػو يف ال فػر ألنعػو مل امػع مػا
حيصل بو ال فر عندىم ،فقالوا ب نعو خرج من اإلدياف ودخػل يف ال فػر ،مػع أ ع مػا نقيضػاف ال اتمعػاف وال يرتفعػاف،
كما أ عف من خرج من النور فهو يف الظلمة ومن خرج من النهار فهو يف الليل.
والتصػػور الصػػحيح لحمديػػاف وحقيقتػػو ومػػا يثبػػحم بػػو ،ىػػو أ عف اإلديػػاف كيفيػػة مػػن األعمػػاؿ واألق ػواؿ واالعتقػػادات ،ال
يثبػػحم اسػػم اإلديػػاف واإلسػػالـ إال بوجودىػػا ،والسػػالمة مػػن نواقضػػها وموانعهػػا ،فػػال بػػد يف اإلديػػاف مػػن اجتمػػاع أركانػػو
والسالمة من نواقضو ،أ عمػا ال فػر ف ُّػل مػا أخػرج عػن اإلديػاف :مػن انتقػاص شػ ٍء مػن أركانػو ،أو ارت ػاب شػ ٍء مػن
ػحم يف كػل صػورةٍ ح منػا مدخل يف ال فر بالضرورة ،وليس بينهما منزلة ،فػال فر ةاب ٌ ٌ نواقضو ادل رجة من ادللعة ،فهو
فيها بانتفاء اإلدياف وانتقااو.
وادلػ مور بػ م ٍر لػو سػبيل واحػد يف امتثػاؿ ىػذا األمػر ،أمػػا سلالفتػو فسػبلها أكثػر مػن أف تنحصػر ،وىػذا معلػوـ باألمثلػػة
اليت يعيشها الناس ويعرفو ا من أمور الػدنيا ،فلػو أُمػر رج ٌػل بسػلوؾ طري ٍػق ،مل ي ػن امتثػاؿ األمػر إال بسػلوؾ الطريػق
بعينهػػا ،أمػػا ادل الفػػة فت ػػوف بسػػلوؾ مائػػة طريػ ٍػق غػػريه ،أو بػػالقعود عػػن سػػلوؾ ش ػ ٍء مػػن الطػػرؽ كلهػػا ،فه ػذا مثػػاؿ
اإلدياف وال فر.
ٕٗ
عِ
ومثل اآلية السابقة يف الداللة علػى أ عف سػبيل اإلديػاف واحػدة وسػبل ال فػر كثػرية متفرقػة قولػو تعػاىل( :اللّػوُ َوِ ُّ الػذ َ
ين
ِ ِ ِ عِ ُّ ِ ِ
وت ُخيْ ِر ُجػػونػَ ُهم ِّمػ َػن النُّػػوِر إِ َىل الظُّلُ َمػػات أ ُْولَػػئِ َ
ين َك َفػ ُػرواْ أ َْوليَػ ُؤُى ُم الطعػػاغُ ُ
َآمنُػواْ ُخيْػ ِر ُج ُهم ِّمػ َػن الظلُ َمػػات إ َىل النُّػ ُػور َوالػػذ َ
ِ ِ
ووحػػد النػػور م ػرتني :عنػػد ككػػر خػػروج ادلػػممنني مػػن الظلمػػات اب النعػػا ِر ُىػ ْػم ف َيهػػا َخالػ ُػدو َف) فجمػػع الظلمػػات ّ ػح ُ َصػ َأْ
ادلتفرقة إىل النور الواحد ،وعند ككر خروج ال افرين من النور إىل الظلمات.
ويف احلديث الذي رواه أضبد وأصحاب السنن عن ابن مسعود :خط رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم خطًّػا بيػده ل
مستقيما ،وخط عػن ديينػو ولالػو ل قػاؿ :ىػذه السػبل ،لػيس منهػا سػبيل إال عليػو شػيطاف يػدعو ً قاؿ ىذا سبيل اهلل
السبُ َل فَػتَػ َفعر َؽ بِ ُ ْم َعن َسبِيلِ ِو).
يما فَاتعبِعُوهُ َوالَ تَػتعبِعُواْ ُّ ِ ِ ِ
(وأَ عف َىػ َذا صَراط ُم ْستَق ً
إليو ،ل قرأَ :
واألمثلة اليت يُفهم هبا ىذا الغلط ووجو الصواب فيو مػن سػرية النػيب صػلى اهلل عليػو وسػلم وكتػاب اهلل وسػنة رسػولو،
ومػن أفعػػاؿ الصػػحابة راػواف اهلل علػػيهم أكثػػر مػن أف ربصػػر ،ولينظػػر مػن أراد التثبػػحم يف كػػل صػورٍة مػػن الصػػور الػيت
ُح ػم فيهػا باإلسػالـ علػى أح ٍػد أو بػػال فر عليػو ،وسػيجد مػا ككرنػاه جليًّػا مػػن ةبػوت ال فػر مػع بقػاء بعػض شػػعائر
اإلسػػالـ وعػػدـ اجتمػػاع شػػعب ال فػػر ،وعػػدـ الػػدخوؿ يف اإلسػػالـ مػػع وجػػود بعػػض شػػعائره والعبػػادات الصػػحيحة
فيو ،واهلل أعلم.
ٖٗ
الخطأ في مناط التكفير في النواقض
احلمد هلل رب العادلني ،والصالة والسالـ على أشرؼ ادلرسلني ،نبينا زلمد وعلى آلو وصحابتو أصبعني ،أما بعد:
فإف من اخلط يف فهم نواقض اإلسالـ ما ي وف خط ً يف االستنباط واالستدالؿ ،ومن كل اخلطػ يف تنقػيح ادلنػاط
الذي كاف بو ادل فر ،ويف ربقيق ادلناط يف الصورة ادلعينة ،وىػذا البػاب مػن اخلطػ شػائع كثػري عنػد بعػض مػن يعػدوف
يف طالب العلم وأىل التحقيق والفهم.
ومػػن األخطػػاء الواقع ػػة يف كل ػ يف الن ػواقض ،اخلط ػ الػػذي ي ث ػػر الوق ػػوع في ػػو عنػػد ال ػػالـ عل ػػى نػػاقض االس ػػتهزاء
وحي م بال فر على من وقع فيما ليس دب فر. بالدين ،فيُدخل فيو ما ليس منوُ ،
واالسػػتهزاء بػػاهلل عػػز وجػػل ،أو برس ػولو أو ب ياتػػو ،أو ش ػ ء شلػػا يعػػود االسػػتهزاء بػػو إىل االسػػتهزاء بػػذل كفػػر ص ػراح
سلرج من ادللة ،ال يُعذر فيو إال ادل ره ،أو من استهزأ دبا ال يعلم أنعو من دين اهلل شلا خيفى على مثلو.
واسػػتهزاء ادلنػػافقني دلػػا قػػالوا :مػػا رأينػػا مثػػل قرائنػػا ىػػمالء أرغػػب بطونػًػا وال أكػػذب ألسػػنًا وال أجػػد عنػػد اللقػػاء ،كفػػر
صريح ،فهو متضمن لالستهزاء بالنيب صلى اهلل عليو وسلم وىو كفر مستقل ،وبالقراء ضبلة العلػم وأىػل القػرآف مػن
أصػػحابو الػػذين يُعلػػم بالضػػرورة أ ع ػػم مػػن أىػػل العلػػم الصػػادقني ادل ػ مور بتػػوقريىم يف الش ػريعة ،والػػذين انتقاصػػهم مػػن
انتقاص الدين.
وكذل من استهزأ بالصحابة الاىػدين مػع رسػوؿ اهلل صػلى اهلل عليػو وسػلم ،أو اسػتهزأ جبيػوش حػرب ادلرتػدين ،أو
جػػيف الريمػػوؾ مػػن أصػػحاب رسػػوؿ اهلل صػػلى اهلل عليػػو وسػػلم ومػػن معهػػم ،وحنػػوىم شلػػن يُعلػػم مػػن الػػدين بالضػػرورة
اجعا إىل أمر من الدين ،فمن فعل كل فهو كافر مرت ّد. جهادا شرعيًّا ،وي وف االستهزاء هبم ر ًأ ع م رلاىدوف ً
ومثلو من استهزأ جبماعة من الاىدين القدماء أو ادلعاصرين الذين تدخل الشػبهة يف حػاذلم علػى مػن مل يعػرفهم أو
ُشبّو عليػو أمػرىم ،كمػن اسػتهزأ بػبعض اهيػوش األمويػة أو العباسػية أو أفػراد منهػا غػري عػامل أ ع ػم يف جهػاد يف سػبيل
اهلل ،كم ػػن ي ػ ػراىم مرتزقػ ػػة للقت ػػاؿ ال خيػ ػػرجهم إال الطمػ ػػع وادل ػػاؿ ،أو حنػ ػػو كل ػ ػ ،وكم ػػن اسػ ػػتهزأ بػ ػػبعض الاىػ ػػدين
ٗٗ
ادلعاصرين ،ولػو كػاف مػن أئمػتهم وقػادهتم ،أو بػبعض جبهػات اههػاد ،كالاىػدين يف جزيػرة العػرب أو يف العػراؽ أو
يف اهزائػػر سػػددىم اهلل ،ومل ي ػػن اس ػػتهزاؤه ألجػػل جه ػػادىم يف س ػػبيل اهلل نفسػػو ،ب ػػل دل ػػا يظن ػػو عن ػػدىم مػػن خل ػػل
فيسبهم ويستهزئ هبم من ىذا الوجو ويصفهم بالفسػوؽ والضػالؿ وحنػو كلػ ،فهػذا وإف كػاف مفرتيًػا جػاىالً اػاالًّ
إالع أنعو ال ي فر إال على التفصيل اآليت.
ػافرا مرتػػدًّا،
وكػػذل احل ػػاـ والػػوالة ،فمػػن اسػػتهزأ بػ هلل ب ػػر وعمػػر وعثمػػاف وعلػ راػ اهلل عػػنهم وأراػػاىم ،كػػاف كػ ً
ومػػن اسػػتهزأ بغػػريىم مػػن الػػوالة الصػػاحلني فػػال حي ػػم ب فػػره حػ يُعلػػم أف كالمػػو يتنػػاوؿ الواليػػة أمػػر ادلسػػلمني ،مػػن
حيث ى والية ألمر ادلسلمني.
فليس كل استهزاء بعامل أو دبجاىػد أو بػو ٍاؿ مسػل ٍم كف ًػرا ،وال كػل كلػ لػيس ب فػر ،وإعإلػا ال فػر مػن كلػ مػا يعػود
إىل االستهزاء بالدين وكـ ش ء شلا جاء بو رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم.
ومػػن أقػػبح الغلػػط يف ىػػذا مػػا فعلػػو صػػا الفػػوزاف حػػني جعػػل االسػػتماع إىل إكاعػػة اإلصػػالح مػػن رلالسػػة ادلسػػتهزئني
اخلائضػػني يف آيػػات اهلل ،أل ع ػػا اسػػتهزاء بالعلمػػاء ووالة أمػػر ادلسػػلمني يعػػين طواغي ػحم اهزي ػػرة! وى ػػذا الغل ػػط الشػػنيع
يدل على ما يوصل إليو الغلط يف ىذا الباب من مذىب اخلوارج.
واالسػػتهزاء دبػػا ىػػو معلػػوـ بالضػػرورة مػػن الػػدين كفػػر ص ػريح ال يُتوقػػف فيػػو ،أمػػا االسػػتهزاء دبػػا ُدي ػػن فيػػو اخلفػػاء مػػن
الدين فإعإلا ي فػر مػن قامػحم عليػو احلجػة وأصػر ،واالسػتهزاء دبػا اختُلػف يف كونػو مػن الػدين اختالفًػا اجتهاديًّػا قويًّػا،
عظيما ،إالع أف فاعلو إف كاف يفعلو ةقةً ب حد القولني وأنعو لػيس مػن الػدين مل ي فػر باالتفػاؽ ،كمػن وإف كاف غلطًا ً
يستهزئ بالتشديد يف أمور الطهارة عند بعض الفقهاء ،كمن يقوؿ :الوسوسة يف الطهارة حنبلية.
ويقػػع يف ىػػذا بع ػض مػػن ي فػػر مػػن اسػػتهزأ برجػػل مػػن الاىػػدين أو مػػن قػػادهتم ،أو ي فػػر مػػن اسػػتهزأ جببهػػة مػػن
جبهات اههاد خبصوصها ،ويظن أ عف كل من االستهزاء بالدين ألنو استهزاء بالاىدين وباههاد.
ومثلو الغلػط يف مسػ لة مػن اعتقػد أف غػري ىػدي الرسػوؿ صػلى اهلل عليػو وسػلم أكمػل مػن ىديػو ،فػإكا اختػار بعػض
الناس شيئًا من األمور اليت فيها زبيري فيما ليس من الواجبات ،كمن خيتػار تػ خري الصػالة عػن الوقػحم الفااػل وحنػو
كل ،رأ أنو اختار غري ىدي النيب على ىديو.
والضػػابط يف ىػػذه ادلس ػ لة أف مػػن اختػػار غػػري ىػػدي النػػيب صػػلى اهلل عليػػو وسػػلم بػػإطالؽ يف عمػػوـ ادلسػػائل أو يف
مسػ لة معينػػة ،فػرأ أف شػػيئًا مػػن السػػنن تركػػو خػػري مػػن فعلػػو ،أو أف شػػيئًا مػػن ادل روىػػات فعلػػو خػػري مػػن تركػػو ،فقػػد
ػريا مػػن تركػػو ،أو رأ تػػرؾ كفػػر ،أمػػا احملرمػػات والواجبػػات فتجتمػػع فيهػػا عػػدة مناطػػات م فػػرة إكا رأ فعػػل احملػػرـ خػ ً
خريا من فعلو.
الواجب ً
٘ٗ
أمػػا مػػن رأ أ عف فعػػل ادلسػػتحب خػ ً
ػريا مػػن تركػػو يف العمػػوـ ،ول نػػو يف حػػاؿ مػػن األحػواؿ أو وقػػحم مػػن األوقػػات يػػر
كفرا.
مرجحا لرتكو ،مع كونو يف نفسو فااالً لوال كل ادلرجح ،فلم يرت ب خط فضالً عن أف ي وف ً ً
وىذا اري يف كثري من النواقض ومن تتبعو ودقق النظر فيو سلم بإكف اهلل من كثري من الغلط يف ىذه األبواب.
ٗٙ
اشتراط الكفر االعتقادي في المكفرات العملية
فػإف أصػػل مػػا خػػالف فيػػو ادلرجئػػة أىػػل السػػنة ،حصػػرىم اإلديػػاف وال فػػر بالقلػػب ومػػا يعتقػػد أو مػػا يعمػػل ،وإخػراجهم
األعمػػاؿ عػػن مسػػمى اإلديػػاف ،أو عػػن حصػػوؿ ال فػػر هبػػا ،والنتشػػار اإلرجػػاء وكثػػرة دعاتػػو ومنظريػػو وادلت ػ ةرين بػػو،
دخلحم على بعض أىل السنة وادلنتسبني إليهم شبهات كثرية منبنية على أصل قػوؿ ادلرجئػة دوف أف يعلمػوا أ ع ػا مػن
مقالة ادلرجئة ،ومن كل ما يشرتطو كثري من الناس يف بعض النواقض مػن موافقػة القلػب للجػوارح ،واجتمػاع ال فػر
االعتقادي مع ال فر العمل فيها ،وذلذا مراتب متعددة.
فمن الناس من أخذ بقوؿ اههميعة اخللعب صبلةً وتفصيالً يف ىذا الباب ،كمػن يقػوؿ إ عف عابػد القبػور ال ي فػر حػ
اررا ،أو يدع أ عف العبادة ال ت وف إالع على ىذا االعتقػاد ،وديتنػع عػن ت فػري ادلسػتهزئ بالػدين
نفعا أو ًيعتقد فيها ً
ػودا لربوبيػة رب العػزة جػػل والسػاب هلل ورسػولو ودينػو حػ يعلػم أنعػو فعػل كلػ اسػت فافًا بالػدين أو ً
كرىػا لػو أو جح ً
وعال.
وشلن يقوؿ هبذه ادلقالة وينشرىا وينصرىا رجل مػن أىػل الريػاض شلػن ينتسػبوف إىل سػلفية الطػاغوت وىػو مػن خلعػب
اههميػػة يف بػػاب اإلديػػاف ،يػػر أ عف مػػن سػػجد لغػػري اهلل ال ي فػػر إالع بقصػػد التقػ ُّػرب إىل صػػاحب الػػوةن ،فلػػو سػػجد
رجل لالت والعز ومناة الثالثة األخر وىبل وفرعػوف وىامػاف ،مػا كفػر علػى مقالػة ىػذا اههمػ ِّ حػ يعتقػد بقلبػو ٌ
التقػػرب إلػػيهم واسػػتحقاقهم للعبػػادة والتقػػرب والسػػجود ،أمػػا الراغػػب أو الراىػػب فهػػو عنػػده مػػن ادلوحػػدين ادلسػػلمني
أىل القبلة! وصاحب ىذه ادلقالة يُستتاب ويُ عبني لو احلق وتُقاـ عليو احل عجة فإف تاب وإالع فهو من ال افرين.
ومػػن النػػاس مػػن مل يبلػ بػػو الػػتجهم واإلرجػػاء ىػػذا ادلبلػ ،ول نعػػو دخػػل يف شػ ء منػػو يف بعػػض ادلسػػائل ،كمػػن يعػػذر
بعػػض ال فػػار باههػػل ويعػػين جهلهػػم بػ عف فعلهػم كفػػر ،وىػػذا القػػوؿ حقيقتػػو أنػعػو ال ي فػػر إال مػػن قصػػد إىل ال فػػر،
أل عف مػػن علػػم بػػالتحرم وارت بػػو ومل يعلػػم بػػال فر مسػػتوجب للشػػروط ول نػػو مل يقصػػد أف ي ُفػ َػر ألنػػو مل يعلػػم أنػعػو دبػػا
فعل ي فر ،أ عما من علم ب عف الفعل كفر وارت بو عادلا أنعو ي فر بذل فقػد قصػد إىل ال فػر ،وإف مل ي ػن ال فػر يف
ً
كاتو مطلوبًا لو ،ول ن مطلوبو يتضمن ال فر وىو يريده دبا تضمنو من ال فر.
وأما غالب من يقع يف ىذا الغلط فإعإلا يقػع لػو يف مسػ لتني ،مهػا مسػ لتا :احل ػم بغػري مػا أنػزؿ اهلل ،وتػو ال ػافرين،
سلرجا من ادللة.
اعتقادا كفريًّا ً
ً فيشرتط فيهما
ٗٚ
تبعا دلا ككره زلمػد بػن عبػد الوىػاب رضبػو ناقضا من نواقض اإلسالـ ً فاحل م بغري ما أنزؿ اهلل ،يعده كثري من الناس ً
اهلل يف النواقض ،وىو احلق الذي ال ريب فيو ،ول ن عند تفصيل ىذا الناقض وال الـ عليو ،يشػرتط كثػري مػنهم يف
كفػػر احلػػاكم بغػػري مػػا أنػػزؿ اهلل أف يعتقػػد أ عف فعلػػو ص ػواب وأ عف احل ػػم بػػالقوانني خػػري مػػن احل ػػم دبػػا أنػػزؿ اهلل ،وحنػػو
كل من ادل فرات االعتقادية اليت ي فر معتقدىا وإف مل يرت بها.
وفرؽ بني من ال يعد احل م بغري ما أنزؿ اهلل من النواقض ،ومن يعده مػن النػواقض ويشػرتط فيػو ىػذا الشػرط ،وىػذا ٌ
الفرؽ وإف كاف يبدو لفظيًّا لغري ادلت مػل إال أنعػو فػرؽ معنػوي مهػم دلػن ت عملػو ،فالػذي ال يعػد احل ػم بغػري مػا أنػزؿ اهلل
من النػواقض ،وإعإلػا اعلػو مػن ال بػائر كالزنػا والربػا وشػرب اخلمػر ال يتنػاقض ،واعػل اسػتحالؿ احل ػم بغػري مػا أنػزؿ
ناقضا داخػالً يف النػواقض االعتقاديػة كاسػتحالؿ الزنػا ،واحل ػم العملػ بغػري مػا أنػزؿ
اهلل أو تفضيلو على ح م اهلل ً
اهلل فسوقًا عمل ًّ كالزنا والربا ،ف صولو مطردة وى أصوؿ أىػل السػنة ،وإف خػالف مقػالتهم يف احل ػم بغػري مػا أنػزؿ
اهلل.
وتو ال افرين ،يشرتط فيو كثري من الناس ،وخاصة بعد حدوث النازلة الصليبية مػن احلملػة األمري يػة العادليػة علػى
ما يسمونو اإلرىػاب ،يشػرتطوف فيػو أف ي ػوف عػن زلبػة لػدين ال ػافرين وديػنهم وتفضػيل ذلػم علػى ادلػممنني ،والواقػع
يف ىػػذا كالػػذي قبلػػو أف النػػاقض ىػػو زلبػػة ديػػن ال ػػافرين ،أو زلبػػة علػػوىم علػػى ادلسػػلمني ،ال رلػػرد ت ػوليهم ،وىػػذا
االستدالؿ كما تقػدـ يف ال ػالـ علػى النػاقض مغالطػة عجيبػة ،وتعػد علػى الداللػة الصػرحية ل يػة الػيت يوافقػوف علػى
أ ع ػػا دليػػل كفػػر ادلتػػو لل ػػافرين ،وقػػد تقػػدـ بيػػاف بطػػالف ىػػذا الضػػابط عنػػد ال ػػالـ علػػى النػػاقض الثػػامن ،وألهلل
مصػػعب ناصػػر الفهػػد ف ػ اهلل أسػػره وفػػرج عنػػو كػػالـ نفػػيس يف ىػػذه الشػػبهة يف أوؿ كتابػػو وقفػػات مػػع الوقفػػات،
فقاؿ:
األمر األول:
أف (ال اتػػب) وفقػػو اهلل وى ػػداه قػػد بػػَّن رده وكالم ػػو يف معػػَّن مظػػاىرة ال ف ػػار عل ػػى أصػػل (اهه ػػم ب ػػن ص ػػفواف) يف
اإلرجػاء ،وىػو رد ادل فػرات القوليػة والعمليػة إىل (االعتقػاد) ،فجعػػل ادلظػاىر لل فػار وادلناصػر ذلػم علػى ادلسػػلمني ال
ي فػػر مهمػػا فعػػل ح ػ يعلػػن راػػاه بػػدين ال فػػار ،وعلػػى مقتضػػى مػػذىبهم فػػإف ادلنتسػػب لحمسػػالـ لػػو قػػاد جيػػوش
الصليبيني اد ادلسلمني ال ي فر.
وعلى أصلهم ىذا فجميع األعماؿ -ح الطاعات -اوز جعلها مػن نػواقض اإلسػالـ ،فمػن ادلم ػن أف تقػوؿ:
من نواقض اإلسالـ :أكل الربا !!!.
ٗٛ
فػػإف احػػتج علي ػ أح ػ ٌد ،فقػػل :إكا صػػاحب الربػػا اعتقػػاد كفػػري كالرا ػا بػػال فر أو االسػػتحالؿ فإنػػو ي ػػوف كف ػراً،
وى ػذا ،فت ػػوف صبيػػع األعمػػاؿ واألقػواؿ مػن بػػاب نػواقض اإلسػػالـ علػػى ىػذا االعتبػػار ! .فهػػذا حقيقػػة مػػذىبهم يف
(مظاىرة ال فار) !!.انتهى كالمو.
ومػػن الن ػواقض االعتقاديػػة ال ػػيت ُجعلػػحم شػػرطًا يف كثػػري م ػػن الن ػواقض اسػػتحالؿ مػػا ح ػػرـ اهلل ،ونػػاقض مػػن ن ػواقض
كثريا من الناس خيطػش فيػو واعلػو شػرطًا يف اإلسالـ اليت خيرج هبا العبد من ادللة ويلحق ب ىل ال فر والشرؾ ،ول ن ً
ػتحل ال إف مل
ػافرا إف اسػ ع
بعػػض نػواقض اإلسػػالـ ،مػػع عػػده ذلػػا مػػن النػواقض ،كمػػن اعػػل احلػػاكم بغػػري مػػا أنػػزؿ اهلل كػ ً
يستحل ،ويع ّد احل م بغري ما أنزؿ اهلل مع كل من نواقض اإلسالـ. ّ
ػافرا ،فػػإ عف مسػػتحل النػػاقض كػػافر وال شػ ،وىػػذا ي ػػوف يف صبيػػع احملرمػػات مػػا كػػاف منهػػا
وإكا كػػاف مسػػتحل احلػراـ كػ ً
فرا وما كاف غري م فر ،ول ػن مػن عػد شػيئًا مػن النػواقض ال ي فػر فاعلػو إال باالسػتحالؿ ،كمػن يعػد شػيئًا مػن م ً
النػواقض ال ي فػػر صػػاحبو إال بػػدعاء غػػري اهلل ،أو باعتقػػاد شػري هلل يف ربوبيتػػو ،ومقتضػػى ىػػذا أ عف النػػاقض لػػو ذبػػرد
ناقضا ،فلم يتحصل فرؽ بني احملرمات والنواقض. من االستحالؿ مل ي ن ً
فل ػػو ق ػػاؿ ى ػػذا القائ ػػل إف الزن ػػا والرب ػػا م ػػن نػ ػواقض اإلس ػػالـ ،مل خيتل ػػف ع ػػن مقالت ػػو ،ف ػػإف فاعله ػػا ال ي ف ػػر إف مل
يستحلها ،ومستحلها ي فر وإف مل يفعلها ،وىذا عني قولو يف احل م بغري ما أنزؿ اهلل وتو ال افرين.
واهلل أعلم وصلى اهلل وسلم على نبينا زلمد وعلى آلو وصحابتو أصبعني.
ٜٗ
عذر الجاهل من المشركين إذا كان منت باً إلى الم لمين
فػػإ عف مػػن ادلسػػائل الػػيت كثػػر فيهػػا االخػػتالؼ والغلػػط ،مس ػ لة العػػذر باههػػل يف أصػػل الػػدين ،وكثػػري شلػػن يػػر عػػذر
اهاىل الذي يرت ب الشرؾ األكا ،اعل العلة يف كل انتسابو إىل اإلسالـ ،ودعواه أنعو من ادلسلمني.
فإكا عبد غري اهلل ،ودعاه وكبػح لػو ،ونشػ علػى كلػ مػن مولػده إىل شلاتػو ،وكػاف يقػوؿ بلسػانو إين مسػلم ،عػده مػن
إين علػى الػدين الػذي أمػرين اهلل بػو مل يعػذره ،وىػذا
ادلسلمني ،وإكا عبد غري اهلل ودعاه وكبح لو ،وكاف يقوؿ بلسانو ِّ
من التناقض وال ش ع .
وإكا أُورد عليػو التسػػوية بػػني عبػػاد القبػػور وعبػػاد األوةػػاف وعػدـ عػػذر أحػػد مػػنهم باههػػل ،جعػػل الفػػرؽ االنتسػػاب إىل
اإلسالـ ،وبسبب ىذا االنتساب حي م ب فر عابد الوةن ،وبإسالـ عابد القا.
واالنتسػػاب إىل اإلسػػالـ إف أُريػػد بػػو االنتسػػاب إىل اإلسػػالـ وحػػده دوف سػػائر الش ػرائع ،فهػػو ح ػػم ال دليػػل عليػػو،
وإف أُريػػد بػػو االنتسػػاب إىل ديػػن اهلل عػػز وجػػل ،س ػواء كػػاف االنتسػػاب إىل اإلسػػالـ الػػذي بُعػػث بػػو زلمػػد صػػلى اهلل
عليػػو وسػػلم ،أو إىل اليهوديػػة أو النصػرانية أو غريىػػا مػػن األديػػاف الػػيت بُعػػث هبػػا الرسػػل ،لػػزـ صػػاحب ىػػذه ادلقالػػة أف
حي م بإسالـ جهاؿ اليهود والنصار وغػريىم أل ػم منتسػبوف إىل ديػن اهلل الػذي أمػرىم باتباعػو ،ووقعػوا يف نػواقض
لو عن جهل ،ومن عذر ىمالء كفر وخرج من ادللة ،وك ّذب الصحيح الصريح من األدلة.
بل يلزمو أف حي ػم بإسػالـ مشػرك قػريف قبػل بعثػة رسػوؿ اهلل صػلى اهلل عليػو وسػلم ،أل ػم علػى ديػن إبػراىيم فيمػا
يزعمػوف ويظنػػوف ،وكػػاف عنػدىم بعػػض الشػػعائر منػو واألح ػػاـ كػػاحلج واخلتػاف وتعظػػيم ادلشػػاعر ،ويقػروف بػػاهلل ربػًّػا ال
شري لو يف اخللق والرزؽ واإلحياء واإلماتػة ،ول ػنهم يشػركوف مػع اهلل غػريه لتقػرهبم إىل اهلل معتقػدين أف اهلل أكف لػو
بالنيابة عنو والوساطة بينو وبني خلقو تعػاىل اهلل عمػا يزعمػوف ،وعبػاد القبػور مػثلهم يف كػل ىػذا ،إال أف عبػاد القبػور
ينتسػػبوف إىل خػػا النبيػػني صػػلى اهلل عليػػو وسػػلم بػػدؿ انتسػػاب اهػػاىليني إىل إب ػراىيم ،ل ىػػم وإيػػاىم س ػواء يف كػػل
ش ء ،وال ينفػع عبػاد القبػور اتبػاعهم النػيب صػلى اهلل عليػو وسػلم أو التػزامهم بعػض شػرائع دينػو ،كمػا ال ينفػع كفػار
قريف اتباعهم إبراىيم أو التزامهم بعض شرائع دينو.
ٓ٘
فاالنتساب إىل اإلسالـ يُقابلو االنتساب إىل ملة إبػراىيم ،وبعػض الشػرائع الػيت يتعبػدوف هبػا تقابلهػا شػرائع ،وال ثػرة
ػافر
والقلػػة ال تػػمةر يف ةبػػوت اإلديػػاف وال فػػر ،واإلقػرار بالربوبيػػة هلل يُقابلػػو إقػرار أولئػ بالربوبيػػة ،وكػػل مػػن الفػريقني كػ ٌ
بػػاهلل خػػارج مػػن ادللػػة مػػارؽ مػػن الػػدين ،وإف كػػاف انتسػػب إىل ديػػن صػػحيح وارتػػد عنػػو مػػن أوؿ نشػ تو كمػػا ىػػو حػػاؿ
كثري من القبورية ومن اهاىليني ،وبعد أف سبق كلػ إسػالـ الفطػرة كمػا ىػو حػاؿ بعػض القبػوريني وأوائػل مػن ارتػد
من اهاىليني.
بل ح زعم القبوريني أ عف ما يفعلونو من أمر اهلل ورسولو ،يُقابلو قوؿ ادلشركني يف اهاىلية كما ح ػى اهلل عػز وجػل
اح َشػةً قَػػالُوا َو َجػ ْدنَا َعلَْيػ َهػا آبَاءَنػَػا َواللعػػوُ أ ََمَرنَػا ِهبػَػا) ،وىػػذا حجػة غالػػب ادلشػػركني مػن عبػاد القبػػور
عػنهم( :وإِكَا فَػعلُػوا فَ ِ
َ َ
اليوـ ،بل قد لقيحم من كبار مشايخ أىل الشرؾ ادلعمرين ،من حيتج حبجة ال فار األولػني بعينهػا ،ويقػوؿ لػيس لػ
أف تن ػػر مػػا عليػػو النػػاس أل ع ػػم أخػػذوه عػػن آبػػائهم ،وآبػػاؤىم ال شػ أ ع ػػم أخػػذوه عػػن آبػػائهم ،وأخػػذه اخللػػف عػػن
السلف ،ل ىو عن رسػوؿ اهلل صػلى اهلل عليػو وسػلم ! ،وىػذا عػني مػا يف اآليػة مػن احتجػاج ادلشػركني بػ مرين :أ ػم
وجػػدوا عليػػو آبػػاءىم ،وأف اهلل أمػػرىم بػػو قػػاؿ احلػػافظ ابػػن كثػػري يف تفسػػري اآليػػة” :ويعتقػػدوف أف فعػػل آبػػائهم مسػػتند
إىل أمر من اهلل وشرع“ ،وىذا وإف كاف ورد يف سياؽ الفاحشة اليت فسرت ب ا طوافهم بالبيػحم عػراة ،إال أنػو يػدؿ
على وجو استدالذلم بفعل آبائهم ،وىو ظنهم أف فعل آبائهم عن شريعة من اهلل.
وىػػذا الغلػػط كمػػا يقػػع مػػن بعػػض ادل ػػالفني يف مسػ لة العػػذر باههػػل مػػن طػػالب العلػػم ،فإنػعػو يقػػع يف العامػػة كثػ ً
ػريا يف
عػػذر ادلعانػػد ادلنتسػػب إىل اإلسػػالـ ،فػػال ي فػػروف منتسػػبًا إىل اإلسػػالـ أبػ ًػدا ،بػػل قػػد مسعػػحم بعػػض مػػن كػػانوا يسػػموف
أكفػػر مػػن يقػػوؿ أنػػا مسػػلم ،عنػػد س ػمالو عػػن مثػػل حػػافظ األسػػد ػريا يقػػوؿ :ال ِّ
دعػػاة الصػػحوة شلػػن بػػدؿ تبػػديالً كثػ ً
ًّ
وحقػا، العاميعػة ،وليػحم شػعري إف كػاف ىػذا ادلسػل ىػد وطواغيحم العرب من احل اـ ادلرتدين ،وىذه عني الشبهة ِّ
فلػػم كلػػف الصػػديق نفسػػو مقاتلػػة مسػػيلمة ومػػن معػػو حػ فػػين خيػػار الصػػحابة واسػػتحعر القتػػل يف الق ػراء أىػػل العلػػم
والقرآف؟! وأكثر من ح م أىل العلم ب فرىم مػن ادلرتػدين ،إف مل ي ػن غػالبهم كػانوا ينتسػبوف إىل اإلسػالـ ويػ بوف
أف يُوصفوا بغريه.
بػػل طػػرد ىػػذا القػػوؿ :أف ال ي فػػر مػػن يقػػوؿ أنػػا علػػى ديػػن موسػػى ،أو أنػػا علػػى ديػػن عيسػػى مػػن اليهػػود والنصػػار ،
وىذا القوؿ شلعن يف الضاللة بعيد كل البعد عن دين اهلل وكتاب اهلل وسنة رسولو صلى اهلل عليو وسلم.
فإف قيل :ال يُسلعم هبذا فإ ع م كفروا بعد بعثة زلمد ونسػخ أديػا م ،فمقتضػى ىػذا أ ع ػم لػو انتسػبوا إىل اإلسػالـ بعػد
أيضػػا أ عف جهػػاذلم كػػانوا ً
صبيعػػا مسػػلمني ػلما ،ومقتضػػاه ً
بعثػػة زلمػػد وبقػوا علػػى مػػا ىػػم عليػػو عُػػذر جػػاىلهم وكػػاف مسػ ً
مممنني وقحم بعثة النيب صلى اهلل عليو وسلم ،وإعإلا كفروا ببعثتو ،وىذا معلوـ البطالف.
ٔ٘
ولػػيس معػػَّن مػػا تق ػدعـ أننػػا نقػػوؿ إنػعػو ال فػػرؽ بػػني ادلنتسػػب إىل اإلسػػالـ وغػػري ادلنتسػػب إليػػو مػػن ادلشػػركني البتػػة ،بػػل
انتساب الرجل إىل اإلسالـ بعد كفره يثبحم لػو بػو اإلسػالـ يف الظػاىر ،فػإكا مل يلتػزـ أح امػو ،أو ارت ػب ادل فػرات
اليت تُناقض أصػل التوحيػد ،فإنعػو ُحي ػم عليػو بػالردة ،وأمػا الطوائػف ال فريػة الػيت تنشػ علػى ىػذا القػوؿ ،ففػ إةبػات
اإلسػػالـ ذلػػم بانتسػػاهبم إىل اإلسػػالـ قػػوالف ألىػػل العلػػم ،فمػػنهم مػػن يػػر أ عف اإلسػػالـ يثبػػحم ذلػػم باالنتسػػاب وتثبػػحم
الردة دبا يرت بوف من ادل فرات ،ومنهم من ير أ ع م كفار أصليوف ،وأف انتسػاهبم كانتسػاب مشػرك قػريف إىل ملػة
إبراىيم ،وىو األصح دلا تقدـ من عدـ الفرؽ بني االنتسابني واهلل أعلم.
ىذا وصلى اهلل وسلم على عبده ورسولو زلمد وعلى آلو وصحابتو أصبعني.
ٕ٘
الخلط بين األسماء اللغوية والحقائق الشرعية
احلمد هلل رب العادلني ،والصالة والسالـ على أشرؼ ادلرسلني ،نبينا زلمد وعلى آلو وصحابتو أصبعني ،أما بعد:
عمومػا ،ويف ال ػالـ علػى مسػائل اإلديػاف ونػواقض اإلسػالـ خبصوصػها :أف فإف من موارد الغلػط يف ادلسػائل العلميػة ً
ػوي ادل ػالف للمعػَّن الشػرع ادلػراد ،وقػد ي ػوف كلػ - ٔ :لتعػدد ادلعػاين اللغويػة يُعلعق احل م الشػرع باالسػم اللغ ِّ
لل لمػػة فيُعلعػػق احل ػػم دبعػػَّن غػػري ادلػراد ،أو ٕ -لتعػػدد احلقػػائق الداخلػػة ربػػحم اسػػم لغػػوي واحػػد ،فيعلػػق احل ػػم دبػػا
ليس مر ًادا منها ٖ -أو ألف الشريعة نقلحم االسػم عػن ادلعػَّن اللغػوي إىل معػَّن شػرع خػاص بتقييػد أو اسػتعارة أو
غري كل شلا ىو معروؼ من مباحث أصوؿ الفقو.
ػريا ،وسػنذكر ةالةػة أمثل ٍػة لػذل يُعػرؼ هبػا مػا عػداىا مػن ادلسػائل
ويقع الغلط يف ىذا اهانب يف نػواقض اإلسػالـ كث ً
والفروع ادل تلفة وطرؽ االستدالؿ عليها.
ػب ،مشػػتق مػػن الم ــألة األولــى :اسػػم اإللػػو ،حيػػث لػػو يف اللغػػة معػ ً
ػَّن ىػػو أصػػل االشػػتقاؽ ،وىػػو احملبػػوب غايػػة احلػ ِّ
ػَّن آخػر منقػوؿ عػن
أيضػا مع ً
الولو ،وإف كاف ىذا ادلشتق خبصوصػو :اإللػو مل يُسػتعمل إال دلعػَّن ادلعبػود ،ولػو يف اللغػة ً
ادلعبود.
ُ كل ادلعَّن وىو
فمػػن النػػاس مػػن التفػػحم إىل أصػػل االشػػتقاؽ ،وأدخلػػو يف معػػَّن اإللػػو ،وجعػػل اإللػػو ىػػو احملبػػوب غايػػة احلػػب ،وفسػػر
بػػذل ال إلػػو إال اهلل ،وال شػ ع أف ىػػذا جػػزء مػػن ادلعػػَّن ادلثبػػحم هلل عػػز وجػػل ،ول ػػن ال يُفهػػم منػػو أف ازبػػاك اإللػػو ال
ي ػوف إال دبحبتػو غايػػة احملبػة ،بػػل قػد ي ػوف ازبػػاك اإللػو بصػػرؼ العبػادة لػػو رغبػةً أو رىبػةً ولػػو أبغضػو ،كمػػا ىػو حػػاؿ
كثري من عباد القبور الذين يعبدو ا ألجل ما يصلهم من أمواؿ ،أو بعض أصحاب ادللل الػذين يعبػدوف آذلػةً للشػر
وي رىو ا ويبغضو ا ،ول ن يعبدو ا خوفًا دوف زلبة ،فعلى ىذا القوؿ ال ي ونوف مت ذين ذلا آذلة ،وىذا باطل.
وأمهيػػة ىػػذه ادلسػ لة ،مػػن جهػػة أف فهػػم كلمػػة التوحيػػد ال إلػػو إال اهلل يتعلػػق هبػػا ويعتمػػد عليهػػا ،والغلػػط ادلػػذكور آن ًفػػا
يلػزـ منػػو ل ػوازـ كثػػرية مػػن أق ػواؿ ادلرجئػػة ،ووقػػع كثػػري مػػن النػػاس يف الزلػػل بسػػبب غلطهػػم يف معػػَّن اإللػػو ،حػ كانػػحم
ادلس لة من أعظم مسائل احلجاج واخلالؼ بني ادلوحدين وادلشركني.
الم ألة الثانية :بغض ما أنزؿ اهلل بو الرسوؿ ،وللبغض معَّن لغوي واحد ،إال أنو يتنػاوؿ جهتػني :الػبغض الطبعػ ،
والبغض اإلرادي ،ف ما البغض الطبعػ فإنػو ال ي ػوف كف ًػرا إكا مل ي ػن معػو بغػض إرادي ،ألف الػبغض الطبعػ لػيس
ٖ٘
ػب ِ
متعلقػو األمػػر الشػػرع وصػػفتو الشػػرعية ،بػػل متعلقػػو مػػا يتضػػمنو األمػػر الشػػرع مػػن ادلشػػقة ،كمػػا قػػاؿ تعػػاىلُ ( :كتػ َ
اؿ َوُى َو ُك ْرهٌ) ،فػذكر أف القتػاؿ كػره ذلػم ،ومػع كلػ مل ي ػن كلػ كف ًػرا ،وكػره القتػاؿ كػره طبعػ كمػا ىػو َعلَْي ُ ُم الْ ِقتَ ُ
ظاىر ،خبالؼ لو أطلق كره اههاد فإ عف إطالقو ال اػوز دلػا فيػو مػن التلبػيس ،وحيتمػل كػره ادلشػقة الػيت يتضػمنها كمػا
حيتمل كره احل م الشرع .
ُّح ،أ عما كره الصدقة والزكػاة فػال اػوز إطالقػو دلػا فيػو كفرا بل أكثر ما فيو الش ُّ ِ
ومثلو كره اإلنفاؽ وبذؿ ادلاؿ فإنعو ليس ً
كرىػػا طبعيًّػػا ناذبًػػا عػػن طبيعػػة
كرىػػا إراديػًّػا ،وكػػره بػػذؿ ادلػػاؿ ً
مػػن اإليهػػاـ ،وىػػو زلتمػػل للمعنيػػني :كػػره األمػػر الشػػرع ً
(وإِكَا َم عسوُ ْ
اخلَْيػ ُر َمنُوعاً). ىلوعاَ :
اإلنساف فقد ُخلق ً
الم ألة الثالثة :السحر ،وقد وقع فيو خالؼ كثري بني العلماء يف ح م السػحر ،ومػنهم مػن قػاؿ منػو اهػائز ومنػو
صػػل أح امػػو فػػذكر مػػن السػػحر ادلبػػاح سػػحر البيػػاف الػػذي قػػاؿ فيػػو النػػيب صػػلى اهلل عليػػو
احملػػرـ ومنػػو مػػا ىػػو كفػػر ،وف ع
ػحرا“ ،وىػػذا شلػا ال يػدخل يف االسػم الشػرع للسػػحر ،وإإلػا ىػو داخػل يف االسػم اللغػػوي وسػلم ”إ عف مػن البيػاف لس ً
الذي يشمل كل ما خف ولطف سببو ،وإف كاف خفاؤه ولطف سببو بالنسبة لبعض الناس دوف بعض.
وكػػذل دخػػل ىػػذا الغلػػط يف مسػ لة كفػػر السػػاحر ،فمػػن فػعرؽ يف السػػحرة وك عفػػر بعضػػهم دوف بعػػض ،جعػػل أسػػاس
اعتقادا شػركيًّا يف النجػوـ أو غريىػا كفػر ،ومػن مل
ً تفريقو أف ما تضمن دعاءً لغري اهلل واستغاةة بالشياطني وحنوىا ،أو
يعتقػػد كلػ وإعإلػػا اعتمػػد علػػى خػواص ادلػواد فلػػيس ي فػػر ،مػػع أ عف حقيقػػة السػػحر الشػػرعية ال زبلػػو مػػن الشػػرؾ مػػن
استغاةة بغري اهلل وغري كل ،أما االعتماد على خواص ادلواد فال يدخل يف السحر إال بادلعَّن اللغوي.
فهذه ةالث مسائل من اليت ينبين الغلط فيها على اخللط بني االسم اللغوي واحلقيقة الشرعية اليت قد ت ػوف منقولػةً
عػػن االسػػم اللغػػوي كمػػا يف السػػحر ،أو سلصصػػة دبعػػَّن مػػن معانيػػو كمػػا يف اإللػػو ،أو بػػبعض احلقػػائق الداخلػػة ربػػحم
معناه الواحد كما يف البغض ،وقد ككرنا مثاالً ل ل مس لة واألمثلة كثرية جدًّا ال تنحصر.
واهلل أعلم وصلى اهلل على نبينا زلمد وعلى آلو وصحابتو وسلم.
ٗ٘
د مية الكفر األصغر بالكفر العملي
ٍ
ف ػػإ عف ال ف ػػر قس ػػماف ،عمل ػ واعتق ػػادي ،وك ػ ُّػل قس ػم م ػػن ى ػػذين القس ػػمني ي ػػوف كف ػ ًػرا أك ػ َ
ػا وي ػػوف كف ػ ًػرا أص ػػغر،
فالسػػجود لألصػػناـ ووطء ادلصػػحف باألقػػداـ وحنػػو كل ػ مػػن ال فػػر العمل ػ ِّ األكػػا ،واعتقػػاد ش ػري ٍ هلل يف اخللػػق
االعتقادي األكا.
ِّ والرزؽ من اإلحياء واإلماتة ىو من ال فر
ومػػن األخطػػاء الشػػائعة الػػيت تتػػابع عليهػػا كثػػريٌ مػػن النػػاس ،بػػل مػػن النػػاس مػػن مل يسػػمع غريىػػا :جعػػل ال فػػر العملػ ِّ
االعتقادي مرادفًا لل فر األكا.
ِّ امسًا لل فر األصغر ،وجعل ال فر
وال خيفػػى مػػا يف ىػػذا القػػوؿ مػػن كريعػ ٍػة إىل اإلرجػػاء ،فػػإ عف مقتضػػى كػػوف ال فػػر العملػ ِّ كفػ ًػرا أصػػغر واالعتقػ ِّ
ػادي ىػػو
األكػػا أف ي ػػوف ال فػػر باالعتقػػاد فقػػط ،وىػػذا مػػدار مقػػاالت أىػػل اإلرجػػاء بػػدرجاهتم ،وإف كػػاف مػػن يسػػتعمل ىػػذا
ػافرا كف ًػرا اعتقاديًّػا
كفرا اعتقاديًّا إكا كاف أكػا ،فيجعػل مػن سػجد للصػنم ك ً
فيسم ال فر العمل ع ً القوؿ قد يتناقض ِّ
تناقض يف اللفظ وادلعَّن صحيح.
ٌ دبجرد سجوده وإف مل يعتقد اعتقاداًكفرياً ،وىذا
وسبب ىذا الغلط ىو اخللط بني النفاؽ يف ىذا التقسيم وال فر ،فإ عف النفاؽ ينقسم كال فر قسمني:
ُ
نفاقًػػا عمليًّػػا وىػػو النفػػاؽ األصػػغر ،ونفاقًػػا اعتقاديػًّػا وىػػو النفػػاؽ األكػػا ،فال ػػذب يف احلػػديث واخللػػف يف الوعػػد
واخليانػػة إكا اؤسبػػن ،والفجػػور يف اخلصػػومة ،كلُّهػػا مػػن أمػػارات النفػػاؽ العمليػػة الػػيت ُخيشػػى علػػى صػػاحبها مػػن النفػػاؽ
االعتقادي ،أ عما النفػاؽ االعتقػادي فهػو مػا ككػر اهلل عػز وجػل عػن ادلنػافقني األ َُو ْؿ مػن العقائػد ال فريػة كظ ِّػن أ عف اهلل
ِّ
خيػػذؿ دينػػو وأىػػل دينػػو وال ينصػػرىم ،وأ عف ادلشػػركني يست صػػلوف بيضػػة اإلسػػالـ ويقتلعػػوف شػػجرتو ،ومثػػل اعتقػػادىم
بغض رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ومعاداتو ،وحنو كل .
وهبػػذا يظهػػر الفػػرؽ بػػني اسػػم (ادلنػػافق) واسػػم (النفػػاؽ)؛ فالنفػػاؽ ال ي ػػوف إالع اعتقاديػًّػا ،أمػػا (ادلنػػافق) فػػإ عف مػػا أخفػػاه
من ال فر وكاف يف اعتقاده يس عمى نفاقًا ،وإف أظهر شػيئًا مػن كفػره مل يسػ عم نفاقًػا بػل يسػ عمى كف ًػرا صػرحيًا ،وإف كػاف
٘٘
يبقى لو اسم ادلنافق بقاءً على األصػل الػذي بػَّن عليػو دينػو وىػو أنعػو يُػبطن ال فػر ،وكػذل ألنعػو خيفػ بعػض ال فػر
وإف أعلن بعضو.
وإف كاف ادلنافق قد يُظهػر بعػض مػا يف قلبػو للمنػافقني مثلػو اطمئنانًػا إلػيهم وةقػةً هبػم ،وردبػا ظهػرت منػو ال لمػة الػيت
يسػػمعها منػػو الرجػػل أو ت ػػوف مػػن حلػػن القػػوؿ ،ول نعػػو يف مثػػل ىػػذه بػػني أمػرين :أف تظهػػر منػػو وتثبػػحم عليػػو في ػػوف
كافرا صرحيًا ،وأف زبتف وال تثبحم فت وف ملحقةً دبا يُبطنو ألنعو الغالب من أمر نفاقو. ً
ػرتؽ عػػن ال فػػر الػػذي ي ػػوف بالقلػػب وذلػػذا مل ي ػػن لقسػػمة النفػػاؽ العمل ػ إىل أكػػا أو أصػػغر ِ
موجػػب ،وهبػػذا افػ َ
واللساف والعمل ،أ عما النفاؽ فال ي وف إالع بالقلب يف األصل.
وال فر العمل ُّ األكا :كالسجود للصنم وإعانة ال فار على ادلسلمني.
االعتقادي األصغر :كاحملبة الشركية لغري اهلل ما مل تصل إىل حد العبادة فه من الشرؾ األكا.
ُّ وال فر
االعتقادي األكا :كاعتقاد األقطاب األربعة الذين يديروف ال وف ويدِّبروف األمور.
ُّ وال فر
نفاؽ أصغر ،ومثالو ما جاء يف حديث آية ادلنافق ةالث. النفاؽ العمل ُّ :وكلُّو ٌ
ػادي األصػػغر :كاشػػتماؿ القلػػب علػػى شػ ٍء مػػن زلبػ ِػة غػػري اهلل زلبػةً شػػركيةً غػػري م فػػرة ،دوف
النفػػاؽ االعتقػ ُّ
ظهور كل يف العمل.
ػادي األكػػا :كمػػا تق ػدعـ ككػػره مػػن عقائػػد ادلنػػافقني ،مثػػل اعتقػػادىم أ عف اهلل لػػن ينصػػر دينػػو،
النفػػاؽ االعتقػ ُّ
وبغضهم هلل ولدينو ولرسولو صلى اهلل عليو وسلم.
ىذا واهلل أعلم وصلى اهلل وسلم على عبده ورسولو زلمد وعلى آلو وصحابتو أصبعني.
٘ٙ
الخلط بين اإللهية واألُلوهية
احلمد هلل رب العادلني ،والصالة والسالـ على أشرؼ ادلرسلني نبينا زلمد وعلى آلو وصحابتو أصبعني ،أما بعد:
فػإ عف مػػن أبػواب الغلػػط الػػيت ق عػل التنبُّػػو إليهػػا يف مسػائل التوحيػػد ،ومل أجػػد مػن نػ ع
ب عليػػو مػع كثػػرة مػػن يقػع فيػػو ،وشبػػرة
ىذا الغلػط إدخػاؿ توحيػد األلوىيػة يف توحيػد الربوبيػة ،وإخػراج العبػادة واالمتثػاؿ وتوحيػد الطلػب والقصػد مػن أصػل
ط يف ادلسػميات وادلعػاين كمػا معَّن ال إلو إال اهلل ،وىذا اخللط احلاصل ليس خلطًا بني االمسني فحسػب بػل ىػو خلػ ٌ
ي يت توايحو بإكف اهلل.
واإلذليػػة :مصػػدر صػػناع مػػن اسػػم اإللػػو ،يػُراد بػػو اتّصػػاؼ الػػرب ب ونػػو إذلػًػا يف نفسػػو ،وادلعػػَّن اسػػتحقاؽ الػػرب جػػل
وعال أف يُعبد وتُصرؼ إليو وجوه ال ُقربة ،واتّصافو دبا يُوجب إفراده بالعبادة من الربوبية وصفات ال ماؿ.
فاإلذلية صفة من صفات ربوبيعة اهلل سبحانو وتعاىل ،واأللوىية ى صرؼ أفعاؿ العباد اليت يستحقُّها اهلل جل وعػال
القصد إليو ب فعاؿ ادل لوقني.
ُ إليو وحده ،فاألوىل صفة اخلالق والثانية
وقد نش الغلط عند أكثر الناس يف ىذا الناقض من التعريف ادلشهور ل لمة التوحيد :ال معبػود حبػق إال اهلل ،فظنُّػوا
أ عف معػػَّن اإللػػو يف كلمػػة التوحيػػد متعلّػ ٌػق ب لمػػة” :حبػػق“ ،واحلػػق أ عف معػػَّن اإللػػو ىػػو يف كلمػػة ”معبػػود“ أ عمػػا كلمػػة
”حبق“ فه قي ٌد إلخراج ادل لوىات من دوف اهلل ،وىذا ظاىر إكا ت عملحم أ عف كلمة اإللو الػيت تعػين ادلعبػود لػيس فيهػا
زبصيب كل بادلعبود حبق وال دوف حق بل متعلّق بالعابد فمن عبد شيئًا فهػو إذلُػوُ ،أ عمػا قػوذلم ”حبػق“ يف شػرح ال
٘ٚ
إلو إال اهلل فإعإلا ىو ٌ
إظهار للجواب ادلق ّدر بعد ال النافية للجنس ألف التقدير ”ال إلو (حػق) إال اهلل“ ولػيس داخػالً
يف لفظ اإللو بل ىو مقدر يف سياؽ اهملة.
يم ألبِ ِيو َوقَػ ْوِم ِو إِن ِعين بػََراء ِّشلعا تَػ ْعبُ ُػدو َف ا إالّ الع ِػذي فَطَ َػرِين ومعَّن ال إلو إال اهلل مف عسر يف قوؿ اهلل تعاىل( :وإِ ْك قَ َ ِ ِ
اؿ إبْػَراى ُ َ
فَِإنعوُ َسيَػ ْه ِدي ِن ا و َج َعلَ َها َكلِمةً بَاقِيَةً ِيف َع ِقبِ ِو لَ َعلع ُهم يػَرِجعُو َف)؛ فتاأ إبػراىيم مػن اآلذلػة ادلعبػودة مػن دوف اهلل ومل يت ع
ػوؿ ْ ْ َ َ
أصح القولني ،فليسػحم رل ّػرد الت ػذيب باآلذلػة إال اهلل وجعل ىذا األمر كلمةً باقيةً يف عقبو وى كلمة التوحيد على ِّ
أو اعتقاد استحقاؽ اهلل للعبادة ،بل ى الااءة الفعلية من كل ما يُعبد مػن دوف اهلل ،فهػذه ىػ ال لمػة الػيت عليهػا
مدار الدين وى أصل اإلدياف واليقني.
وخػػذ فسػػاد ىػػذا القػػوؿ والغلػػط مػػن فسػػاد لوازمػػو األوليػػة البدىيػػة ،فإنػعػو لػػو اقتُصػػر علػػى تفسػػري ال إلػػو إال اهلل دبعػػَّن
ػتحق للعبػػادة ،ويعلػػم أ عف مػػا يفعلػػو
اإلذليػػة لػػزـ كػػوف إبلػػيس مممنًػػا فإنػعػو يعتقػػد ويقػ ُّػر ب ػ عف اهلل سػػبحانو ىػػو وحػػده ادلسػ ُّ
موحػ ٍػد وال يقػوؿ أحػػد مػػن أىػل اإلسػػالـ إ عف إبلػػيس ػني وغوايػةٌ ،ومػع كلػ فإنعػو كػ ٌ
ػافر بػػاهلل غػري ِّ ػالؿ مبػ ٌ
ويػدعو إليػػو ا ٌ
شلن يشهد أف ال إلو إال اهلل فضالً عن كونو من ادلوحدين ،ف ذل كل من أقػر باسػتحقاؽ اهلل عػز وجػل للعبػادة ل
معتقدا بطالف ما يفعل.
أعرض أو است ا أو عبد غري اهلل معو ولو ً
األصناـ وسجد ذلا مػن دوف اهلل ودعػا ال واكػب والنجػوـ ،وكػاف معتق ًػدا أ عف اهلل ىػو مسػتحق
َ وكذا لو أ عف رجالً عبد
موح ًدا على تفسػري التوحيػد ٍ ٍ
العبادة وحده ،ول ن باع دينو بعرض من الدنيا وعبد غري اهلل لرغبة أو رىبة ،فإنعو يبقى ّ
باإلذلية دوف األُلوىية ،وإصباع ادلوحدين على كفر من ىذه حالو ،ومثلو من كاف يقر باسػتحقاؽ اهلل العبػادة وحػده،
ل يسبو جل وعال فإكا ُسئل قاؿ إين ال أعتقد ما أقوؿ وإعإلا أخوض وألعب وأقطع عناء السفر وطوؿ الطريق.
فسروا معَّن كلمة اإللو بفعل األمػر الػذي يقتضػ االمتثػاؿ ع
فت عمل دعوة ىمالء األنبياء إىل ال إلو إال اهلل ،وكيف أ م ّ
صبيعا.
والعمل ،فليس األمر رلرد استحقاؽ اهلل أف يُعبد بل األلوىية حقيقة عبادتو كما دعا إليو األنبياء والرسل ً
٘ٛ
ويتفعرع على ىذا أ عف األوىل يف تفسػري ال إلػو إال اهلل ،أالع يُقػاؿ :نفػ لعبػادة غػري اهلل ،وإةبػات لعبػادة اهلل وحػده ،وإف
كانػػحم الصػػيغة النفػ إالع أ عف مػػا تضػ عمنو اسػػم اإللػػو مػػن الفعػػل يػ ّ
ػرجح أف يعػ ّػا بػػالنه فيُقػػاؿ :لػػال إلػػو إال اهلل ركنػػاف:
األمػػر بعبػػادة اهلل وحػػده ،والنهػ عػػن عبػػادة غػػريه ،فػػإ عف الصػػيغة وإف مل ت ػػن صػػيغة ػ فقػػد تضػ عمنحم كلػ والنهػ
أوىف دبعَّن ال إلو إال اهلل من النه .
وىػػذا الػػذي قػدعمنا مػػن لػػزوـ تفسػػري ال إلػػو إال اهلل بعبػػادة اهلل وتػػرؾ عبػػادة غػػريه ال رلػػرد اسػػتحقاقو وحػػده -سػػبحانو-
ػادا ،أم ػػا تفس ػػريىا
ػث يعتق ػػدوف اإلدي ػػاف ق ػػوالً وعم ػ ػالً واعتق ػ ً
العب ػػادة ى ػػو معتق ػػد أى ػػل الس ػػنة يف ب ػػاب اإلدي ػػاف ،حي ػ ُ
باستحقاؽ العبادة فهو اعتقاد فحسب.
وكمػػا أنػعػا نقػػوؿ إ عف النػػيب صػػلى اهلل عليػػو وسػػلم دلػػا كػػاف يػػدعو قومػػو إىل أف يقولػوا ال إلػػو إال اهلل كلمػةً تػػدين ذلػػم هبػػا
العرب وتمدي العجم إليهم اهزية ،مل ي ن يُريد التلفظ هبا فحسب ومل يفهموا ىم منو كل ،وإالع لفعلػوا مػا أمػرىم
هبم كمػا أ ػم راػوا منػو أف يعبػد إذلهػم سػنة ويعبػدوا إذلػو سػنة ،ف ػذل نعلػم بالضػرورة أنعػو مل ي ػن يريػد اعتقػاد أ عف
ػتحق للعبػػادة فحسػػب ،بػػل يُريػػد مػػنهم الػػتلفظ والعمػػل هبػػا واعتقػػاد معناىػػا ،وكػ ُّػل كلػ داخػ ٌػل يف معػػَّن
اهلل ىػػو ادلسػ ُّ
كلمة ال إلو إال اهلل.
التمس ػ بػػاللفظ والغفلػػة عػػن ادلعػػَّن ،فم ػ جػ ّػرد النظػػر إىل كلمػػة ال إلػػو إال اهلل عػػن
والغلػػط يف ىػػذا النػػاقض سػػببو ُّ
صلتها من كتاب اهلل وسنة نبيػو صػلى اهلل عليػو وسػلم ،واقتصػر النظػر علػى حػد وتعري ٍ
ػف ذلػا مل فسرهتا وف ع ع
األدلة اليت ّ
يُممن ىذا الغلط وأمثالو ،فينبغ لصػاحب العلػم والداعيػة أالع يغفػل عنػد شػرح كلمػة ال إلػو إال اهلل عػن بيا ػا ب ػالـ
اهلل عز وجل ،وتفسريىا بالقرآف والسنعة فإنعو ال بياف كبيا ما وال برىاف كاىا ما ،واهلل أعلم وصػلى اهلل وسػلم علػى
عبده ورسولو زلمد وعلى آلو وصحابتو أصبعني.
ٜ٘
إدخال االصطالحات العلمية في الحقائق الشرعية ()4/6
احلمػػد هلل رب العػػادلني ،والصػػالة والسػػالـ علػػى أشػػرؼ األنبيػػاء وادلرسػػلني ،نبينػػا زلمػد وعلػػى آلػػو وصػػحابتو أصبعػػني،
أما بعد:
فػػإ عف أىػػل العلػػم يف تواػػيحهم ادلسػػائل العلميػػة احتػػاجوا إىل االصػػطالح علػػى بعػػض الرسػػوـ مػػن أمسػػاء ادلسػػائل أو
ِ
ػطالحات يف كثػػري مػػن العلػػوـ الشػػرعية، اعػػا مػػن االصػ
تقسػػيمها وحنػػو كلػ بقصػػد التواػػيح والتيسػػري ،فاسػػتعملوا أنو ً
ونشػ الغلػػط يف كثػػري مػػن العلػػوـ بسػػبب ىػػذه االصػػطالحات عنػػد غلػػط مػػن يغلػػط فيُػػدخل االصػػطالحات يف أصػػل
العلم.
اخلط ػ يف التعريفػػات :مػػن األمػػور الػػيت اصػػطلح عليهػػا أىػػل العلػػم احلػػدود ادلس ػ عماة بالتعريفػػات ،وكثػػري مػػن الغلػػط يف
التمس ػ بػػالتعريف وتعليػػق األح ػػاـ بػػو ،وقػػد تق ػدعـ يف
صػػة َمنشػػمه ُّ أب ػواب الش ػريعة عامػػة ويف مسػػائل االعتقػػاد خا ع
العدد ادلاا التنبيو على خط ناشش من تفسري ال إلو إال اهلل والتمس بلفظ التعريف.
ومن الغلط يف التعريفات مػا ينشػ عنػد كثػري مػن النػاس مػن تعريػف العبػادة ،فممػن عػعرؼ العبػادة مػن ععرفهػا باعتبػار
ػب مػع غايػػة الػ ِّ
ػذؿ ،وىػذا التعريػػف يُسػاؽ يف الػػوعظ وال ػالـ علػػى أعمػػاؿ كمػاؿ العبػػادة الصػحيحة فقػػاؿ :غايػة احلػ ِّ
القلوب ،وال يُراد بو اهمع وادلنػع كمػا ىػو شػ ف احلػدود ،فاتع ػ عليػو غػالة ادلرجئػة فجعلػوا مػن مل يصػرؼ احلػب مػع
موحدا مممنًا ألنعو مل يعبد غري اهلل.
الذؿ أو الذؿ مع احلب أو صرفهما ومل يصرؼ غايتهما لغري اهلل ً
وشلن ععرؼ العبادة من ععرفها تعري ًفا شامالً للعبادة باعتبار الثواب ال باعتبار الفعل فقػاؿ :صبيػع مػا حيبػو اهلل ويراػاه
من األفعاؿ واألقواؿ الظاىرة والباطنة ،واستند إىل كل طوائف من غالة ادلرجئة فقالوا :كما أ عف من ابتسػم يف وجػو
أخيػػو لغػػري وجػػو اهلل ال ي فػػر ،ف ػػذل مػػن صػػرؼ العبػػادة لغػػري اهلل ،ودلػػيلهم أ عف تعريػػف العبػػادة ال يُفػ ِّػرؽ بينهمػػا،
وخلطوا معتمدين على التعريف بني العبادة باألصل والعبادة بالقصد.
وىػػذه األغػػالط العظيمػػة ناشػػئة عػػن اخلطػ يف تعريػػف حقيقػػة شػػرعية واحػػدة ى ػ حقيقػػة العبػػادة ،فحصػػر مػػن غلػػط
احلقيقة الشػرعية يف مػدلوؿ اللفػظ اللغػوي واسػتند إىل مػا يعػروه مػن إصبػاؿ أو عػدـ صبػع أو عػدـ منػع ،وحػعرؼ معػَّن
الشرؾ الذي أرسل اهلل رسلو يف التحذير منو ،وطمس معَّن التوحيد الذي خلق اهلل العبادة ألجلو.
ٓٙ
يظن الواجب من فهم كلمػة ال إلػو إال اهلل أو مػن معرفػة معػَّن العبػادةومن األغالط يف التعريفات أف من الناس من ُّ
يظن الواجب ىػو معرفػة التعريػف وحفظػو ،فيجعػل تعريػف ال إلػو إال اهلل بقػوؿ القائػل :ال معبػود حػق أو حنو كل ؛ ُّ
إال اهلل ،من أصوؿ الدين وأسسو اليت ال ي وف الدين إالع هبا.
تقسيمات عد ًة يف كثري من ادلسائل العقدية ،ومػن أشػهر التقسػيمات: ٍ اخلط يف التقسيمات :ككر بعض أىل العلم
تقسػيم التوحيػد ةالةػة أقسػاـ ،ةالثهػػا توحيػد األمسػاء والصػفات ،فػذىب بعضػػهم وجعػل ىػذا التقسػيم حقيقػة شػػرعية
ابعػػا كمػػن أاػػاؼ توحيػػد ال اػػوز االجتهػػاد فيهػػا وال الزيػػادة عليهػػا ،وبػػَّن علػػى كل ػ تبػػديع مػػن أاػػاؼ قسػ ًػما ر ً
احلاكميػػة ،وىػػذا قسػػم صػػحيح ةابػػحم ب دلعت ػو وإف كػػاف توحيػػد احلاكميػػة يتػػداخل مػػع غػػريه مػػن أقسػػاـ التوحيػػد فػػإ عف
توحيد األمساء والصفات يف أصلو داخل يف توحيد الربوبية ،ويف كثػري مػن فروعػو داخػل يف توحيػد األلوىيػة كمسػائل
دعػػاء الصػػفة واالسػػتعاكة هبػػا ،ومػػع كلػ مل يػػر أىػػل العلػػم قاطبػةً مػػن عػ عد ىػػذا القسػػم الثالػػث مبتػ ً
ػدعا حيػػث كانػػحم
فهومهم أوسع ،وفعرقوا بني االصطالحات واألمساء الشرعية.
اخلط ػ يف الشػػروط االسػػتقرائية والن ػواقض وحنوىػػا :اسػػتنبط بعػػض أىػػل العلػػم شػػروطًا لػػبعض األح ػػاـ م ػ خوكة مػػن
رلموع أدلة الشريعة يف الباب ،ومن كل صبع من صبع شروط ال إلو إال اهلل يف سػبعة شػروط أو شبانيػة ،فمػن النػاس
ط من شروط ال إلػو إال اهلل ،فػيظن مػن مل شرط شر ٌمن ألزـ حبفظ ىذه الشروط وابطها ،وكثري توعىم أ عف معرفة كل ٍ
فهذه ةالةة أنواع من الغلط يف االصطالحات العقدية ،وأمثلتها كثرية جػدًّا ول ننػا ككرنػا مػا يُعػرؼ بػو ادلعػَّن ويُقػاس
عليو سائر ما شاكلو ،واهلل و التوفيق.
ٔٙ
إدخال االصطالحات العلمية في الحقائق الشرعية ()4/4
احلمػػد هلل رب العػػادلني ،والصػػالة والسػػالـ علػػى أشػػرؼ األنبيػػاء وادلرسػػلني ،نبينػػا زلمػػد وعلػػى آلػػو وصػػحابتو أصبعػػني،
أما بعد:
فػػإ عف الػػدين منػػو مػػا ىػػو أصػ ٌػل إكا زاؿ خػػرج صػػاحبو إىل الشػػرؾ وال فػػر أو إىل البدعػػة والضػػاللة ،ومنػػو مػػا ىػػو فػػرع
يسػػوغ فيػػو اخلػػالؼ ويُعػػذر ادل ػػالف ،وي ػػوف تاركػػو مفرطًػػا عاصػػيًا غػػري مبتػػدع وال مشػػرؾ ،وادل ػػالف فيػػو رلتهػ ًػدا
معذورا ،وقد صنعف أىل العلم مسػائل العلػم ادلصػطلح علػى تسػميتو بعلػم االعتقػاد يف كتػب ،وفيػو ً جورا أو سلطئًا
م ً
فروعٌ كمػا يف غػريه مػن العلػوـ ،ويف العلػوـ األخػر أصػوؿ كمػا يف ىػذا العلػم ،ول ػ عن أغلػب أصػوؿ الػدين داخلػة يف
علػػم االعتقػػاد خاصػػة مػػا وقػػع فيػػو اخلػػالؼ بػػني أىػػل السػػنة وأىػػل األى ػواء ،فلػػذل غلػػب تسػػمية ىػػذا العلػػم بعلػػم
أصوؿ الدين ،واشتهر بو ح ع توعىم كثري من الناس أ عف أصوؿ الدين كلها من ىذا العلم وأ عف الفروع من غريه.
وقػػد أن ػػر شػػيخ اإلسػػالـ ابػػن تيميػػة ىػػذه القسػػمة مػػن ىػػذا الوجػػو ،وأطػػاؿ يف ادلسػ لة يف موااػػع مػػن كتبػػو ،واػػرب
أمثلةً بالصالة وحنوىا من أصوؿ الدين وى على ىػذا االصػطالح مػن الفػروع ،وت لػم عػن ادلسػائل الدقيقػة يف علػم
ػدؽ يف األصػػوؿ ال ت ػػاد تتفػػق عليهػػا طائفػػة مػػن السػػلف،
االعتقػػاد وبػ عػني وقػػوع االخػػتالؼ فيهػػا فقػػاؿ :مسػػائل الػ ّ
الصحابة والتابعني فمن بعدىم.
وقد نشػ عػن ىػذا الغلػط تعظػيم مسػائل الفػروع الػيت تُػذكر يف كتػب االعتقػاد علػى وجػو التبػع أو التفريػع علػى أص ٍػل
مػػن أصػػوؿ الػػدين ،ل التعصػػب ذلػػا والتشػػنيع علػػى مػػن خػػالف فيهػػا وعقػػد الػػوالء وال ػااء عليهػػا ،كمػػا ذبػػد كل ػ يف
مس ػ لة تعليػػق التمػػائم الػػيت فيهػػا القػػرآف؛ فػػإ عف اإلمػػاـ أضبػػد سػػئل عنهػػا فقػػاؿ :اختلػػف فيهػػا الصػػحابة فعبػػد اهلل بػػن
وروي
مسعود ينهى عنها وعبد اهلل بػن عمػرو ال يػر هبػا ب ًسػا ،واختلفػحم الروايػة عػن أضبػد فيهػا ف ُػروي عنػو جوازىػا ُ
تبعػا دلسػ لة التمػائم ،خبػالؼ التميمػة الػيت فيهػا كػالـ غػري مفهػوـ أو
عنو ادلنع ،وى مس لة من مسائل الفػروع تُػذكر ً
صػب ذلػا نػاس ،وقػالوا فيهػا شرؾ معلوـ كدعاء الصاحلني وحنوه ،فنش عن ككػر ىػذه ادلسػ لة يف كتػب التوحيػد أف تع ع ٌ
مػػا مل يقلػػو أحػػد مػػن أىػػل العلػػم ،حػ ع مػػن ككػػر ادلسػ لة يف مسػػائل التوحيػػد كالشػػيخ زلمػػد بػػن عبػػد الوىػػاب وشػعراح
صبيعا ليس فيهم من غلعظ يف ىذه ادلس لة ح وجد اليوـ من غلعظ فيها تغليظًػا مزي ًػدا ،وواىل وعػاد عليهػا، كتابو ً
بل قد بل األمر إىل ت فري من يعلِّق التميمة عند بعض اههلة ،ووقع ىذا يف أفغانسػتاف أيػاـ اههػاد الروسػ كث ً
ػريا،
حػ ع كػػاف نػػاس يعػػادوف قائػ ًػدا مػػن قػػادة اههػػاد مػػن أىػػل التوحيػػد أل عف معػػو مػػن يلػػبس التمػػائم ،وعنػػد سػماؿ غػػالبهم
يظهػػر أ عف فيهػػا القػػرآف حقيقػػة فهػ مػػن التمػػائم ادلباحػػة يف قػػوؿ بعػػض السػػلف ،أو أ ع ػػم يظنػػوف فيهػػا قرآنػًػا فػػإكا نظػػر
ٕٙ
ػذور باالتفػاؽ،
فيها وعلم أف الذي فيها ليس من القرآف معزقها وىذا الذي يتعلقها يظن أف لػيس فيهػا إال القػرآف مع ٌ
كما ككر الشيخ عبد اهلل ععزاـ رضبو اهلل.
وليس ادلػراد مػن ىػذا أف يُتسػاىل يف تعليػق الػودع واخليػوط وحنوىػا شلػا ال اخػتالؼ يف كونػو مػن البػدع وقػد يصػل إىل
الشرؾ ،وال التساىل يف تعليق التمائم اليت ال يُدر ما فيها ،وال التساىل يف تػرؾ بيػاف ىػذا احل ػم بػل اػب ربػذير
الناس من التمائم احملرمة ،وتعليم اهاىػل واإلن ػار علػى ادلعانػد ،ل ػن بعػد أف يعػرؼ ادلن ِػر ح مهػا ودييّػز مػا يُن ػر
ُ
منها وما ال يُن َ ر.
تبعػػا ألصػػوذلا ،ف ػػاف الغلػػط أ عف مػػن النػػاس مػػن أحلقهػػا ب صػػلها
وىػػذه ادلسػ لة مػػن مسػػائل فػػروع االعتقػػاد الػػيت تػػذكر ً
وشػدعد فيهػػا وواىل وعػػاد عليهػػا ،ومل يفػ ِّػرؽ بػػني أصػػوؿ االعتقػػاد ،ومسػػائل االجتهػػاد منػػو الػػيت يُعػػذر فيهػػا ادل ػػالف
واخلالؼ فيها قدم منػذ الصػحابة ،ظنًّػا منػو أ عف كػل مػا يف كتػب االعتقػاد مػن أصػوؿ الػدين الػيت ال يسػوغ االجتهػاد
فيها.
أيضا :تعظيم مسائل الفروع اليت تُذكر يف مصنفات العقيػدة وإف مل ت ػن مػن مسػائل االعتقػاد أصػالً ال ومن الغلط ً
الفرعيػػة وال األصػػلية ،كػػذكر بعػػض السػػلف مس ػ لة اههػػر بالبسػػملة وأ ع ػػا ال تسػػن يف كتػػب االعتقػػاد ،وى ػ مس ػ لة
خالؼ بني أىل السػنة والشػافعية يقولػوف هبػا ودليلهػا قػوي وإف كػاف اإلسػرار أرجػح ،وكىػب ابػن تيميػة إىل اإلسػرار
مػػرة واههػػر مػػرة ورآىػػا شلػػا السػػنة فيػػو التنويػػع ،وككػػر بعػػض السػػلف يف كتػػب االعتقػػاد عػػدـ القنػػوت يف الفجػػر إال
للنػوازؿ ،والشػافع يػر القنػػوت يف الفجػر سػنةً مطل ًقػا لنازلػػة أو لغريىػا مسػتدالًّ ب حاديػث عػػن النػيب صػلى اهلل عليػػو
وسلم ،فليسحم من مسائل االعتقاد األصلية وال الفرعية.
ومن الغلط :أف تُمخذ عبارات من عُرؼ عنو اإلمامة يف السنة واالعتقػاد ،ك ئمػة السػلف والاهبػاري وشػيخ اإلسػالـ
ػائرا علػػى ط ػريقتهم شلػػن
ابػػن تيميػػة وابػػن القػػيم وزلم ػد بػػن عبػػد الوىػػاب وبعػػض أئمػػة الػػدعوة ومػػن تومهػػو النػػاس سػ ً
بعدىم :أف تمخذ عباراهتم أصوالً وعقائػد ال يسػوغ دل ػالف أف ُخيالفهػا ،وغالػب مػا ي ػوف ىػذا فػيمن مل يشػتهر لػو
ش ػ ء إال ال ػػالـ يف االعتقػػاد كالاهبػػاري ،فػػرت مػػن النػػاس مػػن اعػػل ىػػذه ادلقػػاالت أدل ػةً مسػػتقلة ،تسػػتنبط منهػػا
األح اـ دوف تعريج على ال تاب والسنة وألفاظهما ،ويتفرع على ىذا الغلط يف احل م على بعػض النػاس بػال فر،
أو الع ػػس يف عػػذر بعػػض مػػن ال يُعػػذر لعبػػارة رلملػػة أو فهػػم غلػ ٍػط ذلػػا ،كمػػا وقػػع مػػن أحػػد األفااػػل يف ت فػػري
الرافضػػة ادلوجػػودين اليػػوـ إك استشػػهد ب ػػالـ البػػن تيميػػة قػػاؿ فيػػو( :ومػػن قػػاؿ :إف الثنتػػني وسػػبعني فرقػػة كػػل واحػػد
منهم ي فر كفراً ينقل عن ادللة فقد خالف ال تاب والسنة وإصباع الصحابة راػواف اهلل علػيهم أصبعػني ،بػل وإصبػاع
األئمة األربعة وغري األربعة ،فليس فيهم من كفعر كل واحد مػن الثنتػني وسبع ػػني فرقػػة) ،فاسػتدؿ ب المػو علػى عػدـ
ووىػم شػنيع ،فلػيس يف كػالـ ابػن تيميػة رضبػو اهلل ت فري الرافضة وعلى أ عف ىذا مذىب أىل السنة ،وىذا غلط قبػيح َ
ٖٙ
منػػع ت فػػري واحػػدة مػػن الفػػرؽ ،بػػل فيػػو الػػرد علػػى مػػن كفػػر صبيػػع تلػ الفػػرؽ عػػدا الطائفػػة الناجيػػة ،والػػذي نفػػاه ابػػن
تيمية عن السلف واألئمة ىو ت فري كل واحدة من الثنتني والسبعني فرقة ،ال ت فػري واحػدةٍ منهػا ،والبػن تيميػة مػن
ال الـ يف ىذه ادلس لة ما يبني ىذا الغلط.
ومن صور الغلط يف ىذا الناقض :أ عف من الناس من اعتمػد كتابًػا مػن ال تػب الػيت خصصػحم بعػض أبػواب االعتقػاد
ناقضػػا غريىػػا ،أو اعتمػػد كتػػاب
فجعلهػػا أصػػوؿ الػػدين كلهػػا فمػػنهم مػػن اعتمػػد رسػػالة ن ػواقض اإلسػػالـ فلػػم يقبػػل ً
التوحيد فلػم اعػل توحي ًػدا غػريه ،وأمهػل يف كلػ توحيػد الربوبيػة وتوحيػد األمسػاء والصػفات ،ومػن النػاس مػن ع ػس
كل ،فاعتمد كتب السلف يف األمساء والصفات حيث كثر يف وقػتهم االبتػداع فيهػا ،فجعلهػا الػدين كلػو والتوحيػد
كل ػػو واهت ػػم م ػػن ص ػػنف بع ػػد كلػ ػ يف مس ػػائل أنػ ػواع التوحي ػػد األخ ػػر بالزي ػػادة واالبت ػػداع ،وك ػػل كلػ ػ م ػػن اعتم ػػد
اصطالحات ورسوـ حادةة يف العلم وإحالذلا زلل احلقائق الشرعية.
فالواجب على أىل العلم وطالبو الرجوع إىل ال تاب والسنة والنظر يف ال تػب ادلصػنفة مػن تصػانيف السػلف فمػن
بعػػدىم ،والبعػػد عػػن اإلفػراط يف االتبػػاع ادلوصػػل إىل التقليػػد ،واإلفػراط يف تركػػو ادلفضػ إىل ألػو ٍاف مػػن االبتػػداع ،واهلل
و التوفيق.
ٗٙ
الذيل على شرح النواقض
أق ام نواقض اإلسالم من حيث اإلجماع والخالف
احلمد هلل رب العادلني ،والصالة والسالـ على أشرؼ ادلرسلني ،نبينا زلمد وعلى آلو وصحابتو أصبعني ،أما بعد:
ػيحم
ػات كثػري منهػػا عزمػحم علػػى كتابتػو ونسػ ُ فقػد فػاتَين أةنػػاء كتابػة ادلقػػاالت السػابقة يف نػواقض اإلسػالـ فوائ ُػد وتنبيهػ ٌ
ي أةناء كتابة ادلقاالت ف عخرتو إىل ما بعػد الفػراغ منهػا ،ومنهػا (أقسػاـ نػواقض كل يف مواعو ،ومنها ما استج عد لد ع
اإلس ػػالـ) ،وق ػػد كك ػػرت م ػػن أقس ػػاـ النػ ػواقض م ػػا خيتل ػػف ب ػػو احل ػػم ،أو ُحيت ػػاج إلي ػػو يف تص ػػور النػ ػواقض وفهمه ػػا،
وأعراػػحم ع عمػػا عػػدا كل ػ مػػن األقسػػاـ؛ فمػػن االعتبػػارات الػػيت تُق عسػػم هبػػا ن ػواقض اإلسػػالـ اإلصبػػاع واخلػػالؼ علػػى
النػػاقض ،ومنهػػا التقسػػيم باعتبػػار ادلتعلػػق فه ػ قوليػػة أو عمليػػة أو اعتقاديػػة ،ومنهػػا التقسػػيم باعتبػػار الػػرتؾ والفعػػل
ول ل من ىذه األقساـ فروعٌ سلتلفة ،وسنذكر ما يتعلق هبذه التقسيمات يف مقاالت آتية إف شػاء اهلل ،وسػنذكر مػا
يتعلق بتقسيم نواقض اإلسالـ من حيث اإلصباع واخلالؼ يف ىذا ادلقاؿ:
فمن النواقض :المع عليو ،وادل تلف فيو؛ والمجمع عليه ق مان:
األول منهمــا :مػػا ىػػو أصػػل ديػػن اإلسػػالـ ال يصػػح اإلسػػالـ إال بػػو وكلػ أصػػل وجػػود اهلل وربوبيتػػو وإفػراده بالعبػػادة
واسػػتحقاقو ال مػػاؿ يف اإلصبػػاؿ ،فلػػو جهػػل أح ػ ٌد وجػػود اهلل أو جحػػد أنػعػو اخلػػالق أو أق ػعر بػػذل و ّادعػػى أنعػػو أحػػد
ػافرا ال أةػر لبلػوغ احلجػة إليػو باالتفػاؽ ،وقػد تقػدعـ طػرؼ مػن
البشر ،أو جحد استحقاقو جل وعػال ال مػاؿ ،كػاف ك ً
مباحث ىذه ادلس لة.
والثاني منهما :ما ىو من األصوؿ اليت يصح إسػالـ اهاىػل وادلتػ وؿ بػدو ا ،فمنهػا المعلـوم مـن الـدين بالرـرورة
فػػيُح م ل ػػل أحػ ٍػد بعلمػػو كفػػرض الصػػالة وربػػرم الزنػػا وي فػػر مػػن أن رىػػا ،ويُلحػػق بػػو مػػن كانػػحم معلومػػة عنػػده
بالضػرورة دلعرفتنػا حبالػو ،ويُسػتتثَّن منهػا مػن أم ػن جهلػو بػادلعلوـ مػن الػدين اػرورةً كاهاريػة الػيت زنػحم وذبهػل حرمػػة
الزنػػا وقػػد درأ عنهػػا الفػػاروؽ احل ػ ّد أل ع ػػا حديثػػة عهػػد بإسػػالـ ،وقػػد ككػػر بعػػض أىػػل العلػػم ةػػالث صػػور يُعػػذر فيهػػا
ػح تنزيلهمػا علػػى اهاىػل :حػديث العهػد بإسػالـ ،ومػن نشػ بباديػة بعيػدة ،وىاتػاف الصػورتاف مػن ىػذا القسػم ال يص ُّ
أصػػل ديػػن اإلسػػالـ وال يقػػوؿ بػػذل أحػػد ،والصػػورة الثالثػػة ى ػ ادلس ػ لة اخلفيػػة ،وىػػو القسػػم التػػا :المعلــوم مــن
الــدين باالســتدالل والنظــر؛ واالجتهػػاد فيػػو غػػري سػػائ ٍ ألنػعػو ي ػػوف سلال ًفػػا لحمصبػػاع أ عمػػا االجتهػػاد السػػائ فيػ يت عنػػد
معلومػػا مػػن الػػدين بالضػػرورة ،ومثػػاؿ كل ػ :كفػػر مػػن ككػػر ادل تلػػف فيػػو ،ول ػ عن كونػػو اختالفًػػا غػػري معتػػا ال اعلػػو ً
ظػاىر ال فػار علػػى ادلسػلمني ،وكفػػر مػن ح ػم بغػػري مػا أنػػزؿ اهلل وح ع ػم قانونًػا واػػعيًّا ،فهاتػاف ادلسػ لتاف مػع صػ عحة
ٙٙ
اإلصباع عليهما إالع أ عف الوصوؿ إليو ال بد فيو من اس ٍ
ػتدالؿ ،وقػد اهلػو كثػري مػن طلبػة العلػم فضػالً عػن العامػة ،إىل
ما يُش ل على من مل حيقِّق ادلس لة من اآلةػار ادل تلفػة عػن السػلف ،واألقػواؿ ادلتعاراػة عػن أىػل العلػم ،فػال ي فػر
من خالف فيهما أو جهل اإلصباع.
ػيب أحػػد
ػذور يف خالفػػو مصػ ٌ الحــال األولــى :أف ي ػػوف خالفػػو مسػ ً
ػتندا إىل أصػػوؿ أىػػل السػػنة واهماعػػة ،فهػػذا معػ ٌ
األج ػرين ،كمػػن ُخيػػالف يف كفػػر السػػاحر جريػًػا علػػى األصػػل ،وحيمػػل النصػػوص الدال ػة علػػى كفػػر السػػاحر علػػى مػػن
ػافرا ،وقػد اعػل سػحر الشػياطني ٍ
مستعمل للشػرؾ مل ي ػن ك ً استعمل الشرؾ يف سحره ،وير أف لو سحر أح ٌد غري
ادلذكور يف اآلية مشتمالً على ال فر فلذل كفروا ومن تعلعمو وعمل بو.
ػتندا إىل أصػ ٍػل مػػن أصػػوؿ أىػػل البػػدع ،ولػو خػػالف يف مسػ لة اجتهاديػػة ،كمػػن
الحــال الثانيــة :أف ي ػػوف خالفػػو مسػ ً
ُخيالف يف كفر تارؾ الصالة ويبػين كلػ علػى أ عف اإلديػاف ىػو ادلعرفػة أو التصػديق أو عمػل القلػب دوف اهػوارح وحنػو
كل ،فهذا مبتدعٌ ال دل الفتو يف تارؾ الصالة ،بل أل عف خالفو فرعٌ على ٍ
بدعة من البدع.
ردا
افرا بػػذل ،كمػػن ُخيػػالف يف تػػارؾ الصػػالة ال سلالفػةً يف فهػػم الػػنب بػػل ًّ ٍ
ػتندا إىل كفػر كػػاف كػ ً
وإف كػػاف خالفػػو مسػ ً
للحديث مػع علمػو بثبوتػو ،أو تقػدديًا لػرأي أحػد علػى احلػديث مػع علمػو ب نعػو خػالؼ مػراد الشػارع إالع أف ي ػوف لػو
ويل سائ ٌ.
ت ٌ
ٙٚ