Professional Documents
Culture Documents
9d845cfde2273c50aef2c9edda261700
9d845cfde2273c50aef2c9edda261700
َّ
ف وآدابهُُ ا
يِف تراث اآلل واألصحاب
عنوان الكتاب :السفر وآدابه يف تراث اآلل واألصحاب .
اسم املؤلف :حممد السعيد اخلوالني .
عدد الصفحات 143 : ــ نوع املطبوع :كتاب ـ ـ الطبعة :األوىل
السلسلة :تراث اآلل واألصحاب ()5
الناشر :مربة اآلل واألصحاب
ص .ب 12421 .الشامية ـ الرمز الربيدي 71655ـ ـ ت 2560203 :
ردمك 0 :ـ 38ـ 64ـ 99966ـ ISBN 978
م
حقوق الطبع حقوظة لمبرة الآل والآصحاب
إال لمن أراد التوزيع الخيري بشرط عدم التصرف في المادة العلمية
لس َ ر َ َ ر ر
َّ
ف وآدابهُُ ا
َْ َ َ ر
ُ يِف ُت ـ ـ ـراثُ اآللُ واألصحاب
ُ
الصفحة الموضوع
مقدمة مبرة اآلل واألصحاب7 ......................................
مقدمة المؤلف 11 ...............................................
تمهيد ويشتمل على مبحثين 15 .....................................
األول :التعريف بمصطلحات العنوان 15 ..............................
التعريف بالسفر 17 ..............................................
التعريف باآلداب 20 .............................................
التعريف بالتراث23 ..............................................
التعريف باآلل 27 ...............................................
التعريف باألصحاب31 ...........................................
الثاني :أنواع السفر 36 ...........................................
فصل :في النية واالستخارة واالستشارة للمسافر38 ......................
فصل :إعداد الزاد وال يأخذ إال الحالل ،واعداد النفقة لمن تلزمه النفقة
عليهم 46 .....................................................
فصل :في اختيار الرفيق قبل السفر 48 ...............................
فصل :في الدعاء والوصية عند الوداع 56 .............................
فصل :من اآلداب أن يصلي المسافر ركعتين عند إرادته الخروج والدعاء
بعدهما 62 ....................................................
5
الصفحة الموضوع
فصل :فيما يقوله المسافر إذا ركب راحلته ،وأدعية أخرى 64 ..............
فصل :جامع في الدعاء والتعوذات في السفر 78 ........................
فصل :في كراهية سفر الرجل ومبيته وحده 85 ..........................
فصل :يؤمرون أحدهم إذا سافروا 89 .................................
فصل :استحباب الخروج يوم الخميس أول النهار 93 ....................
فصل :في آداب السير والنزول والمبيت في السفر ،والرفق بالدواب
ومراعاة مصلحتها ،وعدم لعنها96 ...................................
فصل :في الحداء في السفر 102....................................
فصل :في إعانة الرجل صاحبه في السفر وخدمته ،والرفق بالضعفاء والفقراء 108 .
فصل :في تعجيل المسافر الرجوع إلى أهله إذا قضى حاجته 112 ............
فصل :من اآلداب القدوم على أهله نهارا ،وكراهته في الليل لغير حاجة 115 ...
فصل :من اآلداب ابتداء القادم بالمسجد الذي جواره ويصلي فيه
ركعتين ،أو صلى ركعتين في بيته120................................
فصل :تحريم سفر المرأة وحدها 122 ................................
فصل :في المصافحة والمعانقة للقادم من السفر 125 .....................
فصل :إطعام الطعام عند قدوم المسافر127 ............................
المصادر والمراجع 128 ...........................................
6
مقدمة مربة اآلل واألصحاب
7
مقدمة مربة اآلل واألصحاب
10
مقدمة املؤلف
هذال البحث الذي بين أيدينا الموسوم بالسفر وآدابه في تراث
جاءت في تراث
ْ اآلل واألصحاب ،قد وضع لبيان آداب السفر التي
الصحابة ،وأئمة آل البيت ــ رضي اهلل عنهم أجمعين ــ ،والتي أظهرت
محاسن هذه الشريعة الغراء ،وشموليتها لجميع نواحي الحياة ،وقد
تناول هذا البحث معظم اآلداب التي ينبغي على المسافر أن يتحلى بها
من أول النهوض إلى آخر الرجوع ووصوله سالما.
الثاني :إعداد الزاد وال يأخذ إال الحالل ،وإعداد النفقة لمن تلزمه
النفقة عليهم.
الثالث :في اختيار الرفيق قبل السفر.
الرابع :في الدعاء والوصية عند الوداع.
الخامس :من اآلداب أن يصلي المسافر ركعتين عند إرادته الخروج
والدعاء بعدهما.
السادس :فيما يقوله المسافر إذا ركب راحلته ،وتكبيره إذا صعد
الثنايا وتسبيحه إذا هبط األودية ،وأدعية أخرى.
السابع :فصل جامع في الدعاء والتعوذات في السفر.
الثامن :في كراهية سفر الرجل ومبيته وحده.
التاسع :يؤمروا أحدهم إذا سافروا.
العاشر :استحباب الخروج يوم الخميس أول النهار.
الحادي عشر :في آداب السير والنزول والمبيت في السفر ،والرفق
بالدواب ومراعات مصلحتها ،وعدم لعنها.
السفر.
الح َداء في َّ
الثاني عشر :في ُ
الثالث عشر :في إعانة الرجل صاحبه في السفر وخدمته ،والرفق
بالضعفاء والفقراء.
13
مقدمة املؤلف
الرابع عشر :في تعجيل المسافر الرجوع إلى أهله إذا قضى حاجته.
الخامس عشر :في القدوم على أهله نهار اا وكراهته في الليل لغير حاجه.
السادس عشر :ابتداء القادم بالمسجد الذي جواره ويصلي فيه
ركعتين ،أو صلى ركعتين في بيته.
السابع عشر :تحريم سفر المرأة وحدها.
الثامن عشر :في المصافحة والمعانقة للقادم من السفر.
التاسع عشر :إطعام الطعام عند قدوم المسافر
ــ وقد ذكرت في مقدمة الرسالة تمهيد ،ويشتمل على مبحثين:
األول :في التعريف بمصطلحات العنوان.
ثاني اا :أنواع السفر.
هذا وما كان من توفيق فمن اهلل ،وما كان من خطأ أو نسيان
فمني ومن الشيطان ،سائال اهلل أن يجعل هذا العمل خالصا لوجه
الكريم ،والحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على أشرف الخلق
نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
كتبه
حممد السعيد ْ
اخلوالين
14
ويشتمل على مبحثين:
rأو اال:
اتلعريف بالسفر
وقال الفيوميَ :س َف َر الرجل َس ْف ارا من باب ضرب فهو َس ِاف ٌر ،والجمع
َس ْف ٌر مثل راكب وركب وصاحب وصحب وهو مصدر في األصل
الس َف ُر بفتحتين وهو قطع المسافة يقال ذلك إذا خرج لالرتحال واالسم َّ
أو لقصد موضع فوق مسافة العدوى؛ ألن العرب ال يسمون مسافة
العدوى سفرا وقال بعض المصنفين :أقل السفر يوم(.)1
ثانيا:
rا
اتلعريف باآلداب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1التهانوي> ،كشاف اصطالحات الفنون والعلوم< (.)128/1
( )2ابن القيم> ،مدارج السالكين< (.)361/2
22
التعريف بالرتاث
rثال اثا:
ر
اتلعريف بالُّتاث
لغة:
تعريف ال ُّتراث ا
قال ابن فارس(> :ورث) الواو والراء والثاء :كلمة واحدة ،هي
الورث .والميراث أصله الواو ،وهو :أن يكون الشيء لقوم ثم يصير
إلى آخرين بنسب أو سبب .قال:
()1
ونورثهـــــا إذا متنـــــا بنينـــــا< ورثنــــاه َّن عــــن آبــــاء صــــدق
وال ِو َراثَ ُة وا ِإل ْر ُث :انتقال قُنية إليك عن غيرك من غير عقد ،وال ما
الميت فيقال للقنيةِ
وس ّمي بذلك المنتقل عن ّ يجري مجرى العقدُ ،
الموروثَةِ :م ٌ
يراث و ِإ ْر ٌث(.)2
راث :واحد. اث وا ِإل َر ُ
اث وال ُّت ُ والو ْر ُث وا ِإلرث وال ِو َر ُ
وال ِو ْر ُث َ
والميراث أصله ِم ْوراث ،انقلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها ،وال ُّتراث
أصل التاء فيه واو.
وال ِورث وا ِإلرث والتراث والميراث :ما ُورِث؛ وقيل :ال ِورث
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1ابن فارس> ،مقاييس اللغة< (.)105/6
( )2األصفهاني> ،المفردات في غريب القرآن< (ص.)863/
23
التعريف بالرتاث
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1د .معاوية أحمد سيد أحمد> ،الفقه وأصوله ،بين التراث والمعاصرة< (ص 4/ــ .)5
26
التعريف باآلل
rراب اعا:
اتلعريف باآلل
لغة(:)1
تعريف >اآلل< ا
يدور كالم أهل اللغة في تفسير هذه الكلمة حول معنيين؛ هما:
األهل ،واألتباع.
أتباعه .قال
قال الجوهري> :آل الرجل :أهله وعيالُه ،وآل ُ ُه أيضاُ :
األعشى:
والس ـلَعا آ ِل َح َّســا َن يُ ْزجــي َ
السـ َّـم َ فَ َك َّذبوها بمـا قالـت َ
فص َّـب َح ُه ْم ذو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اشتقَّت منه كلمة >اآلل< على قولين:
اختلف في األصل الذي ُ (ُ )1
األول :أنها مشتقة من كلمة أهل.
واختار هذا :الراغب األصفهاني في >المفردات في غريب القرآن< (ص ،)98/وابن
قدامة في >المغني< ( ،)232/6وابن منظور في >لسان العرب< (،)30/11
والفيروز آبادي في >القاموس المحيط< (ص ،)963/ور َّده ابن تيمية كما في
>مجموع الفتاوى< ( ،)463/22وابن القيِّم في >جالء األفهام< (ص.)203/
الثاني :أنها مشتقة من كلمة أَ ْول.
واختار هذا :الجوهري في >الصحاح< ( ،)1627/4وابن فارس في >مقاييس اللغة<
( ،)160/1وابن الجوزي في >نزهة األعين النواظر< (ص ،)122/وابن تيمية كما في
>مجموع الفتاوى< ( ،)463/22ومال إليه الحافظ في >فتح الباري< (،)160/11
ور َّجحه الشيخ محمد سالم الخضر في >أهل البيت بين مدرستين< (ص.)18/
27
التعريف باآلل
خاصة ،والثالث :أنهم بنو هاشم ومن فوقهم إلى غالب ،فيدخل فيهم
َّ
بنو المطلب ،وبنو أمية ،وبنو نوفل ،ومن فوقهم إلى بني غالب.
القول الثاني :هم ذريته وأزواجه خاصة.
القول الثالث :هم أتباعه إلى يوم القيامة.
القول الرابع :هم األتقياء من أمته.
واألرجح من هذه األقوال ــ واهلل أعلم ــ :القول األول ،لقول
زيد بن أرقم > :أهل بيته ‘ من ُحرم الصدقة بعده؛ وهم :آل
علي ،وآل عقيل ،وآل جعفر ،وآل عباس<(.)1
ضاف معهم :أزواجه ‘ ،وذلك بدًللة القرآن؛ لقول اهلل :
ويُ ُ
{ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ} [األحزاب]33 :
rخام اسا:
اتلعريف باألصحاب
لغة:
تعريف >األصحاب< ا
جمع
والص ْحب :جماعة الصاحب ،ويُ َ
الص ْحبَ ،
األصحاب :جماعة َ
والصحاب ،وهذا كله عائد لمادة (صحب)(.)1
والصحبةِّ ،
بالصحبانُّ ،
ضا ُّأي ا
أصل واحد ُّ
يدل على ٌ يقول ابن فارس> :الصاد والحاء والباء
الص ْحب<(.)2
احب ،والجمعَّ :الص ِ
مقارنة شيء ومقاربته ،من ذلكَّ :
ويقول الجوهري> :األصحاب :جمع َص ْحب ،مثل :فَ ْرخ وأفراخ.
مصدر .وجمع األصحاب: ٌ والصحابة بالفتح :األصحاب ،وهي في األصل َّ
أصاحيب .وقولهم في النداء :يا صا ِح ،معناه يا صاحبي<(.)3
ُ
قال ابن ُدريد> :فَ ِإذا قَالُوا ِصحابة فهم ْ
األص َحاب ،وإذا قَالوا
الصحابة مصدرا؛َصحابة فهم القوم الَّذين يصحبونه .وربما كانت َّ
الص ْحبة<(.)4
الص َحابَة؛ أَيُّ :
يقولون :فالن حسن َّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عباد> ،المحيط في اللغة< ( ،)467/2ابن منظور> ،لسان العرب< (.)519/1
ابن َّ ()1
ابن فارس> ،مقاييس اللغة< (.)335/3 ()2
الجوهري> ،الصحاح< (.)161/1 ()3
ابن دريد> ،جمهرة اللغة< (.)280/1 ()4
31
التعريف باألصحاب
مشتق من
هنا فر ٌع عن االختالف اللغوي السابق ،هل لفظ >الصحابي< ٌّ
رط طول مجالسة ومعاشرة ،أم أنه شت ُ
الصحبة مطلقاُ ،فيفهم منه أنه ال يُ َ
رط طول مجالسة، شت ُ
يُطلق على المعاشرة والمجالسة؛ ُفيفهم منه أنه يُ َ
واختصاص مصحوب ،ومدة صحبة()1؟
ويمكن اختزال هذه المذاهب واألقوال في قولين مشهورين(،)2
وإليهما ُترجع باقي األقوال:
الصحابي هو :من لقي النبي ‘ مؤمنا به، القول األول :أن َّ
وصحبه ولو ساعة ،ومات على ذلك اإليمان ،سواء روى عنه أو لم يرو
عنه ،وسواء اختص به اختصاص المصحوب ،أو لم يختص به.
األصوليين والفقهاء.
َّ وهذا مذهب جمهور المح ِّدثين ،وبعض
قال البخاري> :من صحب النبي ‘ أو رآه من المسلمين؛ فهو
من أصحابه<(.)3
قال الحافظ ابن حجر> :والذي جزم به البخاري هو قول أحمد،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1د .عبدالكريم النملة> ،مخالفة الصحابي للحديث النبوي< (ص.)33/
( )2النووي> ،المجموع< (.)76/1
وقد أوصل د .عبدالكريم النملة هذه األقوال إلى سبعة ،وذكر أدلة كل قول،
والقائلين به ،واالعتراضات الواردة عليه ،واإلجابة عنها ،ور َّجح القول الثاني
المذكور هنا .انظر> :مخالفة الصحابي للحديث النبوي< (ص 35/ــ .)74
(> )3صحيح البخاري< ( 3/7ــ مع فتح الباري).
33
التعريف باألصحاب
قال أبو الخطَّاب الحنبلي> :وقال أكثر العلماء :ال يقع هذا االسم
إال على من أطال المكث معه على وجه التتبع له ،وشرط الجاحظ
وغيره مع ذلك أن يأخذ عنه العلم أيضا<(.)1
والخالف في هذه المسألة وإن كان آيال إلى النزاع في اإلطالق
اللفظي؛ فاألرجح القول األول ،واهلل أعلم(.)2
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= والصيمري في >مسائل الخالف< (ص ،)182/والقرافي في >شرح تنقيح الفصول<
(ص.)360/
( )1أبو الخطاب ال َكل َْوذاني الحنبلي> ،التمهيد في أصول الفقه< (.)173/3
( )2قال اآلمدي في >اإلحكام في أصول األحكام< (> :)92/2ويدل على ذلك ثالثة
أمور:
األول :أن الصاحب اسم مشتق من الصحبة ،والصحبة تعم القليل والكثير ،ومنه
يقال :صحبته ساعة ،وصحبته يوما وشهرا ،وأكثر من ذلك.
يبر ويحنث
الثاني :أنه لو حلف أنه ال يصحب فالنا في السفر ،أو ليصحبنَّه ،فإنه ُّ
بصحبته ساعة.
الثالث :أنه لو قال قائل :صحبت فالنا ،فيصح أن يقال :صحبته ساعة أو يوما أو
أكثر من ذلك ،وهل أخذت عنه العلم ورويت عنه ،أو ال ،ولوال أن الصحبة شاملة
لجميع هذه الصور ،ولم تكن مختصة بحالة منها ،لما احتيج إلى االستفهام<.
35
أنواع السفر
أنواع السفر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر> :إحياء علوم الدين< ( ،)261/2و>المغني< البن قدامة ( 192/2ــ .)193
(> )2إحياء علوم الدين< (.)245/2
37
النية واالستخارة واالستشارة للمسافر
A
يف انلية واالستخارة واالستشارة للمسافر
نكاية في الدين كمن ْاب ُتلي في بلده بجاه ومال واتساع أسباب تصده عن
التجرد هلل فيؤثر الغربة والخمول ويجتنب السعة والجاه ،أو كمن يدعى
إلى بدعة قهرا أو إلى والية عمل ال تحل مباشرته فيطلب الفرار منه.
وأما المطلوب فهو إما دنيوي كالمال والجاه أو ديني والديني إما
علم وإما عمل ،والعلم إما علم من العلوم الدينية وإما علم بأخالق نفسه
وصفاته على سبيل التجربة وإما علم بآيات األرض وعجائبها كسفر ذي
القرنين وطوافه في نواحي األرض ،والعمل إما عبادة وإما زيارة.
والعبادة هو الحج والعمرة والجهاد ،والزيارة أيضا من القربات
وقد يقصد بها مكان كمكة والمدينة وبيت المقدس ،والثغور فإن الرباط
بها قربة.
وبالجملة فإن كان مطلبه في سفره العلم والدين ،أو الكفاية لالستعانة
على الدين كان من سالكي سبيل اآلخرة وكان له في سفره شروط وآداب
إن أهملها كان من عمال الدنيا وأتباع الشيطان وإن واظب عليها لم يخل
سفره عن فوائد تلحقه بعمال اآلخرة(.)1
فإذا استحضر المسافر النية الصالحة ،عليه بعد ذلك استشارة أهل
الفضل والخبرة من أصحاب الدين والرأي والعلم.
قال النووي ـ ـ:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(> )1إحياء علوم الدين< (.)245/2
39
النية واالستخارة واالستشارة للمسافر
اعلم أنه يستحب لمن خطر بباله السفر أن يشاور فيه من يعلم من
حاله النصيحة والشفقة والخبرة ،ويثق بدينه ومعرفته.
حتى أنه كان ربما استشار النساء كما ذكر ذلك ابن عبد البر أن
عمر ـ ـ كان يستشير في األمر حتى إن كان ربما استشار المرأة
فأبصر في رأيها فضال(.)2
وقال عمر ـ ـ :الرجال ثالثة :رجل ترد عليه األمور فيسددها
برأيه ،ورجل يشاور فيما أشكل عليه وينزل حيث يأمره أهل الرأي،
ورجل حائر بأمره ال يأتمر رشدا وال يطيع مرشدا(.)3
قال ابن حبان :والواجب على العاقل السالك سبيل ذوي الحجى
أن يعلم أن المشاورة تفشي األسرار فال يستشير إال اللبيب الناصح
الودود الفاضل في دينه وإرشاد المشير المستشير قضاء حق النعمة في
الرأي والمشورة ال تخلو من البركة إذا كانت مع مثل من وصفنا نعته(.)1
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(> )1روضة العقالء< (ص.)193 :
45
إعداد الزاد وال يأخذ إال احلالل ،واعداد النفقة ملن تلزمه النفقة عليهم
A
إعداد الزاد وال يأخذ إال احلالل،
وإعداد انلفقة ملن تلزمه انلفقة عليهم
وفي رواية وهب بن جابر الخيواني ،قال :كنت عند عبد اهلل بن
عمرو فقدم عليه قهرمان من الشام ،وقد بقيت ليلتان من رمضان ،فقال له
عبد اهلل :هل تركت عند أهلي ما يكفيهم؟ قال :قد تركت عندهم نفقة،
فقال عبد اهلل :عزمت عليك لما رجعت فتركت لهم ما يكفيهم ،فإني
سمعت رسول اهلل ‘ ،يقول> :كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول<(.)1
وقال ابن عمر ـ ـ من كرم الرجل طيب زاده في سفره(.)2
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه أحمد ( 160/2رقم ،)6495وأبو داود ( ،)1694والنسائي في >الكبرى<
( ،)9131والحاكم في >المستدرك< ( )545/4وغيرهم من طريق أبي إسحاق
الهمداني ،عن وهب بن جابر الخيواني ،به .وإسناده حسن.
( )2ذكره الغزالي في >اإلحياء< ( ،)251/2ولم أقف عليه.
47
اختيار الرفيق قبل السفر
A
يف اختيار الرفيق قبل السفر
وليكن رفيقه ممن يعينه على الدين ،فيذكره إذا نسي ويعينه ويساعده
إذا ذكر؛ فإن المرء على دين خليله وال يعرف الرجل إال برفيقه.
ومن صلح لصحبة السفر صلح لصحبة الحضر وقد يصلح في الحضر
من ًل يصلح في السفر ،وقيل :إذا أثنى على الرجل معاملوه في الحضر
ورفقاؤه في السفر فال تشكوا في صالحه.
والسفر من أسباب الضجر ومن أحسن خلقه في الضجر فهو الحسن
الخلق وإًل فعند مساعدة األمور على وفق الغرض قلما يظهر سوء الخلق.
وقد قيل :ثًلثة ًل يًلمون على الضجر الصائم والمريض والمسافر،
وتمام حسن خلق المسافر اإلحسان إلى الناس ومعاونة الرفقة بكل ممكن
والرفق بكل منقطع؛ بأن ال يجاوزه إال باإلعانة بمركوب أو زاد أو
توقف ألجله.
وتمام ذلك مع الرفقاء بمزاح ومطايبة في بعض األوقات من غير
فحش وال معصية ليكون ذلك شفاء لضجر السفر ومشاقه.
48
اختيار الرفيق قبل السفر
قَ َال ربيعة :المروءة مروءتان فللسفر مروءة وللحضر مروءة ،فأما
مروءة السفر فبذل الزاد وقلة الخالف على أصحابك ،وكثرة المزاح في
غير مساخط اهلل وأما مروءة الحضر فاإلدمان إلى المساجد وكثرة
اإلخوان في اللَّه وتالوة القرآن(.)1
فإن المسافر يُؤمر بأن يختار في سفره الرفقة الصالحة؛ التي تنفعه
في دينه ودنياه.
وقد ُسمي الرفيق رفيقا؛ لترفقه في السفر والحضر(.)2
وقد جاء اإلرشاد النبوي في اختيار الصاحب المؤمن كما في قوله
تقي<(.)3
طعامك ِإ اال ا
‘ >ال تصاحب ِإ اال مؤم انا ،وال يأكل َ
وإنما حذر من صحبة من ليس بتقي وزجر عن مخالطته ومؤاكلته؛
فإن المطاعمة توقع األلفة والمودة في القلوب ،يقول :ال تؤالف من
ليس من أهل التقوى والورع وال تتخذه جليسا تطاعمه وتنادمه(.)4
وكامل اإليمان أولى؛ ألن الطباع سراقَة َو َلذلِك قيل:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
>روضة العقالء< (ص.)93 : ()1
الغزالي> ،إحياء علوم الدين< ( 252/2ــ .)253 ()2
هذا الحديث أخرجه أبو داود ( ،)4834والترمذي ( ،)2395وابن حبان ()554 ()3
وغيرهم من طرق عن عبد اهلل بن المبارك ،عن حيوة بن شريح ،عن سالم بن
غيالن ،عن الوليد بن قيس التجيبي ،عن أبي سعيد الخدري فذكره ،وحسنه األلباني.
>معالم السنن< ،للخطابي (.)115/4 ()4
49
اختيار الرفيق قبل السفر
وإن لم يَ ُكونُوا مـن قبيـل َو َال بلـد َو َال يصــحب اإلنســان إال نَ ِظيــره
فيزين لك فعله ،ويود أنك فمدخله ومخرجه شين عليك ،وأما الفاجرّ :
مثله(.)1
وكذلك جاء النهي عن علي ـ ـ عن مصاحبة اللئام فقال:
ــواب
ــيض األثـ ِ أبُنــــي َّإمــــا تف ِقــــد َّن وال تكــــن دنـ َ
ــس الفعـــال مبـ َّ
()2
األصـحاب
ِ أزرى الكرام فُ ُسول ُة ــذر مصـــاحبة اللئـــام فربمـــا
واحـ َ
وقال علي بن أبي طالب أيضا في صفة من يُصاحب ويُتخذ رفيق:
اصحب من ينسى معروفه عندك ،ويذكر حقوقك عليه(.)3
وقال شريك بن عبد اهلل :كان يقال> :ال تسافر مع جبان؛ فإنه يفر
من أبيه وأمه ،وال تسافر مع أحمق؛ فإنه يخذلك أحوج ما تكون إليه،
وال تسافر مع فاسق؛ فإنه يبيعك بأكلة وشربة<(.)4
فإن من فقه الرجل اختيارهِ للصاحب؛ فإن هذا يدل على رجاحة
عقله كما قال أبو الدرداء ـ ـ :من فقه الرجل مدخله وممشاه وإلفه(.)5
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أورده ابن عبد البر في >بهجة المجالس< (.)539/1 ()1
أخرجه الخطابي في >العزلة< (ص )50 :من طريق زيد بن علي بن الحسين بن ()2
الر ْذل النَّذْ ل الذي ال ُمروءة له وال جلد
علي بن أبي طالب وال ُف ُسول جمع فسل وهوَّ :
وفسال ،انظر >لسان العرب< (.)519/11 والجمع أَ ْفسل وفُسول ِ
ُ
ابن عبد البر في >بهجة المجالس< (.)709/2 ()3
>العزلة< للخطابي (ص.)51 : ()4
أخرجه ابن أبي عاصم في >الزهد< (ص )44 :من طريق مدرك الكالعي ،والخطابي ()5
في >العزلة< (ص )49 :من طريق أبي قالبة ،كالهما عن أبي الدرداء به.
52
اختيار الرفيق قبل السفر
يعلم ،وال يصطحب اثنان على غير طاعة اهلل إال أوشكا أن يفترقا على
غير طاعة اهلل(.)1
وقال أبو جعفر( )2محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي
طالب> :أوصاني أبي فقال :ال تصحبن خمسة ،وال تحادثهم وال
ترافقهم في طريق .قال :قلت :جعلت فداك يا أبه ،من هؤالء الخمسة؟
قال :ال تصحبن فاسقا؛ فإنه بايعك بأكلة فما دونها ،قال :قلت :يا أبه
وما دونها؟ قال :يَ ْط َم ُع فيها ثم ال ينالها .قال :قلت :يا أبه ومن الثاني؟
قال :ال تصحبن البخيل؛ فإنه يقطع بك في ماله أحوج ما كنت إليه.
قال :قلت :يا أبه ومن الثالث؟ قال :ال تصحبن كذابا؛ فإنه بمنزلة
السراب يبعد منك القريب ويقرب منك البعيد .قال :قلت :يا أبه ومن
الرابع؟ قال :ال تصحبن أحمق؛ فإنه يريد أن ينفعك فيضرك .قال:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه الدينوري في >المجالسة< ( )2118من طريق خالد بن خداش بن عجالن،
عن سفيان بن عيينة ،عن علي زين العابدين به.
( )2أبو جعفر هو :محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ،ابن زين العابدين ،ولِد
سنة 56هـ ،وكان سيد بني هاشم في زمانه اشتهر بالباقر من قولهم بقر العلم يعني
شقه فعلم أصله وخفيه ،روى عن جديه :النبي ‘ ،وعلي مرسال ،وعن جديه
الحسن والحسين مرسال أيضا ،وعن ابن عباس ،وأم سلمة ،وعائشة مرسال ،وعن
ابن عمر ،وجابر ،وأبي سعيد ،وعبد اهلل بن جعفر ،وسعيد بن المسيب ،وأبيه زين
العابدين ،ومحمد بن الحنفية ،وطائفة ،وكان أحد من جمع بين العلم والعمل
والسؤدد ،والشرف ،والثقة ،والرزانة ،وكان أهال للخالفة.
توفي أبو جعفر سنة ،114وقيل .117انظر ترجمته >تذكرة الحفاظ< ( 93/1ــ
> ،)94سير أعالم النبالء< (> ،)401/4البداية والنهاية< ( 72/13ــ .)73
54
اختيار الرفيق قبل السفر
قلت :يا أبه ،ومن الخامس؟ قال :ال تصحبن قاطع رحم؛ فإني وجدته
ملعونا في كتاب اهلل تعالى في ثالثة مواضع<(.)1
قَ َال> :ال َّز ُاد: [البقرة]197 : وقال مكحول في قوله{ :ﱙ}
الصالِ ُح ،يَ ْع ِنيِ :في َّ
الس َفرِ<(.)2 الر ِف ُيق َّ
َّ
وعليه فينبغي عليك أيها المسافر فيمن تؤثر صحبته أن يكون فيه
سبعة خصال :أن يكون له عقل موفور يهدي إلى مراشد األمور ،وليس
بأحمق حسن الخلق ،غير فاسق ،وال مبتدع ،وال حريص على الدنيا،
وال مسرف فيتلف لك مالك ،وال بخيل فيتلف لك مروءتك ،وضابط
ذلك كل من لم تستفد من صحبته شيئا فتركه أولى ،وكل من تضرك
صحبته في دينك فتركه واجب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه أبو نعيم في >الحلية< ( )183/3من طريق محمد بن عبد اهلل الزبيري ،عن
أبي حمزة الثمالي ،عن أبي جعفر به ،وأبو حمزة الثمالي هو :ثابت بن أبى صفية
ضعيف ،انظر> :الميزان< (.)361/1
(> )2تفسير ابن أبي حاتم< (.)350/1
55
الدعاء والوصية عند الوداع
A
يف ادلاعء والوصية عند الوداع
عتهم ،فقال :ال ثالثة ،فقالِ :إلى أَين؟ فقال :هذه كتب أَهل العراق ،وبَ ْي ُ
النبي ـ ‘ ـ، ّ جبريل أَتى
َ تفعل ،فأَبى ،فقال له ابن عمر :إ َّن
فخيره بين الدنيا واآلخرة ،فاختار اآلخرة ولم يرد الدنيا .وإ ّنكم بَ ْضع ٌة ّ
من رسول اهلل ـ ‘ ـ ،كذلك يريده بكم ،فأَبى ،فاعتنقه ابن عمر؛
وقال :استودعتك اهلل؛ والسالم(.)1
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= ثم كان الصديق يكرمه ويعظمه ،وكذلك عمر وعثمان ،وصحب أباه وروى عنه،
وكان معه في مغازيه كلها ،في الجمل وصفين ،وكان معظما موقرا ،ولم يزال في
طاعة أبيه حتى قتل ،فلما آلت الخالفة إلى أخيه وأراد أن يصالح شق ذلك عليه ولم
يسدد رأي أخيه في ذلك ،فلما استقرت الخالفة لمعاوية كان الحسين يتردد إليه مع
أخيه الحسن فيكرمهما معاوية إكراما زائدا ،ويقول لهما :مرحبا وأهال ،ويعطيهما
عطاء جزيال ،ولما أخذت البيعة ليزيد في حياة معاوية كان الحسين ممن امتنع من
مبايعته هو وابن الزبير ،وقد كثر ورود الكتب عليه من بالد العراق يعدونه إليهم،
فخرج إليهم ولكنهم خذلوه ،قُتل يوم الجمعة لعشر خلت من المحرم يوم
عاشوراء سنة إحدى وستين بكربالء ،قتله سنان بن أنس النخعي ،ويقال :له أيضا
سنان بن أبي سنان النخعي ،ويقال :بل الذي قتله رجل من مذحج ال رضي اهلل
عنهم.
وقيل :بل قتله شمر بن ذي الجوشن ،وكان أبرص ،وأجهز عليه خولي بن يزيد
األصبحي من حمير ال ،انظر ترجمته االستيعاب (> ،)392/1سير أعالم
النبالء< (> ،)280/3البداية والنهاية< (.)160/8
( )1أخرجه ابن حبان في >صحيحه< ( ،)6968والطبراني في >األوسط< (،)597
والبزار ( ،)2643والبيهقي في >دالئل النبوة< ( 470/6ــ )471وغيرهم من طرق
عن شبابة بن سوار ،عن يحيى بن إسماعيل بن سالم ،عن الشعبي به .وأورده
الهيثمي في >المجمع< 192/9وقال رواه الطبراني في >األوسط< والبزار ،ورجاله
ثقات.
59
الدعاء والوصية عند الوداع
ودخل النابغة الجعدي( )1على عثمان ــ رضي اهلل تعالى عنه ــ فقال:
أستودعك اهلل يا أمير المؤمنين .قال :وأين تريد يا أبا ليلى؟
قال :ألحق بإبلي فأشرب من ألبانها فإني منكر لنفسي ،فقال:
أتعربا بعد الهجرة يا أبا ليلى؟ أما علمت أن ذلك مكروه.
قال :ما علمته وما كنت ألخرج حتى أعلمك.
قال :فأذن له وأجل له في ذلك أجًل ،فدخل على الحسن والحسين
ابني علي فودعهما فقاال له :أنشدنا من شعرك يا أبا ليلى فأنشدهما:
فنف َســـه ظلَ َمـــا
مـــن لـــم ي ُق ْلهـــا ْ لــــــه
ُ شــــــريك
َ الحمــــــ ُد هلل ال
فقال له :يا أبا ليلى ما كنا نروى هذه األبيات إال ألمية بن أبى
الصلت ،قال :يا ابن رسول اهلل واهلل إني ألول الناس قالها وإن السروق
من سرق أمية شعره(.)2
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= ضعيف ،عن عاصم بن محمد بن زيد بن عبد اهلل بن عمر بن الخطاب ،عن زيد به.
( )1النابغة الجعدي هو :قيس بن عبد اللَّه بن عدس بن ربيعة بن جعدة ،له صحبة
ووفادة ورواية ،يقال :عاش مائة وعشرين سنة ،وكان يتنقل في البالد ،ويمتدح
األمراء ،وامتد عمره ،وقيل :عاش إلى حدود سنة سبعين .انظر ترجمته
>االستيعاب< ( ،)1514/4و>اإلصابة< ( 307/6ــ .)308
( )2ابن سالم ،في >طبقات فحول الشعراء< ( ،)127/1وأبو الفرج األصفهاني،
>األغاني< ( )14/5من طريق مسلمة بن محارب.
61
من اآلداب أن يصلي املسافر ركعتني عند إرادته اخلروج والدعاء بعدهما
A
من اآلداب أن يصيل املسافر ركعتني
عند إرادته اخلروج وادلاعء بعدهما
قال النووي :يستحب له عند إرادته الخروج أن يصلي ركعتين
لحديث المقطم بن المقدام الصنعاني ـ ـ أن رسول اهلل ‘ قال> :ما
خلف أحد عند أهله أفضل من ركعتين يركعهما عندهم حين يريد سفرا<(.)1
{ﱁ ﱂ ويستحب أن يقرأ في األولى منهما بعد الفاتحة
ﱃ} وفي الثانية{ :ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ}.
وقال بعضهم :يقرأ في األولى بعد الفاتحة {ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ}
وفي الثانية {ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ} فإذا سلم قرأ آية الكرسي ،فقد
جاء أن من قرأ آية الكرسي قبل خروجه من منزله لم يصبه شيء يكرهه
حتى يرجع ،ويستحب أن يقرأ سورة {ﱁ ﱂ}(.)2
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1المطعم بن المقدام الصنعاني من أتباع ال ّتابعين يروي عن مجاهد ،وسعيد بن جبير،
ونحوهما ،مشهور ،أرسل هذا الحديث ،فهو معضل ،فقد رواه أبو بكر بن أبي شيبة
األوزاعي ،عن المطعم بن المقدام ،قال :قال
ّ في مصنفه ،عن عيسى بن يونس ،عن
...فذكره ،ومن هذا الوجه أخرجه الطّبراني في >المناسك< .انظر رسول اللَّه
>اإلصابة< (.)294/6
(> )2األذكار< (ص.)216 :
62
من اآلداب أن يصلي املسافر ركعتني عند إرادته اخلروج والدعاء بعدهما
وعن الحارث األعور ،عن علي بن أبي طالب ـ ـ ،قال :إذا
خرجت فصل ركعتين(.)1
وعن نافع مولى عبد اهلل بن عمر ،عن ابن عمر ـ ـ؛ أنه كان
إذا أراد أن يخرج دخل المسجد فصلى(.)2
ويستحب إذا فرغ من هذه القراءة أن يدعو بإخالص ورقة.
ومن أحسن ما يقول :اللهم بك أستعين ،وعليك أتوكل ،اللهم
علي مشقة سفري ،وارزقني من الخير أكثر
ذلل لي صعوبة أمري ،وسهل ّ
مما أطلب ،واصرف عني كل شر ،رب اشرح لي صدري ،ويسر لي
أمري ،اللهم إني أستحفظك وأستودعك نفسي وديني وأهلي وأقاربي
علي وعليهم به من آخرة ودنيا ،فحفظنا أجمعين من كل
وكل ما أنعمت ّ
سوء يا كريم.
ويفتتح دعاءه ويختمه بالتحميد هلل تعالى ،والصالة والسالم على
رسول اهلل ‘ ،وإذا نهض من جلوسه فليقل :ما جاء عن أنس > :إن
رسول اهلل ‘ ،لم يرد سفر اا إًل قال حين ينهض من جلوسه> :اللهم إليك
توجهت ،وبك اعتصمت ،اللهم اكفني ما همني وما ًل أهتم له ،اللهم
زودني التقوى ،واغفر لي ذنبي ،ووجهني للخير أينما توجهت<(.)3
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1إسناده حسن ،أخرجه ابن أبي شيبة في >المصنف< ( )4915من طريق أبي إسحاق
السبيعي ،عن الحارث األعور ،به.
( )2صحيح ،أخرجه ابن أبي شيبة في >المصنف< ( )4916من طريق عبيد اهلل بن عمر
العمري ،عن نافع ،به.
( )3هذا الحديث أخرجه ابن عدي في >الضعفاء< ( )123/6في غرائب عمر بن مساور.
63
ما يقوله املسافر إذا ركب راحلته ،وأدعية أخرى
A
فيما يقوهل املسافر إذا ركب راحلته ،وتكبريه إذا صعد
اثلنايا وتسبيحه إذا هبط األودية ،وأدعية أخرى
{ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ قال تعالى:
ﱝﱞﱟﱠﱡﱢﱣﱤﱥﱦﱧﱨ
ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ} [الزخرف].
>الفلك< :هي السفن ،ذلل السفن واألنعام ،وسخرها ويسرها؛
ألكلكم لحومها ،وشربكم ألبانها ،وركوبكم ظهورها ،ولهذا قال:
{ﱛ} متمكنين واقفين ولوال تسخير اهلل لنا؛ ما قدرنا عليه.
قال ابن عباس{ :ﱮ} مطيقين ،وقوله{ :ﱳ} أي:
لصائرون إليه بعد مماتنا ،وإليه سيرنا األكبر ،وهذا من باب التنبيه بسير
الدنيا على سير اآلخرة؛ كما نبه بالزاد الدنيوي على الزاد األخروي في
قوله {ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ}.
ومعنى ذكر نعمة اهلل :أن يذكروها في قلوبهم ،وذلك الذكر هو أن
يعرف أن اهلل تعالى خلق وجه البحر ،وخلق الرياح ،وخلق جرم السفينة
على وجه يتمكن اإلنسان من تصريف هذه السفينة إلى أي جانب شاء
64
ما يقوله املسافر إذا ركب راحلته ،وأدعية أخرى
وأراد ،فإذا تذكروا أن خلق البحر ،وخلق الرياح ،وخلق السفينة على
هذه الوجوه القابلة لتصريفات اإلنسان ولتحريكاته ليس من تدبير ذلك
اإلنسان ،وإنما هو من تدبير الحكيم العليم القدير ،عرف أن ذلك نعمة
عظيمة من اهلل تعالى ،فيحمله ذلك على االنقياد والطاعة له تعالى،
وعلى االشتغال بالشكر لنعمه التي ال نهاية لها.
{ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ} وتحقيق
القول فيه :أن الدابة التي يركبها اإلنسان ،ال بد وأن تكون أكثر قوة من
اإلنسان بكثير ،وليس لها عقل يهديها إلى طاعة اإلنسان ،ولكنه سبحانه
خلق تلك البهيمة على وجوه مخصوصة في خلقها الظاهر ،وفي خلقها
الباطن يحصل منها هذا االنتفاع ،أما خلقها الظاهر :فألنها تمشي على
أربع قوائم ،فكان ظاهرها كالموضع الذي يحسن استقرار اإلنسان
عليه ،وأما خلقها الباطن ،فألنها مع قوتها الشديدة قد خلقها اهلل سبحانه
بحيث تصير منقادة لإلنسان ومسخرة له ،فإذا تأمل اإلنسان في هذه
العجائب وغاص بعقله في بحار هذه األسرار ،عظم تعجبه من تلك
القدرة القاهرة والحكمة غير المتناهية ،فال بد وأن يقول سبحان الذي
سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ،قال أبو عبيدة :فالن مقرن لفالن ،أي
ضابط له .قال الواحدي :وكأن اشتقاقه من قولك ضرب له قرنا ،ومعن
أنا قرن لفالن ،أي :مثاله في الشدة ،فكأن المعنى أنه ليس عندنا من
القوة والطاقة أن نقرن هذه الدابة والفلك وأن نضبطها ،فسبحان من
سخرها لنا بعلمه وحكمته وكمال قدرته{ ،ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ} وجه
65
ما يقوله املسافر إذا ركب راحلته ،وأدعية أخرى
اتصال هذا الكالم بما قبله أن ركوب الفلك في خطر الهالك ،فإنه كثيرا
ما تنكسر السفينة ويهلك اإلنسان وراكب الدابة أيضا كذلك ألن الدابة
قد يتفق لها اتفاقات توجب هالك الراكب ،وإذا كان كذلك فركوب
الفلك والدابة يوجب تعريض النفس للهالك ،فوجب على الراكب أن
يتذكر أمر الموت ،وأن يقطع أنه هالك ال محالة ،وأنه منقلب إلى اهلل
تعالى وغير منقلب من قضائه وقدره ،حتى لو اتفق له ذلك المحذور
كان قد وطن نفسه على الموت(.)1
وقد جاءت أذكار وأوراد صحيحة عن النبي ‘ ،وعن صحابته،
وآل بيته يقولها المسافر قبل بداية سفره.
فعن ابن عمر ـ ـ أن رسول اهلل ‘ كان إذا استوى على بعيره
خارجا إلى سفر كبر ثًلثا ثم قال{ :ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ
ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ} اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر
والتقوى ،ومن العمل ما ترضى ،اللهم هون علينا سفرنا هذا ،واطو عنا
بعده ،اللهم أنت الصاحب في السفر ،والخليفة في األهل ،اللهم إني أعوذ
بك من وعثاء السفر ،وكآبة المنظر ،وسوء المنقلب في المال واألهل،
وإذا رجع قالهن وزاد فيهن :آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون(.)2
قوله :البر والتقوى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر >تفسير الرازي< (.)621/27
( )2مسلم (.)1342
66
ما يقوله املسافر إذا ركب راحلته ،وأدعية أخرى
ثم قال أَبو مجلز :فقلت له :فكيف أَقول؟ قال :قل> :الحمد هلل الذي
هداني لإلسالم الحمد هلل الذي من علي بمحمد ‘ ،الحمد هلل الذي
جعلني في خير أمة أخرجت للناس ،ثم تقول{ :ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ}
[الزخرف.)1(]13 :
رجل إلى عبد اهلل بن مسعود ـ ـ فقال :إني أريد
هذا وقد جاء ٌ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= أبويه ،وقد كان رسول اهلل ‘ يحبه حبا شديدا حتى كان يقبل زبيبته وهو صغير،
وربما مص لسانه واعتنقه وداعبه ،وقد كان هذا اإلمام سيدا ،وسيما ،جميال،
عاقال ،رزينا ،جوادا ،ممدحا ،خيرا ،دينا ،ورعا ،محتشما ،كبير الشأن ،قال عنه
رسول اهلل ‘> :إن ابني هذا سيد ولعل اهلل أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من
المسلمين< ،وهذا من دالئل النبوة ،وقد نزل الحسن لمعاوية عن الخالفة ،ووقع
ذلك تصديقا لقوله ‘ ،وقد كان الصديق يجله ويعظمه ويكرمه ويحبه ويتفداه،
وكذلك عمر بن الخطاب ،وكذلك كان عثمان بن عفان يكرم الحسن والحسين
ويحبهما ،ولما نزل لمعاوية عن الخالفة من ورعه صيانة لدماء المسلمين ،كان له
على معاوية في كل عام جائزة ،وكان يفد إليه ،فربما أجازه بأربعمائة ألف درهم،
وراتبه في كل سنة مائة ألف ،والمشهور أنه مات مسموما سنة تسع وأربعين.
انظر ترجمته> :االستيعاب< ( ،)383/1و>سير أعالم النبالء< ( ،)245/3و>البداية
والنهاية< ( ،)37/8و>تهذيب األسماء< (.)219/1
( )1صحيح ،أخرجه ابن أبي شيبة في >المصنف< ( ،)30343والطبري (،)558/20
والطبراني في >الدعاء< ( )775من طريق سفيان الثوري ،عن أبي هاشم الواسطي
يحيى بن دينار ،عن أبي مجلز ،به بلفظ مطول ،ووقع في >المصنف< ،وفي
>الدعاء< للطبراني الحسين بن علي بدال من الحسن ،وأبو مجلز ال يروي عن
الحسين بن علي ،وأخرجه الطبري ( )558/20من طريق عاصم األحول ،عن أبي
هاشم به.
71
ما يقوله املسافر إذا ركب راحلته ،وأدعية أخرى
سفرا فأوصني ،فقال :إذا توجهت فقل :بسم اهلل حسبي اهلل وتوكلت على
اهلل فإنك إذا قلت :بسم اهلل ،قال الملك :هديت وإذا قلت :حسبي اهلل ،قال
الملك ،حفظت ،وإذا قلت :توكلت على اهلل ،قال الملك :كفيت(.)1
وعن أم سلمة زوج النبي ‘ قالت :من خرج في طاعة اهلل ،فقال:
اللهم إني لم أخرج أشرا أو بطرا ،وًل رياء وًل سمعة ،ولكني خرجت ابتغاء
مرضاتك واتقاء سخطك؛ فأسألك بحقك على جميع خلقك أن ترزقني
من الخير أكثر مما أرجو ،وتصرف عني من الشر أكثر مما أخاف.
استجيب له بإذن اهلل(.)2
ومن األدعية أيضا التي يقولها المسافر أثناء سفره ما جاء عن
عبد اهلل بن عمر ـ ـ كما قال مجاهد :سافرت مع ابن عمر فإذا كان
من السحر نادى :سمع سامع بحمد اهلل ونعمته وحسن بالئه عندنا،
اللهم صاحبنا فأفضل علينا ثالثا اللهم عائذ بك من جهنم ثالثا(.)3
شيء ،أو
ُ وقد جاء عن ابن عباس ـ ـ؛ أنه إذا أصاب إنسان
احتاج إلى العون في سفره فإنه يقول :أعينوا عباد اهلل يرحمكم اهلل.
فعن مجاهد ،عن ابن عباس قال> :إن هلل مًلئكة في األرض يكتبون ما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه ابن أبي شيبة في >المصنف< ( )30225من طريق محمد بن عجالن ،عن
عون بن عبد اهلل فذكره.
( )2أورده ابن عبد ربه في >العقد الفريد< ( 178/3ــ .)179
( )3أخرجه ابن أبي شيبة في >المصنف< ( )30227عن محمد بن فضيل ،عن يزيد بن
أبي زياد ،عن مجاهد به.
72
ما يقوله املسافر إذا ركب راحلته ،وأدعية أخرى
يقع في األرض من ورق الشجر ،فإن أصابت أحدا منكم عرجة أو احتاج
إلى عون بفالة من األرض فليقل :أعينوا عباد اهلل رحمكم اهلل ،فإنه
يعان إن شاء اهلل<(.)1
قال البيهقي :هذا موقوف على ابن عباس ،مستعمل عند الصالحين
من أهل العلم لوجود ِص ْدقِه ِ عندهم فيما جربوه.
وكذلك يستحب له أنه كلما صعد على األماكن المرتفعة كبر ،وإذا
نزل من عليها سبح اهلل .
فعن عبد اهلل بن عمر ـ ـ قال :كان النبي ‘ إذا قفل من الحج أو
العمرة ــ وال أعلمه إال قال :الغزو ــ يقول :كلما أوفى على ثنية أو فدفد
كبر ثالثا ،ثم قال :ال إله إال اهلل وحده ال شريك له ،له الملك وله
الحمد ،وهو على كل شيء قدير ،آيبون تائبون عابدون ساجدون ،لربنا
حامدون ،صدق اهلل وعده ،ونصر عبده ،وهزم األحزاب وحده(.)2
قوله> :إذا قفل< ،أي رجع والقفول :الرجوع من السفر ويقال :في
المضارع يقفل بالضم وال يستعمل القفول في ابتداء السفر؛ وإنما ُسمي
المسافرون قافلة تفاؤال لهم بالقفول والسالمة.
قوله> :أوفى< ،أي ارتفع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه ابن أبي شيبة ( ،)29721والبيهقي في >اآلداب< ( )657من طريق
أسامة بن زيد الليثي ،عن أبان بن صالح بن عمير القرشي ،به .وإسناده حسن.
( )2متفق عليه ،البخاري ( ،)2995ومسلم (.)1344
73
ما يقوله املسافر إذا ركب راحلته ،وأدعية أخرى
الحج وغيره مما هو مذكور في الحديث وهو العمرة والغزو وقد يريد
غيره مطلقا ،وقال والدي ـ ـ في شرح الترمذي :سواء فيه السفر
لحج أو عمرة أو غزو كما في الحديث ،أو لغير ذلك من طلب علم
وتجارة وغيرهما انتهى ،فَ َم َّثل بطلب العلم وهو من الطاعات وبالتجارة
وهي من المباحات ولم يمثل المحرم لكنه مندرج في إطالقه .أهـ(.)1
وكذلك من اآلداب أن يسبح المسافر كلما هبط واديا ،فعن جابر بن
عبد اهلل ـ ـ قال> :كنا إذا صعدنا كبرنا وإذا نزلنا سبحنا<(.)2
وسبب التسبيح في االنهباط :أن االنخفاض محل الضيق والتسبيح
سبب للفرج ،ومنه قوله تعالى في حق يونس ـ ـ {ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ
ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ} [الصافات 143 :ــ .)3(]144
قال المهلب :إنما نهاهم ــ واهلل أعلم ــ عن رفع الصوت إبقاء عليهم
ورفقا بهم؛ ألنهم كانوا في مشقة السفر فأراد :اكلفوا من العمل ما
تطيقون وكان بالمؤمنين رحيما ،ثم أعلمهم أن اهلل يعلم خفي كالمهم
بالتكبير كما يسمع عالية؛ إذ ال آفة تمنعه من ذلك؛ ألنه سميع قريب.
قال الطبري :في هذا الحديث من الفقه كراهية رفع الصوت بالدعاء وهو
قول عامة السلف من الصحابة والتابعين(.)1
وقال النووي :معناه ارفقوا بأنفسكم واخفضوا أصواتكم؛ فإن رفع
الصوت إنما يفعله اإلنسان لبعد من يخاطبه ليسمعه وأنتم تدعون اهلل
تعالى وليس هو بأصم وال غائب؛ بل هو سميع قريب وهو معكم بالعلم
واإلحاطة ففيه الندب إلى خفض الصوت بالذكر إذا لم تدع حاجة إلى
رفعه فإنه إذا خفضه كان أبلغ في توقيره وتعظيمه فان دعت حاجة إلى
الرفع رفع كما جاءت به أحاديث ،وقوله ‘ في هذه الرواية األخرى
الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلة أحدكم(.)2
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1شرح صحيح البخاري ،البن بطال (.)152/5
( )2شرح النووي على مسلم (.)26/17
77
جامع يف الدعاء والتعوذات يف السفر
A
جامع يف ادلاعء واتلعوذات يف السفر
فمن اآلداب التي ينبغي للمسافر سفرا مباحا أن يحرص عليها في
سفره ،أدب الدعاء ،فيدعوا لنفسه وآلبائه وأهله ومن يحب ،وأن يجتهد
في ذلك ،ويتحرى الدعاء الجامع مع اإللحاح والخضوع ،فللمسافر
يستغل حاالت
َّ دعوة مستجابة فال ينبغي التفريط فيها ،بل عليه أن
الضرورة واالنكسار ،وساعات الضيق والشدة :كالسفر.
قال ابن القيم :فإن الدعاء من أقوى األسباب في دفع المكروه،
وحصول المطلوب ،ولكن قد يتخلف أثره عنه ،إما لضعفه في نفسه
ــ بأن يكون دعاء ال يحبه اهلل ،لما فيه من العدوان ــ وإما لضعف القلب
وعدم إقباله على اهلل وجمعيته عليه وقت الدعاء ،فيكون بمنزلة القوس
الرخو جدا ،فإن السهم يخرج منه خروجا ضعيفا ،وإما لحصول المانع
من اإلجابة :من أكل الحرام ،والظلم ،ورين الذنوب على القلوب،
واستيالء الغفلة والشهوة واللهو ،وغلبتها عليها(.)1
فعن أبي هريرة ـ ـ عن رسول اهلل ‘ ،أنه قال> :ثالث دعوات
مستجابات ال شك فيهن :دعوة المظلوم ،ودعوة المسافر ،ودعوة الوالد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(> )1الجواب الكافي< (ص.)9 :
78
جامع يف الدعاء والتعوذات يف السفر
على ولده<(.)1
وقد ذكر النبي ـ ‘ ـ الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى
السماء يا رب يا رب ،ومطعمه حرام ،ومشربه حرام ،وملبسه حرام،
وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك(.)2
وعن ابن مسعود ،قال :ثالث ال ترد دعوتهم :الوالد ،والمظلوم،
والمسافر(.)3
واختصاص هؤالء الثالثة بإجابة الدعوة النقطاعهم إلى اهلل بصدق
الطلب ،ورقة القلب ،وانكسار البال ،ورثاثة الحال؛ أما المسافر فألنه
منتقل عن الموطن المألوف ،ومفارق عمن كان يستأنس به ،مستشعر في
سفرته من طوارق الحدثان ،فال يخلو ساعتئذ عن الرقة والرجوع إلى اهلل
بالباطن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1هذا الحديث أخرجه أبو داود ( ،)1536والترمذي ( ،)7501وابن ماجه (،)3862
وابن حبان في >صحيحه< ( )2699وغيرهم من طريق هشام الدستوائي ،عن
يحيى بن أبي كثير ،عن أبي جعفر ،وأبو جعفر الذي روى عن أبي هريرة يقال له :أبو
جعفر المؤذن وال نعرف اسمه ،وقد روى عنه يحيى بن أبي كثير غير حديث ،وقد
أُختلف في تعين أبي جعفر هذا فمنهم من قال :إنه المؤذن ،ومنهم من قال :أنه أبو
جعفر محمد بن علي بن الحسين بن أبي طالب ،وهو لم يدرك أبا هريرة ،ومنهم من
قال :إنه أبو جعفر اليمامي ،وهو مجهول ،ولكن للحديث شاهد من حديث أنس بن
مالك ،وعقبة بن عامر ،وانظر >السلسلة الصحيحة< حديث رقم (.)596
( )2أخرجه مسلم ( )1015من حديث أبي هريرة .
( )3ذكره ابن رجب في >فتح الباري< (.)321/9
79
جامع يف الدعاء والتعوذات يف السفر
للمبالغة ومزيد اًلعتناء ،وفرط الحاجة إلى العوذ به مما يعده بعد ،ولذلك
خصها بالذكر ،وهي مندرجة فيما خلق في األرض ،وفيما يدب عليها.
واألسود :نوع من الحية أسود اللون ،يقال :إنها أخبثها ،وأجرءها،
فإنها تعارض الركب ،وتتبع الصوت ،ولذلك أفردها بالذكر ،وجعلها
جنسا آخر برأسها ،ثم عطف عليها الحية.
وقوله :ساكن البلد :أي اإلنس ،سماهم بذلك؛ ألنهم يسكنون
البالد غالبا ،أو ألنهم بنوا البلدان واستوطنوها ،وقيل :الجن.
والمراد بالبلد :األرض ،يقال :هذه بلدتنا أي أرضنا.
ووالد وما ولد :أي إبليس وذريته ،وقيل :أراد آدم وذريته،
ويحتمل أن يكون المراد جميع ما يوجد بالتوالد من الحيوانات أصولها
وفروعها ،وفي التعبير بهذه العبارة إيماء بأن العياذ إنما يحسن ويفيد إذا
كان بمن لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد(.)1
ومن األدعية التي يقولها المسافر عندما يكون فيه رعد وبرق وبرد
ما رواه عبد اهلل بن عباس ـ ـ قال :كنا مع عمر بن الخطاب في سفر
ومعنا كعب األحبار ،فأصابنا رعد وبرق وبرد ،فقال كعب :من قال حين
يسمع الرعد :سبحان من سبح الرعد بحمده والمالئكة من خيفته ثالثا،
عوفي مما يكون في ذلك الرعد ،قال ابن عباس :فقلنا فعوفينا ،ثم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر >تحفة األبرار للبيضاوي< (.)100/2
83
جامع يف الدعاء والتعوذات يف السفر
A
يف كراهية سفر الرجل ومبيته وحده
تفاج ،وكان يأبى فهو ينادى من يوم مات بول وما بول .قلت :فما
الشن؟ قالت :جاء رجل عطشان فقال :اسقني ،فقال :دونك الشن فإذا
ليس فيه شيء فخر الرجل ميتا فهو ينادى منذ يوم مات شن وما شن فلما
قدمت على رسول اهلل ‘ أخبرته فنهى أن يسافر الرجل وحده(.)1
وقيده بالليل؛ ألن الخطر بالليل أكثر فإن انبعاث الشر فيه أكثر
والتحرز منه أصعب.
وقال ‘ :الراكب شيطان ،والراكبان شيطانان ،والثالثة ركب(.)2
ومعناه أن التفرد والذهاب وحده في األرض من فعل الشيطان ،أو
هو شيء يحمله عليه الشيطان ويدعوه إليه ،فقيل :على هذا إن فاعله
شيطان ،ويقال :إن اسم الشيطان مشتق من الشطون وهو البعد والنزوح،
يقال :بئر شطون إذا كانت بعيدة المهوى ،فيحتمل على هذا أن يكون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه ابن عبد البر في >التمهيد< ( )20/9من طريق عبد اهلل بن محمد بن أبي
الدنيا ،عن عبيد اهلل بن صالح العتكي ،عن خالد أبو يزيد الرقي عن يحيى المديني،
به.
قال ابن عبد البر :هذا الحديث ليس له إسناد ورواته مجهولون ولم نورده لالحتجاج
به ولكن لالعتبار وما لم يكن فيه حكم فقد تسامح الناس في روايته عن الضعفاء
واهلل المستعان.
( )2أخرجه مالك في >الموطأ< ( )1764رواية يحيى الليثي ،وأحمد في >مسنده<
( ،)186/2وأبو داود ( ،)2607والترمذي ( ،)1674والنسائي في الكبرى
( )8798وغيرهم من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ،به .وقال الترمذي:
حسن.
86
كراهية سفر الرجل ومبيته وحده
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر >فتح الباري< ( ،)138/6و>إرشاد الساري< للقسطالني (.)138/5
88
يؤمروا أحدهم إذا سافروا
A
يؤمرون أحدهم إذا سافروا
وقال ابن تيمية :فإن بني آدم ال تتم مصلحتهم إال باالجتماع لحاجة
بعضهم إلى بعض ،وال بد لهم عند االجتماع من رأس(.)1
وقال الشوكاني :ألن في ذلك ــ أي التأمير ــ السالمة من الخالف
الذي يؤدي إلى التالف ،فمع عدم التأمير يستبد كل واحد برأيه ويفعل
ما يطابق هواه فيهلكون ،ومع التأمير يقل االختالف وتجتمع الكلمة(.)2
قال عمر بن الخطاب ـ ـ> :إذا كان نفر ثالث فليؤمروا
أحدهم ،ذاك أمير أمره رسول اهلل ‘<(.)3
وقال عبد اهلل بن مسعود ـ ـ> :إذا كنتم ثالثة في سفر فأمروا
عليكم أحدكم ،وال يتناجى اثنان دون صاحبهما<(.)4
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أبي َسلَم َة عن أبي سعي ِد الخدري ،ورجاله ثقات.
عجال َن ،عن نافع ،عن ْ =
>السياسة الشرعية< (ص.)217 : ()1
>نيل األوطار< (.)294/8 ()2
أخرجه الطحاوي في >شرح مشكل اآلثار< ( ،)37/12وابن خزيمة في >صحيحه< ()3
( ،)2541والحاكم في >المستدرك< ( ،)611/1وأبو نعيم في >الحلية< ()172/4
من طريق عمار بن خالد الواسطي ،عن القاسم بن مالك المزني ،عن األعمش ،عن
زيد بن وهب الجهني ،به ،بنحوه .وإسناده صحيح.
وأخرجه إسماعيل بن جعفر في >جزئه< ( )464من طريق حبيب بن حسان ،عن
زيد بن وهب به ،بنحوه.
أخرجه علي بن الجعد في >مسنده< ( ،)430والسراج في حديثه (،)1250 ()4
والطبراني في >الكبير< ( )8915من طريق شعبة ،عن أبي إسحاق السبيعي ،عن أبي
األحوص عوف بن مالك األشجعي ،عن ابن مسعود به ،وإسناده صحيح.
90
يؤمروا أحدهم إذا سافروا
ِ
الرفقاء خير
خير الصحابة أربعة<؛ يعنيُ : الم ْظهِري :قولهُ > : وقال ُ
خير من أن يكونوا ثالثة؛ ألنهم إذا الرفقاء إذا كانوا أربعة ٌ
ُ أربعةٌ؛ يعني:
نفسه لموصي ِ َّ يجعل أح َد رفيقيه
َ ِض أح ُدهم فأراد أن ومر َكانوا ثالثة َ
غير كافيةٍ ،ولو يكن هنا من يَ ْش َه ُد بإيصائه إال واح ٌد ،وشهاد ُة الواح ِد ُ
وصي ِ
نفسه َّ وأراد أن يَ ْج َع َل أح َد رفقائه،
َ ض أح ُدهم وم ِر َ
كانوا أربعة َ
الج ْم َع إذايكون َم ْن يَ ْشه ُد بإيصائه اثنين ،وشهاد ُة االثنين كافي ٌة ،وأل َّن َ
وفض ُل صالة الجماعة أيضا أكثرْ ، عاون َة بعضهم بعضا َ أكثر يكون ُم َ كان َ
أقل منهم، خير ممن ُّ ٍ
كل جماعة ٌ خير من أربعة ،وكذلك ُّ ٌ أكثر ،فخمس ٌة
ولم يكونوا خيرا ممن فوقَهم(.)1
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(> )1المفاتيح في شرح المصابيح< (.)384/4
92
استحباب اخلروج يوم اخلميس أول النهار
A
استحباب اخلروج يوم اخلميس أول انلهار
من الفأل الحسن ،حفظ اهلل له؛ وإحاطة جنوده به حفظا وحماية(.)1
ويمكن أنه ‘ اختار ذلك؛ ًلختصاص ذلك اليوم بخلق الدواب،
ويكون إشارة إلى ما من اهلل تعالى على بني آدم بنشرهم في البالد على
ظهور الدواب ،وتيمنا باليوم الذي بدأ اهلل خلقها فيه لمصالح العباد،
واهلل أعلم بما احتوت عليه العلوم النبوية من المعاني والخواص(.)2
واألمر الثاني :اًلبتكار في السفر؛ أن يخرج أول النهار أسوة بالنبي
دي ـ ـ ‘ ،رجاء أن تصيبه دعوته ‘ فعن َص ْخ ٍر بن وداعة الغا ِم ِّ
اللهم بار ِْك ألِمتي في ُبكورِها< ،وكا َن إذا
رسول اهلل ـ ‘ ـَّ > : ُ قال :قال
بعثهم ِمن َّأو ِل النَّها ِر(.)3
سرية أو جي اشا َ
بعث ا َ
السنة ،وكان تاجرا يبعث ماله في
وكان صخر ـ ـ يُراعي هذه ُ
أول النهار إلى السفر للتجارة ،فكثر ماله ببركة مراعاة السنة ،وألن دعاء
النبي ـ ‘ ـ مقبول ال محالة.
والبركة :هي النمو والزيادة ،فيكون المعنى :اللهم أكثر خير أمتي
في بكورها ،أي :قيامها وقت الصبح ،وألن نوم هذه الساعة يُ ْك ِسل
والبكرة شباب النهار ،ويكون اإلنسان فيها وادعا مستريحا ،يمكنه
ويبلدُ ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر >الميسر في شرح مصابيح السنة< للتٌو ِرب ِْشتي (.)891/3
( )2انظر >شرح رياض الصالحين< البن كمال باشا (.)530/4
( )3أخرجه أبو داود ( ،)2606وابن ماجه ( ،)2236والترمذي ( ،)1212وابن أبي
عاصم في >اآلحاد والمثاني< ( ،)2402والطبراني في >الكبير< (.)7277
94
استحباب اخلروج يوم اخلميس أول النهار
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه الطبراني في >الكبير< ( ،)12966والخرائطي في >مكارم األخالق< (،)842
والبيهقي في >الشعب< ( )149/6من طريق معلى بن أسد العمي ،عن عمر بن
المساور العتكي ،عن نصر بن عمران الضبعي أبو جمرة البصري ،به .وعمر بن مساور
أبو مسور ،ويقال عمرو بن مساور ضعيف ،انظر ترجمته >لسان الميزان< ()144/6
( )2ابن بطال> ،شرح البخاري< (.)124/5
95
يف آداب السري والنزول واملبيت يف السفر ،والرفق بالدواب
A
يف آداب السري والزنول واملبيت يف السفر ،والرفق بادلواب
ومرااعة مصلحتها ،وعدم لعنها
ﲴﲵﲶﲷﲸﲹ ﱁﱂﱃﱄﱅﱆ
ﱇ ﱈ ﱉ ﱊﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ
ﱔ ﱕﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ} [النحل 5 :ــ .]8
وقد استنبط الفقهاء والمفسرون من هذه اآليات األربع من سورة
النحل ما يلي:
أوال :أن الحيوان شديد االرتباط باإلنسان ،وثيق الصلة به،
قريب الموقع منه ،ومن هنا كان للحيوان على اإلنسان حرمة وذمام.
ثاني اا :أن أشرف األجسام الموجودة في العالم السفلي ــ بعد
اإلنسان ــ سائر الحيوانات؛ الختصاصها بالقوى الشريفة وهي الحواس
الظاهرة والباطنة والشهوة والغضب.
ثالثا :أن اهلل ــ سبحانه ــ قصد بهذه اآليات أن يبتعد باإلنسان
عن أن ينظر إلى الحيوان نظرة ضيقة ال تتعلق إال بالجانب المادي
المتعلق باألكل والنقل واللباس والدفء ،فوسع نظرته إليه مشيرا إلى أن
للحيوان جانبا معنويا ،وصفات جمالية تقتضي الرفق به في المعاملة،
واإلحسان إليه في المصاحبة ،واإلقبال عليه بحب واعتزاز ،فقال:
{ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ} ،وقال{ :ﱔ
ﱕ}(.)1
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(> )1حقوق الحيوان والرفق به في الشريعة اإلسًلمية< (ص ،)23ألحمد عبيد الكبيسي.
97
يف آداب السري والنزول واملبيت يف السفر ،والرفق بالدواب
وجاءت السنة النبوية لتؤكد هذا المبدأ ،وهذا األدب فعن أبي
هريرة ،قال :قال رسول اهلل ‘ :إذا سافرتم في الخصب فأعطوا
اإلبل حظها من األرض ،وإذا سافرتم في السنة فبادروا بها نقيها ،وإذا
عرستم فاجتنبوا الطريق ،فإنها طرق الدواب ومأوى الهوام بالليل(.)1
ومعنى قوله> :أعطوا اإلبل حظها من األرض< ،أي :ارفقوا بها في
السير لترعى في حال سيرها.
وإنما أثبت لها الحق وصرح بها في القرينة األولى على األرض؛
ألن اهلل تعالى أنزل من السماء ماء فأخرج الكأل والعشب لرعيها ،فال
ينبغي أن يهضم حقها منها(.)2
ففي هذا الحديث النبوي الشريف الحث على الرفق بالدواب
ومراعاة مصلحتها؛ فإن سافروا في الخصب قللوا السير وتركوها ترعى
في بعض النهار وفي أثناء السير فتأخذ حظها من األرض بما ترعاه
منها ،وإن سافروا في القحط عجلوا السير ليصلوا المقصد وفيها بقية من
قوتها ،وًل يقللوا السير فيلحقها الضرر ألنها ًل تجد ما ترعى فتضعف(.)3
وقد أفاض عبد اهلل بن مسعود ـ ـ من عرفات على هيئته ال
يضرب بعيره حتى أتى جمع فنزل(.)4
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مسلم (.)1926 ()1
>شرح المشكاة< للطيبي (.)2680/8 ()2
>شرح النووي على مسلم< (.)69/13 ()3
أخرجه ابن خزيمة في >صحيحه< ( )2852من طريق أبي إسحاق السبيعي=، ()4
98
يف آداب السري والنزول واملبيت يف السفر ،والرفق بالدواب
بالليل ولذلك كانت أكثر عبادته ‘ بالليل ،وكان أكثر سفره ‘ بالليل،
فسير آخر الليل محمود في سير الدنيا باألبدان وفي سير القلوب إلى اهلل
باألعمال(.)1
وأنشد علي بن أبي طالب :)2(
اصاابر علااى السااير واإلدالج فااي السااحر
وفاااي الااارواا علاااى الحاجاااات والبكااار
ومن اآلداب التي جاءت السنة النبوية المطهرة بها انضمام الرفقة
بعضها إلى بعض ،وذلك خشية أن يطمع فيهم كل عدو ،ويعاون
بعضهم بعضا ،ويتواسوا بفضول الطعام فعن أبي ثعلبة ال ُخشني قال :كان
واألودِ ِية،
اب ْ الش َع ِ
تفرقُوا في ِّالناس إذا نزل رسول اهلل ـ ‘ ـ منز اال ــ َّ
ذلكم ِ
عاب واألودية إنما ُ الش ِ رسول اهلل ـ ‘ ـ> :إ َّن َت َف ُّرقَ ُكم في هذه ِّ
َ فقال
بعضهم إلى بعض، انض َّم ُ
ذلك َمنز اال إال َ ينزل بع َد َ من الشيطا ِن< ،فلم ْ
حتى يقال :لو ُب ِس َط عليهم َثوب لَ َع َّم ُهم(.)3
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر> ،التمهيد< ( ،)157/24و>فتح الباري< ( )152/1البن رجب ،و>الفتح<
البن حجر ( ،)217/7و>شرح المشكاة للطيبي< (.)2684/8
( )2أورد هذا البيت ابن األثير في >النهاية< (.)129/2
( )3أخرجه أبو داود ( ،)2628وابن حبان في >صحيحه< ( ،)2690والحاكم في
>المستدرك< (.)126/2
101
احلداء يف السفر
A
َّ َ
احلداء( )1يف السفر
سفر وكان معه غالم له أسود يقال له أنجشة يحدو فقال له رسول اهلل
‘ :ويحك يا أنجشة رويدك بالقوارير(.)1
وكان أمير المؤمنين عمر ـ ـ يَ ُعد الغناء والحدو والشعر من زاد
المسافر ،يعني من األشياء التي تهون وتخفف على المسافر طول ومشقة
الطريق ،وكان هو نفسه يحدو ويقول الشعر ،ويأمر أصحابه به.
ٍ
بفالة فعن زيد بن أسلم ،عن أبيه ،قال :سمع عمر رجال يتغنى
من األرض ،فقال :الغناء من زاد الراكب(.)2
وعن عطاء بن السائب ،قال :كان عمر يأمر رج اال فيحدو(.)3
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1البخاري ( 6161ــ ،)6209ومسلم ( )2323وفي رواية :كان النبي ‘ في مسير
له فحدا الحادي فقال النبي ‘ :ارفق يا أنجشة ويحك بالقوارير.
واختلف العلماء في المراد بتسميتهن قوارير على قولين:
األول :أن أنجشة كان حسن الصوت وكان يحدو بهن وينشد شيئا من القريض
والرجز وما فيه تشبيب فلم يأمن أن يفتنهن ويقع في قلوبهن حداؤه فأمره بالكف عن
ذلك.
والمعنى الثاني :أن المراد به الرفق في السير؛ ألن اإلبل إذا سمعت الحداء أسرعت
في المشي واستلذته فأزعجت الراكب وأتعبته فنهاه عن ذلك؛ ألن النساء يضعفن
عند شدة الحركة ويخاف ضررهن وسقوطهن.
انظر >شرح صحيح البخاري< البن بطال ( ،)319/9و>التوشيح شرح الجامع
الصحيح< ( ،)3702/8و>شرح النووي على مسلم< (.)81/15
( )2أخرجه ابن أبي شيبة في >المصنف< ( ،)14147والبيهقي في >الكبرى< ()110/5
من طريق أسامة بن زيد ،عن زيد بن أسلم ،عن أبيه به ،وإسناده حسن.
( )3أخرجه ابن أبي شيبة ( )14143عن جرير ،عن عطاء به.
103
احلداء يف السفر
وجاء عنه ـ ـ أنه كان ينهى الحادي أن يُعرض بذكر النساء وهو
رم ،فعن مجاهد ،قال :كان عمر بن الخطاب ـ ـ ينهى أن يعرض مح ٌ
ْ
()1
محرم .الحادي بذكر النساء وهو ْ
وعن خوات بن جبير قال :خرجنا حجاجا مع عمر بن الخطاب
ـ ـ قال :فسرنا في ركب فيهم أبو عبيدة بن الجراح وعبد الرحمن بن
عوف ـ ـ قال :فقال القوم :غننا يا خوات فغناهم فقالوا :غننا من
شعر ضرار فقال عمر ـ ـ :دعوا أبا عبد اهلل يتغنى من بنيات فؤاده
ــ يعنى من شعره ــ قال :فما زلت أغنيهم حتى إذا كان السحر فقال عمر
ـ ـ :ارفع لسانك يا خوات فقد أسحرنا .فقال أبو عبيدة ـ ـ :هلم
إلى رجل أرجو أال يكون شرا من عمر ـ ـ قال :فتنحيت وأبو عبيدة
فما زلنا كذلك حتى صلينا الفجر(.)2
وعن عبد اهلل بن عباس :أنه بينا هو يسير مع عمر ـ ـ في طريق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه يعقوب الفسوي في >المعرفة والتاريخ< ( )171/2من طريق منصور بن
المعتمر ،عن مجاهد به ،وهو منقطع؛ فإن مجاهد لم يسمع من عمر ،ولكن
جاء هذا األثر أيضا عن ابن عمر عند يعقوب أيضا من نفس الطريق.
( )2هذا األثر أخرجه البيهقي في >الكبرى< ( ،)110/5وابن عبد البر في >االستيعاب<
( ،)135/1وابن عساكر في >تاريخ دمشق< ( )483/25من طريق يونس بن
محمد ،عن فليح بن سليمان ،عن ضمرة بن سعيد ،عن قيس بن أبي حذيفة ،عن
خوات بن جبير به.
وقيس بن أبي حذيفة أو قيس بن حذيفة ذكره ابن أبي حاتم في >الجرح والتعديل<
( )95/7ولم يذكره فيه شيء.
104
احلداء يف السفر
مكة في خالفته ومعه المهاجرون واألنصار فترنم عمر ـ ـ ببيت فقال
له رجل من أهل العراق ليس معه عراقي غيره :غيرك ف ْل َي ُق ْلها يا أمير
المؤمنين .فاستحيا عمر ـ ـ من ذلك وضرب راحلته حتى انقطعت
من الموكب(.)1
وجاء أن عمر بن الخطاب ركب راحلة له وهو محرم فتدلت
فجعلت تقدم يدا وتؤخر أخرى قال عمر:
ِإ َذا َتااا َدلَّ ْت ِبااا ِه أ َ ْو َشاااارِب َث ِمااال َكاااأ َ َّن را ِكبهاااا ُ ْصااان ِبمروح ٍ
اااة َْ َ َ َ ََ
ثم قال :اهلل أكبر اهلل أكبر(.)2
وعن قرة بن خالد بن عبد اهلل بن يحيى قال :قال عمر بن الخطاب
ـ ـ للنابغة الجعدي :أسمعني بعض ما عفا اهلل لك عنه من هناتك،
فأسمعه كلمة ،فقال له ،وإنك لقائلها .قال :نعم .قال :طالما غنيت بها
خلف جمال الخطاب(.)3
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1إسناده حسن ،هذا األثر أخرجه البيهقي في >الكبرى< ( )111/5من طريق بشر بن
شعيب بن أبي حمزة ،عن أبيه ،عن الزهري ،عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي
ربيعة ،عن الحارث بن عبد اهلل بن عياش به.
( )2منقطع ،أخرجه البيهقي في >الكبرى< ( )68/5من طريق الربيع ،عن الشافعي ،عن
عبد الرحمن بن الحسن بن القاسم األزرقي ،عن أبيه ،عن عمر فذكره.
الر ْح َمن بن ا ْلحسن بن ا ْل َق ِ
اسم ْاأل َ ْز َرق شيخ الشافعي ذكره ابن حجر في وعبد َّ
>تعجيل المنفعة< ( )616ولم يذكر فيه جرحا وال تعديال ،وأبوه الحسن األزرقي،
قال ابن حجر :غير مشهور ،انظر نفس المصدر ترجمة (.)207
( )3انظر >المستطرف< (ص.)394 :
105
احلداء يف السفر
وعن السائب بن يزيد قال :بينا نحن مع عبد الرحمن بن عوف في
طريق مكة ،إذ قال عبد الرحمن لرباح بن المعترف :غننا فقال له عمر:
إن كنت آخذا فعليك بشعر ضرار بن الخطاب(.)1
وعن عقبة مولى أدلم بن ناعمة الحضرمي ،أنه دفع مع الحسين بن
علي بن أبي طالب من جمع فلم يزد على السير ،فلما أتى وادي
محسر ،قال :ارجز بصوتك واركض برجلك واضرب بسوطك ،ودفع
في الوادي حتى استوت به األرض ،وخرج من الوادي(.)2
وذكر ابن عبد ربه في كتابه قصة عن عبد اهلل بن عباس ـ ـ
وكان في سفر له ،فجعل راجز لعبد اهلل بن عباس يسوق له في الطريق
ويقول:
مع ابن عبـاس بـن عبـد المطلـب صبحت من كاظمة القصر الخـرب
ّ
وجعل ابن عباس يرتجز ويقول:
()3
آوي فقــد حــان لــك اإليــاب آوي إلــــى أهلــــك يــــا ربــــاب
وعن عمرو بن العاص >أنه كان في سفر ،فرفع عقيرته بالغناء،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه الذهلي في >الزهريات< كما في >اإلصابة< ( )474/3من طريق الزهري،
عن السائب بن يزيد به.
( )2أخرجه ابن أبي شيبة في >المصنف< ( )15888من طريق عبد الملك بن الحارث،
عن عقبة ،به ،وهو منقطع بين عبد الملك ،وعقبة.
( )3انظر >العقد الفريد< (.)105/5
106
احلداء يف السفر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أورده ابن قتيبة في >غريب الحديث< ( ،)373/2وابن األثير في >النهاية في غريب
الحديث< ( )293/4من طريق ابن لهيعة ،عن أبي األسود.
107
إعانة الرجل صاحبه يف السفر وخدمته ،والرفق بالضعفاء والفقراء
A
يف إاعنة الرجل صاحبه يف السفر وخدمته،
والرفق بالضعفاء والفقراء
فكلما حرص اإلنسان على أن يتخير رفقه صالحة يصحبها ،كان
كل منهم في حري بأن تقع بينهم المودة والمحبة ،وأن يسارع ٌ
ٌ ذلك
إعانة رفيقه ،وكان من هديه ‘ ،أنه يتخلف في المسير ،ليتفقد الناس
فيساعد الضعيف ،ويقدم المساعدة للمحتاج ،ويكون في مدادهم
وعونهم ،فعن جابر بن عبداهلل ـ ـ قال :كان رسول اهلل ‘ يتخلف
في المسير ،أي :يعقب أصحابه في السير تواضع اا وتعاون اا ،فَ ُي ْزجي
الضعيف ،أي فيسوق له :ويردف ،أي :يركب خلفه الضعيف من
المشاة ،ويدعو له(.)1
وكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يصنع ذلك في السفر(.)2
فينبغي لإلنسان أن يكون مع رفقائه في السفر محسنا إليهم قاضيا
لحاجتهم معينا لهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه أبو داود ( ،)2639والبيهقي في >الكبرى< ( )257/5من طريق إسماعيل بن
علية ،عن الحجاج بن أبي عثمان ،عن أبي الزبير ،به .وإسناده حسن.
( )2البيهقي المصدر السابق.
108
إعانة الرجل صاحبه يف السفر وخدمته ،والرفق بالضعفاء والفقراء
أخرج أبو نعيم من طريق أبي حمزة الثمالي ،عن أبي جعفر أن رجال
صحب عمر بن الخطاب ــ رضي اهلل تعالى عنه ــ إلى مكة ،فمات في
الطريق ،فاحتبس عليه عمر في الطريق حتى صلى عليه ودفنه ،فقل يوم
إال كان عمر ــ رضي اهلل تعالى عنه ــ يتمثل:
()1
ومختلج من دون ما كـان يأمـل وبـــالغ أمـــر كـــان يأمـــل دونـــه
وهذا عبد اهلل بن عمر ـ ـ يقول عنه تلميذه ورفيقه مجاهد بن
جبر :صحبت ابن عمر وأنا أريد أن أخدمه فكان يخدمني.
وها هي القصة كما يقول مجاهد :كنت أصحب ابن عمر في السفر
فإذا أردت أن أركب مسك ركابي ،فإذا ركبت سوى على ثيابي فرآني
مرة كأني كرهت ذلك في ،فقال :يا مجاهد إنك لضيق الخلق(.)2
وعن أبي جعفر القارئ قال :خرجت مع ابن عمر ـ ـ من مكة
إلى المدينة ،وكان له جفنة من ثريد يجتمع عليها بنوه وأصحابه وكل
من جاء حتى يأكل بعضهم قائما ،ومعه بعير له عليه مزادتان فيهما نبيذ
وماء مملوءتان فكان لكل رجل قدح من سويق بذلك النبيذ حتى يتضلع
منه شبعا(.)3
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أبو نعيم ،في >الحلية< ( ،)188/3وأبو حمزة الثمالي هو :ثابت بن أبى صفية
ضعيف ،انظر> :الميزان< (.)361/1
( )2أخرجها أبو نعيم في >الحلية< ( )285/3من طريق حميد األعرج ،عن مجاهد به.
( )3إسناده حسن ،أخرجه ابن سعد في >الطبقات< ( )148/4عن الفضل بن دكين ،عن
هشام بن سعد المدني أبو عباد ،عن أبي جعفر القارئ المدني ،المخزومي ،فذكره.
109
إعانة الرجل صاحبه يف السفر وخدمته ،والرفق بالضعفاء والفقراء
ومن اآلثار التي جاءت تبين حقوق الصحبة ما رواه إبراهيم ،عن
()1
علقمة ،قال :أقبلت مع عبد اهلل بن مسعود ـ ـ من السيلحين
فصحبه دهاقين( )2من أهل الحيرة ،فلما دخلوا الكوفة أخذوا في طريق
غير طريقهم ،فالتفت إليهم فرآهم قد عدلوا ،فأتبعهم السالم ،فقلت:
أتسلم على هؤالء الكفار؟ فقال> :نعم صحبوني ،وللصحبة حق<(.)3
وهذا الفاروق عمر بن الخطاب ـ ـ ينصح أحد رعاة الغنم في
أثناء سفره ،لما يراه واجبا عليه تجاه رعيته وحرصا لمصلحة الرعية،
فجاء عنه أنه كان يسير ببعض طريق مكة ،فلما كان قريبا من الروحاء،
فسمع صوت راع في جبل فعدل إليه فلما دنا منه صاح يا راعي الغنم،
فأجابه الراعي فقال :يا راعيها .فقال عمر :إني قد مررت بمكان هو
أخصب من مكانك وإن كل راع مسؤول عن رعيته ثم عدل صدور
الركاب(.)4
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
َس ْيلَ ُحو َن :بفتح ّأوله ،وسكون ثانيه ،وفتح المه ّثم حاء مهملة ،وواو ساكنة ،ونون، ()1
وقد يعرب إعراب جمع السالمة فيقال :هذه سيلحون ورأيت سيلحين ومررت
بسيلحين ،قرية قرب الحيرة بين الكوفة والقادسية .انظر >معجم البلدان< (.)298/3
ال ِّد ْه َقا ُن معرب يطلق على رئيس القرية وعلى التاجر وعلى من له مال وعقار وداله ()2
مكسورة وفي لغة تضم والجمع َد َهاقِ ُ
ينَ ،و َد ْه َق َن الرجل َو َت َد ْه َق َن كثر ماله .انظر
>المصباح المنير< (.)201/1
إسناده صحيح ،أخرجه ابن أبي شيبة ( )25865من طريق أبي معاوية محمد بن ()3
خازم ،عن األعمش ،به.
أخرجه ابن سعد في >الطبقات< ( 291/3ــ )292من طريق مالك بن أنس ،عن ()4
قطن بن وهب بن عويمر بن األجدع فذكره ،وهو مرسل.
111
تعجيل املسافر الرجوع إىل أهله إذا قضى حاجته
A
يف تعجيل املسافر الرجوع إىل أهله إذا قىض حاجته
فإن لدى المسافر ميل أصيل إلى الرجوع لوطنه وداره ،لكي يضع
عصا الترحال وليمسح عن جبينه غبار السفر وشقاوة البعاد ،ويريح
جسمه من تعب الترحال وألم الفراق لألهل واألصحاب.
فإن حب األوطان شيء مفطور عليه اإلنسان ،وقيل لبعض الحكماء:
بأي شيء يعرف وفاء الرجل دون تجربة واختبار؟ قال :بحنينه إلى
أوطانه ،وتلهفه على ما مضى من زمانه.
وقال أعرابي :إذا أردت أن تعرف وفاء الرجل ودوام عهده فانظر
إلى حنينه إلى أوطانه وتشوقه إلى إخوانه ،وبكائه على ما مضى من
أزمانه.
ولما قدم بًلل الحبشي ـ ـ المدينة جعل ينشد تشوق اا إلى مكة،
ويرفع عقيرته:
ليـــل
وج ُ أال ليــت شــعري هــل أبيــتن ليلــة بـــوا ٍد وحـــولي إ ْذخـــر َ
()1
وطفيـل
ُ وهل يَ ْبـ ُد َو ْن لـي شـام ٌة مجنــــةٍ
وهــــل أ ِر َد ْن يومــــا ميــــاه ّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1ذكره ابن عبد البر في >بهجة المجالس< (.)804/2
112
تعجيل املسافر الرجوع إىل أهله إذا قضى حاجته
وقد جاء األدب النبوي في التأكيد على هذا األمر الفطري ،فعن
أبي هريرة عن النبي ‘ قال :السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم
طعامه وشرابه ونومه فإذا قضى نهمته فليعجل إلى أهله(.)1
فقد تضمن هذا الحديث النبوي الشريف ترغيب اإلنسان في اإلقامة
وترك اإلكثار من السفر ،وذلك ذلك لقوله> :يمنع أحدكم نومه وطعامه
وشرابه< ،فامتناع هذه الثالثة التي هي أركان الحياة مع ما ينضاف إليها
من مشقة السفر وتعبه.
فإن المسافر يقاسي من األهوال ومشقة الحل والترحال ومعاناة النصب
وشدة التعب والسير مع الخوف في الليل البهيم ما يستحق وصفه بأنه
العذاب األليم.
قال الخطابي :وفيه :الترغيب في اإلقامة وترك اإلكثار من السفر،
والجماعات ،والحقوق الواجبة ،لألهل والولدَ الجمعات
لئال تفوته ُ
والقرابات.
وهذا في األسفار التي هي غير واجبة ،أال تراه يقول :فإذا قضى
نهمته فليعجل إلى أهله ،وإنما أشار إلى السفر الذي يختاره اإلنسان
إلرب له فيه ،ونهمه من تجارة أو ضرب في األرض للتغلب والجوالن،
دون السفر الواجب من حج أو غزو أو نحوهما(.)2
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1البخاري ( ،)1804ومسلم (.)1927
(> )2أعالم الحديث< (.)916/2
113
تعجيل املسافر الرجوع إىل أهله إذا قضى حاجته
ففي قوله> :فإذا قضى أحدكم نهمته فليرجع إلى أهله< لكي
يتعوض من ألم ما ناله ،من ذلك الراحة والدعة في أهله ،والعرب تشبه
الرجل في أهله باألمير.
وفي هذا الحديث دليل على أن طول التغرب عن األهل لغير حاجة
وكيدة من دين أو دنيا ال يصلح وال يجوز ،وأن من انقضت حاجته لزمه
االستعجال إلى أهله الذين يُم ِونَهم ويَ ُقوتهم مخافة ما يحدثه اهلل بعده
فيهم قال رسول اهلل ‘ :كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت(.)1
وكان يقال عذابان ال يكترث لهما الداخل فيهما ،السفر الطويل
والبناء الكثير.
رب فارددني إلى ريف الحضر
يا ّ الســفر
كــل العــذاب قطعــةٌ مــن ّ
ّ
وسمع عمرو بن العاص رجال يقول :الرحلة قطعة من العذاب.
فقال له :لم تحسن ،بل العذاب قطعة من الرحلة(.)2
وليس كون السفر قطعة من العذاب بمانع أن يكون فيه منفعة ومصحة
لكثير من الناس؛ ألن في الحركة والرياضة منفعة ،وًل سيما ألهل الدعة
والرفاهية ،كالدواء المر المعقب للصحة وإن كان في تناوله كراهية(.)3
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(> )1التمهيد< البن عبد البر (.)36/22
(> )2العقد الفريد< (.)479/2
( )3شرح صحيح البخاري البن بطال (.)455/4
114
من اآلداب القدوم على أهله نهاراً ،وكراهته يف الليل لغري حاجة
A
من اآلداب القدوم ىلع أهله نهارا،
وكراهته يف الليل لغري حاجة
ومن اآلداب التي ينبغي على المسافر اآلتيان بها؛ استحباب القدوم
على أهله نهارا ،وكراهية القدوم ليال بغتة ،فقد كان أكثر قدوم المصطفى
‘ المدينة من األسفار والغزوات كان ضحى من أول النهار ،فعن عن
أنس قال :كان النبي ‘ ال يطرق أهله كان ال يدخل إال دوة أو
عشية(.)1
ونهى ‘ أن يطرق الرجل أهله ليال؛ فعن جابر قال نهى
النبي ‘ أن يطرق أهله لي اال(.)2
وفي رواية :كنا مع رسول اهلل ‘ في غزاة فلما قدمنا المدينة
ذهبنا لندخل فقال :أمهلوا حتى ندخل ليال؛ أي :عشاء كي تمتشط
الشعثة وتستحد المغيبة(.)3
بل وزجر عن طلب المرء عثرات أهله ،تقصد خيانتهم ،فعن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1البخاري ( ،)1800ومسلم (.)715
( )2البخاري ( ،)1801ومسلم (.)715
( )3مسلم (.)715
115
من اآلداب القدوم على أهله نهاراً ،وكراهته يف الليل لغري حاجة
جابر ـ ـ ،قال :نهى رسول اهلل ‘ أن يطرق الرجل أهله ليال
يتخونهم ،أو يلتمس عثراتهم(.)1
ًل ،فًل يأتين أهله طروق اا حتى تستحد
وفي رواية :إذا قدم أحدكم لي ا
المغيبة وتمتشط الشعثة.
والطروق :أصله من الطرق ،وهو الدق ،وكل أت بالليل فهو
وسمي اآلتي بالليل طارقا لحاجته إلى دق الباب(.)2
طارق ُ
المغيبة :التي غاب عنها زوجها.
االستحداد :هو أن تعالج شعر عانتها بما هو المعتاد عند النساء.
عث ،وهو الغبار ،والوسخ في الشعر ،ألن
الش ُ
الشعثة :التي عالها َّ
المرأة في حال غياب زوجها تكون مبتذلة ،ال تمشط ،وال تدهن ،وال
تتنظف.
ففي الحديث بيان المعنى الذي من أجله نهى الرسول ‘ عن
هذا ،وهو بأن :تمتشط الشعثة ،وتستحد المغيبة ،كراهية أن يهجم منها
على ما يقبح عنده اطالعه عليه ،فيكون سببا إلى شنآنها وبغضها،
فنبههم على ما تدوم به األلفة بينهم ،ويتأكد به المحبة ،فينبغي لمن
أراد األخذ بأدب نبيه أن يتجنب مباشرة أهله في حال البذاءة وغير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1ومسلم (.)715
( )2النهاية في غريب الحديث (.)121/3
116
من اآلداب القدوم على أهله نهاراً ،وكراهته يف الليل لغري حاجة
النظافة ،وأال يتعرض لرؤية عورة يكرها منها ،فإن قيل :وكيف يكون
طروقه أهله ليال سببا لتخونهم؟
قيل :معنى ذلك ،واهلل أعلم ،أن طروقه إياهم ليال هو وقت خلوة
وانقطاع مراقبة الناس بعضهم بعضا ،فكان ذلك سببا لسوء ظن أهله به،
ًل ليجدهم على ريبة حين توخى وقت غرتهم وغفلتهم.
وكأنه إنما قصدهم لي ا
ومعنى الحديث النهي عن التجسس على أهله ،وال تحمله غيرته
على تهمتها إذا لم يأنس منها إال الخير(.)1
والمنهي عنه من الطروق :هو أن تقدم من سفر ليال من غير إعالم
واستعالم وإمهال لتتمكن المغيبة من حاجتها ،وتستعد للقاء الزوج.
دخ َل
النبي ـ ‘ ـ قال> :إ َّن أحسن َما َ
وفي حديث جابر اآلخر أن َّ
الرجل على أهله إذا قَ ِد َم من سفرِ ُ
أول اللَّيل<(.)2 ُ
فإن قيل :كيف التوفيق بين هذا الحديث وبين حديثه اآلخر> :إذا
أطال أحدكم الغيبة فال يطرق أهله لي اال<(.)3
قلنا :وجه حديث جابر هذا عندنا أن يحمل على الدخول على أهله
ًل ،وطروقها،
ليخلو بها ،ويقضي عنها حاجة النفس؛ ًل القدوم عليها لي ا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1شرح ابن بطال (.)369/7
( )2أخرجه أبو داود (.)2777
( )3البخاري ( ،)5244ومسلم (.)715
117
من اآلداب القدوم على أهله نهاراً ،وكراهته يف الليل لغري حاجة
وإذا حملنا األمر فيه على ما ذكرنا اتفق الحديثان ،وانتفى التناقض،
وإنما تعلق الظرف بالدخول على أهله ال بالقدوم ،وقوله> :إن أحسن ما
دخل الرجل أهله< ،الحديث إرشاد له إلى الوقت الذي ال يُزاحمه فيه
الزوار فال يقطعونه عما هو فيه.
وإنما اختار له أول الليل؛ ألن المسافر يقدم في غالب أحواله عن
غلبة شهوة ،فإذا قضي نهمته من أول الليل ،كان ذلك أجلب النوم،
وأدعى إلى االستراحة(.)1
وعن ابن عمر ـ ـ ،قال :أقبل عمر بن الخطاب من غزوة
َس ْرغ ،حتى إذا بلغ الجرف ،قال :أيها الناس ،ال تطرقوا النساء ،وال
تغتروهن ،ثم بعث راكبا إلى المدينة بأن الناس داخلون بالغداة(.)2
وقال ابن جريج :قال بعث عمر بن الخطاب مقدمه من الشام أسلم
مواله إلى أهل المدينة يؤذنهم أ ّنا قادمون عليكم لكذا وكذا(.)3
فجاءت السنة بهذا األدب الراقي الرفيع في طريقة قدوم المسافر
على أهله ،أو اال :بأن ال يطرقهم ليال بغتة؛ لكي يتلمس عثرات أهله،
ويقصد تخوينهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(> )1الميسر في شرح مصابيح السنة< للتوربشتي (.)739/3
( )2أخرجه عبد الرزاق ( ،)14016وابن أبي شيبة ( )34336من طريق عبيد اهلل بن
عمر العمري ،عن نافع ،به.
( )3أخرجه عبد الرزاق ( )14017عن ابن جريج.
118
من اآلداب القدوم على أهله نهاراً ،وكراهته يف الليل لغري حاجة
وثاني اا :أن يرسل القادم من السفر إلى أهله من يخبرهم بقدومه كي
ًل يقدم عليهم بغتة ،أو يخبرهم بأي وسيلة متاحة له حتى تستعد له زوجته،
فال يجد منها ما تكرهه نفسه.
119
من اآلداب ابتداء القادم باملسجد الذي جواره ويصلي فيه ركعتني
A
من اآلداب ابتداء القادم باملسجد اذلي جواره ويصيل فيه
ركعتني ،أو صىل ركعتني يف بيته
فعن كعب بن مالك :أن رسول اهلل ‘ كان إذا قدم من
سفر ،بدأ بالمسجد ،فركع فيه ركعتين(.)1
وإنما كان يفعل ذلك؛ ليبدأ بتعظيم بيت اهلل قبل بيته ،وليقوم
ولي ُسن ذلك في
الناس عليهَ ،
وليسلم ُبشكر نعمة اهلل عليه في سالمتهُ ،
شرعه(.)2
وروى ابن أبي شيبة من طريق أبي صالح؛ أن عثمان ـ ـ كان
إذا قدم من سفر صلى ركعتين(.)3
وروى أيض اا من طريق أبي إسحاق السبيعي ،عن الحارث األعور،
عن علي بن أبي طالب ـ ـ ،قال :إذا قدمت فصل ركعتين(.)4
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
متفق عليه ،البخاري ( ،)4417ومسلم (.)716 ()1
>المفهم< ألبي العباس القرطبي (.)97/7 ()2
إسناده حسن ،ابن أبي شيبة في >المصنف< ( )4919عن وكيع ،عن كامل بن ()3
العالء التميمي السعدي ،به.
إسناده حسن ،من أجل الحارث بن عبد اهلل األعور الهمداني أبو زهير الكوفي= ()4
120
من اآلداب ابتداء القادم باملسجد الذي جواره ويصلي فيه ركعتني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= صاحب علي ،أخرجه ابن أبي شيبة في >المصنف< ( )4920من طريق سفيان ،عن
أبي إسحاق به.
( )1إسناده مقبول ،أخرجه ابن أبي شيبة في >المصنف< ( )4921من طريق مقاتل بن بشر
العجلي ،عن رجل يقال له :موسى بن أبي موسى األشعري ،عن ابن عباس به.
مقاتل بن بشر العجلي الكوفي مقبول من السادسة ،وموسى بن أبي موسى األشعري
مثله.
( )2صحيح ،أخرجه ابن سعد في >الطبقات< ( )156/4من طريق بشر بن كثير األسدي،
وعبد اهلل بن عمر العمري ،كالهما ،عن نافع ،عن ابن عمر به.
( )3ذكر القصة كاملة أبو عبيد عبد اهلل بن عبد العزيز البكري األندلسي في >فصل المقال
في شرح كتاب األمثال< (ص.)287 :
121
حتريم سفر املرأة وحدها
A
حتريم سفر املرأة وحدها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1شرح النووي على صحيح مسلم ( 103/9ــ .)104
124
املصافحة واملعانقة للقادم من السفر
A
يف املصافحة واملعانقة للقادم من السفر
ومن اآلداب المستحبة التي ينبغي الحرص عليها ،زيارة القادم من
السفر والسالم عليه ،ومصافحته ومعانقته ،فإن هذا أدوم لبقاء الود
واأللفة ،ويحدث من المحبة والترابط وجمع القلوب بين المسلمين
الشيء الكثير ،وكان من هدي الصحابة رضوان اهلل عليهم أنهم يتعانقون
إذا قدموا من السفر.
فقد ُسئل أنس بن مالك أرأيت الرجل يلقى أخاه جابيا من
سفر يأخذ بيده؟ قال :قد كان أصحاب رسول اهلل ‘ إذا تالقوا
تصافحوا ،وإذا قدموا من سفر تعانقوا(.)1
وقال الشعبي :كان أصحاب محمد ‘ إذا التقوا صافحوا فإذا
قدموا من سفر عانق بعضهم بعضا(.)2
وهذا جابر بن عبد اهلل بلغه حديث عن رجل من أصحاب النبي ‘
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه الطبراني في >األوسط< ( )97من طريق شعبة ،والبيهقي في >شعب اإليمان<
( )8943من طريق هشام الدستوائي ،كالهما (شعبة ،وهشام) عن قتادة ،قال :سأل
أياس بن نهبش أنسا فذكره.
( )2أخرجه الطحاوي في >شرح معاني اآلثار< ( ،)6403والبيهقي في >شعب اإليمان<
(.)8958
125
املصافحة واملعانقة للقادم من السفر
قال :فابتعت بعيرا فشددت إليه رحلي شهرا حتى قدمت الشام ،فإذا
عبد اهلل بن أنيس فبعثت إليه أن جابرا بالباب ،فرجع الرسول فقال:
جابر بن عبد اهلل؟ فقلت :نعم ،فخرج ْفعتنقني ،قلت :حديث بلغني لم
أسمعه خشيت أن أموت أو تموت ،قال :سمعت النبي ‘ يقول :يحشر
اهلل العباد أو الناس عراة غرال بهما قلنا :ما بهما؟ قال :ليس معهم شيء،
فيناديهم بصوت يسمعه من بعد أحسبه قال كما يسمعه من قرب :أنا
الملك ،ال ينبغي ألحد من أهل الجنة يدخل الجنة وأحد من أهل النار
يطلبه بمظلمة ،وال ينبغي ألحد من أهل النار يدخل النار وأحد من أهل
الجنة يطلبه بمظلمة ،قلت :وكيف وإنما نأتي اهلل عراة بهما؟ قال:
بالحسنات والسيئات(.)1
وقال البيهقي :وروينا عن عمر أنه كلما قدم الشام استقبله أبو
عبيدة بن الجراا فقبل يده(.)2
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه البخاري في >األدب المفرد< ( )970من طريق القاسم بن عبد الواحد ،عن
عبد اهلل بن محمد بن عقيل بن أبي طالب ،عن جابر فذكره ،وإسناده حسن.
(> )2شعب اإليمان< (.)476/6
126
إطعام الطعام عند قدوم املسافر
A
إطعام الطعام عند قدوم املسافر
ومن اآلداب التي جاءت ،استحباب تجهيز وليمة لصنقارب والزوار
الذين يَ ْغ َشون القادم من السفر للسالم عليه والتهنئة بالقدوم ،سواء
أعدها القادم ،أو أعدها أهل بيته له ،وتسمى هذه الدعوة النقيعة بالنون
والقاف قيل :اشتق من النقع وهو الغبار؛ ألن المسافر يأتي وعليه غبار
السفر ،وقيل :النقيعة من اللبن إذا برد(.)1
فعن جابر بن عبد اهلل ،أن رسول اهلل ‘ لما قدم المدينة
نحر جزورا أو بقرة(.)2
وقد بوب البخاري على هذا الحديث بقوله :الطعام عند القدوم،
قال ابن بطال :إطعام اإلمام والرئيس أصحابه عند القدوم من
السفر ،مستحب ومن فعل السلف(.)3
وكان عبد اهلل بن عمر ـ ـ يفطر لمن يغشاه من السفر(.)4
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
>فتح الباري< (.)194/6 ()1
البخاري (.)3089 ()2
شرح صحيح البخاري (.)243/5 ()3
أخرجه إسماعيل القاضي في >األحكام< كما في >تغليق التعليق< ( )467/3من ()4
طريق أيوب ،عن نافع ،به.
127
املصادر واملراجع
املصادر واملراجع
129
املصادر واملراجع
* التمهيد في أصول الفقه :ألَبي الخطاب ال َكل َْو َذاني الحنبلي ،تحقيق:
مفيد محمد أبو عمشة (الجزء 1ــ ،)2ومحمد بن علي بن إبراهيم (الجزء 3ــ
،)4الطبعة األولى 1406 ،هـ= 1985م ،دار المدني للطباعة والنشر
والتوزيع.
* التمهيد لما في الموطأ من المعاني واألسانيد :البن عبد البر ،تحقيق:
مصطفى بن أحمد العلوي ،ومحمد عبد الكبير البكري ،الناشر :مؤسسة قرطبة.
* التعريفات :للجرجاني ،المحقق :جماعة من العلماء بإشراف الناشر،
الناشر :دار الكتب العلمية بيروت لبنان.
* التيسير بشرا الجامع الصغير :للمناوي ،الناشر :مكتبة اإلمام الشافعي
ــ الرياض.
* التوشيح شرا الجامع الصحيح :لجالل الدين السيوطي ،تحقيق:
رضوان جامع رضوان ،مكتبة الرشد ــ الرياض الطبعة :األولى 1419 ،هـ ــ
1998م.
* التوقيف على مهمات التعاريف :زين الدين المناوي ،الطبعة األولى،
1410هـ= 1990م ،عالم الكتب ،القاهرة.
* تفسير ابن عطية= المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز :البن عطية
األندلسي ،تحقيق :عبد السالم عبد الشافي محمد ،الطبعة األولى1422 ،هـ،
دار الكتب العلمية ،بيروت.
* تفسير ابن كثير= تفسير القرآن العظيم :البن كثير ،تحقيق :سامي بن
محمد سالمة ،الطبعة الثانية (1420ها = 1999م) ،دار طيبة ،الرياض.
130
املصادر واملراجع
* الزهد :المؤلف :البن أبي عاصم ،تحقيق :عبد العلي عبد الحميد
حامد ،الناشر :دار الريان للتراث ــ القاهرة.
* سنن النسائي الكبرى :تحقيق :شعيب األرناؤوط ،الناشر دار الرسالة.
* سنن الترمذي :تحقيق :أحمد محمد شاكر ،الناشر :شركة مكتبة
ومطبعة مصطفى البابي الحلبي ــ مصر.
مح َّمد كا ِمل قره بللي،
شعيب األرناؤوط ــ َ
* سنن أبي داود :المحققَ :
الناشر :دار الرسالة العالمية.
* سنن الدارمي :ألبي محمد الدارمي ،تحقيق :فواز أحمد زمرلي ،خالد
السبع العلمي ،الناشر :دار الكتاب العربي ــ بيروت الطبعة األولى.1407 ،
* سير أعالم النبالء :للذهبي ،تحقيق :مجموعة من المحققين بإشراف
الشيخ شعيب األرنؤوط ،الناشر :مؤسسة الرسالة.
* سلسلة األحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها :لأللباني،
الناشر :مكتبة المعارف للنشر والتوزيع ،الرياض الطبعة :األولى( ،لمكتبة
المعارف).
* سلسلة األحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في األمة:
لأللباني ،دار النشر :دار المعارف ــ الرياض ــ الممكلة العربية السعودية،
الطبعة :األولى 1412 :هـ 1992 /م.
* السياسة الشرعية في اصالا الراعي والرعية :البن تيمية ،تحقيق :لجنة
إحياء التراث العربي ،الناشر دار األفاق الجديدة.
* السنن الكبرى وفي ذيله الجوهر النقي :للبيهقي ،تحقيق :مجلس دائرة
134
املصادر واملراجع
المعارف النظامية الكائنة في الهند ببلدة حيدر آباد ،الطبعة :الطبعة :األولى ــ
1344هـ.
* شرا مشكل اآلثار = بيان ما أشكل من أحاديث رسول اهلل ‘:
للطحاوي ،تحقيق :شعيب األرنؤوط ،الطبعة األولى (1415هـ = 1994م)،
مؤسسة الرسالة ،بيروت.
* شرا مختصر الروضة :للطوفي ،تحقيق :عبد اهلل بن عبد المحسن
التركي ،الطبعة األولى1407 ،هـ= 1987م ،مؤسسة الرسالة.
* شرا تنقيح الفصول :للقرافي ،تحقيق :طه عبد الرؤوف سعد ،الطبعة
األولى1393 ،هـ= 1973م ،شركة الطباعة الفنية المتحدة.
* شعب اإليمان :للبيهقي ،تحقيق :محمد السعيد بسيوني زغلول،
الناشر :دار الكتب العلمية ــ بيروت.
* شرا الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى ،تحقيق :د .عبد الحميد
هنداوي ،الناشر :مكتبة نزار مصطفى الباز مكة المكرمة ــ الرياض الطبعة:
األولى 1417 ،هـ ــ 1997م.
* شرا رياض الصالحين :البن كمال باشا الحنفي ،تحقيق :نور الدين
طالب ،نشر وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية ــ قطر ــ الطبعة األولى
1435هــ 2014م.
* شرا بلوغ المرام :للشيخ عطية بن محمد سالم (المتوفى1420 :هـ)،
مصدر الكتاب :دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة اإلسالمية.
* شرا صحيح البخاري :البن بطال ،تحقيق :أبو تميم ياسر بن إبراهيم:
مكتبة الرشد ــ السعودية /الرياض ــ 1423هـ ــ 2003م الطبعة :الثانية.
135
املصادر واملراجع
136
املصادر واملراجع
* العقد الفريد :البن عبد ربه األندلسي ،الناشر :دار الكتب العلمية ــ
بيروت الطبعة :األولى 1404 ،هـ.
* العزلة :للخطابي ،الناشر :المطبعة السلفية ــ القاهرة.
* عمل اليوم والليلة :للنسائي ،تحقيق :د .فاروق حمادة ،الناشر:
مؤسسة الرسالة ــ بيروت الطبعة :الثانية.1406 ،
* ريب الحديث :البن قتيبة ،تحقيق عبد اهلل الجبوري ،مطبعة العاني ــ
بغداد ــ الطبعة األولى 1397ه.
* فتح الباري شرا صحيح البخاري :البن حجر ،رقَّم كتبه وأبوابه
وأحاديثه :محمد فؤاد عبد الباقي ،وقام بإخراجه وص َّححه :محب الدين
الخطيب ،عام النشر (1379هـ) ،دار المعرفة ،بيروت.
* فتح الباري شرا صحيح البخاري :البن رجب ،تحقيق :مجموعة
باحثين ،الناشر :مكتبة الغرباء األثرية ــ المدينة النبوية .الحقوق :مكتب تحقيق
دار الحرمين ــ القاهرة ،الطبعة :األولى 1417 ،هـ ــ 1996م.
* فصل المقال في شرا كتاب األمثال :ألبي عبيد البكري ،تحقيق:
إحسان عباس ،مؤسسة الرسالة ،بيروت ،الطبعة :األولى 1971 ،م.
* الفائق في ريب الحديث :للزمخشري ،تحقيق :علي محمد البجاوي
ــ محمد أبو الفضل إبراهيم الناشر :دار المعرفة ــ لبنان الطبعة الثانية.
* الفقه وأصوله ،بين التراث والمعاصرة :د .معاوية أحمد سيد أحمد،
بحث منشور على صفحات اإلنترنت.
137
املصادر واملراجع
138
املصادر واملراجع
141
املصادر واملراجع
143
ل
قائمة بعناوين الآ بحاب الحديدة مشروع
.