You are on page 1of 145

‫لس َ ر َ َ ر ر‬

‫َّ‬
‫ف وآدابهُ‬‫ُ‬ ‫ا‬
‫يِف تراث اآلل واألصحاب‬
‫عنوان الكتاب ‪ :‬السفر وآدابه يف تراث اآلل واألصحاب ‪.‬‬
‫اسم املؤلف ‪ :‬حممد السعيد اخلوالني ‪.‬‬
‫عدد الصفحات ‪143 :‬‬ ‫ــ‬ ‫نوع املطبوع ‪ :‬كتاب ـ ـ الطبعة ‪ :‬األوىل‬
‫السلسلة ‪ :‬تراث اآلل واألصحاب (‪)5‬‬
‫الناشر ‪ :‬مربة اآلل واألصحاب‬
‫ص‪ .‬ب‪ 12421 .‬الشامية ـ الرمز الربيدي ‪ 71655‬ـ ـ ت ‪2560203 :‬‬
‫ردمك‪ 0 :‬ـ ‪ 38‬ـ ‪ 64‬ـ ‪ 99966‬ـ ‪ISBN 978‬‬

‫م‬
‫حقوق الطبع حقوظة لمبرة الآل والآصحاب‬
‫إال لمن أراد التوزيع الخيري بشرط عدم التصرف في المادة العلمية‬

‫ُ‬ ‫الطبعة األوىل‬


‫‪ 1439‬ـهــ ‪2017‬م‬

‫هاتف‪ 22560203 :‬ــ ‪ 22552340‬فاكس‪22560346 :‬‬


‫ص‪ .‬ب‪ 12421 :‬الشامية الرمز البريدي ‪ 71655‬الكويت‬
‫‪ mail: almabarrh@gmail. com‬ــ ‪E‬‬
‫‪www. almabarrah. net‬‬
‫سلسلة تراث اآلل واألصحاب (‪)5‬‬

‫لس َ ر َ َ ر ر‬
‫َّ‬
‫ف وآدابهُ‬‫ُ‬ ‫ا‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ر‬
‫ُ‬ ‫يِف ُت ـ ـ ـراثُ اآللُ واألصحاب‬

‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬


‫حم َّمدُالسعيدُاخلوال ين‬
‫ْ‬

‫ُ‬

‫مراجعة مركز ابلحوث وادلراسات باملربة‬


‫فهرس املحتويات‬

‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫مقدمة مبرة اآلل واألصحاب‪7 ......................................‬‬
‫مقدمة المؤلف ‪11 ...............................................‬‬
‫تمهيد ويشتمل على مبحثين ‪15 .....................................‬‬
‫األول‪ :‬التعريف بمصطلحات العنوان ‪15 ..............................‬‬
‫التعريف بالسفر ‪17 ..............................................‬‬
‫التعريف باآلداب ‪20 .............................................‬‬
‫التعريف بالتراث‪23 ..............................................‬‬
‫التعريف باآلل ‪27 ...............................................‬‬
‫التعريف باألصحاب‪31 ...........................................‬‬
‫الثاني‪ :‬أنواع السفر ‪36 ...........................................‬‬
‫فصل‪ :‬في النية واالستخارة واالستشارة للمسافر‪38 ......................‬‬
‫فصل‪ :‬إعداد الزاد وال يأخذ إال الحالل‪ ،‬واعداد النفقة لمن تلزمه النفقة‬
‫عليهم ‪46 .....................................................‬‬
‫فصل‪ :‬في اختيار الرفيق قبل السفر ‪48 ...............................‬‬
‫فصل‪ :‬في الدعاء والوصية عند الوداع ‪56 .............................‬‬
‫فصل‪ :‬من اآلداب أن يصلي المسافر ركعتين عند إرادته الخروج والدعاء‬
‫بعدهما ‪62 ....................................................‬‬

‫‪5‬‬
‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫فصل‪ :‬فيما يقوله المسافر إذا ركب راحلته‪ ،‬وأدعية أخرى ‪64 ..............‬‬
‫فصل‪ :‬جامع في الدعاء والتعوذات في السفر ‪78 ........................‬‬
‫فصل‪ :‬في كراهية سفر الرجل ومبيته وحده ‪85 ..........................‬‬
‫فصل‪ :‬يؤمرون أحدهم إذا سافروا ‪89 .................................‬‬
‫فصل‪ :‬استحباب الخروج يوم الخميس أول النهار ‪93 ....................‬‬
‫فصل‪ :‬في آداب السير والنزول والمبيت في السفر‪ ،‬والرفق بالدواب‬
‫ومراعاة مصلحتها‪ ،‬وعدم لعنها‪96 ...................................‬‬
‫فصل‪ :‬في الحداء في السفر ‪102....................................‬‬
‫فصل‪ :‬في إعانة الرجل صاحبه في السفر وخدمته‪ ،‬والرفق بالضعفاء والفقراء ‪108 .‬‬
‫فصل‪ :‬في تعجيل المسافر الرجوع إلى أهله إذا قضى حاجته ‪112 ............‬‬
‫فصل‪ :‬من اآلداب القدوم على أهله نهارا‪ ،‬وكراهته في الليل لغير حاجة ‪115 ...‬‬
‫فصل‪ :‬من اآلداب ابتداء القادم بالمسجد الذي جواره ويصلي فيه‬
‫ركعتين‪ ،‬أو صلى ركعتين في بيته‪120................................‬‬
‫فصل‪ :‬تحريم سفر المرأة وحدها ‪122 ................................‬‬
‫فصل‪ :‬في المصافحة والمعانقة للقادم من السفر ‪125 .....................‬‬
‫فصل‪ :‬إطعام الطعام عند قدوم المسافر‪127 ............................‬‬
‫المصادر والمراجع ‪128 ...........................................‬‬

‫‪6‬‬
‫مقدمة مربة اآلل واألصحاب‬

‫مقدمة مبرة الآل والآصحاب‬


‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬وصلى اهلل وسلم وبارك على نبيِّنا محم ٍد‬
‫وعلى آله وصحابته الطيبين الطاهرين الغر الميامين‪ ،‬أما بعد؛‬
‫فال ريب أن للقدوات الصالحة أثرا بالغ األهمية في االرتقاء بحياة‬
‫األمم والشعوب؛ وذلك أنهم هم الذين يقدمون الدليل الواقعي والتطبيق‬
‫العملي للتعاليم التي تم ّثل منظومة القيم واألخالق التي تشكّل هوية‬
‫تلك األمم‪ ،‬وتعتبر مثالها السامي الذي تستهدف احتذاء حذوه واالهتداء‬
‫بهديه‪.‬‬
‫وقد ّنبه القرآن الكريم على ذلك المعنى وأشاد به في آيات كثيرة‪،‬‬
‫فضل االقتداء باألنبياء والصالحين‪ ،‬قال تعالى‪{ :‬ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ‬ ‫مبينا َ‬
‫ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ} [األحزاب‪:‬‬
‫‪ ،]21‬وقال ‪{ :‬ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ} [الممتحنة‪،]4 :‬‬
‫وقال سبحانه‪{ :‬ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ}‬
‫صفوة من رسله وأنبيائه‪{ :‬ﲻ ﲼ‬ ‫ٍ‬ ‫[الممتحنة‪ ،]6 :‬وقال عقب ذكر‬

‫‪7‬‬
‫مقدمة مربة اآلل واألصحاب‬

‫{ﲺ ﲻ‬ ‫عز ِمن قائل‪:‬‬


‫ﲽ ﲾﲿ ﳀ ﳁ} [األنعام‪ ،]90 :‬وقال ّ‬
‫ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ} [األحقاف‪ ،]35 :‬وغير ذلك مما يفهم من‬
‫تأمل‪.‬‬
‫النصوص بأدنى ّ‬
‫والواجب على أمتنا اإلسالمية أن تصوغ رؤيتها األخالقية والقيمية‬
‫والحضارية انطالقا من الوحي قرآنا وسنة‪ ،‬في تناغم مع معطيات العلم‬
‫في جميع المجاالت‪ ،‬ومواكبةٍ لمستجدات العصر الذي نعيش فيه وما‬
‫تحديات عظيمة‪ .‬فال يحسن أن نقتصر في تدبرنا للوحي‬ ‫ِ‬ ‫يزخز به من‬
‫على مجرد األمور الدينية العبادية المحضة‪ ،‬فإن الوحي قد أنزله اهلل هدى‬
‫ونورا لإلنسانية تنتفع به في معاشها ومعادها‪ ،‬وإن كان مقصوده األساس‬
‫الفالح األخروي وما يقرب إليه؛ إال أنه ال شك في كونه يرشدنا بهداياته‬
‫في جميع مناحي الحياة العملية‪ ،‬ولو في صورة ضوابط ومعايير وقيم‬
‫كلية نافعة‪ ،‬نستلهم منه ما يرضي ربنا ويحقق فالحنا في الدنيا‪ ،‬مع عدم‬
‫إغفال البحث والعلم في جميع المجاالت بأدواتها ووسائلها‪.‬‬
‫ونحن إذا ذهبنا نستلهم قيم الوحي على مختلف األصعدة العلمية‬
‫خيرا مما نجده عن صحابة‬ ‫وتفعيًل؛ ا‬
‫ا‬ ‫امتثاًل وتطبي اقا‬
‫والسلوكية؛ لم نجد ا‬
‫النبي ‘ األخيار وأهل بيته األطهار‪ ،‬فهم الذين انتهجوا الوحي كتا ابا وسنة‬
‫أعًلما هداة‪.‬‬
‫في جميع جوانب حياتهم‪ ،‬فسادوا وقادوا‪ ،‬وصاروا أئمة ا‬
‫وقد أخذت (مبرة اآلل واألصحاب) ــ كعادتها ــ على عاتقها مهم َة‬
‫تفعي ِل ذلك المعنى‪ ،‬وتقديمه في صورة بحثية توعوية منضبطة؛ لكونها‬
‫‪8‬‬
‫مقدمة مربة اآلل واألصحاب‬

‫مؤسسة متخصصة في تراث اآلل واألصحاب حتى صار لها ــ بفضل‬


‫اهلل ــ الريادة في ذلك المجال‪.‬‬
‫وقد كان أصل هذا المشروع الذي بين أيدينا فكرة من قِبل رئيس‬
‫مجلس إدارة المبرة د‪ .‬عبدالمحسن الجاراهلل الخرافي تتضمن توسيع‬
‫لتضم مجاالت جديدة‬ ‫ّ‬ ‫نطاق األبحاث المتعلقة باآلل واألصحاب‬
‫ورحابا أوسع وال تقتصر على الموضوعات الدينية المألوفة‪ ،‬ثم أوعز‬
‫بهذه الفكرة وبعض عناصرها إلى مركز البحوث والدراسات بالمبرة؛‬
‫فقام المركز مشكورا مأجورا بوضع خطة طموحة تتضمن العديد من‬
‫الموضوعات الهادفة‪ ،‬العلمية والعملية؛ التي نستهدف أن نستضيء فيها‬
‫بتراث اآلل واألصحاب‪ ،‬ونكشف عن مالمح تطبيقهم الوحي على‬
‫جميع األصعدة واألنحاء‪ ،‬بشكل يتجلّى فيه الجانب اإلبداعي من‬
‫تخصص المبرة في خدمة تراث اآلل واألصحاب‪ ،‬و>التخصص يقود‬
‫إلى اإلبداع< بحمد اهلل وتوفيقه‪ ،‬بحيث نقدم للمكتبة العلمية والدعوية‬
‫تجميعا غير مسبوق لبعض الجوانب الدقيقة في تراث اآلل واألصحاب؛‬
‫و ِمن ثَ َّم َّنسق المركز مع مجموعة من الباحثين ليقدموا جهودهم في‬
‫تحويل تلك األفكار والموضوعات إلى أبحاث علمية وفق منهجية مركز‬
‫البحوث والدراسات المنضبطة‪ ،‬القائمة على التحقيق العلمي‪ ،‬واًلستدًلل‬
‫الصحيح‪ ،‬واًلسترشاد بكتب أهل العلم السابقين والمعاصرين‪ ،‬واستمر‬
‫جهد المركز في متابعة األبحاث ومراجعتها وتعديل ما يحتاج منها إلى‬
‫تعديل‪ ،‬عبر خلية عمل تفرغت للمشروع تحت إشراف رئيس مركز‬
‫‪9‬‬
‫مقدمة مربة اآلل واألصحاب‬

‫البحوث والدراسات الشيخ محمد سالم الخضر مباشرة‪ ،‬فالشكر‬


‫موصول لجميع الباحثين الكرام في المركز‪.‬‬
‫ثم تضافرت جهود أقسام المبرة األخرى كقسم اإلعًلم في إتمام‬
‫العمل بتنسيق الكتب وإخراجها؛ فكانت هذه السلسلة من الموضوعات‪،‬‬
‫التي تندرج في سلسلة (تراث اآلل واألصحاب)؛ ثمرة لهذا التعاون‬
‫المبارك‪.‬‬
‫وقد أرفقنا في ذيل هذا الكتاب قائمة بعناوين هذه المجموعة‬
‫المتكاملة من الموضوعات الدقيقة والمهمة في تراث اآلل واألصحاب‪.‬‬
‫نرجو من اهلل ‪ ‬أن يوفقنا في مسعانا‪ ،‬وأن يجعله خالصا لوجهه‬
‫الكريم‪ ،‬وأن يجمع لنا األجرين‪ :‬أجر االجتهاد وأجر الصواب‪ ،‬إنه ولي‬
‫ذلك والقادر عليه‪.‬‬

‫مبرة الآل والآصحابُ‬

‫‪10‬‬
‫مقدمة املؤلف‬

‫‪‬‬
‫هذال البحث الذي بين أيدينا الموسوم بالسفر وآدابه في تراث‬
‫جاءت في تراث‬
‫ْ‬ ‫اآلل واألصحاب‪ ،‬قد وضع لبيان آداب السفر التي‬
‫الصحابة‪ ،‬وأئمة آل البيت ــ رضي اهلل عنهم أجمعين ــ‪ ،‬والتي أظهرت‬
‫محاسن هذه الشريعة الغراء‪ ،‬وشموليتها لجميع نواحي الحياة‪ ،‬وقد‬
‫تناول هذا البحث معظم اآلداب التي ينبغي على المسافر أن يتحلى بها‬
‫من أول النهوض إلى آخر الرجوع ووصوله سالما‪.‬‬

‫وكان منهجي في البحث كالتالي‪:‬‬


‫* أو اال‪ :‬قمت باستقراء أهم الكتب المسندة التي تعتني بآثار‬
‫السلف وأقوالهم‪ ،‬وباألخص الكتب التي تعتني باآلداب وتهتم بأخبار‬
‫السلف من الصحابة وآل البيت‪ ،‬وفي المقدمة‪> :‬مصنف ابن أبي شيبة<‪،‬‬
‫و>مصنف عبد الرزاق<‪ ،‬وكذلك >شعب اإليمان< للبيهقي‪ ،‬وكذلك كتابه‬
‫>اآلداب<‪ ،‬و>حلية األولياء< ألبي نعيم األصفهاني‪ ،‬و>مكارم األخًلق<‬
‫للخرائطي‪ ،‬وغير ذلك من الكتب التي ستظهر في ثنايا الكتاب‪ ،‬ثم تأتي‬
‫بعد ذلك مرحلة أخرى‪ ،‬وهي قراءة الكتب غير المسندة‪ ،‬والتي ُصنفت في‬
‫‪11‬‬
‫مقدمة املؤلف‬

‫البستي‪ ،‬و>بهجة المجالس‬‫اآلداب مثل‪> :‬روضة العقًلء<‪ ،‬ألبي حاتم ُ‬


‫وأنس المجالس<‪ً ،‬لبن عبد البر األندلسي‪ ،‬وكتاب‪> :‬اآلداب الشرعية‬
‫والمنح المرضية<‪ً ،‬لبن مفلح الحنبلي‪ ،‬وغير ذلك من الكتب‪ ،‬وكانت من‬
‫الصعوبات التي واجهتني قلة اآلثار عن آل البيت والصحابة في كثير من‬
‫فصول هذه الرسالة‪ ،‬مما جعلني أقدم الفصل ببعض األحاديث المرفوعة‬
‫عن النبي ‘ وذلك؛ ألنه ًل يوجد في الباب غير أثر واحد عن الصحابة‬
‫أو أحد أئمة آل البيت‪.‬‬
‫* ثاني اا‪ :‬ــ قمت بتجميع اآلثار واألقوال التي وقفت عليها‪ ،‬ثم‬
‫رتبتها على مواضيع الرسالة‪ ،‬مع تخريج اآلثار تخريجا متوسطا ال يميل‬
‫إلى اإلسهاب مع الحكم على أغلبها‪.‬‬
‫ــ تلخيص وترتيب كالم الشراح على اآلثار واألحاديث‪ ،‬ولم أذكر‬
‫كًلمهم مفردا‪ ،‬وإنما ذكرت المعنى العام لكًلمهم مع العزو إلى المصادر‪.‬‬
‫ــ ترجمت ألعًلم آل البيت وبعض الصحابة الذين وردت أسمائهم‬
‫في هذه الرسالة ترجمة مختصرة‪ ،‬اشتملت على التعريف بهم وبيان بعض‬
‫مناقبهم‪.‬‬
‫ــ شرح الغريب من الكلمات التي وردت في اآلثار‪ ،‬والعزو إلى‬
‫المصادر‪.‬‬
‫ــ قسمت هذه الرسالة إلى ثمانية عشرا فصال‪:‬‬
‫األول‪ :‬في النية واالستخارة واالستشارة للمسافر‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫مقدمة املؤلف‬

‫الثاني‪ :‬إعداد الزاد وال يأخذ إال الحالل‪ ،‬وإعداد النفقة لمن تلزمه‬
‫النفقة عليهم‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬في اختيار الرفيق قبل السفر‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬في الدعاء والوصية عند الوداع‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬من اآلداب أن يصلي المسافر ركعتين عند إرادته الخروج‬
‫والدعاء بعدهما‪.‬‬
‫السادس‪ :‬فيما يقوله المسافر إذا ركب راحلته‪ ،‬وتكبيره إذا صعد‬
‫الثنايا وتسبيحه إذا هبط األودية‪ ،‬وأدعية أخرى‪.‬‬
‫السابع‪ :‬فصل جامع في الدعاء والتعوذات في السفر‪.‬‬
‫الثامن‪ :‬في كراهية سفر الرجل ومبيته وحده‪.‬‬
‫التاسع‪ :‬يؤمروا أحدهم إذا سافروا‪.‬‬
‫العاشر‪ :‬استحباب الخروج يوم الخميس أول النهار‪.‬‬
‫الحادي عشر‪ :‬في آداب السير والنزول والمبيت في السفر‪ ،‬والرفق‬
‫بالدواب ومراعات مصلحتها‪ ،‬وعدم لعنها‪.‬‬
‫السفر‪.‬‬
‫الح َداء في َّ‬
‫الثاني عشر‪ :‬في ُ‬
‫الثالث عشر‪ :‬في إعانة الرجل صاحبه في السفر وخدمته‪ ،‬والرفق‬
‫بالضعفاء والفقراء‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫مقدمة املؤلف‬

‫الرابع عشر‪ :‬في تعجيل المسافر الرجوع إلى أهله إذا قضى حاجته‪.‬‬
‫الخامس عشر‪ :‬في القدوم على أهله نهار اا وكراهته في الليل لغير حاجه‪.‬‬
‫السادس عشر‪ :‬ابتداء القادم بالمسجد الذي جواره ويصلي فيه‬
‫ركعتين‪ ،‬أو صلى ركعتين في بيته‪.‬‬
‫السابع عشر‪ :‬تحريم سفر المرأة وحدها‪.‬‬
‫الثامن عشر‪ :‬في المصافحة والمعانقة للقادم من السفر‪.‬‬
‫التاسع عشر‪ :‬إطعام الطعام عند قدوم المسافر‬
‫ــ وقد ذكرت في مقدمة الرسالة تمهيد‪ ،‬ويشتمل على مبحثين‪:‬‬
‫األول‪ :‬في التعريف بمصطلحات العنوان‪.‬‬
‫ثاني اا‪ :‬أنواع السفر‪.‬‬
‫هذا وما كان من توفيق فمن اهلل ‪ ،‬وما كان من خطأ أو نسيان‬
‫فمني ومن الشيطان‪ ،‬سائال اهلل ‪ ‬أن يجعل هذا العمل خالصا لوجه‬
‫الكريم‪ ،‬والحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على أشرف الخلق‬
‫نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫كتبه‬
‫حممد السعيد ْ‬
‫اخلوالين‬

‫‪14‬‬
‫ويشتمل على مبحثين‪:‬‬

‫* المبحث األول‪ :‬التعريف بمصطلحات العنوان‬


‫(السفر‪ ،‬وآدابه‪ ،‬التراث‪ ،‬اآلل‪ ،‬األصحاب)‬

‫* المبحث الثاني‪ :‬أنواع السفر‬


‫التعريف بالسفر‬

‫‪ r‬أو اال‪:‬‬

‫اتلعريف بالسفر‬

‫تعريف السفر لغة‪:‬‬


‫يدل على االنكشاف‬ ‫أصل واح ٌد ُّ‬
‫قال ابن فارس‪ :‬السين والفاء والراء ٌ‬
‫سمي بذلك؛ أل َّن الناس ينكشفون عن‬ ‫الس َفر‪ِّ ،‬‬
‫والجالء‪ .‬من ذلك َّ‬‫َ‬
‫رجل َس ْف ٌر وقوم َس ْف ٌر‪.‬‬
‫والس ْفر‪ :‬المسافرون‪ .‬قال ابن دريد‪ٌ :‬‬
‫أماكنهم‪َّ .‬‬
‫كنسته‪ .‬ومنه الحديث‪> :‬لو‬
‫البيت ُ‬
‫رت َ‬
‫ومن الباب‪ ،‬وهو األصل‪َ :‬س َف ُ‬
‫فس ِفر<‪.‬‬
‫َأم ْر َت بهذا البيت ُ‬
‫الس ِفير‪ .‬قال‪:‬‬
‫الشجر َّ‬
‫يسمى ما يس ُقطُ من ورق ّ‬‫ولذلك َّ‬
‫حول الجـراثيمِ فـي ألوانـه َش َـه ُب‬
‫َ‬ ‫وحائــل ِمـ ْـن َســفير الحــو ِل جائلــة‬
‫الريح تسفره‪ .‬وأما قولهم‪َ :‬س َفر بَ ْين القوم‬
‫سمي سفيرا؛ أل َّن ّ‬
‫وإ ّنما ّ‬
‫ِسفارة‪ ،‬إذا أصلح‪ ،‬فهو من الباب؛ ألنَّه أزال ما كان هناك من َعداوة‬
‫رت المرأ ُة عن وجهها‪ ،‬إذا كش َف ْت ُه‪ .‬وأسفر الصبح‪ ،‬وذلك‬ ‫وس َف ِ‬
‫وخالف‪َ .‬‬‫ِ‬
‫انكشاف الظّالم‪ ،‬ووجه ُمس ِفر‪ ،‬إذا كان ُمشرِقا سرورا‪.‬‬
‫وذهب ْت في األرض(‪.)1‬‬
‫ويقال‪ :‬است َف َرت اإلبل‪ :‬تصرفت َ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ابن فارس >معجم مقاييس اللغة< (‪.)82/3‬‬
‫‪17‬‬
‫التعريف بالسفر‬

‫البيت َو َغ ْي َر ُه يَ ْس ِف ُره َس ْفرا‪َ :‬كنَ َس ُه‪.‬‬


‫َ‬ ‫وقال ابن منظور‪ :‬سفر‪َ :‬س َف َر‬
‫وال ِم ْس َف َر ُة‪ :‬ال ِم ْكنَ َس ُة‪ ،‬وأَصله ا ْل َك ْش ُف‪.‬‬
‫اس ُة‪َ .‬وقَ ْد َس َف َره‪َ :‬ك َش َطه‪.‬‬ ‫والس َف َار ُة‪ ،‬بِ َّ‬
‫الض ِّم‪ :‬ال ُكنَ َ‬ ‫ُّ‬
‫الس َم ِاء َسفرا فا ْن َس َف َر‪ :‬فَ َّرقَ ْته فَ َت َف َّر َق‬
‫الريح ال َغ ْي َم َع ْن َو ْجه ِ َّ‬
‫ُ‬ ‫وس َف َرت‬ ‫َ‬
‫الس َم ِاء‪.‬‬
‫َو َك َش َط ْت ُه َع ْن َو ْجه ِ َّ‬
‫الص َبا َت ْس ِف ُر ما‬ ‫اح يُ ْس ِاف ُر بَ ْع ُض َها بَ ْعضا؛ ألَن َّ‬‫الريَ ُ‬
‫ِي‪َ :‬و ِّ‬ ‫قال ا ْل َج ْو َهر ُّ‬
‫وب ُت ْل ِح ُمه‪.‬‬ ‫والجنُ ُ‬ ‫ور َ‬ ‫أَ ْس َد ْت ُه ال َّدبُ ُ‬
‫التراب‬
‫َ‬ ‫الريح‬
‫ت ُ‬ ‫وس َف َر ِ‬
‫ات‪َ .‬‬ ‫وت َح َّ‬‫الش َجرِ َ‬ ‫والسفير‪َ :‬ما َس َق َط ِم ْن َو َر ِق َّ‬ ‫َّ‬
‫والو َر َق َت ْس ِف ُره َس ْفرا‪َ :‬كنَ َس ْت ُه‪َ ،‬وقِ َيل‪َ :‬ذ َه َب ْت بِه ِ ُك َّل َمذْ َه ٍب‪.‬‬
‫َ‬
‫الس َف ُر قَط ُْع ا ْل َم َسافَةِ‪َ ،‬وا ْل َج ْم ُع األَسفار‪ .‬وال ِم ْس َف ُر‪:‬‬ ‫ِي‪َّ :‬‬
‫ا ْل َج ْو َهر ُّ‬
‫القوي َعلَ ْي َها‪ .‬قَ َال‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫ا ْل َك ِث ُير األَسفار‬
‫ــز َورا‬
‫َش ْــيخا بَ َجــاال‪َ ،‬و ُغ َالمــا َح ْ‬ ‫ــي ِمنِّـــي ِم ْســـ َفرا‬ ‫ــن ي ْعـــ َد َم َ ِ‬
‫المطـ ُّ‬ ‫لَـ ْ َ‬
‫المسافر ُمسافرا لِ َك ْش ِفه ِ قِناع ال ِك ِّن َع ْن‬ ‫قَ َال األَزهري‪َ :‬و ُس ِّم َي ُ‬
‫ض َع ْن نَ ْف ِسه ِ‪ ،‬وبُرو ِزهِ‬
‫ُ‬ ‫الخ ْف ِ‬
‫ومنزل َ‬ ‫َ‬ ‫الح َضر َع ْن َم َكانِه ِ‪،‬‬
‫ومنازل َ‬
‫َ‬ ‫َو ْج ِهه ِ‪،‬‬
‫الس َف ُر َس َفرا؛ ألَنه يُ ْس ِف ُر َع ْن ُو ُجو ِه‬ ‫ِإلى األَرض ال َفضاء‪َ ،‬و ُس ِّم َي َّ‬
‫ِين وأَخالقهم فَ َيظ َْه ُر َما َكا َن َخ ِافيا ِم ْن َها(‪.)1‬‬
‫ا ْل ُم َس ِافر َ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ابن منظور‪> ،‬لسان العرب< (‪ 367/4‬ــ ‪.)368‬‬
‫‪18‬‬
‫التعريف بالسفر‬

‫وقال الفيومي‪َ :‬س َف َر الرجل َس ْف ارا من باب ضرب فهو َس ِاف ٌر‪ ،‬والجمع‬
‫َس ْف ٌر مثل راكب وركب وصاحب وصحب وهو مصدر في األصل‬
‫الس َف ُر بفتحتين وهو قطع المسافة يقال ذلك إذا خرج لالرتحال‬ ‫واالسم َّ‬
‫أو لقصد موضع فوق مسافة العدوى؛ ألن العرب ال يسمون مسافة‬
‫العدوى سفرا وقال بعض المصنفين‪ :‬أقل السفر يوم(‪.)1‬‬

‫تعريف السفر اصطالح اا‪:‬‬


‫قال الجرجاني‪ :‬هو الخروج على قصد سيرة ثالثة أيام ولياليها‪،‬‬
‫فما فوقها بسير اإلبل ومشي األقدام(‪.)2‬‬
‫أو الخروج عن عمارة موطن اإلقامة قاصدا مكانا يبعد مسافة يصح‬
‫فيها قصر الصالة(‪.)3‬‬
‫وقال الغزالي‪ :‬السفر هو الذي يسفر عن أخالق الرجال‪ ،‬وبه يخرج‬
‫اهلل الخبء في السماوات واألرض‪ ،‬وإنما سمى السفر سفرا؛ ألنه يسفر‬
‫عن األخالق‪ ،‬ولذلك قال عمر ـ ‪ ‬ـ للذي زكى عنده بعض الشهود‪:‬‬
‫هل صحبته في السفر الذي يستدل به على مكارم أخالقه؟ فقال‪ :‬ال‪،‬‬
‫فقال‪ :‬ما أراك تعرفه(‪.)4‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الفيومي‪> ،‬المصباح المنير< (‪.)278/1‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫الجرجاني‪> ،‬التعريفات< (ص ‪.)119‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫>معجم لغة الفقهاء< (ص ‪.)293‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫>إحياء علوم الدين< (‪.)246/2‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫‪19‬‬
‫التعريف باآلداب‬

‫ثانيا‪:‬‬
‫‪ r‬ا‬
‫اتلعريف باآلداب‬

‫تعريف األ َ َدب لغة‪:‬‬


‫قال ابن فارس‪(> :‬أدب) الهمزة والدال والباء أصل واحد تتفرع‬
‫مسائله وترجع إليه‪ ،‬فاألَ ْد ُب أن تجمع الناس إلى طعامك‪ .‬وهي‪:‬‬
‫والمأدبة‪ .‬واآل ِد ُب الداعي‪ .‬قال ط ََرفَ ُة‪:‬‬
‫ُ‬ ‫المأدبة‬
‫َ‬
‫اآلدب فينـــــا يَ َنت ِق ْ‬
‫ـــــر‬ ‫َ‬ ‫الج َفلَـى ال تـــــرى‬ ‫نحن فـي المشـتاة نـدعو َ‬
‫والمآدب‪ :‬جمع المأدبة‪ ،‬قال شاعر‪:‬‬
‫نوى ال َق ْس ِب ُملقى عند بعض المـآدِب‬ ‫كأ َّن قلوب الطيـر فـي قَ ْعـر ُع ِّشـها‬
‫مجم ٌع على استحسانه<(‪.)1‬‬
‫ومن هذا القياس‪ :‬األَ َد ُب أيضا‪ ،‬ألنه َ‬
‫واألَ َدب‪ :‬الذي يتأ َّدب به األديب من الناس‪ُ ،‬س ِّمي أَ َدبا؛ ألنه‬
‫ي ْأدِب الناس إلى المحامد‪ ،‬وينهاهم عن المقابح‪ .‬وأصل األَ ْد ِب‪:‬‬
‫ومأدبة(‪.)2‬‬
‫دعى إليه الناس‪َ :‬م ْدعاة‪ُ ،‬‬
‫للصنيع يُ َ‬
‫ال ُّدعاء‪ ،‬ومنه قيل َّ‬

‫وقال أبو زيد األنصاري‪ :‬األَ َد ُب ُ‬


‫يقع على كل رياضة محمودة‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ابن فارس‪> ،‬مقاييس اللغة< (‪.)74/1‬‬
‫(‪ )2‬ابن منظور‪> ،‬لسان العرب< (‪.)206/1‬‬
‫‪20‬‬
‫التعريف باآلداب‬

‫يتخرج بها اإلنسان في فضيلة من الفضائل‪ .‬وقال األزهري نحوه‪.‬‬


‫َّ‬
‫اسم لذلك‪ ،‬والجمع‪ :‬آداب‪ ،‬مثل‪ :‬سبب وأسباب‪ ،‬وأ َّد ْبته‬ ‫فاألَ َد ُب ٌ‬
‫تأديبا مبالغة وتكثير‪ ،‬ومنه قيل‪ :‬أ َّدبته تأديبا إذا عاقبته على إساءته؛ ألنه‬
‫سبب يدعو إلى حقيقة األدب(‪.)1‬‬

‫تعريف األ َ َدب اصطال احا‪:‬‬


‫كل رياضة‬
‫األدب‪ :‬رياضة النفوس ومحاسن األخالق‪ ،‬ويقع على ِّ‬
‫يتخرج بها اإلنسان في فضيلة من الفضائل(‪.)2‬‬
‫محمودة َّ‬
‫حتر ُز به عن جميع أنواع الخطأ(‪.)3‬‬
‫وقيل‪ :‬هو عبارة عن معرفة ما يُ َ‬
‫وفيما يتعلق بالسلوك؛ هو‪ُ :‬حسن األحوال في القيام والقعود‪،‬‬
‫وحسن األخالق‪ ،‬واجتماع الخصال الحميدة(‪.)4‬‬
‫ُ‬
‫والفرق بينه وبين التعليم‪ :‬أن التأديب يتعلق بالمروءات‪ ،‬والتعليم‬
‫بالشرعيات‪ ،‬أي‪ :‬أن األول عرفي‪ ،‬والثاني شرعي‪ ،‬أو‪ :‬األول دنيوي‪،‬‬
‫والثاني أخروي ديني(‪.)5‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الفيومي‪> ،‬المصباح المنير< (‪.)9/1‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫المناوي‪> ،‬التوقيف على مهمات التعاريف< (ص‪ ،)42/‬الكفوي‪> ،‬الكليات<‬ ‫(‪)2‬‬
‫(ص‪.)65/‬‬
‫الجرجاني‪> ،‬التعريفات< (ص‪.)15/‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫التهانوي‪> ،‬كشاف اصطالحات الفنون والعلوم< (‪.)127/1‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫الكرماني‪> ،‬الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري< (‪.)89/2‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫‪21‬‬
‫التعريف باآلداب‬

‫وقال بعضهم‪ :‬األدب مجالسة الخلق على بساط الصدق‪ ،‬ومطابقة‬


‫الحقائق(‪.)1‬‬
‫قال ابن القيم‪> :‬وحقيقة األدب‪ :‬استعمال الخلق الجميل‪.‬‬
‫ولهذا كان األدب استخراجا لما في الطبيعة من الكمال من القول‬
‫إلى الفعل<(‪.)2‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬التهانوي‪> ،‬كشاف اصطالحات الفنون والعلوم< (‪.)128/1‬‬
‫(‪ )2‬ابن القيم‪> ،‬مدارج السالكين< (‪.)361/2‬‬
‫‪22‬‬
‫التعريف بالرتاث‬

‫‪ r‬ثال اثا‪:‬‬
‫ر‬
‫اتلعريف بالُّتاث‬

‫لغة‪:‬‬
‫تعريف ال ُّتراث ا‬
‫قال ابن فارس‪(> :‬ورث) الواو والراء والثاء‪ :‬كلمة واحدة‪ ،‬هي‬
‫الورث‪ .‬والميراث أصله الواو‪ ،‬وهو‪ :‬أن يكون الشيء لقوم ثم يصير‬
‫إلى آخرين بنسب أو سبب‪ .‬قال‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ونورثهـــــا إذا متنـــــا بنينـــــا<‬ ‫ورثنــــاه َّن عــــن آبــــاء صــــدق‬

‫وال ِو َراثَ ُة وا ِإل ْر ُث‪ :‬انتقال قُنية إليك عن غيرك من غير عقد‪ ،‬وال ما‬
‫الميت فيقال للقنيةِ‬
‫وس ّمي بذلك المنتقل عن ّ‬ ‫يجري مجرى العقد‪ُ ،‬‬
‫الموروثَة‪ِ :‬م ٌ‬
‫يراث و ِإ ْر ٌث(‪.)2‬‬
‫راث‪ :‬واحد‪.‬‬ ‫اث وا ِإل َر ُ‬
‫اث وال ُّت ُ‬ ‫والو ْر ُث وا ِإلرث وال ِو َر ُ‬
‫وال ِو ْر ُث َ‬
‫والميراث أصله ِم ْوراث‪ ،‬انقلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها‪ ،‬وال ُّتراث‬
‫أصل التاء فيه واو‪.‬‬
‫وال ِورث وا ِإلرث والتراث والميراث‪ :‬ما ُورِث؛ وقيل‪ :‬ال ِورث‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ابن فارس‪> ،‬مقاييس اللغة< (‪.)105/6‬‬
‫(‪ )2‬األصفهاني‪> ،‬المفردات في غريب القرآن< (ص‪.)863/‬‬
‫‪23‬‬
‫التعريف بالرتاث‬

‫والميراث في المال‪ ،‬وا ِإلرث في الحسب(‪ .)1‬مما يُشير إلى الميراث‬


‫وش َرف ال ِفعال التي يرثها األبناء‪،‬‬
‫الح َسب هو مفاخر اآلباء َ‬
‫الثقافي‪ ،‬ألن َ‬
‫ويتغنَّ ْون بها(‪.)2‬‬
‫رث من كذا‪ :‬أي‪ :‬على أمر قديم توارثه اآلخر عن األول‪.‬‬ ‫وهو على ِإ ٍ‬
‫وفي حديث الحج‪> :‬إنكم على ِإ ْرث من ِإ ْرث أبيكم إبراهيم<(‪ ،)3‬يريد‬
‫به ميراثهم ملته(‪.)4‬‬
‫وقد وردت كلمة >ال ُّتراث< في القرآن الكريم مرة واحدة بمعنى‬
‫الميراث؛ في قوله تعالى‪{ :‬ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ} [الفجر‪ .]19 :‬أي‪:‬‬
‫تأكلون أيها الناس الميراث أكال شديدا ال تتركون منه شيئا‪ ،‬وال تميزون‬
‫بين ما كان لكم‪ ،‬أو لغيركم(‪.)5‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الجوهري‪> ،‬الصحاح< (‪ ،)295/1‬ابن منظور‪> ،‬لسان العرب< (‪ ،)200/2‬الفيومي‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫>المصباح المنير< (‪.)655/2‬‬
‫اعتبر الزمخشري في >أساس البالغة< (‪ )327/2‬هذا االستعمال لكلمة >اإلرث< من‬ ‫(‪)2‬‬
‫قبيل المجاز‪.‬‬
‫أخرجه أحمد (‪ ،)17233‬وابن ماجه (‪ ،)3011‬وأبو داود (‪ ،)1919‬والترمذي‬ ‫(‪)3‬‬
‫(‪ ،)883‬والنسائي (‪ )3014‬من حديث ابن مربع األنصاري ‪.‬‬
‫حسن‪ ،‬ال نعرفه إال من‬
‫ٌ‬ ‫حديث‬
‫ٌ‬ ‫قال الترمذي عقبه‪> :‬حديث ابن مربع األنصاري‬
‫حديث ابن عيينة‪ ،‬عن عمرو بن دينار‪ ،‬وابن مربع‪ :‬اسمه يزيد بن مربع األنصاري‪،‬‬
‫وإنما يُعرف له هذا الحديث الواحد<‪.‬‬
‫ابن منظور‪> ،‬لسان العرب< (‪.)111/2‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫الطبري‪> ،‬جامع البيان عن تأويل آي القرآن< (‪.)414/24‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫‪24‬‬
‫التعريف بالرتاث‬

‫تعريف ال ُّتراث اصطال احا‪:‬‬


‫يُمكن تعريف ال ُّتراث هنا بأنه‪ :‬ما تم وراثته عن اآلباء من عقيدة‪،‬‬
‫المنجزات األخرى‬
‫َ‬ ‫وثقافة‪ ،‬وقيم‪ ،‬وآداب‪ ،‬وفنون‪ ،‬وصناعات‪ ،‬وسائر‬
‫المعنوية والمادية(‪.)1‬‬
‫ومن هنا يطلق التراث أو الميراث على كل ما يخلفه اإلنسان من مال‬
‫أو علم أو نحوهما‪ .‬وفي الحديث‪> :‬العلماء ورثة األنبياء<‪.‬‬
‫والواضح من االستعمال االصطالحي للفظ التراث أنه مأخوذ من‬
‫المعنى اللغوي‪ ،‬فغالبا ما يقصد به المتروك من الثقافة أو الفكر أو غير‬
‫ذلك مما تركه السلف واألجداد لألجيال التي َتلَ ْتهم‪ ،‬ومع هذا‪ :‬فإنه‬
‫يصعب توصيف المراد بالتراث تحديدا بناء على الفترة الزمنية‪ ،‬فالبعض‬
‫قد يعتبر ما ُترك من القرن السابق تراثا‪ ،‬وآخرون قد يعتبرون التراث ما‬
‫مضى عليه أكثر من ذلك‪ ،‬وقد يجنح البعض إلى اعتبار أن ما ُترك قبل‬
‫سنوات قليلة تراثا‪ ،‬وفي كل األحوال‪ :‬فإ َّن مفهوم التراث يدور حول ما‬
‫ُترك من عصور أو فترات زمنية سابقة‪.‬‬
‫مضت‪ ،‬ال يُستفاد‬
‫ْ‬ ‫فالتراث نوعان‪ :‬تراث تاريخي‪ ،‬يروي أحداثا‬
‫للتأمل واستنباط العبر والعظات‪ ،‬وهذا هي‬
‫منها إال القراءة التاريخية ُّ‬
‫الفائدة األساسية له‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬أكرم العمري‪> ،‬التراث والمعاصرة< (ص‪.)27/‬‬
‫‪25‬‬
‫التعريف بالرتاث‬

‫والنوع الثاني‪ :‬التراث الفكري‪ ،‬وهو‪ :‬الثقافة والقيم واألفكار‬


‫الفاضلة والصالحة‪ ،‬التي ُورثت عن سلف متميز عقال وروحا‪.‬‬
‫وهذا النوع ال يمكن لعاقل أن ينكر أهمية االستفادة منه والبناء عليه‬
‫أو العمل به‪ ،‬فكم من نظريات فكرية‪ ،‬أو علمية‪ ،‬أو تربوية ما زالت‬
‫ؤسس عليها معرفة أو َت ْبنى منها‬ ‫األجيال حتى اآلن تتبعها منهجا‪ ،‬أو ُت ِّ‬
‫حضارة‪ ،‬بل مازالت بعض الحضارات الحديثة ُت َم ِّجد ثُلَّة من أصحاب‬
‫تلك النظريات واألفكار لسبقهم ونتاجهم الذي أضاف لإلنسانية ما‬
‫يصلحها ويزيد في تقدمها(‪.)1‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬معاوية أحمد سيد أحمد‪> ،‬الفقه وأصوله‪ ،‬بين التراث والمعاصرة< (ص‪ 4/‬ــ ‪.)5‬‬
‫‪26‬‬
‫التعريف باآلل‬

‫‪ r‬راب اعا‪:‬‬

‫اتلعريف باآلل‬

‫لغة(‪:)1‬‬
‫تعريف >اآلل< ا‬
‫يدور كالم أهل اللغة في تفسير هذه الكلمة حول معنيين؛ هما‪:‬‬
‫األهل‪ ،‬واألتباع‪.‬‬
‫أتباعه‪ .‬قال‬
‫قال الجوهري‪> :‬آل الرجل‪ :‬أهله وعيالُه‪ ،‬وآل ُ ُه أيضا‪ُ :‬‬
‫األعشى‪:‬‬
‫والس ـلَعا‬ ‫آ ِل َح َّســا َن يُ ْزجــي َ‬
‫السـ َّـم َ‬ ‫فَ َك َّذبوها بمـا قالـت َ‬
‫فص َّـب َح ُه ْم ذو‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫اشتقَّت منه كلمة >اآلل< على قولين‪:‬‬
‫اختلف في األصل الذي ُ‬ ‫(‪ُ )1‬‬
‫األول‪ :‬أنها مشتقة من كلمة أهل‪.‬‬
‫واختار هذا‪ :‬الراغب األصفهاني في >المفردات في غريب القرآن< (ص‪ ،)98/‬وابن‬
‫قدامة في >المغني< (‪ ،)232/6‬وابن منظور في >لسان العرب< (‪،)30/11‬‬
‫والفيروز آبادي في >القاموس المحيط< (ص‪ ،)963/‬ور َّده ابن تيمية كما في‬
‫>مجموع الفتاوى< (‪ ،)463/22‬وابن القيِّم في >جالء األفهام< (ص‪.)203/‬‬
‫الثاني‪ :‬أنها مشتقة من كلمة أَ ْول‪.‬‬
‫واختار هذا‪ :‬الجوهري في >الصحاح< (‪ ،)1627/4‬وابن فارس في >مقاييس اللغة<‬
‫(‪ ،)160/1‬وابن الجوزي في >نزهة األعين النواظر< (ص‪ ،)122/‬وابن تيمية كما في‬
‫>مجموع الفتاوى< (‪ ،)463/22‬ومال إليه الحافظ في >فتح الباري< (‪،)160/11‬‬
‫ور َّجحه الشيخ محمد سالم الخضر في >أهل البيت بين مدرستين< (ص‪.)18/‬‬
‫‪27‬‬
‫التعريف باآلل‬

‫يعني‪ :‬جيش ُت َّب ٍع<(‪.)1‬‬


‫وقال ابن فارس‪> :‬آل الرجل أهل بيته‪ ،‬ألنه إليه مآلهم وإليهم‬
‫مآله‪ .‬وهذا معنى قولهم يال فالن‪ .‬وقال ط ََرفَة‪:‬‬
‫المس َـب ِك ْر<‬
‫(‪)2‬‬
‫يال قـومي للشـباب ْ‬
‫َ‬ ‫ــر َف عليهـــا نجـــدة‬
‫ــب الطـ ْ‬ ‫ِ‬
‫تحسـ ُ‬

‫تعريف >اآلل< اصطال احا‪:‬‬


‫إذا أُطلق لفظ >اآلل< بالتعريف‪ ،‬ودون إضافة فإنه ينصرف إلى آل‬
‫بيت النبي ‘‪ ،‬إما باسمه‪ :‬آل محمد ‘‪ ،‬أو صفته‪ :‬آل النبي ‘‪ ،‬أو‬
‫مسكنه‪ :‬آل البيت‪ ،‬وقد يُستب َدل لفظ‪> :‬األهل< بلفظ‪> :‬اآلل<‪ ،‬وال‬
‫إشكال ــ كما تق َّدم في المعنى اللغوي ــ‪.‬‬
‫وقد اختلف العلماء في تعيين هؤالء >اآلل< على أربعة أقوال(‪:)3‬‬
‫القول األول‪ :‬هم الذين َح ُر َم ْت عليهم الصدقة‪ ،‬وفيهم ثالثة أقوال‬
‫للعلماء‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬أنهم بنو هاشم وبنو المطلب‪ ،‬والثاني‪ :‬أنهم بنو هاشم‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬الجوهري‪> ،‬الصحاح< (‪.)1627/4‬‬
‫(‪ )2‬ابن فارس‪> ،‬مقاييس اللغة< (‪.)160/1‬‬
‫تصر ٍ‬
‫ف‬ ‫مستفاد من كالم ابن القيم في >جالء األفهام< (ص‪ ،)210/‬مع ُّ‬
‫ٌ‬ ‫(‪ )3‬هذا التقسيم‬
‫واختصار‪ ،‬وقد عزا كل قو ٍل منها لقائليه‪ ،‬وذكر حججهم وأدلتهم‪َّ ،‬‬
‫وقوى وض ّعف‪،‬‬
‫وزيف ور َّجح‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪28‬‬
‫التعريف باآلل‬

‫خاصة‪ ،‬والثالث‪ :‬أنهم بنو هاشم ومن فوقهم إلى غالب‪ ،‬فيدخل فيهم‬
‫َّ‬
‫بنو المطلب‪ ،‬وبنو أمية‪ ،‬وبنو نوفل‪ ،‬ومن فوقهم إلى بني غالب‪.‬‬
‫القول الثاني‪ :‬هم ذريته وأزواجه خاصة‪.‬‬
‫القول الثالث‪ :‬هم أتباعه إلى يوم القيامة‪.‬‬
‫القول الرابع‪ :‬هم األتقياء من أمته‪.‬‬
‫واألرجح من هذه األقوال ــ واهلل أعلم ــ‪ :‬القول األول‪ ،‬لقول‬
‫زيد بن أرقم ‪> :‬أهل بيته ‘ من ُحرم الصدقة بعده؛ وهم‪ :‬آل‬
‫علي‪ ،‬وآل عقيل‪ ،‬وآل جعفر‪ ،‬وآل عباس<(‪.)1‬‬
‫ضاف معهم‪ :‬أزواجه ‘‪ ،‬وذلك بدًللة القرآن؛ لقول اهلل ‪:‬‬
‫ويُ ُ‬
‫{ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ} [األحزاب‪]33 :‬‬

‫فإنها نزلت فيهن‪ ،‬وقرينة السياق في اآليات صريحة في دخولهن؛‬


‫إذ اهلل قال في أولها‪{ :‬ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ‬
‫ﲣ} [األحزاب‪ ،]28 :‬ثم قال في نفس خطابه لهن‪{ :‬ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ‬
‫ﱪ ﱫ ﱬ ﱭﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ‬
‫ﱵﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ}‬
‫[األحزاب‪ ،]33 :‬وقد أجمع جمهور علماء األصول على أن صورة سبب‬
‫النزول قطعية الدخول‪ ،‬فال يصح إخراجها بمخصص‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪> )1‬صحيح مسلم< (‪.)2408‬‬
‫‪29‬‬
‫التعريف باآلل‬

‫>وإنما دخل األزواج في اآلل تشبيها لذلك بالسبب‪ ،‬ألن اتصالهن‬


‫وه َّن‬
‫محرمات على غيره في حياته وبعد مماته‪ُ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫بالنبي ‘ غير مرتفع وه َّن‬
‫زوجاته في الدنيا واآلخرة‪ ،‬فالسبب الذي لهن بالنبي ‘ قائم مقام النسب‪.‬‬
‫وقد نص ‘ على الصالة عليهن‪ ،‬ولهذا كان القول الصحيح‬
‫ــ وهو منصوص اإلمام أحمد ــ إن الصدقة تحرم عليهم ألنها أوساخ‬
‫الناس‪ ،‬وقد صان اهلل سبحانه ذلك الجناب الرفيع وآله من كل أوساخ‬
‫بني آدم‪.‬‬
‫ويا هلل! العجب كيف يدخل أزواجه في قوله ‘‪> :‬اللهم اجعل‬
‫رزق آل محمد قوتا<‪ ،‬وقوله في األضحية‪> :‬اللهم هذا عن محمد وآل‬
‫محمد< وال يدخلن في قوله‪> :‬إن الصدقة ال تحل لمحمد وال آلل‬
‫محمد<؛ مع كونها من أوساخ الناس! فأزواج رسول اهلل ‘ أولى‬
‫بالصيانة عنها والبعد منها<(‪.)1‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ابن القيِّم‪> ،‬جالء األفهام< (ص‪ 217/‬ــ ‪ ،)218‬وقد ذكره في حجج أصحاب القول‬
‫الثاني‪.‬‬
‫وانظر للمزيد في ذلك‪ :‬الطبري >جامع البيان عن تأويل آي القرآن< (‪ 101/19‬ــ‬
‫‪ ،)110‬الطحاوي >شرح مشكل اآلثار< (‪ 235/2‬ــ ‪ ،)248‬ابن عطية >المحرر‬
‫الوجيز< (‪ ،)384/4‬ابن تيمية >حقوق آل البيت< (ص‪ 26/‬ــ ‪ ،)29‬ابن كثير‬
‫>تفسير القرآن العظيم< (‪ 410/6‬ــ ‪ ،)415‬ابن القيم >جالء األفهام< (ص‪ 210/‬ــ‬
‫‪ ،)223‬القرطبي >الجامع ألحكام القرآن< (‪ 182/14‬ــ ‪ ،)183‬الشنقيطي >أضواء‬
‫البيان< (‪ 236/6‬ــ ‪ ،)237‬محمد سالم الخضر >أهل البيت بين مدرستين<‬
‫(ص‪ 25/‬ــ ‪.)50‬‬
‫‪30‬‬
‫التعريف باألصحاب‬

‫‪ r‬خام اسا‪:‬‬

‫اتلعريف باألصحاب‬

‫لغة‪:‬‬
‫تعريف >األصحاب< ا‬
‫جمع‬
‫والص ْحب‪ :‬جماعة الصاحب‪ ،‬ويُ َ‬
‫الص ْحب‪َ ،‬‬
‫األصحاب‪ :‬جماعة َ‬
‫والصحاب‪ ،‬وهذا كله عائد لمادة (صحب)(‪.)1‬‬
‫والصحبة‪ِّ ،‬‬
‫بالصحبان‪ُّ ،‬‬
‫ضا ُّ‬‫أي ا‬
‫أصل واحد ُّ‬
‫يدل على‬ ‫ٌ‬ ‫يقول ابن فارس‪> :‬الصاد والحاء والباء‬
‫الص ْحب<(‪.)2‬‬
‫احب‪ ،‬والجمع‪َّ :‬‬‫الص ِ‬
‫مقارنة شيء ومقاربته‪ ،‬من ذلك‪َّ :‬‬
‫ويقول الجوهري‪> :‬األصحاب‪ :‬جمع َص ْحب‪ ،‬مثل‪ :‬فَ ْرخ وأفراخ‪.‬‬
‫مصدر‪ .‬وجمع األصحاب‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫والصحابة بالفتح‪ :‬األصحاب‪ ،‬وهي في األصل‬ ‫َّ‬
‫أصاحيب‪ .‬وقولهم في النداء‪ :‬يا صا ِح‪ ،‬معناه يا صاحبي<(‪.)3‬‬
‫ُ‬
‫قال ابن ُدريد‪> :‬فَ ِإذا قَالُوا ِصحابة فهم ْ‬
‫األص َحاب‪ ،‬وإذا قَالوا‬
‫الصحابة مصدرا؛‬‫َصحابة فهم القوم الَّذين يصحبونه‪ .‬وربما كانت َّ‬
‫الص ْحبة<(‪.)4‬‬
‫الص َحابَة؛ أَي‪ُّ :‬‬
‫يقولون‪ :‬فالن حسن َّ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫عباد‪> ،‬المحيط في اللغة< (‪ ،)467/2‬ابن منظور‪> ،‬لسان العرب< (‪.)519/1‬‬
‫ابن َّ‬ ‫(‪)1‬‬
‫ابن فارس‪> ،‬مقاييس اللغة< (‪.)335/3‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫الجوهري‪> ،‬الصحاح< (‪.)161/1‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫ابن دريد‪> ،‬جمهرة اللغة< (‪.)280/1‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫‪31‬‬
‫التعريف باألصحاب‬

‫ويُطلق أيضا على‪:‬‬


‫ــ المنع والحفظ‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪{ :‬ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ}‬
‫[األنبياء‪ ،]43 :‬أي‪ :‬يُمنَ ُعون(‪ .)1‬ومنه قولهم‪َ > :‬ص ِحبك اهلل< أي‪ :‬حفظك(‪.)2‬‬
‫ِ‬
‫المعاشر(‪.)3‬‬ ‫والص ِ‬
‫احب‪:‬‬ ‫المعاشرة‪ ،‬يُقال‪َ > :‬ص ِح َبه< أي‪ :‬عاشره‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫ــ‬
‫ٍ‬
‫شيء الزم شيئا فقد استصحبه‪ ،‬ومنه قولهم‪:‬‬ ‫فكل‬
‫ــ المال َزمة‪ُّ ،‬‬
‫>استصحبت الحال< إذا تمسكت بما كان ثابتا‪ ،‬كأنك جعلت تلك‬
‫الحالة مصاحبة غير مفارقة(‪.)4‬‬
‫ــ ويُطلق ــ مجازا ــ على من تمذهب بمذهب من مذاهب األئمة؛‬
‫ُفيقال‪ :‬أصحاب الشافعي‪ ،‬وأصحاب أبي حنيفة(‪.)5‬‬

‫تعريف >األصحاب< اصطال احا‪:‬‬


‫اختلف العلماء فيمن يُطلق عليه هذا اللقب >الصحابي<‪ ،‬واختالفهم‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ابن دريد‪> ،‬جمهرة اللغة< (‪ ،)280/1‬ابن منظور‪> ،‬لسان العرب< (‪.)520/1‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫ابن منظور‪> ،‬لسان العرب< (‪.)520/1‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫ابن منظور‪> ،‬لسان العرب< (‪ ،)519/1‬الفيروز آبادي‪> ،‬القاموس المحيط<‬ ‫(‪)3‬‬
‫(ص‪.)104/‬‬
‫الفيومي‪> ،‬المصباح المنير< (‪.)333/1‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫النووي‪> ،‬المجموع< (‪ ،)76/1‬الفيومي‪> ،‬المصباح المنير< (‪.)333/1‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫المفسرين أن‬
‫ِّ‬ ‫وذكر ابن الجوزي في >نزهة األعين النواظر< (ص‪ )392/‬عن بعض‬
‫راجع هناك‪.‬‬
‫فلت َ‬
‫الصاحب في القرآن على تسعة أوجه‪ُ ،‬‬
‫‪32‬‬
‫التعريف باألصحاب‬

‫مشتق من‬
‫هنا فر ٌع عن االختالف اللغوي السابق‪ ،‬هل لفظ >الصحابي< ٌّ‬
‫رط طول مجالسة ومعاشرة‪ ،‬أم أنه‬ ‫شت ُ‬
‫الصحبة مطلقا‪ُ ،‬فيفهم منه أنه ال يُ َ‬
‫رط طول مجالسة‪،‬‬ ‫شت ُ‬
‫يُطلق على المعاشرة والمجالسة؛ ُفيفهم منه أنه يُ َ‬
‫واختصاص مصحوب‪ ،‬ومدة صحبة(‪)1‬؟‬
‫ويمكن اختزال هذه المذاهب واألقوال في قولين مشهورين(‪،)2‬‬
‫وإليهما ُترجع باقي األقوال‪:‬‬
‫الصحابي هو‪ :‬من لقي النبي ‘ مؤمنا به‪،‬‬ ‫القول األول‪ :‬أن َّ‬
‫وصحبه ولو ساعة‪ ،‬ومات على ذلك اإليمان‪ ،‬سواء روى عنه أو لم يرو‬
‫عنه‪ ،‬وسواء اختص به اختصاص المصحوب‪ ،‬أو لم يختص به‪.‬‬
‫األصوليين والفقهاء‪.‬‬
‫َّ‬ ‫وهذا مذهب جمهور المح ِّدثين‪ ،‬وبعض‬
‫قال البخاري‪> :‬من صحب النبي ‘ أو رآه من المسلمين؛ فهو‬
‫من أصحابه<(‪.)3‬‬
‫قال الحافظ ابن حجر‪> :‬والذي جزم به البخاري هو قول أحمد‪،‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬عبدالكريم النملة‪> ،‬مخالفة الصحابي للحديث النبوي< (ص‪.)33/‬‬
‫(‪ )2‬النووي‪> ،‬المجموع< (‪.)76/1‬‬
‫وقد أوصل د‪ .‬عبدالكريم النملة هذه األقوال إلى سبعة‪ ،‬وذكر أدلة كل قول‪،‬‬
‫والقائلين به‪ ،‬واالعتراضات الواردة عليه‪ ،‬واإلجابة عنها‪ ،‬ور َّجح القول الثاني‬
‫المذكور هنا‪ .‬انظر‪> :‬مخالفة الصحابي للحديث النبوي< (ص‪ 35/‬ــ ‪.)74‬‬
‫(‪> )3‬صحيح البخاري< (‪ 3/7‬ــ مع فتح الباري)‪.‬‬
‫‪33‬‬
‫التعريف باألصحاب‬

‫والجمهور من المح ِّدثين<(‪.)1‬‬


‫ابن كثير‪> :‬والصحابي‪ :‬من رأى رسول اهلل ‘ في حال‬ ‫وقال ُ‬
‫إسالم الراوي‪ ،‬وإن لم تطل صحبته له‪ ،‬وإن لم يرو عنه شيئا‪ ،‬هذا قول‬
‫جمهور العلماء‪ ،‬خلفا وسلفا<(‪.)2‬‬
‫الهمام‪> :‬الصحابي‪ :‬عند المحدثين وبعض األصوليين‬
‫وقال ابن ُ‬
‫من لقي النبي ‘ مسلما‪ ،‬ومات على إسالمه<(‪.)3‬‬
‫واختص به اختصاص‬ ‫َّ‬ ‫القول الثاني‪ :‬الصحابي هو‪ :‬من رأى النبي ‘‬
‫الصاحب عليه ُعرفا‪ ،‬بال‬‫ِ‬ ‫المصحوب‪ ،‬متبعا إيَّاه مدة يثبت معها إطالق‬
‫الصحبة‪ ،‬سواء روى عنه أو لم ير ِو عنه‪ ،‬تعلَّم منه‬
‫تحديد لمقدار تلك ُ‬
‫أو لم يتعلَّم‪.‬‬
‫وهذا مذهب جمهور األصوليِّين‪ ،‬وأكثر الفقهاء(‪.)4‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ابن حجر‪> ،‬فتح الباري< (‪ .)4/7‬ور َّجحه أيضا‪ :‬النووي في >المجموع< (‪.)76/1‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫ابن كثير‪> ،‬الباعث الحثيث إلى اختصار علوم الحديث< (ص‪.)179/‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫الكمال ابن الهمام‪> ،‬التحرير< (‪ 261/2‬ــ مع التقرير والتحبير)‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫ممن ذهب إلى ذلك من األصوليِّين‪ :‬ابن قدامة في >روضة الناظر< (‪،)346/1‬‬
‫واآلمدي في >اإلحكام< (‪ ،)92/2‬والطوفي في >شرح مختصر الروضة<‬
‫(‪ ،)185/2‬واإلسنوي في >زوائد األصول< (ص‪ ،)328/‬والفتوحي في >مختصر‬
‫التحرير< (‪.)465/2‬‬
‫من هؤالء‪ :‬إمام الحرمين في >التلخيص في أصول الفقه< (‪ ،)414/2‬والغزالي في‬ ‫(‪)4‬‬
‫>المستصفى< (ص‪ ،)131/‬وابن السمعاني في >قواطع األدلة< (‪=،)392/1‬‬
‫‪34‬‬
‫التعريف باألصحاب‬

‫قال أبو الخطَّاب الحنبلي‪> :‬وقال أكثر العلماء‪ :‬ال يقع هذا االسم‬
‫إال على من أطال المكث معه على وجه التتبع له‪ ،‬وشرط الجاحظ‬
‫وغيره مع ذلك أن يأخذ عنه العلم أيضا<(‪.)1‬‬
‫والخالف في هذه المسألة وإن كان آيال إلى النزاع في اإلطالق‬
‫اللفظي؛ فاألرجح القول األول‪ ،‬واهلل أعلم(‪.)2‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫= والصيمري في >مسائل الخالف< (ص‪ ،)182/‬والقرافي في >شرح تنقيح الفصول<‬
‫(ص‪.)360/‬‬
‫(‪ )1‬أبو الخطاب ال َكل َْوذاني الحنبلي‪> ،‬التمهيد في أصول الفقه< (‪.)173/3‬‬
‫(‪ )2‬قال اآلمدي في >اإلحكام في أصول األحكام< (‪> :)92/2‬ويدل على ذلك ثالثة‬
‫أمور‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن الصاحب اسم مشتق من الصحبة‪ ،‬والصحبة تعم القليل والكثير‪ ،‬ومنه‬
‫يقال‪ :‬صحبته ساعة‪ ،‬وصحبته يوما وشهرا‪ ،‬وأكثر من ذلك‪.‬‬
‫يبر ويحنث‬
‫الثاني‪ :‬أنه لو حلف أنه ال يصحب فالنا في السفر‪ ،‬أو ليصحبنَّه‪ ،‬فإنه ُّ‬
‫بصحبته ساعة‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أنه لو قال قائل‪ :‬صحبت فالنا‪ ،‬فيصح أن يقال‪ :‬صحبته ساعة أو يوما أو‬
‫أكثر من ذلك‪ ،‬وهل أخذت عنه العلم ورويت عنه‪ ،‬أو ال‪ ،‬ولوال أن الصحبة شاملة‬
‫لجميع هذه الصور‪ ،‬ولم تكن مختصة بحالة منها‪ ،‬لما احتيج إلى االستفهام<‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫أنواع السفر‬

‫أنواع السفر‬

‫فقد قسم العلماء السفر إلى عدة أقسام‪ ،‬منها‪:‬‬


‫أوال‪ :‬سفر واجب‪ ،‬مثل‪ :‬السفر لفريضة الحج‪ ،‬أو السفر للعمرة‬
‫الواجبة‪ ،‬أو الجهاد الواجب‪ ،‬أو طلب العلم الذي به يستطيع أن يعبد‬
‫ربه ‪.‬‬
‫ثاني اا‪ :‬سفر مستحب‪ ،‬مثل‪ :‬السفر للعمرة غير الواجبة‪ ،‬أو‬
‫السفر لحج التطوع‪ ،‬أو جهاد التطوع‪ ،‬أو السفر لطلب العلم الذي هو‬
‫فرض كفاية‪ ،‬أو علم بأمور دينه أو بأخالقه في نفسه أو بآيات اهلل في‬
‫أرضه‪ ،‬وكذلك السفر لزيارة األرحام‪.‬‬
‫ثالث اا‪ :‬سفر مباح‪ ،‬مثل‪ :‬السفر للتجارة المباحة‪ ،‬وكل أمر مباح‪،‬‬
‫{ﲽ‬ ‫وكذلك التنزه والتفرج واالعتبار‪ ،‬وإليه دعا اهلل ـ ‪ ‬ـ بقوله‪:‬‬
‫{ﲍ ﲎ‬ ‫ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ} [فصلت‪ :‬آية ‪ ،]53‬وبقوله تعالى‪:‬‬
‫ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓﲔ ﲕ ﲖ} [الذاريات‪ :‬آية ‪ ،20‬و‪ ]21‬وعلى‬
‫القعود عن هذا السفر وقع اإلنكار بقوله تعالى‪{ :‬ﱱ ﱲ ﱳ‬
‫ﱴ ﱵ ﱶﱷ ﱸ ﱹ} [الصافات‪ :‬آية ‪.]137‬‬
‫‪36‬‬
‫أنواع السفر‬

‫ومعنى المباح أن ال يكون عاقا لوالديه هاربا منهما‪ ،‬وال تكون‬


‫المرأة هاربة من زوجها‪ ،‬وال أن يكون من عليه الدين هاربا من‬
‫المستحق مع اليسار‪ ،‬وال يكون متوجها في قطع طريق‪ ،‬أو قتل إنسان‪،‬‬
‫أو طلب إدرار حرام من سلطان ظالم‪ ،‬أو سعى بالفساد بين المسلمين‪.‬‬
‫وبالجملة فال يسافر اإلنسان إال في غرض والغرض هو المحرك؛‬
‫فإن كان تحصيل ذلك الغرض حراما ولوال ذلك الغرض لكان ال ينبعث‬
‫لسفره فسفره معصية وال يجوز فيه الترخص‪.‬‬
‫رابع اا‪ :‬سفر مكروه‪ ،‬مثل‪ :‬سفر اإلنسان وحده بدون رفقة إًل في‬
‫أمر ال بد منه‪.‬‬
‫خامسااا اا‪ :‬ســـفر محـــرم‪ :‬كقطـــع الطريـــق‪ ،‬والتجـــارة فـــي الخمـــر‬
‫والمحرمات‪ ،‬وسفر المرأة بغير محرم(‪.)1‬‬
‫والسفر سفران سفر بظاهر البدن عن المستقر والوطن إلى الصحاري‬
‫والفلوات‪ ،‬وسفر بسير القلب عن أسفل السافلين إلى ملكوت‬
‫السماوات‪ ،‬وأشرف السفرين السفر الباطن(‪.)2‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر‪> :‬إحياء علوم الدين< (‪ ،)261/2‬و>المغني< البن قدامة (‪ 192/2‬ــ ‪.)193‬‬
‫(‪> )2‬إحياء علوم الدين< (‪.)245/2‬‬
‫‪37‬‬
‫النية واالستخارة واالستشارة للمسافر‬

‫‪A‬‬
‫يف انلية واالستخارة واالستشارة للمسافر‬

‫فالنية هي األمر األول الذي يجب على المسافر استحضاره على‬


‫الدوام‪ ،‬وذلك لتوقف األجر والثواب عليها‪ ،‬فإن كانت نيته في سفره‬
‫أجر‪ ،‬وإن كانت فاسدة‪ ،‬فسد عمله‪ ،‬فالخير كله إنما‬ ‫صالحة‪ ،‬فله ٌ‬
‫يجمعه حسن النية‪ ،‬وكفاك بها خيرا وإن لم تنصب‪.‬‬
‫فعن عمر بن الخطاب ـ ‪ ‬ـ قال‪ :‬سمعت النبي ‘ يقول‪ :‬إنما‬
‫األعمال بالنية وإنما المرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى اهلل ورسوله‬
‫فهجرته إلى اهلل ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها‬
‫فهجرته إلى ما هاجر إليه(‪.)1‬‬
‫قال الغزالي ـ ‪ ‬ـ‪ :‬فإن المسافر إما أن يكون له مزعج عن مقامه‬
‫ولواله لما كان له مقصد يسافر إليه‪ ،‬وإما أن يكون له مقصد ومطلب‬
‫والمهروب عنه إما أمر له نكاية في األمور الدنيوية كالطاعون والوباء إذا‬
‫ظهر ببلد أو خوف سببه فتنة أو خصومة أو غالء سعر‪ ،‬وهو إما عام كما‬
‫ذكرناه أو خاص كمن يقصد بأذية في بلدة فيهرب منها‪ ،‬وإما أمر له‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬البخاري (‪ ،)1‬ومسلم (‪ .)1907‬واللفظ له‪.‬‬
‫‪38‬‬
‫النية واالستخارة واالستشارة للمسافر‬

‫نكاية في الدين كمن ْاب ُتلي في بلده بجاه ومال واتساع أسباب تصده عن‬
‫التجرد هلل فيؤثر الغربة والخمول ويجتنب السعة والجاه‪ ،‬أو كمن يدعى‬
‫إلى بدعة قهرا أو إلى والية عمل ال تحل مباشرته فيطلب الفرار منه‪.‬‬
‫وأما المطلوب فهو إما دنيوي كالمال والجاه أو ديني والديني إما‬
‫علم وإما عمل‪ ،‬والعلم إما علم من العلوم الدينية وإما علم بأخالق نفسه‬
‫وصفاته على سبيل التجربة وإما علم بآيات األرض وعجائبها كسفر ذي‬
‫القرنين وطوافه في نواحي األرض‪ ،‬والعمل إما عبادة وإما زيارة‪.‬‬
‫والعبادة هو الحج والعمرة والجهاد‪ ،‬والزيارة أيضا من القربات‬
‫وقد يقصد بها مكان كمكة والمدينة وبيت المقدس‪ ،‬والثغور فإن الرباط‬
‫بها قربة‪.‬‬
‫وبالجملة فإن كان مطلبه في سفره العلم والدين‪ ،‬أو الكفاية لالستعانة‬
‫على الدين كان من سالكي سبيل اآلخرة وكان له في سفره شروط وآداب‬
‫إن أهملها كان من عمال الدنيا وأتباع الشيطان وإن واظب عليها لم يخل‬
‫سفره عن فوائد تلحقه بعمال اآلخرة(‪.)1‬‬
‫فإذا استحضر المسافر النية الصالحة‪ ،‬عليه بعد ذلك استشارة أهل‬
‫الفضل والخبرة من أصحاب الدين والرأي والعلم‪.‬‬
‫قال النووي ـ ‪ ‬ـ‪:‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪> )1‬إحياء علوم الدين< (‪.)245/2‬‬
‫‪39‬‬
‫النية واالستخارة واالستشارة للمسافر‬

‫اعلم أنه يستحب لمن خطر بباله السفر أن يشاور فيه من يعلم من‬
‫حاله النصيحة والشفقة والخبرة‪ ،‬ويثق بدينه ومعرفته‪.‬‬

‫{ﱝ ﱞ ﱟﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥﱦ ﱧ ﱨ‬ ‫قال اهلل تعالى‪:‬‬


‫ﱩ ﱪ} [آل عمران‪.]159 :‬‬
‫قال قتادة‪ :‬أمر اهلل ‪ ‬نبيه ‘ أن يشاور أصحابه في األمور‪،‬‬
‫وهو يأتيه وحي السماء؛ ألنه أطيب ألنفس القوم‪ ،‬وإن القوم إذا شاور‬
‫بعضهم بعضا‪ ،‬وأرادوا بذلك وجه اهلل عزم لهم على أرشده(‪.)1‬‬
‫وقال الضحاك‪ :‬أمره بمشاورتهم لما علم فيها من الفضل(‪.)2‬‬
‫وقال الحسن البصري‪ :‬أمره بمشاورتهم ليستن به المسلمون ويتبعه‬
‫فيها المؤمنون وإن كان عن مشورتهم غنيا(‪.)3‬‬
‫وقال عمر بن الخطاب ـ ‪ ‬ـ‪:‬‬
‫السحيل‪ ،‬والرأيان كالخيطين المبرمين‪،‬‬
‫الرأي الفرد كالخيط ّ‬
‫والثالثة مرار ال يكاد ينتقض(‪.)4‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أخرجه ابن جرير الطبري في >تفسيره< (‪ ،)188/6‬وابن أبي حاتم في >تفسيره<‬ ‫(‪)1‬‬
‫(‪ )4418‬من طريق سعيد بن بشير‪ ،‬عن قتادة به‪.‬‬
‫ابن جرير الطبري (‪ ،)189/6‬وابن أبي حاتم (‪.)4415‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫أخرجه ابن جرير الطبري (‪ ،)190/6‬وابن أبي حاتم (‪.)4416‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫ذكره ابن قتيبة في >عيون األخبار< (ص‪.)13 :‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫‪40‬‬
‫النية واالستخارة واالستشارة للمسافر‬

‫فاالستشارة عين الهداية ومن استشار لم يعدم رشدا ومن ترك‬


‫المشاورة لم يعدم غيا‪ ،‬قال علي بن أبي طالب ـ ‪ ‬ـ‪ :‬االستشارة عين‬
‫الهداية‪ ،‬وقد خاطر من استغنى برأيه(‪.)1‬‬
‫فإن العاقل من الرجال من يضيف إلى رأيه آراء العقالء‪ ،‬ويجمع‬
‫إلى عقله عقول الحكماء‪ ،‬فالرأي الثاقب ربما زل والعقل الفرد ربما‬
‫ضل‪ ،‬لذلك كان في المشاورة مؤازرة للمستشير‪.‬‬
‫قال علي بن أبي طالب ـ ‪ ‬ـ‪ :‬نعم المؤازرة المشاورة‪ ،‬وبئس‬
‫االستعداد االستبداد(‪.)2‬‬
‫وقال جعفر الصادق ‪ :)3(‬ال مال أعون من العقل‪ ،‬وال مصيبة‬
‫أعظم من الجهل‪ ،‬وال مظاهرة كالمشاورة(‪.)4‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ذكره الماوردي في >أدب الدنيا والدين< (ص‪ ،)381 :‬وكذلك ابن مفلح في‬ ‫(‪)1‬‬
‫>اآلداب الشرعية< (‪.)325/1‬‬
‫الماوردي >أدب الدنيا والدين< (ص‪.)377 :‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫هو‪ :‬أبو عبد اهلل جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن‬ ‫(‪)3‬‬
‫علي بن أبي طالب‪ ،‬رضي اهلل عنهم أجمعين‪ ،‬كان من سادات أهل البيت ولقب‬
‫بالصادق لصدقه في مقالته‪ ،‬ولد سنة ‪ 80‬وقيل ‪ 83‬هــ‪ ،‬وتوفي في شوال سنة ‪148‬‬
‫بالمدينة‪ ،‬ودفن بالبقيع في قبر فيه أبوه محمد الباقر وجده علي زين العابدين وعم‬
‫جده الحسن بن علي‪ ،‬رضي اهلل عنهم أجمعين‪.‬‬
‫انظر >سير أعالم النبالء< (‪ ،)255/6‬و>تذكرة الحفاظ< (‪ 125/1‬ــ ‪،)126‬‬
‫و>فيات األعيان< (‪.)327/1‬‬
‫انظر >إحياء علوم الدين< (‪.)246/3‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫‪41‬‬
‫النية واالستخارة واالستشارة للمسافر‬

‫وهذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ‪ ‬أبو حفص الفاروق‬


‫وزير رسول اهلل ‘ ومن أيَّد اهلل به اإلسالم وفتح به األمصار وهو‬
‫الصادق المحدث الملهم الذي كان يوافق رب العالمين في أحكامه‪،‬‬
‫والذي جعل اهلل الحق يجري على لسانه‪ ،‬كان ال يَ ْق ِدم على شيء حتى‬
‫رف لعلي بن أبي‬‫يستشير فيه جموع من الصحابة‪ ،‬وكان ـ ‪ ‬ـ ْيع ُ‬
‫طالب قدره ومنزلته فكان يستشيره ويأخذ برأيه وحكمته‪ ،‬فجاء أن رجال‬
‫سأل عمر عن بيض النعام يصيبه المحرم؟ فقال له عمر‪ :‬أرأيت عليا‬
‫فاسأله فإنا قد أمرنا أن نشاوره(‪.)1‬‬

‫حتى أنه كان ربما استشار النساء كما ذكر ذلك ابن عبد البر أن‬
‫عمر ـ ‪ ‬ـ كان يستشير في األمر حتى إن كان ربما استشار المرأة‬
‫فأبصر في رأيها فضال(‪.)2‬‬

‫وقال عمر ـ ‪ ‬ـ‪ :‬الرجال ثالثة‪ :‬رجل ترد عليه األمور فيسددها‬
‫برأيه‪ ،‬ورجل يشاور فيما أشكل عليه وينزل حيث يأمره أهل الرأي‪،‬‬
‫ورجل حائر بأمره ال يأتمر رشدا وال يطيع مرشدا(‪.)3‬‬

‫وهذا الصحابي الجليل عمرو بن العاص رجل العالم في وقته‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬أخرجه عبد الرزاق في >المصنف< (‪ )8298‬من طريق نافع مولى بن عمر‪ ،‬عن‬
‫أسلم مولى عمر‪ ،‬أن رجال سأل عمر فذكره‪...‬‬
‫(‪ )2‬انظر >بهجة المجالس< (‪ ،)457/1‬و>اآلداب الشرعية< البن مفلح (‪.)328/1‬‬
‫(‪ )3‬الماوردي‪> ،‬أدب الدنيا والدين< (ص‪.)381 :‬‬
‫‪42‬‬
‫النية واالستخارة واالستشارة للمسافر‬

‫وداهية قريش ومن يضرب به المثل في الفطنة والدهاء والحزم وكان‬


‫أشرف ملوك العرب‪ ،‬ومن أعيان المهاجرين يقول عمرو بن العاص‬
‫ـ ‪ ‬ـ‪ :‬ما نزلت بي ّ‬
‫قط عظيم ٌة فأبرمتها حتى أشاور عشرة من قريش‬
‫الحظ لي دونهم‪ ،‬وإن أخطأت لم أرجع على‬ ‫ّ‬ ‫مرتين‪ ،‬فإن أصبت كان‬
‫نفسي بالئمة(‪.)1‬‬
‫الم ْس َت َشارة الذي يُ ْستشار ويُ ْأخذ عنه االستشارة‬
‫ثم أنه جاءت صفة ُ‬
‫البد أن يكون أمينا يخشى اهلل ـ ‪ ‬ـ كما قال ذلك عمر بن الخطاب‬
‫وعلي بن أبي طالب ـ ‪ ‬ـ‪.‬‬
‫قال عمر‪ :‬ال تعترض فيما ال يعنيك‪ ،‬واعتزل عدوك واحتفظ من‬
‫خليلك إال األمين؛ فإن األمين من القوم ال يعادله شيء‪ ،‬وال تصحب‬
‫الفاجر فيعلمك من فجوره وال تفش إليه سرك‪ ،‬واستشر في أمرك الذين‬
‫يخشون اهلل ـ ‪ ‬ـ(‪.)2‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ابن عبد البر‪> ،‬بهجة المجالس< (‪ ،)455/1‬وابن مفلح‪> ،‬اآلداب الشرعية<‬
‫(‪.)327/1‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه ابن المبارك في >الزهد< (‪ ،)1399‬وابن أبي شيبة في >المصنف<‬
‫(‪ ،)35617‬وابن شبة في >تاريخ المدينة< (‪ ،)770/2‬والخرائطي في >مكارم‬
‫األخالق< (ص‪ 434 :‬ــ ‪ ،)866‬وفي >مساوئ األخالق< (ص‪ ،)309 :‬وابن‬
‫حبان في >روضة العقالء< (ص‪ ،)95 :‬والخطابي في >العزلة< (ص‪،)48 :‬‬
‫والبيهقي في >شعب اإليمان< (‪ )4995‬بألفاظ متقاربة‪ ،‬وفي إسناد ابن المبارك‪،‬‬
‫إبهام بمن روى عنهم عبد الرحمن بن يزيد بن جابر‪ ،‬حيث قال‪ :‬أخبرني بعض أشياخنا‪،‬‬
‫عن عمر بن الخطاب‪ ،‬وعند ابن أبي شيبة‪ ،‬وابن شبة معضل بين مسعر بن=‬
‫‪43‬‬
‫النية واالستخارة واالستشارة للمسافر‬

‫وقال علي بن أبي طالب‪ :‬رأي الشيخ خير من مشهد الغالم(‪.)1‬‬


‫وقال األصمعي‪ :‬ال تشاور صاحب حاجة يريد قضاءها‪ ،‬وال‬
‫جائعا‪ ،‬وال حاقنا‪ ،‬وال حازقا‪ ،‬وال حاقبا‪.‬‬
‫قال إبراهيم الحربي‪ :‬الحازق الذي ضغطه الخف‪ .‬والحاقب‪ :‬الذي‬
‫يجد رزء في بطنه(‪.)2‬‬
‫والعجب بالرأي‬ ‫فالمشورة محمودة عند العلماء‪ ،‬واالستبداد ُ‬
‫مذموم‪ ،‬وال أحد رضي االستبداد وحمده‪ ،‬وال أَنَس آنس من استشارة‬
‫عاقل ودود وال وحشة أوحش من مخالفته؛ ألن المشاورة والمناظرة بابا‬
‫بركة ومفتاح رحمة وما استنبط الصواب بمثل المشاورة‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫= كدام‪ ،‬وهو ثقة من السابعة‪ ،‬وبين وديعة األنصاري‪ ،‬صحابي جليل‪ ،‬وفي إسناده‬
‫عند الخرائطي‪ ،‬والخطابي عبد الرحمن بن عبد اهلل بن عتبة بن مسعود‪ ،‬صدوق‬
‫اختلط وسمع منه يزيد بن هارون بعد اختالطه‪ ،‬وهو هنا يروي عنه‪ ،‬وعند البيهقي‬
‫منقطع من رواية عبيد اهلل بن عبد اهلل بن عمر بن الخطاب عن عمر ‪.‬‬
‫وفي إسناده عند ابن حبان إبراهيم بن موسى المكي وهو مجهول‪ ،‬وهو من رواية سعيد بن‬
‫المسيب عن عمر وقد اختلف في سماعه منه‪.‬‬
‫وأخرجه ابن أبي عاصم في >الزهد< (‪ )91‬عن ابن أبي شيبة‪ ،‬عن عبد اهلل بن إدريس‪ ،‬عن‬
‫محمد بن عجالن‪ ،‬عن إبراهيم بن مرة‪ ،‬عن ابن شهاب الزهري‪ ،‬عن عمر مرسال‪،‬‬
‫ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه أبو نعيم في >الحلية< (‪ )55/1‬به‪.‬‬
‫وله طرق أخرى ال تسلم من االنقطاع‪ ،‬واألثر بمجموع طرقه يرتقي لدرجة الحسن لغيره‪.‬‬
‫(‪ )1‬ابن عبد البر‪> ،‬بهجة المجالس< (‪.)452/1‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه الدينوري في >المجالسة وجواهر العلم< (‪.)596‬‬
‫‪44‬‬
‫النية واالستخارة واالستشارة للمسافر‬

‫قال ابن حبان‪ :‬والواجب على العاقل السالك سبيل ذوي الحجى‬
‫أن يعلم أن المشاورة تفشي األسرار فال يستشير إال اللبيب الناصح‬
‫الودود الفاضل في دينه وإرشاد المشير المستشير قضاء حق النعمة في‬
‫الرأي والمشورة ال تخلو من البركة إذا كانت مع مثل من وصفنا نعته(‪.)1‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪> )1‬روضة العقالء< (ص‪.)193 :‬‬
‫‪45‬‬
‫إعداد الزاد وال يأخذ إال احلالل‪ ،‬واعداد النفقة ملن تلزمه النفقة عليهم‬

‫‪A‬‬
‫إعداد الزاد وال يأخذ إال احلالل‪،‬‬
‫وإعداد انلفقة ملن تلزمه انلفقة عليهم‬

‫فيجب على المسافر أن يبدأ برد المظالم وقضاء الديون واعداد‬


‫النفقة لمن تلزمه نفقته‪ ،‬وبرد الودائع إن كانت عنده‪ ،‬وال يأخذ لزاده إال‬
‫الحالل الطيب‪ ،‬وليأخذ قدرا يوسع به على رفقائه‪ .‬فإنه قد جاء الزجر‬
‫عن أن يضيع المرء من تلزمه نفقته من عياله وأهله‪ ،‬فعن خيثمة‪ ،‬قال‪:‬‬
‫كنا جلوسا مع عبد اهلل بن عمرو(‪ ،)1‬إذ جاءه قهرمان له‪ ،‬فدخل‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫أعطيت الرقيق قوتهم؟ قال‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬فانطلق فأعطهم قال‪ :‬قال رسول‬
‫اهلل ‘‪ :‬كفى بالمرء إثما‪ ،‬أن يحبس عمن يملك قوته(‪.)2‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬عبد اهلل بن عمرو بن العاص بن وائل أبو محمد السهمي‪ ،‬كان من خيار الصحابة‬
‫وعلمائهم وعبادهم‪ ،‬وكتب عن النبي ‘ كثيرا‪ ،‬أسلم قبل أبيه‪ ،‬ولم يكن أصغر من‬
‫أبيه إال باثني عشرة سنة‪ ،‬وكان واسع العلم مجتهدا في العبادة عاقال‪ ،‬وكان يقرأ‬
‫الكتابين القرآن والتوراة‪ ،‬وقيل‪ :‬إنه بكى حتى عمي‪ ،‬وكان يقوم الليل ويصوم يوما‬
‫ويفطر يوما ويصوم يوما‪ ،‬توفي سنة خمسة وستين هــ‪ ،‬انظر ترجمته‪> :‬سير أعالم‬
‫النبالء< (‪ ،)79/3‬و>طبقات الحفاظ< (‪ ،)34/1‬و>الحلية< (‪ ،)283/1‬و>البداية‬
‫والنهاية< (‪.)289/8‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه مسلم (‪.)996‬‬
‫‪46‬‬
‫إعداد الزاد وال يأخذ إال احلالل‪ ،‬واعداد النفقة ملن تلزمه النفقة عليهم‬

‫وفي رواية وهب بن جابر الخيواني‪ ،‬قال‪ :‬كنت عند عبد اهلل بن‬
‫عمرو فقدم عليه قهرمان من الشام‪ ،‬وقد بقيت ليلتان من رمضان‪ ،‬فقال له‬
‫عبد اهلل‪ :‬هل تركت عند أهلي ما يكفيهم؟ قال‪ :‬قد تركت عندهم نفقة‪،‬‬
‫فقال عبد اهلل‪ :‬عزمت عليك لما رجعت فتركت لهم ما يكفيهم‪ ،‬فإني‬
‫سمعت رسول اهلل ‘‪ ،‬يقول‪> :‬كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول<(‪.)1‬‬
‫وقال ابن عمر ـ ‪ ‬ـ من كرم الرجل طيب زاده في سفره(‪.)2‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬أخرجه أحمد (‪ 160/2‬رقم ‪ ،)6495‬وأبو داود (‪ ،)1694‬والنسائي في >الكبرى<‬
‫(‪ ،)9131‬والحاكم في >المستدرك< (‪ )545/4‬وغيرهم من طريق أبي إسحاق‬
‫الهمداني‪ ،‬عن وهب بن جابر الخيواني‪ ،‬به‪ .‬وإسناده حسن‪.‬‬
‫(‪ )2‬ذكره الغزالي في >اإلحياء< (‪ ،)251/2‬ولم أقف عليه‪.‬‬
‫‪47‬‬
‫اختيار الرفيق قبل السفر‬

‫‪A‬‬
‫يف اختيار الرفيق قبل السفر‬

‫وليكن رفيقه ممن يعينه على الدين‪ ،‬فيذكره إذا نسي ويعينه ويساعده‬
‫إذا ذكر؛ فإن المرء على دين خليله وال يعرف الرجل إال برفيقه‪.‬‬
‫ومن صلح لصحبة السفر صلح لصحبة الحضر وقد يصلح في الحضر‬
‫من ًل يصلح في السفر‪ ،‬وقيل‪ :‬إذا أثنى على الرجل معاملوه في الحضر‬
‫ورفقاؤه في السفر فال تشكوا في صالحه‪.‬‬
‫والسفر من أسباب الضجر ومن أحسن خلقه في الضجر فهو الحسن‬
‫الخلق وإًل فعند مساعدة األمور على وفق الغرض قلما يظهر سوء الخلق‪.‬‬
‫وقد قيل‪ :‬ثًلثة ًل يًلمون على الضجر الصائم والمريض والمسافر‪،‬‬
‫وتمام حسن خلق المسافر اإلحسان إلى الناس ومعاونة الرفقة بكل ممكن‬
‫والرفق بكل منقطع؛ بأن ال يجاوزه إال باإلعانة بمركوب أو زاد أو‬
‫توقف ألجله‪.‬‬
‫وتمام ذلك مع الرفقاء بمزاح ومطايبة في بعض األوقات من غير‬
‫فحش وال معصية ليكون ذلك شفاء لضجر السفر ومشاقه‪.‬‬
‫‪48‬‬
‫اختيار الرفيق قبل السفر‬

‫قَ َال ربيعة‪ :‬المروءة مروءتان فللسفر مروءة وللحضر مروءة‪ ،‬فأما‬
‫مروءة السفر فبذل الزاد وقلة الخالف على أصحابك‪ ،‬وكثرة المزاح في‬
‫غير مساخط اهلل وأما مروءة الحضر فاإلدمان إلى المساجد وكثرة‬
‫اإلخوان في اللَّه وتالوة القرآن(‪.)1‬‬
‫فإن المسافر يُؤمر بأن يختار في سفره الرفقة الصالحة؛ التي تنفعه‬
‫في دينه ودنياه‪.‬‬
‫وقد ُسمي الرفيق رفيقا؛ لترفقه في السفر والحضر(‪.)2‬‬
‫وقد جاء اإلرشاد النبوي في اختيار الصاحب المؤمن كما في قوله‬
‫تقي<(‪.)3‬‬
‫طعامك ِإ اال ا‬
‫‘ >ال تصاحب ِإ اال مؤم انا‪ ،‬وال يأكل َ‬
‫وإنما حذر من صحبة من ليس بتقي وزجر عن مخالطته ومؤاكلته؛‬
‫فإن المطاعمة توقع األلفة والمودة في القلوب‪ ،‬يقول‪ :‬ال تؤالف من‬
‫ليس من أهل التقوى والورع وال تتخذه جليسا تطاعمه وتنادمه(‪.)4‬‬
‫وكامل اإليمان أولى؛ ألن الطباع سراقَة َو َلذلِك قيل‪:‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫>روضة العقالء< (ص‪.)93 :‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫الغزالي‪> ،‬إحياء علوم الدين< (‪ 252/2‬ــ ‪.)253‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫هذا الحديث أخرجه أبو داود (‪ ،)4834‬والترمذي (‪ ،)2395‬وابن حبان (‪)554‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫وغيرهم من طرق عن عبد اهلل بن المبارك‪ ،‬عن حيوة بن شريح‪ ،‬عن سالم بن‬
‫غيالن‪ ،‬عن الوليد بن قيس التجيبي‪ ،‬عن أبي سعيد الخدري فذكره‪ ،‬وحسنه األلباني‪.‬‬
‫>معالم السنن<‪ ،‬للخطابي (‪.)115/4‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫‪49‬‬
‫اختيار الرفيق قبل السفر‬

‫وإن لم يَ ُكونُوا مـن قبيـل َو َال بلـد‬ ‫َو َال يصــحب اإلنســان إال نَ ِظيــره‬

‫النظر إلى أهل‬ ‫فصحبة األخيار تورث ا ْل َفالح والنجاح َو ُم َج َّرد ّ‬


‫الصور يُؤثر أَ ْخ َالقا وعقائد ُمنَ َ‬
‫اسبة‬ ‫الصالح يُؤثر صالحا‪َ ،‬والنَّ َظر إلى ُّ‬ ‫ّ‬
‫النظر إلى المحزون يحزن وإلى المسرور‬ ‫لخلق المنظور وعقيدته كدوام ّ‬
‫يسر‪ ،‬والجمل الشرود يصير ذلوال بمقارنة الذلول فالمقارنة ل َ َها َت ْأثِير ِفي‬
‫ا ْل َح َي َوان بل ِفي النَّ َبات والجماد فَ ِفي النُّ ُفوس أولى؛ وإنما ُسمي اإلنسان‬
‫إنسانا؛ ألنه يأنس بِ َما َير ُاه من خير َوشر(‪.)1‬‬
‫وقال عمر ـ ‪ ‬ـ‪ :‬ال تعترض فيما ال يعنيك‪ ،‬واعتزل عدوك‬
‫واحتفظ من خليلك إال األمين؛ فإن األمين من القوم ال يعادله شيء‪،‬‬
‫وال تصحب الفاجر فيعلمك من فجوره وال تفش إليه سرك‪ ،‬واستشر في‬
‫أمرك الذين يخشون اهلل ـ ‪ ‬ـ(‪.)2‬‬
‫وقال عمر‪> :‬من يصحب صاحب السوء ال يسلم<(‪.)3‬‬
‫فيضرك<(‪.)4‬‬
‫وقال أيض اا‪ّ > :‬إياك ومؤاخاة األحمق؛ فإنه يريد أن ينفعك ّ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫>التيسير بشرح الجامع الصغير<‪ ،‬للمناوي (‪ 494/2‬ــ ‪.)495‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫تقدم تخريجه‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫أخرجه ابن أبي عاصم في >الزهد< (‪ )88‬من طريق سالم بن أبي مطيع‪ ،‬عن قتادة‪،‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫عن عمر به‪ ،‬وسالم بن أبي مطيع ثقة؛ ولكن روايته عن قتادة ضعيفة‪ ،‬وقتادة لم‬
‫يسمع من عمر‪.‬‬
‫عيون األخبار (‪.)47/2‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫‪50‬‬
‫اختيار الرفيق قبل السفر‬

‫وجاء عن علي بن أبي طالب ـ ‪ ‬ـ كراهية مصاحبة األحمق‪،‬‬


‫قَ َال َعلِ ُّي ْب ُن أ َ ِبي طَال ِ ٍب ‪ ‬ل ِ َر ُج ٍل‪َ ،‬و َكرِ َه لَ ُه ُص ْح َب َة أ َ ْح َم َق فَ َق َال لَ ُه‪:‬‬
‫ــــــــــــاه‬
‫ُ‬ ‫فَ ِإيَّــــــــــــا َك َو ِإيَّ‬ ‫ــح ْب أَ َخـــا ا ْل َج ْهـــ ِل‬
‫َال َت ْصـ َ‬
‫ــــاه‬ ‫َحلِيمـــــا ِحـ َ‬
‫ــــين يَ ْغ َشـ ُ‬ ‫ـــن َجا ِهـــ ٍل أَ ْر َدى‬ ‫ـــم ِم ْ‬
‫فَ َك ْ‬
‫(‪)1‬‬
‫ــــاه‬ ‫ِإ َذا َمـــــا ُهـ َ‬
‫ــــو َم َاشـ ُ‬ ‫ــــر ُء بِــــا ْل َم ْر ِء‬
‫ــــاس ا ْل َم ْ‬
‫يُ َق ُ‬
‫وقد قيل‪ :‬ال تصاحب األحمق بحال‪ ،‬فإنك ال تستطيع التحامق‬
‫معه‪ ،‬وهو ال يستطيع التعاقل معك‪.‬‬
‫وقال علي بن أبي طالب ـ ‪ ‬ـ‪ :‬ال تؤاخ الفاجر؛ فإنه يزين لك‬
‫فعله‪ ،‬ويحب لو أنك مثله‪ ،‬ويزين لك أسوأ خصاله‪ ،‬ومدخله عليك‬
‫ومخرجه من عندك شين وعار‪ .‬وًل األحمق؛ فإنه يجهد نفسه لك وًل‬
‫ينفعك‪ ،‬وربما أراد أن ينفعك فيضرك؛ فسكوته خير من نطقه‪ ،‬وبعده خير‬
‫من قربه‪ ،‬وموته خير من حياته‪ .‬وًل الكذاب؛ فإنه ًل ينفعك معه عيش‪،‬‬
‫ينقل حديثك‪ ،‬وينقل الحديث إليك‪ ،‬وإن تحدث بالصدق فما يصدق(‪.)2‬‬
‫وقال أيض اا ـ ‪ ‬ـ‪ :‬ال تؤاخ األحمق‪ ،‬وال الفاجر‪ّ ،‬أما األحمق‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪> )1‬العزلة< (ص‪ )48 :‬من طريق سلمة بن بالل‪ ،‬عن مجالد بن سعيد‪ ،‬عن الشعبي‬
‫به‪ ،‬ولم أقف على ترجمة سلمة بن بالل‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه أبو بكر الدينوري في >المجالسة وجواهر العلم< (‪ )1379‬من طرق‬
‫محمد بن الحارث‪ ،‬عن المدائني‪ ،‬عن علي بن أبي طالب به‪ ،‬وهو ضعيف‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫اختيار الرفيق قبل السفر‬

‫فيزين لك فعله‪ ،‬ويود أنك‬ ‫فمدخله ومخرجه شين عليك‪ ،‬وأما الفاجر‪ّ :‬‬
‫مثله(‪.)1‬‬
‫وكذلك جاء النهي عن علي ـ ‪ ‬ـ عن مصاحبة اللئام فقال‪:‬‬
‫ــواب‬
‫ــيض األثـ ِ‬ ‫أبُنــــي َّإمــــا تف ِقــــد َّن وال تكــــن دنـ َ‬
‫ــس الفعـــال مبـ َّ‬
‫(‪)2‬‬
‫األصـحاب‬
‫ِ‬ ‫أزرى الكرام فُ ُسول ُة‬ ‫ــذر مصـــاحبة اللئـــام فربمـــا‬
‫واحـ َ‬
‫وقال علي بن أبي طالب أيضا في صفة من يُصاحب ويُتخذ رفيق‪:‬‬
‫اصحب من ينسى معروفه عندك‪ ،‬ويذكر حقوقك عليه(‪.)3‬‬
‫وقال شريك بن عبد اهلل‪ :‬كان يقال‪> :‬ال تسافر مع جبان؛ فإنه يفر‬
‫من أبيه وأمه‪ ،‬وال تسافر مع أحمق؛ فإنه يخذلك أحوج ما تكون إليه‪،‬‬
‫وال تسافر مع فاسق؛ فإنه يبيعك بأكلة وشربة<(‪.)4‬‬
‫فإن من فقه الرجل اختيارهِ للصاحب؛ فإن هذا يدل على رجاحة‬
‫عقله كما قال أبو الدرداء ـ ‪ ‬ـ‪ :‬من فقه الرجل مدخله وممشاه وإلفه(‪.)5‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أورده ابن عبد البر في >بهجة المجالس< (‪.)539/1‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫أخرجه الخطابي في >العزلة< (ص‪ )50 :‬من طريق زيد بن علي بن الحسين بن‬ ‫(‪)2‬‬
‫الر ْذل النَّذْ ل الذي ال ُمروءة له وال جلد‬
‫علي بن أبي طالب وال ُف ُسول جمع فسل وهو‪َّ :‬‬
‫وفسال‪ ،‬انظر >لسان العرب< (‪.)519/11‬‬ ‫والجمع أَ ْفسل وفُسول ِ‬
‫ُ‬
‫ابن عبد البر في >بهجة المجالس< (‪.)709/2‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫>العزلة< للخطابي (ص‪.)51 :‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫أخرجه ابن أبي عاصم في >الزهد< (ص‪ )44 :‬من طريق مدرك الكالعي‪ ،‬والخطابي‬ ‫(‪)5‬‬
‫في >العزلة< (ص‪ )49 :‬من طريق أبي قالبة‪ ،‬كالهما عن أبي الدرداء به‪.‬‬
‫‪52‬‬
‫اختيار الرفيق قبل السفر‬

‫قال أبو قالبة‪ :‬أال ترى إلى الشاعر‪:‬‬


‫فـــإن القـــرين بالمقـــارن يقتـــدي‬ ‫عن المرء ال تسـأل وأبصـر قرينـه‬
‫علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(‪ :)1‬ال يقول رجل‬
‫وقال ّ‬
‫الشر ما ال‬
‫في رجل من الخير ما ال يعلم إال أوشك أن يقول فيه من ّ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬علي بن الحسين‪ ،‬ابن اإلمام علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد‬
‫الحسين‬
‫مناف‪ ،‬السيد اإلمام‪ ،‬زين العابدين‪ ،‬الهاشمي العلوي‪ ،‬المدني‪ ،‬يكنى أبا ُ‬
‫ويقال‪ :‬أبو الحسن‪ ،‬ويقال‪ :‬أبو محمد‪ ،‬ويقال‪ :‬أبو عبد اهلل‪ ،‬وأمه أم ولد‪ ،‬اسمها‬
‫سالمة ُسالف ُة بنت ملك الفرس يزدجرد‪ ،‬وقيل‪ :‬غزالة‪ ،‬ولد في سنة ثمان وثالثين‪،‬‬
‫وحدث عن أبيه الحسين الشهيد‪ ،‬وكان معه يوم كربالء وله ثالث وعشرون سنة‪،‬‬
‫وكان يومئذ موعوكا فلم يقاتل‪ ،‬وال تعرضوا له‪ ،‬بل أحضروه مع آله إلى دمشق‪،‬‬
‫فأكرمه يزيد‪ ،‬ورده مع آله إلى المدينة‪ ،‬وحدث أيضا عن جده مرسال‪ ،‬وعن صفية أم‬
‫المؤمنين‪ ،‬وعن أبي هريرة‪ ،‬وعائشة وروايته عنها في >مسلم<‪ ،‬وعن أبي رافع‪،‬‬
‫وعمه الحسن‪ ،‬وعبد اهلل بن عباس‪ ،‬وأم سلمة‪ ،‬والمسور بن مخرمة‪ ،‬وزينب بنت‬
‫أبي سلمة‪ ،‬وطائفة‪ ،‬وليس بالمكثر من الرواية‪.‬‬
‫حدث عنه أوالده‪ :‬أبو جعفر محمد‪ ،‬وعمر‪ ،‬وزيد المقتول‪ ،‬وعبد اهلل‪ ،‬والزهري‪،‬‬
‫وعمرو بن دينار‪ ،‬والحكم بن عتيبة‪ ،‬وزيد بن أسلم‪ ،‬ويحيى بن سعيد‪ ،‬وأبو الزناد‪،‬‬
‫وعلي بن جدعان‪ ،‬وجماعة‪.‬‬
‫وكان علي بن الحسين ثقة‪ ،‬مأمونا‪ ،‬كثير الحديث عاليا‪ ،‬رفيعا‪ ،‬ورعا‪.‬‬
‫قال الزهري‪ :‬ما رأيت قرشيا أفضل من علي بن الحسين‪.‬‬
‫وح َق له واهلل ذلك‪ ،‬فقد كان أهال لإلمامة العظمى لشرفه‬‫وكان له جاللة عجيبة‪ُ ،‬‬
‫وسؤدده وعلمه وتألهه وكمال عقله‪ ،‬توفي ‪ ‬سنة أربعة وتسعين‪.‬‬
‫انظر ترجمته >سير أعالم النبالء< (‪ ،)386/4‬و>تذكرة الحفاظ< (‪ ،)59/1‬و>حلية‬
‫األولياء< (‪> ،)133/3‬والبداية والنهاية< (‪.)121/9‬‬
‫‪53‬‬
‫اختيار الرفيق قبل السفر‬

‫يعلم‪ ،‬وال يصطحب اثنان على غير طاعة اهلل إال أوشكا أن يفترقا على‬
‫غير طاعة اهلل(‪.)1‬‬
‫وقال أبو جعفر(‪ )2‬محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي‬
‫طالب‪> :‬أوصاني أبي فقال‪ :‬ال تصحبن خمسة‪ ،‬وال تحادثهم وال‬
‫ترافقهم في طريق‪ .‬قال‪ :‬قلت‪ :‬جعلت فداك يا أبه‪ ،‬من هؤالء الخمسة؟‬
‫قال‪ :‬ال تصحبن فاسقا؛ فإنه بايعك بأكلة فما دونها‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬يا أبه‬
‫وما دونها؟ قال‪ :‬يَ ْط َم ُع فيها ثم ال ينالها‪ .‬قال‪ :‬قلت‪ :‬يا أبه ومن الثاني؟‬
‫قال‪ :‬ال تصحبن البخيل؛ فإنه يقطع بك في ماله أحوج ما كنت إليه‪.‬‬
‫قال‪ :‬قلت‪ :‬يا أبه ومن الثالث؟ قال‪ :‬ال تصحبن كذابا؛ فإنه بمنزلة‬
‫السراب يبعد منك القريب ويقرب منك البعيد‪ .‬قال‪ :‬قلت‪ :‬يا أبه ومن‬
‫الرابع؟ قال‪ :‬ال تصحبن أحمق؛ فإنه يريد أن ينفعك فيضرك‪ .‬قال‪:‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬أخرجه الدينوري في >المجالسة< (‪ )2118‬من طريق خالد بن خداش بن عجالن‪،‬‬
‫عن سفيان بن عيينة‪ ،‬عن علي زين العابدين به‪.‬‬
‫(‪ )2‬أبو جعفر هو‪ :‬محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب‪ ،‬ابن زين العابدين‪ ،‬ولِد‬
‫سنة ‪ 56‬هـ‪ ،‬وكان سيد بني هاشم في زمانه اشتهر بالباقر من قولهم بقر العلم يعني‬
‫شقه فعلم أصله وخفيه‪ ،‬روى عن جديه‪ :‬النبي ‘‪ ،‬وعلي ‪ ‬مرسال‪ ،‬وعن جديه‬
‫الحسن والحسين مرسال أيضا‪ ،‬وعن ابن عباس‪ ،‬وأم سلمة‪ ،‬وعائشة مرسال‪ ،‬وعن‬
‫ابن عمر‪ ،‬وجابر‪ ،‬وأبي سعيد‪ ،‬وعبد اهلل بن جعفر‪ ،‬وسعيد بن المسيب‪ ،‬وأبيه زين‬
‫العابدين‪ ،‬ومحمد بن الحنفية‪ ،‬وطائفة‪ ،‬وكان أحد من جمع بين العلم والعمل‬
‫والسؤدد‪ ،‬والشرف‪ ،‬والثقة‪ ،‬والرزانة‪ ،‬وكان أهال للخالفة‪.‬‬
‫توفي أبو جعفر سنة‪ ،114‬وقيل ‪ .117‬انظر ترجمته >تذكرة الحفاظ< (‪ 93/1‬ــ‬
‫‪> ،)94‬سير أعالم النبالء< (‪> ،)401/4‬البداية والنهاية< (‪ 72/13‬ــ ‪.)73‬‬
‫‪54‬‬
‫اختيار الرفيق قبل السفر‬

‫قلت‪ :‬يا أبه‪ ،‬ومن الخامس؟ قال‪ :‬ال تصحبن قاطع رحم؛ فإني وجدته‬
‫ملعونا في كتاب اهلل تعالى في ثالثة مواضع<(‪.)1‬‬
‫قَ َال‪> :‬ال َّز ُاد‪:‬‬ ‫[البقرة‪]197 :‬‬ ‫وقال مكحول في قوله‪{ :‬ﱙ}‬
‫الصالِ ُح‪ ،‬يَ ْع ِني‪ِ :‬في َّ‬
‫الس َفرِ<(‪.)2‬‬ ‫الر ِف ُيق َّ‬
‫َّ‬
‫وعليه فينبغي عليك أيها المسافر فيمن تؤثر صحبته أن يكون فيه‬
‫سبعة خصال‪ :‬أن يكون له عقل موفور يهدي إلى مراشد األمور‪ ،‬وليس‬
‫بأحمق حسن الخلق‪ ،‬غير فاسق‪ ،‬وال مبتدع‪ ،‬وال حريص على الدنيا‪،‬‬
‫وال مسرف فيتلف لك مالك‪ ،‬وال بخيل فيتلف لك مروءتك‪ ،‬وضابط‬
‫ذلك كل من لم تستفد من صحبته شيئا فتركه أولى‪ ،‬وكل من تضرك‬
‫صحبته في دينك فتركه واجب‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬أخرجه أبو نعيم في >الحلية< (‪ )183/3‬من طريق محمد بن عبد اهلل الزبيري‪ ،‬عن‬
‫أبي حمزة الثمالي‪ ،‬عن أبي جعفر به‪ ،‬وأبو حمزة الثمالي هو‪ :‬ثابت بن أبى صفية‬
‫ضعيف‪ ،‬انظر‪> :‬الميزان< (‪.)361/1‬‬
‫(‪> )2‬تفسير ابن أبي حاتم< (‪.)350/1‬‬
‫‪55‬‬
‫الدعاء والوصية عند الوداع‬

‫‪A‬‬
‫يف ادلاعء والوصية عند الوداع‬

‫ُفيستحب لم أراد سفرا أن يودع أهله‪ ،‬وأقاربه‪ ،‬وأصحابه وجيران‪،‬‬


‫ويسألهم الدعاء له أن يبلغه اهلل ـ ‪ ‬ـ ما أراد سالما‪ ،‬فإن اهلل ـ ‪ ‬ـ‬
‫جاعل له في دعائهم بركة‪.‬‬
‫األدب في كثير من األحاديث المرفوعة الصحيحة‬
‫ُ‬ ‫وقد جاء ذلك‬
‫عن النبي ‘‪ ،‬أنه كان يودع أصحابه ويدعوا لهم‪.‬‬
‫أبي عب ُد اهلل بن عمر إذا أتى‬‫فعن سالم بن عبد اهلل قال‪ :‬كان ِ‬
‫الرجل وهو يريد السفر قال له‪ :‬اد ُن حتى أُ َو ِّدعك كما كان رسول اهلل‬
‫َ‬
‫يم عملك<(‪.)1‬‬ ‫ِ‬
‫ـ ‘ ـ يو ِّدعنا‪ ،‬فيقول‪> :‬أستود ُع اهلل دينك وأمانتك وخوات َ‬
‫فَ ُيقال للمسافر‪ :‬أَ ْس َت ْود ُع اهلل دِ َ‬
‫ينك‪ ،‬وأمانتك‪ ،‬وخواتيم عملك‬
‫وزودك اهلل التقوى‪ ،‬وغفر ذنبك‪ ،‬ويسر لك الخير حيث كان‪.‬‬
‫واالستيداع‪ :‬طلب حفظ الوديعة من اهلل؛ يعني‪ :‬أسأل اهلل أن يحفظ‬
‫دينك وأمانتك وآخر عملك حتى يَخ ِتم عملك بالخير؛ أي‪ :‬حتى تموت‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬أخرجه أحمد (‪ ،)4524‬والترمذي (‪ ،)3443‬والنسائي (‪ )8755‬من طريق سالم‪،‬‬
‫وأخرجه أبو داود (‪ ،)2600‬وابن ماجه (‪ ،)2826‬وغيرهم من طرق عن ابن عمر‪.‬‬
‫‪56‬‬
‫الدعاء والوصية عند الوداع‬

‫باإليمان والعمل الصالح‪.‬‬


‫واألمانة ها هنا‪ :‬أهله ومن يَ ْخلُ ُف ُه منهم وماله الذي يُودِ ُع ُه‪.‬‬
‫ويستحفظه أمينَه ووكيلَه ومن في معناهما‪َ ،‬و َج َرى ِذ ْك ُر ال ِّدي ِن مع‬
‫الودائع؛ ألن السفر موضع خوف وخطر وقد تصيبه فيه المشقة والتعب‬
‫فيكون سبب اا إلهمال بعض األمور المتعلقة بال ِّدي ِن فدعا له بالمعونة‬
‫والتوفيق(‪.)1‬‬
‫السنة إذا قدم رجل من سفر‪ ،‬أن يأتيه إخوانه فيسلّموا‬
‫قال الشعبي‪ُّ :‬‬
‫عليه‪ ،‬وإذا خرج إلى سفر أن يأتيهم فيودعهم ويغتنم دعائهم(‪.)2‬‬
‫فهذا خليفة رسول اهلل ‘ أبو بكر الصديق ـ ‪ ‬ـ لما بعث‬
‫يزيد بن أبي سفيان إلى الشام خرج يوصيه ويودعه‪:‬‬
‫فروى البيهقي من طريق صالح بن كيسان قال‪ :‬لما بعث أبو بكر‬
‫‪ ‬يزيد بن أبى سفيان إلى الشام على ربع من األرباع خرج أبو بكر‬
‫‪ ‬معه يوصيه ويزيد راكب وأبو بكر يمشى‪ ،‬فقال يزيد‪ :‬يا خليفة‬
‫رسول اهلل إما أن تركب وإما أن أنزل‪ .‬فقال‪ :‬ما أنت بنازل وما أنا‬
‫براكب إني أحتسب خطاي هذه في سبيل اهلل‪ ،‬يا يزيد إنكم ستقدمون‬
‫بالدا تؤتون فيها بأصناف من الطعام فسموا اهلل على أولها‪ ،‬واحمدوه‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬الخطابي‪> ،‬معالم السنن< (‪ 258/2‬ــ ‪.)259‬‬
‫(‪ )2‬ذكره ابن عبد البر في >بهجة المجالس< (‪.)246/1‬‬
‫‪57‬‬
‫الدعاء والوصية عند الوداع‬

‫على آخرها‪ ،‬وإنكم ستجدون أقواما قد حبسوا أنفسهم في هذه الصوامع‬


‫فاتركوهم وما حبسوا له أنفسهم‪ ،‬وستجدون أقواما قد اتخذ الشيطان‬
‫على رءوسهم مقاعد يعني الشمامسة فاضربوا تلك األعناق‪ ،‬وال تقتلوا‬
‫كبيرا هرما وال امرأة‪ ،‬وال وليدا‪ ،‬وال تخربوا عمرانا‪ ،‬وال تقطعوا شجرة‬
‫إال لنفع‪ ،‬وال تعقرن بهيمة إال لنفع‪ ،‬وال تحرقن نخال وال تغرقنه‪ ،‬وال‬
‫تغدر‪ ،‬وال تمثل‪ ،‬وال تجبن‪ ،‬وال تغلل‪ ،‬ولينصرن اهلل من ينصره ورسله‬
‫بالغيب إن اهلل قوي عزيز‪ ،‬أستودعك اهلل وأقرئك السالم ثم انصرف(‪.)1‬‬
‫وعن أبي غالب‪ ،‬وقزعة‪ ،‬قاال‪> :‬شيعنا ابن عمر ـ ‪ ‬ـ‪ ،‬فقال‪ :‬ما‬
‫عندي ما أعطيكما‪ ،‬ولكن أستودع اهلل دينكما‪ ،‬وأمانتكما‪ ،‬وخواتيم‬
‫أعمالكما<(‪.)2‬‬
‫ابن عمر ــ وهو بما ٍل له ــ أ َّن الحسين بن‬
‫بلغ َ‬‫الشعبي‪ ،‬قال‪َ :‬‬
‫ّ‬ ‫وعن‬
‫(‪)3‬‬
‫توجه ِإلى العراق‪ ،‬فلحقه على مسيرة يومين أَو‬ ‫علي بن أبي طالب قد ّ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬البيهقي في >السنن الكبرى< (‪.)90/9‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه الخرائطي في >مكارم األخالق< (‪ )801‬علي بن عاصم‪ ،‬عن أبي سنان‬
‫ضرار بن مرة‪ ،‬عن أبي غالب‪ ،‬وقزعة بن يحيى البصري به‪ ،‬وإسناده حسن‪.‬‬
‫(‪ )3‬هو الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم أبو عبد اهلل القرشي‬
‫الهاشمي‪ ،‬السبط الشهيد بكربالء ابن بنت رسول اهلل ‘ فاطمة الزهراء‪ ،‬وريحانته‬
‫من الدنيا‪ ،‬ولد بعد أخيه الحسن‪ ،‬وكان مولد الحسن في سنة ثالث من الهجرة‪،‬‬
‫وقال بعضهم‪ :‬إنما كان بينهما طهر واحد ومدة الحمل‪ ،‬وولد لخمس ليال خلون من‬
‫شعبان سنة أربع‪ ،‬وقد عاصر رسول اهلل ‘ وصحبه إلى أن توفي وهو عنه راض‪،‬‬
‫=‬ ‫ولكنه كان صغيرا‪.‬‬
‫‪58‬‬
‫الدعاء والوصية عند الوداع‬

‫عتهم‪ ،‬فقال‪ :‬ال‬ ‫ثالثة‪ ،‬فقال‪ِ :‬إلى أَين؟ فقال‪ :‬هذه كتب أَهل العراق‪ ،‬وبَ ْي ُ‬
‫النبي ـ ‘ ـ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫جبريل ‪ ‬أَتى‬
‫َ‬ ‫تفعل‪ ،‬فأَبى‪ ،‬فقال له ابن عمر‪ :‬إ َّن‬
‫فخيره بين الدنيا واآلخرة‪ ،‬فاختار اآلخرة ولم يرد الدنيا‪ .‬وإ ّنكم بَ ْضع ٌة‬ ‫ّ‬
‫من رسول اهلل ـ ‘ ـ‪ ،‬كذلك يريده بكم‪ ،‬فأَبى‪ ،‬فاعتنقه ابن عمر؛‬
‫وقال‪ :‬استودعتك اهلل؛ والسالم(‪.)1‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫= ثم كان الصديق يكرمه ويعظمه‪ ،‬وكذلك عمر وعثمان‪ ،‬وصحب أباه وروى عنه‪،‬‬
‫وكان معه في مغازيه كلها‪ ،‬في الجمل وصفين‪ ،‬وكان معظما موقرا‪ ،‬ولم يزال في‬
‫طاعة أبيه حتى قتل‪ ،‬فلما آلت الخالفة إلى أخيه وأراد أن يصالح شق ذلك عليه ولم‬
‫يسدد رأي أخيه في ذلك‪ ،‬فلما استقرت الخالفة لمعاوية كان الحسين يتردد إليه مع‬
‫أخيه الحسن فيكرمهما معاوية إكراما زائدا‪ ،‬ويقول لهما‪ :‬مرحبا وأهال‪ ،‬ويعطيهما‬
‫عطاء جزيال‪ ،‬ولما أخذت البيعة ليزيد في حياة معاوية كان الحسين ممن امتنع من‬
‫مبايعته هو وابن الزبير‪ ،‬وقد كثر ورود الكتب عليه من بالد العراق يعدونه إليهم‪،‬‬
‫فخرج إليهم ولكنهم خذلوه‪ ،‬قُتل ‪ ‬يوم الجمعة لعشر خلت من المحرم يوم‬
‫عاشوراء سنة إحدى وستين بكربالء‪ ،‬قتله سنان بن أنس النخعي‪ ،‬ويقال‪ :‬له أيضا‬
‫سنان بن أبي سنان النخعي‪ ،‬ويقال‪ :‬بل الذي قتله رجل من مذحج ال رضي اهلل‬
‫عنهم‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬بل قتله شمر بن ذي الجوشن‪ ،‬وكان أبرص‪ ،‬وأجهز عليه خولي بن يزيد‬
‫األصبحي من حمير ال ‪ ،‬انظر ترجمته االستيعاب (‪> ،)392/1‬سير أعالم‬
‫النبالء< (‪> ،)280/3‬البداية والنهاية< (‪.)160/8‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه ابن حبان في >صحيحه< (‪ ،)6968‬والطبراني في >األوسط< (‪،)597‬‬
‫والبزار (‪ ،)2643‬والبيهقي في >دالئل النبوة< (‪ 470/6‬ــ ‪ )471‬وغيرهم من طرق‬
‫عن شبابة بن سوار‪ ،‬عن يحيى بن إسماعيل بن سالم‪ ،‬عن الشعبي به‪ .‬وأورده‬
‫الهيثمي في >المجمع< ‪ 192/9‬وقال رواه الطبراني في >األوسط< والبزار‪ ،‬ورجاله‬
‫ثقات‪.‬‬
‫‪59‬‬
‫الدعاء والوصية عند الوداع‬

‫وعن جابر الجعفي قال‪ :‬آخر ما ودعت محمد بن علي ‪ ،‬فإني‬


‫معه بالبقيع‪ ،‬فقال‪ :‬أَ ُت َراك غاديا؟ قلت‪ :‬نعم قال‪ :‬فأخذ بيدي‪ ،‬فَ َغ َم َزها‪،‬‬
‫وقال‪ْ :‬أس َت ْو ِد ُع َك اهلل‪ ،‬وأقرأُ عليك السالم(‪.)1‬‬
‫وقد جاء أن اهلل ‪ ‬إذا استودع شيئا حفظه‪ ،‬وينبغي عليه إذا‬
‫استودع اهلل تعالى ما يخلفه أن يستودع الجمع وال يخصص؛ لما جاء في‬
‫هذه القصة التي وقعت في زمن أمير المؤمنين عمر ـ ‪ ‬ـ رواها عنه عن‬
‫زيد بن أسلم‪ ،‬عن أبيه‪  ،‬قال‪> :‬بينما عمر يعطي الناس عطاياهم‪ ،‬إذ‬
‫جاء رجل معه ابن له‪ ،‬فقال له عمر‪ :‬ما رأيت أحدا أشبه بأحد من هذا‬
‫بك‪ ،‬قال‪ :‬أحدثك عنه يا أمير المؤمنين بأمر‪ :‬أردت أن أخرج في سفر‪،‬‬
‫وأمه حامل به‪ ،‬فقالت‪ :‬تخرج‪ ،‬وتدعني على هذه الحال؟ فقلت‪:‬‬
‫أستودع اهلل ما في بطنك فخرجت‪ ،‬ثم قدمت‪ ،‬فإذا هي قد ماتت‪،‬‬
‫فجلسنا نتحدث‪ ،‬فإذا نار على قبرها‪ ،‬قلت للقوم‪ :‬ما هذه النار؟ فتفرقوا‬
‫عني‪ ،‬فقلت ألقربهم‪ :‬فقال‪ :‬هذا من قبر فالنة‪ ،‬نراه كل ليلة قلت‪ :‬واهلل‬
‫إن كانت لصوامة قوامة مر بنا‪ ،‬فأخذت المعول حتى انتهينا إلى القبر‪،‬‬
‫فحفرنا‪ ،‬فإذا سراج‪ ،‬وإذا هذا الغًلم يدب‪ ،‬فقيل لي‪ :‬هذه وديعتك‪ ،‬لو كنت‬
‫استودعت أمه لوجدتها فقال عمر‪ :‬لهو أشبه بك من الغراب بالغراب<(‪.)2‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪> )1‬مكارم األخًلق< (‪ )804‬من طريق عمرو بن شمر وهو‪ :‬الجعفي الكوفي أبو عبد اهلل‪،‬‬
‫ضعيف‪ ،‬عن جابر بن يزيد بن الحارث الجعفي الكوفي‪ ،‬وهو‪ :‬ضعيف‪ ،‬عن‬
‫محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب القرشي الهاشمي المدني‪ ،‬أبو جعفر‬
‫الباقر‪ ،‬فذكره‪...‬‬
‫(‪ )2‬الخرائطي‪> ،‬مكارم األخالق< (‪ )799‬من طريق عبيد بن إسحاق الضبي‪ ،‬وهو=‬
‫‪60‬‬
‫الدعاء والوصية عند الوداع‬

‫ودخل النابغة الجعدي(‪ )1‬على عثمان ــ رضي اهلل تعالى عنه ــ فقال‪:‬‬
‫أستودعك اهلل يا أمير المؤمنين‪ .‬قال‪ :‬وأين تريد يا أبا ليلى؟‬
‫قال‪ :‬ألحق بإبلي فأشرب من ألبانها فإني منكر لنفسي‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫أتعربا بعد الهجرة يا أبا ليلى؟ أما علمت أن ذلك مكروه‪.‬‬
‫قال‪ :‬ما علمته وما كنت ألخرج حتى أعلمك‪.‬‬
‫قال‪ :‬فأذن له وأجل له في ذلك أجًل‪ ،‬فدخل على الحسن والحسين‬
‫ابني علي فودعهما فقاال له‪ :‬أنشدنا من شعرك يا أبا ليلى فأنشدهما‪:‬‬
‫فنف َســـه ظلَ َمـــا‬
‫مـــن لـــم ي ُق ْلهـــا ْ‬ ‫لــــــه‬
‫ُ‬ ‫شــــــريك‬
‫َ‬ ‫الحمــــــ ُد هلل ال‬
‫فقال له‪ :‬يا أبا ليلى ما كنا نروى هذه األبيات إال ألمية بن أبى‬
‫الصلت‪ ،‬قال‪ :‬يا ابن رسول اهلل واهلل إني ألول الناس قالها وإن السروق‬
‫من سرق أمية شعره(‪.)2‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫= ضعيف‪ ،‬عن عاصم بن محمد بن زيد بن عبد اهلل بن عمر بن الخطاب‪ ،‬عن زيد به‪.‬‬
‫(‪ )1‬النابغة الجعدي هو‪ :‬قيس بن عبد اللَّه بن عدس بن ربيعة بن جعدة‪ ،‬له صحبة‬
‫ووفادة ورواية‪ ،‬يقال‪ :‬عاش مائة وعشرين سنة‪ ،‬وكان يتنقل في البالد‪ ،‬ويمتدح‬
‫األمراء‪ ،‬وامتد عمره‪ ،‬وقيل‪ :‬عاش إلى حدود سنة سبعين‪ .‬انظر ترجمته‬
‫>االستيعاب< (‪ ،)1514/4‬و>اإلصابة< (‪ 307/6‬ــ ‪.)308‬‬
‫(‪ )2‬ابن سالم‪ ،‬في >طبقات فحول الشعراء< (‪ ،)127/1‬وأبو الفرج األصفهاني‪،‬‬
‫>األغاني< (‪ )14/5‬من طريق مسلمة بن محارب‪.‬‬
‫‪61‬‬
‫من اآلداب أن يصلي املسافر ركعتني عند إرادته اخلروج والدعاء بعدهما‬

‫‪A‬‬
‫من اآلداب أن يصيل املسافر ركعتني‬
‫عند إرادته اخلروج وادلاعء بعدهما‬
‫قال النووي‪ :‬يستحب له عند إرادته الخروج أن يصلي ركعتين‬
‫لحديث المقطم بن المقدام الصنعاني ـ ‪ ‬ـ أن رسول اهلل ‘ قال‪> :‬ما‬
‫خلف أحد عند أهله أفضل من ركعتين يركعهما عندهم حين يريد سفرا<(‪.)1‬‬
‫{ﱁ ﱂ‬ ‫ويستحب أن يقرأ في األولى منهما بعد الفاتحة‬
‫ﱃ} وفي الثانية‪{ :‬ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ}‪.‬‬
‫وقال بعضهم‪ :‬يقرأ في األولى بعد الفاتحة {ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ}‬
‫وفي الثانية {ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ} فإذا سلم قرأ آية الكرسي‪ ،‬فقد‬
‫جاء أن من قرأ آية الكرسي قبل خروجه من منزله لم يصبه شيء يكرهه‬
‫حتى يرجع‪ ،‬ويستحب أن يقرأ سورة {ﱁ ﱂ}(‪.)2‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬المطعم بن المقدام الصنعاني من أتباع ال ّتابعين يروي عن مجاهد‪ ،‬وسعيد بن جبير‪،‬‬
‫ونحوهما‪ ،‬مشهور‪ ،‬أرسل هذا الحديث‪ ،‬فهو معضل‪ ،‬فقد رواه أبو بكر بن أبي شيبة‬
‫األوزاعي‪ ،‬عن المطعم بن المقدام‪ ،‬قال‪ :‬قال‬
‫ّ‬ ‫في مصنفه‪ ،‬عن عيسى بن يونس‪ ،‬عن‬
‫‪ ...‬فذكره‪ ،‬ومن هذا الوجه أخرجه الطّبراني في >المناسك<‪ .‬انظر‬ ‫رسول اللَّه‬
‫>اإلصابة< (‪.)294/6‬‬
‫(‪> )2‬األذكار< (ص‪.)216 :‬‬
‫‪62‬‬
‫من اآلداب أن يصلي املسافر ركعتني عند إرادته اخلروج والدعاء بعدهما‬

‫وعن الحارث األعور‪ ،‬عن علي بن أبي طالب ـ ‪ ‬ـ‪ ،‬قال‪ :‬إذا‬
‫خرجت فصل ركعتين(‪.)1‬‬
‫وعن نافع مولى عبد اهلل بن عمر‪ ،‬عن ابن عمر ـ ‪ ‬ـ؛ أنه كان‬
‫إذا أراد أن يخرج دخل المسجد فصلى(‪.)2‬‬
‫ويستحب إذا فرغ من هذه القراءة أن يدعو بإخالص ورقة‪.‬‬
‫ومن أحسن ما يقول‪ :‬اللهم بك أستعين‪ ،‬وعليك أتوكل‪ ،‬اللهم‬
‫علي مشقة سفري‪ ،‬وارزقني من الخير أكثر‬
‫ذلل لي صعوبة أمري‪ ،‬وسهل ّ‬
‫مما أطلب‪ ،‬واصرف عني كل شر‪ ،‬رب اشرح لي صدري‪ ،‬ويسر لي‬
‫أمري‪ ،‬اللهم إني أستحفظك وأستودعك نفسي وديني وأهلي وأقاربي‬
‫علي وعليهم به من آخرة ودنيا‪ ،‬فحفظنا أجمعين من كل‬
‫وكل ما أنعمت ّ‬
‫سوء يا كريم‪.‬‬
‫ويفتتح دعاءه ويختمه بالتحميد هلل تعالى‪ ،‬والصالة والسالم على‬
‫رسول اهلل ‘‪ ،‬وإذا نهض من جلوسه فليقل‪ :‬ما جاء عن أنس ‪> :‬إن‬
‫رسول اهلل ‘‪ ،‬لم يرد سفر اا إًل قال حين ينهض من جلوسه‪> :‬اللهم إليك‬
‫توجهت‪ ،‬وبك اعتصمت‪ ،‬اللهم اكفني ما همني وما ًل أهتم له‪ ،‬اللهم‬
‫زودني التقوى‪ ،‬واغفر لي ذنبي‪ ،‬ووجهني للخير أينما توجهت<(‪.)3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬إسناده حسن‪ ،‬أخرجه ابن أبي شيبة في >المصنف< (‪ )4915‬من طريق أبي إسحاق‬
‫السبيعي‪ ،‬عن الحارث األعور‪ ،‬به‪.‬‬
‫(‪ )2‬صحيح‪ ،‬أخرجه ابن أبي شيبة في >المصنف< (‪ )4916‬من طريق عبيد اهلل بن عمر‬
‫العمري‪ ،‬عن نافع‪ ،‬به‪.‬‬
‫(‪ )3‬هذا الحديث أخرجه ابن عدي في >الضعفاء< (‪ )123/6‬في غرائب عمر بن مساور‪.‬‬
‫‪63‬‬
‫ما يقوله املسافر إذا ركب راحلته‪ ،‬وأدعية أخرى‬

‫‪A‬‬
‫فيما يقوهل املسافر إذا ركب راحلته‪ ،‬وتكبريه إذا صعد‬
‫اثلنايا وتسبيحه إذا هبط األودية‪ ،‬وأدعية أخرى‬
‫{ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ‬ ‫قال تعالى‪:‬‬
‫ﱝﱞﱟﱠﱡﱢﱣﱤﱥﱦﱧﱨ‬
‫ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ} [الزخرف]‪.‬‬
‫>الفلك<‪ :‬هي السفن‪ ،‬ذلل السفن واألنعام‪ ،‬وسخرها ويسرها؛‬
‫ألكلكم لحومها‪ ،‬وشربكم ألبانها‪ ،‬وركوبكم ظهورها‪ ،‬ولهذا قال‪:‬‬
‫{ﱛ} متمكنين واقفين ولوال تسخير اهلل لنا؛ ما قدرنا عليه‪.‬‬
‫قال ابن عباس‪{ :‬ﱮ} مطيقين‪ ،‬وقوله‪{ :‬ﱳ} أي‪:‬‬
‫لصائرون إليه بعد مماتنا‪ ،‬وإليه سيرنا األكبر‪ ،‬وهذا من باب التنبيه بسير‬
‫الدنيا على سير اآلخرة؛ كما نبه بالزاد الدنيوي على الزاد األخروي في‬
‫قوله {ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ}‪.‬‬
‫ومعنى ذكر نعمة اهلل‪ :‬أن يذكروها في قلوبهم‪ ،‬وذلك الذكر هو أن‬
‫يعرف أن اهلل تعالى خلق وجه البحر‪ ،‬وخلق الرياح‪ ،‬وخلق جرم السفينة‬
‫على وجه يتمكن اإلنسان من تصريف هذه السفينة إلى أي جانب شاء‬
‫‪64‬‬
‫ما يقوله املسافر إذا ركب راحلته‪ ،‬وأدعية أخرى‬

‫وأراد‪ ،‬فإذا تذكروا أن خلق البحر‪ ،‬وخلق الرياح‪ ،‬وخلق السفينة على‬
‫هذه الوجوه القابلة لتصريفات اإلنسان ولتحريكاته ليس من تدبير ذلك‬
‫اإلنسان‪ ،‬وإنما هو من تدبير الحكيم العليم القدير‪ ،‬عرف أن ذلك نعمة‬
‫عظيمة من اهلل تعالى‪ ،‬فيحمله ذلك على االنقياد والطاعة له تعالى‪،‬‬
‫وعلى االشتغال بالشكر لنعمه التي ال نهاية لها‪.‬‬
‫{ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ} وتحقيق‬
‫القول فيه‪ :‬أن الدابة التي يركبها اإلنسان‪ ،‬ال بد وأن تكون أكثر قوة من‬
‫اإلنسان بكثير‪ ،‬وليس لها عقل يهديها إلى طاعة اإلنسان‪ ،‬ولكنه سبحانه‬
‫خلق تلك البهيمة على وجوه مخصوصة في خلقها الظاهر‪ ،‬وفي خلقها‬
‫الباطن يحصل منها هذا االنتفاع‪ ،‬أما خلقها الظاهر‪ :‬فألنها تمشي على‬
‫أربع قوائم‪ ،‬فكان ظاهرها كالموضع الذي يحسن استقرار اإلنسان‬
‫عليه‪ ،‬وأما خلقها الباطن‪ ،‬فألنها مع قوتها الشديدة قد خلقها اهلل سبحانه‬
‫بحيث تصير منقادة لإلنسان ومسخرة له‪ ،‬فإذا تأمل اإلنسان في هذه‬
‫العجائب وغاص بعقله في بحار هذه األسرار‪ ،‬عظم تعجبه من تلك‬
‫القدرة القاهرة والحكمة غير المتناهية‪ ،‬فال بد وأن يقول سبحان الذي‬
‫سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين‪ ،‬قال أبو عبيدة‪ :‬فالن مقرن لفالن‪ ،‬أي‬
‫ضابط له‪ .‬قال الواحدي‪ :‬وكأن اشتقاقه من قولك ضرب له قرنا‪ ،‬ومعن‬
‫أنا قرن لفالن‪ ،‬أي‪ :‬مثاله في الشدة‪ ،‬فكأن المعنى أنه ليس عندنا من‬
‫القوة والطاقة أن نقرن هذه الدابة والفلك وأن نضبطها‪ ،‬فسبحان من‬
‫سخرها لنا بعلمه وحكمته وكمال قدرته‪{ ،‬ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ} وجه‬
‫‪65‬‬
‫ما يقوله املسافر إذا ركب راحلته‪ ،‬وأدعية أخرى‬

‫اتصال هذا الكالم بما قبله أن ركوب الفلك في خطر الهالك‪ ،‬فإنه كثيرا‬
‫ما تنكسر السفينة ويهلك اإلنسان وراكب الدابة أيضا كذلك ألن الدابة‬
‫قد يتفق لها اتفاقات توجب هالك الراكب‪ ،‬وإذا كان كذلك فركوب‬
‫الفلك والدابة يوجب تعريض النفس للهالك‪ ،‬فوجب على الراكب أن‬
‫يتذكر أمر الموت‪ ،‬وأن يقطع أنه هالك ال محالة‪ ،‬وأنه منقلب إلى اهلل‬
‫تعالى وغير منقلب من قضائه وقدره‪ ،‬حتى لو اتفق له ذلك المحذور‬
‫كان قد وطن نفسه على الموت(‪.)1‬‬
‫وقد جاءت أذكار وأوراد صحيحة عن النبي ‘‪ ،‬وعن صحابته‪،‬‬
‫وآل بيته يقولها المسافر قبل بداية سفره‪.‬‬
‫فعن ابن عمر ـ ‪ ‬ـ أن رسول اهلل ‘ كان إذا استوى على بعيره‬
‫خارجا إلى سفر كبر ثًلثا ثم قال‪{ :‬ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ‬
‫ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ} اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر‬
‫والتقوى‪ ،‬ومن العمل ما ترضى‪ ،‬اللهم هون علينا سفرنا هذا‪ ،‬واطو عنا‬
‫بعده‪ ،‬اللهم أنت الصاحب في السفر‪ ،‬والخليفة في األهل‪ ،‬اللهم إني أعوذ‬
‫بك من وعثاء السفر‪ ،‬وكآبة المنظر‪ ،‬وسوء المنقلب في المال واألهل‪،‬‬
‫وإذا رجع قالهن وزاد فيهن‪ :‬آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون(‪.)2‬‬
‫قوله‪ :‬البر والتقوى‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر >تفسير الرازي< (‪.)621/27‬‬
‫(‪ )2‬مسلم (‪.)1342‬‬
‫‪66‬‬
‫ما يقوله املسافر إذا ركب راحلته‪ ،‬وأدعية أخرى‬

‫البر‪ :‬العمل الصالح‪ ،‬أو الخلق الحسن‪ ،‬والتقوى‪ :‬الخوف الحامل‬


‫على التحرز من المكروه‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬وطوعنا بعده‪ :‬طوى يطوي‪ :‬إذا لف الثوب وغيره؛ يعني‪:‬‬
‫قرب لنا بعد هذا السفر‪ ،‬فهو طلب تيسير السير بمنح القوة له ولمركوبه‪،‬‬
‫وأن ال يرى ما يزعجه ويوقعه في التعب والمشقة(‪.)1‬‬
‫والصاحب‪ :‬هو المالزم‪ ،‬وأراد بذلك مصاحبة اهلل إياه بالعناية‬
‫الصحبة يبغيها لالستئناس‬ ‫والحفظ‪ ،‬وذلك أن اإلنسان أكثر ما يبغي ُ‬
‫واالستظهار به‪ ،‬والدفاع لما ينوبه من النوائب‪ ،‬فنبه بهذا القول على‬
‫حسن االعتماد عليه وكمال االكتفاء به من كل صاحب سوء‪.‬‬
‫يستخلفه فيه‪.‬‬
‫والخليفة‪ :‬هو الذي ينوب عن المستخلف فيما ْ‬
‫والمعنى‪ :‬أنت الذي أرجوه وأعتمد عليه في غيبتي عن أهلي‪ ،‬أن‬
‫تلم شعثهم‪ ،‬و ُت َث ِّقف أودهم‪ ،‬وتداوي سقيمهم‪ ،‬وتحفظ عليهم دينهم‬
‫وأمانتهم‪.‬‬
‫الشدة‪.‬‬
‫والو ْعثاء‪ :‬هي‪ّ :‬‬
‫َ‬
‫تغير النفس من حزن ونحوه‪ ،‬وقيل‪ :‬المراد االستعاذة‬ ‫والكآبة‪ :‬هو ُّ‬
‫من كل منظر يُ ْع ِق ُب الكآبة عند النظر إليه(‪.)2‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر >المفاتيح شرح المصابيح< (‪.)221/3‬‬
‫(‪> )2‬النهاية في غريب الحديث< (‪.)137/4‬‬
‫‪67‬‬
‫ما يقوله املسافر إذا ركب راحلته‪ ،‬وأدعية أخرى‬

‫سوء المنقلب‪ :‬المرجع‪ ،‬بأن يرجع إلى وطنه‪ ،‬فيلقى ما يكتئب‬


‫منه من أمر أصابه في سفره‪ ،‬وما يقدم عليه‪ ،‬مثل أن يعود غير مقضي‬
‫الحاجة‪ ،‬أو أصابت ماله آفة‪ ،‬أو يقدم على أهله‪ ،‬فيجدهم مرضى‪ ،‬أو‬
‫قد فقد بعضهم(‪.)1‬‬
‫آيبون‪ :‬جمع آيب‪ ،‬وهو الراجع بالخير هنا‪.‬‬
‫تائبون‪ :‬جمع تائب من الذنب‪.‬‬
‫عابدون‪ :‬أي‪ :‬خاضعون متذللون‪.‬‬
‫حامدون‪ :‬أي مثنون عليه بصفات كماله وجًلله‪ ،‬وشاكرون عوارف‬
‫إفضاله(‪.)2‬‬
‫لربنا عابدون حامدون‪ :‬يفيد التخصيص‪ ،‬أي نحمد ربنا ال نحمد‬
‫غيره‪ ،‬وهو كالخاتمة للدعاء(‪.)3‬‬
‫وكان ‘ إذا سافر يتعوذ من وعثاء السفر‪ ،‬وكآبة المنظر‪ ،‬والحور‬
‫بعد الكون‪ ،‬ودعوة المظلوم‪ ،‬وسوء المنظر في األهل والمال(‪.)4‬‬
‫قال العلماء‪ :‬الكون‪ ،‬بالنون والراء أي الكور جميعا‪ ،‬ورواية الراء‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫>الفائق في غريب الحديث< (‪.)71/4‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫انظر >المفهم< للقرطبي (‪.)454/3‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫انظر >شرح المشكاة للطيبي< (‪.)1893/6‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫مسلم (‪ )1343‬من حديث عبد اهلل بن سرجس ‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫‪68‬‬
‫ما يقوله املسافر إذا ركب راحلته‪ ،‬وأدعية أخرى‬

‫مأخوذة من تكوير العمامة‪ ،‬وهو لفها وجمعها‪ ،‬ورواية النون‪ ،‬من‬


‫الكون‪ ،‬مصدر كان يكون كونا إذا وجد واستقر‪.‬‬
‫قال ابن األثير‪ :‬أي من النقصان بعد الزيادة‪ .‬وقيل من فساد أمورنا‬
‫بعد صالحها‪ .‬وقيل من الرجوع عن الجماعة بعد أن كنا منهم‪.‬‬
‫وأصله من نقض العمامة بعد لفها(‪.)1‬‬
‫قال النووي‪ :‬كالهما روايتان‪ ،‬وممن ذكر الروايتين جميعا الترمذي‬
‫في جامعه وخالئق من المحدثين‪ ،‬وذكرهما أبو عبيد وخالئق من أهل‬
‫اللغة وغريب الحديث‪ ،‬قال الترمذي بعد أن رواه بالنون‪ :‬ويروى بالراء‬
‫أيضا ثم قال‪ :‬وكالهما له وجه‪ ،‬قال‪ :‬ويقال‪ :‬هو الرجوع من اإليمان إلى‬
‫الكفر أو من الطاعة إلى المعصية‪ ،‬ومعناه الرجوع من شيء إلى شيء‬
‫من الشر‪ ،‬هذا كالم الترمذي وكذا قال غيره من العلماء‪ :‬معناه بالراء‬
‫والنون جميعا الرجوع من االستقامة‪ ،‬أو الزيادة إلى النقص‪.‬‬
‫قال المازري في رواية الراء‪ :‬قيل أيضا‪ :‬إن معناه أعوذ بك من الرجوع‬
‫عن الجماعة بعد أن كنا فيها‪ ،‬يقال‪ :‬كار عمامته إذا لفها وحارها إذا‬
‫نقضها‪ ،‬وقيل‪ :‬نعوذ بك من أن تفسد أمورنا بعد صالحها كفساد العمامة‬
‫بعد استقامتها على الرأس‪ ،‬وعلى رواية النون‪ :‬قال أبو عبيد‪ :‬سئل‬
‫عاصم عن معناه؟ فقال‪ :‬ألم تسمع قولهم‪ :‬حار بعد ما كان؛ أي أنه كان‬
‫على حالة جميلة فرجع عنها واهلل أعلم‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر >النهاية في غريب الحديث< (‪.)208/4 ،485/1‬‬
‫‪69‬‬
‫ما يقوله املسافر إذا ركب راحلته‪ ،‬وأدعية أخرى‬

‫وقوله ‘‪> :‬ودعوة المظلوم< أي أعوذ بك من الظلم؛ فإنه يترتب‬


‫عليه دعاء المظلوم‪ ،‬ودعوة المظلوم ليس بينها وبين اهلل حجاب‪ ،‬ففيه‬
‫التحذير من الظلم ومن التعرض ألسبابه(‪.)1‬‬
‫وعن علي بن ربيعة أنه شهد عليا حين ركب‪ ،‬فلما وضع رجله في‬
‫الركاب قال‪ :‬بسم اهلل‪ ،‬فلما استوى قال‪ :‬الحمد هلل‪ .‬ثم قال‪{ :‬ﱦ‬
‫ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ}‬
‫[الزخرف‪ ،]14 :‬ثم حمد ثالثا وكبر ثالثا‪ ،‬ثم قال‪ :‬ال إله إال أنت‪ ،‬ظلمت‬
‫نفسي فاغفر لي إنه ًل يغفر الذنوب إًل أنت‪ .‬ثم ضحك‪ ،‬فقيل‪ :‬ما يضحكك‬
‫يا أمير المؤمنين؟ قال‪ :‬رأيت رسول اهلل ‘ فعل مثل ما فعلت‪ ،‬وقال‪ :‬مثل‬
‫ما قلت‪ ،‬ثم ضحك‪ ،‬فقلنا‪ :‬ما يضحكك يا نبي اهلل؟ قال‪> :‬العبد أو‬
‫قال‪ :‬عجبت للعبد إذا قال‪ :‬ال إله إال أنت ظلمت نفسي فاغفر لي‪ ،‬إنه‬
‫ال يغفر الذنوب إال أنت‪ ،‬يعلم أنه ال يغفر الذنوب إال هو<(‪.)2‬‬
‫وركب أَبو ِم ْجلز الحق بن حميد وقال‪{ :‬ﱝ ﱞ} اآلية‪ ،‬ولم‬
‫علي ـ ‪ ‬ـ(‪ ،)3‬فقال‪ :‬ما هكذا أُمرتم‪،‬‬
‫يذكر نعمة وسمعه الحسن بن ٍّ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر >شرح النووي على مسلم< (‪ 111/9‬ــ ‪ ،)121‬و>جامع الترمذي< (حديث ‪.)3439‬‬
‫(‪ )2‬البيهقي في >اآلداب< (‪ )642‬من طريق عبد الرزاق‪ ،‬عن معمر‪ ،‬عن أبي إسحاق‬
‫السبيعي‪ ،‬عن علي بن ربيعة الوالبي فذكره‪.‬‬
‫(‪ )3‬الحسن بن علي بن أبي طالب أبو محمد القرشي الهاشمي‪ ،‬سبط رسول اهلل ‘ ابن‬
‫ابنته فاطمة الزهراء‪ ،‬وريحانته‪ ،‬وأشبه خلق اهلل به في وجهه‪ ،‬ولد للنصف من‬
‫رمضان سنة ثالث من الهجرة‪ ،‬فحنكه رسول اهلل بريقه وسماه حسنا‪ ،‬وهو أكبر ولد=‬
‫‪70‬‬
‫ما يقوله املسافر إذا ركب راحلته‪ ،‬وأدعية أخرى‬

‫ثم قال أَبو مجلز‪ :‬فقلت له‪ :‬فكيف أَقول؟ قال‪ :‬قل‪> :‬الحمد هلل الذي‬
‫هداني لإلسالم الحمد هلل الذي من علي بمحمد ‘‪ ،‬الحمد هلل الذي‬
‫جعلني في خير أمة أخرجت للناس‪ ،‬ثم تقول‪{ :‬ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ}‬
‫[الزخرف‪.)1(]13 :‬‬
‫رجل إلى عبد اهلل بن مسعود ـ ‪ ‬ـ فقال‪ :‬إني أريد‬
‫هذا وقد جاء ٌ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫= أبويه‪ ،‬وقد كان رسول اهلل ‘ يحبه حبا شديدا حتى كان يقبل زبيبته وهو صغير‪،‬‬
‫وربما مص لسانه واعتنقه وداعبه‪ ،‬وقد كان هذا اإلمام سيدا‪ ،‬وسيما‪ ،‬جميال‪،‬‬
‫عاقال‪ ،‬رزينا‪ ،‬جوادا‪ ،‬ممدحا‪ ،‬خيرا‪ ،‬دينا‪ ،‬ورعا‪ ،‬محتشما‪ ،‬كبير الشأن‪ ،‬قال عنه‬
‫رسول اهلل ‘‪> :‬إن ابني هذا سيد ولعل اهلل أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من‬
‫المسلمين<‪ ،‬وهذا من دالئل النبوة‪ ،‬وقد نزل الحسن لمعاوية عن الخالفة‪ ،‬ووقع‬
‫ذلك تصديقا لقوله ‘‪ ،‬وقد كان الصديق يجله ويعظمه ويكرمه ويحبه ويتفداه‪،‬‬
‫وكذلك عمر بن الخطاب‪ ،‬وكذلك كان عثمان بن عفان يكرم الحسن والحسين‬
‫ويحبهما‪ ،‬ولما نزل لمعاوية عن الخالفة من ورعه صيانة لدماء المسلمين‪ ،‬كان له‬
‫على معاوية في كل عام جائزة‪ ،‬وكان يفد إليه‪ ،‬فربما أجازه بأربعمائة ألف درهم‪،‬‬
‫وراتبه في كل سنة مائة ألف‪ ،‬والمشهور أنه مات مسموما سنة تسع وأربعين‪.‬‬
‫انظر ترجمته‪> :‬االستيعاب< (‪ ،)383/1‬و>سير أعالم النبالء< (‪ ،)245/3‬و>البداية‬
‫والنهاية< (‪ ،)37/8‬و>تهذيب األسماء< (‪.)219/1‬‬
‫(‪ )1‬صحيح‪ ،‬أخرجه ابن أبي شيبة في >المصنف< (‪ ،)30343‬والطبري (‪،)558/20‬‬
‫والطبراني في >الدعاء< (‪ )775‬من طريق سفيان الثوري‪ ،‬عن أبي هاشم الواسطي‬
‫يحيى بن دينار‪ ،‬عن أبي مجلز‪ ،‬به بلفظ مطول‪ ،‬ووقع في >المصنف<‪ ،‬وفي‬
‫>الدعاء< للطبراني الحسين بن علي بدال من الحسن‪ ،‬وأبو مجلز ال يروي عن‬
‫الحسين بن علي‪ ،‬وأخرجه الطبري (‪ )558/20‬من طريق عاصم األحول‪ ،‬عن أبي‬
‫هاشم به‪.‬‬
‫‪71‬‬
‫ما يقوله املسافر إذا ركب راحلته‪ ،‬وأدعية أخرى‬

‫سفرا فأوصني‪ ،‬فقال‪ :‬إذا توجهت فقل‪ :‬بسم اهلل حسبي اهلل وتوكلت على‬
‫اهلل فإنك إذا قلت‪ :‬بسم اهلل‪ ،‬قال الملك‪ :‬هديت وإذا قلت‪ :‬حسبي اهلل‪ ،‬قال‬
‫الملك‪ ،‬حفظت‪ ،‬وإذا قلت‪ :‬توكلت على اهلل‪ ،‬قال الملك‪ :‬كفيت(‪.)1‬‬
‫وعن أم سلمة زوج النبي ‘ قالت‪ :‬من خرج في طاعة اهلل‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫اللهم إني لم أخرج أشرا أو بطرا‪ ،‬وًل رياء وًل سمعة‪ ،‬ولكني خرجت ابتغاء‬
‫مرضاتك واتقاء سخطك؛ فأسألك بحقك على جميع خلقك أن ترزقني‬
‫من الخير أكثر مما أرجو‪ ،‬وتصرف عني من الشر أكثر مما أخاف‪.‬‬
‫استجيب له بإذن اهلل(‪.)2‬‬
‫ومن األدعية أيضا التي يقولها المسافر أثناء سفره ما جاء عن‬
‫عبد اهلل بن عمر ـ ‪ ‬ـ كما قال مجاهد‪ :‬سافرت مع ابن عمر فإذا كان‬
‫من السحر نادى‪ :‬سمع سامع بحمد اهلل ونعمته وحسن بالئه عندنا‪،‬‬
‫اللهم صاحبنا فأفضل علينا ثالثا اللهم عائذ بك من جهنم ثالثا(‪.)3‬‬
‫شيء‪ ،‬أو‬
‫ُ‬ ‫وقد جاء عن ابن عباس ـ ‪ ‬ـ؛ أنه إذا أصاب إنسان‬
‫احتاج إلى العون في سفره فإنه يقول‪ :‬أعينوا عباد اهلل يرحمكم اهلل‪.‬‬
‫فعن مجاهد‪ ،‬عن ابن عباس قال‪> :‬إن هلل مًلئكة في األرض يكتبون ما‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬أخرجه ابن أبي شيبة في >المصنف< (‪ )30225‬من طريق محمد بن عجالن‪ ،‬عن‬
‫عون بن عبد اهلل فذكره‪.‬‬
‫(‪ )2‬أورده ابن عبد ربه في >العقد الفريد< (‪ 178/3‬ــ ‪.)179‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه ابن أبي شيبة في >المصنف< (‪ )30227‬عن محمد بن فضيل‪ ،‬عن يزيد بن‬
‫أبي زياد‪ ،‬عن مجاهد به‪.‬‬
‫‪72‬‬
‫ما يقوله املسافر إذا ركب راحلته‪ ،‬وأدعية أخرى‬

‫يقع في األرض من ورق الشجر‪ ،‬فإن أصابت أحدا منكم عرجة أو احتاج‬
‫إلى عون بفالة من األرض فليقل‪ :‬أعينوا عباد اهلل رحمكم اهلل‪ ،‬فإنه‬
‫يعان إن شاء اهلل<(‪.)1‬‬
‫قال البيهقي‪ :‬هذا موقوف على ابن عباس‪ ،‬مستعمل عند الصالحين‬
‫من أهل العلم لوجود ِص ْدقِه ِ عندهم فيما جربوه‪.‬‬
‫وكذلك يستحب له أنه كلما صعد على األماكن المرتفعة كبر‪ ،‬وإذا‬
‫نزل من عليها سبح اهلل ‪.‬‬
‫فعن عبد اهلل بن عمر ـ ‪ ‬ـ قال‪ :‬كان النبي ‘ إذا قفل من الحج أو‬
‫العمرة ــ وال أعلمه إال قال‪ :‬الغزو ــ يقول‪ :‬كلما أوفى على ثنية أو فدفد‬
‫كبر ثالثا‪ ،‬ثم قال‪ :‬ال إله إال اهلل وحده ال شريك له‪ ،‬له الملك وله‬
‫الحمد‪ ،‬وهو على كل شيء قدير‪ ،‬آيبون تائبون عابدون ساجدون‪ ،‬لربنا‬
‫حامدون‪ ،‬صدق اهلل وعده‪ ،‬ونصر عبده‪ ،‬وهزم األحزاب وحده(‪.)2‬‬
‫قوله‪> :‬إذا قفل<‪ ،‬أي رجع والقفول‪ :‬الرجوع من السفر ويقال‪ :‬في‬
‫المضارع يقفل بالضم وال يستعمل القفول في ابتداء السفر؛ وإنما ُسمي‬
‫المسافرون قافلة تفاؤال لهم بالقفول والسالمة‪.‬‬
‫قوله‪> :‬أوفى<‪ ،‬أي ارتفع‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬أخرجه ابن أبي شيبة (‪ ،)29721‬والبيهقي في >اآلداب< (‪ )657‬من طريق‬
‫أسامة بن زيد الليثي‪ ،‬عن أبان بن صالح بن عمير القرشي‪ ،‬به‪ .‬وإسناده حسن‪.‬‬
‫(‪ )2‬متفق عليه‪ ،‬البخاري (‪ ،)2995‬ومسلم (‪.)1344‬‬
‫‪73‬‬
‫ما يقوله املسافر إذا ركب راحلته‪ ،‬وأدعية أخرى‬

‫وقوله‪> :‬فدفد< هو‪ :‬الغليظ المرتفع من األرض‪.‬‬


‫وتكبيره ـ ‘ ـ في هذه في المواضع المرتفعة إشعار بأن أكبرية‬
‫كل كبير إنما هي منه‪ ،‬وأنها محتقرة بالنسبة إلى أكبريته تعالى وعظمته‪،‬‬
‫وتوحي ُده اهلل تعالى هناك‪ :‬إشعار بانفراده ‪ ‬بإيجاد جميع الموجودات‪،‬‬
‫وبأنه المألوه؛ أي‪ :‬المعبود في كل األماكن من األرضين والسماوات‪،‬‬
‫كما قال تعالى‪{ :‬ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ}(‪.)1‬‬
‫ووجه التكبيرات على (األماكن العالية)‪ :‬هو استحباب الذكر عند‬
‫تجدد األحوال والتقلب في التارات‪ ،‬وكان ـ ‘ ـ يراعى ذلك في‬
‫الزمان والمكان‪ ،‬وذلك؛ ألن اختًلف أحوال العبد في الصباح والمساء‬
‫والصعود والهبوط‪ ،‬وما أشبه ذلك مما ينبغي أال ينسى ربه عند ذلك‪،‬‬
‫فإنه هو المتصرف في األشياء بقدرته‪ ،‬المدبر لها بجميل صنعه(‪.)2‬‬
‫وقيل‪ :‬مناسبة التكبير على المكان المرتفع أن االستعالء واالرتفاع‬
‫محبوب للنفوس‪ ،‬وفيه ظهور وغلبة على من هو دونه في المكان‪،‬‬
‫فينبغي لمن تلبس به أن يذكر عند ذلك كبرياء اهلل تعالى وأنه أكبر من‬
‫كل شيء ويشكر له ذلك؛ يستمطر بذلك المزيد مما من به عليه(‪.)3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪> )1‬المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم< (‪.)11/11‬‬
‫(‪> )2‬الميسر في شرح مصابيح السنة< للتوربشتي (‪.)567/2‬‬
‫(‪> )3‬طرح التثريب في شرح التقريب< ألبي زرعة ابن الحافظ العراقي (‪)185/5‬‬
‫والكالم ألبيه‪.‬‬
‫‪74‬‬
‫ما يقوله املسافر إذا ركب راحلته‪ ،‬وأدعية أخرى‬

‫قال الحافظ أبو زرعة العراقي معلق اا على هذا الحديث‪:‬‬


‫فيه استحباب اإلتيان بهذا الذكر في القفول من سفر الغزو والحج‬
‫والعمرة‪ ،‬وهل يختص ذلك بهذه األسفار أو يتعدى إلى كل سفر طاعة‬
‫كالرباط وطلب العلم وصلة الرحم أو يتعدى إلى السفر المباح أيضا كالنزهة‬
‫أو يستمر في كل سفر ولو كان محرما؟ يحتمل أوجها‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬االختصاص‪ ،‬وذلك؛ ألن هذا ذكر مخصوص شرع‬
‫بأثر هذه العبادات المخصوصة فًل يتعدى إلى غيرها كالذكر عقب الصًلة‬
‫من التسبيح والتحميد والتكبير على الهيئة المخصوصة؛ فإنه ًل يتعدى إلى‬
‫غيرها من العبادات كالصيام ونحوه‪ ،‬واألذكار المخصوصة متعبد بها في‬
‫لفظها ومحلها ومكانها وزمانها‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أنه يتعدى إلى سائر أسفار الطاعة لكونها في معناها في‬
‫التقرب بها‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أنه يتعدى إلى األسفار المباحة أيضا وعلى هذين‬
‫االحتمالين فالتقييد في الحديث إنما هو لكونه ـ ‪ ‬ـ لم يكن يسافر‬
‫بغير المقاصد الثالثة فقيده بحسب الواقع ال الختصاص الحكم به‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬تعديه إلى األسفار المحرمة؛ ألن مرتكب الحرام أحوج‬
‫إلى الذكر من غيره؛ ألن الحسنات يذهبن السيئات وكالم النووي‬
‫محتمل فإنه قال في تبويبه في شرح مسلم‪ :‬ما يقول إذا رجع من سفر‬
‫‪75‬‬
‫ما يقوله املسافر إذا ركب راحلته‪ ،‬وأدعية أخرى‬

‫الحج وغيره مما هو مذكور في الحديث وهو العمرة والغزو وقد يريد‬
‫غيره مطلقا‪ ،‬وقال والدي ـ ‪ ‬ـ في شرح الترمذي‪ :‬سواء فيه السفر‬
‫لحج أو عمرة أو غزو كما في الحديث‪ ،‬أو لغير ذلك من طلب علم‬
‫وتجارة وغيرهما انتهى‪ ،‬فَ َم َّثل بطلب العلم وهو من الطاعات وبالتجارة‬
‫وهي من المباحات ولم يمثل المحرم لكنه مندرج في إطالقه‪ .‬أهـ(‪.)1‬‬
‫وكذلك من اآلداب أن يسبح المسافر كلما هبط واديا‪ ،‬فعن جابر بن‬
‫عبد اهلل ـ ‪ ‬ـ قال‪> :‬كنا إذا صعدنا كبرنا وإذا نزلنا سبحنا<(‪.)2‬‬
‫وسبب التسبيح في االنهباط‪ :‬أن االنخفاض محل الضيق والتسبيح‬
‫سبب للفرج‪ ،‬ومنه قوله تعالى في حق يونس ـ ‪ ‬ـ {ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ‬
‫ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ} [الصافات‪ 143 :‬ــ ‪.)3(]144‬‬

‫وكذلك من اآلداب خفض الصوت في التهليل والتكبير والتسبيح‬


‫والدعاء‪ ،‬فعن أبي موسى األشعري ـ ‪ ‬ـ قال‪ :‬كنا مع رسول اهلل ‘‬
‫فكنا إذا أشرفنا على واد هللنا وكبرنا ارتفعت أصواتنا‪ .‬فقال النبي ‘‪:‬‬
‫يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم ال تدعون أصم وال غائبا إنه‬
‫معكم إنه سميع قريب تبارك اسمه وتعالى جده(‪.)4‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫المصدر السابق (‪ 184/5‬ــ ‪.)185‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫البخاري (‪.)2993‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫>طرح التثريب في شرح التقريب< (‪.)186/5‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫متفق عليه‪ ،‬البخاري (‪ ،)2992‬ومسلم (‪.)2704‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫‪76‬‬
‫ما يقوله املسافر إذا ركب راحلته‪ ،‬وأدعية أخرى‬

‫قال المهلب‪ :‬إنما نهاهم ــ واهلل أعلم ــ عن رفع الصوت إبقاء عليهم‬
‫ورفقا بهم؛ ألنهم كانوا في مشقة السفر فأراد‪ :‬اكلفوا من العمل ما‬
‫تطيقون وكان بالمؤمنين رحيما‪ ،‬ثم أعلمهم أن اهلل يعلم خفي كالمهم‬
‫بالتكبير كما يسمع عالية؛ إذ ال آفة تمنعه من ذلك؛ ألنه سميع قريب‪.‬‬
‫قال الطبري‪ :‬في هذا الحديث من الفقه كراهية رفع الصوت بالدعاء وهو‬
‫قول عامة السلف من الصحابة والتابعين(‪.)1‬‬
‫وقال النووي‪ :‬معناه ارفقوا بأنفسكم واخفضوا أصواتكم؛ فإن رفع‬
‫الصوت إنما يفعله اإلنسان لبعد من يخاطبه ليسمعه وأنتم تدعون اهلل‬
‫تعالى وليس هو بأصم وال غائب؛ بل هو سميع قريب وهو معكم بالعلم‬
‫واإلحاطة ففيه الندب إلى خفض الصوت بالذكر إذا لم تدع حاجة إلى‬
‫رفعه فإنه إذا خفضه كان أبلغ في توقيره وتعظيمه فان دعت حاجة إلى‬
‫الرفع رفع كما جاءت به أحاديث‪ ،‬وقوله ‘ في هذه الرواية األخرى‬
‫الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلة أحدكم(‪.)2‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬شرح صحيح البخاري‪ ،‬البن بطال (‪.)152/5‬‬
‫(‪ )2‬شرح النووي على مسلم (‪.)26/17‬‬
‫‪77‬‬
‫جامع يف الدعاء والتعوذات يف السفر‬

‫‪A‬‬
‫جامع يف ادلاعء واتلعوذات يف السفر‬

‫فمن اآلداب التي ينبغي للمسافر سفرا مباحا أن يحرص عليها في‬
‫سفره‪ ،‬أدب الدعاء‪ ،‬فيدعوا لنفسه وآلبائه وأهله ومن يحب‪ ،‬وأن يجتهد‬
‫في ذلك‪ ،‬ويتحرى الدعاء الجامع مع اإللحاح والخضوع‪ ،‬فللمسافر‬
‫يستغل حاالت‬
‫َّ‬ ‫دعوة مستجابة فال ينبغي التفريط فيها‪ ،‬بل عليه أن‬
‫الضرورة واالنكسار‪ ،‬وساعات الضيق والشدة‪ :‬كالسفر‪.‬‬
‫قال ابن القيم‪ :‬فإن الدعاء من أقوى األسباب في دفع المكروه‪،‬‬
‫وحصول المطلوب‪ ،‬ولكن قد يتخلف أثره عنه‪ ،‬إما لضعفه في نفسه‬
‫ــ بأن يكون دعاء ال يحبه اهلل‪ ،‬لما فيه من العدوان ــ وإما لضعف القلب‬
‫وعدم إقباله على اهلل وجمعيته عليه وقت الدعاء‪ ،‬فيكون بمنزلة القوس‬
‫الرخو جدا‪ ،‬فإن السهم يخرج منه خروجا ضعيفا‪ ،‬وإما لحصول المانع‬
‫من اإلجابة‪ :‬من أكل الحرام‪ ،‬والظلم‪ ،‬ورين الذنوب على القلوب‪،‬‬
‫واستيالء الغفلة والشهوة واللهو‪ ،‬وغلبتها عليها(‪.)1‬‬
‫فعن أبي هريرة ـ ‪ ‬ـ عن رسول اهلل ‘‪ ،‬أنه قال‪> :‬ثالث دعوات‬
‫مستجابات ال شك فيهن‪ :‬دعوة المظلوم‪ ،‬ودعوة المسافر‪ ،‬ودعوة الوالد‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪> )1‬الجواب الكافي< (ص‪.)9 :‬‬
‫‪78‬‬
‫جامع يف الدعاء والتعوذات يف السفر‬

‫على ولده<(‪.)1‬‬
‫وقد ذكر النبي ـ ‘ ـ الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى‬
‫السماء يا رب يا رب‪ ،‬ومطعمه حرام‪ ،‬ومشربه حرام‪ ،‬وملبسه حرام‪،‬‬
‫وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك(‪.)2‬‬
‫وعن ابن مسعود‪ ،‬قال‪ :‬ثالث ال ترد دعوتهم‪ :‬الوالد‪ ،‬والمظلوم‪،‬‬
‫والمسافر(‪.)3‬‬
‫واختصاص هؤالء الثالثة بإجابة الدعوة النقطاعهم إلى اهلل بصدق‬
‫الطلب‪ ،‬ورقة القلب‪ ،‬وانكسار البال‪ ،‬ورثاثة الحال؛ أما المسافر فألنه‬
‫منتقل عن الموطن المألوف‪ ،‬ومفارق عمن كان يستأنس به‪ ،‬مستشعر في‬
‫سفرته من طوارق الحدثان‪ ،‬فال يخلو ساعتئذ عن الرقة والرجوع إلى اهلل‬
‫بالباطن‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬هذا الحديث أخرجه أبو داود (‪ ،)1536‬والترمذي (‪ ،)7501‬وابن ماجه (‪،)3862‬‬
‫وابن حبان في >صحيحه< (‪ )2699‬وغيرهم من طريق هشام الدستوائي‪ ،‬عن‬
‫يحيى بن أبي كثير‪ ،‬عن أبي جعفر‪ ،‬وأبو جعفر الذي روى عن أبي هريرة يقال له‪ :‬أبو‬
‫جعفر المؤذن وال نعرف اسمه‪ ،‬وقد روى عنه يحيى بن أبي كثير غير حديث‪ ،‬وقد‬
‫أُختلف في تعين أبي جعفر هذا فمنهم من قال‪ :‬إنه المؤذن‪ ،‬ومنهم من قال‪ :‬أنه أبو‬
‫جعفر محمد بن علي بن الحسين بن أبي طالب‪ ،‬وهو لم يدرك أبا هريرة‪ ،‬ومنهم من‬
‫قال‪ :‬إنه أبو جعفر اليمامي‪ ،‬وهو مجهول‪ ،‬ولكن للحديث شاهد من حديث أنس بن‬
‫مالك‪ ،‬وعقبة بن عامر ‪ ،‬وانظر >السلسلة الصحيحة< حديث رقم (‪.)596‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه مسلم (‪ )1015‬من حديث أبي هريرة ‪.‬‬
‫(‪ )3‬ذكره ابن رجب في >فتح الباري< (‪.)321/9‬‬
‫‪79‬‬
‫جامع يف الدعاء والتعوذات يف السفر‬

‫وأما المظلوم؛ فإنه متقلب إلى ربه على صفة االضطرار‪.‬‬


‫وأما الوالد فإنه يدعو لولده على نعت الخير والرقة‪ ،‬وإيثار الولد‬
‫على نفسه بما يستطيع‪ ،‬فيخلص في دعائه مبلغ جهده(‪.)1‬‬
‫ومتى طال السفر كان أقرب إلى إجابة الدعاء؛ ألنه مظنة حصول‬
‫انكسار النفس بطول الغربة عن األوطان وتحمل المشاق واالنكسار من‬
‫أعظم أسباب إجابة الدعاء‪.‬‬
‫وكذلك إذا خاف المسافر من أُناس أو غيرهم فعليه بالدعاء الوارد‬
‫عن النبي ‘ أنه كان إذا خاف قوم اا‪ ،‬قال‪ :‬اللهم إنا نجعلك في نحورهم‪،‬‬
‫ونعوذ بك من شرورهم(‪.)2‬‬
‫يقال‪ :‬جعلت فًلن اا في نحر العدو‪ ،‬أي‪ :‬قبالته‪ ،‬وحذاءه‪ ،‬وتخصيص‬
‫النحر بالذكر؛ ألن العدو يستقبل بنحره عند المناهضة للقتال‪.‬‬
‫والمعنى‪ :‬نسألك أن تتوالنا في الجهة التي يريدون أن يأتونا منها‪،‬‬
‫ونتوقى بك عما يواجهوننا‪ ،‬فأنت الذي تدفع في صدورهم‪ ،‬وتكفينا‬
‫أمرهم‪ ،‬وتحول بيننا وبينهم(‪.)3‬‬
‫ومن األدعية أيضا التي ينبغي أن يحرص عليها المسافر أن يقولها‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪> )1‬الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي< (‪.)519/2‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه أبو داود (‪ ،)1537‬والنسائي في >الكبرى< (‪ 8577‬ــ ‪ ،)10362‬وابن‬
‫حبان في >صحيحه< (‪ )4765‬وغيرهم من حديث أبي موسى األشعري ‪.‬‬
‫(‪> )3‬الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي< (‪.)571/2‬‬
‫‪80‬‬
‫جامع يف الدعاء والتعوذات يف السفر‬

‫الت َّامات من شر ما خلق؛ فإنه ال يضره‬


‫إذا نزل منزال‪ :‬أعوذ بكلمات َ‬
‫شيء حتى يرتحل‪.‬‬
‫فعن خولة بنت حكيم السلمية قالت‪ :‬سمعت رسول اهلل ‘‬
‫الت َّامات من شر ما خلق‬
‫يقول‪ :‬من نزل منزال ثم قال‪ :‬أعوذ بكلمات اهلل َ‬
‫لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك(‪.)1‬‬
‫قوله ‘‪ :‬أعوذ بكلمات اهلل التامات قيل معناه‪ :‬الكامالت التي ال‬
‫يدخل فيها نقص وال عيب‪ ،‬وقيل النافعة الشافية وقيل المراد بالكلمات‬
‫هنا القرآن؛ فإ َّن اهلل تعالى قد أخبر عنه بأنه هدى وشفاء‪ ،‬وهذا األمر على‬
‫جهة اإلرشاد إلى ما يدفع به األذى‪ ،‬ولما كان ذلك استعاذة بصفات اهلل‬
‫تعالى‪ ،‬والتجاء إليه‪ ،‬كان ذلك من باب المندوب إليه‪ ،‬المرغب فيه‪.‬‬
‫وعلى هذا فحق المتعوذ باهلل تعالى‪ ،‬وبأسمائه وصفاته أن يصدق‬
‫اهلل في التجائه إليه‪ ،‬ويتوكل في ذلك عليه‪ ،‬ويحضر ذلك في قلبه‪،‬‬
‫فمتى فعل ذلك وصل إلى منتهى طلبه‪ ،‬ومغفرة ذنبه(‪.)2‬‬
‫وإنما وصف كًلمه بالتمام؛ ألنه ًل يجوز أن يكون في كًلمه نقص‬
‫أو عيب‪ ،‬كما يكون في كالم الناس‪ ،‬وقيل‪ :‬معنى التمام هنا‪ :‬أنها تنفع‬
‫المتعوذ بها‪ ،‬وتمنعه من اآلفات وتكفيه(‪.)3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬مسلم (‪.)2708‬‬
‫(‪> )2‬شرح النووي على مسلم< (‪ ،)31/17‬و>المفهم< (‪.)36/7‬‬
‫(‪> )3‬النهاية في غريب الحديث البن األثير< (‪.)197/1‬‬
‫‪81‬‬
‫جامع يف الدعاء والتعوذات يف السفر‬

‫وقوله‪> :‬فإ َّنه ال يضره شيء حتى يرتحل منه<‪.‬‬


‫قال أبو العباس القرطبي‪ :‬هذا خبر صحيح‪ ،‬وقول صادق علمنا‬
‫صدقه دليال وتجربة‪ ،‬فإني منذ سمعت هذا الخبر عملت عليه‪ ،‬فلم‬
‫يضرني شيء إلى أن تركته‪ ،‬ولقد لدغتني عقرب بالمهدية ليال‪ ،‬فتفكرت‬
‫في نفسي‪ ،‬فإذا بي قد نسيت أن أتعوذ بتلك الكلمات‪ ،‬فقلت لنفسي‬
‫ــ ذاما لها وموبخا ــ ما قاله ‘ للرجل الملدوغ‪ :‬أما إنك لو قلت حين‬
‫أمسيت‪ :‬أعوذ بكلمات اهلل التامات من شر ما خلق لم يضرك(‪.)1‬‬
‫ومن اآلداب أيضا للمسافر‪ ،‬إذا نزل منزال أن يقول‪ :‬ما جاء عن‬
‫رسول اهلل ـ ‘ ـ إذا سافر فأقبل الليل‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫عبد اهلل بن عمر‪ ،‬قال‪ :‬كان‬
‫وش ِّر ما فيك‪،‬‬
‫ك اهللُ‪ ،‬أعو ُذ باهلل من َش ِّرك‪َ ،‬‬ ‫أرض‪ ،‬ربي وربُّ ِ‬
‫ُ‬ ‫قال‪> :‬يا‬
‫وأسود‪،‬‬
‫َ‬ ‫أس ٍد‬
‫ك‪ ،‬وأعوذ باهلل من َ‬ ‫وش ِّر ما يَ ِد ُّب علي ِ‬
‫وشر ما ُخلِ َق فيك‪َ ،‬‬
‫ِّ‬
‫رب‪ ،‬ومن ساك ِن البلد‪ ،‬و ِمن وال ٍد وما َول َ َد< ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫و ِمن الحيةِ والع ْق ِ‬
‫خاطب األرض وناداها على االتساع إرادة االختصاص‪ ،‬وشر‬
‫األرض‪ :‬الخسف والسقوط عن الطريق‪ ،‬والتحير في المهامة والفيافي‪،‬‬
‫وما فيها من أحناش األرض وحشراتها‪ ،‬وما يعيش في الثقب وأجوافها‪.‬‬
‫وقوله‪> :‬وأعوذ بك< تلوين للخطاب‪ ،‬وانتقال من الغيبة إلى الحضور‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪> )1‬المفهم< (‪.)36/7‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه أبو داود (‪ ،)2603‬والنسائي في >الكبرى< (‪ ،)10322‬وفي >عمل اليوم‬
‫والليلة< (‪ ،)563‬والحديث فيه ضعف‪ ،‬انظر >السلسلة الضعيفة< (‪.)4837‬‬
‫‪82‬‬
‫جامع يف الدعاء والتعوذات يف السفر‬

‫للمبالغة ومزيد اًلعتناء‪ ،‬وفرط الحاجة إلى العوذ به مما يعده بعد‪ ،‬ولذلك‬
‫خصها بالذكر‪ ،‬وهي مندرجة فيما خلق في األرض‪ ،‬وفيما يدب عليها‪.‬‬
‫واألسود‪ :‬نوع من الحية أسود اللون‪ ،‬يقال‪ :‬إنها أخبثها‪ ،‬وأجرءها‪،‬‬
‫فإنها تعارض الركب‪ ،‬وتتبع الصوت‪ ،‬ولذلك أفردها بالذكر‪ ،‬وجعلها‬
‫جنسا آخر برأسها‪ ،‬ثم عطف عليها الحية‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬ساكن البلد‪ :‬أي اإلنس‪ ،‬سماهم بذلك؛ ألنهم يسكنون‬
‫البالد غالبا‪ ،‬أو ألنهم بنوا البلدان واستوطنوها‪ ،‬وقيل‪ :‬الجن‪.‬‬
‫والمراد بالبلد‪ :‬األرض‪ ،‬يقال‪ :‬هذه بلدتنا أي أرضنا‪.‬‬
‫ووالد وما ولد‪ :‬أي إبليس وذريته‪ ،‬وقيل‪ :‬أراد آدم وذريته‪،‬‬
‫ويحتمل أن يكون المراد جميع ما يوجد بالتوالد من الحيوانات أصولها‬
‫وفروعها‪ ،‬وفي التعبير بهذه العبارة إيماء بأن العياذ إنما يحسن ويفيد إذا‬
‫كان بمن لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد(‪.)1‬‬
‫ومن األدعية التي يقولها المسافر عندما يكون فيه رعد وبرق وبرد‬
‫ما رواه عبد اهلل بن عباس ـ ‪ ‬ـ قال‪ :‬كنا مع عمر بن الخطاب في سفر‬
‫ومعنا كعب األحبار‪ ،‬فأصابنا رعد وبرق وبرد‪ ،‬فقال كعب‪ :‬من قال حين‬
‫يسمع الرعد‪ :‬سبحان من سبح الرعد بحمده والمالئكة من خيفته ثالثا‪،‬‬
‫عوفي مما يكون في ذلك الرعد‪ ،‬قال ابن عباس‪ :‬فقلنا فعوفينا‪ ،‬ثم‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر >تحفة األبرار للبيضاوي< (‪.)100/2‬‬
‫‪83‬‬
‫جامع يف الدعاء والتعوذات يف السفر‬

‫لقيت عمر بن الخطاب في بعض الطريق‪ ،‬فإذا بردة قد أصابت أنفه‬


‫فأثرت به‪ ،‬فأخبرته بما قال كعب‪ ،‬فقال‪ :‬أوال أعلمتمونا حتى نقوله(‪.)1‬‬
‫وعن ابن مسعود‪ ،‬ـ ‪ ‬ـ أنه >كان يقول إذا أراد دخول قرية‪ :‬اللهم‬
‫رب السماوات وما أظللن‪ ،‬ورب األرضين وما أقلت‪ ،‬ورب الرياح وما‬
‫ذرت‪ ،‬ورب الشياطين وما أضلت‪ ،‬أسألك خيرها وخير ما فيها‪ ،‬وأعوذ‬
‫إلي‬
‫إلي خيار أهلها‪ ،‬وبغض ّ‬ ‫بك من شرها وشر ما فيها‪ ،‬اللهم حبب ّ‬
‫شرارهم<(‪.)2‬‬
‫ومن الفوائد التي نختم بها الكالم في هذا الباب‪ ،‬كالم ابن القيم‬
‫ـ ‪ ‬ـ فإنه في غاية النفاسة‪ ،‬قال ـ ‪ ‬ـ‪ :‬ومن جرب هذه الدعوات‬
‫والعوذ‪ ،‬عرف مقدار منفعتها‪ ،‬وشدة الحاجة إليها واألدعية والتعوذات‬
‫بمنزلة السالح‪ ،‬والسالح بضاربه‪ ،‬ال بحده فقط‪ ،‬فمتى كان السالح‬
‫سالحا تاما ال آفة به‪ ،‬والساعد ساعد قوي‪ ،‬والمانع مفقود؛ حصلت به‬
‫النكاية في العدو‪ ،‬ومتى تخلف واحد من هذه الثًلثة تخلف التأثير‪ ،‬فإن‬
‫كان الدعاء في نفسه غير صالح‪ ،‬أو الداعي لم يجمع بين قلبه ولسانه في‬
‫الدعاء‪ ،‬أو كان ثم مانع من اإلجابة‪ ،‬لم يحصل األثر(‪.)3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬أخرجه ابن أبي الدنيا في >المطر والرعد والبرق< (‪ )103‬من طريق محمد بن راشد‬
‫الدمشقي‪ ،‬عن سليمان بن علي بن عبد اهلل بن العباس بن عبد المطلب‪ ،‬عن أبيه‪،‬‬
‫عن جده عبد اهلل بن العباس به‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه معمر بن راشد في جامعه (‪ ،)20995‬ومن طريقه الطبراني في >الكبير<‬
‫(‪ )8867‬عن قتادة به‪.‬‬
‫(‪> )3‬الجواب الكافي< (ص‪.)5 :‬‬
‫‪84‬‬
‫كراهية سفر الرجل ومبيته وحده‬

‫‪A‬‬
‫يف كراهية سفر الرجل ومبيته وحده‬

‫فإن من لوازم السفر التعب والمشقة‪ ،‬والخوف من األمور التي‬


‫َت ْعرِض في الطريق‪ ،‬لذلك فإن المسافر يحتاج إلى المعاونة والمؤانسة‬
‫وأن يستعين المرء بأصحابه ورفقاؤه‪ ،‬فربما تعرض لشيء في سفره؛‬
‫لذلك نهى النبي ‘ أن يسافر الرجل وحده‪ ،‬وذم الوحدة في قوله‪ :‬لو‬
‫يعلم الناس ما في الوحدة‪ ،‬ما سار راكب وحده بليل أبد اا(‪.)1‬‬
‫وكان سبب قوله هذا ‘ ما جاء عن سالم بن عبد اهلل عن أبيه‬
‫قال‪ :‬خرجت مرة لسفر فمررت بقبر من قبور الجاهلية فإذا رجل قد خرج‬
‫من القبر يتأجج نارا في عنقه سلسلة ومعي إداوة من ماء فلما رآني قال‪:‬‬
‫يا عبد اهلل اسقني‪ .‬قال‪ :‬فقلت‪ :‬عرفني فدعاني باسمي أو كلمة تقولها‬
‫العرب يا عبد اهلل إذ خرج على إثره رجل من القبر فقال‪ :‬يا عبد اهلل ال‬
‫تسقه؛ فإنه كافر ثم أخذ السلسلة فاجتذبه فأدخله القبر قال‪ :‬ثم أضافني‬
‫الليل إلى بيت عجوز إلى جانبها قبر‪ ،‬فسمعت من القبر صوتا يقول‪ :‬بول‬
‫وما بول‪ ،‬شن وما شن‪ ،‬فقلت‪ :‬للعجوز ما هذا؟ قالت‪ :‬كان زوجا لي‪،‬‬
‫وكان إذا بال لم يتق البول‪ ،‬وكنت أقول له ويحك إن الجمل إذا بال‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬البخاري (‪ )2998‬من حديث عبد اهلل بن عمر ‪.‬‬
‫‪85‬‬
‫كراهية سفر الرجل ومبيته وحده‬

‫تفاج‪ ،‬وكان يأبى فهو ينادى من يوم مات بول وما بول‪ .‬قلت‪ :‬فما‬
‫الشن؟ قالت‪ :‬جاء رجل عطشان فقال‪ :‬اسقني‪ ،‬فقال‪ :‬دونك الشن فإذا‬
‫ليس فيه شيء فخر الرجل ميتا فهو ينادى منذ يوم مات شن وما شن فلما‬
‫قدمت على رسول اهلل ‘ أخبرته فنهى أن يسافر الرجل وحده(‪.)1‬‬
‫وقيده بالليل؛ ألن الخطر بالليل أكثر فإن انبعاث الشر فيه أكثر‬
‫والتحرز منه أصعب‪.‬‬
‫وقال ‘‪ :‬الراكب شيطان‪ ،‬والراكبان شيطانان‪ ،‬والثالثة ركب(‪.)2‬‬
‫ومعناه أن التفرد والذهاب وحده في األرض من فعل الشيطان‪ ،‬أو‬
‫هو شيء يحمله عليه الشيطان ويدعوه إليه‪ ،‬فقيل‪ :‬على هذا إن فاعله‬
‫شيطان‪ ،‬ويقال‪ :‬إن اسم الشيطان مشتق من الشطون وهو البعد والنزوح‪،‬‬
‫يقال‪ :‬بئر شطون إذا كانت بعيدة المهوى‪ ،‬فيحتمل على هذا أن يكون‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬أخرجه ابن عبد البر في >التمهيد< (‪ )20/9‬من طريق عبد اهلل بن محمد بن أبي‬
‫الدنيا‪ ،‬عن عبيد اهلل بن صالح العتكي‪ ،‬عن خالد أبو يزيد الرقي عن يحيى المديني‪،‬‬
‫به‪.‬‬
‫قال ابن عبد البر‪ :‬هذا الحديث ليس له إسناد ورواته مجهولون ولم نورده لالحتجاج‬
‫به ولكن لالعتبار وما لم يكن فيه حكم فقد تسامح الناس في روايته عن الضعفاء‬
‫واهلل المستعان‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه مالك في >الموطأ< (‪ )1764‬رواية يحيى الليثي‪ ،‬وأحمد في >مسنده<‬
‫(‪ ،)186/2‬وأبو داود (‪ ،)2607‬والترمذي (‪ ،)1674‬والنسائي في الكبرى‬
‫(‪ )8798‬وغيرهم من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده‪ ،‬به‪ .‬وقال الترمذي‪:‬‬
‫حسن‪.‬‬
‫‪86‬‬
‫كراهية سفر الرجل ومبيته وحده‬

‫المراد أن الممعن في األرض وحده مضاه للشيطان في فعله وتشبه‬


‫اسمه‪ ،‬وكذلك االثنان ليس معهما ثالث‪ ،‬فإذا صاروا ثالثة فهم ركب‪.‬‬
‫فمشي الواحد منفردا منهي عنه‪ ،‬وكذلك االثنين؛ فإذا فعل الرجل‬
‫منهيا عنه؛ فقد أطاع الشيطان في فعل المنهي‪ ،‬ومن أطاع الشيطان؛ فكأنه‬
‫هو‪ ،‬فلهذا أطُلق عليه اسمه عليه‪ ،‬وقيل‪ :‬البعيد من الخير في األنس والرفق‪.‬‬
‫وألن الشيطان يهم بالواحد وباالثنين‪ ،‬فإذا كانوا ثالثة أو أكثر لم‬
‫يهم بهم‪.‬‬
‫فالمنفرد وحده في السفر إن مات؛ لم يكن بحضرته من يقوم‬
‫بغسله ودفنه وتجهيزه‪ ،‬وال عنده من يوصي إليه في ماله ويحمل تركته‬
‫إلى أهله ويرد خبره عليهم‪ ،‬وال معه في سفره من يعينه على الحمولة‪،‬‬
‫وإذا مرض لم يجد من يمرضه وال يقوم عليه‪ ،‬فإذا كانوا ثالثة تعاونوا‬
‫وتناوبوا المهنة والحراسة وصلوا الجماعة وأحرزوا الحظ منها(‪.)1‬‬
‫وقال عمر‪ :‬يحتاط للمسلمين كونوا في أسفاركم ثالثة إن مات‬
‫واحد َولِ َيه اثنان‪ ،‬الواحد شيطان واالثنان شيطانان(‪.)2‬‬
‫وعن عطاء؛ أن عمر نهى أن يسافر الرجالن(‪.)3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر >معالم السنن< (‪ ،)260/2‬و>التمهيد< (‪.)20/6‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه ابن عبد البر في >التمهيد< (‪ )20/7‬من طريق ابن أبي نجيح‪ ،‬عن مجاهد‪،‬‬
‫به‪.‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه ابن أبي شيبة (‪ )34322‬من طريق حجاج به‪.‬‬
‫‪87‬‬
‫كراهية سفر الرجل ومبيته وحده‬

‫وجوز العلماء السفر منفردا للضرورة والمصلحة التي ال تنتظم إال‬


‫َّ‬
‫باالنفراد‪ ،‬كإرسال الجاسوس والطليعة والكراهة لما عدا ذلك‪ ،‬ويحتمل‬
‫أن تكون حالة الجواز مقيدة بالحاجة عند األمن‪ ،‬وحالة المنع مقيدة‬
‫بالخوف حيث ال ضرورة(‪.)1‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر >فتح الباري< (‪ ،)138/6‬و>إرشاد الساري< للقسطالني (‪.)138/5‬‬
‫‪88‬‬
‫يؤمروا أحدهم إذا سافروا‬

‫‪A‬‬
‫يؤمرون أحدهم إذا سافروا‬

‫فتأمير المسافرين واحد اا منهم من األمور التي أوجبها النبي ‘ على‬


‫المسافر‪ ،‬وحث عليها‪ ،‬وكانت من هديه؛ وإنما يُحتاج إلى األمير؛ ألن‬
‫اآلراء تختلف في تعيين المنازل والطرق ومصالح السفر‪ ،‬وال نظام إال‬
‫في الوحدة‪ ،‬وال فساد إال في الكثرة‪.‬‬
‫{ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ‬ ‫وإنما انتظم أمر العالم؛ ألن مدبر الكل واحد‬
‫ﲲ ﲳ ﲴﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ} [اآلية ‪ :22‬األنبياء] ومهما كان‬
‫المدبر واحدا انتظم أمر التدبير وإذا كثر المدبرون فسدت األمور في‬
‫الحضر والسفر إال أن مواطن اإلقامة ال تخلو عن أمير عام كأمير البلد‬
‫وأمير خاص كرب الدار وأما السفر فال يتعين له أمير إال بالتأمير فلهذا‬
‫وجب التأمير ليجتمع شتات اآلراء(‪.)1‬‬
‫فقال ‘‪> :‬إذا كان ثالثة في سفر فليؤمروا أحدهم<(‪.)2‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪> )1‬إحياء علوم الدين< (‪.)252/2‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه أبو داود (‪ ،)2608‬وأبو يعلى (‪1054‬ــ ‪ ،)1359‬وأبو عوانة (‪،)7538‬‬
‫والطحاوي في >شرح مشكل اآلثار< (‪ ،)4620‬والطبراني في >األوسط< (‪8093‬ــ‬
‫إسماعيل‪ ،‬ح َّدثنا محم ُد بن=‬
‫َ‬ ‫حاتم بن‬
‫ُ‬ ‫‪ ،)8094‬والبيهقي (‪ )257/5‬من طريق‬
‫‪89‬‬
‫يؤمروا أحدهم إذا سافروا‬

‫وقال ابن تيمية‪ :‬فإن بني آدم ال تتم مصلحتهم إال باالجتماع لحاجة‬
‫بعضهم إلى بعض‪ ،‬وال بد لهم عند االجتماع من رأس(‪.)1‬‬
‫وقال الشوكاني‪ :‬ألن في ذلك ــ أي التأمير ــ السالمة من الخالف‬
‫الذي يؤدي إلى التالف‪ ،‬فمع عدم التأمير يستبد كل واحد برأيه ويفعل‬
‫ما يطابق هواه فيهلكون‪ ،‬ومع التأمير يقل االختالف وتجتمع الكلمة(‪.)2‬‬
‫قال عمر بن الخطاب ـ ‪ ‬ـ‪> :‬إذا كان نفر ثالث فليؤمروا‬
‫أحدهم‪ ،‬ذاك أمير أمره رسول اهلل ‘<(‪.)3‬‬
‫وقال عبد اهلل بن مسعود ـ ‪ ‬ـ‪> :‬إذا كنتم ثالثة في سفر فأمروا‬
‫عليكم أحدكم‪ ،‬وال يتناجى اثنان دون صاحبهما<(‪.)4‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أبي َسلَم َة عن أبي سعي ِد الخدري‪ ،‬ورجاله ثقات‪.‬‬
‫عجال َن‪ ،‬عن نافع‪ ،‬عن ْ‬ ‫=‬
‫>السياسة الشرعية< (ص‪.)217 :‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫>نيل األوطار< (‪.)294/8‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫أخرجه الطحاوي في >شرح مشكل اآلثار< (‪ ،)37/12‬وابن خزيمة في >صحيحه<‬ ‫(‪)3‬‬
‫(‪ ،)2541‬والحاكم في >المستدرك< (‪ ،)611/1‬وأبو نعيم في >الحلية< (‪)172/4‬‬
‫من طريق عمار بن خالد الواسطي‪ ،‬عن القاسم بن مالك المزني‪ ،‬عن األعمش‪ ،‬عن‬
‫زيد بن وهب الجهني‪ ،‬به‪ ،‬بنحوه‪ .‬وإسناده صحيح‪.‬‬
‫وأخرجه إسماعيل بن جعفر في >جزئه< (‪ )464‬من طريق حبيب بن حسان‪ ،‬عن‬
‫زيد بن وهب به‪ ،‬بنحوه‪.‬‬
‫أخرجه علي بن الجعد في >مسنده< (‪ ،)430‬والسراج في حديثه (‪،)1250‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫والطبراني في >الكبير< (‪ )8915‬من طريق شعبة‪ ،‬عن أبي إسحاق السبيعي‪ ،‬عن أبي‬
‫األحوص عوف بن مالك األشجعي‪ ،‬عن ابن مسعود به‪ ،‬وإسناده صحيح‪.‬‬
‫‪90‬‬
‫يؤمروا أحدهم إذا سافروا‬

‫وعليهم أن يؤمروا أحسنهم أخالقا وأرفقهم باألصحاب وأسرعهم‬


‫إلى اإليثار وطلب الموافقة‪.‬‬
‫وجاء عنه ‘ أنه قال‪ :‬خير األصحاب أربعة‪ ،‬وخير السرايا أربع‬
‫مئة‪ ،‬وخير الجيوش أربعة آالف‪ ،‬ولن يؤتى اثنا عشر ألف اا من قلة ولن‬
‫يغلبوا(‪.)1‬‬
‫قال الغزالي‪ :‬وتخصيص األربعة من بين سائر األعداد ال بد أن‬
‫يكون له فائدة‪ ،‬والذي ْينقدح فيه أن المسافر ال يخلو عن رجل يحتاج‬
‫إلى حفظه‪ ،‬وعن حاجة يحتاج إلى التردد فيها‪ ،‬ولو كانوا ثالثة لكان‬
‫المتردد في الحاجة‪ ،‬واحدا فيبقى في السفر بال رفيق‪ ،‬فال يخلو عن‬
‫خطر وعن ضيق قلب لفقد أنس الرفيق‪ ،‬ولو تردد في الحاجة اثنان لكان‬
‫الحافظ للرحل واحدا فال يخلو أيضا عن الخطر وعن ضيق الصدر‪،‬‬
‫فإذن ما دون األربعة ال يفي بالمقصود‪ ،‬وما فوق األربعة يزيد فال‬
‫تجمعهم رابطة واحدة فال ينعقد بينهم الترافق؛ ألن الخامس زيادة بعد‬
‫الحاجة ومن يستغنى عنه ال تنصرف الهمة إليه‪ ،‬فال تتم المرافقة معه‪.‬‬
‫نعم في كثرة الرفقاء فائدة لألمن من المخاوف‪ ،‬ولكن األربعة خير‬
‫للرفقة الخاصة ال للرفقة العامة‪ ،‬وكم من رفيق في الطريق عند كثرة‬
‫الرفاق ال يُكلم وال يُخالط إلى آخر الطريق لالستغناء عنه(‪.)2‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬أخرجه أحمد (‪ ،)299/1‬والدارمي (‪ ،)2438‬وأبو يعلى (‪ )2714‬وغيرهم من حديث‬
‫ابن عباس ‪ ‬به‪ ،‬وفي إسناده حبان بن علي العنزي‪ ،‬وهو ضعيف‪.‬‬
‫(‪> )2‬إحياء علوم الدين< (‪.)252/2‬‬
‫‪91‬‬
‫يؤمروا أحدهم إذا سافروا‬

‫ِ‬
‫الرفقاء‬ ‫خير‬
‫خير الصحابة أربعة<؛ يعني‪ُ :‬‬ ‫الم ْظهِري‪ :‬قوله‪ُ > :‬‬ ‫وقال ُ‬
‫خير من أن يكونوا ثالثة؛ ألنهم إذا‬ ‫الرفقاء إذا كانوا أربعة ٌ‬
‫ُ‬ ‫أربعةٌ؛ يعني‪:‬‬
‫نفسه لم‬‫وصي ِ‬ ‫َّ‬ ‫يجعل أح َد رفيقيه‬
‫َ‬ ‫ِض أح ُدهم فأراد أن‬ ‫ومر َ‬‫كانوا ثالثة َ‬
‫غير كافيةٍ‪ ،‬ولو‬ ‫يكن هنا من يَ ْش َه ُد بإيصائه إال واح ٌد‪ ،‬وشهاد ُة الواح ِد ُ‬
‫وصي ِ‬
‫نفسه‬ ‫َّ‬ ‫وأراد أن يَ ْج َع َل أح َد رفقائه‪،‬‬
‫َ‬ ‫ض أح ُدهم‬ ‫وم ِر َ‬
‫كانوا أربعة َ‬
‫الج ْم َع إذا‬‫يكون َم ْن يَ ْشه ُد بإيصائه اثنين‪ ،‬وشهاد ُة االثنين كافي ٌة‪ ،‬وأل َّن َ‬
‫وفض ُل صالة الجماعة أيضا‬ ‫أكثر‪ْ ،‬‬ ‫عاون َة بعضهم بعضا َ‬ ‫أكثر يكون ُم َ‬ ‫كان َ‬
‫أقل منهم‪،‬‬ ‫خير ممن ُّ‬ ‫ٍ‬
‫كل جماعة ٌ‬ ‫خير من أربعة‪ ،‬وكذلك ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫أكثر‪ ،‬فخمس ٌة‬
‫ولم يكونوا خيرا ممن فوقَهم(‪.)1‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪> )1‬المفاتيح في شرح المصابيح< (‪.)384/4‬‬
‫‪92‬‬
‫استحباب اخلروج يوم اخلميس أول النهار‬

‫‪A‬‬
‫استحباب اخلروج يوم اخلميس أول انلهار‬

‫ومن اآلداب المستحبة للمسافر أن يجعل سفره يوم الخميس في‬


‫أول النهار أُسوة بالنبي ‘‪ ،‬فقد جاء عنه أنه كان يحب أن يخرج إلى‬
‫أسفاره يوم الخميس‪ ،‬فعن كعب بن مالك ـ ‪ ‬ـ أن النبي ‘ خرج يوم‬
‫الخميس في غزوة تبوك وكان يحب أن يخرج يوم الخميس(‪.)1‬‬
‫وفي اختياره ‘ ليوم الخميس عدة وجوه‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬أنه يوم مبارك‪ ،‬ترفع فيه أعمال العباد إلى اهلل‪ ،‬وقد‬
‫كانت سفراته هلل‪ ،‬وفي اهلل‪ ،‬وإلى اهلل‪ ،‬فأحب أن يرفع فيه عمل صالح‪،‬‬
‫فأنشأ سفرته في الخميس‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬أنه أتم أيام األسبوع عددا‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬أنه كان يتفاءل بالخميس في خروجه‪ ،‬وكان من‬
‫سنته أن يتفاءل باالسم الحسن‪ .‬والخميس‪ :‬الجيش؛ ألنهم خمس‬
‫فرق‪ :‬المقدمة‪ ،‬والقلب‪ ،‬والميمنة‪ ،‬والميسرة‪ ،‬والساقة‪ ،‬فيرى في ذلك‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬البخاري (‪.)2950‬‬
‫‪93‬‬
‫استحباب اخلروج يوم اخلميس أول النهار‬

‫من الفأل الحسن‪ ،‬حفظ اهلل له؛ وإحاطة جنوده به حفظا وحماية(‪.)1‬‬
‫ويمكن أنه ‘ اختار ذلك؛ ًلختصاص ذلك اليوم بخلق الدواب‪،‬‬
‫ويكون إشارة إلى ما من اهلل تعالى على بني آدم بنشرهم في البالد على‬
‫ظهور الدواب‪ ،‬وتيمنا باليوم الذي بدأ اهلل خلقها فيه لمصالح العباد‪،‬‬
‫واهلل أعلم بما احتوت عليه العلوم النبوية من المعاني والخواص(‪.)2‬‬
‫واألمر الثاني‪ :‬اًلبتكار في السفر؛ أن يخرج أول النهار أسوة بالنبي‬
‫دي ـ ‪ ‬ـ‬ ‫‘‪ ،‬رجاء أن تصيبه دعوته ‘ فعن َص ْخ ٍر بن وداعة الغا ِم ِّ‬
‫اللهم بار ِْك ألِمتي في ُبكورِها<‪ ،‬وكا َن إذا‬
‫رسول اهلل ـ ‘ ـ‪َّ > :‬‬ ‫ُ‬ ‫قال‪ :‬قال‬
‫بعثهم ِمن َّأو ِل النَّها ِر(‪.)3‬‬
‫سرية أو جي اشا َ‬
‫بعث ا‬ ‫َ‬
‫السنة‪ ،‬وكان تاجرا يبعث ماله في‬
‫وكان صخر ـ ‪ ‬ـ يُراعي هذه ُ‬
‫أول النهار إلى السفر للتجارة‪ ،‬فكثر ماله ببركة مراعاة السنة‪ ،‬وألن دعاء‬
‫النبي ـ ‘ ـ مقبول ال محالة‪.‬‬
‫والبركة‪ :‬هي النمو والزيادة‪ ،‬فيكون المعنى‪ :‬اللهم أكثر خير أمتي‬
‫في بكورها‪ ،‬أي‪ :‬قيامها وقت الصبح‪ ،‬وألن نوم هذه الساعة يُ ْك ِسل‬
‫والبكرة شباب النهار‪ ،‬ويكون اإلنسان فيها وادعا مستريحا‪ ،‬يمكنه‬
‫ويبلد‪ُ ،‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر >الميسر في شرح مصابيح السنة< للتٌو ِرب ِْشتي (‪.)891/3‬‬
‫(‪ )2‬انظر >شرح رياض الصالحين< البن كمال باشا (‪.)530/4‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه أبو داود (‪ ،)2606‬وابن ماجه (‪ ،)2236‬والترمذي (‪ ،)1212‬وابن أبي‬
‫عاصم في >اآلحاد والمثاني< (‪ ،)2402‬والطبراني في >الكبير< (‪.)7277‬‬
‫‪94‬‬
‫استحباب اخلروج يوم اخلميس أول النهار‬

‫القيام بأي عمل‪ ،‬والسعي في الشغل‪.‬‬


‫وقال ابن عباس ‪ :‬ال تطلبن حاجة إلى أعمى‪ ،‬وال تطلبها ليال‪،‬‬
‫وإذا طلبت الحاجة؛ فاستقبل الرجل وجهك؛ فإن الحياء في العينين‪،‬‬
‫وباكر حاجتك؛ فإن النبي ‘ قال‪ :‬اللهم بارك ألمتي في بكورها(‪.)1‬‬
‫وًل يدل أن غير البكور ًل بركة فيه؛ ألن كل ما فعل النبي ‘ ففيه‬
‫البركة وألمته فيه أكبر األسوة‪.‬‬
‫وإنما خص ـ ‘ ـ البكور بالدعاء بالبركة فيه من بين سائر األوقات‬
‫واهلل أعلم؛ ألنه وقت يقصده الناس بابتداء أعمالهم وهو وقت نشاط‬
‫وقيام من دعة‪ ،‬فخصه بالدعاء؛ لينال بركة دعوته جميع أمته(‪.)2‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬أخرجه الطبراني في >الكبير< (‪ ،)12966‬والخرائطي في >مكارم األخالق< (‪،)842‬‬
‫والبيهقي في >الشعب< (‪ )149/6‬من طريق معلى بن أسد العمي‪ ،‬عن عمر بن‬
‫المساور العتكي‪ ،‬عن نصر بن عمران الضبعي أبو جمرة البصري‪ ،‬به‪ .‬وعمر بن مساور‬
‫أبو مسور‪ ،‬ويقال عمرو بن مساور ضعيف‪ ،‬انظر ترجمته >لسان الميزان< (‪)144/6‬‬
‫(‪ )2‬ابن بطال‪> ،‬شرح البخاري< (‪.)124/5‬‬
‫‪95‬‬
‫يف آداب السري والنزول واملبيت يف السفر‪ ،‬والرفق بالدواب‬

‫‪A‬‬
‫يف آداب السري والزنول واملبيت يف السفر‪ ،‬والرفق بادلواب‬
‫ومرااعة مصلحتها‪ ،‬وعدم لعنها‬

‫يعتمد اإلسًلم مبدأ الرفق بصورة عامة في جميع شؤون الحياة‪،‬‬


‫فيجعل منه سمة تميز المؤمن‪ ،‬وعنصر اا يقوي اإليمان‪ ،‬وفضيلة تزين‬
‫العمل‪ ،‬وفي ذلك يقول النبي ‘‪> :‬إن اهلل رفيق يحب الرفق في األمر‬
‫كله<(‪.)1‬‬
‫وينظر اإلسالم إلى عالم الحيوان إجماال نظرة واقعية ترتكز على‬
‫أهميته في الحياة ونفعه لإلنسان‪ ،‬وتعاونه معه في عمارة الكون‬
‫واستمرار الحياة‪ ،‬ومن هنا كان الحيوان ملء السمع والبصر في كثير من‬
‫مجاالت الفكر والتشريع اإلسالمي‪.‬‬
‫ويأتي القرآن بعد ذلك لينص على تكريم الحيوان‪ ،‬وبيان مكانته‪،‬‬
‫وتحديد موقعه إلى جانب اإلنسان‪ ،‬فبعد أن بين اهلل في سورة النحل قدرته‬
‫في خلق السموات واألرض‪ ،‬وقدرته في خلق اإلنسان‪ ،‬أردف ذلك بقوله‪:‬‬
‫{ﲨ ﲩﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬متفق عليه‪ ،‬البخاري (‪ ،)6024‬ومسلم (‪ )1265‬من حديث عائشة ‪.‬‬
‫‪96‬‬
‫يف آداب السري والنزول واملبيت يف السفر‪ ،‬والرفق بالدواب‬

‫ﲴﲵﲶﲷﲸﲹ ﱁﱂﱃﱄﱅﱆ‬
‫ﱇ ﱈ ﱉ ﱊﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ‬
‫ﱔ ﱕﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ} [النحل‪ 5 :‬ــ ‪.]8‬‬
‫وقد استنبط الفقهاء والمفسرون من هذه اآليات األربع من سورة‬
‫النحل ما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬أن الحيوان شديد االرتباط باإلنسان‪ ،‬وثيق الصلة به‪،‬‬
‫قريب الموقع منه‪ ،‬ومن هنا كان للحيوان على اإلنسان حرمة وذمام‪.‬‬
‫ثاني اا‪ :‬أن أشرف األجسام الموجودة في العالم السفلي ــ بعد‬
‫اإلنسان ــ سائر الحيوانات؛ الختصاصها بالقوى الشريفة وهي الحواس‬
‫الظاهرة والباطنة والشهوة والغضب‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬أن اهلل ــ سبحانه ــ قصد بهذه اآليات أن يبتعد باإلنسان‬
‫عن أن ينظر إلى الحيوان نظرة ضيقة ال تتعلق إال بالجانب المادي‬
‫المتعلق باألكل والنقل واللباس والدفء‪ ،‬فوسع نظرته إليه مشيرا إلى أن‬
‫للحيوان جانبا معنويا‪ ،‬وصفات جمالية تقتضي الرفق به في المعاملة‪،‬‬
‫واإلحسان إليه في المصاحبة‪ ،‬واإلقبال عليه بحب واعتزاز‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫{ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ}‪ ،‬وقال‪{ :‬ﱔ‬
‫ﱕ}(‪.)1‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪> )1‬حقوق الحيوان والرفق به في الشريعة اإلسًلمية< (ص ‪ ،)23‬ألحمد عبيد الكبيسي‪.‬‬
‫‪97‬‬
‫يف آداب السري والنزول واملبيت يف السفر‪ ،‬والرفق بالدواب‬

‫وجاءت السنة النبوية لتؤكد هذا المبدأ‪ ،‬وهذا األدب فعن أبي‬
‫هريرة ‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‘‪ :‬إذا سافرتم في الخصب فأعطوا‬
‫اإلبل حظها من األرض‪ ،‬وإذا سافرتم في السنة فبادروا بها نقيها‪ ،‬وإذا‬
‫عرستم فاجتنبوا الطريق‪ ،‬فإنها طرق الدواب ومأوى الهوام بالليل(‪.)1‬‬
‫ومعنى قوله‪> :‬أعطوا اإلبل حظها من األرض<‪ ،‬أي‪ :‬ارفقوا بها في‬
‫السير لترعى في حال سيرها‪.‬‬
‫وإنما أثبت لها الحق وصرح بها في القرينة األولى على األرض؛‬
‫ألن اهلل تعالى أنزل من السماء ماء فأخرج الكأل والعشب لرعيها‪ ،‬فال‬
‫ينبغي أن يهضم حقها منها(‪.)2‬‬
‫ففي هذا الحديث النبوي الشريف الحث على الرفق بالدواب‬
‫ومراعاة مصلحتها؛ فإن سافروا في الخصب قللوا السير وتركوها ترعى‬
‫في بعض النهار وفي أثناء السير فتأخذ حظها من األرض بما ترعاه‬
‫منها‪ ،‬وإن سافروا في القحط عجلوا السير ليصلوا المقصد وفيها بقية من‬
‫قوتها‪ ،‬وًل يقللوا السير فيلحقها الضرر ألنها ًل تجد ما ترعى فتضعف(‪.)3‬‬
‫وقد أفاض عبد اهلل بن مسعود ـ ‪ ‬ـ من عرفات على هيئته ال‬
‫يضرب بعيره حتى أتى جمع فنزل(‪.)4‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫مسلم (‪.)1926‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫>شرح المشكاة< للطيبي (‪.)2680/8‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫>شرح النووي على مسلم< (‪.)69/13‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫أخرجه ابن خزيمة في >صحيحه< (‪ )2852‬من طريق أبي إسحاق السبيعي‪=،‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫‪98‬‬
‫يف آداب السري والنزول واملبيت يف السفر‪ ،‬والرفق بالدواب‬

‫وكان زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ـ ‪ ‬ـ‪،‬‬


‫ال يضرب بعيره من المدينة إلى مكة(‪.)1‬‬
‫بن مال ِ‬
‫ك قال‪ :‬كنا إذا نز ْلنا منزال ال نُسبِّح حتى ُت َح َّل‬ ‫أنس َ‬
‫وعن َ‬
‫حال(‪.)2‬‬
‫الر ُ‬
‫ِّ‬
‫يريد‪ً :‬ل نصلي سبحه الضحى حتى نحط الرحال‪ ،‬وكان بعض العلماء‬
‫يستحب أن ال يطعم الراكب إذا نزل المنزل حتى يعلف الدابة‪.‬‬
‫وبينما عمر يسير في أصحابه‪ ،‬وفي القوم رجل يسير على بعير له‬
‫من القوم يضعه حيث يشاء‪ ،‬فال أدري بما التوى عليه فلعنه‪ ،‬فقال‬
‫عمر‪ :‬من هذا الالعن؟ قالوا‪ :‬فالن‪ ،‬قال‪> :‬تخلف عنا أنت وبعيرك‪ ،‬ال‬
‫تصحبنا راحلة ملعونة<(‪.)3‬‬
‫وقوله‪> :‬وإذا عرستم فاجتنبوا الطريق؛ فإنها طرق الدواب ومأوى‬
‫الهوام بالليل<‪.‬‬
‫قال أبو زيد‪ :‬عرس القوم في المنزل إذا نزلوا به أي وقت كان من‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫= عن عبد الرحمن بن يزيد به‪.‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه أبو نعيم في >الحلية< (‪ )133/3‬من طريق جرير‪ ،‬عن عمرو بن ثابت بن‬
‫هرمز به‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه أبو داود (‪.)2551‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه ابن أبي شيبة في >المصنف< (‪ )25936‬عن عبد األعلى بن عبد األعلى‪ ،‬عن‬
‫سعيد بن أياس الجريري‪ ،‬عن أبي عثمان عبد الرحمن بن مل النهدي به‪ ،‬وإسناده‬
‫صحيح‪.‬‬
‫‪99‬‬
‫يف آداب السري والنزول واملبيت يف السفر‪ ،‬والرفق بالدواب‬

‫ليل أو نهار‪ ،‬وقال الخليل واألصمعي‪ :‬التعريس النزول في آخر الليل‪،‬‬


‫وهذا أدب من آداب السير والنزول أرشد إليه ‘؛ ألن الحشرات‬
‫ودواب األرض من ذوات السموم والسباع تمشي في الليل على الطرق‬
‫لسهولتها وألنها تلتقط منها ما يسقط من مأكول ونحوه وما تجد فيها من‬
‫رمة ونحوها فإذا عرس اإلنسان في الطريق ربما مر به منها ما يؤذيه‬
‫فينبغي أن يتباعد عن الطريق(‪.)1‬‬
‫وعن أنس بن مالك ‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‘‪> :‬عليكم‬
‫األرض ُتطوى بالليل<(‪.)2‬‬
‫َ‬ ‫بال ُّدلْجة‪ ،‬فإن‬
‫ال ُّدلجة‪ :‬بضم الدال وسكون الالم‪ ،‬اسم من أدلج القوم ــ بسكون‬
‫الدال ــ إذا سافروا أول الليل‪ ،‬والدلجة أيضا اسم من ا َّدلجوا ــ بفتح‬
‫الدال وتشديدها ــ إذا ساروا آخر الليل‪ .‬يعني ال تقنعوا بالسير نهارا‪ ،‬بل‬
‫سيروا بالليل أيضا؛ فإنه يسهل بحيث يظن الماشي أنه سار قليال وقد‬
‫سار كثيرا‪.‬‬
‫وأما قوله‪> :‬فإن األرض تطوى بالليل<‪ :‬فمعناه واهلل أعلم أن‬
‫الدابة بالليل أقوى على المشي إذا كانت قد نالت قوتها واستراحت‬
‫نهارها تضاعف مشيها ولهذا ندب إلى سير الليل واهلل أعلم بما أراد‪.‬‬
‫وفيه فضل السير بالليل على السير بالنهار لما وقع من اإلسراء‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬شرح النووي على مسلم (‪.)69/13‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه أبو داود (‪ ،)2571‬وابن خزيمة في >صحيحه< (‪.)2555‬‬
‫‪100‬‬
‫يف آداب السري والنزول واملبيت يف السفر‪ ،‬والرفق بالدواب‬

‫بالليل ولذلك كانت أكثر عبادته ‘ بالليل‪ ،‬وكان أكثر سفره ‘ بالليل‪،‬‬
‫فسير آخر الليل محمود في سير الدنيا باألبدان وفي سير القلوب إلى اهلل‬
‫باألعمال(‪.)1‬‬
‫وأنشد علي بن أبي طالب ‪:)2(‬‬
‫اصاابر علااى السااير واإلدالج فااي السااحر‬
‫وفاااي الااارواا علاااى الحاجاااات والبكااار‬

‫ومن اآلداب التي جاءت السنة النبوية المطهرة بها انضمام الرفقة‬
‫بعضها إلى بعض‪ ،‬وذلك خشية أن يطمع فيهم كل عدو‪ ،‬ويعاون‬
‫بعضهم بعضا‪ ،‬ويتواسوا بفضول الطعام فعن أبي ثعلبة ال ُخشني قال‪ :‬كان‬
‫واألودِ ِية‪،‬‬
‫اب ْ‬ ‫الش َع ِ‬
‫تفرقُوا في ِّ‬‫الناس إذا نزل رسول اهلل ـ ‘ ـ منز اال ــ َّ‬
‫ذلكم‬ ‫ِ‬
‫عاب واألودية إنما ُ‬ ‫الش ِ‬ ‫رسول اهلل ـ ‘ ـ‪> :‬إ َّن َت َف ُّرقَ ُكم في هذه ِّ‬
‫َ‬ ‫فقال‬
‫بعضهم إلى بعض‪،‬‬ ‫انض َّم ُ‬
‫ذلك َمنز اال إال َ‬ ‫ينزل بع َد َ‬ ‫من الشيطا ِن<‪ ،‬فلم ْ‬
‫حتى يقال‪ :‬لو ُب ِس َط عليهم َثوب لَ َع َّم ُهم(‪.)3‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر‪> ،‬التمهيد< (‪ ،)157/24‬و>فتح الباري< (‪ )152/1‬البن رجب‪ ،‬و>الفتح<‬
‫البن حجر (‪ ،)217/7‬و>شرح المشكاة للطيبي< (‪.)2684/8‬‬
‫(‪ )2‬أورد هذا البيت ابن األثير في >النهاية< (‪.)129/2‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه أبو داود (‪ ،)2628‬وابن حبان في >صحيحه< (‪ ،)2690‬والحاكم في‬
‫>المستدرك< (‪.)126/2‬‬
‫‪101‬‬
‫احلداء يف السفر‬

‫‪A‬‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫احلداء(‪ )1‬يف السفر‬

‫يح ُدون بين يديه في السفر‪ ،‬منهم عبد اهلل بن‬


‫فقد كان للنبي ‘ حدا ْ‬
‫رواحة‪ ،‬وأنجشة‪ ،‬وعامر بن األكوع وغيرهم‪ ،‬وهذا الباب من الغناء قد‬
‫أجازه العلماء ووردت اآلثار عن السلف بإجازته وهو يُسمى غناء‬
‫(‪)2‬‬
‫والحداء هذه األوجه من الغناء ال خالف في‬ ‫ُ‬ ‫الركبان وغناء النصب‬
‫جوازها بين العلماء‪.‬‬
‫وهو كسائر الكالم‪ ،‬فما كان فيه ذكر تعظيم هلل ووحدانيته وقدرته‬
‫وإيثار طاعته وتصغير الدنيا واالستسالم له تعالى فهو حسن مرغب فيه‪،‬‬
‫وهو الذي قال فيه عليه الصالة السالم‪> :‬إن من الشعر حكمة<(‪ )3‬وما‬
‫كان منه كذبا وفحشا فهو الذي ذمه اهلل ورسوله‪.‬‬
‫وهو من اللهو المباح الذي يُنَ ِشطُ النفس‪ ،‬ويروح عنها من مشقة‬
‫السفر‪ ،‬وطول الطريق‪ .‬فعن أنس بن مالك قال‪ :‬كان رسول اهلل ‘ في‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬قال ابن فارس‪> ،‬معجم مقاييس اللغة< (‪ :)35/2‬الحاء والدال والحرف المعتل‬
‫زجر بها و َغنَّى لها‪.‬‬
‫السوق‪ .‬يقال َح َدا بإبله‪َ :‬‬
‫أصل واحد‪ ،‬وهو َّ‬
‫ٌ‬
‫(‪ )2‬وإنما تسميه العرب النصب لنصب المتغني به صوته وهو اإلنشاد له بصوت رفيع‪.‬‬
‫(‪ )3‬البخاري (‪ )1645‬من حديث أُبي بن كعب ‪.‬‬
‫‪102‬‬
‫احلداء يف السفر‬

‫سفر وكان معه غالم له أسود يقال له أنجشة يحدو فقال له رسول اهلل‬
‫‘‪ :‬ويحك يا أنجشة رويدك بالقوارير(‪.)1‬‬
‫وكان أمير المؤمنين عمر ـ ‪ ‬ـ يَ ُعد الغناء والحدو والشعر من زاد‬
‫المسافر‪ ،‬يعني من األشياء التي تهون وتخفف على المسافر طول ومشقة‬
‫الطريق‪ ،‬وكان هو نفسه يحدو ويقول الشعر‪ ،‬ويأمر أصحابه به‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بفالة‬ ‫فعن زيد بن أسلم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬قال‪ :‬سمع عمر رجال يتغنى‬
‫من األرض‪ ،‬فقال‪ :‬الغناء من زاد الراكب(‪.)2‬‬
‫وعن عطاء بن السائب‪ ،‬قال‪ :‬كان عمر يأمر رج اال فيحدو(‪.)3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬البخاري (‪ 6161‬ــ ‪ ،)6209‬ومسلم (‪ )2323‬وفي رواية‪ :‬كان النبي ‘ في مسير‬
‫له فحدا الحادي فقال النبي ‘‪ :‬ارفق يا أنجشة ويحك بالقوارير‪.‬‬
‫واختلف العلماء في المراد بتسميتهن قوارير على قولين‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن أنجشة كان حسن الصوت وكان يحدو بهن وينشد شيئا من القريض‬
‫والرجز وما فيه تشبيب فلم يأمن أن يفتنهن ويقع في قلوبهن حداؤه فأمره بالكف عن‬
‫ذلك‪.‬‬
‫والمعنى الثاني‪ :‬أن المراد به الرفق في السير؛ ألن اإلبل إذا سمعت الحداء أسرعت‬
‫في المشي واستلذته فأزعجت الراكب وأتعبته فنهاه عن ذلك؛ ألن النساء يضعفن‬
‫عند شدة الحركة ويخاف ضررهن وسقوطهن‪.‬‬
‫انظر >شرح صحيح البخاري< البن بطال (‪ ،)319/9‬و>التوشيح شرح الجامع‬
‫الصحيح< (‪ ،)3702/8‬و>شرح النووي على مسلم< (‪.)81/15‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه ابن أبي شيبة في >المصنف< (‪ ،)14147‬والبيهقي في >الكبرى< (‪)110/5‬‬
‫من طريق أسامة بن زيد‪ ،‬عن زيد بن أسلم‪ ،‬عن أبيه به‪ ،‬وإسناده حسن‪.‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه ابن أبي شيبة (‪ )14143‬عن جرير‪ ،‬عن عطاء به‪.‬‬
‫‪103‬‬
‫احلداء يف السفر‬

‫وجاء عنه ـ ‪ ‬ـ أنه كان ينهى الحادي أن يُعرض بذكر النساء وهو‬
‫رم‪ ،‬فعن مجاهد‪ ،‬قال‪ :‬كان عمر بن الخطاب ـ ‪ ‬ـ ينهى أن يعرض‬ ‫مح ٌ‬
‫ْ‬
‫(‪)1‬‬
‫محرم ‪.‬‬‫الحادي بذكر النساء وهو ْ‬
‫وعن خوات بن جبير قال‪ :‬خرجنا حجاجا مع عمر بن الخطاب‬
‫ـ ‪ ‬ـ قال‪ :‬فسرنا في ركب فيهم أبو عبيدة بن الجراح وعبد الرحمن بن‬
‫عوف ـ ‪ ‬ـ قال‪ :‬فقال القوم‪ :‬غننا يا خوات فغناهم فقالوا‪ :‬غننا من‬
‫شعر ضرار فقال عمر ـ ‪ ‬ـ‪ :‬دعوا أبا عبد اهلل يتغنى من بنيات فؤاده‬
‫ــ يعنى من شعره ــ قال‪ :‬فما زلت أغنيهم حتى إذا كان السحر فقال عمر‬
‫ـ ‪ ‬ـ‪ :‬ارفع لسانك يا خوات فقد أسحرنا‪ .‬فقال أبو عبيدة ـ ‪ ‬ـ‪ :‬هلم‬
‫إلى رجل أرجو أال يكون شرا من عمر ـ ‪ ‬ـ قال‪ :‬فتنحيت وأبو عبيدة‬
‫فما زلنا كذلك حتى صلينا الفجر(‪.)2‬‬
‫وعن عبد اهلل بن عباس‪ :‬أنه بينا هو يسير مع عمر ـ ‪ ‬ـ في طريق‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬أخرجه يعقوب الفسوي في >المعرفة والتاريخ< (‪ )171/2‬من طريق منصور بن‬
‫المعتمر‪ ،‬عن مجاهد به‪ ،‬وهو منقطع؛ فإن مجاهد لم يسمع من عمر ‪ ،‬ولكن‬
‫جاء هذا األثر أيضا عن ابن عمر ‪ ‬عند يعقوب أيضا من نفس الطريق‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذا األثر أخرجه البيهقي في >الكبرى< (‪ ،)110/5‬وابن عبد البر في >االستيعاب<‬
‫(‪ ،)135/1‬وابن عساكر في >تاريخ دمشق< (‪ )483/25‬من طريق يونس بن‬
‫محمد‪ ،‬عن فليح بن سليمان‪ ،‬عن ضمرة بن سعيد‪ ،‬عن قيس بن أبي حذيفة‪ ،‬عن‬
‫خوات بن جبير به‪.‬‬
‫وقيس بن أبي حذيفة أو قيس بن حذيفة ذكره ابن أبي حاتم في >الجرح والتعديل<‬
‫(‪ )95/7‬ولم يذكره فيه شيء‪.‬‬
‫‪104‬‬
‫احلداء يف السفر‬

‫مكة في خالفته ومعه المهاجرون واألنصار فترنم عمر ـ ‪ ‬ـ ببيت فقال‬
‫له رجل من أهل العراق ليس معه عراقي غيره‪ :‬غيرك ف ْل َي ُق ْلها يا أمير‬
‫المؤمنين‪ .‬فاستحيا عمر ـ ‪ ‬ـ من ذلك وضرب راحلته حتى انقطعت‬
‫من الموكب(‪.)1‬‬
‫وجاء أن عمر بن الخطاب ‪ ‬ركب راحلة له وهو محرم فتدلت‬
‫فجعلت تقدم يدا وتؤخر أخرى قال عمر‪:‬‬
‫ِإ َذا َتااا َدلَّ ْت ِبااا ِه أ َ ْو َشاااارِب َث ِمااال‬ ‫َكاااأ َ َّن را ِكبهاااا ُ ْصااان ِبمروح ٍ‬
‫اااة‬ ‫َْ َ َ‬ ‫َ ََ‬
‫ثم قال‪ :‬اهلل أكبر اهلل أكبر(‪.)2‬‬
‫وعن قرة بن خالد بن عبد اهلل بن يحيى قال‪ :‬قال عمر بن الخطاب‬
‫ـ ‪ ‬ـ للنابغة الجعدي‪ :‬أسمعني بعض ما عفا اهلل لك عنه من هناتك‪،‬‬
‫فأسمعه كلمة‪ ،‬فقال له‪ ،‬وإنك لقائلها‪ .‬قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬طالما غنيت بها‬
‫خلف جمال الخطاب(‪.)3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬إسناده حسن‪ ،‬هذا األثر أخرجه البيهقي في >الكبرى< (‪ )111/5‬من طريق بشر بن‬
‫شعيب بن أبي حمزة‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن الزهري‪ ،‬عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي‬
‫ربيعة‪ ،‬عن الحارث بن عبد اهلل بن عياش به‪.‬‬
‫(‪ )2‬منقطع‪ ،‬أخرجه البيهقي في >الكبرى< (‪ )68/5‬من طريق الربيع‪ ،‬عن الشافعي‪ ،‬عن‬
‫عبد الرحمن بن الحسن بن القاسم األزرقي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن عمر فذكره‪.‬‬
‫الر ْح َمن بن ا ْلحسن بن ا ْل َق ِ‬
‫اسم ْاأل َ ْز َرق شيخ الشافعي ذكره ابن حجر في‬ ‫وعبد َّ‬
‫>تعجيل المنفعة< (‪ )616‬ولم يذكر فيه جرحا وال تعديال‪ ،‬وأبوه الحسن األزرقي‪،‬‬
‫قال ابن حجر‪ :‬غير مشهور‪ ،‬انظر نفس المصدر ترجمة (‪.)207‬‬
‫(‪ )3‬انظر >المستطرف< (ص‪.)394 :‬‬
‫‪105‬‬
‫احلداء يف السفر‬

‫وعن السائب بن يزيد قال‪ :‬بينا نحن مع عبد الرحمن بن عوف في‬
‫طريق مكة‪ ،‬إذ قال عبد الرحمن لرباح بن المعترف‪ :‬غننا فقال له عمر‪:‬‬
‫إن كنت آخذا فعليك بشعر ضرار بن الخطاب(‪.)1‬‬
‫وعن عقبة مولى أدلم بن ناعمة الحضرمي‪ ،‬أنه دفع مع الحسين بن‬
‫علي بن أبي طالب من جمع فلم يزد على السير‪ ،‬فلما أتى وادي‬
‫محسر‪ ،‬قال‪ :‬ارجز بصوتك واركض برجلك واضرب بسوطك‪ ،‬ودفع‬
‫في الوادي حتى استوت به األرض‪ ،‬وخرج من الوادي(‪.)2‬‬
‫وذكر ابن عبد ربه في كتابه قصة عن عبد اهلل بن عباس ـ ‪ ‬ـ‬
‫وكان في سفر له‪ ،‬فجعل راجز لعبد اهلل بن عباس يسوق له في الطريق‬
‫ويقول‪:‬‬
‫مع ابن عبـاس بـن عبـد المطلـب‬ ‫صبحت من كاظمة القصر الخـرب‬
‫ّ‬
‫وجعل ابن عباس يرتجز ويقول‪:‬‬
‫(‪)3‬‬
‫آوي فقــد حــان لــك اإليــاب‬ ‫آوي إلــــى أهلــــك يــــا ربــــاب‬
‫وعن عمرو بن العاص >أنه كان في سفر‪ ،‬فرفع عقيرته بالغناء‪،‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬أخرجه الذهلي في >الزهريات< كما في >اإلصابة< (‪ )474/3‬من طريق الزهري‪،‬‬
‫عن السائب بن يزيد به‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه ابن أبي شيبة في >المصنف< (‪ )15888‬من طريق عبد الملك بن الحارث‪،‬‬
‫عن عقبة‪ ،‬به‪ ،‬وهو منقطع بين عبد الملك‪ ،‬وعقبة‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر >العقد الفريد< (‪.)105/5‬‬
‫‪106‬‬
‫احلداء يف السفر‬

‫فاجتمع الناس عليه‪ ،‬فقرأ القرآن فتفرقوا‪ ،‬فقال‪َ :‬يا َب ِني َ‬


‫الم ْتكاء إذا أخذت‬
‫في مزامير الشيطان اجتمعتم‪ ،‬وإذا أخذت في كتاب اهلل تفرقتم<(‪.)1‬‬
‫فهذا النوع من الغناء والشعر مما يُهون الطريق على المسافر ويخفف‬
‫عليه مشقة السفر‪ ،‬ويساعد على تنشيط النفوس وترويحها وتيسير السير‬
‫عليها أمر مباح دلت اآلثار على جوازه‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬أورده ابن قتيبة في >غريب الحديث< (‪ ،)373/2‬وابن األثير في >النهاية في غريب‬
‫الحديث< (‪ )293/4‬من طريق ابن لهيعة‪ ،‬عن أبي األسود‪.‬‬
‫‪107‬‬
‫إعانة الرجل صاحبه يف السفر وخدمته‪ ،‬والرفق بالضعفاء والفقراء‬

‫‪A‬‬
‫يف إاعنة الرجل صاحبه يف السفر وخدمته‪،‬‬
‫والرفق بالضعفاء والفقراء‬
‫فكلما حرص اإلنسان على أن يتخير رفقه صالحة يصحبها‪ ،‬كان‬
‫كل منهم في‬ ‫حري بأن تقع بينهم المودة والمحبة‪ ،‬وأن يسارع ٌ‬
‫ٌ‬ ‫ذلك‬
‫إعانة رفيقه‪ ،‬وكان من هديه ‘‪ ،‬أنه يتخلف في المسير‪ ،‬ليتفقد الناس‬
‫فيساعد الضعيف‪ ،‬ويقدم المساعدة للمحتاج‪ ،‬ويكون في مدادهم‬
‫وعونهم‪ ،‬فعن جابر بن عبداهلل ـ ‪ ‬ـ قال‪ :‬كان رسول اهلل ‘ يتخلف‬
‫في المسير‪ ،‬أي‪ :‬يعقب أصحابه في السير تواضع اا وتعاون اا‪ ،‬فَ ُي ْزجي‬
‫الضعيف‪ ،‬أي فيسوق له‪ :‬ويردف‪ ،‬أي‪ :‬يركب خلفه الضعيف من‬
‫المشاة‪ ،‬ويدعو له(‪.)1‬‬
‫وكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يصنع ذلك في السفر(‪.)2‬‬
‫فينبغي لإلنسان أن يكون مع رفقائه في السفر محسنا إليهم قاضيا‬
‫لحاجتهم معينا لهم‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬أخرجه أبو داود (‪ ،)2639‬والبيهقي في >الكبرى< (‪ )257/5‬من طريق إسماعيل بن‬
‫علية‪ ،‬عن الحجاج بن أبي عثمان‪ ،‬عن أبي الزبير‪ ،‬به‪ .‬وإسناده حسن‪.‬‬
‫(‪ )2‬البيهقي المصدر السابق‪.‬‬
‫‪108‬‬
‫إعانة الرجل صاحبه يف السفر وخدمته‪ ،‬والرفق بالضعفاء والفقراء‬

‫أخرج أبو نعيم من طريق أبي حمزة الثمالي‪ ،‬عن أبي جعفر أن رجال‬
‫صحب عمر بن الخطاب ــ رضي اهلل تعالى عنه ــ إلى مكة‪ ،‬فمات في‬
‫الطريق‪ ،‬فاحتبس عليه عمر في الطريق حتى صلى عليه ودفنه‪ ،‬فقل يوم‬
‫إال كان عمر ــ رضي اهلل تعالى عنه ــ يتمثل‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ومختلج من دون ما كـان يأمـل‬ ‫وبـــالغ أمـــر كـــان يأمـــل دونـــه‬
‫وهذا عبد اهلل بن عمر ـ ‪ ‬ـ يقول عنه تلميذه ورفيقه مجاهد بن‬
‫جبر‪ :‬صحبت ابن عمر وأنا أريد أن أخدمه فكان يخدمني‪.‬‬
‫وها هي القصة كما يقول مجاهد‪ :‬كنت أصحب ابن عمر في السفر‬
‫فإذا أردت أن أركب مسك ركابي‪ ،‬فإذا ركبت سوى على ثيابي فرآني‬
‫مرة كأني كرهت ذلك في‪ ،‬فقال‪ :‬يا مجاهد إنك لضيق الخلق(‪.)2‬‬
‫وعن أبي جعفر القارئ قال‪ :‬خرجت مع ابن عمر ـ ‪ ‬ـ من مكة‬
‫إلى المدينة‪ ،‬وكان له جفنة من ثريد يجتمع عليها بنوه وأصحابه وكل‬
‫من جاء حتى يأكل بعضهم قائما‪ ،‬ومعه بعير له عليه مزادتان فيهما نبيذ‬
‫وماء مملوءتان فكان لكل رجل قدح من سويق بذلك النبيذ حتى يتضلع‬
‫منه شبعا(‪.)3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬أبو نعيم‪ ،‬في >الحلية< (‪ ،)188/3‬وأبو حمزة الثمالي هو‪ :‬ثابت بن أبى صفية‬
‫ضعيف‪ ،‬انظر‪> :‬الميزان< (‪.)361/1‬‬
‫(‪ )2‬أخرجها أبو نعيم في >الحلية< (‪ )285/3‬من طريق حميد األعرج‪ ،‬عن مجاهد به‪.‬‬
‫(‪ )3‬إسناده حسن‪ ،‬أخرجه ابن سعد في >الطبقات< (‪ )148/4‬عن الفضل بن دكين‪ ،‬عن‬
‫هشام بن سعد المدني أبو عباد‪ ،‬عن أبي جعفر القارئ المدني‪ ،‬المخزومي‪ ،‬فذكره‪.‬‬
‫‪109‬‬
‫إعانة الرجل صاحبه يف السفر وخدمته‪ ،‬والرفق بالضعفاء والفقراء‬

‫وكان ـ ‪ ‬ـ يشترط على من يصحبه شروطا‪ ،‬حتى ال يقع نزاع‬


‫واختالف بينهم‪ ،‬وهذا أفضل لبقاء المودة‪ ،‬فعن خالد الحذاء قال‪:‬‬
‫كان ابن عمر يشترط على من صحبه أن ًل تصحبنا ببعير جًلل وًل تنازعنا‬
‫األذان وال تصوم إال بإذننا(‪.)1‬‬
‫وفي رواية‪ :‬كان ابن عمر يشترط على من صحبه في السفر الفطر‬
‫واألذان والذبيحة يعني الجزرة يشتريها للقوم(‪.)2‬‬
‫فضل‪ ،‬أو قرب ٌة من‬
‫ويتأكد هذا األدب إذا كان ألحد المسافرين ٌ‬
‫رسول اهلل ‘‪ ،‬فعن أنس بن مالك ـ ‪ ‬ـ قال‪ :‬خرجت مع جرير بن‬
‫البجلي في سفر فكان يخدمني‪ ،‬فقلت له‪ :‬ال تفعل‪ .‬فقال‪ :‬إ اني‬
‫ا‬ ‫عبد اهلل‬
‫قد رأيت األنصار تصنع برسول اهلل ‘ شيئا آليت أ َ ْن ال أصحب أحدا‬
‫منهم اإال خدمته(‪.)3‬‬
‫وفي حديث جرير بن عبد اهلل وخدمته ألنس إكراما لصننصار دليل‬
‫إلكرام المحسن والمنتسب إليه وإن كان أصغر س انا‪ ،‬وفيه تواضع جرير‬
‫وفضيلته وإكرامه للنبي ‘ وإحسانه إلى من انتسب إلى من أحسن إليه‬
‫‘(‪.)4‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫صحيح‪ ،‬أخرجه ابن سعد في >الطبقات< (‪ )148/4‬من طريق حماد بن زيد‪ ،‬عن‬ ‫(‪)1‬‬
‫خالد فذكره‪.‬‬
‫أخرجه ابن سعد في >الطبقات< (‪.)148/4‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫مسلم (‪.)2513‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫>شرح النووي على مسلم< (‪.)70/16‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫‪110‬‬
‫إعانة الرجل صاحبه يف السفر وخدمته‪ ،‬والرفق بالضعفاء والفقراء‬

‫ومن اآلثار التي جاءت تبين حقوق الصحبة ما رواه إبراهيم‪ ،‬عن‬
‫(‪)1‬‬
‫علقمة‪ ،‬قال‪ :‬أقبلت مع عبد اهلل بن مسعود ـ ‪ ‬ـ من السيلحين‬
‫فصحبه دهاقين(‪ )2‬من أهل الحيرة‪ ،‬فلما دخلوا الكوفة أخذوا في طريق‬
‫غير طريقهم‪ ،‬فالتفت إليهم فرآهم قد عدلوا‪ ،‬فأتبعهم السالم‪ ،‬فقلت‪:‬‬
‫أتسلم على هؤالء الكفار؟ فقال‪> :‬نعم صحبوني‪ ،‬وللصحبة حق<(‪.)3‬‬
‫وهذا الفاروق عمر بن الخطاب ـ ‪ ‬ـ ينصح أحد رعاة الغنم في‬
‫أثناء سفره‪ ،‬لما يراه واجبا عليه تجاه رعيته وحرصا لمصلحة الرعية‪،‬‬
‫فجاء عنه أنه كان يسير ببعض طريق مكة‪ ،‬فلما كان قريبا من الروحاء‪،‬‬
‫فسمع صوت راع في جبل فعدل إليه فلما دنا منه صاح يا راعي الغنم‪،‬‬
‫فأجابه الراعي فقال‪ :‬يا راعيها‪ .‬فقال عمر‪ :‬إني قد مررت بمكان هو‬
‫أخصب من مكانك وإن كل راع مسؤول عن رعيته ثم عدل صدور‬
‫الركاب(‪.)4‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫َس ْيلَ ُحو َن‪ :‬بفتح ّأوله‪ ،‬وسكون ثانيه‪ ،‬وفتح المه ّثم حاء مهملة‪ ،‬وواو ساكنة‪ ،‬ونون‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫وقد يعرب إعراب جمع السالمة فيقال‪ :‬هذه سيلحون ورأيت سيلحين ومررت‬
‫بسيلحين‪ ،‬قرية قرب الحيرة بين الكوفة والقادسية‪ .‬انظر >معجم البلدان< (‪.)298/3‬‬
‫ال ِّد ْه َقا ُن معرب يطلق على رئيس القرية وعلى التاجر وعلى من له مال وعقار وداله‬ ‫(‪)2‬‬
‫مكسورة وفي لغة تضم والجمع َد َهاقِ ُ‬
‫ين‪َ ،‬و َد ْه َق َن الرجل َو َت َد ْه َق َن كثر ماله‪ .‬انظر‬
‫>المصباح المنير< (‪.)201/1‬‬
‫إسناده صحيح‪ ،‬أخرجه ابن أبي شيبة (‪ )25865‬من طريق أبي معاوية محمد بن‬ ‫(‪)3‬‬
‫خازم‪ ،‬عن األعمش‪ ،‬به‪.‬‬
‫أخرجه ابن سعد في >الطبقات< (‪ 291/3‬ــ ‪ )292‬من طريق مالك بن أنس‪ ،‬عن‬ ‫(‪)4‬‬
‫قطن بن وهب بن عويمر بن األجدع فذكره‪ ،‬وهو مرسل‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫تعجيل املسافر الرجوع إىل أهله إذا قضى حاجته‬

‫‪A‬‬
‫يف تعجيل املسافر الرجوع إىل أهله إذا قىض حاجته‬
‫فإن لدى المسافر ميل أصيل إلى الرجوع لوطنه وداره‪ ،‬لكي يضع‬
‫عصا الترحال وليمسح عن جبينه غبار السفر وشقاوة البعاد‪ ،‬ويريح‬
‫جسمه من تعب الترحال وألم الفراق لألهل واألصحاب‪.‬‬
‫فإن حب األوطان شيء مفطور عليه اإلنسان‪ ،‬وقيل لبعض الحكماء‪:‬‬
‫بأي شيء يعرف وفاء الرجل دون تجربة واختبار؟ قال‪ :‬بحنينه إلى‬
‫أوطانه‪ ،‬وتلهفه على ما مضى من زمانه‪.‬‬
‫وقال أعرابي‪ :‬إذا أردت أن تعرف وفاء الرجل ودوام عهده فانظر‬
‫إلى حنينه إلى أوطانه وتشوقه إلى إخوانه‪ ،‬وبكائه على ما مضى من‬
‫أزمانه‪.‬‬
‫ولما قدم بًلل الحبشي ـ ‪ ‬ـ المدينة جعل ينشد تشوق اا إلى مكة‪،‬‬
‫ويرفع عقيرته‪:‬‬
‫ليـــل‬
‫وج ُ‬ ‫أال ليــت شــعري هــل أبيــتن ليلــة بـــوا ٍد وحـــولي إ ْذخـــر َ‬
‫(‪)1‬‬
‫وطفيـل‬
‫ُ‬ ‫وهل يَ ْبـ ُد َو ْن لـي شـام ٌة‬ ‫مجنــــةٍ‬
‫وهــــل أ ِر َد ْن يومــــا ميــــاه ّ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ذكره ابن عبد البر في >بهجة المجالس< (‪.)804/2‬‬
‫‪112‬‬
‫تعجيل املسافر الرجوع إىل أهله إذا قضى حاجته‬

‫وقد جاء األدب النبوي في التأكيد على هذا األمر الفطري‪ ،‬فعن‬
‫أبي هريرة ‪ ‬عن النبي ‘ قال‪ :‬السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم‬
‫طعامه وشرابه ونومه فإذا قضى نهمته فليعجل إلى أهله(‪.)1‬‬
‫فقد تضمن هذا الحديث النبوي الشريف ترغيب اإلنسان في اإلقامة‬
‫وترك اإلكثار من السفر‪ ،‬وذلك ذلك لقوله‪> :‬يمنع أحدكم نومه وطعامه‬
‫وشرابه<‪ ،‬فامتناع هذه الثالثة التي هي أركان الحياة مع ما ينضاف إليها‬
‫من مشقة السفر وتعبه‪.‬‬
‫فإن المسافر يقاسي من األهوال ومشقة الحل والترحال ومعاناة النصب‬
‫وشدة التعب والسير مع الخوف في الليل البهيم ما يستحق وصفه بأنه‬
‫العذاب األليم‪.‬‬
‫قال الخطابي‪ :‬وفيه‪ :‬الترغيب في اإلقامة وترك اإلكثار من السفر‪،‬‬
‫والجماعات‪ ،‬والحقوق الواجبة‪ ،‬لألهل والولد‬‫َ‬ ‫الجمعات‬
‫لئال تفوته ُ‬
‫والقرابات‪.‬‬
‫وهذا في األسفار التي هي غير واجبة‪ ،‬أال تراه يقول‪ :‬فإذا قضى‬
‫نهمته فليعجل إلى أهله‪ ،‬وإنما أشار إلى السفر الذي يختاره اإلنسان‬
‫إلرب له فيه‪ ،‬ونهمه من تجارة أو ضرب في األرض للتغلب والجوالن‪،‬‬
‫دون السفر الواجب من حج أو غزو أو نحوهما(‪.)2‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬البخاري (‪ ،)1804‬ومسلم (‪.)1927‬‬
‫(‪> )2‬أعالم الحديث< (‪.)916/2‬‬
‫‪113‬‬
‫تعجيل املسافر الرجوع إىل أهله إذا قضى حاجته‬

‫ففي قوله‪> :‬فإذا قضى أحدكم نهمته فليرجع إلى أهله< لكي‬
‫يتعوض من ألم ما ناله‪ ،‬من ذلك الراحة والدعة في أهله‪ ،‬والعرب تشبه‬
‫الرجل في أهله باألمير‪.‬‬
‫وفي هذا الحديث دليل على أن طول التغرب عن األهل لغير حاجة‬
‫وكيدة من دين أو دنيا ال يصلح وال يجوز‪ ،‬وأن من انقضت حاجته لزمه‬
‫االستعجال إلى أهله الذين يُم ِونَهم ويَ ُقوتهم مخافة ما يحدثه اهلل بعده‬
‫فيهم قال رسول اهلل ‘‪ :‬كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت(‪.)1‬‬
‫وكان يقال عذابان ال يكترث لهما الداخل فيهما‪ ،‬السفر الطويل‬
‫والبناء الكثير‪.‬‬
‫رب فارددني إلى ريف الحضر‬
‫يا ّ‬ ‫الســفر‬
‫كــل العــذاب قطعــةٌ مــن ّ‬
‫ّ‬
‫وسمع عمرو بن العاص رجال يقول‪ :‬الرحلة قطعة من العذاب‪.‬‬
‫فقال له‪ :‬لم تحسن‪ ،‬بل العذاب قطعة من الرحلة(‪.)2‬‬
‫وليس كون السفر قطعة من العذاب بمانع أن يكون فيه منفعة ومصحة‬
‫لكثير من الناس؛ ألن في الحركة والرياضة منفعة‪ ،‬وًل سيما ألهل الدعة‬
‫والرفاهية‪ ،‬كالدواء المر المعقب للصحة وإن كان في تناوله كراهية(‪.)3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪> )1‬التمهيد< البن عبد البر (‪.)36/22‬‬
‫(‪> )2‬العقد الفريد< (‪.)479/2‬‬
‫(‪ )3‬شرح صحيح البخاري البن بطال (‪.)455/4‬‬
‫‪114‬‬
‫من اآلداب القدوم على أهله نهاراً‪ ،‬وكراهته يف الليل لغري حاجة‬

‫‪A‬‬
‫من اآلداب القدوم ىلع أهله نهارا‪،‬‬
‫وكراهته يف الليل لغري حاجة‬
‫ومن اآلداب التي ينبغي على المسافر اآلتيان بها؛ استحباب القدوم‬
‫على أهله نهارا‪ ،‬وكراهية القدوم ليال بغتة‪ ،‬فقد كان أكثر قدوم المصطفى‬
‫‘ المدينة من األسفار والغزوات كان ضحى من أول النهار‪ ،‬فعن عن‬
‫أنس ‪ ‬قال‪ :‬كان النبي ‘ ال يطرق أهله كان ال يدخل إال دوة أو‬
‫عشية(‪.)1‬‬
‫ونهى ‘ أن يطرق الرجل أهله ليال؛ فعن جابر ‪ ‬قال نهى‬
‫النبي ‘ أن يطرق أهله لي اال(‪.)2‬‬
‫وفي رواية‪ :‬كنا مع رسول اهلل ‘ في غزاة فلما قدمنا المدينة‬
‫ذهبنا لندخل فقال‪ :‬أمهلوا حتى ندخل ليال؛ أي‪ :‬عشاء كي تمتشط‬
‫الشعثة وتستحد المغيبة(‪.)3‬‬
‫بل وزجر عن طلب المرء عثرات أهله‪ ،‬تقصد خيانتهم‪ ،‬فعن‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬البخاري (‪ ،)1800‬ومسلم (‪.)715‬‬
‫(‪ )2‬البخاري (‪ ،)1801‬ومسلم (‪.)715‬‬
‫(‪ )3‬مسلم (‪.)715‬‬
‫‪115‬‬
‫من اآلداب القدوم على أهله نهاراً‪ ،‬وكراهته يف الليل لغري حاجة‬

‫جابر ـ ‪ ‬ـ‪ ،‬قال‪ :‬نهى رسول اهلل ‘ أن يطرق الرجل أهله ليال‬
‫يتخونهم‪ ،‬أو يلتمس عثراتهم(‪.)1‬‬
‫ًل‪ ،‬فًل يأتين أهله طروق اا حتى تستحد‬
‫وفي رواية‪ :‬إذا قدم أحدكم لي ا‬
‫المغيبة وتمتشط الشعثة‪.‬‬
‫والطروق‪ :‬أصله من الطرق‪ ،‬وهو الدق‪ ،‬وكل أت بالليل فهو‬
‫وسمي اآلتي بالليل طارقا لحاجته إلى دق الباب(‪.)2‬‬
‫طارق ُ‬
‫المغيبة‪ :‬التي غاب عنها زوجها‪.‬‬
‫االستحداد‪ :‬هو أن تعالج شعر عانتها بما هو المعتاد عند النساء‪.‬‬
‫عث‪ ،‬وهو الغبار‪ ،‬والوسخ في الشعر‪ ،‬ألن‬
‫الش ُ‬
‫الشعثة‪ :‬التي عالها َّ‬
‫المرأة في حال غياب زوجها تكون مبتذلة‪ ،‬ال تمشط‪ ،‬وال تدهن‪ ،‬وال‬
‫تتنظف‪.‬‬
‫ففي الحديث بيان المعنى الذي من أجله نهى الرسول ‘ عن‬
‫هذا‪ ،‬وهو بأن‪ :‬تمتشط الشعثة‪ ،‬وتستحد المغيبة‪ ،‬كراهية أن يهجم منها‬
‫على ما يقبح عنده اطالعه عليه‪ ،‬فيكون سببا إلى شنآنها وبغضها‪،‬‬
‫فنبههم ‪ ‬على ما تدوم به األلفة بينهم‪ ،‬ويتأكد به المحبة‪ ،‬فينبغي لمن‬
‫أراد األخذ بأدب نبيه أن يتجنب مباشرة أهله في حال البذاءة وغير‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ومسلم (‪.)715‬‬
‫(‪ )2‬النهاية في غريب الحديث (‪.)121/3‬‬
‫‪116‬‬
‫من اآلداب القدوم على أهله نهاراً‪ ،‬وكراهته يف الليل لغري حاجة‬

‫النظافة‪ ،‬وأال يتعرض لرؤية عورة يكرها منها‪ ،‬فإن قيل‪ :‬وكيف يكون‬
‫طروقه أهله ليال سببا لتخونهم؟‬
‫قيل‪ :‬معنى ذلك‪ ،‬واهلل أعلم‪ ،‬أن طروقه إياهم ليال هو وقت خلوة‬
‫وانقطاع مراقبة الناس بعضهم بعضا‪ ،‬فكان ذلك سببا لسوء ظن أهله به‪،‬‬
‫ًل ليجدهم على ريبة حين توخى وقت غرتهم وغفلتهم‪.‬‬
‫وكأنه إنما قصدهم لي ا‬
‫ومعنى الحديث النهي عن التجسس على أهله‪ ،‬وال تحمله غيرته‬
‫على تهمتها إذا لم يأنس منها إال الخير(‪.)1‬‬
‫والمنهي عنه من الطروق‪ :‬هو أن تقدم من سفر ليال من غير إعالم‬
‫واستعالم وإمهال لتتمكن المغيبة من حاجتها‪ ،‬وتستعد للقاء الزوج‪.‬‬
‫دخ َل‬
‫النبي ـ ‘ ـ قال‪> :‬إ َّن أحسن َما َ‬
‫وفي حديث جابر اآلخر أن َّ‬
‫الرجل على أهله إذا قَ ِد َم من سفرِ ُ‬
‫أول اللَّيل<(‪.)2‬‬ ‫ُ‬
‫فإن قيل‪ :‬كيف التوفيق بين هذا الحديث وبين حديثه اآلخر‪> :‬إذا‬
‫أطال أحدكم الغيبة فال يطرق أهله لي اال<(‪.)3‬‬
‫قلنا‪ :‬وجه حديث جابر هذا عندنا أن يحمل على الدخول على أهله‬
‫ًل‪ ،‬وطروقها‪،‬‬
‫ليخلو بها‪ ،‬ويقضي عنها حاجة النفس؛ ًل القدوم عليها لي ا‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬شرح ابن بطال (‪.)369/7‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه أبو داود (‪.)2777‬‬
‫(‪ )3‬البخاري (‪ ،)5244‬ومسلم (‪.)715‬‬
‫‪117‬‬
‫من اآلداب القدوم على أهله نهاراً‪ ،‬وكراهته يف الليل لغري حاجة‬

‫وإذا حملنا األمر فيه على ما ذكرنا اتفق الحديثان‪ ،‬وانتفى التناقض‪،‬‬
‫وإنما تعلق الظرف بالدخول على أهله ال بالقدوم‪ ،‬وقوله‪> :‬إن أحسن ما‬
‫دخل الرجل أهله<‪ ،‬الحديث إرشاد له إلى الوقت الذي ال يُزاحمه فيه‬
‫الزوار فال يقطعونه عما هو فيه‪.‬‬
‫وإنما اختار له أول الليل؛ ألن المسافر يقدم في غالب أحواله عن‬
‫غلبة شهوة‪ ،‬فإذا قضي نهمته من أول الليل‪ ،‬كان ذلك أجلب النوم‪،‬‬
‫وأدعى إلى االستراحة(‪.)1‬‬
‫وعن ابن عمر ـ ‪ ‬ـ‪ ،‬قال‪ :‬أقبل عمر بن الخطاب من غزوة‬
‫َس ْرغ‪ ،‬حتى إذا بلغ الجرف‪ ،‬قال‪ :‬أيها الناس‪ ،‬ال تطرقوا النساء‪ ،‬وال‬
‫تغتروهن‪ ،‬ثم بعث راكبا إلى المدينة بأن الناس داخلون بالغداة(‪.)2‬‬
‫وقال ابن جريج‪ :‬قال بعث عمر بن الخطاب مقدمه من الشام أسلم‬
‫مواله إلى أهل المدينة يؤذنهم أ ّنا قادمون عليكم لكذا وكذا(‪.)3‬‬
‫فجاءت السنة بهذا األدب الراقي الرفيع في طريقة قدوم المسافر‬
‫على أهله‪ ،‬أو اال‪ :‬بأن ال يطرقهم ليال بغتة؛ لكي يتلمس عثرات أهله‪،‬‬
‫ويقصد تخوينهم‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪> )1‬الميسر في شرح مصابيح السنة< للتوربشتي (‪.)739/3‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه عبد الرزاق (‪ ،)14016‬وابن أبي شيبة (‪ )34336‬من طريق عبيد اهلل بن‬
‫عمر العمري‪ ،‬عن نافع‪ ،‬به‪.‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه عبد الرزاق (‪ )14017‬عن ابن جريج‪.‬‬
‫‪118‬‬
‫من اآلداب القدوم على أهله نهاراً‪ ،‬وكراهته يف الليل لغري حاجة‬

‫وثاني اا‪ :‬أن يرسل القادم من السفر إلى أهله من يخبرهم بقدومه كي‬
‫ًل يقدم عليهم بغتة‪ ،‬أو يخبرهم بأي وسيلة متاحة له حتى تستعد له زوجته‪،‬‬
‫فال يجد منها ما تكرهه نفسه‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫من اآلداب ابتداء القادم باملسجد الذي جواره ويصلي فيه ركعتني‬

‫‪A‬‬
‫من اآلداب ابتداء القادم باملسجد اذلي جواره ويصيل فيه‬
‫ركعتني‪ ،‬أو صىل ركعتني يف بيته‬

‫فعن كعب بن مالك ‪ :‬أن رسول اهلل ‘ كان إذا قدم من‬
‫سفر‪ ،‬بدأ بالمسجد‪ ،‬فركع فيه ركعتين(‪.)1‬‬
‫وإنما كان يفعل ذلك؛ ليبدأ بتعظيم بيت اهلل قبل بيته‪ ،‬وليقوم‬
‫ولي ُسن ذلك في‬
‫الناس عليه‪َ ،‬‬
‫وليسلم ُ‬‫بشكر نعمة اهلل عليه في سالمته‪ُ ،‬‬
‫شرعه(‪.)2‬‬
‫وروى ابن أبي شيبة من طريق أبي صالح؛ أن عثمان ـ ‪ ‬ـ كان‬
‫إذا قدم من سفر صلى ركعتين(‪.)3‬‬
‫وروى أيض اا من طريق أبي إسحاق السبيعي‪ ،‬عن الحارث األعور‪،‬‬
‫عن علي بن أبي طالب ـ ‪ ‬ـ‪ ،‬قال‪ :‬إذا قدمت فصل ركعتين(‪.)4‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫متفق عليه‪ ،‬البخاري (‪ ،)4417‬ومسلم (‪.)716‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫>المفهم< ألبي العباس القرطبي (‪.)97/7‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫إسناده حسن‪ ،‬ابن أبي شيبة في >المصنف< (‪ )4919‬عن وكيع‪ ،‬عن كامل بن‬ ‫(‪)3‬‬
‫العالء التميمي السعدي‪ ،‬به‪.‬‬
‫إسناده حسن‪ ،‬من أجل الحارث بن عبد اهلل األعور الهمداني أبو زهير الكوفي=‬ ‫(‪)4‬‬
‫‪120‬‬
‫من اآلداب ابتداء القادم باملسجد الذي جواره ويصلي فيه ركعتني‬

‫وجاء عن عبد اهلل بن عباس ‪ ‬أنه قدم من سفر‪ ،‬فصلى في بيته‬


‫ركعتين على طنفسة(‪.)1‬‬
‫وهذا المتتبع لألثر‪ ،‬والمقتفي ُسنَ َن المصطفى ‘‪ ،‬عبد اهلل بن‬
‫عمر ـ ‪ ‬ـ‪ ،‬كان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد ثم بقبر النبي ‘‪،‬‬
‫وأبي بكر وعمر فيقول‪ :‬السالم عليك يا رسول اهلل‪ ،‬السالم عليك يا أبا‬
‫بكر‪ ،‬السالم عليك يا أبتاه(‪.)2‬‬
‫وقد بعث معاوية بن أبي سفيان ـ ‪ ‬ـ أبا هريرة إلى المدينة يخطب‬
‫أم خالد امرأة عبد اهلل بن عامر بن كريز على يزيد ابنه‪.‬‬
‫فلما دخل المدينة بدأ بالمسجد فصلَّى‪ ،‬وألم بالقبر فسلم ودعا‪،‬‬
‫ثم مال إلى حلقة الحسن والحسين فسلم وقعد(‪.)3‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫= صاحب علي‪ ،‬أخرجه ابن أبي شيبة في >المصنف< (‪ )4920‬من طريق سفيان‪ ،‬عن‬
‫أبي إسحاق به‪.‬‬
‫(‪ )1‬إسناده مقبول‪ ،‬أخرجه ابن أبي شيبة في >المصنف< (‪ )4921‬من طريق مقاتل بن بشر‬
‫العجلي‪ ،‬عن رجل يقال له‪ :‬موسى بن أبي موسى األشعري‪ ،‬عن ابن عباس به‪.‬‬
‫مقاتل بن بشر العجلي الكوفي مقبول من السادسة‪ ،‬وموسى بن أبي موسى األشعري‬
‫مثله‪.‬‬
‫(‪ )2‬صحيح‪ ،‬أخرجه ابن سعد في >الطبقات< (‪ )156/4‬من طريق بشر بن كثير األسدي‪،‬‬
‫وعبد اهلل بن عمر العمري‪ ،‬كالهما‪ ،‬عن نافع‪ ،‬عن ابن عمر به‪.‬‬
‫(‪ )3‬ذكر القصة كاملة أبو عبيد عبد اهلل بن عبد العزيز البكري األندلسي في >فصل المقال‬
‫في شرح كتاب األمثال< (ص‪.)287 :‬‬
‫‪121‬‬
‫حتريم سفر املرأة وحدها‬

‫‪A‬‬
‫حتريم سفر املرأة وحدها‬

‫فمن آداب اإلسالم اصطحاب المحارم للمرأة في الخروج‪ ،‬وعدم‬


‫السفر إال معهم والخروج إال بإذنهم وعلمهم‪ ،‬فال يجوز المرأة أن‬
‫تخرج إال بإذن زوجها‪ ،‬أو تسافر إال مع ذي محرم‪ ،‬فقد حرصت‬
‫الشريعة على تأكيد أمر صيانة المرأة في األسفار؛ وذلك حرصا عليها؛‬
‫وألن المرأة مظنة الطمع إذا كانت لوحدها بدون محرم‪.‬‬
‫وكما قال جرير‪:‬‬
‫وتتقي صاول َة المستأسا ِد الضااري‬ ‫كالب له‬
‫َ‬ ‫الذئاب على َمن ال‬
‫ُ‬ ‫تعدو‬
‫وهو شاهد على حكمة الشرع في حظر السفر على المرأة إال مع‬
‫ذي َمحرم‪ ،‬ومن يعلم أخبار األسفار في هذا العصر‪ ،‬وما يكون دائما‬
‫من تأثير اجتماع النساء والرجال في البواخر والفنادق الكبيرة؛ فإنه يفقه‬
‫من حكمة هذا النهي أن السفر الطويل والقصير سواء في عدم خروج‬
‫المرأة فيه مع غير ذي محرم‪.‬‬
‫فعن أبي هريرة ‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‘‪> :‬ال يحل المرأة تؤمن‬
‫باهلل واليوم اآلخر تسافر مسيرة يوم وليلة إال مع ذي محرم عليها<(‪.)1‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬متفق عليه‪ ،‬البخاري (‪ ،)1088‬ومسلم (‪.)1339‬‬
‫‪122‬‬
‫حتريم سفر املرأة وحدها‬

‫وفي رواية‪> :‬ال تسافر المرأة ثالثة أيام إال مع ذي محرم<‪.‬‬


‫وفي رواية‪> :‬نهى أن تسافر المرأة مسيرة يومين إال ومعها زوجها‬
‫أو ذو محرم<‪.‬‬
‫وال خالف بين هذه الروايات‪ ،‬قال النووي‪ :‬اختالف هذه األلفاظ‬
‫الختالف السائلين واختالف المواطن وليس في النهي عن الثالثة‬
‫تصريح بإباحة اليوم والليلة أو البريد‪ ،‬قال البيهقي‪ :‬كأنه ‘ سئل عن‬
‫المرأة تسافر ثالثا بغير محرم فقال‪ :‬ال وسئل عن سفرها يومين بغير‬
‫محرم فقال‪ :‬ال وسئل عن سفرها يوما فقال‪ :‬ال وكذلك البريد فأدى كل‬
‫منهم ما سمعه وما جاء منها مختلفا عن رواية واحد فسمعه في مواطن‬
‫فروى تارة هذا وتارة هذا وكله صحيح وليس في هذا كله تحديد ألقل‬
‫ما يقع عليه اسم السفر ولم يرد ‘ تحديد أقل ما يسمى سفرا‪.‬‬
‫فالحاصل أن كل ما يسمى سفرا تنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم‬
‫سواء كان ثالثة أيام أو يومين أو يوما أو بريدا أو غير ذلك لرواية ابن‬
‫عباس المطلقة وهي آخر روايات مسلم السابقة >ال تسافر امرأة إال مع‬
‫ذي محرم< وهذا يتناول جميع ما يسمى سفرا واهلل أعلم‪ ،‬وأجمعت‬
‫األمة على أن المرأة يلزمها حجة اإلسالم إذا استطاعت‪ ،‬واستطاعتها‬
‫كاستطاعة‪ ،‬الرجل لكن اختلفوا في اشتراط المحرم لها‪ ،‬فأبو حنيفة‬
‫يشترطه لوجوب الحج عليها إال أن يكون بينها وبين مكة دون ثالث‬
‫مراحل ووافقه جماعة من أصحاب الحديث وأصحاب الرأي وحكي‬
‫‪123‬‬
‫حتريم سفر املرأة وحدها‬

‫ذلك أيضا عن الحسن البصري والنخعي‪ ،‬وقال عطاء وسعيد بن جبير‬


‫وابن سيرين ومالك واألوزاعي والشافعي في المشهور عنه‪ :‬ال يشترط‬
‫المحرم بل يشترط األمن على نفسها‪ ،‬قال أصحابنا‪ :‬يحصل األمن‬
‫بزوج أو محرم أو نسوة ثقات وال يلزمها الحج عندنا إال بأحد هذه‬
‫األشياء فلو وجدت امرأة واحدة ثقة لم يلزمها لكن يجوز لها الحج معها‬
‫هذا هو الصحيح‪ ،‬وقال بعض أصحابنا‪ :‬يلزمها بوجود نسوة أو امرأة‬
‫واحدة وقد يكثر األمن وال تحتاج إلى أحد بل تسير وحدها في جملة‬
‫القافلة وتكون آمنة والمشهور من نصوص الشافعي وجماهير أصحابه هو‬
‫األول‪ ،‬واختلف أصحابنا في خروجها لحج التطوع وسفر الزيارة‬
‫والتجارة ونحو ذلك من األسفار التي ليست واجبة‪ .‬فقال بعضهم‪ :‬يجوز‬
‫لها الخروج فيها مع نسوة ثقات كحجة اإلسالم‪ ،‬وقال الجمهور‪ :‬ال‬
‫يجوز إال مع زوج أو محرم وهذا هو الصحيح لألحاديث الصحيحة‪ ،‬وقد‬
‫قال القاضي‪ :‬واتفق العلماء على أنه ليس لها أن تخرج في غير الحج‬
‫والعمرة إال مع ذي محرم إال الهجرة من دار الحرب فاتفقوا على أن‬
‫عليها أن تهاجر منها إلى دار اإلسالم وإن لم يكن معها محرم(‪.)1‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬شرح النووي على صحيح مسلم (‪ 103/9‬ــ ‪.)104‬‬
‫‪124‬‬
‫املصافحة واملعانقة للقادم من السفر‬

‫‪A‬‬
‫يف املصافحة واملعانقة للقادم من السفر‬
‫ومن اآلداب المستحبة التي ينبغي الحرص عليها‪ ،‬زيارة القادم من‬
‫السفر والسالم عليه‪ ،‬ومصافحته ومعانقته‪ ،‬فإن هذا أدوم لبقاء الود‬
‫واأللفة‪ ،‬ويحدث من المحبة والترابط وجمع القلوب بين المسلمين‬
‫الشيء الكثير‪ ،‬وكان من هدي الصحابة رضوان اهلل عليهم أنهم يتعانقون‬
‫إذا قدموا من السفر‪.‬‬
‫فقد ُسئل أنس بن مالك ‪ ‬أرأيت الرجل يلقى أخاه جابيا من‬
‫سفر يأخذ بيده؟ قال‪ :‬قد كان أصحاب رسول اهلل ‘ إذا تالقوا‬
‫تصافحوا‪ ،‬وإذا قدموا من سفر تعانقوا(‪.)1‬‬
‫وقال الشعبي‪ :‬كان أصحاب محمد ‘ إذا التقوا صافحوا فإذا‬
‫قدموا من سفر عانق بعضهم بعضا(‪.)2‬‬
‫وهذا جابر بن عبد اهلل بلغه حديث عن رجل من أصحاب النبي ‘‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬أخرجه الطبراني في >األوسط< (‪ )97‬من طريق شعبة‪ ،‬والبيهقي في >شعب اإليمان<‬
‫(‪ )8943‬من طريق هشام الدستوائي‪ ،‬كالهما (شعبة‪ ،‬وهشام) عن قتادة‪ ،‬قال‪ :‬سأل‬
‫أياس بن نهبش أنسا فذكره‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه الطحاوي في >شرح معاني اآلثار< (‪ ،)6403‬والبيهقي في >شعب اإليمان<‬
‫(‪.)8958‬‬
‫‪125‬‬
‫املصافحة واملعانقة للقادم من السفر‬

‫قال‪ :‬فابتعت بعيرا فشددت إليه رحلي شهرا حتى قدمت الشام‪ ،‬فإذا‬
‫عبد اهلل بن أنيس فبعثت إليه أن جابرا بالباب‪ ،‬فرجع الرسول فقال‪:‬‬
‫جابر بن عبد اهلل؟ فقلت‪ :‬نعم‪ ،‬فخرج ْفعتنقني‪ ،‬قلت‪ :‬حديث بلغني لم‬
‫أسمعه خشيت أن أموت أو تموت‪ ،‬قال‪ :‬سمعت النبي ‘ يقول‪ :‬يحشر‬
‫اهلل العباد أو الناس عراة غرال بهما قلنا‪ :‬ما بهما؟ قال‪ :‬ليس معهم شيء‪،‬‬
‫فيناديهم بصوت يسمعه من بعد أحسبه قال كما يسمعه من قرب‪ :‬أنا‬
‫الملك‪ ،‬ال ينبغي ألحد من أهل الجنة يدخل الجنة وأحد من أهل النار‬
‫يطلبه بمظلمة‪ ،‬وال ينبغي ألحد من أهل النار يدخل النار وأحد من أهل‬
‫الجنة يطلبه بمظلمة‪ ،‬قلت‪ :‬وكيف وإنما نأتي اهلل عراة بهما؟ قال‪:‬‬
‫بالحسنات والسيئات(‪.)1‬‬
‫وقال البيهقي‪ :‬وروينا عن عمر أنه كلما قدم الشام استقبله أبو‬
‫عبيدة بن الجراا فقبل يده(‪.)2‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬أخرجه البخاري في >األدب المفرد< (‪ )970‬من طريق القاسم بن عبد الواحد‪ ،‬عن‬
‫عبد اهلل بن محمد بن عقيل بن أبي طالب‪ ،‬عن جابر فذكره‪ ،‬وإسناده حسن‪.‬‬
‫(‪> )2‬شعب اإليمان< (‪.)476/6‬‬
‫‪126‬‬
‫إطعام الطعام عند قدوم املسافر‬

‫‪A‬‬
‫إطعام الطعام عند قدوم املسافر‬
‫ومن اآلداب التي جاءت‪ ،‬استحباب تجهيز وليمة لصنقارب والزوار‬
‫الذين يَ ْغ َشون القادم من السفر للسالم عليه والتهنئة بالقدوم‪ ،‬سواء‬
‫أعدها القادم‪ ،‬أو أعدها أهل بيته له‪ ،‬وتسمى هذه الدعوة النقيعة بالنون‬
‫والقاف قيل‪ :‬اشتق من النقع وهو الغبار؛ ألن المسافر يأتي وعليه غبار‬
‫السفر‪ ،‬وقيل‪ :‬النقيعة من اللبن إذا برد(‪.)1‬‬
‫فعن جابر بن عبد اهلل ‪ ،‬أن رسول اهلل ‘ لما قدم المدينة‬
‫نحر جزورا أو بقرة(‪.)2‬‬
‫وقد بوب البخاري على هذا الحديث بقوله‪ :‬الطعام عند القدوم‪،‬‬
‫قال ابن بطال‪ :‬إطعام اإلمام والرئيس أصحابه عند القدوم من‬
‫السفر‪ ،‬مستحب ومن فعل السلف(‪.)3‬‬
‫وكان عبد اهلل بن عمر ـ ‪ ‬ـ يفطر لمن يغشاه من السفر(‪.)4‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫>فتح الباري< (‪.)194/6‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫البخاري (‪.)3089‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫شرح صحيح البخاري (‪.)243/5‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫أخرجه إسماعيل القاضي في >األحكام< كما في >تغليق التعليق< (‪ )467/3‬من‬ ‫(‪)4‬‬
‫طريق أيوب‪ ،‬عن نافع‪ ،‬به‪.‬‬
‫‪127‬‬
‫املصادر واملراجع‬

‫املصادر واملراجع‬

‫* إحياء علوم الدين‪ :‬للغزالي‪ ،‬الناشر‪ :‬دار المعرفة ــ بيروت‪.‬‬


‫* إرشاد الساري لشرا صحيح البخاري‪ :‬للقسطالني‪ ،‬الناشر‪ :‬المطبعة‬
‫الكبرى األميرية‪ ،‬مصر الطبعة‪ :‬السابعة‪ 1323 ،‬هـ‪.‬‬
‫* اإلحكام في أصول األحكام‪ :‬ألبي الحسن اآلمدي‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫عبد الرزاق عفيفي‪ ،‬المكتب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬دمشق‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫* اإلصابة في تمييز الصحابة‪ً :‬لبن حجر‪ ،‬تحقيق‪ :‬علي محمد البجاوي‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬دار الجيل ــ بيروت الطبعة األولى‪1412 ،‬هــ‪.‬‬
‫* االستيعاب في معرفة األصحاب‪ :‬البن عبد البر األندلسي‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫عادل مرشد‪ ،‬الناشر دار األعالم الطبعة األولى ‪1423‬هـ ــ ‪2002‬م‪.‬‬
‫* اآلداب للبيهقي‪ :‬تحقيق‪ :‬أبو عبد اهلل السعيد المندوه‪ ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الكتب الثقافية‪ ،‬بيروت ــ لبنان الطبعة‪ :‬األولى‪ 1408 ،‬هـ ــ ‪1988‬م‪.‬‬
‫* اآلحاد والمثاني‪ :‬البن أبي عاصم‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬باسم فيصل أحمد‬
‫الجوابرة‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الراية ــ الرياض‪ ،‬الطبعة‪ :‬األولى‪ 1411 ،‬هـ ــ ‪1991‬م‪.‬‬
‫* اآلداب الشرعية والمنح المرعية‪ :‬البن مفلح‪ ،‬الناشر‪ :‬عالم الكتب‪.‬‬
‫* األ اني‪ :‬ألبي الفرج األصفهاني‪ ،‬تحقيق‪ :‬سمير جابر الناشر‪ :‬دار‬
‫الفكر ــ بيروت الطبعة الثانية‪.‬‬
‫‪128‬‬
‫املصادر واملراجع‬

‫* أساس البال ة‪ :‬للزمخشري‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد باسل عيون السود‪ ،‬الطبعة‬


‫األولى‪1419 ،‬هـ= ‪1998‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫* أضواء البيان في إيضاا القرآن بالقرآن‪ :‬للشنقيطي‪ ،‬عام النشر‬
‫(‪ 1415‬هـ = ‪1995‬م)‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫* أهل البيت بين مدرستين‪ :‬محمد سالم الخضر‪1432 ،‬هـ= ‪2011‬م‪،‬‬
‫مبرة اآلل واألصحاب‪ ،‬الكويت‪.‬‬
‫* أدب الدنيا والدين‪ :‬للماوردي‪ ،‬الناشر‪ :‬دار مكتبة الحياة‪.‬‬
‫* البداية والنهاية‪ :‬البن كثير‪ ،‬المحقق‪ :‬علي شيري‪ ،‬الناشر‪ :‬دار إحياء‬
‫التراث العربي‪.‬‬
‫* الباعث الحثيث شرا اختصار علوم الحديث‪ :‬البن كثير‪ ،‬تأليف‪:‬‬
‫أحمد محمد شاكر‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫* بهجة المجالس وأنس المجالس‪ :‬البن عبد البر‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد مرسي‬
‫الخولي‪ .‬الناشر‪ ،‬دار الكتب العلمية‪.‬‬
‫* التراث والمعاصرة‪ :‬د‪ .‬أكرم ضياء العمري‪ ،‬الطبعة األولى‪1405 ،‬هـ‪،‬‬
‫رئاسة المحاكم الشرعية والشؤون الدينية بدولة قطر‪.‬‬
‫* التقرير والتحبير على تحرير الكمال ابن الهمام‪ :‬البن أمير حاج‪،‬‬
‫الطبعة الثانية‪1403 ،‬هـ= ‪1983‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية‪.‬‬
‫* التلخيص في أصول الفقه‪ :‬إلمام الحرمين الجويني‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد اهلل‬
‫جولم النبالي‪ ،‬وبشير أحمد العمري‪ ،‬دار البشائر اإلسالمية‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫‪129‬‬
‫املصادر واملراجع‬

‫* التمهيد في أصول الفقه‪ :‬ألَبي الخطاب ال َكل َْو َذاني الحنبلي‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫مفيد محمد أبو عمشة (الجزء ‪ 1‬ــ ‪ ،)2‬ومحمد بن علي بن إبراهيم (الجزء ‪ 3‬ــ‬
‫‪ ،)4‬الطبعة األولى‪ 1406 ،‬هـ= ‪1985‬م‪ ،‬دار المدني للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪.‬‬
‫* التمهيد لما في الموطأ من المعاني واألسانيد‪ :‬البن عبد البر‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫مصطفى بن أحمد العلوي‪ ،‬ومحمد عبد الكبير البكري‪ ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة قرطبة‪.‬‬
‫* التعريفات‪ :‬للجرجاني‪ ،‬المحقق‪ :‬جماعة من العلماء بإشراف الناشر‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية بيروت لبنان‪.‬‬
‫* التيسير بشرا الجامع الصغير‪ :‬للمناوي‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة اإلمام الشافعي‬
‫ــ الرياض‪.‬‬
‫* التوشيح شرا الجامع الصحيح‪ :‬لجالل الدين السيوطي‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫رضوان جامع رضوان‪ ،‬مكتبة الرشد ــ الرياض الطبعة‪ :‬األولى‪ 1419 ،‬هـ ــ‬
‫‪1998‬م‪.‬‬
‫* التوقيف على مهمات التعاريف‪ :‬زين الدين المناوي‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪1410‬هـ= ‪1990‬م‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫* تفسير ابن عطية= المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز‪ :‬البن عطية‬
‫األندلسي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد السالم عبد الشافي محمد‪ ،‬الطبعة األولى‪1422 ،‬هـ‪،‬‬
‫دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫* تفسير ابن كثير= تفسير القرآن العظيم‪ :‬البن كثير‪ ،‬تحقيق‪ :‬سامي بن‬
‫محمد سالمة‪ ،‬الطبعة الثانية (‪1420‬ها = ‪1999‬م)‪ ،‬دار طيبة‪ ،‬الرياض‪.‬‬

‫‪130‬‬
‫املصادر واملراجع‬

‫* تفسير القرطبي = الجامع ألحكام القرآن‪ :‬للقرطبي‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد‬


‫البردوني‪ ،‬وإبراهيم أطفيش‪ ،‬الطبعة الثانية (‪1384‬هـ = ‪1964‬م)‪ ،‬دار الكتب‬
‫المصرية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫* تفسير الزمخشري = الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل‪ ،‬الناشر‪ :‬دار‬
‫الكتاب العربي ــ بيروت الطبعة‪ :‬الثالثة ــ ‪1407‬هـ‪.‬‬
‫* تفسير القرآن العظيم‪ :‬البن أبي حاتم‪ ،‬تحقيق‪ :‬أسعد محمد الطيب‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬مكتبة نزار مصطفى الباز ــ المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫* تفسير الطبري‪ ،‬تحقيق‪ :‬الدكتور عبد اهلل بن عبد المحسن التركي‬
‫بالتعاون مع مركز البحوث والدراسات اإلسالمية بدار هجر الدكتور عبد السند‬
‫حسن يمامة‪ ،‬الناشر‪ :‬دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع واإلعالن‪.‬‬
‫* تهذيب األسماء واللغات‪ :‬للنووي‪ ،‬عنيت بنشره وتصحيحه والتعليق‬
‫عليه ومقابلة أصوله‪ :‬شركة العلماء بمساعدة إدارة الطباعة المنيرية‪ :‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت ــ لبنان‪.‬‬
‫* تحفة األبرار شرا مصابيح السنة‪ :‬للبيضاوي‪ ،‬تحقيق‪ :‬لجنة مختصة‬
‫بإشراف نور الدين طالب‪ ،‬الناشر‪ :‬وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية بالكويت‪:‬‬
‫‪ 1433‬هـ ــ ‪2012‬م‪.‬‬
‫* تاريخ دمشق‪ :‬البن عساكر‪ ،‬تحقيق‪ :‬عمرو بن غرامة العمروي‪ ،‬دار‬
‫الفكر للطباعة والنشر والتوزيع عام النشر‪ 1415 :‬هـ ــ ‪1995‬م‪.‬‬
‫* تاريخ المدينة المنورة‪ :‬ابن شبه‪ ،‬تحقيق‪ :‬فهيم محمد شلتوت‪ .‬الناشر‬
‫دار الفكر‪.‬‬
‫‪131‬‬
‫املصادر واملراجع‬

‫* تذكرة الحفاظ‪ :‬للذهبي‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية بيروت ــ لبنان‪.‬‬


‫* تعجيل المنفعة بزوائد رجال األئمة األربعة‪ :‬البن حجر العسقالني‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬د‪ .‬إكرام اهلل إمداد الحق‪ ،‬دار البشائر ــ بيروت الطبعة‪ :‬األولى ــ ‪1996‬م‪.‬‬
‫* جالء األفهام في فضل الصالة على محمد خير األنام‪ :‬البن القيم‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬شعيب األرناؤوط‪ ،‬عبد القادر األرناؤوط‪ ،‬الطبعة الثانية‪1407 ،‬هـ=‬
‫‪1987‬م‪ ،‬دار العروبة‪ ،‬الكويت‪.‬‬
‫* جمهرة اللغة‪ :‬البن دريد األزدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬رمزي منير بعلبكي‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪1987 ،‬م‪ ،‬دار العلم للماليين‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫* الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي (الداء والدواء)‪ :‬البن‬
‫القيم‪ ،‬تحقيق‪ :‬تحقيق محمد أجمل اإلصالحي ــ زائد بن أحمد النشري‪.‬‬
‫إشراف بكر بن عبد اهلل أبو زيد‪ .‬الناشر‪ :‬وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية ــ‬
‫قطر ــ ‪ 1437‬ــ ‪.2016‬‬
‫* الجرا والتعديل‪ :‬البن أبي حاتم الرازي‪ ،‬تحقيق‪ :‬طبعة مجلس دائرة‬
‫المعارف العثمانية ــ بحيدر آباد الدكن ــ الهند‪ ،‬دار إحياء التراث العربي ــ‬
‫بيروت الطبعة‪ :‬األولى‪ 1271 ،‬هـ ‪ 1952‬م‪.‬‬
‫* حقوق آل البيت‪ :‬البن تيمية‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد القادر عطا‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫* حديث علي بن حجر‪ :‬إلسماعيل بن جعفر بن أبي كثير األنصاري‪،‬‬
‫السفياني‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة الرشد للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬عمر بن رفود بن رفيد ّ‬
‫الرياض ــ شركة الرياض للنشر والتوزيع الطبعة‪ :‬األولى‪ 1418 :‬هـ ــ ‪1998‬م‪.‬‬
‫‪132‬‬
‫املصادر واملراجع‬

‫* حقوق الحيوان والرفق به في الشريعة اإلسالمية‪ :‬أحمد عبيد الكبيسي‪،‬‬


‫الناشر‪ :‬الجامعة االسالمية بالمدينة المنورة‪ ،‬الطبعة‪ :‬السنة الثامنة‪.‬‬
‫* حديث السراج‪ :‬أبو العباس محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مهران‬
‫بالس َّراج‪ ،‬تخريج‪ :‬زاهر بن طاهر الشحامي ‪ 533‬هـ‪ ،‬المحقق‪ :‬أبو‬
‫المعروف َّ‬
‫عبد اهلل حسين بن عكاشة بن رمضان‪ ،‬الناشر‪ :‬الفاروق الحديثة للطباعة والنشر‬
‫الطبعة‪ :‬األولى ‪ 1425‬هـ ــ ‪2004‬م‪.‬‬
‫* حلية األولياء‪ :‬ألبي نعيم‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الكتاب العربي ــ بيروت‪.‬‬
‫* دالئل النبوة‪ :‬للبيهقي‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية ــ بيروت الطبعة‪:‬‬
‫األولى ــ ‪1405‬هـ‪.‬‬
‫* الدعاء للطبراني‪ ،‬تحقق‪ :‬مصطفى عبد القادر عطا‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الكتب‬
‫العلمية ــ بيروت الطبعة‪ :‬األولى‪.1413 ،‬‬
‫* روضة الناظر وجنة المناظر في أصول الفقه على مذهب اإلمام‬
‫أحمد بن حنبل‪ :‬البن قدامة المقدسي‪ ،‬الطبعة الثانية‪1423 ،‬هـ= ‪2002‬م‪،‬‬
‫الريان للطباعة والنشر والتوزيع‪.‬‬
‫مؤسسة ّ‬
‫* روضة العقالء ونزهة الفضالء‪ :‬البن حبان‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد محي الدين‬
‫عبد الحميد‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية ــ بيروت‪.‬‬
‫* زوائد األصول على منهاج الوصول إلى علم األصول‪ :‬لجمال الدين‬
‫اإلسنوي‪ ،‬دراسة وتحقيق‪ :‬محمد سنان سيف الجاللي‪.‬‬
‫* الزهد والرقائق‪ :‬البن المبارك‪ ،‬تحقيق‪ :‬حبيب الرحمن األعظمي‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية ــ بيروت‪.‬‬
‫‪133‬‬
‫املصادر واملراجع‬

‫* الزهد‪ :‬المؤلف‪ :‬البن أبي عاصم‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد العلي عبد الحميد‬
‫حامد‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الريان للتراث ــ القاهرة‪.‬‬
‫* سنن النسائي الكبرى‪ :‬تحقيق‪ :‬شعيب األرناؤوط‪ ،‬الناشر دار الرسالة‪.‬‬
‫* سنن الترمذي‪ :‬تحقيق‪ :‬أحمد محمد شاكر‪ ،‬الناشر‪ :‬شركة مكتبة‬
‫ومطبعة مصطفى البابي الحلبي ــ مصر‪.‬‬
‫مح َّمد كا ِمل قره بللي‪،‬‬
‫شعيب األرناؤوط ــ َ‬
‫* سنن أبي داود‪ :‬المحقق‪َ :‬‬
‫الناشر‪ :‬دار الرسالة العالمية‪.‬‬
‫* سنن الدارمي‪ :‬ألبي محمد الدارمي‪ ،‬تحقيق‪ :‬فواز أحمد زمرلي‪ ،‬خالد‬
‫السبع العلمي‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الكتاب العربي ــ بيروت الطبعة األولى‪.1407 ،‬‬
‫* سير أعالم النبالء‪ :‬للذهبي‪ ،‬تحقيق‪ :‬مجموعة من المحققين بإشراف‬
‫الشيخ شعيب األرنؤوط‪ ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة‪.‬‬
‫* سلسلة األحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها‪ :‬لأللباني‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬مكتبة المعارف للنشر والتوزيع‪ ،‬الرياض الطبعة‪ :‬األولى‪( ،‬لمكتبة‬
‫المعارف)‪.‬‬
‫* سلسلة األحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في األمة‪:‬‬
‫لأللباني‪ ،‬دار النشر‪ :‬دار المعارف ــ الرياض ــ الممكلة العربية السعودية‪،‬‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪ 1412 :‬هـ ‪ 1992 /‬م‪.‬‬
‫* السياسة الشرعية في اصالا الراعي والرعية‪ :‬البن تيمية‪ ،‬تحقيق‪ :‬لجنة‬
‫إحياء التراث العربي‪ ،‬الناشر دار األفاق الجديدة‪.‬‬
‫* السنن الكبرى وفي ذيله الجوهر النقي‪ :‬للبيهقي‪ ،‬تحقيق‪ :‬مجلس دائرة‬
‫‪134‬‬
‫املصادر واملراجع‬

‫المعارف النظامية الكائنة في الهند ببلدة حيدر آباد‪ ،‬الطبعة‪ :‬الطبعة‪ :‬األولى ــ‬
‫‪ 1344‬هـ‪.‬‬
‫* شرا مشكل اآلثار = بيان ما أشكل من أحاديث رسول اهلل ‘‪:‬‬
‫للطحاوي‪ ،‬تحقيق‪ :‬شعيب األرنؤوط‪ ،‬الطبعة األولى (‪1415‬هـ = ‪1994‬م)‪،‬‬
‫مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫* شرا مختصر الروضة‪ :‬للطوفي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد اهلل بن عبد المحسن‬
‫التركي‪ ،‬الطبعة األولى‪1407 ،‬هـ= ‪1987‬م‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪.‬‬
‫* شرا تنقيح الفصول‪ :‬للقرافي‪ ،‬تحقيق‪ :‬طه عبد الرؤوف سعد‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪1393 ،‬هـ= ‪1973‬م‪ ،‬شركة الطباعة الفنية المتحدة‪.‬‬
‫* شعب اإليمان‪ :‬للبيهقي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد السعيد بسيوني زغلول‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية ــ بيروت‪.‬‬
‫* شرا الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬عبد الحميد‬
‫هنداوي‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة نزار مصطفى الباز مكة المكرمة ــ الرياض الطبعة‪:‬‬
‫األولى‪ 1417 ،‬هـ ــ ‪ 1997‬م‪.‬‬
‫* شرا رياض الصالحين‪ :‬البن كمال باشا الحنفي‪ ،‬تحقيق‪ :‬نور الدين‬
‫طالب‪ ،‬نشر وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية ــ قطر ــ الطبعة األولى‬
‫‪1435‬هــ ‪2014‬م‪.‬‬
‫* شرا بلوغ المرام‪ :‬للشيخ عطية بن محمد سالم (المتوفى‪1420 :‬هـ)‪،‬‬
‫مصدر الكتاب‪ :‬دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة اإلسالمية‪.‬‬
‫* شرا صحيح البخاري‪ :‬البن بطال‪ ،‬تحقيق‪ :‬أبو تميم ياسر بن إبراهيم‪:‬‬
‫مكتبة الرشد ــ السعودية ‪ /‬الرياض ــ ‪1423‬هـ ــ ‪2003‬م الطبعة‪ :‬الثانية‪.‬‬
‫‪135‬‬
‫املصادر واملراجع‬

‫* صحيح البخاري‪ ،‬تحقق‪ :‬محمد زهير بن ناصر الناصر‪ ،‬الناشر‪ :‬دار‬


‫طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي)‪.‬‬
‫* صحيح مسلم‪ ،‬المحقق‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬الناشر‪ :‬دار إحياء‬
‫التراث العربي ــ بيروت‪.‬‬
‫* صحيح ابن خزيمة‪ ،‬المحقق‪ :‬د‪ .‬محمد مصطفى األعظمي‪ ،‬الناشر‪:‬‬
‫المكتب اإلسالمي‪.‬‬
‫* صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان‪ ،‬تحقق‪ :‬شعيب األرنؤوط ــ‬
‫الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة‪.‬‬
‫* صحاا تاج اللغة وصحاا العربية‪ :‬ألبي نصر الجوهري‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫أحمد عبد الغفور عطار‪ ،‬الطبعة الرابعة‪1407 ،‬هـ= ‪1987‬م‪ ،‬دار العلم‬
‫للماليين‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫* طبقات فحول الشعراء‪ :‬البن سالم الجمحي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمود محمد‬
‫شاكر‪ ،‬الناشر‪ :‬دار المدني ــ جدة‪ ،‬شارك في تحقيقه‪ :‬عبد الفتاح أبو سنة‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬الكتب العلمية ــ بيروت ــ لبنان الطبعة‪ :‬األولى‪1418 ،‬هـ‪1997‬م‪.‬‬
‫* طرا التثريب في شرا التقريب‪ :‬ألبي زرعة ابن اإلمام العراقي‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬الطبعة المصرية القديمة ــ وصورتها دور عدة منها (دار إحياء التراث‬
‫العربي‪ ،‬ومؤسسة التاريخ العربي‪ ،‬ودار الفكر العربي)‪.‬‬
‫* الطبقات الكبرى‪ :‬البن سعد‪ ،‬تحقيق‪ :‬إحسان عباس‪ ،‬دار صادر ــ‬
‫بيروت الطبعة‪ :‬األولى‪ 1968 ،‬م‪.‬‬
‫* عيون األخبار‪ :‬البن قتيبة‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية ــ بيروت‪.‬‬

‫‪136‬‬
‫املصادر واملراجع‬

‫* العقد الفريد‪ :‬البن عبد ربه األندلسي‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية ــ‬
‫بيروت الطبعة‪ :‬األولى‪ 1404 ،‬هـ‪.‬‬
‫* العزلة‪ :‬للخطابي‪ ،‬الناشر‪ :‬المطبعة السلفية ــ القاهرة‪.‬‬
‫* عمل اليوم والليلة‪ :‬للنسائي‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬فاروق حمادة‪ ،‬الناشر‪:‬‬
‫مؤسسة الرسالة ــ بيروت الطبعة‪ :‬الثانية‪.1406 ،‬‬
‫* ريب الحديث‪ :‬البن قتيبة‪ ،‬تحقيق عبد اهلل الجبوري‪ ،‬مطبعة العاني ــ‬
‫بغداد ــ الطبعة األولى ‪1397‬ه‪.‬‬
‫* فتح الباري شرا صحيح البخاري‪ :‬البن حجر‪ ،‬رقَّم كتبه وأبوابه‬
‫وأحاديثه‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬وقام بإخراجه وص َّححه‪ :‬محب الدين‬
‫الخطيب‪ ،‬عام النشر (‪1379‬هـ)‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫* فتح الباري شرا صحيح البخاري‪ :‬البن رجب‪ ،‬تحقيق‪ :‬مجموعة‬
‫باحثين‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة الغرباء األثرية ــ المدينة النبوية‪ .‬الحقوق‪ :‬مكتب تحقيق‬
‫دار الحرمين ــ القاهرة‪ ،‬الطبعة‪ :‬األولى‪ 1417 ،‬هـ ــ ‪1996‬م‪.‬‬
‫* فصل المقال في شرا كتاب األمثال‪ :‬ألبي عبيد البكري‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫إحسان عباس‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة‪ :‬األولى‪ 1971 ،‬م‪.‬‬
‫* الفائق في ريب الحديث‪ :‬للزمخشري‪ ،‬تحقيق‪ :‬علي محمد البجاوي‬
‫ــ محمد أبو الفضل إبراهيم الناشر‪ :‬دار المعرفة ــ لبنان الطبعة الثانية‪.‬‬
‫* الفقه وأصوله‪ ،‬بين التراث والمعاصرة‪ :‬د‪ .‬معاوية أحمد سيد أحمد‪،‬‬
‫بحث منشور على صفحات اإلنترنت‪.‬‬
‫‪137‬‬
‫املصادر واملراجع‬

‫* قواطع األدلة في األصول‪ :‬ألبي المظفر السمعاني‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد حسن‬


‫محمد حسن اسماعيل الشافعي‪ ،‬الطبعة األولى‪1418 ،‬هـ= ‪1999‬م‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫* القاموس المحيط‪ :‬للفيروز آبادي‪ ،‬تحقيق‪ :‬مكتب تحقيق التراث في‬
‫العرقسوسي‪ ،‬الطبعة الثامنة‪1426 ،‬هـ =‬
‫ُ‬ ‫مؤسسة الرسالة‪ ،‬بإشراف‪ :‬محمد نعيم‬
‫‪2005‬م‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫* الكليات معجم في المصطلحات والفروق اللغوية‪ :‬أبو البقاء الكفوي‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬عدنان درويش‪ ،‬محمد المصري‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫* الكواكب الدراري في شرا صحيح البخاري‪ :‬شمس الدين الكرماني‪،‬‬
‫الطبعة الثانية‪1401 ،‬هـ= ‪1981‬م‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫* كشاف اصطالحات الفنون والعلوم‪ :‬محمد بن علي التهانوي‪ ،‬تقديم‬
‫وإشراف ومراجعة‪ :‬د‪ .‬رفيق العجم‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬علي دحروج‪ ،‬نقل النص‬
‫الفارسي إلى العربية‪ :‬د‪ .‬عبد اهلل الخالدي‪ ،‬الطبعة األولى‪1996 ،‬م‪ ،‬مكتبة‬
‫لبنان ناشرون‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫* الكامل في ضعفاء الرجال‪ً :‬لبن عدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عادل أحمد عبد الموجود‬
‫ــ علي محمد معوض‪.‬‬
‫* لسان العرب المؤلف‪ :‬محمد بن مكرم بن منظور األفريقي المصري‬
‫الناشر‪ :‬دار صادر ــ بيروت‪.‬‬
‫* لسان الميزان‪ :‬البن حجر‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الفتاح أبو غدة‪ ،‬الناشر‪ :‬دار‬
‫البشائر اإلسالمية الطبعة‪ :‬األولى‪ 2002 ،‬م‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫املصادر واملراجع‬

‫* مسائل الخالف في أصول الفقه‪ :‬للقاضي الحسين بن علي الصيمري‪،‬‬


‫رسالة دكتوراه‪ ،‬بال طبعة وال تاريخ‪.‬‬
‫* معالم السنن‪ ،‬وهو شرح سنن أبي داود‪ :‬للخطابي‪ ،‬الناشر‪ :‬المطبعة‬
‫العلمية ــ حلب‪ ،‬الطبعة‪ :‬األولى ‪ 1351‬هـ ــ ‪1932‬م‪.‬‬
‫* ميزان االعتدال في نقد الرجال‪ :‬للذهبي‪ ،‬تحقيق‪ :‬على البجاوي ــ‬
‫الناشر دار المعرفة بيروت‪.‬‬
‫* موطأ اإلمام مالك‪ :‬تحقيق‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬الناشر‪ :‬دار إحياء‬
‫التراث العربي ــ مصر‪.‬‬
‫* معالم السنن = وهو شرح سنن أبي داود‪ :‬للخطابي‪ ،‬الناشر‪ :‬المطبعة‬
‫العلمية ــ حلب الطبعة‪ :‬األولى ‪ 1351‬هـ ــ ‪1932‬م‪.‬‬
‫* مسند أبي يعلى‪ :‬ألبي يعلى الموصلي‪ ،‬تحقيق‪ :‬حسين سليم أسد‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬دار المأمون للتراث ــ دمشق‪ ،‬الطبعة األولى‪ 1404 ،‬ــ ‪.1984‬‬
‫* مسند أبي عوانة‪ :‬اإلمام أبي عوانة يعقوب بن إسحاق اإلسفرائني‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬أحمد بن عارف الدمشقي‪ ،‬الناشر دار المعرفة مكان النشر بيروت‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪1419 :‬هــ ــ ‪1998‬م‪.‬‬
‫* معجم البلدان‪ :‬ياقوت بن عبد اهلل الحموي‪ ،‬نشر دار صادر بيروت‪.‬‬
‫* مسند ابن الجعد‪ :‬علي بن الجعد‪ ،‬تحقيق‪ :‬عامر أحمد حيدر‪ ،‬الناشر‪:‬‬
‫مؤسسة نادر ــ بيروت الطبعة األولى‪ 1410 ،‬ــ ‪.1990‬‬
‫* مختصر التحرير شرا الكوكب المنير‪ :‬البن النجار الحنبلي‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫محمد الزحيلي‪ ،‬ونزيه حماد‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1418‬هـ= ‪1997‬م‪ ،‬مكتبة‬
‫العبيكان‪.‬‬
‫‪139‬‬
‫املصادر واملراجع‬

‫* مخالفة الصحابي للحديث النبوي الشريف‪ :‬د‪ .‬عبد الكريم النملة‪،‬‬


‫الطبعة الثانية‪1420 ،‬ه= ‪1999‬م‪ ،‬مكتبة الرشد‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫* معالم السنن =وهو شرا سنن أبي داود‪ :‬للخطابي‪ ،‬الناشر‪ :‬المطبعة‬
‫العلمية ــ حلب‪.‬‬
‫* مسند اإلمام أحمد بن حنبل‪ ،‬تحقيق‪ :‬شعيب األرنؤوط وآخرون‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة‪.‬‬
‫* مسند البزار‪ ،‬تحقيق‪ :‬د محفوظ الرحمن زين اهلل‪ ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫علوم القرآن بيروت‪ ،‬ومكتبة العلوم والحكم المدينة المنورة الطبعة األولى‬
‫‪ 1409‬هــ ‪ 1988‬م‪.‬‬
‫* ُمصنف ابن أبي شيبة‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عوامة‪ ،‬الناشر دار القبلة‪.‬‬
‫* مصنف عبد الرزاق‪ ،‬تحقيق‪ :‬حبيب الرحمن األعظمي‪ ،‬الناشر‪:‬‬
‫المكتب اإلسالمي ــ بيروت‪.‬‬
‫* مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين‪ :‬البن القيم‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬محمد المعتصم باهلل البغدادي‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ 1416 ،‬هـ= ‪1996‬م‪ ،‬دار‬
‫الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫* مكارم األخالق‪ :‬للخرائطي‪ ،‬تحقيق‪ :‬أيمن عبد الجابر البحيري‪.‬‬
‫الناشر‪ :‬دار اآلفاق العربية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫* مساوئ األخالق‪ :‬للخرائطي‪ ،‬تحقيق‪ :‬مصطفى بن أبو النصر الشلبي‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬مكتبة السوادي للتوزيع‪ ،‬جدة‪.‬‬
‫* معجم لغة الفقهاء‪ :‬محمد رواس قلعجي ــ حامد صادق قنيبي‪ ،‬الناشر‪:‬‬
‫‪140‬‬
‫املصادر واملراجع‬

‫دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع‪.‬‬


‫* مجموع الفتاوى‪ :‬البن تيمية‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الرحمن بن محمد بن‬
‫قاسم‪ ،‬عام النشر (‪1416‬هـ = ‪1995‬م)‪ ،‬مجمع الملك فهد لطباعة المصحف‬
‫الشريف‪ ،‬المدينة المنورة‪.‬‬
‫* المغني‪ :‬البن قدامة‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الفكر ــ بيروت‪.‬‬
‫* المفاتيح في شرا المصابيح‪ :‬للمظهري‪ ،‬تحقيق ودراسة‪ :‬لجنة مختصة‬
‫من المحققين بإشراف‪ :‬نور الدين طالب‪ ،‬الناشر‪ :‬دار النوادر‪ ،‬وهو من‬
‫إصدارات إدارة الثقافة اإلسالمية وزارة األوقاف الكويتية الطبعة‪ :‬األولى‪،‬‬
‫‪ 1433‬هـ ــ ‪2012‬م‪.‬‬
‫* المستدرك على الصحيحين‪ :‬للحاكم‪ ،‬تحقيق‪ :‬مصطفى عبد القادر‬
‫عطا‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية‪.‬‬
‫* المنهاج شرا صحيح مسلم بن الحجاج‪ :‬للنووي‪ ،‬الناشر‪ :‬دار إحياء‬
‫التراث العربي ــ بيروت الطبعة‪ :‬الثانية‪.1392 ،‬‬
‫* المعجم الكبير‪ :‬ألبي القاسم الطبراني‪ ،‬تحقيق‪ :‬حمدي بن عبد المجيد‬
‫السلفي‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة العلوم والحكم ــ الموصل الطبعة الثانية‪ 1404 ،‬ــ‬
‫‪.1983‬‬
‫* المعجم األوسط‪ :‬للطبراني‪ ،‬تحقيق‪ :‬طارق بن عوض اهلل بن محمد‪،‬‬
‫وعبد المحسن بن إبراهيم الحسيني‪ .‬الناشر‪ :‬دار الحرمين ــ القاهرة‪.1415 ،‬‬
‫* المعرفة والتاريخ‪ :‬ليعقوب الفسوي‪ ،‬تحقيق‪ :‬د أكرم ضياء العمري‪،‬‬
‫نشر مكتبة الدار بالمدينة المنورة‪ ،‬الطبعة ‪1410‬هــ‪.‬‬

‫‪141‬‬
‫املصادر واملراجع‬

‫* المستطرف في كل فن مستظرف‪ :‬لشهاب الدين محمد بن أحمد أبي‬


‫الفتح األبشيهي‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬مفيد محمد قميحة‪ ،‬دار الكتب العلمية ــ بيروت‬
‫الطبعة الثانية‪1986 ،‬م‪.‬‬
‫* الميسر في شرا مصابيح السنة‪ :‬للتوربشتي‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬عبد الحميد‬
‫هنداوي‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة نزار مصطفى الباز‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثانية‪ 1429 ،‬هـ ــ‬
‫‪2008‬هـ‪.‬‬
‫* المجالسة وجواهر العلم‪ :‬للدينوري‪ ،‬تحقيق‪ :‬مشهور حسن سلمان‪،‬‬
‫الناشر دار ابن حزم‪.‬‬
‫* المفردات في ريب القرآن‪ :‬للراغب األصفهاني‪ ،‬تحقيق‪ :‬صفوان‬
‫عدنان الداودي‪ ،‬الطبعة األولى‪ 1412 ،‬هـ‪ ،‬دار القلم‪ ،‬الدار الشامية‪ ،‬دمشق‪،‬‬
‫بيروت‪.‬‬
‫* المحيط في اللغة‪ :‬للصاحب ابن عباد‪ ،‬تحقيق‪ :‬الشيخ محمد حسن آل‬
‫ياسين‪ ،‬الطبعة األولى‪1414 ،‬هـ= ‪1994‬م‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫* المجموع شرا المهذب‪ :‬للنووي‪ ،‬مع تكملة السبكي والمطيعي‪ ،‬دار‬
‫الفكر‪.‬‬
‫* المستصفى‪ :‬ألبي حامد الغزالي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عبد السالم‬
‫عبد الشافي‪ ،‬الطبعة األولى‪1413 ،‬هـ= ‪1993‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫* المصباا المنير‪ :‬للفيومي‪ ،‬الناشر‪ :‬المكتبة العلمية ــ بيروت‪.‬‬
‫* النهاية في ريب الحديث واألثر‪ :‬للجزري‪ ،‬تحقيق‪ :‬طاهر أحمد‬
‫الزاوى ــ محمود محمد الطناحي‪ ،‬الناشر‪ :‬المكتبة العلمية ــ بيروت‪1399 ،‬هـ‬
‫ــ ‪1997‬م‪.‬‬
‫‪142‬‬
‫املصادر واملراجع‬

‫* نيل األوطار‪ :‬للشوكاني‪ ،‬تحقيق‪ :‬عصام الدين الصبابطي‪ ،‬الناشر‪ :‬دار‬


‫الحديث‪ ،‬مصر الطبعة‪ :‬األولى‪1413 ،‬هـ ــ ‪1993‬م‪.‬‬
‫* نزهة األعين النواظر في علم الوجوه والنظائر‪ :‬البن الجوزي‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫محمد عبد الكريم كاظم الراضي‪ ،‬الطبعة األولى‪1404 ،‬هـ= ‪1984‬م‪ ،‬مؤسسة‬
‫الرسالة‪ ،‬لبنان‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫* وفيات األعيان‪ :‬البن خلكان‪ ،‬تحقق‪ :‬إحسان عباس‪ ،‬الناشر‪ :‬دار‬
‫صادر ــ بيروت‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫ل‬
‫قائمة بعناوين الآ بحاب الحديدة مشروع‬
‫‪.‬‬

‫لصحاث)‬ ‫(تراث الآل وا آ‬


‫* القرآن في حياة اآلل واألصحاب‪.‬‬
‫* أدب التربية في تراث اآلل واألصحاب‪ :‬نماذج من تعامل اآلل واألصحاب مع صغارهم‪.‬‬
‫* السفر وآدابه في تراث اآلل واألصحاب‪.‬‬
‫* التجارة والمكاسب في تراث اآلل واألصحاب‪ :‬آداب وقدوات ونماذج متنوعة‪.‬‬
‫* آداب معاملة الكبار والمرضى في تراث اآلل واألصحاب‪.‬‬
‫* اإلعاقة في تراث اآلل واألصحاب‪ :‬نماذج وآداب وعبر‪.‬‬
‫* آداب التعامل مع غير المسلمين في تراث اآلل واألصحاب‪.‬‬
‫* العبادة والزهد في تراث اآلل واألصحاب‪.‬‬
‫* الذكر والدعاء في تراث آل البيت‪.‬‬
‫* فضل العلم وآداب طلبه في تراث اآلل واألصحاب‪.‬‬
‫* آداب التعامل مع المرأة في تراث اآلل واألصحاب‪.‬‬
‫* آداب العشرة في تراث اآلل واألصحاب‪ :‬استلهام للقيم الزوجية الناجحة في سير سلفنا‬
‫الصالح‪.‬‬
‫* آداب الحوار واًلختًلف في تراث اآلل واألصحاب‪ :‬شواهد وآداب‪.‬‬
‫* قضايا نسائية‪ :‬قراءات في تراث اآلل واألصحاب‪.‬‬
‫* األطفال في رحاب اآلل واألصحاب‪ :‬بحث في أسس المعالجة الفنية واألدبية لنشر تراث‬
‫اآلل واألصحاب للمراحل العمرية الصغيرة‪.‬‬
‫* الوقف في تراث اآلل واألصحاب‪.‬‬
‫* ال َف ْقد في تراث اآلل واألصحاب‪ :‬دراسة في الجوانب اإليمانية واإلنسانية‪.‬‬
‫* المهارات اإلدارية في تراث اآلل واألصحاب‪.‬‬
‫* إدارة الوقت في تراث اآلل واألصحاب‪.‬‬
‫* الطعام وآدابه في تراث اآلل واألصحاب‪.‬‬
‫* المزاح وآدابه في تراث اآلل واألصحاب‪.‬‬
‫* آداب التعامل مع الحيوان في تراث اآلل واألصحاب‪.‬‬
‫‪.‬‬

You might also like