Professional Documents
Culture Documents
م
حقوق الطبع حقوظة لمبرة الآل والآصحاب
إال لمن أراد التوزيع الخيري بشرط عدم التصرف في المادة العلمية
الطبعة األوىل
1440ـهـ 2019م
فهرس املوضوعات
الصفحة الموضوع
مقدمة مبرة اآلل واألصحاب11 .....................................
تمهيد 15 ....................................................
المقدمة26 ...................................................
قيمة الوقت30 ................................................
أهمية الموضوع34 .............................................
التصنيف في الوقت وأهميته ليس وليد هذا العصر 41 ...................
تحديد المفاهيم 42 .............................................
* أوال :الصحابي 42 .......................................
نقل اإلجماع على تفضيل الصحابة ـ رضوان اهلل عليهم أجمعين ـ على
غيرهم 45 ................................................
* ثانيا :آل البيت47 ........................................
* ثالثا :الوقت52 ..........................................
* رابعا :إدارة الوقت55 .....................................
تحديد مناط البحث57 ..........................................
الفصل األول الوقت يف اإلسالم59 ................................
المبحث األول الوقت في القرآن الكريم62 ...........................
5
فهرس املوضوعات
الصفحة الموضوع
* قسم اهلل تعالى بالزمان أو بجزء منه بيانا لشرف قدره وعظيم منزلته63 ...
* بيان أن اهلل تعالى وقت للناس زمانهم؛ إعانة لهم على أمور دينهم
ودنياهم 65 .................................................
* بيان أن اهلل تعالى أعان عباده على تنظيم أوقاتهم ،وتخصيص كل
وقت لما يناسبه 65 ..........................................
* بيان أن القدر الممنوح من الوقت لإلنسان كاف للقيام بما أوجبه اهلل
تعالى عليه 67 ..............................................
* تعين أوقات مخصوصة بالشرف ومضاعفة األجور68 ...............
* اقتران جملة من العبادات بعامل الوقت 69 ......................
المبحث الثاني الوقت في السنة النبوية المطهرة 71 .....................
أجل النعم ،وأن ضياعه ومن* بيان أهمية الوقت ،وأنه نعمة من ّ
أعظم الخسران 71 ..........................................
* بيان مدى مسؤولية الوقت72 ................................
* الحث على استغالل أوقات النشاط في أداء األعمال73 ............
* بيان ما جاء في السنة من :تنظيم الوقت وتخطيطه ،وإعطاء كل شيء
وقدره ،وأن للنفس حقا أيضا74 ............................ حقه ْ
* بيان ما جاء في السنة من :تحديد األهداف ،وترتيب األولويات،
وتقديم األ َ ْولى منها75 .......................................
* الحث على المبادرة باألعمال قبل حصول الشواغل،
واغتنام الفرص المتاحة77 ....................................
6
فهرس املوضوعات
الصفحة الموضوع
* بيان ما جاء في السنة من تعلق جملة من العبادات بعامل الوقت،
وارتباطها به ارتباطا وثيقا 78 ..................................
* الحث على اغتنام األوقات الفاضلة 79 ........................
* إعطاء الواجبات المستحقة واالحتياجات المتنوعة قدرها ومساحته
المناسبة من الوقت80 .......................................
* المثابرة والمداومة على العمل ،واألمر بأن يكلف اإلنسان نفسه
من األعمال ما يطيق 83 .....................................
* االجتهاد في العمل ،وبلوغ الدرجة العليا في ذلك 84 .............
* عدم االنقطاع عن العمل بحال حتى لو علم اإلنسان قرب نهايته 85 ...
المبحث الثالث الوقت في التراث اإلسالمي ،ونظرة السلف له 87 .........
* أهمية الوقت ،والنظر له على أنه عمر اإلنسان87 ..................
* إدارة الوقت تبدأ بالتخطيط والتنظيم اليومي للعمل89 ...............
* ذكر أوراد الليل 91 ........................................
* االعتناء بالوقت الحاضر ،وعدم االنشغال بغيره ،سواء بالتحسر على
فوات الماضي أو أحالم المستقبل92 .............................
المبحث الرابع سمات النظرة اإلسالمية للوقت94 ......................
* أوال :إعطاء قيمة عظمى للوقت 95 ............................
* ثانيا :الوقت أعظم من أن يضيع منه شيء 96 .....................
* ثالثا :الوقت يُحسب باللحظة ويعد باألنفاس ،ومحاسبة النفس تكون
على هذا القدر منه97 .........................................
7
فهرس املوضوعات
الصفحة الموضوع
* رابعا :لكل واجب من الواجبات ،وكل حاجة من احتياجات النفس
وقتها المقدر لها 98 ..........................................
* خامسا :الحث على المداومة على العمل بال انقطاع وال فتور 100 ......
* سادسا :الموازنة واالعتدال في تقسيم األوقات 100 ................
* سابعا :طلب األجر في كل لحظة حتى ما كان منه للنوم والراحة 101 ...
* ثامنا :مراعات اختالف األحوال بين الناس 102 ...................
* تاسعا :الوقت الممنوح لإلنسان كفيل بتحقيق األعمال المنوطة به 103 ..
* عاشرا :المباركة في الوقت عموما ،وفي أوقات بعينها خصوصا 103 ....
* حادي عشر :تكليف النفس بما تطيق من العمل 106 ...............
* ثاني عشر :ضياع الوقت ضياع لما وجب فيه من العمل 107 ..........
الفصل اثلاين إدارة الوقت يف تراث اآلل واألصحاب 109 ................
المبحث األول أهمية الوقت عند اآلل واألصحاب ،ونظرتهم إليه 112 ......
* الوقت محل للتسابق والمنافسة في الخيرات 114 .................
* مراعاة الدقة في المواعيد 115 ...............................
* مرور الوقت في الحقيقة نقصان من العمر واستهالك له 118 .........
* بذل الوقت في الغالي والنفيس119 ...........................
* التحفيز على عدم إضاعة الوقت 119 ..........................
* محاسبة النفس مخافة ضياع الوقت في غير نفع120 ...............
* حساب الوقت وساعات الليل والنهار 122 ......................
8
فهرس املوضوعات
الصفحة الموضوع
المبحث الثاني استثمار الوقت وعدم إضاعته123 ......................
* االستفادة من الوقت بعمل الخيرات على كل حال 123 ............
* األمر بالمحافظة على الوقت ،والنهي عن إضاعته 124 .............
* الحث على سرعة القراءة مع اإلتقان اختصار لألوقات والحفاظ عليها 126 .
* بغضهم إضاعة الوقت ،أو استحقار شيء من األعمال 127 ..........
* عدم االكتفاء باألقوال الجوفاء التي ال عمل يصدقها 129 ...........
* اإللمام بشؤون الحياة المختلفة والمشاركة فيها 130 ...............
المبحث الثالث تخطيط الوقت وتنظيمه132 ..........................
* تقسيم الوقت 134 ........................................
* التنظيم والتخطيط اليومي للعمل 136 ..........................
* توزيع الوقت بين المهام المختلفة138 .........................
* التعاون وتقسيم العمل وتكليف الغير ببعض المهام لتحقيق أكبر
قدر من االستفادة من الوقت140 ...............................
* تحديد األولويات وتقديم األ َ ْولى فاأل َ ْولى 142 ...................
المبحث الرابع اختيار الوقت المناسب للعمل مع مراعاة اختالف األحوال 145
المبحث الخامس تفريغ الوقت والجهد لألعمال العظام 149 ..............
المبحث السادس اغتنام أوقات الشباب والمعافاة152 ...................
الفصل اثلالث فقه اآلل واألصحاب يف إدارة الوقت159 ................
المبحث األول تكليف النفس بما تطيق162 ..........................
9
فهرس املوضوعات
الصفحة الموضوع
المبحث الثاني مراعاة كافة جوانب الحياة 167 ........................
المبحث الثالث المسابقة والمنافسة في اغتنام األوقات173 ...............
المبحث الرابع تحري األوقات المخصوصة182 .......................
المبحث الخامس المحاسبة والمراجعة للنفس 186 .....................
المبحث السادس إعطاء النفس حظها من الراحة والترويح الستعادة
النشاط190 ...................................................
المبحث السابع المداومة وعدم االنقطاع 196 .........................
الفصل الرابع فقه اآلل واألصحاب يف اتلعامل مع مضيعات الوقت
ومعوقات إدارته201 ...........................................
المبحث األول الكسل 204.......................................
المبحث الثاني التسويف 212 .....................................
خير منه217 .......
المبحث الثالث بذل الوقت فيما ال نفع فيه أو فيما غيره ٌ
الخاتمة 223 ..................................................
المصادر والمراجع 225.........................................
10
مقدمة مبرة اآلل واألصحاب
وقد كان أصل هذا المشروع الذي بين أيدينا فكر ًة من قِبل رئيس
مجلس إدارة المبرة د .عبدالمحسن الجاراهلل الخرافي تتضمن توسيع
لتضم مجاالت جديدة ورحا ًبا ّ نطاق األبحاث المتعلقة باآلل واألصحاب
أوسع وال تقتصر على الموضوعات الدينية المألوفة ،ثم أوعز بهذه الفكرة
وبعض عناصرها إلى مركز البحوث والدراسات بالمبرة؛ فقام المركز
مشكو ًرا مأجو ًرا بوضع خطة طموحة تتضمن العديد من الموضوعات
الهادفة ،العلمية والعملية؛ التي نستهدف أن نستضيء فيها بتراث اآلل
واألصحاب ،ونكشف عن مالمح تطبيقهم الوحي على جميع األصعدة
واألنحاء ،بشكل يتجلّى فيه الجانب اإلبداعي من تخصص المبرة في
خدمة تراث اآلل واألصحاب ،و>التخصص يقود إلى اإلبداع< بحمد اهلل
وتوفيقه ،بحيث نقدم للمكتبة العلمية والدعوية تجمي ًعا غير مسبوق لبعض
الجوانب الدقيقة في تراث اآلل واألصحاب؛ و ِمن ثَ َّم َّنسق المركز مع
مجموعة من الباحثين ليقدموا جهودهم في تحويل تلك األفكار
والموضوعات إلى أبحاث علمية وفق منهجية مركز البحوث والدراسات
المنضبطة ،القائمة على التحقيق العلمي ،واالستدالل الصحيح،
واالسترشاد بكتب أهل العلم السابقين والمعاصرين ،واستمر جهد المركز
في متابعة األبحاث ومراجعتها وتعديل ما يحتاج منها إلى تعديل ،عبر
خلية عمل تفرغت للمشروع تحت إشراف رئيس مركز البحوث
والدراسات الشيخ محمد سالم الخضر مباشرة ،فالشكر موصول لجميع
الباحثين الكرام في المركز.
13
مقدمة مبرة اآلل واألصحاب
14
تمهيد
أامدعب:
علوا
فإن اهلل لم يخلق اإلنسان عب ًثا؛ تعالى سبحانه عن ذلك ً
جل شأنه حين قال{ :ﱣ
كبيرا ،وإنما خلقه لغاية عظيمة ،قد أخبرنا بها ّ
ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ} ﱤﱥﱦﱧﱨﱩ
[الذاريات ،]56 :وهي غاية ما أعظمها وأشرفها على اإلطالق ،ومن أجل
عظم هذه الغاية وشرفها ،وإلعانة اإلنسان على أدائها على أحسن وجه
سخر اهلل تعالى له ما سخر من خلقه العظيم في السموات واألراضين،
وآتاه من نعمه ما ال يحصى؛ فقال سبحانه{ :ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ
15
تمهيد
به ،على الوجه الذي ُعلِّم ،من خالل رسل اهلل له ،والوحي الذي نزل
عليهم بما يريده اهلل منهم ،فوهبه سبحانه ذلك القدر من الزمان ابتالء
واختبار له؛ فيتبين أيهم أحسن عمال ،كما أوضح سبحانه ذلك في كتابه:
{ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ} [الملك ،]2 :فيتحقق بذلك
فيحصل اإلنسان من النجاح الدنيوي
ِّ إعمار األرض ،وطمأنينة النفس،
واألخروي ــ إن شاء اهلل تعالى ــ بقدر ما بذل ،بكيفية إمضائه ذلك العمر.
وكان في هذا القدر من الزمان الممنوح لإلنسان ما يكفي ليكون
محال للفالح في هذا االختبار ،فإن اهلل تعالى قال{ :ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ
ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ} [فاطر ،]37 :فتبين أن القدر الممنوح من العمر
لكل مكلف كان فيه الكفاية لتحصيل ما هو منوط به من العمل الكافي
لفالحه.
وقد اتفقت دعوة الرسل جميعا ــ عليهم الصالة والسالم ــ على
عبادة اهلل تعالى وحده ،واجتناب عبادة غيره سبحانه ،وعلى األمر بطاعة
اهلل تعالى فيما أمر واالنتهاء عما نهى ،وأن ذلك كله هو الهداية الحقة،
ومخالفته هو الضالل المبين{ :ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ
ﱬ ﱭ ﱮﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ}
جزي بالحسنى كما أخبرنا ربنا [النحل]36 :؛ فمن أحسن فيما ُكلف به ُ
{ﳖ ﳗ ﳘ ﳙ ﳚ ﳛ} [الزمر ،]10 :وال يت ّأ َّتى ذلك إال
باالستغالل األمثل لذلك القدر الممنوح من الزمان ،وإنفاقه بالطريقة
17
تمهيد
بهذا العمل ،ليكون نافذة يرى منها طالب الحق صنيعهم وآثارهم في هذا
الباب ،فيهتدي بهديهم من أراد السير بمسيرتهم ،ورام القدوة الحسنة،
والمثال الذي أثبتت األيام فوز صاحبه.
وقد قمت بالنظر في تراث اآلل واألصحاب ،الستخراج هذا البحث،
فأخذت من سيرهم وتراجمهم ،وما أثر عنهم من أقوالهم وأفعالهم؛ مما
سطره أهل األثر والمؤرخون عنهم ،وكان من الصعوبة التي واجهتني في
البحث أن الموضوع يشمل كل مناحي حياتهم؛ إذ الوقت هو العمر كله،
وينفق كذلك في جميع جوانب الحياة؛ إذ هو وعاء لكل ما يقوم به المرء
من أعمال؛ دينية ودنيوية ،أو روحية ومادية ،فال يقتصر األمر هنا على
تناول جانب علم أو جهاد أو عبادة من العبادات أو عمل من أعمال الدنيا
كالتجارة أو الصناعة والحرفة ،بل جميع اليوم وما فيه من أعمال ،والعمر
كله وما يشمله من أحداث داخل في إطار البحث من هذا المنطلق؛ إذ
يشمل تخطيط الوقت القدر الذي أخذ منه للعمل والجد كما يشمل ما
أخذ منه للراحة والترويح ــ كما سيتبين إن شاء اهلل ــ ،فكان لزاما أن
يشمل البحث جل نواحي حياتهم ،وجميع أعمالهم في يومهم وليلتهم،
مما يجعل رقعة البحث واسعة لتشمل ذلك كله ،ولنرى كيف أداروا
أوقاتهم؛ فوصلوا إلى ما وصلوا إليه من الفوز العظيم بالجزاء والعطاء
الوفير ،والثناء الجميل ،والذكر الحسن ،وبلوغ الغاية في الدارين ،رضي
اهلل عنهم أجمعين.
هذا ،وقد جاء البحث في مقدمة وأربعة فصول ،وخاتمة ،وتفصيل
20
تمهيد
22
تمهيد
طارقنبحممدنبإبراهميالطيار
25
املقدمة
H
عوض الوقت؛ فهو غير متجدد ،وما مضى منه ال يرجع ،وما يفنى منه ال يُ َّ
ورث .وهو أيضا يسيرا ،وال يُ َّ
بشيء ،وال يُوهب منه شيء ،ولو كان ً
سريع االنقضاء ،وال يمكن التغير أو التعديل فيه بحال ،فكل مقدار منه
يمر فهو يأخذ من عمر اإلنسان بمقدار ما مر ،لذا فالوقت من أهم الموارد
وأنفسها بالنسبة لإلنسان ،بل هو المورد األهم على اإلطالق ،لذا كان
أثمن ما يملكه اإلنسان .وعليه فإنه ليس حكيما ــ على اإلطالق ــ من
أضاع وقته ،ولم يشغله بما ينفعه ،وقد قال ابن وهب ـ ـ :ال يكون
البطّال( )1من الحكماء(.)2
وهذه المعاني ليست على مستوى األفراد فحسب ،بل على مستوى
األمم كذلك ،فالوقت في األهمية لألمم كما هو للفرد ،وفي هذا المعنى
يقول د .عبد الكريم بكار( :حجم استغالل الوقت ،واالستفادة منه من
أهم العالمات الفارقة بين األمم المتقدمة واألمم المتخلفة ،وبين
األشخاص الناجحين واألشخاص العاديين ،ويمكن للمرء أن يقول ــ وهو
مطمئن ــ :إنه ليس هناك ناجحون في الحياة على نحو ظاهر ال يهتمون
بأوقاتهم)(.)3
لذا كان من أضاع وقته بال فائدة محل ذم شديد وانتقاص ووعيد،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
>البطَّال :الفارغ الذي ال شغل له ،وال عمل يعمله< .اهـ شرح
( )1قال ابن هشام اللخميَ :
الفصيح (صـ.)107
( )2العلم لزهير بن حرب ( ،)127حلية األولياء (.)30/4
( )3عصرنا والعيش في زمانه الصعب (صـ.)102
27
املقدمة
فقد روي أن ابن مسعود ـ ـ كان يكرر موعظة كل خميس ،وكان مما
فيها :وإن من شرار الناس بطال النهار جيفة الليل(.)1
وترجع نفاسة الوقت وأهميته إلى أنه اإلطار الحتمي الذي يدور في
فلكه كل عمل يقوم به اإلنسان ،إذ ال يتصور وقع أي عمل من األعمال
خارج إطار الزمن ،فالبد ألي فعل أن يستهلك قدرا من الزمان؛ لهذا
كان الوقت أهم وأنفس ما وهبه اهلل تعالى لإلنسان ،وكل شيء ُوهب
لإلنسان فأحسن استخدامه جنى أطيب ثماره ،وإن كان على خالف ذلك
فأقله ضياع ما وهبه اهلل تعالى من النعم هباء ،وربما تسبب له فيما هو
أشد من ذلك.
يحصله الناس
وتبرز قيمة الوقت واالستخدامِ األمثل له من تفاوت ما ِّ
بمرور الوقت عليهم؛ إذ جميعهم يملكون في يومهم أربعا وعشرين ساعة،
لكن النتائج المترتبة على ذلك تتفاوت تفاوتا عظيما بقدر تفاوت أقدار
الناس أنفسهم ،لذا كان لزاما عليهم حسن استغالل أوقاتهم ،أو قل حسن
إدارة أوقاتهم ،فحسن اإلدارة هو حسن التخطيط والتنظيم ،واالستغالل
األمثل للموارد والطاقات ،مع اعتبار الغايات القريبة والبعيدة ،بالصورة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه الطبراني في األوسط ( ،)7871عن أبي عبيدة عن ابن مسعود ـ ـ أنه كان
يجيء كل خميس فيقوم ــ قائما ال يجلس ــ ،فيقول> :ال تفتنوا الناس ،فإن فيهم
الضعيف والكبير وذا الحاجة ،فال يطولن عليكم األمد ،وال يلهينكم األمل ،فإ ّن كل ما
هو آت قريب ،أال إن البعيد ما ليس آتيا ،وإن من شرار الناس بطال النهار جيفة الليل<.
ذكره الهيثمي في المجمع ،وقال> :رواه الطبراني في الكبير ،وأبو عبيدة لم يسمع من
أبيه< .مجمع الزوائد (.)3153
28
املقدمة
29
قيمة الوقت
قيمة الوقت
منح منه القدر الكافي إلنجاز ما كان مطلوبا منه إنجازه ،كما في قوله
تعالى{ :ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ} [فاطر ،]37فليته أحسن
فيه قبل هذا التحسر والندم.
فالوقت هو العمر ،ومكانته تضاهي مكانة الحياة نفسها؛ فهو منحة
ربانية لإلنسان ،وهبها له ُليحسن استغاللها ،فإن أحسن ُجزي باإلحسان
يلومن إال نفسه.
ّ إحسانا ،وإال فال
ويجب على اإلنسان أن يتعامل مع الوقت بحذر شديد؛ إذ هو يمر
بال توقف ،ال في حال حركة اإلنسان وال سكونه ،فالوقت نفسه في حال
حركة ال تنقطع ،وسير في اتجاه ال يرجع منه ،وليس لإلنسان مقدرة ألن
يُحدث فيه تعديال ،ال بزيادة وال نقصان ،وال أن يقلل من سرعة مروره،
أو أن َيع ِّجل فيها ،وكذلك األمم مهما كانت قوتها وقدرتها ال تستطيع أن
توقف مرور الزمان ،قال اهلل تعالى{ :ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ’}
[المنافقون ،]11 :وقال أيضا{ :ﲎ ﲏ ﲐﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ﲣ ﲤ ﲥﲦ ﲧﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ} [المؤمنون: =
99ــ ،]100وقال { :ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ
ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ}
[المنافقون 10 :ــ .]11وفي الترمذي عن أبي هريرة مرفوعا> :ما من ميت يموت إال
ندم قالوا :وما ندامته؟ قال :إن كان محسنا ،ندم أن ال يكون ازداد ،وإن كان مسيئا،
ندم أن ال يكون استعتب< .فإذا كان األمر على هذا فيتعين على المؤمن اغتنام ما بقي
من عمره ،ولهذا قيل :إن بقية عمر المؤمن ال قيمة له .وقال سعيد بن جبير :كل يوم
يعيشه المؤمن غنيمة< .اهـ جامع العلوم والحكم ( 390/2ــ .)391
31
قيمة الوقت
ﲘ ﲙ} [األعراف ،]34 :غير أن اهلل تعالى امتن على اإلنسان بأن وهبه
القدرة على االستخدام األمثل للوقت ،والمقدرة على إدارته وحسن
التخطيط له ،ومن هنا فإن اإلجراءات المتبعة لتحقيق ذلك ليست من
باب التغير في طبيعة الوقت ،إنما تكون فقط من جهة حسن التعامل معه،
فإدارة الوقت الناجحة تساوي حياة ناجحة ،ونتائج أعظم قدرا وأجل أثرا
ونفعا ،كما أنها تمنح مساحة عريضة لكثير من الممارسات واألعمال التي
يحصل مثلها من انعدمت ــ أو ساءت ــ إدارته لوقته ،وفي المقابلال يكاد ِّ
يعد عدم التخطيط والتنظيم من أهم أسباب إهدار الوقت وضياع العمر.
فعلى اإلنسان أن يعطي للوقت القدر الذي يستحق من االهتمام،
وأن يعمل على استغالله على الوجه األكمل ،وأن يشغل جميع أوقات
فراغه بالنافع ،ويغتنم األوقات األكثر نشاطا ،فقد روي عن عبد اهلل بن
مسعود ـ ـ أنه قال( :إن للقلوب شهوة وإقبا ًال ،وفترة وإدبار ًا،
فخذوها عند شهواتها وإقبالها ،وذروها عند فترتها وإدبارها)( ،)1وال
يهملن في أمر وقته فيهدره ،ويضيع العمر ،وتهذب الحياة بال نفع ،فإنه
ّ
إما منشغل بالنافع ،أو فارغ بال هدف ،ال ينفع نفسه وال غيره ،فمثله عالة
على غيره ،حري به أن يكون بغيضا ،فعن ابن مسعود ـ ـ أنه قال:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه أبو نعيم في الحلية ( )134/1عن ابن مسعود ـ ـ بسند منقطع ،ورواه
البالذري في أنساب األشراف عن علي ـ ـ ( ،)115/2وإسناده منقطع أيضا.
والمراد أن يستغل اإلنسان األوقات التي يشعر فيها بالنشاط ،ويقبل فيها بكل قوة على
إتمام أعماله ،وأما األوقات التي يشعر فيها بالفتور والخمول فيستغلها في راحة البدن،
أو الترويح عن النفس؛ لطرد الملل واستعادة النشاط مرة أخرى.
32
قيمة الوقت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه ابن أبي شيبة في المصنف ( ،)34562ومن طريقه رواه أبو نعيم في الحلية
( ،)130/1وأبو داود في الزهد ( ،)174وإسناده منقطع.
( )2المقصود هنا ما كان مباحا مما فيه ترويح للنفس ،وسيأتي هذا المعنى من كالم ابن
قتيبة في تعليقه على هذا األثر في موطنه إن شاء اهلل.
( )3رواه يعقوب بن سفيان الفسوي في المعرفة والتاريخ ( ،)199/3وابن عساكر في تاريخ
دمشق ( ،)501/46بإسناد منقطع.
33
أهمية املوضوع
أهمية املوضوع
فإذا كان للوقت هذا القدر من األهمية وجب إعطاؤه مقدرا مماثال
من االهتمام ،فإدارة الوقت الهدف منها أن يُعطى كل من الواجبات،
والغايات ،واالحتياجات ذلك القدر من الوقت والجهد الذي يستحقه،
من غير أن يطغى على غيره ،أو يؤثر فيه سلبا ،ما لم تدعو ضرورة لخالف
ذلك ،وهذه العملية من األهمية بمكان؛ فإن مسار الحياة مترتب عليها.
إن مسألة إدارة الوقت من المسائل التي شغلت العالَم المعاصر بقدر
كبير ،حيث تأكد لصنوف المنشغلين بألوان الحياة قيمة الوقت ،وأهمية
إدارته ،فالعالِم والتاجر والصانع والسياسي والمفكر والطالب وغيرهم قد
أصبح ذلك جليا لهم ،حتى أنه يمكننا القول بأن مسألة إدارة الوقت
صارت صيحة العصر ،وسمة لهذه الحقبة ،وكما قال مطرف بن عبد اهلل
العامري( :عقول الناس على قدر زمانهم)(.)1
ومع تسابق األمم والبلدان إلى مكان الصدارة ،والنهوض بالمجتمعات
كان لزاما عليهم أن يولوا مسألة إدارة الوقت قدرها المناسب ،وكان أيضا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه ابن أبي شيبة (.)35126
34
أهمية املوضوع
معروف ،يصوم فيه المسلم وقتا بعينه ،ويفطر بانتهائه ،والحج أشهر
معلومات وأيام معدودات ،يؤدي فيها أعماال مخصوصة ،وفيه يوم هو
خير يوم طلعت فيه الشمس ،وإن شئت أن ترى أثر الوقت في غير ذلك
من العبادات أيضا فإنك تراه ،فعلى سبيل المثال :تجد ح ًّثا على طلب
وأمرا باالنتشار في األرض بعد
الرزق في أوقات النهار والبكورة منهً ،
وترغيبا في صالة ليل ،واالستغفار باألسحار ،كما ترى
ً انقضاء الصالة،
عموم األمر باغتنام العمر ،وعدم إضاعته في قول النبي ـ ‘ ـ> :نعمتان
مغبون فيهما كثير من الناس :الصحة والفراغ<(.)1
بل إنك تجد فيه تقسيما لألوقات ،وتوزيعا لها على الحقوق
المنوطة بالعبد ،بما في ذلك إعطاء مساحة للنفس من الترويح ،وراحة
البدن ،ومجالسة المتحابين المتزاورين في اهلل تعالى ،فهذه األمور لم
تكن محل إهمال في ديننا ،وقد أقر النبي ـ ‘ ـ سلمان حين قال :إن
لربك عليك حقا ،ولنفسك عليك حقا ،وألهلك عليك حقا ،فأع ِط كل
ذي حق حقه ،فقال النبي ـ ‘ ـ> :صدق سلمان<( ،)2حتى السمر النافع
والحوار المثمر له وقته أيضا(.)3
كل ذلك وغيره ــ مما ستأتي اإلشارة إليه ــ إن شاء اهلل تعالى ــ تجده
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه البخاري (.)6412
( )2رواه البخاري ،ولفظه أطول من هذا ،وسيأتي بطوله.
( )3عن عمر قال :كان رسول اهلل ـ ‘ ـ يَ ْس ُم ُر مع أبي بكر في األمر من أمر المسلمين
وأنا معهما .رواه ابن أبي شيبة ( ،)6689عن علقمة.
37
أهمية املوضوع
حتديد املفاهيم:
من أهم عوامل نجاح األبحاث وإيتائها ثمارها أن تكون المفاهيم
التي يتناولها البحث واضحة محددة؛ فيتجلى المقصود منها ،ويُحترز من
اللبس فيها ،واإليهام باحتمال ما ال يحتمل في البحث ،وبذلك يتضح
مناط البحث على وجه جلي ،لذا أذكر في هذه األسطر المفاهيم المتناولة
في البحث بشيء من التوضيح ،وأعقب بتعيين مناط البحث.
* أوال :الصحابي:
حابي لغة :يقع على من
الص ّمن هو الصحابي :قال السخاويّ :
عمن طالت صحبته وكثرت
أقل ما يطلق عليه اسم صحبة ،فضال ّ
صحب ّ
مجالسته(.)1
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1فتح المغيث (.)78/4
42
أهمية املوضوع
وقال ابن حجر( :الصحابي كذلك وهو :من لقي النبي ــ صلى اهلل
تعالى عليه وعلى آله وسلم ــ مؤمنا به ،ومات على اإلسالم ،ولو تخللت
ردة في األصح)(.)2()1
وقال في الشرح :ال خفاء في رجحان رتبة من الزمه ـ ‘ ـ وقاتل
معه ،أو قتل تحت رايته على من لم يالزمه ،أو لم يحضر معه مشهدا،
أو على من كلمه يسيرا ،أو ماشاه قليال ،أو رآه على بعد ،أو في حال
الطفولية وإن كان شرف الصحبة حاصال للجميع(.)3
وقد أثنى اهلل تعالى على المهاجرين واألنصار جمي ًعا أجمل الثناء،
فقال سبحانه{ :ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ
ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ
ﲸﲹﲺﲻﲼﲽﲾﲿﳀﳁﳂﳃﳄﳅ
ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ ﳓ
نقل اإلجماع على تفضيل الصحابة ــ رضوان اهلل عليهم أجمعين ــ على
غيرهم:
وأما إجماع األمة على ذلك فقد نقله غير واحد ،منهم :أبو الحسن
ّ
علي بن إسماعيل بن أبي بشر األشعري ،قال( :وأجمعوا على أن خير
القرون قرن الصحابة ،ثم الذين يلونهم؛ على ما قال> :خيركم قرني<،
وعلى أن خير الصحابة أهل بدر ،وخير أهل بدر العشرة ،وخير العشرة
األئمة األربعة :أبو بكر ،ثم عمر ،ثم عثمان ،ثم علي ،رضوان اهلل
عليهم .وقال :وأجمعوا على أن الخيار بعد العشرة في أهل بدر من
المهاجرين واألنصار على قدر الهجرة والسابقة ،وعلى أن كل من صحب
النبي ولو ساعة أو رآه ولو مرة مع إيمانه به وبما دعا إليه أفضل من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1قال النووي( :ومعنى الحديث :أن النجوم ما دامت باقية فالسماء باقية ،فإذا انكدرت
السماء فانفطرت ،وانشقت ،وذهبت.ُ النجوم وتناثرت في القيامة َو َهنَ ْت
وقوله ـ ‘ ـ> :وأنا أَ َمنَة ألصحابي ،فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون<.
أي من الفتن والحروب ،وارتداد من ارتد من األعراب ،واختالف القلوب ونحو ذلك
مما أنذر به صري ًحا ،وقد وقع كل ذلك.
قوله ‘( :وأصحابي أمنة ألمتي ،فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون) معناه:
من ظهور البدع ،والحوادث في الدين والفتن فيه ،وطلوع قرن الشيطان ،وظهور الروم،
وغيرهم عليهم ،وانتهاك المدينة ومكة ،وغير ذلك ،وهذه كلها من معجزاته ‘) .اهـ
شرح مسلم (.)83/16
( )2رواه مسلم (.)2531
45
أهمية املوضوع
التابعين بذلك)(.)1
ونقل ابن حجر في مقدمة اإلصابة عن الخطيب البغدادي قوله ــ:
(وجميع ذلك يقتضي القطع بتعديلهم ،وال يحتاج أحد منهم مع تعديل اهلل له
إلى تعديل أحد من الخلق ،على أنه لو لم يرد من اهلل ورسوله فيهم شيء مما
ذكرناه ألوجبت الحال التي كانوا عليها؛ من :الهجرة ،والجهاد ،ونصرة
اإلسالم ،وبذل المهج ،واألموال ،وقتل اآلباء ،واألبناء ،والمناصحة في
الدين ،وقوة اإليمان واليقين = القطع على تعديلهم ،واالعتقاد لنزاهتهم،
وأنهم أفضل من جميع الخالفين بعدهم ،والمعدلين الذين يجيئون من
بعدهم ،هذا مذهب كافة العلماء ومن يعتمد قوله)( )2اهـ.
وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية( :ومن أصول أهل السنة والجماعة
سالمة قلوبهم وألسنتهم ألصحاب رسول اهلل ـ ‘ ـ ،كما وصفهم اهلل به
في قوله َت َعالَى{ :ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ
ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ}
[الحشر ،]10 :وطاعة النبي في قولهَ > :ال َت ُس ُّبوا أَ ْص َحابِي .فَ َوال َّ ِذي نَ ْف ِسي
بِ َي ِدهِ ل َ ْو أَ َّن أَ َح َد ُك ْم أَ ْن َف َق ِم ْث َل أُ ُح ٍد َذ َه ًبا َما بَلَ َغ ُم َّد أَ َح ِد ِه ْم َو َال نَ ِصي َف ُه<)(.)3
اهـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رسالة إلى أهل الثغر (صـ 299ــ .)302
( )2اإلصابة ( 131/1ــ .)132
( )3مجموع الفتاوى (.)152/3
46
أهمية املوضوع
......................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والثاني :أنهم بنو هاشم خاصة ،وهذا مذهب أبي حنيفة ،والرواية الثانية عن أحمد، =
واختيار ابن القاسم صاحب مالك.
والثالث :أنهم بنو هاشم ومن فوقهم إلى غالب.
وهذا القول في اآلل ــ أعني أنهم الذين تحرم عليهم الصدقة ــ هو منصوص الشافعي
وأحمد واألكثرين ،وهو اختيار جمهور أصحاب أحمد والشافعي.
الثاني :أن آل النبي ـ ‘ ـ هم ذريته وأزواجه خاصة ،حكاه ابن عبد البر في التمهيد.
الثالث :أن آله ـ ‘ ـ أتباعه إلى يوم القيامة ،حكاه ابن عبد البر عن بعض أهل العلم.
الرابع :أن آله ـ ‘ ـ هم األتقياء من أمته ،حكاه القاضي حسين والراغب وجماعة.
والصحيح :هو القول األول ،ويليه القول الثاني ،وأما الثالث والرابع فضعيفان.
وأما تنصيصه على األزواج والذرية فال يدل على اختصاص اآلل بهم ،وإنما نص
عليهم بتعيينهم ليبين أنهم حقيقيون بالدخول في اآلل ،وأنهم ليسوا بخارجين منه ،بل
هم أحق من دخل فيه ،وهذا كنظائره من عطف الخاص على العام وعكسه تنبيها على
شرفه) .اهـ مختصرا .انظر :جالء األفهام (صـ 210ــ .)224
وهذا الذي رجحه ابن القيم ـ ـ (من كون أن آل النبي ـ ‘ ـ هم من حرمت عليهم
الصدقة) ،وكما ذكر أن هذا ما ذهب إليه الشافعي وأحمد وجمهور أصحابهما ،وهو
أيضا ما ذهب إليه شيخ اإلسالم ابن تيمية ـ ـ ،وذهب أيضا إلى دخول أزواجه
ـ ‘ ـ ورضي اهلل عنهن ــ في آل البيت ،ولينظر :حقوق آل البيت (صـ ،25وما
بعدها) ،ومنهاج السنة ( ،75/7وما بعدها).
قال شيخ اإلسالم :وثبت في صحيح مسلم عن زيد بن أرقم أنه قال :خطبنا رسول اهلل
ـ ‘ ـ بغدير خم ..إلى أن قال :قيل لزيد بن أرقم :ومن أهل بيته؟ قال :الذين حرموا
الصدقة :آل علي ،وآل جعفر ،وآل عقيل ،وآل عباس .قيل لزيد :آ ُك ُل هؤالء أهل
= بيته؟ قال :نعم.
48
أهمية املوضوع
بماء يدعى ُخ ًّما ..ثم قال( :أما بعد ،أال أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك
أن يأتي رسول ربي فأجيب ،وأنا تارك فيكم ثقلين :أولهما كتاب اهلل فيه
الهدى والنور فخذوا بكتاب اهلل ،واستمسكوا به) فحث على كتاب اهلل
ورغب فيه ،ثم قال> :وأهل بيتي أذكركم اهلل في أهل بيتي ،أذكركم اهلل
في أهل بيتي ،أذكركم اهلل في أهل بيتي<(.)1
وقد جاءت الصالة على اآلل داللة على شرفهم أيضا ،فعن
عبد الرحمن بن أبي ليلى ،قال :لقيني كعب بن عجرة ،فقال :أال أهدي
لك هدية سمعتها من النبي ‘؟ فقلت :بلى ،فأهدها لي ،فقال :سألنا
رسول اهلل ‘ فقلنا :يا رسول اهلل ،كيف الصالة عليكم أهل البيت ،فإن
اهلل قد علمنا كيف نسلم عليكم؟ قال :قولوا> :اللهم صل على محمد
وعلى آل محمد ،كما صليت على إبراهيم ،وعلى آل إبراهيم ،إنك حميد
مجيد ،اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد ،كما باركت على إبراهيم،
وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد<(.)2
هذا ،وقد تعلق بالحديث عنهم أصناف عدة من المنصفات دارت
في فلكهم ،ذكر فيها من فضائلهم وتراجمهم وسيرهم ،واألحداث التي
ألمت بهم؛ ربما ال نستطيع حصرها كثرة ،حتى أن الطباطبائي( ،)3له
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه مسلم (.)2408
( )2رواه البخاري ( ،)3370ومسلم (.)406
( )3من علماء الشيعة في إيران ،معروف بتحقيقاته التراثية ،وفهرسته للمخطوطات ،توفي
(1996م).
51
أهمية املوضوع
* ثالثا :الوقت:
نظرا ألن
ربما كان من الصعب وضع تعريف متفق عليه للوقتً ،
التعريف هنا راجع إلى مجموعة األفكار واأليديولوجيات التي تكون
الفلسفة التي ينطلق منها( ،)2إال أننا يمكننا القول باختصار أن الوقت من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1وقد جعل شرطه في الكتاب أن يذكر ما صنفه أهل السنة باللغة العربية فقط ،وبذلك
يتبين حجم االهتمام البالغ بآل البيت ،وإذا أضفت لذلك ما ألفه غيرهم ،أو ما صنفوه
بغير العربية.
مما ألّف في فضائل أهل البيت: قال الطباطبائي في مقدمة كتابه( :وهذا ما عثرت عليه ّ
مما وجدته في المكتبات أو قرأته في مجتمعة أو منفردة ،ومجتمعين أو منفردينّ ،
الفهارس ،ولم أذكر من ذلك ما ألّفه أصحابنا اإلمامية فإ ّن ما ألّفوه في ذلك عبر القرون
ال يكاد يحصى.
وال ذكرت ما ألّف في ج ّدهم الرسول ـ ‘ ـ من سيره ومغازيه وشمائله وفضائله وما
إلى ذلك ،فإ ّن ذلك أيضا ال يكاد يحصى ،وال ذكرت ما كان منه بغير اللغة العربية).
اهـ أهل البيت في المكتبة العربية (صـ.)10
( )2يختلف التعريف االصطالحي للوقت بحسب نظرة كل طائفة له ،ومن األمثلة على ذلك
قول ابن القيم( :وتوبة الخواص من تضييع الوقت ،فإنه يفضي إلى درك النقيصة،..
ليس مراده بتضييع الوقت إضاعته في االشتغال بمعصية أو لغو ،أو اإلعراض عن واجبه
وفرضه ،فإنهم لو أضاعوه بهذا المعنى لم يكونوا من الخواص ،بل هذه توبة العامة
بعينها ،والوقت عند القوم أخص منه في لغة العرب) .اهـ مدارج السالكين (= .)277/1
52
أهمية املوضوع
الناحية الشرعية واللغوية جاءت األلفاظ والمعاني المعبرة عنه قريبة نوعا
ما من بعضها ،ومن هنا يمكن القول باختصار أن الوقت :هو تلك المدة
الزمنية التي يمضيها اإلنسان في فعل شيء ما ،سواء كان نافعا أو غير
نافع( ،)1فمتى قام اإلنسان بعمل من األعمال ،فالوقت هو ما استغرقه من
الزمان في ذلك العمل ،ونحو هذا المعنى جاء في السنة ،وفي المعاجم
والشروحات كذلك ،قال ابن األثير( :قد تكرر ذكر ال َّت ْوقِي ِ
ت وال ِميقات في
يت :أن يجعل للشيء وقت يختص به ،وهو بيان يت وال َّت ْأقِ ُ
الحديث ،وال َّت ْوقِ ُ
ووقَ َت ُه يَ ِق ُت ُه ،إذا بين حده)(.)2
مقدار المدة .يقالَ :وق ََّت الشيء يُ َوق ِّ ُت ُهَ .
وما أمضاه اإلنسان من الزمان في الحياة وقت أيضا ،وهو هنا عمره،
والع ُمر
الع ْمر ُ
فالوقت هو العمر ،والعمر هو الحياة ،قال ابن منظورَ ( :
والع ْمر :ا ْل َح َياة)( ،)3عن الحسن قال( :ابن آدم ،إنما أنت أيام ،كلما
ُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= فمن كالمه ـ ـ يتضح أن للوقت معنى عند الخواص ،وله معنى عند العامة ،والوقت
عند الخواص أخص من الوقت في لغة العرب.
( )1وما نقل من التعريفات اللغوية واالصطالحية قريب من هذا ،ومنها:
قال ابن منظور( :الوقت :مقدار من الزمان ،وكل شيء ق ّدرت له حينا فهو مؤقت،
وكذلك ما قدرت غايته ،فهو مؤقت.
[قال] ابن سيده :الوقت مقدار من الدهر معروف ،وأكثر ما يستعمل في الماضي).
لسان العرب (.)107/2
وقال ابن منظور أيضا( :الزمن والزمان :اسم لقليل الوقت وكثيره) .اهـ لسان العرب
(.)199/13
( )2النهاية في غريب الحديث (.)212/5
( )3لسان العرب ( ،)601/4ونحو هذا قاله أيضا الفيروزآبادي ،ينظر القاموس المحيط
(صـ.)444
53
أهمية املوضوع
ذهب يوم ذهب بعضك)( ،)1لذا قال د .محمد شحارة( :لعل إطالق
صفة الحياة على قتلة أوقاتهم إطالق خاطئ)(.)2
فإن كان هذا من جهة الشرع واللغة في المعنى العام للوقت ،فإنه
من الناحية االصطالحية كان قريبا من ذلك أيضا ،حيث ُع َّرف بأنه المدة
التي تستغرق في عمل ما(.)3
وربما كان من األمور التي جعلت من الصعب وضع تعريف متفق
عليه للوقت أننا ال نستطيع التعامل مع الوقت من حيث هو زمن مجرد؛
فال نستطيع التغير فيه بزيادة أو نقصان ،أو تقديم أو تأخير ،أو غير ذلك،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1حلية األولياء (.)148/2
وقد روي نحو هذا المعنى من كالم أبي الدرداء ـ ـ مع زيادة فيه ،وسيأتي بيانه
إن شاء اهلل.
فمن كالمه ـ ـ يتضح أن للوقت معنى عند الخواص ،وله معنى عند العامة ،والوقت
عند الخواص أخص من الوقت في لغة العرب.
( )2إدارة الوقت بين التراث والمعاصرة (صـ.)35
( )3فقد نقل د .خالد الجريسي طرفا منها في بحثه :إدارة الوقت من المنظور اإلسالمي
واإلداري ،فقال( :ونظر ًا ألنه من الصعب تقديم تعريف محدد ودقيق للوقت ،وبخاصة
في مجال اإلدارة ،فقد تم اللجوء إلى تعريف محايد يشير إليه قاموس ( Webester's
)New World College Dictionaryالذي تعتمده الدراسة الحالية ،وهو> :الفترة
التي ُتستغرق في أداء تصرف أو عملية ما<) .اهـ إدارة الوقت من المنظور اإلسالمي
(صـ.)18
وقال د .محمد أمين َش َحارة ،وقد نقل طرفا من تعريفات الوقت( :يتبين لنا من تلك
التعريفات ،الوقت هو جزء معروف من الزمن) .اهـ إدارة الوقت بين التراث والمعاصرة
(صـ.)32
54
أهمية املوضوع
وإنما الذي نستطيعه هو التعامل األمثل معه ،والذي يكون من خالل كيفية
إنفاقه ،والشيء الذي ينفق فيه ،ولما كانت المثالية هنا مختلفة باختالف
األفكار واألزمان واألحوال كانت رؤية الناس للوقت مختلفة.
وعليه فإن الوقت هو العمر ،وهو الحياة ،وهو أيضا ما ينفق من
الزمان في كل عمل يقوم به اإلنسان خالل تلك الحياة من مولده إلى
مماته .وإدارته هي إدارة للحياة كلها.
النظر ،إال أن هذه التعريفات أيضا تدور في فلك تخطيط الوقت وتنظيمه،
مع توزيع القدر المتاح منه على األمور المستهلك فيها ذلك الوقت حسب
األهمية واألولوية ،يقول د .خالد الجريسي( :فإدارة الوقت هي االستخدام
األفضل للوقت ،ولإلمكانات المتاحة ،وذلك بطريقة تؤدي إلى تحقيق
األهداف)(.)1
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1إدارة الوقت من المنظور اإلسالمي واإلداري (صـ.)51
وقد نقل عددا من التعريفات االصطالحية إلدارة الوقت ،فقال( :وثمة تعريفات متعددة
يعرفها هلمر ( )Helmerبأ ّنها تحديد ووضع أولويات ألهدافنا، إلدارة الوقت ،إذ ِّ
بحيث يمكننا تخصيص وقت أكبر للمهمات األساسية ،ووقت أقل للمهمات التافهة.
ويرى سهيل سالمة أن إدارة الوقت هي :استثمار الوقت بشكل فعال؛ لتحقيق األهداف
المحددة في الفترة الزمنية المعينة لذلك.
كل من المنظورين اإلسالميأما عبد العزيز مالئكة فقد حاول في تعريفه الجمع بين ٍّ
يعرف إدارة الوقت بقوله :هي تخطيط استخدام الوقت وأسلوب واإلداري مع ًا ،حيث ّ
استغالله بفاعلية ،لجعل حياتنا منتجة ،وذات منفعة أخروية ودنيوية لنا ولمن أمكن
من حولنا ،وبالذات من هم تحت رعايتنا) اهـ المصدر نفسه (صـ 50ــ .)51
56
تحديد مناط البحث
بناء على ما سبق نستطيع القول أن مناط البحث هنا هو :كيف أنفق
اآلل واألصحاب أوقاتهم ،وكيف نظموها وخططوا لها واستثمروها،
وكيف و ّزعوها على الحقوق والمسؤوليات المنوطة بهم ،حتى حظي كل
حق بنصيبه منها ،وكيف كان النصيب األكبر لألعمال العظام ،ذات النفع
المتعدي ،والثواب العظيم ،وصور الجد واالجتهاد في حياتهم ،وأنه إن
أنفق مزيدا من الوقت في بعض األعمال بعينها فإن الحكمة والمصلحة
الراجحة اقتضته.
وسنذكر من أقوالهم وأفعالهم ما يتضح به ذلك كله إن شاء اهلل
تعالى.
57
الصفلاألول
اولتقفياإلالسم
الفصل األول :الوقت في اإلسالم
الصفلاألول
الوقت يف اإلسالم
61
املبحث األول :الوقت في القرآن
ل
ا مبحثاألول
الوقت يف القرآن
* قسم اهلل تعالى بالزمان أو بجزء منه بيانا لشرف قدره وعظيم
منزلته:
من أوضح ما يبرز قيمة الوقت هو أن اهلل تعالى ــ وهو اللطيف
الخبير ــ يقسم به في كتابه الكريم ،قال تعالى{ :ﱁ} [العصر،]1 :
والعصر هنا ــ كما عليه كثير من المفسرين ــ هو الدهر عموما أو جزء
منه( ،)1فما أقسم اهلل تعالى به إال لشرفه ،وقد أقسم به أيضا على أمر
شريف ،قال الرازي( :فكأن الدهر والزمان من جملة أصول النعم ،فلذلك
أقسم به ،..وقد بينا هناك أن الزمان أعلم وأشرف من المكان ،فلما كان
كذلك كان القسم بالعصر قسما بأشرف النصفين من ملك اهلل وملكوته)(.)2
وأقسم اهلل بجملة من األوقات واألزمنة الشريفة بيانا لفضلها ،فقال
سبحانه{ :ﱹ ﲰ ﱻ ﱼ ﱽ} [الضحى 1 :ــ ،]2وقال{ :ﲑ ﲒ
ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ} [الليل 1 :ــ ،]2وأقسم أيضا بوقت بعينه لبيان
خصوص فضله ،فقال سبحانه{ :ﱔ} [الفجر ،]1 :وقوله{ :ﲷ ﲸ ﲹ
ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ} [المدثر 33 :ــ ،]34وقوله{ :ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1قال الطبري ـ ـ في تفسيره ،بعد ذكره األقوال في اآلية الكريمة ،وأن المقصود
بالعصر الدهر أو العشي أو ساعة من النهار ،ثم قال( :والصواب من القول في ذلك
أن يقال :إن ربنا أقسم بالعصر ،والعصر اسم للدهر ،وهو العشي والليل والنهار ،ولم
يخصص مما شمله هذا االسم معنى دون معنى ،فكل ما لزمه هذا االسم ،فداخل فيما
أقسم به جل ثناؤه) .تفسير الطبري (.)612/24
( )2تفسير الرازي ( )277/22باختصار.
63
املبحث األول :الوقت في القرآن
* بيان أن اهلل تعالى وقت للناس زمانهم؛ إعانة لهم على أمور دينهم
ودنياهم:
{ﲞ ﲟ ﲠﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ} [البقرة: قال تعالى:
،]189وقال{ :ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ} [يونس ،]5 :أي هي مواقيت
لكم ،تعرفون بها أوقات صومكم وإفطاركم ،ومناسك َح ّجكم ،وبين
الحكمة من وجود األهلّة ،وأنه يستعين بها الناس في التوقيت ألمور
حياتهم وعباداتهم ،ليعلموا دخول السنين وانقضاءها وحساب أيامها،
فتنتظم معيشتهم.
* بيان أن اهلل تعالى أعان عباده على تنظيم أوقاتهم ،وتخصيص كل
وقت لما يناسبه:
أعان اهلل تعالى عباده على تنظيم الوقت ،وتقسيمه بين االلتزامات
واالحتياجات ،فبين سبحانه أن اليوم مقسم إلى جزأين أساسينُ ،جعل
وجعل ما كان من أحدهما للنشاط والسعي ،واآلخر للسكينة والراحةَ ،
الوقت مناسبا منه للنشاط والعمل كذلك ،وما كان للسكن والراحة فله،
وأن ذلك من جملة نعم اهلل على خلقه ،ودالئل ربوبيته ،فقال سبحانه:
{ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ} [الفرقان:
،]47وقال أيضا{ :ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ} [النبأ 10 :ــ
،]11وقال{ :ﱴ ﱵ ﱶ ﱷﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ
ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇﲈ ﲉ ﲊ ﲋ
65
املبحث األول :الوقت في القرآن
للقيام بما كلفه اهلل تعالى به ،وهو كفيل بتحقيق الفوز والفالح له في
الدارين ،قال تعالى{ :ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ}
[فاطر ،]37 :وفي قوله{ :ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ
ﲞ ﲟ ﲠ} [الفرقان.]62 :
معم ٍر ذهب عمره هباء ،وكم من إنسان مات في مقتبل فكم من ّ
عمره ،ومع ذلك هو أعال علّيين ،له من اآلثار الباقية مدد القرون ،وسير
األعالم مليئة باألمثلة على ذلك.
األجر فيها ،فبينها بيانا جليا لبعث النشاط وبذل الجهد فيها.
70
املبحث الثاني :الوقت في السنة املطهرة
ل
ااثلن
ي ا مبحث
الوقت يف السنة املطهرة
ال يخفى على كل ناظر في السنة النبوية المشرفة ــ دون جهد ــ ما للوقت
من حظ وافر فيها ،أما المتبحر فيها فإنه يرى من درر ذلك الشيء الكثير.
فتجد في حديث النبي ـ ‘ ـ صورا متنوعة لشأن الوقت وشرف
منزلته؛ فتجد التخويف من إضاعته ،والتحذير الشديد من عدم استغالل
أوقات النشاط والقوة ،والنصيحة بمراعاة كافة الحقوق في إنفاقه ،واألمر
بأداء العبادة في وقتها ،وغير ذلك من صور االهتمام بالوقت في السنة
المشرفة ،كما سيتضح بإذن اهلل تعالى.
فمن هذا الخبر تظهر مدى مسؤولية اإلنسان تجاه وقته وعمره،
ومدى أهمية هذا الوقت بالنسبة له ،وكونه مسؤوال عنه في أول ما يسأل.
بن مالك ـ ـ وهو من أصحاب رسول اهلل ‘ ممن شهد بدرا من
األنصار ،أنه أتى رسول اهلل ‘ ،فقال :يا رسول اهلل قد أنكرت بصري،
وأنا أصلي لقومي فإذا كانت األمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم ،لم
أستطع أن آتي مسجدهم فأصلي بهم ،ووددت يا رسول اهلل ،أنك تأتيني
فتصلي في بيتي ،فأتخذه مصلى ،قال :فقال له رسول اهلل ‘> :سأفعل
إن شاء اهلل< قال عتبان :فغدا رسول اهلل ‘ وأبو بكر حين ارتفع النهار،
فاستأذن رسول اهلل ‘ فأذنت له ،فلم يجلس حتى دخل البيت ،ثم قال:
>أين تحب أن أصلي من بيتك< قال :فأشرت له إلى ناحية من البيت،
فقام رسول اهلل ‘ فكبر ،فقمنا فصفنا فصلى ركعتين ثم سلم ،قال
وحبسناه على خزيرة صنعناها له.)1(..
وفي الصحيح أيضا عن أنس بن مالك ،أن جدته مليكة دعت رسول
اهلل ‘ لطعام صنعته له ،فأكل منه ،ثم قال> :قوموا فألصل لكم< قال
أنس :فقمت إلى حصير لنا ،قد اسود من طول ما لبس ،فنضحته بماء،
فقام رسول اهلل ‘ ،وصففت واليتيم وراءه ،والعجوز من ورائنا ،فصلى
لنا رسول اهلل ‘ ركعتين ،ثم انصرف(.)2
فنراه ـ ‘ ـ مرة يبدأ بالصالة قبل أن يجلس ــ حين كانت الدعوة
ألجل الصالة ــ ،ثم يثني بالطعام ،ومرة يبدأ بالطعام ــ حين كانت الدعوة
ألجل ــ الطعام ،ثم يثني بالصالة ،وفي ذلك إشارة بإعطاء األولية في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه البخاري ( ،)425ومسلم (.)33
( )2رواه البخاري ( ،)380ومسلم (.)658
76
املبحث الثاني :الوقت في السنة املطهرة
الذي يسيره فيه في حال عدهما ،وألهته بما فيها من أحداث جسام ،لذا
كان األولى له أن يبادر باإلكثار من األعمال قبل مجيئها.
* المثابرة والمداومة على العمل ،واألمر بأن يكلف اإلنسان نفسه من
األعمال ما يطيق:
وكان النبي ـ ‘ ـ يداوم على األعمال التي يقوم بها ،ويحث على
ذلك ،وبين ـ ‘ ـ أن أحب األعمال إلى اهلل تعالى ،وأعظمها نفعا
لإلنسان ما كان مستمرا يداوم األنسان عليه ،الشتمال ذلك على معاني
الخيرية في العمل والعامل ،وكان النبي ـ ‘ ـ يأمر أن يكلف اإلنسان
نفسه من األعمال ما يطيق؛ حتى يستطيع المداومة عليه.
عن عائشة ،أنها قالت :سئل النبي ـ ‘ ـ :أي األعمال أحب إلى
اهلل؟ قال> :أدومها وإن قل< وقال> :اكلفوا من األعمال ما تطيقون<(.)2
و َع ْنها ـ ـ أيضا ،أَنَّ َها قَال َ ْت> :كان أحب العمل إلى رسول اهلل
ـ ‘ ـ الذي يدوم عليه صاحبه<(.)3
وعن َم ْس ُروق ،قال :سألت عائشة ،أي العمل كان أحب إلى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه مسلم (.)670
( )2رواه البخاري ( ،)6465ومسلم (.)783
( )3رواه البخاري (.)6462
83
املبحث الثاني :الوقت في السنة املطهرة
النبي ‘؟ قالت> :الدائم< ،قلت :متى كان يقوم؟ قالت> :كان يقوم إذا
سمع الصارخ<(.)1
وكان ينهى عن خالف ذلك ،فعن عمرو بن العاص ،قال :قال
لي رسول اهلل ـ ‘ ـ> :يا عبد اهلل ،ال تكن مثل فالن كان يقوم الليل،
فترك قيام الليل<(.)2
اهلل لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ،قال> :أفال أكون عبدا شكورا<(.)1
عن عائشة ـ ـ :أن نبي اهلل ـ ‘ ـ كان يقوم من الليل حتى
لم تصنع هذا يا رسول اهلل ،وقد غفر اهلل لكتتفطر قدماه ،فقالت عائشةَ :
ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال> :أفال أحب أن أكون عبدا شكورا فلما
كثر لحمه صلى جالسا ،فإذا أراد أن يركع قام فقرأ ثم ركع<(.)2
86
املبحث الثالث :الوقت في التراث اإلسالمي ،ونظرة السلف له
ل
ا مبحثااثلثل
الوقت يف الرتاث اإلسالمي ،ونظرة السلف له
لقد حظي الوقت في التراث اإلسالمي بحظ وافر ،لم يحظ بمثله
في ثقافة أخرى ،وربما لم يحظ غير الوقت بمثل ما حظي به الوقت في
التراث اإلسالمي نفسه ،فال يكاد يخلو مصنف من الكالم عن الوقت
بطريقة أو بأخرى سواء كان الكالم مباشرا ،أو غير مباشر ،أو عن قيمته،
واستغالله على الوجه األكمل ،وتوزيعه على الواجبات المختلفة،
والتخطيط لذلك ،وإعطاء النماذج واألمثلة على ذلك.
وقد أفردت له بعض المصنفات ،وحظي بصيب وافر في أخرى،
أو تناثر الكالم عنه في ثنايا كثير منها.
قال ابن قدامة( :بيان عدد أوراد( )1الليل والنهار وترتيبها :أوراد
النهار سبعة ،وأوراد الليل ستة:
الورد األول من أوراد النهار :ما بين طلوع الفجر الثاني إلى طلوع
الشمس ،وهو وقت شريف ،وقد أقسم اهلل تعالى به فقال{ :ﲍ ﲎ
ﲏ} [التكوير ،]18 :وينبغي له قبل خروجه إلى صالة الفجر أن يصلى
السنة في منزله ،ثم يطلب الصف األول ،فإذا صلى الفجر استحب أن
يمكث في مكانه إلى طلوع الشمس ،وليكن وظائف وقته أربع ًا :الدعاء،
الذكر ،والقراءة ،والفكر ،وليأت بما أمكنه ،وليتفكر في قطع القواطع،
وشغل الشواغل عن الخير ليؤ ّدي وظائف يومه ،وليتفكر في نعم اهلل تعالى
ليتوفر شكره.
الورد الثاني :ما بين طلوع الشمس إلى الضحى ،وذلك بمضي
ثالث ساعات من النهار ،وهذا وقت شريف ،وفيه وظيفتان :أحدهما:
صالة الضحى ،أو حضور مجلس علم.
الورد الثالث :من وقت الضحى إلى الزوال ،والوظيفة في هذا
الوقت ،األقسام األربعة ،وزيادة أمرين:
أحدهما :االشتغال بالكسب والمعاش ،والثاني :القيلولة ،فإنها مما
تعين على قيام الليل..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أراد بذلك األعمال الواجبة على اإلنسان في دينه ومعاشه ،كما سيتضح من كالمه
ـ ـ.
90
املبحث الثالث :الوقت في التراث اإلسالمي ،ونظرة السلف له
الورد الرابع :ما بين الزوال إلى الفراغ من صالة الظهر ،وهو أقصر
أوراد النهار وأفضلها..
الورد الخامس :ما بعد ذلك إلى العصر ،فيستحب له في هذا الوقت
االشتغال بالذكر ،والصالة ،وفنون الخير..
الورد السادس :إذا دخل وقت العصر إلى أن تصفر الشمس،
يتشاغل باألقسام األربعة التي سبق ذكرها في الورد األول..
الورد السابع :من اصفرار الشمس إلى أن تغرب ،وبالمغرب تنتهي
أوراد النهار ،فينبغي أن يالحظ العبد أحواله ويحاسب نفسه ،فقد انقضت
من طريقه مرحلة .وليعلم أن العمر أيام تنقضي جملتها بانقضاء آحادها.
* ذكر أوراد الليل:
الورد األول :إذا غربت الشمس إلى وقت العشاء ،فإذا غربت صلى
المغرب واشتغل بإحياء ما بين العشاءين.
الورد الثاني :من غيبوبة الشفق األحمر إلى وقت النوم ،يستحب
أن يصلى بين األذانين.
الورد الثالث :الوتر قبل النوم ،إال من كان عادته القيام بالليل.
الورد الرابع :النوم ،وإنما عددناه من األوراد ،ألنه إذا روعيت آدابه
وحسن المقصود به احتسب عبادة ،وينبغي له أيضا أن ال يبالغ في تمهيد
91
املبحث الثالث :الوقت في التراث اإلسالمي ،ونظرة السلف له
في الماضي؛ فضال عن إضاعته للوقت ،فإنه يجلب اإلحباط واليأس في
النفوس ،التي تقعد عن العزيمة والنشاط في الحاضر ،لذا كان مضيعا
له ،وكذلك بذل الوقت في أماني المستقبل التي ال تعدو كونها مجرد
أحالم ،مستهلكة الوقت الحاضر ،مع عدم اقترابها من التحقق إذا ظلت
في إطار الخيال.
قال ابن القيم( :فإن االشتغال بالوقت الماضي والمستقبل يضيع
الوقت الحاضر ،وكلما حضر وقت اشتغل عنه بالطرفين ،فتصير أوقاته
كلها فواتا.
قال الشافعي ـ ـ :صحبت الصوفية ،فما انتفعت منهم إال
بكلمتين ،سمعتهم يقولون :الوقت سيف؛ فإن قطعته وإال قطعك .ونفسك
إن لم تشغلها بالحق ،وإال شغلتك بالباطل.
وأيضا فالغيرة على التفويت تفويت آخر ،كما يقال :االشتغال بالندم
على الوقت الفائت تضييع للوقت الحاضر .ولذلك يقال :الوقت سيف،
إن لم تقطعه ،وإال قطعك)(.)1
وال يخفى على ذي لب أن المراد بالندم هو ما أشرت أيه آنفا،
وليس الندم الذي هو إقرار بالتقصير ،وعزم على التعويض ،وليس كذلك
مقصود ابن القيم باالنشغال بالمستقبل التخطيط والترتيب ،وإنما األماني
الكاذبة المهلكة لألوقات ،واهلل أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1مدارج السالكين ( 124/3ــ .)125
93
املبحث الرابع :سمات النظرة اإلسالمية للوقت
ل
ا مبحثارلاعب
مسات النظرة اإلسالمية للوقت
أو العذاب األليم ،وإذا عادلت هذه الحياة بخلود األبد علمت أن كل
نَ َفس يعدل أكثر من ألف ألف ألف عام في نعيم ال خطر له أو خالف
ذلك ،وما كان هكذا فال قيمة له)(.)1
قد قيل :لإلنسان كلما بذرت حبة أخرجنا لك ألفا ،هل ترى يجوز للعاقل
أن يتوقف عن البذر أو يتوانى؟ والذي يعين على اغتنام الزمان االنفراد
والعزلة مهما أمكن واالختصار على السالم أو حاجة مهمة لمن يلقى،
وقلة األكل فإن كثرته سبب النوم الطويل وضياع الليل ،ومن نظر في سير
السلف وآمن بالجزاء بان له ما ذكرته)(.)1
ﳁ ﳂﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ} [القصص.]77 :
وهذا التوازن من السمات األصيلة في اإلسالم ،فقد روى مسلم
ـ ـ عن حنظلة األسيدي ،قال :ــ وكان من كتاب رسول اهلل ‘ ــ
قال :لقيني أبو بكر ،فقال :كيف أنت؟ يا حنظلة قال :قلت :نافق حنظلة،
قال :سبحان اهلل ما تقول؟ قال :قلت :نكون عند رسول اهلل ‘ ،يذكرنا
بالنار والجنة ،حتى كأنا رأي عين ،فإذا خرجنا من عند رسول اهلل ‘،
عافسنا األزواج واألوالد والضيعات ،فنسينا كثيرا ،قال أبو بكر :فواهلل
إنا لنلقى مثل هذا ،فانطلقت أنا وأبو بكر ،حتى دخلنا على رسول اهلل
‘ ،قلت :نافق حنظلة ،يا رسول اهلل ،فقال رسول اهلل ‘> :وما ذاك؟<
قلت :يا رسول اهلل نكون عندك ،تذكرنا بالنار والجنة ،حتى كأنا رأي
عين ،فإذا خرجنا من عندك ،عافسنا األزواج واألوالد والضيعات ،نسينا
كثيرا فقال رسول اهلل ‘> :والذي نفسي بيده إن لو تدومون على ما
تكونون عندي ،وفي الذكر ،لصافحتكم المالئكة على فرشكم وفي
طرقكم ،ولكن يا حنظلة ساعة وساعة< ثالث مرات(.)1
فهكذا إذن تكون إدارة الوقت ،ساعة وساعة ،ساعة للعبادة والذكر،
وساعة للعمل والجد ،وساعة للترويح ،وتوازن بديع ،بتقدير من اللطيف
الخبير سبحانه.
* * *
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه مسلم (.)2750
99
املبحث الرابع :سمات النظرة اإلسالمية للوقت
خامسا :احلث على املداومة على العمل بال انقطاع وال فتور:
ال تخفى روح الجهد واالجتهاد ،والعمل غير المنقطع في عموم
الشريعة بين آيات الذكر الحكيم ،كقوله تعالى{ :ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ
ﱶ} [الحجر ]99 :وقوله تعالى{ :ﱓ ﱔ ﱕ} [الشرح ،]7 :والسنة
المشرفة ،كما في قول عائشة ـ ـ عن النبي ـ ‘ ـ :كان عمله
دِ َيم ًة( ،)1وقوله ـ ‘ ـ( :إن قامت على أحدكم القيامة وفي يده فسيلة
فليغرسها)(.)2
قال ابن الجوزي( :فصل :ال ُت َض ّي ْع لحظة في غير قربةٍ :ينبغي
لإلنسان أن يعرف شرف زمانه ،وقدر وقته ،فال يضيع منه لحظة في غير
قربة ،ويقدم األفضل فاألفضل من القول والعمل .ولتكن نيته في الخير
قائمة من غير فتور بما ال يعجز عنه البدن من العمل)(.)3
قال ابن قدامة( :واعلم :أن الليل والنهار أربع وعشرون ساعة،
فاالعتدال أن ينام من ذلك الثلث ،وهو ثمان ساعات ،فمن نام أقل من
ذلك لم يأمن اضطراب بدنه ،ومن نام أكثر من ذلك كثر كسله)(.)1
رجال تاجرا ،وكان يبعث تجارته من أول النهار فأثرى وكثر ماله<(.)1
قال ابن بطال>( :اللهم بارك ألمتي في بكورها< ال يدل أن غير
البكور ال بركة فيه؛ ألن كل ما فعل النبي ـ ‘ ـ ففيه البركة ،وألمته فيه
أكبر األسوة .وإنما خص ـ ‘ ـ البكور بالدعاء بالبركة فيه من بين سائر
األوقات ــ واهلل أعلم ــ ألنه وقت يقصده الناس بابتداء أعمالهم ،وهو
وقت نشاط وقيام من دعة ،فخصه بالدعاء؛ لينال بركة دعوته جميع
أمته)(.)2
وعن أبي هريرة ،عن النبي ـ ‘ ـ قال> :واستعينوا بالغدوة والروحة
وشيء من الدلجة<(.)3
فجاء األمر باالستفادة من األوقات المباركة وأوقات النشاط.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه أبو داود ( ،)2606والترمذي ( ،)1212وابن ماجه ( ،)2236وأحمد
( ،)15438وأبو داود الطيالسي ( ،)1342من طريق عمارة بن حديد عن صخر
الغامدي به ،وقال الترمذي :حديث حسن ،وال نعرف لصخر الغامدي عن النبي ـ ‘ ـ
غير هذا الحديث.
وقواه ابن عبد
وقال األلباني( :حديث صحيح ،وحسنه الترمذي ،وصححه ابن حبانّ ،
البر والمنذري والحافظ ابن حجر والسخاوي) .اهـ صحيح أبي داود (.)2345
قلت :فيه عمارة بن حديد ،قال عنه أبو الحسن القطان( :وعمارة بن حديد هذا،
مجهول الحال ،وال يعرف روى عنه إال يعلى بن عطاء ،وقد سئل عنه أبو حاتم وأبو
زرعة الرازيان :فقال كل واحد منهما فيه :مجهول) .اهـ بيان الوهم واإليهام (.)486/3
( )2شرح صحيح البخاري البن بطال.)124/5( :
( )3رواه البخاري (.)39
104
املبحث الرابع :سمات النظرة اإلسالمية للوقت
القواطع والعوائق)(.)1
فإن من توفيق اهلل وإعانته للعبد مباركته له في وقته.
قال ابن القيم( :وإذا أراد اهلل بالعبد خيرا أعانه بالوقت ،وجعل وقته
مساعدا له ،وإذا أراد به شرا جعل وقته عليه ،وناكده وقته ،فكلما أراد
التأهب للمسير لم يساعده الوقت ،واألول :كلما همت نفسه بالقعود أقامه
الوقت وساعده)(.)2
108
ن
الصفلااثل ي
إدارةاولتق
فيرتاثاآللواألاحصب
الفصل الثاني :إدارة الوقت في تراث اآلل واألصحاب
ااثلن
ي الصفل
إدارة الوقت يف تراث اآلل واألصحاب
111
املبحث األول :أهمية الوقت عند اآلل واألصحاب ،ونظرتهم إليه
ل
ا مبحثاألول
أهمية الوقت عند اآلل واألصحاب ،ونظرتهم إليه
فعن عبد الرحمن بن حجيرة ،عن أبيه ،قال :كان عبد اهلل بن مسعود
إذا قعد يقول :إنكم في ممر الليل والنهار في آجال منقوصة ،وأعمال
محفوظة ،والموت يأتي بغتة ،فمن زرع خيرا يوشك أن يحصد رغبة،
ومن زرع شرا يوشك أن يحصد ندامة ،ولكل زارع ما زرع(.)1
وذلك لعلمهم أن الوقت بضاعتهم في الدنيا ،وأن سعيهم في هذه
الحياة الدنيا ما هو إال سبب للفوز العظيم ،فتعاملوا مع الوقت على هذا
األساس ،وزاد حرصهم عليه.
لذا فقد ندموا على ضياعه أشد الندم ،فقد روي عن ابن مسعود
ـ ـ أنه قال :ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه؛ نقص
فيه أجلي ،ولم يزدد فيه عملي(.)2
فهم من تعلموا من النبي ـ ‘ ـ أن يعملوا آلخر ساعة من
أعمارهم ،حين قال رسول اهلل ـ ‘ ـ> :إن قامت على أحدكم القيامة،
وفي يده فسيلة فليغرسها<(.)3
لذا كانوا يمقتون الرجل إذا كان مضيعا وقته وعمره بال نفع؛ ال هو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه أبو داود في الزهد ( ،)159وأبو نعيم في الحلية (.)133/1
( )2لم أقف عليه مسندا ،وإنما هو موجود في بعض الكتب المتأخرة ،وانظر :موارد الظمآن
لدروس الزمان ( )30/3لعبد العزيز السلمان ،وقيمة الزمان عند العلماء ألبي غدة
(صـ ،)27وغيرها.
( )3صحيح رواه أحمد وغيره عن أنس ـ ـ ،وسبق الكالم عليه.
113
املبحث األول :أهمية الوقت عند اآلل واألصحاب ،ونظرتهم إليه
في عمل من أعمال الدنيا وال أعمال اآلخرة ،فعن عمر ـ ـ قال :إني
ألكره أن أرى أحدكم فارغا سبهلال؛ ال في عمل دنيا ،وال في عمل
آخرة(.)1
وقال ابن مسعود ـ ـ :إني ألمقت الرجل أن أراه فارغا؛ ليس
في شيء من عمل الدنيا وال عمل اآلخرة(.)2
ولما كان الوقت ثمينا عندهم ،فقد حرصوا عليه أشد الحرص،
وتنوعت الصور في تقديرهم له.
ومن تلك الصور:
قد اقتربت ،وإن القمر قد انشق ،أال وإن الدنيا قد أذنت بالفراق ،أال
وإن المضمار اليوم ،وإن السباق غدا ،وإن الغاية النار ،وإن السابق من
سبق إلى الجنة(.)1
ويصعد ذاك ،إال أن الدقة في الميعاد اقتضت مراعاة مثل هذا الفارق
ألهمية التوقيت.
وكانوا أيضا يوصون بمثل هذه الدقة في المواعيد ،ويكتب بها
الخليفة إلى األمصار ،يوصي بذلك عماله ،فتصير تلك الدقة نظاما عاما
تسير عليه الدولة وعموم الناس ،ف َع ِن ابن عمر قال :كتب عمر إلى أهل
األمصار( :أن صلوا الظهر إذا زالت الشمس إلى أن يكون ظل كل شيء
مثله ،والعصر والشمس باقية قدر ما يسير الراكب فرسخين أو ثالثة،
والمغرب حين تغرب الشمس وتدخل الليل ،والعشاء إذا غاب الشفق
إلى ثلث الليل ،ال تشاغلوا عن الصالة ،فمن نام فال نامت عينه ،فمن
نام فال نامت عينه)(.)1
وفي لفظ عن نافع ،أن عمر بن الخطاب كتب إلى عماله( :إن أهم
أموركم عندي الصالة ،من حفظها وحافظ عليها حفظ دينه ،ومن ضيعها
فهو لسواها أضيع.
ثم كتب :أن صلوا الظهر إذا كان الفيء ذراعا إلى أن يكون ظل
أحدكم مثله ،والعصر والشمس مرتفعة بيضاء نقية قدر ما يسير الراكب
فرسخين أو ثالثة ،والمغرب إذا غربت الشمس ،والعشاء إذا غاب الشفق
إلى ثلث الليل ،فمن نام فال نامت عينه ،فمن نام فال نامت عينه ،والصبح
والنجوم بادية مشتبكة)(.)2
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه عبد الرزاق (.)2037
( )2رواه عبد الرزاق (.)2038
ورواه أيضا برقم ( )2039عن نافع عن ابن عمر مثله.
116
املبحث األول :أهمية الوقت عند اآلل واألصحاب ،ونظرتهم إليه
وكان ذلك منهجا م َّطر ًدا عند جميعهم ،فعن عبد اهلل بن عمرو ـ ـ
أيضا قال( :إذا زالت الشمس عن بطن السماء ،فصالة الظهر دركا حتى
يحضر العصر ،وصالة العصر دركا حتى يذهب الشفق ،فما بعد ذلك
إفراط ،وصالة العشاء درك ،حتى نصف الليل ،فما بعد ذلك إفراط،
وصالة الفجر درك ،حتى تطلع قرن الشمس ،فما بعد ذلك فهو إفراط)(.)1
وقد أسس عبد اهلل بن عمرو ـ ـ هذه الدقة على ما تعلمه من
رسول اهلل ـ ‘ ـ ،ففي صحيح مسلم عن عبد اهلل بن عمرو ،أنه قال:
سئل رسول اهلل ـ ‘ ـ عن وقت الصلوات ،فقال> :وقت صالة الفجر ما
لم يطلع قرن الشمس األول ،ووقت صالة الظهر إذا زالت الشمس عن
بطن السماء ،ما لم يحضر العصر ،ووقت صالة العصر ما لم تصفر
الشمس ،ويسقط قرنها األول ،ووقت صالة المغرب إذا غابت الشمس،
ما لم يسقط الشفق ،ووقت صالة العشاء إلى نصف الليل<(.)2
وعن قتادة ،أن ابن مسعود قَ َال> :إن للصالة وقتا كوقت الحج<(.)3
ولم تكن تلك الدقة في المواعيد قاصرة على أمر الصالة فحسب،
فقد أدرك القوم حساب ساعات اليوم والليلة ،ورتبوا أمورهم بدقة وف ًقا
لذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه عبد الرزاق (.)2215
( )2رواه مسلم (.)612
( )3رواه عبد الرزاق (.)3747
117
املبحث األول :أهمية الوقت عند اآلل واألصحاب ،ونظرتهم إليه
من تراب ،وإلى التراب يعود ،وهو اليوم حي ،وغدا ميت؟ اعملوا يوما
بيوم ،واجتنبوا دعوة المظلوم ،وعدوا أنفسكم من الموتى)(.)1
وببكائه إذا الناس يضحكون ،وبصمته إذا الناس يخلطون ،وبخشوعه إذا
الناس يختالون ،وينبغي لحامل القرآن أن يكون باكيا ،محزونا ،حليما،
سكيتا ،لينا .وال ينبغي لحامل القرآن أن يكون جافيا ،وال غافال ،وال
سخابا ،وال صياحا ،وال حديدا)(.)1
وقال علي ( :إن أخوف ما أخاف عليكم :اتباع الهوى ،وطول
األمل ،فأما اتباع الهوى فيصد عن سبيل الحق ،وأما طول األمل فينسي
اآلخرة .أال وإن الدنيا قد ترحلت مدبرة أال وإن اآلخرة قد ترحلت مقبلة،
ولكل واحدة منهما بنون ،فكونوا من أبناء اآلخرة ،وال تكونوا من أبناء
الدنيا ،فإن اليوم عمل وال حساب ،وغدا حساب وال عمل)(.)2
ﲄ ﲅ ﲆ} [الحاقة.)1()]18 :
وعن عمر ـ ـ أيضا قال وهو يخطب الناس> :تعلمن أن الطمع
فقر حاضر ،وأن اليأس غنى حاضر ،ومن أيس عن شيء استغنى عنه<(.)2
ومن المواعظ البليغة في الحفاظ على العمر ،واستغالل األوقات في
الطاعة قبل فوات األوان ما ذكره الطبراني في الكبير عن أبي بكر ـ ـ،
فقد روى عن نعيم بن نمحة قال :كان في خطبة أبي بكر( :أما تعلمون
أنكم تغدون وتروحون ألجل معلوم ،فمن استطاع أن يقضي األجل وهو
في عمل اهلل تعالى فليفعل ،ولن تنالوا ذلك إال باهلل ـ ـ ،إن قوما جعلوا
آجالهم لغيرهم فنهاكم أن تكونوا أمثالهم ،وال تكونوا كالذين نسوا اهلل،
أين من تعرفون من إخوانكم؟ قدموا على ما قدموا في أيام سلفهم وحلوا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه أبو داود في الزهد ( ،)306ابن أبي شيبة ( ،)34459وأبو عبيد في الخطب
والمواعظ ( ،)144وابن أبي الدنيا في محاسبة النفس (.)2
قال ابن كثير ــ بعد ذكره هذا األثر ــ( :أثر مشهور ،وفيه انقطاع) .اهـ مسند الفاروق
(.)618/2
( )2رواه ابن المبارك في الزهد ( ،)998وابن شبة في تاريخ المدينة ( ،)767/2وابن
المقرئ في معجمه ( ،)241وأبو نعيم في الحلية ( ،)50/1من طرق عن هشام بن
عروة ،عن عروة به ـ ـ وألفاظه متقاربة ،وعزاه أيضا البن وهب من طريق هشام
بنحو هذا اللفظ أيضا.
ورواه وابن وهب في جامعه ( )418من طرق آخر بلفظ> :إن اليأس غنى ،وإن الطمع
فقر حاضر ،وإن العزلة راحة من خالط السوء<.
قال ابن كثير ــ بعد ذكره هذا األثر ــ( :أثر مشهور ،وفيه انقطاع) .اهـ مسند الفاروق
(.)618/2
121
املبحث األول :أهمية الوقت عند اآلل واألصحاب ،ونظرتهم إليه
فيه بالشقوة والسعادة ،أين الجبارون األولون الذين بنوا المدائن وحفوها
بالحوائط قد صاروا تحت الصخر واآلبار ،هذا كتاب اهلل ـ ـ ال تفنى
عجائبه فاستضيئوا منه ليوم ظلمة واتضحوا بشأنه وبيانه ،إن اهلل ـ ـ
أثنى على زكريا وأهل بيته فقال{ :ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه الطبراني في الكبير ( ،)39وفي إسناده من لم أقف على ترجمته.
قال الهيثمي( :رواه الطبراني في الكبير ،ونعيم بن محة لم أجد من ترجمه) .مجمع
الزوائد (.)3152
( )2رواه عبد الرزاق (.)5579
122
املبحث الثاني :استثمارالوقت وعدم إضاعته
ل
ااثلن
ي ا مبحث
استثمار الوقت وعدم إضاعته
كان صحابة رسول اهلل ـ ‘ ـ وآل بيته األطهار ــ رضوان اهلل عليهم
أجمعين ــ أحرص الناس على استثمار أوقاتهم في كل نافع ،وكانوا
أحرص الناس وأشدهم تمسكا بذلك ،فعلموا وعملوا من أمور الدين
والدنيا ما يثير اإلعجاب واالنبهار بأعمالهم واستغالل أوقاتهم.
والستثمار الوقت عندهم صور عدة ،منها:
يدفعهم لذلك دفعا ،فعن أبي سعيد مولى أبي أسيد قال :كان عمر بن
الخطاب يعس( )1المسجد بعد العشاء ،فال يرى فيه أحدا إال أخرجه ،إال
رجال قائما يصلي ،فمر بنفر من أصحاب رسول اهلل ـ ‘ ـ فيهم أبي بن
كعب ،فقال :من هؤالء؟ ،قال أبي :نفر من أهلك يا أمير المؤمنين ،قال:
ما خلفكم بعد الصالة؟ ،قال :جلسنا نذكر اهلل ،قال :فجلس معهم ،ثم
قال ألدناهم إليه :خذ ،قال :فدعا فاستقرأهم رجال رجال يدعون ،حتى
إلي ،وأنا إلى جنبه ،فقال :هات ،فحصرت( )2وأخذني من الرعدة انتهى ّ
أفكل( ،)3حتى جعل يجد مس ذلك مني ،فقال :ولو أن تقول :اللهم اغفر
لنا ،اللهم ارحمنا.)4(..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نفض الليل عن أهل الريبة) .اهـ العين (.)74/1 (الع ُّسُ :
قال الخليلَ : ()1
(الع ُّس :طلب الشيء بالليل) .اهـ جمهرة اللغة (.)133/1 وقال ابن دريدَ :
فض اللي ِل
وع َسس ًا ،أي طاف بالليل ،وهو نَ ُ
(عس ُيع ُّس َع َّسا َ
وقال الجوهري أيضاَّ :
عن أهل الرِيبة) .اهـ الصحاح (.)949/3
(ح ِص َر لم يقدر على الكالم .وحصر صدره :ضاق .والحصر :ضيق قال ابن منظورَ : ()2
الصدر .وإذا ضاق المرء عن أمر قيل :حصر صدر المرء عن أهله) .اهـ لسان العرب
(.)193/4
قال ابن منظور( :يقال :أخذ فالنا أَ ْف َكل ،إذا أخذته رعدة فارتعد من برد أو خوف). ()3
اهـ لسان العرب (.)530/11
رواه ابن سعد ( ،)294/3ومن طريقه رواه البالذري ( ،)348/10وابن عساكر ()4
(.)309/44
وأبو سعيد مولى أبي أسيد ،قال الحافظ ابن حجر( :ذكره ابن مندة في الصحابة ،ولم
يذكر ما يدل على صحبته ،لكن ثبت أنه أدرك أبا بكر الصديق .)اهـ اإلصابة
(.)168/7
125
املبحث الثاني :استثمارالوقت وعدم إضاعته
وعن عبد اهلل بن عمر ـ ـ :أن عمر كان إذا خرج إلى ناد في
المسجد ،قال :إياكم واللغط(.)1
فعمر ـ ـ يخرجهم من المسجد حتى ال تضيع أوقات الناس في
القيل والقال بال نفع ،ويمنعهم من اللغط ،وإنما يأمرهم بالذهاب
لمصالحهم ،أو لراحة أبدانهم ،ما لم يكن عمال صالحا يشغلهم.
ونحو ذلك صنع ابن مسعود ـ ـ ،فعن أبي عمرو الشيباني،
قال :رأيت عبد اهلل بن مسعود ،يعس المسجد بالليل فال يرى فيه سوادا
إال أخره إال رجال قائما يصلي(.)2
وكذلك كان يفعل أبو ذر ـ ـ في حث الناس على حسن استغالل
الوقت ،قال الثوري :كان أبو ذر ،يقول :إني لكم ناصح ،إني عليكم
شفيق ،صلوا في ظلمة الليل لوحشة القبور ،صوموا لحر يوم النشور،
تصدقوا مخافة يوم عسير ،وقال :يكفي الدعاء مع البر ما يكفي الملح من
الطعام(.)3
وقد روي عن عمر ـ ـ نحو هذا ،المعنى ــ ولكنه غير ثابت عنه ــ،
بلفظ( :إني ألكره أن أرى أحدكم َس َب ْهلال ،ال في عمل دنيا وال في عمل
آخرة)(.)1
وقد روي عن أبي الدرداء أنه قال( :لوال ثالث خالل ألحببت أن
ال أبقى في الدنيا ،فقلت وما هن؟ فقال :لوال وضوع وجهي للسجود
لخالقي في اختالف الليل والنهار؛ تقدمة لحياتي ،وظمأ الهواجر،
ومقاعدة أقوام ينتقون الكالم كما تنتقى الفاكهة .وتمام التقوى أن يتقي
اهلل العبد ،حتى يتقيه في مثقال ذرة ،حتى يترك بعض ما يرى أنه حالل
خشية أن يكون حراما ،حاجزا بينه وبين الحرام ،إن اهلل تعالى قد بين
للعباد الذي هو مصيرهم إليه ،قال اهلل { :ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ
ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ} [الزلزلة 7 :ــ ،]8فال تحقرن شيئا من الشر
أن تتقيه ،وال شيئا من الخير أن تفعله)(.)2
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= قلت :رواه الطبراني في الكبير من طريقين ،في أحدهما راو لم يسم ،وفي اآلخر
انقطاع.
( )1وال يثبت عن عمر ـ ـ ،بل لعله ال إسناد له عنه ،فقد ذكره الزيلعي من كالم عمر،
ثم قال( :لم أجده إال من قول ابن مسعود) .اهـ تخرج أحاديث الكشاف (.)353/2
وذكره أيضا في ( ،)236/4وقال( :غريب).
( )2رواه ابن بشران (جزء فيه مجلسان من أمالي ابن بشران) ( ،)9قال :عن خالد
الحجري ،قال أبو الدرداء ،ــ كذا جاء في المطبوع ،وعلق المحقق أنه كذا في األصل،
وأشار لما جاء في الروايات األخرى ــ ،وابن البخاري في مشيخته ( ،)937قال :عن
أبي خليد الحجري ،عن أبي الدرداء ،وأبو نعيم في الحلية ( ،)212/1قال :عن
عباس بن جليد الحجري ،عن أبي الدرداء ،ولفظه مختصر ،ورواه ابن عساكر=
128
املبحث الثاني :استثمارالوقت وعدم إضاعته
ثم يصفى كأنه دم الغزال ،وأعمد إلى صاع أو صاعي دقيق فيحور لي،
وأعمد إلى عناق فتذبح ويلقى عنها شعرها ،ثم تخرج من التنور كأنه
صنا؟ قال :قلت :يا أمير المؤمنين إني أراك عالما بطيب الطعام؟ قال:
أجل واهلل الذي ال إله إال هو ،ولكني ال أتعجل طيباتي ،وقد سمعت اهلل
ذكر قوما فقال{ :ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ
ﳒ} [األحقاف.)1()]20 :
فكان ـ ـ يترك لين الطعام ادخارا لألجر والثواب عند اهلل تعالى،
وليس جهال به ،بل إنه حتى كان يحسن صنعه ،ويجمع الناس على طعام
خشن مع انشغاله بأعمال الخالفة ،فيتعلموا من فقهه وزهده.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه أبو داود في الزهد (.)69
131
املبحث الثالث :تخطيط الوقت وتنظيمه
ل
ا مبحثااثلثل
ختطيط الوقت وتنظيمه
بعض الجند ،فعن السائب بن يزيد ،قال :رأيت عمر بن الخطاب السنة
يصلح أداة اإلبل التي يحمل عليها في سبيل اهلل ،براذعها( )1وأقتابها(،)2
فإذا حمل الرجل على البعير جعل معه أداته(.)3
وهذا أبو هريرة ـ ـ وهو أمير يومئذ ،يذهب يجمع الحطب لبيته
وحاجة أهله ،ويضاحك رعيته ،فعن ثعلبة بن أبي مالك :أن أبا هريرة
أقبل في السوق يحمل حزمة حطب ،وهو يومئذ خليفة لمروان ،فقال:
أوسع الطريق لألمير يا ابن أبي مالك ،فقلت :أصلحك اهلل ،يكفي هذا،
قال :وسع الطريق لألمير يا ابن أبي مالك ،والحزمة عليه(.)4
فكيف مع أدائهم لما كلفوا به من إدارة شؤون المسلمين ورعاية
مصالح األمة كانوا يجدون الوقت لمثل هذه األمور ،التي قد يترفع عنها
من هم أقل منهم شأنا وانشغاال في يومنا هذا؟ فيا عجبا لما كانوا عليه!!
ـ ـ.
فلما كانوا على ذلك القدر وتلك القدرة على إدارة أوقاتهم ،كان
لتخطيط الوقت وتنظيمه عندهم مالمح مميزة ،وسنستعرض ذلك من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال األزهري( :برذع :الليث :البرذعة :الحلس الذي يلقى تحت الرجل .والجميع ()1
البراذع .وقال شمر :هي البرذعة والبردعة بالذال والدال) .تهذيب اللغة (.)230/3
قال الخليل( :القتب :إكاف الجمل ،والتذكير فيه أعم من التأنيث ،..والقتب :قتب ()2
صغير على البعير ،..وأقتبت البعير :شددت عليه القتب) .العين ( )131/5مختصرا.
رواه ابن سعد ( ،)306/3وفي إسناده الواقدي. ()3
رواه أبو داود في الزهد (.)284 ()4
133
املبحث الثالث :تخطيط الوقت وتنظيمه
تقسيم الوقت:
ال شك أن تقسيم الوقت يبدو للوهلة األولى من أساسيات تخطيط
الوقت وتنظيمه ،إذ ربما ال يمكننا تنظيم الوقت من غير تقسيمه ،فمن
البديهي أن يكون هناك أعمال تناسب الليل ،وأخرى للنهار ،ووقت النهار
نفسه ،هناك ما يتناسب مع أوله ،وما يتناسب مع آخره ،وكذلك وقت
الليل ،وأعمال تناسب وقت النشاط وحضور الذهن وأخرى تتناسب مع
جليا في صنيع اآلل واألصحاب ــ رضوان اهلل
غير ذلك ،وهذا ما تراه ًّ
تعالى عليهم أجمعين ــ ،فقد كانوا يحسنون تقسيم الوقت بين صنوف
العبادات ،وااللتزامات الواجبة عليهم.
ومما يشهد لحرصهم على مراعاة تقسيم الوقت ،وهو األمر الذي
عمر بن الخطاب ـ ،
يقره الشرع والفطرة السليمة :ما أوصى به أبو بكر َ
134
املبحث الثالث :تخطيط الوقت وتنظيمه
حين أراد استخالفه ،حيث قال له :إني موصيك بوصية إن حفظتها :إن
هلل تعالى حقا بالنهار ال يقبله بالليل ،وهلل في الليل حقا ال يقبله في النهار،
وإنها ال تقبل نافلة حتى تؤدى الفريضة(.)1
وقد قبل عمر ـ ـ الوصية ،وعمل بها ،وصارت ديدنه؛ فكان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه سعيد بن منصور في التفسير ( ،)942قال :حدثنا يزيد بن هارون عن سعيد بن
المرزبان ،عن عبد الرحمن بن سابط به في خبر طويل.
ورواه أبو نعيم في حلية األولياء ( ،)36/1وفضائل الخلفاء ( ،)204ومعرفة الصحابة
( ،)114وابن عساكر ( )414/30من طرق عن فطر بن خليفة ،كالهما (سعيد بن
المرزبان ،وفطر) عن عبد الرحمن بن سابط به.
وسعيد بن المرزبان هو العبسي أبو سعد البقال الكوفي األعور ،ضعيف ،مدلس.
التقريب ( ،)2389وقال البخاري :منكر الحديث ،وقال ابن معين :ال يكتب حديثه.
انظر ميزان االعتدال (.)158/2
وفطر هو ابن خليفة قال الذهبي :وثقه أحمد وغيره .وقال أبو حاتم :صالح الحديث.
وقال الدارقطني :ال يحتج به .ميزان االعتدال (.)363/3
وابن سابط ثقة كثير اإلرسال ،وروايته عن أبي بكر وعمر مرسلة ،انظر :جامع التحصيل
( ،)428وتحفة التحصيل (.)197
وقد روي من طريق آخر؛ رواه ابن أبي شيبة ( )32013مختصرا ،و(،)34433
ورجاله ثقات ،لكنه منقطع أيضا.
ورواه ابن المبارك في الزهد ( ،)914ومن طريقه ابن عساكر ( ،)412/30وأبو داود
في الزهد ( ،)28والخالل في السنة ( ،)337وهناد في الزهد ( ،)496ومن طريقه
اآلجري في الشريعة ( ،)1202ورواه ابن عساكر ( )413/30من طرق عن إسماعيل
بن أبي خالد عن زبيد بن الحارث اليامي به ،ورجاله ثقات ،لكن زبيد لم يدرك
القصة.
135
املبحث الثالث :تخطيط الوقت وتنظيمه
فيما روي عنه يجهد نفسه في عمل النهار ،ويصنع مثل ذلك في عبادة
الليل ،فلما يسأل عن ذلك يقول :إن نمت بالنهار أضعت حق الناس،
وإن نمت بالليل أضعت حق اهلل.
وممن روي عنه حسن تقسيم وقته أيضا ابن عباس ـ ـ ،حيث
كان يقسم وقت ليله بين الراحة والعبادة ،فعن عبد اهلل بن أبي مليكة،
قال :سافرت مع ابن عباس من المدينة إلى مكة ،ومن مكة إلى المدينة،
فكان يقوم شطر الليل(.)1
ولما سئل عمرو بن العاص عن المروءة فكان مفاد الجواب
أنها تقسيم أعمال الرجل ــ الذي يتبعه تقسيمه لوقته ــ بين إصالح ماله،
ونفع إخوانه ،فهو يصلح شأن نفسه ،ويعاون في إصالح شأن غيره ،فعن
عن حبان بن أبي جبلة قال :قيل لعمرو بن العاص :ما المروءة؟ فقال:
يصلح الرجل ماله ويحسن إلى إخوانه(.)2
في بذل الجهد في ذلك ،وكأنهم يعدون جداول زمنية تقسم فيها أوقات
اليوم والليلة بين أمور الدين والدنيا ،يسيرون عليها بال كلل وال ملل،
مراعين حق اهلل تعالى ،وحقوق الغير ،بال نسيان لحظ النفس والبدن.
فعن ابن عمر ـ ـ ،أنه كان يجلس في مسجد رسول اهلل ‘
حتى يرتفع الضحى وال يصلي ،ثم ينطلق إلى السوق فيقضي حوائجه،
ثم يجيء إلى أهله فيبدأ بالمسجد فيصلي ركعتين ،ثم يدخل بيته(.)1
وكان للحسن بن علي ـ ـ نحو هذا النظام اليومي أيضا ،فقد
روى ابن سعد :أن معاوية ـ ـ قال لرجل من أهل المدينة من قريش:
أخبرني عن الحسن بن علي قال :يا أمير المؤمنين ،إذا صلى الغداة جلس
في مصاله حتى تطلع الشمس ،ثم يساند ظهره فال يبقى في مسجد رسول
اهلل ـ ‘ ـ رجل له شرف إال أتاه ،فيتحدثون حتى إذا ارتفع النهار صلى
ركعتين ،ثم نهض فيأتي أمهات المؤمنين فيسلم عليهن ،فربما أتحفنه ،ثم
ينصرف إلى منزله ،ثم يروح فيصنع مثل ذلك .فقال :ما نحن معه في
شيء(.)2
وعن أنس بن مالك ،قال :كنا نبكر بالجمعة ونقيل بعد الجمعة(.)3
* * *
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه ابن سعد (.)147/4
( )2رواه ابن سعد (الطبقات الكبرى ــ متمم الصحابة ــ الطبقة الخامسة) (.)297/1
( )3رواه البخاري (.)905
137
املبحث الثالث :تخطيط الوقت وتنظيمه
أحد األنصار الذهاب عند رسول اهلل ،كل واحد منهما يذهب يوما ،ويخبر
صاحبه بما كان من شأن رسول اهلل ـ ‘ ـ في ذلك اليوم ،ويقوم صاحبه
بصالح شأن نفسه في ذلك ،ثم يتبادالن األدوار في اليوم التالي ،فعن
عبد اهلل بن عباس ،عن عمر ،قال :كنت أنا وجار لي من األنصار في
بني أمية بن زيد وهي من عوالي المدينة وكنا نتناوب النزول على رسول
اهلل ‘ ،ينزل يوما وأنزل يوما ،فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من
الوحي وغيره ،وإذا نزل فعل مثل ذلك ،فنزل صاحبي األنصاري يوم
نوبته ،فضرب بابي ضربا شديدا.)1(..
وكان أبو هريرة ـ ـ يتناوب مع أهل بيته بين الصالة والنوم،
يقوم أحدهم ،وينام البقية ،ثم إذا انهى حظه من القيام ،أيقظ من جاءت
نوبته ،ونام هو ،فعن أبي عثمان النهدي ،قال :كان أبو هريرة يقوم ثلث
الليل ،وامرأته ثلث الليل ،وابنه ثلث الليل(.)2
وحتى في نساء آل البيت ــ عليهن السالم ــ عرف هذا التقسيم
والتوزيع لألعمال؛ حتى في أمور البيت خدمته ،فعن أبي البختري ،قال:
قال علي ألمه :اكفي فاطمة الخدمة خارجا ،وتكفيك العمل في البيت،
والعجن والخبز والطحن(.)3
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه البخاري ( ،)89ونحوه عند مسلم (.)1479
( )2رواه أحمد في الزهد ( ،)988وأبو داود في الزهد (.)285
( )3ذكره الذهبي بسند رجاله ثقات ،ولم يذكر من أخرجه في موطنين من كتابه سير أعالم=
141
املبحث الثالث :تخطيط الوقت وتنظيمه
بن أبي طالب ـ ـ قال :عالم ينتفع بعلمه أفضل من ألف عابد(.)1
ومن فقه ابن عباس ـ ـ في ذلك أيضا ما ذكره األصبهاني ،قال:
قال ابن عباس ـ ـ :عليك بالفرائض ،وما وظف اهلل عليك من حقه،
فأده واستعن باهلل على ذلك ،فإنه ال يعلم من عبد صدق نيته وحرصا في
حسن ثوابه إال أخره اهلل عما يكره ،وهو المليك يصنع ما يشاء(.)2
ومن ذلك أيضا ما ذكره الذهبي في السير عن إرسال أبي بكر جيش
أسامة ،وأنه بدأ بهذا األمر في خالفته قبل غيره ألنه شيء أمر به رسول
اهلل ـ ‘ ـ قبل أن يموت ،فبدأ به قبل غيره ألولويته على غيره ،فكانت
البداءة باألولى واألهم من األعمال من فقههم وديدنهم رضي اهلل عنهم
أجمعين(.)3
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1ذكره إسماعيل بن محمد األصبهاني في سير السلف الصالحين (صـ.)914
( )2سير السلف الصالحين إلسماعيل بن محمد األصبهاني (ص.)488 :
( )3انظر :سير أعالم النبالء (الخلفاء الراشدون 31/وما بعدها).
144
املبحث الرابع :اختيارالوقت املناسب للعمل مع مراعاة اختالف األحوال
ل
ا مبحثارلاعب
اختيار الوقت املناسب للعمل
مع مراعاة اختالف األحوال
القيام قيام ثلث الليل ،كما هو الحال مع أبي هريرة ،وأبي الدرداء ـ ـ
أمرهما بالوتر قبل النوم ،فعن أبي هريرة ،قال :أوصاني خليلي ‘
بثالث> :صيام ثالثة أيام من كل شهر ،وركعتي الضحى ،وأن أوتر قبل
أن أنام<(.)1
وعن أبي الدرداء ،قال :أوصاني حبيبي ـ ‘ ـ بثالث ،لن أدعهن
ما عشت> :بصيام ثالثة أيام من كل شهر ،وصالة الضحى ،وبأن ال أنام
حتى أوتر<(.)2
وكان الحال مختل ًفا مع عبد اهلل بن عمرو ـ ـ فنهاه عن ترك قيام
الليل ،عن عبد اهلل بن عمرو بن العاص ،قال :قال رسول اهلل ‘:
>يا عبد اهلل ،ال تكن مثل فالن كان يقوم الليل فترك قيام الليل<(.)3
وأرشده ـ ‘ ـ ألفضل القيام ،فعن عبد اهلل بن عمرو ،قال :قال
لي رسول اهلل ـ ‘ ـ> :أحب الصيام إلى اهلل صيام داود ،كان يصوم يوما
ويفطر يوما ،وأحب الصالة إلى اهلل صالة داود ،كان ينام نصف الليل
ويقوم ثلثه ،وينام سدسه<(.)4
ونحو هذا ما روي عنه ـ ‘ ـ أنه سأل أبا بكر وعمر ـ ـ كل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رواه البخاري ( ،)1178ومسلم (.)721 ()1
رواه مسلم (.)722 ()2
رواه البخاري ( ،)1152ومسلم (.)1159 ()3
رواه البخاري ( ،)3420ومسلم (.)1159 ()4
146
املبحث الرابع :اختيارالوقت املناسب للعمل مع مراعاة اختالف األحوال
واحد منهما :متى توتر؟ ،واختلف الجواب ،فأقر كل واحد على فعله،
فعن أبي قتادة ،أن النبي ‘ قال ألبي بكر> :متى توتر؟< ،قال :أوتر من
أول الليل ،وقال لعمر> :متى توتر؟< ،قال :آخر الليل ،فقال ألبي بكر:
>أخذ هذا بالحزم< ،وقال لعمر> :أخذ هذا بالقوة<(.)1
وأحيا ًنا كان ـ ‘ ـ يأمر بعض الصحابة بالشيء ،وينهى عنه غيره
ــ رضوان اهلل عليهم أجمعين ــ مراعا ًة للحال ،فعن أبي ذر ،أن رسول
اهلل ـ ‘ ـ ،قال> :يا أبا ذر ،إني أراك ضعيفا ،وإني أحب لك ما أحب
لنفسي ،ال تأمرن على اثنين ،وال تولين مال يتيم<(.)2
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه أبو داود ( ،)1434والحاكم (.)1120
قال الحاكم( :هذا حديث صحيح على شرط مسلم ،ولم يخرجاه ،وله شاهد بإسناد
صحيح) .اهـ .وقال الذهبي( :على شرط مسلم) اهـ المستدرك (.)442/1
وصححه األلباني ،قال( :إسناده صحيح على شرط مسلم ،وكذا قال الحاكم ،ووافقه
الذهبي) .اهـ صحيح أبي داود (.)1288
قلت :ورواه ابن خزيمة في صحيحه ( ،)1084ثم قال( :هذا عند أصحابنا عن حماد
مرسل ،ليس فيه أبو قتادة) .اهـ صحيح ابن خزيمة (.)145/2
ورواه أحمد ــ ( ،)14323وعبد ابن حميد في المنتخب ( ،)1032كالهما من
حديث جابر ــ ،وقال العدوي في التعليق عليه( :صحيح لشواهده) المنتخب
( ،)142/2وقال شعيب األرنؤط( :أخرجه أبو داود ( )1434من حديث أبي قتادة،
وابن ماجه ( ،)1202وابن حبان ( )2446من حديث ابن عمر ،وأحمد ،وابن ماجه
( )1202من حديث جابر ،وهو حديث حسن) .اهـ مسند أحمد (.)225/22
قلت :حديث ابن عمر ـ ـ رواه الحاكم ( ،)1121وصححه الذهبي .المستدرك
(.)442/1
( )2رواه مسلم (.)1826
147
املبحث الرابع :اختيارالوقت املناسب للعمل مع مراعاة اختالف األحوال
وعن عائشة ،أن النبي ‘ قال> :يا عثمان إنه لعل اهلل يقمصك
قميصا ،فإن أرادوك على خلعه فال تخلعه لهم<(.)1
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه الترمذي ( ،)3705وابن ماجه ( ،)112وأحمد (.)24566
قال الترمذي :هذا حديث حسن غريب.
وصححه األلباني ،انظر :مشكاة المصابيح (.)6077
148
املبحث الخامس :تفريغ الوقت والجهد لألعمال العظام
ل
ا مبحثااخلسم
تفريغ الوقت واجلهد لألعمال العظام
إن التفرغ لألعمال العظيمة ،التي تقع على عاتق المكلف بها وحده؛
يعد من أهم عناصر إدارة الوقت؛ إذ إنفاق الوقت فيما سواها يعد مضيعة
لها ،وإهدارا للوقت في المفضول عن الفاضل ،وإن كان ما سواها عظيما
أيضا ،لكن من المتاح أن يقوم به سواه.
فكان أبو بكر ـ ـ يعمل في التجارة ،ويسكن في أطراف
المدينة ،فلما ولي الخالفة حاول أن يجمع بينها وبين التجارة ،لكنه لما
وجد أن ذلك يؤثر على مصالح المسلمين ترك التجارة ،وسكن المدينة،
فقد روى ابن سعد عن غير واحد قال :بويع أبو بكر الصديق يوم قبض
رسول اهلل ‘ ،يوم االثنين ،الثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع األول
سنة إحدى عشرة من مهاجر رسول اهلل ـ ‘ ـ ،وكان منزله بالسنح عند
زوجته حبيبة بنت خارجة بن زيد بن أبي زهير من بني الحارث بن
الخزرج ،وكان قد حجر عليه حجرة من شعر ،فما زاد على ذلك حتى
تحول إلى منزله بالمدينة فأقام هناك بالسنح بعدما بويع له ستة أشهر يغدو
على رجليه إلى المدينة ،وربما ركب على فرس له ،وعليه إزار ورداء
149
املبحث الخامس :تفريغ الوقت والجهد لألعمال العظام
ممشق فيوافي المدينة فيصلي الصلوات بالناس ،فإذا صلى العشاء رجع
إلى أهله بالسنح ،فكان إذا حضر صلى بالناس ،وإذا لم يحضر صلى
عمر بن الخطاب ،وكان يقيم يوم الجمعة في صدر النهار بالسنح يصبغ
رأسه ولحيته ،ثم يروح لقدر الجمعة فيجمع بالناس ،وكان رجال تاجرا
فكان يغدو كل يوم السوق فيبيع ويبتاع ،وكانت له قطعة غنم تروح عليه،
وربما خرج هو نفسه فيها ،وربما كفيها فرعيت له ،وكان يحلب للحي
أغنامهم ،فلما بويع له بالخالفة قالت جارية من الحي :اآلن ال تحلب لنا
منائح دارنا ،فسمعها أبو بكر فقال :بلى لعمري ألحلبنها لكم ،وإني
ألرجو أن ال يغيرني ما دخلت فيه عن خلق كنت عليه ،فكان يحلب
لهم ،فربما قال للجارية من الحي :يا جارية ،أتحبين أن أرغي( )1لك أو
أصرح()2؟ فربما قالت :أرغ ،وربما قالت :صرح ،فأي ذلك قالت فعل،
فمكث كذلك بالسنح ستة أشهر ،ثم نزل إلى المدينة فأقام بها ونظر في
أمره ،فقال :ال واهلل ما يصلح أمر الناس التجارة ،وما يصلح لهم إال التفرغ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1قال بن دريد( :ويقال :رغوة ،والجمع رغى ،مقصور ،وهو ما طفا على اللبن من
الزبد ،أرغى اللبن يرغي إرغاء ،إذا صارت له رغوة .وارتغى الرجل يرتغي ارتغاء،
إذا شرب الرغوة) .جمهرة اللغة (.)782/2
وقال الخليل( :رغا البعير ،والناقة ،يرغو رغاء .والضبع ترغو ،وسمعت رواغي اإلبل،
أي :رغاءها وأصواتها .وأرغى فالن بعيره :إذا فعل به فعال يرغو منه ،ليسمع الحي
صوته فيدعوه إلى القرى .وقد يرغي صاحب اإلبل إبله بالليل ،ليسمع ابن السبيل
رغاءها فيميل إليها .والرغوة :زبد اللبن) .العين (.)444/4
( )2قال األزهري( :وقال الليث ..:والصريح :المحض الخالص من كل شيء ،ويقال للبن
والبول صريح إذا لم يكن فيه رغوة) .تهذيب اللغة (.)139/4
150
املبحث الخامس :تفريغ الوقت والجهد لألعمال العظام
والنظر في شأنهم ،وما بد لعيالي مما يصلحهم ،فترك التجارة واستنفق من
مال المسلمين ما يصلحه ويصلح عياله يوما بيوم ،ويحج ويعتمر(.)1
وحتى لو كان العمل يبدو يسيرا ،لكنه سوف يؤثر على االلتزامات
المباشرة ،فإنهم كانوا يقومون بما التزموا به ،وال ينشغلون عنه ولو باليسير
من العمل ،حتى يعطى كل عمل حقه ،فهذا عمر ـ ـ يقر أنه لو كان
يستطيع مع الخالفة عمال لكان مؤذنا ،مع أن األذان قد يبدو للبعض أنه
ال يكلف كبير جهد والوقت؛ فعن قيس بن أبي حازم قال :قال عمر بن
الخطاب :لو كنت أطيق مع ِ
الخل ِّيفى( )2ألذنت(.)3
وقد روي أن أبا الدرداء كان تاجرا قبل أن يبعث النبي ‘ ثم أراد
العبادة والتجارة ،فلم يجتمعا له ،ثم ترك التجارة وآثر العبادة ،وقال :ال
أقول إن اهلل لم يحل البيع ،ولكن أحب أن أكون من الذين {ﱁ ﱂ
ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ} [النور.)4(]37 :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رواه ابن سعد من طرق عدة (.)186/3 ()1
قال أبو عبيدِ :
(الخلِّيفى وهي الخالفة ،وإياها أراد عمر ـ ـ بقوله :لو أطيق األذان ()2
الخلِّيفى ألذنت) غريب الحديث (.)319/3مع ِ
رواه ابن سعد ( )290/3بسند صحيح متصل ،رجاله ثقات. ()3
سير السلف الصالحين إلسماعيل بن محمد األصبهاني (ص 556 :ــ .)557 ()4
151
املبحث السادس :اغتنام أوقات الشباب واملعافاة
ل
ا مبحثااسلدس
اغتنام أوقات الشباب واملعافاة
ال يخفى قول النبي ـ ‘ ـ( :نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس:
الصحة والفراغ)( ،)1فالصحة ،والفراغ من الشواغل يعدان فرصة ذهبية
يجب استغاللها ،ربما كان وقت اجتماعهما ال يدوم طويال ،لذا وجب
عدم التفريط فيهما ،واستغاللها أحسن استغالل ،وكان مغبونا من فرط
فيهما ،ولم يستفد منهما ،لذا كان ابن عمر ـ ـ ،يقول :خذ من
صحتك لمرضك ،ومن حياتك لموتك(.)3()2
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه البخاري ،وقد سبق.
( )2رواه البخاري (.)6416
( )3قال ابن رجب الحنبلي( :قوله( :وخذ من صحتك لسقمك ،ومن حياتك لموتك)،
يعني :اغتنم األعمال الصالحة في الصحة قبل أن يحول بينك وبينها السقم ،وفي الحياة
قبل أن يحول بينك وبينها الموت ،وفي رواية( :فإنك يا عبد اهلل ال تدري ما اسمك
غدا) يعني :لعلك غدا من األموات دون األحياء .وقد روي معنى هذه الوصية عن
النبي ـ ‘ ـ من وجوه ،ففي صحيح البخاري عن ابن عباس ،عن النبي ‘ قال:
>نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس :الصحة والفراغ< .وقال غنيم بن قيس :كنا نتواعظ
في أول اإلسالم :ابن آدم اعمل في فراغك قبل شغلك ،وفي شبابك لكبرك ،وفي
صحتك لمرضك ،وفي دنياك آلخرتك ،وفي حياتك لموتك .وفي صحيح مسلم عن
أبي هريرة عن النبي ‘> :بادروا باألعمال ستا :طلوع الشمس من مغربها ،أو الدخان=،
152
املبحث السادس :اغتنام أوقات الشباب واملعافاة
قال ابن الجوزي( :اعلم أنه قد يكون اإلنسان صحيحا وال يكون
متفرغا للعبادة الشتغاله بأسباب المعاش ،وقد يكون متفرغا من األشغال
وال يكون صحيحا ،فإذا اجتمعا للعبد ثم غلب عليه الكسل عن نيل
الفضائل فذاك الغبن كيف والدنيا سوق الرباح ،والعمر أقصر ،والعوائق
أكثر)(.)1
ولما كان للشباب ثورة وفورة يجب توجيهها في المسار الصحيح،
واالستفادة منها ،والتحذير شرها جاء التوجيه النبوي بذلك ،فعن عبد اهلل
بن مسعود ـ ـ قال :كنا مع النبي ‘ شبابا ال نجد شيئا ،فقال لنا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= أو الدجال ،أو الدابة ،أو خاصة أحدكم ،أو أمر العامة< .والمراد من هذا أن هذه
األشياء كلها تعوق عن األعمال ،فبعضها يشغل عنه ،إما في خاصة اإلنسان ،كفقره
وغناه ومرضه وهرمه وموته ،وبعضها عام ،كقيام الساعة ،وخروج الدجال ،وكذلك
الفتن المزعجة كما جاء في حديث آخر> :بادروا باألعمال فتنا كقطع الليل المظلم<.
وبعض هذه األمور العامة ال ينفع بعدها عمل ،كما قال تعالى{ :ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ
ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ} [األنعام.]158 :
وروي عن عائشة قالت :إذا خرج أول اآليات ،طرحت األقالم ،وحبست الحفظة،
وشهدت األجساد على األعمال .خرجه ابن جرير الطبري ،وكذا قال كثير بن مرة،
ويزيد بن شريح ،وغيرهما من السلف .فالواجب على المؤمن المبادرة باألعمال
الصالحة قبل أن ال يقدر عليها ويحال بينه وبينها ،إما بمرض أو موت ،أو بأن يدركه
بعض هذه اآليات التي ال يقبل معها عمل .قال أبو حازم :إن بضاعة اآلخرة كاسدة
يوشك أن تنفق ،فال يوصل منها إلى قليل وال كثير .ومتى حيل بين اإلنسان والعمل
لم يبق له إال الحسرة واألسف عليه ،ويتمنى الرجوع إلى حالة يتمكن فيها من العمل،
فال تنفعه األمنية) .اهـ مختصرا .جامع العلوم والحكم ( 387/2ــ .)390
( )1كشف المشكل ( 437/2ــ .)438
153
املبحث السادس :اغتنام أوقات الشباب واملعافاة
رسول اهلل ‘> :يا معشر الشباب ،من استطاع الباءة فليتزوج ،فإنه أغض
للبصر وأحصن للفرج ،ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء<(.)1
لذا استحق من يحسن في شبابه الجزاء العظيم ،فعن أبي هريرة،
عن النبي ‘ قال( :سبعة يظلهم اهلل في ظله ،يوم ال ظل إال ظله)..
وذكر منهم( :وشاب نشأ في عبادة ربه)(.)2
وقد فطن اآلل واألصحاب لذلك ،وعملوا بسنة النبي ـ ‘ ـ فيه،
ودعوا غيرهم له.
فعن تميم الداري ـ ـ يعمل بما تعلمه من النبي ـ ‘ ـ في
ذلك ،ويأمر به غيره ،فعن أبي تميمة الهجيمي :أن رجال قال لتميم
الداري :كيف تقرأ القرآن؟ فغضب وانتهره ،فقال الرجل :إنكم واهلل
معاشر أصحاب محمد لجديرون أن تسألوا فال تحدثون ،وأن تعنفوا من
سألكم .قال تميم الداري للرجل :لعلك من الذين يقرءون القرآن في
ليلة ،ثم يصيحون فيحدثون الناس أنهم قد قرءوا القرآن في ليلة ،وإن
أقرأ ثالثين آية في ليلة أحب إلي من أن أقرأ القرآن أجمع في ليلة .ثم
قال :أفرأيت إن كنت أنا مؤمن قوي ،وأنت مؤمن ضعيف أفتأخذ قوتي
بضعفك فتنبت؟ أرأيت لو كنت مؤمنا قويا ،وأنا مؤمن ضعيف ،أتأخذ
قوتك بضعفي فأنبت؟ فخذ من قوتك لضعفك ،ومن ضعفك لقوتك،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه البخاري ( ،)5066ومسلم (.)1400
( )2رواه البخاري ( ،)660ومسلم (.)1031
154
املبحث السادس :اغتنام أوقات الشباب واملعافاة
ومن فراغك لشغلك ،ومن شغلك لفراغك ،ومن صحتك لسقمك ،ومن
سقمك لصحتك ،حتى يستقيم لك األمر على عبادة تطيقها(.)1
وعن غنيم بن قيس( )2قال :كنا نتواعظ في أول اإلسالم بأربع ،كنا
نقول :اعمل في شبابك لكبرك ،واعمل في فراغك لشغلك ،واعمل في
صحتك لسقمك ،واعمل في حياتك لموتك(.)3
وعن عمرو بن ميمون ،قال :كان يقال :بادروا بالعمل أربعا :بالحياة
قبل الممات ،وبالصحة قبل السقم ،وبالفراغ قبل الشغل ،ولم أحفظ
الرابعة(.)4
وكان ابن عباس ــ فيما روي عنه ــ يأمر أصحابه بالتعلم ،واستغالل
فترة الشباب ،وال يلتفتوا لصغر السن ،وأنه ال يُحتاج إليهم في ذلك
الوقت ،ويشير إلى أنه ال يدري اإلنسان متى يحتاج الناس إليه ،فعن ابن
عباس ـ ـ ،قال> :تعلموا ،فإن أحدكم ال يدري متى يحيل إليه<(.)5
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رواه أبو داود في الزهد (.)381 ()1
قال المذي( :غنيم بن قيس المازني الكعبي ،أبو العنبر البصري ،أدرك النبي ‘ ولم ()2
يره) .اهـ تهذيب الكمال (.)120/23
وقال العالئي( :أدرك الجاهلية ،..قال ابن أبي حاتم :سألت أبي عنه :هل له صحبة؟
فقال :ال ،بل هو تابعي) .اهـ جامع التحصيل (صـ.)614
وذكر ابن الحجر خالفا يسيرا في صحبته ،انظر :اإلصابة ( 258/5ــ .)259
رواه ابن المبارك في الزهد ( ،)3وهناد بن السري في الزهد ( ،)501وابن الجعد في ()3
مسنده ( ،)1451وأبو نعيم في الحلية (.)200/6
رواه ابن أبي شيبة (.)34941 ()4
رواه ابن أبي شيبة (.)26119 ()5
155
املبحث السادس :اغتنام أوقات الشباب واملعافاة
ابن عباس قال :ما ندمت على شيء فاتني في شبابي إال أني لم أحج
ماشيا ،ولقد حج الحسن بن علي ـ ـ خمسة وعشرين حجة ماشيا،
وإن النجائب لتقاد معه ،لقد قاسم اهلل ماله ثالث مرات حتى أنه يعطي
الخف ويمسك النعل(.)1
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه ابن سعد (الجزء المتمم لطبقات ابن سعد ،الطبقة الخامسة) ( ،)134/1والبيهقي
في السنن الكبرى (.)542/4
157
الصفلااثلثل
فقهاآللواألاحصب
فيإدارةاولتق
الفصل الثالث :فقه اآلل واألصحاب في إدارة الوقت
الصفلااثلثل
فقه اآلل واألصحاب يف إدارة الوقت
161
املبحث األول :تكليف النفس بما تطيق
ل
ا مبحثاألول
تكليف النفس مبا تطيق
وعن عائشة ،قالت :كان رسول اهلل ‘ إذا أمرهم ،أمرهم من
األعمال بما يطيقون ،قالوا :إنا لسنا كهيئتك يا رسول اهلل ،إن اهلل قد غفر
لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ،فيغضب حتى يعرف الغضب في وجهه،
ثم يقول> :إن أتقاكم وأعلمكم باهلل أنا<(.)1
وكان آل بيت النبي ـ ‘ ـ من أول الناس عمال بسنته ـ ‘ ـ ،فعن
عائشة ،أنها قالت :كان لرسول اهلل ـ ‘ ـ حصير ،وكان يحجره من الليل
فيصلي فيه ،فجعل الناس يصلون بصالته ،ويبسطه بالنهار ،فثابوا ذات
ليلة( ،)2فقال> :يا أيها الناس عليكم من األعمال ما تطيقون ،فإن اهلل ال
يمل حتى تملوا ،وإن أحب األعمال إلى اهلل ما دووم عليه ،وإن قل<.
وكان آل محمد ‘ إذا عملوا عمال أثبتوه(.)4()3
وكانت الحوالء بنت تويت ـ ـ تكلف نفسها فوق ما تطيق من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رواه البخاري (.)20 ()1
قال النووي( :قوله( :وكان يحجره من الليل ويبسطه بالنهار) أي يتخذه حجرة كما في ()2
الرواية األخرى ،قوله( :فثابوا ذات ليلة) أي اجتمعوا ،وقيل ،رجعوا للصالة) .شرح
النووي على مسلم (.)71/6
قال النووي( :قوله ـ ‘ ـ( :عليكم من األعمال ما تطيقون) أي تطيقون الدوام عليه، ()3
بال ضرر وفيه دليل على الحث على االقتصاد في العبادة واجتناب التعمق وليس
الحديث مختصا بالصالة بل هو عام في جميع أعمال البر) .اهـ
وقال أيضا( :قوله (وكان آل محمد ‘ إذا عملوا عمال أثبتوه) أي الزموه وداوموا عليه
والظاهر أن المراد باآلل هنا أهل بيته وخواصه ‘ من أزواجه وقرابته ونحوهم) .اهـ
شرح النووي على مسلم (.)72 ،71/6
رواه مسلم (.)782 ()4
163
املبحث األول :تكليف النفس بما تطيق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه أبو نعيم في الحلية (.)120/2
166
املبحث الثاني :مراعاة كافة جوانب الحياة
ل
ااثلن
ي ا مبحث
مراعاة كافة جوانب احلياة
رسول اهلل ،قال> :فال تفعل ،صم وأفطر ،وقم ونم ،فإن لجسدك عليك
حقا ،وإن لعينك عليك حقا ،وإن لزوجك عليك حقا<(.)1
وكانوا يتواصون بوصية النبي ـ ‘ ـ تلك ،فعن شهر بن حوشب
قال :جاء سلمان إلى أبي الدرداء فلم يجده ،فسلم على أم الدرداء وقال:
أين أخي؟ قالت :في المسجد ،وعليه عباءة له قطوانية ،فألقت إليه خلق
وسادة ،فأبى أن يجلس عليها ولوى عمامته فطرحها فجلس عليها ،قال:
فجاء أبو الدرداء معلقا لحما بدرهمين ،فقامت أم الدرداء فطبخته
وخبزت ،ثم جاءت بالطعام وأبو الدرداء صائم ،فقال سلمان> :من يأكل
معي؟< ،فقال :تأكل معك أم الدرداء ،فلم يدعه حتى أفطر ،فقال سلمان
ألم الدرداء ورآها سيئة الهيئة> :ما لك؟< ،قالت :إن أخاك ال يريد
النساء ،يصوم النهار ويقوم الليل ،فبات عنده ،فجعل أبو الدرداء يريد
أن يقوم فيحبسه حتى كان قبل الفجر فقام فتوضأ وصلى ركعات ،فقال له
أبو الدرداء :حبستني عن صالتي ،فقال له سلمان> :صل ونم ،وصم
وأفطر ،فإن ألهلك عليك حقا ،ولعينيك عليك حقا<(.)2
وقالت أم غزوان للربيع بن خثيم :أما لفراشك عليك حق أما لنفسك
عليك حق؟ قال :يا أماه إنما أطلب راحتها أبادر طي صحيفتي .وقال:
هلل علي أن ال يراني ضاحكا حتى أعلم أي الدارين داري .قال الحسن
:عزم ففعل فواهلل ما رئي ضاحكا حتى لحق باهلل وكان همام ال
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه البخاري ( ،)5199ومسلم (.)1159
( )2رواه ابن أبي شيبة (.)34668
168
املبحث الثاني :مراعاة كافة جوانب الحياة
ينام على فراشه يصلي حتى ينعس في مسجده ،ثم يقوم فيصلي ليله
كله(.)1
وكذلك األمر في إيفاء الحقوق لألطراف المختلفة ،فعن محارب
بن دثار عن ابن عمر ـ ـ قال :سماهم اهلل األبرار ألنهم بروا اآلباء
واألبناء ،كما أن لوالديك عليك حقا كذلك لولدك عليك حق(.)2
وعن أرطاة بن المنذر ،قال :لقي علي بن أبي طالب ،ابنه الحسن
وهو خارج من عند عثمان بن عفان ،فقال :يا بني أما لي عليك حق
الوالد؟ فقال الحسن :حق الوالد ثم قال الحسن :حق الخليفة أعظم
من حق الوالد(.)3
وكان ابن عمر ـ ـ يعبد ربه ،ويرعى مصالح بيته ،ويذهب
ألهله ،مراعيا كافة الحقوق الواجبة عليه في يومه ،فعن ابن عمر ،أنه
كان يجلس في مسجد رسول اهلل ‘ حتى يرتفع الضحى وال يصلي ،ثم
ينطلق إلى السوق فيقضي حوائجه ،ثم يجيء إلى أهله فيبدأ بالمسجد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1كذا ذكره محمد بن نصر المروزي في مختصر قيام الليل (صـ.)65
( )2رواه أبو أمية الطرسوسي في مسند عبد اهلل بن عمر ( ،)16والبخاري في األدب المفرد
( ،)94وذكره البغوي في شرح السنة (.)37/13
قال األلباني في تعليقه على هذا األثر( :ضعيف اإلسناد ،فيه الوصافي ،واسمه عبيد
اهلل بن الوليد ،ضعيف) .اهـ األدب المفرد (صـ.)53
( )3رواه ابن أبي عاصم في اآلحاد والمثاني (.)131
والخبر منقطع ،فأرطأة بن المنذر ثقة ،لكنه لم يدرك علي وال الحسن ـ ـ ،وإنما
عاصر صغار التابعين .انظر التقريب (.)298
169
املبحث الثاني :مراعاة كافة جوانب الحياة
كان أيضا عنده من العلم بشؤن البيت ما يعلمه لغيره ،فعن حزام بن
هشام ،عن أبيه قال :رأيت عمر بن الخطاب عام الرمادة مر على امرأة
وهي تعصد عصيدة لها فقال :ليس هكذا تعصدين ،ثم أخذ المسوط فقال:
هكذا ،فأراها(.)1
وعن هشام بن خالد قال :سمعت عمر بن الخطاب ،يقول :ال تذرن
إحداكن الدقيق حتى يسخن الماء ،ثم تذره قليال قليال وتسوطه بمسوطها،
فإنه أريع له ،وأحرى أن ال يتقرد(.)2
وعن عبد اهلل بن مسعود ،أنه كان نظيفا لطيفا له ضفيرتان
يرسلهما من وراء أذنيه ،كان يوقظ النبي ‘ إذا نام ،ويستره إذا اغتسل،
ويرحل له إذا سافر ،ويماشيه في األرض الوحشاء ،هو أحد النفر الذين
دار عليهم علم القضاء واألحكام من الصحابة(.)3
وكان حتى للقاء الناس وإلقاء السالم عليهم وقته ،فعن ابن عمر:
إني ألخرج إلى السوق ما لي حاجة إال أن أسلم ويسلم علي(.)4
ولخلو المرء بنفسه للتفكر والمحاسبة أيضا وقته ،فعن ابن عمر
ـ ـ أيضا قال :خذوا بحظكم من العزلة(.)5
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رواه ابن سعد (.)314/3 ()1
رواه ابن سعد (.)314/3 ()2
رواه أبو يوسف في اآلثار ( )937عن أبي حنيفة قال بلغني ..فذكره بنحوه ،وهو منقطع، ()3
وذكره إلسماعيل بن محمد األصبهاني في سير السلف الصالحين (صـ )475بهذا اللفظ.
رواه ابن سعد (.)156/4 ()4
رواه ابن سعد (.)161/4 ()5
172
املبحث الثالث :املسابقة واملنافسة في اغتنام األوقات
ل
ا مبحثااثلثل
املسابقة واملنافسة يف اغتنام األوقات
ـ ـ أيضا ،أن رسول اهلل ‘ ،قال> :بادروا باألعمال ستا :طلوع
الشمس من مغربها ،أو الدخان ،أو الدجال ،أو الدابة ،أو خاصة أحدكم
أو أمر العامة(.)2(<)1
لهذا كان اآلل واألصحاب ـ ـ يسارعون في الخيرات أيما
مسارعة ،ويتنافسون فيها ،ويدعون غيرهم لذلك.
ف َع ْن َع ْب ِد اللَّه ِ ْب ِن ُع َك ْي ٍم ،قَ َالَ :خ َط َبنَا أَبُو بَ ْك ٍر فَ َق َال( :أما بعد فإني
أوصيكم بتقوى اهلل ،وأن تثنوا عليه بما هو له ،وأن تخلطوا الرغبة بالرهبة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1قال ابن الجوزي( :وقوله( :أو خاصة أحدكم) أي ما يخصه من الموت الذي يمنعه
من العمل( .أو أمر العامة) يعني القيامة ،ألنها تعم الناس جميعا بالموت ،يقول:
فبادروا الموت والقيامة باألعمال) .اهـ كشف المشكل (.)477/3
وقال القرطبي(( :قوله :بادروا) أي :سابقوا باألعمال الصالحة ،واغتنموا التمكن منها
قبل أن يحال بينكم وبينها بداهية من هذه الدواهي المذكورة ،فيفوت العمل للمانع،
أو تعدم منفعته لعدم القبول ،..و(قوله :وخاصة أحدكم) يعني به :الموانع التي تخصه
مما يمنعه العمل ،كالمرض والكبر والفقر المنسي ،والغنى المطغي ،والعيال واألوالد،
والهموم ،واألنكاد ،والفتن ،والمحن إلى غير ذلك مما ال يتمكن اإلنسان مع شيء
منه من عمل صالح ،وال يسلم له ،..و(قوله :وأمر العامة) يعني :االشتغال بهم فيما
ال يتوجه على اإلنسان فرضه؛ فإنَّهم يفسدون من يقصد إصالحهم ،ويهلكون من يريد
حياتهم ،ال سيما في مثل هذه األزمان التي قد مرجت فيها عهودهم ،وخانت أماناتهم،
وغلبت عليهم الجهاالت واألهواء ،وأعانهم الظلمة والسفهاء على هذا ،فعلى العامل
بخويصة نفسه ،واإلعراض عن أبناء جنسه إلى حلول رمسه ،أعاننا اهلل على ذلك
بفضله وكرمه) .اهـ المفهم ( 308/7ــ .)309
( )2رواه مسلم (.)2947
174
املبحث الثالث :املسابقة واملنافسة في اغتنام األوقات
وتجمعوا ْ ِ
اإل ْل َح َاف( )1بالمسألة ،فإن اهلل أثنى على زكريا وعلى أهل بيته
فقال{ :ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼﲽ ﲾ ﲿ
وعن أبي الدرداء ـ ـ قال :ليس الخير أن يكثر مالك وولدك،
ولكن الخير أن يعظم حلمك ويكثر علمك ،وأن تباري الناس في عبادة
اهلل ،إن أحسنت حمدت اهلل ،وإن أسأت استغفرت اهلل(.)1
وكانوا يتسابقون في الخيرات ،ويتنافسون فيها ،ويثني بعضهم
على بعض بالمسارعة إليها.
فعن أبي جعفر الباقر ،قال :دخل علي على أبي بكر بعد ما سجي،
فقال :ما أحد ألقى اهلل بصحيفته أحب إلي من هذا المسجى(.)2
إلي أن ألقى اهللَ بمثل عمله منكَ ،و ْاي ُم
وعن علي :ما خلّفت أحب ّ
اهلل ِ إن كنت ألظن أن يجعلك اهللُ مع صاحبك(.)3
وعن أسلم ،قال :سمعت عمر بن الخطاب ـ ـ يقول :أمرنا
رسول اهلل ـ ‘ ـ يوما أن نتصدق ،فوافق ذلك ماال عندي ،فقلت :اليوم
أسبق أبا بكر ِإن َس َب ْق ُته يوما ،فجئت بنصف مال ،فقال رسول اهلل ـ ‘ ـ:
>ما أبقيت ألهلك؟< ،قلت :مثله ،قال :وأتى أبو بكر ـ ـ بكل ما
عنده ،فقال له رسول اهلل ـ ‘ ـ> :ما أبقيت ألهلك؟< قال :أبقيت لهم
اهلل ورسوله ،قلت :ال أسابقك إلى شيء أبدا(.)4
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذكره إسماعيل بن محمد األصبهاني في سير السلف الصالحين (صـ.)556 ()1
ذكره الذهبي في السير ،قال( :وقال عبد الواحد بن أيمن وغيرهم ،عن أبي جعفر ()2
الباقر )..اهـ فذكره .سير أعالم النبالء (راشدون.)19/
صحيح :متفق عليه ،وسيأتي. ()3
إسناده حسن :رواه أبو داود ( ،)1678والترمذي ( ،)3675وعبد ابن حميد (=،)14 ()4
176
املبحث الثالث :املسابقة واملنافسة في اغتنام األوقات
وقال عمر ـ ـ :ال َواهلل ِ َما َسابَ ْق ُت ُه ــ يعني أبا بكر ــ إلى خير ّ
قط
إال سبقني إليه(.)1
وكانت المسابقة في خير ،حتى البداءة بالسالم ،فعن بشير بن
يسار ،قال :ما كان أحد يبدأ أو يبدر ابن عمر بالسالم(.)2
وعن عبد اهلل بن عطاء ،أن ابن عمر ،كان ال يمر على أحد إال سلم
عليه ،فمر بزنجي ،فسلم عليه ،فلم يرد عليه ،فقالوا :يا أبا عبد الرحمن
إنه زنجي طمطماني ،قال :وما طمطماني؟ قالوا :أخرج من السفن اآلن،
قال :إني أخرج من بيتي ،ما أخرج إال ألسلم أو ليسلم علي(.)3
وكانوا يذكرون فضل اهلل عليهم ،ومن ذلك الفضل سبقهم لغيرهم
في الخيرات ،فقد روي عن أبي سعد األزدي ،أنه :سمع عبد اهلل بن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= والدارمي ( ،)1701وابن أبي عاصم في (السنة) ( ،)1240والبزار (،)270
والحاكم (.)1510
وإسناده حسن؛ رجاله ثقات ،إال أن فيه هشام بن سعد المدني أبو عباد ،صدوق له
وض ّعف ،إال أن أبا داود قال :هو أثبت الناس في زيد بن أسلم.
أوهام ،وقد ُتكلم فيه ُ
انظر :التقريب ( ،)7294و(ميزان االعتدال) (.)299/4
قال الترمذي :هذا حديث حسن صحيح .وقال الحاكم :هذا حديث صحيح على شرط
مسلم ،ولم يخرجاه .وذكره الضياء في المختارة ( ،)80وحسنة.
( )1إسناده صحيح :وهو جزء من خبر طويل ،رواه أحمد ( ،)175وسيأتي بطوله إن شاء
اهلل في جهود عمر ـ ـ في جمع القرآن.
( )2رواه ابن سعد (.)152/4
( )3رواه ابن سعد (.)156/4
177
املبحث الثالث :املسابقة واملنافسة في اغتنام األوقات
مسعود ،يقول :لقد تلقيت ِمن في رسول اهلل ‘ سبعين سورة ،أحكمتها
قبل أن يسلم زيد بن ثابت له ذؤابة يلعب مع الصبيان(.)1
وعن زر بن حبيش ،عن ابن مسعود ـ ـ ،أنه قال :كنت غالما
يافعا أرعى غنما لعقبة بن أبي معيط ،فجاء النبي ‘ ،وأبو بكر ،
وقد فرا من المشركين ،فقاال( :يا غالم ،هل عندك من لبن تسقينا؟)،
قلت :إني مؤتمن ،ولست ساقيكما ،فقال النبي ‘( :هل عندك من
جذعة لم ينز عليها الفحل؟) قلت :نعم ،فأتيتهما بها ،فاعتقلها النبي ‘
ومسح الضرع ،ودعا ،فحفل الضرع ،ثم أتاه أبو بكر بصخرة منقعرة،
فاحتلب فيها ،فشرب ،وشرب أبو بكر ،ثم شربت ،ثم قال للضرع( :اقلص)
فقلص ،فأتيته بعد ذلك ،فقلت :علمني من هذا القول؟ قال( :إنك غالم
معلم) ،قال :فأخذت من فيه سبعين سورة ،ال ينازعني فيها أحد(.)2
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه الطبراني في الكبير ( ،)8439وأبو نعيم في الحيلة (.)125/1
( )2إسناده حسن :رواه أحمد ( ،)4413وأبو داود الطيالسي ( ،)351وابن أبي شيبة في
مسنده ( ،)388وفي المصنف ( ،)31801وأبو يعلى الموصلي ( ،)4985وابن
حبان (.)6504
قال الذهبي :هذا حديث صحيح اإلسناد ،وقال الحنائي :هذا حديث حسن .انظر:
أنيس الساري (.)1981/3
وقال الشيخ شعيب في تعليقه على مسند أحمد( :إسناده حسن من أجل عاصم بن
بهدلة ،وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمة ،فمن رجال مسلم،
عفان :هو ابن مسلم الصفار) .اهـ مسند اإلمام أحمد (.)83/6
وذكره مقبل الوادعي في الصحيح المسند مما ليس في الصحيح ( ،)841وقال :حديث
= حسن.
178
املبحث الثالث :املسابقة واملنافسة في اغتنام األوقات
عن قيس بن مروان ،أنه أتى عمر ،فقال :جئت يا أمير المؤمنين
من الكوفة ،وتركت بها رجال يملي المصاحف عن ظهر قلبه ،فغضب
وانتفخ حتى كاد يمأل ما بين شعبتي الرحل ،فقال :ومن هو ويحك؟ قال:
عبد اهلل بن مسعود .فما زال يطفأ ويسرى عنه الغضب ،حتى عاد إلى
حاله التي كان عليها.
ثم قال :ويحك ،واهلل ما أعلمه بقي من الناس أحد هو أحق بذلك
منه ،وسأحدثك عن ذلك ،كان رسول اهلل ‘ ال يزال يسمر عند أبي
بكر الليلة كذاك في األمر من أمر المسلمين ،وإنه سمر عنده ذات ليلة،
وأنا معه ،فخرج رسول اهلل ‘ ،وخرجنا معه ،فإذا رجل قائم يصلي في
المسجد ،فقام رسول اهلل ‘ يستمع قراءته ،فلما كدنا أن نعرفه ،قال
رسول اهلل ‘( :من سره أن يقرأ القرآن رطبا كما أنزل ،فليقرأه على
قراءة ابن أم عبد) .قال :ثم جلس الرجل يدعو ،فجعل رسول اهلل ‘
يقول له( :سل تعطه ،سل تعطه) ،قال عمر :قلت :واهلل ألغدون إليه
فألبشرنه ،قال :فغدوت إليه ألبشره فوجدت أبا بكر قد سبقني إليه فبشره،
وال واهلل ما سابقته إلى خير قط إال سبقني إليه(.)1
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= وذكره األلباني في صحيح السيرة النبوية (صـ.)124
( )1إسناده صحيح :رواه أحمد ( )175بإسنادين ،وأبو يوسف في اآلثار ( ،)219وأبو
يعلى ( )194بإسنادين مثل أحمد ،وابن خزيمة في صحيحه ( ،)1156والطحاوي
في شرح مشكل اآلثار (.)5592
وذكره الضياء في المختارة ( ،)194/1وقال :إسناده صحيح.
قال شعيب األرنؤط في تعليقه على المسند( :إسناداه صحيحان؛ األول على شرط=
179
املبحث الثالث :املسابقة واملنافسة في اغتنام األوقات
وهذا أبو عبيدة يلح على أبي بكر ـ ـ أن لو ترك له عمال يرى
فيه شرفا جما وقربة عظيمة ،فعن أم المؤمنين عائشة قالت :كان أبو
بكر ـ ـ إذا ذكر يوم أحد بكى ،ثم قال :ذاك كله يوم طلحة ،ثم أنشأ
يحدث ،قال :كنت أول من فاء يوم أحد فرأيت رجال يقاتل مع رسول اهلل
ـ ‘ ـ دونه ،وأراه قال :يحميه ،قال :فقلت :كن طلحة ،حيث فاتني ما
فاتني ،فقلت :يكون رجال من قومي أحب إلي ،وبيني وبين المشرق رجل
ال أعرفه ،وأنا أقرب إلى رسول اهلل ـ ‘ ـ منه ،وهو يخطف المشي خطفا
ال أخطفه ،فإذا هو أبو عبيدة بن الجراح ،فانتهينا إلى رسول اهلل ـ ‘ ـ
وقد كسرت رباعيته ،وشج في وجهه وقد دخل في وجنتيه حلقتان من حلق
المغفر ،فقال رسول اهلل ـ ‘ ـ> :عليكما صاحبكما< ،يريد طلحة ،وقد
نزف ،فلم يلتفت إلى قوله ،وذهبت ألنزع ذاك من وجهه ،فقال أبو عبيدة:
أقسمت عليك بحقي لما تركتني ،فتركته فكره أن يتناولهما بيده ،فيؤذي
النبي ‘ ،فأزم عليهما بفيه فاستخرج إحدى الحلقتين ،ووقعت ثنيته مع
الحلقة ،وذهبت ألصنع ما صنع فقال :أقسمت عليك بحقي لما تركتني،
قال :ففعل مثل ما فعل في المرة األولى فوقعت ثنيته األخرى مع الحلقة،
فكان أبو عبيدة من أحسن الناس هتما ،فأصلحنا من شأن النبي ـ ‘ ـ،
ثم أتينا طلحة في بعض تلك الجفار فإذا به بضع وسبعون أو أقل أو أكثر
بين طعنة ورمية وضربة ،وإذا قد قطعت إصبعه فأصلحنا من شأنه(.)1
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= الشيخين ،والثاني رجاله ثقات رجال الشيخين غير قيس بن مروان ،فقد روى له
النسائي) .اهـ مسند أحمد (.)309/1
( )1إسناده ضعيف :رواه أبو داود الطيالسي في مسنده ( ،)6والحاكم في المستدرك=
180
املبحث الثالث :املسابقة واملنافسة في اغتنام األوقات
عن أبي سلمة ،قال :قال عثمان حين ضرب الرجل يده :إنها ألول
يد خطت المفصل(.)1
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= ( )4315وصحح إسناده ،والضياء في المختارة (.)49
وضعف الذهبي إسناده في تعليقه على المستدرك ،وكذلك ضعف إسناده الضياء في
المختارة.
( )1رواه ابن أبي عاصم في اآلحاد والمثاني ( ،)132وفي األوائل ( ،)123والطبراني
في المعجم الكبير ( .)119كلهم من طريق الزهري عن أبي سلمة به ،وأبو سلمة هو
بن عبد الرحمن بن عوف ،ثقة إال أنه لم يسمع من عثمان ـ ـ كما ذكر ابن حجر
في التهذيب (.)117/12
إال أنه له إسناد آخر يتقوى به ،فرواه ابن شبة ( ،)1309/4والبالذري (.)585/5
قال ابن شبة ،قال :حدثنا قريش بن أنس ،عن التيمي ،عن أبي نضرة ،عن أبي سعيد
،قال :لما قدم المصريون دخلوا على عثمان ،فضرب ضربة على يده
بالسيف ،فقطر من دم يده على المصحف وهو بين يديه يقرأ فيه ،على {ﲃ
ﲄ} [البقرة ]137 :قال :وشد يده وقال :إنها ألول يد خطت المفصل .تاريخ المدينة
(.)1309/4
ورواه البالذري بهذا اإلسناد واللفظ إال أنه قال عن أبي سعيد مولى أبي أسيد .ورجاله
ثقات ،إال أن أنس تغير بأخرة ،وأبو نضرة المنذر بن مالك ،يروي عن أبي سعيد
الخدري ـ ـ وروايته عنه عند مسلم وغيره ،ويروي كذلك عن أبي سعيد مولى أبي
أسيد.
فعن ابن معين قال( :سمعت يحيى يقول في حديث أبي سعيد مولى أبي أسيد في
مقتل عثمان وغيره وكل شيء يرويه البصريون عن أبي نضرة عن أبي سعيد مولى أبي
أسيد يقولون أبو سعيد مولى أبي أسيد ومن قال أبو أسيد فهو أصوبهما) .اهـ تاريخ
ابن معين (.)4624
وقال اإلمام مسلم( :أبو سعيد مولى أبي أسيد األنصاري شهد مقتل عثمان روى عنه
أبو نضرة) اهـ الكنى واألسماء (.)368/1
181
املبحث الرابع :تحري األوقات املخصوصة
ل
ا مبحثارلاعب
حتري األوقات املخصوصة
إذا كان النشاط في العمل مطلوبا طوال الوقت ،إال أن هناك أوقاتا
مخصوصا يضاعف فيها العمل ،لخصوصية هذه األوقات بمزيد من
الفضل والبركة ،سواء كان ذلك في أمر دين أو دنيا ،فلما كان األمر كله هلل
تعالى ،واقتضت حكمته سبحانه أن يفضل بعض مخلوقاته على بعض ،فكما
فضل بعض األماكن والبقاع على بعض ،كما فضل المسجد الحرام على غيره
من البقاع ،وكما فضل سبحانه بعض الرسل على بعض ،فقد فضل اهلل تعالى
بعض األوقات على بعض ،وأخبرنا سبحانه بخصوصية بعض هذه
األوقات وبما تميزت به من الفضل ،ومن ذلك قوله تعالى{ :ﱱ ﱲ ﱳ
ﱴ ﱵ ﱶ} [القدر ،]3 :وقوله تعالى{ :ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ
ﱣ ﱤ ﱥﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ} [اإلسراء.]78 :
وقد جاءت السنة أيضا بنحو هذا ،ومن ذلك ما روي عن أبي هريرة
:أن رسول اهلل ‘ قال( :ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا
حين يبقى ثلث الليل اآلخر يقول :من يدعوني ،فأستجيب له من يسألني
فأعطيه ،من يستغفرني فأغفر له)(.)1
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه البخاري ( ،)1145ومسلم (.)758
182
املبحث الرابع :تحري األوقات املخصوصة
وعن أبي هريرة :أن رسول اهلل ‘ قال> :من اغتسل يوم
الجمعة غسل الجنابة ثم راح ،فكأنما قرب بدنة ،ومن راح في الساعة
الثانية ،فكأنما قرب بقرة ،ومن راح في الساعة الثالثة ،فكأنما قرب كبشا
أقرن ،ومن راح في الساعة الرابعة ،فكأنما قرب دجاجة ،ومن راح في
الساعة الخامسة ،فكأنما قرب بيضة ،فإذا خرج اإلمام حضرت المالئكة
يستمعون الذكر<(.)1
وعن أبي هريرة ـ ـ أيضا :أن رسول اهلل ‘ ذكر يوم الجمعة،
فقال> :فيه ساعة ،ال يوافقها عبد مسلم ،وهو قائم يصلي ،يسأل اهلل تعالى
شيئا ،إال أعطاه إياه< وأشار بيده يقللها(.)2
فكان تحري األوقات المخصوصة بالفضل والبركة ومضاعفة
األجور طريقة متبعة لدى اآلل واألصحاب طلبا لألجر المضاعف فيها،
ولمزيد من البركة في العمل والرزق ،فتحروها بمزيد من العمل ،أو
تخصيص بعض األعمال بوقت بعينه لكونه أنسب له.
فعن علي بن أبي طالب ـ ـ :إن هذه الفرص تمر مر السحاب
فانتهزوها .وكان يقول ـ ـ :قيمة كل إنسان علمه(.)3
وعن الحسن ،أن رجال سأل أبا ذر أي الليل أسمع؟ قال :جوف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه البخاري ( ،)881ومسلم (.)850
( )2رواه البخاري ( ،)935ومسلم (.)852
( )3رواه البالذري (.)127/2
183
املبحث الرابع :تحري األوقات املخصوصة
الليل األوسط ،قال :ومن يطيق ذلك؟ قال :من خاف أدلج(.)1
عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي قال :قلت :ألغلبن الليلة على
المقام ،فسبقت إليه ،فبينا أنا قائم أصلي ،إذ وضع رجل يده على ظهري،
فنظرت ،فإذا هو عثمان بن عفان رحمة اهلل عليه وهو خليفة ،فتنحيت
عنه ،فقام ،فما برح قائما حتى فرغ من القرآن في ركعة لم يزد عليها،
فلما انصرف ،قلت :يا أمير المؤمنين ،إنما صليت ركعة ،قال :أجل هي
وتري(.)2
وعن محمد بن سيرين أيضا :أن عثمان كان يحيي الليل فيختم
القرآن في ركعة( .)3وعن سليمان بن يسار ،أن عثمان بن عفان ،قام بعد
العشاء فقرأ القرآن كله في ركعة ،لم يصل قبلها وال بعدها(.)4
وكما كان تحريهم لتلك األوقات في العبادات ،كانوا يتحرونها أيضا
في طلب األرزاق ،فعن صخر الغامدي ـ ـ ..:أنه كان رجال تاجرا،
وكان يبعث تجارته من أول النهار ،فأثرى وكثر ماله(.)5
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رواه ابن أبي شيبة ( ،)6615والحسن لم يصح سماعه من أبي ذر. ()1
رواه ابن المبارك في الزهد ( ،)1276وابن أبي شيبة (.)3700 ()2
رواه عبد الرزاق ( ،)5952وابن سعد (.)75/3 ()3
ورواه سعيد بن منصور في سننه ( ،)158بنحوه هذا المعنى عن ابن سيرين ،قال :قالت
امرأة عثمان ــ حين قتل ــ :لقد قتلتموه ،وإنه ليحيي الليل كله بالقرآن في ركعة.
رواه ابن المبارك في الزهد (.)1275 ()4
رواه أبو داود ( ،)2606والترمذي ( ،)1212وابن ماجه ( ،)2236وأحمد= ()5
184
املبحث الرابع :تحري األوقات املخصوصة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ،)15443والطيالسي ( ،)1342وسعيد بن منصور في سننه ( ،)2382وابن الجعد =
في مسنده ( ،)1696وابن أبي شيبة ( ،)33619والدارمي في سننه (.)2479
كلهم من طريق عمارة بن حديد عن صخر الغامدي ـ ـ ،وعمارة مجهول .انظر
التقريب (.)4841
وري هذا األثر عن صخر ـ ـ بعد رواية الخبر المرفوع من روايته ـ ـ( :اللهم
بارك ألمتي في بكورها).
185
املبحث الخامس :املحاسبة واملراجعة للنفس
ل
ا مبحثااخلسم
احملاسبة واملراجعة للنفس
وعن أبي جعفر الباقر ـ ـ أيضا قال :كفى بالمرء عيبا أن يبصر
من الناس ما يعمى عليه من نفسه ،وأن يأمر الناس بما ال يستطيع التحول
عنه ،وأن يؤذي جليسه بما ال يعنيه(.)1
وعن الباقر أيضا قال :أشد األعمال ثالثة :ذكر اهلل على كل حال،
وإنصافك من نفسك ،ومواساة األخ في المال(.)2
ومن محاسبة النفس لومها ومعاتبتها والندم على أعمال فات أوانها،
وأخرى أن لو كانت عملتها ،فهكذا فعل عمرو بن العاص ـ ـ حين
شعر باقتراب وفاته؛ فحاسب نفسه ،ونظر ألحواله في عمره ،فعن ابن
شماسة المهري ،قال :حضرنا عمرو بن العاص ،وهو في سياقة الموت،
يبكي طويال ،وحول وجهه إلى الجدار ،فجعل ابنه يقول :يا أبتاه ،أما
بشرك رسول اهلل ‘ بكذا؟ أما بشرك رسول اهلل ‘ بكذا؟ قال :فأقبل
بوجهه ،فقال :إن أفضل ما نعد شهادة أن ال إله إال اهلل ،وأن محمدا رسول
اهلل ،إني قد كنت على أطباق ثالث ،لقد رأيتني وما أحد أشد بغضا
لرسول اهلل ‘ مني ،وال أحب إلي أن أكون قد استمكنت منه ،فقتلته،
فلو مت على تلك الحال لكنت من أهل النار ،فلما جعل اهلل اإلسالم في
قلبي أتيت النبي ‘ ،فقلت :ابسط يمينك فألبايعك ،فبسط يمينه ،قال:
فقبضت يدي ،قال> :ما لك يا عمرو؟< قال :قلت :أردت أن أشترط،
قال> :تشترط بماذا؟< قلت :أن يغفر لي ،قال> :أما علمت أن اإلسالم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه ابن عساكر ابن عساكر (.)293/54
( )2رواه أبو نعيم في الحلية (.)183/3
188
املبحث الخامس :املحاسبة واملراجعة للنفس
يهدم ما كان قبله؟ وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها؟ وأن الحج يهدم ما كان
قبله؟< وما كان أحد أحب إلي من رسول اهلل ‘ ،وال أجل في عيني
منه ،وما كنت أطيق أن أمأل عيني منه إجالال له ،ولو سئلت أن أصفه ما
أطقت؛ ألني لم أكن أمأل عيني منه ،ولو مت على تلك الحال لرجوت
أن أكون من أهل الجنة ،ثم ولينا أشياء ما أدري ما حالي فيها ،فإذا أنا
مت فال تصحبني نائحة ،وال نار ،فإذا دفنتموني فشنوا علي التراب شنا،
ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها ،حتى أستأنس
بكم ،وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي(.)1
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه مسلم (.)121
189
املبحث السادس :إعطاء النفس حظها من الراحة والترويح الستعادة النشاط
ل
ا مبحثااسلدس
إعطاء النفس حظها من الراحة والرتويح
الستعادة النشاط
فسترني رسول اهلل ‘ وأنا أنظر ،فما زلت أنظر حتى كنت أنا أنصرف<،
فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن ،تسمع اللهو(.)1
وعن أنس بن مالك ،قال :كان رسول اهلل ‘ أحسن الناس خلقا،
وكان لي أخ يقال له :أبو عمير ،قال :أحسبه كان فطيما ،قال :فكان إذا
جاء رسول اهلل ‘ فرآه ،قال> :أبا عمير ما فعل النغير< ،قال :فكان
يلعب به(.)2
ولما خاف حنظلة األسدي ـ ـ النفاق على نفسه ،وشكى ذلك
للنبي ـ ‘ ـ ،فذكر أنه ال يكون في بيته ومع عياله وفي عمله على نفس
الحال التي يكون عليها مع النبي ـ ‘ ـ ،فطمأنه النبي ـ ‘ ـ أن ذلك
ليس بنفاق ،وقال> :ولكن يا حنظلة ساعة وساعة< ثالث مرات(.)3
فهكذا؛ ساعة وساعة ،وللنفس حق ،واللعب واللهو المباح مطلب
مشروع ،يعيد للنفس نشاطها ،وهكذا كان شأنهم ــ رضوان اهلل عليهم
()4
أجمعين ــ ،فعن أبي الدرداء كان يقول :إني أستجم ببعض الباطل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رواه البخاري ( )5190بهذا اللفظ عن عروة ،عن عائشة ـ ـ ،ورواه مسلم بلفظ ()1
قريب ( ،)892عن عبيد بن عمير ،قال أخبرتني عائشة ـ ـ.
رواه البخاري ( ،)6203ومسلم (.)2150 ()2
رواه مسلم (.)2750 ()3
قال ابن قتيبة( :وقال أبو الدرداء :إني ألستجم نفسي ببعض الباطل ،كراهة أن أحمل ()4
عليها من الحق ما يملها.
وكان شريح يمزح في مجلس الحكم ،وكان الشعبي من أفكه الناس ،وكان صهيب
= مزاحا ،وكان أبو العالية مزاحا.
192
املبحث السادس :إعطاء النفس حظها من الراحة والترويح الستعادة النشاط
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذكره الكالباذي في بحر الفوائد (صـ.)201 ()1
رواه ابن أبي شيبة (.)25454 ()2
رواه ابن أبي شيبة (.)25451 ()3
رواه ابن أبي شيبة (.)25450 ()4
رواه أبو داود في الزهد ( ،)138وعبد الرزاق ( ،)4223وابن أبي شيبة (.)34566 ()5
195
املبحث السابع :املداومة وعدم االنقطاع
ل
ا مبحثااسلعب
املداومة وعدم االنقطاع
حاضره ،ولم يبايع بيعة قط إال كنت حاضره ،ولم يسر سرية قط إال كنت
حاضرها ،وال غزا غزوة قط أول الزمان وآخره إال كنت فيها عن يمينه أو
شماله ،وما خافوا أمامهم قط إال كنت أمامهم وال ما وراءهم إال كنت
وراءهم ،وما جعلت رسول اهلل ‘ بيني وبين العدو قط حتى توفي
رسول اهلل ‘(.)1
وعن عبد اهلل بن عبيد بن عمير قال :لقد حج الحسن بن علي
خمسة وعشرين حجة ماشيا ،وإن النجائب خلفه(.)2
وكان الحسن بن علي يقرأ سورة الكهف في كل ليلة ،وكانت
مكتوبة في لوح يدار بذلك اللوح معه إذا دار على نسائه(.)3
وعن معاوية بن أبي مزرد قال :رأيت ابن عمر يغدو كل سبت
ماشيا إلى قباء ونعليه في يديه ،فيمر بعمرو بن ثابت العتواري ــ بطن
من كنانة ــ فيقول :يا عمرو اغد بنا ،فيغدوان جميعا يمشيان(.)4
وعن هشام بن عروة ،قال :أسلم الزبير وهو ابن ست عشرة
سنة ،ولم يتخلف عن غزوة غزاها رسول اهلل ‘ ،وقتل وهو ابن بضع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رواه الطبراني في الكبير ( ،)7309وأبو نعيم في الحلية (.)151/1 ()1
رواه الفاكهي في أخبار مكة ( ،)838والحاكم في المستدرك ( ،)4788ومن طريقه ()2
البيهقي في السنن الكبرى (.)8645
رواه محمد بن نصر المروزي في مختصر قيام الليل (صـ.)170 ()3
رواه ابن سعد (.)163/4 ()4
199
املبحث السابع :املداومة وعدم االنقطاع
وستين سنة(.)1
وعن نافع ،أن ابن عمر ،كان ال يكاد يتعشى وحده(.)2
فهكذا كانوا؛ في حال من الجهد واالجتهاد والمداومة ،وحفظ
األوقات ،رضي اهلل عنهم أجمعين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه ابن أبي شيبة ( ،)19485والطبراني في الكبير ( ،)244البغوي في معجم
الصحابة ( )783بهذا اإلسناد.
وذكره الهيثمي في المجمع ( ،)14834وقال :رواه الطبراني ،وهو مرسل صحيح.
ورواه أبو نعيم في الحلية ( ،)89/1والطبراني في تاريخه ( )507/11عن هشام بن
عروة عن أبيه به.
( )2رواه ابن سعد (.)158/4
200
الصفلارلاعب
فقهاآللواألاحصب
فيااعتللمعممضي يعاتاولتقووعماقتإدارته
الفصل الرابع :فقه اآلل واألصحاب في التعامل مع مضيعات الوقت ومعوقات إدارته
الصفلارلاعب
فقه اآلل واألصحاب
يف التعامل مع مضيعات الوقت ومعوقات إدارته
203
املبحث األول :الكسل
ل
ا مبحثاألول
الكسل
ولكل شرة فترة ،فمن كانت فترته إلى سنتي ،فقد أفلح ،ومن كانت إلى
غير ذلك فقد هلك<( ،)1والشرة النشاط ،والفترة الفتور والكسل ،فكان
هذا من طبائع البشر ،وكما يجب على العاقل استغالل النشاط ،وجب
عليه أيضا دفع الكسل ،وعدم االنحراف عما ارتضاه لنفسه من الصواب
حال الفتور.
ولما كان الكسل من أضر األدواء على النفس ،وأكثرها مهلكة للوقت
والعمر ،لذا تعوذ النبي ـ ‘ ـ باهلل تعالى منه ،فعن عائشة :أن النبي
‘ كان يقول> :اللهم إني أعوذ بك من الكسل ،)2(<..وعن أنس بن
مالك ـ ـ أيضا نحوه ،قال :كان رسول اهلل ــ ‘ يتعوذ ويقول> :اللهم
إني أعوذ بك من الكسل.)3(<..
فع ْن عن
وأرشدنا النبي ـ ‘ ـ كذلك ألن ندفع عن أنفسنا الكسلَ ،
أبي هريرة ،عن النبي ‘ ،قال> :التثاؤب من الشيطان ،فإذا تثاءب
أحدكم فليرده ما استطاع ،فإن أحدكم إذا قال :ها ،ضحك الشيطان<(.)4
وفيما يلي نذكر شيئا من فقه اآلل واألصحاب ـ ـ في دفعهم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رواه أحمد من حديث عبد اهلل بن عمرو بن العاص ـ ـ ( ،)6958وقال الشيخ ()1
شعيب في تعليقه على المسند :إسناده صحيح على شرط الشيخين.
ورواه الترمذي بلفظ آخر ،من حديث أبي هريرة ـ ـ ( ،)2453وقال الترمذي:
حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
رواه البخاري ( ،)6368ومسلم (.)589 ()2
رواه البخاري (.)6371 ()3
رواه البخاري ( ،)3289ومسلم (.)2994 ()4
205
املبحث األول :الكسل
وبسند ضعيف أيضا روي نحو هذا المعنى مرفوعا أيضا من حديث
عائشة ـ ـ> :باكروا طلب الرزق والحوائج؛ فإن ال ُغ ُد َّو بركة
ونجاح<(.)1
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= ( ،)15443وعبد بن حميد (.)431
قال الترمذي :حديث صخر الغامدي حديث حسن ،وال نعرف لصخر الغامدي عن
النبي ‘ غير هذا الحديث.
وقواه
وقال الشيخ األلباني( :حديث صحيح ،وحسنه الترمذي ،وصححه ابن حبانّ ،
ابن عبد البر والمنذري والحافظ ابن حجر والسخاوي.
إسناده :حدثنا سعيد بن منصور :ثنا ُه َش ْي ٌم :ثنا يعلى بن عطاء :ثنا ُع َم َار ُة بن َح ِدي ٍد عن
صخر الغامدي).
قلت :وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير عمارة بن حديد ،وهو مجهول كما
قال غير واحد ،وذكره ابن حبان في (الثقات ،وقال العجلي :حجازي تابعي ثقة) .اهـ
صحيح أبي داود (.)360/7
وقال الشيخ شعيب في تعليقه على المسند( :حديث ضعيف دون قوله( :اللهم بارك
ألمتي في بكورها) فهو حسن بشواهده).
ورواه عبد ابن حميد من حديث ابن عمر مختصرا بلفظ( :اللهم بارك ألمتي في
بكورها).
وقال العدوي في تعليقه على المنتخب( :سند ضعيف ،وللحديث طرق يصح بها).
( )1ضعيف :رواه الطبراني في األوسط ( ،)7250ومحمد بن عبد الرحمن البغدادي
المخلص في المخلصيات (.)2378
قال الطبراني :لم يرو هذا الحديث عن هشام إال إسماعيل.
وقال األلباني( :ورواه إسماعيل بن قيس بن سعد بن زيد بن ثابت عن هشام بن عروة
عن أبيه عن عائشة مرفوعا ،..أخرجه البزار ،والطبراني في األوسط ،وابن عدي
وقاال :لم يروه عن هشام إال إسماعيل ،وقال البزار :حديث غريب ،وإسماعيل صالح
= الحديث.
207
املبحث األول :الكسل
وروي بسند ضعيف جدا أيضا أن النبي ـ ‘ ـ أمر ابنته فاطمة ـ ـ
أن تقوم من نومها وتشهد وقت البركة ،فعن فاطم َة ــ رضي اهلل عنها
فحركني
تصبحة َّ
وأرضاها ــ ،قالتّ :مر بي رسول اهلل ‘ وأنا مضطجعة ُم ِّ
رزق ربِّك وال تكوني من الغافلين،
برجلهّ ،ثم قال> :يا بنية ،قومي اشهدي َ
فإن اهلل يقسم أرزاق الناس ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس<(.)1
ومع ضعف هذه المرفوعات إال أن األمر بالنشاط ونبذ الكسل،
واليقظة وقت الضحى والسعي على الرزق معروف معمول به ،فعن جندب
بن عبد اهلل البجلي ،قال :استأذنت على حذيفة ثالث مرات فلم يأذن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= قال الحافظ ابن حجر متعقبا عليه :قلت :بل ضعفه جماعة.
وقال ابن عدي :ال يرويه غير إسماعيل بن قيس ،وعامة ما يرويه منكر) .اهـ سلسلة
األحاديث الضعيفة (.)361/6
( )1رواه ابن بشران في أماليه ( ،)235والبيهقي في شعب اإليمان ( ،)4405وقال:
إسناده ضعيف.
قال األلباني( :موضوع؛ أخرجه ابن بشران في األمالي ،والبيهقي في الشعب ،كالهما
من طريق المشمعل بن ملحان القيسي :حدثنا عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه
عن جده عن فاطمة بنت محمد ..فذكره .وقال البيهقي :إسناده ضعيف.
قلت :كيف هذا؛ وعبد الملك بن هارون متهم بالكذب؟! فقال يحيى :كذاب .وقال
البخاري :منكر الحديث .وقال ابن حبان :كان ممن يضع الحديث ،ال يحل كتابة
حديثه إال على جهة االعتبار .والمشمعل بن ملحان؛ صدوق يخطئ؛ كما في التقريب.
قلت :وقد خالفه في إسناده إسماعيل بن مبشر بن عبد اهلل الجوهري عن عبد الملك
بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عن علي قال ..فذكر معناه .رواه البيهقي.
قلت :وإسماعيل هذا؛ لم أجد له ترجمة اآلن .والحديث؛ أشار المنذري في الترغيب
لضعفه؛ وعزاه للبيهقي وحده) اهـ .سلسلة األحاديث الضعيفة ( 276/11ــ .)277
208
املبحث األول :الكسل
لي ،فرجعت ،فإذا رسوله قد لحقني فقال> :ما ردك؟< ،قلت :ظننت
أنك نائم ،قال> :ما كنت ألنام حتى أنظر من أين تطلع الشمس< ،قال:
فحدثت به محمدا فقال :قد فعله غير واحد من أصحاب محمد ‘(.)1
وفي ذم الكسل أيضا ،وتبغيض شأن الكسول للنفوس ما روي عن
ابن مسعود أنه كان يجيء كل خميس فيقوم ــ قائما ال يجلس ــ
فيقول ،..:وال يلهينكم األمل ،فإن كل ما هو آت قريب ،أال إن البعيد
ما ليس آتيا ،وإن من شرار الناس بطال النهار جيفة الليل(.)2
وعن أبي جعفر الباقر ،أنه كان يوصي ولده جعفر بن محمد الصادق
ـ ـ ،فقال وهو يوصيه :يا بني إياك والكسل والضجر ،فإنهما مفتاح
كل شر ،إنك إن كسلت لم تؤد حقا ،وإن ضجرت لم تصبر على حق(.)3
وجاءت النظرة الواقعية في ذم الكسل ،والحث على العمل ،وعدم
االكتفاء باألقوال الجوفاء التي ال طائل منها ،ما روي عن عمر ـ ـ
أنه قال( :واهلل لئن جاءت األعاجم باألعمال وجئنا بغير عمل فهم أولى
بمحمد منا يوم القيامة ،فال ينظر رجل إلى القرابة ويعمل لما عند اهلل،
فإن من قصر به عمله ال يسرع به نسبه)(.)4
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رواه ابن أبي شيبة (.)34809 ()1
رواه الطبراني في الكبير ( ،)7871وفي إسناده انقطاع. ()2
قال الهيثمي( :رواه الطبراني في الكبير ،وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه) .مجمع الزوائد
(.)3153
رواه أبو نعيم في الحلية (.)183/3 ()3
رواه ابن سعد (.)296/3 ()4
209
املبحث األول :الكسل
وهذا أيضا الزبير يقلل من شأن من نام كسال وقت السعي على
الرزق ،فعن هشام بن عروة ،عن أبيه ،عن الزبير ـ ـ قال> :إني
ألزهد في الرجل يتصبح<(.)1
وذكر الحسن عن عمر ـ ـ أنه كان يأمر بالسعي ،وعدم التواكل
على الغير ،قال الحسن :رأى عمر جارية تطيش هزاال ،فقال :من هذه؟
فقال عبد اهلل :هذه إحدى بناتك قال :وأي بناتي هذه؟ قال :بنتي قال :ما
بلغ بها ما أرى؟ قال :عملك! ال تنفق عليها قال :إني واهلل ما أعول
ولدك ،فاسع ُعلهم أيها الرجل(.)2
ولما كان الكسل مما تميل إليه النفس فقد جاء األمر بعدم اتباع النفس
هواها ،لما في ذلك من المضرة عليها ،فعن أبي هريرة ،قال( :كان عمر
بن الخطاب إذا خطب الناس يقول في خطبته :أفلح منكم من حفظ من
الهوى والطمع والغضب ،ليس في ما دون الصدق من الحديث خير ،من
يكذب يفجر ،ومن يفجر يهلك ،إياكم والفجور ،وما فجور عبد خلق من
تراب ،وإلى التراب يعود ،وهو اليوم حي ،وغدا ميت؟ اعملوا يوما
بيوم ،واجتنبوا دعوة المظلوم ،وعدوا أنفسكم من الموتى)(.)3
وقال ابن الحنفية ــ أيضا ــ( :شر عادات المرء اتباعه هواه)(.)4
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رواه ابن أبي شيبة ( ،)25445وقال ابن أبي شيبة :التصبح نومة الضحى. ()1
سير أعالم النبالء (راشدون.)84/ ()2
رواه أبو داود في الزهد (.)48 ()3
رواه البالذري (.)270/3 ()4
210
املبحث األول :الكسل
عن محمد بن علي بن عبد اهلل ،أن العباس قال لعبد اهلل بن العباس:
(يا بني إن اهلل قد بلغك شرف الدنيا ،فاطلب شرف اآلخرة ،واملك
هواك ،واحرز لسانك ،إال مما لك)(.)1
هذا ،وال يمكن حصر اآلثار التي فيها تطبيقهم العملي لذلك ،إذ
كانت حياتهم كلها نشاطا ،ودفعا للكسل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه البالذري (.)17/4
211
املبحث الثاني :التسويف
ل
ااثلن
ي ا مبحث
التسويف
حسين ،أن حسين بن علي أخبره أن علي بن أبي طالب ،قال :إن
رسول اهلل ‘ طرقه وفاطمة ـ ـ بنت رسول اهلل ‘ ،فقال لهم> :أال
تصلون؟< ،فقال علي :فقلت :يا رسول اهلل ،إنما أنفسنا بيد اهلل ،فإذا
شاء أن يبعثنا بعثنا ،فانصرف رسول اهلل ‘ حين قال له ذلك ،ولم يرجع
إليه شيئا ،ثم سمعه وهو مدبر ،يضرب فخذه وهو يقول{ :ﱋ ﱌ
ﱍ ﱎ ﱏ} [الكهف.)1(]54 :
وكان ابن عمر ـ ـ يقول> :إذا أمسيت فال تنتظر الصباح ،وإذا
أصبحت فال تنتظر المساء<(.)2
وجاء األمر منه ـ ‘ ـ بالمبادرة باألعمال قبل إتيان الشواغل أو
الموانع ،والتي ربما تأتي فجأة ،لذا كان األمر بالمبادرة باألعمال وعدم
التسويف واالغترار بالسالمة وطول األمل ،فعن أبي هريرة أن رسول اهلل
‘ قال> :بادروا باألعمال فتنا كقطع الليل المظلم<(.)3
عن أبي هريرة ـ ـ أيضا ،أن رسول اهلل ‘ ،قال( :بادروا
باألعمال ستا :طلوع الشمس من مغربها ،أو الدخان ،أو الدجال ،أو
الدابة ،أو خاصة أحدكم أو أمر العامة)(.)4
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رواه البخاري ( ،)7347واللفظ له ،ومسلم (.)775 ()1
رواه البخاري (.)6416 ()2
رواه مسلم (.)118 ()3
رواه مسلم (.)2947 ()4
213
املبحث الثاني :التسويف
وهذا ابن مسعود ـ ـ يشير إلى أن التسويف للشيطان فيه نصيب،
فقد روى أبو داود في الزهد ،عن أبي األحوص ،قال :قال عبد اهلل:
اإلثم حواز القلوب ،فما كان من نظرة فللشيطان فيها مطمع ،قال أبو
داود :يعني بنظرة تأخير الشيء(.)1
وأبو بكر ـ ـ يذكر في خطبه بالتعجيل بالعمل ،وعدم الركون
المتداد األعمار وطول األمل؛ إذ الموت يقطع كل ذلك ،ويضرب المثال
على كالمه ـ ـ ،فعن يحيى بن أبي كثير ،قال :كان أبو بكر الصديق
ال يدع هذا الكالم أن يقوله كل جمعة في خطبته( :أين الوضآة الحسنة
وجوههم ،والمعجبون بشبابهم؟ ،..قد تضعضع بهم الدهر ،فأصبحوا
كال شيء ،وأصبحوا قد فقدوا ،وأصبحوا في ظلمات القبور ،الوحا
الوحا ،ثم النجا النجا(.)3())2
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه أبو داود في الزهد ( ،)125والطبراني في الكبير (.)8749
وذكره الهيثمي ،وذكر له عدة ألفاظ متقاربة ،ثم قال :رواه الطبراني كله بأسانيد رجالها
ثقات .اهـ مجمع الزوائد (.)819
قال أبو عبيد( :ما حك في نفسك يقال :ما حك في نفسي الشيء ،إذا لم تكن منشرح
الصدر به ،وكان في قلبك منه شيء ،..ومنه حديث عبد اهلل( :اإلثم حراز القلوب)
يعني ما حز في نفسك وحك فاجتنبه فانه اإلثم) .اهـ غريب الحديث (.)139/3
قلت :قوله حراز ،كما في بعض روايات الخبر.
( )2قال ابن سيده( :والوحا :العجلة .يقولون :الوحا الوحا ،والوحاء الوحاء ،أي اإلسراع).
اهـ المحكم والمحيط األعظم (.)38/4
السرعة والذهاب) .اهـ المخصص وقال أيضا( :النَّجا النَّجا والنَّجاء النَّجاء :أَي ُّ
(.)449/4
( )3رواه أبو داود في الزهد (.)27
215
املبحث الثاني :التسويف
وعنه ـ ـ أيضا قال( :اعلموا عباد اهلل أنكم تغدون وتروحون في
أجل قد غيب عنكم علمه ،فإن استطعتم أن تنقضي اآلجال وأنتم في
عمل اهلل فافعلوا ،ولن تستطيعوا ذلك إال باهلل ،فسابقوا في مهل آجالكم،
قبل أن تنقضي آجالكم ،فيردكم إلى أسوأ أعمالكم ،فإن أقواما جعلوا
آجالهم لغيرهم ونسوا أنفسهم ،فأنهاكم أن تكونوا أمثالهم ،فالوحاء
الوحاء ،والنجاء النجاء ،فإن وراءكم طالبا حثيثا مره سريع)(.)1
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه ابن أبي شيبة ( ،)34431والخراج ألبي يوسف ( ،)22/1والزهد لهناد
( ،)495والطبري في تاريخه ( ،)224/3والبيهقي في الشعب (.)162/13( ،)10110
216
املبحث الثالث :بذل الوقت فيما ال نفع فيه أو فيما غيره ٌ
خيرمنه
ل
ا مبحثااثلثل
بذل الوقت فيما ال نفع فيه
أو فيما غريه خريٌ منه
بذل الوقت فيما ال ينفع إضاعة له ،وبذله في الذي غيره خير منه،
استهالك للعمر في غير كبير نفع ،فإضاعة الوقت بال فائدة ليس من
معوقات إدارة الوقت فحسب ،وإنما هو مهلكة للعمر ،وكثيرا ما يحمل
آثاما مضرة ،لذا جاء التحذير والتنفير منه شديد اللهجة ،قوي العبارة.
وعن ابن مسعود قال :إني ألمقت الرجل أن أراه فارغا ليس في شيء
من عمل الدنيا وال عمل اآلخرة(.)1
وقد نهى النبي ـ ‘ ـ عن ذلك ،فكان ـ ‘ ـ يكره لنا أن يمضي
الوقت في أمور ال نفع فيها ،وأخبرنا ـ ‘ ـ عن كراهية اهلل تعالى ألعمال
تهلك األوقات بال فائدة ،فضال عن اإلثم الذي تحمله ،ونقل لنا سنته
ـ ‘ ـ في ذلك من بعده أصحابه ـ ـ وعملوا بها.
فعن الشعبي ،قال :حدثني كاتب المغيرة بن شعبة ،قال :كتب معاوية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه ابن أبي شيبة ( ،)34562ومن طريق ابن أبي شيبة رواه أبو نعيم في الحلية
( ،)130/1وأبو داود في الزهد (.)174
217
املبحث الثالث :بذل الوقت فيما ال نفع فيه أو فيما غيره ٌ
خيرمنه
إلى المغيرة بن شعبة :أن اكتب إلي بشيء سمعته من النبي ‘ ،فكتب
إليه :سمعت النبي ‘ يقول( :إن اهلل كره لكم ثالثا :قيل وقال ،وإضاعة
المال ،وكثرة السؤال)(.)1
وعن أبي برزة األسلمي ـ ـ عن النبي ـ ‘ ـ أنه كان :ال يبالي
بتأخير العشاء إلى ثلث الليل ،وال يحب النوم قبلها ،وال الحديث
بعدها(.)2
أما السمر إن كان فيما فيه نفع فقد جاء به األثر عن النبي ـ ‘ ـ،
فعن عمر قال :كان رسول اهلل ـ ‘ ـ يَ ْس ُم ُر مع أبي بكر في األمر من أمر
المسلمين وأنا معهما( .)3ويؤيد هذا الفهم أيضا ما قاله مجاهد ،فقد روي
عنه أنه قال :ال بأس بالسمر بعد العشاء للفقه(.)4
وهذا عمر ـ ـ يطبق ما تلقاه عن النبي ـ ‘ ـ فعن َخ َر َش َة بن
ا ْل ُح ّر قال :رأيت عمر بن الخطاب يضرب الناس على السمر بعدها(.)5
وفي لفظ آخر عن َخ َر َشة رأى عمر بن الخطاب قوما سمروا بعد العشاء
ففرق بينهم بالدرة ،فقال :أَ َس َم ًرا من أوله ،ونَ ْو ًما من آخره(.)6
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رواه البخاري ( ،)1477ومسلم (.)593 ()1
ورواه مسلم بنحوه من حديث أبي هريرة أيضا (.)1715
رواه البخاري ( ،)771ومسلم (.)647 ()2
رواه ابن أبي شيبة (.)6689 ()3
رواه عبد الرزاق (.)2143 ()4
رواه عبد الرزاق (.)2132 ()5
رواه عبد الرزاق (.)2134 ()6
218
املبحث الثالث :بذل الوقت فيما ال نفع فيه أو فيما غيره ٌ
خيرمنه
وعن عروة قال :سمعتني عائشة وأنا أتكلم بعد العشاء اآلخرة،
فقالت> :يا ُع َر ْي أال تريح كاتبك ،فإن رسول اهلل ‘ لم يكن ينام قبلها
وال يتحدث بعدها(.)1
وفي رواية أخرى عن هشام بن عروة ،قال :سمعت أبي يقول:
انصرفت بعد العشاء اآلخرة فسمعت كالمي عائشة خالتي ،ونحن
في حجرة ،بيننا وبينها سقف فقالت :يا عروة أو يا عرية ما هذا السمر؟
إني ما رأيت رسول اهلل ‘ نائما قبل هذه الصالة وال متحدثا بعدها ،إما
نائما فيسلم أو مصليا فيغنم(.)2
وكانت فاطمة بن الحسين بن علي بن أبي طالب ـ ـ تحذر من
السفه وعواقبه ،وتمدح المروءة وأهلها ،فعن محمد بن عبد اهلل بن عمرو
بن عثمان بن عفان القرشي األموي قال جمعتنا أمنا فاطمة بنت الحسين
بن علي فقالت :يا بني واهلل إنه ما نال أحد من أهل السفه بسفههم شيئا،
وال أدركوا ما أدركوه من لذاتهم ،إال وقد ناله أهل المروءات بمروءاتهم،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه ابن حبان في صحيحه ( ،)5547وقال الشيخ شعيب في تعليقه على صحيح ابن
حبان( :إسناده صحيح على شرط مسلم) .اهـ
ورواه عبد الرزاق ( )2137بسند فيه مبهم ،بلفظ قريب.
ورواه أحمد ( )26280عن القاسم عن عائشة ـ ـ بلفظ قريب أيضا.
( )2رواه محمد بن نصر المروزي في مختصر قيام الليل (صـ.)115
ورواه عبد الرزاق ( )2137بسند فيه مبهم ،بلفظ قريب.
ورواه أحمد ( )26280عن القاسم عن عائشة ـ ـ بلفظ قريب أيضا.
219
املبحث الثالث :بذل الوقت فيما ال نفع فيه أو فيما غيره ٌ
خيرمنه
ال يخلو من اإلثم ،فعن حصين بن عقبة ،عن عبد اهلل بن مسعود ،قال:
إن من أكثر الناس خطايا يوم القيامة أكثرهم خوضا في الباطل(.)1
وكانوا ينهون أيضا عن اللهو غير المباح المضيع للوقت المفسد ألمر
الدين والدنيا ،المضيع للوقت.
فعن ابن عمر أنه وجد مع بعض أهله األربع عشرة ،فضرب بها
رأسه(.)2
وعن نافع قال :كان ابن عمر يكسر النرد واألربعة عشر(.)3
وعن ،شقيق ،قال :كتب عمر :إن الدنيا خضرة حلوة ،فمن أخذها
بحقها كان قمنا أن يبارك له فيها ،ومن أخذها بغير ذلك كان كاآلكل الذي
ال يشبع .وفي ذلك االكتفاء بالنفاع ،وترك الزائد عن ذلك(.)4
وقد جعل سلمان ـ ـ الناس ثالث منازل فيما عملوا في أوقاتهم؛
ففائز وخاسر ومن لم يفز ولم يخسر ،فعن طارق بن شهاب ،أنه بات عند
سلمان ينظر اجتهاده قال :فقام فصلى من آخر الليل فكأنه لم ير الذي كان
يظن فذكر ذلك له فقال سلمان :حافظوا على هذه الصلوات الخمس فإنهن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رواه أبو داود في الزهد (.)150 ()1
رواه ابن سعد (.)155/4 ()2
واألربعة عشر اسم للعبة كانت معروفة بهذا االسم وقتها.
رواه ابن سعد (.)164/4 ()3
رواه ابن أبي شيبة (.)34445 ()4
221
املبحث الثالث :بذل الوقت فيما ال نفع فيه أو فيما غيره ٌ
خيرمنه
كفارات لهذه الجراحات ما لم تصب المقتلة ،فإذا أمسى الناس كانوا على
ثالث منازل فمنهم من له وال عليه ،ومنهم من عليه وال له ،ومنهم ال له
وال عليه ،فرجل اغتنم ظلمة الليل ،وغفلة الناس ،فقام يصلي حتى أصبح
فذلك له وال عليه ،ورجل اغتنم غفلة الناس ،وظلمة الليل ،فركب رأسه
في المعاصي فذلك عليه وال له ،ورجل صلى العشاء ،ثم نام فذلك ال
له وال عليه ،فإياك والحقحقة ،وعليك بالقصد والدوام(.)1
وترى نحو هذا المعنى في وكالم ابن مسعود ـ ـ أيضا ،فعن
سالم بن أبي الجعد ،قال :قال عبد اهلل بن مسعود :ال ألفين أحدكم جيفة
ليل قطرب نهار ،قيل :وما قطرب نهار؟ قال :يقطع نهاره بالحديث(.)2
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه عبد الرزاق (.)148
( )2رواه أبو داود في الزهد (.)177
وقال أبو القاسم األصبهاني( :قطرب) النمل األسود الكبار تكون في المفاوز ،تنقل
الحبوب إلى جحرها ،فربما تنقل شيئا كثيرا ،وال تأكل منها إال يسيرا) .اهـ ،انظر:
سير السلف الصالحين إلسماعيل بن محمد األصبهاني (صـ.)477
222
الخاتمة
C
املصادر واملراجع
* اآلحاد والمثاني ،أبو بكر بن أبي عاصم أحمد بن عمرو بن الضحاك بن مخلد
الشيباني (287هـ) ،تحقيق :د .باسم فيصل أحمد الجوابرة ،الناشر :دار
الراية ،الرياض ،الطبعة :األولى1411 ،هـ ــ 1991م.
* األحاديث المختارة مما لم يخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما ،ضياء
الدين أبو عبد اهلل محمد بن عبد الواحد المقدسي (643هـ) ،تحقيق :أد.
عبد الملك بن عبد اهلل بن دهيش ،الناشر :دار خضر للطباعة والنشر ،بيروت،
الطبعة :الثالثة1420 ،هـ ــ 2000م.
* اإلحسان في تقريب صحيح ابن حبان ،أبو حاتم محمد بن حبان بن أحمد
البستي (354هـ) ،ترتيب:
بن حبان بن معاذ بن َم ْعب َد ،التميمي ،الدارميُ ،
األمير عالء الدين علي بن بلبان الفارسي ( 739هـ) ،تحقيق :شعيب
األرنؤوط ،الناشر :مؤسسة الرسالة ،بيروت ،الطبعة :األولى1408 ،هـ ــ
1988م.
* أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه ،أبو عبد اهلل محمد بن إسحاق بن العباس
المكي الفاكهي (272هـ) ،تحقيق :أد .عبد الملك عبد اهلل دهيش ،الناشر:
دار خضر ــ بيروت ،الطبعة :الثانية1414 ،هـ.
* اآلداب الشرعية والمنح المرعية ،أبو عبد اهلل محمد بن مفلح بن محمد بن
225
املصادرواملراجع
* األوائل البن أبي عاصم ،أبو بكر بن أبي عاصم وهو أحمد بن عمرو بن
الضحاك بن مخلد الشيباني (287هـ) ،تحقيق :محمد بن ناصر العجمي،
الناشر :دار الخلفاء للكتاب اإلسالمي ــ الكويت.
* بحر الفوائد = معاني األخبار ،أبو بكر محمد بن أبي إسحاق بن إبراهيم بن
يعقوب الكالباذي البخاري الحنفي (380هـ) ،تحقيق :محمد حسن محمد
حسن إسماعيل ،أحمد فريد المزيدي ،الناشر :دار الكتب العلمية ــ بيروت
ــ لبنان ،الطبعة :األولى1420 ،هـ ــ 1999م.
* بهجة قلوب األبرار وقرة عيون األخيار في شرح جوامع األخبار ،عبد الرحمن
بن ناصر آل سعدي (1376هـ) ،تحقيق :عبد الكريم بن رسمي ،دار النشر:
مكتبة الرشد للنشر والتوزيع ،الطبعة :األولى 1422هـ ــ 2002م.
* التاريخ األوسط ،محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري ،أبو
عبد اهلل (256هـ) ،تحقيق :محمود إبراهيم زايد ،الناشر :دار الوعي ،مكتبة
دار التراث ــ حلب ،القاهرة ،الطبعة :األولى1397 ،هـ ــ 1977م.
* تاريخ دمشق ،أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة اهلل ،المعروف بابن عساكر
(571هـ) ،تحقيق :عمرو بن غرامة العمروي ،الناشر :دار الفكر للطباعة
والنشر والتوزيع ،عام النشر 1415 :هـ ــ 1995م.
* تاريخ الرسل والملوك = تاريخ الطبري ،وصلة تاريخ الطبري ،محمد بن
جرير بن يزيد بن كثير بن غالب اآلملي ،أبو جعفر الطبري (310هـ) ،الناشر:
دار التراث ــ بيروت ،الطبعة :الثانية ــ 1387هـ.
* تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك.
* تاريخ المدينة ،عمر بن شبة النميري البصري ،أبو زيد (262هـ) ،تحقيق:
228
املصادرواملراجع
فهيم محمد شلتوت ،طبع على نفقة :السيد حبيب محمود أحمد ــ جدة ،عام
النشر1399 :هـ.
* تاريخ ابن معين ،رواية الدوري ،أبو زكريا يحيى بن معين بن عون بن زياد
بن بسطام ،البغدادي (233هـ) ،تحقيق :د .أحمد محمد نور سيف ،الناشر:
مركز البحث العلمي وإحياء التراث اإلسالمي ــ مكة المكرمة ،الطبعة:
األولى1399 ،هـ ــ 1979م.
* تاريخ ابن يونس المصري ،عبد الرحمن بن أحمد بن يونس الصدفي ،أبو
سعيد (347هـ) ،الناشر :دار الكتب العلمية ،بيروت ،الطبعة :األولى،
1421هـ.
* تأويل مختلف الحديث ،أبو محمد عبد اهلل بن مسلم بن قتيبة الدينوري
(276هـ) ،الناشر :المكتب االسالمي ــ مؤسسة اإلشراق ،الطبعة :الطبعة
الثانية 1419هـ ــ 1999م.
* تخريج األحاديث واآلثار الواقعة في تفسير الكشاف للزمخشري ،جمال الدين
أبو محمد عبد اهلل بن يوسف بن محمد الزيلعي (762هـ) ،تحقيق :عبد اهلل
بن عبد الرحمن السعد ،الناشر :دار ابن خزيمة ــ الرياض ،الطبعة :األولى،
1414هـ.
* ترتيب األمالي الخميسية للشجري ،مؤلف األمالي :يحيى بن الحسين بن
إسماعيل بن زيد الحسني الشجري الجرجاني (المتوفى 499هـ) ،ترتيب:
القاضي محيي الدين محمد بن أحمد القرشي العبشمي (610هـ) ،تحقيق:
محمد حسن محمد ،الناشر :دار الكتب العلمية ،بيروت ،الطبعة :األولى،
1422هـ ــ 2001م.
229
املصادرواملراجع
230
املصادرواملراجع
231
املصادرواملراجع
* الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء ،أبو عبداهلل
محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (751هـ) ،تحقيق :محمد أجمل
اإلصالحي ،خرج أحاديثه :زائد بن أحمد النشيري ،الناشر :دار عالم الفوائد
ــ مكة المكرمة ،الطبعة :األولى1429 ،هـ.
* حقوق آل البيت ،تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السالم
بن عبد اهلل بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي
(728هـ) ،تحقيق :عبد القادر عطا ،الناشر :دار الكتب العلمية بيروت ـ
لبنان.
* حلية األولياء وطبقات األصفياء ،أبو نعيم أحمد بن عبد اهلل بن أحمد بن
إسحاق بن موسى بن مهران األصبهاني (430هـ) ،الناشر :السعادة ــ بجوار
محافظة مصر1394 ،هـ ــ 1974م.
* الحيوان ،عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالوالء ،الليثي ،أبو عثمان،
الشهير بالجاحظ (255هـ) ،الناشر :دار الكتب العلمية ــ بيروت ،الطبعة:
الثانية1424 ،هـ.
* الخراج ،المؤلف :أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن سعد بن حبتة
األنصاري (المتوفى182 :هـ) ،تحقيق :طه عبد الرءوف سعد ،سعد حسن
محمد ،الناشر :المكتبة األزهرية للتراث.
سالم بن عبد اهلل الهروي* الخطب والمواعظ ألبي عبيد ،أبو ُعبيد القاسم بن ّ
البغدادي (224هـ) ،تحقيق :د .رمضان عبد التواب ،الناشر :مكتبة الثقافة
الدينية ،الطبعة :األولى.
* ذيل طبقات الحنابلة ،زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب بن الحسن،
233
املصادرواملراجع
السرِي ،التميمي الدارمي الكوفي السرِي بن مصعب ،أبو َّ* الزهدَ ،هنَّاد بن َّ
(243هـ) ،تحقيق :عبد الرحمن عبد الجبار الفريوائي ،الناشر :دار الخلفاء
للكتاب اإلسالمي ــ الكويت ،الطبعة :األولى1406 ،هـ.
* الزهد والرقائق ،أبو عبد الرحمن عبد اهلل بن المبارك بن واضح الحنظلي،
المروزي (181هـ) ،تحقيق :حبيب الرحمن األعظمي ،الناشر :دار
التركي ثم ْ
الكتب العلمية ــ بيروت.
* سلسلة األحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها ،أبو عبد الرحمن
محمد ناصر الدين ،بن نوح بن نجاتي ،األلباني (1420هـ) ،الناشر :مكتبة
المعارف للنشر والتوزيع ،الرياض ،الطبعة :األولى.
* سلسلة األحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في األمة ،أبو
عبد الرحمن محمد ناصر الدين ،بن الحاج نوح بن نجاتي بن آدم،
األشقودري األلباني (1420هـ) ،دار النشر :دار المعارف ،الرياض ،الطبعة:
األولى1412 ،هـ ــ 1992م.
* سنن أبي داود ،أبو داود سليمان بن األشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن
السجستاني (275هـ) ،تحقيق :محمد محيي الدين عبد الحميد،
عمرو األزدي ِّ
الناشر :المكتبة العصرية ،صيدا ــ بيروت.
* سنن سعيد بن منصور ،أبو عثمان سعيد بن منصور بن شعبة الخراساني
الجوزجاني (227هـ) ،تحقيق :حبيب الرحمن األعظمي ،الناشر :الدار
السلفية ــ الهند ،الطبعة :األولى1403 ،هـ ــ 1982م.
* السنن الصغير للبيهقي ،أحمد بن الحسين بن علي بن موسى ال ُخ ْس َر ْو ِجردي
الخراساني ،أبو بكر البيهقي (458هـ) ،تحقيق :عبد المعطي أمين قلعجي،
235
املصادرواملراجع
236
املصادرواملراجع
تحقيق :الدكتور عبد اهلل بن عمر بن سليمان الدميجي ،الناشر :دار الوطن،
الرياض ،الطبعة :الثانية 1420 ،هـ ــ 1999م.
* شعب اإليمان ،أحمد بن الحسين بن علي بن موسى ال ُخ ْس َر ْو ِجردي
الخراساني ،أبو بكر البيهقي (458هـ) ،تحقيق :د .عبد العلي عبد الحميد
حامد ،أشرف على تحقيقه وتخريج أحاديثه :مختار أحمد الندوي ،صاحب
الدار السلفية ببومباي ــ الهند ،الناشر :مكتبة الرشد للنشر والتوزيع بالرياض
بالتعاون مع الدار السلفية ببومباي بالهند ،الطبعة :األولى1423 ،هـ ــ 2003م.
* الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية ،أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري
الفارابي (393هـ) ،تحقيق :أحمد عبد الغفور عطار ،الناشر :دار العلم
للماليين ــ بيروت ،الطبعة :الرابعة 1407هـ ــ 1987م.
* صحيح التر ِغيب والترهيب ،محمد ناصر الدين األلباني ،الناشرَ :
مكتبة
المعارف للنشر والتوزيع ،الرياض ،الطبعة :األولى 1421 ،هـ ــ 2000م.
َ
* صحيح الجامع الصغير وزياداته ،أبو عبد الرحمن محمد ناصر الدين ،بن
الحاج نوح بن نجاتي بن آدم ،األشقودري األلباني (1420هـ) ،الناشر:
المكتب اإلسالمي.
* صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان ،محمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن
البستي (354هـ) ،تحقيق: معاذ بن َم ْعب َد ،التميمي ،أبو حاتم ،الدارميُ ،
شعيب األرنؤوط ،الناشر :مؤسسة الرسالة ــ بيروت ،الطبعة :الثانية1414 ،هـ
ــ 1993م.
* صحيح ابن خزيمة ،أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة بن صالح
بن بكر السلمي النيسابوري (311هـ) ،تحقيق :د .محمد مصطفى األعظمي،
238
املصادرواملراجع
* العلم ،أبو خيثمة زهير بن حرب النسائي (234هـ) ،تحقيق :محمد ناصر
الدين األلباني ،الناشر :المكتب اإلسالمي ــ بيروت ،الطبعة :الثانية،
1403هـ ــ 1983م.
* العمر والشيب ،أبو بكر عبد اهلل بن محمد بن عبيد بن سفيان بن قيس البغدادي
األموي القرشي المعروف بابن أبي الدنيا (281هـ) ،تحقيق :د .نجم عبد اهلل
خلف ،الناشر :مكتبة الرشد ــ الرياض ،الطبعة :األولى1412 ،هـ.
* غذاء األلباب في شرح منظومة اآلداب ،المؤلف :شمس الدين ،أبو العون
محمد بن أحمد بن سالم السفاريني الحنبلي (المتوفى1188 :هـ) ،الناشر:
مؤسسة قرطبة ــ مصر ،الطبعة :الثانية 1414 ،هـ ــ 1993م.
* غريب الحديث ،أبو محمد عبد اهلل بن مسلم بن قتيبة الدينوري (276هـ)،
تحقيق :د .عبد اهلل الجبوري ،الناشر :مطبعة العاني ــ بغداد ،الطبعة :األولى،
1397هـ.
* الفائق في غريب الحديث واألثر ،أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد،
الزمخشري جار اهلل (538هـ) ،تحقيق :علي محمد البجاوي ــ محمد أبو
الفضل إبراهيم ،الناشر :دار المعرفة ــ لبنان ،الطبعة :الثانية.
* فتح الباري شرح صحيح البخاري ،أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل
العسقالني الشافعي ،الناشر :دار المعرفة ــ بيروت ،1379 ،رقم كتبه وأبوابه
وأحاديثه :محمد فؤاد عبد الباقي ،قام بإخراجه وصححه وأشرف على طبعه:
محب الدين الخطيب.
* فتح الباري شرح صحيح البخاري ،زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن
السالمي ،البغدادي ،ثم الدمشقي ،الحنبلي (795هـ)،
رجب بن الحسنَ ،
240
املصادرواملراجع
الحقوق :مكتب تحقيق دار الحرمين ــ القاهرة ،الطبعة :األولى 1417 ،هـ ــ
1996م.
* فتح المغيث بشرح الفية الحديث للعراقي ،شمس الدين أبو الخير محمد بن
عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر بن عثمان بن محمد السخاوي (902هـ)،
تحقيق :علي حسين علي ،الناشر :مكتبة السنة ــ مصر ،الطبعة :األولى،
1424هـ ــ 2003م.
* فضائل الخلفاء األربعة وغيرهم ألبي نعيم األصبهاني ،أبو نعيم أحمد بن
عبد اهلل بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران األصبهاني (430هـ)،
تحقيق :صالح بن محمد العقيل ،الناشر :دار البخاري للنشر والتوزيع ،المدينة
المنورة ،الطبعة :األولى1417 ،هـ ــ 1997م.
* فضائل الصحابة ،أبو عبد اهلل أحمد بن محمد بن حنبل بن هالل بن أسد
الشيباني (241هـ) ،تحقيق :د .وصي اهلل محمد عباس ،الناشر :مؤسسة
الرسالة ــ بيروت ،الطبعة :األولى1403 ،هـ ــ 1983م.
* الفوائد ،محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية
(751هـ) ،الناشر :دار الكتب العلمية ــ بيروت ،الطبعة :الثانية 1393 ،هـ
ــ 1973م.
* فوائد ابن بشران عن شيوخه ،الجزء األول والثاني ــ ضمن مجموع مطبوع
باسم الفوائد البن منده ــ ،علي بن محمد بن عبد اهلل بن بشران األموي أبو
الحسين البغدادي المعدل (415هـ) ،تحقيق :خالف محمود عبد السميع،
الناشر :دار الكتب العلمية ،بيروت ،الطبعة :األولى 1423 ،هـ ــ 2002م.
241
املصادرواملراجع
خير رمضان يوسف ،الناشر :دار ابن حزم ،بيروت ،الطبعة :األولى1418 ،
هـ ــ 1997م.
* الكنى واألسماء ،مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري
(261هـ) ،تحقيق :عبد الرحيم محمد أحمد القشقري ،الناشر :عمادة البحث
العلمي بالجامعة اإلسالمية ،المدينة المنورة ،الطبعة :األولى1404 ،هـ ــ
1984م.
* كنز العمال في سنن األقوال واألفعال ،عالء الدين علي بن حسام الدين ابن
قاضي خان القادري الشاذلي الهندي البرهانفوري ثم المدني فالمكي الشهير
بالمتقي الهندي (975هـ) ،تحقيق :بكري حياني ــ صفوة السقا ،الناشر:
مؤسسة الرسالة ،الطبعة :الطبعة الخامسة1401 ،هـ ــ 1981م.
* لسان العرب ،محمد بن مكرم بن على ،أبو الفضل ،جمال الدين بن منظور
األنصاري اإلفريقي (711هـ) ،الناشر :دار صادر ــ بيروت ،الطبعة :الثالثة ــ
1414هـ.
* المجالسة وجواهر العلم ،المؤلف :أبو بكر أحمد بن مروان الدينوري المالكي
(المتوفى333 :هـ) ،المحقق :أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان ،الناشر:
جمعية التربية اإلسالمية البحرين ،دار ابن حزم ،لبنان ،تاريخ النشر:
1419هـ.
* المجتبى من السنن = السنن الصغرى للنسائي ،أبو عبد الرحمن أحمد بن
شعيب بن علي الخراساني ،النسائي (303هـ) ،تحقيق :عبد الفتاح أبو غدة،
الناشر :مكتب المطبوعات اإلسالمية ــ حلب ،الطبعة :الثانية1406 ،هـ ــ
1986م.
243
املصادرواملراجع
* مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ،أبو الحسن نور الدين علي بن أبي بكر بن
سليمان الهيثمي (807هـ) ،تحقيق :حسام الدين القدسي ،الناشر :مكتبة
القدسي ،القاهرة ،عام النشر 1414 :هـ 1994 ،م.
* مجموع الفتاوى ،تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني
(728هـ) ،تحقيق :عبد الرحمن بن محمد بن قاسم ،الناشر :مجمع الملك
فهد لطباعة المصحف الشريف ،المدينة النبوية1416 ،هـ ــ 1995م.
* محاسبة النفس البن أبي الدنيا ،أبو بكر عبد اهلل بن محمد بن عبيد بن سفيان
بن قيس البغدادي األموي القرشي المعروف بابن أبي الدنيا (281هـ)،
تحقيق :المسعتصم باهلل أبي هريرة مصطفى بن علي بن عوض ،الناشر :دار
الكتب العلمية ،بيروت ،الطبعة :األولى 1406 ،هـ ــ 1986م.
* المحكم والمحيط األعظم ،أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي
(458هـ) ،تحقيق :عبد الحميد هنداوي ،الناشر :دار الكتب العلمية ــ
بيروت ،الطبعة :األولى 1421 ،هـ ــ 2000م.
* مختصر قيام الليل وقيام رمضان وكتاب الوتر ،أبو عبد اهلل محمد بن نصر بن
الم ْر َوزِي (294هـ) ،اختصرها :العالمة أحمد بن علي المقريزيالحجاج َ
(845هـ) ،الناشر :حديث أكادمي ،فيصل اباد ــ باكستان ،الطبعة :األولى،
1408هـ ــ 1988م.
* مختصر منهاج القاصدين ،نجم الدين ،أبو العباس ،أحمد بن عبد الرحمن
بن قدامة المقدسي (689هـ) ،قدم له :األستاذ محمد أحمد دهمان ،الناشر:
مكتبة دار البيان ،دمشق ،عام النشر 1398 :هـ ــ 1978م.
* المخصص ،أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي (458هـ)،
244
املصادرواملراجع
تحقيق :خليل إبراهم جفال ،الناشر :دار إحياء التراث العربي ــ بيروت،
الطبعة :األولى1417 ،هـ 1996م.
* المخلصيات ،وأجزاء أخرى ألبي طاهر المخلص ،محمد بن عبد الرحمن
بن العباس بن عبد الرحمن بن زكريا البغدادي الم َخلِّص (393هـ) ،تحقيق:
نبيل سعد الدين جرار ،الناشر :وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية لدولة
قطر ،الطبعة :األولى 1429 ،هـ ــ 2008م.
* مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين ،محمد بن أبي بكر بن
أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (751هـ) ،تحقيق :محمد
المعتصم باهلل البغدادي ،الناشر :دار الكتاب العربي ــ بيروت ،الطبعة:
الثالثة 1416 ،هـ ــ 1996م.
* المستدرك على الصحيحين ،أبو عبد اهلل الحاكم محمد بن عبد اهلل بن محمد
بن حمدويه بن نُعيم بن الحكم الضبي الطهماني النيسابوري المعروف بابن
البيع (405هـ) ،تحقيق :مصطفى عبد القادر عطا ،الناشر :دار الكتب العلمية
ــ بيروت ،الطبعة :األولى 1411 ،ــ 1990م.
* مسند اإلمام أحمد بن حنبل ،أبو عبد اهلل أحمد بن محمد بن حنبل بن هالل
بن أسد الشيباني (241هـ) ،تحقيق :شعيب األرنؤوط ــ عادل مرشد،
وآخرون ،إشراف :د عبد اهلل بن عبد المحسن التركي ،الناشر :مؤسسة
الرسالة ،الطبعة :األولى1421 ،هـ ــ 2001م.
* مسند اإلمام الشافعي ،الشافعي أبو عبد اهلل محمد بن إدريس بن العباس بن
عثمان بن شافع بن عبد المطلب بن عبد مناف المطلبي القرشي المكي
(204هـ) ،رتبه على األبواب الفقهية :محمد عابد السندي ،عرف للكتاب
وترجم للمؤلف :محمد زاهد بن الحسن الكوثري ،تولى نشره وتصحيحه
245
املصادرواملراجع
أيمن علي أبو يماني ،الناشر :مؤسسة قرطبة ــ القاهرة ،الطبعة :األولى،
1416هـ.
* مسند ابن أبي شيبة ،أبو بكر بن أبي شيبة ،عبد اهلل بن محمد بن إبراهيم بن
عثمان بن خواستي العبسي (235هـ) ،تحقيق :عادل بن يوسف العزازي
وأحمد بن فريد المزيدي ،الناشر :دار الوطن ــ الرياض ،الطبعة :األولى،
1997م.
* المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول اهلل ‘ ،مسلم
بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري (261هـ) ،تحقيق :محمد فؤاد
عبد الباقي ،الناشر :دار إحياء التراث العربي ــ بيروت.
* مسند عبد اهلل بن عمر ،أبو أمية محمد بن إبراهيم بن مسلم الخزاعي البغدادي
ثم الطرسوسي (273هـ) ،تحقيق :أحمد راتب عرموش ،الناشر :دار النفائس
ــ بيروت ،الطبعة :األولى1393 ،هـ.
* مسند أبي يعلى ،أبو يعلى أحمد بن علي بن المثُنى بن يحيى بن عيسى بن
هالل التميمي ،الموصلي (307هـ) ،تحقيق :حسين سليم أسد ،الناشر :دار
المأمون للتراث ــ دمشق ،الطبعة :األولى 1404 ،هـ ــ 1984م.
* مشكاة المصابيح ،محمد بن عبد اهلل الخطيب العمري ،أبو عبد اهلل ،ولي
الدين ،التبريزي (741هـ) ،تحقيق :محمد ناصر الدين األلباني ،الناشر:
المكتب اإلسالمي ــ بيروت ،الطبعة :الثالثة1985 ،م.
* مشيخة ابن البخاري ،أحمد بن محمد بن عبد اهلل ،أبو العباس ،جمال الدين
ابن الظاهري ،الحنفي (696هـ) ،تحقيق :د .عوض عتقي سعد الحازمي،
الناشر :دار عالم الفؤاد ــ مكة ،الطبعة :األولى1419 ،هـ.
247
املصادرواملراجع
* المصنف ،أبو بكر عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري اليماني الصنعاني
(211هـ) ،تحقيق :حبيب الرحمن األعظمي ،الناشر :المجلس العلمي ــ
الهند ،يطلب من :المكتب اإلسالمي ــ بيروت ،الطبعة :الثانية1403 ،هـ.
* المصنف في األحاديث واآلثار ،أبو بكر بن أبي شيبة ،عبد اهلل بن محمد بن
إبراهيم بن عثمان بن خواستي العبسي (235هـ) ،تحقيق :كمال يوسف
الحوت ،الناشر :مكتبة الرشد ــ الرياض ،الطبعة :األولى1409 ،هـ.
* المعجم ،أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي بن عاصم بن زاذان األصبهاني
الخازن ،ابن المقرئ (381هـ) ،تحقيق :عادل بن سعد ،الناشر :مكتبة
الرشد ،الرياض ،شركة الرياض للنشر والتوزيع ،الطبعة :األولى1419 ،هـ ــ
1998م.
* معجم األدباء = إرشاد األريب إلى معرفة األديب ،شهاب الدين أبو عبد اهلل
ياقوت بن عبد اهلل الرومي الحموي (626هـ) ،تحقيق :إحسان عباس،
الناشر :دار الغرب اإلسالمي ،بيروت ،الطبعة :األولى1414 ،هـ ــ 1993م.
* المعجم األوسط ،سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي ،أبو القاسم
الطبراني (360هـ) ،تحقيق :طارق بن عوض اهلل بن محمد ،عبد المحسن بن
إبراهيم الحسيني ،الناشر :دار الحرمين ــ القاهرة.
* مكارم األخالق ،أبو بكر عبد اهلل بن محمد بن عبيد بن سفيان بن قيس
البغدادي األموي القرشي المعروف بابن أبي الدنيا (281هـ) ،تحقيق :مجدي
السيد إبراهيم ،الناشر :مكتبة القرآن ــ القاهرة.
* المنتخب من مسند عبد بن حميد ،أبو محمد عبد الحميد بن حميد بن نصر
ال َك ّسي ويقال له :ال َك ّشي بالفتح واإلعجام (249هـ) ،تحقيق :الشيخ مصطفى
العدوي ،الناشر :دار بلنسية للنشر والتوزيع ،الطبعة :الثانية 1423هـ ــ
2002م.
* منهاج السنة النبوية في نقض كالم الشيعة القدرية ،تقي الدين أبو العباس
أحمد بن عبد الحليم بن عبد السالم بن عبد اهلل بن أبي القاسم بن محمد ابن
تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي (728هـ) ،تحقيق :محمد رشاد سالم،
الناشر :جامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية ،الطبعة :األولى1406 ،هـ
ــ 1986م.
* المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج ،أبو زكريا محيي الدين يحيى بن
شرف النووي (676هـ) ،الناشر :دار إحياء التراث العربي ــ بيروت ،الطبعة:
الثانية1392 ،هـ.
* موارد الظمآن لدروس الزمان ،خطب وحكم وأحكام وقواعد ومواعظ وآداب
وأخالق حسان ،عبد العزيز بن محمد بن عبد المحسن السلمان (1422هـ)،
الطبعة :الثالثون1424 ،هـ.
والمختلِف ،أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي بن مسعود
َ المؤتلِف
َ *
بن النعمان بن دينار البغدادي الدارقطني (385هـ) ،تحقيق :موفق بن عبد اهلل
بن عبد القادر ،الناشر :دار الغرب اإلسالمي ــ بيروت ،الطبعة :األولى،
1406هـ ــ 1986م.
250
املصادرواملراجع
* ميزان االعتدال في نقد الرجال ،شمس الدين أبو عبد اهلل محمد بن أحمد بن
عثمان بن قَ ْايماز الذهبي (748هـ) ،تحقيق :علي محمد البجاوي ،الناشر:
دار المعرفة للطباعة والنشر ،بيروت ،الطبعة :األولى1382 ،هـ ــ 1963م.
* نخبة الفكر في مصطلح أهل األثر ،أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن
أحمد بن حجر العسقالني (852هـ) ،تحقيق :عصام الصبابطي ــ عماد
السيد ،الناشر :دار الحديث ــ القاهرة ،الطبعة :الخامسة1418 ،هـ ــ
1997م.
* نخبة الفكر في مصطلح أهل األثر ،ابن حجر العسقالني ،تحقيق :عبد الحميد
بن صالح آل أعوج ،الناشر :دار ابن حزم ،الطبعة األولى 2006م.
* نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر في مصطلح أهل األثر ،أبو الفضل أحمد
بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقالني (852هـ) ،تحقيق :عبد اهلل
بن ضيف اهلل الرحيلي ،الناشر :مطبعة سفير بالرياض ،الطبعة :األولى،
1422هـ.
* نسخة أبي مسهر ،أبو مسهر عبد األعلى بن مسهر بن عبد األعلى بن أبي ذرمة
الغساني الدمشقي (218هـ) ،ونُسخ أخرى لغيره من أهل العلم ،تحقيق:
مجدي فتحي السيد ،الناشر :دار الصحابة للتراث ــ طنطا ،الطبعة :األولى،
1410هـ.
* النهاية في غريب الحديث واألثر ،مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد
بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري ابن األثير (606هـ)،
تحقيق :طاهر أحمد الزاوى ــ محمود محمد الطناحي ،الناشر :المكتبة العلمية
ــ بيروت1399 ،هـ ــ 1979م.
251
املصادرواملراجع
* وصايا العلماء عند حضور الموت ،أبو سليمان محمد بن عبد اهلل بن أحمد
بن ربيعة بن سليمان بن خالد بن عبد الرحمن بن زبر الربعي (379هـ)،
تحقيق :صالح محمد الخيمي والشيخ عبد القادر األرناؤوط ،الناشر :دار ابن
كثير ،دمشق ،بيروت ،الطبعة :األولى1406 ،هـ ــ 1986م.
* وفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان ،أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد
بن إبراهيم بن أبي بكر ابن خلكان البرمكي اإلربلي (681هـ) ،تحقيق:
إحسان عباس ،الناشر :دار صادر ــ بيروت.
252
ل
قائمة بعناوين الآ بحاب الحديدة مشروع
.