Professional Documents
Culture Documents
عُرف الخليل بن أحمد بتخفيف الهمزة حال تعاقب) همزتين في كلمتين متتاليتين أي( :تحقيق الهمزة األولى وتخفيف الثانية) وقال
بذلك تلميذه سيبويه وعرض المسألة كاملة وكان مخالفا ً لمذهب استاذه بقوله :واعلم أنالهمزتينإذاالتقتا وكانت كل واحدة منهما من
كلمة ،فإن أهل التحقيق يخففون إحداهما ويستثقلون تحقيقهما لما ذكرت لك ،كما استثقل أهل الحجاز تحقيق الواحدة .فليس كم كالم
العرب أن تلتقي همزتان فتحققا ،ومن كالم العرب تخفيف األولى وتحقيق اآلخرة ،وهو قول ابي عمر .وذلك قولك :فقد جا أشراطها،
ويا زكريا إنا نبشرك ،ومنهم من يحقق األولى ويخفف اآلخرة ،سمعنا ذلك من العرب ،وهو قولك :فقد جاء اشراطها ،ويا زكريا إنا.
وقال[من الرمل]:
كل غراء إذا ما برزت … ترهب العين عليها والحسد( )
سمعنا من يوثق به من العرب ينشده هكذا وكان الخليل يستحب هذا القول فقلت له :لمه؟ فقال :إني رأيتهم حين أرادوا أن يبدلوا إحدى
الهمزتين اللتين تلتقيان في كلمة واحدة أبدلوا اآلخرة ،وذلك :جاىء وآدم .ورأيت أبا عمرو أخذ بهن في قوله عز وجل " :يا ويلتا أللد
وأنا عجوز " ،وحقق األولى .وكل عربي .وقياس من خفف األولى أن يقول :يا ويلتا األد ،والمخففة فيما ذكرنا بمنزلتها محققة في
الزنة( ).
سادساً :علة التعويض
نجد ذلك في ما نقله سيبويه عن الخليل في تعليل الخليل على أصل كلمة (اللهم) بقوله( :اللهمنداء والميم ها هنا بدل من يا ،فهي
ها هنا فيما زعم الخليل رحمه هللا آخر الكلمة بمنزلة يا في أولها ،إال أن الميم ها هنا في الكلمة كما أن نون المسلمين في الكلمة بنيت
عليها .فالميم في هذا االسم حرفان أولهما مجزوم ،والهاء مرتفعة ألنه وقع عليها اإلعراب)( ) ، .فالواضح من كالم الخليل أن
(اللهم) هو نداء مركب من اسم الجاللة (هللا) :وكذا الميم المشددة الالحقة في آخره ،وانما الحقت به الميم بدال أو عوضا ً عن حرف
النداء المحذوف (يا) الواجب لها في البداية ،وارتفع اسم الجاللة ألنه منادى رفع عليه االعراب فالخليل جاء بعلة التعويض أو البدل
عن المحذوف كما يسميها بعض النحاة.
سابعاً :علة أمن اللبس
تعد هذه العلة من العلل التي صرح بها الخليل في معرض كالمه عما سأله عليه تلميذه سيبويه عن (عبد مناف) بقوله( :وسألت
الخليل عن قولهم :في(عبدمناف) (منافي) فقال :أما القياس فكما) ذكرت لك ،إال أنهم قالوا منافي مخافة) االلتباس ،ولو فعل ذلك بما
جعل اسما من شيئين جاز؛ لكراهية االلتباس)( ) ،فقد صرح الخليل بكالمه عن هذه العلة ،إذ القياس في النسب الى االسم المركب
اإلضافي مثل (أمرئ القيس).
وقد تكررت هذه العلة عند الخليل فقد ذكرها تلميذه في عدم جواز حذف كلمة (عشر) المركبة في العدد (اثنتا عشر) مخافة ان
يلتبس ب (االثنين) منفردة ،قال سيبويه( :وأما اثنا عشر فزعم الخليل أنه ال يغير عن حاله قبل التسمية ،وليس بمنزلةخمسةعشر،
وذلك أن اإلعراب يقع على الصدر فيصير اثنا في الرفع ،واثني في النصب والجر ،وعشربمنزلةالنون وال يجوز فيها اإلضافة.
كما ال يجوز في مسلمين ،وال تحذف عشر مخافة أن يلتبس باالثنين فيكون علم العدد قد ذهب .فإن صار اسم رجل فأضفت) حذفت
عشر ألنك لست تريد العدد ،وليس بموضع التباس ،ألنك ال تريد أن تفرق بين عددين فإنما هو بمنزلة زيدين)( ).
ثامناً :علة الثقل
ذكرها سيبويه في معرض كالمه عن سؤاله للخليل عن النسب الى االسم الثالثي بقوله( :وسألته عن اإلضافة إلى راية وطاية
وثاية وآية ونحو ذلك ،فقال :أقول رائي وطائي وثائي وآئي .وإنما همز واالجتماع الياءات مع األلف ،واأللف تشبه بالياء ،فصارت
قريبا مما تجتمع فيهاربعياءات ،فهمزوها استثقاالً ،وأبدلوا مكانها همزة ،ألنهم جعلوها بمنزلة الياء التي تبدل بعد األلف الزائدة)( ).
تاسعاً :علة المشابهة
زعم الخليل أنها عملت عملين :الرفع والنصب ،كما عملت كان الرفع والنصب حين قلت :كان أخاك زيد .إال أنه ليس لك أن
تقول كأن أخوك عبد هللا ،تريد كأن عبد هللا أخوك ،ألنها ال تصرف تصرف األفعال ،وال يضمر فيها المرفوع كما يضمر في كان.
فمن ثم فرقوا بينهما كما فرقوا بين ليس وما ،فلم يجروها مجراها ،ولكن قيل هي بمنزلة األفعال فيما بعدها وليست بأفعال( ) .فقد
اعتمدت هذه العلة على المشابهة في عمل (إن) النصب فيما بعدها تشبيها ً لها بالفعل عند اغلب النحاة بعد الخليل وسيبويه منهم( :ابن
السراج ،وابن الوراق ،وابن االنباري ،وابن يعيش ،والرضي وغيرهم)( )
وقد ذكر الخليل هذه العلة صريحة لبناء المنادى المفرد على الضم تشبيها ً بالغايات( :قبل وبعد) حال عدم اضافتها ،وذكرها علة
العراب المنادى المضاف بالنصب تشبيها ً له بالغايات حال اضافتها على نحو :هو قبلك ،وهو بعدك معبراً عن اإلضافة بمصطلح
(طول الكالم) ،ومستخدماً) لكاف التشبيه دالة على المشابهة يقول سيبويه( :وزعم الخليل رحمه هللا أنهم نصبوا المضاف نحو يا عبد
هللا ويا اخانا ،والنكرة حين قالوا:يارجالصالحا ،حين طال الكالم ،كما نصبوا :هو قبلك وهو بعدك .ورفعوا المفرد كما رفعوا قبل
وبعد وموضعهما) واحد ،وذلك قولك :يا زيد ويا عمرو .وتركوا التنوين في المفرد كما تركوه في قبل)( ).
عاشراً :علّة كثرة االستعمال
من العلل التي شاعت واطرد ذكرها عند الخليل هي (كثرة االستعمال) فينقل لنا سيبويه عن الخليل تلك العلة في باب االبتداء
بقوله( :باب من االبتداءيضمرفيه ما يبنى على االبتداء وذلك قولك :لوال عبد هللا لكان كذا وكذا ...ولكن هذا حذف حين كثر
استعمالهم إياه في الكالم كما حذف الكالم من إماال ،زعم الخليل رحمه هللا أنهم أرادوا إن كنت ال تفعل غيره فافعل كذا وكذا إماال،
ولكنهم حذفوه لكثرته في الكالم ومثل ذلك حينئذ ،اآلن ،إنما تريد :واسمع اآلن .وما أغفله عنك ،شيئا ،أي دع الشك عنه؛ فحذف هذا
لكثرة استعمالهم)( ).
وقد تكررت هذه العلّ ة عند الخليل وذكرها صريحة في جواز حذف (ياء) المتكلم من االسم المضاف الى (ابن) والتي تكون واقعة
محل النداء وقد ذكرها أهل النحو :وقالوا:ياابنأم ويا ابن عم ،فجعلوا ذلك بمنزلة اسم واحد ،ألن هذا أكثر في كالمهم من يا ابن
أبي ويا غالم غالمي .وقد قالوا أيضا:ياابنأم ويا ابن عم ،كأنهم جعلوا األول واآلخر اسما ،ثم أضافوا إلى الياء ،كقولك :يا أحد
عشر أقبلوا .وإن شئت قلت :حذفوا الياء لكثرة هذا في كالمهم ،وعلى هذا قال أبو النجم :يا ابنة عما ال تلومي واعجعي واعلم أن كل
شيء ابتدأته في هذين البابين أوال فهو في القياس .وجميع ما وصفناه من هذه اللغات سمعناه من الخليل رحمه هللا ( ).
حادي عشر :علّة اختصاص األداة (إنّ )
زعم الخليل أنّ (إن) هيأمحروفالجزاء ،فسألته :لم قلت ذلك؟ فقال :من قبل أنى أرى حروف الجزاء قد يتصرفن فيكن
استفهاما ومنها ما يفارقه ما فال يكون فيه الجزاء ،وهذه على حال واحدة أبدا ال تفارق المجازاة( ).
ثاني عشر :علّة الحمل على المعنى
الحمل على المعنى يعد وسيلة اصطنعها النحاة ليجبروا بها كل صدع في (بناء الجملة) اذا لم يكن متوافقا ً مع البينة األساسية لها
وقد ذكرها الخليل بما نقله عنه النحاة بقولهم :وقال الخليل :إنما قالوا :مرضى وهلكى وموتى وجربى وأشباه ذلك ألن ذلك أمر يبتلون
به ،وأدخلوا فيه وهم له كارهون وأصيبوا به ،فلما كان المعنىمعنىالمفعول كسروه على هذا المعنى .وقد قالوا :هالك وهالكون،
فجاءوا به عل قياس هذا البناء وعلى األصل هذا المعنى .وقد يكسروه على المعنى إذ كان بمنزلة جالس في البناء وفي الفعل .وهو
على هذا أكثر في الكالم( ).
ومن شواهد التعليل بالحمل على المعنى ما ذكره أيضا في تعليله لجزم الطلب لجوابه حمال على المعنى قال سيبويه( :إذا كان جوابا
ألمر أو نهي أو استفهام أو تمن أو عرض فأما ما انجزم باألمر فقولك :ائتني آتك ،.وأما ما انجزم بالنهي فقولك :ال تفعل يكن خيرا
لك ،وأما ما انجزم باالستفهام فقولك :أال تأتيني أحدثك؟ وأين تكون أزرك؟ وأما ما انجزم بالتمني فقولك :أال ماء أشربه ،وليته عندنا
يحدثنا ،وأما ما انجزم بالعرض فقولك :أال تنزل تصب خيرا ،وإنما انجزم هذا الجواب كما انجزم جواب إن تأتني ،بإن تأتني ،ألنهم
جعلوه معلقا باألول عير مستغن عنه إذا أرادوا الجزاء ،كما أن إن تأتني عير مستغنية عن آتك ،وزعم الخليل :أن هذه األوائل كلها
فيها معنى إن ،فلذلك انجزم الجواب؛ ألنه إذا قال ائتني آتك فإن معنى كالمه إن يكن منك إتيان آتك ،وإذا قال :أين بيتك أزرك ،فكأنه
قال إن أعلم مكان بيتك أزرك؛ ألن قوله أين بيتك يريد به :أعلمني وإذا قال ليته عندنا يحدثنا ،فإن معنى هذا الكالم إن يكن عندنا
يحدثنا ،وهو يريد ههنا إذا تمنى ما أراد في األمر ،وإذا قال لو نزلت فكأنه قال انزل( ).
ثالث عشر :علة القرب أو المجاورة
ب) في قول العرب (هذا جُحر ضب خربِ) ،وهو وهي أيضا من العلّل التي صرح بها الخليل سيبويه بتعليله سبب جر كلمة (خر ِ
ضب خرب خفض خربا َوه َُو نعت ْالجُحرما عرف بين النحاة بـ (الجر علة الجوار أو المجاورة أو المشاكلة) بقولهَ ( :ه َذاجُحر َ
ض ب)( ) ،تقول :هذا جحر ضبى ،وليس لك الضب إنما لك جحر ضب ،فلم يمنعك ذلك من أن قلت جحر َوِإ َّن َما خفض لقُرْ به من َ
ضبى ،والجحر والضب بمنزلة اسم مفرد ،فانجر الخرب على الضب كما أضفت الجحر إليك مع إضافة الضب .ومع هذا أنهم أتبعوا
الجر كما أتبعوا الكسر الكسر ،نحو قولهم :بهم وبدارهم ،وما أشبه هذا ،وكال التفسيرين تفسير الخليل ،وكان كل واحد منهما عنده
وجها من التفسير( ).