You are on page 1of 11

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جــامــعــــة الـــمـثــــنـــــى‬
‫كـــلــيـــة الــهنـــدســــــــة‬
‫قــســــم هندســة العــمـارة‬
‫‪2022/2023‬‬

‫العمارة العربية االسالمية‬


‫مدينة القاهرة‬
‫اسم الطالب ‪ /‬محمود رزاق هادي‬
‫المرحلة الرابعة‬
‫بإشراف‬
‫م‪.‬م‪ .‬علي سعد عبد الوهاب‬

‫‪1‬‬
‫القاهرة‬
‫التسميةـ‬
‫اختلفت األقاويل حول سبب تسمية القاهرة بهذا االسم‪ ،‬فقيل أن جوهر الصقلي سمى المدينة في أول األمر‬
‫المنصورية تيمنا ً باسم مدينة المنصورية التي أنشأها خارج القيروان المنصور‪ 7‬باهلل والد المعز لدين هللا‪،‬‬
‫أو تيمنا ً باسم والد المعز نفسه إحيا ًء لذكراه‪ ،‬واستمر هذا االسم حتى قدم المعز إلى مصر فأطلق‪ 7‬عليها اسم‬
‫«القاهرة»‪ ،‬وذلك بعد مرور أربع سنوات على تأسيسها‪ ،‬تفاؤالً بأنها ستقهر الدولة العباسية المنافسة‬
‫للفاطميين‪ ،‬وقيل أنه سماها بالقاهرة لتقهر الدنيا‪ ،‬أو أنها سميت نسبة إلى الكوكب القاهر وهو كوكب‬
‫المريخ‪ .‬ولمدينة القاهرة عدة أسماء شهيرة منها مصر المحروسة‪ ،‬قاهرة المعز‪ ،‬مدينة األلف مئذنة‪،‬‬
‫جوهرة الشرق‪7.‬‬

‫نبذه تاريخية ‪:‬‬


‫بدأ تاريخ القاهرة منذ فتح العرب لمصر (‪٦٤٠‬م)‪ ،‬أي منذ قبل قيام‪ 7‬الفاطميين بتأسيس مدينة «قاهرة»‬
‫ذاتها‪ .‬وامتد التطور الطويل التدريجي‪ 7‬المتتابع الذي تمخض في النهاية عن مولد القاهرة طوال ستة‬
‫قرون‪ .‬واتسم هذا التاريخ بإنشاء سلسلة من «المنشآت» التي قامت بإعداد المسرح‪ ،‬إذا صح التعبير‪ ،‬الذي‬
‫سيجري عليه تطور‪ 7‬تاريخ المدينة‪ .‬وقد تتابعت مراحل تأسيس هذه المنشآت كما يلي‪ :‬إنشاء العاصمة‬
‫فسطاط‪ 7‬التي أسسها الفاتحون العرب (‪ ،)٦٤٢‬ثم إقامة (‪ )٧٥٠‬والقطائع (‪ )٨٦٨‬وهما منشأت لألسر‬
‫الحاكمة في عهد العباسيين والطولونيين‪ ،‬وأخيراً «قاهرة» التي أسسها الفاطميون القادمون من المغرب‪.‬‬
‫ومع ذلك لم تتحدد مصائر‪ 7‬مدينة القاهرة بصورة نهائية إال بعد تشييد قلعة صالح الدين (‪)١١٧٦‬‬

‫اما القاهرة بطرازها‪ 7‬الحالي فيعود‪ 7‬تاريخ إنشائها إلى الفتح اإلسالمي لمصر على يد عمرو بن العاص عام‬
‫‪ 641‬م وإنشائه مدينة الفسطاط‪ ،‬ثم إنشاء العباسيين لمدينة العسكر‪ ،‬فبناء أحمد بن طولون لمدينة القطائع‪،‬‬
‫ومع دخول الفاطميين مصر قادمين من إفريقية (تونس حالياً) بدأ القائد جوهر الصقلي في بناء العاصمة‬
‫الجديدة للدولة الفاطمية بأمر من الخليفة الفاطمي المعز لدين هللا وذلك في عام ‪969‬م‪ ،‬وأطلق‪ 7‬عليها‬
‫الخليفة اسم «القاهرة»‪ .‬وأطلق على القاهرة‪ -‬على مر العصور‪ -‬العديد من األسماء‪ ،‬فهي مدينة األلف‬
‫مئذنة ومصر‪ 7‬المحروسة وقاهرة المعز‪ .‬شهدت القاهرة خالل العصر اإلسالمي أرقى‪ 7‬فنون العمارة التي‬
‫تمثلت في بناء القالع والحصون واألسوار والمدارس‪ 7‬والمساجد‪ ،‬مما منحها لمحةً جماليةً ال زالت‬
‫موجودة بأحيائها القديمة حتى اآلن‪.‬‬

‫وتعد القاهرة محافظة ومدينة‪ ،‬أي أنها محافظة تشغل كامل مساحتها مدينة واحدة‪ ،‬وفي‪ 7‬نفس الوقت مدينة‬
‫كبيرة تشكل محافظة بذاتها‪ ،‬وتنقسم‪ 7‬إلى ‪ 37‬حياً‪ ،‬وتحتفل القاهرة بعيدها القومي في ‪ 6‬يوليو من كل عام‪،‬‬
‫وهو اليوم الذي يوافق‪ 7‬وضع القائد جوهر الصقلي حجر أساس المدينة عام ‪969‬م‪ ،‬ليبلغ عمر القاهرة اآلن‬
‫ما يربو على ‪ 1044‬عام‪.‬‬

‫تحليل سوات‬
‫‪2‬‬
‫نقاط القوة‬
‫إن قوة التضامن الجماعي جعل التحول الفردي صعبا ً كما أن الفاتحين أحجموا عن ممارسة الضغط على‬
‫األقباط أخذين في اعتبارهم المساوي‪ ،‬الضريبية التي تترتب على مثل هذا التحول‪ .‬لقد اتسمت بدايات‬
‫الغزو باتباع سياسة التسامح وذهبت هذه السياسة المبررة بموقف األقباط‪ 7‬المجامل تجاه الفاتحين المسلمين‬
‫إلى حد السماح ببناء كنائس جديدة‪ ،‬وال توجد أية عالمة على تحول أعداد كبيرة من المسيحيين المصريين‬
‫إلى اإلسالم قبل عهد الخليفة عمر الثاني (‪ )۷۲۰۷۱۷‬فإن تبني سياسة أكثر محاباة تجاه المهتدين» (عن‬
‫طريق إعفائهم من الجزية والتشدد‪ 7‬في جباية الضرائب من المسيحيين (بما فيهم‪ 7‬الرهبان) ال بد وأن يؤدي‬
‫إلى حدوث حركة تحول إلى اإلسالم‪ .‬وقد ساعد على ذلك أيضا ً االعتراف بالكنيسة المالكية وإعادة‬
‫كنائسها إليها (‪٧٢٥‬م)‪ .‬وكانت هذه الكنائس قد أعطيت لألقباط‪7‬‬

‫ومن الطبيعي أن يكون التعريب مرتبطاً‪ 7‬بالتحول إلى اإلسالم‪ ،‬لكن خالل القرن األول لم يلعب هذا العامل‬
‫سوي دوراً ثانويا ً فقد كان التعريب يرتبط بصفة خاصة بضخامة أعداد المهاجرين العرب سواء كانت‬
‫فرقا ً عسكرية أحضرت إلى مصر في فترات األزمات‪ ،‬والتي كان بعضها يقيم في البالد بصفة دائمة‬
‫انظر الفرق الشامية التي أحضرت إلى مصر‪ 7‬لقمع ثورة األقباط عام ‪ ۷۳۹‬والتي رفضت مغادرة البالد)‪،‬‬
‫أو كانوا سكانا ً أقاموا‪ 7‬في البالد كأفراد أو جماعات مثل القيسيين عام ‪ .)٧٢٥‬وإذا ما قبلنا فرضية جاستون‬
‫قبيت بأن ‪ ٪۹۲‬من السكان المصريين الحاليين هم من أصل قبطي يكون مجموع‪ 7‬هؤالء السكان العرب‬
‫الوافدين محدوداً للغاية‪ .‬ولكن التعريب حظي بدفعة كبيرة بسبب استخدام اللغة العربية تدريجيا ً كلفة‬
‫اإلدارة المحلية‪ ،‬األمر الذي فرض على الرعايا‪ ،‬وفي المقام األول على أولئك الذين يقومون بدور في هذه‬
‫اإلدارة معرفة لغة الفاتحين‪.‬‬

‫وقد جرت هذه التطورات‪ 7‬ببطء‪ .‬ويمكن متابعتها عن طريق‪ 7‬اللغة المستخدمة في التدوين على أوراق‪7‬‬
‫البردي والتي كانت أغلبها في البداية باللغة اليونانية وظهرت أول ورقة بردي محررة باللغتين العربية ‪-‬‬
‫اليونانية معا ً عام ‪ ،٦٤٣‬وكانت آخر ورقة عام ‪ .٧١٩‬وفي‪ 7‬غضون ذلك‪ ،‬كان الوالي عبد هللا بن عبد الملك‬
‫قد أصدر أمراً في عام ‪ ٧٠٦‬بوجوب تحرير‪ 7‬المستندات اإلدارية باللغة العربية‪ .‬وما نعرفه هو أن أول‬
‫ورقة بردي محررة باللغة العربية وحدها تعود إلى عام ‪ .۷۰۹‬ومنذ ذلك التاريخ أخذت األوراق‪ 7‬العربية‬
‫تتضاعف وأخذ استخدام اللغة اليونانية يتضاءل تدريجياً‪ 7‬وتعود أخر ورقة محررة باللغة اليونانية إلى عام‬
‫‪ ،٧٨٠‬ولم يظهر أقدم‪ 7‬نقش مدون باللغة العربية في مصر إال عام ‪ .٧٠٩‬وهكذا لم تفرض العربية نفسها‬
‫إال في النصف األول من القرن الثامن حين اعتبرت لغة رسمية وبهذه الصفة حلت مكان اليونانية‪ .‬وتظل‬
‫لغة الحديث بين السكان هي ‪ :‬القبطية لم يكن البطريرك ميخائيل يعرف العربية‪ ،‬وأرسل‪ 7‬إلى عبد هللا بن‬
‫عبد الملك طلبا ً محرراً باللغتين العربية والقبطية‪ .‬ومع ذلك فإن عدد األقباط الذين ال يتحدثون غير القبطية‬
‫أخذ في التضاؤل لعدة أسباب مجتمعة وهي التحول إلى اإلسالم‪ ،‬ثم ضرورات‪ 7‬الحياة اليومية التي تفرض‬
‫االتصال بالسلطات وأيضا ً بسبب مصالح الرعايا وفي القرن التاسع الميالدي كان الكهنة األقباط‪ 7‬أنفسهم قد‬
‫تعلموا العربية وقال مطران األشمونين ‪« :‬لقد طلبت معاونة مسيحيين قاموا بترجمة الوقائع ‪ -‬التي قرأوها‪7‬‬
‫لي باللغتين القبطية واليونانية – المحررة باللغة العربية التي هي اآلن منتشرة للغاية فى مصر حيث أن‬
‫غالبية السكان ال يعرفون القبطية واليونانية ‪ ..‬كانت الحالة قد انعكست منذ عام ‪٧٥٠‬م‪.‬‬

‫نقاط الضعف‬

‫‪3‬‬
‫كان العمران األصلي ضعيفا ً للغاية‪ ،‬ولم تتغير مساحة المدينة حتي نهاية العهد األموي‪ 7‬إال قليالً‪ ،‬وقد وجد‬
‫تزايد السكان مكانا ً بسهولة بفضل تكثف األحياء وشغل المساحات الداخلية الخالية بين الخطط األحياء]‪،‬‬
‫لكن حدث تراجع في التعمير في المناطق‪ 7‬األكثر بعداً عن المركز وال جدال في أن هذا التكثيف السكاني قد‬
‫حدث في شمال المنشأة الجديدة‪ ،‬فقد تحقق جيرو من حدوث تكثيف المسكن» في اسطبل عنتر مع وجود‬
‫العديد من الفراغات الفاصلة بسبب تزايد عدد السكان الطبيعي المصحوب بدخول المصريين إلى فسطاط‬
‫مما يشير إلى إنتهاء المدينة العربية‪ ،‬وتحولها إلى مدينة مختلطة تضم األهالي مع الفاتحين»‪ .‬وكان يحد‬
‫المدينة وقتذاك‪ 7‬وفقا ً لتوصيف كوبياك‪ 7:‬بركة الحبش في الجنوب‪ ،‬وتل األشرف في الجنوب الشرقي‪.‬‬
‫ويحدها في الشمال الخندق الذي تم حفره عام ‪ ٦٨٤‬الذي يفترض كوبياك بأنه يقع فيما وراء جبل يشكر ‪،‬‬
‫األمر الذي ال يبدو منطقيا ً على اإلطالق ألن المناطق التي أقام العباسيون فيها معسكرهم المسمى‬
‫«عسكر» عام ‪ ٧٥٠‬ثم شيد بن طولون مدينته وقصره (‪( )٨٦٨‬م) كانت غير مسكونة‪ .‬وفي‪ 7‬اتجاه الشرق‬
‫ناحية عين الصيرة كان حد المدينة يقع إلى جانب المنطقة التي نمت فيها فيما بعد مقابر القرافة الكبيرة‪،‬‬
‫شمال وجنوب‪ 7‬ضريح اإلمام الشافعي‪7‬‬

‫‪ .‬ومن المرجح أن «القطائع» وهي قطع األرض ذات الطابع العسكري‪ 7‬والتي منحت في البداية إلى‬
‫مجموعات القبائل قد تحولت تدريجيا ً إلى خططه وبعد مرور‪ 7‬قرون عديدة يبين المؤرخ المقريزي أن‬
‫خطط مدينة فسطاط‪ – 7‬مصر تتناظر مع األحياء الحارات بمسميات عصر المقريزي] التي كانت قائمة في‬
‫مدينة «القاهرة» في زمانه‪ .‬وال بد أن هذا التطور‪ 7‬كان متنوعا ً للغاية وفقا ً لطبيعة القطعة الممنوحة من‬
‫حيث المساحة والموقع‪ 7‬ذلك ألن المناطق المركزية كانت أكثر كثافة من المناطق الطرفية حيث توجد‬
‫مساحات متاحة بين الخطط أمكن شغلها تدريجياً‪ 7‬بالمباني‪ ،‬األمر الذي ساهم في اإلسراع بتنوع السكان‪.‬‬
‫وفي الواقع أن تقسيم األراضي‪ 7‬األصلي والذي كان على أساس قبلي قد خفت حدته‪ .‬وفقدت األحياء‬
‫تالحمها وال جدال بأن األحياء السكنية قد تكونت سريعا ً في أحياء الحمراء الثالثة التي تقع شمال المدينة‬
‫على طول نهر النيل‪ ،‬والتي كانت منذ البداية تضم سكانا ً من أعراق متنوعة للغاية والعديد‪ 7‬من األقباط‬

‫واستمرت منطقة «أهل الراية في التطور‪ 7‬حتى أنها كونت مركزاً‪ 7‬حضريا ً حقيقياً‪ .‬وفي هذه المنطقة التي‬
‫يحدها بابليون في الجنوب والنيل في الغرب‪ ،‬والحمراء في الشمال والتي تقع على مساحة تتراوح بين ‪۲٥‬‬
‫و ‪ ۲۰‬هكتاراً (حوالي ‪ ٦٠‬و ‪ ٧٠‬فداناً) كان يوجد مقر الحكومة وجامع عمرو مركز‪ 7‬المدينة الديني‪ ،‬بل‬
‫وأيضا ً األسواق‪ 7‬األكثر أهمية والمحيطة بالميناء‪ .‬وكان السكان األكثر غنى يقيمون في دور جميلة في هذه‬
‫المنطقة‪ .‬وأضفي توافد المهاجرين الجدد على المنطقة‪ ،‬وكانوا‪ 7‬بصفة عامة من الموسرين طابع الجالية‬
‫المتنوعة التي تراخت فيها العالقات القبلية القديمة‪ .‬وخالل هذه الفترة تم تجديد أو إعادة تشييد جامع عمرو‬
‫وتوسيعه عدة مرات األمر‬

‫الذي يجسد ترقية المدينة ‪ -‬المعسكر تدريجياً‪ 7‬إلى وضع عاصمة للوالية‪ .‬وفي‪ 7‬عام ‪٦٧٣‬م‪ ،‬قامت حكومة‬
‫مسلمة بن مخلد األنصاري بمضاعفة مساحة الجامع كما شيدت الماذن في أركان الجامع األربعة وفي عام‬
‫‪ ۱۹۸‬قام الوالي عبد العزيز بن مروان بمضاعفة مساحة المبني مرة أخرى‪.‬‬

‫وقامت مشكلة التعريب والتحول إلى الدين اإلسالمي‪ 7‬بتوجيه مستقبل مصر والتحكم فيه (‪ .)١٠‬ال شك‪،‬‬
‫كما سبق ورأينا‪ 7‬أن خضوع‪ 7‬األقباط للفاتحين قد ساهم في إنقاذ جماعتهم في األمد الطويل‪ .‬ومع ذلك يذكر‬
‫مطران نيقيا أن العديد من األقباط قد تحولوا إلى اإلسالم بسبب عدائهم لليونانيين وعلى ذلك فإن احتمال‬
‫تحول السكان المسيحيين تدريجيا ً إلى اإلسالم كان حقيقيا ً وقد‪ 7‬ساعد على ذلك بساطة اإلسالم وارتباطاته‬

‫‪4‬‬
‫بالوحي اليهودي‪ – 7‬المسيحي؛ كما كان الزواج بين المسلمين ونساء الميات‪ ،‬في صالح اإلسالم ألن أطفال‬
‫مثل هذا الزواج يصبحون مسلمين وأخيراً ساهمت اإلجراءات الضرائبية يتحمل األقباط‪ 7‬ضرائب شديدة‬
‫الوطاة واالجتماعية (احتمال) االندماج مع الطبقة المسيطرة) في تشجيع التحول إلى اإلسالم‬

‫المخاطر‬
‫وكان عرب جدد يجيئون لينضموا‪ 7‬إلى المقيمين من العرب األول (حوالي عشرة آالف شخص) في صورة‬
‫هجرة ضخمة أحيانا ً فقد قام متولي الخراج عبيد هللا بن الحجاب (‪٧٣٤( – ٧٢٤‬م بإحضار عرب‬
‫(تيسيين) وذلك لموازنة نفوذ اليمنيين‪ :‬وقد بلغ مجموع هؤالء القادمين الجدد خمسة آالف شخصا ً أقاموا‬
‫في منطقة بلبيس وأنت قوات الجيوش التي أرسلت عدة مرات إلى مصر‪ 7‬إلى تعزيز نواة فسطاط األصلية‬
‫ومن بينهم أفراد قوات الحملة العسكرية التي أرسلها الخليفة مروان األول عام ‪ ٦٨٤‬والفرق العسكرية‬
‫التي جاءت من سوريا‪ 7‬عام ‪ ٧٣٩‬للقضاء على ثورة األقباط‪ 7‬في صعيد مصر والتي رفضت بعدها التخلى‬
‫عن فسطاط‪ ،‬ويبدو أنها فضلت اإلقامة في الفسطاط‪ 7‬على العودة إلى معسكراتها القديمة‪ ،‬ثم تحلم محاربتها‬
‫من أجل إخضاعها (‪٧٤٣‬م)‪ ،‬ويرى‪ 7‬عالم اآلثار جيرو أن دراساته عن توسع مدينة الفسطاط‪ ،‬ودرجة‬
‫كثافتها ‪ ،‬ومدى تعريبها‪ 7‬عن طريق المقارنة بين ازدياد‪ 7‬عدد القيود والنقوش باللغة العربية واختفاء مثيلتها‬
‫باللغة القبطية) تُظهر‪ 7‬وجود عدد ضخم من السكان العرب يقدر بأكثر من ‪ ٢٠٠‬ألف شخص‪.‬‬

‫وأخيراً بدأ عدد كبير من السكان غير العرب يقطنون المدينة الجديدة‪ :‬كان يوجد منك البداية ثالث مناطق‬
‫تحمل اسم «الحمراء تقع شمال المنشأة الجديدة وتقيم فيها عناصر أجنبية مسيحية في أغلبها تعمل كجنود‪7‬‬
‫في الجيش واستمرت فيما بعد هجرة السكان غير العرب‪ ،‬والريفيين وأفراد‪ 7‬يقومون بوظائف ثانوية (خدم‪،‬‬
‫وسقاؤن‪ ،‬وحرفيون)‪ .‬كما تم تشييد كنائس في المنطقة الشمالية كنيسة تقع بعد القنطرة خارج حدود المدينة‬
‫وكنيسة القديس مينا التي أعيد تشييدها عام ‪٧٣٧‬م في الحمراء الوسطى‪ 7‬وذلك لخدمة األعيان من‬
‫المسيحيين الذين كانوا يسكنون هناك األمر الذي أثار فتنة لدى المسلمين ثم توجد كنيسة أخرى أكثر قربا ً‬
‫أيضا ً من وسط‪ 7‬المدينة في حي الحمراء الدنيا المالصق‪ 7‬لمنطقة أهل الراية‪ ،‬وفي‪ 7‬كنيسة مكرسة القديسة‬
‫مريم‪ ،‬وكائنة في موقع حساس بالقرب من جامع عمرو‪ ،‬وقد تم هدمها عام ‪ ، ٧٨٦‬لكن أعيد إنشاؤها فيما‬
‫بعد‪ .‬وعلى هذا فقد ازداد تعداد سكان فسطاط بمعدل سريع خالل هذا القرن األول‪ .‬ويقول عالم اآلثار‬
‫الالسيالف كوبياك أن عدد العرب القاطنين في فسطاط ازداد من حوالي ثالثين ألفا ً في نحو عام ‪ ٦٧٠‬إلى‬
‫خمسين | في عام ‪ ،٧٥٠‬األمر الذي يجعل مجموع السكان يصل إلى حوالي ‪ ٢٠٠‬ألف نسمة باإلضافة‬
‫إلى العبيد والموالي واألقباط‬

‫االمكانات‬
‫ومن الطبيعي أن يكون اختيار عاصمة للفاتحين الجدد أمراً بالغ األهمية‪ ،‬كان يمكن للعرب إقامة هذه‬
‫العاصمة في اإلسكندرية‪ ،‬ولكنهم أحجموا عن اختيارها‪ 7‬كعاصمة لهم طابعها وطابع سكانها‪ 7‬األجنبي‬
‫وموقعها‪ 7‬الذي يبدو كانه «خارج مصر وألنها تمثل أيضا ً بالنسبة للمصريين السيطرة األجنبية التي‬
‫يكرهونها‪ 7.‬ومن المحتمل أن يكون أمير المؤمنين عمر بن الخطاب قد أعطى تعليمات صريحة لعمرو بن‬
‫العاص‪« :‬ال تجعلوا بيني وبينكم ماء حتى متى أردت أن أركب اليكم راحلتي اإلبل الصالحة السفر حتى‬
‫أقدم عليكم قدمت»‪ .‬وكان من الواضح أنه من المنطقي إقامة العاصمة الجديدة في مكان ال يبعد كثيراً من‬
‫حصن بابليون الروماني‪ 7‬والبيزنطي‪ ،‬ويقع أيضا ً في مكان يسمح بالسيطرة على قدرات الدلتا الزراعية‬

‫‪5‬‬
‫وعند نقطة المرور‪ 7‬األكثر سهولة الجتياز مصر‪ ،‬وفي ذلك المكان ترك العرب أول معسكر‪ 7‬لهم حين‬
‫ذهبوا لفتح اإلسكندرية‪.‬‬

‫وقد تم تنظيم فسطاط‪ 7‬باعتبارها نوعا ً من المدينة ‪ -‬المعسكر وذلك طبقا ً للتقليد العربي‪ ،‬كما تم تقسيمها إلى‬
‫وحدات تتكون من فرق القبائل المكونة للجيش‪ :‬وقد كتب الجغرافي والمؤرخ‪ 7‬اليعقوبي [أحمد بن أبي‬
‫يعقوب عام ‪٨٩١‬م‪ ،‬يقول‪ :‬بعد قيام عمرو بن العاص بغزو بابليون‪ ،‬أقامت القبائل العربية أحياءها حول‬
‫خيمة (فسطاط) عمرو‪ ...‬ثم انتشرت فيما بعد في المناطق‪ 7‬المحيطة حتى وصلت إلى أطراف النيل ‪ ..‬وقد‪7‬‬
‫تم تقسيم األرض على أساس إقطاعات جماعية خطط خصصت إلقامة الخمسين مجموعة التي يتكون‬
‫منها الجيش وذلك وفقا ً للتجربة السابقة في البصرة والكوفه (بالعراق) وفي الجابية (بسوريا)‪ .‬ولم يخل‬
‫األمر من بعض النزاعات حول مساحات ومواقع‪ 7‬قطع األرض الممنوحة مما اضطر عمرو إلى تشكيل‬
‫لجنة تحكيم ‪ ..‬وكانت الحدود‪ 7‬القصوى‪ 7‬لمجموع قطع األراضي الممنوحة والمنفصلة عن بعضها البعض‬
‫كما يلي‪ :‬في الشمال يمتد خط الحدود‪ 7‬إلى ما وراء جبل يشكر بين قناطر‪ 7‬السباع وموقع القلعة التي شيدت‬
‫فيما بعد وفي‪ 7‬الشرق بربط خط الحدود بين القلعة وكوم‪ 7‬الجارح وبركة الحبش وفي‪ 7‬الغرب يحد هذه‬
‫األراضي مجرى النيل الذي كان بمحاذاة جامع عمرو وقصر‪ 7‬الشمع تقريباً‪ .‬وكان مجموع المساحة الكلية‬
‫بين ‪ ٦٠٠‬و ‪ ۸۰۰‬هكتاراً بين ‪ ۱۹۸۰‬و ‪ ۲۰۰۰‬قدان‪ ،‬ولكنها كانت مجموعة سكنية غير مترابطة إلى حد‬
‫بعيد ممنوحة لقبائل أكثر من كونها نظاما ً‬

‫حضريا ً حقيقياً‪ .‬ومع ذلك فقد ظهرت حينذاك بعض عناصر التنظيم إذ تكونت مجموعة رئيسية من (أهل‬
‫الراية تضم بين ‪ ٤٠٠‬و ‪ ٥٠٠‬شخصا ً تضم أفراداً‪ 7‬من قبيلة قريش (قبيلة الرسول)‪ ،‬ومن (األنصار) الذين‬
‫أقاموا في منطقة الوسط بالقرب من جامع عمرو وقصر الشمع‪ .‬وكانت توجد مجموعة غير عربية من‬
‫بينها بعض الروم (اليونانيون)‬

‫القاهرة مدينةـ فاطمية‬


‫يسجل عام ‪٦٩‬م لحظة حاسمة في تطور مصر العربية واإلسالمية الذي بدأ مع تأسيس مدينة فسطاط‪7‬‬
‫ومهما كانت رفاهية فسطاط‪ 7‬وتألقها‪ ،‬التي وصلت في الواقع إلى األوج‪ ،‬فإن تأسيس المدينة الفاطمية‬
‫(قاهرة) افتتح فصالً جديداً‪ ،‬وقد تابعت مدينة القاهرة تطورها دون انقطاع ‪ -‬إلى حد ما – وذلك حتى بداية‬
‫تحديث المدينة في منتصف‪ 7‬القرن التاسع عشر‪ .‬وقد تم تصور‪ 7‬المنشأة الفاطمية الجديدة باعتبارها مدينة‬
‫أسرة حاكمة»‪ ،‬وكان يمكن أن يتوقف‪ 7‬تطورها عند ذلك الحد‪ ،‬كما سبق وحدث للعسكر مدينة العباسيين أو‬
‫القطائع مدينة الطولونيين واللتين لم تشتمال على العناصر األولية التي تكون «مدينة» بالمعنى الحقيقي‬
‫للكلمة‪.‬‬

‫لكن مصير القاهرة كان مختلفا ً تماماً‪ ،‬إذ أنه كان من المحتم عند تحولها إلى مدينة أن تبتلع المنشأة األولى‬
‫فسطاط‪ ،‬ومدن األسر الحاكمة األخرى التي تحولت جميعا ً إلى أحياء داخل تجمع سكاني‪ 7‬واسع النطاق‪7.‬‬
‫وكانت جميع بذور تطور‪ 7‬القاهرة المقبل قد ظهرت خالل القرنين اللذين انصرما منذ وصول الفاطميين‬
‫إلى مصر (‪ )۱۹۹‬وحتى‪ 7‬اختفاء هذه األسرة الحاكمة (‪)۱۱۷۱‬‬

‫‪6‬‬
‫ويتسم عصرنا الجديد بظهور‪ 7‬دراسة من نوع جديد تؤدي بنا إلى زيادة معرفتنا‪ 7‬بالمنشأة األكثر قدماً‪ - 7‬يا‬
‫للغرابة ‪ -:‬وهي مدينة الفسطاط‪ 7.‬إذ أن علم األثريات لم يزودنا إال بمعلومات قليلة من مدينة « قاهرة قاهرة‬
‫المعز ألن دوام المدينة التي يزداد نشاطها‪ 7‬أكثر فأكثر‪ ،‬ويتزايد عدد سكانها فوق‪ 7‬موقع تأسيسها لم يسمح‬
‫بالحصول على معلومات مباشرة عن العصر الفاطمي‪ ،‬والذي نحصل على معارفنا عنه من المراجع‬
‫التاريخية وحدها‪ ،‬ومما كتب من حوليات خالل أزمنة الحقة (مثل) حوليات المقريزي‪ 7‬التي كتبت في بداية‬
‫القرن الخامس عشر)‪ .‬في حين أن الحفريات التي أجريت فوق موقع فسطاط قد القت ضوعا ً ساطعاً‪ 7‬على‬
‫ذلك الجزء من المدينة الذي كان متاحا ً للبحوث األثرية ولم يكن هذا الجزء يمثل وسط المدينة الواقع على‬
‫طول النيل لكنه يمثل األحياء المتطرفة‪ ،‬وهي مناطق‪ 7‬تم هجرها وبالتالي أمكن عمل دراسات أثرية فيها ثم‬
‫أصبحت اليوم متعذرة تماما ً بسبب توسع المدينة‪ .‬ومهما كانت الصعوبات‪ 7‬والقيود إال أن هذا التنقيب‬
‫األثري يزودنا‪ 7‬بمعلومات مباشرة ومعاصرة ثمينة للغاية بشأن العصر الفاطمي‪ ،‬إن األعمال التي‬

‫قام بها علي بهجت وجبرييل على مسطح مساحته ‪ ۱۲‬هكتاراً (حوالي ثالثون فداناً) يقع شرقي‪ 7‬فسطاط‪ 7‬قد‬
‫أتاحت إظهار أحد األحياء السكنية بالمدينة‪ :‬وقد يعود تاريخ هذا الحي إلى القرنين السادس والسابع كما‬
‫أوضح ذلك أخيراً ‪ ..‬سكانلون و ف‪ .‬كوبياك‪ 7‬اللذان أدت حفرياتهما على مساحة ‪ ٣‬هكتارات (‪ )۳۰‬ألف‬
‫متر مربع) إلى تزويدنا بمعلومات إضافية عن المسكن في فسطاط ومن تعمير هذه المدينة‬

‫مخطط القاهرة في عهد الفاطميين‬

‫قاهرة المعز‬
‫بعد قرابة المائة عام على إنشاء القطائع‪ ،‬قدم إلى مصر جيش الفاطميين من المغرب بقيادة جوهر الصقلي‬
‫موفداً من الخليفة المعز لدين هللا‪ ،‬ووصل إلى الفسطاط‪ 7‬في ‪ 11‬شعبان ‪ 358‬هـ‪/‬يوليو‪ 969 7‬م‪ ،‬ودخلها في‬
‫اليوم التالي‪ ،‬ونزل مع جنوده في الفراغ الواقع شمال شرقي القطائع وأخذ في وضع أساس القاعدة‬
‫الفاطمية الجديدة في ‪ 17‬شعبان ‪ 385‬هـ‪ 7/‬يوليو ‪ 969‬م‪ ،‬والتي سماها «القاهرة»‪ ،‬كما وضع أساس‬
‫القصر الفاطمي الكبير في ‪ 18‬شعبان ‪ 358‬هـ‪ ،‬وشرع‪ 7‬بجانبه في بناء الجامع األزهر في جمادي األول‬
‫سنة ‪ 359‬هـ‪/‬أبريل ‪ 970‬م‪ .‬أنشئت المدينة على مساحة ‪ 340‬فدان‪ ،‬وبني حولها سور من اللبن مربع‬
‫‪7‬‬
‫الشكل طول كل من ضلعيه الشمالي والجنوبي ‪ 1500‬ذراع‪ ،‬وضلعيه الشرقي والغربي‪ 1700 7‬ذراع‪،‬‬
‫وبكل ضلع من أضالع السور بوابتان‪ ،‬فالضلع الشمالي به باب النصر وباب الفتوح‪ ،‬والشرقي‪ 7‬به باب‬
‫البرقية (الغريب) والقراطين (المحروق)‪ ،‬والجنوبي يواجه الفسطاط عند باب الخلق وبه باب زويلة‬
‫(المتولي) وباب الفرج‪ ،‬والغربي به باب القنطرة وباب سعادة‪ .‬بدأت المدينة كمدينة عسكرية تشتمل على‬
‫مساكن األمراء ودواوين الحكومة وخزائن المال‪ ،‬وفي‪ 7‬سنة ‪ 973‬تحولت إلى عاصمة الدولة الفاطمية‬
‫عندما انتقل إليها المعز لدين هللا من المغرب‪ ،‬وأطلق‪ 7‬عليها قاهرة المعز‪ .‬بعد انقضاء ‪ 120‬سنة من‬
‫تأسيس القاهرة رأى أمير الجيوش بدر الجمالي وكان وزيراً للخليفة المستنصر‪ 7‬باهلل أن الناس شيدوا خارج‬
‫سور القاهرة بسبب اتساع العمران‪ ،‬فأحاطها‪ 7‬بسور وصله بسور جوهر عام ‪ 480‬هـ‪ 1087/‬م‪ ،‬وأقام‪7‬‬

‫السور الجديد من اللبن واألبواب‪ 7‬من الحجارة‬

‫العصر األيوبي‬
‫أرسل السلطان نور الدين محمود حملة إلى مصر‪ 7‬لطرد الصليبيين بقيادة أسد الدين شيركوه‪ ،‬الذي‬
‫اصطحب معه صالح الدين ابن أخيه نجم الدين أيوب‪ .‬وعقب وفاة شيركوه ولي الخليفة العاضد صالح‬
‫الدين وزارة مصر‪ ،‬فأصبح بذلك الرجل األول في الدولة‪ .‬ثم استبد صالح الدين باألمور وضعف أمر‬
‫العاضد وهدم دار المعرفة وبناها‪ 7‬مدرسة شافعية وبنى دار الغزل للمالكية وعزل قضاة الشيعة وأقام‬
‫قاضيا ً شافعياً‪ 7‬في مصر واستناب في جميع البالد وبدالً من أن ينشئ صالح الدين عاصمة جديدة‪ ،‬اتجه‬
‫إلى ضم ضواحي المدينة األربعة (الفسطاط‪ 7‬والعسكر والقطائع والقاهرة الفاطمية) لتكون معا ً عاصمة‬
‫الدولة‪ ،‬فخرجت القاهرة عن نطاق أسوارها القديمة وامتد تخطيطها‪ 7‬ليصل إلى قلعة الجبل‪ ،‬التي ظلت‬
‫مقراً لحكم مصر في مختلف العصور التي تلت حكم األيوبيين‪ ،‬وحتى عصر الخديوي إسماعيل الذي نقل‬
‫مقر الحكم إلى قصر‪ 7‬عابدين‪ .‬وفي‪ 7‬عام ‪ 569‬هـ انتدب بهاء الدين قراقوش لمد سور حول القاهرة بحدودها‪7‬‬
‫الجديدة‪ ،‬فزاد في سور القاهرة الممتد من باب القتطرة إلى باب الشعرية‪ ،‬ومن باب الشعرية إلى باب‬
‫البحر‪ ،‬ثم زاد في الجزء الذي يلي باب النصر إلى برج الظفر ومن هذا البرج إلى برج البرقية ومنه إلى‬
‫درب بطوط‪ 7‬وإلى خارج باب الوزير‪ 7‬ليتصل بسور قلعة الجبل‪ .‬ومن معالم تلك الحقبة التي ما زالت باقية‪،‬‬
‫سواقي عيون بئر يوسف وقناطر‪ 7‬مجرى المياه التي تحمل المياه إلى القلعة‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫العصر المملوكي‬
‫يعد عصر المماليك هو العصر الذهبي للقاهرة‪ ،‬وال سيما بعدما خفت وطأة الحروب الصليبية في الشام‪،‬‬
‫وانتصر‪ 7‬المماليك على المغول‪ .‬ففي عهد الظاهر بيبرس امتدت القاهرة في اتجاه الشمال خارج أسوارها‬
‫في حي الحسينية‪ ،‬وشيد‪ 7‬مسجداً رائعا ً يعرف‪ 7‬اليوم باسم جامع الظاهر وكان اسمه قديماً‪ 7‬جامع الصافية‪،‬‬
‫كما شيد العديد من المباني في قلعة صالح الدين كدار الذهب‪ ،‬وأنشأ األسواق والجسور والقناطر‪،‬‬
‫وشاركه أمراؤه في بناء العديد من العمائر والرباع‪ 7‬والخانات والدور والمساجد‪ 7‬والحمامات التي أضافت‬
‫لمسة من الجالل والجمال على المدينة‬

‫وفي عهد أسرة قالوون‪ 7‬التي حكمت مصر قرابة المائة عام‪ ،‬شيد المنصور قالوون طائفة من العمائر‬
‫النادرة‪ ،‬منها مدرسة الجليلة وقبته أو ضريحه‪ ،‬وأنشأ المارستان وجعله وقفا ً لجميع الطوائف من الملك‬

‫‪9‬‬
‫حتى العبيد‪ ،‬وما زال جزء منه قائما ً إلى اليوم‪ .‬وفي أيام السلطان الناصر محمد بن قالوون‪ ،‬امتدت‬
‫القاهرة جهة الشمال عبر الصحراء والشمال الغربي والغرب أيضا ً بما طرحه النيل من طمي أثمر‬
‫تدريجيا ً عن أرض جديدة غرب القاهرة‪ ،‬فلم يترك أمراء المماليك قطعة أرض داخل القاهرة إال وأقاموا‬
‫فيها المساجد والمدارس والحمامات والسبل والوكاالت‪ 7‬واألضرحة‪ ،‬فعم الرخاء على المدينة وازدهرت‪7‬‬
‫التجارة وتسابق‪ 7‬األمراء واألعيان على تشييد أبهى فنون العمارة‪ .‬وأحب السلطان الناصر‪ 7‬العمارة فرصع‪7‬‬
‫القاهرة بأفخم المباني‪ ،‬وأنشأ تحت قلعة صالح الدين ميدانا ً لأللعاب والمسابقات بين األمراء‪ ،‬وعمر كثيراً‬
‫من القصور‪ 7‬داخل القلعة‪ ،‬وشيد جامعه ذا المئذنتين الذي ما زال قائما ً حتى اآلن‪ ،‬وفي أيامه زار مصر‬
‫الرحالة المسلم ابن بطوطة في عام ‪ 1326‬فقال عنها «قهرت قاهرتها‪ 7‬األمم‪ ،‬وتملكت ملوكها نواصي‪7‬‬
‫العرب والعجم»‪ ،‬وفي أثناء حكم المماليك البحرية ولد المؤرخ تقي الدين المقريزي‪ ،‬الذي ألف موسوعة‬
‫هامة عن خطط مصر وعن القاهرة بوجه خاص وصفت جمال عمارة القاهرة وفنونها‪ 7.‬وفي أيام السلطان‬
‫حسن بن قالوون شيدت عمارة جليلة تمثلت في مدرسة ومسجد السلطان حسن‪ ،‬الذي يعد أجمل مساجد‬
‫القاهرة‪ 41:63:]19[.‬وفي عهد المماليك الجراكسة ظهر حبهم للعمائر الجميلة والذوق السليم‪ ،‬فشيد‬
‫سالطينهم وأمراؤهم العمائر والمساجد ومنها مسجد الملك الظاهر برقوق بجوار‪ 7‬مدرسة الناصر‪ 7‬قالوون‪،‬‬
‫وخانقاه الملك الناصر بن برقوق‪ ،‬وهي بناء ضخم صمم ليخدم عدة أغراض‪ ،‬فهو ضريح آلل برقوق‪7‬‬
‫ومدرسة للعلوم ومسجد وخانقاه فخمة‪ ،‬ومسجد الملك المؤيد شيخ بجوار باب زويلة‪ ،‬ومسجد‪ 7‬السلطان‬
‫األشرف برسباي‪ ،‬ومسجد‪ 7‬السلطان األشرف‪ 7‬قايتباي‪ ،‬ومسجد السلطان قنصوه الغوري‬

‫‪10‬‬
‫العصر العثماني استولى‪ 7‬السلطان سليم على مصر وشرع في تأييد سلطته‪ ،‬فجعل عليها حاكما ً يلقب‬
‫بالباشا‪ ،‬وليضمن عدم خروج الباشا على اآلستانة ويستقل بمصر‪ ،‬جعل في مصر ثالث إدارات كل منها‬
‫يراقب اآلخر‪ ،‬حتى ال يخشى من اتحادها أو تمردها‪ ،‬فكانت القوة األولى هي «الباشا» وأهم واجباته هي‬
‫إبالغ األوامر السلطانية لرجال الحكومة والشعب ومراقبة تنفيذها‪ ،‬والقوة الثانية هي «الوجاقات الست»‬
‫وواجبها هو حفظ النظام والدفاع‪ 7‬عن القطر المصري‪ ،‬وتوزعت في القاهرة والمراكز الرئيسية‪ ،‬أما القوة‬
‫الثالثة فهي «المماليك» وهم بقايا المماليك البحرية والجراكسة‪ ،‬وواجبهم‪ 7‬حفظ التوازن بين الباشا‬
‫والوجاقات‪ 7‬ألنهم أعداء لكال الفريقين‪ .‬وظل أمراء المماليك هم أصحاب القوة الفعلية بالبالد‪ ،‬وزاد نفوذهم‬
‫مع تقلص نفوذ الباب العالي وتقلص نفوذ والته في مصر‪ .‬ومن آثار تلك الحقبة التي ما زالت باقية مسجد‬
‫محمد بك أبو الذهب تجاه الجامع األزهر‪ ،‬وعمائر عبد الرحمن كتخدا «محافظ مصر»‪ ،‬والذي كان‬
‫مغرما ً بالبناء فأنشأ‪ 7‬وجدد الكثير من المساجد والسبل واألضرحة‪ ،‬وكان في مقدمة الساعين لتجميل‬
‫القاهرة‪ ،‬ويتجلى‪ 7‬ذلك في سبيله الرائع الواقع في ملتقى شارعي النحاسيين والجمالية والمعروف باسمه‬
‫حتى اليوم‪ ،‬كما أنشأ بالقرب من باب الفتوح مسجداً وكتاباً‪ ،‬وزاد في مقصورة الجامع األزهر وبنى به‬
‫محرابا ً جديداً وأقام له منبراً وأنشأ له بابا ً عظيما ً وبنى‪ 7‬بأعاله مكتبا ً لتعليم األيتام من أطفال المسلمين‪،‬‬
‫وبنى المدرسة الطيبرسية‪ ،‬وأنشأ‪ 7‬عند باب البرقية «باب الغريب» جامعا ً ومكتباً‪ ،‬وجامعا ً ومكتباً‪ 7‬وساقية‬

‫ومنارة جهة األزبكية‪ ،‬كما بنى المشهد الحسيني‪ ،‬ومشاهد السيدة زينب والسيدة سكينة والسيدة عائشة‬
‫والسيدة فاطمة والسيدة رقية‪ ،‬وجدد المارستان المنصوري‪ ،‬وكانت دار سكناه بحارة عابدين من الدور‬
‫العظيمة المحكمة الوضع واإلتقان‪.‬‬

‫‪11‬‬

You might also like