Professional Documents
Culture Documents
ar
الحضارة المصرية
am
دروس من أعمال موجهة خاصة بطلبة السنة األولى ل م د.
Ou
EN
إعيشوشن واعمر.د
CH
OU
2022/2023
CH
La civilisation Egyptienne est l’un des plus importants héritages de l’humanité. Sa promotion, sa mise en
valeur et sa préservation est un droit et devoir de tous les peuples et nations du monde. Son importance
IAI
pour nos générations actuelles est futures est dans les enseignements que les recherches archéologiques
nous offrent comme elle a été la source de développement et de la création.
Dr.
La civilisation égyptienne
1ـ تسمية البالد " :مصر هبة النيل"هي مقولة هيرودوت.يرجع أصل تسمية " مصر" بهذا االسم إلى روايات
عديدة منها أنها كلمة سامية نسبة إلى مصرايم بن حام بن نوح عليه السالم الذي سكن مصر بعد الطوفان ،ويرى
آخرون أن مصر لفظ أطلقه العرب ومعناه بلد جمعه أمصار وهو اسم شائع في العصور اإلسالمية ،وهناك من يرى
أن معناه كثرة الخير والنماء.
:Égypteكلمة جاءت من اسم لمعبد إله مصري يدعى Houl Ka Ptahبمعنى" روح االله بتاح" .كتبها
الفارسيين ،Hikouptahونقله عنهم الكريتيين بنطق .Aykuptijoعندما تحدث هوميروس عن هذه البالد أخذ هذا
االسم عن الكريتيين وأصبح Aigyptosعند اإلغريق و Egyptحاليا.
أما االسم الذي عرف به قدماء المصريين موطنهم في اللغة هو كميتا وكيمي وتعني "األرض السوداء" كناية
عن أرض وادي النيل السوداء تمييزا لها عن األرض الحمراء الصحراوية المحيطة بها.
ar
2ـ تسمية السكان :بين األساطير و الواقع يبقى أصل سكان مصر غير محدد.
am
يعتقد المصريون القدماء أن أصولهم من اإلله "رع" (إله الشمس) الذي أوجد سكان مصر القديمة .و رواية
أخرى تقول أن أصول هذه الحضارة تعود إلى بالد تسمى البنط ،و هو أسم جاء في الكتابات الهيروغليفية القديمة
يمكن أن يكون موقعه بين الساحل األفريقي والمحيط الهندي .و أخرى تعتبرهم من سكان أفريقيا الذين استقروا على
Ou
ضفاف نهر النيل ،و أخرى تعتبرهم من غزاة جاءوا من الشمال وسيطروا على هذه البالد و ساهموا في ظهور
حضارة متطورة.
من الجانب العلمي توصلت األبحاث إلى أن أصول المصريين تعود إلى عصور ما قبل التاريخ بين العصرين
EN
الحجري والبرونزي .و كان ذلك في حدود 6آالف قبل الميالد حيث جاءت مجموعة مختلفة منها رعاة أغنام جاؤوا
من ليبيا ونوميديا و أخرى من الرُّ حَّ ل من إثيوبيا و مجموعات من شبه الجزيرة العربية ،و توحدوا بعامل االستقرار
الذي أدى إلى تكوين الحضارة المصرية القديمة .و كان تحليل الجينات لعدد كبير من الممياء فضل في تحديد
CH
األصل اإلفريقي لمعظم سكان مصر القديمة .و القليل الباقي يمثل الشعوب المهاجرة من جراء التطور الحضاري
الذي فرضته مصر على الشعوب المجاورة لها.
OU
جغرافية بالد مصر :توجد منطقتان هما مصر العليا في الجنوب ومصر السفلى في الشمال وهو ارتفاع
طبوغرافي ،يتميز الجزء الجنوبي بالجبال والهضاب ،وكان هذا التمييز يعتمد على اتجاه تدفق نهر النيل .منذ 40
ألف سنة كانت مليئة بمصادر المياه والنباتات بين المرتفعات الجبلية ،لكن ابتداء من األلف السابع إلى األلف الرابع
CH
قبل الميالد تحولت إلى مناطق طاردة للسكان المستقرين فيها منذ مئات اآلالف من السنين إلى ضفاف النيل.
3ـ المراحل التاريخية للحضارة المصرية :عرفت الحضارة المصرية كثير من المراحل أهمها:
IAI
أ ـ فترة ما قبل التاريخ :تمتد بين 300ألف سنة و 4000سنة قبل الحالي .عرفت هذه المنطقة بداية االستقرار
البشري و قيام صناعة حجرية أشولية تنتشر مواقعها تبعا لحوض النيل إلى بالد السودان وإفريقيا .وتطورت هذه
الصناعة بإنتاج أدوات مهذبة وحادة وذات حواف متناظرة .تبعتها مرحلة اكتشاف أثار لممارسة النشاط الزراعي
Dr.
1
La civilisation égyptienne
الظروف تم توحيد بالد مصر تحت تاج واحد على يد الملك" مينا" وأسس عاصمته في مدينة منفيس كانت تدعى
InebHedjوتعني الجدار األبيض وتغير اسمها ليصبح Ankh Taouyملتقى البلدين .وسميت كذلك Men
neferمستقر الجمال ،أما منفيس فهي نطق إغريقي لكلمة مانفي القبطية ،وبتحولها إلى عاصمة إدارية تحول
معبدها إلى معبد رئيسي للدولة المصرية.
عرفت هذه المرحلة ظهور الكتابة ،تطورت من استعمال الرسوم والرموز كوسيلة للتواصل،ضبط أوقات
فيضان النيل،تقسيم السنة إلى شهور والشهور إلى أيام،ظهور السلطة (السيادة ،ظهور القبيلة والنظام العشائري).
بعد الوحدة عرفت مصر مرحلة ما بعد األسرات والتي بدورها تنقسم إلى فترات منها:
ت ـ اإلمبراطورية القديمة 3200 :ـ 2160ق م ،حكمت فيها األسر من 01إلى األسرة 06عاصمتها منف،
وأهم ما يميز هذه الفترة:
ar
تدعيم وحدة البالد تحت لواء الملك "مينا"واستقرار نظام الحكم ،ارتكاز االقتصاد بالدرجة األولى على ضفاف
am
نهر النيل الذي يتميز بأراضيه الخصبة المالئمة للزراعة إلى جانب تنشيط الصناعة وكذا التجارة .عرفت في عهد
األسرة السادسة حمالت توسعية نحو البحر األحمر وبالد النوبة.
وكان الجانب الديني أو السلطة الدينية هي العامل األول في توجيه هذه المنجزات وبناء هذه الدولة وكان المعبد
Ou
مركز كل مدينة مهمة .بهذا العامل عرفت هذه الفترة انتشار كثير من المعابد .واشتهرت فترة األسرة 6بظهور أول
المباني الهرمية كنمط من العمارة الجنائزية.
في الفترة ما بين األسرة 07واألسرة 2200( 10ـ 2061ق م) سادت فيها الفوضى ومحاولة األسر المحلية
EN
استعادة السلطة من أيدي ملوكها وقلصت تلك الثورات من سلطة الفراعنة اتجاه طبقة األشراف وأضعفت من
شخصياتهم لدرجة أدت إلى حدوث األزمة السياسية واالقتصادية وانقسمت البالد بين منطقة الدلتا تحت حكم أمراء
هيراكليوبوليس وملوك الطيبة في مصر العليا.
CH
ث ـ اإلمبراطورية الوسطى :تشمل األسرات 11إلى 2061(14ـ 1785ق م) :أعاد أمنحوتب الثاني توحيد
مصر وانتقال العاصمة إلى "طيبة" وبنائه للمعبد الجنائزي في الدير البحري.
OU
وكان ملوكها قد كسبوا قوة شخصية الملوك وطول فترة بقاءهم على العرش.تميز هذه الفترة بامتداد سلطان
مصر إلى غاية سوريا والنوبة وارتقاء االقتصاد في كل جوانبه األمر الذي جعلها عرضة ألطماع جيرانها من قبائل
CH
البدو.
من الناحية المعمارية عرفت هذه الفترة ظهور مباني جنائزية وهي القبور المحفورة في أعماق التالل وأذرع
الجبال ومن الناحية الدينية ظهر رمز إلهي وهو التمساح الذي كان يعيش في منطقة الفيوم في بحيرة قارون التي
IAI
استغلتها األسرة 12وهي منطقة خصبة .الفيوم اسم جاء من اللغة القبطية يكتب Phiomوأخذوها عن الفراعنة Pa
iamوالتي تعني بالد البحر وكانت تغذيها مياه أحد فروع النيل لكنها جفت بجفافه وتحولت إلى واحة تدعى واحة
يوسف نسبة للنبي يوسف عليه السالم.
Dr.
إلى جانب هذا ظهرت المسالت أو األعمدة المصرية obélisquesواستعملت األعمدة ذات التيجان سجلية
colonnes fasciculées lesكما استعملت مواد أخرى غير الحجر مثل الخشب واكتشف العنق المصري
. gorge Egyptienne
لكن بالمقابل كبر سن ملوكها وهم على العرش أفقد ورثاءهم المهمين قوة حضورهم أمام العامة مما أدخل
بالدهم في فترة ضعف سريعة .يظهر هذا الضعف أكثر في الفن التمثالي وحجمه وتقنيات بناء األهراماتب شكل
غير متقن وكثير منها لم يدفن فيها ملوكها ولم تعد هذه المعابد واألضرحة مقدسة ومحترمة بل كانت تسرق في ليلة
وضع الميت فيها .وبهذا الضعف ضعفت معه العاصمة لحساب مدن أخرى حيث كانت مدينة طيبة تواصل هجماتها
على المدن األخرى.
2
La civilisation égyptienne
في عهد األسرة 15و 1785( 16ـ 1560ق م) دخلت الدولة المصرية مرحلة ضعف وغزوات الهكسوس
حكموا تقريبا نصف قرن ابتداء من 1720ق م واخضعوا بالد مصر وشعبها وأعلنوا أنفسهم فراعنة وتبنوا النظام
السياسي المصري والكتابة الهيروغليفية وشكلوا أسرة حاكمة بالتوازي مع األسرة 17في "طيبة" وأسسوا مدينة
أباريس ( )Avarisفي الدلتا عاصمة لهم إلى غاية طردهم والنهوض مرة أخرى وتكوين إمبراطورية جديدة.
الهكسوس شعب من آسيا الصغرى قدم من الشمال إلى مصر بعرباته وأسلحته البرونزية ،سمي
Hekakhasoutبالهيروغليفية تعني عهد الملوك األجانب و""hyksosباإلغريقية تعني ملوك رعاة .وفي عهد
األسرة 17ومن طيبة حرروا البالد من حكم الهكسوس ووحدوها من جديد وعاد النشاط واالزدهار في كل الميادين
هذا ما تبينه المنجزات الفنية المتقنة ،مقتبسة من فنون الفترة الوسطى مع تطويرها بشكل أجود.
ج ـ المملكة الحديثة :األسرة 18ـ 20ما بين 1750و 1085ق م وهي فترة األسر الملكية المشهورة منها عائلة
ar
"أمنحوتب 1و 2و،"3عائلة "تحتموسيس من 1إلى 4حاتشيبسوت""،أخناتون ونفرتيتي وتوت عنخ
أمون""،رمسيس من األول إلى ".11
am
أسسوا مملكة الثينة الثانية Thanisخلص فيها الفرعون أحموسيس مصر نهائيا من هيمنة الهكسوس على
منفيس و المنطقة الشمالية ثم أعاد نفوذه على بالد النوبة وقام ورثاءه بتوزيع األراضي وإنجاز قنوات سقي جد
Ou
كبيرة ،و معابد لإلله أمون رع لوحده ،و هي فترة تدعى فترة مصر الجديدة .في عهد الملك تحوتمس الثالث احتلت
مصر كل من سوريا ولبنان وانتصر في معركة مجيدو على أمراء سوريا في 1479ق م ،فامتدت السلطة
المصرية حتى الفرات ،كما أتم بناء المعبد الكبير لإلله آمون بالكرنك.
EN
قام أمنحوتب الرابع (أمينوفيس الرابع) زوج نفرتيتي بتقليد اإلله" آتون" المكانة التي كان يحتلها اإلله آمون ـ
رع ،ثم تغير اسم الملك نحو أخناتون الذي يعني الذي ٌيسِ ر اإلله آتون وبنى عاصمة جديدة في تل العمارنة على
الضفة الشرقية من النيل ،قام خلفه توت عنخ أمون بإعادة عبادة اإلله آمونوبعد وفاته حكم قائد الجيش حور محب.
CH
في فترة حكم أسرة الرعامسة حققوا انجازات كبيرة ،كانتصار رمسيس الثالث على الحثيين وردعه لغارات
شعوب البحر ،انتهاء بناء معبد الكرنك ،تشيد المسالت وتماثيل رمسيس في طيبة ،تماثيل معبد أبو سنبل في النوبة،
OU
تماثيل معبد أبيدوس إلى جانب بناء مقابر كبيرة في واد الملوك كما بنيت خالل األسرة 20مدينة هابو .لكن كل هذا
أدخل مصر في مرحلة ضعف بسبب حرب دينية.
في الفترة الممتدة بين 1069و 945ق م انقسمت البالد بين شمال يحكمها فراعنة الثنيين والجنوب تحت نفوذ
CH
سلطة كهنة اإلله آمون من األسرة 21معاصرة لحكم النبي داوود وابنه سليمان عليهما السالم في فلسطين .في عهد
األسرة 22بين عامي) 945و 730ق م)تولت أسرة ليبية الحكم في الجنوب وتقابلها في الدلتا تأسيس األسرة 23
خالل فترة 818و 754ق م.
IAI
فيما بعد شب نزاع بين األسرة 730( 24ـ 715ق م) مع األثيوبيون في الصعيد الذين قدموا من النوبة
ويستولون بذلك على مصر العليا إلى غاية "طيبة" .وبقي التاريخ الممتد بين 715و 525ق .م حاربت فيه األسرة
Dr.
25اآلشوريون وقضى عليهم آشور بن بعل وأقام على الحكم األسرة 26كما ضعفت قوة مصر خارج أراضيها
وانتهت هيمنتهم أمام قوة الكلدانيين ،والبحارة الفينيقيون إلى غاية 526ق م .مباشرة عرفت المنطقة االحتالل
الفارسي بين األسرة 26و 27من) 525إلى 410قبل الميالد ( ،ثم دخل اإلغريقيون الذين تحصلوا بدورهم على
امتيازات تجارية وادخلوا الى مصر الحضارة الهيلينستية ثم تالهم األخمينيون الذين استولوا على مصر نهائيا
واخضعوا البالد لسلطانهم .ولم تسلم مصر من الرومان الذين أعلنوها مقاطعة تابعة لهم بعد 23ميالدي على يد
القنصل أوكتافيوس.
-4الجانب االجتماعي :تكون المجتمع المصري القديم من عدة طبقات على شكل هرمي ،وهذه الطبقات:
-1الطبقة العليا :ويمثلها الفرعون وأسرته.
-2طبقة كبار رجال الدولة :وتشمل الوزير وكبار الكهنة والقادة.
3
La civilisation égyptienne
ar
ارتفعت مكانة المرأة في المجتمع المصري القديم حازت على احترام وكانت لها مكانة مميزة في األسرة
am
والمجتمع وتمتعت بالكثير من الحقوق فقد مارست عمليات البيع والشراء ،مارست الموسيقى والغناء ،تمتعت
بحقوق الوراثة والشهادة والتعاقد ،وصلت الى عرش مصر وأثبتت جدارتها كالملكة حتشبسوت ،تمتعت بمكانة
خاصة في عالم اآللهة التي عبدها قدماء المصريين كاإللهة إيزيس ،كما حرص األزواج على حسن معاملتهم
Ou
لزوجاتهم ،والعمل على رفاهيتهن ومساعدتهن كما يتضح من النص التالي الذي يؤرخ للدولة القديمة " :إذا كنت
عاقال فأسس لنفسك بيتا ،وأحبب زوجتك حبا جما...واعمل على رفاهيتها ليدوم معها صفاؤك وتستمر سعادتك" من
أقوال الحكيم "بتاح حب".
EN
اهتم المصريون القدماء بتربية أطفالهم فكانت األم تتولى تربية أطفالها في فترة الرضاعة والحضانة ،أما األسر
الغنية فكانت تستأجر مرضعات ألطفالها ،وحرص اآلباء على تعليم أبنائهم األخالق الحميدة وآداب السلوك منذ
الصغر ،وكان األطفال يتلقون تعليمهم في مدرسة المعبد ،وكانت األمهات تذهبن يوميا لدفع أجر المعلم على شكل
CH
مأكوالت.
اختلفت المساكن في مصر القديمة باختالف طبقات المجتمع حيث وجدت مساكن العامة التي كانت تبنى من
OU
الطوب اللبن المصنوع من طمي النيل مخلوطا بالقش والرماد ،تميز منزل المصري القديم بالبساطة حيث تكون من
طابق واحد وحجرة واحدة تتصل بفناء المسكن ،أما مساكن األغنياء فكانت كبيرة متعددة الحجرات وبها غرفة
واسعة الستقبال الضيوف وإقامة االحتفاالت التي شغف بها المصريون ،كذلك احتوت على غرف جانبية لخزن
CH
الغالل وإسطبالت الحيوانات ،و كانت تحيط بالمنزل حديقة تزرع فيها األشجار كالنخيل وتتخللها األزهار ،
وتجملها تعريشات العنب ،وتحتوي على حوض مياه لتلطيف حرارة الجو.
اختلفت المالبس في مصر القديمة باختالف طبقات المجتمع ،حيث اختلف زي الملوك عن زي األمراء ،عن
IAI
الكهنة عن الجنود عن كبار الموظفين عن العمال عن الرعاة والمزارعين ،ومع ذلك فقد كانت الطبقات الشعبية تقلد
زي الطبقات األعلى منها .مالبس الملوك واألغنياء كانت تصنع من الكتان الرقيق الناعم أو من الحرير المستورد
من سوريا وكانت تطرز بالذهب والفضة واألحجار الكريمة ،وكانت لدى قدماء المصريين مالبس خاصة
Dr.
بالمناسبات واالحتفاالت كما اهتموا بحسن مظهرهم فالرجل لبس األساور والخواتم واهتم بحلق ذقنه وقص شعره
واستعمل الشعر المستعار ،أما الكهنة فكانوا يحلقون رؤوسهم .تزينت المرأة باألساور واألقراط
والعقود والقالئد والخالخيل واستخدمت الكحل وطالء الشفاه والزيوت العطرية واألمشاط المصنوعة من العاج
أو العظم.
نجح المصري القديم أن يوازن بين العمل الجاد واللهو والمرح ،كما حرص على االستمتاع بمباهج الحياة دون
إسراف ،ومن وسائل الترفيه الشائعة في تلك الفترة أنهم كانوا يقومون برحالت للصيد كصيد األسماك والطيور
البرية بعصا الرماية ،صيد التماسيح والغزالن واألسود مستعينين بالكالب ،وكان المصري يخرج للصيد مصطحبا
4
La civilisation égyptienne
أسرته ،ويحرص في عودته على إحضار زهرة اللوتس ليزين بها منزله ،كما مارس األلعاب الرياضية
كالمصارعة ،السباحة أو ركوب الخيل ،ألعاب تشبه الرقص اإليقاعي والغناء والرقص والموسيقى.
5ـ النظام السياسي :كان نظام مرتبط بسلطة اإلله ،الملك هو خادم اإلله .و يدير أمور العامة ويعمل وفق قوانين
عرفية أو وضعية تهدف لتحقيق العادلة على األرض بنيل رصي اآللهة .ويتكون نظام الحكم المصري من:
ـ الملك :مهامه القيادة العليا للجيش و تنظيم العالقات الخارجية و تعيين حكم المقاطعات و تدشين المشاريع.
ويعتقد أنه في حوالي عام 6آالف قبل الميالد جاءت مجموعة من السكان لالستقرار على ضفاف وادي النيل ،وهم
في األصل رعاة أغنام جاؤوا من ليبيا ونوميديا في شمال أفريقيا ،وجاءت بعدهم مجموعات أخرى من الرُّ حَّ ل من
إثيوبيا وشبه الجزيرة العربية ،وربما يكون اتحاد كل هذه األعراق هو العامل الذي أدى إلى صعود الحضارة
المصرية القديمة.
ar
ـ الوزير :هو المشرف العام على كل البلد و على العدالة و االقتصاد و مستشار في أوامر الملك وأشغاله
am
وممتلكاته .مهامه هو تنظيم الشؤون و اإلدارة العامة و تعيين حكام المقاطعات و المفتشين و تحديد األراضي
وتنظيم ديوان المراسالت الملكية و فصل النزاعات و تحصيل الضرائب و أمن الملك و المالحة في النيل.
ـ مندوب المقاطعة :يعين من طرف الوزير ليشرف على جميع شىؤون مقاطعته و يتعامل مع اإلدارة المبكلية
Ou
عن طريق التقارير إلى الوزير.
6ـ الجانب الديني العقائدي :لعب الدين دورا هاما في حياة اإلنسان المصري القديم ،فلم تكن هناك قوة تسيطر
على حياته كما كان يسيطر الدين ،الن الدين محاولة لتفسير الظواهر المحيطة باإلنسان وهو يصدر دائما عن رغبة
EN
في المنفعة أو رهبة من المجهول واألخطار .من هنا نشأت الديانة والتي كانت سببا في تطور حياته المدنية والعلمية
والفنية واألثرية ،مخلفة بذلك أهم وأقدم الصروح المعمارية في تاريخ الحضارة البشرية من معابد وأهرامات
ومقابر وغيرها.
CH
كان المصريون القدماء أول من آمن بعقيدة التكوين والبعث على ظهر الخليقة ،وأول من جهر بتلك العقيدة
عالنية ،وبالتالي لهم الهوت خاص متعدد الصفات بكافة معتقداتهم ،منبثق من قلب الالهوت اإللهي ،وما يميز
OU
الديانة المصرية أنها ليست من خلق مفكر واحد ،لكنها نتاج للعديد من مختلف التيارات الالهوتية والسياسية.
النصوص الهيروغليفية على المعابد أظهرت أن المصري القديم توصل إلى سيرة الكون الذاتية ،بدأ اإلنسان
المصري يدرك أهمية أن يميل لتفسير كل مظاهر الكون تفسيرا دينيا ،حيث اعتبر النيل تجسيد لإلله "نون"
CH
والشمس اإلله "رع" والسماء المعبودة " نوت" واألرض المعبود "جب" وقد فسر الشروق والغروب بأنها رحلة
اإلله " رع" إله الشمس ،وأن الكسوف والخسوف هما العقبات التي تواجه هذا اإلله ،كما فسر الهواء على أنه
IAI
شخصية الملك حيث أصبح الملك هو ابن "رع" ،ويمثل الصقر "حورس" ،كما أصبح الملك ضلعا أساسيا في مثلث
اإلنتاج الى جانب الضلعين اآلخرين الماء والهواء.
اآللهة في رأي المصري القديم كالبشر يمكن إرضاؤهم بالقرابين ولهم صفات البشر ،تصور على شكل إنسان
برؤوس حيوانات أو على شكل إنسان فقط ،وتحتفظ بقرني الحيوان ،ويمكن تمييز هذه اآللهة عن طريق تيجانها
وأشكال الرؤوس الحيوانية ،كما اتخذت صور لحيوانات كاألبقار والتماسيح والكباش والعجول والقردة وطائر أبو
منجل والطيور الجارحة مثل الصقر .كانت بعض اآللهة تعبد في أماكن عديدة والبعض اآلخر محلي ال يتعدى
القرية أو المدينة مركز عبادته ،فقد كان لكل قبيلة إله خاص له مظهر خاص وشعار خاص ويتخذ حيوانا خاصا
5
La civilisation égyptienne
رمزا مقدسا له ،وبعد اختالط القبائل بعضهم ببعض اندمجت العبادات مع بعضها وامتد نفوذ اآللهة خارج مراكز
عبادتها .كما تعددت أشكال وأسماء وألقاب اإلله الواحد.
من أهم اآللهة واألساطير المصرية أسطورة "اوزيريس" إله الخصب والزراعة والعالم اآلخر وزوجته
"إيزيس" وتعد من أهم األساطير المصرية والتي جعلت من "إيزيس" آلهة طيبة ومن يسيء إليها مكروه ،إضافة
إلى أساطير الخلق ونشأة الكون المتعددة.
اإلله "رع" إله الشمس ،اإلله "حورس" ابن اإلله "اوزير واإللهة "ايزيس " ،اإلله ست إله الشر ،اإلله "بتاح
"حامي الفنون والصناعات ،اإلله "تحوت" إله الحكمة ،اإلله "انوبيس" حامي الموتى ،اإللهة "حتحور" راعية
النساء والحب والموسيقى ،اإلله" آمون "كبير اإللهة وخالق الكون.
ar
عالم ما بعد الموت :آمن المصريون القدماء بالبعث والحياة األبدية التي تعقب الوفاة ،جاء هذا االعتقاد نتيجة
مالحظتهم لظواهر الطبيعة ،فقد اوحت لهم دورتا النيل والشمس إضافة الى أسطورة اإلله " أوزيريس " بفكرة
am
البعث ،من هنا عكف المصريون على االهتمام بحفظ أجساد موتاهم ،كما عنوا بمقابرهم وجهزوها بما يحتاجه
المتوفى لهذه الرحلة من أثاث جنائزي.
نجد في الدولة القديمة أنه كان على الملك الميت ان يعبر عدة طرق لصعوده الى السماء وهي التي تمثل المعراج
Ou
السماوي .وفي الدولة الوسطى كان هناك عدة طرق وعراقيل على المتوفى أن بعبرها وصوال إلى هدفه وأهمها
الطريق البري األسود والطريق األزرق المائي ،ولكن في عهد الدولة الحديثة نجد المتوفى يصل إلى هدفه في العالم
اآلخر عبر بوابات .كما حرص المصري على تدوين التعاويذ واألدعية التي تفتح للمتوفى أبواب العالم اآلخر
EN
وتساعده في الدخول والخروج عبر هذه البوابات دون التعرض لمخاطرها وذلك باإلضافة لمعرفة أسماء البوابات
وحراسها .ومن األسرار الواجب معرفتها لضمان العبور بسالم أن يجيب المتوفى عن األسئلة الموجهة من حارس
البوابة وان يكون على علم ببعض األسرار الخاصة بالعالم اآلخر ومناطقه وأسماء هذه المناطق حتى يسمح له
CH
الحارس بالعبور ،وعندما يصل المتوفى إلى نهاية البوابات وينجح في عبورها يجد نفسه في قاعة عرش"
أوزيريس" وتتم محاكمته.
OU
-7الجانب االقتصادي:
-1الميدان الزراعي :كان قدماء المصريين يكنون للنيل احتراما عقائدي ألثره الكبير في الحضارة المصرية،
حيث تدين هذه الحضارة بوجودها وبخصب تربتها للنيل ،كما كان شريان للمواصالت والترابط بين سكانها حيث
CH
كان له أثر في توحيد واديه وتشابك مصالح سكانه مثل ذلك الدور الذي لعبه النيل في مختلف العصور التاريخية.
والواقع أن النيل بنظامه الخاص في الفيضان قد فرض على المجتمع الزراعي القائم على ضفافه صفتين هامتين
IAI
هما الوحدة والنظام ،إذ لم تكن فائدة النيل تقتصر على تغذية األرض بالمياه وتخصيبها ،وانما واجه الناس أمرين
هما الخطر المشترك الذي يهدد السكان جميعا وقت الفيضان والفائدة المشتركة التي يمكن أن يستفيد منها السكان
والتي تستلزم توحيد الجهود وذلك بحفر الترع وشق القنوات وتنظيم جريان ماء النيل وتوزيعها وإقامة الجسور ،
Dr.
ومثل هذه الجهود إنما يقوم بها سكان كل وحدة منظمة ولذلك تعلق السكان بأرضهم منذ قديم األزل .
عرفت فنون الزراعة في مرمدة بني سالمة والفيوم ،فكانوا أول زراع في التاريخ ،ويبدوا أن القمح والشعير
كانت أولى الحبوب المزروعة في وادي النيل .وكان للكتان والكروم والزيتون شأن يذكر في تاريخ المدينة
والحضارة ،وكانت الدلتا من أوائل المناطق التي غرس فيها اإلنسان الكروم والزيتون كما عرف التين والنخيل
والجميز والسنط وبعض الخضر والبقول .كان السكان يجددون ثرواتهم النباتية ويضيفون اليها باستمرار ما يزيد
من إنتاجهم وينوع من محاصيلهم.
وقد سارت حضارة البداري نحو تقدم ملحوظ وإدراك واسع للحياة الزراعية ،فقد اضطر أهل تلك البلدة إلى
تجفيف المستنقعات ليكسبوا بعض األراضي الزراعية حتى يسهل ريها بدال من االعتماد على األمطار التي أدركوا
6
La civilisation égyptienne
أنها ال تكفي لري األراضي الصالحة للزراعة ،وهكذا وضعت أسس الزراعة وترعرعت منذ فجر التاريخ حيث
تحولت القبائل من الصيد إلى الزراعة وأعانتهم على ذلك الطبيعة الميسرة والبيئة الصالحة ،وقد احتلت الزراعة
المكان األول في حياتهم وأضحت سبيلهم إلى العيش.
من خالل البرديات تصف حال الفالح وما وصل إليه من بؤس وفقر ناتج من فرض الضرائب ،وأن الملكية
الزراعية في مصر القديمة لم تكن للفالح ،بل كانت للملوك يهبون من يشاءون ويمنعون آخرون ،وكان الذين ينالهم
العطاء هم من صفوة القوم ومن األمراء واألثرياء والكهنة وغيرهم من علية القوم.
كان المصري القديم يقسم السنة الزراعية إلى ثالث فصول متساوية و لكل فصل أربع أشهر .الفصل األول يبدأ
من وسط أكتوبر إلى أول فبراير ،كانت تبذر فيه الحبوب في األرض بعد انسالخ ماء الفيضان ،وكان يسمى
"برت" أي الخروج أو بمعنى ظهور األرض من تحت ماء الفيضان ،الفصل الثاني يبدأ من أول شهر فبراير حتى
ar
يونيو وهو فصل الحصاد وكان يسمى "شمو" أي انسالب المياه من على األرض ،الفصل الثالث فصل الفيضان
وكان يسمى "أخت" يبدأ من منتصف يونيو إلى منتصف أكتوبر،
am
قبل أن يظهر الحديد والمعادن في مصر كانت يستخدم في الزراعة كل ما هو موجود في الطبيعة كأدوات تساعد
في عملية استصالح األرض وزراعتها فصنعت من الحجر الفؤوس كما تدل عليه الحفريات التي أقيمت في مواقع
Ou
ما قبل التاريخ مثل مرمدة بني سالمة ،البداري ،الفيوم .بعد أن عرف اإلنسان المعادن قام الفالح المصري باستبدال
أدواته القديمة المصنوعة من الحجر إلى الحديد والنحاس وغيره من المعادن ،بعد أن قام بتطويعها وتشكيلها على
حسب الغرض المستعملة من أجله تلك األدوات ،فصنع من الحديد مثال المحاريث ،الفؤوس ،وأدوات الحصد مثل
المنجل وغيره.
EN
كان العمال يعبئون القمح في غرائز ويحملونه إلى صوامع الغالل ،وكانت مصر تعتبر مخزنا لتموين الشرق
القديم تلجأ إليها األقطار المجاورة إلمدادها بما تحتاج إليه من القمح .وقد عرف المصريون القدماء تحميص
CH
الحبوب قبل تخزينها وذلك بوضعها في أواني من الفخار تقام على أفران تحمى بالوقود لدرجة خاصة لتطهيرها من
الحشرات وتخليصها من الرطوبة فقد فطنوا إلى تأثير الحرارة في تطهير الحبوب المخزنة.
OU
اشتهرت مصر بتنوع المحاصيل الزراعية من حبوب ،بقول ،فواكه ،خضر ،فقد كان الفالح المصري القديم
يجلب كل ما هو جديد من الزراعات من البالد المجاورة والتي يشبه جوها وطقسها مناخ مصر.ظهرت على مشاهد
القبور سواء في مناظر للحياة اليومية أو كقربان على مائدة القرابين التي رسمت أنواع الطعام الذي سيقدم قربان
CH
للمتوفى .واستخدم الفالح الحيوانات األليفة في الحقل لتساعده في العمل كالثيران ،كما عمل على تربية األغنام التي
قدسها فقد كانت تمثل المعبود "آمون" في شكله الحيواني ،استخدمت األغنام في عمليات درس الغالل إلى جانب
تربية الماعز والذي كان منتشرا في عصور مصر المختلفة ،ونرى الماعز على رسوم المقابر متسلقا الجبال
IAI
والشجر ويظهر هذا جليا في مقبرة "باكت" في بني حسن ومقبرة "خنوم" أيضا في بني حسن ،إلى جانب الثيران
واألغنام والماعز نجد كذاك الخنازير واألحمرة والجمال والخيول والكالب والطيور الداجنة.
-2الميدان الصناعي:كان قدماء المصريين من أوائل الحضارات التي عرفت الصناعة في وقت مبكرا جدا
Dr.
حيث تعددت الصناعات عندهم فمنهم من كان يعمل في الصناعات المعدنية والزجاجية ،الفخارية والخشبية،
الجلدية ،النسيجية ،وكانت الكثرة الغالبة من الصناع من األحرار ،وقلة من الرقيق ،وكان العاملون في كل صناعة
من الصناعات يؤلفون طبقة خاصة ،وكان يطلب من األبناء أن يتخذوا صناعات آبائهم.
الصناعات الحجرية هي أقدم صناعة قام بها المصري القديم حيث صنع من الحجارة السالح الذي كان يستخدمه
في القنص والصيد.
كانت مصر تستورد المعادن من بالد العرب والنوبة لقلتها فيها ،وكان بعد مراكز التعدين مما ال يغري لألهالي
باستغاللها لحسابهم الخاص ،ولذلك ظلت صناعة التعدين قرونا كثيرة محتكرة للحكومة ،وكانت مناجم النحاس تغل
مقادير قلية ،أما الحديد فكان يستورد من بالد الحيثيين ،وكانت مناجم الذهب منتشرة على طول الضفة الشرقية للنيل
7
La civilisation égyptienne
وفي بالد النوبة ،كما كان يؤتى به من خزائن جميع الواليات الخاضعة لسلطان مصر ،وصف" ديودور الصقلي"
المعدنيين المصريين وهم يتبعون بالمصباح والمعول عروق الذهب في األرض ،واألطفال وهم يحملون المعدن
الخام ،والمهارس الحجرية وهي تطحنه والشيوخ والعجائز وهم يغسلونه.
عرفت مصر في عهد األسرات األولى كيفية صنع البرونز بمزج النحاس بالقصدير ،وصنعت منه أسلحة
برونزية كالسيوف والخوذات والدروع ،ثم صنعت منه بعدئذ أدوات كالعجالت والهراسات والرافعات والبكرات
واألوتاد واللوالب والمخاريط وآالت رفع األثقال ،األوتاد والمخاريط والمثاقب التي تثقب أقسى أحجار الديوريت،
والمناشير التي تقطع ألواح الحجارة الضخمة لصنع التوابيت .كما صنع المصريون من المعادن األواني ،الحلي
وأدوات الزينة واألباريق والمرايا.
ويعتبر قدماء المصريين من أوائل الشعوب التي قامت بصناعة الزجاج من رمال الصحراء وكانوا ينقشونه
ar
بمختلف األلوان ،كما كانوا يطلون الفخار بطبقة زجاجية ،كما برعوا في حفر الخشب وصنعوا منه كراسي،
عربات ،أسرة توابيت جميلة ،قوارب واعتمدوا في ذلك على األخشاب المستوردة من بالد النوبة وبالد بونت
am
وفينيقيا .واتخذوا من جلود األنعام مالبس ودروع ومقاعد ،صورت على جدران المقابر كل الفنون المتصلة بدبغ
الجلود .ومن الصناع من كان يعمل في نسج القماش من أدق الخيوط المعروفة في تاريخ النسج كله ،عثر المنقبون
على نماذج من الكتان منسوجة تؤرخ بأربعة آالف سنة.
Ou
صنع المصريون القدماء من نبات البردي الورق والسالل والحصير والحبال والمراكب الخفيفة والحصر
والفرش.
EN
ج -الميدان التجاري :كانت مصر القديمة بمثابة ما يسمى دولة إمداد ،فكانت المنتجات االستهالكية تسلم الى
مؤسسات الدولة أو المعابد ،والتي بدورها تقوم بتوزيع الطعام والبضائع التموينية األخرى على السكان على أساس
التقدير العادل الحتياجات كل فرد .وكان باإلمكان االتجار في األسواق المحلية بالبضاعة الزائدة وهو نظام ساعد
CH
على ملئ الفراغات في انسياب حركة اإلمداد ،وكانت حركة التجارة بين المناطق تدار عن طريق المؤسسات التي
كانت تقايض بفائض إنتاجها الخاص ،وكان هناك تجار يعملون لحساب تلك المؤسسات كوكالء في عمليات تبادل
البضائع ،وكانت مهمتهم في االتجار في فائض المؤسسات التي يمثلونها مقابل أكبر قدر من البضائع القيمة ،ولم
OU
يظهر التجار الذين كانوا يعملون للربح الخاص بمصر القديمة إال في عهد الدولة الحديثة.
نظام المقايضة هو أقدم أنظمة تجارة السوق ،ومن خالل اللوحات الجدارية والنقوش البارزة أمكن التمييز بين
CH
الباعة والمشترون ،فالباعة يظهرون عادة جالسين على األرض أو على مقعد منخفض وهو ينادون على بضاعتهم،
بيمنا يظهر المشترون واقفين وغالبا ما يحملون كيس تسوق متدليا من الكتف مستجيبين بما يمكن لهم تقديمه في
المقابل.
IAI
تعرض األطعمة والسلع الرئيسية في السوق مثل الخبز والجعة والسمك الطازج والجاف والخضر وتقدم في
المقابل كسلع للمقايضة الصنادل المصنوعة من الجلد أو اآلسل ،والمراوح الكبيرة للتهوية على اللهب ،وعصي
المشي المزينة بمقابض وقطع األثاث ومساند الرأس واألواني الخزفية والمشغوالت النحاسية مثل المرايا وسنانير
Dr.
8
La civilisation égyptienne
من الناحية العمرانية كانت الحصون أكثر ما برز في العمارة العسكرية في مصر القديمة حيث كانت مقامة على
طراز موحد و تختلف مساحة كل حصن وسمك جدرانه الخارجية .وكان تخطيطه يشبه سطحا متوازي األضالع
وسوره الخارجي في أغلب األحيان يشتمل على دعامات عمودية من المباني تربطها مداميك بناء باللبنات ويعتقد انه
كان للحصن أربعة أبواب أو فتحات .وكان بكل حصن معبد و غرف التي يسكنها الجنود والقواد ،مخزن غالل
وبيت المال.
ـ نظام حماية وتحصين المدن المصرية القديمة :كونت مصر القديمة جيش منظم و مدرب منذ عهد الدولة
القديمة .وكان إلى جانب الجنود المصريين عناصر من الجنود المرتزقة يستدعون للقتال في الحروب الكبرى .و
كان الجيش خاص بالحكومة المركزية مؤلفا من وحدات حربية تحت قيادة ضباطه المحترفين الذين تفرغوا
لألعمال الحربية و لم يكن لهم عمل مدني آخر .و كان للجيش النظامي زي عسكري واحد لكل فرقة .و كان أفراد
ar
الجيش مجهزون بسالح و عتاد حربي واحد و يمسكون أسلحتهم بأسلوب واحد.
ـ نظام حماية الحدود :كان الملك زوسر(األسرة الثالثة بين 2740و )2570أول من نظم وسائل الدفاع عن
am
مصر ،فقسم حدود البالد إلى مناطق ومدن وجعل في كل منطقة حامية وعين في كل منطقة من هذه المناطق حاكما
خاصا يلقب "بمرشد األرض " وكانت له المسؤولية في إدارة الشرطة و أمن المناطق أو المدن في مقاطعته .يعسكر
الجيش في حاميات و حصون منيعة ،و يكونون سارية من الجند تقوم بأعمال الخدمة وتخزين المؤن التي تكفيهم
Ou
لمدة طويلة .تشيد الحصون على المواقع التي كانت معرضة للغزو والخطر مثل أفواه الوديان ،وكانت تعرف هذه
األماكن "بأبواب المملكة.
ـ صناعة األسلحة والمعدات والعتاد :صنعت األسلحة من النحاس و البرونز المتوفر في مناجم صحراء سيناء
EN
و هذا منذ األسرات القديمة األولى .وعرف الحديد باسم "خامة السماء" صنعت من منه األدوات واألسلحة بعدد جد
قليل و هذا إال بعد عهد األسرة الخامسة والعشرين .وتنقسم أسلحة قدماء المصريين إلى قسمين :
CH
• األسلحة الهجومية :منها القوس والرمح والجريدة والمقالع والسيف القصير ،المستقيم ،الخنجر ،المدية
والسيف القصير المحدب والبلطة ذات اليد القصيرة وبلطة القتال والصولجان.
OU
األسلحة الدفاعية :الخوذة الواقية للرأس ،الدرع أو سترة الزرد المصنوعة من الصفائح المعدنية . •
8ـ أهم المخلفات للحضارة المصرية: •
أ ـ الكتابة المصرية القديمة :تسمى بالهيروغليفية والتي تعني"الكتابة المقدسة" ،و تصنف من بين انطمة
CH
من اليسار إلى اليمين ،و لقراءتها يتبع الباحثون اتجاه وجه أو أقدام الملك في كل نص .سبب هذا التغيير في اتجاه
النصوص تفرضه على الكاتب شكل و مساحة العنصر المعماري الذي ينقض عليه النص ،ثم ضرورة التنسيق
والشكل الجمالي الذي يفرض إما االتجاه إلى اليسار أو إلى اليمين.استغل الكاتب المصري عدة حوامل لكتابة
Dr.
نصوصه منها :جدران المعابد والمقابر و المسالت و األعمدة .بعد ذلك ظهر ورق البردي الذي يصنع من سيقان
هذا النبات إلى جانب استعمال الرقائق الحجر الجيري وكذا األلواح الخشبية المكسوة بطبقة رقيقة وملساء من
الجبس ،وكذلك الجلد المكسو وأيضا العاج والطين والكتان و حتى البرونز .تحمل النصوص رسائل وأخبار الملوك
اآللهة .باإلضافة إلى دورها في تزيين الجدران بشكلها الفني و ألوانها.
عرفت الهيروغليفية مرحلة من التطور الشكلي حيث تم اختزال في شكل أحرف الكتابة من أشكال صورية إلى
أشكال هندسية ،و أصبحت ثابتة االتجاه و تكتب دائما من اليمين إلى اليسار فعرفت بالهيراطيقية ثم بالديموطيقية
وأخيرا بالقبطية التي ظهرت ابتداء من القرن 2ق.م ،وتعني قبطي باليونانية " مصري" وكان"شمبليون"أول من
9
La civilisation égyptienne
فك اسم هذه الكتابة من خالل اكتشاف حجر الرشيد خالل الحملة الفرنسية على مصر 1799م .وحاليا بقيت معظم
مفردات اللغة الهيروغليفية متداولة في اللغة القبطية.
استعملت في نقش الكتابة أو نسخها أقالم من القصب و الحبر المصنوع من الكربون وكذا األحمر المصنوع من
أكسيد الحديد .وكانت الكتابة عامل تقدم العلوم والفنون ،لكنها حكر على الطبقة الدينية.
فيما يخص حجر الرشيد pierre de rosette :فهو أحد أنواع الحجر األسود غير منتظم الشكل ،ارتفاعه
113سم ،عرضه 75سم ،سمكه 27.5سم وهو غير مكتمل األجزاء ،إذ ضاعت سطور من نصه القديم .تتمثل أهمية
هذا الشاهد األثري في كونه هو الذي مكن العالم الفرنسي من قراءة الهيروغليفية بشكل صحيح وكانت القراءة على
هذا الشاهد ممكنة ألن الكتابة الموجودة عليهم قسمة بين 31سطرا للنص الديموطيقي و 14سطرا للغة الهيروغليفية
و 54سطر اللغة اليونانية .وبفضل اإلغريقية تم ترجمة النص الهيروغليفي بشكل صحيح.كان محتوى نصه يضم
ar
جزء من قرار المجمع العام للكهنة المصريين في مدينة منفيس أثناء احتفال تتويج الملك الفرعوني بطليموس
الخامس في السنة التاسعة من حكمه عام 196قبل الميالد وجزء أخر فيه ألقا بهذا الملك وعالقته باإللهة ومديح به
am
للمصرين ومصر ،وجزء أخير يسرد النعم والهدايا التي منحها الملك بطليموس الخامس للمصرين ومصر.
جاءت محاولة جان فرانسوا شامبليون1790م 1832-م Jean François Champollionبعد أن فشل في
Ou
قراءتها الكثير من الباحثين ،منها محاولة األب ستفان بترجمتها إلى الفرنسية ثم قام المبشر ترجمها إلى الالتينية،
حيث فسر أن كهنة مدينة اإلسكندرية هم من نقشوا الحجر في عهد الملك بطليموس الخامس لتعظيمه على مر
العصور .ثم جاءت محاولة ترجمة الكتابة الديموطيقي على يد عالم اآلثار سلفستر دي ساسي واكر عام
1802ميالدي .و ترجمة الكتابة الهيروغليفية من طرف العالم األثري توماس ينج الذي فك بعض من الرموز في
EN
النص ،إلى أن قام عالم اآلثار الفرنسي شامبليون بتصحيح بعض الحروف األبجدية الخاصة باللغة الهيروغليفية
وأتم ما قام بيه الدكتور ينج .و كان سر نجاح األثري الفرنسي هو معرفته القوية باللغة القبطية القديمة واللغة
CH
اليونانية وقضاءه فترة طويلة في دراسة النقوش الموجودة على الحجر إلى أن استطاع فك شفرة الهيروغليفية عام
1822م.
ضم محتوى النص قرار المجمع العام للكهنة المصريين في مدينة منفيس أثناء احتفال تتويج الملك الفرعوني
OU
بطليموس الخامس في السنة التاسعة من حكمه عام 196قبل الميالد .يحتوي في جزءه األول على ألقاب الملك
بطليموس الخامس وعالقته باآللهة ومدى حبه للمصرين ومصر ،ثم الجزء الثاني النعم والهدايا التي منحها الملك
بطليموس الخامس للمصرين ومصر .1نقل الحجر إلى لندن طبقا لشروط معاهدة استسالم اإلسكندرية1801بين
CH
االنجليز والفرنسيين ،وهو اآلن يعد واحدا من أهم القطع األثرية المعروضة بالمتحف البريطاني بلندن.
كما تزخر هذه الحضارة بإرث أثري غني عن التعريف نذكر منه األهرامات والكتابة الهيروغليفية ،المقابر
IAI
والمرمر.
يتألف المعبد المصري في الغالب من بوابة أو مدخل في جانبيه برجان منحرفان لهما شكل كتلة حجرية كبيرة
تقف في مقدمة المعبد وتحجب ساحته الداخلية .تؤدي البوابة إلى ساحة مكشوفة تحيط بها أعمدة خلفها دهليز يقود
إلى قاعة األعمدة وتكون هذه القاعة مسقوفة بينما سقفها األوسط أو الرئيسي يكون محاطا بأعمدة لها فتحات في
1شامبليون عالم وباحث اشتهر بجمع مادة بحثه وهو ال يزال أستاذا للتاريخ في جامعة گرونوبل ،ثم أصبح عام 1826مسئوالً عن
قسم اآلثار المصرية في متحف اللوفر .وفي عام ُ 1828أرسل في بعثة دراسية إلى مصر كي يسجل النقوش المكتوبة على اآلثار
المصرية .وفي عام 1831عُين أستاذا في الكوليج دوفرانس ،أعلى مؤسسة علمية فرنسية ،أي أعلى من السوربون
10
La civilisation égyptienne
األعلى تسمح بمرور الضوء .وبعد هذه القاعة توجد قصور اآللهة (قدس األقداس) فيها تماثيل وبجوارها بيوت
لرجال الدين وغرف ومخازن وقاعات خاصة .والمعابد المصرية نوعين :المعابد الجنائزية ومعابد اآللهة.
أ ـ المعابد الجنائزية :تحفظ فيها جثث الموتى وتحتوي على الطاوالت ،العطور ،واألدوات المستعملة في تشريح
الجثة وتحنيطها .وتم فيها كذلك تقديس الفرعون والصالة عليه .تنتشر هذه المعابد بجانب الهرم المنحني والمعبد
المخصص لخفرع والمعبد الجنائزي للهرم األكبر ومعبد هرم خفرع ومعبد هرم منكورع ومعبد حتشبسوت الذي
تتحلى جدرانه بنقوش دينية وتاريخية ومعبد رمسيس الثاني الذي تتحلى واجهته الداخلية بمشاهد قتال مع الحثيين
يقع غرب مدينة طيبة.
ب ـ معابد اآللهة :مخصصة لعبادة أحد من اآللهة تبنى في األماكن الجبلية أو السهلية تقام فيها حفالت جنائزية
دينية أين يتلقى الملك رمز الخلود من اإلله .وفي نظر اإلنسان المصري فإن المعبد هو بيت اإلله ومكان مقدس وهو
ar
مسرحا يلتقي فيه اإلله بالفرعون الذي يمثل الشعب المصري .ومن معابد اآللهة نجد:
am
معبد اإلله خنتى إمنتى في أبيدوس الذي يعود لفترة بداية األسرات ،معبد بهجة رع شمال سقارة ،معبد مدينة
ماضي جنوب غرب الفيوم أهداه الفرعون إلله الحصاد والتمساح سبك وإلله حورس .ثم معبد القصور لعبادة
ثالوث طيبة آمون رع ـ موت ـ وابنهما خنسو ،معبد أمدا ،معبد خنسو بالكرنك ،معبد آمون رع بالكرنك ،معبد بهو
Ou
األعياد ،معبد سيتي ،معبد آتون العظيم في تل العمارنة ،معبد أبو سنبل المنحوت في الصخر بني تحت حكم
رمسيس الثاني يشرف على النيل.
وكان الجانب الديني أو السلطة الدينية هي العامل األول في توجيه هذه المنجزات وبناء هذه الدولة وكان المعبد
EN
مركز كل مدينة مهمة وكان الملك واإلله دائما تنحت تماثيل أجسادهم كاملة تهدف إلى زرع فكرة الملك إله أو إله
ملك ،ولتقوية شخصيته تنحت صورته بشكل كبير واستقامة بحتة وفي زيه االحتفالي ليقدم صورة مقنعة إللوهيته
وأبديته .واآللهة تأخذ صور رمزية من الحيوانات مثل األسد والقرد والنسر.
CH
أ ـ المسالت المصرية :عرفت المسلة في النصوص المصرية القديمة باسم «نخن» ،وفي النصوص اليونانية
باسم "أوبليسك" ،"obélisqueوسماها األوربيون "نيدل " needleبمعنى اإلبرة ،وسماها العرب المسلة ،وهي
OU
منشآت مقدسة لها عالقة بالشمس .و تتمثل المسلة في نصب يصنع من قطعة جرانيت واحدة ذات قمة هرمية مذهبة
أو مطلية بمزيج من معدني الذهب والفضة ،وترسل الشمس أشعتها عليه عند شروقها .بحيث تعكس تلك الطبقة من
المعدن المقدس أشعة الشمس فوق المعبد وتظهر المسالت كالشموع الحجرية المضيئة .يسجل عليها واجهات
CH
المسالت نصوص تذكارية للملك واإلله الذي كرست من أجله .و المسلة من رموز الشمس المقدسة فهي معلم ذات
بعد ديني ارتبط بعقيدة الشمس.
فيما يخص تاريخ المسالت فقد كانت بداية ظهورها مع ظهور عقيدة الشمس في هليوبوليس و المعروفة حاليا
IAI
ليست قبل عصر األسرة الخامسة .أصبحت عنصرا أساسيا من عناصر هذه المعابد إلى غاية عصر الدولة الحديثة
أصبحت تقام مسلتين لإلله .مثل ما هو موجود في المقصورة الحمراء للملكة حتشبسوت في الكرنك وال تزال إحدى
هاتين المسلتين قائمة بارتفاع 33.20م.
Dr.
11
La civilisation égyptienne
ar
الدفن فيما قبل األسرات :بمالحظة المصريون أن الحياة في تجدد دائم ،فالشمس تغيب لتشرق من جديد ومياه
النيل تفيض في ميعاد موقوت ونبات األرض يجف ليزهر مرة أخرى وتجلت لهم معاني االستقرار والدوام
am
فساعدهم ذلك في تجلي بوادر اإليمان بحياة أخرى خالدة بعد موت تكون مماثلة للحياة فوق األرض .لذلك أصبحوا
يتعامون مع الميت كما وكأنه في الدنيا ،فالحي يحتاج إلى سكن كما يحتاج فيها الميت إلى مسكن وبنفس الطريقة
حاجته إلى طعام والشراب وأدوات ...وعملوا على حماية جثث موتاهم وتحنيطها العتقادهم بأن الميت يستطيع أن
Ou
ينعم بالحياة بعد الموت إذا سلم جسده من التلف وزود بما يحتاج إليه من وسائل البقاء حيث كان قبر الميت يعتبر "
بيت األبدية".
يرجع أقدم ما كشف عنه من قبور في مصر إلى أوائل العصر الحجري الحديث وبداية استخدام المعادن ،إذ
EN
كانوا يدفنون موتاهم في حفرة صغيرة غير عميقة بيضاوية أو مستديرة الشكل بجانب مساكنهم أو في جبانات
مستقلة ،وذلك في حدود ما كانت تيسره أدواتهم البدائية وتسمح به عقائدهم الجنائزية ،وكانت القبور تغطى إما
CH
بفروع الشجر أو بساط من األعشاب الجافة ،وكانت القبور مزودة بكوة في أحد جوانبه سواء بالقرب من رأس
الميت أو بالقرب من أقدامه .كما وجدت قبور أخرى مقسمة إلى قسمين بحواجز من أعواد النبات ،يخصص
إحداهما لألثاث الجنائزي ،وكان ظهور القاعات الجانبية قد تكون تطور لهذا الصنف من القبور.
OU
كانت هذه المقابر مقدسة تجاورها مقابر حاشية الملك وأهرامات قزمية ألفراد عائلتهم .وكان ملوك هذه الفترة
يبدؤون في بناءها في حياتهم وكثير منهم يموت دون ينتهي من بناء قبره .في عهد اإلمبراطورية الحديثة أصبحت
المقابر تبنى بعيدا عن المدن وتغلق بشكل نهائي يوم وضع الميت فيها ويتم ردم البوابة الخارجية حتى ال يجد
CH
اللصوص طريق إلى كنوز الميت .تزين القبور من الداخل بمواضيع من الرسومات والنحت الغائر بعد طلي
الجدران بالجبس ،تصور مشاهد الحياة اليومية المتعلقة بالملك وطرق تحضير دفنه وقوته وجانب من خدمه وكل ما
يرافقه في حياته الثانية .كما تطورت تقنيات التعبير الفني باأللوان والنحت التمثالي واستعمال واسع للخشب على
IAI
حساب الحجارة .في الواجهات المخصص لنصوص الهيروغليفية التي تعبر عن مشاهد جنائزية بصبغة واقعية.
الدفن في عهد األسرات:اتخذ فيها الملوك والنبالء طريقة جديدة للدفن فكانوا يبنون فوق حفرة الدفن ما يشبه
Dr.
مصطبة وأقدم هذه المصاطب تعود إلى ثان ملوك مصر الموحدة وهو "آها"وكانت هذه المصطبة مقسمة إلى
خمسة أجنحة .الجناح األوسط توضع فيه جثة الميت التي تكون محفوظة في تابوت خشبي ،أما األجنحة األربعة
األخرى مخصصة لألدوات الشخصية وتعلوا المصطبة األولى مصطبة ثانية مقسمة إلى 27غرفة مخصصة
للهدايا .من الناحية األثرية تعتبر المصطبة صورة مكبرة للقبور العادية وكانت هي أيضا تحمل نصوص
هيروغليفية تصور حياة الميت وما كان يتمناه من أشياء في
حياته الثانية.
ومن بين ما تم اكتشافه في مقابر عصر اإلمبراطورية
القديمة في موقع أبيدوس أن جسد الموت يدفن في غرفة
12
La civilisation égyptienne
تحتل مركز الطبق السفلي من المبنى ،وتخصص مختلف الغرف المجاورة لغرفة الميت لوضع وتخزين المؤن
وأخرى لدفن جثث الموتى من الخدم من اإلناث والرجال ،الذين من المحتمل أنهم قد قتلوا في موكب الدفن لتلتحق
أرواحهم بروح سيدهم .ظلت مصر نحو 400سنة وهي تبني مقابر ملوكها على هذا النحو في التاريخ وهو الموافق
لعهد حكم األسرتين األولى والثانية إلى أن ولد معماري نابغ هو "إيمنحوتب" أي بنى قبر مرتفع للملك زوسر
وجعل منه هرما مدرجا.
األهرامات:الهرم مدفن ملكي أقدمهم هو هرم الملك"زوسر"(Djezerق.م )2600-2686طلب إنشاء مبنى يخلد
فيه إلى األبد ،فبني له قبر يشبه المصطبة لكنها من عدة طوابق متدرجة تشبه هرما مدرجا ،وكانت أولى هذه
المباني من الطوب ،لكن أمنحوتب فكر في تشيد قبر آخر في حياته يكون من الحجر .فشيد مصطبة كبيرة من
الحجر الجيري أسفلها غرف جانبية تتوسطها غرفة كبيرة من الجرانيت مخصصة لدفن الملك .لم يقتنع أمنحوتب
ar
بتصميمه األول فعدله ليليق بمكانة سيده زوسر الذي تحول إلى اإلله المعبود من شعبه،و أن يكون مميزا عن غيره
فبني مصطبة فوق أخرى كل منها يقل حجما من التي تحتها حتى أصبح شكله النهائي هرما مدرجا ذات 6درجات
am
متراكمة على بعضها أبعاده 121متر 109/متر و ارتفاعه 60متر ،ثم ظهرت أهرامات أخرى كالهرم المنحني
للملك" سنفرو" من األسرة الرابعة يتواجد في دهشور جنوب سقارة و هو الهرم الوحيد الذي له مدخلين من
واجهتين مختلفتين ،أنجز هرما ثانيا و هو الهرم األحمر بقاعدة مربعة و جوانبه مثلثة مائلة تلتقي معا في األعلى.
Ou
وأعظم هذه األهرامات بنيت في الجيزة وأكبرها على التوالي:هرم خوفو ثم خفرع ثم منكورع في العهد الممتد بين
األسرة 07واألسرة 2200( 10ـ 2061ق م):
ترفق عملية دفن الميت طقوس بعد أن يتم تحنيطه ،تظهرها لنا مواضيع جدران المقابر والتوابيت لمشاهد الحياة
EN
اليومية والدينية للميت وكذا الموكب الجنائزي الذي ينقل في قوارب عبر نهر النيل ،كما تجهز المقبرة باألثاث إلى
جانب التمائم ذات األشكال المختلفة مثل ما تم العثور عليه في مقبرة توت عنخ آمون وكنزه الكبير .يعكس حجم
أهرمات هذه الفترة عظامه وقوة الحضارة المصرية،لكن التي بنيت في فترة ضعف هذه الدولة كانت األقل أهمية
CH
ليحي على غرار سطوع الشمس ثم غيابها لتعود في اليوم الموالي ،أو النبات الذي يموت ثم يعود ليحيا في كل فصل
من جديد .وكانوا يعتقدون أن عودة الروح الى الجسد مشروط بضرورة الحفاظ على الجسم كامل ونظيف وتعود
هذه الممارسة تاريخيا إلى فترة أقدم من 3400ق.م.
CH
من الناحية التطبيقية فهي متشابهة ومرتبطة بحرفة الطب التي هي أيضا متطورة عند المصريين .إذ توصلوا
إلى الحفاظ على سالمة الجثث من التلف الناجم عن الرطوبة والحشرات والمكروبات ،لذلك كانوا يستعملون عدة
IAI
مواد منها المسك والعنبر والكافور وزيوت نباتية تطلى بها الجثة .تسبق هذه العملية عملية تحضير الجثة حيث يتم
تشريحها إلخراج األحشاء وكان القلب أهمها ،الن بوزنه يحدد مصير الميت بين ميزان الشر والخير .وتعوض هذه
األحشاء بمواد أخرى حافظة او بالخضر مثل البصل .بعد ذلك يتم كفن الجثة في لفائف من القماش ثم داخل صندوق
Dr.
13
La civilisation égyptienne
عليه مختلف القاعات ويزود بحوض للمياه .وظهرت بعد ذلك منازل ذات طابق يؤدى إليه من خالل سلم و من
الداخل تطلى جدران المنزل بالطين ثم تليها طبقة من طالء أبيض.
إلى جانب بيوت العامة هناك القصور التي هي مساكن الملوك واألمراء يتقدمها بهو محفوف بأعمدة بينما القسم
المركزي عبارة عن قاعة العرش ويليه في الخلف قاعات خاصة:قاعة المعيشة ،غرف الحريم والنوم وكذلك غرف
للتخزين وأخرى للخدم .تزين جدرانها وتيجان أعمدتها بطرز نخلية أو أغصان البردي وقواعدها من الحجر
الجيري ،ومنها ما حمل طابق أو اثنين.
الفنون(:الرسم والنحت)
الرسم:كان الفنان المصري يستعمل نفس التقنيات في الرسم والنحت .وكانت قاعدته هي تجسيد شكل المشهد
ar
برسم خطوط أبعاده األساسية المشكلة للشكل األولي للموضوع ،ويستعمل في انجازها ألوان شفافة .وكان يستعمل
في رسم الخطوط الهندسية والمتوازية أداة تدعى الشبكة وتستعمل كذلك في رسم األبعاد المتساوية وفي تحقيق
am
التناظر.
فيما يخص األلوان فقد كانت تستخلص من الصمغ وأصبغة معدنية كأكسيد الحديد للون األحمر وأكسيد النحاس
للون األزرق ومسحوق الجبس وفحم الخشب وتضاف لها رتنجات نباتية أو بياض البيض لتماسكها وقد توصل
Ou
الرسام المصري إلى إنتاج عدة ألوان طبيعية وأخرى من نتاج المزج وكانت أهم األلوان هي األحمر ،األصفر
األبيض ،البني واألزرق كما أضيفت إليها ألوان ثانوية مثل األخضر و توصلوا في الفترة الرومانية إلى استعمال
تقنية التظليل و تقنية تثبيت األلوان بالشمع و الحرارة.
EN
تدل الرسومات الجدارية على فكرة الحكم وقوة الحاكم وفكرة الخصوبة ،باإلضافة إلى المواضيع الواقعية التي
تتمثل في رسم األحداث التي تعبر عن هذه القوة ،استغل الفنان المصري مختلف الحوامل المنقولة من ألواح من
CH
العاج.
عرف فن الرسم في مصر تطور في نوعيته وهذا خالل عهد األسرات حيث أصبح حاضر في مختلف المقابر
وكان يستعمل لغرض تخليد مشاهد عن حياة الميت واألعمال التي أنجزها،إلى جانب تصويره األعمال اليومية
OU
الزراعية والصناعية .كما توصل الفنان المصري خالل هذه الفترة إلى إنتاج مشاهد تعبر عن الحركية في المشاهد
التي رسمها على جدران المنازل والمعابد والقصور والمقابر وعلى أوراق البردي.
النحت:عرف النحات المصري كل من النحت الغائر وهي تقنية استعملها في إنتاج األشكال بالحفر في مستوى
CH
الواجهة الجدارية وكان يغلب عليه النحت الغائر الخطي .وعرف أيضا النحت النصف البارز حيث تنجز المواضيع
بإزالة مساحات كبيرة من سطح اللوحة إلبراز األشكال المطلوبة .إلى جانب النحت الجداري يوجد النحت التمثالي
IAI
يعتمد أساسا على الكتل الحجرية سواء تنحت في موقعها كما هو الحال في نحت تمثال أبو الهول الذي جسد في جسم
أسد يبلغ علوه 20متر وطوله 57متر ربما نحت في عهد الملك خوفو أو خفرع ،يرمز األسد كقوة الحكم ألسر هذه
الفترة أو تنحت خارج موقع جلب المادة األولية للنحت.
Dr.
تنجز المنحوتات أو المشاهد الصغيرة من العظام والعاج والصلصال والخشب وحجر الديوريت والكوارتز
والجرانيت والنحاس والبرونز ،وألواح من الحجر مثل ألواح "نارمر" التي تعبر عن الغنائم واالنتصارات التي
حققها هذا القائد على حساب الشعوب الليبية.
الحرف اليدوية:
أـ الفخار عند المصريين :ظهرت شواهد صناعة الفخار في مصر إلى عهد ما قبل األسرات وخالل هذه الفترة
تم العثور في مواقع اآلثار على شواهد ألواني منزلية وجنائزية وأواني التزيين .فيما يخص الجانب االجتماعي
للحرفيين فقد كانت منزلة الحرفي في الفخار منزلة مهمة في طبقة الحرفيين .يحصل المثريين على المادة األولية
وهي الطمي الذي يجمع من حول ضفاف النيل وهذا عقب أولى حمالت فيضان النيل ليقدم إلى الحرفيين إلى جانب
14
La civilisation égyptienne
ذلك كان يجلبون الطمي الناعم من مناجم طبيعية في أسوان إلنتاج أجود األواني .وكان النيل يحمل في مجراه كثير
من أنواع الطي يتميز باختالف ألوانه .حسب الشواهد الفخارية فقد كان المصريون يستخدمون في صناعة الفخار
كل من اليد والقوالب ثم الدوالب وهذا منذ عهد األسرة األولى.
يستعمل الفخار في كل من التخزين وفي الطقوس الجنائزية والتحنيط والدفن واألثاث النذري ،وكانت أشكال
وأحجام وأبعاد األواني تأخذ طابع شكلي يوحي بميدان استعمالها .فالفخار الجنائزي مثال تصنع اآلنيات في أحجام
وأبعاد صغيرة تزود بأغطية مشخصة لرؤوس آلهة أو ملوك ،وتستغل الواجهة الخارجية من األواني في رسم أو
نحت مشاهد من الحياة اليومية أو من الحياة األخرى،كما يمكن أن تستغل في نحت نصوص هيروغليفية تحمل
دعاوي وصلوات وقصص من العالم اآلخر تخص اآللهة والملوك .إلى جانب التطور في الجانب التزييني ،عرفت
هذه الحرفة تطور في مواضيع وتقنيات ومواد التزيين والتعبير على األواني الفخارية وحسب االختصاص ،فالفخار
ar
المصري أصبح يزين بتقنيات الرسم المتعدد أو األحادي األلوان وبتقنية النحت الغائر المملوء أو الخطي أو بتقنية
الخدش أو الطبع أو البصم.
am
Ou
EN
CH
OU
CH
IAI
Dr.
15