Professional Documents
Culture Documents
الجامعة التكنولوجية
على الرغم من محاوالت العديد" من الكتاب والمبرمجين حول العالم في التعريف بمبادئ حركة البرمجيات الحرة ومفتوحة
المصدر ،إال أن هذا الفهم ( وفي عالمنا العربي على وجه الخصوص) ما زال يشوبه الكثير من اللغط وعدم الدقة .أضف إلى
ذلك اإلشكالية اللغوية المتمثلة في عدم توفر مفردتين مختلفتين في اللغة اإلنكليزية للتعبير عن مفهومي الحرية والمجانية ،إذ أن
لنتمكن من تجاوز هذه اإلشكالية واستيعاب مبادئ حركة البرمجيات الحرة ومفتوحة المصدر ،دعنا نستعرض بإيجاز السياق
في العام 1984حين بدأ العمل على تطوير Richard Stallmanتبلورت أولى أفكار هذه الحركة على يد ريتشارد ستولمان
بغية إتاحة توزيعه بحرية لمن يشاء ودون مقابل ،وذلك تعبيراً عن سخطه على تحول غالبية GNUنظام تشغيل أسماه
البرمجيات المتاحة في تلك الفترة إلى برمجيات مغلقة تتحكم بها مصالح الشركات التجارية .أسس ريتشارد في العام 1985
بهدف الترويج ألفكاره في ضرورة بناء قاعدة حرة من البرمجيات Free Software Foundationمؤسسة البرمجيات الحرة
التي يمكن ألي مستخدم تعديلها وتطويرها أو إعادة توزيعها دون أية قيود قد تفرضها المصالح التجارية أو السياسية للشركات
في أثناء بحثه عن أداة فاعلة لتمكين مطوري البرمجيات من تضمين مفاهيم الحرية هذه في برمجياتهم إذا شاؤوا ،قام ريتشارد
والتي تضمن للمطور والمستخدم على حد ) GNU General Public License (GPLبكتابة إتفاقية الترخيص العمومية
سواء انتقال الحريات المترافقة مع أي برنامج يوزع وفق هذه اإلتفاقية إلى جميع المستخدمين الالحقين ،وتحول دون إمكان
سرعان ما استقطبت مؤسسة البرمجيات الحرة ومفتوحة المصدر اهتمام الكثير من المطورين حول العالم ،والذين قاموا نتيجة
إيمانهم بهذه المبادئ بتطوير العديد من البرمجيات التي أطلقت ضمن إتفاقية الترخيص العمومية وسميت بـ (البرمجيات الحرة).
إال أن الهدف الرئيس لريتشارد من وراء إنشاء مؤسسة البرمجيات الحرة لبناء نظام تشغيل حر متكامل ظل بعيد المنال نتيجة
من جامعة هلسنكي ببناء نوا ة لنظام تشغيل حر Linux Torvaldsفي تلك األثناء ،قام شاب فنلندي يدعى لينوس تورفالدز
وذلك في العام .1991إستخدم لينوس لبناء نواة نظامه الجديد األدوات البرمجية التي ) Linuxلينوكس( أسميت تيمنا ً به
طورتها مؤسسة البرمجيات الحرة .وبعدما تم إطالق اإلصدارة األولى من لينكس تشكلت لدى العديد من المطورين قناعة مفادها
أن لينكس هو الخطوة المنتظرة في اإلتجاه الصحيح إلتمام العمل الذي بدأه ريتشارد ،كونها قد تجاوزت القسط األكبر من
وهكذا اندمج نتاج مؤسسة البرمجيات الحرة مع جهود لينوس GNU.المشاكل التقنية التي تواجه إكمال بناء نظام التشغيل
GNU/Linux،باإلضافة إلى آالف المطورين في جميع أنحاء العالم في ما أصبح يعرف باسم نظام التشغيل غنو /لينكس
.والذي نمى بتسارع مضطرد ليضحي منافسا ً عتيداً ألنظمة التشغيل التجارية
يعود الفضل األكبر في نجاح وانتشار مفاهيم البرمجيات الحرة إلى نظام التشغيل لينكس والنجاح الذي حققه في فترة قياسية .إال
وعلى رأسهم إريك ريموند( أن هذا النجاح شابه ما تم تفسيره على أنه انقسام ضمن أنصار هذه الحركة .فقد ارتأى بعضهم
في Freeبأن اإللتباس المترافق مع عدم وضوح مغزى كلمة )يؤيده في ذلك لينوس تورفالدز وآخرون – Eric Raymond
اإلشارة إلى الحرية قد أدى إلى تفسيرها بشكل خاطئ كرمز إلى مجانية البرمجيات ،وهو ما اعتبروه عائقا ً في سبيل تزايد
انتشار البرمجيات الحرة في األوساط التجارية نتيجة توجس هذه الشركات خيفةً من تأثير هذا المفهوم على مصالحها التجارية.
في حين أن المفهوم األساسي للبرمجيات الحرة ال يمنع اإلستغالل التجاري وتحقيق النفع المادي من هذه البرمجيات شريطة
لإلشارة بما ال ) Open Source Softwareالبرمجيات مفتوحة المصدر( لتجاوز هذه اإلشكالية ،ابتكر إريك ورفاقه مصطلح
يترك مجاالً للشك وال لسوء الفهم إلى المبدأ األساسي في حرية تعديل وتوزيع البرمجيات عبر إرفاقها مع شيفرتها المصدرية
وتمكن مستخدميها من إدخال أية تعديالت يرتأيها على هذه الشيفرة المصدرية .ولنشر هذا المصطلح أسست مبادرة المصادر
.كمؤسسة ال تهدف للربح غايتها الترويج لهذه األفكار ودعمها Open Source Initiativeالمفتوحة
مع أن مصطلحي البرمجيات الحرة ومفتوحة المصدر يستخدمان على نطاق واسع لإلشارة إلى نفس األفكار والمفاهيم ،إال أنهما
عمليا ً يشيران إلى مبدأين" مختلفين ،على األقل جزئياً .لذلك ولتجنب أية إشكاالت قد تنتج" عن اإلشارة الخاطئة باستخدام مفهوم
كحل وسط ) Free and Open Source Softwareالبرمجيات الحرة ومفتوحة المصدر( بدل اآلخر ،فقد ابتكر مصطلح
يفترض أن يرضي جميع األطراف .لذا فإننا سنستخدم هذا المصطلح من اآلن فصاعداً لإلشارة إلى البرمجيات التي تحمل
.مفاهيم الحرية عبر توزيعها مع شيفرتها المصدرية وإتاحة تعديلها وتطويرها وإعادة توزيعها ألي كان
اللغة العربية
على الرغم من اإلنتشار الواسع الذي حققته البرمجيات الحرة ومفتوحة المصدر في جميع أنحاء العالم ،إال أن نظرة سريعة على
واقع تقنية المعلومات في الدول العربية تظهر بوضوح مدى تأخر هذه الدول في تبني فلسفة البرمجيات الحرة ومفتوحة المصدر
سواء على صعيد القطاع الحكومي أو المؤسسات والشركات الخاصة .هذا التباطؤ في إدراك أهمية وميزات هذه الفلسفة سيؤدي
إلى حرمان الدول العربية من الفوائد الجمة التي قد تكسبها جراء استخدامها للبرمجيات الحرة ومفتوحة المصدر ،بدءاً من توفير
المبالغ الفلكية التي تصرف سنويا ً ثمنا ً لتراخيص استخدام البرمجيات التجارية المغلقة وانتهاء باستقاللية القرار السياسي
تتيح مبادئ واتفاقيات ترخيص البرمجيات الحرة ومفتوحة المصدر ألي مستخدم تعديل أو تطوير هذه البرمجيات بما
يتالءم مع حاجاته ومتطلباته دون الرجوع إلى المطور أو المصدر األساسي ،وذلك عبر توفير الشيفرة المصدرية لكل
برنامج وإتاحة تعديلها ضمن إتفاقية الترخيص المرفقة .ولقد استثمرت هذه الميزة من قبل الكثير من الدول والشعوب
لتعديل البرمجيات المتاحة ضمن حركة البرمجيات الحرة ومفتوحة المصدر وتطويعها لتتالءم مع المتطلبات الخاصة
للغاتهم وثقافاتهم ،مما أدى بالنتيجة إلى إثراء هذه الحركة ومنحها المرونة الالزمة لتجاوز الحواجز الثقافية واللغوية
بين جميع أصقاع المعمورة ،وإزالة أية عوائق قد تمنع أي إنسان على وجه البسيطة من اإلستفادة من معطيات ثورة