والدعاء بعده سلَّ َم يصلي على نفسه في التشهد األول وغيره ،وسَنَّ ذلك ألمته ؛ حيث أمرهم بالصالة عليه بعد ص َّلى هَّللا ُ َعلَ ْي ِه َو َ وكان َ صلَّى هَّللا ُ َعلَ ْي ِه َو َ سلَّ َم صلَّى هَّللا ُ َعلَ ْي ِه َو َ سلَّ َم يشرع في كل تشهد ،فكذلك تشرع الصالة عليه َ السالم عليه ،فكما أن السالم عليه َ بعد كل تشهد ،سواء في الجلوس األول أو اآلخر ؛ لعموم األدلة وإطالقها : سلِّ ُموا َت ْسلِي ًما} .قال ابن القيم في صلُّوا َعلَ ْي ِه َو َصلُّونَ َع َلى ال َّن ِب ِّي َيا َأ ُّي َها ا َّلذِينَ آ َم ُنوا َفمنها :قوله تعالىِ{ :إنَّ هَّللا َ َو َماَل ِئ َك َت ُه ُي َ كتابه القيم ” جالء األفهام ” ( ” : )249فدل على أنه حيث شرع التسليم عليه شرعت الصالة عليه ؛ ولهذا سأله أصحابه عن كيفية الصالة عليه وقالوا :قد علمنا كيف نسلم عليك ؛ فكيف نصلي عليك ؟ فدل على أن الصالة عليه مقرونة بالسالم سلَّ َم – يعني :في التشهد األول – ؛ صلَّى هَّللا ُ َعلَ ْي ِه َو َ سلَّ َم ،ومعلوم أن المصلي يسلم على النبي َ صلَّى هَّللا ُ َعلَ ْي ِه َو َ عليه َ َّ سل َم. ” َ هَّللا صلى ُ َعل ْي ِه َو َ َّ فيشرع له أن يصلي عليه َ صلَّى هَّللا ُ َعلَ ْي ِه َو َ سلَّ َم ،وهي على نوعين :مقيدة بالصالة ،ومطلقة . ومنها :األحاديث الكثيرة الواردة في الصالة عليه َ واألولى على قسمين :منها ما هو مقيد بالتشهد ،ومنها ما هو مطلق. أما القسم األول :ففيه أربعة أحاديث ..وهذه األحاديث وإن كانت أسانيدها ضعيفة ؛ فمجموعها صالح لالحتجاج بها إن شاء هللا تعالى ؛ ال سيما وأنها مؤيدة بالقسم الثاني ،وفيه ثالثة أحاديث وفيها ضعف. وإلى هذا ذهب الشافعي رحمه هللا – كما نص عليه في ” األم ” ( 1/102و ، – )105وهو الصحيح عند أصحابه ؛ كما صرح به النووي في ” المجموع ” ( ، )3/460ثم قال ” :والصحيح أنها ُت َ سنُّ ،وهو نص الشافعي في ” األم ” و” اإلمالء “ .واستظهره في ” الروضة ” ( – 1/263طبع المكتب اإلسالمي) . وهو اختيار الوزير ابن هبيرة الحنبلي في ” اإلفصاح ” ؛ كما نقله ابن رجب في ” ذيل الطبقات ” ( )1/280وأقره ،وكذلك اآلجري ،فهؤالء ثالثة من أئمة الحنابلة ،باإلضافة إلى مالك والرصاع من المالكية ،والشافعي والنووي وغيرهم من الشافعية ،وابن حزم من الظاهرية. وقال في إرواء الغليل ( :)32 / 2وفي حديث أبي عوانة التصريح في أنه صلى هللا عليه وسلم كان يصلي على نفسه في التشهد األول يرويه زرارة بن أبي أوفى قال ( :سألت عائشة عن صالة رسول هللا ( صلى هللا عليه وسلم ) بالليل ؟ فقالت : كان يصلي العشاء ثم يصلي بعد ركعتين ثم ينام … ثم توضأ فقام فصلى ثمان ركعات يقرأ فيهن بفاتحة الكتاب وما شاء من القرآن وقالت :ما شاء هللا من القرآن فال يقعد في شئ منهن إال في الثامنة فإنه يقعد فيها فيتشهد ثم يقوم وال يسلم فيصلى ركعة واحدة ثم يجلس فيتشهد ويدعو ثم يسلم تسليمة واحدة :السالم عليكم يرفع بها صوته حتى يوقظنا .الحديث .أخرجه اإلمام أحمد ( : ) 236 / 6ثنا يزيد قال :ثنا بهز بن حكيم وقال مرة :انا قال :سمعت زرارة بن أوفى يقول :فذكره . قلت :وهذا سند صحيح .وقد تابعه قتادة عن زرارة به نحوه وفيه ( :ال يجلس فيهن إال عند الثامنة فيدعو ربه ويصلي على نبيه ثم ينهض وال يسلم ثم يصلي التاسعة ثم يسلم تسليمة يسمعنا ) .وإسناده صحيح أيضا وهو في صحيح مسلم ( ) 70 / 2بلفظ ( فيذكر هللا ويحمده ويدعوه ثم يسلم تسليما يسمعناه ) وكذا أخرجه النسائي ( . ) 250 / 1وعنه ابن حزم في ( المحلى ) ( ) 49 / 3لكن بلفظ ( :تسليمة ) .وهكذا عزاه الحافظ في ( التلخيص ) ( ص ) 104البن حبان في صحيحه والسراج في مسنده وقال ( :وإسناده على شرط مسلم دل حديث عائشة عند أبي عوانة على مشروعية الصالة على النبي ( صلى هللا عليه وسلم ) في التشهد األول .وهذه فائدة عزيزة ال تكاد تراها في كتاب فعضن عليها بالنواجذ . وفي تمام المنة :قول عائشة رضي هللا عنها في صفة صالته صلى هللا عليه وسلم في الليل ” :كنا نعد لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم سواكه وطهوره فيبعثه هللا فيما شاء أن يبعثه من الليل فيتسوك ويتوضأ ثم يصلي تسع ركعات ال يجلس فيهن إال عند الثامنة فيدعو ربه ويصلي على نبيه ثم ينهض وال يسلم ثم يصلي التاسعة فيقعد ثم يحمد ربه ويصلي على نبيه صلى هللا عليه وسلم ويدعو ثم يسلم تسليما يسمعنا ..الحديث أخرجه أبو عوانة في ” صحيحه ” ( ) 324 / 2وهو في ” صحيح مسلم ” ( ) 170 / 2لكنه لم يسق لفظه ففيه داللة صريحة على أنه صلى هللا عليه وسلم صلى على ذاته صلى هللا عليه وسلم في التشهد األول كما صلى في التشهد اآلخر وهذه فائدة عزيزة فاستفدها وعض عليها بالنواجذ وأما الحديث الذي فيه أنه صلى هللا عليه وسلم كان في التشهد األول كأنما يجلس على الرضف فقد تتابع أئمة الحديث على تضعيفه ،على أن الحديث لو صح ؛ لم يكن فيه دليل على ما ذكروا ؛ فقد قال الشوكاني ( – )2/242بعد أن ذكر الخالف في سلَّ َم ،وساق أدلة الفريقين – ” :ولكن تخصيص التشهد األخير بها مما لم يدل صلَّى هَّللا ُ َعلَ ْي ِه َو َ وجوب الصالة على النبي َ عليه دليل صحيح وال ضعيف ، وجميع هذه األدلة التي استدل بها القائلون بالوجوب ال تختص باألخير ،وغاية ما استدلوا به على تخصيص األخير بها حديث ابن مسعود هذا ،وليس فيه إال مشروعية التخفيف ،وهو يحصل بجعله أخف من مقابله – أعني :التشهد األخير – ،وأما أنه يستلزم ترك ما دل الدليل على مشروعيته فيه ؛ فال ،وال شك أن المصلي – على أحد صلَّى هَّللا ُ َعلَ ْي ِه َو َ سلَّ َم (قلت :كالنوعين األخيرين) – كان مسارعا ً غاية التشهدات ،وعلى أخصر ألفاظ الصالة عليه َ المسارعة باعتبار ما يقع من تطويل األخير ؛ بالتعوذ من األربع ،واألدعية المأمور بمطلقها ومقيدها فيه ” . وبمشروعية الصالة على النبي صلى هللا عليه وسلم أفتى جماهير علماء المملكة العربية السعودية رحمهم هللا ففي فتاوى اللجنة الدائمة ( :)13 / 7الصالة على النبي صلى هللا عليه وسلم في التشهد الفتوى رقم ( ) 6744السؤال الرابع س:4 نسأل في الصالة على النبي صلى هللا عليه وسلم في التشهد األول ..هل إذا قلت أشهد أن ال إله إال هللا وأن محمدا عبده ورسوله ..هل أنهض قائما أم أقول اللهم صل على محمد وعلى آل محمد؟ ج :4الصالة على النبي صلى هللا عليه وسلم واجبة عقب التشهد في الركعة األخيرة من كل صالة ،أما الركعة الثانية من الصالة الثالثية أو الرباعية فيسن الصالة على النبي صلى هللا عليه وسلم بعد الشهادتين لعموم األحاديث اآلمرة بالصالة على النبي صلى هللا عليه وسلم. وباهلل التوفيق وصلى هللا على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء عضو … نائب رئيس اللجنة … الرئيس عبد هللا بن غديان … عبد الرزاق عفيفي … عبد العزيز بن عبد هللا بن باز وفي فتاوى اللجنة الدائمة ( )13 / 7السؤال الثاني من الفتوى رقم ( ) 7917 س :2ما هي صفة الصالة على النبي صلى هللا عليه وسلم في التشهد األول في الصالة الرباعية والثالثية أفتونا جزاكم هللا خيرا؟ ج : 2هي كما في التشهد األخير لعموم األحاديث الواردة في ذلك ،ومنها ما رواه اإلمام مسلم وأحمد والنسائي رحمهم هللا….. وباهلل التوفيق وصلى هللا على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء عضو … عضو … نائب رئيس اللجنة … الرئيس عبد هللا بن قعود … عبد هللا بن غديان … عبد الرزاق عفيفي … عبد العزيز بن عبد هللا بن باز وفي فتاوى اللجنة الدائمة (:)160 / 24 كيفية الصالة على النبي صلى هللا عليه وسلم فيوضح ذلك ما ورد في (الصحيحين) عن كعب بن عجرة رضي هللا عنه « : أن النبي صلى هللا عليه وسلم لما سألوه عن كيفية الصالة عليه قال (( :قولوا :اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ،اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد » أو غير ذلك مما ثبت عنه صلى هللا عليه وسلم ،وليس لذلك وقت مخصص ،بل يقال في التشهد األول واألخر ،وعند سماع اسمه أو قراءته ،أو عند ذكره صلى هللا عليه وسلم . وباهلل التوفيق ،وصلى هللا على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء عضو … عضو … الرئيس بكر بن عبد هللا أبو زيد … صالح بن فوزان الفوزان … عبد العزيز بن عبد هللا آل الشيخ وفي مجلة البحوث اإلسالمية نشر الرئاسة العامة إلدارات البحوث العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشاد )69 / 63( الصالة على النبي صلى هللا عليه وسلم مشروعة في التشهد األول واألخير: س :من أ .س .ع – .أرتيريا ،هل الصالة المفروضة أو الدعاء إذا لم يذكر فيها النبي -صلى هللا عليه وسلم -تكون صحيحة أو ال ؟ فإن بعض األشخاص قال إن الصالة والدعاء ال يقبالن إال إذا كان فيهما الصالة على النبي صلى هللا عليه وسلم .أفيدونا أفادكم هللا؟ ج :الحمد هلل والصالة والسالم على رسول هللا ،أما بعد: فإن الصالة على النبي -صلى هللا عليه وسلم -مشروعة في صالتنا المفروضة والنافلة وذلك في التحيات في آخر الصالة بعد أن يقول أشهد أن ال إله إال هللا وأن محمدا عبده ورسوله يقول :اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت… وهذه الصالة تشرع أيضا في التشهد األول على الصحيح وقال أكثر أهل العلم أنها ال تشرع إال في التشهد األخير ،ولكن الصحيح مشروعيتها أيضا في التشهد األول؟ لعموم األحاديث الواردة في ذلك .ولكنها في التشهد األخير ركن أو واجب البد منه أما في األول فمستحبة… وبكل حال فالذي ينبغي للمسلم أن يجيء بها ويحافظ عليها في التشهد األخير؛ ألن الرسول أمر بها واألمر يقتضي الوجوب؛ فال ينبغي للمؤمن أن يدعها في التشهد األخير ،وهكذا المؤمنة ،أما التشهد األول فإن أتى بها فهو أولى وأفضل وإن لم يأت بها فال حرج عليه ،ولكن ليس المجيء بها شرطا ً في القبول لعدم الدليل على ذلك. بل خرج األلباني في “السلسلة الصحيحة” ” – 878 /566 / 2إذا قعدتم في كل ركعتين ، فقولوا :التحيات هلل والصلوات والطيبات ،السالم عليك أيها النبي ورحمة هللا وبركاته السالم علينا وعلى عباد هللا الصالحين ،أشهد أن ال إله إال هللا وأن محمدا عبده ورسوله ،ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه.“ قال األلباني :أخرجه النسائي ( ) 174 / 1وأحمد ( ) 437 / 1والطبراني في ” المعجم الكبير ” ( ) 1 / 55 / 3من طريق شعبة قال :أنبأنا أبو إس حاق أنبأنا أبو األحوص عن عبد هللا قال ” :كنا ال ندري ما نقول في كل ركعتين غير أن نسبح ونكبر ونحمد ربنا وإن محمدا صلى هللا عليه وسلم علم فواتح الخير وخواتمه ،فقال :فذكره .قلت وهذا إسناد صحيح متصل على شرط مسلم . وفي الحديث فائدة هامة وهي مشروعية الدعاء في التشهد األول ولم أر من قال به من األئمة غير ابن حزم والصواب معه وإن كان هو استدل بمطلقات يمكن للمخالفين ردها بنصوص أخرى مقيدة ،أما هذا الحديث فهو في نفسه نص واضح مفسر ال يقبل التقييد ،فرحم هللا امرءاً أنصف واتبع السنة . و الحديث دليل من عشرات األدلة على أن الكتب المذهبية قد فاتها غير قليل من هدي خير البرية صلى هللا عليه وسلم ،فهل في ذلك ما يحمل المتعصبة على االهتمام بدراسة السنة واالستنارة بنورها ؟ ! لعل وعسى .اهـ كالم األلباني رحمه هللا. نافع عنه، األلباني رحمه هللا أن الدعاء بعد التشهد األول قال به مالك كما في العتبية ون ْق ِل ِ ابن ٍ َ يقول أبو بكر الحريري :فات وقال به ابن دقيق العيد من الشافعية كما في التلخيص الحبير البن حجر ،باإلضافة إلى ابن حزم الذي نقل األلباني عنه ذلك. وعلى هذا فإن أقوال أهل العلم التي تتوافق مع األدلة الصحيحة تنص على مشروعية الصالة على النبي صلى هللا عليه وسلم في التشهد األول والدعاء بعده أيضا ً ألدلة عامة وخاصة في الموضوعين ،والحق أحق أن يتبع. والحمد هلل رب العالمين.