You are on page 1of 3

‫تيما أمجد أبوزهرة‬

‫أستاذ أحمد أسعد‬

‫ظاهرة العنف في الجامعات‬

‫تعد بيئة الجامعة بيئة تربوية متكاملة وشاملة تعكس صفات األفراد المتواجدون بها‪ ،‬سواء من طالب أو‬
‫وتوجهاتهم نحو‬
‫ُ‬ ‫موظفين‪ ،‬وهي أيضاً من أبرز المؤثرات على سلوكيات‪ -‬وطباع الطالب وإ نجازاتهم‪ -‬كافة‬
‫الدراسة‪ ،‬فالطالب الذي لم يحظى بمحيطه الجامعي ما يساعده على التطور‪ -‬والنمو ليس مثل الطالب الذي‬
‫يمتلئ محيطه بالمحفزات‪ ،‬سواء أكانت محفزات معنوية أو مادية‪ ،‬لها عالقة بالدراسة أم ال‪ ،‬فالبيئة ِ‬
‫تبلور‬
‫شخصية الطالب‪ .‬وتنشئ‪ -‬الجيل المسؤول عن تسيير‪ -‬األمم في المستقبل‪ ،‬وبذلك يجدر على المسؤولين عن‬
‫الجامعات الحرص الشديد على ما يدور بين األفراد‪ -‬والهيئة التعليمية على وجه العموم‪ ،‬وبين الطلبة‬
‫‪.‬خاصةً‬

‫من الظواهر المنتشرة في الجامعات ظاهرة نادرة ال نعرف عنها الكثير‪ ،‬ولكنها تؤدي‪ -‬إلى تأثيرات كبيرة‬
‫على الطلبة وعلى المجتمع الجامعي ككل‪ .‬يمكن أن تحدث هذه الظاهرة في أي مرحلة من التعليم‪ ،‬ولكن‬
‫العليا‪ .‬يمكن أن تتمثل هذه الظاهرة في مختلف األنواع‪ ،‬مثل العنف والتعدي‬‫هي أكثر شيوعاً في الجامعات ُ‬
‫والتحرش الجنسي وغيرها‪ .‬ويمكن أن تؤدي هذه الظاهرة إلى أثار كبيرة على الطلبة المعنيين‪ ،‬مثل التوتر‪-‬‬
‫والقلق والنفوسية العالية واإلحباط الدراسي‪ .‬كما يمكن أن تؤدي‪ -‬هذه الظاهرة إلى تأثيرات على المجتمع‬
‫الجامعي ككل‪ ،‬مثل العداء والتعصب والفضح واإلنقالب على األفراد‪ -‬بشكل عنيف‪ ،‬كرد فعل للتعرض‬
‫‪.‬لذلك العنف مسقباً‬

‫من الممكن أن يتسبب عدم إدراك الفوارق بين الثقافات إلى توليد العنف اللفظي أو العنف الجسدي خاصةً‪،‬‬
‫فمثالً فرد يأتي من ثقافته الخاصة ليتعامل مع شخص آخر بثقافة ُأخرى‪ ،‬لن يدرك االختالفات بين تلك‬
‫القافات ويتصرف‪ -‬على راحته تماماً‪ ،‬كأن يتعامل أحد طالب جامعة بيت لحم مع طالب ٍ‬
‫آت من كوريا فيهُ ّم‬
‫عادي جداً موجود بالشرق‪ -‬األوسط‪ ،‬لكن بهذه الحالة لن يعجب الطالب‬
‫ٌ‬ ‫لمصافحة يده ولمسها‪ ،‬كعادة وتقليد‬
‫‪.‬الكوري‪ -‬ذلك التصرف بل ومن الممكن أن يتشاجرا على ذلك الموقف الذي قد يراه البعض ساذجاً‬

‫وعام ٌل آخر يؤدي‪ -‬لنشوء العنف في الجامعات هو الفجوة الكبيرة بين الطبقات الموجودة في الجامعة‪،‬‬
‫فيحدث بالغالب إستحواذ الطاّل ب ذوي الطبقة األكثر راحة مادياً على من هم دونهم مادياً‪ ،‬وفي مثل تلك‬
‫الحاالت تنشأ الشجارات والنزاعات بين الطالب‪ .‬من جانب آخر‪ ،‬منتشر‪ -‬في الجامعات أيضاً العنف‬
‫الجنسي أو مايسمى "التحرش الجنسي"‪ ،‬سواء بين الطالب حد ذاتهم أو حتى بين أحد الطلبة و دكتوره أو‬
‫معلمه‪ .‬من الممكن أن ينشأ بسبب مرض معين يعاني منه المعنِف للضحية واستمرار‪ -‬تفكيره بكل ما يتعلق‬
‫المعنف‪ .‬وفي بعض األحيان يحدث‬
‫ّ‬ ‫بالجنس‪ ،‬أو عدم سيطرته على شهوته‪،‬أو حتى بسبب إنفصام يعني منه‬
‫ذلك عن إرادة الضحية‪ ،‬لمصلحة دراسية أو للحصول على عالمات لم تستطع الحصول عليها الضحية‬
‫مربطة األيدي‬
‫‪.‬بمجهودها‪ -‬الشخصي‪ -‬بل لجأت لتلك الوسيلة باعتبارها ّ‬

‫للتعامل مع هذه الظاهرة‪ ،‬يجب على الجامعات توفير‪ -‬الدعم الالزم للطلبة المعنيين وتنظيم البرامج التدريبية‬
‫للتعلم عن العنف والتعدي والتحرش‪ -‬الجنسي وغيرها‪ .‬كما يجب على الجامعات تعزيز‪ -‬الرقي والتعاون مع‬
‫الجهات الحكومية والمؤسسات الخاصة للحد من هذه الظاهرة‪ .‬أيضاً إتّباع العديد من المناهج‪ ،‬أو‬
‫الممارسات التي ذكرها مؤسسي كتب علم اإلجتماع‪ ،‬مثل دراسة تصرفات الطالب ولغة الجسد أو ما هي‬
‫مر بها الفرد أو تعرض مسبقاً لمثل‬
‫األسباب التي تدفع الطالب للجوء للعنف‪ ،‬ما إذا كان بسبب صدمة ّ‬
‫‪.‬ذلك العنف‬

‫الحد من ظاهرة‬
‫ومن خالل التنوير الذاتي وتطوير الممارسات الخاطئة المعتاد عليها بالجامعة‪ ،‬يمكننا ّ‬
‫الرقي بتصرفاتهم وتفكيرهم‪ -،‬والوعي بأن الجامعة‬
‫العنف المعتاد عليها بالجامعات‪ ،‬بحيث أنه على األفراد ُ‬
‫والمجتمع بشكل عام‪ ،‬نظام ال يجب االستهتار‪ -‬بتركيبه ونتظيمه‪ .‬وعلى الطالب والمعلمين أو الدكاترة‬
‫التعامل مع بعضهم‪ -‬البعض على ُأسس قويمة‪ ،‬ورفع شأن القيم والمعايير بينهم‪ ،‬فهي من أهم عوامل تالشي‬
‫‪.‬ظاهرة العنف في الجامعات‬

‫يمكن أن تمتد آثار العنف الجسدي والجنسي‪ -‬في الجامعة ألبعد مدى‪ ،‬فتؤدي‪ -‬بصاحبها‪ -‬لالنتحار أو ما‬
‫يسمى بانتحار‪ -‬الضياع الذي ينشأ نتيجة لغياب التنظيم االجتماعي‪ .‬ومما ذكرناه سابقاً نستنتج أن العنف‬
‫ٍ‬
‫بشكل رهيب‪ ،‬وليس من الطبيعي التغاظي عنه أو عدم محاولة حل تلك المشكلة العقيمة‪ ،‬بل‬ ‫أصبح منتشراً‪-‬‬
‫على الهيئة التدريسية والطالب وكل من في الجامعات اإللتزام بالقوانين التي تمنع إنتشار تلك الظاهرة‬
‫‪.‬أكثر فأكثر‪-‬‬

You might also like