You are on page 1of 26

‫أوراق املجلة الدولية للدراسات األدبية واإلنسانية ـ ـ ـ مخبراملوسوعة الجزائرية ـ ـ ـ جامعة باتنة‪ 1‬ـ ـ ـ الجزائر‬

‫‪ ISSN 2773-2940‬املجلد ‪02‬ا العدد ‪02‬الشهر سبتمبر السنة ‪ 2020‬م ص ‪ 163‬إلى ‪188‬‬

‫األسرة السيفيرية واعتالئها العرش الروماني ‪235-193‬م‪.‬‬


‫‪The Severian Dynasty and its Accession to the Roman Throne‬‬
‫‪193-235 AD‬‬
‫عماد بونقاب*‪ ،1‬عبد الحميد بعيطيش ‪2‬‬

‫‪1‬جامعة باتنة ‪imadbounnagab@gmail.com ،-1-‬‬


‫‪ 2‬جامعة باتنة ‪massil6@yahoo.fr ،-1-‬‬
‫‪2020 /06 /15‬م‬ ‫تاريخ القبول‬ ‫‪2020 /04 /15‬م‬ ‫تاريخ اإلرسال‬
‫ملخص‬
‫يهدف هذا البحث الى إزالة الغموض عن حقبة مهمة من تاريخ اإلمبراطورية الرومانية‪ ،‬أال هي حكم‬
‫األسرة السيفيرية‪ ،‬التي عرف تاريخها الكثير من عالمات االستفهام‪ ،‬سواء من ناحية غياب املادة العلمية أو‬
‫قضاياها الشائكة وحتى التشويه الكبير الذي عرفته هذه األسرة من قبل املؤرخين املعاصرين لها‪ ،‬ومن أجل‬
‫توضيح بعض عالمات االستفهام حول هذه القضايا‪ ،‬تطرقنا في هذه الدراسة ألصل هذه األسرة‪ ،‬مؤسسها‪،‬‬
‫ظروف التأسيس‪ ،‬خلفاء سبتيموس سيفيروس‪ ،‬بعض القضايا املهمة التي كانت ومازالت محل اختالف كبير‬
‫بين املؤرخين‪ ،‬كمذبحة اإلسكندرية‪ ،‬مقتل جيتا‪ ،‬مقتل كركال ‪ ،‬كما خضنا أيضا في أهم أعمال هذه األسرة‬
‫في مختلف املجاالت سواء السياسية‪ ،‬االقتصادية‪ ،‬االجتماعية‪ ،‬الثقافية ‪ ...‬لننهي هذه الدراسة بجملة من‬
‫النتائج التي سعينا من خالله إلبراز جزء من الحقيقة ولو بالش يء القليل ‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬اإلمبراطورية الرومانية؛ األسرة السيفيرية؛سبتيموس سيفيروس؛ جوليا دومنا؛كركال‪.‬‬
‫‪Abstract‬‬
‫‪The current research aims to demystifying an important era in the history of the‬‬
‫‪Roman Empire, namely the dynasty of the Siphor family, whose history has known a‬‬
‫‪set of inquiries namely the absence of scientific data, thorny issues and even the great‬‬
‫‪distortion that has been known by contemporary historians. To clarify some queries‬‬
‫‪about these issues, the researcher discussed the origin of this family, founders, founding‬‬
‫‪circumstances, Septimus Severus successors, some important issues that were and still‬‬
‫‪remain controversial among historians such as Alexandria massacre, the killing of Geeta‬‬
‫‪killing and Caracalla killing. The research also explored the family’s most important‬‬
‫‪achievements in political, economic, social, and cultural fields. A set of results‬‬
‫‪highlighted a part of truth.‬‬

‫;‪Keywords: Roman Empire;Servian Family ; Septimus Severus; Julia Domina‬‬


‫‪Caracalla‬‬

‫* المؤلف المرسل‬
‫‪163‬‬
‫األسرة السيفيرية واعتالئها العرش الروماني ‪235-193‬م‪.‬‬

‫‪.1‬مقدمة‬
‫شهدت اإلمبراطورية الرومانية خالل القرنين األول والثاني العديد األحداث‬
‫التي مست مختلف مجاالت الحياة سواء السياسة‪ ،‬االقتصادية‪ ،‬العسكرية‬
‫االجتماعية‪ ،‬حيث أفرز العديد من التطورات والتي كانت لها انعكاسات سواء‬
‫إيجابية أو سلبية‪ ،‬ومن بين هذه األمور بروز األسرة السيفيرية واعتالئها للعرش‬
‫الروماني وذلك ابتداء من سنة ‪193‬م الى غاية ‪235‬م‪ ،‬سنحاول هنا طرح عدة‬
‫إشكاليات حول أصول هذه األسرة وكيف تمكنت من اعتالء العرس الروماني؟ وما‬
‫هي أهم أعمالها؟ وهذا اعتمادا على املصادر األساسية املتمثلة في الكتابات‬
‫التاريخية الكالسيكية ولكن الالفت في األمر أن بعضا من تلك املؤرخين الالتين‬
‫املعاصرين لتلك الحقبة سعوا إلى تشويه تاريخ هذه األسرة وسمعتها‪ ،‬مما يجعلنا‬
‫نتساءل‪ :‬ما الهدف الذي سعى اليه هؤالء في تشويه صورة وتاريخ األسرة السيفيرية؟‬
‫ومن أجل معالجة هذا املوضوع اعتمدنا على منهجين يسهل علينا الخوض‬
‫فيه أال هما املنهج التاريخي التحليلي‪ ،‬واملنهج التاريخي الوصفي‪ ،‬وذلك قصد‬
‫تحقيق جملة من األهداف أبرزها‪:‬‬
‫التعريف بتاريخ هذه األسرة العظيمة التي عانت التهميش في جل الكتابات‬
‫الكالسيكية واملعاصرة‪ ،‬ازالة الغموض حول العديد من النقاط املهمة‪ ،‬أبرزها‬
‫أصل هذه األسرة‪ ،‬خلفائها‪ ،‬الصراع حول الحكم‪ ،‬أعمالها‪ ،‬باإلضافة للتشويه‬
‫الكبير الذي مس تاريخ هذه األسرة من قبل املؤرخين املعاصرين لها‪ ،‬سواء عن‬
‫قصد أو دون قصد‪.‬‬

‫‪164‬‬
‫عماد بونقاب ‪ /‬عبد الحميد بعيطيش‬

‫‪ .2‬تاريخ األسرة السيفيرية‬


‫‪ 1.2‬من هي األسرة السيفيرية‬
‫اختلفت الدراسات التاريخية حول أصل هذه األسرة‪ ،‬هل جذورها تعود الى‬
‫األصول املشرقية أو املغاربية؟ حيث كانت من األسر األرستقراطية في املنطقة‬
‫خاصة بعد منحها الجنسية الرومانية‪ ،‬وتدرجها في مختلف املناصب السياسية‬
‫والقضائية لتصنع لنفسها تاريخا وسط أعرق األسر األرستقراطية الرومانية‪.‬‬
‫أـ ـ األصل املشرقي‬
‫وفي هذا الصدد يذكر عمار املحجوبي‪ ،‬أن أصل هذه األسرة مشرقي‪،‬‬
‫وبروزها كان بعد منحها املواطنة الرومانية الى السلف األول الذي ذكره التاريخ‪ ،‬أال‬
‫هو سبتيموس ماقر في أواسط القرن األول‪ ،‬لتنتقل فيما بعد لتستقر في شمال‬
‫إيطاليا‪ ،‬ثم تتحول بعدها في عهد لوكيوس سبتيموس سيفيروس الجد‪ ،‬الى لبتيس‬
‫ماجنا(مدينة لبدة الكبرى في ليبيا) (املحجوبي‪ ،2001 ،‬صفحة ‪ )164‬وما يؤكد هذا‬
‫األمر ما أورده املؤرخ سبارتيانوس في مؤلفه تاريخ األباطرة بقوله‪...":‬كان أسالفه من‬
‫طبقة الفرسان الرومان قبل أن يمنح لهم حق املواطنة‪(spartianus, p. "...‬‬
‫)‪،1.1‬بينما هناك من يرى أن هذه األسرة يعود تاريخها الى القرن األول قبل امليالد‪،‬‬
‫وبالضبط لوقا سبتيموس قاتل بومبي في ‪ 48‬ق‪.‬م‪ ،‬خالل الحروب األهلية الرومانية‬
‫بين بومبي ويوليوس قيصر‪ ،‬والتي تنحدر من أصل مشرقي (قبيس ي‪،2000 ،‬‬
‫الصفحات ‪.)123-122‬‬
‫كذلك ترى سلمى محمد بكر هوساوي في كتابها التنظيمات العسكرية في‬
‫الواليات العربية الرومانية‪ ،‬أن أصل هذه األسرة هي سورية أي مشرقية‪ ،‬وليست‬
‫افريقية (هوساوي‪ ،2017 ،‬صفحة ‪.)72‬‬

‫‪165‬‬
‫األسرة السيفيرية واعتالئها العرش الروماني ‪235-193‬م‪.‬‬

‫نفس الش يء بالنسبة سيد أحمد الناصري‪ ،‬الذي يرى في كتابه تاريخ‬
‫اإلمبراطورية الرومانية السياس ي والحضاري‪ ،‬أن هذه األسرة أصلها فينيقي أي‬
‫مشرقي وذلك في قوله‪" :‬وأن أسرته فينيقية األصل والثقافة ‪ ...‬بل أن بعض أفراد‬
‫أسرته كانوا ال يتحدثون الالتينية بتاتا ‪( "...‬الناصيري‪ ،1991 ،‬الصفحات ‪-313‬‬
‫‪.)314‬‬
‫ب ـ ـ األصل اإلفريقي‬
‫يعود تاريخ تأسيس هذه األسرة ابتداء من ‪ 193‬م على يد سبتيميوس‬
‫سيفيريوس لتسقط في ‪235‬م خالل حكم ألكسندر سيفيريوس‪ ،‬حيث تداول على‬
‫حكمها ‪ 4‬أباطرة هم‪ :‬سبتيميوس سيفيريوس (‪211-193‬م)‪ ،‬جيتا (‪ ،)211‬كركال‬
‫(‪217-211‬م)‪ ،‬أنطونينوس أالجابالوس (‪222-217‬م)‪ ،‬ألكسندر سيفيريوس‬
‫(‪235-222‬م)‪.‬‬
‫‪ /1‬سبتيميوس سيفيريوس( ‪ 148‬ـ ـ ‪ 211‬م)هو ماركوس أوريليوس سبتيموس‬
‫سيفيروس املولود بلبتيس ماجنا(الليبية) )‪ (Nelson, 2008, pp. 229-230‬في‬
‫أفريل ‪145‬م‪ ،‬حيث ينحدر من عائلة عريقة تنتمي الى طبقة الفرسان‪ ،‬تحصلت‬
‫على حق املواطنة الرومانية بفضل الخدمات العسكرية التي قدمتها لإلمبراطورية‬
‫الرومانية (مواس‪ ،2015 ،‬صفحة ‪،)49‬كان والده يسمى جيتا وأمه هي فوليا بيا‪،‬‬
‫سعى ليكون محاميا أو قاضيا‪ ،‬اقتداء بأفراد أسرته‪ ،‬لكنه ما لبث أن انظم الى‬
‫سالح الفرسان الذي أثبت جدارة كبيرة فيه )‪ ،(spartianus, pp. 1-1‬وقد ساعده‬
‫في هذا تعليمه الروماني وثقافته الالتينية‪ ،‬حيث درس الفلسفة بأثينا والقانون في‬
‫روما‪ ،‬فأصبح طموحا متعطشا للجاه والسلطة‪ ،‬إذ تأثر بشخصية ماركوس‬
‫أوريليوس‪ ،‬فحاول السير على خطاه (غانم‪ ،2007 ،‬صفحة ‪ ،)74‬بدأ التدرج‬
‫الوظيفي في سنتي ‪174-173‬م‪ ،‬حين عين مفوضا على مقاطعة افريقيا‪ ،‬قبل أن‬

‫‪166‬‬
‫عماد بونقاب ‪ /‬عبد الحميد بعيطيش‬

‫يتولى منصب نقيبا عاما في مجلس الشيوخ لسنة ‪177‬م‪ ،‬بعدها أصبح بريتورا سنة‬
‫‪178‬م‪ ،‬ومفوضا على صقلية ‪ 188‬ـ ـ ‪190‬م‪ ،‬حاكم بانونيا العليا ‪ 191‬ـ ـ ‪193‬م‬
‫(مواس‪ ،2015 ،‬الصفحات ‪ ،)50-49‬ثم بعدها مباشرة إمبراطورا مستغال في ذلك‬
‫مختلف األوضاع والعوامل املساعدة التي أدت به الى بلوغ السلطة‪ ،‬وأسس أسرة‬
‫استطاعت أن تحكم اإلمبراطورية ألكثر من ‪ 40‬سنة‪ ،‬توفي عن عمر يناهز ‪ 66‬سنة‬
‫في بريطانيا حينما أراد اخماد إحدى الثورات باملنطقة‪ ،‬ليخلفه بعد ذلك ابنيه جيتا‬
‫وكركال‪ ،‬هذا األخير استطاع ان ينفرد بالحكم ‪.‬‬
‫‪ /2‬كركال سنتطرق إلى هذه الشخصية فيما تبقى من البحث‪ ،‬وذلك نظرا‬
‫لإلشكاليات العديدة التي عرفتها فترة حكمه فيما بعد‪ ،‬باإلضافة الى أهميته الكبيرة‬
‫في تاريخ هذه األسرة‪.‬‬
‫‪ /3‬جيتا(‪211-189‬م) هو لوكيوس بوبليوس سبتيميوس جيتا سيفيروس‪ ،‬سمي‬
‫بجيتا نسبة لجده من ناحية أبيه‪ ،‬ولد في ماي ‪ 189‬بروما‪ ،‬نودي به قيصرا في ‪198‬م‬
‫وهو ال يتجاوز ‪ 11‬سنة‪ ،‬ثم كلف بإدارة مقاطعة بريطانيا وهو ال يتجاوز ‪ 19‬سنة‬
‫وبالضبط في ‪208‬م‪ ،‬وبعدها مباشرة لقب بأغسطس التقي(تسعديت‪،1990 ،‬‬
‫صفحة ‪ )10‬شارك والده الحكم حيث أولى هذا األخير العناية الكاملة له وذلك ملا‬
‫رأى فيه من كفاءة عالية وموهبة كبيرة ‪،‬مما أدى الى مدحه والثناء عليه في‬
‫قوله‪":‬تبدو مفاجأة كبيرة بالنسبة لي عزيزتي جوفينال‪ ،‬أن ابننا جيتا يجب أن‬
‫يوضع في يوم من األيام برتبة اآللهة ألني ال أرى أي ش يء في برجه الذي يناسب‬
‫اإلمبراطور ‪(Spartianus, pp. 1-2) "...‬‬
‫بعد موت أبيه شارك الحكم مع أخيه كركال‪ ،‬لكن هذا األخير لم يتقبل األمر‪،‬‬
‫فسعى للتخلص منه بشتى الطرق‪ ،‬إذ يصف لنا ديون كاسيوس هذا االمر بقوله‪:‬‬
‫"بعد ذلك أحذ أنطونينوس كامل السلطات املطلقة وحكم في الظاهر باالتفاق مع‬

‫‪167‬‬
‫األسرة السيفيرية واعتالئها العرش الروماني ‪235-193‬م‪.‬‬

‫أخيه‪ ،‬ولكنه في الواقع حكم بمفرده منذ ذلك الوقت‪ ...‬وكان أنطونينوس قد أراد‬
‫قتل أخيه وأبوه مازال على قيد الحياة لكن أباه حال بينه وبين ذلك ‪ "...‬ويقول أيضا‪:‬‬
‫"أتى جيتا صحبة أخيه الى دار أمهما وما إن اجتاز الباب حتى شدت فرقة من قواد‬
‫املئة‪ ،‬كانوا قد استتروا في الغرفة تنفيذا ملكيدة أنطونينوس على جيتا وقتلوه ‪"..‬‬
‫(كاسيوس‪ ،2013 ،‬صفحة ‪)122‬‬
‫‪/4‬أالجابالوس(‪222-204‬م) هو فاريوس أفيتوس باسيانوس املعروف باسم‬
‫هليوجابالوس أو أالجابالوس‪ ،‬املولود في ‪204‬م بحمص ـ ـ سوريا‪ ،‬كان كاهنا لإلله‬
‫الفينيقي الجابال (إله الشمس) في حمص‪ ،‬وبالتالي سمي بهذا االسم (الشيخ‪،‬‬
‫‪ ،2005‬صفحة ‪)69‬ابن جوليا سمياس التي زعمت أنها قد حملت من كركال‬
‫(خشيم‪ ،2002 ،‬صفحة ‪.)72‬‬
‫استدعي كإمبراطور من طرف الفرق السورية وهو ال يتجاوز سن ‪ 13‬سنة‬
‫وبالضبط في ‪218‬م‪ ،‬بعد جهد كبير من جدته جوليا ماسيا وأمض ى بضعة أشهر في‬
‫نيقوميديا( بآسيا الصغرى) لم يدخل روما إال أواخر ‪ 219‬م‪ ،‬حيث أحضر من‬
‫حمص ومن املعبد الذي كان فيه الحجر األسود املقدس الذي يرمز الى‬
‫هليوجابالوس‪ ،‬وبنى له هيكال مزخرفا ضخما ليضعه فيه‪ ،‬كما حاول نشر هذه‬
‫الديانة في روما‪ ،‬مما أدى الى امتعاض كبير ورفض لحكمه ‪.‬في جويلية ‪221‬م‪ ،‬قام‬
‫بتبني قريبه اإلسكندر سيفيريوس‪ ،‬وعينه قيصرا‪ ،‬قبل أن يتراجع عن ذلك كما‬
‫دخل في صراع دموي مع جنود الحرس‪ ،‬أدى به في األخير إلى مقتله سنة ‪222‬م‪،‬‬
‫وخلفه اإلسكندر‪ ،‬حيث لم يهتم أالجابالوس بالسياسة بل أولى جل اهتمامه‬
‫بديانته (تسعديت‪ ،1990 ،‬الصفحات ‪.)12-11‬‬
‫‪/5‬اإلسكندرسيفيريوس(‪235-208‬م) هو ماركوس أوريليوس إسكندر من مواليد‬
‫أكتوبر ‪208‬م‪ ،‬بقيصرية في فينيقية‪ ،‬نودي به إمبراطورا وهو في سن ‪ 14‬سنة‬
‫بالضبط خالل سنة ‪222‬م‪،‬حيث شكل حوله مجلسا ملساعدته في الحكم بسبب‬
‫‪168‬‬
‫عماد بونقاب ‪ /‬عبد الحميد بعيطيش‬

‫صغر سنه‪ ،‬املؤامرات والدسائس التي كانت موجودة في القصر‪ ،‬األوضاع املزرية‬
‫التي كانت تعيشها اإلمبراطورية‪ ،‬ويتكون هذا املجلس من ‪ 16‬عضوا من أفضل‬
‫أعضاء مجلس الشيوخ‪ ،‬حيث يقول هيروديان في مؤلفه تاريخ األباطرة بجزئه‬
‫السادس‪« :‬سعى الى إلعادة كل ش يء الى األخالق الجيدة الجذابة العتيقة‪ ،‬واختار‬
‫أوال في ترتيب أعضاء مجلس الشيوخ ‪ 16‬عضوا‪ ،‬من األعضاء املتميزين األكثر تميزا‬
‫منهم من ناحية جاذبيتهم‪ ،‬مكانتهم وسالمة حياتهم‪ ،‬إذ مكنهم من الجلوس بالقرب‬
‫منه وتشكيل مجلسه العادي ‪ (Hérodien, pp. VI,I)"...‬سعى الى إحالل السالم ونبذ‬
‫العنف‪ ،‬هذا ما أدى له الى االنهزام أمام الفرس والجرمان بعد تقاعسه في‬
‫محاربتهم‪ ،‬مما أدى الى تمرد القوات الرومانية وثورتها أدت في األخير الى اغتياله من‬
‫قبل الجنود الذين عينوا بدله قائدهم ماكسيميانوس (غانم‪ ،2007 ،‬صفحة ‪)76‬‬
‫وبعد وفاته بكاه الشعب الروماني الذي فقد فيه إمبراطورا يعد أعظم أباطرة‬
‫الرومان وألهه مجلس الشيوخ الروماني مثلما فعل مع أغسطس‪ ،‬تراجان‪،‬‬
‫هادريانوس ‪...‬إلخ‪.‬‬
‫‪ 2.2‬ظروف إعتالء األسرة السيفيرية العرش الروماني‬
‫األوضاع السياسية‪ ،‬االقتصادية‪ ،‬العسكرية‪ ،‬االجتماعية‪ ،‬املتدهورة التي‬
‫كانت تعيشها اإلمبراطورية الرومانية نتيجة لسياسات واصالحات كومودوس‬
‫الفاشلة وسوء التسيير‪.‬‬
‫فشل النظام الذي نتج بعد أغسطس‪ ،‬حيث أسس هذا األخير لنظام كان‬
‫يستند الى النصر العسكري والوحدة العسكرية‪ ،‬كما جعل الجيش هو اإلمبراطور‪،‬‬
‫نتيجة لذلك كانت العالقات بين األمير والجيش جزء ال يتجزأ من طبيعة النظام‬
‫السياس ي‪ ،‬عكس هذا كان البناء السياس ي الذي وضعه األباطرة الذين جاؤوا بعد‬
‫أغسطس‪ ،‬حيث أقيمت الدولة وفق نظام إمبراطوري عسكري‪ ،‬كان من نتائجه‬

‫‪169‬‬
‫األسرة السيفيرية واعتالئها العرش الروماني ‪235-193‬م‪.‬‬

‫تحكم الجيش في الحكم والسلطة‪ ،‬مما أدى الى انفجار الوضع خالل وبعد حكم‬
‫كومودوس)‪. (Panaget, 2014, pp. 17-18‬‬
‫تنامي قوة الجيش وسيطرته على اإلمبراطورية‪ ،‬حيث أصبح كل جيش يرشح‬
‫قائده ليكون إمبراطورا إذ نجد يوليانوس‪ ،‬وجايوس‪ ،‬نيجر‪ ،‬كالوديوس ألبينوس‪،‬‬
‫سبتيموس سيفيروس‪ ،‬لذا سمي بعهد األباطرة األربعة وهو العام الذي تلى موت‬
‫كومودوس (الشيخ‪ ،2005 ،‬صفحة ‪،)68‬في هذا الصدد يقول ديون كاسيوس‪":‬بعد‬
‫استيالئه على اإلمبراطورية‪ ،‬مارس يوليانوس السلطة بدناءة متوددا الى السناتو‬
‫واملواطنين فلقد كان وقتئذ ثالث رجال في بلدان مختلفة يقودون ‪ 3‬جيوش مكونة‬
‫من مواطنين وعدد غفير من األجانب‪ ،‬وكان هؤالء الثالث يطمحون الى السلطة‪،‬‬
‫وهم سيفيريوس‪ ،‬نيجر وألبينوس‪ ،‬الذين كانوا بالتوالي على رؤوس جيوش بانونيا‬
‫‪ ،‬سوريا ‪ ،‬بريطانيا ‪( "...‬كاسيوس‪ ،2013 ،‬صفحة ‪)72‬كما استغل فراغ الحياة‬
‫السياسة القيادية في روما بعد اغتيال األباطرة من قبل املتآمرين الناقمين عليهم‪،‬‬
‫حيث تم قتل كومودوس وبيبرتناكس من قبل الحرس البرايتوري (رستوفتزف‪،‬‬
‫د‪.‬ت‪ ،‬صفحة ‪.)472‬‬
‫ونتيجة لهذه األوضاع التي ميزت روما استطاع سبتيموس سيفيريوس‬
‫الوصول إلى العرش بقوة السالح معتمدا في ذلك على حيشه الذي وهبه الثقة‬
‫والسلطان‪ ،‬مقابل عطائه السخي‪ ،‬كما أكره مجلس الشيوخ والحرس البرايتوري‬
‫(الشنيتي‪ ،2012 ،‬صفحة ‪ )32‬وما قول كاسيوس خير دليل‪« :‬غير ان الجنود قد‬
‫أمنوا سيفيريوس ملا أكد لهم من خالل رسالة أنهم لن يصيبوا بأي سوء‪ ،‬شريطة‬
‫أن يسلموا أولئك الذين قتلوا بيبرتناكس ويظلوا هادئين"(كاسيوس‪،2013 ،‬‬
‫صفحة ‪ )75‬باإلضافة الى استخدام القوة العسكرية الرهيبة التي كان يمتلكها‬
‫سبتيميوس سيفيرريوس عكس منافسيه‪ ،‬إذ نجد القائد ألبينوس قائد بريطانيا‬
‫يمتلك ‪ 3‬فرق عسكرية فقط‪ ،‬أما نيجر املنافس األقوى لسيفيريوس قائد والية‬
‫‪170‬‬
‫عماد بونقاب ‪ /‬عبد الحميد بعيطيش‬

‫سوريا فقد كان يمتلك ‪ 9‬فرق‪ ،‬أما سفيريوس فقد كان له ‪ 12‬فرقة عسكرية‪،‬‬
‫باإلضافة الى قربه من إيطاليا‪ ،‬عكس منافسيه (الناصيري‪ ،1991 ،‬صفحة‬
‫‪)309‬ومعرفته الكبيرة بخبايا العرش الروماني ذلك بسبب امتالك أسرته سلطة في‬
‫مجلس الشيوخ‪ ،‬و تردده الدائم على روما وقصرها‪ ،‬تقلده الوظائف وتحنكه فيها‬
‫(مواس‪ ،2015 ،‬صفحة ‪،)50‬أما مصدر قوته فيكمن في اعتنائه بالجيش‪ ،‬إذ رفع‬
‫أجره‪ ،‬و منح لهم األراض ي‪ ،‬سمح لهم بعقد قرانه أثناء تأديته للخدمة قصد‬
‫االستقرار‪ ،‬بعدما كان هذا األمر محرما عليهم فيما سبق‪ ،‬فضال عن السماح له‬
‫بالعيش خارج الثكنات وإغدافه بالهدايا واملكافآت عليهم (ورث‪ ،2003 ،‬صفحة‬
‫‪)182‬أدى هذ األمر الى تحصينه من الناحية السياسية والعسكرية وتمكنه من‬
‫القضاء على خصومه‪.‬‬
‫صفوة القول فإن معظم املصادر الكالسيكية واملؤرخون املعاصرون أمثال‪:‬‬
‫جيبون وغيرهم‪ ،‬خالل تطرقهم لتاريخ األسرة السيفيرية‪ ،‬اعتمدوا على مصدر‬
‫ديون كاسيوس املعاصر لهذه األسرة‪ ،‬لكن املتأمل لتفاصيل هذا الكتاب نجد‬
‫العديد من املبالغة والتشويه لها ولتاريخها‪ ،‬خاصة كل من‪ :‬سبتيميوس‬
‫سيفيريوس‪ ،‬وزوجته جوليا دومنا‪ ،‬وكركال‪ ،‬بعدهم جوليا ماسيا‪ ،‬وذلك لعدة‬
‫أسباب أهمها‪:‬‬
‫عرق هذه األسرة الغير روماني األصيل‪ ،‬والحقد الذي تعرضت إليه بعد‬
‫بلوغها العرش الروماني‪ ،‬وجشع ديون كاسيوس كونه كثير الطلبات‪ ،‬حيث يقول‬
‫في إحدى كتاباته أنه انتظر من الفجر حتى املساء لكي يدخل على كركال كون‬
‫الشعراء والكتاب القدماء كانوا يمتدحون اإلمبراطور قصد نيل الهدايا والعطايا‬
‫لكنه رفض كركال في استقباله‪ ،‬باإلضافة الى العداء الذي كان بين مجلس الشيوخ‬
‫واألسرة السيفيرية التي كان تتظم أعضاء من الطبقة األرستقراطية واملثقفين‬

‫‪171‬‬
‫األسرة السيفيرية واعتالئها العرش الروماني ‪235-193‬م‪.‬‬

‫املشهورين أمثال‪ :‬ديون كاسيو‪ ،‬كما عرف بالنزعة الذاتية التي كانت بارزة في مؤلفه‬
‫املسمى بالتاريخ الروماني حيث نجد العديد من األمور املبالغ فيها‪.‬‬
‫لكن عكس هذا برز بعض املؤرخين املعاصرين الذين أعادوا كتابة تاريخ هذه‬
‫األسرة ونصفوها أمثال‪ :‬اندري بيجانيول حيث يقول‪« :‬إن األسرة السيفيرية أسرة‬
‫عادلة "وهذا خالفا لرأي ديون كاسيوس (قبيس ي‪ ،‬كركال بين الغال(فرنسا)‬
‫واإلسكندرية(مصر) ‪ 217-211‬م‪ ،‬أفريل ‪ ،2011‬صفحة ‪ ،)289‬كما يصف لنا‬
‫رستوفتزف صاحب كتاب "التاريخ االجتماعي واالقتصادي لإلمبراطورية الرومانية"‬
‫أن ديون كاسيوس وهيروديانوس وهم معاصران لتاريخ هذه األسرة أنهما كان‬
‫يخترعان الحقيقة وذلك في قوله‪ ":‬لدينا معلومات تكفي لتكوين رأي عادل عن‬
‫سياسة كركال العامة‪ ،‬حقا إن الصور املفصلة التي رسمها ديون كاسيوس‪ ،‬أحد‬
‫الذين عاصروا كركال‪ ،‬وأحد األعضاء البارزين في طبقة أعضاء مجلس الشيوخ‪،‬‬
‫والتي رسمها أيضا هيروديان وهو معاصر آخر من جماعة املذكورين الذين‬
‫ينحدرون من أصل يوناني‪ ،‬والتي رسمها أيضا مؤرخ من ساللة رومانية‪ .‬كان املصدر‬
‫األول الذي استقى من كتب حياة اإلمبراطور كركال‪ ،‬في مجموعة السير الالتينية‬
‫الذين يدعون بمؤلفي سير األباطرة‪ ،‬كل هذه الصور لم ترسمها ريشة محايدة وإنما‬
‫تمثل على وجه عام رأي الطبقات العليا واملثقفة في اإلمبراطورية‪ ،‬التي عادت كركال‬
‫عداء واضحا‪ ،‬واعتبرته أسوأ طاغية في تاريخ روما‪ ،‬وليس من شك أن ديون‬
‫كاسيوس وهيروديان كانا يخترعان الحقيقة أي بل يفترون" (رستوفتزف‪ ،‬د‪.‬ت‪،‬‬
‫صفحة ‪.)492‬‬

‫‪172‬‬
‫عماد بونقاب ‪ /‬عبد الحميد بعيطيش‬

‫‪ 3-2‬سبتيموس سيفيروس واإلمبراطورالروماني الجديد‬


‫إن من أولى اإلجراءات التي قام بها سيفيروس سبتيموس هو قضاءه على‬
‫يوليانوس ومتابعة أنصاره في ‪193‬م‪ ،‬كما تمكن من كسب والء مجلس الشيوخ‬
‫والحرس البرايتور والشعب الروماني‪ ،‬وما ذكره ديون كاسيوس إال خير دليل على‬
‫هذا حيث يقول‪":‬غير أن الجنود قد أمنوا سيفيرس‪ ،‬ملا أكد لهم من خالل رسالة‬
‫أنهم لن يصيبوا بأي ش يء شريطة أن يسلموا أولئك الذين قتلوا برتناكس ويظلوا‬
‫هادئين‪ ،‬وبعد ذلك قتل يوليانوس في سريره بالقصر دون أن يلفظ بكالم آخر غير‬
‫هذه الكلمات ما الذي أتيته من أمر قبيح؟ من الذي سلبته الحياة؟" (كاسيوس‪،‬‬
‫‪ ،2013‬صفحة ‪ ،)75‬ثم وجه أنظاره نحو نيجر حاكم والية سورية‪ ،‬الذي كان من‬
‫أقوى خصومه وأخرطهم‪ ،‬وذلك بعد ثالث معارك في كل من مدينة بيزنطة‪ ،‬بارنثة‪،‬‬
‫وأنطاكية (تسعديت‪ ،1990 ،‬صفحة ‪)5‬استطاع فيها القضاء عليه‪ ،‬يقول ديون‬
‫كاسيوس حول موت نيجر‪" :‬ووقعت في هذه الحروب مجزرة فظيعة وسقوط من‬
‫بين صفوف جيش نيجر عشرون ألف قتيل وهرب نيجر منسحبا في اتجاه الفرات‬
‫بنية الفرار الى البابار‪ ،‬غير أن متعقبيه ظفروا به وحزوا رأسه‪ ،‬ثم بعث سيفير‬
‫بالرأس الى بيزنطة‪ ،‬وشده الى صليب حتى يحث الناس أمام هذا املشهد الى‬
‫االنضمام لحزبه ‪( "...‬كاسيوس‪ ،2013 ،‬صفحة ‪)83‬بعدها تحول الى ألبينوس الذي‬
‫كان قد استماله‪ ،‬حيث استطاع القضاء عليه في معركة ليون‪ ،‬ليكون بعدها‬
‫سيفيروس‪ ،‬قد استولى على العرش وتمكن من القضاء على منافسيه‪ ،‬كما كسب‬
‫التأييد الرسمي والشعبي ‪ ،‬لتدخل اإلمبراطورية الرومانية في مرحلة جديدة هي‬
‫مرحلة حكم األسرة السيفيرية (تسعديت‪ ،1990 ،‬الصفحات ‪.)7-6‬‬

‫‪173‬‬
‫األسرة السيفيرية واعتالئها العرش الروماني ‪235-193‬م‪.‬‬

‫‪ 4.2‬بروزشخصية كركال‬
‫هو قيصر ماركوس أوريليوس سيفيريوس أنطونينوس بيوس أغسطس‬
‫)‪ ،(Nelson, 2008, p. 23‬ولد في أفريل من عام ‪188‬م بليون‪ ،‬ابن سبتيموس‬
‫سيفيريوس‪ ،‬وجوليا دومانا‪ ،‬كان يسمى باساسيانوس عندما كان صغيرا نسبة الى‬
‫أب أمه‪ ،‬وماركوس أوريليوس نسبة لإلمبراطور الروماني الفيلسوف من األسرة‬
‫األنطونينة"ماركوس أوريليوس"‪ ،‬الذي كان سبتيموس سيفيريوس معجبا ومتأثرا‬
‫به (تسعديت‪ ،1990 ،‬صفحة ‪ .)10‬لقب باسم كركال نسبة للثياب التي كان‬
‫يرتديها‪ ،‬حيث يرجح معنى اسم كركال استنادا الى املعجم الالتيني االشتقاقي املترجم‬
‫الى الفرنسية بجملة ـ ـ ‪ sort de vêtement sans manchees et capuchon‬ـ ـ والتي‬
‫تعني ضرب من الثياب صغيرة الكمين‪ ،‬ولها غطاء الرأس والذي أصله من بالد‬
‫الغال مكان ميالد كركال" (خشيم‪ ،2002 ،‬صفحة ‪.)56‬‬
‫بينما هناك من يفسر مصطلح كركال على أنه يعني باآلرامية ـ ـ قدرة للا ـ ـ‬
‫(قبيس ي‪ ،‬قانون كراكال(كرك للا) ومذبحة اإلسكندرية (لخريف ‪ 215‬م) وتبرئة‬
‫كراكال العربي الكنعاني من دم الشعب املصري‪ ،2000 ،‬صفحة ‪ ،)77‬عين كركال‬
‫في سن ال‪ 8‬قنصال‪ ،‬ولقبه ماركوس أوريليوس أنطونينوس كركال‪ ،‬قبل أن يعلن‬
‫أغسطس في سنة ‪198‬م‪ ،‬كما شارك والده في منصب القنصلية إذ نال منصب‬
‫القنصلية ‪ 4‬مرات منها مرتين بمشاركة أخيه جيتا‪ ،‬ورافقه في العديد من املعارك‬
‫والحروب (تسعديت‪ ،1990 ،‬صفحة ‪.)10‬‬
‫نشأ كركال رفيقا وشريكا ألبيه الذي رباه منذ الصغر على السياسة والجيش‬
‫والثقافة‪ ،‬كما كانت لتربيته وتعليمه دورا كبيرا في ابراز شخصيته‪ ،‬حيث قامت أمه‬
‫ملا كان صغيرا بإرساله الى فيلستراتوس الفيلسوف السفسطائي الروماني‪ ،‬وفي هذا‬
‫الصدد يذكر لنا املؤرخ سبارتان في مؤلفه حول هذا األمر بقوله‪" :‬كرس نفسه‬
‫لدراسة الخطابات ‪ ...‬كما عرف عنه التحفظ والجدية‪ ،‬إما اقتداء بوالده أو تأثرا‬
‫‪174‬‬
‫عماد بونقاب ‪ /‬عبد الحميد بعيطيش‬

‫باإلسكندر األكبر ‪، (Spartianus, Histoire Augustes ,vie de caracalla,I,II)"...‬‬


‫عندما وصل الى سن ال‪ 16‬تزوج من ابنة رئس الحرس اإلمبراطوري املسماة‬
‫بالوتيال‪ ،‬لكنه في األخير قام بقتله وقتل زوجته في‪ 205‬م (الناصيري‪،1991 ،‬‬
‫صفحة ‪،)319‬إذ وقصد القضاء على منافسيه وبلوغه السلطة باإلضافة الى رغبته‬
‫في السيطرة على ثروة صهره الضخمة‪ ،‬إذ يقول ديون كاسيوس في هذا الصدد‬
‫واصفا ثورة بالوتيانوس‪" :‬في أحد األيام خاطب الشعب بالوتيانوس في السرك‬
‫قائلين له‪ :‬ملا ترتعش؟ ملاذا يشحب لونك؟ إنك تملك أكثر مما يملكونه هم الثالثة‬
‫– أي سفيريوس سبتيموس وكركال وجيتا‪( "... -‬كاسيوس‪ ،2013 ،‬الصفحات ‪-106‬‬
‫‪ ،)107‬كما قض ى على الفقيه القانوني بابنيانوس‪ ،‬ثم سعى للتخلص من أخيه جيتا‬
‫وقتل حسب رواية ديون كاسيوس املشكوك فيها أكثر من ‪ 20‬ألف كانوا أتباعا‬
‫ألخيه ففي أحد ألعاب السرك صاح الناس بعدما عانوه من كركال بصوت‬
‫عال‪":‬نقتل األحياء لكي نحصل على احتالل املوتى ‪(Zeller, 1863, p. 175)"...‬‬
‫‪ .3‬الصراع بين كركال وجيتا‬
‫‪ 1.3‬أسباب الصراع‬
‫يقول سبتيموس سيفيروس وهو على فراش املوت البنيه كركال‬
‫وجيتا‪":‬عيشا في وفاق مع بعضكما‪ ،‬وأغنيا الجنود‪ ،‬واحتقرا كل اآلخرين ‪"...‬‬
‫(كاسيوس‪ ،2013 ،‬صفحة ‪،)118‬إن هذه الوصية في شطرها الثاني قد تحققت‬
‫بفضل سياسة كركال اتجاه جيشه أما شطرها األول لم يكتب لها التحقيق‪ ،‬حيث‬
‫نشب صراع مرير بين األخوين‪ ،‬كان في عهد أبيهما سبتيموس سيفيريوس خفي‪،‬‬
‫لكن بعد موته مباشرة برز الصراع للعلنية وذلك لجملة من األسباب أهمها‪:‬‬
‫إن املعروف واملتداول لدى الكثيرين‪ ،‬على أن كركال هو االبن األكبر‬
‫لسبتيموس سيفيروس وجوليا دومانا‪ ،‬أما جيتا هو االبن األصغر لهما‪ ،‬هذا حسب‬

‫‪175‬‬
‫األسرة السيفيرية واعتالئها العرش الروماني ‪235-193‬م‪.‬‬

‫لروايات كل من هيروديان وديون كاسيوس ‪ ،‬لكن برزت رواية أخرى لسبارتان يقول‬
‫فيها أن جيتا هو أخ غير شقيق لكركال ‪ ،‬إذ أن كركال كان ابن مارسيا الزوجة األولى‬
‫لسبتيموس سيفيروس‪ ،‬وجيتا هو ابن جوليا دومانا‪ ،‬التي كان قد تزوجها في زواجه‬
‫الثاني‪ ،‬هنا يجعلنا أمام إشكالية عويصة هي‪ :‬أي الروايات أصح رواية هيروديان‬
‫وديون كاسيوس في وحداوية األم‪ ،‬أم رواية سبارتان حول اختالف األمهات بين جيتا‬
‫و كركال؟ ويعتقد أن هذا االختالف هو الذي وسع هوة الصراع بين األخوين‪.‬‬
‫تقاسم السلطة واختالف إيديولوجيات كل منهما‪ ،‬حيث كان كركال محبا‬
‫للقوة وللجيش إذ حاول التقرب منه‪ ،‬لكن جيتا كان محبا للسياسة ومجلس‬
‫الشيوخ‪ ،‬فاملعروف أن الجيش والسياسة خطان متوازيان ال يلتقيان‪ ،‬كما تنامي‬
‫املؤامرات والخالفات داخل البيت اإلمبراطوري وخوف كل شخص من اآلخر‪،‬‬
‫حيث يذكر لنا ديون كاسيوس أن كركال عند نشوب الصراع قد تحجج بحجة‪ ،‬أن‬
‫جيتا قد حاول تسميمه‪.‬‬
‫تقسيم اإلمبراطورية الرومانية وخوف كركال من ذوبانها وسقوطها‪،‬‬
‫باإلضافة الى تضرر مصالحه الشخصية خاصة ومصالح اإلمبراطورية عامة‪ ،‬إذ‬
‫منح له أروبا وغرب إفريقيا (بالد املغرب القديم )‪ ،‬أما جيتا فقد منح له كل من‬
‫آسيا ومصر‪ ،‬لكن هذه املعاهدة باءت بالفشل (جيبون‪ ،1997 ،‬الصفحات ‪-129‬‬
‫‪ )130‬وفي هذا الصدد يقول هيروديان‪":‬يطالبون بتقسيم اإلمبراطورية بين أنطونين‬
‫سيد أروبا‪ ،‬في حين سيحكم جيتا القارة املقابلة آلسيا‪(Hérodien, Histoire "...‬‬
‫) ‪des empereurs romains ,VI ,III‬‬
‫تدخل رجال البالط والجنود في هذا الصراع‪ ،‬حتى أصبح لكل شقيق حزب‬
‫من املؤيدين‪ ،‬فانقسمت البالد إلى قسم مؤيد لكركال‪ ،‬وقسم مؤيد لجيتا ‪-‬فشل‬
‫مساعي التعقل خاصة من قبل أمهما حيث يقول هيروديان واصفا هذا األمر‪:‬‬
‫"حاولت والدتهما عبثا أن تقرب بين الشقيقين ‪ "...‬ويقول أيضا‪" :‬يا أوالدي لقد‬
‫‪176‬‬
‫عماد بونقاب ‪ /‬عبد الحميد بعيطيش‬

‫وجدت وسيلة لتقسيم األرض والبحر‪ ،‬لكن والدتكما كيف ستشاركانها؟ هل‬
‫يمكنني تقسيم نفس ي بينكما توزيعها‪empereurs Histoire des ،Hérodien( "...‬‬
‫‪. ) romains ,VI ,V‬‬
‫قبل موت سيفيريوس لم يعلن على خليفة له‪ ،‬حيث جعل كل التكهنات مفتوحة‬
‫الختيار خليفة له)‪. (Julie, 2016, p. 6‬‬
‫تنامي طموحات كركال‪ ،‬وزيادة العداء الشديد بين األخوين‪ ،‬حيث يقول‬
‫هيروديان واصفا هذا األمر‪ ":‬وفور عودتهم إلى القصر اندلعت بينهما الشقاق‬
‫والكراهية واملؤامرات‪ ،‬حيث أصبح كل منهما يبذل قصارى جهد ممكن للتخلص‬
‫من أخيه‪ ،‬واحتالل العرش دون تقاسم ‪(Hérodien, Histoire des "...‬‬
‫)‪empereurs romains , VI, V‬‬
‫‪ 2.3‬مجريات أحداث الصراع‬
‫كما ذكرنا سابقا فقد بدأ هذا الصراع بين الشقيقين قبيل وفاة والدهما‪،‬‬
‫حيث حاول في أحد املرات تدبير مقتل أخيه في إحدى الحمالت بعد أن قام برشوة‬
‫حرسه الخاص‪ ،‬لكن أباه سبتيميوس سيفيريوس حال دون ذلك‪ ،‬لكن هذا‬
‫الصراع كان خفيا لكن مع وفاته برز للعيان‪ ،‬إذ بدأت رحلة البحث عن وسائل‬
‫وطرق للقضاء على بعضهما واحتكار الحكم‪ .‬عند عودتهما الى القصر اإلمبراطوري‬
‫عمدا الى تقسيمه‪ ،‬ولم يسمح بأي اتصال أو لقاء بينهما أو بين أفراد عائلتهما‪،‬‬
‫فحصنت األبواب واملمرات‪ ،‬كما تسلم الحراس مواقعهم‪ .‬كما كانا ال يلتقيان إال في‬
‫املناسبات العامة‪ ،‬وبحضور والدتهما فقط (جيبون‪ ،1997 ،‬صفحة ‪ ،)130‬فبعد‬
‫أن تمت املؤامرات بقتل كل واحد منهما اآلخر‪ ،‬عمل كركال على التصفية الجسدية‬
‫ألنصار جيتا ومن بينهم‪ :‬ايفودوس زوج حاضنته‪ ،‬كذلك كسطور وزوجته بلوتيا‬
‫وأخوها بلوتيوس في روما (الناصيري‪ ،1991 ،‬صفحة ‪.)326‬وقصد وقف هذه‬

‫‪177‬‬
‫األسرة السيفيرية واعتالئها العرش الروماني ‪235-193‬م‪.‬‬

‫العداوة قرر مجلس الشيوخ بالتقرب بالذبائح لآللهة ‪ ،‬بما فيها إلهة الوئام بنفسها‪،‬‬
‫لكن لم يتم هذا األمر وفشل بسبب ما حدث حيث اعتبرت هذه األحداث بمثابة‬
‫عالمات شؤم تخص اإلمبراطوران‪.‬‬
‫ولم يدم عام على حكمهما املزدوج املليء باملؤامرات والصراعات‬
‫(رستوفتزف‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬صفحة ‪،)492‬حتى دبر كركال اغتيال أخيه مدعيا‪ ،‬أنه بذلك‬
‫كان يدافع عن نفسه‪ ،‬إزاء املؤامرات التي كان يدبرها أخيه جيتا نحو ثم قام بعد‬
‫قتل أخيه بجملة من حمالت التقتيل أمثال‪ :‬قائد الحرس اإلمبراطوري‬
‫بابينيانوس‪ ،‬كذلك كورفينيكيا ابنة ماركوس جرات (الناصيري‪ ،1991 ،‬صفحة‬
‫‪ ،)327‬ويروي لنا ديون كاسيوس تفاصيل هذه الحادثة بقوله‪" :‬إن أنطونينوس‬
‫أقنع أمه بأن تستدعيهما منفردين إلى غرفتها‪ ،‬حتى يتم تصليح ذات بينهما‪ ،‬وبعد‬
‫اقتناعه بنجاح هذا االقتراح أتى جيتا صحبة أخيه الى دار أمهما‪ ،‬وما إن اجتازا‬
‫الباب حتى شدت فرقة من قواد املائة‪ ،‬كانوا استتروا في الغرفة لتنفيذ مكيدة‬
‫أنطونينوس‪ ،‬حيث استطاعوا قتل جيتا ‪( "...‬كاسيوس‪ ،2013 ،‬صفحة ‪)123‬‬
‫‪-‬قتل كركال لجيتا‬
‫اتفقت جل املصادر الكالسيكية والبحوث التاريخية املعاصرة‪ ،‬أن جيتا قد‬
‫تم اغتياله من قبل كركال‪ ،‬لكن برزت بعض النظريات واألبحاث التي تفند هذا‬
‫األمر نذكر‪ ،‬وفي مقدمتهم أحد الباحثين‪ ،‬حيث يقول‪ ":‬إن معظم املراجع الحديثة‬
‫قد اعتمدت على املؤرخ الالتيني ديون كاسيوس والذي يقول‪" :‬أن كركال قتل أخاه‬
‫جيتا" لكن هناك مصدر آخر لم تأت عليه الدراسات الحديثة أال هو أوروسيوس‬
‫الذي يقول‪":‬أن جيتا قد قتله الغاليون في معركة حربية شمال إيطاليا "‬
‫(أوريسيوس‪ ،1982 ،‬صفحة ‪.)445‬والجدير بالذكر أن هذا الباحث اعتمد في‬
‫تحليله على مدرستين هما ‪:‬‬

‫‪178‬‬
‫عماد بونقاب ‪ /‬عبد الحميد بعيطيش‬

‫املدرسة األولى‪ :‬مدرسة التأريخ التي تقول بأن جيتا قد قتل في ‪ 217‬م بإحدى‬
‫املعارك في بالد الغال‪.‬‬
‫املدرسة الثانية‪ :‬هي املدرسة التاريخية التي أفرزت عن روايتين‪ :‬رواية ديون‬
‫كاسيوس التي تشير إلى أن كركال قد قام بقتل جيتا‪ ،‬ورواية أوروسيوس الذي يرى‬
‫أن جيتا قد قتل في إحدى املعارك ببالد الغال‪ .‬وما يتبادر إلى ذهنانا هو ملاذا لم‬
‫تعتمد املصادر الكالسيكية وحتى املعاصرة على رواية هذا املؤرخ؟ هو هدفه تشويه‬
‫صورة عائلة حكمت روما لحوالي نصف قرن أصولها افريقية وليست رومانية؟ أم‬
‫أن هذا املصدر قد ضاع أم تعرض للتلف؟ وما الحقائق التاريخية التي ميزت هذه‬
‫األسرة؟‬
‫‪3.3‬وفاته‬
‫قبيل اعتالء كركال العرش برزت جملة من املعارضة‪ ،‬التي كانت ترى عدم‬
‫أهلية وقدرته على تسيير شؤون اإلمبراطورية‪ ،‬بل أخيه جيتا هو الخيار األفضل‪،‬‬
‫لكن نظرا لقربه من والده وشخصيته العنيدة لم يتمكنوا من ازاحته‪ ،‬لذا حاولوا‬
‫القيام بجملة من املحاوالت الغتياله‪ ،‬يروي لنا سبارتان إحدى القصص يقول‬
‫فيها‪":‬في الوقت الذي أعطى فيه الجيش لباسيانوس هذا اللقب خالل فترة حياة‬
‫سيفيروس‪ ،‬ألن اإلمبراطور كان مريضا بالنقرس‪ ،‬لم يعد قادرا على الحكم‪ ،‬يبدو‬
‫هذا األمير بعد أن غمره غضبه‪ ،‬كان الجنود واملحافظين يفكرون في تسليم ابنه‬
‫نفسه للموت مع الجناة اآلخرين‪ ،‬يدعون أن املحافظين أرادوا موت باسيانوس‬
‫لكن اإلمبراطور رفض ذلك ‪(Spartien , Histoire Auguste , vie de Septime "...‬‬
‫)‪. Sévère,XI‬في ‪ 215‬م‪ ،‬انطلق كركال رفقة أمه جوليا دومانا الى انطاكيا ( في آسيا‬
‫الصغرى ـ ـ تركيا حاليا ـ ـ ) التي أعاد إليها ألقابها وألعابها األوملبية‪ ،‬التي كان والده قد‬
‫نزعها عنها‪ ،‬كما قام بمنحها لقب مستعمرة‪ ،‬إذ عند وصوله أنباء ثورات وتمردات‬

‫‪179‬‬
‫األسرة السيفيرية واعتالئها العرش الروماني ‪235-193‬م‪.‬‬

‫في اإلسكندرية توجه إليها وقمع انتفاضتها‪ ،‬حيث تقول املصادر واملراجع على أنه‬
‫قام بمجزرة فيها)‪ ،‬ثم توجه بعدها إلى أنطاكية مرة أخرى‪ ،‬وأراد طلب يد ابنة ملك‬
‫الفارثيين للزواج لكنه رفض هذا األمر أغضبه‪ ،‬مما أدى به إلى القيام بحرب في‬
‫أبريل ‪ 216‬م هاجم فيها شمال بالد الرافدين ثم توجه الى سوريا‪ ،‬وفي أبريل ‪217‬م‪،‬‬
‫خالل زحفه باتجاه احدى املناطق قام أحد ضباطه باغتياله بتدبير من رئيس‬
‫الحرس اإلمبراطوري ماكورينوس‪ ،‬حيث تنبأ أحد العرافة األفارقة بهذا فقام بكتابة‬
‫رسالة لإلمبراطور كركال لكنه لم تصله‪ ،‬حيث يروي لنا ديون كاسيوس تفاصيل‬
‫هذه الحادثة بقوله‪" :‬وكان أنطونينوس كذلك يستعد للحرب ‪ ،‬غير أنه لم يتمكن‬
‫من شنها ألنه قتل وسط الجنود‪ ،‬الذين كان يقدرهم أيما تقدير‪ ،‬وكان يثق فيهم‬
‫كل الثقة‪ ،‬وكان عرافا من إفريقيا قد تكهن باعتالء مكران (ماكورينوس) نائب‬
‫الوالية وابنه ديادومينيانوس كرس ي اإلمبراطورية‪ ،‬وأشيع هذا التكهن في الشعب‪،‬‬
‫فبعث على إثر ذلك العراف الى فالفيوس سيطرنيانوس الذي كان آنذاك في روما‪،‬‬
‫وكشف له عن املؤامرة‪ ،‬فكتب الى أنطونينوس على الفور كتابا يخبره فيه بذلك‪،‬‬
‫فشاءت األقدار أن ال يصل هذا الكتاب مباشرة إلى أنطونينوس بل بعثت الى يوليا‬
‫دومانا‪.‬إال أن رسالة أخرى وصلت إلى مكران وقد حملها إليه بريدا آخر‪ ،‬كان مرسلها‬
‫هو أولبيوس يوليانوس‪ ،‬الذي كان يشرف آنذاك على إحصاء السكان‪ ،‬بينما تمكن‬
‫مكران من قراءة هذه الرسالة‪ ،‬فخش ي على نفسه من أن يقتله اإلمبراطور بسبب‬
‫التكهن املذكور‪ ،‬وأيضا ألن مصريا يسمى سيرابيوس كان قد قال مخاطبا‬
‫أنطونينوس أن لن يعيش ملدة طويلة وأن مكران سيقتله" كذلك يذكر لنا سبارتان‬
‫على أن كركال قد تنبأ بموته وذلك في قوله‪" :‬من يوضع مكاني لن يكون له أي معنى"‬
‫(كاسيوس‪ ،2013 ،‬الصفحات ‪.)144-143‬‬
‫وملا قرأ ماكورينوس فيها مصيره وعقد العزم على تجنبه‪ ،‬فسعى إلهاجة‬
‫سخط وتمرد بعض صغار الضباط‪ ،‬كما استخدم مارتياليس والذي كان جندي في‬
‫‪180‬‬
‫عماد بونقاب ‪ /‬عبد الحميد بعيطيش‬

‫رتبة "ضابط املئة"‪ ،‬ودفع كركال إلى الحج من أذاسا ( مدينة في تركيا)‪ ،‬إلى معبد‬
‫القمر في مدينه كاره ( ندينة شران حاليا)‪ ،‬وكانت تتبعه كوكبة من الفرسان‪ ،‬فلما‬
‫توقفت في الطريق لضرورة طارئة‪ ،‬بقي الحرس على مسافة محترمة منه‪ ،‬واقترب‬
‫مارتياليس من شخص اإلمبراطور مدعيا أنه يؤدي واجبه فطعنه بخنجر في ظهره‬
‫بعده حاول الفرار‪ ،‬لكن الحرس اإلمبراطوري تمكنوا من قتله قبل فراره (جيبون‪،‬‬
‫‪ ،1997‬صفحة ‪.)135‬‬
‫برزت إشكالية جديد تخص سن كركال عند وفاته‪ ،‬حيث حسب رواية‬
‫سبارتان فإن كركال قد توفي وعمره ال يتجاوز ‪ 43‬سنة‪ ،‬إذ يقول‪":‬عاش باسيانوس‬
‫‪ 43‬عاما‪ ،‬وحكم اإلمبراطورية ملدة ‪ 6‬سنوات‪ ،‬وكانت جنازته تحمل كجنازة العامة‪،‬‬
‫لقد ترك إبنا واحد فيما بعد حمل اسمه أنطونينوس‪ ،‬لذلك أطلق عليه اسم مارك‬
‫أنطونينوس هليوجابالوس ‪" ...‬لكن ديون كاسيوس روى أن كركال قد عاش‪ 29‬سنة‬
‫فقط‪ ،‬هذا ما يجعلنا أمام إشكالية أخرى‪ :‬أـيهما أصح رواية سبارتان أم رواية ديون‬
‫كاسيوس؟ فحسابيا إذ قمنا بإنقاص ‪ 188‬من ‪217‬م نجد أن العدد يساوي ‪29‬‬
‫سنة أي ان رواية كاسيوس صحيحة‪ ،‬لكن ملاذا اعتبر سبارتان أن كركال قد عاش‬
‫‪ 43‬سنة؟ هل هذا الخطأ كان عن قصد أم هناك أمر آخر؟ وإذ نظرة الى قضية‬
‫منطقية أخرى فإن األول يعتبر أن أم كركال هي مارسيا‪ ،‬الزوجة األولى لسيفيروس‬
‫التي تزوجها في ‪ 174‬م يجب أن يكونوا قد افترضوا أن حياته أطول من هيروديان‬
‫وديون كاسيوس‪ ،‬الذين يدعونه ابنه‪ ،‬وجيتا‪ ،‬من يوليا دومانا‪ ،‬الزوجة الثانية من‬
‫سيفيروس‪ .‬التي كان تاريخ زواجه منها في ‪ 180‬م‪ .‬هذا يجعلنا أمام إشكالية أخرى‬
‫أيهما أصح هل سبارتان أم ديون كاسيوس؟ فإذا استندنا الى رواية سبارتان فإن‬
‫كركال ليس ابن جوليا دومانا ألن زواج سبتيموس سيفيروس منها أقل من سن‬

‫‪181‬‬
‫األسرة السيفيرية واعتالئها العرش الروماني ‪235-193‬م‪.‬‬

‫كركال‪ ،‬أي يكون كركال ابن مارسيا‪ ،‬أما إذا استندنا لرواية كاسيوس فإن كركال ابن‬
‫جوليا دومانا ‪.‬‬
‫عند مقتل كركال خلفه ماكورينوس على العرش إذ لم يعمر طويال‪ ،‬أما أمه‬
‫جوليا دومانا التي كانت تصرف وتدير أمور اإلمبراطورية في أنطاكية وعند سماع‬
‫موت ولدها‪ ،‬أضربت عن الطعام وبقت في هذه الحالة إلى أن توفيت‪ ،‬يذكر لنا‬
‫هيروديان تفاصيل اختيار ماكورينوس للعرش حيث يقول‪":‬بعد وفاة أنطونينوس‬
‫بقي الجيش دون إمبراطور يقودهم‪ ،‬فتداولت آراء حول اختيار جديد أولهما كان‬
‫أرتابان قائد الجيش‪ ،‬ثم رشح أودانس لكنه اعتذر عن ذلك بسبب شيخوخته‪،‬‬
‫ليقع االختيار على ماكورينوس الذي تسلم العرش ‪( Hérodien , Histoire des "...‬‬
‫‪)empereurs romains , IV ,XXVII.‬‬
‫‪ .4‬تحليل النتائج‬
‫إخالف وجهات النظر حول أصل األسرة السيفيرية بين مشرقي وبين مغاربي‪،‬‬
‫فهناك من يرى أن أصلها سوري‪ ،‬ومن طبقة الفرسان بعد منحهم حق املواطنة‬
‫الرومانية انتقلوا الى روما وتدرجوا في املناصب القيادية الى غاية اعتالء سبتموس‬
‫سيفيروس الحكم الروماني‪ ،‬في حين يرى آخرون أن أصلها مغربي وجدها باقر‬
‫سيفيروس كان من أحد أبرز أعيان املنطقة‪.‬‬
‫نتيجة لألوضاع السياسية واالقتصادية والعسكرية املتدهورة التي عاشتها‬
‫اإلمبراطورية الرومانية خالل فترة حكم كومودوس‪ ،‬نتجت عنها حرب أهلية‬
‫إستطاع سبتيموس سيفيروس إنهائها لصالحه وتقلد منصب الحكم في‬
‫اإلمبراطورية وأسس على إثرها األسرة السيفيرية الحاكمة برزت فيها باإلضافة الى‬
‫املؤسس ‪ 4‬أسماء اعتلت كرس ي الحكم في اإلمبراطورية الرومانية بالنسبة لهذه‬
‫األسرة‪ ،‬حيث لم تطل فترة حكمهم‪ ،‬نظرا لألوضاع السياسية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية املتدهورة التي عرفتها فترات حكمهم خاصة مرحلة كركال واإلسكندر‪.‬‬
‫‪182‬‬
‫عماد بونقاب ‪ /‬عبد الحميد بعيطيش‬

‫عرف حكم كركال العديد من املشاكل التي أثرت سلبا في حكمه لعل أبرزها‬
‫ما تسمى بمذبحة اإلسكندرية التي أتهم فيها بإصدار أوامر تصفية معارضيه من‬
‫األسر األرستقراطية عامة‪ ،‬خاصة بعدما أورده ديون كاسيوس وهيروديان في‬
‫مؤلفهما حول هذه القضية‪ ،‬لكن بعد العديد من الدراسات أثبتت هذه األخيرة‬
‫براءة كركال من هذه التهم‪ ،‬باإلضافة الى مقتل أخيه جيتا‪ ،‬الذي تطرقنا فيما سبق‬
‫وبالتفصيل لهذه الحادثة‪ ،‬وال ننس ى أيضا ما يسمى بالدستور األنطونيني الذي كان‬
‫ومازال يسيل الكثير من الحبر على الورق‪.‬‬
‫نتيجة للسياسة اإلصالحية التي تبنتها هذه األسرة خاصة من قبل‬
‫سيبتموس سيفيروس فقد تمكنت من إعادة توطيد أركان اإلمبراطورية وإعادة‬
‫أمالكها التي فقدتها نتيجة العديد من الثورات التي شملتها خاصة خالل فترة‬
‫الضعف التي كان كومودوس إمبراطورا على روما‪ ،‬لكن هذا األمر لم يشفع لهذه‬
‫األسرة للبقاء على العرش‪ ،‬بل برزت هناك ما ستسمى فيما بعد بالفوض ى‬
‫العسكرية‪ ،‬التي أسقطت فيها الحكم السيفيري في اإلمبراطورية الرومانية‪ ،‬وذلك‬
‫بعد إغتيال اسكندر سيفيروس‪.‬‬
‫العداء الواضح الذي كانت تكنه الطبقة األرستقراطية للحكم السيفيري‪،‬‬
‫وذلك لعدة أسباب أبرزها أصلها الغير روماني‪ ،‬اعتناء األباطرة السيفيريين بالجيش‬
‫وإهمال الطبقة األرستقراطية‪ ،‬الصراع الذي كان قائما بين اإلمبراطور وبين مجلس‬
‫الشيوخ لذلك سعى األرستقراطيين إلى القضاء على الحكم السيفيري بشتى‬
‫الطرق‪ ،‬ولعل أهم طريقة اتبعوها هي تحريض الشعب وتزييف الوقائع بتجنيد‬
‫املثقفيين كديون كاسيوس‪ ،‬سبارتانيوس‪ ،‬هيروديان الذين عملوا على تزييف‬
‫الحقائق وتشويه صورة هذه األسرة لدى الناس‪ ،‬خاصة اإلمبراطور كركال‪.‬‬

‫‪183‬‬
‫األسرة السيفيرية واعتالئها العرش الروماني ‪235-193‬م‪.‬‬

‫‪ .5‬خاتمة‬
‫وما يمكن قوله في األخير من خالل هذه الدراسة ما يلي‪:‬‬
‫شهدت اإلمبراطورية الرومانية في نهاية القرن الثاني ميالدي صعود سبتيميوس‬
‫سيفيروس العرش بعد القضاء على مختلف خصومه‪ ،‬حيث أسس هذا األخير‬
‫أسرة حكمت روما من ‪ 193‬م الى غاية ‪235‬م سميت باألسرة السيفيرية‪ ،‬تداول على‬
‫حكمها ‪ 4‬أباطرة هم‪ :‬سبتيموس سيفيروس (‪217‬م‪211-‬م)‪ ،‬كركال (‪211‬م‪217-‬م)‪،‬‬
‫ألجابالوس(‪217‬م‪222-‬م)‪ ،‬اإلسكندر سيفيروس (‪222‬م‪235-‬م)‪.‬‬
‫إن وصول سبتيموس سيفيروس الى العرش الروماني لم يكن سلميا‪ ،‬بل كان بقوة‬
‫السالح معتمدا في ذلك على جيشه الذي أواله األهمية الكبرى باإلضافة الى اكراه‬
‫مجلس الشيوخ والحرس البرايتوري على تقبل األمر الواقع‪ ،‬كذلك افراغ كرس ي‬
‫الحكم من أي منافس بعد أن خاض حربا ضد منافسيه وانتصر عليهم‪.‬‬
‫العداء الكبير الذي كان ما بين هذه األسرة وبين الطبقة األرستقراطية‬
‫ومجلس الشيوخ‪ ،‬التي كانت تضم طبقة من املثقفين أمثال‪ :‬ديون كاسيوس‪ ،‬هذا‬
‫األخير عمل على تشويه صورة األسرة في مختلف كتاباته إلى جانب هذا نجد‬
‫هيروديان أيضا‪ ،‬رغم التطور الكبير الذي شهدته اإلمبراطورية في عهدها إال أن‬
‫ذلك لم يشفع لها اتجاه هؤالء‪.‬‬
‫كان عهد هذه األسرة عهد إصالحات نتيجة لألوضاع التي آلت إليه‬
‫ااإلمبراطورية خاصة في عهد سبتيموس سيفيروس‪ ،‬الذي ركز جل هذه اإلصالحات‬
‫غير أيضا من تركيبة‬ ‫في الجانب العسكري‪ ،‬حيث أولى األهمية الكبرى له‪ ،‬وقد ّ‬
‫الجيش‪ ،‬طرق التجنيد‪ ،‬كما أغدق كل االهتمام للعساكر‪ ،‬وساعدهم في تبوء أكبر‬
‫املناصب القيادية في اإلمبراطورية‪ ،‬كانت نتيجته اتساع الرقعة الجغرافية‬
‫لإلمبراطورية‪ ،‬تحقيق السلم والسالم الروماني الذي عجز عنه الكثيرين‪ ،‬تطور‬
‫حضاري كبير جدا‪.‬‬
‫‪184‬‬
‫عماد بونقاب ‪ /‬عبد الحميد بعيطيش‬

‫شهدت سنة ‪ 211‬م اغتيال سبتيموس سيفيروس في مدينة يورك ببريطانيا‪،‬‬


‫بسبب أحد التمردات‪ ،‬مما نتج عن ذلك خلو عرش الحكم‪ ،‬حيث لم يعلن هذا‬
‫األخير عن خليفة له‪ ،‬مما أدى إلى نشوب صراع بين خلفائه‪ ،‬أي بين ماركوس‬
‫أوريليوس سيفيروس أنطونينوس بيوس امللقب بكركال‪ ،‬وأخيه لوكيوس بوبليوس‬
‫سبتيموس جيتا سيفيروس‪ ،‬وذلك لعدة أسباب تم ذكرها سابقا‪.‬‬

‫‪185‬‬
‫األسرة السيفيرية واعتالئها العرش الروماني ‪235-193‬م‪.‬‬

‫‪ .6‬قائمة املراجع‬
‫أوال‪ :‬املراجع باللغة العربية‬
‫‪ .1‬أحمد حافظ غانم‪ .)2007( .‬اإلمبراطورية الرومانية "من النشأة الى اإلنهيار"‪.‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ :‬دار املعرفة الجامعية للطبع والنشر والتوزيع ‪.‬‬
‫‪ .2‬إدوارد جيبون‪ .)1997( .‬اضمحالل اإلمبراطورية الرومانية"السياس ي والحضاري"‬
‫(املجلد ج‪،1‬ط‪( .)1‬محمد أبو درة‪ ،‬املترجمون) اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ :‬الهيئة العامة‬
‫للكتاب‪.‬‬
‫‪ .3‬أوريسيوس‪ .)1982( .‬تاريخ العالم‪( .‬عبد الرحمان بدوي‪ ،‬املترجمون) بيروت‪ ،‬لبنان‪:‬‬
‫املؤسسة العربية للدراسات والنشر‪.‬‬
‫‪ .4‬تشارلز ورث‪ .)2003( .‬اإلمبراطورية الرومانية‪( .‬رمزي عبده جرجس‪ ،‬املترجمون)‬
‫القاهرة‪ ،‬مصر‪ :‬مكتبة األسرة‪.‬‬
‫‪ .5‬حسين الشيخ‪ .)2005( .‬دراسات في تاريخ الحضارات القديمة"الرومان" (املجلد ‪.)3‬‬
‫مصر‪ :‬دار املعارف الجامعية‪.‬‬
‫‪ .6‬دونالد دولي‪ .)1997( .‬حضارة روما‪( .‬فاروق فريد‪ ،‬و جميل بواقيم الذهبي‪،‬‬
‫املترجمون) دار نهضة مصر للطبع والنشر‪.‬‬
‫‪ .7‬ديون كاسيوس‪ .)2013( .‬التاريخ الروماني (املجلد ط‪( .)1‬مصطفة غطيس‪،‬‬
‫املترجمون) طنجة ‪ ،‬املغرب‪ :‬مطبعة ألطوبريس للطباعة والنشر‪.‬‬
‫‪ .8‬رمضان تسعديت‪( .‬جوان‪ .)1990 ,‬اإلصالحات السيفيرية في بالد املغرب القديم (‬
‫‪235-195‬م)‪ .‬رسالة ماجيستير في التاريخ القديم ‪ .‬قسم التاريخ‪ :‬جامعة الجزائر‪.‬‬
‫‪ .9‬سائدة عفانة‪( .‬سبتمبر‪ .)2002 ,‬اإلختالف بين عملة كركال وألجابالوس‪ .‬املجلة‬
‫العلمية اآلثاريين العرب ‪ ،‬الصفحات ‪.23-15‬‬
‫‪ .10‬سلمى محمد بكر هوساوي‪ .)2017( .‬التنظيمات العسكرية في الواليات العربية‬
‫الرومانية (‪-305-106‬م) (املجلد ‪ .)1‬السعودية‪ :‬مركز عبد الرحمان السديري‬
‫الثقافي‪.‬‬

‫‪186‬‬
‫عماد بونقاب ‪ /‬عبد الحميد بعيطيش‬

‫‪ .11‬سيد أحمد علي الناصيري‪ .)1991( .‬تاريخ اإلمبراطورية الرومانية " السياس ي‬
‫والحضاري " (املجلد ‪ .)2‬القاهرة‪ ،‬مصر ‪ :‬دار النهضة العربية للنشر والتوزيع ‪.‬‬
‫‪ .12‬عمار املحجوبي‪ .)2001( .‬والية إفريقيا من االحتالل الروماني إلى نهاية العهد‬
‫السويري(‪146‬ق‪.‬م‪235-‬م)‪ .‬تونس‪ :‬مركز النشر الجامعي ‪.‬‬
‫‪ .13‬ف دياكوف‪ ،‬و س كوفاليف‪( .‬د‪.‬ت)‪ .‬الحضارات القديمة‪( .‬نسيم واكيم اليازجي‪،‬‬
‫املترجمون) دمشق‪ ،‬سوريا‪ :‬منشورات دار عالء الدين‪.‬‬
‫‪ .14‬فهمي علي خشيم‪ .)2002( .‬هؤالء األباطرة وألقابهم العربية (املجلد ‪ .)1‬بيروت‪ ،‬لبنان‪:‬‬
‫دار الكتاب الجديد املتحدة‪.‬‬
‫‪ .15‬محمد البشير الشنيتي‪ .)2012( .‬نوميديا وروما اإلمبراطورية" تحوالت اقتصادية‬
‫واجتماعية في ظل االحتالل " (املجلد ‪ .)1‬األبيار‪ ،‬الجزائر‪ :‬كنوز الحكمة للنشر‬
‫والتوزيع‪.‬‬
‫‪ .16‬محمد بهجت قبيس ي‪( .‬مارس‪ .)2000 ,‬قانون كراكال(كرك للا) ومذبحة اإلسكندرية‬
‫(لخريف ‪ 215‬م) وتبرئة كراكال العربي الكنعاني من دم الشعب املصري‪ .‬املجلة‬
‫العلمية لجمعية اإلتحاديين العرب ‪. ،‬‬
‫‪ .17‬محمد بهجت قبيس ي‪( .‬أفريل ‪ .)2011‬كركال بين الغال(فرنسا) واإلسكندرية(مصر)‬
‫‪ 217-211‬م‪ .‬املؤتمر الدولي الثالث ‪ :‬العالقات املصرية الفرنسية عبر العصور‬
‫(الصفحات ‪ .)294-277‬اإلسماعلية‪ :‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة‬
‫السويس ‪-‬مصر ‪.‬‬
‫‪ .18‬محمد علي عيس ى‪( .‬د‪.‬ت)‪ .‬أقواس النصر الرومانية " لبدة ‪.‬أويا‪.‬صبراتة"‪ .‬برج‬
‫الكيفان‪ ،‬الجزائر ‪ :‬دار األمة للطباعة والنشر والتوزيع‪.‬‬
‫‪ .19‬ميخائيل ايفانوفيتش رستوفتزف‪( .‬د‪.‬ت)‪ .‬تاريخ اإلمبراطورية الرومانية "اإلقتصادي‬
‫واإلجتماعي " (املجلد ج‪،1‬ط‪( .)1‬زكي على و محمد سليم سالم‪ ،‬املترجمون) مصر‪:‬‬
‫مكتبة النهضة املصرية للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫‪ .20‬نورة مواس‪ .)2015 ,12( .‬السيفيريون وبالد املغرب القديم (‪235-193‬م)‪ .‬مجلة‬
‫الدراسات التاريخية‪.19 ،‬‬

‫‪187‬‬
.‫م‬235-193 ‫األسرة السيفيرية واعتالئها العرش الروماني‬

‫ حركة اإلستيطان الروماني في موريطانيا القيصيرية‬.)2012/2013( .‫ يسمينة بوزكري‬.21


. ‫ مذكرة لنيل شهادة املاجيستير في التاريخ القديم‬. ‫خالل العهد اإلمبراطوري األول‬
.02 ‫ جامعة الجزائر‬:‫ كلية العلوم اإلنسانية واإلجتماعية‬،‫قسم التاريخ‬
‫ املراجع باللغة االجنبية‬:‫ثانيا‬
22. Aguado garcia Palom ..propagandaimperial de la dinastiosevera
en el norte de A'frica.
23. Cagnat, R. (1913). L'armée romaine d'afrique et l'occapation
militaire de l'Afrique sous les empereurs (Vol. part1 et 2). paris:
imprimie nationale .leroux.
24. Hérodien. Hérodien , Histoire des empereurs romains , vie de
Alexandre sévère.
25. Hérodien. Histoire des empereurs romains , VI, V.
26. Hérodien .Histoire des empereurs romains ,VI ,III.
27. Julie, c. l. (2016, févrie 23). Aux frontières de l'empire romain ,
antre continuité dynastique et volonté politique de Caracalla.
communication journées des doctorants du GRHIS .
28. Leydier-Bareil, A.-M. (2006). Les Arcs de triomphe dédiés à
caracalla en Afrique romaine (Architecture et urbanisma
politique et societé). Thèse dectorat ,UFR des sciences historique
et géocraphiques.Musiologie . Université Nancy 2 .
29. Nelson, E. (2008). L'empire romain. Préface de James G.Glanus
Marabout.
30. Panaget, C. (2014). Les révoltes militaires dans l'empire romain
,ecole doctoral , faculté de sciences humaine etsoscial , université
rennes 02. école doctoral . faculté sciences humaine etsoscial:
université reenes 02.
31. Spartianus. Histoire Augustes ,vie de caracalla,I,II.
32. Spartianus. Histoire Augustvie de Septime sévère (Vol. I).
33. Spartianus. L"histoireAugustes,vie de géta. (éd. 2, Vol. 1).
34. Spartien. Histoire Auguste , vie de Septime Sévère,XI.
35. Zeller, J. (1863). Les empereurs Romains. paris: caractères et
porraits historiques.

188

You might also like