Professional Documents
Culture Documents
السداسي الثالث
،هذا التأريخ ال يعني انقطاع تام وحد فاصل فيما يخص التطور الثقافي واالجتماعي بالنسبة ألوربا
فالتاريخ وحدة متكاملة ال تنقسم تقسيما أليا ودقيقا والعصور التاريخية متداخلة بعضها ببعض والتطور
التاريخي يتميز باالستمرارية والسيرورة وهو كسلسلة متصلة الحلقات تتداخل حلقاتها في بعضها
البعض وعلى هذا فانه من الصعب حقا أن نحدد جازمين بداية عصر من العصور التاريخية أو نهايته
بسنة معينة ،ألن التغيرات في االحداث التاريخية تحدث بشكل تدريجي ال بشكل فجائي ومن هنا يحدث
تداخل بين العصر السابق والالحق له ألن كل عصر له أذيال وتوابع وال يمكن دراسة وفهم أي عصر
دون الرجوع الى المراحل االخيرة من العصر الذي سبقه ،ولكن الغرض من وضع سنة معينة لتحديد
.بداية عصر أو نهايته الغرض منه تسهيل الدراسة والبحث
ولنستعرض االن أهم التطورات السياسية واالقتصادية والفكرية التي ميزت المرحلة االنتقالية من
:العصر القديم الى العصر الوسيط في أوربا
الناحية السياسية
عرف العصر القديم بتعاقب السيطرة العالمية بين االمم وتشكل االمبراطوريات الكبرى ،كاالمبراطوية
المصرية ،االشورية ،اليونانية ،الرومانية ،ولكن في سنة 476م سقطت روما عاصمة هذه االخيرة
على يد البرابرة الجرمان وتشكلت على أراضي االمبراطورية ممالك بربرية جديدة ،كمملكة الفرنجة
في فرنسا ومملكة القوط الغربيين في اسبانيا ومملكة القوط الشرقيين في ايطاليا ومملكة الوندال في
شمال افريقيا .وهكذا حلت الكثرة مكان الوحدة ،وقامت دول وممالك متعددة بدل االمبراطورية الكبيرة
.الواحدة
تميزت االمبراطورية الرومانية بتطبيق األسلوب العبودي في االنتاج ،أي أن العبيد كانوا يشكلون
الطبقة الرئيسية المنتجة في المجتمع الروماني القديم ،ولكن في القرنيين الرابع والخامس الميالديين
تناقص عدد العبيد وأصبحت طبقة الفالحين االقنان المرتبطة باألرض والذين يستغلونها مقابل حصة
من االنتاج هم الطبقة المنتجة ،وتدريجيا رسخت أسس النظام االقطاعي وسادت العالقات االقطاعية في
.االقتصاد والمجتمع في العصر الوسيط بعد أن كانت العالقات العبودية هي السائدة في العصر القديم
الناحية الفكرية
تميزت العصور القديمة في أوربا بسيطرة الوثنية وعبادة االلهة المتعددة ،وقد أثرت هذه العقائد الدينية
...القديمة في مختلف المظاهر الحضارية وطبعتها بطابعها الخاص مثل النحت ،االساطير ،الفلسفة
ولكن في القرن الرابع والخامس انتشرت ديانة جديدة في أوربا وهي الديانة المسيحية الموحدة ،وبعد
اعتراف االمبراطور البيزنطي قسطنطين بالمسيحية ديانة رسمية للدولة سنة 313م ،بدأت تتالشى
مظاهر الوثنية تدريجيا ،وحلت محلها مظاهر حضارية متأثرة بالمسيحية ،وتطورت الكنيسة وأصبحت
.لها سلطة ونفوذ قوي في المجتمع االورسطي
هذا بالنسبة للتغيرات التي عرفتها أوربا في القرن 4و5م والتي أدخلتها في عصر جديد وهو العصر
الوسيط
ونفس الشيء بالنسبة لالنتقال من العصور الوسطى الى العصور الحديثة ففي القرنين 15و 16م بدأت
:صورة العالم االوربي التي ارتسمت خالل العصور الوسطى تتبدل مالمحها الرئيسية
الناحية السياسية
جرت أحداث وتغيرات وانقالبات عديدة ومتنوعة خالل النصف الثاني من القرن 15م والنصف االول
من 16م ،ففي سنة 1453م سقطت القسطنطينية بأيدي االتراك العثمانيين ومعها زالت امبراطورية
مسيحية وحلت محلها امبراطورية اسيوية اسالمية تختلف عن سابقتها من حيث النظام والتقاليد و
الثقافة والعقيدة ،وفي سنة 1453م توقفت حرب المائة سنة بين فرنسا وانكلترا والتي نتج عنها ظهور
حركة قومية في كال البلدين ثم انتشرت في باقي البلدان االوربية فظهرت الدوله الحديثة ،كما أنه في
1492م سقطت غرناطة أخر معقل للمسلمين في االندلس وظهرت اسبانيا كقوة منافسة في البحر
المتوسط ،وفي بداية القرن
م ظهرت حركة اصالح في ألمانيا دفعت بالدولة االلمانية لتلعب دورا هاما في التاريخ في ظل 16
.حكم االسرة النمساوية
لقد انقلب االقتصاد الزراعي االكتفائي المغلق السائد في العصور الوسطى اقتصادا صناعيا تجاريا
منفتحا ينزع الى الرأسمالية والمبادلة الدولية في مطلع العصور الحديثة ،كما قامت ثورات بورجوازية
في أوربا أطاحت بالنظم والعالقات االقطاعية التي كانت سائدة في أوربا طيلة اعصور الوسطى
وإ ذا كانت البورجوازية خطوة تقدمية في المجال االقتصادي االجتماعي بالنسبة لالقطاعية ،فانها من
ناحية ثانية لم تكن سوى قوى استقاللية جديدة أطاحت بالقوى االقطاعية المستقلة وحلت محلها ،لقد
استغل البورجوازيون الحركات الثورية التي قام بها أقنان االرض وعمال المدن ضد االقطاعي
لصالحهم ،فاستلموا الحكم وأداروا دفة السياسة في خدمة الرأسمالية ونشط التبادل التجاري بين أوربا
وبالد المشرق نتيجه انفتاح البحر المتوسط أمام التجارة االوربية بعد ان كان موصدا في وجه أوربا
على أيدي العرب المسلمين ومما ساعد على االنتعاش والتطور االقتصادي اكتشاف العالم الجديد
.والطرق البحرية المؤدية الى امريكا والهند واالهتمام بتنشيط الصناعة والتجارة الداخلية والخارجية
الناحية الفكرية
نلمس تطورات بدأت تتغلغل بالمجتمع االوربي في القرنين 15و 16م ،فالمفاهيم الدينية المألوفة في
العصور الوسطى أخذت تتغير فتحررت مع ذلك العقلية االوربية من سيطرة الدين وتراجع نفوذ
الكنيسة أمام الفكر العلماني بمجال السياسة والعلوم واالقتصاد ،قامت الحركة االنسانية في عصر
.النهضة ببعث الثقافة الكالسيكية ،وبفضل ظهور الطباعة انتشرت االفكار الجديدة التقدمية
كل هذه المالمح الحضارية تنم عن ميالد عصور تاريخية جديدة مختلفة عن ماسبقها هذه العصور هي
.العصور الحديثة
سقوط االمبراطورية الرومانية
االمبراطورية الرومانية هو اخر عهد من تاريخ الحضارة الرومانية ،هذه الحضارة التي بدأت مع
.تأسيس روما سنة 753قبل الميالد واستمرت حتى سقوطها سنة 476ميالدية
مرت هذه الحضارة بثالثة عهود :عهد المملكة الرومانية 753ق.م 510 -ق.م ،عهد الجمهورية
510.ق.م 27 -ق.م ،عهد االمبراطورية 27ق.م 476 -م
كانت االمبراطورية الرومانية أكبر امبراطورية في التاريخ فقط أحاطت بالبحر االبيض المتوسط من
.كل الجهات ،وبلغت أوج امتدادها في القرن الثاني الميالدي
بدأ يظهر ضعف االمبراطورية ابتداءا من القرن 3م .فأزمة القرن الثالث كانت أزمة شاملة عسكرية،
سياسية ،اجتماعية واقتصادية ولم تكن انعكاساتها على روما فقط بل على كل مقاطعاتها في القارات
.الثالث
الصراع على كرسي العرش وتدخل الجيش في السياسية وفي اختيار االمبراطور فحصلت -
اضطرابات وتمردات و فوضى كبيرة ألحقت أضرارا كبيرة بالمدن واألرياف .وتمرد الجيش على
القوانين الرومانية وعلى حقوق المواطنين وعلى المؤسسات الدستورية مما أسهم في ضعف
.االمبراطورية
لقد سببت الفوضى والحروب الداخلية تدهور الزراعة من خالل ترك مساحات شاسعة من االراضي -
دون زراعة مما أثر على اإلنتاج وضعف التبادل التجاري بسبب حالة الألمن في الطرق وبين
المقاطعات ،ومما زاد االمور سوءا هو استمرار الحكومة في عملية جمع الضرائب المجحفة من سكان
.المدن
نتيجة الوضع االقتصادي السيئ ،هاجر الكثير من ابناء الطبقة الوسطى الى الريف وأصبحت هذه -
الطبقة تحت سلطة المالكين الكبار اصحاب األراضي لذلك أخذ المجتمع ينحدر الى مستوى العبودية
.والرق هذه االمور جعلت المالكين الزراعيين يحصلون على امتيازات سياسية واقتصادية
كانت االمبراطورية الرومانية تتكون من اقاليم عديدة لكل منها نظمها االدارية الخاصة بها ونتيجة -
ضعف المركز ضعفت االنظمة االدارية وحصلت تناقضات فاستغل الموظفون هذه الحالة فحصل فسادا
.في الجانب االداري وبقية الجوانب االخرى
ـ ـ ـ ـ ان االمبراطورية الرومانية كانت محاطة بقبائل عديدة منها القبائل الجرمانية التى كانت متواجدة
فى قلب اوروبا فضال عن الفرس في الشرق والعرب في الجنوب الشرقي منها .وهذه الشعوب استغلت
ضعف االمبراطورية وهاجمتها من كل النواحي وساهمت في انهيارها وكانت الضربة القاضية على يد
.شعوب البرابرة الجرمان
البرابرة الجرمان
سقطت االمبراطورية الرومانية بصورة تدريجية على يد البرابرة الجرمان وكانت هذه الهجمات من
.االسباب التي أدت الى اضعافها اضافة الى األزمات الداخلية من مشاكل اقتصادية وحروب وفوضى
من أهم المصادر التي تتحدث عن شعوب البرابرة هي كتب يوليوس قيصر وهو قائد روماني عاش
مابين سنتي 100و 44ق.م وكان واليا على غاليا بين سنتي 58و 52ق.م عنوان الكتاب هو مذكرات
عن الحرب الغالية .مصدر أخر عن الجرمان هو كتاب جرمانيا للمؤرخ تاسيت الذي عاش في فترة
بين 55و 120م
أطلق اليونان و الرومان كلمة برابرة على كل الشعوب التي ال تتكلم اليونانية أو الالتينية ،وأهم هذه
.الشعوب :الكلت والسالف والجرمان
وتشكل الجرمان من شعوب عديدة أهمها القوط الشرقيون ،القوط الغربيون ،الواندال ،األالن،
البرجنديون ،اللومبارديون ،الفرنجة ،األنغلوسكسون ،األلمان ،النورمانديون وغيرهم
الموطن األصلي للجرمان هي المناطق المحيطة بـ" بحر البلطيق" ،ومن هناك انحدروا نحو الجنوب
حتى وصلوا حدود اإلمبراطورية الرومانية ،وكانوا في البداية يهتمون بتربية الحيوانات و الصيد أكثر
من الزراعة ،كما كانت تسود بينهم العالقات القبلية البدائية ،فقد عاشوا على شكل قبائل متفرقة وأحيانًا
.كانت تتحد عدة قبائل بقيادة زعيم واحد لتنفيذ عملية حربية معينة
ـ ـ زيادة عدد سكان الجرمان فبدؤوا بالتحرك نحو نهر الراين ونهر الدانوب بعد أن ضاقت بهم سبل
.العيش
ـ ـ مهاجمتهم من طرف قبائل الهون ،القبائل المغول االكثر وحشية ،القادمين من أواسط اسيا والذين
.اضطروهم للزحف على االقاليم الرومانية
.ـ ـ انبهار الجرمان بحياة الرومان وباالزدهار االقتصادي الذي نعمت به االمبراطورية الرومانية
بدأ الجرمان بمهاجمة الحدود الرومانية منذ القرنين األول والثاني على عهد االمبراطور ماركوس
أوريلوس (161م180-م) وزادت غارات "الجرمان" في القرن الثالث الميالدي ألن اإلمبراطورية
الرومانية تعرضت في هذا القرن إلى أزمة اقتصادية خانقة بسبب ثورات العبيد وتمرد الفرق
العسكرية ،وقد حصل تبادل حضاري بين الرومان و الجرمان نتيجة االصطدامات الحربية من جهة و
العالقات السلمية والتجارية من جهة أخرى .فقد كان بعض "الجرمان" يزورون "روما" ويتلقون فيها
.الثقافة الالتينية
وقد حاول االباطرة الرومان استيعاب الجرمان واالستفادة من أعدادهم الكبيرة ومهاراتهم في القتال
عبر تعيينهم كجنود مرتزقة في الجيش الروماني .كما أنهم منحوا لهم بعض االراضي لالستقرار عليها
.وتشكيل شريط حدودي ودفاعي لحمايتهم من هجومات قبائل الهون الوحشية القادمة من اسيا الصغرى
:وفي القرن الخامس ميالدي بدأت تتشكلل تدريجيا ممالك بربرية على االراضي الرومانية
وتمكن الجنود المرتزقة الجرمان بقيادة أدواكر من عزل رومولوس أوغسطولس اخر امبراطور
روماني وأسقطوا عرش االمبراطورية الرومانية الغربية الى االبد كان ذلك سنة 476م .واعتبر
.المؤرخون هذه السنة بداية للعصور الوسطى
:المراجع