Professional Documents
Culture Documents
المقدمة
المقدمة
تمثل مصر والعراق القديم مركزا الثقل السياسي والحضاري في منطقة الشرق األدنى القديم
حتى أننا نستطيع بدراسة تاريخها -وخاصة منذ األلف الثانية قبل الميالد -التعرف على
تاريخ المنطقة بأسرها ،ذلك أن الباحث في تاريخ مصر في عصورها الفرعونية ،ليمكنه
أن يتعرف أهم االحداث السياسية ،والتيارات الحضارية ،في بالد الشام وآسيا الصغرى ،
.فضال عن الصالت السياسية والحضارية في بالد الرافدين ،وجزر شرقی البحر المتوسط
ولعـل األمر يشبه ذلك الى حد كبير في بالد الرافدين ،ومن ثم فالباحث في تاريخ العراق
القديم انما يمكنه كذلك أن يتعرف ،الصالت -السياسية والحضارية -في ايران وبالد الشام
وآسيا الصغرى ومصر ،فضال عن بعض مناطق الخليج العربي ،والقبائل العربية -
.الطاعنة والمرتحلة ـ في شمال شبه الجزيرة العربية
وعلى أية حال ،فليس هناك الى سبيل من ريب في ان العراق القديم ،انما يحتل مكانة
ممتازة ،بين مناطق الشرق االدنى القديم ،كما أنه ال يختلف عن غيره من بالد تلك
المنطقة ذات الحضارة العريقة .فقد قامت في بالد الرافدين دول ،ونشأت فيها حضارات ،
وانزلت على ارضها رساالت ،واصطفى هللا تعالى ـ جـل جـالله -من بنيها بعض انبيـاته
.ومرسليه ،وأسهمت بنصيبها فيما قدمه هذا الشرق الـحـك لالنسانية من أياد بيضاء
ومن ثم فقد تاثرت بالد الرافدين بحضارة تلك المنطقة ،واثرت فيها ،وارتبطت بها
بعالقات ،سادها الود أحيانا ،وسادها النفور أحيانا أخرى ،وهكذا كان للعراق القديم
عالقـات بمصر ،وبالد الشام وآسيا الصغرى وايران ،ومن ثم فتاريخه جزء من تاريخ
الشرق األدنى القديم ،تعرض للغزو األجنبي يوم تعرض هذا الشريق لهذا الغزو أو ذاك ،
ونعم بخيراته يوم أن كان أمر هذا الشرق في أيدى أبنائه ،والقى ما القى هذا المشرق ،
يوم أن كانت قوى أجنبية تتحكم في مصايره ،ولجنى خيراته ،ومن ثم فليس عجبا أن كان
.التاريخ العراقي القديم متأثرا بتاريخ الشرق األدنى القديم ،ومؤثرا فيه
وتقدم هذه الصفحات دراسة عامة لتاريخ العراق القديم وحضاراته ،وان نال الجانب
التاريخي اهتمامها األكبر ،ذلك النه من الصعوبة بمكان ان يتحدث بحث في مثل هذا
الحجم عن تاريخ العراق القديم وحضاراته ومع ذلك فقد تحدثت عن كثير من الجوانب
الحضـارية ـ السياسية واالجتماعية والعسكرية والتشريعية والدينية والمعمارية- .
و تطرقنا في هذا البحث المتواضع الى ابرز ما شهدته الحضارةـ من حياة دينيــة و
اجتماعية و سياسية و اقتصــادية أتمــنى ان ينــال اعجــابكم و ان يــروي ضــمأكم و
شكرا.