You are on page 1of 5

‫المحاضرة الثانية ‪ :‬تابع المحور األول‬

‫ثالثا‪ :‬فروع القانون الدولي العام‪:‬‬

‫يعمل القانون الدولي العام منذ نشأته على تنظيم العالقات الدولية في مختلف الميادين‪ ،‬في وقت‬
‫السلم والحرب‪ ،‬لذلك يقسم بداية إلى قانون السلم وقانون الحرب‪ ،‬ومع تطور القانون الدولي والعالقات‬
‫الدولية فرض التمييز بين الفروع التقليدية منه عن الحديثة ‪.‬‬
‫‪ -1‬الفروع التقليدية للقانون الدولي العام ‪ :‬معظمها ظهرت قبل نشأة األمم المتحدة وعرفت تطو ار‬
‫بعد ذلك تتمثل في‪:‬‬
‫‪ -‬قانون التنظيم الدولي‪ :‬يشمل القواعد التي تحكم إنشاء المنظمات الدولية ‪.‬‬
‫‪ -‬القانون الدولي البحري‪ :‬يهتم بالمشاكل الناجمة عن استعمال البحار ومنع استخدام البحار‬
‫لتحزين السالح النووي ومنع تلويث مياه البحار‬
‫‪ -‬القانون الدولي الجوي‪ :‬يتضمن القواعد الخاصة بكيفية استعمال المجال الجوي ألغراض‬
‫المواصالت الدولية‪ ،‬يجد هذا القانون أساسه في االتفاقيات الدولية على غرار اتفاقية باريس لسنة ‪1919‬‬
‫لتنظيم المالحة الجوية‪ ،‬اتفاقية شيكاغو لقمع الجرائم المرتكبة على متن الطائرات ‪ ،1944‬اتفاقية منتريال‬
‫لقمع األفعال غير المشروعة ضد سالمة الطيران المدني لسنة ‪ ،1971‬باإلضافة إلى إنشاء منظمة‬
‫الطيران المدني ودورها في إثراء قواعد القانون الدولي‪.‬‬
‫‪ -‬قانون القضاء الدولي‪ :‬يضم القواعد الخاصة بتشكيل المحاكم الدولية واختصاصاتها وإجراءات‬
‫المحاكمة؛ يجد أساسه في األنظمة األساسية للمحاكم الدولية واإلقليمية (المحكمة الدائمة للعدل الدولي‬
‫‪ ،1920‬محكمة العدل الدولية ‪ ،1945‬محكمة عدل أوروبا ‪.)1950‬‬

‫‪ -‬القانون الدولي الجنائي‪ :‬وهو مجموعة القواعد القانونية التي تحدد الجرائم والمحاكمات الجنائية‬
‫الدولية؛ يجد أساسه في اتفاقية فرساي ‪ ،1919‬الئحتي محكمتي نورمبرغ ‪ 1945‬وطوكيو ‪1946‬‬
‫لمحاكمة مجرمي الحرب العالمية الثانية‪ ،‬ونظام المحكمتين الدوليتين ليوغوسالفيا ‪ 1992‬وروندا ‪1993‬‬
‫لمحاكمة منتهكي قواعد القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬ونظام روما األساسي للمحكمة الجنائية الدولية ‪.1998‬‬
‫‪ -‬القانون الدولي االقتصادي‪ :‬ينظم العالقات االقتصادية الدولية‪ ،‬ظهر بعد الحرب العالمية‬
‫األولى‪ ،‬وازدادت أهميته بعد الحرب العالمية الثانية بإنشاء المنظمات المالية والتجارية الدولية‪.‬‬
‫‪ -2‬الفروع الحديثة للقانون الدولي العام‪ :‬ظهرت وتطورت خالل عصر التنظيم الدولي أي بعد‬
‫انشاء منظمة األمم المتحدة وتتمثل في‪:‬‬

‫‪ -‬القانون الدولي اإلنساني‪ :‬يهتم بحماية حقوق اإلنسان في حالة النزاعات المسلحة الدولية أو‬
‫الداخلية‪ ،‬وتعد اتفاقيات جنيف األربعة وبروتكوليها اإلضافيين لسنة ‪ 1977‬األساس الحديث للقانون‬
‫الدولي اإلنساني‪ ،‬وقد تم في هذا اإلطار التركيز على حماية بعض الفئات كالنساء واألطفال (اإلعالن‬
‫بشأن حماية النساء واألطفال في حاالت الطوارئ والنزاعات المسلحة سنة ‪ ،1974‬والبروتوكول الملحق‬
‫باتفاقية حقوق الطفل لسنة ‪ 2000‬المتعلق بحماية األطفال خالل النزاعات المسلحة)‪.‬‬
‫‪ -‬القانون الدولي لحقوق اإلنسان‪ :‬يهدف إلى حماية حقوق اإلنسان من تعسف السلطة وتكريس‬
‫ك ارمته وحقوقه‪ ،‬لذلك تبنت الجمعية العامة لألمم المتحدة في ‪ 10‬ديسمبر ‪ 1948‬اإلعالن العالمي لحقوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬إضافة إلى مواثيق واتفاقات دولية خاصة بهذا اإلطار منها‪ :‬العهدين الدوليين ( للحقوق المدنية‬
‫والسياسية؛ والحقوق االجتماعية واالقتصادية والثقافية)‪ ،‬اتفاقية حقوق الطفل لسنة ‪ ،1989‬باإلضافة إلى‬
‫االتفاقيات اإلقليمية ( االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان ‪ ،1951‬االتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان‬
‫‪ ،1968‬الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب ‪ ،1981‬والميثاق العربي لحقوق اإلنسان ‪.1994‬‬
‫‪ -‬القانون الدولي للتنمية‪ :‬أدى عدم وجود التوازن في المجال االقتصادي بين الدول لتدخل‬
‫األمم المتحدة مساعدة البلدان النامية‪ ،‬من خالل إعالنات حول السيادة الدائمة على الثروات الطبيعية‬
‫‪ ،1962‬كما تبنت الجمعية العامة إعالن إقامة نظام اقتصادي دولي جديد‪ ،‬والبرنامج التعليمي المتعلق‬
‫بإقامة هذا النظام‪ ،‬وميثاق األمم المتحدة للحقوق والواجبات االقتصادية عام ‪.1974‬‬
‫‪ -‬القانون الدولي للبيئة‪ :‬أدى التطور التكنولوجي والصناعي إلى آثار سلبية على حياة اإلنسان‪،‬‬
‫تمثلت في التلوث‪ ،‬األمر الذي دفع بالدول إلى إبرام اتفاقيات دولية عالمية وإقليمية للحد من هذه الظاهرة‪،‬‬
‫أهمها مؤتمر األمم المتحدة للبيئة‪.‬‬
‫‪ -‬القانون الدولي للبحار‪ :‬يهتم بوضع القواعد التي تحديد المجاالت البحرية للدول‪ ،‬وتلك التي‬
‫تنظم عمليات االستغالل المشترك لثروات البحار ومواردها؛ يجد أساسه بشكل خاص في اتفاقية األمم‬
‫المتحدة لقانون البحار ‪ ،1982‬وأحكام محكمة العدل الدولية ( قضية مضيق كورفو)‪.‬‬
‫‪ -‬القانون الدولي للحدود يضم القواعد المتعلقة برسم الحدود الدولية‪ ،‬ظهر بعد استقالل الدول‬
‫اإلفريقية واألسيوية‪ ،‬وظهور نزاعات بينها حول الحدود‪ ،‬لذلك تم تكريس مبدأ الحدود الموروثة عن‬
‫االستعمار‪ .‬يجد أساسه عادة في االتفاقيات الثنائية بين الدول المتحاورة‪ ،‬وق اررات المنظمات الدولية‪،‬‬
‫وأحكام محكمة العدل الدولية‪.‬‬
‫‪ -‬القانون الدولي لالجئين‪ :‬مجموعة القواعد التي تعنى بالمركز القانوني لالجئ‪ ،‬بما فيه‬
‫مسؤولية دولة الملجأ في التقيد بأحكام هذا القانون‪ ،‬والذي يجد أساسه في اتفاقية األمم المتحدة لالجئين‬
‫لسنة ‪ 1951‬وبروتوكولها الملحق لسنة ‪ ،1967‬وق ارراتها ذات الصلة‪.‬‬
‫‪ -‬القانون الدولي للفضاء الخارجي‪ :‬ظهر مع التنافس الكبير لغزو الفضاء‪ ،‬مما دفع باألمم‬
‫المتحدة إلى وضع قواعد قانونية لتنظيم استعمال الفضاء الخارجي‪ ،‬من خالل جملة من الق اررات وصوال‬
‫إلى اعتماد اتفاقية ‪ 1967‬المتعلقة بتنظيم نشاط الدول في استخدام الفضاء الخارجي ‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬أساس االلتزام بقواعد القانون الدولي العام‬

‫إن قواعد القانون الدولي لم تفرضها على الدول سلطة عليا‪ ،‬وأساسها اإلرادة الصريحة أو الضمنية‬
‫للدول أعضاء المجتمع الدولي‪ ،‬ونظ ار ألن هذه الدول متساوية في السيادة وفي الحقوق‪ ،‬وليس إلحداها‬
‫سلطة على األخرى‪ ،‬لذا فقد ثار التساؤل بين فقهاء القانون الدولي على األساس الذي يستمد منها هذه‬
‫القواعد صفتها اإللزامية‪.‬‬

‫ولإلجابة على هذا التساؤل انقسم الفقه الدولي إلى مذهبين‪:‬‬

‫‪ -1‬المذهب اإلرادي‪ :‬تدخل في نطاقه نظريتين‪:‬‬

‫أ‪ -‬نظرية التحديد الذاتي ل إلرادة‪ :‬يتمثل أساس هذه النظرية في‪:‬‬

‫‪ -‬ينبع القانون الدولي من إرادة كل دولة‪.‬‬


‫‪ -‬ال يمكن إخضاع أو تقييد إرادة دولة بإرادة دولة أخرى أو سلطة أخرى‪.‬‬
‫‪ -‬عالقاتها مع الدول األخرى نابعة من إرادتها (تلتزم بما تريد)‪.‬‬
‫‪ -‬الخضوع االختياري يكسب الصفة اإللزامية لقواعد القانون الدولي‪.‬‬

‫نقــــد النظرية‪:‬‬

‫‪ -‬من الخطأ القول بأن أساس القوة الملزمة للقانون هي إرادة الخاضعين إلرادتها‪ ،‬في حين أن مهمة‬
‫القانون األساسية هي تقييد هذه اإلدارة‪.‬‬
‫‪ -‬عندما تتحلل (ترفض) الدولة عن التزاماتها بالتقيد‪ ،‬يفقد القانون الصفة اإللزامية‪.‬‬
‫ب‪ -‬نظرية اإلرادة المشتركة (الجماعية)‪ :‬يتمثل أساسها في‪:‬‬

‫‪ -‬أن اإلدارة المشتركة والجماعية للدول هي أساس إلتزام الدول بقواعد القانون الدولي العام‪.‬‬

‫نــــفقد النظرية‪:‬‬

‫‪ -‬من الذي يفرض على الدول احترام اإلرادة الجماعية؟‪.‬‬


‫‪ -‬وارتباط الدولة باإلرادة الجماعية إلى أي أساس يستند شعور هذا االرتباط؟‬
‫‪ -‬والدول التي لم تساهم في تكوين اإلرادة الجماعية كيف تلتزم بهذه القواعد؟‪.‬‬

‫‪ -2‬المذهب الموضوعي‪ :‬تدخل في إطارها نظريتين‬

‫أ‪ :‬نظرية المدرسة النمساوية (نظرية تدرج القوانين)‪ :‬يتزعمها "كلسن"‪ :‬كل نظام قانوني يستمد أساسه‬
‫من المصدر القانوني األعلى منه درجة‪ ،‬على غاية الوصول إلى القاعدة األساسية وهي قدسية االتفاق‬
‫والوفاء بالعقد (العقد شريعة المتعاقدين)‪.‬‬

‫نــــقد النظرية‪:‬‬

‫هذه النظرية تقوم على الخيال‪ ،‬لم تفصح هذه المدرسة عن مصدر القاعدة وال عن قوتها اإللزامية‬
‫وال عن سبب وجودها ومن يتخيل قبولها‪ ،‬ألن اإللزام من طبيعته ال بد وأن يكون واقعا ملموسا‪.‬‬

‫وفي رد "كلسن" لهذا االنتقاد برر األخذ باالفتراض في علم القانون قياسا على العلوم الطبيعية؛‬
‫ولكن هذا التبرير غير مقبول ألنه يستند إلى قياس خاطئ‪ ( ،‬إما تأكيد االفتراض للنتيجة أو عدم‬
‫حصولها وبالتالي يستبدل االفتراض)‪.‬‬

‫ب‪ :‬نظرية المدرسة الفرنسية (نظرية التضامن االجتماعي أو الحدث االجتماعي)‬

‫مؤسس هذه النظرية هو ليون دوجي على القانون الداخلي‪ ،‬نقلها إلى القانون الدولي جورج سال‪.‬‬

‫‪ -‬أساس القانون هو حدث إجتماعي منبثق من حتمية التضامن الالزم توفيره بين األفراد والشعوب لسد‬
‫حاجاته المختلفة‪.‬‬
‫‪ -‬هناك مبادئ قانونية تصاحب نشأة المجتمع (الحماية‪ ،‬األمن الجماعي‪ ،‬التكافل بين األفراد‪ ،‬التضامن‬
‫فيما بينهم)‪.‬‬
‫هذه المبادئ القانونية تكسب قوتها اإللزامية من الشعور العام لألفراد والشعوب بإلزاميتها وبالتالي‬
‫بضرورة مراعاتها للمحافظة على حياة الجماعة‪.‬‬

‫يذكر ‪ Duguit‬على الدولة صفة السيادة‪ ،‬كما ينكر عليها اإلرادة المنشأة لقواعد القانون‪ ،‬ويرى أن القانون‬
‫أسمى وأسبق في الوجود من الدولة نفسها ويسمو عليها‪.‬‬

‫نـــــقد النظرية‪ :‬من االنتقادات الموجهة لهذه النظرية‪:‬‬

‫‪ -‬أنها تنكر وجود الدولة كشخص قانوني‪ ،‬وهذا خاطئ ألن للدولة شخصية قانونية مستقلة عن األفراد‬
‫المكونين لها (تحمل االلتزامات وممارسة الحقوق)‪.‬‬
‫‪ -‬أن الشعور العام ال يمكن إعتباره كأساس إللزامية القواعد القانونية‪ ،‬بحجة إمكانية وجود فئة من الدول‬
‫لم تعد تتفق مع ما تقرره هذه الدول‪.‬‬
‫➢ مما سبق يتضح أن النظريات السابقة لم تقدم لنا أساسا صالحا لتبرير االلتزام بقواعد القانون‬
‫الدولي العام‪ ،‬وهذا ما أدى بالفقيه ألفاروس اإلسكندنافي بالقول أن كل هذه النظريات واآلراء‬
‫سواء منها المؤيد للمذهب اإلرادي أو المذهب الموضوعي‪ ،‬ما هي إال حيل يتم اللجوء اليها‬
‫للوصول إلى أساس تستمد منها قواعد القانون الدولي صفتها اإللزامية‪.‬‬

‫والخالف أو الجدل مازال قائما ومستم ار لدى الفقه الدولي حول هذا األساس؛ إال أنه يمكن القول‬
‫أن األساس الحالي للقانون الدولي في رأي أغلب الفقه يتحدد في رضا الدول عامة بالخضوع ألحكامه‬
‫سواء كان هذا الرضا صريحا أو ضمنيا أو مفترضا‪.‬‬

You might also like