Professional Documents
Culture Documents
002المحاضرة الثانية القانون الدولي العام
002المحاضرة الثانية القانون الدولي العام
يعمل القانون الدولي العام منذ نشأته على تنظيم العالقات الدولية في مختلف الميادين ،في وقت
السلم والحرب ،لذلك يقسم بداية إلى قانون السلم وقانون الحرب ،ومع تطور القانون الدولي والعالقات
الدولية فرض التمييز بين الفروع التقليدية منه عن الحديثة .
-1الفروع التقليدية للقانون الدولي العام :معظمها ظهرت قبل نشأة األمم المتحدة وعرفت تطو ار
بعد ذلك تتمثل في:
-قانون التنظيم الدولي :يشمل القواعد التي تحكم إنشاء المنظمات الدولية .
-القانون الدولي البحري :يهتم بالمشاكل الناجمة عن استعمال البحار ومنع استخدام البحار
لتحزين السالح النووي ومنع تلويث مياه البحار
-القانون الدولي الجوي :يتضمن القواعد الخاصة بكيفية استعمال المجال الجوي ألغراض
المواصالت الدولية ،يجد هذا القانون أساسه في االتفاقيات الدولية على غرار اتفاقية باريس لسنة 1919
لتنظيم المالحة الجوية ،اتفاقية شيكاغو لقمع الجرائم المرتكبة على متن الطائرات ،1944اتفاقية منتريال
لقمع األفعال غير المشروعة ضد سالمة الطيران المدني لسنة ،1971باإلضافة إلى إنشاء منظمة
الطيران المدني ودورها في إثراء قواعد القانون الدولي.
-قانون القضاء الدولي :يضم القواعد الخاصة بتشكيل المحاكم الدولية واختصاصاتها وإجراءات
المحاكمة؛ يجد أساسه في األنظمة األساسية للمحاكم الدولية واإلقليمية (المحكمة الدائمة للعدل الدولي
،1920محكمة العدل الدولية ،1945محكمة عدل أوروبا .)1950
-القانون الدولي الجنائي :وهو مجموعة القواعد القانونية التي تحدد الجرائم والمحاكمات الجنائية
الدولية؛ يجد أساسه في اتفاقية فرساي ،1919الئحتي محكمتي نورمبرغ 1945وطوكيو 1946
لمحاكمة مجرمي الحرب العالمية الثانية ،ونظام المحكمتين الدوليتين ليوغوسالفيا 1992وروندا 1993
لمحاكمة منتهكي قواعد القانون الدولي اإلنساني ،ونظام روما األساسي للمحكمة الجنائية الدولية .1998
-القانون الدولي االقتصادي :ينظم العالقات االقتصادية الدولية ،ظهر بعد الحرب العالمية
األولى ،وازدادت أهميته بعد الحرب العالمية الثانية بإنشاء المنظمات المالية والتجارية الدولية.
-2الفروع الحديثة للقانون الدولي العام :ظهرت وتطورت خالل عصر التنظيم الدولي أي بعد
انشاء منظمة األمم المتحدة وتتمثل في:
-القانون الدولي اإلنساني :يهتم بحماية حقوق اإلنسان في حالة النزاعات المسلحة الدولية أو
الداخلية ،وتعد اتفاقيات جنيف األربعة وبروتكوليها اإلضافيين لسنة 1977األساس الحديث للقانون
الدولي اإلنساني ،وقد تم في هذا اإلطار التركيز على حماية بعض الفئات كالنساء واألطفال (اإلعالن
بشأن حماية النساء واألطفال في حاالت الطوارئ والنزاعات المسلحة سنة ،1974والبروتوكول الملحق
باتفاقية حقوق الطفل لسنة 2000المتعلق بحماية األطفال خالل النزاعات المسلحة).
-القانون الدولي لحقوق اإلنسان :يهدف إلى حماية حقوق اإلنسان من تعسف السلطة وتكريس
ك ارمته وحقوقه ،لذلك تبنت الجمعية العامة لألمم المتحدة في 10ديسمبر 1948اإلعالن العالمي لحقوق
اإلنسان ،إضافة إلى مواثيق واتفاقات دولية خاصة بهذا اإلطار منها :العهدين الدوليين ( للحقوق المدنية
والسياسية؛ والحقوق االجتماعية واالقتصادية والثقافية) ،اتفاقية حقوق الطفل لسنة ،1989باإلضافة إلى
االتفاقيات اإلقليمية ( االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان ،1951االتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان
،1968الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب ،1981والميثاق العربي لحقوق اإلنسان .1994
-القانون الدولي للتنمية :أدى عدم وجود التوازن في المجال االقتصادي بين الدول لتدخل
األمم المتحدة مساعدة البلدان النامية ،من خالل إعالنات حول السيادة الدائمة على الثروات الطبيعية
،1962كما تبنت الجمعية العامة إعالن إقامة نظام اقتصادي دولي جديد ،والبرنامج التعليمي المتعلق
بإقامة هذا النظام ،وميثاق األمم المتحدة للحقوق والواجبات االقتصادية عام .1974
-القانون الدولي للبيئة :أدى التطور التكنولوجي والصناعي إلى آثار سلبية على حياة اإلنسان،
تمثلت في التلوث ،األمر الذي دفع بالدول إلى إبرام اتفاقيات دولية عالمية وإقليمية للحد من هذه الظاهرة،
أهمها مؤتمر األمم المتحدة للبيئة.
-القانون الدولي للبحار :يهتم بوضع القواعد التي تحديد المجاالت البحرية للدول ،وتلك التي
تنظم عمليات االستغالل المشترك لثروات البحار ومواردها؛ يجد أساسه بشكل خاص في اتفاقية األمم
المتحدة لقانون البحار ،1982وأحكام محكمة العدل الدولية ( قضية مضيق كورفو).
-القانون الدولي للحدود يضم القواعد المتعلقة برسم الحدود الدولية ،ظهر بعد استقالل الدول
اإلفريقية واألسيوية ،وظهور نزاعات بينها حول الحدود ،لذلك تم تكريس مبدأ الحدود الموروثة عن
االستعمار .يجد أساسه عادة في االتفاقيات الثنائية بين الدول المتحاورة ،وق اررات المنظمات الدولية،
وأحكام محكمة العدل الدولية.
-القانون الدولي لالجئين :مجموعة القواعد التي تعنى بالمركز القانوني لالجئ ،بما فيه
مسؤولية دولة الملجأ في التقيد بأحكام هذا القانون ،والذي يجد أساسه في اتفاقية األمم المتحدة لالجئين
لسنة 1951وبروتوكولها الملحق لسنة ،1967وق ارراتها ذات الصلة.
-القانون الدولي للفضاء الخارجي :ظهر مع التنافس الكبير لغزو الفضاء ،مما دفع باألمم
المتحدة إلى وضع قواعد قانونية لتنظيم استعمال الفضاء الخارجي ،من خالل جملة من الق اررات وصوال
إلى اعتماد اتفاقية 1967المتعلقة بتنظيم نشاط الدول في استخدام الفضاء الخارجي .
رابعا :أساس االلتزام بقواعد القانون الدولي العام
إن قواعد القانون الدولي لم تفرضها على الدول سلطة عليا ،وأساسها اإلرادة الصريحة أو الضمنية
للدول أعضاء المجتمع الدولي ،ونظ ار ألن هذه الدول متساوية في السيادة وفي الحقوق ،وليس إلحداها
سلطة على األخرى ،لذا فقد ثار التساؤل بين فقهاء القانون الدولي على األساس الذي يستمد منها هذه
القواعد صفتها اإللزامية.
أ -نظرية التحديد الذاتي ل إلرادة :يتمثل أساس هذه النظرية في:
نقــــد النظرية:
-من الخطأ القول بأن أساس القوة الملزمة للقانون هي إرادة الخاضعين إلرادتها ،في حين أن مهمة
القانون األساسية هي تقييد هذه اإلدارة.
-عندما تتحلل (ترفض) الدولة عن التزاماتها بالتقيد ،يفقد القانون الصفة اإللزامية.
ب -نظرية اإلرادة المشتركة (الجماعية) :يتمثل أساسها في:
-أن اإلدارة المشتركة والجماعية للدول هي أساس إلتزام الدول بقواعد القانون الدولي العام.
نــــفقد النظرية:
أ :نظرية المدرسة النمساوية (نظرية تدرج القوانين) :يتزعمها "كلسن" :كل نظام قانوني يستمد أساسه
من المصدر القانوني األعلى منه درجة ،على غاية الوصول إلى القاعدة األساسية وهي قدسية االتفاق
والوفاء بالعقد (العقد شريعة المتعاقدين).
نــــقد النظرية:
هذه النظرية تقوم على الخيال ،لم تفصح هذه المدرسة عن مصدر القاعدة وال عن قوتها اإللزامية
وال عن سبب وجودها ومن يتخيل قبولها ،ألن اإللزام من طبيعته ال بد وأن يكون واقعا ملموسا.
وفي رد "كلسن" لهذا االنتقاد برر األخذ باالفتراض في علم القانون قياسا على العلوم الطبيعية؛
ولكن هذا التبرير غير مقبول ألنه يستند إلى قياس خاطئ ( ،إما تأكيد االفتراض للنتيجة أو عدم
حصولها وبالتالي يستبدل االفتراض).
مؤسس هذه النظرية هو ليون دوجي على القانون الداخلي ،نقلها إلى القانون الدولي جورج سال.
-أساس القانون هو حدث إجتماعي منبثق من حتمية التضامن الالزم توفيره بين األفراد والشعوب لسد
حاجاته المختلفة.
-هناك مبادئ قانونية تصاحب نشأة المجتمع (الحماية ،األمن الجماعي ،التكافل بين األفراد ،التضامن
فيما بينهم).
هذه المبادئ القانونية تكسب قوتها اإللزامية من الشعور العام لألفراد والشعوب بإلزاميتها وبالتالي
بضرورة مراعاتها للمحافظة على حياة الجماعة.
يذكر Duguitعلى الدولة صفة السيادة ،كما ينكر عليها اإلرادة المنشأة لقواعد القانون ،ويرى أن القانون
أسمى وأسبق في الوجود من الدولة نفسها ويسمو عليها.
-أنها تنكر وجود الدولة كشخص قانوني ،وهذا خاطئ ألن للدولة شخصية قانونية مستقلة عن األفراد
المكونين لها (تحمل االلتزامات وممارسة الحقوق).
-أن الشعور العام ال يمكن إعتباره كأساس إللزامية القواعد القانونية ،بحجة إمكانية وجود فئة من الدول
لم تعد تتفق مع ما تقرره هذه الدول.
➢ مما سبق يتضح أن النظريات السابقة لم تقدم لنا أساسا صالحا لتبرير االلتزام بقواعد القانون
الدولي العام ،وهذا ما أدى بالفقيه ألفاروس اإلسكندنافي بالقول أن كل هذه النظريات واآلراء
سواء منها المؤيد للمذهب اإلرادي أو المذهب الموضوعي ،ما هي إال حيل يتم اللجوء اليها
للوصول إلى أساس تستمد منها قواعد القانون الدولي صفتها اإللزامية.
والخالف أو الجدل مازال قائما ومستم ار لدى الفقه الدولي حول هذا األساس؛ إال أنه يمكن القول
أن األساس الحالي للقانون الدولي في رأي أغلب الفقه يتحدد في رضا الدول عامة بالخضوع ألحكامه
سواء كان هذا الرضا صريحا أو ضمنيا أو مفترضا.