You are on page 1of 108

‫الطبعة األولى‬

‫‪٢٠٢٢‬‬

‫اسم الكتاب ‪ :‬فنُّ التكلُّم‬


‫تطوير الذات‬ ‫القسم ‪:‬‬

‫اسم المؤلف ‪ :‬حسام الحاتم‬

‫عدد الصفحات ‪١٠٨ :‬‬

‫‪١٢/٥‬‬

‫‪1‬‬
‫ي أن أ ُ ّ‬
‫نوه على أمر مهم ‪،‬‬ ‫قبل البدء في قراءة هذا الكتاب ‪ ،‬عل ّ‬
‫أال و هو ‪..‬‬
‫األساليب المذكورة في الكتاب ‪ ،‬ليست كُ َّل األساليب التي في‬
‫المجتمع ‪ ،‬و لكنَّها األكثر انتشاراً ‪..‬‬
‫و القصص المذكورة في الكتاب ‪ ،‬من تلقاء خيالي الواسع ‪ّ ،‬إال‬
‫الموقف الذي حصل معي ‪ ،‬و الذي يكون في نهاية الكتاب ‪.‬‬
‫و اآلن ‪ ،‬قراءة ُممتعة‬

‫‪2‬‬
‫قوي‬
‫ّ‬ ‫إنَّ لسانُك سال ٌ‬
‫ح‬
‫و استخدامه بطريقة صحيحة فن عليك بإتقانه ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫فنُّ التكلُّم‬

‫مقدمة‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم ‪..‬‬
‫( بال ُمناسبة ‪ ،‬هذا ّأول كتاب من تأليفي )‬
‫نتكلَّم في هذا الكتاب عن أساليب سلبية و إيجابية في التكلُّم‬
‫سنتعرف على األساليب السلبية لكي نبتعد عنها أوالً‬

‫و سنتعرف على األساليب اإليجابية التي تُساعد في عمل حوار‬


‫ناجح لكي نتعلَّمها و نطبقها في حياتنا اليومية ‪..‬‬
‫و نتكلّم أيضا ً عن كل ما هي من عادات سلبية تؤثّر في‬
‫األساليب ‪.‬‬
‫ال بد من أنَّ هُنالك الكثير من األساليب المنتشرة بين الناس ‪ ،‬و‬
‫لكنني أخترتُ األساليب األكثر انتشاراً سواء كانت سلبية أو‬
‫إيجابية ‪..‬‬
‫و السبب الذي دفعني إلى تأليف هذا الكتاب هو األساليب السلبية‬
‫في الحوار المنتشرة بكثرة عند الناس ‪ ،‬و ما دفعني أكثر هو من‬
‫يتَّقن األساليب السلبيّة و يعتبرها إيجابية بنظره !‬
‫ُفرق بين الصواب و‬ ‫ليس ُمه َّما ً ‪ ،‬اإلنسان السو ّ‬
‫ي و الطبيعي ي ِّ ّ‬
‫الخطأ ‪ ،‬و لكنه إذا أخطأ و لم ينتبه ‪ ،‬هذا ال يعني أنَّه ي ُّ‬
‫ُقر أنَّ ما‬
‫يفعله صوابا ً ‪ ،‬و لكن قد يكون غافالً ‪ ،‬أو يكون هذا األسلوب‬
‫السلبي قد يراعي رغباته و شهواته لذلك ليس غريبا ً أنَّ هُنالك‬
‫الكثير من يخضع لشهواته ‪ ،‬و ليس األغرب أن ترى من يُق ّدِّس‬
‫هذه الشهوات مثل ( فرويد ) ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫و كما قال مصطفى محمود رحمه هللا ‪:‬‬
‫العقل أمير على الجسد إذا لجأت إليه و استنهضته و سلَّمته‬
‫الزمام ‪ ،‬أما إذا أهملته و أغفلته و لم تسمع لمشورته فأنت بهيمة‬
‫و جسدك هو الذي يقودك و غرائزك هي التي تحكمك ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫فنُّ التكلُّم‬

‫( قصة علي الذي ترك الدراسة و التحق بالعمل )‬


‫كان علي يدرس في المدرسة ‪ ،‬ولكن بسبب سوء األوضاع‬
‫العائلية اضطر إلى أن يترك المدرسة مب ّكِّرا و يلتحق بالعمل ‪..‬‬
‫( علي ال يتجاوز الثالثة عشر من عُمره ) أي أنَّ بعدهُ طفل ‪.‬‬
‫كان معلّمهُ في العمل ( شديد العصبية ) في التعا ُمل مع اآلخرين‬
‫ي حجَّة صغيرة لكي‬ ‫يء المعاملة مع علي ‪ ،‬و على أ َّ‬ ‫‪ ،‬و كان س ّ‬
‫ب أحيانا ً ‪ ،‬و لكن علي كان‬‫يُسيء له بالكالم حينا ً ‪ ،‬و بالضر ِ‬
‫مجبوراً على تح ُّمل كل هذا ‪ ،‬دون أي تفكير !‬
‫ت‬
‫بقي على هذا الحال على مدار سنين ‪ ،‬و عندما بلغ العشرينا ِ‬ ‫و َ‬
‫يء ال ُمعاملة‬
‫ّ‬ ‫س‬ ‫هو‬ ‫فصار‬ ‫‪،‬‬ ‫)‬ ‫صنعة‬ ‫(‬ ‫العمل‬ ‫هذا‬ ‫م‬ ‫َّ‬ ‫ل‬ ‫تع‬ ‫ُمره‬ ‫من ع‬
‫مع اآلخرين ‪..‬‬
‫( أي أنَّ المعاملة إذا اكتسبتها بصغرك ستؤثر عليك ‪،‬سواء كانت‬
‫إيجابية أو سلبية ) ‪.‬‬
‫علي لم يعد بحاجة إلى العمل مع هذا الرجل فاستأجر ّ ً‬
‫محال و كان‬
‫هو ال ُمعلّم ‪ ،‬أي هو الذي ي ُ‬
‫ُديره ‪..‬‬
‫حتّى أن جاءهُ طف ٌل و طلب منهُ أن يعمل عنده ‪..‬‬
‫( علي تذ َّكر نفسه قبل ثمانية سنوات ‪ ،‬عندما اضطر أن يعمل )‬
‫فقبل على طلب هذا الطفل للعمل ‪ ،‬و ألنَّه كان ُمكتسب ال ُمعاملة‬
‫السيئة من معلّمه ‪ ،‬فكانت معاملته سيئة بالضبط مع هذا الطفل‬
‫الذي يعمل عنده ‪ ،‬و كان يُف ّكِر أنَّ ال ُمعاملة السيئة ستجعل من هذا‬
‫الطفل ُمعلِّما في المستقبل ‪..‬‬

‫‪6‬‬
‫و بسبب سوء معاملته مع هذا الطفل و اآلخرين ‪ ،‬اضطر الطفل‬
‫على أن يشتكي ألبي ِه ( كل ما حصل معه من معاملة سيئة من‬
‫علي ) ‪ ،‬حتّى أن جا َء األب و كلَّم علي ‪..‬‬
‫األب ‪ :‬ما بكَ يا أستاذ علي ‪ ،‬لما هذه ال ُمعاملة السيئة مع ابني ؟‬
‫علي ‪ :‬هذه هي طبيعةُ العمل ‪ ،‬و هذه هي الحياة أيضا ً ‪ ،‬كُلَّها‬
‫مصاعب و يجب على اإلنسان بتحمل هذه المصاعب ‪ ،‬و إذا كان‬
‫ابنُك ال يُريد العمل هُنا فليعمل في البيت !‬
‫األب ‪ :‬و لما ال ‪ ،‬طبيعة ُمعاملتك مع اآلخرين هي نتاج ما‬
‫اكتسبته في صغرك ‪ ،‬و لم أقبل أن يكتسب ابني هذه ال ُمعاملة‬
‫الرديئة و العادات السيئة ‪ ،‬لذلك أن‬
‫يعمل في البيت ويكتسب ال ُمعاملة الحُسنة ‪ ،‬خيراً من أن يعمل‬
‫عندك و يكتسب األلفاظ وال ُمعامالت و العادات السيئة ‪..‬‬
‫ذهب ‪ ،‬و كأنَّه صعق علي بكالمه )‬
‫َ‬ ‫( فأخذَ ابنه و‬
‫بالتفكير في كالمه ليالً و نهاراً‬
‫ِ‬ ‫لدرجة أنَّ ثار غضب علي ‪ ،‬و بدأ‬
‫‪..‬‬

‫صة ‪ ،‬أن المعاملة تكتسبها بصغرك من‬ ‫' نستنتج من هذه الق َّ‬
‫المجتمع و من الناس الذين من حولك ‪ ،‬و لكن التفكير بعقالنيَّة‬
‫عن هذه التصرفات ( ال يأتي) ّإال بعد ال ُمخالطة مع من هم‬
‫رافضين ( لهذه التصرفات ) ' ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫فنُّ التكلُّم‬

‫( التفكير و عالقته بالرد )‬

‫عليك أن تعلم أنَّ ردُّك هو نتاج لتفكيرك ‪ ،‬أي أنَّ الرد الذي ستردُّه‬
‫على الكالم المو ّجهُ لك ‪ ،‬يرتبط بتفكيرك الَّذي أنت عليه اآلن ‪..‬‬
‫فمن كان تفكيره سلبي في كل األوقات ‪ ،‬ستكون الردود إ ّما عن‬
‫عصبيَّة أو بتكثير كالم ِه عن أشياء ال داعية لها عن الكالم ا َّلذي‬
‫شخص ما بشكل كبير !‬
‫ٍ‬ ‫بكالم‬
‫ِ‬ ‫توجًّه إليه ‪ ،‬و منهم من يتأثر‬
‫فيكون ردَّهم ليس بالكالم فقط ‪ ،‬بل إ َّما بالبكاء أو حتى بالضرب ‪،‬‬
‫و لكن بعضهم من ال يتح َّمل هذا الشيء و يؤثر على عقلهم و‬
‫تفكيرهم بشكل كبير ( فيقتلوا ذلك الشخص ‪ ،‬الذي أسا َء لهم (‬
‫بالكالم ) ) ‪..‬‬
‫هذه حقيقة ( مع األسف ) و ذلك الشخص يكون ضعيفا ً أمام‬
‫المواجهة بالكالم ‪ ،‬فحتما ً تكون النتيجة سلبية عند التفكير بشكل‬
‫سلبي ‪..‬‬
‫منهم من يرد الكالم بالكالم ولكنه ال يُف ّكِر إطالقا ً بالر ِدّ على‬
‫اإلساءة ‪..‬‬
‫على سبيل المثال ‪ :‬هنالك من انتقد عمل شخص ( بشكل بنَّاء )‬
‫دون اإلساءة للشخص ذاته ‪ ،‬و لكن ردَّ هذا الشخص بطريقة سيئة‬
‫حيث أنَّ هذا الرد شمل الشتيمة لذلك الَّذي‬
‫ُ‬ ‫و من دون تفكير ‪،‬‬
‫ت مرتفع و عصبية و و إلخ من التصرفات‬ ‫انتقده ( و بصو ٍ‬
‫السلبية ) ‪.‬‬
‫هذه األنواع من الناس ال يملكون أو ال يفقهون فن الرد ‪..‬‬
‫عليك أن تعلم كيف ترد الكالم على وزن الكالم الموجَّه لك ‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫عليكَ أن تُف ّكِر بكالم ِه قبل أن تُف ّكِر بردِّك عليه ‪.‬‬
‫عليك أن يكون ردُّك ( قليل الكالم ) و في مكانه الصحيح ‪.‬‬
‫عليك بضبط النفس و أن تسمع من دون المقاطعة مهما كان األمر‬
‫‪..‬‬
‫بل التزم الصمت و ابتسم و هو غاضب و يُسيء لك بالكالم ‪ ،‬فإذا‬
‫كان هذا الشخص أكبر منك سنّا ً فالتزام الصمت ذلك ألمرين ‪..‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬سيكون استفزازاً بالنسب ِة له ‪.‬‬ ‫‪،‬‬ ‫أوالً ‪ :‬سيكون احتراما ً‬

‫‪9‬‬
10
‫األول ‪:‬‬
‫الباب َّ‬
‫األساليب السلبيّة يف التكلُّم ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫فنُّ التكلُّم‬

‫كثرةُ الكالم ‪:‬‬

‫أسلوب سلبي ‪ ،‬يقوم الشخص ِبفعله على حجّة توصيل الفكرة أو‬
‫ترسيخها‪..‬‬

‫و أيضا ً يُف ّكر بأن كثرة الكالم هي الوسيلة الصحيحة للتفاهم مع‬
‫األشخاص‬

‫و لكن هذا األسلوب في الكالم غلط !‬

‫كثر كال ُمك ‪ ..‬كُلما قلّت قيمتُك ‪ ،‬والعكس‬


‫و علينا أن نعلم بأن كُلما َ‬
‫صحيح ‪.‬‬

‫و لكن مع األسف نرى الكثير من الناس يستخدمون هذا األسلوب‪،‬‬


‫وينتشر بكثرة عند الرجال والنساء ‪.‬‬

‫•••‬

‫عندما يُسألون عن أخبارهم‪ ،‬ترى أنَّهم يتكلمون عن أخبارهم و‬


‫يربطون كالم ليس لهُ فائدة‪ ،‬وليس له عالقة ِبهذا السؤال ‪.‬‬

‫وليس هذا فقط ‪...‬‬

‫إن كانت لديهم أيَّة عمل ُمشترك بينهم وبين أشخاص مثلهم ‪ ،‬ترى‬
‫أنَّهم يتكلمون أكثر مما يعملون ‪..‬‬

‫( علينا نعلم ‪ ،‬بإن الصمت أثناء العمل إتقان )‬

‫لذلك نرى الذين ال يتكلمون بِكثرة ‪ ،‬ال يريدون فتح أي موضوع‬


‫معهم ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫ألن ِبمجرد أن تفتح موضوع عادي ‪ ،‬تراهم يتكلمون عن أشياء ال‬
‫عالقة لها بموضوعك‬

‫و من ثم يربطونها بِموضوعك ‪ ،‬و ترى أيضا ً أنَّهم يتكلمون عن‬


‫ذاتهم كثيراً ‪ ،‬لذلك تكره الحديث معهم ‪.‬‬

‫فكِثرةُ الكالم أو الثرثرة هي سِمة غير ُمحببة ومنبوذة اجتماعيا ً ‪.‬‬

‫_ حا ِول أن ت ُ ّ‬
‫درب نفسك على االستماع لكي تبعد عن كثرة الكالم‬
‫‪.‬‬

‫_ حاول عندما تجلس على مائدة الطعام مع أيَّة أشخاص ‪ّ ،‬أال‬


‫تتكلم كثيراً ‪.‬‬

‫_ حاول و انت تعمل ّأال تتكلم و ال تعطي مجاالً للحديث أثناء‬


‫العمل ‪.‬‬

‫فصمتُك أقوى بكثير ) ‪.‬‬


‫ْ‬ ‫( حتى و إن كان كال ُمكَ قوي ‪،‬‬

‫عليك أن تتذكر بأن أسلوبك في الكالم يُحدِّد قيمتُك بين الناس‪ ،‬و‬
‫قوة شخصيتك ‪.‬‬ ‫أيضا ً َّ‬

‫فحاول قدر اإلمكان أن تُقلّل كال ُمك ‪ ،‬و إال سيتوجّب عليك أن‬
‫تُقلّل من شأنُك لآلخرين ‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫التهرب من موضوع إلى آخر ‪:‬‬
‫ُّ‬

‫ال بد من أنها عادة سلبية أو أسلوب سلبي يقوم به ال ُمتكلِّم و يعتقد‬


‫يتهرب من موضوع إلى آخر لكي يتخلَّص من هذا الموضوع‬ ‫إنَّه َّ‬
‫؛‬
‫و لكن هذا الشيء غلط !‬
‫يجب أن نعلم أنَّ هُنالك أساليب ثانية إلغالق المواضيع و من ثم‬
‫ثان ‪.‬‬
‫موضوع ِ‬
‫ٍ‬ ‫التنقُّل إلى‬
‫لماذا يُريد التخلُّص من هذا الموضوع ‪ ،‬و كيف يتهرب منها ؟‬
‫أ َّما أن يكون قد جرى حديث بينه و بين شخص ‪ ،‬و قد كذب على‬
‫هذا الشخص فشعر بأنَّهُ‬
‫( تشتت ‪ ،‬علِم بأنَّه قد بان كذبهُ ) ‪ ،‬و أيضا ً قد يشعر اإلنسان بعدم‬
‫التهرب إلى موضوع آخر و قد يكون‬ ‫ُّ‬ ‫الراحة أحيانا ً ‪ ،‬لذلك يُريد‬
‫سبب ذلك ألنَّه ال يُحبُّ هذا الموضوع ‪..‬‬
‫و غيرهم الكثير من األسباب ‪ ،‬لذلك قد تراهُ يقو ُل لك ‪ :‬غيّر‬
‫الموضوع ‪.‬‬
‫خير من مواجهتها ؛‬
‫التهرب من المواضيع ٌ‬
‫ُّ‬ ‫و قد يظنُّ أغلبهم أنَّ‬
‫على سبيل المثال ‪ :‬قد صارت مشكلة بين شخصين في النقاش ‪،‬‬
‫ترى األول يريد النقاش لكي يصل إلى حل لهذه ال ُمشكلة ‪ ،‬و ترى‬
‫التهرب إلى‬
‫ُّ‬ ‫يتهرب من النقاش ‪ ،‬إ ّما أن يختصر الحديث أو‬ ‫الثاني َّ‬
‫موضوع آخر ‪ ،‬و يعتقدُ البعض بأنَّ الهروب من المشاكل و‬
‫إغالقها لكي ال تكبر هذه المشكلة و تتفاقم ‪ ،‬أو لكي ال تُسبّب‬
‫عائق في العالقة االجتماعية الَّتي بينهم ‪.‬‬
‫ولكن هذا الشيء غلط !‬

‫‪14‬‬
‫( إذا كنت تريد التخلُّص من المشاكل ‪ ،‬فعليك بمواجهتها ) ‪.‬‬
‫و ليس هذا فقط ‪ ،‬بل تكرار هذا الفعل عموما ً و مع المشاكل‬
‫خصوصا ً ‪ ،‬قد تتراكم الحقد و الضغينة في طيَّات الفرد ‪ ،‬فسترى‬
‫الشخص الذي كنت تتهرب من المشاكل التي كانت تحصل بينكم‬
‫‪ ،‬سوف تتالشى قيمتُك و مكانتُك عنده رويداً رويداً ‪.‬‬
‫ي شيء ‪ ،‬و ف ّكِر بنتيجة أفعالك و‬‫لذلك عليك بالتفكير قبل فعل أ َّ‬
‫نتيجة كالمك و أيضا ً أسلوبك في الحديث ‪.‬‬
‫•••‬
‫الهروب من موضوع ما إلى موضوع آخر ( هذا يعني ضعف‬
‫شخصيَّة ) و القوة تكمن عند مواجهتك ألي شيء بشكل عقالني‬
‫‪..‬‬
‫فأنت الذي مسؤول عن أفعالك و ليس العكس ‪ ،‬بصرف النظر‬
‫عن أي فعل ‪ ،‬حتَّى ولو كان يتوجَّب عليك فعله ألجل شيء ُمعيَّن‬
‫‪ ،‬عليك بالتفكير بالنتيجة دائما ً‬

‫•••‬
‫قصة قصيرة لزوجين ‪:‬‬
‫كان يحبّان بعضهما كثيراً ‪ ،‬و كأي شخصين لديهم إيجابيات و‬
‫سلبيات ( في تفكيرهم أو في سلوكهم ) ‪..‬‬
‫السلبية عند المرأة كانت ‪ :‬التهرب من المواضيع ‪.‬‬
‫و عند الرجل كانت ‪ :‬عدم القدرة على ضبط النفس ‪.‬‬
‫يوم من األيام حصل جدال بينهما ( أي ُمشكلة ) ‪..‬‬
‫هذا يُناقش بعصبية لحل المشكلة و هذه تتهرب من المشكلة و‬
‫تغلقها ‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫و بعد عدة مشاكل بينهما ( أي في ظرف سنوات قليلة ) و هذه‬
‫المشاكل تنتهي بأساليب سلبية من الشخصين ‪ ،‬أتى يوم و انتهى‬
‫الجدال بالطالق ‪.‬‬
‫فهذه األساليب لقد جعلت الحقد داخل الشخصين ‪ ،‬فالعصبي ال‬
‫يُحبُّ هذا السلوك و هي أيضا ً ال تحب سلوكه في النقاش ‪ ،‬و هذا‬
‫من أسباب عدم التفاهم بينهم ‪ .‬و مثل هذه القصص منتشرة كثيراً‬
‫‪..‬‬

‫‪16‬‬
‫العصبية ‪:‬‬

‫تكمن العصبيَّة في شخصيتين ‪:‬‬


‫‪ •١‬شخصية ( تنفعل و تُع ِ ّ‬
‫صب ) عند مواجهة الكال ُم ال ُمسيء ‪ ،‬و‬
‫هي شخصية منتشرة بكثرة ‪ ،‬و أغلبهم غير قادرين على مسك‬
‫أعصابهم في هذا األثناء ( ألنها حتما ً تكون صعبة عليهم ) ‪..‬‬
‫و من النادر أن ترى أشخاصا ً ( أعصابهم باردة ) ‪ ،‬أو على األقل‬
‫قادرين على مسك أعصابهم ‪.‬‬
‫( أعصابي ليست باردة ‪ ،‬و لكن قادر على مسك أعصابي في‬
‫هذه الحاالت )‬
‫اقرأ هذه الجُملة ( باللهجة أو اللكنة الَّتي تتكلَّم بها ) مراراً و‬
‫تكراراً ( كُ َّل يوم)‪.‬‬
‫صب ) عند مواجهة كالم ال على‬
‫‪ •٢‬شخصية ( تنفعل و تع ّ‬
‫العتيين ‪..‬‬
‫شخصيات نادرة ( و األكثر سلبيَّا ً ) فهم ليس بوسعهم على التحكم‬
‫بانفعاالتهم أبداً ‪ ،‬البعض يعتقدون أنَّ هذا األسلوب وسيلة‬
‫للوصول ‪ ،‬أو لكسب ما يريدون ‪ ،‬و البعض من يعتقد أنَّ هذا‬
‫القوة ( و إن كُنتَ قويّا ً فيجب أن تكون عصبيّا ً و و و إلخ‬
‫أسلوب ّ‬
‫من الكالم الفارغ ) ‪..‬‬
‫و أيضا ً أغلبهم من يرى أن الهدوء ضعف و هم نفسهم عندما‬
‫يواجهون أشخاصا ً ( أعصابهم باردة ) ترى أنَّهم ينفعلون أكثر و‬
‫ذلك األشخاص ُمبتسمين رغم مواجهتهم للكالم ال ُمسيء ‪..‬‬
‫( ألن كُ ُّل شيء يصعب عليك فعله ‪ ،‬فهو مصدر قوت ُك )‬
‫•••‬

‫‪17‬‬
‫كال الشخصيتين يتصفون بنفس السلوك السلبي ‪ ،‬و قد يُف ّكِر‬
‫البعض ( أن أكون كالشخصية األولى خيراً من أن أكون‬
‫كالشخصية الثانية ) و لكن عليك أن تُف ّكِر بكيفية التخلُّص من هذه‬
‫الشخصية ‪..‬‬
‫ضل سلبية على أُخرى ‪،‬‬ ‫ال تكون كمن يُقارن بين سلبيتين و يف ِ ّ‬
‫ضل كذبة على كذبة مثالً ‪ ،‬حاول عندما تستيقظ من النوم‬ ‫كمن يُف ِ ّ‬
‫أن تُغ ّسِل وجهك بماء بارد ‪ ،‬و من ثم النظر إلى المرآة ُمبتسما ‪ً،‬‬
‫و ردِّد هذا القول ‪:‬‬
‫( اليوم سأكون بأفضل حال ‪ ،‬و ال شيء سيُع ّكِر مزاجي )‬
‫ألن عقلُك سوف يتأثَّر بهذا الكالم ‪..‬‬
‫صدِّق ‪ ،‬سوف ترى نفسك بأفضل حال طوال هذا اليوم ‪.‬‬
‫و أيضا ً حاول أن تُن ّ‬
‫ظم وقتا ً للنوم ‪ ،‬وقتا ً ُمب ّكراً ‪ ،‬و حاول ّأال تُف ّكر‬
‫عود نفسك على التفاؤل و أيضا ً‬ ‫بأفكار سلبيّة في وقت النوم ‪ ،‬بل ّ‬
‫على ذكر هللا ‪ ،‬اذكر هللا و اقرأ بعض اآليات ‪..‬‬

‫أَ َال بِ ِذك ِْر َّللاِ تَ ْط َمئِنُّ ا ْلقُلُ ُ‬


‫وب (‪| )28‬‬
‫سورة الرعد |‬
‫استيقظ من نومك ُمبكراً ‪ ،‬حتّى ولو لم يكن لديك عمالً تعمله ‪،‬‬
‫فهذا يُساعد على تحسين مزاجك ‪..‬‬
‫إن لم ت ُنظم حياتك ‪ ،‬فكيف ست ُنظم مزاجك و تتحكم بانفعاالتك ؟‬

‫‪18‬‬
‫الشتائم ‪:‬‬

‫ال بد من أننا قد صادفنا في حياتنا الكثير من الناس الذين يشتمون‬


‫في كل الحاالت و كأن الشتائم لديهم كشربة الماء ‪..‬‬
‫نرى منهم من يشتمون عندما يتعرضون لكالم ُمسيء ‪ ،‬أو حتى‬
‫للنقد ‪ ،‬فهم ال يملكون وال فن من فنون الرد لذلك يتجهون إلى‬
‫الشتائم ‪.‬‬
‫( يوهمونك بأن الشتيمة وحدها قادرة للرد على الكالم ال ُمسيء أو‬
‫الوسيلة األفضل للتخلّص ‪ ،‬و هم نفسهم تائهون في هذا الوهم ) ‪..‬‬
‫نرى منهم من يشتم في الحياة اليومية بشكل طبيعي و يعتبرها‬
‫شيء أقل من عادي بل و يُفضلها على الردود التي تكون بشكل‬
‫عقالني ‪.‬‬
‫اإلنسان الذي يشتم هو أضعف مما تتخيله !‬
‫ال بد من أنَّه ضعيف الشخصية ‪ ،‬لذلك ترى أسلوبه في الحديث‬
‫مكروه ‪.‬‬
‫البعض يعتقد أنَّ الشتيمة هي فن من فنون الكوميديا و خفّة الدم‬
‫فيأخذها على هذا األساس ‪ ،‬و عندما يشتم أحداً أو يرى فُالنا ً َ‬
‫شتم‬
‫تعرض‬ ‫أحداً ‪ ،‬فيضحك و يستمتع بهذا الشيء ‪ ،‬و هو نفسه إذا َّ‬
‫للشتيمة ‪ ،‬تراه ينزعج كثيراً و ال يقبل أبداً أن يشتمه أحد ‪ ،‬و لكن‬
‫شتم أحد !‬
‫يقبل و يضحك و يستلذ إذا َ‬
‫ما هذا التناقض ؟‬
‫فلكل فعل ردة فعل يا عزيزي ‪ ،‬و إذا قبلت أن تشتم أحداً و أنت‬
‫تستمتع ‪ ،‬فواجبٌ عليك أن تقبل نفس هذه الشتيمة (‪:‬‬
‫•••‬

‫‪19‬‬
‫الشخص الذي يشتم دائما ً ترى نسبة الغباء و الجهل عنده عالية ‪،‬‬
‫لذلك ال يمكن إلنسان سوي و طبيعي و عاقل أن يُناقش هذا‬
‫الشخص ‪.‬‬
‫استحالة الفوز على شخص غبي أو جاهل في أي نقاش ‪.‬‬
‫أحد العلماء يقول ‪ :‬إن الرسالة التي تصلك و تعلم إن فيها شتيمة‬
‫لك ‪ ،‬حاول ّأال تقرأها ‪.‬‬
‫و دراسة في بريطانية مثيرة تقول ‪ :‬أن الشتائم تُريّح اإلنسان و‬
‫تزيد قوته و وجدوا خالله بأنَّ الشتائم يمكن أن يكون له تأثير على‬
‫تخفيف األلم ‪..‬‬
‫• الراحة التي تأتي بعد الشتائم ‪ ،‬راحة مؤقتة !‬
‫القوة ناتجة عن عدوانية من داخل جسم اإلنسان ‪ ،‬و لكن‬
‫و هذه ّ‬
‫تخيّل معي إذا كان الشخص الذي أمامك ابتسم و أنت تشتمه !‬
‫ما موقفك من هذا !؟‬
‫هل لك أن تتخيل من األساس ؟‬

‫و تذكر ‪ ،‬أن تُفكر بالنتيجة قبل أن تفعل أ َّ‬


‫ي شيء ‪.‬‬

‫أخالقك هي وحدها التي تُزيد من قيمتك بين الناس و َّ‬


‫قوتك تكمن‬
‫في ضبطك النفعاالتك عند تعرضك ألي موقف سيء ‪.‬‬
‫•••‬
‫داخل كل إنسان ( محور خير ) و ( محور شر ) و دائما ً ما يكون‬
‫صراع بينهما ‪ ،‬على سبيل المثال ‪ :‬عند تعرضك لكالم ُمسيء و‬
‫التجاهل عنه ترى و كأنك خضت معركة بينك و بين النوازع‬
‫العدوانية التي في داخلك ( محور الشر) فأنت بهذه الحالة أثبتَّ‬
‫ي ألنك قادر على ضبط انفعاالتك و التحكم‬ ‫لنفسك أنّك قو ّ‬
‫بتفكيرك و األفكار السلبية ال تتحكم بك ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫قوة بل ضعف ؛ ألنك من‬ ‫فإرضاء العدوانية التي بداخلك ليست ّ‬
‫خالل ذلك تثبت ضعف االرادة عندك امام هذه النوازع ‪..‬‬
‫دعونا دائما ً ‪ ،‬إطفاء نار الشر بماء الخير ‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫البكاء ‪:‬‬

‫أي أن البُكاء أثناء الكالم و في مواجهة الكالم ‪.‬‬


‫قد يضطر البعض أو يتّجه إلى البكاء بدالً من الكالم في الحاالت‬
‫اآلتية ‪:‬‬
‫‪ *١‬عند مواجهة كالم ُمسيء ‪ :‬ال بد من أنَّ الناس الذين يتجهون‬
‫إلى البُكاء عند مواجهة أُناس أساءوا لهم ( بالكالم )‪ ،‬و قد يكون‬
‫صاحب هذه الشخصيّة ( حسّاس ) و الكالم يُأثر عليه بشكل كبير‬
‫( و تنتشر غالبا ً هذه الشخصية عند الفتيات ) ‪.‬‬
‫اإليجابية في هذه الشخصية تكمن في طيبة القلب الذي هم عليه ‪،‬‬
‫بل و أكثر من ذلك ‪ ،‬فهم يملكون قيم أخالقيّة عالية ‪ ،‬و البعض‬
‫منهم يُف ّكر ‪:‬‬
‫( داخل كل شخص سيء ‪ ،‬قلبٌ أبيض )‬
‫ال شك أن تكون طيّب القلب هكذا ‪ ،‬و هذا أسلوب إيجابي و لكن‬
‫حاول أن تربط هذا األسلوب بأسلوب الال ُمباالة أو التسامح مع من‬
‫يُخالفك الرأي أو عدم االهتمام عندما تتكلم بشكل واضح و صريح‬
‫و يأتي من يُعارضك بسبب جهله ‪.‬‬
‫و مع كُل هذا نجد أنَّ األسلوب إيجابي ولكنه غير متكامل لعدم‬
‫ربطه بأساليب ثانية ‪ ،‬و أيضا ً الرتباطه بالبُكاء ‪ ،‬و له آثار سلبية‬
‫في تراكم هذه المواقف ‪ ،‬و عليك تقبّل فكرة أنّك ستواجه أشخاص‬
‫على عكس مبادئك و قيمك ‪ ،‬لذا عليك بمعرفة كيف أن تتصرف‬
‫في هذا األثناء ‪ ،‬و تعلّم كيف أن تصبر و ال تسعى في إظهار‬
‫ضعفك لآلخرين ‪ ،‬فهذا يُقلّل من شأنك ‪ ،‬و كن كما أنت عليه (‬
‫شخصية لها قيم و مبادئ عالية ) و لكن تعلّم كيف تتجاهل أ َّ‬
‫ي‬
‫تصرف ُمسيء ( فقط‬ ‫ّ‬ ‫تصرف ُمسيء ‪ ،‬أي يعني بمواجهتك ألي‬
‫اصمت ) و بيّن له عدم اهتمامك لكالمه ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫و كن على يقين َّ‬
‫بأن هذا العالم ليس كما تراه بمنظورك ‪ ،‬و لكن‬
‫مع األسف ك ٌّل منّا يُف ّكر بالذي حوله على ما هو عليه ‪.‬‬
‫و على المرء أن يتعلّم كيف أن يتجاهل مثلما يتعلّق ‪ ،‬يتعلّم الهدوء‬
‫مثلما يخلق الجو الصاخب ‪ ،‬يتعلّم التفكير العميق مثلما يخضع‬
‫لردود فعله التلقائية ‪ ،‬يتعلّم كيف يضبط عقله و يستخدمه مثلما‬
‫يُسلّم للعاطفة و يخضع لشهواته ‪.‬‬

‫‪ *٢‬عند سماع خبر ُمحزن ‪ :‬ال بد من أنَّ األغلبية عند سماع خبر‬
‫ُمحزن يتّجهون إلى البُكاء ( و هذا الشيء طبيعي ) ‪.‬‬
‫على سبيل المثال ‪ :‬خبر وفاة ‪ ،‬خيانة ‪..‬إلخ‬
‫منهم من يمسك نفسه أو يضبط عاطفته لكي يُف ّكر قليالً و من ثم‬
‫يبكي بينه و بين نفسه ‪ ،‬و هذا ليس ألنه ال يُريد أن يُبيّن للناس أنّه‬
‫يبكي أو أنه يفعل ذلك لعدم ثقته بنفسه و يُف ّكر بأنَّ البُكاء علنا ً‬
‫شيء ُمعيب ‪ ،‬ولكن لنظرة المجتمع الساذجة ‪ ،‬لذلك عُمرها البُكاء‬
‫لم تكن ضعف على العكس تماما ً ‪ ،‬ولكن حاول قدر اإلمكان أن‬
‫تأخذها على مبدأ بينك و بين نفسك ‪.‬‬
‫و منهم من ليس بإمكانه على مسك نفسه أو ضبط العاطفة ‪ ،‬فيبدأ‬
‫بالبكاء فور سماعه للخبر ‪ ،‬و هذه ليست مشكلة و لكن المشكلة‬
‫الوحيدة هي أنّهم ال يُف ّكرون بعقالنية !‬
‫كيف ؟‬
‫يمرون بها ‪ ،‬تراهم يتأثرون بغيرهم أكثر م ّما‬
‫بكل الحوادث الذي ّ‬
‫يتأثرون بنفسهم ‪ ،‬و هم على هذا المبدأ ( أكثر ناس عرضةً‬
‫لالستغالل ) !‬
‫لذلك هذا الشيء غلط ( نوعا ً ما ) !‬

‫‪23‬‬
‫ي و لكن حاول أن تتزن بين عقلك و‬ ‫ال أقول لك ّ‬
‫بأال تكون عاطف ّ‬
‫عاطفتك ‪.‬‬
‫حاول أن ت ُفكر ‪ ،‬و لكن بعقلك ‪..‬‬

‫‪24‬‬
‫المقاطعة أثناء الكالم ‪:‬‬

‫أسلوب سلبي جداً ‪ ،‬و مع ذلك منتشر بكثرة ‪ ،‬و ما يستخدم هذا‬
‫األسلوب هو بذاته يكره هذا األسلوب ‪ ،‬و لكنه ُمتناقض ‪.‬‬
‫ترى و أنت تتكلّم موضوع هام و ضروري و منسجم و أنت بدأت‬
‫تستلذ بنص الموضوع ‪ ،‬فجأة يأتي أبو الشباب و يُقاطع‬
‫موضوعك ‪ ،‬و تخيّل لو أنّه سألكَ سؤال غبي ( بعدما قاطع‬
‫موضوعك ‪ ،‬و قال لك ‪ :‬بال مقطوع عن حديثك ‪...‬الخ) ‪.‬‬
‫ما شعورك ؟‬
‫و منهم من يُر ّكز في آخر كلمة تقولها ليسألك عنها أو يفتح‬
‫صا ً بها‪.‬‬
‫موضوعا ً خا ّ‬
‫على سبيل المثال ‪:‬‬
‫_ صدقا ً ‪ ،‬ال أدري ماذا أقول لك ‪ ،‬ولكن عندما كنتُ في الحديقة‬
‫‪..‬‬
‫= على سيرة الحديقة ‪ ،‬هل تعلم إنني منذُ قليل كنتُ في الحديقة ‪،‬‬
‫ختيار‬
‫ٌ‬ ‫و صارت مشكلة كبيرة ‪ ،‬و كان هناك شابٌّ يلحق بفتاة ‪ ،‬و‬
‫يلحق بختيارة و و و الخ*‬
‫_ أها ‪ ،‬حسنا ً ‪ ،‬أين كُنا ؟‬
‫= ال أدري ‪ ،‬لم أتذكر ‪..‬‬
‫ستفزة ‪ ،‬و يرتبط نوعا ً ما بأسلوب (‬
‫هذا النوع من األنواع ال ُم ّ‬
‫كثرة الكالم ) ‪ ،‬و أيضا ً يرتبط بأسلوب ( العصبية ) أي أنَّ‬
‫المنفعلين و العصبييّن أيضا ً يُقاطعون الكالم ‪ ،‬أي هناك رابط‬
‫التهور ) ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مشترك بين هذه األساليب من حيث (‬

‫‪25‬‬
‫أسلوب سلبي ‪ ،‬عليك باالبتعاد عنه ألنه يدني من قيمتك و أيضا ً‬
‫يشعر من تُقاطع حديثه بتدنّي قيمته ‪ ،‬التزم الصمت و اسمع كل‬
‫ما يقوله حتى يأتي دورك لتتكلّم ‪ ،‬أي أن تكون ُمستمعا ً جيّداً‬
‫خيراً لك من أن تكون متكلِّما ً سيّئا ً ‪.‬‬
‫و أيضا ً يوجد ذلك الذي يتد ّخل في ما ال يعنيه بشكل غير ُمباشر‬
‫‪..‬‬
‫بمواضيع‬
‫ٍ‬ ‫بعضهما‬
‫على سبيل المثال ‪ :‬هُنالك شخصين تناقشا بين ِ‬
‫ط األخ الذي كان يسمع النقاش ‪،‬‬ ‫و قد حدث خالف بينهما ‪ ،‬ثم ن َّ‬
‫شعر و كأنه ح َّل الخالف ‪،‬‬
‫َ‬ ‫ليتد ّخل بينهم و يقاطع حديثهم ‪ ،‬و قد‬
‫أو بيّن لهم كم هو اجتماعي ‪..‬‬
‫و لكن الطريقة أو األسلوب غلط !‬
‫عندما ترى اثنان قد تشاجرا أو حصل بينهما خالف على‬
‫موضوع معيّن ‪ ،‬و كنت تعلم ما هو الخالف و ما هو الح ُّل أيضا ً‬
‫يحق لك أن تنط و تقطع الحديث و‬ ‫ُّ‬ ‫‪ ( ،‬تذ ّكر أنّك طرف ثالث ) ال‬
‫تذل من كان على خطأ و ترفع من شأنه من كان على صواب ‪ ،‬و‬
‫حالل المشاكل و و الخ*‬‫بعدها تتمختر بمشيتك و كأنك أنت ّ‬

‫أي حتى ولو كان كال ُمك ذو قيمة ‪ ،‬عليك بالصبر و االستماع ‪ ،‬و‬
‫ال تتد ّخل إال بحالتين ‪ )١ ،‬عندما يطلبُ منك أحدهم ‪ )٢ ،‬عندما‬
‫ينتهي حديثهم ‪ ،‬هُنا تأتي و تطلب منهم ( إن كنت فضوليّا ً ) لكي‬
‫تح ُّل هذا الخالف و بطريقة ّأال تذل من كان خاطئا ً و أيضا ً ال‬
‫ترفع من شأن الذي كان على صواب ‪ ،‬و ذلك ألمرين ‪ ،‬األول ‪:‬‬
‫ّأال يشعر الطرف األول بعدم الثقة بالنفس أو بتدنّي قيمته ‪ ،‬واألمر‬
‫الثاني ‪ :‬لكي ال يشعر الطرف اآلخر بثقة عالية و هذه الثقة غالبا ً‬
‫ما ستتحول إلى تكبُّر ‪.‬‬
‫•••‬

‫‪26‬‬
‫ُمقاطعة الكالم بشك ٍل عام أسلوب سلبي و غلط بكل أنواعه ‪ ،‬مع‬
‫أنَّ هُنالك دراسات تقول أنَّ هذا الشيء ناتج عن مرض أو حدث‬
‫معين قد صار مع الشخص الذي يُقاطع في طفولت ِه ‪ ،‬أو عدم‬
‫اختالطه بالناس و اختالطه بمن هم مثله دائما ً ‪ ،‬لذلك ال يشعر‬
‫أيضا ً أنَّ ما يفعله أسلوب سلبي ‪ ،‬و منهم من قال أنَّ الحل أن‬
‫يُقاطع و لكن بطريقة سلسة أو أن تقطع الحديث بشكل ال تكون‬
‫ظا ً ‪ ،‬أنا أرى أنَّ هذا الشي غلط ‪ ،‬ألنه مهما كان أعتبر مقاطعة‬ ‫ف ّ‬
‫الحديث من أكثر األساليب سلبيّا ً ‪ ،‬و أيضا ً ال يوجد هناك من‬
‫يقطع بطريقة سلسة أو ( بطريقة كيوت ) ألنّك بمجرد أن تقطع‬
‫الكالم سوف تقطع سلسلة أفكار الشخص الذي تقطع كالمه و هذا‬
‫ما سيجعلك ف ّ‬
‫ظا ً ‪ ،‬أنا أرى أنَّ الح ُّل األمثل هو االبتعاد قدر‬
‫االمكان عن هذا األسلوب السلبي ‪ ،‬و التعويد على التفكير العميق‬
‫و الصمت‬
‫و االستماع بشكل جيّد و إن كان هنالك من يتكلم في موضوع‬
‫ويسألك أكثر من سؤال ‪ ،‬فال بأس أن تكتب األسئلة على ورقة ‪،‬‬
‫لكي ال تغفل عن شيء ‪.‬‬
‫لذلك ال أرى أبداً حل ثاني ‪ ،‬و ال أؤيد فكرة مقاطعة الكالم بتاتا ً‬
‫مهما كان األمر ‪ ،‬و أرى أيضا ً على اإلنسان لو كانت له رغبة‬
‫في المقاطعة فليصبر قليالً و يمسك نفسه ‪ ،‬ليس األصح أن نُسلّم‬
‫دائما ً لرغباتنا ‪ ،‬بل و علينا أن نُسلّم لعقلنا أكثر من رغباتنا ‪..‬‬
‫تعرضت لكالم ُمسيء أثناء الحديث ‪ ،‬اصبر و‬ ‫لذلك حتّى ولو ّ‬
‫بمجرد أن تقطع كالمه و كان‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫استمع آلخر ما سيقوله ‪ ،‬ألنك و‬
‫الحق معك سيقلب الحق عليك ‪ ،‬لذلك و في هذا األثناء إن صمدتَ‬
‫و صبرت و سمعت بشكل جيّد كل كالمه ‪ ،‬فأنت تتمتّع ّ‬
‫بقوة هائلة‬
‫و تجعل من يشتمك أو يهينك بالكالم ضعيفا ًجدّاً ‪ ،‬و ربّما يتشتت‬
‫ّ‬
‫في نهاية الحديث ‪..‬‬
‫فقط ابتسم ‪ ،‬و انظر بعينيه ‪ ،‬و ركز بكالمه ‪ ،‬و دعه يبدأ و ينهي‬
‫كيف يشاء و متى ما يشاء ‪.‬‬

‫‪27‬‬
28
‫عدم القدرة على ضبط النفس ‪:‬‬

‫إنها ُمشكلة ‪ُ ،‬مشكلة كبيرة !‬


‫و مع األسف هناك الكثير من يُعاني من هذه ال ُمشكلة ‪ ،‬يعني تخيّل‬
‫لو أنت قادر على ضبط نفسك و تمالك أعصابك ( فأنت قوي ) ‪،‬‬
‫ألنَّ الكثير من الناس ليسوا قادرين على هذا ‪ ،‬إن كانت ضبط‬
‫نفس أو تمالك أعصاب أو ضبط انفعاالت ‪ ،‬فكلُّهم في سياق واحد‬
‫‪..‬‬
‫ينقسمون لعدة أقسام ‪:‬‬
‫منهم من غير قادر على ضبط نفسه في كل األحوال ‪ ،‬أي دائما ً و‬
‫يمر بمواقف‬‫أبداً تراهُ منفعل و في كل األوقات ‪ ،‬و ال يتح ّمل أن ُّ‬
‫أو مشاكل في حياته ‪ ،‬ليس لديه أسلوب جيّد في الكالم ‪ ،‬و ال يتكلّم‬
‫ّإال بطريقة همجيّة و بصو ٍ‬
‫ت ُمرتفع ‪ ،‬و قد تراهُ أحيانا ً يندم على‬
‫ما فعله ‪.‬‬
‫و رؤيته لما يحصل معه بمنظور سلبي ‪ ،‬أي يرى أنّه غير قادر‬
‫على التحكم بانفعاالته أو ضبط نفسه ‪ ،‬و دائما ً يقول ‪ :‬هذا الشيء‬
‫خارج عن سيطرتي !‬
‫و لكن هذا الشيء غلط !‬
‫يقولها و كأنه يُريد أن يوصل فكرة أنَّ االنفعاالت هي الّتي تتحكم‬
‫و ليس اإلنسان من يتحكم بها ‪ ،‬و غير قادر على ضبط هذه‬
‫االنفعاالت بتاتا ً ‪.‬‬
‫فهذا وهم و تفكير سلبي ‪ ،‬و التفكير بشكل سلبي نتائجه دائما ً و‬
‫أبداً سلبيّة و تسيطر على ذهن اإلنسان و تجعل منه شخصا ً سلبيّا ً‬
‫ي وحده القادر على التحكم بتفكيره وانفعاالته (‬ ‫‪ ،‬فاإلنسان السو ّ‬

‫‪29‬‬
‫بشكل عقالني ) و لكن عندما يُسلّم هذه األمور للشهوة سيخسر‬
‫دائما ً ‪..‬‬
‫و إن كان اإلنسان يحكم بعقله و يضبط ما بداخل ِه سيتح ّكم بأفكاره‬
‫‪ ،‬و لكنّه إذا خضع للشهوة ستتحكم به أفكارهُ السلبيّة ‪ ،‬لدرجة أنّه‬
‫سوف يؤمن بأن التفكير بشكل إيجابي ليس ّإال وهم و من يف ّكر‬
‫بشكل إيجابي فهو شخص ساذج بعينه ‪.‬‬
‫إما أن تعبد الشهوة التي في داخلك ‪ ،‬أو ت ُسلم األمور للعقل‬
‫لتولي مثل هذه األمور ‪.‬‬
‫حاول أن تُف ّكِر بشكل إيجابي ‪ ،‬و أيضا ً أن تضع حلول ألي ُمشكلة‬
‫تمر بها ‪ ،‬و ال توهم نفسك بنفسك باألفكار السلبية و التوقعات‬
‫ُّ‬
‫الغير منطقيّة !‬
‫•••‬
‫منهم من تراهُ غير قادر على ضبط انفعاالته و يتّجه غالبا ً للبكاء‬
‫عرض ِه لموقف سيء أو حتّى كال ٌم ُمسيء ‪ ،‬و هذا أيضا ً‬ ‫عند ت ُّ‬
‫ً‬
‫ضعيف جدا أمام المواجهة في الكالم و ألي موقف يسبب له‬ ‫ّ‬
‫األذى ‪ ،‬و هذا الشيء طبيعي عند الكثير ألنّ اإلنسان عندما يُفطر‬
‫يضر نملة ‪ ،‬و‬ ‫ُّ‬ ‫على حب اآلخرين و عدم اإليذاء سوف تراهُ ال‬
‫يمر بأكثر من موقف و يُسيئون له ‪ ،‬هنا إن لم يتحكم‬ ‫لكن عندما ُّ‬
‫بانفعاالته فهذا الشي سيتحول إلى أمراض في المستقبل ‪ ،‬و قد‬
‫يُصيب باالكتئاب و يستحوذ عليه السأم ‪ ،‬و ليس بعيداً أبداً أن‬
‫يعتزل العالم بشكل كامل ‪ ،‬فهذا أسلوب سلبي رغم أنَّ النيّة ليست‬
‫القوة ال تكمن ّإال بمواجهة‬
‫سلبيّة و ليست عُدوانيّة ‪ ،‬و لكن ّ‬
‫الصعوبات بعقالنية ‪.‬‬
‫ر ّكز على كلمة بعقالنية ‪.‬‬
‫فحاول قدر اإلمكان في هذا األثناء أن تُقلّل من انفعاالتك (‬
‫بانشغالك بالتفكير ) أو بأشياء ثانية عند التعرض لمثل هذه‬

‫‪30‬‬
‫المواقف ‪ ،‬و ف ّكر بالنتيجة قبل أن تُف ّكر بأي سبيل يجعل منك‬
‫منفعالً و غير قادر على ضبط االنفعال الذي تسبّبت به حضرتك‬
‫‪..‬‬
‫لماذا ؟‬
‫ألن التفكير بشكل سلبي كما قلنا ‪ ،‬يجعل منك شخصا ً سلبيّا ً ‪ ،‬فهذا‬
‫تعودت على عدم مقدرتك لضبط‬ ‫طبيعي جداً إذا رأيت نفسك قد ّ‬
‫االنفعال ‪..‬‬
‫تعودت على شيء ستقدر أن تتعود على‬
‫و لكن ال بأس مثلما ّ‬
‫عكسه !‬
‫و أخيراً و ليس آخراً ؛ كُن على يقين أنَّ االنفعال الزائد ليس ّإال‬
‫إظهار ضعف شخصيتك أمام هذه المواقف أو أمام الشخص الّذي‬
‫أساء لك ‪.‬‬
‫و كما قُلنا سابقا ً ‪ ،‬قوتك تكمن في ضبطك النفعاالتك بشكل‬
‫عقالني ‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫حافظ على صالتك ‪ ،‬لكي تضبط انفعاالتك ‪.‬‬

‫قال هللاُ َّ‬


‫عز و جل ‪:‬‬
‫سهُ الش َُّّر َجزُ وعًا ۝ َوإِذَا‬
‫ق هَلُوعًا ۝ إِذَا َم َّ‬ ‫سانَ ُخ ِل َ‬ ‫اْل إن َ‬
‫إِنَّ إ ِ‬
‫ص ِلّينَ ۝‬ ‫سهُ ا إل َخي ُإر َمنُوعًا ۝ ِإ ََّّل ا إل ُم َ‬ ‫َم َّ‬

‫‪32‬‬
‫عدم التفكير بكالم الشخص ال ُمسيء ‪:‬‬

‫عند المواجهة في الكالم ال بد من التفكير بكالم ال ُمتكلّم ‪ ،‬قبل‬


‫التفكير بالتكلّم ‪ ،‬ولكن األكثرية ال يُف ّكرون بكالم الشخص ‪ ،‬بل و‬
‫يف ّكرون متى ينهي حديثه لكي ينطلقوا بكالمهم ( الذي غالبا ً ما‬
‫يكون ليس واضحا ً أو ضعيفا ً ) ‪..‬‬
‫منهم من يقول ‪ :‬ال أُف ّكر ‪ ،‬لكي ال أضعف أمام المواجهة ‪.‬‬
‫أي ال يُف ّكر بتاتا ً ‪ ،‬و يف ّكر بالردود السريعة ‪ ،‬و ليس بعيداً أن‬
‫تكون هذه الردود همجيّة ‪.‬‬
‫هناك فرق كبيييير جدّاً بين التفكير و بين التركيز و التمعُّن و‬
‫اإلحساس بالكالم ‪ ،‬أنا ال أ ُريد منك سوى أن تُف ّكر لتفهم ما يقوله‬
‫‪ ،‬وليس أن تتم ّعن لكي تشعر بهذا الكالم ‪.‬‬
‫لذلك هذا األسلوب غلط !‬
‫و يجب في البداية أو في هذا األثناء أن نضبط انفعاالتنا أوالً لكي‬
‫نستمع للكالم بشكل جيّد ( مع االبتسامة الجميلة و النظر إلى‬
‫يقين تام أنّ الكالم ال ُمسيء ( كالشتائم‬
‫العين ُمباشرة ) و كن على ٍ‬
‫عود نفسك‬ ‫ّ‬
‫وغيرها ) ما هي ّإال مؤ ّشر على ضعف ال ُمتكلم ‪ ،‬لذا ّ‬
‫على هذا الشيء لكي تكون ُمطمئنا ً عند سماعك ألي كالم ُمسيء‬
‫تعرضُك ألي موقف سيء ‪.‬‬ ‫‪ ،‬أو حتى ُّ‬
‫لقد نعلم جيّداً أن تكون صامداً ‪ ،‬و بابتسامة جميلة و حقيقية و‬
‫أمر شبه ُمستحيل أو‬ ‫ليست زائفة أمام شخص يسيء لك بالكالم ‪ٌ ،‬‬
‫ليس بالسهل أبداً ‪ ،‬لذلك حاول أن تتخيل أن تضع نفسك في‬
‫موضع ذلك الشخص ‪ ،‬و أنت تسيء إلنسان بكل انفعال و‬
‫عصبيّة و لم تترك شتيمة إال و تشتمه ‪ ،‬و تخيّل أيضا ً أن تراهُ‬
‫صامداً و ينظر إلى عينيك بابتسامة جميلة و كأنك تروي له رواية‬

‫‪33‬‬
‫رومنسية ‪ ،‬و أيضا ً ( إن ) ردَّ عليك ‪ ،‬سيردُّ عليك بقدر قليل من‬
‫الكالم و ببرودة أعصاب ( و كأنَّ شيء لم يكن ) ‪.‬‬
‫تخيّلت ؟‬
‫أخبرني !‬
‫كيف سيكون شعورك في هذا األثناء ؟‬
‫أال تشعر بأنَّ كال ُمك هذا و انفعالك الزائد ليس لهُ نتيجة ؟‬
‫أال تتيقّن أنَّ كِثرة ُ الكالم و العصبية ما هما ّإال أساليب سلبيّة !؟‬
‫أال تتعلم من هذا الخطأ ؟‬
‫و الكثير من األسئلة ال ُمتشابهة ‪...‬‬
‫و هُنالك قاعدة ‪ :‬إ ّما أن تُف ّكر بكالمه قبل أن تُف ّكر بردّك عليه ‪ ،‬أو‬
‫تتجاهل كالمه و كأن شيء لم يكن ‪.‬‬
‫و لكن ‪..‬‬
‫أمر أصعب بكثير من المواجهة ‪،‬‬‫التجاهل عند الكثير من الناس ‪ٌ ،‬‬
‫و ليس هذا فقط ‪ ،‬بل اإلنسان يمتلك مشاعر ‪ ،‬و من الصعب أن‬
‫يتح ّكم بها أو يتجاهل ما يؤذيها من حين آلخر ؛ سوف تتراكم هذه‬
‫صة ) و هو يتجاهل فيها هذه‬
‫األحداث داخل اإلنسان ( كغ ّ‬
‫يتعرض له ‪ ،‬و التراكمات قد تجعل من اإلنسان‬
‫المواقف الذي ّ‬
‫قاسيا ً رغم طيب ِة قلبه ‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫عدم تفكيره بكالمه ‪:‬‬

‫أسلوب سلبي ‪ ،‬يرتبط باألسلوب الذي قبله ‪ ،‬و أن ال تف ّكر بكالمه‬


‫فعلى األرجح ال تُف ّكر حتّى في كالمك في الرد عليه ‪ ،‬و عدم‬
‫التفكير في الكالم و التكلّم بطريقة همجيّة فهذا ليس ّإال ضعف أو‬
‫ثرثرة ليس لها أي معنى ‪..‬‬
‫منهم من يقول ‪ :‬التفكير في شيء ال تنجزه إال في عقلك ‪.‬‬
‫أمر ما لتفعله ‪ ،‬قد تتشتت أثناء فعله ‪ ،‬أو لم‬
‫أي يعني بتفكيرك في ٍ‬
‫يكن لديك القدرة على فعله ‪ ،‬ألنّك ببساطة أشبعت حاجتك في‬
‫التفكير في هذا الشيء و أيضا ً ليس بعيد إن كنت تتخيّل كيف تقوم‬
‫بهذا الفعل في عقلك ‪ ،‬فستشعر حينها باللذة الوهميّة ‪..‬‬
‫كالم سليم ‪ ،‬و صحيح ‪. %١٠٠‬‬
‫و لكن هذا الكالم ينطبق على من يُف ّكر بشيء سيحدث في‬
‫تعرضه للموقف و‬‫ال ُمستقبل ‪ ،‬و أيضا ً يُحاول أن يتنبّأ بعقله في ّ‬
‫كيف سيتعامل مع الموقف أيضا ً ‪ ،‬فليس غريبا ً أن ترى من يخلق‬
‫مواقف بعقله و أيضا ً يخلق كيفية التعامل مع هذه المواقف ‪..‬‬
‫على سبيل المثال ‪:‬‬
‫ربما سيحدث جدال بيني وبين زميلي في المدرسة ‪ ،‬ألنّه ال يتّفق‬
‫معي بنفس األفكار ‪ ،‬أو يمكن زاده الغرور بنفسه و بالتباهي أمام‬
‫الجميع ‪ ،‬و أن وجهة نظره ما هي ّإال نظرية علميّة أو رأي‬
‫صائب ‪ ،‬و أنا أُخالفه الرأي دائما ً ‪ ،‬ألنّه ببساطة يتكلّم فيما ليس‬
‫لديه مرجع له أو أدلّة في إثبات كالمه بشكل علمي و منطقي ‪..‬‬
‫سيأتي هذا اليوم الذي سيخلق بيننا جدال ‪ ،‬و سينتهي بفوزي عليه‬
‫‪ ،‬سوف أواجه كل ما يقوله ‪ ،‬و سأقول له أرني ما لديك من دالئل‬

‫‪35‬‬
‫إلثبات صحة كالمك ‪ ،‬أو اعترف إنّك تأتي بكالم فارغ تؤمن به‬
‫أنت و تشاركه ‪..‬‬
‫ي‪:‬‬
‫و في هذا الوقت الذي سأصفعه بكالمي ‪ ،‬سيرد عل ّ‬
‫أو ‪ :‬و هل أنت لديك دليل على أخطاء‬ ‫إ ّما ‪ :‬و أنت ما شأنك ؟‬
‫أقوالي ؟‬
‫أو ‪ :‬ما أقوله إن لم يؤمن به عقلك فال تسمع من األساس ‪.‬‬
‫فسأُج ّهز نفسي لكل هذه األقوال في ذلك الوقت و سأج ّهز كل‬
‫أقوالي بالرد عليه ‪ ،‬لكي ال أغفل عن شيء ‪..‬‬
‫و لكن في الحقيقة ( و إن حدث هذا األمر ) سوف يغفل عن كثير‬
‫ما ف ّكر فيه ‪ ،‬ألن بكل بساطة كل شيء بمشيئة هللا ّ‬
‫عز و جل ‪ ،‬و‬
‫إن حدث هذا الجدال فلم يحدث كما يتوقّعه ‪ ،‬و إن حدث ذلك أيضا ً‬
‫فلم يأتي ذلك الشخص بالكالم أو بالردود الذي تنبأ بها ‪..‬‬
‫هذا غير بأنّه سوف يكون ضعيف جدّاً في مواجهته لهذا الشخص‬
‫‪ ،‬ألنَّ الرغبة في الحديث أو الجدال تتالشى مع تفكيره البعيد ‪.‬‬
‫ال أحد يعلم بما سيحدث له في الساعة القادمة ‪ ،‬فكيف للمرء أن‬
‫يتخيّل التفاصيل الدقيقة التي ستحصل له بعد مدّة هو ال يعرف‬
‫متى هذه ال ُمدّة ؟‬
‫و هذا شرح أو مثال لمن يُف ّكر بشي ربما سيحصل بعد مدّة و‬
‫احتمال كبير ال يحدث ما ف ّكر فيه ‪ ،‬و ليس بالّذي يُف ّكر أثناء الفعل‬
‫‪.‬‬
‫فأثناء الكالم ‪ ،‬يجب أن تف ّكر بكالمه ‪ ،‬و أيضا ً تُف ّكر في ردّك عليه‬
‫‪ ،‬أي باختصار ف ّكر بنتيجة كالمك ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫على المرء أن يعلم أن هنالك ما ُيسمى بالردود التلقائية‬
‫( الردود الفعل الطبيعية )‬
‫لذلك عندما أقول ‪ :‬فكر في كالمك قبل الرد ‪..‬‬
‫هذا يعني ‪ ،‬فكر في ما يكون على رأس لسانك ‪،‬‬
‫فاحتمال كبير أن يخطأ لسانك و يأتي بعكس ما يُريدهُ عقلك ‪،‬‬
‫و ليس األغرب من هذا كله أن يكون الرد التلقائي خاضعا ً‬
‫للنوازع العدوانية ‪.‬‬
‫لذا فكر قبل الفعل ‪ ،‬لكي ال تندم بعد الفعل ‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫االرتباك أثناء الكالم ‪:‬‬

‫االرتباك أو الخجل في المواجهة أثناء الكالم من الصفات السلبيّة‬


‫التي يتّسم بها اإلنسان ‪ ،‬و لقد ظهرت دراسة في ألمانيا عن هذا‬
‫الموضوع ؛ أنَّ قد تختلف أعراض االرتباك أو الخجل أو الخوف‬
‫‪..‬‬
‫فبينما يتبلّل أيدي البعض ‪.‬‬
‫تكون شفاه البعض اآلخر جافّة ‪ ،‬أما آخرون فيذهبون باستمرار‬
‫إلى الح ّمام ‪.‬‬
‫يعود السبب إلى ارتفاع نسبة االدرينالين في الدم ‪ ،‬رغم أن‬
‫االدرينالين في الدم يدفع الشخص إلى اليقظة و االستعداد لبداية‬
‫نشاطه الفكري أو العضلي ‪ ،‬و لكن عدم السيطرة على االرتباك‬
‫يدفع ذلك إلى األخطاء و نسيان العديد من األشياء التي يريد‬
‫اإلنسان قولها ‪..‬‬
‫و هذا وفق لما جاء في تقرير نشرته "مجلّة البالغة" األلمانيّة ‪.‬‬
‫حسنا ً ‪..‬‬
‫كيف أُسيطر على االرتباك أثناء الكالم ؟‬
‫كيف أتخلّص من هذا الشيء ؟‬
‫كيف أتم ّكن من خلق حديث مع شخص !؟‬
‫و الكثير من األسئلة ال ُمتشابهة ‪..‬‬
‫بعضهم من يشعر بهذا الشيء لعدم مخالطته بالناس منذُ صغره ‪،‬‬
‫أي أنّه فضّل العزلة بشكل كامل عن العالم ‪ ،‬و أيضا ً هُنالك من ال‬
‫يُخالط ّإال من حوله فقط ‪ ،‬و هذا ما يجعل أفكاره أو كالمه على‬

‫‪38‬‬
‫سياق واحد و ليس مختلف ‪ ،‬أي ترا ُه يتكلّم مع ُمهندس كما يتك ّلم‬
‫مع صاحبه الّذي علّمه كيف يصطاد الطيور بالحجر ‪ ،‬و هذه فئة‬
‫من يجرؤ على الكالم ‪ ،‬هنالك من ال يتجرأ على الكالم حتّى ‪ ،‬أي‬
‫يُف ّكر بينه و بين نفسه أنَّ الفرق بيني وبين هذا كبير و ال أعلم‬
‫كيف أُكلّمه أو ما هي الطريقة األنسب بالتكلّم معه ‪ ،‬و ما شابه من‬
‫هذه األسئلة النابعة عن القلق‬
‫و هذا ما ينتج االرتباك أثناء الكالم ‪ ،‬و الذي يعود سببه الرئيسي‬
‫لعدم االختالط بالناس ‪.‬‬
‫قد يرتبط هذا الشيء بما نحن عليه اليوم من تطور تكنولوجي و‬
‫تفضيل العالم االفتراضي و ال سيما مواقع التواصل االجتماعي ‪..‬‬
‫و انتشر في هذا العصر الكثير من الناس الذين يُعانون من هذه‬
‫المشكلة ‪ ،‬أال وهي االرتباك أثناء الكالم ‪ ،‬و يعود سبب ذلك إلى‬
‫التعلّق الكبير بمواقع التواصل االجتماعي ‪ ،‬و زيادة الميل باتباع‬
‫العالم االفتراضي و االبتعاد عن العالم الواقعي ‪ ،‬لذلك عندما‬
‫يتعرض أحدهم للكالم على أرض الواقع ‪ ،‬تراهُ يرتبك و ال يعلم‬
‫كيف يتكلّم و أيضا ً يتلعثم نتيجة اتباعه الكتابة وراء الشاشة ‪ ،‬و‬
‫هو نفسه قد يقول لنفسه ‪ :‬ويحك و لما االرتباك و القلق في‬
‫خوض حديث طبيعي كهذا ‪ ،‬هل أخوض حديث أم أخوض‬
‫معركة ؟‬
‫قد تراه يُكلّمك من وراء الشاشة بطريقة رائعة و سلسة و خياليّة ‪،‬‬
‫و يجعلك تتمنّى أن تُقابله وجها ً لوجه ‪ ،‬و عند ال ُمقابلة تتفاجأ بأنّه‬
‫عكس ما كنت تتخيّله ‪ ،‬و يدور ذلك السؤال في ذهنك ‪ :‬من ذا‬
‫الّذي اخترق دماغ هذا الصبي ؟‬
‫و ترى نفسك أنت الذي ال تُجيد الكالم من وراء الشاشة ‪،‬‬
‫اجتماعي أكثر منه!‬

‫‪39‬‬
‫و الكثير من الناس من ال يُجيدون الحديث مع اآلخرين و‬
‫يتعرضون لمثل هذه المواقف ‪ ،‬و هنالك عدة أسباب و حاليا ً أهم‬
‫سبب هو تفضيل العالم االفتراضي على الواقعي ‪.‬‬
‫و أيضا ً الحلول لهذه ال ُمشكلة كثيرة ‪ ،‬منها ‪:‬‬
‫' أن تتكلم بمواضيع مع أفراد عائلتك ‪ ،‬لم تتكلّم عنها سابقا ً ( دينية‬
‫‪ ،‬قصص ‪ ،‬عن العلم ‪..‬الخ) ‪.‬‬
‫' أن تتكلم و أنت ت ُ ّ‬
‫حرك يدك ( أي تصف ما تقوله بإماءات اليد )‬
‫و ذلك ألمران ‪ ،‬األول ‪ :‬توصيل الفكرة بوضوح ‪ ،‬و الثاني ‪ :‬لكي‬
‫ال تُخطئ أو ال تغفل عن شيء ‪ ،‬و لكن ال تفرط باستخدامك لهذا‬
‫األسلوب ‪.‬‬
‫' التنفس ببطء و أن تتكلّم ّ‬
‫مرات أمام المرآة كنوع من التدريب (‬
‫و لكن ال تُطيل الكالم مع نفسك أمام المرآة ) ‪.‬‬
‫' أن تُقلّل من استخدامك لمواقع التواصل االجتماعي ‪ ،‬و تتفرغ‬
‫إ ّما لقراءة الكتب أو ألي شيء ‪ ،‬و حاول أن تضبط وقت معيّن‬
‫للهاتف بشكل عام ‪.‬‬
‫' و أخيراً و ليس آخراً ‪ ،‬أن تتخالط مع الناس بشكل تدريجي ‪ ،‬و‬
‫ليس الغريب أن تفشل في البداية ‪ ،‬و لكن الغريب هو إذا فشلت و‬
‫تأثرت بشكل سلبي و توقّفت عن العمل بسبب هذا الفشل ‪ ،‬ألنَّ‬
‫هذا الفشل ما هي ّإال ضربة تريد منك أن تنتبه منها في المرات‬
‫القادمة ‪.‬‬

‫ال تأتي الخبرة الكافية ‪ ،‬إال بعد التجارب الفاشلة "‬

‫‪40‬‬
‫النظر إلى األرض أثناء الكالم ‪:‬‬

‫من األساليب السلبيّة ال ُمنتشرة بين الناس ‪ ،‬و قد يرتبط هذا‬


‫األسلوب بشعور الخجل أو الخوف أو االرتباك ‪..‬الخ ‪.‬‬
‫قد ترا ُه في هذا الوقت ‪ ،‬إ ّما أن يتكلّم بصوت منخفض و خافت (‬
‫دليل على الخجل الشديد ) ‪.‬‬
‫أو أن يتكلّم بطريقة و كأنّه مجبور على الكالم ‪ ،‬و هذا غالبا ً ما‬
‫يرتبط بالخوف واالرتباك أثناء الكالم ‪.‬‬
‫أو مثال تراهُ ناسيا ً لموضوعك و يبدأ يتلعثم في الكالم و لكي ال‬
‫يُبيّن لك أنّه ناسي موضوعك ‪ ،‬يبدأ يتكلّم في أشياء ليس لها لعالقة‬
‫لموضوعك ‪ ،‬أو مثالً ترى أنّك قُلت له رأيك المعارض في شيء‬
‫صه و يبدأ يضرب لك األمثال بطريقة غريبة ‪ ،‬بطريقة خاطئة‬ ‫يخ ّ‬
‫‪ ،‬بطريقة تشعر بالندم ألنك عارضته في هذا الشيء ‪ ،‬ليس ألنّه‬
‫على حق ‪ ،‬بل بربطه باألمثال الّتي ليست لها داعي ‪ ،‬و في هذا‬
‫األثناء قد يكون نظره لجهة اليسار من األسفل ( احتمال كبير أنّه‬
‫قد يجري حديثا ً داخله ) و هذا ما يؤ ّكد لنا أيضا ً أنَّ الشخص‬
‫يدور على الحجج ‪ ،‬قد تراه ينظر إلى األسفل‬ ‫الكاذب غالبا ً إذا بدأ ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫من جهة اليسار ( ليس دائما ‪ ،‬بل غالبا) ‪ ،‬لذلك ليس غريبا أن‬
‫ترى أُناس على خطأ كهذا ‪ ،‬و لكن الغريب أن تبدأ با ِّ‬
‫لشك في‬
‫نفسك و كأنك أخطأت في حقّه ‪ ،‬تذ ّكر أنَّ الواثق من كالمه يُكلّمك‬
‫و عينه في عينك ‪ ،‬وغالبا ً ما ال يتّجه إلى التبريرات التي ليست‬
‫فرق بين ما يراهُ عيناك وبين ما ال يراه‬ ‫لها داعي ‪ ،‬لذلك حاول ت ُ ّ‬
‫عيناك ‪..‬‬
‫و كما ذُكر في كتاب عندما التقيت عمر بن الخطاب ‪ ،‬للكاتب‬
‫أدهم الشرقاوي ‪ :‬من ال يرى من األمور إال ما تريه لهُ عيناه ‪،‬‬
‫فهو أعمى ‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫في أغلب األحيان ‪ ،‬ال يعطي أهميّة للحديث أو لمن يُكلّمه ‪ ،‬و ذلك‬
‫ما يؤثر على دوره في الحديث ‪ ،‬و قد يبيّن هذا األمر عند يأتي‬
‫دوره في التكلّم ‪.‬‬
‫ارتباطه بالخجل ‪:‬‬
‫_ أيوجد فرق بين الحياء و الخجل ؟‬
‫_ نعم يوجد !‬
‫فالخجل صفة ُمكتسبة منذُ الصغر ‪ ،‬و هي ترتبط ( بعدم تجربتك‬
‫للشيء الذي تريد أن تجربه ) و لكن تشعر بشيء بداخلك يمنعك‬
‫من التجربة و هذا الشعور هو الخجل ‪ ،‬و الخجل صفة سلبيّة‬
‫نوعا ً ما و ترتبط بالضعف !‬
‫مثال ‪ :‬لم تتم ّكن أن تسأل ُمعلّمك أسئلة حول الدرس ‪.‬‬
‫أ ّما الحياء فهي صفّة جيّدة جدّاً ‪ ،‬و ترتبط بالماهيّة الخا ّ‬
‫صة للفرد‬
‫و هي من أعظم النعم التي يجود بها هللا تعالى على من يشاء من‬
‫عباده ‪ ،‬و كما قال رسول هللا صلى هللا عليه و سلّم ‪ :‬الحياء ال‬
‫يأتي إال بخير ‪ .‬أخرجاه في الصحيحين ‪.‬‬

‫و على سبيل المثال ‪ :‬أسلوب الحياء في التكلّم مع من هو أكبر‬


‫منّك سنّا ً ‪.‬‬
‫فالحياء من الصفات اإليجابية التي يتصف بها اإلنسان السوي ‪ ،‬و‬
‫يُحترم لدى الغير بهذا األسلوب ( أي يعني في طريقة كالمه مع‬
‫اآلخرين ) ‪ ،‬على عكس الخجل الذي قد يُضعّف من شخصية‬
‫المرء ‪.‬‬
‫لذا هنالك فرقٌ كبير بين الخجل و الحياء ‪ ،‬و عند مواجهتك لمن‬
‫هو أكبر منك سنّا ً في الكالم ‪ ،‬ال بد من االستماع دون المقاطعة ‪،‬‬
‫حتّى ولو كان يتكلّم في أمر يجهله و أنت تعلمه ‪ ،‬يكمن الحياء ّ‬
‫بأال‬
‫تُقاطعه حتّى يكمل حديثه ( أي يبيّن له أنَّ هذا األمر ال يعلمه ) ‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫أمركَ ‪ ،‬فال بد من أنّه يتك ّلم‬
‫ي ِ‬ ‫و إذا كان ال ُمتكلّم هو أبيك أو ول ُّ‬
‫لمصلحتك ‪ ،‬دعه يتكلّم ما يشاء ‪ ،‬و ال تُعارضه ‪ ،‬و هنا إذا نظرت‬
‫إلى األسفل فسيكون احتراما ً لوالدك ‪.‬‬
‫صدّق أو ال تُصدّق ‪ ،‬فاأليام ستثبت لك ما كان يقوله أباك ‪.‬‬
‫و ما أُريده منك هو أن تنظر ولكن من دون التركيز في النظر ‪ ،‬و‬
‫ال في شفَّتيه كيف تتحرك ‪ ،‬إنما ر ّكز بسمعك على كالمه ‪ ،‬وال‬
‫تُف ّكر سوى بكالمه ‪ ،‬و لكن مع األسف هناك من يتشتت عندما‬
‫ينظر إلى العين مباشرة ‪ ،‬و هذا سببه ال يكمن إال بتركيزه في‬
‫عين ال ُمتكلّم و عدم تركيزه في كالمه ‪ ،‬لذا على اإلنسان أن يعلم‬
‫كيف يعطي كل حاجة حقّها ‪ ،‬و أن يعدل بين ما يفعله ‪..‬‬
‫وليس هذا فقط !‬
‫ُفرق بين الصواب والخطأ و ّأال يُقارن بين‬
‫بل و عليه أن ي ّ‬
‫األخطاء ‪ ،‬مهما كان‬
‫و يعلم جيّداً أنَّ التركيز في شيء معين أي إلغاء كُل المشتتات‬
‫الذي حول هذا الشيء ‪..‬‬
‫لنعود إلى موضوعنا !‬
‫مع األصدقاء أو الزمالء أو أيّا ً كان و حتّى ولو كان الحديث غير‬
‫مهم بالنسبة لك ‪ ،‬إيّاك و النظر لألسفل ‪ ،‬سيبدو هذا للطرف‬
‫اآلخر كم أنَّ كالمه غير مهم ‪ ،‬و ليس غريبا ً أن تقل مكانتك بين‬
‫من حولك من أصدقاء أو زمالء ‪...‬الخ ‪.‬‬
‫فإ ّما أن تتكلم بوضوح و أن تنظر إلى العين مباشرة و تكون واثقا ً‬
‫من كالمك ‪ ،‬أو تتكلم بشكل همجي و بصوت منخفض و بشكل‬
‫غير الئق لك !‬
‫لذا إن كُنت تفعل هذا ‪ ،‬أنصحك بابتعادك عنه ‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫التكلم بصوت عالي أو بصوت منخفض ‪:‬‬

‫هذا األسلوب قد يرتبط باألساليب الذي قبله ‪ ،‬فهو أسلوب سلبي ‪،‬‬
‫ت عا ٍل جدّاً أو التكلّم بصوت‬
‫يقوم به الشخص إما بالتكلّم بصو ٍ‬
‫منخفض ال يسمع كالمه سواه ‪ ،‬قد يرتبط هذا الشيء بعدم ثقته‬
‫بنفسه و غالبا ً ما يكون الشخص الّذي يتكلّم بصوت منخفض‬
‫خجوالً ‪..‬‬
‫خير له من أن يتكلّم بصوت‬
‫و لكن إن تكلّم بصوت منخفض ٌ‬
‫مرتفع !‬
‫لماذا ؟‬
‫دعني أوضّح لك ‪..‬‬
‫الذي يتكلّم بصوت مرتفع جدّاً ‪ ،‬شخصية متكبّرة نوعا ً ما ‪ ،‬قد‬
‫يرى أنَّ التكلّم بصوت مرتفع يصل المعلومة بشكل أحسن و‬
‫أسلس و أسهل لمن يكلّمه ‪ ،‬و لكن هذا ما يأخذون عنه طابعا ً سلبيّا ً‬
‫( قد تظهر بشكل إيماءات على تعابير وجههم ) ‪ ،‬و هذا ألنّه ال‬
‫يشعر بما يشعر الشخص الّذي يُكلّمه ‪ ،‬و لو شعر بهذا الشعور لما‬
‫كان فعل ذلك من األساس ‪ ،‬بل و سيندم على ما فعله ‪..‬‬
‫إن كنت من األشخاص الذين يتكلّمون بصوت مرتفع جدّاً ‪ ،‬أو‬
‫ي شيء ف ّكر في‬ ‫تعرف أشخاصا ً كذلك ؛ صديقي ‪ ،‬قبل أن تفعل أ َّ‬
‫نتيجة هذا الفعل ‪ ،‬و عموما ً في مواضيع النقاش ‪ ،‬و عندما تبدأ‬
‫بالتكلّم كن أنت المستمع قبل أن تكون المتحدّث ‪ ،‬أي يعني عندما‬
‫تتحدث في موضوع ضع نفسك في مكان الشخص الذي تكلّمه ‪،‬‬
‫و ف ّكر !‬
‫أهذا األسلوب جيّد في الكالم ؟‬
‫أهذا الكالم الذي أوجههُ لهذا الشخص مناسب ؟‬

‫‪44‬‬
‫هل صوتي جشع ؟‬
‫هل تعابير وجهه تُعبّر عن احترامه لموضوعي ؟‬
‫أو إذا لم تخطر على بالك هذه األسئلة فال بأس أن تسأل أصدقائك‬
‫‪ ،‬ما هي األساليب السلبيّة عندي في التكلّم ‪ ،‬أو بشكل عام ‪ ،‬و‬
‫المقربين ‪..‬‬
‫ّ‬ ‫عندما تسأل اسأل أقرب‬
‫عود نفسك على الكالم بشكل طبيعي ‪ ،‬حتّى ولو حدث‬
‫تعود أن ت ُ ّ‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫موقف تكون مضطرا أن تتكلم بصوت مرتفع ‪ ،‬حاول أن تتحكم‬
‫في أعصابك في هذا الوقت‪.‬‬
‫الكالم ال يفقد معناه ‪ ،‬إال بالتعبير عنه بصوت مرتفع ‪.‬‬
‫أما الكالم بصوت منخفض و هذا ما يكون منتشر كثيراً عند‬
‫الفتيات ‪ ،‬و هذا إ ّما أن يكون من الخجل أو من القلق و التوتّر ‪ ،‬و‬
‫أيضا ً عدم الثقة بالنفس ‪ ،‬و لكن و كما ذكرنا سابقا ً أن التكلّم‬
‫بصوت منخفض أخير من التكلّم بصوت مرتفع و أيضا ً الّذي‬
‫يتكلّم بصوت مرتفع فاقد للثقة أكثر من الذي يتكلّم بصوت‬
‫منخفض ‪ ،‬ألنّه يرى نفسه متكبّراً نوعا ً ما ‪ ،‬و التكبر من عالمات‬
‫عدم الثقة بالنفس ‪.‬‬

‫و لكن دعوني أن أ ُ ّ‬
‫نوه على شيء !‬
‫هذا ال يعني أن التكلّم بصوت منخفض أسلوب سليم ‪ ،‬و باألخص‬
‫بالنسبة للشاب !‬
‫الفتاة بطبعها و بالفطرة تراها خجولة بعض الشيء و هذا ما‬
‫يميّزها عن غيرها ‪ ،‬و لكن بنفس الوقت إن تكلمت بصوت‬
‫خير من أن تُكلّم نفسها بنفسها ‪..‬‬
‫مسموع ذلك ٌ‬
‫صديقي ‪..‬‬
‫يا من تتكلّم بصوت منخفض ‪ ،‬قد يكون األمر صعب عليك إن‬
‫رفعت من صوتك قليالً ليكون مسموعا ً ‪ ،‬و لكن حاول أن ت ُ ّ‬
‫عود‬

‫‪45‬‬
‫نفسك بالتكلّم بصوت مرتفع أوالً بينك و بين نفسك ‪ ،‬و أمام المرآة‬
‫و لكن ال تطيل هذا ‪ ،‬و بعد ذلك حاول أن تتكلّم مع أفراد عائلتك‬
‫و هكذا مع التعويد ‪ ،‬ثم التكلّم مع أصدقاءك و بعدها إن كنت في‬
‫مدرسة أو معهد أو أي مكان يجتمع به الناس ‪ ،‬حاول أن تأخذ إذنا ً‬
‫لكي تُلقي كلمة أمام الناس ( أي تُخاطبهم ) و هنا سوف تكسر‬
‫حاجز الخجل أو التوتر الذي في داخلك ‪ ،‬وليس غريبا ً إن فشلت‬
‫مرة سوف ترى‬ ‫أول مرة و ثاني مرة و ثالث مرة ‪ ،‬و لكن في كل ّ‬
‫بأال تهتم بمن يسخر منك‬ ‫التغيير الذي طرأ عليك ‪ ،‬و أيضا ً عليك ّ‬
‫‪ ،‬عليك أن تواصل حتّى يصبح صوتك بشكل مسموع عادة تتقنها‬
‫تعودت على أن تتكلم بصوت منخفض ‪ ،‬و هذا بالنسب ِة‬ ‫كما ّ‬
‫ُ‬
‫للشاب أما الفتاة فعليها أن تباشر بالكالم مع أهلها و ذلك يُشجعها‬
‫على‬
‫أن تتكلم بشكل مسموع ‪ ،‬و باألخص مع أ ُ ّمها ‪ ،‬ألن األم تكون‬
‫األقرب للفتاة ‪ ،‬و غير هذا مع أقرب األصدقاء لها ‪ ،‬و هذا يلزمه‬
‫قليالً من الصبر ‪..‬‬
‫قد ال يراه البعض أنَّ هذا الشيء مشكلة ‪ ،‬بل بالعكس تماما ً و‬
‫ُ‬
‫يستمرون بفعل هذا الشيء ‪ ،‬ولكن ف ّكر قليالً ‪ ،‬ف ّكر إن قابلت أناس‬
‫ّ‬
‫غرباء ‪ ،‬كيف سيكون شعورك عندما يطلبون منك أن ترفع من‬
‫صوتك قليالً ؟‬
‫أال تشعر و كأنّك لست على صواب في استخدامك لهذا األسلوب‬
‫؟‬
‫مع األسف ‪ ،‬البني آدم ال يشعر بالخطأ الذي يفعله ‪ّ ،‬إال عندما‬
‫يلتقي بمن يعترض على ما يفعله ‪ ،‬و لكن من أُناس غُرباء ‪.‬‬
‫إن تكلمت ‪ ،‬فتكلم بصوت مسموع حتى ولو بينك و بين نفسك ‪،‬‬
‫و إن أردت أن تصمت ‪ ،‬فالتزم الصمت حتى ولو تعرضت لكالم‬
‫ُمسيء من عدة أشخاص بنفس الوقت ‪.‬‬
‫‪..‬‬

‫‪46‬‬
‫إعطاء النصيحة بطريقة غير مشروعة ( خاطئة ) ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬ما هي النصيحة بشكل عام !؟‬


‫كالم يُقال من شخص عاقل و يفهم ما يقوله ‪ ،‬و يعلم أيضا ً أنَّ هذا‬
‫الكالم ينسجم مع مصلحة الشخص الذي يُقال له ( الذي ينصحه )‬
‫‪ ،‬و يجب أن يُراعي كالمه و أسلوبه بطرحه للنصيحة على أن‬
‫يكونا بشكل واضح و سليم و ينسجم مع كل العقول ‪..‬‬
‫قد تكون الفكرة سهلة و لكن طريقةُ إيصالُها تكون صعبة ‪،‬‬
‫أي يعني ؛ كُ ٌّل منّا قد يمتلك نصائح من التجارب التي قد ّ‬
‫مرت‬
‫علينا في الحياة ‪ ،‬ولكن القليل جدّاً من يمتلك ُ‬
‫سبُل إيصال هذه‬
‫النصائح !‬
‫ي أبداً ‪ ،‬أن يُطبّق‬
‫نوه على أمر مهم ‪ :‬ليس من الضرور ّ‬ ‫و لكي أ ُ ّ‬
‫صاحب النصيحة نصيحته على نفسه ‪ ،‬قد ال يقدر على فعل ذلك ‪،‬‬
‫و لكن يُريد الخير لمن يقدر عليه ‪..‬‬
‫على سبيل المثال ‪ُ :‬مد ّخن قديم ينصح ُمد ّخن باشر بالتدخين ‪،‬‬
‫باإلقالع عنه ‪.‬‬
‫•••‬
‫الذي يعطي النصيحة بطريقة غير مشروعة تراه يتكلم بطرق‬
‫خاطئة ‪ ،‬و من الطرق الغير مشروعة المنتشرة ‪ ،‬هي ‪:‬‬
‫‪ *١‬إعطاء النصيحة بصوت عال ‪ :‬هذا ما ينتشر غالبا ً عند اآلباء‬
‫عندما ينصحون أبنائهم ( قد تكون النصيحة صالحة و النيّة أيضا ً‬
‫كذلك األمر و لكن طريقة إيصالها تقلب معنى النصيحة رأسا ً‬
‫على عقب ) ‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫‪ *٢‬الخلل اللغوية ‪ :‬يُريد إيصال النصيحة أو إعطاؤها على أكمل‬
‫وجه ‪ ،‬و لكنَّه يرى مشاكل في اللغة ( أي في ترتيب الكالم ) ‪..‬‬
‫نصيحة ‪ :‬حاول أن تُرتّب أو تُج ّهز النصيحة قبل طرحها على‬
‫تتسرع ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫األشخاص ‪ ،‬و ال‬
‫‪ *٣‬التكلّم بسرعة فائقة ‪ :‬قد يراها من الطرق المناسبة إليصال‬
‫الفكرة أو النصيحة ‪ ،‬مع العلم أنَّ هذه الطريقة ال تنفع مع الجميع‬
‫‪..‬‬
‫أي يعني إن كُنت تفهم ما تقوله ‪ ،‬ليس من الضروري أن أفهم أنا‬
‫‪..‬‬
‫ي ‪ ،‬و على كل من يتكلّم معك ‪ ،‬أن يقول لك ‪ :‬يا أخي لديك‬ ‫لذا عل ّ‬
‫مشكلة في الكالم ‪ ،‬أال و هي السرعة ‪ ،‬و أنا ال أفهم أو ال أعلم‬
‫كيف أُرتّب ما قلته ‪ ،‬آمل أن تُعيد ما قلته ببطء ‪ ..‬إلخ*‬
‫و دائما ً و أبداً في إعطاء النصيحة أو حتى في توصيل فكرة‬
‫للناس ‪ ،‬يجب ُمراعاة جميع العقول ‪ ،‬فهنالك فرق كبير بين‬
‫الجاهل و ال ُمتعلّم ‪..‬‬
‫) و هل يستوي الّذينَ يعلمون و الذين ال يعلمون )‬
‫‪ *٤‬عدم التعبير باستخدام إيماءات الوجه و اليد ‪ :‬من أهم‬
‫العناصر التي ال بد من استخدامها في النقاش عا ّمةً و في إيصال‬
‫صةً ‪ ،‬لذا عدم استخدام هذه العناصر‬‫النصيحة أو األفكار خا ّ‬
‫معوقات في إيصال أي فكرة ‪ ،‬حتّى ولو كانت بسيطة )‬ ‫تسبّب ّ‬
‫ولكن عدم اإلفراط فيها ) ‪.‬‬
‫‪ *٥‬إعطاء النصيحة باستخدام أمثلة شخصيّة ‪ :‬أخيراً و ليس آخراً‬
‫‪ ،‬من أكثر الطرق شيوعا ً في إعطاء النصائح ‪ ،‬مع العلم أنّها‬
‫طريقة خاطئة ‪ ،‬قد تراعي هذه الطريقة بعض من األشخاص‬
‫قربين إليك ‪ ،‬ر ّكز على ( قد ‪ ،‬بعض ‪ ،‬مقربين ) ‪ ،‬قد تنفع‬ ‫ال ُم ّ‬

‫‪48‬‬
‫كثيراً إن أتيت بضرب األمثال ( بشكل عام ) أو تحث على شيء‬
‫علمي ‪.‬‬
‫قد توجد أكثر من هذه الطرق انتشاراً بين الناس ‪ ،‬و لكن هذا ما‬
‫رأيتهُ أنا و أيضا ً ما هو ُمنتشر بالمجتمع ‪.‬‬
‫لذا تجنّبوا كل ما هي من أمور سلبية و خاطئة ‪ ،‬و أتّبعوا الطرق‬
‫الصحيحة في إيصال النصيحة ‪.‬‬
‫حسنا ً ‪.‬‬
‫ما هي الطرق الصحيحة إذن ؟‬
‫كثيرة ‪ ،‬و منها ‪:‬‬

‫ّأوالً ‪ :‬رفع الصوت عند كلمات محدّدة ( مهمة ) ‪ ،‬مثال ‪ :‬يا بُن ّ‬
‫ي‬
‫( خيراً ) ستُلقى بأخير منه ‪.‬‬ ‫إن فعلت‬
‫ثانيا ً ‪ :‬تمديد الكلمات المهمة التي تكلّمنا عنها سابقا ً و لكن في‬
‫الحالة السلبية ‪.‬‬
‫شراً ) ست ُلقى بمثله ‪.‬‬
‫و إن فعلت ( ّ‬
‫ثالثا ً ‪ :‬ترتيب الجمل و التدريب عليها ‪ ،‬لكيال تتلعثم وقت التكلّم ‪..‬‬
‫أي ال عليك سوى إن خطرت في بالك نصيحة ‪ ،‬أن تُرتبها بشكل‬
‫صحيح قبل إعطاءها ‪..‬‬
‫على سبيل المثال ‪ :‬هنالك من يُريد اإلقالع عن التدخين ‪ ،‬و أتتك‬
‫فكرة بكيفية اإلقالع و كانت في عقلك كالتالي ‪ ( :‬شرب الماء إذا‬
‫أتتك الشهوة بالتدخين ‪ ،‬المقاومة ‪ ،‬الصبر ‪ ،‬الرياضة ‪ ،‬أن تكون‬
‫واثق من إرادتك و واثق أيضا ً من قرارك ‪ ،‬أن تُسلّم األمر هلل َّ‬
‫عز‬
‫و جل ‪. )..‬‬

‫‪49‬‬
‫إن لم تُرتّب هذه األفكار ‪ ،‬و أسرعت بنقل هذه األفكار ‪ ،‬فستُعطى‬
‫هكذا ‪:‬‬
‫صدّقني يا أخ ‪ ،‬إن أكثرت من شرب الماء لم تشت ِه أن تد ّخن ‪ ،‬و‬
‫لكن يجب أن تكون مقاوم أيضا ً ‪ ،‬و تصبر ‪ ،‬و أيضا ً تلعب‬
‫رياضة ‪ ،‬و تثق بهذه اإلرادة التي عندك و بقرارك باإلقالع عن‬
‫عز وجل ‪.‬‬ ‫التدخين ‪ ،‬و لكن أهم شيء هو أن تسلّم األمر هلل َّ‬
‫علينا أن نعلم أن األفكار تأتينا بشكل متقطع أي ال تأتي كل‬
‫األ فكار هذه مع بعضها ‪ ،‬لذا علينا نحن أن نصبر لتلقي هذه‬
‫نتفرغ في إيصالها بطريقة سلسة و مرتّبة ‪ ،‬لذا إن‬‫األفكار ومن ث َّم ّ‬
‫رتّبتَ هذه األفكار بشكل ُمالئم ‪ ،‬فستُعطى هكذا‪ :‬أخي ‪ّ ،‬أوالً عليك‬
‫عز و جل ‪ ،‬و أنت تدعي أن يُقويك ضد‬ ‫أن تُسلّم هذا األمر هلل ّ‬
‫رغبتك في التدخين ‪ ،‬و ثانيا ً أن تثق بإرادتك في اإلقالع عن‬
‫التدخين و أيضا ً بالقرار هذا ‪ ،‬و عليك بالصبر و باألخص أول‬
‫أسبوع ‪ ،‬صدّق ‪ ،‬إن صبرت أول يوم ستصبر اسبوع و إن‬
‫صبرت اسبوع ستصبر شهر ‪ ،‬و هكذا ‪ ..‬و إن شعرت بشهوتك‬
‫القويّة للتدخين ‪ ،‬فأنصحك بشرب الماء ‪ ،‬و نصيحة أخيرة ‪ ،‬أال‬
‫وهي أن تلعب رياضة ‪ ،‬لكي تُخرج هذه السموم من‬
‫جسمك شيئا ً فشيئا ً ‪ ،‬و صدّقني إن فعلت شيئا ً يرضي هللا و و ّكلت‬
‫أمرك لربّ ِ العالمين ‪ ،‬فصدّق أنَّ هللا سبحانه و تعالى سيكون معك‬
‫‪ ،‬و إن كان معك فهنيئا ً لك ‪.‬‬
‫هكذا و مع أمثلة ثانية ‪ ،‬األهم هو أسلوب إيصال الفكرة بشكل‬
‫سليم ‪.‬‬
‫رابعا ً ‪ :‬طرح سؤال قبل النصيحة ‪ ،‬و يكون الجواب عنه ب ( نعم‬
‫) أو ( بلى ) ‪ ،‬مثال ‪ :‬يا باشا ‪ ،‬هل أدلُّك على ٍ‬
‫أمر ‪ ،‬يجعل منك‬
‫إنسانا ً ناجحا ً في كل مجاالت الحياة ؟‬
‫_ بالطبع نعم !‬

‫‪50‬‬
‫= اترك أثراً جميالً في كل مرحلة من مراحل حياتك ‪ ،‬و في أي‬
‫موقف ( حتّى ولو كان سلبيّا ً ) ‪ ،‬تخيّل معي ‪ ،‬ذهبت لتطلب يد فتاة‬
‫تحبّها و تم رفضك ‪ ،‬أنا أعلم أن شعورك الداخلي سيتحطم و كل‬
‫طط له للمستقبل انهدم ( و لكن ) و ( مع ذلك كلّه ) اترك‬ ‫ما خ ّ‬
‫أثراً إيجابيّا ً يذ ّكرهم بك بالخير !‬
‫إيّاك و االنفعال ‪ ،‬إيّاك أن تُبيّن ضعفك ‪ ،‬إيّاك و التّهور يا صاح ‪.‬‬
‫تتعدد األمثلة و المعنى واحد ( كن إيجابي ‪ ،‬بطريقة إيجابيّة ) ‪..‬‬
‫( و ال تستوي الحسنةُ وال السيّئة ادفع بالّتي هي أحسن ) ‪.‬‬
‫خامسا ً ‪ :‬نصيحة مناسبة ‪ ،‬في الوقت المناسب ‪.‬‬
‫على سبيل المثال ‪ :‬نرى الكثير من اآلباء ال ينصحون أوالدهم ّإال‬
‫على مائدة الطعام ‪ ،‬مع العلم أنَّ هذا األمر غلط !‬
‫ومكان أنسب ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫يجب أن تُعطى النصيحة في وق ٍ‬
‫ت مناسب ‪،‬‬
‫•••‬
‫صة ‪ ،‬على سبيل المثال ‪:‬‬
‫لنأخذ هذه الق ّ‬
‫عائلة صالحة ‪ ،‬قاموا بتربية أوالدهم بشكل صحيح و سليم ( أي‬
‫تربية صالحة) ‪ ،‬فكبر االبن األكبر و بدأ يتخالط مع العالم‬
‫الخارجي ‪ ،‬مثله مثل غيره ‪ ،‬و بدأ يكتسب من هذا العالم عادات‬
‫تضره ‪..‬‬
‫ّ‬ ‫جيّدة تنفعه ‪ ،‬و عادات سلبيّة‬
‫يوم من األيام ‪ ،‬كان مع أصدقائه و عاد إلى البيت ُمتأ ّخراً ‪،‬‬
‫فحدث ث ّمة حوار بينه و بين أبيه و بدأ يغتاب أشخاص ال على‬
‫التعيين ‪ ،‬و يتكلّم عنهم بالسوء ( أي النميمة ) ‪..‬‬
‫هنا كان الحق على الوالد ‪ ،‬و ذلك ألنه لم يُنبّه االبن على أن‬
‫يتكسب مثل هذه التصرفات من العالم الخارجي ‪ ،‬و أيضا ً االبن ال‬
‫يء و إلخ‪..‬‬ ‫تصرف س ّ‬
‫ّ‬ ‫يعلم ما هي النميمة أو الغيبة و كم هي من‬

‫‪51‬‬
‫فغضب األب ‪ ،‬و لكنّه أمسك غضبه ‪ ،‬و بعد أن سمع كل كالم‬
‫ابنه قال له ‪ :‬أعلم أنّك ال تدري مدى خطورة هذا الكالم ‪ ،‬و أعلم‬
‫ي لم أُنبهك قبل أن تتخالط بمن هم خارج المنزل‬ ‫أيضا ً أنَّ الحق عل ّ‬
‫ي لم أقل لك ‪ ،‬إيّاك و أن تكون ابنا ً للشوارع ‪ ،‬ابنا ً يُقال‬
‫‪ ،‬الحق عل ّ‬
‫له ( بال تربية ) ابنا ً يصنعوه والداه أحسن تربية ‪ ،‬و بعدها يأتي‬
‫صديقا ً يهدم كل ما عملوا على بناءه ‪..‬‬
‫كان على األقل أن أقول لك ‪ :‬يا بُني ‪ ،‬إن رأيت صديقك يغتاب‬
‫أحداً أمامك ‪ ،‬عليك أن تمنعه و تنصحه ّأال يفعل ذلك ‪..‬‬
‫_ و لكن ال أفهم أين الغلط ‪ ،‬فأنا أتكلّم بحجة السخرية ال أقل وال‬
‫أكثر !؟‬
‫= و من قال لك أنَّ األمور التي تبدو لنا على أنّها عاديّة ‪ ،‬فال‬
‫بأس بها ؟‬
‫هل رأيتني طيلة هذه السنين أغتاب أحداً ‪ ،‬حتّى ولو بحجّة‬
‫السخرية ؟‬
‫_ ال !‬
‫ي ‪ ،‬لقد قال هللا سبحانهُ و تعالى في كتابه ‪ :‬و ال تجسسوا و ال‬ ‫= بُن ّ‬
‫يغتب بعضكم بعضا ً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا ً‬
‫تواب رحيم (‪ )١٢‬الحجرات‬ ‫فكرهتموه و اتقوا هللا إن هللا ّ‬
‫حرم في ديننا ‪ ،‬و لكن ف ّكر معي في‬
‫التصرف ُم ّ‬
‫ّ‬ ‫و غير أنَّ هذا‬
‫حكمة تحريمه ‪ ،‬و كم له من آثار سلبيّة !‬
‫إن قلت أنّك تتكلم بحجة السخرية ‪ ،‬غداً ستغتاب بحجّة ثانية ‪ ،‬مع‬
‫العلم لو قلتُ لك ضع نفسك موضع الشخص الذي تتكلم عنه‬
‫بحجة السخرية ‪ ،‬أتُحب أن تكونَ هكذا ؟‬
‫طبعا ً ال !‬

‫‪52‬‬
‫يء ‪ ،‬و انعكس هذا الشيء‬ ‫وضع س ّ‬
‫ٍ‬ ‫تخيّل أن ترى شخصا ً كان في‬
‫عليك ‪ ،‬فذهبت إلى صديقك وتكلمت عن هذا الشخص بالسّوء بما‬
‫فعله معك ‪ ،‬و أيضا ً خلقت الكره في داخل صديقك اتجاه ذلك‬
‫الشخص الّذي ليس بعيداً أنّه كان قد صار معه ث ّمة شيء ففعل‬
‫معك هذا ‪ ،‬و ليس األبعد أن يكون طيّب القلب في التعامل و لكنه‬
‫عرض للخطأ و يخطئ و سيخطئ ‪ ،‬أال تشعر‬ ‫أخطأ ‪ ،‬فاإلنسان ُم ّ‬
‫بتعذيب الضمير بعد أن جعلت من إنسان طيّب و حكمت على نيّته‬
‫كرهت صديقك‬ ‫و هللا أعلم بذات الصدور ‪ ،‬و فوق كل هذا األمر ّ‬
‫ق واحد !‬‫به ‪ ،‬و ليس بعيداً أن تكون قد اغتبته مع أكثر من صدي ٍ‬
‫إن شئت فال تُف ّكر بكل ما قلته اآلن !‬
‫ولكن تخيّل معي ‪ ،‬أن يكون هنالك من يتكلم في ظهرك بالسوء ‪،‬‬
‫و يجعلك مكروها ً بين الناس ‪ ،‬مع العلم أنّه يجب أن تعلم أنَّ‬
‫الشخص المكروه هو من يغتاب الناس ‪ ،‬و يتكلم في ظهرهم‬
‫بالسوء ‪ ،‬و لو كان كالمه صحيحا ً لكان تكلّم أمامك و واجهك ‪..‬‬
‫ي ‪ ،‬حاول دائما ً و أبداً و في كل موقف ‪ ،‬أن تضع نفسك‬
‫يا بُن ّ‬
‫مكان من تُكلّمهُ و من تتكلم عنه ‪.‬‬
‫حديث نبيُّنا الشريف صلوات ربّي عليه ‪ ،‬عندما قال ‪ :‬ال‬‫ُ‬ ‫و تذ ّكر‬
‫ّ‬
‫يؤمِ نُ أحدكم حتى يُحبُّ ألخيه ما يُحبُّ لنفسه ‪.‬‬
‫صب ‪،‬‬‫هذا و نرى ‪ ،‬أنَّ كالم األب كان بشك ٍل سليم و من دون تع ّ‬
‫و يعامل ابنه بما رأى منه من سوء كما يعامله إن رأى منه خيراً‬
‫و أحسن ‪ ،‬ألنَّ ال ُمعاملة السليمة قاعدة أساسية ‪ ،‬يُلين أما ُمها من‬
‫كان أقوى من الصخر شدّة ‪ ،‬ويشتدُّ عقل من كان صبيّا ً ‪ ،‬و يرفع‬
‫من شأن من كان على حق ‪ ،‬و به يصير الحوار أفضل ما يكون ‪.‬‬
‫و إن فعلت كُ َّل ما عليك و لم تُقبل نصيحتك ‪ ،‬فعليك بالتجاهل إذن‬
‫‪ ،‬و دع من كان على غلط أن يتعلّم من غلطه ‪ ،‬في وق ٍ‬
‫ت سيتمنّى‬
‫بالزمن قليالً ليسمع منك ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫لو يرجع‬

‫‪53‬‬
54
‫الباب الثاين ‪:‬‬

‫األساليب اإلجيابيّة يف التكلُّم ‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫التفكير قبل الكالم ‪:‬‬

‫من األساليب الجيّدة الذي يقوم بها الشخص قبل أن يتكلّم ‪ ،‬كي ال‬
‫يُخطئ قبل الكالم و أيضا ً قبل الرد على كالم موجّه له ‪ ،‬لذلك (‬
‫التفكير قبل الكالم ) يعد من أساسيات الحوار الناجح و اإليجابي ‪،‬‬
‫و كما ذكرنا سابقا ً أنَّ الرد هو نتاج لتفكير الشخص الذي عليه ‪،‬‬
‫لذلك يجب أن نُف ّكر بإيجابيّة اتجاه كل ما حولنا لكي ال نغضب أو‬
‫حتّى ال نأخذ األمور البسيطة بتعقيد !‬
‫كيف ؟‬
‫على سبيل المثال ‪ :‬هنالك أمور ال ندركها كما هي ‪ ،‬بل ندركها‬
‫كما يُقال عنها من مختلف اآلراء ‪ ،‬لذا يجب ّأوالً أن ندرك هذه‬
‫األمور من أصحابها ‪..‬‬
‫مثال ‪ :‬هنالك كتاب ( ال على التعيين ) يجب أن نقرأه بشكل‬
‫صحيح و نفهمه ‪ ،‬وال نأخذ عنه نظرة ( سلبية كانت أم إيجابيّة )‬
‫و ذلك بسبب القُ ّراء الذين يُقيمونه ‪ ،‬ال شك أنَّ هنالك أشخاص‬
‫معروفين بتقييمهم ‪ ،‬وذلك بسبب دراساتهم ليس لقراءتهم ‪ ،‬فإذا‬
‫كان كل ناقد يقرأ ‪ ،‬هذا ال يعني أنَّ كل من يقرأ ناقد !‬
‫تتعدد األمثلة و المعنى واحد ( يجب إدراك األشياء في حد ذاتها و‬
‫ليس إدراك من يدركها ) ‪.‬‬
‫و قد تكون صاحب رأي مختلف عن رأيي ‪ ،‬هذا ال يعني أن‬
‫تفرض رأيك على رأيي ‪ ،‬أو أفرض رأيي على رأيك ‪ ،‬إن حدث‬
‫ث ّمة حوار بيني و بين عن هذه اآلراء فال بأس ‪ ،‬ولكن مع احترام‬
‫وجهات النظر لكي ال نخوض معركة لها بداية و ليس لها نهاية ‪،‬‬
‫و كما ذكرنا سابقا ً عن ال ُمعاملة السليمة ‪ ،‬قد تكون هذه المعاملة‬
‫سبب رئيسي في إعادة النظر إلى اآلراء التي بيننا ‪ ،‬و منها‬
‫سنرى من هو صاحب الرأي الصائب ‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫الّذي يُف ّكر قبل الكالم ‪ ،‬يفهم ما قيل له ‪ ،‬وما سيقوله أيضا ً !‬
‫لذلك ترى أغلب من يفكرون قبل الكالم ‪ ،‬يتكلمون بشكل منطقي‬
‫و ال يُكثّرون من كالمهم ‪ ،‬بل و تشعر أنَّ لهم نبرة خاصة تميزهم‬
‫عن غيرهم ‪ ،‬و لكن كما قلنا سابقا ً ( حسب تفكير الشخص ) ‪..‬‬
‫ترى من يُف ّكر بإيجابيّة ‪ ،‬دائما يتقبّل أي كالم و ال ينفعل و ال يأخذ‬
‫المواضيع‬
‫على مبدأ ( خالف وجهة نظري ‪ ،‬فسأُخالف وجهة نظره ) ‪،‬‬
‫يدرك بشكل جيّد ‪ ،‬بل و يشكر الشخص الذي يُصحّح له ما كان‬
‫يعتبره صحيحا ً !‬
‫فكُن شاكراً لمن أعطاك و يعطيك ‪ ،‬و كن معتذراً عند الغلط ‪ ،‬ال‬
‫للتكبر ‪.‬‬
‫أما التفكير بشكل سلبي ‪ ،‬قد يجعل منك شخصا ً متكبّراً ‪ ،‬أو حتّى‬
‫إن كُنت خاطئا ً في أمر ‪ ،‬و أتى من يُصحّح لك ما تؤمن به ‪،‬‬
‫ستظ ُّل على ما تؤمن به حتّى ولو علمت بنفسك أنَّ ما تفعله غلط !‬
‫و هذا ألنَّ تفكيرك المحدود وال ُمقيّد يجعلك تُميل لهذا االعتقاد‬
‫حتّى ولو خالفك الجميع ‪ ،‬ترى بنفسك أن تُزيل الغلط أو تغض‬
‫عن هذا الغلط و تظ ُّل متمسّكا ً و واثقا ً و معتقداً أنَّ هذا هو الصح‬
‫رغم أنّه غلط ‪ ،‬و من يخالفك غلط رغم أنهم على صواب !‬
‫هُنالك من يخطئ ‪ ،‬و عندما تقول له أو تنبهه أو تنصحه أنَّ ما‬
‫يفعله غلط ‪ ،‬إما أن يقول لك ‪ :‬أنا على صواب ‪ ،‬و ما أفعله ليس‬
‫غلط ‪ ،‬أو يُقارن نفسه بأُناس يفعلون أخطاء أكبر و أكثر من ذلك‬
‫( فيفعل الخطأ و يشعر بالراحة أيضا ً ) ‪ ،‬أي تراهُ و كأنّه يفعل‬
‫شيء طبيعي و عادي ‪ ،‬و ليس غريبا ً أن تراه يفتخر بما يفعله !‬
‫و هذا سبب من أسباب انتشار ال ُمدخنين و غيرهم ‪ ،‬فإذا نصحت‬
‫و لم تُقبل نصيحتك فعليك أن تعلم أنَّ ال ُمد ّخن ال يشمئز من ريحة‬
‫دُخانه !‬

‫‪57‬‬
‫أن كثرة المقارنة ‪ ،‬تجعل من الشيء الالأخالقي أخالقي ‪ ،‬و‬ ‫كما َّ‬
‫تجعل من الغلط صح ‪ ،‬و تجعل من العادة األصح موضة قديمة ال‬
‫يفعلها ّإال من يُف ّكر بشكل محدود و مقيّد و ُمنغلق على ذاته ‪ ،‬و‬
‫منهم من يصفهم بالتخلف !‬
‫التطور‬
‫ّ‬ ‫و ال يعلمون أنَّ التخلّف هو تقليدُ األعمى بحجة التغيير أو‬
‫‪.‬‬
‫علينا أن نعلم أنَّ الخطأ يظ ُّل خطئا ً مهما كان حجمه ( صغيراً كان‬
‫أم كبيراً) ‪ ،‬فال مجال لل ُمقارنة أبداً ‪ ،‬أن تجعل من ما تفعله من‬
‫خطأ صغير و تبدأ تُقارن نفسك بأُناس يفعلون أكثر من ذلك ‪،‬‬
‫يجب أن تعلم أنَّ هؤالء كانوا مثلك ‪ ،‬و فعلوا ما تفعله اآلن حتى‬
‫تطوروا رويداً رويداً ‪ ،‬و أيضا ً ظنّوا أنَّ ما كانوا يفعلونه سابقا ً أنهَّ‬
‫ّ‬
‫كان صوابا ً ‪ ،‬و ما يفعلونه أيضا ً صوابا ً و لكن أقل من قبل ‪ ،‬لذا‬
‫سيُسيطر عليهم السأم لكي يطمحوا لما هو أقبح من ذلك !‬
‫فتتغيّر األحجام و يبقى القاسم المشترك الوحيد هو ( الخطأ ) ‪.‬‬
‫هنالك من يخطأ و لكنه يسعى إلى أن يترك هذا الخطأ ‪ ،‬و ال‬
‫يعترف أو ال يتباهى بهذا الخطأ ‪ ،‬و يعلم جيّداً أنّه من المغالطات‬
‫المنطقية أن يُقارن نفسه بما يفعله بأُناس يفعلون أكثر من ذلك ‪..‬‬
‫لماذا ؟‬
‫تحول الخطأ إلى صواب‬ ‫ألنَّ هذه المقارنة ستنتج أخطاء أكثر و ّ‬
‫نتيجة لكثرة المقارنة كما ذكرنا سابقا ً ‪ ،‬و أيضا ً سيشعر ال ُمخطئ‬
‫أنه على صواب و أنَّ ما يفعله لم يعد يُشبّع رغباته ( أقصد‬
‫غرائزه ) ‪..‬‬
‫و يجب أن نعلم جيّداً و نتذ ّكر أن مهما كانت الشهوة قويّة ‪،‬‬
‫فاإلشباع منها أقوى و أسرع ‪..‬‬
‫فال تكن كالّذي اشتهى السّوء ثم ندم عند إشباعه منها ‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫بالقوة ‪ ،‬مع العلم‬
‫و هنالك من يفعل الخطأ و يتباهى به و يتظاهر ّ‬
‫أنّه أضعف مما تتخيله !‬
‫أي إنّه غير قادر على ضبط نفسه ‪ ،‬بل و يتباهى بما هو من فعل‬
‫يء ‪.‬‬‫س ّ‬

‫و ما أقب ُح مِ نَ القُ ِ‬
‫بح ‪ ،‬إال التباهي به ‪.‬‬
‫اإلرادة تضعف كُلّما صعب على المرء في مواجهة كل ما هو‬
‫سلبي من حوله ‪ ،‬و ليس من حوله فقط ‪ ،‬بل بداخله حتّى ‪..‬‬
‫فالقوة ال تكمن في ما تشته األنفُس ‪ ،‬بل تك ُمن في السيطرة على‬
‫ضبط النفس من عدم ارتكاب الخطأ ‪.‬‬
‫الخالصة ‪ُ :‬كلّما فكرت بإيجابية ‪ ،‬كلما ازدتَّ معرفة ‪ ،‬كُلّما كانت‬
‫األمور أبسط ‪ ،‬كُلّما شعرت بالراحة النفسيّة ‪ ،‬كلّما رأيت العالم‬
‫من منظور ثاني غير المنظور السلبي الذي يجعل من اإلنسان‬
‫شخصا ً يتوخى الحذر حتّى من النملة‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫ضبط النفس ‪:‬‬

‫من أهم مميزات المتكلّم اإليجابي ‪ ،‬أنّه يعلم كيف يضبط نفسه أو‬
‫انفعاالته ‪..‬‬
‫ترا ُه حريصا ً على كل كلمة يقولها ( أي يعني يُف ّكر قبل التكلّم ) ‪..‬‬
‫و أيضا ً ترى أنّه يُف ّكر بكالم الشخص الذي يوجه له الكالم قبل‬
‫الرد عليه ‪ ،‬و هذا ما يجعل منه شخصا ً يضبط انفعاالته عند‬
‫تعرضه لكالم أو موقف ُمسيء ‪..‬‬
‫و عدا عن ذلك ترى أنّه ال يكثر من كالمه ‪ ،‬و يجتنب كل كالم‬
‫ليس له معنى ‪،‬و غالبا ً ما تراه يتكلّم في المضمون بشكل فوري ‪،‬‬
‫و ال يُعقّد التفاصيل ‪ ،‬وأيضا ً يُميل لألشياء البسيطة ‪ ،‬و حتّى‬
‫األشياء التي تكون بتعريفها ُمعقّدة ‪ ،‬يحاول أن يفهمها بشكل‬
‫مبسّط لكي تسهل عليه المعرفة ‪..‬‬
‫و تراه أيضا ً يقرأ بطريقة تشعر و كأنه هو من كتب المضمون‬
‫الذي يقرأه ‪.‬‬
‫و الكثير من األشياء الّتي تُميّزه عن غيره ‪ ،‬و هذه األشياء‬
‫مرتبطة بكيفية ضبط النفس !‬
‫كيف ؟‬
‫إذا أتينا و فرزنا هذه المميزات و أعطينا لكل واحدة تعريف‬
‫تستحقّه ‪ ،‬سنتو ّ‬
‫صل إلى نتيجة تُبيّن لنا أنَّ صاحب هذه ال ُمميزات‬
‫ليس فقط يعلم كيف يضبط نفسه و انفعاالته بل و يكون ال ُمبالي‬
‫تعرضه ألي كالم ُمسيء ‪.‬‬
‫عند ُ‬
‫حسنا ً ‪ ،‬لنبدأ ‪..‬‬
‫‪ *١‬حريص على كل كلمة يقولها ( أي التفكير قبل الكالم ) ‪:‬‬

‫‪60‬‬
‫يدل على تفكيره العميق ‪ ،‬و التي تجعل منه شخصا ً ُمميّزاً و‬
‫كالمه مثير لالهتمام أو االستماع بل و ال يتكلم في ما ليس له‬
‫معنى ‪.‬‬
‫‪ *٢‬التفكير في كالم الشخص الذي يوجه له قبل الرد عليه ‪:‬‬
‫أي ترى أنّه يصمت لمدة ثانيتين أو أكثر بعد انتهاء الشخص من‬
‫كالمه و بعدها يُباشر بالكالم ‪.‬‬
‫و نستنتج من هذا عدة أمور ‪:‬‬
‫أوالً ‪ :‬التفكير قبل الكالم لكي ال يخطئ ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬عدم ُمقاطعته للحديث ‪ ،‬مهما كان ‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬الرد المناسب في الوقت المناسب ‪.‬‬
‫رابعا ً ‪ :‬حرصه على كل كلمة يقولها و هذا مؤ ّشر على ( ضبطه‬
‫لنفسه )‪.‬‬
‫‪ *٣‬ال يكثر من الكالم ( و اجتناب كل كالم ليس له معنى ) ‪:‬‬
‫أي ال يتكلم كثيراً ‪ ،‬و هذا مؤ ّشر على أنَّ هذا الشخص هو من‬
‫يتحكم بانفعاالته و ليست االنفعاالت التي تتحكم به ‪ ،‬و عدا عن‬
‫ذلك أنَّ قلة كالمه تدل على قيمة كالمه ‪ ،‬فكلّما ق َّل الكالم ‪ ،‬كثر‬
‫قيمته ‪.‬‬
‫‪ *٤‬ال يعقّد التفاصيل ‪ ،‬و يميل لألشياء البسيطة ‪:‬‬
‫يعني إن كان هُنالك شيء واضح و مفهوم ‪ ،‬ال يعقّده ‪..‬‬
‫على سبيل المثال ‪ :‬أهم فرق بين اإلنسان والحيوان هو العقل ‪.‬‬
‫فلم يقل ‪ :‬أنَّ اإلنسان له عقل و الحيوان ال يملك العقل و هذا دليل‬
‫على أن الفرق بين اإلنسان و الحيوان هو العقل و اإلنسان‬

‫‪61‬‬
‫بطبيعته يف ّكر بعقالنية و منطقية أ ّما الحيوان فيتّبع شهواته و و‬
‫إلخ‪.‬‬
‫مع أنَّ هذه الطرق في الكالم قد تُفيد بعض من الناس ‪.‬‬
‫بنفس الوقت ‪ ،‬حتى ولو كانت هنالك ث ّمة أمور ُمعقّدة ( بطبيعتها )‬
‫يحاول أن يفهمها بشكل بسيط لكي ال تصعب عليه المعرفة ‪.‬‬
‫‪ *٥‬يقرأ بطريقة و كأنه كاتب المضمون الذي يقرأه ‪:‬‬
‫أي طريقة القراءة عنده بشكل جيّد ‪ ،‬ال سيما أنَّ هذا ما يُزيد من‬
‫ثقافته ‪ ،‬لذلك تراه بهذه الطريقة يفهم كل ما يقرأه بعكس من يقرأ‬
‫كالطالب االبتدائي ‪ ،‬يلقي نظرة و من ثم يقرأ ‪ ،‬و هذا ألنّه و بكل‬
‫بساطة يقرأ ليفهم المضمون و ليس ليتخلّص من القراءة ‪.‬‬
‫و هذا مؤ ّشر على أنَّ هذا الشخص يعلم كيف يضبط نفسه و‬
‫انفعاالته ‪.‬‬
‫و لكن هذا يختلف من شخص إلى آخر (أي طريقة التفكير ) ‪..‬‬
‫ترى من يُف ّكر بطريقة إيجابيّة ‪ ،‬ليس كمن يُف ّكر بطريقة سلبيّة ‪..‬‬
‫و غالبا ً من يُف ّكر بإيجابية هو من يتّقن فن ضبط النفس ‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫الصمت ‪:‬‬

‫غالبا ً ما يكونُ الصمت أقوى بكثير من الكالم في بعض النقاشات‬


‫( كالنّقاش العقيم ) ‪ ،‬و هي كلغة صعبة لدى الكثير من الناس ‪،‬‬
‫فهي تُستخدم في وقت يكاد الحجر أن ينطق ‪ ،‬و لكن ترى من‬
‫يمسك تلك الشهوة المليئة بالكالم الذي ليس له معنى ‪ ،‬و يتمالك‬
‫نفسه و يستخدم هذه اللغة تعبيراً ع ّما داخله ( كاالشمئزاز مثالً ) ‪،‬‬
‫و ليس من يتمالك نفسه فقط قادر على أن يصمت ‪ ،‬بل القوي‬
‫الذي يتغلّب على أفكاره السلبيّة الّتي في داخله ‪..‬‬
‫و أعجبتني مقولة ‪ ،‬ال أتذ ّكر صاحِ بُها ‪ ،‬لكنه قال ‪ :‬قد تحتاج إلى‬
‫ثالثة أعوام لتتعلّم التكلُّم ‪ ،‬و لكن ستحتاج إلى ستّون عاما ً لتتعلم‬
‫صمت ‪.‬‬‫ال ّ‬
‫و ليس القصد بالسنين ‪ ،‬إنما لصعوبة تعلُّم هذه اللغة !‬
‫أحيانا ً ما يكون الصمت احتراما ً في مواجهة من هو أكبر منك‬
‫سنّا ً ‪.‬‬
‫يصر على‬
‫ُّ‬ ‫و غالبا ً ما يكون الصمت ردّاً قويّا ً في مواجهة من‬
‫جهله ‪.‬‬
‫و قد تُستخدم هذه اللغة في هذه الحاالت ‪:‬‬
‫• أثناء العمل ‪ ،‬ف ُهنا يُعبّر الصمت عن اإلتقان ‪.‬‬
‫صب لرأيه ‪ ،‬و غالبا ً ما يكون رأيه‬‫• و في مواجهة من هو ُمتع ّ‬
‫ً‬ ‫خاطئا ً ‪ ،‬ألن لو كان رأيه صائبا ‪ ،‬لما كان ُمتع ّ‬
‫صبا لرأيه أو‬ ‫ً‬
‫ُمنفعالً به ‪.‬‬
‫ي األمر ‪ ،‬هُنا يُعبّر صمتُك عن احترامك‬
‫• في مواجهة األب أو ول ُّ‬
‫الشديد ‪ ،‬و أيضا ً لعدم خلق عائق في الحوار ‪ ،‬و هذا بسبب التباين‬
‫في مستوى اإلدراك أو حتّى في مستوى التفكير بينكما ‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫• في مواجهة األطفال ‪ ،‬و ليس بالضرورة أن يكون الطفل ذاك‬
‫الذي يكون صغير السن ‪ ،‬و ذلك للراحة العقليّة ‪.‬‬
‫النقاش مع بعض الناس ‪ ،‬كالنّقاش مع طفل يُريد أن يثبت لك أن‬
‫‪ ، ١=١+١+١‬لذلك هناك من ال يُحب أن يدخل في النقاشات‬
‫صمت ‪.‬‬‫فيختار ال ّ‬
‫ُ‬ ‫العقيمة ‪،‬‬
‫و ماذا عن ذلك الّذي يقول ‪ ( :‬الصمت عالمة الرضا ) ؟‬
‫ّأوالً ‪ ،‬ليس الصمت عالمة الرضا بل السكوت ( مع إني لم أثق‬
‫كامل الثقة بهذه المقولة ) ‪..‬‬
‫ثانيا ً ‪ ،‬هُنالك فرقٌ كبير بين الصمت و السكوت ؛‬
‫فالسكوت هو ترك الكالم مع القدرة عليه ‪ ،‬و إمساك عن الكالم‬
‫حقّا ً كان أم باطالً ‪ ،‬بمعنى أوضح ؛ تُستخدم في الوقت الغلط ‪ ،‬في‬
‫الوقت الذي يجب التكلم به ‪..‬‬
‫أي يُريد أن يتكلّم ‪ ،‬و لكنّهُ غير قادر ‪ ،‬و تختلف األسباب طبعا ً ‪.‬‬
‫أ ّما الصمت ‪ ،‬فهي اإلرادة الح ُّرة التي تُستخدم في األوقات الّتي‬
‫خير له من التكلّم ‪ ،‬و هو أيضا ً‬
‫يجب أن يصمت بها الفرد ‪ ،‬و ذلك ٌ‬
‫ليس من السّهل فعله ‪،‬بمعنى أوضح ؛ هو أسلوب من أساليب‬
‫الراحة ‪..‬‬
‫ّ‬
‫الرضا و ليس الصمت ‪ ،‬مع أنَّ‬ ‫فال ُمراد قولُه هو ‪ :‬السكوت عالمة ّ‬
‫حتى السكوت ليس عالمةً للرضا فقط ‪ ،‬كما قلنا سابقا ً ( تختلف‬
‫األسباب ) ‪.‬‬
‫•••‬
‫صمت ؟‬
‫كيف يمكنني أن أضبط نفسي من الكالم و التزم ال ّ‬
‫سؤال جميل جدّاً ‪ ،‬و لكن ‪..‬‬

‫‪64‬‬
‫أوالً ‪ ،‬يجب أن تتعلم كيف أن تضبط نفسك بشكل عام ‪ ،‬و من ثم‬
‫ستتعلّم الصمتُ إن شاء هللا ‪.‬‬
‫ضبط النفس ‪ ،‬أو ضبط األعصاب عمليّة ليست سهلة ‪ ،‬و بنفس‬
‫الوقت ليست صعبة أيضا ً ‪ ،‬فهي تحتاج منك أن تضغط على‬
‫عقلك بالتفكير كما تضغط على لسانك بالكالم الفاضي و ال ّشد و‬
‫رفع الصوت و و و إلخ‪..‬‬
‫على سبي ُل المثال ‪:‬‬
‫أتى شخص إليك ُمنزعج ‪ ،‬و قد ثار حديث بينك و بينه ‪ ،‬و تبيّن‬
‫لك أنّه ليس بوضع يسمح له أن يتفاعل مع الحديث ‪ ،‬فثار غضبه‬
‫و شتمك ‪..‬‬
‫ال بد من أنّك سترد عليه بالمثل ‪ ،‬فهذا الشيء طبيعي ‪..‬‬
‫و لكن لما ال تستخدم الطرق األنسب في التعامل ؟‬
‫_ كيف ؟‬
‫أن تُهدّي نفسك قليالً ‪ ،‬و تسأل نفسك ‪ :‬لماذا فعل كُل هذا من العدم‬
‫؟‬
‫و كما نعلم أنّه ال يوجد شيء من العدم ‪ ،‬و لكل حادثة سبب‬
‫لوقوعها ‪ ،‬فعليك أن تتبع سبيل األسئلة قبل أن تتبع سبيل ردة‬
‫فعلك ( مهما كان ) ‪..‬‬
‫نتصرف بشكل‬‫ّ‬ ‫مع العلم ؛ أنّه من الغير منطقي أو من الغلط أن‬
‫سلبي ‪ ،‬فقط ألننا قد مررنا بموقف سلبي ‪ ،‬و لكن يجب أن نتذ ّكر‬
‫أمران ‪..‬‬
‫أوالً ‪ ،‬علينا ّأال نستخدم المنطق في النفوس البشرية ‪ ،‬فهذا الشيء‬
‫أشبه بالجنون ‪ ،‬و هذا الشيء غلط نوعا ً ما ‪ ،‬و أنَّ المواقف تؤثّر‬
‫بالنفس اإلنسانية ‪ ،‬فإذا قلت كلمة طيّبة لشخص ‪ ،‬فليس غريبا ً أن‬
‫يكون ذلك الشخص سعيداً طوال هذا اليوم ‪ ،‬و ليس األغرب أن‬

‫‪65‬‬
‫يظ ُّل أن يُف ّكر بتلك الكلمة التي قُلتها ‪ ،‬فالكلمة الطيّبة صدقة ‪ ،‬و‬
‫االبتسامة في وجه أخيك صدقة ‪ ،‬و لكن إن حدث عكس ذلك‬
‫سيحدث عكس النتيجة ‪ ،‬لذلك علينا بالتفكير و ليس كُل ما في هذه‬
‫الحياة منطق و رياضيات ‪ ،‬فإذا حدثت معك مشكلة مع رجُلين‬
‫فينبغي أن تُف ّكر كيف تحل هذه المشكلة بعقلك وبالتفكير ‪ ،‬يعني‬
‫استحالة أن ترى شخصا ً يقول ‪ ٢=١×٢‬فهذا يعني أنّه ناتج هذه‬
‫ال ُمشكلة سيبقى رجالن و رجل منّا سيخسر و ينتهي أمره ‪ ،‬لذلك‬
‫علينا أن نُقسّم اثنان على واحد فسيكون الناتج أيضا ً اثنان فهذا‬
‫مؤ ّشر على أنّه ال مفر من هذا الرجل الّذي سينتهي أمره ‪ ،‬و لكن‬
‫!‬
‫من هذا الرجل ‪ ،‬أنا أم واحد من هذين الرجلين ؟‬
‫التفكير الفلسفي القائم على هذا الشكل خاطئ ‪ ،‬لذا على المرء‬
‫التفكير بعقالنيّة ليحل المشاكل ‪ ،‬و ليس ليُعقدها ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ ،‬ال يمكننا أن نُغيّر العالم ‪ ،‬أو نقول لماذا أتيته بالكالم السّيء‬
‫‪ ،‬أو لما أنت تضجّرت كثيراً من كالم هذا الشخص ‪ ،‬و لكنّنا‬
‫قادرين على تغيير األساليب مع العالم ‪.‬‬
‫و أرى أنّ من األصح هو التعامل بشكل إيجابي ‪ ،‬مهما كان ‪ ،‬و‬
‫مع م ّمن كان ‪.‬‬
‫يجب أن نعلم أنَّ هُنالك غريزة تتفاعل في اإلنسان ‪ ،‬أال وهي‬
‫ال ّشهوة ‪ ،‬و أقصد ال ّشهوة السّيئة ‪ ،‬و الكثير من يخضع لهذه‬
‫ال ّشهوة و مع أنّها مؤقّتة و لكنّها قويّة و تكون كثيرة عادةً ‪ ،‬و‬
‫تتعدد الشهوات ( كالتدخين ‪ ،‬شرب الكحول ‪ ،‬مصاحبة الفتيات ‪،‬‬
‫‪ ،‬و إلى آخره من األفعال األكثر سلبية ) ‪.‬‬
‫قد تكون مثل فكرة تأتي للشخص ‪ ،‬و لكن التمعُّن بهذه األفكار و‬
‫التركيز فيها تتحول إلى حقيقة ‪ ،‬و هذا ما ينتج عنها االستمتاع في‬
‫البداية ‪ ،‬و الندم عند االنتهاء منها ‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫أن ال بأس‬ ‫تحرر و ينظر إليها بنظرة إيجابية ‪ ،‬و َّ‬ ‫البعض يراها ّ‬
‫بها ‪ ،‬و مجنون ذلك الّذي يدّعي أنَّ مثل هذه ال ّشهوات قد تكون‬
‫سلبيّة أو تعطي نتائج سلبيّة في المستقبل ‪ ،‬و داعم هذه الشهوات‬
‫نفسه الذي يُف ّكر كالبهيمة ‪ ،‬أنا ال أدري إن كانت البهيمة تُف ّكر من‬
‫األساس ‪ ،‬ولكن صدقا ً الحياة التي ال تكون لها معنى و العيش مثل‬
‫البهائم و اتّباع الشهوات ‪ ،‬ليست ّإال حياة ٌ ُمهدّدة باالنقراض الذّاتي‬
‫‪ ،‬و يأتي و يقول أنّه يُف ّكر بعقالنية ‪ ،‬و ال يدري أنّه يُج ّمد العقل و‬
‫ال يمجّده ‪ ،‬و يُف ّكر بشهوانيّة بشعة ‪ ،‬يتّبع شهوته ‪ ،‬يتعامل مع‬
‫جسم المرأة كأنها سلعة تُباع و تُأجّر ‪ ،‬و بعدها يكتب مقال عن‬
‫حقوقها ‪..‬‬
‫ال نريد أن ندخل في هذه المواضيع أكثر من ذلك ‪ ،‬و لكن األمر‬
‫أشبه بذلك الّذي كان يُد ّخن بشراسة و لم يحصل له شيء ‪ ،‬و بعد‬
‫أن انتقد شركات التّبغ مات بنفس السّنة نتيجة لسرطان بالرئة ‪.‬‬
‫تبقى تلك ال ّسعادة ال ُمعطاة من هذه النوازع العدوانية بشكل عام (‬
‫مؤقّتة ) ‪ ،‬و لكن هُنالك ما يتخالف مع هذه النوازع و ال ّشهوات و‬
‫يعطي اإلنسان السّعادة الحقيقية و بشكل مستمر ‪ ،‬لكنّه ليس قادراً‬
‫أن يُس ّهل لإلنسان أو يجعله يشعر بنفس شعور الشهوة ‪ ،‬ألن‬
‫االختالف بينه و بين الشهوة ‪ ،‬هو أن الشهوة تشعر بها في البداية‬
‫و تشبع منها عند انتهائك منها ‪ ،‬بل و تندم على فعلها غالبا ً ‪ ،‬أما‬
‫صبر لكي‬ ‫ما هو ضد هذه الشهوات ال تُريد منك سوى القليل من ال ّ‬
‫المستمرة ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تحظى السعادة الدائمة و‬
‫لذلك كل ما هو مخالف للشهوة ‪ ،‬مخالف للكسل ‪ ،‬للتفكير السلبي ‪،‬‬
‫للحياة التي تكون بال هدف ‪ ،‬و الكثير من الجوانب السلبية التي‬
‫تطرحها هذه الشهوات لإلنسان ‪..‬‬
‫ال يك ُمن الضعف ّإال بمن خضع لنفسِه لما تشت ِه نف ُ‬
‫سهُ ‪.‬‬
‫إيّاك بإرضاء النوازع العدوانيّة الّتي بداخلك ‪.‬‬
‫قد يسأل سائل ‪ ،‬ما عالقة كُل هذا بال ّ‬
‫صمت !؟‬

‫‪67‬‬
‫سؤال جميل جدّاً ‪..‬‬
‫صمت ّإال عند من يتّبع عقله ‪ ،‬و ال يميل‬ ‫عزيزي ‪ ،‬ال تكمن لغةُ ال ّ‬
‫لما تشت ِه نفسه ( أقصد ال ّشهوات ) ؛ ألنَّ ال ّشهوة بشكل عام قد‬
‫ّ‬
‫تجعل من اإلنسان كائنا ً ليس طبيعيّا ً ‪ ،‬و هذه بالنسبة للغرائز التي‬
‫تدعو إلى فعل كل ما هو سلبي ‪ ،‬و ال ّشهوة بالكالم تمنعك من‬
‫صمت في الوقت الذي يجب أن تصمت به ‪ ،‬تشعر و كأن هنالك‬ ‫ال ّ‬
‫ّ‬
‫شيء في داخلك يُريد منك أن تتكلم ‪ ،‬أي تأتيك رغبة شديدة بأن‬
‫تتكلم ما بداخلك ‪ ،‬و لكن بتفكيرك بشكل عقالني تصمت ‪ ،‬ألنَّ‬
‫خير لك من التكلّم‪.‬‬
‫ذلك ٌ‬
‫صبر ‪ ،‬عالقة مترابطة ألن كالهما يسيرون‬
‫عالقة الصمت بال ّ‬
‫على قانون ( تح ّمل ‪ ،‬ستصل ) ‪.‬‬
‫تنويه ‪ :‬ما أقصده عن الشهوات ‪ ،‬هي ال ّشهوات السّيئة ‪ ،‬أي يعني‬
‫كالرغبة في الكحول ‪.‬‬
‫الرغبة في الشاورما ليست ّ‬

‫الراحة الّتي تأتي بعد التعب لها لذّة ال توصف ( كاالطمئنان‬


‫الدّاخلي ) ‪..‬‬
‫على سبيل المثال ‪ :‬الرغبة في الكسل و النّوم بشكل غير طبيعي ‪،‬‬
‫قد تراها فكرة جميلة تُراعي ما بداخلك ( بل و تستريّح بالعا ّمية )‬
‫‪ ،‬و عند االستيقاظ من النوم ( أي بعد االنتهاء من هذه الفكرة ) ‪،‬‬
‫تتمنّى لو أنّك لن تفعل ذلك أبداً ‪ ،‬و طبعا ً تتغيّر ال ّشهوة ‪ ،‬و النتيجة‬
‫ذاتها ‪..‬‬
‫طى هذه‬ ‫قد يكونُ األمر أشبه بمن صبر على الفقر مدة أعوام و تخ ّ‬
‫المرحلة ‪ ،‬بينما هُنالك من كان غنيّا ً بالوراثة و بعدما أصابه الفقر‬
‫فجأة ‪ ،‬انتهى أمره ‪ ،‬و بقي كذلك ‪.‬‬
‫األول ف ّكر بعقالنيّة كيف يتخلّص من الحالة الّتي فيها ‪ ،‬لذلك كان‬ ‫ّ‬
‫ي العقل ‪ ،‬ف َّك َر ‪ ،‬ثم دب ََّر ‪ ،‬ثم ص َب َر ‪ ،‬ثم‬
‫ُّ‬ ‫غن‬ ‫كان‬ ‫لكنه‬ ‫و‬ ‫المال‬ ‫فقير‬

‫‪68‬‬
‫تلقّى النتيجة ‪ ،‬على عكس الثّاني الذي ف ّكر َّ‬
‫أن المال كُ َّل شيء ‪ ،‬و‬
‫كان يف ّكر أنّهُ ُوجد من أجل المال ‪.‬‬
‫لذلك ‪ ،‬الفرق قد يكون واضحا ً في من يصل لما أراده بتفكيره ‪ ،‬و‬
‫من كان يشتهي المال لكي يُن ّمي الفراغ الّذي عنده ‪ ،‬في من كان‬
‫يرى أنَّ األساس هو العقل ‪ ،‬ألنه الذي جاء بالمال من خالل‬
‫التفكير بعقالنيّة ‪ ،‬ليس كمن يعتبر المال أهم سبب لوجوده ‪.‬‬
‫لذلك ‪ ،‬تذ ّكر دائما ً و أبدا يا صديقي ‪ ،‬إن لم تتعب في النّهار ‪ ،‬لن‬
‫ح في الليل ‪.‬‬ ‫ترتا َ‬
‫•••‬
‫و ِعالوة على ذلك كُلّه ‪ ( :‬التفكير بإيجابيّة )‬
‫إن أتتك فكرة سلبية و تغاضيت عنها ‪ ،‬فاعلم أنّك إنسان سوي و‬
‫سليم ‪ ،‬ولكن إذا تعمدت أن تُف ّكر بفكرة سلبية ‪ ،‬تأكد حينها أن‬
‫األفكار السلبية هي التي تُسيطر على عقلك ‪ ،‬و ليس عقلُك‬
‫ال ُمسيطر ‪..‬‬
‫و هذا ما يدل إن كُنت تُف ّكر بشكل سلبي أو إيجابي ‪ ،‬و تفكيرك هو‬
‫أساس لكل شيء ‪،‬لذلك حاول دائما ً ّأال تُف ّكر بشكل سلبي ‪ ،‬و‬
‫تجعل من نفسك إنسانا ً سلبيّا ً ‪ُ ،‬متشائما ً من ال شيء حتّى ‪ ،‬و‬
‫تجعل من نفسك غير مقبول اجتماعيا ً !‬
‫صمت ‪ ،‬هو ّأال تُف ّكر بشكل سلبي لكي ال يؤثّر‬‫و عالقة كل هذا بال ّ‬
‫صمت في بعض األوقات ‪ ،‬وال تجعل منك‬ ‫ذلك على اعتيادك لل ّ‬
‫صامتا ً و بنفس الوقت تدور في رأسك ألف فكرة سلبية ‪ ،‬صدّق ‪،‬‬
‫إن كنت تصمت لكي تُف ّكر بشكل سلبي ‪ ،‬فتكلّم و زد من كالمك‬
‫أيضا ً ‪ ،‬فذلك خيراً بكثير من التفكير الذي يدور في رأسك ‪.‬‬
‫صبا ً لرأيه بشدّة ‪ ،‬و‬
‫كُن ُمبتسما ً ‪ُ ،‬متسامحا ً ‪ ،‬حتّى مع من كان ُمتع ّ‬
‫ذلك ألنّك على يقين تام بأنَّ رأيك هو الصائب و ليس رأيه ‪ ،‬فلما‬
‫النقاشات العقيمة إذاً ؟‬

‫‪69‬‬
‫صبا ً لرأيك ‪ ،‬و لست كارها ً لمن خالفك‬
‫بيّن لهم أنّك لست ُمتع ّ‬
‫أيضا ً ‪.‬‬
‫الحق ولو كان جارحا ً ‪ ،‬و ال تنتظر قبول هذا القول أو‬
‫ِّ‬ ‫قل قول‬
‫رفضه ‪..‬‬
‫و ال تقل قول الباطل ولو كان يُلبّي رغباتك و رغباتهم ‪ ،‬و ال تقبل‬
‫أن تخضع لنوازعك العدوانيّة حتّى ولو كانت ترضي الجميع بها‬
‫‪ ،‬تذ ّكر أنّك ستكون لوحدك في النهاية ‪.‬‬

‫صدق ‪..‬‬
‫هُنالك أشخاص يحملون في طيّاتهم أفكار سلبيّة ‪ ،‬و لكن‬
‫ينتظرون أن يأتي ذلك الّذي يدعم هذه األفكار لتتسمى بعد ذلك (‬
‫تحرر ) ‪ ،‬لذا ال تستغرب من شدة الغباء الّذي يُعاني منهُ الكثير ‪..‬‬
‫ّ‬
‫و إن أعطيت النّصيحة ألحدهم و لم تُقبل ‪ ،‬فتأ ّكد أنّك لست من‬
‫يدعم تلك األفكار ‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫التنقل من موضوع إلى آخر ‪:‬‬

‫كيفية التنقّل من موضوع إلى آخر ليست صعبة ‪ ،‬و لكنها مهارة‬
‫جيّدة تميّزك عن غيرك ‪ ،‬ألن هنالك الكثير من ال يمتلك هذه‬
‫المهارة ‪ ،‬أو احتمال ال يعلم أنَّ من حسن الحديث مع الغير كيفية‬
‫االنتقال من كالم لكالم آخر بطريقة سلسة ‪.‬‬
‫و قد تختلف الطرق من شخص آلخر ‪ ،‬أي ليس ضروريّا ً أن‬
‫تفعل ما أكتبه هنا بالضّبط ‪ ،‬خذ النّصيحة ‪ ،‬و طبّقها على الطريقة‬
‫الّتي تُحبّها ‪.‬‬
‫و إن دخلت مجال الخطاب ‪ ،‬أو حدث معك موقف و انجبرت أن‬
‫تُخاطب عدة أشخاص ‪ ،‬فعندما ال تُجيد االنتقال بين الكالم ‪ ،‬فلم‬
‫يهتم أحد لكالمك ‪ ،‬بل و سيسيطر عليهم الملل من كالمك ‪ ،‬حتّى‬
‫ولو كان كالمك غاية في األهميّة ‪ ،‬هُنالك عدّة شروط ‪ ،‬و لكن‬
‫أهمها ( التنقّل السليم ‪ ،‬توزيع النّظر على الجميع ‪ ،‬تحريك اليد ‪،‬‬
‫و غيرها ‪)..‬‬
‫لذا إن كنت ال تجيد هذه المهارة ‪ ،‬أي ال تجمع أفكارك بطريقة‬
‫متسلسلة و ال تتنقّل بين الكالم بطريقة سليمة ‪ ،‬ستكون هكذا ‪..‬‬
‫على سبيل المثال ‪:‬‬
‫صمت ‪ ،‬من أقوى ال ال األشياء أو الصفات التي يمتلكها الفرد‬ ‫ال ّ‬
‫صمت و ما أدراكم ما الصمت ‪ ،‬صفة ال يكتسبها أو ال يتمتع‬ ‫‪ ،‬ال ّ‬
‫ي ‪ ،‬الشخص القادر على ضبط نفسه ‪،‬‬ ‫بها سوى الشخص القو ّ‬
‫الشخص الذي يعني ‪...‬‬
‫يمسك شهوته من الكالم و يُفضّل صامتا ً ‪ ،‬و هناك مقولة مشهورة‬
‫صامت إذا تكلّم ‪ ،‬يعني إذا تكلّم بعد هذا الصمت‬‫تقول ‪ :‬أحذر ال ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫كله ‪ ،‬فسيكون كالمه قويّا كثيرا ‪ ،‬و ‪ ...‬ترى أنّه ‪ ،‬أو سترى نفسك‬
‫عندما تصمت كأنّك خضت معركة بينك و بين نفسك ‪ ،‬ال تسأل‬

‫‪71‬‬
‫كيف ألن بكل بساطة لغة الصمت ليست لغة سهلة ‪ ،‬و أيضا ً‬
‫ليست لغة صعبة ‪ ،‬عليك بها ‪ ،‬أنصح الجميع ‪ ،‬أو أنصح نفسي‬
‫صمت ‪ ،‬قد تكون في البداية صعبة و ستخضع‬ ‫قبلكم حتّى بال ّ‬
‫ّ‬
‫لشوهتك و ستتكلم ألنك غير ُمعتاد على هذه اللغة الجديدة ‪ ،‬اللغة‬
‫القويّة تحتاج إلى شخص قوي ‪ ،‬إلى شخص يصبر ‪ ،‬الصمت‬
‫عالمة لكثير من األشياء ‪ ،‬وتدل على أشياء كثيرة ‪ ،‬عليكم‬
‫بالصمت ‪.‬‬
‫تخيّل يا صديقي لو ذهبت إلى قاعة ‪ ،‬و يأتي ال ُمحاضر و يتكلّم‬
‫بهذه الطريقة !‬
‫كيف سيكون شعورك ؟‬
‫أعلم جيّداً ‪ ،‬أنّك ستقول لي أن في هذه األحيان ال بد من تجهيز‬
‫المرء لنفسه جيّداً قبل اإللقاء ‪ ،‬فهذا ال يرتبط بما تقوله أنت !‬
‫عزيزي ‪ ،‬هُنالك أمور تحدث فجأة ‪ ،‬لذا عليك بها ‪ ،‬ألنّك لو‬
‫اتخذت مسلك التجهيز قبل الفعل دائما ً ‪ ،‬فلم تتعلم شيئا ً جديدا بعد ‪،‬‬
‫ً‬
‫لذلك حاول أن تُن ّمي من مهاراتك من كل النواحي ‪ ،‬و س ّهل على‬
‫نفسك الكثير من األمور التي ستصعب عليك حين تأتيك فجأةً !‬
‫ال أقول لك فاجئ نفسك بنفسك لكي تتعلّم ‪ ،‬وال حتّى أقول لك‬
‫ج ّهز نفسك دائما ً لكي ال تصدمك األمور الفُجائية ‪ ،‬و لكن عل ّ‬
‫ي أن‬
‫أقول لك أن تن ّمي من مهارة التنقّل بين الكالم ‪ ،‬و التفكير البسيط‬
‫في ما يدور في عقلك ‪ ،‬و في ما يدور على رأس لسانك قبل‬
‫النّطق ‪.‬‬
‫األمر ليس بهذه السّهولة التي نتوقعها ‪ ،‬صدّق !‬
‫و لكن األمر أشبه بأن تتعلم شيء يخص شيء ثاني ‪ ،‬و هكذا مع‬
‫التجارب ستحصل على النتيجة الّتي تُريدها ‪.‬‬
‫كيف !؟‬

‫‪72‬‬
‫سؤال جميل ‪ ،‬عليك أن تعلم بدايةً أن األمور الفُجائية التي تحصل‬
‫مع المرء ‪ ،‬يدخل بها المرء في حالة ( الهروب أو الهجوم ) ‪ ،‬و‬
‫هذا المبدأ أو هذه الحالة باختصار هي أن تتج ّمد في مكانك نوعا ً‬
‫ما ‪ ،‬فلم تكن قادراً على فعل أي شيء كنت تعلمه جيّداً ‪ ،‬و تنتشر‬
‫كمية األدرينالين التي تعطي لإلنسان قوة كبيرة في عضالت‬
‫جسمه ‪ ،‬و خصوصا ً عضالت األرجل و اليدين ‪ ،‬و قد تزداد‬
‫ضربات القلب ‪ ،‬و هذا يختلف من موقف آلخر ‪ ،‬و ليس غريبا ً‬
‫أن يحصل معك موقف ‪ ،‬ترى أنّه يزيد تركيز و حجم العين ‪ ،‬و‬
‫لكن عقلك ال يُر ّكز في الموقف أبداً ‪ ،‬و هنا يتش ّكل لديك أنّه‬
‫مصدر خطر ‪ ،‬فإ ّما الهروب من المصدر ‪ ،‬أو الهجوم ‪..‬‬
‫لذلك يسميه العلماء مبدأ الهروب أو الهجوم ‪.‬‬
‫و لكن ما عالقة هذا باألمور الفُجائية الطبيعيّة التي ستحصل مع‬
‫المرء بشكل عام ؟‬
‫طى هذا الشعور ‪ ،‬و ذلك بأن تقنع‬ ‫سؤال جيّد ‪ ،‬عليك بالبداية تتخ ّ‬
‫نفسك بأنَّ هنالك أمور قد تحصل مع المرء ‪ ،‬عليه أن يضبط نفسه‬
‫بدالً من الخضوع لشهوته ‪ ،‬ألنَّ ذلك يجعل من اإلنسان شخصا ً لم‬
‫ُفرق بين الصواب و الخطأ ‪ ،‬لذا عليك ّأوالً أن تقتنع إن لم‬ ‫يعد ي ّ‬
‫يحصل معك هذا الشيء سوف يحصل ‪ ،‬هذا و حصل معي !‬
‫و لكن أُجريت المحاولة بضبط النفس بالفشل !‬
‫ألن التجربة األولى ليست كافية لكي يثبت المرء فيه أنّه قادر‬
‫على ذلك ‪ ،‬لذا ال بدَّ من عدة تجارب ‪ ،‬لكي يحظى المرء بسهولة‬
‫التعامل تدريجيّا ً ‪.‬‬
‫هذا و يختلف من موقف آلخر ‪ ،‬كما قُلنا سابقا ً ‪..‬‬
‫أي يعني عندما يُفاجئك صديقك بمقلب تافه ‪ ،‬ليس كالمدير الذي‬
‫يُفاجئ أستاذ الرياضة بأن يعطي درس فلسفة للطالب حاالً !‬

‫‪73‬‬
‫لذا علينا أن نتبع هذه الخطوات ‪ ،‬الّتي قد تُساعد المرء أن يتخ ّ‬
‫طى‬
‫مثل هذه المواقف ‪.‬‬
‫‪ *١‬عندما تتفاجأ بشيء كهذا ‪ ،‬حاول أن تُف ّكر بكيفية التعامل مع‬
‫الموقف و ليس بكيفية الهروب من الموقف ‪.‬‬
‫‪ *٢‬عند القيام بالعمل الفُجائي ‪ ،‬حاول أن تتنفّس بشكل طبيعي و‬
‫أن تُف ّكر كيف أن تُرتب األفكار ال ُمترتبة عليك ‪.‬‬
‫‪ *٣‬ضبط النفس ضروري ‪ ،‬و لكن األكثر ضروريّا ً هو تقبُّلك‬
‫للموقف ‪.‬‬
‫‪ *٤‬االبتعاد عن األفكار السلبية ‪ ،‬الّتي هي أكبر عائق في كل أمر‬
‫‪.‬‬
‫يصفر ال أعلم ‪ ،‬و لكن حاول أن تتذكر‬ ‫ّ‬ ‫يحمر وجهك ‪ ،‬أو‬
‫ُّ‬ ‫‪ *٥‬قد‬
‫موقف يُساعدك على االبتسامة ‪ ،‬لكي تتج ّهز نفسيّا ً ‪.‬‬
‫‪ *٦‬أثناء الخطاب ‪ ،‬أو إلقاء الكالم ‪ ،‬حاول أن تكون على طبيعتك‬
‫‪ ،‬و ّأال تتصنّع أو تُقلّد أسلوب شخص آخر ‪ ،‬فقط ألنّك مض ّ‬
‫طر و‬
‫ألنك فوجئت بذلك ‪.‬‬
‫‪ *٧‬ال تُف ّكر كيف ستنهي ‪ ،‬بل ف ّكر في ما أنت فيه ‪ ،‬أي يعني‬
‫حاول أن تعطي أهمية لما أنت فيه ‪ ،‬ألنك ال تدري كيف سينتهي‬
‫الخطاب ‪.‬‬
‫صمت ‪ ،‬و لكي ال تُبيّن لهم ‪،‬‬
‫‪ *٨‬إن نسيت الكالم ‪ ،‬عليك بال ّ‬
‫أشرب كوبا ً من الماء ( إذا كانت موجودة ) ‪ ،‬أو أبلع ريقك ‪ ،‬و‬
‫ف ّكر في أن تربط بين المواضيع ‪.‬‬
‫‪ *٩‬التنقّل السليم و تحريك اليد ‪ ،‬و توزيع النظر على الجميع و‬
‫التعبير بإماءات الوجه و طبقة الصوت ‪.‬‬
‫‪ *١٠‬ال يه ُّم الموضوع ‪ ،‬و لكن األهم من ذلك هو طرحك‬
‫للموضوع ‪..‬‬

‫‪74‬‬
‫قد تختار موضوع مثير لالهتمام و لكن طرحك له يجعله ُم ّ ً‬
‫مال ‪،‬‬
‫و قد تختار موضوع ليس ُمه ّما ً و ليس جديداً ‪ ،‬و لكن أسلوبك هو‬
‫الذي يجعله مثيراً ‪.‬‬
‫تكرر كثيراً مثل هذه الكلمات ( المهم ‪ ،‬يعني ‪ ،‬حسنا ً ‪،‬‬
‫‪ *١١‬ال ّ‬
‫‪....‬إلخ) ‪.‬‬
‫‪ *١٢‬أخيراً و ليس آخراً ‪ ،‬أن تجعل من الشيء ال ُمفاجئ إلى شيء‬
‫و كأنّك أنت دبّرت له ‪ ،‬أي تُبيّن للناس مدى اهتمامك بالموضوع‬
‫الذي تطرحه ‪.‬‬
‫•••‬
‫هُنالك طرق أخرى ‪ ،‬مثالً ‪ :‬أن تُج ّهز موضوع في البيت و تجعله‬
‫لالحتياط ‪ ،‬و لكن قُلّما يحدث ذلك مع المرء ‪ ،‬لذا ال أحد يُف ّكر بهذا‬
‫‪ ،‬لذلك عندما تكون ُمستعد و يحصل معك هذا الموقف ‪ ،‬غالبا ً لم‬
‫تمر بعدة تجارب لكي ترى بنفسك‬ ‫تنجح في البداية ‪ ،‬أي عليك أن ُّ‬
‫التطور الذي سيحصل معك من تجربة ألخرى ‪ ،‬و هذا أيضا ً‬ ‫ّ‬ ‫أنت‬
‫ً‬
‫يختلف من شخص آلخر ‪ ،‬صدقا هُنالك من يصيب من أول‬
‫تجربة و هنالك من يقع في الخطأ حتى في التجربة العاشرة ‪..‬‬
‫لذا أهم شيء هو أن ترى ما هي المشكلة لكي تحلّها و ليس لكي‬
‫تبتعد عنها أو تتخطاها ‪.‬‬
‫سنرجع إلى ذلك المثال الذي كان في البداية ‪ ،‬و سنعيد إلقاءه ‪ ،‬و‬
‫التطور الذي سيكون بين هذا و ذاك ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫سنرى الفرق و‬
‫الصمت ‪ ،‬و ما أدراكم ما الصمت ‪ ،‬من الصفات التي يتميّز بها‬
‫الفرد عن غيره ‪ ،‬من الصفات التي تفرض على الفرد أن يضبط‬
‫نفسه لكي يمتلك هذا األسلوب ‪ ،‬أو هذه اللغة !‬
‫قد يسأل سائل ‪ ،‬لما كل هذا االهتمام بالصمت ‪ ،‬أو لماذا نحن‬
‫صمت على الكالم في أكثر األوقات في النقاشات !؟‬ ‫نُفضّل ال ّ‬

‫‪75‬‬
‫سؤال جميل جدّاً !‬
‫الصمت يا عزيزي ‪ ،‬لغة ال يتقنها إال من كان يتّقن أسلوب‬
‫االستماع من دون المقاطعة ّأوالً ‪ ،‬و عدم الخضوع لشهوة التكلمّ‬
‫أو الردود التلقائية الفورية ثانيا ً ‪..‬‬
‫اإلنسان العاقل و الذي ال يخضع لما تشته نفسه ‪ ،‬و يعطي كل ذي‬
‫حق حقّه ‪ ،‬و يرى من األمور من بُعدها إلى قُربها بالتدريج ‪ ،‬و ال‬
‫يستنتج أو يدرك شيء كامل بواسطة استنتاج معلومة صغيرة من‬
‫هذا الشيء ‪..‬‬
‫سيعرف جيّداً مدى أهمية الصمت في أغلب األحيان و ضرورة‬
‫استعمالها ‪ ،‬و أيضا ً سيعلم كيفية التعامل مع أي شيء مهما كان ‪،‬‬
‫ألن اإلنسان الذي يستخدم شيء يصعب عليه فعله ‪ ،‬سيتمكن من‬
‫فعل أشياء ثانية أيضا ً ‪ ،‬ألن الصمت بشكل عام ناتج عن سيطرة‬
‫اإلنسان على نفسه و شهواته و كل ما يدور في طيّاته من الكالم‬
‫الذي ليس له معنى ‪..‬‬

‫ال أُريد من حضراتكم سوى التفكير قبل فعل أ َّ‬


‫ي شيء ‪..‬‬
‫ف ّكر يا صديقي ‪ ،‬إذا التزمت الصمت في بعض األحيان ‪ ،‬ما الذي‬
‫سيحدث ؟‬
‫أو ما الذي سيترتّب عليك فعله !؟‬
‫صمت يجعل من الشخص الذي أمامك أن يرتبك و‬ ‫هل تعلم أنَّ ال ّ‬
‫يتكلم في ما ال يعنيه أو في ما ال يخص الموضوع الذي تكلّم عنه‬
‫‪ ،‬و سيشعر أيضا ً و كأنّه فعل شيء ليس صائبا ً في تكلمه معك‬
‫بهذه الطريقة ‪ ،‬و لكن مع األسف غالبا ً ما يرى نفسه صائبا ً و‬
‫يخضع لشهواته و نوا زعه العدوانية ‪ ،‬وال يقبل بما نتج عن عقله‪..‬‬
‫لذلك ‪ ،‬عليك بالصمت ‪ ،‬ذلك خيراً لك من التكلّم ‪..‬‬

‫‪76‬‬
‫اإلنسان عندما يفقد أعصابه ‪ ،‬يبدأ يتكلّم فيما يتنافى كليّا ً عن عقله‬
‫‪ ،‬لذلك بعد أن يتخلص من هذه الحالة و يتذكر كالمه ‪ ،‬صدقا ً ‪ ،‬لم‬
‫يعد يُصدّق إن كان كل هذا الكالم أو األفعال ناتجة عنه ‪..‬‬
‫كل ما نريده ‪ ،‬هو أن يصل اإلنسان إلى مرحلة يتح ّكم بما يتح ّكم‬
‫به في بعض الظروف ‪.‬‬
‫و شكراً ‪.‬‬
‫هكذا و نرى أنَّ اإلنسان قادر على خلق موضوع أمام الجمهور‬
‫دون التجهيز له ‪ ،‬و األهم من هذا كلّه ‪ ،‬هو التنقّل السليم في‬
‫الموضوع ‪ ،‬و عدم خلط ما ال يُناسب قولك ‪..‬‬
‫و أيضا ً عندما يُطلب منّا إلقاء كالم من دون الترتيب و من دون‬
‫تجهيز و إعداد ‪ ،‬علينا أن نختار المواضيع التي نعرفها و نفهمها‬
‫‪ ،‬يعني إذا كنت تعلم عن العدل و المساواة ( على سبيل المثال )‬
‫فستتم ّكن من خلق موضوع عام عن هذا ‪ ،‬و لكن كما قلنا ‪ ،‬أهم‬
‫شيء هو االنتقال السّليم ‪.‬‬
‫أستغرب أنّ هنالك أُناس يستخدمون مواضيع ال يفقهون عنها شيئا ً‬
‫‪ ،‬أي ترى من يتكلم عن ثقب األوزون ‪ ،‬و هو ال يدري ما هو‬
‫ثقب األوزون من األساس ‪.‬‬
‫لذا على المرء أن يتكلّم عن شيء يعلمه بشكل عام ‪ ،‬و يزيد من‬
‫معلوماته أيضا ً ‪ ،‬و ذلك ألنّه إذا دخل في نقاش عن معلومات‬
‫سبق و أن تعلّمها ‪ ،‬ال يُحرج ‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫الال ُمباالة و الراحة ‪:‬‬

‫هُنالك رابط مشترك نوعا ً ما ‪ ،‬بين ّ‬


‫الراحة و الال ُمباالة ‪.‬‬
‫طبعا ً ( الالمباالة ) ال تُستخدم ّإال عند التعرض لكالم ُمسيء أو ما‬
‫شابه ذلك ‪ ،‬أما غير ذلك ‪ ،‬فاستخدامك لال ُمباالة سيكون غروراً و‬
‫قلّة ثقة في النفس ال أقل و ال أكثر ‪ ،‬أي يعني علينا أن نستخدم‬
‫الشيء الفُالني بطريقة صح و بالمكان األصح ‪.‬‬
‫نرى هُنالك أُناس يفعلوا هذا الشيء بطريقة خاطئة ‪ ،‬و يعتبروا‬
‫أيضا ً أنهم بهذا الشيء أتقنوا فنُّ الال ُمباالة ‪..‬‬
‫إن أردت أن تكون ال ُمبالي لألمور السلبية ( لكي تحظى الراحة‬
‫النفسية و العقليّة ) يجب أن تعلم متى تفعل و متى ال تفعل ‪.‬‬
‫ر ّكز على كلمة الراحة ‪.‬‬
‫يعني على سبيل المثال ‪ ،‬ترى أنّه حدث بينك و بين أحدهم ث ّمة‬
‫حوار محترم و بشكل طبيعي ‪ ،‬و لكن عندما لم يعد يمتلك الرد‬
‫المناسب على كالمك ‪ ،‬ترى أنّه يقول لك ‪ :‬أغلق هذه السيرة أو‬
‫الموضوع ‪..‬‬
‫أو يسخر منك و يقول ‪ :‬أها ‪ ،‬حسنا ً ‪ ،‬مثلما ترى ‪ ..‬إلى ما ذلك من‬
‫الكالم ال ُمل ّخص إلغالق الموضوع ‪.‬‬
‫فيحاول أن يقنع نفسه بنفسه ‪ ،‬أنَّ ما فعله هو الصواب ‪ ،‬و أيضا ً‬
‫سيشعر بأنّه الشخص الال ُمبالي الذي ليس كحجم رأسه شيء ‪ ،‬و‬
‫يبدأ يتمختر بمشيته و يرفع ذلك الحاجب و يكبر رأسه و و الخ*‬
‫و لكن إن كنت تفعل هذا ‪ ،‬و تف ّكر أنَّ هذه هي الطريقة األنسب‬
‫لتضليل الخصم ‪ ،‬فأنت غلطان !‬

‫‪78‬‬
‫تتهرب بطريقة تُراعي ما‬
‫أنت تُبيّن لنفسك قبل أن تُبيّن له ‪ ،‬أنّك ّ‬
‫بداخلك !‬
‫يجب أن تعلم أنَّ مثل هذا الشي لنسميه ( استفزاز ) و أيضا ً لعدم‬
‫امتالكك لمهارات التواصل و إلى آخره من األساليب السلبية ‪.‬‬
‫قد تستفيد من هذا األسلوب ‪ ،‬و لكن في حالة واحد أو حالتين فقط‬
‫!‬
‫_و ما هي !؟‬
‫عندما تتلقى كالم من شخص جاهل و متمسّك بجهله ‪ ،‬و يفرض‬
‫عليك جهله !‬
‫أو عندما تتلقى كالم ُمسيء ‪ ،‬فاألخذ بهذا األسلوب ‪ ،‬سيكون‬
‫استفزازاً بالنسبة له ‪ ،‬و هذا حقّه ‪ ،‬المهم أنّك ال تردُّ الكالم السيء‬
‫على ما قاله ‪.‬‬
‫لذلك ‪ ،‬يجب أن تعلم أنَّ هنالك فرق كبير جدّاً أن تكون ال ُمبالي‬
‫تتهرب من‬
‫للكالم و المواقف السيئة ‪ ،‬و بين أن تتغابى لكي ّ‬
‫الموقف الذي أنت فيه ‪ ،‬و يجب أن تأتي بفكرة أن فن الالمباالة‬
‫بشكل عام ‪ ،‬هو مدخل أساسي ألنواع التسامح ‪. .‬‬
‫_ كيف ؟‬
‫مخالف لرأيك ؛ الال ُمباالة هنا‬
‫ٌ‬ ‫على سبيل المثال ‪ :‬رأيت من هو‬
‫تدل على أنّك ُمتسامح و لست من المتعصبين لرأيهم ‪ ،‬لدرجة أنك‬
‫تشتمه و و إلخ‪...‬‬
‫أو مثالً ‪ ،‬هنالك من أساء لك بكالم أو حتى بفعل ‪ ،‬فالال ُمباالة هُنا‬
‫تعني أنّك أكثر إنسان ُمتسامح و صالح أيضا ً ‪.‬‬
‫و هذا الشيء إيجابي !‬
‫مع العلم أنّه معك الحق أن تردُّ السيئة بمثلها ‪..‬‬

‫‪79‬‬
‫كما قال هللا تعالى ‪ ( :‬و جزا ُء سيّئ ٍة سيّئةٌ مثلُها فمن عفا و أصلح‬
‫فأجره على هللا )‬
‫أجر عند ربُّ العباد !‬
‫تخيّل أن يكون لك ٌ‬
‫‪...‬‬
‫أو مثالً ‪ ،‬هنالك من يفعل خطئا ً و أتيت لكي تنصحه ‪ ،‬و لكن مع‬
‫األسف لم يقبل بنصيحتك ‪..‬‬
‫ليس عليك سوى التجاهل !‬
‫أنا طبعا ً مع أن اإلنسان يجب أن يحب ألخيه ما يحب لنفسه ‪ ،‬و‬
‫يصر على الغلط ‪ ،‬لم تكن قادر على إصالحه‬
‫ُّ‬ ‫لكن عندما ترى من‬
‫‪ ،‬لذلك ال تُبالي ‪ ،‬و ال تهتم ألي ردة فعل منه حتّى ‪ ،‬و عدا عن‬
‫ذلك ستكون متسامحا ً حتى مع من خالف الخير منك !‪.‬‬
‫ال ‪ ،‬ترى أنَّ شخصا ً ال على التعيين ‪ ،‬قد باشر في الكالم‬
‫أو مث ً‬
‫برر ) أو حتى إن كان هذا الكالم‬‫عليك ( كالشتائم الذي ليس لها ُم ّ‬
‫في ظهرك ‪ ،‬عدم اهتمامك للشخص بشكل عام و الدخول في‬
‫ً‬
‫مواضيع بعيدة كل البعد عن هذا الشخص ‪ ،‬سيكون ذلك خيرا لك‬
‫‪ ،‬و استفزازاً له ‪ ،‬و ترى أنّه يريد أن يقنع نفسه و يضع نفسه في‬
‫األوهام ‪ ،‬أنَّ عدم اهتمامك و تجاهلك له بشكل عام ليس ّإال ضعفا ً‬
‫‪ ،‬و الكثير من الكالم الذي ليس له طعمة ‪ ،‬و لكن إن تكلّم هكذا‬
‫جهراً ‪ ،‬فقل له ‪ :‬أتدري !؟‬
‫لقد مررت بكلب ينبح ‪ ،‬و تذ ّكرت أن الكلب الذي ينبح ال يعض ‪.‬‬
‫‪...‬‬
‫و هذا دليل على أنَّ هنالك رابط مشترك بين الراحة و الال ُمباالة ‪،‬‬
‫فعندما نكون ال ُمباليين في بعض المواقف ‪ ،‬سنحصل على‬
‫الراحة ‪..‬‬

‫‪80‬‬
‫و إن أردنا أن نتكلّم عن السعادة بشكل عام ‪ ،‬فالمسبب الرئيسي‬
‫لها هي الراحة ‪ ،‬لذلك األفضل هو أن نبحث عن سبل الراحة لكي‬
‫نحظى السعادة الحقيقية ‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫االبتسامة أثناء االستماع ‪ ،‬و النظر بعين ال ُمتكلم ‪:‬‬

‫أوالً ‪ :‬االبتسامة أثناء االستماع ‪.‬‬


‫شيء صعب نوعا ً ما ‪ ،‬ولكن يجب أن نعلم أنَّ االبتسامة في هذا‬
‫الوقت ال بد منها ( أي مه ّمة جدّاً ) ‪ ،‬و بنفس الوقت عند التكلّم ‪،‬‬
‫مهما كان السبب ال تدع االبتسامة أن تُفارق وجهك ‪.‬‬
‫عود نفسك على االبتسامة في الحياة اليومية ‪ ،‬لكي تكون جاهزاً‬ ‫ّ‬
‫عند تعرضك لموقف أو حوار بينك و بين شخص ( احتمال كبير‬
‫أن يحدث حوار بينك و بين شخص يريد ازعاجك بالكالم ) ‪ ،‬لذا‬
‫في هذا األثناء عندما تكون متمكنا ً من االبتسامة ‪ ،‬االنزعاج الذي‬
‫سيتسبب لك ‪ ،‬سينعكس عليك بشكل إيجابي ‪ ،‬و بالتالي سينعكس‬
‫عليه بشكل سلبي ‪.‬‬
‫سوف تستقبل المعلومة ( أو الشتيمة ‪ ،‬ليس مهما ً ) و أنت مبتسم ‪،‬‬
‫هذا سيساعدك على أن تضبط نفسك و أعصابك ‪ ،‬و تكون‬
‫متوازنا ً في ردّك عليه ( أي سترد بطريقة صحيحة دون انفعال )‪.‬‬
‫أ ّما هو ‪ ،‬فسيرى أنَّ االزعاج و االستفزاز و كل ما فعله لكي يثير‬
‫غضبك ( دون أي جدوى ) ‪ ،‬يعني لو كان يسخر منك و هو‬
‫مستمتع ‪ ،‬و رأى أنّك غير ُمبالي و مبتسم و كأن شيء لم يكن ‪،‬‬
‫سيشعر و كأنّه يُكلّم جداراً و ليس إنسانا ً ‪ ،‬أي هناك ارتباط بين‬
‫هذا األسلوب و أسلوب الال ُمباالة ‪..‬‬
‫_ و لكن ‪ ،‬كيف سأظ ُّل هكذا ‪ ،‬يُسخر مني ‪ ،‬و ال أرد ‪ ،‬ال و أبتسم‬
‫أيضا ً !!‬

‫حت ّ َ‬
‫ام ؟‬
‫سترد ‪ ،‬و لكن الرد الذي يكون نوعا ً ما ‪ ،‬قليل و في مكانه‬
‫الصحيح ‪..‬‬

‫‪82‬‬
‫أي سترى أنّه تكلّم كثيراً و بدأ يسخر منك و من شكلك على سبيل‬
‫المثال و يضحك و يُريد أن يضحّك الجميع عليك ‪..‬‬
‫شاركهم باالبتسامة الجميلة ‪ ،‬و قل ‪ :‬هه يا له من خفيف دم ‪.‬‬
‫احتمال كبير أن تراه يرتبك إذا تكلّم مرة أخرى ‪ ،‬و إن سكت و لم‬
‫ترد عليه و لم تهتم لما يقوله ‪ ،‬سيشعر أنه لو لم يفعل ذلك لكان‬
‫خيراً له ‪ ،‬و لكن صدّق أنّه سوف يخلق تفكيراً ساذجا ً ‪ ،‬و هو أنّك‬
‫ال تعلم كيف ترد على إساءته و كالمه ‪ ،‬لذلك فعلت ذلك ‪..‬‬
‫ال تهتم ‪ ،‬فكل غلطان و بيده حجّة على غلطه ‪ ،‬حتّى من يدُ ّخن‬
‫علبة في اليوم ‪ ،‬إذا قلت له هذا غلط ‪ ،‬سيقول لك أنَّ هنالك من‬
‫يد ّخن علبتين في اليوم ‪ ،‬لذا علبة واحدة خيراً من علبتين ‪...‬الخ‪.‬‬
‫أي حاول أن ال تهتم ‪ ،‬و إن أشغلت نفسك بشيء ثاني ‪ ،‬ذلك أقوى‬
‫بكثير من استماعك و ابتسامتك ( ألنَّ هذا نوع من أنواع االهتمام‬
‫لكالمه ‪ ،‬لذا ليس غريبا ً أن يرى نفسه و كأنّه فعالً خفيف الدم )‬
‫مع تكراره للسذاجة و ( اللعي ) الذي ليس له طعمة ‪ ،‬حاول أن‬
‫تشغل نفسك بأتفه األشياء ‪ ،‬سيشعر حينها أنَّ الفعل انقلب على‬
‫الفاعل ‪ ،‬و ال أظن أنّه سيعيد ذلك السيناريو التافه ‪.‬‬

‫و ذلك بالنسبة لمن يوجه لك الكالم المسيء و السخرية و و الخ ‪،‬‬


‫يحمر‬
‫ُّ‬ ‫لذا تعلّم كيف تبتسم أوالً في الحوارات العاديّة ‪ ،‬لكي ال‬
‫وجهك في مثل هذه المواقف ‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬النظر بعين المتكلّم ‪.‬‬
‫و إذا طبقنا األمثلة التي أخذناها ‪ ،‬فيجب أن نربط أسلوب النظر‬
‫أحمرتا من الغضب و‬
‫ّ‬ ‫بعين المتكلّم ‪ ،‬حتّى ولو رأيت عيناه‬
‫االنفعال ‪.‬‬
‫ما عدا ذلك الذي يُخفف من د ّمه ‪ ،‬و يعيد ما كان عليه ‪ ،‬ذلك‬
‫وضعه خاص ‪.‬‬
‫المهم ‪. .‬‬
‫االبتسامة أثناء االستماع ليست كافية لوحدها ‪ ،‬بل يجب بنفس‬
‫الوقت أن تنظر بعينيه بابتسامة حلوة ‪ ،‬و كأنَّك تُخاطب ع ُّمك أثناء‬
‫طلبك البنته ‪..‬‬
‫تشبيه متعوب عليه ‪ ،‬ال بأس ‪ ،‬لنكمل ‪.‬‬
‫صةً بعين من يُسيء لك‬ ‫فكما نعلم أنَّ النظر بعين المتكلم ‪ ،‬و خا ّ‬
‫بالكالم ‪ ،‬يسبب له نوع من االرتباك و الضياع و التخبُّط ‪ ،‬و ليس‬
‫غريبا ً أن تراه يتكلّم في الشرق و الغرب معا ً ‪ ،‬لذا حاول أن تر ّكز‬
‫دائما ُ في عينيه ( وال تهتم لكالمه ) أي وجّه كل تركيزك في‬
‫عينيه ‪ ،‬فهذا سيجعله ( إ ّما أن يُر ّكز بعينيك ‪ ،‬أو بكالمه الفاضي )‬
‫‪.‬‬
‫‪...‬‬
‫لذلك نرى أنَّ االبتسامة أثناء االستماع و النظر بعين المتكلّم ‪،‬‬
‫مصغ للكالم ‪ ،‬و‬
‫ِ‬ ‫شيء يجعلك مستمتعا ً أكثر مما يجعلك مستمعا ً و‬
‫كأنك تسمع أحداً يمدحك و يكبّر من حجم دماغك ‪ ،‬أو تسمع‬
‫لحاجة أنت تحب أن تسمعها ‪ ،‬لذا ستشعر باللذة ‪ ،‬ولكن ليس في‬
‫أول تجربة ‪ ،‬هذا ما يلزمه التعويد نوعا ً ما لكي تحظى ذلك‬
‫الشعور الجميل ‪..‬‬

‫‪84‬‬
‫لذلك عندما تبيّن للناس االبتسامة أثناء االستماع ‪ ،‬بصرف النظر‬
‫إن كان من يكلّمك في حالة غضب و يشتمك و يسخر و و الخ ‪،‬‬
‫أو إن كان حوار طبيعي حدث بينك و بين أحدهم ‪ ،‬سيكون هذا‬
‫الشيء إيجابي في الحالتين ‪ ،‬و لو حدث ث ّمة حوار طبيعي بينك و‬
‫بين شخص ألول مرة ‪ ،‬و أنت مبتسم و تنظر إلى عيناه و مر ّكز‬
‫و متفاعل في الكالم معه ‪ ،‬سيؤدي ذلك إلى أن يأخذ هذا الشخص‬
‫طابعا ً إيجابيّا عنك ‪ ،‬بل و سيحترمك دام أنت تحترمه ‪..‬‬
‫تذ ّكر جيّداً هذا الكالم ‪..‬‬
‫أسلوبك مع النّاس ‪ ،‬غالبا ً ما يُحدّد أساليبهم معك ‪..‬‬
‫لذا عليك أن تكون حريصا ً على أسلوبك ‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫الراحة أثناء االستماع ‪ ،‬و أثناء الكالم ‪:‬‬

‫كما أننا تكلمنا عن االبتسامة أثناء االستماع ‪ ،‬و كيف أنَّ هذا‬
‫األسلوب له آثار إيجابية ( سواء عند االستماع أو عند الرد ) ‪ ،‬و‬
‫أنَّ كيف للناس أن تأخذ عنك طابعا ً إيجابيّا ً أو نظرة إيجابية أثناء‬
‫الكالم ‪..‬‬
‫هذا الشيء يؤدّي إلى الراحة و عدم القلق في خلق حديث مع‬
‫األشخاص ‪ ،‬و هناك رابط مشترك بين الراحة و عدم القلق و‬
‫االبتسامة والنظر بثقة في عين المتكلم ‪.‬‬
‫كما نعلم أنَّ هنالك الكثير من يعاني من عدم الراحة أثناء الكالم أو‬
‫الخطاب ‪ ،‬أي يعني هنالك نوع من القلق الذي يمنع اإلنسان أن‬
‫يتكلّم بوضوح ‪..‬‬
‫و أيضا ً ترى الكثير من يتكلّم بطريقة ليست واضحة ‪ ،‬أو يعمل‬
‫على التداخل بين مواضيع ال أهمية لها بمواضيع ذات أهمية‬
‫عالية ‪ ،‬و هذا الشيء ( بالذّات ) يعمله المرء ؛ لكي ال يبيّن‬
‫طي على المشكلة الذي يُعاني‬ ‫النقص الذي يُعاني منه ‪ ،‬أو لكي يُغ ّ‬
‫ّ‬
‫منها من األساس ‪ ،‬أال و هي عدم الراحة في التكلم مع اآلخرين ‪.‬‬
‫و عدم الراحة أثناء التكلّم له عدة أسباب و من أهم هذه األسباب‬
‫هي ‪ ( :‬الخجل ‪ ،‬الخوف من الرد ‪ ،‬التكلّم مع من هم أكبر سنّا ً ) و‬
‫الكثير من األسباب ‪..‬‬
‫لذلك ‪ ،‬دعونا أن نُفسّر و نُحلّل تلك األسباب ‪ ،‬و نعطي بعض‬
‫الحلول التي قد تساعد اإلنسان على تجاوز هذه المشكلة ‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫‪ *١‬الخجل ‪ :‬و هذا ما ينتشر كثيراً عند الفتيات ‪..‬‬
‫ترى أنّه إن كان يعاني من الخجل ‪ ،‬فلم يرتاح بالكالم مع‬
‫اآلخرين ‪ ،‬و هذا أكثر سبب ُمنتشر من أسباب عدم الراحة مع‬
‫األسف ‪ ،‬و غالبا ً ما يحدث هذا الشيء عند التكلّم مع شخص ّ‬
‫ألول‬
‫مرة ‪ ،‬و ترى أنّك تفكر بشكل كبير جدّا بكل كلمة تقولها ‪ ،‬و هذا‬ ‫ّ‬
‫ما يجعلك تدخل في الجدار و تبدأ بعدم الراحة أثناء الكالم ‪ ،‬مع‬
‫العلم أنَّ التفكير قبل الكالم ( أسلوب جيّد ‪ ،‬وال بد منه ) و لكن‬
‫الطريقة التي أذكرها هي اإلفراط في التفكير في كل كلمة ‪ ،‬أي‬
‫ترى أنّك تحتار عند الرد إذا سألك عن أخبارك ‪ ،‬ترى نفسك في‬
‫دوامة ‪ ،‬و ترى و كأنَّ هنالك شخصان في داخلك ‪ ،‬إحداهما يقول‬
‫‪ :‬قل بخير الحمد هلل ‪ ،‬و الثاني يقول ‪ :‬ال ‪ ،‬قل تمام وال تكثر من‬
‫كالمك ‪...‬‬
‫و نستنتج أيضا ً ‪ ،‬بمجرد ما الشخص الذي نكلمه ‪ ،‬بدأ يتكلّم كلمة‬
‫من الشرق و كلمة من الغرب ‪ ،‬و يخلط حرف العين مع الخاء ‪،‬‬
‫و إلى آخره من التخبيص ‪ ،‬أنَّ هذا البني آدم ليس مرتاحا ً في‬
‫الحديث ‪ ،‬حتّى ولو بدأ يبتسم و يضحك و يتفاعل ( كل هذه‬
‫إشارات ‪ ،‬إلخفاء تلك المشكلة ) ‪ ،‬و يريد أيضا ً بهذا الشيء أن‬
‫يتخلّص من الحوار بشكل عام ‪ ،‬و ال يريد أن يكون هنالك خلل‬
‫في كالمه ‪ ،‬فهنا يزيد التفكير و يكثُر الكالم ‪ ،‬فبالتالي تكثر التأتأة‬
‫أثناء الكالم ‪.‬‬
‫‪ * ٢‬الخوف من الرد ‪ :‬ترى الكثير من الناس ‪ ،‬عندما يتكلم أحدهم‬
‫مع شخص ‪ ،‬يشعر و كأنه داخل في تحدي من سيقصف جبهة‬
‫الثاني ‪ ،‬و من سيربح الحوار ‪ ،‬و كيف سأبدأ و كيف سأنتهي ‪.‬‬
‫وبعد االنتهاء من هذا الحديث بشهر ‪ :‬لماذا لم أقل هذا ‪ ،‬و لماذا‬
‫قلت هذا الكالم ‪ ،‬و لماذا كان صوتي هكذا ‪ ،‬هل يا ترى أخذ‬
‫طابعا ً سلبيّا ً عنّي ‪ ،‬و الكثير من اللعوصة التي ليس لها داعي ‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫فمن كثر حرصه على كل حرف ‪ ،‬و على تفكيره بكل الحديث ‪ ،‬و‬
‫تركيزه على أتفه األمور ‪ ،‬ترى أنّه يتخربط كثيراً ‪ ،‬و هنا تكمن‬
‫عدم الراحة أثناء الكالم ‪ ،‬و هذا الشيء طبيعي جدّاً ‪ ،‬ألنّك داخل‬
‫في موضوع ( كيف تقلي البيضة في خمسة دقائق ) ‪..‬‬
‫و تشعر و كأنّك داخل مناظرة ‪ ،‬أو في موضوع ( كيف تتحدى‬
‫خصمك ‪ ،‬و تُطيّر جبهته من أول كلمتين ) ‪.‬‬
‫و هذا ما كنت أنا أُعاني منه مع األسف ‪ ،‬و لكن الحمدُ هلل‬
‫تخلّصت من هذا األسلوب ( أو من هذا التفكير ) ‪ ،‬و بدأت أعطي‬
‫لكل حديث القيمة الكافية ألهميته ‪.‬‬

‫‪ *٣‬التكلّم مع من هم أكبر منك سنّا ً ‪ :‬هذا الشيء طبيعي صراحةً‬


‫‪ ،‬و الكثير من يُعاني من هذه المشكلة الطبيعية أصالً ‪ ،‬و لكن‬
‫أتعلمون أين يكمن الغلط !؟‬
‫_ أين ؟‬
‫في حارطي‬
‫أمزح ‪ ،‬هو عندما يخلط المرء بين االحترام و القلق الذي في‬
‫داخله ‪ ،‬عندما يأتي دوره لكي يتكلّم ‪ ،‬لذلك ترى ذلك الذي يسعى‬
‫لكي يثبت وجوده ‪ ،‬و يثبت نظرية ( صح أنا أصغر ‪ ،‬بس أعقل )‬
‫‪ ،‬ترى بتفكيره و بمزجه ما بين االحترام و ما بين القلق الذي في‬
‫داخله ‪ ،‬كل شيء ينتهي نوعا ً ما ‪..‬‬
‫يعني صدقا ً ‪ ،‬ترى أنّه تكلّم كلمة عادية ‪ ،‬و بدأ بالتفكير فيها بشكل‬
‫فظيع ‪ ،‬و تبدأ تلك األسئلة التافهة ( التي هو من أتى بها ) تدور‬
‫في رأسه ‪..‬‬
‫هل يا ترى ‪ ،‬صحيح ما أقوله !؟‬
‫أم غلط !!؟‬

‫‪88‬‬
‫مرة !؟‬
‫أم أسكت فرد ّ‬
‫أم أستبدل هذه الكلمة بغيرها !؟‬
‫و الكثير من األسئلة و األفكار التي تكون سببا ً في انتهاء الحديث‬
‫و انتهاء اليوم ‪ ،‬و هو لم يتكلّم سوى ‪ ( :‬أي ‪ ،‬أأأ ‪ ،‬ال ‪ ،‬طبعا ً ‪،‬‬
‫فششكراً ) ‪.‬‬

‫القصة وما فيها ‪ ،‬و باألخص للناس التي تخجل كثيراً عند التكلّم‬
‫مرة ‪..‬‬
‫مع أشخاص جدد و ألول ّ‬
‫صديقي ‪ ،‬أعتبر نفسك و كأنّك تُكلّم شخص تعلمه جيّداً ( أي‬
‫حسّس نفسك ) ‪ ،‬أنا ال أقصد أنّك تذهب و تلطمه و كأنّه صديقُك‬
‫الذي بينك و بينه ( خبز وملح) ‪.‬‬
‫أُريد منك أن تُحاول تفعل هكذا ؛ لكي تتأقلم بشكل أن تخدع نفسك‬
‫بمعرفته ‪ ،‬و تعمل بعقلك في عمل حوار جيّد معه ‪.‬‬
‫و أيضا ً لكي ال تشعر بأيّة ضيق من داخلك ‪ ،‬و كن واثقا ً في كل‬
‫كلمة تقولها وليس ُمش ّككا ً في ما تقوله ‪ ،‬و هذا الشيء يُريد منك‬
‫القليل من االستمرارية و التجارب العديدة لكي تصل ألعلى‬
‫مرحلة من الراحة و عدم القلق في عمل أي حديث ‪ ،‬و مع أي‬
‫شخص ‪..‬‬
‫لذا ليس غريبا ً أن تفشل في البداية ‪ ،‬و ما بعد الفشل ّإال النجاح ‪،‬‬
‫و لكن الغريب هو أن تخاف و تُعقّد الموضوع بعد كل مرة تفشل‬
‫فيها ‪ ،‬ستؤ ّكد على قانون تافه ‪ ،‬أال و هو ‪ :‬ما بعد الفشل ّإال‬
‫األمراض النفسية و االحباط ‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫التكلم بوضوح ‪ ،‬و االستماع دون المقاطعة ‪:‬‬

‫أوالً ‪ ،‬التكلّم بوضوح ‪:‬‬


‫أي يكون كالم اإلنسان بشكل واضح و مفهوم ‪ ،‬و ال يحتاج إلى‬
‫شرح أو تأويل ‪ ،‬ألن الشخص الذي يُكلّمك ‪ ،‬إن كان كالمه ليس‬
‫واضحا ً و يتكلّم باأللغاز ‪ ،‬و أنت بدأت تُف ّكر في حل هذا اللغز و‬
‫تحاول أن تشرح و تفهم من تلقاء نفسك ‪ ،‬فهذه مشكلة كبيرة‬
‫صراحةً !‬
‫نعلم أنَّ هنالك نصوص مكتوبة بطريقة ال يفهمها البعض ‪ ،‬أي‬
‫تُكتب بطريقة تحتاج إلى تأويل و شرح ‪ ،‬لذلك نتوجّه إلى من يعلم‬
‫تفسير هذه النصوص ‪ ،‬أي الناس التي تكون ُمهت ّمة في هذه‬
‫القصص ‪ ،‬فتخيل أن تقرأ نص ليس مفهوما ً و ذهبت إلى هؤالء‬
‫األشخاص ( المهتمين في مجال الشرح و تأويل النصوص ) ‪ ،‬و‬
‫ترى أنّهم يأتون بكالم من الشرق و من الغرب !‬
‫كيف سيكون شعورك !؟‬
‫فهذا نوع من المغالطات المنطقيّة نوعا ً ما ‪..‬‬
‫و طبعا ً ترى أنّه إما أن يتكلم كالم ليس مفهوما ً ( و باألخص إذا‬
‫استعمل المصطلحات الالتينية ) لكي يقنعك ‪ ،‬أو ال يُر ّكز في‬
‫موضوع النفاش من األساس ‪ ،‬أو مثالً إن سألته سؤال من ضمن‬
‫النص الذي هو كاتبه ‪ ،‬و يرد على السؤال بطريقة ( مغالطة‬
‫المصادر على المطلوب ) ‪.‬‬
‫على سبيل المثال ‪ ،‬ليكن كاتب ‪ ( :‬الديناصورات تحلّلت عبر‬
‫تحولت إلى نفط )‬
‫القرون و ّ‬
‫فعندما تسأله ‪ ،‬كيف تحلّلت الديناصورات و ّ‬
‫تحولت إلى النفط !؟‬

‫‪90‬‬
‫ألن النفط متكون من مواد متحلّلة ‪ ،‬و العلم أثبت َّ‬
‫أن‬ ‫فيقول لك ‪َّ :‬‬
‫الديناصورات التي انقرضت ‪ ،‬و تحولت إلى نفط ‪..‬‬
‫طبعا ً و بعدها يأتي لك بكالم الفالسفة و يبدأ يتكلّم بقصص ال‬
‫عالقة لها بالموضوع و يستخدم بعض المصطلحات الالتينية لكي‬
‫يُبيّن لك صحّة ما كتبه ‪..‬‬
‫طبعا ً أنا ال أُريد أن أتعمق في موضوع المغالطات المنطقية بشكل‬
‫عام ‪ ،‬و لكن كل ما هُنالك أربط موضوع المغالطات باألشخاص‬
‫الذين يتكلموا بطريقة غير واضحة ‪..‬‬
‫يعني صدقا ً ‪ ،‬لو تكلّمت مع شخص ال يعلم كيف يوضّح لك كالمه‬
‫و ضعيف جدّاً في الشرح ‪ ،‬أهون بكثير من أن تُكلّم ذلك الذي‬
‫يقول لك أنَّ الفيتامينات مفيدة للجسم ‪ ،‬وإذا سألته ‪ :‬لماذا ؟‬
‫يقول لك ‪ :‬ألن الجسم محتاج للفيتامينات ‪.‬‬
‫_ وااو ‪ ،‬لم أكن أعلم هذه المعلومة من قبل !‬
‫لذلك ‪ ،‬من أهم سمات الحوار اإليجابي هو التكلّم بوضوح ‪ ،‬و‬
‫االستماع دون المقاطعة ‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫االستماع دون ال ُمقاطعة ‪:‬‬
‫مهما كان ‪ ،‬و مهما حصل ‪ ،‬و مهما سيحصل‬
‫اسمع لألخير ‪ ،‬ثم تكلّم !‬
‫يعني هذا ما يجعل الحوار بطريقة أفضل من أن يكون هنالك من‬
‫يقاطعك طوال الوقت ‪ ،‬يعني تخيّل لو أنّك تشرح قضيّة ليست‬
‫مفهومة لدى الشخص الذي تشرح له ‪ ،‬و أنت ُمندمج في شرحك‬
‫للكالم ‪ ،‬فجأة ترى أنّه قاطع كالمك و بدأ يتكلّم كالم ليس له معنى‬
‫‪ ،‬أو ليس له عالقة بالموضوع ‪..‬‬
‫على فكرة !‬
‫تعود على فكرة مقاطعة الكالم ‪ ،‬و هنالك من يفعل ذلك‬
‫هنالك من ّ‬
‫ً‬
‫وفي بعض األثناء عمدا ‪ ،‬لكي تنسى ما قلته ‪.‬‬
‫ر ّكز !‬
‫ألن إذا تك ّلموا عن شيء و كان هذا الشيء غلط ‪ ،‬أو تكلّموا‬
‫كالم ضد القضيّة التي ليست مفهومة ‪ ،‬و عندما بدأت بشرحها‬
‫لكي تصبح بعد ذلك مفهومة ‪ ،‬فيشعروا بالخسارة نوعا ً ما ‪ ،‬و كما‬
‫نعلم أنَّ بعض األشخاص يشعرون و كأنّهم في هذه الحياة في‬
‫سباق مع اآلخرين ‪ ،‬أو في تحدي بشكل عام ( أكسب ‪ ،‬أو‬
‫أخسر)‪ ،‬يا أخي حسس نفسك و كأنّك في مكان ‪ ،‬و كل ما في هذا‬
‫المكان مجرد زمالء ‪ ،‬يعني ال تح سّس نفسك أنَّ هذا خصم و هذا‬
‫حليف ‪ ،‬و هذا بطيخ ‪...‬‬
‫عامل الناس كما تَريدُ أن تُعامل ‪.‬‬
‫‪..‬‬
‫لكي نصل إلى حوار إيجابي ‪ ،‬و خالي من المشاكل ‪ ،‬يجب‬
‫التركيز على نقطتين ‪ :‬الكالم الواضح ‪ ،‬و االستماع دون‬
‫المقاطعة ‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫قلة الكالم ‪ ،‬و الرد ال ُمناسب في الوقت ال ُمناسب ‪:‬‬

‫من أهم أساليب فنّ الحوار الناجح ‪ ،‬و ال سيما أنّ هناك رابط‬
‫مشترك بين قلة الكالم ‪ ،‬و الرد المناسب في الوقت المناسب ‪.‬‬
‫_ كيف ؟‬
‫عندما يكون لدى الشخص ‪ ،‬قيلولة في الكالم ‪ ،‬و ال يكثر كالمه‬
‫في ما ليس له معنى ‪ ،‬و ليس له عالقةً في الموضوع ‪ ،‬سيكون‬
‫لديه رد قوي في الوقت نفسه ‪ ،‬و ردٌّ مناسب و واضح ‪ ،‬و هذا‬
‫أيضا ً ما يربط بين األساليب التي تكلمنا عنها من قبل ‪ ،‬كاالستماع‬
‫دون المقاطعة واالبتسامة أثناء االستماع و التكلّم بوضوح ‪ ..‬و‬
‫إلى آخره ‪.‬‬
‫لنتكلّم في البداية عن أسلوب ( قلّة الكالم ) ‪.‬‬
‫في طبيعة الحال ‪ ،‬سترى هنالك من يتكلّم كثيراً ‪ ،‬لكي يسدُّ الفراغ‬
‫الموجود ‪ ،‬و سترى أيضا ً من يعلم كيف يبدأ في الكالم ‪ ،‬و لكنّه ال‬
‫يعلم كيف ينهي ‪ ،‬أي أنّك ستُقابل أحدهم ال على التعيين ‪ ،‬بدأ‬
‫بموضوع و بشكل طبيعي و بدأ التفاعل في الموضوع بينك و‬
‫بينه ‪ ،‬و لكن عند انتهاء الموضوع لم يعد يعلم كيف ينهيه ‪ ،‬فيبدأ‬
‫يتكلّم من الشرق و من الغرب و يُتأتأ في الكالم ‪ ،‬و يخبّص و‬
‫يلزق دماغه في الحيط و و الخ‪..‬‬
‫فيصبح هناك نوع من الخربطة و التعليق ‪ ،‬فال ينتهي الحوار ّإال‬
‫أن تنهيه أنت ‪ ،‬أو يرى ما هو ناقص ليكمله !‬
‫_ كيف ‪ ،‬و لماذا ؟‬
‫أي يملي كل فراغ ‪ ،‬و يرى أنَّ الكالم الزائد خير من الصمت في‬
‫بعض المواقف ‪ ،‬فاإلنسان بطبيعة الحال يميل للحاجات الناقصة‬
‫ليك ّملها ‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫لذلك هذا األسلوب ‪ ،‬قليل جدّاً من يتقنه ‪ ،‬أو يأخذ به ‪ ،‬و أنا أيضاً!‬
‫صح ال أستخدم أسلوب ( كثرة الكالم ) في الحوار ‪ ،‬و لكن بنفس‬
‫الوقت ال أتقن فن أو اسلوب ( قلّة الكالم ) ‪ ،‬أي ليس من‬
‫الضروري أن تتقن هذا األسلوب ‪ ،‬ولكن الضروري هو أن‬
‫تتوازن بين االثنين ‪ ،‬و هذا ال يعني أنَّ أسلوب ( قلّة الكالم ) ليس‬
‫جيّداً ‪ ،‬بالعكس تماما ً ‪ ،‬بل هذا األسلوب ُممتاز جدّاً ‪ ،‬و من يملك‬
‫أو يتّقن هذا األسلوب فهو يمتلك التفكير العميق ‪ ،‬و حذر جدّاً ‪ ،‬و‬
‫كالمه موزون ‪ ،‬لدرجة أنّك ستعشق الحديث معه ‪ ،‬و لكن ما هو‬
‫سلبي في هذا األسلوب هو تعويد الشخص على قلّة الكالم لدرجة‬
‫أنّك تراه ال يتكلّم سوى كلمة أو كلمتين ‪ ،‬فالمقصود بأسلوب قلّة‬
‫الكالم بشكل عام هو أن يوازن بين ما يقوله و بين ما يحمل من‬
‫كالم في طيّاته ‪ ،‬يعني ليس من المهم أن تُبيّن للناس كم أنت مذهل‬
‫و لم تتكلّم سوى القليل جدّاً ‪ ،‬و في نفس الوقت تحمل في طيّاتك‬
‫جريدة من الكالم ‪ ،‬و المهم هو أنّك تف ّكر بشكل طبيعي في الكالم‬
‫الذي في داخلك ‪..‬‬
‫يا هل ترى صح أم غلط ؟‬
‫التهور إذاً ؟‬
‫ّ‬ ‫و إن كان غلط ‪ ،‬فلما‬

‫‪94‬‬
‫أ ّما أسلوب ( الرد ال ُمناسب في الوقت المناسب ) ‪.‬‬
‫فهو ناتج عن التفكير في كالم الشخص ّأوالً ‪ ،‬و في كالمه قبل‬
‫الرد ثانيا ً ‪.‬‬
‫ليس بالضرورة أبداً ‪ ،‬أن تُف ّكر في كلمة أو كلمتين تنهي الحديث و‬
‫تكون أنت الذي تكلّمت الصح في مكان الصح ‪ ،‬أو أنت الذي‬
‫كسبت الحوار ‪ ،‬و لكن المهم هو أن تفهم ‪ ،‬ثم تف ّكر في كالمه ‪ ،‬و‬
‫بعدها تأتي بالرد ‪.‬‬
‫و لكن ‪ ،‬عليك أن تنتبه !‬
‫_ لماذا ؟‬
‫هنا سيحدث ‪ ،‬بما يُس ّمى باالستجابة التلقائية للمواقف ‪ ،‬كما تكلّمنا‬
‫عنه سابقا ً ‪ ،‬لذا األه ُّم من هذا كلُّه هو التفكير قبل ّ‬
‫الرد ‪ ،‬ألنّك‬
‫بطبيعة الحال إن استقبلت كالم من جاهل و كالم سلبي ( من‬
‫الشتائم و إلى آخره ‪ )..‬سوف يكون ردُّك سلبي أكثر من كالمه‬
‫أيضا ً ‪ ،‬لذا التفكير قبل الرد ‪ ،‬يعطيك الحق في أن ترد كمثل ردّه‬
‫‪ ،‬أو أن ترد أقوى من ردّه ‪..‬‬
‫و عندما أقول ( أقوى ) أنا ال أقصد بشتيمة أقوى !‬
‫أنا ال أدعم فكرة الشتيمة من األساس !‬
‫األقوى ‪ ،‬هو في عقلك ‪ ،‬هو عندما ترى صراع في داخلك ‪ ،‬في‬
‫من يقول لك رد الشتيمة بشتيمة أقوى ‪ ،‬و في من يقول لك اصبر‬
‫‪ ،‬و حاول ّأال تعطي أهمية لكالمه ‪..‬‬
‫ألنّه من األساس أتى بالشتيمة ‪ ،‬لكي أنت أيضا ً تأتي بمثلها ‪،‬‬
‫فبتالي ستتعقّد المشكلة ‪ ،‬و بعد انتهائك ستقول ‪ :‬ليتني لم أهت ُّم من‬
‫األساس ‪.‬‬
‫لذا ‪ ،‬كن حريصا ً على أن تردَّ ردّاً ‪ ،‬يجعلك مطمئنّا ً ‪ ،‬و يجعله‬
‫مشغوالً طوال اليوم في ردّك ‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫انتهينا من األساليب جميعا ً !‬
‫و بقي لدينا أن نعطي بعض النصائح ‪ ،‬و بعض القصص التي‬
‫حدثت معي ‪ ،‬و حدثت مع غيري ‪..‬‬

‫‪96‬‬
‫النصيحة األولى ‪ ( :‬عن االرتباك ) ‪.‬‬
‫االرتباك أثناء الكالم ليست ّإال مشكلة طبيعية تحدث مع الكثير من‬
‫الناس ‪ ،‬و قد يأتي أحدهم و يُعاني بشدّة من هذه المشكلة !‬
‫تم ّهل !‬
‫عليك أن تعلم ما هي المشكلة ‪ ،‬و كيف التعامل معها ‪ ،‬و من ثم‬
‫العمل على حلّها ‪.‬‬
‫أذكر من أسبوع أو أكثر ‪ ،‬جاءني اتصال على الجوال من رقم‬
‫غريب ‪ ،‬من خارج الدولة التي أسكن فيها ‪ ،‬و الغريب في‬
‫الموضوع هو أن االتصال ليس على البرامج ( كالواتس آب ‪ ،‬و‬
‫الجوال ُمباشر ‪ ،‬فأصابني بعض القلق ‪،‬‬ ‫غيرها ) ‪ ،‬إنّما كان على ّ‬
‫و دون أي تفكير ‪ ،‬قمت بالرد على المكالمة ‪ ،‬فشعرت حينئ ٍذ‬
‫باالرتباك ‪ ،‬لدرجة أنّني بدأت أتكلّم نفس اللهجة التي هو يتكلّم بها‬
‫‪ ،‬فصار نوع من الخبيصة و دخل دماغي في الجدار ‪ ،‬و القصة‬
‫أبسط بكثير مما أتخيل !‬
‫كل ما في األمر ‪ ،‬هو أنني قد أنشأت حساب على موقع إلكتروني‬
‫عربي ‪ ،‬و من خالل التسجيل أضفت رقمي ‪ ،‬فحدثت معي مشكلة‬
‫أثناء التسجيل ‪ ،‬فلذلك بعد هذه القصة بيوم ‪ ،‬اتّصل بي عميل من‬
‫الشركة أو من صنّاع الموقع ‪ ،‬فكان يسألُني إن كنت أعاني من‬
‫ي أيّة عمل على الموقع ‪ ،‬و كان‬ ‫مشكلة ‪ ،‬و أيضا ً إن كانت لد ّ‬
‫يتكلّم باللهجة المصرية ‪ ،‬و أنا أيضا ً تكلّمت ‪ ،‬و يا ليتني لم أتكلّم‬
‫صراحةً !‬
‫و حدث معي نوع من القلق و االرتباك ‪ ،‬و ذلك ألنَّ هذا الموقف‬
‫مرة يأتيني اتّصال غريب و من‬ ‫مرة ‪ ،‬أي ّأول ّ‬
‫حدث معي ألول ّ‬
‫ُ‬
‫خارج الدولة ‪ ،‬و أيضا ً لم أف ّكر مجرد تفكير بالموضوع ‪ ،‬أي‬
‫كيف حدث هذا ‪ ،‬أو لما حدث هذا من األساس ‪ ،‬لربما كنت‬
‫أدركت أنَّ كل هذا ألنني حاولت إنشاء حساب على موقع عربي ‪،‬‬
‫و لكنّني دون أي تفكير قمت بالرد عليه ‪..‬‬

‫‪97‬‬
‫لذلك ‪ ،‬ما تعلّمته من هذا السيناريو الذي حدث معي ‪ ،‬هو أنني‬
‫ي أوالً أن أُف ّكر قليالً ‪ ،‬و ثانيا ً أن ال أُكبّر الموضوع في‬
‫يجب عل ّ‬
‫عقلي ‪ ،‬بمجرد ما حصل معي موقف كهذا‪ ،‬و ما هو أهم من هذا‬
‫كلّه هو ‪ ،‬أن أتكلّم بلهجتي ‪ ( ،‬حتّى و إن كان ال ُمتكلّم مصري ) ‪.‬‬
‫المشكلة إنني أُحبُّ اللهجة المصرية ‪ ،‬و أتقنها بعض الشيء ‪ ،‬و‬
‫لكن عندما باشرت في الكالم باللهجة المصرية ‪ ،‬و أنا في حالة‬
‫من القلق و عدم االستيعاب واالرتباك ‪ ،‬تمنيت لو لم أحاول أن‬
‫أتكلّم من األساس ‪.‬‬
‫واآلن ‪..‬‬
‫صة أو الموقف ‪ ،‬ألنني أعلم أنَّ هنالك الكثير من ّ‬
‫يتهور‬ ‫ذكرتُ الق ّ‬
‫و يحدث معه ما حدث معي ‪ ،‬أي قد يختلف الموقف من شخص‬
‫التهور و‬
‫ّ‬ ‫آلخر ‪ ،‬و لكن الرابط المشترك بين هذه المواقف هو‬
‫التسرع ‪ ،‬و العمل من دون تفكير ‪.‬‬
‫ّ‬
‫المواقف التي تحدث معنا بشكل سلبي قد تكون منبّهة لما سيحدث‬
‫معنا من نفس المواقف في ما بعد ‪.‬‬
‫التسرع‬
‫ّ‬ ‫فالنصيحة بشكل عام هي ' اتّخاذ التفكير ال ُمتأنّي ‪ ،‬و عدم‬
‫مهما كان الموقف ' ‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫النصيحة الثانية ‪ ( :‬الصبر ) ‪.‬‬
‫قيل عن الصبر الكثير من المقوالت ‪ ،‬ومن أشهرها ‪ :‬الصبر‬
‫مفتاح الفرج ‪..‬‬
‫مع األسف ‪ ،‬هنالك الكثيييييير من ال يتحلّى بالصبر في كل‬
‫المواقف الّتي قد ُّ‬
‫تمر في حياته ‪ ،‬سواء كانت هذه المواقف نتائجها‬
‫سلبية ‪ ،‬أم إيجابيّة ‪.‬‬
‫صدّق !‬
‫إذا أردت أن تصل ألي شيء ( مهما كان ) ‪ ،‬فالنتيجة حتما ً‬
‫مرتبطة بالصبر ‪..‬‬
‫و قد سمعنا الكثير من القصص التي حدثت مع الناس ‪ ،‬منهم من‬
‫فتح مشروع و لم يرى النتيجة من أول أسبوع فغلقه و غضب و‬
‫لم يعجبه األمر ‪ ،‬و منهم من عمل القليل و عجّل في عمله ‪ ،‬وبعد‬
‫أن ظهرت النتيجة السلبيّة ‪ ،‬انصدم ‪ ،‬استغرب ‪ ،‬أُصيب بحالة‬
‫مزاجية غريبة !‬
‫أنا !؟‬
‫أنا أتلقى مثل هذه النتيجة ؟‬
‫لم يعد يُف ّكر كيف تلقّى النتيجة السلبيّة ‪ ،‬أو لما حدث معه هذا‬
‫صبر و‬
‫َ‬ ‫الشيء ‪ ،‬فبدأ يستغرب و كأنّه عمل بكل جد و اجتهاد و‬
‫تلقّى شتى أنواع الصعوبات خالل عمله و و ‪...‬إلى آخره‪.‬‬
‫و لم يُف ّكر أبداً بشكل منطقي مثالً ‪ ،‬أنَّ العمل إن أعطيته حقّه‬
‫فحتما ً ستُلقى بما كنت تطمح إليه !‬
‫و الكثير من األمثلة التي تحدث مع الناس ‪ ،‬و لكن ال ُمراد قوله ‪،‬‬
‫كما ذكرتُ سابقا ً ‪ :‬افعل ما شئت ‪ ،‬سُتلقى بما شئت فعله ‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫و إن أردت أن تبحث في القرآن الكريم عن الصبر ‪ ،‬فسوف ترى‬
‫ذكر كلمةُ ال َّ‬
‫صبر فيها ‪.‬‬ ‫الكثييير من اآليات التي ت َّم َ‬
‫ومنها ‪..‬‬
‫في قوله سُبحانه و تعالى ‪ :‬يا أيُّ َها الَّذِينَ آ َمنُواْ ا ْستَعِينُوا بِال َّ‬
‫صب ِْر َو‬
‫صا ِب ِرينَ ( ‪ )١٥٣‬البقرة ‪.‬‬ ‫صالةِ إنَّ َ‬
‫هللا َم َع ال َّ‬ ‫ال َّ‬

‫(واصبِر فَإِنَّ اللَّـهَ ال يُضي ُع أَ َ‬


‫جر ال ُمحسِنينَ )‪.‬‬ ‫في سورة هود‪َ :‬‬
‫صبَ ُروا أَجْ َرهُ ْم بِأَحْ َس ِن َما كَانُوا‬
‫(ولَنَجْ ِزيَنَّ الَّذِينَ َ‬
‫في سورة النحل‪َ :‬‬
‫َي ْع َملُونَ )‪.‬‬
‫صا ِب ِرينَ )‬ ‫في سورة آل عمران‪َ ( :‬و َّ ُ‬
‫َّللا يُحِ بُّ ال َّ‬

‫بر هو السبيل الَّذي يجب على المرء أن يتَّخذه ‪ ،‬لكي يصل‬


‫ص ُ‬‫فال ّ‬
‫إلى ما كان يطمح له ‪.‬‬
‫‪...‬‬
‫و إليكم هذه القصة التي تتعلّق بموضوع الكتاب بشكل عام ‪.‬‬
‫المتسرع في الحكم‬
‫ّ‬ ‫القصة عن ( فايز ) الذي كان قليل الصبر و‬
‫على األشياء ‪ ،‬بل و كان راعيا ً للمشاكل ‪.‬‬
‫يوم من األيام ‪ ،‬كان فايز يتم ّشى في باحة المدرسة مع صديقه‬
‫عامر ‪ ،‬و كان عامر من الناس الذين يتحلّون بالصبر ‪ ،‬بل و كان‬
‫ينصح صاحبه دائما ً بالصبر و أن يوازن بين كالمه مع الناس و‬
‫كيف أنَّ التعامل السليم له أثر إيجابي في حياة الفرد ‪..‬‬
‫فصارت ثمة مشكلة بينهم و بين شخص ‪ ،‬و ذلك بسبب فايز‬
‫الهمجي ‪ ،‬و بسبب كالمه مع الناس ‪..‬‬

‫‪100‬‬
‫المهم هذا الشخص قال لفايز ‪ :‬ال أُحبُّ المشاكل ‪ ،‬و ال أُحبُّ‬
‫العراك كالصبية ‪ ،‬دعنا أن نحل هذه المشكلة بشكل سلمي ‪.‬‬
‫فأيّد عامر كالم هذا الشخص و قال له ‪ :‬هذا هو الصواب ‪ ،‬فلنقيم‬
‫الصلح بيننا ‪.‬‬
‫و لكن فايز كان لديه خيار ثاني ‪ ،‬و دون أي تفكير قال لهم ‪ :‬يا‬
‫لكم من أطفال تخافون من المشاكل التي كهذه ‪ ،‬و أنت ( قصده‬
‫مرةً أخرى فسوف ترى منّي‬ ‫على الشخص ) ‪ ،‬إن رأيتك أمامي ّ‬
‫الجانب الذي ال أُريدك أن تراه من األساس ‪ ،‬انصرف !‬
‫المهم قال له هذا الشخص ‪ :‬و ليكن مثل ما تريد ‪ ،‬السالم عليكم ‪.‬‬
‫و ذهب ‪..‬‬
‫هنا شعر فايز و كأنّه أخطأ ‪ ،‬فاإلنسان حتّى ولو كان متهوراً ‪ ،‬و‬
‫يخضع لشهواته و ال يضبط انفعاالته ‪ ،‬تبقى تلك الفطرة السليمة‬
‫التي تجعل من األنسان أن يميّز الصح من الغلط ‪ ،‬و لكن مع‬
‫األسف غلبه الكبر ‪ ،‬و لم يذهب و يعتذر ‪ ،‬بل و كبر حجم رأسه‬
‫‪..‬‬
‫حتى أن صار معه موقف ‪ ،‬و انقلبت حياته رأس على عقب !‬
‫كعادته ال ُمعتادة ‪ ،‬كان يشتم كل من يراه ‪ ،‬و كل من ال يعجبه ‪ ،‬و‬
‫كل من ال ينظر إليه بابتسامة حتّى ‪..‬‬
‫فالتقى بأحدهم و شتمه و بدأ يسخر من وجهه ‪ ،‬فردَّ عليه و قال ‪:‬‬
‫انتهيت من كالمك ؟‬
‫فقال فايز ‪ :‬و هل لي أن انتهي من الضحك ‪ ،‬و لكن ال أريد أن‬
‫أجرح مشاعرك أكثر من ذلك ‪ ،‬انصرف عن وجهي ‪.‬‬
‫فقال له بكل ثقة ‪ :‬و هل دخولك للشيء مثل خروجه ؟‬

‫‪101‬‬
‫صب فايز و دون أي تفكير ‪ ،‬لطمه على وجهه و قال له ‪ :‬و‬‫فع ّ‬
‫ماذا تقصد بكالمك يا ‪.‬‬
‫_ أسأت الظنَّ بي ‪ ،‬و ذلك لعدم امتالكك الصبر ‪ ،‬كل ما أُريد أن‬
‫أقول لك هو أن توازن كالمك و نفسك ‪ ،‬و أن أنصحك لعلّك‬
‫تسمع مني ‪..‬‬
‫أتدري ؟‬
‫كلنا نملك لسانا ً ‪ ،‬و نحن أحراراً كيف نستخدمه ‪ ،‬و الفرق بيني و‬
‫بينك ليس الخوف ‪ ،‬ال ‪..‬‬
‫بل الفرق يكمن في نظافة اللسان ‪ ،‬و ما لي ال أشتمك مثلما‬
‫شتمتني !؟‬
‫كن لطيف التعامل تُحب ‪ ،‬يعني ال تُف ّكر مجرد تفكير أنَّ كل ما‬
‫تفعله دليل على قوتك و رفع مكانة بين الناس !‬
‫كل ما في األمر هو أنَّ هنالك َمن يخاف مِن الذي ال يخاف هللا !‬

‫اتَّ ِ‬
‫ق هللا و راجع نفسك سترى أنَّك لست على صواب !‬
‫فلم يتكلّم شيء ‪ ،‬بل و أصابه نوع من االستغراب من كالمه ‪ ،‬و‬
‫ظ َّل يُف ّكر بكالمه طوال الوقت ‪..‬‬
‫حتّى أن جاء صاحبه عامر بعد أسبوع من هذا الموقف الذي‬
‫حدث معه ‪ ،‬و قال له ‪ :‬اسمع يا فايز ‪ ،‬لقد نصحتك كثيراً و لم‬
‫تسمع منّي ‪ ،‬و أنا لم أعد أتح ّمل وجود شخص مثلك في حياتي ‪،‬‬
‫أسأل هللا أن يهديك ‪..‬‬
‫فقاطعه و قال له ‪ :‬اصبر !‬
‫تحلّى بالصبر ‪ ،‬ما لك يا رجل !؟‬
‫فتعجّب عامر ‪ ،‬و كاد أن يُغمى عليه من الصدمة !‬

‫‪102‬‬
‫و بقي مصدوما ً ‪ ،‬لم يتكلّم ‪..‬‬
‫فقال له فايز ‪ :‬أتدري يا صاحبي ؟‬
‫تخيّل لو تضرب شخص ‪ ،‬و ال يسيء لك ‪ ،‬بل و ينصحك أجمل‬
‫النصائح و يذهب ‪ ،‬و كأنك لم تضربه ‪ ،‬بل على العكس تماما ً !‬
‫كأنّك أعطيته ماالً !‬
‫أدركت أنَّ ما كنت أفعله ‪ ،‬أتفه من أتفه ما تف ّكر فيه حتّى !‬
‫أسأل هللا أن يغفر لي ما فعلته بنفسي و باآلخرين ‪ ،‬و تمنّيتُ لو‬
‫أنّني لم أكن هكذا من األساس ‪ ،‬و لكن هذا ما حدث ‪ ،‬و هذا ما‬
‫جعلني أن أتعلّم درسا ً من هذه الحياة !‬
‫‪...‬‬

‫صة منتشرة ‪ ،‬و أنَّ هنالك الكثير من لم يكن قادراً‬


‫قد تكون هذه الق ّ‬
‫على ضبط نفسه ‪ ،‬و لم يمتلك الصبر ‪ ،‬و قد يحدث معه موقف ‪،‬‬
‫و يراجع نفسه ‪..‬‬
‫جرب و تعلّم‬‫ُجرب لكي نتعلّم ‪ ،‬و مبدأ ( ّ‬
‫و لكن ال يص ُّح دائما ً أن ن ّ‬
‫من تلقاء نفسك ) ال أنصح به من األساس ‪ ،‬يعني تخيّل لو ابنك‬
‫الصغير قال لك ‪ :‬لماذا تقومون برمي القُمامة خارج المنزل ‪،‬‬
‫لماذا ال تحتفظون بها؟‬
‫هل سترد عليه و تقول ‪ :‬ألنَّ القمامة شيء وسخ ‪ ،‬و ستنتشر‬
‫الجراثيم إن حافظنا عليها ‪ ،‬لذلك نقوم برميها ‪.‬‬
‫ي ‪ ،‬و خذ من كيس القمامة شيئا ً و كله ‪،‬‬ ‫أم ستقول له ‪ :‬اذهب يا بُن ّ‬
‫جرب أنت بنفسك ‪ ،‬لكي تعلم لماذا نقوم بهذا الفعل !‬ ‫و ّ‬

‫‪103‬‬
‫لذا علينا أن نأخذ بالنصائح ‪ ،‬و ال سيما إن كانت من أقرب الناس‬
‫‪ ،‬و أن ال نتكبّر و نعمل كل ما يختلج في داخلنا !‬
‫‪...‬‬
‫و على سيرة الصبر ‪ ،‬قد تختلف األمثلة ‪ ،‬و تختلف القصص و‬
‫المواقف في هذا األمر ‪ ،‬و يبقى الحل الوحيد هو الصبر ‪.‬‬
‫إن كُنت ُمد ّخنا ً و تريد أن تقطع التدخين ‪ ،‬فعليك بالصبر ‪.‬‬
‫إن كنت مدمنا ً ألي شيء سلبي ‪ ،‬و تريد أن تقطعه ‪ ،‬فعليك أن‬
‫تتحلّى بالصبر ‪..‬‬
‫صدّق !‬
‫األمر ليس بتلك الصعوبة كما يدّعي البعض ‪.‬‬
‫كل ما في األمر هو أن تتو ّكل على هللا سُبحانه و تعالى ‪ ،‬و تتحلّى‬
‫بالصبر ‪ ،‬و أن ترسم طموحاتك و آمالك ‪ ،‬و تعمل بجد و اجتهاد‬
‫لتصل ما تريد بإذن هللا ‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫خاتِمة‬

‫الحم ُد هلل الذي بنعمته تتم الصالحات ‪ ،‬لقد انتهيت من كتابة هذا‬
‫الكتاب ‪ ،‬أسأل هللا أن يكون هذا العمل قد أفادكم ‪.‬‬
‫و كما ذكرت لكم سابقا ً ‪ ،‬هذا أول كتاب من تأليفي ‪ ،‬أي أول‬
‫تجربة ‪ ،‬و منها للتجارب األُخرى إن شاء هللا ‪.‬‬
‫هنالك مقولة ‪ ،‬أعجبتني ‪:‬‬

‫أصبت فمن هللا سبحانه و تعالى و توفيقه ‪..‬‬


‫ُ‬ ‫إن‬

‫و إن أخطأت فمن نفسي ‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫حمتوايت الكتاب ‪:‬‬

‫المقدمة ‪٤ ......................................................‬‬
‫قصة علي الذي ترك الدراسة ‪٦ .............................‬‬
‫التفكير و عالقته بالرد ‪٨ .....................................‬‬
‫الباب األول ‪ ،‬األساليب السلبية ‪١١ ............................‬‬
‫كثرة الكالم ‪١٢ ...................................................‬‬
‫التهرُّب من موضوع إلى آخر ‪١٤ ...............................‬‬
‫العصبيَّة ‪١٧ .......................................................‬‬
‫الشتائم ‪١٩ .........................................................‬‬
‫البكاء ‪٢٢ ...........................................................‬‬
‫المقاطعة أثناء الكالم ‪٢٥ ..........................................‬‬
‫عدم القدرة على ضبط النفس ‪٢9 .................................‬‬
‫عدم التفكير بكالم الشخص المُسيء ‪٣٣ .........................‬‬
‫عدم تفكيره بكالمه ‪٣٥ ............................................‬‬
‫االرتباك أثناء الكالم ‪٣٨ ...........................................‬‬
‫النظر إلى األرض أثناء الكالم ‪٤١ ................................‬‬
‫التكلُّم بصوت عالي أو بصوت منخفض ‪٤٤ .....................‬‬
‫إعطاء النصيحة بطريقة خاطئة ‪٤٧ ...........................‬‬

‫‪106‬‬
‫الباب الثاني ‪ ،‬األساليب اإليجابية ‪٥٥ .........................‬‬
‫التفكير قبل الكالم ‪٥٦ ..........................................‬‬
‫ضبط النفس ‪٦٠ ................................................‬‬
‫الصمت ‪٦٣ .....................................................‬‬
‫التنقل من موضوع إلى آخر ‪٧١ ...............................‬‬
‫الالمُباالة و الرَّاحة ‪٧٨ .........................................‬‬
‫االبتسامة أثناء االستماع ‪٨٢ ...................................‬‬
‫النظر بعين المتكلّم ‪٨٤ ..........................................‬‬
‫الراحة أثناء االستماع ‪ ،‬و أثناء الكالم ‪٨٦ .....................‬‬
‫التكلّم بوضوح ‪ ،‬و االستماع دون المقاطعة ‪٩٠ ................‬‬
‫قلة الكالم ‪٩٣ ......................................................‬‬
‫الرد المُناسب في الوقت المناسب ‪٩٥ ...........................‬‬
‫النصيحة األولى ( عن االرتباك ) ‪٩٧ ...........................‬‬
‫النصيحة الثانية ( الصَّبر ) ‪٩٩ ..................................‬‬
‫خاتمة ‪١٠٥ ........................................................‬‬
‫محتويات الكتاب ‪١٠٦ ...........................................‬‬

‫‪107‬‬
Instagram : hussam_alhatiim

108

You might also like