You are on page 1of 17

‫المحور الثاني‪:‬‬

‫علم نفس المراهق‬


‫ذ‪ .‬توفيق عطيفي‬
‫تمهيد‬
‫تعتبر المراهقة مرحلة من مراحل النمو اإلنساني‪ ،‬التي يتفاعل فيها النضج الجسمي والعقلي‬
‫والنفسي‪ ،‬وتتحكم فيها عوامل ثقافية واجتماعية واقتصادية‪ ،‬مما يعطي سمة خاصة للمراهق‪.‬‬
‫فطبيعة التفاعل بين الذات والمحيط الخارجي باإلضافة إلى ظروف التنشئة االجتماعية للفرد‬
‫هي ما يضفي على المراهقة طابعا سيكولوجيا معقدا يصعب التعايش معه‪ ،‬أو يجعل منها‬
‫مرحلة نمو ونضج طبيعي‪ .‬لذلك نجد انقساما في الرأي حول هذه المرحلة‪ ،‬حيث نجد‬
‫التصورات المتشائمة‪ ،‬التي تعتبر المراهقة مرحلة صراعات وأزمات متسلسلة‪ ،‬والتصورات‬
‫المتفائلة التي تعتبر المراهقة مرحلة نضج واكتمال الشخصية‪ ،‬وهو ما سنتناوله من خالل‬
‫بعض النظريات حول المراهقة‪ ،‬وذلك من خالل المحاور اآلتية‪ :‬تعريف علم نفس المراهق‪،‬‬
‫خصائص مرحلة المراهقة‪ ،‬التحوالت الجسمية للمراهق‪ ،‬التحوالت النفسية للمراهق‪،‬‬
‫التحوالت الفكرية للمراهق‪ ،‬المشكالت العالئقية للمرهقة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬المراهقة وتمييزها عن المفاهيم القريبة منها‬
‫غالبا ما نالحظ تقاربا كبيرا بين مفهومي المراهقة والبلوغ لدرجة أن البعض يستعملهما بنفس المعنى‪ .‬في‬
‫حين أن هناك فروقا دقيقة تميز بينهما‪ .‬فكلمة بلوغ ‪ puberté‬تشير إلى الجانب العضوي للمراهقة‪،‬‬
‫وخاصة ظهور التغيرات الفيزيولوجية ونضج الغدد التناسلية التي تساعد على القيام بالوظائف الجنسية سواء‬
‫عند الذكر أو األنثى‪ .‬ومن ثم فهو يمثل جانبا من جوانب المراهقة‪ ،‬كما أنه يعتبر مؤشرا على االنتقال إلى‬
‫مرحلة جديدة من مراحل النمو‪.‬‬
‫أما كلمة مراهقة ‪ Adolescence‬فتشير إلى "المرحلة التي يحدث فيها االنتقال التدريجي نحو النضج‬
‫البدني والجنسي والعقلي والنفسي‪ .‬أما عن األصل اللغوي للكلمة فيرجع إلى فعل راهق بمعنى االقتراب"‪.‬‬
‫ويقال راهق الغالم إذا قارب االحتالم أي أشرف على سن القدرة على اإلنجاب‪ ،‬وراهق سن البلوغ أي‬
‫قاربه‪.‬‬
‫كما أن هناك من يستعمل مفهوم الشباب كمرادف للمراهقة وخاصة المرحلة المتأخرة منها‪ ،‬ويعتبر موريس‬
‫دوبيس ‪ M. Debesse‬أن الشباب هو الجانب االجتماعي للمراهقة ويرى كينستون ‪ Kinstoone‬أن‬
‫مصطلح الشباب يقصد به األفراد الذين يدخلون مرحلة من مراحل النمو التي تلي المراهقة وتسبق فترة‬
‫الرشد‪ .‬ويذهب أحمد أوزي إلى أن الطابع المميز لفترة الشباب عما قبلها من المراحل هو انتهاء الفرد‬
‫من حل الجانب األكبر من مشاكل الهوية واالستقرار العاطفي وانتهاء طور التمرد والعصيان‬
‫اتجاه األسرة‪ .‬في حين أن مفهوم المراهقة يدل على الطابع غير المكتمل ويعطي معنى سلبي‬
‫لهذه المرحلة‪ ،‬إذ نتكلم أحيانا عن شخص ظل مراهقا في سلوكه رغم بلوغه سن الرشد‪.‬‬
‫وهكذا نجد أن لفظة البلوغ ترتبط بالجانب الفيزيولوجي‪ ،‬ولفظة المراهقة تعني الجانب‬
‫السيكولوجي ولفظة الشباب تخص الجانب االجتماعي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تقسيم فترة المراهقة‬
‫تمتد فترة المراهقة من بداية البلوغ إلى بداية الرشد‪ ،‬ويتفق معظم الباحثين على أن الفتاة تبلغ‬
‫قبل الفتى بمعدل سنة أو سنتين‪ ،‬وتمتد هذه الفترة عموما من ‪ 12-11‬سنة إلى ‪21‬سنة‪.‬‬
‫ويمكن تقسيم هذه الفترة إلى ثالث مراحل وهي كالتالي‪:‬‬
‫‪ -‬المراهقة المبكرة من سن ‪ 12‬إلى ‪ 15‬سنة؛‬
‫‪ -‬المراهقة المتوسطة من سن ‪ 16‬إلى ‪ 17‬سنة؛‬
‫‪ -‬المراهقة المتأخرة من ‪ 18‬إلى ‪ 21‬سنة‪.‬‬
‫ويذهب علم النفس الحديث إلى اعتبار أن فترة المراهقة ترتبط ارتباطا وثيقا بالمراحل السابقة‬
‫والالحقة‪ ،‬وبالتالي فإن كل مرحلة تعتبر ذات تأثير بليغ في المرحلة التي تليها‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الخصائص المميزة للمراهقة‬
‫تختلف فترة المراهقة من مجتمع آلخر من حيث طولها وقصرها‪ ،‬أو من حيث المستوى االقتصادي‬
‫واالجتماعي والثقافي لألسر‪ .‬حتى أن بعض المجتمعات التي تسمى بالبدائية ال يعرف أطفالها ما‬
‫يسمى بأزمة المراهقة ألنه يتعين على الفرد في هذه الفترة أن يجتاز بعض التجارب الصعبة التي‬
‫تنظمها له القبيلة والتي تسمى باسم شعائر التعريف‪ .‬فإذا ما اجتاز هذه التجارب بنجاح اعتبرته القبيلة‬
‫راشدا واكتسب بالتالي كل الحقوق الخاصة بالراشدين‪ .‬وإذا ما فشل في هذه الشعائر تحدد له موعدا‬
‫آخر ليجتاز التجارب نفسها‪.‬‬
‫ونجد اآلن في العديد من البوادي أن فترة المراهقة غير طويلة إن لم تكن منعدمة ألن الفتى أو الفتاة‬
‫بمجرد ما يصالن سن البلوغ يتقلدان المسؤولية ويدمجان في الحياة االجتماعية مباشرة‪ .‬حيث تتجه‬
‫الفتاة إلى الزواج واألمومة ويتجه الفتى إلى العمل بالتجارة أو الزراعة أو الرعي‪ .‬أما المراهق في‬
‫المجتمعات الحضرية فهو راشد من الناحية البيولوجية إال انه طفل من الناحية االجتماعية حيث أن‬
‫هذه المجتمعات تفرض على المراهق فترة طويلة نسبيا من التبعية االقتصادية اتجاه والديه‪ ،‬لذا نجده‬
‫ممزقا بين دوره كراشد بيولوجيا ودوره كطفل اجتماعيا واقتصاديا‪ .‬ومن ثم فإن عدم الوضوح في‬
‫المكانة التي يحتلها المراهق في هذه المجتمعات الحديثة هو الذي يفسر االضطرابات السلوكية التي‬
‫تظهر عليه أحيانا ‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬أنواع المراهقة‬
‫انطالقا من الخصائص المميزة لفترة المراهقة يمكن الحديث عن أنواع مختلفة للمراهقة تحكمها العوامل‬
‫البيولوجية والنفسية واالجتماعية والثقافية وكذلك العوامل الجغرافية‪ ،‬واالقتصادية واالستعدادات التكوينية‪.‬‬
‫وبما أن هذه العوامل ال توجد بشكل متساو لدى األفراد يمكن القول بأن المراهقة تختلف من فرد آلخر ومن‬
‫بيئة ألخرى‪.‬‬
‫وكمثال على ذلك نجد أن النمو الجنسي الذي يحدث في المراهقة ال يؤدي بالضرورة إلى حدوث أزمات‬
‫لدى المراهقين‪ ،‬ولكن دلت التجارب على أن النظم االجتماعية الحديثة التي يعيش فيها المراهق هي‬
‫المسؤولة عن حدوث أزمة المراهقة‪ .‬فقد أثبتت األبحاث التي أجرتها مارغريت ميد ‪ M. Mead‬في‬
‫المجتمعات البدائية أنه يرحب بظهور النضج الجنسي‪ ،‬فيقام له حفل تقليدي ينتقل بعده الطفل مباشرة إلى‬
‫مرحلة الرشد‪.‬‬
‫ومن ثم يمكن الحديث عن أنماط مختلفة من المراهقة وهي‪:‬‬
‫• مراهقة سوية خالية من المشاكل والصعوبات‪.‬‬
‫• مراهقة انطوائية حيث ينسحب المراهق من مجتمع األسرة ومن مجتمع األقران ويفضل االنعزال‬
‫واالنفراد بنفسه ليتأمل ذاته ومشكالته‪.‬‬
‫• مراهقة عدوانية يتسم سلوك المراهق فيها بالعدوان على نفسه وعلى غيره من الناس واألشياء‪.‬‬
‫وهكذا نجد أن االختالف في المراهقة ال يرجع إلى طبيعة هذه المرحلة في حد ذاتها‪ ،‬بقدر ما يعزى إلى‬
‫خصائص شخصية المراهق وبنيتها التكوينية وطبيعة التفاعل مع البيئة االجتماعية بمتغيراتها المختلفة‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬مظاهر النمو في فترة المراهقة‬

‫تتميز مرحلة المراهقة بتغيرات واضحة ونمو سريع على المستوى الجسمي والعقلي والنفسي واالجتماعي‪.‬‬
‫وقد لوحظت بعض الفروق بين الجنسين فيما يخص فترة البلوغ‪ ،‬حيث أن الفتاة تصل إلى مرحلة النضج‬
‫الجنسي قبل الفتى بمعدل سنتين في المتوسط‪ .‬كما أن هناك فروقا بين األفراد في سرعة النمو واكتمال‬
‫النضج‪ ،‬يمكن إرجاعها إلى عوامل التغذية والمناخ واألمراض وغيرها‪ .‬ففي المناطق الحارة يصل األطفال‬
‫إلى النضج الجنسي والمراهقة في سن مبكرة مقارنة مع أطفال المناطق الباردة‪.‬‬
‫كما تؤثر حاالت المرض الطويل والضعف على تأخر النضج الجنسي‪ ،‬ومعنى ذلك أن فترة المراهقة في‬
‫رمتها هي نتاج للتفاعل بين مختلف العوامل البيولوجية والنفسية واالجتماعية والثقافية واالقتصادية‬
‫والبيئية‪ ،‬حيث تظهر على المراهق آثار الطفرة النوعية لهذه المرحلة االنتقالية‪ ،‬فيستجيب لها بسلوكيات‬
‫تتفق تارة مع معايير المجتمع‪ ،‬وتارة مع مزاجه الخاص‪ .‬فماهي إذن هي تجليات هذا النمو؟ وكيف يتفاعل‬
‫معها المراهق؟‬
‫‪ .1‬النمو الجسمي‬
‫تتميز مرحلة المراهقة على المستوى الجسمي بنمو الغدد الجنسية ‪Les glandes - Sex glands‬‬
‫‪ sexuelles‬التي تمكن من القيام بوظائف التناسل‪ .‬وهذه الغدد الجنسية عبارة عن المبيضين عند األنثى‬
‫والخصيتين عند الذكر‪.‬‬

‫بالنسبة لألنثى‬
‫تقوم الغدد الجنسية (المبيضان) بإفراز البويضات فيظهر الطمث عند الفتاة بسبب انفجار البويضة‬
‫الناضجة في المبيض‪ ،‬فينتج عنه نزول دم الحيض ويظهر أول حيض لدى األنثى ما بين سن التاسعة‬
‫والرابعة عشرة‪ ،‬وذلك بحسب المتغيرات التكوينية والفيزيولوجية والعوامل البيئية‪ .‬ويصاحب النضج‬
‫الجنسي في مرحلة المراهقة ظهور مميزات أخرى يطلق عليها الصفات الجنسية الثانوية‪ ،‬وتتجلى في‬
‫نمو عظام الحوض‪ ،‬وتراكم الدهون في األرداف ونموهما بشكل واضح‪ ،‬كما تتجلى في ظهور الشعر‬
‫فوق العانة وتحت اإلبط وكذلك نمو الثديين والمهبل والرحم‪ .‬وتحدث دورة الحيض للفتاة كل ‪ 28‬يوما‬
‫وقد ال يكون حدوث الدورة منتظما في بداية البلوغ فقد يتأخر ظهورها مرة أخرى بين شهر وسنة كاملة‬
‫لتعود إلى االنتظام بشكل تلقائي‪.‬‬
‫بالنسبة للذكر‬
‫تقوم الغدد التناسلية عند الذكر(الخصيتان) بإفراز الحيوانات المنوية والهرمونات الجنسية وتمتزج‬
‫الحيوانات المنوية بسائل منوي لزج تفرزه البروستات‪ .‬ويرافق النمو الجسمي عند الفتى ظهور بعض‬
‫الصفات الجنسية الثانوية كخشونة الصوت ونمو الشعر فوق العانة والذقن والشارب‪ .‬باإلضافة إلى نضج‬
‫الغدد الجنسية وظهور بعض التغيرات التي تحدث في إفراز الغدد الصماء ‪Glandes endocriniennes‬‬
‫سواء عند الذكر أو األنثى‪ ،‬وهي عبارة عن مجموعة الغدد التي ال تتوفر على قنوات تمكنها من وضع‬
‫إفرازاها خارج الجسم‪ ،‬بل تصبها مباشرة في الدم‪ ،‬وتسمى إفرازات هذه الغدد بالهرمونات وهي عبارة عن‬
‫مواد عضوية‪ .‬ففي مرحلة المراهقة يزداد إفراز الغدة النخامية ‪ hypophyse‬للهرمونات المنبهة للجنس‬
‫بينما يحدث ضمور في الغدد الصنوبرية ‪ epiphyse‬والتيموسية أو الزعترية ‪.Thymus‬‬
‫وعموما يمكن القول بأن النمو الجسمي في مرحلة المراهقة يتجلى على شكل تغيرات جسمية خارجية‬
‫يمكن للمراهق وللوسط االجتماعي أن يالحظها بسهولة ووضوح‪ .‬كما أن هناك تغيرات فيسيولوجية داخلية‬
‫تتجلى في الوظائف الجديدة التي تقوم بها األعضاء في مرحلة المراهقة‪.‬‬
‫‪ .2‬النمو العقلي‬
‫تتميز فترة المراهقة بنمو سريع للقدرات العقلية‪ ،‬حيث تنضج االستعدادات الخاصة للمراهق‪ ،‬فيصبح قادرا‬
‫على القيام بالعديد من العمليات العقلية العليا التي لم تكن موجودة في السابق‪ .‬ويعتمد بياجي في تفسيره‬
‫للمراهقة على الجانب المعرفي‪ ،‬حيث يعتبر النمو عملية متصلة‪ ،‬وأن مرحلة المراهقة ترتبط بالمراحل‬
‫السابقة‪ .‬وتوازي فترة المراهقة حسب بياجي ميالد العمليات الصورية أو المجردة‪ ،‬وهي مرحلة متقدمة من‬
‫مراحل النمو المعرفي عند الطفل‪ .‬والتي تبلغ اكتمالها ما بين ‪16-15‬سنة عند المراهق بتوازي مع نضج‬
‫المنظومة العصبية‪ .‬ومن الخصائص العامة لهذه المرحلة أيضا اكتساب نوع جديد من االستدالل‪.‬‬
‫كما يتميز التفكير لدى المراهق بنوع من التجريد‪ ،‬وإعادة النظر فيما تلقاه من قيم ومعايير اجتماعية‪ ،‬وهو‬
‫ما يدل على نمو الذكاء وبعض القدرات النقدية‪.‬‬
‫فهو يريد أن يبني معاييره الخاصة التي تقوم على أساس االقتناع ال على أساس التلقين من اآلخر‪ .‬لذلك نجد‬
‫لديه الكثير من التساؤالت حول األشياء الميتافيزيقية‪ ،‬مثل التساؤل حول أصل العالم‪ ،‬وهللا‪ ،‬وحقيقة الرسل‬
‫والمالئكة‪ ...‬إضافة إلى اهتمامه بمشاهير الفن والرياضة والعلم وأبطال التاريخ‪ ،‬ومحاولة تقمص بعض‬
‫الشخصيات المعروفة في مجال معين‪.‬‬
‫كما يمتاز خياله بالعمق والخصوبة ويميل إلى إشباع كثير من رغباته عن طريق أحالم اليقظة‪ .‬وإذا كانت‬
‫هذه هي خاصية النمو العقلي لدى المراهق فإن ذلك ال ينفي وجود بعض الصعوبات في التعلم والتي يجب‬
‫أن يأخذها المدرس بعين االعتبار ويتعامل معها بنوع من المرونة والمعالجة التربوية السليمة‪ .‬ومن أبرز‬
‫هذه الصعوبات تشتت االنتباه بسبب عوامل داخلية أو خارجية‪ ،‬فقد يشرد عقل التلميذ وينشغل بأحالم‬
‫اليقظة وما يمر بذهنه من خواطر وأفكار‪ ،‬وهو ينظر في نفس الوقت إلى المدرس حيث يكون ذلك الحاضر‬
‫الغائب‪.‬‬
‫وقد يرجع البعض ذلك إلى عدم اهتمام التلميذ بالدرس‪ .‬وهناك حاالت أخرى يكون فيها التلميذ كثير الكالم‬
‫والحديث مع زمالئه خاصة أثناء شرح الدرس‪ ،‬وإذا ما جلس في مكان ما فهو ال يستقر في حالة واحدة‪.‬‬
‫ومن ثم كان دور التحفيز هاما إلثارة اهتمام التالميذ بموضوع الدرس‪ .‬فالتلميذ المراهق في حاجة إلى وقت‬
‫إضافي ليبدي استعداده وقدرته على استيعاب الدرس ومتابعة ما يجري داخل الفصل الدراسي‪ .‬فقد يعاني‬
‫التلميذ من عدم القدرة على المتابعة والتواصل وينصرف ذهنه للتفكير في أشياء أخرى استعصى عليه‬
‫فهمها فيحاول جاهدا أن يفهمها بنفسه‪ .‬وقد يعيد المدرس شرح الدرس ويطرح التلميذ سؤاال عن أمر سبق‬
‫أن ناقشه المدرس قبل دقائق فيتهمه بالعبث واالنصراف عن الدرس‪.‬‬
‫ولعل إثارة انتباه التلميذ المراهق تتطلب توفير بعض الشروط الموضوعية أهمها‪:‬‬
‫• مالئمة موضوع التعلم الهتمامات التلميذ‪.‬‬
‫• العالقة التفاعلية بين التلميذ والمدرس‪ ،‬فكلما كانت هذه العالقة قائمة‬
‫على االحترام والود والتفهم كلما أعطت المراهق الثقة بالنفس وكانت‬
‫أكثر تحفيزا له على التحصيل واالنتباه‪ ،‬عكس العالقة القائمة على‬
‫التسلط والعدوانية والتحقير‪.‬‬
‫• العالقة التفاعلية بين المراهق وجماعة القسم‪ ،‬ذلك أن العمل الجماعي داخل‬
‫الفصل الدراسي يتيح للمراهق فرص إغناء شخصيته وإعدادها من خالل التعامل‬
‫مع أقرانه وفق عالقات ومبادئ محددة‪ ،‬وهذا ما يجعل المراهق يكتسب أفكارا‬
‫وطرقا مختلفة في التواصل مع اآلخرين‪.‬‬
‫‪ .3‬النمو النفسي واالجتماعي‬
‫يمكن الحديث عن اتجاهين حول النمو النفسي واالجتماعي والخصائص المميزة للمراهقوهما كالتالي‪:‬‬
‫االتجاه األول وهو اتجاه غالب‪ ،‬يعتبر المراهقة مرحلة شك ومعاناة وتوتر وقلـق وعـدم استقرار وصراع‬
‫وثورة على الذات واألسرة وتمرد على الوالدين وخروج عن العـادات والتقاليـد‪ .‬ويفسر أصحاب هذا‬
‫االتجاه اضطراب المراهق وعدم توافقه في هذه المرحلة بعملية البلوغ وما يصاحبها من تغيرات في نمو‬
‫الغدد ووظائفها‪ ،‬حيث يشعر الناشئ بمشاعر غريبة قد يضطرب بسببها‪ .‬كماما قد يغذي ذلك عالقات‬
‫الصراع بين اآلباء واألبناء بسبب التباعد في االتجاهات واألفكار‪ ،‬مما يجعل المراهق متأرجحا بين‬
‫التقدم نحو الرشد‪ ،‬والنكوص إلى الطفولة‪.‬‬
‫كما أن المراهق يصبح أكثر تمركزا حول ذاته من مرحلة الطفولة‪ .‬فهو يريد إخضـاع الواقع لرغباته‬
‫ويجعل من نفسه محور الكون‪ .‬في حين أن الراشد يخضع لمتطلبات الواقع ويعمل على الموازنة‬
‫والتوفيق بينها وبين المحيط االجتماعي‪ .‬فالمراهق ينظر إلى نفسه كذات مستقلة ويتجه إلى تعميق الوعي‬
‫بذاته ويتأملها باستمرار وكأنها شيء جديد بالنسبة إليه‪ .‬ويسمي يونج هذه الظاهرة بتيقظ الشعور أو‬
‫الميالد النفسي الذي يتم بعد البلوغ وانبثاق الحياة الجنسية‪ ،‬حيث تظهر تغيرات جسمية مفاجئة بشكل يثير‬
‫انزعاج المراهق ويجعله كثير االهتمام بنفسه‪ .‬فالمراهق عندما كان طفال لم يكن ليهتم كثيرا بتغيراته‬
‫الجسمية‪ .‬ألن النمو في فترة الطفولـة خاصة منها الوسطى والمتأخرة يكون بطيئا جدا لدرجة ال يشعر‬
‫معها بتقدم واضح‪ .‬كمـا أن الطفل يهتم كثيرا باللعب واستكشاف العالم الخارجي‪ ،‬لكنه بمجرد ما يصل‬
‫مرحلة البلـوغ يتحول هذا االهتمام إلى ذاته فيقضي ساعات طويلة أمام المرآة ينظر إلى جسمه ويتأمل‬
‫مختلف التغيرات التي لحقته‪ ،‬مما قد يسبب له الكثير من االنزعاج واإلحراج واالضطراب‪ ،‬وباألخص إذا‬
‫كان األفراد المحيطين به يثيرون انتباهه باستمرار إلى هذه التغيرات كعالمة علـى تخبطـه وضرورة‬
‫ابتعاده عن التصرفات الطفولية‪.‬‬
‫شكرا على حسن االصغاء والتفاعل‬

You might also like