You are on page 1of 96

‫د‪ .

‬إدريس أوهالل‬

‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة‬

‫املفاهيم واملبادئ‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪1‬‬

‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة‪ .‬الجزء األول‪ :‬املفاهيم واملبادئ‬ ‫الكتاب‪:‬‬
‫د‪ .‬إدريس أوهالل ‪drissohlale@gmail.com‬‬ ‫املؤلف‪:‬‬
‫األولى ‪1017‬‬ ‫الطبعة‪:‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة للمؤلف‬ ‫الحقوق‪:‬‬
‫مجموعة األكاديميات الدولية‬ ‫الناشر‪:‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪1‬‬

‫جميع الحقوق محفوظة © ‪1017‬‬

‫ال يسمح بطبع هذا الكتاب أو جزء منه‪ ،‬بكل طرق الطبع‬

‫والتصوير والنقل والترجمة والتسجيل املرئي واملسموع والحاسوبي أو غيرها‪،‬‬

‫أو استخدامه في مناهج تعليمية في ورشة عامة أو خاصة‪ ،‬إال بإذن خطي من املؤلف‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪3‬‬

‫يتكون هذا الكتاب من جزئين‬


‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪4‬‬

‫تصدير‬
‫"الجودة مسؤولية الجميع"‬
‫إدوارد ديمينغ‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪5‬‬

‫محتويات الكتاب‬

‫مقدمة‬
‫املحطة األولى‪ :‬ملاذا الجودة؟‬
‫‪ ‬ثورة الجودة وديمقراطية الكيف‬
‫‪ ‬مطلب الجودة‬
‫‪ ‬انتظارات‬
‫املحطة الثانية‪ :‬تعريف الجودة‬
‫‪ ‬الداللة املتداولة‬
‫‪ ‬الداللة اللغوية‬
‫‪ ‬الداللة االصطالحية‬
‫‪ ‬طرق تعريف الجودة‬
‫املحطة الثالثة‪ :‬تاريخ الجودة‬
‫‪ ‬نشأة مفهوم الجودة وتطوره‬
‫‪ ‬جورج رادفورد وطرق التفتيش‬
‫‪ ‬والتر ستيوارت والطرق اإلحصائية‬
‫‪ ‬أبو الجودة‪ :‬إدوارد ديمينغ‬
‫‪ ‬الجيل الثاني‪ :‬جيران وفيجونبوم وكروسبي‬
‫‪ ‬ديمينغ الياباني‬
‫‪ ‬أبو حلق الجودة‪ :‬إيشيكاوا‬
‫املحطة الرابعة‪ :‬مبادئ الجودة ومعارفها العميقة‬
‫‪ ‬املبادئ األربعة عشر لديمينغ‬
‫‪ ‬املعارف العميقة لديمينغ‬
‫‪ ‬املعرفة العميقة األولى‪ :‬مفهوم النسق‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪6‬‬

‫‪ ‬املعرفة العميقة الثانية‪ :‬معرفة الفروق‬


‫‪ ‬املعرفة العميقة الثالثة‪ :‬نظرية املعرفة‬
‫‪ ‬املعرفة العميقة الرابعة‪ :‬سيكولوجية البشر‬
‫املحطة الخامسة‪ :‬إدارة الجودة‬
‫‪ ‬مقاربات متعددة إلدارة الجودة‬
‫‪ ‬مقاربة الرقابة اإلحصائية‬
‫‪ ‬مقاربة ضمان الجودة‬
‫‪ ‬مقاربة الجودة الشاملة‬
‫املحطة السادسة‪ :‬أبعاد الجودة‬
‫‪ ‬أبعاد الجودة‬
‫‪ ‬خمسة مداخل ألبعاد الجودة‬
‫‪ ‬مدخل املقاربة النسقية‬
‫‪ ‬مدخل املقاربة الوظيفية‬
‫‪ ‬مدخل أداء النظام‬
‫‪ ‬مدخل وجهة نظر العمالء‬
‫‪ ‬مدخل جوهر املهنة‬
‫املحطة السابعة‪ :‬شروط الجودة‬
‫‪ ‬شروط الجودة‬
‫‪ ‬الشرط األول‪ :‬إنسان الجودة‬
‫‪ ‬الشرط الثاني‪ :‬ثقافة الجودة‬
‫‪ ‬الشرط الثالث‪ :‬تنظيم الجودة‬
‫خاتمة‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪7‬‬

‫مقدمة‬

‫ينطلق هذا الكتاب من هاجس البحث عن إجابة واضحة ودقيقة‬


‫وعملية إلشكال مهم وحيوي يرتبط به مصير مجتمعاتنا في عصر‬
‫التحوالت الكبرى والتغيرات السريعة واملنافسة القوية وهو‪ :‬كيف يمكن‬
‫كسب رهان جودة منظماتنا؟‬
‫يتعلق األمر هنا بسؤال الكيف؛ أي بسؤال عملي همه البحث عن‬
‫الكيفية العملية التي من شأن تبنيها واعتمادها أن يتيح ملنظماتنا فرصة‬
‫لكسب رهان الجودة‪ .‬وسنعمل على اإلجابة عن هذا اإلشكال العملي في‬
‫لحظتين ‪:‬‬
‫‪ ‬لحظة التساؤل عن مفاهيم ومبادئ الجودة الشاملة‪.‬‬
‫‪ ‬لحظة التساؤل عن طرق وأدوات الجودة الشاملة‪.‬‬
‫ويتفرع هذا اإلشكال املركزي إلى األسئلة املترابطة التالية ‪:‬‬
‫ملاذا الجودة؟ وما هي مختلف الرهانات املرتبطة بهذا املفهوم؟ هل‬
‫هي رهانات اقتصادية محضة؟ هل هناك رهانات أخرى؟ ما هي؟‬
‫ما درجة وضوح مفهوم الجودة؟ ما ظرفية ظهوره؟ كيف تطور؟ وما‬
‫هي املضامين التي تقلب فيها؟ وما هي الشبكة املفهومية التي يتحرك هذا‬
‫املفهوم بواسطتها؟‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪8‬‬

‫وإذا كان مفهوم الجودة في األصل ينتمي إلى عالم االقتصاد‬


‫والصناعة‪ ،‬فما ظرفية انتقاله من هذا املجال إلى القطاعات الخدمية‬
‫واالجتماعية؟‬
‫إلى أي حد يمكن االستفادة من مقاربة الجودة كما ظهرت وتطورت‬
‫في عالم الصناعة واالقتصاد لكسب رهان جودة القطاعات الخدمية‬
‫واالجتماعية كالتعليم والصحة والقطاع الخيري مثال؟‬
‫إن الصعوبة النوعية التي تطرحها عملية بناء أنظمة الجودة‬
‫الشاملة‪ ،‬تجعل هذه املهمة تحديا كبيرا يفتر ابتداء وضوحا لطبيعة‬
‫هذا البناء‪ ،‬وشروطه‪ ،‬وطرقه‪ ،‬وأدواته‪ .‬فما هي شروط بناء أنظمة‬
‫الجودة؟ وما الكيفية التي تسمح ببناء ناجح ومالئم لها؟ ما طرق هذا‬
‫البناء؟ وما أدواته؟ وكيف تتم عملية إدارة الجودة؟ وفق أي تخطيط؟‬
‫وكيف تتم مراقبتها؟ وتحسينها؟‬
‫إن إشكالية هذا الكتاب ترجع باألساس إلى التساؤل عن إمكانية‬
‫تحسين جودة منظماتنا‪ ،‬والكيفية العملية لذلك‪ ،‬وحدود اإلفادة من‬
‫مقاربة الجودة لتحقيق هذا الطموح‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪9‬‬

‫املحطة األولى‬
‫ملاذا الجودة؟‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪10‬‬

‫ثورة الجودة وديمقراطية الكيف‬

‫من حق كل فرد في املجتمع الحصول على خدمات ومنتجات بأقص ى درجات الجودة والتميز ‪.‬‬

‫لقد نجح العالم املتقدم في كسب رهان "الثورة الكمية" إذ أصبحت‬


‫السلع والخدمات متوفرة وبكميات ضخمة‪ .‬وبتعميم أغلب الخدمات‬
‫واملنتجات تحققت ديمقراطية الكم التي تعطي لكل فرد في املجتمع‪ ،‬نظريا‬
‫على األقل‪ ،‬الحق في الحصول على ما يحتاجه من سلع وخدمات‪ .‬وكان‬
‫هذا النجاح هو الشرط الذي سمح لهذه املجتمعات باالنتقال إلى "ثورة‬
‫الجودة" و "ديمقراطية الكيف" التي تعطي لكل فرد في املجتمع الحق في‬
‫الحصول على خدمات ومنتجات بأقص ى درجات الجودة والتميز‪.‬‬
‫أما عندنا فال زلنا بعيدين عن كسب رهان تعميم الكثير من‬
‫الخدمات واملنتجات‪ ،‬لكن رغم ذلك نحتاج للدخول وبقوة في معركة‬
‫الجودة؛ ألن تحديات العوملة‪ ،‬واألسواق املفتوحة‪ ،‬والثورة التواصلية‪،‬‬
‫والثورة املعرفية‪ ،‬ومنافسة األنظمة التقنية واإلدارية الجديدة واملتطورة‪،‬‬
‫تفر علينا إدراج معركة الجودة على رأس أولويات جهود التطوير‬
‫والتحسين‪.‬‬
‫إن النجاح في معركة الجودة من شأنه أن يساهم في حل الكثير من‬
‫املشكالت وخلق املزيد من الفرص؛ فالنجاح في كسب رهان جودة‬
‫منظومة التعليم والتدريب مثال سيساهم في حل مشكلة بطالة الخريجين‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪11‬‬

‫ومد سوق الشغل بكفاءات نوعية‪ .‬إن مخرجات بجودة عالية ملنظومة‬
‫التعليم والتدريب ستساهم بكل تأكيد في خفض نسبة بطالة حملة‬
‫الشهادات‪ ،‬وفي تأهيل االقتصاد الوطني ما دام النظام التعليمي سيوفر‪،‬‬
‫ً‬
‫في هذه الحالة‪ ،‬أطرا بمؤهالت نوعية القتصاد البلد‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪11‬‬

‫مطلب الجودة‬

‫الجودة مطلب من ورائه مستقبل مجتمعاتنا ومنظماتنا‪.‬‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫أصبحت الجودة في العالم املتقدم واقعا حقيقيا يعاش بشكل يومي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ومطلبا أساسيا لألفراد واملنظمات‪ ،‬الكل يراقب ويتابع ويقيس وي َق ِّيم ويلح‬
‫ويطالب بجودة السلع والخدمات‪ .‬وتلعب الثقافة االجتماعية للجودة‬
‫وتنظيمات حماية املستهلك القوية من جهة‪ ،‬واملنافسة الشديدة في سوق‬
‫ً‬ ‫ً ً‬
‫أكثر شراسة وانفتاحا دورا أساسيا في تدعيم هذا التوجه نحو الجودة‪.‬‬
‫كما تلعب وسائل اإلعالم والوصالت اإلشهارية نفس الدور‪ ،‬وهذا ما يفسر‬
‫هذا الحديث املتزايد عن جودة البيئة والسلع والخدمات وجودة الحياة‬
‫بشكل عام‪.‬‬
‫ً‬ ‫ْ‬
‫ويط َرح مطلب الجودة بشكل أكثر إلحاحا في بعض القطاعات‬
‫الحيوية وعلى رأسها التعليم‪ .‬فمنذ عقود وخبراء التربية والتعليم في البالد‬
‫املتقدمة منشغلون بالتحسين املستمر لجودة التعليم عندهم‪ .‬وهكذا‪،‬‬
‫وبعد أن نجحوا في كسب رهان تعميم التعليم‪ ،‬انتقلوا إلى "ثورة الجودة"‪،‬‬
‫وأبدعوا منظومات تعليمية متميزة‪ ،‬وأعادوا اختراع املدرسة وفق فلسفة‬
‫جديدة للجودة والتميز والسعادة‪.‬‬
‫أما عندنا نحن فما زلنا بعيدين مبعدين عن كسب رهان تعميم‬
‫الكثير من السلع والخدمات فكيف بجودتها؟! وهذه املفارقة تفر علينا‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪13‬‬

‫طرح السؤال التالي‪ :‬هل من جدوى في مسايرة هذا التوجه العالمي نحو‬
‫جودة سلع وخدمات لم نعممها بعد؟‬
‫في الواقع هناك أكثر من مبرر وسبب يفر علينا االنخراط في‬
‫معركة الجودة رغم القصور الحالي واملرحلي على مستوى التعميم‪ ،‬والذي‬
‫ينبغي تداركه بموازاة مع معركة الجودة؛ فالجودة مطلب من ورائه‬
‫مستقبل مجتمعاتنا ومنظماتنا وانتظارات فئات متعددة ومختلفة‪ :‬األفراد‬
‫واألسر والفاعلين االقتصاديين والشركاء االجتماعيين واإلدارات‬
‫الحكومية والسلطات العمومية والهيئات السياسية واملجتمع املدني‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪14‬‬

‫انتظارات‬

‫الكل يطالب بالجودة‪.‬‬

‫الجودة مطلب من ورائه انتظارات فئات متعددة ومختلفة ‪:‬‬


‫هناك أوال الطلب املتزايد واملشروع للمجتمع في توفير خدمات‬
‫ومنتجات تستجيب بشكل أفضل الحتياجات الناس وانتظاراتهم‬
‫ولتحديات املستقبل‪ .‬ففي مجال التعليم مثال يطالب اآلباء واألولياء‬
‫بتعليم بجودة عالية ألبنائهم لتأهيلهم لسوق شغل ستختفي ‪ ٪70‬من‬
‫املهن املوجودة فيه اليوم خالل العشرين سنة املقبلة‪.‬‬
‫هناك ثانيا انتظارات اإلدارات والدوائر الحكومية؛ فاملالحظ خالل‬
‫السنوات األخيرة وجود توجه قوي ومتزايد للمنظمات الحكومية نحو‬
‫العمل املؤسس ي واعتماد أنظمة الجودة والتميز‪ .‬إنه وعي جديد بحاجة إلى‬
‫تعزيز وتوجيه من طرف الخبراء والباحثين في مجال الجودة لتوفير أفضل‬
‫الطرق واملناهج واألدوات ومالءمتها مع خصوصيات البيئات املحلية‪.‬‬
‫هناك ثالثا انتظارات الهيئات السياسية والشركاء االجتماعيين‬
‫واملجتمع املدني سواء كمطلب سياس ي واجتماعي في برامج املنظمات‬
‫السياسية واالجتماعية أو كآلية إلدارة هذه املنظمات لتحسين أدائها‬
‫القيادي واملؤسس ي‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪15‬‬

‫هناك رابعا انتظارات الشركاء الدوليين؛ فجلب االستثمارات‬


‫األجنبية مثال لم تعد تكفي فيه يد عاملة رخيصة بدون كفاءات متميزة‬
‫ومنظومة إدارية وتشريعية بجودة عالية‪.‬‬
‫ً‬
‫هناك خامسا انتظارات القطاع الخاص حيث تنامي الوعي برهان‬
‫الجودة لكسب عمالء سوق أكثر انفتاحا وتنافسية‪ ،‬ويتجلى هذا الوعي في‬
‫انخراط مجموعة من الشركات في مسلسل مراقبة وتحسين الجودة‬
‫بالتعاقد مع هيآت وخبراء الجودة‪ ،‬والطلب املتزايد على جوائز الجودة‪،‬‬
‫وحصول بعض هذه الشركات على شهادات وجوائز الجودة‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪16‬‬

‫املحطة الثانية‬
‫تعريف الجودة‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪17‬‬

‫الداللة املتداولة‬

‫تحديدات الجودة املتداولة تقدم لنا مفهوم الجودة على درجة كبيرة من االضطراب والقلق الدالليين‪.‬‬

‫تؤكد املالحظة اليومية أن عامة الناس يميلون إلى تعريف الجودة‬


‫بأشكال متعددة‪ .‬لنتأمل داللة تعدد الخطابات اليومية املتداولة واملتعلقة‬
‫بجودة التعليم مثال ‪:‬‬
‫‪ ‬إنها مؤسسة تعليمية جيدة فنسبة النجاح عندهم بلغت نسبة‬
‫‪.%100‬‬
‫‪ ‬الدعم الذي يتلقاه ابني في مادة الرياضيات جيد فقد ساعده على‬
‫الحصول على معدل ‪ %95‬في مادة الرياضيات‪.‬‬
‫‪ ‬التعليم العمومي ال يقدم خدمة جيدة؛ فاالكتظاظ باألقسام‬
‫يصل إلى خمسين تلميذا بالقسم الواحد؛ لذلك قمت بتسجيل‬
‫ابني بمؤسسة خاصة جيدة ال يتعدى عدد التالميذ بأقسامها ‪10‬‬
‫تلميذا‪.‬‬
‫‪ ‬نظامنا التعليمي فاشل فنسبة البطالة مرتفعة‪ ،‬إنه ال يؤهل‬
‫لسوق الشغل‪.‬‬
‫‪ ‬جودة التعليم عندنا ضعيفة جدا إذ ليس لديه القدرة على التأثير‬
‫على التطرف بكل أشكاله‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪18‬‬

‫‪ ‬األنظمة التعليمية بالعالم املتقدم جيدة‪ .‬وهذا واضح من خالل‬


‫نسب األمية بهذه البالد‪.‬‬
‫‪ ‬التعليم الخصوص ي يقدم خدمة جيدة ألنه يركز على اللغات‬
‫األجنبية والرياضيات‪.‬‬
‫‪ ‬بصفتي مكلف بالتوظيف داخل الشركة التي أعمل بها قابلت‬
‫خالل سنوات عملي مئات طالب العمل من خريجي الجامعات‬
‫واملعاهد العليا‪ ،‬كنت دائما أفاجئ باملستوى الهزيل جدا ملعارفهم‬
‫ومهاراتهم خاصة في اللغات‪ ،‬إنها كارثة السبب فيها نظامنا التعليمي‬
‫الفاشل‪.‬‬
‫إننا في كل هذه األمثلة من الخطابات اليومية املتداولة حول جودة‬
‫التعليم‪ ،‬يبدو وكأننا نواجه بتعاريف متعددة ومختلفة عن جودة التعليم؛‬
‫ففي املثال األول نجدها تتحدد بنسبة النجاح‪ ،‬وفي الثاني بأقص ى درجات‬
‫التفوق الدراس ي‪ ،‬وفي الثالث بعدد التالميذ داخل الفصل الواحد‪ ،‬وفي‬
‫الرابع والخامس والسادس بقدرة التدخالت التربوية التعليمية على التأثير‬
‫في نسب البطالة أو التطرف أو انتشار األمية‪ ،‬وفي السابع بمدى تركيز‬
‫البرامج واملناهج على اللغات األجنبية والرياضيات‪ ،‬وفي الثامن واألخير‬
‫بنوعية الكفايات املعرفية واملهارات التي يكسبها النظام التعليمي‬
‫للمتعلمين ‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪19‬‬

‫إن هذه التحديدات املتداولة في الخطاب اليومي تقدم لنا مفهوم‬


‫الجودة على درجة كبيرة من االضطراب والقلق الدالليين‪ ،‬وبالتالي لن‬
‫تفيدنا كثيرا في ضبط هذا املفهوم بالدقة والوضوح املطلوبين‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪10‬‬

‫الداللة اللغوية‬

‫الجودة لغة هي صفة أو خاصية تدل على درجة في التميزأو األفضلية‪.‬‬

‫علينا‬ ‫إن االضطراب والقلق الدالليين في الداللة املتداولة يفر‬


‫االنتقال إلى الداللة اللغوية للنظر فيما ستسعفنا به من وضوح‪.‬‬
‫كلمة جودة في اللسان العربي تحمل معاني‪:‬‬
‫‪ ‬السخاء؛ فالجواد السخي‪.‬‬
‫‪ ‬والروعة؛ تقول العرب فرس جواد أي رائع‪.‬‬
‫‪ ‬والغزارة؛ فالجود املطر الغزير‪.‬‬
‫‪ ‬والكثرة؛ نقول جادت العين أي كثر دمعها‪.‬‬
‫من هذه الدالالت نستنتج أن كلمة جودة في اللسان العربي تدل على‬
‫درجة أعلى من األفضلية وعلى الزيادة في صفة أو خاصية‪.‬‬
‫أما كلمة جودة في اللسان االنجليزي فتترجم اللفظ األجنبي ‪Quality‬‬
‫الذي يدل على "الكيفية التي يكون عليها الش يء"؛ ونستفيد من هذا أن‬
‫جودة ش يء ما ال يمكن تغييرها دون أن يستتبع ذلك تغيير الش يء نفسه ‪.‬‬
‫ويعرف معجم اكسفورد الجودة بأنها "درجة التميزأو األفضلية ‪".‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪11‬‬

‫أما قاموس ويبستر فيعتبرها "مصطلحا عاما قابل للتطبيق على‬


‫أية صفة‪ ،‬أو خاصية منفردة‪ ،‬أو شاملة"‪.‬‬
‫إن كل هذه التعريفات االشتقاقية واللغوية تنحو منحى واحدا يؤكد‬
‫أن الجودة هي صفة أو خاصية تدل على درجة في التميز أو األفضلية‪ ،‬ومع‬
‫أن هذه التحديدات تقدم لنا مفهوم الجودة على درجة ال بأس بها من‬
‫الوضوح الداللي إال أنها لن تفيدنا كثيرا عندما يتعلق األمر بإضافة هذا‬
‫املفهوم إلى سلعة أو خدمة‪ ،‬وهذا ما يفر علينا االنتقال إلى الداللة‬
‫االصطالحية‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪11‬‬

‫الداللة االصطالحية‬

‫اصطلح العلماء على األمر‪ :‬اتفقوا‪.‬‬

‫ننطلق في رحلتنا إلى عالم الجودة الشاملة من البحث عن تعريف‬


‫واضح ودقيق للجودة‪ ،‬قابل للتطبيق في كل الوضعيات‪ .‬وألجل ذلك سنبدأ‬
‫أوال باستعرا أهم تعريفات خبراء الجودة‪:‬‬
‫‪ ‬تعريف املنظمة الدولية للتقييس األيزو‪" :‬مجموعة من‬
‫املتطلبات التي ينبغي أن تتحقق في منتوج ما أو عملية للتأكد‬
‫من وجود شروط اإليفاء التي تجعل عملية الجودة أمرا ممكنا‪".‬‬
‫‪ ‬تعريف الجمعية األمريكية للجودة‪" :‬الخصائص أو الهيئة‬
‫الكلية للخدمة أو املنتوج الذي تظهر قدرته في إشباع حاجات‬
‫صريحة وأخرى ضمنية‪".‬‬
‫‪ ‬تعريف املنظمة األوربية للجودة‪" :‬مجموعة من الصفات‬
‫املميزة ملنتوج معين تحدد قدراته في تلبية حاجات املستفيدين‬
‫أو املستهلكين‪ ،‬ومتطلباتهم‪".‬‬
‫‪ ‬تعريف شركة االستشارة‬
‫‪On Purpose Association de Lansing‬‬
‫"الجودة الشاملة فلسفة ومجموعة من املبادئ تفتر قيادة‬
‫قوية‪ ،‬وطرق كمية‪ ،‬ومنهج النظم‪ ،‬وسلطة واسعة للعاملين‪،‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪13‬‬

‫بهدف التحسين املستمر لقدرة املؤسسة على إرضاء حاجات‬


‫العميل الحالية واملستقبلية‪".‬‬
‫‪ ‬تعريف إيفانس‪" :‬تلبية توقعات املستهلك أو ما يتفوق عليها‪".‬‬
‫‪ ‬تعريف بانك‪" :‬اإلشباع التام الحتياجات املستهلك بأقل كلفة‬
‫داخلية‪".‬‬
‫‪ ‬تعريف ديمينغ‪" :‬ما يرض ي حاجات املستهلك الحالية‬
‫واملستقبلية‪".‬‬
‫‪ ‬تعريف فينبوم‪" :‬املزيج الكلي لخصائص املنتوج أو الخدمة‬
‫املتأتية من التسويق والهندسة والتصنيع والصيانة الذي من‬
‫خالله سيلبي املنتوج والخدمة في االستعمال توقعات‬
‫املستهلك‪".‬‬
‫‪ ‬تعريف كروسبي‪" :‬الجودة هي املطابقة للمتطلبات واملعايير‪".‬‬
‫‪ ‬تعريف كروشان‪" :‬القدرة على االستجابة لحاجات املستعملين‬
‫سواء املعبر عنها أو املحتملة‪".‬‬
‫‪ ‬تعريف فيلدز‪" :‬التزام بالتفوق بمقتضاه تنخرط كل وظائف‬
‫املؤسسة في التحسين املستمر من أجل إرضاء العميل‪" .‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪14‬‬

‫‪ ‬تعريف كيالدا‪" :‬مقاربة تقتض ي إرضاء حاجات املساهمين‬


‫والعمالء والعاملين في نفس الوقت بالتعاون مع شركاء‬
‫خارجيين‪".‬‬
‫‪ ‬تعريف كيزر وساشكين‪" :‬يفتر تدبير الجودة الشاملة أن‬
‫تكون ثقافة املنظمة محددة ومضبوطة بالرغبة الدائمة في‬
‫إرضاء العميل باستعمال مجموعة كاملة ومتكاملة من األدوات‪،‬‬
‫والتقنيات‪ ،‬والتكوين‪ .‬وهذا يقتض ي التحسين املستمر‬
‫للعمليات ويؤدي إلى سلع وخدمات بجودة عالية‪".‬‬
‫‪ ‬تعريف شوفي‪" :‬وضع سياسة تستهدف تفعيل كل العاملين‬
‫بشكل دائم من أجل تحسين جودة السلع والخدمات والرفع من‬
‫فعالية األداء‪ ،‬وضمان مالءمة األهداف وانسجامها‪ .‬وكل ذلك‬
‫في ارتباط مع نمو املحيط‪".‬‬
‫أمام هذا التعدد في تعريفات الجودة يطرح التساؤل التالي‪ :‬ما داللة‬
‫هذا التعدد؟ هل يعكس استحالة ضبط هذا املفهوم‪ ،‬أو لنقل صعوبة‬
‫ذلك على األقل؟ أم يؤشر على الطابع املعقد ملفهوم الجودة نظرا‬
‫لتعدد مستوياتها وأبعادها وتدخل املصالح في تعريفها؟ وهل من سبيل‬
‫لتعريف الجودة بشكل واضح ودقيق‪ ،‬وبمحددات قابلة للتطبيق في كل‬
‫الوضعيات؟‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪15‬‬

‫طرق تعريف الجودة‬

‫طرق تعريف الجودة متعددة‪.‬‬

‫إن كل سلعة أو خدمة تعتبر جيدة ألنها تمتلك بذاتها وفي ذاتها‬
‫مجموعة من مواصفات الجودة‪ .‬لكن هل تكون هذه املواصفات ثابتة‬
‫وقابلة للقياس أم غير ثابتة وغير قابلة للقياس؟ وهل هذه املواصفات‬
‫توضع بشكل دائم أم مناسباتي؟ وهل توضع بشكل معياري أو وصفي؟‬
‫وهل تكون موضوع تقدير ذاتي أم أنها مواصفات موضوعية؟ وهل تعرف‬
‫من طرف الخبراء أم من طرف العمالء؟‬
‫بتمييز الحاالت سنجد أن طرق تعريف الجودة متعددة‪.‬‬
‫‪ ‬الجودة يمكن أن تعرف من خالل مواصفات ثابتة وقابلة‬
‫للقياس‪ ،‬أو من خالل مواصفات غير ثابتة وغير قابلة للقياس‪.‬‬
‫‪ ‬الجودة يمكن أن تعرف من خالل معايير وإجراءات قياسية‬
‫توضع بشكل دائم‪ ،‬أو بدون معايير وإجراءات قياسية أي‬
‫بشكل مناسباتي‪.‬‬
‫‪ ‬الجودة يمكن أن تعرف بطريقة معيارية من خالل وضع معايير‬
‫وإجراءات قياسية لإلتباع‪ ،‬أو بطريقة وصفية من خالل وصف‬
‫أفضل ممارسات الجودة‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪16‬‬

‫‪ ‬الجودة يمكن أن تعرف بطريقة موضوعية من خالل مواصفات‬


‫للجودة ثابتة وقابلة للقياس وليست موضوع تقدير ذاتي‪ ،‬أو‬
‫بطريقة ذاتية من خالل مواصفات للجودة غير ثابتة وغير قابلة‬
‫للقياس‪ ،‬أو بطريقة مزدوجة موضوعية وذاتية في نفس الوقت‬
‫أي من خالل مواصفات للجودة ثابتة وقابلة للقياس وموضوع‬
‫تقدير ذاتي حسب األهمية الشخصية‪.‬‬
‫‪ ‬الجودة يمكن أن تعرف من طرف خبراء‪ ،‬أو من طرف‬
‫املستفيدين من السلعة أو الخدمة‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪17‬‬

‫املحطة الثالثة‬
‫تاريخ الجودة‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪18‬‬

‫نشأة مفهوم الجودة وتطوره‬

‫عندما نفهم البدايات نفهم النهايات‪.‬‬

‫أدى نقل مختلف الرؤى الفكرية والفلسفية ملفهوم الجودة من‬


‫مجال التنظير إلى مجال التطبيق‪ ،‬وذلك منذ النصف الثاني من القرن‬
‫املاض ي‪ ،‬إلى ظهور العديد من طرق إدارة الجودة مثل مراقبة الجودة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وضمان الجودة‪ ،‬تبلور من خاللها‪ ،‬وبشكل تدريجي‪ ،‬مفهوما شموليا‬
‫استند إلى خالصة تلك الطرق‪ ،‬وحقق نقلة نوعية هامة في مجال جودة‬
‫السلع والخدمات‪ ،‬ويدعى هذا املنهج الشمولي بإدارة الجودة الشاملة‪.‬‬
‫فما هي دالالت هذا املفهوم؟ وكيف نشأ؟ وكيف تطور؟‬
‫كانت بدايات علم الجودة بأمريكا‪ ،‬قبل قرن من الزمن‪ .‬نشأ هذا‬
‫العلم وتطور مع الجيل األول من الرواد‪ :‬جورج رادفورد ووالتر ستيوارت‪،‬‬
‫ثم مع الجيل الثاني من الرواد‪ :‬جوزيف جيران وأرموند فيجونبوم وفيليب‬
‫كروسبي‪ .‬ويعتبر ديمينغ محطة فاصلة بين هذين الجيلين من الرواد؛ فهو‬
‫األب املؤسس‪.‬‬
‫أما في اليابان فقد بدأ االهتمام بالجودة قبل مجيء ديمينغ إليها‬
‫إللقاء دروسه حول املراقبة اإلحصائية للجودة لفائدة كبار مسؤولي‬
‫الصناعة اليابانية‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪19‬‬

‫جورج رادفورد وطرق التفتيش‬

‫مساهمة جورج رادفورد هي الجودة من خالل التفتيش‪.‬‬

‫نشر جورج رادفورد سنة ‪ 1911‬كتابا حول التحكم في الجودة في‬


‫القطاع الصناعي‪ .‬في هذا الكتاب أبدى تخوفه من مسلك التضحية‬
‫بالجودة في سبيل اإلنتاج الكمي الوافر؛ فطرق اإلنتاج املنشغلة بالكم قد‬
‫تؤدي إلى انخفا جودة املنتجات بشكل كبير‪.‬‬
‫عمل جورج رادفورد في هذا الكتاب على تصحيح االعتقاد الشعبي‬
‫الذي يعتبر أن تحسين الجودة يؤدي بالضرورة إلى ارتفاع تكلفة اإلنتاج‬
‫وبالتالي إلى ارتفاع الثمن عند االستهالك‪.‬‬
‫واقترح كحل ملشكل الجودة إدماج "التفتيش" في أنظمة اإلنتاج‬
‫لضمان جودة موحدة للمنتجات‪ ،‬وهكذا سيتواجد بإدارات كل املصانع‬
‫مراقب عام للجودة تحت مسؤوليته عدة مفتشين ‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪30‬‬

‫والتر ستيوارت والطرق اإلحصائية‬

‫مساهمة والترستيوارت هي الطرق اإلحصائية ملراقبة الجودة‪.‬‬

‫ً‬
‫في نفس الفترة كانت مختبرات شركة بل بنيويورك تطور طرقا‬
‫إحصائية ملراقبة الجودة باعتماد نظريات املهندس والتر ستيوارت‪ .‬وقد‬
‫شكلت هذه الطرق ثورة فعلية في مجال الجودة ‪.‬‬
‫انشغل هذا املهندس أساسا بفهم مشكل مراقبة الجودة في نظام‬
‫التصنيع املتسلسل‪ ،‬وتساءل عن ضرورة هذه املراقبة في ميدان‬
‫الصناعة‪ ،‬وانتهى إلى اإلقرار بوجود فارق في كل عملية‪ ،‬وأن هذا الفارق‬
‫يقبل املراقبة اإلحصائية ‪.‬‬
‫إن مساهمة ستيوارت األساسية هي "املراقبة اإلحصائية للجودة"‬
‫وابتكار مبيان املراقبة ‪.‬‬
‫وفي سنة ‪ 1931‬سينشر والتر ستيوارت نتائج أبحاثه في كتاب حول‬
‫مراقبة الجودة يحمل عنوان‪" :‬املراقبة اإلحصائية للجودة بشركات‬
‫اإلنتاج"‪.‬‬
‫وفي سنة ‪ 1939‬سينشر كتابا آخر يعر فيه بتفصيل كيفية‬
‫تطبيق طريقة املراقبة اإلحصائية‪ .‬وفي هذا الكتاب سيعرف الجودة على‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪31‬‬

‫أنها "االستجابة لحاجات العمالء التي يجب التعبير عنها في خصائص قابلة‬
‫للقياس‪".‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪31‬‬

‫أبو الجودة‪ :‬إدوارد ديمينغ‬

‫يلقب ديمينغ باألب الثاني للثورة الصناعية‪.‬‬

‫بعد ستيوارت سيأتي اإلحصائي إداورد ديمينغ تلميذه الذي التقى‬


‫به سنة ‪. 1917‬‬
‫يلقب ديمينغ باألب الثاني للثورة الصناعية‪ ،‬ويعتبر أكثر الرواد‬
‫قدرة على تفسير الجوانب الرياضية والنفسية ملراقبة الجودة ‪.‬‬
‫يعرف ديمينغ الجودة بأنها إرضاء حاجات العميل؛ فالجودة بنظره‬
‫هي ما يرض ي حاجات املستهلك الحالية واملستقبلية‪.‬‬
‫وتقوم فلسفته في الجودة على أساسين‪:‬‬
‫‪ ‬املبادئ األربعة عشر في اإلدارة الجيدة‪ .‬وقد عرفت مبادئ‬
‫الجودة بعد ديمينغ تطورا كبيرا‪ ،‬لكن بقيت في إطارها العام‬
‫وفية لهذه املبادئ األربعة عشر كالتحسين املستمر‪ ،‬ومنع‬
‫التفتيش‪ ،‬وعدم بناء القرارات على أساس التكاليف فقط‪،‬‬
‫واالهتمام بالتدريب املستمر‪ ،‬وتوفر قيادة ديمقراطية‬
‫واعية‪ ،‬والقضاء على الخوف‪ ،‬وإلغاء الحواجز في‬
‫االتصاالت‪ ،‬ومنع الشعارات‪ ،‬واالعتزاز باإلنجاز‪ ،‬ومنع‬
‫استخدام الحدود القصوى لألداء‪ ،‬وخلق حاجة مستمرة‬
‫للتعلم‪ ،‬ومعرفة جوانب العمل من خالل دورة ديمينغ‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪33‬‬

‫‪ ‬املعارف العميقة الضرورية ملن أراد أن يطبق هذه املبادئ‬


‫األربعة عشر‪ .‬وهذه املعارف العميقة هي‪ :‬استخدام مفهوم‬
‫النسق ومنهج تحليل النظم‪ ،‬ومعرفة الفروق‪ ،‬وامتالك‬
‫نظرية في املعرفة لتأطير مكتسبات التجربة‪ ،‬ومعرفة‬
‫السيكولوجيا البشرية‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪34‬‬

‫الجيل الثاني‪ :‬جيران وفيجونبوم وكروسبي‬

‫الجودة هي القيام باألشياء الصحيحة بالطريقة الصحيحة من أول مرة‪.‬‬

‫نشأ مفهوم الجودة وتطور في الواليات املتحدة األمريكية مع جيل‬


‫الرواد على مراحل‪ :‬مرحلة ما قبل ديمينغ مع مساهمات جورج رادفورد‬
‫ووالتر ستيوارت‪ ،‬ومرحلة األب املؤسس إداورد ديمينغ‪ ،‬ومرحلة ما بعد‬
‫ديمينغ مع مساهمات جوزيف جيران وأرموند فيجونبوم وفيليب كروسبي‪.‬‬
‫يعتبر جوزيف جيران أيضا أحد الرواد األوائل للجودة‪ .‬وهو يعرفها‬
‫بطريقة بسيطة‪" :‬إنها االستعداد للعمل"‪ ،‬لكن في سنة ‪ 1988‬سيقترح‬
‫تعريفا آخر يقوم على التمييز بين معنيين للجودة ‪:‬‬
‫‪ ‬تعريف الجودة على أساس مردودية اإلنتاج؛ مثال‪ :‬السرعة‬
‫في االستجابة لطلبات العمالء‪ ،‬أو تنميط سلسلة اإلنتاج؛‬
‫‪ ‬تعريف الجودة على أساس غياب العيوب؛ مثال‪ :‬احترام‬
‫آجال التسليم‪ ،‬أو أقل ما يمكن من العيوب في اإلنتاج ‪.‬‬
‫أما أرموند فيجونبوم فهو أول من استخدم عبارة "املراقبة‬
‫الشاملة للجودة"‪ .‬يعرف فيجونبوم الجودة بأنها "التحديد الذي يعطيه‬
‫العميل لها"‪ .‬أما املراقبة الشاملة للجودة فهي بنظره‪" :‬منظومة تستهدف‬
‫التنسيق املندمج والفعال لجهود مجموعات منظمة معينة من أجل‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪35‬‬

‫تأسيس الجودة والحفاظ عليها وتنميتها‪ ،‬وهدفها مساعدة مختلف‬


‫مصالح املنظمة (التسويق‪ ،‬الدراسات‪ ،‬اإلنتاج‪ )...‬على بلوغ اإلرضاء التام‬
‫للعميل بطريقة جد اقتصادية‪".‬‬
‫ً‬
‫وأخيرا نجد فيليب كروسبي وهو أصغر الرواد سنا‪ ،‬وهو صاحب‬
‫عبارة "صفر عيب"‪ ،‬وعبارة‪" :‬القيام باألشياء الصحيحة بالطريقة‬
‫الصحيحة من أول مرة"‪.‬‬
‫يعرف كروسبي الجودة بأنها "التطابق مع الضرورات ال مع‬
‫التعليمات"‪ ،‬وهذا التعريف هو جزء من املبادئ األربعة للجودة عنده؛‬
‫واملبادئ الثالثة األخرى هي ‪:‬‬
‫‪ ‬التوقع هو النظام املؤسس للجودة ‪.‬‬
‫‪" ‬صفر عيب" هو معيار مردودية الجودة ‪.‬‬
‫‪ ‬تكلفة "عدم املطابقة" هي مقياس الجودة‪.‬‬
‫هذا هو املسار التاريخي لنشأة مفهوم الجودة وتطوره في الواليات‬
‫املتحدة األمريكية مع جيل الرواد‪ :‬جورج رادفورد‪ ،‬ووالتر ستيوارت‪،‬‬
‫وإداورد ديمينغ‪ ،‬وجوزيف جيران‪ ،‬وأرموند فيجونبوم‪ ،‬وفيليب كروسبي‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪36‬‬

‫ديمينغ الياباني‬

‫في اليابان يجري تقييم الجودة يوميا‪.‬‬

‫لخصنا في الفقرات السابقة نشأة الجودة وتطورها في الواليات‬


‫املتحدة األمريكية‪ .‬أما في اليابان فقد بدأ االهتمام بالجودة قبل مجيء‬
‫ديمينغ إليها إللقاء دروسه حول املراقبة اإلحصائية للجودة لفائدة كبار‬
‫مسؤولي الصناعة اليابانية ‪.‬‬
‫ففي سنة ‪ 1948‬أسس كينيش ي كوياناجي فريقا مكلفا بدراسة‬
‫التطبيقات الصناعية للتحليل اإلحصائي‪ .‬وقد كان من ضمن أعضاء هذا‬
‫الفريق كاوورو ايشيكاوا الذي سيكون له بعد ذلك تأثيرا كبيرا في اليابان في‬
‫مجال حلق الجودة واملراقبة اإلحصائية للجودة‪.‬‬
‫وفي سنة ‪ 1951‬أنشئت الجائزة الوطنية للجودة باليابان باسم‬
‫جائزة ديمينغ من طرف االتحاد الياباني للعلوم والهندسة‪ .‬وتمنح هذه‬
‫الجائزة للمنظمات أو أقسام املنظمات املتميزة بأدائها وتطبيقها لنظام‬
‫الجودة الشاملة‪ .‬وقد ساهمت جائزة ديمينغ بشكل مبكر في تطوير‬
‫املنظمات اليابانية‪ .‬ففي اليابان يجري تقييم الجودة يوميا‪.‬‬
‫ورغم املكانة العاملية لجائزة ديمينغ فإنها على خالف جوائز الجودة‬
‫العاملية واالقليمية والوطنية األخرى ال تملك نموذجا للمعايير‪ .‬ولعل هذا‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪37‬‬

‫هو السبب الذي جعل نموذج ديمينغ يبقى غامضا وغير مفهوم لدى‬
‫الكثيرين سواء في معاييره أو في طريقته في التقييم‪.‬‬
‫أما التقييم فيشمل في جائزة ديمينغ على عشرة محاور متساوية في‬
‫الوزن‪ .‬وعلى كل مترشح للجائزة أن يعالجها بالكامل‪ .‬وهي‪ :‬السياسات‪،‬‬
‫والتنظيم‪ ،‬وجمع واستخدام معلومات الجودة‪ ،‬واملعايير‪ ،‬وتطوير املوارد‬
‫البشرية واستخدامها‪ ،‬وأنشطة ضمان الجودة‪ ،‬وأنشطة املراقبة‪،‬‬
‫وأنشطة التحسين‪ ،‬والنتائج‪ ،‬والتخطيط للمستقبل‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪38‬‬

‫أبو حلق الجودة‪ :‬إيشيكاوا‬

‫يعد إيشيكاوا األب الحقيقي لحلق الجودة‪.‬‬

‫يعتبر ايشيكاوا بشكل خاص مسؤوال عن نشر تعليمات ديمينغ‬


‫باليابان‪ ،‬وهو بروفيسور ياباني من الرواد اليابانيين‪ ،‬ساعد في تطوير‬
‫إدارة الجودة باليابان‪ ،‬ويلقبه اليابانيون بأب حلق مراقبة الجودة‪ .‬ومن‬
‫أهم أعماله سمكة إيشيكاوا (هيكل عظمي لسمكة تمثل فيه العظام أو‬
‫األشواك األسباب املحتملة ملشكلة معينة‪ ،‬تستخدم لتتبع شكاوى العمالء‬
‫عن الجودة‪ ،‬وتحديد مصدر أو مصادر الخطأ أو العيب)‪ .‬وفي سنة ‪1981‬‬
‫نشر كتابا جامعا حول املراقبة الشاملة للجودة‪.‬‬
‫يعد إيشيكاوا األب الحقيقي لحلق الجودة باعتباره أول من نادى‬
‫ً‬
‫بجمع عدد من العاملين طوعيا يتراوح عددهم من ‪ 4‬إلى ‪ 8‬عاملين وتكون‬
‫مهمتهم التعرف على املشاكل التي يواجهونها وطرح أفضل الطرق لحلها‪.‬‬
‫ويرى إيشيكاوا أنه بينما تنحصر مسئولية الجودة في الشركات‬
‫األمريكية في عدد محدود من طاقم اإلدارة‪ ،‬فإن كل املديرين اليابانيين‬
‫مسئولون عن الجودة وملتزمون بها‪.‬‬
‫وركز إيشيكاوا على أهمية شمول مراقبة الجودة على خدمة ما بعد‬
‫البيع‪ ،‬ومشاركة العاملين بكافة مستوياتهم في عملية مراقبة الجودة‪ ،‬من‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪39‬‬

‫خالل قيامه بتصنيف أدوات الجودة اإلحصائية إلى مجموعات وربط كل‬
‫مجموعة بمستوى معين من العاملين كما يلي‪:‬‬
‫املجموعة األولى‪ :‬األدوات التي يمكن تعلمها وتطبيقها من قبل أي‬
‫شخص في الشركة من أجل تقييم مشاكل الجودة‪ ،‬ومن هذه األدوات‪:‬‬
‫السبب والنتيجة‪ ،‬مخطط باريتو‪ ،‬خرائط مراقبة العمليات‪ ،‬املدرجات‬
‫التكرارية‪ ،‬مخططات التشتت‪ ،‬وأدوات الفحص‪.‬‬
‫املجموعة الثانية‪ :‬األدوات التي يمكن استخدامها من قبل املديرين‬
‫وخبراء الجودة وهي تتضمن اختبار الفرضيات والعينات‪.‬‬
‫املجموعة الثالثة‪ :‬األدوات التي تستخدم في حل املشاكل اإلحصائية‬
‫املتقدمة واملستخدمة من قبل خبراء الجودة واملستشارين‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪40‬‬

‫املحطة الرابعة‬
‫مبادئ الجودة ومعارفها العميقة‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪41‬‬

‫املبادئ األربعة عشر لديمينغ‬

‫ال بد للممارسة من مبادئ توجهها‪.‬‬

‫املبادئ عموما عبارة عن قواعد عامة توجه املمارسة‪ ،‬وفي مجال‬


‫الجودة هي قواعد يجب إتباعها وبدونها يكون من املستحيل ضمان‬
‫الجودة‪ ،‬أو إدارتها بشكل شامل‪.‬‬
‫وقد اقترح بعض الذين كتبوا في الجودة‪ ،‬كل من زاوية نظره‪،‬‬
‫مجموعة من املبادئ التي يجب بنظرهم إتباعها لضمان الجودة؛ مثل‬
‫بيريغورد وشميدت وفينيغان‪ ،‬ورغم أن هذه املبادئ املقترحة ال تخلو من‬
‫فائدة فإنه من األفضل الرجوع إلى املبادئ األصلية للجودة الشاملة التي‬
‫وضعها ديمينغ بصفته أبرز الرواد املؤسسين لعلم الجودة؛ وهذه املبادئ‬
‫هي‪:‬‬
‫‪ .1‬تطبيق برنامج شامل للتحسين املستمر للعمليات‪.‬‬
‫‪ .1‬تبني الفلسفة الجديدة للسوق‪.‬‬
‫‪ .3‬منع الحاجة إلى التفتيش الكلي‪.‬‬
‫‪ .4‬عدم بناء القرارات على أساس التكاليف فقط‪.‬‬
‫‪ .5‬التحسين املستمر للمنتجات والخدمات‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪41‬‬

‫‪ .6‬االهتمام بالتدريب املستمر‪.‬‬


‫‪ .7‬توفر قيادة ديمقراطية واعية‪.‬‬
‫‪ .8‬القضاء على الخوف لدى القيادات‪.‬‬
‫‪ .9‬إلغاء الحواجز في االتصاالت بين العاملين والقيادات‪.‬‬
‫‪.10‬منع الشعارات والتركيز على االنجازات والحقائق‪.‬‬
‫‪.11‬منع استخدام الحدود القصوى لألداء؛ فال حدود للتفوق‪.‬‬
‫‪ .11‬تشجيع التعبير عن الشعور باالعتزاز والثقة‪.‬‬
‫‪ .13‬خلق حاجة مستمرة للتعلم‪.‬‬
‫‪.14‬معرفة جوانب العمل من خالل دورة ديمينغ‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪43‬‬

‫املعارف العميقة لديمينغ‬

‫ال يمكن تطبيق املبادئ األربعة عشربنجاح بدون امتالك مسبق ملنظومة املعارف العميقة‪.‬‬

‫يؤكد ديمينغ بأن التفاني في العمل وبذل أكبر الجهد بدون توجيه‬
‫من معارف عميقة يقود إلى الفوض ى في عالم العمل ‪.‬‬
‫إن الطريق الواجب إتباعه‪ ،‬بنظر ديمينغ‪ ،‬لتحويل مؤسسة ما في‬
‫اتجاه أسلوب جديد في التدبير يمر بالضرورة عبر ما يسميه باملعارف‬
‫العميقة‪ .‬ويضيف ديمينغ بأن املبادئ األربعة عشر للجودة الشاملة ال‬
‫يمكن تطبيقها بنجاح بدون امتالك مسبق لنسق املعارف العميقة ‪.‬‬
‫ويقسم ديمينغ منظومة معارفه العميقة إلى أربعة أجزاء تكون‬
‫مجتمعة كال ال يتجزأ‪ ،‬وهي ‪:‬‬
‫‪ ‬مفهوم النسق‪.‬‬
‫‪ ‬معرفة الفروق‪.‬‬
‫‪ ‬نظرية املعرفة‪.‬‬
‫‪ ‬معرفة السيكولوجيا البشرية‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪44‬‬

‫املعرفة العميقة األولى‪ :‬مفهوم النسق‬

‫النسق كل ال يتجزأ‪ ،‬إذا تغيرفيه عنصر‪ ،‬تداعت له سائرالعناصراألخرى بالتغيير‪.‬‬

‫إن الحاجة إلى املقاربة النسقية (منهج النظم) أكثر من ضرورية‬


‫بحكم الطابع املعقد للظواهر املحيطة بنا‪ .‬ورغم أن بعض األشخاص‬
‫مقتنعون إلى حد ما بهذا املفهوم‪ ،‬ويعتقدون أنهم سمعوا عنه الكثير‪ ،‬أو‬
‫درسوه بشكل جيد‪ ،‬إال أنهم ال يستخدمون معارفهم حول التفكير النسقي‬
‫عندما يحين وقت اتخاذ قرار‪ ،‬أو إيجاد حل ملشاكل معينة ‪.‬‬
‫ويكمن املشكل الحقيقي في أن النظرة االختزالية هي النزوع الغالب‬
‫في دراسة الظواهر‪ ،‬في حين أن التفكير النسقي يدعو إلى عكس ذلك؛ أي‬
‫إلى النظرة الكلية‪ .‬فمن الصعب جدا االنتقال من نمط معين في التفكير‬
‫إلى نمط آخر؛ ألن في هذا االنتقال تغيير للنموذج اإلرشادي ‪. Paradigme‬‬
‫النسق حسب ديمينغ‪ ،‬هو شبكة من العناصر التي تتبادل التأثير‬
‫والتأثر والتي تشتغل مجتمعة من أجل الوصول إلى هدف ‪.‬‬
‫يترتب عن فكرة االرتباط املتبادل ملكونات النسق أن أي تغيير يمس‬
‫مكونا ما من الشبكة يستتبع تغييرا يطال باقي املكونات‪ ،‬أو على األقل‪،‬‬
‫مجموعة مهمة منها ‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪45‬‬

‫يؤكد ديمينغ‪ ،‬كما هو واضح من خالل تعريفه للنسق‪ ،‬على ضرورة‬


‫وجود هدف واضح لكل جزء من أجزاء النسق؛ فبدون هدف ال يوجد‬
‫نسق! ويؤكد أيضا أنه كلما كان االرتباط املتبادل كبيرا بين مكونات النسق‬
‫تزداد أهمية التواصل والتعاون بينها ‪.‬‬
‫ويتميز النسق بمجموعة من الخصائص أهمها ‪:‬‬
‫‪ ‬وجود حدود للنسق؛ وهي الخط الذي يفصل بين ما هو‬
‫ضمن النسق وما هو خارج النسق‪ .‬وتشكل العناصر‬
‫املوجودة خارج النسق محيطه؛‬
‫‪ ‬االنفتاح؛ فلكي يضمن النسق استمراره الطبيعي ووجوده‬
‫الحيوي يجب أن يكون في تفاعل وتبادل مستمرين مع‬
‫محيطه؛‬
‫‪ ‬الخاصية الثالثة تقتض ي النظر دائما إلى النسق بصفته‬
‫نموذجا لتحويل مدخالت ‪ Input‬إلى مخرجات ‪.Output‬‬
‫ومن أجل ضمان التحويل الجيد للمدخالت إلى مخرجات‬
‫يجب أن يتوفر النسق على تغذية راجعة ‪ ،Feedback‬تضمن‬
‫نقل معلومات حول نتائج التحويل لتصبح مدخال جديدا‬
‫للنسق يستخدم لتحويل جديد ‪.‬‬
‫‪ ‬كل مكون من مكونات النسق يمكن تقسيمه إلى أنساق‬
‫صغيرة (أنساق فرعية) لها نفس خصائص النسق الكلي ‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪46‬‬

‫ويمكن إبراز أهمية مفهوم النسف كأداة منهجية ضرورية في عملية‬


‫بناء منظومة الجودة بمثال من مجال التعليم‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫تنزع املدرسة نحو أن تكون نسقا ميكانيكيا أكثر من أن تكون نسقا‬
‫ً‬
‫عضويا؛ فهي منضبطة بقواعد شكلية وتخضع لنظام مركزي في اتخاذ‬
‫القرارات؛ فهي تتبع إذن قواعد البيروقراطية‪ ،‬وبنياتها الشديدة الصالبة‬
‫تنزع نحو معالجة كل ش يء بنفس الطريقة (تنميط كل ش يء‪ :‬املناهج‬
‫والبرامج واإليقاعات الزمنية للتعلم وتنظيم الفضاء‪.)...‬‬
‫أمام هذه الوضعية الحرجة يكون من الضروري‪ ،‬لتحسين جودة‬
‫التعليم‪ ،‬تغيير طبيعة النسق التعليمي‪ .‬وبشكل عام فاألمر يحتاج أساسا‬
‫إلى نسق مفتوح‪ ،‬وعضوي‪ ،‬ومرن‪ ،‬وغير مهيكل بشكل بيروقراطي‪ ،‬ومالئم ‪.‬‬
‫وتدعيما لهذا التصور يقترح الكثير من خبراء جودة التعليم أن‬
‫يتصف النسق التعليمي بالخصائص التالية ‪:‬‬
‫‪ ‬نسق مفتوح ومتفاعل مع محيطه‪.‬‬
‫‪ ‬قادر على مواجهة التغيير املستمر‪ ،‬واليقين‪ ،‬والغمو ‪،‬‬
‫وقابل للتطور بشكل دائم مع املحيط‪.‬‬
‫‪ ‬يتعايش مع التغيير ويعالجه بطريقة إبداعية‪.‬‬
‫‪ ‬يقبل الوضعيات املعقدة الغامضة وال يتجاهلها‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪47‬‬

‫‪ ‬يتحول إلى منظمة متعلمة وقادرة على تمييز الوضعيات التي‬


‫ينبغي الحفاظ عليها والوضعيات التي ينبغي تغييرها بفضل‬
‫تقويمات وتعديالت مالئمة‪.‬‬
‫‪ ‬يرسم أهدافا جديدة‪ ،‬ومتجددة‪ ،‬ومالئمة مع محيطه‪،‬‬
‫ويطور قدراته على االستقالل‪ ،‬والتقويم الذاتي‪ ،‬والتسيير‬
‫الذاتي‪ ،‬والتنظيم الذاتي‪ ،‬والتجديد الذاتي‪.‬‬
‫‪ ‬يعي جيدا بأن االنفجار املستمر للمعارف يقتض ي الرفع من‬
‫مستوى التخصص واالندماج‪.‬‬
‫‪ ‬يرفع من قدرته على معالجة أكبر عدد من املعلومات‪،‬‬
‫وبأسرع وقت‪ ،‬وألكبر عدد من الجماعات واألفراد‪ ،‬ويحولها‬
‫إلى معلومات مؤسسية‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪48‬‬

‫املعرفة العميقة الثانية‪ :‬معرفة الفروق‬

‫الفروق موجودة في كل ش يء‪.‬‬

‫يؤكد ديمينغ أن أكبر مشكلة تواجه اإلدارة بشكل عام‪ ،‬والقائد‬


‫بشكل خاص‪ ،‬هي العجز عن الوعي بالفروق وعدم القدرة على تأويلها‪.‬‬
‫ويضيف أن الفروق موجودة في كل ش يء؛ بين األشخاص‪ ،‬وبين املدخالت‪،‬‬
‫والسلع‪ ،‬والخدمات‪ ،‬وبالتالي فإن الجودة مرتهنة ملراقبة هذه الفروق ‪.‬‬
‫إن كل أنظمة الجودة تولي أهمية قصوى لتحسين العمليات‪،‬‬
‫وتحسين العمليات يقوم على مراقبة الفروق على مستوى العمليات؛ ألن‬
‫هذه الفروق هي بالذات التي تجعل العمليات أقل دقة وغير ثابتة وتعطي‬
‫نتائج غير منتظمة‪.‬‬
‫ومن بين أهم الفروق التي يجب معرفتها لتحسين الجودة الفرق بين‬
‫العيوب الناتجة عن النسق والتي يسميها ديمينغ "األسباب املشتركة"‬
‫للمشاكل‪ ،‬والعيوب الناتجة عن أحداث عرضية أو ظروف خاصة‬
‫ويسميها "األسباب الخاصة"‪ .‬ويؤكد ديمينغ أن املشاكل الناتجة عن‬
‫النسق هي من مسؤولية القيادة إذ ال يمكن للموظفين مهما كان تكوينهم‬
‫ومؤهالتهم ومجهوداتهم أن يصلوا إلى هذه األخطاء ‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪49‬‬

‫املعرفة العميقة الثالثة‪ :‬نظرية املعرفة‬

‫في غياب نظرية معرفية مرجعية ال يمكن أن نتعلم‪.‬‬

‫تفتر إدارة الجودة الشاملة استعمال املعطيات‪ ،‬ويبقى‬


‫االستشراف أساسيا للتوصل إلى تأويل هذه املعطيات ‪.‬‬
‫إن االستشراف موجه نحو املستقبل ويقوم على نظريات في املعرفة‪،‬‬
‫وعليه فإن تحسين الجودة يفتر امتالك نظرة مستقبلية بعيدة املدى‬
‫وامتالك الوسائل التي تسمح باستشراف املستقبل بشكل صحيح‪ .‬إن‬
‫االستشراف يفتر مثال معارف جيدة في اإلحصاء لدى القادة واملدراء‬
‫والعاملين‪.‬‬
‫تساعد نظرية املعرفة‪ ،‬بحسب ديمينغ‪ ،‬على إدراك حقيقة أساسية‬
‫وهي أن اإلدارة في كافة أشكالها هي استشراف للمستقبل وتوقع له‪.‬‬
‫إن كل استشراف عقالني للمستقبل يفتر نظرية‪ ،‬وكل نظرية‬
‫تقوم على معارف‪ .‬وحسب ديمينغ ال يكون للتجربة أية قيمة بدون إطار‬
‫نظري مرجعي‪ .‬فالشخص في غياب نظرية معرفية مرجعية ال يمكنه أن‬
‫يطرح أية أسئلة‪ ،‬وال يمكنه أيضا أن يتعلم‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪50‬‬

‫املعرفة العميقة الرابعة‪ :‬سيكولوجية البشر‬

‫إن معرفة سيكولوجية البشرضرورية لكل من يشتغل مع البشر‪.‬‬

‫إن معرفة سيكولوجية البشر ضرورية لكل من يشتغل مع البشر‪.‬‬


‫وال يتعلق األمر بالتحول إلى عالم نفس طبعا! بل بالحد األدنى الضروري‬
‫من املعرفة السيكولوجية التي تتيح فهم سلوك األفراد والتفاعالت بين‬
‫األشخاص ‪.‬‬
‫إن األشخاص يختلفون عن بعضهم البعض‪ ،‬والتالي فإن القادة‬
‫واملدراء يجب أن يكونوا على وعي تام بهذه الفروق‪ ،‬وأن يستثمرونها في‬
‫تدبيرهم اليومي‪.‬‬
‫إن الفروق بين العاملين معطى واقعي يجب التعامل معه بشكل‬
‫ذكي‪ ،‬لكن تكريس هذه الفروق بواسطة نظام التقييم يشكل عائقا‬
‫أساسيا‪ ،‬كما أكد على ذلك ديمينغ ‪ ،‬أمام تطور نظام الجودة؛ فنظام‬
‫الجودة سيتطور بشكل أكبر لو تخلى عن نظام تنقيط العاملين‪.‬‬
‫فال أحد سيجد املتعة في العمل إذا كان مرتبا إزاء أشخاص آخرين‪.‬‬
‫ال يوجد شخص بإمكانه أن يجد متعة في التعلم والتطور إذا كان مسكونا‬
‫بهاجس الدرجة التي سيحصل عليها في النهاية‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪51‬‬

‫املحطة الخامسة‬
‫إدارة الجودة‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪51‬‬

‫مقاربات متعددة إلدارة الجودة‬

‫تعدد املقاربات عامل إغناء‪.‬‬

‫أدى تطور مفهوم الجودة منذ النصف الثاني من القرن املاض ي إلى‬
‫ظهور عدة مقاربات لبناء أنظمة الجودة يمكن تلخيص أهمها في ثالث‪:‬‬
‫الرقابة اإلحصائية للجودة‪ ،‬وضمان الجودة‪ ،‬والجودة الشاملة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬مقاربة الرقابة اإلحصائية للجودة‬
‫ظهرت مقاربة الرقابة اإلحصائية للجودة في سبعينات القرن‬
‫املاض ي‪ ،‬وقد ساهم في ظهورها التطور في العلوم الكمية واإلحصائية‬
‫وبدايات استخدام الحاسب اآللي‪ ،‬وأدى هذا التطور إلى ظهور أدوات‬
‫ً‬
‫تساعد على رقابة الجودة إحصائيا‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مقاربة ضمان الجودة‬
‫ً‬
‫تعتبر مقاربة ضمان الجودة مرحلة متقدمة وأكثر نضجا باملقارنة‬
‫مع مقاربة الرقابة اإلحصائية‪ .‬ويتكون أي نظام لضمان الجودة من ثالثة‬
‫أنظمة فرعية‪:‬‬
‫‪ ‬نظام تعريف الجودة‪.‬‬
‫‪ ‬نظام مراقبة الجودة‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪53‬‬

‫‪ ‬نظام تحسين الجودة‪.‬‬


‫وتتفاعل هذه األنظمة الثالثة لتشكل مجتمعة دورة كاملة لعجلة‬
‫ديمينغ للتحسين املستمر‪.‬‬
‫وملقاربة ضمان الجودة أربعة مبادئ هي‪:‬‬
‫‪ ‬املبدأ األول‪ :‬تلبية احتياجات العميل وانتظاراته‪.‬‬
‫‪ ‬املبدأ الثاني‪ :‬التركيز على األنظمة والعمليات‪.‬‬
‫‪ ‬املبدأ الثالث‪ :‬استخدام املعلومات لتحليل عمليات تقديم‬
‫الخدمة‪.‬‬
‫‪ ‬املبدأ الرابع‪ :‬تشجيع املقاربة القائمة على روح الفريق‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬مقاربة إدارة الجودة الشاملة‬
‫ً‬
‫ظهرت مقاربة إدارة الجودة الشاملة بشكل تدريجي انطالقا من‬
‫مساهمات املقاربات السابقة‪ ،‬وحققت بظهورها نقلة نوعية هامة في‬
‫مجال إدارة الجودة باعتبارها مقاربة شمولية؛ فقد اتسع مجال تصميم‬
‫الجودة ومراقبتها ليشمل جميع مراحل وعناصر سلسلة اإلنتاج‪:‬‬
‫املدخالت‪ ،‬والعمليات‪ ،‬واملخرجات‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪54‬‬

‫مقاربة الرقابة اإلحصائية‬

‫الرقابة هي قياس الفجوة‪ ،‬والرقابة اإلحصائية هي قياس الفجوة باستخدام وسائل إحصائية‪.‬‬

‫للوقوف على الفروق بين هذه األنظمة الثالثة للجودة بشكل واضح‬
‫ودقيق نحتاج إلى مقارنة بين املفاهيم واملبادئ واألدوات التي تستخدمها‪.‬‬
‫بالنسبة للرقابة اإلحصائية على الجودة ‪:‬‬
‫‪ ‬موضوعها الرقابة على العمليات‪.‬‬
‫‪ ‬هدفها رضا العميل بإعطائه منتج أو خدمة تحقق األغرا‬
‫التي أنتجت من أجلها‪.‬‬
‫‪ ‬وسيلتها قياس الفجوة بين املمارسة و املواصفة املوضوعة‪.‬‬
‫وتعتمد الرقابة اإلحصائية للجودة على مجموعة من الوسائل‬
‫اإلحصائية أهمها خرائط املراقبة وهي عبارة عن شكل بياني يستخدم‬
‫كوسيلة التخاذ القرار املناسب بشأن سير العملية في املراحل اإلنتاجية‬
‫املختلفـة‪ .‬وهي وسيلة لكشف األخطاء في العملية اإلنتاجية وليست‬
‫ملعالجتها‪ .‬وتعد خرائط املراقبة من أهم األساليب املستخدمة في الرقابة‬
‫ً‬
‫على جودة اإلنتاج نظرا لسهولة العمل بها وبساطة فهمها وإعطائها للنتائج‬
‫بشكل سريع يساعد على اتخاذ القرار بشأن سير العملية اإلنتاجية‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪55‬‬

‫مقاربة ضمان الجودة‬

‫العميل له انتظارات وحاجات يمكنني تلبيتها إذن أنا موجود‪.‬‬

‫يتحدث خبراء ضمان الجودة عن أربعة مبادئ للجودة تشكل‬


‫مجتمعة ضمانة أساسية لفعالية إجراءات وتدخالت وبرامج تحسين‬
‫الجودة؛ وهذه املبادئ األربعة هي ‪:‬‬
‫املبدأ األول‪ :‬تلبية احتياجات العميل وانتظاراته‬
‫إن ضمان الجودة يفتر أوال تحديد العميل بوضوح‪ ،‬ومعرفة‬
‫حاجاته وانتظاراته‪ .‬لكن إذا كان من الضروري ابتداء تحديد مفهوم‬
‫العميل بوضوح ودقة‪ ،‬فمن الضروري أيضا اإلجابة عن السؤال‪ :‬ملاذا‬
‫العميل؟‬
‫إن حاجات وانتظارات العمالء هي محركات جميع أنشطة التخطيط‬
‫والتنفيذ التي تقوم بها املؤسسة‪ .‬فالعميل هو شخص معنوي (هيئة) أو‬
‫مادي (فرد) سيصدر أحكاما على جودة السلعة أو الخدمة التي ستقدمها‬
‫املؤسسة‪ .‬ويعتبر العميل‪ ،‬ضمن مقاربة الجودة‪ ،‬مركز كل ش يء في‬
‫املؤسسة؛ فاملؤسسة موجودة ألن العمالء لهم حاجات بإمكانها تلبيتها‪.‬‬
‫فهذه العالقة عميل‪/‬مؤسسة أشبه ما تكون بالعالقة الحدسية املوجودة‬
‫في الكوجيطو الديكارتي! فحدس املؤسسة لعمالئها شبيه بحدس ديكارت‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪56‬‬

‫لوجوده! إننا أمام كوجيطو حقيقي للمؤسسة‪" :‬العميل له انتظارات‬


‫وحاجات يمكنني تلبيتها إذن أنا موجود"‪.‬‬
‫وتدل كلمة عميل‪ ،‬ضمن مقاربة الجودة‪ ،‬في نفس الوقت على‬
‫العميل الخارجي‪ ،‬أي املستفيد من السلعة أو الخدمة‪ ،‬والعميل الداخلي‬
‫أي مقدم السلعة أو الخدمة‪.‬‬
‫املبدأ الثاني‪ :‬التركيزعلى األنظمة والعمليات‬
‫تقوم نظرية ضمان الجودة على النظر إلى كل منتج كنتيجة‬
‫ملجموعة من العمليات‪ .‬فالعملية سلسلة من املهام أو املراحل‪ .‬والنظام‬
‫مجموعة من العمليات‪ .‬وهكذا ترى نظرية ضمان الجودة أن السبب‬
‫األساس ي لرداءة الجودة ال يكمن في نقص في الحوافز أو الجهود من جانب‬
‫العاملين‪ ،‬بل في الكيفية التي يتم بها العمل ‪.‬‬
‫فالجودة الرديئة هي‪ ،‬بشكل عام‪ ،‬ثمرة عمل س يء التخطيط‪ ،‬أو‬
‫غمو في الهدف‪ ،‬أو هدف فضفا ‪ .‬والنتيجة هي أن تحسين الجودة‬
‫يتطلب فهما للعمليات‪ ،‬وللتغييرات التي تطرأ على نظام العمل‪.‬‬
‫العملية هي سلسلة متتابعة من األنشطة املترابطة فيما بينها‪ ،‬والتي‬
‫تحول مدخالت املوردين إلى مخرجات للعمالء‪ .‬كل عملية إذن لها‬
‫موردون‪ ،‬ومدخالت‪ ،‬ومخرجات‪ ،‬وعمالء‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪57‬‬

‫وللرفع من جودة عملية ما‪ ،‬يجب البدء بوصف شامل ودقيق‬


‫للمدخالت واملخرجات واملوردين والعمالء‪ .‬وتبسيط العمليات التي يقوم‬
‫العاملون من خاللها بوظائفهم‪ ،‬وتحليل هذه العمليات لتحسين جودتها‪.‬‬
‫ونكون عادة أمام مواصفات عالية الجودة كلما كانت العمليات‬
‫مندمجة ومترابطة فيما بينها لتكون نظاما واحدا يسمح للعمالء‬
‫واملعلومات واملواد واملوردين والطلبات واالتصاالت ولباقي املدخالت‬
‫باالنتقال الحر والفعال من وظيفة ألخرى‪ ،‬ومن عملية ألخرى‪ ،‬ودائما من‬
‫أجل مصلحة العمالء‪ .‬ويكون الهدف النهائي هو الوصول إلى نظام بدون‬
‫اختالالت وظيفية‪ ،‬أو بعمليات متعددة لكن مترابطة ومتكاملة‪.‬‬
‫إن التركيز على تحسين العمليات يعطي عموما نتائج جيدة‪.‬‬
‫فبتطوير العمليات نطور العمل ونطور إنجازات عدد كبير من‬
‫األشخاص‪ ،‬وندعم قدرة هذه العمليات على إعطاء نتائج عالية الجودة‪،‬‬
‫وفي وقت قصير‪ ،‬وبأقل كلفة‪ ،‬وبأكبر أثر إيجابي على العمالء‪ .‬إنه كلما‬
‫اتضحت العمليات وتطورت‪ ،‬تطورت النتائج أيضا‪.‬‬
‫املبدأ الثالث‪ :‬استخدام املعلومات لتحليل عمليات تقديم‬
‫الخدمة‬
‫إن تحسين عملية ما يفتر معلومات عن سير هذه العملية‪،‬‬
‫ولذلك ال يكفي اتخاذ قرارات على أساس غريزي أو انطباعي‪ ،‬بل على‬
‫أساس معلومات مضبوطة ومناسبة ما أمكن‪ .‬فمثال‪ ،‬عو افترا أو‬
‫تخمين حاجات العمالء‪ ،‬يجب الحصول على معطيات واقعية‪ .‬عندما‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪58‬‬

‫نكتشف مشكلة نبدأ بجمع املعطيات لتحديد مصدرها‪ ،‬وعندما نضع لها‬
‫حال نراقب النتائج للتأكد من أن املشكل يأخذ طريقه إلى الحل‪.‬‬
‫املبدأ الرابع‪ :‬تشجيع املقاربة القائمة على روح الفريق‬
‫يتطلب تحسين الجودة منح العاملين سلطة تحسين عمليات‬
‫وأنظمة املؤسسة؛ ذلك ألن أولئك الذين يقومون يوميا بالعمل يوجدون‬
‫في وضع أفضل لتحديد جوانب الضعف في العمليات وفي النظام بدقة‪،‬‬
‫واقتراح الحلول العملية لحل هذه املشاكل‪.‬‬
‫وأن نعطي السلطة للعاملين معناه‪:‬‬
‫‪ ‬أن لدينا الثقة في املوظفين وفي رؤسائهم ليكونوا مسؤولين‬
‫ومنطقيين‪.‬‬
‫‪ ‬أن نمنحهم صالحية القيام بالتغييرات الضرورية في إطار‬
‫عملهم‪.‬‬
‫‪ ‬أن نوفر لهم املوارد الالزمة لتقييم وتطوير عملهم‪ ،‬واألدوات‬
‫الضرورية لحصولهم على املعطيات املتعلقة بأسباب‬
‫املشاكل‪ ،‬ولكي يطوروا حلوال لهذه املشاكل‪ ،‬ولكي يراقبوا‬
‫النتائج عن قرب‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪59‬‬

‫مقاربة الجودة الشاملة‬

‫تقتض ي برامج إدارة الجودة الشاملة التصدي لكل أبعاد الجودة‪.‬‬

‫أحد الفروق األساسية بين منهج ضمان الجودة ومنهج الجودة‬


‫الشاملة أن األول يتصدى لبعد أو أكثر حسب خصوصية كل حالة‪ ،‬أما‬
‫برامج إدارة الجودة الشاملة فتقتض ي التصدي لكل األبعاد‪.‬‬
‫تهدف إدارة الجودة الشاملة إلى التحسين املستمر لألداء على املدى‬
‫البعيد من خالل التركيز على العمالء وفهم احتياجات مختلف األطراف‬
‫ذات العالقة‪ .‬وتقوم الجودة الشاملة على املبادئ التالية ‪:‬‬
‫أوال‪ :‬التركيزعلى العمالء‬
‫تعتمد املنظمات على عمالئها‪ ،‬ولذا يجب عليها فهم احتياجاتهم‬
‫الحالية واملستقبلية‪ ،‬وتحقيق متطلباتهم‪ ،‬وأن تعمل على تجاوز توقعاتهم‪.‬‬
‫ويتحقق ذلك عن طريق بحث وفهم جميع احتياجات وتوقعات‬
‫العميل فيما يخص املنتجات والخدمات وموعد التسليم واألسعار‬
‫واالعتمادية‪ ،‬وربط أهداف املنشأة مع احتياجات وتوقعات العميل‪،‬‬
‫واتباع أسلوب يضمن التوازن بين احتياجات وتوقعات العمالء‬
‫واملستفيدين اآلخرين (املالك واملوظفين واملوردين واملجتمع)‪ ،‬وإعالم‬
‫جميع املستويات في املنشأة بهذه االحتياجات والتوقعات‪ ،‬وقياس مدى‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪60‬‬

‫ً‬
‫رضا العمالء والعمل وفقا للنتائج‪ ،‬إدارة العالقات مع العمالء بما يحقق‬
‫املصلحة املشتركة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬القيادة‬
‫القيادة مسئولة عن تأسيس وحدة الهدف ورسم االتجاه للمنشأة‪،‬‬
‫وعليهم أن ينشئوا ويحافظوا على املناخ الداخلي املناسب للعاملين‬
‫للمشاركة الفعالة في تحقيق أهداف املنشأة‪.‬‬
‫ويجب أن تكون القيادات "سباقة" و"قدوة"‪ ،‬وقادرة على فهم‬
‫املتغيرات الخارجية واالستجابة لها‪ ،‬واستيعاب احتياجات جميع‬
‫املستفيدين بما في ذلك العمالء واملالك والناس واملوردون واملجتمع املحلي‬
‫واملجتمع بوجه عام‪ ،‬وإنشاء رؤية مستقبلية واضحة للمنشأة‪ ،‬وإنشاء‬
‫القيم املشتركة والعدل ونماذج املبادئ األخالقية في جميع مستويات‬
‫املنشأة واملحافظة عليها‪ ،‬وبناء الثقة وإزالة الخوف‪ ،‬ودعم العاملين‬
‫باملوارد الالزمة والتدريب الكافي ومنحهم الحرية للتصرف بمسئولية‪،‬‬
‫وتحفيز العاملين وتشجيعهم وبث روح الحماس فيهم وتقدير جهودهم‬
‫اإليجابية‪ ،‬وتشجيع االتصال املفتوح واألمين‪ ،‬وتوعية وتعليم وتدريب‬
‫العاملين‪ ،‬ورسم السياسات واألهداف الطموحة للمنشأة‪ ،‬وتطبيق‬
‫االستراتيجيات الكفيلة بتحقيق تلك السياسات واألهداف‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬مشاركة العاملين‬
‫العاملون في مختلف املستويات هم جوهر املنشأة‪ ،‬ومشاركتهم‬
‫الكاملة تمكن من استخدام قدراتهم لصالح املنشأة‪ .‬ويتحقق ذلك إذا قام‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪61‬‬

‫العاملون بإدراك أهمية دورهم في املنشأة‪ ،‬وتحديد العقبات التي تحد من‬
‫أدائهم‪ ،‬والقبول بمبدأ ملكية مشكالت العمل ومسئولية حل تلك‬
‫املشكالت‪ ،‬والبحث بنشاط عن فرص تحسين العمل‪ ،‬ومناقشة قضايا‬
‫ومشكالت العمل بحرية‪ ،‬والبحث بنشاط عن فرص رفع مستوى كفاءتهم‬
‫ومعلوماتهم وخبراتهم‪ ،‬ومشاركة املعلومات والخبرات بين الفرق‬
‫واملجموعات‪ ،‬والتركيز على إيجاد منفعة للعمالء‪ ،‬ومقارنة أدائهم مع‬
‫أهدافهم وطموحاتهم الشخصية‪ ،‬واإلبداع واالبتكار في مجال توسيع‬
‫أهداف املنشأة‪ ،‬وتمثيل املنشأة على أفضل وجه أمام العمالء واملجتمع‪،‬‬
‫ً‬
‫والرضا عن العمل والحماس له والفخر بكونهم جزءا من املنشأة‪ ،‬وشعور‬
‫املوظفين باملسئولية تجاه أعمالهم وأدائهم‪ ،‬والحماس للمشاركة في‬
‫التحسين املستمر‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬منهج العمليات‬
‫تتحقق النتيجة املرغوبة بكفاءة أكبر عندما تدار املوارد واألنشطة‬
‫ذات العالقة كعملية‪ .‬ويتحقق ذلك عن طريق‪ :‬تحديد األنشطة الالزمة‬
‫لتحقيق النتيجة املرغوبة‪ ،‬وقياس مدخالت ومخرجات العملية‪ ،‬وتحديد‬
‫نقاط اتصال األنشطة الرئيسية بين أعمال املنشأة‪ ،‬وتقييم األخطار‬
‫والنتائج واآلثار املحتملة للعمليات على العمالء واملوردين واملستفيدين‬
‫اآلخرين من العملية‪ ،‬وتحديد مسئوليات وصالحيات إدارة األنشطة‬
‫الرئيسية بوضوح‪ ،‬وتحديد العمالء الداخليين والخارجيين واملوردين‬
‫واملستفيدين اآلخرين للعملية‪ ،‬وعند تصميم العمليات يؤخذ في االعتبار‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪61‬‬

‫بالنسبة للعملية‪ :‬الخطوات‪ ،‬األنشطة‪ ،‬التسلسل‪ ،‬معايير الرقابة‪،‬‬


‫احتياجات التدريب‪ ،‬األجهزة‪ ،‬الطرق‪ ،‬املعلومات‪ ،‬املواد واملوارد األخرى‬
‫من أجل تحقيق النتيجة املرغوبة‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬أسلوب النظام في اإلدارة‬
‫تحديد وفهم إدارة العمليات املرتبطة كنظام واحد يؤدي إلى تحسين‬
‫فعالية وكفاءة املنشأة في تحقيق أهدافها‪ .‬ويتحقق ذلك عن طريق ‪:‬‬
‫تعريف النظام من خالل تحديد أو تطوير العمليات التي تؤثر على‬
‫هدف معين‪ ،‬وتركيب النظام بحيث تحقق هدف املنشأة بأكفأ الطرق‬
‫وأكثرها فعالية‪ ،‬وفهم االرتباطات بين العمليات والنظام‪ ،‬والتحسين‬
‫املستمر للنظام بواسطة القياس والتقييم‪ ،‬وفهم قدرات املنشأة وتحديد‬
‫معوقات املوارد قبل البدء‪ ،‬وفهم األدوار واملسئوليات الالزمة للوصول الى‬
‫أهداف مشتركة وتقليل الحواجز بين األنشطة‪ ،‬وتكامل وانتظام العمليات‬
‫مما يؤدي إلى أفضل نتيجة‪ ،‬والقدرة على تركيز الجهود على العمليات‬
‫الرئيسية‪ ،‬ودعم ثقة األطراف ذات العالقة في كفاءة وفعالية املنشأة‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬التحسين املستمر‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يجب أن يكون التحسين املستمر لألداء العام هدفا دائما للمنشأة‪.‬‬
‫ويتحقق ذلك عن طريق ‪:‬‬
‫ً‬
‫جعل التحسين املستمر للمنتجات والعمليات واألنظمة هدفا لكل‬
‫فرد في املنشأة‪ ،‬وتطبيق مفاهيم التحسين األساسية‪ ،‬واستخدام التقويم‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪63‬‬

‫الدوري للمقارنة مع معايير التميز املعروفة لتحديد الجوانب التي يمكن‬


‫تحسينها‪ ،‬والتحسين املستمر لكفاءة وفعالية جميع العمليات‪ ،‬ودعم‬
‫األنشطة الوقائية‪ ،‬ووضع معايير وأهداف إلرشاد وضبط التحسينات‪،‬‬
‫والتقدير واالعتراف بالتحسينات‪ ،‬وتعليم وتدريب كل فرد في املنشأة على‬
‫أساليب وأدوات التحسين املستمر مثل‪ :‬منهج دورة ديمينغ وطريقة حل‬
‫املشكالت وإعادة هندسة العمليات وإدارة العمليات‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬أسلوب الحقائق في اتخاذ القرارات‬
‫القرارات الفعالة تبنى على تحليل البيانات واملعلومات‪.‬‬
‫ويتحقق ذلك عن طريق ‪:‬‬
‫أخذ القياسات وتجميع البيانات واملعلومات ذات العالقة بالهدف‪،‬‬
‫والتأكد من دقة وصحة البيانات واملعلومات وسهولة الوصول إليها‪،‬‬
‫وتحليل البيانات واملعلومات باألساليب والطرق الصحيحة‪ ،‬وإدراك أهمية‬
‫استخدام التقنيات اإلحصائية املناسبة‪ ،‬واتخاذ القرارات يبنى على نتائج‬
‫التحليل املنطقي إضافة إلى الخبرة والحدس‪ ،‬والقدرة على إثبات فعالية‬
‫القرارات السابقة من خالل الرجوع إلى سجالت الحقائق‪ ،‬وزيادة القدرة‬
‫على مراجعة وإثبات وتغيير املرئيات والقرارات‪.‬‬
‫ثامنا‪ :‬عالقات املصلحة املتبادلة مع املوردين‬
‫املنشأة واملورد يعتمد كل منهما على اآلخر‪ ،‬وعالقة املصلحة‬
‫املتبادلة بينهما تزيد من قدرتهما على إيجاد الفائدة لكل منهما وللمجتمع‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪64‬‬

‫ويتحقق ذلك عن طريق ‪:‬‬


‫تحديد واختيار املوردين الرئيسيين‪ ،‬وإنشاء العالقات مع املورد‬
‫بحيث توازن بين املكاسب العاجلة واالعتبارات بعيدة املدى للمنشأة‬
‫واملجتمع بوجه عام‪ ،‬وتأسيس أسلوب واضح ومفتوح لالتصاالت‪،‬‬
‫ً‬
‫والتطوير والتحسين املشترك للمنتجات والعمليات‪ ،‬واملشاركة معا في‬
‫إنشاء وإيجاد فهم واضح الحتياجات العمالء‪ ،‬واملعلومات والخبرات‬
‫والخطط املستقبلية‪ ،‬وتقدير التحسينات واإلنجازات التي يقوم بها‬
‫املوردون‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪65‬‬

‫املحطة السادسة‬
‫أبعاد الجودة‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪66‬‬

‫أبعاد الجودة‬

‫التعريف الذي نعطيه عادة للجودة يرتبط بشكل كبيربالشخص الذي يستخدم هذه اللفظة‪.‬‬

‫تكشف التجربة التي تحدث عنها مارتن في كتابه‪" :‬تدبير الجودة‬


‫الشاملة في مجال الخدمات اإلنسانية" عن صعوبة التوصل إلى إجماع‬
‫َ‬
‫حول تعريف الجودة‪ .‬لقد ط ِّلب من املؤِّلف مراجعة أعمال مراقبة الجودة‬
‫بمؤسسة حكومية للخدمات الصحية االجتماعية متعاقدة مع منظمات‬
‫خارجية لتأمين مراقبة الجودة‪ ،‬بعد أن الحظ مدير املؤسسة اختالف‬
‫تقارير منظمات الرقابة ‪.‬‬
‫وبعد مراجعة مارتان لهذه التقارير الحظ بدوره أن عدة مراقبين‬
‫قاموا بزيارات لنفس األمكنة وخالل فترات زمنية متباعدة ببضعة أيام‬
‫فقط لكن كانوا يتوصلون دائما إلى آراء مختلفة حول جودة الخدمات‬
‫املقدمة ‪.‬‬
‫وبعد التدقيق سيكتشف مارتان أن املراقبين كانوا فئتين مختلفتين‪:‬‬
‫‪ ‬الفئة األولى هي فئة املمرضين‪ .‬هذه الفئة لديها تصور عن‬
‫جودة الخدمات يقوم أساسا على اعتبارات طبية‪.‬‬
‫‪ ‬الفئة الثانية هي فئة املرشدين االجتماعيين‪ .‬هذه الفئة‬
‫تصورها للجودة يقوم على عوامل نفسية اجتماعية‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪67‬‬

‫إن هذه املقاربة تبين‪ ،‬بنظر مارتان‪ ،‬أن التعريف الذي نعطيه عادة‬
‫للجودة يرتبط بشكل كبير بالشخص الذي يستخدم هذه اللفظة‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪68‬‬

‫خمسة مداخل ألبعاد الجودة‬

‫توجد خمسة مداخل كبرى لتحديد أبعاد الجودة‪.‬‬

‫تكشف لنا التجربة التي تحدث عنها مارتن في كتابه أن الجودة لها‬
‫أبعاد متعددة‪ ،‬وأن الناس عندما يختلفون حول جودة سلعة ما أو خدمة‬
‫معينة فإنهم يعبرون باختالفهم هذا عن تباين تقديرهم لقيمة كل بعد من‬
‫أبعاد الجودة ‪.‬‬
‫إن الجودة مفهوم شامل وبالتالي متعدد األبعاد‪ ،‬ويحدد الخبراء‬
‫عموما عدة أبعاد مميزة للجودة تتفاوت في أهميتها اعتمادا على السياق‬
‫الذي يتم فيه تطبيق برنامج الجودة‪ .‬وهكذا يمكن لبرامج ضمان الجودة‬
‫أن تتصدى لبعد أو أكثر حسب خصوصية كل حالة‪ ،‬أما برامج إدارة‬
‫الجودة الشاملة فتقتض ي التصدي لكل األبعاد ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وتشكل أبعاد الجودة إطارا مناسبا ملساعدة املتدخلين على تحديد‬
‫مشكالتهم وتحليلها وقياس مدى التزامهم بمعايير الجودة وممارساتها ‪.‬‬
‫إن تحديد أبعاد للجودة ال ينبغي أن يفهم منه أن هذه األبعاد لها‬
‫نفس األهمية؛ إذ ينبغي بحث كل منها حسب البرامج الخاصة‪ ،‬وتعريفها‬
‫حسب السياق الخاص واملحلي‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪69‬‬

‫ال يوجد إذن بين خبراء الجودة تصور واحد ألبعاد الجودة‪ ،‬ويرجع‬
‫السبب الرئيس في ذلك إلى اختالف املداخل واملقاربات املعتمدة لتحديد‬
‫هذه األبعاد‪ ،‬لكن املالحظ أن مجمل هذه التصورات ترجع في أساسها‬
‫الذي تقوم عليه إلى خمسة مداخل كبرى هي ‪:‬‬
‫‪ ‬مدخل املقاربة النسقية املعيارية‪ :‬الجودة هي املطابقة‬
‫للمعايير‪.‬‬
‫‪ ‬مدخل املقاربة الوظيفية‪ :‬الجودة هي التحسين املستمر‪.‬‬
‫‪ ‬مدخل أداء النظام‪ :‬الجودة هي أداء النظام‪.‬‬
‫‪ ‬مدخل وجهة نظرالعمالء‪ :‬الجودة هي رضا العميل‪.‬‬
‫‪ ‬مدخل جوهر املهنة‪ :‬ال بد من التمييز بين جودة املنتجات‬
‫والخدمات وجودة العمليات‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪70‬‬

‫مدخل املقاربة النسقية‬

‫الجودة هي املطابقة للمعايير‪.‬‬

‫يؤكد ديمينغ على ضرورة املقاربة النسقية (منهج النظم) لتصميم‬


‫ً‬
‫الجودة وتطويرها نظرا للطابع املعقد للظواهر التنظيمية‪ .‬إن الحاجة‬
‫امللحة إلى املقاربة النسقية تنبع من الطابع املعقد لألنساق االجتماعية‬
‫ً‬
‫واالنسانية‪ ،‬فهي أكثر الظواهر تعقيدا على اإلطالق بحكم تعدد املدخالت‬
‫والعمليات واملخرجات وتداخلها وتشابكها‪.‬‬
‫من هذا املنطلق يظهر أن أسلم مدخل وأضمنه لرصد أبعاد الجودة‬
‫في املنظمات بشكل صحيح وتام هو مدخل املقاربة النسقية‪.‬‬
‫إن جودة نسق تنظيمي ما من منظور هذا املدخل ترتبط بجودة‬
‫مدخالته‪ ،‬وجودة مخرجاته‪ ،‬وجودة عملياته‪ ،‬وذلك وفق العالقة الثابتة‬
‫التالية ‪:‬‬
‫منظومة الجودة = معايير جودة املدخالت ‪ +‬معايير جودة العمليات‬
‫‪ +‬معايير جودة املخرجات‬
‫إن أوضح مثال الستخدام مدخل املقاربة النسقية في تصميم معايير‬
‫الجودة هو نموذج التميز األوربي‪ ،‬فهو يتكون من‪:‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪71‬‬

‫‪ ‬معايير جودة املدخالت‪ :‬القيادة‪ ،‬واالستراتيجية‪ ،‬والعاملون‪،‬‬


‫واملوارد والشراكات‪.‬‬
‫‪ ‬معايير جودة العمليات‪ :‬معايير العمليات والخدمات‬
‫واملنتجات‪.‬‬
‫‪ ‬معايير جودة املخرجات‪ :‬معايير نتائج العاملين واملتعاملين‬
‫واملجتمع ونتائج األداء العام‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪71‬‬

‫مدخل املقاربة الوظيفية‬

‫الجودة هي التحسين املستمر‪.‬‬

‫ً‬
‫تبدو املقاربة الوظيفية ظاهريا شبيهة باملقاربة النسقية املعيارية‪،‬‬
‫ً‬
‫فهما معا يعتمدان على املعايير‪ ،‬واملطابقة للمعايير‪ ،‬ووصف العمليات‪،‬‬
‫وصوال إلى الحصول على الشهادة‪ .‬لكن على مستوى املمارسة يوجد‬
‫اختالف بينهما في اإلجراءات والنتائج وثقافة التغيير‪.‬‬
‫تقوم املقاربة املعيارية على املطابقة ملرجعية أو مواصفة‪ :‬تبدأ هذه‬
‫املقاربة من تحليل الفجوة بين املمارسات في واقع املنظمة ومتطلبات‬
‫املرجعية أو املواصفة‪ .‬بعد ذلك تعمل على سد الفجوة من خالل‬
‫تحسينات محددة‪ .‬وفي النهاية تعمل الجهة املسؤولة عن الجودة‬
‫واملدققون على مراقبة هذه املطابقة وإدارتها‪.‬‬
‫أما املقاربة الوظيفية فتشتغل بطريقة معكوسة‪ :‬تبدأ برصد‬
‫املشكالت التي تعتر املنظمة من خالل تشخيص تشاركي واقتراح حلول‬
‫لها من طرف العاملين أنفسهم‪ ،‬بدون الرجوع إلى أي مرجعية أو مواصفة‪.‬‬
‫وهذه االختالالت الوظيفية‪ ،‬التي يتم رصدها في عملية التشخيص‬
‫باستخدام املقاربة الوظيفية‪ ،‬يمكن أن توجد ضمن نطاق معايير‬
‫املرجعية واملواصفة كما يمكن أال توجد‪ .‬ومشاريع التحسينات ال تتم‬
‫ضمن نطاقات محددة؛ ألن كل التحسينات مطلوبة مادامت مرتبطة‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪73‬‬

‫بوجود اختالالت وظيفية رصدها التشخيص ومقترحة من العاملين‬


‫أنفسهم‪.‬‬
‫املرحلة الثانية التي تلي عملية التشخيص هي وضع الحلول بمشاركة‬
‫املعنيين املباشرين‪ ،‬وتقوم منهجية التحسينات على "الكايزن" أي على‬
‫تحسينات مفيدة مستمرة وحرة‪ ،‬وبقطع النظر عن حجمها سواء كانت‬
‫صغيرة أو كبيرة‪.‬‬
‫إذا استخدمنا املقاربة املعيارية نحتاج إلى خبير جودة مدرب على‬
‫املرجعية أو املواصفة‪ ،‬أما إذا استخدمنا املقاربة الوظيفية فسنحتاج إلى‬
‫خبير ميدان محترف يحب املنظمة والعمل في فريق‪ ،‬مع مصاحبة خارجية‬
‫"ملستشار وظيفي" ال "مستشار معياري"‪.‬‬
‫وبإمكاننا في النهاية اختبار كيفية إدماج متطلبات املرجعية أو‬
‫املواصفة مع النتائج التي تم التوصل إليها باستخدام املقاربة الوظيفية‪.‬‬
‫إن أفضل مدخل لتحسين الجودة بشكل واقعي وتشاركي هو مدخل‬
‫املقاربة الوظيفية‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪74‬‬

‫مدخل أداء النظام‬

‫الجودة هي أداء النظام‪.‬‬

‫باإلضافة إلى املدخلين السابقين‪ ،‬املدخل النسقي املعياري واملدخل‬


‫الوظيفي‪ ،‬يوجد مدخل ثالث يتيح لنا تصميم الجودة من خالل معايير‬
‫أداء النظام‪.‬‬
‫حسب مشروع ضمان الجودة ملركز الدراسات الجامعية التابع‬
‫ملؤسسة األبحاث الجامعية بالواليات املتحدة األمريكية تقوم الجودة على‬
‫ثمانية دعائم أساسية تشكل أبعاد الجودة؛ وهي ‪:‬‬
‫‪ ‬الكفاءة املهنية‪.‬‬
‫‪ ‬الولوجية‪.‬‬
‫‪ ‬الفعالية‪.‬‬
‫‪ ‬العالقات بين األفراد‪.‬‬
‫‪ ‬الكفاءة في استخدام املوارد‪.‬‬
‫‪ ‬االستمرارية‪.‬‬
‫‪ ‬األمان‪.‬‬
‫‪ ‬أسباب الراحة‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪75‬‬

‫إن هذه األبعاد تشكل إطارا عاما يتضمن تقريبا كل جوانب أداء‬
‫النظام‪ ،‬إال أن مقدمي املنتج أو الخدمة ومتلقيه يختلفون في تقدير أهمية‬
‫كل بعد‪ .‬وهكذا نجد في العادة أن كل فئة تعطي األولوية واألهمية لبعض‬
‫األبعاد على حساب أخرى ‪.‬‬
‫إن الذين يتلقون املنتج أو الخدمة يميلون إلى التركيز على ‪:‬‬
‫‪ ‬الكفاءة املهنية‪.‬‬
‫‪ ‬الفعالية‪.‬‬
‫‪ ‬الولوجية‪.‬‬
‫‪ ‬العالقات‪.‬‬
‫‪ ‬االستمرارية‪.‬‬
‫‪ ‬أسباب الراحة‪.‬‬
‫أما الذين يقدمون املنتج أو الخدمة فيميلون إلى التركيز على ‪:‬‬
‫‪ ‬الكفاءة املهنية‪.‬‬
‫‪ ‬األمان‪.‬‬
‫‪ ‬الفعالية‪.‬‬
‫‪ ‬الكفاءة في استخدام املوارد‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪76‬‬

‫مدخل وجهة نظرالعمالء‬

‫الجودة هي رضا العميل‪.‬‬

‫وللجودة مدخل رابع هو وجهة نظر العمالء‪ .‬ويعتبر هذا املدخل على‬
‫درجة كبيرة من األهمية أيضا إذا استحضرنا أن الجودة ما هي إال "رضا‬
‫العميل"‪.‬‬
‫قام زيطامل وبيري ببحث ميداني لدى ‪ 1000‬عميال يمثلون نسيجا‬
‫واسعا من منظمات الخدمة‪ .‬وكان الهدف هو تحديد مختلف أبعاد‬
‫الجودة من وجهة نظر العمالء‪ ،‬وانتهوا إلى اختزالها في خمسة أبعاد قاموا‬
‫بترتيبها؛ وهي ‪:‬‬
‫البعد األول‪ :‬األمن‬
‫ويتعلق األمر بالقدرة على تقديم السلعة أو الخدمة بشكل مبني على‬
‫الثقة والثبات‪ ،‬ومع تغييرات طفيفة‪.‬‬
‫البعد الثاني‪ :‬مدة االستجابة‬
‫يتعلق األمر بالوقت الذي يستغرقه العاملون لتقديم السلعة أو‬
‫الخدمة‪.‬‬
‫البعد الثالث‪ :‬االهتمام‬
‫املوظفون لطفاء ومهذبون ولديهم كل املعلومات الالزمة‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪77‬‬

‫البعد الرابع‪ :‬التقدير‬


‫املوظفون يتفهمون العمالء ويبدون اهتمامهم لكل عميل بشكل‬
‫شخص ي‪.‬‬
‫البعد الخامس‪ :‬املحيط أو الفضاء‬
‫املظهر املادي لألمكنة واملوظفين‪ ،‬والتجهيزات‪ ،‬واألدوات‬
‫املستخدمة‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪78‬‬

‫مدخل جوهراملهنة‬

‫يمكن للعمليات أن تكون بجودة عالية دون أن تنعكس جودتها على جودة املنتج والخدمة‪.‬‬

‫املدخل الخامس واألخير هو مدخل جوهر املهنة أو مدخل جودة‬


‫املنتج والخدمة‪ .‬ومن الضروري في البداية التمييز بين جودة املنتجات‬
‫والخدمات وجودة العمليات؛ فاملنتج يمكن أن يكون بجودة عالية دون أن‬
‫يكون مدعوما بعمليات بجودة عالية‪ ،‬كما أن العمليات يمكن أن تكون‬
‫بجودة عالية دون أن تنعكس جودتها على جودة املنتج والخدمة‪.‬‬
‫إن العيب األول لنماذج الجودة القياسية هو عدم مالمستها‬
‫للجوانب الفنية الخاصة املرتبطة بجوهر املهنة‪ .‬إن مواصفة األيزو ‪9001‬‬
‫مثال يمكن أن تكون مفيدة للمدارس في الجوانب اإلدارية‪ ،‬لكن فائدتها‬
‫منعدمة أو ضعيفة في الجوانب التربوية والتعليمية‪ .‬ومن هنا يبدو مدخل‬
‫جوهر املهنة على درجة كبيرة من األهمية‪.‬‬
‫لنأخذ التعليم على سبيل املثال‪ .‬إن معايير الجودة في هذا املجال‬
‫تقوم حسب لوزوط ‪ Lezotte‬على أربع دعامات أساسية هي ‪:‬‬
‫‪ ‬املدرس‪.‬‬
‫‪ ‬التلميذ‪.‬‬
‫‪ ‬املادة‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪79‬‬

‫‪ ‬املحيط‪.‬‬
‫وحسب لوزوط فإن نتيجة التفاعالت بين هذه الدعائم األربع تحدد‬
‫نتيجة التعلم‪ .‬ويضيف بأن مستوى جودة كل عنصر من هذه العناصر‬
‫األربعة وتفاعالتها يمكن اعتماده كمؤشر على جودة التعلمات‪ .‬وإذن‪،‬‬
‫فأبعاد جودة التعليم حسب لوزوط هي ‪:‬‬
‫‪ ‬جودة املدرس‪ .‬يمكن اعتماد املعايير التالية مثال لقياس‬
‫وتحسين هذا البعد‪ :‬الكفاءة في التخصص‪ ،‬الكفاءة في‬
‫منهجية التدريس‪ ،‬التواصل التربوي‪ ،‬متابعة وتقييم املتعلم‪،‬‬
‫دعم املتعلم‪...‬‬
‫‪ ‬جودة التلميذ‪ .‬يمكن اعتماد املعايير التالية مثال لقياس‬
‫وتحسين هذا البعد‪ :‬الحوافز للتعلم‪ ،‬املكتسبات القبلية‪،‬‬
‫الكفاءة املنهجية‪...‬‬
‫‪ ‬جودة املادة‪ .‬يمكن اعتماد املعايير التالية مثال لقياس‬
‫وتحسين هذا البعد‪ :‬جودة املنهاج‪ ،‬جودة البرنامج‪ ،‬جودة‬
‫املحتوى‪...‬‬
‫‪ ‬جودة املحيط‪ .‬يمكن اعتماد املعايير التالية مثال لقياس‬
‫وتحسين هذا البعد‪ :‬البناية املدرسية‪ ،‬الوسائل التعليمية‪،‬‬
‫العالقات‪...‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪80‬‬

‫املحطة السابعة‬
‫شروط الجودة‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪81‬‬

‫شروط الجودة‬

‫ال جودة بدون إنسان الجودة‪ ،‬وال يمكن بناء إنسان الجودة بدون ثقافة الجودة وتنظيمها‪.‬‬

‫إن التأثير النوعي للمناخين العام والخاص على املنظمات يفتر‬


‫ً‬
‫الحديث أوال عن شروط الجودة لضمان فعالية هذا البناء‪.‬‬
‫إن الطريقة واألداة يمثالن إجابة عن سؤال‪ :‬كيف؟ أي أن األمر‬
‫يتعلق في كل منهما بوسيلة للوصول إلى هدف‪ .‬ومعنى هذا أن خطاب‬
‫الوسائل يوجد في الدرجة األولى من سلم األولويات بالنظر إلى األهداف‬
‫والغاية‪ ،‬لكن مع ذلك فإن خطاب الشروط سابق على خطاب الوسائل‬
‫ومؤسس له؛ فبدون استيفاء شروط الجودة تنتكس جهود البناء إلى عمل‬
‫تجريبي‪ ،‬أو مجرد جهود ضائعة تفتقد إلى شروط النجاح‪ ،‬فما هي إذن‪،‬‬
‫شروط بناء منظومة متكاملة للجودة؟ ما هو املناخ املشجع فكريا‬
‫وتربويا وثقافيا وتنظيميا على بناء الجودة؟‬
‫إن الكثير من جهود بناء أنظمة الجودة تفشل أو تحقق نتائج‬
‫ضعيفة‪ ،‬ولضمان نجاح هذه الجهود البد من توفر ثالثة شروط‪:‬‬
‫‪ ‬الشرط األول‪ :‬إنسان الجودة‪.‬‬
‫‪ ‬الشرط الثاني‪ :‬ثقافة الجودة‪.‬‬
‫‪ ‬الشرط الثالث‪ :‬تنظيم الجودة‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪81‬‬

‫ال جودة بدون إنسان الجودة‪ ،‬وال يمكن بناء إنسان الجودة بدون‬
‫ثقافة الجودة وتنظيمها‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪83‬‬

‫الشرط األول‪ :‬إنسان الجودة‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬


‫إنسان الجودة هو من يملك منطقا وضميرا وذوقا وتوازنا‪.‬‬

‫إن التأثير النوعي لتربية العاملين وأخالقيتهم على برامج تحسين‬


‫الجودة يفتر أوال الحديث عن شرط البناء التربوي واألخالقي لهذا‬
‫اإلنسان بما يضمن نجاح هذه البرامج ‪.‬فما هي إذن أهداف تربية‬
‫الجودة؟ وما هي املواصفات األخالقية إلنسان الجودة؟‬
‫اإلنسان بشكل عام هو سلوك نحو أهداف وغاية‪ .‬وهو أيضا فاعل‬
‫له إرادة وحرية في االختيار؛ فعندما يسلك اإلنسان بـ وعي أخالقي نحو‬
‫الواجب فهو إنسان الجودة‪ ،‬وعندما يفتقد الوعي األخالقي ويعجز عن‬
‫السلوك واالقتحام نحو الواجب فهو إنسان الالجودة‪.‬‬
‫والوعي األخالقي هو تعبير عن كل ما هو مطلب للعقل األخالقي‪،‬‬
‫ومطالب العقل األخالقي أربعة ‪:‬الحق والخير والجمال والتوازن‪ .‬فيكون‬
‫ً‬
‫"إنسان الجودة" بالتالي‪ ،‬في مواصفاته األخالقية‪ ،‬هو من يملك منطقا‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وضميرا وذوقا وتوازنا بين منطقه وضميره وذوقه‪ .‬والالجودة تأسيسا على‬
‫ما سبق تصبح جزئيا نابعة من مجموع املواقف النفسية االجتماعية‬
‫املتأصلة في اإلنسان الذي ال منطق له وال ضمير له وال ذوق له وال توازن‪،‬‬
‫واملهيمنة على سلوكه القاعدة به عن املساهمة في بناء الصالح العام‬
‫للمؤسسة ولعمالئها الداخليين والخارجيين‪ ،‬والدافعة به للبحث عن‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪84‬‬

‫مصلحته الشخصية الضيقة على حساب مصلحة املؤسسة‪ ،‬مع أن‬


‫مصلحة املؤسسة من مصلحته !‬
‫نخلص مما سبق إلى أنه من الضروري والحيوي أن تولي برامج‬
‫تحسين الجودة إذا أرادت ضمان نجاحها وفعاليتها عناية خاصة لتربية‬
‫العاملين وللمناخ األخالقي العام للمؤسسة‪ ،‬قدر عنايتها بتدريبهم وباملناخ‬
‫الثقافي العام للمؤسسة ‪.‬‬
‫إن التربية هي الفعل الوحيد من بين كل األفعال األخرى (تدريب‪،‬‬
‫تأهيل‪ )...‬الذي باستطاعته تحقيق التغيير الجذري في أخالقية العاملين‬
‫وذلك بمعالجة عميقة لبنياتهم النفسية والذهنية وعاداتهم املتأصلة التي‬
‫تعوق بناء مؤسسة بمواصفات الجودة الشاملة ‪.‬‬
‫نعم التربية أوال وأساسا ودائما؛ ذلك ألن تحويل املؤسسة نحو‬
‫الجودة يتطلب تحويل ثقافة املنظمة وتنظيمها‪ ،‬وتحويل ثقافة املنظمة‬
‫وتنظيمها يتطلب بدوره تحويل اإلنسان وتغيير نفسيته وسلوكه وحوافزه‬
‫وعالقاته مع اآلخرين‪ ،‬متى كانت هذه النفسية والسلوك والحوافز‬
‫والعالقات تقاوم برامج تحسين الجودة أو تناقضها‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪85‬‬

‫الشرط الثاني‪ :‬ثقافة الجودة‬

‫ثقافة الجودة هي ما نتعلمه بشكل مشترك من أجل إرضاء العميل والتحسين املستمرللعمل‪.‬‬

‫أكد مؤسسو علم الجودة ديمينغ وكروسبي على أهمية بناء ثقافة‬
‫الجودة كشرط مسبق ال بد منه كي تنجح املؤسسات في مساعيها لتحسين‬
‫الجودة‪ .‬ويعتبر بناء ثقافة الجودة املالئمة للمؤسسة أمرا حيويا لتحسينها ‪.‬‬
‫فما هي ثقافة الجودة؟ وما خصائصها؟ وما املناخ الثقافي املشجع على‬
‫تدبير الجودة؟ وما هي عوائق بناء ثقافة الجودة؟ وكيف ننشر هذه‬
‫الثقافة؟‬
‫البد ابتداء من تعريف ثقافة املنظمة على اعتبار أن ثقافة الجودة‬
‫ما هي في النهاية سوى ثقافة املنظمة عندما تستوفي مواصفات الجودة‬
‫الشاملة ‪.‬‬
‫ثقافة املنظمة هي مجموعة املعارف والقيم واملهارات واالتجاهات‬
‫والسلوكيات التي تقدم قواعد مستقرة لتنظيم العمل ولتصرفات أفراد‬
‫املنظمة ‪.‬‬
‫تأسيسها على هذا التعريف العام لثقافة املنظمة‪ ،‬يمكن القول بأن‬
‫ثقافة الجودة هي مجموعة املعارف والقيم واملهارات واالتجاهات‬
‫والسلوكيات ذات الصلة التي يتم تعلمها بشكل مشترك من أجل تطوير‬
‫قدرة املنظمة على مجابهة الظروف الخارجية التي تحيط بها وعلى إدارة‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪86‬‬

‫شؤونها الداخلية‪ .‬بتعبير آخر‪ :‬ثقافة الجودة هي ما نتعلمه بشكل مشترك‬


‫من أجل إرضاء العميل والتحسين املستمر للعمل‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪87‬‬

‫الشرط الثالث‪ :‬تنظيم الجودة‬

‫يمثل التنظيم عنصرا أساسيا في منظومة الجودة؛ فهو مفتاحها السري‪.‬‬

‫ال بناء للجودة بدون تنظيم الجودة‪ .‬وهذا هو الشرط الثالث‬


‫للجودة‪ .‬فما هي مواصفات هذا التنظيم؟ وما هياكله؟ وما روحه؟ وما‬
‫العقبات التنظيمية التي ترتهن املنظمة في الالجودة؟‬
‫إن املواصفات البنيوية ألي تنظيم ال اعتبار لها وال قيمة في ذاتها‪،‬‬
‫بل تكتسب قيمتها من وظيفتها؛ أي من جهة الفعالية والكفاءة واإلنتاجية‪.‬‬
‫ولذلك فإن الحديث عن املواصفات البنائية لتنظيم الجودة من قبيل‬
‫الالمركزية وعمل الفريق ال فائدة ترجى منه‪ ،‬رغم أهمية هذه املواصفات‪،‬‬
‫من دون الحديث عن املواصفات املفترضة للجودة من ناحية وظيفة‬
‫البنيات التنظيمية‪ .‬ومن هذا املنطلق يجب أن نركز كالمنا على هذا‬
‫الجانب الوظيفي‪ ،‬ونتحدث عن نوعين من املواصفات الوظيفية لتنظيم‬
‫الجودة‪:‬‬
‫‪ ‬املواصفات اإلدارية‪.‬‬
‫‪ ‬املواصفات االقتصادية االجتماعية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬املواصفات اإلدارية‬
‫‪ ‬إرضاء أكبر لحاجات العمالء ورغباتهم املتطورة‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪88‬‬

‫‪ ‬االستغالل األمثل للموارد وعلى أكمل وجه‪.‬‬


‫‪ ‬التحسين املستمر لخدمات التعليم كما ونوعا‪.‬‬
‫‪ ‬مالئمة العر للطلب‪ ،‬ورفع وتيرة التسويق‪.‬‬
‫‪ ‬التقليل من الخصومات الداخلية والخارجية‪.‬‬
‫‪ ‬تحسين بيئة العمل‪.‬‬
‫‪ ‬زيادة األمان في العمل‪.‬‬
‫‪ ‬زيادة فرص الحصول على زبائن جدد وأسواق جديدة‪.‬‬
‫‪ ‬التنافسية القوية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬املواصفات االقتصادية االجتماعية‬
‫‪ ‬انخفاض الكلفة؛ ألن الكلفة املرتفعة باملقارنة مع املردودية‬
‫تؤشر على الالجودة‪ ،‬خاصة مع وجود منافسة فعلية‪.‬‬
‫‪ ‬فاعلية أنظمة التحفيز وقوتها؛ ألن من مقومات الجودة‬
‫الشاملة وجود نظام فعال للتحفيز‪.‬‬
‫‪ ‬ضعف الفروق في الرواتب؛ ألن فرق الرواتب الكبير يفقد‬
‫املؤسسة أطرها اإلدارية والتربوية التي تفضل االنتقال من‬
‫القطاع العام إلى القطاع الخاص أو إلى خارج البلد‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪89‬‬

‫‪ ‬ربط الرواتب باألداء؛ أي بالفعالية والكفاءة واإلنتاجية‬


‫والشهادات املتخصصة والتطوير الذاتي والتحسين املستمر‬
‫واإلنتاج العلمي والتطوير التكنولوجي‪.‬‬
‫‪ ‬كفاية الرواتب لحياة شريفة وكريمة؛ فهموم العيش‪،‬‬
‫كحاجة أولية‪ ،‬ال تترك مجاال للتفكير أو االنخراط في‬
‫مستويات أبعد من الهم املادي‪ ،‬كما يؤكد على ذلك تصور‬
‫ماسلو لتراتبية الحاجات اإلنسانية‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪90‬‬

‫خاتمة‬

‫بلغ هذا الجزء األول من رحلتنا إلى عالم الجودة الشاملة ختامه‪،‬‬
‫وقد حاولنا عبر فقراته تناول املفاهيم واملبادئ األساسية للجودة‪.‬‬
‫وقد اخترنا‪ ،‬عن قصد‪ ،‬لهذه الرحلة أسلوب التركيز واالختصار‬
‫الذي يجعل الرحلة سهلة وممتعة‪ ،‬دون أن يفقدها مطالب الدقة‬
‫والوضوح والعمق‪.‬‬
‫وقد سلكنا في رحلتنا مع املفاهيم واملبادئ األساسية للجودة‬
‫املحطات التالية‪:‬‬
‫املحطة األولى ملعرفة الحاجة إلى الجودة‪.‬‬
‫املحطة الثانية لتعريف الجودة وضبط مختلف دالالت املفهوم‪.‬‬
‫موجز تاريخ الجودة‪.‬‬ ‫املحطة الثالثة الستعرا‬
‫املحطة الرابعة للوقوف على مبادئ الجودة ومعارفها العميقة‪.‬‬
‫املحطة الخامسة ملعرفة املقاربات املختلفة إلدارة الجودة‪.‬‬
‫املحطة السادسة ملعرفة أبعاد الجودة واختالف مقارباتها‪.‬‬
‫املحطة السابعة واألخيرة ملعرفة شروط الجودة‪.‬‬
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪91‬‬

‫مراجع‬

‫مراجع باللغة العربية‪:‬‬


‫لوري ديبريت براون وآخرون‪ ،‬ضمان جودة الرعاية الصحية في الدول النامية‪ ،‬مؤسسة األبحاث‬ ‫‪‬‬
‫الجامعية‪ ،‬مشروع ضمان الجودة‪ ،‬الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬بيتيسدا م‪.‬ن بدون تاريخ‪.‬‬
‫الين ميلر فرانكو وآخرون‪ ،‬تحقيق الجودة عبر حل املشكلة وتحسين العملية‪ ،‬ترجمة أسامة‬ ‫‪‬‬
‫سماوي‪ ،‬سلسلة تحسين منهجية ضمان الجودة ‪/‬مؤسسة األبحاث الجامعية‪ ،‬مركز الدراسات‬
‫اإلنسانية‪ ،‬مشروع ضمان الجودة الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬بدون تاريخ‪.‬‬
‫محمد أمزيان‪ ،‬تدبيرجودة التعليم‪ ،‬مطابع افريقيا الشرق‪1005 ،‬‬ ‫‪‬‬
‫أحمد أوزي‪ ،‬جودة التربية و"تربية الجودة"‪ ،‬منشورات مجلة علوم التربية‬ ‫‪‬‬
‫نخلة وهبة‪ ،‬مسألة النوعية في التربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.1003 ،‬‬ ‫‪‬‬
‫محمد بن شحا الخطيب‪ ،‬الجودة الشاملة واالعتماد األكاديمي في التعليم‪ ،‬دار الخريجين للنشر‬ ‫‪‬‬
‫والتوزيع‪ ،‬الريا ‪.1003 ،‬‬

‫مراجع باللغة الفرنسية‪:‬‬


‫‪‬‬ ‫‪Barnabé، C. 1995، Une Introduction à la Qualité totale en éducation، Cop-Rouge،‬‬
‫‪Press Inter universitaires.‬‬
‫‪‬‬ ‫‪Barnabé Clermont، La Gestion totale de la qualité en éducation، les éditions‬‬
‫‪logiques، Montreal، 1997.‬‬
‫‪‬‬ ‫‪Cruchant، L، la Qualité، P.U.F، 1995.‬‬
‫‪‬‬ ‫‪Kelada، J، 1992، « la Qualité totale »،‬‬
‫‪‬‬ ‫‪Chové. J. 1992، les derniers avancées de l’école française de la Qualité، Paris،‬‬
‫‪AFNOR.‬‬
‫‪‬‬ ‫‪Programme national d’assurance qualité (PNAQ)، Royaume du Maroc، Ministère‬‬
‫‪de la santé، Direction des hôpitaux et des soins ambulatoires، unité de Gestion de la‬‬
‫‪qualité، Septembre 2000. financé par L’USAID en collaboration avec John Snow Inc‬‬
‫‪(JST). Conception et impression. Division de l’IEC، service de Production.‬‬
91 | ‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة‬

 Organisation de coopération et de développement économique، OCDE، les écoles et


la Qualité، un rapport international، Paris، OCDE، 1989.
 Perigord، M. 1987، Réussir la Qualité totale، Paris، Management 2000، les Editions
d’organisation.
 Royaume du Maroc، Ministère de La Santé Publique، Manuel de base pour la
gestion intégrale de la qualité.
 Elisa Knebel، avec le concours de Bruno Bouchet، Coroline Qoujda، Ed Kelley et Hany
Abdellah، La qualité en action au Maroc. PNAQ، avec le soutien financier de
l’USAID، sous le contrat n° HRN-1 -00-98-0032.

:‫مراجع باللغة االنجليزية‬


 Field J.C، 1993، Total Quality for Schools، Asuggestion for American Education.
Mclwankee (WI): ASQC. Quality press
 Murgatroyd. S t Morgan، J، Total Quality Management and the School، Bristol (PA)،
open university Press، 1993.
 Hammer، M. & Champy، J. 1993، Reingeneering the Coporation. A Manifesto for
Busness Revolution، New York، Harper Busness.
 Feigeinboum. A.V، 1951، Total Quality Control، New york : Mc Grow – Hill.
 Lezotte، L.W، 1992، Total Quality effectives schools. Okemos (MI)، effective school
products، Inc.
 Morgatroyd. S et Morgan. J، 1993، Total Quality management and the school،
Bristol (PA): Open University Press.
 Martin L.L، 1993، Total Quality Management in Human service، Newbury Park
(CA)، Sage Publications Inc.
‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪93‬‬

‫الفهرس‬

‫‪7‬‬ ‫مقدمة‬
‫‪....................................................................................................................................................................................... ..................................................................................................................‬‬

‫‪9‬‬ ‫املحطة األولى‪ :‬ملاذا الجودة؟ ‪.....................................................................................................................................................................................................................‬‬

‫‪10‬‬ ‫ثورة الجودة وديمقراطية الكيف ‪............................................................................................... ........................................................................................................‬‬

‫‪12‬‬ ‫مطلب الجودة ‪.............................................................................................................................................................................................................................................................................‬‬

‫‪14‬‬ ‫انتظارات ‪.................................................................................................................................................................................................................................................................................................‬‬

‫‪16‬‬ ‫املحطة الثانية‪ :‬تعريف الجودة ‪..........................................................................................................................................................................................................‬‬

‫‪17‬‬ ‫الداللة املتداولة ‪.....................................................................................................................................................................................................................................................................‬‬

‫‪20‬‬ ‫الداللة اللغوية ‪..........................................................................................................................................................................................................................................................................‬‬

‫‪22‬‬ ‫الداللة االصطالحية ‪.......................................................................................................................................................................................................................................................‬‬

‫‪25‬‬ ‫طرق تعريف الجودة ‪.......................................................................................................................................................................................................................................................‬‬

‫‪27‬‬ ‫املحطة الثالثة‪ :‬تاريخ الجودة ‪..................................................................................................................................................................................................................‬‬

‫‪28‬‬ ‫نشأة مفهوم الجودة وتطوره ‪........................................................................................................................................................................................................................‬‬

‫‪29‬‬ ‫جورج رادفورد وطرق التفتيش ‪.............................................................................. ................................................................................................................................‬‬

‫‪30‬‬ ‫والتر ستيوارت والطرق اإلحصائية ‪..................................................................................................................................................................................................‬‬

‫‪32‬‬ ‫أبو الجودة‪ :‬إدوارد ديمينغ ‪.................................................................................................................................................................................................................................‬‬

‫‪34‬‬ ‫الجيل الثاني‪ :‬جيران وفيجونبوم وكروسبي ‪.....................................................................................................................................................................‬‬

‫‪36‬‬ ‫ديمينغ الياباني ‪...........................................................................................................................................................................................................................................................................‬‬

‫‪38‬‬ ‫أبو حلق الجودة‪ :‬إيشيكاوا ‪................................................................................................................................................................................................................................‬‬

‫‪40‬‬ ‫املحطة الرابعة‪ :‬مبادئ الجودة ومعارفها العميقة ‪.................................................................................................................................‬‬

‫‪41‬‬ ‫املبادئ األربعة عشر لديمينغ ‪......................................................................................................................................................................................................................‬‬

‫‪43‬‬ ‫املعارف العميقة لديمينغ ‪............................................................................................................................................................................. .......................................................‬‬

‫‪44‬‬ ‫املعرفة العميقة األولى‪ :‬مفهوم النسق ‪......................................................................................................................................................................................‬‬

‫‪48‬‬ ‫املعرفة العميقة الثانية‪ :‬معرفة الفروق ‪............................................................................................................. ..................................................................‬‬

‫‪49‬‬ ‫املعرفة العميقة الثالثة‪ :‬نظرية املعرفة ‪..................................................................................................................................................................................‬‬

‫‪50‬‬ ‫املعرفة العميقة الرابعة‪ :‬سيكولوجية البشر ‪.............................................................................................................................................................‬‬


‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪94‬‬

‫‪51‬‬ ‫‪........................................................................................................................................................................................................‬‬ ‫املحطة الخامسة‪ :‬إدارة الجودة‬


‫‪52‬‬ ‫مقاربات متعددة إلدارة الجودة ‪..............................................................................................................................................................................................................‬‬

‫‪54‬‬ ‫مقاربة الرقابة اإلحصائية ‪...................................................................................................................................................................................................................................‬‬

‫‪55‬‬ ‫مقاربة ضمان الجودة ‪.................................................................................................................................................................................................................................................‬‬

‫‪59‬‬ ‫مقاربة الجودة الشاملة ‪...........................................................................................................................................................................................................................................‬‬

‫‪65‬‬ ‫املحطة السادسة‪ :‬أبعاد الجودة ‪.....................................................................................................................................................................................................‬‬

‫‪66‬‬ ‫أبعاد الجودة ‪................................................................ ..................................................................................................................................................................................................................‬‬

‫‪68‬‬ ‫خمسة مداخل ألبعاد الجودة ‪...................................................................................................................................................................................................................‬‬

‫‪70‬‬ ‫مدخل املقاربة النسقية ‪..........................................................................................................................................................................................................................................‬‬

‫‪72‬‬ ‫مدخل املقاربة الوظيفية ‪......................................................................................................................................................................................................................................‬‬

‫‪74‬‬ ‫مدخل أداء النظام ‪............................................................................................................................................................................................................................................................‬‬

‫‪76‬‬ ‫مدخل وجهة نظر العمالء ‪..................................................................................................................................................................................................................................‬‬

‫‪78‬‬ ‫مدخل جوهر املهنة ‪................................................................................................................................................................................................... .......................................................‬‬

‫‪80‬‬ ‫املحطة السابعة‪ :‬شروط الجودة ‪........................................................................................................................................ ..........................................................‬‬

‫‪81‬‬ ‫شروط الجودة ‪...........................................................................................................................................................................................................................................................................‬‬

‫‪83‬‬ ‫الشرط األول‪ :‬إنسان الجودة ‪.......................................................................................................................................................................................................................‬‬

‫‪85‬‬ ‫الشرط الثاني‪ :‬ثقافة الجودة ‪.......................................................................................................................................................................................................................‬‬

‫‪87‬‬ ‫الشرط الثالث‪ :‬تنظيم الجودة ‪.................................................................................................................................................................................................................‬‬

‫‪90‬‬ ‫خاتمة ‪.................................................................................................................................................................................................................................................... .......................................................‬‬


‫رحلة إلى عالم الجودة الشاملة | ‪95‬‬

‫هذا الكتاب‬

‫ينطلق هذا الكتاب من هاجس البحث عن إجابة واضحة ودقيقة‬


‫وعملية إلشكال مهم وحيوي يرتبط به مصير مجتمعاتنا في عصر التحوالت‬
‫الكبرى والتغيرات السريعة واملنافسة القوية وهو‪ :‬كيف يمكن كسب رهان‬
‫جودة منظماتنا؟‬
‫يتعلق األمر بسؤال الكيف؛ أي بسؤال عملي همه البحث عن‬
‫الكيفية العملية التي من شأن تبنيها واعتمادها أن يتيح ملنظماتنا فرصة‬
‫لكسب رهان الجودة‪.‬‬
‫ويتضمن جواب سؤال‪ :‬كيف‪ ،‬شقين‪:‬‬
‫‪ ‬الشق األول متعلق بضبط املفاهيم واملبادئ‪.‬‬
‫‪ ‬الشق الثاني متعلق بالطرق واألدوات‪.‬‬
‫في هذا الجزء األول من رحلتنا إلى عالم الجودة الشاملة قمنا‬
‫بضبط املفاهيم واملبادئ األساسية للجودة‪.‬‬
‫وقد اخترنا‪ ،‬عن قصد‪ ،‬لهذه الرحلة أسلوب التركيز واالختصار‬
‫الذي يجعل الرحلة سهلة وممتعة‪ ،‬دون أن يفقدها مطالب الدقة والوضوح‬
‫والعمق‪.‬‬
‫وقد سلكنا في رحلتنا مع املفاهيم واملبادئ األساسية للجودة‬
‫املحطات التالية‪:‬‬
‫ـ ـ املحطة األولى ملعرفة الحاجة إلى الجودة‪.‬‬
‫ـ ـ املحطة الثانية لتعريف الجودة وضبط مختلف دالالت املفهوم‪.‬‬
‫موجز تاريخ الجودة‪.‬‬ ‫ـ ـ املحطة الثالثة الستعرا‬
‫ـ ـ املحطة الرابعة للوقوف على مبادئ الجودة ومعارفها العميقة‪.‬‬
‫ـ ـ املحطة الخامسة ملعرفة املقاربات املختلفة إلدارة الجودة‪.‬‬
‫ـ ـ املحطة السادسة ملعرفة أبعاد الجودة واختالف مقارباتها‪.‬‬
‫ـ ـ املحطة السابعة واألخيرة ملعرفة شروط الجودة‪.‬‬

You might also like