Professional Documents
Culture Documents
ôa-
'wz .œ iq.i ol.)+w.lJ kw's..r-'wb q.
ata-z kw'x.w txp w. J.œ wkw'.wh
.
g
':.o1I'
oI
Ja') G <z4 I.Io .
' t& J
a. 4)w d'
: ufwe'
. /ur57%hJ oI
. '':'R-
+'* e.Y * vYa*
.<
I. D
-;I
éAIjJ
I I 5 .I '
.
o.. w . '$.. .Q'wu-ww ho vowi, . '
'. 'O
v atv=w-
-ul, ..w. o 'uyv
I* 'O ' 1f '
.= -,Jlz
œh'-'uwl,
. .. y . u.s
G z
1
فضل ال ِّذكر
بأهم األمور وأعظمهاِّ إن الحديث عن ذكر اهلل Dحديث يتع َّلق َّ
وأج ِّلها وأوالها بالعناية واالهتمام؛ إذ هو يتع َّلق بـ«ذكر اهلل العظيم»؛ ذكر ِّ
رب
ِ
وموجد رب العالمين ،ذكر خالق َ
الخلق وباري الرب َّية السموات واألرض ِّ َّ
النَّاس أجمعين ،ذكر للقائل سبحانه﴿ :ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ
ﮧﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ
ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ
ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ
ﯵ ﯶ﴾ [الحشر.]24-22 :
خير ما ُعمرت به األوقات ،وأنفقت فيه األنفاس، َّ ِ
إن ذك َْر اهلل Cهو ُ
ِ ِ
بذكر اهلل Cتطمئ ُّن قلوب المؤمنين ،وتس ُكن الساعات.و ُأ ْمضيت فيه َّ
ُ
عنوان نفوسهم ،ويع ُظم يقينُهم ،ويزدا ُد إيمانُهم ،وتقوى صلتهم بر ِّبهم .وهو ُ
وسعادة و ُأ ٍ
نس ٍ كل ٍ
خير إن َّ وسبيل الفالح يف الدُّ نيا واآلخرة ،بل َّ ُ السعادة، َّ
الشرائع ك َّلها إن َّ ف على تحقيقه ،بل َّ ٍ
مأنينة يف الدُّ نيا واآلخرة متو ِّق ٌ وراحة و ُطٍ
اهلل D وال َّطاعات جمي َعها إنَّما ُشرعت إلقامة ذكر اهلل .Dفما َش َر َع ُ
ذكر اهلل؛ والحج وغير ذلك من ال َّطاعات َّإل إلقامة ِ َّ والصيام
ِّ الصالة
لعباده َّ
الصائِ ِمي َن َأ ْع َظ ُم
ول اهلل ﷺ َأ َّن َر ُج ًل َس َأ َل ُهَ « :أ ُّي َّ ثبت يف الحديث َعن رس ِ
َ ُ ولهذا َ
ِ
الح َّج،
الزكَاةََ ،و َ الص َلةََ ،و ََّأ ْج ًرا؟» َق َالَ « :أ ْك َث ُر ُه ْم هلل Fذك ًْرا»ُ ،ث َّم َذك ََر َّ
أحاديث األذكار واألدعية 8
«أ ْك َث ُر ُه ْم هلل ِ Fذك ًْرا» َف َق َال َأ ُبو ولَ :ول اهلل ﷺ َي ُق ُ الصدَ َقةَ .ك ُُّل َذل ِ َك َر ُس َُو َّ
ول اهلل ﷺ: الذاكِ ُر َ
ون بِ ُك ِّل َخ ْي ٍر»َ ،ف َق َال َر ُس ُ ب َّ
ص َذ َه ََب ْك ٍر ل ِ ُع َم َرَ « :يا َأ َبا َح ْف ٍ
«أ َج ْل» .رواه أحمد(.)1 َ
فالذاكرون هم ِ
الرفيعة ،والمنازل الحقي ُقون باألجور العظيمة ،والدَّ رجات َّ َ َّ
وقوهتا، روح القلوب وحيا ُتها، العالية يف الجنَّة؛ َّ ِ
وسبب زكاهتا َّ ُ ألن ذك َْر اهلل هو ُ
والخيرات العميمة يف الدُّ نيا واآلخرة ما ال ِ ويرت َّتب عليه من األجور العظيمة
اهلل .C يحصي عدَّ ُه َّإل ُ
ِ ِ «ل َيز َُال لِ َسان َ
خرجه ُك َر ْط ًبا م ْن ِذ ْكرِ اهلل»َّ . ويف الحديث عن نب ِّينا ﷺ قالَ :
سبب :وهو كما قال عبد اهلل بن ُبسر- Iراوي اإلمام أحمد وغيره( .)2وله ٌ
ول اهللِ ،إِ َّن َش َرائِ َع«يا َر ُس َ َّبي Oوقال لهَ : رجل أتى الن َّ أن ً الحديثَّ -
ث بِ ِه» ويف لفظ« :إِ َّن َش َرائِ َع ال ْس َل ِم َقدْ َك ُث َر ْت َع َل َّيَ ،ف َأ ْخبِ ْرنِي بِ َش ْي ٍء َأت ََش َّب ُ ِْ
ك بِ ِه ج ِامع؟» ،هكذا طلب مِ ِْ
َّبي
ِّ ن ال نَ َ َ ٌ اب َنت ََم َّس ُ ال ْس َل ِم َقدْ َك ُث َر ْت َع َل ْينَاَ ،ف َب ٌ
علي ،فأريدُ با ًبا دت
ْ تعدَّ أي »؛ ت
ْ ر
َ ث «ش َرائِ َع ِ
اإل ْس َل ِم َقدْ َك ُ ،Oقالَ :
َّ
ُك َر ْط ًبا ِم ْن ِذ ْكرِ «ل َيز َُال لِ َسان َفقال َ :O أتمسك بهَ ، من الخير جام ًعا َّ
يتمسك به ،فأرشده النَّبِ ُّي ﷺ ِ
السائل كان يريد با ًبا جام ًعا من الخير َّ اهلل»؛ فهذا َّ
النَّاصح األمين إلى ذكر اهلل .C
َّبي Oلهذا ا َّلذي َك ُث َرت وهنا تأ َّمل -أخي الكريم -توجي َه الن ِّ
يتمس ُك به ،تتح َّق ُق
أمرا جام ًعا َّ
وتنوعت ،فأراد ً عليه شرائع اإلسالم وتعدَّ دت َّ
خير ْي الدُّ نيا واآلخرة ،فأرشدَ ه ﷺ إلى عم ٍل هو ويحصل به َ ِّ به سعادته،
ِ
العظيمة مِ ْن أيسر األعمال َم ُؤو َن ًة وأخ ِّفها تطبي ًقا ،ويتَّرتب عليه من األجور
((( أخرجه أحمد يف المسند (.)15614
ِّرمذي ( ،)3375وابن ماجه (،)3793
ُّ ((( رواه أحمد يف المسند ( ،)17680والت
وصححه األلبانِ ُّي.
َّ
9 -1فضل ال ِّذكر
يتمسك به وأن مسلم أن َّ ٍ جامع للخير؛ ين َبغي على ِّ
كل ٌ باب
ذكر اهلل ٌ C ُ
الحث على ِّ والسنَّة من ِ
نصوص الكتاب ُّ َ
يكون من أهله ،وكم يف يتش َّب َث به وأن
للذاكرين ،وما يرت َّتب الذكر وتفضيله وبيان عظيم أجره وما أعدَّ ه اهلل َّ F ِّ
الذكر من الفوائد العظيمة وال َّثمرات الكريمة والخيرات الجزيلة يف الدُّ نيا على ِّ
يدل على ِع َظم شأن هذه ال َّطاعة وجاللة قدرها ورفيع مكانتها مما ُّ
واآلخرة؛ َّ
عند اهلل .F
العلمة ابن ق ِّيم الجوز َّية :يف هذا الباب رسال ٌة فريدة ،لم ُيكتَب ولإلمام َّ
الشأن متداولة بين أهل العلم وطالبه؛ أعلم -على منوالها مث ُلها ،عظيم ُة َّ -فيما ُ
الص ِّيب» :هوالص ِّيب من ال َكلِم ال َّط ِّيب» ،و«الوابل َّ أسماها « :Vالوابل َّ
المطر النَّافع وهي كذلك.
ثم شرع :يف عدِّ ٍ ِ الرسالة« :ويف ِّ
أكثر من مائة فائدة»َّ ، الذكر ُ قال يف تلك ِّ
الذكر وثمراتِه ما يزيد ِ
فوائد ِّ الذكر وثمراتِه يف الدُّ نيا واآلخرة ،وعدَّ من فوائد ِّ
واحدة منها كافي ٌة يف تحريك القلوب وتنشيط النُّفوس ٍ السبعين فائدةُّ ،
كل على َّ
يقرأ هذا فكيف هبا إذا اجتمعت؟! ولهذا َّ ِ للعناية هبذه ال َّط ِ
قل أن َ َ العظيمة، اعة
وتحسن حاله -بإذن اهلل- ِ
والفائدة َّإل مسلم قراء ًة متأنِّي ًة طال ًبا للنَّف ِع الكتاب
ُ ٌ َ
يف ذكره هلل Cوتزيدُ عنايته به.
وبسطها وأطال يف إيضاحها وبيانِها الذكر َ لما عدَّ د فوائد ِّ وهو َّ V
يكون عليها َ الذكر ا َّلتي ين َبغي أن فصول يف أنواع ِّ ً عقب ذلك وأهنى ذلك؛ عقدَ ِ
المسلم ،فما أن يفرغ القارئ من هذا التشويق والتَّرغيب بذكر اهلل؛ َّإل ويجد
ثم سر ًداكتاب اهلل وسنَّ ُة نب ِّيه ﷺَّ ، دل عليها ُ الذكر ا َّلتي َّ أمامه بس ًطا ناف ًعا ألنواع ِّ
ألهم األذكار المو َّظفة للمسلم يف يومه وليلته. ِّ واف ًيا
ٍ
مسلم؛ األب يعتني باقتنائه أن هذا الكتاب ينبغي أن يعتني به ُّ
كل ولهذا أرى َّ
َ
11 -1فضل ال ِّذكر
2
ِ ّ
القلوب الحياة الحقيق َّية ،وبدونه الذكر العظيمة :أنَّه حيا ُة من فوائد ِ
«م َث ُل
َّبي ﷺ أنَّه قالَ : البخاري عن الن ِّ
()1
ِّ يموت القلب؛ ولهذا ثبت يف صحيح
ت» .ولفظه عند مسلم(:)2 ا َّل ِذي ي ْذكُر ربه وا َّل ِذي َل ي ْذكُر ربه م َث ُل ا ْلحي وا ْلمي ِ
َ ِّ َ ِّ َ ُ َ َّ ُ َ َ ُ َ َّ ُ
ِ ِ ِ
ت ا َّلذي َل ُي ْذك َُر اهللُ فيه َم َث ُل ا ْل َح ِّي وا ْل َم ِّيت». ت ا َّل ِذي ُي ْذك َُر فيه اهللُ وا ْل َب ْي ُ
ِ ِ «م َث ُل ا ْلبي ِ
َْ َ
الذاكرين مثل بيوت الذاكر هلل مثله مثل الحي ،وبيوت َّ فجعل َّ O
ِّ
األحياء ،وجعل َ Oم َثل ا َّلذي ال يذكر اهلل كمثل الم ِّيت ،وبيوت
ٍ
حديث ا َّلذين ال يذكرون اهلل كبيوت األموات ،وهي المقابر؛ ولهذا قال يف
«ل ت َْج َع ُلوا ُب ُيو َتك ُْم َم َقابِ َر» رواه مسلم من حديث أبي هريرة ،)3(I آخرَ :
الصالة وات ُلوا كال َم اهلل؛ َّ
ألن البيت إذا أي :اذكروا اهلل يف بيوتكم وأقيموا فيها َّ
الصالة؛ يكون مثل ال ُيت َلى فيه كال ُم اهلل ،وال ُي ْ
ذكر فيه سبحانه ،وال ُت َقام فيه َّ
المقربة ا َّلتي هي بيت األموات.
حث Oعلى صالة النَّافلة يف البيت فقال« :إِ َّن َأ ْف َض َل ولهذا َّ
البخاري من حديث زيد بن ُّ المر ِء فِي َب ْيتِ ِه إِ َّل الم ْكتُو َبةَ» .رواه ِ
الص َلة َص َل ُة ْ
َّ
ِ
ألن البيت ا َّلذي ال ُيذكر فيه اهلل C البيت مقربةًَّ ،
لئل يكون ُ ثابت )4(I؛ َّ
البخاري (.)6407
ُّ ((( رواه
((( رواه مسلم (.)779
((( رواه مسلم (.)780
البخاري (.)731
ُّ ((( رواه
13 -2فوائد ال ِّذكر ()1
وال ُيص َّلى فيه مثله كمثل المقربة -بيت األموات -بل يصبح خرا ًبا ال َي ِرد إليه
الشياطين تتوارد عليه َّ وال يدخله َّإل َّ
الشياطين ،أ َّما المالئكة ال تدخله ،وإنَّما َ
الش ُّر ،وتتوالى عليه الخير من البيت ،ويكثر فيه َّ
ُ مأوى لها؛ فيذهب ويكون ً
أنواع من الفساد .واهلل Cيقول: ٌ المصائب ،ويقع فيه
ُ المشاكل ،وتك ُثر فيه
﴿ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ
[الزخرف.]37-36 : ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ﴾ ُّ
الشيطان« :الوسواس الخنَّاس»؛ يقول ابن ع َّباس Lيف معنى هاتين صفة َّ
ب ا ْب ِن آ َد َمَ ،فإِ َذا َس َها َو َغ َف َل َو ْس َو َسَ ،وإِ َذا ان َجاثِ ٌم َع َلى َق ْل ِ«الش ْي َط ُ
الكلمتَينَّ : َ
الشيطان ربي يف «تفسيره» ؛ إذا ذكر العبدُ ر َّبه َخن ََس َّ ()1
َذك ََر اهلل َخن ََس» رواه ال َّط ُّ
ت «و َلكِ ْن ُق ْل بِ ْس ِم اهَّللَِ ،فإِن َ
َّك إِ َذا ُق ْل َ كالذباب ،كما يف الحديث َ وتصاغر وأصبح ُّ
الذاكر وين ُفر منه؛ ولهذا اب»( ،)2بل يو ِّلي عن َّ ُون ِم ْث َل ُّ
الذ َب ِ ك ت ََصا َغ َر َحتَّى َيك َ َذلِ َ
اط» متَّفق عليه(،)3 ان َو َل ُه ُض َر ٌ الش ْي َط ُلص َل ِة َأ ْد َب َر َّ ُود ِ
ي ل َّ
ِ
جاء يف الحديث« :إِذا ن َ
ان ين ِْفر ِمن ا ْلبي ِ «ل ت َْج َع ُلوا ُب ُيو َتك ُْم َم َقابِ َر إِ َّن َّ
ت الش ْي َط َ َ ُ َ َ ْ وأيضا جاء يف الحديثَ : ً
ذكر اهلل ،بل ُيؤذيه سماع ِ َ الشيطان ور ُة ا ْل َب َق َر ِة»( ،)4فال يطيق َّ ِ ِ ِ
ا َّلذى ُت ْق َر ُأ فيه ُس َ
ذكر هلل .Cالذكر و ُين ِّفره ويبتَعد تما ًما من المكان ا َّلذي فيه ٌِّ
مكين يحميه -بإذن اهلل -Fمن ٍ ٍ
وحرز فالذاكر يف ِح ْص ٍن َح ِص ٍ
ين َّ
الرجيم ،أ َّما إذا غفل المرء عن ذكر اهلل توالت عليه َّ
الشياطين ودفعتُه الشيطان َّ َّ
أزا ،كما تقدَّ م يف قول اهلل ﴿ :Dﭦ ﭧ ﭨ ﭩ وأزته للمعصية ًّ للباطل َّ
ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ﴾ [الزخرف ]26 :أي :مالز ٌم ال ُّ
ينفك عنه.
ومفهو ُم المخا َلفة لآلية :أنَّه إذا َذكَر اهلل Cابتعد منه َّ
الشيطان؛ ِّ
فالذكر
سمى من أهل العلم كتابه أح َس َن ُصن ًعا َم ْن َّ
الرجيم ،ولهذا ْ
الشيطان َّ حص ٌن من َّ
«حصن المسلم» ،أو نحو ذلك. «الحصن الحصين» ،أو ِ الذكر ِ يف ِّ
فالذكر هو الحصن الحصين ،وهو ِح ْص ُن مسماه؛ ِّ ٌ
صادق على َّ اسم
وهذا ٌ
الح ْر ُز ا َّلذي ُيحفظ به المسلم -بإذن اهلل ،-Fوال يجد المسلم ،وهو ِ
ربي ( .)754/24وانظر :مصنَّف ابن أبي شيبة ( ،)34774بإسناد ((( جامع البيان لل َّط ِّ
صحيح.
ِ
وصححه األلبان ُّي. ((( رواه أبو داود (،)4982
َّ
البخاري ( ،)608ومسلم (.)389
ُّ ((( رواه
((( رواه مسلم (.)780
أحاديث األذكار واألدعية 16
الزهد (،)1510
الجوزي يف ذ ِّم الهوى (ص ،)69ورواه أحمد يف ُّ
ِّ ((( رواه هبذا ال َّلفظ ابن
الرقة والبكاء ( ،)48والخرائطي يف اعتالل القلوب ( ،)53بلفظ:وابن أبي الدُّ نيا يف ِّ
« َأ ْدنِ ِه مِ َن ِّ
الذك ِْر».
الص ِّيب (ص.)71 ((( الوابل َّ
((( الفوائد (ص.)32
r
=,,
-
!r .--
r' h
(#)4 2!= !#
:y -'-'
. AU. J < Jw7 fbuwo..oz- J.wv k....ow e - '.''-œ ' '--u -w =) va 13
S'j 'I . . j. 'I'hjr I Svji5 v' q'' I' *
'
tgzkJtsxp a- ..4p x. J .u''
mw. wonI..w.'.jkjN
l'uklr J J.i<;lM J .,
.
...4 c.hzY
' e UEh' r7.
p1(
1''-'z- ucalq ''e=f.
e == v . &$ .i J w > ,4 . +.*J wa.;.-
. 1 Ci'I.. .,' .' .
.-
1lo'
.w t
a AJ u.' C'<)?v I
.m,-.u.<)l .
. u,wa' 'jJt=w )Jtz.
'œ 'pwxtwk'
,
l ap a.bUEh;!
zm '
A 'g.<J'0'
$ ..
JL . ..
yp'oo..1
! ..r .-
..
z. g <J'0ù-a-o'
. . . ... ..w.sju.>1.
..
4 za
'.b
..
h
l
. r .! . ! . '-! ,* . .- o âe
ôao 5 i J'apha '.V w J .)):J.'
o'xa.'sxcph'whaI
a . o.ao ut'w .;f '
e -..?Nuwa h- .>a-
-wz
'ç;
r ' wu.Jj
.
QI
19 -3فوائد ال ِّذكر ()2
ك يف م ْلكِي َشيئًا ،يا ِعب ِ ِ ِ ٍ ِ كَانُوا َع َلى َأ ْت َقى َق ْل ِ
ادي ْ َ َ ب َر ُج ٍل َواحد م ْنك ُْمَ ،ما زَا َد َذل َ ُ
اح ٍد َما
ب رج ٍل و ِ ِ
َل ْو َأ َّن َأ َّو َلك ُْم َوآخ َرك ُْم َوإِن َْسك ُْم َو ِجنَّك ُْم كَانُوا َع َلى َأ ْف َجرِ َق ْل ِ َ ُ َ
ك ِم ْن ُم ْلكِي َش ْيئًا» .أخرجه مسلم(.)1 َن َق َص َذلِ َ
تضره معصية العاصين ،وال فهو Fال تن َف ُعه طاع ُة ال َّطائعين ،وال ُّ
الذاكرين ،وال ُي ِنقص من ملكِه غفل ُة الغافلين؛ لكنَّه ُلط ًفا منه ذكر َّ ِ
يزيد يف ملكه ُ
نفسه Fبعباده وإحسانًا ي ْذكُر من َذكَره يف المأل األعلى؛ من ذكَر اهلل يف ِ
َ ْ َ َ ُ َ ْ َُ
نفسه ،وم ْن ذك ََر اهلل يف مأل ذك ََره اهلل Fيف مأل خ ْي ٍر ذكَره اهلل Fيف ِ
َُ
من ُْهم.
وقد جاء يف «صحيح مسلم» عن معاوية Iقال :إِ َّن َر ُس َ
ول اهلل ﷺ
ِ ٍ ِ
«ج َل ْسنَا ن َْذك ُُر «ما َأ ْج َل َسك ُْم؟» َقا ُلواَ : َخ َر َج َع َلى َح ْل َقة م ْن َأ ْص َحابِه؛ َف َق َالَ :
ل ْس َلمَِ ،و َم َّن بِ ِه َع َل ْينَا»؛ َق َال« :آهللِ َما َأ ْج َل َس ُك ْم اهللََ ،ون َْح َمدُ ُه َع َلى َما َهدَ انَا لِ ْ ِ
«أ َما إِنِّي َل ْم َأ ْست َْح ِل ْفك ُْم ت ُْه َم ًة «واهللِ؛ َما َأ ْج َل َسنَا إِ َّل َذ َ
اك»َ ،ق َالَ : اك؟» َقا ُلواَ : إِ َّل َذ َ
الملئِ َكةَ»()2؛ ُيباهي اهي بِك ُُم َ يل َف َأ ْخبرنِي َأ َّن اهلل Dيب ِ
َُ َ ََ َلك ُْمَ ،و َلكِنَّ ُه َأتَانِي ِج ْبرِ ُ
اجتمعوا على ِ المالئكة َّ
اجتمعوا لذكريَ ، بالذاكرين ،يقول :انظروا إلى عبادي َ
اجتمعوا على َحمدي ،يباهي هبم المالئكةَ. ُشكريَ ،
«ما ويف «صحيح مسلم» من حديث أبي هريرة Iقال َ :O
ت َاب اهلل ِ َو َيتَدَ َار ُسو َن ُه َب ْين َُه ْم إِ َّل َن َز َل ْ وت اهلل ِ ي ْت ُل َ ِ
ون كت َ َ
ت ِمن بي ِ
ْ ُُ
اجتَمع َقوم فِي بي ٍ
ْ َ َ ْ ٌ َْ
ِ ِ ِ ِ
يم ْنالر ْح َمةَُ ،و َح َّفت ُْه ُم ا ْل َم َلئ َكةَُ ،و َذك ََر ُه ُم اهللُ ف َ َع َل ْي ِه ُم َّ
السكينَةَُ ،و َغش َيت ُْه ُم َّ
الذاكر هلل D؛ وهي َّ
أن ِعنْدَ ُه»()3؛ فهذه منزل ٌة رفيعة ودرج ٌة عالي ٌة ُمنيفة ينالها َّ
((( رواه مسلم (.)2577
((( رواه مسلم (.)2701
((( رواه مسلم (.)2699
أحاديث األذكار واألدعية 20
فإن الواحدَ من النَّاس إذا اهلل Fيذكُره .ولكن لتع ُّلق النُّفوس بالدُّ نيا أكثر؛ َّ
الرئيس سيذكُرك بكذا وسيمدَ ُحك عند قمت بالعم ِل الفالينِّ َّ
فإن َّ قيل له« :إذا َ َ
المسؤولين»؛ فإنَّه ينشط للعمل ،لكن ِذكْر اهلل ا َّلذي َنن َُال به ِذك َْر اهللِ لنا نض ُعف
وتقصيرنا وتضيِيعنا وإهمالِنا وعد ِم ِ عنه وال ننشط للقيام به! وهذا من تفريطِنا
ِ
العناية واالهتما ِم. ِ
األمر ح َّقه من إعطائِنا لهذا
بذكر ِه هلل صال َة
ينال ِ ّ
الذاكر ُ أن َّتابع لما قب َلهَّ :-الذكر -وهو ٌ ومن فوائد ِ
اهلل ومالئكتِه عليه ،قال اهلل تعالى﴿ :ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ
ِ
ﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎ
ﰏﰐ ﰑ ﰒ ﰓ﴾ [األحزاب ،]42-41 :فهذه فائد ٌة من فوائد ِّ
الذكر،
الذاكر ُ
ينال صال َة اهلل عليه وصال َة المالئكة. أن َّ
وهوَّ :
ثناؤه عليه يف المأل األعلى- كما تقدَّ م.-
-أ َّما صال ُة اهلل عليه؛ فهي ُ
ُ
إيمان َّ
الشخص -وأ َّما صال ُة المالئكة عليه؛ فبدُ عائهم له ،وك َّلما ع ُظم
بالخير زاد بذلك ُدعاؤهم له ،قال اهلل :D تمسكه َ ذكره هلل و َق ِوي ُّوزاد ُ
﴿ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ
ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪ
ﯫﯬﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛ
ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ
ٌ
مبارك من عظيم
ٌ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ﴾ [غافر]9-7 :؛ هذا دعا ٌء
الممتثلين ألوامِره .E المطيعين لهُ ، المالئكة للمؤمنين َّ
الذاكرين هللُ ،
سؤال قد يخ ُطر على البال ،وهوَ :ما ا َّلذي ع َطف
ٌ -وهاهنا -أ ُّيها المو َّفق-
االستمرار
َ هؤالء المالئكة على المؤمنين وصاروا هبذه المنزلة عندهم؛ وهي
ِ
جنس ال َبشر! مختلف عن
ٌ ِ
المالئكة أن جنسوالمداومة على الدُّ عاء لهم؟ مع َّ
َ
21 -3فوائد ال ِّذكر ()2
مختلف ،ومع
ٌ فالجنس
ُ والبشر ُخلِقوا من طين، ُ فالمالئكة ُخلِقوا من نور،
وسبب ذلك وجود ُ ذلك وجد هذا العطف من المالئك َة على المؤمنين؛
ِ
وذكره ِ
اإليمان باهلل الرابطة الوثيقة بين المؤمنين وبين المالئكة ،رابط ُة هذه َّ
،Fقال ﴿ :Cﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ
واإليمان به ،F ُ بحمد اهلل
َّسبيح َ الرابطة :الت ُ ﯙ ﯚ﴾؛ هذه هي َّ
ذكر اإلنسان هلل وع ُظ َم حمدُ ه وع ُظ َم إيمانُه زاد دعا ُء المالئكة له فك َّلما َع ُظ َم ُ
والسداد والجنَّة والنَّجاة من اهلل Fله التَّوفيق َّ وسؤالهم َ
ُ واستغفارهم له
ُ
النَّار ،وغير ذلك من األمور ا َّلتي ُذكرت يف اآلية الكريمة.
ّ
إن ال ِّلسان
الذكر :أنَّه سبب لحفظ ال ِّلسان؛ يقول العلماءَّ : ومن فوائد ِ
ذكر اهلل -تك َّلم
المسلم بخير -وأعظم الخير ُ ُ إنَّما ُخلِ َق للكالم ،فإذا لم يتك َّلم
كلوالفساد؛ ولهذا من َي َب َس -والعياذ باهلل -لسانُه عن ذكر اهلل؛ انط َلق يف ِّ َ بالشر
ِّ
والسخر َية ،واالستهزاء ،والكذب وال ُفحش ونحو ِ
فساد؛ يف الغيبة ،والنَّميمةُّ ،
ذهب
بالذكر َ الذكر انطلق يف الباطل ،وإذا اشتَغل ِّ ذلك ،فإذا ي َبس ال ِّلسان عن ِّ
حصلت له الصيان ٌة بمثل المحافظة سان وال َ عنه الباطل ،ولهذا ما ُحفظ ال ِّل ُ
لسان المرء ويحف ُظه م َن الوقوع َ ُ
يصون ِ
على ذكر اهلل .Fفذكر اهلل C
والسخرية واالستهزاء ،ونحو ذلك. ِ
يف الغيبة والنَّميمة ُّ
ِ ّ
الذاكر هلل ،ولهذا يقال حب َّ الذكر :أنَّه عالم ٌة على ع َظ ِم ِّ ومن فوائد ِ
الصادق ليس شيء يف قلبه أعظم من أحب شي ًئا أكثر من ذكره» ،والمؤمن َّ « َمن َّ
جل يف عاله. الذكر له َّ مح َّبة اهلل المثمرة فيه كثرة ِّ
الذكر :أنَّه يورث ِجالء القلب من صداه ،وصدأ القلب:
ّ
ومن فوائد ِ
الذكر والتَّوبة واالستغفار .قال أبو الدَّ رداء :I الغفل ُة والهوى ،وجالؤهِّ :
البيهقي يف رواه » ِ
وب ِذك ُْر اهلل D «إِ َّن لِك ُِّل َش ْي ٍء ِج َل ًءَ ،وإِ َّن ِج َل َء ا ْل ُق ُل ِ
ُّ
أحاديث األذكار واألدعية 22
أن القلب يصدأ كما يصدأ شعب اإليمان( .)1قال ابن الق ِّيم « :Vوال ريب َّ
بالذكر؛ فإنَّه يجلوه حتَّى يدعه كالمرآة والفضة وغيرهما ،وجالؤه ِّ َّ النُّحاس
الذكر صدأ ،فإذا ذكر جاله»(.)2 البيضاء ،فإذا ُترك ِّ
ـل َّ
الشــرائع يجهدُ ٍ
لنصيحة وقــد كان يف حمـ ِ ٍ
لشخص قد أتى وأوصى
كل األمــور وت ِ
ُســعدُ بــأن ال يــزال رط ًبــا لســانُك هــذه تُعيــن علــى ِّ
ُمهــد
والمســاكن ت َ
ُ ٍ
عــدن ِ
ألهلـــه بجنَّــات غــرس أن ِّ
الذكــر وأخبــر َّ
ٌ
األمــور ُيســدِّ د
كل ُ أن اهلل َيذكُـــــــر عبــــــدَ ُه ومعــه علــى ِّ
وأخبـــــر َّ
الذكــر يبقــى بجن ٍ أن ِّ
َّكليــف حيــن ُيخ َّلــدُ
ُ وينقطــع الت
ُ َّــة وأخبــر َّ
ِ
اإللــه ومرشــدُ حــب ٌ
طريــق إلــى ولــو لــم يكــن يف ذك ـرِه غيــر أ َّنــه
ِّ
قــول للدِّ يانــة مفســدٍُ كل ٍ
ونميمــة وعــن ِّ ٍ
غيبــة وينهــى الفتَــى عــن
ِ ِ
وحــدُ الم َّ ــم ُ ـم ورغبـــ ـ ٌة بكثــرة ذكــرِ اهلل ن ْع َ لــكان لنــا حـــــ ٌّ
ـظ عظيـ ٌ
ذكرنــا كمـــــا َقـ َّـل منَّــا لإللـــــــه التَّع ُّبـــــــدُ ولكنَّنــا مـــــن ِ
جهلنــا َّ
قــل ُ
(
F-
(-
(.
(z
((()
- . J t k-
-
2x iajisfwu A.a% u .
(!)a i..$.A
'
..
q. '..p t
w..xa q.1 ... . .
... .33A,h'hoa.àkl@Ehct
n. '1.
E.2.J'q'' è.:o'.
- ,,. 0
./...'s ';.c
u' : ''tx:.tkhata
.
.J,.
. J ucwwç
I rwkt .u ôI. :Io j,.w= .'
e.9u. 1...0 .'
1 ..0.
,;C. .
.r'vl @ER% z
'
w-.2
''
.1 ''.vo-.-e 4.
-3 k
.
y,.OJ .t
kha,.J o
.. ''
t...,
..
1
-1I. .
LCZ wL.1
.;...J
k.s=.
a J d.:.... J % ô.kA u .s.
v pe . . z w
. w y
w
1'
1- .o=Fœw Lç .- t.'.
a:1a
'ism-
.-51-
oojs-
;u9
', e-C.-%L.ou9
'xkjacfz-
'X
xJ
'.. *z
'
uwhoumu '+ -1u.. .w pf '+ -Slq: -CJJb.o1w-z gJzô 'wI
.u,
rMJ .wo
J
wsxgu$hu:;
/25UU
JZJhw...
4u ,IuwpIy .,.sp
jo j .
o ol.,.
o..Nho''u o u v.. ox..w .= .. ., . . v.e.( o e..w
. ï.
.
pU-
L-U . .
5h''* u.se''VJ.b b.'J>'5lh'e'*',t.* 'I'
-
uwkap-'I7 ta
'I
wqso' o
'Iow =Q '
uj.a'
x
. . . t
=.x a
Iuap 'œ > w e)%.
ea p
u, uuy t.u u ..M l<.Fw owwr.w4usoz ù>- +J,
'
0.45CC..>I.q
( ' 'I9pI.--.''I'..
pt'4.
w;-
'
I **5a ww
'f,' * Iow
Ix 1hl= .
*
r-o.wxn u4' q'o
ahz' 'z*wes
'= rk.
..pz'-w'twi
*
'' 1
wq'uou
'ouz
'W
1-5I,
. . . . : . u4.
; o.... ...oxo .. 'E ;; ..o.... o.eo a . ..': '' â J
.
KTO .J Q,-@yJ ;
- Jln..1!.*C!.J Q.- '$bwj; ! ku';)).
' a'
J k'
I uj.,
.,)a
w
1ôh.?) .t.u)!.
z.?z .. v. - ;bA
-.
ob'
'
q
f-t
.JLw.
Q
.!
..
., a-... .o wvh -cJ u l) a . pl UVX.N h - owww..u ..(e
'
J , .. , .. .' o ''
f '5I '
e' 'I I' ' . ;f'' ' ' '
us- J 'a '
e z'c='
.z..s).hz,.u2h el'
w
x.
-e
. -
.uc. '
'%J Jb .-'=='
t- . . Jâ k.''?
- . JJùr-.. -
-2*- JJ ùr-- m== . . .1%l-1h ''
â '' ''
a o. .'.7 a ; .
.o '
'
.
;
o ;; .. o u th 'h o .
. lo.: .. o
.. .. .. .
'j .. .
. o :
'h o ''..
1..?. 'tàhu !' a1kze '- zw -wzqw iuallz...= al!atL'wlw'.4- a.)-. o.>
.
:u.. '
s
. >..,.; '; .. ..
..'' :o . '; .. .. 9..
o : :;.'o'.; : o ;:; .'o'
.'
;
':zu,w a ' e' .t. ;t <.k t1.4'zhl.
'a'
e'.csk
''.
'Iv=''
e';f%. ,L'.p1!.y.zvea''-' L' .p1
tulgsbW' .uJ1w lwtp ..ow r'Y'1ww*rW4L<))' ''
''''Y'A .
X ' t.
.w
'
27 -4تأمالت يف بعض اآليات احلاثَّة على ذكر اهلل ()1
وقال تعالى ﴿ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ
ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏﰐ ﰑ
ﰒ ﰓ ﰔ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ﴾ [األحزاب-41 :
]44؛ فهذه اآلية فيها األمر بذكر اهلل Dبالكثرة ،ولها نظائر يف القرآن ،ويأيت
أيضا يف القرآن آيات فيها مدح لهؤالء ،قال تعالى﴿ :ﯗ ﯘ ﯙ ً
أمر زائد
ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ﴾ [األحزاب ،]35 :فهاهنا ٌ
مكثرا من ذكر مجرد األمر ِّ
بالذكر؛ وهو األمر بذكر اهلل بالكثرة ،بأن تكون ً على َّ
الذكر هلل ،Fال يكون ذكرك هلل ً
قليل ،واهلل Cذ َّم المنافقين اهلل ،كثير ِّ
هبذا قال تعالى﴿ :ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ﴾ [النِّساء.]142 :
ٌ
وأفضال كريمة ،منها أجور عظيمة
ٌ وذكر اهلل Fبالكثرة يرت َّتب عليه
ما ُذكر يف اآلية المتقدِّ مة﴿ :ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ
ﰎ ﰏﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ﴾
[األحزاب]44-43 :؛ فهذه ك ُّلها من ثمرات اإلكثار من ذكر اهلل؛ أن يص ِّلي ُّ
رب
العالمين عليه.
-وصالته Fعلى عبده المؤمن :ذكره له يف المأل األعلى ،على
المعنى ا َّل ِذي تقدَّ م معنا.
-وصالة المالئكة عليه :أي بطلب ذلك له.
ثم يرت َّتب على ذلك ما جاء يف قوله﴿ :ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏﰐ
َّ
سبب مبارك لخروج العبد من ال ُّظلمات إلى
ٌ ﰑ ﰒ ﰓ﴾؛ فهو
ثم يحظى برحمة اهلل علو درجته عند اهلل َّ ،E
عظيم يف ِّ
ٌ وسبب
ٌ النُّور،
الخاصة بعبده المؤمن﴿ ،ﰑ ﰒ ﰓ﴾؛ فهذه ك ُّلها فضائل وثمار َّ
وآثار لإلكثار من ذكر اهلل .F
أحاديث األذكار واألدعية 28
َّووي (ص.)10
((( األذكار للن ِّ
السابق.
((( المصدر َّ
السابق.
((( المصدر َّ
ِ
وصححه األلبان ُّي. ((( رواه أبو داود ( ،)1309وابن ماجه (،)1335
َّ
أحاديث األذكار واألدعية 30
َّ
والذاكرات»(.)1
«وأقل ذلك ُّ عدي :V الس ُّالرحمن بن ناصر ِّ العلمة عبد َّ ويقول َّ
الشيخ َّ
الصلوات الخمس ،وعند الصباح والمساء ،وأدبار َّ أن يالزم اإلنسان أوراد َّ
العوارض واألسباب ،وينبغي مداومة ذلك يف جميع األوقات على جميع
فإن ذلك عبادة يسبق هبا العامل وهو مسرتيح ،ودا ٍع إلى مح َّبة اهلل األحوالَّ ،
وكف ال ِّلسان عن الكالم القبيح» .اهـ كالمه(.)2
ِّ ٍ
وعون على الخير، ومعرفته،
5
أن ذكر اهلل والعناية به والمواظبة عليه أكرب وأيضا اآلية فيها داللة على َّ
ً
ٍ
للسموات عون للعبد على زوال الغفلة عنه ،وعلى تح ُّقق التَّف ُّكر يف خلق اهلل َّ
فالذكر إذا ُوجد زالت الغفلة ،وإذا زالت الغفلة حصل للعبد التَّذكُّر واألرض؛ ِّ
ِ
يمرون بآيات اهلل َّبصر يف آيات اهلل ويف مخلوقاته ،بخالف أكثر النَّاس ا َّلذين ُّ
والت ُّ
ِ
حرك فيهم ساكنًا ،وال كأنَّها العظام الباهرة وهم معرضون! ال تؤ ِّثر فيهم وال ُت ِّ
الذاكرين اهلل تعنيهم بشيء .وهذا ك ُّله بسبب تراكم الغفلة ،فإذا كان العبد من َّ
مما يكون فإن ذكره هلل يفتح له باب التَّف ُّكر يف مخلوقات اهلل العظيمةَّ ،
َّ F
وحسن صلته باهلل.
وقوة يقينه ُ
سب ًبا يف زيادة إيمانه َّ
وقول اهلل تعالى﴿ :ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ
أيضا فيها األمر بذكر ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ﴾ [البقرة]200 :؛ هذه اآلية ً
«م ْن َح َّج هلل ِ َف َل ْم َي ْر ُف ْ
ث َو َل ْم اهلل بالكثرة ،قد جاء يف الحديث عن النَّبِ ِّي ﷺَ :
الذنوب واآلثام .فحال َمن كان َي ْف ُس ْقَ ،ر َج َع َك َي ْو ِم َو َلدَ ْت ُه ُأ ُّم ُه»( ،)1أي :نق ًّيا من ُّ
ويسرها له أن َّ هذا شأنه قد خرج من هذه ال َّطاعة العظيمة ا َّلتِي م َّن اهلل عليه هبا
الذكر هلل ال أن يكون من الغافلين ،ولهذا ليس من عالمات الخير يكون كثير ِّ
أن يغفل اإلنسان عن ذكر اهلل وال سيما ِ
عقب هذه ال َّطاعة الكبيرة وأمثالها من َّ
أن ذكر اهلل كما أنَّه روح العبادة ومقصودها، ال َّطاعات؛ وهذا فيه دليل على َّ
فكذلك ينبغي أن ُت َّتوج به العبادة و ُتختم به ويكثر على إثرها.
فإن فيه إشارة إلى َّ
أن العبد ٍ
فائدة ونف ٍع للمسلم؛ َّ هذا إضافة إلى ما فيه من
يمل من عبادة اهلل ،فلهذا ك َّلما ختم طاع ًة من ال َّطاعات لهج بذكر اهلل
لم َّ
وقوة العزيمة يف العناية
الرغبة وعظيم الحرص َّ مما ُّ
يدل على شدَّ ة َّ بالكثرة؛ َّ
بعبادة اهلل E؛ فهو يذكر اهلل يف ال َّطاعات الكبار المأمور هبا -فرائض
وحافزا
ً أيضا يختمها باإلكثار من ذكر اهلل ،ليكون ذلك معينًا له
ثم ًاإلسالمَّ -
مما يستقبله من طاعات آتية
له على لين العبادات وسهولتها و ُيسرها عليه َّ
وعبادات قادمة.
الصيام به ففي قول اهلل ﴿ :Dﯟ ﯠ﴾ أي :عدَّ ة
أ َّما ختم ِّ
الصيام ﴿ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ﴾ [البقرة.]185 : ِّ
الحج به ،فقد تقدَّ م يف قوله﴿ :ﮞ ﮟ ﮠ
ِّ وأ َّما ختم
ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ﴾.
الصالة به ،ففي قوله﴿ :ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ
وأ َّما ختم َّ
ﮚ ﮛ ﮜﮝ﴾ [النِّساء.]103 :
وأ َّما ختم الجمعة به ،ففي قوله﴿ :ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ
ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ﴾ [الجمعة.]10 :
أيضا أن يكون خاتمة الحياة الدُّ نيا،الذكر خاتمة ال َّطاعات فينبغي ً أن ِّ
وكما َّ
آخر كالم العبد من الدُّ نيا «ال إله َّإل اهلل» دخل الجنَّة.
وإذا كان ُ
َو َق َال اهلل ﴿ :Dﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ
ﮧﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ﴾ [المنافقون]9 :؛ فيها هني اهلل عن الغفلة
والشراء وما إلى ذلك،بأي أمر ،ال باألموال والتِّجارات وال بالبيع ِّ
عن ذكره ِّ
الخاصة.
َّ أيضا بانشغال اإلنسان بأوالده وبيته ومصالحه
وال ً
خص هذين األمرين ﴿ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ﴾؛ َّ
لكوهنما أكثر ما يشغل اإلنسان عن ذكر اهلل ،ولهذا قال اهلل تعالى يف ِّ
بالذكرْ :
آية أخرى﴿ :ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮡ﴾ [التَّغابن ،]15 :فالمال فتنة والولد فتنة،
وهما شاغل لإلنسان عن ذكر اهلل َّإل َمن حفظه اهلل وأعانه ،ولهذا جاء النَّهي
35 -5تأمالت يف بعض اآليات احلاثَّة على ذكر اهلل ()2
6
ابعا :أن يكون دون الجهر؛ ألنَّه أقرب إلى ُحسن التَّف ُّكر ،قال ابن كثير
ر ً
ستحب أن يكون ُّ « :Vولهذا قال﴿ :ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ﴾ وهكذا ُي
الصحيحين عن أبي موسى وجهرا بلي ًغا»( ،)1ويف َّ ً الذكر ،ال يكون ندا ًء ِّ
األشعري Iقال :رفع النَّاس أصواهتم بالدُّ عاء يف بعض األسفار، ِّ
ِ
َّاس ْار َب ُعوا َع َلى َأ ْن ُفسك ُْم ،إِ َّنك ُْم َل ْي َس تَدْ ُع َ
ون «يا َأ ُّي َها الن ُ
فقال لهم النَّبِ ُّي ﷺَ :
اح َل ِة
ون س ِميعا َقرِيباَ ،أ ْقرب إِ َلى َأح ِدكُم ِمن عن ُِق ر ِ
َ ْ ْ ُ َ ً َ ُ
ِ
َأ َص َّم َو َل َغائ ًبا ،إِ َّنك ُْم تَدْ ُع َ َ ً
َأ َح ِدك ُْم»(.)2
خامسا :أن يكون بال ِّلسان ال بالقلب وحده ،وهو مستفا ٌد من قوله﴿ :ﯨ ً
األمر
َ ألن معناه :ومتك ِّل ًما كال ًما دون الجهر ،ويكون المرا ُد باآلية: ﯩ﴾؛ َّ
الذكر بين ال ِّلسان والقلب ،وقد يقال :هو ذكره يف قلبه بال لسانه بالجمع يف ِّ
األصح كما ح َّقق ُّ األول هو أن َّ بقوله بعد ذلك﴿ :ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ﴾؛ َّإل َّ
وغيره من أهل العلم .X شيخ اإلسالم ابن تيم َّية ُ ذلك ُ
وقد ن َّظر ابن تيم َّية :لذلك بقوله ﷺ فيما روى عن ر ِّبه أنَّه قالَ « :فإِ ْن َذك ََرنِى
إل َخ ْيرٍ ِمنْ ُه»( ،)3قال: إل َذك َْر ُت ُه فِي َم ٍفِى َن ْف ِس ِه َذك َْر ُت ُه فِى َن ْف ِسي َوإِ ْن َذك ََرنِي فِي َم ٍ
الذكر يف المأل ،وهو قسيم ِّ َ «وهذا يدخل فيه ذكره بال ِّلسان يف نفسه ،فإنَّه جعله
نظير قوله﴿ :ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ﴾» ،والدَّ ليل على ذلك أنَّه قال بعده﴿ :ﯬ
بالغدو واآلصال يف ِّ المشروع
َ ﯭ﴾ [األعراف ،]205 :ومعلوم َّ
أن ذكر اهلل
الصالة هو بال ِّلسان مع القلب ،مثل صال َت ْي الفجر والعصر، الصالة وخارج َّ َّ
الصالتين ،وما أمر به النَّبِ ُّي ﷺ وع َّلمه وف َعله من والذكر المشروع عقب َّ ِّ
األذكار واألدعية المأثورة من عمل اليوم وال َّليلة المشروعة طر َف ْي النَّهار
((( تفسير ابن كثير (.)487/3
البخاري ( ،)2992ومسلم (.)2704
ُّ ((( رواه
البخاري ( ،)7405ومسلم (.)2675
ُّ ((( رواه
أحاديث األذكار واألدعية 40
*&n Q I.$oo
'iZ
A=*
I
..Fuo I
..y;J J,..
V..Jlap
.5r.
.oIoI
w.wuhwe'
' ô....
.
'S uà
.
Jus h-'
1I J.5
. . J . JJ .
u.. ;N II
y u'' aZ.J.U '
--u.. I.p I.çIJ'I'
olw .J' z
pî& e.' îj y I,kz'
tmp us.wI
JJj.1.
u5ju'I
wClI
u.
' 4pz.2i8.
:5 hô..
t.
à
.u 9 =x J
Jt=6.I.'
='=' Iwt
-yJz; k(hhF'r').uIo.
JI'p I
.'
uJ '(r'q'/t) .'z'
eIt.o'IQ'JI.'
K' u4
43 -6تأمالت يف بعض اآليات احلاثَّة على ذكر اهلل ()3
﴿ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ
ﭤ ﭥ﴾ [الفاتحة]5-1 :؛ ﴿ﭢ ﭣ﴾ هذه العبادة؛ نعبدك وال نعبد
غيرك ،لكنَّها لم ُتذكر َّإل بعد أن ُأرسيت أركاهنا؛ َّ
فإن المسلم عندما يقرأ
﴿ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ﴾؛ الحمد :هو ال َّثناء على المحمود مع ح ِّبهَّ ،
ألن
حب مدحا ،ففي الحمد ُّ
يسمى ً يسمى حمدً ا وإنَّما َّ ال َّثناء لو كان بال ٍّ
حب ال َّ
حب اهلل، اهلل ،فالمسلم عندما يقرأ ﴿ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ﴾ يقوم يف قلبه ُّ
الرجاء﴿ ،ﯮ وعندما يقرأ ﴿ﭛ ﭜ﴾ ويذكر رحمة اهلل يقوم يف قلبه َّ
ﯯ﴾ [اإلسراء ،]57 :وعندما يقرأ ﴿ﭞ ﭟ ﭠ﴾ أي :يوم الحساب
دل عليه ﴿ﭖ ﭗ فبالحب ا َّل ِذي َّ
ُّ والعقاب والجزاء يقوم يف قلبه الخوف؛
دل عليه ﴿ﭛ ﭜ﴾ ،وبالخوف ا َّل ِذي وبالرجاء ا َّل ِذي َّ
ﭘ ﭙ﴾َّ ،
بالحب والخوف ِّ دل عليه ﴿ﭞ ﭟ ﭠ﴾﴿ ،ﭢ ﭣ﴾؛ أي :نعبدك يا اهلل َّ
والرجاء.
َّ
محركات القلوب إلى اهلل أن ِّقال شيخ اإلسالم ابن تيم َّية « :Vاعلم َّ
والرجاء ،وأقواها المح َّبة وهي مقصود ٌة تراد Dثالثة :المح َّبة والخوف َّ
لذاهتا ،ألنَّها تراد يف الدُّ نيا واآلخرة ،بخالف الخوف فإنَّه يزول يف اآلخرة،
قال اهلل تعالى﴿ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ﴾ [يونس:
الزجر والمنع من الخروج عن ال َّطريق ،فالمح َّبة ،]62والخوف المقصود منهَّ :
وقوهتا يكون سيره إليه، السير إلى محبوبه ،وعلى قدر ضعفها َّ ُتلقي العبد يف َّ
والرجاء يقوده؛ فهذا ٌ
أصل والخوف يمنعه أن يخرج عن طريق المحبوبَّ ،
عظيم يجب على ِّ
كل عبد أن يتن َّبه له ،فإنَّه ال تحصل له العبود َّية بدونه»(.)1
7
الذكر وعظيم أجره ،وبيان ما أعدَّ ه اهلل ألهله من حديث عن فضيلة ِّ
ٌ تقدَّ م
أيضا ذكر ومر ً وحسن العاقبة وهناءة العيشَّ ، جميل ال َّثواب وكريم المآب ُ
شيء من فوائده العطِرة ،وثماره الكريمة اليانعة ،وعواقبه الحميدة يف الدُّ نيا ٍ
فإن دالالت الرفيعة والدَّ رجة العالية؛ َّ ولما كان ِّ
الذكر هبذه المنزلة َّ واآلخرةَّ .
متنوعة ،وكان مجيئه يف القرآن الكريم على النُّصوص المب ِّينة لفضله جاءت ِّ
الذكر وجليل تدل على عظيم شأن ِّ وجوه كثيرة ،وهي بمجموعها وأفرادها ُّ
قدره.
إن ِّ
الذكر السالكين»َّ :
وقد ذكر اإلمام ابن الق ِّيم Vيف كتابه «مدارج َّ
ثم أورد بعد ذلك
ورد يف القرآن الكريم على عشرة أوجه ،ذكرها مجملةَّ ،
تفصيلها؛ فقال :)1(V
األمر به مطل ًقا ومق َّيدً ا. َّ
«األولُ :
َّ
الثاني :النَّهي عن ضدِّ ه من الغفلة والنِّسيان.
َّ
الثالث :تعليق الفالح باستدامته وكثرته.
الرابع :ال َّثناء على أهله ،واإلخبار بما أعدَّ اهلل لهم من الجنَّة والمغفرة.
َّ
السالكين (.)396/2
((( مدارج َّ
45 -7تنوُّع األدلَّة ال َّدالة على فضل ال ِّذكر
بالصيام
بالصالة كقوله تعالى﴿ :ﭟ ﭠ ﭡ﴾ [طه ،]14 :وقرنه ِّ
قرنه َّ
الحج ول ُّبه ومقصوده ،كما قال ﷺ« :إنَّما
ِّ وبالحج ومناسكه ،بل هو روح
ِّ
ورمي الجمار إلقامة ذكر
ُ الصفا والمروة
عي بين َّ ُجعل ال َّطواف بالبيت َّ
والس ُ
اهلل»( ،)1وقرنه بالجهاد وأمر بذكره عند مالقاة األقران ،ومكافحة األعداء،
فقال تعالى﴿ :ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ
ﯳ ﯴ﴾ [األنفال.]45 :
الذكر يف القرآن الكريم ،وذكر ِّ
لكل ورد فيها ِّ فهذه وجو ٌه عشر ٌة
()2
بعض األمثلة من اآليات القرآن َّية .والقرآن الكريم ملي ٌء باآلياتوجه منها ُ
لمن قرأ
المندرجة تحت هذه األنواع ،وهي يسيرة الحصول قريبة المتناول َ
القرآن الكريم وتد َّبر آياته.
الشوكاين Vيف ٍ
سياق آخر وهو ينطبق وما أحسن وأروع ما قاله اإلما ُم َّ
على سياقنا هذا تمام االنطباق ،حيث قال « :Vواعلم َّ
أن إيراد اآليات
القرآن َّية على إثبات ِّ
كل مقصد من هذه المقاصد ال يحتاج إليه َمن يقرأ القرآن
أي موضع شاء،العظيم ،فإنَّه إذا أخذ المصحف الكريم وقف على ذلك يف ِّ
أي ٍّ
محل أراد ،ووجده مشحونًا به من فاتحته إلى أحب ،ويف ِّ
َّ أي مكان
ومن ِّ
خاتمته» .اهـ كالمه(.)3
لب القرآن كتاب ٍ
ذكر هلل؛ فذكر اهلل تعالى هو ُّ ُ إن القرآن الكريم ك َّله
بل َّ
وروحه وحقيقته وغاي ُة مقصوده ،يقول اهلل تعالى﴿ :ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ
ُ
ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ﴾ [ص ،]29 :وقال تعالى﴿ :ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ
ِّرمذي (.)902
ُّ ((( رواه أبو داود ( ،)1888والت
السالكين (.)399 – 397/2 ((( مدارج َّ
ِ ((( إرشاد ال ِّثقات إلى ا ِّتفاق َّ
الشرائع على التَّوحيد والمعاد والن َُّّبوات َّ
للشوكان ِّي (ص.)10
أحاديث األذكار واألدعية 48
الذكرِ -جالء القلوب وصقالها ودواؤها قال ابن الق ِّيم « :Vوهو -أي ِّ
غشيها اعتاللها ،وك َّلما ازداد َّ
الذاكر يف ذكره استغرا ًقا؛ ازداد المذكور مح َّب ًة إذا ِ
كل إلى لقائه واشتيا ًقا ،وإذا واطأ يف ذكره قلبه للسانه؛ نسي يف جنب ذكره َّ
كل شيء .به يزول الوقر عوضا من ِّكل شيء ،وكان له ً شيءِ ،
وحفظ اهلل عليه َّ
عن األسماع والبكم عن األلسن ،وتنقشع ال ُّظلمة عن األبصار ،ز َّين اهلل به
الذاكرين كما ز َّين بالنُّور أبصار النَّاظرين؛ فال ِّلسان الغافل كالعين العمياء
ألسنة َّ
الذكر -باب اهلل األعظم المفتوح بينه الش َّلء ،وهو -أي ِّ الصماء واليد َّواألذن َّ
أحاديث األذكار واألدعية 50
البصري « :Vتف َّقدوا ُّ وبين عبده ،ما لم يغلقه العبد بغفلته ،قال الحسن
وإل
الذكر وقراءة القرآن؛ فإن وجدتم َّ الصالة ويف ِّ
الحالوة يف ثالثة أشياء :يف َّ
الشيطان الشيطان كما يصرع َّ وبالذكر يصرع العبد َِّّ أن الباب مغلق»(،)1
فاعلموا َّ
الذكر من القلب ْ
فإن السلف :Vإذا تم َّكن ِّ أهل الغفلة والنِّسيان ،قال بعض َّ
الشيطان ،فيجتمع عليه صرعه كما يصرع اإلنسان إذا دنا منه َّ الشيطان َ دنا منه َّ
الذكر -روح مسه اإلنسي» ،وهو -أي ِّ الشياطين فيقولون :ما لهذا؟ فيقال :قد َّ َّ
ُّ
الصالحة؛ فإذا خال العمل عن ذكر اهلل كان كالجسد ا َّل ِذي ال روح األعمال َّ
فيه» .اهـ كالم ابن الق ِّيم .)2(V
8
وسى األَ ْش َع ِر ِّي حديث َأبِي ُم َ ُ الذكر من األحاديث العظيمة الواردة يف فضل ِّ
«م َث ُل ا َّل ِذي َي ْذك ُُر َر َّب ُه َوا َّل ِذي َل َي ْذك ُُر َر َّب ُه َم َث ُل ا ْل َح ِّي
َّبي ﷺَ : َ َ َ َ
Iقال :قال الن ُّ
ِ ِ ِ وا ْلمي ِ
«م َث ُل ا ْل َب ْيت ا َّلذي ُي ْذك َُر اهللُ البخاري ومسلم ،و َل ْف ُظ ُم ْسل ٍمَ : ُّ ت» رواه َ َ ِّ
()1
ت». ت ا َّل ِذي َل ي ْذكَر اهلل فِ ِيه م َث ُل ا ْلحي وا ْلمي ِ فِ ِيه وا ْلبي ِ
َ ِّ َ َ ِّ ُ ُ ُ َ َ َْ
الذكر هو حياة إن َم َثل الغافل عن ذكر اهلل م َث ُل الم ِّيت ،وقد تقدَّ م معنا َّ
أن ِّ َّ
السمك القلوب حقيقةً ،فال حياة لها بدونه ،وحاجتها إليه أعظم من حاجة َّ
الحي ،والقلب الغافل هو القلب الم ِّيت. إلى الماء؛ فالقلب َّ
الذاكر هو القلب
ُّ
للذاكر جليلةٌ ،وفضيلة له الشوكانِي « :Vمنقب ٌة َّ ففي هذا التَّمثيل كما يقول َّ
ُّ
حياة ذات َّي ٍة وروح َّي ٍة لما يغشاه من
ٍ نبيلة ،وأنَّه بما يقع منه من ذكر اهلل Dيف
ٍ
حياة أن التَّارك ِّ
للذكر وإن كان يف األنوار ،ولما يصل إليه من األجور ،كما َّ
اعتبار بل هو شبي ٌه باألموات» .اهـ كالمه .)2(V ٌ ذات َّي ٍة فليس لها
الكريم ﷺ يف هذا الحديث بيت َّ
الذاكر بمنزلة بيت ُ لقد جعل النَّبِ ُّي
الحي ،وبيت الغافل بمنزلة بيت الم ِّيت وهو القرب ،ويف ال َّلفظ َّ
األول جعل ِّ
ُ
الحديث بمجموع فتضمن
َّ الحي ،والغافل بمنزلة الم ِّيت؛ َّ
الذاكر نفسه بمنزلة
ِّ
البخاري ( ،)6407ومسلم (.)779
ُّ ((( رواه
((( تحفة َّ
الذاكرين بعدَّ ة الحصن الحصين من كالم س ِّيد المرسلين (ص.)20
أحاديث األذكار واألدعية 52
كالحي يف بيوت األحياء ،والقلب الغافل كالم ِّيت يف أن القلب َّ
الذاكر لف َظ ْيهَّ :
ِّ
قبور لقلوهبم ،وقلوهبم فيها
فإن أبدان الغافلين ٌبيوت األموات ،وعلى هذا َّ
كاألموات يف القبور ،ولهذا قيل:
قبــور
ُ وأجســامهم قبــل القبــور فنســيان ذكــر اهلل مــوت قلوبهــم
نشــور
ُ وليــس لهــم حتَّــى النُّشــور وأرواحهم يف وحشـ ٍـة من جسومهم
أيضا:
وقيل ً
وارس
ُ وأجســامهم فهي القبور الــدَّ فنســيان ذكــر اهلل مــوت قلوبهــم
أوانــس
ُ ولكنَّهــا عنــد الخبيــث وأرواحهــم يف وحشــة مــن حبيبهــم
ـورا،
ـح يف الحديــث عــن نب ِّينــا ﷺ النَّهـ ُـي عــن جعــل البيــوت قبـ ً ولهــذا صـ َّ
الصحيحيــن مــن حديــث أي :ال يص َّلــى فيهــا وال يذكــر اهلل تعالــى فيهــا ،ففــي َّ
ُــم ِ أن النَّبِــي ﷺ قــال« :اجع ُلــوا ِمــن ص َلتِك ِ ابــن عمــر َّ L
ُــم فــي ُب ُيوتك ْ ْ ْ َ ْ َ َّ
ِ
ـورا»( ،)1وروى مســلم يف صحيحــه مــن حديــث أبــي هريــرة وهــا ُق ُبـ ً َو َل َتتَّخ ُذ َ
الشـي َط َ ِ ِ
ـن
ان َينْفـ ُـر مـ َ ـم َم َقابِـ َـر ،إِ َّن َّ ْ Iعــن النَّبِـ ِّـي ﷺ قــالَ :
«ل ت َْج َع ُلــوا ُب ُيو َت ُكـ ْ
ـور ُة ا ْل َب َقـ َـر ِة»( ،)2ويف ســنن أبــي داود وغيــره بإســناد ِ ِ ِ ِ
ا ْل َب ْيــت ا َّلــذي ُت ْقـ َـر ُأ فيــه ُسـ َ
«ل ت َْج َع ُلــوا حســن مــن حديــث أبــي هريــرة Iقــال :قــال رســول اهلل ﷺَ :
ـم َت ْب ُلغُنِــي
ـي َفـإِ َّن َص َل َت ُكـ ْ
ِ
ـوراَ ،و َل ت َْج َع ُلــوا َق ْبـرِي عيــدً اَ ،و َص ُّلــوا َع َلـ َّ
ـم ُق ُبـ ً ُب ُيو َت ُكـ ْ
ـم»(.)3ـث ُكنْ ُتـ ْ َح ْيـ ُ
قال شيخ اإلسالم ابن تيم َّية :يف بيان معنى قوله« :ال تجعلوا بيوتكم
الصالة فيها والدُّ عاء والقراءة فتكون بمنزلة قبورا»« :أي ال ُتع ِّطلوها عن َّ ً
تحريها عند القبور ،عكس بتحري العبادة يف البيوت ،وهنى عن ِّ القبور؛ فأمر ِّ
ما يفعله المشركون من النَّصارى و َمن تش َّبه هبم» .اهـ كالمه .)1(V
وضدها؛ انقسمت القلوب َ ولَّا كان القلب بهذه املثابة يوصف بالحياة ّ
ِ
بحسب ذلك إلى ثالثة أقسام:
ٍ
بوجه ٌ
شرك السليم؛ وهو ا َّل ِذي سلم من أن يكون لغير اهلل فيه األول :القلب َّ
َّ
ما ،بل قد خلصت عبود َّيته هلل؛ إراد ًة ومح َّب ًة وتوك ًُّل وإناب ًة وإخبا ًتا وخشي ًة
وإن أبغض أبغض يف اهلل، أحب يف اهللْ ،َّ أحب
َّ ورجا ًء ،وخ ُلص عم ُله هللْ ،
فإن
وإن منع منع هلل ،ويكون الحاكم عليه يف أموره ك ِّلها هو وإن أعطى أعطى هللْ ، ْ
ما جاء به رسول اهلل ﷺ ،فال يتقدَّ م بين يديه ال بعقيدة وال قول وال عمل.
الثاني :ضدُّ هذا وهو القلب الم ِّيت ا َّل ِذي ال حياة به؛ فهو ال يعرف ر َّبه
َّ
واقف مع شهواته ٌ وال يعبده وال يمتثل أمره وال يفعل ما يح ُّبه ويرضاه ،بل هو
سخط ر ِّبه وغض ُبه ،فهو متع ِّبدٌ لغير اهلل ح ًّبا وخو ًفا ورجا ًء
ُ ولذاته ولو كان فيها َّ
وإن أبغض أبغض لهواه، أحب لهواهْ ، أحب َّ
إن َّ وذلْ ،وتعظيما ًّ
ً ورضا وسخ ًطا ً
وأحب إليه من رضا ُّ وإن منع منع لهواه ،فهو آ َث ُر عنده وإن أعطى أعطى لهواهْ ، ْ
والشهوة قائده ،والجهل سائقه ،والغفلة مركبه. ر ِّبه ومواله ،فالهوى إمامهَّ ،
َّ
مرة ،وهذه ُتمدُّ هالثالث :قلب له حياة وبه ع َّلة؛ فله ما َّدتان؛ ُتمدُّ ه هذه َّ
ِ
واإلخالص أخرى ،وهو لما غلب عليه منهما ،ففيه من مح َّبة اهلل واإليمان به
الشهوات وإيثارها والحرص له والتَّو ُّك ِل عليه ما هو ما َّدة حياته ،وفيه من مح َّبة َّ
وحب ال ُع ُل ِّو ما هو ما َّدة هالكه
ِّ على تحصيلها ومن الحسد والكِ ْبر والعجب
و َع َطبِه.
الصراط المستقيم (.)172/2
((( اقتضاء ِّ
أحاديث األذكار واألدعية 54
الصدأ
فمن كانت الغفلة أغلب أوقاته كان َّ ِّ
والذكر؛ َ بشيئين :باالستغفار
صدئ القلب لم تنطبع فيه صورمرتاكبا على قلبه ،وصدأه بحسب غفلته ،وإذا ِ
ً
والحق يف صورة
َّ الحق،
المعلومات على ما هي عليه ،فيرى الباطل يف صورة ِّ
الصدأ أظلم؛ فلم تظهر فيه صورة الحقائق كما الباطل؛ ألنَّه لما تراكم عليه َّ
تصوره وإدراكه ،فال
الران فسد ُّالصدأ واسو َّد وركبه َّ
هي عليه ،فإذا تراكم عليه َّ
باطل ،وهذا أعظم عقوبات القلب. يق َبل ح ًّقا وال ينكر ً
وأصل ذلك من الغفلة وا ِّتباع الهوى فإنَّهما يطمسان نور القلب و ُيعميان
بصره ،قال تعالى﴿ :ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ﴾
[الكهف ،]28 :فإذا أراد العبد أن يقتدي برجل فلينظر؛ هل هو من أهل ِّ
الذكر
أو من الغافلين؟ وهل الحاكم عليه الهوى أو الوحي؟ فإن كان الحاكم عليه
هو الهوى وهو من أهل الغفلة وأمره فر ًطا لم ِ
يقتد به ولم يتبعه فإنَّه يقوده إلى ْ
الهالك.
ُ
ومعنى الف ُرط:
* قد ُف ِّسر بالتَّضييع؛ أي أمره ا َّل ِذي يجب أن يلزمه ويقوم به وبه رشده
ضائع قد َّفرط فيه.
ٌ وفالحه؛
* و ُف ِّسر باإلسراف؛ أي قد أفرط.
* و ُف ِّسر باإلهالك.
للحق.
ِّ * و ُف ِّسر بالخالف
أن اهلل Eهنى عن طاعة َمن وك ُّلها أقوال متقاربة ،والمقصودَّ :
للرجل أن ينظر يف شيخه وقدوته ومتبوعه؛ فإن الصفات ،فينبغي َّ جمع هذه ِّ
ممن غلب عليه ذكر اهلل Dوا ِّتباع ُّ
السنَّة وجده كذلك فل ُيبعد منه ،وإن وجده َّ
أحاديث األذكار واألدعية 56
وأمره غير مفروط عليه بل هو حازم يف أمره فليستمسك بغرزه ،وال فرق بين
الحي َّ ِ َّ ِ َّ ِّ
الحي والم ِّيت إل بالذكر ،فمثل الذي يذكر ر َّبه والذي ال يذكر ر َّبه كمثل ِّ ِّ
والم ِّيت» .اهـ كالم ابن الق ِّيم . V
()1
9
«ل يد َ Lأن َُّهما َش ِهدَ ا َع َلى النَّبِ ِّي ﷺ أ َّن ُه َق َالَ : َعن َأبِي ُهرير َة و َأبِي س ِع ٍ
َ َ َْ َ ْ
ت َع َل ْي ِه ُم ِ ِ
الر ْح َمةَُ ،و َن َز َل ْ ون اهللَ إِ َّل َح َّفت ُْه ُم ا ْل َم َلئ َكةَُ ،و َغش َيت ُْه ُم َّ َي ْق ُعدُ َق ْو ٌم َي ْذك ُُر َ
يم ْن ِعنْدَ ُه» .رواه مسلم(.)1 ِ
السكي َنةَُ ،و َذك ََر ُه ُم اهللُ ف َ
ِ
َّ
اجت ََم َع وروى مسلم عن َأبِى هرير َة َ Iق َالَ :ق َال رس ُ ِ
«و َما ْ
ول اهَّلل ﷺَ : َ ُ ُ َ َْ ٌ َ ْ
َاب اهَّلل ِ َو َيتَدَ َار ُسو َن ُه َب ْين َُه ْم إِ َّل َن َز َل ْ
ت َع َل ْي ِه ُم وت اهَّلل ِ ي ْت ُل َ ِ
ون كت َ َ
ت ِمن بي ِ
ْ ُُ
َقوم فِي بي ٍ
َْ ٌْ
يم ْن ِعنْدَ ُهَ ،و َم ْن ِ ِ
الر ْح َمةَُ ،و َح َّفت ُْه ُم ا ْل َم َلئ َكةَُ ،و َذك ََر ُه ُم اهَّللُ ف َ
ِ ِ
السكينَةَُ ،و َغش َيت ُْه ُم َّ َّ
ِ ِ
َب َّط َأ بِه َع َم ُل ُه َل ْم ُي ْسرِ ْع بِه ن ََس ُب ُه»(.)2
الذكر يف ٍ
بيت جاء هذا الحديث يف بعض رواياته مق َّيدً ا بأن يكون هذا ِّ
أن الجلوس لذكر اهلل من بيوت اهلل ،ويف بعضها ُمطلقا دون تقييد؛ فأفاد ذلك َّ
ٍ ٍ
مكان آخر ينال العبد به وتع ُّلم العلم سواء كان يف بيت من بيوت اهلل أو يف ِّ
أي
أن كون ذلك يف المسجد أكمل وأعظم وأعلى شك َّ هذا الفضل ،لكن ما من ٍّ
لمن حصل منه ذلك يف غير المسجد أن ينال هذه شأنًا وأرفع منزلةً ،لكن ُيرجى َ
الرواية ا َّلتي جاءت مطلقة غير مق َّيدة بالمسجد. يدل لذلك هذه ِّ الفضيلة ،كما ُّ
ج ِد فِي َت ْح ِصيل َه ِذ ِه ا ْل َف ِضي َلة ِال ْجتِ َماع فِي «و ُي ْل َحق بِا ْلمس ِ
َ ْ َّووي َ :V قال الن ُّ
((( رواه مسلم (.)2700
((( رواه مسلم (.)2699
أحاديث األذكار واألدعية 58
وهما إِ ْن َشا َء اهَّلل َت َعا َلىَ ،و َيدُ ُّل َع َل ْي ِه ا ْل َح ِديث ا َّل ِذي َب ْعده
َمدْ َر َسة َو ِر َباط َون َْح َ
اضعَ ،و َي ُكون ال َّت ْقيِيد فِي ا ْل َح ِديث ْالَ َّول َخ َر َج َفإِ َّنه م ْط َلق ي َتنَاول ج ِميع ا ْلمو ِ
ََ َ َ َ ُ ُ
ِ
الز َمانَ ،ف َل َي ُكون َل ُه َم ْف ُهوم ُي ْع َمل بِه» .اهـ(.)1 َع َلى ا ْل َغالِبَ ،ل ِس َّي َما فِي َذل ِ َك َّ
«ل َي ْق ُعدُ َق ْو ٌم َي ْذك ُُر َ
ون اهَّللَ» ،ويف ال َّثاين قال: األول قالَ :
ويف الحديث َّ
ِ «ي ْت ُل َ ِ
َاب اهَّلل َو َيتَدَ َار ُسو َن ُه َب ْين َُه ْم»؛ إذا ُجمع بين ال َّلفظتين أفاد فائدة َّ
مهمة ون كت َ َ
أن ذكر اهلل Eال ينحصر يف التَّسبيح والتَّحميد والتَّهليل عظيمة وهيَّ :
والسنَّة ،والتَّف ُّقه يف الدِّ ين،
والتَّكبير! بل الجلوس للعلم ،ومدارسة القرآن ُّ
وأحب كذا،
َّ إخبارا عنه سبحانه بأنَّه أمر بكذا أو هنى عن كذا،
ً وتعليم شرع اهلل
فكل هذا من ذكر اهلل .F وسخط كذا ،ورضي كذا؛ ُّ
العلم ومعهم فتى شاب ،فقال لهم :قولوا :سبحان اهلل والحمد هلل ،فغضب أبو
أي شيء كنَّا إ ًذا»(.)4
السوار وقال« :ويحك يف ِّ
ُّ
َّووي (.)22/17
((( شرح مسلم للن ِّ
ِ
وحسنه األلبان ُّي. ِّرمذي (،)3510 ((( رواه الت
َّ ُّ
((( رواه أبو زرعة يف تاريخه (ص.)359
الزهد (.)1844
((( رواه أحمد يف ُّ
59 إل حفَّتهم املالئكة
-9حديث :ال يقعد قوم يذكرون اهلل عز وجل َّ
مختصة بالمجالس ا َّلتِي ُيذكر فيها اسم َّ الذكر ليست أن مجالس ِّ الحاصل َّ
الر ِّب بالتَّسبيح والتَّحميد والتَّكبير ونحو ذلك ،بل هي شامل ٌة للمجالس ا َّلتِي َّ
ُيذكر فيها أمره وهنيه وحالله وحرامه ،وما يح ُّبه ويرضاه ،وما يكرهه ويأباه،
الذكر أنفع من ذلك. بل ر َّبما كان هذا ِّ
السكِينَةُ،ت عليه ِم َّ ُ ،و َن َز َل ْ
الر ْح َمة َ
ِ ِ
الم َلئ َكةَُ ،و َغش َيت ُْه ُم َّ قوله« :إِ َّل َح َّفت ُْه ُم َ
ات اهللِ َو َس َل ُم ُه َع َل ْي ِه -أربعة فضائل -ص َل َو ُ يمن عنْدَ ُه»؛ عدَّ د َ
ِ ِ
َو َذك ََر ُه ُم اهَّللُ ف َ
كل واحدة منها من أعظم ما يكون ،ينالها العبد الذكرُّ ، عظيمة ُتنال يف مجالس ِّ
ذكر هلل تعالى. ويحظى هبا إذا جلس يف مجلس ٍ
ِ
الرحمة بأجنحتها كما جاء الم َلئ َكةُ» ،أي :تح ُّفهم مالئكة َّ «ح َّفت ُْه ُم َ األولىَ :
ا ي ْلت َِم ُس فِ ِيه ِع ْل ًما َس َّه َل اهَّلل َل ُهَ طرِي ًقا إِ َلى
ك َطري ًق َ «م ْن َس َل َ يف الحديث اآلخرَ :
ب ا ْل ِع ْل ِم ِر ًضا بِ َما َي ْصن َُع»(،)1 ِ ِ ِ
أجن َحت ََها لطال َ
إن الم َلئِ َك َة َلت ََضع ِ
ُ ْ
ِ
الجنَّةَ ،و َّ َ
َ
تحف طالب العلم من حين يخرج من بيته قاصدً ا مكان العلم ُّ فالمالئكة
لطلبه ،وتح ُّفه وهو يف مجلس العلم .هذا وإن لم نر المالئكة يح ُّفون مجالس
ألن هذا شك فيه وال ريب؛ َّ العلم بأجنحتهم َّإل أنَّا نؤمن بذلك إيمانًا جاز ًما ال َّ
ات اهللِ َو َس َل ُم ُه َع َل ْي ِه. الصادق المصدوق َص َل َو ُ الخرب جاءنا عن َّ
ِ
الر ْح َمةُ» ،أي :تغشاهم رحمة اهلل Dوتنزل عليهم، «و َغش َيت ُْه ُم َّ قولهَ :
ِ
الجلوس
َ الرحمة و ُتنال هبا: أن من أعظم األمور ا َّلتي ُتطلب هبا َّ يدل على َّ وهذا ُّ
الذكر ا َّلتِي تحيا هبا القلوب ،ويقوى هبا اإليمان ،ويزيد وحلق ِّ يف مجالس العلم ِ
الصلة باهلل .F هبا اليقين ،وتعظم هبا ِّ
السكِينَةُ» ،أي :يحصل لهم يف مجالس العلم ت عليه ِم َّ «و َن َز َل ْقولهَ :
وكثيرا ما يتحدَّ ث النَّاس هبذا؛ تجد
ً الذكر طمأنينة يف القلوب، ومجالس ِّ
10
الذكر مجالس مالئكة ،فليس من مجالس قال ابن الق ِّيم « :Vمجالس ِّ
ثم ساق حديث أبي هريرة الدُّ نيا لهم مجلس َّإل مجلس يذكر اهلل تعالى فيهَّ ،
ثم قال :فهذا من بركتهم على نفوسهم وعلى جليسهم فلهم نصيب المتقدِّ م َّ
من قوله سبحانه ﴿ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ﴾ [مريم ،]31 :فهكذا المؤمن
حل؛ فمجالس ِّ
الذكر مجالس المالئكة، حل ،والفاجر مشؤو ٌم أين َّ مبارك أين ٌَّ
مضاف إلى شكله وأشباههُّ ،
وكل ٌ الشياطينٌّ ،
وكل ومجالس الغفلة مجالس َّ
امرئ يصير إلى ما يناسبه» .اهـ(.)1
َّ
والذاكر يسعد به فليخرت العبدُ أعجب المجلسين إليه وأوالهما به،
ويتضرر.
َّ جليسه ،بخالف الغافل َّ
واللغي فإنَّه يشقى به جليسه
أن هلل Dمالئك ًة زائدين على وقد أفاد حديث أبي هريرة َّ I
المالئكة ا َّل ِذين يكتبون األعمال؛ يجوبون ال ُّطرقات يلتمسون مجالس ِّ
الذكر
هلموا ِ بح ًثا عنها
وحرصا عليها ،فإذا ظفروا بشيء من تلك المجالس قالواُّ :
ً
إلى حاجتكم -ويف رواية بغيتكم -أي :مطلوبكم ومرغوبكم؛ أي :ما تطلبون
ثم
الذكرَّ ، الذاكر ،فإنَّا قد وجدنا جماعة من أهل ِّ الذكر وزيارة َّ من استماع ِّ
يح ُّفون أهل هذا المجلس بأجنحتهم ،وعند مسلم « َفإِ َذا َو َجدُ وا َم ْج ِل ًسا فِ ِيه
ف َب ْع ُض ُه ْم َب ْع ًضا بِ َأ ْجن ِ َحتِ ِه ْم َحتَّى َي ْم َلئُوا َما َب ْين َُه ْم َو َب ْي َن
ِذك ٌْر َق َعدُ وا َم َع ُه ْم َو َح َّ
الذكر ال يرون هؤالء المالئكة ،وهم اء الدُّ ْن َيا» .و َمن كانوا يف مجلس ِّ السم ِ
َّ َ
ِ
ألن ا َّلذي وإن لم يروهم َّإل أنَّهم من وجودهم وقيامهم هبذا العمل على يقين؛ َّ
الصادق المصدوق .O أخرب بذلك َّ
ول ِعب ِ ِ
ادي؟»؛ فيذكرون قال « َف َي ْس َأ ُل ُه ْم َر ُّب ُه ْم َ
-و ُه َو َأ ْع َل ُم من ُْه ْمَ -ما َي ُق ُ َ
عنهم اشتغالهم بذكر اهلل وتمجيده وتعظيمه وطلب الجنَّة والبحث عن أسباهبا
الص ِّيب (ص.)73
((( الوابل َّ
65 -10حديث :إ َّن هلل مالئكة يطوفون يف ال ُّطرق يلتمسون أهل ال ِّذكر
ييسرها واستعاذهتم من النَّار؛ فهم مجتمعون على هذه وسؤال اهلل Dأن ِّ
ِ
وتسمى
َّ األصول ال َّثالثة العظيمة ا َّلتي مر ُّدها إلى المح َّبة َّ
والرجاء والخوف،
«أركان التَّع ُّبد»؛ فيستفاد من هذا الحديث :أهم َّية تنمية هذه األركان ال َّثالثة يف
ِ
تقويها ،ومن أفضل ذلك عقد مجالس العلم لها. القلب وا ِّتخاذ األسباب ا َّلتي ِّ
الر ُّب سبحانهَ « :ف ُأ ْش ِهدُ ك ُْم َأنِّي َقدْ َغ َف ْر ُت َل ُه ْم»؛ أي:
ثم يف تمامه يقول َّ َّ
يه ْم ُف َل ٌن َل ْي َس ِمن ُْه ْم» ،أي:
ألهل هذا المجلس ،فيقول ملك من المالئكة« :فِ ِ
«ه ُم ا ْل ُج َل َسا ُء ليس من أهل هذا المجلس و«إِنَّما جاء لِح ٍ
اجة» ،فيقول اهلل ُ :D َ َ َ َ َ
ِ
يس ُه ْم»؛ قال ابن حجر « :Vويف هذه العبارة مبالغة يف نفي َل َي ْش َقى بِ ِه ْم َجل ُ
الذاكرين ،فلو قيل« :لسعد هبم جليسهم» لكان ذلك يف غاية الشقاء عن جليس َّ َّ
الفضل ،لكن التَّصريح بنفي َّ
الشقاء أبلغ يف حصول المقصود»(.)1
الذكر؛ حتَّى ولو لم يكن منوهذا فيه أهم َّية جلوس المرء يف مجالس ِّ
هبمة طالب العلم المعروفة تقييدً ا وتدوينًا وضب ًطا وإتقانًا؛ َّ
ألن الجلوس أهلها َّ
نفسه له أثر عظيم.
أن مجالس العلم والدَّ عوة والتَّفقيه يف دين اهلل تكتنفها أيضا َّ وفيه فائدة ً
وت اهَّلل ِ
ت ِمن بي ِ الربكة وتعمها ،وقد تقدَّ م يف الحديث «وما اجتَمع َقوم فِي بي ٍ
ْ ُُ َْ ََ ْ َ َ ٌْ ُّ
ِ ِ ِ ي ْت ُل َ ِ
السكينَةَُ ،و َغش َيت ُْه ُم َّ
الر ْح َمةُ، ت َع َل ْي ِه ُم َّ
َاب اهَّلل َو َيتَدَ َار ُسو َن ُه َب ْين َُه ْم إِ َّل َن َز َل ْون كت َ َ
يم ْن ِعنْدَ ُه»(.)2 ِ ِ
َو َح َّفت ُْه ُم ا ْل َم َلئ َكةَُ ،و َذك ََر ُه ُم اهَّللُ ف َ
وقول ابن الق ِّيم « :Vفمجالس ِّ
الذكر مجالس المالئكة ،ومجالس
وكل مضاف إلى شكله وأشباههُّ ،
وكل امرئ يصير الشياطينٌّ ،
الغفلة مجالس َّ
إلى ما يناسبه»( .)1فيه وعظ وإيقاظ للقلوب وتنبيه للغافل ،لهذا ينبغي على
المرء أن يتف َّقد نفسه و ينظر يف حاله ومجالسه وهل نفسه م َّيالة لمجالس
الذكر؟ أو َّ
أن نفسه منقبضة وغير راغبة وال م َّيالة إليها؟ بل م َّيالة إلى مجالس ِّ
كل امرئ يصبو إلى ما يناسبه ،فليحاسب نفسه وليجاهدها أن َّ
ال َّلهو ،فليعلم َّ
على الخالص من هذا البالء.
قال الحافظ ابن حجر « :Vويف الحديث فضل مجالس ِّ
الذكر
والذاكرين وفضل االجتماع على ذلكَّ ،
وأن جليسهم يندرج معهم يف جميع َّ
يتفضل اهلل تعالى به عليهم إكرا ًما لهم ولو لم يشاركهم يف أصل ِّ
الذكر .وفيه ما َّ
السائل
السؤال قد يصدر من َّ مح َّبة المالئكة بني آدم واعتناؤهم هبم .وفيه َّ
أن ُّ
وهو أعلم بالمسئول عنه من المسئول؛ إلظهار العناية بالمسؤول عنه والتَّنويه
بقدره واإلعالن بشرف منزلته»(.)2
ِّرمذي وغيره َع ْن ُّ الذكر يف ُسنَّة النَّبِ ِّي ﷺ ما رواه الت ومما ورد يف فضل ِّ َّ
إن َش َرائِ َع ْ ِ
ال ْس َل ِم َقدْ ول اهلل َّ «يا َر ُس َ أن َر ُج ًل َ َع ْب ِد اهلل ْب ِن ُب ْس ٍر َّ I
قالَ :
ُك َر ْط ًبا ِم ْن ِذ ْكرِ «ل َيز َُال لِ َسان ُ ث بِ ِه»َ ،ق َالَ :َك ُث َر ْت َع َل َّيَ ،ف َأ ْخبِ ْرنِي بِ َش ْي ٍء َأت ََش َّب ُ
والزكاة، كالصالةَّ ، علي؛ َّ رت َّ الشرع قد ك ُث ْ اهلل»( ،)3أي :أمور اإلسالم وأعمال َّ
الشرع كما هو والحج ،ونحوها من ال َّطاعات ،فلم أقدر الوفاء بأمور َّ ِّ والصيام
ِّ
ح ُّقها ،وال أقدر على المواظبة والمداومة عليهاَ ،ف َأ ْخبِ ْرنِي بِ َش ْي ٍء َأ َت َش َّب ُث بِ ِه،
أتمسك به. أيَّ :
الص ِّيب (ص.)73 ((( الوابل َّ
((( فتح الباري (.)213/11
ِّرمذي ( ،)3375وابن ماجه (،)3793
ُّ ((( رواه أحمد يف المسند ( ،)17680والت
وصححه األلبانِ ُّي.
َّ
(g
y.
yy
.
y
,
y-
y-
;y
-
y
q;, 42I.x' -
. h.œ' IL 'a>%
a tlu:w.
'
1 ''.uu.w .h.
o--
o'
s.k<p-ô.
yE
'
<y.=.'..-.' J
.sr'llq.1a,
u k -Jiu.jp.-*
u.11la>
' u..
.'
u:mJ.
'11pk
.v
u .r''l11a>
'à
''
J .. o g 'D g g J
. e ..
'3 qN w-
.:$ww
:IG j.e e c.z
Ir. J.j #vj .e 0wu,vr.:e d'
-.tlw!
.
S g ? . . g
wv
V.4'
c2Y tn.>wz
'1a1a>
'o'>.fw..o'Iw.S tth'a:z1u.xlu ..';t1!)l
uw5
. lJ'.x,I
. r'w u.
w u'
. o . y . J g
<tN w.w.
lljw1u
IW j..
z< e.otwao..yp
tW q.
o v...k
IG
1 &. .1jwrl j
.çuv'u'y.
V..o
'I
a..s$31ôao q.1y(-w'luw
..wo.hC
'x.
.an.wt
:w.wk u.
. .wtol)Itw .
hà t.'
JsA.
llJ''o.oIy
' J. .g .. .. . ig s
r..11lu' u.-'tx'z oi3 tou'p Akwo'ulX v
.. '5 Ii to w,..wz.i oup
.. ' .
a*
a.+é'Iww. J w
.vVa'J w '
.e-
u:Iygjz'w é .
-ugJv-.->jJ;.'
'J'
.
. '9 . .
>w:Iu1t-'.gI)w;.t-.JjI'V-
,;
à o : . . ,. . ' J à
lt-wwo.. .'a lkt utw. t.b.. I
w wxml
* '
tw.uupIwla, 'gL;slx:J v.:-pvu'
. m3 J;* 1 uo z-
;
'C
f 'J. 5I j 5 .
u s:- ô.kJ )é jx;I..kJ'
urI
S JIg.Fx
Ip qp1'
:z.p J & ,ô.:.
' u
p Ip<fu,'
t:.pa,.
*z qf
o
aauJ kb
f..; zv .
a 'p'o> Lb o.'.LLJJ!z .a u r ks. .
.
s o ' '
w .x.
'<,-.
).w?z.'
I:a IS;
- 'aI.
'k.cxyN'lm.
çwQ
k''Q+
' .pl'a
'.ç n'I..X >wst5J
<% ' ..> e.t
'mp'j k.àI
'
w
%, o'aJ-çjJ
t.
$.
:5wm
.s1% @wt'
..15I)uox'
. I7rytwN
.rIùXJI>. .-JJIJXo
cw.r1 .
,s JI
l--=57 .v.p'
NlI
QO z Q I
'wy.
Nl '.A Y. (
tw. ;
s l.
' pv. lIwkx ,l .
b.% -v. j, I -1-z n v w
. cw. w jalb'tw.
1z k%.w <u..
u JuwNU à.F
%..F4
.fe.2w= - .4w w,elolU.
w ô w= o NJJ bw= J'3 @u.
1JIu.'..
C'u.
.u
g
4bh.SL.u.s-''WIhz
'Iw'X Jkstp LL'
.'
1,./I
VJ=L.,al1.:uy .
2 àvz. . . so.JI
Ji
.zk
u..; .
v. :.x.
4 ,v.oy '
tkJhAJk.
uJY a lz-IL..U.
.G 7 OJ.
- J15-J,J>='7 a .SJJI..J
.'
.
S &'
6J
J o'
a,;.ou u' G wyJô.kca à. iI L2J
'
uç z5L' ''
'I' 1p' s ' ' o
.. . , w %. ..
?..zru run uozm lk.:-x .
.w lz
'u<'5to,UXA.L.. y.J.afJJ
p'
.rC.'5
u I../%
gl ' l I ' l S t'
'
H?ql.alH?ga
.. m.w
, w.
qhal
: .. o J
' .
aexg
.v
.t.
'!A ! ' J atfa;z .
أحاديث األذكار واألدعية 68
األمــور وت ِ
ُســعدُ ِ ُعيــن علــى ِّ
كل بــأن ال َ
يــزال رط ًبــا لســانُك هــذه ت ُ ْ
«ل َي َز ُال ل ِ َسان َُك َر ْط ًبا مِ ْن ِذك ِْر اهللِ»؛ فيه داللة فقول النَّبِ ِّي ﷺ لهذا َّ
الرجل َ
بالذكر ومواظبته عليه يحصل بسبب عناية العبد ِّ ُ على ال ُّليونة والتَّيسير ا َّل ِذي
تدل على ُل ٍ
يونة يف الرطوبة ُّ وإكثاره منه ف ُيصبح لسانه رط ًبا من ذكر اهلل ،وهذه ُّ
الشرائع ا َّلتِي يؤمر هبا. إقباله على ال َّطاعات والعبادات وأنواع َّ
ِ ِ «ل َيز َُال لِ َسان َ
تدل على التَّيسير الرطوبة ُّ ُك َر ْط ًبا م ْن ِذ ْكرِ اهلل» ،وهذه ُّ قالَ :
الغلظة وزوال قسوة والسهولة وال ِّلين وزوال الجفاف ا َّل ِذي كان عنده ،وزوال ِ
ُّ
رجل جاءأن ً القلب ،والقلب إذا قسى ال يميل لل َّطاعات ،وقد جاء يف األثر َّ
البصري :وقال :أشكو إليك قسوة قلبي قال« :أ ِذ ْب ُه بذكر اهلل»(،)1 ِّ إلى الحسن
فذكر اهلل ُ Fيل ِّين القلب و ُيرطب ال ِّلسان ،فإذا حصل لِين القلب ورطوبة
وتتيسر
َّ ال ِّلسان ذهب عن اإلنسان ال ِّثقل وأصبح مكانه ليونة؛ فتلين له ال َّطاعات
له العبادة ،وينشرح صدره إليها ويأنس بالقيام هبا ،وتكون العبادة َّقرة عين
ِ
قوي العزائم الصعاب ،و ُي ِّ سهل ِّ له ،فذكر اهلل Dهو ا َّلذي ُيل ِّين العسير و ُي ِّ
اله َمم ،و ُيقبل بالعبد على طاعة اهلل. وتنهض به ِ
بالصالة» فهذه ك ُّلها ثمار لذكر اهلل ،Fوفرق بين َمن يقول ِ
«أرحنا َّ
الصالة الصالة» ،بعض النَّاس ُيص ِّلي ولكنَّه ُّ
يمل من َّ ومن يقول ِ
«أرحنا من َّ
وقرة ويتضايق ويجدها ثقيلة على قلبه ،وآخر ُيص ِّلي وهو يجد َّ
الصالة راحة له َّ
عين.
للمنذري ،وقال:
ِّ وقد روى اب ُن أبي الدُّ نيا -كما يف التَّرغيب والتَّرهيب
الزهد (،)1510
الجوزي يف ذ ِّم الهوى (ص ،)69ورواه أحمد يف ُّ
ِّ ((( رواه هبذا ال َّلفظ ابن
الرقة والبكاء ( ،)48والخرائطي يف اعتالل القلوب ( ،)53بلفظ:
وابن أبي الدُّ نيا يف ِّ
« َأ ْدنِ ِه مِ َن ِّ
الذك ِْر».
69 -10حديث :إ َّن هلل مالئكة يطوفون يف ال ُّطرق يلتمسون أهل ال ِّذكر
إسناده حسن -عن األعمش عن سالم بن أبي الجعد قال :قيل ألبي الدَّ رداء:
ُ
وأفضل كثير،
نسمة من مال رجل ٌ نسمة قالَّ :
«إن مائة َ رجل أعتق مائة َإن ً َّ
ُ
لسان أحدكم رط ًبا من ذكر إيمان ملزو ٌم بال َّليل والنَّهار ،وأن ال يزال
ٌ من ذلك
اهلل»(.)1
11
او َي ُة َ Iع َلى َح ْل َق ٍة فِي يد ا ْل ُخدْ ِر ِّي َ Iق َالَ :خ َر َج ُم َع ِ َعن َأبِي س ِع ٍ
َ ْ
اهللَ ،ق َال :آهللِ َما َأ ْج َل َس ُك ْم إِ َّل ِ ِ
ا ْل َم ْسجدَ ،ف َق َالَ :ما َأ ْج َل َس ُك ْم؟ َقا ُلواَ :ج َل ْسنَا ن َْذك ُُر َ
اكَ ،ق َالَ :أ َما إِنِّي َل ْم َأ ْست َْحلِ ْف ُك ْم ُت ْه َم ًة َل ُك ْم، اك؟ َقا ُلواَ :و اهللِ َما َأ ْج َل َسنَا إِ َّل َذ ََذ َ
ول اهلل َان َأ َحدٌ بِ َمن ِْز َلتِي مِ ْن َر ُسول اهلل ﷺ َأ َق َّل َعنْ ُه َح ِدي ًثا مِنِّيَ ،وإِ َّن َر ُس َ َو َما ك َ
ِ ٍ ِ
«ما َأ ْج َل َسك ُْم؟» َقا ُلواَ :ج َل ْسنَا ن َْذك ُُر َ
اهلل ﷺ َخ َر َج َع َلى َح ْل َقة م ْن َأ ْص َحابِه َف َق َالَ :
َون َْح َمدُ ُه َع َلى َما َهدَ انَا ل ِ ْلِ ْس َل ِم َو َم َّن بِ ِه َع َل ْينَاَ ،ق َال« :آهلل ِ َما َأ ْج َل َسك ُْم إِ َّل َذاكَ؟»
«أ َما إِنِّي َل ْم َأ ْست َْح ِل ْفك ُْم ت ُْه َم ًة َلك ُْمَ ،و َلكِنَّ ُه
اكَ ،ق َالَ : َقا ُلواَ :واهلل َما َأ ْج َل َسنَا إِ َّل َذ َ
اهي بِك ُُم ا ْل َم َلئِ َكةَ» .رواه مسلم( .)1قوله« :ت ُْه َم ًة يل َف َأ ْخبرنِي َأ َّن اهلل يب ِ
َ َُ ََ َأتَانِي ِج ْبرِ ُ
َلك ُْم» ،أيَ :ش ًّكا يف ِصدْ قِ ُكم.
الذاكر أن يحظى هبذه المنزلة العظيمة؛ أن يذكره اهلل هذا من عاجل بشرى َّ
Fيف المأل األعلى ،الكرام األطهار الربرة مالئكة اهلل .وهذه المباهاة من
وأن ِّ
للذكر مز َّي ًة على الذكر عنده ومح َّبته لهَّ ،
دليل على شرف ِّ الر ِّب ٌ F َّ
وأيضا دليل على مغفرة اهلل لهم ،وقد تقدَّ م يف الحديث غيره من األعمالً ،
الرضا والغفران «أ ْش ِهدُ ك ُْم َأنِّي َقدْ َغ َف ْر ُت َل ُه ْم» ،فمباهاته سبحانه ٌ
دليل على ِّ ُ
ألن اهلل ال يباهي بأهل المعصية والغفلة ،وإنَّما والفوز بكرامة اهلل وإنعامه؛ َّ
وتعظيما وخو ًفا من النَّار
ً ذكرا هلل وتمجيدً ا
بمن اجتمعوا على الخير؛ ً يباهي َ
((( رواه مسلم (.)2701
71 -11فضل الذكر وجمالسه
وطل ًبا للجنَّة ،فهذا ا َّل ِذي اجتمعوا عليه كان موج ًبا لغفران ذنوهبم وموج ًبا
لمباهاة اهلل هبم المالئكة.
«قال اهللَُ :أنَا ِعنْدَ َظ ِّن َع ْب ِدي
قالَ :ق َال النبي ﷺَ :
ُّ
َو َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة َ I
بِيَ ،و َأنَا َم َع ُه إِ َذا َذك ََرنِي؛ َفإِ ْن َذك ََرنِي فِي َن ْف ِس ِه َذك َْر ُت ُه فِي َن ْف ِسيَ ،وإِ ْن َذك ََرنِي فِي
إل َخ ْيرٍ ِمن ُْه ْم» .متَّفق عليه(.)1 إل َذك َْر ُت ُه فِي َم ٍ َم ٍ
الذكر وعظيم مكانته وأنَّه أرفع األعمال وأج ُّلها وأح ُّبها
وإنَّما يفيد بيان فضل ِّ
إلى اهلل .E
أي األعمال أفضل؟ قال« :أ َّما تقرأ القرآن ﴿ﯪ
قيل لسلمان ُّ :I
ﯫ ﯬﯭ﴾ [العنكبوت ،)1(»!]45 :وذكر ابن أبي الدُّ نيا عن ابن ع َّباس L
«ذكر اهلل أكبر»(.)2
أي العمل أفضل؟ قالُ :
أنَّه ُسئلُّ :
فالصالة ُشرعت ألجل إقامة ذكر اهلل، وذكر اهلل هو مقصود األعمال ك ِّلها؛ َّ
والصيام شرع إلقامة ذكر اهلل ،وال َّطاعات ك ُّلهاِّ والحج ُشرع إلقامة ذكر اهلل،
ُّ
إنَّما ُشرعت إلقامة ذكر اهلل ،ولهذا قال اهلل تعالى﴿ :ﭟ ﭠ ﭡ﴾
الصالة من أجل ذكر اهلل .D
[طه]14 :؛ أي :أقم َّ
تضر ٌع إلى اهلل تعالى ،وقيا ٌم
الصالة؛ إذ هي ُّ
وهذا فيه تنبي ٌه على عظيم قدر َّ
الذكر،فالصالة هي ِّوسؤال له ،Fوإقام ٌة لذكره .وعلى هذا َّ ٌ بين يديه،
ذكرا ،وذلك يف قوله﴿ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ
سماها اهلل تعالى ً
وقد َّ
ذكرا؛ َّ
ألن الصالة هنا ً فسمى َّ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ﴾ [الجمعةَّ ،]9 :
افالحج« :إِن ََّما ُج ِع َل ال َّط َو ُ ِّ روحها و ُل ُّبها وحقيقتُها ،وقال ﷺ يف الذكر هو ُ ِّ
ل َق َام ِة ِذ ْكرِ اهَّلل ِ»( ،)3وجاء يف الحديث ار ِ ِ
ج َم ِالص َفا َوا ْل َم ْر َو ِة َو َر ْمي ا ْل ِ ِ
بِا ْل َب ْيت َو َب ْي َن َّ
ُ
«أ ْك َث ُر ُه ْم لِ َّل ِه ِذك ًْرا» ،قيل: أجرا؟ قالَ :أي المص ِّلين أعظم ً أن النَّبِ َّي ﷺ ُسئلُّ : َّ
ِ ِ أجرا؟ قالَ :
وأي المجاهدين «أ ْك َث ُر ُه ْم ل َّله ِذك ًْرا» ،قيلُّ : الصائمين أكثر ً وأي َُّّ
ِ ِ أجرا؟ قال َ
كل العبادات أجرا يف ِّ «أ ْك َث ُر ُه ْم ل َّله ِذك ًْرا» .فأعظم النَّاس ً أعظم ً
()4
لفالذكر والمداومة عليه ،وقد جاء يف هذا المعنى آثار كثير ٌة عن الس ِ
مالزمة ِّ
َّ ٌ
إلي
أحب َّ ُّ «لَ ْن ُأس ِّبح اهلل تعالى تسبيحات
.Xيقول ابن مسعود َ :I
الص ِّيب (ص.)75 ((( الوابل َّ
الزهد (.)2228
((( رواه ابن أبي شيبة يف المصنَّف ( ،)29726وأحمد يف ُّ
((( جامع العلوم والحكم (.)66/2
بي يف الدُّ عاء ( ،)91وابن أبي شيبة يف المصنَّف ( .)29464وانظر:
الض ُّ
((( رواه َّ
التَّرغيب والتَّرهيب (.)896
75 -11فضل الذكر وجمالسه
12
كل خيرجليل ،ومكان ًة عالية؛ فهو مفتاح ًِّ عظيما ،ومقا ًما
ً َّ
إن للدُّ عاء شأنًا
يف الدُّ نيا واآلخرة ،و َمن ُأعطي الدُّ عاء ُأعطي الخير؛ ألنَّه ُأعطي مفاتيح الخير؛
أن الخير ك َّله بيد اهلل ،وال سبيل إلى تحصيله َّإل بمنِّه وفضله وعطائه وذلك َّ
ِ
الخير؟ جماع
ُ «تذكرت ما
ُ الش ِّخير :V مطرف بن عبد اهلل بن ِّ .Dقال ِّ
أنت ال تقدر فإذا الخير كثير؛ الصوم والصال ُة وإذا هو يف ِ ِ
يد اهلل ،Dوإذا َ َّ َّ ُ ُ ٌ
جماع الخير الدُّ عا ُء» .رواه
ُ أن َ
تسأ َل ُه فيعط َيك ،فإذا على ما يف يد اهلل َّ Dإل ْ
الزهد(.)1 اإلمام أحمد يف ُّ
ألن األمور فالدُّ عاء أساس الخيرات ومفتاح الفضائل والمكرمات؛ َّ
فمن و ِّفق للدُّ عاء فقد نال وذلَ ، عزا ًّ ك َّلها بيد اهلل عطا ًء ومن ًعاً ،
خفضا ورف ًعاًّ ،
خير أن تع َلمكل ٍ «أساس ُِّ مفتاح الخير .قال اإلمام ابن الق ِّيم :يف كتابه الفوائد:
الحسنات مِن نِعمه
ِ ٍ
حينئذ َّ
أن اهلل كان وما َلم يشأ َلم يكن؛ فتي َّقن أن ما شا َء ُ َّ
ئات مِن خذالنِه وأن السي ِ
وتتض َّر َع إليه أن ال يقط َعها عنكِّ َّ َّ ، َ فتشكره عليها َ
ول بينك وبينها ،وال َيكِ َل َك يف فع ِل الحسنات وترك وعقوبتِه ف َت ْبت َِه َل إليه أن َي ُح َ
ِ
بتوفيق اهلل خير فأص ُله كل ٍ أن َّ نفسك ،وقد َأ ْجمع العارفون على َّ السيئات إلى ِ
َّ ِّ
َّوفيق أن ال يكِ َلك اهلل أن الت َ شر فأص ُله ِخذالنُه لعبده ،وأجمعوا َّ وكل ٍّ للعبدَّ ،
كل ٍ
خير ذالن هو أن يخ ِّلي بينَك وبين نفسك ،فإذا كان ُّ الخ َ وأن ِ إلى نفسكَّ ،
الزهد (.)1344
((( رواه أحمد يف ُّ
77 -12فضل الدعاء ()1
ُ
وصدق واالفتقار فمفتاحه الدُّ عا ُء ِ
العبد- فأص ُله التَّوفيق -وهو بيد اهلل ال بيد
ُ ُ
المفتاح فقد أراد أن يفتح هبة إليه ،فمتى َأعطى العبدَ هذا غبة والر ِ
ال َّلجأ والر ِ
َ َّ َّ َ
باب الخير ُم ْر َت ًجا دونه ...وما ُأيت َمن ُأيت َّإل
له ،ومتى أض َّله عن المفتاح بقي ُ
وإهمال االفتقار والدُّ عاء ،وال َظ ِف َر َمن َظ ِف َر -بمشيئة
ِ كر مِن قِ َبل إضاعة ُّ
الش ِ
ِ
االفتقار والدُّ عاء» .اهـ(.)1 ِ
وصدق اهلل وعونِهَّ -إل بقيامه ُّ
بالش ِ
كر
عظيم ،ومكانتُه فيه ساميةٌ ،ومنزلتُه منه عالية؛ إذ ٌ والدُّ عا ُء شأنُه يف اإلسالم
ُّصوص
ُ وأنفع القربات ،ولهذا جاءت الن ُ وأعظم ال َّطاعات
ُ أجل العبادات هو ُّ
الكثير ُة يف كتاب اهلل وسنة رسوله ﷺ مب ِّين ًة فضلهُ ،من َِّوه ًة بمكانته وعظم
دالالت هذه النُّصوص المب ِّينة
ُ تنوعت شأنه ،مر ِّغب ُة فيه وحا َّث ًة عليه ،وقد َّ
والحث عليه ،ويف بعضها التَّحذيرُّ األمر به
ُ لفضل الدُّ عاء؛ فجاء يف بعضها
ذكر ِعظم ثوابه وكرب أجره عند اهلل ،ويف من تركه واالستكبار عنه ،ويف بعضها ُ
وغير ذلك من أنواع مدح المؤمنين لقيامهم به وال َّثنا ُء عليهم بتكميلهُ ، بعضها ُ
الدَّ الالت يف القرآن على عظم فضل الدُّ عاء.
إن اهلل سبحانه قد افتتح كتابه الكريم بالدُّ عاء واختممه به؛ فسورة بل َّ
بأجل المطالب «الفاتحة» ا َّلتِي هي فاتحة القرآن الكريم مشتمل ٌة على دعاء اهلل ِّ
الصراط المستقيم وأكمل المقاصد ،أال وهو سؤال اهلل Dالهداي َة إلى ِّ
واإلعان َة على عبادته والقيا َم بطاعته ،Eوسور ُة «النَّاس» ا َّلتِي هي
خاتمة القرآن الكريم مشتمل ٌة على دعاء اهلل سبحانه ،وذلك باالستعاذة به
يوسوس يف صدور النَّاس من ِ
الجنَّة ُ شر الوسواس الخنَّاس ا َّل ِذيسبحانه من ِّ
دليل علىافتتاح القرآن الكريم بالدُّ عاء واختتا َمه به ٌ
َ أن والنَّاس ،وما من ٍ
ريب َّ
روح العبادات ول ُّبها. ِ
عظم شأن الدُّ عاء وأنَّه ُ
C w- =u> *
t.
JaJ
J
-1a'
:10 .
z bw'-Bz
--t1k'
.r, ,!' b..,
' +vJ1z
- -4.w 211u.
JJ w: aJ.A> u'= -'J'u9yea
CJ
X Iw1
I -411
..:.wfz'
z-'
<.%naazbt-Q-'
.fo'
f'ux1
Jt.....UCxJ!Z J t. ''1., - .
13
من اآليات الكريمة الحا َّثة على الدُّ عاء قول اهلل ﴿ :Dﭝ ﭞ
ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ﴾
حبيب إلى اهلل ،D
ٌ [غافر ،]60 :وقد جمعت هذه اآلية بين أمرين :أحدهما
بغيض إليه سبحانه؛ الحبيب إلى اهلل Cما ذكره يف قوله﴿ :ﭟ واآلخر ٌ
يحب من عباده أن يدعوه .والبغيض إليه Cما ذكره ُّ ﭠ ﭡﭢ﴾؛ فهو
يف قوله ﴿ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ﴾ ،أي :عن دعائي ،فهو يبغض
سمى اهلل Dيف اآلية الدُّ عاء عبادةً ،والمستكرب
المستكربين عن دعائه ،وقد َّ
أحب عن الدُّ عاءُ :مستكربًا عن العبادة .وقد كان سفيان ال َّث ُّ
وري :يقول« :يا َمن ُّ
أبغض عباده إليه َمن َلم يسأله ،وليس عباده إليه َمن سأله فأكثر سؤاله ،ويا َمن ُ
وغيره(.)1
رب» .رواه ابن أبي حاتم ُ غيرك يا ِّ
كذلك ُ
ب اهلل Dللدُّ عاء ،ولعباده وح َّ
وهذا يب ِّين مكانة الدُّ عاء العظيمةُ ،
الدَّ اعين ،وتحذيره Cمن اإلعراض عن الدُّ عاء ،وقد جمع اهلل يف قوله:
﴿ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ﴾ جمع للمستكربين
عن الدُّ عاء بين العقوبة بدخول النَّار وبين التَّحقير واإلهانة ،تك َّبروا عن دعاء
اهلل فأهاهنم سبحانه ،فهم يدخلون جهنَّم ﴿ﭪ﴾ ،أي :حقيرين ذليلين.
ُجمع عليهم العذاب واإلهانة ،عقوبة لهم على استكبارهم.
14
من اآليات الكريمة الحا َّثة على الدُّ عاء قول اهلل ﴿ :Dﯩ ﯪ
ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ
ﯺ ﯻ﴾ [البقرة.]186 :
﴿و َي ْس َأ ُلون ََك﴾؛
آيات عديدة مبدوءة بقولهَ ﴿ :ي ْس َأ ُلون ََك﴾ أو َ
يف القرآن الكريم ٌ
كقوله﴿ :ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ﴾ [البقرة ،]222 :وقوله﴿ :ﮮ
ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ﴾ [البقرة ،]189 :وكقوله﴿ :ﯣ ﯤ ﯥ
ﯦﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ﴾ [البقرة:
،]219وكقوله﴿ :ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ﴾ [البقرة ،]220 :وكقوله:
﴿ﮐ ﮑ ﮒ﴾ [طه ،]105 :وقوله﴿ :ﯮ ﯯ ﯰﯱ﴾ [اإلسراء،]85 :
وك ُّلها يأيت بعدها قوله سبحانه ﴿ﭙ﴾.
بينما يف هذه اآلية آية الدُّ عاء ارتفعت ﴿ﭙ﴾؛ ﴿ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ
ﯭ ﯮﯯ﴾ ،ولم يقل فقل إنِّي قريب؛ وهذا فيه تنبيه إلى ٍ
أمر عظيم ن َّبه عليه
أن أمور الدِّ ين وأحكامه ال سبيل إلى العلم هبا َّإل بالواسطةأهل العلم؛ وهو َّ
ِ
فيتوجه العبد إلى اهلل مباشرة
َّ ﴿ﭙ﴾ ،وأ َّما الدُّ عاء -ا َّلذي هو الت ُّ
َّوجه إلى اهلل-
بال واسطة ،فال يجعل بينه وبين اهلل سبحانه واسطة ،ولهذا إذا قيل :هل األنبياء
واسطة بين اهلل وبين خلقه؟ يقال :في هذا تفصيل:
89 -14فضل الدعاء ()3
إذا كان المراد بذلك البالغ وبيان الدِّ ين؛ يقال نعم هم واسطة فال سبيل
إلى معرفة الدِّ ين َّإل من خاللهم.
َّوجه والعبادة إلى اهلل فليس بين العبد وبين اهلل
وأ َّما إذا كان المراد بذلك الت ُّ
واسطة؛ ﴿ﭟ ﭠ ﭡﭢ﴾ [غافر .]60 :ال تجعل بينك وبين اهلل E
بالسؤال والدُّ عاء واإللحاح عليه،
توجه إليه أينما كنت مباشرة ُّواسطة ،وإنَّما َّ
قريب كما أخرب .E ٌ فهو
ممن دعاهُ ،يجيب دعاءه، قريب َّ
ٌ ﴿ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ﴾؛
و ُيح ِّقق رجاءه ،و ُيعطيه سؤله ،وال ُيخ ِّيب سبحانه عبدً ا دعاه وال مؤمنًا ناجاه.
وقوله﴿ :ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﯵ﴾ [البقرة ]186 :وهذا فيه ٌّ
حث على
ٌ
وبيان أنَّه مستجاب ال ُير ُّد. وترغيب فيه،
ٌ الدُّ عاء
وقوله﴿ :ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ﴾ ختمت اآلية هبذين
القيدين العظيمين﴿ ،ﯶ ﯷ﴾ :هذا كمال العمل﴿ ،ﯸ ﯹ﴾ :هذا
صحة المعتقد؛ وهذان أعظم ما يكون به إجابة الدُّ عاءَّ ،
فإن استجابة العبد هلل َّ
ألن المعاصي عثرة يف طريق اإلجابة بفعل ما أمر وترك ما هنى عنه وزجر؛ َّ
السلف« :ال تستبطيء اإلجابة وقد سددت طرقها تسدُّ طريقها كما قال بعض َّ
ُ
بالمعاصي»( ،)1وقد أخذ بعض ُّ
الشعراء هذا المعنى ،فقال:
ـم ننســاه عنــد كشــف الكــروب
ثـ َّ ٍ
كــرب نحــن ندعــو اإللــه يف ِّ
كل
بالذنــوب قــد ســددنا طريقهــا ُّ كيـــــف نرجــــو إجابـــــة لدعـــ ٍ
ـاء
ث َأ ْغ َب َر َي ُمدُّ َيدَ ْي ِه
الس َف َر َأ ْش َع َ «الر ُج َل ُيطِ ُ
يل َّ وقد ذكر النَّبِ ُّي ﷺ يف الحديثَّ :
ِ ِ
ى إِ َلى َّ
الس َماء َيا َر ِّب َيا َر ِّب َو َم ْط َع ُم ُه َح َرا ٌم َو َم ْش َر ُب ُه َح َرا ٌم َو َم ْل َب ُس ُه َح َرا ٌم َو ُغذ َ
((( صيد الخاطر (ص ،)221وجامع العلوم والحكم (.)277/1
أحاديث األذكار واألدعية 90
اب لِ َذلِ َ
ك»(.)1 بِا ْل َح َرا ِم َف َأنَّى ُي ْست ََج ُ
وصالح العمل هما أعظم ما يكون به إجابة الدُّ عاء ،نظير
ُ فصحة المعتقد
َّ
الشورى﴿ :ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ هذه اآلية قول اهلل Eيف سورة ُّ
الشورى ،]26 :قال ابن جرير :معناه يستجيب الدُّ عاء
ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮡ﴾ [ ُّ
سبب إلجابة دعائهم.
الصالح ٌ لهم .فما معهم من اإليمان والعمل َّ
ُ
أحاديث كثيرة يف التَّرغيب يف الدُّ عاء؛ السنَّة عن النَّبِ ِّي ﷺ
هذا وقد ثبت يف ُّ
السائلين و ُيجيب الدَّ اعين وال ُيخ ِّيب رجاء المؤمنين، أن اهلل تبارك ُيعطي َّببيان َّ
ب من ناجاه أو يمنع ِ
فهو سبحانه ح ِّي ٌّي كريم ،أكر ُم من أن ير َّد َمن دعاه أو يخ ِّي َ
َمن سأله.
الفارسي Iعن النَّبِ ِّي ﷺ قال: ِّ ِّرمذي عن سلمان ُّ روى أبو داود والت
يم َي ْست َْحيِي ِم ْن َع ْب ِد ِه إِ َذا َر َف َع َيدَ ْي ِه إِ َل ْي ِه َأ ْن َي ُر َّد ُه َما ِص ْف ًرا»(،)2
«إِ َّن اهللَ َحيِ ٌّي َكرِ ٌ
أي :خالية.
اهلل
أن َ وجاء يف الحديث القدسي يف بيان منزلة أولياء اهلل المتَّقين عند اهللَّ ،
ِّ
«م ْن َعا َدى لِي َول ًّيا فقدْ آذ ْن ُت ُه بال َح ْربَ ،و َما َتق َّر َب إل َّي َع ْبدي
ِ َ ِ َ ِ ْ ِ َ َ َ ِ
Fيقولَ :
ت َع َل ْي ِهَ ،و َما َيز َُال َع ْب ِدي َي َت َق َّر ُب إِ َل َّي بِالن ََّوافِ ِل َحتَّى ب إِ َل َّي ِم َّما ا ْفت ََر ْض ُ ٍ
بِ َش ْيء َأ َح َّ
ْت َس ْم َع ُه ا َّل ِذي َي ْس َم ُع بِهَ ِ،و َب َص َر ُه ا َّل ِذي ُي ْب ِص ُر بِ ِهَ ،و َيدَ ُه ُأ ِح َّب ُه؛ َفإِ َذا َأ ْح َب ْب ُت ُه ُكن ُ
ا َّلتِي َي ْب ُط ُش بِ َها َو ِر ْج َل ُه ا َّلتِي َي ْم ِشي بِ َهاَ ،وإِ ْن َس َأ َلنِي َلُ ْعطِ َي َّن ُه َو َلئِ ِن ْاس َت َعا َذنِي
البخاري(.)3
ُّ ألُ ِع َيذ َّن ُه» .رواه
فهذان الحديثان وما جاء يف معناها ُّ
تدل أبين داللة على َّ
أن اهلل Fال
((( رواه مسلم (.)1015
ِ
وصححه األلبان ُّي. ِّرمذي (،)3556
((( رواه أبو داود ( ،)1488والت
َّ ُّ
البخاري (.)6502
ُّ ((( رواه
91 -14فضل الدعاء ()3
ير ُّد َمن سأله من عباده المؤمنين وال يخ ِّيب َمن رجاه ،لكن قد استُشكل هذا
-كما ذكر الحافظ ابن حجرَّ -
بأن جماع ًة من ال ُع َّباد ُّ
والصلحاء َد َعوا وبالغوا
تتنوع ،فتار ًة يقع المطلوبأن اإلجاب َة َّ و َلم ُيجابوا ،قال « :Vوالجواب َّ
ٍ
لحكمة ،وتار ًة قد تقع اإلجاب ُة ولكن بعينه على الفور ،وتار ًة يقع ولكن َّ
يتأخر
بغير عين المطلوب؛ حيث ال يكون يف المطلوب مصلح ٌة ناجزةٌ ،ويف الواقع
أصلح منها»(.)1
ُ مصلح ٌة ناجز ٌة أو
«إن َّ
كل دا ٍع ُيستجاب له ،لكن َّ
تتنوع اإلجابةُ؛ فتارة تقع بعين وقال َّ :V
بعوض»( ،)2وقد ورد يف هذا المعنى ا َّل ِذي ذكره :أحاديث ما دعا به ،وتارة ِ
عديدة ،منها:
«ما
الصامت Iرفعهَ : ِّرمذي والحاكم من حديث ُعبادة بن َّ ُّ ما رواه الت
ف عنْه ِمن الس ِ ٍ ع َلى األَر ِ ِ
وء اهاَ ،أ ْو َص َر َ َ ُ َ ُّ
ض ُم ْسل ٌم َيدْ ُعو اهَّللَ بِدَ ْع َوة إِ َّل آتَا ُه اهَّللُ إِ َّي َ ْ َ
ِم ْث َل َها»(.)3
والبخاري يف األدب المفرد والحاكم وغيرهم عن ُّ وروى اإلمام أحمد
«ما ِم ْن ُم ْس ِل ٍم َيدْ ُعو بِدَ ْع َو ٍة َل ْي َس أن النَّبِ َّي ﷺ قالَ : الخدري َّ I ِّ أبي سعيد
فِيها إِ ْثم و َل َقطِيع ُة ر ِح ٍم إِ َّل َأع َطاه اهلل بِها إِحدَ ى َث َل ٍ
ث :إِ َّما َأ ْن ُي َع ِّج َل َل ُه َد ْع َو َت ُه، ْ ُ ُ َ ْ َ َ َ ٌ َ
وء ِم ْث َل َهاَ ،قا ُلواَ :يا ف عنْه ِمن الس ِ ِ ِ ِ ِ
َوإِ َّما َأ ْن َيدَّ خ َر َها َل ُه في ْالخ َرةَ ،وإِ َّما َأ ْن َي ْصرِ َ َ ُ َ ُّ
ول اهلل ِ إِ ًذا ُنكْثِ ُرَ ،ق َال :اهللُ َأ ْك َث ُر»(.)4
َر ُس َ
الصحيحين من حديث أبي هريرة Iعن النَّبِ ِّي ﷺ أنَّه قال: ويف َّ
((( فتح الباري (.)345/11
((( المصدر نفسه.
ِ
ِّرمذي ( ،)3573وقال األلبان ُّي :حسن صحيح.((( رواه الت
ُّ
ِ
وصححه األلبان ُّي. والبخاري يف األدب المفرد (،)710 ((( رواه أحمد (،)11133
َّ ُّ
أحاديث األذكار واألدعية 92
15
ِ
السنَّة النَّبو َّية يف فضل الدُّ عاء :ما رواه النُّ ْع َمان ْب ِن َبش ٍ
ير L مما ورد يف ُّ
َّ
ول اهلل ﷺ َق َال« :الدُّ َعا ُء ُه َو ا ْل ِع َبا َدةُ»ُ ،ث َّم َق َر َأ﴿ :ﭝ ﭞ ﭟ
َأ َّن َر ُس َ
ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ﴾ [غافر:
ِّرمذي(.)1
ُّ .]60رواه أبو داود والت
قوله« :الدُّ عاء هو العبادة»؛ هذا من أساليب الحصر ،نظيره قول النَّبِ ِّي ﷺ:
يحة»( ،)3وإذا كان النَّبِي O
ِ
ُّ «الح ُّج َع َر َفة»( ،)2وقوله ﷺ« :الدِّ ُ
ين النَّص َ َ
علو مكانة الدُّ عاء يف العبادة قد أخرب عن الدُّ عاء بأنَّه هو العبادة؛ فهذا دليل على ِّ
ورفيع شأنه فيها ،وأنَّه أعظمها وأج ُّلها وأح ُّبها إلى اهلل ،وأكرمها عنده ،I
وسيأيت يف الحديث « َليس َشيء َأكْرم ع َلى اهلل ِ ِمن الدُّ ع ِ
اء»(.)4 َ َ ْ ٌ َ َ َ ْ َ
فـ«الدُّ عاء هو العبادة» ،أي :أعظم العبادة وأج ُّلها وأرفعها مكانةَّ .
ثم قرأ
Oشاهدً ا لذلك قول اهلل ﴿ :Cﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ
فسمى
ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ﴾ [غافر]60 :؛ َّ
استكبارا عن عبادته .لم يقل يستكربون عن ً Cاالستكبار عن دعائه
دعائي! بل قال﴿ :ﭦ ﭧ﴾؛ َّ
فدل هذا على َّ
أن الدُّ عاء هو العبادة.
وصححه األلبانِ ُّي.
َّ ِّرمذي ( ،)1479وابن ماجه (،)3828
ُّ ((( رواه أبو داود ( ،)2969والت
ِ
وصححه األلبان ُّي. َّسائي ( ،)3016وابن ماجه (،)3015
َّ ِّرمذي ( ،)889والن ُّ
ُّ ((( رواه الت
((( رواه مسلم (.)55
ِ
وحسنه األلبان ُّي. ِّرمذي ( ،)3370وابن ماجه (،)3829 ((( رواه الت
َّ ُّ
95 -15فضل الدعاء ()4
كالمه .)1(V
واف يف هذا الباب مشتمل على تحقيق متقن وتأصيل ٍ ٌ وهو كما ترى
قربة إلىالم ِّ َ
واألكمل يف العبادات واألمور ُ َ
األفضل العظيم ل ِ َمن أراد لنفسه
ٍ
وحال :هو مراعاة ُسنَّة النَّبِ ِّي ﷺ كل ٍ
وقت األفضل يف ِّ
َ اهلل ،Dوحاص ُله َّ
أن
يف ذلك الوقت والحال ،واالشتغال بواجب ذلك الوقت ووظيفته ومقتضاه،
فبذلك يدرك المسلم الكمال ،ويظفر باألفضل واألكمل.
َ
األعمال المتساوية يف الجنس تتفاضل بتفاضل على أنَّه ينبغي أن ُيعلم َّ
أن
ما يف القلوب من اإليمان باهلل والمح َّبة له والتَّعظيم لشرعه وقصد وجهه
تفاضل ال يحصيه وال يحيط به َّإل اهلل.
ً بالعمل
هبي :يف سير أعالم النُّبالء َّ
ومن لطيف ما ُيذكر يف هذا الباب :ما أورده الذ ُّ
أن عبد اهلل بن عمريف ترجمة اإلمام مالك بن أنس -إمام دار الهجرة َّ - V
مري العابد كتب إلى اإلمام مالك َي ُح ُّضه على االنفراد والعمل ،فكتب إليه ال ُع َّ
األعمال كما قسم األرزاقُ ،فر َّب رجل َ مالك بن أنس َّ :V
«إن اهلل قسم ُ
َشر العلمالصوم ،وآخر فتح له يف الجهاد ،فن ُ الصالة ،ولم يفتح له يف َّ ُفتح له يف َّ
رضيت بِما فتح لي ،وما أظ ُّن ما أنا فيه بدون ما ُ من أفضل أعمال البِ ِّر ،وقد
أنت فيه ،وأرجو أن يكون كِالنَا على خير وبِ ٍّر»(.)2
16
w w Z *7 f 5
Ct.p!Jb3P !7--=a>a.2! 'zJ CO *
-
. 1Z 1)
J.'
tp-tJIUJJJ %ô.k.w.I
- u.s
d I
=C
+'
;; ;; .. w
vstwa
Q. '@'(
çaotxa%a
.'J
.. ! 'R'1J-
U-F.
. 1zùuJ
3
tv %a
.
.'J .. !aL.'zJ - .
p s ! g. .
.w .2 .oui.o.x .v.é.J.
wa . y q. o wf .9 .u
'
' I Nr
I m J #c :1 j t f J' I ' ' ' ' j11
. J..wy. w.x w sdusxv' ôz).uk>..JJpl,Q luFw v
ut '
ap3. lpupap
أحاديث األذكار واألدعية 102
اءول اهلل ﷺ َق َال« :ين ِْز ُل ربنا Fك َُّل َلي َل ٍة إِ َلى السم ِ َو َعنْ ُه َ Iأ َّن َر ُس َ
َّ َ ْ َ َ ُّ
يب َل ُه؟ َم ْن َي ْس َأ ولَ :م ْن ُيدْ ُعونِي َف َأ ْست ِ
َج َ ث ال َّل ْي ِل ْال ِخرَِ ،ف َي ُق ُ
ين َي ْب َقى ُث ُل ُ ِ
الدُّ ْن َيا ح َ
البخاري ومسلم(.)1ُّ ُلنِي َف ُأ ْعطِ َي ُه؟ َم ْن َي ْس َتغ ِْف ُرنِي َف َأ ْغ ِف َر َل ُه؟» .رواه
وقت شريف حديث عظيم يف بيان ٍ ٌ اإللهي- هذا الحديث -حديث النُّزول
ِّ
وأن الدُّ عاء فيه مستجاب وأرجى من غيره ،وهو ال ُّثلث األخير من للدُّ عاءَّ ،
ال َّليل ،قال اهلل تعالى﴿ :ﭡ ﭢ﴾ [آل عمران ،]17 :وقال :C
الذاريات ،]18 :ويكفي شر ًفا لهذا الوقت ومكان ًة له؛ َّ
أن ﴿ﮓ ﮔ ﮕ﴾ [ َّ
رب العالمين Eينزل فيه -كما أخرب نب ُّيه ً -O
نزول يليق َّ
«ل
السماء الدُّ نيا .ولهذا جاء يف بعض روايات الحديثَ :
بجالله وكماله إلى َّ
َأس َأ ُل عن ِعب ِ
ادي َأ َحدً ا َغ ْيرِي»( ،)2ويقول َ « :Cمن يدعوين؟ َمن يسألني؟ َ ْ َ ْ
َمن يستغفرين؟»؛ يقول ذلك يف هذا الوقت َّ
كل ليلة ،فهو أحرى أوقات إجابة
الدُّ عاء.
ُ
أفضل أوقات الدُّ عاء ِ
المبارك ،وأنَّه ِ
الوقت فالحديث ٌ
دليل على فض ِل هذا ُ
مستجاب،
ٌ بالسؤالَّ ،
وأن الدُّ عا َء يف هذا الوقت واالستغفار واإلقبال على اهلل ُّ
قال شيخ اإلسالم ابن تيم َّية « :Vوالنَّاس يف آخر ال َّليل يكون يف قلوهبم من
مناسب لنزوله قة ما ال يوجد يف غير ذلك الوقت ،وهذا التَّوجه والتَّقرب والر ِ
ٌ ِّ ُّ ُّ
إلى سماء الدُّ نيا ،وقوله :هل من داعٍ ،هل من سائل ،هل من تائب» اهـ كال ُمه
.)3(V
البخاري يف األدب المفرد، الدعاء :ما رواه أيضا في فضل ُّ وم َّما ورد ً
ُّ ِ
وابن ِح َّبان يف صحيحه عن أبي هريرة Iموقو ًفا ،وال َّطربانِ ُّي يف األوسط
اءَ ،و َأ ْبخَ ُلَّاس من عج َز ع ِن الدُّ ع ِ عنه ،عن النَّبِي ﷺ مرفو ًعا قالَ :
َ َ «أ ْع َج ُز الن ِ َ ْ َ ِّ
ٍ يسير جدًّ ا على ِّ ِ ِ الن ِ
كل أحد ،فهو ال أمره ٌ الس َلمِ» ؛ فالدُّ عا ُء ُ َّاس َم ْن َبخ َل ب َّ
()1
تعب وال مش َّقةٌ؛ ولهذا يتط َّلب جهدً ا عند القيام به ،وال يلحق الدَّ اعي بسببه ٌ
وح ِر ٌّي بِ َمن عجز عنه مع العجز عنه والتَّواين يف أدائه هو أشدُّ ال َعجزَ ، َ َّ
فإن
ضعيف
ُ الهم ِة ِ
عجز عن الدُّ عاء َّإل َدن ُّي َّ سره وسهولته أن يعجز عن غيره ،وال َي ُ ُي ِ
اإليمان.
الدعاء :ما رواه اإلمام أحمد وابن ماجه وغيرهما وم َّما جاء في فضل ُّ
ِ
«ل َي ُر ُّد ا ْل َقدَ َر إِ َّل الدُّ َعا ُء»()2؛ فهذا فيه دليل
أن النَّبِي ﷺ قالَ :
َّ
عن ثوبان َّ I
أن اهلل سبحانه يدفع بالدُّ عاء ما قد قضاه على العبد ،وقد ورد يف هذا على َّ
أن الدُّ عا َء مِن َقدَ ِر اهلل D؛ إذ إنَّه أحاديث عديدة ،وحاصل معناهاَّ : ُ المعنى
عبده قضا ًء مق َّيدً ا بأن ال يدعوه ،فإذا دعاه اندفع سبحانه قد يقضي باألمر على ِ
أن الدُّ عا َء من أعظم األسباب ا َّلتِي ُتنال هبا سعادة عنه .ويف هذا دالل ٌة على َّ
مطلوب وال ٍ تأثير له يف حصول أن الدُّ عا َء ال َ لمن يعتقد َّ الدُّ نيا واآلخرة ،خال ًفا َ
وأن ما حصل به يحصل بدونه، ٍ
محضةَّ ، ٍ
عبادة مجر ُد ٍ
مرهوب ،وإنَّما هو َّ دفع
قدر الدُّ عاء.
ف َ وال يقول هذا َمن َع َر َ
قال شيخ اإلسالم ابن تيمية « :Vولهذا ُأمر النَّاس بالدُّ ِ
عاء واالستعان َِة ُ َّ
كال على ال َقدَ ِر وغير ذلك مِن األسباب ،و َمن قال« :أنا ال أدعو وال ُ
أسأل» ا ِّت ً ِ
ؤال من األسباب ا َّلتِي ينال هبا مغفر ُته والس َ اهلل َ
جعل الدُّ عا َء ُّ كان مخط ًئا؛ َّ
ألن َ
وصححه األلبانِ ُّي.
َّ ((( األدب المفرد ( ،)1042وصحيح ابن ِح َّبان (،)4498
وحسنه األلبانِ ُّي.
َّ ((( رواه أحمد ( ،)22413وابن ماجه (،)4022
أحاديث األذكار واألدعية 104
عاء َلم َيحصل ورحمتُه وهداه ونصره ورز ُقه ،وإذا قدَّ ر للعبد خيرا يناله بالدُّ ِ
ً ُ
أحوال العباد وعواقبِهم فإنَّما قدَّ ره اهلل ِ اهلل و َعلِ َمه من بدون الدُّ عاء ،وما قدَّ ر ُ
المقادير إلى المواقيت ،فليس يف الدُّ نيا واآلخرة شيء َّإل َ ُ
يسوق ٍ
بأسباب
خالق األسباب والمس َّب َبات» .اهـ(.)1 بسبب ،واهلل ُ
الدعاء :ما رواه مسلم َع ْن َأبِى َذ ٍّر َ Iع ِن ومما ورد في فضل ُّ َّ
ت ال ُّظ ْل َم ادي إِنِّي َح َّر ْم ُ النَّبِى ﷺ فِيما روى َع ِن اهَّللِ َ Fأ َّنه َق َال« :يا ِعب ِ
َ َ ُ َ َ َ ِّ
ادي ُك ُّلك ُْم َض ٌّال إِ َّل َم ْن ع َلى َن ْف ِسي وجع ْل ُته بينَكُم محرما َف َل َت َظا َلموا ،يا ِعب ِ
ُ َ َ َ َ َ ُ َ ْ ْ ُ َ َّ ً َ
اس َت ْط ِع ُمونِي ِ ِ ِ
است َْهدُ وني َأ ْهدك ُْمَ ،يا ع َبادي ُك ُّلك ُْم َجائ ٌع إِ َّل َم ْن َأ ْط َع ْم ُت ُه َف ْ
ِ ِ
َهدَ ْي ُت ُه َف ْ
اس َتك ُْسونِي َأك ُْسك ُْمَ ،يا ِع َبادي ار إِ َّل َم ْن ك ََس ْو ُت ُه َف ْ ادي ُك ُّلك ُْم َع ٍ ُأ ْط ِعمكُم ،يا ِعب ِ
ْ ْ َ َ
اس َتغ ِْف ُرونِي َأ ْغ ِف ْر َلك ُْم، ِ
ُوب َجمي ًعا َف ْ الذن َ ار َو َأنَا َأ ْغ ِف ُر ُّ ُون بِال َّل ْي ِل َوالن ََّه ِ إِ َّنك ُْم تُخْ طِئ َ
ادي ادي إِ َّنكُم َلن َتب ُلغُوا َضرى َفت َُضرونِي و َلن َتب ُلغُوا َن ْف ِعي َف َتنْ َفعونِي ،يا ِعب ِ يا ِعب ِ
َ َ ُ َ ْ ْ ُّ ِّ ْ ْ ْ َ َ
اح ٍد ِمنْك ُْم ب رج ٍل و ِ
َل ْو َأ َّن َأ َّو َلك ُْم َوآخ َرك ُْم َوإِن َْسك ُْم َو ِجنَّك ُْم كَانُوا َع َلى َأ ْت َقى َق ْل ِ َ ُ َ
ِ
آخ َرك ُْم َوإِن َْسك ُْم َو ِجنَّك ُْم ادي َلو َأ َّن َأو َلكُم و ِ ك فِي م ْلكِي َشيئًا ،يا ِعب ِ َما زَا َد َذلِ َ
َّ ْ َ ْ ْ َ َ ُ
ك ِمن م ْلكِي َشيئًا ،يا ِعب ِ ِ ِ ٍ كَانُوا َع َلى َأ ْف َجرِ َق ْل ِ
ادي َل ْو ْ َ َ ب َر ُج ٍل َواحد َما َن َق َص َذل َ ْ ُ
ت اح ٍد َف َس َأ ُلونِي َف َأ ْع َط ْي ُ يد و ِ ِ ٍ ِ
َأ َّن َأ َّو َلك ُْم َوآخ َرك ُْم َوإِن َْسك ُْم َو ِجنَّك ُْم َق ُاموا في َصع َ
ِ
ك ِم َّما ِعن ِْدي إِ َّل ك ََما َي ْن ُق ُص ا ْل ِمخْ َي ُط إِ َذا ُأ ْد ِخ َل ان َم ْس َأ َل َت ُه َما َن َق َص َذلِ َ ك َُّل إِن َْس ٍ
ِ ِ ِ ِ
اها؛ َف َم ْن َو َجدَ ا ْل َب ْح َرَ ،يا ع َبادي إِن ََّما ه َي َأ ْع َما ُلك ُْم ُأ ْحص َيها َلك ُْم ُث َّم ُأ َو ِّفيك ُْم إِ َّي َ
وم َّن إِ َّل َن ْف َس ُه»(.)2 ك َف َل َي ُل َ َخ ْي ًرا َف ْل َي ْح َم ِد اهَّللَ َو َم ْن َو َجدَ َغ ْي َر َذلِ َ
جميع مصالح دينهمَ يحب أن يسأله العبا ُد
ُّ اهلل
أن َ ويف الحديث دالل ٌة على َّ
والشراب والكسوة وغير ذلك ،كما يسألونه الهداي َة ودنياهم؛ من ال َّطعام َّ
17
فضل االستغفار
أعظم أسباب نزول الغيث ،وحلول الربكة ،وخروج بركات األرض من زروع
ويحصل هبا
ُ ونبات ،وأشجار وثمار نافعات﴿ ،ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ﴾ ،أي:
وصحة األجساد ،فكم فيه من بركة عظيمة.
َّ قوة األبدان
َّ
الضائقات؛ من جفاف األرض ،وحصول الفقر والعوز والحاجة، فجميع َّ
وتوالي ال ُكرب ،إلى غير ذلك زوالها بأن يكثر العبد من االستغفار ،وكثرة
االستغفار من العبد أمارة الفرج ،وحلول الخير ،والربكة وزوال الهموم
والكرب بإذن اهلل .E
وقال اهلل تعالى﴿ :ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ
ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ﴾ [هود.]3 :
أيضا من عوائد االستغفار وثماره وآثاره العظيمة؛ ﴿ﮱ ﯓ ﯔ
وهذه ً
ﯕ ﯖ ﯗ﴾ أيُ :يعطكم من رزقه ما تتمتَّعون به وتنتفعون ﴿ﯕ ﯖ ﯗ﴾،
أي :إلى وقت وفاتكم ﴿ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ﴾ ،أي :يعطي أهل اإلحسان
والبِ ِّر من فضله ِّ
وبره ما هو جزا ٌء إلحساهنم من حصول ما يح ُّبون ودفع ما
يكرهون.
وقال اهلل تعالى﴿ :ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ
ﯶ ﯷ﴾ [األنفال.]33 :
أن العبد يف ٍ
أمان من العذاب هذه آية عظيمة يف شأن االستغفار؛ ففيها َّ
كثرا من االستغفار ،قال ابن ع َّباس « :Lكان فيهم -أي األ َّمة- ما دام ُم ً
أمانان :النَّبِ ُّي ﷺ ،واالستغفار؛ فذهب النَّبِ ُّي ﷺ وبقي االستغفار»( ،)1فهذا
أمان باقي يف األ َّمة ما داموا مكثرين من االستغفار ،وك َّلما عظمت عناية األ َّمة
ٌ
وغيرهما عن بالل بن يسار بن زيد عن أبيه عن ِّرمذي ُ ُّ وروى أبو داود والت
«م ْن َق َالَ :أ ْس َتغ ِْف ُر اهللَ ا َّل ِذي َل إِ َل َه إِ َّل ُه َو ا ْل َح ُّي جدِّ ه أنَّه سمع النَّبِ َّي ﷺ ،يقولَ :
َان َفر ِمن الزَّح ِ ِ ِ
ف»(.)3 ُوب إِ َل ْيهُ ،غف َر َل ُه َوإِ ْن ك َ َّ َ ْ ا ْل َق ُّيو ُم َو َأت ُ
«واهلل ِ إِنِّيوعن أبي هريرة Iقال :سمعت رسول اهلل ﷺ يقولَ :
ِ ِ ِ ِ ِ
البخاري(.)4
ُّ ين َم َّرةً» .رواه ُوب إِ َل ْيه في ا ْل َي ْو ِم َأ ْك َث َر م ْن َس ْبع َ
َلَ ْس َتغْف ُر اهللَ َو َأت ُ
ت َأ َحدً ا َأ ْك َثر ِم ْن رس ِ
ول «ما َر َأ ْي ُ
َ ُ َ وثبت عن أبي هريرة Eأنَّه قالَ :
ُوب إِ َل ْي ِه»(.)5 ِ
ولَ :أ ْس َتغْف ُر اهللَ َو َأت ُ اهلل ِ ﷺ َي ُق ُ
يدل على كثرة مالزمته ﷺ لالستغفار وعظيم عنايته به ،مع أنَّه ﷺ قد وهذا ُّ
تأخر! َّإل أنَّه Oكان كثير االستغفار غفر اهلل له ما تقدَّ م من ذنبه وما َّ
ٍ
استغفارات كثيرة، الصحابة Mيحصون له يف مجالسه يف مجالسه ،وكان َّ
ُوب إِ َل ْي ِه»، ِ ِ وكثيرا ما يسمعونه ص َلو ُ ِ
«أس َتغْف ُر اهَّللَ َو َأت ُ
ات اهلل َو َس َل ُم ُه َع َل ْيه يقولْ : َ َ ً
ُب َع َل َّي» ،ونحو ذلك. ِ ِ
«ر ِّب ا ْغف ْر ل َ
ي ،وت ْ ويقولَ :
فكان Oمالز ًما لالستغفار يف ِّ
كل أوقاته ،حتَّى إنَّه O
الشريفة وعمره المديد باالستغفار ،كما جاء يف حديث عائشة ختم حياته َّ
Jتقول :مات ﷺ بين سحري ونحري ،وسمعته يقول :O
ختم لحياته ك ِّلها يق األَ ْع َلى» ،فهذا ٌ
()1 الرفِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
«ال َّل ُه َّم ا ْغف ْر لي َو ْار َح ْمني َو َأ ْلح ْقني بِ َّ
ات اهللِ َو َس َل ُم ُه َع َل ْي ِه باالستغفار ،كما أنَّه كان يختم مجالسه المباركة َص َل َو ُ
باالستغفار.
«أن رس َ ِ ِ
َّاس
ول اهلل ﷺ َج َم َع الن َ وأخرج النَّسائ ُّي عن أبي هريرة ُ َ َّ َ :I
ُوب إِ َل ْي ِه فِي ا ْل َي ْو ِم ِما َئ َة َم َّر ٍة»(.)2 ِ
َّاس تُو ُبوا إِ َلى اهللَ ،فإِنِّي َأت ُ
َف َق َالَ :يا َأ ُّي َها الن ُ
أن رسول اهلل ﷺ قال« :إِ َّن ُه َل ُيغ ُ
َان َع َلى َق ْلبِي، األغر المزنِي َّ :I ِّ وعن
ِّ
َوإِنِّي َلَ ْس َتغ ِْف ُر اهللَ فِي ا ْل َي ْو ِم ِما َئ َة َم َّر ٍة» .رواه مسلم( .)3قولهَ « :ل ُيغَان»؛ الغين:
ِ
يسلم منه البشر. السهو ا َّلذي ال ْ الغيم ،والمراد :ما يغشاه من َّ
كل ما يغشاه منفهذا فيه أثر االستغفار على القلب ،وأنَّه يجلو عن القلب َّ
قلي ٍل أو كثير ،فك َّلما كان العبد كثير االستغفار كان هذا االستغفار ِجالء لقلبه
وزكا ًء لنفسه.
وصححه األلبانِ ُّي.
َّ ِّرمذي ( ،)3496وابن ماجه (،)1619 ُّ ((( رواه الت
ِّرمذي ( ،)3259وابن ماجه ِ
((( رواه النَّسائ ُّي يف الكربى ( ،)10192ونحوه عند الت
ِّ
وصححه األلبانِ ُّي.
َّ (،)3815
((( رواه مسلم (.)2702
111 -17فضل االستغفار
َّشهد
-ومنها ما ثبت يف صحيح مسلم أنَّه كان من آخر ما يقوله ﷺ بين الت ُّ
ت َو َما َأ َّخ ْر ُتَ ،و َما َأ ْس َر ْر ُت َو َما َأ ْع َلن ُ
ْتَ ،و َما والتَّسليم« :ال َّل ُه َّم ا ْغ ِف ْر لِي َما َقدَّ ْم ُ
ْت»(.)1 ْت ا ْل ُم َؤ ِّخ ُرَ ،ل إِ َل َه إِ َّل َأن َ ْت َأ ْع َل ُم بِ ِه ِمنِّيَ ،أن َ
ْت ا ْل ُم َقدِّ ُم َو َأن َ تَ ،و َما َأن ََأ ْس َر ْف ُ
الحق
ٌ -ومنها -وهو أ َت ُّمها وأكم ُلها -س ِّيدُ االستغفار ،وسيأيت عنه حديث
بإذن اهلل.
18
مهم ينبغي على الدَّ اعي أن يعنى به؛ ليكون ذلك موج ًبا لقبول باب ٌّ هذا ٌ
وآداب تثمر قبول الدُّ عاء
ٌ ٌ
شروط دعائه وعدم ر ِّد سؤاله؛ ذلك َّ
أن الدُّ عاء له
ثمة موانع تمنع من إجابة الدُّ عاء ،فعلى العبد أن ُيعنى هبذا وأيضا َّ
وعدم ر ِّدهً ،
المقام عناية عظيمة ،بأن يعرف موجبات قبول الدُّ عاء فيح ِّققها؛ لتكون سب ًبا
أيضا موانع قبول الدُّ عاء ليتَّقيها ويحذرها؛ ألنَّها لقبول دعائه ،وأن يعرف ً
آيات وأحاديث كثيرة. موجب ٌة لر ِّد دعائه ،ويف هذا الباب ٌ
﴿ﯗ ﯘ ﯙ ﯚﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ﴾ [غافر: قال اهلل تعالى:
.]65
أهم شرط وأعظم ضابط يف هذا الباب؛ ﴿ﯗ ﯘ ﯙ ﯚﯛ﴾،
هذا ُّ
أي :أخلصوا الدُّ عاء هلل ،فال تدعوا َّإل اهلل ،ويف حديث ابن ع َّباس Lقال:
است َِع ْن بِاهَّللَِ ،وا ْع َل ْم َأ َّن ْت َف ْ اس َأ ِل اهَّللََ ،وإِ َذا ْاس َت َعن َ
ت َف ْ قال النَّبِ ُّي ﷺ« :إِ َذا َس َأ ْل َ
ك، وك إِ َّل بِ َش ْي ٍء َقدْ َك َت َب ُه اهَّللُ َل َوك بِ َش ْي ٍء َل ْم َينْ َف ُع َ
ت َع َلى َأ ْن َينْ َف ُع َ ُْال َّم َة َل ِو ْ
اجت ََم َع ْ
ك، وك إِ َّل بِ َش ْي ٍء َقدْ َك َت َب ُه اهَّللُ َع َل ْي َ
وك بِ َش ْي ٍء َل ْم َي ُض ُّر َ اجت ََم ُعوا َع َلى َأ ْن َي ُض ُّر َ َو َل ِو ْ
ِ ِ ِ
ف»(.)1 الص ُح ُ ُرف َعت ْالَ ْق َل ُم َو َج َّفت ُّ
كفر وضالل ،قال اهلل تعالى﴿ :ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ
ودعاء غير اهلل ٌ
ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ﴾ [األحقاف ،]5 :وقال تعالى:
وصححه األلبانِ ُّي.
َّ ِّرمذي (،)2516
ُّ ((( رواه الت
أحاديث األذكار واألدعية 114
﴿ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ﴾ [اإلسراء:
،]56وقال تعالى﴿ :ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ
ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ﴾ [سبأ،]22 :
خالصا هلل.
ً واآليات يف هذا المعنى كثيرة .فهذا أعظم ضابط؛ أن يكون الدُّ عاء
موحدً ا ،فهذا أعظم النِّعم
مخلصا يف عبادته مفر ًدا ر َّبه هبا ِّ
ً وإذا كان العبد
وأكرب المنن ،ولهذا ُأتبع اإلخالص يف اآلية بالحمد ﴿ﯗ ﯘ ﯙ ﯚﯛ
ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ﴾ [غافر ،]65 :فهذه أكرب نعمة وأعظم مِنَّة؛ أن يكون العبد
من أهل اإلخالص والتَّوحيد؛ ولهذا ُختمت بحمده Eعلى هذه
النِّعمة العظيمة.
وقال تعالى﴿ :ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ
ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ
ﯢ﴾ [األعراف.]56-55 :
ّ
جمعت هاتان اآليتان جملة من اآلداب العظيمة للدُّ عاءِ ،
ولعلي أشير إليها
باختصار:
وحدوه دون سواه؛ فالدُّ عاء عبادة ال األول :قوله ﴿ﮨ ﮩ﴾ ،أيِّ : َّ
رب العالمين ،وال يستح ُّقها أحدٌ سواه. يلتجئ فيها َّإل إلى ِّ
َّ
السؤال وال َّطلب؛َّضرع :هو اإللحاح ودوام ُّ الثاني :قوله ﴿ﮪ﴾ ،والت ُّ
ِ
يحب منك أن ُت َّ
لح ُّ أيَ :أل َّح على اهلل بالدُّ عاء ،وأكثر من الدُّ عاء ُّ
والسؤال ،فاهلل
المتضرعين.
ِّ وتضرع
ُّ الملحين
ِّ إلحاح
َ ويحب
ُّ عليه،
َّ
الثالث﴿ :ﮫﮬ﴾ ،أي :بينك وبين اهلل؛ فال ترفع صوتك به ،بل تدعوه
ٍ
حرك تحرك لسانك ،بل ِّ دعا ًء خف ًّيا بصوت خافت .وليس المراد بـ«خفية» َّأل ِّ
115 -18شروط ال ُّدعاء وآدابه ()1
ٍ
لسانك بكلمات الدُّ عاء ولكن بصوت خافت ،قال اهلل Dعن زكر َّيا S
وأتم يف
﴿ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ﴾ [مريم]3 :؛ ناداه نداء خف ًّيا ليكون أكمل َّ
إخالصه لر ِّبه .E
الرابع :قوله ﴿ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ﴾ ،واالعتداء يف الدُّ عاء بابه واسع، َّ
السنَّة ،ففي اآلية التَّحذير من االعتداء كل ما خالف ُّ ويمكن جمع ذلك يف ِّ
يف الدُّ عاء بمخالفة هدي النَّبِ ِّي الكريم ،Oوقد قال :O
ون فِي الدُّ ع ِ
اء َوال َّط ُه ِ
ور»(.)1 ُون َب ْع ِدي َق ْو ٌم ِم ْن َه ِذ ِه ْالُ َّم ِة َي ْعتَدُ َ
«س َيك ُ
َ َ
الخامس :قوله ﴿ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ﴾ ،أي :بعد أن أصلحها
والسنَّة والهدي القويم ا َّل ِذي جاء به النَّبِ ُّي الكريم ،Oاهلل بالتَّوحيد ُّ
الصالحبالشرك ،وال تفسدوها بالبدع والمعاصي ،بل اعتنوا هبذا َّ فال تفسدوها ِّ
وسط سبحانه النَّهي عن اإلفساد يفتحقي ًقا له ومداوم ًة عليه وحف ًظا له .وقد َّ
أثناء األمر بالدُّ عاء لإليذان بأن َمن ال يعرف نفسه بالحاجة واالفتقار إلى
وخفية وال خو ًفا
تضر ًعا ُ
رحمة ر ِّبه الغني القدير وفضله وإحسانه ،وال يدعوه ُّ
من عقابه وطم ًعا يف غفرانه ،فإنَّه يكون أقرب إلى اإلفساد منه إلى اإلصالح.
والسابع :قوله ﴿ﯙ ﯚ ﯛﯜ﴾ ،أي :اجمعوا يف دعاءكم بين السادس َّ َّ
الرجاء والخوف؛ وهذان ركنان ال ُبدَّ منهما يف ِّ
كل عبادة، الخوف وال َّطمعَّ ،
طاعة وأنت ترجو رحمة اهلل وتخاف عذابه. ٍ بأن تدعو اهلل وتعبده وتقوم ِّ
بكل
ثم ختمها بقوله﴿ :ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ﴾ ،وهذا فيه إشارة َّ
إلى تحقيق مقام اإلحسان يف العبادة ،وهو كما قال َ :O
«أ ْن َت ْع ُبدَ اهَّللَ
ك ََأن َ
َّك ت ََرا ُه».
عدي « :Vوحاصل ما ذكر اهلل من آداب الدُّ عاء: ِ قال َّ
الشيخ ابن س ٍّ
وصححه األلبانِ ُّي.
َّ ((( رواه أبو داود ( ،)1480وابن ماجه (،)3864
أحاديث األذكار واألدعية 116
اعي َّ أن إخفا َء الدُّ عاء أبعدُ له من القواط ِع ثامنهاَّ :
والمشوشات ،فإن الدَّ َ ِّ
تشويش وال غيره ،وإذا ٌ يحصل على هذا ُ يدر به أحدٌ ،فال إذا أخفى دعا َءه َلم ِ
أن األرواح البشر َّية وال ُبدَّ ،ومانعته وعارضته ،ولو َلم يكن َّإل َّ ُ جهر به فرطت
أثر الدُّ عاء ،و َم ْن له تجرب ٌة يعرف هذا ،فإذا فيضعف ُُ تع ُّلقها به ُيفزع عليه ِه َّمتَه
أسر الدُّ عا َء أمِن هذه المفسدةَ. َّ
درها، نعمة حاسد على َق ِ ولكل ٍِّ ُ
اإلقبال والتَّع ُّبد، أن أعظم الن ِ
ِّعمة تاسعهاَّ :ُ
َ
فإن أن ُف َس الحاسدين متع ِّلق ٌة ِّعمةَّ ،د َّقت أو ج َّلت ،وال نعم َة أعظم من هذه الن ِ
ُ
ِ
أسلم من إخفاء نعمته عن الحاسد ،وقد قال يعقوب ِ ِ هبا ،وليس للمحسود
ُ
ليوسف ﴿ :Rﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ﴾ [يوسف]5 :
اآلية.
ِ ِ ِ
العظيمة وال ِّث ِ ِ
إخفاء ب على مار الكريمة التي ترت َّت ُ الفوائد فهذه جمل ٌة من
ِ
إخفاء الدُّ عاء يظهر للمسلم أهم َّي ُة الجهر به ،ومِن خاللها ِ كر وعد ِمالذ ِِّ
ُ
ب عليه ِضدُّ ذلك. ِ ِ ِ
الجهر به وإعالنه ،فإنَّه يرت َّت ُ وإسراره ،بخالف
119 -19شروط ال ُّدعاء وآدابه ()2
19
أن من األُ َّمة َمن سيقع يف االعتداء يف وقد جاء عن النَّبِي ﷺ ما ُّ
يدل على َّ
ِّ
ِّ
محذ ًرا منه ناه ًيا عنه مب ِّينًا لخطره، الدُّ عاء ،وعندما أخرب ﷺ بذلك أخرب به
وهذا من َتمام وكمال نصحه أل َّمته صلوات اهلل وسالمه عليه ،وهو ً
أيضا من
ُبوته ﷺ.
عالمات ن َّ
وغيرهما عن عبد اهلل بن مغ َّفل :I ُ روى اإلمام أحمد وابن ماجه
ين ا ْل َجن َِّة إِ َذاك ا ْل َق ْص َر ْالَ ْب َي َض َع ْن َي ِم ِ أنَّه سمع ابنه يقول« :ال َّل ُه َّم إِنِّي َأ ْس َأ ُل َ
َّارَ ،فإِنِّي َس ِم ْع ُت اهلل ا ْل َجنَّ َة َو َت َع َّو ْذ بِاهللِ مِ َن الن ِ
نيَ ،س ِل َ ََ َ َ ْ
َد َخلت َُها» ،فقال :أ ْي ُب َّ
ور»(.)1 اء َوال ُّط ُه ِون فِي الدُّ ع ُِون فِي َه ِذ ِه ْالُ َّم ِة َق ْو ٌم َي ْعتَدُ َ «س َيك ُ النَّبِي ﷺ ُ
َ يقولَ : َّ
وروى اإلمام أحمد وأبو داود عن سعد بن أبي و َّقاص Iأنَّه سمع
يم َها َوإِ ْس َت ْب َر َق َها َون َْح ًوا ِم ْن َه َذا، ِ
ك ا ْل َجنَّ َة َونَع َابنًا له يدعو يقول« :ال َّل ُه َّم إِنِّي َأ ْس َأ ُل َ
كثيرا،خيرا ً اهلل ً سألت َ َ َّار َو َس َل ِس ِل َها َو َأ ْغ َللِ َها» ،فقال :لقد ك ِم َن الن ِ
َو َأ ُعو ُذ بِ َ
سمعت رسول اهلل ﷺ يقول« :إِ َّن ُه َس َيك ُ
ُون ُ شر كثير ،وإنِّي ذت باهلل من ٍّ وتعو ََّ
ِِ ِ َقوم يعتَدُ َ ِ
اآليةَ﴿ :ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ون في الدُّ َعاءَ ،و َق َر َأ َهذه َ ٌْ َْ
هم إنِّي أسألك الجنَّة وما َّقر َب إِ َل ْي َها وإن بحسبِك أن تقول :ال َّل َّ ﮰ﴾»َّ ،
َّار َو َما َق َّر َب إِ َل ْي َها مِ ْن َق ْو ٍل َأ ْو َع َملٍ»(.)2
مِ ْن َق ْو ٍل َأ ْو َع َملٍَ ،و َأ ُعو ُذ بِ َك مِ َن الن ِ
فأخرب صلوات اهلل وسالمه عليه أنَّه سيكون قو ٌم من أ َّمته يعتدون يف الدُّ عاء؛
ذر من الوقوع يف شيء منه. وح ٍ ٍ
ناه ًيا عن ذلك ،وليكون المسلمون يف َحيطة َ
واسع؛ إذ هو -كما تقدَّ م تعري ُفه -تجاوز ما
ٌ باب
إن االعتدا َء يف الدُّ عاء ٌ َّ
َّبوي ٍ قتصر عليه ،وعلى هذا ُّ
للسنَّة ومفارقة للهدي الن ِّ
فكل مخالفة ُّ ينبغي أن ُي َ
متنوع ٌة وكثير ٌة ال
أن المخالفات ِّ الكريم يف الدُّ عاء ُيعدُّ اعتدا ًء ،ومن المعلوم َّ
يفعله ،كأن يسأل اهلل تخليده إلى يوم القيامة ،أو أن يسأله أن يرفع عنه لواز َم
والشراب والهواء ،أو أن يسأل اهلل إطال َعه البشر َّية من الحاجة إلى ال َّطعام َّ
على َغيبِه وما استأثر سبحانه بعلمه ،أو أن يسأل اهلل أن َي َ
هب له ولدً ا من غير
يحب فاعله.
ُّ زوجة ،ونحو ذلك مِ َّما سؤا ُله اعتدا ٌء ال يح ُّبه اهلل وال
بالسائل من المنازل سؤال اهلل ما ال يليق َّ ُ الدعاء: ومن االعتداء في ُّ
أحاديث األذكار واألدعية 124
والخزيِ الدعاء :الدُّ عا ُء على المؤمنين بال َّلعنة ومن االعتداء في ُّ
السلف يف معنى المعتدين يف اآلية المتقدِّ مة« :هم ا َّل ِذين بعض َّ والهوان ،قال ُ
هم ا ْل َعنْهم،
اخزهم ،ال َّل َّ هم ِ يحل ،فيقولون :ال َّل َّ يدعون على المؤمنين فيما ال ُّ
«ل تَدْ ُعوا َع َلى ونحو ذلك»( ،)1وجاء عن سعيد بن ُجبير يف معنى اآلية قالَ :
ك ُعدْ َوان»(.)2 كَ ،فإِ َّن َذلِ َاخ ِز ِه َوا ْل َعنْ ُه َون َْح َو َذلِ َ والم ْؤ ِمن َِة َّ
بالش ِّر؛ ال َّل ُه َّم ْ المؤمن ُ
ِ
ُ
خل باألدب ،قال عبد الصوت به رف ًعا ُي ُّ ُّ
ومن االعتداء في الدعاء :رفع َّ
تاء اعتِدَ اء؛ يكْره ر ْفع الصو ِ ِ الملك بن عبد العزيز بن جريجِ َّ :
«إن م َن الدُّ َع ْ ً ُ َ ُ َ ُ َّ ْ
َّضرع واالستكانة»(.)3 ِ
ياح بالدُّ عاء ،ويؤمر بالت ُّ والص ُ َوالنِّدَ ا ُء ِّ
محمد
للسنَّة وابتعاده عن هدي نب ِّينا َّ َ
اإلنسان بحسب مفارقته ُّ وعمو ًما َّ
فإن
صلوات اهلل وسالمه عليه يكون نصي ُبه من االعتداء والتَّجاوز ،و َمن ِلز َم َ
هدي ُ
وحفظ بإذن اهلل منالزللُ ، النَّبِ ِّي الكريم Oوتق َّيد بسنَّته أمِن من َّ
الخطل.
- 1 - - - t' - k-
> v' -- u -
(r).t/.1..9.1-:.u-b-.z
v - - .
w w .
+ ., j
' .: 'J s o
!
; o Jo
'
o5$
....5I
z u.t'
e..o a Ik.st
'p pI
-.z
.5I
s ..*.:. uo.15IuaI;l.woJlv.t=...1..5Ij.k
:- Jlp' V ..sl
d
9J
o.kl o-.t..
..
oxl 5rbu Lx.xzJl
o I: .. r i'
..ww ..xw 5.
oIbk .
:
q. .
w,J o. uJ=l
w c7/ 1
z
à J . 3 '
r
.
Nk-zhJ o
'NL=J
'h,d'
zn.u. Q Iu.s.tp çw-
1'''11
s 41 1x'
u
t'ailu.s.'wt'o'I't'lr'> , ou.'.J
à .; .! . .,
k.s.
w .Fw o uw pupaphkxt' a.+ah
l.0=..
w-= .awa-h'qhaJ . qpvz-w)u.s.tp
ex. . . I. r
. J - J 5.
qf.
tww
.t
.wlu.. ge,j rw
I fo.wt
.o Q h . ;k)- ' î,ho
.hL=.
:Tjx.
:'.2 .j.
'4o I<sS
-
. I ug u-
.1 $ ea
...p.
.k.ha,Io. ''5huso u q..w.. al.1..4.w.wI
s-
.
='w <'
wN.tsw , ôo,, e , J uuç J .> ..
= 4'
= 1
أحاديث األذكار واألدعية 126
وقد نقل ابن الق ِّيم Vعن أحمد بن أبي الحوراء قال :سمعت أبا
بالصالة على ِ
سليمان الدَّ اران َّي يقولَ « :من أراد أن يسأل اهلل حاجته فليبدأ َّ
الصال َة على فإن َّبالصالة على النَّبِي ﷺَّ ،
النَّبِ ِّي ﷺ وليسأل حاجته ،وليختم َّ
ِّ
النَّبِ ِّي ﷺ مقبولةٌ ،واهلل أكر ُم أن ير َّد ما بينهما»(.)1
َحب ا ْلجو ِامع ِمن الدُّ ع ِ
اء ِ َعن َعائِ َش َة َ Jقا َل ْت« :كَان رس ُ ِ
ول اهَّلل ﷺ َي ْست ُّ َ َ َ َ َ َ َ ُ ْ
ك» .رواه أبو داود( ،)2وسنده صحيح على شرط مسلم. َو َيدَ ُع َما ِس َوى َذلِ َ
يتضمن ح ًّثا للمسلمين على أن يعنوا بدعوات النَّبِ ِّي الكريم َّ وهذا
اختصت بأنَّها أتت على المطالب َّ Oوأن يحافظوا عليها؛ ألنَّها
الرفيعة ،إيمانًا باهلل ،وثقة به ،ويقينًا بما عنده ،F العالية والمقاصد َّ
وجمعت خير الدُّ نيا واآلخرة .وكان Oمن أكثر دعائه قوله «ر َّبنا
آتنا يف الدُّ نيا حسنة ويف اآلخرة حسنة وقنا عذاب النَّار» ،وهذا دعاء جامع
لخيري الدُّ نيا واآلخرة.
وأدعيته Oعمو ًما جامعة للخير وفيها المطالب العالية
السالمة من الخطأ ،ولو أنَّك أخذت دعاء أنشأه بعض والغايات النَّبيلة وفيها َّ
النَّاس أو أنشأته أنت بنفسك فال تأمن! ر َّبما يكون فيه خطأ أو اعتداء حملك
الرغبة ،فقد يدخل اإلنسان يف شيء من األمور ِ
عليه زيادة الحرص وشدَّ ة َّ
يذكرها يكون فيها اعتداء وهو ال يشعر ،لكنَّه إذا أخذ بالدُّ عاء ا َّل ِذي كان يدعو
السالمة
شامل للخير ففيه َّ ً به النَّبِ ُّي ،Oفإنَّه إضافة إلى كونه جام ًعا
والزلل.
من الخطأ َّ
ت آج ِل ِهَ ،ما َع ِل ْم ُ اج ِل ِه َو ِ ك ِم َن ا ْلخَ ْيرِ ُك ِّل ِه َع ِ عليك بجوامع الدُّ عاء :ال َّل ُه َّم إنِّي َأ ْس َأ ُل َ ِ
ت ِم ْن ُه َو َما َل ْم آج ِل ِهَ ،ما َع ِل ْم ُ اج ِل ِه َو ِ الش ِّر ُك ِّل ِه َع ِك ِم َن َّ ِم ْن ُه َو َما َل ْم َأ ْع َل ْمَ ،و َأ ُعو ُذ بِ َ
ك كَ ،و َأ ُعو ُذ بِ َ ك ِم ْن ُه ُم َح َّمدٌ َع ْبدُ َك َو َنبِ ُّي َ ك ِم ْن َخ ْيرِ َما َس َأ َل َ َأ ْع َل ْم ،ال َّل ُه َّم إِنِّي َأ ْس َأ ُل َ
ك ا ْل َج َّن َة َو َما َق َّر َب إِ َل ْي َها ِم ْن ك ،ال َّل ُه َّم إِنِّي َأ ْس َأ ُل َ ِم ْن َش ِّر َما َعا َذ ِم ْن ُه َع ْبدُ َك َو َنبِ ُّي َ
ك َما َّار َو َما َق َّر َب إِ َل ْي َها ِم ْن َق ْو ٍل َو َع َم ٍلَ ،و َأ ْس َأ ُل َ ك ِم َن الن ِ َق ْو ٍل َو َع َم ٍلَ ،و َأ ُعو ُذ بِ َ
ِ ٍ َق َضي َ ِ ِ
وخرجه اإلمام أحمد وابن ماجه ت لي م ْن َق َضاء َأ ْن ت َْج َع َل َعاق َب َت ُه َر َشدً ا»َّ ، ْ
وابن ِح َّبان يف صحيحه والحاكم ،وليس عندهم ذكر جوامع الدُّ عاء( ،)1وعند
وخرجه أبو بكر األثرم وعنده ِ
وذكرهَّ . َ «عليك بالكوامل،»... أحمد والحاكم:
ك َأ ْن ت َْأ ُخ ِذي بِ َج َو ِام ِع ا ْلك َِل ِم َو َف َواتِ َحه ،»...وذكر أن النَّبِي ﷺ قال لها« :ما منَع ِ
َ َ َ َّ
َّ
هذا الدُّ عاء(.)2
أن هذا الدُّ عاء ا َّل ِذي وصفه النَّبِ ُّي ﷺ بجوامع الكالم لم يسلم والعجيب َّ
َ
«أسألك الصالحون) بعد قوله: الزيادة فيه!! فيزيد بعضهم( :وعبادك َّ نفسه من ِّ
شر ما عاذ منه عبدُ ك محمدٌ عبدُ ك ونب ُّيك ،وأعوذ بك من ِّ سألك منه َّ َ خير ما مِن ِ
الزيادة استدراك على هذا الدُّ عاء الجامع الكامل ،ومن المعلوم ونب ُّيك» ،وهذه ِّ
الصالحين من عباد اهلل ليس عندهم مطالب يف أدعيتهم زائدة عن المأثور أن َّ َّ
حوت الخير ك َّله والفضل أجمعه. عنه ﷺ ،إذ دعواته َ O
َّعوذ
ويزيد بعضهم يف سؤال الجنَّة :حورها وأشجارها وأهنارها ،ويف الت ُّ
وغساقها؛ وهذا معدود من االعتداء يف الدُّ عاء، َّعوذ من حميمها َّ من النَّار :الت ُّ
كما يف الحديث ا َّل ِذي رواه أحمد وأبو داود وغيرهما عن ابن سعد بن أبي
و َّقاص Iقالَ :س ِم َعنِي َأبِيَ ،و َأنَا َأ ُق ُ
ول« :ال َّل ُه َّم إِنِّي َأ ْس َأ ُل َك ا ْل َجنَّةَ،
((( أحمد ( ،)25019وابن ماجه ( ،)3846وابن ح َّبان ( ،)869والحاكم يف مستدركه
وصححه األلبانِ ُّي.
َّ (،)1914
الحنبلي يف فتح الباري ( ،)310/9وقال« :وهذا إسناد جيد».
ُّ ((( ذكره ابن رجب
أحاديث األذكار واألدعية 128
21
قريب من
ٌ الرجاء فهو
لح يف الدُّ عاء ويطمع يف اإلجابة من غير قطع َّ العبدُ ُي ُّ
اإلجابة ،ومن أد َمن َق ْر َع األبواب يوشك أن ُيفتح له» .اهـ كالمه .)1(V
واألمور ك ُّلها بيده ومعقود ٌة بقضائه ُ المسلم واث ًقا بر ِّبه
ُ وكيف ال يكون
و َقدَ ِره!! فما شاء اهلل كان كما شاء ،يف الوقت ا َّل ِذي يشاء ،على الوجه ا َّل ِذي
نافذ يف وحكمه سبحانه ٌ تأخرُ ، يشاء ،من غير زيادة وال نقصان وال تقدُّ م وال ُّ
والجو،
ِّ السموات وأقطارها ،ويف األرض وما عليها وما تحتها ،ويف البحار َّ
ويصرفها و ُيحدث فيها ما يشاء﴿ ،ﯛ ﯜ ِّ وذراتهُ ،يق ِّلبها ويف سائر أجزاء العا َلم َّ
ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫﯬ﴾ [فاطر ،]2 :أحاط
كل شيء رحم ًة وحكمة ،له كل شيء عد ًدا ،ووسع َّ علما ،وأحصى َّ بكل شيء ً ِّ
لك والحمد ،وله الدُّ نيا واآلخرة ،وله النِّعمة والفضل، الم ُالخلق واألمر ،وله ُ ُ
كل شيء ﴿ ،ﮐ كل شيء ،ووسعت رحمتُه َّ وله ال َّثناء الحسن ،شملت قدر ُته َّ
يغفره، ذنب أن َ الرحمن ،]29 :ال يتعاظمه ٌ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﴾ [ َّ
وجنَّهم أهل سماواته وأهل أرضه إنسهم ِ أن َ وال حاج ٌة ُيسألها أن يعطيها ،لو َّ
وكبيرهم ر ْطبهم ويابسهم قاموا يف صعيد واحد َ صغيرهم َ ح َّيهم وم ِّيتَهم
ذرة، مما عنده مثقال َّ كل واحد منهم ما سأله ما نقص ذلك َّ فسألوه فأعطى َّ
﴿ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ﴾ [يس.]82 :
العظيمة ا َّلتِي ال ُبدَّ من تو ُّفرها
ِ والش ِ
روط المهمة ُّ َّ الضوابط فإن من َّ ولهذا َّ
بقلب غاف ٍل ٍ
اله ٍ حضور قلب الدَّ اعي وعد َم غفلته؛ ألنَّه إذا دعا يف الدُّ عاء:
َ
الر ْخو ،فإنَّه
شأن دعائه كالقوس ِّ أثره ،وأصبح ُ قو ُة دعائه وض ُعف ُ ض ُعفت َّ
أثره ،ولهذا خروجا ضعي ًفا ،فيضعف بذلك ُ ً السهم إذا كان كذلك خرج منه َّ
َّحذير من الغفلة، الحث على حضور القلب يف الدُّ عاء ،والت ُ ُّ ورد عن النَّبِ ِّي ﷺ
مانع من موانع قبوله كما تقدَّ م. بأن عد َم ذلك ٌ واإلخبار َّ
ُ
((( جامع العلوم والحكم (.)403/2
133 -21شروط ال ُّدعاء وآدابه ()4
فال ُبدَّ للمسلم مع الدُّ عاء مِن حضور القلب وعدم الغفلة واإليقان باإلجابة؛
ِ
القلب وعد َم العلم ُة ابن الق ِّيم يف كتابه الجواب الكايف( :)1غفل َة
وقد عدَّ اإلمام َّ
واحتج على ذلك بالحديث المتقدِّ م، َّ حضوره مان ًعا من موانع إجابة الدُّ عاء،
قو َته» ،وقال
مزيل للدَّ اء ،ولكن غفلة القلب ُتبطل َّ نافع ٌ
ثم قال« :وهذا دوا ٌء ٌَّ
مع َّيتُه ب ُك ِّل َّيتِه على المطلوب،
« :Vوإذا جمع مع الدُّ عاء حضور القلب وج ِ
َ ُ ُ
الستَّة :وهو ال ُّثلث األخير من ال َّليل ،وعند وصادف وقتًا من أوقات اإلجابة ِّ
الصلوات المكتوبة ،وعند صعود اإلمام
األذان ،وبين األذان واإلقامة ،وأدبار َّ
الصالة من ذلك اليوم ،وآخر ساعةيوم الجمعة على المنرب حتَّى ُتقضى َّ
الر ِّب ،و ُذ ًّل له
وانكسارا بين يدي َّ
ً بعد العصر ،وصادف خشو ًعا يف القلب،
وتضر ًعا ِ
ور َّقةً ،واستقبل الدَّ اعي القبلةَ ،وكان على طهارة ،ورفع يديه إلى اهلل، ُّ
ثممحمد عبده ورسوله ﷺَّ ، بالصالة على َّ وبدأ بحمد اهلل وال َّثناء عليهَّ ،
ثم ثنَّى َّ
وألح عليه يف المسألة
ثم دخل على اهلل َّ قدَّ م بين يدي حاجته التَّوب َة واالستغفارَّ ،
وتوسل إليه بأسمائه وصفاته وتوحيده ،وقدَّ م بين يدي َّ ودعاه رغبة ورهبة،
دعائه صدقةًَّ ،
فإن هذا الدُّ عا َء ال يكاد ُير ُّد أبدً ا ،وال س َّيما إن صادف األدعي َة
متضمنَ ٌة لالسم األعظم» .اهـ ِ
اإلجابة ،أو أنَّها ا َّلتِي أخرب النَّبِ ُّي ﷺ أنَّها مظنَّ ُة
ِّ
كالمه .)2(V
«ل َي ُق ْل َأ َحدُ ك ُْم ال َّل ُه َّم ا ْغ ِف ْر لِي إِ ْن عن أبي هريرة Iعن النَّبِ ِّي ﷺَ :
ْت ْار ُز ْقنِي إِ ْن ِشئ َ
ْت َو ْل َي ْع ِز ْم َم ْس َأ َل َت ُه إِ َّن ُه َي ْف َع ُل َما َي َشا ُء َل ْت ْار َح ْمنِي إِ ْن ِشئ َ
ِشئ َ
«ل َي ُقو َل َّن َأ َحدُ كُم :ال َّل ُه َّم ُم ْكرِ ُه َل ُه» متَّفق عليه( ،)3ويف لفظ عند مسلم ،قالَ :
الم ْس َأل َة َول ُيع ِّظم ِ ِ ْت ،ال َّل ُه َّم ْار َح ْمنِي إِ ْن ِشئ َ ا ْغ ِف ْر لِي إِ ْن ِشئ َ
ْتَ ،و َلكن ل َي ْع ِزم َ
الر ْغ َبة؛ َفإِ َّن اهللَ َت َعا َلى َل َي َت َعا َظ ُمه َش ْي ٌء َأ ْع َطاه».
َّ
ول اهَّللِ ﷺ «إِ َذا دعا َأحدُ كُم َف ْليع ِزم فِي الدُّ ع ِ
اء َو َل َس َق َالَ :ق َال َر ُس ُ و َع ْن َأن ٍ
َ ََ َ ْ َْ ْ
ْت َف َأ ْعطِنِى َفإِ َّن اهَّللَ َل ُم ْس َت ْكرِ َه َل ُه» .رواه مسلم(.)1 َي ُق ِل ال َّل ُه َّم إِ ْن ِشئ َ
الم ْس َألة؛ ِ
الخدري Iقال« :إِ َذا َد َع ْوتُم اهللَ َف ْار َف ُعوا في َ ِّ وعن أبي سعيد
زموا؛ َفإِ َّن اهللَ َل ُم ْس َت ْكرِه َل ُه». ِ ِ
َفإِ َّن َما عنْدَ ه َل َي ْن َفدُ م ْن ُه َش ْي ٌءَ ،وإِ َذا َد َع ْوتُم َفا ْع ُ
رواه ابن أبي شيبة يف المصنَّف(.)2
يدعوه العبدُ فم َّما يتناىف مع تمام اإليمان باهلل وكمال توحيده سبحانه أن ِ
َ
ْت» ،أو: وهو غير عاز ٍم يف مسألته؛ بأن يقول يف دعائه« :ال َّل ُه َّم ْار َح ْمنِي إِ ْن ِشئ َ
ونحو ذلك .لِما يف َ ْت»، ْت» ،أو« :ال َّل ُه َّم َو ِّف ْقنِي إِ ْن ِشئ َ «ال َّل ُه َّم ا ْغ ِف ْر لِي إِ ْن ِشئ َ
قة فيما عنده. هذا القول من إيهام االستغناء عن اهلل وعدم ال ِّث ِ
الوهاب :هذا محمد بن عبد َّ َّ وقد أورد اإلمام المجدِّ د شيخ اإلسالم
الحديث يف كتاب التَّوحيد وترجم له بقوله« :باب قول :ال َّل ُه َّم اغفر لي إن
أن عد َم العزم يف الدُّ عاء وتعلي َقه شئت»( ،)3وهو :ين ِّبه هبذه التَّرجمة إلى َّ
مما يتناىف مع التَّوحيد الواجب ا َّل ِذي ينبغي أن يكون عليه المسلم؛ بالمشيئة َّ
الرغبة ،وق َّل ِة يدل على ٍ
فتور يف َّ شئت» ُّ َ قول القائلِ« :ال َّل ُه َّم اغفر لي إن
ألن َ َّ
وإلحصل َّ َ المطلوب إن
َ أن هذايتضمن ََّّ َّ
وكأن هذا القول اهتما ٍم يف ال َّطلب،
واالضطرار ا َّل ِذي
ُ االفتقار
ُ استغنى عنه ،و َمن كان هذه حاله َلم يتح َّقق من حاله
دليل على ق َّلة معرفته بذنوبه وسوء عاقبتها روح العبادة و ُل ُّبها ،وكان ذلك ً هو ُ
((( رواه مسلم (.)2678
((( رواه ابن أبي شيبة يف المصنَّف (.)29368
((( كتاب التَّوحيد (ص.)126
135 -21شروط ال ُّدعاء وآدابه ()4
ِ
وضعف يقينه باهلل Dوإجابته وشدَّ ِة احتياجه إليه،
وق َّلة معرفته برحمة ربهِ ،
ِّ
للدُّ عاء.
ليج ِزم يف طلبته ،ويح ِّقق ولهذا قال يف الحديث« :ول َي ِ
عزم المسألةَ» ،أيْ :
دل على علمه بعظيم ما يطلب من رغبته ،ويتي َّقن اإلجابة؛ فإنَّه إذا فعل ذلك َّ
محتاج
ٌ مضطر إليه ،وعلى أنَّه
ٌّ مفتقر إلى ما يطلب
ٌ والرحمة ،وعلى أنَّه
المغفرة َّ
مفتقر إليه ،ال يستغني عن مغفرته ورحمته طرف َة عين.
ٌ إلى اهلل
لح يف الدُّ عاء ،وال الواجب على المسلم إذا دعا اهلل أن يجتهدَ و ُي َّ َ ولهذا َّ
فإن
وصدق، شئت» كالمستثنِي ،بل يدعو دعاء البائس الفقير؛ بإلحاحٍ ِ ، َي ُقل« :إن َ
َ
وجدٍّ ،واجتهاد ،مع ال ِّثقة الكاملة باهلل وال َّطمع فيما عنده ،وحسن ال َّظ ِّن به ِ
«أنَا ِعنْدَ َظ ِّن َع ْب ِدي بِي سبحانه ،وهو Cيقول كما يف الحديث القدسيَ :
ِّ
البخاري ومسلم يف صحيحهما .
()1
ُّ َو َأنَا َم َع ُه إِ َذا َذك ََرنِي» .أخرجه
َّاس ك َُّل ُج ُم َع ٍة َم َّرةً، ِ
«حدِّ ث الن َ اس َ Lق َالَ : َو َع ْن ِع ْك ِر َم َة َع ِن ا ْب ِن َع َّب ٍ
ِ ت َفمر َتي ِنَ ،فإِ ْن َأ ْك َثر َت َف َث َل َ ِ
آنَ ،و َل َّاس َه َذا ا ْل ُق ْر َ ث م َر ٍارَ ،و َل تُم َّل الن َ ْ َفإِ ْن َأ َب ْي َ َ َّ ْ
يث ِم ْن َح ِديثِ ِه ْم َف َت ُق ُّص َع َل ْي ِه ْمَ ،ف َت ْق َط ُع َع َل ْي ِه ْم َّك ت َْأتِي ا ْل َقوم وهم فِي ح ِد ٍ
َ َْ َ ُ ْ ُأ ْل ِف َين َ
وك َف َحدِّ ْث ُه ْم َو ُه ْم َي ْشت َُهو َن ُهَ ،فا ْن ُظرِ تَ ،فإِ َذا َأ َم ُر َ َح ِدي َث ُه ْم َفت ُِم ُّل ُه ْمَ ،و َلكِ ْن َأن ِْص ْ
ول اهلل ﷺ َو َأ ْص َحا َب ُه َل َي ْف َع ُل َ
ون اجتَن ِ ْب ُهَ ،فإِنِّي َع ِهدْ ُت َر ُس َ ِ ِ
الس ْج َع م َن الدُّ َعاء َف ْ َّ
ِ ِ ِ إِ َّل َذلِ َ
البخاري(.)2
ُّ َاب .رواه ون إِ َّل َذل َك ال ْجتن َ ك» ،أيَ :ل َي ْف َع ُل َ
ف الس ْجع يف الدُّ عاء ،وتك ُّل ُ ف َّ مِ َّما ينبغي للمسلم تجنُّ ُبه يف دعائه :تك ُّل ُ
«باب
البخاري :يف كتاب الدَّ عوات من صحيحهُ : ُّ صنعة الكالم له ،قال اإلمام
والس ْج ُع :هو الكالم المق َّفى من غير مراعاة الس ْجع يف الدُّ عاء»َّ ، ما ُيكره من َّ
البخاري ( ،)7405ومسلم (.)2675
ُّ ((( رواه
البخاري (.)6337
ُّ ((( رواه
أحاديث األذكار واألدعية 136
أمر مكروهَ ،لم يكن عليه النَّبِ ُّي ﷺ وال أحدٌ من
وزن ،وتك ُّلف ذلك يف الدُّ عاء ٌ
َ
رسول اهلل ﷺ وأصحا َبه عهدت
ُ أصحابه ،ولهذا قال ابن ع َّباس « :Lفإنِّي
األزهري « :Vوإنَّما كرهه ﷺ
ُّ ال يفعلون َّإل ذلك» ،أي :االجتناب ،قال
قصة المرأة من ُهذيل»(.)1
الكهان ،كما يف َّ
لمشاكلته كالم َّ
القرطبي
ُّ الس ْجع يف الدُّ عاء يف جملة موانع اإلجابة ،قال
ف َّولذا عُدَّ تك ُّل ُ
والسنَّة فيتخ َّير ألفا ًظا ُم َف َّقرة
« :Vومنها :أن يدعو بما ليس من الكتاب ُّ
معول عليها ،فيجعلها مسجع ًة قد وجدها يف كراريس ال أصل لها وال َّ
وكلمات َّ
شعاره ،ويرتك ما دعا به رسوله ﷺُّ ،
وكل هذا يمنع من استجابة الدُّ عاء»(.)2 َ
والس ْج ُع المذمو ُم :هو المتك َّلف ا َّل ِذي يجتهد صاح ُبه يف تصنُّعه ،فيشغله
َّ
الضراعة واالفتقار ،فأ َّما إن ُوجد
ذلك عن اإلخالص والخشوع ،و ُيلهيه عن َّ
وحصل بال تصنُّع وال تك ُّلف ومِن غير ٍ
قصد إليه فال بأس به.
القلب
َ فاريني « :Vوال يتك َّلف َّ
الس ْجع يف الدُّ عاء ،فإنَّه ُيشغل ُّ الس
قال َّ
بدعوات محفوظة معه له أو لغيره من غير تك ُّلف ٍ الخشوع ،وإن دعا و ُيذهب
َ
سج ٍع فليس بممنوع»(.)3
الس ْجع
وقال الحافظ ابن حجر :يف شرحه لحديث ابن ع َّباس المتقدِّ م يف ذ ِّم َّ
ألن ذلك كان الصحيحة؛ َّ يف الدُّ عاء« :وال َي ِرد على ذلك ما وقع يف األحاديث َّ
قصد إليه؛ وألجل هذا يجيء يف غاية االنسجام ،كقوله ﷺ يف يصدر من غير ٍ
األحز ِ
َاب»( ،)4وكقوله نزل الكتاب ،سرِيع ِ
الح َسابَ ،ه ِ الجهاد« :ال َّل ُه َّم ُم َ
ازم ْ َ
((( انظر :فتح الباري (.)139/11
للقرطبي (.)226/7
ِّ ((( الجامع ألحكام القرآن
فاريني (.)409/1
ِّ للس
((( غذاء األلباب َّ
البخاري ( ،)2933ومسلم (.)1742
ُّ ((( رواه
137 -21شروط ال ُّدعاء وآدابه ()4
ك ِم ْن َع ٍ
ين «صدَ ق َو ْعدَ ه َو َأ َع َّز ُجنْدَ ه .)1(»...الحديث ،وكقولهَ :
«أ ُعو ُذ بِ َ ﷺَ :
س َل ت َْش َبعَ ،و َق ْل ٍ
ب َل َيخْ َشع»( ،)2وك ُّلها صحيحة»(.)3 َل تَدْ َم ُعَ ،و َن ْف ٍ
وحسنه
َّ ((( روى نحوه أبو داود ( ،)4547والنَّسائِ ُّي ( ،)4799وابن ماجه (،)2628
األلبانِ ُّي.
((( رواه مسلم ( )2722بلفظ مقارب.
((( فتح الباري (.)139/11
أحاديث األذكار واألدعية 138
22
الجوزي (ص.)221
ِّ ((( صيد الخاطر البن
ِ
وحسنه األلبان ُّي.
ِّرمذي ( ،)1905وابن ماجه (َّ ،)3862
ُّ ((( رواه أبو داود ( ،)1536والت
أحاديث األذكار واألدعية 140
ث َمدْ ُفو ٍع «ر َّب َأ ْش َع َ اإلجابة كما يف الحديث المشهور عن النَّبِ ِّي ﷺ قالُ :
اب َل ْو َأ ْق َس َم َع َلى اهَّلل َلَ َب َّر ُه» .رواه مسلم( ،)1وعن ابن ع َّباس L
ِ بِ ْالَ ْب َو ِ
َل َّما ُسئل عن صالة رسول اهلل ﷺ يف االستسقاء؟ قال« :خرج رسول اهلل ﷺ
وغيره(.)2 تضر ًعا .»...الحديث رواه أبو داود ُ متبذ ًل متواض ًعا ُم ِّ ِّ
السماء؛ وهو مِن آداب الدُّ عاء ا َّلتِي ُيرجى بسببها
َّ
الثالث :مدُّ اليدين إلى َّ
الفارسي Iعن النَّبِ ِّي ﷺ ِّ إجابته ،ففي سنن أبي داود وغيره عن سلمان
يمَ ،ي ْست َْحيِي ِم ْن َع ْب ِد ِه إِ َذا َر َف َع إِ َل ْي ِه َيدَ ْي ِه َأ ْن َي ُر َّد ُه َما ِص ْف ًرا
قال« :إِ َّن اهَّللَ َحيِ ٌّي َكرِ ٌ
َخائِ َب َت ْي ِن»(.)3
الرابع :اإللحاح على اهلل بتكرير ذكر ربوب َّيته؛ وهو من أعظم ما يطلب به َّ
مراترب ثالث َّ
رب يا ِّ
إجابة الدُّ عاء ،روي عن عطاء أنَّه قال« :ما قال عبدٌ يا ِّ
ثم تال قوله
للحسن فقال :أ َّما تقرؤون القرآن؟ َّ
فذكر ذلك َ اهلل إليهُ ،
َّإل نَظر ُ
تعالى﴿ :ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ
ﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ
ﮰ ﮱﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ
ﯠ ﯡ ﯢﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ
ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﭑ
ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ﴾ [آل عمران .»]195-191 :رواه أبو نعيم يف
ِ ِ الحلية( .)4ولهذا؛ َّ
غالب األدعية المذكورة يف القرآن مفتتح ٌة باسم ِّ
الرب، َ فإن
رب كما ولهذا َل َّما ُسئل مالكَّ :
عمن يقول يف الدُّ عاء يا س ِّيدي ،قال« :يقول :يا ِّ
((( رواه مسلم (.)2622
ِ
وحسنه األلبان ُّي. ِ
ِّرمذي ( ،)558والنَّسائ ُّي (،)1508((( رواه أبو داود ( ،)1165والت
َّ ُّ
ِ
وصححه األلبان ُّي. ِّرمذي (،)3556 ((( رواه أبو داود ( ،)1488والت
َّ ُّ
((( حلية األولياء ألبي نعيم (.)313/3
141 -22شروط ال ُّدعاء وآدابه ()5
الوصف فال يسوغ أن ُيدخل اإلنسان يف هذه الدَّ عوات الجامعة تفاصيل
تضمنته دعواته ،Oويتَّضح َّ ُتنقص من هذه المعنى العظيم ا َّلتِي
فصل ابن سعد« :ال َّل ُه َّم إِنِّي ِ
هذا بالمثال ا َّلذي ورد يف هذا الحديث ،فعندما َّ
َّار َو َس َل ِس ِل َها ك ِم َن الن ِ يم َها َو َب ْه َجت ََها َوكَذا َوكَذاَ ،و َأ ُعو ُذ بِ َ ِ
ك ا ْل َج َّن َة َونَع َ َأ ْس َأ ُل َ
ول ت َر ُس َ «يا ُبن ََّي ،إِنِّي َس ِم ْع ُ َو َأ ْغ َلل َها َوك ََذا َوك ََذا» ،قال له والده سعد ﷺَ :
ِ
َّك إِ ْنُون ِمن ُْه ْم؛ إِن َاك َأ ْن َتك َ ون فِي الدُّ ع ِ
اء»َ ،فإِ َّي َ َ ُون َق ْو ٌم َي ْعتَدُ َ «س َيك ُ ولَ : اهلل َي ُق ُ
َّار ُأ ِع ْذ َت ِمن َْها َو َما
يت ا ْل َج َّن َة ُأ ْعطِيت ََها َو َما فِ َيها ِم َن ا ْلخَ ْيرَِ ،وإِ ْن ُأ ِع ْذ َت ِم َن الن ِ
ُأ ْعطِ َ
محذ ًرا له أن يكون من هؤالء ا َّل ِذين يعتدون يف دعائهم ،مرشدً ا الش ِّر»؛ ِّ فِ َيها ِم َن َّ
له الى العناية بدعوات النَّبِ ِّي يف شمولها وجمع َّيتها للخير ك ِّله دون أن يدخل يف
هذه التَّفاصيل ا َّلتِي ُتدخله يف جملة المعتدين بالدُّ عاء.
الزيادة المستقيمة من حيث
وإذا كان سعد قال ما قاله البنه ألجل تلك ِّ
شرا من
تتضمن ًّ
َّ بمن يف أيديهم أدعية فيها تفاصيل المعنى ،فكيف َّ
الشأن َ
ٍ
ألفاظ شرك َّية أو كلمات بدع َّية أو مخالفات لهدي النَّبِ ِّي الكريم !O
أن يف األ َّمة كما أخرب النَّبِي S
أن المسلم ينبغي له أن يعلم َّ
الحاصل َّ
ُّ
َمن سيعتدي يف الدُّ عاء؛ فليحذر أن يكون من هؤالء ،واالعتداء يف الدُّ عاء من
«م ْن َع ِم َل
موجبات َر ِّده ،ويكفي يف ذلك قول النَّبِ ِّي الكريم َ :O
َع َم ًل َل ْي َس َع َل ْي ِه َأ ْم ُرنَا َف ُه َو َر ٌّد» ،أي :مردود على صاحبه غير مقبول منه.
لقد أخرب صلوات اهلل وسالمه عليه أنَّه سيكون قو ٌم من أ َّمته يعتدون يف
ذر من الوقوع يف شيء وح ٍ ٍ
الدُّ عاء ناه ًيا عن ذلك ،وليكون المسلمون يف َحيطة َ
المة من ذلك َّإل بلزوم السنَّة واقتفاء آثار الر ِ
سول منه ،وال سبيل إلى الس ِ
َّ ُّ َّ
ِ ِ ِ ِ
ﷺ ،كما قال َ « :Oفإِ َّن ُه َم ْن َيع ْش منْك ُْم َب ْعدى َف َس َي َرى ْ
اخت َل ًفا
ين ،ت ََم َّسكُوا بِ َها َو َع ُّضوا اء ا ْلمه ِديين ِ ِ
كَثِيراَ ،فع َليكُم بِسنَّتِى وسن َِّة ا ْلخُ َل َف ِ
الراشد َ َ ْ ِّ َ َّ َ ُ ً َ ْ ْ ُ
143 -22شروط ال ُّدعاء وآدابه ()5
ورَ ،فإِ َّن ك َُّل ُم ْحدَ َث ٍة بِدْ َعةٌَ ،وك َُّل بِدْ َع ٍة اج ِذ ،وإِياكُم ومحدَ َث ِ
ات ْالُ ُم ِ َع َل ْي َها بِالن ََّو ِ َ َّ ْ َ ُ ْ
َض َل َلةٌ»(.)1
واسع؛ إذ هو كما تقدَّ م تعري ُفه :تجاوز ما ينبغي
ٌ باب َّ
إن االعتدا َء يف الدُّ عاء ٌ
َّبوي الكريم ٍ ٍ قتصر عليه .وعلى هذا ُّ
للسنَّة ومفارقة للهدي الن ِّ
فكل مخالفة ُّ أن ُي َ
متنوع ٌة وكثير ٌة ال يجمعها
أن المخالفات ِّ يف الدُّ عاء ُيعدُّ اعتدا ًء .ومن المعلوم َّ
ِ
االعتداء ما يبلغ حدَّ الكفر، فمنأيضا متفاوت ٌة يف خطورهتاِ ،
ثم هي ً نوع واحدَّ ،
ٌ
ومنها ما هو دون ذلك.
لسنَّة النَّبِ ِّي ﷺ و ُبعده عن هديه يكون
أن العبد بحسب مفارقته ُ والحاصل َّ
هدي النَّبِ ِّي الكريم Oوتق َّيد نصي ُبه من االعتداء يف الدُّ عاء ،و َمن ِلز َم َ
ِ
بسنَّته أمن الخطأ وتح َّققت له َّ
السالمة. ُ
23
السور َة من القرآن، وقد كان النَّبِ ُّي ﷺ ُيع ِّلم أصحابه الدُّ عاء كما ُيع ِّلمهم ُّ
الصحابة Mيطلبون منه أن يع ِّلمهم دعا ًء يدعون به مع أنَّهم كانوا وكان َّ
صو ُب َمن يخطئ منهم ولو يف لفظ واحد من ٍ أهل ٍ
َ
علم وفصاحة ،وكان ﷺ ُي ِّ
الذكر والدُّ عاء. ألفاظ ِّ
ِ
األدعية النَّبو َّية ورفيع مسلم أن يعرف ِع َظ َم قدر ٍ فالواجب على ِّ
كل ُ
عادة ومفاتيح الفالح يف مكانتها ،وأنَّها مشتمل ٌة على مجامع الخير وأبواب الس ِ
َّ
المسلم ر َّبه مِن خير ما سأله منه عبدُ ه
ُ السؤال أن َ
يسأل فخير ُّ ُ الدُّ نيا واآلخرة،
شر ما استعاذ منه وأفضل االستعاذة أن يستعيذ باهلل من ِّ ُ ورسو ُله َّ
محمد ﷺ،
الزيادة واالستدراك على الدَّ عوات محمد ﷺ ،وأن يحذر من ِّ عبدُ اهلل ورسو ُله َّ
المأثورة عن النَّبِ ِّيO ؛ بإضافة كلمة يستحسنها ،أو زيادة جملة
يستجودها.
َّ وفيما يلي ٌ
ذكر لبعض النماذج ملا هو شائع من هذا القبيل:
فمن ذلكم :قول بعضهم «يا مق ِّلب القلوب واألبصار ث ِّبت قلبي على
دينك» ،وقد ثبت هذا الدُّ عاء مرفو ًعا إلى النَّبِ ِّي Oعن غير واحد
ِّرمذي يف جامعه
ُّ الصحابة بدون زيادة «واألبصار» ،منها :ما رواه الت من َّ
واإلمام أحمد يف مسنده عن أنس بن مالك Iقال :كان رسول اهلل ﷺ
ِّرمذي:
ُّ ك»( .)1قال الت ت َق ْلبِي َع َلى ِدين ِ َ ب ال ُق ُل ِ
وب َث ِّب ْ «يا ُم َق ِّل َ
يكثر أن يقولَ :
«ويف الباب عن النَّواس بن سمعان ،وأ ِّم سلمة ،وعبد اهلل بن عمرو ،وعائشة،
ذر .»M وأبي ٍّ
َّ
ولعل من زاده أخذه من قوله تعالى﴿ :ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ
ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ﴾ [األنعام ،]110 :ومقام اآلية مقا ٌم آخر؛ إذ
هي يف بيان عقوبة اهلل للمشركين بتقليب القلوب وج ْعل الغشاوة على األبصار،
الصراط المستقيم.
والحيلولة بينهم وبين اإليمان وعدم التَّوفيق لسلوك ِّ
أقل من كذلك من األمثلة :قول« :ال تكلني إلى نفسي طرفة عين وال َّ
أقل من ذلك» ،روى أبو داود يف سننه واإلمام أحمد يف ذلك»؛ بزيادة« :وال َّ
مسنده وابن ِح َّبان يف صحيحه من حديث أبي بكرة Iعن النَّبِ ِّي ﷺ أنَّه
َك َأ ْر ُجو َف َل تَكِ ْلنِي إِ َلى َن ْف ِسي َط ْر َف َة َع ْي ٍن، ات ا ْل َمك ُْر ِ
وب ال َّل ُه َّم َر ْح َمت َ قالَ « :د َع َو ُ
أقل من ذلك» ال أصل ْت»( ،)1فزيادة« وال ّ َو َأ ْص ِل ْح لِي َش ْأنِي ُك َّل ُهَ ،ل إِ َل َه إِ َّل َأن َ
الشديد إلى لها يف هذا الحديث ،والمقصود من ذكر طرفة العين بيان االفتقار َّ
أي لحظة مهما ق َّلت. اهلل Dوعدم استغناء العبد عنه يف ِّ
محمد ﷺ
كذلك من األمثلة :قول« :من خير ما سألك منه عبدك ونب ُّيك َّ
َّعوذ .هذا
السؤال والت ُّ
الصالحون» يف ُّالصالحون» ،بزيادة« :وعبادك َّ وعبادك َّ
استدراك على هذا الدُّ عاء الجامع الكامل ،كما سبق التنبيه عليه.
كذلك من األمثلة :قول« :اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني».
بزيادة« :كريم» ،وقد روى الرتمذي وابن ماجه وأحمد عن عائشة J
ِ قالت :يا رس َ ِ
ول اهَّللَ ،أ َر َأ ْي َت إِ ْن َوا َف ْق ُت َل ْي َل َة ا ْل َقدْ ِر؛ َما َأ ْد ُعو؟ َق َالَ « :ت ُقول َ
ين: َ َ ُ
ِ ب ا ْل َع ْف َو َفا ْع ُ ِ ال َّل ُه َّم إِن َ
اسم من أسماء اهلل ف َعنِّي» ،والكريم ٌ
()2
َّك َع ُف ٌّو تُح ُّ
أصل له يف هذا الحديث. الحسنى ،لكن لم يثبت يف هذا الموضع ،وال َ
كذلك من األمثلة :قول« :أستغفر اهلل العظيم من ِّ
كل ذنب عظيم» ،وقد
السنَّة صيغ كثيرة لالستغفار ليس يف شيء منها التَّقييد َّ
بالذنب العظيم، ثبت يف ُّ
وحسنه األلبانِ ُّي.
َّ ((( رواه أحمد ( ،)20430وأبو داود (،)5090
وصححه
َّ ِّرمذي ( ،)3513وابن ماجه (،)3850 ُّ ((( رواه أحمد ( ،)25384والت
األلبانِ ُّي.
'
--1
h4q I'kI..z'? :.i;..
4.u ?.,-..rr
'
8aJ : o
.'
; o.o. .J a'J . ; ,c I C
i' 1 J
'
<tçw o ; ,,?.p! 1h
J.oo.aw ..
,a .= à.s.oI Qlw w,J'#.m.w L
oz .> s v).=-t'
.
w '.x a.vw.w ôl9).t
(&p.w 9U'
JW 9q:.w!9J 919bdl.
'
.
w9ab
O=
. 1
- .
jo.'V .'.xzEmD
'
, .J .p.gYIus''- *9 k.dIki.w.x.
. .w ..x '
uA)
..jJ J)J ' .
.
.s. w.
'
ui.
of o 1 al f .
Jz.1g.ss;!z' ao'wl
z
x .xv
- w : 'z ïJ z oJ..p!z !)):wt
.p-t1IhA.
. G-LJYCwojI
- .- . . .. .
.; i
'i
t', .. o ;
> o.2 ; a'
J : , k ..
.
;.y o
xz J% ur u
. a . a ul.,
M ur-o'
;. J.
. ,
. .
.
u'1 1
. r t.
e;. != 1La
o; . â o- f.g : ;
o â #f v â ozz
x o o o J ;;
o vo o
='!L: '' 1L'z. .z;J
s; x
.
'
.'
w! L
<:or
..
::
.m ! L
<: u
:.
wo
.a L
< J
o ov sx 7 or
. .e
.
*
' ' ! !u
5u--v R
x
.
.. w J o r x - .v :Q t: : . x â .â
. tz.u o. c.- $ vawlz m +U!wwlz ::0.11.:=1vao e : o1 -.
..
;;g. ...) g . .. J
v. :x w Ly k./zw!:..
$.-7.#<1r zh
e
l:c'
+'ShpNkcrs?J,exa'p'h..
.thuNkxlI ,
2z ! t#>1-$t.y
-'.J
-1-$otp.j
. . o 'ç '
2!rt,
1 J'vlw.a'
Q !.19t,2*
1='Q.êb.'
r>.'.ê*
1a'tf
.
W Y ;Jw........*
.
1.4,
..m$ck..0!..1;w..h-
SJ !i.
!f.
%!v1x.--.!zvt-
=,
-;s;J . .
..Fu .
Du.uu 1Icuy, -'zJ.'.
k .rv .r<a
<t'-2 . ù'Q4ys u I't
(J ..yjJ J.kx y j
tQ 1* 51 'ît
..etrx w x I
.
J . . 9 'J
'*=. Q'lIv,;q..z.u Iosx. ovz.à.SJ'
oJ kle+ 51
0 .;w'w'
uJlx;lJ g.'
Sz
zp-.çj.k
u tu ;
'u. wx ow . a +-w woI<wC 1 .0t
wtuppn. u.rI, uzo.
' tfw '.....0 .I.œl1
.:.c
. . . . .
.. X'
, . u. . w w. . J
.1 -
Wz
uy
%. - .
أحاديث األذكار واألدعية 150
24
ُ
القرآن الكريم؛ إذ هو خير ما الذكر وأج َّله شأنا وأرفعه مكان ًةأفضل َِّ َّ
إن
ِ
ينبغي للعبد أن يذكر اهلل به ،فهو كالمه Fا َّلذي هو ُ
خير الكالم وأحسنُه
وأصد ُقه وأنف ُعه ،وهو وحي اهلل وتنزي ُله ا َّل ِذي ال يأتيه الباطل من بين يديه وال
ٍ
رسول ،على عبده كتاب أنزله اهلل Fعلى أفضل ٍ من خلفه ،وهو أفضل
محمد بن عبد اهلل صلوات اهلل وسالمه عليه. ومصطفاه وخيرته من خلقه َّ
كتاب اهلل
أمر ال يخفى على المسلمين ،فهو ُ وشر ُفه ٌ
وفضل القرآن الكريم َ
رب العالمين ،وكالم خالق الخلق أجمعين ،وهو حبل اهلل المتين ،وهو ِّ
الذكر ِّ
تلتبس به
ُ الصراط المستقيم؛ هو ا َّل ِذي ال تزيغ به األهواء ،وال الحكيم ،وهو ِّ
يشبع منه العلماء ،وال يخ َلق عن كثرة َّ
الر ِّد ،وال تنقضي عجائبه، ُ األلسن ،وال
عمل به ُأجر ،و َمن ح َكم به عدَ ل ،و َمن دعا إليه ُهديمن قال به صدق ،ومن ِ
َ َ
ٍ
إلى صراط مستقيم.
وروحه
ُ لب القرآن كتاب ٍ
ذكر هلل؛ فذكر اهلل تعالى هو ُّ ُ والقرآن الكريم ك ُّله
وحقيقته وغاي ُة مقصوده ،يقول اهلل تعالى﴿ :ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ
ﭸ ﭹ ﭺ﴾ [ص ،]29 :وقال تعالى﴿ :ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ
ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ﴾ [ق ،]37 :وقال تعالى﴿ :ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ
ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ﴾ [اإلسراء ،]9 :وقال
تعالى﴿ :ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ﴾ [ق ،]45 :واآليات يف هذا المعنى كثيرة.
151 -24فضل القرآن الكرمي ()1
﴿ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ﴾
[اإلسراء.]82 :
فإن اهلل Fأمر عباده وح َّثهم على قراءة القرآن وتد ُّبره يف غير ولهذا َّ
آية من القرآن ،قال اهلل تعالى﴿ :ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ
ﮆ ﮇ ﮈ﴾ [النِّساء ،]82 :وقال تعالى﴿ :ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ
محمد ،]24 :وأخرب سبحانه أنَّه إنَّما أنزله لتُتد َّبر آيا ُته ،فقال
ﮖ ﮗ﴾ [ َّ
﴿ :Cﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ﴾ [ص،]29 :
الصراط المستقيم هو ترك تد ُّبر ضل عن ِّ أن سبب عدم هداية من َّ
وب َّين سبحانه َّ
القرآن واالستكبار عن سماعه ،فقال تعالى﴿ :ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ
ﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩ
ﮪ ﮫ ﮬ﴾ [المؤمنون ،]68-66 :أي :أنَّهم لو تد َّبروا القرآن ألوجب
لهم اإليمان ،ولمنعهم من الكفر والعصيانَّ ،
فدل ذلك على َّ
أن تد ُّبر القرآن
كل َش ٍّر. كل ٍ
خير ويعصم من ِّ يدعو إلى ِّ
ووصف اهلل القرآن بأنَّه أحس ُن الحديث ،وأنَّه تعالى ثنَّى فيه من اآليات
تقشعر خشي ًة وخو ًفا؛
ُّ وأن جلود األبرار عند سماعهور َّدد القول فيه ل ُيفهمَّ ،
فقال تعالى﴿ :ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ
ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ
الزمر.]23 :
ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ﴾ [ ُّ
المؤمنين إيمانًا إذا قرأوه وتد َّبروا آياته ،فقال سبحانه﴿ :ﭧ ﭨ ﭩ
ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ﴾
[األنفال.]2 :
يخرون لألذقان وأخرب عن صالح أهل الكتاب َّ
أن القرآن إذا تلي عليهم ُّ
وتسليما ،فقال سبحانه﴿ :ﭦ ﭧ ﭨ
ً ُس َّجدً ا يبكون ويزيدهم خشو ًعا وإيمانًا
ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ
ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ﴾
[اإلسراء.]109-107 :
وأخرب سبحانه بأنَّه لو أنزل القرآن الكريم على جب ٍل لخشع وتصدَّ ع من
وقوة أثره ،فقال خشية اهلل ،وجعل هذا ً
مثل للنَّاس يب ِّين لهم عظمة القرآن َّ
﴿ :Cﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ
ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ﴾ [الحشر.]21 :
حذر عباده من اإلعراض عن القرآن الكريم فإن اهلل تعالى قد َّ
ُث َّم مع هذا َّ
عل ذلك من اإلثم أشدَّ التَّحذير ،وب َّين لهم خطورة ذلك ،وما يجنيه َمن َف َ
والوزر ا َّل ِذي يحمله معه يوم القيامة؛ بسبب إعراضه عن القرآن وعدم تل ِّقيه
بالقبول والتَّسليم ،يقول اهلل تعالى﴿ :ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ
ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ﴾ [طه،]101-99 :
ذكرا لرسول اهلل ﷺ وأل َّمته ،فيجب تل ِّقيه بالقبول والتَّسليم فإذا كان القرآن ً
الصراط المستقيم ،وأن ُيق َبل عليه وأن ُيهتدى بنوره إلى ِّ واالنقياد والتَّعظيمْ ،
والصدود أو بما هو أخطر من ذلك بالتَّع ُّلم والتَّعليم ،وأ َّما مقابلته باإلعراض ُّ
يستحق فاعله العقوبة؛ ولهذا قال
ُّ كفر لهذه النِّعمة
من اإلنكار والجحود؛ فإنَّه ُ
تعالى﴿ :ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ﴾.
أحاديث األذكار واألدعية 154
حق قدره، بكل مسلم أن يع ِّظمه ويقدُ ره َّ لحري ِّ ٌّ إن كتا ًبا هذا بعض شأنه َّ
حق تالوته؛ بتد ُّبر آياته والتَّف ُّكر والتَّع ُّقل لمعانيه ،وبالعمل بما يقتضيه، ويتلوه َّ
العلمة ابن الق ِّيم « :Vفال شيء أنفع للقلب من قراءة القرآن وكما يقول َّ
السائرين وأحوال العاملين ومقامات جامع لجميع منازل َّ ٌ بالتَّد ُّبر والتَّف ُّكر؛ فإنَّه
والرجاء واإلنابة والشوق والخوف َّ َّ العارفين ،وهو ا َّل ِذي يورث المح َّبة
والصرب وسائر األحوال ا َّلتِي هبا حياة َّ والشكر والرضا والتَّفويض ُّ والتَّوكُّل ِّ
الصفات واألفعال المذمومة ا َّلتِي هبا القلب وكماله ،وكذلك يزجر عن جميع ِّ
فساد القلب وهالكه ،فلو علِم النَّاس ما يف قراءة القرآن بالتَّد ُّبر؛ الشتغلوا هبا
محتاج إليها يف شفاء قلبه كل ما سواها ،فإذا قرأه بتف ُّك ٍر حتَّى مر ٍ
بآية وهو عن ِّ
ٌ َّ
ٍ ٍ
ختمة بغير خير من قراءة مرة ولو ليلة ،فقراءة آية بتف ُّك ٍر ُّ
وتفه ٍم ٌ كررها ولو مائة َّ َّ
وتفهم ،وأنفع للقلب وأدعى إلى حصول اإليمان وذوق حالوة القرآن». تد ُّبر ُّ
اهـ كالمه .)1(V
و َمن كان يف قراءته للقرآن على هذا الوصف أ َّثر فيه القرآن غاية التَّأثير
الراسخين، وانتفع بتالوته تمام االنتفاع ،وكان بذلك من أهل العلم واإليمان َّ
وهذا هو مقصود القرآن وغاية مطلوبه ،ولهذا يقول شيخ اإلسالم ابن تيم َّية
السعادة (.)187/1
((( مفتاح دار َّ
155 -24فضل القرآن الكرمي ()1
25
الذكر وأج ُّله شأنًا تقدَّ م الحديث عن فضل القرآن الكريم وبيان أنَّه أفضل ِّ
سوق لطرف من األحاديث النَّبو َّية يف فضل القرآن وأرفعه مكانة ،وفيما يلي ٌ
وعمل.ً وفهما
ً وبيان عظيم مكانته وثواب العناية به تالو ًة
ول« :ا ْق َر ُءوا ول اهلل ﷺ َي ُق ُ اهلِي َ Iق َالَ :س ِم ْع ُت َر ُس َ ْ ِ َِ ُ
َع ْن أبي أ َما َم َة ال َب ِّ
ِ ِ ِ ِ ِ
آن؛ َفإِ َّن ُه َي ْأتي َي ْو َم ا ْلق َي َامة َشفي ًعا َلَ ْص َحابِه ،ا ْق َر ُءوا الز َّْه َر َاو ْي ِن ا ْل َب َق َر َة َو ُس َ
ور َة ا ْل ُق ْر َ
َان َأ ْو ك ََأن َُّه َما َغ َيايت ِ ان ي ْو َم ا ْل ِق َي َام ِة ك ََأن َُّه َما َغ َم َامت ِِ ِ آل ِع ْم َر َ ِ
َان َأ ْو َ ان؛ َفإِن َُّه َما ت َْأت َي َ
ور َة ا ْل َب َق َر ِة؛
ان َع ْن َأ ْص َحابِ ِه َما ،ا ْق َر ُءوا ُس َ اج ِاف ت َُح َّ ان ِم ْن َط ْيرٍ َص َو َّ ك ََأن َُّه َما فِ ْر َق ِ
َفإِ َّن َأ ْخ َذ َها َب َر َك ٌة َوت َْرك ََها َح ْس َر ٌة َو َل ت َْستَطِي ُع َها ا ْل َب َط َلةُ» .رواه مسلم(.)1
هذه فضيل ٌة عظيمة من فضائل تالوة القرآن ،وثمر ٌة عظيمة من ثمار العناية
به؛ أ َّن ُه َي ْأتِي َي ْو َم ا ْل ِق َيا َم ِة َش ِفي ًعا ِلَ ْص َحابِ ِه ،أي :يشفع لقارئه وتاليه عند اهلل،
تحاجان عن صاحبهما يوم القيامة ،ولكن َّ يتقدَّ مه سورة البقرة وآل عمران
الرسول ﷺ ق َّيد قراءة القرآن ا َّلتِي ُينال هبا هذا الفضل بالعمل به ،لما رواه َّ
ول: ِ
ان ا ْلك َلبِي Iقال َسم ْع ُت النَّبِي ﷺ َي ُق ُ ِ مسلم عن الن ََّّواس ْب َن َس ْم َع َ
َّ
ور ُة ا ْل َب َق َر ِة َو ُآل آن يوم ا ْل ِقيام ِة و َأه ِل ِه ا َّل ِذين كَانُوا يعم ُل َ ِ
ون بِه َت ْقدُ ُم ُه ُس َ ََْ َ «ي ْؤتَى بِا ْل ُق ْر ِ َ ْ َ َ َ َ ْ ُ
ِ
ِ
ال َما نَسيت ُُه َّن َب ْعدُ َق َال« :ك ََأن َُّه َما ول اهَّلل ﷺ َث َل َث َة َأم َث ٍ
ْ ان»َ ،و َض َر َب َل ُه َما َر ُس ُ ِع ْم َر َ
ان ِم ْن َط ْيرٍ َص َو َّ
اف ان َب ْين َُه َما َش ْر ٌق َأ ْو ك ََأن َُّه َما ِح ْز َق َِان َس ْو َد َاو ِ
َان َأ ْو ُظ َّلت ِ
َغ َم َامت ِ
اآلجر ُّي « :Vفالمؤمن العاقل إذا تال القرآن استعرض القرآن ِّ قال
حذره مواله َح ِذ َره،
حسن من فعله وما ق ُبح منه؛ فما َّ فكان كالمرآة يرى هبا ما ُ
ِ
فمن كانت خوفه به من عقابه خافه ،وما ر َّغبه فيه مواله رغب فيه ورجاهَ ، وما َّ
حق رعايته، حق تالوته ورعاه َّ الصفة فقد تاله َّهذه صفته أو ما قارب هذه ِّ
وحرزا ،و َمن كان هذا وصفه نفع نفسه ً وأنيسا
ً ُ
القرآن شاهدً ا وشفي ًعا وكان له
كل خير يف الدُّ نيا واآلخرة»(.)1 ونفع أهله ،وعاد على والديه وعلى ولده ُّ
«خ ْي ُرك ُْم َم ْن َت َع َّل َم
ول اهلل ﷺَ : انَ Iق َالَ :ق َال َر ُس َ ان بن َع َّف ََو َع ْن ُع ْث َم َ
البخاري(.)2
ُّ آن َو َع َّل َم ُه» .رواه
ال ُق ْر َ
وهذا الحديث فيه شهادة عظيمة من النَّبِ ِّي Oألهل القرآن
مشتغل بتع ُّلم ً فمن كان منهم وتعليما بالخير َّية ،أي :أنَّهم خير عباد اهللَ ، ً تع ُّل ًما
حظ العبد من هذا الكتاب القرآن وتعليمه فهو من خير عباد اهلل ،وك َّلما زاد ُّ
وعمل؛ زاد نصيبه وح ُّظه من الخير َّية. ً وتعليما
ً علما وتع ُّل ًما ً
«م ْن َق َر َأ َح ْر ًفا ود َ Iق َالَ :ق َال َر ُس ُ و َعن َعب ِد اهلل بن مسع ٍ
ول اهلل ﷺَ : ْ َ ْ ُ َ ْ ْ
الح َسنَ ُة بِ َع ْشرِ َأ ْم َثالِ َهاَ ،ل َأ ُق ُ ِ ِ ِم ْن كِت ِ
ف، ول( :الم) َح ْر ٌ َاب اهلل َف َل ُه بِه َح َسنَةٌَ ،و َ
ِّرمذي(.)3 ف» .رواه الت يم َح ْر ٌ ف ،و َلم حر ٌ ِ َو َلكِ ْن َألِ ٌ
ُّ فَ ،وم ٌ ف َح ْر ٌ َ ٌ َ ْ
وهذا فيه فضل قراءة القرآن ،وأنَّه ك َّلما زاد العبد من القراءة زاد ح ُّظه
ونصيبه من هذا األجر العظيم .ومثله ما رواه َع ْبدُ اهللِ ْب ُن َع ْم ٍرو َ Iع ِن
ب ا ْل ُقر ِ
آن« :-ا ْق َر ْأ َو ْارت َِق َو َرت ِّْل ك ََما ُكن َ ِ ِ ِ
ْت النَّبِ ِّي ﷺ َق َالُ :ي َق ُال َ -ي ْعني ل َصاح ِ ْ
ِّرمذي(.)4
ُّ آخرِ َآي ٍة َت ْق َر ُأ بِ َها» .رواه أبو داود والت َك ِعنْدَ ِ
ت َُرت ُِّل فِي الدُّ ْن َيا؛ َفإِ َّن َمن ِْز َلت َ
«م َث ُل ا ْل ُم ْؤ ِم ِن
ول اهلل ﷺَ : وسى األَ ْش َع ِر ِّي َ Iق َالَ :ق َال َر ُس ُ َو َع ْن َأبِي ُم َ
الم ْؤ ِم ِنبَ ،و َم َث ُل ُ ب َو َط ْع ُم َها َط ِّي ٌ
ِ
آن ك ََم َث ِل األُت ُْر َّجة؛ ِر ُ
يح َها َط ِّي ٌ ا َّل ِذي َي ْق َر ُأ ال ُق ْر َ
المنَافِ ِق ا َّل ِذي يح َل َها َو َط ْع ُم َها ُح ْل ٌوَ ،و َم َث ُل ُ
ِ ا َّل ِذي َل َي ْق َر ُأ ال ُق ْر َ
آن ك ََم َث ِل الت َّْم َرة؛ َل ِر َ
المنَافِ ِق ا َّل ِذي َل َي ْق َر ُأ
ب َو َط ْع ُم َها ُم ٌّرَ ،و َم َث ُل ُ يح َها َط ِّي ٌ
ِ
الر ْي َحانَة؛ ِر ُآن َم َث ُل َّ َي ْق َر ُأ ال ُق ْر َ
ِ
البخاري ومسلم(.)1 ُّ يح َو َط ْع ُم َها ُم ٌّر» .رواه الح ْن َظ َلة؛ َل ْي َس َل َها ِر ٌ
آن ك ََم َث ِل َ ال ُق ْر َ
أن ال َّط ِّيب ك َّله مع القرآن ،سوا ًء من حيث ال َّطعم أو من
وقد أفاد الحديث َّ
ً
وعمل وتالو ًة وتد ُّب ًرا فمن كان من أهل القرآن إيمانًا واحتسا ًباالريح؛ َ حيث ِّ
الرائحة وطيب ال َّطعم ،و َمن كان من أهل العمل بالقرآن ولم اجتمع فيه طيب َّ
الرائحة.يكن من أهل التِّالوة فاز بطيب ال َّطعم وفاته طيب َّ
قال ابن الق ِّيم « :Vفجعل النَّاس أربعة أقسام :أهل اإليمان والقرآن
وهم خيار النَّاس ،ال َّثاين أهل اإليمان ا َّل ِذين ال يقرءون القرآن وهم دوهنم؛
السعداء .واألشقياء قسمان :أحدهما َمن أويت قرآنًا بال إيمان فهو فهؤالء هم ُّ
أن القرآن واإليمان منافق ،وال َّثاين َمن ال أويت قرآنًا وال إيمانًا .والمقصودَّ :
كل خير يف الدُّ نيا أصل ِّ هما نور يجعله اهلل يف قلب َمن يشاء من عباده ،وأنَّهما ُ
أجل العلوم وأفضلها ،بل ال علم يف الحقيقة ينفع صاحبه واآلخرة ،وعلمهما ُّ
َّإل علمهما ،واهلل يهدي َمن يشاء إلى صراط مستقيم»(.)2
الص َّف ِة ِ وعن ع ْقب َة ب ِن عامِ ٍر َ Iق َالَ :خرج رس ُ ِ
ول اهَّلل ﷺ َون َْح ُن في ُّ َ َ َ ُ َ ْ ُ َ ْ َ
يق َف َي ْأتِ َي ِمنْ ُه بِنَا َق َت ْي ِن
ان َأ ْو إِ َلى ا ْل َع ِق ِب َأ ْن َي ْغدُ َو ك َُّل َي ْو ٍم إِ َلى ُب ْط َح َ ِ َف َق َالَ :
«أ ُّيك ُْم ُيح ُّ
«أ َف َل كَ .ق َالَ : ب َذلِ َ كَوماوي ِن فِي َغيرِ إِ ْث ٍم و َل َق ْط ِع ر ِحمٍ» َف ُق ْلنَا يا رس َ ِ ِ
ول اهَّلل نُح ُّ َ َ ُ َ َ ْ َْ َْ
َاب اهَّلل ِ َ Dخ ْي ٌر َل ُه ِم ْن ج ِد َف َي ْع َل َم َأ ْو َي ْق َر َأ َآي َت ْي ِن ِم ْن كِت ِ
َي ْغدُ و َأ َحدُ ك ُْم إِ َلى ا ْل َم ْس ِ
اد ِه َّن ِم َن ث ،و َأربع َخير َله ِمن َأربع ٍ،و ِمن َأعدَ ِ
َ ْ َ ٌ ٌْ ُ ْ ْ َ َ ْ ْ
ث َخير َله ِمن َث َل ٍ
نَا َق َت ْي ِنَ ،و َث َل ٌ ْ ٌ ُ ْ
البِ ِل» .رواه مسلم(.)1 ِْ
عظيما
ً أن قراءة القرآن هي ا َّلتِي تنفع العبد يف الدُّ نيا واآلخرة نف ًعا وذلك َّ
بخالف اإلبل ،فأراد ﷺ ترغيبهم يف الباقيات وتزهيدهم عن الفانيات؛ بح ِّثهم
على تع ُّلم القرآن وتعليمه وتالوته.
ب َأ َحدُ ك ُْم إِ َذا َر َج َع ول اهَّللِ ﷺِ َ : ومثله حديث َأبِى ُه َر ْي َر َة َق َالَ :ق َال َر ُس ُ
«أ ُيح ُّ
ث ان؟» ُق ْلنَا َن َع ْمَ .ق َالَ « :ف َث َل ُ ات ِع َظا ٍم ِس َم ٍ ث َخ ِل َف ٍ جدَ فِ ِيه َث َل َ إِ َلى َأ ْه ِل ِه َأ ْن َي ِ
ان» .رواه ات ِع َظا ٍم ِس َم ٍ ث َخ ِل َف ٍ ات ي ْقر ُأ بِ ِهن َأحدُ كُم يف ص َلتِ ِه َخير َله ِمن َث َل ِ
ٌْ ُ ْ َّ َ ْ َ
ٍ
َآي َ َ
مسلم(.)2
ول اهَّللِ ﷺ َق َال« :لَ َح َسدَ إِلَّ فِي ا ْث َن َت ْي ِن: و َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة َ Iأ َّن َر ُس َ
ار َف َس ِم َع ُه َج ٌار َل ُهَ ،ف َق َال: آن َف ُه َو َي ْت ُلو ُه آنَا َء ال َّل ْي ِل َوآنَا َء الن ََّه ِ َر ُج ٌل َع َّل َم ُه اهَّللُ ا ْل ُق ْر َ
يت ِم ْث َل ما ُأوتِي ُف َل ٌن َفع ِم ْل ُ ِ « َل ْيتَنِي ُأوتِ ُ
اهَّلل َم ًال َف ُه َوت م ْث َل َما َي ْع َم ُل»َ ،و َر ُج ٌل آ َتا ُه ُ َ َ َ
ت ِم ْث َل َما يت ِم ْث َل َما ُأوتِ َي ُف َل ٌن َف َع ِم ْل ُ ُي ْهلِ ُك ُه فِي ا ْل َح ِّق َف َق َال َر ُجلٌَ « :ل ْيتَنِي ُأوتِ ُ
البخاري(.)3
ُّ َي ْع َم ُل» .رواه
أن غير صاحب القرآن يغبط صاحب القرآن بما أعطيه من العمل فهذا فيه َّ
بالقرآن؛ فاغتباط صاحب القرآن بعمل نفسه أولى بأن ُي َس َّر ويرتاح ويفرح
بذلك ،كما قال اهلل سبحانه﴿ :ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ
ﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ
ﮙ ﮚ﴾ [يونس ،]58-57 :فأمر Eيف اآلية بالفرح بالقرآن ا َّل ِذي
((( رواه مسلم (.)803
((( رواه مسلم (.)802
البخاري (.)5026
ُّ ((( رواه
161 -25فضل القرآن الكرمي ()2
26
رفيع
قدر ٌ أربع كلمات له َّن ٌ الذكر بعد القرآن الكريم ُ إن خير الكالم وأفضل ِّ َّ
و«ل إِ َل َه و«الح ْمدُ هلل ِ»َ ، َ ان اهلل ِ»، «س ْب َح َ عظيم ومكان ٌة عالي ٌة يف دين اهلل ،ه َّنُ : ٌ ٌ
وشأن
إِ َّل اهللُ» ،و«اهللُ َأ ْك َب ُر» وهي من القرآن .وقد ورد يف فضل هذه الكلمات األربع
تدل دالل ًة قو َّي ًة على عظم شأن وقدر هذه الكلمات وما يرت َّتب على نصوص كثير ٌة ُّ ٌ
متوالية يف الدُّ نيا واآلخرة. ٍ ٍ
وخيرات ٍ
كريمة ٍ
وأفضال ٍ
عظيمة ٍ
أجور القيام هب َّن من
ب ا ْلك ََل ِم إِ َلى سول اهَّلل ِ ﷺَ :
«أ َح ُّ ب َ Iق َالَ :ق َال َر ُ َع ْن َس ُم َر َة ْب ِن ُجنْدَ ٍ
ان اهَّللَِ ،وا ْل َح ْمدُ لِ َّل ِهَ ،و َل إِ َل َه إِ َّل اهَّللَُ ،واهَّللُ َأ ْك َب ُرَ .ل َي ُض ُّر َك َب َأ ِّي ِه َّن ِ
اهَّلل َأ ْر َب ٌع؛ ُس ْب َح َ
َبدَ ْأ َت» .رواه مسلم(.)1
ب» أف َعل تفضيل؛ فأفضل الكلمات وأعظمها شأنًا عند اهلل قولهَ :
«أ َح ُّ
ِ ِ
ان اهللَ ،وا ْل َح ْمدُ هللَ ،و َل إِ َل َه إِ َّل اهللَُ ،واهللُ (س ْب َح َ
سبحانه هؤالء الكلمات األربعُ :
ستحب له أن ُيكثر يف حياته من ذكر اهلل D ُّ أن المسلم ُي َأ ْك َب ُر) ،وهذا يفيد َّ
ِ
أحب الكالم إليه سبحانه. هبؤالء الكلمات ا َّلتي هي ُّ
أحب الكالم إلى اهلل؛ َّ
فإن إقباله ُّ أن هؤالء الكلمات وإذا عرف المسلم َّ
عليها سيعظم ،وعنايته هبا ستكرب ،واهتمامه هبا سيزيد ،وال ُبدَّ مع العناية من
ٍ
عناية بفهم معانيها ومعرفة مدلوالهتا. ذكر اهلل هبا بالكثرة من
ان اهلل ِ» فهي كلمة تنزيه وتقديس؛ فبقولك« :سبحان اهلل» ُت ِّنزه اهلل أ َّما ُ
«س ْب َح َ
ٍ
تنزيه هلل عن النَّقائص ،وعن مما ال يليق به ،فسبحان اهلل كلمة و ُتقدِّ سه و ُت َب ِّرئه َّ
وعما ال يليق به سبحانه ،وعن مماثلة المخلوقات ،فاهلل ُ Dم َّنزه العيوبَّ ،
عن ذلك ك ِّله ،فهي كلمة تنزيه ،ولهذا قال اهلل ﴿ :Dﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ
ِ
عما يصفه به أعداء [الصافات ،]180 :أيَ :ت َّنزه و َتقدَّ س ُّ
رب الع َّزة َّ َّ ﯿ﴾
الرسل ،فالتَّسبيح تنزي ٌه هلل وتقديس له ،ومن أسمائه « :Fالقدُّ وس»، ُّ
و«الس ُّبوح»؛ وهذه ك ُّلها أسماء تنزيه وتقديس هلل وتربئة له من ُّ و«السالم»،
َّ
أنزه اهلل ،وال يحسن بالمسلم أن النَّقائص ،فقول المسلم« :سبح َ ِ
ان اهلل» ،أيِّ : ُ ْ َ
يقول هذه الكلمة وهو ال يدري ما هي ،وال يدري ما تعني ،بل الواجب أن
تدل عليهَّ ،
وإل يقولها وسائر األذكار المشروعة وهو يعي معناها ويعرف ما ُّ
ضعيف األثر.َ فإن إتيانه هبا سيكون َّ
َو«ا ْل َح ْمدُ هلل ِ» فيها ال َّثناء على اهلل سبحانه؛ إذا قلت« :ا ْل َح ْمدُ هللِ» أثنيت على
الحب ،ثنا ٌء عليه سبحانه بأسمائه وصفاته، ِّ ألن الحمد :ثنا ٌء معاهلل مع ح ِّبه؛ َّ
والصفات، ِ
وثنا ٌء عليه سبحانه بنعمه ومننه وعطاياه ،فاهلل ُيحمد على األسماء ِّ
و ُيحمد على النِّعم والعطايا والهبات.
الشرك ،وهي «ل إِ َل َه إِ َّل اهللُ» فيها التَّوحيد واإلخالص والرباءة من ِّ َو َ
قائم ٌة على ركنين اثنين :النَّفي يف َّأولها ،واإلثبات يف آخرها ،وال توحيد َّإل
بكل معانيها هلل كل َمن سوى اهلل ،وإثبات العبود َّية ِّ هبما؛ نفي العبود َّية عن ِّ
وحده ال شريك له .فهي كلمة التَّوحيد وكلمة اإلخالص ،وهي الكلمة ا َّلتِي
جعلها إبراهيم Sباقية يف َع ِقبِه لع َّلهم يرجعون ،وهي كلمة التَّقوى ،وهي
السعادة ،وهي أعظم النِّعم الشهادة ،وهي مفتاح دار َّ الوثقى ،وهي كلمة َّ ال ُعروة ُ
ِ ُّ ِ
سميها بعض أهل العلم وأجل المنن ،ولهذا لما ذكر اهلل يف سورة النَّحل ا َّلتي ُي ِّ
أحاديث األذكار واألدعية 164
«سورة النِّعم»؛ لكثرة ما ذكر Cفيها من نعمه على عباده بدأها بنعمة «ال
إله َّإل اهلل» كلمة التَّوحيد .ولهذا قال سفيان بن عيينة « :Vما أنعم اهلل على
عرفهم ال إله َّإل اهلل»( ،)1فهي أكرب النِّعم ،وهي أفضل
العباد نعمة أعظم من أن َّ
وأجل ال َّطاعات ،وأفضل الكلمات. ُّ الحسنات،
َّمسك بال إله َّإل اهلل َّإل بالعلم بمعناها ،والعمل بمقتضاها، وال يكون الت ُّ
والصدق يف قولها؛ فالعلم َيخرج به قائلها عن طريقة النَّصارى ا َّل ِذين يعملون ِّ
وال يعلمون ،والعمل َيخرج به عن طريقة اليهود ا َّل ِذين يعلمون وال يعملون،
والصدق َيخرج فيه عن طريقة المنافقين ا َّل ِذين ُيظهرون ما ال ُيبطنون ،فال ُبدَّ
ِّ
وصدق يفٌ وعمل بمقتضاها،ٌ علم بمعناها، والصدقٌ ، فيها من العلم والعمل ِّ
قولها بحيث يقولها من قلبه ،ويواطؤ قلبه لسانه.
الرابعة« :اهللُ َأ ْك َب ُر»؛ والتَّكبير فيه التَّعظيم هلل ،واعتقاد أنَّه سبحانه ثم الكلمة َّ َّ
المتعال ا َّلذي ال أكرب منه﴿ ،ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘﭙ﴾ [األنعام ،]19 :فاهلل ِ
الكبير ُ
كل شيء. المتعال ا َّل ِذي ال أكرب منه ،فاهلل أكرب ،أي :من ِّ Dهو الكبير ُ
أن النَّبِ َّي Oقال ل َع ِد ِّي بن حاتم يف َّأول ولهذا جاء يف الحديث َّ
يَ ،ما ُي ِف ُّر َك؟» أي :ما ا َّل ِذي يجعلك ِتف ُّر عن اإلسالم وهترب ِ
«يا َعد ُّ إسالمهَ :
«أ ُي ِف ُّر َك َأ ْن ُي َق َالَ :ل إِ َل َه إِ َّل اهللُ؟ َو َه ْل إِ َل ٌه َغ ْي ُر اهللِ! َأ ُي ِف ُّر َك َأ ْن ُي َق َال :اهللُ َأ ْك َب ُر؟منهَ ،
أن اهلل Dالكبير تدل على َّ َو َه ْل َش ْي ٌء َأ ْك َب ُر ِم َن اهللِ!»( ،)2فكلمة «اهلل أكرب» ُّ
المتعال ا َّل ِذي ال أكرب منه ،ففي قول« :اهلل أكرب» تعظيم اهلل واعتقاد أنَّه ال أكرب ُ
مستحضرا لداللتها يسقط من ً مستشعرا لمعناها ً منه ،وعندما يقولها المسلم
كل شيء كبير ،ولهذا ُشرع لنا أن نَستفتح هبا صالتنا ،بل ُجعل تحريمها قلبه ُّ
التَّكبير؛ فيدخل المرء يف صالته وهو للت َِّّو ُمنشغل بأمور كثيرة ،كبيرة يف قلبه،
مستحضرا
ً «اهلل َأ ْك َب ُر»
وعظيمة عنده ومستحوذة على اهتمامه ،فإذا قالُ :
كل هذه األمور تتساقط وال يبقى يف قلبه َّإل تعظيم مستشعرا داللتهاُّ ،
ً معناها
والخشوع بين يديه .و َمن يدرك ُ الخضوع والتَّذ ُّلل
اهلل واإلقبال عليه وحسن ُ
أمورا كثيرة من اإلكباب على ومتمها ُتذهب عن قلبه ًهذه الكلمة على وجهها ِّ
الدُّ نيا ،واإلقبال عليها واالفتتان بملهياهتا ،واالنصراف عن اآلخرة ،فهي كلم ٌة
معان عظيمة ينبغي على المسلم أن يستحضر معناها ،وأن ٍ جليلة ُّ
تدل على
يفهم مدلولها ،وأن يح ِّقق ما تقتضيه من التَّعظيم واإلجالل هلل .F
أحب الكالم إلى اهلل ،وقد قال ُّ أن هؤالء الكلمات األربع ُه َّن الحاصل َّ
أحب الكالم إلى ُّ الس َّر يف كون هذه الكلمات األربع لعل ِّ بعض أهل العلم َّ
ألن «سبحان اهلل» اهلل :أنَّها جمعت معاين أسماء اهلل الحسنى وصفاته العليا؛ َّ
كل ما ال يليق بجالله وكماله وعظمته فيها التَّنزيه هلل والتَّربئة والتَّقديس له عن ِّ
سبحانه .و«الحمد» فيه إثبات نعوت الكمال وصفات الجالل ،و«اهلل أكرب»
فيها إثبات عظمة اهلل وكربيائه ،و«ال إله َّإل اهلل» فيها إثبات الوحدان َّية وأنَّه
يفرد وحده D بحق سواه ،وأن َ بحق وال معبود ٍّ األحد الواحد المعبود ٍّ
بالعبادة ويخ َلص له الدِّ ين .و َمن و َّفقه اهلل Dلإلكثار من هذه الكلمات
وتقوي األربع مع استحضار ما د َّلت عليه من معنى؛ فإنَّها ال تزال تجدِّ د إيمانه ِّ
عقيدته وتوحيده وتمتِّن صلته باهلل سبحانه.
ان اهَّللِ،
«س ْب َح َ
ولُ : «ل ْن َأ ُق َول اهلل ﷺَ : قالَ :ق َال َر ُس ُ َو َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة َ I
الش ْم ُس». ت َع َل ْي ِه َّ ب إِ َل َّي ِم َّما َط َل َع ْ َوا ْل َح ْمدُ هللَ ،و َل إِ َل َه إِ َّل اهَّللَُ ،واهَّللُ َأ ْك َب ُر؛ َأ َح ُّ
رواه مسلم(.)1
27
ِ َاسا مِ ْن َأ ْص َح ِ
«يااب النَّبِ ِّي ﷺ َقا ُلوا للنَّبِ ِّي ﷺَ : ذر َ « :Iأ َّن ن ً َع ْن أبي ٍّ
ون ك ََما وم َ ون ك ََما ن َُص ِّليَ ،و َي ُص ُ ور؛ ُي َص ُّل َور بِاألُ ُج ِ ب َأ ْه ُل الدُّ ُث ِ ول اهللَ ،ذ َه َ َر ُس َ
«أ َو َل ْي َس َقدْ َج َع َل اهَّللُ َلك ُْم َما ول َأ ْم َوالِ ِه ْم»َ ،ق َالَ : ون بِ ُف ُض ِ ن َُصو ُمَ ،و َيت ََصدَّ ُق َ
يح ٍة َصدَ َقةًَ ،وك ُِّل َت ْكبِ َير ٍة َصدَ َقةًَ ،وك ُِّل ت َْح ِميدَ ٍة َصدَ َقةً، ون؛ إِ َّن بِك ُِّل ت َْسبِ َ ت ََّصدَّ ُق َ
وف َصدَ َقةٌَ ،ون َْه ٌي َع ْن ُمنْ َكرٍ َصدَ َقةٌَ ،وفِي وك ُِّل تَه ِلي َل ٍة صدَ َقةً ،و َأمر بِا ْلمعر ِ
َ ٌْ َ ُْ َ ْ َ
ُون َل ُه فِ َيها
ول اهللَ ،أ َي ْأتِي َأ َحدُ نَا َش ْه َو َت ُه َو َيك ُ «يا َر ُس َ ِ
ُب ْض ِع َأ َحدك ُْم َصدَ َقةٌ»َ ،قا ُلواَ :
ك إِ َذا َان َع َل ْي ِه فِ َيها ِوز ٌْر؟ َفك ََذلِ َ «أ َر َأ ْيت ُْم َل ْو َو َض َع َها فِي َح َرا ٍم َأك َ َأ ْج ٌر؟»َ ،ق َالَ :
َان َل ُه َأ ْج ٌر» .رواه مسلم(.)1 َو َض َع َها فِي ا ْل َح َل ِل ك َ
ول اهَّللِ ﷺَ ،ف َقا ُلوا: اج ِري َن َأ َت ْوا َر ُس َ و َع ْن َأبِى ُهر ْير َة َ Iأ َّن ُف َقراء ا ْلم َه ِ
َ َ ُ َ َ
ِ ِ ِ ب َأ ْه ُل الدُّ ُث ِ
اك؟» َقا ُلوا: ور بِالدَّ َر َجات ا ْل ُع َلى َوالنَّعي ِم ا ْل ُمقيمِ»َ ،ف َق َال َ
«و َما َذ َ « َذ َه َ
ون َوالَ َنت ََصدَّ ُق َو ُي ْعتِ ُق َ
ون ون ك ََما ن َُصو ُم َو َيت ََصدَّ ُق َ وم َ ون ك ََما ن َُص ِّلى َو َي ُص ُ «ي َص ُّل َُ
ُون بِ ِه َم ْن َس َب َقك ُْم
«أ َف َل ُأ َع ِّل ُمك ُْم َش ْيئًا تُدْ ِرك َ ول اهَّللِ ﷺَ : َو َل ُن ْعتِ ُق»َ ،ف َق َال َر ُس ُ
ُون َأ َحدٌ َأ ْف َض َل ِم ْنك ُْم إِ َّل َم ْن َصن ََع ِم ْث َل َما ون بِ ِه َم ْن َب ْعدَ ك ُْم َو َل َيك ُ َوت َْسبِ ُق َ
ص َنعتُم؟»َ ،قا ُلوا ب َلى يا رس َ ِ
ون ُد ُب َر
ون َوت َْح َمدُ َ ول اهَّللَ ،ق َال« :ت َُس ِّب ُح َ
ون َو ُت َك ِّب ُر َ َ َ َ ُ َ ْ ْ
ول اهَّللِ ﷺ اج ِري َن إِ َلى رس ِ
َ ُ
ين مرةً»َ ،فر َج َع ُف َقراء ا ْلم َه ِ
َ ُ ُ َ
ِ ٍ
ك ُِّل َص َلة َث َل ًثا َو َث َلث َ َ َّ
((( رواه مسلم (.)1006
169 -27فضل التَّحميد والتَّكبري والتَّهليل والتَّسبيح ()2
ول اهَّللِال بِ َما َف َع ْلنَا َف َف َع ُلوا ِم ْث َل ُه»َ ،ف َق َال َر ُس َُف َقا ُلوا« :س ِم َع إِ ْخ َوا ُننَا َأ ْه ُل ْالَم َو ِ
ْ َ
ك َف ْض ُل اهَّلل ِ ُي ْؤتِ ِيه َم ْن َي َشا ُء» .متَّفق عليه(.)1 ﷺَ « :ذلِ َ
ٍ
ورغبة ٍ
حرص مجيء هؤالء الفقراء إلى النَّبِ ِّي Oناشئ عن
ب َأ ْه ُل وحب يف المنافسة فيه؛ فأتوا رسول اهلل ﷺ ،فقالواَ « :ذ َه َ ٍّ يف الخير
ات ا ْل ُع َلى َوالن َِّعي ِم ا ْل ُم ِقيمِ» ،أي :ذهب أهل األموال وأصحاب ور بِالدَّ رج ِ
َ َ الدُّ ُث ِ
ونوم َ ون ك ََما ن َُص ِّلى َو َي ُص ُ «ي َص ُّل َ الغنى باألجور وتحصيل الدَّ رجات العاليةُ ،
ون ويج ِ ِ ِ ِ
ون اهدُ َ ك ََما ن َُصو ُمَ ،و َل ُهم َف ْضل م ْن َأ ْم َوال ِهم َي ُح ُّجون بِ َها َو َي ْعتَم ُر َ َ ُ َ
ون» ،فهم مثلنا يص ُّلون ويصومون نشرتك وإ َّياهم يف هاتين ال َّطاعتين،
َو َيت ََصدَّ ُق َ
يحجون هبا
ُّ لكن عندهم فضل أموال -أي :أموال زائدة عن حاجتهم-
ويعتمرون ويصرفون منها يف الجهاد ويتصدَّ قون يف سبيل اهلل ،ونحن فقراء ال
نمتلك مثل هذا المال ا َّل ِذي يمتلكه هؤالء حتَّى نشاركهم يف هذا األجر.
ُون بِ ِه َم ْن َس َب َقك ُْم
«أ َف َل ُأ َع ِّل ُمك ُْم َش ْيئًا تُدْ ِرك َ
فقال لهم َ :O
ون بِ ِه َم ْن َب ْعدَ ك ُْم؟» َمن سبقكم ،أي :إلى الدَّ رجات العالية والمنازل َوت َْسبِ ُق َ
الرفيعة.
َّ
ُون َأ َحدٌ َأ ْف َض َل ِمنْك ُْم إِ َّل َم ْن َصن ََع ِم ْث َل َما َصنَ ْعت ُْم» ،أي:
«و َل َيك ُ
قولهَ :
ولكن َمن صنع مثل ما صنعتم فال تسبقونه ،وال يفضل عليه أحد كما ال يفضل
عليكم.
ول اهلل ِ» ،أي :نريد ذلك؛ ألنَّهم ما جاءوا ً
أصل َّإل قولهَ « :قا ُلواَ :ب َلى َيا َر ُس َ
طم ًعا يف الخير ورغبة فيه.
ِ ٍ
ون ُد ُب َر ك ُِّل َص َلة َث َل ًثا َو َث َلث َ
ين َم َّرةً»، ون َو ُت َك ِّب ُر َ
ون َوت َْح َمدُ َ قال« :ت َُس ِّب ُح َ
البخاري ( ،)6329ومسلم (.)595
ُّ ((( رواه
أحاديث األذكار واألدعية 170
فسمع األنصار ا َّل ِذين هم أهل الدُّ ثور هبذا فبادروا إلى العمل به؛
الصلوات ثال ًثا وثالثين َّ
مرة مثل فأخذوا يس ِّبحون ويك ِّبرون ويحمدون أدبار َّ
السابقة باقية ،فأتى الفقراء إلى النَّبِ ِّي ﷺ الشكوى َّ المهاجرين؛ فأصبحت َّ
ال بِ َما َف َع ْلنَا َف َف َع ُلوا ِم ْث َل ُه» ،فقال:ول اهلل ِ س ِم َع إِ ْخ َوا ُننَا َأ ْه ُل ْالَم َو ِ«يا َر ُس َ
ْ َ وقالواَ :
ك َف ْض ُل اهَّلل ِ ُي ْؤتِ ِيه َم ْن َي َشا ُء».
« َذلِ َ
تنوب عن
ُ الذكر هبذه الكلماتَّ :
أن إدامته أن من فوائد ِّ
فأفاد الحديث َّ
كحج
ِّ ال َّطاعات وتقوم مقامها ،سواء كانت َبدَ ن َّي ًة أو مال َّيةً ،أو بدن َّي ًة مال َّي ًة
الحج والعمرة ِّ عما فاهتم من عوضا لهم َّ َّطوع؛ فقد جعل النَّبِي ﷺ ِّ
الذكر ً الت ُّ
ُّ
الذكر .وقد ظ َّن الفقراء أن ال صدقة والجهاد ،وأخربهم أنَّهم يسبقوهنم هبذا ِّ
أن جميع أنواع فعل َّإل بالمال ،وهم عاجزون عن ذلك ،فأخربهم النَّبِي ﷺ َّ
ُّ
الصدقات هؤالء الكلمات المعروف واإلحسان صدقةٌ ،وذكر يف مقدِّ مة هذه َّ
األربع :سبحان اهلل ،والحمد هلل ،وال إله َّإل اهلل ،واهلل أكرب.
الذكر وأن أهل ِّ الذكر ميدان سبق يف طاعة اهللَّ ، أن هذا ِّ دليل على َّ أيضا ٌ وفيه ً
ون»(.)1 الس َّباقون ،كما قال النَّبِ ُّي َ :O
«س َب َق ا ْل ُم َف ِّر ُد َ بالكثرة هم َّ
ول اهلل ﷺ «جاء َأ ْعرابِي إِ َلى رس ِ َ ِ ِ َ ِ َّ ٍ
َ ُ َو َع ْن َس ْعد ْبن أبي َوقاص Iقالٌّ َ َ َ :
يك َل ُه ،اهَّللُ َف َق َالَ :ع ِّل ْمنِي ك ََل ًما َأ ُقو ُل ُه؟ َق َالُ « :ق ْلَ :ل إِ َل َه إِ َّل اهَّللُ َو ْحدَ ُه َل َشرِ َ
ِ ِ
ينَ ،ل َح ْو َل َو َل ُق َّو َة إِ َّل له كَثِ ًيراُ ،س ْب َح َ
ان اهلل َر ِّب ا ْل َعا َلم َ
َأ ْكبر َكبِيرا ،وا ْلحمدُ لِ ِ
َُ ً َ َ ْ
بِاهلل ِ ا ْل َع ِز ِيز ا ْل َحكِيمِ»َ ،ق َالَ :ف َه ُؤ َلء ل ِ َر ِّبي َف َما لِي؟ َق َالُ « :قل :ال َّل ُه َّم ا ْغ ِف ْر لِي،
ِ
َو ْار َح ْمنِيَ ،و ْاه ِدنِيَ ،و ْار ُز ْقنِي» .رواه مسلم(.)1
«جا َء َر ُج ٌل إِ َلى النَّبِ ِّي ﷺ َف َق َال: قالَ : َو َع ْن َع ْب ِد اهلل ْب ِن َأبِي َأ ْو َفى َ I
آن َش ْيئًا َف َع ِّل ْمنِي َما ُي ْج ِزئُنِي ِمنْ ُه»َ ،ق َالُ « :ق ْل: آخ َذ ِم َن ا ْل ُق ْر ِ
يع َأ ْن ُ ِ
«إِنِّي َل َأ ْستَط ُ
ان اهللَ ،وا ْل َح ْمدُ هلل َو َل إِ َل َه إِ َّل اهللَُ ،واهللُ َأ ْك َب ُرَ ،و َل َح ْو َل َو َل ُق َّو َة إِ َّل بِاهلل
ُس ْب َح َ
لهَ ،ف َما لِي؟» َق َالُ « :ق ْل :ال َّل ُه َّم ول اهلل ،ه َذا لِ ِ
َ «يا َر ُس َ ِ ِ
ا ْل َعل ِّي ا ْل َعظيمِ»َ ،ق َالَ :
ول ْار َح ْمنِيَ ،و ْار ُز ْقنِيَ ،و َعافِنِيَ ،و ْاه ِدنِي»َ ،ف َل َّما َقا َم َق َال َه َك َذا بِ َي ِد ِهَ ،ف َق َال َر ُس ُ
«أ َّما َه َذا َف َقدْ َمأل َ َيدَ ُه ِم َن ا ْلخَ ْيرِ» .رواه أبو داود(.)2 اهللَ :
وأيضا على أصحابه من بعده ً كان األعراب يتوافدون على النَّبِ ِّي ﷺ،
وعلى العلماء لمعرفة الخير ،فالخير ال ُبدَّ أن ِيفد اإلنسان إليه ،وأن ُيقبل عليه،
وأن يبحث عنه ،وأن يسأل عنه ،وأن ال يبقى منقط ًعا يف هجرته أو يف قريته أو
منعزل عن الخير ،بل ينبغي أن َيقدُ م إلى أماكن العلم ً يف مكانه أو عند غنمه
ثم يرجع إلى مكانه ،ال أن يبقى حياته إلى أن وأماكن الخير ويسأل عن الخير َّ
يأتيه الموت وهو مع ِّط ٌل نفسه عن معرفة الخير .فهذا يؤخذ منه منهج وهو :أنَّه
والضيعات أن َيقدُ م إلى أماكن
ينبغي على من أراد لنفسه الخير من أهل القرى َّ
يخصص وقتًا من حياته َيقدُ م فيه على أهل العلم ويسأل ويتع َّلم ِّ العلم؛ بأن
دينه ،وقد قال « :Oإِن ََّما ا ْل ِع ْل ُم بِال َّت َع ُّلم»(.)3
أعرابي؛
ٌّ الصحابة من حول النَّبِ ِّي Oيفرحون إذا جاء وقد كان َّ
ألنَّه ستأيت أسئلة وحينئذ سيخرج علم ويستفيد النَّاس ويحصل أمور فيها نفع
عظيم وفائدة كبيرة.
((( رواه مسلم (.)2696
ِ
وحسنه األلبان ُّي. ((( رواه أبو داود (،)832
َّ
((( رواه ال َّطربانِـ ُّـي يف الكبيــر ( ،)929وقــال األلبانـ ُّـي :حســن لغيــره ،صحيــح التَّرغيــب
ِ
والتَّرهيــب (.)136/1
أحاديث األذكار واألدعية 172
ات َأ ُقو ُل ُه َّن» ،طلب أن ُيرشده ول اهلل ِ ع ِّلمنِي ك َِلم ٍ «يا َر ُس َ
َ َ ْ األعرابيَ : ُّ قال
ذكر يقوله و ُيحافظ عليه ،فقال له ُ « :Oق ْلَ :ل إِ َل َه إِ َّل اهللُ َو ْحدَ ُه إلى ٍ
ِ ِ ِ
ينَ ،ل ان اهلل َر ِّب ا ْل َعا َلم َ يك َل ُه ،اهللُ َأ ْك َب ُر َكبِ ًيراَ ،وا ْل َح ْمدُ هلل كَثِ ًيراَ ،و ُس ْب َح َ
َل َشرِ َ
َح ْو َل َو َل ُق َّو َة إِ َّل بِاهلل ِ ا ْل َع ِز ِيز ا ْل َحكِيمِ»؛ فع َّلمه هؤالء الكلمات العظيمة ،وك ُّلها
ذكر هلل.
ٌ
ذكر هلل ،ك ُّله تمجيدٌ ِ ِ ِ
«ه ُؤ َلء ل َر ِّبيَ ،ف َما لي؟» أي :هذا ك ُّله ٌ األعرابيَ :
ُّ فقال
أيضا شي ًئا لي ،دعوات وثنا ٌء وتحميدٌ وتكبير ك ُّله لر ِّبي ( َف َما لِي؟) أي :أنا أريد ً
أسألها ر ِّبي.
فقال له النَّبِ ُّي ُ « :Oق ِل :ال َّل ُه َّم ا ْغ ِف ْر لِيَ ،و ْار َح ْمنِيَ ،و ْاه ِدنِي،
َو َعافِنِيَ ،و ْار ُز ْقنِي» ،وقد أرشده النَّبِ ُّي Oعلى المواظبة هؤالء
رشد وير َّغب يف المواظبة على كل مسلم ُي َ أن َّ
الكلمات ،وهذا نستفيد منهَّ :
ِ
أحب الكالم إلى اهلل .D هذه الكلمات ا َّلتي هي ُّ
وأرشده Oإلى هذا الدُّ عاء الجامع لخيري الدُّ نيا واآلخرة،
جامع محيط بالخير؛ جزء منه يتع َّلق بثواب اآلخرة ،وجزء منه يتع َّلق
ٌ وهو دعاء
بأمر اإلنسان يف الدُّ نيا ومعاشه فيها ،وبدأ صلوات اهلل وسالمه عليه بما يتع َّلق
هم اغفر لي وارحمني أجل ،فقال« :قل :ال َّل َّ
ألن شأهنا أعظم وأمرها ُّ
باآلخرة؛ َّ
واهدين وعافني وارزقني».
قوله« :ال َّل ُه َّم» أصلها :يا اهللُ ،حذف من َّأولها ياء النِّداء و ُع ِّوض عنه بالميم
ا َّلتِي يف آخرها؛ فهي ندا ٌء هلل هبذا االسم العظيم ا َّل ِذي هو من أعظم أسماء اهلل
Fأو أعظمها.
وقوله« :ال َّل ُه َّم ا ْغ ِف ْر لِي» ،أي :ذنبي ك َّله د َّقه وج َّلهَّ ،أوله وآخرهِ ،س َّره
I --1 vj-
w . .r. w .It.w. Ij ....Iu ..vv
n 4
.. J1
w=j .> ..wa
..1j :'r . -
.u5>.u .> J w =.ap
7! .
,.w' >x.> u.ha,(uwa
. .
'
w, x oN : h' . :
.<.upJ
'
* , . 5 'J . ''
. ô z .
p J, . ,o.kp p-
..= -z e wl e..w k-..txaa.q.az.k1hz
cst.m 'k
'o A
k.,
s:..
u,
Iw,I
a-kkj I pyyj t 1
, - ,
uttw.w eN @(SoXv JL c..
t ..
ue w - .u))..
.. .... ...d ''.
,yt;
u.y, ..
à o J
I.u ol
. e:.X JIuJ
sr.
l'ja..
lI
..kJ)lJ S.jeta.v5j=tuab
.'I; e.;M'' 'jzzx'5
.IjA'.
.
'
SZ j
.1-----.--....o .tLsAFJ4
zv.v
jb.......-----,
.
أحاديث األذكار واألدعية 174
28
دخل أحد النَّاصحين على رج ٍل مس ٍّن له سنوات وهو على فراشه أقعده
فلما س َّلم عليه وجلس معه ً
قليل أمسك يده ،وقال له« :يافالن ِ
المرض والك َبرَّ ،
يتحرك ،فكأنَّه
نخل) ،وهو مقعد ال َّنخل» ،وأخذ يعيدها عليه( :اغرس ً اغرس ً
لم ينتبه ،فقال له« :س ِّبح ،ك ِّبر ،احمد اهلل ،ه ِّلل»ُ .يشير إلى هذا الحديث.
أن هذا الغرس ال يك ِّلف اإلنسان شي ًئا حتَّى وهو على فراشه، الشاهد َّ
َّ
يمكنه غرس هذا النَّخل وبكثرة بالتَّسبيح ،والتَّحميد ،والتَّهليل ،والتَّكبير؛
فهي غراس الجنَّة.
للزرع واإلنبات ،وماؤها ط ِّيب،أن الجنَّة أرضها خصبة مه َّيئة َّ الحاصلَّ :
الشجر فيها وإلى حسن وإذا كانت األرض ط ِّيبة والماء ط ِّيب ُيطمئ ُّن إلى نماء َّ
أي أرض! بل يعرف األماكن والفلح عندما يريد أن يزرع ال يختار َّ َّ ثمرها،
بعض األشجار ال للزراعة من غيرها ،إذ بعض األماكن لو ُزرع فيها ُ الصالحة َِّّ
أرض ط ِّيبة ،وماؤها ط ِّيب ،وهي قيعان، تثمر أو ال تنمو النَّماء الحسن؛ والجنَّة ٌ
والشجر ينبت فيها بسرعة وهذه األوصاف لألرض تغري الفالحين ،فالفالح َّ
ا َّل ِذي له هنمة ورغبة يف األشجار والنَّخيل ِّ
والزراعة وعنده أموال ،عندما ُيذكَر
الصفة؛ أرض ط ِّيبة ،وماؤها عذب ،وهي قيعان منبسطة مستوية له أرض هبذه ِّ
علو وانخفاض؛ اشرتاها بأغلى األثمان. تعرجات أو ٌّ ليس فيها ُّ
والجنَّة غراسها :سبحان اهلل ،والحمد هلل ،وال إله َّإل اهلل ،واهلل أكرب .ف ُك َّلما
زاد العبد من هذه الكلمات المباركات زاد غراسه يف الجنَّة.
ِ
فإذا قال الحريص «إِ ًذا ُن ْكث ُر» ،وقد قال ذلك بعض َّ
الصحابة ،فقال النَّبِ ُّي
«اهَّلل َأ ْك َث ُر» ،فهذا باب خير مفتوح ،فقل ما شئت Oيف هذا المقامُ :
الذكر وواظب عليه يزد غرسك يف الجنَّة ،واهلل واسع عليم .وكما َّ
أن من هذا ِّ
غرس بساتين الجنَّة ِّ
بالذكر فكذلك بناء مساكنها.
أحاديث األذكار واألدعية 176
ات َو َلدُ ول اهللِ ﷺ َق َال« :إِ َذا َم َ وسى األَ ْش َع ِر ِّي َ Iأ َّن َر ُس َ َع ْن َأبِي ُم َ
ولَ :ق َب ْضت ُْم َث َم َر َة ونَ :ن َع ْمَ ،ف َي ُق ُا ْل َع ْب ِد َق َال اهَّللُ لِ َم َلئِكَتِ ِهَ :ق َب ْضت ُْم َو َلدَ َع ْب ِدي؟ َف َي ُقو ُل َ
ونَ :ح ِمدَ َك َو ْاست َْر َج َع ولَ :ما َذا َق َال َع ْب ِدي؟ َف َي ُقو ُل َ ونَ :ن َع ْمَ ،ف َي ُق ُ اد ِهَ ،ف َي ُقو ُل َ
ُف َؤ ِ
ول اهَّللُ :ا ْبنُوا لِ َع ْب ِدي َب ْيتًا فِي -أي :قال :الحمد هلل ،إنَّا هلل وإنَّا إليه راجعونَ -ف َي ُق ُ
فالذكر غراسها وبناؤها. الح ْم ِد»()1؛ ِّ ت َ الجن َِّةَ ،و َس ُّمو ُه َب ْي َ
َ
«ما ول اهلل ﷺَ : قالَ :ق َال َر ُس ُ اص َ L َو َع ْن َع ْب ِد اهلل ْب ِن َع ْم ِرو ْب ِن ال َع ِ
له، ان اهَّللِ ،وا ْلحمدُ لِ ِ ولَ :ل إِ َل َه إِ َّل اهللَُ ،واهللُ َأ ْك َب ُرَ ،و ُس ْب َح َ ض َر ُج ٌل َي ُق ُ َع َلى ْالَ ْر ِ
َ َ ْ
َت ِم ْث َل َز َب ِد ا ْل َب ْحرِ». َو َل َح ْو َل َو َل ُق َّو َة إِ َّل بِاهلل ،إِ َّل َك َّف َر ْت َعنْ ُه ِم ْن ُذنُوبِ ِه َوإِ ْن كَان ْ
ِّرمذي وأحمد وال َّلفظ له(.)2 ُّ رواه الت
الو َر ِق ِ ٍ ك َ Iأ َّن رس َ ِ َس ب ِن مال ِ ٍ
ول اهلل ﷺ َم َّر بِ َش َج َرة َيابِ َسة َ َ ُ و َع ْن َأن ِ ْ َ
ان اهلل ِ َو َل إِ َل َه إِ َّل الو َر ُقَ ،ف َق َال« :إِ َّن ا ْل َح ْمدُ لِ َّل ِه َو ُس ْب َح َ َف َض َر َب َها بِ َع َصا ُه َف َتنَا َث َر َ
الش َج َر ِة» .رواه ُوب ا ْل َع ْب ِد ك ََما ت ََسا َق َط َو َر ُق َه ِذ ِه َّ اق ُط ِم ْن ُذن ِ اهَّلل واهَّلل َأ ْكبر؛ َلتُس ِ
ُ َ ُ َُ َ
ِّرمذي(.)3
ُّ الت
الصغائر ،لما ثبت يف صحيح مسلم بالذنوب المك َّفرة هنا ،أيَّ : والمراد ُّ
ات الخَ ْم ُس «الص َل َو ُ
أن رسول اهلل ﷺ كان يقولَّ : عن أبي هريرة َّ :I
ات ما بينَهن إِ َذا اجتُنِب ِ ان إِ َلى َر َم َض َ الج ُم َع ِة َو َر َم َض ُ
ت ْ َ ان ُم َك ِّف َر ٌ َ َ ْ ُ َّ الج ُم َع ُة إِ َلى ُ
َو ُ
ألن الكبيرة ال ُيك ِّفرها َّإل التَّوبة. ال َك َبائِ ُر»( ،)4فق َّيد التَّكفير باجتناب الكبائر؛ َّ
و َعن َعب ِد اهللِ ب ِن َشدَّ ٍ
اد َأ َّن َن َف ًرا مِ ْن َبنِي ُع ْذ َر َة َثالَ َث ًة َأ َت ْوا النَّبِ َّي ﷺ َف َأ ْس َل ُموا، ْ ْ ْ
وحسنه األلبانِ ُّي.
َّ ِّرمذي (،)1021
ُّ ((( رواه الت
ِ
وحسنه األلبان ُّي. ِّرمذي (،)3460 ((( رواه أحمد ( ،)6973والت
َّ ُّ
ِ
وحسنه األلبان ُّي. ِّرمذي (،)3533 ((( رواه الت
َّ ُّ
((( رواه مسلم (.)233
177 -28فضل التَّحميد والتَّكبري والتَّهليل والتَّسبيح ()3
يه ْم؟ َق َال َط ْل َحةَُ :أنَاَ .ق َالَ :ف َكانُوا ِعنْدَ َط ْل َحةَ، َق َالَ :ف َق َال النَّبِي ﷺَ :م ْن َي ْك ِفين ِ ِ
ُّ
َفبع َث النَّبِي ﷺ بع ًثا َف َخرج فيه َأحدُ ُهم َفاست ُْش ِهدَ َ ،ق َالُ :ثم بع َث بع ًثا َف َخرج فِيهِ
َ َ َّ َ َ َ ْ َ ْ ْ َ َ َْ ُّ ََ
اش ِهَ ،ق َال َط ْلحةَُ :فر َأي ُت ه ُؤ ِ ات ال َّثال ِ ُث َع َلى فِر ِ است ُْش ِهدَ َ ،ق َالُ :ث َّم َم َ
الء َ َ ْ َ َ آخ ُر َف ْ َ
اش ِه َأ َما َم ُه ْمَ ،و َر َأ ْي ُت ال َّث َل َث َة ا َّل ِذين كَانُوا ِعن ِْدي فِي ا ْلجن َِّةَ ،فر َأي ُت ا ْلمي َت َع َلى فِر ِ
َ َ ِّ َ ْ َ َ
آخ َر ُه ْمَ ،ق َالَ :فدَ َخ َلنِي يه ،ور َأي ُت ا َّل ِذي است ُْش ِهدَ َأو َله ِم ِ
َّ ُ ْ
ِ ِ ِ
است ُْش ِهدَ َأخ ًيرا َيل َ َ ْ ا َّلذي ْ
ِ
ول اهللِ ﷺ: مِ ْن َذل ِ َكَ ،ق َالَ :ف َأ َت ْي ُت النَّبِي ﷺ َف َذك َْر ُت َذل ِ َك َل ُهَ ،ق َالَ :ف َق َال َر ُس ُ
َّ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ
ك! َل ْي َس أ َحدٌ أ ْف َض َل عنْدَ اهلل م ْن ُم ْؤم ٍن ُي َع َّم ُر في اإل ْسال ِم َ َ «و َما َأ ْنك َْر َت ِم ْن َذلِ َ َ
يح ِه َو َت ْكبِيرِ ِه َوت َْه ِل ِيل ِه» .رواه أحمد(.)1 لِتَسبِ ِ
ْ
وحسن عمره ِ وقد َّ
ُ دل هذا الحديث العظيم على عظم فضل من طال ُ
مكثرا من هؤالء الكلمات األربع. عم ُله ،ولم يزل لسانُه َر ْط ًبا بذكر اهلل ً D
ِ ٍ
و َع ْن َأبِي َسعيد ا ْل ُخدْ ِر ِّي َو َأبِي ُه َر ْي َر َة َ Lع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َق َال« :إِ َّن اهَّللَ
ان اهللَِ ،وا ْل َح ْمدُ لِ َّل ِهَ ،و َل إِ َل َه إِ َّل اهَّللَُ ،واهَّللُ َأ ْك َب ُر، اص َط َفى ِم َن ا ْلك ََل ِم َأ ْر َب ًعاُ :س ْب َح َ ْ
ون َس ِّي َئةًَ ،و َم ْن ون َح َسنَ ًة َو ُح َّط َعنْ ُه ِع ْش ُر َ ب َل ُه ِع ْش ُر َ َفمن َق َال :سبح َ ِ ِ
ان اهلل كُت َ ُ ْ َ َ ْ
كَ ،و َم ْن َق َال :ا ْل َح ْمدُ كَ ،و َم ْن َق َالَ :ل إِ َل َه إِ َّل اهَّللُ َف ِم ْث ُل َذلِ َ َق َال :اهَّللُ َأ ْك َب ُر َف ِم ْث ُل َذلِ َ
ون َح َسنَةًَ ،أ ْو ُح َّط َعنْ ُه َث َل ُث َ ب َل ُه بِ َها َث َل ُث َ ِ ِ ِ لِ َّل ِه رب ا ْلعا َل ِم ِ ِ
ون ين م ْن ق َب ِل َن ْفسه كُت َ َ َ ِّ َ
َس ِّي َئةً» .رواه أحمد(.)2
لعباده ،ور َّتب على ِذكره
أن اهلل اختار هؤالء الكلمات واصطفاهن ِ
َّ فيه َّ
جزيل ،وقد زاد يف ثواب الحمد عندما يقوله العبد ً أجورا عظيم ًة وثوا ًبا
ً هب َّن
رب أو حدوث ألن الحمد ال يقع غال ًبا َّإل بعد سبب؛ كأك ٍل أو ُش ٍ مِن قِ َبل نفسهَّ :
((( رواه أحمد ( ،)1401وقال األلبانِ ُّي :حسن لغيره ،صحيح التَّرغيب والتَّرهيب
(.)3367
ِ
وصححه األلبان ُّي ،صحيح التَّرغيب والتَّرهيب (.)1554 ((( رواه أحمد (،)8012
َّ
أحاديث األذكار واألدعية 178
سدي إليه وقت الحمد ،فإذا أنشأ العبد الحمد نعمة ،فكأنَّه وقع يف مقابلة ما ُأ َ
نعمة؛ زاد ثوابه. من قِبل نفسه دون أن يدفعه لذلك تجدُّ د ٍ
ُ َ
«خ ُذوا ُجنَّ َتك ُْم»ُ ،ق ْلنَا ول اهللِ ﷺُ : و َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة َ Iق َالَ :ق َال َر ُس ُ
َّارُ ،قو ُلواُ :س ْب َح َ
ان «ل؛ ُجنَّ َتك ُْم ِم َن الن ِ ول اهللِِ :م ْن َعدُ ٍّو َقدْ َح َض َر؟ َق َالَ : َيا َر ُس َ
ْجي ٍ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
ات اهللَ ،وا ْل َح ْمدُ ل َّلهَ ،و َل إِ َل َه إِ َّل اهَّللَُ ،واهَّللُ َأ ْك َب ُر؛ َفإِن ََّها َي ْأت َ
ين َي ْو َم ا ْلق َي َامة ُمن ِ َ
ات» .رواه الحاكم يف المستدرك(.)1 الصالِ َح ُ ات َّ
ات ،وهن ا ْلب ِ
اق َي ُ َ ُ َّ َ
وم َقدَّ م ٍ
َُ َ
نجيات
ٌ فمن فضائله َّن :أن َُّه َّن ُجنَّ ٌة لقائله َّن من النَّار ،ويأتين يوم القيامة ُم
ووصفه َّن بأن َُّه َّن الباقيات
ُ مات له يف المنازل والدَّ رجات، لقائلِ ِه َّن ومقدَّ ٌ
الصالحات ،وقد قال اهلل تعالى﴿ :ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ
َّ
جزاؤها ،وهذا
ُ ﭞ﴾ [الكهف ،]46 :والباقيات ،أي :ا َّلتِي يبقى ثوا ُبها ،ويدوم
خير أ َم ٍل يؤ ِّمله العبد وأفضل ثواب يرجوه. ُ
ولَ « :بخٍ َبخٍ ول اهَّللِ ﷺ َي ُق ُ وعن َأبي َس ْل َمى َ Iق َالَ :س ِم ْع ُت َر ُس َ
ان اهَّللَِ ،وا ْل َح ْمدُ لِ َّل ِهَ ،و َل
َانُ :س ْب َح َ سَ -ما َأ ْث َق َل ُه َّن فِي ا ْل ِميز ِ -و َأ َش َار بِ َي ِد ِه بِخَ ْم ٍ َ
الصالِ ُح ُيت ََو َّفى لِ ْل َم ْر ِء ا ْل ُم ْس ِل ِم َف َي ْحت َِس ُب ُه» .رواه إِ َل َه إِ َّل اهَّللَُ ،واهَّللُ َأ ْك َب ُرَ ،وا ْل َو َلدُ َّ
ثقيالت يف الميزان ،وقوله يف الحديث: ٌ الحاكم وابن ِح َّبان( .)2فأخرب ﷺ أنَّه ُّن
بالشيء وبيان تفضيله. « َبخٍ َبخٍ » ،هي :كلمة ُتقال عند اإلعجاب َّ
السنَّة النَّبو َّية لهؤالء الكلمات األربع،
فهذه بعض الفضائل الواردة يف ُّ
فضائل مخصوص ٌة سيأيت تفاصيلها إن شاء اهلل ،و َمنُ وقد ورد ِّ
لكل كلمة منه َّن
قدر هؤالءيتأ َّمل هذه الفضائل المتقدِّ مة يجد أنَّها عظيمةٌ ،ودا َّل ٌة على عظيم ِ
ورفعة شأهن َّن وكثرة فوائده َّن وعوائده َّن على العبد المؤمن ،فما الكلمات ِ
ِ
عليه َّن. أعظم هؤالء الكلمات ،وما َّ
أجل شأن َُه َّن ،وما أك َب َر الخير المرت ِّتب َ
نسأل اهلل أن يو ِّفقنا للمحافظة عليه َّن ،وأن يجعلنا من أهله َّن ا َّل ِذين ألسنتهم
قريب مجيب.
ٌ سميع
ٌ رطب ٌة بذلك ،إنَّه
أحاديث األذكار واألدعية 180
29
فضل التَّهليل
«ل إِ َل َه إِ َّل اهللُ «م ْن َق َالَ : ول اهلل ﷺ َق َالَ : َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة َ Iأ َّن َر ُس َ
ك َو َل ُه ا ْل َح ْمدُ َو ُه َو َع َلى ك ُِّل َش ْي ٍء َق ِد ٌير» فِي َي ْو ٍم ِما َئ َة َو ْحدَ ُه َل َشرِ َ
يك َل ُهَ ،ل ُه ا ْل ُم ْل ُ
ت َعنْ ُه ِما َئ ُة َس ِّيئ ٍَة، ت َله ِما َئ ُة حسن ٍَة ،وم ِ
ح َي ْ َ َ َُ
ِ
ابَ ،وكُت َب ْ ُ َت َل ُه َعدْ َل َع ْشرِ ِر َق ٍ َم َّر ٍة؛ كَان ْ
ت َأ َحدٌ بِ َأ ْف َض َل ِم َّما ك حتَّى يم ِسي ،و َلم ي ْأ ِ
َ ْ َ
ِ
ان َي ْو َم ُه َذل َ َ ُ ْ الش ْي َط ِ َت َل ُه ِح ْرزًا ِم َن َّ َوكَان ْ
البخاري ومسلم(.)1ُّ ك» .رواه َجا َء بِ ِه؛ إِ َّل َأ َحدٌ َع ِم َل َأ ْك َث َر ِم ْن َذلِ َ
«م ْن َق َالَ :ل إِ َل َه إِ َّل اهللُ َو ْحدَ ُه َل َشرِ َ
يك َل ُهَ ،ل ُه جمع Oيف قولهَ :
ِ
َّوحيد ك َو َل ُه ا ْل َح ْمدُ َو ُه َو َع َلى ك ُِّل َش ْي ٍء َق ِد ٌير»؛ بين التَّوحيد وبراهينه ،الت
ا ْل ُم ْل ُ
ا َّل ِذي خلقنا اهلل Dألجله وأوجدنا لتحقيقه ،وبراهينِه ودالئله الدَّ ا َّلة على
وجوب إخالصه هلل وإفراده به سبحانه دون سواه.
أ َّما التَّوحيد ففي قوله «ال إله َّإل اهلل» ،فهذه الكلمة العظيمة هي كلمة
أجل الكلمات وأفضلها وأعظمها على اإلطالق ،وال يوجد يف التَّوحيد ،وهي ُّ
ون ت َأنَا َ
والنَّبِ ُّي َ «و َخ ْي ُر َما ُق ْل ُ
الكلمات كلم ٌة أفضل منها ،كما قال َ :O
الح ْمدُ َو ُه َو َع َلى ك ُِّل ك َو َل ُه َ الم ْل ُ ِم ْن َق ْب ِليَ :ل إِ َل َه إِ َّل اهَّللُ َو ْحدَ ُه َل َشرِ َ
يك َل ُهَ ،ل ُه ُ
َش ْي ٍء َق ِد ٌير»( ،)2وال توحيد َّإل هبا ،وهي قائمة على ركنين :النَّفي واإلثبات؛
البخاري ( ،)3293ومسلم (.)2691 ُّ ((( رواه
ِ
ِّرمذي ( ،)3585وقال األلبان ُّي« :حسن لغيره» ،وانظر :صحيح الرتغيب((( رواه الت
ُّ
والرتهيب (.)1536
181 -29فضل التَّهليل
ألفاظ يأيت هبا لسانُه دون أن يستشعر معناها ،بل عليه أن ير ِّددها ٍ مجردلها َّ
الشرك ،والتَّعظيم مستشعرا للتَّوحيد ا َّل ِذي د َّلت عليه ،واإلخالص والرباءة من ِّ ً
ِ ِ
«م ْن َقا َل َها في َي ْو ٍم ما َئ َة َم َّرة» ،فهل ُتقال
والتَّمجيد هلل .Fوقد تقدَّ م فضل َ
الصباح الباكر مع أذكار األولى أن يؤتى بها في َّ تؤخر؟ ْ الصباح الباكر ،أو َّ يف َّ
الصباح لسببين: َّ
األول :مسارع ًة للخيرات ،ومبادر ًة يف تحصيل هذا الخير العظيم وال َّثواب َّ
العميم ،والمرء ال يدري ما يعرض له.
َّ
الثاني :تحصيل ما يرت َّتب على هذه الكلمة من األجور العظيمة واألفضال
حرزا له من َّ
الشيطان. الكريمة من َّأول النَّهار ،ومن ذلك أن تكون ً
النب ُّي Oفي ثواب هذا َّ
التهليل في اليوم مائة َّ َّ
مرة وقد ذكر ِ
فضائل عظيمة:
اب» ،أي :له ثواب يعادل عشر َت َل ُه َعدْ َل َع ْشرِ ِر َق ٍ الفضيلة األولى« :كَان ْ
رقاب ،كأنَّه أعتق عشر رقاب يف سبيل اهلل ،لو أراد المرء أن يعتق يف يوم من
ثم إذا تو َّفر المال قد ال تتو َّفر ِّ
الرقاب أ َّيامه رقا ًبا يف سبيل اهلل الحتاج إلى المالَّ ،
مرة؛ كانت له عدل للعتق يف سبيل اهلل ،لكنَّه إذا قال هذه الكلمة يف اليوم مائة َّ
أيضا على عظيم مكانة هذه يدل ً عشر رقاب ،وهذا فضل اهلل سبحانه ،وهو ُّ
األذكار عند اهلل ومح َّبته أن ُيكثِر العباد منها؛ ليكثر هبا ثواهبم عنده سبحانه.
بكل كلمة من هؤالء الكلمات ت َل ُه ِما َئ ُة َح َسن ٍَة» ،أيِّ :
الفضيلة الثانية« :كُتِ َب ْ
َّ
يوضح ذلك حديث أبي ُيكتب له حسنة عند اهلل ،لكن ما نوع هذه الحسنة؟ ِّ
ذر Iيف مسند اإلمام أحمد عندما سأل النَّبِ َّي Oفقال« :أفمن ٍّ
«هي َأحسن ا ْلحسن ِ ِ
َات»(،)1 الحسنات ال إله َّإل اهلل»؟ قال َ َ ُ َ ْ َ :O
ِ
ــي يف كلمــة اإلخــاص البــن رجــب
وحســنه األلبان ُّ
َّ ((( رواه ال َّط ُّ
ــري (،)14292
(ص.)55
183 -29فضل التَّهليل
أن هذا قد قام بقلبه من اإليمان ما جعل بطاقته ا َّلتِي فيها «ال إله وال ريب َّ
جلت ،إذ النَّاس متفاضلون يف األعمال بحسب ما الس َّ َّإل اهلل» تطيش بتلك ِّ
وإل فكم من قائل لـ«ال إله َّإل اهلل» ال يحصل له مثل يقوم بقلوهبم من اإليمانَّ ،
الصحيحين( )1من حديث أنس بن هذا؛ لضعف إيمانه هبا يف قلبه ،فقد ورد يف َّ
َّار َم ْن َق َالَ :ل إِ َل َه إِ َّل اهللُ «يخْ ُر ُج ِم َن الن ِ مالك Iعن النَّبِ ِّي ﷺ أنَّه قالَ :
َّار َم ْن َق َالَ :ل إِ َل َه إِ َّل اهللُ َوفِي َق ْلبِ ِه َوفِي َق ْلبِ ِه َوز ُْن َش ِع َير ٍة ِم ْن َخ ْيرٍَ ،و َيخْ ُر ُج ِم َن الن ِ
َّار َم ْن َق َالَ :ل إِ َل َه إِ َّل اهللُ َوفِي َق ْلبِ ِه َوز ُْن َذ َّر ٍة ِم ْن
َوز ُْن ُب َّر ٍة ِم ْن َخ ْيرٍَ ،و َيخْ ُر ُج ِم َن الن ِ
أن أهل «ال إله َّإل اهلل» متفاوتون فيها بحسب ما قام يف فدل ذلك على َّ َخ ْيرٍ»؛ َّ
قلوهبم من إيمان.
بالسموات واألرض رجحت نت َّ ومن فضائل هذه الكلمة :أنَّها لو ُو ِز ْ
ُوحا َق َال «أ َّن ن ً هب َّن ،كما يف المسند عن عبد اهلل بن عمرو Lعن النَّبِي ﷺَ :
ِّ
ِ ِ ِِ ِ ِِ ِ
الس ْب َع َل ْو
ين َّ الس ْب َع َو ْالَ َرض َ الس َم َوات َّ ل ْبنه عنْدَ َم ْوتهُ :آم ُر َك بِ َل إِ َل َه إِ َّل اهللُ؛ َفإِ َّن َّ
ت بِ ِه َّن َل إِ َل َه إِ َّل اهللُ، ت َل إِ َل َه إِ َّل اهللُ فِي كِ َّف ٍة؛ َر َج َح ْ ت فِي كِ َّف ٍةَ ،و ُو ِض َع ْ ُو ِض َع ْ
الس ْب َع فِي َحل َق ٍة ُم ْب َه َم ٍة َل َق َص َمت ُْه َّن َل إِ َل َه إِ َّل اهللُ»(.)2 ِ
الس َم َوات َّ َو َل ْو َأ َّن َّ
الحجب حتَّى ومن فضائلها :أنَّها ليس لها دون اهلل حجاب ،بل تخرق ُ
ِّرمذي بإسناد حسن عن أبي هريرة Iعن ِّ تصل إلى اهلل ،Dففي الت
ت َله َأبواب السم ِ ِ ِ
اء «ما َق َال َع ْبدٌ َل إِ َل َه إِ َّل اهللُ ُمخْ ل ًصا إِ َّل ُفت َح ْ ُ ْ َ ُ َّ َ
النَّبِ ِّي ﷺ أنَّه قالَ :
َب ا ْل َك َبائِ َر»(.)3 اج َتن َ
ش َما ْ َحتَّى ُت ْف ِضي إِ َلى ا ْل َع ْر ِ
أن النَّبِ َّي ﷺ جعلها أفضل ُشعب اإليمان، ومن فضائل هذه الكلمةَّ :
ان بِ ْض ٌع
يم ُ أن النَّبِي ﷺ قالِ ْ :
«ال َ الصحيحين من حديث أبي هريرة َّ I ففي َّ
َّ
يق»(.)3 ون ُش ْع َبةًَ :أ ْع َل َها َق ْو ُل َل إِ َل َه إِ َّل اهللَُ ،و َأ ْدن َ
َاها إِ َما َط ُة ْالَ َذى َع ِن ال َّطرِ ِ َو َس ْب ُع َ
ِّرمذي
ِّ الذكر ،كما يف الت ُ
أفضل ِّ أن النَّبِ َّي ﷺ أخرب أنَّها ومن فضائلهاَّ :
وغيره من حديث جابر Iقال :سمعت رسول اهلل ﷺ يقولَ :
«أ ْف َض ُل
اء ا ْل َح ْمدُ هلل ِ»(.)4
الذ ْكرِ َل إِ َله إِ َّل اهلل ،و َأ ْف َض ُل الدُّ ع ِ
َ ُ َ َ ِّ
وفضائل هذه الكلمة وموقعها من الدِّ ين فوق ما يص ُفه الواصفون و َي ُعدُّ ُه
العا ُّدون.
30
َان َع َلى َان َخ ِفي َفت ِول اهلل ﷺ« :ك َِل َمت ِ َع ْن أبي هريرة َ Iق َالَ :ق َال َر ُس ُ
ان اهَّلل ِ َوبِ َح ْم ِد ِه، َان فِي ا ْل ِميز ِ
َانَ ،حبِي َبت ِ
َان إِ َلى َّ
الر ْح َم ِن؛ ُس ْب َح َ انَ ،ث ِقي َلت ِ ال ِّل َس ِ
البخاري ومسلم(.)1ُّ ان اهَّلل ِ ا ْل َعظِيمِ» .رواه
ُس ْب َح َ
الصحيح ،وكان قد بدأه البخاري كتابه َّ
ُّ هذا حديث عظيم ختم به اإلمام
أن العمل َّأول ما يبدأ ات» ،إشار ًة منه Vإلى َّ بحديث «إِنَّما ْالَعم ُال بِالنِّي ِ
َّ ْ َ َ
يكون نِ َّيةً ،وآخر أمره يوزن يوم القيامة ُث َّم تكون المجازاة.
مشو ٍق ،وهذا من كمال نصحه وقد بدأ النَّبِ ُّي ﷺ هذا الحديث بأسلوب ِّ
ألن «سبحان اهلل وبحمده» مبتدأ ،وخربه «كلمتان حبيبتان»، َّ ،O
شوق إليه ،و َأ ْك َث َر من وصف الخرب ِ ولك َّن النَّبِي َّ O
أخر المبتدأ ل ُي ِّ َّ
تشوي ًقا وترغي ًبا.
ف ال ِّل َ
سان جهدً ا أو مش َّقةً، ليست تك ِّل ُ
ْ ان» ،أي: «خ ِفي َفت ِ
َان َع َلى ال ِّل َس ِ قولهَ :
وكلمات صعب ُة
ٌ بل هي خفيفة عليه ،وبعض الكالم قد يكون يف تركيبه ثِ ٌ
قل
ُّطق ،فيكون فيها شيء من ال ِّثقل ،لك َّن هاتين الكلمتين خفيفتان على الن ِ
ال ِّلسان ،ال ثقل فيهما عليه وال كَلفة.
َان فِي ِ
الميز ِ
َان» ،أي :عندما ُتوضع يوم القيامة يف الميزان لها وقولهَ « :ث ِقي َلت ِ
حقيقي له كِ َّفتان:
ٌّ
ِ
ميزان يوم القيامة ،وهو ميزان إثبات
ُ ثقل عظيم فيه ،ويف هذا
البخاري ( ،)6406ومسلم (.)2694
ُّ ((( رواه
187 -30فضل التَّسبيح والتَّحميد
ِ ِ
ك َّفة توضع فيه الحسنات ،وك َّفة توضع فيه َّ
الس ِّيئات ،وهاتان الكلمتان يثقل
حسنات ِ
العبد يو َم القيامة. ِ ُ
ميزان هبما
يحب أن يسمعها منُّ للر ْح َم ِن» ،أيَّ :
أن اهلل سبحانه «حبِي َبت ِ
َان َّ وقولهَ :
تضره معصي ُة
غني عن تسبيح العبد ،فال تنفعه طاع ُة َمن أطاع وال ُّ عبده ،مع أنَّه ٌّ
يحب أن يسمعها من عبده.
ُّ َمن عصى ،ولك ْن من عظيم كرمه وكمال إحسانه
«الرحمن» ،إشارة إلى عظم ِّ
حظ قائلها من اسم اهلل َّ F و ُذكر هنا ُ
ِ
نصيب وافر من رحمة اهلل ا َّلتي َّ
خص هبا ٌ فمن حافظ عليها؛ فله رحمة اهلل؛ َ
خص لفظ عباده المؤمنين﴿ ،ﰑ ﰒ ﰓ﴾ [األحزاب .]43 :وقد َّ
بيان ِسعة رحمة اهلل على عباده؛
ألن المقصو َد من الحديث ُ بالذكر؛ َّ
«الرحمن» ِّ َّ
حيث يجازي على العمل القليل ال َّثواب الجزيل واألجر العظيم.
وقد جمع هنا مع التَّسبيح يف الجملة األولى الحمد ،ويف الجملة ال َّثانية
إثبات المحامد ك ِّلها هلل ،والتَّعظيم فيه إثبات العظمة
ُ التَّعظيم ،والحمد فيه
دال على عظمة اهلل يف أسمائه، هلل ،والعظيم :اسم من أسمائه الحسنى وهو ٌّ
وعظمته يف ذاته ،وعظمته يف صفاته ،وعظمته يف شرعه.
والتَّسبيح تار ًة يأيت يف القرآن مقرتنًا بالحمد ،وتارة يأيت مقرتنًا باألسماء
والصفات؛ وهنا يف هذا الحديث اجتمع النَّوعان ،فقوله« :سبحان اهلل ِّ
وبحمده» جاء التَّسبيح مقرتنًا بالحمد ،وقوله« :سبحان اهلل العظيم» جاء
أن تسبيح اهلل Fال ُبدَّ معه من بالصفات .وهذا فيه التَّنبيه إلى َّ
مقرتنًا ِّ
وحمد ،ويف قوله: ِ حمده وإثبات صفاته ،ففي قوله« :سبحان اهلل وبحمده» َّنزه
أن التَّسبيح ال ُبدَّ معه«سبحان اهلل العظيم» َّنزه وع َّظم .ويف هذا داللة على َّ
ألن التَّسبيحمن إثبات عظمة اهلل ،وكماله يف صفاته ونعوته سبحانه؛ وذلك َّ
إثبات المحامد ك ِّلها هلل،
ُ هو تنزي ُه اهلل عن النَّقائص والعيوب ،والتَّحميدُ فيه
أحاديث األذكار واألدعية 188
واإلثبات ُ ِ
مجر ًدا ،ولكن ورد مقرونًا السلب ،ولهذا لم َي ِرد الت ُ
َّسبيح َّ أكمل م َن َّ
بما يدُ ُّل على إثبات الكمال؛ فتار ًة ُي ُ
قرن بالحمد كما يف هذه النُّصوص ،وتار ًة
باسم من األسماء الدَّ الة على العظمة والجالل ،كقول« :سبحان اهلل ٍ ُي ُ
قرن
العظيم» ،وقول« :سبحان ر ِّبي األعلى» ،ونحو ذلك.
تضمن معنًى ثبوت ًّيا؛ ولهذا عندما َّنزه اهلل َّ مدحا َّإل إذاوالتَّنزيه ال يكون ً
الرسل س َّلم على المرسلين مما وصفه به أعداء ُّ عما ال يليق به َّ Fنفسه َّ
اللئق به ،وذلك يف ا َّل ِذين يثبتون هلل صفات كماله ونعوت جالله على الوجه َّ
قوله﴿ :ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ
نفسه بعد اهلل َ أيضا حمدَ ُ الصا َّفات .]182-180 :ويف هذه اآلية ً ﰇ ﰈ﴾ [ َّ
َّسبيح فيه تنزيه الصفات ،والت َ إثبات كمال ِّ ُ ألن الحمدَ فيه أن َّنزهها؛ وذلك َّ
فجمع يف اآلية بين التَّنزيه عن العيوب بالتَّسبيح، اهلل عن النَّقائص والعيوب؛ ُ
َّسبيح
كثيرا ،فالت ُ والسنَّة ً وإثبات الكمال بالحمد .وهذا المعنى ِيرد يف القرآن ُّ
الحق يفُّ المنهج
ُ والحمدُ أصالن عظيمان وأساسان متينان ،يقوم عليهما
والصفات. توحيد األسماء ِّ
كلجاهد نفسه على اإلكثار من هاتين الكلمتين يف ِّ فينبغي للعبد أن ي ِ
ُ
حرك لسانه تختص بوقت مع َّي ٍن وإنَّما ُتقال متى شاء العبدُ ،ي ِّ ُّ أوقاته ،وهي ال
الرحمن سبحانه. أمرا حبي ًبا إلى َّ هبا ليث ِّقل ميزانه ،وليفعل ً
ِّرمذي ،وابن ِح َّبان،
َّ َّ
ُّ ومن فضائل التسبيح والتحميد :ما رواه الت
الزبير عن جابر Iعن النَّبِ ِّي ﷺ أنَّه والحاكم ،وغيرهم ،من طريق أبي ُّ
الجن َِّة»(.)1 ِ
ت َل ُه َنخْ َل ٌة في َان اهلل ِ ال َعظِي ِم َوبِ َح ْم ِد ِه ُغرِ َس ْ «م ْن َق َال ُس ْب َح َ
قالَ :
ومن فضائلهما :ما رواه ال َّطربانِ ُّي والحاكم من حديث نافع بن ُجبير
اص َط َفى اهللُ «أ ْف َض ُل ا ْلك ََل ِم َما ْ أن النَّبي ﷺ قالَ : ذر َّ I وعن أبي ٍّ
َّ
أنان اهلل ِ َوبِ َح ْم ِد ِه» .رواه مسلم( .)3ويف لفظ آخر للحديث َّ لِ َم َلئِكَتِ ِهُ :س ْب َح َ
هلل
ول ا ِ ذر قال :قال رسول اهلل ﷺ«َ :أ َل ُأخْ بِ ُر َك بِ َأ َح ِّب ا ْلك ََل ِم إِ َلى اهللِ؟» ُق ْل ُتَ :يا َر ُس َ أبا ٍّ
ِ
َأ ْخبِرنِي بِ َأحب ا ْل َك َل ِم إِ َلى اهللَ .ق َال« :إِن َأحب ا ْلك ََل ِم إِ َلى اهللِ :سبحان اهلل ِ
ُ ْ َ َ َّ َ َّ َ ِّ ْ
فدل هذا الحديث على عظيم مكانة هذه الكلمة عند اهلل .D ِ ِ
َوبِ َح ْمده»()4؛ َّ
أن َمن قال :سبحان اهلل وبحمده يف ومن فضائلهما :ما أخرب به النَّبي ﷺ َّ
ُّ ِ
الصحيح من حديث أبي هريرة مرة ُح َّطت عنه ذنو ُبه ولو ك ُثرت ،ففي َّ يو ٍم مائة َّ
تان اهلل ِ َوبِ َح ْم ِد ِه فِي َي ْو ٍم ِما َئ َة َم َّر ٍة ُح َّط ْ
«م ْن َق َالُ :س ْب َح َ َّبي ﷺ قالَ : َّ
Iأن الن َّ
َت ِم ْث َل َز َب ِد ا ْل َب ْحرِ»(.)5
َخ َط َايا ُه َوإِ ْن كَان ْ
مرة؛ لم مرة ويف المساء مائة َّ الصباح مائة َّ أن َمن قالها يف َّ وثبت عنه ﷺ َّ
مما جاء بهَّ ،إل َمن قال مثل ذلك وزاد عليه؛ فقد َ ِ
بأفضل َّ يأت أحدٌ يو َم القيامة
روى مسلم يف صحيحه من حديث أبي هريرة Iقال :قال رسول اهلل ﷺ:
ان اهلل ِ وبِحم ِد ِه ِما َئ َة مر ٍة َلم ي ْأ ِ
ت َأ َحدٌ ين ُي ْم ِسيُ :س ْب َح َ ِ ِ
َ َّ ْ َ َ َ ْ «م ْن َق َال ح ْي َن ُي ْصبِ ُح َوح َ َ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ
َي ْو َم ا ْلق َي َامة بِ َأ ْف َض َل م َّما َجا َء بِه ،إِ َّل َأ َحدٌ َق َال م ْث َل َما َق َال َأ ْو زَا َد َع َل ْيه»(.)1
فالتَّسبيح يف هذه األحاديث قرين التَّحميد ،ويف القرآن يقول اهلل تعالى:
﴿ﭣ ﭤ ﭥ﴾ [البقرة ،]30 :وقال سبحانه﴿ :ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ
ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ﴾
[اإلسراء ،]44 :وقال سبحانه﴿ :ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ﴾
َك ال َّل ُه َّم َر َّبنَا
«س ْب َحان َ
َّبي ﷺ يقول يف ركوعه وسجودهُ : [النصر ،]3 :فكان الن ُّ
ِ ِ ِ
يتأول القرآن ،كما ثبت يف الحديث( )2عن أ ِّم َوبِ َح ْمد َك ال َّل ُه َّم ا ْغف ْر لي»؛ َّ
َك ال َّل ُه َّم َوبِ َح ْم ِد َك» تأويل«س ْب َحان َ
المؤمنين عائشة ،Jفجعل قولهُ :
﴿ﭿ ﮀ ﮁ﴾ ،وقد قال اهلل تعالى﴿ :ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ
ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ﴾ [غافر ،]55 :وقال﴿ :ﭝ
ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ﴾ [ ُّ
الروم-17 :
،]18والنُّصوص يف اقرتاهنما كثيرة.
بن َأبِي َو َّق ٍ
اص التسبيح :ما رواه مسلم َع ْن َس ْع ِد ِ َّ
ومما ورد في فضل َّ
ب ك َُّل َي ْو ٍم َأ ْل َ ِ «أ َي ْع ِ َق َالُ « :كنَّا ِعنْدَ رس ِ
ف ج ُز َأ َحدُ ك ُْم َأ ْن َيكْس َ ول اهلل ﷺ َف َق َالَ : َ ُ
ف َح َسن ٍَة؟ َق َال: ب َأ َحدُ نَا َأ ْل َ ِ
ف َي ْكس ُ َح َسن ٍَة؟» َف َس َأ َل ُه َسائِ ٌل مِ ْن ُج َل َسائِ ِهَ :ك ْي َ
ف َخطِيئ ٍَة»(.)3 ف َح َسن ٍَةَ ،أ ْو ُي َح ُّط َعنْ ُه َأ ْل ُ َب َل ُه َأ ْل ُ «يسبح ِما َئ َة تَسبِ ٍ
يحة؛ َف ُي ْكت ُ
ْ َ ُ َ ِّ ُ
((( رواه مسلم (.)2692
البخاري ( ،)817ومسلم (.)484
ُّ (((
((( مسلم (.)2698
191 -30فضل التَّسبيح والتَّحميد
وكثيرا ما يأيت مثل هذا األسلوب يف حديثه ً وهذا أسلوب تشويق وترغيب،
حرصه على ِ صلوات اهلل وسالمه عليه ،وهذا من كمال نُصحه أل َّمته ،وشدَّ ة
نفعهم وارتفاعهم وعنايتهم بذكر اهلل وبطاعته عمو ًما.
ٍ ب ك َُّل َي ْو ٍم َأ ْل َ ِ «أ َي ْع ِ
لما قال ذلك ف َح َسنَة؟» َّ ج ُز َأ َحدُ ك ُْم َأ ْن َيكْس َ قولهَ :
الصحابة شوقا لمعرفة هذا األمر ،فقال َسائِ ٌل تحركت قلوب َّ َّ O
ِ ٍ ب َأ َحدُ نَا َأ ْل َ ِ مِ ْن ُج َل َسائِ ِهَ « :ك ْي َ
نحصل ف َح َسنَة؟» أي :ما ال َّطريقة ا َّلتي ِّ ف َي ْكس ُ
يح ٍة» ،أي: ِ
«ي َس ِّب ُح ما َئ َة ت َْسبِ َ
هبا هذا القدر من الحسنات؟ فقال ُ :O
فف َح َسن ٍَةَ ،أ ْو ت َُح ُّط َعنْ ُه َأ ْل َ َب َل ُه َأ ْل َ مرةَ « ،ف ُت ْكت ُ يقول« :سبحان اهلل» مائة َّ
ألن الحسنة بعشر أمثالها ،فهو إذا قال( :سبحان َخطِيئ ٍَة»؛ ُتكتب له ألف حسنة؛ َّ
مرة ،والحسنة بعشر أمثالها؛ فهذه ألف حسنة. اهلل) مائة َّ
يحصله يف دقيقتين أو ِّ أن المرء وهذا ثواب عظيم وأجر جزيل ر َّبما َّ
الصغائر ،أ َّما كبائر ُّ
الذنوب فال ُبدَّ فيها من والذنوب المك َّفرة هنا :هي َّ
ثالثُّ ،
التَّوبة ،كما قال تعالى﴿ :ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ
ﮛ ﮜ ﮝ﴾ [النِّساء ،]31 :وقال تعالى﴿ :ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ
ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﮩ﴾ [النَّجم.]32 :
أحاديث األذكار واألدعية 192
31
إل َّ
بالل فضل ال حول وال قوَّة َّ
وبيان ِعظم
ِ ُّصوص بتفضيلها
ُ إن من الكلمات العظيمة ا َّلتي جاءت الن َّ
قوة َّإل باهلل ِ» ،وقد جاءت يف بعضول َّ الح ْو َقلة؛ وهي قول َ
«ل َح ْول َ شأهناَ :
أحب الكالم إلى اهلل ،Dاألحاديث مضمومة إلى الكلمات األربع ا َّلتي هي ُّ
فصل عنها. ٌ
حديث ُم َّ وقد سبق
َّ ُّ
ومن النصوص التي وردت فيها هذه الكلمة مضمومة إلى أولئك الكلمات:
ِّرمذي والحاكم من حديث عبد اهلل بن عمرو بن العاص ُّ -ما رواه الت
ولَ :ل إِ َل َه إِ َّل اهَّللُ ض َأ َحدٌ َي ُق ُ «ما َع َلى األَ ْر ِ Lقال :قال رسول اهلل ﷺَ :
َت ِم ْث َل َز َب ِد َواهَّللُ َأ ْك َب ُر َو َل َح ْو َل َو َل ُق َّو َة إِ َّل بِاهَّللِ ،إِ َّل ُك ِّف َر ْت َعنْ ُه َخ َط َايا ُه َو َل ْو كَان ْ
ال َب ْحرِ»(.)1
قطني وغيرهم عن ابن أبي أوىف َّسائي والدَّ َار ُّ وأيضا ما رواه أبو داود والن ُّ ً -
يع َأ ْن َأ َت َع َّل َم ا ْل ُق ْر َ ِ
آن، Lقالَ :جا َء َر ُج ٌل إِ َلى النَّبِ ِّي ﷺ َف َق َال« :إِنِّي َل َأ ْستَط ُ
ِ ِ ِ َف َع ِّل ْمنِي َش ْيئًا ُي ْج ِزينِي»َ ،ق َالَ « :ت ُق ُ
ان اهلل َوا ْل َح ْمدُ ل َّلهَ ،و َل إِ َل َه إِ َّل اهللُ ولُ :س ْب َح َ
َواهللُ َأ ْك َب ُرَ ،و َل َح ْو َل َو َل ُق َّو َة إِ َّل بِاهلل ِ»َ ،ف َق َال األَ ْع َرابِ ُّيَ :ه َك َذاَ ،و َق َب َض بِ َي ِد ِه،
ول :ال َّل ُه َّم ا ْغ ِف ْر لِيَ ،و ْار َح ْمنِيَ ،و َعافِنِي، «ه َذا لِ َّل ِهَ ،ف َما لِي؟» َق َالَ « :ت ُق ُ َف َق َالَ :
«أ َّما َه َذاَو ْار ُز ْقنِيَ ،و ْاه ِدنِي»َ ،ف َأ َخ َذ َها األَ ْع َرابِيَ ،و َق َب َض َك َّف ْي ِهَ ،ف َق َال النَّبي ﷺَ :
ُّ ُّ
َف َقدْ َمأل َ َيدَ ْي ِه ِم َن ا ْلخَ ْيرِ»(.)2
وحسنه األلباينُّ.
َّ ِّرمذي ( ،)3460والحاكم يف المستدرك (،)1853 ُّ ((( رواه الت
وحسنه األلباينُّ. قطني (،)1196 ِ
((( رواه أبو داود ( ،)832والنَّسائ ُّي ( ،)924والدَّ ار
َّ ُّ
193 إل َّ
بالل -31فضل ال حول وال قوَّة َّ
أن رسول اهلل ﷺ قال: الخدري َّ I ِّ وروي من حديث أبي سعيد ُ -
ول اهللِ؟ قال: ات» ،قيلَ :و َما ِه َي َيا َر ُس َ ات الصالِح ِ
َّ َ
اقي ِِ ِ ِ
«اس َتكْث ُروا م َن ا ْل َب َ ْ
يحَ ،والت َّْح ِميدُ َ ،و َل َح ْو َل َو َل ُق َّو َة إِ َّل بِاهلل ِ» ،رواه
يلَ ،والت َّْسبِ ُ «ال َّت ْكبِ ُيرَ ،والت َّْه ِل ُ
وغيرهم ويف سنده كالم.
ُ
()1
أحمد وابن ح َّبان والحاكم
الصالحات» قوة َّإل باهلل» يف جملة« :الباقيات َّ ول َّ «ل َح ْو َل َ لكن جاء عدُّ َ :
الصحابة والتَّابعين؛ فقد روى اإلمام أحمد يف مسنده َّ
أن عن غير واحد من َّ
الصالحات ما هي؟ أمير المؤمنين عثمان بن ع َّفان ُ Iسئل عن الباقيات َّ
ول َح ْو َل َو َل والح ْمدُ هللِ ،واهللُ أ ْك َب ُرَ ، ِ
حان اهللَ ،
وس ْب َ ِ
فقال« :ه َي َل إِ َل َه َّإل اهللُُ ،
ُق َّوة َّإل باهلل ِ»( ،)2وروى ابن جرير عن ابن عمر Lأنَّه ُسئل عن الباقيات
قوة
ول َّ ول َ ول َح َ حان اهلل ِ َ وس ْب َ أكبرُ ، «ل إ َله َّإل اهللُ ،واهللُ ُالصالحات؟ فقالَ : َّ
ات: الصالِ َح ُ َّإل باهلل ِ»( ،)3وروى مالك عن سعيد بن المسيب قال« :الب ِ
ات َّ اق َي ُ َ ِّ
ِ والح ْمدُ هللَِ ، ِ
ول ُق َّوة َّإل باهلل»(.)4 ول َح ْو َل َ ول إِ َله َّإل اهللُ ،واهللُ ُ
أكبرَ ، حان اهللَ ، ُس ْب َ
ربي عن عمارة بن ص َّياد قال« :سألني سعيد ابن وروى ابن جرير ال َّط ُّ
والصيام ،قال :لم ُتصب، الصالة ِّ
الصالحات ،فقلتَّ : المس ِّيب عن الباقيات َّ
والحج ،فقال :لم ُتصب ،ولكنَّه َّن الكلمات الخمس :ال إله َّإل ُّ الزكاة
فقلتَّ :
قوة َّإل باهلل»(.)5
اهلل ،واهلل أكرب ،وسبحان اهلل ،والحمد هلل ،وال حول وال َّ
الصالحات» محصورة يف وأثر ابن المس ِّيب هذا يوهم َّ
أن «الباقيات َّ
((( رواه أحمد ( ،)11713والحاكم يف المستدرك ( ،)1889وابن ح َّبان (،)840
وض َّعفه األلباينُّ يف ضعيف الجامع (.)119/1
((( رواه أحمد (.)513
ربي (.)33/18 ((( رواه ال َّط ُّ
((( رواه مالك يف المو َّطأ (.)1001
الطربي (.)35/18ُّ ((( رواه
أحاديث األذكار واألدعية 194
أن «الباقيات هؤالء الكلمات الخمس ،وا َّلذي عليه المح ِّققون من أهل العلم َّ
الصالحات» ه َّن جميع أعمال الخير ،كما جاء عن ابن ع َّباس Lيف قوله: َّ
﴿ﭗ ﭘ﴾ [الكهف ،]46 :قال« :هي ذكر اهلل؛ قول ال إله َّإل اهلل،
قوة َّإل باهلل،واهلل أكبر ،وسبحان اهلل ،والحمد هلل ،وتبارك اهلل ،وال حول وال َّ
والصدقة
والحج َّ ُّ والصالة وأستغفر اهلل ،وص َّلى اهلل على رسول اهللِّ ،
والصيام َّ
الصالحات وهن الباقيات َّ والصلة وجميع أعمال الحسناتَّ ، والعتق والجهاد ِّ
السموات واألرض»(.)1 ا َّلتي تبقى ألهلها يف الجنَّة ما دامت َّ
قوة َّإل باهلل -وبيان وقد ورد يف فضل هذه الكلمة -أعني ال حول وال َّ
خاصة عن نصوص َّ ٌ أجر وثواب عظيم مكانتها عند اهلل وما يرت َّتب عليها من ٍ
رسول اهلل ﷺ.
«أكْثِ ُروا ِم ْن
-منها ما روا ُه أحمد َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة َ Iأ َّن النَّبِي ﷺ َق َالَ :
َّ
ِ ()2
الجنَّة» .ُوز ََق ْو ِلَ :ل َح ْو َل َو َل ُق َّو َة إِ َّل بِاهلل ِ؛ َفإِنَّها َكنْ ٌز ِم ْن ُكن ِ
األشعري Iقال: ِّ البخاري ومسلم عن أبي موسى ُّ -ومنها ما رواه
َّبي ﷺ يف سفر فكنَّا إذا علونا ك َّبرنا ،ويف رواية :فجعلنا ال نصعد كنَّا مع الن ِّ
َّبي ٍ َّ ً ً
شرفا وال نعلو شرفا وال هنبط يف واد إل رفعنا أصواتنا بالتَّكبير ،فقال الن ُّ
ون َأ َص َّم َو َل َغائِ ًباَ ،و َلكِ ْن ار َب ُعوا َع َلى َأ ْن ُف ِسك ُْمَ ،فإِ َّنك ُْم َل تَدْ ُع ََّاس ْ
«أ ُّي َهاالن ُ ﷺَ :
قوة َّإل ون س ِميعا ب ِ
علي وأنا أقول يف نفسي :ال حول وال َّ َّ أتى ثم
َّ ا»، يرً ص تَدْ ُع َ َ ً َ
سُ ،ق ْلَ :ل َح ْو َل َو َل ُق َّو َة إِ َّل بِاهَّللَِ ،فإِن ََّها َكنْ ٌز ِم ْن «يا َع ْبدَ اهَّلل ِ ْب َن َق ْي ٍ باهلل ،فقالَ :
الجن َِّة؟ َل َح ْو َل ُوز َ ك َع َلى ك َِل َم ٍة ِهي َك ْن ٌز ِم ْن ُكن ِ
َ
الجن َِّة»َ ،أ ْو َق َالَ :
«أ َل َأ ُد ُّل َ ُوز َ ُكن ِ
َو َل ُق َّو َة إِ َّل بِاهَّلل ِ»(.)3
الطربي (.)35/18
ُّ ((( رواه
((( رواه أحمد (.)8406
البخاري ( ،)6384ومسلم (.)2704
ُّ ((( رواه
195 إل َّ
بالل -31فضل ال حول وال قوَّة َّ
قال بعض أهل العلم يف التَّعليق على هذا الحديث :كان Sمع ِّل ًما
فأحب ل َّلذين رفعوا َّ الزيادة؛ أحب لهم ِّ أل َّمته فال يراهم على حالة من الخير َّإل َّ
والقوة
َّ أصواهتم بكلمة اإلخالص والتَّكبير أن يضيفوا إليها ال َّتربِّي من الحول
فيجمعوا بين التَّوحيد واإليمان بالقدر ،وقد جاء يف الحديث« :إذا قال العبد ال
قوة َّإل باهلل ،قال اهلل :أسلم عبدي واستسلم» رواه الحاكم( )1بإسناد حول وال َّ
قوي .ويف رواية« :أال أد ُّلك على كلمة من تحت قال عنه الحافظ ابن حجرٌّ :
قوة َّإل باهلل ،فيقول اهلل :Dأسلم العرش من كنز الجنَّة؟ تقول :ال حول وال َّ
عبدي واستسلم» رواه الحاكم( ،)2وقال :صحيح وال ُيحفظ له ع َّلة ،ووافقه
هبي. َّ
الذ ُّ
ِّرمذي وابن ح َّبان وغيرهم عن أبي أ ُّيوب ُّ -وروى اإلمام أحمد والت
مر على إبراهيم -على نب ِّينا و َّبي ﷺ ليلة ُأسري به َّ َّ
األنصاري Iأن الن َّ ِّ
ِ ِ َك َف ْل ُيكْثِ ُروا ِم ْن ِغ َر ِ«م ْر ُأ َّمت َ
اس اس ا ْل َجنَّة»َ ،ق َالَ :و َما غ َر ُ -Oفقالُ :
«ل َح ْو َل َو َل ُق َّو َة إِ َّل بِاهلل ِ»(.)3
ا ْل َجن َِّة؟ َق َالَ :
ِّرمذي والحاكم وغيرهم عن قيس بن سعد بن عبادة ُّ -وروى أحمد والت
َّبي ﷺ وقال ليَ « :أ َل َأ ُد ُّل َك فمر بي الن َُّّبي ﷺ يخدمه قالَّ : أن أباه دفعه إلى الن ِّ
َّ
«ل َح ْو َل َو َل ُق َّو َة إِ َّل بِاهَّلل ِ»(.)4 الجن َِّة؟» ُق ْل ُتَ :ب َلى؟ َق َالَ :
اب َ اب مِ ْن َأ ْب َو ِ
َع َلى َب ٍ
فهذه بعض األحاديث المشتملة على بيان فضل هذه الكلمة العظيمة،
((( رواه الحاكم يف المستدرك (.)1850
وصححه األلباين يف صحيح الجامع (.)2614 َّ ((( الحاكم يف المستدرك (،)54
صححه األلباينُّ يف صحيح التَّرغيب
((( رواه أحمد ( ،)23552وابن ح َّبان ( ،)821و َّ
والتَّرهيب (.)1583
ِّرمذي ( ،)3581والحاكم يف المستدرك (،)7787 ُّ ((( رواه أحمد ( ،)15480والت
وصححه األلباينُّ.
َّ
أحاديث األذكار واألدعية 196
وما يرت َّتب عليها من أجور عظيمة ،وخيرات جليلة ،وفوائد ِّ
متنوعة يف الدُّ نيا
والقوة َّإل
َّ الحولواآلخرة .وهي كلمة إسال ٍم واستسال ٍم ،وتفويض وترب ٍُّؤ من َ
قو ٌة يف
شر ،وال َّ وأن العبدَ ال يملك من ِ
أمره شي ًئا ،وليس له حيل ٌة يف دف ِع ٍّ باهللَّ ،
تحول للعبد من معصية إلى طاعة ،وال من مرض جلب ٍ
خير َّإل بإرادة اهلل .فال ُّ ِ
قوة ،وال من نقص إلى كمال وزيادةَّ ،إل باهلل، ٍ
وهن إلى َّ صحة ،وال من إلى َّ
هدف من أهدافه أو غاية من ٍ بشأن من شؤونه ،أو تحقيق ٍ قوة له على القيام وال َّ
غاياته َّإل باهلل العظيم ،فما شاء اهلل كان ،وما لم يشأ لم يكنِ ،
فأز َّم ُة األمور بيده
يصرفها كيف يشاء ويقضيوأمور الخالئق معقودة بقضائه وقدره ِّ ُ سبحانه،
فيها بما يريد ،ال را َّد لقضائه وال مع ِّقب لحكمه ،فما شاء كان كما شاء يف
الوقت ا َّلذي يشاء على الوجه ا َّلذي يشاء من غير زيادة وال نقصان؛ وال تقدُّ م
تأخر ،له الخلق واألمر ،وله الملك والحمد ،وله الدُّ نيا واآلخرة ،وله وال ُّ
النِّعمة والفضل ،وله ال َّثناء الحسن ،شملت قدر ُته َّ
كل شيء﴿ ،ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ
ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ﴾ [يس﴿ ،]82 :ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ
الواجب
َ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫﯬ﴾ [فاطر]2 :؛ و َمن كان هذا شأنه َّ
فإن
اإلسال ُم أللوه َّيته ،واالستسال ُم لعظمته ،وتفويض األمور ك ِّلها إليه ،والترب ُُّؤ
اهلل عبا َده بذكره هبذه الكلمة العظيمة ا َّلتي
والقوة َّإل به ،ولهذا تع َّبد ُ
َّ من الحول
وكنز من كنوزها.
باب عظيم من أبواب الجنَّة ٌ
هي ٌ
فهي كلم ٌة عظيم ٌة تعني :اإلخالص هلل وحده باالستعانة ،كما َّ
أن كلم َة
التَّوحيد «ال إله َّإل اهلل» تعني :اإلخالص هلل بالعبادة؛ فال تتح َّقق «ال إله َّإل
اهلل» َّإل بإخالص العبادة ك ِّلها هلل ،وال تتح َّقق «ال حول وال َّ
قوة َّإل باهلل»
َّإل بإخالص االستعانة ك ِّلها هلل .وقد جمع اهلل بين هذين األمرين يف سورة
الفاتحة ،أفضل سورة يف القرآن ،وذلك يف قوله﴿ :ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ﴾
197 إل َّ
بالل -31فضل ال حول وال قوَّة َّ
وتفويض
ٌ والقو ِة
َّ الشرك ،وال َّثاين ترب ٌُّؤ من الحول
فاألول ترب ٌُّؤ من ِّ
َّ [الفاتحة]5 :؛
إلى اهلل .والعبادة متع ِّلقة بألوه َّية اهلل ،واالستعانة متع ِّلقة بربوب َّيته.
العباد ُة غاية ،واالستعانة وسيلة ،فال سبيل إلى تحقيق تلك الغاية العظيمة
َّإل هبذه الوسيلة العظيمة ا َّلتي هي االستعانة باهلل ا َّلذي ال حول وال َّ
قوة َّإل به؛
ولهذا يخطئ َمن يستخدمها يف غير باهبا ،أو يجعلها يف غير مقصودها ،قال
قوة
أن هذه الكلمة -أي :ال حول وال َّ شيخ اإلسالم ابن تيم َّية « :Vوذلك َّ
وكثير من النَّاس يقولها عند
ٌ َّإل باهلل -هي كلمة استعانة ال كلمة اسرتجاع،
المصائب بمنزلة االسرتجاع ،ويقولها جز ًعا ال صربًا»(.)1
السلف Xلهذه الكلمة وعلى هذا املعنى املُشار إليه يدور ُ
فهم َّ
العظيمة:
أخرج ابن أبي حاتم يف تفسيره عن ابن ع َّباس Lيف معنى «ال حول
قوة َّإل باهلل» ،قال« :ال حول بنا على العمل بال َّطاعة َّإل باهلل ،وال َّ
قوة لنا وال َّ
على ترك المعصية َّإل باهلل»(.)2
علي بن أبي طالب Iيف معناها ،أي« :أنَّا ال نملك مع وروي عن ِّ ُ
ِ
اهلل شي ًئا ،وال نملك من دونه ،وال نملك َّإل ما م َّل َكنا م َّما هو أملك به منَّا» .
()3
وروي عن عبد اهلل بن مسعود Iأنَّه قال يف معناها« :أي :ال حول عن ُ
قوة على طاعته َّإل بمعونته»(.)4
معصية اهلل َّإل بعصمته ،وال َّ
قوة َّإل باهلل» ،قال:
محمد أنَّه ُسئل عن تفسير «ال حول وال َّ
وعن زهير بن َّ
((( االستقامة (.)81/2
يوطي يف الدُّ ِّر المنثور يف التَّفسير بالمأثور (.)393/5
الس ُّ
((( ذكره ُّ
الربان َّية (.)242/1((( ذكره ابن علَّن يف الفتوحات َّ
َّووي يف شرح مسلم (.)26/17 ((( ذكره الن ُّ
أحاديث األذكار واألدعية 198
32
فضل ال َّصالة على الن َّ ِّ
يب ﷺ
َّاس بِي «أ ْو َلى الن ِ ول اهلل ﷺ َق َالَ : ود َ Iأ َّن َر ُس َ و َعن َعب ِد اهلل ب ِن مسع ٍ
ْ َ ْ ُ َ ْ ْ
ِّرمذي(.)1 ُّ الق َي َام ِة َأ ْك َث ُر ُه ْم َع َل َّي َص َلةً» .رواه الت يوم ِ
َْ َ
يل َم ْن ُذكِ ْر ُت ِعنْدَ ُه خ ُ وعن حسين بن علي َ Lأ َّن النَّبِي ﷺ َق َال« :ا ْلب ِ
َ َّ ٍّ ُ َ ْ
كثيرا»(.)2 ف َل ْم ُي َص ِّل َع َل َّي» .قال أبو سعيد -أحد رواة الحديث« -ﷺ ً
الص َل َة َع َل َّي، ِ اس َ Lق َالَ :ق َال رس ُ ِ و َع ِن ا ْب ِن َع َّب ٍ
ول اهلل ﷺَ « :م ْن نَس َي َّ َ ُ
َخطِ َئ َط ِر َيق ا ْل َجن َِّة» .أخرجه ابن ماجه(.)3
ْف َر ُج ٍل ُذكِ ْر ُت «ر ِغ َم َأن ُ وعن َأبِي هرير َة َ Iق َالَ :ق َال رس ُ ِ
ول اهلل ﷺَ : َ ُ ُ َ َْ َ ْ
ان ُث َّم ان َْس َل َخ َق ْب َل َأ ْن ْف َر ُج ٍل َد َخ َل َع َل ْي ِه َر َم َض ُ ِعنْدَ ُه َف َل ْم ُي َص ِّل َع َل َّيَ ،و َر ِغ َم َأن ُ
ِ ِ ِ ُي ْغ َف َر َل ُهَ ،و َر ِغ َم َأن ُ
الج َّنةَ» .رواه ْف َر ُج ٍل َأ ْد َر َك عنْدَ ُه َأ َب َوا ُه الك َب َر َف َل ْم ُيدْ خ َل ُه َ
ِّرمذي(.)4
ُّ الت
َان رس ُ ِ
ب ُث ُل َثا ال َّل ْي ِل ول اهلل ﷺ إِ َذا َذ َه َ ب َ Iق َال :ك َ َ ُ وعن ُأ َبي ْب ِن َك ْع ٍ
ِّ
ِ ِ ِ َ
الراد َفةُ، الراج َف ُة َت ْت َب ُع َها َّ َّاس ا ْذك ُُروا اهَّللَ ا ْذك ُُروا اهَّللَ َجا َءت َّ «يا أ ُّي َها الن ُ َقا َم َف َق َالَ :
ول اهلل ِ إِنِّي تَ :يا َر ُس َ َجا َء ا ْل َم ْو ُت بِ َما فِ ِيهَ ،جا َء ا ْل َم ْو ُت بِ َما فِ ِيه»َ ،ق َال ُأ َب ٌّيُ :ق ْل ُ
ت: ْت» َق َالُ :ق ْل ُ «ما ِشئ َ ك م ْن َص َلتي؟ َف َق َالَ :
ِ ك َفكَم َأجع ُل َل َ ِ
ْ ْ َ الص َل َة َع َل ْي َ ِ
ُأكْث ُر َّ
«ماف؟ َق َالَ : ت :الن ِّْص َ ك»ُ ،ق ْل ُ ْتَ ،فإِ ْن ِز ْد َت َف ُه َو َخ ْي ٌر َل َ «ما ِشئ َ الر ُب َع؟ َق َالَ : ُّ
ْتَ ،فإِ ْن ِ ْتَ ،فإِ ْن ِز ْد َت َف ُه َو َخ ْي ٌر َل َ ِشئ َ
«ما شئ َ تَ :فال ُّث ُل َث ْي ِن؟ َق َالَ : ك»َ ،ق َالُ :ق ْل ُ
ك، ك َص َلتِي ُك َّل َها؟ َق َال« :إِ ًذا ُت ْك َفى َه َّم َ تَ :أ ْج َع ُل َل َ ك»ُ ،ق ْل ُ ِز ْد َت َف ُه َو َخ ْي ٌر َل َ
ِّرمذي(.)5
ُّ ك» .رواه الت ك َذ ْن ُب َ َو ُي ْغ َف ُر َل َ
ِّرمذي (.)484
ُّ ((( رواه الت
وصححه األلبانِ ُّي يف صحيح الجامع (.)2878 َّ ((( رواه أحمد (،)1736
وحسنه األلباينُّ. َّ ((( رواه ابن ماجه (،)908
وحسنه األلباينُّ.
َّ ِّرمذي (،)3545
ُّ ((( رواه الت
وحسنه األلباينُّ. َّ ِّرمذي (،)2457 ُّ ((( رواه الت
201 وسلم -32فضل ال َّصالة على الن َّ ّ
يب صلى اهلل عليه ِ
السائل :كم أجعل لك من قال شيخ اإلسالم ابن تيم َّية « :Vوقول َّ
الصالة يف ا ُّللغة هي الدُّ عاء ،قال تعالى: صاليت؟ يعني :من دعائي؛ َّ
فإن َّ
صل على ﴿ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ﴾ [التَّوبة .]103 :وقال النَّبي ﷺ «ال َّل ُه َّم ِّ
ُّ
علي يا رسول اهلل وعلى زوجي ،فقال ﷺ: ِّ
آل أبي أوىف» ،وقالت امرأة :صل َّ
السائل ،أي :يا رسول اهلل، «ص َّلى اهلل عليك وعلى زوجك» .فيكون مقصود َّ
الش َّر؛ فكم أجعل لك من َّ
إن لي دعا ًء أدعو به أستجلب به الخير وأستدفع به َّ
فلما انتهى إلى قوله :أجعل لك صاليت ك َّلها؟ قالالدُّ عاء؟ قال« :ما شئت»َّ ،
الرواية األخرى «إ ًذا يكفيك اهلل ما َّ
أهمك «إذ ًا ُتكفى َّ
همك و ُيغفر ذن ُبك» ،ويف ِّ
من أمر دنياك وآخرتك»؛ وهذا غاية ما يدعو به اإلنسان من جلب الخيرات
المضرات؛ َّ
فإن الدُّ عاء فيه تحصيل المطلوب واندفاع المرهوب»(.)1 َّ ودفع
ول« :إِ َذا َس ِم ْعت ُُم اص َأ َّن ُه َس ِم َع النَّبِ َّى ﷺ َي ُق ُ و َع ْن َع ْب ِد اهَّللِ ْب ِن َع ْم ِرو ْب ِن ا ْل َع ِ
ولُ ،ث َّم َص ُّلوا َع َل َّي؛ َفإِ َّن ُه َم ْن َص َّلى َع َل َّي َص َل ًة َص َّلى اهَّللُ ا ْل ُم َؤ ِّذ َن َف ُقو ُلوا ِم ْث َل َما َي ُق ُ
َع َل ْي ِه بِ َها َع ْش ًراُ ،ث َّم َس ُلوا اهَّللَ لِ َى ا ْل َو ِسي َل َة َفإِن ََّها َمن ِْز َل ٌة فِى ا ْل َجن َِّة َل تَن َب ِغي إِ َّل لِ َع ْب ٍد
ُون َأنَا ُه َوَ ،ف َم ْن َس َأ َل لِ َى ا ْل َو ِسي َل َة َح َّل ْ ِمن ِعب ِ ِ
الش َفا َعةُ». ت َل ُه َّ اد اهَّلل َو َأ ْر ُجو َأ ْن َأك َ ْ َ
رواه مسلم(.)2
الصالة
وقد صنَّف أهل العلم مصنَّفات مفردة يف األحاديث الواردة يف َّ
والسالم
الصالة َّ
والسالم عليه ﷺ ،وأحسنها وأكثرها فائدة «جالء األفهام يف َّ
َّ
على خير األنام» َّ
للعلمة ابن الق ِّيم؛ وهو كتاب ق ِّي ٌم يف بابه ذكر فيه األحاديث
صح ًة وضع ًفا،
َّبي ﷺ يف هذه العبادة العظيمة ،والكالم عليها َّ الواردة عن الن ِّ
فقها واستنبا ًطا ،وقد قال عنه Vيف مقدِّ مته« :وهو كتاب فر ٌد يف معناه ،لم ً
َّوسل والوسيلة ( ،)314/1ومجموع الفتاوى (.)349/1
((( قاعدة جليلة يف الت ُّ
((( رواه مسلم (.)384
أحاديث األذكار واألدعية 202
الصالة ُيسبق إلى مثله يف كثرة فوائده وغزارهتاَ ،ب َّينَّا فيه األحاديث الواردة يف َّ
والسالم عليه ﷺ ،وصحيحها من حسنها ومعلولها ،وب َّينَّا ما يف معلولها من َّ
ِ
ثم أسرار هذا الدُّ عاء وشرفه وما اشتمل عليه من الحكم العلل بيانًا شاف ًياَّ ،
ثم الكالم يف مقدار الواجب الصالة عليه ﷺ ومحا َّلهاَّ ، ثم مواطن َّ والفوائدَّ ،
الزائف ،ومخ َبر الراجح وتزييف َّ منها ،واختالف أهل العلم فيه ،وترجيح َّ
رب العالمين» .اهـ كالمه(.)1 الكتاب فوق وصفه ،والحمد هلل ِّ
َّبي ﷺ أ َّمتَه كما ثبت يف أحاديث صحيحة كيف يص ُّلون هذا وقد علم الن ُّ
َّ
عليه ،وخير الهدي هديه .O
بن ُع ْج َر َة َ Iق َالَ :خ َر َج َع َل ْينَا النَّبِ ُّي ﷺ َف ُق ْلنَا: ب ِ َع ْن َأبِي ُم َح َّم ٍد َك ْع ِ
ف ن َُص ِّلي َع َل ْي َك؟ َق َالُ « :قو ُلوا: ف ن َُس ِّل ُم َع َل ْي َكَ ،ف َك ْي َ ول اهللِ َقدْ َعلِ ْمنَا َك ْي َ َيا َر ُس َ
يم ،إِن َ ِ ِ آل ُم َح َّم ٍد ،ك ََما َص َّل ْي َ ال َّل ُهم َص ِّل َع َلى م َحم ٍد َو َع َلى ِ
َّك ت َع َلى آل إِ ْب َراه َ ُ َّ َّ
ْت َع َلى آلِ ٍ ِ ٍ
ار ْك َع َلى ُم َح َّمد َو َع َلى آل ُم َح َّمد ،ك ََما َب َارك َ جيدٌ ،ال َّل ُه َّم َب ِ َح ِميدٌ َم ِ
البخاري ومسلم(.)2 ُّ جيدٌ » .رواه َّك َح ِميدٌ َم ِ يم ،إِن َ ِ
إِ ْب َراه َ
ول اهلل ﷺ َون َْح ُن فِي ود ا ْل َبدْ ِر ِّي َ Iق َالَ :أ َتانَا َر ُس ُ و َعن َأبِي مسع ٍ
َ ْ ُ َ ْ
ٍ ِ مجلِ ِ ِ
س َس ْعد ا ْب ِن ُع َبا َدةََ ،ف َق َال َل ُه َبش ُير ْب ُن َس ْعدَ :أ َم َرنَا ُ
اهلل َت َعا َلى َأ ْن ن َُص ِّل َي َع َل ْي َك َ ْ
ول اهلل ﷺ َحتَّى َت َمنَّ ْينَا ف ن َُص ِّلي َع َل ْي َك؟ َق َالَ :ف َس َك َت َر ُس ُ ول اهلل َف َك ْي ََيا َر ُس َ
ول اهلل ﷺُ « :قو ُلوا :ال َّل ُه َّم َص ِّل َع َلى ُم َح َّم ٍد َو َع َلى َأ َّن ُه َل ْم َي ْس َأ ْل ُهُ ،ث َّم َق َال َر ُس ُ
آل ُم َح َّم ٍد ار ْك َع َلى م َحم ٍد َو َع َلى ِ
ُ َّ يمَ ،و َب ِ ِ ِ
ت َع َلى آل إِ ْب َراه َ آل ُم َح َّم ٍد ،ك ََما َص َّل ْي َ ِ
الس َل ُم ك ََما َقدْجيدٌ َ ،و َّ َّك َح ِميدٌ َم ِ ين ،إِن َ ِ اه ِ
يم في ا ْل َعا َلم َ
ِ ِ
ْت َع َلى آل إِ ْب َر َ ك ََما َب َارك َ
َع ِل ْمت ُْم» .رواه مسلم(.)3
ف ن َُص ِّلي ول اهلل َك ْي َ اع ِد ِّي َ Iق َالَ :قا ُلواَ :يا َر ُس َ و َعن َأبِي حمي ٍد الس ِ
ُ َ ْ َّ َ ْ
اج ِه َو ُذ ِّر َّيتِ ِه ك ََما َص َّل ْي َ
ت َع َل ْي َك؟ َق َالُ « :قو ُلوا :ال َّل ُه َّم َص ِّل َع َلى ُم َح َّم ٍدَ ،و َع َلى َأز َْو ِ
ْت َع َلى اج ِهَ ،و ُذ ِّر َّيتِ ِه ك ََما َب َارك َ
ار ْك َع َلى ُم َح َّم ٍدَ ،و َع َلى َأز َْو ِ يمَ ،و َب ِ ِ ِ
َع َلى آل إِ ْب َراه َ
البخاري ومسلم(.)1 ُّ جيدٌ » .رواه َّك َح ِميدٌ َم ِ يم ،إِن َ ِ ِ
آل إِ ْب َراه َ
والصالة على النَّبِ ِّي ﷺ هي من اهلل ُ
ثناؤه عليه يف المأل األعلى وتعظيمه، َّ
وصالة المالئكة والمؤمنين عليه هي طلب ذلك له ﷺ من اهلل تعالى؛ والمراد:
البخاري يف صحيحه عن أبي
ُّ الصالة؛ حكى
الزيادة ال طلب أصل َّ
طلب ِّ
العالية :أنَّه قال يف معنى قوله تعالى﴿ :ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ
ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ﴾« :صالة اهلل :ثناؤه عليه عند المالئكة،
وصالة المالئكة :الدُّ عاء»(.)2
آل ُم َح َّم ٍد» ،الربكة :النَّماء
ار ْك َع َلى م َحم ٍد َو َع َلى ِ
ُ َّ ومعنى قوله« :ال َّل ُه َّم َب ِ
يتضمن طلب إعطائه ﷺ من
َّ والزيادة ،والتَّربيك :الدُّ عاء بذلك ،فهو دعا ٌء
ِّ
الخير وإدامته له ومضاعفته له وزيادته.
وهذه الكيف َّيات ا َّلتي ع َّلمها ﷺ أصحابه عندما سألوه عن كيف َّية َّ
الصالة
الصيغة ا َّلتي فيها الجمع
الصالة عليه ﷺ ،وأكملها ِّ
عليه ﷺ هي أفضل كيف َّيات َّ
والصالة على إبراهيم ﷺ وآله.
َّبي ﷺ وآلهَّ ،
الصالة على الن ِّ
بين َّ
َّبي ﷺ أصحابه هبا :الحافظ ن ال أجاب ياستدل بتفضيل الكيفية ا َّلتِ
َّ وممن
ُّ َّ َّ
ابن حجر يف فتح الباري ،فقد قال فيه« :قلت :واست ُِد َّل بتعليمه ﷺ ألصحابه
الصالة عليه؛ ألنَّه ال يختار
الكيف َّية بعد سؤالهم عنها بأنَّها أفضل كيف َّيات َّ
البخاري ( ،)3369ومسلم (.)407
ُّ ((( رواه
البخاري مع َّلقا يف صحيحه (.)120/6
ُّ ((( رواه
أحاديث األذكار واألدعية 204
لنفسه َّإل األشرف األفضل ،ويرت َّتب على ذلك :لو حلف أن يص ِّلي عليه
الصالة ،فطريق الربِّ أن يأيت بذلك».
أفضل َّ
الروضة ،وذكر كيف َّيات أخرى صوب ذلك يف َّ َّووي َّ V أن الن َّثم ذكر َّ
َّ
ثم قال« :وا َّلذي يرشد إليه الدُّ ليل َّ
أن الربَّ يحصل بما يحصل هبا بِ ُّر الحلفَّ ،
سره أن يكتال بالمكيال األوىف إذا يف حديث أبي هريرة I؛ لقولهَ « :من َّ
َّبي وأزواجه أ َّمهات المؤمنين هم ِّص َّلى علينا فليقل :ال َّل َّ
محمد الن ِّ
َّ صل على
وذر َّيته وأهل بيته كما ص َّليت على إبراهيم »...الحديث ،واهلل أعلم» .اهـ ِّ
كالمه .)1( V
والسالم عليه
الصالة َّ
الصالح ومنهم المحدِّ ثون بذكر َّ
السلف َّوقد درج َّ
ﷺ عند ذكره بصياغتين مختصرتين:
َّ
إحداهما« :ﷺ» ،والثانية.»O« :
الصالح يف كتابه علوم الحديث« :ينبغي له –أي :كاتب الحديث- قال ابن َّ
الصالة والتَّسليم على رسول اهلل ﷺ عند ذكره؛ وال يسأم أن يحافظ على َك ْتبِه َّ
يتعجلها طلبة
َّ فإن ذلك من أكرب الفوائد ا َّلتي من تكرير ذلك عند تكريره؛ َّ
عظيما»(.)2
ً الحديث وكت َبته ،و َمن أغفل ذلك ُحرم ح ًّظا
33
إن أذكار طر َف ْي النَّهار ُت َعدُّ من أعظم األذكار المو َّظفة المق َّيدة شأنًاَّ
وأعظمها مكانة ،وهي أوسع األذكار المأثورة المق َّيدة وأكثرها أحاديث ،وقد
تنوعت هذه األحاديث ا َّلتي وردت يف أذكار طر َف ْي النَّهار يف أبواب الدِّ ين َّ
وخ ُل ًقا كما سيأيت.
المختلفة؛ توحيدً ا وعقيد ًة وعباد ًة ُ
َّبي ﷺ
وجدير بالمسلم أن يكون مواظ ًبا على األذكار المأثورة عن الن ِّ
ٌ
يف هذين الوقتين ،مقدِّ ما لها على سائر أموره ،وال ينبغي للعبد أن ِ
يخ َّل هبا؛
وتكفير
ٌ ٌ
حفظ له ورفع ٌة لدرجاته لشدَّ ة حاجة العبد إليها يف ِّ
كل يو ٍم وليلة؛ ألنَّها
الشرور واآلفات ،وثمارها ومنافعها ال لس ِّيئاته وتكثير لحسناته ووقاي ٌة له من ُّ
ُتعدُّ وال ُتحصى.
األوزاعي عن قراءة
َّ «سألت
ُ ربي عن عمرو بن أبي سلمة قال: روى ال َّط ُّ
محمد -يعني سعيد بن المس ِّيب-
الذكر؟ فقال :سل أبا َّ ب إليك أم ِّ القرآن أ ْع َج ُ
األوزاعي :إنَّه ليس شي ٌء يعدل القرآن،
ُّ فسألته ،فقال :بل القرآن ،فقال
الشمس وقبل ولكن إنَّما كان هدي َمن سلف يذكرون اهلل تعالى قبل طلوع َّ
أن القرآن هو أفضل األذكار وال يعدله شيء، الغروب»()1؛ فأشار Vإلى َّ
الصلوات وغيرها تكون يف الصباح والمساء وأدبار َّلك َّن األذكار الواردة يف َّ
وقتها أفضل.
َو َق َ
ال تعالى﴿ :ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ﴾ ُّ
[الروم.]17 :
وحسنه األلباينُّ.
َّ ((( رواه أبو داود (،)3667
وصححه األلباينُّ.
َّ ِّرمذي (،)3388
ُّ ((( رواه أبو داود ( ،)5088والت
209 -33أذكار طريف النَّهار ()1
َ
الحديث كما حدَّ ثتُك، رجل منهم ينظر إليه فقال له أبان« :ما َتنظر؟ أ َما َّ
إن ٌ
ٍ
علي َقدَ َره»(.)1 ولكنِّي َلم َأ ُق ْله يومئذ ل ُيمضي ُ
اهلل َّ
مرات َّ
كل صباح ومساء ،كما أرشدَ َ
ثالث َّ والسنَّة يف هذا ِّ
الذكر أن ُيقال ُّ
النَّبِ ُّي ﷺ إلى ذلك.
وقوله يف هذا الحديث« :بسم اهلل» ،أي :بسم اهلل أستعيذ؛ ُّ
فكل فاع ٍل ُي َقدِّ ر
ابح ُي َقدِّ ُر: سمل ،فاآلكِ ُل ُيقدِّ ر :بسم اهلل آكُلَّ ،
والذ ُ
فعل مناسبا لحاله عندما يب ِ
َُ ً ً
ُب ،وهكذا. والكاتب ُي َقدِّ ُر :بسم اهلل أكت ُ
ُ بسم اهلل َأذ َب ُح،
ض و َل فِي السم ِ ِ ِِ ِ
اء» ،أي :ال َّ َ وقوله« :ا َّلذي َل َي ُض ُّر َم َع ْاسمه َش ْي ٌء في األَ ْر ِ َ
السماء؛ فإنَّه ال الض ِّر إليه ال من جهة األرض وال من جهة َّ سبيل إلى وصول ُّ
أن المرء ذاكر هلل فهو يف حصن حصين وحرز يضر مع اسم اهلل شيء ،وما دام َّ ُّ
الصباح والمساء وغيرها «حصن سمي بعض أهل العلم أذكار َّ مكين ،ولهذا ُي ِّ
يضر المرء شيء مادام المسلم» أو «الحصن الحصين» أو نحو ذلك؛ ألنَّه ال ُّ
كاف عبده إذا التجئ إليه واعتصم به﴿ :ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ذاكرا هلل ،واهلل ٍ D
ً
ﮫ ﮬﮭ﴾ [ال َّطالق.]3 :
والعليم السميع ألقوال العباد، ِ ِ
ُ يم» ،أيَّ : يع ال َعل ُ
السم ُ «و ُه َو َّوقولهَ :
ِ
بأفعالهم؛ ا َّلذي ال تخفى عليه خافية يف األرض وال يف َّ
السماء.
تعم جميع األشياء؛ وتعم هناُّ ، ُّ وقولهَ « :ف َي ُض َّر ُه َش ْيء»« ،شيء» نكرة
السموم أيضا اعتداء ذوات ُّ الشيطان ،واألسقام ،واألمراض ،ويشمل ً فيشمل َّ
أن عقر ًبا أو ح َّي ًة يضره شيء .ولو ُقدِّ ر َّكالح َّية والعقرب إلى غير ذلك؛ فما ُّ
سمها.
يضره ُّ
لدغته فإنَّه ال ُّ
اء ك ُِّل َل ْي َل ٍة»،
ول فِي صباحِ ك ُِّل يو ٍم ومس ِ
َْ ََ َ َ َ «ما ِم ْن َع ْب ٍد َي ُق ُ
قوله َ :O
وصححه األلباينُّ.
َّ ِّرمذي (،)3388
ُّ ((( رواه الت
أحاديث األذكار واألدعية 210
z..p;)v
'u:w - ; ..o.v.
--.j.
7
. J tav
,!)
J.'wa
1I kz..
- )-
- I
r5I '- aluw vwl
-p '.x.:=-f-
I-
iu o, a g. swu.u ôhgt.t s.=,Lit
l L ..w ..o.:>LU'1<J1..
z;
o ;;
;; . .. '' . ;
Coâ .. 05 .'
:; o .. '' ' ' .!
J ..
'
.
'
:
.' .' ''
.
kze '
h.wL t'
- .
J!.<J1..
z
-
J - . z.e 1):wn
o !
. w
r' %6
;; '
.eo
- .w.....>
..Jb kze
' )):o-'a.vxA'.
?
.'
<p;a''f f.,.s 1 ';!' * 'TI I G'o '' ..'.?
...: â' JC. ô' '''' ''
.
p.t<qo.uh))J ' k>'axz- o,J.t41..2!.5 .1. 4.0.,A . (' J L...;>r-w
t* A.'.'w u-z.1.*.1'C
'
A' o.'JvX
y J J. w*
1 o ..'' * â .'
I
xwaz Iwx
.
'y ' h'w.I.
..1=p
p
.:= ''5..0'1ukt'Jo'H U''! .'G.2 w .''r'r'.Hp O'>o.' '0'1L)
'')'ov
1u-
َّعوذ.
تحصنت هبذا الت ُّ
العقرب ولم تشعر بشيء لكوهنا قد َّ
الس ُّم ،وال يكون له نفوذ يضرك ُّوإن ُلدغت ال ُّ فقولهَ « :ل ْم ت َُض َّر َك» ،أيْ :
محصنًا يف لياليه بإذن اهلل
َّ مؤ ِّثر يف بدنك ،فبالمواظبة عليه َّ
كل ليلة يكون العبد
السموم ،ولو قدِّ ر َّ
أن شي ًئا منها لدغه فإنَّها ال Dمن هذه الهوا ِّم وذوات ُّ
تضره.
ُّ
قوله يف الحديث« :أعوذ» ،أي :ألتجئ ،فاالستعاذ ُة االلتجا ُء واالعتصا ُم،
يك من َش ِّره، شيء َتخا ُفه إلى من يع ِصمك منه وي ِ
حم َ ٍ الهر ُب مِن
َ َ َْ ُ وحقيقتُهاَ :
َ
والتجأ فالعائِ ُذ باهلل قد َه َرب مِ َّما يؤذيه أو ُيهل ُكه إلى ر ِّبه ومالكِه ،واعتصم به
إليه.
والمراد «بكلمات اهلل الت ََّّامة» ،قيل :هي القرآن الكريم ،وقيل :هي كلماته
َقص وال الكون َّية القدر َّية ،والمراد بالتَّا َّمات ،أي :الكامالت ا َّلتي ال َيلح ُقها ن ٌ
أن المراد هنا :الكلمات الكون َّية ولذا البشر .واألقرب َّ عيب ،كما يلحق كال َم َ ٌ
«الليت ال يجاوزه َّن ٌّبر وال فاجر». يأيت يف بعض األحاديث قولهَّ :
أي مخلوق قام به َّ
الش ُّر من لق» ،أي :مِن ِّ شر ما َخ َ ِ
شر ،يف ِّ
كل ٍّ وقوله« :من ِّ
أي نو ٍع
ريحا أو صاعقةَّ ، حيوان أو غيره ،إنس ًّيا كان أو ِجنِّ ًّيا ،أو ها َّم ًة أو دا َّب ًة أو ً
كان من أنواع َّ
الش ِّر.
وأن االستعاذةويف الحديث دالل ٌة على مشروعية االستعاذة بصفات اهللَّ ،
وأن كال َم اهلل -ومنه القرآن -ليس بمخلوق ،إذ لو عباد ٌة ال يجوز صر ُفها لغير اهللَّ ،
ألن االستعاذة بالمخلوق ال تجوز بل هي ٌ
شرك باهلل. كان مخلو ًقا َلم ُيستعذ به؛ َّ
ث مر ٍ
ات» ،من أهل العلم َمن «م ْنَ ق َال إِ َذا َأ ْم َسى َث َل َ َ َّوقوله َ :O
إن هذا دعا ٌء إنَّما ُيقال يف المساء فقط ،ور َّبما ُيقالَّ :
إن الحكمة يف أنَّه قالَّ :
213 -34أذكار طريف النَّهار ()2
أن هذه الحشرات والح َّيات والعقارب تظهر ألن الغالب َّ ُيقال يف المساء فقط؛ َّ
أن اإلنسان إذا نام وكان حوله ح َّيات يف ال َّليل وتختفي يف النَّهار ،وأمر آخرَّ :
وعقارب ُيخشى عليه منها؛ ألنَّه ال يشعر هبا ،وأ َّما إذا كان غير نائم فإنَّه يراها
أخف وأيسر ،وغالب لدغها يف ال َّليل ولهذا ُخ َّصت هذه ُّ ويشاهدها؛ فاألمر
الدَّ عوة يف المساء ،قالَ « :م ْنَ ق َال إِ َذا َأ ْم َسى».
الصباح؛ َّ
ألن وبعض أهل العلم يقول :ال بأس أن تقولها يف جملة أذكار َّ
كل حال الصباح ،وعلى ِّ أيضا تطلبه يف َّ المعنى ا َّلذي تطلبه بقولها يف المساء ً
ظاهر الحديث أنَّها ُتقال يف المساء.
ك َأ ْن ك َ Iق َالَ :ق َال النَّبِي ﷺ ل ِ َفاطِمةَ« :ما يم َنع ِ َس ب ِن مال ِ ٍ
َ َْ ُ َ ُّ َو َع ْن َأن ِ ْ َ
ت وإِ َذا َأمسي ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
تَ :يا َح ُّي َيا َق ُّيو ُم ْ َ ْ ت َْس َمعي َما ُأوصيك بِهَ ،أ ْن َت ُقولي إِذا َأ ْص َب ْح َ
يثَ ،أ ْص ِل ْح لِي َش ْأنِي ُك َّل ُهَ ،و َل تَكِ ْلنِي إِ َلى َن ْف ِسي َط ْر َف َة َع ْي ٍن». ك َأ ْست َِغ ُ
بِ َر ْح َمتِ َ
رواه النَّسائِ ُّي يف الكربى(.)1
مشتمل على وص ِّية عظيمة، ٌ حديث عظيم يف باب أذكار طر َف ْي النَّهار ٌ هذا
والموصىَ الموصي هو س ِّيد ولد آدم -صلوات اهلل وسالمه وبركاته عليه،-
الصحابة أجمعين؛ بذلك بنته س ِّيدة نساء العالمين Jوأرضاها وعن َّ
مسلم ومسلمة أن ُيعنى هبا. ٍ شأن عظيم ينبغي ِّ
لكل فهذه وص َّية لها ٌ
يك بِ ِه» ،وهذا فيه وص ِ ك َأ ْن تَسم ِعي ما ُأ ِ
َ ْ َ
قال لها « :Oما يم َنع ِ
َ َْ ُ
حث لها Jأن تنتبه وأن تعتني هبذه الوص َّية العظيمة ا َّلتي يوصيها هبا ٌّ
.O
ِ ِ ِ
الصباح ويف المساء «أ ْن َت ُقولي إِ َذا َأ ْص َب ْحت َوإِ َذا َأ ْم َس ْيت» ،أي :يف َّ قالَ :
الصحيحة
السلسلة َّ
وصححه األلباينُّ يف ِّ
َّ السنن الكربى (،)10330
َّسائي يف ُّ
((( رواه الن ُّ
(.)227
أحاديث األذكار واألدعية 214
يث َأ ْص ِل ْح لِي َش ْأنِي ُك َّل ُهَ ،و َل تَكِ ْلنِي إِ َلى َن ْف ِسي ك َأ ْست َِغ ُ «يا َح ُّي َيا َق ُّيو ُم بِ َر ْح َمتِ ََ
ستحب أن ُّتقال ُّ َط ْر َف َة َع ْي ٍن» ،وهذه الكلمة ا َّلتي جاءت يف هذه الوص َّية وا َّلتي ُي
ستحب للمسلم أن يفتتح يومه ُّ الصباح ويف المساء هي كلمة تفويض .ف ُي يف َّ
أيضا مساءه وليله بالتَّفويض؛ تفويض أمره إلى اهلل. بالتَّفويض ،وأن يبدأ ً
يثَ ،أ ْص ِل ْح لِي َش ْأنِي ُك َّل ُهَ ،و َل ك َأ ْست َِغ ُ
«يا َح ُّي َيا َق ُّيو ُم بِ َر ْح َمتِ َ وقولهَ :
ِ ِ ِ
مفو ًضا أمرك إلى اهلل ،مت َب ِّرئًا من تَك ْلني إِ َلى َن ْفسي َط ْر َف َة َع ْي ٍن» ،تبدأ يومك ِّ
جل يف عاله َّأل يكلك إلى نفسك؛ ألنَّه لو سائل ر َّبك َّ ً وقوهتا،
حول نفسك َّ
وكلك إلى نفسك يف يومك ،أو وكلك إلى نفسك يف ليلتك وكلك إلى ضعف
وعجز؛ فالتَّوفيق َّأل يكلك اهلل َّإل إليه ،والخذالن -والعياذ باهلل -أن ُيوكل
وأن تربأ من كل يوم أن تبدأ يومك بالتفويض ْ ستحب َُّّ العبد إلى نفسه .ولهذا ُي
«ل تَكِ ْلنِي إِ َلى َن ْف ِسي» كأنَّك تقول: وأن ُتعلن ضعفك؛ َ وقوهتاْ ، حول نفسك َّ
وقوهتا ،ال حول كل أوقايت يف ضعف ،أبرأ من حول نفسي َّ أنا ضعيف عاجز يف ِّ
قوة َّإل بك. لي وال َّ
ِ ِ ِ
يسيرا ،وال لحظ ًة قولهَ « :ف َل تَك ْلني إِ َلى َن ْفسي َط ْر َف َة َع ْي ٍن» ،أي :وال وقتًا ً
يسيرة ،فالمراد بطرفة العين :الوقت اليسير؛ ولهذا ال يصلح أن ُيضاف إليها
ألن طرفة أقل من ذلك) ،فهذا من الخطأ ،وفيه استدراك على الحديث؛ َّ (وال َّ
أقل شيء. العين هي ُّ
ِ ِ ِ
توسل إلى «أ ْن َت ُقولي إِ َذا َأ ْص َب ْحت َوإِ َذا َأ ْم َس ْيتَ :يا َح ُّي َيا َق ُّيو ُم» ،هذا ُّ قولهَ :
اهلل هبذين االسمين العظيمين ،ومن أهل العلم َمن يرى أنَّهما اسم اهلل األعظم
ا َّلذي اذا ُدعي به أجاب ،وإذا ُسئل به أعطى.
متوس ًل إليك ِّ يث» ،أي :أطلب منك يا اهلل ك َأ ْست َِغ ُ وقوله« :بِ َر ْح َمتِ َ
برحمتك أن ُتغيثني ،طال ًبا منك نجايت وسالمتي وعافيتي.
215 -34أذكار طريف النَّهار ()2
«أ ْص ِل ْح لِي َش ْأنِي ُك َّل ُه» ،هذه تتناول جميع شؤونك الدِّ ين َّية وقولهَ :
وأيضا يف المساء الصباح ً والدُّ نيو َّية ،وجميع مصالحك ،وأنت هبذا الدُّ عاء يف َّ
يسرها اهلل لك ،وغير ناجحة َّإل إذا أن جميع مصالحك متع ِّطلة َّإل إذا َّ قر َّ ُت ُّ
و َّفقك اهلل وأعانك على تحصيلها.
«و َل تَكِ ْلنِي إِ َلى َن ْف ِسي» ،أي :إلى فهمي ،وال إلى علمي ،وال إلى وقولهَ :
كل هذا ال تكلني إليه ،بل قدريت ،وال إلى مهاريت ،وال إلى خربيت ،إلى آخرهُّ ،
وكل أحوالي وقويت ضعيفة ،وقدريت ضعيفةُّ ، ال تكلني َّإل إليك؛ فعلمي قليلَّ ،
قوة َّإل بك ،فال تكلني إلى نفسي طرفة عين. ضعيفة ،ال حول لي وال َّ
واإلنسان إذا ُوكِ َل إلى نفسه يضيع ،و َمن اعتمد على غير اهلل -على نفسه
أو على مخلوق من المخلوقات– فهو يف ضياع ،والمسلم ال يلجأ َّإل إلى اهلل،
يفوض أموره َّإل إلى اهلل ،فال غنى له عن ر ِّبه طرفة وال يستعين َّإل باهلل ،وال ِّ
عين﴿ :ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ﴾ [فاطر ،]15 :فالعبد
فيه فقر ذاتِ ٌّي لس ِّيده ومواله ،واهلل Dفيه غنى كامل عن المخلوقات ،ولهذا
ال غنى لإلنسان عن اهلل طرفة عين ،ولو ُوكل إلى نفسه ولو لحظ ًة واحدة ضاع.
«و َل تَكِ ْلنِي إِ َلى َن ْف ِسي َط ْر َف َة َع ْي ٍن» ،أي :ال تكلني َّإل إليك ،وإذا فقولهَ :
وهدي ،كما يف دعاء الخروج من المنزل فوض العبد أمره إلى ر ِّبه ُو ِّفق وكُفي ُ َّ
ِ ِ ِ ٍ ِ
الر ُج ُل م ْن َب ْيتهَ ،ف َق َال: َس ْب ِن َمالك َ Iأ َّن النَّبِ َّى ﷺ َق َال« :إِ َذا َخ َر َج َّ َع ْن َأن ِ
يتت َع َلى اهَّلل ِ َل َح ْو َل َو َل ُق َّو َة إِ َّل بِاهَّلل ِ»َ ،ق َال ُي َق ُال ِحينَئِ ٍذُ :ه ِد َ بِ ْس ِم اهَّلل ِ ت ََو َّك ْل ُ
ف َل َك بِ َر ُج ٍل ان َ
آخ ُرَ :ك ْي َ الش َياطِي ُنَ ،ف َي ُق ُ
ول َل ُه َش ْي َط ٌ يتَ ،ف َت َتن ََّحى َل ُه َّ يت َو ُوقِ َ َوك ُِف َ
َقدْ ُه ِد َي َوك ُِف َي َو ُوقِ َي» .رواه أبو داود(.)1
وقال اهلل تعالى﴿ :ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ﴾ [ال َّطالق ،]3 :وقال تعالى:
وصححه األلباينُّ.
َّ ((( رواه أبو داود (،)5095
أحاديث األذكار واألدعية 216
35
والشارع له حكمة يف هذا العدد ،فيعدُّ ها المرء مائة كما ورد، مرةَّ ،المساء مائة َّ
والذكر؛ فالباب وإذا ختم المائة وأكملها وال يزال يرغب يف التَّسبيح والتَّهليل ِّ
وذكرا ُمق َّيدً ا ،فالمق َّيد ُيؤتى به
ً ذكرا ُمطل ًقا المطلقَّ ،
ألن هناك ً للذكر ُ مفتوح ِّ
والذكر المطلق ال ُيحدُّ بعدد. مق َّيدً ا كما جاء بالعدد ا َّلذي جاءِّ ،
الذكر له أهم َّيته؛ من جهة عظم الموعود المرت ِّتب يوم القيامة على وهذا ِّ
أهم َّية العناية به ُص يف القرآن يف مواضع على ِّ وألن التَّسبيح ن َّ َّ المحافظة عليه،
مر معنا جمل ٌة ط ِّيبة من هذه اآليات ا َّلتي فيها األمر الصباح والمساء ،وقد َّ يف َّ
علو شأنه ورفيع يدل على ِّ مما ُّ الصباح والمساءَّ ، تعيينًا وتحديدً ا بالتَّسبيح يف َّ
قدره وعظيم ثوابه عند اهلل .E
أن َمن قال «سبحان ومِن فضائل التَّسبيح هبذا العدد :ما أخرب به النَّبي ﷺ؛ َّ
ُّ
الصحيح من مرة ُح َّطت عنه ذنو ُبه ولو ك ُثرت .ففي َّ اهلل وبحمده» يف يو ٍم مائة َّ
ان اهلل ِ َوبِ َح ْم ِد ِه» فِي
«س ْب َح َ «م ْن َق َال ُ َّبي ﷺ قالَ : َّ
حديث أبي هريرة Iأن الن َّ
َت ِم ْث َل َز َب ِد ال َب ْحرِ»(.)1 ت َخ َط َايا ُه َوإِ ْن كَان ْ َي ْو ٍم ِما َئ َة َم َّر ٍة ُح َّط ْ
ِّرمذي وغيرهما َع ْن َع ْب ِد ُّ الصباح والمساء :ما رواه أبو داود والت ومن أذكار َّ
ول اهَّللِ ﷺ ب َر ُس َ ٍ ِ ٍ ٍ ِ ٍ ِ
ب َق َالَ :خ َر ْجنَا في َل ْي َلة َمط َيرة َو ُظ ْل َمة َشديدَ ة َن ْط ُل ُ اهللِ ْب ِن ُخ َب ْي ٍ
ُي َص ِّلي َلنَاَ ،ق َالَ :ف َأ ْد َر ْك ُت ُهَ ،ف َق َالُ « :ق ْل»َ ،ف َل ْم َأ ُق ْل َش ْي ًئاُ ،ث َّم َق َالُ « :ق ْل»َ ،ف َل ْم َأ ُق ْل
الُ « :ق ْل﴿ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ﴾ [اإلخالص: ول؟ َق َ َش ْي ًئاَ ،ق َالُ « :ق ْل»ُ ،ق ْل ُتَ :ما َأ ُق ُ
يك ِم ْن ك ُِّل َش ْي ٍء»(.)2 ات َتك ِْف َ ث مر ٍ
ين ت ُْمسي َوت ُْصبِ ُح َث َل َ َ َّ
ِ ِ
َ ]1وا ْل ُم َع ِّو َذ َت ْي ِن ح َ
وظلمة شديدة» ،أي :مطرها غزير وظلمتها شديدة، ٍ قوله« :ليلة مطيرة
والغالب يف كثير من النَّاس أن يحصل له فيها خوف وقلق ،ولهذا فمن فوائد
البخاري ( ،)6405ومسلم (.)2691
ُّ ((( رواه
وحسنه األلباينُّ.
َّ ِّرمذي (،)3575
ُّ ((( رواه أبو داود ( ،)5082والت
219 -35أذكار طريف النَّهار ()3
أن التَّعليم بالمناسبة أمكن يف تم ُّكن الفائدة لدى المتل ِّقي َّ
والسامع، الحديثَّ :
فعبد اهلل بن ُخبيب Iيذكر أنَّهم كانوا يف ليلة مطيرة وشديدة ال ُّظلمة،
ويف مثلها قد يحصل لكثير من النَّاس شيء من المخاوف أو الفزع ،فع َّلمهم
مما يكون به وقاية العبد
Oبالمناسبة ما ُيقال يف هذا الموطن َّ
وسالمته.
قولهَ « :ف َق َالُ « :ق ْل»َ ،ف َل ْم َأ ُق ْل َش ْيئًاُ ،ث َّم َق َالُ « :ق ْل»َ ،ف َل ْم َأ ُق ْل َش ْيئًاَ ،ق َال:
مرات يقول له( :قل) ،وال يدري تكرر ذلك ثالث َّ ول؟»َّ . تَ :ما َأ ُق ُ « ُق ْل»ُ ،ق ْل ُ
خاصة يف هذا الموقف؛ ليلة ماذا يقول؟ لك ْن نفسه تتط َّلع أن يعرف ماذا يقول؟ َّ
َّبي َّ
مظلمة وخوف وقلق ،وهو من أساليب التَّشويق التي تكثر يف أحاديث الن ِّ
ﷺ ،وهذا من حرصه الدَّ اخل يف عموم قوله﴿ :ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ
ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ﴾
[التَّوبة.]128 :
والمعوذتين»،
ِّ فقال :ما أقول؟ قال « :Oقل :قل هو اهلل أحد،
السور ال َّثالث ُيقال
برب النَّاس؛ وهذه ُّ
برب الفلق ،وقل أعوذ ِّأي :قل أعوذ ِّ
تعوذ ،لكنَّها ُيطلق
وإن كانت سورة اإلخالص ليس فيها ُّ «المعوذات»ْ ، ِّ لها
المعوذات تغلي ًبا.
ِّ عليها
مرات تكفيك من ِّ
كل شيء» ،أي: وقوله« :حين تمسي وتصبح ثالث َّ
الضرر من جهته ،وكذا المخاوف
كل شيء تخافه أو تخشى َّ كفاية تا َّمة من ِّ
ا َّلتي تلحق القلب يف بعض األحوال.
َّبي ٌ َّ
السور الثالث لها شأن عظيم؛ فسورة اإلخالص وصفها الن ُّ وهذه ُّ
Oبأنَّها تعدل ثلث القرآن ،كما جاء يف صحيح مسلم قال
آن فِي َل ْي َل ٍة؟» فقالواَ :و َك ْي َ
ف ث ال ُق ْر ِ
«أ َي ْعج ُز َأ َحدُ ك ُْم َأ ْن َي ْق َر َأ ُث ُل َ
َ :O
أحاديث األذكار واألدعية 220
بالح ِّ
قوله﴿ :ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ﴾ [الفلق ،]1 :أي :اهلل Eفالق َ
ٍ
مخلوق شر ك ُِّلوالنَّوى ،وفالق اإلصباح﴿ ،ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ﴾ [الفلق ،]2 :أي :من ِّ
شر ،وهذا يشمل جميع ما خلق اهلل؛ من إنس وج ٍّن وحيوانات، ِ
قام فيه ٌّ
الش ِّر ا َّلذي فيها﴿ ،ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ﴾ [الفلق،]3 : ف ُيستعاذ بخالقها ،من َّ
شر ما يكون يف ال َّليل حين يغشى النَّاس وتنتشر فيه كثير من األرواح أي :من ِّ
الش ِّريرة والحيوانات المؤذية﴿ ،ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ﴾ [الفلق،]4 : ِّ
السحر﴿ ،ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ الليت ين ُفثن يف العقد ويفعلن ِّ السواحر َّأيَّ :
السورة ٍ شر ِّ
فتضمنت َُّّ إنسان؛ كل حاسد باشر حسد ﭾ﴾ [الفلق ،]5 :أي :من ِّ
وخصوصا.
ً الشرور عمو ًمااالستعاذة من جميع أنواع ُّ
َّعوذ ﴿ﮂ ﮃ﴾ [النَّاس﴿ ،]1 :ﮅ ﮆ﴾
وسورة النَّاس :فيها الت ُّ
[النَّاس﴿ ،]2 :ﮈ ﮉ﴾ [النَّاس]3 :؛ ﴿ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ﴾ [النَّاس:
الرجيم ﴿ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ﴾ [النَّاس: ،]4ا َّلذي هو َّ
الشيطان َّ
الشرور ك ِّلها وما َّدهتا،
،]5أي :يلقي الوساوس يف صدور النَّاس ،وهو أصل ُّ
الش َّر ويريهم إ َّياه يف صورة حسنةِّ ،
وينشط إرادهتم لفعله ،ويق ِّبح فيحسن لهم َّ
ِّ
دائما هبذهلهم الخير ويث ِّبطهم عنه ،ويريهم إ َّياه يف صورة غير صورته ،وهو ً
الحال يوسوس ويخنس؛ إذا غفل العبد عن ذكر اهلل وسوس ،وإذا ذكر ر َّبه
خنس.
السورتين وبيان قال ابن الق ِّيم « :Vوالمقصود :الكالم على هاتين ُّ
الضرورة إليهما ،وأنَّه ال يستغني عنهما أحد
عظيم منفعتهما وشدَّ ة الحاجة بل َّ
وأن حاجة الشرورَّ ، السحر والعين وسائر ُّ
خاصا يف دفع ِّ
تأثيرا ًّ قطَّ ،
وأن لهما ً ُّ
السورتين أعظم من حاجته إلى النَّ َفس وال َّطعام
العبد إلى االستعاذة هباتين ُّ
والشراب وال ِّلباس»(.)1
َّ
ستحب
ُّ الشأن جليلة القدر ُي سور عظيمة َّ السور ال َّثالث ٌ الحاصلَّ :
أن هذه ُّ
ات إذا أمسى، ات إذا أصبح ،وثالث مر ٍ للمسلم أن يقرأها يوميا؛ ثالث مر ٍ
َّ َّ ًّ
ستحبُّ مرةً ،و ُي
مر ًة َّ
الصلوات المكتوبة َّ ستحب له كذلك أن يقرأها أدبار َّ
ُّ و ُي
أيضا أن يقرأها عندما يأوي إلى فراشه؛ يقرأها وينفث يف يده ويمسح ما له ً
السور ستحب فيها قراءة هذه ُّ ُّ كل ذلك من المواضع ا َّلتي ُي استطاع من بدنهُّ ،
ال َّثالث.
السور وغيرها من األذكار أن يأيت هبا مع وينبغي للعبد عندما يقرأ هذه ُّ
ال ِّثقة باهلل ،ال على وجه التَّجربة ،فليس هذا حال المسلم الواثق باهلل؛ بل ينبغي
فمن قرأ
الرغبة فيما عندهَ ، أن يقولها مع ال ِّثقة باهلل وحسن الت ُّ
َّوجه إليه وصدق َّ
ات يف المساء كفته من ات يف الصباح وثالث مر ٍ هذه السور ال َّثالث ثالث مر ٍ
َّ َّ َّ ُّ
مجرب.
كل شيء ،كما أخرب بذلك رسول اهلل ﷺ؛ ال يحتاج األمر إلى تجربة ِّ ِّ
223 -36أذكار طريف النَّهار ()4
36
ول:ار َأ ْن َت ُق َ «س ِّيدُ ِال ْستِ ْغ َف ِ س َ Iع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َق َالَ : اد ْب ِن َأ ْو ٍ َعن َشدَّ ِ
ْ
ْتَ ،خ َل ْقتَنِي َو َأنَا َع ْبدُ َكَ ،و َأنَا َع َلى َع ْه ِد َك َو َو ْع ِد َك ْت َر ِّبي َل إِ َل َه إِ َّل َأن َ «ال َّل ُه َّم َأن َ
ك َع َل َّيَ ،و َأ ُبو ُء بِ َذ ْنبِي ك بِن ِ ْع َمتِ َ ك ِم ْن َش ِّر َما َصنَ ْع ُ
تَ ،أ ُبو ُء َل َ تَ ،أ ُعو ُذ بِ َ َما ْاس َت َط ْع ُ
ار م ِ ِ فا ْغ ِف ْر لِي؛ َفإِ َّن ُه َل َيغ ِْف ُر ُّ
اتوقنًا بِ َها َف َم َ ْت»َ ،و َم ْن َقا َل َها م َن الن ََّه ِ ُ ُوب إِ َّل َأن َالذن َ
ِمن يو ِم ِه َقب َل َأ ْن يم ِسي َفهو ِمن َأه ِل ا ْلجن َِّة ،ومن َقا َلها ِمن ال َّلي ِل وهو م ِ
وق ٌن بِ َها، َ ََ ْ َ َ ْ َ ْ َ ُ ُْ َ ُ َ ْ ْ ْ َْ ْ
البخاري(.)1
ُّ ات َق ْب َل َأ ْن ُي ْصبِ َح َف ْه َو ِم ْن َأ ْه ِل ا ْل َجن َِّة» .رواه َف َم َ
َّبي ﷺ هذا الحديث بتعلية شأن هذا االستغفار ،وبيان رفيع مكانته،
بدأ الن ُّ
فوصفه بأنَّه س ِّيد االستغفار ،ويف هذا ٌ
دليل على أنَّه أفضل صيغ االستغفار؛
الس ِّيد هو المقدَّ م على غيره لكمال أوصافه وجمال نعوته .وإنَّما كان هذا َّ
ألن َّ
االستغفار س ِّيدَ االستغفار وأفض َله :لما حواه من المعاين العظيمة الجامعة من
ُ
والقوة،
َّ التَّوحيد ،والتَّعظيم هلل ،واإلفراد له بالوحدان َّية ،والرباءة من الحول
بالضعف ،واإلقرار َّ
بالذنب ،واالعرتاف واالعتصام به سبحانه ،واالعرتاف َّ
ثم بعد ذلك أتى ٍ وأن َّ
بالنِّعمةَّ ،
كل نعمة يف العبد فهي من اهلل ،وأنَّه المنعم هباَّ ،
طلب الغفران.
قوله« :ال َّل ُه َّم» ،هي بمعنى يا اهللُ ،ح ِذف ياء النِّداء من َّأولها ،و ُع ِّوضت
البخاري (.)6306
ُّ ((( رواه
أحاديث األذكار واألدعية 224
«فتضمن هذا االستغفار -أي ا َّلذي يف س ِّيد َّ قال ابن الق ِّيم :V
االعرتاف من العبد بربوب َّية اهلل وإله َّيته وتوحيده ،واالعرتاف َ االستغفار-
عجزه عن أداء ح ِّقه وتقصيره فيه، بأنَّه خال ُقه ،العال ِ ُم به؛ إذ أنشأه نشأ ًة تستلز ُم َ
مهرب له منه ،وال ول ِ َّي
َ واالعرتاف بأنَّه عبدُ ه ا َّلذي ناصيتُه بيده ويف قبضتِه ،ال
ثم التزا ُم الدُّ خول تحت عهده -وهو أمره وهنيه -ا َّلذي عَهدَ ه إليه له سواهَّ ،
وأن ذلك بحسب استطاعتي ال بحسب أداء ح ِّقك ،فإنَّه على لسان رسوله ﷺَّ ،
المقل وقدر ال َّطاقة ،ومع ذلك فأنا مصدِّ ٌق ِّ غير مقدور للبشر ،وإنَّما هو جهد
بوعدك ا َّلذي وعدته ألهل طاعتك بال َّثواب وأله ِل معصيتك بالعقاب ،فأنا
ِ ِ
ثم أفزع إلى االستعاذة واالعتصام بك من مقيم على عهدك ُمصدِّ ٌق بوعدكَّ ، ٌ
ِ َ
وإل أحاطت وهنيك ،فإنَّك إن َلم تع ْذين من ِّ
شره َّ َ أمرك طت فيه من شر ما َّفر ُِّ
ُ ِ
عليسبب الهالك ،وأنا أ ُّقر لك وألتزم بنعمتك َّ فإن إضاع َة ح ِّقك ُبي الهلكةَّ ،
نب الذ ُ ُ
والفضل ،ومنِّي َّ ُ
واإلحسان وأقِ ُّر وألتزم وأنجع بذنبي ،فمنك النِّعم ُة
شره ،إنَّه ال يغفربمحو ذنبي ،وأن ُتعفيني من ِّ ِ َ
فأسألك أن تغفر لي واإلساءةُ،
أنت ،فلهذا كان هذا الدُّ عا ُء س ِّيدَ االستغفار»(.)1 نوب َّإل َ الذ َ ُّ
السالكين (.)236/1
((( مدارج َّ
vx-
v-1 1t)ak..
l.?...a
k ' pz;..rn,
-.- ov!9v .-
4,
-.x'w',,.z>tu te-.Lu-7v*2z-J%S!k'
z--
't#bk'z'zh
/:evHv
A+ùk
-
J o
A+9
. . .a'1<9b
.h:wtu'b%g .w'r7v- .4>z . !U V.%Jb k'z'
ezb.
uxl
*.!.>1k'z.
e
'.INjI'
uu'> wuo .
Lw 5I.w ?=
z.
u m.a'p' ;
!5IIAA
tpa. a*J
' kgI Jo e.
;Ho1 %*C
la.é u(ux)
' (
1k*
z
'e
g . J
. . .L '' J
w1'uo.oN'jJ )I
.
-
çl'$rj.F uuIvc.o.:5Iu.4 >.
..
. g.S .:?lJ*;..*.I
- <zo.F bou :
*..0
...z'
a
-+*a.2..5Iu'olJ
'
'
.s-r%j1;g!*!z-'.J)J'.='..-r'Cp'h4 ....uqp'-,lS'''
'- z2..' - ''3'1 .
-i Jtt '
.
ï'
u # zz. us'.-, .
towuw ....
. ..g
.
*J rj o . 1 . .w H .;
u w alu,.to-x ha.
w;.k
(.u .w a!%!w.a1.w ,= ..% .)u;a . itu ,
J$ I: I1 . . .o '
iI
*.b wkx $I '.. mw:ku,
. .
'
rmx .oulv.
twax w aoww u 'i@casw o l$ i.4- .#
1, x IJ ' ' 1 -& -J
;
fvlLJ. /w )w'1I v. .$
J k<t. )Iw'
* '- e-CJ.
>.Iu./i'-'alza*.JI)
u. :
.4uc,Iz.
a kî'.M.
' .
'wwooI==.a..+j.=-ot
.w'...*,.,.
1- 1ju1o>-e...
aj
.Y*7& ))'qp
.tl%J 1-
vza
= ' o
'I f...ukzI
.Aot
-
wow tu.-zz .u#.w.
'-k <j
p. ,ol'
t.wï.)z uom I
wow4Ja,
..
$I.
ui3I'oll'
wJ l.xL;:Im...1.h
. . . L 5 ,. .. .. ..,. .. . ,* -
uy
> u <'
Nfu u..i
J..L
nu'1p'
wr.
l1''s..,
u. .
I1J k'su,
u '.> %.
I> '
.w
I .
z1 .Y
..
- ' . ) .. ; .:v .' .. o'
; : o'
; .J
rs.u.
.-
-'
k! - % '.k
.
t!J:wJ-.a''1.,'
. - a1%.1A).1% o'1.1+.
. -,w1)'.'w.
'e'z'
+ ..
='I
-
. s x .. x
. h
Ja,.
e- k*'x rja,z
zc .z.-o k.
o-'I..s ...a..w5Iw1 ww
.. I
a.kt.'
(u,Q 1 ':o%1 .2
'. :t.ws
o j9 .> . n '.4)J .e. -.
.c..
= ou,.
A AN '..wulJ z
a a.<
.
fu 9kt
(ww'a L1t.w
zulhz u qf ,,.= 6..Lbt.
:gl'n- a.uJ1%1 4)1N a
î: ..
'1 L<X txl!1.
0
.
أن من آداب الدُّ عاء :أن يقدِّ م الدَّ اعي بين يدي دعائه الحمد وال َّثناء
وفيه َّ
على اهلل ،واالعرتاف بالعبادة ،والخضوع هلل ،والتَّذ ُّلل بين يديه ،واالعرتاف
بالذنب والخطأ والتَّقصير؛ فك َّلما كان الدُّ عاء كذلك كان أكمل. َّ
229 -37أذكار طريف النَّهار ()5
37
إن من أذكار طر َف ْي النَّهار العظيمة :ما رواه مسلم يف صحيحه َع ْن َع ْب ِد اهلل ْب ِن َّ
له،َان َنبِي اهَّللِ ﷺ إِ َذا َأمسى َق َال«َ :أمسينَا و َأمسى ا ْلم ْل ُك لِ ِ قال« :ك َ عود َ I مس ٍ
ُ ْ َْ َ ْ َ َْ ُّ َْ
ك َو َل ُه ا ْل َح ْمدُ َو ُه َو َع َلى يك َل ُهَ ،ل ُه ا ْل ُم ْل ُ لهَ ،ل إِ َل َه إِ َّل اهللُ َو ْحدَ ُه َل َشرِ َ وا ْلحمدُ لِ ِ
َ َ ْ
ك ك َخ ْي َر َما فِي َه ِذ ِه ال َّل ْي َل ِة َو َخ ْي َر َما َب ْعدَ َهاَ ،و َأ ُعو ُذ بِ َ ك ُِّل َش ْي ٍء َق ِد ٌيرَ ،ر ِّب َأ ْس َأ ُل َ
وء ا ْلكِ َبرِ،
ك ِمن ا ْلكَس ِل وس ِ
َ َ ُ
ِ ِ ِِ
م ْن َش ِّر َما في َهذه ال َّل ْي َلة َو َش ِّر َما َب ْعدَ َهاَ ،ر ِّب َأ ُعو ُذ بِ َ َ
ِ
اب فِي ا ْل َق ْبرِ»َ ،وإِ َذا َأ ْص َب َح َق َال َذل ِ َك اب فِي الن ِ
َّار َو َع َذ ٍ ك ِم ْن َع َذ ٍ َر ِّب َأ ُعو ُذ بِ َ
ك هلل ِ»(.)1 «أ ْص َب ْحنَا َو َأ ْص َب َح ا ْل ُم ْل َُأ ْي ًضاَ :
قوله« :أمسينا» هذا فيه استشعار العبد للنِّعمة العظيمة والمنَّة الجسيمة أن
وتفضل عليه بذلك؛ أن دخل يف المساء وكان من َّ جعله اهلل من أهل المساء
فمنأهله ،فمن النَّاس َمن يصبح وال يمسي ،ومنهم َمن يمسي وال يصبحَ ،
بالص َّحة والعافية عليه أن يستشعر حصول هذه النِّعمة له
كان من أهل المساء ِّ
بفضل اهلل ومنِّه .F
بأن الملك ك َّله هلل
وقوله« :وأمسى الملك هلل» ،هذا فيه تجديد االعرتاف َّ
Dواإلقرار له Cبذلك.
قوله« :والحمد هلل» ،هذا فيه حمد اهلل على النِّعمة بعد استشعار العبد لها.
قوله« :ال إله َّإل اهلل وحده ال شريك له ،له الملك وله الحمد وهو على
((( رواه مسلم (.)2723
أحاديث األذكار واألدعية 230
ممن قال فيهم :O يف كربه وهرمه بسالمة فكره وعقله ،ليكون َّ
ُم م ْن َط َال ُع ْم ُر ُه َو َح ُس َن َع َم ُل ُه»( ،)1ال أن يكون كربه على فساد يف عقله،
«خيرك َ
ُ
أمور باطلة ،وأشياء تؤذيه وتؤذي َمن حوله .ولهذا يحتاج العبد أن وخرف يف ٍ َ
لح على اهلل Fأن يجعل كربه على خير ،وأن يجعل خواتيمه على خير. ُي َّ
بك ِمن ْ
أن ُأ َر َّد إلى ْأر َذ ِل ال ُع ُمرِ» ،أي :وما ومثله قوله يف حديث آخرَ :
«وأ ُعو ُذ َ
يكون فيه من األمور ا َّلتي تسوء اإلنسان.
ص هذين ٍ
عذاب يف النَّار وعذاب يف القبر»َ ،خ َّ «رب أعوذ بك من
قولهِّ :
العذابين ألنَّهما أشدُّ العذاب؛ أ َّما عذاب القرب فهو َّأول منازل اآلخرة ،وإذا
السنَّة أحاديث عديدة يفمما بعده ،وقد جاء يف ُّ
نجا المرء من عذاب القرب نجا َّ
حق. َّعوذ باهلل من عذاب القربَّ ،
وأن عذاب القرب ٌّ الت ُّ
َّبي ﷺ يقوله مواظ ًبا عليه ِ الحاصل َّ
ذكر عظيم وور ٌد مبارك كان الن ُّ أن هذا ٌ
وكل مساء. كل صباحٍ َّ َّ
ول: ول اهَّللِ ﷺ ُي َع ِّل ُم َأ ْص َحا َب ُه َي ُق ُ َو َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة َ Iق َال :ك َ
َان َر ُس ُ
ك ك ن َْح َيا َوبِ َ ك َأ ْم َس ْينَاَ ،وبِ َ ك َأ ْص َب ْحنَاَ ،وبِ َ «إِ َذا َأ ْص َب َح َأ َحدُ ك ُْم َف ْل َي ُق ْل« :ال َّل ُه َّم بِ َ
ك َأ ْص َب ْحنَا، ك َأ ْم َس ْينَاَ ،وبِ َ ور»َ ،وإِ َذا َأ ْم َسى َف ْل َي ُق ْل« :ال َّل ُه َّم بِ َ ك الن ُُّش ُ وتَ ،وإِ َل ْي َ
ن َُم ُ
والبخاري
ُّ ِّرمذي وابن ماجه ُّ ك ا ْل َم ِص ُير» .رواه الت وتَ ،وإِ َل ْي َ
ك ن َُم ُ ك ن َْح َيا َوبِ ََوبِ َ
َّسائي(.)2 يف األدب المفرد ،والن ُّ
كل صباحٍ َّ
وكل أيضا من األذكار العظيمة ا َّلتي ُيشرع للمسلم أن يقولها َّ
هذا ً
مساء ،وهو قائم على االعرتاف بالنِّعمة واستشعار المنَّة واستحضار العاقبة،
وصححه األلبانِ ُّي.
َّ ِّرمذي (،)2329
ُّ ((( رواه بنحوه الت
والبخاري يف األدب المفرد
ُّ ِّرمذي ( ،)3391وابن ماجه (،)3868 ُّ ((( رواه والت
ِ
وصححه األلبان ُّي. السنن الكربى (،)10323
َّ ( ،)1199والنَّسائي يف ُّ
أحاديث األذكار واألدعية 232
الصحابة يأتون إليه ﷺ ويسألونه أن يع ِّلمهم شي ًئا الذكر والدُّ عاء َّ
أن َّ يف باب ِّ
يذكرون اهلل به ،وشي ًئا يدعون اهلل به ،فكان ُيع ِّلمهم صلوات اهلل وسالمه عليه،
الصحابة« :كان يع ِّلمنا إ َّياها كما
بل جاء يف بعض الدَّ عوات واألذكار يقول َّ
السورة من القرآن» ،وهذا يد ُّلنا على ضرورة العناية باألذكار النَّبو َّية يع ِّلمنا ُّ
ألن تغيير ال َّلفظ قد بألفاظها المأثورة عنه Oدون زيادة أو تغيير؛ َّ
ٍ
لفظة يف الدُّ عاء من نفسه فتغ ِّير ُيغ ِّير المعنى ،وبعض النَّاس قد يجتهد يف زيادة
فمثل :بعض النَّاس يقول« :أستغفر اهلل العظيم من ك ُِّل المعنى أو ر َّبما ُت ْض ِعفهً ،
فيفوت على نفسه كمال االستغفار ،حيث السجع ِّأن يكمل َّ ذنب عظيم» ،يريد ْ ٍ
خص طلب المغفرة َّ
للذنب العظيم فقط. َّ
أن بعض النَّاس قد يجتهد اجتها ًدا يؤ ِّثر على الدُّ عاء إ َّما بضعفه، الحاصل َّ
ويفوت
أو بتغ ُّير معناه ،أو بنقص مقصوده ،فلماذا ُيدخل نفسه يف هذه المداخل ِّ
َّبي Oالمعصوم من َّ
عليها كمال الدَّ عوات النَّبو َّية التي جاءت عن الن ِّ
وأجل المقاصد. ِّ والزلل! المشتملة على غاية المطالب الخطأ َّ
يعود نفسه على التَّق ُّيد بالدَّ عوات المأثورة عنفينبغي على المسلم أن ِّ
ٍ
لزيادة يرى أنَّها جميلة أو مفيدة أو َّبي ﷺ دون أن يزيد فيها ،وإن دعته نفسه
الن ِّ
حسنة فليرتكها؛ فما صح عن النَّبي ِ O
فيه الكفاي ٌة والكمال والوفاء. ِّ َّ
أن فيها تحقيق سعادته وقد يختار المرء لنفسه صيغ ًة مع َّين ًة من الدُّ عاء يرى َّ
شر أو خطر إ َّما يف الدُّ نيا أو تتضمنه من ٍّ َّ يف الدُّ نيا واآلخرة ،ويخفى عليه ما قد
والسالمة يف الدُّ نيا والصالح َّ اآلخرة ،بينما األدعية النَّبو َّية ليس فيها َّإل الخير َّ
أن رسول اهلل ﷺ واآلخرة ،روى مسلم يف صحيحه عن أنس بن مالك َّ I
ول اهَّللِ ﷺ: َعا َد َر ُج ًل مِ َن ا ْل ُم ْسلِ ِمي َن َقدْ َخ َف َت َف َص َار مِ ْث َل ا ْل َف ْرخِ َ ،ف َق َال َل ُه َر ُس ُ
ول :ال َّل ُه َّم َما ُكن َ
ْت ْت َأ ُق ُ «ه ْل ُكن َْت َتدْ ُعو بِ َش ٍ
يء َأ ْو َت ْس َأ ُل ُه إِ َّيا ُه؟» َق َالَ « :ن َع ْم؛ ُكن ُ َ
أحاديث األذكار واألدعية 234
ول اهَّللِ ﷺ« :سبحان اهَّلل ِاآلخ َر ِة َف َع ِّج ْل ُه لِي فِي الدُّ ْن َيا»َ ،ف َق َال َر ُس ُ
اقبِي بِ ِه فِي ِ مع ِ
ُ ْ َ َ ُ َ
اآلخ َر ِة
ت ال َّلهم آتِنَا فِي الدُّ ْنيا حس َن ًة وفِي ِ
َ َ َ َ
ِ
-أ ْو َل ت َْستَطي ُع ُهَ -أ َف َل ُق ْل َ ُ َّ َل تُطِي ُق ُه َ
اب الن ِ ِ
اهَّلل َل ُه َف َش َفا ُه( .)1فجمع له صلوات اهلل َّار»َ ،ق َالَ :فدَ َعا َ َح َس َن ًة َوقنَا َع َذ َ
وسالمه عليه يف هذا الدُّ عاء العظيم ا َّلذي أرشده إليه بين خيري الدُّ نيا واآلخرة
الشرور.والسالمة فيهما من جميع ُّ َّ
38
ِّرمذي
ُّ الصباح والمساء :ما رواه الت إن من األدعية العظيمة المأثورة يف َّ َّ
ول اهلل ُم ْرنِي «يا َر ُس َ الصدِّ َيق َق َالَ : وأبو داود َع ْن َأبِى ُه َر ْي َر َة َ Iأ َّن َأ َبا َب ْك ٍر ِّ
ات ت»َ ،ق َالُ « :قل« :ال َّلهم َفاطِر السمو ِ ت َوإِ َذا َأ ْم َس ْي ُ بِك َِلم ٍ
ات َأ ُقو ُل ُه َّن إِ َذا َأ ْص َب ْح ُ
ُ َّ َ َّ َ َ َ
ْت، ٍ ِ
الش َها َدة َر َّب ك ُِّل َش ْيء َو َم ِلي َك ُهَ ،أ ْش َهدُ َأ ْن َل إِ َل َه إِ َّل َأن َ ب َو َّ ِ
ض َعال َم ا ْل َغ ْي ِ َو ْالَ ْر ِ
ٍ ِ الشي َط ِ ِ ِ ِ ِ َأعو ُذ بِ َ ِ
«و َأ ْنخرىَ : ان َوش ْركه»َ ،وفي ِر َوا َية ُأ َ ك م ْن َش ِّر َن ْفسيَ ،و َش ِّر َّ ْ ُ
ت َوإِ َذا ف َع َلى َن ْفسي ُسوء ًاَ ،أ ْو ُأ ُج َّر ُه إِ َلى ُم ْس ِلمٍ»َ ،ق َالُ « :ق ْل َها إِ َذا َأ ْص َب ْح َ ِ َأ ْق َترِ َ
ك»(.)1 ت َوإِ َذا َأ َخ ْذ َت َم ْض َج َع َ َأ ْم َس ْي َ
الراء
الشين َو َّ «و ِش ْركِ ِه» ،أيَ :ما َيدْ ُعو إ َل ْيه مِن ِّ
الش ْرك ،و ُي ْر َوى ب َفتْح ِّ قولهَ :
«و َش َركِ ِه» ،أيَ :ح َبائِله.
َ
الصباح والمساء وعندما يأوي حديث عظيم فيما ُيشرع أن ُيقال يف َّ ٌ هذا
ومرة يف المساء، الصباحَّ ، مرة يف َّ مراتَّ : المرء إلى فراشه لينام؛ فهو يقال ثالث َّ
ومرة عندما يأوي المرء إلى فراشه. َّ
ول اهلل مرنِي بِك َِلم ٍ
ات َأ ُقو ُل ُه َّن «يا َر ُس َ
َ ُْ ولنتأ َّمل هنا قول أبي بكر َ :I
ت» ،وأبو بكر -كما ال يخفى -هو خير األ َّمة وأعلمها ت َوإِ َذا َأ ْم َس ْي ُ
إِ َذا َأ ْص َب ْح ُ
َّبي
وأفقهها I-وأرضاه -ومع هذا العلم والفقه والخير َّية يطلب من الن ِّ
ﷺ أن ُيع ِّلمه شي ًئا يقوله إذا أصبح وإذا أمسى! قارن هذا بما يفعله َمن يكتبون
وصححه األلباينُّ.
َّ ِّرمذي (،)3392
ُّ ((( رواه أبو داود ( ،)5067والت
أحاديث األذكار واألدعية 236
الصباح ويف المساءللنَّاس أورا ًدا يخرتعوهنا وينشئوهنا ويضعون لها أعدا ًدا يف َّ
وعند النَّوم إلى غير ذلك ،هكذا إنشا ًء من عقولهم واخرتاعهم حدَ ًثا يف دين
وإشغال للعوا ِّم بما لم ُينزل به اهلل Eسلطانًا ،لتدرك الفرق ً اهلل،
أتباع للهدى وأتباع إلمام الهدى أئمة الهدى ٌ أئمة الهدى وغيرهم؛ َّ
فإن َّ بين َّ
وتخرصاهتم وظنوهنم.ُّ أتباع لعقولهم وآرائهم
،Oو َمن سواهم ٌ
َّبي ﷺ وقال« :مرين فصدِّ يق األ َّمة Iوأرضاه وهو َمن هو ،جاء إلى الن ِّ
الصحيحين َأ َّن ُه َق َال لِرس ِ
ول أقولهن إذا أصبحت وإذا أمسيت» ،ويف َّ َّ بكلمات
َ ُ
اهَّللِ ﷺَ « :ع ِّل ْمنِي ُد َعا ًء َأ ْد ُعو بِ ِه فِي َص َلتِي»َ ،ق َالُ « :ق ِل ال َّل ُه َّم إِنِّي َظ َل ْم ُ
ت َن ْف ِسي
ْت َفا ْغ ِف ْر لِي َمغ ِْف َر ًة ِم ْن ِعن ِْد َك َو ْار َح ْمنِى إِن َ
َّك ُوب إِ َّل َأن َ ُظ ْل ًما َكبِ ًيرا َو َل َيغ ِْف ُر ُّ
الذن َ
يم»(.)1 ْت ا ْل َغ ُفور ِ َأن َ
الرح ُ ُ َّ
َّبي ﷺ ٍ
الصحابة يف أدعية وأذكار كثيرة يأتون إلى الن ِّ
وهكذا غيره من َّ
متأخرة يكتبون للنَّاس أشياء من ثم يأيت أناس يف قرون ِّ ويقولون ع ِّلمناَّ ،
الصباح ويف المساء وعند النَّوم وعند عقولهم ينشروهنا بين العوا ِّم ،لتُقال يف َّ
الدُّ خول وعند الخروج إلى آخره ،فأماتوا بذلك سننًا وأحيوا بد ًعا ما أنزل اهلل
هبا من سلطان.
متقر ٌر يف نفوس يت» ،هذا يفيد أنَّه ِّ ت وإِ َذا َأ ْم َس ُ «أ ُقو ُل ُه َّن إِ َذا َأ ْص َب ْح ُ
وقولهَ :
الصباح الباكر ،والمساء ا َّلذي هو آخر النَّهار ،وقت ٍ
ذكر أن وقت َّ الصحابة ََّّ
وحسن االلتجاء إلى اهلل ،يدركون ذلك وهو بالذكر والدُّ عاء ُ ودعاء؛ ُيش َغل ِّ
َّبي ﷺ أن ُيع ِّلمه شي ًئا يقوله يف هذين متقر ٌر عندهم ،ولذا طلب Iمن الن ِّ ِّ
الوقتين.
الش َها َد ِة َر َّب ض َعالِ َم ا ْل َغ ْي ِ
ب َو َّ ات َو ْالَ ْر ِقولهُ « :قل« :ال َّلهم َفاطِر السمو ِ
َ َّ َ َ ُ َّ
البخاري ( ،)834ومسلم (.)2705
ُّ ((( رواه
237 -38أذكار طريف النَّهار ()6
ض» ،أي: ات َو ْالَ ْر ِ أول هذه التَّوسالت قوله« :ال َّلهم َفاطِر السمو ِ
َ َّ َ َ ُ َّ ُّ َّ
دت بذلك وحدك يا اهلل. تفر َ
موجدهما ومبدعهما وخالقهماَّ ،
علما ِّ
بكل شيء ب َّ ِ وقولهَ « :عالِم ال َغ ْي ِ
والش َها َدة» ،أي :يا َمن أحطت ً
كل شيء ،وقوله« :عالم الغيب» ،أي :بالنِّسبة لنا ،أ َّما اهلل D ووسع علمك َّ
والس ُّر عنده عالنية ،ال تخفى بكل شيء ،الغيب عنده شهادةِّ ، علما ِّ
فقد أحاط ً
عليه خافية.
الر ُّب هو :الخالق المد ِّبر. «رب ِّ
كل َش ْيء»َّ ، وقولهَّ :
كل شيء فالملك ك ُّله بيد اهلل.
وقوله« :ومليكه» ،أي :مالك ِّ
وقوله« :أشهد أن ال إله َّإل أنت» هذه شهادة التَّوحيد ،وأغلب األذكار
تتضمن هذه الكلمة العظيمة؛ ألنَّها عماد الدَّ ين وأساسه َّ واألدعية المأثورة
ا َّلذي عليه قيامه.
فان َو ِش ْركِ ِهَ ،و َأ ْن ا ْق َترِ َ ك ِم ْن َش ِّر َن ْف ِسيَ ،و َش ِّر َّ
الش ْي َط ِ قولهَ « :أ ُعو ُذ بِ َ
َع َلى َن ْف ِسي ُسو ًءا َأ ْو َأ ُج َّره إِ َلى ُم ْس ِلمٍ» ،هذا هو المطلوب؛ وهو أربعة أشياء
الشيطان وشركه، شر َّ َّعوذ من ِّ شر النَّفس ،والت ُّ َّعوذ من ِّ َّعوذ باهلل منها :الت ُّجاء الت ُّ
السوء إلى أحد يجر ُّ َّعوذ من أن َّ َّعوذ من أن يقرتف على نفسه سو ًءا ،والت ُّ والت ُّ
المسلمين.
فإن قوله« :أعوذ بك الش ِّر ونتيجتيه؛ َّ
َّعوذ بين مصدري َّ وقد جمع هذا الت ُّ
َّّ الشيطان»؛ هذا ُّ
تعوذ من مصدري الش ِر: وشر َّ
شر نفسي ِّ من ِّ
بالسوء و تدفعه إلى َّ
الش ِّر بالسوء؛ فإنَّها تأمر صاحبها ُّ
األول :النَّفس األ َّمارة ُّ
َّ
أحاديث األذكار واألدعية 238
وصححه األلباينُّ.
َّ َّسائي (،)3134
((( رواه أحمد ( ،)15958والن ُّ
239 -38أذكار طريف النَّهار ()6
الش ِّر و َم ِ
وار َده يف أوجز لفظه وأخصره وأجمعه وأبينه». مصادر َّ
َ ُ
الحديث فجمع
اهـ كالمه .)1(V
إن يف هذا الحديث فائدة عظيمة من جهة االرتباط بين توحيدي ثم َّ َّ
ومدخل لتوحيد العبادة؛ َّ
ألن ً الربوب َّية ُي َعدُّ َّبواب ًة
الربوب َّية والعبادة؛ وتوحيد ُّ
ُّ
كل شيءٍ ورب ِّ إقرار العبد َّ
السموات واألرض ُّ فاطر َّ
بأن اهلل Dهو وحده ُ
فرد هباوالشهادة؛ يوجب أن ُتخ َلص له العبادة وأن ُي َ وعالم الغيب َّ
ُ ومليكه
وحده دون سواه؛ ولهذا قال اهلل تعالى﴿ :ﭢ ﭣ ﭤ﴾ [األنبياء:
،]92وقال سبحانه﴿ :ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ
ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕ
ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ﴾ [البقرة ،]22-21 :أي:
ال تجعلوا هلل شركاء يف العبادة وأنتم تعلمون أنَّه ال خالق لكم غير اهلل ،فكما
فرد والملك والتَّدبير؛ فالواجب أن ُي َ
والرزق ُ تفرد وحده بالخلقِّ ، أنَّه سبحانه َّ
وحده بالعبادة.
ِ
واألرض، وهكذا يف الحديث ذكر أو ًل معاين الربوبيةَ « :فاطِر السم ِ
وات َ َّ َ ُّ َّ َّ
ِ ٍ ب و َّ ِ
ثم ذكر بعد ذلك توحيد الش َهادةَ ،ر َّب ك ُِّل َشيء َو َملي َك ُه»َّ ، الم ال َغ ْي ِ َ
َع َ
بحق
بحق وال معبود ٍّ نت» ،أي :أنَّك المعبود ٍّ «أ ْش َهدُ َأن َل إِ َله إِ َّل َأ َ
العبادةَ :
تفردت سواكُ ،أخلص لك ديني و ُأفردك وحدك بالعبادة ،كما أنَّك وحدك َّ
بالخلق واإليجاد ال شريك لك.
فإن هذه األذكار النَّبو َّية والمحافظة عليها ُتجدِّ د التَّوحيد؛ فال يزال ولهذا َّ
َّبي
العبد هبذه األذكار ُيجدِّ د توحيده وإيمانه وإسالمه ،ويف الحديث يقول الن ُّ
اس َأ ُلوا ِ ِ « :Oإِ َّن ْ ِ
ان ل َيخ َل ُق يف َج ْوف َأ َحدكُم ك ََما َيخْ َل ُق ال َّث ُ
وب؛ َف ْ يم َ
ال َ
((( بدائع الفوائد (.)209/2
أحاديث األذكار واألدعية 240
هذا الحديث فيه فضل قول« :ال إله َّإل اهلل وحده ال شريك له ،له الملك
مر ًة ٍ وله الحمد وهو على ِّ
الصباح ويف المساء ،فيه قولها َّ كل شيء قدير» يف َّ
مرة؛ فهذا مرات ،ويف بعضها مائة َّ واحدة ،وجاء يف بعض األحاديث عشر َّ
فضل العظيم، مرات يرت َّتب عليها ٌ مرة ،والعشر َّ ميدان منافسة ،فأفضلها مائة َّ
الصباح ويف أوراد المساء؛ مر ًة واحدة يف أوراد َّ أقل من أن يقولها المسلم َّ وال َّ
ب َل ُه ِ َان َله ِعدْ ُل ر َقب ٍة ِمن و َل ِد إِسم ِ
اع َ
يلَ ،وكُت َ ْ َ َ َ ْ َ ليفوز هبذا الموعود العظيم« :ك َ ُ
َان فِي ِح ْر ٍز َات ،ورفِع َله ع ْشر درج ٍ
اتَ ،وك َ َ ُ َ ُ َ ُ ََ َ
َات ،وح َّط عنْه ع ْشر سيئ ٍ
َ ُ َ ُ َ ُ َ ِّ
ع ْشر حسن ٍ
َ ُ َ َ
ِم َن َّ
الش ْي َط ِ
ان».
وصححه
َّ ((( رواه ال َّطربانِ ُّي يف المعجم الكبير ( ،)14668والحاكم يف المستدرك (،)5
الصحيحة ( ،)1585ويف صحيح الجامع (.)1590 السلسلة َّاأللباينُّ يف ِّ
وصححه األلباينُّ.
َّ ((( رواه أبو داود ( ،)5077وابن ماجه (،)3867
241 -39أذكار طريف النَّهار ()7
39
ات ول اهلل ﷺ يدَ ع َه ُؤ َل ِء الدَّ َعو ِ قالَ :ل ْم َي ُك ْن َر ُس ُ ابن ُع َم َر َ L َع ْن ِ
َ َ ُ
ِحي َن ُي ْم ِسي َو ِحي َن ُي ْصبِ ُح« :ال َّل ُه َّم إِنِّي َأ ْس َأ ُل َك ا ْل َعافِ َي َة فِي الدُّ ْن َيا َو ْال ِخ َر ِة ،ال َّل ُه َّم
اي َو َأ ْه ِلي َو َمالِي ،ال َّل ُه َّم ْاست ُْر َع ْو َراتِي، ِ ِ ِ ِ
إِنِّي َأ ْس َأ ُل َك ا ْل َع ْف َو َوا ْل َعاف َي َة في ديني َو ُد ْن َي َ
ي َو ِم ْن َخ ْل ِفيَ ،و َع ْن َي ِمينِي َو َع ْن ِ ِ
اح َف ْظني م ْن َب ْي ِن َيدَ َّ
ِ
َوآم ْن َر ْو َعاتي ،ال َّل ُه َّم ْ
ِ
ِش َمالِيَ ،و ِم ْن َف ْو ِقيَ ،و َأ ُعو ُذ بِ َع َظ َمتِ َك َأ ْن ُأ ْغت ََال ِم ْن ت َْحتِي» .رواه أبو داود وابن
ماجه(.)1
الصباح والمساء ،يقول َّبي ﷺ يف َّ هذا من األوراد العظيمة المأثورة عن الن ِّ
ول اهلل ﷺ يدَ ع َه ُؤ َل ِء الدَّ َعو ِ
ات ِحي َن ُي ْم ِسي ابن عمر َ « :Lل ْم َي ُك ْن َر ُس ُ
َ َ ُ
ِ
الصباح ويف المساء ،واهلل C َوحي َن ُي ْصبِ ُح» ،أي :أنَّه مواظب عليها يوم ًّيا يف َّ
يقول﴿ :ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ
ﯿ﴾ [األحزاب.]21 :
ك ا ْل َعافِ َي َة فِي الدُّ ْن َيا َو ْال ِخ َر ِة» ،العافية شأهنا عظيم؛
قوله« :ال َّل ُه َّم إِنِّي َأ ْس َأ ُل َ
َّبي ،O خيرا من المعافاة كما قال ذلك الن ُّ فإنَّه لم ُيعط أحد بعد اليقين ً
ول اهللِ عم النَّبي ﷺ قال ُق ْل ُتَ :يا َر ُس َ وجاء يف الحديث َّ
ِّ أن الع َّباسَّ I
«س ِل اهَّللَ ال َعافِ َيةَ»َ ،ف َم َك ْث ُت َأ َّيا ًما ُث َّم ِج ْئ ُت ِ
َع ِّل ْمني َش ْي ًئا َأ ْس َأ ُل ُه َ
اهَّلل َ ،Dق َالَ :
وصححه األلباينُّ.
َّ ((( رواه أبو داود ( ،)5074وابن ماجه (،)3871
أحاديث األذكار واألدعية 242
اس َيا َعم رس ِ ِ ِ َف ُق ْلت :يا رس َ ِ
ول َّ َ ُ ول اهلل َع ِّل ْمني َش ْي ًئا َأ ْس َأ ُل ُه َ
اهَّللَ ،ف َق َال ليَ « :يا َع َّب ُ ُ َ َ ُ
اآلخ َر ِة»( ،)1فا َّلذي يكرمه اهلل ويؤتيه العافية يف اهللِ ،س ِل اهَّلل العافِي َة فِي الدُّ ْنيا و ِ
َ َ َ َ َ َ
الشرور يف الدَّ ارين. السالمة والنَّجاة والوقاية من ُّ الدُّ نيا واآلخرة قد تح َّققت له َّ
اي َو َأ ْه ِلي َو َمالِي»، ِ ِ ِ ِ
ك ا ْل َع ْف َو َوا ْل َعاف َي َة في ديني َو ُد ْن َي َوقوله« :ال َّل ُه َّم إِنِّي َأ ْس َأ ُل َ
الذنوب ،قال تعالى﴿ :ﮒ ﮓ ﮔ﴾ الصفح والتَّجاوز عن ُّ العفو :أي َّ
الشورى ،]25 :والعافية؛ أعاد سؤال اهلل العافية اهتما ًما هبا. [ ُّ
ٍ
شيء الدين :أن يسلم للمرء دينه؛ بأن ُيحفظ له إيمانه من والعافية في ّ
ِ
والصراط المستقيم. ٍ يثلمه ،أو ٍ
أمر ينقصه ،أو بدعة تحرفه عن الجا َّدة ِّ
والشرور والمحن. الدنيا :بأن تسلم للمرء دنياه ،من اآلفات ُّ والعافية في ُّ
اختل األمن؛ ضاع ،واهلل Dهو كل ذلك إذا َّ أعراضهم وبيوهتم وأموالهمُّ ،
ا َّلذي يؤ ِّمن الخائف ،و ُيجير المستجير ويحفظ عباده.
اع ِّي َ Iق َالَ :س ِم ْع ُت اب ا ْل ُخ َز ِ
وقد ثبت يف المعجم الكبير لل َّطربانِي عن َخ َّب ٍ
ِّ
ِ ()1
ض َعنِّي َد ْيني» ، ِ ِ ِ
ول« :ال َّل ُه َّم ْاست ُْر َع ْو َرتيَ ،وآم ْن َر ْو َعتيَ ،وا ْق ِ ول اهَّللِ ﷺ َي ُق ُ َر ُس َ
يدل على مزيد اهتمام هبذه الدَّ عوة ،فهي من الدَّ عوات المق َّيدة ا َّلتي يؤتى هبا وهذا ُّ
وأيضا من الدَّ عوات المطلقة ا َّلتي يؤتى هبا يف األوقات المختلفة. كل صباح ومساءً ، َّ
ي َو ِم ْن َخ ْل ِفيَ ،و َع ْن َي ِمينِي َو َع ْن ِ ِ
اح َف ْظني م ْن َب ْي ِن َيدَ َّ وقوله« :ال َّل ُه َّم ْ
ك َأ ْن ُأ ْغت ََال ِم ْن ت َْحتِي»؛ هذا تحصين للمرء ِش َمالِيَ ،و ِم ْن َف ْو ِقيَ ،و َأ ُعو ُذ بِ َع َظ َمتِ َ
والشمال والفوق وحفظ تا ٌّم من األمام والخلف واليمين ِّ ٌ من جميع جهاته،
حصنًاكل صباح ومساء يصبح بفضل اهلل ُم َّ والتَّحت .و َمن يدعو هبذا الدُّ عاء يف ِّ
خاصة ،فإنَّه أكثر الشيطان َّ شر َّ الشرور عا َّمة ،ومن ِّ كل جهاته من جميع ُّ من ِّ
شيء ُيخشى منه يف هذا الباب ،وهو يأيت اإلنسان من جهات عديدة لصدِّ ه
الصراط المستقيم؛ ﴿ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ عن دين اهلل وحرفه عن ِّ
فمن دعا هبذا الدُّ عاء ﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ﴾ [األعرافَ ،]17 :
أي جهة أتاه؛ منفذا إليه من ِّ الشيطان ً صاد ًقا ملتج ًئا إلى اهلل حفظه اهلل وال يجد َّ
كل جهاته. محفوظ بحفظ اهلل من ِّ ٌ ألنَّه
وقوله« :وأعوذ بعظمتك أن ُأغتال من تحتي» ،أي :أن يكون مويت وهالكي
غيل ًة من تحتي ،والغيلة :أن ُيفاجئ اإلنسان شيء من تحته؛ كالرباكين أو
الزلزال أو الفيضانات أو ال ُّطوفان أو نحو ذلك من األمور ،فيسأل اهلل الحفظ
ِّ
والسالمة من ذلك ك ِّله﴿ ،ﭝ ﭞ ﭟﭠ ﭡ ﭢ ﭣ﴾ [يوسف.]64 : َّ
وصححه األلباينُّ يف صحيح الجامع
َّ ((( رواه ال َّطرباينُّ يف المعجم الكبير (،)3710
(.)1262
245 -39أذكار طريف النَّهار ()7
40
الصباح :ما رواه مسلم َع ْن ُج َو ْي ِر َي َة َ « Jأ َّن النَّبِ َّي ﷺ َخ َر َج من أذكار َّ
ج ِد َهاُ ،ث َّم َر َج َع َب ْعدَ َأ ْن َأ ْض َحى الص ْب َح َو ِهي فِي مس ِ
َ ْ َ ُّ ى مِ ْن ِعن ِْد َها ُب ْك َر ًة ِحي َن َص َّ
ل
تَ :ن َع ْم، ِ ِ ِ
ت َع َلى ا ْل َحال ا َّلتي َف َار ْقتُك َع َل ْي َها؟» َقا َل ْ و ِهي جالِسةٌَ ،ف َق َال« :ما ِز ْل ِ
َ َ َ َ َ
َت بِما ُق ْل ِ ٍ ت بعدَ ِك َأربع ك َِلم ٍ
ت ث َم َّرات َل ْو ُو ِزن ْ َ ات َث َل َ ََْ َ َق َال النَّبِ ُّي ﷺَ « :ل َقدْ ُق ْل ُ َ ْ
ان اهلل ِ َوبِ َح ْم ِد ِه َعدَ َد َخ ْل ِق ِهَ ،و ِر َضا َن ْف ِس ِهَ ،و ِز َن َة َع ْر ِش ِه، ُمن ُْذ ا ْل َي ْو ِم َل َو َز َنت ُْه َّنُ :س ْب َح َ
َو ِمدَ ا َد ك َِل َماتِ ِه»(.)1
«الذكر المض َّعف»؛ يسميه العلماءِّ : الذكر العظيم ال َّثابت عن نب ِّينا ﷺ ِّ هذا ِّ
ذكر ألفاظه قليلة وثوابه عظيم ،فجويرية Jجلست يف مصالها من ألنَّه ٌ
ذكر هلل حتَّىالضحى تذكر اهلل ،وما زالت على تلك الحال يف ٍ الصبح إلى ُّ بعد ُّ
مرات: َّبي ﷺ ،فقال لها :لقد قلت بعدك أربع كلمات ثالث َّ رجع إليها الن ُّ
ان اهلل ِ َوبِ َح ْم ِد ِه َعدَ َد َخ ْل ِق ِهَ ،و ِر َضا َن ْف ِس ِهَ ،و ِز َن َة َع ْر ِش ِهَ ،و ِمدَ ا َد ك َِل َماتِ ِه» ،لو
«س ْب َح َ
ُ
ِ
استمرت
َّ ذكر كثير ُو ِزن َْت بما قلت منذ اليوم لوزنته َّن .وا َّلذي قالته منذ اليوم ٌ
الضحى ،وأخربها Oأنَّه قال بعدها تلك الصباح إلى ُّ
فيه من َّ
الكلمات ا َّلتي لو ُوزنت بما قالته لوزنته ،يعني :لو ُوضع ذكرها ا َّلذي ذكرت
ً
معادل له مساو ًيا له. اهلل Eبه يف ميزان وهذا ِّ
الذكر يف ميزان لكان
فهم ذكره بعض أهل العلم. وهذا ٌ
«لوزنتهن» ،أي :لرجحت عليه َّن ،أي :لكانت أثقل منه َّن يف
َّ وقيل:
الميزان.
ف ثوابه عند اهلل .E ذكر ُم َض َّعف قليل ٌة ألفاظه مض َّع ٌ فهذا ٌ
ج ِد َها» ،المسجد :قد يطلق على المبنى ا َّلذي ُبني «و ِهي فِي َم ْس ِ
قولهَ َ :
ِ
للصالة ﴿ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ﴾ [النُّور ،]36 :ويطلق و ُأعدَّ َّ
ت لِي «ج ِع َل ْ
على المكان ا َّلذي ُيسجد فيه ويص َّلى فيه ،كما يف الحديثُ :
َّ
مصلها. ورا» ،فالمراد بقوله« :وهي يف مسجدها» ،أي: جدً ا َو َط ُه ًْالَ ْر ُض َم ْس ِ
ألن اهلل تعالى متك ِّل ٌم بال ابتداء ،ويتك َّلم بال انتهاء ،فال
كالم اهلل ال يتناهى؛ َّ
حصر لكالمه وال هناية له.
يستحق التَّسبيح بذلك القدر والعدد ،كقوله ُّ أن اهلل سبحانهوالمقصو ُدَّ :
ض َو ِمل َء َما َب ْين َُهما َو ِمل َء َمااألر ِ ِ ِ
الس َموات َومل َء ْ
ِ
الحمدُ ،مل َء َّ
ك َ ﷺ« :ر َّبنا و َل َ
تسبيحا بذلك القدر والعدد؛ ً ْت ِمن َش ْي ٍء َب ْعدُ » ،وليس المراد َّ
أن العبدَ س َّبح ِشئ َ
الر ُّب من التَّسبيح؛ فذاك فإن فعل العبد محصور ،وإنَّما المراد ما يستح ُّقه َّ َّ
ا َّلذي يعظم ُ
قدره.
العلمة ابن الق ِّيم - Vيف شرح له لهذا الحديث وبيان ما فيه من قال َّ
أعظم كر المضاعف ،وهو سمى ِّ ٍ
ُ الذ ُ لطائف جليلة ومعارف عظيمة« :-وهذا ُي َّ
قول فإن َ الذكر وفهمهَّ ، يظهر يف معرفة هذا ِّ الذكر المفرد ،وهذا إنَّما ثناء من ِّ ٍ
ُ
تضمن َّ وإخبارا،
ً تضمن إنشا ًء َّ ان اهلل ِ َوبِ َح ْم ِد ِه َعدَ َد َخ ْل ِق ِه)؛ (س ْب َح َ المس ِّبحُ :
كل مخلوق كان أو هو كائ ٌن إلى الر ُّب من التَّسبيح عد َد ِّ عما يستح ُّقه َّ إخبارا َّ
ً
ِ
الر ِّب وتعظيمه وال َّثناء عليه هذا العد َد ما ال هناي َة له،
اإلخبار عن تنزيه َّ َ فتضمن
َّ
ِ
المحصون. العظيم ا َّلذي ال يبلغ ُه العا ُّدون وال ُيحصيه ُ َ
أن ما أتى به العبدُ من التَّسبيح هذا العبد لتسبيحٍ هذا شأنُه ،ال َّ وتضمن إنشاء ِ
َ َّ
تسبيح
ٌ الر ُّب Eمن التَّسبيح هو أن ما يستح ُّقه َّ قدره وعد ُده ،بل أخرب َّ ُ
فإن تجدُّ َد المخلوقات ال لذكره؛ َّ يبلغ العد َد ا َّلذي لو كان يف عدد ما يزيد عليه َ
حصى الحاضر. يتناهى عد ًدا ،وال ُي َ
عظيمين؛ أحدهما :أن يكون َ أمرين يتضمن َ َّ (و ِر َضا َن ْف ِس ِه) وكذلك قولهَ :
األول مساو لرضا نفسه ،كما أنَّه يف َّ ٍ تسبيحا هو يف العظمة والجالل ً المرا ُد
أمر ال هناية الر ِّب ٌ
أن رضا نفس َّ ريب َّ مساو لعدد خلقه ،وال َ ٍ مخربٌ عن تسبيحٍ
يتضمن التَّعظيم والتَّنزيه،
َّ َّسبيح ثنا ٌء عليه سبحانه
له يف العظمة والوصف .والت ُ
أحاديث األذكار واألدعية 250
أعظم
ُ ونعوت جالله ال هناي َة لها وال غاية ،بل هي ُ أوصاف كماله ُ فإذا كانت
إخبارا وإنشا ًء،
ً وأجل؛ كان ال َّثنا ُء عليه هبا كذلك؛ إذ هو تابِ ٌع لها ُّ من ذلك
األول من غير عكس .وإذا كان إحسانُه سبحانه ينتظم المعنى َّ ُ وهذا المعنى
وثمرته فكيف بصفة ِ ِ
موجبات رضاه وخيره ال منتهى له وهو من وثوا ُبه وبركتُه
ُ
الرضا؟! ِّ
ب ،E الر ِّ
إثبات العرش ،وإضافته إلى َّ ُ (و ِز َن َة َع ْر ِش ِه) فيه وقولهَ :
أثقل منه ُلوزن به أثقل المخلوقات على اإلطالق؛ إذ لو كان شي ٌء َ وأنَّه ُ
فة والكيف َّية ،وال َّثالث َّضعيف األول للعدد والكمية ،وال َّثاين للص ِ التَّسبيح .فالت
ِّ ِّ َّ ُ َّ
للع َظم وال ِّث َقل وكِ َبر المقدار. ِ
فإن مدا َد كلماته يعم األقسام ال َّثالثة ويشملها؛ َّ ِ ِِ وقولهِ :
(ومدَ ا َد كَل َماته) هذا ُّ َ
سبحانه ال هناي َة لقدره وال لصفته وال لعدده ،قال تعالى﴿ :ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ
ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ﴾ [الكهف ،]109 :وقال
تعالى﴿ :ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ
البحر
ُ ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ﴾ [لقمان ،]27 :ومعنى هذا أنَّه لو فرض
وجميع أشجار األرض أقال ًما ،واألقال ُم تستمدُّ بذلك المداد ،فتفنى ُ مدا ًدا،
الر ِّب ال تفنى وال تنفد.
البحار واألقالم ،وكلمات َّ
ِ
الجالل ما أن يف هذا التَّسبيح من صفات الكمال ونعوت والمقصو ُدَّ :
َ
أفضل من غيره .»...اهـ كالمه .)1(V يوجب أن يكون
ات يف أن هذا ذكر عظيم يستحب للمسلم أن يقوله ثالث مر ٍ فالحاصل َّ
َّ ُّ ُ ٌ
َّبي الكريم ،Oولنستشعر ِعظم نعمة اهلل علينا ِّ
كل صباحٍ ِّ
تأس ًيا بالن ِّ
والذكر المضاعف ا َّلذي بأن هدانا إلى هذه الكلمات العظيمة ِّ ْ E
والضعيف (ص.)35
الصحيح َّ
((( المنار المنيف يف َّ
251 -40أذكار طريف النَّهار ()8
َّ
مصلها من أجله ،وال الذكر ا َّلذي كانت جالس ًة يف
منه Oلها يف ِّ
أيضا يف هذا الجلوس ،فقد ثبت عنه ﷺ التَّرغيب يف هذا الجلوس ً
قول تزهيدً ا ً
ً
وفعل يف أحاديث عديدة:
َان إِ َذا َص َّلى ففي صحيح مسلم َع ْن َجابِ ِر ْب ِن َس ُم َر َة َ « :Iأ َّن النَّبِي ﷺ ك َ
َّ
الش ْم ُس َح َسنًا»( ،)1وروى أبو داود يف سننه ا ْل َف ْج َر َج َل َس فِى ُم َص َّل ُه َحتَّى َت ْط ُل َع َّ
«لَ ْن َأ ْق ُعدَ َم َع َق ْو ٍم َي ْذك ُُر َ
ون ول اهَّللِ ﷺَ : ك َ Iق َالَ :ق َال َر ُس ُ َس ب ِن مال ِ ٍ
َع ْن َأن ِ ْ َ
ب إِ َل َّي ِم ْن َأ ْن ُأ ْعتِ َق َأ ْر َب َع ًة ِم ْن اهَّللَ َت َعا َلى ِم ْن َص َل ِة ا ْل َغدَ ِاة َحتَّى َت ْط ُل َع َّ
الش ْم ُس َأ َح ُّ
ون اهَّللَ ِم ْن َص َل ِة ا ْل َع ْصرِ إِ َلى َأ ْن َتغ ُْر َب يلَ ،و َل ْن َأ ْق ُعدَ َم َع َق ْو ٍم َي ْذك ُُر َ اع َ و َل ِد إِسم ِ
ْ َ َ
ب إِ َل َّي ِم ْن َأ ْن ُأ ْعتِ َق َأ ْر َب َعةً»(.)2 الش ْم ُس َأ َح ُّ
َّ
لما ذكر لها فضل هؤالء الكلمات األربع أرادفالحاصل أنَّه َّ O
أن ُتدرجها يف جملة األذكار ا َّلتي تعتني هبا يف صباحها الباكر.
41
الخلق عليها ،فإنَّه تعالى فطر خل َقه على معرفته وتوحيده ،وأنَّه ال إله
َ فطر
غيره» .اهـ كالمه .)1(V
ٍ
فلعارض َع َر َض فهذا األصل يف جميع النَّاس؛ و َمن خرج عن هذا األصل
المجاشعي Iعن النَّبِ ِّي ﷺ فيما ِّ لفطرته فأفسدها ،كما يف حديث عياض
ادي حنَ َفاء ُك َّلهم ،وإنَّهم َأ َتتْهم َّ ِ ت ِعب ِ
ين
الش َياط ُ ُ َ ُ ْ َ ُ ْ ُ يرويه عن ر ِّبه أنَّه قال« :إنِّي َخل ْق ُ َ
ت َل ُه ْمَ ،و َأ َم َرتْهم َأ ْن ُي ْشرِكُوا بِي اجتَا َلتْهم َع ْن ِدين ِ ِه ْمَ ،و َح َّر َم ْ
ت َع َل ْي ِه ْم َما َأ ْح َل ْل ُ َف ْ
ِ
الصحيحين من حديث َما َل ْم ُأ ِنز ْل بِه ُس ْل َطانًا» .رواه مسلم يف صحيحه( .)2ويف َّ
الف ْط َر ِة،
ود َّإل يو َلدُ ع َلى ِ
َ ُ
أبي هريرة Iقال :قال رسول اهلل ﷺ« :ما من مو ُل ٍ
َْ َ
َف َأ َب َوا ُه ُي َه ِّو َدانِ ِه َأ ْو ُين َِّص َرانِ ِه َأ ْو ُي َم ِّج َسانِ ِه»(.)3
صبح وهو على صبح حين ُي ُ أن نعمة اهلل على عبده عظيم ٌة أن ُي َ شك َّ وال َّ
انحراف.
ٌ ث أو َت َغ ُّي ٌر أوفطرة سليمة َلم ُيصبها َت َل ُّو ٌ ٍ
الصفة يف
الموحدين الحنفاء .وقد وصفه اهلل هبذه ِّ
ِّ يف جميع أحواله؛ ألنَّه إمام
خمسة مواضع من القرآن:
-قال تعالى﴿ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ
ﭟ ﭠ ﭡ﴾ [البقرة.]135 :
-وقال تعالى﴿ :ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ
ﯞ ﯟ﴾ [آل عمران.]67 :
-وقال تعالى﴿ :ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ﴾ [آل
عمران.]95 :
-وقال تعالى﴿ :ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ
ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ﴾ [األنعام.]161 :
-وقال تعالى﴿ :ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ
ﮑ﴾ [النَّحل.]123 :
قال ابن الق ِّيم « :Vوتأ َّمل هذه األلفاظ -أي :ا َّلتي وردت يف الحديث-
كيف جعل الفطرة لإلسالم؛ فإنَّه فطرة اهلل ا َّلتي فطر النَّاس عليها ،وكلمة
االخالص هي شهادة أن ال اله َّإل اهلل ،والم َّلة إلبراهيم؛ فإنَّه صاحب الم َّلة
وهي التَّوحيد وعبادة اهلل تعالى وحده ال شريك له ومح َّبته فوق ِّ
كل مح َّبة،
والدِّ ين لنب ِّينا ﷺ وهو دينه الكامل وشرعه التَّا ُّم الجامع لذلك ك ِّله» .اهـ كالمه
.)1(V
أن هـذه المعـاين هـي أسـس اليوم ومـن فوائـد هـذا الحديـث العظيمـةَّ :
ا َّلتـي عليهـا بنـاؤه؛ المحافظـ ُة علـى الفطـرة ،وإخلاص التَّوحيـد هلل ،وا ِّتبـاع
َّبـي ﷺ ،وا ِّتبـاع م َّلـة إبراهيـم الم َّلـة الحنيف َّيـة ا َّلتـي هـي البراءة مـن
هـدي الن ِّ
فتضمنـت هـذه
َّ الشـرك والخلـوص منـه ،وهـي قِـوام المسـلم ونظـام حياتـه. ِّ
تضمنت أسـاس الكلمـات قاعـدة الدِّ يـن وبنـاء اإلسلام وأسـاس اإليمـان ،بل َّ
السـعادة والفلاح يف الدُّ نيـا واآلخـرة ،ولهـذا ينبغـي للمسـلم أن ُيحافـظ علـى َّ
كل صبـاح مـع استشـعار المعـاين وتحقيـق هـؤالء الكلمـات محافظـ ًة تا َّمـة يف ِّ
الـدَّ الالت.
لما ذكر األحوال عند الفتن ذكر َّبي َّ O َّ
ومما يؤكِّد ذلك أن الن َّ َّ
كافرا ويصبح مؤمنًا؛ من كافرا ،و ُيمسي ً أن من النَّاس َمن ُيمسي مؤمنًا و ُيصبح ً َّ
ول اهَّللِ ﷺ َق َال« :ب ِ
اد ُروا كثرة الفتن ا َّلتِي يراها ،ف َع ْن َأبِى ُه َر ْي َر َة َ Iأ َّن َر ُس َ
َ
الر ُج ُل ُم ْؤ ِمنًا َو ُي ْم ِسى كَافِ ًرا َأ ْو ُي ْم ِسى ِ ِ ِ ِ
بِاألَ ْع َمال ف َتنًا كَق َط ِع ال َّل ْي ِل ا ْل ُم ْظل ِم ُي ْصبِ ُح َّ
ض ِم َن الدُّ ْن َيا» .رواه مسلم( ،)1فيأيت هذا يع ِدينَ ُه بِ َع َر ٍ ِ ِ
ُم ْؤمنًا َو ُي ْصبِ ُح كَاف ًرا َيبِ ُ
السالمة واألمان والنَّجاة. صمام َّ كل صباح ليكون َّ الذكر العظيم المبارك يف ِّ ِّ
فإن النِّعمة على العبد عظيمة أن يصبح حين يصبح ولم تتغ َّير فطرته ولهذا َّ
صَ ،و َع َلى ِد ِ
ين اإلس َل ِمَ ،و َع َلى كَلِم ِة ِ
اإل ْخ َل ِ َ
ِ ِ ِ
ولم تتبدَّ ل ،بأن يصبح َع َلى ف ْط َرة ْ
َان مِ َن ا ْل ُم ْش ِركِي َن؛
يم َحنِي ًفا ُم ْسلِ ًما َو َما ك َ ِ ِ ِ ٍ
َنبِ ِّينَا ُم َح َّمد ﷺَ ،و َع َلى م َّلة َأبِينَا إِ ْب َراه َ
ولهذا ُشرع للعبد أن يقولها َّ
كل صباح حفا ًظا على هذه األسس غير مبدِّ ل وال
مغ ِّير.
42
وصححه األلباينُّ.
َّ ((( رواه أحمد ( ،)26602وابن ماجه (،)925
أحاديث األذكار واألدعية 260
بصيرة ،فصار متأ ِّكدً ا أن يكون يف أولى أولويات المرء واهتماماته يف يومه أن
حظ من العلم. يكون له فيه ٌّ
يومي للمسلم ،فيحرص أن يكون له هدف
ٌ أن طلب العلم وهبذا ُيعلم َّ
ٌّ
يسيرا.
قدرا ً
يفوت يو ًما بال نصيب منه ولو ً نصيب من العلم يف ِّ
كل يوم؛ فال ِّ ٌ
همالسبب؛ فإذا قال« :ال َّل َّ ثم على الدَّ اعي هبذا الدُّ عاء أن ُيتبع الدُّ عاء ببذل َّ َّ
إنِّي أسألك العلم النَّافع» يف بكوره ،عليه أن ُيجاهد نفسه على تحصيل نصيب
ثم نام الصبح َّ أن إنسانًا دعا هبذا الدُّ عاء بعد ُّ وحظ منه يف يومه .فلو َّ ٍّ من العلم
السبب ،قد قال ﷺ« :إِن ََّما حتَّى ال ُّظهر لن يأتيه العلم على فراشه! ألنَّه لم يبذل َّ
كَ ،و ْاست َِع ْن بِاهَّلل ِ»؛ «احرِ ْص َع َلى َما َي ْن َف ُع َ ا ْلع ْل ُم بِال َّت َع ُّل ْم» ،وقال ْ :O
ِ
حرص ،وبذل وسعٍ ،وجدٍّ واجتهاد ،وصرب ومصابرة؛ ٍ فال بدَّ مع الدُّ عاء من
ك اهَّللُ بِ ِه َطرِي ًقا إلى ب فِ ِيه ِع ْل ًما َس َل َ ك َطرِي ًقا َي ْط ُل ُ «م ْن َس َل َ ولهذا قال َ :S
ب ا ْل ِع ْل ِم ِر ًضا بما يصنعَ ،وإِ َّن ا ْل َعالِ َم ا ْل َجن َِّةَ ،وإِ َّن ا ْل َم َلئِ َك َة َلت ََض ُع َأ ْجن ِ َحت ََها لِ َطالِ ِ
اءَ ،وإِ َّن َف ْض َل َان فِي ا ْلم ِحيت ُ ض حتَّى ا ْل ِ ات َو َم ْن فِي األَ ْر ِ َليس َتغ ِْفر َله من فِي السمو ِ
َ َّ َ َ َْ ُ َُ ْ
بَ ،وإِ َّن ا ْل ُع َل َما َء ا ْل َعالِ ِم َع َلى ا ْل َعابِ ِد َك َف ْض ِل ا ْل َق َمرِ َل ْي َل َة ا ْل َبدْ ِر َع َلى َسائِرِ ا ْلك ََواكِ ِ
اءَ ،وإِ َّن األَ ْنبِ َيا َء َل ْم ُي َو ِّر ُثوا ِدين ًَارا َو َل ِد ْر َه ًما إِن ََّما َو َّر ُثوا ا ْل ِع ْل َم؛ َف َم ْنور َث ُة األَ ْنبِي ِ
َ ََ
ِ
السبب وهو سلوك ال َّطريق لطلب العلم. َأ َخ َذ ُه َأ َخ َذ بِ َح ٍّظ َوافرٍ» ،فأمر ببذل َّ
«علما ناف ًعا» ،أي :ناف ًعا يف نفسه ،وناف ًعا لمتع ِّلمه بأن ينتفع به؛ َّ
ألن ً وقوله:
من العلم ما ليس بنافع ،ومنه ما هو نافع لك ْن ال ينتفع به َمن تع َّلمه ،فسأل اهلل
أن المسلم عندما مهمة وهيَّ :أيضا فيه فائدة َّ يم َّن عليه بالعلم النَّافع .وهذا ً
أن ُ
يقربه إلى اهلل ،ا َّلذي مدح اهلليطلب العلم عليه أن يطلب العلم النَّافع ا َّلذي ِّ
Dأهله وأثنى عليهم وذكَر فضلهم وسابقتهم وم َّيزهم على َمن سواهم،
الزمر ،]9 :وقال تعالى: قال تعالى﴿ :ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﯻ﴾ [ ُّ
أحاديث األذكار واألدعية 262
﴿ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂﰃ ﰄ ﰅ
ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﴾
[المجادلة ،]11 :وقال تعالى ﴿ :ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ
الرعد ،]19 :وهو العلم ا َّلذي به يعرف المسلم الغاية ا َّلتي ُخلق
ﭠ ﭡ ﴾ [ َّ
والسبيل إلى تحقيقها على الوجه ا َّلذي ُيرضي اهلل .F ألجلها َّ
ضارة؛ أ َّما العلم النَّافع :فهو والعلوم على نوعين :علوم نافعة ،وعلوم َّ
تضر اإلنسان وترديه يف دينه الض َّارة :فهي ا َّلتي ُّ المقرب إلى اهلل ،وأ َّما العلوم َّ ِّ
والشعوذة وال َّطالسم ونحوها .وكان ﷺ َّ
يتعوذ باهلل من السحر َّ ودنياه؛ كتع ُّلم ِّ
العلم ا َّلذي ال ينفع ،ويسأل اهلل العلم النَّافع ،ومن أدعيته صلوات اهلل وسالمه
عليه« :ال َّل ُه َّم ا ْن َف ْعنِي بِ َما َع َّل ْمتَنِيَ ،و َع ِّل ْمنِي َما َينْ َف ُعنِيَ ،و ِز ْدنِي ِع ْل ًما»( ،)1ومنها:
ك ِم ْن ِع ْل ٍم َل َينْ َف ُع»(.)2 «ال َّل ُه َّم إِنِّي َأ ُعو ُذ بِ َ
يتحرى العلم ا َّلذي ينفع ،قال ﷺ «إِ َّن اهَّللَ َي ْر َف ُع بِ َه َذا
َّ فالمسلم ينبغي أن
يصحح ن َّيته يف طلبه؛ بأن يطلب ِّ ين» ،وعليه أنآخرِ َ َاب َأ ْق َو ًاما َو َي َض ُع بِ ِه َ
ا ْلكِت ِ
العلم لينتفع به ،ولينال به رضا اهلل Dوثوابه.
حالل ليس فيه شبهةٌ ،أو مخالف ٌة لشرع اهلل أو ً قوله« :ورز ًقا ط ِّي ًبا» ،أي:
ٍ
طريق لم يشرعه اهلل. مثل :من حرمه اهلل ،بتحصيل هذا المالً ، ارتكاب ٍ
ألمر َّ ٌ
يحصله النَّاس على نوعين :ط ِّيب ،وخبيث .واهلل َّ D
أحل ِّ فالرزق ا َّلذي
ِّ
الرزق كذلك َّ
فإن َمن يطلب وحرم عليهم الخبائث .وإذا كان ِّ لعباده ال َّط ِّيبات َّ
بالرزق ليحصله ،وعلى ٍ
علم ِّ ِّ بالرزق ال َّطيب الرزق ينبغي أن يكون على ٍ
علم ِّ ِّ
الخبيث ليحذره ويجتنبه.
وحسنه األلباينُّ.
َّ ((( رواه ابن ماجه (،)4204
265 -43أذكار النَّوم ()1
43
النَّوم آية من آيات اهلل العظيمة الدَّ الة على كمال تدبيره وعظمة تقديره
المستحق للعبادة وحده ،يقول ﴿ :Dﮮ ﮯ ﮰ ُّ سبحانه ،وأنَّه C
ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ﴾ [ ُّ
الروم:
أيضا رحمة من اهلل سبحانه بالعباد؛ ،]23والنَّوم كما أنَّه آية من آيات اهلل فهو ً
يسر لهم وقتًا يسرتيحون فيه ،وه َّيأ لهم هذا النَّوم ا َّلذي تكون به راحتهم، حيث َّ
يقول اهلل ﴿ :Dﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ
ﮈ ﮉ ﴾ [القصص.]73 :
ٍ
وأذكار عظيمة ثابتة عن نب ِّينا ﷺ ٍ
بأوراد مباركة السنَّة النَّبو َّية
وقد جاءت ُّ
ستحب للمسلم أن يقوله عندما يأوي إلى فراشه لينام ،وهذه األوراد لها ُّ فيما ُي
ثمارها العظيمة وآثارها المباركة ،فينبغي على العبد أن يحرص على أن يأيت
ً
وتحصيل لربكاهتا. تيسر منها اغتنا ًما لخيراهتا بما َّ
ذكر هلل F؛ والمسلم النَّاصح لنفسه الحريص على الخير ينام على ٍ
ومرة يقرأ آيات،
فمرة يس ِّبحَّ ،
فإذا وضع جنبه على فراشه أخذ يشتغل بذكر اهلل؛ َّ
ومرة يأيت بأدعية ،وهكذا .فينام وهو ذاكر هلل ،Fوذلك فضل اهلل يؤتيه َّ
َمن يشاء واهلل ذو الفضل العظيم .وشتَّان بين َمن ينام وهو على هذه األذكار
العظيمة المباركة ،وبين َمن ينام على غير ذلك.
يأوي المرء إلى فراشه على طهارة ،وأن ينفض فراشه،
َ السنَّة أن
ومن ُّ
أحاديث األذكار واألدعية 266
وأن يضطجع على ش ِّقه األيمن ،وأن يضع ك َّفه اليمنى تحت خدِّ ه األيمنَّ ،
ثم
ت َج ْنبِي»( ،)1ويمضي يف اس ِم َ
ك ال َّل ُه َّم َو َض ْع ُ بالذكر ،بادئًا بالتَّسمية «بِ ْ
ينشغل ِّ
األذكار إلى أن ينام على هذه الحال العظيمة المباركة.
َّ النوم ْ َّ
يجد َّأنها في الجملة تتعلق بأمور: ومن َّ
يتأمل أذكار َ
َ َ ُّ
َّ إما تذك ٌر للموت؛ ولهذا نجد يف أدعية النَّوم تذكير بالموت ،مثل:
اح َف ْظ َها» ،ومثل« :ال َّل ُه َّم ِقنِي «ال َّلهم إِ ْن َأمسك َ ِ
ْت َن ْفسي َف ْار َح ْم َها َوإِ ْن َأ ْر َس ْلت ََها َف ْ ْ َ ُ َّ
كاها َل َ ت َن ْف ِسي َو َأن َ
ْت َتت ََو َّف َ ْت َخ َل ْق َث ِع َبا َد َك» ،ومثل« :ال َّل ُه َّم َأن َ َع َذا َب َ
ك َي ْو َم َت ْب َع ُ
اها»؛ فهذا نوع.
َم َمات َُها َو َم ْح َي َ
نظر ملا م�ضى من وقته ،وما أكرمه هللا به من طعام وشراب ولباس أو ٌ
ومسكن؛ فهذه نِعم تستوجب الحمد ،فيقول إذا أوى إلى فراشه« :الحمدُ هلل ِ
َ ْ َ
ا َّل ِذي َأ ْط َع َمنَا َو َس َقانَاَ ،و َك َفانَا َو َآوانَاَ ،فك َْم ِم َّم ْن َل كَافِي َل ُه َو َل ُم ْؤ ِوي».
الكرسي واآليتين آية بقراءة العظيمة؛ اإليمان ل ُّ
تذك ٌ
ِّ ألصو ر أو
ك ا َّل ِذي ْت بِكِتَابِ َ «آمن ُ
األخيرتين من سورة البقرة ،وما جاء يف حديث الرباءَ :
ت». ت َوبِنَبِ ِّيك ا َّل ِذي َأ ْر َس ْل َ َأ ْن َز َل ْ
ُّ
املتنوعة كما يف قراءة «قل ِ
ّ رور الش تعوذات باهلل بأن ُيحفظ العبد من أو ُّ
برب النَّاس» عند النَّوم. برب الفلق» ،و «قل أعوذ ِّ أعوذ ِّ
اش ِهك َُّل َل ْي َل ٍة َج َم َعَانإِ َذا َأوىإِ َلىفِر ِ
َ َ «أن النَّبِ َّي ﷺك َ عن عائشة َّ :J
يه َما َف َق َر َأ ﴿ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ﴾ [اإلخالص ،]1 :و﴿ﭤ ﭥ ث فِ ِ َك َّف ْي ِهُ ،ث َّم َن َف َ
ﭦ ﭧ﴾ [الفلق ،]1 :و﴿ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ﴾ [النَّاسُ ،]1 :ث َّم َي ْم َس ُح بِ ِه َما
اع ِم ْن َج َس ِد ِهَ ،ي ْبدَ ُأ بِ ِه َما َع َلى َر ْأ ِس ِه َو َو ْج ِه ِه َو َما َأ ْق َب َل ِم ْن َج َس ِد ِه َي ْف َع ُل َما ْاس َت َط َ
البخاري ( ،)6320ومسلم (.)2714
ُّ ((( رواه
267 -43أذكار النَّوم ()1
ث مر ٍ َذلِ َ
ات»(.)1 ك َث َل َ َ َّ
يمسه
يحصن العبد نفسه ،ل ُيحفظ يف منامه من أن َّ ِّ تعو ٌذ وتحصين
فهذا ُّ
خاص ًة َّ
أن اإلنسان شر أو أن يصيبه شيء من الهوا ِّم المؤذيةَّ ،
مكروه أو يناله ٌّ
غافل ال يدري بما حوله ،فإذا أتى هبذا ِ
الورد نائما؛ فإنَّه يكون ً
عندما يكون ً
ٍ
وكفاية ووقاية ،وال يزال عليه من اهلل حافظ. ٍ
وحفظ أصبح يف ٍ
حرز
كل ليلة كما قالت عائشة: وقد كان Oيحافظ على هذا الورد َّ
كل ليلة حتَّى جاء يف اش ِه ك َُّل َل ْي َل ٍة» ،فكان يحافظ عليه َّ
َان إِ َذا َأوى إِ َلى فِر ِ
َ َ «ك َ
ك بِ ِه»،
َان َي ْأ ُمر َأ ْن َأ ْف َع َل َذلِ َ
«فلما ْاش َتكَى ك َ
بعض طرق هذا الحديث ،قالتَّ :
يدل على شدَّ ة محافظته عليه ﷺ. وهذا ُّ
ِ
ضم يديه وألصق إحداهما باألخرى مفتوحتان «ج َم َع َك َّف ْيه» ،أيَّ :
وقولهاَ :
ثم يمسح بيده
ثم كان Oينفث َّ إلى جهة وجهه ليباشر النَّفث فيهماَّ .
ما استطاع من جسده ،وهذه التِّالوة والنَّفث والمسح هذا ك ُّله تحصين للعبد
من أن يصيبه أذى.
«و َما َأ ْق َب َل ِم ْن َج َس ِد ِه» ِ ِ ِ
«ي ْبدَ ُأ بِ ِه َما َع َلى َر ْأسه َو َو ْج ِهه» بدأ باألشرف َ
قولهَ :
والسنَّة أن يفعل ذلك ثالث بالرأس والوجهُّ ، مسح للبدن ك ِّله ،لكنَّه يبدأ َّ فهو ٌ
َّبي ﷺ.
مرات ،كما فعل ذلك الن ُّ
َّ
وكان Oيواظب على ذلك مواظب ًة تا َّمة حتَّى يف مرض وفاته،
لما ثقل Oكان يقرأ ويأمر عائشة أن ُت ِم َّر الصحيحين َّ
كما جاء يف َّ
بيده على ما استطاعت من جسده ،Oحيث ال يتم َّكن مع ثقل
المرض أن يباشر تحريكها بنفسه.
البخاري (.)5017
ُّ ((( رواه
أحاديث األذكار واألدعية 268
التعوذ المبارك ا َّلذي مستعيذ بمثل هذا ُّ ٌ متحص ٌن وال استعاذ ِّ تحصن و َما َّ
الجهني Iقال :قال رسول اهلل ﷺ: ِّ جاء عن النَّبِ ِّي ﷺ ،فعن عقبة بن عامر
ِ
تعوذات عظيمة ات َل ْم َأ َر م ْث َل ُه َّن؛ ا ْل ُم َع ِّو َذ َت ْي ِن ُث َّم َق َر َأ ُه َما»( ،)1فهي ُّ «أن ِْز َل َع َل َّي َآي ٌ ُ
ِ
ثم يمسح السور ال َّثالث وينفث في يدهَّ ، وتحصنات مباركة ،يقرأ المسلم هذه ُّ ُّ
كامل لجميع البدن. بيده َما استطاع من بدنه ما أقبل منه وأدبر؛ تحصينًا ً
«آم ُرك ُْم الصحيح َّ ِ
أن زكر َّيا Sقال لقومهُ : ولهذا جاء في الحديث َّ
بِ ِذ ْكرِ اهللَِ ،فإِ َّن َم َثل ا َّل ِذي َي ْذك ُُر َر َّب ُه َم َثل َر ُج ٍل ا ْن َط َل َق َخ ْل َف ُه ا ْل َعدُ ُّو ِس َرا ًعا َف َأ َوى
الذاكر ،كَأنَّه ينَ ،ف َل ْم َي ْستَطِ ْع َعدُ ُّو ُه َأ ْن َي ِص َل إِ َل ْي ِه»()2؛ فهذا مثل َّ إِ َلى ِح ْص ٍن َح ِص ٍ
عدوه أن يدخل عليه فِيه. حصن مغلق فال يستطيع ُّ ٍ دخل فِي
ول اهَّلل ِ «و َّك َلنِي َر ُس ُ َّ
ومن أوراد النوم :ما رواه عن أبي هريرة Iقالَ :
ت: م َنال َّط َعا ِم َف َأ َخ ْذ ُت ُهَ ،و ُق ْل ُ آت َفجع َليح ُثو ِ انَ ،ف َأتَانِي ٍ َاة َر َم َض َ ظ َزك ِ ح ْف ِ ﷺ بِ ِ
َ َ َ ْ
ِ ِ َّك إِ َلى رس ِ ِ َواهَّلل ِ َلَ ْر َف َعن َ
َاجَ ،و َع َل َّي ع َي ٌال َولي َح َ
اج ٌة ول اهَّلل ﷺَ ،ق َال :إِنِّي ُم ْحت ٌ َ ُ
«يا َأ َبا ُه َر ْي َرةََ ،ما َف َع َل تَ ،ف َق َال النَّبِ ُّي ﷺَ : ت َعنْ ُهَ ،ف َأ ْص َب ْح ُ َش ِديدَ ةٌَ ،ق َالَ :فخَ َّل ْي ُ
اج ًة َش ِديدَ ةًَ ،و ِع َي ًالَ ،ف َر ِح ْم ُت ُه، ت :ي ا رس َ ِ َأ ِس ُير َك ال َب ِ
ول اهَّللَ ،شكَا َح َ ار َحةَ»َ ،ق َالُ :ق ْل ُ َ َ ُ
ت َأ َّن ُه َس َي ُعو ُد ،لِ َق ْو ِل كَ ،و َس َي ُعو ُد»َ ،ف َع َر ْف ُ «أ َما إِ َّن ُه َقدْ ك ََذ َب َ ت َسبِي َل ُهَ ،ق َالَ : َفخَ َّل ْي ُ
ت: ول اهَّلل ِ ﷺ إِ َّن ُه َس َي ُعو ُدَ ،ف َر َصدْ ُت ُهَ ،ف َجا َء َي ْح ُثو ِم َن ال َّط َعامَِ ،ف َأ َخ ْذ ُت ُهَ ،ف ُق ْل ُ رس ِ
َ ُ
َاج َو َع َل َّي ِع َي ٌالَ ،ل َأ ُعو ُد، ِ َّك إِ َلى رس ِ ِ
ول اهَّلل ﷺ َق َالَ :د ْعني َفإِنِّي ُم ْحت ٌ َ ُ َلَ ْر َف َعن َ
«يا َأ َبا ُه َر ْي َرةَ، تَ ،ف َق َال لِي رس ُ ِ ت َسبِي َل ُهَ ،ف َأ ْص َب ْح ُ َف َر ِح ْم ُت ُهَ ،فخَ َّل ْي ُ
ول اهَّلل ﷺَ : َ ُ
اج ًة َش ِديدَ ةًَ ،و ِع َي ًالَ ،ف َر ِح ْم ُت ُه، ت :ي ا رس َ ِ ِ
ول اهَّلل َشكَا َح َ َما َف َع َل َأس ُير َك»ُ ،ق ْل ُ َ َ ُ
ك َو َس َي ُعو ُد»َ ،ف َر َصدْ ُت ُه ال َّثالِ َثةََ ،ف َجا َء َي ْح ُثو «أ َما إِ َّن ُه َقدْ ك ََذ َب َت َسبِي َل ُهَ ،ق َالَ : َفخَ َّل ْي ُ
الصحيحة
السلسلة َّ
وصححه األلباينُّ يف ِّ
َّ ارمي (،)3484 ((( رواه أحمد ( ،)17355والدَّ ُّ
( ،)3499ويف صحيح الجامع (.)1499
وصححه األلباينُّ.
َّ ِّرمذي (،)2863
ُّ ((( رواه الت
269 -43أذكار النَّوم ()1
آخر َث َل ِ ِ ِ ِ ِم َن ال َّط َعامَِ ،ف َأ َخ ْذ ُت ُهَ ،ف ُق ْل ُ
ث َّك إِ َلى َر ُسول اهَّلل ﷺَ ،و َه َذا ُ تَ :لَ ْر َف َعن َ
ات َينْ َف ُع َ ك ك َِلم ٍ َّك َت ْز ُع ُم َل َت ُعو ُدُ ،ث َّم َت ُعو ُد َق َالَ :د ْعنِي ُأ َع ِّل ْم َ اتَ ،أن َ مر ٍ
ك اهَّللُ َ َ َّ
كَ ،فا ْق َر ْأ َآي َة الك ُْر ِس ِّي﴿ :ﮣ ﮤ ﮥ اش َ ت إِ َلى فِر ِ
َ تَ :ما ُه َو؟ َق َال :إِ َذا َأ َو ْي َ بِ َهاُ ،ق ْل ُ
ك ِمن اهَّلل ِ اآليةََ ،فإِن َ ِ
َّك َل ْن َيز ََال َع َل ْي َ َ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ﴾ [البقرةَ ]255 :حتَّى تَخْ ت َم َ
ت َف َق َال لِي ت َسبِي َل ُهَ ،ف َأ ْص َب ْح ُ ان َحتَّى ت ُْصبِ َحَ ،فخَ َّل ْي ُ َّك َش ْي َط ٌ َحافِ ٌظَ ،و َل َي ْق َر َبن َ
ول اهَّللَِ ،ز َع َم َأ َّن ُه ُي َع ِّل ُمنِي تَ :يا َر ُس َ ار َحةَ»ُ ،ق ْل ُ «ما َف َع َل َأ ِس ُير َك ال َب ِ ول اهَّلل ﷺَ :
رس ُ ِ
َ ُ
ت تَ :ق َال لِي :إِ َذا َأ َو ْي َ «ما ِه َي»ُ ،ق ْل ُ ت َسبِي َل ُهَ ،ق َالَ : ات َينْ َف ُعنِي اهَّللُ بِ َهاَ ،فخَ َّل ْي ُ ك َِلم ٍ
َ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ
اآليةَ﴿ :ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ك َفا ْق َر ْأ َآي َة الك ُْرس ِّي م ْن َأ َّول َها َحتَّى تَخْ ت َم َ إِ َلى ف َراش َ
ان َحتَّى ك َش ْي َط ٌ ك ِم َن اهَّلل ِ َحافِ ٌظَ ،و َل َي ْق َر َب َ ﮨ ﮩﮪ﴾َ ،و َق َال لِيَ :ل ْن َيز ََال َع َل ْي َ
ك «أ َما إِ َّن ُه َقدْ َصدَ َق َ -وكَانُوا َأ ْح َر َص َشي ٍء َع َلى الخَ ْيرِ َ -ف َق َال النَّبِي ﷺَ : ت ُْصبِ َح َ
ُّ ْ
ال َيا َأ َبا ُه َر ْي َرةَ»َ ،ق َالَ :لَ ،ق َالَ :ذ َ ث َلي ٍ ِ ِ
اك ب ُمن ُْذ َث َل َ وبَ ،ت ْع َل ُم َم ْن تُخَ اط ُ َو ُه َو ك َُذ ٌ
البخاري(.)1
ُّ َش ْي َط ٌ
ان» .رواه
ستحب
ُّ أيضا من األوراد العظيمة المأثورة عن نب ِّينا ﷺ وا َّلتي ُي
فهذا ً
الكرسي، كل ليلة إذا أوى المسلم إلى فراشه؛ أن يقرأ آية المحافظة عليها َّ
ِّ
َّ
وأن َمن قرأها إذا أوى إلى فراشه؛ فإنَّه ال يزال عليه من اهلل حافظ ،وال يقربه
َّ
الشيطان حتَّى يصبح ،ففيها تحصي ٌن تا ٌّم للعبد.
الكرسي أعظم آية يف كتاب اهلل سبحانه ،كما جاء يف صحيح مسلم ِّ وآية
ي َآي ٍة ِ ب َق َالَ :ق َال رس ُ ِ
«يا َأ َبا ا ْل ُمنْذ ِر َأتَدْ ِري َأ ُّ
ول اهَّلل ﷺَ : َ ُ من حديث ُأ َبي ْب ِن َك ْع ٍ
ِّ
«يا َأ َبا ا ْل ُمن ِْذرِ َ ك أ ْع َظ ُم»َ ،ق َالُ :ق ْل ُتُ :
اهَّلل َو َر ُسو ُل ُه أ ْع َل ُمَ ،ق َالَ : َ َاب اهَّلل ِ َم َع َِم ْن كِت ِ
ت﴿ :ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ َاب اهَّلل ِ َم َع َ
ك َأ ْع َظ ُم؟» َق َالُ :ق ْل ُ ي َآي ٍة ِم ْن كِت ِ َأتَدْ ِري َأ ُّ
البخاري (.)2311
ُّ ((( رواه
أحاديث األذكار واألدعية 270
44
عن أبي مسعود Iقال :قال النَّبي ﷺ« :من َقر َأ بِ ْالي َتي ِن ِمن ِ
آخرِ ْ َ ْ َ ْ َ ُّ
ور ِة ا ْل َب َق َر ِة فِي َل ْي َل ٍة َك َفتَا ُه» .متَّفق عليه( ،)1أي :قول اهلل تعالى ﴿ﮗ ﮘ
ُس َ
السورة. ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ﴾ [البقرة ]285 :إلى آخر ُّ
وهاتان اآليتان عظيمتان؛ األولى منهما :فيها تقرير اإليمان بذكر أصوله:
أيضا :االستسالم هلل ﴿ﮭ
﴿ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ﴾ ،وفيها ً
ﮮ ﮯﮰ﴾ ،أي :استسلمنا وانقدنا ألمره طاع ًة وذلّ وخضو ًعا.
َّ
بأن اهلل ال يك ِّلف العباد ما ال يطيقون أو ما ُّ
يشق والثانية :فيها اإلخبار َّ
عليهم.
ألن النَّبي ﷺ أخرب َّ
أن ٍ
دعوات عظيمات مباركات مستجابات؛ َّ وتضمنت
َّ َّ
ستحب للمسلم ُّ لمن دعا هبذه الدَّ عوات؛ ف ُي
اهلل قال« :قد فعلت» ،أي :أجبت َ
مستمر ًة على قراءة هاتين اآليتين َّ
كل ليلة .ومعنى « َك َفتَا ُه»، َّ أن يواظب مواظب ًة
شر ما يؤذيه ،وأ َّما قول َمن قال :معنى « َك َفتَا ُه» ،أي :تكفيانه عن قيام
أي :من ِّ
ال َّليل؛ فهذا غير صحيح.
«ما َأ َرى َأ َحدً ا َي ْع ِق ُل علي بن أبي طالب Iأنَّه قالَ : وقد ورد عن ِّ
ور ِة ال َب َق َر ِة؛ َفإِن ََّها ِم ْن َكن ٍْز ِ ِ َب َل َغ ُه ِ
اإل ْس َل ُم َينَا ُم َحتَّى َي ْق َر َأ َآي َة الك ُْرس ِّيَ ،و َخ َوات َ
يم ُس َ
البخاري ( ،)5009ومسلم (.)808
ُّ ((( رواه
أحاديث األذكار واألدعية 272
طاعته وعبود َّيته ،واعرتافهم بربوب َّيته ،واضطرارهم إلى مغفرته ،واعرتافهم
بالرجوع إليه يوم الحساب.بالتَّقصير يف ح ِّقه ،وإقرارهم ُّ
وقوله تعالى﴿ :ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ﴾ [البقرة ،]286 :أي :ال يك ِّلف
اهلل أحدً ا فوق طاقته ،بل جميع ما ك َّلف عباده به ً
أمرا وهن ًيا فهم مطيقون له
قادرون عليه ،وهذا من لطفه تعالى بخلقه ورأفته هبم وإحسانه إليهم.
وقوله تعالى﴿ :ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ﴾ [البقرة ،]286 :أي :للنَّفس
شر؛ وذلك يف األعمال ا َّلتي تحت ما كسبت من خير ،وعليها ما اكتسبت من ٍّ
أن ثمرة التَّكليف وغايته عائدة على العباد ،وأنَّه سبحانه بيان َّ
التَّكليف .ويف هذا ٌ
القدسيَ « :يا
ِّ وتضرره باكتساهبم ،كما يف الحديث ُّ يتعالى عن انتفاعه بكسبهم
ادي إِ َّن ُك ْم َل ْن َت ْب ُل ُغوا َض ِّري َفت َُض ُّرونِي َو َل ْن َت ْب ُل ُغوا َن ْف ِعيَ ،ف َتنْ َف ُعونِي»( ،)1بل
ِعب ِ
َ
لهم كسبهم ونفعه ،وعليهم اكتساهبم وضرره ،كما قال تعالى﴿ :ﯖ ﯗ
ﯘ ﯙ ﯚﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ﴾ [اإلسراء ،]15 :فلم يأمرهم تعالى بما
عما هناهم وتكر ًما ،ولم ينههم َّ ُّ أمرهم به حاج ًة منه إليهم ،بل رحم ًة وإحسانًا
عنه َّإل حمي ًة لهم وحف ًظا وصيان ًة وعافية.
وقوله تعالى﴿ :ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫﯬ﴾ [البقرة]286 :؛ إرشا ٌد
أن ما َك َّلف به عباده عهو ٌد من اهلل تعالى للمؤمنين إلى هذا الدُّ عاء ،وذلك َّ
ووصايا تجب مراعاهتا والمحافظة عليها وعدم اإلخالل بشيء منها ،لك ْن
والضعف والتَّقصير ،فكان يف غلبات ال ِّطباع البشر َّية تأبى َّإل النِّسيان والخطأ َّ
هذا الدُّ عاء سؤال المؤمنين ر َّبهم مسامحته إ َّياهم يف ذلك ك ِّله ور ْفع موجبه
َّبي ﷺ قال« :إِ َّن اهللَ َو َض َع
عنهم .ويف الحديث عن ابن ع َّباس :Lعن الن ِّ
ان َو َما ْاس ُت ْكرِ ُهوا َع َل ْي ِه» .رواه ابن ماجه(.)2
َع ْن ُأ َّمتِي ا ْلخَ َط َأ َوالن ِّْس َي َ
تضمنها هذا الدُّ عاء -وهي :العفو ،والمغفرة، َّ وهذه ال َّثالثة ا َّلتي
حق اهلل متضمن إلسقاط ِّ ِّ والرحمة -هي مدار سعادة العبد وفالحه ،فالعفو َّ
شر ذنوهبم وإقباله عليهم ورضاه متضمنة لوقايتهم َّ
ِّ ومسامحتهم به ،والمغفرة
متضمنة لألمرين مع زيادة اإلحسان والعطف والبِ ِّر ،فال َّثالثةِّ والرحمةعنهمَّ ،
الش ِّر والفوز بالخير.تتضمن النَّجاة من َّ
َّ
وقوله تعالى﴿ :ﰈ ﰉ﴾ [البقرة ،]286 :أي :أنت ول ُّينا وناصرنا،
توس ٌل
قوة لنا َّإل بك .وهذا ُّ
وعليك توكُّلنا وأنت المستعان ،وال حول وال َّ
الحق ا َّلذي ال مولى لهم سواه ،فهو ناصرهمباعرتافهم أنَّه سبحانه موالهم ُّ
الحق ال معبود لهموهاديهم وكافيهم و ُمعينهم ومجيب دعواهتم ومعبودهم ُّ
سواه.
وقوله تعالى﴿ :ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ﴾ [البقرة ]286 :دعا ٌء بالنَّصر
ويتضمن ذلك قهرهم ،وشفاء صدورهم منهم ،وإذهاب غيظ َّ على األعداء،
يتضمن التَّم ُّكن من إعالن عبادة ر ِّبهم وإظهار دينه وإعالء كلمته.
َّ قلوهبم ،كما
277 -45أذكار النَّوم ()3
45
موت ووفاة كما نفسه ٌ أن النَّوم َ وذكر الموت عند إرادة النَّوم فيه دالل ٌة على َّ
الزمر]42 :؛ قال اهلل﴿ :ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ﴾ [ ُّ
ولهذا قال يف تمامه عند االستيقاظ« :ا ْل َح ْمدُ هلل ِ ا َّل ِذي َأ ْح َيانَا َب ْعدَ َما َأ َما َتنَا»،
أن النَّوم ا َّلذي كان عليه اإلنسان ُيعدُّ مو ًتا ،والنَّائم يشبه الم ِّيت. إشار ًة إلى َّ
وقوله إذا استيقظ« :ا ْل َح ْمدُ هلل ِ ا َّل ِذي َأ ْح َيانَا َب ْعدَ َما َأ َما َتنَا» ،فيه حمد اهلل على
إنسان اضطجع ونام ٍ يسر له االستيقاظ من هذا النَّوم ،فكم من هذه النِّعمة ْ
أن َّ
صحيحا معا ًفى ،يتابع ً وكانت هي نومته لم يقم منها ،فيحمد اهلل على أن أقامه
السكون الراحة ونصي ًبا من ُّ أن أخذ ح ًّظا من َّ مصالحه الدِّ ين َّية والدُّ نيو َّية بعد ْ
والمن َِّة الجسيمة نعمة ا َّلذي يسره اهلل له؛ فيحمد اهلل على هذه النِّعمة العظيمة ِ
َّ
حال اإلنسان َ
َ االستيقاظ بعد النَّوم ،ومن المعلوم َّ
أن ُ اإلحيا ُء بعد اإلماتة ،أي:
نومِه يتع َّط ُل عن االنتفاع هبذه الحياة والتَّم ُّك ِن من أداء العبادات ،فإذا استيقظ
وليتقرب إلى َّ الصالحات المانع ،و ُأعطي فسح ًة يف العمر ليعمل َّ ُ زال عنه ذلك
اهلل C؛ فعليه أن يستشعر هذه النِّعمة ،وأن يحمد اهلل على هذه المنَّة ،ولهذا
ويشكره
ُ اهلل Cعلى هذا اإلنعام ُشرع له أن يبادر إلى الحمد ،فهو يحمدُ َ
سبحانه على هذا العطاء واإلكرام.
َّ
اإلنسان بالموت ا َّلذي هو هناي ُة َ وم العظيمة :أنَّه ُيذك ُِّر فوائد الن ِ
ِ ومن
الحي ا َّلذي ال يموت ،فالنَّومة موتةٌَ ،وال َق ْو َمة حي َّإل ُ ِّ ٍ ِّ
َّ كل إنسان ومآل كل ٍّ
فإن النَّومة من أعظم المذكِّرات للعبد منه حياة .وإذا كان شأن النَّوم كذلك؛ َّ
بالموت ،الموت ا َّلذي ُيفارق به العبدُ هذه الحيا ُة الدُّ نيا ،فالنَّومة تذكِّرك يوم ًّيا
الموتة ا َّلتي تنتقل هبا من هذه الحياة ،بل أحيانًا عندما ينام اإلنسان يجد نفسه
الفرح على وجهه ،وأحيانًا ينام
ُ فرحا ُيرى
وأهنارا فيقوم ً
ً دخل جنَّ ًة وبساتين
الفزع على وجهه ،وهذا ك ُّله يذكِّر
ُ ويدخل يف عذاب وشدائد فيقوم فز ًعا ُيرى
بالموت وما بعده وما يكون فيه من نعيم أو عذاب.
279 -45أذكار النَّوم ()3
ويف االستيقاظ من النَّوم دالل ٌة على قدرة اهلل سبحانه على بعث األجساد
بعد موهتا وإحيائها بعد وفاهتا؛ ولهذا قال عند االستيقاظ« :الحمدُ هلل ا َّلذي
البعث يوم القيامة واإلحيا ُء بعد ُ ُّشور هو
أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النُّشور» ،والن ُ
موت كما تقدَّ م -على إثبات اإلماتة ،فن َّب َه بإعادة اليق َظة بعد النَّوم -ا َّلذي هو ٌ
لرب العالمين .ولهذا ثبت يف َّاس ِّ البعث بعد الموت يوم القيامة؛ يوم يقوم الن ُ
مسند اإلمام أحمد واألدب المفرد من حديث الرباء بن عازب Iقال:
كان النَّبِ ُّي ﷺ إذا أراد أن ينام وضع يدَ ه تحت خدِّ ه األيمن وقال« :ال َّل ُه َّم ِقنِي
ث ِع َبا َد َك»(.)1 َع َذا َب َ
ك َي ْو َم َت ْب َع ُ
ومن فوائد ذلك :أنَّه يأيت مذك ًِّرا للعبد؛ كما أنَّك قمت من فراشك من هذه
لرب العالمين، ونشور وقيام من القبور ِّ ٌ الموتة بمنَّة اهلل فسيحصل لك ٌ
بعث
مستحضرا هذا المعنى ُفتح له باب االستعداد والتَّه ُّيؤ ً فإذا قال« :وإليه النُّشور»
والمجازاة على األعمال ،وكأنَّه قيل لك :النُّشور ِ للنُّشور والقيا ِم بين يدي اهلل
إلى اهلل وقد ُأعطيت فرص ًة للعمل فاستعدَّ وهت َّيأ وأقبِ ْل على اهلل .F
اش ِهوعن أبي هريرة Iقال :قال النَّبي ﷺ« :إِ َذا َأوى َأحدُ كُم إِ َلى فِر ِ
َ َ ْ َ ُّ
ِ َار ِه؛ َفإِ َّن ُه َل َيدْ ِري َما َخلفه َع َل ْيهُ ،ث َّم َي ُق ُ ْفض فِر َاشه بِدَ ِ
اخ َلة إِز ِ
ك اسم َ ول :بِ ْ َف ْل َين ْ َ ُ
ْت َن ْف ِسي َف ْار َح ْم َهاَ ،وإِ ْن َأ ْر َس ْلت ََهاك َأ ْر َف ُع ُه ،إِ ْن َأ ْم َسك َ ت َج ْنبِيَ ،وبِ َ َر ِّبي َو َض ْع ُ
ِ ِ ِ ِ
ين» .متَّفق عليه(.)2 الصالح َ اح َف ْظ َها بِ َما ت َْح َف ُظ بِه ع َبا َد َك َّ
َف ْ
وهذا الحديث من األذكار العظيمة المأثورة عن نب ِّينا Oفيما
أن َّأول ما يبدأ به :ينفض فراشهستحب للمسلم أن يقوله إذا أوى إلى فراشه ،وفيه َّ
ُّ ُي
يضر النَّائم. ٍ
بداخلة إزاره ،وذلك ليزيل ما قد يكون عليه من شيء ُيخشى أن َّ
وصححه األلباينُّ.
ّ والبخاري يف األدب المفرد (،)1215
ُّ ((( رواه أحمد (،)18660
البخاري ( ،)6320ومسلم (.)2714
ُّ ((( رواه
أحاديث األذكار واألدعية 280
واإلزار :هو ما يأتزر به اإلنسان ويل ُّفه على جزء بدنه األسفل ،وهو
لف على البدن له طرف، ِ
المحرم ،ومن المعلوم َّ
أن ما ُي ُّ ال ِّلباس ا َّلذي يلبسه
اللبس طرفه؛ فإنَّه يستطيع أن ينفض به الفراش ،بخالف ال َّثوب لو
وإذا َف َّك َّ
أراد المرء أن ينفض بطرفه فراشه ما استطاع ،بينما األمر يف اإلزار أيسر! ُّ
يحل
طرفه وينفض الفراش ِ
بداخلته ،والمراد بالدَّ اخلة :طرف اإلزار ا َّلذي يلي
إزار ِه» ،وهي الحاشية ا َّلتي تلي الجلد.
«بصن ِ َف ِة ِ
الجسد ،وجاء يف روايةَ :
وإذا كان على المرء قميص أو ثوب ولم يم ِّكنه أن يفعل هذا؛ فلينفض
لما ذكر هذا األمر ب َّين الع َّلة ،فقال« :فإِ َّن ُه َل
َّبي ﷺ َّ
تيسر له ،والن ُّ
فراشه بما َّ
َيدْ ري َما خ َل َف ُه َع َل ْي ِه» ،فقد يخلفه على فراشه حشرة مؤذية ،أو قذر ،أو شيء
يسير من ال َّطعام فر َّبما كان سب ًبا الستجالب الهوا ِّم أو الحشرات إلى فراشه،
وإذا كان يف البيت الفويسقة وهي الفأرة فقد تستجلب بعض األذى إلى
أيضا بإضرام النَّار يف الفراش ،كما أنَّها تؤذي بإفساد حاجة اإلنسان ،وتؤذي ً
اس َق َالَ :جا َء ْت َف ْأ َر ٌة َف َأ َخ َذ ْت َت ُج ُّر
البيت؛ روى أبو داود يف سننه َع ِن ا ْب ِن َع َّب ٍ
اعدً ا ول اهَّللِ ﷺ َع َلى ا ْل ُخ ْم َر ِة ا َّلتِي ك َ
َان َق ِ ا ْل َفتِي َل َة َف َجاء ْت بِ َها َف َأ ْل َقت َْها َب ْي َن َيدَ ْي رس ِ
َ ُ َ
َع َل ْي َها َف َأ ْح َر َق ْت مِن َْها مِ ْث َل َم ْو ِض ِع الدِّ ْر َه ِمَ ،ف َق َال« :إِ َذا نِ ْمت ُْم َف َأ ْط ِفئُوا ُس ُر َجك ُْم؛
ان َيدُ ُّل ِم ْث َل َه ِذ ِه َع َلى َه َذا َفت َْحرِ ُقك ُْم»(.)1
الش ْي َط َ َفإِ َّن َّ
البخاري يف األدب المفرد عن َأبي ُأ َما َم َة ُّ الشيطان روى وقد يفعل ذلك َّ
اش َأ َح ِدك ُْم َب ْعدَ َما َي ْفرِ ُش ُه َأ ْه ُل ُه َو ُي َه ِّيئُو َن ُهَ ،ف ُي ْل ِقي
ان َي ْأتِي إِ َلى فِ َر ِ قال« :إِ َّن َّ
الش ْي َط َ
ب ك َف َل َيغ َْض ْ ْض َب ُه َع َلى َأ ْه ِل ِهَ ،فإِ َذا َو َجدَ َذلِ َ الشيء ،لِيغ ِ ِ
َع َل ْيه ا ْل ُعو َد َأ ِو ا ْل َح َج َر َأ ِو َّ ْ َ ُ
ان»(.)2 َع َلى َأ ْه ِل ِهَ ،ق َالِ :لَ َّن ُه ِم ْن َع َم ِل َّ
الش ْي َط ِ
وصححه األلباينُّ.
َّ ((( رواه أبو داود (،)5247
وصححه األلباينُّ.
َّ البخاري يف األدب المفرد (،)1191
ُّ ((( رواه
281 -45أذكار النَّوم ()3
46
ك َّبي ﷺ« :إِ َذا َأ َخ ْذ َت َم ْض َج َع َ عن الرباء بن عازب Lقال :قال الن ُّ
ك األَ ْي َم ِنُ ،ث َّم ُقل« :ال َّل ُه َّم ج ْع َع َلى ِش ِّق َ اض َط ِ لص َل ِةُ ،ث َّم ْ ِ
َفت ََو َّض ْأ ُو ُضو َء َك ل َّ
ك َو َأ ْل َج ْأ ُت ت َأ ْمرِي إِ َل ْي َ ك َو َف َّو ْض ُ ت َو ْج ِهي إِ َل ْي َ ك َو َو َّج ْه ُ ت َن ْف ِسي إِ َل ْي َ َأ ْس َل ْم ُ
ك ْت بِكِتَابِ َ كَ ،آمن ُ ْك إِ َّل إِ َل ْي َكَ ،ل َم ْل َج َأ َو َل َمن َْجا ِمن َ ك َر ْغ َب ًة َو َر ْه َب ًة إِ َل ْي َ َظ ْهرِي إِ َل ْي َ
ت ك؛ َفإِ ْن ُم َّ آخرِ ك ََل ِم َ ت» ،واجع ْلهن ِمن ِ
ك ا َّلذي َأ ْر َس ْل َ َ ْ َ ُ َّ ْ
ت ،وبِنَبِي َ ِ
ا َّلذي َأ ْن َز ْل َ َ ِّ
ِ
ْت «آمن ُ
تَ : ْت َع َلى ا ْل ِف ْط َرة» َق َالَ :ف َر َّد ْدت ُُه َّن ألَ ْست َْذكِ َر ُه َّنَ ،ف ُق ْل ُ ت َو َأن َ ك ُم َّ ِم ْن َل ْي َلتِ َ
ت»(.)1 ك ا َّل ِذي َأ ْر َس ْل َ ْت بِنَبِ ِّي َ
«لُ ،ق ْلَ :آمن ُ ت»َ ،ق َالَ : ك ا َّل ِذي َأ ْر َس ْل َ بِ َر ُسولِ َ
هذا من أوراد النَّوم العظيمة ال َّثابتة عن نب ِّينا ،Oوقد اشتمل
يحسن بالمسلم أن يأيت هبا عندما يأوي إلى فراشه، على بعض اآلداب ا َّلتي ُ
للصالة؛ لينام على طهارة ،وليكون على أكمل يتوضأ وضوءه َّ وأول ذلك :أن َّ َّ
وأيضا من أجل أن يأيت بأذكار النَّوم وهو على طهارة ،وهذا أحواله عند نومهً ،
َّيمن وهو أكمل أحوال ثم ينام على ش ِّقه األيمن؛ ألنَّه ﷺ كان يعجبه الت ُّ أكملَّ ،
ت َجنْبِي». اس ِم َ
ك ال َّل ُه َّم َو َض ْع ُ َّبي ﷺ« :بِ ْ اإلنسان يف نومه ،وقد تقدَّ م قول الن ِّ
رضيت َتمام
ُ ك» ،أي :إنَّني -يا اهلل -قد ت َن ْف ِسي إِ َل ْي َ
قوله« :ال َّل ُه َّم َأ ْس َل ْم ُ
شئت وتقضي فيها بما َصرف فيها بما َ الرضا أن تكون نفسي تحت مشيئتكَ ،تت َّ ِّ
السموات واألرض، أردت من إمساكها أو إرسالها ،فأنت ا َّلذي بيدك مقاليد َّ َ
((( رواه مسلم (.)2710
أحاديث األذكار واألدعية 284
أردت،
َ ونواصي العباد جميعهم معقود ٌة بقضائك وقدرك؛ تقضي فيهم بما
وتحكم فيهم بما تشاء ،ال را َّد لقضائك وال مع ِّقب لحكمك.
وتوجهي وقصد
ُّ ت َو ْج ِهي إِ َل ْي َ
ك» ،أي :جعلت وجهتي وقولهَ :
«و َو َّج ْه ُ
مخلصا ال أبتغي َّإل وجهك. ً قلبي إليك
جعلت شأنِي ك َّله إليك؛ ويف هذا
ُ ك» ،أي: ت َأ ْمرِي إِ َل ْي َ
«و َف َّو ْض ُ
وقولهَ :
قوة َّإل به
االعتما ُد على اهلل Dوحسن التَّوكُّل عليه ،إذ ال حول للعبد وال َّ
.E
لماك» ،أي :أسند ُته إلى حفظك ورعايتك؛ َ «و َأ ْل َج ْأ ُت َظ ْهرِي إِ َل ْي َ
وقولهَ :
تقوى به سواك ،وال ينفع أحدً ا َّإل حماك .ويف هذا إشار ٌة مت أنَّه ال سند ُي َّ علِ ُ
إلى افتقار العبد إلى اهلل Dيف شأنه ك ِّله يف نومه ويقظته وحركته وسكونه
وسائر أحواله.
راغب راهب؛
ٌ «ر ْغ َب ًة َو َر ْه َب ًة إِ َل ْي َ
ك» ،أي :إنَّني أقول ما سبق ك َّله وأنا وقولهَ :
وراهب منك ومن
ٌ الرغبة يف فضلك الواسع وإنعامك العظيم،
راغب تمام َّ
ٌ
والصالحين من عباد اهلل؛
َّ كل ٍ
أمر يوقع يف سخطك ،وهذا هو شأن األنبياء ِّ
الر َغب َّ
والر َهب ،كما قال اهلل تعالى﴿ :ﯦ ﯧ يجمعون يف دعائهم بين َّ
ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ﴾ [األنبياء.]90 :
مهر َب وال
ك» ،أي :ال مالذ وال َ «ل َم ْل َج َأ َو َل َمن َْجى ِمن َ
ْك إِ َّل إِ َل ْي َ وقولهَ :
ص من عقوبتك َّإل بالفزع إليك واالعتماد عليك ،كما قال تعالى ﴿ :ﰃ َم ْخ َل َ
تفر منهَّ ،إل َّ
رب وكل شيء تخافه ُّ الذارياتُّ ،]50 : ﰄ ﰅﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﴾ [ َّ
العالمين إذا تح َّقق فيك الخوف منه فررت إليه ولجأت إليه؛ ألنَّك تعلم َّ
أن
زوال خوفك وحصول نجاتك ال يكون َّإل بال ُّلجوء إليه سبحانه.
--1 4# ..
)u:I. :A
. L-t'h1 Iti.
u j ..q..juq(.'.'.j...
Joja .g
'j '
kj;
-
>'
J,z
''K.
;Dy
' '
..!a .2
.. .
'!.'
'.tH
%
. . -
*.-
wfw u:.ao 'h
! 5@',
J:+.
. . . .
j .5 -
oxu
''.w
. .- N'J e.u .ts w-
.. . . j!>I
. w.:Ioz.u..N'o.x:IreX :IJ
'I=
'J
'Ie.a''
ax'hui. I..-ct
nn1u*'wv)J -'
y :!s. ' u-:k'
.o u.?v u.r2
...J .:
..j..
.. 7 u Iu.).?'I7 ta.+e . ..a ;...s.
. - f - é j. -
witw w' o.'..LCa.u I7' )wz'
wu. 'w5IJ o'V J 'I7w'
*nz'hg.FsI w kc''Lw4OI7 h '2Z
4:.7>=4'
C.'='
x . 'J
J. w .w:Iku*.I
.= w.w. 'u 4J....
.9o-5z.w yb.œl
' wQw 5w'
a. w =h, w. I
. w )Io..ap
'1I
u.ss'x
''.-.
J 5ri
. wu
xa'.IJ w'
.+J
'Iw..p w11
0.
:1
- N' ,'tO. *I
>*v9 <3- I Q.7 bw.t'*-5I
'* w./ ANIJ'Q+
*>J
t
* t . . . j.
' .u puo-o . L
.:- , a aw sa G. u v w
y'I'
.. +'G'4-Nw'z Q hlzI*' b
= a-t)l<t ',1.% . .M 'm '1k
. '
.
rê ' ' ' . 1
')'
:) .e'H'
f s .. - . ! .
ja.4-w'u +p I1vu;u..kvr'
*IjJ'uç;'%'j,cpI-J3.15j.r<'.jKdlo -.
I;v.u1jj.'
u5T'vIw.w5jwyx.-u 'I
Cw=-' &IJ't)lu.sl'i-
oJ'
z-jIhw' ka
vk-l'J 'o-oG'
Jwtlxvnv-'L-..0-)ICI/kS;r.ol.iwnw'
uo-'
t<
-:a'lô.'
t.:u
'
;x-<:--'
2
أحاديث األذكار واألدعية 286
ويستبدلها بأشياء ُينشئها ويستحسنها؟! وحقيق هؤالء أن يقال لهم :ال ثم ال،
الذكر المشروع المأثور عن نب ِّينا وهبذا ندرك الحرمان ا َّلذي يناله َمن يبتعد عن ِّ
وأذكار مبتدعة. ٍ بأوراد محدثة ٍ الكريم Oويستعيض عنها
أيضا :ضرورة المحافظة على الدَّ عوات المأثورة واألذكار ويستفاد منه ً
يتم َّإل هبذه ال َّطريقة َّبي ﷺ ،وهذا ال ُّ َّ
الواردة بألفاظها النَّبو َّية الثابتة عن الن ِّ
ٍ الواردة يف هذا الحديث؛ تسمع ِّ
ثم تعرض عليه الذكر َّأو ًل من حافظ له متقنَّ ،
حفظك له حتَّى تستثبت من سالمته من الغلط .وهذا العرض له مكانة معروفة
ت؟» َق َالَ « :ن َع ْم»، الز َب ْي ِر َأ َّن ُه َق َال ِل ْبن ِ ِه ِه َشا ٍمَ « :ك َت ْب َ
عند المحدِّ ثينَ ،ع ْن ُع ْر َو َة ْب ِن ُّ
ُب»(.)1 «ل»َ ،ق َالَ « :ل ْم َت ْكت ْ ك؟» َق َالَ : ت كِتَا َب َ
َق َالَ « :ع َر ْض َ
صحتها وسالمتها ود َّقة ألفاظها ،فتغ ُّير والغرض من عرضها التَّأكُّد من َّ
الحركة اإلعراب َّية مثالً يغ ُّير المعنى ،وتبدُّ ل كلمة بأخرى يغ ِّيره ،وأحيانًا نطق
كأن يمدَّ يف الكلمة مدًّ ا يف الصحيح لغ ًة ُيغ ِّير المعنىْ ، الكلمة على غير نطقها َّ
غير موضعه ،فالحاجة إذ ًا إلى العرض شديدة حتَّى يضبط هذه األذكار ضب ًطا
ات اهللِ َو َس َل ُم ُه َع َل ْي ِه.
صحيحا بألفاظها المأثورة عن نب ِّينا َص َل َو ُ
ً
ويف فتاوى ال َّلجنة الدَّ ائمة لإلفتاء قال مشايخنا الكرام« :األصل يف
األذكار وسائر العبادات الوقوف عند ما ورد من عباراهتا وكيف َّياهتا يف كتاب
البخاري وغيره عن الرباء بن عازب I ُّ اهلل وسنَّة رسوله ﷺ ،لما رواه
ج ْع اض َط ِ لص َل ِةُ ،ث َّم ْ ِ
ك َفت ََو َّضأ ُو ُضو َء َك ل َّ ت َم ْضج َع َ َّبي ﷺ« :إِ َذا َأ َت ْي َ قال :قال الن ُّ
ك ت َأ ْمرِي إِ َل ْي َ ت َن ْف ِسي إِ َل ْي َ
ك َو َف َّو ْض ُ ك األَ ْي َم ِنُ ،ث َّم ُق ْل :ال َّل ُه َّم َأ ْس َل ْم ُ َع َلى ِش ِّق َ
ك، كَ ،ل َم ْل َج َأ َو َل َمن َْجا ِمن َ
ْك إِ َّل إِ َل ْي َ ك َر ْغ َب ًة َو َر ْه َب ًة إِ َل ْي َ َو َأ ْل َج ْأ ُت َظ ْهرِي إِ َل ْي َ
البغدادي يف الكفاية
ُّ السنن الكربى ( ،)778والخطيب
البيهقي يف المدخل إلى ُّ
ُّ ((( ذكره
(.)237/1
أحاديث األذكار واألدعية 288
ت ِم ْن َل ْي َلتِ َ
ك َف َأن َ
ْت ك ا َّل ِذي َأ ْر َس ْل َ
ت؛ َفإِ ْن ُم َّ ت َوبِ َنبِ ِّي َك ا َّل ِذي َأ ْن َز ْل َ
ْت بِكِتَابِ َ
َآمن ُ
ول» ،فقلت أستذكره َّن :وبرسولك ا َّلذي آخ َر َما َت ُق ُ الف ْطر ِة ،واجع ْلهن ِ ع َلى ِ
َ َ ْ َ ُ َّ َ
َّبي ﷺ على الرباء بن ت» ،فأبى الن ُّ
()1
«لَ ،ونب ِّيك ا َّل ِذي َأ ْر َس ْل َ أرسلت ،قالَ :
الذكر والدُّ عاء عند عازب أن يضع كلمة :ورسولك ،مكان كلمة :ونب ِّيك ،يف ِّ
النَّوم»(. )2
47
I علي
أيضا زوجها ٌّ ففرحت بذلك وعنيت به ،Jوفرح به ً
حتَّى إنَّه أخرب عن شدَّ ة مواظبته عليه أنَّه ما تركه منذ سمعه من رسول اهلل ﷺ،
«و َل َل ْي َل َة ِص ِّفين؟» وهي ال َّليلة ا َّلتي دار فيه القتال بينه وبين أهل َّ
الشام، قيل لهَ :
«و َل َل ْي َل َة ِص ِّفين» ،أي :ما تركه وال تلك ال َّليلة مع شدَّ ة األمر فيها.فقالَ :
ِ
وفوائده العظيمة الذكرأن من فضائل ِّ وقد أخذ العلماء من هذا الحديثَّ :
وهمته ،ويف هذا يقول اب ُن الق ِّيم
وصحته ونشاطه َّ َّ قو ًة يف بدنهاكر َّ أنَّه يعطي َّ
الذ َ
الذكر ما لم يظ َّن فعله قوة حتَّى إنَّه ليفعل مع ِّ الذاكر َّ «الذكر يعطي َّ ِّ :V
قوة شيخ اإلسالم ابن تيم َّية يف سننه وكالمه وإقدامه شاهدت من َّ
ُ بدونه ،وقد
أمرا عجي ًبا؛ فكان يكتب يف اليوم من التَّصنيف ما يكتبه النَّاسخ يف جمعه وكتابه ً
َ
حديث ثم أورد
عظيماَّ ،»...
ً أمرا
قوته يف الحرب ً وأكثر ،وقد شاهد العسكر من َّ
قو ًة يف بدنِه ُمغني ًة
إن من داوم على ذلك وجد َّ عق َبه« :فقيل َّ علي المتقدِّ م ،وقال ِ
ٍّ
عن خادم» .
()1
والروح فإذا فقده العبد صار بمنزلة الذكر «أنَّه قوت القلب ُّ وذكر :يف فوائد ِّ
مرةقوته» ،قال :وحضرت شيخ االسالم ابن تيم َّيةَّ : الجسم إذا حيل بينه وبين َّ
إلي
ثم التفت َّ ثم جلس يذكر اهلل إلى قريب من انتصاف النَّهارَّ ، ص َّلى الفجرَّ ،
قويت أو كال ًما قري ًبا منه(.)2 وقال :هذه غدويت ،ولو لم أتغدَّ الغداء سقطت َّ
ونقل :عن شيخ اإلسالم ابن تيم َّية أنَّه قالَ « :ب َلغنا أنَّه َمن حافظ على هؤالء
الكلمات َلم يأخذه إعيا ٌء فيما يعانيه من شغ ٍل وغيره»(.)3
الصلحاء المحافظين على طاعة اهلل Fيف فسر لنا َ
حال كثير من ُّ وهذا ُي ِّ
همتهم ،وتبكيرهم إلى بيوت اهلل ،وقطع المسافة ال َّطويلة ذها ًبا
وعلو َّ
ِّ نشاطهم
الص ِّيب (ص.)77
((( الوابل َّ
الص ِّيب (ص.)42
((( الوابل َّ
الص ِّيب (ص.)97 ((( الوابل َّ
291 -47أذكار النَّوم ()5
إليها ،مع شدَّ ة ضعف أبداهنم وكرب سنِّهم! فهذا ك ُّله من آثار المواظبة على ذكر
بقوة ونشاط ،ويحفظها لهم. اهلل والمحافظة عليه ،فاهلل Dيمدُّ أجسامهم َّ
وقد جاء يف رواية لهذا الحديث يف صحيح مسلم عن َعلِ ٍّي َ Iأ َّن
الر َحى فِي َي ِد َهاَ ،و َأ َتى النَّبِ َّي ﷺ َس ْب ٌي َفا ْن َط َل َق ْت ِ
َفاط َم َة ْاش َت َك ْت َما َت ْل َقى م َن َّ
ِ
ج ِ
يء جدْ ُه َو َل ِق َي ْت َعائِ َش َة َف َأ ْخ َبر ْت َهاَ ،ف َلما َجاء النَّبِي ﷺ َأ ْخ َبر ْت ُه َعائِ َش ُة بِم ِ َف َلم َت ِ
َ َ َ ُّ َّ َ ْ
ُ ََ َ ِ ََ َ ََ ْ َِ ِ َِ َ ِ َ
َّبي ﷺ فاط َم َة إل ْي َها ف َجا َء النَّب ُّي ﷺ إل ْينَا َوقدْ أخذنَا َم َضاج َعنَا فذ َه ْبنَا َنقو ُم فقال الن ُّ
«أ َل « َع َلى َمكَانِك َُما»َ ،ف َق َعدَ َب ْينَنَا َحتَّى َو َجدْ ُت َب ْر َد َقدَ مِ ِه َع َلى َصدْ ِريُ ،ث َّم َق َالَ :
ِ ُأ َع ِّل ُمك َُما َخ ْي ًرا ِم َّما َس َأ ْلت َُما؛ إِ َذا َأ َخ ْذت َُما َم َض ِ
ين اج َعك َُما َأ ْن ُت َك ِّب َرا اهَّللَ َأ ْر َب ًعا َو َث َلث َ
ادمٍ»(.)1وتُسبحاه َث َل ًثا و َث َلثِين وتَحمدَ اه َث َل ًثا و َثالَثِين َفهو َخير َلكُما ِمن َخ ِ
َ ُ َ ٌْ َ ْ َ َ َ ْ َ ُ َ َ َ ِّ َ ُ
تأ َّمل رعاك اهلل :ما أن سمع ﷺ بمجيء ابنته إليه وطلبها لهذا األمر َّإل
وحسن مالطفته وتمام بالذهاب إليها يف بيتها؛ وهذا من كمال ُخلقه ُوبادر َّ
إحسانه ألهله وولده وعظيم عنايته هبم ،بخالف حال كثير من النَّاس يف مثل
هذا المقام من ضعف االحتمال وق َّلة االهتمام ،واألخالق متفاوتة ،ونب ُّينا ﷺ
ن المعاشرة ،كما وصفه اهلل C َ
وجمال األدب ،وحس َ الخلق، أوتِي َ
كمال ُ
َ
بذلك يف قوله﴿ :ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ﴾ [القلم.]4 :
َانَ -ل -أ ْو َخ َّلت ِ
َان َ «خ ْص َلت ِ وعن عبد اهلل عمرو Lعن النَّبِ ِّي ﷺ قالَ :
يل؛ الجنَّةَُ ،ه َما َي ِس ٌير َو َم ْن َي ْع َم ُل بِ ِه َما َق ِل ٌ ِ ِ
ُي َحاف ُظ َع َل ْي ِه َما َع ْبدٌ ُم ْسل ٌم إِ َّل َد َخ َل َ
ون
ك َخ ْم ُس َ ُي َس ِّب ُح فِي ُد ُبرِ ك ُِّل َص َل ٍة َع ْش ًراَ ،و َي ْح َمدُ َع ْش ًراَ ،و ُي َك ِّب ُر َع ْش ًرا؛ َف َذلِ َ
ين إِذا َأ َخ َذ ِ ف و َخمس ِمائ ٍَة فِي ِ
الميز ِ َو َما َئ ٌة بِال ِّل َس ِ
َانَ ،و ُي َك ِّب ُر َأ ْر َب ًعا َو َث َلث َ ان َو َأ ْل ٌ َ ْ ُ
ك ِما َئ ٌة بِال ِّل َس ِ
ان ين؛ َف َذلِ َ ِ
ينَ ،و ُي َس ِّب ُح َث َل ًثا َو َث َلث َ
ِ
ج َع ُهَ ،و َي ْح َمدُ َث َل ًثا َو َث َلث ََم ْض ِ
ول اهلل ِ ول اهلل ِ ﷺ َي ْع ِقدُ َها بِ َي ِد ِهَ .قا ُلواَ :يا َر ُس َ ت َر ُس َ ف فِي ا ْل ِميز ِ
َان»َ ،ف َل َقدْ َر َأ ْي ُ َو َأ ْل ٌ
((( رواه مسلم (.)2727
أحاديث األذكار واألدعية 292
ان فِي َمن َِام ِه «ي ْأتِي َأ َحدَ ك ُُم َّ
الش ْي َط ُ يل؟ َق َالَ : ف ُه َما َي ِس ٌير َو َم ْن َي ْع َم ُل بِ ِه َما َق ِل ٌ
َك ْي َ
ِِ ِ ِ ِ
َف ُين َِّو ُم ُه َق ْب َل َأ ْن َي ُقو َل ُهَ ،و َي ْأتيه في َص َلته َف ُي َذك ُِّر ُه َح َ
اج ًة َق ْب َل َأ ْن َي ُقو َل َها»َ .رواه أبو
ِّرمذي(.)1
ُّ داود والت
علي المتقدِّ م من التَّسبيح مطابق لحديث ٍّ ٌ وهذا كذلك من أذكار النَّوم وهو
والتَّحميد ثال ًثا وثالثين والتَّكبير أرب ًعا وثالثين ،والحسنة بعشر أمثالها فهو
مائة بال ِّلسان وألف يف الميزان.
يل؟» قالوا ف ُه َما َي ِس ٌير َو َم ْن َي ْع َم ُل بِ ِه َما َق ِل ٌ الصحابة َ « :Mك ْي َ وقول َّ
لمن يعمل هذا تعجب؛ إذا كان هذا ال َّثواب الجزيل َ ذلك مستفهمين استفهام ُّ
ِ
وأي شيء يصرفهم عن ذلك مع عظم العمل القليل فكيف يق ُّل العاملون به؟! ُّ
الصالة حتَّى الشيطان يوسوس للمرء يف َّ ال َّثواب؟! فب َّين لهم َّ O
أن َّ
الذكر عقيبها ،و ُي ِّنومه عند االضطجاع على فراشه قبل أن يقولها. يغفل عن ِّ
ول اهلل ِ ﷺ إِ َذا َأ َرا َد َأ ْن َينَا َم َان َر ُس ُوعن البراء بن عازب Lقال :ك َ
ث ِع َبا َد َك». ول« :ال َّل ُه َّم ِقنِي َع َذا َب َ
ك َي ْو َم َت ْب َع ُ ت َخدِّ ِه ْالَ ْي َم َنَ ،و َي ُق ُ
َو َض َع َيدَ ُه ت َْح َ
رواه أحمد(.)2
فيه إثبات ُسنَّتين عند النَّوم :النَّوم على الجنب األيمن ،ووضع اليد تحت
ث ثم يقول« :ال َّل ُه َّم ِقنِي َع َذا َب َ
ك َي ْو َم َت ْب َع ُ الخدِّ األيمن ،وهذه أنفع نومة للعبدَّ ،
ألن النَّوم يذكِّر بالوقوف بين يدي اهلل؛ ألنَّه يذكِّر بالموت ِع َبا َد َك» ،يقول ذلك؛ َّ
بل هو موت ٌة صغرى ،والموت يذكِّر بما بعده .قد قال « Oتذكَّروا
والسالمة من العذاب. هادم ال َّل َّذات» ،فناسب المقام سؤال اهلل Dالنَّجاة َّ
قوله« :ال َّل ُه َّم ِقنِي» ،أي :من الوقاية ،أي :أسألك أن َت ِق َيني وأن ُتس ِّلمني وأن
وصححه األلباينُّ.
َّ ِّرمذي (،)3410
ُّ ((( رواه أبو داود ( ،)5065والت
ِ
وصححه األلبان ُّي يف صحيح األدب المفرد (.)925 ((( رواه أحمد (،)18472
َّ
293 -47أذكار النَّوم ()5
تنجيني من عذابك يوم تبعث عبادك يوم الحساب والمجازاة على األعمال. ِّ
اش ِهَ ،ق َال« :ا ْل َح ْمدُ
َان إِ َذا َأوى إِ َلى فِر ِ وعن أنس َ :Mأن رس َ ِ
َ َ ول اهلل ﷺ ك َ َّ َ ُ
هلل ِ ا َّل ِذي َأ ْط َع َمنا َو َس َقاناَ ،و َك َفانَا َو َآوانَاَ ،فك َْم ِم َّمن َل كَافِي َل ُه َو َل ُم ْؤ ِوي» .رواه
مسلم(.)1
يف هذا الدُّ عاء تذك ٌُّر من المسلم عندما يريد أن ينام ل ِ َماضي أ َّيامه وسالف
أوقاته وما أمدَّ ه اهلل فيها من المطعم والمشرب والكفاية واإليواء ،يف ِ
حال ُ
ويغذيه ،أو شرا ًبا يسدُّ ِّ عدد من النَّاس منهم َمن ال يجد طعا ًما ُيشبعه وجود ٍ
لباسا يسرتُه ويواريه ،أو مسكنًا يستك ُّن فيه ويؤويه ،بل منهم ظمأه ويرويه ،أو ً
اهلل بال َّطعام ٍ ِ ٍ
فمن أكر َمه ُ َمن أدركه حت ُفه يف مجاعات مهلكة وقحط مفجع؛ َ
يستشعر ِعظم نعمة اهلل عليه َ يجب أن ُ والشراب وم َّن عليه بالكفاية واإليواء َّ
والشراب وأكرمه بالكفاية واإليواء. يس َر له هذا الغذاء َّ وك َب َر منَّته سبحانه بأن َّ
فاهلل Cيقول ﴿ :ﭭ ﭮ ٌ
مؤذن بدوامها والمزيدُ ، وشكر النِّعمة
ُ
ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﴾ [إبراهيم،]7 :
فالشكر معه المزيدُ دائما وأبدً ا؛ ولذا قيلَ « :فمتَى َلم َتر حا َل َك فِي م ِز ٍ
يد َ ْ َ َ َ ً ُّ ُ
الش ْك َر»( ،)2أي :فإنَّك إذا استقبلته كان المزيدُ حليفك. اس َت ْقبِ ِل ُّ
َف ْ
«الح ْمدُ هلل ِ ا َّل ِذي َأ ْط َع َمنَا َو َس َقانَا »...إلى آخره فيه ال َّثنا ُء على اهلل
قو ُلهَ :
Dوحمدُ ه سبحانه على سوابغ نعمائه وتوالي فضله وعطائه ،وجزيل
مواهبه ،وسعة إحسانه ،وكريم أياديه ،وهو سبحانه ُ
أهل الحمد وال َّثناء.
شر المؤذيات ووقانا أذى «و َك َفانَا» من الكفاية ،أي :دفع عنَّا َّقولهَ :
الغوائل والعاديات ،وقيل :معناه كفانا ُم ِه َّماتنا وقضى لنا حاجاتِنا ،وال مانع
((( رواه مسلم (.)2715
السالكين (.)236/2
((( انظر :مدارج َّ
أحاديث األذكار واألدعية 294
مندرج
ٌ ٌ
داخل يف معنى الكفاية، من أن يكون كال المعنيين مرا ًدا ،إذ ٌّ
كل منهما
تحت مدلولها.
«و َآوانَا» ،أي :ه َّيأ لنا مأوى نأوي إليه ،ورزقنا مسكنًا نسكن فيه، وقولهَ :
ٍ
مسكن ور َّدنا إلى المنْزل لنسرتيح فيه ،ولم يجعلنا منتشرين كالبهائم بال
وال مأوى ،قال اهلل تعالى ُم ْم َتنًّا على عباده هبذه النِّعمة﴿ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
الحر والربد،
ِّ ﭕ ﭖ﴾ [النَّحل ،]80 :أي :تسكنون فيها ،و ُتكنُّكم من
وتسرتكم من األعين ،وتجتمعون فيها أنتم و َمن تعولون ،وفيها من المصالح
والمنافع ما ال يمكن اإلحاط ُة به .فالحمدُ هلل ا َّلذي َم َّن فأفضل وأعطى فأجزل،
حب سبحانه ويرضى. كثيرا ط ِّي ًبا مباركًا فيه كما ُي ُّ
له الحمد حمدً ا ً
ّ وعلى هذا َّ
متذك ًرا
ِ املسلم عندما يأوي إلى فراشه ينبغي أن يكونَ فإن
أمرين:
اهلل على ما أمدَّ ه فيها
-1ما مضى من أ َّيامه يف نعمة وطيب عيش؛ فيحمدُ َ
الص َّحة والعافية والمطعم والمشرب والمسكن وغير ذلك.
من ِّ
-2وأن يتذكَّر ما يستقبل من أوقاته؛ وهو فيها بين أمرين :إ َّما أن ُت َ
قبض
فسح له يف أجله؛ اهلل إن كان ذلك المغفر َة والرحمةَ ،أو أن ُي َ روحه؛ فهو ُ
يسأل َ ُ
الصالحين. فهو يسأل اهلل يف هذه الحال أن يحفظه بما يحفظ به عبا َده َّ
295 -48أذكار النَّوم ()6
48
ثم الفرقان وهو القرآن الكريم ثم اإلنجيل ا َّلذي ُأنزل على عيسى َّ ،S َّ
المنزلة وناسخ لما قبله. محمد ﷺ ،وهو خاتمة الكتب َّ ا َّلذي ُأنزل على َّ
ك ِم ْن َش ِّر ك ُِّل َدا َّب ٍة َأن َ
ْت «أ ُعو ُذ بِ َ ثم قال بعد ذكره لهذه الوسائل العظيمةَ : َّ
شروع يف ذكر رغبة اإلنسان وحاجته ومطلوبه من ر ِّبه ِ ِ
آخ ٌذ بِنَاص َيت َها» ،وهذا ِ
ٌ
وأعتصم بك وأحتمي بجنابك «من ُ ألتجئ
ُ سبحانه ،وقوله« :أعوذ بك» ،أي:
يدب على األرض ،وهو كل ما ُّ كل دا َّب ٍة أنت ٌ
آخذ بناصيتها» ،والدَّ ا َّبة هي ُّ شر ِّ
ِّ
يشمل ا َّلذي يمشي على بطنه أو على رجلين أو على أربع ،قال اهلل تعالى:
﴿ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ
ﭱ ﭲﭳ﴾ [النُّور.]45 :
أن المخلوقات ك َّلها داخل ٌة َاص َيتِ َها» ،فيه دالل ٌة على َّ
آخ ٌذ بِن ِ
ْت ِ وقولهَ :
«أن َ
يتصرف فيها
َّ قادر عليها،
آخذ بنواصيها ٌ تحت قهره وسلطانه ،فهو سبحانه ٌ
اهلل تعالى فيما ذكره عن هود :S كيف يشاء ويحكم فيها بما يريد .قال ُ
الرأس.
﴿ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ﴾ [هود ،]56 :والنَّاصيةُ :مقدَّ م َّ
متوس ًل إلى اهلل سبحانه ببعض أسمائه الحسنى وصفاته العظيمة: ثم قال ِّ َّ
ْت ِ
ْت اآلخ ُر َف َل ْي َس َب ْعدَ َك َش ْي ٌءَ ،و َأن َ ك َش ْي ٌءَ ،و َأن َ ْت األَ َّو ُل َف َل ْي َس َق ْب َل َ «ال َّل ُه َّم َأن َ
َك َش ْي ٌء» ،ويف هذا دالل ٌة ْت ال َباطِ ُن َف َل ْي َس ُدون َ ك َش ْي ٌءَ ،و َأن َ اه ُر َف َل ْي َس َف ْو َق َال َّظ ِ
كل كل شيء ،وأبد َّيتِه سبحانه وبقائِه بعد ِّ على َّأول َّي ِة اهلل سبحانه وأنَّه قبل ِّ
اهر ا َّلذي ال ِ ِ
وعلوه على خلقه واستوائه على عرشه وفوق َّيته ،وأنَّه ال َّظ ُ ِّ شيء،
شيء فو َقه ،و ُقربِه سبحانه من خلقه وإحاطتِه هبم ،وأنَّه Cالباط ُن ا َّلذي ال
الر ِّب سبحانه ،وهما ومدار هذه األسماء األربعة على بيان إحاطة َّ ُ شي َء دونه.
«األول» و«اآلخر»، َّ اسمه
دل عليها ُ إحاطتان :زمان َّية ومكان َّية؛ أ َّما الزمان َّية فقد َّ
اسمه «ال َّظاهر» و«الباطن» ،هذا مقتضى تفسير دل عليها ُ وأ َّما المكان َّية فقد َّ
النَّبِ ِّي ﷺ ،وال تفسير أكمل من تفسيره.
أحاديث األذكار واألدعية 300
ض َعنَّا الدَّ ْي َنَ ،و َأ ْغنِنَا ِم َن ال َف ْقرِ» ،هو سؤال اهلل Fوطلب
وقوله« :ا ْق ِ
َّوسالت. منه سبحانه بعد تلك الت ُّ
ض َعنَّا الدَّ ْي َن» ،أيَ :أ ِّد عنَّا حقوق اهلل وحقوق العباد من جميع
وقوله« :ا ْق ِ
قوة له َّإل
والقوة ،وأنَّه ال حول وال َّ
َّ الحول
األنواع ،ويف هذا تربِّي اإلنسان من َ
باهلل العظيم.
ِ ِ
خلو ذات «و َأ ْغننَا م َن ال َف ْقرِ» ،الغنى :هو عدم الحاجة ،والفقرُّ : وقولهَ :
بعض كفايته ،أو َلم يجد شي ًئا ً
أصل. اليد ،والفقير هو َمن وجد َ
َ
اإلنسان يؤرق
عظيم ،قد ٌِّ والفقر كالهما َه ٌّم
َ ثم من المعلوم َّ
أن الدَّ ي َن
ويمنعه من النَّوم ،فإذا َلجأ العبدُ إلى اهلل وطلب منه سبحانه مدَّ ه وعونه ِّ
متوس ًل
عندئذ تسكن وتطمئ ُّن ،وقل َبه يرتاح ٍ نفسه التوسالت العظيمةَّ ،
فإن َ ُّ إليه بتلك
السموات واألرض، أمره إلى َمن بيده أز َّمة األمور ومقاليد َّ ويهدأ؛ ألنَّه َوك ََل َ
القلب
ُ أمره إذا أراد شي ًئا أن يقول له كن فيكون ،وكيف ال يطمئ ُّن و َلجأ إلى َمن ُ
وقد تع َّلق بِ َمن هذا شأنه.
301 -49أذكار االنتباه من النَّوم ()1
49
الح ْمدُ ،وهو ك وله َ الم ْل ُ قالَ :ل إ َل َه َّإل اهَّللُ َو ْحدَ ُه َل َشرِ َ
يك َل ُهَ ،ل ُه ُ قولهَ « :ف َ
ول إ َل َه َّإل اهَّللُ ،واهَّللُ َأ ْك َب ُرَ ،
ول ان اهَّللَِ ،
وس ْب َح َ ِ ِ
الح ْمدُ ل َّلهُ ،
ٍ ِ
ع َلى ك ُِّل شيء َقد ٌيرَ ،
فإن
يب لهْ ، ُج َ ول ُق َّو َة َّإل باهَّلل ِ العظيمُ ،ث َّم َق َال :ال َّل ُه َّم ا ْغ ِف ْر لِيَ ،أ ْو َد َعاْ ،است ِ
َح ْو َل َ
وأعمال مباركة، ٌ ت َص َل ُت ُه»؛ اجتمعت هنا خيرات عظيمة، وص َّلى ُقبِ َل ْ ت ََو َّض َأ َ
َّبي .O ووجه إليه الن ُّ وأذكار نافعة يف هذا ا َّلذي أرشد إليه َّ
ك َو َل ُه ا ْل َح ْمدُ ، «ل إِ َل َه إِ َّل اهَّللُ َو ْحدَ ُه َل َشرِ َ
يك َل ُهَ ،ل ُه ا ْل ُم ْل ُ بدأ َّأو ًل بالتَّهليلَ :
اهَّلل» هي كلمة التَّوحيد ا َّلتِي عليها قيام «ل إ َل َه َّإل ُ َو ُه َو َع َلى ك ُِّل َش ْي ٍء َق ِد ٌير»َ ،و َ
الدِّ ين ،وال توحيد َّإل بما د َّلت عليه هذه الكلمة ،وهي قائمة على ُركنين :نفي
خاص يف آخرها ،نفي للعبود َّية عن ِّ
كل ٌّ وإثبات؛ نفي عا ٌّم يف َّأولها ،وإثبات
ٌ
فرد بكل معانيها هلل وحده ،فهو Dا َّلذي ُي َ َمن سوى اهلل ،وإثبات للعبود َّية ِّ
خص بالعبادة ،و ُتصرف له بجميع أنواعها دون سواه. بال َّطاعة ،و ُي ُّ
«و ْحدَ ُه َل َشرِ َ
يك َل ُه» ،فيه تأكيد لمعنى «ال إ َل َه َّإل اهَّللُ» ،ففي قوله: وقولهَ :
«وحده» تأكيد لإلثبات ،وقوله« :ال شريك له» تأكيد للنَّفي.
ك َو َل ُه ا ْل َح ْمدُ َو ُه َو َع َلى ك ُِّل ثم أتبع ذلك بذكر براهينها ،فقالَ « :ل ُه ا ْل ُم ْل ُ َّ
كل المستحق للحمد ك ِّله ا َّلذي هو على ِّ َّ فإن َمن له الملك ك ُّله َش ْي ٍء َقد ٌير»؛ َّ
ِ
بحق ،والُ يصرف شيء من العبادة شيء قدير؛ هو ا َّلذي ال إله َّإل هو ،المعبود ِّ
َّإل له .E
ان اهلل ِ َو َل إِ َل َه إِ َّل اهللُ َواهللُ أك َب ُر» ،وهؤالء ِ
«الح ْمدُ هلل َو ُس ْب َح َ ثم يقولَ : َّ
َّبي ﷺ أحب الكالم إلى اهلل ،وقد جاء يف الحديث عن الن ِّ الكلمات األربع ه َّن ُّ
الح ْمدُ هلل ِ َو َل إِ َل َه إِ َّل ِ
ان اهلل َو َ
ِ
ب ا ْلك ََل ِم إِ َلى اهلل َأ ْر َب ُع ك َِل َماتُ :س ْب َح َ «أ َح ُّأنَّه قالَ :
الح ْمدُ هللَِ ،و َل إِ َل َه ِ
ان اهللَ ،و َ
ول ُس ْب َح َ اهللَُ ،واهللُ َأ ْك َب ُر» ،وقال َ :O
«لَ ْن َأ ُق َ
الش ْم ُس» ،أي :من الدُّ نيا وما فيها. ت َع َل ْي ِه َّب إِ َل َّي ِم َّما َط َل َع ْ
إِ َّل اهللَُ ،واهللُ َأ ْك َب ُر؛ َأ َح ُّ
303 -49أذكار االنتباه من النَّوم ()1
و«الح ْمدُ هلل ِ» ،فيها ال َّثناء على اهلل وإثبات الكمال له .E َ
وعما ال يليق به .D ِ
ان اهلل» ،فيها تنزيه اهلل عن النَّقائصَّ ، و«س ْب َح َ ُ
و«ل إِ َل َه إِ َّل اهللُ» ،فيها توحيد اهلل وإخالص الدِّ ين له ،والرباءة من ِّ
الشرك. َ
و«اهللُ أك َب ُر» ،فيها تعظيم اهلل ،واعتقاد أنَّه ال أكرب منه .E
ِ ِ ِ
تحول من حال «و َل َح ْو َل َو َل ُق َّو َة إِ َّل بِاهلل ا ْل َعل ِّي ا ْل َعظيمِ» ،أي :ال ُّ
ثم يقولَ :
َّ
قوة للعبد يمارس هبا أعماله ومصالحه َّإل باهلل ،بمدده ٍ
إلى حال ،وال حصول َّ
ضالل إلى هداية ،ومن ٍ صحة ،ومنمرض إلى َّ ٍ تحول من وعونه وتوفيقه؛ فال ُّ
فقر إلى غنًى َّإل باهلل ،فهي كلمة استعانة ،ولهذا ُيشرع قوة ،ومن ٍ ٍ
ضعف إلى َّ
الذكر قولها يف استقبال األعمال والمها ِّم والمصالح الدِّ ين َّية والدُّ نيو َّية ،كما يف ِّ
ت َع َلى ا َّل ِذي يشرع للمسلم أن يقوله عندما يخرج من بيته« :بِ ْس ِم اهللِ ،ت ََو َّك ْل ُ
ِ ِ
لمن ألي مصلحة دين َّية أو دنيو َّية ،،ويشرع َ ح ْو َل َو َل ُق َّو َة إِ َّل بِاهلل»ِّ ، اهللَ ،ل َ
«ل َح ْو َل َو َل ُق َّو َة حي على الفالح» أن يقولَ : الصالةَّ ، «حي على َّ سمع النِّداءَّ :
إِ َّل بِاهلل ِ»؛ طل ًبا للعون من اهلل ،فاإلتيان هبا يف هذا الموضع يف غاية المناسبة.
وهكذا من استيقظ من النَّوم وبادر إلى ذكر اهلل بما تقدَّ م يشرع له أن يقول:
ثم قوة َّإل باهلل»؛ ألنَّه سينهض من فراشه للوضوء َّ
والصالة ومن َّ «ال حول وال َّ
ٍ
وعزيمة ونشاط هبم ٍة
المتنوعة؛ فيحتاج إلى االستعانة باهلل ،ليقوم َّ ِّ لمصالحه
بمدد من اهلل سبحانه وعون.
فكل شيء وقوله« :ال َع ِل ِّي ال َعظِيم» ،أي :ا َّلذي ال أعلى منه وال أعظم منه؛ ُّ
علو اهلل
رب سواه؛ فيستشعر َّ تحت قهره وسلطانه وعظمته ،ال إله َّإل هو وال َّ
قوة االرتباط به وكمال االلتجاء إليه Fوعظمته ،وهذا يدفع بقلبه إلى َّ
وتعظيمه سبحانه.
أحاديث األذكار واألدعية 304
للشك ،وقيل -وهو قال :ال َّل ُه َّم ا ْغ ِف ْر لِيَ ،أ ْو َد َعا»« ،أو» قيل :إنَّها َّ
« ُث َّم َ
األقرب :-أنَّها للتَّنويع ،أي :سواء استغفر أو دعا؛ فإنَّه ُيستجاب له ،إن استغفر
ُغفر له ،وإن دعا وسأل اهلل حاجة من حاجاته أجاب اهلل ُدعاءه ،ومن الخير
للعبد أن يجمع بين األمرين :يدعو ويستغفر.
الشريف ،ويف هذه الحال وحري بالعبد يف هذا الموضع ،ويف هذا الوقت َّ ٌّ
حال انتباه العبد من نومه على ذكر هلل هبذه الكلمات العظيمة ا َّلتي هي المباركة؛ ِ
أعظم الكلمات على اإلطالق؛ أن يستغفر ،وأن يدعو ر َّبه معتن ًيا هبذين األمرين
فإن دعاءه مستجاب .وقد روى أبو داود يف سننه وأحمد يف المسند العظيمين؛ َّ
يت َع َلى ِذ ْكرِ «ما ِم ْن ُم ْس ِل ٍم َيبِ َُّبي ﷺ قالَ : وغيرهما عن معاذ بن جبل Iعن الن ِّ ُ
ِ ِ ِ اهلل ِ َطاه ًرا َف َي َت َع َّار م َن ال َّل ِ
يل َف َي ْس َأ ُل اهللَ خَ ْي ًرا م َن الدُّ ْن َيا َواآلخ َرة َّإل َأ ْع َطا ُه اهللُ إِ َّيا ُه»(.)1 ِ ِ
وتكون هذه األعمال اليسيرة ا َّلتي لن تأخذ منه وقتًا ،برك ًة له يف يومه ك ِّله،
خير له ،وباب قبول ،وتوفيق ،وسداد أمر يف يومه ك ِّله. وسبب ٍ
وقد أورد الحافظ ابن حجر يف شرحه لهذا الحديث فائد ًة لطيف ًة حول
البخاري ،قال« :أجريت الراوي عن ِ العناية هبذا ِّ
ِّ ربري َّ
الذكر ،عن أبي عبد اهلل الف ِّ
آت -أي :يف المنام -فقرأ:مت فأتاين ٍثم نِ ُ هذا ِّ
الذكر على لساين عند انتباهيَّ ،
[الحج.)1(»]24 :
ُّ ﴿ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ﴾
شك َّ
أن َمن ُيهدى إلى هذه األعمال العظيمة واألذكار المباركة قد وما من ٍّ
ٍ
صراط مستقيم ،بل كانت أعماله هذه دي إلى دي إلى ال َّط ِّيب من القول ُ
وه َ ُه َ
خير له وبركة يف حياته؛ فليجتهد المسلم وال يحرم نفسه من هذا الخير باب ٍَ
العظيم .واهلل المو ِّفق وحده ال شريك له.
twxp
v. ' '
k-o.ét
. 1
w lvs.
.
j...w' J.' ou
.
1
k..
.
..cq. ..g.. 'Iuta.
.
. -
t;..
- x
' = ;k
.f - .. 1-
.dbbu )):qp,u
bchueh
' zszlz c'uL.Yla pm'jz'NrIw..x J'' tx'w4.u.x.a us'Iax .-'k.:w ' .iI
akww
307 -50أذكار االنتباه من النَّوم ()2
القدري؛ َّ
ألن ِّ «و َأ ِذ َن لِي بِ ِذ ْكرِ ِه» ،المراد باإلذن هنا :اإلذن الكونِ ِّيقولهَ :
الشرعي ،كقوله تعالى﴿ :ﮩ ﮪ ﮫﮬ﴾ [يونس:
اإلذن تار ًة يراد به اإلذن َّ ِّ
،]59أي :هل اهلل شرع لكم ذلك؟ وتار ًة يراد به اإلذن الكونِ ِّي ،كقوله:
﴿ﮢ ﮣ ﮤ﴾ [البقرة ،]251 :أي :بمشيئته وقضائه وقدره.
وقدرا
ً «و َأ ِذ َن لِي بِ ِذ ْكرِ ِه» ،أي :قدَّ ر لي ذلك وكتبه لي كونًا
فالمراد بقولهَ :
ذاكرا له .وأ َّما شر ًعا ودينًا ،فاإلذن للجميع والدَّ عوة للجميع ،لكن ال أن أقوم ً
إل َمن قدَّ ر اهلل له ذلك وكتبه له ،كما قال تعالى﴿ :ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ يفعل ذلك َّ
ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ﴾ [يونس ،]25 :وهذه نعمة عظيمة ومنَّة كبيرة
م َّن اهلل Fهبا على عبده.
بالذكر هو العبد ،والمثيب على بالذكر هو اهلل ،والمنتفع ِّ
وتأ َّمل؛ اآلذن ِّ
يبتدئ عبا َده بالنِّعم
ُ الذكر هو اهلل ،فهو سبحانه من عظيم فضله وواسع إنعامه ِّ
فضل ،وله سبحانه شكرا ،وله الم ُّن ً
ً أعظم ال َّثواب ،فله الحمدُ
َ ويثي ُبهم عليها
الحمدُ يف اآلخرة واألولى.
وعمو ًما ا َّلذي ينبغي للمسلم عند قيامه من نومه هو المبادرة إلى ذكر اهلل
ٍ ٍ هم ٍة
وحرص عالية ليبارك له يف يومه ،وليكون فيه نشي ًطا ذا َّ والصالة؛ َ والوضوء َّ
الشيطان. وخبث النَّفس وتس ُّلط َّ وليسلم بذلك من الكسل ُ على الخيرْ ،
ان َع َلى َقافِ َي ِة الش ْي َط ُ «ي ْع ِقدُ َّ ول اهلل ﷺ َق َالَ : َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة َ Iأ َّن َر ُس َ
يل ك َل ْي ٌل َط ِو ٌ ث ُع َق ٍدَ ،ي ْضرِ ُب ك َُّل ُع ْقدَ ٍة َمكَان ََهاَ ،ع َل ْي َ س َأ َح ِدك ُْم إِ َذا ُه َو نَا َم َث َل َ َر ْأ ِ
ت ُع ْقدَ ةٌَ ،فإِ ْن َص َّلى ت ُع ْقدَ ةٌَ ،فإِ ْن ت ََو َّض َأ ان َْح َّل ْ َف ْار ُقدْ ؛ َفإِ ِن ْاس َت ْي َق َظ َف َذك ََر اهَّللَ ان َْح َّل ْ
ِ
س ك َْس َل َن». يث النَّ ْف ِ سَ ،وإِ َّل َأ ْص َب َح َخبِ َ ب النَّ ْف ِ ت ُع ْقدَ ةٌَ ،ف َأ ْص َب َح نَشي ًطا َط ِّي َ ان َْح َّل ْ
البخاري ومسلم(.)1
ُّ رواه
البخاري ( ،)1142ومسلم (.)776
ُّ ((( رواه
أحاديث األذكار واألدعية 308
ويف المسند لإلمام أحمد من حديث جابر بن عبد اهلل Lقال :قال
ث ُع َقد «ما ِم ْن َذ َكرٍ َو َل ُأ ْن َثى إِ َّل َو َع َلى َر ْأ ِس ِه َجرير َم ْع ُقو ٌد َث َل َ رسول اهلل ﷺ َ :
ت ُع ْقدَ ةٌ، ين َي ْرقدَ ،فإِن ْاس َت ْي َق َظ َف َذك ََر اهللَ ان َْح َّل ْ ِ
-أيَ :ح ْبل َم ْع ُقو ٌد َث َلث ُع َقد -ح َ
ت ُع َقدُ ه ُك ُّل َها»(.)1 الص َل ِة ان َْح َّل ْ َوض َأ ان َْح َّل ْ
ت ُع ْقدَ ةٌَ ،فإِ َذا َقا َم إِ َلى َّ َفإِ َذا َقا َم َفت َّ
مؤخر رأس اإلنسان عندما يطان يعقد على َّ الش َ دل هذان الحديثان على َّ
أن َّ َّ
ك َل ْي ٌل َط ِو ٌ
يل َف ْار ُقدْ » ٍ
عقدة مكاهناَ « :ع َل ْي َ ينام ثالث عقد ،ويضرب على ِّ
كل
لهمته ،فإذا ذكر العبدُ ر َّبه انح َّل ْت عقد ٌة من ونقضا َّ ً تخذيل له وتثبي ًطا لعزمه
ً
وتوضأ انح َّل ْت العقد ٌة ال َّثانية ،فإذا ص َّلى انح َّل ْت عن ُه َّ هذه العقد ،فإذا قام
نفسه ،وأصبح نشي ًطا همتُه ،وطابت ُ جميع العقد ،وذهب عنه الكسل ،وع َلت َّ
الشيطان ،وتخ َّفف مقبل عليه؛ وذلك ألنَّه تخ َّلص من عقد َّ حريصا على الخير ً ً
الرحمن.
من أعباء الغفلة والنِّسيان ،وحصل له الفوز برضا َّ
الش َ
يطان قد يعقد على مواضع الوضوء من وجاء يف حديث آخر َّ
أن َّ
وتوضأ انح َّلت عنه تلك العقد.
َّ المسلم ،فإذا قام
فقد أخرج أحمد وابن ح َّبان يف صحيحه -وال َّلفظ له -من حديث ُعقبة
«ر ُج ٌل ِم ْن ُأ َّمتِي َي ُقو ُم ال َّل ْي َل سمعت رسول اهلل ﷺ يقولَ : ُ ابن عامر Iقال:
ت ُع ْقدَ ةٌَ ،فإِ َذا َو َّض َأ ور َو َع َل ْي ِه ُع َقدٌ َ ،فإِ َذا َو َّض َأ َيدَ ْي ِه ان َْح َّل ْ
ُي َعالِ ُج َن ْف َس ُه إِ َلى ال َّط ُه ِ
ت ت ُع ْقدَ ةٌَ ،وإِ َذا َو َّض َأ ِر ْج َل ْي ِه ان َْح َّل ْ ت ُع ْقدَ ةٌَ ،وإِ َذا َم َس َح َر ْأ َس ُه ان َْح َّل ْ
َو ْج َه ُه ان َْح َّل ْ
اب :ا ْن ُظ ُروا إِ َلى َع ْبدَ ي َه َذا ُي َعالِ ُج الح َج ِ ول اهلل Cل َّل ِذي وراء ِ
ََ َ ُع ْقدَ ةٌَ ،ف َي ُق ُ ُ
َن ْف َس ُه لِ َي ْس َأ َلنِيَ ،ما َس َأ َلنِي َع ْب ِدي َه َذا َف ُه َو َل ُهَ ،ما َس َأ َلنِي َع ْب ِدي َه َذا َف ُه َو َل ُه»(.)2
51
وحسنه األلباينُّ.
َّ ِّرمذي (،)3528
ُّ ((( رواه أبو داود ( ،)3893والت
الصحيحة ( :)536/6رجال السلسلة َّ
((( رواه أحمد ( ،)16573وقال األلباينُّ يف ِّ
إسناده ثقات رجال َّ
الشيخين ،لكنَّه منقطع.
السلسلة
وصححه األلباينُّ يف ِّ َّ السن ِِّّي يف عمل اليوم وال َّليلة (،)671/1
((( رواه ابن ُّ
الصحيحة (.)264 َّ
313 -51ما يقال عند الفزع يف النَّوم
َّعوذ المأثور عن إذا حصل الفزع والقلق ،بأن يقول هذه الكلمات أو هذا الت ُّ
َان ُي َع ِّل ُم ُهم ِم َن ال َف َز ِع ك َِل َمات» ،أي :كلمات ُتقال
َّبي ،Oقال« :ك َ الن ِّ
عند الفزع ف ُيذهبه اهلل.
ات اهلل ِ التَّام ِ «أعو ُذ بِك َِلم ِ
ات» ،االستعاذة التجاء إلى اهلل واحتما ٌء به َّ َ قولهُ َ :
Eوفزع إليه.
ات» ،قيل :المراد «بكلمات اهلل» ،أي :القرآن، ات اهلل ِ التَّام ِ وقوله« :بِك َِلم ِ
َّ َ
وقيل« :كلماته» ،أي :الكون َّية القدر َّية ،كما قال اهلل تعالى ﴿ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ
ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ﴾ [يس.]82 :
ومعنى «التَّا َّمات» ،أي :ا َّلتي ال يلحقها نقص ،وقال اهلل تعالى يف شأن
فصلت ،]42 :وقال يف شأن القرآن﴿ :ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ﴾ [ ِّ
الرعد ،]41 :فكلمات اهلل تا َّم ٌة ال يلحقها
كلماته الكون َّية﴿ :ﯸ ﯹ ﯺﯻ﴾ [ َّ
نقص.
والر ُّب يغضبالر ِّب َّ ،E قوله« :من غضبه وعقابه» ،أي :غضب َّ
ويرضى كما أخرب عن نفسه يف كتابه ،وكما أخرب عنه رسو ُل ُه ﷺ ،قال تعالى:
﴿ﮥ ﮦ ﮧ﴾ [الفتح ،]6 :وقال تعالى﴿ :ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ﴾
وثمة أمور توجب غضب اهلل وحلول [المجادلة]22 :؛ فهو يغضب ويرضىَّ ،
والذنوب، عقابه على عبده؛ وهذا فيه إشارة وتنبيه إلى البعد عن المعاصي ُّ
الذنوب والمعاصي أعظم أسباب القلق؛ ألنَّها أن ُّ
وأيضا فيه تنبيه وإشار ٌة إلى َّ
ً
ووجد العقاب ،وقد يكون القلق والفزع والهموم إذا ُوجدت ُوجد الغضب ُ
َّعوذ باهلل من غضبه ومن عقابه،
المعجلة ،فيبادر المرء إلى الت ُّ
َّ نو ًعا من العقوبة
الذنوب يتضمن البعد عن موجبات الغضب وموجبات العقاب ،وهي ُّ َّ وهذا
ا َّلتي تسخط اهلل Fوتوجب حلول العقوبة ونزولها.
أحاديث األذكار واألدعية 314
شر من
كل َمن قام به ٌّشر ِّ
«وشر عباده» ،أي :وأعوذ بك يا اهلل من ِّ ِّ وقوله:
شر منهم،
شر ،بل المرادَ :من كان فيه ٌّ كل عبد فيه ٌّ أن َّعبادك .وليس معناه َّ
والفجار ونحوهم.َّ الشياطين ،والج َّن ،والبغاة،فيشمل َّ
الشيطان ونفثه الش َياطِين َو َأن َي ْح ُض ُر َ
ون» ،أي :نفخ َّ َات َّوقوله« :و ِمن همز ِ
َ ْ َ َ
ووساوسه وما ُيلقيه يف النَّفس؛ وهذا فيه إشارة إلى أعظم موجبات القلق،
وأمورا
ً الشيطان على النَّفس ،ف ُيدخل يف نفس اإلنسان أشياء وأعظم مداخل َّ
ليمأل قلبه قل ًقا وفز ًعا وخو ًفا ،قال اهلل تعالى﴿ :ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ
ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ﴾ [آل عمران ،]175 :وقال تعالى﴿ :ﯣ ﯤ
ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ
ﯴ﴾ [المجادلة.]10 :
«و َأن َي ْح ُض ُرون» ،أي :وأن يقربوا المكان ا َّلذي أنا فيه ،قال اهللوقولهَ :
تعالى يف أواخر سورة المؤمنون﴿ :ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ
تعو ٌذ
ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ﴾ [المؤمنون ،]98-97 :فاشتمل هذا على أمرينُّ :
الشيطانوتعو ٌذ به Fمن أن يقرب َّ ُّ باهلل Fمن همزات َّ
الشيطان،
الشيطان من وساوسه ،ومن ٍ
سالمة تا َّمة من َّ المكان ا َّلذي فيه العبد؛ ليكون يف
قربانه للمكان ا َّلذي هو فيه.
لمن أصابه قلق ،أو هلع ،أو فزع ،أو تعو ٌذ عظيم مبارك ُيشرع َ فهذا ُّ
اضطراب يف منامه ،أن يأيت به ،فهو يشرع إذا كان اإلنسان يصيبه الفزع يف
َّعوذ الوارد يف هذه الحالة -حالة الفزع يف النَّوم -يجد
منامه .و َمن يتأ َّمل هذا الت ُّ
أن اإلنسان عندما يصيبه فزع أو خوف إ َّما أن يكون خو ًفا من غضب اهلل أو َّ
شر بعض النَّاس يخشى أن يعتدوا عليه أو يؤذوه أو
عقابه ،أو يكون فز ًعا من ِّ
شر َّ
الشيطان وأن يحضر العبد فيؤذيه .فانتظم يتعرضوا له بسوء ،أو خو ًفا من ِّ َّ
َّعوذ ذلك ك َّله.
هذا الت ُّ
315 -51ما يقال عند الفزع يف النَّوم
ويوجب عقابه؛ أن يلجأ العبدُ يف ُملِ َّماته وعند ُ الر َّبغضب َّ ُ وإن مِ َّما ُي َّ
عبد الضعيف أن يلجأ إلى ٍ يليق بالعبد َّ غيره سبحانه ،وكيف ُ خوفه وفزعه إلى ِ
رب العا َلمين مخلوق مثلِه ،و َيدَ ُع َّ ٍ المخلوق إلى ُ ضعيف مثلِه! وكيف يلجأ
أفكار َمن يذهبون ِ عقول وتفاه َة ِ وخالق الخلق أجمعين!! وهنا ندرك َضحالة َ
والعرافين والدَّ جاجلة والمشعوذين َّ يف ُملِ َّماتِهم وعند َفزعهم إلى الكهنة
يشكون إليهم حا َلهم، الشياطينْ ، وغيرهم من إخوان َّ ِ والمنجمين ِّ والسحرة َّ
تخليصهم من كربتِهم وإنجاءهم َ و ُي ِنزلون بأبواهبم حاجتَهم ،ويطلبون منهم
طلب َّإل من اهلل وال ُيلجأ فيها َّإل من فزعهم ،إلى غير ذلك من األمور ا َّلتي ال ُت ُ
إليه وحده﴿ ،ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡﯢ
ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ﴾ [النَّمل ،]62 :فهل يجيب المض َط َّر ا َّل ِذي
ِ وتعسر عليه المطلوب واض ُط َّر َ
للخالص م َّما هو فيه َّإل ُ
اهلل َّ الكروب
ُ أقلقته
ح ُّل به َّإل اهلل وحده؟! اإلنسان وي ِ السو َء ا َّلذي ُيصيب
َ َ وحده؟! وهل يكشف ُّ
وإل َل َما أقبلوا على قليل ،وتد ُّب ُرهم له ضعيفَّ ، َّاس لهذا األمر ٌ تذك ُُّر الن ِ ولك ْن َ
أحد سواه. غيره ،و َلما لجأوا إلى ٍ
َ
يه َع ْن َجدِّ ِه َأ َّن ب َعن َأبِ ِ
وقد روى أبو داود يف سننه َع ْن َع ْم ِرو ْب ِن ُش َع ْي ٍ ْ
ات اهَّلل ِ الت ََّّام ِة ِم ْن«أعو ُذ بِك َِلم ِ
َ
ٍ ِ
َان ُي َع ِّل ُم ُه ْم م َن ا ْل َف َز ِع كَلِ َماتُ َ : ول اهَّللِ ﷺ ك َ َر ُس َ
َان«وك َ ون» ،قالَ : ين َو َأ ْن ي ْح ُض ُر ِ
َ الش َياطِ ِ ات َّ اد ِه و ِمن همزَ ِ ِ ِ
َغ َضبِه َو َش ِّر ع َب َ ْ َ َ
ِ
َع ْبدُ اهَّلل ِ ْب ُن َع ْمرٍو ُي َع ِّل ُم ُه َّن َم ْن َع َق َل ِم ْن َبن ِ ِيهَ ،و َم ْن َل ْم َي ْع ِق ْل َك َت َب ُه َف َأ ْع َل َق ُه َع َل ْي ِه»(.)1
لكل أي :كان ُ Iيح ِّفظها َمن يعقل من بنيه و ُيل ِّقنه إ َّياه ،وهذا أمر مشروع ِّ
واحد أن ُيل ِّقن ابنه األذكار ،وإذا كان ُيصيب ابنَه يف منامه شي ٌء من الخوف،
تعوذ بني متى ما أصابك خوف يف منامك َّ َّعوذ ،ويقول له« :يا َّ ُيح ِّفظه هذا الت ُّ
فإن اهلل ُيذهبه عنك». َّعوذ؛ َّ هبذا الت ُّ
((( رواه أبو داود ( ،)3893قال األلباينُّ« :حسن دون قوله :وكان عبداهلل.»...
أحاديث األذكار واألدعية 316
ِ ِ
«و َم ْن َل ْم َي ْعق ْل َك َت َب ُه َف َأ ْع َل َق ُه َع َل ْيه» ،أي :يكتبه يف ً
لوحا فيع ِّلقه عليه. وقولهَ :
مخالف لما
ٌ وهذا ا َّلذي جاء عن عبد اهلل بن عمرو Lيف هذه ِّ
الرواية
َّبي ﷺ من النَّهي عن تعليق التَّمائم وبيان أنَّها من
جاء يف األحاديث عن الن ِّ
الشرك ،وهذا األثر لم يثبت عن عبد اهلل بن عمرو I؛ َّ
ألن فيه عنعنة ابن ِّ
َّعوذ ثابت لمجيئه من طريق يثبت هبا.إسحاق ،ولكن الت ُّ
َّ َّ ُّ َ
مشروعية تعليق التمائم من القرآن ومن يستدل بهذا الفعل على ومن
َّ
الدعوات املأثورة؛ ال َّ
حجة له فيه من جهتين:
الجهة األولى :أنَّه لم يثبت سنده إلى عبد اهلل بن عمرو .L
َّ
الجهة الثانية :على فرض ثبوته ،يحتمل أن يكون المراد بفعل ابن عمرو
Lأنَّه يع ِّلقه عليه حتَّى يبقى يف لوحٍ أمامه بحيث يقرأه إلى أن يحفظه،
تم حفظ مثل :األلواح ا َّلتي ُيكتب فيها القرآن من أجل الحفظ ،بحيث إذا َّ
نصا آخر ،ف ُيع َّلق عليه حتَّى يكون معه ليحفظه ،ال
محي وكتب له بدله ًّ ال َّلوح ُ
ثم ُيستغنى عن ال َّلوح
تيسيرا لهم ليحفظوهاَّ ،
ً على أنَّه تميمة .فهو يكتبها ألبنائه
إذا حفظ الولد ما فيه.
ثم َّأما أن ُيع ِّلق آيات من القرآن توضع يف خرقة أو يف جلد أو ُّ
تعوذاتَّ ،
ثم يع ِّلقها اإلنسان على بدنه؛ فهذا ال يجوز ألسباب كثيرة
توضع يف جلدَّ ،
ذكرها العلماء ،منها:
ً
َّأول :بعدً ا عن امتهان القرآن الكريم.
يمةً؛ َف َل َأت ََّم ِ
«م ْن تع َّلق تَم َ
ثانيا :لعموم األد َّلة المانعة من تعليق التَّمائمَ ،
ً
اهللُ َل ُه»(.)1
52
ول« :إِ َذا َر َأى َأ َحدُ ك ُْم يد ا ْل ُخدْ ِر ِّي َ Iأ َّن ُه َس ِم َع النَّبِي ﷺ َي ُق ُ َعن َأبِي س ِع ٍ
َ ْ
َّ
ث بِ َهاَ ،وإِ َذا َر َأى َغ ْي َرح ُّب َها َفإِن ََّما ِه َي ِم َن اهَّللِ؛ َف ْل َي ْح َم ِد اهَّللَ َع َل ْي َها َو ْل ُي َحدِّ ْ
رؤْ يا ي ِ
ُ َ ُ
ان؛ َف ْليست َِع ْذ ِمن َشرها ،و َل ي ْذكُرها ألَحدٍ ِ ِ ِ َذلِ َ
َ ْ ِّ َ َ َ ْ َ الش ْي َط ِ َ ْ ك م َّما َيك َْر ُه َفإِن ََّما ه َي م َن َّ
البخاري(.)1
ُّ َفإِن ََّها َل ت َُض ُّر ُه» .رواه
الر ْؤ َيا َفت ُْم ِر ُضنِي
الرحمن ،قالَ :ل َقدْ ُكن ُْت َأ َرى ُّ َو َع ْن أبي َس َل َم َة بن عبد َّ
الر ْؤ َيا ُت ْم ِر ُضنِيَ ،حتَّى ولَ :و َأنَا ُكن ُْت َلَ َرى ُّ َحتَّى َس ِم ْع ُت َأ َبا َقتَا َد َة َ Iي ُق ُ
ِ ِ ِ َس ِم ْع ُت النَّبِي ﷺ َي ُق ُ
ب «الرؤْ َيا ا ْل َح َسنَ ُة م َن اهلل؛ َفإِ َذا َر َأى َأ َحدُ ك ُْم َما ُيح ُّ ولُّ : َّ
ِ ِ ِ َ ِ
بَ ،وإ َذا َرأى َما َيك َْر ُه َف ْل َي َت َع َّو ْذ بِاهلل م ْن َش ِّر َها َوم ْن َش ِّر ِ ِ ِ
ث بِه إ َّل َم ْن ُيح ُّ َف َل ُي َحدِّ ْ
البخاري
ُّ ث بِ َها َأ َحد ًا؛ َفإِن ََّها َل ْن ت َُض َّر ُه» .رواه انَ ،و ْل َيت ِْف ْل َث َل ًثاَ ،و َل ُي َحدِّ ْ
الش ْي َط ِ
َّ
للبخاري(.)2
ِّ ومسلم وال َّلفظ
ِ
َو َع ْن َجابِ ٍر َ Iع ْن َر ُسول اهلل ﷺ َأ َّن ُه َق َال« :إِ َذا َر َأى َأ َحدُ ك ُُم ُّ
الرؤْ َيا
ان َث َل ًثاَ ،و ْل َيت ََح َّو ْل ار ِه َث َل ًثاَ ،و ْل َي ْست َِع ْذ بِاهلل ِ ِم َن َّ
الش ْي َط ِ َيك َْر ُه َها َف ْل َي ْب ُص ْق َع ْن َي َس ِ
َان َع َل ْي ِه» .رواه مسلم(.)3 َع ْن َج ْنبِ ِه ا َّل ِذي ك َ
ابعا :ومن الفوائد ا َّلتِي اشتملت عليها األحاديث المتقدِّ مة؛ بيان ما ينبغي
ر ً
َّ َّ
أن يفعله المسلم إذا رأى يف منامه ما يكره ،ويتلخص ذلك في األمور التالية:
الشيطان يريد به تحزين المؤمن وإدخال يعلم َّ
أن ذلك إنَّما هو من َّ -1أن َ
والغم والفزع عليه ،فعليه أن ال يلتفت إلى مكر َّ
الشيطان ،وأن ال يشغل ِّ الهم
ِّ
با َله بذلك.
َّعوذ :التجا ٌء إلى اهلل
الرجيم ،والت ُّ
الشيطان َّوشر َّشرها ِّ يتعوذ باهلل من ِّ
-2أن َّ
واعتصا ٌم به ﴿ ،Eﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ﴾ [آل عمران.]101 :
يطان يأيت اب َن آدم مِن قِ َبل
الش َألن َّ -3أن يتفل عن يساره ثال ًثا ،وقد قيلَّ :
قريب من جهة اليسار ،فيأيت ٌ والقلب
ُ يساره ،ألنَّه يريد أن ُيوسوس يف القلب،
َّ
الشيطان من جهته القريبة ،واهلل أعلم.
أن يفيتحو َل عن جنبه ا َّل ِذي كان عليه ،وقيل يف الحكمة من هذاَّ : َّ -4أن
حال ُمفرحة ،كما َّحول من هذه الحال المسيئة المحزنة إلى ٍ ً
تفاؤل بالت ُّ ذلك
تفاؤل بتغ ُّي ِر الحال
ً الرداء يف االستسقاء، قال ال ُعلماء يف الحكمة من تحويل ِّ
من الجدب إلى الغيث.
أمور يكرهها ،وقد جاء يف ٍ َّ -5أل ُيحدِّ ث أحدً ا بما رأى يف منامه من
رجل إلى النَّبِ ِّي ﷺ فقال« :يا رسول صحيح مسلم عن جابر Iقال :جاء ٌ
ِ
بكأن رأسي ُقطع» ،قال :فضحك النَّبِ ُّي ﷺ ،وقال« :إِ َذا َلع َ رأيت يف المنام َّ
اهلل ُ
ان بِ َأح ِدكُم فِي من َِام ِه َف َل يحدِّ ْ ِ
َّاس» ،ويف رواية أخرى قال :جاء ث بِه الن َ ُ َ َ الش ْي َط ُ َ ْ َّ
المنَا ِم ك ََأ َّن َر ْأ ِسي ُضرِ َب ول اهللِ! ر َأي ُ ِ
ت في َ َ ْ «يا َر ُس َ أعرابي إلى النَّبِ ِّي ﷺ فقالَ :
ٌّ
«ل تُحدِّ ثِ ُ َ
دت على أ َثره» ،فقال
لألعرابيَ َ :
ِّ رسول اهلل ﷺ فتَدَ ْح َر َج فاشتدَ ُ
ك»(.)1 ك فِي َمن َِام َالشيطان بِ ََّاس بتل ُّعب َّ
الن َ
((( رواه مسلم (.)2268
321 -52ما يقوله َمن رأى يف منامه ما ُيح ُّب أو يكره
53
عندما يبسمل ،والباء يف «بسم اهلل» لالستعانة ،أي :أخرج طال ًبا من اهلل العون
والحفظ والتَّسديد.
جميع أموري
َ ضت وفو ُ
اعتمدت عليهَّ ،
ُ ت َع َلى اهلل ِ» ،أي:
وقوله« :ت ََو َّك ْل ُ
إليه ،فالتَّوك ُُّل هو االعتما ُد والتَّفويض وهو من أعمال القلوب ،وال يجوز
إخالصه هلل وحده ،قال تعالى﴿ :ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ُ صر ُفه لغير اهلل ،بل يجب
ﰁ ﰂ﴾ [المائدة ،]23 :أي :عليه وحده ال على غيره؛ فجعل ذلك شر ًطا
يف اإليمان.
وأعظمها؛ ل ِ َما ينشأ
ُ أجمع أنواع العبادة ،وأعلى مقامات التَّوحيد،
ُ والتَّوك ُُّل
المتنوعة ،فإنَّه إذا اعتمد العبدُ على اهلل
ِّ الصالحة ،وال َّطاعات
عنه من األعمال َّ
إخالصه ،وقويت صلتُه
ُ صح
يف جميع أموره الدِّ ين َّية والدُّ نيو َّية دون َمن سواه َّ
همه ،قال اهلل تعالى﴿ :ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ
اهلل َّ
بر ِّبه ،وزاد إقباله عليه ،وكفاه ُ
لعدو ،ولو
ٍّ ﮬﮭ﴾ [ال َّطالق ،]3 :أي :كافيه ،و َمن كان اهلل كافيه فال مطمع فيه
ومخرجا ،ورزقه
ً السموات واألرض و َمن فيه َّن لجعل اهلل له َفر ًجا
كادت له َّ
أعظم
ُ من حيث ال يحتسب .ويف هذا دالل ٌة على ِع َظ ِم فضل التَّوكُّل وأنَّه
المضار.
ِّ أسباب جلب المنافع ودفع
ٍ
وتفويض «ل َح ْو َل َو َل ُق َّو َة إِ َّل بِاهلل ِ» ،هي كلمة إسال ٍم واستسال ٍم
وقولهَ :
والقوة َّإل بهَّ ،
وأن العبدَ ال يملك من أمره شي ًئا، َّ إلى اهلل ،وتربٍّؤ من الحول
«ل قو ٌة يف جلب خير َّإل بإرادته سبحانهُ ،
وقولَ : وليس له حيل ٌة يف دفع ٍّ
شر وال َّ
َح ْو َل َو َل ُق َّو َة إِ َّل باهلل ِ» ُتنال به اإلعانة من اهلل .E
ِ
تحول من حال إلى حال وال «ل َح ْو َل َو َل َّ
قوة َّإل باهلل» ،أي :ال ُّ ومعنى َ
صحة ،وال من فقر إلى قوة للعبد َّإل باهلل ،وال ُّ
تحول من مرض إلى َّ حصول َّ
327 -53أذكار اخلروج من املزنل ()1
غنى ،وال من جهل إلى علم ،وال من تقاعس عن العبادة إلى الجدِّ فيها؛ َّإل
باهلل .D
مشتمل علىً كر لوجده من َّأوله إلى آخره ولو تأ َّمل المسلم هذا ِّ
الذ َ
االلتجاء إلى اهلل ،واالعتصام به ،واالعتماد عليه ،وتفويض األمور ك ِّلها إليه،
ِ
وتسديده. ِ
وتوفيقه و َمن كان كذلك حظي بحفظ اهلل له وعونِه
يت»،يت َو ُو ِق َ
يت َوك ُِف َ «ي َق ُال َل ُهُ :ه ِد َ ِ ٍِ
«ي َق ُال حينَئذ» ،ويف روايةُ : وقولهُ :
القائل هو اهلل ،ويجوز أن يكون َم َل ًكا من المالئكة. ُ يجوز أن يكون
والصواب بسبب استعانتك باهلل َّ يت» ،أي :إلى طريق ِّ
الحق «ه ِد َ
وقولهُ :
ِ
بصدده ،و َمن يهده اهلل فال ُم ِض َّل له. على سلوك ما أنت
خروي.
ٍّ دنيوي أو ُأ
ٍّ هم يت» ،أي :كُفيت َّ
كل ٍّ «وك ُِف َوقولهَ :
شر أعدائك من َّ
الشياطين وغيرهم. «و ُو ِق َ
يت» ،أيُ :ح َ
فظت من ِّ وقولهَ :
الشيطان؛ ألنَّه َمن كان هذا ان» ،أي :يبتعد عنه َّ الش ْي َط ُ
وقولهَ « :ف َي َتن ََّحى َعنْ ُه َّ
رز مكين صن حصين ِ
وح ٍ للشيطان عليه؛ ألنَّه قد أصبح يف ِح ٍ شأنه فال سبيل َّ
الرجيم. الشيطان َّ ُيحمى فيه من َّ
ك بِ َر ُج ٍل َقدْ ُه ِدي َوك ُِفي َو ُو ِقي»، ف َل َ
آخ ُرَ :ك ْي َ ان َ ول َش ْي َط ٌ وقولهَ « :ف َي ُق ُ
الشخص الشيطان ا َّلذي كان يريد إغواء هذا َّ الشياطين لهذا َّ أي :يقول أحد َّ
ُ
السبيل إلى وإيذاءه :كيف لك برج ٍل قد ُهدي وكُفي ووقي؟ أي :كيف لك
إغواء وإيذاء رجل نال هذه الخصال :الهدايةَ ،والكفايةَ ،والوقايةَ.
ِ
المحافظة عليه عند وأهم َّي ِة الذكر المباركوهذا يد ُّلنا على ِع َظم شأن هذا ِّ
ِّ
األوصاف المبارك َة
َ مرة يخرج فيها؛ لينال هذه كل َّ خروج المسلم من منْزله يف ِّ
مار العظيمة المذكورة يف هذا الحديث. وال ِّث َ
أحاديث األذكار واألدعية 328
يسمع
ُ يت» وإن كان َمن خرج من بيت ال يت َو ُه ِد َ يت َو ُو ِق َ
وهذا القول «ك ُِف َ
لكن المؤمن من ذلك على يقين ،فهذا من جملة اإليمان قائلِ ، صو ًتا وال ً
بالغيب ا َّلذي مدح اهلل أهله بقوله﴿ :ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ﴾ [البقرة:
،]3-2فيخرج على ال ِّثقة باهلل Fوحسن االعتماد عليه ،Cمطمئنَّ ًة
نفسه بحصول الكفاية والهداية والوقاية.
أن َمن خرج من بيته واحدة من هذه ال َّثالث لها متع َّلق؛ وذلك َّ ٍ ُّ
وكل
هم تح ُّقق األمر ا َّلذي خرج ألجله وانشغل باله لمصلحة دين َّية أو دنيو َّية يحمل َّ
شر األشرار وكيد المؤذين وعدوان المعتدين، السالمة من ِّ هم َّ به ،ويحمل َّ
«هديت السداد والتَّوفيق واإلصابة ،فيقال له يف ذلك ك ِّلهُ : هم َّ أيضا َّ ويحمل ً
ووقيت». وكُفيت ُ
الضالل، السوية وسلِمت من َّ يت» ،أي :ال َّطريق المستقيم والجا َّدة َّ «ه ِد َ ُ
ويدخل يف ذلك اهتدائه إلى المصالح ا َّلتي خرج ألجلها من مصالح دينه
ودنياه.
هم ألمر ما يحمل َّمهتما ٍألن َمن يخرج يخرج ًّ أهمك؛ َّ يت» ،أي :ما َّ «وك ُِف َ َ
أهمك. وهم تح ُّققه وصالحه ،فيقال له« :كُفيت» ،أي :أمر هذا ا َّلذي َّ فعله َّ
ظلم ،أو ضرر ،أو أذى ،أو ٍ ٍ مما تخشى أن يحصل لك من يت» ،أيَّ : «و ُو ِق َ َ
عدوان ،أو نحو ذلك. ٍ
الشيطان عند بيته قاعدٌ فإن َّ مرة يخرج فيها من بيته َّ كل َّ إن المرء يف ِّثم ََّّ
ِ ِ ِ
ان َقاعدٌ ل ْب ِن آ َد َم بِ َأ ْط ُر ُقه»، بانتظار خروجه ،وقد قال « :Oإِ َّن َّ
الش ْي َط َ
مل .وهذا يؤكِّد الحاجة كل وال َي ُّ كل طريق يسلكه فهو قاعد له فيه ،ال َي ُّ أي :يف ِّ
مرة يخرج كل َّ الملحة َّأل ينسى المسلم هذه الكلمات يف ِّ َّ والضرورة
الشديدة َّ َّ
مرة تخرج فيها من بيتك تحتاج إلى هذه األمور كل َّ فيها من بيته؛ ألنَّك يف ِّ
329 -53أذكار اخلروج من املزنل ()1
((( رواه ابن أبي شيبة يف المصنَّف ( ،)29589وابن أبي حاتم يف تفسيره ( ،)8784وأبو
نعيم يف الحلية (.)274/4
331 -54أذكار اخلروج من املزنل ()2
54
أيضا عند الخروج من المنزل :ما رواه أبو داود وابن ستحب أن ُيقال ً ُّ مما ُي َّ
ِ ِ
ماجه َع ْن ُأ ِّم َس َل َم َة َ Jقا َل ْتَ :ما َخ َر َج النَّبِ ُّي ﷺ م ْن َب ْيتي َق ُّط إِ َّل َر َف َع َط ْر َف ُه
ك َأ ْن َأ ِض َّل َأ ْو ُأ َض َّلَ ،أ ْو َأ ِز َّل َأ ْو ُأز ََّلَ ،أ ْو
اءَ ،ف َق َال« :ال َّل ُه َّم إِنِّي َأ ُعو ُذ بِ َ إِ َلى السم ِ
َّ َ
َأ ْظ ِل َم َأ ْو ُأ ْظ َل َمَ ،أ ْو َأ ْج َه َل َأ ْو ُي ْج َه َل َع َل َّي»(.)1
و َمن تأ َّمل هذا الدُّ عاء وجده مواف ًقا ل َّل ِذي قبله يف الغاية والمقصود ،فقوله
موافق لقوله يف هذا الحديث« :ال َّل ُه َّم إنِّي َأ ُعو ُذ ٌ يت» «ه ِد َ
األولُ :
يف الحديث َّ
«أ ْظ ِل َم َأ ْو ُأ ْظ َل َم» ،وقوله: موافق لقولهَ :
ٌ ك َأ ْن َأ ِض َّل َأ ْو ُأ َض َّل» ،وقوله« :كُفيت» بِ َ
َ َ َ َِ َ ُ
علي»؛ فيكون العبدُ موافق لقوله« :أز َّل أ ْو أز ََّل ،أ ْو أ ْج َه َل أ ْو ُي ْج َه َل َّ
ٌ «ووقيت» ُ
أنمتعو ًذا باهلل مِ َّما ُيبعده من الهداية والكفاية والوقاية ،وال بأس لو َّ بذلك ِّ
العبدَ جمع بين هذين الدُّ عاءين.
«ما َخ َر َج النَّبِ ُّي ﷺ ِم ْن َب ْيتِي َق ُّط إِ َّل َر َف َع َط ْر َف ُه وقول ُأ ِّم َس َل َم َة َ :J
مرة اء َف َق َال ،»...وذكرت الدُّ عاء؛ يفيد مواظبة النَّبِي ﷺ عليه يف ِّ إِ َلى السم ِ
كل َّ ِّ َّ َ
أهم َّية مواظبة المسلم على هذا الدُّ عاء يخرج فيها من بيته .ويف هذا دالل ٌة على ِّ
الخير والربك ُة َّبي ﷺ ،ويف ذلك يف ِّ
ُ مرة يخرج فيها من منزله تأس ًّيا بالن ِّ كل َّ
والسالمة والغنيمة. َّ
((( رواه أبو داود ( ،)5094وابن ماجه ( ،)3884قال األلباينُّ صحيح دون قوله رفع
السماء.
طرفه إلى َّ
أحاديث األذكار واألدعية 332
ِ
الس َماء» ،فيه دالل ٌة على ِّ
علو اهلل على وقولها « :Jإِ َّل َر َف َع َط ْر َف ُه إِ َلى َّ
مستو على عرشه بائ ٌنٍ الر َّب العظيم ا َّلذي ندعوه ونسأله ونرجوه وأن َّخلقهَّ ،
من خلقه ،كما قال ﴿ :Eﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ﴾ [الفرقان.]59 :
فع األيدي إلى بعلو اهلل ،كما َّ ٌ رف إلى الس ِ َفر ْفع ال َّط ِ
أن َر َ إيمان ِّ ماء فيه َّ َ ُ
حافظ المغرب أبو عمر بن عبد الربِّ V ُ بعلو اهلل ،قال ٌ
إيمان ِّ السماء فيهَّ
ِ
أيضا
الح َّجة ً
علو اهلل« :ومن ُ يف كتابه «التَّمهيد» وهو بصدد ذكره األد َّل َة على ِّ
الموحدين أجمعين من ِّ أنالسبعَّ : السموات َّ يف أنَّه Dعلى العرش فوق َّ
السماءوجوههم إلى َّ
َ أمر ،أو نزلت هبم ِشدَّ ةٌ ،رفعوا العرب والعجم إذا كرهبم ٌ
الخاصة والعا َّمة من أن َّ وأعرف عند
ُ يستغيثون ر َّبهم ،Fوهذا أشهر
اضطرار َلم ُيؤنِّبهم عليه أحدٌ وال أنكره ٌ ُيحتاج فيه إلى أكثر من حكايتِه؛ ألنَّه
عليهم مسلم» .اهـ كالمه .)1(V
أهم َّية استشعار مراقبة اهلل وأيضا يف رفع ال َّطرف إلى َّ
السماء دالل ٌة على ِّ ً
عليم هبم ال تخفى عليه منهم خافيةَّ ،
وأن أز َّمة لع على عبادهٌ ، وأنَّه سبحانه م َّط ٌ
األمور بيده ،فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.
ك »...إلى آخره .االستعاذ ُة وقوله ﷺ يف هذا الدُّ عاء« :ال َّل ُه َّم إنِّي َأ ُعو ُذ بِ َ
بيان معناها وأنَّها اعتصا ٌم باهلل والتجا ٌء إليه ،ويف هذا الدُّ عاء التجا ٌء إلى سبق ُ
حمي العبدَ من أن يقع يف شيء من هذه األمور المذكورة ،وهي: اهلل Dبأن َي َ
أن َي ِض َّل َأ ْو ُي َض َّلَ ،أ ْو َي ِز َّل َأ ْو ُي َز َّلَ ،أ ْو َي ْظلِ َم َأ ْو ُي ْظ َل َمَ ،أ ْو َي ْج َه َل َأ ْو ُي ْج َه َل عليه.
ْ
ِ
مخالطة النَّاس يخرج من بيته البدَّ له يف خروجه من أن َمن ومن المعلوم َّ
ُ
ومعاشرتِهم ،والنَّاس أجناس وأصناف ومعادن ،وأخالقهم متفاوتة ،و َمن
خشى عليهم منه ،فهذا محتمل ،وذاك محتمل، خشى عليه منهم ،و ُي َ يعاشرهم ُي َ
((( التَّمهيد (.)134/7
333 -54أذكار اخلروج من املزنل ()2
َّاص ُح لنفسه يخاف أن ُيبتلى بسبب هذه المخالطة والمعاشرة بالعدول عن والن ِ
ال َّطريق القويم والمسلك المستقيم ا َّلذي ينبغي أن يكون عليه المسلم ،وذلك
ضل ،أو متع ِّل ًقا بأمر الدُّ نيا بأن َيظلم أوقد يكون متع ِّل ًقا بالدِّ ين بأن َي ِض َّل أو ُي َّ
والمعاشرين بأن ِيز َّل أو ُي َز َّل أو َي َ
جهل أو َ يظلم ،أو متع ِّل ًقا بشأن المخا َلطين
جهل عليه؛ فاستعاذ من جميع هذه األحوال هبذه األلفاظ البليغة والكلمات ُي َ
الوافية الدَّ قيقة.
«إن اإلنسان إذا خرج من منزله ال ُبدَّ أن يعاشر النَّاس قال ال ِّطيبي َّ :V
ُّ
الصراط المستقيم ،فإ َّما أن يكون يف أمر ويزاول األمور ،فيخاف أن يعدل عن ِّ
ضل ،وإ َّما أن يكون يف أمر الدُّ نيا؛ فإ َّما بسبب يضل أو ُي َّ الدِّ ين فال يخلو من أن َّ
جريان المعاملة معهم بأن يظلم أو ُيظلم ،وإ َّما بسبب االختالط والمصاحبة
فإ َّما أن يجهل أو ُيجهل ،فاستُعيذ من هذه األحوال ك ِّلها بلفظ سلس موجز،
وروعي المطابقة المعنو َّية والمشاكلة ال َّلفظ َّية» .اهـ كالمه .)1(V ُ
ِ
الضاللتعو ٌذ باهلل من َّك َأ ْن َأض َّل َأ ْو ُأ َض َّل» ،فيه ُّ
قوله« :ال َّل ُه َّم إنِّي َأ ُعو ُذ بِ َ
طلب التَّوفيق
متضم ٌن َ ِّ وهو ِضدُّ الهداية ،وسؤاله Fاإلعاذة من َّ
الضالل
للهداية.
أمرا ُيفضي بي إلى أضل يف نفسي بأن أرتكب ً أضل» ،أي :أن َّ وقوله« :أن َّ
الضالل ،أو أقرتف ذن ًبا يجنح بي عن سبيل الهداية. َّ
«أ ْو ُأ َض َّل» ،أي :أن يض َّلنِي غيري من شياطين اإلنس والج ِّن ا َّلذين وقولهَ :
أن ضالل السبيل .وهذا فيه َّ
هم لهم َّإل إضالل النَّاس وصدّ هم عن سواء َّ ال َّ
الضالل ،وقد يكون بالسوء فتحرفه إلى طريق َّ ِ
المرء قد يكون من نفسه األ َّمارة ُّ
بسبب إضالل شياطين اإلنس والج ِّن له.
ُ
اإلنسان يهوي
َ «أ ْو َأ ِز َّل َأ ْو ُأز ََّل» من الز َّلة وهي ال َعثرة؛ وذلك بأن
وقولهَ :
عن طريق االستقامة ،ومن ذلك قولهم« :ز َّلت قدَ م فالن» ،أي :وقع من ٍّ
علو
تزل عليه األقدا ُم وال تثبت ،والمراد «طريق مز َّلة» ،أيُّ :
ٌ إلى هبوط ،و ُيقال:
الرجل ،وقولهَ « :أ ِز َّل»، تشبيها بز َّلة ِّ
ً الذنب من حيث ال يشعر؛ الوقوع يف َّ
ُ هنا:
أي :من نفسي ،وقولهُ « :أ َز َّل» ،أي :أن يوقعنِي غيري يف َّ
الز َلل.
«أ ْو َأ ْظ ِل َم َأ ْو ُأ ْظ َل َم» من ال ُّظلم ،وهو وضع َّ
الشيء يف غير موضعه. وقولهَ :
فهو على ٍ
خير عظيم.
مرة حافظ عليه َّ
كل َّ َ أن هذا دعا ٌء عظيم ينبغي على المسلم أن ُي الحاصل َّ
معتصما به سبحانه من أن يناله شي ٌء
ً يخرج فيها من بيته؛ ليكون ملتج ًئا إلى اهلل
فيحذر أشدَّ
َ ِ
باألسباب؛ َ
يأخذ ثم عليه مع هذا االلتجاء أن من تلك األمورَّ .
والزلل وال ُّظلم والجهل ،فيكون بذلك جام ًعا بين فعل الضالل َّ الحذر من َّ
َ
األسباب واالستعانة عليها باهلل .E
توقيت يف غاية المناسبة؛ وهو أنَّه
ٌ ثم َّ
إن التَّوقيت للمجيء هبذا الدُّ عاء َّ
ألي مصلحة دين َّية أو مرة يخرج فيها من بيته ِّ ُيشرع للمسلم أن يقوله َّ
كل َّ
أن َمن خرج من منزله نسيه عند دنيو َّية ،لتتح َّقق له هذا المغانم واألرباح .ولو َّ
ألن المعنى -وهو طلب الخروج فال حرج أن يأيت به بعد مض ِّيه يف ال َّطريق؛ َّ
محتاجا إليه.
ً والزلل والجهل وال ُّظلم -ال يزال مطلو ًبا الضالل َّ
السالمة من َّ َّ
السبب ،بأن يحرص عند مالقاة ثم َمن يدعو هبذا الدُّ عاء عليه أن يبذل َّ َّ
النَّاس على ُح ْسن المعاملة وطيب المعاشرة ،وال ُب ْعد عن إيذاء النَّاس أو
لقي بنفسه يف مواضع ِ
الفتَن، االعتداء عليهم .ومن األسباب المطلوبة هنا :ألَّ ي ِ
ُ
خرجت من البيت بدعاء الخروج ا َّلذي تكون به ُ دعوت عندما ُ ثم يقول« :قد َّ
ثم هو ُيلقي بنفسه يف مواضع التَّهلكة!! فالواجب مع الدُّ عاء أن ِ
السالمة»َّ ،
َّ
السليمة ،واألماكن ال َّط ِّيبة ،ويبتعد عن السديدة ،وال ُّط ُرق َّيس ُلك المسالك َّ
والر ْيب والفساد. أماكن َّ
الش ِّر َّ
الضالل
الحذر من َّ
فيحذر أشدَّ َ
َ ِ
باألسباب؛ َ
يأخذ فمع االلتجاء ال ُبدَّ أن
والزلل وال ُّظلم والجهل ،فيكون بذلك جام ًعا بين فعل األسباب واالستعانة
َّ
عليها باهلل .F
مرة يخرجون فيها من بيوهتم على كل َّ هذا ولو واظب المسلمون يف ِّ
أهم َّية االحرتاز من هذه األمور؛ لسلِمت َّعوذ المبارك مستشعرين ِّ هذا الت ُّ
تتكرر وتقع والشرور ا َّلتي ال تزال َّ المجتمعات المسلمة من كثير من الفتن ُّ
بالسنَّة وضعف العناية هبا. فيه؛ بسبب التَّفريط ُّ
َان بِ ِم ْص ٍر فِي فِ ْتن َِة ا ْب ِن ُّ
الز َب ْي ِر عن عون بن عبد اهلل قال« :بينَا رج ٌل فِي بست ٍ
ُْ َْ َ ُ
اة َقائِ ٌماحب مِسح ٍ ِ
ض ،إِ ْذ َر َف َع َر ْأ َس ُه َفإِ َذا َص ُ ْ َ َجال ِ ٌس َم ْه ُمو ٌم َح ِزي ٌن َينْ ُك ُث فِي ْالَ ْر ِ
اك َم ْه ُمو ًما َح ِزينًا؟ َف َك َأ َّن ُه ْاز َد َرا ُه، اةَ :ما لِي َأ َر َ احب ا ْل ِمسح ِ
ْ َ
ِ ِ
َب ْي َن َيدَ ْيهَ ،ف َق َال َص ُ
اة :إِ ْن ي ُكن لِلدُّ ْنيا َفالدُّ ْنيا َعر ٌض ح ِ احب ا ْل ِمسح ِ ِ
اض ٌر َ َ َ َ َ ْ ْ َ َف َق َالَ :ل َش ْي َءَ ،ف َق َال َص ُ
اد ٌر َي ْف ِص ُل يه ملِ ٌك َق ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
َي ْأك ُُل منْ ُه ا ْل َب ُّر َوا ْل َفاج ُرَ ،وإِ َّن ْالخ َر َة َأ َج ٌل َصاد ٌق َي ْح ُك ُم ف َ
اص ِل ال َّل ْح ِمَ ،م ْن َأ ْخ َط َأ اص َل مِ ْث َل م َف ِ بين ا ْلح ِّق وا ْلباطِلِ ،حتَّى َذكَر َأ َّن َلها م َف ِ
َ َ َ َ َ َْ َ َ َ َ
ونَ ،ق َال: يه ا ْل ُم ْسلِ ُم َمِنْها َشي ًئا َأ ْخ َط َأ ا ْلح َّقَ ،ف َلما س ِمع بِ َذل ِ َك َق َالْ :اهتِمامِي بِما فِ ِ
َ َ َّ َ َ َ َ ْ
ِ ِِ ِ اهَّلل َس ُين ِْج َ
يك بِ َش َف َقت َك َع َلى ا ْل ُم ْسلمي َن؛ َو َس ْلَ ،م ْن َذا ا َّلذي َس َأ َل َ
اهَّلل َف َق َالَ :فإِ َّن َ
ج ْب ُه؟ َو َت َوك ََّل َع َل ْي ِه َف َل ْم َي ْك ِف ِه؟ َو َوثِ َق بِ ِهَ ،ف َل ْم ُين ِْج ِه؟ َف َلم ُي ْعطِ ِه؟ َو َد َعا اهَّلل َف َلم ُي ِ
َ ْ ْ
ب مِن َْها ِ ِ ِ
ول :ال َّل ُه َّم َس ِّل ْمني َو َس ِّل ْم منِّيَ ،ق َالَ :فت ََج َّل ْت َو َل ْم ُأص ْ َق َالَ :ف َط ِف ْق ُت َأ ُق ُ
بِ َش ْي ٍء»(.)1
ولفظ الدعاء المأثور أشمل وأوىف.
55
ِ
ثم إذا دخل أن ستحب للمسلم عند دخوله المنزل أن يقول« :بِ ْس ِم اهَّلل»َّ ، ُّ ُي
َّبي ﷺ البخاري ومسلم عن الن ِّ ُّ يجتهد يف اإلكثار من ذكر اهلل يف بيته؛ فقد روى
،وال َب ْيت ا َّل ِذي َل ُي ْذك َُر فِ ِيه اهللُ َم َث ُل ا ْل َح ِّي ِ ِ ِ ِ
«م َث ُل ال َب ْيت ا َّلذي ُي ْذك َُر فيه اهللُ َأنَّه قالَ :
ِ ()1
السالم ،سوا ٌء كان يف البيت أحدٌ أو لم َوا ْل َم ِّيت» ،و ُيشرع إذا دخل أن ُيلقي َّ
اهلل َت َعا َلى﴿ :ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ يكن فيه أحدَ ،ق َال ُ
ﯦ ﯧ ﯨﯩ﴾ [النُّور.]61 :
قوله تعالى﴿ :ﯠ ﯡ ﯢ﴾ ،أي :ل ُيس ِّلم بعضكم على بعض ،فجعل
ٍ
الجسد الواحد يف توا ِّدهم لما كانوا َم َثل المؤمنين بمثابة الن ِ
َّفس الواحدة َّ
فمن دخل بيتًا عليه أن ُيس ِّلم سواء كان يف البيت أحدٌ وتعاطفهم وتراحمهمَ ،
سعدي :يف تفسير هذه اآلية﴿« :ﯝ ﯞ ﯟ﴾ ِّ أو لم يكن فيه أحد .قال اب ُن
الشرط ،يشمل بيت اإلنسان وبيت غيره ،سواء كان يف البيت نكرة يف سياق َّ
ساك ٌن أم ال ،فإذا دخلها اإلنسان ﴿ﯠ ﯡ ﯢ﴾ ،أي :فليس ِّلم بعضكم
ألن المسلمين كأنَّهم شخص واحد ،من توا ِّدهم وتراحمهم على بعض؛ َّ
فرق بين بيت مشروع لدخول سائر البيوت من غير ٍ فالسالم
ٌ وتعاطفهمَّ ،
السالم ،فقال﴿ :ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ﴾، ثم مدح هذا َّ وبيتَّ ،
«السالم علينا
«السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته» ،أو َّ أي :سالمكم بقولَّ :
عدي (ص.)575
الس ِّ
((( تفسير ِّ
((( رواه مسلم (.)2018
عدي (ص.)461الس ِّ
((( تفسير ِّ
339 -55أذكار دخول املزنل
للشيطان عليهم سبيل ،بل هم الذاكرون اهلل فليس َّ تحصل برتك التَّسمية ،أ َّما َّ
ً
ووكيل. محفوظون بحفظ اهلل ،وكفى به حاف ًظا
الر ُج ُل َب ْي َت ُه َف َذك ََر اهَّللَ ِعنْدَ ُد ُخولِ ِه َو ِعنْدَ َط َع ِام ِهَ ،ق َال
قوله« :إِ َذا َد َخ َل َّ
يت َلك ُْم َو َل َع َشا َء» ،هذا فيه انتفاء هذه المشاركة ،يف المال انَ :ل َمبِ َ الش ْي َط ُ
َّ
الذكر هلل .F واألوالد وال َّطعام ،أي :أنَّها تنتفي بحصول ِّ
انَ :أ ْد َر ْكت ُُمالش ْي َط ُ«وإِ َذا َد َخ َل َف َل ْم َي ْذ ُكرِ اهَّللَ ِعنْدَ ُد ُخولِ ِهَ ،ق َال َّ
وقولهَ :
للشيطان ل ُيشاركَه أن َمن ترك ذكر اهلل فإنَّه قد فتح بذلك با ًبا َّ يت» ،ففيه َّ ا ْل َمبِ َ
الس ِّيئ الخبيث يف بيته وليشاركه يف ولده وطعامه .و َمن هذا ا َّلذي يرضى لهذا َّ
أن يشاركه يف ماله وولده وطعامه! وقد قال ﷺ« :ال تُصاحب َّإل مؤمنًا ،وال
يأكل طعامك َّإل تقي»( .)1وا َّلذي يرتك التَّسمية قد رضي ذلك شاء أم أبى؛
مر ٍة يدخل كل َّ ولهذا يحتاج المقام من العبد َّأل يغفل عن ذكر اهلل Fيف ِّ
شرع يف ح ِّقه ذلك ،حتَّى ولد وأهلُّ ، فيها ،يسمي هو والدَّ اخلون معه من ٍ
الكل ُي َ ُ ِّ
الشيطان ومن مشاركته. تحصل الكفاية للجميع ،وحتَّى يسلم الجميع من َّ
الشيطان كما أنَّه جالس عند بيت المسلم ينتظر خروجه؛ أيضاَّ :
أن َّ ويف هذا ً
جالس
ٌ ليمنعه من ال َّطاعة وليصدَّ ه عن الخير وليدفعه إلى المعصية ،فهو ً
أيضا
له عند بيته ينتظر دخوله ليدخل معه إلى بيته؛ ليشاركه يف ماله وولده ومبيته
منتظرا الدَّ اخل
ً وغير ذلك من أموره ا َّلتي يف بيته ،فهو يجلس عند البيت
ومنتظرا الخارج؛ ينتظر الخارج ليصدَّ ه ،وينتظر الدَّ اخل ليدخل معه.
ً
ثم عند ال َّطعام يقولَ :
«أ ْد َر ْكت ُُم يت»َّ ، انَ :أ ْد َر ْكت ُُم َ
المبِ َ الش ْي َط ُ
وقولهَ « :ق َال َّ
أن ا َّلذي س ُيشارك عند ترك التَّسمية ليس شيطانًا واحد ًا المبِ َ
يت َوال َع َشا َء» يفيد َّ َ
مفتوح لهم على مصراعيه. ٌ بل شياطين ،ولهذا يناديهم ويخربهم َّ
أن الباب
وحسنه األلباينُّ
َّ ِّرمذي (،)2395
ُّ ((( رواه أبو داود ( ،)4834والت
أحاديث األذكار واألدعية 340
وفعل يشاركون يمدُّ الواحد منهم يده إلى ال َّطعام ،ويأكل وإن لم يره اآلكلون، ً
روى مسلم يف صحيحه َع ْن ُح َذ ْي َف َة َق َالُ « :كنَّا إِ َذا َح َض ْرنَا َم َع النَّبِ ِّي ﷺ َط َعا ًما
ول اهَّللِ ﷺ َف َي َض َع َيدَ ُهَ ،وإِنَّا َح َض ْرنَا َم َع ُه َم َّر ًة َط َعا ًما َل ْم ن ََض ْع َأ ْي ِد َينَا َحتَّى َي ْبدَ َأ َر ُس ُ
ول اهَّللِ ﷺ ار َي ٌة ك ََأن ََّها ُتدْ َف ُع؛ َف َذ َه َب ْت لِت ََض َع َيدَ َها فِي ال َّط َعا ِم َف َأ َخ َذ َر ُس ُ َف َجا َء ْت َج ِ
الش ْي َط َ
ان ول اهَّللِ ﷺ« :إِ َّن َّ بِ َي ِد َهاُ ،ث َّم َجا َء َأ ْع َرابِي ك ََأن ََّما ُيدْ َف ُع َف َأ َخ َذ بِ َي ِد ِهَ ،ف َق َال َر ُس ُ
ٌّ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
َح ُّل ال َّط َعا َم َأ ْن َل ُي ْذك ََر ْاس ُم اهَّلل َع َل ْيهَ ،وإِ َّن ُه َجا َء بِ َهذه ا ْل َجار َية ل َي ْستَح َّل بِ َها يست ِ
َْ
َح َّل بِ ِه َف َأ َخ ْذ ُت بِ َي ِد ِهَ ،وا َّل ِذي َن ْف ِسي َف َأ َخ ْذ ُت بِي ِدهاَ ،فجاء بِه َذا األَعرابِي لِيست ِ
ْ َ ِّ َ ْ َ َ َ َ َ
بِ َي ِد ِه إِ َّن َيدَ ُه فِي َي ِدي َم َع َي ِد َها»(.)1
بمجرد ترك التَّسمية ،فلو تركها واحد من األوالد َّ فالمشاركة حاصل ٌة
أن التَّسمية مطلوب ٌة من الجميعَّ ،
ويعود الشيطان ال َّطعام ،وهذا يؤكِّد َّ َّ
استحل به َّ
الصغار على العناية هبا و ُيذكَّرون إذا غ َفلوا ،و َمن ا َّلذي يرضى أن يجلس يأكل
ِّ
الشياطين! الشيطان أو َّ ال َّطعام هو وأوالده ومعهم َّ
نسي التَّسمية يف َّأول طعامه؛ فعليه أن َّ
َّبي ﷺ أن َمن َ السنَّة عن الن ِّ وجاء يف ُّ
آخ َر ُه» ،أيَّ :أو َل ال َّطعام وآخر يقولها يف أثناء ال َّطعام بلفظ« :بِس ِم اهلل ِ َأو َله و ِ
َّ ُ َ ْ
ول اهَّلل ِ ﷺ َق َال« :إِ َذا َأك ََل َأ َحدُ ك ُْم َف ْل َي ْذ ُكرِ ال َّطعام .ف َع ْن َعائِ َش َة َ Jأ َّن َر ُس َ
ْاس َم اهَّلل ِ َت َعا َلىَ ،فإِ ْن ن َِس َي َأ ْن َي ْذك َُر ْاس َم اهَّلل ِ َت َعا َلى فِي َأ َّولِ ِهَ ،ف ْل َي ُق ْل :بِ ْس ِم اهَّلل ِ َأ َّو َل ُه
آخ َر ُه» .رواه أبو داود(.)2 و ِ
َ
ول اهَّلل ِ ﷺ َجالِ ًسا َان َر ُس ُ شي َ Iق َال :ك َ ُ
وروى أبو داود َع ْن أ َم َّي َة ْب ِن َمخْ ٍّ
َو َر ُج ٌل َي ْأك ُُل َف َل ْم ُي َس ِّمَ ،حتَّى َل ْم َي ْب َق ِم ْن َط َع ِام ِه إِ َّل ُل ْق َم ٌة َف َل َّما َر َف َع َها إِ َلى فِ ِيه،
ان َي ْأك ُُل آخره»َ ،ف َض ِ ِ ِ
الش ْي َط ُ
«ما ز ََال َّ ك النَّبِ ُّي ﷺُ ،ث َّم َق َالَ : ح َ َق َال« :بِ ْس ِم اهَّلل َأ َّو َل ُه َو َ ُ
َم َع ُهَ ،ف َل َّما َذك ََر ْاس َم اهَّلل ِ ْ Dاس َت َقا َء َما فِي َب ْطن ِ ِه»( ،)1لكن هذا الحديث غير
تنبيها
مجهول ،وقد ذكرته لشهرته ً ً ألن يف سنده ً
رجل ثابت عن النَّبي ﷺ؛ َّ
ِّ
على ضعفه وعدم ثبوته.
والجار
ُّ وقوله« :بِ ْس ِم اهَّلل ِ» ،الباء باء االستعانة ،أي :أدخل مستعينًا باهلل،
بمحذوف ،تقديره :أدخل ،وعند ال َّطعام ٍ والمجرور يف قوله« :بِ ْس ِم اهَّلل ِ» متع ِّل ٌق
تقديره آكل.
اكر والذ ُ
ِ
لإلنسانَّ ، ٌ
حافظ للشيطان أن ِذكر اهلل Dطار ٌد َّ والحاصل َّ
ييأس منه و ُيدرك أنَّه ال يطان ُ الش َإن َّ الشيطان بحفظ اهلل ،بل َّ محفوظ من َّ ٌ هلل
الشيطان وشاركه يف طعامه وشرابه كر الز َمه َّ الذ ِ
سبيل له عليه ،وإذا غفل عن ِّ
ومبيته ،واهلل تعالى يقول﴿ :ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ﴾
[الزخرف.]36 : ُّ
ت َع َلى «يا ُبن ََّي ،إِ َذا َد َخ ْل َول اهلل ﷺَ : قال لِي َر ُس ُ َس َ Iق َالَ : َو َع ْن َأن ٍ
ِّرمذي(.)2
ُّ ك» .رواه الت ك َو َع َلى َأ ْه ِل َب ْيتِ َ َأ ْه ِل َ
ك َف َس ِّل ْم؛ َيك ُْن َب َر َك ًة َع َل ْي َ
بني» ،هذا من التَّل ُّطف يف الخطاب ُ
وحسن التَّو ُّدد منه صلوات اهلل قوله «يا َّ
وسالمه عليه.
ومن الربكة العظيمة ا َّلتي ينالها َمن يس ِّلم إذا دخل بيته :ما روى أبو داود
ول اهَّلل ِ ﷺ َق َالَ « :ث َل َث ٌة ُك ُّلهم َض ِامن ع َلى اهَّلل ِ اه ِلي َع ْن رس ِ ِ َ ُ
ٌ َ ُ ْ َ ُ َع ْن أبِي أ َم َام َة ا ْل َب ِّ
يل اهَّلل ِ َف ُه َو َض ِام ٌن َع َلى اهَّلل ِ َحتَّى َيت ََو َّفا ُه َف ُيدْ ِخ َل ُه از ًيا فِي َسبِ ِ َ Dر ُج ٌل َخ َر َج َغ ِ
ج ِد َف ُه َو َض ِام ٌن اح إِ َلى ا ْل َم ْس ِ
يمةَ ،و َر ُج ٌل َر َ
ا ْلج َّن َة َأو يرده بِما ن ََال ِمن َأجرٍ و َغن ِ ٍ
ْ ْ َ َ َ ْ َ ُ َّ ُ َ
يم ٍةَ ،و َر ُج ٌل ِ ِ ِ ِ
َع َلى اهَّلل َحتَّى َيت ََو َّفا ُه َف ُيدْ خ َل ُه ا ْل َج َّن َة َأ ْو َي ُر َّد ُه بِ َما ن ََال م ْن َأ ْجرٍ َو َغن َ
َد َخ َل َب ْي َت ُه بِ َس َل ٍم َف ُه َو َض ِام ٌن َع َلى اهَّلل ِ .)1(»Dورواه ابن ح َّبان بلفظَ « :ث َل َث ٌة
ات َأ ْد َخ َل ُه اهَّللُ ا ْل َج َّنةََ :م ْن اش ُر ِز َق َوك ُِف َيَ ،وإِ ْن َم َ ُك ُّل ُه ْم َض ِام ٌن َع َلى اهَّللِ ،إِ ْن َع َ
ج ِد َف ُه َو َض ِام ٌن َع َلى َد َخ َل َب ْي َت ُه َف َس َّل َم َف ُه َو َض ِام ٌن َع َلى اهَّللَ ،و َم ْن َخ َر َج إِ َلى ا ْل َم ْس ِ
يل اهَّلل ِ َف ُه َو َض ِام ٌن َع َلى اهَّلل ِ»(.)2اهَّللَِ ،و َم ْن َخ َر َج فِي َسبِ ِ
فتأ َّمل أ َّيها المس ِّلم هذه الربكة العظيمة إن كتب اهلل لك حيا ًة رزقك وكفاك،
وإن تو َّفاك أدخلك الجنَّة.
وصححه األلباينُّ.
َّ ((( رواه أبو داود (،)2494
وصححه األلباينُّ يف صحيح األدب المفرد ( ،)1094ويفَّ ((( رواه ابن ح َّبان (،)499
صحيح التَّرغيب والتَّرهيب (.)321
343 -56أذكار دخول اخلالء واخلروج منه واألذكار املتعلِّقة بالوضوء
56
َس ب ِن مالِ ٍ
َان النَّبِ ُّي ﷺ إِ َذا َد َخ َل ا ْلخَ َل َء َق َال« :ال َّل ُه َّم
ك َ Iق َال :ك َ َع ْن َأن ِ ْ َ
ث وا ْلخَ بائِ ِ ِ إِنِّي َأعو ُذ بِ َ ِ
البخاري ومسلم(.)1 ُّ ث» .رواه ك م َن ا ْلخُ ُب َ َ ُ
والخبث :جمع خبيث ،والخبائث :جمع ُ الحاجة. ا ْل َخ َلء :مو ِضع َق ِ
ضاء
َ َ ْ
خبيثة.
وقد جاء يف بعض طرق الحديث ِذكر البسملة يف َّأوله ،قال ابن حجر
الحديث من طريق عبد العزيز بن المختار، َ مري هذا « :Vوقد روى ال ُع ُّ
عن عبد العزيز بن ُصهيب ،بلفظ األمر« :إذا دخلتم الخال َء ،فقولوا :بسم
اهلل ،أعوذ باهلل من الخبث والخبائث» ،وإسنا ُده على شرط مسلم وفيه زيادة
التَّسمية»(.)2
«سرتُ ما بين ويشهد لهذا ما رواه ابن ماجه وغيره عن علي Iمرفو ًعاِ :
ٍّ ُ ُ
حديثٌ الج ِّن وعورات َبنِي آدم إذا دخل الخال َء أن يقول :بسم اهلل»( ،)3وهو ِ
صحيح بمجموع طرقه. ٌ
َان النَّبِ ُّي ﷺ إِ َذا َخ َر َج ِم َن ا ْلخَ َل ِءَ ،ق َال: َو َع ْن َعائِ َش َة َ Jقا َل ْت« :ك َ
البخاري ( ،)142ومسلم (.)375
ُّ ((( رواه
((( فتح الباري (.)244/1
وصححه األلباينُّ.
َّ ((( رواه ابن ماجه (،)297
أحاديث األذكار واألدعية 344
j((w1 l>..-.5Ius1
. : .g ay)
u.d
'a :i
.
. v,blj))'
'.>*I .'5I t..J u J ctlu .ww ojJ ou.Ja'
' :1 I 9 $ :1 - 5$ : o $' ;!
a
I.t- w %..Fw u.
..
zrhw=h, . re >-Q ='hw,
.J
.pp < pol
. utbz .yQ;
. ;J ' 9s Jj
'
.utfoaxz -1
.1'1.J.t-lI
.u$
J axa'h,uA
':.-w51%uop'
u.r'
oA J'
tw5Yl
'). 5 g .p .,
.vz.w .z. u.sw ,.
wtxph+ .zwo.. zsu )u o%à .xl
..f)
)'0,.'.
w-=.a..
..
z- k..''î ae
el :I .
.X . .
..
4 k-j.w Ya . aIw1=w) .w '
w
+1 tw INJ .
wa
'p y u
u hw w zl. .0 w .jS u=ap- tw 9uqxz)N h<u 5 I5 . 'wax t'ahz
' '
a..u.Z.D.4.4$uC,
347 -56أذكار دخول اخلالء واخلروج منه واألذكار املتعلِّقة بالوضوء
ِ ِ ِ ِ
الم َت َط ِّهرين»(،)1 اج َع ْلني م َن الت ََّّوابِين ْ
واج َع ْلني م َن ُ ِّرمذي ،وزاد« :ال َّل ُه َّم ْ
ُّ ورواه الت
وهي زياد ٌة ثابت ُة كما ب َّين أهل العلم.
الصحابة M
ِ ِ
رص َّ ويف هذا الحديث يذكر ُعقبة بن عامر Iح َ
على أوقاتِهم وتعاونَهم بينهم التَّعاون ا َّلذي ُيح ِّقق الفائد َة للجميع ،ومِن ذلك
ضمون إب َلهم َ ِ
بعضها أنَّهم كانوا يتناوبون ر ْع َي إبلهم ،فيجتمع الجماع ُة و َي ُّ
ولينصرف
َ أرفق هبم،
كل يوم واحدٌ منهم؛ ليكون ذلك َ إلى بعض ،فيرعاها َّ
الباقون يف مصالِحهم وحاجاهتم ،وليته َّيأ لهم فرص ٌة أكربُ لالستفادة من النَّبِ ِّي
ﷺ وحضور مجالِسه.
و َل َّما كانت نوب ُة عقبة ،Iوعندما عاد باإلبل إلى مراحها يف آخر
النَّهار وفرغ من أمرها ،جاء إلى مجلس رسول اهلل ﷺ؛ ليدرك شي ًئا من فوائده
ولينهل من معينه المبارك ،فأدرك فائدة عظيم ًة فرح هبا ،وهي قول النَّبِ ِّي ﷺ:
«ما ِم ْن ُم ْس ِل ٍم َيت ََو َّض ُأ َف ُي ْح ِس ُن ُو ُضو َء ُهُ ،ث َّم َي ُقو ُم َف ُي َص ِّلي َر ْك َع َت ْي ِن ُم ْقبِ ٌل َع َل ْي َها َ
ِ ِ
بِ َق ْلبِه َو َو ْج ِهه إِ َّل َو َج َب ْ
الجنَّةُ» ،فقال ُ - Iمبد ًيا إعجابه هبذه الفائدة ت َل ُه َ
عمر ب ُن الخ َّطاب Iوكان قد رآه العظيمة« :-ما أجو َد هذه» ،فسمعه ُ
حين دخل ،فقال له« :ا َّلتِي َق ْب َل َها َأ ْج َو ُد»ُ ،يشير إلى فائدة قالها النَّبِ ُّي ﷺ قبل
الصحاب ُة Mمن دخول عقبة ،Iويف هذا دالل ٌة على ما كان عليه َّ
أبواب العلم وأمور اإليمان، ِ رص على الخير والتَّعاون يف الدَّ اللة على الح ِ ِ
-أ ْو«ما ِمنْك ُْم ِم ْن َأ َح ٍد َيت ََو َّض ُأَ ،ف ُي ْب ِلغُ َ أن النَّبِ َّي ﷺ قالَ : عمر َّ I فذكر له ُ
وأ َّن ُم َح َّمدً ا َع ْبدُ اهلل ِ َو َر ُسو ُل ُه
ولَ :أ ْش َهدُ أن َل إِ َل َه إِ َّل اهلل َ الو ُضو َءُ ،ث َّم َي ُق ُ َف ُي ْسبِغُ ُ -
الجن َِّة ال َّث َمانِ َي ِةَ ،يدْ ُخ ُل ِم ْن َأ ِّي َها َشا َء».اب َ ت َل ُه َأ ْب َو ُإِ َّل ُفتِ َح ْ
فضل إسباغ الوضوء بإكمالِه وإتمامه على الوجه المسنون، ُ ويف هذا
وصححه األلباينُّ.
َّ ِّرمذي (،)55
ُّ ((( رواه الت
أحاديث األذكار واألدعية 348
السنن الكربى ( ،)9829ويف عمل اليوم وال َّليلة ( ،)81والحاكم يف َّسائي يف ُّ
((( رواه الن ُّ
الصحيحة ( ،)2333ويف صحيح السلسلة َّ
وصححه األلباينُّ يف ِّ
َّ مستدركه (،)2072
التَّرغيب والتَّرهيب (.)1473
((( زاد المعاد (.)188/1
349 -57أذكار التَّوجُّه للمسجد ودخوله واخلروج منه
57
متطه ًرا؛ ف َع ْن َأبِي ِّ ستحب للمسلم إذا خرج من بيته للمسجد أن يخرج ُّ ُي
ت ِم ْن ول اهَّللِ ﷺ« :من َت َطهر فِي بيتِ ِه ُثم م َشى إِ َلى بي ٍ ُه َر ْي َر َة َ Iق َالَ :ق َال َر ُس ُ
َْ َ ْ َّ َ َ ْ َّ َ
َت خ ْط َوتَا ُه إِ ْحدَ ُاه َما ت َُح ُّط َخطِي َئ ًة ض اهَّللِ؛ كَان ْيض ًة ِم ْن َف َرائِ ِوت اهَّلل ِ لِ َي ْق ِض َي َفرِ َ بي ِ
ُُ
َو ْالُ ْخ َرى ت َْر َف ُع َد َر َجةً» .رواه مسلم .
()1
ول اهللِ ﷺ ب ْب ِن ُع ْج َر َة َ Iأ َّن َر ُس َ وأل ُيش ِّبك بين أصابعه؛ ف َع ْن َك ْع ِ َّ
ج ِد َف َل َق َال« :إِ َذا ت ََو َّض َأ َأ َحدُ ك ُْم َف َأ ْح َس َن ُو ُضو َء ُهُ ،ث َّم َخ َر َج َع ِامدً ا إِ َلى ا ْل َم ْس ِ
ِّرمذي(.)2
ُّ ُي َش ِّبك ََّن َب ْي َن َأ َصابِ ِع ِه؛ َفإِ َّن ُه فِي َص َل ٍة» .رواه الت
ول اهَّللِوأل يسعى سعيا ،بل يمشي مشيا؛ فعن َأبي ُهر ْير َة َ Iع ْن رس ِ َّ
َ ُ َ َ ً ً
السكِينَةَُ ،ف َما ون َو َع َل ْيك ُُم َُّوها َو َأ ْنت ُْم ت َْم ُش َ ِ
الص َلة َف ْأت َي بِ َّ
ِ
ﷺ أنَّه َق َال« :إِ َذا نُود َ
َأ ْد َر ْكت ُْم َف َص ُّلوا َو َما َفا َتك ُْم َف َأتِ ُّموا» .رواه مسلم(.)3
َّبي َّ
ُحب له أن ُيقدِّ م قدمه اليمنى؛ ألن الن َّ ثم إذا وصل إلى باب المسجد است َّ َّ
ِ َّيمن؛ ف َع ْن َعائِ َش َة َ Jقا َل ْت« :ك َ
ب َان النَّبِ ُّي ﷺ ُيح ُّ حب الت ُّ
ُ Oي ُّ
ور ِه َو َت َر ُّجلِ ِه َو َتنَ ُّعلِ ِه» متَّفق عليه(.)4
اع فِي َش ْأنِ ِه ُك ِّل ِه فِي ُط ُه ِ
اس َت َط َ
ال َّت َي ُّم َن َما ْ
((( رواه مسلم (.)666
وصححه األلباينُّ.
َّ ِّرمذي (،)386
ُّ ((( رواه الت
((( رواه مسلم (.)602
البخاري ( ،)426ومسلم (.)268
ُّ ((( رواه
أحاديث األذكار واألدعية 350
البخاري (.)1163
ُّ ((( رواه
((( رواه مسلم (.)251
351 -57أذكار التَّوجُّه للمسجد ودخوله واخلروج منه
ِِ ِ ِ
ُورا ،ال َّل ُه َّم َأ ْعطني ن ً
ُورا» .رواه مسلم(.)1 ُوراَ ،وم ْن ت َْحتي ن ً
ن ً
والدُّ عاء هبذا الدُّ عاء العظيم عند الخروج إلى المسجد يف غاية المناسبة؛
ُور»«والص َل ُة ن ٌ الصالة أنَّها نور ،قال ﷺ: َّبي Oأخرب عن َّ َّ
َّ ألن الن َّ
ِ ِ
رواه مسلم( ،)2و َع ْن َع ْبد اهلل ْب ِن َع ْم ٍرو َ Lع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َأ َّن ُه َذك ََر َّ
الص َل َة
ُورا َو ُب ْر َهانًا َون ََجا ًة َي ْو َم ا ْل ِق َي َام ِةَ ،و َم ْن َل ْم «م ْن َحا َف َظ َع َل ْي َها كَان ْ
َت َل ُه ن ً َي ْو ًماَ ،ف َق َالَ :
ونَان َي ْو َم ا ْل ِق َي َام ِة َم َع َق ُار َان َو َل ن ََجاةٌَ ،وك َ ُور َو َل ُب ْر َه ٌ ِ
ُي َحاف ْظ َع َل ْي َها َل ْم َيك ُْن َل ُه ن ٌ
ف» .رواه أحمد(.)3 ان و ُأبي ب ِن َخ َل ٍ ِ
َوف ْر َع ْو َن َو َه َام َ َ َ ِّ ْ
لمن خرج إلى هذا النَّور أن يسأل اهلل ُحب َ
نورا است َّ
الصالة ً
فلما كانت َّ
َّ
ً
سؤال تفصيل ًّيا ،بحيث أيضا سؤاله النُّور
النُّور يف طريقه إليها ،وأن يكون ً
كل جانب .قال ابن كل أجزائه وجميع أعضائه ويحيط به من ِّ يشمل النُّور َّ
ذراته ال َّظاهرة والباطنة،
الق ِّيم « :Vفسأل ر َّبه Fأن يجعل النُّور يف َّ
وأن يجعله محي ًطا به من جميع جهاته ،وأن يجعل ذاته وجملته ً
نورا»(.)4
ول اهلل ﷺ« :إِ َذا َو َع ْن َأبِي ُح َم ْي ٍد َأ ْو َع ْن َأبِي ُأ َس ْي ٍد َ Iق َالَ :ق َال َر ُس ُ
اب َر ْح َمتِ َ
ك»َ ،وإِ َذا َخ َر َج ِ
جدَ َف ْل َي ُقل« :ال َّل ُه َّم ا ْفت َْح لي َأ ْب َو َ َد َخ َل َأ َحدُ ك ُُم ا ْل َم ْس ِ
ك» .رواه مسلم(.)5 ك ِم ْن َف ْض ِل َ َف ْل َي ُقل :ال َّل ُه َّم إِنِّي َأ ْس َأ ُل َ
أن هذه الكلمات ُتقال حال قوله« :إِ َذاَ د َخ َل َأ َحدُ ك ُُم ا ْل َم ْس ِ
جدَ » ،هذا يفيد َّ
الدُّ خول عند باب المسجد.
((( رواه مسلم (.)763
((( رواه مسلم (.)223
((( رواه أحمد (.)6576
الص ِّيب (ص.)50
((( الوابل َّ
((( رواه مسلم (.)713
أحاديث األذكار واألدعية 352
ك»؛ َّ
لعل الحكمة يف اب َر ْح َمتِ َ ِ
وقوله عند الدُّ خول« :ال َّل ُه َّم ا ْفت َْح لي َأ ْب َو َ
والصالة ِّ
والذكْر ،وهذه َّ داخل للعبادة وال َّطاعة ٌ أن الدَّ اخل للمسجدذلكَّ :
أمور ُتف َعل طل ًبا لرحمة اهلل؛ فناسب عند الدُّ خول أن يسأل اهلل أن
ٌ األمور
يتضمن أن ُيه ِّيئ له من العبادة وال َّطاعة ُ
وح ْسن َّ الرحمة .وهذا
يفتح له أبواب َّ
الخشوع والتذ ُّلل يف بيت اهلل ما ينال به رحمة اهلل.
ويدخل يف سؤال اهلل Cأن يفتح أبواب رحمته :أن يفتح له أبواب
للصالة بخشوع وطمأنينة ،وأن الرحمة؛ بأن يشرح صدره َّالربِّ ا َّلتي ُتنال هبا َّ
يشرح صدره للجلوس يف ِحلق العلم واالستفادة فيها من الفقه يف دين اهلل،
وأن يشرح صدره للجلوس لقراءة القرآن وتد ُّبر معانيه ،والجلوس لذكر اهلل
فكل هذه المعاين تدخل تحت هذه الدَّ عوة ،فهي Dدون سآمة أو مللُّ ،
أيضا إلى أشياء مساندة
أبواب وليست با ًبا واحدً ا ،ونيل هذه األبواب يحتاج ً
ٌ
تقدَّ مت اإلشارة إليها؛ َّأل يأيت وهو يسعى ،بل يأيت مش ًيا وهو مالزم َّ
السكينة،
ً
مجال رح ًبا وال يش ِّبك بين أصابعه ،إلى غير ذلك من اآلداب ا َّلتي ُته ِّيئ له
للرحمة.
لينال من هذه األبواب العظيمة َّ
السبب ا َّلذي ينال به رحمة اهلل ،بمجاهدة نفسه
ثم عليه بعد ذلك أن يبذل َّ َّ
على فعل ال َّطاعات وال ُق َرب ا َّلتي ينال هبا هذه َّ
الرحمة.
ك ِم ْن َف ْض ِل َ
ك»؛ وأ َّما عند الخروج فالمشروع أن يقول« :ال َّل ُه َّم إِنِّي َأ ْس َأ ُل َ
ألن المسلم إذا خرج من المسجد سيخرج لحاجاته ومصالحه من أمور ُدنياه؛ َّ
ب أن يسأل اهلل Fأن يفتح له أبواب ال َف ْضل.
فناس َ
َ
وعن أنس بن مالك Iقال« :كان رسول اهلل ﷺ إذا دخل المسجدَ
بس ِم اهللِ ،ال َّل ُه َّم َص ِّل بس ِم اهللِ ،ال َّل ُه َّم َص ِّل َع َلى ُم َح َّمدَ ،وإذا َخ َر َج َ
قالْ : قالْ :
353 -57أذكار التَّوجُّه للمسجد ودخوله واخلروج منه
لت: والتَّسمية استعان ٌة باهلل ،والباء يف قول «بِ ْس ِم اهلل ِ» باء االستعانة ،فإذا ُق َ
«بِ ْس ِم اهللِ» عند دخول المسجد ،فالمعنى :أدخل مستعينًا باهلل ،طال ًبا مدده
وتوفيقه .F
حق من حقوقه ول اهلل ِ ﷺ» عند الدُّ خول ،هذا ٌّ الص َل ُة َوالس َلم َع َلى رس ِ
َ ُ َّ ُ «و َّ َ
ألن اهلل قد جعله واسط ًة وسب ًبا يف معرفة هذه ال َّطاعات العظيمة ا َّلتي المتأكِّدة؛ َّ
ُتنال هبا رحمة اهلل.
َان إِ َذا َد َخ َل اص َ Lع ِن النَّبِي ﷺ َأ َّن ُه ك َ َو َع ْن َع ْب ِد اهلل ْب ِن َع ْم ِرو ْب ِن ا ْل َع ِ
ِّ
«أ ُعو ُذ بِاهلل ِ ا ْل َعظِيمَِ ،وبِ َو ْج ِه ِه ا ْل َكرِيمَِ ،و ُس ْل َطانِ ِه ا ْل َق ِديمِِ ،م َن جدَ َق َالَ : ا ْلمس ِ
َ ْ
ِ ِ ِ
انُ :حف َظ منِّي َسائ َر ا ْل َي ْو ِم». ِ
الر ِجيمِ»َ ،ق َالَ « :فإِ َذا َق َال َذل َكَ ،ق َال َّ
الش ْي َط ُ الش ْي َط ِ
َّ
ان َّ
رواه أبو داود(.)4
الرجيم عند َّعوذ باهلل من َّ
الشيطان َّ وهذا الحديث ُّ
يدل على مشروع َّية الت ُّ
الشيطان أحرص ما يكون على إغواء أن َّدخول المسجد ،والحكمة يف ذلكَّ :
العبد يف صالته وإشغاله فيها ،حتَّى تنتهي وما عقل شي ًئا منها.
وحسـنه األلبـاينُّ يف تخريـج الكلـمَّ السـن ِِّّي يف عمـل اليـوم وال َّليلـة (،)88
((( رواه ابـن ُّ
ال َّط ِّيـب (ص.)64
وصححه األلباينُّ.
َّ السنن الكربى ( ،)9838وابن ماجه (،)773 َّسائي يف ُّ((( رواه الن ُّ
السنن الكربى ( ،)9838ويف عمل اليوم وال َّليلة (.)90 َّسائي يف ُّ((( رواه الن ُّ
وصححه األلباينُّ.
َّ ((( رواه أبو داود (،)466
أحاديث األذكار واألدعية 354
وتأ َّمل هذا الفضل العميم ا َّلذي يناله َمن يأيت هبذا الت ُّ
َّعوذ؛ وهو :أنَّه ُيحفظ
الشيطان سائر اليوم ،أي :يومه ك ِّله.من َّ
الشيطان عند الدُّ خول، َّعوذ باهلل من َّ وقد أفاد هذا الحديث مشروع َّية الت ُّ
الشيطان عند الخروج من المسجد .والحكمة َّعوذ من َّ
وقد تقدَّ م مشروع َّية الت ُّ
الشيطان عند دخول المسجد :أن يسلم العبد من وساوسه َّعوذ باهلل من َّمن الت ُّ
ماسة إلى هذا والذكر ومجالس العلم ،وأ َّما عند الخروج؛ فالحاجة َّ الصالة ِّ يف َّ
ألن العبد إذا خرج من بيت اهلل ُمص ِّل ًيا ،راك ًعا ،ساجدً ا ،تال ًياً ،
ذاكرا، َّعوذ؛ َّ الت ُّ
الشيطان يريد أن يمحو أثر هذا الخير ،وأن يوقِعه الرحمةَّ ،
فإن َّ حص ًل أبواب َّ ُم ِّ
فوت نصيبه حريص على العبد يف دخوله للمسجد ل ُي ِّ ٌ يف المساءة ،فهو كما أنَّه
الرحمة ،فهو كذلك حريص عليه عند خروجه من المسجد ليأخذ به إلى من َّ
أبواب َّ
الش ِّر.
الروايات :أن يقول المسلم عند دخوله إن مجموع ما د َّلت عليه هذه ِّ ثم َّ َّ
ِ المسجد« :بِس ِم اهللِ ،والص َل ُة والس َلم ع َلى رس ِ ِ
ابول اهلل ،ال َّل ُه َّم ا ْفت َْح لي َأ ْب َو َ َ َّ ُ َ َ ُ َ َّ ْ
الش ْي َط ِ
ان كَ ،أ ُعو ُذ بِاهلل ِ ا ْل َعظِيمَِ ،وبِ َو ْج ِه ِه ال َكرِيمَِ ،وبِ ُس ْل َطانِ ِه ال َق ِدي ِم ِم َن َّ َر ْح َمتِ َ
الص َل ُة َوالس َلم َع َلى رس ِ ِ
ول َ ُ َّ ُ الر ِجيمِ» .وأن يقول عند الخروج« :بِ ْس ِم اهللَ ،و َّ َّ
ان»؛ فهذه أكمل الش ْي َط ِ ك ،ال َّل ُه َّم ا ْع ِص ْمنِي ِم َن َّ ك ِم ْن َف ْض ِل َ اهللِ ،ال َّل ُه َّم إِنِّي َأ ْس َأ ُل َ
الصيغ من مجموع األد َّلة ا َّلتي وردت يف هذا الباب. ِّ
355 -58أذكار األذان ()1
58
ٌ
مشتمل على الصالة -ندا ٌء عظيم
األذان -وهو اإلعالم بدخول وقت َّ
للصالة ،والمناداة لثواهبا وما يرت َّتب
التَّوحيد والتَّكبير والتَّعظيم هلل ،والمناداة َّ
ٍ
وإخالص هلل ،وقد ٍ
وتوحيد ٍ
إيمان كلمات
ُ عليها من الخير؛ فهو ندا ٌء مبارك،
َّبي الكريم .O
ورد يف فضله أحاديث عن الن ِّ
«ل
ولَ : ول اهلل ﷺ َي ُق ُ يد ا ْل ُخدْ ِر ِّي َ Iقالَ :س ِم ْع ُت َر ُس َ َعن َأبِي س ِع ٍ
َ ْ
ت ا ْل ُم َؤ ِّذ ِن ِج ٌّن َو َل إِن ٌْس َو َل َش ْي ٌء إِ َّل َش ِهدَ َل ُه َي ْو َم ا ْل ِق َي َام ِة».
يسمع مدَ ى صو ِ
َ ْ َْ َ ُ َ
البخاري(.)1
ُّ رواه
كل َمن يسمع صوت «إل َش ِهدَ َل ُه َي ْو َم ا ْل ِق َي َام ِة» ،أي :شهد له بذلك ُّ
قولهَّ :
المؤ ِّذن؛ بأن ُينطقه اهلل Fيوم القيامة َّ
بالشهادة له ،فتشهد له الجبال،
وكل َمن يسمع صوته يشهدون وتشهد له األشجار ،ويشهد له الج ُّن واإلنسُّ ،
هتليل المدوي ا َّلذي ينادي َّ
للصالة ً ِّ والصوتله يوم القيامة هبذا النِّداء ال َّط ِّيب َّ
«مدَ ى َص ْوتِ ِه» ،أي :قدر ما يبلغه صوت
وتعظيما هلل .Fوقولهَ : ً وتكبيرا
ً
المؤ ِّذن.
البخاري ومسلم عن أبي هريرة َّ I
أن ُّ ومن فضائل األذان :ما رواه
ف ْالَ َّو ِلُ ،ث َّم َل ْم َي ِ ِ ِ
جدُ وا الص ِّ رسول اهلل ﷺ قالَ « :ل ْو َي ْع َل ُم الن ُ
َّاس َما في النِّدَ اء َو َّ
البخاري (.)609
ُّ ((( رواه
أحاديث األذكار واألدعية 356
البخاري ومسلم(.)1
ُّ َف ُقو ُلوا ِم ْث َل ما َي ُق ُ
ول ا ْل ُم َؤ ِّذ ُن» .رواه
كل َمن سمع النِّداء ،أ ًّيا كان عمله وقت النِّداء؛ ُّ
فكل حق ِّ
هذا ُيشرع يف ِّ
شيء يتو َّقف ،و َينشغل المرء بسماع النِّداء وباإلجابة؛ إذا كان يلقي ً
علما ،أو
فكل هذه األعمال تتو َّقف ،فأفضل عمل تقوم يقرأ ُقرءانًا ،أو يس ِّبح ويذكر اهللُّ ،
به وقت النِّداء سماع األذان ،وأن تقول مثلما يقول المؤ ِّذن ،فهو أفضل من
تالوة القرآن ،وأفضل من قول« :سبحان اهلل ،والحمد هلل ،وال إله َّإل اهلل ،واهلل
أحب الكالم إلى اهلل ،وأفضل من الكالم يف مسائل العلم وبيان أكرب» ا َّلتي هي ُّ
الدِّ ين ،فكيف بما هو دون ذلك!
كل ٍ
وقت أن األفضل يف ِّ وهذا مبني على قاعدة ذكرها العلماء ،وهيَّ :
ٌّ
للصالة فأفضل شيء تفعله للسنَّة يف ذلك الوقت ،فإذا نادى المنادي َّ األوفق ُّ
ُ
أن تستمع وتقول مثلما يقول ،وهذا فيه فائدة عظيمة وثواب عظيم ،وسيأيت يف
أيضا ثمار مباركة على المسلم. أن َمن فعل ذلك دخل الجنَّة .وفيه ً الحديث َّ
وهذا يجده العبد من نفسه عندما يحسن االستماع للمؤ ِّذن وير ِّدد معه،
وفرق بين من كان كذلك وبين من يشتغل بأموره غير ِ
مبال بالمؤ ِّذن ،وغير َ َ
مر ِّد ٍد معه .و َمن ينظر إلى حال نفسه إذا أحسن االستماع والتَّرديد مع المؤ ِّذن،
ألن هذا االستماع والتَّرديد وحاله إذا لم يفعل ذلك يجد الفرق شاس ًعا؛ َّ
وتبكيرا
ً وتحركًا وشو ًقا له،
ُّ ُيكسب القلب سكونًا وطمأنينةً ،وح ًّبا للمسجد،
الذهاب إليه ،إلى غير ذلك من الخيرات الكثيرة ا َّلتِي تنشأ عن هذا االستماع يف َّ
فإن غالب َمن يأتون إلى المساجد واإلمام راكع أو يف هناية والتَّرديد .ولهذا َّ
الصالة لم َي ْر َع ْوا لألذان اهتما ًما ،و َمن يأتون المساجد ُمب ِّكرين؛ فلسماع َّ
ِ
فرط يف هذه أثر يف ذلك ،فما ينبغي للمسلم أن ُي ِّ األذان والتَّرديد مع المؤ ِّذن ٌ
حصلها عندما يستمع للمؤ ِّذن وير ِّدد معه. الخيرات العظيمة ا َّلتي ُي ِّ
البخاري ( ،)611ومسلم (.)383
ُّ ((( رواه
أحاديث األذكار واألدعية 358
أن المشروع للمسلم عندما يسمع ينبه عليه في هذا املقامَّ : ومما َّ
َّ
النِّداء أن يقول مثل ما يقول المؤ ِّذن تما ًما بدون زيادة وال نقصانَّ ،إل عند
قوة َّإل باهلل» ،لك َّن بعض النَّاس ُيك ِّلف نفسه بعض
الحيعلة يقول «ال حول وال َّ
مثل عند قول المؤ ِّذن «اهلل أكرب» ،D :أو ح ًّقا أو نحو الزيادات ،فيقولً ،
ِّ
فيفرط يف المشروع ويشتغل بما لم ُيشرع.
ذلك من األلفاظِّ ،
ويحسن بالمسلم عندما ير ِّدد مع المؤ ِّذن كلمات األذان أن يستحضر
وأل تكون معاملته مع هذه األلفاظ معامل ًة لفظ َّي ًة َّ
مجردة ،بل عليه معانيهاَّ ،
و«حي
َّ أن يستحضر المعاين ،فـ«ال إله َّإل اهلل» توحيد ،و«اهلل أكرب» تعظيم هلل،
و«حي على الفالح» نداء لنيل ثواهبا؛ ليجمع يف َّ للصالة،
الصالة» نداء َّ
على َّ
الذكر بين ذكر القلب وذكر ال ِّلسان.
هذا ِّ
ول اهلل ﷺ« :إِ َذا َق َال اب َ Eق َالَ :ق َال َر ُس ُ َو َع ْن ُع َم َر ْب ِن ا ْل َخ َّط ِ
«أ ْش َهدُ ا ْل ُم َؤ ِّذ ُن« :اهللُ َأ ْك َب ُر اهللُ َأ ْك َب ُر»َ ،ف َق َال َأ َحدُ ك ُُم :اهللُ َأ ْك َب ُر اهللُ َأ ْك َب ُرُ ،ث َّم َق َالَ :
ول «أ ْش َهدُ َأ َّن ُم َح َّمدً ا َر ُس ُ َأ ْن َل إِ َل َه إِ َّل اهللُ»َ ،ق َالَ :أ ْش َهدُ َأ ْن َل إِ َل َه إِ َّل اهللُُ ،ث َّم َق َالَ :
الص َل ِة»َ ،ق َالَ :ل «ح َّي َع َلى َّ ول اهللُ ،ث َّم َق َالَ : اهلل»َ ،ق َالَ :أ ْش َهدُ َأ َّن ُم َح َّمدً ا َر ُس ُ
«ح َّي َع َلى ا ْل َف َلحِ »َ ،ق َالَ :ل َح ْو َل َو َل ُق َّو َة إِ َّل َح ْو َل َو َل ُق َّو َة إِ َّل باهللُ ،ث َّم َق َالَ :
باهللُ ،ث َّم َق َال« :اهللُ َأ ْك َب ُر اهللُ َأ ْك َب ُر»َ ،ق َال :اهللُ َأ ْك َب ُر اهللُ َأ ْك َب ُرُ ،ث َّم َق َالَ :
«ل إِ َل َه إِ َّل
اهللُ»َ ،ق َالَ :ل إِ َل َه إِ َّل اهَّللُ ِم ْن َق ْلبِ ِه؛ َد َخ َل ا ْل َجنَّةَ» .رواه مسلم(.)1
تفصيل لإلجمال ا َّلذي تقدَّ م يف حديث أبي سعيد .I
ٌ هذا الحديث فيه
وقوله« :اهلل أكبر» هذا فيه تكبير اهلل Dواعتقاد أنَّه ال أكرب منه ،D
دي «ما ُي َ
فرك يا َّبي ﷺ ل َع ٍّ ِّ
ومعنى« :اهلل أكبر» ،أي :من كل شيء ،كما قال الن ُّ
((( رواه مسلم (.)385
359 -58أذكار األذان ()1
عديَ ،أ ُي ِف ُّر َك َأ ْن ُي َق ْال :اهللُ َأ ْك َب ُر!َ ،و َه ْل َش ْي ٌء َأ ْك َب ُر ِم ْن اهللِ؟»( .)1والبدء بالتَّكبير
ُّ
ذهب عن القلب األشياء يف ألفاظ األذان ،وكذلك البدء بالتَّكبير يف الصالة ي ِ
ُ َّ
اطمأن المرء عند سماع َّ ا َّلتي ك ُبرت يف القلب ومألته واشتدَّ ان ِْه َماكه هبا؛ فإذا
مستشعرا المعاين والدَّ الالت؛ خرجت هذه األشياء ً األذان ور َّدد مع المؤ ِّذن
وحل مح َّلها ال ُّطمأنينة والتَّعظيم هلل واالنشغال بذكره سبحانه كما
من قلبه َّ
يحب من عباده.
ُّ
«أ ْش َهدُ َأ ْن َل إِ َل َه إِ َّل اهللُ» ،أيُ :أقِ ُّر وأعرتف بأن اهلل Dهو
وقولهَ :
نفي َّ
نفي وإثبات؛ ٌ بحق سواه ،فـ«ال إله إل اهلل» فيها ٌ بحق وال معبود ٍّ المعبود ٍّ
خاص يف آخرها للعبود َّية
ٌّ كل َمن سوى اهلل ،وإثبات عا ٌّم يف َّأولها للعبود َّية عن ِّ
بكل معانيها هلل وحده؛ وهذا هو التَّوحيد. ِّ
بالرسالة ،تعني:
َّبي ﷺ ِّ ول اهللِ»َّ ،
الشهادة للن ِّ
«أ ْش َهدُ َأ َّن ُم َح َّمدً ا َر ُس ُ
وقولهَ :
عما هنى عنه وزجر ،كما قالطاعته فيما أمر ،وتصديقه فيما أخرب ،واالنتهاء َّ
اهلل ﴿ :Eﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ﴾ [النِّساء.]64 :
ِ
هلموا إليها دعوا أعمالكم ،واتركوا «ح َّي َع َلى َّ
الص َلة» ،أيُّ : وقولهَ :
لمن سمع النِّداء أن يرتك مصالحكم وأقبِلوا على هذه َّ
الصالة؛ ولهذا ُيشرع َ
أعماله وأن يقبل على صالته.
«ل َح ْو َل َو َل ُق َّو َة إِ َّل بِاهللِ» ،وهي
السامع أن يقول هناَ :
حق َّ
و ُيشرع يف ِّ
عون اهلل ،Dفال يمكن أن يص ِّلي وأن َّ
يتم صالته كلمة استعانة يطلب قائلها َ
َّإل إذا أعانه اهلل.
«ح َّي َع َلى ا ْل َف َلحِ » ،المراد بالفالح :ال َّثواب واألجر والخير
وقولهَ :
وحسنه األلبانِ ُّي.
َّ ِّرمذي (،)2953
ُّ ((( رواه أحمد ( ،)19381والت
أحاديث األذكار واألدعية 360
الصالة ،والفالح -كما قال العلماء -أجمع كلمه لحيازة المرت ِّتب على أداء َّ
خيرات ال
ٌ الصالة يرت َّتب عليها خير ْي الدُّ نيا واآلخرة ،وهذا فيه إشارة إلى َّ
أن َّ َ
حدَّ لها وال عدّ ؛ دنيو َّية و ُأخرو َّية.
بأن َمن قالها مِ ْن َق ْلبِ ِه َد َخ َل
ثم ختم النَّبي Oهذا الحديث َّ
ُّ َّ
حاضرا ،ال أن يقولها المرء بلسانه والقلب ً ا ْل َجنَّةَ؛ فينبغي أن يكون القلب
غافل ،فليس المطلوب أن ُتر َّدد هذه األلفاظ بال ِّلسان مع انشغال القلب
وانصرافه عنها! بل عليه أن يقولها من قلبه ،وذلك باالجتهاد يف طرد الغفلة،
للسماع لهذه الدَّ عوة التَّا َّمة العظيمة السماع لألذان ،وأن يجمع قلبه َّ وحسن َّ
المباركة ،وأن يقول مثلما يقول المؤ ِّذن مجاهدً ا نفسه على استحضار معاين
هذه الكلمات العظيمة وهداياهتا القويمة ،مح ِّق ًقا يف قلبه ما تقتضيه من التَّوحيد
بالرسالة ،واالستعانة والشهادة هلل بالوحدان َّية ،ولنب ِّيه ﷺ ِّ والتَّكبير ،والتَّعظيمَّ ،
وصدق معه، ٍ بإخالص هلل F ٍ بالر ِّب Fعلى تحقيق هذه األمور، َّ
أصل ال ُبدَّ منه يف ففي قوله« :من قلبِه» دالل ٌة على اشرتاط اإلخالص؛ ألنَّه ٌ
قبول األعمال واألقوال ك ِّلها.
«دخل الجنَّة» يفيد َّ
أن سماع األذان والعناية به َّبواب ٌة عظيمة وقولهَ :
إقبال على األعمال ٍ كريم لنيل الجنَّة بما يفتحه على العبد من ومدخل
ٌ
ُ
والقول كما والقربات النَّافعة ا َّلتي يدعو إليها ُحسن سماع األذان
ُ الصالحة
َّ
يقول المؤ ِّذن.
361 -59أذكار األذان ()2
59
ول« :إِ َذا اص َ Lأ َّن ُه َس ِم َع النَّبِي ﷺ َي ُق ُ َع ْن َع ْب ِد اهلل ْب ِن َع ْم ِرو ْب ِن ا ْل َع ِ
َّ
ولُ ،ث َّم َص ُّلوا َع َل َّي؛ َفإِ َّن ُه َم ْن َص َّلى َع َل َّي َص َل ًة َس ِم ْعت ُُم ا ْل ُم َؤ ِّذ َن َف ُقو ُلوا ِم ْث َل َما َي ُق ُ
َص َّلى اهللُ َع َل ْي ِه بِ َها َع ْش ًراُ ،ث َّم َس ُلوا اهللَ لِ َي ا ْل َو ِسي َلةَ؛ َفإِن ََّها َمن ِْز َل ٌة فِي ا ْل َجن َِّة َل َتنْ َب ِغي
ُون َأنَا ُه َو؛ َف َم ْن َس َأ َل لِ َي ا ْل َو ِسي َل َة َح َّل ْ إِ َّل لِعب ٍد ِمن ِعب ِ ِ
ت َل ُه اد اهَّللَ ،و َأ ْر ُجو َأ ْن َأك َ َْ ْ َ
الش َفا َعةُ» .رواه مسلم(.)1 َّ
دل هذا الحديث على :أنَّه ُيشرع للمسلم بعد سماعه المؤ ِّذن وقوله مثلما َّ
َّبي ،Oوخير ما ُيؤتى به بالصالة على الن ِّ عقب ذلك َّ يقول؛ أن يأيت َ
َّبي Oأصحابه َّ َّ
الصال ُة اإلبراهيم َّية التي علمها الن ُّ من ذلك وأفضلهَّ :
ِ ِ
ب ْب ُن ُع ْج َرةَ، عندما سألوه كيف ُيص ُّلون عليه؟ عن ا ْب َن َأبِى َل ْي َلى َق َال َلق َيني َك ْع ُ
فول اهَّلل ِ ﷺَ ،ف ُق ْلنَا َقدْ َع َر ْفنَا َك ْي َ ك َه ِد َّيةً؟ َخ َر َج َع َل ْينَا َر ُس ُ َف َق َالَ :أ َل ُأ ْه ِدي َل َ
ك؟ َق َالُ « :قو ُلوا ال َّل ُه َّم َص ِّل َع َلى ُم َح َّم ٍد َو َع َلى ف ن َُص ِّلي َع َل ْي َ ن َُس ِّل ُم َع َل ْي َ
ك َف َك ْي َ
ار ْك َع َلى جيدٌ ،ال َّل ُه َّم َب َِّك َح ِميدٌ َم ِ يم إِن َ ِ ِ
ت َع َلى آل إِ ْب َراه َ آل ُم َح َّم ٍد ك ََما َص َّل ْي َ ِ
جيدٌ » .متَّفق َّك َح ِميدٌ َم ِ يم إِن َ ِ ِ
ْت َع َلى آل إِ ْب َراه َ آل ُم َح َّم ٍد ك ََما َب َارك َ م َحم ٍد َو َع َلى ِ
ُ َّ
عليه(.)2
علي بالوسيلة، ن
َّ يم
ُ أن اهلل من اطلبوا أي: َ»،
ة قولهُ « :ث َّم َس ُلوا اهللَ لِ َي ا ْل َو ِسي َ
ل
َّ
((( رواه مسلم (.)384
البخاري ( ،)6357ومسلم (.)406
ُّ ((( رواه
أحاديث األذكار واألدعية 362
مح َّبة هذا الدِّ ين ،وأن ُيقبِل عليه ،وأن ُيحافظ عليه .وهذه المذكورات هي
دخلون قبورهم.األصول ال َّثالثة ا َّلتي ُيسأل النَّاس عنها عندما ُي َ
ِ و َعن َعب ِد اهَّللِ ب ِن َعم ٍرو َ Lأ َّن رج ًل َق َال :يا رس َ ِ
ول اهَّلل إِ َّن ا ْل ُم َؤ ِّذن َ
ين َ َ ُ َ ُ ْ ْ ْ ْ
ت َف َس ْل ُت ْع َط ْه». ونَ ،فإِ َذا ا ْنت ََه ْي َ ي ْف ُض ُلو َننَاَ ،ف َق َال رس ُ ِ
ول اهَّلل ﷺُ « :ق ْل ك ََما َي ُقو ُل َ َ ُ َ
رواه أبو داود(.)1
«ل ي َر ُّد الدُّ َعا ُء َب ْي َن ْالَ َذ ِ
ان َس َ Iق َالَ :ق َال رس ُ ِ َو َع ْن َأن ٍ
ول اهَّلل ﷺُ َ : َ ُ
ِّرمذي(.)2
ُّ ال َق َام ِة» .رواه أبو داود والت
َو ْ ِ
أن َم ْن َق َال ول»َ ،و َأ ْخ َب َر َّ باإلس َل ِم ِدينًا ،وبِ ُم َح َّم ٍد ﷺ َر ُس ً يت بِاهلل َر ًّباَ ،و ْ َر ِض ُ
ذل ِ َك ُغ ِف َر َل ُه َذ ْن ُب ُه.
َّ
َّبي ﷺ بعدَ َفراغه من إجابة المؤ ِّذن ،وأك َْم ُل ما ِّ ن ال على يَ
الثالث :أن ُيص ِّ
ل
ُ
الصالة اإلبراهيم َّية كما ع َّلمه أ َّمته أن ُيص ُّلوا صل إليه ،هي َّ ُيص َّلى عليه بِه و َي ُ
أكمل منها. عليه ،فال صال َة عليه ُ
هذ ِه الدَّ عو ِة التَّام ِة ،والص ِ
الة يقول بعد صالته عليه« :ال َّلهم رب ِ الرابع :أن َ َّ
َّ َّ َْ ُ َّ َ َّ
الو ِسي َل َة وال َف ِضي َلةَ ،وا ْب َع ْث ُه َم َق ًاما َم ْح ُمو ًدا ا َّل ِذي َو َعدْ َت ُه إِن َ
َّك ِ ِ ِ
ال َقائ َمة ،آت ُم َح َّمدً ا َ
المي َعا َد» ،هكذا جاء هبذا ال َّلفظ« :مقا ًما محمو ًدا» ،بال ألف وال الم، ف ِ َل تُخْ ِل ُ
صح عنه ﷺ. وهكذا َّ
ويسأل اهلل من فضله؛ فإنَّه ُي ْست ََجاب له، َ يدعو لنفسه بعد ذلك َ الخامس :أن
ينَ -فإ َذا ا ْنتَه ْي َِ ِ
ت َف َس ْل الم َؤ ِّذن َ
-ي ْعني ُ السنن عنه ﷺُ « :ق ْل ك ََما َي ُقو ُل َ
ون َ كما يف ُّ
ُت ْع َط ْه»(.)1
60
وصححه األلباينُّ.
َّ ِّرمذي ،وابن ماجه (،)275
ُّ ((( رواه أبو داود ( ،)61والت
الصالة وأحكام تاركها (.)153((( َّ
أحاديث األذكار واألدعية 368
ول اهللِ ،بِ َأبِي َأن َْت َو ُأ ِّمي َأ َر َأ ْي َت ُس ُكو َت َك َب ْي َنُهنَ َّي ًة َق ْب َل َأ ْن َي ْق َر َأَ ،ف ُق ْل ُتَ :يا َر ُس َ
ِ ِ ول؟ َق َالَ : ال َّت ْكبِ ِير َوا ْل ِق َرا َء ِةَ ،ما َت ُق ُ
اي ك ََما ول :ال َّل ُه َّم َباعدْ َب ْيني َو َب ْي َن َخ َط َاي َ «أ ُق ُ
ِ ِ
اي ك ََما ُينَ َّقى ال َّث ْو ُب ب ،ال َّل ُه َّم َن ِّقني م ْن َخ َط َاي َ َبا َعدْ َت َب ْي َن ا ْل َم ْشرِ ِق َو َ
الم ْغرِ ِ
اء َوا ْل َب َر ِد» .رواه
َس ،ال َّلهم ا ْغ ِس ْلنِي ِمن َخ َطاياي بِال َّث ْلجِ والم ِ
َ َ َ َ ْ ُ َّ األَ ْب َي ُض ِم َن الدَّ ن ِ
البخاري ومسلم وال َّلفظ له(.)1
ُّ
الص َل ِة َسك َ
َت ُهنَ َّي ًة َق ْب َل َأ ْن َي ْق َر َأ»، ِ
ول اهلل ﷺ إِ َذا َك َّب َر في َّ
َان َر ُس ُ
قوله« :ك َ
قصيرا ،وجاء يف رواية« :إسكاتةً» ،أي :سكتة يسيرة« ،قبل أن يقرأ»،
ً أي :وقتًا
أي :قبل أن يشرع يف قراءة الفاتحة.
ْت َو ُأ ِّمي» ،أي :أفديك بأبي وأ ِّمي. ول اهللِ ،بِ َأبِي َأن َ تَ :يا َر ُس َقولهَ « :ف ُق ْل ُ
ول؟» وهذا فيه حرص َك َب ْي َن ال َّت ْكبِيرِ َوا ْل ِق َرا َء ِةَ ،ما َت ُق ُ
ت ُسكُوت َ «أ َر َأ ْي َ
َ
الصحابة Mعلى الخير وبحثهم عنه ،فالحظ Iأنَّه O
َّ
يسكت إسكات ًة يسيرة بين التَّكبير والقراءة ،فسأل هبذا األسلوب ال َّلطيف قال:
ً
سؤال عن ول؟»َك َب ْي َن ال َّت ْكبِيرِ َوا ْل ِق َرا َء ِةَ ،ما َت ُق ُ
ت ُسكُوت َ «بِ َأبِي َأن َ
ْت َو ُأ ِّمي َأ َر َأ ْي َ
هديه Oوطريقته؛ ليأتسى به صلوات اهلل وسالمه عليه.
اي ك ََما َبا َعدْ َت َب ْي َن ا ْل َم ْشرِ ِق ِ ِ
قال« :أقول :ال َّل ُه َّم َباعدْ َب ْيني َو َب ْي َن َخ َط َاي َ
اي ك ََما ُينَ َّقى ال َّث ْو ُب األَ ْب َي ُض ِم َن الدَّ ن ِ
َس ،ال َّل ُه َّم ِ ِ الم ْغرِ ِ
ب ،ال َّل ُه َّم َن ِّقني م ْن َخ َط َاي َ َو َ
اء َوا ْل َب َر ِد» ،وك ُّله دعاء قائم على سؤال اهلل ا ْغ ِس ْلنِي ِمن َخ َطاياي بِال َّث ْلجِ والم ِ
َ َ َ َ ْ
Fأن ُيقيله من خطاياه ،وأن ين ِّق َيه منها ،وأن يباعد بينه وبينها.
ِ ِ
قال يف الجملة األولى« :ال َّل ُه َّم َباعدْ َب ْيني َو َب ْي َن َخ َط َاي َ
اي ك ََما َبا َعدْ َت َب ْي َن
ب» ،بدأ بسؤال المباعدة بينه وبين خطاياه كما بين المشرق ا ْل َم ْشرِ ِق َو َ
الم ْغرِ ِ
والمغرب؛ ألنَّهما أوسع الجهات الموجودة ،وهي غاية ما يبا َلغ فيه يف تباعد
الجهات.
ِ ِ
طهرين منها «ك ََما
اي» ،أيِّ : وقوله يف الجملة ال َّثانية« :ال َّل ُه َّم َن ِّقني م ْن َخ َط َاي َ
وخص ال َّثوب األبيض؛ ألنَّه يتم َّيز عن غيره َّ َس»، ُينَ َّقى ال َّث ْو ُب ْالَ ْب َي ُض ِم َن الدَّ ن ِ
بأن الوسخ يظهر عليه ،والنَّقاء يظهر فيه ،بخالف األسود. من ال َّثياب َّ
مهمة يف المسلك ا َّلذي ينبغي أن يكون عليه ويستفاد من هذا الدُّ عاء فائدة َّ
المسلم ،أال وهي :أنَّه ينبغي على المسلم أن يحرص على أن يكون دينه نق ًّيا
يلوثه شيء وال يكدِّ ره دنس ،بل يحافظ على نقائه، كنظافة ال َّثوب األبيض ال ِّ
و ُطهره ،وصفائه.
اء َوا ْل َب َر ِد»،
وقال يف الجملة ال َّثالثة« :ال َّلهم ا ْغ ِس ْلنِي ِمن َخ َطاياي بِال َّث ْلجِ وا ْلم ِ
َ َ َ َ ْ ُ َّ
ألن الماء ين ِّظف وين ِّقي ،وال َّثلج والربد يربِّد، ذكر هذه األمور ال َّثالثة يف التَّنقية؛ َّ
الذنوب. دنس وحرارة ،وهذا أكمل ما يكون يف التَّنقية من ُّ والخطيئة لها ٌ
داوى أن الدَّ اء ُي َ قال ابن الق ِّيم « :Vويف هذا الحديث من الفقهَّ :
فإن يف الخطايا من الحرارة والحريق ما ُيضا ُّده :ال َّث ُ
لج ،وال َب َر ُد ،والما ُء بضدِّ ه؛ َّ
ألن يف الماء البارد من أبلغ يف إزالة الوسخ؛ َّ الحار ُ
َّ البارد .وال يقالَّ :
إن الماء
الحار ،والخطايا ُتوجب أثرين :التَّدنيس، ِّ تصليب الجسم وتقويته ما ليس يف
ف القلب و ُيص ِّل ُب ُه ،فذكر الماء البارد فالمطلوب مداواهتا بما ين ِّظ ُ
ُ واإلرخاء،
وال َّثلج وال َب َرد إشار ًة إلى هذين األمرين»(.)1
وقال الكرماينُّ ُ « :Vيحتمل أن يكون يف الدَّ عوات ال َّثالث إشار ًة إلى
األزمنة ال َّثالثة؛ فالمباعدة للمستقبل ،والتَّنقية للحال ،وال َغ ْسل للماضي»(.)2
((( زاد المعاد (.)269/4
((( انظر :فتح الباري ( ،)320/2ومرقاة المفاتيح (.)89/3
أحاديث األذكار واألدعية 370
61
بالعبودية والدُّ ِ
عاء واالستغفار. َّ
ِ
ت َو ْج ِهي ل َّلذي َف َطر َّ
الس َم َاوات َواألَ ْرض حني ًفا» ،أي :هلل «و َّج ْه ُ
قولهَ :
«ل َشرِ َ
يك َل ُه» ،أي :ليس له شريك يف شيء من ذلك؛ ال شريك له قولهَ :
يف صاليت ،وال شريك له يف نُسكي ،وال شريك له فيما أحيا عليه ،وما أموت
ٌ
شريك يف ذلك. عليه .ليس هلل F
قوله« :وبِ َذلِ َ ِ
َّوجه والتَّذ ُّلل ك ُأم ْر ُت» ،أي :وبذلك اإلخالص ُ
وحسن الت ُّ َ
والخضوع أ ُمرت ،أي :أمرين اهلل ،Dكما قال تعالى﴿ :ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ
ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ﴾.
ِِ ِ
ين» ،هذا فيه االنتساب لإلسالم ،قال اهلل تعالى: «و َأنَا م َن ُ
الم ْسلم َ قولهَ :
الحج ]78 :وقال تعالى﴿ :ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﴿ﯗ ﯘ ﯙ﴾ [ ُّ
فصلت.]33 :
ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ﴾ [ ِّ
العلمي
ِّ جمع بين التَّوحيدين
ٌ ْت» ،فيه ك َل إِ َل َه إِ َّل َأن َالم ِل ُ
ْت َقوله« :ال َّل ُه َّم َأن َ
ك» ،أي :الملك ك ُّله لك ،ال شريك لك الم ِل ُ
ْت َ والعملي؛ العلمي يف قولهَ :
«أن َ ُّ ِّ
بحق وال
ْت» ،أي :المعبود ٍّ َ
«ل إِ َل َه َّإل أن َ
والعملي يف قولهَ : يف شيء من ذلك،
ُّ
تفردت وحدك بالملك ال شريك لك
بحق سواك ،والمعنى :كما أنَّك َّمعبود ٍّ
ُفنفردك بالعبادة وحدك ال ندَّ لك.
ْت ْت َر ِّبي َو َأنَا َع ْبدُ َك» ،فقولهَ :
«أن َ ثم أكَّد هذا التَّوحيد بنوعيه ،فقالَ :
«أن َ َّ
العملي.
ُّ «و َأنَا َع ْبدُ َك» هذا التَّوحيد العلمي ،وقولهَ : ُّ ر ِّبي» هذا التَّوحيد
ت بِ َذ ْنبِي» ،هذا اعرتاف العبد بحاله وما ت َن ْف ِسيَ ،وا ْعت ََر ْف ُ
قولهَ « :ظ َل ْم ُ
ت َن ْف ِسي»ُ ،ظلم النَّفس يكون بفعل الذنب والتَّقصير .فقولهَ « :ظ َل ْم ُ عنده من َّ
الذنب ،ويكون بتقصير العبد يف ال َّطاعة والعبادة. َّ
قولهَ « :فا ْغ ِف ْر لِي ُذنُوبِي َج ِمي ًعا» ،هذا طلب للغفران جاء بعد تلك الوسائل
العظيمة.
أحاديث األذكار واألدعية 376
قوله« :والخير ك ُّله يف يديك» ،أي :خزائن الخير ك ُّلها بيدك ،ولهذا جاء يف
كل خير خزائنه بيدك ،وأعوذ بك هم إنِّي أسألك من ِّ َّبي ﷺ قوله« :ال َّل َّ أدعية الن ِّ
شر خزائنه بيدك»( ،)1فالخير ك ُّله بيد اهلل فال ُيطلب َّإل منه سبحانه ،وال من ِّ
كل ٍّ
ُيلتجأ يف طلبه َّإل إليه.
الش ِّر أن ُينسب إليهَّ ،
فالش ُّر ال «والش ُّر ليس إليك» ،فيه تنزيه اهلل عن َّ
َّ قوله:
ُينسب إلى اهلل بوجه من الوجوه ،ال يف ذاته ،وال يف أسمائه ،وال يف صفاته ،وال
المقضي ال يف
ِّ الش ُّر يدخل يف مخلوقاته ومفعوالتهَّ ،
فالش ُّر يف يف أفعاله ،وإنَّما َّ
كل ما نُسب إليه فهو خير.الش ِّر إليه ،بل ُّ
القضاء ،فتبارك وتعالى عن نسبة َّ
قوله« :أنا بك وإليك»« ،بك» ،أي :مستجير« ،وإليك» ،أي :ملتجأ .وقيل:
وكل هذا يحتمله ال َّلفظ.
«بك» أحيا وأموت« ،وإليك» ،أي :المصير والمرجعُّ .
استحققت ال َّثناء وتكاثر خيرك ،وأصل الكلمة
َ قوله« :تباركت» ،أي:
للدَّ وام وال ُّثبوت.
«وتعاليت» ،أي :ارتفعت عظمتك وظهر قهرك وقدرتك.
قوله« :أستغفرك وأتوب إليك» ،فيه الجمع بين االستغفار والتَّوبة،
واالستغفار :هو طلب محو ُّ
الذنوب واإلقالة منها والعفو عنها .والتَّوبةُ :يراد
هبا ترك العبد ُّ
للذنوب وإقالعه عنها ،وعزمه على عدم فعل شيء منها.
استفتاح عظيم ،وهو ثابت عن نب ِّينا
ٌ أن هذا االستفتاح الشاهدَّ :
َّ
.Oوالنَّبِ ُّي ﷺ َلم يكن يداو ُم على نو ٍع من االستفتاحات ،بل
يستفتح هبذا تارةً ،وهبذا تارةً.
وصححه األلباينُّ
َّ ((( رواه الحاكم يف مستدركه ( ،)1924وال َّطرباينُّ يف الدُّ عاء (،)1445
الصحيحة ( ،)1540ويف صحيح الجامع (.)1260 السلسلة َّ
يف ِّ
أحاديث األذكار واألدعية 378
َّ
النب ّي ﷺ ُ
يجد َّأنها على ثالثة ِِ
َ
ومن َّ
يتأمل في االستفتاحات املأثورة عن
أنواع:
نوع فيه ال َّثنا ُء على اهلل.
ٌ -1
إخبار من العبد عن عبادة اهلل.
ٌ ونوع فيه
ٌ -2
ونوع فيه دعا ٌء وطلب.
ٌ -3
وأعلى ذلك ما كان ثنا ًء على اهلل ،ويليه ما كان خربًا من العبد عن عبادة
اهلل ،ويليه ما كان دعا ًء من العبد.
379 -62أدعية االستفتاح ()3
62
ول اهللِ ﷺ إِ َذا َقا َم مِ َن ال َّل ْي ِل ا ْف َتت ََح َص َل َت ُه: كان َر ُس َُع ْن عائِ َش َة Jقا َل ْتَ :
ب ض َعالِ َم ا ْل َغ ْي ِ ات َواألَ ْر ِ يل َفاطِر السمو ِ
َ َّ َ َ يل َوإِ ْس َرافِ َ
يل َو ِميكَائِ َ «ال َّل ُه َّم َر َّب ِج ْب َرائِ َ
ف فِ ِيه اخت ُِل َ ونْ ،اه ِدنِي لِ َما ْ يما كَانُوا فِ ِيه َيخْ ت َِل ُف َ ِ ِ ِ
ْت ت َْحك ُُم َب ْي َن ع َباد َك ف َ الش َها َد ِة َأن َ
َو َّ
اط ُم ْست َِقيمٍ» .رواه مسلم(.)1 َّك تَه ِدي من ت ََشاء إِ َلى ِصر ٍ
َ ُ َ ْ ك؛ إِن َ ْ ِم َن ا ْل َح ِّق بِإِ ْذنِ َ
َّبي ﷺ ،منها هذا االستفتاح، ن ال عن ثبتت ٍ
باستفتاحات ُخ َّصت صالة ال َّليل
ِّ
وال بأس أن يستفتح المسلم صالته من ال َّليل باالستفتاحات العا َّمة ا َّلتي
هم باعد بيني هم» ،أو «ال َّل َّ «وجهت وجهي» ،أو «سبحانك ال َّل َّ تقدَّ مت ،كقولهَّ :
وبين خطاياي».
يل َوإِ ْس َرافِ َ
يل» ،تخصيص هؤالء ال َّثالثة يل َو ِميكَائِ َ
قوله« :ال َّل ُه َّم َر َّب ِج ْب َرائِ َ
دليل على شرفهم وفضيلتهم وتقدُّ مهم على غيرهم من بالذكر فيه ٌ من المالئكة ِّ
َّبي ﷺ لم يكن ليختار يف هذه الوسيلة َّإل المخلوقات َّ
المالئكة؛ وذلك أن الن َّ
العظام.
قال ابن الق ِّيم « :Vفذكَر هؤالء ال َّثالثة من المالئكة؛ لكمال
اختصاصهم واصطفائهم وقرهبم من اهلل ،وكم من َم َلك غيرهم يف َّ
السموات
يسم َّإل هؤالء ال َّثالثة؛ فجربيل صاحب الوحي ا َّلذي به حياة القلوب
فلم ِّ
((( رواه مسلم (.)770
أحاديث األذكار واألدعية 380
وا َّلذي يطلبه العبد يف هذا االستفتاح حياة قلبه باالستقامة على شرع اهلل
والضالالت واالنحرافات؛ فكان يف غاية
ودينه ،والبعد عن األهواء والبدع َّ
((( زاد المعاد (.)44/1
L-r?i-
h-1 1t')'.
''
u..
a l.I.
G.z2I'n'V
,. ! .,
a-ux ..O k.ûx. ''.pt..b.-
hk-.uz+-lhI J J .
'1hI.k-..a='o..;o
',=- ''I'
u';hvu.-1Ictw'
', uu
' ..w21
. h,'vw shaw xcw'hz
.
u- ao.auzp)..,Nh.
,-
.
,.0kuwt.o...s--y kw ,s..
'
,=.-'<;,ùo uawwt.o
.
u
. Eh9.
. œy.
q .'.. ... kucgIwv
.Iw.-
:I9 JIp-'' w'u
wph
. o ;!=.,th; u-
'x..tw.'tlw ô.t:. ooI Lou <'xA'tI
v'w a. .
u.)h.u.:olk'
c'Jp u.g'
t.
p
'1.4'u'MJ
'''
ulh'J hJ
kmp
.
.l). /w,= A> kta . ' .. ui
,-1vAgts Lw.
a-2
:o.t.
...
pwx'ir' Qx;a '1)). 'Zvza
.1'jw1a1*ùô>-
2 ..x':u.rw.x:u.' Vo lJï
.m,-.u. 'Lk a-. u. )I *NIl (sAy u.12
z3
. . >
'l<F'5.i<) * '
. twv=Y..
'
o'
u& .
:I..*..t.o wuu.s'
uwf=.
.'
-'.tkr'.-Vx 11
J KEc.:ias'
r lq''-.
..
.-.
tx' .'
.z t-v
J-'
w..u'.w..-g
.
v.'.
-..
5ruI')..Gz I.: =$'où
' u IwwtôlIw. .1 '1I s...i .=1lz uu- 1I
, .t .. .p ug -/../2y.
u:( Vx -@k-
+- ..r'f..tp ..'
.v . .çJ..t'
tp
'
r
.
,x N h. ,:.u,
' .' ,.
l9uo ..oa,u Iw.tew;ua. .., uo;Iw.uibcw:u.w'.w. I
$z U - V.O.-:JohJ
: :' 3: * ' 11 Z1
to .x;,eu..xuha o u$ a usv,'aha
u.
j ,.p J , jp .
>GRly' u.uk.zlo.
.l J. '
J @e. .=%
' w votL uéap ' <qIp'w; axlI
..wtï ..wf lao,
I
.oS uw11.% h'Iz o' u.S h'u' vI,wb
C'*, atv0.2. 5s
I Q Ir1 4v. j..&-'' .mw.
v c..b'p m.a
' '1
.ap
., . ! 1
; s ,
w1w=w5
>a1I%..Fwz
I kz*w5wIwvsp1h.kIw',:)).'.
.a o.a.as k.ç>.
. >J'.5ju-g'
uyww
w .: a.wx oc' uN
. Ia I
a.
%..Fuo w mwv.
b ow'
rul
- owi
. h.kg bktu>w.tcx z
- owi
. hw=w .wJ
e -5u. $='
.a e- c=
.J . .
.q.5u%
.. .
ww
.5ra-Vx :Ie1J .Q1ja j wjzI L.
J.. 'u
'I
. ($s-hw,y
.o)zu..1
.Ia.u
Iwa1w'
.I kx0
ww t. .v.-
e%>-)t
a IIôI
.. -C
r5
'7 '
أحاديث األذكار واألدعية 382
ك» ،هذا هو المطلوب ،أن ف فِ ِيه ِم َن ا ْل َح ِّق بِإِ ْذنِ َ «اه ِدنِي لِ َما ْ
اخت ُِل َ قولهْ :
الحق،
الحق بإذنه ،والنَّاس قد يقع بينهم اختالف يف ِّ يهديه لما اختلف فيه من ِّ
أقوال عديدة يف المسألة الواحدة أو الحكم الواحد ،ويحتار المرء ً فتجد لهم
الصواب فيها؟ وقد تشتبه بعض األحكام على يف بعض المسائل ال يدري ما َّ
كثير من النَّاس ،كما يف الحديث« :إِ َّن ا ْل َحال ََل َب ِّي ٌن َوإِ َّن ا ْل َح َرا َم َب ِّي ٌن َو َب ْين َُه َما
َّاس» ،وقد يخفى حكمها ،وقد ينشأ المرء منذ ات َل َي ْع َل ُم ُه َّن كَثِ ٌير ِم َن الن ِ
ُم ْش َتبِ َه ٌ
ثم يته َّيأ له أن يقرأ كتا ًبا أو صغره على عم ٍل مخالف ُّ
للسنَّة تر َّبى عليه وترعرعَّ ،
مشكل عنده؛ هل ً السنَّة ،فيبقى
أن هذا األمر خالف ُّ عالما يب ِّين للنَّاس َّ
يسمع ً
بالسنَّة ا َّلتي استبانت له وا َّتضح دليلها ويرتك ما عليه اآلباء؟ أو يبقى على يأخذ ُّ
ما هو عليه؟ فيصبح يف اضطراب ،فما أحوجنا إلى هذا الدُّ عاء واإلكثار منه.
بالحق مع قصده وإيثارهِّ قال ابن الق ِّيم « :Vوالهداية هي العلم
بالحق المريد له ،وهي أعظم نعمة هلل على ِّ على غيره ،فالمهتدي هو العامل
الصراط المستقيم َّ
كل يوم وليلة يف العبد؛ ولهذا أمرنا سبحانه أن نسأله هداية ِّ
الحق ا َّلذي يرضى اهلل يف ِّ
كل فإن العبد محتاج إلى معرفة ِّ صلواتنا الخمسَّ ،
الحق فيجعل محتاج إلى َمن يلهمه قصد ِّ ٌ حركة ظاهرة وباطنة ،فإذا عرفها فهو
أن ما يجهله العبد أضعاف ثم إلى َمن يقدِّ ره على فعله ،ومعلو ٌم َّ إرادته يف قلبه َّ
حق ال تطاوعه نفسه على إرادته ،ولو كل ما يعلم أنَّه ٌّ وإن َّ
أضعاف ما يعلمهَّ ،
وقت إلى هداية تتع َّلق بالماضي كل ٍ مضطر َّ أراده لعجز عن كثير منه ،فهو
ٌّ
محتاج إلى محاسبة نفسه عليه ،وهل ٌ وبالحال والمستقبل؛ أ َّما الماضي فهو
الحق فيتوب
السداد؟ فيشكر اهلل عليه ويستديمه ،أم خرج فيه عن ِّ وقع على َّ
إلى اهلل تعالى منه ويتسغفره ويعزم على أن ال يعود ،وأ َّما الهداية يف الحال فهي
مطلوبة منه ،فإنَّه ابن وقته فيحتاج ان يعلم حكم ما هو متل ِّبس به من األفعال
383 -62أدعية االستفتاح ()3
هل هو صواب أم خطأ؟ وأ َّما المستقبل فحاجته يف الهداية أظهر ليكون سيره
اضطرارا
ً على الطريق ،وإذا كان هذا شأن الهداية ُعلم َّ
أن العبد أشدُّ شيء
إليها»(.)1
ألححت -أ َّيها العبد -علىَ وكان ابن تيم َّية :كثير الوص َّية هبذا الدُّ عاء ،وإذا
تيسرت لك أبواب الحق بإذنه َّاهلل ورجوته أن يهديك إلى ما اختلف فيه من ِّ
الحق وظهر.
الخير وبان لك ُّ
ِ ِ ٍ وقوله« :إن َ ِ
توسل خامس، َّك ت َْهدي َم ْن ت ََشا ُء إِ َلى ص َراط ُم ْستَقيمٍ» ،هذا ُّ
الصراط المستقيم بيد اهلل، أن هدايتك إلى ِّ وهو إقرارك واعرتافك وإيمانك َّ
قال اهلل لنب ِّيه :ﷺ ﴿ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ﴾ [القصص:
،]56وقال تعالى﴿ :ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ﴾ [يوسف،]103 :
وقال تعالى﴿ :ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ﴾ [النَّحل،]37 :
أي أحد كائن َمن كان َّإل َّ
رب الصراط المستقيم ليست بيد ِّ فالهداية إلى ِّ
العالمين سبحانه ﴿ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ﴾ [األنعام:
﴿ ،]39ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ﴾ [النَّحل ،]93 :فالهداية بيده سبحانه،
اط ُم ْست َِقيمٍ» ،نسألَّك تَه ِدي من ت ََشاء إِ َلى ِصر ٍ
َ ُ َ ْ توسلك هذا« :إن َ ْ ولهذا تقول يف ُّ
اهلل أن يهدينا أجمعين ،وأن يصلح قلوبنا ،وأن يأخذنا بنواصينا إلى صراطه
المستقيم.
محمدً ا ﷺ هبذا الدُّ عاء يف القرآن الكريم ،قال اهلل
وقد أمر اهلل تعالى نب َّيه َّ
تعالى﴿ :ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ
الزمر ،]46 :أمره به بعدما ذكر عن المشركين ما ذكر ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ﴾ [ ُّ
الشرك ونفرهتم عن التَّوحيد .والمعنى :ادع -أ َّيها من المذ َّمة لهم يف ح ِّبهم ِّ
السعادة (.)83/1
((( انظر :مفتاح دار َّ
أحاديث األذكار واألدعية 384
السماوات واألرض ،أي: َّبي -اهلل وحده ال شريك له ،ا َّلذي هو فاطر َّ
الن ُّ
الس ُّر والعالنية
خالقهما على غير مثال سبق ﴿ﯜ ﯝ ﯞ﴾ ،أيِّ :
﴿ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ﴾ ،أي :يف دنياهم ،وستفصل بينهم
يوم معادهم ،وقيامهم من قبورهم.
ويف هذا تعليم للعباد أن يحسنوا االلتجاء إلى اهلل تعالى ،والدُّ عاء بأسمائه
َّوسل إليه هبا.
الحسنى والت ُّ
ومما ُين َّبه عليه يف هذا المقامَّ :
أن العبد إذا دعا هبذا الدَّ عاء أو غيره من َّ
السبب ،فإذا قال« :اهدين لما اختلف فيه» األدعية عليه أن ُيتبِع الدُّ عاء ببذل َّ
عليه أن يأخذ باألسباب؛ وذلك بمجاهدة النَّفس على سلوك طريق العلم،
والصواب ،وعدم التَّر ُّدد يف قبوله.
الحق َّ
وتحري ِّ ِّ وتل ِّقيه عن أهله،
385 -63أدعية االستفتاح ()4
63
َان النَّبِ ُّي ﷺ إِ َذا َقا َم مِ َن ال َّل ْي ِل َيت ََه َّجدُ َ ،ق َال: قال :ك َ اس َ L ابن َع َّب ٍ َع ْن ِ
ك ا ْل َح ْمدُ ، يه َّنَ ،و َل َ ض َو َم ْن فِ ِ ات َواألَ ْر ِ ْت َقيم السمو ِ
ك ا ْل َح ْمدُ َ ،أن َ ِّ ُ َّ َ َ هم َل َ«ال َّل َّ
ك السمو ِ ك ا ْلحمدُ َ ،أن َ ِ ض َو َم ْن فِ ِ ْت نُور السمو ِ
ات ْت َمل ُ َّ َ َ يه َّنَ ،و َل َ َ ْ ات َواألَ ْر ِ َأن َ ُ َّ َ َ
ك ا ْل َح ُّق، ْت ا ْل َح ُّقَ ،و َو ْعدُ َك ا ْل َح ُّقَ ،و َق ْو ُل َ ك ا ْل َح ْمدُ َ ،أن َ يه َّنَ ،و َل َ ض َو َم ْن فِ ِ َواألَ ْر ِ
السا َع ُةون َح ٌّقَ ،و ُم َح َّمدٌ ﷺ َح ٌّقَ ،و َّ َولِ َقاؤُ َك َح ٌّقَ ،وا ْل َجنَّ ُة َح ٌّقَ ،والن َُّار َح ٌّقَ ،والنَّبِ ُّي َ
ك تَ ،وبِ َ ك َأ َن ْب ُ تَ ،وإِ َل ْي َ ك ت ََو َّك ْل ُ ْتَ ،و َع َل ْي َ ك َآمن ُ تَ ،وبِ َ ك َأ ْس َل ْم ُ هم َل َ َح ٌّق ،ال َّل َّ
ت َو َما َأ َّخ ْر ُت َو َما َأ ْس َر ْر ُت َو َما تَ ،فا ْغ ِف ْر لِي َما َقدَّ ْم ُ ك َحاك َْم ُ تَ ،وإِ َل ْي َ اص ْم ُ َخ َ
البخاري ومسلم(.)1 ُّ ْت» .رواه الم َؤ ِّخ ُرَ ،ل إِ َل َه إِ َّل َأن َ
ْت ُ ْت الم َقدِّ ُم َو َأن َ ْتَ ،أن َ َأ ْع َلن ُ
ول قو َة َّإل باهلل». حول َ «ول َ روايةَ : ٍ وزا َد يف
َمل على اثنتين وعشرين جملةً ،كان نب ُّينا جامع مشت ٌ ٌ عظيم
ٌ فهذا مت ٌن
كل ليلة يستفتح به صال َته من ال َّليل. يكرره َّ ِّ O
استفتاحا
ً المستمرة هبذه الكلمات العظيماتَّ أن هذه العناي َة وما مِن ريب َّ
تدل على ِعظم شأهنا وجاللة َقدْ رها ،الس َّيما إذا كانت يف لصالة ال َّليل هبا ُّ
وسكون ال َكون ،وهو وقت ُق ٍ
رب وه ْجعة النَّاس ُ وهدأة الخلق َ جوف ال َّليل َ
الر ُّب Fإلى ُ ِ ورحمة؛ ُتفتَح فيه
وينزل فيه َّ حمات، بالر
السماء َّ أبواب َّ
ُ َ
الصالح النَّاصح بي َن يدي ر ِّبه ِ
يقف العبدُ َّوالهبات ،إذ ُ َسماء الدُّ نيا بال َعطايا
البخاري ( ،)1120ومسلم (.)769
ُّ ((( رواه
أحاديث األذكار واألدعية 386
ريب ،ال يف ذاتِه ،وال يف أسمائه وصفاتِه، شك فيه وال َ ومعناه ،أي :ا َّلذي ال َّ
بحق سواه ،وهو بحق ،وال معبو َد ٍّوال يف ربوب َّيته ،وال يف ألوه َّيته ،فهو المعبود ٍّ
حق،
حق ،ودينه وشرعه ٌّ حق ،وأفعاله وأقواله ٌّ حق ،وأسماؤه وصفاته ٌّ ٌّ F
الحق؛
حق ،وله Eوحده دعو ُة ِّ حق ،ولقاؤه ٌّ حق ،ووعده ٌّ وأخباره ك ُّلها ٌّ
للحق المبين .E ِّ صرف شي ٌء من العبادة َّإل ُ فال ُيدعى َّإل اهلل ،وال ُي
صادق الوعد ،ال يخلف الميعاد، ُ الح ُّق» ،واهلل سبحانه «و َو ْعدُ َك َ
قولهَ :
كل مااهلل ُ Dيوفِي عبا َده وأوليا َءه وأصفيا َءه َّ إيمان َّ
بأن َ ٌ أيضا
وهذا فيه ً
ٍ
وكرامات يف الدُّ نيا واآلخرة ،قال اهلل ٍ
وخيرات ٍ
وهبات وعدَ ُهم به من عطايا
تعالى﴿ :ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ
ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ﴾ [النِّساء ،]122 :وقال تعالى﴿ :ﭑ ﭒﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ
الروم.]6 :
ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ﴾ [ ُّ
الج َّن ُة َح ٌّقَ ،والن َُّار َح ٌّق» ،فيه اإليمان بالجنَّة والنَّار ،وهما مِن
«و َقولهَ :
موضع مِن كتابه،
ووقوعه يف غير ما ِ ِ أقسم على صدقِه َ الصادق ا َّلذيوعده َّ
قال اهلل تعالى يف وعد المؤمنين بالجنَّة﴿ :ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ
ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ ﯠ
ﯡ ﯢﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ﴾ [التَّوبة ،]72 :وقال يف و ْع ِد الكافرين بالنَّار:
﴿ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤﯥ ﯦ ﯧﯨ
ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ﴾ [التَّوبة.]68 :
أصل من ٌ بالرسل الكرام ،وهو ُ
اإليمان ُّ ون َح ٌّق» ،وهذا «والنَّبِ ُّي َ
قولهَ :
بالرسل ،قال ٍ َ أصول اإليمان؛ َّ
اإليمان يقوم على ستَّة أصول منها اإليمان ُّ فإن ُ
اهلل تعالى﴿ :ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ
إيمان بأنَّهم صفو ُة الخلقَّ ،
وأن ٌ ﮤ ﮥ﴾ [البقرة ،]285 :واإليمان هبم:
بالحق والهدى ،وأنَّهم جميعهم صادقون ِّ اهلل اجتباهم ،وأنَّهم قد بع َث ُهم اهلل
عرفين، مصدوقونَ ،بر َر ٌة راشدون ،أتقياء ناصحون ،هدا ٌة مهتدون ،بع َث ُهم به ُم ِّ
ولمن خال َفهم ُمنذرين ،فب َّلغوا أ َم َمهم ما مبشرينَ ،ولمن أجا َب ُهم ِّ وإليه داعينَ ،
شرا َّإل
أممهم عليه ،وال ًّ خيرا َّإل د ُّلوا َ
أمرهم اهلل به البال َغ المبين ،فما تركوا ً ُ
حذروهم منه.َّ
محمد ﷺِ ،خيرة اهللبنبوة َّ الخاص َّ
ُّ «و ُم َح َّمدٌ ﷺ َح ٌّق» ،فيه اإليمان قولهَ :
من خلقه ،وصفوته من عباده ،وأكرم الخلق على ر ِّبه ،إمام المتَّقين ،وقائد
المحجلين ،وس ِّيد ولد آدم أجمعين ،وخاتم النَّب ِّيين﴿ :ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ َّ الغر
ِّ
بالحق
ِّ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ﴾ [األحزاب ،]40 :أرسله اهلل
منيرا؛ فب َّلغ البالغ المبين،
وسراجا ً
ً ونذيرا وداع ًيا إلى اهلل بإذنه
ً بشيرا
والهدى ً
حذرها منه. شرا َّإل َّ
دل أ َّمته عليه ،وال ًّخيرا َّإل َّ
وما ترك ً
389 -63أدعية االستفتاح ()4
اهلل
الزمر ،]54 :وقد ذكَر ُطاعته ،كما قال تعالى﴿ :ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ﴾ [ ُّ
اإلناب َة يف مواضع كثيرة م َن القرآن وأثنى على المنيبين وأمر باإلنابة إليه.
محاجتي
َّ ت» ،أي :أنَّني مستعي ٌن بك -يا اهلل -يفاص ْم ُ
ك َخ َ «وبِ َ
قولهَ :
ِ
عقائدهم وضاللهم ألعدائك ،وردي عليهم ،وبياين لفس ِ
اد َ ومخاصمتي
َ ِّ َ
ملتجئ إليك وحدَ ك.
ٌ وباطلِهم،
ت» ،هذا فيه َّ
أن التَّحاكم إنَّما يكون إلى شرع اهلل ،قال «وإِ َل ْي َ
ك َحاك َْم ُ قولهَ :
تعالى﴿ :ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ
الشورى.]10 : ﯽ ﯾ﴾ [ ُّ
ْت» ،أي:ت َو َما َأ َّخ ْر ُتَ ،و َما َأ ْس َر ْر ُت َو َما َأ ْع َلن ُقولهَ « :فا ْغ ِف ْر لِي َما َقدَّ ْم ُ
كريم ،وأنت
ٌ وصفحك َ فإن رحمتَك واسعةٌ، الذنوب؛ َّ جميع ُّ
َ فاغفر لي يا اهلل
أنت ،قال اهلل تعالى ﴿ :ﭭ ﭮ ﭯ نوب َّإل َ الذ َ يغفر ُّ الرحيم ،وال ُ الغفور َّ
ُ
ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼ﴾
[آل عمران.]135 :
االسم ْين
َ توس ٌل إلى اهلل َ
هبذ ْين الم َؤ ِّخ ُر» ،وهذا ُّ
ْت ُْت الم َقدِّ ُمَ ،و َأن َ قولهَ :
«أن َ
ور َدا يف هذا الحديث يف سياق طلب ال ُغفران العظيم ْين هلل سبحانه ،وقد َ َ
ليس إليه شي ٌء من أمر سعادتِه أو أن العبد َ بيان َّ
جميعها ،ويف هذا ٌ ِ للذنوبُّ
تأخ ِره ،إن اهتدى فبهداية اهلل إ َّياه،رفعه ،أو تقدُّ مِه أو ُّ خفضه أو ِ ِ شقاوتِه ،أو
ضل فبصرفِه عن الهدىَّ ،
وأن ثبت على اإليمان فبتثبيته سبحانه ،وإن َّ وإن َ
يتصرف فيها بما شاء ،ال يمتَنع عليه شيء
َّ قلوب العباد هو اهلل،
َ ا َّلذي يتو َّلى
منها ،يق ِّلبها كيف يشاء.
ْت» ،هذا ٌ
ختم لهذه المناجاة العظيمة بأعظم الكلمات «ل إِ َل َه إِ َّل َأن َ
قولهَ :
391 -63أدعية االستفتاح ()4
اهلل» ،ا َّلتي ألجلها ُخلقت الخليقةُ، «ل إِ َل َه إِ َّل ُ على اإلطالق؛ كلمة التَّوحيد َ
الكتب ،وهبا افرتق النَّاس إلى مؤمنين وك َّفار، ُ سل ،و ُأنزلت الر ُ و ُأرسلت ُّ
الكلمة وموق ُعها م َن
َ وسعداء أهل الجنَّة ،وأشقياء أهل النَّار .وفضائل هذه ُ
فوق ما يص ُفه الواصفون ويعر ُفه العارفون. الدِّ ين َ
ٍ
وتفويض «و َل َح ْو َل َو َل ُق َّو َة َّإل بِاهلل» ،هي كلمة إسال ٍم واستِسال ٍم، قولهَ :
أمره شي ًئا ،وليس له يملك من ُِ وأن العبدَ الوالقوة َّإل باهللَّ ، َّ الحول وترب ٍُّؤ من َ
تحول للعبد مِن خير َّإل بإرادته تعالى ،فال ُّجلب ٍ ِ قو ٌة يف
شر وال َّ حيل ٌة يف دف ِع ٍّ
قوة ،وال مِن ٍ
وهن إلى َّ صحة ،وال مِن ِ
معصية إلى طاعة ،وال من مرض إلى َّ
بشأن مِن شؤونِه أو غاية ٍ قوة له على القيام ٍ
كمال وزيادة َّإل باهلل ،وال َّ ٍ ٍ
نقص إلى
مِن غاياته َّإل باهلل العظيم.
ب لي ٍل يقوم المر ُء المسلم يف جوفه ليص ِّل َي لر ِّبه أال ما أهن ََأ َّ
وألذ وأط َي َ
مستشعرا
ً مستفتحا هبذا االستفتاح العظيم،
ً َب اهلل له من صالة، ومواله ما كت َ
مقو ًيا صلتَه بر ِّبه ِ
العظيمة ودالالته الجليلة ،مجدِّ ًدا إيمانَه وتوحيدَ هِّ ،َ معانيه
الزك َّية ،والمقامات العل َّية،
ب عليه من األحوال َّ ومو َله ،راج ًيا َ
نيل ما يرت َّت ُ ْ
والنَّتائج العظيمة ،واآلثار المباركة ،وال َعوائد الحميدة ،وباهلل وحدَ ه التَّوفيق
َ
شريك له. ال
أحاديث األذكار واألدعية 392
64
الصالة وتؤتي محمدً ا رسول اهلل ،وتقيم َّ وأن َّ «اإلسالم أن تشهد أن ال إله َّإل اهلل َّ
وتحج بيت اهلل الحرام» ،قال« :أخبرين عن اإليمان»، َّ الزَّكاة ،وتصوم رمضان
قال« :اإليمان أن تؤمن باهلل ومالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر ،وأن تؤمن
ففسر اإلسالم بأعمال الدِّ ين ال َّظاهرة وشرائعه التَّع ُّبد َّية، وشره»؛ َّ بالقدر خيره ِّ
وفسر اإليمان بعقائد الدِّ ين الباطنة وأصوله ا َّلتي مكاهنا القلب. َّ
الذكر قوله« :خَ َش َع َل َك َس ْم ِعيَ ،و َب َصرِيَ ،و ُمخِّ ي َو َع ْظ ِميَ ،و َع َصبِي» ،هذا ِّ
والمخ والعظم والعصب- ِّ -السمع والبصر المفصل لهذه األعضاء من اإلنسان َّ َّ
بكل أجزائه هلل ،Fفالخشوع هو خضوع العبد فيه استشعار خضوع اإلنسان ِّ
وتمام ذ ِّله وانكساره بين يدي ر ِّبه F؛ وهذا فيه فائدة أن ُتجاهد نفسك على
حفظ هذه األشياء من الغفلة والخروج عن الخشوع ،فال يتناسب مع قولك:
«خ َش َع َل َك َس ْم ِعيَ ،و َب َص ِريَ ،و ُم ِّخي َو َع ْظ ِميَ ،و َع َصبِي» أن تجيل بصرك ،أو َ
تنصت إلى صوت بعيد يتحدَّ ث فتصغي ماذا يقول من باب الفضول؛ فال ُبدَّ أن
فعل يف سمعك ويف كل أجزائك فتكون خاش ًعا ًتستحضر هذا الخشوع التَّا َّم يف ِّ
مخك ،ويف عظمك ،ويف عصبك ،ويف جميع أجزائك. بصرك ،ويف ِّ
الركوع ،يقول :سمع اهلل لمن حمده ر َّبنا ولك
قوله« :وإذا رفع رأسه من ُّ
السماوات وملء األرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من الحمد ملء َّ
بالسمع :سمع اإلجابة ،قال تعالى﴿ :ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ﴾ شيء بعد» ،المراد َّ
[إبراهيم ،]39 :أي :مجيب الدُّ عاء.
الح ْمدُ » ،أي :الحمد لك وحدك مل ًكا واستحقا ًقا،
ك َ قوله« :ر َّبنا َو َل َ
حمدً ا على أسمائك الحسنى وصفاتك وكمالك وعظمتك ،وحمدً ا على
بالصالة نعمك ومننك ا َّلتِي ال ُتعدُّ وال ُتحصى ،ومن أعظم نعمه ْ
أن م َّن عليك َّ
الساجدين. وجعلك من هؤالء المص ِّلين َّ
الراكعين َّ
395 -64أدعية الرُّكوع والقيام منه وال ُّسجود واجللسة بني ال َّسجدتني ()1
يقول ابن الق ِّيم « :Vوال ُيهمل أمر هذه الواو يف قوله( :ر َّبنا ولك
الصحيحين ،وهي تجعل الكالم يف تقدير الحمد)؛ فإنَّه قد نُدب األمر هبا يف َّ
الر ُّب
متضمن يف المعنى أنت َّ
ِّ جملتين قائمتين بأنفسهما؛ َّ
فإن قوله( :ر َّبنا)
والملك الق ُّيوم ا َّلذي بيديه أز َّمة األمور وإليه مرجعها ،فعطف على هذا
فتضمن ذلك معنى
َّ المعنى المفهوم من قوله( :ر َّبنا) قوله( :ولك الحمد)
الموحد« :له الملك وله الحمد»(.)1
ِّ قول
السماوات وملء األرض» هذا بيان لحال الحمد وصفته،
قوله« :ملء َّ
السماوات كثر ًة ويمأل األرض ويمأل ما بينهما ،فهذا حمدٌ أي :حمدً ا يمأل َّ
ثم أضاف إليه حمدً ا يمأل األشياء ا َّلتي لميمأل األشياء الموجودة الكائنةَّ ،
ْت ِم ْن َش ْي ٍء َب ْعدُ » ،فهو حمدٌ يمأل الموجود ويمأل
«و ِم ْل َء َما ِشئ َ
تكن ،قال َ
ما لم يوجد كثرةً ،فهو حمدٌ ال حصر له وال حدَّ وال عدّ .وكم هو جميل بك
السعة يف الحمد. -أ ُّيها المسلم -وأنت تحمد اهلل Eأن تستحضر هذه َّ
هم َل َ ِِ قوله« :وإِ َذا سجدَ ،ي ُق ُ ِ
سجدْ ُت» ،وهذه كذلك ك َ ول في ُس ُجوده :ال َّل َّ َ َ َ َ
خاص باهلل ال يجوز أن يصرف لغيره ُس ْب َحا َن ُه. ٌّ السجود تفيد االختصاصَّ ،
وأن ُّ
ك َأ ْس َل ْم ُ
ت» ،تقدَّ م معناه. ْت َو َل َ «وبِ َ
ك َآمن ُ قولهَ :
وصوره َّ
وشق سمعه وبصره تبارك اهلل َّ قوله« :سجد وجهي ل َّلذي خلقه
وصوره
َّ السجود ال يكون َّإل للخالق ا َّلذي خلق وجه العبد
أحسن الخالقين»ُّ ،
السمع والبصر﴿ ،ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ
وخلقه يف أحسن تقويم ،وجعل له َّ
ﭠ﴾ [التِّين﴿ ،]4 :ﮠ ﮡ ﮢ﴾ [غافر﴿ ،]64 :ﮏ ﮐ ﮑ
ﮒ﴾ [اإلسراء ،]70 :فهو Dوحده ا َّلذي م َّن على العبد هبذه النِّعمة ،وهذا
65
ُوع ِه
ول فِي رك ِ
ُ َان النَّبِ ُّي ﷺ ُيكْثِ ُر َأ ْن َي ُق َ َع ْن عائشة َ Jأن ََّها َقا َل ْت« :ك َ
آن».َك ال َّل ُه َّم َر َّبنَا َوبِ َح ْم ِد َك ،ال َّل ُه َّم ا ْغ ِف ْر لِي»؛ َيت ََأ َّو ُل ا ْل ُق ْر َ
«س ْب َحان َ ِِ
َو ُس ُجودهُ :
البخاري ومسلم(.)1
ُّ رواه
لما نزل عليه ﷺ قول اهلل َت َعا َلى:
«يتأول القرآن» ،تعني :أنَّه َّ
قولها َّ :J
﴿ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ
ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ﴾ [النَّصر ،]1:فكان O
يأيت بما يؤول إليه وهو فعل ما ُطلب منه يف القرآن؛ َّ
ألن التَّأويل ُيراد به تار ًة
التَّفسير ،وتار ًة يراد ما يؤول إليه َّ
الشيء.
والسجود؛ إذا ركع المسلم يقوله وإذا سجد
الركوع ُّ
ذكر ُيقال يف ُّ
وهذا ٌ
ثم طلب لمغفرة ُّ
الذنوب. يقوله ،وهو تسبيح هلل Dمع حمد وثناءَّ ،
ت م َع رس ِ ِ ِ ٍ ِ
ول اهلل ﷺ َو َع ْن َع ْوف ْب ِن َمالك األَ ْش َجع ِّي َ Eق َالُ « :ق ْم ُ َ َ ُ
ف َف َس َأ َلَ ،و َل َي ُم ُّر بِ َآي ِة ور َة ا ْل َب َق َر ِة؛ َل َي ُم ُّر بِ َآي ِة َر ْح َم ٍة إِ َّل َو َق َ
َل ْي َل ًة َف َقا َم َف َق َر َأ ُس َ
ِِ ف َف َتعو َذَ ،ق َالُ :ثم ركَع بِ َقدْ ِر ِقي ِام ِه؛ ي ُق ُ ِ
ان(س ْب َح َ ول في ُركُوعهُ : َ َ َّ َ َ اب إِ َّل َو َق َ َ َّ َع َذ ٍ
اء َوا ْل َع َظ َم ِة)ُ ،ث َّم َس َجدَ بِ َقدْ ِر ِق َي ِام ِهُ ،ث َّم َق َالُوت وا ْلكِبرِي ِ
َ ْ َ
وت وا ْلم َلك ِ
َ َ
ِذي ا ْلجبر ِ
َ َُ
البخاري ( ،)817ومسلم (.)484
ُّ ((( رواه
399 -65أدعية الرُّكوع والقيام منه وال ُّسجود واجللسة بني ال َّسجدتني ()2
وصححه األلباينُّ.
َّ َّسائي (،)1132
((( رواه أبو داود ( ،)873والن ُّ
أحاديث األذكار واألدعية 400
البخاري ومسلم(.)1
ُّ
أمر هذه الواو يف قوله( :ر َّبنا
وقد تقدَّ م قول ابن الق ِّيم :Vأن ال ُيهمل َ
ولك الحمد)؛ ألهنا تجعل الكال َم يف تقدير جملتين قائمتين بأنفسهما.
ول اهلل ﷺ إِ َذا َر َف َع َر ْأ َس ُه َان َر ُس ُ يد ا ْل ُخدْ ِر ِّي َ Iق َال :ك َ و َعن َأبِي س ِع ٍ
َ َ ْ
ْت ض َو ِم ْل َء َما ِشئ َ ات َو ْالَ ْر ِ ك ا ْلحمدُ ِم ْلء السمو ِ
َ َّ َ َ «ر َّبنَا َل َ َ ْ الركُوعَِ ،ق َالَ : م َن ُّ
ِ
ك َع ْبدٌ ،ال َّل ُه َّم َل َاء َوا ْل َم ْج ِدَ ،أ َح ُّق َما َق َال ا ْل َع ْبدُ َ ،و ُك ُّلنَا َل َ
ِمن َشي ٍء بعدُ َ ،أه َل ال َّثن ِ
ْ ْ َْ ْ
ْك ا ْل َجدُّ » .رواه تَ ،و َل َينْ َف ُع َذا ا ْل َجدِّ ِمن َ تَ ،و َل ُم ْعطِ َي لِ َما َمنَ ْع َ َمانِ َع لِ َما َأ ْع َط ْي َ
مسلم(.)2
وصف
ٌ ٍ
شيء َب ْعدُ » هذا ْت ِمن
وم ْلء ما ِشئ َ
ضِ ،
واألر ِ «م ْلء السم ِ
وات قولهِ :
ْ َ َّ َ
السماء
السماوات ،ويمأل األرض ،ويمأل ما بين َّ للحمد وقدره أنَّه يمأل َّ
وصف هذا واألرض ،ويمأل كذلك ما شاء اهلل Fمن شيء بعد؛ فيكون َ
الحمد بأنَّه يمأل األشياء الموجودة ،ويمأل األشياء ا َّلتي لم توجد بعد.
قوله« :أهل ال َّثناء والمجد» ،أي :أنت يا اهلل ٌ
أهل أن ُيثنَى عليك و ُت َم َّجد
لعظمة صفاتك وكمال نعوتك وتوالي نعمك وكثرة آالئك.
إن هذا ال َّثناء عليك والتَّمجيد هو ُّ
أحق «أحق ما قال العبد» ،أيَّ :
ُّ وقوله:
«أحق» خ َب ٌر لمبتدأ محذوف تقديره :هذا ُّ شيء قاله العبد وتل َّفظ به ،فقوله:
تقريرا لحمده وتمجيده وال َّثناء عليه، ً ال َّثناء والتَّمجيد .وقد جاءت هذه الجملة
وأفضل أمر تك َّلم به.
ُ أحق شيء نَطق به العبدُ ولبيان َّ
أن ذلك ُّ
«أحق» أفعل
ُّ قال شيخ اإلسالم ابن تيم َّية « :Vهذا لفظ الحديث
البخاري ( ،)796ومسلم (.)409
ُّ ((( رواه
((( رواه مسلم (.)477
أحاديث األذكار واألدعية 402
(حق ما قال العبد) ،وهذا تفضيل ،وقد غلط فيه طائف ٌة من المصنِّفين ،فقالواٌّ :
الحق والباطل ،بل
فإن العبدَ يقول َّ الرسول ،وليس هو بقول سديد؛ َّ ليس لفظ َّ
الر ُّب ،كما قال تعالى﴿ :ﭒ ﭓ ﭔ﴾ [ص ،]84 :ولكن لفظه الحق ما يقوله َّ ُّ
أحق ما قال العبد ،أو هذا«أحق ما قال العبد» خرب مبتدأ محذوف ،أي :الحمدُ ُّ ُّ
أحق ما قاله العبد ،ولهذا
أن الحمد ُّ أحق ما قال العبد ،ففيه ب َّين َّ -وهو الحمدُّ -
كل خطبة كل صالة ،و َأ ْن ُت ْف َتت ََح به الفاتحة ،وأوجب قو َله يف ِّ أوجب قو َله يف ِّ
كل أمر ذي بال» .اهـ(.)1 ويف ِّ
وأن ذلك حكم لجميع وقوله« :و ُك ُّلنا لك عبد» ،فيه اعرتاف بالعبود َّيةَّ ،
رب لهم النَّاس ،فك ُّلهم مع َّبدون ُم َذ َّل ُلون هلل سبحانه ،هو ر ُّبهم وخال ُقهم ال َّ
خالق سواه.
وال َ
َّقرب إليه بطاعته وإيثار والغنى وطيب العيش وغير ذلك ،وإنَّما ينفعهم عنده الت ُّ
مرضاته.
الز َرقِ ِّي َ ،Iق َالُ :كنَّا َي ْو ًما ن َُص ِّلي َو َرا َء النَّبِ ِّي ﷺ، َو َع ْن ِر َفا َع َة ْب ِن َرافِ ٍع ُّ
ِ ِ َف َلما ر َفع ر ْأسه مِن الر ْكع ِةَ ،ق َالِ :
«سم َع اهَّللُ ل َم ْن َحمدَ ُه»َ ،ق َال َر ُج ٌل َو َرا َء ُهَ :
«ر َّبنَا َ َّ َ َ َ َ ُ َ َّ َ
«م ِن ا ْل ُم َت َك ِّل ُم؟»
ف َق َالَ : ك ا ْل َح ْمدُ َ ،ح ْمدً ا كَثِ ًيرا َط ِّي ًبا ُم َب َاركًا فِ ِيه»َ ،ف َل َّما ان َْص َر َ َو َل َ
ين َم َلكًا َي ْبت َِد ُرون ََهاَ ،أ ُّي ُه ْم َي ْك ُت ُب َها َأ َّو ُل» .رواه ِ
ت بِ ْض َع ًة َو َث َلث َ «ر َأ ْي ُ
َق َالَ :أنَاَ ،ق َالَ :
البخاري(.)1
ُّ
كثيرا ط ِّي ًبا ُمباركًا فيه» ،أي :أحمده حمدً ا ،و«حمدً ا» مفعول
قوله« :حمدً ا ً
«كثيرا ط ِّي ًبا مباركًا فيه» هذه صفات للحمد ،أي:
ً مطلق مؤكِّد لعامله .وقوله:
أحمدك حمدً ا موصو ًفا بالكثرة وال ِّطيب والربكة.
قوله« :لقد رأيت بضعة وثالثين ملكًا يبتدرونها» ،أي :يتسابقون إلى
كتابتها يف صحائف الحسنات.
البخاري (.)799
ُّ ((( رواه
أحاديث األذكار واألدعية 404
66
َّبي ﷺ أنوا ًعا من األدعية كان ﷺ يدعو هبا يف سجوده، وقد ثبت عن الن ِّ
سيأيت ذكر شيء منها.
ود ِه« :ال َّل ُه َّم
ول فِي سج ِ
ُ ُ َان َي ُق ُ ول اهللِ ﷺ ك َ أن َر ُس َ
َو َع ْن أبي هريرة َّ I
آخ َر ُهَ ،و َع َلنِ َي َت ُه َو ِس َّر ُه» .رواه مسلم(.)1
ا ْغ ِفر لِي َذ ْنبِي ُك َّلهِ ،د َّقه و ِج َّله ،و َأو َله و ِ
ُ ُ َ ُ َ َّ ُ َ ْ
هذه صيغة من صيغ االستغفار العظيمة كان Oيقولها يف
الذنوب ك ِّلها؛ الدَّ قيق منها والجليل ،المتقدِّ م منها
سجوده ،يسأل ر َّبه غفران ُّ
والس ِّر منها والمعلن. ِّ
والمتأخرِّ ،
استحضارا
ً «سره وعلنه»؛ وتأ َّمل هذا التَّنويع «د َّقه وج َّله»َّ ،
«أوله وآخره»َّ ،
الذنوب ،وهذا أبلغ يف االستغفار. من العبد ألنواع ُّ
َّبيعلي Iفيما كان يقوله الن ُّ قال ابن الق ِّيم :يف كالمه على حديث ٍّ
أخرت وما أسررت هم اغفر لي ما قدَّ مت وما َّ َّشهد والتَّسليم« :ال َّل َّ ﷺ بين الت ُّ
المؤخر ال ِّ وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به منِّي ،أنت المقدِّ م وأنت
كل ما صنعت» إله َّإل أنت» رواه مسلم ،قال« :ومعلو ٌم أنَّه لو قيل« :اغفر لي َّ
َّضرع وإظهار العبود َّية كان أوجز ،ولكن لفظ الحديث يف مقام الدُّ عاء والت ُّ
تفصيل أحسن وأبلغ ً واالفتقار باستحضار األنواع ا َّلتي يتوب العبدُ منها
هم اغفر من اإليجاز واالختصار ،وكذلك قوله ﷺ يف الحديث اآلخر« :ال َّل َّ
سره وعالنيتهَّ ،أو َله وآخره» ،ويف الحديث« :ال َّل َّ
هم لي ذنبي ك َّله د َّقه وج َّلهَّ ،
هم اغفر اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرايف يف أمري وما أنت أعلم به منِّي ،ال َّل َّ
كثير يف األدعية وكل ذلك عندي»؛ وهذا ٌ وهزلي وخطئي وعمدي ُّ لي جدِّ ي َ
وافتقار إليه وتذ ُّل ٌل بين يديه ،فك َّلما ك َّثره العبدُ
ٌ المأثورة؛ َّ
فإن الدُّ عا َء عبود َّي ٌة هلل
أبلغ يف عبود َّيته وإظهار فقره ونوع ُجم َله كان ذلك َ وطوله وأعاده وأبداه َّ َّ
((( رواه مسلم (.)483
أحاديث األذكار واألدعية 406
ونحو ذلك من ِ إلفالسه وعجزه، ِ السفهاء ،أو لقضاء هنمته من الدُّ نيا ،أو ُّ
فاألول :يتع َّلق بما يتوب منه، ِ
َّ وخلوصها هلل D؛ صحتها العلل ا َّلتي تقدح يف َّ
َّائب ِ واألوسط :يتع َّلق بذات الت ِ
ونفسه ،وهبذه ُ بمن يتوب إليه، وال َّثالث :يتع َّلق َ
َّوبة ،والتَّوفيق بيد اهلل األمور ال َّثالثة يكون العبدُ قد أتى بأكمل ما يكون من الت ِ ِ
وحده(.)1
اش، ول اهللِ ﷺ َل ْي َل ًة مِ َن ا ْل ِف َر ِ َو َع ْن َعائِ َش َة َ Jقا َل ْتَ :ف َقدْ ُت َر ُس َ
ج ِد ،و ُهما منْصوبت ِ ِ ِ ِ
َان، َفا ْلت ََم ْس ُت ُه َف َو َق َع ْت َيدي َع َلى َب ْط ِن َقدَ َم ْيه َو ُه َو في ا ْل َم ْس ِ َ َ َ ُ َ
كَ ،و َأ ُعو ُذ ك ِم ْن ُع ُقو َبتِ َ كَ ،وبِ ُم َعا َفاتِ َ اك ِم ْن َسخَ طِ َ ول« :ال َّل ُه َّم َأ ُعو ُذ بِرِ َض َ
َو ُه َو َي ُق ُ
ك» .رواه مسلم(.)2 ت َع َلى َن ْف ِس َ ْت ك ََما َأ ْثنَ ْي َ
كَ ،أن َ ْكَ ،ل ُأ ْح ِصي َثنَا ًء َع َل ْي َ ك ِمن َ بِ َ
بطن القدم :هو ا َّلذي يلي األرض ،وظاهر القدم :هو الجزء األعلى ا َّلذي
ُيشرع المسح عليه.
لج َأ منه َّإلالعظيم على أنَّه ال َم َف َّر َّإل إلى اهلل ،وال َم َ ُ ُ
الحديث دل هذا وقد َّ
األمر ك ُّله
إليه ،فأز َّم ُة األمور ك ُّلها بيده ،ونواصي العباد معقود ٌة بقضائه وقدَ رهُ ،
والخير ك ُّله يف يديه ،فمنه تعالى المن َْجا ُ له ،والحمدُ ك ُّله له ،والملك ك ُّله له،
شر ما هو كائن بمشيئته وقدرته ،فاإلعاذة الم ْل َجأ ،وهبا االستعاذة من ِّ وإليه َ
تحقيق
ٌ فعله والمستعاذ منه فعله أو مفعوله ا َّلذي خلقه بمشيئته ،وهذا ك ُّله
رب غيره ،وال خالق سواه ،وال يملك المخلوق للتَّوحيد والقدر ،وأنَّه ال َّ
نشورا ،بل األمر ك ُّله هلل، ً ضرا وال نف ًعا وال مو ًتا وال حيا ًة وال لنفسه وال لغيره ًّ
ليس ألحد سواه منه شيء.
ت َع َلى ْت ك ََما َأ ْث َن ْي َ «ل ُأ ْح ِصي َثنَا ًء َع َل ْي َ
ك َأن َ وقوله يف ختام هذا الدُّ عاءَ :
السالكين (.)317/1
((( انظر :مدارج َّ
((( رواه مسلم (.)486
أحاديث األذكار واألدعية 408
السجدتين ،وهي محيطة وجامعة أمور ستَّة ُتطلب يف القعدة بين َّ
فهذه ٌ
ُ
وسؤال الذنوب، ُ
فسؤال المغفرة فيه الوقاية من َش ِّر ُّ ومستوعبة للخير ك ِّله،
حصيل الخير والبِ ِّر واإلحسان ،وسؤال اهلل أن َي ْج ُب َره فيه سدُّ ُ الرحمة فيه َت
َّ
يعوضه ،وسؤال
وج ْب ُر كسره ،وأن ير َّد عليه ما ذهب من الخير وأن ِّ حاجته َ
السالمة من اآلفات والفتن والنَّجاة من الباليا والمحن ،وسؤال العافية فيه َّ
السعادة والفالح يف الدُّ نيا واآلخرة ،وسؤال
الهداية فيه التَّوصل إلى أبواب َّ
الروح من
والشراب ،وما به قوام ُّالرزق فيه نيل ما به قوام البدن من ال َّطعام َّ
ِّ
العلم واإليمان.
السعادةفجاء هذا الدُّ عاء العظيم المشروع يف هذه الجلسة جام ًعا ألصول َّ
أعظمه
َ مشتمل على ُس ُبل الفالح يف الدُّ نيا واآلخرة ،فما ً محي ًطا بأبواب الخير،
من دعاء ،وما أحس َن إحاطته وجمعه.
وصححه األلباينُّ.
َّ ((( رواه ابن ماجه (،)897
أحاديث األذكار واألدعية 410
67
أحاديث عديدة فيها ص َي ٌغ متقاربة ُ لقد ثبت عن النَّبِ ِّي ﷺ يف الت ُّ
َّشهد
َّشهد ،ك ُّلها جائز ٌة مشروعة. للت ُّ
ف النَّبِ ِّي ﷺ ُق ْلنَا: عود َ Iق َالُ :كنَّا إِ َذا َص َّل ْينَا َخ ْل َ َعن َعب ِد اهلل ب ِن مس ٍ
ْ َ ْ ْ ْ
ول الس َل ُم َع َلى ُف َل ٍن َو ُف َل ٍن»َ ،فا ْل َت َف َت إِ َل ْينَا َر ُس ُ يلَّ ، يل َو ِميكَائِ َ «الس َل ُم َع َلى ِج ْبرِ َ َّ
ات هَّللِ، اهلل ﷺَ ،ف َق َال« :إِ َّن اهَّلل هو الس َلمَ ،فإِ َذا ص َّلى َأحدُ كُم َف ْلي ُق ْل« :الت ِ
َّح َّي ُ َ ْ َ َ َ ُ َ َّ ُ
ِ
الس َل ُم ك َأ ُّي َها النَّبِ ُّي َو َر ْح َم ُة اهلل َو َب َركَا ُت ُهَّ ، الس َل ُم َع َل ْي َاتَّ ، ات َوال َّط ِّي َب ُ
الص َل َو ُ
َو َّ
وها َأصاب ْت ك َُّل َعب ٍد ل ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
له ْ ين»َ ،فإِ َّن ُك ْم إِ َذا ُق ْلت ُُم َ َ َ الصالح َ َع َل ْينَا َو َع َلى ع َباد اهلل َّ
«أ ْش َهدُ َأ ْن َل إِ َل َه إِ َّل اهَّللَُ ،و َأ ْش َهدُ َأ َّن ُم َح َّمدً ا َع ْبدُ ُه ضَ ، اء َواألَ ْر ِ صالِحٍ فِي السم ِ
َّ َ َ
البخاري ومسلم(.)1 ُّ َو َر ُسو ُل ُه» .رواه
وعن عبد اهلل بن ع َّباس Lأنَّه قال :كان رسول اهلل ﷺ ُي َع ِّل ُمنَا الت ََّش ُّهدَ
اتالص َل َو ُ ات ا ْل ُم َب َارك ُ ول« :الت ِ ان َي ُق ُ
آنَ ،ف َك َ كَما يع ِّلمنَا السور َة مِن ا ْل ُقر ِ
َات َّ َّح َّي ُ ُّ َ َ ْ َ َُ ُ
ِ ِ ِ
الس َل ُم َع َل ْينَا َو َع َلى ك َأ ُّي َها النَّبِ ُّي َو َر ْح َم ُة اهَّلل َو َب َركَا ُت ُهَّ ، الس َل ُم َع َل ْي َ
ات ل َّلهَّ ، ال َّط ِّي َب ُ
ول اهَّللِ» .رواه ينَ ،أ ْش َهدُ َأ ْن َل إِ َل َه إِ َّل اهَّللُ َو َأ ْش َهدُ َأ َّن ُم َح َّمدً ا َر ُس ُ ِ ِ
الصالح َ
ِ ِ ِ
ع َباد اهَّلل َّ
مسلم(.)2
ات أن النَّبي ﷺ ع َّلمهم التَّشهد« :الت ِ
َّح َّي ُ األشعري َّ I وعن أبي موسى
ُّ َّ ِّ
البخاري ( ،)831ومسلم (.)402
ُّ ((( رواه
((( رواه مسلم (.)403
411 -67ذكر التَّشهد وال َّصالة على الن َّ ِّ
يب صلى اهلل عليه وسلم
ِ ات الص َلو ُ ِ ِ
الس َل ُم ك َأ ُّي َها ال َّنبِ ُّي َو َر ْح َم ُة اهَّلل َو َب َركَا ُت ُهَّ ، الس َل ُم َع َل ْي َ ات ل َّلهَّ ، ال َّط ِّي َب ُ َّ َ
ينَ ،أ ْش َهدُ َأ ْن َل إِ َل َه إِ َّل اهَّللُ َو َأ ْش َهدُ َأ َّن ُم َح َّمدً ا َع ْبدُ ُه ِ ِ ِ ِ ِ
الصالح َ َع َل ْينَا َو َع َلى ع َباد اهَّلل َّ
َو َر ُسو ُل ُه» .رواه مسلم(.)1
ات لِ َّل ِه وعن ابن عمر Iعن رسول اهلل ﷺ يف التَّشهد« :الت ِ
َّح َّي ُ ُّ
ك َأ ُّي َها النَّبِ ُّي َو َر ْح َم ُة اهَّلل ِ َو َب َركَا ُت ُهَ ،أ ْش َهدُ َأ ْن َل الس َل ُم َع َل ْي َ اتَّ ، ات ال َّط ِّي َب ُ
الص َل َو ُ َّ
إِ َل َه إِ َّل اهَّللُ َو َأ ْش َهدُ َأ َّن ُم َح َّمدً ا َع ْبدُ ُه َو َر ُسو ُل ُه» .رواه أبو داود(.)2
اب I القاري َأ َّن ُه َس ِم َع ُع َم َر ْب َن ا ْل َخ َّط ِ ِّ
وعن عبد الرحمن بن ٍ
عبد َّ
ات لِ َّلهِ ِ ِ ِ ِ ِ
ات ل َّله الزَّاك َي ُ ولُ « :قو ُلوا التَّح َّي ُ َّاس الت ََّش ُّهدَ َ ،ي ُق ُ َو ُه َو َع َلى ا ْلمنْ َب ِر ُي َع ِّل ُم الن َ
ِ ات ،الص َلو ُ ِ ِ
الس َل ُم ك َأ ُّي َها النَّبِ ُّي َو َر ْح َم ُة اهَّلل َو َب َركَا ُت ُهَّ ، الس َل ُم َع َل ْي َ ات ل َّلهَّ ، َّ َ ال َّط ِّي َب ُ
ينَ ،أ ْش َهدُ َأ ْن َل إِ َل َه إِ َّل اهَّللُ َو َأ ْش َهدُ َأ َّن ُم َح َّمدً ا َع ْبدُ ُه ِ ِ ِ ِ ِ
الصالح َ َع َل ْينَا َو َع َلى ع َباد اهَّلل َّ
َو َر ُسو ُل ُه» .رواه مالك يف المو َّطأ(.)3
َّشهدات أجزأه .وذهب تشهد ُأيت به من هذه الت ُّ
«فأي ُّقال ابن الق ِّيم ُّ :V
تشهد ابن
افعي إلى ُّ تشهد ابن مسعود ،وذهب َّ
الش ُّ اإلمام أحمد وأبو حنيفة إلى ُّ
جزئ» .اهـ والكل ٍ
كاف ُم ٌ ُّ تشهد عمر ،E ع َّباس ،وذهب مالك إلى ُّ
كالمه .)4(V
ُ
أكمل الصيغ ُة الواردة يف حديث ابن مسعود ،فهي الصيغ ِّ ُ
وأكمل هذه ِّ
الصيغة الواردة يف حديث ابن ع َّباس وغيره من األحاديث الواردة يف هذا
من ِّ
يتضمن
َّ تشهد ابن مسعود َّ
«ألن ُّ الباب؛ وذلك كما يقول ابن الق ِّيم :V
((( رواه مسلم (.)404
وصححه األلبانِ ُّي.
َّ ((( رواه أبو داود (،)971
السنن الكربى ( ،)2838والحاكم يف
والبيهقي يف ُّ
ُّ ((( رواه مالك يف المو َّطأ (،)146
الصالة (.)901/3 ِ
وصححه األلبان ُّي يف أصل صفة ََّّ مستدركه (،)979
الص ِّيب (ص.)110 ((( انظر :الوابل َّ
أحاديث األذكار واألدعية 412
كل جملة يف وتشهد ابن ع َّباس جمل ٌة واحدة»( ،)1فتكون ُُّّ مل متغايرة،ُج ً
والصلوات ًّ
مستقل لوجود الواو يف قوله« :التَّح َّيات هلل َّ حديث ابن مسعود ثنا ًء
وال َّط ِّيبات» ،بخالف ما إذا حذفت فإنَّها تكون صفة لما قبلها ،فتعدُّ د ال َّثناء يف
صريح ،فهو أولى وأكمل.
ٌ حديث ابن مسعود
أصح ما
ثم إنَّه هو المشهور بين كثير من أهل العلم ،ومن حيث اإلسناد هو ُّ َّ
ِّرمذي « :Vحديث ابن مسعود قد ُروي ُّ ورد يف هذا الباب ،ولهذا يقول الت
َّشهد ،والعملأصح حديث ُروي عن النَّبِ ِّي ﷺ يف الت ُّ
ُّ عنه من غير وجه ،وهو
عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب النَّبِ ِّي ﷺ و َمن بعدهم من التَّابعين»(.)2
كل ذلك جائز َّشهدات الواردة ُّ
فإن العمل به أو بغيره من الت ُّ كل َّ وعلى ٍّ
وسائغ.
قوله« :التَّح َّيات» جمع تح َّية ،والمراد التَّعظيمات بكا َّفة ِص َيغها وجميع
كل ذلك هلل وحدهوذل وخضوع وخشوع وانكسارُّ ، هيئاهتا من ركوع وسجود ٍّ
ال شريك له ،وهي له سبحانه مل ًكا واستحقا ًقا.
الركوع الصالة َّ
الشرع َّية ذات ُّ «والصلوات» ،قيل :المراد به َّ َّ وقوله:
الصالة لغة الدُّ عاءُّ ،
وكل ذلك هلل، والسجود ،وقيل :المراد الدُّ عاء؛ َّ
فإن معنى َّ ُّ
فالصالة ك ُّلها هلل فال ُيصرف شيء منها لغيره ،والدُّ عاء ك ُّله هلل فال ُيصرف شيء َّ
منه ألحد سواه.
وقوله« :وال َّط ِّيبات» جمع ط ِّيبة ،والمراد :األقوال ال َّط ِّيبات واألعمال
تقرب بشيء منها ألحد سواه ،فهو تقرب هبا إليه ،وال ُي َّ ال َّط ِّيبات ك ُّلها هللُ ،ي َّ
ب من قول أو فعل. بكل ط ِّي ٍ
َقر ُب إليه ِّ سبحانه ُيت َّ
الصالة وأحكام تاركها (ص.)168
((( انظرَّ :
ِّرمذي تحت حديث رقم (.)289
ِّ ((( انظر :سنن الت
413 -67ذكر التَّشهد وال َّصالة على الن َّ ِّ
يب صلى اهلل عليه وسلم
«السالم عليك ُّأيها ال َّنبِ ُّي ورحمة اهلل وبركاته» ،هذا دعا ٌء للنَّبِ ِّي ﷺ
وقولهَّ :
والرحمة والربكة ،وا َّلذي ُيدعى له ال ُيدعى مع اهلل.
بالسالم َّ
َّ
الصالحين» ،فيه دعا ٌء للنَّفس ولعموم «السالم علينا وعلى عباد اهلل َّ
وقولهَّ :
كل آفة وعيب ونقص وسوء ،وهو مِن جوامع كَلِ ِم بالسالمة من ِّ
المؤمنين َّ
النَّبِ ِّي ﷺ.
لش َرفِه ومزيد ح ِّقه قال بعض أهل العلمَ « :ع َّل َمهم أن ُيفردوه ﷺ ِّ
بالذكر؛ َ
أمرهم ثم َ
أهمَّ ،
ألن االهتما َم هبا ُّ ثم ع َّلمهم أن ُي َخ ِّصصوا َ
أنفسهم َّأو ًل؛ َّ عليهمَّ ،
الصالحين إعال ًما منه َّ
بأن الدُّ عاء للمؤمنين ينبغي أن يكون السالم على َّ
بتعميم َّ
ً
شامل لهم»(.)1
«أ ْش َهدُ َأ ْن َل إِ َل َه إِ َّل اهللُ َو َأ ْش َهدُ َأ َّن ُم َح َّمدً ا َع ْبدُ ُه َو َر ُسو ُل ُه» ،فيه
وقولهَ :
والرسالة ،فهو صلوات
الشهادة هلل Fبالوحدان َّية ،ولنب ِّيه ﷺ بالعبود َّية ِّ َّ
اهلل وسالمه عليه عَبدٌ ال ُيعبد؛ بل رسول ُي َطاع و ُيتَّبع.
َّبي ﷺ فقد ب َّينها رسول اهلل ﷺ ألصحابه حين
الصالة على الن ِّ
أ َّما كيف َّية َّ
سألوه عن ذلك ،وقد وردت هذه الكيف َّية من طرق كثيرة عن جماعة من
الصحابة .M َّ
ِ ِ ِ
ب ْب ُن ُع ْج َر َة َ Iف َق َال: الر ْح َم ِن ْب َن َأبِي َل ْي َلى َق َالَ :لق َيني َك ْع ُ َع ْن عبد َّ
َأ َل ُأ ْه ِدي َل َك َه ِد َّي ًة َس ِم ْعت َُها مِ َن النَّبِ ِّي ﷺ؟ َف ُق ْل ُتَ :ب َلىَ ،ف َأ ْه ِد َها لِيَ ،ف َق َال:
ت؟ َفإِ َّن ف الص َل ُة َع َلي ُكم َأ ْه َل ا ْلبي ِ ول اهلل ﷺ َف ُق ْلنَا :يا رس َ ِ َس َأ ْلنَا َر ُس َ
َْ ْ ْ ول اهلل َك ْي َ َّ َ َ ُ
ف ن َُس ِّل ُم َع َل ْي ُك ْمَ ،ق َالُ « :قو ُلوا :ال َّل ُه َّم َص ِّل َع َلى ُم َح َّم ٍدَ ،و َع َلى اهلل َقدْ َع َّل َمنَا َك ْي َ
َ
جيدٌ ،ال َّل ُه َّم َّك َح ِميدٌ َم ِ
يم إِن َ ِ ِ
يم َو َع َلى آل إِ ْب َراه َ
ِ
ت َع َلى إِ ْب َراه َ آل ُم َح َّم ٍد ،ك ََما َص َّل ْي َ ِ
ول اهَّللِ ﷺ َون َْح ُن فِي األنصاري Iقالَ :أ َتانَا َر ُس ُ ِّ وعن أبي مسعود
ٍ ِ ِ َم ْجلِ ِ
اهَّلل َت َعا َلى َأ ْن ن َُص ِّل َي َع َل ْي َك س َس ْعد ْب ِن ُع َبا َدةََ ،ف َق َال َل ُه َبش ُير ْب ُن َس ْعدَ :أ َم َرنَا ُ
ول اهَّللِ ﷺ َحتَّى َت َمنَّ ْينَا َأ َّن ُه َل ْم ف ن َُص ِّلي َع َل ْي َك؟ َق َال َف َس َك َت َر ُس ُ ول اهَّللِ َف َك ْي َ َيا َر ُس َ
آل ُم َح َّم ٍد ول اهَّللِ ﷺُ « :قو ُلوا ال َّل ُهم َص ِّل َع َلى م َحم ٍد َو َع َلى ِ َي ْس َأ ْل ُهُ ،ث َّم َق َال َر ُس ُ
ُ َّ َّ
ْت آل ُم َح َّم ٍد ك ََما َب َارك َ ار ْك َع َلى م َحم ٍد َو َع َلى ِ
ُ َّ يمَ ،و َب ِ ِ ِ
ت َع َلى آل إِ ْب َراه َ ك ََما َص َّل ْي َ
الس َل ُم ك ََما َقدْ َع ِل ْمت ُْم» .رواه جيدٌ َ .و َّ َّك َح ِميدٌ َم ِ ين إِن َ ِ
يم في ا ْل َعا َلم َ
اه ِ ِ
َع َلى آل إِ ْب َر َ
ِ
مسلم(.)3
وهذه الكيف َّية ا َّلتي ع َّلم ﷺ أصحابه إ َّياها عندما سألوه عن كيف َّية َّ
الصالة
الصيغة ا َّلتي فيها الجمع
الصالة عليه ﷺ .وأكملها ِّ عليه ﷺ هي أفضل كيف َّيات َّ
والصالة على إبراهيم ﷺ وآله. َّبي ﷺ وآلهَّ ، الصالة على الن ِّ
بين َّ
قال الحافظ ابن حجر« :واست ُِد َّل بتعليمه ﷺ ألصحابه الكيف َّية بعد
الصالة عليه؛ ألنَّه ال يختار لنفسه َّإل سؤالهم عنها بأنَّها أفضل كيف َّيات َّ
الصالة،األشرف األفضل ،ويرت َّتب على ذلك :لو حلف أن ُيص ِّلي عليه أفضل َّ
البخاري ( ،)3370ومسلم (.)406
ُّ ((( رواه
البخاري ( ،)3369ومسلم (.)407
ُّ ((( رواه
((( رواه مسلم (.)405
415 -67ذكر التَّشهد وال َّصالة على الن َّ ِّ
يب صلى اهلل عليه وسلم
wxuaow:ja kp-
Iw.kjrIôa'A .,:-
. ,Nuw
*1j,,
'z'-
x *5I F' ou'wzNl
. wNh 1ZF' wxuax.5h
.J.
.I
..JhJ-
' Jh, uU. v=fIJ-
' Jhh.t> J. yw'zw
.'J uwlf.U .'<=
''hwGJui
. o''
J''I
utzo
.
'.-ys jwu'.LJe
. ,.-:,
..
'uIax -,5%s-rj .
4.juj
..w;jkt<!/w a. * x )).OJu-
- f
. Tj
.1 sa/hklwaxp
.
محمد
َّ ولنتأ َّمل هنا صدِّ يق األ َّمة Iوأرضاه ،وهو خير أ َّمة
ول اهللِ!
«يا َر ُس َ
َّبي ﷺ ،ويقولَ : ِّ ن ال إلى يأيت وفقيهها، مها Oوعال ِ
َع ِّل ْمنِي ُد َعا ًء َأ ْد ُعو اهللَ بِ ِه فِي َص َلتِي» فهذا فيه لفت إلى أهم َّية الدُّ عاء المأثور،
الصحابة. ِ
وعظم مكانته يف قلوب َّ
بكر Iلديه القدرة على أن ُينشئ دعا ًء يدعو اهلل به يف صالته أليس أبو ٍ
صحيح المعنى ،كامل المبنى ،قويم الدَّ اللة ،يطلب فيه من خيري الدُّ نيا َ
َّبي Oوطلب واآلخرة؟! بلى ،لكن مع هذا لم يفعل ،بل أتى الن َّ
منه أن يع ِّلمه ،فشتَّان بين هذا وبين َمن أنشأوا دعوات متك َّلفة وأدعية مخرتعة
انشغلوا هبا وهجروا بسببها المأثور.
ستحب
ُّ أن هذا الدُّ عاء ُي قولهَ « :ع ِّل ْمنِي ُد َعا ًء َأ ْد ُعو بِ ِه فِي َص َلتِي» ،هذا يفيد َّ
َّبي ﷺ أمر باإلكثار من الدُّ عاء َّ
السجود؛ ألن الن َّ الصالة ،قيل يف ُّ أن ُيدعى به يف َّ
َّشهد قبل اب َلك ُْم» ،وقيل :يف هناية الت ُّ أن ُي ْست ََج َ السجود ،وقال« :إنَّه َق ِم ٌن ْ يف ُّ
من الدُّ ع ِ ِ
اء َما َشا َء» ،واألمر يف ذلك َ َّبي ﷺ قالُ « :ث َّم ْل َيتَخَ َّي ْر َ َّ
السالم؛ ألن الن َّ َّ
السالم. واسع ،سواء أتى به يف سجوده ،أو أتى به قبل َّ
الزيادة «أ ْد ُعو بِ ِه فِي َص َلتِي َوفِي َب ْيتِي»( ،)1وهذه ِّ ويف رواية عند مسلم قالَ :
أيضا بالصالة ،فهو ً أن هذا الدُّ عاء كما أنَّه من الدَّ عوات المق َّيدة َّ وهي ثابتة تفيد َّ
المطلقة ا َّلتي يدعو هبا المسلم متى شاء. من الدَّ عوات ُ
ُوب إِ َّلالذن َ ت َن ْف ِسي ُظ ْل ًما كَثِ ًيراَ ،و َل َيغ ِْف ُر ُّ قولهُ « :قل :ال َّل ُه َّم إِنِّي َظ َل ْم ُ
يم» ،هذه ْت ا ْل َغ ُفور ِ َّك َأن َْتَ ،فا ْغ ِف ْر لِي َمغ ِْف َر ًة ِم ْن ِعن ِْد َكَ ،و ْار َح ْمنِي ،إِن َ َأن َ
الرح ُ ُ َّ
َّبي ﷺ صدِّ يق األ َّمة أن يقولها يف صالته ويف بيته ،وقد َّ
دعوة عظيمة علمها الن ُّ
ع َّلم اهلل آدم Sأن يدعو هبذا؛ ﴿ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ
مقص ٌر
علي ،فأنا ِّ ِ ِ ِ َ
وتتفضل هبا َّ
َّ وقوله« :م ْن عنْدك» ،أي :مغفر ًة تم ُّن هبا َّ
علي
وتكر ًما بمغفرة تفض ًل
علي ُّ ُّ
ُّ كثير الذنوب كثير الخطايا ،فأسألك يا اهلل أن تم َّن َّ
من عندك.
الرحمة ،فجمع بين طلب المغفرة وطلب ِ
«و ْار َح ْمني» ،هذا طلب َّ
قولهَ :
الرحمة ،وإذا اجتمعتا تكون المغفرة متع ِّلق ًة بما مضى من أعمال العبد من َّ
الرحمة متع ِّلق ًة بما يأيت،تقصير وز َّلة ،وذنب وخطيئة يطلب غفراهنا ،وتكون َّ
الصالحين؛ بأن ُأسدَّ د وأو َّفق ،ويكون بمعنى :أدخلني برحمتك يف عبادك َّ
الذنوب والخطايا. الصالح واالستقامة والبعد عن ُّ حليفي يف مستقبلي َّ
فتع َّلق قولهَ « :فا ْغ ِف ْر لِي َو ْار َح ْمنِي» بماضي العبد ومستقبله ،ما مضى من
أ َّيامي وأوقايت وأعمالي أطلب منك يا اهلل أن تغفره لي ،وما أستقبل من حيايت
السداد ،والتَّوفيق، الصالحين؛ فيكون َّ أسألك أن ُتدخلني برحمتك يف عبادك َّ
والصالح ،واالستقامة ،والمعافاة ،حليفي فيما استقبل من أ َّيام حيايت. َّ
َّوسل إلى اهلل Fهبذين االسمين العظيمين:
ثم ختم هذا الدُّ عاء بالت َُّّ
يم». «ا ْل َغ ُفور ِ
الرح ُ
ُ َّ
أحاديث األذكار واألدعية 422
69
َان ِم ْن حديث َط ِويلَ :أن رس َ ِ ٍ َع ْن َعلِي ْب ِن َأبِي َطال ِ ٍ
ول اهَّلل ﷺ ك َ َّ َ ُ ب Iيف ِّ
َ
ت َو َما أ َّخ ْر ُتَ ،و َما ِ ِ ِ ِ
ول َب ْي َن الت ََّش ُّهد َوالت َّْسليمِ« :ال َّل ُه َّم ا ْغف ْر لي َما َقدَّ ْم ُ ِ
آخرِ َما َي ُق ُ
ْت ْت َأ ْع َل ُم بِ ِه ِمنِّيَ ،أن َ
ْت ا ْل ُم َقدِّ ُم َو َأن َ تَ ،و َما َأن َ
ْتَ ،و َما َأ ْس َر ْف َُأ ْس َر ْر ُت َو َما َأ ْع َلن ُ
ْت» .رواه مسلم(.)1 ا ْل ُم َؤ ِّخ ُر َل إِ َل َه إِ َّل َأن َ
هذه صيغة عظيمة يف االستغفار تتناول ذنوب العبد ك َّلها المتقدِّ َم منها
سرا وما وقع عالنية. والمتأخر ،وما وقع منها ًّ ِّ
الذنوب. ت» ،أي :قبل هذا الوقت من ُّ قوله« :ال َّل ُه َّم ا ْغ ِف ْر لِي َما َقدَّ ْم ُ
«و َما َأ َّخ ْر ُت» ،أي :عنه.
َ
مستورا ال ي َّطلع عليه َّإل اهلل،
ً ْت» ،أي :ما كان منها«و َما َأ ْس َر ْر ُت َو َما َأ ْع َلن ُ
َ
وما كان عالنية ي َّطلع عليه النَّاس.
ت» ،أي :ما تجاوزت فيه الحدَّ . «و َما َأ ْس َر ْف َُ
ْت َأ ْع َل ُم بِ ِه ِمنِّي» ،العبد يذنب وينسى ذنوبه ،ويعصي وينسى«و َما َأن َ َ
وكل ذلك محفوظ عليه﴿ ،ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ معاصيهُّ ،
ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ﴾ [المجادلة.]6 :
الم َؤ ِّخ ُر» ،هذا فيه َّ
أن تقدُّ م اإلنسان إلى الخير من ْت ُالم َقدِّ ُم َو َأن َ
ْت ُ َ
«أن َ
((( رواه مسلم (.)771
423 -69األدعية يف ال َّصالة وبعد التَّشه ُّد ()2
تأخره عن الخير اإليمان والعافية والنِّعمة ال يكون َّإل من اهلل ،Fكذلك ُّ
ونيل مغفرة اهلل Dورحمته ونعمته ال يكون َّإل من اهلل؛ فأز َّمة العباد بيده،
وأمورهم معقودة بقضائه وقدره ،فما شاء اهلل كان ،وما لم يشأ لم يكن.
ْت» ،هذا إعالن بالتَّوحيد يف تمام هذا االستغفار، «ل إِ َل َه إِ َّل َأن َ قولهَ :
والتَّوحيد من موجبات المغفرة ،بل هو أعظم موجبات المغفرة كما يف
ض َخ َط َاياُ ،ث َّم َل ِقيتَنِي َّك َل ْو َأ َت ْيتَنِي بِ ُق َر ِ
اب ْالَ ْر ِ «يا ا ْب َن آ َد َم إِن َ
القدسيَ :
ِّ الحديث
وكثيرا ما يأيت إعالن التَّوحيد يف ً ُك بِ ُق َرابِ َها َمغ ِْف َرةً»(،)1 َل ت ُْشرِ ُك بِي َش ْيئًا َلَ َت ْيت َ
َّبي .O األدعية واالستغفارات المأثورة عن الن ِّ
اب النَّبِ ِّي ﷺ َق َالَ :ق َال النَّبِ ُّي ﷺ ل ِ َر ُجلٍ: ض َأ ْص َح ِ َو َع ْن َأبِي َصالِحٍ َع ْن َب ْع ِ
ك ا ْل َجنَّةَ، ول :ال َّل ُه َّم إِنِّي َأ ْس َأ ُل َ الص َل ِة؟»َ .ق َالَ :
«أت ََش َّهدُ َو َأ ُق ُ ول في َّ
ف َت ُق ُ ِ « َك ْي َ
َك َو َل َد ْندَ َن َة ُم َعا ٍذ»َ ،ف َق َال النَّبِ ُّيَّارَ ،أ َما إِنِّي َل ُأ ْح ِس ُن َد ْندَ َنت َ
ك ِم َن الن ِ َو َأ ُعو ُذ بِ َ
«ح ْو َل َها ُندَ ن ِْد ُن» .رواه أبو داود وابن ماجه(.)2 ﷺَ :
الص َل ِة؟» أي :ما الدُّ عاء ا َّلذي تدعو به يف صالتك؟ ول في َّ
ف َت ُق ُ ِ قولهَ « :ك ْي َ
تفويض العبد أموره إلىُ الو َفاة َخ ْي ًرا لِي» ،فيه ت ََخ ْي ًرا لِيَ ،وت ََو َّفنِي إ َذا َع ِل ْم َ
متوس ًل إليه سبحانه بعلمه ا َّلذي
ِّ وطلب الخيرة يف أحواله منه سبحانه، ُ اهلل،
ظاهرها
بكل شيء ،وأنَّه سبحانه يعلم خفايا األمور وبواطنَها ،كما يعلم َ أحاط ِّ
و َع َلنَها ،وبقدرته النَّافذة يف جميع الخلق ،فال ُم َع ِّقب لحكمه وال را َّد لقضائه.
الش َها َدة» ،أي :أن أخشاك يا اهلل يف «وأ ْس َأ ُلك َخ ْش َيتَك فِي ال َغ ْيب َو َّقولهَ :
الس ِّر والعالنية ،وال َّظاهر والباطن ،ويف حال كوين مع النَّاس أو غائ ًبا عنهم، ِّ
قال تعالى﴿ :ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ﴾ [الملك.]12 :
ِ ِ
الحق
قول ِّ سؤال اهلل َ
ب» ،فيه ُ الر َضا والغ ََض ِ «وأ ْس َأ ُلك كَل َم َة َ
الح ِّق في ِّ قولهَ :
الحق يف النَّاس حال الغضب عزيز؛ وقول ِّ ُ حال رضا اإلنسان وحال غضبه،
الحق ويفعل غير العدل، ِّ خالف
َ الغضب يحمل صاحبه على أن يقول َ َّ
ألن
وقد مدح اهلل من عباده َمن يغفر إذا غضب ،قال تعالى﴿ :ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ
الشورى.]37 :
ﮗ﴾ [ ُّ
70
ف ِم ْن َص َلتِ ِه ْاس َت ْغ َف َر ول اهلل ِ ﷺ إِ َذا ان َْص َر ََان َر ُس ُان َ Iق َال :ك َ َع ْن َث ْو َب َ
اإلك َْرامِ». ْت َذا ا ْل َج َل ِل َو ِالس َل ُمَ ،ت َب َارك َ
ْك َّ الس َل ُمَ ،و ِمن َ
ْت َّ َث َل ًثاَ ،و َق َال« :ال َّل ُه َّم َأن َ
ولَ :أ ْس َتغ ِْف ُر اهللَ، ف ِال ْستِ ْغ َف ُار؟ َق َالَ « :ت ُق ُ َق َال ا ْلولِيدُ َ :ف ُق ْل ُت لِألَو َز ِ
اع ِّيَ :ك ْي َ ْ َ
َأ ْس َتغ ِْف ُر اهللَ» .رواه مسلم(.)1
والصفح عن َّ االستغفار :هو طلب المغفرة بالعفو عن التَّقصير
أن العبد يلحظ تقصيره يف الصالةَّ :الذنب .والمناسبة لمجيء االستغفار دبر َّ َّ
نقص وعدم إتيانه هبا على التَّمام والكمال، ٍ صالته ،وما قد يكون فيها من
الحج ،قال اهلل تعالى﴿ :ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ِّ ومثله االستغفار يف تمام
ألن المسلم إذا ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ﴾ [البقرة]199 :؛ َّ
جاء بال َّطاعة فمهما بذل واجتهد يف تكميلها وتتميمها والنَّصح فيها ال ُبدَّ من
الصالة
التَّقصير والنَّقص والخطأ؛ ولهذا نُدب إلى االستغفار عند الفراغ من َّ
ُحب للمسلم أن ُيبادر فور انقضاء صالته إلى ليكون جربًا لتقصيره ،ولهذا است َّ
االستغفار ثال ًثا.
إظهار َه ْضم النَّفس، فالحكم ُة من اإلتيان باالستغفار بعد الص ِ
الة هي
ُ َّ
بحق الصالة ،و َلم ِ
يأت بما ينبغي لها على التَّمام والكمال، وأن العبدَ َلم َي ُقم ِّ َّ َّ
يستغفر
ُ والمقص ُر
ِّ يكون قد َو َق َع يف شيء من النَّقص والتَّقصير،
َ بل ال ُبدَّ أن
«و َل ُه َ
الح ْمدُ »؛ ألنَّه سبحانه ّ
والصفات؛ ففي قولهَ : َّ
وأما توحيد األسماء ِ
«و َل ُه ال َّثنَا ُء
وأيضا يف قولهَ :
ُيحمد كذلك على أسمائه الحسنى وصفاته العلياً .
الح َس ُن»؛ ألنَّه سبحانه ُيثنَى عليه بأسمائه الحسنى وصفاته العليا ،كما قال أعلم َ
ك ِم ْن كَ ،وبِ ُم َعا َفاتِ َ اك ِم ْن َسخَ طِ َ محمدٌ ﷺ« :ال َّل ُه َّم َأ ُعو ُذ بِرِ َض َ َّ خلقه به نب ُّينا
ك». ت َع َلى َن ْف ِس َ ْت ك ََما َأ ْثنَ ْي َ
ك َأن َ ْك َل ُأ ْح ِصي َثنَا ًء َع َل ْي َك ِمن َُع ُقو َبتِكَ َ،و َأ ُعو ُذ بِ َ
الشفاعةُ « :ث َّم َي ْفت َُح اهَّللُ َع َل َّي ِم ْن رواه مسلم( .)1وكذلك قوله ﷺ يف حديث َّ
البخاري
ُّ َاء َع َل ْي ِه َش ْيئًا َل ْم َي ْفت َْح ُه َع َلى َأ َح ٍد َق ْب ِلي» .رواه مح ِام ِد ِه وحس ِن ال َّثن ِ
َ ُ ْ َ َ
ومسلم( .)2قال ابن الق ِّيم « :Vوتلك المحامد هي بأسمائه وصفاته»(.)3
والصفات يف هذا ِّ الربوب َّية وتوحيد األسماء وقد ُذكر ٌّ
كل من توحيد ُّ
المتفرد بالملك أن ِ
وبيان َّ التَّهليل المبارك لالستدالل هبما على توحيد العبادة،
ِّ
والمتفر َد بال َّثناء الحسن
ِّ كل شيء والنِّعمة والفضل، والحمد والقدرة على ِّ
المستحق للعبادة ال شريك له ،وأنَّه
ُّ لعظمة أسمائه وكمال صفاته هو وحده
وكفر
ٌ ٌ
وباطل ٌ
ضالل بحق سواهَّ ،
وأن عبادة َمن سواه بحق وال معبود ٍّ
المعبود ٍّ
وطغيان.
((( رواه مسلم (.)486
البخاري ( ،)4712ومسلم (.)194
ُّ ((( رواه
((( بدائع الفوائد (.)294/1
أحاديث األذكار واألدعية 432
ف ك ُِّل َص َل ٍة
ون َخ ْل َ
ون َو ُت َك ِّب ُر َ
ون َوت َْح َمدُ َ
ثم قال« :ت َُس ِّب ُح َ
وشوقهمَّ ،
انتباههم َّ
كل صالة ثال ًثا وثالثين تسبيحةً ،وتحمدون ين» ،أي :تس ِّبحون دبر ِّ ِ
َث َل ًثا َو َث َلث َ
ثال ًثا وثالثين تحميدةً ،وتك ِّبرون ثال ًثا وثالثين تكبيرةً؛ بحيث يكون المجموع
لكل تسبيحة وتكبيرة وتحميدة كما تس ًعا وتسعين ،فقوله ثال ًثا وثالثين شامل ِّ
يف الحديث ا َّلذي قبله.
k'1
U
«ي َس ِّبحه َع ْش ًرا َو َي ْح َمدُ ه َع ْش ًرا َو ُي َك ِّبره َع ْش ًرا» ،أي :يقول «سبحان قوله ُ
مرات ،و«اهلل أكرب» مرات ،و«الحمد هلل» عشر َّ الصالة عشر َّ اهلل» بعد انتهاء َّ
كر ثال ًثا السابقة ا َّلتي فيها هذا ِّ
الذ ُ مرات ،وهذا االختالف عن األحاديث َّ عشر َّ
ألن هذا وارد وله اختالف الت َُّّنوع وليس التَّضا َّد؛ َّ
َ سميه أهل العلم وثالثين ُي ِّ
بأي منهما خير.
ثوابه ،وذاك وارد وله ثوابه ،والعمل ٍّ
ان» ،عشر وعشر وعشر هذه ثالثون، ون َو ِمئَة بِال ِّل َس ِ
ك َخ ْم ُس َ «و َذلِ َ
قولهَ :
الصلوات المكتوبة فالنَّاتج مئة وخمسون. فإذا ضربت بخمس عدد َّ
ف و َخمس ِمائ ٍَة فِي ِ
الميز ِ
ألن الحسنة بعشر أمثالها؛ فإذا َان»؛ َّ «و َأ ْل ٌ َ ْ ُ قولهَ :
ُضربت عشر يف مئة وخمسين فالنَّاتج ألف وخمسمائة.
ِ ِ
ين َو ُي َس ِّب ُح َث َل ًثاين إِ َذا َأ َخ َذ َم ْضج َع ُه َو َي ْح َمدُ َث َل ًثا َو َث َلث َ «و ُي َك ِّبر َأ ْرب ًعا َو َث َلث َ َ
َان» ،أي :يواظب َّ الميز ِ ف فِي ِ ك ِم َئ ٌة بِال ِّل َس ِ
ان َو َأ ْل ٌ ين؛ َف َذلِ َ ِ
مرة عندما كل َّ َو َث َلث َ
يأوي إلى فراشه على أربع وثالثين تكبير ًة وثالث وثالثين تسبيح ًة وثالث
ألن الحسنة وثالثين تحميدةً ،فالمجموع مئة بال ِّلسان ،لكنَّها يف الميزان ألف؛ َّ
َّبي ﷺ بعشر أمثالها .وهو نظير ما جاء يف حديث فاطمة Jعندما أتت الن َّ
الذكر ،وأرشدها أنَّه خير لها من خادم ،وقد وسألته خاد ًما فد َّلها على هذا ِّ
تقدَّ م الحديث.
ول اهلل ِ ﷺ َي ْع ِقدُ َها بِ َي ِد ِه»، ت َر ُس َ قال عبد اهلل بن عمرو َ « :Lف َل َقدْ َر َأ ْي ُ
َّبي ﷺ يجعل اليمنى لما طاب ،واليسرى لما سوى ذلك. َّ
أي :اليمنى؛ ألن الن َّ
ول اهَّللِ ﷺ «ر َأ ْي ُت َر ُس َ
وقد جاء يف حديث عبد اهلل Lعند أبي داود َ
يح بِ َي ِمين ِ ِه»(.)1 ِ
َي ْعقدُ الت َّْسبِ َ
وصححه
َّ َّسائي (،)1355
ِّرمذي ( ،)3411والن ُّ
ُّ ((( رواه أبو داود ( ،)1502والت
األلبانِ ُّي.
437 -71األذكار بعد ال َّسالم ()2
يل؟» أي :ما ف ُه َما َي ِس ٌير َو َم ْن َي ْع َمل بِ ِه َما َق ِل ٌ ول اهللَِ ،ك ْي َقولهَ « :قا ُلوا َيا َر ُس َ
وجه ذلك؟
الش ْي َطان فِي َمن َِام ِه َف ُين َِّو ُم ُه َق ْب َل َأ ْن َي ُقو َل ُه» ،أي: «ي ْأتِي َأ َحدَ ك ُْمَ ،ي ْعنِيَّ :
قولهَ :
الذكر المبارك. يشغله بأمور إلى أن تغفي عيناه قبل أن يأيت هبذا ِّ
ِِ ِ ِ ِ
اج َت ُه َق ْب َل َأ ْن َي ُقو َل َها» ،أي :يبدأ معه يف «و َي ْأتيه في َص َلته َف ُي َذك ُِّر ُه َح َ قولهَ :
بالذهاب إليها قبل الصالة َّ عجل بعد انقضاء َّ الصالة ُيذكِّره بأشياء حتَّى ُي ِّ أثناء َّ
الصالة بالذكر المشروع عقب َّ اطمأن وأتى ِّ َّ الذكر .مع أنَّه لو أن يقول هذا ِّ
أي مصلحة ،بل كامالً لم يأخذ منه َّإل خمس دقائق تقري ًبا ،ولن تفوت عليه ُّ
وتيسيرا وتوفي ًقا وسدا ًدا ونعمةً. ً سينعكس على حياته وحاجته برك ًة
ول اهلل ِ ﷺ َأ ْن َأ ْقر َأ ا ْلمعو َذ ِ
ات «أ َم َرنِي َر ُس ُ َو َع ْن ُع ْق َب َة ْب ِن َعامِ ٍر َ Iق َالَ :
َ ُ َ ِّ
َّسائي(.)1 ٍ ِّ
ُد ُب َر كُل َص َلة» رواه أبو داود والن ُّ
والمعوذات يراد هبا﴿ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ﴾ [اإلخالص ]1:و﴿ﭤ ﭥ ﭦ ِّ
ﭧ﴾ [الفلق ]1:و﴿ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ﴾ [النِّساء]1 :؛ وقد ُأطلق على ثالثتها
«المعوذات» على وجه التَّغليب كما قال ذلك الحافظ ابن حجر :وغيره من ِّ
الر ِّب ِ ِ ودخلت سور ُة اإلخالص معهما ل ِ َما
اشتملت عليه من صفة َّ ْ ْ أهل العلم،
صرح فيها بلفظ التَّعويذ. وإن َلم ُي ِّ
«م ْن َق َر َأ َآ َي َة الك ُْر ِس ِّي يف سول اهلل ﷺَ : قال َر ُ قالَ : َو َع ْن أبي ُأما َم َة َ I
َّسائي يف ن ال رواه » وت
َ مُ ي
َ ن
ْ ول ا ْل َجن َِّة َّإل َ
أ ُد ُبرِ ك ُِّل َص َل ٍة م ْكتُو َب ٍة َلم يمنَ ْعه ِم ْن ُد ُخ ِ
ْ َْ ُ َ
ُّ
عمل اليوم وال َّليلة(.)2
وصححه األلباينُّ.
َّ َّسائي (،)1336
((( رواه أبو داود ( ،)1523والن ُّ
وصححه
َّ السنن الكربى (،)9848 َّسائي يف عمل اليوم وال َّليلة ( ،)100ويف ُّ
((( رواه الن ُّ
األلباينُّ يف صحيح التَّرغيب والتَّرهيب (.)1595
أحاديث األذكار واألدعية 438
لهمته واستدعا ٌء النتباهه. ٌ يك َيا ُم َعا ُذ» ،فيه ً وص َ «أ ِقولهُ :
شحذ َّ أيضا
الحث على المواظبة على ُّ ول» ،فيه «ل تَدَ َع َّن فِي ُد ُبرِ ك ُِّل َص َل ٍة َأ ْن َت ُق َقولهَ :
كل صالة. هذا الدُّ عاء دبر ِّ
ك» ،يطلب من اهلل قوله« :ال َّل ُه َّم َأ ِعنِّي َع َلى ِذ ْكرِ َك َو ُش ْكرِ َك َو ُح ْس ِن ِع َبا َدتِ َ
والشكر وحسن العبادة ،وهذا أفضل ما ُيطلب وأنفعه. الذكر ُّ Dالعون على ِّ
الر ُّب Fاإلعانة قال ابن الق ِّيم « :Vولهذا كان من أفضل ما ُيسأل َّ
َّبي لح ِّبه معاذ بن جبل Iفقال :يا معاذ، َّ َّ
على مرضاته وهو الذي علمه الن ُّ
كل صالة« :ال َّل ُه َّم َأ ِعنِّي َع َلى ِذ ْكرِ َك
واهلل إنِّي ألح ُّبك فال تنس أن تقول دبر ِّ
ك» ،فأنفع الدُّ عاء طلب العون على مرضاته وأفضل َو ُش ْكرِ َك َو ُح ْس ِن ِع َبا َدتِ َ
المواهب إسعافه هبذا المطلوب ،وجميع األدعية المأثورة مدارها على هذا،
وعلى دفع ما يضا ُّده ،وعلى تكميله وتيسير أسبابه فتأ َّملها»(.)1
أنفع الدُّ عاء فإذا هو سؤال
لت َ وقال شيخ اإلسالم ابن تيم َّية « :Vتأ َّم ُ
ثم رأيته يف الفاتحة يف إ َّياك نعبد وإ َّياك نستعين»(.)2
العون على مرضاتهَّ ،
الصالة؛ فالمص ِّلي لوال توفيق وتأ َّمل المناسبة من اإلتيان هبذا ِّ
الذكر بعد َّ
الصالة ا َّلتي
اهلل له وعونه ما ص َّلى ،فناسب تجديد طلب العون عقب هذه َّ
الصالة وأكرمتني بأدائها فال
يسرت لي المجيء لهذه َّ يسرها اهلل ،أي :كما َّ
َّ
تكلني إلى نفسي طرفة عين ،بل أعنِّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
قوله« :أعنِّي» ،أي :أمدَّ ين بعونك.
وقولهَ « :ع َلى ِذ ْكرِ َك» ،أي :على القيام بذكرك على الوجه ا َّلذي تح ُّبه
وترضاه.
السالكين (.)100/1
((( انظر :مدارج َّ
((( انظر :المستدرك على مجموع الفتاوى (.)175/1
أحاديث األذكار واألدعية 440
«و ُش ْكرِ َك» ،أي :على القيام بشكرك على نعمك العظيمة وعطاياك وقولهَ :
وإقرارا بنعمة
ً الكثيرة ا َّلتي ال ُتعدُّ وال ُتحصى؛ وهو بالقلب :اعرتا ًفا ومح َّبة
شكرا وثنا ًء وحمدً ا هلل ،وبالجوارح :أن يستعملها يف طاعة اهلل اهلل ،وبال ِّلسانً :
.F
ألن المطلوب يف العبادة ك» ،ولم يقل وعبادتك؛ َّ «و ُح ْس ِن ِع َبا َدتِ َ
وقولهَ :
اإلحسان ،وال يكون ذلك َّإل بأمرين :اإلخالص هلل ،والمتابعة لرسوله ﷺ.
72
ات َأ ُقو ُل ُه َّن ول اهللِ ﷺ كَلِم ٍ َع ِن ا ْل َح َس ِن ْب ِن َعلِي َ Lق َالَ :ع َّل َمنِي َر ُس ُ
َ ٍّ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِِ ِ
يم ْن تَ ،وت ََو َّلني ف َ يم ْن َعا َف ْي َتَ ،و َعافني ف َ يم ْن َهدَ ْي َفي ا ْل ِو ْت ِر« :ال َّل ُه َّم ْاهدني ف َ
َّك َت ْق ِضي َو َل ُي ْق َضى ت؛ إِن َ تَ ،و ِقنِي َش َّر َما َق َض ْي َ يما َأ ْع َط ْي َ ت ،و ب ِ ِ ِ
ار ْك لي ف َ ت ََو َّل ْي َ َ َ
ت». ْت َر َّبنَا َو َت َعا َل ْي َ
تَ ،ت َب َارك َ تَ ،و َل َي ِع ُّز َم ْن َعا َد ْي َ كَ ،وإِ َّن ُه َل َي ِذ ُّل َم ْن َوا َل ْي َ
َع َل ْي َ
َّسائي وابن ماجه (.)1 ِّرمذي والن ُّ ُّ رواه أبو داود والت
مشتمل على مطالب جليلة ومقاصد عظيمة؛ ففيه سؤال ٌ عظيم
ٌ هذا دعا ٌء
األمور ك َّلها
َ اهلل الهدايةَ ،والعافيةَ ،والت ََّو ِّلي والربكة ،والوقاية ،مع اإلقرار َّ
بأن
بيده وتحت تدبيره ،فما شاء كان وما َلم يشأ َلم يكن.
ُ ِِ ِ
سؤال اهلل ت» ،فيه قوله يف َّأول هذا الدُّ عاء« :ال َّل ُه َّم ْاهدني ف َ
يم ْن َهدَ ْي َ
بالحق وعمله به ،فليست الهداي ُة أن ِّ لعلم العبد الهداية التَّامة النَّافعة الجامعة ِ
َّ
الحق بال عم ٍل به ،وليست كذلك أن يعمل بال ٍ
علم ناف ٍع يهتدي به، َّ يعلم العبدُ
َ
الصالح. فالهداي ُة النَّافع ُة هي التَّوفيق للعلم النَّافع والعمل َّ
ت» ،فيه فوائد: يم ْن َهدَ ْي َ ِ
وقوله« :ف َ
وزمرتِهم ورفقتهم، أحدها :أنَّه سؤال له أن يدخ َله يف جملة المهد ِّيين ُ
وحسن أولئك رفي ًقا.
ين َخ ْي ًرا ِم َن ال َعافِ َي ِة». «اس َأ ُلوا اهَّللَ ال َع ْف َو َوال َعافِ َيةََ ،فإِ َّن َأ َحدً ا َل ْم ُي ْع َط َب ْعدَ ال َي ِق ِ ﷺْ :
ِّرمذي(.)1
ُّ رواه الت
سؤال اهلل الت ََّو ِّلي الكامل ا َّلذي يقتضي ُ يم ْن ت ََو َّل ْي َ ِ ِ
ت» ،فيه «وت ََو َّلني ف َ وقولهَ :
كل ما ُيغضب اهلل ،ومنه قول اهلل َّصر والتَّسديدَ واإلبعا َد عن ِّ َّوفيق واإلعان َة والن َ الت َ
تعالى﴿ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭚ﴾ [البقرة ،]257 :وقو ُله:
﴿ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ﴾ [األعراف ،]196 :وقوله:
﴿ﯬ ﯭ ﯮ﴾ [آل عمران ،]68 :وقوله﴿ :ﯔ ﯕ ﯖ﴾ [الجاثية،]19 :
خاص ٌة هبم ،تقتضي حفظهم ،ونصرهم ،وتأييدهم ،ومعونتهم، َّ وهي والي ٌة
الشرور. ووقايتهم من ُّ
ت» ،أي :أنَّه ويدل على هذا قو ُله يف هذا الدُّ عاء« :إِ َّن ُه َل َي ِذ ُّل َم ْن َوا َل ْي َ ُّ
ذل يف أن َمن َح َصل له ٌّ عزيز غالب بسبب تو ِّليك له ،ويف هذا تنبي ٌه على َّ منصور ٌ ٌ
الذ ُّل
وإل فمع الوالية الكاملة ينتفي ُّ النَّاس فهو بنقصان ما فاته من تو ِّلي اهللَّ ،
الذليل. ك ُّله ،ولو ُس ِّلط عليه َمن يف أقطار األرض فهو العزيز غير َّ
يما َأ ْع َط ْي َ وقوله« :وب ِ ِ ِ
ت» ،الربكةُ :هي الخير الكثير ال َّثابت ،ففي ار ْك لي ف َ ََ
كل ما أعطاه؛ من علم أو مال أو ولد أو مسكن أو غير هذا سؤال اهلل الربكة يف ِّ
ويوس َع له فيه ،ويحفظه ويس ِّل َمه من اآلفات. ِّ ذلك؛ بأن يث ِّبتَه له،
مال كثير لكنَّهم ال ينتفعون بمالهم ،يجمعونه وال فمن النَّاس َمن عنده ٌ
ينتفعون به! وهذا من نزع الربكة .ومن النَّاس َمن عنده أوالد ،لك َّن أوالده ال
ينفعونه لما فيهم من عقوق ،فلم ُي َب َار ْك له فيهم .ومن النَّاس َمن أعطاه اهلل ً
علما
كثيرا ،لكن ال يظهر أثر العلم عليه يف عبادته ،وال يف أخالقه ،وال يف سلوكه، ً
واحتقارا لهم، استكبارا عليهم، ِ
وال يف معاملته مع النَّاس ،بل قد ُي ْكسبه العلم
ً ً
ِّرمذي ( ،)3558وقال األلبانِ ُّي :حسن صحيح.
ُّ ((( رواه الت
أحاديث األذكار واألدعية 444
وال ينتفع النَّاس بعلمه ،ال بتدريس ،وال بتوجيه ،وال بتأليف ،ور َّبما كان علمه
حج ًة عليه ال له ،وهذا بال شك حرمان عظيم ،فكم هي حاجة العبد َّ
ماسة إلى َّ
سؤال ر ِّبه أن يبارك له فيما أعطاه.
شر ا َّلذي قضيتَهَّ ،
فإن اهلل تعالى قد «و ِقنِي َش َّر َما َق َض ْي َ
ت» ،أيَّ : وقولهَ :
واقع يف بعض مخلوقاته ال يف خلقه وفعله؛ بالش ِّر لحكمة بالغةَّ ،
والش ُّر ٌ يقضي َّ
يتضمن سؤال اهلل الوقاية من ُّ
الشرور، َّ خير ك ُّله .وهذا الدُّ عاء
فإن فع َله وخل َقه ٌ
َّ
والسالمة من اآلفات ،والحفظ عن الباليا والفتن ،وال ُّل ْطف يف القضاء بأن
َّ
يصرف عنه َّ
الش َّر.
َّبي ،O وهذا المعنى يأيت يف دعوات عديدة مأثورة عن الن ِّ
آج ِل ِه، اج ِل ِه َو ِ
ك ِم َن ا ْلخَ ْيرِ ُك ِّل ِه َع ِ مثل :قوله يف دعائه الجامع« :ال َّل ُه َّم إِنِّي َأ ْس َأ ُل َ
آج ِل ِه» .رواه أحمد عن عائشة .)1(J اج ِل ِه َو ِ الش ِّر ُك ِّل ِه َع ِ
ك ِم َن َّ َو َأ ُعو ُذ بِ َ
اح َف ْظنِي ِ
ال ْس َل ِم َقائ ًماَ ،و ْ اح َف ْظنِي بِ ْ ِومثل :قوله Oيف دعائه« :ال َّل ُه َّم ْ
اإلس َل ِم ر ِاقدً ا ،و َل تُشمت بِي عدُ وا ح ِ ِ ِ
اسدً ا ،ال َّل ُه َّم َ ًّ َ َ َ اح َف ْظني بِ ِ ْ اإل ْس َل ِم َقاعدً اَ ،و ْبِ ِ
ك ِم ْن ك ُِّل َش ٍّر َخزَائِنُ ُه بِ َي ِد َك». ك ِم ْن ك ُِّل َخ ْيرٍ َخزَائِنُ ُه بِ َي ِد َك َو َأ ُعو ُذ بِ َ إنِّي َأ ْس َأ ُل َ
رواه الحاكم عن عبد اهلل بن مسعود .)2(I
َّوسل إلى اهلل سبحانه بأنَّه َّك َت ْق ِضي َو َل ُي ْق َضى َع َل ْي َ
ك» ،فيه الت ُّ قوله« :إِن َ
الحكم التَّا َّم والمشيئ َة النَّافذ َة والقدرة َّ
الشاملة، َ ألن له يقضي على ِّ
كل شيء؛ َّ
لحكمه وال
فهو سبحانه يقضي يف عباده بما يشاء ويحكم فيهم بما يريد ،ال را َّد ُ
مع ِّقب لقضائه.
وصححه األلباينُّ يف صحيح األدب المفرد (.)498
َّ ((( رواه أحمد (،)25019
ِ
وصححه األلبان ُّي يف صحيح الجامع (.)1260 ((( رواه الحاكم يف المستدرك (،)1924
َّ
445 -72دعاء القنوت يف صالة الوتر
ك» ،أي :أنَّه سبحانه ال يقضي عليه أحدٌ من العباد «و َل ُي ْق َضى َع َل ْي َ وقولهَ :
بشيء ،فالعباد ال يحكمون على اهلل ،بل اهلل سبحانه هو ا َّلذي يحكم عليهم بما
يشاء ويقضي فيهم بما يريد.
ت» ،هذا كالتَّعليل لما سبق ت َو َل َي ِع ُّز َم ْن َعا َد ْي َ
وقوله« :إِ َّن ُه َل َي ِذ ُّل َم ْن َوا َل ْي َ
فإن اهلل سبحانه إذا تو َّلى العبدَ فإنَّه ال ُي َذ ُّل، يم ْن َت َو َّل ْي َت»؛ َّ ِ ِ
«و َت َو َّلني ف َ يف قولهَ :
عدو له ،قال اهلل كل ٍّ الذ َّل على ِّ وإذا عادى أحدً ا فإنَّه ال ُي َع ُّز .وقد كتب سبحانه ُّ
تعالى ﴿ :ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ
فمن عادى اهلل Dفهو ﰖ ﰗﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ ﴾ [المجادلةَ ،]21-20 :
عزيزا ،فاألمر بيده سبحانه ،قال اهلل ﴿ :Dﮇ ﮈ ذليل ال يمكن أن يكون ً
ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ
ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ﴾ [آل عمران ،]26 :وال ُتطلب َّ
العزة َّإل من اهلل وال
إل بطاعته سبحانه ،قال اهلل تعالى﴿ :ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ُتنال َّ
ﮙ ﮚ ﮛ﴾ [المنافقون.]8 :
تعاظمت يا اهلل؛
َ ت» ،معنى تباركت ،أي: ْت َر َّبنَا َو َت َعا َل ْي َ
وقولهَ « :ت َب َارك َ
فلك العظم ُة الكاملة والكربياء التَّا ُّم ،وع ُظ َمت أوصا ُفك وكثرت خيرا ُتك
وعم إحسانُك. َّ
وقهرا؛ فهو
ً العلو المطلق ذا ًتا و َقدْ ًرا
َّ أن لك ت» ،أيَّ : «و َت َعا َل ْي َوقولهَ :
والعلي
ُّ لي بذاته قد استوى على عرشه استوا ًء يليق بجالله وكماله، سبحانه ال َع ُّ
فإن صفاته عظيم ٌة ال يماثلها وال يقارهبا صف ُة علو صفاته وعظمتُهاَّ ، ب َقدْ ره وهو ُّ
الكائنات بأسرها ،فجميع ُ كل شيء ودانت له أحد ،والعلي بقهره حيث َق َه َر َّ
ُّ
متحرك وال يسكن ساكن َّإل بإذنه. ِّ يتحرك منهم
الخلق نواصيهم بيده فال َّ
السعادة يف وعلى ٍّ
كل فهذا دعا ٌء عظيم جامع ألبواب الخير وأصول َّ
أحاديث األذكار واألدعية 446
الدُّ نيا واآلخرة ،فعلى المسلم أن يعتني به يف وتره ا َّلذي َيختم به صالة ال َّليل،
ثم ختم واالستغفار لهمَّ ،
َ وال بأس لو زاد على ذلك الدُّ عا َء لعموم المؤمنين
والسالم على رسول اهلل ﷺ. بالصالة َّ َّ
ول فِي ِو ْت ِر ِه« :ال َّل ُه َّم ب َ ،Iأ َّن النَّبِي ﷺ ك َ
َان َي ُق ُ
َّ
و َع ْن َعلِي ْب ِن َأبِي َطال ِ ٍ
ِّ
ْك ِ
ك من َ ِ ُ َ
كَ ،وأ ُعوذ ب َ ِ ُ ِ
ك م ْن ُعقو َبت َ ِ َ ِ ُ
كَ ،وأ ُعوذ ب ُم َعافات َ َ ِ ِ
إِنِّي َأ ُعو ُذ بِرِ َضاك م ْن َسخَ ط َ
َ
ِّرمذي
ُّ ك» .رواه أبو داود والت ت َع َلى َن ْف ِس َ ْت ك ََما َأ ْثنَ ْي َ َل ُأ ْح ِصي َثنَا ًء َع َل ْي َ
كَ ،أن َ
َّسائي(.)1
والن ُّ
لج َأ منه َّإلالعظيم على أنَّه ال َم َف َّر َّإل إلى اهلل ،وال َم َ ُ ُ
الحديث دل هذاوقد َّ
األمر ك ُّله
فأز َّم ُة األمور ك ُّلها بيده ،ونواصي العباد معقود ٌة بقضائه وقدَ ره؛ ُ إليهِ ،
المن َْجى،والخير ك ُّله يف يديه ،فمنه تعالى َ ُ له ،والحمدُ ك ُّله له ،والملك ك ُّله له،
شر ما هو كائن بمشيئته وقدرته ،فاإلعاذة الم ْل َجأ ،وبه االستعاذة من ِّ وإليه َ
تحقيق
ٌ فعله ،والمستعاذ منه فعله أو مفعوله ا َّلذي خلقه بمشيئته؛ وهذا ك ُّله
ُ
المخلوق لنفسه رب غيره وال خالق سواه ،وال يملك للتَّوحيد والقدر ،وأنَّه ال َّ
نشورا ،بل األمر ك ُّله هلل ،ليس ً ضرا وال نف ًعا وال مو ًتا وال حيا ًة وال وال لغيره ًّ
ألحد سواه منه شيء.ٍ
وصححه األلباينُّ.
َّ َّسائي (،)1732
((( رواه الن ُّ
أحاديث األذكار واألدعية 448
73
دعاء االستخارة
ول اهلل ﷺ ُي َع ِّل ُمنَا ِال ْستِ َخ َار َة َان َر ُس ُ َع ْن َجابِ ِر ْب ِن َع ْب ِد اهلل َ Lق َال :ك َ
ور كَما يع ِّلمنَا السور َة مِن ا ْل ُقر ِ ِ
ول« :إِ َذا َه َّم َأ َحدُ ك ُْم بِاألَ ْمرِ َف ْل َي ْرك َْع آنَ ،ي ُق ُ في األُ ُم ِ َ ُ َ ُ ُّ َ َ ْ
كَ ،و َأ ْس َت ْق ِد ُر َك َخ ُير َك بِ ِع ْل ِم َ
يض ِةُ ،ثم لِي ُق ِل« :ال َّلهم إِنِّي َأست ِ
ْ ُ َّ َّ َ َر ْك َع َت ْي ِن ِم ْن َغ ْيرِ ا ْل َفرِ َ
َّك َت ْق ِد ُر َو َل َأ ْق ِد ُرَ ،و َت ْع َل ُم َو َل َأ ْع َل ُم،ك ا ْل َعظِيمِ؛ َفإِن َ ك ِم ْن َف ْض ِل َ كَ ،و َأ ْس َأ ُل َبِ ُقدْ َرتِ َ
ْت َتع َلم َأ َّن ه َذا األَمر َخير لِي فِي ِدينِي ومع ِ َو َأن َ
اشي ََ َ ْ َ ٌْ وب ،ال َّل ُه َّم إِ ْن ُكن َ ْ ُ َ ْت َع َّل ُم ا ْل ُغ ُي ِ
ار ْك لِي آج ِل ِهَ -فا ْقدُ ْر ُه لِي َو َي ِّس ْر ُه لِي ُث َّم َب ِ اج ِل َأ ْمرِي َو ِ -أ ْو َق َالَ :ع ِ اق َب ِة َأ ْمرِي َ وع ِ
َ َ
-أ ْواق َب ِة َأ ْمرِي َ اشي وع ِ
َ َ
ْت َتع َلم َأ َّن ه َذا األَمر َشر لِي فِي ِدينِي ومع ِ
ََ َ ْ َ ٌّ َ فيهَ ،وإِ ْن ُكن َ ْ ُ
ِ ِ
اصرِ ْفنِي َعنْ ُهَ ،وا ْقدُ ْر لِ َي ا ْلخَ ْي َر اصرِ ْف ُه َعنِّي َو ْ
اج ِل َأمرِي و ِ ِ ِ
آجلهَ -ف ْ َ َق َال :في َع ِ ْ
ِ
ِ ِ
البخاري(.)1
ُّ اج َت ُه» .رواه «و ُي َس ِّمي َح َ َانُ ،ث َّم َأ ْرضني»َ ،ق َالَ : ثك َ َح ْي ُ
المبارك ا َّلذي أرشد إليه النَّبِ ُّي ﷺ يف هذا المقام ،مقام
ُ العظيم
ُ هذا الدعا ُء
المسلم وهو مرت ِّدد يف مآله؛ هل هوُ طلب الخيرة يف األمر ا َّلذي يقدم عليه
وض أل َّمة اإلسالم ضر ،وهو ِع ٌ
شر ،وهل هو إلى نفع أو إلى ٍّ إلى خير أو إلى ٍّ
عما كان عليه أهل الجاهل َّية من َز ْجر ال َّطير واالستقسام باألزالم؛ إذا َبدَ ْت َّ
للواحد منهم حاجةٌ :من نكاح ،أو سفر ،أو بيع ،أو نحو ذلك ،فيطلبون بذلك
وس َف ٌه كان عليه أهل الجاهل َّية ،وأ َّما ٌ
ضالل َ علم ما ُقسم لهم يف الغيب ،وهذا
وسبل أ َّم ُة اإلسالم فقد هداهم اهلل تعالى إلى َمراشد األمور ومفاتيح الخير ُ
البخاري (.)1162
ُّ ((( رواه
449 -73دعاء االستخارة
السعادة يف الدُّ نيا واآلخرة ،ومن ذلكم هذا الدُّ عاء العظيم ا َّلذي ُهديت إليه أ َّمة
َّ
اإلسالم.
وافتقار
ٌ «وعو َضهم هبذا الدُّ عاء ا َّلذي هو توحيدٌ
َّ قال ابن الق ِّيم :V
الخير ك ُّله ،ا َّلذي ال يأيت بالحسنات َّإلُ لمن بيده ٌ
وسؤال َ وعبود َّي ٌة وتوك ٌُّل
الس ِّيئات َّإل هو ،ا َّلذي إذا فتح لعبده رحم ًة َلم يستطع أحدٌ هو ،وال يصرف َّ
حبسها عنه ،وإذا أمسكها َلم يستطع أحد إرسا َلها إليه ،من التَّط ُّير والتَّنجيم َ
طالع أهل ُ السعيد، واختيار ال َّطالع ونحوه ،فهذا الدُّ عا ُء هو ال َّطالع الميمون َّ
الشرك السعادة والتَّوفيق ،ا َّلذين سبقت لهم من اهلل الحسنى ،ال طالع أهل ِّ َّ
فتضمن
َّ والشقاء والخذالن ا َّلذين يجعلون مع اهلل إ َل ًها آخر فسوف يعلمون. َّ
واإلقرار بصفات كماله من كمال العلم َ اإلقرار بوجوده سبحانه،َ هذا الدُّ عا ُء
وتفويض األمر إليه ،واالستعان َة به،
َ واإلقرار بربوب َّيته،
َ والقدرة واإلرادة،
والقوة َّإل به،
َّ والخروج من عهدة نفسه وال َّت َب ِّري من الحول َ والتَّوك َُّل عليه،
واعرتاف العبد بعجزه عن علمه بمصالح نفسه وقدرته عليها وإرادته لهاَّ ،
وأن َ
الحق »...إلى أن قال « :Vوالمقصود ِّ ذلك ك َّله بيد ول ِّيه وفاطره وإ َلهه
وتفويض إليه واستقسا ٌم ب ُقدرته وعلمه وحسن ٌ أن االستخار َة توك ٌُّل على اهلل َّ
الر َضى به ر ًّبا ،ا َّلذي ال يذوق َطعم اإليمان َمن اختياره لعبده ،وهي من لوازم ِّ
ِ
َلم يكن كذلك ،وإن َرض َي بالمقدور بعدها فذلك عالمة َّ
السعادة» .اهـ كالمه
.)1(V
بكل شيء ،واست ْقدَ َره بقدرته وما ندم َمن استخار ر َّبه بعلمه المحيط ِّ
كل شيء ،وسأله سبحانه من فضله العظيم. الكاملة على ِّ
ول اهلل ِ ﷺ ُي َع ِّل ُمنَا ِال ْستِخَ َار َة فِي ْالُ ُم ِ
ور َان َر ُس ُ ُ
وقول جابر « :Iك َ
((( انظر :زاد المعاد (.)405/2
أحاديث األذكار واألدعية 450
ور َة ِم َن ال ُق ْر ِ
آن» ،فيه دالل ٌة على شدَّ ة اهتمام النَّبِ ِّي ﷺ هبذا ُك ِّل َها ك ََما ُي َع ِّل ُمنَا ُّ
الس َ
ا ُّلدعاء والمحافظة عليه والعناية به.
ول َلنَا :إِ َذا َه َّم َأ َحدُ ك ُْم بِ ْالَ ْمرِ» ،أي :من األمور ا َّلتي ال يدري
«ي ُق ُ
وقولهَ :
الزواج أو نحو ذلك ،وال استخارة يف فعل الواجب
السفر أو َّ
ما عاقبتها ،مثلَّ :
المحرم.
َّ أو ترك
يض ِة» ،أي :فل ُي َص ِّل ركعتين من غير وقولهَ « :ف ْل َي ْرك َْع َر ْك َع َت ْي ِن ِم ْن َغ ْيرِ ال َفرِ َ
مفتاحا له لنيل الخير ،وسب ًبا
ً الصلوات المفروضة ،وذلك لتكون صال ُته َّ
يأت يف شيء من طرق الحديث تعيين إلجابة مطلوبه وتحقيق مرغوبه ،ولم ِ
المستخير الصالة؛ ولذا يقر ُأ ِ
ُ قراءة مع َّينة من آي القرآن أو سوره لتُقرأ يف هذه َّ
يس َره اهلل له من القرآن دون التزام شيء مع َّين. ما َّ
الصالة ،أي:
أن الدُّ عاء يكون بعد الفراغ من َّ وقولهُ « :ث َّم لِ َي ُق ْل» ،ظاهره َّ
الصالة
السالم ،أي :بعد الفراغ من أذكار َّ بعد أن يس ِّلم ،ويحتمل َّ
أن ذلك قبل َّ
السالم. ودعائها .واألَ ْولى َّ
األول ،أي :أن يكون الدُّ عاء بعد َّ
ألن رف َعهما من أسباب إجابة الدُّ عاء. واألفضل أن يرفع يديه عند الدُّ عاء؛ َّ ُ
ان َ Iق َالَ :ق َال رس ُ ِ
ول اهَّلل ﷺ« :إِ َّن َر َّبك ُْم َ Fحيِ ٌّي َكرِ ٌ
يم َ ُ َع ْن َس ْل َم َ
ِّرمذي
ُّ َي ْست َْحيِي ِم ْن َع ْب ِد ِه إِ َذا َر َف َع َيدَ ْي ِه إِ َل ْي ِه َأ ْن َي ُر َّد ُه َما ِص ْف ًرا» .رواه أبو داود والت
وابن ماجه(.)1
و َمن كان ال يحفظ الدُّ عا َء وقرأه من كتاب فال حرج عليه ،وعليه أن
والصدق يف الدُّ عاء ،والتَّأ ُّمل يف معاين
ِّ يجتهد يف إحضار قلبه ،والخشوع هلل
وصححه
َّ ِّرمذي ( ،)3556وابن ماجه (،)3865
ُّ ((( رواه أبو داود ( ،)1488والت
األلباينُّ.
451 -73دعاء االستخارة
هذا الدُّ عاء العظيم .و َمن لم يكن حاف ًظا للدُّ عاء وليس بحضرته ٌ
كتاب واحتاج
إلى االستخارة؛ فإنَّه يص ِّلي ركعتين ويدعو بما َّ
تيسر له من معاين طلب الخيرة.
َخ ُير َك بِ ِع ْل ِم َ
ك» ،أي :أطلب منك يا اهلل أن تختار وقوله« :ال َّلهم إِنِّي َأست ِ
ْ ُ َّ
الخير من األمور واألرشدَ منها بعلمك المحيط ِّ
بكل شيء ،بما كان ،وبما َ لي
سيكون ،وبما َلم يكن أن لو كان كيف يكون.
ك» ،أي :أطلب منك أن تقدِّ رين عليه بقدرتك «و َأ ْس َت ْق ِد ُر َك بِ ُقدْ َرتِ َ
وقولهَ :
كل شيء. على ِّ
ك ال َعظِيمِ» ،أي :أطلب منك يا اهلل أن تكر َمني
ك ِم ْن َف ْض ِل َ «و َأ ْس َأ ُل َوقولهَ :
المتفض ُل وحدَ ك والمن ِْع ُم ال شريك
ِّ علي بعطائك؛ ألنَّك أنت َ
بفضلك وت ُم َّن َّ
لك.
َّك َت ْق ِد ُر َو َل َأ ْق ِد ُر َو َت ْع َل ُم َو َل َأ ْع َل ُمَ ،و َأن َ
ْت َع َّل ُم ال ُغ ُي ِ
وب» ،فيه وقولهَ « :فإِن َ
بكل شيء ،وأنَّه ال يعزب عن علمه كل شيء ،وعلمه ِّ اإليمان بقدرة اهلل على ِّ ُ
االعرتاف بضعف العبد وعجزه وافتقاره
ُ السماء ،وفيه
شي ٌء يف األرض وال يف َّ
إلى س ِّيده ومواله.
زواجا
ً ْت َت ْع َل ُم َأ َّن َه َذا ْالَ ْم َر» ،و ُي َس ِّميه بعينه ،إن كان
وقوله« :ال َّل ُه َّم إِ ْن ُكن َ
غير ذلك .وقوله« :إِ ْن ُكن َْت َت ْع َل ُم» يرجع إلى عدم علم سفرا ،أو َ أو بي ًعا ،أو ً
بكل شيء .وهذا ال يتناىف محيط ِّ
ٌ فعلمه
الر ُّب سبحانه ُ العبد بعاقبة أمره ،وأ َّما َّ
«ل َي ُق ْل أن رسول اهلل ﷺ قالَ : الصحيح عن أبي هريرة َّ I مع ما ثبت يف َّ
ْت ْار ُز ْقنِي إِ ْن ِشئ َ
ْت َو ْل َي ْع ِز ْم ْت ْار َح ْمنِي إِ ْن ِشئ َ
َأ َحدُ ك ُُم ال َّل ُه َّم ا ْغ ِف ْر لِي إِ ْن ِشئ َ
َم ْس َأ َل َت ُه إِ َّن ُه َي ْف َع ُل َما َي َشا ُء َل ُم ْكرِ ُه َل ُه»(.)1
البخاري ( ،)7477ومسلم (.)2679
ُّ ((( رواه
أحاديث األذكار واألدعية 452
الرحمة والمغفرة، سعدي « :Vفالمطالب الدِّ ين َّية كسؤال َّ ٍّ قال ابن
والرزق وتوابع ذلك، والمطالب الدُّ نيو َّية المعينة على الدِّ ين كسؤال العافية ِّ
ملحا جاز ًما ،وهذا ال َّطلب عين العبود َّية
قد أمر العبد أن يسألها من ر ِّبه طل ًبا ًّ
يتم ذلك َّإل بال َّطلب الجازم ا َّلذي ليس فيه تعليق بالمشيئة؛ ألنَّه ومح ُّلها ،وال ُّ
خير محض ال ضرر فيه ،واهلل تعالى ال يتعاظمه شيء. مأمور به ،وهو ٌ
وهبذا يظهر الفرق بين هذا وبين سؤال بعض المطالب المع َّينة ا َّلتي ال
أن حصولها خير للعبد؛ فالعبد يسأل يتح َّقق مصلحتها ومنفعتها ،وال يجزم َّ
ر َّبه ويع ِّلقه على اختيار ر ِّبه له أصلح األمرين ،كالدُّ عاء المأثور« :ال َّل ُه َّم َأ ْحيِنِي
الو َفا َة َخ ْي ًرا لِي»( ،)1وكدعاء ت َ الح َيا ُة َخ ْي ًرا لِيَ ،وت ََو َّفنِي إِ َذا َع ِل ْم َ ِ
إِ َذا كَانَت َ
االستخارة .فافهم هذا الفرق ال َّلطيف البديع بين طلب األمور النَّافعة المعلوم
وأن الدَّ اعي يجزم بطلبها وال يع ِّلقها ،وبين طلب األمور نفعها ،وعدم ضررهاَّ ،
ا َّلتي ال يدري العبد عن عواقبها وال رجحان نفعها على ضررها؛ فالدَّ اعي
علما وقدر ًة ورحم ًة ولط ًفا»(.)2 بكل شيء ً يع ِّلقها على اختيار ر ِّبه ا َّلذي أحاط ِّ
األهم، اشي وع ِ
اق َبة َأ ْمرِي» ،قدَّ م الدِّ ين ألنَّه «خير لِي فِي ِدينِي ومع ِ
ُّ َ َ ََ َ وقولهٌ ْ َ :
حاصل ،وإذا اخت ََّل فال خير بعده. ٌ فالخير
ُ فإذا َسلِ َم الدِّ ين
الراوي ،وهما يؤ ِّديان شك من َّ آج ِل ِه» ،هذا ٌّ اج ِل َأ ْمرِي َو ِ«أ ْو َق َال َع ِ وقولهَ :
السابق.
للمعنى َّ
َّبي :ال َّل َّ
هم إن كنت الراوي َّ
شك ،هل قال الن ُّ
قال ابن الق ِّيم َّ :V
«فإن َّ
أن هذا خير لي يف ديني ومعاشي وعاقبة أمري ،أو قال وعاجل أمري تعلم َّ
األول ،وهو قوله« :وعاقبة والصحيح ال َّلفظ َّ
َّ وآجله بدل وعاقبة أمري؟
ألن عاجل األمر وآجله هو مضمون قوله« :ديني ومعاشي وعاقبة أمري»؛ َّ
تكرارا ،بخالف ذكر ً أمري» ،فيكون الجمع بين المعاش وعاجل األمر وآجله
فإن المعاش هو عاجل األمر ،والعاقبة المعاش والعاقبة؛ فإنَّه ال تكرار فيهَّ ،
آجله»(.)1
اق َبة َأ ْمرِي» ،بدأها بالدِّ ين ا َّلذي هو اشي وع ِ «خير لِي فِي ِدينِي ومع ِ
َ َ ََ َ قولهُ ْ َ :
أعظم األمور ،كما بدأ به يف دعائه الجامع «ال َّل ُه َّم َأ ْصلِ ْح لِي ِدينِي ا َّل ِذي ُه َو
آخ َرتِي ا َّلتِي اشي ،و َأصلِح لِي ِ
َ ْ ْ
ِعصم ُة َأم ِري ،و َأصلِح لِي د ْنياي ا َّلتِي فِيها مع ِ
َ ََ ُ َ َ َ ْ ْ ْ َ ْ
اح ًة لِي مِ ْن ِ ِ
اج َع ِل ا ْل َح َيا َة ِز َيا َد ًة لي في ك ُِّل َخ ْي ٍرَ ،و ْ
اج َع ِل ا ْل َم ْو َت َر َ
ِ
ف َيها َم َعاديَ ،و ْ
ِ
صالح لما وراءه ،وفساده فسا ٌد لما وراءه. ٌ أن صالح الدِّ ين ك ُِّل َش ٍّر»( ،)2وذلك َّ
وقوله« :فاقدُ ْره لِي َو َي ِّس ْر ُه لِي» ،أي :اجعله لي مقدَّ ًرا وم َي َّس ًرا.
ثبوت تتضمن علي وضاعفه ،فال َبرك ُة َِ ُ ِ ْ ِ ِ ِ
َ َّ وقوله« :ث َّم َبارك لي فيه» ،أي :أد ْمه َّ
النِّعمة ون ُُم َّوها.
ْت َت ْع َل ُم َأ َّن َه َذا األَ ْم َر َش ٌّر لِي »...إلى آخر الدُّ عاء ،فيه «وإِ ْن ُكن َ وقولهَ :
األمر عن باله ،وأن يباعدَ بينه وبينه ،وأن يكتب له
َ يصرف هذا
َ ُ
سؤال اهلل أن
الرضا بما قسم اهلل من وجود ذلك األمر إن وجد، الخير حيث كان ،وأن يرز َقه ِّ َ
والخير فيما يختاره اهلل ،والتَّوفيق بيده سبحانه ،وهو الهادي
ُ أو عدمه إن ُعدم.
السبيل.
وحده إلى سواء َّ
قال شيخ اإلسالم ابن تيم َّية « :Vما ندم من استخار الخالق وشاور
المخلوقين وثبت يف أمره»( ،)3أي :ما ندم َمن طلب من خالقه أن يختار له
((( انظر :جالء األفهام (ص.)423
((( رواه مسلم (.)2720
((( انظر :المستدرك على مجموع الفتاوى (.)113/3
أحاديث األذكار واألدعية 454
عمل بقوله ثم شاور أهل العقل وأهل الدِّ راية ً وفوض أمره إلى اهللَّ ،
الخير َّ
ثم ثبت يف أمره؛ فال يكون بعد تعالى﴿ :ﭭ ﭮ ﭯﭰ﴾ [آل عمرانَّ ،]159 :
االستخارة واالستشارة مضطر ًبا وقلِ ًقا ومرت ِّد ًدا ،بل يمضي فيما اطمئ َّن قلبه
إليه ويثبت يف أمره متوك ًِّل على اهلل كما قال اهلل ﴿ :Dﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ﴾
[آل عمران.]159 :
455 -74أذكار الكرب والغ ِّم واهل ِّم واحلزن ()1
74
وحسنه األلباينُّ.
َّ ((( رواه أبو داود (،)5090
وصححه األلباينُّ.َّ ِّرمذي (،)3505
ُّ ((( رواه الت
457 -74أذكار الكرب والغ ِّم واهل ِّم واحلزن ()1
«و َأ ْص ِل ْح لِي َش ْأنِي ُك َّل ُه» ،هذا فيه افتقار العبد إلى اهلل يف إصالح وقولهَ :
شأنه ك ِّله يف دينه ودنياه وآخرته ،ال يص ُلح شيء من ذلك َّإل إذا أصلحه اهلل؛
كما يف الدُّ عاء المأثور« :ال َّل ُه َّم َأ ْصلِ ْح لِي ِدينِي ا َّل ِذي ُه َو ِع ْص َم ُة َأ ْم ِريَ ،و َأ ْصلِ ْح
ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
اج َع ِل اي ا َّلتي ف َيها َم َعاشيَ ،و َأ ْصلِ ْح لي آخ َرتي ا َّلتي ف َيها َم َعاديَ ،و ْ لي ُد ْن َي َ
اح ًة لِي مِ ْن ك ُِّل َش ٍّر» .رواه مسلم(.)1 ِ ِ
الح َيا َة ِز َيا َد ًة لي في ك ُِّل َخ ْي ٍرَ ،
والم ْو َت َر َ َ
ْت»ٌ ،
فزع إلى التَّوحيد لزوال الكرب. «ل إِ َل َه إِ َّل َأن َ
وقوله يف تمامهَ :
((( رواه مسلم (.)2720
أحاديث األذكار واألدعية 460
75
الصحيحة ِ
السلسلة َّ
وصححه األلبان ُّي يف ِّ
َّ ((( رواه أحمد ( ،)4318وابن ح َّبان (،)972
(.)199
'
I k'.-
r-1 IviQ.œw I;w'
.?. ,a I ?..a I). u:I.v)
..!'
q<;t.M olJ h'J i.a
. m * r . 7x 9 '
xzsxa ..-axoh AJ.
ucw. Az ''
'lJ u.'..fw.. eD'f'L=
t.. eD'f'
u; J
'I
.-C
I;
'laNr@k.sv
fIg
'
.
I-I.wCw.t.
p. x5IJJJwI-wha'ro
'u'o.oNkG @o'v=C lS..J.k;JlI- 'la
s -. U ; -
,.
=.. '
.s ..$
5I.' .
:4 uw
: -L5I.àga '.t.
5le-
AV'd I' o31, uqrx' 5I' o .-Vw NJ's
.x ' sm'=Q'I
Z lxbh
'- <J .a, o u...wx fux wu2u stw ..xu a .fw,ax'I
'zJswx ou. e t. . .' .. .
أحاديث األذكار واألدعية 464
كلجميع أقضيته سبحانه يف عبده من ِّ َ وقولهَ « :عدْ ٌل فِ َّي َق َضاؤُ َك» ،يتناول
ٍ
وعقوبة ٍ
وحياة وموت، وسقم ،وغنًى وفقر ،و َل َّذة وأ َلم، الوجوه؛ من صحة ُ
دل فيه ﴿ﰗ ﰘ ﰙ فكل ما يقضي على العبد فهو َع ٌ وتجاوز ،وغير ذلكُّ ،
فصلت.]46 : ﰚ﴾ [ ِّ
ُ َّ
واألصل الثالث :أن يؤم َن العبدُ بأسماء اهلل الحسنى وصفاته العظيمة
ويتوس َل إلى اهلل هبا ،كما قال تعالى﴿ :ﭳ ﭴ َّ والسنَّة،
الواردة يف الكتاب ُّ
ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ﴾ [األعراف:
،]180وقال تعالى﴿ :ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ﴾
[اإلسراء.]110 :
عظيم المعرفة باهلل وأسمائه وصفاته زادت خشيتُه له، َ والعبدُ ك َّلما كان
و َع ُظمت مراقبتُه له ،وازدا َد ُب ْعدً ا عن معصيته والوقوع فيما يسخطه ،كما قال
أعظم
َ فإنف»( ،)1ولهذا َّ َان مِنْ ُه َأ ْخ َو َ
فك َ َان بِاهللِ َأ ْع َر َ لفَ « :م ْن ك َ الس ُ بعض َّ
عم َر قل َبه بمعرفته يعرف العبدُ ر َّبه ،وأن َي ُ َ والغم؛ أن َّ َ
والحزن الهم
طر ُد َّ ما َي ُ
ك بِك ُِّل ْاس ِم «أ ْس َأ ُل َ
يتوس َل إليه بأسمائه وصفاته ،ولهذا قالَ : سبحانه ،وأن َّ
كَ ،أ ْو َع َّل ْم َت ُه َأ َحدً ا ِم ْن َخ ْل ِق َ
كَ ،أ ْو كَ ،أ ْو َأ ْن َز ْل َت ُه فِي كِتَابِ َ ت بِ ِه َن ْف َس َ
ك َس َّم ْي َُه َو َل َ
ب ِعنْدَ َك». ْاست َْأ َث ْر َت بِ ِه فِي ِع ْل ِم ال َغ ْي ِ
توس ٌل إلى اهلل بأسمائه ك ِّلها ما َعلِ َم العبدُ منها وما َلم يعلم ،وهذا
فهذا ُّ
أحب الوسائل إلى اهلل سبحانه.
ُّ
الرابع :هو العناي ُة بالقرآن الكريم ،كالم اهلل Dا َّلذي ال يأتيه ُ
واألصل َّ
والشفاء والكفاية الباطل من بين يديه وال من خلفه ،المشتمل على الهداية ِّ ُ
عظيم العناية بالقرآن تالو ًة وحف ًظا ومذاكرةً، َ والعافية ،والعبدُ ك َّلما كان
ِ
الصدر ،وزوال السعادة وال ُّطمأنينة ،وراحة َّ وعمل وتطبي ًقا؛ نال من َّ ً وتد ُّب ًرا
آن الهم وال َغ ِّم والحزن بحسب ذلك ،ولهذا قال يف هذا الدُّ عاءَ :
«أ ْن ت َْج َع َل ال ُق ْر َ ِّ
ِ
اب َه ِّمي» .فالقرآن شفا ٌء ودوا ٌء ُور َصدْ ِري َو َج َل َء ُحزْني َو َذ َه َ
يع َق ْلبِي َون َ َربِ َ
للذاكرين ،و َمن يقرأ كتاب اهلل متد ِّب ًرا معانيه ينشرح وهداية وموعظ ٌة وذكرى َّ
صدره وتنزاح عنه همومه وغمومه.
فهذه أربع ُة أصول عظيمة مستفادة من هذا الدُّ عاء المبارك؛ ينبغي لنا أن
والفضل العظيم وهو َ الكريم
َ لننال هذا الموعو َد نتأ َّم َلها وأن نَس َعى يف تحقيقها؛ َ
َان ُحزْنِ ِه َف َر ًحا» ،ويف روايةَ « :ف َر ًجا». ب اهللُ َه َّم ُه َو َأ ْبدَ َل ُه َمك َ
قوله ﷺ« :إِ َّل َأ ْذ َه َ
ِ «ح ْس ُبنَا اهللُ َونِ ْع َم ا ْل َوكِ ُ
يل»َ ،قا َل َها إِ ْب َراه ُ
يم َو َع ْن ابن ع َّباس َ Lق َالَ :
ن َقا ُلوا﴿ :ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ِ ِ Sحي َن ُأ ْل ِقي فِي الن ِ
َّارَ ،و َقا َل َها ُم َح َّمدٌ ﷺ حي َ َ
ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ﴾ [آل عمران.»]173 :
البخاري(.)1
ُّ رواه
ين ُأ ْل ِقي فِي النَّار» ،قال تعالى﴿ :ﮮ ﮯ ﮰ ِ
إبراهيم ح َ
ُ « َقا َل َها
ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠ
ﯡ ﯢ ﯣ﴾ [األنبياء.]70-68 :
«و َقا َل َها محمدٌ ﷺ» ،وذلك بعد منصرف قريش واألحزاب من ُأ ٍ
حد ب َل َغه ُ َّ َ
البخاري (.)4563
ُّ ((( رواه
أحاديث األذكار واألدعية 466
76
أن ُسنَّة اهلل ماضي ٌة يف عباده بأن َيبتل َيهم يف هذه الحياة الدُّ نيا بأنوا ٍع منليعلم َّ
والرزايا ،فيبتليهم بالفقر تار ًة وبالغنى تار ًة أخرى، ٍ
الباليا وألوان من المحن َّ
وبالض َّراء حينًا آخر،َّ وبالس َّراء حينًا
َّ وبالصحة تار ًة وبالمرض تار ًة أخرى، ِّ
وليس يف النَّاس َّإل َمن هو ُمب َت ًلى ،إ َّما بفوات محبوب ،أو حصول مكروه،
ِ
ضحكت ً
قليل أو زوال مرغوب ،فسرور الدُّ نيا أحال ُم نوم أو كظ ٍّل زائل ،إن َأ َ
ً
طويل، دهرا ،وإن َمتَّعت ً
قليل َمنَعت أحزنت ً كثيرا ،وإن َس َّرت يو ًما َ أبكت ً
دارا حرب ًة َّإل َمألهتا عربةً ،كما قال ابن مسعود ِّ :I
«لكل َفرحة وما َمألت ً
بيت َف َر ًحا َّإل ُملِ َئ َت َر ًحا»(.)1
لئ ٌَترحة ،وما ُم َ
كل أحواله ،كما قال ﷺَ « :ع َج ًبا صائر إلى خير يف ِّ ٌ أن عبدَ اهلل المسلم َّإل َّ
اك ِلَ َح ٍد إِ َّل لِ ْل ُم ْؤ ِم ِن؛ إِ ْن َأ َصا َب ْت ُه َس َّرا ُء
الم ْؤ ِم ِن إِ َّن َأ ْم َر ُه ُك َّل ُه َخ ْي ٌرَ ،و َل ْي َس َذ َ
ألَ ْمرِ ُ
َان َخ ْي ًرا َل ُه» .رواه مسلم(.)2 َان َخ ْي ًرا َل ُهَ ،وإِ ْن َأ َصا َب ْت ُه َض َّرا ُء َص َب َر َفك َ َشك ََر َفك َ
كل قضاء يقضيه اهلل للمؤمن ا َّلذي يصرب على البالء ويشكر
أن َّ
فأخرب النَّبي ﷺ َّ
ُّ
الس َّراء فهو خير له ،قال تعالى يف مواضع من كتابه﴿ :ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ
على َّ
ٍ
شكور على والضيق،
الض َّراء والعسر ِّ ﮩ ﮪ﴾ [سبأ ،]19 :أي :ص َّب ٍ
ار يف َّ
الس َّراء والنِّعمة.
َّ
السرور (ص.)3
((( رواه ابن أبي الدُّ نيا يف االعتبار وأعقاب ُّ
((( رواه مسلم (.)9992
أحاديث األذكار واألدعية 468
وما من إنسان َّإل وهو مبتلى و ُعرضة للمصائب ،والدُّ نيا ميدان ابتالء واهلل
والرخاء ،والمرض والعافية والض َّراءِّ ،
والشدَّ ة َّ بالسراء َّ سبحانه يبتلي العبد َّ
﴿ﯿ ﰀ ﰁ ﰂﰃ ﰄ ﰅ﴾ [األنبياء]35 :؛ فلهذا ينبغي للعبد
أن المصيبة ا َّلتي تصيبه لم ينزلها اهلل هبا ليهلكه ،وإنَّما أنزلها ليبتليه، أن يعلم َّ
أن هذا ابتال ٌء من اهلل ،ويحرص أن يكون يف مصيبته من الفائزين فيستشعر َّ
َّسخط والجزع وغير ذلك ،وقد والسالمة من الت ُّ والرضا والدُّ عاء َّ بالصرب ِّ
َّ
قال اهلل تعالى﴿ :ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ
الرجل تصيبه المصيبة في ْعلم أنَّها ﭮ ﭯ﴾ [التَّغابن ،]11 :قال علقمة« :هو َّ
من عند اهلل فيرضى و ُيس ِّلم»(.)1
ٍ
لجوء إلى اهلل هذه حال المؤمن يفزع إلى اإليمان ،ويعمل بما يقتضيه من
وفز ٍع إليه ،و اسرتجاعه عند المصيبة؛ حتَّى يفوز بال َّثواب ،كما قيلُّ :
حظ المرء
ورضا وعدم ُّ
تسخط من المصيبة ما ُتحدث له من أثر؛ فإن أحدثت له صربًا ً
تسخ ًطا وجز ًعا فهو الخاسر.
فهو الفائز ،وإن أحدثت ُّ
وقوله سبحانه﴿ :ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ﴾
[البقرة ،]156:هذه كلمة عظيمة ُتقال عند المصيبة وهي كلمة اسرتجاع ،وال ُبدَّ
من فهمها؛ إذ كثير من النَّاس يقولها ويقول غيرها من األذكار وال يدري شي ًئا
عن مدلولها!! وهي َّ
تتكون من جملتين:
ويتصرف
َّ الجملة األولى﴿ :ﭳ ﭴ﴾ ،أي :نحن هلل مماليك ،يد ِّبر شئوننا
يف أمورنا ،أز َّمتنا بيده ،يقضي فينا بما يشاء ،ويحكم فينا بما يريد ،ال مع ِّقب
تصرفه
ملك هلل وتحت ُّ وكل ما يكون يف هذا الكون ٌ لحكمه وال را َّد لقضائهُّ ،
وقضائه وقدره .E
ﮁ ﮂ﴾ .فهذه خيرات عظيمة ،ينالها بتوفيق من اهلل َمن يسرتجع عند
المصاب.
علي العابد ،قال: روى أبو نعيم يف كتابه «حلية األولياء» عن الحسن بن ٍّ
«قال الفضيل بن عياض Vلرجل :كم أ َتت عليك؟ قال ستُّون سنةً ،قال:
علي
الرجل :يا أبا ٍّ تسير إلى ر ِّبك توشك أن تبلغ ،فقال َّ فأنت منذ ستِّين سن ًة ُ
الرجل :قلت: تعلم ما تقول؟ فقال َّ (إنَّا هلل وإنَّا إليه راجعون) ،قال له الفضيلُ :
فسره لنا الرجلِّ : تفسيره؟ قال َّ ُ (إنَّا هلل وإنَّا إليه راجعون) ،قال الفضيل :تع َل ُم ما
فمن َعلِ َمراجع؛ ٌَ علي ،قال :قو ُلك (إنَّا هلل) تقول :أنا هلل عبدٌ وأنا إلى اهلل يا أبا ٍّ
موقوف؛ فليعلمٌ موقوف ،و َمن َعلم بأنَّه
ٌ أنَّه عبد اهلل وأنَّه إليه راجع؛ فليع َلم بأنَّه
الرجل :فما ِ ٌ
للسؤال جوا ًبا ،فقال َّ مسؤول؛ فل ُيعدَّ ُّ بأنَّه مسئول ،و َمن علم أنَّه
بقي ُيغ َفر لك ما مضى؛ ُ
الحيلة؟ قال :يسيرة ،قال :ما هي؟ قال :تحس ُن فيما َ
ذت بما مضى وما بقي»(.)1 أسأت فيما بقي ُأ ِخ َ
َ فإنَّك إن
السلف Xبمعاين األذكار ومعرفة ويف هذا دالل ٌة على عظم اهتمام َّ
دالالهتا وتحقيق مقاصدها وغاياهتا ،وتأكيدهم على هذا األمر العظيم؛
آثارها ،وتتوافر له خيرا ُتها وبركاهتا. ثمارها ،وتظهر فيه ُ لتتح َّقق للعبد ُ
ول: ول اهلل ﷺ َي ُق ُ ت َر ُس َ و َع ْن ُأ ِّم َس َل َم َة َ Jز ْوجِ النَّبِ ِّي ﷺ َقا َل ْتَ :س ِم ْع ُ
أج ْرنِي فِي ون ،ال َّل ُه َّم ُ اج ُع َ له َوإِنَّا إِ َل ْي ِه َر ِ
ول« :إِنَّا لِ ِ «ما ِم ْن َع ْب ٍد ت ُِصي ُب ُه ُم ِصي َب ٌة َف َي ُق َُ
ف َل ُه َخ ْي ًرا ِ ِ ِ ِ ِ
ف لي َخ ْي ًرا من َْها»؛ إِ َّل َأ َج َر ُه اهَّللُ في ُمصي َبتهَ ،و َأ ْخ َل َ ِ أخل ِْ ِ
ُمصي َبتي َو ْ ِ
ف اهللُ ول اهلل ِ ﷺ َف َأ ْخ َل َ ت ك ََما َأ َم َرنِي َر ُس ُ تَ « :ف َل َّما ت ُُو ِّف َي َأ ُبو َس َل َمةَُ ،ق ْل ُ ِمن َْها»َ ،قا َل ْ
ول اهلل ﷺ» .رواه مسلم(.)2 لِي َخ ْي ًرا ِمنْ ُه؛ َر ُس َ
77
َع ْن َعلِ ٍّي َ :Iأ َّن ُم َكا َت ًبا َجا َء ُهَ ،ف َق َال :إِنِّي َقدْ َع َج ْز ُت َع ْن ُم َكا َت َبتِي
َان َع َل ْي َك مِ ْث ُل
ول اهلل ﷺ؛ َل ْو ك َ يه َّن َر ُس ُ ات َع َّل َمن ِ ِ
َف َأ ِعنِّيَ ،ق َالَ :أ َل ُأ َع ِّلم َك كَلِم ٍ
َ ُ
ك، ك َع ْن َح َر ِام َ اهلل َعن َْك؟ َق َالُ :ق ْل« :ال َّل ُه َّم اك ِْفنِي بِ َح َللِ َ ِ
َج َب ِل ص ٍير َد ْينًا َأ َّدا ُه ُ
ِّرمذي(.)1 ُّ اك» .رواه الت ك َع َّم ْن ِس َو َ َو َأ ْغنِنِي بِ َف ْض ِل َ
قولهَ :
«أ َّن ُمكَا َت ًبا َجا َء ُه» ،أي :عبدً ا أراد لنفسه العتق بالمكاتبة ،قال اهلل
تعالى﴿ :ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺﭻ﴾
مثل مبل ًغا
كل شهر ً[النُّور]33 :؛ والمكاتبة :أن يتَّفق العبد مع س ِّيده أن ُيعطيه َّ
مع َّينًا من المال لمدَّ ة مع َّينة ،فإذا و َّفى المبلغ عتق هبذه المكاتبة.
ْت َع ْن ُمكَا َت َبتِي َف َأ ِعنِّي» ،أي :عجزت
«أن مكات ًبا َجا َء ُهَ ،ف َق َال إِنِّي َع َجز ُ
قالَّ :
كاتبت س ِّيدي عليه ،فأعنِّي ،أي :ساعدين على هذا األمر. ُ عن المال ا َّلذي
ك ِم ْث ُل َج َب ِل يهن رس ُ ِ ِ «أ َل ُأع ِّلم َ ِ ٍ
َان َع َل ْي َ
ول اهلل ﷺ َل ْو ك َ ك كَل َمات َع َّل َمن ِ َّ َ ُ قالُ َ َ :
ويسر لك ْك» ،أي :لو كان عليك دين كبير أ َّداه اهلل عنك َّ ِصيرٍ َد ْينًا َأ َّدا ُه اهللُ َعن َ
خير أن الدُّ عاء مفتاح ِّ
كل خير يف الدُّ نيا واآلخرة .وهذا ٌ أمر سداده .وهذا فيه َّ
نفرط فيه!! أحيانًا يأيت المحتاج وحاجته شديدة فتصرفه بأن تقول له« :ما كم ِّ
ْ
يسيرا ،و ُيغفل يف هذا الموطن عن داللته إلى هذا
عندي شيء» ،أو تعطيه شي ًئا ً
وحسنه األلباينُّ.
َّ ِّرمذي (،)3563
ُّ ((( رواه الت
أحاديث األذكار واألدعية 474
ك» ،أي :اجعل ما أحللته لي كاف ًيا لي؛ بحيث ك َع ْن َح َر ِام َ«اك ِْفنِي بِ َح َللِ َ
علي ،فيطلب من اهلل Dأن يرزقه ال أتعدَّ ى وال أتجاوز إلى ٍ
حرمته َّ أمر َّ
الرزق ،وأن ُيجنِّبه والرضا والكفاية بما أح َّله اهلل Fلعباده من ِّ القناعة ِّ
الحرام وسبله .بعض النَّاس إذا ضاقت به األمور وكثرت عليه الدُّ يون قد يلجأ
َّبي ﷺ من المغرم قال« :إِ َّن
تعوذ الن ِّ
المحرمة ،وقد تقدَّ م يف ُّ َّ إلى بعض األمور
ف»( ،)1وهذا حرام ،وقد ً
أيضا تمتدُّ ث َفك ََذ َب َو َو َعدَ َف َأ ْخ َل َ
الر ُج َل إِ َذا َغرِ َم َحدَّ َ
َّ
حقوق للنَّاس أو االعتداء على أموالهم .فهذه الدَّ عوة يف هذا ٍ يده إلى أخذ
المقام بطلب أن يكفيه بحالله عن حرامه ،من أطيب وأنفع ما يكون؛ لينال
حصل التَّيسير والفرج. والرضا ،ول ُي ِّ القناعة ِّ
اك» ،هذا فيه االفتقار إلى اهلل Dك َع َّم ْن ِس َو َ
«و َأ ْغنِنِي بِ َف ْض ِل َ
وقولهَ :
وسؤاله سبحانه أن ُيغنيه من واسع فضله بحيث ال يحتاج إلى أحد سواه ،واهلل
يقول﴿ :ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ﴾ [فاطر.]15 :
أمره إلى اهلل ،معتمدً ا عليه وحده،
مفو ًضا َ وهذا فيه َّ
أن العبدَ ينبغي أن يكون ِّ
ً
وكيل .وال بدَّ مع مستعينًا به ،متوك ًِّل يف جميع أموره عليه ،وكفى به سبحانه
الصادق على والسعي الجا ِّد لسداد الدَّ ين ،والعز ِم َّ
السببَّ ،
الدُّ عاء من بذل َّ
البخاري ( ،)832ومسلم (.)589
ُّ ((( رواه
475 -77ما يقوله َمن عليه دين
ٍ ِ
الوفاء به ،والمبادرة إلى ذلك يف أقرب وقت َيت ََه َّي ُأ َّ
السدا ُد ،والحذر َّ
الشديد من
فح ِر ٌّي به َّأل ُيعان. المماطلة والتَّسويف؛ َّ
فإن َمن كان كذلك َ
ِ
أ َّما َمن َح َم َل يف قلبه َه َّم الدَّ ين وكانت له ن َّي ٌة صادق ٌة يف أدائه أعانه ُ
اهلل وأ َّدى
«م ْن البخاري عن أبي هريرة Iقال :قال رسول اهلل ﷺَ : ُّ عنه َدينَه .روى
َّاس ُيرِيدُ َأ َدا َء َها َأ َّدى اهللُ َعنْ ُهَ ،و َم ْن َأ َخ َذ َها ُيرِيدُ إِت َْل َف َها َأ ْت َل َف ُه
َأ َخ َذ َأ ْم َو َال الن ِ
«ما اهللُ» ،وروى اإلمام أحمد عن عائشة Jقالت :قال رسول اهلل ﷺَ :
()1
َّسائي ن ال وروى ، ن» و ع اهلل ن َان َله ِ
م َ ك ل َّ اء َد ْين ِ ِه إَِت َله نِي ٌة فِي َأد ِ ْ ن َا
ك ِمن عب ٍ
د
ُّ
()2
ْ َ َ ُ َ َّ ُ ْ َْ
ان َد ْينًا َف َع ِل َم اهللُ ِمنْ ُه«ما ِم ْن َأ َح ٍد ُيدَ ُعن ميمونة Jعن النَّبِ ِّي ﷺ أنَّه قالَ :
َأ َّن ُه ُيرِيدُ َق َضا َء ُه إِ َّل َأ َّدا ُه اهللُ َعنْ ُه فِي الدُّ ْن َيا»(.)3
ِ
أموره وأتاه اهلل بال ُيسر لحت ن َّيتُه ت َي َّسرت ُ وص ُ فإن َصدَ َق العبدُ يف َعزمه َ
وال َف َرج من حيث ال َيحتَسب ،و َمن َص َّح تو ُّك ُله على اهلل ت َك َّف َل اهلل بعونه،
أمره ،و َق َضى َدينَه. وسدَّ َد َ
البخاري يف صحيحه من حديث أبي هريرة Iعن رسول اهلل ُّ روى
بعض بني إسرائيل أن ُيسل َفه ألف رجل من بني إسرائيل َ
سأل َ ﷺ« :أنَّه َذك ََر ً
قال :فائتني بالش َهدَ اء ُأ ْش ِهدُ همَ ،
فقال :كفى باهلل شهيدً اَ ، فقال :ائتني ُّدينارَ ،
قالَ :صدَ ْق َت؛ فدفعها إليه َع َلى َأ َج ٍل ُم َس ًّمى، كفيلَ ، فقال :كفى باهلل ً بالكفيلَ ،
يقدم عليه لألجل ا َّلذي فخرج يف البحر فقضى حاجتَه ،ثم التمس مركبا يركبها ِ
ً َّ
ألف دينار وصحيف ًة منه َ
فأدخل فيها َ جدْ مرك ًبا ،فأخذ خش َب ًة فنَ َق َرهاأج َله ،فلم َي ِ
َّ
البخاري (.)2387
ُّ ((( رواه
وصححه األلباينُّ يف صحيح الجامع ( ،)5734ويف صحيح َّ ((( رواه أحمد (،)24439
التَّرغيب (.)1801
وصححه األلباينُّ دون قوله« :يف الدُّ نيا».
َّ َّسائي (،)4686
((( رواه الن ُّ
أحاديث األذكار واألدعية 476
البخاري (.)2291
ُّ ((( رواه
477 -77ما يقوله َمن عليه دين
ض َعنَّا الدَّ ْي َن» ،أيَ :أ ِّد عنَّا حقوق اهلل وحقوق العباد من جميع
قوله« :ا ْق ِ
قوة له
والقوة ،وأنَّه ال حول وال َّ
َّ الحول
األنواع ،وهذا فيه تربِّي اإلنسان من َ
َّإل باهلل العظيم.
ِ ِ
خلو ذات«و َأ ْغننَا م َن ال َف ْقرِ» ،الغنى :هو عدم الحاجة ،والفقرُّ : وقولهَ :
بعض كفايته ،أو َلم يجد شي ًئا ً
أصل. اليد ،والفقير :هو َمن وجد َ
َ
اإلنسان ويمنعه يؤرقعظيم ،قد ِّ
ٌ والفقر كالهما َه ٌّم
َ ومن المعلوم َّ
أن الدَّ ي َن
من النَّوم ،فإذا َلجأ العبدُ إلى اهلل وطلب منه سبحانه مدده وعونه ِّ
متوس ًل إليه
عندئذ تسكن وتطمئ ُّن ،وقل َبه يرتاحٍ نفسه َّوسالت العظيمةَّ ،
فإن َ بتلك الت ُّ
السموات واألرض، أمره إلى َمن بيده أز َّمة األمور ومقاليد َّ ويهدأ؛ ألنَّه َوك ََل َ
القلب
ُ أمره إذا أراد شي ًئا أن يقول له كن فيكون ،وكيف ال يطمئ ُّن و َلجأ إلى َمن ُ
وقد تع َّلق بِ َمن هذا شأنه!!
78
نفخا أو وسوسةً ،أن همزا أو نف ًثا أو ً الشيطان ً ينبغي على المسلم إذا عرض له َّ
للشياطين ،ولهذا قال اهلل ألن ذكر اهلل Dطارد َّ يقبل على ذكر اهلل F؛ َّ
تعالى﴿ :ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ
لمن ال فالشيطان قري ٌن َ الزخرفَّ .]37-36 : ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ﴾ [ ُّ
الشيطان ال يقربه وال فإن َّ ومصاحب له ،وأ َّما َمن يذكر اهلل َّ F ٌ يذكر اهلل
يأيت حوله.
ث األَ ْش َع ِر ِّي َ Iأ َّن النَّبِ َّي ﷺ َق َال« :إِ َّن اهَّللَ َأ َم َر َي ْح َيى ْب َن ار ِالح ِعن َ
ات َأ ْن َي ْع َم َل بِ َها َو َي ْأ ُم َر بني إسرائيل َأ ْن َي ْع َم ُلوا بِ َهاَ ،وإِ َّن ُه س ك َِلم ٍ
َز َكرِ َّيا بِخَ ْم ِ َ
ات لِ َت ْع َم َل بِ َها س ك َِلم ٍ
يسى :Sإِ َّن اهَّللَ َأ َم َر َك بِخَ ْم ِ َ
ِ ِ
كَا َد َأ ْن ُي ْبط َئ بِ َهاَ ،ف َق َال ع َ
يل َأ ْن َي ْع َم ُلوا بِ َهاَ ،فإِ َّما َأ ْن ت َْأ ُم َر ُه ْم َوإِ َّما َأنَا ُآم ُر ُه ْمَ ،ف َق َال َي ْح َيى َوت َْأ ُم َر َبنِي إِ ْس َرائِ َ
ت ف بِي َأو ُأع َّذبَ ،فجمع النَّاس فِي بي ِ َ :Sأ ْخ َشى إِ ْن َس َب ْقتَنِي بِ َها َأ ْن ُيخْ َس َ
َْ َ ْ َ َ َ َ َ
س فَ ،ف َق َال :إِ َّن اهَّللَ َأ َم َرنِي بِخَ ْم ِ الشر ِ
جدُ َو َق َعدُ وا َع َلى ُّ َ سَ ،ف ْام َتأل َ ا ْل َم ْس ِا ْل َم ْق ِد ِ
ات َأ ْن َأ ْع َم َل بِ ِه َّنَ ،و ُآم َرك ُْم َأ ْن َت ْع َم ُلوا بِ ِه َّن: ك َِلم ٍ
َ
َأ َّو ُل ُه َّنَ :أ ْن َت ْع ُبدُ وا اهَّللَ َو َل ت ُْشرِكُوا بِ ِه َش ْيئًاَ ،وإِ َّن َم َث َل َم ْن َأ ْش َر َك بِاهَّلل ِ ك ََم َث ِل
ب أو َو ِر ٍقَ ،ف َق َالَ :ه ِذ ِه َد ِاري َو َه َذا ص َمالِ ِه بِ َذ َه ٍ َر ُج ٍل ْاشت ََرى َع ْبدً ا ِم ْن َخالِ ِ
َان َي ْع َم ُل َو ُي َؤ ِّدي إِ َلى َغ ْيرِ َس ِّي ِد ِهَ ،ف َأ ُّيك ُْم َي ْر َضى َأ ْن َع َم ِلي َفا ْع َم ْل َو َأ ِّد إِ َل َّيَ ،فك َ
ك؟! ُون َع ْبدُ ُه ك ََذلِ َ
َيك َ
أحاديث األذكار واألدعية 480
ومعنى قوله﴿ :ﮥ ﮦ﴾ ،أي :أن يحضروا إلى المكان ا َّلذي أنا فيه؛
وتعوذ من إتياهنم للمكان ا َّلذي هو فيه.
تعوذ منهمُّ ،
فهو ُّ
الشنقيطي « :Vوال َّ
ظاهر يف قوله تعالى﴿ :ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ العلمة ِّ
قال َّ
ُّ
الشيطان يف ٍ
أمر من ﮦ﴾ [المؤمنونَّ ]98:
أن المعنى :أعوذ بك أن يحضرين َّ
األمور كائنًا ما كان ،سوا ٌء كان ذلك وقت تالوة القرآن ،كما قال تعالى﴿ :ﮝ
ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ﴾ [النَّحل ،]98 :أو عند حضور الموت،
أو غير ذلك من جميع ُّ
الشؤون يف جميع األوقات»(.)1
الشيطان، ٍ
بأذكار يشرع للمسلم أن يقولها إذا عرض له َّ السنُّة
وقد جاءت َّ
شره.
والسالمة من ِّ لها أثرها العظيم يف طرد َّ
الشيطان َّ
لص َل ِة َأ ْد َب َر ُود ِ
ي ل َّ
ِ
ول اهلل ﷺ َق َال« :إِ َذا ن َ َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة َ Iأ َّن َر ُس َ
ينَ ،فإِ َذا َق َضى النِّدَ ا َء َأ ْق َب َلَ ،حتَّى إِ َذااط َحتَّى َل َي ْس َم َع الت َّْأ ِذ َان َو َل ُه ُض َر ٌالش ْي َط ُ
َّ
يب َأ ْق َب َل» .رواه ِ
البخاري ومسلم(.)2 ُّ الص َلة َأ ْد َب َرَ ،حتَّى إِ َذا َق َضى ال َّت ْث ِو َ
ُث ِّو َب بِ َّ
اط َحتَّى َل َي ْس َم َع الت َّْأ ِذ َ
ين»، ان و َل ُه ُض َر ٌ للص َل ِة َأ ْد َب َر َّ
الش ْي َط ُ ي َّ
ِ
قوله« :إِ َذا نُود َ
ويصك مسامعه ،وال يستطيع ُّ ألن صوت األذان ُيزعجه أدبر ،أي :و َّلى هار ًبا؛ َّ
أن يبقى يف المكان ا َّلذي فيه اآلذان ،وهذا فيه فضيلة التَّوحيد والتَّعظيم هلل،
وتكبير ،وتعظيم هلل ،Fوهذا أعظم ٍ ٍ
توحيد، فألفاظ األذان :ألفاظ
الكرسي -ا َّلتي هي
ِّ «أن َم ْن َق َرأ آية
للشيطان ،ولهذا جاء يف الحديثَّ :
طارد َّ
آية التَّوحيد -لم يزل عليه من اهلل حافظ وال يقربه شيطان حتَّى ُيصبح» ،قال
للشيطان طرد عن القلب غير «ال إله َّإل اهلل»َّ ،
ثم تال﴿ :ﯢ أبو الجوزاء« :ما َّ
((( انظر :أضواء البيان (.)353/5
البخاري ( ،)608ومسلم (.)389
ُّ ((( رواه
I k'bU
%
oy,zjaz-
.
wsj.
t3k
I.. ...<. Tj. I, J
.,j
...
otw .2u.w. e,ôaxwz kk
llpe I
u c.
>.lki).A v = zw f.u uhl5h1 uz-l wou o - Jlwjw x h
. ,z . .g, .. , . ï ,z - .:z
q.wil.t>,@& = r=.
2l45luse
'-f
*'.
2Iu#I
.I.k.
x.k.MC <;.
Ir=u(1w.:oU-1- Ho <$
s ..J
.
-
' o ! ;! - .
u;o%rIIau wko
'w
.
saIo
'%rIa*
1kxo'uo.
-
.a
3s.
e .jl'
1KdJwtw..h'z.>.
c:o
< ..y o
''
u!zw
.-
tw:jo
''
1.
- vbr ô5 - J f j . â-
qtl
).wyj.-.-î.J0.jo..cmJ1z
..
. .v g-o -.
1..sw>.bzz1))kkrwal I;%-..Xt
.gIq( J v 5w .
uy 1zL;)
la.x .,
us .. .uzmTNa u t5N.l,J lNIw.,.a ow.uc oa.àug& . .:,ujak&.J.k
..
çI
,w
- .,
.
f g J J jg '
u.s- n'%* . 7 tî u.s-l oz-.ll u.s-M e J H zQJ
.
: ' 'u'.I o J s s. .,
.. ..c= .us Y @ ' w1 o
uk 'yk.ug uI.s .
'u..g .kv.a uo 'yimule=I .1jI .+.a
'u.w,*
.
-
bo51 : .
,
...u7.1 ôlhax' twI, 'x
t-f
'.:4J'+' . #
..p - ''ke--'Iwe'J' u vXJ'u.I , o
+./'4-1-,.
22x'-'Jl..
t.
,.d wtp
.
-) . ,z s f. # t , o f.
v.:-w.aIl â.Irbz uwUwx 'w.z u.mCfa kx ..r>: .uIN I
. ., qpw.o...w py. w.s.p lw.pa <)IC'
u a. hw.soe h,x. ax.u;z.
-ul
'
.
u. . & J:voyll,Nuw I
â .. .. '
..9 . . .... '.'
.a .. ; .. '' ..
r% p ..sxe
- ,Aglt'> ..r'.'
. . ;w
.. 'wJow1h
1..#.1 - l:a';'
e-uV 1
.,.mk.#.'Iw':w-' -'w.,
.
#. J w 9.r.
wz. ù,- ..t 1zzL'
....x ztu ,1zLu;ùU' u..>.t../ .91U'
o .. .. '' '' . o.. o
'' ô ''.7
. < '' .
.
/ 1.0 '.-
nj!wn.rA- .
# :Jteu#.%..-q
j.
jzog
oû
'a'
;j
Hbl'
..
>o'
4
'.y
. ',
'oH
;kt
..xJ
.!
uo .
-u
z.s.:.r.
,.
r> tl
.u:..wx w N t.xota t..
Lt
ç .x: w..
;pu:..
wx w 1z1 'Q .lt..9k1x.J 1
çwr
J
Jz' ''' z (;
a.' .. '' â!.
' ;;'.
Jl's*'
t. J
>t!z'1)'J.'bZd.4 ' d''*' ' â THd
%
. &: x az-e o a
.. .. af: . <! <)!J
''a-
,u '-pwa.w
أحاديث األذكار واألدعية 484
O - -
- - *6 - Q-
(V) J%#2;:.,
= 'uafJGEN!
O
.
w
o.u ,k<2lu u . wwl.p ..
15 q;x .0.. k <)1.
- .
1Jb CJh
l
.
.u..
.
. u.-
. o Iq
'xsm.).s:oI
wvNrI,; w'
u.:Io
kiuOJuC
.. ,.
'o-luq
(14 ..JJt'
w<t;Lf)rI
. w4NlIz
*
<,..uy'I.
I.A.1 .
'k>-Iuq(&.u-L<r'.H
.
Ah
J
أحاديث األذكار واألدعية 486
الشيطان فأخذه فصرعه فخنقه، َّبي ﷺ كان ُيص ِّلي فأتاه َّ َّ
عائشة Jأن الن َّ
«حتَّى َو َجدْ ُت َب ْر َد ل ِ َسانِ ِه َع َلى َي ِديَ ،و َل ْو َل َد ْع َوة ُس َل ْي َمان
قال رسول اهلل ﷺ َ :
َّاس» ،ورواه أحمد وأبو داود من حديث أبي سعيد َلَ ْص َب َح ُمو َث ًقا َحتَّى َي َرا ُه الن ُ
أصبعي
َّ وفيه« :فأهويت بيدي فما زلت أخنقه حتَّى وجدت برد لعابه بين
هاتين :اإلهبام ،وا َّلتي تليها» .اهـ كالمه .)1(V
ان َأ َحدَ ك ُْم «ي ْأتِي َّ
الش ْي َط ُ ول اهلل ﷺَ : و َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة َ Iق َالَ :ق َال َر ُس ُ
ك؟َ ،فإِ َذا َب َل َغ ُه ولَ :م ْن َخ َل َق ك ََذا؟ َم ْن َخ َل َق ك ََذا؟ َحتَّى َي ُق َ
ولَ :م ْن َخ َل َق َر َّب َ َف َي ُق ُ
البخاري ومسلم(.)2 ُّ َف ْل َي ْست َِع ْذ بِاهلل ِ َو ْل َينْت َِه» .رواه
هذا الحديث عن وسوسة َّ
الشيطان لإلنسان وتشكيكه له يف عقيدته يف اهلل
وإيمانه به .E
ان َأ َحدَ ك ُْم َف َي ُق ُ
ولَ :م ْن َخ َل َق ك ََذا؟ َم ْن َخ َل َق ك ََذا؟ َحتَّى «ي ْأتِي َّ
الش ْي َط ُ قالَ :
السؤال باطل من أساسه ،ال يقوله َّإل َمن لم ك؟» وهذا ُّ َي ُق َ
ولَ :م ْن َخ َل َق َر َّب َ
يعرف ر َّبه ،Eفاهلل Dخالق الخلق أجمعين وموجدهم من العدم،
الشيطان يدخل من خالل هذا المدخل على األول ا َّلذي ليس قبله شيء ،لك ْن َّ َّ
رقيق الدِّ ين ،ضعيف االعتقاد حتَّى يخلخل بمثل هذا إيمانه و ُيدخل عليه
الشبهات ،فأرشد Oإلى أمرين: ُّ
«و ْل َينْت َِه».
األول :عدم االسرتسال معه؛ قال َ
َّ
َّ
والثاني :االستعاذة.
فباالنتهاء وباالستعاذة ينقطع هذا الوسواس بإذن اهلل.
الشيطان فأمره باالستعاذة منه ليقطع عنه الوساوس الفاسدة ا َّلتي ُيلقيها َّ
يختار أن يحرتق َ بغير اختياره ويؤذيه هبا ،حتَّى قد يتمنَّى الموت ،أو حتَّى
ول اهلل ِ «يا َر ُس َ الصحابة ،فقالواَ : وال يجدها؛ وهي الوسوسة ا َّلتي سأله عنها َّ
جدُ فِي َن ْف ِس ِه ما َلَ ْن يح َترِ َق حتَّى ي ِصير حمة َأو يخر ِمن السم ِ
اء إِ َّن َأ َحدَ نَا َل َي ِ
ْ َ َّ َ َّ َ َ َ َ َ ْ َ
ان»( .)1ويف يم ِ يح ْ ِ
ال َ ك َصرِ ُ ض َخ ْي ًرا َل ُه َم ْن َأ ْن َي َت َك َّل َم بِ ِه» ،فقالَ « :ذلِ َ إِ َلى ْالَ ْر ِ
«الح ْمدُ هلل ِ ا َّل ِذي َر َّد َك ْيدَ ُه إِ َلى ِ
«ما َي َت َعا َظ ُم َأ َحدُ نَا َأ ْن َي َت َك َّل َم بِه» ،فقالَ : روايةَ :
أن كراهته هذه الوسوسة ونفيها هو محض اإليمان الو ْس َو َس ِة»( .)2وأراد بذلك َّ َ
وصريحه.
َ َ ِ بن أبي ال َع ِ عثمان ِ
َّبي ﷺ َف َق َالَ :
«يا اص ال َّث َقف ِّي Iأ َّن ُه أتَى الن َّ َ َو َع ْن
ان َقدْ َح َال َب ْينِي َو َب ْي َن َص َلتِي َو ِق َرا َءتِي َي ْلبِ ُس َها َع َل َّي!» َف َق َال ول اهلل! إِ َّن َّ
الش ْي َط َ َر ُس َ
َب؛ َفإِ َذا َأ ْح َس ْس َت ُه َف َت َع َّو ْذ بِاهلل ِ ِمنْ ُه َوات ِْف ْل
ان ُي َق ُال َل ُه خنْز ٌ اك َش ْي َط ٌ ول اهلل ِ ﷺَ « :ذ َ َر ُس ُ
ك َف َأ ْذ َه َب ُه اهللُ َعنِّي» .رواه مسلم(.)3 ت َذلِ َ ار َك َث َل ًثا»َ ،ق َالَ « :ف َف َع ْل ُ َع َلى َي َس ِ
ان َح َال َب ْينِي َو َب ْي َن َص َلتِي» ،أي :شغلني عنها وعن الش ْي َط َقوله« :إِ َّن َّ
ال ُّطمأنينة فيها والخشوع.
وحسن تد ُّبره. ِ ِ
«و َب ْي َن ق َرا َءتي» ،أي :للقرآن الكريم ُ َ
«ي ْلبِ ُس َها َع َل َّي» ،أي :فال يجعله يتد َّبر ،ويلبس عليه القراءة. ُ
مختص يف هذا ٌّ َب» ،أي :هذا شيطان ان ُي َق ُال َل ُه خنْز ٌ اك َش ْي َط ٌ « َف َق َال ﷺ َذ َ
األمر ا َّلذي هو الحيلولة بين اإلنسان وبين صالته وبينه وبين قراءته؛ حتَّى
ال يطمئ َّن يف صالته وال يخشع وال يتد َّبر يف قراءته للقرآن الكريم؛ يلبس
الصالة ،وله يف ذلك ح َي ٌل ،ووسائل ،وأساليب ويشوش عليه يف َّ ِّ عليه القراءة
متنوعة؛ للحيلولة بين المرء وبين صالته وقراءته. ِّ
وجهه Oإلى ماذا يفعل؟ قالَ « :فإِ َذا َأ ْح َس ْس َت ُه َف َت َع َّوذ بِاهلل ِ ِمنْ ُه ثم َّ َّ
شوش عليه وحال بينه وبين صالته ،وحال ار َك َث َل ًثا» ،أي :إذا َّ َواتْفل َع ْن َي َس ِ
بينه وبين قراءته وألبسها عليه فأصبح ليس مطمئنًّا وال خاش ًعا وال متد ِّب ًرا
الشيطان وينفث عن يساره ثال ًثا ،قال: فليتعوذ باهلل من َّ
َّ والتبست عليه القراءة؛
ك َف َأ ْذ َه َب ُه اهللُ َعنِّي».ت َذلِ َ « َف َف َع ْل ُ
-أ ْو َق َالُ :جن ُْح َو َع ْن َجابِ ٍر َ Iع ِن النَّبِي ﷺ قال« :إِ َذا ْاست َْجن ََح ال َّل ْي ُل َ
ِّ
ِ ِ ٍ ِ ِ ِ ِ ال َّل ْي ِلَ -ف ُك ُّفوا ِص ْب َيا َنك ُْم؛ َفإِ َّن َّ
ب َسا َع ٌة م َن ين َتنْتَش ُر حينَئذَ ،فإ َذا َذ َه َ الش َياط َ
ِ ِ وه ْمَ ،و َأ ْغ ِل ْق َبا َب َ ِ ِ
كَ ،وا ْذ ُكرِ ْاس َم اح َ كَ ،وا ْذ ُكرِ ْاس َم اهللَ ،و َأ ْطف ْئ م ْص َب َ ا ْلع َشاء َفخَ ُّل ُ
اهللَ ،و َأ ْو ِك ِس َقا َء َكَ ،وا ْذ ُكرِ ْاس َم اهللَ ،و َخ ِّم ْر إِنَا َء َكَ ،وا ْذ ُكرِ ْاس َم اهللَ ،و َل ْو َت ْع ُر ُض
البخاري ومسلم(.)1 ُّ َع َل ْي ِه َش ْيئًا» .رواه
قوله« :إِ َذا ْاست َْجن ََح ال َّل ْي ُل َ
-أ ْو َق َالُ :جنْح ال َّل ْي ِل ،»-أي :أقبل ظالمه.
قولهَ « :ف ُك ُّفوا ِص ْب َيا َنك ُْم» ،أي :امنعوهم من الخروج.
الساعة. ِ ِ ٍِ قولهَ « :فإِ َّن َّ ِ
ين َتنْتَش ُر حينَئذ» ،أي :يف تلك َّ الش َياط َ
ِ ِ ِ
وه ْم» ،فهذا وقت ُيحتاط فيه ب َسا َع ٌة م َن ا ْلع َشاء َفخَ ُّل ُ قولهَ « :فإِ َذا َذ َه َ
لألوالد ،و ُيك ُّفون عن الخروج يف ذلك الوقت حف ًظا لهم؛ لكثرة انتشار
الشياطين فيه. َّ
ِ ِ «و َأ ْغ ِل ْق َبا َب َ
كَ ،وا ْذ ُكرِ ْاس َم اهلل، اح َكَ ،وا ْذ ُكرِ ْاس َم اهللَ ،و َأ ْطف ْئ م ْص َب َ قولهَ :
رض َع َل ْي ِه
َو َأ ْو ِك ِس َقا َء َكَ ،وا ْذ ُكرِ ْاس َم اهللَ ،و َخ ِّم ْر إِنَا َء َكَ ،وا ْذ ُكرِ ْاس َم اهللَ ،و َل ْو َت ْع ُ
َش ْيئًا» ،فأمر بتكرار التَّسمية عند إغالق الباب وعند إطفاء المصباح وعند
ِ
أوعية الماء؛ كزجاجة الماء السقاء فال ُترتك مفتوحة ،ومثله ً
أيضا :أغطية إيكاء ِّ
مفتوحا ،وكذلك عند تخمير اإلناء، ً الزير ،أو غير ذلك ،يغ َّطى وال ُيرتك
أو ِّ
المتكرر
ِّ ثمة غطاء يعرض عليه شي ًئا ولو عو ًدا .وهذا ال َّطلب وإذا لم يكن َّ
ٍ
وواق من َّ
الشيطان. أن ذكر اهلل Dعلى هذه األشياء حص ٌن لها للذكر فيه َّ
ِّ
كذلك إذا دخل المرء بيته ،وقال «بسم اهلل» ،وتناول طعامه وقال «بسم
الشيطان« :فاتكم العشاء الشيطان ،كما جاء يف الحديث يقول َّ اهلل» يوقى من َّ
الشيطان لرفقائه« :أدركتم العشاءوفاتكم المبيت» ،وإذا ُتركت التَّسمية قال َّ
وأدركتم المبيت» .فإذا غفل اإلنسان عن ِّ
الذكر عند دخوله ،وعند طعامه ،كأنَّه
للشياطين تدخل وتأكل وتبات ،واهلل Dيقول﴿ :ﮮ ه َّيأ بيته وطعامه َّ
ﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛ
ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩﯪ﴾
[اإلسراء]65-64 :؛ قيل يف معناها :أي ا َّلذين يذكرون اهللَّ ،
فالذاكر هلل يف حصن
الرجيم. وحرز متين يقيه بإذن اهلل Eمن َّ
الشيطان َّ ٍ حصين
491 -80ما يرقى به املريض ()1
80
والرقية املشروعة :هي ما كانت بذكر اهلل ،وتالوة القرآن ،واألوراد ُّ
َّبي .O َّ
المشروعة الثابتة عن الن ِّ
الشعوذات ،أو ذكر واملمنوعة :ما لم تكن كذلك ،بل بال َّطالسم ،أو َّ
مما عليه الدَّ جاجلة والمشعوذون. أسماء َّ
الشياطين ،أو التَّمتمة ،وما إلى ذلك َّ
الرقية،
َّبي Oعن ُّ ويف الحديث َّ
الصحابة Mسألوا الن َّ أن َّ
الر َقى َما َل ْم َيك ُْن فِ ِيه ِش ْر ٌك» .رواه
فقال« :ا ْعرِ ُضوا َع َل َّي ُر َقاك ُْمَ ،ل َب ْأ َس بِ ُّ
مسلم(.)1
وهذه وقف ٌة مع رقية عظيمة تضافر نقلها عن رسول اهلل ﷺ رواها عنه
الصحابة Mأجمعين ،ووصفها غير واحد منهم بأنَّها رقية
غير واحد من َّ
((( رواه مسلم (.)2200
أحاديث األذكار واألدعية 492
البخاري (.)5750
ُّ ((( رواه
((( رواه مسلم (.)2191
البخاري ( ،)5744ومسلم (.)2191
ُّ ((( رواه
493 -80ما يرقى به املريض ()1
َان
علي بن أبي طالب ،Iقال :ك َ وروى اإلمام أحمد يف مسنده عن ِّ
ف َأن َ
ْت َّاسْ ،اش ِ
اس َر َّب الن ِ ب ا ْل َب َ
يضاَ ،ق َالِ َ :
«أ ْذه ْ ول اهَّلل ِ ﷺ إِ َذا َع َّو َذ َمرِ ً َر ُس ُ
الشافِي َل ِش َفاء إِ َّل ِش َفاؤُ َكِ ،ش َفاء َل يغ ِ
َاد ُر َس َق ًما»(.)1 َّ
ً ُ َ
ول اهلل ِ ﷺ أن َر ُس َ
عمار بن ياسر َّ :I البزار يف مسنده عن َّ وروى َّ
الشافِي َل ِش َفا َء إِ َّل ف َأن َ
ْت َّ َّاس ،و ْاش ِ
أس َر َّب الن ِ َ ب ال َب َ«أ ْذ ِه َِد َخ َل َع َل ْي ِهَ ،ف َق َالَ :
ِش َفاؤُ َكِ ،ش َفاء َل يغ ِ
َاد ُر َس َق ًما»(.)2 ً ُ
َّبي َّ َّ
وروى الطرباينُّ يف كتابه الدُّ عاء عن عبد اهلل بن مسعود Iأن الن َّ
الشافِي ْت َّ ف َأن َ َّاس ،و ْاش ِ
أس َر َّب الن ِ َ ب ال َب َ «أ ْذ ِه ِ
يضاَ ،ق َالَ : َان إِ َذا َعا َد َم ِر ً
ﷺك َ
َاد ُر َس َق ًما»(.)3َل ِش َفاء إِ َّل ِش َفاؤُ َكِ ،ش َفاء َل يغ ِ
ً ُ َ
ت َع َلى َي ِدي ب« :ان َْص َّب ْ وروى اإلمام أحمد يف مسندهَ ،ق َال ُم َح َّمدُ ْب ُن َحاطِ ٍ
ول اهَّلل ِ
ت بِي ُأمي إِ َلى رس ِ حارَ -ف َذ َه َب ْ ِم ْن ِقدْ ٍر -أي:
َ ُ ِّ انصب على يده طعام ٌّ َّ
َّاس»َ ،و َأ ْح ِس ُب ُه َق َال:
أس َر َّب الن ِ ب ا ْل َب َ «أ ْذ ِه ِ
َانَ ،ف َق َال ك ََل ًما فِ ِيهَ :ﷺ َو ُه َو فِي َمك ٍ
َان َي ْت ُف ُل َع َلى َي ِد ِه»(.)4 الشافِي»َ ،ق َالَ :وك َ ْت َّف َأن َ «اش ِ
ْ
محمد بن حاطب عن أ ِّمه -أ ِّم جميل ورواه اإلمام أحمد يف مسنده ،عن َّ
ْت ِم ْن ض ا ْل َح َب َش ِة َحتَّى إِ َذا ُكن ُ ك ِم ْن َأ ْر ِ ت بِ َ بنت المج ِّلل -Jقالتَ :
«أ ْق َب ْل ُ
ت َأ ْط ُل ُب ُه ِ ا ْل َم ِدين َِة َع َلى َل ْي َل ٍة َأ ْو َل ْي َل َت ْي ِن َط َبخْ ُ
ب َفخَ َر ْج ُ ك َطبِيخً اَ ،ف َفن َي ا ْل َح َط ُ ت َل َ
ت :بِ َأبِي َو ُأ ِّمي ك النَّبِ َّي ﷺَ ،ف ُق ْل ُ ت بِ َ كَ ،ف َأ َت ْي ُ ت ا ْل ِقدْ ر َفا ْن َك َف َأ ْت ع َلى ِذر ِ
اع َ َف َتن ََاو ْل َ
َ َ َ
ك َو َد َعا يك َو َم َس َح َع َلى َر ْأ ِس َ بَ ،ف َت َف َل فِي فِ َ ول اهَّلل ِ َه َذا ُم َح َّمدُ ْب ُن َحاطِ ٍ َيا َر ُس َ
81
ول اهللِ ﷺ« :إِ َذا َو َجدَ َأ َحدُ ك ُْم َأ َل ًما ك َق َالَ :ق َال َر ُس ُب ب ِن مال ِ ٍ
وعن َك ْع ِ ْ َ
اتَ :أ ُعو ُذ بِ ِعز َِّة اهلل ِ َو ُقدْ َرتِ ِه َع َلى جدُ َأ َلمهُ ،ثم لِي ُق ْل سبع مر ٍ
َ ُ َّ َ َ ْ َ َ َّ ث َي ِ َف ْل َي َض ْع َيدَ ُه َح ْي ُ
ك ُِّل َش ْي ٍء ِم ْن َش ِّر َما َأ ِجدُ » .رواه أحمد(.)1
وألم ،ومِن ِ ِ ِ
وج ٍع ٍ شر ما أجدُ من َ قوله« :م ْن َش ِّر َما َأ ِجدُ َو ُأ َحا ِذ ُر» ،أي :من ِّ
أخاف و َأ ْحذر.ُ أحاذر مِن ذلك ،أي :ما ُ شر ماِّ
َّعوذ مِن الوجع ا َّلذي َيخاف َّعوذ من الوجع ا َّلذي هو فيه ،والت ُّ
ِ
وهذا فيه الت ُّ
تفاقم المرض ا َّلذي هو ُ حصو َله ،أو يتو َّق ُع حصو َله يف المستقبل ،ومِن ذلك
بمرض؛ فإنَّه قد ينتا ُبه ٍ كثيرا عند ما ُيصاب فيه وتزا ُيدُ ه ،وهذا يحصل لإلنسان ً
تعو ٌذ ِ ِ تخو ًفا مِن تزا ُيد ِ
المرض وتفاقمه ،ويف هذا الدُّ عاء العظيم ُّ شي ٌء من القلق ُّ
باهلل من ذلك.
مرات مع اليقين وال ِّثقة باهلل ،قال ابن الق ِّيم « :Vففي ويحسن تكراره َّ
شر األلم بعزته وقدرته من ِّ هذا العالج من ذكر اهلل والتَّفويض إليه واالستعاذة َّ
ما يذهب به ،وتكراره؛ ليكون أنجع وأبلغ ،كتكرار الدَّ واء إلخراج الما َّدة ،
خاص َّية ال توجد يف غيرها»(.)2 السبع ِّ ويف َّ
يل َ Sأتَى ال َّنبِ َّي ﷺَ ،ف َق َالَ :يا ُم َح َّمدُ يد َ :Iأ َّن ِج ْبرِ َ و َعن َأبِي س ِع ٍ
َ َ ْ
يكِ ،م ْن َش ِّر ك ُِّل شي ٍء ُي ْؤ ِذ َ ت؟ َف َق َالَ :نعمَ ،ق َال« :بِس ِم اهلل ِ َأر ِق َ ِ
يك ،م ْن ك ُِّل َ ْ ْ َْ ْاش َت َك ْي َ
يك» .رواه مسلم(.)3 يك ،بِ ْس ِم اهلل ِ َأ ْر ِق َ اس ٍد اهللُ َي ْش ِف َس َأو عي ِن ح ِ
َن ْف ٍ ْ َ ْ َ
محمدً ا ﷺ؛ جاءه وسأله ،قال:
َّ هذا فيه رقية جربيل ا َّلتي رقى هبا نب ِّينا
الصحيحة ( ،)1415ويف
السلسلة َّ
وصححه األلباينُّ يف ِّ
َّ ((( رواه أحمد (،)27179
صحيح الجامع (.)820
((( زاد المعاد (.)172/4
((( رواه مسلم (.)2186
499 -81ما يرقى به املريض ()2
الرجل
ألن َّ « َف َق َال ال َّنبِ ُّي ﷺَ :ف َن َع ْم إِذ ًا» ،أيَّ :
أن هذا هو ا َّلذي يكون أو يقع؛ َّ
ارات؛ وذلك لضعف أن األمراض ك َّف ٌما قبِل من النَّبي ﷺ ما ذكَّره به من َّ
ِّ
تطهرك،
الحمى ِّ
َّ صربه ،والمعنى :أرشدتك بقولي :ال بأس عليك ،أيَّ :
إن
وتن ِّقي ذنوبك ،فاصرب واشكر اهلل عليها ،فأبيت َّإل اليأس والكفران! فكان
كما زعمت ،وما اكتفيت بذلك ،بل رددت نعمة اهلل عليه ،قالها غض ًبا عليه.
يت َف ِه َي ك ََما َت ُق ُ
ولَ ،و َما َق َضى اهَّللُ َف ُه َو «أما إِ َذا َأبِ َوقد رواه ال َّطربانِي وزادَ :
ُّ
كَائِ ٌن»َ ،ق َالَ « :ف َما َأ ْم َسى م َن ا ْلغَد إ َّل َم ِّيتًا» ،ففي الحديث أنَّه ينبغي للمريض
()1 ِ ِ ِ
أن يتل َّقى موعظة العائد بالقبول ،و ُيحسن جواب َمن ُيذكِّره بذلك ،وعليه أن
فإن البالء موكول بالمنطق. يجر عليه بال ًء؛ َّ قول ُّ يتجنَّب أن يقول ً
الشيخ البائس قال ابن الق ِّيم « :Vومن البالء الحاصل بالقول :قول َّ
ور إِ ْن َشا َء ُ
اهَّلل»، «ل َب ْأ َس َع َل ْي َك َط ُه ٌ حمى ،فقالَ : َّبي فرأى عليه َّ الذي عاده الن ُّ
َّ
ِ
ور ،فقال رسول اهلل ﷺ: ور َع َلى َش ْيخٍ َكبِ ٍير ُت ِز ُير ُه ا ْل ُق ُب َ
فقال َب ْل ه َي ُح َّمى َت ُف ُ
« َفنَ َع ْم إِذ ًا» ،وقد رأينا من هذا عربًا»(.)2
َان ُي َع ِّو ُذ َب ْع َض َأ ْه ِل ِهَ ،ي ْم َس ُح بِ َي ِد ِه
َو َع ْن َعائِ َش َة َ :Jأ َّن النَّبِ َّي ﷺ ك َ
الشافِيَ ،ل ِش َفا َء ْت َّ اسْ ،اش ِف ِه َو َأن َ َّاس َأ ْذ ِه ِ
ب ا ْل َب َ ول« :ال َّل ُه َّم َر َّب الن ِ
ا ْل ُي ْمنَىَ ،و َي ُق ُ
البخاري ومسلم(.)3 إِ َّل ِش َفاؤُ َكِ ،ش َفاء َل يغ ِ
َاد ُر َس َق ًما» .رواه
ُّ ً ُ
َس ب ِن مال ِ ٍ ت َأنَا َو َثابِ ٌ
ك ت َع َلى َأن ِ ْ َ وعن عبدالعزيز بن صهيب ،قالَ :د َخ ْل ُ
يك بِ ُر ْق َي ِةت؟ َف َق َال َأن ٌَسَ :أ َل َأ ْرقِ َ َ Iف َق َال َثابِ ٌ
تَ :يا َأ َبا َح ْم َز َة ْاش َت َك ْي ُ
ف َأن َ اش ِ ب ا ْل َب ِ ول اهللِ ﷺ؟ َق َال :ب َلىَ ،ق َال« :ال َّلهم رب الن ِ ِ رس ِ
ْت اس ْ َّاس ُم ْذه َ ُ َّ َ َّ َ َ ُ
((( رواه ال َّطرباينُّ يف المعجم الكبير (.)7213
((( انظر :تحفة المودود (.)123
للبخاري.
ِّ البخاري ( ،)5743ومسلم ( ،)2191وال َّلفظ
ُّ ((( رواه
501 -81ما يرقى به املريض ()2
َاد ُر َس َق ًما» ،أي :ال يرتك أو يع ِّقب ع َّلة .والفائدة من «ش َفاء َل يغ ِ وقولهِ :
ً ُ
أن بعض األمراض يشفى منها اإلنسان اد ُر َس َق ًما»؛ َّ «ش َفاء َل ي َغ ِالزيادةِ : هذه ِّ
ً ُ
لكن يكون لها عواقب وآثار جانب َّية للمرض ،فسأل اهلل العافية من المرض
والسالمة من األمراض ا َّلتي تتو َّلد عنه وتنشأ منه. َّ
ُ
الشفا َء من المرض قد َيحصل ،ولكن قد َيخ ُل ُفه أن ِّوالفائدة من هذاَّ :
شفاؤه من المرض شفا ًءُ اهلل أن يكون
وينشأ بسببه ،فسأل َ ُ آخر َيت ََو َّلد منه،
مرض ُ ٌ
أي ع َّلة ،وهذا من َتمام الدَّ عوات
أثر وال يخ ِّلف يف المريض َّ تا ًّما ال يبقى معه ٌ
النَّبو َّية وكمالها ووفائها.
الصدر يضع يده علىوتوضع اليد على مكان األلم ،إذا كان األلم يف َّ
الرأس يضع يده على رأسه ،أو البطن يضع اليد على صدره ،وإن كان على َّ
بطنه .ويمسح بيده ،والمسح على المريض ،أو موطن الوجع واأللم كما َّ
أن
أيضا َط ْم َأنَة له؛ ألنَّك إذا وضعت يدك عليه ً
وتعويذا ونحو ذلك ،ففيه ً فيه قراء ًة
وأنسا.
وسرورا ً
ً وتحسست مرضه ،فتُدخل عليه راحة َّ يطمئ ُّن؛ ألنَّك تف َّقدته
ومن الفوائد من هذا املسح :أن تعرف حجم مرضه ،فقد يكون جسمه
تضر به ،فإذا لمسته قد ُتدرك مدى الوجع ومدى محرتًا حرار ًة شديد ًة قد ُّ
الشفاء .وهذا األلم ا َّلذي هو ُمصاب به فتجتهد له بالدُّ عاء ،وببذل أسباب ِّ
ين فِي ِِ
«م َث ُل ا ْل ُم ْؤمن َ
الرابطة اإليمان َّية ا َّلتي تجمع وتؤ ِّلف ،قال ﷺَ : ك ُّله منطلقه َّ
اح ِم ِه ْم َو َت َعا ُط ِف ِه ْم َم َث ُل ا ْل َج َس ِد إِ َذا ْاش َتكَى ِمنْ ُه ُع ْض ٌو تَدَ ا َعى َل ُه َسائِ ُر ِ
ت ََوا ِّده ْم َوت ََر ُ
الس َهرِ َوا ْل ُح َّمى» .رواه ِ
البخاري ومسلم( .)1ويف صحيح مسلم عن ُّ ا ْل َج َسد بِ َّ
اح ٍد؛ون كَرج ٍل و ِ ِ
النِّعمان بن بشير Iقال :قال رسول اهلل ﷺ« :ا ْل ُم ْسل ُم َ َ ُ َ
إِ ِن ْاش َتكَى َع ْينُ ُه ْاش َتكَى ُك ُّل ُهَ ،وإِ ِن ْاش َتكَى َر ْأ ُس ُه ْاش َتكَى ُك ُّل ُه»(.)2
- D -
- - M Q-
> - .
'v
(r)..* .gf+ qpx,
v?b -; - .- - .'
- ''
- - .. .
-
O ..-
j
'
*
-
a1JN aJ -o-
'LY.1.
'Je
'''.
z.o= '<, ' w'u.z..
p .qI.#'. .
'J) tiv
..
-wurlwl'ylrl=:5.51IsfJJ
'. .
;; .. .. ... o .. .. o :; '
Ja
. *.. .'* ..''.. ''
.. .. .. .
w. u -- 1' a1Jt.w1)).J! z . Jb CJb< --
.llu -u. .s.ag .,U 1z t.p 1z, 1
. .... o
o
. : gL .<
-
'u ..r . ..' .' o. 'J .' ... *.. o w . ..-.
.
s o.. .
(u x a > # lp s.
t w b Qw, 1-e9ats ab t.((.6ko>.a '1 , 1 ...X !
- - - Y
' , . . .' ....
';!
I).Lzp aJl
x l ez.
ao.
-o.X,
.oIuS lw..*'.Jù<J'
u-J
'.
-
.P'. w'g.X !iotm
u . ...a....Q z a .w u J c ..- . - zw
t
. .s x*; . .s j x ' ' . ö
l
o h)iJ <'
w uw' a, o-i r='lq.3 sz
kz*-1I - I) u . I1 -1lI.0 ;
u *v u(<w;J'
y;
> ..w II= ' I9k<.p Iwkwv a'I
uy wC < loî'
o k. 3hpGV ku.I
w )J wv'wI
wîJ'.
I*.
'1jz uauuL
Xî
uôa, gluo.w lt:.qp
'ap .lp I ' I'
' ôap x..=',o'l= zu:.w'-1l'.x .uqa '
u')lz qx ou;= ax p
'I
k- = ' ''
.u.o
. :
'e1rvd q;w e.#3J
l '
' . ' '
a.w w .o,.. ..,a ..
. l.uyw
.t.alI@. a.a. .uwo
.
llA> .
sx .
.+.5lkyo ! .
.kal '
y,
. J. . p
u ..
m ôtw-.z o - J . .. . s;
zp
..zw.
wt.w.
nw uw..m.z'GJ
s'
. )
'
o. l ..ô..
Ghza. 'e,, uqp 1wt
:.
w .I.z-o, uoa ..9j'
.'
/
pe':.., 4p1-.
j!a.w
. I oJ o...
'.o .:ja
t 'mc
! ea, .a.
- ..,.
!
.. ..; ' o ;! . '; '
.zwa Jha''
tswoap u
'ozIo.wl)u.s'
t.p AZIx..w'= :'.a'o'hJ ,
.% ''IIaa
s, '
. II'''rI s
'..'
J
*
C)qt'..k4.,-*'
s-w.. j..,...w......m .9v(t.A'
I
-.I
J '('
r'h.4). h.9lz..
..
,
.I.J)(5.'
;I
GU.
a. hïI4.>0g.-..0 v(3SR)2.J. JJ.hïI t t
:
. ' J y U IU. 'si
.qe)t k..l
.IêI
J)(Y I
أحاديث األذكار واألدعية 504
قولهَ « :ف َأت َْو ُهمَ ،ف َقا ُلواَ :يا َأ ُّي َها َّ
الر ْه ُط»َّ ،
والرهط :هو ما بين الواحد إلى
العشرة.
قوله« :إِ َّن َس ِّيدَ نَا ُل ِد َغ َو َس َع ْينَا َل ُه بِك ُِّل َش ْي ٍء َل َي ْن َف ُع ُه؛ َف َه ْل ِعنْدَ َأ َح ٍد ِم ْنك ُْم ِم ْن
َش ْي ٍء؟ َف َق َال َب ْع ُض ُه ْمَ :واهلل ِ إِنِّي َل َر ٍاقَ ،و َلكِ ْن َواهلل ِ َل َق ِد ْاست ََض ْفنَاك ُْم َف َل ْم ت َُض ِّي ُفونَا،
َف َما َأنَا بِ َر ٍاق َلك ُْم َحتَّى ت َْج َع ُلوا َلنَا ُج ْع ًل» ،الجعل :ما ُيعطى على العمل.
وه ْم َع َلى َقطِي ٍع ِم َن ال َغنَمِ» ،أي :إن رقى س ِّيدهم ُ
وشفي قولهَ « :ف َصا َل ُح ُ
يعطوهنم قطي ًعا من الغنم.
ِ ِ ِ
ِّرمذي
ُّ ين» ،ورواه الت قولهَ « :فا ْن َط َل َق َي ْت ُف ُل َع َل ْيه َو َي ْق َر ُأَ :
الح ْمدُ هلل َر ِّب ال َعا َلم َ
أحاديث األذكار واألدعية 508
وابن ماجه بلفظَ « :ف َقر ْأ ُت َع َلي ِه الحمدُ سبع مر ٍ
ات َف َب ِرئ»(.)1 ْ َ ْ َ ْ َ َ َّ َ
يحس
ُّ ال» ،أي :قام نشي ًطا ال يجد شي ًئا وال قولهَ « :فكَأنَّما ن ُِش َط ِم ْن ِع َق ٍ
َ
بألم.
قولهَ « :فا ْن َط َل َق َي ْم ِشي َو َما بِ ِه َق َل َبة» ،أي :ما به وجع.
وه ْم َع َل ْي ِه» ،أي :أعطوهم قطي ًعا من ِ
قالَ « :ف َأ ْو َف ُ
وه ْم ُج ْع َل ُهم ا َّلذي َصا َل ُح ُ
الغنم.
ول اهلل « َف َق َال َب ْع ُض ُهم :ا ْق ِس ُمواَ ،ف َق َال ا َّل ِذي َر َقىَ :ل َت ْف َع ُلوا َحتَّى ن َْأتِ َي َر ُس َ
ول اهلل ﷺ َف َذك َُروا َل ُه، َانَ ،فنَنْ ُظر ما ي ْأمرنَاَ .ف َق ِدموا َع َلى رس ِ ﷺ َفن َْذك َُر َل ُه ا َّل ِذي ك َ
َ ُ ُ َ َ َ ُُ
أن الفاتحة رقي ٌة عظيمة وشفا ٌء من األدواء يك َأن ََّها ُر ْق َيةٌ» ،أيَّ : «و َما ُيدْ ِر ََف َق َالَ :
َّبي Oأنَّها واألسقام ،ولكن كيف عرفت هذا! وهذا فيه إقرار من الن ِّ
رقي ٌة وثبوت نفعها بإذن اهلل تعالى.
اضرِ ُبوا لِي َم َعك ُْم بِ َس ْهمٍ» ،أي :اجعلوا لي منه «أ َص ْبت ُُم ،ا ْق ِس ُموا َو ْ
قالَ : ثم َ َّ
نصي ًبا ،وكأنَّه أراد المبالغة يف تأنيسهم.
83
ول اهللِ ﷺ َعا َد َر ُج ًل مِ َن وثبت يف المسند من حديث أنس َ Iأ َّن َر ُس َ
«ل، «يا َخ ُالُ ،ق ْلَ :ل إِ َل َه إِ َّل اهللُ»َ ،ف َق َالَ :أ َخ ٌال َأ ْم َع ٌّم؟ َف َق َالَ : ْالَن َْص ِ
ارَ ،ف َق َالَ :
ولَ :ل إِ َل َه إِ َّل ُ
اهلل؟ َف َق َال النَّبِ ُّي ﷺَ « :ن َع ْم»(.)1 َب ْل َخ ٌال»َ ،ق َالَ :ف َخ ْي ٌر لِي َأ ْن َأ ُق َ
أجل الكلمات وأعظمها ،وأعظم ما تكون وهي كلمة عظيمة بل هي ُّ
الغنيمة للعبد أن تكون هذه الكلمة خاتمة عمله يف هذه الحياة الدُّ نيا ،و َمن
كانت هذه الكلمة خاتمة عمله دخل الجنَّة.
ازي: الر ِّ قص ُة اإلمام المحدِّ ث أبي زرعة َّ ومن لطيف ما ُروي يف هذا الباب َّ
قص ٌة ثابت ٌة رواها غير واحد من أهل العلم عن أبي عندما حضرته الوفاةُ ،وهي َّ
محمد بن إدريس البادي ،قال« :حضرت مع أبي حاتم َّ ِّ محمد بن مسلم عبد اهلل َّ
ازي وهو يف الن َّْزع ،فقلت ألبي حاتم: الر ِّ عند أبي زرعة ُعبيد اهلل بن عبد الكريم َّ
الشهادةَ ،فقال أبو حاتم :إنِّي ألستحيي من أبي زرعة أن ُأ َل ِّقنَه تعال حتَّى ُن َل ِّقنَه َّ
محمد الحديث ،فلع َّله إذا سم َعه يقول ،قال َّ َ نتذاكر
َ الشهادةَ ،ولكن تعال حتَّى َّ
فقلت :حدَّ ثنا أبو عاصم النَّبيل ،قال :حدَّ ثنا عبد الحميد بن ُ فبدأت
ُ ابن مسلم:
الحديث ،حتَّى كأنِّي ما سمعتُه وال قرأ ُته ،فبدأ أبو حاتم، ُ علي
فارت َّج َّ
جعفرَ ْ ،
بشار ،قال :حدَّ ثنا أبو عاصم النَّبيل ،عن عبد الحميد محمد ب ُن َّ وقال :حدَّ ثنا َّ
ابن جعفر ،فار َت َّج عليه حتَّى كأنَّه ما قرأه وال سمعه ،فبدأ أبو ُزرعة -أي :وهو
بشار ،قال :حدَّ ثنا أبو عاصم النَّبيل ،قال: محمد بن َّ َّ يف الن َّْزع -وقال :حدَّ ثنا
حدَّ ثنا عبد الحميد بن جعفر ،عن صالح ابن أبي َعريب ،عن كثير بن ُم َّرة ،عن
آخ َر ك ََل ِم ِه ِم َن الدُّ ْن َيا َل إِ َل َه
َان ِ
«م ْن ك َ
معاذ بن جبل ،قال :قال رسول اهلل ﷺَ :
الجنَّةَ»» .رواه ابن قولَ « :د َخ َل َ روحه مع الهاء ،من قبل أن َي َ وخرجت ُ ْ إِالَّ اهللُ»،
الدُّ نيا يف «فضل التَّهليل وثوابه الجزيل»(.)2
رسول اهلل ﷺ َ
دخل عليهم َ ويف المسند لإلمام أحمد عن أ ِّم الفضل َّ :J
أن
الموت ،فقال له رسول اهلل ﷺ:
َ عم رسول اهلل ﷺ يشتكي ،فت ََمنَّى ع َّباس
اس ُّ
وع َّب ٌ
ك َّك إِ ْن ُكن َْت ُم ْح ِسنًا َف َأ ْن ت َُؤخَّ ر َت ْز َد ْد إِ ْح َسانًا إِ َلى إِ ْح َسانِ َ
الم ْو َت؛ َفإِن َ
عم! َل َتت ََم َّن َ
«يا ُّ
ك؛ َف َل َتت ََم َّنك َخ ْي ٌر َل َ ْت ُم ِسيئًا َف َأ ْن ت َُؤ َّخ َر ت َْس َت ْعتِب ِم ْن إِ َسا َءتِ َ كَ ،وإِ ْن ُكن َ َخ ْي ٌر َل َ
الم ْو َت»(.)3
َ
وينبغي عليه أن َيجمع لنفسه بين َّ
الرجاء والخوف ،رجاء رحمة اهلل،
ِّرمذي واب ُن ماجه عن أنس ُّ والخوف من عقابه على ذنوبه ،فقد روى الت
ِ
بالموت ،فقال« :كيف تَجدُ ك؟» شاب وهو أن النَّبِ َّي ﷺ َد َخ َل على ٍّ َّ :I
رسول اهللِ: ُ اف ُذنُوبِي»َ ،
فقال اهلل َوإِنِّي َأ َخ ُ قال« :واهللِ يا رس َ ِ
ول اهلل إِنِّي َأ ْر ُجو َ َ َ َ ُ
الم ْوطِ ِن إِ َّل َأ ْع َطا ُه اهللُ َما َي ْر ُجو َو َأ َّمنَ ُه ان فِي َق ْل ِ ٍ ِ ِ
ب َعبد في م ْث ِل َه َذا َ «ل ي ْجت َِم َع ِ
َ َ
اف»(.)4ِم َّما َيخَ ُ
عزى
السنَّة أن ُي َّ
عظيم وألمه شديد ،فمن ُّ
ٌ ثم َّ
إن مصاب َمن مات له م ِّيت َّ
((( رواه مسلم (.)2999
البخاري ( ،)5671ومسلم (.)2680
ُّ ((( رواه
البخاري ( ،)6351ومسلم (.)2680
ُّ ((( رواه
وحسنه األلباينُّ.
َّ ِّرمذي ( ،)983وابن ماجه (،)4261ُّ ((( رواه الت
513 -83ما يقول َمن حضره املوت
والصرب
الرضا بالقضاءَّ ، وأن ُيس َّلى تسلي ًة ُتذهب عنه حزنهً ،
وأيضا تعينه على ِّ
مستحضرا
ً عز َي أخاه فينبغي أن يكون
على المصيبة .وإذا كان المسلم يريد أن ُي ِّ
مما ُيقال يف هذا الموطن ،وإذا كان ال يحضره َّبي ﷺ َّ
مما ثبت عن الن ِّ
شي ًئا َّ
تيسر من الكالم الحسن والقول ال َّط ِّيب ا َّلذي
شيء من ذلك؛ يدعو أو يقول ما َّ
ُيح ِّقق المقصود وال يخالف َّ
الشرع.
مأجور على تعزيته ألخيه ،ووقوفه معه يف مصابه ،ولهذا جاء يف ٌ والمسلم
ِ ٍ ِ أن النَّبي ﷺ قالِ :
«ما م ْن ُم ْؤم ٍن ُي َعزِّي َأ َخا ُه بِ ُمصي َبة إِ َّل ك ََسا ُه اهَّللُ
َ َّ
سنن ابن ماجه َّ
ِم ْن ُح َل ِل ا ْلك ََر َام ِة َي ْو َم ا ْل ِق َي َام ِة»(.)1
َّ ُّ َّ
البخاري ومسلم عن أسامة بن ُّ السنة في التعزية :ما رواه ومما ورد في َّ
زيد Lقالَ :أ ْر َس َل ْت ا ْبنَ ُة النَّبِ ِّي ﷺ إِ َل ْي ِه« :إِ َّن ا ْبنًا لِي ُقبِ َض َفائْتِنَا»َ ،ف َأ ْر َس َل
له َما َأ َخ َذَ ،و َل ُه َما َأ ْع َطىَ ،وك ٌُّل ِعنْدَ ُه بِ َأ َج ٍل ُم َس َّم ًى؛ول« :إِ َّن لِ ِ الس َل َمَ ،و َي ُق ُ ُي ْقرِئُ َّ
ِ
عزى به ،بل هو من أحسن ما ب»( ،)2فهذا الحديث أحد ما ُي َّ َف ْلت َْصبِ ْر َو ْلت َْحتَس ْ
عزى به أهل الميت. ينبغي أن ُي َّ
أن األمر طوع تدبيره وتسخيره له َما َأ َخ َذَ ،و َل ُه َما َأ ْع َطى» ،أيَّ : قوله« :إِ َّن لِ ِ
ويذل ،يقبض ويبسط ،األمر أمره عز ُّ يحي و ُيميتُ ،ي ُّ ُ ،Eيعطي ويمنعِ ،
سبحانه.
«وك ٌُّل ِعنْدَ ُه بِ َأ َج ٍل ُم َس َّم ًى» ،فهذا ا َّلذي مات مات بأجله ،و﴿ﮰ
قولهَ :
الرعد﴿ ،]38 :ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪ﴾
ﮱ ﯓ﴾ [ َّ
[األعراف.]34 :
وحسنه األلباينُّ.
َّ ((( رواه ابن ماجه (،)1601
البخاري ( ،)1284ومسلم (.)923
ُّ ((( رواه
أحاديث األذكار واألدعية 514
ِ
والصرب عند َّ ب» ،أي :فلتصرب على مصاهبا، قولهَ « :ف ْلت َْصبِ ْر َو ْلت َْحتَس ْ
أجرا وثوا ًبا
الصدمة األولى ،ولتحتسب صربها ،ورضاها بقضاء اهلل ،ومصاهبا ً َّ
عند اهلل سبحانه.
وعن أ ِّم سلمة Jقالت :دخل رسول اهلل ﷺ على أبي سلمة I
اح وح إِ َذا ُقبِ َض َتبِ َع ُه ال َب َص ُر»َ ،ف َص َ الر َ«إن ُّ ثم قالَّ : شق بصره فأغمضهَّ ، وقد َّ
الم َلئِ َك َة ُي َؤ ِّم َ
نون ِ
«ل تَدْ ُعوا َع َلى َأن ُفسكُم إِ َّل بِخَ يرٍ؛ َفإِ َّن َ َاس ِم ْن َأ ْه ِل ِهَ ،ف َق َالَ :
ن ٌ
ِ ِ ِ ِ
ين، ون»ُ ،ث َّم َق َال« :ال َّل ُه َّم ا ْغف ْر لَبِي َس َل َمةََ ،و ْار َف ْع َد َر َجتَه في َ
الم ْهد ِّي َ َع َلى َما َت ُقو ُل َ
ين ،وا ْف َس ْح َل ُه يف َق ْبرِ ِه ِ ِ
ينَ ،وا ْغف ْر َلنَا َو َل ُه َيا َر َّب ال َعا َلم َ
ِ ِ ِ ِ
اخ ُل ْفه في َعقبِه في الغَابِرِ َ َو ْ
َون َِّو ْر َل ُه فِ ِيه» .رواه مسلم(.)1
شق بصره» ،أيَ :ش َخص ،وهو ا َّلذي حضره الموت ،وصار قولها« :وقد َّ
ينظر إلى َّ
الشيء ال يرتدُّ إليه طرفه.
قولها« :فأغمضه» ،فيه دليل على استحباب إغماض الم ِّيت ،وقيل يف
الحكمة فيهَّ :أل َيق ُبح بمنظره لو ترك إغماضه.
وح إ َذا ُقبِ َض َتبِ َعه ال َب َص ُر» ،معناه :إذا خرج ُّ
الروح من الر َ«إن ُّ
قوله ﷺَّ :
ناظرا أين يذهب. الجسد يتبعه البصر ً
قال :ال َّل ُه َّم ا ْغ ِف ْر ِلَبي َس َلمة »...إلى آخره ،فيه استحباب
قولهاُ « :ث َّم َ
وذر َّيته بأمور اآلخرة والدُّ نيا.
الدُّ عاء للم ِّيت عند موته ،وألهله ِّ
«واخ ُلفه يف عقبه يف الغابرين» ،أي :الباقين ،كقوله تعالى﴿ :ﭯ
قوله ﷺْ :
ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ﴾ [العنكبوت.]32 :
84
ول اهلل ﷺ َع َلى َجن ََاز ٍة «ص َّلى َر ُس ُ َع ْن َع ْوف ْب ِن مالك َ Iق َالَ :
ِ ٍ ِ
ف َعنْ ُه، ول« :ال َّل ُه َّم ا ْغ ِف ْر َل ُه َو ْار َح ْم ُهَ ،و َعافِ ِه َوا ْع ُ َف َح ِف ْظ ُت مِ ْن ُد َعائِ ِهَ ،و ُه َو َي ُق ُ
اء َوال َّث ْلجِ َوا ْل َب َر ِدَ ،و َن ِّق ِه ِم َن ا ْلخَ َط َايا
و َأ ْكرِم ُن ُز َله ،ووسع مدْ َخ َله ،وا ْغ ِس ْله بِا ْلم ِ
ُ َ ُ َ َ ْ ُ َ َ ِّ ْ ُ
َسَ ،و َأ ْب ِد ْل ُه َد ًارا َخ ْي ًرا ِم ْن َد ِار ِهَ ،و َأ ْه ًل َخ ْي ًرا ت ال َّث ْو َب األَ ْب َي َض ِم َن الدَّ ن ِ ك ََما َن َّق ْي َ
اب ا ْل َق ْبرِ َأ ْو ِم ْن
ِم ْن َأ ْه ِل ِهَ ،وز َْو ًجا َخ ْي ًرا ِم ْن ز َْو ِج ِهَ ،و َأ ْد ِخ ْل ُه ا ْل َج َّنةََ ،و َأ ِع ْذ ُه ِم ْن َع َذ ِ
ُون أنَا َذل ِ َك ا ْل َم ِّي َت» .رواه مسلم(.)1 َّار»َ ،ق َالَ :حتَّى َت َمنَّ ْي ُت َأ ْن َأك َ اب الن ِ َع َذ ِ
قوة التَّراحم وجمال التَّعاطف بين هذا دعاء عظيم ،وهو من الدَّ الئل على َّ
ألن التَّكبيرة األولى ُيقرأوالسنَّة أن ُيؤتى به بعد التَّكبيرة ال َّثالثة؛ َّ أهل اإليمانُّ ،
َّبي ،Oوال َّثالثة َّ َّ
بعدها فاتح ُة الكتاب ،والثانية ُيصلى فيها على الن ِّ
ُيؤتى فيها بالدُّ عاء للم ِّيت.
ِ
َّرحم عليه، جمع هذا الدُّ عا ُء معان َي عظيم ًة من الدُّ عاء للم ِّيت ،والت ُّ وقد َ
وسع ُمدخله ،وأن يغسله وسؤال اهلل Dأن يغفر له وأن يكرم نزله ،وأن ُي ِّ
نجيه من النَّار.بالماء وال َّثلج والربد ،وأن يدخله الجنَّة و ُي ِ
والرحمة: الذنوبَّ . قوله« :ال َّل ُه َّم ا ْغ ِف ْر َل ُه َو ْار َح ْم ُه» ،المغفرة :التَّجاوز عن ُّ
بالسرت
الذنوب َّ فيها حصول النِّعمة ،والفضل والخير؛ فجمع بين زوال ُّ
أعم؛
والرحمة ُّ والتَّجاوز ،وحصول الخير بالتَّوفيق له والتَّيسير واإلعانةَّ .
((( رواه مسلم (.)963
أحاديث األذكار واألدعية 516
والرحمة تزيد عن ذلك بنيل الخيرات الذنب والتَّجاوز عنهَّ ، فالمغفرة سرت َّ
ورفعة الدَّ رجات ،وكثرة ال َّثواب.
ف َعنْ ُه»؛ عافه ،أي :من العذاب ،واعف عنه ،أي :ما «و َعافِ ِه َوا ْع ُ قولهَ :
وقع فيه من ذنب وتقصير.
للضيف منالضيف ،وهو ما ُيعدُّ و ُيقدَّ م َّ «و َأ ْكرِ ْم ُن ُز َل ُه» ،الن ُُّزل :قِرى َّ
قولهَ :
طعام وشراب ،والمرادِ :
أحسن نصيبه من الجنَّة.
ووسع منازله يف الجنَّة ،وهو «و َو ِّس ْع ُمدْ َخ َل ُه» ،أي :افسح له يف قربه ِّ قولهَ :
مفرد مضاف يفيد القرب وما يكون بعد القرب يف القيامة والجنَّة؛ فيتناول هذا ك َّله
أن يكون مدخله مدخل خير وإنعام يف قربه ،و يوم لقاء ر ِّبه.
اء َوال َّث ْلجِ َوا ْل َب َر ِد» ،هذه ال َّثالثة :الماء وال َّثلج والربد قوله« :وا ْغ ِس ْله بِا ْلم ِ
ُ َ َ
الذنوب ،و ُتطفئ لهيبها. ُتقابل حرارة ُّ
طهره َس» ،أيِّ : ت ال َّث ْو َب ْالَ ْب َي َض ِم َن الدَّ ن ِ
«و َن ِّق ِه ِم َن ا ْلخَ َط َايا ك ََما َن َّق ْي َ قولهَ :
طهر ال َّثوب األبيض من الدَّ نس والوسخ ا َّلذي يعلق به. الذنوب كما ُي َّ من ُّ
ألن األبيض يظهر عليه األثر مباشرة ،خالف بالذكر؛ َّ ص ال َّثوب األبيض ِّ ُ
وخ َّ
األلوان األخرى.
«و َأ ْب ِد ْل ُه َد ًارا َخ ْي ًرا ِم ْن َد ِار ِه» ،أي :أدخله الجنَّة ً
بدل عن الدَّ ار الدُّ نيا قولهَ :
ا َّلتي ارتحل عنها.
ِ ِ ِِ ِ
«و َأ ْه ًل َخ ْي ًرا م ْن َأ ْهلهَ ،وز َْو ًجا َخ ْي ًرا م ْن ز َْو ِجه» ،أي :وأبدله ً
خيرا قولهَ :
ّ
والصفات: منهم؛ وهذا يتناول اإلبدال في األشخاص ِ
-أ َّما يف األشخاص :بأن يكون له أهلون وأزواج غير ا َّلذين كانوا له يف
الدُّ نيا.
)k-
?-1 :lI)..u ?. J x
)pu' 'I.s:
C = zaw-v K= .r.. A1...0.1I ..p .Fue I. *
''x'J oxxp
. lo .
V'oL =' 1
wcw-1II
u'
''I.F-
.Q/w c
w . ta . k.
..
.kp aoNru
..>fuaNrIw1vzo--
' tp1l.
'u.
%1ap. ol-''G-5IuktuxJ
''. !Ww-'o!.9).'o-5-@'
w xu.o l .+Je ù,wtxw h4Jw .um buaazkphbu-gw-t 'e)qxw zwr
aoh...21
o u a)b. ., !...2za.p'1a
'1..
:,.aw ue' ):..s.sw.uo
..u w':v.avz.oae
r;!.5I.spj.k.5Io'l't,ywZ. 51
..
r pI '1hhao
upap ' q'asz
t' '
u'= ..x,L
up e..t
. u Iuft .<'J1JN
..' .
du
''
Z K
* . .
Io.'<.
w 2c5
Ia kqaj
'
wl.ç s.p
.
.
* * .
.vc5Iqo'
az ù(IoU.;wg
H;. '':H o,''1u'
u; N-.*u;<.
;:)
''J.
'.
''c
1 '5J',
ul
. w .<J
.-..u
-a .k-w.
.. t
ow K...d kw.ax po.
. w
v- w v=w, Jx 'w u.- >u. J ... ..
w 1.kUIbIa.wu 5IJ
' =V t
'>axza=
*AJN t.wz ue*w-
1'v
Iw a'
'
َان ُم ِسيئًا َفت ََج َاو ْز َعنْ ُه»( ،)1وهو حديث ثابت.
َوإِ ْن ك َ
المقربي أنَّه سأل أبا هريرة :I ِّ وروى مالك يف المو َّطأ عن سعيد
«أنَا َل َع ْم ُر اهلل ِ ُأ ْخبِ ُر َكَ :أ َّتبِ ُع َها ِمن كيف ُت َص ِّلي على الجنازة؟ فقال أبو هريرةَ :
ول :ال َّل ُه َّمت َع َلى َنبِ ِّي ِهُ ،ث َّم َأ ُق ُ وح ِمدْ ُت اهللَ َو َص َّل ْي ُ ت َك َّب ْر ُت َ َأ ْه ِل َها ،فإذا ُو ِض َع ْ
ْتَ ،و َأ َّن ُم َح َّمدً ا َان َي ْش َهدُ َأ ْن َل إِ َل َه إِ َّل َأن َك ،ك َ إِ َّن ُه َع ْبدُ َك َوا ْب ُن َع ْب ِد َك َوا ْب ُن َأ َمتِ َ
َان ُم ْح ِسنًا َف ِز ْد فِي إِ ْح َسانِ ِهَ ،وإِ ْن ْت َأ ْع َل ُم بِه ،ال َّل ُه َّم إِ ْن ك َ كَ ،و َأن َ َع ْبدُ َك َو َر ُسو ُل َ
َان ُم ِسيئًا َفت ََج َاو ْز َع ْن َس ِّيئَاتِ ِه ،ال َّل ُه َّم َل ت َْحرِ ْمنَا َأ ْج َر ُهَ ،و َل َت ْفتِنَّا َب ْعدَ ُه»(.)2ك َ
85
تَان النَّبِي ﷺ إِ َذا َفر َغ ِمن د ْف ِن ا ْلمي ِ ان َ Iق َال :ك َ ان ْب ِن َع َّف َ
َع ْن ُع ْث َم َ
َ ِّ ْ َ َ ُّ
«اس َتغ ِْف ُروا ِلَ ِخيك ُْم َو َس ُلوا َل ُه ال َّت ْثبِ َ
يت؛ َفإِ َّن ُه ْال َن ُي ْس َأ ُل» .رواه ِ
ف َع َل ْيهَ ،ف َق َالْ :
َو َق َ
أبو داود(.)1
السنَّة بعد الفراغ من الدَّ فن أن ُيدعى للم ِّيتأن من ُّ هذا الحديث فيه بيان َّ
السؤال؛ ألنَّه إذا ُدفن أتاه ملكان وأجلساه وسأالهَ :من بالمغفرة وال َّثبات عند ُّ
الرحمة به واإلحسان إليه أن ُيدعى له بال َّثبات ر ُّبك؟ ما دينك؟ َمن نب ُّيك؟ فمن َّ
-أي :عند سؤال الملكين -و ُيدعى له بالمغفرة.
شيء من القرآن يف هذا الموضع ،وال أن ُيل َّقن الم ِّي ُت ٍ وال ُيشرع قراء ُة
بعض النَّاس؛ إذ لم يثبت بذلك حديث ،وإنَّما المشروع يف حجته كما يفعله ُ َّ
االستغفار له وسؤال اهلل تثبيتَه.
ُ هذا المقام كما تقدَّ م
ََ
ما ُيقال عند ُد ُخو ِل املق ِاب ِر:
املقابر :هي األماكن ا َّلتي ُيقرب فيها الموتى و ُيدفن فيها األموات .وقد
َّ َّ
بمشروعية زيارة املقابر لغرضين: جاءت الشريعة
األول :لتذكُّر اآلخرة ،ليتذكَّر َمن يزور القبور َّ
أن حاله ومآله سيؤول إلى ما َّ
الصالح والبعد عن معصيةآل إليه هؤالء ،وإذا تذكَّر ذلك؛ استعدَّ له بالعمل َّ
اهلل .F
وصححه األلبانِ ُّي.
َّ ((( رواه أبو داود (،)3221
أحاديث األذكار واألدعية 522
َّ
والرحمة
السالم على الموتى والدُّ عاء لهم بالمغفرة َّ
والغرض الثانيَّ :
والعافية.
فألجل ذلك ُتزار القبور ،وقد كانت زيارة القبور يف َّأول اإلسالم ممنوعة،
ترتسخ ُعراه يف
أن النَّاس كانوا حدثاء عهد باإلسالم لم َّ والسبب يف ذلكَّ :
َّ
قلوهبم ،وتثبت قواعده ،ويتم َّكن يف النَّاس ،وتنتشر معالمه ،فمنع َّ
الرسول ﷺ
من زيارة القبور؛ صيان ًة للنَّاس وحف ًظا ألدياهنم وعقائدهم من الخللَّ ،
فلما
ترسخت عرى الدِّ ين وثبتت قواعده ِ
أذن لهم وب َّين سبب األذن والغرض منه. َّ
عن ُبريدة بن الحصيب Iقال :قال رسول اهلل ﷺ« :إِنِّي ُكن ُ
ْت ن ََه ْي ُتك ُْم
َّسائي( )1وغيرهم ،وزاد ن وال وأحمد مسلم رواه ا». وه
َ ُور
ُ ز ف َع ْن ِز َي َار ِة ا ْل ُق ُب ِ
ور َ
ُّ
أحمدَ « :فإِنَّها ت َُذكِّركُم ْال ِ
َّسائيَ « :ف َم ْن َأ َرا َد أ ْن َيز َ
ُور َف ْل َيز ُْرَ ،و َل َ
ُّ ن ال وزاد َ»، ةرَ خ ُ ُ َ
َت ُقو ُلوا ُه ْج ًرا».
أن األمر كان يدل على َّ ور» ،هذا ُّ ْت ن ََه ْي ُتك ُْم َع ْن ِز َي َار ِة ال ُق ُب ِ قوله« :إِنِّي ُكن ُ
وأن اإلذن بذلك لتذكُّر اآلخرة ،ألنَّك إذا زرت األول ممنو ًعا منه ًّيا عنه َّ يف َّ
القبور وتأ َّملت يف أحوال أهلها؛ تعترب وتتَّعظ وتوقن أنَّك عن قريب ستكون
يف واحدة من هذه الحفر ،فهؤالء ا َّلذين يف القبور كانوا مثلك يمشون وعندهم
شاب يف ريعان
ٌّ بيوت وأموال وأعمال وتجارات ،وبعضهم دخل القرب وهو
شبابه ،فهي موعظة موقظة ،فكم يف تذكُّر المآل من ٍ
أثر يف ز ِّم النَّفس وأطرها
َّ
الملذات الحق ،وكم يف الغفلة عنه من ٍ
أثر يف انفالهتا ،وانسياقها وراء ِّ على
ٌ
وإيقاظ للقلب ،وتذكير له ،ولذا الفانية .والقبور فيها موعظة عظيمة لإلنسان
ُأذن يف زيارة القبور لتُذكِّر المرء باآلخرة.
َّسائي (.)2033
((( رواه مسلم ( ،)977وأحمد ( ،)1236والن ُّ
523 -85ما ُيدعى به للميِّت إذا فرغ من دفنه
َّ بي Oقد َّبين ُّ َّ َّ َّ
ستحب للمسلم أن ُّ الدعاء الذي ُي الن َّ ثم إن
يقوله إذا زار القبور:
يل َأتَانِيَ ،ف َق َال :إِ َّن ول اهلل ﷺ َق َال« :إِ َّن ِج ْبرِ َ أن َر ُس َ َع ْن َعائِ َش َة َّ J
ول َل ُه ْم َياف َأ ُق ُ ك َي ْأ ُم ُر َك َأ ْن ت َْأتِ َي َأ ْه َل ا ْل َب ِقي ِع َفت َْس َتغ ِْف َر ُله ْم»َ ،قا َل ْتُ :ق ْل ُتَ :ك ْي ََر َّب َ
ِِ ِِ ول اهللِ؟ َق َالُ « :قولِي« :الس َلم ع َلى َأه ِل الدِّ ي ِ ِ
ين، ين َوا ْل ُم ْسلم َ ار م َن ا ْل ُم ْؤمن َ َ ْ َّ ُ َ َر ُس َ
ون». ينَ ،وإِنَّا إِ ْن َشا َء اهَّللُ بِك ُْم َل َل ِح ُق َ ِ
ين منَّا َوا ْل ُم ْست َْأخرِ َ
ويرحم اهَّلل ا ْلمس َت ْق ِد ِم ِ
َ َ َْ َ ُ ُ ُ ْ
رواه مسلم(.)1
ول اهلل ِ ﷺ ُي َع ِّل ُم ُه ْم إِ َذا َخ َر ُجوا إِ َلى ا ْل َم َقابِرِ،َان َر ُس ُ
َو َع ْن ُب َر ْيدَ َة َ Iق َال :ك َ
ينَ ،وإِنَّا ِِ ِِ ول« :الس َلم ع َليكُم َأه َل الدِّ ي ِ ِ َان َقائِ ُل ُه ْم َي ُق ُ
ين َوا ْل ُم ْسلم َ ار م َن ا ْل ُم ْؤمن َ َ َّ ُ َ ْ ْ ْ َفك َ
ونَ ،أ ْس َأ ُل اهَّللَ َلنَا َو َلك ُُم ا ْل َعافِ َيةَ» .رواه مسلم(.)2
إِ ْن َشا َء اهَّللُ َل َل ِح ُق َ
قوله« :كَان رس ُ ِ
ول اهلل ﷺ ُي َع ِّل ُم ُه ْم إِ َذا َخ َر ُجوا إِ َلى َ
الم َقابِرِ» ،أي :إلى َ َ ُ
زيارهتا.
الس َل ُم َع َل ْيك ُْم َأ ْه َل الدِّ َي ِ
ار» ،أي :يا أهل الدِّ يار. «أ ْن َي ُقو ُلواَّ :قولهَ :
أن بين المؤمن والمسلم ين» ،وهذا فيه َّ ِِ ِِ ِ
الم ْسلم َ ين َو ُالم ْؤمن َ
قوله« :م َن ُ
أتم اإليمان الواجب ،والمسلم :هو ا َّلذي جاء فرق؛ فالمؤمن :هو ا َّلذي َّ
صحح إسالمه .فدرجة المؤمن القلبي ما ُي ِّ ِّ بالعمل ال َّظاهر ومعه من اإليمان
كل مسلم مؤمنًا ،قال مؤمن مسلم ،وليس ُّ ٍ فكل أعلى من درجة المسلمُّ ،
اهلل تعالى﴿ :ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ
ﮛﮜ﴾ [الحجرات ،]14 :أي :إذا دخل اإليمان وتم َّكن يف القلب وقوي يف
((( رواه مسلم (.)974
((( رواه مسلم (.)975
أحاديث األذكار واألدعية 524
أن هؤالء الموتى ليسوا يف الدِّ ين على القلب عندئذ يكون مؤمنًا .فهذا فيه َّ
درجة واحدة ،بل متفاوتون ،منهم َمن هو يف درجة اإليمان ومنهم َمن هو يف ٍ
درجة اإلسالم ،فيس ِّلم على الجميع .وهذا فيها إيقاظ للعبد أن يجتهد يف حياته
ألن يرتقي بإيمانه تقوي ًة له قبل أن يدرج يف واحدة من هذه الحفر.
«وإِنَّا إِ ْن َشا َء اهللُ بِك ُْم َل ِح ُق َ
ون» ،ذكر المشيئة هنا للتَّحقيق ال للتَّعليق، قولهَ :
مثل :قوله تعالى﴿ :ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ﴾ [الفتح.]27 :
قوله« :ن َْس َأ ُل اهللَ َلنَا َو َلك ُُم ا ْل َعافِ َيةَ» ،هذه دعوة للم ِّيت َّ
وللزائر بالعافية.
السالمة. والعافية :هي َّ
امليت :العافية من العذاب والعقاب ا َّلذي يكون يف القرب حق ّ ّ
-وهي في ِ ِ
وبعده.
الر ِّب الحي :العافية من ُّ -وفي ّ
الذنوب والمعاصي وموجبات سخط َّ
حق ّ
ِ ِ
.F
للحي بأنَّه سيؤول إلى ما آل اليه هذا الم ِّيت؛
ٍّ وتذكير
ٌ فهذا فيه دعا ٌء للم ِّيت
َّبي ﷺ مشروع َّية
فيسأل اهلل Eله وللموتى العافية .ولم يثبت عن الن ِّ
قراءة الفاتحة عند زيارة القبور.
قال ابن الق ِّيم Vيف كتابه زاد المعاد يف كالمه عن هدي النَّبِ ِّي ﷺ يف
َّرحم عليهم زيارة القبور« :كان إذا زار قبور أصحابه يزورها للدُّ عاء لهم والت ُّ
الزيارة ا َّلتي سنَّها ألُ َّمته ،وشرعها لهم ،وأمرهم أن
واالستغفار لهم ،وهذه هي ِّ
والم ْسلمين ،وإنَّا إِ ْن
المؤمنين ُ أهل الدِّ ِ
يار من ُ «السال ُم عليكم َ
يقولوا إذا زاروهاَّ :
ِ
اهلل لنا ولكم العافية» ،وكان هد ُيه أن يقول ويفعل اهلل ب ُكم َلح ُقون ،ن َْس ُأل َ
َشاء ُ
َّرحمالصالة على الم ِّيت من الدُّ عاء والت ُّ عند زيارهتا من جنس ما يقوله عند َّ
525 -85ما ُيدعى به للميِّت إذا فرغ من دفنه
واالستغفار ،فأ َبى المشركون َّإل دعا َء الم ِّيت واإلشراك به ،واإلقسا َم على
َّوج َه إليه ،بعكس هديه ﷺ َّ
فإن هديه اهلل به وسؤاله الحوائج واالستعانة به والت ُّ
ٌ
شرك وإساء ٌة إلى نفوسهم وإلى وهدي هؤالء
ُ توحيدٌ وإحسان إلى الم ِّيت،
الم ِّيت ،وهم ثالثة أقسام :إ َّما أن يدعوا الم ِّيت ،أو يدعوا به ،أو عنده ،ويرون
هدي رسول اهلل
أوجب وأولى من الدُّ عاء يف المساجد ،و َمن تأ َّمل ََ الدُّ عا َء عنده
الفرق بين األمرين ،وباهلل التَّوفيق» .اهـ كالمه .)1(Vُ ﷺ وأصحابه ،تب َّين له
الناس في زيارة القبور ال تخرج عن أربع َ َّ تقدم َّيتضح َّ وبما َّ
أن أحوال
حاالت:
والرحمة،
األولى :أن يزور القبور ليدعو للموتى ،فيسأل اهلل لهم المغفرة َّ
فيحدث له ذلك عرب ًة وذكرى؛ وهذه هي ِ وليعترب بحال الموتى وما آلوا إليه،
الزيارة َّ
الشرع َّية. ِّ
الثانية :أن يزورها ليدعو لنفسه ول ِ َمن
َّ
أحب عندها معتقدً ا َّ
أن الدُّ عاء يف َّ
أفضل وأحرى بالقبول واإلجابة ،وهذا عمل ُ الصالحين
المقابر أو عند قبور َّ
ال أصل له يف َّ
الشرع.
َّ
متوس ًل بجاه الموتى أو ح ِّقهم ،فيقول: ِّ الثالثة :أن يزورها ليدعو اهلل
محرمة ووسيلة إلى بحق فالن» ،فهذا بدعة َّ «أسألك يا ر ِّبي بجاه فالن أو ِّ
الشرك. ِّ
المدَ َد
الرابعة :أن يزورها ليدعو المقبورين ويستغيث هبم ويطلب منهم َ
َّ
ناقل عن م ِّلة اإلسالم. ٌ
شرك أكرب ٌ وغير ذلك ،فهذا
والشفا َء َ َ
والعون ِّ
الزيارة َّ
الشرع َّية الشيخ ابن باز « :Vومن هذه األحاديث ُيعلم َّ
أن ِّ قال َّ
َّرحم
للقبور ُيقصد منها تذكُّر اآلخرة واإلحسان إلى الموتى والدُّ عاء لهم والت ُّ
عليهم ،فأ َّما زيارهتم لقصد الدُّ عاء عند قبورهم أو العكوف عندها أو سؤالهم
قضاء الحاجات أو شفاء المرضى أو سؤال اهلل هبم أو بجاههم ونحو ذلك؛
السلف فهذه زيارة بدع َّية منكرة لم يشرعها اهلل وال رسوله ﷺ وال فعلها َّ
الرسول ﷺ ،حيث قال: الصالح ،Mبل هي من الهجر ا َّلذي هنى عنه َّ َّ
ُوروا ال ُق ُبور َو َل َت ُقو ُلوا ُه ْج ًرا»( ،)1وهذه األمور المذكورة تجتمع يف كوهنا
«ز ُ
بدعة ولكنَّها مختلفة المراتب فبعضها بدعة وليس بشرك ،كدعاء اهلل سبحانه
الشرك األكرب، بحق الم ِّيت وجاهه ونحو ذلك ،وبعضها من ِّ عند القبور وسؤاله ِّ
كدعاء الموتى واالستعانة هبم ونحو ذلك ،فتن َّبه واحذر واسأل ر َّبك التَّوفيق
رب سواه» .اهـ للحق فهو سبحانه المو ِّفق والهادي ال إله غيره وال َِّّ والهداية
كالمه .)2(V
َّبي ﷺ عليها وإلكثاره من ِّ َّ
الحاصل أن زيارة قبور األموات سنَّة؛ لحث الن ِّ
زيارهتا ،وذلك للعظة والعربة ،وتذكُّر الموت والدُّ عاء لألموات المسلمين
والم ْسلمين،
الم ْؤمنين ُ أهل الدِّ ِ
يار من ُ السالم عليكم َ والرحمة ،مثلَّ :بالمغفرة َّ
وإنَّا إن شاء اهلل بكم الحقون ،نسأل اهلل لنا ولكم العافية ،ونحو ذلك من
َّبي ﷺ يف زيارة القبور. َّ
األدعية الثابتة عن الن ِّ
َّسائي (.)2033
((( رواه بنحوه الن ُّ
((( انظر :مجموع فتاوى ابن باز (.)116/16
527 -86ما ُيقال يف االستسقاء ()1
86
لقد شرع اهلل Dلعباده إذا أجدبت فيهم الدِّ يار وحصل القحط وق َّلت
الصالة والدُّ عاء واالستغفار ،و َمن دعا اهلل وصدق يف األمطار؛ أن يفزعوا إلى َّ
سؤاله أجاب Eسؤله﴿ :ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ﴾ [غافر،]60 :
وقال تعالى ﴿ :ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﯵ
ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﴾ [البقرة ،]186 :ويف سير األنبياء
السالم أنَّهم ح ُّثوا أممهم على االستغفار وذكروا لهم من فوائده :نزول عليهم َّ
األمطار وحصول الخيرات ،كما قال نوح Sلقومه﴿ :ﯼ ﯽ ﯾ
ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ﴾ [نوح ،]11-10 :وقال هود :S
﴿ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ﴾ [هود،]52 :
وقال تعالى ﴿ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﴾
[األعراف ،]96 :فاالستغفار والتَّوبة والدُّ عاء سبب لنزول المطر ،ولهذا ُشرع
للصالة والدُّ عاء واالستغفار عند قحط الدِّ يار وجدهبا وق َّلة
للعباد أن يجتمعوا َّ
األمطار.
السنَّة دعوات عظيمات ُيشرع أن تُقال عند قحط الدِّ يار وطلب وقد ثبت يف ُّ
الغيث.
اب ك َ
َان ُو َجا َه ك َ :Iأ َّن َر ُج ًل َد َخ َل َي ْو َم ا ْل ُج ُم َع ِة مِ ْن َب ٍ َس ب ِن مال ِ ٍ
عن َأن ِ ْ َ
ول اهلل ﷺ َقائِ ًما َف َق َالَ :يا اس َت ْق َب َل َر ُس َ بَ ،ف ْ
ِ
ول اهلل ﷺ َقائ ٌم َي ْخ ُط ُ ا ْل ِمنْ َب ِرَ ،و َر ُس ُ
أحاديث األذكار واألدعية 528
اهلل ُي ِغي ُثنَاَ ،ق َالَ :ف َر َف َع الس ُب ُلَ ،فا ْد ُع َ
ِ ِ ِ
ول اهلل! َه َل َكت ا ْل َم َواشيَ ،وا ْن َق َط َعت ُّ َر ُس َ
ول اهلل ﷺ َيدَ ْي ِهَ ،ف َق َال« :ال َّل ُه َّم ْاس ِقنَا ،ال َّل ُه َّم ْاس ِقنَا ،ال َّل ُه َّم ْاس ِقنَا»َ .ق َال َأن ٌَس: َر ُس ُ
اب َو َل َق َز َع ًة َو َل َش ْي ًئاَ ،و َما َب ْينَنَا َو َب ْي َن َس ْل ٍع اء مِ ْن َس َح ٍو َل واهللِ ما نَرى فِي السم ِ
َّ َ َ َ َ َ
سَ ،ف َلما َتوس َط ِ ِ ِِ ِ ٍ ِ
ت م ْن َب ْيت َو َل َد ٍارَ ،ق َالَ :ف َط َل َع ْت م ْن َو َرائه َس َحا َبةٌ ،م ْث ُل :الت ُّْر ِ َّ َ َّ
الش ْم َس ِستًّاُ ،ث َّم َد َخ َل َر ُج ٌل مِ ْن الس َما َء ا ْنت ََش َر ْت ُث َّم َأ ْم َط َر ْتَ ،ق َالَ :واهللِ َما َر َأ ْينَا َّ َّ
ِ
اس َت ْق َب َل ُه َقائ ًما، ِ ِ ِ
اب في ا ْل ُج ُم َعة ا ْل ُم ْقبِ َلةَ ،و َر ُس ُِ َذل ِ َك ا ْل َب ِ
بَ ،ف ْ ول اهلل ﷺ َقائ ٌم َي ْخ ُط ُ
اهلل ُي ْم ِس ْك َهاَ ،ق َال: الس ُب ُل َفا ْد ُع َ
ِ ِ
ول اهلل! َه َل َكت األَ ْم َو ُالَ ،وا ْن َق َط َعت ُّ َف َق َالَ :يا َر ُس َ
ول اهلل ﷺ َيدَ ْي ِهُ ،ث َّم َق َال« :ال َّل ُه َّم َح َوا َل ْينَا َو َل َع َل ْينَا ،ال َّل ُه َّم َع َلى ْالكَا ِم َف َر َف َع َر ُس ُ
الش َجرِ»َ ،ق َالَ :فا ْن َق َط َع ْت َو َخ َر ْجنَا اب و ْالَو ِدي ِة ومنَابِ ِ َوا ْل ِ ِ
ت َّ ج َبال َو ْال َجا ِم َوال ِّظ َر ِ َ ْ َ َ َ
البخاري ومسلم(.)1 ُّ س .رواه ن َْم ِشي فِي َّ
الش ْم ِ
تأخر األمطار. اشي» ،أي :بسبب ُّ َت ا ْلمو ِ ول اهللِ! ه َلك ِ قولهَ « :ف َق َالَ :يا َر ُس َ
ََ َ
ِ
السفر، أن اإلبل ضعفت لق َّلة القوت عن َّ الس ُب ُل» ،أيَّ : «وا ْن َق َط َعت ُّ قولهَ :
أو لكوهنا ال تجد يف طريقها من الكأل ما يقيم أودها ،وقيل :المراد نفاد ما عند
النَّاس من ال َّطعام أو ق َّلته فال يجدون ما يحملونه ويجلبونه إلى األسواق.
قولهَ « :فا ْد ُع اهللَ َأ ْن ُي ِغي َثنَا» ،أي :أن ينزل علينا الغيث ُيكشف به ما بنا من
جهد وشدَّ ة وكرب وضائقة.
ول اهلل ِ ﷺ َيدَ ْي ِهُ ،ث َّم َق َال :ال َّل ُه َّم َأ ِغ ْثنَا ال َّل ُه َّم َأ ِغ ْثنَا» ،أي :أنَّه
قولهَ « :ف َر َف َع َر ُس ُ
َّضرع إلى اهلل Fواإللحاح إليه بأن ينزل الغيث. شرع Oيف الت ُّ
اء ِم ْن َس َح ٍ
اب َو َل َق َز َع ًة قال أنس « :Iو َل واهلل ِ ما نَرى فِي السم ِ
َّ َ َ َ َ َ
صحو ما فيها ٌ السماء أن َّ الرجل َّ أن الحال وقت مجيء ذلك َّ َو َل َش ْيئًا» ،أيَّ :
السحاب.
الصغيرة من َّ
سحاب ،وال فيها قزعة ،أي :وليس فيها حتَّى القطع َّ
قوله« :وما بينَنَا وبين س ْل ٍع ِمن بي ٍ
ت َو َل َد ٍار» ،س ْلع :جبل معروف يف الجهة ْ َْ َ َ َْ َ َْ َ َ
الغرب َّية ِّ
الشمال َّية من المدينة ،أي :ليس بيننا وبينه بنيان؛ فنراه رؤيا واضحة
دون أن يكون هناك ما يحجبنا عن رؤياه.
س» ،أي :جاءت من وراء الجبل ت ِم ْن َو َرائِ ِه َس َحا َب ٌة ِم ْث ُل الت ُّْر ِ
قالَ « :ف َط َل َع ْ
االستدَ ارة ِ سحابة على إثر هذا الدُّ عاء العظيم ،وقوله« :مِ ْث ُل الت ُّْر ِ
س» ،أي :في ْ
َوال َكثا َفة.
ِ
السماء« ،ا ْنت ََش َر ْت ُث َّم قالَ « :ف َل َّما ت ََو َّس َطت َّ
الس َما َء» ،أي :صارت يف وسط َّ
ثم انتشرت.
السحابة طلعت صغيرة َّ َأ ْم َط َر ْت» ،المرادَّ :
أن َّ
قالَ « :ف َل َواهلل ِ َما َر َأ ْينَا َّ
الش ْم َس َس ْبتًا» ،أي :أسبو ًعا ً
كامل.
ول اهلل ِ ﷺ
اب فِي ا ْل ُج ُم َع ِة ا ْل ُم ْقبِ َل ِةَ ،و َر ُس ُ قولهُ « :ث َّم َد َخ َل َر ُج ٌل ِم ْن َذلِ َ
ك ا ْل َب ِ
ول اهللِ! ه َلك ِ
َت األَمو ُال ،وا ْن َق َطع ِ اس َت ْق َب َل ُه َقائِ ًماَ ،ف َق َالَ :يا َر ُس َ ِ
ت َ َ َْ َ َقائ ٌم َيخْ ُط ُ
بَ ،ف ْ
الس ُب ُل؛ َفا ْد ُع اهللَ ُي ْم ِسك َْها» ،يف الجمعة األولى جاء يستسقي ،ويف هذه جاء ُّ
يستصحي لكثرة الماء وتزايد المطر حتَّى هلكت بسبب ذلك األموال
السحابة عنهم.
السبل ،يطلب إمساك هذه َّ
وانقطعت ُّ
قولهَ « :ف َر َف َع النَّبِ ُّي ﷺ َيدَ ْي ِهُ ،ث َّم َق َال :ال َّل ُه َّم َح َوا َل ْينَا َو َل َع َل ْينَا» ،أي :اجعل
هذا المطر حوالينا وليس علينا.
اب و ْالَو ِدي ِة ومنَابِ ِ قوله« :ال َّل ُهم َع َلى ْالكَا ِم َوا ْل ِ ِ
ت ج َبال َو ْال َجا ِم َوال ِّظ َر ِ َ ْ َ َ َ َّ
الش َجرِ» ،اآلكام :التِّالل ،واآلجام :األشجار والحوائط ،وال ِّظ َراب :الج َبال َّ
الصغار.
ِّ
أحاديث األذكار واألدعية 530
س» ،أي :تو َّقف المطر وخرجنا ت َو َخ َر ْجنَا ن َْم ِشي فِي َّ
الش ْم ِ قولهَ « :فا ْن َق َط َع ْ
والسماء صحو.
نمشي َّ
وهذا االستصحاء ال ُيقال عند نزول المطر ابتدا ًء ،وإنَّما ُيقال إذا تتابع
المضار ،ف ُيدعى حينئذ أن يصرفه اهلل عن
ِّ نزوله وكثر ،وخاف النَّاس من هذه
المضرة فيه ،وأن يجعله يف الجبال
َّ هذا المكان ا َّلذي كثر عليه الماء وخشيت
المضرة.
َّ وبطون األودية ومنابت َّ
الشجر حيث االنتفاع به مع عدم
ويف هذا الحديث :عظم بركة الدُّ عاءَّ ،
وأن الدُّ عاء مستجاب إذا صدق
وألح عليه سبحانه ،فال يأيت بالحسنات َّإل اهلل ،وال يصرف
َّ العبد مع اهلل
الس ِّيئات َّإل هو.
َّ
وط ا ْل َم َط ِر، ول اهللِ ﷺ ُق ُح َ َّاس إِ َلى رس ِ
َ ُ َو َع ْن َعائ َش َة َ Jقا َل ْتَ :ش َكى الن ُ
ِ
يهَ ،قا َل ْت َعائِ َش ُة ون فِ ِ ِ ِ
َف َأ َم َربِمنْ َب ٍر َف ُوض َع َل ُه في ا ْل ُم َص َّلىَ ،و َوعَدَ الن َ
َّاس َي ْو ًما َي ْخ ُر ُج َ ِ
سَ ،ف َق َعدَ َع َلى ا ْل ِمنْ َب ِر الش ْم ِب َّ ول اهللِ ﷺ ِحي َن َبدَ ا َح ِ
اج ُ َ :Jف َخ َر َج َر ُس ُ
ارك ُْم َو ْاستِئْخَ َار اهلل ُ ،Dث َّم َق َال« :إِ َّنك ُْم َشك َْوت ُْم َجدْ َب ِد َي ِ ِ
َف َك َّب َر ﷺ َو َحمدَ َ
ان ز ََمانِ ِه َعنْك ُْمَ ،و َقدْ َأ َم َرك ُُم اهللُ َ Dأ ْن تَدْ ُعو ُهَ ،و َو َعدَ ك ُْم َأ ْن ا ْل َم َطرِ َع ْن إِ َّب ِ
َجيب َلكُم»ُ ،ثم َق َال« :ا ْلحمدُ هلل ِ رب ا ْلعا َل ِمين ،الرحم ِن الر ِحيمِ ،م ِل ِ
ك َي ْو ِم َ َ َّ ْ َ َّ َ ِّ َ َ ْ َي ْست ِ َ ْ َّ
ْت ا ْلغَن ِ ُّي َون َْح ُن ْت اهللُ َل إِ َل َه إِ َّل َأن َين ،لَ إِ َل َه إِلَّ اهللُ َي ْف َع ُل َما ُيرِيدُ ،ال َّل ُه َّم َأن َ الدِّ ِ
ين»ُ ،ث َّم َر َف َع ت َلنَا ُق َّو ًة َو َب َل ًغا إِ َلى ِح ٍ اج َع ْل َما َأ ْن َز ْل َثَ ،و ْ ا ْل ُف َق َرا ُءَ ،أن ِْز ْل َع َل ْينَا ا ْل َغ ْي َ
ب اض إِ ْب َط ْي ِهُ ،ث َّم َح َّو َل َع َلى الن ِ
َّاس َظ ْه َر ُه َو َق َل َ الر ْف ِع َحتَّى َبدَ ا َب َي ُ ِ
َيدَ ْيه َف َل ْم َيز َْل في َّ
ِ
َّاس َو َنز ََلَ ،ف َص َّلى َر ْك َع َت ْي ِن، -أ ْو َح َّو َلِ -ر َدا َء ُه َو ُه َو َرافِ ٌع َيدَ ْي ِهُ ،ث َّم َأ ْق َب َل َع َلى الن ِ َ
ت ُثم َأم َطر ْت بِإِ ْذ ِن اهللَ ،ف َلم ي ْأ ِ
جدَ ُه َحتَّى ت َم ْس ِ ْ َ َف َأن َْش َأ اهَّللُ َس َحا َب ًة َف َر َعدَ ْت َو َب َر َق ْ َّ ْ َ
اج ُذ ُهَ ،ف َق َال: ك َحتَّى َبدَ ْت ن ََو ِ ولَ ،ف َلما ر َأى سرعتَهم إِ َلى ا ْلكِن َض ِ الس ُي ُ ِ
ح َ ِّ َّ َ ُ ْ َ ُ ْ َسا َلت ُّ
531 -86ما ُيقال يف االستسقاء ()1
«أ ْش َهدُ َأ َّن اهَّللَ َع َلى ك ُِّل َش ْي ٍء َق ِد ٌيرَ ،و َأنِّي َع ْبدُ اهلل ِ َو َر ُسو ُل ُه» .رواه أبو داود(.)1
َ
الم َطرِ» ،أي :وما يصيب وط َ ول اهلل ِ ﷺ ُق ُح َ َّاس إِ َلى رس ِ
َ ُ «شكَى الن ُ قولهاَ :
تأخر المطر عن وقت نزوله. األرض من جدب ،والماشية من هالك؛ بسبب ُّ
ِ ِ ِ
ون الم َص َّلىَ ،و َو َعدَ الن َ
َّاس َي ْو ًما َيخْ ُر ُج َ قولهَ « :ف َأ َم َر بِمنْ َبرٍ َف ُوض َع َل ُه في ُ
تأخر األمطار، فِ ِيه»ُ ،يستفاد من هذا :أنَّه عندما ُتصاب األرض بالقحط بسبب ُّ
لولي األمر فيواعد النَّاس وقتًا َ
والزروع؛ أن ُينقل هذا األمر ِّ وتتضرر الماشية ُّ ُّ
للصالة والدُّ عاء. و ُيع ِّين لهم يو ًما يجتمعون فيه َّ
س» ،أي :حينما بان الش ْم ِ
ب َّ ين َبدَ ا َح ِ ِ قولهاَ « :فخَ رج رس ُ ِ
اج ُ ول اهلل ﷺ ح َ َ َ َ ُ
طرف َّ
الشمس.
قولهاَ « :ف َق َعدَ َع َلى ا ْل ِمنْ َبرِ َف َك َّب َر ﷺ َو َح ِمدَ اهللَ ُ ،Dث َّم َق َال« :إِ َّنك ُْم
اركُم واستِئْخَ ار ا ْلم َطرِ عن إِب ِ ِ ِ ِ
ان ز ََمانه َعنْك ُْمَ ،و َقدْ َأ َم َرك ُُم اهللُ َ ْ َّ َ َ َشك َْوت ُْم َجدْ َب د َي ِ ْ َ ْ
ِ ﷺ َأ ْن تَدْ ُعو ُهَ ،و َو َعدَ ك ُْم َأ ْن َي ْست ِ
ين، يب َلك ُْم»ُ ،ث َّم َق َال« :ا ْل َح ْمدُ هلل َر ِّب ا ْل َعا َلم َ َج َ
ْت اهللُ َل ينَ ،ل إِ َل َه إِ َّل اهللُ َي ْف َع ُل َما ُيرِيدُ ،ال َّل ُه َّم َأن َ ك َي ْو ِم الدِّ ِ الرحم ِن الر ِحيمِ ،م ِل ِ
َ َّ ْ َ َّ
ت َلنَا ُق َّو ًة اج َع ْل َما َأ ْن َز ْل َ ِ
ْت ا ْلغَن ُّي َون َْح ُن ا ْل ُف َق َرا ُءَ ،أن ِْز ْل َع َل ْينَا ا ْل َغ ْي َإِ َل َه إِ َّل َأن َ
ثَ ،و ْ
ين» ،أي :أنَّه Oشرع يف الدُّ عاء لكنَّه قدَّ م بين يدي َو َب َل ًغا إِ َلى ِح ٍ
دعائه :ال َّثناء على اهلل Dوتمجيده سبحانه ،وذكَّر النَّاس ووعظهم وب َّين
ثم سأل اهلل Dأن ُينزل الغيث. كمال غنى اهلل Fوشدَّ ة االفتقار إليهَّ ،
اض إِ ْب َط ْي ِه» ،وهذا إشارة الر ْف ِع َحتَّى َبدَ ا َب َي ُ ِ ِ
قولهُ « :ث َّم َر َف َع َيدَ ْيه َف َل ْم َيز َْل في َّ
السماء األكف إلى َّ ِّ الرفع ،ففي الدُّ عاء المعتاد تكون بطون إلى المبالغة يف َّ
بياض أو ُيقنِّع هبما الوجه ،لكن يف االستسقاء يبالغ يف رفع اليدين حتَّى يبدو ُ
اإلبطين.
وحسنه األلباينُّ.
َّ ((( رواه أبو داود (،)1173
أحاديث األذكار واألدعية 532
ب َأ ْو َح َّو َل ِر َدا َء ُه َو ُه َو َرافِ ٌع َيدَ ْي ِه»، قولهُ « :ث َّم َح َّو َل َع َلى الن ِ
َّاس َظ ْه َر ُه َو َق َل َ
مستمر يف رفع اليدين ٌّ أي :جعل الباطن يف ال َّظاهر ،وال َّظاهر يف الباطن ،وهو
بتحول الحال وتبدُّ ل ُّ الرداء :التَّفاؤل يدعو اهلل ،وقيل الحكمة من تحويل ِّ
األمر.
َّاس َو َنز ََل َف َص َّلى َر ْك َع َت ْي ِن» ،أي :بعد الخطبة ،وجاء قولهُ « :ث َّم َأ ْق َب َل َع َلى الن ِ
الركعتين على الخطبة ،فاألمر يف ذلك يدل على تقديم َّ يف بعض األحاديث ما ُّ
واسع.
تُ ،ثم َأم َطر ْت بِإِ ْذ ِن اهللَ ،ف َلم ي ْأ ِ
ت ْ َ قالَ « :ف َأن َْش َأ اهَّللُ َس َحا َب ًة َف َر َعدَ ْت َو َب َر َق ْ َّ ْ َ
الس ُي ُ ِ َم ْس ِ
وعمت الخيرات. ول» ،أي :نزلت األمطار َّ جدَ ُه َحتَّى َسا َلت ُّ
ك َحتَّى َبدَ ْت ن ََو ِ
اج ُذ ُهَ ،ف َق َال: ح َقولهَ « :ف َلما ر َأى ﷺ سرعتَهم إِ َلى ا ْلكِن َض ِ
ِّ ُ ْ َ ُ ْ َّ َ
ِ ِ ِ ٍ
َأ ْش َهدُ َأ َّن اهَّللَ َع َلى ك ُِّل َش ْيء َقد ٌيرَ ،و َأنِّي َع ْبدُ اهلل َو َر ُسو ُل ُه»؛ ا ْلك ُّنَ :ما َي ُر ُّد َ
الح َّر
كل يدخل يف بيت، والمساكِن .فأصبحوا يسرعون الخطىٌّ ، َ وال َب ْرد مِن األبن ِ َية
فلما رأى ذلك O أو تحت خيمة؛ حتَّى ال يصيبهم المطر الغزيرَّ ،
ضحك؛ ألنَّهم قبل قليل يشكون القحط وعدم جود الماء ،واآلن يهربون من
غزارته وكثرته!
533 -87ما ُيقال يف االستسقاء ()2
86
ت النَّبِ َّي ﷺ َب َواكِيَ ،ف َق َال« :ال َّل ُه َّم َعن جابِ ِر ب ِن َعب ِد اهلل َ Lق َالَ « :أ َت ِ
ْ َ ْ ْ
آج ٍل»َ ،ق َالَ :ف َأ ْط َب َق ْتاج ًل َغ ْي َر ِ ْاس ِقنَا َغ ْي ًثا ُم ِغي ًثاَ ،مرِيئًا َمرِي ًعا ،نَافِ ًعا َغ ْي َر َض ٍّارَ ،ع ِ
الس َما ُء» رواه أبو داود(.)1 َع َل ْي ِه ُم َّ
والشدَّ ة بسبب جمع باكِية ،أي :فعرضوا إليه الحاجة ِّ ِ
قولهَ « :ب َواكي»ْ :
تأخر األمطار. ُّ
ت النَّبِ َّي ﷺ ُي َواكِي»َ ،و َم ْعنَا ُه :الت ََّحا ُم ُل َع َلى َيدَ ْي ِه «ر َأ ْي ُ
ويف ب ْعض الن َُّسخَ :
إِ َذا ر َفعهما ومدَّ هما فِي الدُّ َع ِ
اء. َ َُ َ َ َ ُ َ
قولهَ « :ف َق َال النَّبِ ُّي ﷺ :ال َّل ُه َّم ْاس ِقنَا َغ ْي ًثا ُم ِغي ًثا» ،الغيث :المطر؛ ألنَّه به
واب .وقوله يغيث اهلل Fاألرض ويغيث النَّاس ويغيث الماشية والدَّ َّ
معينًا يحصل لنا به العون والفائدة. «م ِغي ًثا» هذه صفة للمطر ،وقيل معناهِ :
ُ
صالحا.
ً وقوله« :مريئًا» ،أي :هني ًئا
«مرِي ًعا» ،أي :مخص ًبا ناج ًعا. وقولهَ :
ِ
ضار
واب ،غير ٍّ وقوله« :نَاف ًعا َغ ْي َر َض ٍّار» ،أي :ناف ًعا للنَّاس واألرض والدَّ ِّ
لهم بتهديم البيوت واإلضرار باألرواح؛ َّ
فإن المطر تار ًة يكون ناف ًعا للعباد
ضارا لهم ولزروعهم ومواشيهم. وزروعهم ومواشيهم ،وتار ًة يكون ًّ
وصححه األلباينُّ.
َّ ((( رواه أبو داود (،)1169
أحاديث األذكار واألدعية 534
السحاب يف ذلك الوقت الس َما ُء» ،قيل :أي :ظهر َّ قولهَ « :ف َأ ْط َب َق ْ
ت َع َل ْي ِه ُم َّ
السماء من تراكم السحاب كطبق فوق رءوسهم بحيث ال يرون َّ وغ َّطاهم َّ
السحاب وعمومه الجوانب ،وقيل :أطبقت ،أي :بالمطر الدَّ ائم. َّ
وعلى المسلم إذا دعا اهلل يف االستسقاء أو غيره أن ُي ْح ِسن ظنَّه باهلل وأن
وأن ال يقنط من رحمته سبحانه؛ يلح عليه يف الدُّ عاءْ ، يعظم رجاؤه فيه ،وأن َّ َ
كل شيء. فخزائنه مألى ،وجوده عظيم ،ورحمته وسعت َّ
ول اهَّللِ ﷺ إِ َذا َان َر ُس ُ يه َع ْن َجدِّ ِهَ ،ق َال ك َ ب َعن َأبِ ِ
و َع ْن َع ْم ِرو ْب ِن ُش َع ْي ٍ ْ
َك َو َأ ْح ِي َب َلدَ َكك َوان ُْش ْر َر ْح َمت َ است َْس َقى َق َال« :ال َّل ُه َّم ْاس ِق ِع َبا َد َك َو َب َهائِ َم َ ْ
ت» .رواه أبو داود(.)1 ا ْل َم ِّي َ
«خ َر َج النَّبِ ُّي ﷺ إِ َلى َه َذا وعن عبد اهلل بن زيد المازنِ ِّي Iقالَ :
ب ِر َدا َء ُه» .متَّفق ِ ِ
الم َص َّلى َي ْست َْسقيَ ،فدَ َعا َو ْاست َْس َقىُ ،ث َّم ْاس َت ْق َب َل الق ْب َلةََ ،ف َق َل َ ُ
عليه(.)2
َان إِ َذا َق َح ُطوا ْاست َْس َقى اب Eك َ َس َ :Iأ َّن ُع َم َر ْب َن ا ْلخَ َّط ِ َو َع ْن َأن ٍ
ك بِنَبِ ِّينَا َفت َْس ِقينَاَ ،وإِنَّا بَ ،ف َق َال« :ال َّل ُه َّم إِنَّا ُكنَّا َنت ََو َّس ُل إِ َل ْي َاس ْب ِن َع ْب ِد ا ْل ُم َّط ِل ِ بِا ْل َع َّب ِ
البخاري(.)3 ُّ اس ِقنَا»َ ،ق َالَ :ف ُي ْس َق ْو َن .رواه َنت ََو َّس ُل إِ َل ْي َ
ك بِ َع ِّم َنبِ ِّينَا َف ْ
ك بِنَبِينَا ﷺ» ،أي :بِدُ َعائِ ِه ،أما التوسل بِ َذو ِ
ات َ َّ َ ُّ قوله« :إِنَّا ُكنَّا َنت ََو َّس ُل إِ َل ْي َ ِّ
اه ِه ْم َف َغ ْي ُر َجائِ ٍز َش ْر ًعا. ا ْلم ْخ ُلوقِين وج ِ
َ َ َ َ
َّ
الشعبي V
ِّ ومن أنفع ما يكون يف االستسقاء :كثرة االستغفار ،فعن
قال« :خرج عمر بن الخ َّطاب Iيستسقي فلم يزد على االستغفار حتَّى
وحسنه األلباينُّ.
َّ ((( رواه أبو داود (،)1176
البخاري ( ،)1011ومسلم (.)894
ُّ ((( رواه
البخاري (.)1010
ُّ ((( رواه
535 -87ما ُيقال يف االستسقاء ()2
اديح السم ِ
ت الم َطر بِمج ِ
اء َّ َ رجع ،فقيل له :ما رأيناك استسقيت! قالَ « :ل َقدْ َط َل ْب ُ َ َ َ َ
ِ ِ
ثم َق َر َأ﴿ :ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﭑ ا َّلذي ُي ْس َتنْز َُل بِه َ
الم َط ُر»َّ ،
ﭒ ﭓ ﭔ﴾﴿ ،ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ
ﯺ﴾ [هود .»]52 :رواه سعيد بن منصور(.)1
رجل شكى إليه الجدب ،فقال: ً البصري َّ : V
«أن ِّ وعن الحسن
ِ ِ
اهلل» ،وشكى إليه آخر «اس َت ْغف ِر َ اهلل» ،وشكى إليه آخر الفقر ،فقالْ : «اس َت ْغف ِر َ ْ
جفاف بستانه ،فقال« :اس َت ْغ ِف ِر اهلل» ،وشكى إليه آخر عدم الولد ،فقال« :اس َت ْغف ِرِ
ْ َ ْ
ثم تال عليهم قوله تعالى﴿ :ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﭑ اهلل»َّ ، َ
ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ﴾» .ويف
()2
لمن استغفر ،وتوالي حث على االستغفار ،وإشار ٌة إلى وقوع المغفرة َ اآلية ٌّ
الخيرات عليه.
واشتدت وزادت العواصف: َّ الر ُ
ّ َ َ َ ُ ُ
يح ما يقال ِإذا هاج ِت ِ
ِ َع ْن َعائِ َش َة َ Jأن ََّها َقا َل ْت :ك َ
يحَ ،ق َال: الر َُان النَّبِ ُّي ﷺ إِ َذا َع َص َفت ِّ
ك ِم ْن ت بِ ِهَ ،و َأ ُعو ُذ بِ َ ك َخ ْي َر َهاَ ،و َخ ْي َر َما فِ َيهاَ ،و َخ ْي َر َما ُأ ْر ِس َل ْ«ال َّل ُه َّم إِنِّي َأ ْس َأ ُل َ
ت بِ ِه» .رواه مسلم(.)3 َش ِّر َهاَ ،و َش ِّر َما فِ َيهاَ ،و َش ِّر َما ُأ ْر ِس َل ْ
ِ
يح» ،أي :اشتدَّ هبوب ِّ
الريح. قوله« :إِ َذا َع َص َفت ِّ
الر ُ
قوله« :ال َّل ُه َّم إِنِّي َأ ْس َأ ُل َ
ك َخ ْي َر َها» ،أي :أسألك أن تكون رحمةً؛ فهي تار ًة
تكون رحمةً ،وتار ًة تكون عذا ًبا.
«و َخ ْي َر َما فِ َيها» ،أي :ما أودع اهلل سبحانه فيها من خيرات وفوائد قولهَ :
((( ذكره سعيد بن منصور يف تفسيره (.)1095
القرطبي يف تفسيره (.)302/18
ُّ ((( ذكره
((( رواه مسلم (.)899
أحاديث األذكار واألدعية 536
الجو ،ونقل ِّ السحاب واألشجار ،وتنقية ومنافع عظيمة ،ومن ذلك تلقيح َّ
األسقام ،وغيرها من المنافع العظيمة.
قوله« :و َخير ما ُأر ِس َل ْ ِ
بالرحمة ،وتار ًة ُترسل ت بِه» ،فهي تار ًة ُترسل َّ َ َْ َ ْ
بالعذاب.
ت بِ ِه» ،فما يؤ ِّمن ك ِم ْن َش ِّر َها َو َش ِّر َما فِ َيها َو َش ِّر َما ُأ ْر ِس َل ْ «و َأ ُعو ُذ بِ َوقولهَ :
الصحيحين عن عائشة Jقالت: محملة بالعذاب! ففي َّ المرء فقد تكون َّ
ول اهَّللِ، «يا َر ُس َ ِ
ف َذل َك في َو ْج ِههَ ،ف َقا َل ْتَ :
َان ﷺ إِ َذا ر َأى َغيما َأو ِريحا ُع ِر َ ِ ِ
ًْ ْ ً َ ك َ
اك إِ َذا َر َأ ْي َت ُه ُون فِ ِيه ا ْل َم َط ُرَ ،و َأ َر ََّاس إِ َذا َر َأ ُوا ا ْل َغ ْي َم َفرِ ُحوا َر َجا َء َأ ْن َيك َ َأ َرى الن َ
وناه َيةَ؟!» َقا َل ْتَ :ف َق َالَ « :يا َعائِ َش ُة َما ُي َؤ ِّمنُنِي َأ ْن َي ُك َ ك ا ْلكَر ِ ت فِي َو ْج ِه َ َع َر ْف ُ
َ
ِ ِ
ابَ ،ف َقا ُلوا﴿ :ﮍ ﮎ الريحِ َ ،و َقدْ َر َأى َق ْو ٌم ا ْل َع َذ َ فيه َع َذاب! َقدْ ُع ِّذ َب َق ْو ٌم بِ ِّ
ﮏﮐ﴾»(.)1
يح ِم ْن «الر ُولِّ : ول اهلل ﷺ َي ُق ُ َو َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة َ Iق َالَ :س ِم ْع ُت َر ُس َ
وهاَ ،و َس ُلوا اهللَ وها َف َل ت َُس ُّب َ الر ْح َم ِة َوت َْأتِي بِا ْل َع َذ ِ
اب؛ َفإِ َذا َر َأ ْيت ُُم َ
ِ
َر ْوحِ اهلل ،ت َْأتي بِ َّ
َخ ْي َر َهاَ ،و ْاست َِع ُيذوا بِ ِه ِم ْن َش ِّر َها» .رواه أحمد وأبو داود(.)2
ألن من النَّاس -بسبب الجهل وق َّلة العلم -إذا الريح؛ َّ
سب ِّفيه النَّهي عن ِّ
والريح مد َّبر ٌة مخلوق ٌة الضرر س ُّبوهاِّ ، الريح ونالهم شيء من األذى أو َّ اشتدَّ ت ِّ
سب لمد ِّبرها ،فهي هلل Fمأمورة أ َمرها اهلل ،Dفس ُّبها وهي ال تملك ٌّ
ب الدَّ ْه َر َو َأنَا الدَّ ْه ُر ِ
«ي ْؤ ِذيني ا ْب ُن آ َد َم َي ُس ُّ
ال تملك بل مأمورة ،ومثله حديثُ :
تسخط منها ،وبعضهم َّ الريح ()3
ُأ َق ِّل ُ
ب ال َّل ْي َل َوالن ََّه َار» ،فبعضهم إذا اشتدَّ ت ِّ
البخاري ( ،)4829ومسلم (.)899
ُّ ((( رواه
ِ
وصححه األلبان ُّي. ((( رواه أحمد ( ،)7631وأبو داود (،)5097
َّ
البخاري ( ،)4826ومسلم (.)2246
ُّ ((( رواه
537 -87ما ُيقال يف االستسقاء ()2
ر َّبما شتمها ،وبعضهم ر َّبما أبدى كال ًما س ِّي ًئا تجاهها؛ وهذا ك ُّله من الجهل
وعدم الدِّ راية بما ينبغي أن يكون عليه المسلم من أدب وقول كريم عندما
الريح.
تشتدُّ ِّ
الروح هنا المضاف إلى اهلل Fهو من ِ قوله« :الر ِ
يح م ْن َر ْوحِ اهلل»َّ ، ِّ ُ
فالريح من روح اهلل ،أي :من األرواح ا َّلتي باب إضافة المخلوق إلى الخالقِّ ،
خلقها اهلل ،Fفاإلضافة هنا إضافة خ ْلق وم ْلك وإيجاد.
بالرحمة أن اهلل Dيرسلها َّ الر ْح َم ِة َوت َْأتِي بِال َع َذ ِ
اب» ،أيَّ : ِ
وقوله« :ت َْأتي بِ َّ
تار ًة ويرسلها بالعذاب تارةً ،ومن ذلك ما ذكره اهلل بقوله﴿ :ﮈ ﮉ
للزروع واألشجار ،حتَّى إنَّها من ﮊ﴾ [الحجر ،]22 :أي :فيها النَّفع العظيم ُّ
الشجر إلى بعض ،وغير ذلك من المنافع العظيمة. نفعها أنَّها تنقل لقاح بعض َّ
بالريـح
السـابقة َمـن كان هالكهـم ِّ
وتـار ًة تـأيت بالعـذاب ،فمـن األمـم َّ
ُّ
وتجتـث األشـجار وهتلـك الشـديدة ا َّلتـي هتلـك النَّـاس وتد ِّمـر البيـوت
َّ
المواشـي ،قال تعالى﴿ :ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ
ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ
ﯢ﴾ [القمـر.]21-18 :
والسفهاء
الج َّهال ُّ
وها» ،أي :بخالف ما يفعله ُ قالَ « :فإِ َذا َر َأ ْيت ُُم َ
وها َف َل ت َُس ُّب َ
الريح س ُّبوها وشتموها. والض َّلل من النَّاس؛ إذا اشتدَّ ت ِّ ُّ
«و ْاس َأ ُلوا اهللَ ِم ْن َخ ْيرِ َهاَ ،و ْاست َِع ُيذوا بِاهلل ِ ِم ْن َش ِّر َها» ،أي :قولوا: قولهَ :
شرها.
هم إنَّا نسألك من خيرها ونعوذ بك من ِّ ال َّل َّ
عقيما»،
ً القحا ال
ً الريح« :ال َّل ُه َّم
وكان من هديه ﷺ أن يقول إذا اشتدَّ ت ِّ
َان
البخاري يف األدب المفرد عن سلمة بن األكوع Iقال :ك َ ُّ لِما رواه
أحاديث األذكار واألدعية 538
ِ ِ ِ
يح َي ُق ُ
ول« :ال َّل ُه َّم َلق ًحا َل َعق ً
يما»(.)1 النَّبِ ُّي ﷺ إِ َذا ْاشتَدَّ ت ِّ
الر ُ
«القحا» ،أي :مل ِّقحة َّ
للسحاب ،ومنه قوله تعالى﴿ :ﮈ ﮉ ً ومعنى
الرياح رياح َّ
وسخرنا ِّ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ﴾ [الحجر ،]22 :أي:
الرحمة تل ِّقح َّ
السحاب فينشأ عن ذلك الماء بإذن اهلل ،فيسقيه اهلل Dالعباد َّ
والزروع ،ويبقى يف األرض مدَّ خرا لحاجتهم وضروراهتم ،فل َّلهِ
والمواشي ُّ
ً
الحمد والنِّعمة ال شريك له.
kS/S ..--
-,
(r)#ka
''...-....
à'!>
4 Jk,
u'.k4 . J -
o a k'
.,-
. .œ k z.wx 9 k.u.h .-
'vwowr-o '.s awu.
o r1
.,
0 p1
.1,...1.,$h
Jrx wx.wx a tv mtx put.wlw .. p x o o uw 9
Lf J j ,. j . T I' . 1. j .. .j
u. ..'uJ1w,
'.o '.mI.'- w'
w, ,+ a
Iw
'aap u.
'w .'- wo:, kuh*.F'.Iao'u u .e.o l txw .*
'u
j . '
J ''
l.
î: y.'
= .I
1 ya
u>..u =L
. '
' . 4.)1.J
xl . r ' '..
r II r , I. .I ! it 5y
z.aI %.
... . u..
w $;k.
u.IL)ouau'p...o z-.I
. L ..r.u
'$.uJ1=1$wuLvyr$T.=' '.Iw=;'lr3
. g..w 4: w ....p za > dkkp wu .,.
p wou uk.
o$;p ,
.: 1, I
,' '
J1u.
.
p c,
.
z'z upaap .q;w'w. o..o11 f Z
.w L, .uJ1œ*''*.:z <:l=11w'I'-i.*'$1
' ' ''
. , .
wxuax Nw1..l. '
I , ..
.JJIJ uo I
u13I
w'
.
w I Ia,.p o =Q JL @u- Q 1o
'
. .
.'.kwal'9)Gzï'u.p2o I r-)t.
'%,w-.
-.'..r) .Jz' . .....r) & .4'-..,..= ...w4. .,..=.a'< -.
, .
Jv ? c - ' v aJ o? -f o
. tzka. .
p% ..s''z1-
--
.-*1w...
J- '-- % u.
- .Jù - )
-
'u;o '1
:.-
J '
AJ 13
x-.> . ' . kpxphcw tms u9
w
است َْو َع َب ْت َذل ِ َك ا ْل َما َء ُك َّل ُهَ ،ف َت َت َّب َع ِ َما َء ُه فِي َح َّر ٍةَ ،فإِ َذا َش ْر َج ٌة مِ ْن تِ ْل َك ِّ
الش َراجِ َقد ْ
ا ْلماء َفإِ َذا رج ٌل َقائِم فِي ح ِدي َقتِ ِه يحو ُل ا ْلماء بِ ِمسحاتِ ِهَ ،ف َق َال َله :يا عبدَ اهَّللِ
ُ َ َْ َ َ ْ َ ُ َ ِّ َ ٌ َ ُ َ َ
الس َحا َب ِةَ ،ف َق َال َل ُه َيا َع ْبدَ اهَّللِ ل ِ َم ِ ِ ِ ِ ِ
اس ُم َك؟ َق َال ُف َل ٌن .لال ْس ِم ا َّلذى َسم َع في َّ َما ْ
اؤ ُه، اب ا َّل ِذي َه َذا َم ُ الس َح ِ ِ ِ
اسمي؟ َف َق َال إِنِّي َسم ْع ُت َص ْو ًتا في َّ
َتس َأ ُلنِي َع ِن ِ
ْ ْ
ِ
اس ِق َح ِدي َق َة ُف َل ٍن ،ل ْس ِم َك؛ َف َما َت ْصن َُع فِ َيها؟ َق َالَ :أ َّما إِ ْذ ُق ْل َت َه َذا َفإِنِّي َي ُق ُ
ولْ :
َأ ْن ُظ ُر إِ َلى َما َي ْخ ُر ُج مِن َْها؛ َف َأ َت َصدَّ ُق بِ ُث ُلثِ ِهَ ،وآك ُُل َأنَا َو ِع َيالِي ُث ُل ًثاَ ،و َأ ُر ُّد فِ َيها ُث ُل َث ُه».
رواه مسلم(.)1
َّوسل إليه بالتَّوبة النَّصوح
ومن أعظم الوسائل إلى هللا جل في عاله :الت ُّ
َّ
واإلنابة إلى اهلل ومالزمة االستغفار ،قال هود Sلقومه﴿ :ﯱ ﯲ
ﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀ
ﰁ﴾ [هود ،]52 :وقال نوح ﴿ :Sﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ
ﰂ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ﴾
[نوح.]12-10 :
ومن أعظم الوسائل إلى هللا ُ :Cحسن ال َّظ ِّن به ،وتمام ال ِّثقة به،
وحسن التَّوكُّل عليه ،وتمام االلتجاء إليه؛ فإنَّه Fيغيث َمن استغاث به،
ُ
ويكفي َمن التجأ إليه ،و َمن التجأ إليه كفاه وأعانه ووقاه وسدَّ ده يف أمور دينه
الزمر.]36 : ودنياه﴿ ،ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ﴾ [ ُّ
ال ِع ْن َد َس َماع َّ
الر ْع ِد: َ ما ُي َق ُ
ِ
الرعْدَ َت َر َك ا ْل َح ِد َ
يثَ ،و َق َال: ِ
َان إِ َذا َسم َع َّ
الز َب ْي ِر َ Iأ َّن ُه ك َ َع ْن َع ْب ِد اهلل ْب ِن ُّ
الم َلئِ َك ُة ِم ْن ِخي َفتِ ِه» .رواه مالك يف ِِ
الر ْعدُ بِ َح ْمده َو َ
«سبح َ ِ
ان ا َّلذي ُي َس ِّب ُح َّ ُ ْ َ
((( رواه مسلم (.)2984
أحاديث األذكار واألدعية 542
89
َان ِم ْن
الش ْم َس َوا ْل َق َم َر آيت ِ
َ قال« :إِ َّن َّ ول اهلل ﷺ َ أن َر ُس ََع ْن َعائِ َش َة َّ J
ت َأ َح ٍد َو َل لِ َح َياتِ ِه؛ َفإِ َذا َر َأ ْيت ُْم َذلِ َان لِمو ِ ِ ِ ِ
ك َفا ْد ُعوا اهَّللَ، َآيات اهللَ ،ل َينْخَ س َف ِ َ ْ
البخاري ومسلم(.)1 ُّ َو َك ِّب ُرواَ ،و َص ُّلواَ ،وت ََصدَّ ُقوا» .رواه
الش ْم ُس فِي َز َم ِن النَّبِ ِّي ﷺ َف َقا َم َف ِز ًعا ت َّ و َعن َأبِي موسى َ Iق َالَ :خس َف ِ
َ ُ َ َ ْ
جدَ َف َقا َم ُي َص ِّلي بِ َأ ْط َو ِل قِ َيا ٍم َو ُركُو ٍع ون السا َعةَُ ،حتَّى َأ َتى ا ْلمس ِ
َ ْ َي ْخ َشى َأ ْن َت ُك َ َّ
ِ ِ ِ ِِ ٍ ِ ٍ
اآليات ا َّلتي ُي ْرس ُل اهَّللُ َو ُس ُجود َما َر َأ ْي ُت ُه َي ْف َع ُل ُه في َص َلة َق ُّطُ ،ث َّم َق َال« :إِ َّن َهذه َ
ف بِ َها ِع َبا َد ُه؛ َفإِ َذا َر َأ ْيت ُْم
ت َأ َح ٍد َو َل لِ َح َياتِ ِهَ ،و َلكِ َّن اهَّللَ ُي ْر ِس ُل َها ُيخَ ِّو ُ
ُون لِمو ِ
َل َتك ُ َ ْ
البخاري ومسلم(.)2 ُّ ار ِه» .رواه ِمن َْها َش ْيئًا َفا ْف َز ُعوا إِ َلى ِذ ْكرِ ِه َو ُد َعائِ ِه َو ْاستِ ْغ َف ِ
تفضل اهلل هبا على عباده، والقمر هما من جملة النِّعم ا َّلتي َّ
ُ مس َّ
الش ُ
ومن هبا عليهم ،وجعلهما سبحانه دائِبين ،أي :م ِ
ستم َّر ْين ال يفرتان ،يسعيان ُ َْ َ َّ
والزروعلمصالح اإلنسان من حساب األزمنة ،ومصلحة األبدان والحيوان ُّ
وال ِّثمار ،وجعلهما سبحانه يجريان بحسبان متقن ،وتقدير مقدَّ ر ،ال يتخ َّلفان
ً
شمال ،وال يتغ َّيران تقدُّ ًما وال علوا وال ً
نزول ،وال ينحرفان عنه يمينًا وال عنه ًّ
[الرحمن ،]5 :وقال تعالى: تأخ ًرا ،كما قال سبحانه﴿ :ﮂ ﮃ ﮄ﴾ َّ ُّ
﴿ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ
ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾﯿ ﰀ
ﰁ ﰂ ﰃ﴾ [يس ،]40-38 :وقال تعالى﴿ :ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ
ﯻﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ﴾ [إبراهيم.]33 :
والقمر آيتان من آيات اهلل ومخلوقان من مخلوقاته؛ ينجليان َ مسالش َ ثم َّ
إن َّ َّ
يخوف عباده من عاقبة معاصيهم بأمره وينكسفان بأمره ،فإذا أراد اهلل تعالى أن ِّ
وتذكيرا لهم إنذارا للعباد وذنوبِهم؛ كسفهما باختفاء ضوئهما ك ِّله أو ِ
بعضه؛
ً ً
لع َّلهم يرجعون ويتوبون و ُينيبون ،فيقومون بما أمرهم به ر ُّبهم ،ويرتكون ما
حرمه عليهم ،كما قال تعالى﴿ :ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ﴾ [اإلسراء.]59 : َّ
قادر على تحويلويف هذا داللة على كمال قدرة اهلل سبحانه؛ إلنَّه سبحانه ٌ
األشياء وتبديل األمور وتصريف الخالئق كيف يشاء ،ومن ذلك تغيير حال
كل شيء السواد وال ُّظلمة ،واهلل على ِّ
الشمس والقمر من النُّور والوضاءة ،إلى َّ َّ
الصالة ،والدُّ عاءِّ ،
والذكر، الفزع إلى َّ
ُ قدير؛ ولذا ُشرع عند حصول الكسوف:
والصدقة.
واالستغفارَّ ،
السنة العاشرة مرة واحدة ،وذلك يف َّ الشمس يف عهد النَّبِ ِّي ﷺ َّ وقد خسفت َّ
َّاس يف الجاهل َّية يظنُّون من الهجرة ،حيث مات ابنُه إبراهيم ،Iوقد كان الن ُ
لموت عظيم أو حياته ،فب َّين ﷺ فسا َد ِ الشمس أو القمر إنَّما يكون كسوف َّ
َ أنَّ
هذا ال َّظ ِّن وخطأه ،وقال كما يف حديث عائشة المتقدِّ م« :إِ َّن َّ
الش ْم َس َوال َق َم َر
ت َأ َح ٍد َو َل لِ َح َياتِ ِه».
ان لِمو ِ ِ ِ ِ آيت ِ ِ
َان م ْن َآيات اهللَ ،ل َينْخَ س َف ِ َ ْ َ
الصالة جامعة،وقد فزع ﷺ عند كسوفها إلى المسجد ،وأمر مناد ًيا ينادي َّ
رجال ونسا ًء ،فقام فيهم النَّبِ ُّي ﷺ وص ُّفوا خلفه، ً فاجتمع النَّاس يف المسجد
ً
طويل جدًّ ا، ثم ركع ركو ًعا فك َّبر وقرأ الفاتحة وسور ًة طويل ًة يجهر بقراءتهَّ ،
ثم قرأ الفاتحة وسور ًة الح ْمدُ »َّ ،
ك َ «س ِم َع اهللُ لِ َم ْن َح ِمدَ ُه َر َّبنَا َو َل َ
ثم رفع وقالَ :
َّ
547 -89ما ُيقال عند كسوف ال َّشمس أو القمرش
ثم رفع األولَّ ، طويل دون َّ ً ثم ركع ركو ًعا طويل ًة لكنَّها أقصر من األولىَّ ،
طويل نحو ركوعه، ً الح ْمدُ » ،وقام قيا ًما ك َ «س ِم َع اهللُ لِ َم ْن َح ِمدَ ُه َر َّبنَا َو َل َ وقالَ :
طويل، ً جلوسا
ً ثم رفع وجلس نحوا من ركوعهَّ ، طويل جدًّ ا ً ً ثم سجد سجو ًدا َّ
الركعة ال َّثانية فصنع مثل ما صنع يف األولى، ثم قام إلى َّ طويلَّ ، ً ثم سجد سجو ًدا َّ
تشهد وس َّلم ،وقد تج َّلت ثم َّ والسجود والقيامَّ ، والركوع ُّ لكنَّها دوهنا يف القراءة ُّ
مس والقمر آيتان أن َّ
الش َ ثم خطب ﷺ خطب ًة عظيم ًة بليغ ًة ب َّين فيها َّ الشمسَّ ، َّ
من آيات اهلل ال ينكسفان لموت أحد وال لحياته ،وح َّثهم عند حصول ذلك
فرج اهلل وتنجلي. ِ
الصالة وذكر اهلل ودعائه واستغفاره حتَّى ُي ِّ إلى الفزع إلى َّ
«يا ُأ َّم َة ُم َح َّم ٍدَ ،واهلل ِ َما ِم ْن َأ َح ٍد َأ ْغ َي ُر ِم َن اهلل ِ َأ ْن وم َّما قال يف خطبته تلكَ :
ِ
ح ْكت ُْم َق ِل ًيل ون ما َأع َلم َل َض ِ ِ ٍ ِ ِ
َيزْن َي َع ْبدُ ُه َأ ْو َتزْن َي َأ َم ُت ُهَ ،يا ُأ َّم َة ُم َح َّمدَ ،واهلل َل ْو َت ْع َل ُم َ َ ْ ُ
َول َب َك ْيت ُْم كَثِ ًيرا»(.)1
«ما ِم ْن َش ْي ٍء َل ْم َأك ُْن ُأ ِري ُت ُه إِ َّل َر َأ ْي ُت ُه فِي َم َق ِامي َحتَّى وم َّما قال يف خطبتهَ :
ِ
وركُم ِم ْث َل فِ ْتن َِة ا ْلم ِسيحِ الدَّ َّج ِ وحي إِ َلي َأ َّنكُم ُت ْف َتن َ ِ ُ ِ
ال، َ ُون في ُق ُب ِ ْ ْ ا ْل َج َّن َة َوالن ََّارَ ،فأ َ َّ
ولُ :ه َو ُم َح َّمدٌ َر ُس ُ وق ُنَ ،ف َي ُق ُ ك بِه َذا الرج ِل؟ َف َأما ا ْلم ْؤ ِمن َأ ِو ا ْلم ِ ِ
ول ُ َّ ُ ُ َّ ُ ُي َق ُال َما ع ْل ُم َ َ
َات َوا ْل ُهدَ ى َف َأ َج ْبنَا َوا َّت َب ْعنَا ُه َو ُم َح َّمدٌ َث َل ًثاَ ،ف ُي َق ُال :ن َْم َصالِ ًحا َقدْ اهلل ِ جاءنَا بِا ْلبين ِ
َ ِّ َ َ
ت ولَ :ل َأ ْد ِري َس ِم ْع ُ َابَ ،ف َي ُق ُ ِ ِ ِ
ْت َل ُموقنًا بِهَ ،و َأ َّما ا ْل ُمنَاف ُق َأ ِو ا ْل ُم ْرت ُ َع ِل ْمنَا إِ ْن ُكن َ
ون َش ْيئًا َف ُق ْل ُت ُه»(.)2 َّاس َي ُقو ُل َ الن َ
َاو ْل َت َش ْي ًئا فِي َم َقامِ َك َاك َتن َول اهللِ َر َأ ْين َ الصحابة َ « :Mيا َر ُس َ وقال له َّ
ت ا ْل َجنَّ َة َاك َت َك ْع َك ْع َت» ،أيَ :رج ْع َت إلى الوراءَ ،ف َق َال« :إِنِّي َر َأ ْي ُ َه َذا ُث َّم َر َأ ْين َ
ت الن ََّار َف َل ْم ت الدُّ ْن َياَ ،و َر َأ ْي ُ ت ِمنْها عنْ ُقودا و َلو َأ َخ ْذ ُته ألَ َك ْلتُم ِمنْه ما ب ِقي ِ
ْ ُ َ َ َ ُ َف َتن ََاو ْل ُ َ ُ ً َ ْ
ول اهللِ؟ َق َال: ت َأ ْك َث َر َأ ْه ِل َها الن َِّسا َء»َ ،قا ُلوا :ل ِ َم َيا َر ُس َ
َأ َر كَا ْل َي ْو ِم َم ْن َظ ًرا َق ُّطَ ،و َر َأ ْي ُ
ان؛ َل ْو «ب ُك ْفرِ ِه َّن» ،قِ َيلَ :ي ْك ُف ْر َن بِاهَّللِ؟ َق َال« :ي ْك ُف ْر َن ا ْل َع ِش َير َوي ْك ُف ْر َن ِ
اإل ْح َس َ َ َ
ْك َخ ْي ًرات ِمن َ تَ :ما َر َأ ْي ُ ْك َش ْيئًاَ ،قا َل ْ ْت إِ َلى إِ ْحدَ ُاه َّن الدَّ ْه َر ُث َّم َر َأ ْت ِمن َ َأ ْح َسن َ
َق ُّط» .متَّفق عليه(.)1
وعرض الجنَّة والنَّار
َ الصالة، فزع النَّبِ ِّي ﷺ للكسوف ،وصال َته هذه َّإن َ َّ
لكل ما نحن َل ُقوه من أمر الدُّ نيا واآلخرة، الصالة ،ورؤيتَه ِّ
عليه أثناء هذه َّ
ورؤيتَه األ َّم َة ُتفتن يف قبورها ،وخطبتَه هذه الخطبة البليغة المؤ ِّثرةَ ،
وأمره أ َّمته
الصالة ِّ
والذكر والدُّ عاء واالستغفار والتَّكبير عند الكسوف أن يفزعوا إلى َّ
الصالة وأهم َّية الفزع فيه إلى َّ
ِّ والصدقة؛ ليدُ ُّل على ِع َظم شأن الكسوف، َّ
والدُّ عاء واالستغفار.
الزمان هتاونوا بأمره! وما ذاك َّإل كثيرا من النَّاس يف هذا َّ أن ً والحال َّ ُ
بالسنَّة ،واالعتماد على َمن يحيل أمر الكسوف إلى لضعف اإليمان ،والجهل ُّ
الشرع َّية ،والحكمة البالغة ا َّلتي من األسباب الطبيع َّية ،مع الغفلة عن أسبابه َّ
حدث اهلل الكسوف. أجلها ي ِ
ُ
قولهَ « :فإِ َذا َر َأ ْيت ُْم َذلِ َ
ك َفا ْد ُعوا اهَّللَ َو َك ِّب ُرواَ ،و َص ُّلواَ ،وت ََصدَّ ُقوا» ،هذه أربعة
أشياء أرشد اليها عند الكسوف :أن نُكثر من الدُّ عاء ،وأن نُكثر من التَّكبير (اهلل
كل ركعة ركوعين، الصالة المعروفة بركعتين يف ِّ أكرب اهلل اكرب) ،وأن نص ِّلي َّ
والذكر؛ فهذه ستَّة أعمال وأن نتصدَّ ق .ويف الحديث ال َّثاين زيادة االستغفار ِّ
والذكر عمو ًما،والصدقةِّ ، والصالةَّ ، ُتشرع عند الكسوف :الدُّ عاء ،والتَّكبيرَّ ،
واالستغفار.
«واهلل ِ َما ِم ْن َأ َح ٍد َأ ْغ َي ُر ِم َن اهلل ِ َأ ْن َيزْنِ َي َع ْبدُ ُه َأ ْو َتزْنِ َي َأ َم ُت ُهَ ،يا ُأ َّم َة
قولهَ :
البخاري ( ،)5197ومسلم (.)907
ُّ ((( رواه
549 -89ما ُيقال عند كسوف ال َّشمس أو القمرش
ح ْكت ُْم َق ِل ًيل َول َب َك ْيت ُْم كَثِ ًيرا»ُ ،يستفاد منه:
ون ما َأع َلم َل َض ِ ِ ٍ
ُم َح َّمد َواهلل َل ْو َت ْع َل ُم َ َ ْ ُ
محضا بتحذير النَّاس من ً أن المشروع يف خطبة الكسوف أن تكون تخوي ًفا َّ
َّبي ﷺ ِ ُّ
الذنوب ومغ َّبتها وسوء عاقبتها ،وموجبات سخط اهلل ومن النَّار .والن ُّ
الشرك، الذنوب ،وهي أربعِّ : الذنوب وال س َّيما أ َّمهات ُّ وحذر من ُّ
ن َّبه على ذلك َّ
َّبي
والسرقة .وهذه األربع جمعها الن ُّ والزناَّ ، والقتل -قتل النَّفس المعصومةِّ -
«أ َل إِن ََّما ُه َّن َأ ْر َب ٌعَ :ل ت ُْشرِكُوا بِاهلل ِ َش ْيئًاَ ،و َل َت ْق ُت ُلوا
يف خطبة الوداع بقولهَ :
ال َّن ْف َس ا َّلتِي َح َّر َم اهللُ إِ َّل بِا ْل َح ِّقَ ،و َل ت َْسرِ ُقواَ ،و َل َت ْزنُوا»(.)1
حذر من أن النَّبي ﷺ َّ الروايات الواردة يف الكسوف يجد َّ و َمن يتأ َّمل يف ِّ
َّ
تحذيرا شديدً ا؛ حتَّى إنَّه Sقال ً الذنوب الكبار ا َّلتي توبق صاحبها هذه ُّ
ت َج َهن ََّم َي ْحطِ ُم َب ْع ُض َها َب ْع ًضا»َ « ،ف َل ْم َأ َر َمنْ َظ ًرا
للنَّاس يف خطبته تلكَ « :ل َقدْ َر َأ ْي ُ
وبخاصة تلك َّ تحذيرا من موجبات دخولها ً كَا ْل َي ْو ِم َق ُّط َأ ْف َظ َع»( ،)2قال ذلك
األربع.
َّبي
الصحابة من الن ِّ أمر عجيب رآه َّ وقد حصل يف صالته للكسوف ٌ
أي صالة من صلواته؛ رأوه وهو يص ِّلي تقدَّ م Oما رأوه ف َعله يف ِّ
ثم بعدها بقليل رأوه رجع للوراء كأنَّه لألمام ومدَّ يده كأنَّه يريد أن يأخذ شي ًئاَّ ،
خائف من شيء! فسألوه ،فقال« :رأيت الجنَّة والنَّار» ،رآهما حقيق ًة ببصره،
والصحابة من ورائه ما رأوا شي ًئا!
َّ
لما رأى الجنَّة مدَّ يده وهذه آية من آيات اهلل الدَّ الة على كمال قدرتهَّ ،
ليقطف عنقو ًدا من عناقيدها ،وقال« :لو قطفته ألكلتم منه ما بقيت الدُّ نيا»،
يدل على الفرق العظيم والبون َّ
الشاسع بين ثمر الدُّ نيا وثمر الجنَّة. وهذا ُّ
أن النَّاس أيضا َّ بعضا ،وأخرب ً َّبي ﷺ كما وصف النَّار يحطم بعضها ً ورأى الن ُّ
الذنوب الكبار ،لكن حذر Sمن هذه ُّ ثم َّيفتنون يف القبور كفتنة الدَّ َّجالَّ ،
بطريقة تم َّيزت عن تحذيره منها يف سائر خطبه؛ ٍ الذنوب جاء تحذيره من هذه ُّ
يعذبون وذكَر ألشخاص يف النَّار َّ ٍ الذنوب بذكره لرؤيته حذر من هذه ُّ حيث َّ
َّ َّ َّ
خاصة: أسباب تعذيبهم ،وهذه الطريقة إنما كانت في هذه الخطبة
ّ َّ
َّبي :O ُّ ن ال قال فقد خطورته؛ وبيان رك بالش
ِ ق يتعل ما ا َّ -
أم
يَ :أ ْم َعا َئ ُه -فِي النَّارَ ،و ُه َو أ َّو ُل
َ ِ َاعي َي ُج ُّر ُق ْص َب ُه َ
-أ ْ
ِ ِ
ت َع ْم َرو ْب َن َعامرٍ ا ْلخُ ز َّ «ر َأ ْي ُ
َ
وأول َمن بدَّ ل دين إبراهيم. ِ
ب»(َّ ،)1 الس َوائ َ ب َّ َم ْن َس َّي َ
ت َع َل َّي الن َُّار َف َر َأ ْي ُ
َّ
«و ُعرِ َض ْ
َّ
ت -وما يتعلق بالتحذير من القتل؛ قال َ :S
يل ُت َع َّذ ُب فِي ِه َّر ٍة َل َها َر َب َطت َْها َف َل ْم ُت ْط ِع ْم َها َو َل ْم تَدَ ْع َها فِ َيها ْام َر َأ ًة ِم ْن َبنِي إِ ْس َرائِ َ
بمن يعتدي على األرواح المعصومة ض» ؛ فكيف َ
ِ ()2
اش األَ ْر ت َْأك ُُل ِم ْن َخ َش ِ
قتل بأشنع أنواع القتل. والنُّفوس المسلمة ً
«واهلل ِ َما ِم ْن َأ َح ٍد َأ ْغ َي ُر ِم َن اهلل ِ َأ ْن َيزْنِ َي َع ْبدُ ُه
َّبي ﷺ قالَ : َّ ن ال الزنى؛ َّ
فإن ِ
وأما ّ َّ -
َأ ْو َتزْنِ َي َأ َم ُت ُه».
السرقة؛ فقد جاء يف بعض روايات الحديث يف خطبة وأما تحذيره من َّ َّ -
ب ا ْل ِم ْح َج ِن َي ُج ُّر ُق ْص َب ُه ِ
َّارَ -صاح َ ي :الن ِ ت فِ َيها َ
-أ ْ «ر َأ ْي ُصالة الكسوف أنَّه قالَ :
اج بِ ِم ْح َجن ِ ِهَ ،فإِ ْن ُفطِ َن َل ُه َق َال :إِن ََّما َت َع َّل َق بِ ِم ْح َجنِي، َان َي ْسرِ ُق ا ْل َح َّ
َّار؛ ك َ فِي الن ِ
ب بِ ِه»(.)3 ِ
َوإِ ْن ُغف َل َع ْن ُه َذ َه َ
90
لقد جعل اهلل سير القمر منازل ،وهي ثماني ٌة وعشرون منزلةً ،ينزل َّ
كل ليلة
ثم يزداد ليل ًة تلو األخرى إلى أن ً
ضئيلَّ ، ً
هالل منزلةً؛ فيبدو يف َّأول َّ
الشهر
ً
ضئيل ك ُعرجون النَّخلة، ثم يعود إلى النُّقصان حتَّى يعودبدراَّ ،
يكتمل فيصير ً
ناقصا. ثم يسترت ليلتين إذا كان َّ
الشهر تا ًّما ،وليلة إذا كان ً َّ
وقد عدَّ اهلل يف القرآن الكريم هذا ضمن آياته العظام ،وبراهينه الجسام
الدَّ الة على عظمته سبحانه ،وكمال قدرته وتدبيره ،قال اهلل تعالى﴿ :ﯗ ﯘ
ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ
ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ﴾ [يونس ،]5 :وقال تعالى﴿ :ﯢ
ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ
ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾﯿ ﰀ ﰁ
ﰂ ﰃ﴾ [يس.]40-38 :
وقوله ﴿ :Cﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ﴾ ،أيَ :ين ِْز ُلها،
كل ليلة ينْزل منها واحدة ،إلى أن يصغر جدًّ ا فيكون كالعرجون القديم ،أي: َّ
ثم ُي ُّ كعذقة النَّخل إذا ِِ
الشهرهل يف َّأول َّ وجف وص ُغر حجمه وانحنىَّ ، َّ قدم
نوره ويتَّسق ضياؤه .فما أعظمها من آية! وما تم ُويبدأ يزيد شي ًئا فشي ًئا حتَّى َي َّ
أوضحها من داللة! على عظمة الخالق وكمال قدرته سبحانه.
أن التَّأ َّم َل يف هذه اآلية وغيرها مِ َّما دعا اهلل عباده يف كتابه إلى
وال ريب َّ
أحاديث األذكار واألدعية 552
ِ
التَّف ُّكر فيها وتأ ُّملها يهدي العبدَ إلى العلم َّ
بالر ِّب سبحانه؛ بوحدان َّيته وصفات
كماله ونعوت جالله من عموم قدرته وسعة علمه وكمال حكمته وتعدُّ د ِّبره
والحب
ِّ بالذ ِّل والخضو ِع
ثم ُيخلص الدِّ ي َن له و ُيفر ُده وحده ُّ
وإحسانه ،ومن َّ
تفرد اهلل
دالئل ظاهرة وبراهي ُن واضحة على ُّ ُ والرجاء ،فهي
واإلنابة والخوف َّ
بالربوب َّية واأللوه َّية والعظمة والكربياء.
الشمسقال ابن الق ِّيم « :Vو َمن تد َّبر أمر هذين الن ِّيرين العظيمين َ -أ ْيَّ :
والقمر -وجدهما من أعظم اآليات يف خ ْلقهما وجرمهما ونورهما وحركتهما،
اختالف بالبطء
ٌ على هنج واحد ال ينيان وال يفرتان دائبين ،وال يقع يف حركتهما
والرجوع واالستقامة ،واالنخفاض واالرتفاع ،وال يجري أحدهما والسرعةُّ ،
ُّ
يف ف َلك صاحبه ،وال يدخل عليه يف سلطانه ،وال تدرك َّ
الشمس القمر ،وال يجيء
وهنج مع َّين ال يشركه فيه اآلخر،
لكل حركة مقدَّ رة ٌ ال َّليل قبل انقضاء النَّهار ،بل ٍّ
يدل َمن له أدنى عقل مما ُّ
تأثيرا ومنفع ًة ال يشركه فيها اآلخر؛ وذلك َّ أن له ً كما َّ
هبرت حكمته العقول وأحاط َ وتدبير مد ِّب ٍر
ِ وأمر ٍ
آمر مسخ ٍرِ ،
ِّ على أنَّه بتسخير
دقيق وجليل ،وفوق ما علمه النَّاس من ِ
الحكم ا َّلتي يف خلقهما ما بكل ٍعلمه ِّ
ال تصل إليه عقولهم ،وال تنتهي إلى مبادئها أوهامهم؛ فغايتنا االعرتاف بجالل
خالقهما وكمال حكمته ولطف تدبيره ،وأن نقول ما قاله أولوا األلباب قبلنا:
﴿ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ﴾ [آل عمران ،]191:ولو َّ
أن العبد
متسخ ٍنَّ ،
ثم ِّ ُوصف له جرم أسود مستدير عظيم الخلق يبدو فيه النُّور كخيط
ثم يأخذ يتزايد َّ
كل ليلة حتَّى يتكامل نوره فيصير أضوء شيء وأحسنه وأجملهَّ ،
األول ،فيحصل بسبب ذلك معرفة األشهر
يف النُّقصان حتَّى يعود إلى حاله َّ
حجهم وصالهتم ،ومواقيت والسنين وحساب آجال العالم؛ من مواقيت ِّ ِّ
إجاراهتم و ُمدايناهتم ومعاملتهم ا َّلتي ال تقوم مصالحهم َّإل هبا ،فمصالح
553 -90ما ُيقال عند رؤية اهلالل
الدُّ نيا والدِّ ين متع ِّلقة باأله َّلة .وقد ذكر سبحانه ذلك يف ثالثة آيات من كتابه:
أحدها :قوله ﴿ :ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ﴾ [البقرة،]189 :
وال َّثانية :قوله﴿ :ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ
ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ﴾ [يونس:
،]5وال َّثالثة :قوله﴿ :ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ
ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛ
ﮜ﴾ [اإلسراء ،]12 :فلوال ما ُيحدثه اهلل سبحانه يف آيات ال َّليل من زيادة
الرضاع، ِ
والصوم ،والعدد ،ومدَّ ة َّ
َّ الحج،
ِّ ضوئها ونقصانه؛ لم ُيعلم ميقات
ومدَّ ة الحمل ،ومدَّ ة اإلجارة ،ومدَّ ة آجال الحامالت»(.)1
وقال « :Vوانظر إلى القمر وعجائب آياته؛ كيف ُيبديه اهلل كالخيط
كل ليلة حتَّى ينتهي إلى إبداره نوره ويتكامل شي ًئا فشي ًئا َّ الدَّ قيق ،ثم يتزايد ُ
ثم يأخذ يف النُّقصان حتَّى يعود إلى حالته األولى؛ ليظهر من وكماله وتمامهَّ ،
مواقيت العباد يف معاشهم وعباداهتم ومناسكهم ،فتم َّيزت به األشهر ُ ذلك
والسنون ،وقام به حساب العالم ،مع ما يف ذلك من الح َكم واآليات ِ
والعرب ُ ُّ
ال اهلل» .اهـ كالمه .)2(V ا َّلتِي ال ُيحصيها إ َّ
ثم دعا تعظيما لخالقه ومبدعه سبحانهَّ ، ً َ
الهالل ك َّبر ولِهذا كان ﷺ إذا رأى
ٍ
وسالمة وإسالم، شهر ُيمن وإيمان هل هال ُله َ الشهر ا َّلذي َّ اهلل أن يجعل هذا َّ
يحسن بالمسلم أن يدعو هبا ك َّلما رأى الهالل. وهي دعو ٌة مبارك ٌة ُ
اله َل َلَ ،ق َال: ول اهلل ِ ﷺ إِ َذا َر َأى ِ َان َر ُس ُعن عبد اهلل بن عمر Lقال :ك َ
يق لِ َما اإل ْس َلمِ ،والت َّْوفِ ِ
الس َل َم ِة َو ِ
انَ ،و َّ يم ِ «اهلل َأ ْك َب ُر ،ال َّل ُه َّم َأ ِه َّل ُه َع َل ْينَا بِ ْالَ ْم ِن َو ْ ِ
ال َ ُ
((( انظر :التِّبيان يف أقسام القرآن (ص.)164
السعادة (.)198/1
((( انظر :مفتاح دار َّ
أحاديث األذكار واألدعية 554
والسكون
ُّ والراحة يم ِ
ان» ،األم ُن :هو ال ُّطمأنينة َّ وقوله« :بِ ْالَ ْم ِن َو ْ ِ
ال َ
والشرور ،ويف حديث طلحة «بال ُيمن» ،وال ُيمن :هو والسالمة من اآلفات ُّ َّ
السعادة ،واإليمان :هو اإلقرار والتَّصديق ،والخضوع هلل. َّ
السالمة :هي الوقاية والنَّجاة من اآلفات الس َل َمة َو ْ ِ
ال ْس َلم»َّ ، «و َّ
وقولهَ :
والمصائب ،واإلسالم :هو االستسالم هلل واالنقياد لشرعه.
أن النَّاس والقمر وجميع المخلوقات ك اهللُ» ،فيه إثبات َّ
«ر ِّبي َو َر ُّب َ
وقولهَ :
لحكمه ،ويف هذا ر ٌّد على َمن ع َبدها منمسخرة بأمره خاضع ٌة ُ َّ ك َّلها مربوب ٌة هلل
دون اهلل﴿ :ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ
فصلت.]37 : ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ﴾ [ ِّ
أن هذا دعاء من َّأوله إلى آخره تعظيم هلل وتمجيده وثناء عليه الحاصل َّ
هل هالله -األمن واإليمان سبحانه ،ودعا ٌء أن يكتب للنَّاس يف شهرهم -ا َّلذي َّ
حب ويرضى ،وهي دعو ٌة ُتقال يف َّأول ِّ
كل والسالمة واإلسالم والتَّوفيق لما ُي َُّّ
خاص ًة بشهر دون شهر. شهر ليست َّ
َ ثم َّ
َّ
إن الحديث فيه فوائد كثيرة أشير إلى �شيء منها:
أن فيه بيانًا للفرق بين اإليمان واإلسالم ،وأنَّهما فمن فوائد الحديثَّ :
خاص؛ ٌّ لكل واحد منهما معنى الذكر ،بل ِّ
ليسا شي ًئا واحدً ا عندما يجتمعان يف ِّ
فاإليمان ُيراد به االعتقادات الباطنة ،واإلسالم ُيراد به األعمال ال َّظاهرة ،أ َّما
ً
متناول لمعنى اآلخر. بالذكر فإنَّه يكون عند إفراد ِّ
كل واحد منهما ِّ
والسالم َة مرتبط ٌة
َّ ٌ
مرتبط باإليمان، ومن فوائد الحديثَّ :
أن األم َن
السالمة ،و َمن رام األمن
باإلسالم ،فاإليمان طريق األمان ،واإلسالم طريق َّ
ضل ،واهلل تعالى يقول﴿ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ والسالمة بغيرهما َّ
َّ
ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ﴾ [األنعام.]82 :
أحاديث األذكار واألدعية 556
91
ال ِّذكر املتعلِّق بال ِّصيام ،ودعاء ليلة القدر
ب ال َّظ َم ُأ،
ول اهلل ﷺ إِ َذا َأ ْف َط َرَ ،ق َالَ « :ذ َه َ َع ِن ا ْب ِن ُع َم َر َ Lق َال :ك َ
َان َر ُس ُ
ت ْالَ ْج ُر إِ ْن َشا َء اهللُ» .رواه أبو داود(.)1 واب َت َّل ِ
ت ا ْل ُع ُر ُ
وقَ ،و َث َب َ َ ْ
الصائم عند وقت اإلفطار يكون قد اشتدَّ به ب ال َّظ َم ُأ»َّ ،
ألن َّ قولهَ « :ذ َه َ
العطش والحاجة للماء ،فإذا شرب ذهب ظمؤه ،أي :عطشه.
وق» ،أي :بالماء ا َّلذي شربه فأذهب ال َّظمأ َّ
وبل قوله« :واب َت َّل ِ
ت ا ْل ُع ُر ُ َ ْ
العروق.
تم واألجر قد
الصالح قد َّ أن العمل َّت األَ ْج ُر إِ ْن َشا َء اهللُ» ،أيَّ :
«و َث َب َ
قولهَ :
الجمل قبله ك َّلها إخبار. حصل .وهذا ليس دعا ًء وإنَّما هو إخبار؛ َّ
ألن ُ
وقوله« :إِ ْن َشا َء اهللُ» ،أي :ثبوت األجر بأن تق َّبله سبحانه ،فال يكون
المتفضل عليه باألجر وال َّثواب كما أنَّه
ِّ جاز ًما لنفسه بالقبول ،واهلل سبحانه هو
المتفضل عليه بالعمل ا َّلذي كان سب ًبا يف نيل األجر وال َّثواب ،فل َّله الفضل ِّ هو
وآخرا.
ً والم ُّن َّأو ًل
َ ََ َْ
الد َع ُاء ل ْيلة الق ْدر
ُّ
ول اهللِ! َأ َر َأ ْي َت إِ ْن َعلِ ْم ُت َأ َّي َل ْي َل ٍة َع ْن َعائِ َش َة َ Jقا َل ْتُ « :ق ْل ُتَ :يا َر ُس َ
ب ا ْل َع ْف َو َفا ْع ُ ِ ول فِ َيها؟ َق َالُ « :قولِي :ال َّل ُه َّم إِن َ
َل ْي َل ُة ا ْل َقدْ ِرَ ،ما َأ ُق ُ
ف َّك َع ُف ٌّو تُح ُّ
وحسنه األلباينُّ.
َّ ((( رواه أبو داود (،)2357
أحاديث األذكار واألدعية 558
'
<. .H f ù=œ 'hQ> = 4Jb OJ'
wu 4a
'h =;'
t'
Z'
b<
*..w.I
aw1j<
*
kw
I')ugjq
*.twtx
w
/.wwI
u qjj.jx oI
w.
)jI.tAyLwwljulï
gj;
'I,
.
o : . . f ; Jc J =
W o'
S W' J;'
uU Iat
''wpl.
I+.a').& ', .a...c . .-1.y%I a'e.
.+. ',
,'
k.s'uîI<
2YUjIQ'
+,Y
;.t
'..Ju-sJJ.L;7 I
UJZ:;)J-.;'
t,tJIqz-'p;)ô-taxskiIr-pq u)i ''hh'h t;
'
.JI<
-
uta
' l 3 -
- lJ -'*
lh1
*L
.iu -pa- J- - k.s-c>'
.
') éJ mza'
I 1.14 Jxz
.:I
c
fo.z) j2'
' +.5J uI
v,I
o' I 5It 5I I I . 'j' ' ' rj ''
. , k..
.
.wai+- %.F<.ç w,H .a> wz.4.*J -.*&n 42jw1Iw.
=w ,
w wI!w1ju .q pxI
ua 5 w......
..U I.
f
.w:IJ'o'..'
vozw z o x'w.
.:I f juy
Tjw iN' 'o'.J.
o I.
x'u11
,. 'Y .f ' .' s '9
'
'
1.$;
. .. h
J. ';'- 1.q-
.a e u o
. '
.
u 9p
'')j4't.w'It''
'u.
w
.
-' .'I'
wu u'2hw1.->
o k. ''
.J u'k. 'a
:...
t-h'ate
l. '-.s..e..'
,s
u;
fu lo-Lz w'
w. w k-eo w <.œlw.wzJ .)
.).w' vra v.
:..
N: a
I. uwo.1
. k.
:wv+auq
faw
.a.GJ!
' x . v x' j 4 .v ; â z â zv - Ar
t;rn-%1: L'
. . ..
21or;6u
'
..txl!'
zu'J1! <b-4k1J.ewo'r..pL'
..- t.
.pZ.h
l'
..y-'w1
I'a'
.z .
it1
x-.y1
w/ .q rwê
'I.#' .G=-1huy
a
'o*--l
'x.w*-5jJ J=+
'-5I.-:7%z'Iu'
âk>a)Ix'.
w5IU;JJ,
561 -91ال ِّذكر املتعلِّق بال ِّصيام ،ودعاء ليلة القدر
رجل ،فقال« :يا رس َ ِ Iقال :أتى النَبِي ﷺ ٌ
فض ُل؟» أي الدُّ عاء َأ َ
ول اهللُّ ، َ َ ُ َّ
ِ ِ ِ ِ ِ
فقال« :يا َنب َّي ثم أتاه الغدَ ، «س ِل اهللَ ال َع ْف َو وال َعاف َي َة في الدُّ ْن َيا َواآلخ َرة»َّ ، قالَ :
اآلخ َر ِةَ ،فإِ َذا
اهلل ،أي الدُّ عاء َأ ْف َضل؟» قال« :س ِل اهلل الع ْفو وا ْلعافِي َة فِي الدُّ ْنيا و ِ
َ َ َ َ َ َ َ َ َ ُّ
ت»(.)1 اآلخ َر ِة َف َقدْ َأ ْف َل ْح َ
يت العافِي َة فِي الدُّ ْنيا و ِ
َ َ ُأ ْعط َ َ َ
ِ
البخاري يف األدب المفرد وابن ماجه عن أوسط بن إسماعيل قال: ُّ وروى
ديق Iبعد وفاة رسول اهلل ﷺ قال« :قام النَّبِ ُّي ﷺ الص َ سمعت أبا بكر ِّ ُ
الصدْ ِقَ ،فإِ َّن ُه َم َع البِ ِّر
ثم قالَ « :ع َل ْي ُك ْم بِ ِّ ثم بكى أبو بكرَّ ، عا َم َّأول مقامي هذا»َّ ،
َّارَ ،و َس ُلوا َ
اهلل ور َو ُه َما فِي الن ِ الجن َِّةَ ،وإ َّياك ُْم َوال َك ِذ َبَ ،فإِ َّن ُه َم َع ال ُف ُج ِ ِ
َو ُه َما في َ
ين َخير مِن المعا َف ِ ِ
اةَ ،و َل َت َقا َط ُعواَ ،و َل َتدَ ا َب ُروا، الم َعا َفاةََ ،فإ َّن ُه َل ْم ُي ْؤ َت َب ْعدَ ال َيق ِ ْ ٌ َ ُ َ ُ
اسدُ واَ ،و َل َت َبا َغ ُضواَ ،وكُونُوا ِع َبا َد اهللِ إِ ْخ َوانًا»(.)2 َو َل َت َح َ
فإن من الخير للمسلم أن يكثر من هذه الدَّ عوة المباركة يف ِّ
كل وقت ولهذا َّ
كل ٍ
أمر حكيم ،وليعلم المسلم وحين ،وال س َّيما يف ليلة القدر ا َّلتي فيها ُيفرق ُّ
حب العفو﴿ :ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ عفو كريم ُي ُّ
أن اهلل ٌّ D َّ
الشورى ،]25 :ولم يزل سبحانه وال يزال بالعفو ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ﴾ [ ُّ
محتاج إلى مضطر إلى عفوه وكل ٍ
أحد وبالصفح والغفران موصو ًفاُّ ، معرو ًفا،
ٌ ٌّ َّ
ٍ
ألحد عن رحمته ٍ
ألحد عن عفوه ومغفرته ،كما أنَّه ال غنى مغفرته ،ال غنى
وكرمه.
وهذان ال َّلفظان «العفو» و«العافية» هما من األلفاظ ا َّلتي يقول عنها أهل
العلم« :إذا اجتمعت افرتقت وإذا افرتقت اجتمعت»؛ فإذا ُذكر العفو وحده
شمل معنى العافية ،وإذا ُذكرت العافية وحدها شملت معنى العفو ،وإذا ُذكرا
فمثل:م ًعا أصبح العفو فيما يتع َّلق بالماضي ،والعافية فيما يتع َّلق بالمستقبلً ،
ي َل ْي َل ٍة ِه َي َما َذا ت إِ َذا َع ِل ْم ُ
ت َل ْي َل َة ال َقدْ ِر َأ َّ «أ َر َأ ْي َ
قول عائشة Jللنَّبي ﷺَ :
ِّ
ب ال َع ْف َو َفا ْع ُ ِ ول؟» َق َالُ « :قولِي :ال َّل ُه َّم إِن َ
َأ ُق ُ
ف َعنِّي» ؛ «فاعف()1
َّك َع ُف ٌّو تُح ُّ
ألن العفو إذا ُذكر وحده شمل معنى ٌ
سؤال للعفو لكنَّه يشمل العافيةَّ ، عنِّي»
وأيضا العفو فيما سيأيت بتجنيب المرء
العافية؛ فهو يشمل العفو لما مضىً ،
ضم لها ثالث :وهو المعافاة؛ فيكون العفو لما مضى، ُّ
الشرور واآلثام .ور َّبما َّ
والعافية لما سيأيت ،والمعافاة لإلنسان يف حاله ووقته الحاضر.
َّسائي من حديث أبي هريرة يرفعه: قال ابن الق ِّيم « :Vويف سنن الن ِّ
يقين َخ ْير ًا ِم ْن ُم َعا َف ٍاة»(،)2
ٍ الم َعا َفاةََ ،ف َما ُأوتِ َي َأ َحدٌ َب ْعدَ ِ
«س ُلوا اهللَ ال َع ْف َو َوال َعاف َي َة َو ُ
َ
الشرور الماضية بالعفو ،والحاضرة بالعافية، تتضمن إزالة ُّ َّ وهذه ال َّثالثة
واالستمرار على العافية» .اهـ
َ تتضمن المداوم َة
َّ َوالمستقبلة بالمعافاة؛ فإنَّها
كالمه .)3(V
وصححه األلباينُّ.
َّ ِّرمذي ( ،)3513وابن ماجه (،)3850ُّ ((( رواه الت
َّسائي يف الكربى (.)10651 ((( رواه الن ُّ
َّبوي (ص.)160 ((( انظر :زاد المعاد ( ،)197/4وال ِّط ُّ
ب الن ُّ
563 -92أذكار ركوب ال َّداب َّة وال َّسفر ()1
92
الدَّ ابة ،أي :المركوب ا َّلذي يركبه المرء لينتقل من مكان إلى مكان ،وهو
من النِّعم العظيمة ،قال اهلل تعالى يف سورة النَّحل ،سورة عدِّ النِّعم﴿ :ﭡ
ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ﴾ [النَّحل ،]8 :وتدخل
والس َّيارات والقطارات وغيرها يف قوله: وسائل النَّقل الحديثة كال َّطائرات َّ
﴿ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ﴾ ،فإذا ركب المرء مركو ًبا من هذه المركوبات ُشرع له
وأيضا فيما يتع َّلق َّبي ﷺ يف ركوب الدَّ ا َّبةً . َ ِّ َّ
أن يقول الذكر الذي يؤثر عن الن ِّ
بالسفر هناك أدعية مأثورة تتع َّلق به؛ بماذا ُي َو ِّدع المسافر أهله؟ وبما يو ِّدعونه؟ َّ
وصى؟ وبماذا ُي َ
ك اهللَ «أ ْست َْو ِد ُع َ ول اهللِ ﷺ َ ،ف َق َالَ : قالَ :و َّد َعنِي َر ُس َُع ْن َأبي ُه َر ْي َر َة َ I
يع َو َدائِ ُع ُه» .رواه ابن ماجه(.)1 ِ
ا َّلذي َل تَض ُ
ِ
وصححه األلباينُّ.
َّ ((( رواه ابن ماجه (،)2825
((( رواه ال َّطرباينُّ يف الدُّ عاء ( ،)823وقال االلباينُّ يف تخريج الكلم ال َّط ِّيب (ص:)168
«حسن اإلسناد».
أحاديث األذكار واألدعية 564
ِ َشيئًا ع َّلمن ِ ِيه رس ُ ِ
تَ :ب َلىَ ،ق َالُ « :ق ْل:الو َداعِ؟» َق َالُ :ق ْل ُ ول اهلل ﷺ َأ ُقو ُل ُه عنْدَ َ ْ َ َ َ ُ
يع َو َدائِ ُع ُه»(.)1 ِ ِ ِ
َأ ْست َْود ُعك ُُم اهللَ ا َّلذي َل تَض ُ
ِ
ول :إِ َّن اهللَ
َان َي ُق ُ
يم ك َ
الحك َ ان َ ويف المسند عن النَّبِ ِّي ﷺ أنَّه قال« :إِ َّن ُل ْق َم َ
ُود َع َش ْيئًا َح ِف َظ ُه»(.)2 Dإِ َذا است ِ
ْ
ِ
بالسفر. هم َّ «م ْن َأ َرا َد َأ ْن ُي َساف َر» ،أيَ :من َّ قولهَ :
ف» ،أي :لي ُقل ألهله وولده ا َّلذين يرتكهم ولرفقائه. قولهَ « :ف ْل َي ُق ْل لِ َم ْن ُيخَ ِّل ُ
يع َو َدائِ ُع ُه» ،أي :أترككم يف وداعه ِ ِ
«أ ْست َْود ُعك ُُم اهللَ ا َّلذي َل تَض ُ
ِ قولهَ :
فإن اهلل Dما استودع شي ًئا َّإل Fوبحفظه ورعايته وتوفيقه وتسديدهَّ ،
حفظه ،فهو يكلؤه بعنايته وحفظه .وهو بمعنى قول لقمانَّ :
«إن اهلل Dإذا
عاجز فإذا تربَّأ من االسباب واعرتف بضعفهٌ ُود َع شي ًئا َح ِف َظ ُه»؛ َّ
ألن العبد است ِ
ْ
وقوته واستودع اهلل شي ًئا؛ حفظه ،فاهلل خير حاف ًظا.
وبرئ من حوله َّ
ول ل ِ َّلر ُج ِل إِ َذا َأ َرا َد َس َف ًرا :ا ْد ُن مِنِّي ُأ َو ِّد ْع َك َو َع ْن ا ْب ِن ُع َم َر Lك َ
َان َي ُق ُ
يم ِ «أ ْست َْو ِد ُع اهللَ ِدين َ
َك َو َأ َما َنت َ ولَ : ول اهلل ﷺ ُي َو ِّد ُعنَاَ ،ف َي ُق ُ
َان َر ُس ُ
ك ََما ك َ
َك َو َخ َوات َ
ِّرمذي(.)3
ُّ ك» .رواه الت َع َم ِل َ
يم َع َم ِل َ
ك»(.)1 ِ ِدين َ
َكَ ،و َأ َما َنت َ
َكَ ،و َخ َوات َ
ول اهلل ِ ﷺ ُي َو ِّد ُعنَا» ،فيه فائدة عظيمة للمسلم
َان َر ُس ُ
قوله « :Iك ََما ك َ
السنَّة وتطبيقها .وال يعجز الواحد منهم عندما
الصحابة على ُّ
وهي :حرص َّ
يو ِّدع أحد ًا أن يأيت بكلمات جميلة ُتع ِّبر عن مشاعره نحوه ،لك َّن َّ
الصحابة
السنَّة ألنَّها بركة ك ُّلها.
Mمع قدرهتم على ذلك كانوا حريصين على ُّ
أن الوداع عن قرب أولى من الوداع عن بعد؛ قوله« :ا ْد ُن ِمنِّي» ،فيه َّ
فبالقرب تحصل المصافحة والمعانقة ونحو ذلك.
توديع عظيم ك» ،هذا يم َع َم ِل َ ِ َك َو َأ َما َنت َ«أ ْست َْو ِد ُع اهللَ ِدين َ
قولهَ :
ٌ َك َو َخ َوات َ
لمن هو مقيم يو ِّدع به المسافر؛ أن يجعله اهلل يف حفظه وكالءته يف دينه وأمانته َ
وخواتيم عمله.
َّ َّ وهذا فيه َّ
أن األسفار مظنة املخاطر على املرء في هذه الثالث:
والمضـر ِة ا َّلتـي قـد تحصـل لإلنسـان يف سـفره َّ
َّ -أمـا ّ
الديـن :فبالفتنـة فيـه
ِ
فتضـر بدينه؛ فهو
ُّ الشـهوات ا َّلتـي تفسـده للشـبهات ا َّلتـي تحرفـه أو َّ ِ
َّعـرض ُّ والت
َّ
مضلات الفتـن مـا ٍ
بحاجـة لهـذه الدَّ عـوة أن يحفـظ عليـه دينـه ويث ِّبتـه و ُيجنِّبـه
ظهـر منهـا ومـا بطـن.
وأما األمانة :وأمرها عظيم و شأهنا كبير؛ سواء بمعناها العا ِّم يف قوله
َّ -
تعالى﴿ :ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ
الخاص يف قول
ِّ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ﴾ [األحزاب ،]72 :أو بمعناها
َكَ ،وال تَخُ ْن َم ْن َخان َ
َك»(.)2 النَّبي ﷺَ :
«أ ِّد ْالَ َما َن َة إِ َلى َم ْن ا ْئت ََمن َ ِّ
وصححه األلباينُّ. َّ والبزار يف مسنده (،)5952
ِّرمذي (َّ ،)3442
ُّ ((( رواه الت
ِ
وصححه األلبان ُّي. والرتمذي (،)1264 ((( رواه أبو داود (،)3534
َّ ُّ
أحاديث األذكار واألدعية 566
َّقرب الى اهلل أيضا مقام عظيم يف العبادة والت َّ وأما خواتيم العمل :وهذا ً َّ -
أن المسافر خير ويف عم ٍل صالح .ويف هذا لفتة َّ بأن يختم له يف هذه الحياة على ٍ
سفرا ال عودة فيه ،فكم من مسافر انتهت حياته يف عرضة يف سفره أن يكون ً
سفره ،فالدُّ عاء له هبذا عظيم يف هذا المقام؛ أن ُيختم له بعمل صالح وطاعة
بحسنها. مجبور ُ
ٌ ألن المدار عليها يف أمر اآلخرة ،والتَّقصير فيما قبلها هلل؛ َّ
َان النَّبِ ُّي ﷺ إِ َذا َو َّد َع َر ُج ًلَ ،أ َخ َذ بِ َي ِد ِهَ ،ف َل َيدَ ُع َيدَ ُه َحتَّى َيك َ
ُون قوله« :ك َ
الر ُج ُل ُه َو ا َّل ِذي َيدَ ُع َيدَ النَّبِ ِّي ﷺ» ،هذا من لطفه وإحسانه صلوات اهلل َّ
الرجل؛ وذلك من غاية التَّواضع وهناية إظهار وسالمه عليه ،فال يرتك يد َّ
َّبي ﷺ باختياره. َّ
الرجل هو الذي يدع يد الن ِّ والرحمة حتَّى يكون َّ المح َّبة َّ
ول اهلل إِنِّي ُأ ِريدُ َأ ْن ُأ َسافِ َر َو َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة َ :Iأ َّن َر ُج ًل َق َالَ :
«يا َر ُس َ
ك بِ َت ْقوى اهَّللِ ،وال َّت ْكبِيرِ ع َلى ك ُِّل َشر ٍ ِ ِ
ف»َ ،ف َل َّما َأ ْن َو َّلى َ َ َ َ َف َأ ْوصني»َ ،ق َالَ :
«ع َل ْي َ
ِ
ِّرمذي
ُّ الس َف َر» .رواه الت الر ُج ُلَ ،ق َال« :ال َّل ُه َّم ا ْط ِو َل ُه األَ ْر َضَ ،و َه ِّو ْن َع َل ْيه َّ َّ
وابن ماجه(.)1
ِ
لألولين واآلخرين ك بِ َت ْق َوى اهَّلل» ،هذه وص َّية اهلل َّ E قولهَ « :ع َل ْي َ
من خلقه ،قال تعالى﴿ :ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ
َّبي ﷺ أل َّمته ،وهي خير ما يوصى به ،فكان ﮪﮫ﴾ [النِّساء ،]131 :وهي وص َّية الن ِّ
ك بِ َت ْق َوى اهلل ِ» ،أي: ﷺ إذا و َّدع أحدً ا أوصاه بتقوى اهلل Dبقولهَ « :ع َل ْي َ
واعتن هبا ،واحذر من خوادشها وخوارمها. ِ الزمها يف سفرك ،وحافظ عليها
وتقوى اهلل :Dأن يجعل المرء بينه وبين ما يخشاه من سخط اهلل وعقابه
فإن من أحسن ما ُع ِّرفت وقاية تقيه؛ وذلك بفعل المأمور وترك المحظور .لذا َّ
به التَّقوى قول طلق بن حبيب - Vمن علماء التَّابعين -قالَ « :ت ْق َوى اهللِ:
وحسنه األلباينُّ.
َّ ِّرمذي ( ،)3445وابن ماجه (،)2771
ُّ ((( رواه الت
567 -92أذكار ركوب ال َّداب َّة وال َّسفر ()1
اب اهللَِ ،وت َْر ُك َم ْع ِص َي ِة اهلل ِ َع َلى ن ِ
ُور ُور ِم َن اهلل ِ َر َجا َء َث َو ِ
ال َع َم ُل بِ َطا َع ِة اهلل ِ َع َلى ن ٍ
وترك للنَّواهي على ٌ فعل لألوامر اب اهلل ِ»( ،)1فتقوى اهلل هي ٌ ِم َن اهلل ِ ِخي َف َة َع َذ ِ
الرجاء ٍ ٍ ٍ
نور ،أي :برهان وب ِّينة وبصيرة يف دين اهلل ،وأن يكون العبد جام ًعا بين َّ
والخوف ،يرجو رحمة اهلل سبحانه ويخاف عقابه.
الشدائد ،ورزقه من حيث ال و َمن ا َّتقى اهلل :حفظه من أعدائهَّ ،
ونجاه من َّ
يحتسب ،وأصلح عمله ،وغفر ز َل َله ،وتك َّفل له بكفلين من رحمته ،وجعل له
ونجاه من النَّار ،إلى غير ذلك وأعزهَّ ، نورا يمشي به بين يديه ،وقبله ،وأكرمهَّ ، ً
من ال ِّثمار واآلثار.
ٍ
هضبة أو ف» ،أي :ك َّلما عال على جب ٍل أو قوله« :وال َّت ْكبِيرِ ع َلى ك ُِّل َشر ٍ
َ َ َ
مرتفع ك َّبر ،وإذا نزل يف منخفض أو أماكن نازلة س َّبح ،كما جاء يف الحديث
ِ ِ
اآلخر« :إِ َذا َع َلوا ال َّثن ََايا َك َّب ُروا َوإِ َذا َه َب ُطوا َس َّب ُحواَ ،ف ُوض َعت َّ
الصالَ ُة َع َلى
هبوط ونزول يف األودية واألمكنة المنخفضة ٍ ك»( ،)2أي :إذا كانوا يف َذلِ َ
صعود على األماكن المرتفعة العالية يك ِّبرون ،وقوله: ٍ يس ِّبحون ،وإذا كانوا يف
والسجود، الركوع ُّ ك» ،أي :وضع فيها التَّسبيح حال ُّ الصالَ ُة َع َلى َذلِ َ ِ ِ
« َف ُوض َعت َّ
الرفع. والتَّكبير وقت َّ
أن المرء يع ِّظم اهلل يف هذه
وقيل يف الحكمة يف التَّكبير يف األمكنة العاليةَّ :
العلو -وا َّلتي قد يصيب النَّفس فيها شيء من العجب أو ِّ المواطن -مواطن
الغرور أو أشياء من هذا القبيل ،فيكسرها بالتَّكبير ويذ ُّلها هلل .Eففي
ٌ
وإعالن أنَّه ال أكرب منه شغل للقلب وال ِّلسان بتعظيم َّ
الر ِّب، الصعود ٌ
التَّكبير يف ُّ
سبحانه ،وهذا يطرد عن نفس المرء الكِ ْبر وال ُع ْجب ونحو ذلك .ويف التَّسبيح
والرقائق (.)473/1
الزهد َّ
((( رواه أبو نعيم يف الحلية ( ،)64/3و ابن المبارك يف ُّ
وصححه األلباينُّ دون قوله« :فوضعت».
َّ ((( رواه أبو داود (،)2599
أحاديث األذكار واألدعية 568
كل ما ال يليق بجالله وكماله سبحانه. يف الهبوط :تنزي ٌه هلل عن ِّ
ب ا ْلك ََل ِم إِ َلى الحبيبة إلى اهلل ،قال ﷺَ : ِ
«أ َح ُّ والتَّكبير من الكلمات األربع
ان اهَّللَِ ،وا ْل َح ْمدُ لِ َّل ِهَ ،و َل إِ َل َه إِ َّل اهَّللَُ ،واهَّللُ َأ ْك َب ُر»( .)1و«اهلل أكبر» ِ
اهَّلل َأ ْر َب ٌعُ :س ْب َح َ
وإيمان أنَّه ال شيء أكرب من اهلل ،وأنَّه سبحانه الكبير المتعال ٌ معناها :اعتقا ٌد
ا َّلذي ال أكرب منه.
ِ
قالَ « :ف َل َّما َأ ْن َو َّلى َّ
الر ُج ُل َق َال :ال َّل ُه َّم ا ْط ِو َل ُه األَ ْر َضَ ،و َه ِّو ْن َع َل ْيه َّ
الس َف َر»،
ستحب
ُّ أي :دعا له بظهر الغيب؛ فإنَّه أقرب إلى اإلجابة ،وهذه دعوة عظيمة ُي
السفر. يهون اهلل عليه سفره ،وأن يطوي عنه ُبعد َّ أن ُيدعى هبا للمسافر ،أن ِّ
قوله« :ا ْط ِو َل ُه ْالَ ْر َض» من ال َّط ِّي ،أيِّ :قرهبا له ِّ
وسهلها له ،والمعنى :ارفع
حسا أو معنًى.
السفر بتقريب المسافة البعيدة له ًّ عنه مش َّقة َّ
ِ
تعميم بعد
ٌ الس َف َر» ،أي :أموره ومتاعبه ومصاعبه ،وهو «و َه ِّو ْن َع َل ْيه َّقولهَ :
تخصيص.
أن المسافر ُيدعى له بحضرته ويف غيبته ،وهذا و ُيستفاد منه مع ا َّلذي قبلهَّ :
والسفر قطعة من العذاب كما جاء عن نب ِّيناك ُّله من هدي نب ِّينا َّ .O
السفر فال يجد مش َّقة وال عنتًا وال
يهون اهلل عليه َّ
،Sف ُيدعى للمسافر أن ِّ
السفر. وكل ذلك ٌ
داخل يف هتوين َّ أ ًذى وال نص ًبا ،وأن يجد راح ًة وطمأنينةًُّ ،
93
ول اهللِ إِنِّيَس َ Iق َالَ :جا َء َر ُج ٌل إِ َلى النَّبِي ﷺ َف َق َالَ « :يا َر ُس َ
ِّ
َع ْن َأن ٍ
ُأ ِريدُ س َفرا َف َزودنِي»َ ،ق َال« :زَود َك اهلل ال َّت ْقوى»َ ،ق َالِ ِ :
«ز ْدني»َ ،ق َالَ :
«و َغ َف َر ُ َ َّ َ ِّ ْ َ ً
ْت». ك ا ْلخَ ْي َر َح ْي ُث َما ُكن َ ْت َو ُأ ِّمي»َ ،ق َالَ :
«و َي َّس َر َل َ «ز ْدنِي بِ َأبِي َأن َ
ك»َ ،ق َالِ : َذ ْن َب َ
ِّرمذي(.)1
ُّ رواه الت
للرسول
الرجل قال َّ هذه دعوات عظيمة ُيدعى هبا للمسافر ،فهذا َّ
ِ
السفر. «أ ِريدُ َس َف ًرا َفز َِّو ْدني» ،أي :أعطني زا ًدا َّ
أتزود به يف هذا َّ ُ :O
ٍ
ومركوب ٍ
وشراب مال وطعا ٍم أن المرء يف السفر يحتاج إلى زاد حسي من ٍ وكما َّ
ِّ ٍّ
ٍ ٍ
معنوي من إيمان وتقوى وطاعة هلل ،D
ونحو ذلك ،فإنَّه يحتاج فيه ٍ
لزاد
ٍّ
األول ،كما قال تعالى﴿ :ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ والزاد ال َّثاين أعظم من َّ
َّ
ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ﴾
[األعراف.]26 :
أن تقوى اهلل Cهي خير زاد يبلغ قوله« :ز ََّو َد َك اهللُ ال َّت ْق َوى» ،هذا فيه َّ
إلى رضوان اهلل ،كما قال اهلل تعالى﴿ :ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ﴾ [البقرة:
،]197فالتَّقوى خير زاد يحمله المرء معه يف أسفاره ،وخير أمر يكون مع المرء
يف إقامته وح ِّله وترحاله وجميع أحواله ،وهي وص َّية اهلل َّ
لألولين واألخرين
من خلقه ،قال اهلل تعالى﴿ :ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ
وحسنه األلباينُّ.
َّ ِّرمذي (،)3444
ُّ ((( رواه الت
أحاديث األذكار واألدعية 570
ﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ﴾
[النِّساء ]131 :فهي خير وصية ،وهي خير ٍ
زاد يرعاه المرء ،ويحافظ عليه .وهذا َّ
ِّرمذي
ِّ السفر ،ففي الت
كما أنَّه دعاء ففيه لفت وتنبي ٌه لمراعاة تقوى اهلل Dيف َّ
ْت»(.)1 َّبي ﷺ قال« :ات َِّق اهَّلل ِ َح ْي ُث َما ُكن َ َّ
وغيره أن الن َّ
الزاد أو من الدُّ عاء. قولهَ « :ق َالِ :ز ْدنِي» ،أي :من َّ
« َق َالَ :و َغ َف َر َذ ْن َب َ
ك» ،أي :سرت ذنبك ،وك َّفر خطيئتك ،وتاب عليك .وقوله:
«ذنبك» مفرد مضاف يفيد العموم ،أي :جميع ذنوبك.
ً
فضل « َق َالِ :ز ْدنِي بِ َأبِي َأن َ
ْت َو ُأ ِّمي» ،أي :أفديك هبما وأجعلهما فداءك
عن غيرهما.
ويسر لك طرق ك ا ْلخَ ْي َر َح ْي ُث َما ُكن َ
ْت» ،أيَّ :
سهل لك الخير َّ َق َالَ :
«و َي َّس َر َل َ
تحصيله وس ُبل نيله؛ وهذا من أعظم ما ُيدعى به للمسافر؛ تيسير الخير له حيث
الرفقة السفر ومشا ِّقه ،ويتناول ً
أيضا تيسير ِّ ما كان يف ال َّطريق ويف صعوبات َّ
والسالمة من األذىَّ وتيسر المطعم والمشرب، ُّ الصالحة ولزوم ال َّطاعة،
َّ
وغير ذلك .فجمع له Oبين هذه االمور ال َّثالثة العظيمة :التَّقوى،
والمغفرة ،والتَّيسير .ثالث دعوات عظيمة ُيشرع أن ُيدعى هبا للمسافر.
َو َع ْن َعلِ ِّي ْب ِن َربِي َع َة َق َالَ :ش ِهدْ ُت َعلِ ًّيا َ Iو ُأتِ َي بِدَ ا َّب ٍة ل ِ َي ْر َك َب َهاَ ،ف َل َّما
ِ ِ
است ََوى َع َلى َظ ْه ِر َهاَ ،ق َال: َابَ ،ق َال« :بِ ْس ِم اهَّلل»َ ،ف َل َّما ْ الرك ِ َو َض َع ِر ْج َل ُه في ِّ
ينَ ،وإِنَّا إِ َلى ِ له»ُ ،ثم َق َال« :سبح َ ِ «ا ْلحمدُ لِ ِ
ان ا َّلذي َسخَّ َر َلنَا َه َذا َو َما ُكنَّا َل ُه ُم ْقرِن َ ُ ْ َ َّ َ ْ
اتُ ،ث َّم َق َال« :اهَّللُ َأ ْك َب ُر» َث َل َ ث مر ٍ ِ ِ َر ِّبنَا َل ُمنْ َق ِل ُب َ
ث ون»ُ ،ث َّم َق َال« :ا ْل َح ْمدُ لله» َث َل َ َ َّ
ُوب
الذن َ ت َن ْف ِسي َفا ْغ ِف ْر لِي؛ َفإِ َّن ُه َل َيغ ِْف ُر ُّ َك إِنِّي َظ َل ْم ُ«س ْب َحان َ ٍ
َم َّراتُ ،ث َّم َق َالُ :
وحسنه األلبانِ ُّي.
َّ ِّرمذي (،)1987
ُّ ((( رواه الت
571 -93أذكار ركوب ال َّداب َّة وال َّسفر ()2
ح ْك َت؟ َق َال: ح َكَ .ف ِق َيل :يا َأمِير ا ْلم ْؤمِنِين! مِن َأي َشي ٍء َض ِ ْت»ُ ،ثم َض ِ إِ َّل َأن َ
َ ْ ِّ ْ َ َ ُ َّ
ول اهَّللِ! مِ ْن َأ ِّي َش ْي ٍء ح َكَ ،ف ُق ْل ُتَ :يا َر ُس َ ر َأي ُت النَّبِي ﷺ َفع َل كَما َفع ْل ُت ُثم َض ِ
َّ َ َ َ َّ َ ْ
ب ِم ْن َع ْب ِد ِه إِ َذا َق َال« :ا ْغ ِف ْر لِي ُذنُوبِي»َ ،ي ْع َل ُم َأ َّن ُه ح ْك َت؟ َق َال« :إِ َّن َر َّب َ
ك َي ْع َج ُ
َض ِ
ِّرمذي(.)1
ُّ ُوب َغ ْيرِي» .رواه أبو داود والت الذن َ َل َيغ ِْف ُر ُّ
«ش ِهدْ ُت َع ِل ًّيا َ Iو ُأتِي بِدَ ا َّب ٍة لِ َي ْر َك َب َها» ،أيِ :جيء له بدا َّبة ليركب قولهَ :
عليها.
ِ
الركاب :الغرز ا َّلذي ُتوضع عليه َاب»ِّ ، الرك ِ قولهَ « :ف َل َّما َو َض َع ِر ْج َل ُه في ِّ
ثم يطأ عليه اإلنسان وينهض ويركب على ظهر الدَّ ا َّبة. الرجل َّ ِّ
أن اإلنسان عندما يضع قدمه يف قولهَ « :ق َال :بِ ْس ِم اهلل ِ» ،فهذا ُيؤخذ منهَّ :
سمي اهلل ،يقول« :بسم اهلل». ً
داخل ُي ِّ السيارة
َّ
اس َت َق َّر على ظهر الدَّ ا َّبة ،وبالنِّسبة قولهَ « :ف َل َّما ْاست ََوى َع َلى َظ ْهرِ َها» ،أيْ :
للسيارة أو ال َّطائرة إذا جلس على مقعدها. َّ
ِ
ويسر الح ْمدُ هلل» ،يحمد اهلل Dا َّلذي م َّن عليه هبذه النِّعمة َّ قولهَ « :ق َالَ :
له هذا المركوب ا َّلذي يتن َّقل عليه من مكان إلى مكان ويقضي به مصالحه.
ين َوإِنَّا إِ َلى َر ِّبنَاِ قولهُ « :ثم َق َال :سبح َ ِ
ان ا َّلذي َسخَّ َر َلنَا َه َذا َو َما ُكنَّا َل ُه ُم ْقرِن َ ُ ْ َ َّ
عمل بقوله تعالى﴿ :ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ون» ،قال ذلك ً َل ُمنْ َق ِل ُب َ
ﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ
الزخرف.]14-13 : ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ﴾ [ ُّ
ان ا َّل ِذي َسخَّ َر َلنَا َه َذا» ،تنزي ٌه هلل Fا َّلذي َّ
سخر لنا هذا «س ْب َح َ
قولهُ :
ويسره وأنعم علينا به ،ولوال إنعام اهلل Fوفض ُله لما تح َّقق لنا ذلك. َّ
وصححه األلباينُّ.
َّ ِّرمذي (،)3446
ُّ ((( رواه أبو داود ( ،)2602والت
أحاديث األذكار واألدعية 572
ِ
سخر من الفلكين» ،أي :لوال تسخيره لنا ما َّ«و َما ُكنَّا َل ُه ُم ْقرِن َ
قولهَ :
واألنعام ما كنَّا مطيقين لذلك ،وال قادرين عليه ،ولكن من لطفه وكرمه تعالى
ويسر أسباهبا. سخرها وذ َّللها ََّّ
ون» ،أي :راجعون إلى اهلل ،فمآلنا إلى الموت «وإنَّا إِ َلى َر ِّبنَا َل ُمنْ َق ِل ُب َ
قولهَ :
والرجوع إلى اهلل ،Fقال تعالى﴿ :ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ﴾ [العلق ،]8 :فالمرجع ُّ
إلى اهلل وإليه المنقلب ،وإليه والمآب والمصير.
تذكير للعبد بالموت والرجوع إلى اهلل يف هذا الموطن فيه ِ
ٌ وذكر االنقالب ُّ
راكب عليها أن تميل به فيسقط
ٌ وأن َمن يركب النَّاقة ال يأمن وهو وما بعدهَّ ،
على األرض ويهلك.
شمست أو القرطبي « :Vفكم من راكب دا َّبة عثرت به ،أو َ ُّ قال
تقحمت أو طاح من ظهرها فهلك ،وكم من راكبين يف سفينة انكسرت هبم َّ
ٍ
بأسباب من أسباب صال ٍ
مخطور ،وا ِّت ً الركوب مباشرة ٍ
أمر فلما كان ُّ
فغرقوا؛ َّ
فمنقلب إلى
ٌ ٌ
هالك ال محالة التَّلف؛ ُأمر َّأل ينسى عند ا ِّتصاله به يومه ،وأنَّه
غير منفلت من قضائه ،وال يدع ذكر ذلك بقلبه ولسانه حتَّى يكون اهلل ُ D
مستعدًّ ا للقاء اهلل بإصالحه من نفسه .والحذر من أن يكون وركوبه ذلك من
أسباب موته يف علم اهلل وهو غافل عنه.
حكى سليمان بن يسار َّ
أن قو ًما يف سفر فكانوا إذا ركبوا قالوا﴿ :ﭶ
ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ﴾ ،وكان فيهم رجل على ناقة له رازم
-وهي ا َّلتي ال َّ
تتحرك ً
هزال -فقال :أ َّما أنا فإنِّي لهذه لمقرن ،قال :فقمصت به
وروي َّ
أن أعراب ًيا ركب قعو ًدا له وقال إنِّي لمقرن له ،فركضت به فد َّقت عن َقهُ .
القعود حتَّى صرعته فاند َّقت عنقه» .اهـ كالمه .)1( V
القرطبي (.)67/16
ِّ ((( انظر :تفسير
573 -93أذكار ركوب ال َّداب َّة وال َّسفر ()2
ويحب ذلك من ُّ ُوب َغ ْيرِي» ،فاهلل Dيعجب من ذلك َي ْع َل ُم َأ َّن ُه َل َيغ ِْف ُر ُّ
الذن َ
عبده ،وهذا فيه رحمة اهلل Dوفضله وعموم مغفرته وسعة إحسانه ،وأنَّه
حب المنيبين ال َّطالبين الغفران؛ لهذا
ويحب التَّائبين و ُي ُّ
ُّ يحب المستغفرين ُّ
جدير بالعبد أن ُيكثر من ذكره لظلم نفسه ويطلب من ر ِّبه الغفران ،وهذا يأيت ٌ
كثيرا يف دعوات األنبياء ،ففي دعاء آدم ﴿ :Sﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ً
ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ﴾ [األعراف ،]23 :ويف دعاء موسى ﴿ :Sﮇ ﮈ
ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ﴾ [القصص ،]16 :ويف دعاء
يونس ﴿ :Sﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ﴾ [األنبياء.]87 :
ٍ
واستشعار للنِّعمة، ٍ
بتطامن وتواض ٍع وتذ ُّل ٍل وعلى العبد أن يركب دا َّبته
وحمد وثناء على اهلل وإنابة واستغفار.
575 -94أذكار ركوب ال َّداب َّة وال َّسفر ()3
93
ار ًجا است ََوى َع َلى َب ِع ِير ِه َخ ِ َان إِ َذا ْ ول اهلل ﷺ ك َ ابن ُع َم َر َ :Lأ َّن َر ُس َ َع ْن ِ
ينَ ،وإِنَّا ِ إِ َلى س َف ٍر َكبر َث َل ًثاُ ،ثم َق َال« :سبح َ ِ
ان ا َّلذي َسخَّ َر َلنَا َه َذا َو َما ُكنَّا َل ُه ُم ْقرِن َ ُ ْ َ َّ َّ َ َ
ِ
ك في َس َفرِنَا َه َذا ا ْلبِ َّر َوال َّت ْق َوىَ ،وم َن ا ْل َع َم ِل ِ ون ،ال َّل ُه َّم إِنَّا ن َْس َأ ُل َ ِ
إِ َلى َر ِّبنَا َل ُمنْ َقل ُب َ
ب ِ َما ت َْر َضى ،ال َّل ُه َّم َه ِّو ْن َع َل ْينَا َس َف َرنَا َه َذاَ ،وا ْط ِو َعنَّا ُب ْعدَ ُه ،ال َّل ُه َّم َأن َ
الصاح ُ ْت َّ
الس َفرَِ ،وكَآ َب ِة ِ
ك م ْن َو ْع َثاء َّ
فِي الس َفرِ ،وا ْلخَ ِلي َف ُة فِي األَه ِل ،ال َّلهم إِنِّي َأعو ُذ بِ َ ِ
ُ ُ َّ ْ َ َّ
يه َّن: ِ
ال َواألَ ْه ِل»َ ،وإِ َذا َر َج َع َقا َل ُه َّن َو َزا َد ف ِ ب في الم ِ ِ ِ
ا ْل َمنْ َظرَِ ،و ُسوء ا ْل ُمنْ َق َل ِ
َ
ون» .رواه مسلم(.)1 ون لِ َر ِّبنَا َح ِامدُ َ ون َعابِدُ َ ون تَائِ ُب َ «آيِ ُب َ
السفر ،وهو دعا ٌء عظيم فيه معاين جليلة ،وهدايات عظيمة ينبغي هذا دعاء َّ
كل سفر ،وأن يستحضر معانيه العظيمة ،ويجاهد على المسافر أن يدعو به يف ِّ
السبب لنيل ما دعا به. نفسه ببذل َّ
ار ًجا إِ َلى َس َفرِ ِه َك َّب َر َث َل ًثا»، َان النَّبِي ﷺ إِ َذا ْاست ََوى َع َلى َب ِعيرِ ِه َخ ِ
ُّ قال« :ك َ
أن هذا الدُّ عاء ُيشرع للمسلم أن يقوله إذا استوى على ظهر مركوبه يفيد هذاَّ :
بعيرا أو س َّيار ًة أو طائر ًة أو سفينةً. مسافرا ،سوا ٌء كان ً ً
ين َوإِنَّا إِ َلى َر ِّبنَا ِ قولهُ « :ثم َق َال :سبح َ ِ
ان ا َّلذي َسخَّ َر َلنَا َه َذا َو َما ُكنَّا َل ُه ُم ْقرِن َ ُ ْ َ َّ
وسهل ركوبه، سخر لنا هذا المركوب وذ َّلـله لنا َّ ون» ،أي :سبحان ا َّلذي َّ َل ُم ْن َق ِل ُب َ
ولوال تسخيره لنا سبحانه ما كنَّا له مقرنين ،أي :مطيقين قادرين« ،وإنَّا إلى
((( رواه مسلم (.)1342
أحاديث األذكار واألدعية 576
ر ِّبنا لمنقلبون» ،أي :صائرون وراجعون إليه بعد مماتنا؛ فيجازي َّ
كل نفس بما
شر.قدَّ مت من خير أو ٍّ
ٌ
سؤال أن يكتب ك فِي َس َفرِنَا َه َذا البِ َّر َوال َّت ْق َوى» ،هذا
قوله« :ال َّل ُه َّم إِنَّا ن َْس َأ ُل َ
و«البر» و«التَّقوى» كلمتان جامعتان للخير، ُّ له اهلل يف سفره هذا البِ َّر والتَّقوى،
الذكر؛ فالربُّ :فعل ال َّطاعات ،والتَّقوى :ترك المعاصي. وهما إذا اجتمعتا يف ِّ
كل واحد منهما شمل معنى اآلخر؛ فإذا ُذكر البِ ُّر وحده شمل فعل وإذا انفرد ُّ
الخيرات وترك المعاصي ،وإذا ُذكرت التَّقوى وحدها شملت فعل الخيرات
وترك المعاصي ،وإذا ُذكرا م ًعا كان البِ ُّر لفعل الخيرات ،والتَّقوى لرتك
المعاصي؛ فالمراد :أن تكتب لنا يف سفرنا فعل الحسنات وال َّطاعات والت ُّ
َّقرب
إليك بأنواع القربات ،وتجنِّبنا كذلك فعل المعاصي ُّ
والذنوب واآلثام.
قولهِ :
«وم َن ال َع َم ِل َما ت َْر َضى» ،أي :وأن تو ِّفقنا يف هذا َّ
السفر إلى العمل َ
ا َّلذي ُيرضيك ،ا َّلذي ُت ُّ
حب منَّا أن نفعله وترضى عنَّا إذا فعلناه.
عسر قوله« :ال َّل ُه َّم َه ِّو ْن َع َل ْينَا َس َف َرنَا َه َذا» ،أي :اجعله ً
سهل ه ِّينًا ليس فيه ٌ
وال مش َّقة.
طي البعد :هو تقريب المسافة وقطع ال َّطريق قولهِ ْ َ :
«واطو َعنَّا ُب ْعدَ ُه»ُّ ،
البعيد ب ُي ْسر وبدون مش َّقة.
اح ِ ِ قوله« :ال َّل ُه َّم َأن َ
الس َفرِ» ،أي :للمسافر ،والمراد ُّ
بالصحبة ب في َّ
الص ُ ْت َّ
الخاصة ا َّلتي تقتضي المعونة والتَّيسير ،فهذه ُّ
الصحبة تقتضي َّ هنا ،أي :المع َّية
الرعاية والعناية والحفظ والتَّسديد والتَّأييد. ِّ
«وا ْلخَ ِلي َف ُة فِي ْالَ ْه ِل» ،أي :تخلف المسافر يف أهله بحفظك لهم
قولهَ :
ورعايتك لهم وتوفيقهم ومعافاهتم.
577 -94أذكار ركوب ال َّداب َّة وال َّسفر ()3
الس َفرِ» ،أي :ما قد يجده المسافر يف ِ قوله« :ال َّلهم إِنِّي َأعو ُذ بِ َ ِ
ك م ْن َو ْع َثاء َّ ُ ُ َّ
سفره من الجهد والمش َّقة والمكابدة.
قوله« :وكآبة المنظر» ،أي :المنظر الكئيب ا َّلذي قد يواجه المرء يف سفره،
منظر ُيعقب الكآبة عند النَّظر إليه. كل ٍ والمراد :االستعاذة من ِّ
تعو ٌذ باهلل Dمن المنقلب ال َواألَ ْه ِل»ُّ ، ب فِي الم ِ وء ا ْل ُمنْ َق َل ِ قوله« :وس ِ
َ َ ُ
الس ِّيئ ،سوا ٌء كان يف ماله أو يف أهله؛ بأن يكتب له يف ماله وأهله الحفظ والخير َّ
والض ِّر.الش ِّر ُّ والوقاية من َّ
«وإِ َذا َر َج َع ِم ْن َس َفرِ ِه َقا َل ُه َّن» ،أي :قال هؤالء الكلمات ،أي :إذا قولهَ :
استوى على ظهر الدَّ ا َّبة.
ون» ،وسيأيت الكالم ون لِ َر ِّبنَا َح ِامدُ َ
ون َعابِدُ َ ون تَائِ ُب َ
يه َّن :آيِ ُب َ «وزَا َد فِ ِقولهَ :
سول اهللِ ﷺ َ
كان على معناه ،ومثله حديث عبد اهلل بن عمر َ « :Lأ َّن َر َ
األر ِ ٍ ِ ٍ قفل من ٍ
ض َث َلث حج ،أو ُع ْمرة ُيك ِّب ُر َع َلى ك ُِّل َش َرف م َن ْ غزوَ ،أ ْو ٍّ إ َذا َ
ك و َل ُه َ
الح ْمدُ َو ُه َو الم ْل ُ
ريك َل ُهَ ،ل ُه ُ
ولَ :ل إ َله َّإل اهللُ َو ْحدَ ه َل َش َ َت ْكبِ َيرات ُث َّم ي ُق ُ
ون َص َ
دق اهللُ َو ْعدَ ه َون ََص َر ون لر ِّبنا َح ِامدُ َ
ون َعابِدُ َ ون تَائِ ُب َ َع َلى ك ُِّل َش ْي ٍء َق ِد ٌير آيِ ُب َ
َاب َو ْحدَ ُه» متَّفق عليه( .)1وفيه من الفقه :استعمال حمد اهلل األحز َ
َع ْبدَ ه َو َه َز َم ْ
الحج والجهاد ِّ تعالى واإلقرار بنعمته والخضوع له وال َّثناء عليه عند القدوم من
والرجوع العدوُّ ، ِّ على ما وهب من تمام المناسك ،وما رزق من النُّصرة على
إلى الوطن سالمين.
َو َع ْن َجابِ ِر ْب ِن َع ْب ِد اهلل َ Lق َالُ « :كنَّا إِ َذا َص ِعدْ نَا َك َّب ْرنَاَ ،وإِ َذا َن َز ْلنَا
البخاري( .)2وروى أبو داود عن ابن عمر Lقال« :ك َ
َان ُّ َس َّب ْحنَا» .رواه
البخاري ( ،)1797ومسلم (.)1344
ُّ ((( رواه
البخاري (.)2993
ُّ ((( رواه
أحاديث األذكار واألدعية 578
ِ ِ
وش ُه إِ َذا َع َل ْوا ال َّثن ََايا َك َّب ُروا َوإِ َذا َه َب ُطوا َس َّب ُحوا َف ُوض َعت َّ
الص َل ُة ال َّنبِ ُّي ﷺ َو ُج ُي ُ
ك»(.)1 َع َلى َذلِ َ
ال َّثنايا :ما ارتفع من األرض وعال ،كما تقدَّ م معنا يف الحديث َّ
السابق عند
قوله« :وال َّت ْكبِير َع َلى ك ُِّل َشر ٍ
ف». َ َ
«وإِ َذا َه َب ُطوا َس َّب ُحوا» ،أي :األودية واألماكن المنخفضة ،قالوا:
قولهَ :
ننزه اهلل ونقدِّ سه عن ِّ
كل ما ال يليق به. سبح َ ِ
ان اهلل ،أيِّ : ُ ْ َ
السفر؛ إذا عال المسافر وارتفع ك َّبر اهلل ،وإذا هبط أو نزل فهذا من آداب َّ
س َّبح اهلل ،حتَّى اآلن بالنِّسبة لل َّطائرة؛ إذ كانت يف صعود وارتفاع يك ِّبر ،وعند
الس َّيارة إذا صعد فيها إلى مكان مرتفع ُيك ِّبر ،وإذا النُّزول ُيس ِّبح ،وكذلك يف َّ
شغل للقلب وال ِّلسان بتعظيم الصعود ٌ هبط ُيس ِّبح اهلل .Fويف التَّكبير يف ُّ
الر ِّب وإعالن كربيائه وعظمته ،وفيه طر ٌد للكرب والعجب والغرور ،ويف َّ
كل ما ُينايف و ُيضا ُّد التَّسبيح يف الهبوط َتنْزي ٌه هلل عن النَّقائص والعيوب وعن ِّ
كماله وجالله.
َّبي ﷺ:- َ َ ََ َْ ْ َ ْ ِ ِ َ َ َ ٍ
َو َع ْن أنَس Iقال« :فل َّما أش َرفنَا َعلى ال َمدينَة قال -أي :الن ُّ
ك َحتَّى َد َخ َل ا ْل َم ِدينَةَ». ول َذلِ َ ون لِ َر ِّبنَا َح ِامدُ َ
ون»َ ،ف َل ْم َيز َْل َي ُق ُ ون َعابِدُ َ ون تَائِ ُب َ
«آيِ ُب َ
البخاري ومسلم(.)2 ُّ رواه
الدعاء ُيشرع أن يقوله املسلم عند القفول ،وله موضعان: هذا ُّ
األول :عندما يكون القفول ،أي :عندما يخرج من القرية أو املوضع َّ
المدينة ا َّلتي كان فيها راج ًعا إلى بلده ،فعندما يخرج منها عائدً ا إلى بلده يقول
هذا الدُّ عاء ،وقد تقدَّ م دليله.
قول مجر ًدا بلسانه ،ويف نيته أعمال أخرى تتناىف مع ماومقصو ًدا ،ال أن يقوله ً
ُذكر؛ فهذا التَّكرار فيه فائدة توطيد النَّفس على أن تح ِّقق األوبة والتَّوبة ،وأن
تح ِّقق كمال العبادة وحسن اإلقبال على اهلل ،Fوأن يكون العبد حامدً ا
شاكرا هلل Dعلى نعمائه وجزيل عطائه. ً
581 -95ما يقوله املسافر إذا رأى قرية أو بلدة يريد دخوهلا
95
قال ِحي َن ب َ Iأ َّن النَّبي ﷺ َل ْم َي َر َق ْر َي ًة ُي ِريدُ ُد ُخو َلها إِ َّل َ
َّ
َع ْن ُص َه ْي ٍ
ِ ِ
الس ْب ِع َوما ين َّ الس ْب ِع َوما َأ ْظ َل ْل َنَ ،و َر َّب األَ َرض َ الس َم َوات َّ َيراها« :ال َّل ُه َّم َر َّب َّ
ك َخ ْي َر الرياحِ َو َما َذ َر ْي َنَ ،فإنَّا ن َْس َأ ُل َ
ين َو َما َأ ْض َل ْل َنَ ،و َر َّب ِّ الش َياطِ ِ َأ ْق َل ْل َنَ ،و َر َّب َّ
ك ِم ْن َش ِّرها َو َش ِّر َأ ْه ِلها َو َش ِّر ما فِ َيها» .رواه َه ِذ ِه ال َق ْر َي ِة َو َخ ْي َر َأ ْه ِل َهاَ ،و َن ُعو ُذ بِ َ
َّسائي يف الكربى(.)1 الن ُّ
بلـدة يريـد أن يدخلهـا؛ سـوا ٌء كانـت بلـدة كبيـر ًة أو ٍ َمـن أقبـل علـى
صغيـرةً؛ قريـ ًة أو مدينـة؛ ُيشـرع له أن يقـول هذا الدُّ عاء ا َّلـذي كان يواظب عليه
والرؤيـة مشـروع عنـد رؤيـة البلـدة ا َّلتـي يريـد دخولهـاُّ ، ٌ رسـول اهلل ﷺ ،وهـو
للبلـدة تكـون عنـد اإلقبـال عليهـا ومقاربـة الدُّ خول ،فليـس موطن هـذا الدُّ عاء
أيضـا قبـل أن يـرى البلـدة ،بـل عندمـا يراهـا و ُيقبِـل عليهـا بعـد الدُّ خـول وال ً
َّبـي صلـوات اهلل وسلامه عليـه. ويوشـك أن يدخلهـا ،كمـا هـو فعـل الن ِّ
ِ قولهَ :
ين َي َر َاها» ،القريةُ: «أ َّن النَّبِ َّي ﷺ َل ْم َي َر َق ْر َي ًة ُيرِيدُ ُد ُخو َل َها إِ َّل َق َال ح َ
والضياع ،وقد َّاس من المساكن واألبنية ِّ اسم للموضع ا َّلذي يجتمع فيه الن ُ ٌ
ُتطلق على المدن كما يف قوله تعالى﴿ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ﴾ [يس،]13 :
الصحيحــة
السلســلة َّ
وصححــه األلبــاينُّ يف ِّ
َّ َّســائي يف الكــرى (،)8775
ُّ ((( رواه الن
(.)2759
أحاديث األذكار واألدعية 582
فقد قيل :إنَّها أنطاك َّية ،ويقال لم َّكةَ :أ ُّم القرى؛ وعليه َّ
فإن هذا الدُّ عا ُء ُيقال عند
دخول القرية أو المدينة.
ين يِ َر َاها» ،هذا ُّ ِ
يدل على وقولهَ « :ل ْم َي َر َق ْر َي ًة ُيرِيدُ ُد ُخو َل َها إِ َّل َق َال ح َ
مر ٍة يرى قري ًة مواظبة النَّبي Oومحافظته على هذه الدُّ عاء يف ِّ
كل َّ ِّ
شر، خيرا ويخاف من ٍّ أن َمن دخل قري ًة فإنَّه يؤ ِّمل ً شك َّ يريد دخولها ،وما من ٍّ
خيرا ،وأن حسن به أن يلتجئ إلى اهلل Dأن يكتب له يف هذا الدُّ خول ً ولهذا ُ
الش ُّر ا َّلذي
الخير ا َّلذي يف البلدة أو يف أهلها ،وكذلك َّ ُ الش َّر؛ سواء يصرف عنه َّ
ً
مستعيذا به يف البلدة أو يف أهلهاُّ ،
كل ذلك يلتجئ إلى اهلل ً D
سائل الخير،
Fمن َّ
الش ِّر.
ِ
وقوله« :إِ َّل َق َال ح َ
ين َي َر َاها» ،هذا فيه داللة كما سبق إلى َّ
أن هذا الدُّ عاء
أيضا قبل رؤية البلدة ،بل
ُيؤتى به عند رؤية البلدة ،ليس بعد الدُّ خول وال ً
عندما يرى البلدة ً
مقبل عليها يريد دخولها.
سؤال للخير؛ خير البلدة وأهلها ،واستعاذ ٌة باهلل من ٌ وهذا الدُّ عاء يف جملته
للسماوات، ٍ ِ َّ
بتوسالت عظيمة إلى اهلل؛ بربوب َّيته َّ شر البلدة وأهلهاُ ،بدئ ُّ الش ِّر؛ ِّ
وأيضا ما يرت َّتب على للشياطينً ، للرياح ،وربوب َّيته َّ
وربوب َّيته لألرض ،وربوب َّيته ِّ
وجود هذه المخلوقات من آثار.
ِ
السماوات الس ْب ِع َو َما َأ ْظ َل ْل َن» ،أي :يا موجد َّ قوله« :ال َّل ُه َّم َر َّب َّ
الس َم َوات َّ
السبع وخالقها ومبدعها ،وقوله« :و َما أ ْظ َل ْل َن» ،من اإلظالل ،أي :ما كانت له َّ
كل ما علت عليه وارتفعت ،فيدخل تحت قوله« :و َما أ ْظ َل ْل َن»: مثل ال ُّظ َّلة ،وهو ُّ
السماء عليه ظ َّلة وله غطاء. الشمس ،والقمر ،والنُّجوم ،واألرضُّ .
كل هذا َّ َّ
وما أ ْق َل ْل َن» ،أقللن :من اإلقالل وهو الحمل، ِ
الس ْب ِع َ
ين َّ
األرض َ
«ور َّب ْ
قولهَ :
583 -95ما يقوله املسافر إذا رأى قرية أو بلدة يريد دخوهلا
أي :ما حملن على ظهوره َّن ،ويدخل تحت قوله« :وما أقللن» :الجبال،
فتوسلمما أق َّلته األرضَّ ، وابُّ .
كل ذلك َّ واألشجار ،واألهنار ،والنَّاس ،والدَّ ُّ
للسماوات وما تحتها ،وربوب َّية اهلل لألرض وما عليها. بربوب َّية اهلل َّ
أض َل ْل َن» ،من اإلضالل وهو اإلغواء َّ
والصدُّ وما ْين َالش َياطِ ِ
«ور َّب َّ
وقولهَ :
ضل النَّاس عن صراطه المستقيم، والشيطان يصدُّ عن دين اهلل و ُي ُّ عن سبيل اهللَّ ،
قال تعالى﴿ :ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ
ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚﯛ ﯜ ﯝ
ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩﯪ
ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ﴾ [النِّساء ،]120-118 :هذا فعله ومطلبه ومقصوده:
تعوذ باهلل من َّ
الشياطين وما أضللن، إضالل النَّاس وصدُّ هم عن دين اهلل؛ ف َي ُّ
الشيطان وحزبه ،وجنوده ،وأتباعه ،والمتأ ِّثرين به المستجيبين أي :من َّ
إلضالله وإغوائه.
الرياح معروفة ،و َما َذ َر ْي َن ،أي :ما ذرته وما َذ َر ْي َن»ِّ ،
الر َياحِ َ
«ور َّب ِّ
قولهَ :
الرمال واألوراق والهشيم، الرياح فإنَّها تذرو ِّ
الرياح ،أي :ط َّيرته ،عندما تشتدُّ ِّ ِّ
فيتوسل بربوب َّية اهلل D َّ قال تعالى﴿ :ﰌ ﰍ ﰎ ﰏﰐ﴾ [الكهف]45 :؛
أيضا
الرياح ً
مسخرة مد َّبرة ،حركتها بتسخير اهلل ،وما ذرته ِّ َّ الرياح للرياحَّ ،
ألن ِّ ِّ
كل ذلك بتسخيره .F ُّ
كل شيء؛ عليه أن يستحضر رب ِّ َّوسالت باهلل ِّيتوسل هبذه الت ُّ
والعبد حينما َّ
وأن َّ
كل ما رب العالمينَّ ، وأن األمر بيده ،وأنَّه ُّ كل شيءَّ ، كمال قدرة اهلل على ِّ
متحرك حركته بتسخيره سبحانه ِّ وأن َّ
كل السماء وفوق األرض ملكهَّ ، تحت َّ
وتدبيره ،وما تقدَّ م ك ُّله وسائل بين يدي الدُّ عاء.
ك َخ ْي َر َه ِذ ِه ال َق ْر َي ِة» ،وهذا «أس َأ ُل َثم شرع يف الدُّ عاء وذكر المطلوب ،قالْ : َّ
أحاديث األذكار واألدعية 584
منحه من خيرها، يجعل هذه القري َة مبارك ًة عليه ،وأن َي َ َ فيه سؤال اهلل Dأن
بالسالمة والعافية. السكنى فيها َّ وأن ُي َي ِّس َر له ُّ
«وخير ِ
الصالح والتُّقى أهل َها» ،أي :خير النَّاس ا َّلذين فيها من أهل َّ قولهْ َ ْ َ :
والعلم وال َّطاعة هلل؛ فيسأله من خير أهل القرية بحيث ُيعامل بالحسنى و ُيالقى
يتضمن طلب َّ بال ِّطيب ،وال يحصل له إيذاء أو عدوان أو نحو ذلك ،وهو
الصالحة. للرفقة َّ التَّوفيق ِّ
تعو ٌذ باهلل من ِ أه ِل َهاَ ، ك ِم ْن َش ِّر َهاَ ، قوله« :وأ ُعو ُذ بِ َ
وش ِّر َما ف ْي َها» ،هذا ُّ وش ِّر ْ
فيتعوذ باهلل َّ الش ِّر بأنواعه؛ سواء المتع ِّلق بالقرية نفسها ،أو بأهلها ،أو بما فيها، َّ
محفوظ بحفظ اهلل، ٌ من ذلك ك ِّله ،وحينئذ يدخل القرية ا َّلتي يريد دخولها وهو
الش ِّر.خيرا وأن ُيوقى من َّ يحصل ً طامع يف فضله ،وراغب فيما عنده أن ِّ ٌ
ْ ً ُ َ َ
َ ما َي ُقول ُه ِإذا ن َز َل َمن ِزل
ول: ول اهلل ﷺ َي ُق ُ الس َل ِم َّي ِة َ Jقا َل ْتَ :س ِم ْع ُت َر ُس َ يم ُّ ْت َحكِ ٍ َعن َخو َل َة بِن ِ
ْ ْ
ات ِم ْن َش ِّر َما َخ َل َق»؛ َل ْم َي ُض َّر ُه ات اهلل ِ التَّام ِ
«أعو ُذ بِك َِلم ِ
َّ َ « َم ْن ن ََز َل َمن ِْز ًل ُث َّم َق َالُ َ :
ح َل مِ ْن َمن ِْزل ِ ِه َذل ِ َك» .رواه مسلم(.)1 َشيء حتَّى ير َت ِ
ْ ٌ َ َْ
مكان ينزله اإلنسان لمدَّ ٍة طويلة يقيم فيه ،أو لمدَّ ٍة ٍ المراد بالمنزلُّ :
كل
قصيرة ،فيشمل قوله« :إِ َذا ن ََز َل َمن ِْز ًل» :من بنى بيتًا ونزل فيه ،أو استأجر ش َّق ًة
أقل من ذلك ،أو استأجر غرفةً؛ ليبات فيها ليل ًة شهرا أو َّ ليسكن فيها سن ًة أو ً
كل ثم إذا أصبح رحل ،فهو يتناول َّ ثم ينتقل منها ،أو نزل يف بر َّية ليرتاح ليل ًة َّ َّ
منزل ينزله العبد.
وهذه الدَّ عوة تحصي ٌن للعبد يف ِّ
كل منزل ينزله حتَّى يرحل منه ،فإذا نزل
القرطبي (.)36/7
ِّ ((( انظر :المفهم ألبي الع َّباس
I )?5U
?
- - J :3 - k-
L é
. +1A 1:yauz1;Gj1 u-
O '
. .o
. .
- '' k II I ' ' r* .oj t
j. , (g'i* ;; 1 ' âx tC; .1-
o ..o
/..uw
.. h k.n'h--!g-w ...s.h
-.wou.sw h>.w.:ao y c.5 < .k. J.ovwza
. . u w,
w
.aa
,a.be$<:.-= $ s.
=îh=L.'n-.3$I=. .
VJ
'> $I'H Cr= .s'9ù*.l
.JI
ws
oz4 ô. .=
J . op xsx ksL
.w. . . .
. 1, .,
.
5Ol, w.y1.u.fS j *
.uv.2a. @) I.'y.'tmx o.
' ;' u u...jo
.s.ol...x u.4-g.*=.1j<.5Jt'
..
t-
aa'..
ç
JI 'J
J.> -
o'w , '
t:.A
.
J ' .. oa .. o: â
jaa
. J. o ,. wj. ;jj. ; .. ;j. .. .. ... r..jâ.'. .
uzpzxuo oe:
.
.(. :.t,yaX ab ..y ,q<)lr.w.:.'
.. o o ..
kot)J
ô.. . ..
o j . . '; ..J
. tu.xg v.)lgw JIJ Lwgh 1I..ha
l.wa.
..
Tz rNx.1j
I
.a I
m vj
: v.lIs.'
u.,.
xw'' ...'
.-.A
'x.
.I
.-. -2I21u
'uh
>L.wg
'1
. e.wu1
'' .1z.w'J
;1.I
.S
.J yra
>I.1..11J1
'I
.=-j I
= J=
أحاديث األذكار واألدعية 588
المبِ َ
يت َوال َع َشا َء»()1؛ ويف التَّسمية عند دخول بيته ،وعند طعامهَ « :-أ ْد َر ْكت ُُم َ
ِ
المشاركة للشيطان ،مانع ٌة له من دخول المنْزل ،ومن هذا َّ
أن التَّسمي َة طارد ٌة َّ
يف ال َّطعام َّ
والشراب.
الثاني :قوله« :وك ُْل ب َي ِمين ِ َ
َّ
أن األكل ال يكون َّإل باليد اليمنى،ك» ،وهذا فيه َّ
يحل للمرء أن يأكل بيده اليسرى ،وقد استجدَّ ت بعض األَكَالت عند فال ُّ
يد ،وعلبة العصير يف اليد ال َّثانية ،فيأكل النَّاس ،وهي قطعة الخبز تكون يف ٍ
بيمينه ويشرب بشماله ،وهذا ال يجوز ،بل عليه أن يأكل ويشرب بيمينه ،يضع
َّبي Oهنى َّ
هذه ويتناول هذه ،وال يشرب وال يأكل بشماله؛ ألن الن َّ
ول اهَّللِ ﷺ عن ذلك ،بل روى س َلم ُة ْب ُن األَك َْو ِع َ Iأ َّن ر ُج ًل َأك ََل ِعنْدَ رس ِ
َ ُ َ َ َ
ِ بِ ِش َمال ِ ِهَ ،ف َق َال« :ك ُْل بِ َي ِمين ِ َ
اس َت َط ْع َت»َ ،ما َمنَ َع ُه
«ل ْ «ل َأ ْستَط ُ
يع»َ ،ق َالَ : ك»َ ،ق َالَ :
يدل على خطورة إِ َّل ا ْلكِ ْب ُرَ ،ق َالَ « :ف َما َر َف َع َها إِ َلى فِ ِيه» .رواه مسلم()2؛ وهذا ُّ
األمر ،فال يجوز للمرء أن يأكل بشماله وال يشرب بشمالهَّ ،إل إذا كانت يده
اليمنى عاجزة لمرض أو نحوه.
وحط من قدر اليد َّ وإذا أكل بشماله أعلى من شأن اليد ا َّلتي لألمور الدَّ نيئة،
ن ُع َم َر L بالشيطان؛ فعن َع ْب ِد اهَّللِ ْب ِ الشريفة ،وصار متش ِّب ًها َّ ا َّلتي لألمور َّ
ول اهَّللِ ﷺ َق َال« :إِ َذا َأك ََل َأ َحدُ ك ُْم َف ْل َي ْأك ُْل بِ َي ِمين ِ ِهَ ،وإِ َذا َشرِ َب َف ْل َي ْش َر ْب َأ َّن َر ُس َ
ان َي ْأك ُُل بِ ِش َمالِ ِه َو َي ْش َر ُب بِ ِش َمالِ ِه» .رواه مسلم(.)3 بِ َي ِمين ِ ِه؛ َفإِ َّن َّ
الش ْي َط َ
«وك ُْل ِم َّما َي ِل َ
َّ
السنَّة ومن آداب ال َّطعام يك» ،وهذا فيه َّ
أن من ُّ الثالث :قولهَ :
َّ
«ألن َّووي :Vأن يأكل المرء من الجانب ا َّلذي يليه من القصعة .قال الن ُّ
((( رواه مسلم (.)2018
((( رواه مسلم (.)2021
((( رواه مسلم (.)2020
589 -96أذكار ال َّطعام وال َّشراب
أكله من موضع يد صاحبه سوء عشرة ،وترك مروءة ،فقد َّ
يتقذره صاحبه ال
س َّيما يف األمراق وشبهها ،وهذا يف ال َّثريد واألمراق وشبهها ،فإن كان ً
تمرا أو
أجناسا فقد نقلوا إباحة اختالف األيدي يف ال َّطبق ونحوه ،وا َّلذي ينبغي تعميم
ً
مخصص»(.)1
ِّ النَّهي ً
حمل للنَّهي على عمومه حتَّى يثبت دليل
نسي التَّسمي َة يف َّأول طعامهُ ،شرع له أن يقول يف أثنائه إذا ثم َّ
المسلم إن ََ إن َّ
ِ ِ
وغيرهما عن عائشة ذكر« :بِ ْس ِم اهلل َّأو َل ُه َوآخ َر ُه» ،فقد روى أبو داود وابن ماجه ُ
أن رسول اهلل ﷺ قال« :إِ َذا َأك ََل َأ َحدُ ك ُْم َف ْل َي ْذ ُكرِ ْاس َم اهلل ِ َت َعا َلىَ ،فإِ ْن َّ :J
آخ َر ُه»()2؛ وقد أفاد هذا ن َِسي َأ ْن ي ْذكُر اسم اهلل ِ فِي َأولِ ِهَ ،ف ْلي ُق ْل :بِس ِم اهلل ِ َأو َله و ِ
َّ ُ َ ْ َ َّ َ َ َ ْ َ
المسلم يف هذا الموضع ُ فإن نسيها محل التَّسمية عند َّأول ال َّطعامْ ، أن َّ الحديث َّ
ُ
الصيغة المذكورة يف الحديث.
أجزأه أن يأيت بالتَّسمية يف أثنائه هبذه ِّ
الشيطان يستقيء ما يف بطنه إذا ضعف َّ
أن َّ ٌ وقد جاء يف حديث ،يف إسناده
َّسائي عن أم َّية بن المسلم هبذه التَّسمية ،وذلك فيما رواه أبو داود والن ُّ ُ أتى
سم،حتَّى َلم ورجل يأكل ،ف َلم ُي ِّ ٌ جالسا
ً رسول اهللِ ﷺ ُ شي Iقال :كان مخ ٍّ
ْ
وآخره ،فضحك َ فلما رفعها إلى فيه ،قال :بسم اهلل َّأو َله يبق من طعامه َّإل ُلقم ًة َّ َ
ان َي ْأك ُُل َم َع ُهَ ،ف َل َّما َذك ََر ْاس َم اهلل ِ ْاس َت َقا َء َما
الش ْي َط ُ
«ما ز ََال َّ النَّبِ ُّي ﷺَّ ،
ثم َق َالَ :
وغيره .وأ َّماُ ضعيف ،ض َّعفه الحافظ ابن حجر ٌ َ
الحديث فِي َب ْطن ِ ِه»( ،)3لك َّن
وآخره»؛ ثابت ٌة كما
َ نسي بقول« :بسم اهلل َّأو َله التَّسمية يف أثناء ال َّطعام يف ِّ
حق َمن َ
يف الحديث ا َّلذي قبله.
َو َع ْن ُح َذ ْي َف َة َ Iق َالُ « :كنَّا إِ َذا َح َض ْرنَا َم َع النَّبِ ِّي ﷺ َط َعا ًما َل ْم ن ََض ْع
ول اهللِ ﷺ َف َي َض َع َيدَ ُهَ ،وإِنَّا َح َض ْرنَا َم َع ُه َم َّر ًة َط َعا ًماَ ،ف َجا َء ْت يد َينَا َحتَّى َي ْبدَ َأ َر ُس ُ َأ ِ
ول اهلل ﷺ بِ َي ِد َها، ار َي ٌة ك ََأن ََّها ُتدْ َف ُعَ ،ف َذ َه َب ْت لِت ََض َع َيدَ َها فِي ال َّط َعا ِمَ ،ف َأ َخ َذ َر ُس ُ
َج ِ
الش ْي َط َ
ان ول اهلل ﷺ« :إِ َّن َّ ُث َّم َجا َء َأ ْع َرابِي ك ََأن ََّما ُيدْ َف ُع َف َأ َخ َذ بِ َي ِد ِهَ ،ف َق َال َر ُس ُ
ٌّ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ َ
َح ُّل ال َّط َعا َم أ ْن َل ُي ْذك ََر ْاس ُم اهلل َع َل ْيهَ ،وإ َّن ُه َجا َء ب َهذه ا ْل َجار َية ل َي ْستَح َّل ب َها يست ِ
َْ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ
ابي ل َي ْستَح َّل بِه َف َأ َخ ْذ ُت بِ َيدهَ ،وا َّلذي َن ْفسي ِ ِ َ
َفأ َخ ْذ ُت بِ َيد َهاَ ،ف َجا َء بِ َه َذا ْالَ ْع َر ِّ
بِ َي ِد ِه إِ َّن َيدَ ُه فِي َي ِدي َم َع َي ِد َها» .رواه مسلم(.)1
قوله« :ك ََأن ََّها تُدْ َف ُع» ويف رواية« :ك ََأن ََّها ُت ْط َر ْد» ،أي :ل ِ ِشدَّ ِة ُس ْر َعتِها.
أن عدم التَّسمية على ال َّطعام من أحد المشاركين وهذا الحديث يفيد َّ
للشيطان أن ُيشارك يف هذا ال َّطعام ،كما قال Oيف هذا فيه يتيح َّ
ُّ
فيستحل َح ُّل ال َّط َعا َم َأ ْن َل ُي ْذك ََر ْاس ُم اهلل َع َل ْي ِه»؛
ان يست ِ الحديث« :إِ َّن َّ
الش ْي َط َ َ ْ
الصغار أو حتَّى من الكبار أن يمدَّ يده إلى ال َّطعام ال َّطعام بدفع شخص من ِّ
دخل له على ليعجل به أن يأكل من ال َّطعام بال تسمية حتَّى يجد َم ً دون تسمية؛ ِّ
السفرة أن يبدؤوا بالتَّسمية. ال َّطعام ،ولهذا يتأكَّد على جميع َمن على ُّ
ً
للشيطان يف ال َّطعام ُّ
أي ويفيد أيضا :أنَّه إذا حصلت التَّسمية ال يصبح َّ
أي مشاركة ،قال اهلل تعالى﴿ :ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ نصيب ،وال يصبح له ُّ ٍ
ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩﯪ﴾
[اإلسراء ،]65-64 :أي :ا َّلذين يذكرون اهلل ليس لك عليهم طريق.
َّ
الشيطان عن المشاركة يف ال َّطعام ،وإذا لم
فمن فوائد التسمية :منع َّ
تحصل التَّسمية ليس ا َّلذي يشارك منهم واحدٌ فقط! بل عدد ،ينادي بعضهم
بعضا ،بقولهمَ « :أ ْد َر ْكت ُُم ال َع َشا َء» ،و َمن هذا ا َّلذي يرضى بأعداد من َّ
الشياطين ً
تشاركه يف طعامه؟! و َمن ترك التَّسمية فقد رضي ذلك شاء أم أبى.
تيسر للعبد صيغ عظيمة مباركة ثبتت عن نب ِّينا ﷺ ،إن َّ أيضا ٌ الرضا ،لكن هناك ً ِّ
يتيسر فال مر ًة وهذا مرة فهو أكمل ،وإن لم َّ بعضها؛ فيأيت هبذا َّ أن يحفظها أو َ
يدع أن يقول« :الحمد هلل» عقب ال َّطعام ،واهلل يرضى عن عبده بذلك أن يأكل
الشربة فيحمده عليها. األكلة فيحمده عليها ،ويشرب َّ
ول اهلل ﷺ َق َالَ « :م ْن َأك ََل َط َعا ًما ُث َّم َق َال: َس َ Iأ َّن َر ُس َ اذ ْب ِن َأن ٍَعن مع ِ
ْ َُ
له ا َّل ِذي َأ ْط َع َمنِي َه َذا ال َّط َعا َم َو َر َز َقن ِ ِيه ِم ْن َغ ْيرِ َح ْو ٍل ِمنِّي َو َل ُق َّو ٍة»؛
«ا ْلحمدُ لِ ِ
َ ْ
ِّرمذي(.)1
ُّ ُغ ِف َر َل ُه َما َت َقدَّ َم مِ ْن َذ ْنبِ ِه» .رواه أبو داود والت
الر ِّب به ،بل يلتفت إلى نفسه؛ من النَّاس َمن ال يستذكر وقت ال َّطعام منَّ َة َّ
ِ
المنعم كيف صنعه؟ وكيف أحضره؟ وكيف أتقنه؟ ولو ترك هذا وأقبل على
حول من العبد وال ٍ حمدً ا وثنا ًء عليه Dا َّلذي رزق العبد هذا ال َّطعام من غير
والفوز برحمة اهلل ورضاه سبحانه. َ َ
الغفران، قوة لكان ذلك من موجبات نيله َّ
َان إِ َذا َر َف َع َمائِدَ َت ُهَ ،ق َال« :ا ْل َح ْمدُ
َو َع ْن َأبِي ُأ َما َم َة َ :Iأ َّن النَّبِي ﷺ ك َ
َّ
له كَثِ ًيرا َط ِّي ًبا ُم َب َاركًا فِ ِيهَ ،غ ْي َر َمك ِْف ٍّي َو َل ُم َو َّد ٍع َو َل ُم ْس َت ْغنًى َعنْ ُه َر َّبنَا» .رواه
لِ ِ
البخاري(.)2
ُّ
«كثيرا ط ِّي ًبا مباركًا فيه» هذا حمدٌ مض َّعف ،وهذه أوصاف هذا
ً قوله:
الحمد؛ فهو يحمد اهلل حمدً ا موصو ًفا بالكثرة والربكة وال ِّطيب.
قولهَ « :غ ْي َر َمك ِْف ٍّي َو َل ُم َو َّد ٍع َو َل ُم ْس َت ْغنًى َعنْ ُه» ،أي :الحمد ،فكأنَّه قال:
كفي وال ُمو َّدع ،وال ُمستغنًى عن هذا الحمد. كثيرا غير َم ٍّ حمدً ا ً
وحسنه األلباينُّ.
ِّرمذي ( ،)3458وابن ماجه (َّ ،)3285
ُّ ((( رواه أبو داود ( ،)4023والت
البخاري (.)5458
ُّ ((( رواه
593 -97ما ُيدعى به ألهل ال َّطعام
97
َر َز ْقت َُه ْمَ ،وا ْغ ِف ْر َل ُه ْمَ ،و ْار َح ْم ُه ْم» .رواه مسلم(.)1
مما ُيدعى به ألهل ال َّطعام؛ أن ُيدعى لهم بالربكة أن َّ الشاهد من الحديثَّ : َّ
والرحمة. وغذاء ومال ،و ُيدعى لهم بمغفرة ُّ ٍ فيما رزقهم اهلل من طعا ٍم
الذنوب َّ
ِ ِ
الو ْط َبة :هي ا ْل َح ْي ُس ُي ْج َم ُع قولهَ « :ف َق َّر ْبنَا إِ َل ْيه َط َع ًاما َو َو ْط َب ًة َف َأك ََل من َْها»َ ،
والس ْمن. ِ ِ ِ
من الت َّْمر واألقط َّ
ِ ِ قولهُ « :ث َّم ُأتِ َي بِت َْمرٍ َفك َ
َان َي ْأ ُك ُل ُه َو ُي ْلقي الن ََّوى َب ْي َن إِ ْص َب َع ْيه َو َي ْج َم ُع َّ
الس َّبا َب َة
َوا ْل ُو ْس َطى» ،أي :يجعله على ظهر اإلصبعين ثم يرمي به ،ففي رواية اإلمام
َان َي ْأك ُُل الت َّْم َر َو َي َض ُع الن ََّوى َع َلى َظ ْهرِ إِ ْص َب َع ْي ِهُ ،ث َّم َي ْر ِمي بِ ِه»(.)2 أحمد قالَ « :فك َ
َاو َل ُه ا َّل ِذي َع ْن َي ِمين ِ ِه» ،هذا من اآلداب اب َف َشرِ َب ُهُ ،ث َّم ن َ قولهُ « :ث َّم ُأتِ َي بِ َش َر ٍ
المأثورة عنه Oيف تناول ال َّطعام.
ار ْك َل ُه ْم فِي َما َر َز ْقت َُه ْمَ ،وا ْغ ِف ْر َل ُه ْمَ ،و ْار َح ْم ُه ْم» ،قد جمع قوله« :ال َّل ُه َّم َب ِ
يف هذا الدُّ عاء خيرات الدُّ نيا واآلخرة ،وهو يتناول َمن قدَّ م ال َّطعام و َمن
الضيف وإكرامه يتعاون فيها أهل البيت، أن ضيافة َّ صنعه و َمن َّقربه ،ومعلوم َّ
وخاصة المرأة ا َّلتي ُج ُّل الجهد عليها. َّ فيشملهم ك َّلهم هذا الدُّ عاء،
َس َ :Iأ َّن النَّبِ َّي ﷺ َجا َء إِ َلى َس ْع ِد ْب ِن ُع َبا َد َة َ Iف َجا َء و َع ْن َأن ٍ
ونَ ،و َأك ََل َط َع َامك ُُم الصائِ ُم َ ِ
«أ ْف َط َر عنْدَ ك ُُم َّ ت َف َأك ََلُ ،ث َّم َق َال النَّبِي ﷺَ :
ُّ
بِخُ ب ٍز وزَي ٍ
ْ َ ْ
ت َع َل ْيك ُُم ا ْل َم َلئِ َكةُ» .رواه أبو داود وابن ماجه(.)3 األَ ْب َر ُارَ ،و َص َّل ْ
خبزا وزيتًا ،أي :يغمس َّبي Oهذا ال َّطعامً :
قدَّ م سعد Iللن ِّ
الصائِ ُم َ
ون، ِ ثم قالَ :
«أ ْف َط َر عنْدَ ك ُُم َّ َّبي َّ ،O
بالزيت ،فأكل الن ُّ
الخبز َّ
((( رواه مسلم (.)2042
وصححه األلباينُّ يف التَّعليقات الحسان (.)5273
َّ ((( رواه أحمد (،)17675
وصححه األلباينُّ.
َّ ((( رواه أبو داود ( ،)3854وابن ماجه (،)1747
597 -97ما ُيدعى به ألهل ال َّطعام
ِ َو َأك ََل َط َع َامك ُُم األَ ْب َر ُارَ ،و َص َّل ْ
لمن قدَّ م
مما ُيدعى به َت َع َل ْيك ُُم ا ْل َم َلئ َكةُ» ،فهذا َّ
طعا ًماُ ،يدعى لهم هبذا الدُّ عاء أن يكون بيته ومجلسه وال َّطعام ا َّلذي يقدِّ مه من
والصالحين ،وأن يم َّن اهلل عليه الصيام واألبرار َّ نصيب أهل الفضل ،من أهل ِّ
بصالة المالئكة عليه ،فهذه دعوات عظيمة ُيدعى هبا ألهل ال َّطعام أو َ
لمن قدَّ م
الصائم. مختصا بتفطير َّ ًّ طعا ًما ،وليس
َّبي ﷺ إذا أكل عند قو ٍم لم يخرج حتَّى يدعو لهم، وقد كان من هدي الن ِّ
يما َر َز ْقت َُه ْمَ ،وا ْغ ِف ْر َل ُه ْمِ فدعا يف منزل عبد اهلل بن بسر بقوله« :ال َّل ُه َّم َب ِ
ار ْك َل ُه ْم ف َ
ون،الصائِ ُم َ ِ
َو ْار َح ْم ُه ْم» ،كما تقدَّ م ،ودعا يف منزل سعد بقولهَ « :أ ْف َط َر عنْدَ ك ُُم َّ
الم َلئِ َكةُ».َو َأك ََل َط َعا َم ُك ُم ْالَ ْب َر ُارَ ،و َص َّل ْت َع َل ْي ُك ُم َ
وعمو ًما فلل َّطعام آداب عديدة وردت هبا األحاديث ِّ
الصحاح عن رسول اهلل ﷺ
مستحب ،ويجدر بالمسلم أن يعتني هبا عناية
ٌّ منها ما هو واجب ،ومنها ما هو
متنوعة هبا
عظيمة ،ففيها الربكة والعافية وخير الدُّ نيا واآلخرة .وهي آداب ِّ
أهنأ للعبد ،وأنقى وأطيب وأكمل وأسلم ،وهي من محاسن هذه يكون ال َّطعام َ
تقر ًبا َّ
الشريعة وكمالها ووفائها بجميع مصالح العباد ،يقوم المسلم بامتثالها ُّ
ُ
فيبارك له يف طعامه ويثيبه على إلى اهلل سبحانه ا َّلذي يرضى عن عبده بذلك،
رعايته لهذه اآلداب جزيل ال َّثواب .قال اهلل تعالى﴿ :ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ
ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ﴾ [البقرة ،]172 :وقال
تعالى﴿ :ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ﴾ [سبأ ،]15 :وقال تعالى﴿ :ﭙ ﭚ
ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ﴾ [األعراف ،]31 :وقال تعالى﴿ :ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ
ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ﴾ [طه.]81 :
ٌ
جميل بالمسلم أن يراعي يف ال َّطعام آدابه وأذكاره؛ ليكون ذلك وكم هو
أبر َك له يف طعامه وأهنأ وأمر َأ.
َ
أحاديث األذكار واألدعية 598
98
الرفيعة ،وهو تح َّية أهل اإليمان السالم من خصال الدِّ ين العظيمة وآدابه َّ َّ
وداعية اإلخاء والمح َّبة بين المسلمين ،وهو تح َّية مباركة ط ِّيبة كما وصفها اهلل
Eبذلك ،قال تعالى﴿ :ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ
ﯦ ﯧ ﯨﯩ﴾ [النُّور ،]61 :وهو تح ِّية أهل الجنَّة يحييهم هبا المالئكة،
الزمر ،]73 :وهو تح َّية كما قال تعالى﴿ :ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ﴾ [ ُّ
أهل الجنَّة بينهم ،كما قال تعالى﴿ :ﭽ ﭾ ﭿﮀ﴾ [يونس ،]10 :وهو تح َّية
اهلل لهم ،كما قال تعالى﴿ :ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ﴾ [يس ،]58 :وهو من فضائل
واألخوة وال ُّطمأنينة واأللفة َّ للسالم نشر َّ
الدِّ ين العظيمة وخصاله الجليلة ،وهو ٌ
والمح َّبة بين المؤمنين.
اإل ْس َل ِم َع ْن َع ْب ِد اهلل ْب ِن َعم ٍرو َ :Iأ َّن ر ُج ًل س َأ َل النَّبِي ﷺَ :أ ُّي ِ
َّ َ َ ْ
ِ
ف» .رواه ت َو َم ْن َل ْم َت ْعرِ ْ َخ ْي ٌر؟ َق َالُ « :ت ْطع ُم ال َّط َعا َمَ ،و َت ْق َر ُأ َّ
الس َل َم َع َلى َم ْن َع َر ْف َ
البخاري ومسلم(.)1 ُّ
ال ْس َل ِم َخ ْي ٌر؟» فيه دالل ٌة على تفاضل شعب اإليمان َّ
وأن ي ِْ قولهَ :
«أ ُّ
أي خصاله ال ْس َل ِم َخ ْي ٌر؟» أيُّ : بعضها أفضل من بعض ،ولهذا قال لهَ « :أ ُّي ْ ِ
ون ان بِ ْض ٌع َو َس ْب ُع َ يم ُ«ال َ الشعب ،قال النَّبي ﷺِ ْ : خير وأفضل ،ويف حديث ُّ ٌ
ُّ
ِ
َاها إِ َما َط ُة ْالَ َذى َع ِن ُّون ُش ْع َبةً؛ َف َأ ْف َض ُل َها َق ْو ُل َل إِ َل َه إِ َّل اهَّللَُ ،و َأ ْدن َ
َأ ْو بِ ْض ٌع َوست َ
شعب متفاوته
ٌ يم ِ
ان» ،فذكر Oأنَّها يقَ ،وا ْل َح َيا ُء ُش ْع َب ٌة ِم َن ْ ِ
ال َ ال َّطرِ ِ
بعضها أفضل من بعض.
سخي النَّفس ،تطعم الفقراء والمحتاجين تكون أي: »، م
َ اعَ قولهُ « :ت ْط ِع ُم ال َّ
ط
َّ
طال ًبا بذلك ثواب اهلل سبحانه وأجره ،كما قال تعالى﴿ :ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ﴾
عمار بن ياسر [اإلنسان .]9 :وإذا كان هذا ال َّطعام عن حاجة فهو أعظم؛ عن َّ
اف ِم ْن َن ْف ِس َ
ك، انِ :
اإلن َْص ُ يم َ ث َم ْن َج َم َع ُه َّن َف َقدْ َج َم َع ِ
اإل َ Iقالَ « :ث َل ٌ
البخاري تعلي ًقا(.)1
ُّ َار» .رواه اق ِم َن ْ ِ
ال ْقت ِ الس َل ِم لِ ْل َعا َلمَِ ،و ْ ِ
ال ْن َف ُ َو َب ْذ ُل َّ
ف» ،أي :تس ِّلم على ِّ
كل ت َو َم ْن َل ْم َت ْعرِ ْ «و َت ْق َر ُأ َّ
الس َل َم َع َلى َم ْن َع َر ْف َ قولهَ :
مقصورا على َمن تعرف ،بل تس ِّلم على َمن تلقاه من ً مسلم ،فال يكون سالمك
المسلمين سواء َمن عرفت و َمن لم تعرف.
السالم الساعة أن يكون َّ أن من أشراط َّ وقد ثبت عن النَّبي َّ O
ِّ
ِ
رسول اهلل ﷺ: ُ قالقالَ : ٍ ِ ِ
على المعرفة فقط ،عن عبد اهلل بن مسعود َ I
الر ُج ِل َل ُي َس ِّل ُم َع َل ْي ِه إِ َّل لِ ْل َم ْعرِ َف ِة». ِ
السا َعة َأ ْن ُي َس ِّل َم َّ
الر ُج ُل َع َلى َّ
ِ ِ
«إِ َّن م ْن َأ ْش َراط َّ
رواه أحمد(.)2
السالم وإلقاؤه على َمن عرف المرء ،و َمن لم يعرف مدعا ُة وإفشاء َّ
والصدق ،ومن أمارات نصحه إلخوانه ،وحرصه على هذه ِّ اإلخالص
وحسن الخلق والتَّعامل الكريم ،وفيه َّ
الشعيرة من شعائر الدِّ ين ،وفيه التَّواضع ُ
َّأسي بالنَّبي Oواالهتداء هبديه الكريم ،قال تعالى﴿ :ﯯ ﯰ ﯱ
الت ِّ ِّ
ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ﴾ [األحزاب.]21 :
البخاري (.)15/1
ُّ ((( رواه
الصحيحة (.)648
السلسلة َّ
وصححه األلباينُّ يف ِّ
َّ ((( رواه أحمد (،)3848
أحاديث األذكار واألدعية 600
ون ا ْل َجنَّ َة َحتَّى«ل تَدْ ُخ ُل َ ول اهللِ ﷺَ : َو َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة َ Iق َالَ :ق َال َر ُس ُ
ت ُْؤ ِمنُواَ ،و َل ت ُْؤ ِمنُوا َحتَّى ت ََحا ُّبواَ ،أ َو َل َأ ُد ُّلك ُْم َع َلى َش ْي ٍء إِ َذا َف َع ْلت ُُمو ُه ت ََحا َب ْبت ُْم؟
الس َل َم َب ْينَك ُْم» .رواه مسلم(.)1 َأ ْف ُشوا َّ
الجنَّة دار أهل اإليمان أعدَّ ها اهلل Eلعباده المؤمنين ،ويف هذا
َّحاب منَّحاب ،والت ُّ السالم وإفشائه ،وأنَّه من أعظم أسباب الت ِّ الحديث فضل َّ
أعظم أسباب تمكين اإليمان وتقويته ،واإليمان هو سبب دخول الجنَّة.
َّحاب بين المؤمنين؛ ِ
أهم َّية نشر الت ِّ «و َل ت ُْؤمنُوا َحتَّى ت ََحا ُّبوا» ،فيه ِّ وقولهَ :
ألنَّهم إن تحا ُّبوا تعاونوا على الربِّ والتَّقوى ،بينما إذا تعادوا أشغلوا أنفسهم
والشحناء ا َّلتي عن طاعة اهلل وعبادته بالخصومات والعداوات والبغضاء َّ
تع ِّطلهم عن إقامة الدِّ ين يف أنفسهم وعن العمل على نشره بين النَّاس.
ٍ
«أ َو َل َأ ُد ُّلك ُْم َع َلى َش ْيء إِ َذا َف َع ْلت ُُمو ُه ت ََحا َب ْبت ُْم؟ َأ ْف ُشوا َّ
الس َل َم َب ْي َنك ُْم»، قولهَ :
لمن وأن النُّفوس ترتاح وتطمئ ُّن َ َّحاب والتَّوا ِّدَّ ، مفتاح للت ِّ ٌ السالم فيه َّ
أن َّ
عظيما لأللفة بين المسلمين ً بالسالم ويسابق إلى إلقائه؛ لكونه سب ًبا يبادرها َّ
كل من المتالقيين يدعو لآلخر باألسباب الجالبة ألن ًّونشر المح َّبة بينهم؛ َّ
الش ِّر ،فيحدث بينهم سالم ٌة وأم ٌن وراحة ،ولهذا جاء للخير والمبعدة عن َّ
الس َل َم ت َْس َل ُموا» رواه «أ ْف ُشوا َّ أن النَّبي Oقالَ : يف الحديث اآلخر َّ
َّ
أحمد( ،)2ومعنى تسلموا ،أي :من موجبات الفرقة والقطيعة؛ فكيف إذا
السالم ُحسن التَّرحيب ،وجمال األخالق ،وبشاشة الوجه وحسن انضم إلى َّ َّ
شرعي ينبغي ٌّ مطلب
ٌ التَّعامل! فهذه ك ُّلها روافد تزيد من األلفة والمح َّبة ،وهذا
وتتقوى األخوة اإليمان َّية َّ أن يحرص عليه أهل االسالم حتَّى تزيد األلفة بينهم
والرابطة الدِّ ين َّية.
َّ
((( رواه مسلم (.)54
الصحيحة (.)1493
السلسلة َّ
وصححه األلباينُّ يف ِّ
َّ ((( رواه أحمد (،)18530
601 -98ما ورد يف ال َّسالم
ورتِ ِه؛
«خ َل َق اهَّللُ آ َد َم َع َلى ُص َ َو َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة َ Iع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َق َالَ :
ك النَّ َفرِ ِم َن ا ْل َم َلئِك َِةب َف َس ِّل ْم َع َلى ُأو َلئِ َ ُطو ُل ُه ِست َ
ُّون ِذ َرا ًعاَ ،ف َل َّما َخ َل َق ُه َق َال :ا ْذ َه ْ
كَ ،ف َق َالَّ :
«الس َل ُم َح َّي ُة ُذ ِّر َّيتِ َ
ُك وت ِ ِ
َكَ ،فإِن ََّها تَح َّيت َ َ است َِم ْع َما ُي َح ُّيون َ وسَ ،ف ُْج ُل ٌ
«و َر ْح َم ُة اهَّلل ِ»َ ،فك ُُّل َم ْن ِ
ك َو َر ْح َم ُة اهَّلل»َ ،فزَا ُدو ُه َ َع َل ْيك ُْم»َ ،ف َقا ُلواَّ :
«الس َل ُم َع َل ْي َ
ور ِة آ َد َمَ ،ف َل ْم َيز َِل ا ْلخَ ْل ُق َينْ ُق ُص َب ْعدُ َحتَّى ْال َن» .رواه َيدْ ُخ ُل ا ْل َجنَّةََ ،ع َلى ُص َ
البخاري ومسلم(.)1
ُّ
ٌ
محافظ وذر َّيته ،فالمحافظ عليه منهم
السالم تح َّية آدم ِّ يف هذا الحديث َّ
أن َّ
على تح َّية والده آدم .S
بالسالم ال يجاب. وأن َمن لم يبدأ َّ السالم مقد ٌم وبه يبدأَّ ، أن َّ فيه َّ
ك َ :Iأ َّن ُه َم َّر َع َلى ِص ْب َي ٍ
ان َف َس َّل َم َع َل ْي ِه ْمَ ،و َق َال« :ك َ
َان َس ب ِن مال ِ ٍ
َو َع ْن َأن ِ ْ َ
البخاري(.)1
ُّ النَّبِ ُّي ﷺ َي ْف َع ُل ُه» .رواه
الصغير
مر الكبير على َّ السنَّة أن يس َّلم على ِّ
الصبيان؛ إذا َّ أن من ُّوهذا فيه َّ
للسرور على قلبه ٌ
وإدخال ُّ إيناس له،
ٌ يس ِّلم عليه ،والتَّسليم على َّ
الصغير فيه
أيضا تدريبه
الصغير إلى أهل الفضل ،وفيه ً تحبيب لهذا َّ
ٌ أيضا
واهتما ٌم به ،وفيه ً
الصغر ،وفيه فوائد عظيمة. السالم ،وتعويده عليه من ِّ على َّ
مسلم يف
ٌ الصالح .روى السلف َّ وهو سنَّة مأثورة عن نب ِّينا ﷺ وعن َّ
فمر بصبيان فس َّلم ِ ِ
«كنت أمشي مع ثابت ال ُبنان ِّي َّ
ُ صحيحه عن يسار ،قال:
فم َّر بصبيان فس َّلم عليهم،ثابت أنَّه كان َيمشي مع أنس َ Iعليهم ،وحدَّ ث ٌ
فم َّر بصبيان فس َّلم عليهم»(.)2 أنس أنَّه كان َيمشي مع رسول اهلل ﷺ َ
وحدَّ ث ٌ
ول اهلل ﷺ قال« :إِ َذا ا ْنت ََهى َأ َحدُ ك ُْم إِ َلى َو َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة َ Iأ َّن َر ُس َ
س َف ْليس ِّلمَ ،فإِ ْن بدَ ا َله َأ ْن يج ِلس َف ْليج ِلسُ ،ثم إِ َذا َقام َف ْليس ِّلم؛ َف َليس ِ ِ
ت َ َُ ْ َْ َّ َ ُ َ ْ َ َ ْ ْ َم ْجل ٍ ُ َ ْ
ِّرمذي(.)3
ُّ اآلخ َر ِة» .رواه أبو داود والت
األُو َلى بِ َأح َّق ِمن ِ
َ َ
كل شيء؛ ففي المجالس ليس وهذا فيه كمال عدل شريعة اإلسالم يف ِّ
بالسالم من آخره ،فكما س َّلمت َّأول المجلس فمفارقة
أحق ََّّأول المجلس َّ
بالسالم. المجلس كذلك حقيق ٌة ً
أيضا َّ
البخاري (.)6247
ُّ ((( رواه
((( رواه مسلم (.)2168
ِ
وحسنه األلبان ُّي. ِّرمذي (،)2706
((( رواه أبو داود ( ،)5208والت
َّ ُّ
أحاديث األذكار واألدعية 604
99
ِ
اس َو َيك َْر ُه ب ا ْل ُع َط َ َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة َ Iع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َق َال« :إِ َّن اهَّللَ ُيح ُّ
ال َّت َثاؤُ َب؛ َفإِ َذا َع َط َس َف َح ِمدَ اهَّللََ ،ف َح ٌّق َع َلى ك ُِّل ُم ْس ِل ٍم َس ِم َع ُه َأ ْن ُي َش ِّم َت ُهَ ،و َأ َّما
ك ِمنْ ُه ح َ انَ ،ف ْليرده ما اس َت َطاعَ ،فإِ َذا َق َال« :ها» َض ِ
َ َ الش ْي َط ِ َ ُ َّ ُ َ ْ ال َّت َثاؤُ ُب َفإِن ََّما ُه َو ِم َن َّ
البخاري(.)1
ُّ ان» .رواه الش ْي َط ُ
َّ
ِ
يحب سبحانه العطاس لما ُّ ب ال ُع َط َ
اس َو َيك َْر ُه ال َّت َثاؤُ َب»، قوله« :إِ َّن اهللَ ُيح ُّ
فإن العاطس، فيه من النَّفع العظيم ،والفائدة الكبيرة ا َّلتي تحصل للعاطسَّ ،
كما يقول ابن الق ِّيم « :Vقد حصل له بالعطاس نعمة ومنفعة بخروج
األبخرة المحتقنة يف دماغه ا َّلتي لو بقيت فيه؛ أحدثت له أدوا ًء عسيرة ،ولهذا
ُشرع له حمد اهلل على النِّعمة مع بقاء أعضائه على التئامها وهيئتها بعد هذه
الزلزلة ا َّلتي حصلت لبدنه»(.)2 َّ
وخروج األذى
ُ فالعطاس نعمة من نعم اهلل على العبد؛ َّ
ألن فيه راح ًة له،
يحب العطاس لما فيه وأضر بدماغه ،واهلل ُّ D َّ ألضر به
َّ ا َّلذي لو بقي يف بدنه
من النَّفع والخير للعبد ،وهذا من فضل اهلل الغني الحميد الكريم ،E
ِّ
فنحمد اهلل Eعلى نعمه ،ونحمده Eعلى ح ِّبه ما فيه النَّفع لنا
والخير.
البخاري (.)6223
ُّ ((( رواه
((( انظر :زاد المعاد (.)400/2
605 -99ما ُيقال عند العطاس
«وإِ َذا َع َط َس َف َح ِمدَ اهَّللَ َف َش ِّم ْت ُه»( ،)1والتَّشميت :هو الدُّ عاء ت» ،وذكر منهاَ : ِس ٌّ
الشوامت وهي القوائم؛ فيكون دعا ًء له له كما تقدَّ م ،قيلُ :س ِّمي تشميتًا من َّ
الشماتة الشماتة ،أي :جنَّبك اهلل َّ بالقيام وال َّثبات وصالح العمل ،وقيل :إنَّه من َّ
ك اهَّللُ»، «ي ْر َح ُم َ
السنَّة أن تقولَ : شمت به ،والمراد :الدُّ عاء له بما جاء يف ُّ وما ُت َّ
حق للمسلم على أخيه ،كما قال ﷺَ « :ف َح ٌّق َع َلى ك ُِّل ُم ْس ِل ٍم َس ِم َع ُه َأ ْن وهو ٌّ
ُي َش ِّم َت ُه».
اعَ ،فإِ َذا َق َال: انَ ،ف ْل َي ُر َّد ُه َما ْاس َت َط َ «و َأ َّما ال َّت َثاؤُ ُب َفإِن ََّما ُه َو ِم َن َّ
الش ْي َط ِ قولهَ :
الشيطان وهو يف الغالب ال يكون َّإل َّثاؤ ُب من َّ ان» ،الت ُ ك ِمنْ ُه َّ
الش ْي َط ُ «ها» َض ِ
ح َ َ
مأمور بكظمه ٌ والمسلم
ُ مع ثِقل البدن وامتالئه واسرتخائه وميله إلى الكسل،
ِ
حصول ما استطاع ،فقو ُله« :فليكظِم ما استطاع» هذا يكون بمحاولة منع
إغالق فمه عند حصوله ،فإن َلم
َ التَّثاؤب ،فإن َلم يتم َّكن من ذلك ،يحاول
يتم َّكن من ذلك ،وضع يده أو طرف لباسه على فمه.
َّ َّ
واألحوال التي يكون عليها املسلم مع التثاؤب هي مراحل:
دائما على نشاط ،وال يفتح على نفسه األبواب ا َّلتي األولى :أن يكون ً
تجلب له الخمول فتجلب له التَّثاؤب.
َّ
واملرحلة التي تليها :كظم التَّثاؤب بمحاولة منع حصول التَّثاؤب.
َّ
فإن لم يتمكن من ذلك :يحاول إغالق فمه عند حصوله.
َّ
فإن لم يتمكن :يضع يده أو طرف لباسه على فمه ،فال يكون الفم
مفتوحا هكذا بدون أن يضع عليه شيء يغ ِّطيه.
ً
شيء من ِ
لباسه ٍ يليق بالمسلم أن يتثاءب مفتوح الفم دون وضع ِ
يده أو وال ُ
َ
((( رواه مسلم (.)2162
607 -99ما ُيقال عند العطاس
ٌ
وسبيل فإن هذا إضاف ٌة إلى ما فيه من قبحٍ يف الهيئة والمنظر فإنَّه ذريع ٌة على فيه؛ َّ
الخدري قال:
ِّ الشيطان .فقد روى مسلم يف صحيحه عن أبي سعيد لدخول َّ
ان رسول اهللِ ﷺ« :إِ َذا َت َثا َء َب َأ َحدُ ك ُْم َف ْل ُي ْم ِس َ
ك بِ َي ِد ِه َع َلى فِ ِيه؛ َفإِ َّن َّ
الش ْي َط َ ُ َ
قال
َيدْ ُخ ُل»( ،)1أو حتى دخول غبار أو ذباب أو نحو ذلك.
دليل ،لكن إن تذكَّرالتثاؤب َلم يثبت فيه ٌ
ُ َّعوذ باهلل من َّ
الشيطان عند والت ُّ
وتعوذ باهلل منه فال حرج يف ذلك ما
الشيطان َّ أن ذلك من َّ َّثاؤب َّ
المسلم عند الت ُ
َلم يت ْ
َّخذه سنَّةً.
طان» ،هذه تأيت عندما يشتدُّ التَّثاؤب، ك ِمنْ ُه َّ
الش ْي ُ قولهَ « :فإِ َذا َق َال :هاَ ،ض ِ
ح َ َ
سرورا على
ً أمر ُيدخل
«ها» ،وهو ٌ الصوت َ ويفتح المرء فمه فيخرج هذا َّ
الشيطان و ُي َس ُّر هبا ولهذا يضحك ،وضحكه وفرحا ،فهي هيئة يح ُّبها َّ ً َّ
الشيطان
ناشئ عن سروره هبذا األمر وفرحه به ،والمسلم عندما يستشعر هذا األمر
َّبي Oأن أطلعنا على هذه الحقيقة؛ حتَّى يحذر ،وهذا من نصح الن ِّ
أمرا ُيضحك َّ
الشيطان و ُيفرحه. نستعين باهلل Fونحفظ أنفسنا بأن نجنِّبها ً
َو َع ْن أبي هريرة َ Iع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َق َال« :إِ َذا َع َط َس َأ َحدُ ك ُْم َف ْل َي ُق ِل:
ِ ِ ِ
ك«ي ْر َح ُم َ ك اهللُ»َ ،فإِ َذا َق َال َل ُه َ «ا ْل َح ْمدُ لله»َ ،و ْل َي ُق ْل َل ُه َأ ُخو ُه َأ ْو َصاح ُب ُهَ :
«ي ْر َح ُم َ
البخاري(.)2
ُّ اهللُ»َ ،ف ْل َي ُق ْلَ :ي ْه ِديك ُُم اهللُ َو ُي ْص ِل ُح َبا َلك ُْم» .رواه
أن هذا التَّراحم وتبادل الدُّ عاء «و ْل َي ُق ْل َل ُه َأ ُخو ُه» ،قولهَ :
(أ ُخو ُه) يفيد َّ قولهَ :
األخوة والتَّآخي بين المسلمين َّ األخوة اإليمان َّية؛ فك َّلما قويت هذه َّ منبعه
األخوة تجد هذا يعطس ويحمد و َمن حوله َّ جاءت هذه اآلثار ،وإذا ضعفت
ما يشعرون به وال يبالون ألمره.
((( رواه مسلم (.)2995
البخاري (.)6224
ُّ ((( رواه
أحاديث األذكار واألدعية 608
. . . J 3.. k.-
(
.
xpkVli
xnklzl4
Q C'
.
(h)l>..9y'b.J# ù!.9
*
.u2hw (
..w) '..
o k-'.totcwlJ -
0.b....
tp u'
.
uu-iu.y
>ôJt+=L
'
J
.
m .5I..A pI.>.Az..a. k.
o. ..
tx tjq
..j .
w ..w uz*u;a
.'
Ix' '' '
uc.îI.ke us,
r.o o-.u .pa k wos
u.
.. ; k.-
. t * ., .. . . . 5 . ''
tjl.z-) ><Jw-.'.',Q..:..
>.I.u. ult
.'
ç.? ktj.-.
av--w.çp .:p1j;) ' x-.chup1I J
v- 'y--.
i..z'.' ''.'
.coJ '
-c
. <.k
- Y <%5G z Q lCJl=v
'.w- U '2.
V .y
J, o.'tx '
.>.o'.
b
611 -100ذكر النِّكاح والتَّهنئة به وال ُّدخول بال َّزوجة ()1
وحسن االعتماد عليه يف الصلة باهللُ ، قوة ِّ وإيمان العبد بالقدر ُيح ِّقق له َّ
الضالل ،وقد كان أكثر دعاء النَّبي O طلب الهداية والوقاية من َّ
ِّ
ب َق َالُ :ق ْل ُت ألُ ِّم «يا مق َّلب القلوب ث ِّبت قلبي على دينك» ،عن َش ْه ِر ْب ِن َح ْو َش ٍ
َان ِعنْدَ ِك؟ ول اهللِ ﷺ إِ َذا ك َ اء رس ِ ِ
َان َأ ْك َث ُر ُد َع َ ُ َس َل َم َة َ :Jيا ُأ َّم ا ْل ُم ْؤمِنِي َن َما ك َ
ك»َ ،قا َل ْت: ت َق ْلبِي َع َلى ِدين ِ َ وب َث ِّب ْب ال ُق ُل ِ ِِ
َان َأ ْك َث ُر ُد َعائهَ :يا ُم َق ِّل َ َقا َل ْت« :ك َ
وب َث ِّب ْت َق ْلبِي َع َلى ِدين ِ َك؟ ِ َف ُق ْلت :يا رس َ ِ
ب ا ْل ُق ُل ِ ول اهلل َما ألَ ْك َث ِر ُد َعائ َك َيا ُم َق ِّل َ ُ َ َ ُ
«يا ُأ َّم َس َل َم َة إِ َّن ُه َل ْي َس آ َد ِم ٌّي إِ َّل َو َق ْل ُب ُه َب ْي َن ُأ ْص ُب َع ْي ِن ِم ْن َأ َصابِ ِع اهللَِ ،ف َم ْن َشا َء
َق َالَ :
ِّرمذي(.)1ُّ َأ َقا َمَ ،و َم ْن َشا َء َأزَا َغ» .رواه الت
الشهادة هلل «و َأ ْش َهدُ َأ ْن َل إِ َل َه إِ َّل اهللُ َو ْحدَ ُه َل َشرِ َ
يك َل ُه» ،هذه َّ قولهَ :
بحق َّإل اهلل.
Fبالوحدان َّية ،ومعنى «ال إله َّإل اهلل» ،أي :ال معبود ٍّ
«و َأ ْش َهدُ َأ َّن ُم َح َّمدً ا َع ْبدُ ُه َو َر ُسو ُل ُه ﷺ» هذا فيه َّ
الشهادة له ﷺ قولهَ :
بالرسالة ،واهلل Cيقول﴿ :ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ﴾
ِّ
بالرسالة تعني :طاعته فيما أمر ،وتصديقه [النِّساء ،]64 :وعليه َّ
فالشهادة له ﷺ ِّ
عما هنى عنه وزجر.
فيما أخرب ،واالنتهاء َّ
ثم إنَّه يف االستعانة واالستغفار واالستعاذة ذكرها بالنُّون -نون الجمع- َّ
ِ ِ
قال« :ن َْست َِعينُ ُه َون َْس َت ْغ ِف ُر ُه َو َن ُعو ُذ بِاهلل مِ ْن ُش ُر ِ
الشهادة ولما ذكر َّ ور َأ ْن ُفسنَا»َّ ،
يك َل ُهَ ،و َأ ْش َهدُ َأ َّن «و َأ ْش َهدُ َأ ْن َل إِ َل َه إِ َّل ُ
اهلل َو ْحدَ ُه َل َش ِر َ ذكرها باإلفراد ،قالَ :
أن االستعانة واالستغفار واالستعاذة تقبل ُم َح َّمدً ا َع ْبدُ ُه َو َر ُسو ُل ُه» ،ووجه ذلكَّ :
النِّيابة؛ تستغفر لك وإلخوانك ،وتطلب العون لك وإلخوانك ،وتطلب العوذ
لك وإلخوانك« ،ال َّل ُه َّم َأ ِع ْذنِي َو ُذ ِّر َّيتي»« ،ال َّل ُه َّم ا ْغ ِف ْر لِي َول ِ َوالِدَ َّي»« ،ال َّل ُه َّم
ويتحملها الواحد عن نفسه وعن َّ الم ْسلِ ِمي َن» ،فهي تقبل النِّيابة ِ ِ
َأعنِّي َوإِ ْخ َواني ُ
وصححه األلباينُّ.
َّ ِّرمذي (،)3522
ُّ ((( رواه الت
أحاديث األذكار واألدعية 614
الشهادة فال تكون َّإل من المرء ُيخرب هبا عن نفسه ويشهد هبا لنفسه،
إخوانه .أ َّما َّ
بالرسالة
َّبي ِّ O وال تقبل النِّيابة ،ولهذا َّ
فالشهادة هلل بالوحدان َّية وللن ِّ
جاءت باإلفراد ،وأ َّما االستعانة واالستغفار واالستعاذة جاءت بالجمع.
ُّ
الحث على وقد ذكر النَّبِ ُّي ﷺ يف هذه الخطبة ثالث آيات عظيمات فيه
تقوى اهلل ،Dقول اهلل تعالى﴿ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ
ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ
ﭭ ﭮ﴾ [النِّساء﴿ ،]1 :ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ
ﭯ﴾ [آل عمران﴿ ،]102 :ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ
ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ﴾ [األحزاب:
.]71-70
إن هذه الخطبة المباركة ،كما هو واضح منها؛ فيها تقوية اإليمان وال ِّثقة ثم َّ َّ
وحسن التَّوكُّل عليه ،وتفويض األمر إليه ،وطلب العون منه والهداية. باهللُ ،
تأثيرا بال ًغا ،حتَّى إنَّها كانت الخطبة ويفهم معانيها؛ تؤ ِّثر فيه ً و َمن يتأ َّمل هذه ُ
الخطبة لما سمع هذه ُ سب ًبا يف إسالم أحد أهل الجاهل َّية ،بل وإسالم قومه معه! َّ
تأثيرا بال ًغا ،وكانت سبب إسالمه على الفور. طلب إعادهتا فأ َّثرت فيه ً
َان مِ ْن َأ ْز ِد َشنُو َء َة َوك َ
َان -وك َ ِ ِ
اس َ Lأ َّن ض َما ًدا َقد َم َم َّك َة َ َع ِن ا ْب ِن َع َّب ٍ
ُون، ون :إِ َّن ُم َح َّمدً ا َم ْجن ٌ الريحِ َ -ف َس ِم َع ُس َف َها َء مِ ْن َأ ْه ِل َم َّك َة َي ُقو ُل َ ِ ِ ِ ِ
َي ْرقي م ْن َهذه ِّ
يه َع َلى َيدَ َّيَ ،ق َالَ :ف َل ِق َي ُهَ ،ف َق َالَ « :يا َف َق َالَ :لو َأنِّي ر َأي ُت َه َذا الرج َل َلع َّل اهَّلل ي ْش ِف ِ
ََ َّ ُ َ َ ْ ْ
اهَّلل َي ْش ِفي َع َلى َي ِدي َم ْن َشا َء َف َه ْل َل َك؟» الريحِ َوإِ َّن َ
ِ ِ ِِ
ُم َح َّمدُ ،إِنِّي َأ ْرقي م ْن َهذه ِّ
ول اهَّللِ ﷺ« :إِ َّن ا ْل َح ْمدَ لِ َّل ِه ن َْح َمدُ ُه َون َْست َِعينُ ُه َم ْن َي ْه ِد ِه اهَّللُ َفالَ ُم ِض َّل َل ُه َف َق َال َر ُس ُ
يك َل ُه َو َأ َّن ُم َح َّمدً ا ي َل ُه َو َأ ْش َهدُ َأ ْن َل إِ َل َه إِ َّل اهَّللُ َو ْحدَ ُه َل َشرِ َ ِ ِ
َو َم ْن ُي ْضل ْل َف َل َهاد َ
ك َه ُؤ َل ِء»َ ،ف َأ َعا َد ُه َّن َع َل ْي ِه «أ ِعدْ َع َل َّي ك َِل َماتِ ََع ْبدُ ُه َو َر ُسو ُل ُه َأ َّما َب ْعدُ »َ ،ق َال َف َق َالَ :
615 -100ذكر النِّكاح والتَّهنئة به وال ُّدخول بال َّزوجة ()1
الس َح َر ِة ِ اتَ ،ق َال َف َق َالَ « :ل َقدْ َس ِم ْع ُ ث مر ٍ رس ُ ِ
ت َق ْو َل ا ْلك ََهنَة َو َق ْو َل َّ ول اهَّلل ﷺ َث َل َ َ َّ َ ُ
وس ا ْل َب ْحرِ»، ِ ت ِم ْث َل ك َِل َماتِ َ اء؛ َف َما َس ِم ْع ُ الشعر ِ
ك َه ُؤ َلء َو َل َقدْ َب َلغ َْن نَا ُع َ َو َق ْو َل ُّ َ َ
ول اهَّللِ ﷺ: ال ْس َل ِمَ ،ف َبا َي َع ُهَ ،ف َق َال َر ُس ُ ات َيدَ َك ُأ َبايِ ْع َك َع َلى ْ ِ َق َالَ :ف َق َالَ :ه ِ
ول اهَّللِ ﷺ َس ِر َّي ًة َف َم ُّروا «و َع َلى َق ْو ِمي»َ ،ق َال َف َب َع َث َر ُس ُ ك؟» َق َالَ : «و َع َلى َق ْو ِم َ
َ
ش َه ْل َأ َص ْبت ُْم :مِ ْن َه ُؤ َل ِء َش ْي ًئا؟ َف َق َال َر ُج ٌل الس ِر َّي ِة ل ِ ْل َج ْي ِ
ب َّ
ِ ِِ
بِ َق ْومهَ ،ف َق َال َصاح ُ
اد»(.)1 مِن ا ْل َقو ِم َأصب ُت مِنْهم مِ ْطهرةًَ ،ف َق َال« :ردوها َفإِ َّن ه ُؤ َل ِء َقوم ِضم ٍ
ُْ َ َ ُ ُّ َ ُ ْ ََ َ ْ َ ْ
الرجل حيث كانت سب ًبا فتأ َّمل أثر هذه الكلمات المباركات على هذا َّ
الخطب وتكون وكثيرا ما ُتسمع هذه الكلمات يف ًُ يف إسالمه وإسالم قومه،
والسبب عدم التَّأ ُّمل يف المعاين والدَّ الالت
َّ ضعيفة األثر على القلوب!
والهدايات ا َّلتي اشتملت عليها هذه الخطبة العظيمة.
101
ف َأ َث َرك َ Iأ َّن النَّبِي ﷺ ر َأى َع َلى َعب ِد الرحم ِن ب ِن َعو ٍ َس ب ِن مال ِ ٍ
ْ َّ ْ َ ْ ْ َ َّ َع ْن َأن ِ ْ َ
ت ْام َر َأ ًة َع َلى َوز ِْن ن ََو ٍاة
ول اهلل! إِنِّي َتز ََّو ْج ُ
«يا َر ُس َ «ما َه َذا؟» َق َالَ :
ٍ
ُص ْف َرةَ ،ف َق َالَ :
البخاري ومسلم(.)1 ُّ كَ ،أ ْولِ ْم َو َل ْو بِ َش ٍاة» .رواهب»َ ،ق َالَ « :ف َب َار َك اهَّللُ َل َ ِم ْن َذ َه ٍ
ك» ،أي :جعل فيما أعطاك برك ًة عليك ،ويدخل يف «و َب َار َك َع َل ْي َ
قولهَ :
الصالحة وغيرها من المعاين. والذ ِّر َّية َّ ذلك سعة العيش ُّ
«و َج َم َع َب ْينَك َُما فِي َخ ْيرٍ» ،أي :بينك وبين زوجك يف خير ،وهذا قولهَ :
تزوج. لمن َّ كل فالح وصالح يف الدُّ نيا واآلخرة .وهذا خير ما ُيدعى به َ يتناول َّ
يه َع ْن َجدِّ ِه َ Iع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َق َال« :إِ َذا ب َعن َأبِ ِ
َو َع ْن َع ْم ِرو ْب ِن ُش َع ْي ٍ ْ
َتزَوج َأحدُ كُم امر َأ ًة َأ ِو ْاشتَرى َخ ِ
اد ًماَ ،ف ْل َي ُق ِل« :ال َّل ُه َّم إِنِّي َأ ْس َأ ُل َ
ك َخ ْي َر َها َو َخ ْي َر َ َّ َ َ ُ ْ َ
ك ِم ْن َش ِّر َها َو ِم ْن َش ِّر َما َج َب ْلت ََها َع َل ْي ِه»َ ،وإِ َذا ْاشت ََرى َما َج َب ْلت ََها َع َل ْي ِهَ ،و َأ ُعو ُذ بِ َ
ك» .رواه أبو داود وابن ماجه(.)1 َب ِع ًيرا َف ْل َي ْأ ُخ ْذ بِ ِذ ْر َو ِة َسن َِام ِه َو ْل َي ُق ْل ِم ْث َل َذلِ َ
الزوج َّأول ما يدخل على زوجته يف َّأول ليلة فيبدأ هبذا هذه الكلمة يقولها َّ
الدُّ عاء ،يسأل اهلل Dخيرها وخير ما جبلها عليه ،أي :ما خلقها وطبعها
ثم يدعو الزوج َّيةَّ ، عليه ،ويكون هذا الدُّ عاء بعد صالة ركعتين يبدأ هبما حياته َّ
َّبي الكريم. هبذا الدُّ عاء المأثور عن الن ِّ
ِ ٍ
أس ْيد ،قالَ :ت َز َّو ْجت َو َأنَا َم ْم ُل ٌ
وكَ ،فدَ َع ْو ُت َن َف ًرا َع ْن َأبِي َسعيد َم ْو َلى َأبِي َ
ودَ ،و َأ ُبو َذ ٍّر َو ُح َذ ْي َف ُة ُي َع ِّل ُمونَنِيَ ،ف َق َال:
اب النَّبي ﷺ منهم ابن مسع ٍ
َ ْ ُ ِّ
مِ ْن َأ ْص َح ِ
ُ َ َ ِ ِ ِ ُ ِ
ك ف َصل َر ْك َع َت ْين ،ث َّم َسل اهَّللَ م ْن َخ ْير َما َد َخل َعل ْيك ،ث َّم ِّ َ «إ َذا َد َخ َل َع َل ْيك َأ ْهل َ
ُ
ك» .رواه ابن أبي شيبة يف مصنَّفه(.)2 ُك َو َش ْأ ُن َأ ْه ِل َ َت َع َّو ْذ بِ ِه ِم ْن َش ِّر ِهُ ،ث َّم َش ْأن َ
واإلنسان قد ُيج َبل على أخالق كريمة ،وقد يكون فيه بعض األخالق
غير الحميدة ،فهو يسأل اهلل Dمن خيرها -أي :هذه المرأة ا َّلتي َّ
تزوجها- ِ
شرها
ويتعوذ به Fمن ِّ َّ وخير ما جبلها اهلل عليه ،أيَ :خ َل َقها وطبعها عليه،
وشر ما جبلها عليه.
ِّ
وحسنه األلبانِ ُّي.
َّ ((( رواه أبو داود ( ،)2160وابن ماجه (،)2252
الزفاف (.)94
وصححه األلباينُّ يف آداب َّ
َّ ((( رواه ابن أبي شيبة يف مصنَّفه (،)29733
619 -101ذكر النِّكاح والتَّهنئة به وال ُّدخول بال َّزوجة ()2
مرة يأيت أهله؛ ألنَّه ال يدري متى ُيقدَّ ر بينهما الولد ،فيحتاج األمر كل َّ الدُّ عاء يف ِّ
الشيطان وحضوره مكانه، يسلم َّأو ًل من َّ مرة ،حتَّى ْ كل َّ أن يواظب عليه يف ِّ
المستمر الدَّ ائم.
َّ وليحصن الولد هذا التَّحصين التَّا َّم ِّ
ان َأ َبد ًا» ،هذه فائدةك َل ْم َي ُض َّر ُه َش ْي َط ٌ قولهَ « :فإِ َّن ُه إِ ْن ُي َقدَّ ْر َب ْين َُه َما َو َلدٌ فِي َذلِ َ
حق الولد على والده أن يدعو هبذا الدُّ عاء قبل أن ُيخ َلق فمن ِّ عظيمة ،ولهذا ِ
الشيطان -كما يف ألن َّ الشيطان أبدً ًا؛ َّ يضره َّ الولد حتَّى يكون تحصينًا له فال َّ
سورة اإلسراء -له مشاركة يف أموال النَّاس وأوالدهم ،قال اهلل تعالى:
﴿ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ﴾ [اإلسراء ،]64 :فإذا التجأ المسلم إلى اهلل هذا
شره. ووقي من ِّ االلتجاء سلِم الولد بإذن اهلل من هذه المشاركة ُ
حصن بالدُّ عاء ا َّلذي فهذا تحصين له قبل أن يوجد ،أ َّما بعد أن يوجد؛ فإنَّه ُي َّ
َان النَّبِ ُّي ﷺ ُي َع ِّو ُذ ا ْل َح َس َن َوا ْل ُح َس ْي َن،
جاء يف حديث ابن ع َّباس Lقال« :ك َ
ات اهلل ِ الت ََّّام ِة
«أعو ُذ بِك َِلم ِ
َ اقُ َ ،
اع َيل َوإِ ْس َح ََان يعو ُذ بِها إِسم ِ
ول :إِ َّن َأ َباك َُما ك َ ُ َ ِّ َ ْ َ َو َي ُق ُ
البخاري(.)1
ُّ ان َو َه َّام ٍة َو ِم ْن ك ُِّل َع ْي ٍن ال ََّم ٍة» .رواه
ِم ْن ك ُِّل َش ْي َط ٍ
œho.tx'.
. w))'ae lJ 5G. a> hoI Io''
uç '1I ap'. o'
t-
w'
.
w .po,
. pupaplu.y>k..-./l.@= ôZJ .f( a.w'
.
w q.
41 , i uç)-.
1.w4
z f zr
z =Twlw
rI *
d= TIu I .wI rI .wwx jz
'uu.ah
r 'ro o
'wzm' <+
' ..'
'up -
cvaoz c.'t>y
v ... . M . .p.u w. k.. . . .k
f !
. !
.
' <o .wp 'wp ': z.kz.I
a pw apI rc
aùd.:.ouozoX aaau1
.4.1 U-ZAV wwb
wsklz
w. ).
. .w1
I 'rJôu.
.=1b P .jA'J. jo wu'J on rI. rj pwTI 'IC .W N )J'I
. w x..J w %J+x .%>.
.
. * 1w W w W œ' s
.w a .w o. .it.qJ .Jt>.J it.
qJ . -pe 0:1u..
v..)a.
. o # .'.
....nxu w .,
t1ù1
6 ..lzvu
' v v .. .
.. .
. (: w k+x 44.4l, ..I
<.py > '-I
wCA
;I 'izutx'.w '
....4<) . L*
a))'
.a''
e*?.w1fa*l ' '
p
p ; '' .! . :
.
.z z.4 k.sJ) e-vwx u.
(. .( pw ..o tz. e'''''- J . ovz.p ô > . +î.?
a.x o4.
- 10stp, <o lostp I
a lt.x a l.1
أحاديث األذكار واألدعية 622
102
ويسره له، حق َمن لبس ثو ًبا جديدً ا أن يحمد اهلل ا َّلذي كساه إ َّياه َّ السنَّة يف ِّ
ُّ
شره.وأن يدعوه سبحانه أن يرزقه خير هذا الكساء ويعيذه من ِّ
َان رس ُ ِ ِ ٍ
ول اهلل ﷺ إِ َذا ْ
است ََجدَّ َث ْو ًبا َع ْن َأبِي َسعيد ا ْل ُخدْ ِر ِّي َ ،Iق َال :ك َ َ ُ
ْت ك ََس ْوتَن ِ ِيه،
ك ا ْل َح ْمدُ َأن َ
ول« :ال َّل ُه َّم َل َ يصا َأ ْو ِع َما َمةًُ ،ث َّم َي ُق ُ ِ
اسمه إِ َّما َقم ً
سماه بِ ِ ِ
َ َّ ُ ْ
ك ِم ْن َش ِّر ِه َو َش ِّر َما ُصن ِ َع َل ُه» .رواه ك ِم ْن َخ ْيرِ ِه َو َخ ْيرِ َما ُصن ِ َع َل ُهَ ،و َأ ُعو ُذ بِ َ َأ ْس َأ ُل َ
ِّرمذي(.)1
ُّ أبو داود والت
سماه باسمه ،أي :يقول: قوله« :إِ َذا ْاست ََجدَّ َث ْو ًبا» ،أي :لبِ َس َثو ًبا َجديدً ا َّ
هم إنِّي أسألك خير هذا ال َّثوب ،أو خير هذه العمامة ،أو خير هذا القميص ال َّل َّ
ونحو ذلك.
ْت ك ََس ْوتَن ِ ِيه» ،يستشعر منَّة اهلل عليه حامدً ا له
ك ا ْل َح ْمدُ َأن َ
قوله« :ال َّل ُه َّم َل َ
سبحانه أن كساه هذا ال َّثوب ،وهو من نعم اهلل ،Eقال ﴿ :Dﭷ
ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ
ﮄ ﮅ﴾ [النَّحل ،]81 :ويف الحديث القدسيُ « :ك ُّلك ُْم َع ٍ
ار إِ َّل َم ْن ِّ
اس َتك ُْسونِي َأك ُْسك ُْم»(.)2 ك ََس ْو ُت ُه َف ْ
ك ِم ْن َخ ْيرِ ِه َو َخ ْيرِ َما ُصن ِ َع َل ُه» ،من أعظم خيره أنَّه يسرت عورة
«أ ْس َأ ُل َ
قولهَ :
فحدَّ ثته بكلمة أو كلمتين من لغته أو لهجته على سبيل المؤانسة له ترى لها
أثرا عليه.
ً
َّبي ﷺ هو ا َّلذي كساها ذلك ال َّثوب وألبسها َّ
الروايات أن الن َّ وجاء يف بعض ِّ
يص ٌة َس ْو َدا ُء َص ِغ َيرةٌ، ِ
اب ف َيها َخم َ
إياه ،فعن ُأم َخال ِ ٍد ُ Jأتِي النَّبِي ﷺ بِثِي ٍ ِ
َ ُّ َ َ ْ ِّ َّ
«م ْن ت ََر ْو َن َأ ْن َنك ُْس َو َه ِذ ِه؟» َف َس َك َت ا ْل َق ْو ُمَ ،ق َال« :ا ْئتُونِي بِ ُأ ِّم َخالِ ٍد» َف ُأتِ َي َف َق َالَ :
َان فِ َيها«أ ْب ِلي َو َأ ْخ ِل ِقي»َ ،وك َ يص َة بِ َي ِد ِه َف َأ ْل َب َس َهاَ ،و َق َالَ : ِ
بِ َها ُت ْح َم ُلَ ،ف َأ َخ َذ ا ْل َخم َ
«يا ُأ َّم َخالِ ٍد َه َذا َسنَا ْه»َ .و َسنَا ْه بِا ْل َح َب ِش َّي ِة َح َس ٌن. َع َل ٌم َأ ْخ َض ُر َأ ْو َأ ْص َف ُرَ ،ف َق َالَ :
البخاري(.)1
ُّ رواه
ب بِخَ ا َت ِم ال ُّن ُب َّو ِة َف َز َب َرنِي َأبِي» ،أي :زجرين وهناين. ت َأ ْل َع ُ قالتَ « :ف َذ َه ْب ُ
ول اهلل ﷺ -وهذا موضع ول اهلل ﷺَ « :د ْع َها»ُ ،ث َّم َق َال َر ُس ُ ف َق َال َر ُس ُ
«أ ْب ِلي َو َأ ْخ ِل ِفيُ ،ث َّم َأ ْب ِلي َو َأ ْخ ِل ِفيُ ،ث َّم َأ ْب ِلي َو َأ ْخ ِل ِفي»؛ أ ْم ٌر باإلبالء،
الشاهدَ :- َّ
ثم اكتسي خ َلفه بعد بِالئه ،والمراد أي: ِ
أي :البسي إلى أن يصير خل ًقا بال ًياَّ ،
أيضا ُتبلينه وتكتسين غيره، ثم ً ثم تكتسين غيرهَّ ، عمرا يبلى فيه ال َّثوب َّ تعيشين ً
ثم ثو ًبا آخر ُتبلينه وتكتسين غيره ،وهذا التَّكرار فيه دعا ٌء لها بطول العمر على َّ
عمرا Jوأرضاها. خير وطاعة هلل سبحانه .ولهذا عاشت ً ٍ
اب النَّبِ ِّي ﷺ إِ َذا َلبِ َس َأ َحدُ ُه ْم َث ْو ًبا َج ِديدً ا، َان َأ ْص َح ُ و َع ْن َأبِي ن َْض َر َة َق َال :ك َ
ف اهَّللُ َت َعا َلى» .رواه أبو داود(.)2 قِ َيل َل ُهُ « :ت ْب ِلي َو ُيخْ ِل ُ
ِ
قولهُ « :ت ْبلي» هذا فيه دعاء له بأن يبقيه اهلل ويبلي ال َّثوب ويخلفه اهلل ً
خيرا
منه ،وهذا دعا ٌء له بطول العمر وبالبقاء حتَّى يبلى ال َّثوب من طول ُلبس صاحبه
خيرا منه. له ،وبعد بالئه يخلفه اهلل Dعنه ً
البخاري (.)5823
ُّ ((( رواه
وصححه األلباينُّ.
َّ ((( رواه أبو داود (،)4020
625 -102ما يقوله َمن لبس ثو ًبا جديدً ا
وإن من نعم اهلل العظيمة على عباده نعمة ال ِّلباس بأنواعه المختلفة
هذا َّ
وأصنافه العديدة ،يقول اهلل تعالى مذك ًِّرا هبذه النِّعمة﴿ :ﭑ ﭒ ﭓ
ﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ
ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ
ﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺ
ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ
ﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓ
ﮔ﴾ [النَّحل .]83-80 :فب َّين Cيف هذه اآليات العظيمة نعمته على
ونحوها من ثياب القطن والكتَّان
ُ عباده؛ بأن جعل لهم سرابيل -وهي ال ُقمصان
ويتجملون هبا ،ويسرتون هبا عوراهتم.
َّ الحر والربد،
والصوف -يتَّقون هبا َّ
ُّ
أن ال ِّلباس نعم ٌة عظيم ٌة ومنَّ ٌة كبير ٌة يجب على عبد اهلل المؤمن أن
فال ريب َّ
يقرب إليه ،وأن يحذريقوم بشكرها ،وأن يستعملها يف طاعة اهلل ورضوانه وما ِّ
أشدَّ الحذر من مخالفة أمر اهلل يف ال ِّلباس يف صفته ونوعه وشروطه وضوابطه
وآدابه ا َّلتي جاءت هبا َّ
الشريعة.
الشيطان ومكره و ُطرقه الخف َّية لصدِّ
المسلم يف هذا الباب من كيد َّ
ُ وليحذر
الحق يف هذا الباب وإيقاعه يف أنوا ٍع من المخالفات ،فقد ب َّين اهلل اإلنسان عن ِّ
الشيطان لإلنسان يف هذا األمر وغيره قديمة ،وذكر سبحانه أن عداوة َّ تعالى َّ
الشيطان على األبوين ووسوسته لهما ل ُيبدي لهما ما ُووري يف القرآن احتيال َّ
عنهما من سوآهتما ،ودخل عليهما يف هذا األمر من ُطرق خف َّية ،وظهر لهما
الهما بغرور ،أي :أنزلهما بصورة الناصح األمين ،وحلف لهما على ذلك ،ود َّ
عن رتبتهما العل َّية ا َّلتي هي البعدُ عن المعصية إلى الوقوع فيها.
يقول اهلل تعالى﴿ :ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ
أحاديث األذكار واألدعية 626
ﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞ
ﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮ
ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ
ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ
ﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘ
ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ﴾ [األعراف.]23-19 :
فتداركهما اهلل برحمته وم َّن عليهما بعفوه فغفر لهما ذلك ،كما قال
سبحانه﴿ :ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ﴾ [طه-121 :
حريص أشدَّ
ٌ غير مقل ٍع عن عصيانه،
مستمر يف طغيانهُ ، ٌّ ،]121هذا وإبليس
الذ ِّر َّية ،كما أغوى األبوين؛ ولهذا ا َّتجه الخطاب يفالحرص على إغواء ُّ
ِّ
المضل الفتَّان من أن يفتنهم السياق الكريم إلى ُّ
الذ ِّر َّية للحذر من هذا هذا ِّ
بالوسوسة كما فعل مع األبوين ،قال اهلل تعالى﴿ :ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ
ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ﴾
ويسر لهم من ال ِّلباس الباطن [األعراف ،]26 :فذكَّرهم سبحانه بما م َّن عليهم َّ
يستمر مع العبد وال يبلى وال
ُّ وال َّظاهر ،فال ِّلباس الباطن :هو تقوى اهلل ،وهو
والروح ،وال ِّلباس ال َّظاهر :هو
جمال للقلب ٌُّ يبيد ما حافظ عليه العبد ،وهو
ً
جمال للنَّاس. ا َّلذي يسرت به المسلم عور َته ويواري به سوأته ويكون
موج ًها الخطاب ُّ
للذ ِّر َّية﴿ :ﮊ ثم قال سبحانه بعد تذكيره هبذه النِّعمة ِّ
َّ
ﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗ
ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ
فحذر سبحانه ُّ
الذ ِّر َّي َة من أن يفعل هبم َّ
الشيطان كما ﮩ﴾ [األعرافَّ ،]27 :
العدو
َّ أن هذافعل بأبيهم بأن ُيز ِّين لهم المعصية وير ِّغبهم فيها ،وأخرب سبحانه َّ
627 -102ما يقوله َمن لبس ثو ًبا جديدً ا
103
كفَّارة املجلس
فشرع للمسلم كلمات كثير من المجالس ال تخلو من ال َّلغط! ُ فكيف إذا كان ٌ
تكون ك َّفار ًة له لما كان يف مجلسه ذلك.
س َف َك ُث َر «م ْن َج َل َس فِي َم ْج ِل ٍ ول اهلل ﷺَ : َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة َ Iق َالَ :ق َال َر ُس ُ
َك ال َّل ُه َّم َوبِ َح ْم ِد َك،«س ْب َحان َ كُ :- فِ ِيه َل َغ ُط ُهَ ،ف َق َال َ -ق ْب َل َأ ْن َي ُقو َم ِم ْن َم ْج ِل ِس ِه َذلِ َ
َان فِي َم ْج ِل ِس ِه ك»؛ إِ َّل ُغ ِف َر َل ُه َما ك َ ِ
ْتَ ،أ ْس َتغْف ُر َك َو َأت ُ
ُوب إِ َل ْي َ َأ ْش َهدُ َأ ْن َل إِ َل َه إِ َّل َأن َ
ِّرمذي(.)1
ُّ ك» .رواه الت َذلِ َ
َّ وينبغي أن ُيعلم هنا َّ
أن ما يقع في مجالس الناس من خطأ وذنب بسبب
ّ
اللسان على قسمين: آفات ِ
والشتم، َّ والسخرية ،وال َّلعن، الغيبة ،والنَّميمة، األول :الكبائر ،مثلِ : َّ
ُّ
أن اإلنسان يدل على َّ إن هذا الحديث ُّ والوقيعة يف األعراض .فال يقول القائلَّ :
يجلس يف مجلسه ويغتاب َمن أراد ،وين ُُّم ويهزأ ويسخر ،ويقول الحرام واآلثام،
ثم يقول« :أختم مجلسي هبذا التَّسبيح و ُيغفر ما كان»؛ فالكبائر ال بدَّ فيها من َّ
نم آثارها متعدِّ ية ،فال بدَّ من محو ذلك األثر ،فإذا كان ً ٍ
مثل َّ توبة ،وإذا كانت ُ
الصدور على أحد المسلمين ،فال فأوقع عداو ًة بين اثنين ،أو اغتاب فشحن ُّ
الذكر يف خاتمة المجلس ويكون ك َّفارة لما يكفي يف ذلك أن يقول« :آيت هبذا ِّ
الذنوب ،والبد كان فيه» ،فالكبائر البدَّ فيها من توبة إلى اهلل تعالى من تلك ُّ
من إصالح ما أفسد.
الثانيِ :صغار ُّ
َّ
مما ال يتعدَّ ى بأثره على الغير ،فهذا ُيك ِّفره الذنوب وال َّلممَّ ،
الذكر عند القيام من المجلس. هذا ِّ
أن العبد يجب عليه أن يصون مجالسه من المعاصي واآلثام، والحاصل َّ
َّبي ﷺ. ِّ
وأن يحرص على ختمها هبذا الذكر المبارك العظيم المأثور عن الن ِّ
وصححه األلبانِ ُّي.
َّ ِّرمذي (،)3433
ُّ ((( رواه الت
أحاديث األذكار واألدعية 630
أن َمن قاموا من مجلس لم يذكروا اسم اهلل فيه َّإل كان ندام ًة عليهم الحديث َّ
يوم القيامة.
أن ا َّلذين يقومون عن ار» ،من المعلوم َّ قوله« :إِ َّل َق ُاموا َع ْن ِم ْث ِل ِجي َف ِة ِح َم ٍ
الروائح الكريهة حصلون يف مجلسهم ذلك َّإل َّ مجلس فيه جيفة حمار ال ُي ِّ ٍ
والمنظر القبيح ،وال يقومون َّإل بندامة من جلوسهم يف ذلك المجلس ،آذهتم
الرائحة وآذاهم ذلك المنظر. تلك َّ
س َحتَّى ول اهللِ ﷺ َي ُقو ُم مِ ْن َم ْجلِ ٍ َان َر ُس ُ َو َع ْن ا ْب ِن ُع َم َر َ Lق َالَ :ق َّل َما ك َ
ك َما َي ُح ُ
ول َب ْي َننَا ات ألَ ْص َحابِ ِه« :ال َّل ُه َّم ا ْق ِس ْم َلنَا ِم ْن َخ ْش َيتِ َ يدْ ُعو بِه ُؤ َل ِء الدَّ َعو ِ
َ َ َ َ
ين َما ت َُه ِّو ُن بِ ِه َع َل ْينَا
َكَ ،و ِم َن ا ْل َي ِق ِ ك َما ُت َب ِّل ُغنَا بِ ِه َج َّنت َ
يكَ ،و ِم ْن َطا َعتِ َ اص َ وبين مع ِ
َ َْ َ َ َ
اج َع ْل ُه ا ْل َو ِار َ ِ اعنَا َو َأ ْب َص ِ ات الدُّ ْنيا ،وم ِّتعنَا بِ َأسم ِ م ِصيب ِ
ث ارنَا َو ُق َّوتنَا َما َأ ْح َي ْي َتنَاَ ،و ْ َ ََ ْ ْ َ ُ َ
اج َع ْل َث ْأ َرنَا َع َلى َم ْن َظ َل َمنَاَ ،وان ُْص ْرنَا َع َلى َم ْن َعا َدانَاَ ،و َل ت َْج َع ْل ُم ِصي َب َتنَا ِ
منَّاَ ،و ْ
فِي ِدينِنَاَ ،و َل ت َْج َع ِل الدُّ ْن َيا َأ ْك َب َر َه ِّمنَاَ ،و َل َم ْب َلغَ ِع ْل ِمنَاَ ،و َل ت َُس ِّل ْط َع َل ْينَا َم ْن َل
ِّرمذي(.)1
ُّ َي ْر َح ُمنَا» .رواه الت
َّبي ﷺ يختم دعوات عظيمات جمعت خيري الدُّ نيا واآلخرة كان الن ُّ ٌ هذه
هبا مجالسه.
ك» ،أيُ :م َّن علينا بخشية منك تكون قوله« :ال َّل ُه َّم ا ْق ِس ْم َلنَا ِم ْن َخ ْش َيتِ َ
وحائل بيننا وبين فعل المعاصي. ً حاجزا
ً
الجنَّة ال يبلغها العبد َّإل
أن َك» ،فيه َّ ك َما ُت َب ِّل ُغنَا بِ ِه َجنَّتِ َ
«و ِم ْن َطا َعتِ َ قولهَ :
بطاعة اهلل.
ِ ِ «و ِم َن ال َي ِق ِ
ين َما ت َُه ِّو ُن بِه َع َل ْينَا َم َصائ َ
ب الدُّ ْن َيا» ،أي :اجعل يف قلوبنا قولهَ :
'
z=.:IJùxxw=*1jp.I.
..Lo%j'jôao
' o=
*
..
*o'j.
.0-ju(
. ((.:
,
.wxu!'#
'!d
x
ut'
vx
'*w
..1.-9)..ov1vza
.
-
. .
'
1. .
'' 1. '
.. ..... ...1
.
.w kwmphuo a ,JI xi ozxplz
* O
I1 .L . O v ö - vv e* Co v H vv ö v - e *ï *
cuJLl.k> fLA.!v
-lb; ot.
p k.'
zee t;.,..ma'1.J '< ' '*/-
$ t;J<t, - 1.e
Jh
l' '=-
.AJ '
'
.ph-tpxjrj= <
I.o .
I..r= =.j, uI I,.w'...
ouw.o -wo
s . .! .. ok.; o!
;
bIca' e.'
s w.-çI'uJ.:.
5l . . -5r'ur'
.*fbqf(..
v 4
T.<
.V'-'1L'.kl! -*J%J
<)'0'='
'. -
o. 'lo
.
Q1@ol5r?'Nr9qp
,o ',- 1 ..I :I *.'1 I, .
, ''
)o
..wxw. b.9)vhv..-o =j ,.l5rI'
t.. J
r
..-
. ''
aooI .wfq$Iz
.
.<+> ..s .
$a ,;u
أحاديث األذكار واألدعية 634
103
أمر ٍ
مؤذ يتو َّقع الغضب :هو غليان دم القلب وازدياد خفقانه طل ًبا لدفع ٍ
ممن حصل منه األذى ،ويفضي يف الغالباإلنسان حصوله ،أو طلب االنتقام َّ
وخاصة عند اشتداده ،فال يملك
َّ ٍ
أفعال شنيعة، ٍ
أقوال س ِّيئة وإلى باإلنسان إلى
ب والفحش والبذاء، كثير من النَّاس زمام نفسه حينئذ؛ فينطلق ال ِّلسان َّ
بالس ِّ
والضرب والعدوان .وهو من الخصال َّ
الذميمة َّ وتنطلق الجوارح بالبطش
ا َّلتي جاء اإلسالم بالنَّهي عنها.
ب»، «ل َتغ َْض ْ َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة َ Iأ َّن َر ُج ًل َق َال لِلنَّبِ ِّي ﷺ َأ ْو ِصنِيَ ،ق َالَ :
البخاري(.)1
ُّ ب» .رواه «ل َتغ َْض َْف َر َّد َد مِ َر ًارا َق َال َ
اب النَّبِ ِّي ﷺ َق َالَ :ق َالالر ْح َم ِن َع ْن َر ُج ٍل مِ ْن َأ ْص َح ِ ِ ِ
و َع ْن ُح َم ْيد ْب ِن َع ْبد َّ
الر ُج ُلَ « :ف َفك َّْر ُت
ب»َ ،ق َالَ :ق َال َّ«ل َتغ َْض ْ ول اهللَِ ،أ ْو ِصنِي؟ َق َالَ : َر ُج ٌلَ :يا َر ُس َ
ِ
الش َّر ُك َّل ُه» .رواه أحمد(.)2 ب َي ْج َم ُع َّين َق َال النَّبِ ُّي ﷺ َما َق َالَ ،فإِ َذا ا ْلغ ََض ُ ح َ
ٍ
وأعمال شنيعة، وتأمل ما يجنيه الغضب على المرء من تصر ٍ
فات هوجاء، ُّ َّ
ٍ
وأقوال بذيئة يندم المرء على فعلها غاية النَّدم عند ذهاب غضبه عنه ،ألنَّه حال
ثم بعد انتهاء غضبه يندم، تصر ًفا يشبه فيه ُّ
تصرف من به جنونَّ ، يتصرف ُّ
َّ غضبه
البخاري (.)6116
ُّ ((( رواه
وصححه االلباينُّ يف صحيح التَّرغيب والتَّرهيب (.)2746
َّ ((( رواه أحمد (،)23171
635 -104ما ُيقال عند الغضب
ُون ،و ِ
آخ ُر ُه نَدَ ٌم»(.)1 «أو ُل ُه ُجن ٌ َ ولهذا قيل -يف وصف الغضبَّ :-
ِ
ب َي ْج َم ُع ين َق َال النَّبِ ُّي ﷺ َما َق َالَ ،فإِ َذا ا ْلغ ََض ُحابيَ « :ف َفك َّْر ُت ح َ
الص ِّ وقول َّ
الشر ،قال جعفر بن محمد« :الغ ََض ِ الش َّر ُك َّل ُه»؛ يفيد َّ
ب م ْفت ُ
َاح ُ َّ أن الغضب جماع َّ ِّ َّ
ك ُِّل َش ٍّر» .وقيل -البن المبارك :-اجمع لنا حسن الخلق يف كلمة ،قال« :ت َْر ُك
ب» من جماع الوصايا وأنفعها «ل َتغ َْض ْ ب»( .)2ولهذا ُتعدُّ هذه الوص َّيةَ : الغ ََض ِ
يف باب األخالق.
الوصية بأمرين عظيمين َّ
البد منهما: َّ َّ
يتضمن قال أهل العلم :وهذا
يدرب المسلم نفسه على األخالق الفاضلة واآلداب الحسنة
األول :أن ِّ
َّ
الصرب ،والحلم ،واألناة ،والبعد عن العجلة إلى غير ذلك من األخالق،
من َّ
بحيث إذا ورد عليه وارد الغضب تل َّقاه بجميل ُخلقه وعظيم أدبه ُ
وحسن
حلمه وطيب صربه.
َّ
واألمر الثاني :أنَّه عند وقوع الغضب؛ عليه أن يملك نفسه ،فال يندفع وقت
غضبه إلى ٍ
قول ال ُيحمد أو فع ٍل ال يليق ،بل عليه أن يملك نفسه يف أقواله
وأفعاله عند غضبه ،فال يقول كلم ًة وال يفعل شي ًئا حتَّى تنطفأ جمرة الغضب.
«ل َت ْغ َض ْ
ب» لمن استوصاهَ :
قال الحافظ ابن رجب « :Vفقوله ﷺ َ
يحتمل أمرين:
أحدهما :أن يكون مراده األمر باألسباب ا َّلتي توجب حسن الخلق من
وكف األذى،
ِّ والسخاء ،والحلم ،والحياء والتواضع ،واالحتمال َّ الكرم
والصفح والعفو ،وكظم الغيظ ،وال َّطالقة والبِشر ،ونحو ذلك من األخالق
َّ
((( انظر :المنهج المسلوك يف سياسة الملوك (ص.)404
((( ذكره ابن رجب يف جامع العلوم والحكم (.)363/1
أحاديث األذكار واألدعية 636
فإن النَّفس إذا تخ َّلقت هبذه األخالق وصارت لها عادة ،أوجب لها
الجميلة؛ َّ
ذلك دفع الغضب عند حصول أسبابه.
َّ
والثاني :أن يكون المراد :ال َتعمل بمقتضى الغضب إذا حصل لك ،بل
جاهد نفسك على ترك تنفيذه والعمل بما يأمر بهَّ ،
فإن الغضب إذا ملك ابن
آدم كان كاآلمِر والنَّاهي له ،ولهذا المعنى قال اهلل ﴿ :Dﮩ ﮪ ﮫ ﮬ
ﮭ﴾ [األعراف ،]154 :فإذا لم يمتثل اإلنسان ما يأمره به غضبه وجاهد
ً
عاجل، شر الغضب ،ور َّبما سكن غضبه وذهب
نفسه على ذلك ،اندفع عنه ُّ
فكأنَّه حينئذ لم يغضب ،وإلى هذا المعنى وقعت اإلشارة يف القرآن بقوله
الشورى ،]37 :وبقوله ﴿ :Dﭣ
﴿ :Dﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ﴾ [ ُّ
ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ﴾ [آل عمران.)1(»]134 :
الشيطان له الرجيم؛ َّ
ألن َّ يتعوذ باهلل من َّ
الشيطان َّ وعليه يف هذا المقام أن َّ
ٌ
ودخول على اإلنسان وقت غضبه يدفعه إلى األفعال َّ
الشنيعة نز ٌغ عجيب
واألقوال الفظيعة؛ َّ
ألن الغضب من نزغ َّ
الشيطان ،واهلل يقول﴿ :ﮩ ﮪ ﮫ
فمن حصل له الغضب ينبغي له أن يبادرفصلت]36 :؛ َ
ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ﴾ [ ِّ
الشيطان يتم َّكن من اإلنسان الشيطان؛ َّ
ألن َّ إلى االستعاذة باهلل Eمن َّ
ب واألذى وال ُّظلم والبغي ،فإذا حال الغضب تم ُّكنًا عجي ًبا فيدفعه إلى َّ
الس ِّ
ووقي وكُفي بإذن اهلل .E
استعاذ المسلم باهلل ُحفظ ُ
َب َر ُج َل ِن ِعنْدَ النَّبِ ِّي ﷺ َون َْح ُن ان ْب ِن ُص َرد َ Iق َالْ :
است َّ
ٍ َع ْن ُس َل ْي َم َ
اح َم َّر َو ْج ُه ُهَ ،ف َق َال النَّبِ ُّي ﷺ: ِ ِ ِ
ب َصاح َب ُه ُم ْغ َض ًبا َقد ْ وسَ ،و َأ َحدُ ُه َما َي ُس ُّ عنْدَ ُه ُج ُل ٌ
ان جدُ َ ،ل ْو َق َالَ :أ ُعو ُذ بِاهلل ِ ِم َن َّ
الش ْي َط ِ ب َعنْ ُه َما َي ِ ِ
«إِنِّي َلَ ْع َل ُم كَل َم ًة َل ْو َقا َل َها َل َذ َه َ
الصرعة هو أن ُّ الص َر َع ِة» ،المعروف عند النَّاس َّ قوله ﷺَ « :ليس َّ ِ
الشديدُ بِ ُّ ْ َ
والقوة
َّ الشدَّ ةأن ِّالقوي ا َّلذي يصرع النَّاس ،فأراد النَّبي ﷺ أن ُين ِّبههمَّ : ُّ الشديد َّ
ُّ
ح ًّقا ليست هي هذه ،وإنَّما هي أن يملك اإلنسان نفسه عند الغضب.
«ما ِم ْن ُج ْر َع ٍة َأ ْع َظ ُم َأ ْج ًرا وع ِن اب ِن عمر َ Lق َالَ :ق َال رس ُ ِ
ول اهلل ﷺَ : َ ُ َ ْ ُ ََ
ظ َك َظ َم َها َع ْبدٌ ا ْبتِغَا َء َو ْج ِه اهَّللِ» .رواه ابن ماجه(.)1 ِعنْدَ اهلل ِ ِمن جرع ِة َغي ٍ
ْ ُْ َ ْ
يتجرعها ٍ
جرعة وأن أفضل حث النَّبي ﷺ على كظم الغيظَّ ، وهذا فيه ُّ
َّ ِّ
العبد ،وأعظمها ثوا ًبا ،وأرفعها درجةً ،أن يحبس المرء نفسه من التَّش ِّفي
جل يف عاله. واالنتقام؛ قاصدً ا سالمة دينه ونيل ثواب ر ِّبه َّ
ك َ Iع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َق َال« :الت ََّأنِّي ِم َن اهللَِ ،وا ْل َع َج َل ُة ِم َن َس ب ِن مالِ ٍ
و َع ْن َأن ِ ْ َ
ان» .رواه أبو يعلى يف مسنده(.)2 الش ْي َط َِّ
مما يرضاه ويثيب عليه .C ِ ِ
قوله« :التَّأنِّي م َن اهلل» ،أيَّ :
ان» ،أي :هو الحامل عليها بوسوسته؛ َّ
ألن «وال َع َج َل ُة ِم َن َّ
الش ْي َط ِ قولهَ :
العجلة تمنع من التَّث ُّبت والنَّظر يف العواقب.
النظر
خاصة العقل ُ أن َّ نظر يف العواقب والمآالت؛ وذلك َّ وأهل األناة أهل ٍ
يف العواقب ،وأ َّما أهل العجلة فإنَّهم يندفعون اندفا ًعا بال تع ُّق ٍل وال تأ َّم ٍل يف
رة من فخار ُوضعت فإن م َثل النَّفس يف عجلتها وطيشها ك ُك ٍ
العواقب؛ ولهذا َّ
على منحدر أملس فال تزال متدحرج ًة وال ُيدرى يف مآل أمرها وهناية حالها
بأي شيء ترتطم! فكم هي تلك المآالت المؤسفة والنِّهايات المحزنة ا َّلتي
ِّ
يؤول إليها أمر أهل العجلة وال َّطيش َّ
ممن ال يتأ َّملون يف العواقب وال ينظرون
وصححه األلبانِ ُّي.
َّ ((( رواه ابن ماجه (،)4189
الصحيحة (.)1795 ِ
السلسلة َّ
وصححه األلبان ُّي يف ِّ َّ ((( رواه أبو يعلى يف مسنده (،)4256
أحاديث األذكار واألدعية 640
يف المآالت ،ويف تعويد النَّفس على األناة سالم ٌة من عواقب الغضب عند
وجوده.
والغضب يجعل اإلنسان يذهل حتَّى عن األخالق الفاضلة وعن
المعامالت الكريمة ،ولهذا يصدر من اإلنسان يف غضبه ما يندم عليه أشدَّ
جميل ،بل غضبه ً تصر ًفا ط ِّي ًبا
يتصرف ُّ َّ النَّدم بعد ذلك؛ ألنَّه مع الغضب ال
َّصرف .ومن الدَّ عوات النَّبو َّية المباركة قول النَّبِ ِّي ﷺ يغ ِّطي عليه فال ُيحسن الت ُّ
الر َضا» ،وهذا عزيز أن ال يقول ب َو ِّ الح ِّق فِي الغ ََض ِ يف دعائه« :و َأس َأ ُل َ ِ
ك كَل َم َة َ َ ْ
رضي. غضب أو
َ اإلنسان َّإل َّ
الحق ،سواء ُ
َ
السالمة من الغضب وعواقبه الوخيمة :أن يحرص ومما يعين على تح ُّقق َّ َّ
الرفق َخصل ٌة عظيمة يح ُّبها اهلل فإن ِّ الرفق يف األمور ك ِّلها؛ َّ المسلم دو ًما على ِّ
Cمن عباده.
«يا َعائِ َشةُ ،إِ َّن عن عائِ َش َة Jزوجِ النَّبِي ﷺ َأ َّن رس َ ِ
ول اهَّلل ﷺ َق َالَ : َ ُ ِّ َ ْ َ ْ َ
ْف َو َما َل ُي ْعطِي حب الر ْف َق ويعطِي ع َلى الر ْف ِق ما َل يعطِي ع َلى ا ْلعن ِ
ُ َ ِّ َ ُ ْ َ
ِ ِ
اهَّللَ َرف ٌيق ُي ُّ ِّ َ ُ ْ
َع َلى َما ِس َوا ُه» .متَّفق عليه(.)1
الر ْف َق ُي ْح َر ِم ا ْلخَ ْي َر» .رواه «م ْن ُي ْح َر ِم ِّ و َع ْن َج ِر ٍير َع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َق َالَ :
مسلم(.)2
شي ٍء ُون في ْ
و َعن َعائِ َش َة َزوجِ النَّبِي ﷺ َع ِن النَّبِي ﷺ َق َال« :إِ َّن الر ْف َق َل يك ُ ِ
َ ِّ ِّ ِّ ْ ْ
إِ َّل زَا َن ُهَ ،و َل ُينْز َُع ِم ْن َش ْي ٍء إِ َّل َشا َن ُه» .رواه مسلم(.)3
105
َ ما ُي َق ُ ْ َ ْ َ َ ْ ْ َ
ال ِعند ُرؤي ِة أه ِل الب ِ
الء.
«م ْن َر َأى ُم ْب َت ًلىَ ،ف َق َال:
ول اهلل ﷺَ : َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة َ Iق َالَ :ق َال َر ُس ُ
له ا َّل ِذي َعا َفانِي ِم َّما ا ْبت ََل َك بِ ِه َو َف َّض َلنِي َع َلى كَثِيرٍ ِم َّم ْن َخ َل َق َت ْف ِض ًيل؛
ا ْلحمدُ لِ ِ
َ ْ
ِّرمذي(.)1
ُّ ك ا ْل َب َل ُء» .رواه التَل ْم ُي ِص ْب ُه َذلِ َ
َفكَافِئُو ُه» ،فإن لم يتم َّكن من ذلك فعليه أن يجتهد له بالدُّ عاء ،ولهذا قالَ « :فإِ ْن
َجدُ وا َما ُتكَافِئُو َن ُه َفا ْد ُعوا َل ُه» .وأفضل ما ُيدعى له به هذا الدُّ عاء ا َّلذي َل ْم ت ِ
اعي به قد أبلغ يف ال َّثناء ،وهو أن يقول« :جزاك اهلل َّ
َّبي ﷺ بأن الدَّ َ وصف الن ُّ
خيرا»؛ وهي كلمة عظيمة جامعة يف ال َّثناء على أهل المعروف واإلحسان ،لما ً
وعجز عن الجزاء وتفويض الجزاء إلى اهلل ليجزيهم ٍ فيها من اعرتاف بالتَّقصير
الش ْك ِر الم َكا َف َأ ِة َف ْل َي ُط ْل ل ِ َسان َُك بِ ُّ
اك بِ ُ الجزاء األوىف ،ولهذا قيل« :إِ َذا َق ُص َر ْت َيدَ َ
اء»( ،)1وأبلغ الدُّ عاء هو هذه الدَّ عوة العظيمة المباركة ،وقد جاء عن والدُّ َع ِ
َ
اكيهَ :ج َز َ ِ
عمر بن الخ َّطاب Iأنَّه قالَ « :لو يع َلم َأحدُ كُم ما َله فِي َقول ِ ِه لَ ِخ ِ
ْ َ ْ َ ُ ْ َْ
ض» .رواه ابن أبي شيبة يف مصنَّفه(.)2 اهلل َخ ْي ًرا؛ َلَ ْك َث َر مِن َْها َب ْع ُض ُك ْم ل ِ َب ْع ٍ ُ
َ َ ُ ُ ُ ُ ْ َ َ ُ َ َّ
ور ِة الث َم ِر ما يقوله ِفي رؤي ِة باك
َّاس إِ َذا َر َأ ْوا َأ َّو َل ال َّث َمرِ َجا ُءوا بِ ِه إِ َلى َان الن ُ َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة َ Iق َال« :ك َ
ار ْك َلنَا ار ْك َلنَا فِي َث َمرِنَاَ ،و َب ِ ول اهلل ﷺ َق َال« :ال َّل ُه َّم َب ِ النَّبِ ِّي ﷺَ ،فإِ َذا َأ َخ َذ ُه َر ُس ُ
ِ ِ اعنَاَ ،و َب ِ ار ْك َلنَا فِي ص ِ فِي َم ِدينَتِنَاَ ،و َب ِ
يم َع ْبدُ َك ار ْك َلنَا في ُمدِّ نَا ،ال َّل ُه َّم إِ َّن إِ ْب َراه َ َ
وك لِ ْل َم ِدين َِةاك لِ َم َّكةََ ،وإِنِّي َأ ْد ُع َ كَ ،وإِ َّن ُه َد َع َ كَ ،وإِنِّي َع ْبدُ َك َو َنبِ ُّي َ ك َو َنبِ ُّي ََو َخ ِلي ُل َ
ك يد َل ُه َف ُي ْعطِ ِيه َذلِ َ اك لِم َّك َة و ِم ْث ِل ِه معه»َ ،ق َالُ :ثم يدْ عو َأصغَر ولِ ٍ
َّ َ ُ ْ َ َ َ َُ بِم ْث ِل َما َد َع َ َ َ
ِ
ال َّث َم َر» .رواه مسلم(.)3
َّبي ﷺ َّ
السنَّة إذا سمع المسلم صوت الدِّ يكة أن يسأل اهلل من فضله ،وعلل الن ُّ
ُّ
والرحمة ،فيسأل اهلل ذلك بقولهَ « :فإِن ََّها َر َأ ْت َم َلكًا» ،والمالئكة َّ
تتنزل بالخير َّ
Eمن فضله.
قوله« :إِ َذا َر َأى َأ َحدُ ك ُْم ِم ْن َأ ِخ ِيهَ ،أ ْو ِم ْن َن ْف ِس ِهَ ،أ ْو ِم ْن َمالِ ِه َما ُي ْع ِ
ج ُب ُه» ،أي:
يف هيئته ،أو يف ملبسه ،أو يف مركبه ،أو يف مسكنه.
الفهرس
المقدمة 5.............................................................
فضل الذكر 7..........................................................
فوائد الذكر (12.................................................... )1
فوائد الذكر (18.................................................... )2
تأمالت يف بعض اآليات الحاثة على ذكر اهلل (24....................)1
تأمالت يف بعض اآليات الحاثة على ذكر اهلل (31....................)2
تأمالت يف بعض اآليات الحاثة على ذكر اهلل (38....................)3
تنوع األد ّلة الدّ الة على فضل ِ
الذكر 44.................................. ّ
حديث مثل الذي يذكر ربه والذي ال يذكر ربه مثل الحي والميت51....
حديث ال يقعد قوم يذكرون اهلل Dإال حفتهم المالئكة 57...........
حديث إن هلل مالئكة يطوفون يف الطرق يلتمسون أهل الذكر 63.........
فضاللذكرومجالسه70.................................................
فضل الدعاء (76....................................................)1
فضل الدعاء (82....................................................)2
أحاديث األذكار واألدعية 648
حب أو يكره318.........................
ما يقوله من رأى يف منامه ما ُي ّ
أذكار الخروج من المنزل (325.....................................)1
أذكار الخروج من المنزل (331.....................................)2
أذكار دخول المنزل337...............................................
أذكار دخول الخالء والخروج منه واألذكار المتعلقة بالوضوء343.....
أذكار التوجه للمسجد ودخوله والخروج منه349......................
أذكار األذان (355..................................................)1
أذكار األذان (361..................................................)2
أدعية االستفتاح (367..............................................)1
أدعية االستفتاح (373..............................................)2
أدعية االستفتاح (379..............................................)3
أدعية االستفتاح (385..............................................)4
أدعية الركوع والقيام منه والسجود والجلسة بين السجدتين (392...)1
أدعية الركوع والقيام منه والسجود والجلسة بين السجدتين (398...)2
أدعية الركوع والقيام منه والسجود والجلسة بين السجدتين (404...)3
ذكر التشهد والصالة على النبي ﷺ 410...............................
األدعية يف الصالة وبعد التشهد (416............................... )1
األدعية يف الصالة وبعد التشهد (422............................... )2
األذكار بعد السالم (428........................................... )1
4:U
h o .+.:
(h)t)1ps...11:,.LzJx.y:y
.' 'jJ'
tj;jLf
hz'j
(y)aI'
p..1Io.1
z yjjJ'
ut
;jhj
أحاديث األذكار واألدعية 652