You are on page 1of 31

‫ْ‬ ‫ْ‬

‫الضِلِ ِين‬
‫هِدِايِةِِ ِ‬
‫تاليفِ‪ِ:‬‬

‫االستاد الفاضل العالمة املال محمد باقرالبالکي‬

‫املشهور‬

‫ب ــِ‪ِ:‬الدرسِالکردستانيِ‬
‫نفعنا هللا بعلومه و سائر املسلمين‬

‫اعداد وتحقیق ‪ :‬صالح اصالني‬


‫املطلع القرآين‬

‫میحرلا نمحرلا هللا مسب‬


‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫ْ َ ََ ْ َ َ َ‬
‫َع ِال ُم الغ ْي ِب فال ُيظ ِه ُر َعلى غ ْي ِب ِه أ َح ًدا (‪ِ )26‬إال َم ِن ا ْرت َض ى ِمن ار ُسو ٍل ف ِإ ان ُه َي ْسل ُك ِمن‬
‫ص ًدا (‪{ )27‬سورة الجن }‬ ‫َب ْين َي َد ْيه َوم ْن َخ ْلفه َر َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫اجازةِنجلِالؤلفِِالالِعارفِالدرس يِلطبعِونشرِالرسالةِ‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫كما ِاجازني ِحضرة ِابي ِالدرس ِالكردستاني ِاالستاذ ِالال ِمحمد ِباقر ِاجزت ِفاضل ِالدارين ِصالحِ‬
‫االصالنيِانِيطبعِ«ِهدايةِالضلينِ»ِبنفعهِكيفِيشاءِعدداِوصورةِ‪.‬‬

‫ِ‬

‫ِ‬

‫محمدِعارفِالدرس يِ‬

‫‪1396 /11/ 26‬‬


‫بسم هللا الرحمن الرحیم‬

‫الحمد هلل مدبر السموات واالرضين فال يعزب عنه مثقال ذرة في السموات وال في االرض وال اصغر من‬

‫ذلك وال اكبر اال في كتاب مبين ‪ ،‬والصالة والسالم على افضل االنبیاء واملرسلين سیدنا محمد املنزل عليه‬

‫القرآن املبين و الذي جاء فی شانه « وما هو علی الغیب بضنين » وعلى آله واصحابه الطيبين الطاهرین‬

‫اجمعين الی یوم الدین ‪.‬‬

‫اما بعد؛ فهذا ما يسر هللا لنا من تحقيق رسالة نفيسة للعالمة الشهير املحقق النحرير املال محمد باقر‬

‫بالك املریواني‪ ،‬وضع رسالته هذه عندما سئل عن موضوع علم الغيب عند النبي واملشايخ الكبار وهو من‬

‫املسائل التي كثر فيها الجدال بين الخاص والعام سيما عند ظهور الفرق املبتدعين الجاهلين بما يقرؤون‬

‫في املصاحف واحاديث سيد االنام‪ ،‬فالف العلماء املحققون حولها تاليفات عدیدة ورسائل مفيدة فبينوه‬

‫حق البيان فاحسن هللا اليهم خير االحسان وفي هذه الرسالة سعى فيها امللؤلف رحمه هللا الببات علم النبي‬

‫عليه السالم واالولياء رحمهم هللا باملغيبات باعالم هللا تعالى لهم معتقدا بان اخبارهم بتلك املغيبات مجرد‬

‫ظن وتخمين ال يقين وهذا ال يمكن ان يختلف فيه ابنان من عوام الناس فضال عن خواصهم ‪ .‬فجزاه عن‬

‫املسلمين خير االحسان ‪.‬‬

‫وامللؤلف رحمه هللا كان من املحققين املتاخرين في شتات الفنون والعلوم الشرعية وجامعا لعلمي الظاهر‬

‫والباطن وتلمذ له رحمه هللا كثير من علماء عصره واقروا له بسعة علمه وکراماته وهو مع اشتغاله‬

‫بتدريس العلوم الشرعية واالرشادات املعنویة له تاليفات كثيرة مفیدة ال يقف على حقيقتها اال اهلها ‪.‬‬

‫فنسال هللا تعالى ان یوفقنا لصالح العمل و یجعل عملنا هذا خالصا لوجهه الکریم ‪.‬‬
‫ولنذكر قبل اوان الشروع في املقصود نبذة من مسائل علم الغيب واحكامه وعمدة كالمنا فيها هي‬

‫اقوال العلماء املعول عليهم في املسائل االعتقادية‪:‬‬

‫ِِِِِِالغيبِلغةِ‪:‬‬

‫ِِِِالغيب كما في الصحاح هو كل ما غاب عنك و قال الجزري في النهاية هو كل ما غاب عن العيون وسواء‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ص ًال في القلوب أو ْ‬
‫غير ُم َح ا‬ ‫كان ُم َح ّ‬
‫صل ‪ .‬تقول‪ :‬غاب عنه غ ْيبا وغ ْي َبة‪.‬‬

‫و في تفسير الوسيط للسيد الطنطاوي‪ :‬والغيب‪ :‬مصدر غاب يغيب وكثيرا ما يستعمل بمعنى الغائب‪ ،‬و‬

‫معناه ماال تدركه الحواس وال يعلم ببداهة العقل‪ .‬وفي موضع آخر في هذا الكتاب والغيب‪ :‬ما غاب عن‬

‫علم الناس بحيث ال سبيل لهم إلى معرفته و هو يشمل األعيان املغيبة كاملالئكة والجن‪ ،‬ويشمل األعراض‬

‫الخفية ومواقيت األشياء وغير ذلك‪ .‬انتهى‬

‫وقال البيضاوي رحمه هللا في تفسير آية سورة البقرة ( الذين يلؤمنون بالغيب ) ‪«:‬الغيب مصدر واملراد‬

‫به الخفي الذي ال يدركه الحس وال تقتضيه بديهة العقل‪ ،‬وهو قسمان‪ :‬قسم ال دليل عليه و هو املعني‬
‫ُ‬ ‫ا‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ند ُه َمفا ِت ُح الغيب ال َي ْعل ُم َها ِإال ُه َو } وقسم نصب عليه دليل كالصانع وصفاته واليوم‬‫بقوله تعالى‪ {:‬و ِع‬

‫اآلخر وأحواله وهو املراد به في هذه اآلية‪».‬‬

‫اذا عرفت هذا فال غيب هلل تعالى اي ليس هناك شيئ هو مستور عن علم هللا عزوجل الن الغيب هو ما‬

‫غاب عن الناس اوما ال تدركه الحواس وهللا هو الذي ال يعزب عنه مثقال ذرة في السموات واالرض فكل‬

‫شيئ هو مشهود له تعالى فهو اطالق باعتبار علم املخلوق ‪.‬‬

‫ِِِِالعلمِبالغیبِامرِتفردِبهِهللاِتعالیِ!ِ‬

‫قال التفتازاني رحمه هللا تعالى في شرح النسفية‪ :‬وبالجملة العلم بالغيب امر تفرد به هللا تعالى ال سبيل‬

‫اليه للعباد اال باعالم منه او الهام بطريق املعجزة او الكرامة او ارشاد الى االستدالل باالمارات فيما يمكن‬

‫فيه ذلك‪.‬و لهذا ذكر في الفتاوى ‪ :‬ان قول القائل عند رؤية هالة القمر يكون مطرا مدعيا علم الغيب ال‬

‫بعالمته كفر‪ .‬انتهى‬


‫وفي كتاب النبراس على شرح العقائد السفية ما نصه‪ :‬واعلم ان للناس في مسالة الغيب كلمات غير‬

‫منقحة والتحقيق‪ :‬ان الغيب ما غاب عن الحواس والعلم الضروري واالستداللي وقد نطق القرآن بنفي‬

‫علمه عمن سواه تعالى ‪ ،‬فمن ادعى انه يعلمه كفر‪ ،‬ومن صدق املدعي كفر ‪،‬واما ما علم بحاسة ‪ ،‬او‬

‫ضرورة او دليل ـ ـ فليس بغيب و ال كفر في دعواه ‪ ،‬وال في تصديقه على الجزم في اليقيني ‪ ،‬و الظن في الظني‬

‫عنداملحققين ‪ .‬و بهذا التحقيق اندفع االشكال في االمور التي يزعم انها من الغيب وليست منه لكونها‬

‫مدركة بالسمع ‪ ،‬او البصر او الدليل ‪ ،‬فاحدها ‪ :‬اخبار االنبياء النها مستفادة من الوحي ومن خلق العلم‬

‫الضروري فيهم ‪ ،‬او من انكشاف الكوائن على حواسهم ‪ ،‬بانيها خبر الولي النه مستفاد من النبي او من رؤيا‬

‫صالحة ‪ ،‬او من الهام الهي او من النظر في اللوح املحفوظ ‪ ،‬وهو بابت من اهل الكشف ‪ ،‬وان منعه بعض‬

‫الفقهاء ‪ ،‬بالثها ‪ :‬اخبار املحاسب بالكسوف و الخسوف النه بدالئل هندسية قطعية ‪ ،‬رابعها ‪ :‬اخبار‬

‫املنجم والرمال الن النجوم والرمل علمان استدالليان منزالن على بعض االنبياء بم اندرسا ‪ ،‬وخلط الناس‬

‫فيهما ‪ ،‬فمن استدل بقاعدة نبوية اصاب في الخبر ‪ ،‬خامسها ‪ :‬خبر الكاهن النه مما يخبره الجن عن‬

‫مشاهدة او سماع عن املالئكة الذين عرفوا الكوائن املستقبلة بالوحي بم نقول قد نطق كثير من‬

‫االحاديث واقوال السلف بكفر املنجم والكاهن ومن يصدقهما وذكر غير واحد من املحققين ‪ :‬ان التكفير‬

‫خاص بمن يدعي علم الغيب و يزعم النجوم مدبرة باالستقالل او يزعم الجن عاملة بالغيب ‪ ،‬قلت ‪ :‬ومع‬

‫هذا ليس االشتغال بالنجوم و الكهانة من فعل الصالحين وال شك ان فيهما اخالال بعقائد ضعفاء‬

‫املسلمين لزعمهم ان املخبر عالم بالغيب على ان الكاهن يصعب ان يسلم ايمانه الستمداده من الشياطين‬

‫فاحفظ هذا التحقيق فانه من خواص ملؤلفاتنا‪ .‬انتهى‬

‫وقال اآللوس ي رحمه هللا‪ :‬ومن هنا يعلم أن علم الجفر‪ ،‬وعلم الفلك‪ ،‬ونحوهما ملا كانت مقرونة بأصول‬

‫وضوابط ال يقال عنها‪ :‬إنها علم غيب أبدا إذ علم الغيب شرطه أن يكون مجردا عن املواد والوسائط‬

‫الكونية وهذه العلوم ليست كذلك ألنها مرتبة على قواعد معلومة عند أهلها لوالها ما علمت تلك العلوم ‪،‬‬
‫ّ‬
‫وليس ذلك كالعلم بالوحي ألنه غير مكتسب بل اّلل تعالى يختص به من يشاء وكذا العلم باإللهام فإنه ال‬
‫مادة له إال املوهبة االلهية واملنحة األزلية على أن بعضهم ذهب إلى أن تلك العلوم ال يحصل بها العلم‬

‫املقابل للظن بل نهاية ما يحصل الظن الغالب وبينه وبين علم الغيب بون بعيد‪.‬‬

‫وقال ابنِحجرِالكي رحمه هللا في شرح الهمزية‪ :‬يجب على كل احد ان يعتقد ان هللا تعالى هو املختص‬

‫بعلم الغيب وان ما حصل لرسله واوليائه منه فهو اما بوحي من هللا تعالى او بالهام واالستثناء في قوله‬

‫تعالى{ فال يظهر على غيبه احدا اال من ارتض ى ‪ ...‬الخ} متصل كما هو االصل وذكر الرسول ال لالختصاص‬
‫ا‬ ‫ّ َ َ‬
‫به بل الن كرامات اولياء اتباعه من جملة كراماته ومعجزاته وفي الحديث { اني ال اعل ُم اال ما َعل َمني ربي }‬

‫كما ستاتي بقية كالمه ‪.‬‬


‫ْ‬
‫السلؤال‪ :‬هناك كثير من اآليات واالحاديث ينفي العلم بالغيب عن غيره تعالى كقوله تعالى ( عالم ِالغ ْيبِ‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ْ‬
‫فال ِيظهر ِعلىِغ ْيبه ِأح ًداِ(‪ِ)26‬إال ِمن ِا ْرتض ىِمنِ ارسولِ ـ ـ الجن ـ ـ‪ ]27‬وقوله ( وعنده ِمفاتح ِالغِ ْيب ِالِ‬
‫ْ‬
‫يِاْل ْرحامِوماِت ْدريِن ْف ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ِاَّللِعندهِع ْلم ا‬
‫ي ْعلمهاِإ االِه ِو) وقوله ( إ ان ا‬
‫س اِماذاِ‬ ‫ِالساعةِوين ِزلِالغ ْيثِوي ْعلمِماِف‬
‫ير ــِلقمان ‪ )34 :‬وقوله ( ول ْو ِكنت ِأ ْعلمِ‬ ‫س ِبأي ِأ ْ ض ِتموت ِإ ان ا‬
‫ِاَّلل ِعل ٌ‬
‫يم ِخب ٌِ‬ ‫ر‬ ‫ت ْكسب ِغ ًداِوماِت ْدري ِن ْف ٌ‬
‫ا‬
‫ِالسوءِ ـ ـ االعراف ‪ )188 :‬وقوله ( قلِال ِأقول ِلك ْم ِعنديِخزآئنِ‬ ‫ْالغ ْيب ِال ْست ْكث ْرت ِمن ِْالخ ْير ِوماِم اسنِي ُّ‬
‫ا‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ْ‬
‫يِالسماوات ِواْل ْرض ِالغ ْيبِإال ا ِ‬
‫ِاَّللِـ ـ النمل‪:‬‬ ‫لِالِي ْعلمِمنِف ا‬ ‫اَّللِوالِأ ْعلمِالغ ْيبِ ـ االنعام ‪ )50 :‬وقوله ( ق‬
‫‪) 65‬وما جاء فى صحيح مسلم عن عائشة رض ى هللا عنها‪ ،‬أنِرسولِهللاِصلىِهللاِعليهِوسلمِقالِ‪ِ"ِ:‬منِ‬
‫زعمِأنِمحمداِصلىِهللاِعليهِوسلمِيعلمِماِفىِغد‪ِ،‬فقدِأعظمِعلىِهللاِالفريةِ" وغير ذلک من اآلیات‬
‫واالحادیث الشریفة النافیة لذلك عن غيره تعالى مع انه اخبر النبي صلى هللا عليه وسلم و كثير من االولياء‬
‫العرفاء بكثير من املغيبات‪ ،‬فکیف التوفيق؟‬
‫قبل أن نتعرض للجواب نقول‪ ،‬اجمع امة االسالم على ان علم الغيب مخصوص بعلم الباري تعالى و ال‬

‫يجوز الحد ان يدعي ذلك اال بسببه من الوحي اوااللهام اوغير ذلك من االمارات وهللا سبحانه و تعالى لم‬

‫ينف في كالمه ذلك مطلقا عن غيره وانما نفى االحاطة بذلك استقالال وذلك مختص به تعالى فاي منع يرد‬
‫ّ‬
‫على ذلك اذا علم هللا تعالی بعض عباده ببعض املغيبات مع انه جائز عقال وواقع نقال‪ .‬وهذا عيس ى عليه‬
‫ْ‬
‫السالم قال لبني اسرائيل " وأنبئك ْم ِبماِتأكلون ِوماِت ادخرون ِفيِبيوتك ِْم ِ" قال الخازن « و هي إخباره عن‬
‫املغيبات مع ما تقدم له من اآليات الباهرات من إبراء األكمه واألبرص وأحياء املوتى بإذن هللا تعالى وإخباره‬
‫ّ‬
‫عن الغيوب بإعالم هللا إياه ذلك وهذا مما ال سبيل ألحد من البشر عليه إال األنبياء عليهم السالم‪».‬‬
‫ً‬ ‫ا ا‬ ‫ا‬
‫و قال تعالى عن صاحب موس ى عليه السالم" وعلمناه ِمنِلدناِعلما " أي علما ال يكتنه كنهه وال يقادر‬

‫قدره وهو علم الغيوب وأسرار العلوم الخفية كما في اآللوس ي و سائر التفاسير‪ .‬وقد قيل " من عمل بما‬

‫علم وربه هللا تعالى علم ما لم يعلم "‪،‬وهو علم االفهام اوااللهام والفراسة فبين علم هللا و علم البشر فرق‬

‫جلي وهو ان علمه تعالى ذاتي واستقاللي ليس بواسطة وجميع علوم البشر اطالعي بتعليم هللا تعالى اياهم‪.‬‬

‫فعلی ِذلک أن ما اشتهر عن اخبار النبي اوالعرفاء باملغیبات ال تعارض اآلي املذکورة لوجوه ذكرها‬
‫املحققون من العلماء منها ما قاله السعد ِالتفتازاني على قوله تعالى ( قل اِال ِي ْعلم ِمن ِفي ا‬
‫ِالسماواتِ‬
‫ا‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ِاَّلل ـ ـ النمل‪ ) 65 :‬ان الغيب ههنا ليس للعموم بل مطلق اومعين هو وقت القيامة‬ ‫واْل ْرض ِالغ ْيب ِإال ا ِ‬

‫بقرينة السياق وال يبعد ان يطلع عليه بعض الرسل من املالئكة اوالبشر فيصح االستثناء بل ال امتناع في‬

‫جعل الغيب للعموم ويكون الكالم لسلب العموم اي ال يطلع على كل غيبه احدا وهو ال ينافي اطالع‬

‫البعض على البعض وبالجملة فاالستدالل مبني على ان الكالم لعموم السلب اي ال يطلع على شيئ من‬

‫غيبه احدا من االفراد نوعا من االطالع و هو ليس بالزم‪ .‬ومنها ان علمهم هو باعالم هللا تعالى لهم فال يكون‬

‫هو من الغيب في شيئ‪ِ.‬‬


‫ا‬ ‫ا‬
‫ِاال ِهللاِ ) و‬
‫نِفيِالسموات ِو ِاالرض ِالغيب ِ‬‫وسئل االمامِالنووي‪ :‬ما معنى قوله تعالى ( قلِالِيعلم ِم‬
‫ا‬
‫قول النبي صلى هللا عليه وسلم " الِيعلمِماِفيِغدِاالِهللاِ " و اشباه هذا من القرآن و الحديث مع انه قد‬

‫وقع علم ما في غد في معجزات االنبياء صلوات هللا عليهم و سالمه و في كرامات االولياء رض ي هللا عنهم ؟‬
‫الجواب‪ :‬معناه ال يعلم ذلك استقالال و َ‬
‫علم احاطة كل املعلومات اال هللا واما املعجزات والكرامات‬

‫فحصلتا باعالم هللا لالنبياء و االولياء الاستقالال وهذا كما انا نعلم ان الشمس اذا طلعت تبقى ست‬

‫ساعات اونحوها بم تزول بم تبقى نحو ذلك بم تغرب بم تبقى مثل مجموع ذلك اونحوه بم تطلع وهكذا‬
‫القول في القمر وغيره من االمور التي يعلم وقوعها في املستقبل وليس هو علم غيب علمناه استقالال وانما‬

‫علمناه باجراء هللا تعالى العادة به‪.‬‬

‫وقد دلت هذه اآلية( عالمِالغيبِوِالشهادة ِفالِيظهرِعلىِغيبهِاحداِاالِمنِا ِرتض ىِمنِرسولِ ) على‬

‫ان االنبياء يعلمون املغيبات باعالم هللا تعالى اصالة وسائر الناس لهم في ذلك تبع‪ .‬كما يفهم ذلك من‬

‫االستثناء‪.‬‬

‫وقال التفتازاني‪ ،‬ما التوفيق بين اآلية وبين ما اشتهر عن العرفاء من االخبار الغيبية كما قال الشيخ‬

‫الكبير ابو عبدهللا في معتقده‪ :‬و نعتقد ان العبد ينقل في االحوال حتى يصير الى نعت الروحانية فيعلم‬

‫الغيب وتطوي له االرض ويمش ي على املاء ويغيب عن االبصار ؟‬

‫فأجاب ان للغيب مبادئ ولواحق فمبادئه اليطلع عليها ملك مقرب وال نبي مرسل واما اللواحق فهو ما‬

‫اظهر هللا تعالى على بعض احبابه بوجه علمه وخرج ذلك عن الغيب املطلق وصار غيبا اضافيا وذلك اذا‬

‫تنور بالروح القدسية وازداد نوريتها واشراقها باالعراض عن ظلمة عالم الحس وتجلية مرآة القلب عن‬

‫صدء الطبيعة واملواظبة على العلم والعمل وفيضان االمور اآللهية حتى يقوى النور وينبسط في فضاء‬

‫قلبه فينعكس فيه النقوش املرتسمة في اللوح املحفوظ ويطلع على املغيبات ويتصرف في اجسام العالم‬

‫السفلي بل ال يبخل الفياض االقدس بمعرفته التي هي اشرف العطايا فكيف بغيرها‪.‬انتهىِ‬

‫وقال الشهاب ِالخفاجي في شرح شفاء القاض ي عياض وهذا الينافي اآلية الدالة على انه ال يعلم‬
‫َ‬
‫الغيب اال هللا وقوله تعالى ( لو كنت اعلم الغيب الستكثرت من الخير ) فان املنفي علمه من غير واسطة‬

‫اما اطالعه عليه باعالم هللا تعالى له فامر متحقق لقوله تعالى (فال يظهر على غيبه احدا اال من ارتض ى من‬

‫رسول )‪.‬‬

‫وقال شهاب ِالدين الحسيني الحموي في نفحات القرب واالتصال ـ ـ و كثير من عباراته منقول عن‬
‫ُ‬
‫الفتاوى الحديثية البن حجر املكي رحمه هللا‪ :‬من جملة الكرامات االخبار ببعض املغيبات والكشف وهو‬

‫درجات تخرج عن حد الحصر وذلك اآلن موجود بكثرة وال يعارضه قوله تعالى ( عالم الغيب فال يظهر على‬
‫غيبه احدا اال من ارتض ى من رسول) النا ال نسلم عموم الغيب فيجوز ان يخص بحال القيامة بقرينة‬

‫السياق [ اي ال نسلمكم ان هللا نفى عموم املغيبات لجواز ان يكون املنفي العلم باحوال الساعة كما ان‬

‫سياق اآلية تدل عليه وهو قول بعض اهل العلم من املفسرين ـ ـ املحقق] واملراد سلب العموم نحو لم يقم‬

‫كل انسان ال عموم السلب نحو كل انسان لم يقم و ال يعارضه ايضا قوله تعالى ( قل ال يعلم من في‬

‫السموات و االرض الغيب اال هللا ) ووجه عدم املعارضة [ اي لهذه اآلية ـ من زيادتي] ان علم االولياء‬

‫باعالم هللا لهم و علمنا بذلك انما هو باعالمهم لنا و هذا غير علم هللا الذي تفرد به وهو صفة من صفاته‬

‫القديمة االزلية الدائمة املنزهة عن التغيير و سمات الحدوث و النقص و املشاركة و االنقسام ‪ ،‬بل هو‬

‫علم واحد علم به جميع املعلومات كلياتها و جزئياتها كان او ما يكون او ما جاز ان يكون ليس بضروري و‬

‫ال كسبي و ال حادث بخالف علم سائر الخلق فعلم هللا الذي تمدح به و اخبر في اآليتين املذكورتين انه ال‬

‫يشاركه فيه احد‪ ،‬واحد ‪ .‬فال يعلم الغيب اال هو ومن سواه ان علموا جزئيات منه فباعالم هللا و اطالعه‬

‫لهم وحينئذ ال يطلق انهم يعلمون الغيب اذ ال صفة لهم يقتدرون بها على االستقالل بعلمه و ايضا هم ما‬

‫علموا وانما اعلموا و ايضا هم ما علموا غيبا مطلقا الن من اعلم بش ئ منه تشاركه فيه املالئكة او نظراؤه‬

‫ممن اطلع‪ [ .‬و علم هللا الغيب ال يشاركه فيه احد كما سبق ـ من زيادتي ] بم اعالم هللا تعالى لالولياء ال‬

‫يستلزم محاال بوجه فانكار وقوعه عناد ‪.‬‬

‫ومن البداهة انه ال يلؤدي الى مشاركتهم له تعالى فيما تفرد به من العلم الذي تمدح به واتصف به في‬

‫االزل وفيما اليزال واذا كان كذلك فال بدع في القول بان هللا تعالى يطلع بعض اولياءه على بعض املغيبات‬

‫فان ذلك امر ممكن جائز عقال وشرعا وواقع نقال عن جمهور اهل السنة والجماعة من الفقهاء و‬

‫املحدبين واالصولين فانهم نصوا على ببوت كرامات االولياء وانها جائزة وواقعة بجميع انواع خوارق‬

‫العادات ال فارق بينها وبين املعجزة اال التحدي و دعوى النبوة فمن االخبار باملغيبات اخبار الصديق رض ي‬

‫هللا عنه في مرض موته بولد يولد بعده ذكر بم انثى‪.‬‬


‫قال العالمة السيد محمد العلوي ِالالكي فی الفتاوی‪ :‬الفرق بين علم هللا الغيب وعلم انبيائه واوليائه‬

‫بذلك‪ :‬قال هللا تعالى‪ ( :‬قل ال يعلم من في السموات و االرض الغيب اال هللا ) وقال تعالى ( عالم الغيب‬

‫والشهادة فال يظهر على غيبه احدا اال من ارتض ى من رسول ) اعلم ان هللا تعالى قد يطلع انبيائه و اوليائه‬

‫على الغيب بخطاب اوبكشف خطاب اوالهام كما يطلع بعض اوليائه على ذلك بكشف حجاب وال يلزم‬

‫على ذلك مساواة املخلوق للخالق بل بينهما في ذلك اعظم فارق وذلك من وجهين االول‪ :‬ان علم هللا للغيب‬

‫علم ذاتي استقاللي ال يكون باعالم احد ن بخالف علم غيره فهو علم مكتسب عرض باعالم هللا عز وجل‬

‫وعلمنا بذلك يكون باعالمهم لنا الثاني ‪ :‬ان علم هللا تعالى قديم ابدي ازلي ال يقبل االنقسام و ال التغير وال‬

‫الزوال بل هو علم واحد محيط بالكليات و الجزئيات ليس بضروري وال كسبي يعلم االشياء قبل وقوعها‬

‫وحين وقوعها وبعد وقوعها فاين هذا في علم الخلق الحادث املكتسب الكائن باعالم هللا عز وجل وحينئذ‬

‫ال يطلق على الخلق انهم يعلمون الغيب اذ ال صفة لهم يقتدرون بها على االتستقالل بعلمه و هم في‬

‫الحقيقة ما علموا ولكن اعلموا وما علموا علما مطلقا ولكن اعموا بعلم مقيد ببعض الجزئيات ومن علم‬
‫انتهى‬
‫شيئا يشاركه فيه غيره من النظراء ال يقال فيه انه عالم بالغيب‪.‬‬
‫ً‬
‫قال البيضاويِ فی التفسير‪ :‬وكرامات األولياء على املغيبات إنما تكون تلقيا عن املالئكة كاطالعنا على‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َْ‬ ‫أحوال اآلخرة بتوسط األنبياء‪ ،‬و َق َ‬
‫ال ُي َخ ا‬
‫ص الرسو ُل بامللك ِفي ِا ِطالعه على الغيب ‪ ،‬واأل ِولياء يقع لهم‬
‫ص ُ‬
‫ْ‬
‫ذلك باإللهام‪».‬‬
‫ّ‬
‫قال الشيخ العالمة عبد القادر مال حويش في تفسيره ‪ :‬إذ ال مانع من أن يلهمهم اّلل وقوع بعض الحوادث‬
‫ّ‬
‫املستقبلة فيخبرون بها من إطالع اّلل إياهم ال من أنفسهم‪ ،‬يدل على هذا ما روي عن أبي هريرة أنه قال ‪:‬‬
‫ّ‬
‫قال صلى اّلل عليه وسلم‪ :‬لقد كان فيمن مض ى قبلكم من األمم أناس محدبون (ملهمون) من غير أن‬
‫ّ‬
‫يكونوا أنبياء ‪ ،‬وإن يكن من أمتي أحد فإنه عمر بن الخطاب‪ -‬أخرجه البخاري‪ -‬وإنما خصه صلى اّلل عليه‬
‫ّ‬
‫وسلم لنطقه بأشياء نزل بها القرآن وهي معلومة ‪ ،‬وسنأتي عليها في محلها إن شاء اّلل في ـ سورة النور ج ‪3‬‬
‫ّ‬
‫وغيرها‪ ،‬وروى مسلم عن عائشة مثل هذا الحديث و من كراماته رض ي اّلل عنه إسماع صوته زمن خالفته‬
‫من املدينة إلى القادسية حينما قال (يا سارية الجبل) وهي مشهورة أيضا وكتابته الكتاب إلى النيل وهو من‬

‫أكبر الكرامات وغيرها كثير الخ)‬


‫َ َ ْ ُ ْ ُْ َ َ َ ا ْ‬
‫ض ُع ِإال ِب ِعل ِم ِه» اي وأمره وإرادته أي ال يكون‬ ‫وجاء فيه ايضا عند قوله تعالی ‪ « :‬وما تح ِمل ِمن أنثى وال ت‬
‫ّ‬
‫ش يء من ذلك كما ال يكون غيره بغير علم اّلل وأنه ما يقع من ذلك على لسان بعض العارفين من اإلخبار‬
‫ّ‬
‫بوقت اإلبمار ووقت تكون الحمل وزمن الوضع وبيان املوضع‪ ،‬هو من إلهام اّلل تعالى إياهم‪.‬‬

‫اس‬ ‫ص ّلي َف ُق ْل ُت َما َش ْأ ُن ا‬


‫الن‬ ‫وقال املحقق ابنِابيِجمرة على حديث َأ ْس َم َاء َق َال ْت َأ َت ْي ُت َعائ َش َة َوه َي ُت َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ ََ َ‬ ‫ََ َ َ ْ َ ا َ َ َ ا ُ َ ٌ َ َ َ ْ ُ ْ َ َ ا ُْ‬
‫اّلل قل ُت َآية فأشا َر ْت ِب َرأ ِس َها أ ْي ن َع ْم ف ُق ْم ُت َح اتى‬ ‫فأشارت ِإلى السم ِاء ف ِإذا الناس ِقيام فقالت سبحان ِ‬
‫ا َْ َ ُ‬ ‫ْ َ َ َ َ َ ا َ َ ا َ َ ا ا ُّ َ ا ا ُ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َت َج االني ْال َغ ْش ُي َف َج َع ْل ُت َأ ُ‬
‫اّلل َعل ْي ِه َو َسل َم َوأب َنى َعل ْي ِه ب ام‬ ‫ص ُّب َعلى َرأ ِس ي املاء فح ِمد اّلل عز وجل الن ِبي صلى‬ ‫ِ‬
‫َ ا ْ َ ا ُ َ ا ُ َ ُ َ َ ا َ ا ُ ْ ُ ْ َ ُ َن ُ ُ ُ ْ‬ ‫َ َ َ ْ َ ْ َ ْ َ ُ ْ ُ ُ ُ ا ََ ْ ُ ُ َ َ‬
‫ورك ْم ِمث َل‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ق‬ ‫ي‬ ‫ف‬‫ِ‬ ‫و‬‫ن‬ ‫ت‬‫ف‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫إ‬‫ِ ِ‬‫ي‬ ‫وح‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ار‬ ‫الن‬‫و‬ ‫ة‬‫ن‬ ‫ج‬ ‫ال‬ ‫ى‬ ‫ت‬ ‫ح‬ ‫ي‬ ‫ام‬
‫قال ما ِمن ش ي ٍء لم أكن أ ِريته ِإال رأيته ِفي م ِ‬
‫ق‬
‫ا ا ُ َ ُ َ ْ ُ َ َ َ ا ََ ُْْ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ َ َ َ‬ ‫َْ َ َ َ َ‬
‫الر ُج ِل فأ اما امللؤ ِم ُن أ ْو‬ ‫يب ال أ ْد ِري أ اي ذ ِل َك قال ْت أ ْس َم ُاء ِم ْن ِف ْت َن ِة امل ِس ِيح الدج ِال يقال ما ِعلمك ِبهذا‬ ‫أو ق ِر‬
‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ُ ُ َ َ ْ ي َ ّ َ َ َ ْ َ ْ َ ُ َ َ ُ ُل ُ َ ُ َ ا ٌ َ ُ ُل ا‬
‫اّلل َج َاء َنا ب ْال َب ّي َ‬
‫ات َوال ُه َدى فأ َج ْب َنا َو اات َب ْع َنا ُه َو‬ ‫ن‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫املو ِقن ال أد ِر ِبأ ِي ِهما قالت أسماء فيقو هو محمد رسو ِ‬
‫َ َ َ َ‬ ‫َ َ ا َُْ ُ َ ْ ُْ َْ ُ َ َ‬ ‫ُ َُ‬ ‫َ‬ ‫ال َن ْم َ‬ ‫ُم َح ام ٌد َب َال ًبا َف ُي َق ُ‬
‫اب ال أ ْد ِري أ اي ذ ِل َك قال ْت‬ ‫ص ِال ًحا ق ْد َع ِل ْم َنا ِإ ْن ك ْن َت ملو ِق ًنا ِب ِه وأما املنا ِفق أو املرت‬
‫َ ْ َ ُ ََُ ُ َ َْ َ ْ ُ ا َ ُ َ َ َ ْ‬
‫اس َي ُقولون ش ْي ًئا ف ُقل ُت ُه »‬ ‫أسماء فيقول ال أد ِري س ِمعت الن‬

‫قال رحمه هللا والكالم عليه اي على هذا الحديث من وجوه ‪:‬‬

‫فقال في الوجه الخامس و العشرين‪ :‬فيه دليل على كرامات االولياء في اطالعهم على االشياء البعيدة‬

‫يرونها رؤية العين قريبة منهم و يخطون الخطوات اليسيرة فيقطعون بها االرض الطويلة الن القدرة التي‬

‫حكمت بما اخبر فيما نحن بسبيله هي قادرة على تبليغهم كل ذلك ولهذا قال بعضهم الدنيا خطوة ملؤمن‬

‫و مثل هذا اطالعهم على القلوب مع كثافة االبدان وقد حكي عن بعض الفضالء منهم في هذا الشان انه‬

‫اجتمع مع بعض اخوانه بموضع وكان في القوم رجل من العوام ليس منهم فاطلع بعض اخوانه على قلب‬

‫ذلك الرجل فراى شيئا منه ال يعجبه فخرج عنهم فخرج اليه هذا السيد املتمكن فقال له ارجع ما رايت‬

‫فقد رآه غيرك وان لم يحمل هذا هنا فاين يحمل قدره من طريق الفتوة »‬
‫والرؤية امر يخلقه هللا تعالى في الرائي ال بشرط مقابلة وال مواجهة و ال خروج شعاع الن هذه شروط‬

‫عادية يمكن انفكاكها عقال مثل كشفه له تعالى عن املسجد االقص ى حتى اخبر الناس بوصفه‪.‬‬

‫وجاء في حديث متفق على صحته كما قاله البغوي ما روي عن ابي سلمة قال سمت جابر بن عبدهللا‬
‫اّلل َع َل ْي ِه َو َس ال َم َي ُقو ُل َ املا َك اذ َب ْتني ُق َرْي ٌ‬
‫ش ُق ْم ُت في ْالح ْجر َف َج َال ا ُ‬ ‫ص الى ا ُ‬ ‫َ ا ُ َ َ َ ُ َل ا‬
‫اّلل َ‬
‫اّلل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رض ي هللا عنهم أنه س ِمع رسو‬
‫ََ َْ ُ َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ‬
‫ِلي َب ْي َت امل ْق ِد ِس فط ِف ْق ُت أخ ِب ُر ُه ْم َع ْن َآيا ِت ِه َوأنا أنظ ُر ِإل ْي ِه) و في رواية عند مسلم ( فرفعه هللا إلي أنظر إليه‬
‫ا‬
‫ما يسألوني عن ش يء إال أنبأتهم )‬

‫وقال الشارحون‪ :‬هذا أبلغ في املعجزة وال استحالة فيه فقد أحضر عرش بلقيس في طرفة عين لسليمان‬
‫ا‬
‫َو ُه َو يقتض ي أنه أزيل من مكانه حتى أحضر إليه وما ذاك في قدرة اّلل بعزيز‪.‬‬

‫قال العالمة عبدالقادر مال حويش ( في قصة عرش بلقيس )‪ :‬وهذا مما يستعظم ويتردد فيه عقل من ال‬
‫ّ‬
‫يعرف عظمة اّلل على أن الذي يصدق بظهور (التلفزيون) وهو املدياع الذي يرى صورة املذيع وليس‬

‫صوته وهو في فعل بعض خلقه يجدر به ان يصدق بهذا وال يتردد فيه ‪ ،‬ألنه من فعل ربه الذي ال يعجزه‬

‫ش يء وهو الذي يقدر عباده على أشياء لم يقبلها العقل مما ظهر في القرن العشرين هذا من البواخر‬

‫والطائرات كالقالع والصواريخ واملذياع (الراديو) ومعامل الكهرباء مما يحار فيها العقل وال يكاد يصدقها‬

‫لوال وجودها وما ندري ما سيظهر لنا بعد من عجائب مكوناته حتى يتبين للكافر أنه اإلله الحق الذي ال‬

‫رب غيره املوجد لكل ش ي ء‪.‬‬

‫هلِيطلقِالقولِبكفرِمنِيدعيِعلمِالغيبِ؟‬

‫اعلم ان القول بتكفير احد من املسلمين اعظم عند العلماء الربانيين من حمل اكبر الجبال علی عاتقهم !‬

‫قالوا لو سمعنا من احد كلمة الكفر واقيم عليه الف دليل اال واحدا لم نحكم بكفره بل نأوله تاويال‬

‫سائغا لكي ال يخرج عن دائرة االسالم‪ .‬الن القول بكفره حكم بخروجه عن االسالم و هو عند هللا عظيم‪.‬‬
‫قال ابنِالبزازِالحنفي ‪ :‬اذا كان في املسئلة وجوه توجبه و وجه واحد يمنعه يميل العالم الى ما يمنع‬

‫الكفر وال يرجح الوجوه على الوجه الن الترجيح ال يقع بكثرة االدلة والحتمال انه اراد الوجه الذي ال يوجب‬

‫التكفير اللهم اال اذا صرح بارادة موجب الكفر فال ينفعه التاويل حينئذ‪ .‬ـ‬

‫وفي الفتاوى الحديثية البن حجر‪ :‬وسئل نفع هللا به بما لفظه ‪ :‬من قال ان امللؤمن يعلم الغيب هل يكفر‬

‫لقوله تعالى ( قلِالِيعلمِمنِفيِالسمواتِواالرضِالغيبِاالِهللاِ) و قوله تعالى ( عالمِالغيبِفالِيظهرِ‬

‫علىِغيبهِاحدا ) او يستفصل لجواز العلم بجزئيات من الغيب ؟‬

‫فاجاب بقوله رحمه هللا و نفعنا به آمين ـ ـ ‪ :‬ال يطلق القول بكفره الحتمال كالمه و من تكلم بما يحتمل‬

‫الكفر و غيره وجب استفصاله كما في الروضة و غيرها ومن بم قال الرافعي ينبغي اذا نقل عن احد لفظ‬

‫ظاهره الكفر ان يتامل و يمعن النظر فيه فان احتمل ما يخرج اللفظ عن ظاهره من ارادة تخصيص او‬

‫مجاز او نحوهما سئل الالفظ عن مراده وان كان االصل في الكالم الحقيقة والعموم وعدم االضمار الن‬

‫الضرورة ماسة الى االحتياط في هذا االمر واللفظ محتمل‪ ،‬الى ان قال ‪ :‬ومتى استفصل فقال اردت بقولي‬

‫‪:‬امللؤمن يعلم الغيب ان بعض االولياء قد يعلمه هللا ببعض املغيبات قبل منه ذلك النه جائز عقال وواقع‬

‫نقال اذ هو من جملة الكرامات الخارجة عن الحصر على مر االعصار فبعضهم يعلمه بخطاب و بعضهم‬

‫يعلمه بكشف حجاب و بعضهم يكشف له عن اللوح املحفوظ حتى يراه بم ذكر الشيخ عدة من تلك‬

‫الكرامات كاخبار الصديق رض ي هللا عنه عن حمل امراته انه ذكر و كان كذلك و نداء عمر رض ي هللا عنه‬

‫جيشه بالعجم على منبر املدينة وهو يخطب يا سارية ! الجبل ! انتهى‬

‫قالِابنِعابدين في الدر رحمه هللا نقال عن القرطبي في شرحه على املسلم‪ :‬أن ظن الغيب جائز كظن‬

‫املنجم والرمال بوقوع ش ئ في املستقبل بتجربة أمر عادي فهو ظن صادق‪ ،‬واملمنوع ادعاء علم الغيب‪.‬‬

‫والظاهر أن ادعاء ظن الغيب حرام ال كفر‪ ،‬بخالف ادعاء العلم‪.‬‬


‫وقال ایضا في « مطلب في دعوى علم الغيب » قلت ‪ :‬وحاصله أن دعوى علم الغيب معارضة لنص‬

‫القرآن فيكفر بها‪ ،‬إال إذا أسند ذلك صريحا أوداللة إلى سبب من هللا تعالى كوحي أو إلهام‪،‬وكذا لو أسنده‬

‫إلى أمارة عادية بجعل هللا تعالى‪.‬‬

‫ِِِماِجاءِفيِالفتاویِالبزازیةِ!ِِِِ‬

‫قال شهاب الدين الحموي‪ :‬اذا تقرر هذا فما وقع في الفتاوى البزازية من قوله‪ ،‬قال علمائنا منِقالِ‬

‫ٌِ‬
‫مشكل اذ ال يكفر بمجرد هذا‬ ‫ارواحِالشايخِحاضرةِتعلمِيكفرِانتهى‪ .‬يعني تعلم الغيب بقرينة السياق ‪،‬‬

‫القول مع احتمال التاويل ملا في التتارخانية ال يكفر باملحتمل الن الكفر نهاية في العقوبة فيستدعي نهاية في‬

‫الجناية ومع االحتمال ال نهاية‪.‬‬

‫و في شرح الهداية للمحقق كمال الدين ابن الهمام بعد ذکر كثير من الفاظ التكفير‪ ،‬والذي تحرر انه‬

‫ال يفتى بتكفير مسلم امكن حمل كالمه على محمل حسن او كان في كفره اختالف ولو رواية ضعيفة نعم‬

‫من اعتقد انه يعلم ما استابر هللا بعلمه فهو كافر ال محالة‪ .‬انتهى كالم شهاب الدين الحموي‪.‬‬

‫ِِِِِقولِجاريةِعندِالنبيِعليهِالسالمِ‪ِ:‬وفيناِنب ٌّيِي ْعلمِماِفيِغدِِوِکراهتهِصلیِهللاِعلیهِوسلمِلذلک؟‬


‫َ ْ ُّ َ ّ ْ ُ َ ّ َ َ ْ َ َ َ َ َ ا ا ُّ َ ا‬
‫صلى‬ ‫وفي شرح حديث رواه البخاري و الترمذي وابن ماجه عن الرب ِي ِع ِبن ِت مع ِو ٍذ قالت دخل علي الن ِبي‬
‫ُ‬ ‫َ َ ْ َ ّ َ ُ َ ْ َ ٌ َ ْ ْ َ ُّ ّ‬ ‫اُ ََْ َ َ ا َ َ َ َ ُ َ ََ ا َ ََ َ َ‬
‫الد ِف َي ْن ُد ْب َن َم ْن ق ِت َل‬‫س َعلى ِف َر ِاش ي كمج ِل ِسك ِم ِني وجوي ِريات يض ِربن ِب‬ ‫اّلل علي ِه وسلم غداة ب ِني علي فجل‬
‫ا َ َ‬ ‫َ َ َ ا ُّ َ ا ا ُ َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ َ‬
‫اّلل َعل ْي ِه َو َسل َم ال ت ُق ِولي‬ ‫ِم ْن َآب ِائ ِه ان َي ْو َم َب ْد ٍر َح اتى قال ْت َجا ِرَية وفيناِنب ٌّي ِي ْعلم ِماِفيِغدِ فقال الن ِبي صلى‬
‫ُ َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫َهكذا َوق ِولي َما ك ْن ِت ت ُق ِول َين‪ [.‬اي اشتغلي باألشعار التي تتعلق باملغازي والشجاعة ونحوها ـ ـ ـ عمدة القارئ]‬
‫صح ٌ‬
‫يح‪.‬‬ ‫َ َ َ َ ٌ َ َ ٌ َ‬ ‫َق َ َ ُ‬
‫ال أبو ِعيس ى هذا ح ِديث حسن ِ‬

‫قال العالمة املحدث الكشميري‪ :‬قوله ‪ ( :‬وفينا نبي يعلم ما في ٍ‬


‫غد إلخ ) اعتقاد أهل السنة والجماعة‬

‫أن علمه صلى هللا عليه وسلم اطالعي وأنه أعلم األولين واآلخرين ‪ ،‬وقال بعض الجهلة ‪ « :‬إن علم الباري‬

‫وعلمه متساويان‪،‬والفرق أن علمه عرض ي وعلم الباري ذاتي» أقول ‪ :‬هذا ادعاء الباطل املحض فإن علمه‬

‫متناهی وعلم الباري غير متناه فال نسبة بين املتناهي وغير املتناهي ‪.‬‬
‫وعل ُة نهيه ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬تلك الجار َية عن التكلم بقولها‪( :‬وفينا رسو ُل هللا َي ُ‬
‫علم ما في غد)‪:‬‬
‫ا‬

‫علم‬ ‫كره أن يقو َل ٌ‬


‫أحد‪ :‬إنه ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪َ -‬ي ُ‬ ‫کما قال شراح الحديث‪ :‬أنه ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪َ -‬‬

‫علمه إال هللا‪ ،‬بل يجب أن ُيقال‪َ :‬ي ُ‬


‫علم رسو ُل هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬من‬ ‫الغيب ال َي ُ‬
‫َ‬ ‫ألن‬ ‫الغيب ً‬
‫مطلقا؛ ا‬ ‫َ‬

‫الغيب ما َأ َ‬
‫خبره هللا به‪.‬‬
‫ُّ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫الد ِف‪ ،‬وفي أبناء‬ ‫ويحتمل أن تكون كراهيته ذلك الكالم أن وصفه ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬في أبناء ِ‬
‫ضرب‬
‫ُ‬ ‫بمنصبه ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ ،-‬بل هو ُّ‬ ‫َ‬
‫أجل وأشرف من أن تذكر هذه‬ ‫ِ‬ ‫ربية أولئك املقتولين ال يليق‬
‫م ِ‬
‫ُّ ّ‬
‫الد ِف‪.‬‬ ‫العبارة في أبناء ِ‬
‫ضرب‬
‫ا‬ ‫ْ ْ‬
‫اإلخ َبار ِبالغيب بتعليم اّلل‬
‫قال املال علي قارئ ‪ :‬وبالجملة ال يجوز أن يقال ألحد ِإنه يعلم الغيب نعم ِ‬
‫َ‬
‫تعالى جائز‪ ،‬وطريق هذا التعليم ِإ اما الوحي أ ْو االلهام عند من يجعله طريقا ِإلى علم الغيب‪ .‬انتهى كذا نقله‬

‫عنه صاحب عون املعبود‪.‬‬

‫ِِِِالفراسةِِوااللهامِهماِمنِاسبابِحصولِالغيباتِلدىِاهلهما!‬
‫قال العالمة التفتازاني رحمه هللا‪ :‬الفراسة علم ينكشف من الغيب بسبب تفرس آبار الصور واال ُ‬
‫لهام‬

‫کشفها «اتقوا فراسة امللؤمن فانه ينظر بنور هللا» والفرق بين االلهام والفراسة‪ :‬انها كشف االمور الغيبية‬

‫بواسطة تفرس آبار الصور وااللهام كشفها بال واسطة ‪.‬‬

‫وقال الشيخ زروق رحمه هللا‪ :‬الفراسة الشرعية نورايماني ينبسط على القلب حتى يتميز في نظر‬

‫صاحبه حالة املنظور فيه عن غيره بل يميز احواله في النظر اليه بحسب اوقاته‪ .‬ولكل ملؤمن منها نصيب‬

‫لكن ال يهتدي لحقيقتها اال من صفا قلبه من الشواغل والشواغب‪ِ.‬‬


‫ْ‬
‫وقال تعالى «اِ ان ِفيِذلك ِآليات ِللمتوسمينِ ـ ـ ‪ 75‬الحجر» اي املتفرسين الذين يعرفون بواطن األشياء‬

‫بسمة ظواهرها‪.‬و هو ما قاله مجاهد‪ .‬وقال الخازن و يعضد هذا التأويل ما روي عن أبي سعيد الخدري أن‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال « اتقوا فراسة امللؤمن فإنه ينظر بنور هللا بم قرأ إن في ذلك آليات‬

‫للمتوسمين » أخرجه الترمذي وقال حديث غريب‪.‬‬

‫قال اآللوس ي رحمه هللا تعالى في تفسيره‪ :‬وهذه اآلية على ما قال الجالل السيوطي أصل في الفراسة‪،‬‬
‫ً‬
‫فقد أخرج الترمذي من حديث أبي سعيد مرفوعا«ِاتقواِفراسةِالؤمنِفإنهِينظرِبنورِهللاِتعالى » بم قرأ‬
‫ً‬
‫اآلية وكان بعض املالكية يحكم بالفراسة في األحكام جريا على طريق إياس بن معاوية ‪ .‬انتهى‬
‫ّ‬
‫والفراسة على نوعين‪ :‬نوع يوقعه اّلل تبارك وتعالى في قلوب أوليائه فيعلمون به من أحوال الناس ما‬
‫ّ‬
‫خفي على غيرهم بإلهام من اّلل تعالى‪ ،‬وهو من باب الكرامة التي خص بها بعض أوليائه‪ ،‬وهي شبيهة‬

‫باملعجزة عدا دعوى التحدي الذي هو من خصائص األنبياء وال يجوز ألحد القول به‪.‬‬
‫ّ ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫أخرج البغوي في حديث غريب عن أبي سعيد الخدري رض ي اّلل عنه قال ‪ :‬إن رسول اّلل صلى اّلل عليه‬
‫ّ‬
‫وسلم قال اتقوا فراسة امللؤمن فإنه ينظر بنور اّلل‪.‬‬

‫قال املناوي في فيض القدير‪ :‬قال ابن عطاء هللا واطالع بعض األولياء على بعض الغيوب جائز وواقع‬

‫لشهادته له بأنه إنما ينظر بنور هللا ال بوجود نفسه ‪ ».‬و نظر رجل إلى امرأة بم دخل على عثمان رض ي هللا‬

‫تعالى عنه فقال يدخل أحدكم علي وفي عينيه أبر الزنا ‪.‬‬

‫قال الغزالي وما حكى عن تفرس املشايخ وأخبارهم عن اعتقادات الناس وضمائرهم تخرج عن الحصر‬

‫قال بل ما حكى عنهم من مشاهدة عذاب القبر والسلؤال ومن سماع صوت الهاتف ومن فنون الكرامات‬

‫خارج عن الحصر والحكاية ال تنفع الجاحد ما لم يشاهد ومن أنكر األصل أنكر التفصيل‪.‬‬

‫وسئل بعض العارفين عن الفراسة ما هي ؟ فقال أرواح تتقلب في امللكوت فتشرف على معاني الغيوب‬

‫فتنطق عن أسرار الحق نطق مشاهدة وعيان وقال أبو عثمان املغربي ‪ :‬العارف تض ئ له أنوار العلم‬

‫فيبصر بها عجائب الغيب وقال الحريري لجلسائه ‪ :‬هل فيكم من إذا أراد هللا أن يحدث في اململكة شيئا‬

‫أعلمه قبل أن يبدو قالوا ‪ :‬ال قال ‪ :‬ابكوا على قلوب لم تجد من هللا شيئا قال البرقي ‪ :‬وقع اليوم في اململكة‬
‫حدث ال آكل وال أشرب حتى أعلم ما هو فورد الخبر بعد أيام أن القرمطي دخل مكة في ذلك اليوم وقتل‬

‫بها املقتلة العظيمة وقال السهروردي ملا ذكر كرامات األولياء‪ ،‬قد يعلمون بعض الحوادث قبل تكوينه ‪.‬اه ـ‬

‫وأن الفراسة ما يوقعه هللا في قلوب أوليائه فيعلمون أحوال الناس بنوع كرامة وإصابة حدس فللقلب‬

‫عين كما أن للبصر عينا فمن صح عين قلبه وأعانه نور هللا اطلع على حقائق األشياء وعلى إدراك العالم‬

‫العلوي وهو في الدنيا فيرى ماال عين رأت وال أذن سمعت وال خطر على قلب بشر وقاعدة الفراسة‬

‫الصحيحة وأسها الغض عن املحارم قال الكرماني ‪ :‬من عمر ظاهره باتباع السنة وباطنه بدوام املراقبة‬

‫وكف نفسه عن الشهوات وغض بصره عن املحرمات واعتاد أكل الحالل لم تخطئ فراسته أبدا‪ .‬اه ـ فمن‬

‫وفق لذلك أبصر الحقائق عيانا بقلبه‪.‬انتهى كالم املناوي‪.‬‬

‫ِِِِِِمفاتیحِالغیبِالخمسِالِیعلمهاِذاتاِوِابتداءِاالِهللا!‬
‫ْ َْ َ َ َ َ ْ َ ْ ٌ َ َ ْ‬ ‫ا اَ َ ُ ْ ُ ا َ َ ْ َ َ َ‬
‫س اماذا تك ِس ُب‬ ‫اع ِة َو ُين ّ ِز ُل الغ ْيث َو َي ْعل ُم َما ِفي األرح ِام وما تد ِري نف‬ ‫قال تعالى ( ِإن اّلل ِعنده ِعلم الس‬
‫َ ً ََ َ ْ يَْ ٌ َ ّ َْ َُ ُ ا اَ َ ٌ َ‬
‫يم خ ِب ٌير (‪ 34‬ـ ـ لقمان)‬ ‫ض تموت ِإن اّلل ع ِل‬ ‫غدا وما تد ِر نفس ِبأ ِي أر ٍ‬
‫َ ْ ْ ُ َ َ َ َ َ َ َ ُ ُ ا َا اُ ََْ َ َ ا َ ْ َ ُ ْ َْ َ ْ ٌ َ َ ا‬
‫س ال َي ْعل ُم َها ِإال‬ ‫اّلل صلى اّلل علي ِه وسلم ِمفتاح الغي ِب خم‬ ‫وروى البخاري عن اب ِن عمر قال قال رسول ِ‬
‫ا ُ َ َ ْ َ ُ َ َ ٌ َ َ ُ ُ َ َ َ َ ْ َ ُ َ َ ٌ َ َ ُ ُ ْ َْ َ َ َ َ ْ َ ُ َ ْ ٌ َ ْ‬
‫س َماذا َتك ِس ُب َغ ًدا َو َما َت ْد ِري‬ ‫اّلل ال يعلم أحد ما يكون ِفي غ ٍد وال يعلم أحد ما يكون ِفي األرح ِام وال تعلم نف‬
‫َ ْ ٌ َ ّ َ ْ َ ُ ُ َ َ َ ْ َ َ ٌ َ َ َ ُ َْ َ‬
‫يء املط ُر‪.‬‬ ‫ض تموت وما يد ِري أحد متى ي ِج‬ ‫نفس ِبأ ِي أر ٍ‬
‫وفي الدر املنثور ‪ :‬وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والبخاري في األدب عن ربعي بن حراش رض ي هللا‬

‫عنه قال ‪ :‬حدبني رجل من بني عامر أنه قال ‪ :‬يا رسول هللا هل بقي من العلم ش يء ال تعلمه فقال ‪ « :‬لقد‬
‫ً‬
‫علمني هللا خيرا ‪ ،‬وإن من العلم ما ال يعلمه إال هللا ‪ .‬الخمس ( إن هللا عنده علم الساعة‪)» ...‬‬
‫َْْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫قال الحافظ ابن حجر في الفتح نقال عن ابي محمد ابن ابي جمرة نفع هللا به ‪َ :‬وامل َفا ِتيح أ ْي َسر األش َياء‬
‫ْ ْ‬ ‫َ ْ ْ َ َ َ َ َ َ ْ َ ْ َ ْ َ َ ُ ْ َ َ ْ َ َ َ َ ْ َ َ ْ َى َ ْ َ ُ ْ َ َ َ ْ ُ‬
‫ال َوامل َراد ِب َن ْف ِي ال ِعلم‬ ‫ِلفت ِح الباب ف ِإذا كان أيسر األشياء ال يعرف مو ِضعها فما فوقها أحر أن ال يعرف ق‬

‫ان‬‫ال َف َل اما َك َ‬ ‫َع ْن ْال َغ ْيب ْال َح ِق ِيق ّي َفإ ان ِل َب ْعض ْال ُغ ُيوب َأ ْس َب ًابا َق ْد ُي ْس َت َد ّل ب َها َع َل ْي َها َل ِك ْن َل ْي َ‬
‫س َذ ِل َك َح ِق ِيق ًّيا َق َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ص َط َفى ب ْاملَ َخازن َو ْ‬ ‫ورا في ع ْلمه َش اب َه ُه ْاملُ ْ‬
‫ُْ ُ َ ْ ُ ً‬
‫اس َت َع َار ِل َب ِاب َها ِامل ْف َتاح الی ان قال َوق ْد َب اي َن‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ج ِميع ما ِفي الوجود محص ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ َ ََ ْ‬ ‫ْ ُْْ‬ ‫َ َ َ‬
‫ِبق ْوِل ِه ت َعالى ِفي اآل َية األخ َرى َو ِه َي ق ْوله ت َعالى ( فال ُيظ ِهر َعلى غ ْيبه أ َح ًدا ‪ِ ،‬إال َم ْن ِا ْرت َض ى ِم ْن َر ُسول ) أ ان‬
‫َّ َ َ َ ْ ْ َ ْ ُ‬
‫األ ُمور َال َي ُكون إ اال ب َت ْ‬
‫يق انتهى ملخصا‬ ‫ٍ‬ ‫ف‬‫ِ‬ ‫و‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِاال ِطالع على ش يء ِمن ه ِذ ِه‬

‫وقال ابن ِحجر ِالهيتمي رحمه هللا في شرح املشكاة‪ :‬اي ال يعلم كلياتها غير هللا وقد يطلع بعض‬

‫اصفيائه على جزئيات منهن‪.‬‬

‫وستاتي الزيادة على ذلك في شرح بيت قصيدة البوصيري فانظر الى ما ذكرنا وتامله فانه قول جميع‬

‫العلماء قاطبة ای اذا علم احد من االنبياء او االولياء شيئا من هذه الخمسة يكون هو باعالم هللا تعالى له‬

‫ال غير فال مجال النكار ذلك و يلؤيد ما قلنا ان هللا سبحانه و تعالى استثنى من ارتضاه واختاره من الرسل‬

‫فيختصه ببعض الغيب و ال يخرج بذكر الرسول االولياء ایضا الن اخبارهم بذلک یکون کرامة لهم وهي‬

‫بمرة اتباع االنبياء فهي ايضا منهم‪ .‬كما اخبر الصديق رض ي هللا عنه عن حمل زوجته ولدا ذكرا بم انثى‬

‫بعد موته‪ .‬كما اخرج قصته االمام مالک فی املوطا وذكره ابن حجر في فتاواه الحديثية‪ .‬و كما اطلع هللا‬

‫املالئكة امللؤكلين بهذه االشياء ‪.‬‬


‫ً‬
‫وعن عائشة عن النبي صلى هللا عليه وسلم إن هللا تبارك وتعالى حين يريد أن يخلق الخلق يبعث ملكا‬

‫فيدخل الرحم فيقول يا رب ماذا فيقول غالم أو جارية أو ما أراد أن يخلق في الرحم فيقول يا رب شقي أم‬

‫سعيد فيقول يا رب ما أجله ما خالئقه فيقول كذا وكذا فيقول يا رب ما رزقه فيقول كذا وكذا فيقول يا‬

‫رب ما خلقه ما خالئقه فما من ش يء إال وهو يخلق معه في الرحم‪ِ.‬‬


‫رواهِالبزارِورجالهِثقات‪ِ(ِ.‬انظرِمجمعِالزوائدِ)‬

‫قال االمامِالناويِ رحمه هللا في فيض القدير‪ :‬وأما قوله (ال يعلمها إال هو) فمفسر بأنه ال يعلمها أحد‬

‫بذاته ومن ذاته إال هو لكن قد تعلم بإعالم هللا فإن بمة من يعلمها وقد وجدنا ذلك لغير واحد كما رأينا‬

‫جماعة علموا متى يموتون وعلموا ما في األرحام حال حمل املرأة بل وقبله واملفاتيح املشار إليها هي أسماء‬

‫الذات وفيه رد على من زعم أن لنزول املطر وقتا معينا ال يتخلف عنه‪.‬‬
‫قال العالمة الكشميري فی معارف السنن‪ :‬القاعدة الرابعة‪ :‬في مسالة علم الغيب مقامان‪ :‬مقام املدح‬

‫والثناء وفيه ياتي االطراء واملبالغة وال يكون الغرض الكشف عن الحقيقة فال يكون كذبا ومنه بيت البردة ‪:‬‬

‫و من علومك علم اللوح والقلم‬ ‫فان من جودك الدنيا و ضرتها‬

‫والثاني مقام ذكر املسالة وتحقيق الواقعة فتذكر اذن القيود والشروط وال يتساهل في تركها اصال وال‬

‫يبالغ فيها فليفرق بين املقامين ‪ :‬مقام املدح ومقام املسالة وليميز بين باب املناقب و باب الحقائق واملصيبة‬

‫نشأت من االختالط بين املقامين افاده الشيخ‪ .‬وفي مسالة علم الغيب ـ ـ ـ ـ وانه من خصائص عالم الغيوب ـ ـ ـ ـ‬

‫رسالة لطيفة للشيخ "سهم الغيب في كبد اهل الريب " وهي مطبوعة لكنها نادرة ‪.‬اهـ و في العرف الشذي له‬

‫ذکر مثل ما ذكرناه ‪.‬‬

‫توضيحِالبيتِالذكورِلالمامِالبوصيريِفيِقصيدتهِالشهورةِبالبردة!‬

‫وملا كان هذا البیت الذي ذکرنا آنفا تمدح بعظمة جاه سيد االولين واآلخرين اعترض عليها البعض و هجم‬

‫على ناظمها بما ليس يليق به قائال ان مثل هذه االوصاف ال تصح اال هلل تعالى وقال املعترض على قوله "‬

‫ومن علومك " ال ادري ما ذا يبقى هلل تعالى من العلم اذا خاطبنا الرسول عليه السالم بهذا الخطاب ؟ و‬

‫هذا كما قال بعض املحققين تهور في الدين ال يحسن باهل الدين الن االصل " خذ ما صفى و دع ما كدر "‬

‫واذا فرضناه انه اخطأ في بعض االبيات فال شك ان معظمها صواب فكيف اذا وجدنا تاويال ومخرجا‬

‫حسنا ال يعارض الشرع‪ ،‬والتاويل خير من التضليل والبيت هو قوله رحمه هللا ‪:‬‬

‫ومن علومك َ‬
‫علم اللوح والقلم‬ ‫فان من جودك الدنيا وضرتها‬
‫اعلم ان صاحب هذا البيت هو االمام شرف الدين البوصيري رحمه هللا ناظم القصيدة البردية التي بلغت‬

‫شهرتها بين املسلمين مشارق االرض ومغاربها ورواها واببتها كثير من االئمة االعالم في كتبهم وشرحوها كثيرا‬

‫كالشيخ شهاب الدين العسقالني شارح البخاري و القاض ي زكريا االنصاري و االمام الحافظ جالل الدين‬
‫السيوطي والفقيه االصولي جالل الدين املحلي وابن مرزوق التلمساني املالكي و السعد التفتازاني و غيرهم‬

‫ممن ال يحصون‪.‬‬

‫و اليخفى ان عصر ملؤلفها متقدم على عصر تقي الدين ابن تيمية ومن بعده من اتباعه وكانت هذه‬

‫القصيدة بهذه الشهرة العظيمة في تلك القرون العديدة فلم ينقل من هلؤالء وغيرهم انهم انكروا عليها في‬

‫شيئ اذ لو كان فيها من مخالف الشرع ادنى شيئ لوجب التنبيه عليه فكيف اذا كان فيها الشرك املخرج‬

‫عن امللة كما يزعمونه الخوارج االذلة ولكن في هذا الزمان كما قال القائل ‪:‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫كالها وحتى سامها كل مفلس‬ ‫لقد ُه ِزلت حتى بدا من ُهزالها‬
‫وقد ورد في الحديث الصحيح ان من عالمات الساعة‪ :‬ان يلعن آخر هذه االمة اولها اقتداء بالذين‬

‫يكفرون املسلمين و يلعنون الصحابة على املنابر بعكس ما امر هللا به وذكر عن املسلمين " والذين جاؤوا‬

‫من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا والخواننا الذين سبقونا بااليمان وال تجعل في قلوبنا غال للذين آمنوا ـ‬

‫انظرِكتابِالشيخِالعارفِداودِبنِسليمانِالخالديِالنقشبنديِفيِردِالشبهاتِعلىِالبردةِ‪.‬‬ ‫الحشر ـ ـ‪) 10‬‬

‫وما قال هذا املنتقد‪« :‬وال ادري ماذا يبقى هلل تعالى من العلم اذا خاطبنا الرسول بهذا الخطاب ؟» كالم‬

‫خطير جدا يمس جانب العقيدة مسا واضحا بينا الن هللا تعالى ال يحد علمه وال يحاط به تعالى هللا عن‬

‫ذلك علوا كبيرا ‪ ...‬ومنشأ خطأ هذا القائل هو تصوره ان علم هللا تعالى محدود باللوح والقلم اوالدنيا‬

‫واآلخرة ؟!‬

‫وال ادري كيف يتصور عاقل فطن ان اللوح والقلم و هما مخلوقان من خلق هللا يستوعبان علم هللا‬

‫تعالى فيحصر ـ ـ بهذا التصور ـ ـ ـ العلم و القدرة االلهيين فيهما‪ .‬ومادام انه يتصور ان علمه تعالى محصور‬

‫باللوح والقلم فاين كان علم هللا قبل خلقهما سبحانه تعالى ال يوصف باين وال ينعت بكيف‪ .‬وكانه غفل‬

‫عن قوله عليه الصالة والسالم ‪ :‬ان اول ما خلق هللا القلم وقال له اكتب فقال رب وماذا اكتب ؟ قال‬

‫ومن الواضح ان ما بعد‬ ‫ِ(ِاخرجهِابوِداودِوِاللفظِلهِواحمدِفيِالسندِولهِشواهدِ)‬ ‫اكتب مقادير كل شيئ حتى تقوم الساعة ‪.‬‬
‫يوم القيامة من عوالم لم يسجلها القمكما يفهم من هذا الحديث فما املانع ان يطلع هللا من شاء من‬

‫خلقه على هذه العوالم التي لم يسجلها القلم ولم تحفظ في اللوح املحفوظ وال سيما حبيبه وخاصته و‬

‫رسوله خاتم االنبياء خاصة ان نصوصا كثيرة جائت تكشف عن ذلك كما بين في موضها‪ .‬و لوال خوفي من‬

‫هذاِماِنقلناهِمنِكالمِالشيخِعيس ىِالحميرى ِفيِرسالتهِالقول ِالبينِفيِبيانِعلمِمقامِخاتمِالنبيينِباحتصارِفراجعهِفانِ‬ ‫االطالة لذكرتها مفصال‪ِ.‬‬


‫فيهاِجواباِشافياِلكِ‪.‬‬

‫وهذا كما قال امللؤلف املال محمد باقررحمه هللا في شرحه على البردة ‪ :‬علمه عليه السالم اشمل من‬

‫علمهما النه يعلم احوال اآلخرة ايضا فال ايراد على التبعيض والنبي يعلم مغيبات الخمس باعالم هللا تعالى‬

‫اياها فال يتجه ان من علم اللوح والقلم املغيبات والنبي ال يعلمها‪.‬‬

‫ِِِواليكِكالمِكثيرِمنِاهلِالعلمِممنِشرحواِالبردةِالشريفةِ‪ِِ:‬‬

‫قال االمام الكبير شهاب الدين احمد العسقالني شارح البردة ‪ :‬فان قلت من بعض علومه علم اللوح‬

‫والقلم مشكل ‪ ،‬الن هللا كتب في اللوح علم الكائنات التي من جملتها الخمس التي استابر هللا بعلمها كما في‬

‫الصحيح في قوله صلى هللا عليه وسلم ال يعلمهن اال هللا فالنبي صلى هللا عليه وسلم وغيره من املخلوقين ال‬

‫يعلم هذه الخمس فكيف ما يتضمنها بعض علومه فيتعين ان ال يكون املراد باللوح والقلم في كالمه من‬

‫االلواح واالقالم جنسهما التي يكتب فيها الخالئق علومهم؟‬

‫فالجواب ال نسلم ان هذه الخمس مما كتب في اللوح املحفوظ اذ لو كانت مما كتبت في اللوح‬

‫املحفوظ الطلع عليها بعض املالئكة املقربين عليهم السالم ممن شانهم ان يطلع على اللوح املحفوظ وان‬

‫سلم انها فيه وان هللا لم يطلع عليها احد لوكانت فيه ؟فاملعنى بعض علومك علم اللوح والقلم التي يطلع‬

‫عليه املخلوقين‪.‬‬

‫قال االمام الباجوري في تعليقاته على البردة ‪ :‬قوله " ومن علومك " ومن في قوله ومن علومك للتبعيض‬

‫واملراد بعلومه املعلومات التي اطلعه هللا عليها واملراد بعلم اللوح والقلم املعلومات التي كتبها القلم في اللوح‬

‫بامر هللا تعالى فانه ورد اول ما خلق هللا القلم فقال له اكتب؟ قال وما اكتب ؟قال اكتب مقادير كل شيئ‬
‫حتى تقوم الساعة‪ .‬واستشكل جعل علم اللوح والقلم بعض علومه صلى هللا عليه و سلم بان من جملة‬
‫ا اَ َ ُ ْ ُ ا َ َ ْ َ َ‬
‫اع ِة َو ُين ّ ِز ُل الغ ْيث‬‫علم اللوح والقلم االمور الخمسة املذكورة في آخر سورة لقمان ( ِإن اّلل ِعنده ِعلم الس‬
‫ْ َْ َ َ َ َ ْ ي َ ْ ٌ ا َ َ ْ ُ َ ً َ َ َ ْ ي َ ْ ٌ َ ّ َ ْ َ ُ ُ ا ا َ َ ٌ َ‬ ‫ََ َْ ُ َ‬
‫يم خ ِب ٌير‬‫ض تموت ِإن اّلل ع ِل‬ ‫ويعلم ما ِفي األرح ِام وما تد ِر نفس ماذا تك ِسب غدا وما تد ِر نفس ِبأ ِي أر ٍ‬
‫(‪)34‬لقمان ) مع ان النبي ال يعلمها الن هللا استابر بعلمها فال يتم التبعيض املذكور ؟‬

‫واجيب بعدم تسليم ان هذه االمور الخمسة مما كتب القلم في اللوح واال الطلع عليها من شأنه ان يطلع‬

‫عل ى اللوح كبعض املالئكة املقربين وعلى تسليم انها مما كتب القلم في اللوح فاملراد ان بعض علومه صلى‬

‫هللا عليه وسلم علم اللوح والقلم الذي يطلع عيه املخلوق‪ .‬فخرج هذه االمور الخمسة على انه صلى هللا‬

‫عليه وسلم لم يخرج من الدنيا اال بعد ان اعلمه هللا تعالى بهذه االمور ‪.‬‬

‫فان قيل اذا كان علم اللوح والقلم بعض علومه فما البعض اآلخر ؟‬

‫اجيب بان البعض اآلخر هو ما اخبره ربه تبارك وتعالى عنه من احوال اآلخرة الن القلم انما كتب في‬

‫اللوح ما هوكائن الى يوم القيامة فقط كما تقدم في الحديث الشريف ‪».‬‬

‫قال علي عثمان جرادي في النفحات اللطيفة في البردة الشريفة ‪ :‬وقال ابن عالن رحمه هللا تعالى‬

‫والخمس التي استابر هللا بعلمها ليست بمكتوبة في اللوح املحفوظ اذ لو كان ما كتب فيه الطلع عليه‬

‫بعض املالئكة الذين من شانهم االطالع على ما فيه وقد جاء في وصفهن ال يعلمها اال هللا ‪.‬بم قال امللؤلف‬

‫املذكور ‪ :‬وقد اعترض البعض على هذا البيت فاود ان اوضح ما استشكل ‪:‬‬

‫اما قوله فان من جودك اي مما جيد به عليك اما الدنيا فان هللا تعالى شرح صدره ورفع ذكره ونصره‬

‫بالرعب واحل له الغنائم واكمل له الدين واتم عليه النعمة واما اآلخرة فقد خصها بالشفاعة العظمى‬

‫واللواء املعقود والحوض املورود ‪ .‬واما قوله ومن علومك علم اللوح والقلم فيحتمل عدة امور منها ‪:‬‬
‫َ‬
‫احدها‪ :‬ان معناه ان ذات اللوح والقلم وكيفية الكتب لم يخص بها احد من اآلدميين وخص رسول هللا‬

‫صلى هللا عليه وسلم بذلك واما ذات اللوح والقلم فقد علمه ليلة االسراء‪.‬‬
‫َ‬
‫وبانيها‪ :‬او معناه ومن علومك العلوم التي ال ُيحصلها العلماء اال بالكتب باالقالم في االلواح و يدرسونها‬

‫الدرس البليغ وانت تخبر بالعلوم الدقيقة الغائبة والحاضرة من غير كتب وال درس وال مدارسة آدمي‬

‫فيكون اللوح هو لوح الدارسين وبالقلم قلم الكتاب‪.‬‬

‫بالثها‪ :‬قلت ان بعض علومك من علوم اللوح والقلم وبعض علومك ليست من علوم اللوح والقلم كحديثه‬

‫عن امور الدار اآلخرة من الجنة والنار‪.‬‬


‫َ َا َ َ َ َ ْ َ ُ ْ َ َْ ُ َ َ َ َ ْ ُ ّ َ‬
‫اّلل َعل ْي َك َع ِظ ًيما (‪ 113‬ــِالنساءِ)‪».‬‬
‫ويستدل لهذا البيت بقوله تعالى ‪ :‬وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل ِ‬
‫قال محمد عيد عبدهللا الحسيني اليعقوبي في الشرح الفريد شرح بردة الحبيب مثل ما قاله الباجوري‬

‫رحمه هللا‪.‬‬

‫وقال الخرپوتی في شرحه قوله ( ومن علومک ) عطف على من جودك والعلوم جمع علم وهو اما‬

‫بمعناه [ اي انك خصصت بالعلم بذات اللوح والقلم و حقیقتهما ـ ـ من زيادتي ـ ] او بمعنى معلوم اي من‬

‫معلوماتك علم اللوح والقلم اي املعلومات الحاصلة منهما بم نقل عن الشعراني في الواقيت والجواهر ‪:‬‬

‫قال الشعراني في اليواقيت والجواهر فان قلت فهل اطلع احد من االولياء عللى عدد الحوادث التي كتبها‬

‫القلم على اللوح الى يوم القيامة فالجواب قال الشيخ في الباب الثامن و الستين بعد املاة من الفتوحات‬

‫املكية نعم انا ممن اطلعه هللا على ذلك‪ .‬انتهى‬

‫قال شيخ زاده في شرحه على البردة ‪ « :‬ولعل هللا اطلعه على جميع ما في اللوح و زاده ايضا الن اللوح و‬

‫متناه و يجوز احاطة املتناهي باملتناهي هذا على قدر فهمك اما من اكتحلت عين‬
‫القلم متناهيان فما فيهما ٍ‬
‫بصيرته بالنور اللهي فيشاهد بالذوق ان علوم اللوح والقلم جزء من علومه كما هي جزء من علم هللا‬

‫سبحانه النه عليه السالم عند االنسالخ عن البشرية كما ال يسمع و ال يبصر و ينطق اال به جلت قدرته و‬

‫عمت نعمته كذلك ال يعلم اال بعلمه الذي ال يحيطون بش ئ منه اال بما شاء كما اشار اليه بقوله و علمك‬

‫ما لم تكن تعلم »‬


‫وقال الشيخ سليمان داودي الخالدي في رد الشبهات على البردة ‪ :‬فقد قال الشراح املراد باللوح ما‬

‫يكتب عليه وبالقلم ما يكتب به فكانه قال ومن علومك علم الناس الذي يكتبونه باقالمهم في الواحهم‬

‫وعلى هذا فال ورود لالعتراض ‪.‬‬

‫قالوا ويحتمل ان املراد به اللوح املحفوظ و ال يلزم على هذا االعتراض الذي قاله هذا الرجل الن املراد‬

‫علم اللوح غير الفواتح الخمس و ما استابر هللا بعلمه الن هذا معلوم من القرائن على ان قوله علم اللوح‬

‫االضافة جنسية اي بعض علم اللوح والجنس يصدق على بعض االفراد ‪ .‬الى ان قال ‪ :‬بم ان صاحب‬

‫البردة لم يدع ولم يقل ان النبي صلى هللا عليه وسلم يعلم جميع ما يعلم هللا اذ ان هذا محال الن هلل‬

‫علوما استابر هللا بها واختص ال يشاركه فيه غيره بل قررنا ان علم اللوح والقلم بعض مواضع علم هللا‬

‫تعالى غير ما هو في مكنون غيبه وهو اببت للنبي صلى هللا عله وسلم علم اللوح والقلم بتعليم هللا له‬

‫واملنفي في االية انما هو االستقالل و االحاطة بكل شيئ بناء على ان ( ال ) في الغيب لالستغراق الخ »‬

‫قال الشيخ زكريا االنصاري في " الزبدة في شرح البردة " ‪ :‬يقال ان هللا اطلعه على ما كتب القلم في اللوح‬

‫املحفوظ وعلى علوم االولين واآلخرين وهذا من جاهه عندهللا تعالى والجاه القدر واملنزلة ‪».‬‬

‫ويلؤيد ما قاله حديث املعراج في الصحيحين "بم عرج بي حتى ظهرت ملستوى اسمع فيه صريح االقالم" اي‬

‫صوت اقالم املالئكة تكتب من اللوح املحفوظ‪.‬‬

‫وقال العالمة املحقق محمد زاهد الكوبري رحمه هللا في مقاالته مجيبا عن االعتراض الوارد على بيت‬

‫البوصيري السابق ذكره ما نصه ‪ :‬وليس الغيب كله وال العلم كله ما في اللوح فقط حتى يلزم من نفي العلم‬

‫بالغيب نفي علم ما في اللوح الن النفي في قوله تعالى ( فال يظهر على غيبه احدا ) مع فرض التغاض ي عن‬

‫االستثناء ‪ ،‬مسلط على مصدر مضاف ـ ـ ـ اعني غيبه ـ ـ ـ وهو من الفاظ العموم فيفيد سلب العموم ال عموم‬

‫السلب فيكون املعنى نفي علم جميع الغيب ال نفي علم شيئ من الغيب كما حققه السعد في شرح‬

‫املقاصد على ان العلم باعالم هللا ال يكون من الغيب في شيئ‪».‬‬


‫ِِِِِِِِِِِِنعيِالنبيِفيِالدينةِللنجاش يِوِهوِبحبشةِفيِالي ِومِالذيِماتِفيهِ!‬
‫قال الشيخ عطية سالم على حديث ( ان النبي نعى النجاش ي الصحابه في اليوم الذي مات فيه )‬

‫وعرفنا بأن نعي النبي صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬إنما هو مجرد اإلعالم وال شك‪ ،‬و النجاش ي كان في الحبشة‬

‫وهم باملدينة ‪ ،‬ال توجد هواتف بابتة وال جوالة وال وسائل إعالم حديثة‪ ،‬لم يكن إال الوحي‪ ،‬ولم يكن إال‬

‫املعجزة‪ ،‬كما وقع من النبي صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬أو ما يقع لبعض صالحي األمة‪ ،‬كما وقع لـ عمر حين قال‪:‬‬

‫(يا سارية الجبل) وإن كان بعض الناس‪ ،‬يطعن في هذه القصة وفي الرواية ويرتب عليها أشياء ال طائل‬

‫تحتها‪ ،‬بل قالوا‪ :‬النبي صلى هللا عليه وسلم كشف له ما بينه وبين الحبشة ‪.‬‬

‫نقول‪ :‬الرسالة والنبوة واألمور الغيبية‪ ،‬ال نتدخل فيها‪ ،‬ويكفي أن نثبت الخبر‪ ،‬وقد جاء في غزوة ملؤتة ‪،‬‬
‫ً‬
‫وكان بالث األمراء ابن رواحة وذلك ملا أرسل صلى هللا عليه وسلم جيشا قوامه بالبة آالف‪ ،‬وأميرهم زيد بن‬

‫حاربة قال النبي صلى هللا عليه وسلم‪ ( :‬فإن أصيب‪ :‬فـ جعفر بن أبي طالب ‪ ،‬فإن أصيب فـ عبد هللا بن‬
‫ً‬
‫رواحة ‪ ،‬فإن أصيب فليختر املسلمون رجال منهم ) بم كشف هللا له عن سير املعركة في يومها‪ ،‬فجلس على‬

‫املنبر بم قال ( أخذ الراية زيد فأصيب‪ ،‬بم قال‪ :‬أخذ الراية جعفر فأصيب‪ ،‬بم قال‪ :‬أخذ الراية عبد هللا‬

‫وصمت‪ ،‬فلما صمت شك أو توهم األنصار أنه وقع بـ ابن رواحة ما يكرهون‪ ،‬بم أعاد وقال‪ :‬أخذ الراية‬
‫ً‬
‫عبد هللا بن رواحة فأصيب ) فكان أشد إيالما على األنصار في هذه الواقعة‪.‬فهنا أخبر النبي صلى هللا عليه‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وسلم بأن الذي أخذها أصيب بم أخذها فالن وجاء في ترجمة ابن رواحة أيضا‪ ،‬وفي قصة ملؤتة أن رجال‬

‫جاء بخبرهم‪ ،‬فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ( إن شئت أخبرتنا‪ ،‬وإن شئت أخبرتك بالواقع‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أخبرنا يا رسول هللا! فذكر له ما وقع بالفعل‪ ،‬فقال‪ :‬والذي بعثك بالحق‪ :‬ما غيرت حرفا واحدا مما وقع‪ ،‬بم‬
‫ٌ‬
‫قال صلى هللا عليه وسلم‪ :‬اآلن أخذ الراية سيف من سيوف هللا أال وهو خالد بن الوليد يفتح هللا عليه أو‬

‫دروسِصوتيةِلهِقامِبتفريغهاِموقعِالشبكةِاإلسالميةِالجزءِ‪ِ5‬صِ‪ِ181‬نسخةِالكتبةِالشاملة)ِ‬ ‫يفتح هللا إليه ) »ِ‬


‫ِ‬
‫سالمِالصلينِعلىِنبيهمِعليهِالسالمِفيِالتحياتِبقولهمِالسالمِعليك"ِوالكافِللخطاب!‬

‫نقل الشیخ محمد اسماعیل االزهري فی کتابه الحق املبين كالما لقاسم النانوتوي في كتابه تحذير الناس‬

‫ـ ما نصه ‪ :‬انظروا قوله تعالى ( النبي اولى بامللؤمنين من انفسهم ) مالحظين لصلة " من انفسهم " يحصل ان‬

‫للنبي صلى هللا عليه وسلم باالمة القرب الذي لم يحصل النفسهم معهم الن االولى بمعنى اقرب وكيف‬

‫يشك من يصلى الصلوات الخمس في كل يوم وليلة ان النبي صلى هللا عليه وسلم حاضر وناظر مع انه‬

‫يقول حين يجلس السالم عليك ايهاالنبي ورحمة هللا وبركاته ومعلوم ان الكاف للمخاطب الحاضر ‪».‬‬

‫وقال املحدث الدهلوي عبدالحق في اقرب السبل ‪ :‬بالرغم من اختالفات عديدة ومذاهب كثيرة لعلماء‬

‫االمة ال خلف الحد في انه صلى هللا عليه وسلم حي و باق على حقيقة الحياة بال شائبة مجاز وتوهم تاويل‬

‫و انه حاضر على اعمال االمة وناظر لها ‪».‬‬

‫قال العالمة ابن الحاج املالكي في املدخل ‪ « :‬إذ ال فرق بين موته وحياته أعني في مشاهدته ألمته‬

‫ومعرفته بأحوالهم ونياتهم وعزائمهم وخواطرهم‪ ،‬وذلك عنده جلي ال خفاء فيه فإن قال القائل‪ :‬هذه‬

‫الصفات مختصة باملولى سبحانه وتعالى ‪ ،‬فالجواب أن كل من انتقل إلى اآلخرة من امللؤمنين فهم يعلمون‬

‫أحوال األحياء غالبا ‪ ،‬وقد وقع ذلك في الكثرة بحيث املنتهى من حكايات وقعت منهم ويحتمل أن يكون‬

‫علمهم بذلك حين عرض أعمال األحياء عليهم ويحتمل غير ذلك ‪ ،‬وهذه أشياء مغيبة عنا ‪» .‬‬

‫و عن وابصة رض ي هللا عنه قال اتيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقال ‪ « :‬جئت تسأل عن البر ؟ »‬

‫قلت ‪ :‬نعم ‪ ،‬فقال ‪ « :‬استفت قلبك ‪ ،‬البر ‪ :‬ما اطمأنت إليه النفس ‪ ،‬واطمأن إليه القلب ‪ ،‬واإلبم ‪ :‬ما حاك‬

‫في النفس ‪ ،‬وتردد في الصدر ‪ ،‬وإن أفتاك الناس وأفتوك » ‪ .‬حديث حسن رواه احمد‪.‬‬

‫قال البيضاوي رحمه هللا في شرح املصابيح ‪ « :‬هذا الحديث من دالئل النبوة ومعجزات الرسول صلوات‬

‫هللا عليه فإنه أخبر عما في ضمير وابصة قبل أن يتكلم به‪ِ ».‬‬
‫ا‬ ‫ٌ‬
‫وقال ابن حجر املكي رحمه هللا في شرح االربعين ‪ « :‬ففيه معجزة كبرى له صلى اّلل عليه وسلم؛ حيث‬
‫ً‬ ‫ا‬
‫أخبره بما في نفسه قبل أن يتكلم به‪ ،‬وأبرزه في حيز االستفهام التقريري مب مبالغة في إيضاح اطالعه عليه‬

‫وإحاطته به ‪» .‬‬

‫وقال ابن امللقن و الطوفي في شرحهما على االربعين ‪ :‬و قوله علیه السالم لوابصة ‪ :‬جئت تسأل عن البر ‪.‬‬

‫هو من باب الكشف ‪» .‬‬

‫وقال ابن حجر املكي ايضا في املنح املكية في شرح الهمزية ‪ :‬تنبيهان ‪ :‬احدهما ‪ :‬يجب على كل احد ان‬

‫يعتقد ان هللا تعالى هو املختص بعلم الغيب و أن ما حصل لرسله و اوليائه منه فهو اما بوحي من هللا‬

‫تعالى او بالهام واالستثناء في قوله تعالى { فال يظهر على غيبه احدا اال من ارتض ى ‪ ...‬الخ} متصل كما هو‬

‫االصل وذكر الرسو ِل ال لالختصاص به بل الن كرامات اولياء اتباعه من جملة كراماته ومعجزاته وفي‬

‫الحديث { اني ال اعلم اال ما علمني ربي }‪.‬‬

‫بانيهما ‪ ... :‬ان مما يدل على كثرة ما اخبر صلى هللا عليه وسلم به من الغيوب ما في القرآن مما ال يحيط‬

‫به حد و خبرالطبراني ‪ :‬ان هللا عز وجل قد رفع لي الدنيا فأنا أنظر اليها وإلى ما هو كائن فيها إلى يوم القيامة‬

‫كأنما أنظر إلى كفي هذه [ رواه الطبراني ورجاله وبقوا على ضعف كثير في سعيد بن سنان الرهاوي‪ ] .‬و‬

‫خبر ابي داود ‪ « :‬قام فينا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم مقاما فما ترك شيئا يكون في مقامه ذلك إلى قيام‬

‫الساعة إال حدبنا به » [هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة أخرجه‬

‫البخاري‪ ،‬ومسلم ‪ ،‬وأبو داود‪] .‬‬


‫مت َ‬
‫علم االولين واآلخرين و صح ان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم اخبر‬ ‫فع ّل ُ‬
‫ُ‬
‫وفي الحديث الصحيح ِ‬
‫بموت النجاش ي يوم موته بالحبشة وصلى عليه باصحابه ‪ .‬واطال رحمه هللا تعالى في ذكر كثير من املغيبات‬

‫التي اخبر بها النبي صلى هللا عليه وسلم و لو اردنا ان نذكر جميعها لطال الکالم‪ .‬بم قال في آخر كالمه واذا‬

‫تاملت ما اطلعه هللا عليه من الغيوب ال سيما ما يتعلق بامر الصحیفة* علمت ان ذلك من تمام عناية‬

‫هللا تعالى به و انه ال يضيمه قط ‪ .‬انتهى‬


‫وصلى هللا وسلم على روح سيدنا محمد املصطفى االمين وعلى آله واصحابه اجمعين‪.‬‬

‫فهذا اوان الشروع في املقصود ‪:‬‬

‫وِهيِكتابةِقريشِكتاباِيتعاقدونِفيهِعلىِبنيِهاشمِوِبنيِالطلبِانِالِينكحواِاليهمِوالينكحوهمِوالِيبعواِمنهمِشيئاِوالِيبتاعواِواليقبلواِمنهمِصلحاِابداِحتىِ‬ ‫*‬
‫يسلمواِلهمِرسولِهللاِصلىِهللاِعليهِوسلمِللقتلِ"ِشرحِالهمزيةِ"‬

You might also like