Professional Documents
Culture Documents
مقدمه هدایة المضلین
مقدمه هدایة المضلین
الضِلِ ِين
هِدِايِةِِ ِ
تاليفِِ:
املشهور
ب ــِِ:الدرسِالکردستانيِ
نفعنا هللا بعلومه و سائر املسلمين
كما ِاجازني ِحضرة ِابي ِالدرس ِالكردستاني ِاالستاذ ِالال ِمحمد ِباقر ِاجزت ِفاضل ِالدارين ِصالحِ
االصالنيِانِيطبعِ«ِهدايةِالضلينِ»ِبنفعهِكيفِيشاءِعدداِوصورةِ.
ِ
ِ
محمدِعارفِالدرس يِ
الحمد هلل مدبر السموات واالرضين فال يعزب عنه مثقال ذرة في السموات وال في االرض وال اصغر من
ذلك وال اكبر اال في كتاب مبين ،والصالة والسالم على افضل االنبیاء واملرسلين سیدنا محمد املنزل عليه
القرآن املبين و الذي جاء فی شانه « وما هو علی الغیب بضنين » وعلى آله واصحابه الطيبين الطاهرین
اما بعد؛ فهذا ما يسر هللا لنا من تحقيق رسالة نفيسة للعالمة الشهير املحقق النحرير املال محمد باقر
بالك املریواني ،وضع رسالته هذه عندما سئل عن موضوع علم الغيب عند النبي واملشايخ الكبار وهو من
املسائل التي كثر فيها الجدال بين الخاص والعام سيما عند ظهور الفرق املبتدعين الجاهلين بما يقرؤون
في املصاحف واحاديث سيد االنام ،فالف العلماء املحققون حولها تاليفات عدیدة ورسائل مفيدة فبينوه
حق البيان فاحسن هللا اليهم خير االحسان وفي هذه الرسالة سعى فيها امللؤلف رحمه هللا الببات علم النبي
عليه السالم واالولياء رحمهم هللا باملغيبات باعالم هللا تعالى لهم معتقدا بان اخبارهم بتلك املغيبات مجرد
ظن وتخمين ال يقين وهذا ال يمكن ان يختلف فيه ابنان من عوام الناس فضال عن خواصهم .فجزاه عن
وامللؤلف رحمه هللا كان من املحققين املتاخرين في شتات الفنون والعلوم الشرعية وجامعا لعلمي الظاهر
والباطن وتلمذ له رحمه هللا كثير من علماء عصره واقروا له بسعة علمه وکراماته وهو مع اشتغاله
بتدريس العلوم الشرعية واالرشادات املعنویة له تاليفات كثيرة مفیدة ال يقف على حقيقتها اال اهلها .
فنسال هللا تعالى ان یوفقنا لصالح العمل و یجعل عملنا هذا خالصا لوجهه الکریم .
ولنذكر قبل اوان الشروع في املقصود نبذة من مسائل علم الغيب واحكامه وعمدة كالمنا فيها هي
ِِِِِِالغيبِلغةِ:
ِِِِالغيب كما في الصحاح هو كل ما غاب عنك و قال الجزري في النهاية هو كل ما غاب عن العيون وسواء
َ َ ص ًال في القلوب أو ْ
غير ُم َح ا كان ُم َح ّ
صل .تقول :غاب عنه غ ْيبا وغ ْي َبة.
و في تفسير الوسيط للسيد الطنطاوي :والغيب :مصدر غاب يغيب وكثيرا ما يستعمل بمعنى الغائب ،و
معناه ماال تدركه الحواس وال يعلم ببداهة العقل .وفي موضع آخر في هذا الكتاب والغيب :ما غاب عن
علم الناس بحيث ال سبيل لهم إلى معرفته و هو يشمل األعيان املغيبة كاملالئكة والجن ،ويشمل األعراض
وقال البيضاوي رحمه هللا في تفسير آية سورة البقرة ( الذين يلؤمنون بالغيب ) «:الغيب مصدر واملراد
به الخفي الذي ال يدركه الحس وال تقتضيه بديهة العقل ،وهو قسمان :قسم ال دليل عليه و هو املعني
ُ ا َ َ َ َ َ
ند ُه َمفا ِت ُح الغيب ال َي ْعل ُم َها ِإال ُه َو } وقسم نصب عليه دليل كالصانع وصفاته واليومبقوله تعالى {:و ِع
اذا عرفت هذا فال غيب هلل تعالى اي ليس هناك شيئ هو مستور عن علم هللا عزوجل الن الغيب هو ما
غاب عن الناس اوما ال تدركه الحواس وهللا هو الذي ال يعزب عنه مثقال ذرة في السموات واالرض فكل
ِِِِالعلمِبالغیبِامرِتفردِبهِهللاِتعالیِ!ِ
قال التفتازاني رحمه هللا تعالى في شرح النسفية :وبالجملة العلم بالغيب امر تفرد به هللا تعالى ال سبيل
اليه للعباد اال باعالم منه او الهام بطريق املعجزة او الكرامة او ارشاد الى االستدالل باالمارات فيما يمكن
فيه ذلك.و لهذا ذكر في الفتاوى :ان قول القائل عند رؤية هالة القمر يكون مطرا مدعيا علم الغيب ال
منقحة والتحقيق :ان الغيب ما غاب عن الحواس والعلم الضروري واالستداللي وقد نطق القرآن بنفي
علمه عمن سواه تعالى ،فمن ادعى انه يعلمه كفر ،ومن صدق املدعي كفر ،واما ما علم بحاسة ،او
ضرورة او دليل ـ ـ فليس بغيب و ال كفر في دعواه ،وال في تصديقه على الجزم في اليقيني ،و الظن في الظني
عنداملحققين .و بهذا التحقيق اندفع االشكال في االمور التي يزعم انها من الغيب وليست منه لكونها
مدركة بالسمع ،او البصر او الدليل ،فاحدها :اخبار االنبياء النها مستفادة من الوحي ومن خلق العلم
الضروري فيهم ،او من انكشاف الكوائن على حواسهم ،بانيها خبر الولي النه مستفاد من النبي او من رؤيا
صالحة ،او من الهام الهي او من النظر في اللوح املحفوظ ،وهو بابت من اهل الكشف ،وان منعه بعض
الفقهاء ،بالثها :اخبار املحاسب بالكسوف و الخسوف النه بدالئل هندسية قطعية ،رابعها :اخبار
املنجم والرمال الن النجوم والرمل علمان استدالليان منزالن على بعض االنبياء بم اندرسا ،وخلط الناس
فيهما ،فمن استدل بقاعدة نبوية اصاب في الخبر ،خامسها :خبر الكاهن النه مما يخبره الجن عن
مشاهدة او سماع عن املالئكة الذين عرفوا الكوائن املستقبلة بالوحي بم نقول قد نطق كثير من
االحاديث واقوال السلف بكفر املنجم والكاهن ومن يصدقهما وذكر غير واحد من املحققين :ان التكفير
خاص بمن يدعي علم الغيب و يزعم النجوم مدبرة باالستقالل او يزعم الجن عاملة بالغيب ،قلت :ومع
هذا ليس االشتغال بالنجوم و الكهانة من فعل الصالحين وال شك ان فيهما اخالال بعقائد ضعفاء
املسلمين لزعمهم ان املخبر عالم بالغيب على ان الكاهن يصعب ان يسلم ايمانه الستمداده من الشياطين
وقال اآللوس ي رحمه هللا :ومن هنا يعلم أن علم الجفر ،وعلم الفلك ،ونحوهما ملا كانت مقرونة بأصول
وضوابط ال يقال عنها :إنها علم غيب أبدا إذ علم الغيب شرطه أن يكون مجردا عن املواد والوسائط
الكونية وهذه العلوم ليست كذلك ألنها مرتبة على قواعد معلومة عند أهلها لوالها ما علمت تلك العلوم ،
ّ
وليس ذلك كالعلم بالوحي ألنه غير مكتسب بل اّلل تعالى يختص به من يشاء وكذا العلم باإللهام فإنه ال
مادة له إال املوهبة االلهية واملنحة األزلية على أن بعضهم ذهب إلى أن تلك العلوم ال يحصل بها العلم
املقابل للظن بل نهاية ما يحصل الظن الغالب وبينه وبين علم الغيب بون بعيد.
وقال ابنِحجرِالكي رحمه هللا في شرح الهمزية :يجب على كل احد ان يعتقد ان هللا تعالى هو املختص
بعلم الغيب وان ما حصل لرسله واوليائه منه فهو اما بوحي من هللا تعالى او بالهام واالستثناء في قوله
تعالى{ فال يظهر على غيبه احدا اال من ارتض ى ...الخ} متصل كما هو االصل وذكر الرسول ال لالختصاص
ا ّ َ َ
به بل الن كرامات اولياء اتباعه من جملة كراماته ومعجزاته وفي الحديث { اني ال اعل ُم اال ما َعل َمني ربي }
يجوز الحد ان يدعي ذلك اال بسببه من الوحي اوااللهام اوغير ذلك من االمارات وهللا سبحانه و تعالى لم
ينف في كالمه ذلك مطلقا عن غيره وانما نفى االحاطة بذلك استقالال وذلك مختص به تعالى فاي منع يرد
ّ
على ذلك اذا علم هللا تعالی بعض عباده ببعض املغيبات مع انه جائز عقال وواقع نقال .وهذا عيس ى عليه
ْ
السالم قال لبني اسرائيل " وأنبئك ْم ِبماِتأكلون ِوماِت ادخرون ِفيِبيوتك ِْم ِ" قال الخازن « و هي إخباره عن
املغيبات مع ما تقدم له من اآليات الباهرات من إبراء األكمه واألبرص وأحياء املوتى بإذن هللا تعالى وإخباره
ّ
عن الغيوب بإعالم هللا إياه ذلك وهذا مما ال سبيل ألحد من البشر عليه إال األنبياء عليهم السالم».
ً ا ا ا
و قال تعالى عن صاحب موس ى عليه السالم" وعلمناه ِمنِلدناِعلما " أي علما ال يكتنه كنهه وال يقادر
قدره وهو علم الغيوب وأسرار العلوم الخفية كما في اآللوس ي و سائر التفاسير .وقد قيل " من عمل بما
علم وربه هللا تعالى علم ما لم يعلم "،وهو علم االفهام اوااللهام والفراسة فبين علم هللا و علم البشر فرق
جلي وهو ان علمه تعالى ذاتي واستقاللي ليس بواسطة وجميع علوم البشر اطالعي بتعليم هللا تعالى اياهم.
فعلی ِذلک أن ما اشتهر عن اخبار النبي اوالعرفاء باملغیبات ال تعارض اآلي املذکورة لوجوه ذكرها
املحققون من العلماء منها ما قاله السعد ِالتفتازاني على قوله تعالى ( قل اِال ِي ْعلم ِمن ِفي ا
ِالسماواتِ
ا ْ ْ
ِاَّلل ـ ـ النمل ) 65 :ان الغيب ههنا ليس للعموم بل مطلق اومعين هو وقت القيامة واْل ْرض ِالغ ْيب ِإال ا ِ
بقرينة السياق وال يبعد ان يطلع عليه بعض الرسل من املالئكة اوالبشر فيصح االستثناء بل ال امتناع في
جعل الغيب للعموم ويكون الكالم لسلب العموم اي ال يطلع على كل غيبه احدا وهو ال ينافي اطالع
البعض على البعض وبالجملة فاالستدالل مبني على ان الكالم لعموم السلب اي ال يطلع على شيئ من
غيبه احدا من االفراد نوعا من االطالع و هو ليس بالزم .ومنها ان علمهم هو باعالم هللا تعالى لهم فال يكون
وقع علم ما في غد في معجزات االنبياء صلوات هللا عليهم و سالمه و في كرامات االولياء رض ي هللا عنهم ؟
الجواب :معناه ال يعلم ذلك استقالال و َ
علم احاطة كل املعلومات اال هللا واما املعجزات والكرامات
فحصلتا باعالم هللا لالنبياء و االولياء الاستقالال وهذا كما انا نعلم ان الشمس اذا طلعت تبقى ست
ساعات اونحوها بم تزول بم تبقى نحو ذلك بم تغرب بم تبقى مثل مجموع ذلك اونحوه بم تطلع وهكذا
القول في القمر وغيره من االمور التي يعلم وقوعها في املستقبل وليس هو علم غيب علمناه استقالال وانما
ان االنبياء يعلمون املغيبات باعالم هللا تعالى اصالة وسائر الناس لهم في ذلك تبع .كما يفهم ذلك من
االستثناء.
وقال التفتازاني ،ما التوفيق بين اآلية وبين ما اشتهر عن العرفاء من االخبار الغيبية كما قال الشيخ
الكبير ابو عبدهللا في معتقده :و نعتقد ان العبد ينقل في االحوال حتى يصير الى نعت الروحانية فيعلم
فأجاب ان للغيب مبادئ ولواحق فمبادئه اليطلع عليها ملك مقرب وال نبي مرسل واما اللواحق فهو ما
اظهر هللا تعالى على بعض احبابه بوجه علمه وخرج ذلك عن الغيب املطلق وصار غيبا اضافيا وذلك اذا
تنور بالروح القدسية وازداد نوريتها واشراقها باالعراض عن ظلمة عالم الحس وتجلية مرآة القلب عن
صدء الطبيعة واملواظبة على العلم والعمل وفيضان االمور اآللهية حتى يقوى النور وينبسط في فضاء
قلبه فينعكس فيه النقوش املرتسمة في اللوح املحفوظ ويطلع على املغيبات ويتصرف في اجسام العالم
السفلي بل ال يبخل الفياض االقدس بمعرفته التي هي اشرف العطايا فكيف بغيرها.انتهىِ
وقال الشهاب ِالخفاجي في شرح شفاء القاض ي عياض وهذا الينافي اآلية الدالة على انه ال يعلم
َ
الغيب اال هللا وقوله تعالى ( لو كنت اعلم الغيب الستكثرت من الخير ) فان املنفي علمه من غير واسطة
اما اطالعه عليه باعالم هللا تعالى له فامر متحقق لقوله تعالى (فال يظهر على غيبه احدا اال من ارتض ى من
رسول ).
وقال شهاب ِالدين الحسيني الحموي في نفحات القرب واالتصال ـ ـ و كثير من عباراته منقول عن
ُ
الفتاوى الحديثية البن حجر املكي رحمه هللا :من جملة الكرامات االخبار ببعض املغيبات والكشف وهو
درجات تخرج عن حد الحصر وذلك اآلن موجود بكثرة وال يعارضه قوله تعالى ( عالم الغيب فال يظهر على
غيبه احدا اال من ارتض ى من رسول) النا ال نسلم عموم الغيب فيجوز ان يخص بحال القيامة بقرينة
السياق [ اي ال نسلمكم ان هللا نفى عموم املغيبات لجواز ان يكون املنفي العلم باحوال الساعة كما ان
سياق اآلية تدل عليه وهو قول بعض اهل العلم من املفسرين ـ ـ املحقق] واملراد سلب العموم نحو لم يقم
كل انسان ال عموم السلب نحو كل انسان لم يقم و ال يعارضه ايضا قوله تعالى ( قل ال يعلم من في
السموات و االرض الغيب اال هللا ) ووجه عدم املعارضة [ اي لهذه اآلية ـ من زيادتي] ان علم االولياء
باعالم هللا لهم و علمنا بذلك انما هو باعالمهم لنا و هذا غير علم هللا الذي تفرد به وهو صفة من صفاته
القديمة االزلية الدائمة املنزهة عن التغيير و سمات الحدوث و النقص و املشاركة و االنقسام ،بل هو
علم واحد علم به جميع املعلومات كلياتها و جزئياتها كان او ما يكون او ما جاز ان يكون ليس بضروري و
ال كسبي و ال حادث بخالف علم سائر الخلق فعلم هللا الذي تمدح به و اخبر في اآليتين املذكورتين انه ال
يشاركه فيه احد ،واحد .فال يعلم الغيب اال هو ومن سواه ان علموا جزئيات منه فباعالم هللا و اطالعه
لهم وحينئذ ال يطلق انهم يعلمون الغيب اذ ال صفة لهم يقتدرون بها على االستقالل بعلمه و ايضا هم ما
علموا وانما اعلموا و ايضا هم ما علموا غيبا مطلقا الن من اعلم بش ئ منه تشاركه فيه املالئكة او نظراؤه
ممن اطلع [ .و علم هللا الغيب ال يشاركه فيه احد كما سبق ـ من زيادتي ] بم اعالم هللا تعالى لالولياء ال
ومن البداهة انه ال يلؤدي الى مشاركتهم له تعالى فيما تفرد به من العلم الذي تمدح به واتصف به في
االزل وفيما اليزال واذا كان كذلك فال بدع في القول بان هللا تعالى يطلع بعض اولياءه على بعض املغيبات
فان ذلك امر ممكن جائز عقال وشرعا وواقع نقال عن جمهور اهل السنة والجماعة من الفقهاء و
املحدبين واالصولين فانهم نصوا على ببوت كرامات االولياء وانها جائزة وواقعة بجميع انواع خوارق
العادات ال فارق بينها وبين املعجزة اال التحدي و دعوى النبوة فمن االخبار باملغيبات اخبار الصديق رض ي
بذلك :قال هللا تعالى ( :قل ال يعلم من في السموات و االرض الغيب اال هللا ) وقال تعالى ( عالم الغيب
والشهادة فال يظهر على غيبه احدا اال من ارتض ى من رسول ) اعلم ان هللا تعالى قد يطلع انبيائه و اوليائه
على الغيب بخطاب اوبكشف خطاب اوالهام كما يطلع بعض اوليائه على ذلك بكشف حجاب وال يلزم
على ذلك مساواة املخلوق للخالق بل بينهما في ذلك اعظم فارق وذلك من وجهين االول :ان علم هللا للغيب
علم ذاتي استقاللي ال يكون باعالم احد ن بخالف علم غيره فهو علم مكتسب عرض باعالم هللا عز وجل
وعلمنا بذلك يكون باعالمهم لنا الثاني :ان علم هللا تعالى قديم ابدي ازلي ال يقبل االنقسام و ال التغير وال
الزوال بل هو علم واحد محيط بالكليات و الجزئيات ليس بضروري وال كسبي يعلم االشياء قبل وقوعها
وحين وقوعها وبعد وقوعها فاين هذا في علم الخلق الحادث املكتسب الكائن باعالم هللا عز وجل وحينئذ
ال يطلق على الخلق انهم يعلمون الغيب اذ ال صفة لهم يقتدرون بها على االتستقالل بعلمه و هم في
الحقيقة ما علموا ولكن اعلموا وما علموا علما مطلقا ولكن اعموا بعلم مقيد ببعض الجزئيات ومن علم
انتهى
شيئا يشاركه فيه غيره من النظراء ال يقال فيه انه عالم بالغيب.
ً
قال البيضاويِ فی التفسير :وكرامات األولياء على املغيبات إنما تكون تلقيا عن املالئكة كاطالعنا على
ْ َّ َْ أحوال اآلخرة بتوسط األنبياء ،و َق َ
ال ُي َخ ا
ص الرسو ُل بامللك ِفي ِا ِطالعه على الغيب ،واأل ِولياء يقع لهم
ص ُ
ْ
ذلك باإللهام».
ّ
قال الشيخ العالمة عبد القادر مال حويش في تفسيره :إذ ال مانع من أن يلهمهم اّلل وقوع بعض الحوادث
ّ
املستقبلة فيخبرون بها من إطالع اّلل إياهم ال من أنفسهم ،يدل على هذا ما روي عن أبي هريرة أنه قال :
ّ
قال صلى اّلل عليه وسلم :لقد كان فيمن مض ى قبلكم من األمم أناس محدبون (ملهمون) من غير أن
ّ
يكونوا أنبياء ،وإن يكن من أمتي أحد فإنه عمر بن الخطاب -أخرجه البخاري -وإنما خصه صلى اّلل عليه
ّ
وسلم لنطقه بأشياء نزل بها القرآن وهي معلومة ،وسنأتي عليها في محلها إن شاء اّلل في ـ سورة النور ج 3
ّ
وغيرها ،وروى مسلم عن عائشة مثل هذا الحديث و من كراماته رض ي اّلل عنه إسماع صوته زمن خالفته
من املدينة إلى القادسية حينما قال (يا سارية الجبل) وهي مشهورة أيضا وكتابته الكتاب إلى النيل وهو من
قال رحمه هللا والكالم عليه اي على هذا الحديث من وجوه :
فقال في الوجه الخامس و العشرين :فيه دليل على كرامات االولياء في اطالعهم على االشياء البعيدة
يرونها رؤية العين قريبة منهم و يخطون الخطوات اليسيرة فيقطعون بها االرض الطويلة الن القدرة التي
حكمت بما اخبر فيما نحن بسبيله هي قادرة على تبليغهم كل ذلك ولهذا قال بعضهم الدنيا خطوة ملؤمن
و مثل هذا اطالعهم على القلوب مع كثافة االبدان وقد حكي عن بعض الفضالء منهم في هذا الشان انه
اجتمع مع بعض اخوانه بموضع وكان في القوم رجل من العوام ليس منهم فاطلع بعض اخوانه على قلب
ذلك الرجل فراى شيئا منه ال يعجبه فخرج عنهم فخرج اليه هذا السيد املتمكن فقال له ارجع ما رايت
فقد رآه غيرك وان لم يحمل هذا هنا فاين يحمل قدره من طريق الفتوة »
والرؤية امر يخلقه هللا تعالى في الرائي ال بشرط مقابلة وال مواجهة و ال خروج شعاع الن هذه شروط
عادية يمكن انفكاكها عقال مثل كشفه له تعالى عن املسجد االقص ى حتى اخبر الناس بوصفه.
وجاء في حديث متفق على صحته كما قاله البغوي ما روي عن ابي سلمة قال سمت جابر بن عبدهللا
اّلل َع َل ْي ِه َو َس ال َم َي ُقو ُل َ املا َك اذ َب ْتني ُق َرْي ٌ
ش ُق ْم ُت في ْالح ْجر َف َج َال ا ُ ص الى ا ُ َ ا ُ َ َ َ ُ َل ا
اّلل َ
اّلل ِ ِ ِ ِ ِ رض ي هللا عنهم أنه س ِمع رسو
ََ َْ ُ َ ُ ْ َ َ َْ
ِلي َب ْي َت امل ْق ِد ِس فط ِف ْق ُت أخ ِب ُر ُه ْم َع ْن َآيا ِت ِه َوأنا أنظ ُر ِإل ْي ِه) و في رواية عند مسلم ( فرفعه هللا إلي أنظر إليه
ا
ما يسألوني عن ش يء إال أنبأتهم )
وقال الشارحون :هذا أبلغ في املعجزة وال استحالة فيه فقد أحضر عرش بلقيس في طرفة عين لسليمان
ا
َو ُه َو يقتض ي أنه أزيل من مكانه حتى أحضر إليه وما ذاك في قدرة اّلل بعزيز.
قال العالمة عبدالقادر مال حويش ( في قصة عرش بلقيس ) :وهذا مما يستعظم ويتردد فيه عقل من ال
ّ
يعرف عظمة اّلل على أن الذي يصدق بظهور (التلفزيون) وهو املدياع الذي يرى صورة املذيع وليس
صوته وهو في فعل بعض خلقه يجدر به ان يصدق بهذا وال يتردد فيه ،ألنه من فعل ربه الذي ال يعجزه
ش يء وهو الذي يقدر عباده على أشياء لم يقبلها العقل مما ظهر في القرن العشرين هذا من البواخر
والطائرات كالقالع والصواريخ واملذياع (الراديو) ومعامل الكهرباء مما يحار فيها العقل وال يكاد يصدقها
لوال وجودها وما ندري ما سيظهر لنا بعد من عجائب مكوناته حتى يتبين للكافر أنه اإلله الحق الذي ال
هلِيطلقِالقولِبكفرِمنِيدعيِعلمِالغيبِ؟
اعلم ان القول بتكفير احد من املسلمين اعظم عند العلماء الربانيين من حمل اكبر الجبال علی عاتقهم !
قالوا لو سمعنا من احد كلمة الكفر واقيم عليه الف دليل اال واحدا لم نحكم بكفره بل نأوله تاويال
سائغا لكي ال يخرج عن دائرة االسالم .الن القول بكفره حكم بخروجه عن االسالم و هو عند هللا عظيم.
قال ابنِالبزازِالحنفي :اذا كان في املسئلة وجوه توجبه و وجه واحد يمنعه يميل العالم الى ما يمنع
الكفر وال يرجح الوجوه على الوجه الن الترجيح ال يقع بكثرة االدلة والحتمال انه اراد الوجه الذي ال يوجب
التكفير اللهم اال اذا صرح بارادة موجب الكفر فال ينفعه التاويل حينئذ .ـ
وفي الفتاوى الحديثية البن حجر :وسئل نفع هللا به بما لفظه :من قال ان امللؤمن يعلم الغيب هل يكفر
فاجاب بقوله رحمه هللا و نفعنا به آمين ـ ـ :ال يطلق القول بكفره الحتمال كالمه و من تكلم بما يحتمل
الكفر و غيره وجب استفصاله كما في الروضة و غيرها ومن بم قال الرافعي ينبغي اذا نقل عن احد لفظ
ظاهره الكفر ان يتامل و يمعن النظر فيه فان احتمل ما يخرج اللفظ عن ظاهره من ارادة تخصيص او
مجاز او نحوهما سئل الالفظ عن مراده وان كان االصل في الكالم الحقيقة والعموم وعدم االضمار الن
الضرورة ماسة الى االحتياط في هذا االمر واللفظ محتمل ،الى ان قال :ومتى استفصل فقال اردت بقولي
:امللؤمن يعلم الغيب ان بعض االولياء قد يعلمه هللا ببعض املغيبات قبل منه ذلك النه جائز عقال وواقع
نقال اذ هو من جملة الكرامات الخارجة عن الحصر على مر االعصار فبعضهم يعلمه بخطاب و بعضهم
يعلمه بكشف حجاب و بعضهم يكشف له عن اللوح املحفوظ حتى يراه بم ذكر الشيخ عدة من تلك
الكرامات كاخبار الصديق رض ي هللا عنه عن حمل امراته انه ذكر و كان كذلك و نداء عمر رض ي هللا عنه
جيشه بالعجم على منبر املدينة وهو يخطب يا سارية ! الجبل ! انتهى
قالِابنِعابدين في الدر رحمه هللا نقال عن القرطبي في شرحه على املسلم :أن ظن الغيب جائز كظن
املنجم والرمال بوقوع ش ئ في املستقبل بتجربة أمر عادي فهو ظن صادق ،واملمنوع ادعاء علم الغيب.
القرآن فيكفر بها ،إال إذا أسند ذلك صريحا أوداللة إلى سبب من هللا تعالى كوحي أو إلهام،وكذا لو أسنده
ِِِماِجاءِفيِالفتاویِالبزازیةِ!ِِِِ
قال شهاب الدين الحموي :اذا تقرر هذا فما وقع في الفتاوى البزازية من قوله ،قال علمائنا منِقالِ
ٌِ
مشكل اذ ال يكفر بمجرد هذا ارواحِالشايخِحاضرةِتعلمِيكفرِانتهى .يعني تعلم الغيب بقرينة السياق ،
القول مع احتمال التاويل ملا في التتارخانية ال يكفر باملحتمل الن الكفر نهاية في العقوبة فيستدعي نهاية في
و في شرح الهداية للمحقق كمال الدين ابن الهمام بعد ذکر كثير من الفاظ التكفير ،والذي تحرر انه
ال يفتى بتكفير مسلم امكن حمل كالمه على محمل حسن او كان في كفره اختالف ولو رواية ضعيفة نعم
من اعتقد انه يعلم ما استابر هللا بعلمه فهو كافر ال محالة .انتهى كالم شهاب الدين الحموي.
أن علمه صلى هللا عليه وسلم اطالعي وأنه أعلم األولين واآلخرين ،وقال بعض الجهلة « :إن علم الباري
وعلمه متساويان،والفرق أن علمه عرض ي وعلم الباري ذاتي» أقول :هذا ادعاء الباطل املحض فإن علمه
متناهی وعلم الباري غير متناه فال نسبة بين املتناهي وغير املتناهي .
وعل ُة نهيه -صلى هللا عليه وسلم -تلك الجار َية عن التكلم بقولها( :وفينا رسو ُل هللا َي ُ
علم ما في غد):
ا
الغيب ما َأ َ
خبره هللا به.
ُّ ّ َ َ ُ َ
الد ِف ،وفي أبناء ويحتمل أن تكون كراهيته ذلك الكالم أن وصفه -صلى هللا عليه وسلم -في أبناء ِ
ضرب
ُ بمنصبه -صلى هللا عليه وسلم ،-بل هو ُّ َ
أجل وأشرف من أن تذكر هذه ِ ربية أولئك املقتولين ال يليق
م ِ
ُّ ّ
الد ِف. العبارة في أبناء ِ
ضرب
ا ْ ْ
اإلخ َبار ِبالغيب بتعليم اّلل
قال املال علي قارئ :وبالجملة ال يجوز أن يقال ألحد ِإنه يعلم الغيب نعم ِ
َ
تعالى جائز ،وطريق هذا التعليم ِإ اما الوحي أ ْو االلهام عند من يجعله طريقا ِإلى علم الغيب .انتهى كذا نقله
ِِِِالفراسةِِوااللهامِهماِمنِاسبابِحصولِالغيباتِلدىِاهلهما!
قال العالمة التفتازاني رحمه هللا :الفراسة علم ينكشف من الغيب بسبب تفرس آبار الصور واال ُ
لهام
کشفها «اتقوا فراسة امللؤمن فانه ينظر بنور هللا» والفرق بين االلهام والفراسة :انها كشف االمور الغيبية
وقال الشيخ زروق رحمه هللا :الفراسة الشرعية نورايماني ينبسط على القلب حتى يتميز في نظر
صاحبه حالة املنظور فيه عن غيره بل يميز احواله في النظر اليه بحسب اوقاته .ولكل ملؤمن منها نصيب
بسمة ظواهرها.و هو ما قاله مجاهد .وقال الخازن و يعضد هذا التأويل ما روي عن أبي سعيد الخدري أن
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال « اتقوا فراسة امللؤمن فإنه ينظر بنور هللا بم قرأ إن في ذلك آليات
قال اآللوس ي رحمه هللا تعالى في تفسيره :وهذه اآلية على ما قال الجالل السيوطي أصل في الفراسة،
ً
فقد أخرج الترمذي من حديث أبي سعيد مرفوعا«ِاتقواِفراسةِالؤمنِفإنهِينظرِبنورِهللاِتعالى » بم قرأ
ً
اآلية وكان بعض املالكية يحكم بالفراسة في األحكام جريا على طريق إياس بن معاوية .انتهى
ّ
والفراسة على نوعين :نوع يوقعه اّلل تبارك وتعالى في قلوب أوليائه فيعلمون به من أحوال الناس ما
ّ
خفي على غيرهم بإلهام من اّلل تعالى ،وهو من باب الكرامة التي خص بها بعض أوليائه ،وهي شبيهة
باملعجزة عدا دعوى التحدي الذي هو من خصائص األنبياء وال يجوز ألحد القول به.
ّ ّ ّ ّ
أخرج البغوي في حديث غريب عن أبي سعيد الخدري رض ي اّلل عنه قال :إن رسول اّلل صلى اّلل عليه
ّ
وسلم قال اتقوا فراسة امللؤمن فإنه ينظر بنور اّلل.
قال املناوي في فيض القدير :قال ابن عطاء هللا واطالع بعض األولياء على بعض الغيوب جائز وواقع
لشهادته له بأنه إنما ينظر بنور هللا ال بوجود نفسه ».و نظر رجل إلى امرأة بم دخل على عثمان رض ي هللا
تعالى عنه فقال يدخل أحدكم علي وفي عينيه أبر الزنا .
قال الغزالي وما حكى عن تفرس املشايخ وأخبارهم عن اعتقادات الناس وضمائرهم تخرج عن الحصر
قال بل ما حكى عنهم من مشاهدة عذاب القبر والسلؤال ومن سماع صوت الهاتف ومن فنون الكرامات
خارج عن الحصر والحكاية ال تنفع الجاحد ما لم يشاهد ومن أنكر األصل أنكر التفصيل.
وسئل بعض العارفين عن الفراسة ما هي ؟ فقال أرواح تتقلب في امللكوت فتشرف على معاني الغيوب
فتنطق عن أسرار الحق نطق مشاهدة وعيان وقال أبو عثمان املغربي :العارف تض ئ له أنوار العلم
فيبصر بها عجائب الغيب وقال الحريري لجلسائه :هل فيكم من إذا أراد هللا أن يحدث في اململكة شيئا
أعلمه قبل أن يبدو قالوا :ال قال :ابكوا على قلوب لم تجد من هللا شيئا قال البرقي :وقع اليوم في اململكة
حدث ال آكل وال أشرب حتى أعلم ما هو فورد الخبر بعد أيام أن القرمطي دخل مكة في ذلك اليوم وقتل
بها املقتلة العظيمة وقال السهروردي ملا ذكر كرامات األولياء ،قد يعلمون بعض الحوادث قبل تكوينه .اه ـ
وأن الفراسة ما يوقعه هللا في قلوب أوليائه فيعلمون أحوال الناس بنوع كرامة وإصابة حدس فللقلب
عين كما أن للبصر عينا فمن صح عين قلبه وأعانه نور هللا اطلع على حقائق األشياء وعلى إدراك العالم
العلوي وهو في الدنيا فيرى ماال عين رأت وال أذن سمعت وال خطر على قلب بشر وقاعدة الفراسة
الصحيحة وأسها الغض عن املحارم قال الكرماني :من عمر ظاهره باتباع السنة وباطنه بدوام املراقبة
وكف نفسه عن الشهوات وغض بصره عن املحرمات واعتاد أكل الحالل لم تخطئ فراسته أبدا .اه ـ فمن
ِِِِِِمفاتیحِالغیبِالخمسِالِیعلمهاِذاتاِوِابتداءِاالِهللا!
ْ َْ َ َ َ َ ْ َ ْ ٌ َ َ ْ ا اَ َ ُ ْ ُ ا َ َ ْ َ َ َ
س اماذا تك ِس ُب اع ِة َو ُين ّ ِز ُل الغ ْيث َو َي ْعل ُم َما ِفي األرح ِام وما تد ِري نف قال تعالى ( ِإن اّلل ِعنده ِعلم الس
َ ً ََ َ ْ يَْ ٌ َ ّ َْ َُ ُ ا اَ َ ٌ َ
يم خ ِب ٌير ( 34ـ ـ لقمان) ض تموت ِإن اّلل ع ِل غدا وما تد ِر نفس ِبأ ِي أر ٍ
َ ْ ْ ُ َ َ َ َ َ َ َ ُ ُ ا َا اُ ََْ َ َ ا َ ْ َ ُ ْ َْ َ ْ ٌ َ َ ا
س ال َي ْعل ُم َها ِإال اّلل صلى اّلل علي ِه وسلم ِمفتاح الغي ِب خم وروى البخاري عن اب ِن عمر قال قال رسول ِ
ا ُ َ َ ْ َ ُ َ َ ٌ َ َ ُ ُ َ َ َ َ ْ َ ُ َ َ ٌ َ َ ُ ُ ْ َْ َ َ َ َ ْ َ ُ َ ْ ٌ َ ْ
س َماذا َتك ِس ُب َغ ًدا َو َما َت ْد ِري اّلل ال يعلم أحد ما يكون ِفي غ ٍد وال يعلم أحد ما يكون ِفي األرح ِام وال تعلم نف
َ ْ ٌ َ ّ َ ْ َ ُ ُ َ َ َ ْ َ َ ٌ َ َ َ ُ َْ َ
يء املط ُر. ض تموت وما يد ِري أحد متى ي ِج نفس ِبأ ِي أر ٍ
وفي الدر املنثور :وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والبخاري في األدب عن ربعي بن حراش رض ي هللا
عنه قال :حدبني رجل من بني عامر أنه قال :يا رسول هللا هل بقي من العلم ش يء ال تعلمه فقال « :لقد
ً
علمني هللا خيرا ،وإن من العلم ما ال يعلمه إال هللا .الخمس ( إن هللا عنده علم الساعة)» ...
َْْ َ َْ
قال الحافظ ابن حجر في الفتح نقال عن ابي محمد ابن ابي جمرة نفع هللا به َ :وامل َفا ِتيح أ ْي َسر األش َياء
ْ ْ َ ْ ْ َ َ َ َ َ َ ْ َ ْ َ ْ َ َ ُ ْ َ َ ْ َ َ َ َ ْ َ َ ْ َى َ ْ َ ُ ْ َ َ َ ْ ُ
ال َوامل َراد ِب َن ْف ِي ال ِعلم ِلفت ِح الباب ف ِإذا كان أيسر األشياء ال يعرف مو ِضعها فما فوقها أحر أن ال يعرف ق
انال َف َل اما َك َ َع ْن ْال َغ ْيب ْال َح ِق ِيق ّي َفإ ان ِل َب ْعض ْال ُغ ُيوب َأ ْس َب ًابا َق ْد ُي ْس َت َد ّل ب َها َع َل ْي َها َل ِك ْن َل ْي َ
س َذ ِل َك َح ِق ِيق ًّيا َق َ
ِ ِ ِ
َ ْ ص َط َفى ب ْاملَ َخازن َو ْ ورا في ع ْلمه َش اب َه ُه ْاملُ ْ
ُْ ُ َ ْ ُ ً
اس َت َع َار ِل َب ِاب َها ِامل ْف َتاح الی ان قال َوق ْد َب اي َن ِِ ِ ج ِميع ما ِفي الوجود محص ِ ِ
َ َ
َ َ ا َ َ َ َ َ َ ََ ْ ْ ُْْ َ َ َ
ِبق ْوِل ِه ت َعالى ِفي اآل َية األخ َرى َو ِه َي ق ْوله ت َعالى ( فال ُيظ ِهر َعلى غ ْيبه أ َح ًدا ِ ،إال َم ْن ِا ْرت َض ى ِم ْن َر ُسول ) أ ان
َّ َ َ َ ْ ْ َ ْ ُ
األ ُمور َال َي ُكون إ اال ب َت ْ
يق انتهى ملخصا ٍ فِ و ِ ِ ِاال ِطالع على ش يء ِمن ه ِذ ِه
وقال ابن ِحجر ِالهيتمي رحمه هللا في شرح املشكاة :اي ال يعلم كلياتها غير هللا وقد يطلع بعض
وستاتي الزيادة على ذلك في شرح بيت قصيدة البوصيري فانظر الى ما ذكرنا وتامله فانه قول جميع
العلماء قاطبة ای اذا علم احد من االنبياء او االولياء شيئا من هذه الخمسة يكون هو باعالم هللا تعالى له
ال غير فال مجال النكار ذلك و يلؤيد ما قلنا ان هللا سبحانه و تعالى استثنى من ارتضاه واختاره من الرسل
فيختصه ببعض الغيب و ال يخرج بذكر الرسول االولياء ایضا الن اخبارهم بذلک یکون کرامة لهم وهي
بمرة اتباع االنبياء فهي ايضا منهم .كما اخبر الصديق رض ي هللا عنه عن حمل زوجته ولدا ذكرا بم انثى
بعد موته .كما اخرج قصته االمام مالک فی املوطا وذكره ابن حجر في فتاواه الحديثية .و كما اطلع هللا
فيدخل الرحم فيقول يا رب ماذا فيقول غالم أو جارية أو ما أراد أن يخلق في الرحم فيقول يا رب شقي أم
سعيد فيقول يا رب ما أجله ما خالئقه فيقول كذا وكذا فيقول يا رب ما رزقه فيقول كذا وكذا فيقول يا
قال االمامِالناويِ رحمه هللا في فيض القدير :وأما قوله (ال يعلمها إال هو) فمفسر بأنه ال يعلمها أحد
بذاته ومن ذاته إال هو لكن قد تعلم بإعالم هللا فإن بمة من يعلمها وقد وجدنا ذلك لغير واحد كما رأينا
جماعة علموا متى يموتون وعلموا ما في األرحام حال حمل املرأة بل وقبله واملفاتيح املشار إليها هي أسماء
الذات وفيه رد على من زعم أن لنزول املطر وقتا معينا ال يتخلف عنه.
قال العالمة الكشميري فی معارف السنن :القاعدة الرابعة :في مسالة علم الغيب مقامان :مقام املدح
والثناء وفيه ياتي االطراء واملبالغة وال يكون الغرض الكشف عن الحقيقة فال يكون كذبا ومنه بيت البردة :
والثاني مقام ذكر املسالة وتحقيق الواقعة فتذكر اذن القيود والشروط وال يتساهل في تركها اصال وال
يبالغ فيها فليفرق بين املقامين :مقام املدح ومقام املسالة وليميز بين باب املناقب و باب الحقائق واملصيبة
نشأت من االختالط بين املقامين افاده الشيخ .وفي مسالة علم الغيب ـ ـ ـ ـ وانه من خصائص عالم الغيوب ـ ـ ـ ـ
رسالة لطيفة للشيخ "سهم الغيب في كبد اهل الريب " وهي مطبوعة لكنها نادرة .اهـ و في العرف الشذي له
توضيحِالبيتِالذكورِلالمامِالبوصيريِفيِقصيدتهِالشهورةِبالبردة!
وملا كان هذا البیت الذي ذکرنا آنفا تمدح بعظمة جاه سيد االولين واآلخرين اعترض عليها البعض و هجم
على ناظمها بما ليس يليق به قائال ان مثل هذه االوصاف ال تصح اال هلل تعالى وقال املعترض على قوله "
ومن علومك " ال ادري ما ذا يبقى هلل تعالى من العلم اذا خاطبنا الرسول عليه السالم بهذا الخطاب ؟ و
هذا كما قال بعض املحققين تهور في الدين ال يحسن باهل الدين الن االصل " خذ ما صفى و دع ما كدر "
واذا فرضناه انه اخطأ في بعض االبيات فال شك ان معظمها صواب فكيف اذا وجدنا تاويال ومخرجا
حسنا ال يعارض الشرع ،والتاويل خير من التضليل والبيت هو قوله رحمه هللا :
ومن علومك َ
علم اللوح والقلم فان من جودك الدنيا وضرتها
اعلم ان صاحب هذا البيت هو االمام شرف الدين البوصيري رحمه هللا ناظم القصيدة البردية التي بلغت
شهرتها بين املسلمين مشارق االرض ومغاربها ورواها واببتها كثير من االئمة االعالم في كتبهم وشرحوها كثيرا
كالشيخ شهاب الدين العسقالني شارح البخاري و القاض ي زكريا االنصاري و االمام الحافظ جالل الدين
السيوطي والفقيه االصولي جالل الدين املحلي وابن مرزوق التلمساني املالكي و السعد التفتازاني و غيرهم
ممن ال يحصون.
و اليخفى ان عصر ملؤلفها متقدم على عصر تقي الدين ابن تيمية ومن بعده من اتباعه وكانت هذه
القصيدة بهذه الشهرة العظيمة في تلك القرون العديدة فلم ينقل من هلؤالء وغيرهم انهم انكروا عليها في
شيئ اذ لو كان فيها من مخالف الشرع ادنى شيئ لوجب التنبيه عليه فكيف اذا كان فيها الشرك املخرج
عن امللة كما يزعمونه الخوارج االذلة ولكن في هذا الزمان كما قال القائل :
ُ َ
كالها وحتى سامها كل مفلس لقد ُه ِزلت حتى بدا من ُهزالها
وقد ورد في الحديث الصحيح ان من عالمات الساعة :ان يلعن آخر هذه االمة اولها اقتداء بالذين
يكفرون املسلمين و يلعنون الصحابة على املنابر بعكس ما امر هللا به وذكر عن املسلمين " والذين جاؤوا
من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا والخواننا الذين سبقونا بااليمان وال تجعل في قلوبنا غال للذين آمنوا ـ
وما قال هذا املنتقد« :وال ادري ماذا يبقى هلل تعالى من العلم اذا خاطبنا الرسول بهذا الخطاب ؟» كالم
خطير جدا يمس جانب العقيدة مسا واضحا بينا الن هللا تعالى ال يحد علمه وال يحاط به تعالى هللا عن
ذلك علوا كبيرا ...ومنشأ خطأ هذا القائل هو تصوره ان علم هللا تعالى محدود باللوح والقلم اوالدنيا
واآلخرة ؟!
وال ادري كيف يتصور عاقل فطن ان اللوح والقلم و هما مخلوقان من خلق هللا يستوعبان علم هللا
تعالى فيحصر ـ ـ بهذا التصور ـ ـ ـ العلم و القدرة االلهيين فيهما .ومادام انه يتصور ان علمه تعالى محصور
باللوح والقلم فاين كان علم هللا قبل خلقهما سبحانه تعالى ال يوصف باين وال ينعت بكيف .وكانه غفل
عن قوله عليه الصالة والسالم :ان اول ما خلق هللا القلم وقال له اكتب فقال رب وماذا اكتب ؟ قال
ومن الواضح ان ما بعد ِ(ِاخرجهِابوِداودِوِاللفظِلهِواحمدِفيِالسندِولهِشواهدِ) اكتب مقادير كل شيئ حتى تقوم الساعة .
يوم القيامة من عوالم لم يسجلها القمكما يفهم من هذا الحديث فما املانع ان يطلع هللا من شاء من
خلقه على هذه العوالم التي لم يسجلها القلم ولم تحفظ في اللوح املحفوظ وال سيما حبيبه وخاصته و
رسوله خاتم االنبياء خاصة ان نصوصا كثيرة جائت تكشف عن ذلك كما بين في موضها .و لوال خوفي من
وهذا كما قال امللؤلف املال محمد باقررحمه هللا في شرحه على البردة :علمه عليه السالم اشمل من
علمهما النه يعلم احوال اآلخرة ايضا فال ايراد على التبعيض والنبي يعلم مغيبات الخمس باعالم هللا تعالى
ِِِواليكِكالمِكثيرِمنِاهلِالعلمِممنِشرحواِالبردةِالشريفةِِِ:
قال االمام الكبير شهاب الدين احمد العسقالني شارح البردة :فان قلت من بعض علومه علم اللوح
والقلم مشكل ،الن هللا كتب في اللوح علم الكائنات التي من جملتها الخمس التي استابر هللا بعلمها كما في
الصحيح في قوله صلى هللا عليه وسلم ال يعلمهن اال هللا فالنبي صلى هللا عليه وسلم وغيره من املخلوقين ال
يعلم هذه الخمس فكيف ما يتضمنها بعض علومه فيتعين ان ال يكون املراد باللوح والقلم في كالمه من
فالجواب ال نسلم ان هذه الخمس مما كتب في اللوح املحفوظ اذ لو كانت مما كتبت في اللوح
املحفوظ الطلع عليها بعض املالئكة املقربين عليهم السالم ممن شانهم ان يطلع على اللوح املحفوظ وان
سلم انها فيه وان هللا لم يطلع عليها احد لوكانت فيه ؟فاملعنى بعض علومك علم اللوح والقلم التي يطلع
عليه املخلوقين.
قال االمام الباجوري في تعليقاته على البردة :قوله " ومن علومك " ومن في قوله ومن علومك للتبعيض
واملراد بعلومه املعلومات التي اطلعه هللا عليها واملراد بعلم اللوح والقلم املعلومات التي كتبها القلم في اللوح
بامر هللا تعالى فانه ورد اول ما خلق هللا القلم فقال له اكتب؟ قال وما اكتب ؟قال اكتب مقادير كل شيئ
حتى تقوم الساعة .واستشكل جعل علم اللوح والقلم بعض علومه صلى هللا عليه و سلم بان من جملة
ا اَ َ ُ ْ ُ ا َ َ ْ َ َ
اع ِة َو ُين ّ ِز ُل الغ ْيثعلم اللوح والقلم االمور الخمسة املذكورة في آخر سورة لقمان ( ِإن اّلل ِعنده ِعلم الس
ْ َْ َ َ َ َ ْ ي َ ْ ٌ ا َ َ ْ ُ َ ً َ َ َ ْ ي َ ْ ٌ َ ّ َ ْ َ ُ ُ ا ا َ َ ٌ َ ََ َْ ُ َ
يم خ ِب ٌيرض تموت ِإن اّلل ع ِل ويعلم ما ِفي األرح ِام وما تد ِر نفس ماذا تك ِسب غدا وما تد ِر نفس ِبأ ِي أر ٍ
()34لقمان ) مع ان النبي ال يعلمها الن هللا استابر بعلمها فال يتم التبعيض املذكور ؟
واجيب بعدم تسليم ان هذه االمور الخمسة مما كتب القلم في اللوح واال الطلع عليها من شأنه ان يطلع
عل ى اللوح كبعض املالئكة املقربين وعلى تسليم انها مما كتب القلم في اللوح فاملراد ان بعض علومه صلى
هللا عليه وسلم علم اللوح والقلم الذي يطلع عيه املخلوق .فخرج هذه االمور الخمسة على انه صلى هللا
عليه وسلم لم يخرج من الدنيا اال بعد ان اعلمه هللا تعالى بهذه االمور .
فان قيل اذا كان علم اللوح والقلم بعض علومه فما البعض اآلخر ؟
اجيب بان البعض اآلخر هو ما اخبره ربه تبارك وتعالى عنه من احوال اآلخرة الن القلم انما كتب في
اللوح ما هوكائن الى يوم القيامة فقط كما تقدم في الحديث الشريف ».
قال علي عثمان جرادي في النفحات اللطيفة في البردة الشريفة :وقال ابن عالن رحمه هللا تعالى
والخمس التي استابر هللا بعلمها ليست بمكتوبة في اللوح املحفوظ اذ لو كان ما كتب فيه الطلع عليه
بعض املالئكة الذين من شانهم االطالع على ما فيه وقد جاء في وصفهن ال يعلمها اال هللا .بم قال امللؤلف
املذكور :وقد اعترض البعض على هذا البيت فاود ان اوضح ما استشكل :
اما قوله فان من جودك اي مما جيد به عليك اما الدنيا فان هللا تعالى شرح صدره ورفع ذكره ونصره
بالرعب واحل له الغنائم واكمل له الدين واتم عليه النعمة واما اآلخرة فقد خصها بالشفاعة العظمى
واللواء املعقود والحوض املورود .واما قوله ومن علومك علم اللوح والقلم فيحتمل عدة امور منها :
َ
احدها :ان معناه ان ذات اللوح والقلم وكيفية الكتب لم يخص بها احد من اآلدميين وخص رسول هللا
صلى هللا عليه وسلم بذلك واما ذات اللوح والقلم فقد علمه ليلة االسراء.
َ
وبانيها :او معناه ومن علومك العلوم التي ال ُيحصلها العلماء اال بالكتب باالقالم في االلواح و يدرسونها
الدرس البليغ وانت تخبر بالعلوم الدقيقة الغائبة والحاضرة من غير كتب وال درس وال مدارسة آدمي
بالثها :قلت ان بعض علومك من علوم اللوح والقلم وبعض علومك ليست من علوم اللوح والقلم كحديثه
رحمه هللا.
وقال الخرپوتی في شرحه قوله ( ومن علومک ) عطف على من جودك والعلوم جمع علم وهو اما
بمعناه [ اي انك خصصت بالعلم بذات اللوح والقلم و حقیقتهما ـ ـ من زيادتي ـ ] او بمعنى معلوم اي من
معلوماتك علم اللوح والقلم اي املعلومات الحاصلة منهما بم نقل عن الشعراني في الواقيت والجواهر :
قال الشعراني في اليواقيت والجواهر فان قلت فهل اطلع احد من االولياء عللى عدد الحوادث التي كتبها
القلم على اللوح الى يوم القيامة فالجواب قال الشيخ في الباب الثامن و الستين بعد املاة من الفتوحات
قال شيخ زاده في شرحه على البردة « :ولعل هللا اطلعه على جميع ما في اللوح و زاده ايضا الن اللوح و
متناه و يجوز احاطة املتناهي باملتناهي هذا على قدر فهمك اما من اكتحلت عين
القلم متناهيان فما فيهما ٍ
بصيرته بالنور اللهي فيشاهد بالذوق ان علوم اللوح والقلم جزء من علومه كما هي جزء من علم هللا
سبحانه النه عليه السالم عند االنسالخ عن البشرية كما ال يسمع و ال يبصر و ينطق اال به جلت قدرته و
عمت نعمته كذلك ال يعلم اال بعلمه الذي ال يحيطون بش ئ منه اال بما شاء كما اشار اليه بقوله و علمك
يكتب عليه وبالقلم ما يكتب به فكانه قال ومن علومك علم الناس الذي يكتبونه باقالمهم في الواحهم
قالوا ويحتمل ان املراد به اللوح املحفوظ و ال يلزم على هذا االعتراض الذي قاله هذا الرجل الن املراد
علم اللوح غير الفواتح الخمس و ما استابر هللا بعلمه الن هذا معلوم من القرائن على ان قوله علم اللوح
االضافة جنسية اي بعض علم اللوح والجنس يصدق على بعض االفراد .الى ان قال :بم ان صاحب
البردة لم يدع ولم يقل ان النبي صلى هللا عليه وسلم يعلم جميع ما يعلم هللا اذ ان هذا محال الن هلل
علوما استابر هللا بها واختص ال يشاركه فيه غيره بل قررنا ان علم اللوح والقلم بعض مواضع علم هللا
تعالى غير ما هو في مكنون غيبه وهو اببت للنبي صلى هللا عله وسلم علم اللوح والقلم بتعليم هللا له
واملنفي في االية انما هو االستقالل و االحاطة بكل شيئ بناء على ان ( ال ) في الغيب لالستغراق الخ »
قال الشيخ زكريا االنصاري في " الزبدة في شرح البردة " :يقال ان هللا اطلعه على ما كتب القلم في اللوح
املحفوظ وعلى علوم االولين واآلخرين وهذا من جاهه عندهللا تعالى والجاه القدر واملنزلة ».
ويلؤيد ما قاله حديث املعراج في الصحيحين "بم عرج بي حتى ظهرت ملستوى اسمع فيه صريح االقالم" اي
وقال العالمة املحقق محمد زاهد الكوبري رحمه هللا في مقاالته مجيبا عن االعتراض الوارد على بيت
البوصيري السابق ذكره ما نصه :وليس الغيب كله وال العلم كله ما في اللوح فقط حتى يلزم من نفي العلم
بالغيب نفي علم ما في اللوح الن النفي في قوله تعالى ( فال يظهر على غيبه احدا ) مع فرض التغاض ي عن
االستثناء ،مسلط على مصدر مضاف ـ ـ ـ اعني غيبه ـ ـ ـ وهو من الفاظ العموم فيفيد سلب العموم ال عموم
السلب فيكون املعنى نفي علم جميع الغيب ال نفي علم شيئ من الغيب كما حققه السعد في شرح
وعرفنا بأن نعي النبي صلى هللا عليه وسلم ،إنما هو مجرد اإلعالم وال شك ،و النجاش ي كان في الحبشة
وهم باملدينة ،ال توجد هواتف بابتة وال جوالة وال وسائل إعالم حديثة ،لم يكن إال الوحي ،ولم يكن إال
املعجزة ،كما وقع من النبي صلى هللا عليه وسلم ،أو ما يقع لبعض صالحي األمة ،كما وقع لـ عمر حين قال:
(يا سارية الجبل) وإن كان بعض الناس ،يطعن في هذه القصة وفي الرواية ويرتب عليها أشياء ال طائل
تحتها ،بل قالوا :النبي صلى هللا عليه وسلم كشف له ما بينه وبين الحبشة .
نقول :الرسالة والنبوة واألمور الغيبية ،ال نتدخل فيها ،ويكفي أن نثبت الخبر ،وقد جاء في غزوة ملؤتة ،
ً
وكان بالث األمراء ابن رواحة وذلك ملا أرسل صلى هللا عليه وسلم جيشا قوامه بالبة آالف ،وأميرهم زيد بن
حاربة قال النبي صلى هللا عليه وسلم ( :فإن أصيب :فـ جعفر بن أبي طالب ،فإن أصيب فـ عبد هللا بن
ً
رواحة ،فإن أصيب فليختر املسلمون رجال منهم ) بم كشف هللا له عن سير املعركة في يومها ،فجلس على
املنبر بم قال ( أخذ الراية زيد فأصيب ،بم قال :أخذ الراية جعفر فأصيب ،بم قال :أخذ الراية عبد هللا
وصمت ،فلما صمت شك أو توهم األنصار أنه وقع بـ ابن رواحة ما يكرهون ،بم أعاد وقال :أخذ الراية
ً
عبد هللا بن رواحة فأصيب ) فكان أشد إيالما على األنصار في هذه الواقعة.فهنا أخبر النبي صلى هللا عليه
ً ً
وسلم بأن الذي أخذها أصيب بم أخذها فالن وجاء في ترجمة ابن رواحة أيضا ،وفي قصة ملؤتة أن رجال
جاء بخبرهم ،فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ( إن شئت أخبرتنا ،وإن شئت أخبرتك بالواقع ،قال:
ً ً
أخبرنا يا رسول هللا! فذكر له ما وقع بالفعل ،فقال :والذي بعثك بالحق :ما غيرت حرفا واحدا مما وقع ،بم
ٌ
قال صلى هللا عليه وسلم :اآلن أخذ الراية سيف من سيوف هللا أال وهو خالد بن الوليد يفتح هللا عليه أو
نقل الشیخ محمد اسماعیل االزهري فی کتابه الحق املبين كالما لقاسم النانوتوي في كتابه تحذير الناس
ـ ما نصه :انظروا قوله تعالى ( النبي اولى بامللؤمنين من انفسهم ) مالحظين لصلة " من انفسهم " يحصل ان
للنبي صلى هللا عليه وسلم باالمة القرب الذي لم يحصل النفسهم معهم الن االولى بمعنى اقرب وكيف
يشك من يصلى الصلوات الخمس في كل يوم وليلة ان النبي صلى هللا عليه وسلم حاضر وناظر مع انه
يقول حين يجلس السالم عليك ايهاالنبي ورحمة هللا وبركاته ومعلوم ان الكاف للمخاطب الحاضر ».
وقال املحدث الدهلوي عبدالحق في اقرب السبل :بالرغم من اختالفات عديدة ومذاهب كثيرة لعلماء
االمة ال خلف الحد في انه صلى هللا عليه وسلم حي و باق على حقيقة الحياة بال شائبة مجاز وتوهم تاويل
قال العالمة ابن الحاج املالكي في املدخل « :إذ ال فرق بين موته وحياته أعني في مشاهدته ألمته
ومعرفته بأحوالهم ونياتهم وعزائمهم وخواطرهم ،وذلك عنده جلي ال خفاء فيه فإن قال القائل :هذه
الصفات مختصة باملولى سبحانه وتعالى ،فالجواب أن كل من انتقل إلى اآلخرة من امللؤمنين فهم يعلمون
أحوال األحياء غالبا ،وقد وقع ذلك في الكثرة بحيث املنتهى من حكايات وقعت منهم ويحتمل أن يكون
علمهم بذلك حين عرض أعمال األحياء عليهم ويحتمل غير ذلك ،وهذه أشياء مغيبة عنا » .
و عن وابصة رض ي هللا عنه قال اتيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقال « :جئت تسأل عن البر ؟ »
قلت :نعم ،فقال « :استفت قلبك ،البر :ما اطمأنت إليه النفس ،واطمأن إليه القلب ،واإلبم :ما حاك
في النفس ،وتردد في الصدر ،وإن أفتاك الناس وأفتوك » .حديث حسن رواه احمد.
قال البيضاوي رحمه هللا في شرح املصابيح « :هذا الحديث من دالئل النبوة ومعجزات الرسول صلوات
هللا عليه فإنه أخبر عما في ضمير وابصة قبل أن يتكلم بهِ ».
ا ٌ
وقال ابن حجر املكي رحمه هللا في شرح االربعين « :ففيه معجزة كبرى له صلى اّلل عليه وسلم؛ حيث
ً ا
أخبره بما في نفسه قبل أن يتكلم به ،وأبرزه في حيز االستفهام التقريري مب مبالغة في إيضاح اطالعه عليه
وإحاطته به » .
وقال ابن امللقن و الطوفي في شرحهما على االربعين :و قوله علیه السالم لوابصة :جئت تسأل عن البر .
وقال ابن حجر املكي ايضا في املنح املكية في شرح الهمزية :تنبيهان :احدهما :يجب على كل احد ان
يعتقد ان هللا تعالى هو املختص بعلم الغيب و أن ما حصل لرسله و اوليائه منه فهو اما بوحي من هللا
تعالى او بالهام واالستثناء في قوله تعالى { فال يظهر على غيبه احدا اال من ارتض ى ...الخ} متصل كما هو
االصل وذكر الرسو ِل ال لالختصاص به بل الن كرامات اولياء اتباعه من جملة كراماته ومعجزاته وفي
بانيهما ... :ان مما يدل على كثرة ما اخبر صلى هللا عليه وسلم به من الغيوب ما في القرآن مما ال يحيط
به حد و خبرالطبراني :ان هللا عز وجل قد رفع لي الدنيا فأنا أنظر اليها وإلى ما هو كائن فيها إلى يوم القيامة
كأنما أنظر إلى كفي هذه [ رواه الطبراني ورجاله وبقوا على ضعف كثير في سعيد بن سنان الرهاوي ] .و
خبر ابي داود « :قام فينا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم مقاما فما ترك شيئا يكون في مقامه ذلك إلى قيام
الساعة إال حدبنا به » [هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة أخرجه
التي اخبر بها النبي صلى هللا عليه وسلم و لو اردنا ان نذكر جميعها لطال الکالم .بم قال في آخر كالمه واذا
تاملت ما اطلعه هللا عليه من الغيوب ال سيما ما يتعلق بامر الصحیفة* علمت ان ذلك من تمام عناية
وِهيِكتابةِقريشِكتاباِيتعاقدونِفيهِعلىِبنيِهاشمِوِبنيِالطلبِانِالِينكحواِاليهمِوالينكحوهمِوالِيبعواِمنهمِشيئاِوالِيبتاعواِواليقبلواِمنهمِصلحاِابداِحتىِ *
يسلمواِلهمِرسولِهللاِصلىِهللاِعليهِوسلمِللقتلِ"ِشرحِالهمزيةِ"