You are on page 1of 6

‫الشذوذ اجلنسي وصناعة الرأي العام‬

‫ينشر من خالل المدونة في تاريخ ‪ 12‬يونيو ‪2023‬‬

‫بقلم‪ :‬الدكتور زكريا خنجي‬

‫تعالوا نسمع هذه الحكاية‪:‬‬

‫كان ألحد األشخاص خروفًا وأراد أن يبيعه‪ ،‬وعندما أخذه إلى السوق رآه أربعة‬
‫لصوص‪ ،‬واتفقوا على أن يسرقوا الخروف بطريقه ذكيه‪ ،‬فتقاسموا‬
‫الجلوس على جانب الطريق المؤدية للسوق التي سيمر منها صاحب‬
‫الخروف‪ ،‬حيث جلس األول في بداية الطريق‪ ،‬وجلس الثاني في ربع الطريق‬
‫األول‪ ،‬وجلس الثالث قريبًا من منتصف الطريق وجلس الرابع قبل نهاية‬
‫الطريق‪ ،‬أي قبيل السوق بقليل‪.‬‬

‫وعندما مر صاحب الخروف من جانب اللص األول ألقى عليه السالم فرد‬
‫اللص عليه السالم وبادره بالسؤال‪ :‬لماذا تربط هذا الكلب وتقوده خلفك ؟‬

‫فالتفت صاحب الخروف إلى اللص وقال له‪ :‬هذا ليس كلبًا إنه خروف‪ ،‬وأنا‬
‫ذاهب به إلى السوق ألبيعه‪.‬‬

‫ثم تركه وانصرف‪ ،‬وبعد مسافة التقى باللص الثاني فرد عليه السالم وإذا‬
‫باللص يسأله‪ :‬يا هذا‪ ،‬لماذا تربط هذا الكلب وتقوده خلفك ؟‬

‫فالتفت صاحب الخروف إلى الخروف ونظر إلى اللص وقال له‪ :‬هذا ليس كلبًا‪،‬‬
‫هذا خروف وأنا ذاهب به للسوق ألبيعه‪.‬‬

‫ثم تركه وأنصرف‪ ،‬ولكن الشك قد بدأ يتسرب إلى قلبه‪ ،‬فأخذ يتحسس‬
‫الخروف ليتأكد هل هو كلب فعالً كما قال له اللصان أم هو خروف كما‬

‫‪1‬‬
‫يعتقد هو‪ ،‬ولكنه شعر أنه خروف‪ .‬وبعد مسافة التقى باللص الثالث فرد‬
‫عليه السالم وإذا باللص يسأله نفس السؤال السابق‪ :‬لماذا تربط هذا‬
‫الكلب وتقوده خلفك ؟‬

‫فأندهش صاحب الخروف وزادت حيرته‪ ،‬ونظر إلى اللص ثم أنصرف ولم‬
‫يجبه على سؤاله‪ ،‬ولكن بدأت فكرة أن يكون هذا الحيوان الذي يجره كلبًا‬
‫تطغى على فكره أن يكون خروفًا‪ ،‬بل وتمسح فكرة أن يكون خروفًا تمامًا‪.‬‬
‫وبعد مسافة ألتقى باللص الرابع فرد عليه السالم وباشره اللص قائالً‪ :‬لماذا‬
‫تربط هذا الكلب وتقوده خلفك ؟‬

‫في هذه اللحظة تأكد صاحب الخروف أنه يقود كلبًا فعالً وليس خروفًا‪،‬‬
‫فليس من المعقول أن يكون كل هؤالء األشخاص كاذبون‪ ،‬فالتفت إلى‬
‫اللص وقال له‪ :‬لقد كنت في عجلة من أمري فاعتقدت أن هذا الكلب خروفًا‬
‫فربطته ألذهب به إلى السوق ألبيعه‪ ،‬ولم يتبين لي أنه كلب إال اآلن‪.‬‬

‫ثم فك وثاق الخروف‪ ،‬وأطلق سراحه‪ ،‬وعاد إلى بيته باحثًا عن خروفه‪ ،‬وقام‬
‫اللصوص وأخذوا الخروف وانصرفوا وهم يتهامسون في سرور وغبطة‪.‬‬

‫وهكذا تتم صناعة الرأي العام‪ ،‬فالرأي العام يزرع في عقلية اإلنسان عندما‬
‫توضع البذرة – قد تكون لنبتة طفيلية غير مرغوب في وجودها – ثم تسقى‬
‫بيد آثمة بين فترة وأخرى‪ ،‬وبكل هدوء وصبر حتى تبدأ البذرة بالنمو من غير‬
‫أن يشعر بها أحد‪ ،‬ومع توالي األيام تكبر البذرة لتصبح بادرة‪ ،‬عندئذ تخرق‬
‫األرض وتمد سوقها إلى الشمس‪ ،‬لتصبح تلك الفكرة النكرة حقيقة حتى‬
‫وإن لم يشأ صاحب األرض نمو هذه الشجرة‪ ،‬وهكذا يريد الغرب أن يسرب‬
‫فكرة أن الشذوذ الجنسي حرية شخصية أيًا كانت هذه الفكرة مخالفة‬
‫للفطرة البشرية‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫وفي الحقيقة ال نعرف بالضبط متى بدأت حركة الشذوذ الجنسي تتسرب‬
‫بين البشر‪ ،‬إال أنه يعتقد أن الحاالت األولى تعود للحضارات القديمة‪ ،‬إال أن‬
‫السرديات التاريخية ال توضح الكثير‪ ،‬ولكن ما إن بدأت السبعينيات القرن‬
‫العشرين حتى بدأت تظهر بوادر بعض الصراعات بين رجاالت الفكر‬
‫والشواذ وحتى في دول الغرب‪ ،‬فقد قام الباحث كنيسيون بنشر مقال في‬
‫مجلة الشذوذ الجنسي عام ‪ 1980‬ينعت فيه هؤالء األفراد باآلثم والفسوق‬
‫والدعارة‪ ،‬وما إلى ذلك من نعوت‪ ،‬فتزايد االشمئزاز وتعالت صيحات‬
‫الهجوم واإلدانة خاصة بعد انتشار مرض اإليدز في الغرب‪.‬‬

‫إال أنه في الخمسين سنة األخيرة شهدت أوروبا وأمريكا حركات احتجاجية‬
‫قوية‪ ،‬لكنها هذه المرة احتجاج على إدانة الشذوذ والمطالبة باالعتراف به‬
‫وتخفيف أو إلغاء كافة القيود القانونية واالجتماعية واألخالقية الناتجة‬
‫عن هذه اإلدانة‪ ،‬وقد أدت هذه الحركات االحتجاجية إلى اعتراف الجمعية‬
‫الطبية األمريكية النفسية بالشذوذ وإعالن أنه ليس مرضًا حتى يعالج‪،‬‬
‫وعندئذ تحول مصطلح (الشاذ) إلى مصطلح (مثلي الجنس)‪ ،‬من أجل‬
‫التخفيف من حدة الحركات االحتجاجية‪.‬‬

‫وفي دراسة نشرت قبل فترة يشير الباحث إلى أن ‪ %10‬من الرجال‬
‫األمريكيين البيض كانت ممارساتهم الجنسية مقصورة على نفس الجنس‬
‫لمدة ثالث سنوات على األقل فيما بين ‪ 16‬و‪ 55‬سنة‪ ،‬و‪ %4‬منهم كانت‬
‫الممارسة مقصورة على نفس الجنس مدى الحياة‪ ،‬و‪ %73‬من كل سكان‬
‫أمريكا قد جربوا الشذوذ مرة واحدة على األقل أثناء حياتهم‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫أما بالنسبة للنساء فإن الدراسة تشير إلى أن ‪ %19‬من السيدات الغربيات‬
‫كن يمارسن المساحقة حتى سن األربعين‪ ،‬وأن ‪ %3‬منهن مارسن الشذوذ‬
‫طيلة حياتهن‪.‬‬

‫في عام ‪ 1994‬بدأ االحتفال السنوي بالشاذين جنسيًا في الواليات المتحدة‪،‬‬


‫ومنذ تلك اللحظة انتشرت الفكرة في الكثير من الدول‪ ،‬واعتمد اليوم الوطني‬
‫لإلجهار خالل أكتوبر في الواليات المتحدة‪ ،‬تحديدًا في ‪ 11‬أكتوبر‪ ،‬وفي‬
‫المملكة المتحدة‪ ،‬اعتمِد خالل شهر فبراير‪ ،‬تزامنًا مع احتفال كبير بإلغاء‬
‫المادة ‪ 28‬لعام ‪ ،2005‬التي منعت السلطات المحلية من تعزيز الشذوذ‬
‫الجنسي‪.‬‬

‫وربما من أقوى التعزيزات التي حصل عليها الشاذين جنسيًا تلك الوقفة‬
‫التي طالب الرئيس األمريكي باراك أوباما في خطاب إلى المحكمة العليا‬
‫للواليات المتحدة بمساواة األزواج الشاذين جنسيًا في كاليفورنيا‬
‫بأقرانهم من األزواج العاديين‪.‬‬

‫واليوم فإن الغرب يحاول أن يُصدّر لنا هذا االنحدار األخالقي‪ ،‬ليحطم قيمنا‬
‫وأفكارنا وديننا‪ ،‬من خالل العديد من األفالم والمسلسالت الهوليودية‬
‫الغربية بصفة عامة‪ ،‬ولم يكتفي بذلك وإنما يريد أن يغلغلها وكأنه أمر‬
‫مسلم به لعقول أطفالنا وجيلنا الصاعد من خالل المباريات ولعبة كرة القدم‬
‫الرياضة األكثر شهرة في العالم‪ ،‬ومن خالل األفالم الكرتونية‪ ،‬ومن يرفض‬
‫ذلك فإنه متطرف وإرهابي ويقف ضد حرية الراي‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫نحن والغرب اليوم كما هو حال الرجل الذي ذهب ليبيع الخروف ولكنه اقتنع‬
‫في النهاية أنه يجر كلبًا خلفه‪ ،‬فالغرب يحاول أن يزرع في عقول أجيالنا‬
‫فكرة أن الشذوذ الجنسي أمر حضاري‪ ،‬وأن هذا الخروف هو في الحقيقة كلب‬
‫ال يستحق البيع‪ ،‬وإنما يفضل أن يتم التخلص منه ألنه عبء علينا‪،‬‬
‫فاألخالق والقيم عبء‪ ،‬والزواج الطبيعي ليس من المهم أن يتم ألنه عبء‪،‬‬
‫والعالقات الجنسية – أيًا ما كانت – يمكنها أن تتم خارج حدود الفطرة‬
‫البشرية‪ ،‬البذرة تقول‪" :‬تخلص من الكلب فهو ليس خروفًا"‪ ،‬ففكرة الزواج‬
‫التقليدية هي أن تزرع بذرة لتنجب طفالً‪ ،‬فاليوم ليس من الضروري أن تتزوج‬
‫من الجنس اآلخر لتنجب طفالً وإنما يمكنك أن تتبرع بالحيوانات المنوية‬
‫لبنك األجنة‪ ،‬وتتبرع المرأة من طرفها ببويضاتها لنفس البنك‪ ،‬فيحدث‬
‫التلقيح في المختبر وتحت ظروف صحية محكمة فيتكون الجنين‪ ،‬وأما‬
‫العالقات الجنسية فليس لها عالقة بالزواج بأي صورة كانت‪ ،‬هذه الفكرة‬
‫التي يحاول الغرب أن يروجها وينشرها في مجتمعاتنا‪ ،‬لذلك يحاول أن‬
‫يوهمنا وأن يزرع في أذهاننا أن الخروف كلبًا‪.‬‬

‫وبعيدًا عن األخالقيات والقيم السوية‪ ،‬فإن هذه العالقات ترتبط بالعديد‬


‫من الجوانب الصحية والنفسية‪ ،‬فهي تتسبب من الناحية النفسية في‬
‫الكثير من االضطرابات النفسية واالكتئاب وربما اإلحباط‪ ،‬وأما من الناحية‬
‫الصحية فيكفي أنها ذات يوم كانت سببًا في نشر مرض اإليدز بين الشواذ‬
‫من الطرفين‪.‬‬

‫فالحياة األسرية القائمة على مبدأ الجنسين تؤدي إلى إزالة الكثير من‬
‫التوترات واألمراض المجتمعية سواء النفسية أو االجتماعية أو حتى‬
‫‪5‬‬
‫الصحية‪ ،‬إذ أثبتت الكثير من الدراسات هذا الفكرة‪ ،‬وحتى نكون واقعيين‬
‫هناك الكثير من حاالت الطالق تحدث بين الجنسين واألزواج‪ ،‬ولكن هذه‬
‫قضية أخرى‪ ،‬وإن كان الشواذ يركزون على هذه الفكرة فإن االضطرابات‬
‫النفسية واالجتماعية التي تصاحب العالقات الزوجية القائمة على الجنس‬
‫الواحد دائمًا تكون مضافة على كل المشاكل الناجمة من األسر القائمة على‬
‫مبدأ الزواج بين الجنسين‪ ،‬إال أن الغرب الذي يروج لفكرة الشذوذ الجنسي‬
‫يحاول أن يخفي كل هذا من أجل ترويج فكرته‪.‬‬

‫وأما في اإلسالم فقد كانت الفكرة واضحة لدينا‪ ،‬وال توجد فيها مواربة‪،‬‬
‫فقوم لوط عليه السالم الذين سلكوا هذا المنهج الشاذ في الحياة فإنه‬
‫أتتهم العقوبة المشددة‪ ،‬وليس هم فقط‪ ،‬فنحن ال نعتقد أن القرية كلها‬
‫كانت شاذة‪ ،‬ولكن نحسب أن بعضًا منهم لم يكن كذلك‪ ،‬وربما منهم زوجة‬
‫سيدنا لوط عليه السالم نفسها‪ ،‬إال أنها عوقبت بنفس العقوبة وذلك‬
‫ألنها لم تستنكر هذا الشذوذ‪ ،‬وهذا يعني أنه ليس الشواذ هم فقط‬
‫مغضوب عليهم وإنما من يقف ويسكت وال يستنكر هذا الشذوذ هو واحد‬
‫منهم‪ ،‬فالقضية في اإلسالم ليست مجرد شخصين يمارسان حقهم‬
‫وبطريقتهم الخاصة‪ ،‬وإنما هو مرض مجتمعي يدمر الحياة واإلنسان‬
‫والمجتمع واألخالق وكل القيم اإلنسانية السوية‪ ،‬لذلك يجب أن تحارب‬
‫هذه الظاهرة ال أن تنتشر كما يريد الغرب أن يوهمنا أنها هي الحضارة‪ ،‬فإن‬
‫كانت هذه هي الحضارة فنحن ال نريدها ألنها حضارية بوهيمية‪ ،‬وعجبًا‬
‫فإن الحيوانات ترفض الشذوذ‪ ،‬فلم نسمع قط أن الحيوانات تمارس‬
‫الشذوذ الجنسي‪ ،‬فما بال اإلنسان ؟‬

‫‪6‬‬

You might also like

  • 12-03-2024
    12-03-2024
    Document6 pages
    12-03-2024
    api-289991592
    No ratings yet
  • 10-06-2024
    10-06-2024
    Document7 pages
    10-06-2024
    api-289991592
    No ratings yet
  • 14-10-2023
    14-10-2023
    Document3 pages
    14-10-2023
    api-289991592
    No ratings yet
  • 28 04 2024
    28 04 2024
    Document6 pages
    28 04 2024
    api-289991592
    No ratings yet
  • 12-11-2023
    12-11-2023
    Document7 pages
    12-11-2023
    api-289991592
    No ratings yet
  • 17-12-2023
    17-12-2023
    Document7 pages
    17-12-2023
    api-289991592
    No ratings yet
  • 03-03-2024
    03-03-2024
    Document7 pages
    03-03-2024
    api-289991592
    No ratings yet
  • 30 10 2023
    30 10 2023
    Document24 pages
    30 10 2023
    api-289991592
    No ratings yet
  • 27 08 2023
    27 08 2023
    Document7 pages
    27 08 2023
    api-289991592
    No ratings yet
  • 05-11-2023
    05-11-2023
    Document7 pages
    05-11-2023
    api-289991592
    No ratings yet
  • 13-08-2023
    13-08-2023
    Document7 pages
    13-08-2023
    api-289991592
    No ratings yet
  • 09-04-2023
    09-04-2023
    Document7 pages
    09-04-2023
    api-289991592
    No ratings yet
  • 16-04-2023
    16-04-2023
    Document7 pages
    16-04-2023
    api-289991592
    No ratings yet
  • 14-05-2023
    14-05-2023
    Document7 pages
    14-05-2023
    api-289991592
    No ratings yet
  • 03-09-2023
    03-09-2023
    Document7 pages
    03-09-2023
    api-289991592
    No ratings yet
  • 21 05 2023
    21 05 2023
    Document7 pages
    21 05 2023
    api-289991592
    No ratings yet
  • 30 04 2023
    30 04 2023
    Document7 pages
    30 04 2023
    api-289991592
    No ratings yet
  • 05-03-2023
    05-03-2023
    Document6 pages
    05-03-2023
    api-289991592
    No ratings yet
  • 02-04-2023
    02-04-2023
    Document7 pages
    02-04-2023
    api-289991592
    No ratings yet
  • 23 04 2023
    23 04 2023
    Document7 pages
    23 04 2023
    api-289991592
    No ratings yet
  • 19-03-2023
    19-03-2023
    Document7 pages
    19-03-2023
    api-289991592
    No ratings yet
  • 26 03 2023
    26 03 2023
    Document7 pages
    26 03 2023
    api-289991592
    No ratings yet
  • 29 01 2023
    29 01 2023
    Document7 pages
    29 01 2023
    api-289991592
    No ratings yet
  • 19-02-2023
    19-02-2023
    Document8 pages
    19-02-2023
    api-289991592
    No ratings yet
  • 26 02 2023
    26 02 2023
    Document7 pages
    26 02 2023
    api-289991592
    No ratings yet
  • 05-02-2023
    05-02-2023
    Document7 pages
    05-02-2023
    api-289991592
    No ratings yet
  • 12-02-2023
    12-02-2023
    Document8 pages
    12-02-2023
    api-289991592
    No ratings yet
  • 12-03-2023
    12-03-2023
    Document7 pages
    12-03-2023
    api-289991592
    No ratings yet
  • 22 01 2023
    22 01 2023
    Document7 pages
    22 01 2023
    api-289991592
    No ratings yet
  • 52 Fe 71 B 6 B 1 Ee 9 D 68 B 748
    52 Fe 71 B 6 B 1 Ee 9 D 68 B 748
    Document7 pages
    52 Fe 71 B 6 B 1 Ee 9 D 68 B 748
    api-289991592
    No ratings yet