Professional Documents
Culture Documents
عادل العمري
ماركسٌون وناصرٌون
نموذج لتخبط العمل الماركسً
عادل العمري
مارس 2023
ٌتناول الممال عاللة الصراع والوئام بٌن الماركسٌٌن المصرٌٌن والنظام الناصري فً
الخمسٌنات والستٌنات من المرن الماضً
تمهٌد
تفسٌر العداء للشٌوعٌة وحملة االعتماالت فً 1959
المولف من النظام داخل المعتمالت
لرار حل الحزب واالندماج فً النظام
التنظٌر للناصرٌة
لماذا صار جل الماركسٌٌن ناصرٌا؟
***************************
تمهٌد(:)1
فً السنوات األخٌرة شهدنا اضطرابا واضحا من لبل معظم الماركسٌٌن المصرٌٌن
إزاء انمالب 2013وعودة العسكر إلى الواجهة .فمد أٌد جلهم ،وخاصة كبارهم ،انمالب
الجٌش ،بل وتمنوه أصال ودعوا إلٌه ،دون أن ننكر أن البعض لد عارضه وندد به وناضل
ضده أٌضا .فمد صنف مفكر كبٌر مثل سمٌر أمٌن االنمالب بؤنه لد ٌحمك استمالل مصر
عن اإلمبرٌالٌة ولد ٌحمك تنمٌة حمٌمٌة ..بل وصف السٌسً بؤنه كان نابها عندما انحاز
للشعب المصري وارتبط بإرادة المصرٌٌن( .)2وراح خلٌل كلفت فً ممال ممل ومعمد ٌبرر
انمالب السٌسً وٌصف مظاهرات ٌ 30ونٌو بالموجة الثورٌة ،رغم أنه راح ٌنتمد حكم
السٌسً فٌما بعد( .)3كما فسر انمالب العسكر بؤنه "تدخل" ٌهدف إلى إلامة "حكم لٌبرالً
عالم-ثالثًٌ ،موم على تعددٌة ثمافٌة وسٌاسٌة وحزبٌة وفكرٌة ضمن حدود بعٌنها .وال
سبٌل إلى تحمٌك مثل هذا النزوع إال باحتواء لوى ولٌادات لٌبرالٌة ولومٌة وٌسارٌة
وثورٌة"( .)4وهو كالم ٌشجع على تؤٌٌد السٌسً .وبوجه عام فسرت ألالم ماركسٌة
عدٌدة ،بل نجزم بؤنها الغالبٌة العظمى من الماركسٌٌن ،مظاهرات ٌ 30ونٌو بالثورة التً
انضم إلٌها الجٌش ،وكانوا لد شاركوا فً حملة "تمرد" الموجهة من المخابرات الحربٌة.
كما أصدر الحزب الشٌوعً المصري فً 8أغسطس 2013تمرٌرا ٌإٌد فٌه وٌمتدح
ثورة الدولة( )5فً ٌ 30ونٌو -والتً وصفها بالثورة -وٌحٌٌها وٌبنً اآلمال الكبرى
علٌها .وهنان من كبار المثمفٌن من انضم علنا إلى معسكر الجٌش ضد الثورة ،مثل
الصحفً الالمع والكاتب الكبٌر صالح عٌسى .كما بررت ألالم عدٌدة مذبحتً رابعة
والنهضة ...ولد بشر الكثٌرون ببناء السٌسً للدولة الدٌمولراطٌة الحدٌثة داعٌن الشعب
لالصطفاف خلف الدولة إلنماذ الوطن.
) )1لدمنا كتابا كبٌرا ٌحلل النظام الناصري وسٌاساته تفصٌال بعنوان :الناصرٌة فً الثورة المضادة ،وهو متاح على
اإلنترنت .وهذا الممال ٌعتمد على ذلن الكتاب .وفً الغالب سٌحتاج لارئ هذا الممال للرجوع للكتاب المذكور.
) )2المفكر العالمً سمٌر أمٌن لـ"األهرام" :ثورة ٌونٌو تنهً رأسمالٌة المحاسٌب ،حوار مع سمٌر أمٌن أجراه
إبراهٌم السخاوي،
https://gate.ahram.org.eg/daily/News/31224/76/300228/%D8%AD%D9%88%D8%A7%
D8%B1%D8%A7%D8%AA/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%81%D9%83%D8%B1-
%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%89-
%D8%B3%D9%85%D9%8A%D8%B1-%D8%A3%D9%85%D9%8A%D9%86-%D9%84%D9%80-
%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%87%D8%B1%D8%A7%D9%85 -
%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D9%8A%D9%88%D9%86%D9%8A%D9%88-
%D8%AA%D9%86%D9%87.aspx
) )3االنمالب على الشرعٌة بٌن الشكل والمحتوى،
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=372718
))4
ٌدمر الحكم الجدٌد مستمبل مصر،
لكٌال ِّ
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=372021
) )5هذا عنوان جانبً لبحث طوٌل لنا بعنوان :نمد الثورة المصرٌة (ٌ )2سرد وٌحلل التجهٌز والمٌام بحركة 30
ٌونٌو 2013بمٌادة السٌسً وما تالها من انمالب عسكري .وهو متوفر على اإلنترنت.
5
والٌوم تتباكى الغالبٌة العظمى من الٌسار على اللبن المسكوب وتعلن ندمها على تؤٌٌد
العسكر بعد أن تبٌن خطؤ تولعاتها وكل حساباتها ،وبالتالً عجز واضطراب منهجها.
وإذا استعدنا فترة الحكم الناصري ،سنجد أن التارٌخ لد كرر نفسه ،بصورة مختلفة
بالطبع ،مما ٌذكرنا بالعبارة الشهٌرة المنسوبة إلى ماركسٌ" :مول هٌجل فً مكان ما إن
جمٌع األحداث والشخصٌات العظٌمة فً تارٌخ العالم تظهر ،إذا جاز المول ،مرتٌن ،ولد
نسً أن ٌضٌف :المرة األولى كمؤساة والمرة الثانٌة كمسخرة" .إذ تؤرجح مولف
المنظمات الماركسٌة من انمالب ٌولٌو 1952بٌن العداء والتؤٌٌد ،فمد اختلفت المنظمات،
وتغٌرت الموالف حسب سٌاسة النظام .فاالعتماالت وفرض الدٌكتاتورٌة العسكرٌة
استدعت العداء ،أما لانون اإلصالح الزراعً فكان مغرٌا للغالبٌة .واألهم كان اختٌار
الضباط لسٌاسة عدم االنحٌاز ،ثم عمد صفمة أسلحة مع تشٌكوسلوفاكٌا ،ثم تؤمٌم لناة
السوٌس ورفض حلف بغداد ثم تحمٌك وحدة مصر وسورٌا والٌمن .مع هذه االختٌارات
من جانب الناصرٌٌن صار مولف المنظمات الماركسٌة مإٌدا للسلطة مع التحفظ إزاء
دٌكتاتورٌتها إلى حٌن .وبعد حل الحزب الشٌوعً وحدتو لنفسٌهما راحت الغالبٌة العظمى
من الماركسٌٌن تتغنى بعظمة وجالل ،بل ودٌممراطٌة السلطة الناصرٌة .وال شن أن للة
كانت تخالف ذلن على طول الخط .وحتى اآلن ما زال جمهور ماركسً عرٌض فً مصر
ٌمدس تارٌخ االشتراكٌة المزعومة وٌحن لنمط الحٌاة فً ستٌنات المرن الماضً .والكل
تمرٌبا ما زال ٌعشك سٌاسة تؤمٌم المطاع الخاص وتدخل الدولة فً كل صغٌرة وكبٌرة.
***************************
6
المعارضة وكسر إرادتها بالموة ،سيواء مين الٌميٌن أو الٌسيار .خاصية أن النظيام ليد جياء
بانمالب عسكري واحتاج لخوض صراعات معمدة لمدة سنتٌن حتى تحمك له االستمرار.
وكانت االعتماالت مفاجؤة لم ٌحسب الحزب حسابها ،ألنه لم ٌفهم الدافع الحمٌمً لوحدة
مصر وسورٌا واكتفى باالنفعال برونك الشعار ،كما أنه لم ٌفهم ماهٌة الناصرٌة نفسها.
ومن األمور التً كانت واضحة للغاٌة ولتها أن وحدة مصر وسورٌة كانت ممدمة لحملة
ناصرٌة صلٌبٌة ضد الشٌوعٌة والمومٌة العربٌة فً مصر والمشرق العربً التً شهدت
نموا كبٌرا فً عموم المنطمة وكانت تنذر بتغٌرات جذرٌة فً المشرق العربً .ولم ٌتوان
كبار دعاة الوحدة عن إعالن ذلن .ورغم لوة الصدمة ،استمر الحزب الشٌوعً المصري
ٌتناسى دور السلطة عما ٌحدث ألعضائه ،بل وأصدر بٌانا ٌشجب فٌه "محاولة الولٌعة
بٌن السلطة والحزب" ،معتبرا اعتماالت أول ٌناٌر مجرد مخطط تموم به "الموى المعادٌة
للوحدة الوطنٌة" .وراحت تبرئة السلطة الناصرٌة تسٌر على لدم وساق على صفحات
جرٌدة "المساء" التً كان ٌدٌرها ماركسٌون معٌنون من لبل السلطة .فنشرت على سبٌل
المثال عبارة لعبد الناصر ذكرها ردا على سإال لمراسل التلٌفزٌون البرٌطانً تستهدف -
فٌما ٌبدو -تبرئته ومناشدة ضمٌره" :حٌن أرٌد أن أبدي رأًٌ فً نشاط الحزب
الشٌوعً السوري فإنً أبدٌه هنا فً الماهرة وال أبدٌه فً إذاعة لندن ،ألن الحزب
الشٌوعً السوري وغٌره من األحزاب الشٌوعٌة العربٌة هم عرب أوال ثم شٌوعٌون"(.)6
كما دعت صحف "الجمهورٌة" و"المساء" و"روز الٌوسف" على لسان أعضاء
والمتعاطفٌن مع الحزب إلى الوحدة الوطنٌة ،مستنجدٌن بعبارة عبد الناصر سابمة الذكر.
وراحت صحف الحزب الشٌوعً ونشراته تناشد السلطة المصرٌة إعادة النظر فً
لراراتها المعادٌة للشٌوعٌٌن وتطالبها بـ "وحدة الصف الوطنً"..
وبهذه المناسيبة ذهيب فتحيً عبيدالفتاح – كمثيال -إليى أن حملية 1959كانيت عملٌية
منافٌيية للمنطييك والعمييل وال تسييتند إلييى أي مبييرر موضييوعً ،بييل نتجييت عيين الولٌعيية بييٌن
المييوى التمدمٌيية ،والتييً لييام بهييا المرتزليية وعناصيير مشييبوهة ،ممييا جعييل الناصييرٌة –
مخدوعة بالطبع! -تغليب تنالضيها الثيانوي عليى تنالضيها الرئٌسيً ،وأن هيذه الهجمية ليم
تكيين مفٌييدة إال ليمبرٌالٌيية والرجعٌيية فييً المنطميية( ،)7وهييو طبعييا ٌعتبيير الناصييرٌة ضييمن
الموى التمدمٌة .ولد ردد نفس المعنى شهدي عطٌة الشافعً أميام المحكمية عيام ،1959
فؤخيذ ٌحييذر مين الييذٌن ٌعمليون علييى مييا أسيماه "تفتٌييت الميوى الوطنٌيية" .وليد ظلييت هييذه
النغمة سائدة حتى بعد موجة االعتماالت الثانٌة فً 28مارس ،1959األوسيع نطاليا(.)8
( )6فتحً عبدالفتاح :شٌوعٌون وناصرٌون ،الماهرة ،الطبعة الخامسة ،ص ص .24-23
( )7نفس المصدر ،ص ص .20-11
جدٌر بالمالحظة أن هذا الرأي كان واسع االنتشار وسط أعضاء الحزب ،انظر :رفعت السعٌد :تارٌخ الحركة
الشٌوعٌة المصرٌة ،1965-1957الفصل السابع.
( )8بهذه المناسبة نتذكر إحدى طرافات غالً شكري .ففً ممارنته بٌن عهد الناصرٌة السعٌد وعهد الساداتٌة ذكر أن
المثمفٌن فً عهد عبد الناصر لم ٌهاجروا بٌنما هاجر 500فً عهد السادات (اعترافات الزمن الخائب) .هكذا متناسٌا
أن 700مثمف لد هج روا إلى المعتمالت إبان العهد السعٌد ولم ٌعادوا إلى المجتمع إال بعد االتفاق مع معظمهم على
االستسالم!
7
وكؤن الحكومة ليد خيدعت لميدة سينوات طوٌلية مين لٌامهيا بالتنكٌيل بالشيٌوعٌٌن والعميال
ابتداء من لمع إضراب كفر الدوار فً 1952وإعدام اثنٌن من العمال ،حتى لتل فرج هللا
الحلو ،سيكرتٌر الحيزب الشيٌوعً اللبنيانً ولتهيا ،وتيذوٌب جسيده فيً مياء النيار ،ميرورا
بحفالت التعذٌب -حتى الموت أحٌانا -للكوادر الشٌوعٌة.
وٌبدو أن مثمفً الٌسار لد رأوا فً معاداة الشٌوعٌة من جانب الناصرٌة االستثناء ،أو
إذا ما استعرنا لغة هٌجل الذي ٌحبونه كثٌرا" :العنصر الوضعً الذي ٌتضمنه الميانون"،
أو "العنصر الالعملً المتضيمن بالضيرورة فيً العميل"( .)9فالدولية الناصيرٌة تكيون بهيذا
الشكل هً العمل ولد تحمك بالفعل ،وٌنبغً أن نؤخذ فً االعتبيار العناصير الالعملٌية التيً
تتضيمنها بشيكل ضييروري! والتيً تصيبح بالتييالً عناصير عملٌية .وفييً الحمٌمية وجيد هييذا
الفهم وجودا ضمنٌا فً تحلٌالت مفكري الٌسار الماركسً ،فالنظام تمدمً ككيل ولكنيه ليد
ارتكب ما ترتكبه فً العادة البرجوازٌات التً تمر بظيروف خاصية .بيل وكثٌيرا ميا عزٌيت
جرائم النظام لهذا الجهاز أو ذان أو هذا الفرد أو ذان دون إدانة النظام نفسه.
***************************
إال أنييه بعييد لييرارات تييؤمٌم عييدد كبٌيير ميين الشييركات الرأسييمالٌة فييً 1961وصييدور
"المٌثاق" وإعالن النظام تبنٌه لالشتراكٌة العلمٌة ،راحت الكتلة األكبر من الحزب تترنح،
وازدادت حٌرتها فً المعتمالت .وٌوضح فتحً عبدالفتاح هذه الحالة لائال" :إن المعتملٌن
لد احتاروا فيً تفسيٌر التنيالض بيٌن شيعارات النظيام ووجيودهم فيً السيجن "( .)11وكيان
سٌصبح من الطرٌف للغاٌة أن تصيل التوفٌمٌية إليى أوجهيا ،فٌجيري اعتبيار هيذا التنيالض
))9
The Philosophy of Right, Paragraph 3
( )10طاهر عبدالحكٌم :األلدام العارٌة ،دار ابن خلدون ،بٌروت ،لبنان ،ص 101فً الهامش .وخلٌل هو االسم
الحركً للشاعر كمال عبد الحلٌم.
( )11بالمثل اح تار بٌلٌاٌف وبرٌماكوف ،من أبرز الكتاب السوفٌت الذٌن حللوا الناصرٌة ،فً تفسٌر التنالض
الناصري المشهور ،فبمناسبة طرٌمة الناصرٌة فً الرد على ممتل صالح حسٌن ذكرا" :وهنا ٌتضح من جدٌد ذلن
التنالض الرئٌسً فً نظام الحكم المصري فً عهد الرئٌس عبد الناصر ،فإن الشعارات الثورٌة المعلنة من أعلى لم
تدعم بشكل كاف بؤعمال تتصل بتنشٌط جماهٌر الشعب" .مصر فً عهد عبد الناصر ،أشرف على تعرٌبه :عبد الرحمن
الخمٌسً ،دار الطلٌعة للطباعة والنشر ،بٌروت ،ط ،1ص .149
ولد لجؤ الكاتبان إلى تفسٌرات جزئٌة وذاتٌة لهذا التنالض.
8
المزعوم دٌالكتٌكٌا ،وبالتيالً مبيررا وصيحٌا وضيرورٌا للتطيور (لين ٌطيول انتظيارن أٌهيا
المارئ لترى هذا "اإلبداع" ٌتحمك) ،ولد استمرت هيذه الحٌيرة ،وانمسيم المعتمليون حيول
تفسٌر التنالض المزعوم إلى ثالثة اتجاهات أساسٌة:
ورغم الخالفات ،أجمع الكل على الطابع التمدمً إلجراءات 1961وعلى أنه ٌستحك
تؤٌٌد الشٌوعٌٌن .فملكٌة الدولة فً الماركسٌة أكثر تمدمٌة تارٌخٌا من الملكٌة الخاصة.
فالبرنامم الماركسً فً كل مكان نص على تحوٌل الملكٌات الخاصة أو ما تٌسر منها إلى
ملكٌة الدولة .وفً كل مكان تمرٌبا أٌد الماركسٌون التؤمٌم والتخطٌط المركزي .لال
ماركس وإنجلز بوضوحٌ" :ستطٌع الشٌوعٌون أن ِّ
ٌلخصوا نظرٌتهم بعبارة وحٌدة :إلغاء
الملكٌة الخاصة"( .)12ومما ذكره لٌنٌن فً هذا المجال بعٌد الثورة الروسٌة" :إن
رأسمالٌة الدولة خطوة إلى األمام ممارنة بالحالة الحالٌة فً جمهورٌتنا السوفٌتٌة وإذا
تؤسست فً غضون ستة أشهر تمرٌبا فً جمهورٌتنا ،فسوف ٌكون هذا نجاحا
كبٌرا"( .)13وفً بالدنا ٌنظر الماركسٌون دائما إلى خصخصة لطاع الدولة االلتصادي
على أنه خطوة رجعٌة أو بمثابة ردة ،بل حتى اعتبرت فً عهد السادات من لبل الكثٌرٌن
ثورة مضادة.
ولكن كان أمام حدتو وأصحاب نظرٌية الطرٌيك الالرأسيمالً مشيكلة نظرٌية كبٌيرة :أي
طبمة تمثل تلين المجموعية االشيتراكٌة (أو الالرأسيمالٌة)؟ وكيان التفسيٌر المعتميد هيو أن
السيلطة تمثييل الشييعب العامييل ولييٌس الطبميية العامليية .ولكيين ميين هييو الشييعب بالضييبط ؟ أال
ٌشيمل – كمييا ذهبييت الناصييرٌة – الرأسييمالٌة "غٌيير المسييتغلة"! لييم ٌحييدد مفكييرو الحييزب
وحدتو .وٌتحدث فً هيذه المسيؤلة فيإاد مرسيً ،أحيد الزعمياء الثالثية لألغلبٌية ،أي كتلية
الحييزب (بخييالف كتليية حييدتو) ،معتبييرا أن "دٌكتاتورٌيية البرولٌتارٌييا شييرط أولييً للثييورة
االشتراكٌة" ،ولكنه أخذ ٌعدل ألواله فورا" :إنه بعد الحرب العالمٌة الثانٌية ظهيرت فكيرة
جدٌييدة :الدٌممراطٌيية الشييعبٌة" (وحتييى هنييا ال ٌبييدو أي شييىء فرٌييد) ،ولكيين فلنوصييل مييع
المفكر الكبٌر" :وظهر شىء ثالث وهو جدٌد تماما وتم تحمٌمه فً المستعمرات السابمة..
()12
Manifesto of the Communist Party, Proletarians and Communists
)The Tax in Kind (The Significance Of The New Policy And Its Conditions), (13
Collected Works, 1st English Edition, Progress Publishers, Moscow, 1965,
Volume 32, pp. 329-365
9
تبدأ هيذه البليدان فيً التحيول مين الثيورة الوطنٌية إليى االشيتراكٌة بغٌير إلامية دٌكتاتورٌية
البرولٌتارٌا ولكن باتخاذ أشكال جدٌدة لسلطة الشعب العاميل"(( )14والبيد أن فيإاد مرسيً
ٌشعر هنا أنه ٌضٌف إلى الفكر البرولٌتاري!) .وتتخلص إضافات فإاد مرسً فً اآلتً:
-1لم تعد دٌكتاتورٌة البرولٌتارٌا شرطا للثورة االشتراكٌة ،ولم ٌذكر لم؟.
-2إنهييا مجييرد شييكل لسييلطة مييا أسييماه "بالشييعب العامييل" ،والتييً توجييد منهييا أشييكال
عدٌدة ،طالما أن المضمون ٌمكن أن ٌتخيذ عيدة أشيكال ،منهيا الناصيرٌة بيالطبع .وتناسيى
األسييتاذ مرسييً طبعييا أن ٌحييدد لنييا مفهوم يه عيين الشييعب العامييل ،هييل ٌشييمل الرأسييمالٌة
الوطنٌة والجنود – و بالطبع الضباط -كما ذهب المٌثاق الناصري؟(.)15
ولكين كٌييف تميوم سييلطة الشييعب العاميل ،الثورٌيية طبعييا! باعتميال وتعييذٌب الشييٌوعٌٌن،
اليذٌن رفعيوا شييعارات النظيام نفسييه ،أو بياألحرى الييذٌن رفيع النظييام شيعاراتهم واسييتخدام
لغتهم؟ استمر التفسيٌر السيابك اليذي ٌفصيل بيٌن الدولية ومإسسياتها ،وبليو أكميل صيورة
على ٌد الزعٌم الثانً لمجموعة األغلبٌة؛ أبو سٌف ٌوسف ،فهو ٌيرى وجيود تنيالض ميع
النظيييام ولكنيييه ال ٌنفيييً "وحيييدة الميييوى الوطنٌييية" ،مسيييتندا إليييى ليييانون وحيييدة وصيييراع
المتنالضات الدٌالكتٌكً ،الذي عبر عنه فً رأي فٌلسوف األغلبٌة لول الشاعر:
على عزٌزة
ِّ بالدي وإن جارت
على كرام
ِّ وأهلً وإن ضنوا
وكان تعلٌك الفٌلسوف كالتالً" :هذا الشاعر ٌعبر بشكل من األشكال عين صيٌاغة
لمانون الوحدة والصراع"(.)16
والحمٌميية أن التنييالض مييرتبط دائمييا بالوحييدة ،ولكيين الوحييدة أو الهوٌيية فييً الييدٌالكتٌن
لٌسيت كميا هيً فييً ذهين أبيً سييٌف ٌوسيف ،بيل هيً وحييدة متنالضيات .واألمير األهييم أن
الفٌلسوف لم ٌفسر لنا الولائع ،فالتنالض لد تغلب على الوحدة ،دون أن ٌنبس ببنت شفة
10
حيول إمكانٌيية اعتبيار هييذه الوحييدة ال تميت بصييلة ميا إلييى الوطنٌيية ،أفيال تتحييد البرجوازٌيية
والبرولٌتارٌيا أٌضيا فييً نميط إنتياج واحييد؟ إن الوحيدة فيً الييدٌالكتٌن ال تعنيً الصييدالة أو
المحبة كما ٌفهمها الفٌلسوف العزٌز!(.)17
***************************
( )17رغم أن فٌلسوف األغلبٌة لد استطاع أن ٌجد تعلٌال ذا لهجة ماركسٌة للتنالض المزعوم ،فان أحد مفكري
الٌسار لد اكتفى بالتعجب مما ا عتبره التنالض بٌن الثمافة السائدة والوالع فً مصر الناصرٌة ،وراح ٌصب هجومه
على فساد المسرح والسٌنما ،وعلى الكتب الرخٌصة التً مألت المخازن ،وعلى تحكم التجار فً "المطاع العام"
للمسرح والسٌنما .كما ألر بؤن الفلسفة التً سادت فً تلن الفترة كانت براجماتٌة جون دٌوي ،أو الوضعٌة المنطمٌة
(لٌست االشتراكٌة العلمٌة إذن؟! ) .ومع ذلن لم ٌتخل صاحبنا هذا عن إخالصه العمٌك للناصرٌة ،بل وحٌن نعت عبد
الناص ر بالبونابرتٌة فمد اختلف مع اآلخرٌن فً أنه استخدم هذا اللفظ فً سٌاق المدٌح ال الذم .ولد رصد وجود تنالض
بٌن االتجاه نحو الشرق تجارٌا ونحو الغرب ثمافٌا ،ولم ٌحاول أن ٌفسر لنا كٌف ٌتنالض البناء الفولً لطبمة ما مع
بنائها التحتً بهذه الصورة! إن التنالض فً ا لحمٌمة ظل ٌكمن فً ذهنه الذي لم ٌستطع حتى أن ٌهاجم جماعة
"التفكٌر والهجرة" فً نفس دراسته إال من داخل اإلسالم ،ولم ٌكتشف هنا التنالض البٌن بٌن ماركسٌته وإسالمه .ولد
امتد معه االنفصام حٌن هاجم الماركسٌٌن الساداتٌٌن فً الولت الذي أصبح هو فٌه ذٌل لصٌرا لصدام حسٌن .والكاتب
هو أمٌر اسكندر ،والمرجع هو :صراع الٌمٌن والٌسار فً الثمافة المصرٌة ،دار ابن خلدون للطباعة والنشر.1978 ،
()18
نشر رفعت السعٌد صورة البرلٌة فً :تارٌخ الحركة الشٌوعٌة المصرٌة ،1965-1957ص .329
) )19طاهر عبد الحكٌم ،المصدر السابك ،ص .9
11
ومن هذه األسباب أٌضا الجمود العمائيدي ،اليذي سياد فتيرة طوٌلية فيً الحركية الشيٌوعٌة
المصرٌة .ان هذا الجمود فً جوهره ٌتمثل بالدلة فً عدم إدران التغٌيرات الجذرٌية التيً
حيدثت علييى الصييعٌد الييدولً بانتصييار االشييتراكٌة فيً العييالم ،وميين هنييا درجييت المنظمييات
الشٌوعٌة المصرٌة على التملٌيل مين دور المٌيادات الوطنٌية الثورٌية األخيرى ،التيً بيدأت
توالً الظهور عليى المسيرح السٌاسيً ونخيص منهيا باليذكر لٌيادة الضيباط األحيرار التيً
نظمت ثورة ٌ 23ولٌو .)20("1952
هكذا لم ٌكتف الماركسٌون بحيل حيزبهم ،بيل وراحيوا ٌعتيذرون عين جميودهم العمائيدي
وٌبدو من البٌان السابك أن الممصود أن ذلن الجمود لد منعهم من حل منظماتهم فً ولت
سابك! لكن ال نستطٌع إغفال أن للة صغٌرة ليد رفضيت حيل الحيزب واسيتمرت فيً العميل
المنظم بعد الخروج من المعتمالت.
وأخٌرا تحممت الجبهة المنشودة ،الشعار المطروح منذ األربعٌنات مين لبيل التنظٌميات
الماركسييٌة كحييل سييحري لمضيياٌا الثييورة ،ولكيين علييى الطرٌميية الناصييرٌة .وحٌنئييذ انضييم
عشييرات الماركسييٌٌن إلييى االتحيياد االشييتراكً ،وانضييم آخييرون للتنظييٌم الطلٌعييً لٌمومييوا
بالتروٌم للناصرٌة .وكانت آخر لعبة الستكمال تصيفٌة الحيزب أن سيمحت السيلطات ،لبيل
حله بملٌل ،بدخول عدد من أعضائه إلى التنظٌم الطلٌعً واالتحاد االشتراكً ،على أساس
التزامهم بالماركسٌة اللٌنٌنٌة .وخدع فعال عدد من الكوادر بفضل ميا أتيٌح لهيم – عميدا -
من حرٌة الحركة ،كما تم اإلفراج عن عدد من عمال حلوان – استكماال للخدعة – بمجرد
اتصال تلٌفونً من أحد المادة الماركسيٌٌن فيً االتحياد االشيتراكً بيوزٌر الداخلٌية .ولكين
بعد حيل الحيزب تيم طيرد عيد كبٌير مين هيإالء ،واسيتمر فميط الموافميون عليى حيل الحيزب
ولبلوا التعاون مع الناصرٌة تعاونا كيامال ،وبتعبٌير ط .ث .شياكر" :اليذٌن لبليوا التعياون
بدون تحفظ مع النظام"(.)21
ولد تم اإلفراج عن جمٌع المعتملٌن فً ماٌو عام ،1964لتعيود السيلطة العتميال عيدد
من الرافضٌن لمرار حل الحزب أو ممن انتمدوا النظام ،كما اعتمل عدد من لٌادات منظمة
الشباب االشتراكً ومدرسً "المعهد العالً للدراسات االشتراكٌة" الحكومً عام 1966
بحجة تروٌم الماركسٌة( .)22ورغم ذلن لم تختيف فكيرة التحيالف أو االنيدماج فيً النظيام.
فبعد أن كان مفكرو الٌسيار ليد عيادوا ٌركيزون عليى مسيؤلة الدٌممراطٌية باعتبارهيا نمطية
خالفهييم الرئٌسييٌة مييع الناصييرٌة ،تراجعييت الغالبٌيية عيين ذليين ،وتالشييت كافيية التنالضييات
بدخول معظم المثمفٌن إلى االتحاد االشتراكً وحصول للٌل منهم على مناصب فً الدولية
ولطاعها االلتصادي .وعلى العكس لم ٌعد أغلب العمال إلى أعمالهم وتركوا ٌبحثيون عين
عمل ،بل وأوصٌت كافة المإسسات بعدم لبيولهم .أميا المدرسيون وأسياتذة الجامعيات فميد
12
ألحموا بؤعمال إدارٌة كما سجل فتحً عبد الفتاح( .)23هذا طبعا دون أن ٌتحرن المثمفيون
ودون أن ٌكتشف "المتعاونون مع النظام" وجود تنالض ،دٌالكتٌكً بحك هذه المرة! لميد
تولييف لييانون الوحييدة والصييراع -كمييا أحييب بعضييهم تسييمٌته – عيين العمييل ،بييل وانعييدم
التنييالض وبمٌييت الوحييدة فمييط! كييذلن أصييبح االتحيياد االشييتراكً ٌعييد هييو التنظييٌم الثييوري،
والمٌثاق الناصري هو النظرٌة الثورٌة(.)24
وبعد أن كانت لٌادات الٌسار تمف مع اللٌبرالٌة ضد الناصرٌة فً أعماب انمالب ٌولٌو
، 1952فٌما ٌختص على األلل بمسؤلة شكل الحكم ،انملب الحيال إليى ضيده بعيد االنيدماج
فً تنظٌم السلطة ،ولد بدأ هذا التحول منذ .1957
ٌمييول مٌشييٌل كامييل أحييد كبييار المنظييرٌن الماركسييٌٌن فييً السييتٌنات والسييبعٌنات" :إن
واجهة الدٌممراطٌة المزٌفة لم تكن تمثل إال دٌممراطٌة الرجعٌة" (ٌمصد لٌبرالٌة نظام ما
لبل انمالب ٌولٌو .. )1952إن ممارسة الحرٌة بعد العملٌة الثورٌة الهائلة إلعادة توزٌع
الثروة الوطنٌة منذ ٌولٌيو 1961ال تشيكل خطيرا عليى أمين النضيال اليوطنً"( .)25ولكين
مهال أٌها الميارئ ،فلسيوف ٌوضيح حياال – فيً نفيس الموضيع -مفهوميه للحرٌية" :إنهيا
الحرٌية الموجهية تميوم عليى ضيرب اليدعائم المادٌية ليلطياع ورأس الميال وتمصير حرٌيية
العمل والتنظٌم عليى الميوى الشيعبٌة (شياملة طبعيا الضيباط الناصيرٌٌن والرأسيمالٌة غٌير
المسيييتغلة! – الكاتيييب) إنهيييا ذات ميييدلول اجتمييياعً وطيييابع ثيييوري ،دٌممراطٌييية للطبميييات
الشعبٌة" .وفً موضع آخر راح المفكر الكبٌر ٌضع أربيع سيمات للنظيام االشيتراكً ،مين
ضمنها:
"أن تكون السلطة فً أٌيدي الميوى العاملية" (التشيدٌد مين عنيدنا) .ولينالحظ أن تعبٌير
"الموى العاملة" بدٌل عن الطبمة العاملة ،ومن المفهوم أن كل الموى االجتماعٌية عاملية
ما عدا األطفال والعاطلٌن والعجزة ..ألٌس كذلن؟ فالبٌرولراطٌون والضيباط ٌعيدون أٌضيا
ضمن الموى العاملة!
وباستخدام ألفاظ درجت الكتابات الماركسٌة على استعمالها ،راح لطفً الخولً ٌبرر
دٌكتاتورٌة الفرد" :أمام هذا كله ٌصبح ضرورة موضوعٌة للعمل الثوري أن ٌتولى
المناضل جمال عبد الناصر بجانب لٌادته لتنظٌم لوى الشعب العاملة رئاسة الدولة"(.)26
***************************
التنظٌر للناصرٌة:
فً التنظٌم الطلٌعً ضمت السلطة عددا محدودا من الشٌوعٌٌن المعتدلٌن انضم
بعضهم لبل حل الحزب الشٌوعً المصري؛ 20حسب تمدٌر فتحً عبد الفتاح و36
حسب تمدٌر صالح عٌسى .ولد لعب هإالء دورا كبٌرا فً إعداد النشرات واألبحاث التً
تظهر الحكم الناصري فً صورة اشتراكٌة ودٌممراطٌة شعبٌة ،وإلماء المحاضرات على
الشباب ،وتلمٌنه مبادئ األفكار الناصرٌة كما جاءت فً المٌثاق ونشرات أخرى.
و إذا رجعنا إلى المنابر الرسمٌة لٌمٌن الحركة الشٌوعٌة إبان الفترة التالٌة لعام
: 1965مجلتً "الطلٌعة" و"الكاتب" ،مجلة "روز الٌوسف" إلى حد ما ،صحٌفة
"األخبار" فً فترة ما ،نجد التروٌم لألفكار الناصرٌة وفك صٌو ماركسٌة .وال ٌخلو عدد
وا نصب نمدها ألفراد التٌار المرتد فً تخاذلهم أمام السلطة وتعاونهم الكامل معها وموافمتهم على حل الحزب .انظر
على سبٌل المثال :طاهر عبدالحكٌم :األلدم العارٌة ،دار ابن خلدون ،بٌروت ،لبنان.
14
واحد من عشرات التوكٌدات على سالمة "النظرٌة الثورٌة" و"التنظٌم الثوري"
الناصرٌٌن ..نمتبس منها بعض النماذج لكً ٌمف المارئ على روح اللحظة ،إن صح
التعبٌر:
"تعترف اشتراكٌتنا فً المٌثاق بصراع الطبمات ،وتضع له تحلٌال علمٌا من أرلى ما
عرف من تحلٌالت ،وهً تتطلب حل الصراع الطبمً حال سلمٌا"(.)27
منظر للناصرٌة ،نملة أخرى ذات شكل أكثر ِّ وٌنتمل بنا محمود أمٌن العالم ،أعمك
هٌجلٌة( ،)30فٌتحدث عن الحرٌة منتمدا المفهوم اللٌبرالً للحرٌة ،ممدما لمفهوم هٌجلً
للغاٌة :الحرٌة هً إدران الضرورة .ولكنه راح ٌصدمنا ،فهو ال ٌمصد بـالضرورة ما
لصده هٌجل ،بل حالة الطوارئ الدائمة طوال العصر الناصري" :كثٌر من المواطنٌن
الزالوا ٌفتمدون المعنى الحمٌمً للحرٌة وٌتعلمون بؤسلوب لٌبرالً ال ٌتفك مع مالبساتنا
الثورٌة الجدٌدة"" ،ولعل المٌثاق أن ٌكون أنضم ما كتب حتى اآلن عن المفهوم العلمً
الصحٌح للحرٌة" ،ثم ٌسند نفسه إلى هٌجلٌ" :عرف هٌجل الحرٌة بمعرفة
الضرورة"( ،)31وٌواصل" :أي الوضعٌن أكثر حرٌة ،مصر لبل ثورة ٌ 23ولٌو 1952
( )27فإاد مرسً ،مجلة "الطلٌعة" ،عدد أكتوبر .1966
( )28نفسه.
( )29مجلة "الطلٌعة"ٌ ،ولٌو .1965
( )30معارن فكرٌة ،الماهرة ،1965 ،ص ص .187-154
()31
لٌس المعنى الذي ٌمصده هٌجل بهذه العبارة هو المعنى الذي أراد أن ٌمدمه لنا محمود العالم ،فهٌجل ٌرى أن
" الحرٌة تعنً أن الشًء اآلخر الذي تتعامل معه هو ذات ثانٌة ،حتى إنن ال تترن أبدا األساس الخاص الذي تمف علٌه،
وإنما تشرع لنفسن وتضع لانونن الخاص" (موسوعة العلوم الفلسفٌة ،المجلد األول ،ترجمة إمام عبد الفتاح إمام ،دار
التنوٌر ،بٌروت ،لبنان ،الطبعة الثالثة ،ص .) 102فالحرٌة باختصار تعنً التعٌٌن الذاتً ،أي أن تحدد نفسن بنفسن.
فإذا كانت الموانٌن تعبر عن إرادتً ،فؤنا إذن حر .أما إذا كانت تعبر عن إرادة الحاكم فؤنا إذن لست حرا ألن "الحرٌة
تستلزم أال نشعر أننا فً حاجة إلى شًء آخر غٌر ذواتنا" (ص .) 103وٌرى هٌجل أن الحمٌمً هو الكلً ،لذلن ٌكون
الفرد إنسانا حمٌمٌا بمدر ما ٌكون فً هوٌة مع مفهومه كإنسان ،أن تكون إرادته هً إرادة الكل -اإلنسان كذات مفكرة،
أي أن تكون هً إرادة العمل .أما حرٌة اإلنسان الطبٌعً فهً عكس الحرٌة ،ألن هذا اإلنسان -حسب تعبٌر هٌجل -
"لٌس سٌد نفسه"" ،فمكونات إرادته وآرائه لٌست خاصة به" (ص .)103
فالماعدة التً ٌضعها هٌجل للحرٌة الحمٌمٌة لاعدة أعمك كلٌة من فهم األستاذ محمود العالم ،فالحرٌة ٌنبغً أن تفهم
على نحو عمالنً ،فعلى اإلنسان الفرد كذات مفكرة أن ٌحدد نفسه بنفسه بهذه الصفة ،وبالتالً أن ٌحددها وفما لما هو
15
أم مصر بعدها؟ فً مصر لبل 1952كانت هنان أحزاب ومعارن دستورٌة وبرلمان
وانتخابات ووزارات تموم وأخرى تمعد ،وجرائد ومجالت مملوكة لألحزاب أو لألفراد
ومعارضة برلمانٌة"( " ...نسً!" أن ٌضٌف أنه كانت هنان نمابات للعمال والطالب
وحك العمال فً اإلضراب ،ونمابات مهنٌة مستملة ودستور ٌكفل الحرٌات الشخصٌة
لألفراد وصحافة ٌسارٌة معلنة وشرعٌة ...إلخ) وفً مصر الثورة لٌست هنان أحزاب وال
صراع حزبً ،لٌس ثمة معارضة برلمانٌة بالمعنى التملٌدي وال ملكٌة فردٌة للصحف
والمجالت ...إلخ .ثم راح ٌتساءل" :فؤي الوضعٌن أكثر حرٌة؟" .ثم ٌجٌب على التساإل
فً فمرة طوٌلة لائال" :إن جوهر الحرٌة لبل عام 1952كان للرجعٌٌن والرأسمالٌٌن
واإللطاع ..أما بعد عام 1952فمد تحممت أسس أرلى للحرٌة بفضل انتمال السلطة إلى
األٌدي الوطنٌة ،ثم حدث انتمال من سلطة مجلس الثورة إلى سلطة الشعب العامل وإلى
نسبة العمال والفالحٌن الممررة" .ثم ٌصف الدعوة إلى تعدد األحزاب بؤنها "دعوة فً
الحمٌمة إلى الثورة المضادة"" :إن طرٌك الحرٌة فً بالدنا لٌس طرٌك البرلمانٌة
اللٌبرالٌة ،لٌس طرٌك تعدد األحزاب ،وإنما هو طرٌك التحالف الثوري لموى الشعب
العامل والتنظٌم الثوري المائد"" ،إنه طرٌك البرلمان الشعبً والمجالس الشعبٌة ،طرٌك
أغلبٌة العمال والفالحٌن ...إلخ" .وٌمول فً نهاٌة الفصل" :وهذا هو المعنى الذي نحتفل
به فً أعٌاد ثورة ٌولٌو المجٌدة" .ولٌس من العسٌر على األستاذ محمود العالم أن
ٌستوعب مدى زٌف تلن الـ %50المذكورة ،فٌكفٌه أن ٌرجع إلى تعرٌف العامل والفالح.
كذلن لٌس من الصعوبة بمكان أن ٌرى بكل وضوح كٌف انتملت السلطة من "مجلس
لٌادة الثورة" إلى الحكم الفردي ولٌس إلى الشعب العامل ،وأسهل من ذلن أن "ٌكتشف"
غٌاب البرلمان الشعبً والمجالس الشعبٌة… إلخ.
كما راح لطفً الخولً "ٌتعمك" كعادته فً التحلٌل بمناسبة إنشاء التنظٌم الطلٌعً
وٌن ِّظر لالندماج فً النظام:
"هذه الثنائٌة الموضوعٌة لظروف المجتمع المصري العربً الراهن هً -فً رأًٌ -
األساس المادي الذي ٌعكس بالضرورة ثنائٌة التنظٌم السٌاسً فً مصر ،إذ ٌجب أن
ٌكون جماهٌرٌا وطلٌعٌا فً ولت واحد"" ،وهذه الثنائٌة فً التنظٌم تفٌد فً ظروفنا
الحالٌة فً تالفً أخطاء وعٌوب نظام وحدانٌة الحزب" .ثم ٌلجؤ إلى استخدام لغة هٌجل:
"فالجهاز السٌاسً إذن هو -موضوعٌا -جزء من تنظٌم كلً ،وبمعنى أكثر دلة هو
الجزء المادر والمإهل ...والعاللات التً ٌجب أن تموم بٌن االتحاد االشتراكً والجهاز
معمول ،والمعمول كلً ألن العمل اإلنسانً هو العمل اإلنسانً عموما ،ولٌس عموال عدٌدة ،فالحمٌمة -لدى هٌجل -
واحدة والمنطك واحد ،والحمٌمة تتفك دائما مع العمل ،فهً المعمول نفسه .أما العمل الفردي الذي ٌعارض المعمول،
فهو لٌس فً هوٌة مع مفهوم العمل ،أي لٌس عمال حمٌمٌا.
وهٌجل ٌمد كالمه على استمامته ،فهو ٌستنبط المجتمع المدنً والدولة بطرٌمة تبدو منطمٌة .ولكنه ٌفعل ذلن فً
الحمٌمة بطرٌمة بالغة التعسف ،ورغم ذلن فهو ٌمول إن "الدولة الفاسدة أو السٌئة هً دولة غٌر حمٌمٌة" (الموسوعة،
ص ) 106وٌمصد الدولة التً ال تتـفك مع مفهوم الدو لة كما حدده هو .والخوض فً هذه المسؤلة ٌحتاج إلى كثٌر من
بمعان منالضة
ٍ اإلطالة ،ولكننا أردنا فمط أن نوضح كٌف ل ِّدمت "الفلسفة الناصرٌة" باستخدام مفاهٌم لها برٌمها ولكن
لها.
16
السٌاسً هً من النوع األخٌر :عاللات توحد عضوي"( .)32ثم ٌواصل الحدٌث عن
مفهوم جدٌد ،هو العضوٌة المزدوجة لكادر الجهاز السٌاسً .وما ٌستكمل هذا التحلٌل
الدٌالكتٌكً(!) ما لاله لطفً الخولً فٌما بعد" :وكل محاولة إلعادة التنظٌم الشٌوعً أو
تكوٌن تنظٌم جدٌد خروج على االلتزام ٌجب أن ٌدان ألنه أصبح تآمرا ضد لضٌة بناء
االشتراكٌة فً مجتمعنا بالطرٌك الذي اختاره المٌثاق وتحالف لوى الشعب العاملة بمٌادته
الثورٌة"(.)33
ولم ٌحتم أحد على ذلن من األغلبٌة ،التً باتت ٌسارا رسمٌا ،والتً اسيتمر مفكروهيا
ٌكتبون لصائد الغزل فً الناصرٌة على صفحات مجلتً "الطلٌعة" و"الكاتب".
ومن الطرٌف أن نشٌر إلى تشخٌص فتحً عبد الفتاح للناصرٌة ،والذي أصدر كتابا
ٌصف فٌه ما تعرض له المعتملون من تعذٌب وإهانة وٌنتمد فٌه لسوة ولمعٌة النظام ،إذ
لال فً كتابه" :إن ثورة ٌولٌو هً فً النهاٌة ثورة وطنٌة تمدمٌة عملت بمدر طالة
وإمكانٌات لٌادتها على أن تخطو فً طرٌك التطور الوطنً الدٌممراطً وبالذات فً
الستٌنات( )34("..التشدٌد من عندنا) .كؤن األستاذ فتحً لم ٌالحظ أبدا أن النظام لد صادر
حرٌة كل الطبمات وكل األفراد لصالح حرٌة الدولة فحسب ..فؤٌن التطور الدٌممراطً؟
ومثله ذهب طاهر عبد الحكٌم الذي وصف انمالب ٌولٌو بؤنه حلمة من حلمات الثورة
الوطنٌة الدٌممراطٌة فً كتاب خصص لوصف تعذٌب الشٌوعٌٌن فً سجون الناصرٌٌن،
راصدا فً نفس الولت دٌكتاتورٌة النظام( .)35وفً الوالع ٌمصد كل منهما أن انمالب
ٌولٌو كان أحد حلمات الثورة البرجوازٌة ،والتً تسمى فً العرف الماركسً بالثورة
الدٌمولراطٌة.
لمد تم باسم االشتراكٌة ،وبمساعدة هامة من مفكري الٌسار فً مصر ،الذٌن تحول
كثٌر منهم إلى ناصرٌٌن ،تمدٌم نظام ٌولٌو كثورة اشتراكٌة ودٌممراطٌة ،بل واعتبار
االنتمال لالشتراكٌة ممكنا حٌن تختار السلطة هذا الحل .أي أن االشتراكٌة ٌمكن أن تتحمك
بواسطة فرد ملهم ،تطورت أفكاره وهو على لمة جهاز دولة رجعً .بل وأنه من الممكن
أن ٌمتنع جهاز الدولة الرجعً بضرورة ما سمً بالحل االشتراكً لمشاكل المجتمع،
واالنتمال من الرأسمالٌة أو غٌرها إلى االشتراكٌة طوعا واختٌارا .بل لمد أصبح للصراع
الطبمً أسماء جدٌدة مثل :نظرٌة الوحدة والصراع ،وبهذا المفهوم الجدٌد أصبح من
الممكن أن ٌحل الصراع الطبمً سلمٌا! وأصبح إذن التطور التارٌخً ٌجري ،ال من خالل
الصراع الطبمً ،بل من خالل حله سلمٌا ،أي من خارجه ،بتدخل عامل فوق طبمً ،آلة
توفٌمٌة ،كما صورت السلطة الناصرٌة نفسها .وفً ألصى الحاالت ٌتم حل الصراع
الطبمً بالنضال الفكري ،داخل "تحالف لوى الشعب العاملة" .ولمد تراجع كثٌر من
17
مفكري الٌسار حتى عن النضال البرلمانً وشعار الحكومة البرلمانٌة بل واعتبروا
الدٌممراطٌة اللٌبرالٌة شٌئا برجوازٌا رجعٌا وأحٌانا وصفت بؤنها دعوة للثورة المضادة.
لمد ولفت الماركسٌة المصرٌة فً الفترة الناصرٌة مدهوشة أمام سلطة بدت لها مثل
أبً الهولٌ ،كتنفها الغموض من كل ناحٌة .وهذا ما ٌفسر لنا لماذا أصبحت الخالفات
حول الخط السٌاسً بٌن المنظمات الماركسٌة التً راحت تتكون منذ أواخر الستٌنات
تنطلك من االختالف على تحدٌد طبٌعة تلن السلطة :هل هً سلطة شعبٌة ،أم برجوازٌة
كبٌرة أم صغٌرة أم برجوازٌة بٌرولراطٌة أم بونابرتٌة أم سلطة التكنولراط أم سلطة
عناصر وطنٌة مستنٌرة وتمدمٌة أم مجموعة اشتراكٌة ...إلخ .ولد بلو التشوش ألصاه
عند ط .ث .شاكر .فمد اعتبر أنه فً النظام الناصري كان "الثمل السٌاسً فً المجال
الفكري للبوجوازٌة الصغٌرة ...بٌنما كانت سٌاسته العملٌة تخدم فً األساس مصالح
الفئات الوسطى من البرجوازٌة" ،بٌنما عاد فً مكان آخر "ٌعمك" هذه الفكرة ،معتبرا
أن الناصرٌة "لد تبنت فكر البرجوازٌة الصغٌرة لالستعانة بها فً الصراع ضد
أعدائها"( .)36فً الحمٌمة ذهب ط .ث شاكر مذاهب شتى فً كتابه الصغٌر ،ولم ٌكن
محددا أبدا فً وصفه لطبٌعة السلطة الناصرٌة ،فٌمول مثال" :لمد كان النظام الناصري
ٌمثل البرجوازٌة المتوسطة أساسا وٌعتمد على البرجوازٌة الصغٌرة كماعدة اجتماعٌة
محكمة" (ص ،)37بٌنما ذكر فً نفس الكتاب أن الناصرٌة كانت تحالفا بٌن البرجوازٌة
الصغٌرة والمتوسطة والكبٌرة (ص !)38ونحن نوجه انتمادا لجوهر التصور النظري
نفسه ،إذ كٌف ٌمكن أن ٌسود فكر طبمة ما بٌنما تسود طبمة أخرى التصادٌا؟ ومن
الممكن أن نتصور هذا فً حالتٌن ،أولهما أن ٌسبك نفوذ الطبمة األٌدٌولوجً نفوذها
االلتصادي زمنٌا كما حدث مع البرجوازٌة األوروبٌة مثال ،وثانٌهما أن تسود أفكار طبمة
ممهورة تزٌح أفكار الطبمة المسٌطرة بشكل عابر للغاٌة ،فال نتصور إال أن ٌإدي هذا
الوضع الفرٌد إلى اضطرابات سٌاسٌة خطٌرة ال تستمر طوٌال .ولد صاحبت معارن -45
1952فً مصر سٌادة تدرٌجٌة ألفكار الفئات الوسطى ،مثل فكرة "المستبد العادل"
مثال ،إال أن الوضع المتفجر ككل لد أنهً بانمالب ٌولٌو ،الذي لم ٌطرح ٌوتوبٌا وال
سٌاسة تخدم هذه الفئات الوسطى ،بل طرح أفكارا ذات نكهة برجوازٌة صغٌرة ،ولكنه
لدمها فً صورة ثوروٌة لكن بمحتوى ٌعبر كلٌا عن الطبمة المسٌطرة.
ومع أن كافة التنظٌمات الماركسٌة كانت لبل ٌولٌو 1961ال تزال تفكر فً إطار
الثورة الدٌممراطٌة( ،)37فمد دفعت إجراءات 1961أهمها إلى التخلً عن هذه الفكرة.
18
فمنذ اآلن فصاعدا ،صار شعار الثورة االشتراكٌة معتمدا لدى الغالبٌة ،مع أنه كان من
المنطمً أكثر أن ٌرفض الحزب الشٌوعً المصري الشعارات االشتراكٌة للنظام وكذلن
إجراءات االشتراكٌة المزعومة ،السابمة ألوانها حسب خط الحزب األصلً .بل لمد التهب
الٌسار حماسا بعد أن تجاوزت الناصرٌة برنامجه ،بل وأٌِّدت الغالبٌة خط الناصرٌة الجدٌد
معتبرة أن الثورة االشتراكٌة لد بدأت ،أو على األلل أن السلطة تسٌر فً طرٌك تنمٌة
"الرأسمالً"ٌ ،إدي طبعا إلى االشتراكٌة! لٌس هذا فحسب ،بل واعتبروا هذه التحول
خطوة عجزوا هم عن المٌام بها .واعتبر معظم أفراد الٌسار إعالن االشتراكٌة بداٌة
الثورة االجتماعٌة ،بٌنما اعتبر انمالب 1952بداٌة الثورة السٌاسٌة .فال ٌكتفً غالً
شكري (مثال) بوصف الناصرٌة بالثورة ،بل ٌمول" :نظلم الناصرٌة لو للنا إنها كانت
ثورة واحدة ،فالحمٌمة أنها كانت ثالث ثورات" .ثم راح ٌمسمها كاآلتً" :الفترة الوالعة
بٌن عامً 1956 ،1952هً الثورة الوطنٌة"" ..أما الفترة الوالعة بٌن عامً 1958
و 1961فهً ثورة الوحدة المومٌة"" ..وأما الفترة الوالعة بٌن عامً 61و 70رغم
الهزٌمة العسكرٌة بٌنهما وتدهور خطة التنمٌة االلتصادٌة وتعاظم الطبمة الجدٌدة ،فإنها
تكون الثورة االجتماعٌة حٌث انتملت السلطة فً شخص لائدها من تمثٌل الطبمة الوسطى
موضوعٌا إلى تمثٌل لاعدة اجتماعٌة أوسع من البرجوازٌة المتوسطة والصغٌرة
والفالحٌن والعمال" .وإحمالا للحك نمول إن غالً شكري لد وصف هذه الموجات الثورٌة
المزعومة بؤنها ثورات نالصة( .)38ونسجل هنا ملحوظة أن اإلشارة لكون هذه "الثورات"
نالصة إنما ٌعبر فً رأٌنا عن عدم ارتٌاح األستاذ /شكري لتحلٌله ،ذلن أن كل الثورات
كانت نالصة بمعنى من المعانً ،حتى الثورة الفرنسٌة .ونسجل ملحوظة أخرى :إن انتمال
السلطة طبمٌا فً شخص لائدها لهو أمر ٌحتاج إلى تفسٌر لم ٌمدمه أبدا األستاذ /شكري،
وهً فكرة طرحها الناصرٌون ومعظم مفكري الماركسٌة المصرٌة كثٌرا ،تتلخص فً أن
تطور فكر الزعٌم أدى إلى تطور النظام ،دون تمدٌم تفسٌر آللٌة حدوث مثل هذا التؤثٌر
السحري.
الحمٌميية أن الماركسييٌٌن راحييوا ٌبحثييون دائمييا عيين الطبميية الحاكميية فلييم ٌتفمييوا علييى
تحدٌدها ،ببساطة ألنها لم تكن موجودة .فالسلطة كانيت فيً ٌيد بٌرولراطٌية الدولية ،وهيو
أمر لٌس فرٌدا فً التارٌخ وسبك أن تكلم عنه ماركس نفسه بالتفصٌل ،وهو ما ٌعرف بـ
البونابرتٌة .لم ٌكن ألي طبمة أي وجود سٌاسً فً مصر الناصرٌة ،ولم ٌكن صوت ٌعلو
على صوت نخبة العسكر ومين انضيم إلٌهيا مين عناصير أخيرى ،والتيً كانيت تضيرب مين
تشاء من أي طبمة كانت لتحمٌك استمرار سلطتها.
19
فلم ٌتصور جل الماركسٌٌن فً مصر أبدا أن البٌرولراطٌة ٌمكين أن تكيون هيً نفسيها
الطبمة أو الفئة الحاكمة رغم أنها كانت آلالف السنٌن فيً مصير باليذات ال الفئية الحاكمية
فمط بل الطبمة المسٌطرة التصادٌا واجتماعٌا أٌضا .وحيٌن ألير اليبعض بسيلطتها نسيبوها
للبرجوازٌة :البرجوازٌة البٌرولراطٌة ،رغم أنها لم تكن تمارس االستثمار الرأسمالً وال
تتبع التصاد السوق ،بل اعتمدت على النهب بوسائل بٌرولراطٌة للفالحيٌن وبمٌية الشيعب
واعتمييدت نظييام االلتصيياد المركييزي .فهييل توجييد رأسييمالٌة بييدون سييوق حييرة؟! وبيينفس
المنطك ال ٌتصور أبدا ماركسٌو مصر فيً عميومهم أن الطبمية المسيٌطرة اآلن وكميا تيدل
ولائع الحٌاة الٌومٌة هً البٌرولراطٌة العسكرٌة التس تتحكم على كافة مفاصل االلتصياد
والمجتمييع المييدنً عمومييا ،بٌنمييا ٌييتم البحييث عيين رأسييمالٌة مييا وراءهييا ،سييواء كانييت
كومبرادورٌة أم طفٌلٌة ...بٌنما ٌتم عليى ميدار السياعة التضيٌٌك عليى الرأسيمال الخياص
وتهدٌيييده ونهيييب بعيييض ممتلكاتيييه وإغيييالق بعيييض مشيييروعاته بواسيييطة البٌرولراطٌيييية
العسكرٌة.
***************************
-2هل ٌمكن تفسٌر تبنً الماركسٌٌن للناصرٌة بمجرد عجز منهجهم أو نسمهم ذي
الموالب الثابتة؟ ال ٌكفً هذا التفسٌر ،إذ تنازل مفكروهم عن هذه الموالب والمنهم حٌن
تحمسوا لبلورة األفكار الناصرٌة فً أٌدٌولوجٌا تبدو متماسكة .فبالرغم من وجود تٌارات
سٌاسٌة أخرى بخالف التٌارات الٌسارٌة إبان العهد الناصري ،إال أن الٌسار بالذات،
(استثناء للة من األفراد ،لد انتهى به األمر إلى االندماج فً النظام الناصري ،بل لعب
الماركسٌون المإدلجون جٌدا دورا هاما فً الدعاٌة لهذا النظام .لذلن نحلل هنا تصور هذا
التٌار ،لٌس باعتباره تٌارا معارضا ،بل باعتباره أهم أبواق النظام على الصعٌد
األٌدٌولوجً اعتبارا من .1965/1964بل إن ما لدمه المنظرون الماركسٌون كان فً
حمٌمة األمر تعمٌما لـ"الفلسفة" الناصرٌة ،بل ٌمكن المول ببساطة إنهم ساهموا مساهمة
جوهرٌة فً إنتاج أٌدٌولوجٌا ناصرٌة ذات مظهر متماسن وعمٌك مع االحتفاظ بمكونها
الدٌماجوجً الموي .وفً الحمٌمة ال ٌمكن أبدا سوى اعتبار الغالبٌة العظمى من
الماركسٌٌن المصرٌٌن ولتها ناصرٌٌن إلى حد أو آخر ،وخصوصا كبار مفكرٌهم.
-3لمد أصابت حركة التؤمٌمات الماركسٌٌن المصرٌٌن بالسكر والتٌه؛ فالدولة؛ بمرتهم
الممدسة ،لد استولت على جزء كبٌر من أموال أعدى أعيدائهم رسيمٌا :البرجوازٌية .وليد
سييياهم انتصيييار السيييتالٌنٌة فيييً العشيييرٌنات عليييى األناركٌييية والتروتسيييكٌة وغٌرهميييا مييين
التوجهات االشتراكٌة الدٌمولراطٌة فً تدعٌم وترسٌخ عبادة الدولة فً الماركسٌة .ومن
20
هنا أصبح إرهاب الدولة – التمدمٌة للغاٌة! – مبررا وصار التعاون معهيا والخضيوع لهيا
عمال تمدمٌا .ومن لحظتها تم إعادة النظير فيً األفكيار الماركسيٌة وتمٌٌفهيا ميع الناصيرٌة
لتناسب مماسها .و إن اإلٌميان المطليك بيؤن النظيام اليدولتً أكثير ثورٌية مين نظيام الملكٌية
الخاصيية ،واالعتميياد الجييازم باشييتراكٌة النظييام االسييتبدادي السييوفٌتً ،وتحمٌييك السييلطة
الناصييرٌة لميييا فيياق أحيييالم المنظمييات الماركسيييٌة ..هييذه كلهيييا دوافييع تبنيييً الماركسيييٌٌن
للناصرٌة .وحتى المجموعات األكثر ٌسارٌة رأت أن البرجوازٌة البٌرولراطٌة -كما نعتت
الناصرٌة -لد حممت صعودا تارٌخٌا تياله هبيوط تيارٌخً ،أي أنهيا ميرت بمرحلية تمدمٌية
ولامت بدور تارٌخً .ولم تر تلن المجموعات الطابع الطفٌلً والمخرب للناصرٌة ،وكيان
هذا هو تصور حزب العمال الشيٌوعً المصيري فيً السيبعٌنات .لميد اسيتمر الماركسيٌون
ٌ مدسون الدولة وٌروجون لمدرتها على تحمٌك االشتراكٌة رغيم فشيل المشيروع أي دولية
فييً تحمٌييك شييعارات االشييتراكٌة ،بييل اسييتطاعت فمييط أن تخلييك السييتار الحدٌييدي ولمييع
المجتمع المدنً.
-4وٌضاف دافع آخر هو مٌل الماركسٌٌن المصرٌٌن إلى تغلٌب المسؤلة الوطنٌة على
أي مسؤلة أخرى .فالمولف من الغرب هو الذي كان محددا لها تجاه النظام المائم ،بالضبط
مثلما ذهبت السٌاسة السيوفٌتٌة .فاالسيتمالل ممابيل التبعٌية كيان دائميا تمرٌبيا هيو المعٌيار
األهييم للحكييم علييى السييلطة ميين لبييل ماركسييًٌ مصيير ولتهييا .وحتييى الٌييوم تتمتييع لضييٌة
االسييتمالل ممابييل التبعٌيية بييؤكبر اهتمييام ميين لبييل الٌسييار .بييل حتييى ٌمصييد بالتبعٌيية التبعٌيية
المباشرة ولٌس التبعٌة الهٌكلٌة .وهذا ما ٌفسر لماذا انمليب العيداء للناصيرٌة إليى التؤٌٌيد
الجارف بالذات بعد الموالف الوطنٌة للنظام وصدامه مع االستعمار المدٌم فً .1956
وربما كانت المجموعات التروتسكٌة الصغٌرة – والتً ظهرت متؤخرة -استثناء ،أكثر
عداء للنظام االستبدادي ولم تصب – إلى حد كبٌر -بمرض الناصرٌة العضال.
*********************
22