You are on page 1of 18

)‫م‬2021/‫هـ‬1442( ‫ جامعة تبوك‬،206-189 ‫ ص ص‬،10‫ ع‬،‫جملة جامعة تبوك للعلوم اإلنسانية واالجتامعية‬

‫العبور السياسي ورموزه يف قصيدة (خطوة إىل االحتاد العريب) حملمد حسن عواد‬
‫ مصطفى حممد تقي هللا بن مااياب‬.‫د‬
‫ جامعة امللك عبد العزيز‬-‫ كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‬،‫ قسم اللغة العربية وآداهبا‬،‫األستاذ املشارك يف النقد األديب‬

The Political passage and its symbols in the poem of (a Step to the Arab
Union) by Muḥammad Ḥasan ʻAwwād
Dr. Mustafa Muhammad T. Binmayaba
Associate Professor of Literary Criticism, Department of Arabic Language and Literature, College of Arts and Humanities, King Abdulaziz University

Keywords: The rites of passage, Arnold van Gennep, Suzanne ،‫ سوزان ستيتكفيتش‬،‫ أرنولد فان جنب‬،‫ طقوس العبور‬:‫الكلمات املفتاحية‬
Stetkevych, King Abdul Aziz, Muḥammad Ḥasan ʻAwwād,
Sharif Hussein’s revolution in Ḥijāz. .‫ ثورة الشريف حسني يف احلجاز‬،‫ حممد حسن عواد‬،‫امللك عبد العزيز‬
Abstract: The Sharif Hussein’s revolution against the Ottoman ‫ شكلت ثورة الشريف حسني ضد احلكم العثماين يف احلجاز يف‬:‫امللخص‬
rule in the Ḥijāz in the first quarter of the twentieth century was َّ ‫الربع األول من القرن العشرين فرتة حرجة يف التاريخ العريب احلديث؛‬
‫ألنا‬
a critical period in modern Arab history because it represents
a transitional phase from Ottoman rule to the Saudi rule. Arab
‫ وقد تفاعل‬،‫مثلت مرحلة عبور من احلكم العثماين إىل احلكم السعودي‬
poets, in general, and Ḥijāzi poets, in particular, reacted to the -‫على وجه اخلصوص‬- ‫ وشعراء احلجاز‬-‫بصورة عامة‬- ‫الشعراء العرب‬
events of that revolution in different ways. In this context, this ‫ ويسعى البحث من خالل‬.‫مع تطور أحداث تلك النهضة بطرق خمتلفة‬
research aims, through the use of the general framework of the
‫استخدام اإلطار العام لصياغة عامل األنثروبولوجيا املعاصر أرنولد فان جنب‬
contemporary anthropologist Arnold Van Gennep’s formulate
of the rites of passage as applied by Suzanne Stetkevych to ‫لطقوس العبور اليت طبقتها الناقدة األمريكية سوزان ستيتكفيتش على بنية‬
the structure of the classical Arabic panegyric ode, to analyze ‫ اليت كتبها‬،)‫قصيدة املدح القدمية إىل حتليل قصيدة (خطوة إىل االحتاد العريب‬
the poem of (a step to the Arab Union) composed by the poet ‫الشاعر حممد حسن عواد عند سيطرة امللك عبد العزيز على احلجاز يف عام‬
Muḥammad Ḥasan ʻAwwād when King Abdul Aziz took con-
trol of Ḥijāz in 1925. The study analyzes ʻAwwād’s text at two ‫) مستوى‬1( :‫ وتتناول الدراسة ابلتحليل نص العواد على مستويني‬.‫م‬1925
levels: (1) the level of symbols and references to the political ‫) مستوى الداللة السياسية لتلك‬2(‫الرموز واإلشارات إىل العبور السياسي و‬
passage used in the text and (2) the level of political significance ‫ وهتدف الدراسة إىل بيان‬.‫اإلشارات والرموز واالحتماالت الواردة يف تفسريها‬
of those references and symbols, and the possibilities of their
interpretation. The study aims to show (1) the nature of the sym-
‫) موقف الشاعر‬2(‫ و‬،‫) طبيعة اللغة الرمزية اليت استخدمها العواد يف نصه‬1(
bolic language used by ʻAwwād in his text, and (2) the poet’s .‫مر به احلجاز يف مطلع القرن العشرين‬َّ ‫من التحول السياسي الذي‬
attitude towards the political transition that Ḥijāz went through
in the early 20th century.

‫أتقدم بخالص الشكر والتقدير جلامعة امللك عبد العزيز ممثلة يف وكالة اجلامعة للدراسات العليا والبحث العلمي وعامدة البحث العلمي‬
.)1441-125-690 :G :‫ كود البحث‬،233273 :‫باجلامعة عىل دعم هذا البحث (رقم البحث‬

189
‫د‪ .‬مصطفى حممد تقي اهلل بن مايابا ‪ :‬العبور السيايس ورموزه يف قصيدة (خطوة إىل االحتاد العريب) ملحمد حسن عواد‬
‫‪190‬‬

‫وعلى الرغم من أمهية البحث يف شكل القصيدة ووزهنا‬ ‫املقدمة‪:‬‬


‫فإن ُج َّل أولئك الباحثني ‪-‬إن مل يكن كلُّهم‪ -‬مل يلتف‬
‫َّ‬ ‫تناول عدد من الباحثني شكل قصيدة حممد حسن‬
‫إىل مضموهنا‪ ،‬ومل حياولوا قراءة ذلك املضمون يف ضوء‬ ‫عواد (خطوة إىل االحتاد العريب) فدرسوا وزهنا وتفعيالهتا؛‬
‫السياق التارخيي الذي أُلِّفت فيه القصيدة‪ ،‬ال سيما‬ ‫ليناقشوا رايدة العواد يف كتابة الشعر احلر‪ ،‬واختلفوا حول‬
‫وأهنا ُكتبت يف مرحلة اترخيية وسياسية معقدة مرت هبا‬ ‫التزام القصيدة مبعايري ذلك الشعر‪ ،‬فعدَّها فريق منهم‬
‫املنطقة العربية بوجه عام‪ ،‬ومنطقة احلجاز اليت ينتمي‬ ‫أول قصيدة عربية حتققت فيها معايري الشعر احلر‪،‬‬
‫إليها الشاعر بوجه خاص‪ .‬ومن هنا‪ ،‬هتدف الدراسة إىل‬ ‫وشكك فريق يف رايدهتا‪ ،‬وذهب فريق اثلث إىل أهنا‬
‫حتليل املضمون السياسي لقصيدة (خطوة إىل االحتاد‬ ‫ليست من الشعر احلر و َّأنا مؤلفة على وزن املتقارب(((‪،‬‬
‫العريب) اليت كتبها العواد يف فرتة دخول احلجاز حتت‬
‫((( ُيعد الناقد عبد الرحيم أبو بكر ضمن الطليعة األوىل من‬
‫حكم امللك عبد العزيز (ت‪1953.‬م) يف النصف الثاين‬ ‫النقاد الذين رشحوا قصيدة العواد (خطوة إىل االحتاد العريب)‬
‫من عام ‪1925‬م‪ ،‬وإىل حتليل األسلوب الرمزي الذي‬ ‫لتكون القصيدة العربية األوىل التي كتبت عىل طريقة الشعر احلر؛‬
‫حيث يقول‪ :‬يف كتابه الشعر احلديث يف احلجاز بعد أن رسد آراء‬
‫اتبعه العواد يف قصيدته؛ ليتحدث عن األمل العريب‬ ‫النقاد حول أسبقية نازك املالئكة وبدر شاكر السياب يف كتابة‬
‫الذي كان يراوده‪ ،‬وعن حلمه يف احتاد األقطار العربية‬ ‫الشعر احلر‪« :‬ولكن أريد أن أقف بالقارئ عند نص شعري=‬
‫=لشاعر معارص من شعراء احلجاز أجد فيه أسبقية يمكن أن‬
‫يف دولة واحدة‪ ،‬وعن موقفه السياسي يف تلك املرحلة‬ ‫ترقى إىل مزامحة تلك األسبقيات يف قضية الشعر اجلديد احلر‬
‫من االضطراابت يف احلجاز‪ ،‬وعن طبيعة التحدايت اليت‬ ‫‪ ...‬وأعني هبذا النص قصيدة (خطوة إىل االحتاد العريب) التي‬
‫أنشأها الشاعر حممد حسن عواد يف أوائل العرشينيات من‬
‫حتول العرب من البحث عن‬ ‫َتول دون حتقيق أمله يف ِّ‬ ‫هذا القرن امليالدي حسب زعمه‪ ،‬واجته يف تشكيلها املوسيقي‬
‫احتاد جيمعهم‪ ،‬وعن طموحه بعد‬ ‫االستقالل إىل أتسيس ٍ‬ ‫إىل صورة يمكن أن تنضوي حتت لواء الشعر احلر» (أبو بكر‪،‬‬
‫‪1977‬م‪ ،‬ص‪ .)217‬ويستنتج أبو بكر أنه عىل الرغم من َّ‬
‫أن‬
‫أن وجد يف امللك عبدالعزيز القائد امللهم الذي يستطيع‬ ‫القصيدة بنيت عىل وزن املتقارب (فعولن فعولن فعولن فعو)‬
‫جتاوز التحدايت وحتقيق حلم الشاعر يف العبور ابلوطن‬ ‫«لكن الشاعر مل يلتزم فيه الطريقة التقليدية بل ترصف فيه‪ ،‬فزاد‬
‫ونقص وأعطى لنفسه احلرية التي تتفق مع التدفق الشعوري‬
‫من الكيان الصغري إىل كيان أكرب هتفوا إليه األقطار‬ ‫أو انتهاء املعنى‪ ،‬فجاءته قصيدته عىل هذا الشكل الذي هو‬
‫العربية‪.‬‬ ‫أقرب إىل نامذج الشعر احلر منه إىل نظام الشعر التقليدي» (أبو‬
‫كل من‪ :‬إبراهيم الفوزان‬ ‫بكر‪1977 ،‬م‪ ،‬ص‪ .)221‬وقد ذهب ٌ‬
‫وتتخذ الدراسة من املنهج التارخيي التحليلي‬ ‫(الفوزان‪1981 ،‬م‪ ،‬ج‪ 3‬ص‪ ،)1041‬وعمر الطيب السايس‬
‫وسيلة لتحقيق هدفها؛ حيث يرصد اجلانب التارخيي‬ ‫(السايس‪1986 ،‬م‪ ،‬ص‪ )68‬إىل اختيار قصيدة العواد لتكون‬
‫األنموذج األول للشعر احلر يف األدب العريب‪ .‬يف املقابل‪ ،‬يقول‬
‫من البحث اإلشارات النصية املرتبطة حبلم الشاعر‬ ‫الناقد عبداهلل الغذامي عن قصيدة العواد (خطوة إىل االحتاد‬
‫يف استقالل األقطار العربية يف وطن واحد‪ ،‬يف حني‬ ‫حرا عىل اإلطالق‪.‬‬ ‫شعرا ً‬
‫العريب)‪« :‬والقصيدة املذكورة ليست ً‬
‫فهي مكونة من سبعة مقاطع يف كل مقطع مخسة أبيات موزونة‬
‫يرتكز اجلانب التحليلي على نظرية طقوس العبور اليت‬ ‫مقفاة‪ ،‬عىل بحر املتقاربـ« (الغذامي‪1999 ،‬م‪ ،‬ص‪ .)39‬وقد‬
‫تساعد يف الكشف عن األبعاد النفسية واالجتماعية‬ ‫سبقت آمنة عبداحلميد عقاد الناقدَ عبداهلل الغذامي إىل هذا الرأي‬
‫وصنفت قصيدة العواد عىل أهنا عىل وزن املتقارب املجزوء‬
‫املرتبطة ابلعبور يف قصيدة العواد‪ .‬ففكرة التحول الوطين‬ ‫(عقاد‪1985 ،‬م‪ ،‬ص‪ .)393‬وم ّثل صالح زياد بقصيدة (خطوة‬
‫أو العبور السياسي الذي بُنيت عليه قصيدة العواد‬ ‫إىل االحتاد العريب) عىل حماوالت العواد «كرس نمط الشعر‬
‫العمودي بأوزانه وقوافيه الثابتة باخلروج بالقصيدة العمودية إىل‬
‫حيث الوزن‪َّ ،‬‬
‫فإن كتابة الشاعر هلا بأسلوب الشعر احلر‪ ،‬ومناداته‬ ‫شكل جديد من الرسم والكتابة ينبني عىل سطور متفاوتة الطول‬
‫الدائمة باالعتناق من دائرة القديم‪ ،‬تعطيه حق الريادة يف التجديد‬ ‫ال عىل تعادل الشطرين يف سطر» (زياد‪2004 ،‬م‪ ،‬ص‪.)923‬‬
‫والنظر إىل الشعر برؤية خمتلفة» (السبيل‪2004 ،‬م‪ ،‬ص‪.)859‬‬ ‫ورأى عبدالعزيز السبيل أنه «بالرغم من أنه يمكن النظر إىل‬
‫قصيدة «خطوة إىل طريق االحتاد» عىل أهنا قصيدة عمودية من‬
‫جملة جامعة تبوك للعلوم اإلنسانية واالجتامعية‪ ،‬ع‪ ،10‬ص ص ‪ ،206-189‬جامعة تبوك (‪1442‬هـ‪2021/‬م)‬
‫‪191‬‬

‫‪-‬يف كث ٍري من مظاهره‪ -‬طقوس العبور اجلماعي اليت‬ ‫جتعل من ثالثية طقوس العبور اليت صاغها أرنولد فان‬
‫‪-‬حسب فيكتور تورنر‪ -‬تصور انتقال جمموعة أشخاص‬ ‫جنب (ت‪1957.‬م) وطبقتها سوزان ستيتكفيتش على‬
‫من مكانة اجتماعية إىل مكانة اجتماعية أخرى‬ ‫إطارا مناسبًا لتحليل قصيدة العواد‬
‫قصيدة املدح القدمية ً‬
‫(ستيتكيفيتش‪1985 ،‬م‪ ،‬ص‪ .)58‬فالشاعر يدعو إىل‬ ‫(خطوة إىل االحتاد العريب)‪ .‬فحسب نظرية أرنولد فان‬
‫انتقال الوطن من مكانة سياسية إىل مكانة سياسية‬ ‫جنب‪:‬‬
‫أخرى‪ .‬وتتكرر اإلشارة إىل مراحل العبور بطريقة غري‬ ‫يتكون كل طقس عبور من ثالثة أجزاء أو ثالث‬
‫مباشرة يف أكثر من موضع من قصيدة العواد‪ ،‬وتعمل‬ ‫مراحل‪ :‬أوالها الفراق (‪ )separation‬أي انقطاع‬
‫هذه اإلشارات املتكررة للوصول إىل اهلدف الذي‬ ‫العابر من مكانته السابقة يف اجملتمع؛ واثنيتها اهلامشية‬
‫دعا له الشاعر يف مراحل حياته املبكرة‪ ،‬واملتمثل يف‬ ‫(‪ ،)marginality‬أي طور انتقال يقضيه العابر على‬
‫البعث واإلحياء والدمج الكبري أو ما وصفته القصيدة بـ‬ ‫هامش اجملتمع‪ ،‬وهي حالة وسط بني املرحلتني السابقة‬
‫«االحتاد» بني األقطار العربية‪.‬‬ ‫والالحقة‪ .‬ويف هذه املرحلة ال ميلك العابر أي مكانة‬
‫وتشتمل الدراسة على جزأين‪ :‬متهيد وحتليل‪،‬‬ ‫اجتماعية معينة‪ ،‬بل يعيش خارج اجملتمع‪ .‬ويؤكد فيكتور‬
‫ويتناول التمهيد بشكل موجز نشأة الشاعر يف احلجاز‪،‬‬ ‫أن العابر يف هذه الفرتة يعيش مرحلة بني‬ ‫نورنر وأتباعه َّ‬
‫واألوضاع السياسية اليت نشأ فيها‪ ،‬واحلكومات والدول‬ ‫بني‪ ،‬أو بعبارة أفصح‪ ،‬يف مرحلة (غري اثبتة وغري معينة)‬
‫اليت عاصرها‪ ،‬واملذاهب الفكرية والسياسية اليت أثرت‬ ‫بني مرحلتني (اثبتتني معينتني)‪ ،‬ولذلك جند َّ‬
‫أن الرموز‬
‫فيه ويف أدبه‪ .‬كما يسلط التمهيد الضوء على السياق‬ ‫املسيطرة على هذا اجلزء من الطقس تعرب عن الغموض‬
‫التارخيي الذي ألّف فيه العواد قصيدته (خطوة إىل‬ ‫وعدم االستقرار (ستيتكيفيتش‪1985 ،‬م‪ ،‬ص‪.)59‬‬
‫االحتاد العريب) ليسرد ويفسر ‪-‬إبجياز‪ -‬مناسبة القصيدة‬ ‫وتصور قصيدة (خطوة إىل االحتاد العريب) العبور‬
‫كما ذكرها العواد يف ديوانه‪ .‬ويشتمل اجلزء الثاين من‬ ‫السياسي للحجاز من املاضي العثماين إىل احلاضر‬
‫حتليل للقصيدة يقوم على تقسيمها يف‬ ‫الدراسة على ٍ‬ ‫مرورا حبكم األشراف بوجه خاص‪ ،‬وحللم‬ ‫السعودي ً‬
‫إطار املراحل الثالث للعبور يف نظرية أرنولد فان جنب‪:‬‬ ‫االستقالل العريب بوجه عام‪ ،‬بطريقة رمزية حتاكي‬
‫االنفصال‪ ،‬واهلامشية‪ ،‬والدمج‪ .‬ويركز هذا اجلزء من‬ ‫اإلطار العام لرموز العبور يف صياغة أرنولد فان جنب‬
‫الدراسة على اإلشارات والرموز املتعلقة ابلعبور السياسي‬ ‫اليت تبدأ مبرحلة االنفصال (‪ )separation‬مث اهلامشية‬
‫للحجاز من احلكم العثماين إىل احلكم السعودي يف‬ ‫(‪ )marginality‬مث الدمج (‪ ،)incorporation‬فاحللم‬
‫قصيدة العواد‪ ،‬وعلى الكشف عن أبعاد ودالالت تلك‬ ‫صغريا يف املاضي عندما‬
‫العريب ‪-‬كما يراه الشاعر‪ -‬بدأ ً‬
‫اإلشارات والرموز‪.‬‬ ‫بدأت فكرة االنفصال عن اخلالفة العثمانية األم‪ ،‬مث بدأ‬
‫التمهيد‪:‬‬ ‫يف التحول والعبور يف املاضي القريب من تلك اخلالفة‬
‫إىل الدولة العربية اليت أسسها الشريف حسني بن علي‬
‫‪ )1‬التعريف ابلشاعر ومذهبه الفكري‪:‬‬
‫(ت‪1931.‬م) يف احلجاز عام ‪1916‬م‪ ،‬قبل أن خيطو‬
‫نشأ حممد حسن عواد (‪1902‬م‪1980-‬م)‬
‫الوطن خطوته األوىل يف مرحلة الدمج على يد املمدوح‬
‫ِ‬
‫يف جدة‪ ،‬وعُ ّي ً‬
‫مدرسا يف مدرسة الفالح بعد خترجه‬
‫امللك عبد العزيز يف عام ‪1925‬م ابحتاد احلجاز وجند‬
‫منها‪ ،‬ويُعد من رواد الشعراء اجملددين يف احلجاز‪ .‬وقد‬
‫وملحقاهتا يف دولة واحدة‪ .‬وحياكي هذا التحول الوطين‬
‫اشتهر العواد مبعاركه الفكرية مع معاصريه من الرافضني‬
‫د‪ .‬مصطفى حممد تقي اهلل بن مايابا ‪ :‬العبور السيايس ورموزه يف قصيدة (خطوة إىل االحتاد العريب) ملحمد حسن عواد‬
‫‪192‬‬

‫مطلع حياته بطريقة غري مباشرة‪ ،‬وذلك يف وصفه للعواد‬ ‫للتجديد‪ ،‬وألّف يف هذا السياق كتابه خواطر مصرحة‬
‫أبنَّه «كان يرتدي الكوفية احلجازية‪ ،‬وبعد تركه العمل‬ ‫يف عام ‪1926‬م؛ ليعرب فيه عن أفكاره التجديدية يف‬
‫يف مدرسة الفالح ‪ ...‬أصبح يرتدي اجلبة والعمامة‬ ‫شؤون احلياة العامة‪ ،‬كما اشتهر مبعاركه األدبية مع‬
‫احلجازية لفرتة قصرية‪ ،‬وبعد انتقاله للعمل يف احلكومة‬ ‫عدد من األدابء أشهرهم محزة شحاتة (ت‪1972.‬م)‪.‬‬
‫ارتدى العباءة العربية والعقال» (مغريب‪1984 ،‬م‪ ،‬ج‪1‬‬ ‫وكان العواد من املتحمسني ألفكار حممود عباس العقاد‬
‫ص‪ ،)149‬وكان العواد ‪-‬مثل كثري من الشعراء العرب‪-‬‬ ‫(ت‪1964.‬م)‪ ،‬وأتثر مبنهجه الفكري واألديب‪ ،‬وتشاهبا‬
‫متفاعل مع التحوالت السياسية اليت شكلت العامل‬ ‫ً‬ ‫يف موقفهما الرافض لشعر عدد من األدابء اإلحيائيني‬
‫العريب بعد احلرب العاملية األوىل حىت ُو ِصف مع الشيخ‬ ‫خصوصا أمحد شوقي (ت‪1932.‬م)‪ .‬والتزم العواد يف‬ ‫ً‬
‫حممد بن عبدهللا بن بليهد (ت‪1957.‬م) أببرز شعراء‬ ‫كثري من قصائده اليت نشرها يف دواوينه آماس وأطالس‬
‫الشعر السياسي يف احلجاز وجند (مغريب‪1984 ،‬م‪،‬‬ ‫والرباعم وحنو كيان جديد‪ ،‬وغريها ابلقضااي اإلنسانية‬
‫ج‪ 1‬ص‪ ،)152‬ولكن العواد خيتلف عن ابن بليهد‬ ‫واالجتماعية والسياسية اليت كان يؤمن هبا (أابظة واملاحل‪،‬‬
‫يف انفتاحه على التيارات الفكرية األوروبية اليت أثرت‬ ‫‪1999‬م‪ ،‬ص‪ .)230‬وقد عاصر العواد مرحلة اترخيية‬
‫يف العامل العريب يف القرن التاسع عشر ومطلع القرن‬ ‫مرت هبا منطقة احلجاز يف مطلع القرن العشرين اتسمت‬
‫العشرين‪ ،‬ويف مقدمتها التياران الرومانسي والقومي‪.‬‬ ‫ابالضطراابت السياسية اليت أثرت يف جوانب احلياة‬
‫كان االجتاه الرومانسي من أقوى االجتاهات اليت‬ ‫الدينية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية واألدبية‪.‬‬
‫ازدهرت يف القرنني الثامن عشر والتاسع عشر‪ ،‬ووظف‬ ‫مر احلجاز يف املرحلة املبكرة من حياة العواد‬ ‫فقد َّ‬
‫أتباع ذلك االجتاه اخليال والرمز اللذين مينحان الشاعر‬ ‫بثالث دول‪ )1( :‬الدولة العثمانية؛ حيث ُولِد العواد‬
‫بعيدا‬
‫حرية التعبري عن العواطف والتجارب اإلنسانية ً‬ ‫يف عام ‪1902‬م وهي فرتة هناية السيطرة العثمانية‬
‫عن قيود الكالسيكية‪ ،‬كما مترد الرومانسيون على القيود‬ ‫على احلجاز قبل أن يثور الشريف حسني على‬
‫الشكلية من مثل الوزن والقافية‪ .‬وعلى الرغم من انتشار‬ ‫العثمانيني يف عهد اخلليفة العثماين حممد رشاد اخلامس‬
‫االجتاه الرومانسي بني األدابء العرب وأتثريه يف شعر‬ ‫(ت‪1918.‬م)‪ ،‬و(‪ )2‬دولة األشراف؛ حيث بدأت‬
‫كثري من شعراء املشرق واملهجر َّ‬
‫فإن أتثريه ‪-‬كغريه من‬ ‫من ثورة الشريف حسني بن علي على العثمانيني يف‬
‫االجتاهات األدبية اليت انتشرت يف القرنني التاسع عشر‬ ‫عام ‪1916‬م عندما كان العواد يف سن البلوغ‪ ،‬مث يف‬
‫حمدودا‬
‫ً‬ ‫والعشرين‪ -‬يف شعر أدابء اجلزيرة العربية بقي‬ ‫يف حسني ابنُه الشريف علي‬ ‫عام ‪1924‬م خلَف الشر َ‬
‫ابستثناء ثلة من األدابء ‪-‬يف مقدمتهم حممد حسن‬ ‫(ت‪1935.‬م) الذي كان آخر احلكام األشراف يف‬
‫عواد (مغريب‪1984 ،‬م‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ -)155‬الذين أتثروا‬ ‫احلجاز‪ ،‬و(‪ )3‬الدولة السعودية؛ حيث انتهت سيطرة‬
‫ابالجتاه الرومانسي من خالل أتثرهم أبتباع مدرسيت‬ ‫األشراف على منطقة احلجاز بدخوهلا حتت احلكم‬
‫الديوان وأبولو (محد‪2017 ،‬م‪ ،‬ص‪.)73‬‬ ‫السعودي يف عام ‪1925‬م‪ ،‬وذلك بعد أن بلغ العواد‬
‫وقد أتثر العواد كذلك يف املراحل األوىل من حياته‬ ‫مقيما يف احلجاز حىت وفاته‬‫سن الثالثة والعشرين‪ ،‬وبقي ً‬
‫ابلفكر القومي الذي سيطر على كثري من الشعوب يف‬ ‫عام ‪1980‬م‪ .‬ويف هذا السياق‪ ،‬أشار تلميذ العواد يف‬
‫هناية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين‪ ،‬وهي‬ ‫مدرسة الفالح حممد علي مغريب (ت‪1996.‬م) إىل‬
‫املرحلة اليت ُو ِصفت بـ «عصر القوميات» (احلسين‪،‬‬ ‫مر هبا أستاذه يف‬ ‫التحوالت النفسية واالجتماعية اليت ّ‬
‫جملة جامعة تبوك للعلوم اإلنسانية واالجتامعية‪ ،‬ع‪ ،10‬ص ص ‪ ،206-189‬جامعة تبوك (‪1442‬هـ‪2021/‬م)‬
‫‪193‬‬

‫أن عالقة العواد مبرحلة ثورة‬‫احلاضرة» قد يشري إىل َّ‬ ‫‪2012‬م‪ ،‬ص‪ .)64‬وقد تسببت احلرب العاملية األوىل يف‬
‫احلجاز ضد العثمانيني مل تكن عالقة سلبية‪ ،‬بل كان‬ ‫انتشار ذلك الفكر القومي‪« ،‬ومتخضت[تلك احلرب]‬
‫ينظر إىل تلك النهضة على أنه أمل مت وأده‪ ،‬وجاء امللك‬ ‫عن بروز تيارين مهمني يف األدب العريب احلديث مها‪:‬‬
‫عبدالعزيز ليعيد إحياءه من جديد‪ ،‬واستطاع امللك أن‬ ‫[نقالً عن عمر الدقاق] التيار الوجداين‪ ،‬والتيار القومي‬
‫يوسع رقعة ‪-‬ما أطلق عليه العواد‪« -‬الفكرة الوطنية»‬‫ِ‬ ‫االجتماعي‪ ،‬وقد كاان يسريان متصاحبني متوازنني‪،‬‬
‫ّ‬
‫لتشمل جند وملحقاهتا وأطراف اجلزيرة بعد أن كانت‬ ‫أحيان» (الضمور‪2018 ،‬م‪،‬‬ ‫يتعانقان حينًا‪ ،‬ويتجافيان ً‬
‫حمصورة يف احلجاز‪.‬‬ ‫ص‪ .)30‬وظهر جليًا أتثر العواد ابالجتاهني الرومانسي‬
‫وقد خالف العواد يف أترخيه لدخول جدة يف احلكم‬ ‫والقومي يف قصيدته (خطوة إىل االحتاد العريب)‪.‬‬
‫السعودي أبنه كان يف سنة ‪1343‬هـ ‪1924‬م ما ذكره‬ ‫‪ )2‬السياق التارخيي لقصيدة (خطوة إىل االحتاد‬
‫املؤرخون من أن جدة وبقية مناطق احلجاز دخلت‬ ‫العريب)‪:‬‬
‫حتت احلكم السعودي يف هناية عام ‪1925‬م‪ ،‬وقد‬ ‫مقدما لقصيدته يف ديوانه الرباعم‪:‬‬
‫يقول العواد ً‬
‫جاء يف خامتة نص اتفاقية جدة أهنا ُوقّعت «اخلميس‬ ‫يف سنة ‪1343‬هـ ‪1924‬م انتهت األزمة الوطنية اليت‬
‫يف ‪ 1‬مجادى الثانية سنة ‪ 1344‬املوافق ‪ 17‬ديسمرب‬ ‫نشأت يف عهد االنتقال بني احلكومة الذاهبة واحلكومة‬
‫فسر‬
‫‪1925‬م» (الرحياين‪1954 ،‬م‪ ،‬ص‪ .)411‬وقد يُ َّ‬ ‫احلاضرة ابحتاد احلجاز وجند يف حكم مستقر هو حكم‬
‫هذا االختالف بني التاريخ الذي ذكره العواد والتاريخ‬ ‫صاحب اجلاللة امللك عبدالعزيز آل سعود أدامه هللا‪،‬‬
‫نصت عليه اتفاقية جدة أبن التاريخ الدقيق قد‬ ‫الذي ّ‬ ‫فاتسعت رقعة الفكرة الوطنية اليت كنّا نتمثلها يف احلجاز‬
‫التبس على العواد‪ ،‬أو أنه قد كتب قصيدته يف مرحلتني‪:‬‬ ‫وحده‪ ،‬فحققها جاللته بضم جند وملحقاهتا وأطراف‬
‫مرحلة ما قبل دخول احلجاز يف احلكم السعودي‪ ،‬وقد‬ ‫اجلزيرة يف دولة واحدة هي اآلن الدولة العربية السعودية‪.‬‬
‫يكون َكتب املقاطع اخلمس األوىل (جزأي االنفصال‬ ‫أن هذا النجم البادي يشري إىل كوكب‬ ‫ورأى الشاعر َّ‬
‫واهلامشية) يف تلك املرحلة‪ ،‬قبل أن يُضيف املقطعني‬ ‫أكرب وأنه نواة للدولة العربية الكربى (عواد‪1978 ،‬م‪،‬‬
‫األخريين بعد احتاد جند واحلجاز يف األايم األخرية من‬ ‫ج‪ 1‬ص‪.)139‬‬
‫عام ‪1925‬م‪ .‬ويف ضوء هذا االحتمال‪ ،‬فقد يكون‬ ‫تتضمن مناسبة النص ‪-‬كما سردها العواد‪ -‬جانبني‪:‬‬
‫العواد أضاف قصيدة (خطوة إىل االحتاد العريب) بعد‬ ‫ويؤدي اجلانب التارخيي وظيفة حتديد‬ ‫ِ‬
‫اترخيي وأتويلي‪ّ .‬‬
‫إكماهلا إىل ديوانه الرباعم الذي هو «تكملة للديوان‬ ‫زمن كتابة النص؛ حيث ُكتب «يف سنة ‪1343‬هـ‬
‫األول اآلماس‪ ،‬وشعر الديوانني كليهما من اإلنتاج‬ ‫‪[ 1924‬عندما] انتهت األزمة الوطنية اليت نشأت يف‬
‫الذي نظمه الشاعر فيما بني عامي ‪ 1916‬و‪»1925‬‬ ‫عهد االنتقال بني احلكومة الذاهبة واحلكومة احلاضرة‬
‫(أبو بكر‪1977 ،‬م‪ ،‬ص‪ .)218‬ويف وصف العواد‬ ‫ابحتاد احلجاز وجند يف حكم مستقر‪ ،‬هو حكم صاحب‬
‫لدولة امللك عبدالعزيز أبهنا «هي اآلن الدولة العربية‬ ‫اجلاللة امللك عبدالعزيز آل سعود أدامه هللا»‪ .‬وعلى‬
‫السعودية» داللة على أن العواد كتب هذه املقدمة اليت‬ ‫الرغم من الوظيفة التارخيية هلذا اجلزء من النص َّ‬
‫فإن‬
‫يسرد فيها مناسبة القصيدة بعد إكماله النص الشعري‬ ‫استخدام الشاعر أللفاظ من مثل‪« :‬عهد االنتقال»‬
‫بفرتة قد متتد إىل سنوات؛ َّ‬
‫ألن تسمية الدولة السعودية‬ ‫و«األزمة الوطنية» و«احلكومة الذاهبة واحلكومة‬
‫بـ «اململكة [أو الدولة] العربية السعودية» صدرت‬
‫د‪ .‬مصطفى حممد تقي اهلل بن مايابا ‪ :‬العبور السيايس ورموزه يف قصيدة (خطوة إىل االحتاد العريب) ملحمد حسن عواد‬
‫‪194‬‬

‫االجتاه قراءة القصيدة يف ضوء صياغة أرنولد فان جنب‬ ‫أبمر من امللك عبدالعزيز يف عام ‪1932‬م (املرزوقي‪،‬‬
‫لطقوس العبور؛ حيث تتوحد القصيدة كذلك ‪-‬يف‬ ‫‪2004‬م‪ ،‬ص‪ ،)28‬وقد صرح العواد أبنه ألّف قصيدته‬
‫املستوى العميق‪ -‬حتت موضوع واحد يرتبط ابملديح‪،‬‬ ‫وديوانه الرباعم يف مرحلة اترخيية سابقة (عواد‪1978 ،‬م‪،‬‬
‫وهو موضوع البحث عن حتقيق حلم الوحدة العربية‬ ‫ج‪ 1‬ص‪.)17‬‬
‫حتت راية املمدوح امللك عبدالعزيز‪ .‬ويف هذا املستوى‬ ‫َّأما اجلانب التأويلي يف نص العواد النثري واملتمثل‬
‫قسم القصيدة مبقاطعها السبع ‪-‬يف ضوء ثالثية طقوس‬ ‫تُ ّ‬ ‫يف قوله «ورأى الشاعر أن هذا النجم البادي يشري إىل‬
‫العبور‪ -‬إىل ثالثة أقسام تبدأ ابالنفصال (املقطع ‪ )1‬مث‬ ‫كوكب أكرب‪ ،‬وأنه نواة للدولة العربية الكربى»‪ ،‬فيقوم‬
‫اهلامشية (املقاطع ‪ )5-2‬مث الدمج (املقطعان ‪.)7-6‬‬ ‫بدور توجيه القراءة وحتديد معاين الوطن والرموز املرتبطة‬
‫‪ )1‬مرحلة االنفصال (املقطع ‪:)1‬‬ ‫به يف القصيدة من مثل‪ :‬النجم والسها والرحلة‪ .‬ويف هذا‬
‫بُنيت القصيدة على ثنائية الشاعر والوطن‪ ،‬ويفتتح‬ ‫السياق‪ ،‬يتمثَل دور النص النثري يف ملء ‪-‬ما أطلق عليه‬
‫الشاعر قصيدته أبسلوب االستعارة املكنية ليخاطب‬ ‫آيزر‪ -‬الفجوات (خضر‪1997 ،‬م‪ ،‬ص‪ )147‬داخل‬
‫الوطن اجلريح الذي يبكي من أمل املاضي‪ ،‬ويدعوه إىل‬ ‫النص الشعري حىت حيسم القارئ اختياراته‪ ،‬ويصل إىل‬
‫قائل‪:‬‬
‫التحول من البكاء إىل االبتسامة واألمل ً‬ ‫املعىن الذي يريده الشاعر‪ .‬وتتحول العالقة بني نصي‬
‫العواد النثري والشعري ‪-‬يف ضوء مصطلحات جينت‬
‫‪ -1‬لقد آن أن تستحيل املدامع اي موطين‬
‫للعالقة بني النصوص (يقطني‪2001 ،‬م‪ ،‬ص‪ -)97‬إىل‬
‫إىل بسمات وضياء‬
‫عالقة بني نص سابق (‪ )hypotexte‬شعري ونص‬
‫وأشياء مل تعلن‬ ‫الحق (‪ )hypertexte‬نثري يقوم بدور تفسري رموز‬
‫وأن تتقوى بعزم‬ ‫النص الشعري‪ .‬وقراءة النص الشعري يف ضوء النص‬
‫النثري ستحول ذلك النص الشعري بكل أجزائه إىل‬
‫كرهت له أن يين‬
‫ألن رموز النجم والسها ستدل مباشرة‬ ‫قصيدة مدح؛ َّ‬
‫وتدفع شبانك الطاحمني إىل املعليات‬ ‫على امللك عبدالعزيز‪ ،‬وحديث الشاعر عن الوطن‬
‫لتنعش روح األمل‬ ‫سيفسر يف سياق توسع الدولة السعودية وطموح الشاعر‬ ‫َّ‬
‫يف أن يستمر ذلك التوسع ليشمل كل الوطن العريب‪.‬‬
‫مل يصرح العواد يف قصيدته حبدود الوطن الذي‬ ‫ومن هنا‪َّ ،‬‬
‫فإن تفسري القصيدة ورموزها بعد قراءة املناسبة‬
‫خياطبه‪ ،‬فقد يكون الوطن هو احلجاز الذي نشأ فيه‬ ‫اليت سردها العواد يتداخل فيه النثري والشعري‪ ،‬ويكون‬
‫وانتمى إليه‪ ،‬كما قد يكون الشاعر يشري إىل احلجاز‬ ‫وقارئ يف الوقت ذاته‪.‬‬
‫فيه العواد مؤل ًفا ً‬
‫وجند وملحقاهتا بعد أن وحدها امللك عبدالعزيز يف دولة‬
‫واحدة‪ .‬ولكن العواد حدَّد حدود الوطن الذي حيلم به‬ ‫حتليل قصيدة (خطوة إىل االحتاد العريب)‪:‬‬
‫َّ‬
‫إن قراءة القصيدة دون االعتماد على املناسبة اليت‬
‫يف قصيدة أخرى يقول فيها‪:‬‬
‫عرب اجلزيرة كم تكون سعيدة‬ ‫قدمها العواد ستكون قراءة حرة تضع القارئ أمام‬
‫هذي احلياة بوحدة األبعاد‬ ‫النص مباشرة ليفسر النص بطريقته‪ ،‬ويف هذه القراءة‬
‫تتوحد األشتات يف جمموعها‬ ‫تتعدد تفسريات القراء لرموز النص‪ .‬وميكن يف هذا‬
‫ويعزز اجملموع ابإلفراد‬
‫جملة جامعة تبوك للعلوم اإلنسانية واالجتامعية‪ ،‬ع‪ ،10‬ص ص ‪ ،206-189‬جامعة تبوك (‪1442‬هـ‪2021/‬م)‬
‫‪195‬‬

‫أن بكاء‬ ‫هذه القصيدة ويف مطلع القصيدة القدمية َّ‬ ‫فيقوم من بردى إىل صنعائها‬
‫الشاعر القدمي على الطلل كان من أمل فراق احملبوبة‪ ،‬يف‬ ‫أمل يرن صداه يف األبعاد‬
‫حني يبكي الوطن يف مطلع قصيدة العواد من أمل البقاء‬ ‫ومن القصيم إىل رىب غرانطة‬
‫مأسورا يسيطر عليه اليأس‪.‬‬
‫ً‬ ‫تبىن احلياة عميقة األواتد‬
‫ال تتضمن قصيدة العواد أي إشارة مباشرة إىل‬ ‫(املصري‪1979 ،‬م‪ ،‬ص ‪.)35‬‬
‫مرحلة انفصال احلجاز عن احلكم العثماين؛ ولكن‬ ‫فحدود الوطن عند العواد تتجاوز احلجاز وجند‬
‫حديث الشاعر عن احللم العريب وعن أمله يف استقالل‬ ‫واجلزيرة العربية‪ .‬وقد الحظ عبد الرحيم أبو بكر ‪-‬بعد‬
‫العرب يف اجلزأين الثاين والثالث من القصيدة يشري‬ ‫سرده ملختارات من الشعر ذي النزعة الوطنية عند بعض‬
‫‪-‬بطريقة غري مباشرة‪ -‬إىل رفضه احلكم العثماين‪ ،‬وكل‬ ‫أدابء احلجاز يف مطلع القرن العشرين‪َّ -‬‬
‫أن الوطنية‬
‫إشارة مباشرة أو غري مباشرة للحكم العريب للحجاز يف‬ ‫عند أولئك الشعراء «مل تكن حمدودة برقعة معينة من‬
‫القصيدة تستدعي ‪-‬مبفهوم املخالفة‪ -‬الدولة العثمانية‬ ‫األرض؛ ولكنها تشمل الوطن العريب كله يف خمتلف‬
‫اليت كانت تسيطر على احلجاز وتقاوم فكرة انفصاله‪،‬‬ ‫أقطاره ودايره» (أبو بكر‪1977 ،‬م‪ ،‬ص‪ ،)163‬وعلى‬
‫ويفتتح الشاعر قصيدته بـ «قد» املقرونة ابلالم متبوعة‬ ‫شكل و‪-‬إىل ح ٍّد‬
‫الرغم من اختالف قصيدة العواد ً‬
‫أن حلظة االنفصال عن‬ ‫ابلفعل «آن»؛ ليؤكد على َّ‬ ‫مضمون عن قصيدة املدح التقليدية فإهنا تشرتك‬
‫ً‬ ‫كبري‪-‬‬
‫املاضي املؤمل مبا يشمله من ثورة فاشلة رمز له الشاعر‬ ‫مع تلك القصيدة يف بعض عناصر أقسام القصيدة‬
‫بـ «الدموع» واالنطالق حنو املستقبل املشرق املرموز له‬ ‫الثالثة‪ :‬الطلل والرحيل واملديح‪.‬‬
‫بـ «البسمات والضياء» و «أشياء مل تعلن» قد أتت‪،‬‬ ‫تتضمن املقاطع األوىل من قصيدة العواد بعض‬
‫وعلى الوطن أن يستعد للتغيري‪.‬‬ ‫عناصر قسمي الطلل والرحيل يف القصيدة القدمية‪،‬‬
‫إن املتأمل يف قصيدة العواد جيدها مبنية على‬ ‫َّ‬ ‫وذلك بعد أن ينفصل الشاعر عن ماضيه يف الوطن‬
‫عنصري اإلماتة (الغفلة والكسل) مث اإلحياء واإلنعاش‬ ‫املفقود ويرحل يف الليل البهيم يقطع الصحراء ويراقب‬
‫أو البعث‪ ،‬ويف أكثر مقاطع القصيدة حتدث هذه الدورة‬ ‫النجوم يف الظالم الدامس‪ ،‬قبل أن تنتهي تلك الرحلة‬
‫اليت تبدأ ابإلفاقة من اإلماتة ‪-‬كما يف العبارة املكررة‬ ‫ببلوغ الغاية والتحول إىل احلديث عن الغرض الرئيس من‬
‫يف مطلع املقطعني الثاين والثالث «أفق واستمع»‪ -‬مث‬ ‫القصيدة‪ .‬وتستدعي هذه الصورة يف املقطع االفتتاحي‬
‫الدعوة إىل العمل واألمل‪ .‬ويوجه الشاعر ‪-‬يف هذا‬ ‫لقصيدة العواد ‪-‬بطريقة غري مباشرة‪ -‬صورة مشاهبة‬
‫املقطع االفتتاحي‪ -‬خطابه إىل الوطن ليستعد لرحلة‬ ‫للشاعر العريب القدمي وهو يبكي الطلل الذي ميثل‬
‫طويلة‪ ،‬وأن يتقوى بعزم ال يلني‪ ،‬وأن يدفع الشباب‬ ‫وطنه الذي نشأ فيه مع أحبته وأصدقائه‪ ،‬وينتهي بكاء‬
‫العريب الطموح لريفعوا مهمهم كي يتحقق األمل الذي‬ ‫الشاعر يف اللحظة اليت يقرر فيها أن يتجاوز ماضيه‬
‫يرنو إليه الشاعر‪،‬وليتحقق ذلك األمل وتستحيل املدامع‬ ‫ويرحل يف الصحراء والفيايف حبثًا عن مستقبل أفضل‪.‬‬
‫اليت ترمز إىل املاضي املؤمل إىل بسمات يف املستقبل‬ ‫والعنصر األهم الذي يدفع الشاعر ‪-‬غالبًا‪ -‬إىل التحول‬
‫ويتحول الظالم يف احلاضر إىل ضياء فعلى الوطن أن‬ ‫من البكاء إىل الرحيل يف القصيدة القدمية هو العزم‪،‬‬
‫ينفصل عن الواقع ومير برحلة طويلة‪ ،‬تبدأ إبنعاش روح‬ ‫وهو القوة ذاهتا اليت تدفع الوطن إىل العبور حنو املستقبل‬
‫األمل والعبور من الواقع املظلم إىل مستقبل مضيء‪.‬‬ ‫املشرق يف قصيدة العواد‪ .‬والفرق بني البكاء يف مطلع‬
‫د‪ .‬مصطفى حممد تقي اهلل بن مايابا ‪ :‬العبور السيايس ورموزه يف قصيدة (خطوة إىل االحتاد العريب) ملحمد حسن عواد‬
‫‪196‬‬

‫القصائد التقليدية من جهة أخرى‪ ،‬يتمثل يف سيطرة‬


‫الغموض واالضطراب على نفسية العابر يف القصيدة‬ ‫‪ )2‬مرحلة اهلامشية (املقاطع ‪:)5-2‬‬
‫التقليدية‪ ،‬بينما يتالشى ذلك الغموض يف قصيدة العواد‬
‫حياكي هذا اجلزء من القصيدة يف بعض عناصره‬
‫بوجه عام‪ ،‬وهذا املقطع الثاين بوجه خاص؛ َّ‬
‫ألن أشعة‬
‫قسم الرحيل يف قصيدة املدح التقليدية الذي يصور فيه‬
‫النجم الذي يبدو ككوكب السها و«يسري كبدر يشق‬
‫وحيدا وسط الصحراء يف الظالم الدامس؛‬ ‫الشاعر رحلته ً‬
‫الغيوم» سوف تضيء ليل الوطن وتقوده مسريته إىل‬
‫ليعب عن معاانته والتحدايت اليت واجهته يف طريقه‬ ‫ّ‬
‫التحول الناجح‪ .‬وقد عكس هذا املقطع جانبًا من‬
‫إىل املمدوح‪ .‬وهذا العبور يف القصيدة التقليدية يشبه‬
‫مر به الشاعر يف مرحلة كتابة‬ ‫التحول النفسي الذي َّ‬ ‫‪-‬كما تالحظ ستيتكفيتش‪ -‬املرحلة الثانية واحلرجة من‬
‫القصيدة‪.‬‬
‫مراحل طقوس العبور وهي مرحلة اهلامشية اليت «مير هبا‬
‫حتمل رموز الطبيعة اليت تشمل‪ :‬النجم والسها‬
‫اخلارج على اجلماعة فينفرط عقده معها‪ ،‬ويكون فيها‬
‫والبدر (املقطع ‪ )2‬والبحار واألهنار (املقطع ‪ )3‬واجلبل‬
‫العابر على هامش اجملتمع‪ .‬ويف هذه املرحلة اليت تقع‬
‫(املقطع ‪ )4‬يف هذا اجلزء من القصيدة دالالت نفسية‬
‫بني مرحلتني تكون الرموز املسيطرة على هذا اجلزء من‬
‫تضاف إىل دالالهتا الشعرية‪ .‬فالطبيعة بنجومها وحبارها‬
‫الطقس تعرب عن الغموض وعدم االستقرار‪ ،‬كما تشري‬
‫وأهنارها تقف جبانب الوطن وتتحد مع الثقافة واإلنسان‬
‫إىل سلوك غري اجتماعي أو ضد اجملتمع‪ ،‬على سبيل‬
‫كي تنجح رحلة الوطن‪ ،‬فالنجم يضيء طريق الوطن‪،‬‬
‫املثال‪ :‬القفر والصحراء‪ ،‬الليل والظالم» (ستيتكيفيتش‪،‬‬
‫درسا يف الشموخ‪ ،‬والبحار تتآلف‬ ‫واجلبل يعطي الوطن ً‬ ‫‪1985‬م‪ ،‬ص‪ ،)59‬وبطريقة مشاهبة‪ ،‬تسيطر على‬
‫ليتحقق حلم الشاعر وينجح الوطن يف العبور حنو االحتاد‬
‫العبور ‪-‬يف املقطع الثاين‪ -‬رموز اهلامشية املرتبطة ابلليل‬
‫والدمج‪ .‬وقد وصف ليفي شرتاوس ‪-‬أبسلوب استعاري‪-‬‬
‫البهيم من مثل‪ :‬الظالم والنجوم والكواكب والبدر‪،‬‬
‫هذه العالقة اجلدلية بني الطبيعة واحلضارة ابلعالقة بني‬
‫وذلك يف قول الشاعر‪:‬‬
‫«الينء والناضج» (ستيتكيفيتش‪1985 ،‬م‪ ،‬ص‪.)61‬‬
‫‪ -2‬أفق واستمع‪،‬‬
‫«إن اللحم الينء ليس‬‫وتفسر ذلك ستيتكفيتش بقوهلا‪َّ :‬‬
‫مث ألق هبا نظرة للنجوم‬
‫مالئما لألكل حىت يتحول بعملية بشرية حضارية ‪-‬أي‬ ‫ً‬ ‫تريك أشعة جنم‬
‫الطبخ‪ -‬من مادة طبيعية خام إىل مصنوع حضاري‬
‫يضيء بليل هبيم‬
‫قابل لألكل» (ستيتكيفيتش‪1985 ،‬م‪ ،‬ص‪ .)61‬ويف‬
‫بدا كالسها‬
‫هذا اجلزء من قصيدة العواد تسري العالقة بني الطبيعة‬
‫وسيسري‬
‫واحلضارة اليت ميثلها اإلنسان والوطن يف اجتاه خمتلف‪،‬‬
‫كبدر يشق الغيوم‬
‫فالطبيعة بعناصرها تتدخل وتساعد الوطن ليكمل عبوره‬
‫حتما‬
‫يقود مسريك ً‬
‫ويصل إىل مرحلة النضج‪.‬‬
‫إىل عزة يف احلياة‬
‫وقد وصف العواد الشعور الذي سيطر على اإلنسان‬
‫متوجة ابلعمل‬
‫العريب جتاه أخيه العريب واحلال اليت كانت عليها األقطار‬
‫والفرق بني رموز اهلامشية يف رحلة الوطن كما‬
‫العربية يف املرحلة التارخيية اليت كتب فيها قصيدته حبالة‬
‫يصورها هذا املقطع من جهة‪ ،‬والرموز ذاهتا يف كثري من‬
‫مسيطرا على العرب‬
‫ً‬ ‫«التآلف» بعد أن كان «اجلفاء»‬
‫جملة جامعة تبوك للعلوم اإلنسانية واالجتامعية‪ ،‬ع‪ ،10‬ص ص ‪ ،206-189‬جامعة تبوك (‪1442‬هـ‪2021/‬م)‬
‫‪197‬‬

‫عب عدد منهم عن إحباطه‬ ‫‪1966‬م‪ ،‬ص‪ -)87‬الذين ّ‬ ‫يف املاضي‪ ،‬وولِد هذا التآلف من رحم فكرة االنفصال‬
‫من فشل العبور من احلكم العثماين إىل االستقالل يف‬ ‫عن احلكم األجنيب‪ ،‬ويصور ذلك يف املقطع الثالث من‬
‫دولة موحدة؛ ولكن املقطع الثالث من قصيدة العواد‬ ‫قصيدته خماطبًا الوطن‪:‬‬
‫يعكس إميان الشاعر بنجاح احللم العريب يف االستقالل‪،‬‬ ‫‪ -3‬أفق واستمع‪:‬‬
‫أمل‬
‫ورؤيته يف ذلك النجم الذي يضيء طريق الوطن ً‬ ‫ما تقول البحار على شاطئيك‬
‫الشاعر يف هذا املقطع‬
‫ُ‬ ‫يف جناح العبور؛ حيث خياطب‬ ‫آتلف بعد اجلفاء‬
‫الوطن العابر‪ ،‬ويكرر دعوته له أن يفيق ويستمع ملا تقوله‬
‫َ‬ ‫بنوك على ضفتيك‬
‫الوطن العابر‬
‫األرض العربية من البحر إىل اخلليج‪ ،‬ويدعو َ‬ ‫فهلّل هلذا اإلخاء‬
‫إىل أن يهلّل هلذه اللحظة التارخيية ويؤيّدها؛ َّ‬
‫ألن هذه‬ ‫وأيِّده يف جانبيك‬
‫الفرصة الساحنة هي اليت ستُبعد عنه ما وصفه الشاعر‬ ‫فكم ذا أرى من رجاء‪ ،‬وكائن أرى الساحنات‬
‫يف هناية املقطع بـ«الفشل» يف حتقيق حلم االستقالل‪.‬‬ ‫تباعد عنك الفشل‬
‫ويعكس هذا اجلزء من القصيدة ‪-‬إضافة إىل اجلزء‬ ‫إن الرسالة اليت يوصلها هذا املقطع ترتكز على‬ ‫َّ‬
‫الذي قبله‪ -‬حالة التحول النفسي اليت تسيطر على‬ ‫التفاؤل بنجاح العرب يف العبور من احلكم العثماين إىل‬
‫الشاعر بعد أن كان من الشعراء املتحمسني للشريف‬ ‫االستقالل وأتسيس دولة جتمعهم أسوة بكثري من األمم‬
‫أمل يف إحياء‬‫علي مث رأى يف خصمه امللك عبدالعزيز ً‬ ‫األخرى‪ ،‬وهي رسالة ختالف واقع العرب يف تلك املرحلة‪،‬‬
‫وعب عنه من خالل‬ ‫احللم الوطين الذي كان يبحث عنه‪ّ ،‬‬ ‫فقد كان العثمانيون حيكمون العامل العريب لقرون متتالية‪،‬‬
‫‪-‬أول‪-‬‬
‫ندائه للوطن يف مطلع املقطع الثاين أبن يفيق ً‬ ‫ويف مطلع العقد الثاين من القرن العشرين كانت النزعة‬
‫من حالة الغيبوبة اليت يعيشها مث يستمع ‪-‬اثنيًا‪ -‬لنداء‬ ‫القومية الرتكية ضد العرب متغلغلة يف الدولة العثمانية‬
‫الشاعر وذلك يف قوله‪« :‬أفق واستمع» قبل أن يرفع‬ ‫(عبد الرمحن‪2006 ،‬م‪ ،‬ص‪ ،)117‬يُضاف إىل ذلك‬
‫نظره إىل السماء ‪-‬بعد ذلك‪ -‬ويرى «أشعة جنم يضيء‬ ‫أنه مع بداية احلرب العاملية األوىل (‪1914‬م‪1918-‬م)‬
‫الوطن يف عبوره إىل‬
‫َ‬ ‫النجم‬
‫ُ‬ ‫بليل هبيم»‪ ،‬ليقود ذلك‬ ‫بدأ االحتالل األورويب ‪-‬السيما الربيطاين‪ -‬يتمدد يف‬
‫املستقبل‪ .‬وإذا مل يفق الوطن فلن يسمع نداء الشاعر‪،‬‬ ‫البلدان العربية‪ ،‬وأصبح العرب بني مطرقة احلكم القومي‬
‫وإذا مل يسمع النداء فلن يرى النجم املضيء‪ ،‬وإذا مل‬ ‫العثماين واالستعمار األجنيب األورويب‪.‬‬
‫َير النجم املضيء فلن يهتدي يف رحلة العبور وسيبقى‬ ‫فقد كتب العواد قصيدته يف مرحلة الثورات العربية‬
‫اتئها يف الليل البهيم‪ .‬ويف تكرار الشاعر لعبارة «أفق‬‫ً‬ ‫اليت دعت الستقالل األقطار العربية‪ ،‬وذلك عندما‬
‫واستمع» يف مطلع املقطعني الثاين والثالث داللة على‬ ‫«ظهرت يف ظل حالة اليأس العربية العديد من الثورات‬
‫مصر‬
‫أنه مل يستسلم نفسيًا الحتمالية فشل العبور‪ ،‬وأنه ٌّ‬ ‫يف مصر عام ‪1919‬م‪ ،‬ويف العراق عام ‪1920‬م ثورة‬
‫على البقاء واملقاومة‪.‬‬ ‫العشرين‪ ،‬ويف سوراي وفلسطني ‪1919/1920‬م‪ ،‬ويف‬
‫ويرسم املقطع الرابع من القصيدة صورة للوطن‬ ‫املغرب األقصى ‪1921‬م يف حماولة ملواجهة االحتالل‬
‫العابر من املاضي إىل احلاضر واملستقبل‪:‬‬ ‫واالنتداب والتقسيم» (الزيدي‪2014 ،‎‬م‪ ،‬ص‪.)299‬‬
‫‪ -4‬لقد كنت فيما مضى‬ ‫وقد انعكست حالة اليأس على عدد من الشعراء‬
‫صغريا فحسب‬
‫كيان ً‬ ‫ً‬ ‫‪-‬من مثل الشاعر اللبناين أبو الفضل الوليد (مريدن‪،‬‬
‫د‪ .‬مصطفى حممد تقي اهلل بن مايابا ‪ :‬العبور السيايس ورموزه يف قصيدة (خطوة إىل االحتاد العريب) ملحمد حسن عواد‬
‫‪198‬‬

‫على العكس من ذلك‪ ،‬حالة مستقرة يدخلها العابر وال‬ ‫وها أنت ذا اآلن متضي‬
‫خيرج منها» (ستيتكيفيتش‪1985 ،‬م‪ ،‬ص‪ .)60‬فقد‬ ‫إىل مظهر يشرئب‬
‫خرج الوطن من مرحلة الطفولة‪ ،‬وال ميكن أن يعود‬ ‫مظهرا للجناة‬
‫فكن ً‬
‫إليها‪ ،‬وأمامه مصريان‪ :‬الفناء يف حال االستسالم لواقع‬ ‫وكن جنة للبناة‬
‫الضعف وعدم النضج‪ ،‬أو البقاء بعد أن يكمل طريقه‬ ‫وكن شاخمًا كاجلبل‬
‫إىل النضج واالستقرار‪ .‬وعلى الرغم من روح التفاؤل‬ ‫ويفتتح الشاعر هذا املقطع ابلتأمل يف حال الوطن‬
‫اليت تسيطر على املقاطع األربعة األوىل يف جناح العبور‬ ‫خالل األزمنة الثالث‪ :‬املاضي‪ ،‬واحلاضر‪ ،‬واملستقبل‪.‬‬
‫والتحول السياسي من احلكم العثماين إىل االستقالل‬ ‫فيصور موطنه احلجاز يف املاضي بصورة الكيان الصغري‬ ‫َّ‬
‫فإن جناح ذلك التحول ‪-‬كما يصور املقطع اخلامس‪-‬‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫صغريا»‪ ،‬ويؤّكد‬
‫كيان ً‬ ‫يف قوله‪« :‬لقد كنت فيما مضى ً‬
‫مشروط بتحقق ‪-‬ما ميكن وصفه بـ‪-‬التحول الفكري‪.‬‬ ‫الشاعر ذلك الوصف بقوله «فحسبـ«‪ .‬مث حتول إىل‬
‫إن التحول الفكري والعبور من أسلوب التفكري يف‬ ‫َّ‬ ‫مستخدما الفعلني املضارعني «متضي»‬ ‫ً‬ ‫وصف احلاضر‬
‫مرحلة ما قبل العبور حنو االستقالل إىل التفكري املعاصر‬ ‫و«يشرئبـ«؛ ليصور حال الوطن وخياطبه بقوله‪« :‬وها‬
‫الذي سيدفع الوطن إىل األمام يستلزم ‪-‬يف وجهة نظر‬ ‫أنت ذا اآلن متضي إىل مظهر يشرئبـ«‪ .‬وينتقل اخلطاب‬
‫العواد‪ -‬إزاحة عدد من العقبات اليت تقف يف طريق‬ ‫عددا من‬
‫بعد ذلك إىل املستقبل‪ ،‬ويسرد الشاعر ً‬
‫العبور‪ ،‬وذكرها يف قوله يف املقطع اخلامس‪:‬‬ ‫مظهرا للجناة‪ ،‬وكن جنة‬ ‫ً‬ ‫األمنيات يف قوله‪ « :‬كن‬
‫‪ -5‬دع اليأس للمرجفني‬ ‫الوطن‬
‫املقطع َ‬
‫ُ‬ ‫للبناة‪ ،‬وكن شاخمًا كاجلبل»‪ .‬ويصور هذا‬
‫ومن يلبسون املسوحا‬ ‫وهو ينمو ويبدأ يف االنفصال والبحث عن االستقالل‬
‫وأوح إىل العاملني‬ ‫الذايت يف احلاضر الذي ميثل مرحلة اهلامشية‪ ،‬قبل أن‬
‫ليلغوا اخليال الكسيحا‬ ‫ينضج ويطمح إىل االندماج يف اجملموعة بشكل خمتلف‬
‫فقد زال عهد التزوي‬ ‫عن املاضي‪ ،‬وهي صورة تشبه صورة منو الطفل اليت تعد‬
‫فحي اجملال الفسيحا‬ ‫يسمى بطقوس االنتماء «اليت ترمز إىل انتقال‬ ‫جوهر ما َّ‬
‫وصافح بقلب طهور حياة السرى والثبات‬ ‫العابر ‪-‬أي الشخص الذي ميارس عليه طقس العبور‪-‬‬
‫وكن فكرة ترجتل‬ ‫من الطفولة إىل الرجولة‪ ،‬أو بعبارة أخرى‪ ،‬الطقوس‬
‫فعلى الوطن أن يعرب من املرحلة اليت وصفها الشاعر‬ ‫انضجا يف اجملتمع»‬
‫ً‬ ‫عضوا‬
‫اليت يصبح الطفل عربها ً‬
‫بـ«عهد التزوي» واالنطواء على الذات إىل جمال فسيح‬ ‫(ستيتكيفيتش‪1985 ،‬م‪ ،‬ص‪.)59‬‬
‫أساسه العمل‪ ،‬وكأن الشاعر يلمح بقوله‪« :‬فقد زال عهد‬ ‫صغريا ال يتعدى حدود‬ ‫ً‬ ‫فقد كان وطن الشاعر‬
‫التزوي» إىل رغبته يف إزالة احلدود اجلغرافية بني وطنه‬ ‫احلجاز قبل أن ينمو ليشمل مناطق أخرى مثل‪ :‬جند‬
‫ساري‬
‫اجلديد واألقطار العربية‪ ،‬ويستمر يف رحلة التحول ً‬ ‫صور املقطع الرابع‪-‬‬ ‫واألحساء‪ ،‬وسيمضي ‪-‬كما يُ ِّ‬
‫بثبات حىت يبلغ غايته ويكون فكرة ملهمة للجميع‪.‬‬ ‫ومظهرا من‬
‫ً‬ ‫ميدان للبناء‬
‫ليضم مناطق أوسع‪ ،‬ويكون ً‬
‫ومتين الشاعر من الوطن أن يكون «فكرة ترجتل» يدل‬ ‫«فإن الطفولة مرحلة‬‫مظاهر النجاح‪ .‬ويف رحلة العبور‪َّ ،‬‬
‫على إميانه أبن التغيري يبدأ من الفكر‪ ،‬وال ميكن أن‬ ‫مؤقتة تنتهي يف الفراق أو االنقطاع‪ ،‬وال بد للعابر من‬
‫يتحقق حلم األمة إذا مل يغري أبناؤها طريقة تفكريهم‪.‬‬ ‫أن مرحلة النضج‬ ‫أن خيرج عنها وال يعود إليها؛ يف حني َّ‬
‫جملة جامعة تبوك للعلوم اإلنسانية واالجتامعية‪ ،‬ع‪ ،10‬ص ص ‪ ،206-189‬جامعة تبوك (‪1442‬هـ‪2021/‬م)‬
‫‪199‬‬

‫ويدفعون الناس إىل اليأس واالستسالم‪ ،‬ال سيما بعد‬ ‫واستخدام الشاعر للفعل «أوح» الذي يدل على اإلهلام‬
‫فشل حماوالت العبور السياسي السابقة يف مرحلة حكم‬ ‫يف قوله «وأوح إىل العاملني» يشري إىل أن الرسالة اليت‬
‫األشراف‪ ،‬ويكون إرجافهم سببًا يف ضعف مهة الوطن‬ ‫يقوم عليها الوطن ال بد أن تكون ملهمة ألبنائه‪ .‬مث أتبع‬
‫وأبنائه يف طريقهم إلكمال مسرية التحول الوطين‪ .‬ويف‬ ‫ذلك ابلدعوة إلطالق اخليال واخلروج إىل عامل فسيح‬
‫االجتاه ذاته‪ ،‬يسري بعض العلماء الزهاد الذين وصفتهم‬ ‫ميهد الندماج العرب يف وطن واحد‪ .‬وليتحقق احللم‬
‫القصيدة بـ«من يلبسون املسوحا» وهو لباس الرهبان‬ ‫فعلى الوطن أن يـ»صافح بقلب طهور حياة السرى‬
‫(عواد‪1961 ،‬م‪ ،‬ص‪ )251‬الذين يزهدون يف التغيري‪.‬‬ ‫والثبات» بعد أن يتجاوز صراعات املاضي‪ ،‬ويكمل‬
‫ويف سياق دعوته ‪-‬يف املقطعني األخريين من القصيدة‪-‬‬ ‫ساري يف الليل بثبات حنو االستقالل‪.‬‬
‫العبور ً‬
‫لتأسيس احتاد عريب‪ ،‬قد يكون الشاعر يشري إىل بعض‬ ‫وميجد الشاعر يف هذه القصيدة بوجه خاص‪ ،‬ويف‬
‫العلماء الرافضني لفكرة القومية العربية وخاطبهم يف‬ ‫مدائحه للملك عبد العزيز بوجه عام‪ ،‬العمل والعلم‬
‫بدعا على العرب‪،‬‬‫خواطره بقوله «القومية العربية ليست ً‬ ‫أساسا لبناء الوطن‪ .‬فعلى الوطن ‪-‬كما‬ ‫ً‬ ‫بوصفهما‬
‫وليست شيئًا خيتلف مع الرابطة اإلسالمية» (عواد‪،‬‬ ‫يصور املقطع اخلامس‪ -‬أن يوحي إىل أبنائه «العاملني»‪،‬‬
‫فإن خشية أو‬‫‪1961‬م‪ ،‬ص‪ .)215‬ويف كل األحوال‪َّ ،‬‬ ‫ويسري إىل ما وصفه الشاعر يف املقطع الثاين بـ«عزة‬
‫زهد صنف من العلماء يف التغيري جيعلهم يقفون سلبيني‬ ‫يف احلياة متوجة ابلعمل» ليكون ‪-‬كما صوره املقطع‬
‫أمام األحداث التارخيية املتسارعة يف تلك املرحلة احلرجة‬ ‫«مظهرا للجناة ‪ ...‬جنة للبناة»‪ .‬وقد كرر العواد‬
‫ً‬ ‫الرابع‪-‬‬
‫من اتريخ العرب بوجه عام‪ ،‬واحلجاز بوجه خاص‪ .‬وإذا‬ ‫الدعوة ذاهتا يف قصيدة أخرى ألقاها أمام امللك عبد‬
‫أراد الوطن ‪-‬كما تصور القصيدة‪ -‬أن يتجنب اليأس‬ ‫العزيز عام ‪1925‬م يدعوه فيها إىل أتسيس مملكته على‬
‫فعليه أن ال يستمع للمرجفني‪ ،‬وعليه أن ينادي أبناءه‬ ‫العلم والعمل قبل السيف واحلرب‪ ،‬وافتتحها بقوله‪:‬‬
‫للعمل بتفاؤل‪.‬‬ ‫هزا‬
‫جبالل عرشك‪ ،‬اي مليك العرب هزا العرب ً‬
‫وتصور رموز هذا اجلزء الثاين من القصيدة حالة‬ ‫رمزا‪،‬‬
‫ال ابحلسام املنتضى الباقي لذكر العرب ً‬
‫الرتدد بني الشك واليقني اليت تسيطر على الشاعر‪،‬‬ ‫بل ابملعارف والفنون‪ ،‬وحكمة لعالك تعزى‬
‫فالليل البهيم املظلم وأصوات اليائسني واملرجفني هي‬ ‫كنزا‬
‫ابلباقيات الصاحلات الواهبات الشعب ً‬
‫عوامل تدفع الشاعر للشك‪ ،‬والنجم املضيء كالبدر‬ ‫(املصري‪1979 ،‬م‪ ،‬ص ‪.)228‬‬
‫يُبقي على اليقني واألمل‪ ،‬وما وصفه الشاعر بـ«اإلخاء»‬ ‫فثنائية العلم والعمل هي أساس الرؤية اليت يطمح‬
‫بني شاطئي الوطن وضفتيه يباعد الفشل عن التحول‬ ‫العواد أن تبين عليها دولة املستقبل‪ ،‬وهي رؤية جتديدية‬
‫الوطين الذي حيلم به الشاعر‪ ،‬وتذ ّكر املاضي عندما كان‬ ‫ختاطب العقل قبل العاطفة‪.‬‬
‫صغريا سيجعل الشاعر على يقني بنجاح‬ ‫لقد اختار العواد أن يفتتح املقطع اخلامس واألخري‬
‫كيان ً‬ ‫الوطن ً‬
‫العبور إىل مستقبل مشرق‪ ،‬وأصوات املرجفني واليائسني‬ ‫يف موضوع اهلامشية بتحذير الوطن من صنفني من‬
‫من جناح التحول قد تُفشل العبور؛ ولكنها ستصمت‬ ‫أبنائه الذين قد يقفون عقبة يف طريق عبوره الناجح‬
‫عندما يوحي الوطن إىل أبنائه أبن يعملوا بثبات ليعربوا‬ ‫إىل املستقبل املشرق‪ :‬املرجفون وصنف من الزهاد‪.‬‬
‫إىل املستقبل املشرق‪ ،‬وليتحقق حلم دمج األقطار العربية‬ ‫فاملرجفون خيشون التغيري‪ ،‬ويبثون اخلوف بني أبناء‬
‫يف وطن واحد يقوده املمدوح‪.‬‬ ‫الوطن من الفشل‪ ،‬ويشككون يف جناح العبور والتحول‪،‬‬
‫د‪ .‬مصطفى حممد تقي اهلل بن مايابا ‪ :‬العبور السيايس ورموزه يف قصيدة (خطوة إىل االحتاد العريب) ملحمد حسن عواد‬
‫‪200‬‬

‫صورت يف املقاطع السابقة‬ ‫الغاية‪ ،‬فرحلة الوطن اليت ُ‬ ‫‪ -3‬مرحلة الدمج (املقطعان ‪:)7-6‬‬
‫قد أوشكت على االنتهاء بقرب حلم االحتاد‪ .‬ويتحول‬ ‫يتضمن هذا اجلزء من القصيدة مقطعني‪ :‬مقطع‬
‫الزمن يف هذا املقطع من املاضي واحلاضر إىل املستقبل‬ ‫يتحدث عن حلم االحتاد العريب؛ حيث يقول العواد‪:‬‬
‫توحد احلجاز مع‬‫الذي يبدأ بـ«خطوة لألماين» بعد أن َّ‬ ‫‪ -6‬إىل االحتاد املتاح‬
‫جند وملحقاهتا‪ ،‬مث ‪-‬كما يقول الشاعر‪« -‬تليها خطى‬ ‫فثم احتاد أجل‬
‫ال متل»‪ ،‬وذلك أبن تتوحد أراضي الدولة اجلديدة مع‬ ‫وذي خطوة لألماين‬
‫بقية األقطار العربية‪ ،‬مث ‪-‬تكون اخلطوة التالية‪« -‬سيعقد‬ ‫تليها خطى ال متل‬
‫‪-‬بعد‪ -‬اللواء» وهو لواء العروبة الذي ال ُيل‪ .‬ويف‬ ‫سيعقد ‪-‬بعد‪ -‬اللواء‬
‫استخدام لفظة «خطوة» داللة على أمهية العمل وأخذ‬ ‫اللواء الذي ال حيل‬
‫األسباب للحصول على األماين‪ ،‬ولو انتظر الشاعر أن‬ ‫لواء العروبة مجعاء خيفق يف الكائنات‬
‫يتحقق حلمه الوطين دون أن خيطو خطوة إىل األمام‬ ‫فتهفوا إليه الدول‬
‫فإن احللم لن يبصر النور‪ .‬ويف هذا السياق‪ ،‬جاء عنوان‬
‫القصيدة ليصف احتاد احلجاز مع جند حتت حكم امللك‬ ‫امللك‬
‫الشاعر يف املقطع السابع واألخري َ‬ ‫ُ‬ ‫وميدح‬
‫عبدالعزيز أبنه «خطوة» إىل االحتاد العريب‪ ،‬تليها خطى‬ ‫قائل‪:‬‬
‫عبدالعزيز ً‬
‫لألماين‪ .‬وتقرتب تلك األماين من التحول إىل واقع يف‬ ‫صمم اليوم مشروعه الباسق املستدميا‬ ‫‪ -7‬لقد َّ‬
‫املقطع األخري من القصيدة على يد امللك عبدالعزيز‪،‬‬ ‫مليك أىب للشكوك‬
‫وتبلغ األماين هنايتها بعد أن هتفوا األقطار العربية إىل‬ ‫أبهدافه أن تقيما‬
‫ذلك اللواء رغبة فيه ال رهبة منه‪.‬‬ ‫فعش للوائم املؤمل عبد العزيز العظيما‬
‫ويف سياق الدعوة لالنضمام حتت لواء امللك‬ ‫كبريا‬
‫لتبعث شعبًا ً‬
‫عب عنها الشاعر بقوله‪« :‬فتهفوا إليه‬ ‫مباض ٍ‬ ‫عز ًيزا ٍ‬
‫عبدالعزيز اليت ّ‬ ‫وآت‬
‫الدول»‪ ،‬يربز فرق جوهري بني قصيدة العواد (خطوة‬ ‫أىب هللا أن يبتذل (عواد‪1978 ،‬م‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.)139‬‬
‫إىل االحتاد العريب) وغريها من قصائده يف مدح امللك‬ ‫وختتلف لغة هذين املقطعني اللذين يصوران مرحلة‬
‫عبدالعزيز من جهة‪ ،‬والقصائد السياسية اليت حتتفل‬ ‫الدمج عن لغة املقاطع السابقة يف أن املقاطع السابقة‬
‫ومتدح انتصارات امللك عند كثري من الشعراء احملافظني‬ ‫اعتمدت على الرمز الذي يعكس التجربة من خالل‬
‫يف مرحلة التأسيس من جهة أخرى‪ ،‬وهو أن العواد‬ ‫اإلحياء والتلميح ويعتمد على الغموض‪ ،‬وُكتِبت تلك‬
‫ينادي بتوسع الدولة السعودية ابلسلم‪ ،‬ويدعو األقطار‬ ‫املقاطع بلغة أدبية ترتكز على اخليال‪ ،‬يف حني يرتكز‬
‫العربية لالنضمام إىل لواء العروبة الذي عقده امللك‪.‬‬ ‫املقطعان األخريان على لغة مباشرة تكاد ختلو من‬
‫فقد رأى العواد يف دخول احلجاز حتت حكم امللك‬ ‫األساليب البالغية البيانية والبديعية‪ .‬ويؤدي املقطعان‬
‫احتادا سلميًا بني احلجاز وجند وملحقاهتا‪ ،‬ويطمح أن‬ ‫ً‬ ‫األخريان رسالة واضحة تتعلق إبميان الشاعر بقدرة امللك‬
‫تقتدي بقية األقطار العربية ابحلجاز وتتحد سلميًا حتت‬ ‫عبدالعزيز على إجناز أمنية دمج األقطار العربية يف احتاد‬
‫لواء املمدوح ليستمر العمل والبناء‪.‬‬ ‫واحد‪ .‬ويُفتتح املقطع السادس من القصيدة واألول من‬
‫مغايرا لكثري‬
‫اجتاها ً‬‫ويتجه العواد بدعوته السلمية ً‬ ‫مرحلة الدمج حبرف اجلر «إىل» الذي يدل على انتهاء‬
‫جملة جامعة تبوك للعلوم اإلنسانية واالجتامعية‪ ،‬ع‪ ،10‬ص ص ‪ ،206-189‬جامعة تبوك (‪1442‬هـ‪2021/‬م)‬
‫‪201‬‬

‫يقرن بني املاضي واملستقبل‪ .‬فشعور العواد جتاه املاضي‬ ‫من الشعراء احملافظني الذين ق ّدموا احلرب والسيف على‬
‫القريب مع ّقد ملا فيه من حتوالت سياسية‪ ،‬والثابت يف‬ ‫السلم واملفاوضات‪ ،‬ووصفوا انتصارات امللك عبدالعزيز‬
‫صغريا‪.‬‬
‫كيان ً‬ ‫هذه التحوالت هو حلم الوطن الذي بدأ ً‬ ‫بـ«الفتوحات» من مثل الشاعر حممد بن عثيمني‬
‫وما يهم الشاعر هو جناح العبور حنو احتاد عريب دون‬ ‫(‪1854‬م‪1944-‬م) الذي مدح امللك عبد العزيز‬
‫احلكم على أخطاء املاضي وأحداثه‪.‬‬ ‫بقصائد مسيت بـ«قصائد الفتوحات» وافتتح إحداها‬
‫لقد كان العواد يف مرحلة كتابته لقصيدة (خطوة‬ ‫قائل‪:‬‬
‫مق ّدما السيف على الرسائل ً‬
‫الرسائِ ِل‬ ‫جد يف اهلِ ِ‬
‫نديَِّة ال ُق ُ ِ‬
‫إىل االحتاد العريب) يبحث عن قائد يوحد العرب حتت‬ ‫ضب ال يف َ‬ ‫العُِّز َوامل ُ‬
‫ِ‬
‫املوجه ملواقف العواد‬
‫لواء واحد‪ ،‬وكان هذا احللم هو ّ‬ ‫ب (ابن عثيمني‪( ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ص‪.)29‬‬ ‫لخ َطَ ِ‬‫والت ِ ِ‬
‫نميق ل ُ‬ ‫ََ‬
‫السياسية‪ .‬وعندما قاد الشريف حسني بن علي النهضة‬ ‫فكثري من القصائد اليت متدح امللك عبدالعزيز يف‬
‫العربية الكربى ضد العثمانيني حتمس العواد‪ ،‬وكتب‬ ‫مرحلة التأسيس تعتمد على ثنائية األان واآلخر‪َّ ،‬‬
‫وألن‬
‫قصائد محاسية يتغىن فيها ابلنهضة العربية من مثل‬ ‫األان ‪-‬يف الغالب‪ -‬إسالمية عند الشعراء احملافظني‪ ،‬فقد‬
‫قصيدته (نطلب العزة أو يهراق دم) اليت نُشرت عام‬ ‫املمدوح بـ«خليفة هللا»‬
‫َ‬ ‫وصف بعض أولئك الشعراء‬
‫‪1921‬م يف جملة «القبلة»‪ ،‬ووصف فيها ذلك العصر‬ ‫و«إمام املسلمني» واآلخر اخلصم بـأوصاف عدة من‬
‫بـ«العصر احلسيين املنري»‪ ،‬كما وصف الشريف حسني‬ ‫مثل «الرومي» (ابن مااياب‪2018 ،‬م‪ ،‬ص‪.)112‬‬
‫بـ«املفدى احلائز الشأو اخلطري»‪ ،‬وأنه «ملك حيمل يف‬ ‫ولكن األان يف قصيدة العواد عربية ابلدرجة األوىل‪ ،‬وال‬
‫ميناه مصباح السالم ‪ ...‬وبيسراه حسام العزم حماق‬ ‫وجود صريح لآلخر غري العريب على الرغم من وجوده‬
‫الظلم» (القبلة‪1921 ،‬م‪/25 ،‬الصفراين‪2010 ،‬م‪،‬‬ ‫مسيطرا على عدد من األقطار العربية‬ ‫ً‬ ‫غري املباشر بوصفه‬
‫ص‪ .)294‬وبعد تنازل الشريف حسني عن العرش البنه‬ ‫يف تلك املرحلة التارخيية‪ ،‬وهو التحدي األكرب أمام عبور‬
‫األكرب الشريف علي حتمس العواد‪ ،‬ودافع عن الشريف‬ ‫تلك األقطار حنو االحتاد الذي يطمح إليه الشاعر‪.‬‬
‫علي ومشروعه القومي بلسانه وقلمه (مغريب‪1984 ،‬م‪،‬‬ ‫إن حديث العواد عن املستقبل واحللم ابالحتاد العريب‬
‫ج‪ 1‬ص‪ .)151‬مث جاءت هزمية الشريف علي على يد‬ ‫دون حنني صريح إىل املاضي يؤسس لفرق بني قصيدة‬
‫اجليش السعودي لتنهي ملكه‪ ،‬وتشكل انتكاسة لكل‬ ‫العواد وكثري من القصائد الوطنية العربية يف تلك املرحلة‬
‫قائدا لألمة العربية (الصقور‪2012 ،‬م)‪.‬‬
‫من راهن عليه ً‬ ‫التارخيية‪ ،‬فقد كان من مسات الشعر الوطين العريب يف‬
‫عب العواد يف قصيدته (خطوة إىل‬ ‫ويف هذا السياق‪ّ ،‬‬ ‫تلك املرحلة «اعتماد الرتاث القدمي‪ ،‬بوصفه وسيلة من‬
‫االحتاد العريب) عن إميانه أبن امللك عبد العزيز هو‬ ‫وسائل التذكري ابملاضي اجمليد؛ للذود عنه من جهة‪،‬‬
‫القائد اجلديد الذي يستطيع حتقيق حلم الشاعر بتوحيد‬ ‫والكتساب مقومات النصر من الدروس والعرب املاضية‬
‫الشعوب العربية‪.‬‬ ‫من جهة اثنية‪ ،‬وقد هنلوا منه األلفاظ اجلزلة واألشكال‬
‫وإذا كان اجلزءان األول (االنفصال) والثاين‬ ‫التعبريية اجلاهزة‪ ،‬والصور التقليدية‪ ،‬مع االحتفاظ بروح‬
‫(اهلامشية) يظهران حالة من الصراع بني الشك واليقني‬ ‫العصر وذائقته» (الصمادي‪2010 ،‬م‪ ،‬ص‪)53‬؛‬
‫على الرغم من غلبة اليقني يف جناح العبور َّ‬
‫فإن العامل‬ ‫ولكن املاضي القريب والبعيد شبه غائبني يف قصيدة‬
‫الذي حسم ذلك الصراع يف اجلزء اخلتامي (الدمج)‬ ‫صغريا مث‬
‫كيان ً‬‫العواد ابستثناء إشارته للوطن عندما كان ً‬
‫هو املمدوح الذي يقطع الشك ابليقني‪ ،‬و‪-‬كما يقول‬ ‫وآت» حيث‬ ‫مباض ٍ‬
‫كرب‪ ،‬وقوله يف هناية القصيدة «عز ًيزا ٍ‬
‫د‪ .‬مصطفى حممد تقي اهلل بن مايابا ‪ :‬العبور السيايس ورموزه يف قصيدة (خطوة إىل االحتاد العريب) ملحمد حسن عواد‬
‫‪202‬‬

‫الشعب العريب فقد «أىب هللا أن يبتذل»‪.‬‬ ‫الشاعر‪« :-‬أىب للشكوك أبهدافه أن تقيما»‪ .‬فمن‬
‫يقابل املقطع األخري من القصيدة القسم األخري‬ ‫الطبيعي أن يسيطر الشك على الشاعر بعد فشل حماولة‬
‫من قصيدة املدح التقليدية الذي خيصصه الشاعر‬ ‫الشريف حسني مث ابنه الشريف علي يف العبور ابألمة‬
‫لذكر صفات املمدوح وبطوالته ومناقبه‪ .‬وإذا كانت‬ ‫العربية حنو االحتاد‪ ،‬وقد أشار إىل ذلك الشك ‪-‬بطريقة‬
‫قصيدة املدح التقليدية تشتمل على ‪-‬ما وصفته سوزان‬ ‫غري مباشرة‪ -‬ابستخدامه يف املقطع السادس لوصف‬
‫ستيتكفيتش‪ -‬بـ«التحدي» وذلك أن على املمدوح أن‬ ‫«املتاح» الذي يشري إىل انعدام اخليارات واملشروعات‬
‫يثبت مشروعيته من خالل حتقيق خصائل املديح الواردة‬ ‫السياسية األخرى؛ ولكن الشاعر يستدرك يف السطر‬
‫يف القصيدة (ستيتكيفيتش‪2010 ،‬م‪ ،‬ص‪َّ ،)162‬‬
‫فإن‬ ‫التايل بقوله‪« :‬فثم احتاد أجل»‪ ،‬وكأنه تفاجأ بعودة حلم‬
‫أسلوب خمتل ًفا يبتعد عن التحدي‪ ،‬ويقوم على‬
‫العواد يتبع ً‬ ‫االحتاد بعد اإلحباطات السابقة‪.‬‬
‫«التعاون» بني شعب الدولة الفتية وبقية الشعوب يف‬ ‫يعب الشاعر عن إميانه بضرورة‬ ‫ويف املقطع األخري ّ‬
‫األقطار العربية من جهة‪ ،‬واملمدوح الذي ق ّدم مشروعه‬ ‫التغيري اجلذري‪ ،‬ويوكل مهمة ذلك التغيري إىل املمدوح‪،‬‬
‫السياسي الذي وصفه الشاعر بـ«الباسق املستمر»‪،‬‬ ‫جديدا خمتل ًفا يف تفكريه وإميانه ابلعمل‬
‫ً‬ ‫ليبعث شعبًا‬
‫من جهة أخرى‪ .‬وليتحقق التعاون بني الشعوب العربية‬ ‫عن اجليل احلايل الذي فشل يف العبور حنو احللم العريب‬
‫يتحول يف مدحيه من الضمري‬ ‫واملمدوح فإن العواد ّ‬ ‫رمزي يف طقوس‬ ‫الذي يراود الشاعر‪ .‬ويرتبط البعث ً‬
‫الغائب إىل ضمري املخاطب يف املقطع األخري ليخاطب‬ ‫العبور بنهاية مرحلة اهلامشية وبداية مرحلة الدمج‪ ،‬فقد‬
‫املمدوح بقوله «فعش للوائم املؤمل عبدالعزيز العظيما‬
‫َ‬ ‫تنبهت ماري دوغالس ‪-‬كما تنقل ستيتكفيتش‪َّ -‬‬
‫«أن‬
‫كبريا»‪ .‬ويف دعوة الشاعر للممدوح أن‬ ‫‪ ...‬لتبعث شعبًا ً‬ ‫ابتالء العابر وامتحانه يف هذه املرحلة ]اهلامشية[ من‬
‫حيرص على الوائم كي يتحقق حلم بعث جيل عريب يعتز‬ ‫الطقس عبارة عن عملية املوت والبعث الرمزية‪ ،‬أي عن‬
‫مباضيه اجمليد ومستقبله املشرق أتكيد آخر على إميان‬ ‫طقوس التدنيس والتطهري» (ستيتكيفيتش‪1985 ،‬م‪،‬‬
‫الشاعر ابلسلم وسيلة لتأسيس وطن يضم األمة العربية‪.‬‬ ‫ص‪ .)59‬فبعد أن يكمل الوطن رحلته ستتحول كل‬
‫وعلى الرغم من قصر مديح الشاعر املباشر للملك َّ‬
‫فإن‬ ‫ابتالءات وآالم املاضي إىل ما يشبه اإلماتة والتدنيس‬
‫استدعاء والءات الشاعر قبل دخول امللك احلجاز قد‬ ‫اللذين ينتهيان ابإلحياء والتطهري‪ .‬وخيتم العواد قصيدته‬
‫أبعادا خفية هلذا املديح املوجز‪.‬‬
‫تضيف ً‬ ‫أبمنية أن يتحقق «البعث» العريب على يد املمدوح‪،‬‬
‫ِ‬
‫يؤديها اجلزء األخري‬ ‫َّ‬
‫إن من أهم الوظائف اليت ّ‬ ‫جديدا يعتز مباضيه وحاضره‪ .‬وكأن الشاعر‬ ‫ليبعث شعبًا ً‬
‫من قصيدة املدح السياسي أن يثبت الشاعر والءه‬ ‫يؤمن أبن التغيري يف القمة قد حدث بتويل امللك‬
‫للممدوح‪ .‬فبعد أن كان العواد من أكثر املتحمسني‬ ‫عبدالعزيز مقاليد احلكم‪ ،‬ويبقى التغيري بني الشعب‬
‫للشريف علي بن احلسني‪ ،‬وأحد أبرز كتّاب جريدة‬ ‫ضرورة من ضرورايت التحول‪ .‬فالشاعر يفتتح قصيدته‬
‫«بريد احلجاز» اليت أُنشئت يف فرتة احلرب اهلامشية‬ ‫مستخدما األداة «قد» متبوعة‬
‫ً‬ ‫ابإلشارة إىل زمن التغيري‬
‫وشاعرا‬
‫ً‬ ‫السعودية (مغريب‪1984 ،‬م‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪،)150‬‬ ‫ابلفعل املاضي لتفيد التحقيق وذلك يف قوله «لقد آن‬
‫يؤلف القصائد احلماسية اليت تدعم جيش الشريف علي‬ ‫أن تستحيل املدامع‪ »...‬مث يستمر يف احلديث عن‬
‫يف فرتة حصار جيش امللك عبدالعزيز جلدة‪ ،‬انتهى‬ ‫بعيدا عن‬
‫آلية التغيري اليت تعتمد على العمل بتفاؤل ً‬
‫حكم الشريف علي وغادر احلجاز وبقي العواد يف جدة‬ ‫متفائل مبستقبل‬
‫ً‬ ‫اإلرجاف واإلحباط‪ ،‬مث خيتم القصيدة‬
‫جملة جامعة تبوك للعلوم اإلنسانية واالجتامعية‪ ،‬ع‪ ،10‬ص ص ‪ ،206-189‬جامعة تبوك (‪1442‬هـ‪2021/‬م)‬
‫‪203‬‬

‫على الوحدة السياسية اليت حتققت‪ ،‬فلم تكن مدائحية‬ ‫مستفيدا من عفو امللك عبد العزيز عن عامة أهل جدة‬ ‫ً‬
‫على النمطية املألوفة للشعر احملافظ‪ ،‬بل كانت موق ًفا‬ ‫وخاصتهم (الرحياين‪1954 ،‬م‪ ،‬ص‪ .)410‬ويف هذه‬
‫مع التاريخ املتحول حلظة الوحدة السياسية االستثنائية‪،‬‬ ‫املرحلة التارخيية كتب العواد قصيدته (خطوة إىل االحتاد‬
‫واستشرافًا لوحدة عربية أكرب» (النعمي‪2009 ،‬م‪،‬‬ ‫ليعب عن والئه اجلديد للملك عبد العزيز‪،‬‬ ‫العريب)؛ ِّ‬
‫ويرجح شكل ومضمون قصيدة (خطوة إىل‬ ‫ِ‬
‫ص‪ّ .)15‬‬ ‫ولتعكس القصيدة ‪-‬بطريقة غري مباشرة‪ -‬التحول‬
‫االحتاد العريب) الذي يقرتب من التأمل واحلديث مع‬ ‫النفسي والسياسي الذي يعيشه فجاءت قصيدته خمتلفة‬
‫النفس عن آلية حتقق احللم العريب أن الشاعر مل يقصد‬ ‫يف شكلها ومضموهنا عن قصيدة املدح التقليدية‪ .‬فقد‬
‫أن تؤسس قصيدته لعالقة مباشرة مع املمدوح؛ حيث‬ ‫اختار العواد أسلوب الشعر اجلديد الذي يساعده يف‬
‫يقدم الشاعر قصيدته وينتظر جائزة مادية أو معنوية‬ ‫التعبري عن أفكاره السياسية بطريقة غري مباشرة خالل‬
‫من املمدوح (ستيتكيفيتش‪2010 ،‬م‪ ،‬ص‪ .)163‬فقد‬ ‫مرحلة صراعات حرجة ومتقلبة؛ ليقدم رؤيته‪ ،‬وميدح‬
‫متأمل يف األحداث اليت تدور من‬
‫كتب العواد قصيدته ً‬ ‫مشروع امللك عبدالعزيز‪ ،‬ويتأمل يف مستقبل األمة‬
‫حوله‪ ،‬وحاملا بضوء يف هناية الطريق العريب الطويل حنو‬ ‫بعيدا عن العاطفة واحلماس املرتبطني ‪-‬إىل ح ٍّد كبري‪-‬‬‫ً‬
‫ً‬
‫الوحدة العربية‪.‬‬ ‫ابلقصيدة العمودية‪.‬‬
‫اخلامتة‬ ‫فقد ابتدع العواد فكرة كتابة قصيدة املدح السياسي‬
‫بعد حتليل إشارات ورموز العبور السياسي يف‬ ‫بشعر التفعيلة ‪-‬أو مبا يشبه قصيدة التفعيلة‪ -‬ومبوسيقى‬
‫قصيدة العواد (خطوة إىل االحتاد العريب) يف ضوء‬ ‫داخلية ختتلف عن موسيقى القصيدة العمودية التقليدية‪،‬‬
‫نظرية أرنولد فان جنب عن طقوس العبور كما طبقتها‬ ‫ومل يكن هذا األسلوب اجلديد يف الكتابة مألوفًا يف قصيدة‬
‫سوزان ستيتكفيتش على بنية قصيدة املدح القدمية ميكن‬ ‫املدح‪ ،‬وكانت عادة الشعراء أن يقفوا أمام املمدوح ويلقوا‬
‫استنتاج اآليت‪:‬‬ ‫قصائدهم املوزونة واملقفاة‪ .‬وبصرف النظر عن األولوية‬
‫أن قصيدة العواد متثل مرحلة اترخيية ختتلف عن‬ ‫ ‪َّ 1.‬‬ ‫التارخيية يف كتابة الشعر احلر إن كانت لقصيدة العواد‬
‫سابقاهتا والحقاهتا‪ ،‬فلم يكتب الشاعر قصيدته‬ ‫أو لغريها فـ‪-‬كما يالحظ حسن النعمي عن قصيدة‬
‫مشروعه‬ ‫ليمدح شخص امللك وإمنا ليمدح‬ ‫(خطوة إىل االحتاد العريب)‪« -‬إن شكل القصيدة احلرة‬
‫َ‬
‫السياسي‪ .‬وبصرف النظر عن اجلوانب الفنية يف‬ ‫اليت كتبها العواد يف اجليل األول كانت تعين رؤية أكثر‬
‫القصيدة‪ ،‬فإن نوع املديح يف قصيدة العواد خيتلف‬ ‫منها جمرد شكل» (النعمي‪2012 ،‬م‪ ،‬ص‪ .)70‬فقد‬
‫عن املديح الذي يبحث صاحبه عن اجلاه أو املال‪،‬‬ ‫جاءت قصيدة العواد يف سياق رؤية جتديدية تدعو إىل‬
‫طموحا عند الشاعر يرقى‬ ‫فمضمون القصيدة يُظهر‬ ‫التحول من القدمي إىل اجلديد يف األدب ويف غريه من‬
‫ً‬
‫فوق املكاسب الشخصية؛ ليبحث عن جمد لوطنه‬ ‫جماالت احلياة‪.‬‬
‫وأمته‪ .‬ومدحه للملك عبدالعزيز ليس مديح تكسب‬ ‫ومل يثبت أن العواد ألقى قصيدته أو أرسلها إىل امللك‬
‫تقرب‪ ،‬وإمنا هو أقرب إىل احلديث مع الذات عن‬ ‫عبدالعزيز‪ ،‬ولو قصد ذلك لكتبها ‪-‬يف الغالب‪ -‬أبسلوب‬
‫أو ّ‬
‫حتقيق حلم وطين يف مرحلة اترخيية عاىن فيها العرب‬ ‫خمتلف يشبه قصيدته «جبالل عرشك» اليت ألقاها أمام‬
‫من أنفسهم ومن أعدائهم‪.‬‬ ‫امللك عام ‪1925‬م‪ .‬وكما يالحظ حسن النعمي عن‬
‫ ‪2.‬تُظهر القصيدة أتثر العواد يف املرحلة األوىل من‬ ‫قصيدة (خطوة إىل االحتاد العريب) «فبقدر ما كانت ثناءً‬
‫د‪ .‬مصطفى حممد تقي اهلل بن مايابا ‪ :‬العبور السيايس ورموزه يف قصيدة (خطوة إىل االحتاد العريب) ملحمد حسن عواد‬
‫‪204‬‬

‫ ‪2.‬ربط اجلديد ابلقدمي عند حتليل النص الشعري‬ ‫حياته األدبية ابلتيارين الرومانسي األديب والقومي‬
‫ألن النصوص الشعرية احلديثة ‪-‬سواءً‬ ‫احلديث؛ َّ‬ ‫السياسي‪ ،‬وجتلَّى أتثري التيار األول يف شكل‬
‫كانت من الشعر العمودي أو احلر أو املنثور‪-‬‬ ‫القصيدة وعناصرها من مثل‪ :‬االستخدام املكثف‬
‫تطورت من النصوص الشعرية القدمية على الرغم‬ ‫للخيال والرمز والطبيعة‪ ،‬بينما جتلَّى أتثري التيار‬
‫من االختالف بني النصوص احلديثة يف درجة أتثرها‬ ‫القومي يف مضمون القصيدة ودعوة الشاعر الحتاد‬
‫األقطار العربية يف وطن واحد‪.‬‬
‫ابلنص القدمي‪ ،‬وألنَّه ال ميكن فصل الثقافة العربية‬
‫أن مضمون قصيدة العواد ال يقل أمهية عن شكل‬ ‫ ‪َّ 3.‬‬
‫احلديثة اليت أنتجت النص احلديث عن الثقافة‬
‫القصيدة الذي تناولته كثري من الدراسات؛ لتنفي‬
‫العربية اليت أنتجت النص الشعري القدمي‪.‬‬ ‫جل‬
‫ ‪3.‬على القارئ للنصوص الشعرية اليت تصور األحداث‬ ‫أو تثبت انتماء القصيدة للشعر احلر‪ .‬وغفلت ّ‬
‫الدراسات عن تناول ذلك املضمون الذي يُظهر‬
‫السياسية والتارخيية أبسلوب رمزي أن يُلم آبليات‬ ‫مر هبا‬
‫موقف العواد من التحوالت السياسية اليت َّ‬
‫الكتابة الرمزية‪ ،‬وابلسياق التارخيي الذي أُلِّف فيه‬ ‫احلجاز يف مطلع القرن العشرين‪.‬‬
‫النص الشعري كي تكون قراءته منتجة‪.‬‬ ‫أن قصيدة العواد بُنيت يف مستوييها السطحي‬ ‫ ‪َّ 4.‬‬
‫مر هبا‬ ‫والعميق على فكرة التحول أبنواعه النفسي‪،‬‬
‫ ‪4.‬دراسة التحوالت الفكرية والسياسية اليت ّ‬
‫األدابء السعوديون يف مرحلة التأسيس؛ َّ‬
‫ألن أتثري‬ ‫والفكري‪ ،‬والسياسي‪ ،‬واالجتماعي‪ .‬ويهدف ذلك‬
‫ذلك اجليل األول من األدابء انتقل إىل أدابء‬ ‫التحول إىل حتقيق حلم الشاعر يف أن يؤسس‬
‫األجيال الالحقة‪.‬‬ ‫املمدوح الحتاد عريب هتفوا إليه األقطار العربية‪.‬‬
‫أن شكل ومضمون املديح يف قصيدة العواد خيتلف‬ ‫ ‪َّ 5.‬‬
‫عن شكل ومضمون مديح امللك عبدالعزيز يف شعر‬
‫املصادر واملراجع‪:‬‬ ‫الشعراء احملافظني من مثل‪ :‬ابن عثيمني وابن بليهد‬
‫أابظة‪ ،‬نزار وحممد رايض املاحل‪1999( ،‬م)‪ ،‬إمتام‬ ‫وغريمها‪ ،‬وسبب هذا االختالف هو األيديولوجيا‬
‫القومية اليت انطلق منها العواد واليت ختتلف عن‬
‫األعالم (ذيل لكتاب األعالم خلري الدين الزركلي)‪،‬‬
‫أيديولوجيا الشعراء احملافظني‪.‬‬
‫ط‪ ،1‬بريوت‪ ،‬دار صادر‪.‬‬ ‫ ‪َّ 6.‬‬
‫أن انفتاح العواد ‪-‬بعكس كثري من أدابء جزيرة‬
‫أبو بكر‪ ،‬عبدالرحيم‪1977( ،‬م)‪ ،‬الشعر احلديث‬ ‫العرب‪ -‬على االجتاهات األدبية اليت راجت يف‬
‫يف احلجاز (‪1916‬م‪1948-‬م)‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪،‬‬ ‫العامل العريب يف مطلع القرن العشرين أثّر يف شكل‬
‫املطبعة السلفية ومكتبتها‪.‬‬ ‫ومضمون قصيدته (خطوة إىل االحتاد العريب)‪.‬‬
‫احلسين‪ ،‎‬عبدالكرمي‪2012( ،‬م)‪ ،‬القومية والدميقراطية‬ ‫وميكــن االســتفادة مــن هــذه النتائــج لتقــدمي عــدد مــن‬
‫والثورة‪ :‬دراسة وحتليل‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،‬مشس للنشر‬ ‫التوصيــات أمههــا‪:‬‬
‫واإلعالم‪.‬‬ ‫ ‪1.‬عدم الفصل التام بني النص األديب والتاريخ؛ َّ‬
‫ألن‬
‫محد‪ ،‬عبدهللا خضر‪2017( ،‬م)‪ ،‬قضااي الشعر العريب‬ ‫قراءة النص األديب يف سياقه التارخيي قد تكشف عن‬
‫احلديث‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ ،‬دار القلم للطباعة والنشر‬ ‫بعض اجلوانب التارخيية اليت قد ال تذكرها املصادر‬
‫والتوزيع‪.‬‬ ‫التارخيية واألدبية‪ ،‬كما أهنا قد تكشف عن بعض‬
‫خضر‪ ،‬انظم عودة‪1997( ،‬م)‪ ،‬األصول املعرفية‬ ‫األبعاد النصية اليت يصعب إدراكها إذا مت فصل‬
‫لنظرية التلقي‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪ ،‬دار الشروق‪.‬‬ ‫النص عن سياقه التارخيي‪.‬‬
‫جملة جامعة تبوك للعلوم اإلنسانية واالجتامعية‪ ،‬ع‪ ،10‬ص ص ‪ ،206-189‬جامعة تبوك (‪1442‬هـ‪2021/‬م)‬
‫‪205‬‬

‫يف الثورة العربية الكربى واهلامشيني‪ ،‬ط‪ ،1‬األردن‪،‬‬ ‫الرحياين‪ ،‬أمني‪1954( ،‬م)‪ ،‬اتريخ جند احلديث‬
‫وزارة الثقافة‪.‬‬ ‫وملحقاته‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ ،‬دار رحياين‪.‬‬
‫الضمور‪ ،‬عماد‪2018( ،‬م)‪ ،‬أثر الثورة العربية الكربى‬ ‫زايد‪ ،‬صاحل‪( ،‬يونيو ‪2004‬م)‪« ،‬القيادة والرايدة يف‬
‫عمان‪ ،‬اآلن‬ ‫يف الشعر األردين املعاصر‪ ،‬ط‪ّ ،1‬‬ ‫خطاب العواد الشعري»‪ ،‬جملة عالمات‪ ،‬ملتقى‬
‫انشرون وموزعون‪.‬‬ ‫قراءة النص الرابع‪ ،‬اندي جدة األديب‪ ،‬اجمللد ‪،13‬‬
‫عبدالرمحن‪ ،‬عبدالرحيم‪2006( ،‬م)‪ ،‬الدولة العثمانية‪،‬‬ ‫(اجلزء ‪ ،)25‬ص‪-‬ص‪.930-899‬‬
‫ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،‬دار الفكر العريب‪.‬‬ ‫الزيدي‪ ،‎‬مفيد‪2014( ،‬م)‪ ،‬موسوعة اتريخ العرب‬
‫ابن عثيمني‪ ،‬حممد‪( ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬العقد الثمني من شعر‬ ‫املعاصر واحلديث‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪ ،‬دار أسامة للنشر‬
‫حممد بن عثيمني‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،‬دار املعارف‪.‬‬ ‫والتوزيع‪.‬‬
‫عقاد‪ ،‬أمنة عبد احلميد‪1985( ،‬م)‪ ،‬حممد حسن‬ ‫الساسي‪ ،‬عمر الطيب‪1986( ،‬م)‪ ،‬املوجز يف اتريخ‬
‫شاعرا‪ ،‬ط‪ ،1‬جدة‪ ،‬مطابع دار املدين‪.‬‬ ‫عواد ً‬ ‫األدب العريب السعودي‪ ،‬ط‪ ،1‬جدة‪ ،‬دار هتامة‪.‬‬
‫عواد‪ ،‬حممد حسن‪1961( ،‬م)‪ ،‬خواطر مصرحة‪،‬‬ ‫السبيل‪ ،‬عبد العزيز‪( ،‬يونيو ‪2004‬م)‪« ،‬شعر‬
‫ط‪ ،2‬القاهرة‪ ،‬مطبعة املدين‪.‬‬ ‫التفعيلة‪ :‬سؤال الرايدة»‪ ،‬جملة عالمات‪ ،‬ملتقى‬
‫عواد‪ ،‬حممد حسن‪1978( ،‬م)‪ ،‬ديوان العواد‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫قراءة النص الرابع‪ ،‬اندي جدة األديب‪ ،‬اجمللد ‪،13‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مطبعة هنضة مصر‪.‬‬ ‫(اجلزء ‪ ،)25‬ص‪.‬ص‪.866-855‬‬
‫الغذامي‪ ،‬عبدهللا حممد‪( ،‬يونيو ‪1999‬م)‪ ،‬الصوت‬ ‫ستيتكفيتش‪ ،‬سوزان‪1985( ،‬م)‪« ،‬القصيدة العربية‬
‫القدمي اجلديد دراسات يف اجلذور العربية ملوسيقى‬ ‫وطقوس العبور‪ :‬دراسة يف البنية النموذجية»‪ ،‬جملة‬
‫الشعر احلديث‪ ،‬ط‪( ،1‬عدد ‪ ،)66‬الرايض‪،‬‬ ‫جممع اللغة العربية‪ ،‬دمشق‪ ،‬اجمللد ‪( ،60‬اجلزء ‪،)1‬‬
‫سلسلة كتاب الرايض‪.‬‬ ‫ص‪-‬ص ‪.85-55‬‬
‫الفوزان‪ ،‬إبراهيم‪1981( ،‬م)‪ ،‬األدب احلجازي‬ ‫ستيتكيفيتش‪ ،‬سوزان‪2010( ،‬م)‪ ،‬القصيدة‬
‫احلديث بني التقليد والتجديد‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة‬ ‫والسلطة‪ :‬األسطورة واجلنوسة واملراسم يف القصيدة‬
‫اخلاجني‪ ،‬القاهرة‪.‬‬ ‫العربية الكالسيكية‪ ،‬ط‪ ،1‬ترمجة‪ :‬حسن البنا عز‬
‫ابن مااياب‪ ،‬مصطفى حممد تقي هللا‪2018( ،‬م)‪،‬‬ ‫الدين‪ ،‬القاهرة‪ ،‬املركز القومي للرتمجة‪.‬‬
‫«االستخدام الشعري للغة بني التطفل واإلجناز‬ ‫الصفراين‪ ،‬حممد بن سامل‪2010( ،‬م)‪« ،‬السبق‬
‫أمنوذجا»‪،‬‬
‫ً‬ ‫قصيدة فتح األحساء البن عثيمني‬ ‫التارخيي حملمد حسن عواد يف كتابة شعر التفعيلة»‪،‬‬
‫اجمللة العلمية جلامعة امللك فيصل العلوم اإلنسانية‬ ‫اجمللة العلمية جلامعة امللك فيصل العلوم اإلنسانية‬
‫واإلدارية‪ ،‬اجمللد ‪( ،19‬العدد ‪ ،)2‬ص‪-‬ص‬ ‫واإلدارية‪ ،‬اجمللد ‪( ،11‬العدد ‪ ،)2‬ص‪-‬ص‬
‫‪.120-103‬‬ ‫‪.320-269‬‬
‫حممد‪ ،‬انفع محاد‪2016( ،‬م)‪« ،‬علي أمحد ابكثري‬ ‫الصقور‪ ،‬حممد ماجد الدخيل‪2012( ،‬م)‪ ،‬شعر‬
‫وخارطة الشعر العريب اجلديد»‪ ،‬جملة التجديد‪،‬‬ ‫الثورة العربية الكربى قراءة حتليلية يف االجتاهات‬
‫اجمللد ‪( ،20‬العدد ‪ ،)39‬التاسع والثالثون‪،‬‬ ‫واملضامني‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪ ،‬منشورات وزارة الثقافة‪.‬‬
‫ص‪-‬ص ‪.246-223‬‬ ‫الصمادي‪ ،‬امتنان‪2010( ،‬م)‪ ،‬شعر فؤاد اخلطيب‬
‫د‪ .‬مصطفى حممد تقي اهلل بن مايابا ‪ :‬العبور السيايس ورموزه يف قصيدة (خطوة إىل االحتاد العريب) ملحمد حسن عواد‬
‫‪206‬‬

‫هـ‪ ،‬ط‪( ،1‬الكتاب العريب السعودي ‪ ،)30‬جدة‪،‬‬ ‫املرزوقي‪ ،‎‬حممد بن عبدهللا بن حممد‪2004( ،‬م)‪،‬‬
‫هتامة‪.‬‬ ‫السلطة التنظيمية يف الـمملكة العربية السعودية‪،‬‬
‫النعمي‪ ،‬حسن حممد‪2009( ،‬م)‪ ،‬الرواية السعودية‪:‬‬ ‫ط‪ ،1‬الرايض‪ ،‬مكتبة العبيكان‪.‬‬
‫واقعها وتـحوالتـها‪ ،‬ط‪ ،1‬الرايض‪ ،‬وزارة الثقافة‬ ‫مريدن‪ ،‬عزيزة أمني‪1966( ،‬م)‪ ،‬القومية واإلنسانية‬
‫واإلعالم وكالة الوزارة للشؤون الثقافية‪.‬‬ ‫يف شعر املهجر اجلنويب‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،‬الدار‬
‫النعمي‪ ،‬حسن حممد‪2012( ،‬م)‪ ،‬حماضرات يف‬ ‫القومية للطباعة والنشر‪.‬‬
‫األدب السعودي‪ ،‬ط‪ ،2‬خوارزم العلمية‪ ،‬جدة‪.‬‬ ‫املصري‪ ،‬علي‪1979( ،‬م)‪ ،‬ومضات يف ديوان العواد‪:‬‬
‫يقطني‪ ،‬سعيد‪2001( ،‬م)‪ ،‬انفتاح النص الروائي‪:‬‬ ‫دراسة حتليلية لثالثة دواوين أماس وأطالل‪-‬الرباعم‬
‫النص والسياق‪ ،‬ط‪ ،2‬الدار البيضاء‪ ،‬املركز الثقايف‬ ‫أو بقااي اآلماس‪-‬حنو كيان جديد‪ ،‬ط‪ ،1‬دمشق‪،‬‬
‫العريب‪.‬‬ ‫دار جملة الثقافة‪.‬‬
‫مغريب‪ ،‬حممد علي‪1984( ،‬م)‪ ،‬أعالم احلجاز يف‬
‫القرن الرابع عشر للهجرة ‪ 1301‬هـ‪1400 -‬‬

You might also like