Professional Documents
Culture Documents
سيرة حياته
ولد أمحد شوقي حبي احلنفي بالقاهرة يف 20رجب 1287هـ املوافق 16أكتوبر 1868ألب
شركسي وأم يونانية تركية ،ويف مصادر أخرى يذكر أن أبيه كردي وأمه من أصول تركية
وشركسية ،وبعض املصادر تقول أن جدته ألبيه شركسية وجدته ألمه يونانية .وكانت جدته ألمه
تعمل وصيفة يف قصر اخلديوي إمساعيل ،وعلى جانب من الغىن والثراء ،فتكفلت برتبية حفيدها ونشأ
قدرا من القرآن وتعلّم
معها يف القصر ،وملا بلغ الرابعة من عمره التحق ب ُكتّاب الشيخ صاحل ،فحفظ ً
واضحا كوفئ عليه
ً مبادئ القراءة والكتابة ،مث التحق مبدرسة املبتديان االبتدائية ،وأظهر فيها نبو ًغا
واستظهارا ،فبدأ الشعر
ً بإعفائه من مصروفات املدرسة ،وانكب على دواوين فحول الشعراء حفظًا
جيري على لسانه.
وهو يف اخلامسة عشرة من عمره التحق مبدرسة احلقوق سنة (1303هـ1885/م) ،وانتسب إىل قسم
الرتمجة الذي قد أنشئ هبا حديثًا ،ويف هذه الفرتة بدأت موهبته الشعرية تلفت نظر أستاذه الشيخ
حممد البسيوين ،ورأى فيه مشروع شاعر كبري.
بعد ذلك سافر إىل فرنسا على نفقة اخلديوي توفيق ،وقد حسمت تلك الرحلة الدراسية األوىل
منطلقات شوقي الفكرية واإلبداعية ،وخالهلا اشرتك مع زمالء البعثة يف تكوين (مجعية التقدم
املصري)،ـ اليت كانت أحد أشكال العمل الوطين ضد االحتالل اإلجنليزي .وربطته حينئذ صداقة
محيمة بالزعيم مصطفى كامل ،وتفتّح على مشروعات النهضة املصرية.
طوال إقامته بأوروبا ،كان فيها جبسده بينما ظل قلبه معل ًقا بالثقافة العربية وبالشعراء العرب الكبار
حمدودا ،وتأثر بالشعراء الفرنسيني وباألخص
ً وعلى رأسهم املتنيب .لكن تأثره بالثقافة الفرنسية مل يكن
راسينا وموليري.
يُالحظ أن فرتة الدراسة يف فرنسا وبعد عودته إىل مصر كان شعر شوقي يتوجه حنو املديح للخديوي
عباس ،الذي كان سلطته مهددة من قبل اإلجنليز ،ويرجع النقاد التزام أمحد شوقي باملديح لألسرة
احلاكمة إىل عدة أسباب منها أن اخلديوي هو ويل نعمة أمحد شوقي وثانيا األثر الديين الذي كان
يوجه الشعراء على أن اخلالفة العثمانية هي خالفة إسالمية وبالتايل وجب الدفاع عن هذه اخلالفة.
لكن هذا أدى إىل نفي اإلجنليز للشاعر إىل إسبانيا عام ،1915ويف هذا النفي اطلع أمحد شوقي على
األدب العريب واحلضارة األندلسية هذا باإلضافة إىل قدرته اليت تكونت يف استخدام عدة لغات
واالطالع على اآلداب األوروبية ،وكان أمحد شوقي يف هذه الفرتة مطلعا على األوضاع اليت جتري يف
مصر فأصبح يشارك يف الشعر من خالل اهتمامه بالتحركات الشعبية والوطنية الساعية للتحرير عن
بعد وما يبث شعره من مشاعر احلزن على نفيه من مصر ،ومن هنا جند توجها آخر يف شعر أمحد
شوقي بعيدا عن املدح الذي التزم به قبل النفي ،عاد شوقي إىل مصر سنة .1920
يف عام ،1927بايع شعراء العرب كافة شوقي أمريا للشعر ،وبعد تلك الفرتة جند تفرغ شوقي
للمسرح الشعري حيث يعد الرائد األول يف هذا اجملال عربيا ومن مسرحياته الشعرية مصرع
كليوباترا وقمبيز وجمنون ليلى وعلي بك الكبري.
شعره
لقد كان الشاعر ميلك نصيباً كبرياً من الثقافتني العربية والغربية ،كما أفادته سفراته إىل مدن الشرق
والغرب،ـ ويتميز أسلوبه باالعتناء باإلطار وبعض الصور وأفكاره اليت يتناوهلا ويستوحيها من
األحداث السياسية واالجتماعية ،وأهم ما جاء يف املراثي وعرف عنه املغاالة يف تصوير الفواجع مع
قلة عاطفة وقلة حزن ،كما عرف أسلوبه بتقليد الشعراء القدامى من العرب وخصوصاً يف الغزل،
كما ضمن مواضيعه الفخر واخلمرة والوصف ،وهو ميلك خياالً خصباً وروعة ابتكار ودقة يف الطرح
وبالغة يف اإلجياز وقوة إحساس وصدقا يف العاطفة وعمقا يف املشاعر.
كان شوقي مثق ًفا ثقافة متنوعة اجلوانب ،فقد انكب على قراءة الشعر العريب يف عصور ازدهاره،
وصحب كبار شعرائه ،وأدام النظر يف مطالعة كتب اللغة واألدب ،وكان ذا حافظة القطة ال جتد
مغرما
عناء يف استظهار ما تقرأ؛ حىت قيل بأنه كان حيفظ أبوابًا كاملة من بعض املعاجم ،وكان ً
بالتاريخ يشهد على ذلك قصائده اليت ال ختلو من إشارات تارخيية ال يعرفها إال املتعمقون يف دراسة
التاريخ ،وتدل رائعته الكربى "كبار احلوادث يف وادي النيل" اليت نظمها وهو يف شرخ الشباب على
بصره بالتاريخ قدميه وحديثه.
وكان ذا حس لغوي مرهف وفطرة موسيقية بارعة يف اختيار األلفاظ اليت تتألف مع بعضها لتحدث
رائعا مل تعرفه العربية إال لقلة
ونغما ً
النغم الذي يثري الطرب وجيذب األمساع ،فجاء شعره حلنًا صافيًا ً
قليلة من فحول الشعراء.
وإىل جانب ثقافته العربية كان متقنًا للفرنسية اليت مكنته من االطالع على آداهبا والنهل من فنوهنا
والتأثر بشعرائها ،وهذا ما ظهر يف بعض نتاجه وما استحدثه يف العربية من كتابة املسرحية الشعرية
ألول مرة.
وقد نظم الشعر العريب يف كل أغراضه من مديح ورثاء وغزل ،ووصف وحكمة ،وله يف ذلك ٍ
أياد
رائعة ترفعه إىل قمة الشعر العريب ،وله آثار نثرية كتبها يف مطلع حياته األدبية ،مثل" :عذراء اهلند"،
ورواية "الدياس" ،و"ورقة اآلس" ،و"أسواق الذهب" ،وقد حاكى فيه كتاب "أطواق الذهب"
للزخمشري ،وما يشيع فيه من وعظ يف عبارات مسجوعة.
وقد مجع شوقي شعره الغنائي يف ديوان مساه "الشوقيات" ،مث قام الدكتور حممد السربوين جبمع
جديدا يف جملدين أطلق عليه "الشوقيات اجملهولة".
األشعار اليت مل يضمها ديوانه ،وصنع منها ديوانًا ً
اشتهر شعر أمحد شوقي كشاع ٍر يكتب من الوجدان يف كثري من املواضيع ،فهو نظم يف مديح النيب
حممد صلى اهلل عليه وسلم ،ونظم يف السياسة ما كان سبباً لنفيه إىل األندلس بإسبانيا وحب مصر،
كما نظم يف مشاكل عصره مثل مشاكل الطالب ،واجلامعات ،كما نظم شوقيات لألطفال وقصصا
شعرية ،ونظم يف املديح ويف التاريخ .مبعىن أنه كان ينظم مما جيول يف خاطره ،تارة الرثاء وتارة الغزل
وابتكر الشعر التمثيلي أو املسرحي يف األدب العريب .تأثر شوقي بكتاب األدب الفرنسي وال سيما
موليري وراسني.
وفاته
ظل شوقي حمل تقدير الناس وموضع إعجاهبم ولسان حاهلم ،حىت إن فاجأه املوت بعد فراغه من نظم
قصيدة طويلة حييي هبا مشروع القرش الذي هنض به شباب مصر ،وتويف يف 14مجادى اآلخرة
1351هـ 14 /أكتوبر 1932م.