Professional Documents
Culture Documents
.وتمّيز
.بأشعاره الرومانسية المتمّر دة .ويعتبر من أشهر الشعراء الذين نالوا مكانة كبيرة في األدب العربي
نشأ الشابي في أسرة مثقفة ،إذ تلّق ى علومه على يد والده محمد الشابي ،الذي درس في جامعة الزيتونة ثم التحق بجامع األزهر
.بالقاهرة عام .1901وعاد فيما بعد إلى تونس وُعّين قاضيا
وقضى حياته الوظيفية متنّقال بين مختلف المدن التونسية ،ورافقه ابنه أبو القاسم الشابي في مختلف تنّقالته ،مّم ا أكسبه معرفة
.واسعة بالكثير من األماكن التي ألهمته في كتاباته
وتلّقى الشابي تعليمه االبتدائي في الكتاتيب القرآنية في محافظة قابس جنوب البالد التونسية .وتمّيز بذاكرة قوية مّك نته من حفظ
.القرآن وهو في سّن التاسعة
كما تعّلم أصول اللغة العربية والّد ين من والده الذي تأّثر به كثيرا ،إذ قال عنه“ :أفهمني معاني الرحمة والحنان ،وعّلمني أّن
”.الحق خير ما في هذا العالم ،وأقدس ما في هذا الوجود
التحق أبو القاسم الشابي في عام 1920بجامعة الزيتونة التي ُتعّد من أعرق الجامعات العربية ،حيث نهل من شّتى العلوم
وأصنافها .وكان شغوفا جّد ا بالمطالعة والغوص في أعماق الكتب ،فلم يكتف بالدروس التي كان يتلّقاها ،وسعى دائما إلى توسيع
معارفه من خالل ارتياد مكتبتي “قدماء الصادقية” و”الخلدونية” ،حيث تشّبع بأصول األدب العربي قديمه وحديثه ،وانفتح على
.بقية الثقافات األخرى من خالل مطالعته األدبين األوروبي واألمريكي
درس الحقوق في مدرسة الحقوق التونسية وتخّر ج منها عام ،1930ثّم برزت موهبته الشعرية ،فكان غالبا ما يرتاد المجالس
األدبية والمنتديات الفكرية وُيجالس كبار األدباء التونسيين ،وانضّم إلى النادي األدبي :قدماء الصادقية ،حيث بدأ يتلّم س طريقه
.إلى عالم الشعر ،وُيلقي محاضراته األدبية
وكانت أول محاضرة في حياته األدبية في مكتبة الخلدونية عن “الخيال الشعري عند العرب” .استعرض فيها إنتاج العرب من
الشعر في مختلف البلدان وفي كل األزمنة .وإثر هذه المحاضرة أصبح كاتبا في جمعية الشباب المسلمين التي كانت قد ُأّسست
.حديثا
نادى بتحرير الشعر العربي من رواسب الصورة النمطية القديمة ،ودعا إلى االنفتاح على الفكر والخيال الغربي المتجّد د،
وتجاوز السائد والمألوف .لكّنه تلّقى عديد االنتقادات من قبل األدباء الُم حافظين الذين دعوا إلى مقاطعته بسبب اقتدائه بأعالم
الغرب في الفكر والخيال وانتقاده أصحاب العقلية الثقافية والسياسية الجامدة والّرافضة للتحّرر واالنفتاح ،مّم ا أّثر فيه بطريقة
سلبّية ظهرت جليا في أشعاره
تأّثر الشابي بالرومنطيقّية وشعراء المهجر نذكر من أبرزهم جبران خليل جبران الذي وصفه الشابي بـ”العبقرّي والفنان
الخالد” ،وإيليا أبو ماضي ،باإلضافة إلى أدباء الشعر العربي القديم مثل أبي العالء المعرّي وجميل ُبثينة ،وانفتح فكره أيضا
.على أدباء الغرب منهم يوهان غوته وألفونس دو المرتين وغيرهم الكثير
تمّيز الشابي بانفتاحه على مختلف المدراس الشعرية ،وبتفّرده؛ فقد كان ِش عره جامعا بين التمّرد والتصّو ف في الوقت ذاته ،كما
امتزج فيه الوطنّي بالعاطفّي وبالخيال الُم صاحب للصور الفنية الغنّية بالمعاني ،فكان سببا في إعادة إحياء هذا الّنمط الشعري في
.الُتراث العربي
ومن خالل شعره نقل إلى األجيال الالحقة الجانب اإلنساني الذي كان يتحّلى به ،وحّبه للحياة وعشقه لوطنه الكبير ،إذ كان
.شاعرا وجدانيا عميق اإلحساس ،حالما ومنفتح الفكر ،فما كان ِش عره إاّل وسيلة ينقل بها أحزان بلده وقضاياه
حاكى الشابي من خالل قصائده مواضيع متنّو عة زاوجت بين الطبيعة والغزل والوطنيات .واّتسم بنزعته الرومنطيقّية ،فجمعت
أشعاره بين صور الطبيعة ودهاء السياسة ،وبين روحانيات التصّو ف والصراع المادي ،وبين الرومنطيقّية والوطنية ،وأيضا
.بين الشاعر الوطني الُم رهف والحزين أحيانا
.ونشرت له مجلة “أبولو” بالقاهرة المصرية عددا من قصائده .وساهمت في شهرته في المجال األدبي في كامل المشرق العربي
وأنتج أعماال أدبية مهمة بقيت راسخة في الذاكرة العربية ،من أشهرها ديوان “أغاني الحياة” الذي ضّم مجموعة من قصائده
لعّل أهّم ها قصيدة “لحن الحياة” التي تضّم نت البيت الشهير “إذا الشعب يوما أراد الحياة… فالبّد أن يستجيب القدر” .وهو جزء
.من النشيد الوطني التونسي
إضافة إلى ُم ؤّل فه “الخيال الشعري عند العرب” ،المستوحى من محاضرة ألقاها في المدرسة الخلدونية ،وتناولت مضامين
الخيال في ذاكرة التراث الشعري عند العرب ونشأة الخيال في أّو ل الفكر البشري .كما كتب جزءا من مذّك راته ،والعديد من
.القصائد والمقاالت األدبية ونشرها في العديد من المجالت
.ومن هناك أصبح من أعظم الشعراء العرب في القرن العشرين .وُأدرج شعره في البرامج المدرسية والجامعية
وفي التاسع من شهر أكتوبر/تشرين األول رحل أبو القاسم الشابي عن عمر ناهز الـ 25عاما بعد صراع مرير مع مرض في
القلب وُحزن عميق على فراق