You are on page 1of 3

‫المحاضرة الثالثة‪ :‬الشعر الحر في الجزائر‬

‫لق د متيزت املرحل ة ال يت س بقت ع ام ‪1954‬م باحلف اظ على الش عر التقلي دي ذي‬
‫الشطرين‪ ،‬على الرغم من التطور الذي طرأ على الشعر اجلزائري بعد احلرب العاملية الثاني ة‪،‬‬
‫من خالل االجتاه حنو الرومانسية الذي مثله الشاعر "رمضان محود" و أضرابه من الشعراء‬
‫اجلزائريني‪ ،‬الذين دعوا إىل التجديد على مستوى الشكل و على مستوى املضمون‪.‬‬
‫و يتف ق أغلب الب احثني على أن "أب ا القاس م س عد اهلل" ح از قص ب الس بق يف كتاب ة‬
‫النموذج األول من الشعر احلر يف اجلزائر متمثال يف قصيدته "طريقي"اليت نشرت يف جريدة‬
‫البص ائر الع دد ‪ 311‬يف ‪ 25‬م ارس ‪1955‬م‪ ،‬مث بع د ذل ك نش ر الش اعر "أمحد الغ واملي"‬
‫أول قص يدة ح رة ل ه بع د ش هر تقريب ا عنواهنا‪" :‬أنني و رجي ع" نش رت أيض ا يف جري دة‬
‫البصائر العدد ‪ 315‬يف ‪ 22‬أفريل ‪1955‬م‪.‬‬
‫و هذه القصيدة اليت كتبها "أبو القاسم سعد اهلل" يقول يف مطلعها الشاعر‪:‬‬
‫يا رفيقي‬
‫ال تلمين عن مروقي‬
‫فقد اخرتت طريقي!‬
‫و طريقي كاحلياة‬
‫شائك األهداف جمهول السمات‬
‫عاصف التيار وحشي النضال‬
‫صاخب األنات عربيد اخليال‬
‫كل ما فيه جراحات تسيل‬
‫و ظالم و شكاوى و وحول‬
‫ترتاءى كطيوف‬
‫من حتوف‬
‫يف طريقي‬
‫يا رفيقي‬
‫و إذا ك انت ه ذه احملاول ة اجلريئ ة يف املرحل ة األوىل من تط ور ه ذا الش عر (مرحل ة‬
‫الثورة) و اليت قدمها الشاعر "أبو القاسم سعد اهلل" قد حالفها التوفيق يف جتديد اإلشكالية‬
‫املوس يقية للقص يدة و بنيته ا التعبريي ة‪ ،‬ف إن حماوالت ش عراء آخ رين يف ه ذه املرحلة نفسها‬
‫اتسمت بالتذبذب و الرتدد‪ ،‬و كانت أقرب إىل الشعر العمودي منها إىل الشعر احلر‪ ،‬منها‬
‫حماوالت "حممد األخضر عبد القادر السائحي" و "الطاهر بوشوشي" و "الغواملي" و "أبو‬
‫القاس م مخار"‪ ،‬و "حمم د الص احل باوي ة" و "عب د الرمحان الزن اقي" و "عب د الس الم احلبيب‬
‫اجلزائري"‪ ،‬باإلضافة إىل حماوالت "أمحد عروة" يف الشعر احلر‪.‬‬
‫و لعل امللمح البارز يف مرحلة الريادة هذه أن الشعراء استطاعوا أن يطعموا ‪ -‬كما‬
‫ي رى ش لتاغ عب ود ‪ -‬الش عر اجلزائ ري بل ون جدي د بع د أن ظ ل لف رتة طويل ة حمافظ ا على‬
‫ش كله العروض ي الق دمي‪ ،‬غ ري أن ه يف ه ذه الف رتة مل تتض ح أدوات الش عراء الفني ة م ع ه ذا‬
‫الشكل اجلديد و بقي هلم فضل الريادة و فضل السبق‪.‬‬
‫أما املرحلة اليت تلت‪ ،‬و هي مرحلة ما بعد "االستقالل"‪ ،‬فقد عرف الشعر اجلزائري‬
‫يف ب دايتها رك ودا و انس حاب كث ري من الش عراء عن كتاب ة الش عر عموم ا‪ ،‬ف أبو القاس م‬
‫سعد اهلل انصرف إىل البحث العلمي منذ ‪1961‬م‪ ،‬و انقطع "حممد الصاحل باوية" مدة من‬
‫ال زمن عن الش عر متفرغ ا لدراس ة الطب يف "يوغس الفيا"‪ ،‬غ ري أن بعض الش عراء اس تمر‬
‫يكتب الش عر‪ ،‬مث ل "أيب القاس م مخار" و "حمم د األخض ر الس ائحي" و "عب د الرمحان‬
‫الزناقي"‪ ،‬و كانوا يراوحون بني القصيدة العمودية و القصيدة احلرة"‪ ،‬لكن بعض الشعراء‬
‫ختلى عن كتابة الشعر احلر بعد احملاوالت األوىل‪ ،‬مثل "أمحد الغواملي" الذي مل يتوان بعد‬
‫ذلك عن مهامجة الشعر احلر بسخرية الذعة يف جملة "النصر" يف مقال له بعنوان "رشحات‬
‫على الشعر احلايف اخلايل من األوزان و القوايف"‪.‬‬
‫و بع د مرحل ة بداي ة االس تقالل ع اد الش اعر "حمم د الص احل باوي ة" بع د انقط اع دام‬
‫عش ر س نوات (‪1959‬م ‪1969-‬م) إىل كتاب ة الش عر‪ ،‬فكتب قص ائد ح رة نش رها يف‬
‫ديوان ه "أغني ات نض الية"‪ ،‬و يف ه ذه الف رتة تط ور الش عر احلر عن د بعض الش عراء اآلخ رين‬
‫كـ"أيب القاسم مخار" و "حممد األخضر السائحي"‪.‬‬

You might also like