‫جواد عالء الدين‬

‫المقدمة‪ ‬‬
‫ان فكرة المخلص موجودة في كل االديان وهي ضمن الفطرة‪ .‬وكذلك مستقبل االنسانية المسير لليوم الموعود و‬
‫االيمان بالمهدي يكون مصدر قوة وعطاء لمقاومة الظلم‪ ،‬فال بد من دحر الظلم في نهاية المطاف‪ .‬لقد قام االسالم على‬
‫اعطاء االمام خصوصية اكبر من كل الديانات‪ ،‬فاالمام المهدي موجود بيننا لكننا ال نعرفه ونحن منتظرون معه لحظة‬
‫ظهوره‪ .‬واالمام يرفض كل اشكال الظلم وقد طلبت االحاديث انتظار الفرج لتحقيق الرابطة الروحية‪ .‬فيخلق ذلك عدد‬
‫اسئلة تجول في عقول الناس‪ ،‬فيتساءل الناس حول عمر االمام فهو يعيش لوقت طول من دون ان يتاثر بشيء‪ .‬وايضا‬
‫لماذا اراد هللا اطالت عمر االمام ولم يرد والدته في اليوم الموعود ويمارس مهامه مع الوقت‪ ,‬فهو استلم االمامة في‬
‫عمر صغير هل يكفي هذا الوقت لتنشئته؟ اذا كان القائد جاهزا فلماذا ما زال غائبا؟ وكيف لنا ان نامن به بسب بعض‬
‫الروايات والتي قد تكون ضعيفة؟ واخيرا‪ ،‬ما هو دور االمام في اليوم الموعود‪ ،‬او ماذا سيحدث في هذا اليوم؟ كل هذه‬
‫التساؤالت ليست عبثية بل لها مصادر نتجت عنها ويجب االيجابة عنها اللغاء الشكوك التي تدور في عقول الناس‪ .‬‬

‫كيف للمهدي هذا العمر الطويل؟‪ ‬‬

‫في البداية علينا االطالع على انواع االمكانات‪ .‬اآلمكان العلمي هو القدرة على فعل امر بسبب اثبات علمي‪ .‬واالمكان‬
‫المنطقي هو ان ال يوجد قانون في العقل يرفض ذلك االمر‪ .‬وعلى مر الزمن يقوم العلم على البحث عن طرق لمنع‬
‫الشيخوخة‪ ،‬ليستطيع االنسان العيش لعمر اكير فهذا شي ليس مستحيل‪ .‬كثرت وجهات النطر التي تتحدث عن كيفية‬
‫منع مرحل الشيخوخة ومنها عزل الخاليا عن المؤثرات فمن الممكن التغلب على هذه الظاهرة‪ .‬والنظرية االخرى بان‬
‫ال محال من هذه المرحلة فالخلية ستموت فيما بعد‪ .‬ومع وجود بعض العوامل التي ممكن ان تاخر مرحلة الشيخوخة‪،‬‬
‫العلم ال ينكر فكرة اطالة العمر‪.‬‬
‫فبعد اثبات امكانية العمر الطويل بالعلم هل يعقل ان االمام سبق العلم؟ انها ليست المرة االولى التي يسبق االسالم فيها‬
‫العلم فاالنسان لم ينضج للتوصل الى هذه االسرار‪ .‬فالعلم كان يثبت ويدعم االفكار التي بنشرها االسالم فقد اسري‬
‫النبي من المسجد الحرام الى المسجد االقصى مستخدما قوانين الطبيعة التي لم يتح للعلم استخدامها اال بعد الكثير من‬
‫السنين وكذلك الخبرة الربانية التي اتاحت للرسول االسراء قد اتاحت ايضا امور اخرى لألنبياء ايضا‪ .‬ان عمر االمام‬
‫غريبا وغير مالوف الى يومنا الحالي‪ ،‬وكذلك عمل االمام غير مالوف ايضا ‪،‬‬
‫فان النبي نوح قد قام بتغير االرض بعد الطوفان وتمتع بعمر طويل‪ ،‬وكذلك االمام المهدي يمارس دوره لمستقبل‬
‫البشرية ولكن لماذا ال نتقبل عمر الطويل لالمام ونتقبله للنبي ؟‪ ‬‬

‫المعجزة والعمر الطويل‬

‫لو ان اطالة العمر معجزة فكان اطالت عمر االمام من المعجزات فقد تم كسر قانون للطبيعة‪ ،‬لقد تم تعطيل الكثير من‬
‫القوانين الطبيعية من اجل حماية االنبياء‪ ،‬فالعناية االالهية تعطل هذه القوانين للسماح للحجة باكمال مهمته‪ .‬لكن كيف‬
‫يتم تعطيل هده القوانين ؟ القانون الطبيعي عالقة بين ظاهرتين متتابعتين‪ ،‬فعندما تاتي المعجزة تفصل احدى هذه‬
‫العالقات‪ .‬لقد تطور مفهوم المعجزة بعدما كان ضمن وجهات النظر القديمة فاصبحت ذات طابع علمي فاصبحت‬
‫عالقتها قانون اقتران وليست ضرورة غيبية‪ .‬ويمكننا االفتراض ان هناك حكمة دعت ربط بعض الظواهر ببعضها او‬
‫دعت لالستثناء فتحولت الى معجزة ‪.‬‬

‫لماذا كل هذا الحرص على اطالة العمر؟‪ ‬‬

‫هل يمكننا اعتقاد ان هذا الغياب عامل من نجاح لمهمة هذا القائد؟ ان عملية التغير تتطلب مستوى نفسي محدد فعلى‬
‫القائد ان يكون مشحونا بالتفوق ليواصل العمل‪ ،‬كلما كان الكيان اكبر وحضارته اشمخ تطلبت المزيد من الشعور‬
‫النفسي المفعم‪.‬‬
 ‫الشخص المولود في اي بيئة سيعيش الهيبة اتجاهها‪ ،‬اما الشخص الذي عاصر الحضارات في مراحلها ولم يحتاج‬
‫لكتب التاريخ يدرك ان هذا الذي يريد مصارعته فانه قدرا محتوم‪ .‬كان روسو يخاف من فكرة فرنسا بدون ملك النه‬
‫نشأ في ظل الملكية‪ ،‬‬
‫واالشخاص المتغلغلين بالتاريخ يدركون ان هذا الكيان و هذه الحضارة الى زوال‪ .‬وكذلك قام فتية ليواجهوا كيانا‬
‫وثنيا‪ ،‬ولكنه كان مستكبرا ظالما فدب اليأس في نفوسهم‪ ،‬ثم لجاوا الى هللا وسكنوا الكهف فانامهم هللا ثالثمئة سنة و‬
‫تسع سنين ليشهدوا تداعى هذا الحكم من بعد ما كان المسيطر اصبح ال كلمة له‪ .‬والتجربة التي تتيح مواكبة هذه‬
‫الحضارات تعطي الفرد القدرة على تقييم الظواهر االجتماعية بالوعي وعملية التغيير الخاصة باالمام تقوم على‬
‫رسالة االسالم‪ ،‬فمن الطبيعي ان يكون قد تم بناء شخصيته بعيدا عن المؤثرات الخارجية لكي يضمن عدم تاثره بها‬
‫فتكون قد بنيت في حضارة سابقة‪.‬‬

‫كيف اكتمل اعداد القائد المنتظر؟‬

‫االمامة في عمر مبكر ليس امر جديد لكنها وصلت ذروتها في االمامين المهدي و الهادي‪ .‬االمامة ليس امر متوارث‬
‫بل كانت تكتسب والء قواعدها عن طريق تغلغل الروح فيصبح االمام بجدارته امام‪.‬‬
‫بنيت بعض القواعد في عصر صدر االسالم‪ ،‬وتشكلت مدارس االمامين الباقر والصادق وشكلت تيارا فكريا واسعا‪.‬‬
‫هذه المدارس كانت تشكل خطرا على الحكام‪ ،‬فكان يقتل الكثيرون ويعذبون‪ ،‬فكان االعتقاد باالمة امر مكلف‪ .‬واالئمة‬
‫لم يكونوا معزولين عن الشعب مثل الحاكمين‪ ،‬فيظلوا معهم اال عندما تعتقلهم السلطات فيحجبون عنهم‪ ،‬فينشر االئمة‬
‫وكالء لهم‪ .‬باضافة الى انه كان الحكام ينظرون الى االئمة على انهم خطر وبدات الكثير من الجهود لتفتيت هذه‬
‫الحركة‪ .‬االمامة المبكرة امر واقعي‪ ،‬فعندما يبرز امام صغير ويامن به الناس‪ ،‬فيكون لديه الكثير من المعارف‪ ،‬النه‬
‫لو لم يكن كذلك لما آمنت به الشعوب‪ .‬لو افترضنا عن عدم كشف الحقيقة فلماذا سكت الحكام ولم تقم بالسعي لكشف‬
‫الحقيقة اذ كانت لصالحهم؟‪  ‬كان االمام الصبي ذو اسلوب ويقدم البراهين على اجاباته‪ ،‬فليس هناك دليل على عدم‬
‫كفائته‪ .‬والسبب الذي اسكت الخالفة هو ادراكم بان االمامة المبكرة امر حقيقي‪ .‬فانها قد فشلت في الكشف عن هذا‬
‫االمر‪ ،‬فلم يتم احراج االمام باي شؤال رغم صغر سنه‪ ،‬وقد ذكر في القرآن ( يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم‬
‫صبيا ) فهنا ثبت ان االمامة المبكرة امر واقعي بالنص القرآني‪.‬‬

‫كيف نؤمن بان المهدي قد وجد ؟‬

‫االمكان ليس كافي لالقتناع بوجود االمام‪ ،‬فهل تكفي بعد الروايات في الكتب ؟ كثرت االحاديث التي تتحدث عن االمام‬
‫المهدي عند كال المذهبين الشيعي والسني حتى وصلت ستة االف رواية‪ ،‬وهذا العدد يدحر اي تشكيك في االمر‪.‬‬
‫ولتجسيد هذه الفكرة في االمام علينا االستناد الى دليلين االول ديني وهو الثبات وجود االمام واالخر علمي وهو‬
‫الثبات ان المنتظر ليس اسطورة‪ .‬والدليل الديني يتمثل بالروايات عن الرسول اهل بيته‪ ،‬وتبرير على صحة هذه‬
‫الروايات‪ ،‬وجود بعد االحاديث التي تنص وجود اثنا عشر امام‪ .‬واما الدليل العلمي ويكون ذلك من تجربة االشخاص‬
‫الذين عاشوا في عصر الغيبة الصغرى‪ ،‬وهي مراحل االمام االولى‪ ,‬فجُبر االمام على اختفاء‪ ،‬فاذا غاب االمام عاش‬
‫المسلمون حالة من الضياع‪ .‬فكان ال بد من تمهيد لالمر‪ ،‬فجاء التمهيد على شكل الغيبة الصغرى فظل االمام متصل‬
‫مع الشيعة عن طريق سفراءه‪ .‬فتوزع السفراء وهم عثمان بن سعيد العمري‪ ،‬محمد بن عثمان بن سعيد العمري‪ ،‬ابو‬
‫القاسم الحسين بن روح و ابو الحسن علي بن محمد السمري‪ .‬فاصبحوا يتخالفون كل ما مات احدهم‪ .‬وكانت مهمة‬
‫السفير ايصال اسئلة الناس و احوالهم الى االمام‪ .‬استمرت الغيبة حوالي ‪ ٧٠‬سنة وانتهت عندما اتمت اهدافها‪ .‬وكانت‬
‫الغيبة الكبرى بدون وكيل بين االمام والشيعة وتكيف الناس مع فكرة النيابة العامة وتحولك من اشخاص محددين الى‬
‫خط عام‪ .‬لاليمان باالمام الموعود‪ ،‬فليس من الممكن الكذوبة ان تستمر ‪ ٧٠‬سنة على نفس الطريقة مع ‪ ٤‬اشخاص‬
‫ويكسبون ثقة الجميع‪ .‬وقد اثبت علميا انه ال ممكن الكذوبة ان تعيش هذا الوقت‪.‬‬
 ‫لماذا لم يظهر القائد اذن؟‪ ‬‬
‫ان الرسالة التي تعتمد عليها السماء للتغير هي ربانية ولكن ترتبط مع الظروف في متى حدوثها فيرتبط نجاحها بهذا‬
‫االمر‪ .‬فتتطلب المناخ المطلوب لنجاحها ولو انه واجهها اي عارض من الممكن فشلها‪ .‬لم يرد هللا استخدام قوته في‬
‫تهيء المناخ وتذليل كل الصعاب في وجه هذه الرسالة ليكون العمل التغييري طبيعي وموضوعي‪ ،‬ولكن في بعض‬
‫االحيان يتطلب االمر التدخل الرباني‪ .‬عملية االمام التغيرية من الناحية التنفيذية مثل اي عمل تغيري اجتماعي ترتبط‬
‫بظروف مالئمة‪ .‬ولكن رسالة االمام تغير العالم واخراجه من الظلمات الى النور وذلك يتطلب مناخا عالميا مناسبا‪.‬‬
‫وللقدرة المادية دور في المساهمة بتوفير المناخ المناسب‪ ،‬فنحن االن اقرب مما كان عليه الناس في الغيبة الصغرى‪.‬‬
‫فعلينا ان نتسلح بالثقة و االيمان اوال ومن ثم نستعين باالدوات فيكون االساس ثابتا‪.‬‬

‫وهل للفرد كل هذا الدور ؟‬

‫كما تاثر الطبيعة على االنسان يوثر االنسان فيما حوله‪ ،‬فانه ال يوجد سبب ان الحركة ال تبدا من االنسان‪ .‬فاالنسان‬
‫والمادة يتفاعالن على مر الزمان‪،‬‬
‫فقد قان الرسول انشا حركة حضارية لم يكن للظروف ان التي كانت تحيطه ان تتمخض عنه بحال من االحوال‪ .‬وانه‬
‫ما حدث مع الرسول ممكن الحدوث مع االمام المهدي‪.‬‬

‫ما هي طريقة التغير في اليوم الموعود؟‬

‫بسبب جهلنا لوقت ظهور االمام ال يمكننا توقع ماذا سيحدث عند ظهوره‪ ،‬هناك امر واحد يمكن قبوله هو االزمة‬
‫الحضارية التي ستساهم في انتشار وقبول رسالة االمام عند البشر‪ .‬‬