You are on page 1of 7

‫نحو إعادة هيكلة عقلية طالب العلم (‪)40‬‬

‫] النظرة االختزالية لقضايا األمة [‬

‫السالم عليكم ورحمة الله وبركاته ‪ ,‬النظرة لقضايا األمة تؤثر في ترتيب األولويات‬
‫ولكي تعرف هل بوصلتك في النظر إلى قضايا األمة منضبطة و متجهة لالتجاه‬
‫الصحيح خذ هذا الضابط إذا كنت تنظر إلى قضايا األمة على أنها مطالب مما‬
‫يشترك فيه المسلم والكافر مثل النصر الدنيوي و االنتقام من األعداء الظلمة و‬
‫ً‬
‫تكوين مستوى اقتصادي جيد جدا ‪ ,‬فاعلم أن نظرتك بحاجة إلى تعديل وتقويم ‪,‬‬
‫ُ‬
‫هي مطالب مهمة وضرورية ال أحد يقول غير هذا لكن بعض المطالب التي تختزل‬
‫فيها قضايا األمة هي مطالب ليست فقط يشترك فيها المسلم والكافر بل تشترك‬
‫فيها الكائنات الحية ككل وهذا يفقدك غايتك أيها المسلم ! بل عليك أن تفهم أنك‬
‫حين تطلب هذه المطالب البد أن تطلبها كما يطلبها الموحدون و كما طلبها النبي‬
‫ﷺ وأصحابه ما معنى هذا ؟ معناه يندرج تحت « إنا لله وإنا إليه راجعون »‬
‫بحيث تكون العقيدة فوق هذا كله فهي الغاية األساسية وهذه كلها وسائل‬
‫🛑 أمثلة ‪:‬‬
‫ً‬
‫[‪« - ]١‬أريال شارون» مثال هذا المجرم الكبير ‪,‬في قوانين الدنيا أو مطالب الدنيا لو‬
‫كانت مظلمته وقعت على العرب أو العجم أو النصارى فإنهم بمجرد ما يتمكنون‬
‫ً‬
‫منه سيقتلونه أو سيحاكمونه ثم يحكمون عليه باإلعدام قضائيا و نحن المسلمون‬
‫نتفق معهم في هذا لكن عندنا استثناء فإذا أسلم من قبل أن نقدر عليه ساعة إذ‬
‫َ‬
‫ؤمنين﴾ [التوبة‪]١١ :‬‬ ‫دور َقوم ُ‬
‫م‬ ‫يسقط كل هذا سبحان الله وكيف ﴿ َو َيشف ُص َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫؟ ‪ ,‬نعم شفاء صدور المؤمنين بإسالمه وعودته أعظم من شفائها باالنتقام ‪ ,‬لماذا‬
‫؟ الن الله ورسوله أحب إلى المؤمنين مما سواهما بما فيها حظوظ النفس ‪,‬حتى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫نفاقا فنحن ّ‬
‫نؤمل أن يكون أوالده مسلمين حقا ‪ ,‬رأيت الفارق ؟ هذا مهم‬ ‫لو أسلم‬
‫وضروري‬
‫[‪ - 0٠40 [[ -]٢‬حدثنا عبد الله بن سعيد قال‪ :‬حدثنا أبو خالد األحمر‪ ،‬عن كثير‬
‫بن زيد‪ ،‬عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أبي‬
‫سعيد‪ ،‬قال‪ :‬خرج علينا رسول الله ﷺ ونحن نتذاكر المسيح الدجال‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫« أال أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟» قال‪ :‬قلنا‪ :‬بلى‪،‬‬
‫فقال‪ « :‬الشرك الخفي‪ ،‬أن يقوم الرجل يصلي‪ ،‬فيزين صالته‪ ،‬لما يرى من نظر‬
‫رجل» ]] 📚 سنن ابن ماجة‬
‫سبحان الله الدجال هذا سيكون عنده كل مظاهر ا لقوة المادية وبالتالي سيحقق‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫نصرا في األربعين يوما «مدته» وسيكون هناك من يتباكى على هزيمة المسلمين‬
‫في وقت الدجال وهناك من سيأتي من أتباع الدجال ويقولها ‪ « :‬ما أغنى عنكم‬
‫دينكم نحن اآلن مع الدجال وعندنا تقدم وعندنا تطور وعندنا كل شيء » ومع‬
‫ذلك هذه الفتنة التي تجعل مقاليد كل شيء في يد الكفار مدة من الزمن ويكون‬
‫أهل االيمان منزوين ‪ ,‬النبي ﷺ يخاف علينا الرياء أعظم منها الن هذه الفتنة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يخرج منها اإلنسان إما مؤمنا وإما كافرا ولكن في النهاية المؤمنون ككل ُيضرون في‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫دنياهم أما الرياء فهذه فتنة أعظم استمرارا فالدجال فتنته أربعين يوما ‪ ,‬لماذا‬
‫فتنة الرياء أعظم ؟ ألنها تنقص من نصيبك في االخرة ‪ ,‬ألنها تخالف غائيتك « إنا‬
‫لله وإنا إليه راجعون »‬

‫لهذا المصيبة الحقيقية ‪ -‬حين ننظر لقضايا األمة ‪ -‬هي فيما ينغص علينا آخرتنا‬
‫بمعنى أن ترك الصالة وسب الله والرياء و غيرها من األمور الخطيرة ينبغي أن‬
‫يكون انتشارها في شباب االمة أو في بعض البلدان من قضايا األمة الكبرى ‪ ,‬كثير‬
‫من الناس صاروا ينظرون لقضايا األمة نظرة عالمانية فيما يشترك فيه المسلم‬
‫والكافر ‪ ,‬وهي أمور مهمة ولكن هي وسيلة لغاية وليست هي األمر األصلي ‪ ,‬بعض‬
‫الناس بدأ يقول « التوحيد ! التوحيد ! التوحيد ! » وبدأ يهون من شأن المعاصي‬
‫ً‬
‫أو من شأن العلمنة التي هي أصال مناقضة للتوحيد وهذا غلط شعيب دعا قومه‬
‫للتوحيد ونهاهم عن الغش و لوط نفس القصة ولكن األمر اليوم معكوس في‬
‫غالب الناس « أمة أمة أمة » ثم ما هي األمة ؟ ما معنى أمة ؟ معناها أناس‬
‫ً‬
‫يجتمعون على عقيدة و عقيدتهم هذه ينبغي أن تكون أهم من أي شيء لهذا مثال‬
‫‪ )١‬مسلم تولى يوم الزحف هذا غايته فاسق‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ )٢‬شخص مثل أبي طالب نصر القضية نصرا عظيما و مثل مطعم بن عدي الذي‬
‫اجار النبي ﷺ كالهما في جهنم‬
‫هذا نصر النبي ﷺ وهذا نصر النبي ﷺ ونصر القضية وذاك تولى يوم الزحف !‬
‫ً‬
‫نعم ‪ ,‬ألن حق الله أعظم من كل شيء وهؤالء لما نصروا ‪ ,‬هذا نصر حمية و هذا‬
‫نصر إرادة للصيت ‪ ,‬ما أحد أراد وجه الله ألن « إنا لله وإنا إليه راجعون » هذه‬
‫هي القصة فكثير من طلبة العلم لما ينظر لقضايا األمة كثير منهم يشتغل بالنظر‬
‫في قنوات األخبار وتتبع بعض األمور ‪ -‬وهو أمر مهم ‪ -‬ولكن يغفل عن مكتبته‬
‫وعن كتبه وعن طلبه للعلم ويستصغر هذا ‪ ,‬لماذا ؟ ألن أثرها ال يتعلق بقضايا‬
‫األمة التي ُينظر إليها نظرة عالمانية‬
‫🛑 اآلثار السلبية للنظرة االختزالية‬

‫ومن اإلشكاليات اآلن اذهب إلى أي قناة أو أي صفحة من صفحات القنوات‬


‫االخبارية في مواقع التواصل أو إلى مذيعي قنوات األخبار الذين يبثون « قضايا‬
‫االمة » وإلى صفحاتهم و إلى كالمهم و إلى تعليقات الناس لترى أننا نعاني من‬
‫ً‬
‫مصيبة كبيرة جدا أال وهي تسلل الكثير من مفاهيم العلمنة للناس وهم يتابعون‬
‫أخبار األمة وقضاياها وتجد بالي ا عظيمة مثل العنصرية المفرطة و الكبر المفرط و‬
‫ً‬
‫الجهل بالدين ‪ ,‬أصال نحن غفلنا و صرنا نوجه العوام لقنوات األخبار وغير ذلك‬
‫وكانت هناك فرق من المنصرين وغيرهم ينظرون في كتب التراث ثم بعد ذلك لما‬
‫جاءوا يشككون المسلمين سببوا الحيرة لكثير ممن كان يفترض بهم أن يكونوا طلبة‬
‫لكنهم هجروا العلم وصاروا ينظرون و يتتبعون بشكل مفرط لقضايا األمة في‬
‫تصورهم وغفلوا عن طلب العلم ومنهم من احتقره ومنهم من تلفظ بهذا ومنهم‬
‫من سلوكه يدل على هذا ثم فوجئنا بأنه كما هناك كثير من المسلمين ُيقصفون ‪-‬‬
‫نسأل الله عز وجل أن يفرج عنهم ‪ -‬فهناك كثيرون قد قصفوا في عقيدتهم ولما‬
‫ُ‬
‫أردنا أن نقف لهذا األمر وإذا بنا نفاجأ بخذالن عظيم من كثير من الناس ومن كثير‬
‫ً‬
‫ممن كنا نرجو منه أن يقف معنا ألنه ال زال مشغوال بخصومات هي فرع عن النظر‬
‫االختزالي لقضايا األمة فصار من الممكن أن ُيفضل رجل عروبي أو عالماني و غض‬
‫ا لنظر عن العقيدة لمجرد الخالفيات السياسية والتي فيها ما فيها وقد يكون فيها‬
‫ً‬
‫ظالم وعادل وقد يكون فيها أصال من هو على السنة المحضة وهناك من هو على‬
‫البدعة وإن كان أكثر الخالفات بين الناس اليوم في هذه السياقات الدقيقة يكون‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫فيها كال الطرفين مذموما بحسبه فمن هم من يكون ذمه متعلقا بكونه باغيا وإن كان‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫معه نوع من الحق ومنهم من يكون ذمه متعلقا بكونه مبطال وزيادة على ذلك‬
‫هناك غفلة عن الكثير من المطالب الهامة وهناك زهد بطلب العلم واضح عند‬
‫الكثيرين أو ببعض صور العلم‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫واليوم من شدة عظمة الخالف السياسي في القلوب إذا رأيت إنسانا منتكسا أو‬
‫ً‬
‫إنسانا يخالفك في السياسة ال تكتفي بالمخالفة له في موقفه هذا حتى يتطور‬
‫األمر معك إلى بغضه وبغض شكله وطريقة كالمه والتيار الذي ينتمي إليه ومحاولة‬
‫تقبيح أي شيء يفعله وربما يأخذك الغيظ إلى مرحلة سب إمامه في الفقه أو سب‬
‫الدعوة التي ينتمي إليها أو الخوض التاريخي المتخبط الذي ُيخاض اليوم بطريقة‬
‫مزرية و يذكرني ما يحصل اليوم بقصة عبد السالم حفيد عبد القادر الجيالني وكان‬
‫ً‬
‫ساحرا و أخرجوا كتب السحر من عنده وتبرأ منها فقالوا « العنوا من كتبه و من‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫اعتقده » فصاروا يلعنونه ثم الحقا بعض الناس بدأ يلعن عبد القادر شخصيا و‬
‫عبد القادر ما له عالقة ثم بعض الناس وصل به األمر إلى لعن اإلمام احمد بن‬
‫ً‬
‫حنبل وبعض الناس اتضح أنه زنديق سب النبي ﷺ شخصيا فقيل ‪ « :‬وظهرت‬
‫األحقاد الصدرية »‬
‫[[ وكان عبد السالم أيضا غير ضابط للسانه‪ ،‬وال مشكور في طريقته وسيرته‪،‬‬
‫يرمى بالفواحش والمنكرات‪ ،‬وقد جرت عليه محنة في أيام الوزير ابن يونس‪،‬‬
‫وحكم بفسقه‪ ،‬وأحرقت كتبه‪ ،‬وكان سبب ذلك أن ابن يونس كان جارا ألوالد‬
‫الشيخ عبد القادر في حال فقره‪ ،‬فكانوا يؤذونه غاية األذى‪ ،‬فلما ولي ابن يونس‬
‫وتمكن شتت شملهم‪ ،‬وبعث ببعضهم إلى المطامير بـ «واسط» وبعث فكبس‬
‫دار عبد السالم‪ ،‬وأخرج منها كتبا من كتب الفالسفة‪ ،‬و«رسائل إخوان الصفا»‬
‫وكتب السحر‪ ،‬والنارنجة‪ ،‬وعبادة النجوم‪ ،‬واستدعى ابن يونس ‪ -‬وهو يومئذ‬
‫أستاذ الدار ‪ -‬العلماء والفقهاء‪ ،‬والقضاة‪ ،‬واألعيان‪ ،‬وكان ابن الجوزي معهم‪ ،‬وقرأ‬
‫في بعضها مخاطبة زحل يقول‪ « :‬أيها الكوكب المنير ‪ ،‬أنت تدبر األفالك‪،‬‬
‫وتحيي وتميت وأنت إلهنا » ‪ ،‬وفي حق المري ــخ من هذا الجنس‪ ،‬وعبد السالم‬
‫حاضر‪ ،‬فقال ابن يونس‪ :‬هذا خطك؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬لم كتبته؟ قال‪ :‬ألرده على‬
‫قائله ومن يعتقده‪ ،‬فأمر بإحراق كتبه‪ ،‬فجلس قاضي القضاة والعلماء ‪ -‬وابن‬
‫الجوزي معهم ‪ -‬على سطح مسجد مجاور لجامع الخليفة‪ ،‬يوم الجمعة‬
‫وأضرموا تحت المسجد نارا عظيمة‪ ،‬وخرج الناس من الجامع فوقفوا على‬
‫طبقاتهم‪ ،‬والكتب على سطح المسجد‪ ،‬وقام أبو بكر ابن المرستانية فجعل يقرأ‬
‫كتابا كتابا‪ ،‬من مخاطبة الكواكب ونحوها‪ ،‬ويقول‪ :‬العنوا من كتبه ومن يعتقده‬
‫وعبد السالم حاضر‪ ،‬فيضج العوام باللعن‪ ،‬فتعدى اللعن إلى الشيخ عبد القادر‪،‬‬
‫بل وإلى اإلمام أحمد‪ ،‬وظهرت األحقاد الصدرية ]]‬
‫📚 ذيل طبقات الحنابلة البن رجب الحنبلي‬

‫اليوم يحصل مثل هذه القصة فيظهر إنسان منتمي كذبا لبعض التيارات فيجيء‬
‫ً‬
‫بعضهم يصفي حسابه مع المجدد مثال من خالل هذا اإلنسان وبعضهم يصعد‬
‫ً‬
‫قليال ليصفي حسابه مع الصحابة أو مع أهل الحديث ككل بعضهم تصل معه‬
‫لدرجة أن يذكر النبي شخصيا ﷺ‬
‫🛑 إهمال الدرس العقدي‬
‫تعظيم أي خالف له متعلقات دنيوية مع تصغير أي خالف عقدي محض وإهمال‬
‫ً‬
‫الغائية وصل إلى مرحلة مستفزة جدا ال تقبل السكوت مع األسف قد يتضايق‬
‫كالما يؤذي الناس أو يزعجهم أو ّ‬ ‫ً‬
‫يضيق‬ ‫كثيرون من هذا الكالم و كنت أود أال أقول‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫صدورهم ‪ ,‬فالمرء ال يستمتع بهذا ولكن هذا هو الواقع ‪ ,‬حين ترى إنسانا مشركا‬
‫يعبد غير الله بشكل واضح و ترى ذبائح تسفك و شركيات فظيعة تنتشر في االمة‬
‫و طقوس غريبة عجيبة بعضها لو يراها وثني يقشعر له بدنه ثم فقط نبدأ نتكلم‬
‫فيما توجهنا له القنوات اإلخبارية وقد رأينا من دجلها وتدليسها ما رأينا وعلى أنه‬
‫ً‬
‫فعال قد نستفيد منهم في فهم من يحصل إلخواننا المسلمين هنا أو هناك لكن في‬
‫الواقع اليوم أن القضية الصغيرة تكبر والكبيرة تصغر بحسب ما هم يريدون ألن‬
‫ً‬
‫الناس لم يتعلموا و يتحصنوا مبدئيا ثم يأخذوا منهم بل من عندهم بدؤوا وحين‬
‫ً‬
‫أقول أن هناك قيما عالمانية دخلت على كثيرين فأنا ال أعني العوام فحسب بل‬
‫أعني منتسبي التيارات االسالمية بل بعض الخواص و بعض الدعاة ‪ ,‬هذا الشيء ال‬
‫ينكره إال مكابر علمنة ظاهرة في طرح الكثيرين وبسبب هذا االختزال في النظر‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫لقضايا األمة صار مجرد النصر المرحلي أو الهزيمة المرحلية يسبب شيئا عجبا من‬
‫اإلحباط أو التيه فإن كان نصر ‪ ,‬صار تيه ُيحتقر معه العلم وي هون من شأن العلوم‬
‫حتى ُيقال ‪ « :‬لم نحتجكم ولتنفعكم دروسكم وجلوسكم ! » واذا كانت هزيمة‬
‫صار إحباط شديد و ُيقال ‪ « :‬لم تنفعنا دروسكم و جلوسكم » !‬
‫ً َُّ‬
‫الحدث المؤثر مثل الري ح التي تهب عليك فإن كنت خفيفا لم تثقل نفسك بالعلم‬
‫ستذهب يمنة او يسرة ! و بعض التيارات التي أوغلت في الوسيلة ألجل الغاية‬
‫فصارت الوسيلة نفسها غاية بعد الهزيمة أو بعد أي حدث مؤثر تجد منهم من‬
‫يذهب إلى أقصى اليمين ومنهم من يذهب إلى أقصى اليسار تحت ضغط‬
‫االنفعاالت النفسية وألنه ال يوجد علم يضبط و اليوم انظر إلي هم في عدد من‬
‫تجمعاتهم في عدد من البلدان ‪ ,‬ال تعرفه هو علماني أم إسالمي إذا جلست‬
‫ً‬
‫تسمعه ! و بعضهم أصال يتفوق على العالمانيين في تعظيم قيم حرية الفرد فترى‬
‫ً‬
‫العالماني متناقض ومتالعب و ذاك متسق بشكل كبير جدا ‪ ,‬فهذا إشكال كبير ‪,‬‬
‫واليوم الناس تفاضل بين ما ال يتفاضل يقول لك ‪ « :‬إما أن أطلب علم أو أنظر في‬
‫قضايا المسلمين » قضايا المسلمين بالمفهوم االختزالي ال قضايا المسلمين‬
‫بالمفهوم العام الذي يتناول أي انحراف فكري ينتشر بين المسلمين ‪ ,‬ال ‪ ,‬بعضهم‬
‫بدأ يحتال حيلة لطيفة ‪ ,‬االنحرافات الفكرية يعذر أصحابها و يبحث في النصوص‬
‫ألجل ذلك حتى يتفرغ للخالفات واالنحرافات التي لها متعلقات سياسية وهناك‬
‫من طلبة العلم من يتأثر بهذا الطرح وقصده حسن لكن هناك من توجهه معروف ‪,‬‬
‫وينبغي أن ال نفاضل بين ما ال يتفاضل مثل أن أقول « إما أن أصوم أو أصلي » «‬
‫إما أن أصلي الظهر أو العصر » و في كثير من األمور يقول لك ‪ « :‬هذا فرض‬
‫كفاية » « هذا تخصص » و فكرة التخصص مسيطرة علينا ‪ ,‬هناك « مهندس »‬
‫و « طبيب » إال لما نأتي للعلم الشرعي ال يوجد إنسان يحق له أن يتخصص‬
‫بالعلم الشرعي!‬
‫وكل الناس يجب أن تتكلم بالسياسة وتتكلم بتوسع فيها وفي التحليل مع غفلة عن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مطالب أعظم ! أحيانا أنت تستطيع أن تصلح في بيتك و أهلك بما هو أعظم نفعا‬
‫ً‬
‫من ذلك ! ‪ ,‬و أصال كثير من المشاكل السياسية التي تمر بها األمة هي عرض‬
‫وليست أصل المرض المرض هو أثر لمشاكل متراكمة لن تستطيع أن تحلها من‬
‫خالل متابعة وكاالت األنباء بل حين تنظر في مستوى العقيدة عند المسلمين وما‬
‫حل بهم وما دخل عليهم من اإلعالم والتعليم العالماني وما ضاع من إسالمهم وهم‬
‫ال يشعرون ‪ ,‬فإذا عالجت هذا فهو األساس الذي إذا عولج فستتعالج األعراض‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫بشكل تلقائي ويبدأ الناس يتحركون تحركا مباركا أما أن نسمع عوامنا يتكلمون كالما‬
‫ً‬
‫يقوله المسلم والكافر بالظبط واخترعوا لنا « اإلنسانية » والمطالب دائما‬
‫مشتركات بين المسلمين والكفار وهذا ضياع وتيه الله عز وجل يصف الكفار يقول‬
‫ً‬ ‫َ ُ َ َ‬ ‫ُ ا َ َ‬
‫نعام بل هم أضل َسبيل﴾ [الفرقان‪ ]١١ :‬هم غافلون عن‬ ‫ِ‬ ‫األ‬ ‫﴿ ِإن هم ِإّل ك‬
‫غائيتهم ونحن نأتي ونقلدهم ونحاول أن نوجد أرضية مشتركة معهم و نهتم ألن‬
‫نأخذ منهم ما يريدوننا أن نأخذه أو ألن ينظروا لنا نظرة رحمة ورأفة ويكون هذا‬
‫عندنا أهم مليون مرة من أن ندعوهم لما عندنا معتزين به ؟! هذه إشكاليات كبيرة‬
‫🛑 معالجة العرض و ترك المرض‬

‫ً‬
‫هذه ظاهرة موجودة عند كثير من اإلصالحيين في عصرنا ‪ ,‬مثال موضوع اإللحاد‬
‫ً‬
‫لما ظهر بصورته الفجة بدأنا نتكلم ونناقش وفي الواقع اإللحاد كان مبنيا على‬
‫ً‬
‫مقدمات كانت تنتشر وأحيانا بعض من يحارب اإللحاد ينشر هذه المقدمات من‬
‫ً‬
‫اإليغال في الدنيوية وتقديس الغرب وتسمية البحث التجريبي علما لوحده‬
‫والتهوين من شأن علوم الشريعة فلما انتشرت هذه األفكار اجتمعت لدى بعض‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الناس إلى أن وصل إلى مرحلة أن يصبح سوفسطائيا ملحدا فقط لكي يتسق مع‬
‫هذه القيم ولما ظهر هذا الموضوع بدأنا نناقشه موضوع اإللحاد هذا لي سنوات‬
‫معه و أقول لك القصة أصلها وفصلها ليست شبهات متعلقة بوجود الخالق إال في‬
‫بعضهم بل سوفسطائيات و أمراض نفسية متعلقة بهذا األمر الذي نتحدث عنه‬
‫االن أي النظرة االختزالية الدنيوية المحضة مع التقديس المفرط للكفار وعدم فهم‬
‫الدين بشكل كامل ألننا ال نتعلمه بل ألننا باألساس مشغولون عنه وعن تعلمه بل‬
‫نستهونه بل بعض الكتاب من جماعة ال « وعي » يكتب و يقول « انتبه ا‬
‫لما‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تتكلم في السياسة واالقتصاد هذه ليست علوم شريعة » طبعا هو جاهل أصال‬
‫و يظن أنه لما يقرأ بعض المختصرات التي كتبها بعض المعاصرين « عقيدتنا » أو‬
‫ُ‬
‫« العقيدة في كذا » ‪ ,‬أو األمور التي قربت للعوام يظن أنه حاز كل شيء ! ال‬
‫ُ‬
‫فت َ‬
‫درك لكن في فهم مقاصدها وغاياتها واتساق أحكامها‬ ‫الشريعة في أصولها فطرية‬
‫وقواعدها فيها من األسرار واألمور فهي فرع عن القرآن فالشريعة القرآن والقرآن‬
‫قالوا عنه « ال تنقضي عجائبه » فتأتي تتكلم عن الشريعة بهذا الشكل ثم تتكلم‬
‫عن نتاج أفكار بشر على أنها شيء ال ينبغي لك أن تتكلم فيه إال بعد أن تدرسه‬
‫سنوات طويلة بدراسة أكاديمية مكثفة صارمة ! وال حول وال قوة إال بالله ثم‬
‫يتساءلون من أين ظهر اإللحاد ؟ وبعضهم سذج يحاول يناقش القضية و يذكر أدلة‬
‫ً‬
‫عقلية ‪ ,‬جزاه الله خيرا فمن يقتصر على هذا فقط فيه نوع سالمة الصدر لكنه‬
‫ً‬
‫ليس مستوعبا القصة وإن كانت مثل هذه األمور مفيدة ونافعة لتثبيت المؤمن ورد‬
‫المتشكك الذي فعال تأثر بهذه الشبهات ولكن أصل القول هذا‬
‫والله المستعان‬

You might also like