Professional Documents
Culture Documents
٢٠٢١
2536-9504
2735-5233
ARCI
Clarivate
(ARCIf
٢٠٢١
–
Email: middle-east2017@hotmail.com
•
11566
2010988051292022485413920224662703
www.mercj.journals.ekb.eg
القراءة التأويمية لنص العرض
في مسرح الصورة
The interpretive reading
of the text of the play
In the scene of the picture
الممخص:
تيدؼ ىذه الدراسة إلى التعرؼ عمى القراءة التأويمية لنص العرض في مسرح
الصورة والكيفيات واآلليات لالشتغاالت الصورية في التكثيؼ واالختزاؿ والتضميف
الفكري لحامالت الداللة الصورية في نص العرض في مسرح الصورة مف خالؿ تحديد
مفاىيـ كؿ مف القراءة والتأويؿ ونص العرض في مسرح الصورة ،ومف ثـ االشتغاالت
الجمالية لمتشكيؿ الصوري لمعرض المسرحي في مسرح الصورة واآللية في القراءات
وتقنا والتضميف الفكري لمنص
المتعددة لنص العرض عبر البناء الصوري فنيا ً
الصوري وتوليده بشكؿ دالالي متعدد المعاني بدوره ينتج قراءات متعددة لممتمقي
الواحد أو قراءات متعددة مختمفة ومغايرة لعدد مف المتمقيف مف خالؿ ما يتضمنو
النص البصري مف نصوص الظاىر منيا والباطف والمندرس منيا والمنغرس في
طيات العرض ومضامينو الفكرية المباشرة منيا وغير المباشرة عبر المعالجات
اإلخراجية التي يشكميا المخرج في صناعة وتقديـ رؤيتو اإلخراجية لمعرض المسرحي
في مسرح الصورة كوف أف مسرح الصورة شكؿ واليزاؿ يشكؿ ظاىرة عمى المستوى
المحمي واإلقميمي والعالمي ،فالعالمات الصورية تشكؿ الجزء األكبر مف نص العرض
في مسرح الصورة ،وبالتالي تتـ القراءة التأويمية لنص العرض صوريا ،وقد قاـ الباحث
بتقسيـ بحثو كاآلتي:
اإلطار النظري قسـ إلى ثالثة مباحث جاءت عمى النحو اآلتي:
المبحث األول :مفيوـ القراءة والقراءة التأويمية لنص صورة العرض المسرحي.
Abstract:
The aim of this study is to identify the interpretive reading of
the text of the presentation in the scene of the picture and the
modalities and mechanisms of the visual works in the intensification,
reduction and intellectual inclusion of the visual significance carriers
in the text of the presentation in the scene of the image by defining the
concepts of reading, interpretation and presentation text in the scene
of the image and then the aesthetic preoccupations of the form For
theatrical presentation in the theater of the image and the mechanism
in the multiple readings of the text of the presentation through the
artistic construction and technicalization and the intellectual
incorporation of the text and generated in a multilayered multi-
meanings in turn produces multiple readings of the same recipient or
multiple readings and different Of the number of recipients through
Including the visual text of the texts of the apparent and the
submerged in the folds of the presentation and content of the
intellectual direct from them and others directly through the processes
of the directorial output of the director in the manufacture and
presentation of his vision of theatrical representation in the scene of
the image that the scene is still a form and form a phenomenon at the
local, regional and global The image tags constitute the bulk of the
text of the presentation in the scene of the image and thus are reading
the interpretation of the text of the presentation image, and the
researcher divided his research as follows:
The research problem, which was determined by the following
question:
What are the mechanisms and competencies in the
interpretation of the text of theatrical presentation in the theater of the
picture and how to form the aesthetic experience of the recipient in his
reading of the text in the picture theater?
The theoretical framework divided by the researcher into three
investigations came as follows:
The first topic: the concept of reading and reading the textual
interpretation of theatrical presentation.
المقدمة:
فتدخؿ الصورة إلى تفاصيؿ وأجزاء حياتنا اليومية في اليقظة والحمـ عمى حد
سواء في عممية تفاعؿ مستمرة بيف المرئي والالمرئي بيف المتخيؿ الذىني والمنجز
المادي الحسي ،فينصيراف ويتناوباف في نفس الوقت لتشكيؿ وتوثيؽ المنجز اإلنساني
وتسجيمو ،فالصورة حاضرة في كؿ مكاف وزماف بشكؿ إرادي أو قسري ،فنجد الصورة
تشكؿ التفاصيؿ التأريخية واآلنية والمستقبمية عمى حد سواء باشتراكيا مع الزمف
رياضيا أو فمسفيا في إنتاج المنظومات العالماتية التي نسعى محاوليف اإلمساؾ بأكبر
قدر مف نصوصيا العالماتية ،وفكؾ رموزىا وشفراتيا والتعرؼ عمييا وادراكيا مف أجؿ
الوصوؿ إلى المعاني واألفكار المتضمنة فييا إف كانت واقعية أو فنية عمى حد سواء،
فبالتالي نقوـ بعممية القراءة والتمقي والتأويؿ لنص العرض المسرحي.
مشكمة البحث:
هدف البحث:
ييدؼ البحث إلى رصد وكشؼ اآلليات لمقراءة التأويمية في مسرح الصورة
باالعتماد عمى قراءة النص الصوري لمعرض المسرحي وتمقيو وانتياء العممية بالتأويؿ
لنص العرض.
في كؿ خطاب فني منتج ميما كاف نوعو أو جنسو يتكوف نص العرض الذي
بدوره ىو مجموعة مف النصوص المتشكمة عبر وسائط متنوعة ومتعددة مختمفة بشكؿ
مستقؿ او ىجيف لتوليد صورة العرض التي تشكؿ الجزء األكبر واألىـ مف العرض
المسرحي الحديث عبر التشكالت واالشتغاالت البصرية التي تمعب كعامؿ جذب
وابيار ميـ في تشكيؿ نص العرض في مسرح الصورة ،وبالتالي يسعى المتمقي إلى
القياـ بعممية التعرؼ واإلدراؾ إلتماـ عممية القراءة والتمقي ومف ثـ التأويؿ في محاولة
إلتماـ التجربة الجمالية التي يخوضيا أثناء مشاىدة العرض ،ويقسـ الباحث ىذا
المبحث إلى اآلتي:
يعتبر فعؿ القراءة مف أكثر األفعاؿ التي يقوـ بيا اإلنساف عبر حياتو؛ ألنيا
تشكؿ جزًءا ميما وأساسيا مف التواصؿ إف كاف كعممية واف كاف كمنظومة ،حيث
تتشكؿ آليتيا داخؿ الكياف والذات اإلنسانية منذ النشوء األوؿ بدأ اإلنساف بالتعرؼ
عمى ما يحيطو عمى مستوييف :المستوى الزماني والمستوى المكاني ،فتشكمت البيئة
لديو ومف خالؿ عممية التعرؼ عمى الشكؿ الخارجي وربط األشياء بعالقات ووضع
سنف وقوانيف محددة إف كانت مرتبطة بالمنطؽ أو بالعرؼ أو تعكس المحتوى حسب
اعا
الرؤية البورسية أو عالقة مجردة رمزية حسب الرؤية السوسيرية ،فإنيا أنتجت أنو ً
وأنماطًا مف الشفرات بواسطتيا تشكمت المغات عمى مختمؼ أنواعيا إف كانت رمزية
حرفية مجردة أو أيقونية صورية كالمغة والكتابو القديمة (الييروغميفية) وحتى الحديثة
منيا في عصرنا الرقمي كاألشكاؿ األيقونية أو المغات الرقمية الداخمة في إنتاج أوسع
وأكبر نمط مف التخاطبات والتعامالت عمى الشبكة العنكبوتية عف طريؽ ىذه
المنضومتيف الصورية األيقونية والصورية الرمزية المجردة ،وتوظيفيما عبر الشفرات
823 Forty-seventh year - Vol. 63 May 2021
العدد الثالث والستون – مايو 0202 مجمة بحوث الشرق األوسط – السنة السابعة واألربعون
والقوانيف لتشكيؿ نمطًا لغويا أقرب بالعالمية في االتفاؽ عمى القراءات الخاصة
بمنظومتو العالماتية ،وما تولده مف دالالت تعبر عف الداؿ وارتباطو بالمدلوؿ عبر
عموما ىي عممية مستمرة مف التشفير وحؿ الشفرات ،واألشياء تختمؼ ً الشفرة "فالحياة
عما يبدو في طبيعتيا القارة ،فيذه الطبية تخضع لقوانيف ،وأزمنة محددة ،تقنف الظاىرة
وتساعد عمى تفسيرىا أو تأويميا " (الرويمي ،ب ت ،ص.)43
إف اختالؼ شفرات النصوص يغير مف شفرات القراءة ،فينا "يتولى الناموس
النصي تمكيف السرد " (إيالـ ،2991،ص )12والناموس ىنا ىو الشفرة والقانوف الذي
يقود لموصوؿ إلى جوىر الفكرة ،بؿ أبعد مف ذلؾ فيوصمنا إلى األفكار المجاورة
والمضادة مف خالؿ ما تثيره الشفرات عبر التشكالت الخارجية والمضاميف المحمولة
التي ترتبط بيا في توليد معنى أو معاني يحتوييا السرد كخطاب ورسالة ما فإنو
بالتأكيد ينتج بيدؼ قصدي إف كاف مف ضمف النشاط الحياتي أو مف ضمف النشاط
الفني الثقافي ،فإنو بالتالي بحاجة إلى قراءة مف أجؿ القياـ بإدراؾ النص بمختمؼ
أنواعو وأجناسو "فالشفرات تقدـ إطار يضفي عمى العالمات معنى وال يمكف اعتبار
أي شئ بمنزلة عالمة إال إذا كاف يعمؿ ضمف شفرة "(تشاندلر ،1002،ص.)151
-4الشفرات الثقافية :وتتعمؽ بقراءة المعمومات التي تشير إلى ثقافة معينة
باختالؼ أنواع النصوص.
-3الشفرات الضمنية :تتعمؽ بالقراءة الذاتية لكؿ قاري مف خالؿ ما يشكمو في
ذىنو مف مدلوالت عبر فؾ ىذه الشفرات ،ينظر :الغذامي ،2925،ص.25
واإلنتاج العالماتي كغاية تيدؼ إلى القراءة التي تعتمد عمى العالمة المنتجة
وعالقتيا بما تمثمو مف جية ومف جية أخرى عمى الثقافة والخبرة الخاصة بالمتمقي،
في العالقات الداخمية والخارجية ،فالعالقة الداخمية لمعالمات في عممية القراءة تبنييا
الشفرات بيف عناصر العالمة تركيبيا وبنائيا إلنتاج شكؿ ومضموف مكتفي بذاتو
ومستقؿ بأصغر وحدة ،وكمما كانت العالقة أقوى وأعمؽ كمما كانت مكثفة ومحممة
بغنى أوفر بالمعنى لعممية القراءة وتشحف بقوة وطاقة ديناميكية تعطي العالمة حركة
وتعدد المستويات الفكرية والقرائية في توليد العالقات الخارجية التي تمتد خارج العالمة
متوجية إلى المتمقي وتتحدد العالقات العالماتية عند سوسير بنظاـ ثنائي يتكوف مف
الداؿ والمدلوؿ يرتبط بعالقة مجردة وعند بورس بنظاـ ثالثي داؿ ومدلوؿ ومؤوؿ ينتج
عف صحة العالقة بيف الداؿ والمدلوؿ بالموضوع الذي يحممو(.ينظر:
بنكراد،1000،ص)11
األدبي والفني عمى حد سواء عبر عممية القراءة والتعرؼ ،فالتأويؿ عممية الحقة لعممية
ابتدائية تعتمد التعرؼ ،عمى المنجز كعالمة ،ومف ثـ فؾ شفرة ىذه العالمة ،وبالتالي
الوصوؿ إلى التعددية في األفكار والمعاني عبر المعالجات التي يقوـ بيا كؿ منا بعد
المحظة األولى الكتماؿ النص ويرى(فريدريؾ شالير ماخر) "التأويؿ ولد عف ىذا
المجيود المبذوؿ رفع تفسير النصوص المقدسة وفؽ المغة إلى مصاؼ التقنية ،أي
(تكنولوجيا) ال تقتصر عمى مجرد تجميع عمميات ال رابط بينيما( ،...وقيدنا
شاليرماخر) بتأويؿ نحوي وتأويؿ نفسي ،يستند التأويؿ النحوي عمى خصائص
تأويال تقنيا) إلى فرادتيا،
ً الخطاب ،في ثقافة ما ،ويتوجو التأويؿ النفسي (الذي يسميو
بؿ والى عبقرية اإلرسالية"(ريكور،1002،ص.)22-20
ويرى (إمبرتو أيكو) التأويؿ" إنو مغامرة ،واحاالت محكومة بنقطة بداية،
متجية نحو نياية بعينيا "(إيكو،1000،ص .)14ىذه المغامرة تشكؿ في نيايتيا
لحظات توثؽ اإلنجاز وتنقمو عبر الزمف بعدة مستويات بحسب ما يصاغ بو الشكؿ
والمضموف لممنجز نفسو كعنصر أوؿ والمتمقي والتشكالت الفكرية والنفسية والمراجع
كعنصر ثاني لتوليد عممية متعددة األوجو والعالقات عبر تعددية القراءات في
الوصوؿ إلى المعاني الموجودة ضمف النص المنجز.
ىذه المراجع تولدت عبر عمميات التعمـ المنيجي أو العفوي بشكؿ مباشر أو
غير مباشر لكؿ شخص فينا ،فأعطتو منظومة معرفية وادراكية عبر الخزيف الذي
تنامى عنده تراكميا عف طريؽ التجارب والحاالت التي مرت عميو أو مر ىو بيا
وأصبح الخزيف المعرفي لديو كقاعدة مف المعمومات يستدعييا ويطابقيا بما يحدث
أمامو وفي الوقت نفسو بإمكانو أف يقوـ بإضافة أو حذؼ بشكؿ آني وذىني مف أجؿ
أف يحدد أو يوسع المعنى في المنجز الذي يحدث أمامو فيقوـ بعممية تنقيح والوصوؿ
إلى ما ىو أعمؽ مف الظاىر كاشؼ المعاني واألفكار المستترة تحت السطح إف كانت
مندرسة أو منغرسة في المنجز باختالؼ جنسو وىويتو المتشكؿ منيا.
نحف نستقبؿ المعمومات بمختمؼ أنواعيا وأجناسيا الخطابية إف كانت فنية أو
أدبية أو عممية ،فتولد فينا المعرفة كمنظومة وكعممية وآلية تعرفنا عمى العالـ المحيط
بنا وتجعمنا متواصميف معو بواسطة الفعؿ الذي تقوـ بو الشفرة داخؿ البنائية
العالماتية ،فمكؿ عالمة فعميا الخاص الذي يعطييا ظيورىا وتعدد المعاني واألفكار
في التوليد الداللي عبر إمكانية االمتداد في البيئة الواقعية والذىنية عمى حد سواء
ثانيا" (بنكراد،ب
ممتدا في نفسو أوًال وفي الفضاء ً ً "فالعالمة باعتبارىا كياف
ت،ص ".)242فيي تمتد وتنتمي إلى العالـ الخارجي وفي العالـ الخارجي يتجمى
الدليؿ بنفسو وبكؿ ما يحدثو مف تأثيرات " (باختيف ،2922 ،ص.)29
ويبرز طرح (امبرتو ايكو) بخصوص التأويؿ في تبنيو موقؼ نظري وفمسفي
لمتأويؿ التفكيكي الالمتناىي باعتباره " نشاط سيميائي تحكمو قواعد ومعاير وانطالقًا
مف ىذه القواعد يميز (ايكو) بيف نمطيف مف التأويؿ( :التأويؿ الداللي أو
السيميوزيسي) وىو نتاج السيرورة التي يقوـ خالليا المرسؿ إليو في مواجية التجمي
الخطي لمنص بممئو بالمعنى ،و(التأويؿ النقدي أو السيميوطيقي) عمى النقيض يحاوؿ
تفسير األسباب البنيوية ،التي تمكف النص مف إنتاج تأويالتو الداللية "(بو عزة،
،1022ص .)79بينما يرى (جاؾ دريدا) بأف القوة الديناميكية والفمسفية الموجودة في
الداؿ تحولو إلى مدلوؿ "فالداؿ عبارة عف استعارة ،يتـ عبرىا تحويؿ المدلوؿ إلى داؿ
يقوـ بدوره بإنتاج جديد مف الدالالت ،مف ىنا تبدأ القراءة بمثابة تعويـ لممدلوؿ
باستحضار المعنى المغيب"(عزاـ،1007،ص .)10وبالتالي في كال الطرحيف لكؿ مف
(ايكو ودريدا) تثبيت لتعدد المعاني جراء التحميؿ وتعدد القراءات والحصوؿ عمى
تعددية األفكار والطروحات واتماـ عممية القراءة والتمقي بالتأويؿ.
يعتبر النص المسرحي أحد األجناس األدبية التي تدخؿ في تشكؿ العرض
عمى الخشبة ورغـ أنو معد لكي يؤدى إلى أنو يخضع لنظـ وآليات ذات اشتراطات
802 Forty-seventh year - Vol. 63 May 2021
العدد الثالث والستون – مايو 0202 مجمة بحوث الشرق األوسط – السنة السابعة واألربعون
األفعاؿ وردود األفعاؿ ،فيبرىف المؤلؼ عبر الحوار األفكار المساندة والفكرة الرئيسة
لمعرض( .ينظر:اليوس ،ب ت،ص .)320وبالتالي لفترة طويمة شكؿ الحوار الشمولية
الكمية لمعرض المسرحي موظفًا كؿ ما يمكف توظيفو مف مفردات لغوية وصوتية في
تنمية الحوار وتصعيده لمفعؿ والحدث الدرامي ،فالعرض المسرحي منذ النشوء األوؿ
لممسرح مف الطقوس الدينية كاف يعتمد عمى فف الخطابة والقاء الحوار الذي ،بالتالي
ىو النص الشعري ،فكاف العرض المسرحي ال يأخذ صيغتو النيائية إال عبر الحوار
مف حيث إنشاء الفعؿ التواصمي بيف الممثميف مف جية ومف جية إقامة عالقة قوية
بيف النص المسرحي المنطوؽ وبيف المتمقي (ينظر:عموش،2923 ،ص.)72
منذ القدـ تدخؿ الصورة إلى حياتنا بصيغتيف الصيغة الذىنية المتخيمة عبر
عممية التخيؿ أو األحالـ والرؤى أو أحالـ اليقظة والصيغة المرئية المادية مف خالؿ
تشكيؿ الوسائط المادية المختمفة في تجسيد وانتاج نماذج فنية ثابتو أو متحركة عبر
ما ينتجو اإلنساف مف نشاطات إف كانت حياتية أو فنية ،فتتخذ الصورة في نياية
المطاؼ الكؿ المتكامؿ في التعبير عف األفكار والرؤى بصريا ،فيتشكؿ الفعؿ في
808 Forty-seventh year - Vol. 63 May 2021
العدد الثالث والستون – مايو 0202 مجمة بحوث الشرق األوسط – السنة السابعة واألربعون
الصورة مف خالؿ عممية التعبير عف األفكار وتحوليا إلى تشكيالت مادية عبر
المنظومة الحسية لدى اإلنساف " فالعالقة بيف جوانب الصورة (الجانب المرئي
والجانب الالمرئي) بيف المادة والمتخيؿ بيف الحسي والذىني بيف المعرفي واإلبداعي،
إ نما تعكس عمى نحو دقيؽ ومباشر نمط العالقات بيف الفرد والمجتمع في كؿ وقت
وزماف "(ينظر :غيورغي،2990 ،ص )21-20وبما إف العالقات تتشكؿ عبر ما يتـ
التعامؿ معو والتعرؼ عميو ومد الجسور مف خالؿ التعرؼ والقراءة بإرساؿ إرسالية مف
شخص واستقباليا مف شخص آخر والتفاعؿ معيا وقياـ التواصؿ عبر رد الفعؿ لمفعؿ
األصمي وتحوؿ رد الفعؿ إلى فعؿ جديد يتـ الرد عميو ،وىكذا في إنتاج قراءات متتالية
أو متناوبة أو حتى متوازية لمتشكيالت البصرية عبر قراءة التدليؿ العالماتي الذي
تحممو العالمة الصورية إف كانت رمزية أو إشارية أو أيقونية ،فيي تشارؾ اإلنساف في
عممية التفكير وانتاج أفكار متعددة ومتنوعة مف خالؿ التركيبات الجديدة التي يكونيا
اإلنساف عبر التفكير وتوظيؼ الصورة فيرى (أرسطو) "أف التفكير مستحيؿ دوف صورة
"(عبد الحميد ،ب ت ،ص.)22
مزدوجا
ً وجودا
ً توظؼ نفس الكيفيات واآلليات في إنتاج أي شئ "فالشئ يكتسب ىنا
متصور في الذىف"(نخبة مف الباحثيف ،2993 ،ص.)22
ًا ووجودا
ً
بالتالي ،فإف الفعؿ ورد الفعؿ ىي عبارة عف عممية تواصؿ تنجز عبر قراءة
الصورة األولى ،وتـ اإلجابة عمييا برد فعؿ تتشكؿ منو الصورة الثانية ،وبيذا أصبحت
الصور كنص متشكؿ قابؿ لمقراءة وفؾ شفراتو ،وىذا ما يجعؿ المخرج في مسرح
الصورة يوظؼ المنظومات العالماتية صوريا ويشكؿ منيا نص عرضو المسرحي،
حيث يكوف الثقؿ األكبر ،في التجسيد والتعبير عف األفكار والمعاني والصراعات
واألفعاؿ واألحداث صوريا باالعتماد عمى التوليدات الداللية لمصورة جراء توظيؼ
803 Forty-seventh year - Vol. 63 May 2021
العدد الثالث والستون – مايو 0202 مجمة بحوث الشرق األوسط – السنة السابعة واألربعون
الصوري لمعرض مف خالؿ حوامؿ الداللة والحقوؿ السيميائية المتشكمة عمى الخشبة
صوريا ،فتعمؿ الصورة كمثير جذب حسي بصري غير إف التشكيؿ المادي لمصورة
يتكوف مف عنصريف العنصر التقني والعنصر الفني.
إف الحتمية في الحياة والطريقة التي نعيش فييا تمارس حقيا الطبيعي في اإلنتاج
الصوري طبيعيا والنتيجة شئنا أـ أبينا نحف جزء مف المكوف الصوري الطبيعي لمحياة
نشكؿ جزًءا منو ،ونصنع جزًءا آخر عبر السكوف والحركة الديناميكية إنيا العناصر
والمكونات األساسية واألدوات التي تمكننا مف تسخير ما يمكف تسخيره إلنتاج صورة ما
وبالتأكيد المسرح اليخرج عف طور ىذه العممية والمنظومة إال في تفصيؿ واحد أف المسرح
صناعة إنسانية بحتة مف إنتاج اإلنساف عبر الذات الخاصة بو والتطورات والتحوالت
التقنية والتوظيفات المادية اليادفة إلى صناعة خطاب فني بشكؿ قصدي معيف ومما
الشؾ فيو أف العرض المسرحي واكب وزامف التطورات عمى المستوى التقني والمادي في
تشكيؿ وبناء نص العرض المسرحي باختالؼ األنماط واألساليب واالتجاىات ،فعممية
التعرؼ عمى األشكاؿ تتـ مف خالؿ صناعة الشكؿ نفسو ومتابعة الخطوط والكتؿ واأللواف
والمكونات الصورية ،وىذه عممية يؤسس ليا الدماغ "إف تراكيب الدماغ ميمتيا أف تكوف
ضالعة في عممية اإلبداع ،حيث تتربع عمى قمة تسمسؿ وظائؼ رؤية الدماغ المعرفي
األرقى ،ورؤية وظيفة الدماغ ىنا تعني أف اإلبداع ماىو إال تحديد سياقات مبتكرة بيف
الحقائؽ الموجودة في عالمنا الداخمي وفي عالمنا الخارجي ...ووظيفة الدماغ األرقى قياـ
العقؿ بربط صور متنوعة"(محمد،1022 ،ص.)25
إف اإلنساف بحكـ أسموب وطريقة عيشو كاف لزاـ عميو أف يتعامؿ مع الصورة
كمنتج جاىز مف جية وكمصنع لمصورة مف جية أخرى ،فالسموؾ داخؿ المنظومة
الحياتية في غالبيتو ىو عبارة عف تعامؿ مع صور في إنتاجيا أو تحميميا لموصوؿ
إلى ق اررات معينة والتعامؿ يكوف بالدرجة األولى تعامؿ مادي مع الماىية والتكويف
الخاص بالصورة وكيفية إنتاج موازي أو محاور أو مضاد لإلنتاج الصوري األوؿ،
فيذا مف أكثر األشياء التي يتعامؿ بيا اإلنساف في حياتو حتى أصبحت سموكية
وتؤكد (ي.كاندي)"أف السموؾ بكاممو ىو انعكاس لوظيفة الدماغ والتحميؿ وابداعية
الخياؿ ،وىذا الخياؿ ىو القدرة العقمية النشيطة ،والقادرة عمى تكويف الصور،
والتصورات المبكرة "(محمد ،1022،ص.)12
فالفضاء المسرحي الذي يحتوي المنجز الدرامي والفمسفي الجمالي ىو الذي
يعطي التشكيؿ الفني لصورة العرض ،حيث يبحث كؿ مف المخرج والكادر الذي معو
عمى األساليب المتنوعة مف أجؿ إعطاء قيمة جمالية لمعرض والقيمة الجمالية ىي
803 Forty-seventh year - Vol. 63 May 2021
العدد الثالث والستون – مايو 0202 مجمة بحوث الشرق األوسط – السنة السابعة واألربعون
التي تحدد فنية تركيب الصورة واالشتغاالت لممضاميف التي تحمميا التشكالت المادية
عبر الفعؿ والحركة ىذه الحركة ىي العممية التي ننقؿ بيا المتخيؿ إلى الواقع وندخمو
كصورة عرض ،وىذه الصورة ىي التي تمثؿ وتجسد األفكار والمعاني عبر نوع خاص
بيا مف التداخؿ التقني والفكري وتوظيؼ الحجوـ واألشكاؿ واألوساط المادية في وحدة
اما ىنا وجود منجز بصري
متناغمة تعتمد اإلثارة والجذب إف كاف بصريا أو فمسفيا ولز ً
يحمؿ منيج التحوؿ مف شيء إلى شيء آخر ،وىذا ما يحصؿ بيف عممية اإلنتاج
الفني واإلنتاج التقني لمصورة ،فتحوؿ الصورة ثقافة تحتاج إلى ثالثة متطمبات:
-2إنتاج مادي :وتعتمد العممية ىنا عمى الميارة في تشكيؿ وصناعة الصورة
وىي تقنية.
-1إنتاج معاني وتعتمد عمى تحميؿ الشكؿ المضموف وربطو بو مف أجؿ إتماـ
وحدة تدؿ عمى فكرة ومعنى أو أكثر وىي فني.
-4التكاثر واإلنتاج :وىو ما يتـ عمى خشبة المسرح عبر صورة العرض المقدـ،
وىو تقني فني فكري(.ينظر :باربا ،1002،ص)15
والعممية الفنية ترتبط في العممية التقنية بشكؿ وثيؽ فكمما تطورت إحداىما،
تطورت األخرى ،لذا صناعة وانتاج الصورة فنيا وتقنيا متداخؿ في إنتاج العالقة
الفكرية التي تربط بينيما وتشكؿ الوسيط الخاص بيا لمتعبير.
،2992ص )14فصورة العرض في مسرح الصورة ىي التي تولد التجميات ذات أبعاد
جمالية التي يتـ مف خالليا التأويؿ لنص العرض والجدير بالذكر اإلشارة إلى الخبرة
المتنامية مف حيث التمقي والقراءة والوصوؿ إلى التأويؿ التي ىي تتقارب وتتباعد
بنسب معينة ،ولكنيا بتفاصيميا متفردة عند كؿ شخص ،وبالتالي ىذه العممية التأويمية
قابمة لمتطور مف خالؿ تطور فيـ اإلنساف ،وىنا يذىب بنا التأويؿ إلى منطقة جديدة
لنفس العرض عند مشاىدة بعد فترة مف التطور التقني والفكري لممتمقي نفسو في كيفية
فؾ الشفرات والوصوؿ إلى العالقات العالماتية وتحديد المضاميف عبر التفسير
المنطقي لمعالقات لممنظومة العالماتية التي تشكؿ صورة العرض ويرى (ىيرش) بيذا
الخصوص " التوجد ىناؾ قاعدة لمقياـ بتخمينات حسنة ،لكف توجد منيجيات إلثبات
ىذه التخمينات (ريكور ،1002،ص )253بينما يرى (موكارفسكي) أف العرض
المسرحي وحدة سيميوطيقية ،فالعرض داؿ ومدلولو ىو الموضوع الجمالي الكامف في
الوعي الجماعي عند الجميور" (االحمر،1020،ص ،)204فميمة التأويؿ تقع عمى
عاتؽ القارئ األوؿ المخرج باالعتماد عمى البناء الصحيح لنص العرض ،ويقوـ بنقؿ
المنظومات العالماتية صوريا إلى القارئ األخير المتمقي باالعتماد عمى قوة تخصيب
العالمة وتوظيفيا في العرض المسرحي.
ثنائيا لمدالالت:
ويضع (إيالم) تصنيفًا ً
-2دالالت اصطالحية :وتمثميا مجموعة كاممة مف األشياء واألشكاؿ.
-1ودالالت ثانوية :وىي المعتمدة بمرجعيتيا إلى القيـ االجتماعية كداللة المنديؿ
صور ومضاميف متعددة مف خالؿ عمميةًا في مسرحية عطيؿ ،فيأخذ المنديؿ
التوظيؼ وتدليمو العالماتي عمى الخشبة ،فظيوره كداللة عمى الحب كيدية ثـ
التحوؿ إلى دليؿ ثاف يدؿ عمى الخيانة ثـ أكسبو عطيؿ داللة أخرى رمزية
لمخمود والحب بيف الزوج والزوجة وتحوؿ المنديؿ إلى دليؿ براءة ،فالمعالجة
ولصناعة عالمة ما وتكثيفيا ،يجب مراعاة شروط إنشاء العالقات بيف الداؿ
والمدلوؿ عبر القانوف الذي يوضع بمنيجية لتشكؿ الشفرة بشكؿ صحيح مف خالؿ
ثالث خواص:
-4الخاصية الذاتية والقدرة الخاصة بيا والتي تميزىا عمؽ الجذور التي فييا
اجتماعيا وانسانيا وأصالة التكويف واالنتشار(.ينظر:بالسـ،1002،ص.)12
-5العالقة بيف الداؿ والمدلوؿ في تشكيؿ الصورة تعتمد عمى التداخؿ التقني
والفني في إنتاج العالمات وتشكيؿ النص الصوري لمعرض المسرحي في
مسرح الصورة.
إجراءات البحث-:
-2شكؿ المخرج العراقي صالح القصب ظاىرة مسرحية عبر عروض مسرح
الصورة التي قدميا ،فكانت عروضو جادة ومتطورة في تقديـ نصوص واقعية
بمعالجة صورية مغايرة لتأسيس النص األدبي في واقعيتيا عبر تأسيس جديد
كميا لمعالجة إخراجية عمى المستوى المحمي العراقي والمستوى العربي.
ً
-1لـ تظير تجارب جادة لممعالجات الصورية لمعرض المسرحي العراقي بقوة
وتأثير التجارب التي قدميا المخرج صالح القصب ،لذا اختار الباحث
الشقيقات الثالثة لممخرج صالح القصب كوف أف العرض شكؿ مغايرة في
المعالجة اإلخراجية مف حيث التأسيس لممكاف ومغادرة الخشبة إلى معمارية
مختمفة في جعؿ الرماؿ التي تمأل المسرح ىي المكاف الجديد ،فتميز العرض
عف العروض التي سبقتو والتي لحقتو بتفرد اإلنتاج المكاني وفمسفتو الجمالية
عبر مركزية الوسيط المادي وارتباط عناصر العرض كاممة فيو إف كانت عمى
المستوى المرئي والالمرئي.
تجمت ىذه المعالجة عبر البناء الييكمي والمعماري لصورة العرض في بناء
تركيب مف مستويات متعددة تشغؿ فضاء العرض وبتحميؿ المفردات البصرية التي
تشكؿ صورة العرض نجد أف ىناؾ عالمة أساسية تشكؿ األساس الذي يجمع
المفردات والعناصر األخرى البصرية لمعرض ،فالرماؿ تمأل المكاف بكميتو وشموليتو
األرضية الممرات المسافات والمساحات والفراغات بيف شكؿ وآخر وعند إرجاع الرماؿ
وتجريدىا إلى حالتيا األولية ،فيي تدؿ عمى مجموعة مف األفكار تعتمد المرجعيات
المختمفة والمتنوعة إف كانت مرجعيات دينية ،أسطورية ،تاريخية ،اجتماعية ،ثقافية
وغيرىا ،فعمى المستوى الديني عند إرجاع الرماؿ إلى الحالة األولية تشكؿ التراب،
التراب يرتبط بالديف كونو المادة التي خمؽ منيا اإلنساف وأف األصؿ في تكويف وانشاء
اإلنساف ماديا ىو التراب وىذه قراءة مرتبطة بالمرجعية الدينية.
وىذا ما يتعممو اإلنساف عف طريؽ التعمـ ،الخبرة ،االحتكاؾ ،الثقافة العامة والثقافة
الخاصة في مراحؿ مختمفة مف عمره مع اختالؼ األشكاؿ إلى أف المضاميف متقاربة في
إطار ما يطمؽ عميو الدائرة التأويمية الواحدة ،ويستكمؿ الشخص في تتبع العالقات
وأنواعيا وما تدؿ عميو مف خالؿ الربط بيف الشكؿ والمضموف لمصورة لدى المخرج وقراءة
ىذه العالقات بمستويات متعددة ومختمفة عند المتمقي فتحيؿ الرماؿ األفكار والمعاني
والمضاميف داخؿ الصورة إلى منطقة جديدة مغادرة المرجعيات الدينية وداخمة إلى
المرجعيات الحياتية ،فتحيمنا الرماؿ بما تحممو مف دواؿ تحفز فينا استدعاء المضاميف
واألشكاؿ المقاربة في الصحراء ،فالصحراء تتشكؿ مف بحور مف الرماؿ المتحركة والتي
يتغير شكميا مف شكؿ إلى آخر بتأثير الريح أو أنيا تبتمع األجساـ واألشياء ،فال عمـ بما
تحتويو الرماؿ تحت سطحيا باإلضافة إلى أف الرماؿ ليا القابمية عمى التأقمـ مع األشكاؿ
واألجساـ المختمفة التي تحوييا وتشكالتيا غير ثابتو متغيرة طواؿ الوقت ،فوظؼ القصب
الرماؿ بتوليد منظومة عالماتية يجسد بواسطتيا نص العرض صوريا ويربط مجموعة مف
العالقات بيف مفردات العرض وعناصره مع المتمقي عبر التعرؼ عمى العالقات والقوانيف
التي تربط الشكؿ بالمضموف.
وظؼ القصب الرماؿ في الشقيقات الثالثة بأبعاد داللية جديدة عبر تفكيؾ
النص األدبي وتشكيمو وتركيبو مف جديد صوريا بأبعاد داللية متولدة مف التجريد،
والتحوالت التي تشتغؿ عمى عممية التجريد ،فيضيؼ في كؿ إنشاء صوري جديد
مجموعة مف العالمات التي تقوـ بتوليد داللي يحمؿ معو األفكار والمعاني الجديدة
والمختمفة التي تحمؿ بدورىا النص الصوري الجديد الذي يمثؿ نص العرض صوريا
عبر البناء التركيبي لمعالمات إف كانت ثنائية العالقة حسب التصور السوسيري أو
ثالثية حسب التصور البورسي وفي كال الحالتيف ،يقوـ القصب بتشكيؿ العالمة
بصريا واعطائيا ىويتيا الخاصة .ومف ثـ تبدأ عممية تحميؿ الدواؿ بمدلوالت تعتمد
الكثافة في المعنى واألفكار عبر التحوالت العديدة لمعالمة الواحدة إلى عدة مدلوالت
883 Forty-seventh year - Vol. 63 May 2021
العدد الثالث والستون – مايو 0202 مجمة بحوث الشرق األوسط – السنة السابعة واألربعون
كما في توظيؼ الشواخص التي كانت مغروسة في الرماؿ ،فاستخدمت مرة كشواخص
لمقبور عبر الربط بينيا وبيف األكاليؿ وجموس الممثؿ قربيا وىو حزيف ويبكي ويضع
عمييا أكاليؿ الورد ،فاالعتماد عمى شحف الداللة بقوة مف خالؿ الشكؿ الخاص بيا
شكال
ً ومف ثـ ربطيا بطريقة الجموس في المقابر وبعدىا إكميؿ الورد الذي اتخذ
ومضمونا الييئة الكاممة في وضع األكاليؿ عمى شواخص القبور في المقابر، ً
فالتحوالت لمشواخص استمرت منذ بداية العرض إلى نيايتو( .القبور المدينة الميجورة
الناس الجامديف) وال يتحركوف تشبيو لمناس بأنيـ أموات واف وقفوا وتحركوا وكأنيـ
قبور والقبور المنتشرة في كؿ مكاف باإلضافة إلى ما مر بو العراؽ بشكؿ خاص مف
حروب جعمت القبور كشواخص في كؿ مكاف ،فأصبحت صورة القبور وشواخصيا
كبير مف المرجعيات الثقافية البصرية والدينية واالجتماعية لكثرة دخوليا ًا جزًءا
بالتفاصيؿ الحياتية في العراؽ ،إف ىذه االستعارة العالماتية لشواخص القبور وتحوالتيا
العددية في مسيرة العرض تشكؿ البناء األساسي لمتجربة الجمالية والمسافة الجمالية
نصا بصريا قاب ًال لمتأويؿ
كوف اف ما يتـ التعامؿ معو عمى مستوى الصورة جعميا ً
لمتعددية والربط المتنوع بيف الدالالت والمدلوالت وتشكيؿ المنظومات العالماتية لنص
العرض صوريا .يعتمد القصب عمى التحوالت في العالمات مف التجريد إلى أشكاؿ
وعالقات معقدة مف خالؿ التعددية عبر االمتداد لمعالقات بيف العالمات داخؿ
العرض وتأثيرىا عمى المتمقي خارج العرض ،ففي عرض الشقيقات الثالثة عدة
دالالت مرتبطة بعدة عالقات مشكمة منظومة تبدأ مف العالقات المباشرة وتتجو نحو
العالقات المعقدة والمركبة المتحولة ،وبيذا تنتج عممية التوليد الداللي أنواع مف
العالمات رئيسة ،عالمات فرعية ،عالمات مرافقة ،فعممية البناء الصوري لنص
العرض ىنا تعتمد عمى آلية اشتغاؿ مغايرة في إنشاء العالقات وربط الدواؿ والمدلوالت
وتعويميا في العالقات بحيث تنتج أكثر مف معنى وفكرة لمداؿ الواحد عبر إنتاج
مجموعة مدلوالت ،فالتحوؿ ىنا جاء لعممية التوظيؼ السيميائي لمعالمة األصمية
فاالعتماد ىنا بالتأسيس إلعطاء العالمة بانماطيا المختمفة غادر الخزيف المعرفي
متوجيًا إلى التعبير واإليحاء بأفكار جديدة عبر التضمينات الفكرية التي أعطت لمصورة
دالالت عديدة ومتنوعة ومختمفة شكمت الحقؿ السيميائي لمعرض مف خالؿ اسناد
العالمات بعالمات أخرى ترافقيا وتضيؼ ليا معنى آخر أو تعمؽ مف المعنى الذي
تتضمنو مف خالؿ االشتغاؿ المتزامف لممنظومات العالماتية في تشكيؿ بؤر مشتتو متعددة
تجتمع في نياية العرض لبناء بؤرة مركزة تشكؿ المضموف الحامؿ لتعددية األفكار ،حيث
يبدأ بتجميع التشظي العالماتي ليبني فيو مكونو الصوري الجديد.
المستوى األول :النص األدبي وما الفكرة التي تعد كمركز جذب فيو ومف ثـ التعامؿ
مع مراكز الجذب الثانوية األخرى فيوظفيا في البناء الكمي لنص العرض ويكثؼ
الصورة ويختزؿ الحوارات جاعؿ العالمات الصورية ىي النص األكبر واألىـ.
المستوى الثاني :المغايرة في التكوينات البصرية في إنشاء صورة معادلة لمنص عبر
الثنائيات المتناقضة ،الحضور والغياب ،الحركة والسكوف ،الوضوح والتعقيد،
المضموف والالمضموف ،التركيز والتشظي ،المركزية والالمركزية ،الوجود والعدمية،
فيتناوب في المغايرة عبر إنشاء تشكيؿ عالماتي وتفعيمو الستدعاء مضموف آخر
جاعؿ مخيمة المتمقي ىي التي تتخذ القرار في القراءة لنص العرض.
الشواخص :تحولت عبر التغير الشكمي إلى قبور ،أشخاص ،بنايات ،كراسي،
عروش ،محطات انتظار.
الرمال :تحولت عبر التغير الشكمي إلى بحر ،عاصؼ ،أرض رخوة ،سرير ،أرض
مقبرة ،بقايا أجساد.
أكاليل الورد :تحولت عبر التوظيؼ واالستخداـ الوظيفي والمغايرة في االستخداـ إلى،
ىدايا ،أكاليؿ ورد لممقابر ،ورد لمفرح ،ورد يقطع كترميز استعاري عف اإلنساف
الذي يموت.
أوًال -النتائج:
-4التأويؿ يعتمد عمى خصوبة وعمؽ العالمة وقوة االرتباط بيف عناصرىا الداؿ
والمدلوؿ مرتبطة عبر الشفرة التي تعمؿ كمترجـ لممضاميف في عممية التعرؼ
واإلدراؾ ومف ثـ القراءة والتأويؿ.
-3تشكؿ عممية تعويـ الداؿ وانتاج مدلوالت متعددة العنصر األصعب في إنتاج
نص العرض في مسرح الصورة عبر التأويؿ المغمؽ في الوصوؿ لمجموعة
مف األفكار والمعاني محددة أو التأويؿ المفتوح لمعالمات وبالتالي لنص
العرض الصوري.
ثانيا -االستنتاجات:
ً
-2القراءة التأويمة الخطوة النيائية لعمميات معالجة ذىنية ومادية في إنتاج خطاب
يجسد نص العرض في مسرح الصورة وباإلمكاف أف يتطور ىذا الخطاب مف
وفنيا.
تقنيا ً
خالؿ تطوير اإلنتاج العالماتي ً
-1التأويؿ لمعرض المسرحي يمر بعدد مف المسافات الجمالية التي تبدأ بالقراءة
األولى لممخرج والثانية لمكادر الفني والتقني والثالثة لممتمقي ،وىي بيذا تتكوف مف
832 Forty-seventh year - Vol. 63 May 2021
العدد الثالث والستون – مايو 0202 مجمة بحوث الشرق األوسط – السنة السابعة واألربعون
مؤسسا نص العرض باالعتماد عمى اشتراطات ً -3يغادر المخرج النص األدبي
مرجعية وبنى ضاغطة مف خالؿ خبرتو الحياتية واالجتماعية والتفاصيؿ التي
تمر عميو بالمستوى األوؿ ،أما المستوى الثاني مف خالؿ عممية اإلبداع
صور خيالية يحوليا إلى نص عرض مادي عبر األوساط
ًا الذىني التي تولد
المختمفة والمتنوعة.
المصادر والمراجع
لياف موكاروفسكي وآخروف ،سيمياء براغ لممسرح ،دراسات سيميائية ،تر :ادمير كوريو ،و ازرة .1
الثقافة( ،دمشؽ.)2997 :
األحمر فيصؿ ،معجـ السيميائيات(،الجزائر :الدار العربية لمعموـ ناشروف ،منشورات االختالؼ، .2
.)1020
أيكو امبرتو :التأويؿ ،تر :سعيد بنكراد( ،بيروت :المركز الثقافي العربي.)1000 ، .3
أيكو امبرتو ،التأويؿ بيف السيميائيات والتفكيكية،تر :سعيد بنكراد( ،الدار البيضاء :المركز .4
الثقافي العربي.)1000،
إيالـ كير ،سيمياء المسرح والدراما ،تر رئيؼ كرـ (بيروت :المركز الثقافي العربي.)2991 ، .5
باربا اوجينيو ،زورؽ مف ورؽ ،تر :قاسـ بياتمي(،القاىره،الييئة المصرية لمكتاب.)1002، .6
بنكراد سعيد ،السيميائيات والتأويؿ ،مدخؿ لسيميئيات س .س بورس (الدار البيضاء ،مؤسسة). .7
بوعزة محمد ،استراتيجية التأويؿ مف النصية إلى التفكيكية( ،الرباط :منشورات االختالؼ ،دار .8
األماف.)1022 ،
دانياؿ تشاندلر ،أسس السيميائية ،تر د .طالؿ وىبة( ،بيروت ،المنظمة العربية لمترجمة، .9
.)1002
.11دوبري ريجيس ،حياة الصورة وموتيا ،تر :د .فريد زاىي ،و ازرة الثقافة واإلعالـ (بغداد:دار
الماموف لمترجمة والنشر.)1007 ،
.11دي .سي .لويس ،طبيعة الصورة الشعرية ،تر :أحمد نصيؼ الجنابي ،و ازرة الثقافة واإلعالـ،
العدد ،2مجمة الثقافة االجنبية( ،بغداد ،:دار الجاحظ لمنشر.)2920 ،
.12ريكور بوؿ ،مف النص إلى الفعؿ أبحاث التأويؿ ،تر محمد براءة وحساف بورقية (مصر :عيف
لمدراسات والبحوث اإلنسانية واالجتماعية ،ط.)1002 ،2
.13الرويمي ميجاف وآخروف ،دليؿ الناقد األدبي( ،الدار البيضاء :منشورات المركز الثقافي العربي).
.14رياف محمد عمي أبو ،فمسفة الجماؿ ونشاة الفنوف الجميمة( ،مصر :اإلسكندرية ،دار المعرفة
الجامعية.)2929 ،
.15شاكر عبد الحميد ،عصر الصورة ،اإليجابيات والسمبيات( ،الكويت :سمسمة عالـ المعرفة،
مطابع السياسة العدد (.))422
.16عزاـ محمد ،التمقي والتأويؿ( ،الجميورية العربية السورية :دار الينابيع لمطباعة والنشر،
.)1007
.17عموش سعيد ،معجـ المصطمحات األدبية( ،الػدار البيضاء :منشورات المكتبة الجامعية،
.)2923
.18الغذامي عبد اهلل ،الخطيئة والتكفير (جدة :النادي األدبي الثقافي.)2925 ،
838 Forty-seventh year - Vol. 63 May 2021
العدد الثالث والستون – مايو 0202 مجمة بحوث الشرق األوسط – السنة السابعة واألربعون
.19غيورغي غاتشؼ ،الوعي والفف ،تر :د .نوفاؿ نيوؼ( ،الكويت :عالـ المعرفة ،سمسمة
كتب(تسمسؿ .)2990 ،)232
.21فاردف بياتريس ،المسرح والصورة المرئية ،ج ،1تر .د .سييؿ الجمؿ( ،القاىرة :و ازرة الثقافة،
ميرجاف القاىرة الدولي لممسرح التجريبي.)1005 ،
.21فرناندىاليف وفرانؾ شوير ويجف ،نظرية القراءة مف اليرمينوطيقا إلى التفكيكية ،تر د .عبد
الرحمف بو عمي (جدة ،دار النشر الجسور.)2995 ،
.22كونسؿ كونؿ ،عالمات األداء المسرحي ،تر :د.أميف حسيف ،و ازرة الثقافة ،ميرجاف القاىرة
الدولي المسرح التجريبي (القاىرة ،مركز المغات والترجمة ،أكاديمية الفنوف.)2992،،
.23محمد قاسـ ،كتاب الدماغ والعموـ المجاورة المحاورة لفف الممثؿ( ،الشارقة :الييئة العربية
لممسرح1022 ،ـ).
.24ميرلوبونتي موريس ،المرئي والالمرئي ،تر :سعاد محمد خضر،و ازرة الثقافة( ،بغداد :دار
الشؤوف الثقافية العامة ،سمسمة المائة كتاب.)2927 ،
.25نخبة مف الباحثيف ،موسوعة نظرية اآلداب ،المجمد الثاني-إضاءة تاريخية عمى قضايا أساسية-
الصورة -المنيج -الطبع المتفرد/القسـ الثالث ،تر د .جميؿ نصيؼ التكريتي ،و ازرة
الثقافة(،بغداد :دار الشؤوف الثقافية العامة)2993 ،
.26وليـ راي ،المعنى األدبي مف الظاىراتية إلى التفكيكية ،تر:يوئيؿ يوسؼ(بغداد:دار المأموف
لمترجمة والنشر.)2927،
.27محمد بالسـ ،التحميؿ السيميائي لفف الرسـ المباديء والتطبيقات( ،رسالة دكتوراه مقدمة إلى
مجمس كمية الفنوف الجميمة ،جامعة بغداد .)1002
.28داوسف :الدراما والدرامي ،ترجمة :عبد الواحد لؤلؤة ،و ازرة الثقافة واإلعالـ ،سمسمة موسوعة
المصطمح النقدي ((،)22بغداد.)2922 :
.29أيجري ،اليوس فف الكتابة المسرحية ،ترجمة دريني خشبة(،مصر :القاىرة ،مكتبة األنجمو
المصرية).
.31بسفميد روجر :فف الكاتب المسرحي ،ترجمة دريني خشبة(القاىرة :مكتبة نيضة مصر ،الفجالة
.)2923
.31باختيف ميخائيؿ:الماركسية وفمسفة المغة ،تر :محمد البكر ويمنى العيد( ،الدار البيضاء :دار
توبقاؿ لمنشر ،ط.)2922 ،2
.32الصباغ رمضاف ،عناصر العمؿ الفني ،و ازرة الثقافة واإلعالـ (بغداد :دار الشؤوف الثقافية،،
.)2922