You are on page 1of 216

‫أنت ونفسك‬

‫رحلة التغيير‬
‫ت�صميم الغالف‪ :‬لوحة فنية ل�سهير الدالل‬
‫وفريق الت�صميم لدار القلم‬

‫حروف ــ �أبو ظبي‬


‫جوال‪00971504479698 :‬‬
‫�سهري عدنان الدالل‬

‫أنت ونفسك‬
‫رحلة التغيير‬
‫لمن هذا الكتاب؟‬

‫هذا الكتاب‪ ،‬لمن ق َ‬


‫َص َد ُه ُم اهلل في آيته المعجزة حين قال‪:‬‬

‫﴿ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﴾ [الرعد‪.]11 :‬‬

‫هذا الكتاب‪ ،‬لكل من يش��عر بعظم األمان��ة التي حملناها‬


‫على ظهورن��ا‪ ،‬والتي أب��ت الس��ماوات واألرض والجبال أن‬
‫يحملنها وأشفق َن منها‪.‬‬

‫هذا الكتاب‪ ،‬لك ِّل من يرى في نفس��ه ِعمالقًا خف ًّيا مدفو ًنا‬
‫الهموم واألحزان‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫في غابة من ُ‬
‫وهمه‬
‫يأكل ويش��رب‪ُّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫هذا الكتاب‪ ،‬لك ِّل من يصحو وينام‪،‬‬
‫وكرها‬
‫ً‬ ‫اليومي‪ :‬أن يم ِّتع نفس��ه ويريحها‪ ،‬وإذا ب��ه يعيش ضنكً ا‬
‫لذاته الخفي��ة التي تبحث عن التميز لكي تع��ود لفطرتها التي‬
‫خلقها اهلل عليها‪.‬‬

‫هذا الكتاب‪ ،‬ل��ك ِّل حزين ٍ مكس��ورٍ‪ ،‬يش��كو وينوح ظلم‬


‫َّ‬
‫ال حظ له ف��ي دنيا ملكها‬ ‫الزمان‪ ،‬وظلم البش��ر‪ ،‬ويش��عر أن‬
‫األقوياء‪.‬‬

‫هذا الكتاب‪ ،‬لك أنت يا من تبحث عن َّ‬


‫السعادة الحقيقية‪،‬‬
‫ٍ‬
‫والتفرد بشيء بين مليارات البشر الذين يعيشون حولك‪.‬‬
‫الإهداء‬
‫روحا من روحـك فاضـت لـك ح ًّبـا‬ ‫ً‬ ‫ولدت أَهديتني‬
‫ُ‬ ‫ •حين‬
‫فهما وعقلاً ومنطقً��ا لم يكن ً‬
‫يوما ليبلغه‬ ‫يا ربي‪ ،‬ووهبتني ً‬
‫طلبي‪.‬‬
‫وعلمت‪ :‬إن��ه من علمي‬
‫ُ‬ ‫حفظ��ت‬
‫ُ‬ ‫ •فهل ل��ي أن أقول لم��ا‬
‫وأدبي؟!‪.‬‬
‫ •فما للوفي المحب إلاَّ أن يرد نس��مة من عطاياك يا منتهى‬
‫طلبي‪.‬‬
‫َ‬
‫والمنة يا خالقي‬ ‫ •وما لي أن أقول إلاَّ ‪ :‬إني أرجو منك القبو َل‬
‫وحسبي‪.‬‬
‫ •وفَّقتني‪ ،‬وهديتني‪َّ ،‬‬
‫وعرفتني بخيرة خلقك‪ ،‬فكل من طلب ُته‬
‫علي‬
‫فورا يلبي‪ ..‬لك الش��كر‪ ،‬ثم لكل من ف��اض بالحنان َّ‬
‫ً‬
‫ذهبا على ذهب‪.‬‬
‫وقال لي‪ :‬يا ً‬
‫وإليك وبأمرك‪ ،‬وبين يديك‬
‫َ‬ ‫من��ك‬
‫َ‬ ‫ •واهلل يا رب‪ :‬قد كان كله‬
‫قلوبهم وقلبي‪.‬‬
‫سهير عدنان الدالل‬
‫دبي ‪2012/9/2‬م‬
‫المقدمة‬

‫﴿ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ﴾ [األنعام‪.]162 :‬‬


‫ألعب َد اهلل‪،‬‬
‫أكت��ب ُ‬
‫ُ‬ ‫أن��ا وحيات��ي وكل ما أقوم ب��ه هلل‪ ،‬وأنا‬
‫وال أتمنى إ ْذ منحني هذه الموهبة إلاَّ القبول‪َ ،‬ع َس��اي أترك من‬
‫ً‬
‫صدقة تجري مع حبر قلم��ي‪ُ ،‬تترجم حبي العظيم لهذا‬ ‫بعدي‬
‫ب الكريم‪.‬‬‫الر ِّ‬
‫َّ‬
‫بدأت الكتابة وكانت غايت��ي وقصدي إرضاء ربي‪ ،‬وتعليم‬ ‫ُ‬
‫نفسي وغيري خفايا النفس البشرية التي خلقها اهلل تعالى لغايةٍ‬

‫عظيمةٍ‪ ،‬وآتاها من القوة والمواهب والملكات الش��يء الكثير‪،‬‬


‫فحاولت‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫كثير من الناس‪..‬‬ ‫ولكن لألس��ف‪ ..‬قد خفي هذا على‬
‫جاهد ًة في هذا الكتاب‪ :‬أن أس��لط الضوء على بعض الجوانب‬
‫وكنت أتمنى م��ن كلماتي هذه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫التي تبين حقيقة ه��ذه القوة‪،‬‬
‫قلبا‪،‬‬
‫نائما‪ ،‬أو ته��دي ً‬
‫وأفكاري‪ ،‬أن تح��رك س��اك ًنا‪ ،‬أو توقظ ً‬
‫جرحا‪ ..‬والمعونة من عند اهلل‪.‬‬
‫ً‬ ‫ولربما تداوي‬
‫ٍ‬
‫بكلمات من نوره؛ ألني أعلم يقي ًنا‪:‬‬ ‫ودعوت اهلل أن يمدني‬
‫ُ‬
‫أنه هو الذي خلق اإلنسان وعلمه البيان‪ ،‬فقلت‪:‬‬
‫وقوتي وعلمي‪ ،‬إلى حولك‬
‫(يا رب! إني تبرأت من حولي َّ‬
‫وقوتك وعلمك‪ ،‬يا ذا القوة المتين)‪.‬‬
‫َّ‬
‫�أما بعد‬

‫وال فلس��فة‪ ،‬إنْ ه��و إلاَّ أورا ٌق‬


‫ً‬ ‫إلهاما‪،‬‬
‫ً‬ ‫فه��ذا الكتاب ليس‬
‫وحكما‪ ،‬اجتمع على‬ ‫ً‬ ‫علوما‪ ،‬ومع��ارف‪،‬‬
‫ً‬ ‫جمعت فيها‬
‫ُ‬ ‫للتذكير‪،‬‬
‫صحتها مجموعة من البش��ر‪ ،‬وقد اقتنعت بها بع��د أن رأي ُتها‬
‫وأحببت أن أجمع للقارئ هذه المواد‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫فعالة مع نفسي وغيري‪.‬‬
‫ً‬
‫ملهمة من‬ ‫أفكارا‬
‫ً‬ ‫أضفت عليها‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫زاهية األلوان‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫ً‬
‫خلطة‬ ‫لتكون‬
‫عندي‪ ،‬قدم ُتها بأس��لوب ٍ رش��يقٍ‪ ،‬من َّمقٍ‪ ،‬مفهوم ٍ لكل ش��رائح‬
‫المجتمع‪.‬‬

‫وبما أن أغلب الكت��ب الموجودة على رف��وف المكتبات‬


‫والتي تكلمت ف��ي تصحي��ح المفاهيم الخاطئة ع��ن النجاح‬
‫والتغيي��ر‪ ،‬وعن النفس‪ ،‬وفه��م الذات‪ ،‬وكيفي��ة التعامل معها‪،‬‬
‫واالرتق��اء بها‪ ،‬لتحقيق األه��داف المرجوة في حياة اإلنس��ان‬
‫ً‬
‫انتقائية!‪..‬‬ ‫كانت‬
‫ً‬
‫انتقائية بمع َن��ى‪ :‬أن الكاتب انتقى المواضيع التي رآها أهم‬
‫من غيرها‪.‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪12‬‬

‫حاولت أن أنتقي أفضلها‪ ،‬وأركز على األهم فاألهم في‬


‫ُ‬ ‫فقد‬
‫رحلة العمر‪ ،‬رحلة التغيير نحو األفضل‪..‬‬

‫فأرجو اهلل أن أكون قد ُوفِّقت لما عملت به‪ ،‬وكلنا يعلم‪ :‬أن‬
‫منه ويرد‪ ،‬إلاَّ كتاب اهلل وسنة نبيه‪..‬‬ ‫ُ‬
‫يؤخذ ُ‬ ‫ال شيء كامل‪ ،‬وك ٌّل‬

‫وأجدت وقال القارئ‪ :‬ي��ا اهلل‪ ...‬فهذا من اهلل‬


‫ُ‬ ‫أحس��نت‬
‫ُ‬ ‫فإن‬
‫وفضله‪ ..‬وإن أخطأت فمن نفس��ي‪ ،‬والش��يطان‪ ،‬والهوى‪ ..‬وهلل‬
‫الفضل والمنة‪..‬‬

‫***‬
‫‪13‬‬ ‫ ـ باتكلا ىوتحم‬

‫ •لمن هذا الكتاب؟‬


‫محتوى الكتاب‬

‫ •اإلهداء‪.‬‬
‫ •المقدمة‪.‬‬
‫ •فهرس الكتاب باستخدام تقنية خريطة العقل‪.‬‬
‫ •أنت ونفسك رحلة التغيير‪.‬‬
‫ •لست الضحية‪.‬‬
‫ •يداك أرحم بك‪.‬‬
‫ •كن أنت التغيير الذي تود أن تراه في العالم‪.‬‬
‫ •حدد رؤيتك ورسالتك‪ ،‬ثم ضع خطتك وال تتخلى‬
‫عن أهدافك‪.‬‬
‫ •ابحث عن اإلبداع داخل نفسك‪.‬‬
‫ •اعرف قدر ذاتك وحفزها‪.‬‬
‫ •أنت فريد ليس مثلك مخلوق آخر‪.‬‬
‫نهارا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ •عش حلمك ليلاً‬
‫ •الذهب الضائع‪.‬‬
‫ •إن كل ما ال يقتلني يقويني‪.‬‬
‫ •مارس مهارات اإلقناع على نفسك‪.‬‬
‫ •تعرف على النجاح واعتنق عادات وطبائع الناجحين‬
‫السعداء‪.‬‬
‫ُّ‬
‫فهر�س الكتاب‬
‫با�ستخدام تقنية خريطة العقل‬

‫اخترت أن أقدم فصول‬‫ُ‬ ‫بعد دراس��تي لتقنية خريطة العقل‪،‬‬


‫كتابي وأقس��امه بطريقة خريطة العقل‪ ،‬وذلك بقصد طرح أفكار ٍ‬
‫جديدةٍ تولد االبتكار لدى القارئ‪ ،‬وتعطيه من كل بستان ٍ زهر ًة‬
‫الحر منذ صغري‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫الرسم‬
‫من المعرفة‪ ،‬وبما أن اهلل وهبني ملكة َّ‬
‫فقد كانت هذه الفكرة بمثابةِ واحةٍ غنَّاء لي أرتاح منها من غلظة‬
‫الكلمات إلى عبق األلوان‪.‬‬

‫لمحة عن خريطة العقل ومبتكريها لمن‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫وبداية‪ :‬سوف أقدم‬
‫لم يقرأ عنها‪.‬‬

‫ظهرت خريطة العقل أول ما ظهرت على مستوى العالم في‬


‫عام (‪1974‬م) عندما ُنشر كتاب اس��مه‪« :‬استخدم رأسك»‪ .‬وهو‬
‫المادة األولية لكتاب «خريطة العقل» الذي كتبه األخوين بوزان‬
‫(توني وباري)‪.‬‬

‫طرح فيه الكاتبان فكرة‪ :‬أن التفكير المشع ـ أي‪ :‬الذي يعتمد‬


‫ٍ‬
‫كلمات‬ ‫على مركز تتفرع منه ف��روع أصغر فأصغر ـ م��ع إضافة‬
‫ورسوم ٍ توضيحية للرسم بألوان مختلفة‪ ،‬هو الطريقة األكثر فعالية‬
‫للتذكر والتأثر‪ ،‬وذلك ألنه يم ِّكن اإلنس��ان من استخدام أدوات‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪16‬‬

‫البصري ـ األلوان ـ البعد ـ ش��مولية‬
‫ُ‬ ‫المخ جميعها‪ ،‬مثل‪( :‬اإليقاع‬
‫جمع األفكار ـ ترابط األفكار مع بعضها ـ الخيال) وذلك لجمع‬
‫األفكار وتذكره��ا‪ ،‬واالس��تفادة القصوى من الم��ادة الموجودة‬
‫أمامك وفهمها‪ ،‬ثم حفظها وإتقانها بدلاً من طرح المادة المكتوبة‬
‫سطور متتالية بلون ٍ أو لونين‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫بالطريقة التقليدية والتي هي‬

‫وقد أك��د العالم��ان‪ :‬أن العباقرة والمبتكرين عب��ر الزمن قد‬


‫اس��تخدموا هذه الطريقة ف��ي تدوين المذكرات؛ مث��ل‪ :‬ليوناردو‬
‫دافنشي وبيكاسو‪.‬‬

‫***‬
‫‪17‬‬ ‫لقعلا ةطيرخ ةينقت مادختساب باتكلا سرهف‬

‫تصميم‪ :‬سهري عدنان الدالل‬


‫�أنت ونف�سك رحلة التغيير‬ ‫‪1‬‬
‫سميت الكتاب‪ :‬أنت ونفسك‪ :‬رحلة التغيير؟‪.‬‬
‫ُ‬ ‫لماذا‬
‫ٌ‬
‫وغالي��ة‪ ،‬وألننا لن نس��تطيع تقديم أي‬ ‫ألن النفس عزيزةٌ‬
‫مس��اعدةٍ أو دعم ٍ ألحد ٍ من الناس إذا لم تكن هذه النفس في‬
‫أحسن حاالتها‪..‬‬

‫ولذلك‪ :‬أستش��هد بحديث الفاروق عمر بن الخطاب ‪،3‬‬


‫وفيه‪:‬‬

‫إلي‬ ‫أن سيدنا عمر قال للنبي ! ‪« :‬أل َ َ‬


‫نت يا رسول اهلل أحب َّ‬
‫ٍ‬
‫من كل ش��يء إلاَّ من نفس��ي‪ .‬فقال !‪ :‬لاَ والذي نفسي بيده‪،‬‬
‫حتى أكون أحب إليك من نفسك‪ .‬فقال له عمر‪ :‬فإنَّك اآلن واهلل ِ‬
‫َّ‬
‫إلي من نفسي‪ .‬فقال الرسول !‪ :‬اآل َن يا ُع َمر»‪.‬‬
‫أحب َّ‬
‫ُّ‬
‫(رواه البخاري)‬

‫إلي من كل‬ ‫ً‬


‫بداية‪ :‬أنت أحب َّ‬ ‫لقد قال عمر  ‪ 3‬للرسول !‬
‫ٍ‬
‫شيء إلاَّ من نفسي ـ أي‪ :‬إنه قد علم بقيمة النفس وأنها األحب‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪20‬‬

‫إلى القلب‪ ..‬ـ ولكن الرسول  ! طلب األكمل واألشمل والذي‬


‫هو محبته أكثر من نفس��ه‪ ..‬وذلك ألن محبة الرسول تعود في‬
‫النهاية لمصلحة هذه النفس ومصيرها األبدي‪..‬‬

‫إن محبوب اإلنسان‪ :‬إما نفسه‪ ،‬وإما غيرها‪.‬‬

‫ً‬
‫سالمة من اآلفات‪ ،‬هذا‬ ‫أما نفس��ه‪ :‬فهو أن يريد دوام بقائها‬
‫هو حقيقة المطلوب‪.‬‬

‫وأما غيرها‪ :‬فإذا حقق األمر فيه‪ ،‬فإنَّما هو بس��بب تحصيل‬


‫نفع ٍ ما على وجوهه المختلفة حالاً ومآلاً ‪.‬‬

‫فإذا تأم��ل النفع الحاص��ل له من جهة الرس��ول  ! الذي‬


‫الكفر إلى نور اإليمان إ َّما بالمباش��رةِ وإما‬ ‫ِ‬
‫لمات ُ‬‫أخرجه من ُظ‬
‫بقاء نفس��ه‪ ،‬البقاء األبدي في النعيم‬ ‫بالس��بب‪ ،‬علم أنه سبب ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫الس��رمدي‪ ،‬وعل��م أن نفعه بذل��ك أعظم من جمي��ع وجوه‬
‫َّ‬
‫االنتفاعات‪ ،‬فاستحق لذلك أن يكون حظه من محبته أوفر من‬
‫غيره؛ ألن النفع الذي يثير المحب��ة حاصل منه أكثر من غيره‪،‬‬
‫ولكن الناس يتفاوتون في ذلك بحسب استحضار ذلك والغفلة‬
‫الصحابة @ من هذا المعنى ُّ‬
‫أتم؛ ألن‬ ‫عنه‪ .‬وال ش��ك‪ :‬أن حظ َّ‬
‫هذا ثمرة المعرفة‪ ،‬وهم بها أعلم‪ ،‬واهلل الموفق‪.‬‬
‫(كتاب «فتح الباري» لإلمام الحافظ‬
‫أحمد بن علي بن حجر العسقالني)‬
‫‪21‬‬ ‫‪ 1‬ـ رييغتلا ةلحر كسفنو تنأ‬

‫ثمينة فتبنَّاها‪ِ ...‬‬


‫أعطه��ا ح َّتى تعطيك‪ ..‬ومن‬ ‫ٌ‬ ‫نفس��ك جوهر ٌة‬
‫أحق من نفسك أنت وذاتك بالتبنِّي؟!‪ ..‬النَّاس من حولك زمالء‬
‫رحل��ةٍ حتى لو كان��وا أقرب النَّ��اس إليك‪ ..‬ولن تس��تطيع أن‬
‫والرعاية إذا كن��ت ضعيف النفس‪،‬‬ ‫تمنحهم ذر ًة من االهتم��ام ِّ‬
‫فك ُّلنا يعلم أن‪ ..‬فاقد الشيء ال يعطيه‪.‬‬ ‫مد َّم ًرا من الداخل‪ُ ،‬‬
‫ِ‬ ‫«جاء ج ِ ْبر ِ ُ‬
‫ت‬‫يل ِإلَى ال َّنب ِ ِّي  ! َف َقالَ‪َ :‬يا ُم َح َّمدُ ‪ ،‬أَ ْحب ِ ْب َم ْن ش ْئ َ‬ ‫َ‬
‫َّك م َفارِقُ ُه» َ َ‬ ‫ِ‬
‫ي)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫(ر َو ُاه أ ُبو ُز ْر َع َة َّ‬
‫الراز ُّ‬ ‫َفإن َ ُ‬
‫حتما ستفارق كل النَّاس الذين التفوا حولك في يوم ٍ‬
‫فأنت ً‬
‫من األيام‪ ،‬والخلود هلل‪ ..‬وستعيش معك هذه النفس من الحياة‬
‫السرمدية األزلية‪..‬‬
‫الدنيا إلى الحياة َّ‬
‫فمن يهمك اآلن أكثر‪ :‬الفاني أم الباقي؟‪..‬‬
‫وأبدا على أن تراها في أحسن مكان ٍ في الدنيا‬
‫دائما ً‬
‫اعمل ً‬
‫واآلخرة‪..‬‬
‫نورا على‬
‫نفسك‪ ،‬وسمو ذاتك‪ ،‬سيفيض ً‬
‫َ‬ ‫ولتعلم‪ :‬أن عظمة‬
‫من حولك في الحياة الدنيا‪.‬‬
‫أيَّتها النفس! كوني كما أراد اهلل لك في أعلى عليين‪.‬‬
‫الصغير ال��ذي ينتظر منك كل‬
‫تبنَّى نفس��ك؛ ألنها طفلك َّ‬
‫ٍ‬
‫شيء‪..‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪22‬‬

‫اجتهد على أن تضعها في أفض��ل األماكن‪ ،‬وأن تلعب في‬


‫دوما دور البطل‪ ..‬اجتهد عليها ولكن ال تفسدها‬
‫مس��رح الحياة ً‬
‫َّ‬
‫بالدالل أو تدفنها باإلهمال‪..‬‬

‫الصغي��ر إذا ما عرفت قيمته‪ ،‬وأحس��نت‬


‫إن ه��ذا الطف��ل َّ‬
‫عظيما‪..‬‬
‫ً‬ ‫االهتمام به‪ ،‬عاد عليك في المستقبل رجلاً‬

‫تبصر ف��ي أمور الدني��ا‪ ،‬وتعلَّم ما هو‬


‫اعرف نفس��ك‪ ..‬ثم َّ‬
‫الصحيح من الخاطئ‪..‬‬

‫كالماس‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫صافية‬ ‫النفس مرآة‪ ،‬إذا ما اعتنيت بنظافتها صارت‬
‫ٍ‬
‫وتم َّكنت أن ترى الصورة الحقيقية لكل شيء حولك‪..‬‬
‫تفرس في نفسه فعرفها‪ ،‬صحت له الفراسة في غيره وأحكمها»‪.‬‬
‫«من َّ‬
‫(أبو الحسن سمنون بن حمزة)‬

‫***‬
‫ل�ست َّ‬
‫ال�ضحية‬ ‫‪2‬‬
‫ـ ـأنت أنت كما ترسم صورتك بيدك تراها‪..‬‬

‫أنت لست الضحية والمظلوم والمقهور‪ ..‬فمن أنت؟‪..‬‬


‫أحد غيرك عن هذا الس��ؤال‪ ،‬فمن غيرك يعرف‬ ‫ـ ـلن ُيجيب ٌ‬
‫عن نفس��ك ومواهبك وقدراتك إلاَّ أن��ت‪ ..‬فإذا قلت‪ :‬إنَّك‬
‫الضحية في هذا العالم وإنَّك تعيش ً‬
‫تاركا األقدار تمش��ي‬
‫والسالم‪،‬‬
‫َّ‬ ‫بك كيفما تشاء‪ ،‬وإنَّك تف ِّكر ضمن حدود يومك‬
‫فحتما ستكون كما تقول‪..‬‬
‫ً‬
‫ـ ـاآلن يجب عليك أن تدري وتدري‪ ،‬كما أ َّن عليك أن تخط‬
‫طريقك وال تمشي أينما كان‪ ،‬وكيفما أبصرت‪..‬‬
‫َ‬ ‫أنت‬
‫ـ ـإن النَّاس الناجحين‪ ،‬الفاعلين‪ ،‬والذين نتمنى أن نكون مثلهم‪،‬‬
‫قرروا أن يعيشوا بقوةٍ وبإبداعٍ‪ ،‬ولم يقبلوا ألنفسهم أن يكونوا‬
‫ضحايا مقهورين‪ ،‬بل تحملوا مس��ؤولية حياتهم واختياراتهم‬
‫مئة بالمئة في الماضي والحاضر والمستقبل‪..‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪24‬‬

‫ي��وم جديد‪ ،‬وأن‬


‫ٌ‬ ‫دائما‪ :‬أن الغد‬
‫«لقد نجحنا ألننا اعتبرن��ا ً‬
‫ما تحقَّ��ق في األمس قد تحق��ق‪ ،‬وأن ال َّتاريخ ال��ذي نكتبه هو‬
‫ما ننجزه في المستقبل‪ ،‬وليس ما أنجزناه في الماضي»‪.‬‬
‫(سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم)‬

‫قل��ت‪ :‬إنهم كان��وا يمتلكون ظروفًا أفض��ل‪ ،‬ومواهب‬


‫َ‬ ‫ـ ـفإذا‬
‫ودعما في كافة المجاالت‪ ..‬فهذا ما أس��ميه‪ :‬مقبرة‬ ‫ً‬ ‫خارقة‪،‬‬
‫��وي تعقل‬
‫بش��ر َس ٌّ‬
‫ٌ‬ ‫اإلب��داع وش��ماعة األغبياء‪ ..‬فبما أنَّك‬
‫وأياما تعيش��ها في هذه‬
‫ً‬ ‫روحا منه‪،‬‬
‫ً‬ ‫وتفكر‪ ،‬وقد وهبك اهلل‬
‫غن��ي‪ ،‬ولكنك تحتاج فق��ط لتوضيح بعض‬ ‫ٌّ‬ ‫الدني��ا‪ ،‬فأنت‬
‫المفاهيم الخاطئة‪ ،‬واإليمان بنفسك‪ ،‬ثم االنطالق إلى عالم ٍ‬
‫فسيح ٍ تَشَ ُّم فيه َع َ‬
‫بق االنتصار‪..‬‬
‫ـ ـولتعلم‪ :‬أن كل ٍّ‬
‫تحد أو مواجهة في هذه الحياة يكون ضمن‬
‫نطاقين اثنين فقط‪ ،‬وهما‪( :‬داخل السيطرة‪ ،‬وخارجها)‪.‬‬
‫ـ ـفأما ما كان خارج السيطرة‪:‬‬

‫فقد تك��ون‪( :‬البيئة‪ ،‬والعائل��ة‪ ،‬والح��وادث المفاجئة التي‬


‫تعت��رض البش��ر‪ ،‬واللون العرقي‪ ،‬والجنس��ية‪ ،‬والش��كل‪،‬‬
‫ْت ولم يكن لك الخيار فيه‪ ،‬فليس لك‬ ‫ِ‬
‫والجنس)‪ .‬وقد ُخلق َ‬
‫منه إلاَّ التقبل والمعايش��ة‪ ،‬ومحاولة تحس��ين ما تستطيع‬
‫تحسينه‪..‬‬
‫‪25‬‬ ‫‪ 2‬ـ يحَّضلاتسل‬

‫ـ ـأما الشيء األهم‪ :‬فهو ما تمتلكه أنت والذي هو داخل‬


‫السيطرة‪:‬‬
‫ُ‬
‫مربط الفرس‪ ،‬فأنت تملك القرار في نفسك‪ ،‬وذاتك‪،‬‬ ‫وهنا‬
‫وعادات��ك‪ ،‬وأس��اليب تأثي��رك‪ ،‬ومواقف��ك م��ن الحياة‪،‬‬
‫أحسس��ت بعد ك ِّل‬
‫َ‬ ‫واختيارات��ك‪ ،‬ومس��تواك الفكري‪ ،‬فلو‬
‫الضحية‪ ..‬فلتعلم‪ :‬أنك أنت من اخترت أن تلعب‬
‫ذلك‪ :‬أنك َّ‬
‫هذا َّ‬
‫الدور في مسرح الحياة‪..‬‬

‫والمبدعي��ن‪ ،‬والمف ِّكرين‪ُ ،‬ه��م الذين لعبوا‬


‫وأن األقوي��اء‪ُ ،‬‬
‫ناس ملكوا أنفس��هم‬‫األدوار الرئيس��ة في هذا المس��رح‪ ..‬أُ ٌ‬
‫القوة عندهم واس��تثمروا فيها‬
‫وطوعوها‪ ،‬ركزوا على نقاط َّ‬
‫ٍ‬
‫رغبات مشتعلة داخل النفوس‪.‬‬ ‫لتلبي‬
‫َ‬
‫«ركِّ ز على إمكانياتك‪ِّ ،‬‬
‫طو ْرها‪ ،‬اس��تثمرها‪ ،‬ستتغير حياتك‬
‫ٍ‬
‫بساطة»‪.‬‬ ‫لألفضل بكل‬
‫(د‪ .‬بدر صادق)‬

‫وأبدا رغ��م الظروف‬


‫دائم��ا ً‬
‫كان��وا يبحثون ع��ن األفضل ً‬
‫المفروضة‪..‬‬
‫ـ ـاعتز بنفس��ك‪ ،‬وآمن بها‪ ،‬واعلم‪ :‬أنك أن��ت الذي تملكها‪،‬‬
‫وليس هي‪ ..‬وقد كان اإلمام الش��افعي يعتز بنفس��ه ويراها‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪26‬‬

‫ظروف صعبةٍ كالفقر‪ ،‬وغيره‪،‬‬


‫ٍ‬ ‫غاليا رغم ما مر به من‬
‫ش��ي ًئا ً‬
‫وقد قال‪:‬‬
‫منهن أكثرا‬
‫َّ‬ ‫ب ِ َف ْلس ٍ لكا َن ال َف ْلس‬ ‫ثي��اب لو ُيب��اع جميعها‬ ‫ٌ‬ ‫ع َل َّي‬
‫أج َّل وأخطرا‬
‫الو َرى كانت َ‬
‫جميع َ‬ ‫وفيهن َنف ٌْس ل��و ُيقاس بمثلها‬
‫ض ًبا حيث أنفذته َبرا‬ ‫إذا كان َع ْ‬ ‫السيف إخال ُق غِمده‬ ‫ض َّر ن َْص َل َّ‬
‫فما َ‬
‫َفكَ م مِن حسام ٍ في غِ ٍ‬
‫الف َتكَ َّسرا‬ ‫ت ب ِ َب َّزتِي‬
‫ُ‬ ‫فإن تكُ ن األي��ام أ ْز َر ْ‬

‫(ديوان اإلمام الشافعي)‬

‫اس��مع من��ه‪ :‬لق��د رأى الظ��روف الخارجي��ة ال تضر به‪،‬‬


‫وال تقصر من اعتزازه بنفس��ه وبقيمتها التي كانت أج َّل وأخطر‬
‫من جميع الورى‪..‬‬
‫وهما اختلقته‬ ‫ـ ـال تَ ُلم الظ��روف وال النَّاس‪ ،‬فهذا لي��س إلاَّ‬
‫ً‬
‫لتبرر لنفس��ك ضعفها‪ ..‬إي��اك والركون له��ذا العذر‪ ،‬ضع‬
‫الراكد َنتِ ٌن‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وتحرك فالماء‬
‫َّ‬ ‫قدميك‬
‫َ‬ ‫األَعذار تحت‬

‫فال��ذي يلع��ب دور الضحية ل��ن يتمكن من مواجه��ة األزمات‬


‫وأبدا أن يكتسب تعاطف اآلخرين معه‪..‬‬
‫دائما ً‬
‫والمصاعب‪ ،‬وسيحاول ً‬
‫ففي الحياة يوجد شخصان‪ :‬القائد والتابع‪ ..‬إذا لم تختر أن‬
‫س��يفرض عليك أن تكون‬
‫ُ‬ ‫فحتما‬
‫ً‬ ‫مبادرا‪،‬‬
‫ً‬ ‫قائدا لنفس��ك‪،‬‬
‫تكون ً‬ ‫َ‬
‫تابعا تن ِّفذ أوامر غيرك‪..‬‬
‫ً‬
‫‪27‬‬ ‫‪ 2‬ـ يحَّضلاتسل‬

‫مبادرا‪ ،‬ونحن‬
‫ً‬ ‫تابعا أو‬
‫«اإلنسان أمامه خياران‪َّ :‬إما أن يكون ً‬
‫نرغب في أن نكون مبادرين ومتقدمين»‪.‬‬
‫(سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم)‬

‫إ َّن حياتنا ما هي إلاَّ مجموعة من االختيارات‪ ،‬والقرارات‪،‬‬


‫اتخذناها ألنفسنا طبقًا ل ِ َما ظننا أنَّنا قادرون عليه‪...‬‬
‫اآلن ولي��س الحقً��ا‪ ..‬تح َّم��ل مس��ؤولية حيات��ك‪ ،‬وقراراتك‪،‬‬
‫وال شيخ محني َّ‬
‫الظهر‪ ،‬وال أنت‬ ‫ٌ‬ ‫طفل ترضع‪،‬‬ ‫أنت ٌ‬ ‫واختياراتك‪ ،‬فال َ‬
‫ٌ‬
‫ضعيف��ة حامل‪ ..‬وال أنت األس��ير المس��جون خل��ف القضبان‪..‬‬ ‫أ ٌّم‬
‫الح ُّر القوي‪..‬‬
‫أنت ال َعاقل ُ‬
‫وال المريض العالق تحت أجهزة اإلنعاش‪َ ..‬‬
‫ش��عورا‬
‫ً‬ ‫تحملك المس��ؤولية الكاملة لحياتك‪ ،‬يعطيك‬
‫«إن ُّ‬
‫َّ‬
‫عظيما بالقدرة الشخصية‪ ،‬والثقة بالنفس»‪.‬‬
‫ً‬
‫(سهير)‬

‫والس��عي للعب دور‬ ‫َّ‬ ‫كما أن إلزام نفس��ك بالمس��ؤوليات‬


‫بداية بقيود ٍ تُجاه هذه المسؤولية‪ ،‬لتتعب قليلاً‬
‫ً‬ ‫البطل‪ ،‬س ِ‬
‫يأس ُركَ‬ ‫َ‬
‫ن هذه القيود ليست إلاَّ لمصلحتك الحقًا‪..‬‬ ‫وتجتهد‪ ،‬ولك َّ‬
‫إن وضع المزيد من المسؤوليات وااللتزامات التي تفرضها‬
‫َّ‬
‫حركتك‪ ،‬وإنما ستزيد ثباتك في األرض‪.‬‬
‫َ‬ ‫على نفسك لن تعيق‬

‫***‬
‫أرحم َ‬
‫بك‬ ‫ُ‬ ‫َي َد َ‬
‫اك �‬ ‫‪3‬‬
‫تثق بحب نفس��ك‬
‫ي��داك أنعم وأرحم م��ن أيديهم‪ ،‬وأنت ُ‬
‫ِ‬
‫فأعط لنفسك الحق بأن‬ ‫ب في الكون‪،‬‬ ‫لنفس��ك أكثر من أي ُح ٍّ‬
‫تضغط عليك‪ ،‬وتكون لك كالمعلم القاسي قبل أن يقسو عليك‬
‫ك ُّل من حولك‪ ..‬فالنَّاس لن تعذرك على تأخرك‪ ،‬وتقاعس��ك‪،‬‬
‫وظروفك‪ ،‬فما لها إلاَّ أنْ ترى نتائجك ال أكثر وال أقل‪..‬‬

‫«لكي ننجح في الحياة‪ ،‬ينبغي أن نتحكَّ م في غرائزنا‪ ،‬ونسيطر‬


‫على نفوسنا‪ ،‬ونعرف متى وكيف نلجمها ونكبح جماحها»‪.‬‬
‫(ديل كارنيجي)‬

‫فاش��دد على هذه النفس الكس��ولة‪ ،‬وال ترخي لها الحبل‬


‫للركون إل��ى األرض‪ ..‬ادفعها‬
‫دوما ُّ‬
‫تمي��ل ً‬
‫ُ‬ ‫على الغَارِب‪ ،‬فهي‬
‫تنعم فيما بع��د بالفضاء الرحب‬
‫َ‬ ‫غصبا عنها إل��ى األعلى لكي‬
‫ً‬
‫السمو والعلى) وال تستسلم للظروف‪..‬‬
‫(فضاء ُّ‬

‫إذا كان مصعد ال َّنجاح مع َّطلاً استخدم ُّ‬


‫الس َّلم درج ًة درج ًة‪.‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪30‬‬

‫ُكن أن��ت الحضن الداف��ئ له َّمتك‪ ..‬وال تس��مح ألحد ٍ أن‬


‫يطمس النُّور المتدفق من داخل نفسك‪..‬‬

‫دائما‪ ،‬وابدأ‪ ،‬فغي��رك ليس أفضل منك‪..‬‬


‫ُكن من الس�� َّباقين ً‬
‫ب قَليلاً ‪ ،‬وعش بالطموح َّ‬
‫الدائم كي ترى ما رسمته‬ ‫واتع ْ‬
‫��ه ْر َ‬
‫اس َ‬‫ْ‬
‫��دا في الحقيقة وأمام عينيك‪ ..‬وبهذا‬
‫لنفسك على الورق ُم َج َّس ً‬
‫أحد‪..‬‬
‫أبدا أن يسبقك ٌ‬
‫لن تقبل ً‬
‫عندما تتحدَّ ث إنجازاتك عن نفسها‪ ،‬ال تُ َقاطع‪.‬‬

‫فلن تقبل أن يتس��اوى بك أهل األمان��ي واألحالم الذين‬


‫اكتفوا بالكالم وتصيد األخطاء لآلخرين‪..‬‬
‫يا من يحاول باألماني رتبتي كم بين مس��تفل ٍ وآخر راقي‬
‫نوما وتبغ��ي بعد ذاك لحاقي‬
‫ً‬ ‫س��هران الدجى وتبي َت ُه‬
‫َ‬ ‫أأبيت‬
‫ُ‬
‫(ديوان اإلمام الشافعي)‬

‫إياك َّ‬
‫والظن أن الموهبة والذكاء فقط هي التي ستميز النَّاس‬
‫عن بعضهم‪ ..‬إن العم��ل ٍّ‬
‫بجد وااللتزام هو األس��اس‪ ،‬كما أن‬
‫المثابرة وعدم التراخي هو الفارق األهم بين الناس‪.‬‬

‫«من المهم أن يعرف اإلنس��ان أنه ليس موهو ًبا بما يكفي‬
‫لكي يتراخى ُم َع ِّولاً على موهبت��ه‪ ،‬وليس غب ًّيا بما يكفي لكي‬
‫(نسيم صمادي)‬ ‫ييئس فال يحاول»‪.‬‬
‫‪31‬‬ ‫َدَ‬
‫‪ 3‬ـ َكب ُمحرأ َ اك ي‬

‫قاس��يا مع َنفْ ِسك)‪ ..‬سنقول‬


‫ً‬ ‫(كن‬
‫وإذا قلنا في أول الفصل‪ُ :‬‬
‫ال تنس أن تكون صديقًا لها في الوقت نفسه‪..‬‬
‫َ‬ ‫اآلن‪:‬‬
‫ُّ‬
‫التفلت من المهام التي يجب‬ ‫فعندما ال  ُتسامح نفسك على‬
‫عليها إتمامها وإنجازها في الوقت المطلوب منها‪ ،‬فأنت بذلك‬
‫تس��اعدها وتعينها‪ ،‬ولاَ و َلن تخس��رها‪ ..‬ألنك الحقًا إن فشلت‬
‫ما كالدراس��ةِ أو العم��ل ِ أو تحقيق أه��داف الحياة‬
‫ِّ‬ ‫في مجال ٍ‬

‫ستلومك هي‪ ،‬وستعاني من تساهلك أنت معها‪..‬‬

‫أحد هذه‬
‫أحد عن أسباب فشلك‪ ،‬ولن ُيبرر لك ٌ‬ ‫لن يسألك ٌ‬
‫األسباب‪ ،‬فهم لن يروا إلاَّ فشلك‪..‬‬

‫لك إالَّ أن تثق بنفسك وقدرتها على تحقيق ما تريد‪،‬‬


‫وليس َ‬
‫فمفتاح الثقة بالنف��س يفتح كل أبواب النَّج��اح‪ ،‬ف ِّكر كل يوم ٍ‬
‫بالجديد الذي سيوصلك إلى مراتب النجوم‪.‬‬

‫السعي‬
‫ال يداوم على َّ‬ ‫«من يغفل لحظ ًة عن الجديد َّ‬
‫يتأخر‪ ،‬ومن ُ‬
‫الصفوف الخلفية‪ ،‬ومن يترك‬
‫الصف األول سيقبع في ُّ‬
‫للوصول إلى َّ‬
‫للزمن تدبير‬ ‫يوما َّ‬
‫حظه‪ ،‬ومن يترك َّ‬ ‫سيندب ً‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫للحظ أن يصنع له شي ًئا‬
‫صديق لمن يعمل‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫أموره‪ ،‬سيكتشف أن الزمن ليس ُمحايدً ا‪ ،‬الزمن‬
‫ويقصر‪ ،‬ويتكاسل»‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫وعدو لمن يرقد‪ ،‬ويتواكل‪،‬‬
‫ٌّ‬ ‫ويسعى‪ ،‬ويبادر‪،‬‬
‫(سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم)‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪32‬‬

‫فعالة لتروي�ض النف�س‪:‬‬


‫مفاتيح َّ‬

‫ال تستجيب‬
‫ُ‬ ‫وإليك مفاتيح فعالة ل ُتراو َغ نفسك إذا أحسست بأنها‬
‫ٍ‬
‫بعادات‬ ‫ٌ‬
‫محكومة‬ ‫لك وتعصيك في بعض األحيان‪ِ ،‬‬
‫فم َن الممكن أنَّها‬ ‫َ‬
‫سيئةٍ التصقت بها ُ‬
‫منذ زمن ٍ بعيد ولز َم إعادة الهيكلة‪..‬‬

‫‪ 1‬ـ التدرج‪:‬‬

‫أسلوب ه ِّي ٌن على نفس��ك‪ ،‬لتحاول أن تصل لما تريد دون‬


‫ٌ‬
‫أن ترفض وتأبى ما تطلبه منها‪..‬‬

‫مثال للتوضيح‪:‬‬

‫إذا نوي��ت أن تق��وم ببحث ٍ ما‪ ،‬أو دراس��ةٍ ع��ن موضوعٍ‪،‬‬


‫نفسك في التنفيذ‪..‬‬
‫ت عليك ُ‬
‫ص ْ‬
‫واس َت ْع َ‬
‫ً‬
‫صفحة‬ ‫ُخذها بالحكمة وال َّتدرج‪ِّ ،‬‬
‫وقرر أن تكتب في البداية‬
‫ٌ‬
‫بس��يط لن يرهقها‪،‬‬ ‫عمل‬
‫ٌ‬ ‫واحد ًة فقط‪ ،‬وحدث نفس��ك‪ :‬أ َّن هذا‬
‫مرتاحا في التنفيذ‪ ..‬فإذا ما قمت بهذه الخطوة‪،‬‬
‫ً‬ ‫وأنك س��تكونُ‬
‫ٍ‬
‫صفحات يوم ًّيا‪،‬‬ ‫انقلها إلى المرحلة الثانية والتي هي مثلاً ثالث‬
‫الصغير العبها وخذ‬ ‫ِّ‬
‫كالطفل َّ‬ ‫ومنها إلى إتمام ما تريده‪ ..‬النَّفس‬
‫ما تريد منها‪.‬‬
‫‪33‬‬ ‫َدَ‬
‫‪ 3‬ـ َكب ُمحرأ َ اك ي‬

‫ •كُن أذكى من نفسك‪ ،‬واعرف مداخلها ومخارجها‪ ،‬وراقب كل‬


‫مراوغاتها‪.‬‬
‫ •كن معها كما كان أهل مكة مع بلدهم أدرى بشعابها‪.‬‬
‫(سهير)‬

‫وكن على يقينٍ‪ :‬أ َّن النَّفس ليست فقط أ َّمارة بالسوء‪ ،‬وإنما‬
‫ُ‬
‫بد من أن‬‫بالكسل والخمول‪ ،‬وإن لم تحكمها أنت فليس هناك ٌّ‬
‫تستسلم لها‪ ،‬وترضى بأن تكون كعامة الناس‪..‬‬

‫وقد قيل‪ :‬إن أسلوب التدرج عرف الشيطان فعاليته مع النفوس‪،‬‬


‫س�لاحا له في إغ��واء النَّاس‪ ..‬لذلك حذرن��ا اهلل تعالى منه‬
‫ً‬ ‫فأخذه‬
‫ُ‬
‫قائل  ‪ ﴿ : 2‬ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﴾ [النور‪.]21 :‬‬

‫فاهلل أعلم بنفوسنا وطباعها منا؛ لذلك حذرنا من األسلوب‬


‫ال��ذي اتبع��ه الش��يطان إلغوائن��ا‪ ،‬فلم��اذا ال نس��تخدم هذه‬
‫االستراتيجية مع أنفسنا في الخير؟!‪..‬‬

‫«التدرج مع النفس أهون عليها وعليك‪ ،‬فبدلاً من أن تس��قيها‬


‫شربة واحدة‪ ،‬اسقها في جرعات صغيرة كُل مرةٍ‬ ‫ٍ‬ ‫زجاجة الدَّ واء في‬
‫َّ‬
‫المر ف��ي البداية لكنها ال ترفضه ‪ ..‬ورويدً ا‬
‫‪ ..‬قد تنزعج من الدَّ واء ُ‬
‫رويدً ا تتقبله‪ ،‬ثم إذا هي أدمنت عليه صارت تطلبه»‪.‬‬
‫(عبد اهلل علي العبد الغني)‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪34‬‬

‫والصفاء والق َُّوة الجسدية والعقلية‪:‬‬


‫َّ‬ ‫‪ 2‬ـ أوقات ال َّنشاط‬

‫هائج‬
‫ٌ‬ ‫وأوقات يشعر فيها بأن داخ َل ُه بركانٌ‬
‫ٌ‬ ‫لحظات‬
‫ٌ‬ ‫لك ٍّل منَّا‬
‫قادر على صنع المستحيل‪..‬‬ ‫القوة والنَّشاط‪ ،‬وبأنه ٌ‬ ‫من َّ‬
‫س��اعات يش��عر فيها بالوهن والضعف‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫وبالمقابل تمر به‬
‫وبأنه غير قادر ٍ حتى على النهوض من َّ‬
‫السرير‪..‬‬

‫لذا فإن استغاللك لوقت قوتك ونشاطك وصفائك الذهني‬


‫في إنجاز األعمال والمهام المرس��ومة من قبلك‪ ..‬هو من أهم‬
‫االستراتيجيات في التعامل مع النفس‪..‬‬

‫ولتحافظ على هذه األوقات وتستغلها وتشعر بأنها كالذهب‬


‫الثمين بأن ال تس��مح ألحد ٍ بأن يس��رقه منك‪ ..‬ف��إذا ما حاول‬
‫بمكالمات غير ضروريةٍ أو لهوٍ‪ ،‬فما لك إلاَّ‬
‫ٍ‬ ‫اآلخرون إشغالك‬
‫هاتفك‪ ،‬وتغلق بابك‪ ،‬وتنعم به��ذه األوقات المنتجة‬
‫َ‬ ‫أن تغلق‬
‫لتنهي أهم األمور والواجبات التي ترغب بإنجازها‪..‬‬

‫وتكرارا أهمي��ة اإلنجاز أو العمل الذي‬


‫ً‬ ‫‪ 3‬ـ أكِّ د لنفس��ك ً‬
‫مرارا‬
‫تطلب ُه منها‪:‬‬
‫ُ‬
‫دائما وأكد لها أهمية العمل الذي يجب أن‬
‫ث نفس��ك ً‬ ‫ِّ‬
‫حد ْ‬
‫ووضح لها تبعات إنجاز‬
‫ِّ‬ ‫وأهدافك‪،‬‬
‫َ‬ ‫تقو َم به‪ ..‬وذ ِّكرها برسالتك‬
‫‪35‬‬ ‫َدَ‬
‫‪ 3‬ـ َكب ُمحرأ َ اك ي‬

‫ٍ‬
‫ك ِّل مهم��ة‪ ..‬فالنَّفس تحتاج ً‬
‫دائما ألن تش��رح لها‪ ،‬وتعيد الكرة‬
‫الوتَر سيأتي الحقًا بأجمل األلحان‪..‬‬
‫فالضغط على َ‬
‫َّ‬ ‫بعد الكرة‪،‬‬

‫الح َّجة على نفسك‪:‬‬


‫‪ 4‬ـ أقم ُ‬
‫عندما تخاطبك نفسك بأنها غير قادرةٍ على إتمام أي مهمةٍ‬
‫ِّ‬
‫أو عمل ٍ تطلبه منها‪ ،‬فتذكر قاعد ًة هامة‪:‬‬

‫(العقل يبني على آخر تجربة)‬


‫وذ ِّكره��ا بآخر إنجاز ٍ قامت به كش��هادةٍ علمي��ةٍ أو تحقيق ِ‬
‫قمت به‪...‬‬
‫َ‬ ‫صحي بتنزيل الوزن الزائد‪ ،‬أو بحث ٍ أكاديمي‬
‫ٍّ‬
‫ٍ‬
‫هدف‬
‫أنت نفس��ك‪ ،‬وأنك‬‫وأ ِّكد لها ب��أ َّن من قام بالخط��وة هذه هو َ‬
‫ستقودها لتحقيق الخطوة التالية بنجاح‪..‬‬

‫وال تنس أن تذكر نفس��ك بأن��اس ٍ قاموا به��ذه الخطوات‬


‫َ‬
‫قبلك‪ ،‬ونجح��وا في األمر‪ ..‬وبالتالي فهم ليس��وا أفضل منك‪..‬‬
‫ٍ‬
‫وأن النَّاجحين عرفوا س��ر وقيمة التركيز على شيء ما والسعي‬
‫إليه بكل الوسائل‪..‬‬

‫أما الفاش��لون ف��كان تركيزهم عل��ى‪ :‬يا لي��ت‪ ،‬ويا ريت‪.‬‬


‫فحصدوا‪ :‬لعل‪ ،‬وعسى‪...‬‬
‫ٍ‬
‫هدف‬ ‫قواه على تحقيق‬ ‫ٍ‬
‫أضعف مخلوق في العالم ك َُّل ُ‬
‫ُ‬ ‫إذا ركَّز‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪36‬‬

‫والعكس صحيح‪ ،‬إذا ش��تت‬ ‫ُ‬ ‫لنتائج جيدةٍ‪،‬‬


‫َ‬ ‫يمك��ن أن يصل‬
‫ُ‬
‫واحد ٍ‬
‫أقوى مخلوق في العالم جه��وده على أعمال ٍ كثيرةٍ‪ ،‬فلن يحقق أ ًّيا‬
‫منها‪ ...‬إن اس��تمرار تس��اقط قطرات الماء مهم��ا كان بطي ًئا يفتت‬
‫ٍ‬
‫بسرعة دون أن‬ ‫أقوى الصخور‪ ،‬في حين أن السيل المندفع يتالشى‬
‫أثرا‪.‬‬
‫يترك ً‬
‫نفس��ك وعلِّمه��ا‪ ..‬إن ه��ذه النفس تحت��اج الحجة‬
‫َ‬ ‫ناقش‬
‫والبرهان‪ ،‬فإن ناقش��تها وأقمت عليها الحجة‪ ،‬وأثبتَّ لها بأنها‬
‫حتما‪..‬‬
‫قادرة ستطيعك ً‬
‫***‬
‫ُكن �أنت ال َّتغيير‬
‫ا َّلذي تو ُّد �أن ترا ُه في العالم‬ ‫‪4‬‬

‫ش��عبا‬
‫ً‬ ‫عنوانُ هذا الفصل‪ٌ ،‬‬
‫قول يرجع إلى غاندي الذي قاد‬
‫بأكمله نحو التغيير‪.‬‬

‫”‪“Be the change that you wish to see in the world.‬‬


‫)‪(Mahatma Gandhi‬‬

‫ِ‬
‫بحر‬ ‫إن واقع الحياة المعاصر قد فرض علينا أن نعيش في‬
‫التغيي��ر‪ ،‬ونصارع أمواجه العاتية التي تتالط��م أمامنا‪ ..‬فقد قل‬
‫مجبرا على أن يمشي مع التيار‬
‫ً‬ ‫عنصر االستقرار‪ ،‬وصار اإلنسان‬
‫وإلاَّ غرق‪..‬‬

‫وأصبح المميز الفري��د هو الذي يعلم كيفي��ة التعامل مع‬


‫التغيير بطريقةٍ ذكيةٍ‪..‬‬

‫وقد يفهم البعض‪ :‬أن التغيير ه��و تغيير كل النَّاس حولك‪،‬‬


‫أو تغيير البيئة التي أنت فيها‪ ،‬أو تغيير المجتمع‪ ..‬ومع أن هذا‬
‫الهدف س��ام ٍ ومطلوب ولكن هذه ليس��ت مهمتك األولى في‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪38‬‬

‫الحياة‪ ..‬إن مهمتك الحقيقية هي تغيير نفس��ك أنت‪ ..‬إ َّن أصل‬
‫وجوه��ر التغيير يبدأ م��ن الداخل‪ ..‬ال تقلل م��ن قيمة فعلك‪،‬‬
‫تصرف وكأن التغيير الذي تقوم به س��يغير وج��ه العالم‪ ..‬فلو‬ ‫َّ‬
‫التزم ك ٌّل منَّا بهذه القناعة‪ ،‬حتما سيتغير فِكر مجتمع ٍ كامل ٍ وأمةٍ‬
‫ُْ‬ ‫ً‬
‫بأسرها وبال َّتالي كل العالم‪..‬‬

‫إ َّن أكثرية النَّاس من ِّ‬


‫الصنف الذي قال عنه فرويد‪:‬‬

‫«ولدوا هكذا‪ ،‬وعاشوا هكذا‪ ،‬وسيموتون هكذا»‪.‬‬

‫تلتف حول‬
‫ُّ‬ ‫حب��ال‬
‫ٌ‬ ‫ع��ادات تق ِّيده��م‪ ،‬وكأنَّها‬
‫ٌ‬ ‫تتحكم بهم‬
‫الواحد منهم ليل نهار‪:‬‬
‫«أكثر ال َّناس على غير الجادة‪ ،‬وإنَّما يمشون مع العادة»‪.‬‬
‫(ابن الجوزي)‬
‫يرون أنفس��هم داخل صندوق ٍ م ْغ َل��قٍ‪ ،‬ال يمكن فتح أبوابهِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ولاَ الخروج من��ه‪ ،‬إلاَّ القلَّة القليلة والتي نس��بتهم التزيد عن‬
‫ثالثة بالمئة أولئك فقط عرفوا‪ :‬أن التغيير والمرونة هي الحياة‪..‬‬

‫وتركوا اله��م والغم ألهل��ه‪ ،‬وعرفوا‪ :‬أن العم��ل بفهم ٍ هو‬


‫الدواء الشافي لكل ذي لسان ٍ وفمٍ‪..‬‬

‫واآلن‪ :‬هل ستبقى مكانك ثاب ًتا في عالم ٍ تعلو أمواجه برياح‬
‫ال َّتغيير؟!‪..‬‬
‫‪39‬‬ ‫‪ 4‬ـ علا يف ُهارت نأ ُّدوت يذَ لّا رييغَّتلا تنأ نُك‬

‫فإذا قال طارق بن زياد عندما أراد فتح األندلس‪ ،‬وأراد أن‬
‫قدما‪:‬‬
‫يحث المسلمين على المضي ً‬
‫والعدو من أمامكم‪ ،‬وليس‬
‫ُّ‬ ‫«أين المفر؟! البحر من ورائكم‪،‬‬
‫لكم واهلل إال الصدق والصبر»‪.‬‬

‫فنحن نقول‪:‬‬

‫«أين المفر؟! ال َّتغيي��ر من ورائكم‪ ،‬والتغيي��ر من أمامكم‪،‬‬


‫وليس لكم واهلل إلاَّ ركوب الموجة والصبر»‪.‬‬

‫ولتعلم بداي ًة‪ :‬أنك أنت الوحيد صاحب القرار‪ ،‬وأنك أنت‬
‫من س��تحدد إن ُكنت ترغب في إجراء ال َّتغيير لألفضل في ُك ِّل‬
‫مجاالت حياتك أم ال‪..‬‬

‫وقد قيل‪ :‬إ َّن َّ‬


‫الرغبة هي منشأ التغيير‪ ،‬إ ًذا‪ :‬فالرغبة هي نواة‬
‫هذه البذرة‪..‬‬

‫وهذه البذرة هي لب انطالق الخط��وة األولى نحو التغيير‬


‫لألفضل‪..‬‬

‫أمسك زمام األمور‪ ،‬وضع حياتك بين يديك وحدك‪ ،‬وابدأ‪،‬‬


‫مهارات رائعةٍ للقيام بعملي��ة ال َّتغيير في‬
‫ٍ‬ ‫وس��أتحدث لك عن‬
‫حياتك بكل احترافيةٍ ومهارةٍ‪..‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪40‬‬

‫وبما أن ال َّتغيير في مراحله األولى‪ ،‬يشعر اإلنسان باضطرابٍ‪،‬‬


‫يقوم بأمور ٍ لم يعتد أن يفعلها سابقًا‪ ،‬والنَّفس‬ ‫ٍ‬
‫وضغط‪ ،‬وذلك ألنه‬
‫ُ‬
‫تق��اوم كل تعب ٍ وجهد ٍ في البداية‪ ..‬ولربما يش��عر اإلنس��ان عند‬
‫قوة االنطالق‬ ‫إجراء بعض التغييرات بمرض ٍ ووه��نٍ‪ ،‬لذلك‪ :‬فإن َّ‬
‫مهمة ًّ‬
‫جدا إلجراء المرحلة األولى‪...‬‬ ‫ٌ‬ ‫األولى‬

‫جبارا‪ ،‬غير أننا بمجرد اجتياز‬


‫ً‬ ‫«إن االنطالقة تستهلك جهدً ا‬
‫أبعادا جديدة»‪.‬‬
‫ً‬ ‫نطاق قوة الجذب فإن ُحريتنا تأخذ‬
‫(ستيفن كوفي)‬

‫ً‬
‫كافي��ة لتخرجك م��ن نطاق قوة‬ ‫إذا كانت ق��وة االنطالق‬
‫الجذب الذي يردك لعاداتك القديمة‪ ،‬فستنعم بعد ذلك ببراحةِ‬

‫األرض الجديدة وسعتها‪..‬‬

‫َك َمن أراد مثلاً ‪ :‬أن يتوقف عن عادة التدخين‪:‬‬

‫فإنه يشعر بتعب ٍ وإرهاق ٍ ذهني وجس��دي في بداية األمر‪،‬‬


‫ٍ‬
‫صعب في بدايت��ه‪ ،‬ولكن قوة االنطالق‬
‫ٌ‬ ‫وكل ش��يء في الحياة‬
‫وعدم التردد تدفع بقوةٍ جبارةٍ نحو األمام لتعيش حيا ًة جديدة؛‬
‫ألنك تغلبت على عادةٍ سيئةٍ‪ ،‬ووثقت بقوتك في التغيير‪..‬‬

‫ال تتش�� َّبث بالحدود اآلمنة (حدود الراح��ة‪ ،‬وتكرار األعمال‬


‫التي اعتدنا أن نفعلها كل ي��وم‪)...‬؛ ألن هذه الحدود اآلمنة إن لم‬
‫‪41‬‬ ‫‪ 4‬ـ علا يف ُهارت نأ ُّدوت يذَ لّا رييغَّتلا تنأ نُك‬

‫تتخطَّاها وتتجرأ بشجاعةٍ على ال َّتغيير نحو األفضل‪ ،‬فمن المحتمل‬


‫مكانك والعالم‬ ‫ٍ‬
‫خطر؛ ألنك ستقبع‬ ‫أن تنكمش وتتحول إلى منطقةِ‬
‫َ‬
‫حتما‪..‬‬
‫حولك‪ ،‬فلذا ستكون من المتأخرين ً‬
‫َ‬ ‫يتقدم من‬

‫يمنح��ك المزيد من‬


‫َ‬ ‫إن تخطي هذه الحدود اآلمنة س��وف‬
‫ًّ‬
‫مس��تعدا‬ ‫الصعاب‪ ،‬فيكفي أن تكون‬
‫الثقة‪ ،‬ولن يكون ذلك من ِّ‬
‫للقيام باألمور التي لم يس��بق لك القيام بها من قبل وتش��عرك‬
‫بالتحس��ن (لغة ـ هواية ـ رياضة)‪ ،‬فهذا س��يوصلك إلى توسيع‬
‫السابقة‪..‬‬
‫تجاربك‪ ،‬ويضعك خارج حدود نفسك َّ‬
‫َ‬ ‫حدود‬

‫بالرضا عن‬ ‫ِّ‬


‫تخطي نطاق حدودك اآلمنة سوف يشعركَ ِّ‬ ‫«إن‬
‫(ريتشارد تمبلر)‬ ‫نفسك»‪.‬‬

‫سيمر بك الشعور بالتغيير ضمن المراحل التالية‪:‬‬


‫تخلص من الخوف من إجراء ال َّتغيير‪.‬‬ ‫المرحلة األولى‬
‫ابن ِ ثقتك بنفسك من جديد‪.‬‬ ‫المرحلة الثانية‬
‫حب واعشقها؛ ألنها ستقوم بهذا‬
‫انظر لنفسك نظرة ٍّ‬
‫المرحلة الثالثة‬
‫ال َّتغيير‪.‬‬
‫ر ِّك��ز عل��ى إيجابيات��ك‪ ،‬وطوره��ا‪ ،‬وتغافل عن‬
‫المرحلة الرابعة‬
‫سلبياتك‪.‬‬
‫حافظ عل��ى الحم��اس وااللتزام؛ ألن��ه هو الذي‬
‫المرحلة الخامسة‬
‫سيوصلك إلى الشاطئ اآلخر‪.‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪42‬‬

‫لقد كان هدف الدين اإلسالمي األول واألسمى‪ ،‬هو تغيير‬


‫مس��تقيما‪ ،‬متواز ًنا‪ ،‬ليواجه‬
‫ً‬ ‫فردا فاع�ًل�اً ‪،‬‬
‫اإلنس��ان حتى يصبح ً‬
‫السالم الحقًا بسالم‪..‬‬
‫تحديات الدنيا ويصل إلى دار َّ‬

‫•�أركان التغيير‪:‬‬ ‫ ‬
‫هناك دراس��ات عديدة تطرح فكرة‪ :‬أن اإلنسان يتم تغييره‬
‫بإجراء التغيير في خمس��ة أركان‪ ،‬منها دراس��ة قام بها الدكتور‬
‫بحثت في هذه‬
‫ُ‬ ‫طارق س��ويدان‪ ،‬وقد أخذت بالتصنيف‪ ،‬ولكن‬
‫األركان بطريقة مختلفة‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪1‬تغيير الفكر والقناعات الشخصية‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬تغيير االهتمامات بشكل ٍ عام‪.‬‬
‫‪3‬ـ ‪3‬تغيير المهارات‪.‬‬
‫‪4‬ـ ‪4‬تغيير العالقات‪.‬‬
‫‪5‬ـ ‪5‬تغيير القدوات‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ تغيير الفكر والقناعات الشخصية‪:‬‬

‫إ َّن الفكر الذي يقتنع ويس��لِّم به اإلنسان‪ ،‬ليس إلاَّ مجموعة من‬
‫بناء عليها‪..‬‬
‫األفكار‪ ،‬واألخالقيات‪ ،‬واألفعال‪ ،‬يؤمن بها‪ ،‬وتقوم أفعاله ً‬
‫ففي س��ن الطفولة يتبنَّى اإلنس��ان قناعات‪ ،‬ومبادئ‪ ،‬وقيم‬
‫ً‬
‫لحظة بلحظة‪..‬‬ ‫والديه‪ ،‬ليوافق على كل ما يراه أمامه‪ ،‬ويعيش��ه‬
‫‪43‬‬ ‫‪ 4‬ـ علا يف ُهارت نأ ُّدوت يذَ لّا رييغَّتلا تنأ نُك‬

‫سن المراهقة والتي تسمى‪ :‬مرحلة التمييز‪ ،‬يناقش‪،‬‬


‫ثم يبدأ في ِّ‬
‫ويطلع على الفكر اآلخر بي��ن أصدقائه‪ ،‬والمجتمع‪ ،‬واإلعالم‪،‬‬
‫ومناقشة ذاته‪ ،‬ليرفض أو يقبل‪ ،‬ويسلم بأشياء تمثل بمجموعها‬
‫فكره الذي يصبغ شخصيته‪ ،‬ويبني عليه كل اختياراته‪ ،‬وقراراته‬
‫الحقًا‪..‬‬

‫وتغيير القناعات والفكر كمصطلح ٍ يقصد به‪ :‬تحويل ِّ‬


‫الرضا‬
‫والتسليم بأفكار ٍ ومفاهيم ما‪ ،‬إلى غيرها‪..‬‬

‫إن تغيير األفكار والقناع��ات من أهم ال َّتغييرات أثناء رحلة‬


‫التغيير؛ ألنها ستغير أفعالك‪ ،‬وعاداتك‪ ،‬وطباعك‪ ،‬ثم مصيرك‪.‬‬

‫«راقب أفكارك؛ ألنها ستصبح أفعالاً ‪.‬‬


‫ٍ‬
‫عادات‪.‬‬ ‫راقب أفعالك؛ ألنها ستصبح‬
‫راقب عاداتك؛ ألنها ستصبح طبا ًعا‪.‬‬
‫راقب طباعك؛ ألنها ستحدد مصيرك»‪.‬‬
‫(فرنك أوتلو)‬

‫بحث‬
‫ٌ‬ ‫وقد كان للدكتور طارق طنطاوي خبير االستراتيجية‪،‬‬
‫عن الفرق بين المعتقدات‪ ،‬واالتجاه‪ ،‬والس��لوك‪ ،‬س��أورد أهم‬
‫األفكار فيه‪..‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪44‬‬

‫ما هو الفرق بين المعتقدات‪ ،‬واالتجاه‪ ،‬والسلوك؟!‪..‬‬

‫المعتقد‪ :‬أو العقيدة؛ هو فكرةٌ ما يعقدها اإلنس��ان في قلبه‪،‬‬


‫ويؤمن بها‪ ،‬وتؤثِّر على اتجاهه وسلوكه‪ ..‬وهذا المعتقد ممكن‬
‫أن يتغي��ر بلحظةٍ كم��ا حصل مع س��يدنا الف��اروق (عمر بن‬
‫الخطاب ‪ )3‬عندما آم��ن وغ َّير عقيدته بلحظةٍ؛ بمجرد وصوله‬
‫للحق الذي سمعه في آيات القرآن الكريم‪...‬‬

‫ٌ‬
‫طريقة‪ ،‬وأس��لوب يحدد‬ ‫اتجاه أو‬
‫ٌ‬ ‫أما االتجاه الفكري‪ :‬فهو‬
‫طريقتك‪ ،‬واختياراتك في الحياة‪ ،‬فتوصف به‪ ..‬كما أنه مجموع‬
‫جزءا من صورةٍ‪..‬‬
‫ً‬
‫ِ‬
‫لوكيات‪ ،‬والعادات‪ ،‬واألفعال‪ ،‬التي تكون‬ ‫الس‬
‫ُّ‬
‫الصورة هي اتجاهك الفكري‪ ،‬وطريقتك في الحياة‪..‬‬ ‫هذه ُّ‬
‫والس��لوك‪ :‬هو كل األفعال والنَّشَ ��اطات الت��ي تصدر عن‬
‫ُّ‬
‫ويعرفه آخرون‪ :‬بأنه‬
‫ِّ‬ ‫اإلنسان سواء كانت ظاهر ًة أم غير ظاهرة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫نشاط يصدر عن اإلنسان‪ ،‬سواء كان أفعالاً يمكن مالحظتها‬ ‫أي‬
‫وقياسها كالنشاطات الفسيولوجية‪ ،‬والحركية‪ ،‬أو نشاطات تتم‬
‫ٍ‬
‫ملح��وظ كالتفكي��ر‪ ،‬والتذكر‪ ،‬والوس��اوس‪،‬‬ ‫على نح��و ٍ غير‬
‫وغيرها‪.‬‬

‫والسلوك ليس شي ًئا ثاب ًتا‪ ،‬ولكنه يتغير‪ ،‬وهو ال يحدث في‬
‫ُّ‬
‫الف��راغ‪ ،‬وإنَّما في بيئ��ةٍ ما‪ ،‬وقد يح��دث بص��ورةٍ ال إرادية‪،‬‬
‫‪45‬‬ ‫‪ 4‬ـ علا يف ُهارت نأ ُّدوت يذَ لّا رييغَّتلا تنأ نُك‬

‫كالهروب من النَّار مثلاً ‪ ،‬أو يحدث بصورةٍ إراديةٍ وعندها يكون‬


‫ٍ‬
‫نقصده‪ ،‬هو الذي‬
‫ُ‬ ‫بش��كل ٍ مقصود‪ ،‬وواعٍ‪ ،‬وهذا ُّ‬
‫الس��لوك الذي‬
‫يش ِّكل بالمجموع االتجاه الفكري لإلنسان‪ ،‬الذي يمكن تغييره‬
‫أو ُّ‬
‫تعلمه‪ ،‬كما أنه يتأثر بعوامل البيئة والمحيط الذي يعيش فيه‬
‫الفرد‪.‬‬
‫ش��خص‬
‫ٌ‬ ‫ـ ـفإذا ما اتجهنا إل��ى تغيير المعتقَد الذي يؤمن به‬
‫فاشل وغير قادر ٍ على تحسين أوضاعه‬ ‫ٌ‬ ‫ما عن نفسهِ مثلاً بأنه‬
‫بش��كل ٍ عا ٍّم أو غير ق��ادر ٍ على ال َّتعلم‪ ،‬إل��ى معتقد جديد‬
‫فس��ينعكس هذا المعتقد الجديد على س��لوك اإلنس��ان‪،‬‬
‫ُ‬
‫توصله إل��ى المعتقد الجديد‪،‬‬
‫ُ‬ ‫وس��يبدأ يقوم باألفعال التي‬
‫والتي هي مثلاً ‪:‬‬
‫مهارات مفيدةٍ‬
‫ٍ‬ ‫دراسة علم مفيد‪ُّ ،‬‬
‫تعلم لغة جديدة‪ ،‬اكتساب‬
‫عادات صح َّيةٍ (كعدم التدخين‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫لدعم عملية ال َّتغيير‪ ،‬اكتس��اب‬
‫والمحافظة على وزن ٍ مقبولٍ)‪ ،‬التفاؤل والرجوع إلى اهلل‪ ،‬وعدم‬
‫اليأس‪.‬‬
‫تأخذ وقتا في ال َّتغيير ـ وأحسن سياسةٍ‬
‫ُ ً‬ ‫السلوكيات التي‬
‫هذه ُّ‬
‫ُت َّتبع معها هي‪ :‬ال َّتدرج ـ ستش��كل بمجموعها االتجاه الفكري‬
‫الجديد لإلنسان الذي طالما ح ُل َم أن يوصف به؛ وهو‪ :‬اإلنسان‬
‫النَّاجح المتميز‪.‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪46‬‬

‫المتميز‪ :‬ابن بيئته الخاصة‪ ،‬التي يمكن أن نسميها‬


‫ِّ‬ ‫«اإلنسان‬
‫الش��خصية خي ًط��ا‪ ،‬ومن تلك‬
‫البيئ��ة المقروءة‪ ،‬تأخذ من تلك َّ‬
‫الخاصة التي إذا مشت على‬
‫َّ‬ ‫خي ًطا‪ ،‬ثم تنسج لنفسك شخصيتك‬
‫الزمن‬
‫متفرد‪ ،‬ليس من زمنن��ا‪ ،‬إنه من َّ‬
‫األرض قال الن��اس‪ :‬هذا ِّ‬
‫الجميل‪ ،‬أو آخر الرجال المحترمين»‪.‬‬
‫(د‪ .‬صالح شفيع)‬
‫وتوج ٍ‬
‫هات‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫ٍ‬
‫قناع��ات‬ ‫هكذا تُصنع الش��خصية التي تحمل‬
‫والتي نسعى لتغييرها‪ ،‬وتطويرها نحو األفضل‪..‬‬

‫‪ 2‬ـ تغيير االهتمامات بشكل عام‪:‬‬

‫االهتمامات‪ :‬هي النش��اطات التي يقوم بها اإلنسان‪ ،‬والتي‬


‫بناء على‬
‫دائما‪ ،‬ويختاره��ا ً‬
‫يهتم بأن يواظب على ممارس��تها ً‬
‫فكرهِ واتجاهاته في الحياة‪ ،‬يقضي بها وقته‪ ،‬وتعبر عن طموحه‬
‫تس��وق‪ ،‬نش��اط شبابي‪ ،‬علوم‬
‫ُّ‬ ‫وتطلعاته‪ ..‬مثلاً ‪ :‬رياضة‪ ،‬قراءة‪،‬‬
‫الكمبيوتر‪ ،‬زيارات‪.‬‬

‫وه��ي قس��مين‪ :‬اهتمامات مفي��دة‪ ،‬وغير مفي��دة ومضيعة‬


‫للوقت‪..‬‬

‫وكلما ارتفعت قيمة اإلنسان في الحياة وفاعليته وإنتاجيته‪،‬‬


‫ارتقت اهتماماته لتصب ضمن الفائدةِ له ولمن حوله‪..‬‬
‫‪47‬‬ ‫‪ 4‬ـ علا يف ُهارت نأ ُّدوت يذَ لّا رييغَّتلا تنأ نُك‬

‫ق��در قيمة الوقت ال��ذي يمضيه‪،‬‬ ‫ارتق��ت اهتماماته؛ ألنه َّ‬


‫إنتاجا وفاعلية‪ ،‬وفهم أ َّن الوقت هو الحياة‪..‬‬
‫ً‬ ‫والذي يساوي‬
‫وج��ه اهتماماته نح��و كل ما هو ناف��ع ومفيد‪،‬‬
‫وبالتال��ي‪َّ :‬‬
‫وانصرف عن التفاهات‪.‬‬

‫«إن اإلنس��ان الواعي‪ ،‬المنت��ج‪ ،‬الذي يملك رؤي�� ًة محدد ًة‬ ‫َّ‬
‫ٍ‬
‫واضحة س��واء كانت قصير َة األمد‪ ،‬أو بعيد َة‬ ‫ٍ‬
‫بأهداف‬ ‫مضبوط ًة‬
‫وجزءا من صورة‬ ‫ً‬ ‫دعم��ا ألهدافه‪،‬‬
‫طوع اهتماماته لتكون ً‬ ‫األمد‪َّ ،‬‬
‫الرؤية والرسالة عندَ ُه»‪.‬‬
‫(سهير)‬

‫ٍ‬
‫ه��دف ما‪ ،‬ولنفترض تطوير منهج ٍ أو‬ ‫فالذي يطمح لتحقيق‬
‫ابتكار برنام��ج ٍ مع َّينٍ‪ ،‬س��يبذل َ‬
‫جهد ُه‪ ،‬ووقته‪ ،‬ف��ي متابعة أي‬
‫تفيد ُه وتوصله إلى هدفه‪ ،‬فهذا االهتمام سيش��غل وقته‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫معلومة ُ‬
‫وسيكون هو اهتمامه‪..‬‬

‫بيل جيتس‪ ،‬كان الولد الغني الذي وهب‬


‫حيات��ه لالنتق��ال بهوايته التي هي َّ‬
‫الش��غف‬
‫بجه��از الكمبيوت��ر‪ ،‬وبرامجه‪ ،‬إل��ى اختراع‬
‫وطورت‬
‫َّ‬ ‫برامج س��اعدت الماليين‪،‬‬
‫َ‬ ‫وابتكار‬
‫األعمال‪ ،‬واختصرت الوقت‪..‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪48‬‬

‫لم تكن تنفصل هوايت��ه بالبرامج وأنظمة الحاس��وب عن‬


‫هدفه‪ ،‬والذي أعلنه فيما بعد‪ ،‬بعد تأسيس شركة مايكروسوفت‬
‫(‪ )Microsoft‬واختصره بهذه الجملة‪:‬‬
‫ٍ‬
‫وار َبح)‬
‫ك‪ْ ،‬‬‫تج َ‬ ‫(اعمل بكدٍّ وجهد‪ِّ ،‬‬
‫طور ُم ْن َ‬
‫لقد اعتكف بي��ل غيتس‪ ،‬وزميله بول ألن‪ ،‬ثمانية أس��ابيع‬
‫لتصمي��م برنامج لغة الـ (‪ ،)BASIC‬والذي كان الس��بب الرئيس‬
‫إلنشاء شركة مايكروس��وفت (‪ ،)Microsoft‬فهل كان بيل يفصل‬
‫بين اهتمامه وهدفه؟ لقد كان يبقى ط��وال الليل‪ ،‬وأحيا ًنا ينام‬
‫في المكتب حتى ال يض ِّي��ع الوقت في الذهاب والعودة للعمل‬
‫هو وموظفوه الثالثة عشر‪ ،‬الذين حققوا مكاسب جمعت مليون‬
‫دوالر‪ ..‬بهذا العدد القليل استطاع أن يستخرج أفضل ما عندهم؛‬
‫ألنهم رأوا فيه المثال الذي ُيح َت َذى به‪..‬‬

‫أحالما يس��عى ليراها‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫رؤية‪ ،‬وأهدافًا أو‬ ‫أما الذي ال يملك‬
‫ٍ‬
‫بتفاهات ال فائد َة منها‪..‬‬ ‫ً‬
‫حقيقة‪ ،‬فسيشغل وقت فراغه‬

‫وأفض��ل االهتمام��ات والهوايات التي تش��غل بها وقتك‪،‬‬


‫والس��عداء المميزين‪ ،‬هو‪ :‬الق��راءة وال َّتعلم‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫ودأب الناجحي��ن‬
‫واالستزادة من النور‪..‬‬

‫وال أقصد بذل��ك‪ :‬العلم الذي نح ُن نتعلم��ه في المدارس‬


‫‪49‬‬ ‫‪ 4‬ـ علا يف ُهارت نأ ُّدوت يذَ لّا رييغَّتلا تنأ نُك‬

‫والجامعات فحس��ب‪ ،‬وإنما أقصد‪ :‬أن نجعل الق��راءة وال َّتعلم‬


‫الع ُم ِر‪..‬‬
‫واهتماما يدوم طو َل ُ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يومية‪،‬‬ ‫عاد ًة‬

‫ألن المعرفة والعل��م‪ ،‬بطاقة االنتقال إل��ى العالم ِ الجديدِ‪،‬‬


‫وليس طريقة لكسب الرزق والمعيش��ة‪ ،‬ونحن في زمن العلم‬
‫وال َّتطور والعلماء‪ ..‬فأين أنت منهم؟!‪..‬‬

‫س��تقبل وحياة اإلنسانِ‪ ..‬ألنَّه ليس‬


‫َ‬ ‫الم‬
‫يضيء ُ‬
‫ُ‬ ‫«العلم كال ُّنور‬
‫ُ‬
‫له نهاية‪ ،‬وال بد أن نحرص عليه‪ ..‬فالجاهل هو ا َّلذي يعتقد‪ :‬أنه‬
‫ال يشبع من العلم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫تع َّلم واكتمل في علمه‪َّ ،‬أما العاقل فهو الذي‬
‫إذ إننا نُمضي حياتنا ك َّلها نتع َّلم»‪.‬‬
‫(سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان  ‪)5‬‬

‫ٍ‬
‫ـ ـإ َّن القراءة والتعلم‪ ،‬تمدك بأفكار ٍ عظيمة‪ ،‬ومن َّ‬
‫تعودها أدرك‬
‫احتياجا‪،‬‬
‫ً‬ ‫حقيقة أن هذه الهواي��ة واالهتمام بها أصبح��ت‬
‫وضرور ًة من ضرورات الحياة‪.‬‬

‫للمبدعي��ن المميزين‬
‫االهتمامات المفي��دة ُ‬
‫ُ‬ ‫ـ ـلقد س��اهمت‬
‫والعلماء في تغيير حياتهم وحياة الناس من حولهم‪ ..‬وهكذا‬
‫نرى أن تغيي��ر اهتماماتك ه��و أح��د األركان التي تصنع‬
‫شخصيتك‪ ،‬وتصقلها لتصبح في فضاء المبدعين‪..‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪50‬‬

‫‪ 3‬ـ تغيير المهارات‪:‬‬

‫المهارة‪ :‬هي األعمال التي يتقنها ُ‬


‫ويحس��نها ك ٌّل منَّا ضمن‬
‫رغباتهِ وميوله‪ ،‬وما ُح ِّبب إلى نفس��ه‪ ،‬وهن��اك مهارات فطرية‬
‫ُتخلق م��ع اإلنس��انِ‪ ،‬ولكنها قليل��ة‪ ،‬واألغل��ب أن المهارات‬
‫والصقل‪..‬‬
‫َّ‬ ‫تكتسب بال َّتعلم وال َّتدرب‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ن‬
‫نم َ‬‫إ َّن ه��ذه المهارات ـ كلغ��ة أو حرفة أو إتق��ان ِ ف ٍّ‬
‫الفنون ـ ه��ي األب��واب التي تفت��ح لنا خط��وط اإلنتاج‬
‫الدخول إل��ى عالم التأثير في‬ ‫الش��خصية‪ ..‬كما أنها بطاقة ُّ‬
‫عالقات مع كل المشاركين له في‬ ‫ٍ‬ ‫اآلخرين؛ وذلك بتكوين‬
‫المهارات نفسها‪..‬‬

‫أيضا‪..‬‬
‫الرزق المادي ً‬
‫وال ننسى‪ :‬أنها مفاتيح ِّ‬
‫هام��ة ًّ‬
‫جدا إلجراء‬ ‫ٌ‬ ‫وبالتالي‪ :‬فعملي��ة َصقل هذه المهارات‬
‫التغيير على النَّفس البشرية‪.‬‬

‫الب ِّر  ‪ 5‬في كتابِ��هِ «جامع بيان العلم‬ ‫ِ‬


‫اإلمام اب�� ُن عبد َ‬
‫ُ‬ ‫قا َل‬
‫وفضله»‪:‬‬

‫ام ِرٍئ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬


‫علي بن ِ أبي طال��ب ‪« :3‬ق َ‬
‫يمةُ ُك ِّل ْ‬ ‫ِّ‬ ‫قال‪ :‬إ َّن قو َل‬
‫«وي ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ما ي ِ‬
‫أحض ع َلى‬ ‫ُّ‬ ‫حس ُن» لم يَ ْس��بِق ُْه إليه ٌ‬
‫أحد‪ .‬وقالوا‪ :‬ليس كلمة‬ ‫ُ‬
‫ط َلب ِ العلم ِ منها»‪.‬‬
‫َ‬
‫‪51‬‬ ‫‪ 4‬ـ علا يف ُهارت نأ ُّدوت يذَ لّا رييغَّتلا تنأ نُك‬

‫جزء‬
‫ٌ‬ ‫وهو ـ كما ذكرنا سابقًا ـ‬
‫جزء من المهارات‪َ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫والعلم‬
‫ُ‬
‫من االهتمام��ات إذا كان يرغب فيه اإلنس��ان على مر األيام‬
‫ودونما توقفٍ‪..‬‬
‫على الهدى لمن استهدى أدالَّء‬ ‫ما الفخر إلاَّ أله��ل العلم إنهم‬

‫والجاهلون أله��ل العلم أعداء‬ ‫وقيم��ة كل امرٍئ ما كان يحس�� ُن ُه‬

‫الناس موتى وأهل العلم أحياء‬ ‫فق��م بعلم ٍ وال تطل��ب به بدل‬

‫(ديوان اإلمام علي بن أبي طالب ‪)3‬‬

‫‪ 4‬ـ تغيير العالقات‪:‬‬

‫أساس‬
‫ٌ‬ ‫إن تغيير العالقات التي تكون في حياة اإلنسان‪ ،‬هي‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫لتغيير شخصيته‪ ،‬فاكتساب سلوك مع َّين أو ُخ ُلق ما‪ ،‬يتأثر ً‬
‫كثيرا‬
‫سلبا‬
‫نعلم من أنفس��نا ذلك‪ ،‬سواء ً‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫بالدائرة التي حولك‪ ،‬ونحن‬
‫إيجابا‪..‬‬
‫ً‬ ‫أو‬

‫ص ٌ‬
‫انة تربى‬ ‫وهذا التأث��ر يزيد إذا لم يكن عند الش��خص َح َ‬
‫عليها؛ أي‪ :‬مبادئ وقيم زرعها فيه األهل منذ الصغر‪..‬‬

‫ش��يء‬ ‫وما الفكر ال��ذي طالبنا بتغييره‪ ،‬هو والقناعات إلاَّ‬


‫ٌ‬
‫مكتسب من المحيط بشكليه‪ :‬الصالح والطالح‪:‬‬
‫«مثل الجليس الصالح والجليس الس ِ‬
‫��وء‪ ،‬كحامل ِ المس��ك ِ‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫َ ُ‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪52‬‬

‫وإما أن تبتاع منه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ونافخ ِ الكير‪َ ،‬ف َح ُ‬


‫امل المسك َّإما أن َي ْحذ َيك‪َّ ،‬‬
‫ثيابك‪،‬‬
‫َ‬ ‫ونافخ الكير َّإما أن يحرق‬
‫ُ‬ ‫وإما أن تجد منه رائح ًة طيبة‪،‬‬
‫َّ‬
‫وإما أن تجد منه رائح ًة خبيث ًة»‪.‬‬
‫َّ‬
‫متفق عليه)‬
‫ٌ‬ ‫(حديث نبوي شريف‪،‬‬
‫ٌ‬

‫إن تأثر اإلنسان بمن حول ُه كبير ًّ‬


‫جدا‪ ،‬مما يدفع اإلنسان أن‬
‫الصداقات؛ ألن األهل‬‫وخصوص��ا في َّ‬
‫ً‬ ‫يف ِّكر مل ًّيا في اختياراته‪،‬‬
‫واألقارب لم يتم اختيارهم أصلاً ‪ ،‬فما عليك معهم إلاَّ اإلحسان‪،‬‬
‫ومحاولة تأديةِ الواجب في الب��ر لهم‪ ..‬وبإمكانك أن َّ‬
‫تحد قليلاً‬
‫الرحم‪..‬‬
‫السلبيين مع عدم قطع صلة َّ‬
‫من التأثر باألقرباء َّ‬
‫ت‬
‫��ع ُ‬
‫توس ْ‬ ‫ٌ‬
‫عملية اختيارية بحتة؛ لذلك َّ‬ ‫الصداقات فهي‬
‫أ َّما َّ‬
‫قليلاً في الكالم في هذا الجانب‪.‬‬

‫إذا أردت أن تُح ِّلق مع ُّ‬


‫الصقور‪ ..‬فال َت ْب َق مع الدَّ َجاج‪.‬‬
‫باب ها ٌّم ًّ‬
‫جدا لتغيير األركان‬ ‫الصداقات والعالقات هي ٌ‬‫إ َّن َّ‬
‫األربعة التي كنَّا نتحدث عنها‪.‬‬

‫وتؤثر العالقات في نواح ٍ مختلفة؛ منها‪:‬‬


‫ً‬
‫سلبية أو‬ ‫والسلوك‪ ،‬واألخالق‪ ،‬والقناعات‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫ •زراعة القيم‪،‬‬
‫ً‬
‫إيجابية‪.‬‬
‫ •العالقات الف َّعالة ت��ؤدي إلى التمتع َّ‬
‫بالذكاء االجتماعي‪،‬‬
‫‪53‬‬ ‫‪ 4‬ـ علا يف ُهارت نأ ُّدوت يذَ لّا رييغَّتلا تنأ نُك‬

‫والذكاء العاطفي‪ ،‬مع إشراك ال َّتخطيط وال َّتنظيم‪ ،‬وحسن‬


‫التصرف وال َّتنفيذ‪.‬‬
‫ُّ‬
‫ •هذه العالقات س�� ُتم ِّكنك من تحقيق أحالمك في إطار‬
‫ال َّتعاون مع من ه��م متخصصون في أب��واب ٍ مهمةٍ في‬
‫ٍ‬
‫مثمر‪ ،‬أو‬ ‫الحياة‪ ،‬سواء في مشاريع مش��تركة‪ ،‬أو تعاون ٍ‬
‫تشاور ٍ إيجابي‪ ،‬أو تبادل ِ خبرات‪ ،‬أو معلومات‪.‬‬
‫تس��هيل لبعض المهام‬
‫ٌ‬ ‫ •تختصر عليك الطَّري��ق‪ ،‬أو هي‬
‫المساعدة‪ ،‬حيث تقاس‬ ‫الصعبة عليك دون ُ‬ ‫واإلجراءات َّ‬
‫وقوتها‪ ،‬وقربه من‬
‫مرات بأهمية عالقات��ه َّ‬‫قُوة اإلنس��ان َّ‬
‫القوة‪ ،‬والح ِّل والعقد‪ ،‬في مجال أعماله‪ ،‬واهتماماته‬
‫أهل َّ‬
‫العامة والخاصة‪..‬‬

‫جدا ف��ي عالقاتك‪ ،‬وصداقاتك‪ ،‬واختر أَصدقاءك‬


‫حذرا ًّ‬
‫ً‬ ‫كُن‬
‫الشخصيات‪:‬‬
‫من بين هذه َّ‬
‫��ب‪ ،‬وإن اختلفت معه‬ ‫الصديق الحكيم‪ ،‬ذي العقل ُّ‬
‫والل ِّ‬ ‫‪ 1‬ـ  ‪َّ 1‬‬
‫صاحب نظ��رةٍ ثاقبةٍ‪ ،‬وتجارب‬
‫ُ‬ ‫في وجهات النَّظ��ر‪ ،‬فهو‬
‫بأمس الحاجة لها‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫عظيمةٍ‪ ،‬أنت‬
‫أغضبتك صراح ُت ُه‪.‬‬
‫َ‬ ‫الصدوق‪ ،‬وإن‬ ‫‪ 2‬ـ  ‪َّ 2‬‬
‫الصديق َّ‬
‫الصديق ال َّطموح‪ ،‬ذي الفكر اإليجابي‪ ،‬والمشجع والمح ِّفز‬
‫‪ 3‬ـ  ‪َّ 3‬‬
‫لمن حوله‪ ،‬والمتح ِّمس للحياة والعمل واإلبداع‪.‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪54‬‬

‫المتبصر‪ ،‬وبذلك ين ِّبهك‬


‫ِّ‬ ‫الصديق التقي الورع‪ ،‬والعال��م‬ ‫‪ 4‬ـ  ‪َّ 4‬‬
‫لك ِّل خطوةٍ تخطوها‪.‬‬
‫تس��تطيع عمل‬
‫ُ‬ ‫الهين ال َّل ِّين‪ ،‬ذي المرونةِ‪ ،‬ومعه‬
‫الصديق ِّ‬‫‪ 5‬ـ  ‪َّ 5‬‬
‫ِ‬
‫الكثير من المشاريع المشتركة‪.‬‬
‫الصديق المتعاون‪ ،‬حيث يأخ��ذ ويعطي‪ ،‬صاحب الكرم‬ ‫‪ 6‬ـ  ‪َّ 6‬‬
‫ق قدره‪.‬‬
‫كنز أتمنى أن تقدره ح َّ‬ ‫والشيم والشهامة‪ ،‬وهو ٌ‬
‫المفكر‪ ،‬ذي الرؤي��ا البعيدةِ‪ ،‬والخطَّة الواضحة‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫الصديق‬ ‫‪ 7‬ـ  ‪َّ 7‬‬
‫السامية في الحياة‪.‬‬
‫والرسالة َّ‬
‫ِّ‬
‫ُّ‬
‫والطرفة‪ ،‬وهو ضالَّ ُت ُكم بعد‬ ‫الصديق َّ‬
‫الظريف‪ ،‬ذي النُّكتة‬ ‫‪ 8‬ـ  ‪َّ 8‬‬
‫يوم ِ عمل ٍ طويل ٍ ومزدحمٍ‪.‬‬
‫المخلص‪ ،‬الَّذي ال يخونُ ‪ ،‬وهو األنموذج الَّذي‬
‫الصديق ُ‬‫‪ 9‬ـ  ‪َّ 9‬‬
‫تلده أمك‪.‬‬
‫ننصح بتعميق العالقة معه‪ ،‬فهو األخُ الذي لم ُ‬
‫ُ‬
‫المعطاء‪ ،‬وال��ذي ال يتوانى ع��ن أي خدمةٍ أو‬
‫ُ‬ ‫الصدي��ق‬‫‪َّ 10  10‬‬
‫كنز من العطاء‬ ‫ٍ‬
‫المقدمة‪ ،‬فه��و ٌ‬
‫مش��اركة‪ ،‬حيث تجده في ُ‬
‫ال ينضب‪.‬‬
‫َ‬
‫الش��خصيات ال َّتالية أو‬
‫وإياك أن تتعمق ف��ي العالقات مع َّ‬
‫َّ‬
‫تجعلهم من المقربين‪:‬‬
‫والساذج‪ ،‬فهو‬
‫َّ‬ ‫الس��طحي‬ ‫‪ 1‬ـ  ‪َّ 1‬‬
‫الصديق الفاش��ل‪ ،‬ذي ال َّتفكير َّ‬
‫‪55‬‬ ‫‪ 4‬ـ علا يف ُهارت نأ ُّدوت يذَ لّا رييغَّتلا تنأ نُك‬

‫ُيصيب نفس��ه ومن حوله بالخبال‪ ،‬فاحذروا أن تصيبكم‬


‫عدوى الفشل‪.‬‬
‫ص َداقيةِ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫للصدق والم ْ‬ ‫المراوغ‪ ،‬فهو ٌ‬
‫فاقد ِّ‬ ‫الصديق ُ‬‫‪ 2‬ـ  ‪َّ 2‬‬
‫ِ‬ ‫الصديق األَناني‪ ،‬حيث تجده حي َن‬
‫األخذ‪ ،‬وال تجده حين‬ ‫‪ 3‬ـ  ‪َّ 3‬‬
‫ِ‬
‫العطاء‪.‬‬
‫الصديق المنافق‪ ،‬حيث ال تجد لديه إلاَّ النِّفاق وال َّت ُّ‬
‫ملق‪،‬‬ ‫‪ 4‬ـ  ‪َّ 4‬‬
‫ُ‬
‫وبيع الكالم واالنتهازية‪.‬‬

‫السلبي‪ ،‬ذي ُّ‬


‫الروح المتشائمة‪ ،‬واألقوال المث ِّبطة‪،‬‬ ‫‪ 5‬ـ  ‪َّ 5‬‬
‫الصديق َّ‬
‫وال َّتبريرات التي ال تنأى عن الفشل والتقهقر‪.‬‬
‫الجاد فوق العادة‪ ،‬قليل المرونة وال َّتعاون‪ ،‬فهو‬
‫ّ‬ ‫‪ 6‬ـ  ‪َّ 6‬‬
‫الصديق‬
‫الم��راس‪ ،‬وفي الغالب يصع��ب تعميق العالقةِ‬ ‫صعب ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫معه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫الصديق الجاهل‪ ،‬ذي الرأي األَر َع��ن‪ ،‬والقول‬
‫األجوف‪،‬‬ ‫‪ 7‬ـ  ‪َّ 7‬‬
‫كبير ينبغي‬ ‫والسلوك َّ‬
‫الش��اذ‪ ،‬واالنفعال َّ‬
‫خطر ٌ‬‫ٌ‬ ‫الدائم‪ ،‬فهو‬ ‫ُّ‬
‫تجنبه‪.‬‬
‫وجها‪ ،‬ولن‬
‫ً‬ ‫الصديق المتقلب أو المزاجي‪ ،‬فلن تعرف له‬ ‫‪ 8‬ـ  ‪َّ 8‬‬
‫تس��تطيع ف َْه َم الكثير من تصرفاته‪ ،‬فه��ي مربوطة بحالته‬
‫المتحولة على َّ‬
‫الدوام‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫النفسية‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪56‬‬

‫الصدي��ق الوصول��ي‪ ،‬حيث ي��راك ُس��لَّ ًما للوصول إلى‬


‫‪ 9‬ـ  ‪َّ 9‬‬
‫أهدافه‪ ،‬ومن ثَ َّم يتخلَّص منك في أقرب فرصةٍ‪.‬‬
‫الصديق ضعيف الدين‪ ،‬وضعيف اإليمان‪ ،‬فمن ليس فيه‬ ‫‪َّ 10  10‬‬
‫خير لخالقهِ ليس فيه خير للخلقِ‪.‬‬
‫ٌ‬

‫‪ 5‬ـ تغيير القدوات‪:‬‬


‫ٍ‬
‫القُدوة‪ :‬جاءت من كلمة اقتدى‪ ،‬أي‪ :‬س��ار خلف شيء ما‪،‬‬
‫وجعله أمامه يدله على الطريق‪..‬‬

‫الصغر يقتدي اإلنس��ان بوالديه‪ ،‬أو من ربَّاه‪ ،‬ث َّم ينتقل‬


‫وفي ِّ‬
‫إلى االقتداء بأصحابه‪ ،‬وأس��اتذته‪ ،‬وقد يقتدي برمزٍ من رموز‬
‫الفنِّ‪ ،‬والرياضة‪ ،‬واألدب‪ ،‬والعلم‪ ،‬أو القادة‪ ،‬والسياسين؛ سواء‬
‫كانت هذه القدوة جيدة أو س��يئة‪ ،‬ويقلِّدون أفعالهم ويشربون‬
‫فكرهم‪..‬‬

‫وبما أننا نتحدث ع��ن تغيير النفس اإلنس��انية‪ ،‬فيجب أن‬


‫واعيا ف��ي اختيار قدوته‬
‫ً‬ ‫نؤكد عل��ى أهمية أن يكون اإلنس��ان‬
‫والمؤثرين فيه‪...‬‬

‫وعدم االعتماد على االقتداء العاطفي والذي هو باختصار‪:‬‬


‫اتِّباع رمزٍ مع َّين ٍ بكل تصرفاته وأفكاره‪ ،‬حتى المجنونة منها‬
‫‪57‬‬ ‫‪ 4‬ـ علا يف ُهارت نأ ُّدوت يذَ لّا رييغَّتلا تنأ نُك‬

‫من دون عرض هذه األفكار على الح��ق والوصول إلى تقييم‬
‫الصالح من الطَّالح في هذا المجال‪..‬‬
‫َّ‬
‫لك في ك ِّل مج��ال ٍ بعد أن تجرد‬ ‫ٍ‬
‫ابحث حول��ك عن قدوة َ‬
‫االقتداء من العواطف‪ ،‬واستفد منه‪ ..‬لماذا؟‬

‫ألن القدوة تساعدُ ك على اختصار ال َّطريق‪ ،‬وتُريك جوانب‬


‫غفلت أنت عنها‪.‬‬
‫َ‬ ‫وزوايا‬
‫والدنيا كبي��رة‪ ،‬والقدوات موجودة ف��ي كل زمان ٍ ومكانٍ‪،‬‬
‫ولكن أنت الباحث‪.‬‬
‫عيني��ك‪ ،‬واتبع أهل التميز واإلنتاجية‪،‬‬
‫َ‬ ‫ك‪ ،‬وافتح‬
‫ق بصيرتَ َ‬
‫َن ِّ‬
‫وأهل الحق‪.‬‬
‫تقتنع بها‪ ،‬ولكنَّك‬ ‫جاهدا عن قدوةٍ‬
‫ً‬ ‫ولربما أنَّك قد بحث��ت‬
‫ُ‬
‫السبب‪:‬‬
‫لم تجدها في المحيطي َن بك‪ ..‬دعني أقول لك َّ‬
‫تماما ليكون لك قدوة تسير خلفها‬
‫ً‬ ‫السبب‪ :‬أنك غير جاهز‬
‫في الوقت الحالي‪ ،‬رتِّب أوراق��ك‪ ،‬واعرف ماذا تريد بالضبط‪،‬‬
‫تماما في الوقت المناسب‪..‬‬
‫ً‬ ‫وستجدها أمامك‬

‫ًّ‬
‫مستعدا‬ ‫ستظهر القدوة في حياتك عندما تكون أنت ال ّتلميذ‬
‫تماما‪.‬‬
‫ً‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪58‬‬

‫•�إر�شادات �أثناء رحلة ال َّتغيير‪:‬‬ ‫ ‬


‫‪ 1‬ـ  ‪1‬استعن باهلل وحده عند شروعك في مش��وار ال َّتغيير؛ فهو‬
‫ق��در األقدار‪ ،‬وهو الذي‬‫الذي ل��ه األمر ُك ُّله‪ ،‬وهو الذي ُي ِّ‬
‫يشاء ويختار‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ 2‬ـ  ‪2‬ال َّتغيير يحتاج إلى البدء الفوري فيه‪ ،‬وسرعة المبادرة إليه‪،‬‬
‫وعدم ال َّتسويف أو التأجيل والتأخير‪.‬‬

‫قال تعال��ى‪ ﴿ :‬ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ‬


‫[آل عمران‪.]133 :‬‬ ‫ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﴾‬
‫‪ 3‬ـ  ‪3‬تأ َّكد أن تحقيق ال َّتغيي��ر المطلوب (ال‪ ،‬ولم‪ ،‬ولن) يحصل‬
‫بخط��وةٍ واح��دةٍ‪ ،‬عمالق��ةٍ‪ ،‬أو ضخمةٍ‪ ،‬ولكن��ه يحصل‬
‫ٍ‬
‫خطوات صغيرة‪.‬‬ ‫بمجموعة‬
‫ال تنس أنَّه ح َّتى يكون ال َّتغيي��ر إيجاب ًّيا‪ ،‬فال بد أن يكون‬
‫َ‬ ‫‪ 4‬ـ  ‪4‬‬
‫ومنتظما‪ ،‬وشاملاً ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ومستمرا‪،‬‬
‫ًّ‬ ‫صادقًا‪،‬‬
‫‪ 5‬ـ  ‪5‬ال َّتغيير ممكن للجميع‪ ،‬ويناس��ب جمي��ع األعمار‪ ،‬ولكن‬
‫تق ُّب َله أكبر في األعمار َّ‬
‫الصغيرة‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ  ‪6‬إن إح��داث ال َّتغيي��ر يج��ب أن ُيراعي قدرات اإلنس��ان‬
‫واس��تعداداته‪ ،‬ح َّتى ُ‬
‫ال يح ِّمل نفس��ه ما ال تطيق‪ ..‬وحتى‬
‫يجنح به إلى‬
‫ُ‬ ‫منسجما مع عقل اإلنسان‪ ،‬فال‬
‫ً‬ ‫يكون التغيير‬
‫‪59‬‬ ‫‪ 4‬ـ علا يف ُهارت نأ ُّدوت يذَ لّا رييغَّتلا تنأ نُك‬

‫ما يضر بمصالح��ه‪ ،‬أو يتعارض مع رغبات��ه‪ ،‬فال يحرمه‬


‫الحالل‪ ،‬أو يحلل الحرام‪ ،‬أو يتنافى مع أخالقه وسلوكياته‬
‫الثابتة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫تغيير إيجابي دون عناء أو‬
‫ٌ‬ ‫ليكن في علمك‪ :‬أنه ليس هناك‬ ‫‪ 7‬ـ  ‪ُ 7‬‬
‫مشقةٍ‪ ،‬وهنا تكم ُن اللَّذة واالستمتاع باالنتصار على هوى‬
‫النفس‪ .‬وهذا يعني‪ :‬أن علينا أن ُنردد العبارة الشهيرة‪:‬‬

‫شيء مستحيل»‪.‬‬‫َ‬ ‫«كلمةُ مستحيل‪ ،‬ليست في قاموس حياتي‪ ،‬فال‬


‫ٍ‬
‫عابرا‪ ،‬أو مر ًة واحد ًة لش��يء رغبت‬‫‪ 8‬ـ  ‪8‬ال تجعل ال َّتغيير حدثًا ً‬
‫في تغييره‪ ،‬وانتهيت‪ ..‬إ َّن رحلة ال َّتغيير نحو ال َّتميز ليس��ت‬
‫مس��ارا متواصلاً يكون كلعبة ال ّنقاط المتتالية باألرقام‪،‬‬
‫ً‬ ‫إلاَّ‬
‫والتي تحتاج منك إلى وصلها ببعضها‪ ...‬لتش�� ِّكل منح ًنى‬
‫تاريخ ًّيا ف��ي حياتك‪ ،‬وهذه النَّظرية تس�� َّمى ف��ي اليابان‬
‫بالكايزن (‪ )KAIZEN‬وتعني‪( :‬التحسين المستمر) وهي أكثر‬
‫ما تس��تخدم في مجال األعمال‪ ..‬مثلاً ‪ :‬التحسين المستمر‬
‫للعجز التجاري‪ ،‬أو التحسين المستمر لخطوط اإلنتاج‪ ،‬أو‬
‫التحس��ين المس��تمر للعالق��ات َّ‬
‫الش��خصية وتطوي��ر‬
‫الش��خصيات‪ ،‬ونحن نتكلم من ضمن هذه األخيرة‪ ..‬فلو‬
‫أدركت أبع��اد هذا المبدأ التنظيمي س��تصل إل��ى التأثير‬
‫الكبير على حياتك‪ ،‬والتزامك الش��خصي؛ ألن التحسين‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪60‬‬

‫المس��تمر يرفع المقاييس ف��ي كل المجاالت لتبحث عن‬


‫األفضل‪.‬‬

‫المخيف‪ ،‬فكلم��ة األمان والتي هي‬


‫ترك��ن لألمان ُ‬‫َ‬ ‫‪ 9‬ـ  ‪9‬لاَ‬
‫الس��كينة ال تأتي م��ع الخوف‪ ،‬فكيف ذل��ك؟!‪ ..‬إذا‬‫َّ‬
‫وظ��روف غير مريح��ةٍ وأنت‬
‫ٍ‬ ‫ركنت ألم��ان ٍ مؤقتٍ‪،‬‬
‫َ‬
‫تالزمها فقط ألنك تعودت عليها وتخاف الدخول في‬
‫تحديات جديدةٍ‪ ..‬فأنت بهذا تختار بيديك الخوف في‬
‫ٍ‬

‫المستقبل‪..‬‬
‫فلو أنك رغبت ُّ‬
‫الدخول في مش��روع ٍ ما‪ ،‬ول��ه العديد من‬
‫تغييرا في حياتك‪ ،‬وخفت من المواجهة في‬ ‫ً‬ ‫المزايا‪ ،‬وسيحدث‬
‫والدخ��ول ف��ي تعقي��دات أم��ور ٍ جديدةٍ‪..‬‬
‫البح��ث وال َّتعل��م ُّ‬
‫واستس��لمت‪ ،‬وركنت لهذا الخوف‪ ،‬واخت��رت األمان المؤقت‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫خوف‬ ‫الحال��ي‪ ،‬وترك��ت المش��روع‪ ،‬لتعرض��ت الحقًا إل��ى‬
‫مستقبلي؛ ألنك ستبقى في مكانك تراوح وستكون‪..‬‬

‫أستا ًذا عاد ًّيا‪ُ ،‬ولِدَ عاد ًّيا‪ ،‬وعاش عاد ًّيا‪ ،‬ومات عاد ًّيا‪..‬‬

‫‪ 10  10‬إ َّن تغيير حديث النفس الداخلي‪ ،‬من أهم ال َّتغييرات‬
‫على اإلطالق؛ ألنه سيؤدي الحقًا إلى التغييرات الخمسة‬
‫المذكورة (الفك��ر والقناعات الش��خصية ـ االهتمامات ـ‬
‫‪61‬‬ ‫‪ 4‬ـ علا يف ُهارت نأ ُّدوت يذَ لّا رييغَّتلا تنأ نُك‬

‫المه��ارات ـ العالقات ـ القدوات)‪ ...‬فمنب��ع كل قرارٍ‪ ،‬أو‬


‫فكرةٍ‪ ،‬أو مهارةٍ‪ ،‬أو اهتم��امٍ‪ ،‬أو عالقةٍ بأحد ٍ من النَّاس هو‬
‫من واقع نظرتك لنفسك‪ ،‬فإذا كنت تحدث نفسك إيجاب ًّيا‪،‬‬
‫وترى أنها قادرة على المستحيل‪ ،‬ستكون كذلك‪.‬‬

‫أم��ا إذا كنت تحدثه��ا بخض��وع ٍ وخنوع ٍ واستس�لام ٍ فلن‬


‫تغيير الحقٍ‪ ..‬كما أن تخ ُّيلك‬
‫ٍ‬ ‫تستطيع أن تقوى على القيام بأي‬
‫ً‬
‫حقيقة الحقًا‪.‬‬ ‫أنك حصلت على المبتغى تغييره سيكون‬

‫«كل ال َّتغيي��رات طويلة الم��دى‪ ،‬وذات المعن��ى‪ ،‬تبدأ من‬


‫خيالك وأحالمك‪ ،‬ثم تأخ��ذ طريقها إلى أرض الواقع‪ ،‬الخيال‬
‫أكثر أهمية من المعرفة»‪.‬‬
‫(ألبرت آينشتاين)‬

‫‪11  11‬حافظ على روح ٍ معنويةٍ مرتفع��ةٍ أثناء رحلة التغيير‪..‬‬


‫الس��لبية تدمرك وتثنيك‬
‫أي‪ :‬ال تدع أيًّا من المؤثرات َّ‬
‫س��ر من أسرار القادة المميزين‪ ..‬فمن‬
‫ٌّ‬ ‫عن أهدافك‪ ،‬وهذا‬
‫هو القائد؟!‪..‬‬

‫إنه الذي يحاف��ظ على روحه المعنوي��ة المرتفعة‪ ،‬حتى لو‬


‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫خس��ر كل ش��يء‪ ..‬حاوِل َّ‬
‫الس��يطرة على عواطف��ك الداخلية‪،‬‬
‫دائما بنتائج ال َّتغيير الرائعة الحقًا‪..‬‬
‫وحدث نفسك ً‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪62‬‬

‫وأهلك عن‬
‫َ‬ ‫أحباب��ك‬
‫َ‬ ‫‪12  12‬تح��دث مع م��ن حولك م��ن‬
‫ما تحاول القي��ام به‪ ،‬واس��أل من ترى في��ه إمكانية‬
‫ٍ‬
‫اقتراحات وحلول‪.‬‬ ‫المساعدة عن‬
‫‪13  13‬اجمع أكبر قدر ٍ من المعلومات عن الش��يء الذي ترغب‬
‫بتغييره‪ ،‬وما مدى الفائدة التي ستعود عليك‪ .‬ولتعلم أن‪:‬‬
‫األكثر مالحظ ًة هو األقدر على ال َّتغيير‪.‬‬

‫‪14  14‬اعتن ِ بجس��دك صح ًّيا ونفس�� ًّيا‪ ،‬فكلنا نعلم‪ :‬أ َّن ِّ‬
‫الصحة‬
‫الصف��اء ِّ‬
‫الذهني‬ ‫ج��دا لضبط َّ‬ ‫ًّ‬ ‫تأثي��ر ها ٌّم‬ ‫الجس��دية لها‬
‫ٌ‬
‫وال َّتركيز العالي‪.‬‬
‫‪15  15‬حاوِ ْل رس��م خطةٍ ولو في ذهنك إلجراء عملية ال َّتغيير‪،‬‬
‫ولتستخدم فيها اس��تراتيجية التدرج والقيام بالعمل على‬
‫مراحل وخطوات‪.‬‬
‫‪16  16‬إذا لم تنجح إحدى الخطط‪ ،‬جرب أُخرى ـ أي‪ :‬ج ِّهز‬
‫ل مجتهد ٍ‬ ‫ً‬
‫بديل��ة وال تيئس‪ ..‬ـ ول��ك ِّ‬ ‫دائم��ا خطط�� ًا‬
‫ً‬
‫نصيب‪..‬‬
‫مفت��اح لكل األقف��ال؛ ألن الملولي َن‬
‫ٌ‬ ‫‪َّ 17  17‬‬
‫الصبر والمجاهدة‬
‫جالسون على أرصفة ُّ‬
‫الطرقات‪ ،‬وما هم إلاَّ متفرجون‪.‬‬ ‫َ‬

‫‪18  18‬حاول تطبيق فق��رة القُدوة‪ ،‬فإذا كان لك قدوة تعلم ً‬


‫جيدا‬
‫‪63‬‬ ‫‪ 4‬ـ علا يف ُهارت نأ ُّدوت يذَ لّا رييغَّتلا تنأ نُك‬

‫ناجحا فيه‪ ..‬ستستفيد‬


‫ً‬ ‫أنه قام بعملية ال َّتغيير قبلك‪ ،‬وكان‬
‫من خبرتهِ وتختصر الوقت والجهد‪..‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وأخيرا‪ :‬يكفي أن نقول‪( :‬لتغيير شيء‪ ،‬افعل ُك َّل شيء)‪.‬‬
‫ً‬
‫طرح كتاب «إدارة العقل‪ »Managing your mind :‬الذي هو من‬
‫تأليف‪( :‬جي�لان بتلر‪ ،‬وتوني هوب) معاني هام��ة عن ال َّتغيير‪،‬‬
‫أذكرها باختصار للمزيد من الفائدة‪..‬‬

‫•�أربعة �شروط حتى يتم التغيير بفاعلية‪:‬‬ ‫ ‬


‫‪ 1‬ـ  ‪1‬افهم حاضرك ـ أي‪ :‬مكانك اآلن ـ ‪ ،‬وال تتهرب من الواقع‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ  ‪2‬ال تش��غل نفس��ك بالماضي‪ ،‬فالماضي ال يمكن تغييره‪،‬‬
‫ال تنشر نشارة الخش��ب‪ ،‬أو تجتر آالم العهد الذي فات‪،‬‬
‫وأقبل على المس��تقبل حتى لو كان ف��ي عالم المجهول‪،‬‬
‫حتى لو كان الكثير من المس��تقبل خارج سيطرتنا‪ ،‬فعلينا‬
‫أن نؤمن بهذا المجهول المش��كوك في��ه‪ ،‬لماذا؟ ألن هذا‬
‫َّ‬
‫الشيء الوحيد الذي يمكن إجراء ال َّتعديل عليه‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ  ‪3‬حاول أن تنظ��ر إلى الماضي باعتباره ف��ي زمن ٍ آخر غير‬
‫ال َّزمن الذي تعيش في��ه‪ ،‬وكأنه في ما قبل الميالد‪ ،‬وبينك‬
‫أبدا‬
‫أمد بعي��د يمكنك تذك��ره‪ ،‬ولكن ال يمك��ن ً‬ ‫وبين��ه ٌ‬
‫الركوب في مركب��ةٍ فضائيةٍ تتنقل بي��ن األزمان‪ ،‬فهذا لن‬
‫ُّ‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪64‬‬

‫ً‬
‫لحظة وهي‬ ‫يحصل إلاَّ في األفالم الخيالية‪ ..‬إياك أن تهدر‬
‫األقل من ال َّثانية باالنش��غال بالنظر إل��ى الوراء‪ ،‬عش في‬
‫هذا الزمن‪..‬‬
‫ش َهذِه ال َّل َ‬
‫حظة»‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ش ُهنا‪ ،‬عش اآلن‪ ،‬ع ْ‬
‫«ع ْ‬
‫(ريتشارد تمبلر)‬

‫‪ 4‬ـ  ‪4‬واجه مصيرك في المستقبل بثقةٍ أكبر بنفسك‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬على أ َّن‬


‫ •وتكلم الكتاب ـ كت��اب «إدارة العقل» ـ ً‬
‫ٍ‬
‫مهارات ُتس��اعد على تحقيق الفعالية الذاتية‬ ‫هناك سبع‬
‫إلج��راء التغيي��رات عل��ى نفس��ك‪ ،‬والتحس��ين يأتي‬
‫بالممارسة والتجريب‪.‬‬

‫إن هذه المهارات هي‪:‬‬


‫َّ‬
‫‪ 1‬ـ  ‪1‬إدارة نفس��ك‪ ،‬ووقت��ك‪ ،‬يعن��ي‪ :‬أن تنظم وقت��ك‪ ،‬وتدير‬
‫اختياراتك في الحياة‪ ،‬وقد ناقش��ت موضوع الوقت الحقًا‬
‫في الكتاب‪.‬‬
‫ٍ‬
‫هرب ـ ‪،‬‬‫‪ 2‬ـ  ‪2‬مواجهة المش��اكل بكل ش��جاعة ـ أي‪ :‬ع��دم ال َّت ُّ‬
‫الدائم عن أفضل الحلول في حدود المستطاع‪.‬‬ ‫والبحث َّ‬

‫دائما‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫‪ 3‬ـ  ‪3‬أن تعام��ل‬


‫نفس��ك بطريقة س��ليمة‪ ..‬فال توبخه��ا ً‬ ‫َ‬
‫وتلومها‪ ،‬وتقلِّل من تقديرك َّ‬
‫الذاتي‪..‬‬
‫‪65‬‬ ‫‪ 4‬ـ علا يف ُهارت نأ ُّدوت يذَ لّا رييغَّتلا تنأ نُك‬

‫‪ 4‬ـ  ‪4‬أن تض��ع اس��تراتيجيتك الخاص��ة ب��ك لل َّتغيي��ر وحل‬


‫المشكالت‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ 5‬ـ  ‪5‬أن تبح��ث ً‬
‫دائما ع��ن المعرف��ة ـ أي‪ :‬تبح��ث وتقرأ عن‬
‫ما يهم��ك تغيي��ره ـ ‪ ،‬وتس��تخدم اإلدراك الواع��ي لفهم‬
‫األشياء‪.‬‬
‫بنفس��ك‪ ،‬واحترم ذاتك‪ِّ ،‬‬
‫وقدرها‪ ،‬وضعها في‬ ‫َ‬ ‫‪ 6‬ـ  ‪6‬عزِّز ثقتك‬
‫دائما‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫أفضل مكان ً‬
‫‪ 7‬ـ  ‪7‬اجعل لك ً‬
‫دائما وق ًتا للمرح وال َّتخفيف عن نفسك‪.‬‬

‫***‬
‫حدّ د ر�ؤيتك ور�سالتك ُث َّم �ضع‬
‫خطتك‬ ‫َّ‬

‫حدِّ د ر�ؤيتك ور�سالتك ُث َّم �ضع‬


‫َّ‬
‫وال تتخل عن �أهدافك‬ ‫خطتك‬ ‫َّ‬ ‫‪5‬‬

‫•غاية وجودنا‪:‬‬ ‫ ‬
‫ـ ـسؤا ٌل ح َّير البشر عبر العصور‪ ..‬فأخذوا يبحثون له عن إجابة‪ ..‬وأنا‬
‫متيقنة أنَّك تف ِّكر فيه‪ ..‬الس��ؤال هو‪ :‬ما غاي��ة وجودنا في الحياة؟‬
‫ٌ‬
‫وماذا نريد نحن من هذه الحياة؟ ما حقيقة وغاية وجودنا؟‪..‬‬
‫اقرأ ه��ذ اآلي��ة الكريم��ة‪ ،‬ثم أجب بنفس��ك عل��ى هذه‬
‫التساؤالت‪ ﴿ :‬ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﴾‬
‫[الملك‪.]2 :‬‬

‫له��دف‪ ،‬وغايةٍ محددةٍ‪ ،‬وليس لنعيش‬


‫ٍ‬ ‫ـ ـهذا يعني‪ :‬أننا ُخلقنا‬
‫ولهوا‪..‬‬
‫ً‬ ‫عبثًا‬
‫نحن في رحلةٍ‪ ،‬وهذه الرحلة لها نهاية‪ ،‬وك ٌّل منَّا يحدد هذه‬
‫النهاية‪ ،‬فهل تريد في نهاية هذه الرحلة أن تموت نكرةً؟!‪..‬‬
‫إن الحي��اة دقائ��ق وثوان��ي‬ ‫د َّقات قل��ب الم��رء قائل��ة له‬
‫ِّ‬
‫فالذك��ر لإلنس��ان عم��ر ثاني‬ ‫فارفع لنفس��ك بعد موتك ذكرها‬
‫(أحمد شوقي)‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪68‬‬

‫أنت مخلو ٌق ليرى اهلل عملك‪ ..‬عملك يعني‪ :‬إبداعك‪ ،‬نجاحاتك‪،‬‬


‫ابتكارك‪ ،..‬وحياتك بيدك‪ ،‬ولك دفة القيادة‪ ،‬وليس ألحد ٍ غيرك‪ ..‬انفرد‬
‫بعيدا عن الناس‪ ،‬وحدد رؤيتك ورسالتك في هذه الحياة‪ ..‬ابن ِ‬
‫بذاتك ً‬
‫مستقبلك بيدك؛ ألنك بذلك تبني األمم؛ ألنك أنت حجر األساس‪..‬‬

‫المس��تقبل مرهونٌ ببناء اإلنس��ان‪ ،‬حيث أصبحت‬


‫«إن بناء ُ‬
‫َّ‬
‫أهم العوامل المؤثرة ف��ي تقدم الدول‬
‫القوى البش��رية تش��كل َّ‬
‫حجر األساس فى التنمية»‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وتطورها‪ ،‬وبناء اإلنسان هو‬
‫(سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي)‬

‫•التخطيط الذاتي وو�ضع الأهداف ال�شخ�صية‪:‬‬ ‫ ‬


‫علي أن أخطط لحياتي‪ ،‬وال أعيشها كيفما تأتي تأتي؟‪:‬‬
‫لماذا يجب َّ‬
‫ •ألنك إن لم تخطط لحياتك أنت‪ ..‬هذا يعني‪ :‬أنك تنفذ‬
‫خطط اآلخرين‪.‬‬
‫ •ألن من يفشل في ال َّتخطيط‪ ..‬فقد خطَّط للفشل‪..‬‬
‫الس��ابقة لن تختلف ع��ن القادمة إن لم‬
‫الس��نوات َّ‬
‫ •ألن َّ‬
‫تخطط لتجعلها مختلفة‪.‬‬
‫س��تعيش حي��ا ًة واح��د ًة وال مج��ال ألن تتراجع‬
‫ُ‬ ‫ •ألنك‬
‫وتتدارك تقصيرك‪ ،‬فال توجد فرصة ثانية في الحياة‪.‬‬
‫ •ألنها ُسنَّة األولين قبلك‪..‬‬
‫‪69‬‬ ‫َّخ عض َّمُث كتلاسرو كتيؤر دّدح‬
‫‪5‬ـ ط‬

‫ِّ‬
‫تخطط لألم��ور مقدَّ ًما ‪ ..‬فلم يكن المطر قد‬ ‫«من المفيد أن‬
‫نزل بعد حين قام سيدنا نوح ببناء السفينة»‪.‬‬
‫(توماس أديسون)‬

‫إ َّن البداي��ة العملية لتنمية أنفس��نا تبدأ م��ن التخطيط الذاتي‬


‫لحياتنا‪ ،‬وتنظيم شؤونها‪ ،‬وإن راحة البال تأتي من تحديد األهداف‬
‫مح��ددةٍ‪ ..‬فإذا ما تعلمنا هذه األمور‬
‫َّ‬ ‫فترات زمنيةٍ‬
‫ٍ‬ ‫التي نريدها في‬
‫ووجهنا تركيزنا إلى تحقيقها في الواقع العملي س��نحل بأنفس��نا‬
‫ً‬
‫نسبة كبير ًة من مش��اكلنا التي نعاني منها‪ ،‬وسلبياتنا التي نعيشها‪..‬‬
‫أفكار منظمة‪..‬‬
‫ٌ‬ ‫ُّ‬
‫الغث من أفكارنا لتحل محله‬ ‫وسيتبدل‬
‫َّ‬
‫المنظمة هي ف��ي الواقع مجموعة م��ن البدائل‬ ‫فاألف��كار‬
‫والحلول الت��ي تتبدل وتتغير م��ن أجل تحقي��ق أهدافنا التي‬
‫حددناها في مخططنا الذاتي‪..‬‬

‫ولعلك تقول في نفس��ك‪ :‬بأنني أُبالغ حين أتكلم عن هذا‬


‫األم��ر‪ ،‬والحقيقة المج��ردة‪ :‬أ َّن ما أقوله وأعنيه ه��و أبعد عن‬
‫تماما‪..‬‬
‫ً‬ ‫المبالغة‬

‫برنامج‬
‫ٌ‬ ‫فالتخطيط الذاتي‪ ،‬ووضع األهداف الش��خصية‪ :‬هو‬
‫أقرب ف��ي تص��وره بالمنهج الش��خصي للحياة‪ ،‬وق��د أثبتت‬
‫الدراسات‪ :‬أن ُك َّل إنسان ٍ منَّا يرى الحياة بوجهة ٍ‬
‫نظر مختلفة عن‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪70‬‬

‫أي إنس��ان ٍ آخر‪ ،‬لذل��ك فبرنام��ج التخطيط الذات��ي ووضع‬


‫السير عليه ليعيش‬‫األهداف‪ ،‬هو المنهج الذي يحاول اإلنس��ان َّ‬
‫حياته بوجهة نظره التي يراها هو ولكن بشكل ٍ مقنَّن ٍ ومحسوبٍ‪.‬‬

‫إ َّن ه��ذا البرنامج يبع��د الفرد منَّ��ا عن الحي��اة البوهيمية‬


‫العش��وائية‪ ،‬وكلنا يكره أن يكون بوهيم ًّيا وعش��وائ ًّيا‪ ،‬كما أني‬
‫اختلفت معه أن يكون عش��وائ ًّيا‪ ،‬يدور‬
‫ُ‬ ‫أكره ألي فرد ٍ آخر مهما‬
‫حول نفسه كالرحى‪..‬‬

‫ليكون كالذي قال فيه الشاعر‪:‬‬


‫جئت ال أعلم من أين‪ ،‬ولكني أتيت‬
‫ولقد أبصرت قدامي طري ًقا‪ ،‬فمشيت‬
‫ماشيا إن شئت هذا أم أبيت‬
‫ً‬ ‫وسأبقى‬
‫كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟‬
‫لست أدري!!!‬
‫(إيليا أبو ماضي في قصيدة ال َّطالسم)‬

‫وح ٌّل لمشكلة وآفة‬


‫التخطيط للحياة والدةٌ جديدةٌ للحياة‪َ ،‬‬
‫عدد م��ن أفراد‬
‫«التفاه��ة وضياع الوق��ت» التي أصي��ب بها ٌ‬
‫خاص��ة َّ‬
‫الش��ريحة صغي��رة العم��ر‪ ،‬كالش��باب‬ ‫ً‬ ‫مجتمعاتن��ا‪،‬‬
‫والشابات‪..‬‬
‫‪71‬‬ ‫َّخ عض َّمُث كتلاسرو كتيؤر دّدح‬
‫‪5‬ـ ط‬

‫عندما تتصور‪ :‬أن لديك هدفًا ما حددته‪ ،‬وأنت تسعى اآلن‬


‫ً‬
‫خاصة وأن لديك‬ ‫إلى تنفيذه‪ ،‬لن تجد وق ًتا لتفاه��ات األمور‪..‬‬
‫عملك‪ ،‬أو دراس��تك‪ ،‬ولدي��ك التزاماتك اليومي��ة‪ ،‬وعالقاتك‬
‫األسرية‪ ،‬واالجتماعية اليومية‪.‬‬

‫لو تعلَّم��ت ف�� َّ‬


‫ن التعامل م��ع الوق��ت‪ ،‬وكيفي��ة إدارته‪،‬‬
‫واستثماره‪ ،‬وقد طرحنا فصلاً كاملاً في الكتاب بهذا الموضوع‪،‬‬
‫فلو قرأته وطبقته‪ ،‬وقم��ت بتنظيم وقتك طبقًا لمتطلبات يومك‬
‫المش��حون بكل هذه المهام واألعمال‪ ،‬لتضيف عليها أوقاتك‬
‫وقت‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫الش��خصية‪ ،‬وخلواتك الذاتية اليومية‪ ..‬هل سيكون لديك‬
‫يضيع دون استثماره؟!‪..‬‬

‫ولكن ما هو التخطيط الذاتي؟‪:‬‬


‫المنهج الشخصي َّ‬
‫الشامل للفرد الذي يعيش على أساسه‬ ‫ُ‬ ‫إنَّه‬
‫ومحددٍ‪.‬‬
‫َّ‬ ‫بشكل ٍ َّ‬
‫منظم ٍ‬

‫وتكمن أهمية ال َّتخطيط الذاتي في أنه يساعد اإلنسان على‬


‫ممارسة نش��اطات حياته بالش��كل المطلوب‪ ،‬وتحقيق إنجازاته‬
‫مع اختالف توجهاتها سواء أكانت إنجازات نفسية‪ ،‬أو اجتماعية‪،‬‬
‫أو مادية‪ ،‬أو عملية‪ ،‬أو تعليمية‪ ،‬أو غيرها‪ ،‬أو حتى كلها‪.‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪72‬‬

‫•كيف تخطط ِل َذاتك؟‪:‬‬ ‫ ‬


‫مكتوبا أولاً ‪ ،‬وال بد أن‬
‫ً‬ ‫إ َّن مخططك الذاتي البد أن يكون‬
‫تعلم قبل بدء الحديث عن الخطوات العملية للتخطيط الذاتي‬
‫ٍ‬
‫مخطط ال بد أن يكون مس��جلاً ومدو ًنا بصورةٍ ما‪ ،‬فأي‬ ‫أ َّن أي‬
‫ال يندرج تحت بند المخطط الذاتي‬ ‫ٍ‬
‫مخطط مخ َّزن ٍ في الذاكرة‬
‫ُ‬
‫شيء آخر يتعلق باآلمال فى حقيقة األمر وليس مخط ًطا‬
‫ٌ‬ ‫بل هو‬
‫ذات ًّيا‪ ،‬وإلعداد ه��ذا المخطط ينبغي معرفة أن��ه من الضروري‬
‫اإلعداد لهذا المخطط‪ ،‬لذلك يس��توجب علي��ك كتابة عناصر‬
‫مخططك هذا عل��ى ورق ٍ خارجي‪ ،‬أو رس��م كروكي لخريطةٍ‬

‫ذهنية‪ ،‬لتس��تقر على تل��ك العناص��ر‪ ،‬وتق��وم باعتمادها في‬


‫مخططك الذاتي الذي ال يع ِّبر إلاَّ عنك أنت‪ ،‬وأنت فقط‪.‬‬

‫يتم ال َّتخطي��ط الذاتي‪ :‬ب��اإلدراك الذات��ي ومعرفة جوانب‬


‫َّ‬
‫الذات المختلفة‪.‬‬

‫�أو ً‬
‫ال‪ :‬الإدراك الذاتي‪:‬‬

‫ال ب��د أولاً أن تتعرف على مصطلح ٍ‬


‫َّ‬ ‫لتحدد خطتك الذاتية‬
‫ُيس�� َّمى اإلدراك‪ ،‬واإلدراك هو عملية االنتب��اه‪ ،‬بمعنى‪ :‬أن تتنبه‬
‫ألمور حياتك الخاص��ة‪ ..‬وعملية االنتباه هذه هدفها‪ :‬أن تتعرف‬
‫على موقعك الحالي‪ ،‬أين أنت من هذه األمور؟ أين مكانك؟‪..‬‬
‫‪73‬‬ ‫َّخ عض َّمُث كتلاسرو كتيؤر دّدح‬
‫‪5‬ـ ط‬

‫إن عملي��ة اإلدراك ـ خاصة بع��د التعرف عليها ودراس��ة‬


‫تقنيتها كاملة ـ تمثل خمس��ين بالمئة من الطريق نحو التغيير؛‬
‫لذلك المطلوب منك‪ :‬أن ت��درك أين أنت من الجوانب التالية‪،‬‬
‫والتي تسمى «جوانب الذات الستة»؛ وهي‪:‬‬
‫ •الجانب النفسي‪.‬‬
‫ •الجانب الديني‪.‬‬
‫ •الجانب الجسدي الصحي‪.‬‬
‫ •الجانب االجتماعي‪.‬‬
‫ •الجانب المهني‪.‬‬
‫ •الجانب المادي‪.‬‬

‫تلك ه��ي الجوانب الرئيس��ة التي تغطي معظم نش��اطات‬


‫حياتك‪ ،‬والتي تتفرع منها مش��كالتك وأزمات��ك عندما يكون‬
‫خلل ما في التعامل معها أو نقصها‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫هناك‬

‫وإليك الخطوات التي تدور حول محاولتك لس��رد واقعك‬


‫من هذه الجوانب الستة المختلفة‪:‬‬

‫الخطوة األولى‪:‬‬
‫المطلوب من��ك‪ :‬أن تكتب أين موقعك م��ن هذه الجوانب‬
‫الس��تة بال زي��ادةٍ وال نقص��انٍ‪ ،‬وأن تتح��رى األمان��ة الذاتية‪،‬‬
‫َّ‬
‫والش��جاعة المطلقة‪ ،‬وال تقح��م رأيك فيما تكت��ب‪ ،‬أو آمالك‬ ‫َّ‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪74‬‬

‫المس��تقبلية وطموحاتك‪ ..‬أريد منك الواقع الحقيقي الملموس‬


‫الدقيق المعاش المجرد لهذه الجوانب الستة‪.‬‬

‫ولكي تتمكن من النجاح في هذا ال َّتمرين‪ ،‬يجب عليك كتابة‬


‫ٍ‬
‫سطر‪ ،‬وال تربط‬ ‫ٍ‬
‫عنصر في‬ ‫بياناته على هيئة عناصر مقس��مة‪ ،‬كل‬
‫كل جانب ٍ باآلخر كس��بب ٍ له‪ ،‬فال تربط مثلاً بين عناصر الجانب‬
‫االجتماعي بعناصر من الجانب المادي‪ ،‬وحاول أن تكون العناصر‬
‫ٍ‬
‫صفحات مستقلة‪.‬‬ ‫الستة في‬ ‫ٍ‬
‫المرتبطة بكل جانب من الجوانب ّ‬
‫الخطوة الثانية‪:‬‬

‫تأم��ل ف��ي ما كتب��ت‪ ،‬وتيق��ن من��ه‪ ،‬واح��ذف الزِّيادات‬


‫واإلضافات التي ال تماثل الواقع‪ ،‬وال  ُتطابق ش��روط ال َّتمرين‬
‫األول‪ ،‬ومن ثَ�� َّم أع��د كتابة ما كتبت��ه بعد تصفيت��ه من هذه‬
‫اإلضافات وال َّزوائد‪.‬‬

‫الخطوة الثالثة‪:‬‬

‫قُم بتحديد ما تأم��ل أن تحققه بعد فترةٍ وجيزةٍ من س��تة‬


‫أشهر إلى س��نة‪ ،‬وضعها في الجدول‪ ،‬ثم ضع الهدف المرجو‬
‫بعد فترةٍ متوس��طةٍ من ثالث س��نوات إلى خمس سنوات‪ ،‬ثم‬
‫الحقًا اكت��ب األهداف المرج��و تحقيقها بعد فت��رةٍ أطول من‬
‫خمس إلى عشر سنوات‪ ،‬وذلك لك ِّل جانبٍ‪..‬‬
‫‪75‬‬ ‫َّخ عض َّمُث كتلاسرو كتيؤر دّدح‬
‫‪5‬ـ ط‬

‫النفسي الديني الجسدي االجتماعي المهني المادي‬ ‫الجانب‬


‫أين أنا اآلن؟‬

‫أين أنا بعد فترة‬


‫من ‪ 6‬أشهر إلى‬
‫سنة؟‬
‫أين أنا بعد فترة‬
‫من ‪3‬سنوات إلى‬
‫‪ 5‬سنوات؟‬
‫أين أنا بعد فترة‬
‫من ‪ 5‬سنوات‬
‫إلى ‪ 10‬سنوات؟‬

‫بهذه الطريقة تكون قد قمت بعملية اإلدراك الذاتي لواقعك‪.‬‬


‫هكذا أدركت أين مكانك؟ وما واقع��ك الحالي؟ وإلى أين‬
‫بناء عليها‪ ،‬لتنطلق إلى‬
‫تريد أن تذهب؟ ولتبدأ بوضع األساسات ً‬
‫وأبدا‪ ،‬والذي هو‬‫دائما ً‬
‫دستورا لك ً‬
‫ً‬ ‫تأسيس مبادئك التي ستكون‬
‫والرسالة‪ ،‬وتحديد األهداف لك ِّل جانبٍ)‪.‬‬
‫بداية (وضع الرؤية ِّ‬

‫ثاني ًا‪ :‬الر�ؤية والر�سالة‪:‬‬

‫والرسالة‪ ،‬وما الفرق بينهما؟‪..‬‬


‫ما هي الرؤية ِّ‬
‫ومقص��د نبيل بعيد المدى‪ ،‬تود الوصول‬
‫ٌ‬ ‫هدف‬
‫ٌ‬ ‫الرؤية‪ :‬هي‬
‫ً‬
‫حقيقة أمام عينيك‪ ،‬فهو نتيجة لجهودك‪.‬‬ ‫وتراه‬
‫ُ‬ ‫إليه‪،‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪76‬‬

‫الرس��الة‪ :‬هي غايتك التي تريد أن تخرج به��ا من الحياة‪،‬‬‫ِّ‬


‫وهي مبادئ��ك التي تحملها داخل نفس��ك‪ ،‬وه��ي النَّهر الَّذي‬
‫ٌ‬
‫شاملة‬ ‫تصب فيه جميع أهدافك وأدوارك في هذه الحياة‪ ،‬وهي‬
‫ُّ‬
‫بكلمات قليلةٍ‪ ،‬ه��ذه الكلمات تحمل جوهر‬
‫ٍ‬ ‫ويمكن حصره��ا‬
‫رسالتك في الحياة‪.‬‬

‫رسالتي هي‪:‬‬

‫أن أَنال َ‬
‫رضا ر ِّبي باالرتقاء بنفس��ي وإس��عادها‪ ،‬ثم ال َّتأثير‬
‫باآلخرين‪.‬‬
‫فالرس��الة دون طل��ب رضا اهلل ال ج��دوى منه��ا‪ ،‬فنح ُن‬
‫ـ ـ ِّ‬
‫المسلمين تجمع بيننا هذه الرسالة الواحدة والتي نأمل منها‬
‫إسعادنا في الدنيا واآلخرة‪..‬‬

‫الرسالة هي‪ :‬الحلم الحقيقي‪..‬‬


‫ِّ‬

‫الفرق بين الرسالة والرؤية‪:‬‬

‫الرسالة‪ :‬فهي غاية واضحة ومحددة‪.‬‬


‫مقصد وهدف‪ .‬أما ِّ‬
‫ٌ‬ ‫الرؤية‪:‬‬
‫ُّ‬
‫شيء ال ينتهي‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫الرسالة‪ :‬فهي‬
‫الرؤية‪ :‬تنتهي بمجرد تحقيقها‪ .‬أما ِّ‬
‫ُّ‬
‫والرسالة‪ :‬اتجاه‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫نتيجة وكمية‪ِّ .‬‬ ‫الرؤية‪:‬‬
‫ُّ‬
‫والرسالة‪ :‬نوعية تُشْ َعر وتُ َحس‪.‬‬
‫الرؤية‪ :‬تحسب وتعد‪ِّ .‬‬
‫ُّ‬
‫‪77‬‬ ‫َّخ عض َّمُث كتلاسرو كتيؤر دّدح‬
‫‪5‬ـ ط‬

‫الصحيحة‬
‫والرؤية َّ‬
‫السعادة المطلقة‪ُّ .‬‬
‫الرسالةُ النبيلة تؤدي إلى َّ‬ ‫ِّ‬
‫تؤدي إلى ال َّنجاح وال َّتميز‪.‬‬
‫أم��ر جوهري ف��ي الحي��اة‪ ،‬وليس من‬‫ٌ‬ ‫والرؤية‪:‬‬
‫الرس��الة ُّ‬
‫ِّ‬
‫ومخصصة ألصحاب العل��م والفهم‪ ..‬هي‬
‫َّ‬ ‫الرفاهي��ة‪،‬‬
‫كماليات َّ‬
‫ومطلب لك ِّل البشر‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫حاجة‬ ‫حتما‬
‫ً‬

‫الش��خص الذي يحمل رس��الة ورؤي ًة؛ كالكابتن يدير‬


‫«إن َّ‬
‫َّ‬
‫الريح‪،‬‬
‫عارف بأمور البحر والعواص��ف‪ ،‬واتجاه ِّ‬
‫ٌ‬ ‫الس��فينة وهو‬
‫وح َّتى القراصنة‪.‬‬
‫َّأما الذي ال يحمل رس��ال ًة وال رؤي ًة محددة في هذه الحياة‪،‬‬
‫تائه بين‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫معرض له��زات اجتماعية‪ ،‬واضطرابات نفس��ية‪ٌ ،‬‬ ‫فهو َّ‬
‫األمواج»‪.‬‬
‫(د‪ .‬صالح الراشد‪ ،‬في إصدار‪ :‬مهارات االتصال الفعال)‬

‫مثال على الرؤية‪:‬‬

‫(نابليون بونابرت) كانت رؤيته‪ :‬أن اإلمبراطورية الفرنس��ية‬


‫ستمتد إلى ما وراء البحـــــار‪..‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬تحديد الأهداف‪:‬‬

‫رائعا للرؤية‬
‫مغ��زى ً‬
‫ً‬ ‫«أليس في ب�لاد العجائب» َّ‬
‫قصة تحمل‬
‫والرسالة!‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪78‬‬

‫س��ألت أليس األرنب وه��ي تائهة في ب�لاد العجائب‪ :‬أي‬


‫ْ‬
‫طريق أس��لك؟‪ ..‬ف��رد عليها األرن��ب‪ :‬ولكن إلى أي��ن تودين‬
‫الذهاب؟‪..‬‬

‫قالت أليس‪ :‬ال أدري‪..‬‬

‫قال األرنب‪ :‬حس�� ًنا إ ًذا اس�� ُلكي أي طري��ق ٍ تريدين‪ ،‬فكل‬
‫الطرقات تفي بالغرض‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بأهداف‪ ،‬فكيف‬ ‫إذا لم يكن عندك رؤية ورس��الة مضبوطة‬
‫تبحث ع��ن طريق ٍ دون قصدٍ؟ وهذا يعني‪ :‬أنك س��تجري وراء‬
‫غالبية النَّاس‪ ..‬فكما يسيرون ستسير‪ ..‬كلما ركزت انتباهك على‬
‫ما تفعله عامة الناس أدركت أن طريقة تقليد الناس بما يفعلونه‬
‫ليست الوسيلة الناجعة لتترك بصمتك في هذا العالم‪..‬‬

‫«إذا لم تكن تعرف إلى أي مكانٍ تتوجه‪ ،‬فسوف ينتهي بك‬


‫المطاف على األرجح في مكانٍ غير الذي تريده»‪.‬‬
‫(د‪ .‬لورانس بيتر)‬

‫بالضبط‪ ،‬وكيف‬‫َّ‬ ‫أحدا آخ��ر‪ ..‬اعرف ما تريده‬


‫ُكن أنت ليس ً‬
‫ستربح نفسك؟ وما شخصيتك الحقيقية؟ ارسمها بدقةٍ وبإبداع ٍ‬
‫بك‪..‬‬
‫وسينبهر اآلخرون َ‬
‫ونهارا لنكون‬
‫ً‬ ‫إن العالم من حولنا يس��عى إلى قولبتنا ليلاً‬
‫‪79‬‬ ‫َّخ عض َّمُث كتلاسرو كتيؤر دّدح‬
‫‪5‬ـ ط‬

‫ونفوس��ا تجري وراء‬


‫ً‬ ‫متطابقة ال نهتم إلاَّ برفاهية َّ‬
‫غراء‪،‬‬ ‫ً‬ ‫نس��خً ا‬
‫المال بغض النَّظر عن االلتزام بمبادئ وأخالقيات‪..‬‬

‫معركة‪ ،‬وأش��رس معركةٍ هي معركة صنع‬


‫ٌ‬ ‫األمر مهم‪ ،‬فهو‬
‫مزيج‬
‫ٌ‬ ‫النفس‪ ،‬وابتكار الذات الفري��دة‪ ..‬هذه الذات الفريدة هي‬
‫معا‪ ،‬كنت أنت نفسك الحقيقة‬ ‫بين َّ‬
‫الظاهر والباطن؛ فإذا اتَّحدا ً‬
‫الواضحة الجلية‪..‬‬

‫«كُن نفس��ك أيه��ا اإلنس��ان‪ ،‬ي َّتحد ظاهرك م��ع جوهرك‪،‬‬


‫فاإلنس��ان ال يفقد نفس��ه في تلك المنطقة مفرغة الهواء‪ ،‬وهي‬
‫انفصامه بين ظاهره وجوهره»‪.‬‬
‫(سقراط)‬

‫وجهرا‪ ،‬فلن‬
‫ً‬ ‫س��را‬
‫ًّ‬ ‫أن��ت بصفاتك وأخالقك التي تعيش��ها‬
‫الصافية التي تس��ري فوق‬ ‫تنجح في الحياة إذا لم تكن كالمياه َّ‬
‫َّ‬
‫والش��فافية التي‬ ‫الصفاء‪ ،‬والنَّقاء‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫ومرمر يرى النَّاس فيها َّ‬ ‫عقيق ٍ‬
‫بداخلك‪..‬‬
‫لك أنت وللمجتمع‬
‫نجاحك الحقيقي هو َ‬
‫ُ‬ ‫ُكن أنت‪ ،‬وليكن‬
‫من حولك من بعد ذلك‪ ..‬ولتحدد بالضبط وبوضوح ما تحب‬
‫وما تكره في هذه الحياة‪..‬‬

‫نريد ح ًّقا هو ما يح��ول بيننا وبين‬


‫ألن عدم معرفتنا م��اذا ُ‬
‫الحصول عليه‪..‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪80‬‬

‫مجبرا على‬
‫ً‬ ‫«احرص على الحصول على ما تحب لئلاَّ تكون‬
‫أن تحب ما تكره»‪.‬‬
‫(جورج برناردشو)‬

‫الأهداف‬

‫خريطة ذهنية تبين األهداف وأنواعها وكيفية تحديدها‬

‫إ َّن جامعة هارفارد بالواليات المتح��دة األمريكية هي أول‬


‫من بدأت تدرس هذا النوع من العلوم في عام (‪1911‬م) والذي‬
‫يتعلق بكيفية وضع األهداف‪..‬‬

‫األه��داف‪ :‬هي مبتغى يريد اإلنس��ان تحقيق��ه‪ ،‬ويتوقع منه‬


‫‪81‬‬ ‫َّخ عض َّمُث كتلاسرو كتيؤر دّدح‬
‫‪5‬ـ ط‬

‫ً‬
‫مجتمعة لنصل فيما‬ ‫النتائج‪ .‬وهي النقاط التي ال بد من إنجازها‬
‫الرسالة‪.‬‬
‫أبدا على روح ِّ‬
‫الرحلة ً‬
‫بعد للرؤية‪ ،‬وتكون عيوننا خالل ِّ‬
‫الغاية من األهداف‪ ،‬هي الحصول على النتائج‪.‬‬
‫فالناجحون‪ :‬يعطونك النتائج‪ ،‬أما غيرهم‪ :‬فيعطونك مبررات‬
‫لفشلهم‪..‬‬
‫وكلنا نعلم‪ :‬أن كل النَّاس م��ن حولنا ال يهمهم المبررات‪،‬‬
‫وإنما النتائج فقط‪..‬‬

‫‪ 1‬ـ أنواع األهداف‪:‬‬


‫الصعيد َّ‬
‫الشخصي أو في العمل‪.‬‬ ‫سواء كانت على َّ‬
‫ً‬
‫ـ قصيرة األجل‪.‬‬
‫ـ متوسطة األجل‪.‬‬
‫ـ طويلة األجل (استراتيجية)‪.‬‬
‫السابقة‪:‬‬
‫أو كما هو مذكور في الخريطة الذهنية َّ‬
‫قصيرة المدى ـ متوسطة المدى ـ بعيدة المدى‪.‬‬

‫الصحيحة لتخطيط األهداف وتحقيقها‪:‬‬


‫‪ 2‬ـ الخطوات َّ‬
‫ـ كتابة الهدف العام بشكل ٍ واضحٍ‪.‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪82‬‬

‫ـ تحلي��ل ك ٍّل من األهداف على حدة‪ ،‬ث�� َّم التفكير بكيفية‬


‫تحقيقه‪.‬‬
‫ـ جمع كل األهداف التي تكون في جانب ٍ واحد ٍ كالجانب‬
‫األكاديمي العلمي مثلاً ‪ ،‬والتي تك��ون مرحلية؛ أي على‬
‫ٍ‬
‫هدف عام‪.‬‬ ‫درجات تحت‬
‫ـ ش��رح كيفية تحقيق األهداف المرحلي��ة‪ ،‬وذلك بوضع‬
‫مجموعة من األهداف اإلجرائية‪.‬‬
‫توضح فيه‬
‫َّ‬ ‫ضبط األهداف اإلجرائية في برنام��ج ٍ زمني‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ـ‬
‫األعمال بمواعيد‪.‬‬
‫خطط عمل ٍ بديلةٍ توصل إلى الهدف العام في حالة‬
‫ِ‬ ‫ـ وضع‬
‫عدم تحقيق بعض األهداف المرحلية أو اإلجرائية‪.‬‬
‫ـ البدء بالتنفيذ مع الرج��وع للخطة بين وقتٍ وآخر للتأكد‬
‫أنك في المسار الصحيح‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ـ تعديل بعض األهداف اإلجرائية في حال تغير شيء تحت‬
‫بناء على التغيرات‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ظروف معينة‪ ،‬وضبط الخطة من جديد ً‬
‫الحالية‪.‬‬
‫‪83‬‬ ‫َّخ عض َّمُث كتلاسرو كتيؤر دّدح‬
‫‪5‬ـ ط‬

‫‪ 3‬ـ ما ال ُّشروط الواجب توفرها في األهداف‪:‬‬

‫أ ـ الدِّ قة والتحديد‪:‬‬
‫توضع األهداف برؤية واضحة‪ ،‬ويمكن ذلك باإلجابة على‬
‫مجموعة من التساؤالت؛ مثل‪:‬‬
‫ما الذي أري��د أن أفعله؟ ولماذا مه�� ٌّم أن أقوم به؟ وكيف‬
‫سأقوم به؟‪..‬‬
‫أجب على كل سؤال ٍ بدقةٍ ووضوحٍ‪.‬‬

‫ب ـ أن تكون قابل ًة للتحقيق‪:‬‬

‫ً‬
‫واقعية من الممك��ن تحقيقها‪ ،‬وال تضع أهدافًا‬ ‫ضع أهدافًا‬
‫ومهاراتك‪،‬‬
‫َ‬ ‫وقدراتك‪،‬‬
‫َ‬ ‫خيالية‪ ،‬وذلك حسب مؤهالتك‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وهمية‬
‫واإلمكانيات اللاَّ زمة لنجاح الهدف‪.‬‬
‫عندما تعرف هدفك بوضوحٍ‪ ،‬وتدرك إمكانياتك‪ ،‬وما الذي‬
‫تحتاج ُه للوص��ول‪ ،‬تصبح حركات��ك أكثر ثبا ًت��ا وقوةً؛ ألنك‬
‫ُ‬
‫علمت حقائق األمور‪ ،‬ورس��مت هذه األهداف وفقًا لألرضية‬
‫الصحيحة‪.‬‬
‫َّ‬

‫ج ـ أن تكون قابل ًة للقياس‪:‬‬


‫ٍ‬
‫ه��دف معيار للقي��اس‪ ،‬ومراحل قصي��رة متتالية؛ كلما‬ ‫إ َّن لكل‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪84‬‬

‫انتهت مرحلة رأيت نتائج تحقيق هذا الهدف واضحة‪ ،‬فانتقلت للذي‬
‫الصحيح الذي رسمته‪..‬‬
‫يليه‪ ،‬وبالتالي تستطيع البقاء في مسارك َّ‬
‫أسئلة تساعد على القياس‪:‬‬

‫ما مؤش��ر نجاح الهدف وتحقيقه؟ وكم أنجزت إلى اآلن؟‬


‫وما الذي تب َّقى؟ وبكم من الوقت أتممت هذا العمل؟‪..‬‬

‫زمن محدد‪:‬‬
‫د ـ لها ٌ‬

‫فوضع تاري��خ البداي��ة والنهاية‪ ،‬وكم الم��دة اللاَّ زمة لكل‬


‫مرحلةٍ من أهم مراحل ضبط األه��داف ‪ ..‬ومن الممكن إجراء‬
‫تعديل في الخطة الزمنية عند التقصير الحقًا‪.‬‬

‫هـ ـ واقعية‪:‬‬
‫القناعة ال تتنافى مع ُّ‬
‫الطموح‪ ،‬فهناك أهداف عادية‬ ‫َ‬ ‫حيث إن‬
‫جدا وواقعية‪ ،‬وال بد من ال ِّثقة بإمكانية تحقيق الهدف‪ ،‬وال بد‬
‫ًّ‬
‫من اإلرادة والقدرة‪.‬‬
‫الس��عي إلى أعلى‬
‫تطمح أثناء َّ‬
‫ُ‬ ‫طموحا قنو ًعا‪،‬‬
‫ً‬ ‫«يجب أن تك��ون‬
‫السعي‪:‬‬
‫مكان‪ ،‬وترضى بعد السعي بما قسمه اهلل لك‪ ،‬وما دمت أثناء َّ‬
‫كثي��ر‪ ..‬والغب��ار والذب��اب ال ُي َحس‬
‫ٌ‬ ‫كومبارس��ا ‪ ..‬فمنه‬
‫ً‬ ‫فال تك��ن‬
‫بغيابهما»‪.‬‬
‫(د‪ .‬صالح شفيع)‬
‫‪85‬‬ ‫َّخ عض َّمُث كتلاسرو كتيؤر دّدح‬
‫‪5‬ـ ط‬

‫‪ 4‬ـ حول األهداف‪:‬‬


‫ـ ـالقناعة ال تتنافى مع الطموح‪ ،‬لذلك ال بد أن يكون الهدف‬
‫طموحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫واقع ًّيا‪،‬‬
‫ـ ـمراعاة الخطة ال َّزمني��ة‪ ،‬وإنجاز الوقت المناس��ب لتحقيق‬
‫الهدف‪.‬‬
‫ـ ـال بد م��ن اإلخالص لله��دف‪ ،‬وأن يك��ون ق ِّي ًم��ا ونبيلاً‬
‫مرتبط بس��عادةِ الفرد‪ ..‬والقدرة على تطبيق‬‫ٌ‬ ‫لتحقيقه‪ ،‬وهو‬
‫السعادة‪.‬‬
‫بحد ذاتها َّ‬
‫الهدف هي ّ‬

‫ً‬
‫أهدافا‪:‬‬ ‫رابع ًا‪� :‬أو�ضح الب�شر ر�ؤية ور�سالة و�‬

‫وقد كان النبي محمد ! أوضح البش��ر في رؤيته ورسالته‬


‫تمم َمكار ِ َم األَخلاَ قِ»‪.‬‬
‫عثت أل ُ ِّ‬
‫وأهدافه عندما قال‪« :‬إنَّما ُب ُ‬
‫ـ ـوذلك‪ :‬بأن أبقى مكارم األخ�لاق الموجودة في الجاهلية‪،‬‬
‫الس��امية التي نقلها للبش��رية‬
‫وغ َّير ما يتنافى مع رس��الته َّ‬
‫جمعاء‪ ،‬والتي هي ال َّتوحيد هلل الواحد األحد‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ رؤية الرسول  !‪:‬‬


‫ـ ـإقامة دولةٍ للمسلمين في شبه الجزيرة العربية‪.‬‬
‫ـ ـهذه الدولة‪ :‬هي المنطلق لنشر رسالة التوحيد هلل‪.‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪86‬‬

‫ـ ـوضع وقتٍ لتحقيق هدفه في أقل من (‪ )25‬سنة‪.‬‬


‫ـ ـتحققت الرؤي��ة‪ ،‬وأذعنت الجزيرة بأكملها لراية اإلس�لام‬
‫بتوفيق اهلل‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ أهدافه !‪:‬‬
‫للدولة المس��لمة‪ ،‬وذلك بتربية جيل ٍ‬
‫الصلبة َّ‬
‫ـ ـإقامة القاعدة ُّ‬
‫والس�لام يحملون العقيدة‬
‫َّ‬ ‫الصالة‬
‫من صحابة النب��ي عليه َّ‬
‫الصحيحة ويتم َّثلونها‪.‬‬
‫َّ‬
‫ـ ـإقامة المجتمع المسلم وتوس��يعه‪ ،‬وذلك بتحويل الجماعة‬
‫ٍ‬
‫صغير‪.‬‬ ‫المؤمنة التي تم ِّثل القاعدة ُّ‬
‫الصلبة إلى مجتمع ٍ‬
‫ـ ـتوسيع َّ‬
‫الدولة اإلسالمية‪ ،‬وبداية تكوين هذه الدولة في شبه‬
‫الجزيرة العربية‪.‬‬

‫•كيفية ا�ستخدام �أ�سلوب ال َّتحليل اال�ستراتيجي على َّ‬


‫ال�صعيد‬ ‫ ‬
‫ال�شخ�صي‪:‬‬

‫أس��لوب تحليل��ي لمعرفة نقاط‬


‫ٌ‬ ‫(‪ )SWOT ANALYSIS‬ه��و‬
‫الضعف‪ ،‬ونقاط الق َُّوةِ في الفكرة‪ ،‬أو المش��روع المقترح الذي‬
‫َّ‬
‫تقدمه لنفس��ك‪ ،‬ومعرفة الفرص والتهديدات التي تواجهك إذا‬
‫تبنيت هذا الموقف‪.‬‬

‫دائما لبناء استراتيجيات األعمال‬


‫وقد اس ُتخدم هذا التحليل ً‬
‫‪87‬‬ ‫َّخ عض َّمُث كتلاسرو كتيؤر دّدح‬
‫‪5‬ـ ط‬

‫(خطط طويلة المدى‪ ،‬وخطط قصيرة المدى‪ ،‬وخطط األعمال)‬


‫َّ‬
‫المنظم��ات‬ ‫للوص��ول إل��ى األه��داف المرج��وة لنج��اح‬
‫والمؤسسات‪...‬‬
‫َّ‬
‫الصعيد َّ‬
‫الش��خصي الختيار‬ ‫ٍ‬
‫م��رة نطرحه على َّ‬
‫ألول َّ‬
‫ونحن َّ‬
‫األفضل لك من بي��ن مجموعة من االختي��ارات‪ ،‬وللتأكد من‬
‫الصائب‪ ،‬ولتقنع نفسك أنَّك على حق في اختيار هذا‬
‫اختيارك َّ‬
‫المشروع أو الفكرة‪..‬‬

‫وذلك بتحليل وضعك الداخلي والخارجي من خالل البنود‬


‫الضعف‪ ،‬الفُرص‪ ،‬ال َّتهديدات‪.‬‬
‫األربعة التالية‪ :‬نقاط القوة‪ ،‬نقاط َّ‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪88‬‬

‫يتكون هذا األسلوب من جانبين‪:‬‬


‫‪ 1‬ـ  ‪1‬تحليل الوضع الداخلي (نقاط القوة والضعف)‪:‬‬
‫والذي ه��و موج��ود فيك فع�ًل�اً وحقيقة؛ من نق��اط قوةٍ‬
‫ٌ‬
‫وضع��ف‪ ،‬ويج��ب أن تبتع��د بال َّتحلي��ل ع��ن التوقعات‬
‫واالحتماالت والمبالغة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ  ‪2‬تحليل البيئة الخارجية (الفرص والتهديدات)‪:‬‬
‫والذي يأخذ بعي��ن االعتبار‪ :‬الوضع الفعل��ي‪ ،‬والحقيقي‪،‬‬
‫حيث ال َّتهديدات الموج��ودة حقيقة حولك‪ ،‬والفرص التي‬
‫تصادفك‪ ،‬ولم تتمكن من اس��تغاللها‪ ،‬أم هي مطروحة في‬
‫الفترة الراهنة‪ ،‬باإلضافة إل��ى األخذ بعين االعتبار‪ :‬التغيير‬
‫المحتمل في ك ٍّل منهما من ناحيةٍ أخرى‪.‬‬

‫القـوة (‪:)Strengths‬‬
‫ •نقاط َّ‬
‫إمكاني��ات‪ ،‬ذاتيةٍ‪ ،‬قويةٍ موجودة فعلاً تس��اعد على‬
‫ٍ‬ ‫هي أيَّة‬
‫اس��تغالل الف��رص المتاح��ة والممكن��ة‪ ،‬وعل��ى مكافحة‬
‫ال َّتهديدات‪ .‬تنتج من اإلجابة على األسئلة التالية‪:‬‬
‫أ‌‪ .‬ما هي نقاط القوة الموجودة في هذا االختيار؟‪.‬‬
‫ب‌‪ .‬ما هي الحسنات والمميزات اإليجابية؟‪.‬‬
‫جـ‪ .‬ما هي مصادر القوة؟‪.‬‬
‫‪89‬‬ ‫َّخ عض َّمُث كتلاسرو كتيؤر دّدح‬
‫‪5‬ـ ط‬

‫الضعف (‪:)Weaknesses‬‬
‫ •نقاط َّ‬
‫ٍ‬
‫هي أيَّة ظروف وعوامل نقص داخلي��ة موجودة فعلاً ‪ ،‬تُ ُ‬
‫عيق‬
‫من القدرة على اس��تغالل الفرص‪ .‬وه��ي تنتج من اإلجابة‬
‫على األسئلة التالية‪:‬‬
‫أ‪ .‬ما هي نقاط الضعف؟‪.‬‬
‫المزعجة ا َّلتي تعرقل الفكرة؟‪.‬‬
‫ب‌‪ .‬ما هي األمور ُ‬
‫جـ‪ .‬ما هي األم��ور التي تحتاج إلى معالج��ة‪ ،‬متابعة‪ ،‬دعم‬
‫وتقوية؟‪.‬‬

‫ •الفُرص (‪:)Threats‬‬
‫ٍ‬
‫أث��ر إيجابي‬ ‫اتجاه��ات خارجيةٍ ذات‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ظ��روف أو‬ ‫ه��ي أية‬
‫تمكّ نك م��ن فرصةٍ للتطور والنُّمو‪ .‬وه��ي تنتج من اإلجابة‬
‫على األسئلة التالية‪:‬‬
‫غيرات أو الظروف الخارجية التي ساعدت؟‪.‬‬
‫أ‪ .‬ما هي ال َّت ُّ‬
‫تم اس��تغاللها‪ ،‬أو يمكن استغاللها‬ ‫ب‪ .‬ما هي األمور التي َّ‬
‫لصالحي في ال َّتقدم وال ُّنمو؟‪.‬‬
‫جـ‪ .‬ما هي األمور التي تساهم وتساعدني في التطور؟‪.‬‬

‫ •التهديـدات (‪:)Opportunities‬‬
‫سلبا أو أثَّرت‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫خارجية قد تؤثر ً‬
‫ّ‬ ‫اتجاهات‬ ‫ظروف أو‬ ‫هي أيَّة‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪90‬‬

‫وضررا‬
‫ً‬ ‫بشكل ٍ سلبي‪ ،‬وهي عامل مهدد أو قد تسبب خسارة‬
‫لك‪ .‬تنتج من اإلجابة على األسئلة التالية‪:‬‬
‫أ‪ .‬ما هي التهديدات والمخاطر المحيطة بي؟‪.‬‬
‫ب‪ .‬ما هي التغيرات التي أثرت أو قد تؤثر بشكل ٍ سلبي في‬
‫قراري؟‪.‬‬
‫سيتم التعامل مع هذه التهديدات؟‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫جـ‪ .‬كيف‬

‫عند إجراء هذا التحليل‪:‬‬


‫ •ادرس كل جانب ٍ على ح��دةٍ‪ ،‬ابدأ بنقاط القوة‪ ،‬ثم نقاط‬
‫الضعف‪ ،‬يليها الفرص‪ ،‬ويتبعها التهديدات‪ .‬وبعد ذلك‪:‬‬
‫َّ‬
‫من الضروري أن تنظر نظر ًة شاملة لهذا ال َّتحليل‪.‬‬
‫قرارا‬
‫يريد أن يتخذ ً‬ ‫أي شخص ٍ ُ‬ ‫ •إ َّن هذا ال َّتحليل‪ ،‬سيم ِّكن َّ‬
‫ما أو يخطط لحياته الحقًا‪ ،‬وذلك بقياس كمية المخاطر‬
‫أي‪ :‬التهديدات بالنس��بة إلى الفرص المتاحة‪ ..‬كما يتم‬
‫قياس نقاط الضعف بالنسبة إلى نقاط القوة‪.‬‬
‫ •وقد بينا في َّ‬
‫الش��كل التالي كيفية استخدام هذا األسلوب‬
‫على موظفٍ يرغب بأخذ قرار تغيير طبيعة العمل (‪)Career‬‬
‫على اعتبار أن لديه خبرة سابقة فقط في مجال المبيعات‪،‬‬
‫ويرغب بالتغيير إلى مجال اإلدارة والتي يعتقد أنها ستفتح‬
‫ومزيدا من اإلنجازات َّ‬
‫الشخصية والمالية‪..‬‬ ‫ً‬ ‫فرصا‪،‬‬
‫أمامه ً‬
‫‪91‬‬ ‫َّخ عض َّمُث كتلاسرو كتيؤر دّدح‬
‫‪5‬ـ ط‬

‫ •نموذج (‪:)SWOT‬‬

‫اسم المش��روع أو الفكرة المقترحة‪ :‬تغيير عمل موظفٍ من‬


‫مجال المبيعات إلى اإلدارة‬
‫عوامل داخلية‬
‫ضعف الخبرة لدى الشخص‬
‫مواطن ونقاط الضعف‬ ‫مواطن ونقاط القوة‬
‫‪Weaknesses‬‬ ‫‪Strengths‬‬

‫ال يوجد خبرة سابقة في اإلدارة‪.‬‬ ‫ماجستير إدارة األعمال‪.‬‬


‫عدم الخبرة تس��توجب قب��ول إدارة‬ ‫مهارات مختلفة (كومبيوتر ـ لغة)‪.‬‬
‫منشآت صغيرة ورأس مالها صغير‪.‬‬ ‫شخصية إدارية‪.‬‬
‫ال توجد مشاركات في برامج إعداد‬
‫المدراء سابقًا‪.‬‬
‫سوق العمل مليء بالخبرات اإلدارية‬
‫المتفوقة والمنافسة قوية‪.‬‬

‫تهديدات ‪Threats‬‬ ‫فرص ‪Opportunities‬‬

‫حصول خسارة مالية نابعة من سوء‬ ‫اكتس��اب خبرة في مجال اإلدارة التي‬
‫اإلدارة‪.‬‬ ‫س��تمكنه من االنتقال إلى مس��تويات‬
‫تقلبات السوق‪.‬‬ ‫أعلى على مستوى المنظمات‪.‬‬
‫تأرجح رأس المال‪.‬‬ ‫زيادة الراتب وتحسين الوضع المادي‪.‬‬
‫تغير االهتمامات‪.‬‬

‫عوامل خارجية‬
‫المنافسة القوية في سوق العمل‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪92‬‬

‫وفي الصفحة التالية نموذج فارغ للتحليل االستراتيجي‬


‫لالستخدام الشخصي‬ ‫(‪)SWOT‬‬

‫‪SWOT‬‬ ‫نموذج‬
‫اسم المشروع أو الفكرة المقترحة ـ  ـ  ـ  ـ  ـ  ـ  ـ  ـ ‬
‫عوامل داخلية‬
‫مواطن ونقاط الضعف ‪Weaknesses‬‬ ‫مواطن ونقاط القوة ‪Strengths‬‬

‫التحليل االستراتيجي الرباعي‬


‫‪SWOT Analysis‬‬

‫تهديدات ‪Threats‬‬ ‫فرص ‪Opportunities‬‬

‫عوامل خارجية‬

‫***‬
‫ابحث عن الإبداع‬
‫داخل نف�سك‬ ‫‪6‬‬
‫ميس ٌر لما ُخل ِ َق ل ُه»‪.‬‬
‫فكل َّ‬
‫«اعملوا ٌّ‬
‫(حديث نبوي شريف‪ ،‬أخرجه البخاري)‬
‫ٌ‬

‫عظيمة‪ ،‬قالها معلم البشرية محمد  !‪ ..‬وعلى هذا‪:‬‬


‫ٌ‬ ‫كلمات‬
‫ٌ‬
‫فليس هنالك من حي يمشي على قدمين ليس بموهوب‪..‬‬

‫ولك��ن الناس هم الذين طمس��وا هذه المواهب بالكس��ل‬


‫أح��دا‪ ،‬ولكن الناس‬
‫ً‬ ‫والضياع واإلهم��ال؛ أي‪ :‬إن اهلل لم يظلم‬
‫أنفسهم يظلمون‪..‬‬

‫فأنت عندم��ا تهم��ل نفس��ك‪ ،‬ومواهبك‪ ،‬وتج��ري وراء‬


‫ما أس��ميه الوجع اليومي والذي ه��و حالة الط��وارئ إلتمام‬
‫واجبات الحي��اة اليومية وتس��ييرها حس��ب ما يقتضي الحال‬
‫ٍ‬
‫وأي م��كانٍ‪ ،‬ومع ًّ‬
‫أي كان‪ ،‬س��تبقى هذه‬ ‫لترضى بأي عيش��ة‪ّ ،‬‬
‫اإلبداعات كالم��ادة الخام المدفونة داخ��ل األرض‪ ،‬ال يمكن‬
‫ألَحد ٍ أن يراها ويستفيد منها‪ ،‬ال أنت وال من حولك‪..‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪94‬‬

‫ابحث عن اإلبداع داخل نفسك‪ ،‬واجتهد في التنقيب عنه‪،‬‬


‫كما ينقب ال َّتاجر على الماس‪ .‬وإذا كنت ال تقدر أن تحدد في‬
‫أي مجال ٍ أنت موه��وب ومبدع‪ ،‬ويمك��ن أن تنمي مواهبك‪،‬‬
‫ً‬
‫لمسة في هذه‬ ‫وتصبح في زمرة النَّاس المبتكرين الذين أضافوا‬
‫الحياة‪ ،‬اس��تعن بأهل البصيرة والخبرة‪ ،‬واهلل سييس��ر لك ذلك‬
‫طالما أنك جا ٌّد‪ ،‬وال تريد أن تتخلى عن غايتك‪..‬‬
‫ت أن تكون مبد ًعا‪ ،‬فعلي��ك أن تجازف؛ ألَن َ‬
‫َّك لن‬ ‫«إ َذا أَ َر ْد َ‬
‫تحقق إنجازًا استثنائ ًّيا لو ظللت تتبع من في العربة»‪.‬‬
‫(سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم)‬

‫•الإبداع‪:‬‬ ‫ ‬
‫في اللغة‪ :‬تدور كلمة اإلبداع حول اآلتي‪:‬‬
‫إبداع الشيء‪ :‬اختراعه ألَعلى مثالٍ‪ ،‬وإنشاؤه على غير مثال ٍ‬
‫سابق‪ ،‬وجعله ً‬
‫غاية في صفاته‪.‬‬

‫وفي معاني البديع‪ :‬الجديد من األش��ياء‪ ،‬والمثال والنهاية‬


‫ٍ‬
‫في كل شيء‪.‬‬

‫فكلمة اإلبداع هن��ا‪ :‬تتضمن اخترا َع أو ِإنش��اء الجديد ِ م َن‬


‫ِ‬
‫األش��ياء‪ ،‬ولكن ألعلى مثالٍ‪ ،‬وأصفى صورةٍ‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪:‬‬
‫﴿ ﯖ ﯗ ﯘ ﴾ [البقرة‪.]117 :‬‬
‫‪95‬‬ ‫‪ 6‬ـ سفن لخاد عادبإلا نع ثحبا‬

‫المب��دع والخالق عل��ى غير مثال ٍ‬


‫ُ‬ ‫فاهلل تب��ارك وتعالى هو‬
‫ُ‬
‫والحسن واإلبداع‪.‬‬
‫ُ‬ ‫والصفاء‬
‫َّ‬ ‫سابقٍ‪ ،‬وفي نهايةٍ من الدقة‬

‫إياك أن تحسب أن اإلبداع واالبتكار واإلتيان بالجديد من‬


‫اختصاص العباقرة فقط‪.‬‬

‫ُكلنا في الحياة ُخلقن��ا لنبدع ونبتكر‪ ،‬ونتعل��م‪ ،‬ثم نطور‪،‬‬


‫ً‬
‫بصمة إلى البشرية جمعاء‪..‬‬ ‫ونضيف‬

‫فلوال أن األس��بقين أبدعوا‪ ،‬وابتكروا‪ ،‬لما وصلنا نح ُن إلى‬


‫هذا المستوى من ال َّتقدم والتكنولوجيا َّ‬
‫والراحة‪..‬‬

‫التفرد والتم ُّيز‪ ،‬إن اإلبداع واالبتكار‬


‫ُّ‬ ‫أنت يا من تبحث عن‬
‫اختيارا عندك‪..‬‬
‫ً‬ ‫مفروض عليك وليس‬
‫ٌ‬
‫وإياك أن تحصر تفكيرك بالتفكي��ر التقليدي‪ ،‬ف ِّكر كما لم‬
‫الشيء‬
‫ُ‬ ‫تعهد أن تفكر من قبل‪ ،‬واسرح في خيالك‪ ،‬فالخيال هو‬
‫أس��وارا على هذا التفكير‬
‫ً‬ ‫الَّذي ليس له حدود ً‬
‫أبدا‪ ،‬وال تفرض‬
‫الخلاَّ ق المبدع‪ ..‬فمن الممكن أن تكون األسوار كاآلتي‪:‬‬
‫دائما في ح ِّل مشاكلك أو عملك على التفكير‬
‫ •ال تعتمد ً‬
‫المرتبط بالمألوف والعادة‪.‬‬
‫دائما للح ِّل األبسط واألس��رع‪ ،‬بل ابحث‬
‫ •ال تستس��لم ً‬
‫ٍ‬
‫أحد قبلك‪.‬‬
‫كثيرا لتصل لشيء لم يفعله ٌ‬‫وجرب ً‬‫ِّ‬ ‫وأبدع‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪96‬‬

‫أبدا‪ ،‬حتى لو كانت مجنونة‬


‫ •ال ترفض األفكار الجدي��دة ً‬
‫وتجدها ش��ي ًئا فوق الخي��ال؛ ألن أغل��ب االختراعات‬
‫جاءت من أفكار ٍ مجنونة في البداية‪.‬‬
‫ •ال تفقد حماس��ك بس��رعة لو فش��لت في تطبيق بعض‬
‫ثمر‬
‫حتما س�� ُت ُ‬
‫األفكار اإلبداعية‪ ،‬فل��و لم تنجح واحدة ً‬
‫أخرى‪.‬‬
‫ •اس��تخدم الخيال المطلق‪ ،‬وتق َّبل ش��ي ًئا من الالمعقول‬
‫بداية‪ ،‬فلو قلت مثلاً لرجل ٍ من القرن الماضي‪ :‬إن هناك‬
‫ً‬
‫آلة تتكلم‪ ،‬وتصور‪ ،‬وتحسب‪ ،‬وتحتفظ بماليين األرقام؛‬
‫ٍ‬
‫بكثير‬ ‫متوفر وأكثر من ذلك‬ ‫منك‪ ،‬وهو اآلن‬
‫َ‬ ‫س��يضحك‬
‫ٌ‬
‫في الهواتف الذكية‪.‬‬
‫وتبناه مع‬
‫ُ‬ ‫ • ُك ْن إيجاب ًّيا بنظرتك للتفكير اإلبداعي‪ ،‬وأيده‪،‬‬
‫أيضا‪.‬‬
‫غيرك ً‬
‫والش��ك‬ ‫َّ‬ ‫ • ُك ْن ُش��جا ًعا في طرح األفكار الجديدة‪ ،‬وإياك‬
‫بقدراتك أو ال َّتردد‪ ،‬فهذا هو مقبرة ال ِّثقة بالنَّفس‪.‬‬
‫ال ترض أن تبقى مكانك دون تطورٍ‪ ،‬وبالتالي‪ :‬فالتفكير‬ ‫َ‬ ‫ •‬
‫طموحا‪.‬‬ ‫دائما‪ُ .‬كن‬ ‫ٍ‬
‫ً‬ ‫اإلبداعي سينقلك إلى حال أفضل ً‬
‫ • ُكن مر ًنا‪ ،‬وال تقاوم التغيير كما تحدثنا سابقًا في فصل‬
‫جزء من‬‫ٌ‬ ‫التغيي��ر‪ ،‬فالمرون��ة ق��وة‪ ،‬والتفكير بإب��داع‬
‫المرونة‪.‬‬
‫‪97‬‬ ‫‪ 6‬ـ سفن لخاد عادبإلا نع ثحبا‬

‫•خطوات ومراحل الإبداع‪:‬‬ ‫ ‬


‫ٍ‬
‫بخطوات ومراحل محددة‪:‬‬ ‫إ َّن اإلبداع يمر‬
‫وقد ج َّزأ العالِم (واالس ‪1926‬م) مراحل اإلبداع إلى أربع‬
‫مراحل؛ إذ ي��رى واالس أن أغلب األف��كار اإلبداعية تمر عبر‬
‫هذه المراحل األربع؛ وهي‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪1‬اإلعداد (‪.)Preparation‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬االحتضان (‪.)Incubation‬‬
‫اإللهام ِ‬
‫واإلشراق (‪.)Illumination‬‬ ‫‪3‬ـ ‪ِ 3‬‬
‫‪4‬ـ ‪4‬ال َّتحقيق (‪.)Verification‬‬
‫ُوجهت العديد من االنتقادات إلى هذا التقسيم‪ ،‬ورغم ذلك‬
‫فإن هذه المراح��ل أثبتت فائدتها العملية ف��ي وصف البيانات‬
‫المتجمعة من مص��ادر مختلفة ع��ن عملية اإلب��داع الخلاَّ ق‪،‬‬
‫وإنشاء األفكار الجديدة‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ اإلعداد‪:‬‬

‫تعريفا كام�ًل�اً للفكرة أو ُ‬


‫المش��كلة‬ ‫ً‬ ‫تمثل ه��ذه المرحل��ة‬
‫وتحديدها بدقة‪ ،‬وجم��ع األفكار والمعلوم��ات المتعلقة بها؛‬
‫وذلك‪ :‬عن طريق تدوين المالحظات‪ ،‬وإلقاء األس��ئلة‪ ،‬وإدارة‬
‫الشواهد وتسجيلها‪ ..‬والمبدع في‬‫الحلول والمناقشات‪ ،‬وجمع َّ‬
‫ُ‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪98‬‬

‫هذه المرحل��ة‪ ،‬يتميز ع��ن التقليدي بقدرته عل��ى ال َّتحرر من‬


‫األفكار ال َّثابتة أو االرتباط بأفكار ِ اآلخرين‪..‬‬

‫‪ 2‬ـ االحتضان‪:‬‬
‫في ه��ذه المرحلة يعاني َّ‬
‫الش��خْ ُ‬
‫ص أقصى درج��ات القَلق‬
‫وتشرب معه‪ ،‬دائمة الحضور في‬
‫ُ‬ ‫وال َّتوتر مع الفكرة‪ ..‬فهي تأكل‬
‫مجلسهِ وقيامهِ‪ ،‬في يقظتهِ ومنامهِ‪ ،‬وهو إلى ذلك يلفها بالعناية‬
‫والرعاية وال َّتهذيب وال َّتنظيم‪ ،‬وق��د تطفو الفكرة اإلبداعية بين‬‫ِّ‬
‫المبدع كما عبر عن ذلك‬ ‫ويصبح ُ‬
‫ُ‬ ‫الحين واآلخر على الذه��ن‪..‬‬
‫ِ‬
‫ظمئه ال َّشديد ِ للعملِ)‪.‬‬ ‫خ ًصا يتآكل قلب ُه بسبب‬
‫(فان غوخ)‪َ ( :‬ش ْ‬
‫أيضا لبلورة بعضها‪،‬‬
‫ففي أثناء التقاط المبدع ألفكاره يتج��ه ً‬
‫وفي أثناء احتضان األفكار وتبلورها ال يتوقف المبدع عن القراءة‪،‬‬
‫ِ‬
‫والمعلومات؛ أي‪ :‬تستمر المرحلة األولى مع‬ ‫ِ‬
‫المالحظات‬ ‫وجمع‬
‫تماما‪.‬‬
‫الثانية‪ ،‬وقد يقوده ذلك إلى تغيير مساره الفكري ً‬
‫ٍ‬
‫سنوات‬ ‫وهذه المرحلة ال يمكن التنبؤ بوقتها فقد تمتد لعدة‬
‫أو لبضع دقائق مع��دودة‪ ،‬وال يوجد وق��ت مخصص للتفكير‬
‫ٍ‬
‫كثير م��ن األش��خاص المبدعين‪ :‬أن‬ ‫هذا؛ فقد دلَّ��ت تجارب‬
‫إبداعاتهم العظيمة جاءت خالل األوقات التي يس��ترخون فيها‬
‫كالنوم واالستحمام أو المشي‪..‬‬
‫‪99‬‬ ‫‪ 6‬ـ سفن لخاد عادبإلا نع ثحبا‬

‫‪ 3‬ـ اإللهام واإلشراق‪:‬‬

‫في هذه المرحلة تأتي لحظة اإللهام‪ ،‬وتشرق الفكرة كاملة‬


‫على ذهن المبدع‪ ،‬وتعرف بمرحلة (أها‪ ..‬أو‪ ..‬أيوركا) وكلتاهما‬
‫بالس��عادة َّ‬
‫والدهشة‬ ‫َّ‬ ‫تعنيان‪ :‬وجدتها‪ ..‬وهو تعبير عن الش��عور‬
‫عقب الوصول لحل المشكلة‪ ..‬وهذه اللَّحظة تأتي كومضةِ برق ٍ‬
‫ٍ‬
‫أو إش��راقةِ ضوء أو لحظة دهشة؛ ال بس��بب الجهود المضنية‪،‬‬
‫إنما بفضل ٍ من اهلل ونعمة‪.‬‬

‫هناك م��ن يعتقد أن هذه المرحلة تأتي دون إعداد ٍ مس��بقٍ‪،‬‬


‫والحقيقة مثلاً ‪ :‬أن (آينشتاين) لم يصل لوضع نظريته النسبية إلاَّ‬
‫بعد سنين من اإلعداد والترقب‪ ،‬و(إسحاق نيوتن) لم يكتشف‬
‫أ َّن سقوط ال ُّت َّفاحة من شجرتها كان بفعل الجاذبية األرضية إلاَّ‬
‫بعد سنين طويلة من التهيؤ واإلعداد‪..‬‬

‫‪ 4‬ـ التحقيق‪:‬‬

‫وهنا تثبت الفكرة ويمكن تحقيقها أو وضعها في صورتها‬


‫النهائية بعد صقلها وتعديلها وتهذيبها‪ ،‬فبعد إلهام الفكرة تأتي‬
‫كتابتها‪ ،‬ومحاولة نش��رها متكامل��ة‪ ،‬وقد يتطل��ب ذلك وق ًتا‬
‫طويلاً ‪.‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪100‬‬

‫•ن�صائح للو�صول �إلى الإبداع‪:‬‬ ‫ ‬


‫موجود داخل ك ِّل نفسٍ‬
‫ٌ‬ ‫تكلمنا عن اإلبداع واالبتكار‪ ،‬وهو‬
‫وما دورك إلاَّ البحث عن��ه‪ ،‬ولكن أين؟‪ً ..‬‬
‫طبع��ا في الداخل؛‬
‫داخل نفسك‪ ،‬في مجالك واختصاصك‪..‬‬

‫فإن أيقنت أن مج��ال إبداعك في الكتاب��ة‪ ،‬فابحث واقرأ‬


‫ع َّمن سبقوك‪ ،‬وحاول أن تتعلم منهم‪ ،‬ولكن بغرض أن تضيف‬
‫جديدا وهي أنت‪ِّ ..‬‬
‫قدم ما يميزك‪ ،‬ويبهر ك َّل من حولك‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ش��ي ًئا‬
‫وذلك‪ :‬بإتقانك‪ ،‬وصقلك لمهاراتك بالجد والصبر‪..‬‬
‫طبيبا أو باحثًا‪ ،‬فحاول متابعة الجديد في مجالك‬
‫فإن كنت ً‬
‫والبحث عن األفض��ل فاألفضل‪ ،‬وإضف��اء المعرفة والمهارات‬
‫المطلوبة لتصبح من أهم األطباء ف��ي مجالك‪ ..‬حتى إن كنت‬
‫مميزا‪..‬‬
‫ً‬ ‫نج ًارا‪ ،‬فهذا ال يب��رر أن ال تكون مبد ًعا أو‬ ‫مثلاً بن ً‬
‫َّاء أو َّ‬
‫َّاء أو‬
‫فالمهنة ليس��ت عائقًا لإلبداع‪ ..‬فكلنا عندما يس��تخدم بن ً‬
‫دائم��ا عن األفضل‪ ،‬ويعطيه العم��ل حتى لو كان‬ ‫دها ًنا يبحث ً‬
‫سعرا‪...‬‬
‫األغلى ً‬
‫إ َّن البش��ر يش��تركون كله��م ف��ي االنبهار وح��ب التميز‬
‫ومتمي��زا‪ ،‬فأنت بذلك‬
‫ً‬ ‫دائم��ا مبد ًعا‬
‫والمتميزين‪ ..‬ف��إذا كنت ً‬
‫تفرض نفس��ك على من حولك‪ ،‬وذلك‪ :‬ألنك طوعت نفسك‪..‬‬
‫‪101‬‬ ‫‪ 6‬ـ سفن لخاد عادبإلا نع ثحبا‬

‫واهلل يبارك للذي يطوع نفسه ويتعب عليها‪ ..‬فالجزاء من جنس‬


‫العمل‪..‬‬
‫مجاالت كثي��رةٍ ًّ‬
‫جدا‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ولك��ن احذر أن توزع جه��ودك في‬
‫وحاول أن تركز في مجال ٍ أو اثني��ن لتكون المتميز واألفضل‪،‬‬
‫اصقل إبداعك وموهبتك في ما اخترته وأحببته‪ ،‬لكي ال تضيع‬
‫كل الفرص‪ ،‬فال تنل شي ًئا مما تسعى إليه‪..‬‬

‫وإياك أن تضيع الفرص المثمرة التي تأتيك أحيا ًنا‪ ،‬وتحس‬


‫أنك ستتعب لتقتنصها‪.‬‬

‫ُك ْن يق ًظا‪ ،‬ذك ًّي��ا‪ ،‬وأقبل‪ ،‬فالنجاح��ات العظيمة تحتاج إلى‬


‫همم ٍ أعظم‪..‬‬
‫«يخس��ر الناس معظم الفرص التي تواجههم؛ ألنها تأتيهم‬
‫ٍ‬
‫مش��كالت بمالبس العمل‪ ،‬فال توجد فرص‬ ‫دائما في ش��كل‬
‫ً‬
‫مجردة من الجهد إلاَّ في األحالم‪ ،‬وال يرى الفرص في األحالم‬
‫إال ال ِّنيام»‪.‬‬
‫(توماس أديسون)‬

‫إي��اك أن تتوان��ى أو تتراجع وتقول‪ :‬أنا أفض��ل من فالنٍ؛‬


‫فكي��ف اجتازني وأصبح أفضل من��ي وغلبني في أرضي وفي‬
‫مجالي؟!‪ ..‬أنت الذي س��محت له أن يجتازك بكسلك وعدم‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪102‬‬

‫أحدا‪ ،‬واألق��وى هو الذي‬


‫تنظي��م أوراقك‪ ،‬فالحي��اة ال تنتظر ً‬
‫يفوز‪..‬‬

‫اطلب الكمال ف��ي ما تريد أن تتقنه‪ ،‬وابح��ث عنه‪ ..‬فكما‬


‫قيل‪( :‬الجاهل يطلب المال‪ ،‬والعالم يطلب الكمال)‪.‬‬

‫نعم؛ العالم يطل��ب األكمل واألفضل‪ ،‬ويح��اول أن يبدع‬


‫أحدا‪ ،‬والكمال هلل وحده‪،‬‬
‫ويبتكر‪ ،‬ال يبحث لنفس��ه أن يش��ابه ً‬
‫ولكننا نبحث عن أعلى نس��بة من الكمال وصل إليها البش��ر‪،‬‬
‫وليس االكتفاء بتحقيق أدنى نس��بةٍ مطلوبة في العمل والحياة‪..‬‬
‫حتى نأكل ونش��رب من هذا العمل‪ ،‬ونلب��ي حاجات ضرورية‬
‫فقط دون غاية أو هدف‪..‬‬

‫دائما بتخيل‪ ،‬وه��ذا التخيل يخرج إلى ح ِّيز‬


‫واإلبداع يبدأ ً‬
‫التحقي��ق‪ ،‬وإذا كنت تمتلك مه��ارة النضال فس��ترى الصورة‬
‫وال َّتخيل أصبح حقيقة أمام عينيك‪..‬‬

‫وهذه المهارة تصقل بمعرف��ة خفايا النَّفس‪ ،‬وكيفية التعامل‬


‫مع تجاوز معوق��ات اإلب��داع‪ ،‬واالبتكار‪ ،‬والعج��ز الذي من‬
‫الممكن أن تواجهه في خالل بحثك ومسيرتك‪..‬‬

‫***‬
‫ِّ‬
‫وحف ْزها‬ ‫اعرف َقدْ ر ذاتك‬ ‫‪7‬‬
‫•ذات الإن�سان وتقديرها‪:‬‬ ‫ ‬
‫انعكاس لكل ما بداخله‪ ،‬وهي تمثل وجهته في‬ ‫ٌ‬ ‫ذات اإلنس��ان هي‬
‫الحياة وقدراته‪ ،‬وطموحاته‪ ،‬أي‪ :‬إنها تمثل نظرة اإلنسان لنفسه‪ ،‬وقدراته‪،‬‬
‫ومهاراته‪ ..‬ذات اإلنسان هي نتاج الخبرات والمواقف التي يمر بها‪..‬‬
‫َّ‬
‫فال��ذات‪ :‬هي س��مات اإلنس��ان‪ ،‬وطابعه الخ��اص‪ ،‬وهي‬
‫مستوى األداء مع مدى تأثره بالبيئة المحيطة به‪..‬‬
‫بمعن��ى آخر‪ :‬هي اعتقاد الش��خص المكون عن نفس��ه أو‬
‫تقييمه لنفسه من حيث إمكانياته‪ ،‬ومنجزاته‪ ،‬وأهدافه‪ ،‬ومواطن‬
‫قوته‪ ،‬وضعفه‪ ،‬وعالقاته باآلخرين‪ ،‬ومدى استقالليته واعتماده‬‫َّ‬
‫على نفسه‪ ..‬أي‪ :‬كيف يرى اإلنسان نفسه؟‪..‬‬
‫تقدير الذات‪ :‬هو ال َّثمن الذي تراه يس��اوي نفسك؛ أي‪ :‬كيف‬
‫تسوم قيمة هذه الذات التي تعيش بداخلك‪ ،‬أو هو المكان العالي‬
‫الذي ترى ذاتك تس��تحقه‪ ..‬هو احترامك له��ا‪ ،‬ووقوفك تبجيلاً‬
‫إلنجازاتها‪ ..‬ألنها األعجوبة األولى من عجائب الدنيا السبعة‪..‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪104‬‬

‫قادر أن يحقق أي‬


‫«العجائب سبعة‪ ،‬واإلنسان أعجبها‪ ،‬وهو ٌ‬
‫ٍ‬
‫شيء لو لم تقف نفسه في وجهه»‪.‬‬
‫(د‪ .‬صالح شفيع)‬

‫َّ‬
‫ال��ذات ه��و البوابة والمفت��اح لكل أن��واع النَّجاح‬ ‫تقدير‬
‫األخرى المنش��ودة؛ فمهما حاول اإلنسان الوصول إلى مبتغاه‪،‬‬
‫ً‬
‫ضعيفا‪،‬‬ ‫تقدير ُه لذاته وتقييمه لها‬
‫ُ‬ ‫لن يكون ذلك ممك ًنا إذا كان‬
‫وذاك ألنه يرى نفس��ه غير قادرٍ‪ ،‬وغير مؤهلٍ‪ ،‬وغير مس��تحق‬
‫لذلك النجاح‪.‬‬

‫دون أن تحترم ذات��ك وتقدرها حق قدره��ا‪ ،‬ال يمكن أن‬


‫ذات فعالة في أرض الوجود‪.‬‬
‫تتصور أنها ٌ‬

‫دمار للغايات‪ ،‬وال يمكن لشخص ٍ يحتقر‬


‫الذات ٌ‬‫«إن احتقار َّ‬
‫ذاته أن ينجز مهمته‪ ،‬وينفع أمته»‪.‬‬
‫(أ‪ .‬د‪ .‬بشير صالح الرشيدي)‬

‫مكتس��ب من‬
‫َ‬ ‫وتقدير الذات ال يولد مع اإلنس��ان‪ ،‬بل هو‬
‫تجارب��ه ف��ي الحي��اة‪ ،‬وطريق��ة رد فعل��ه تج��اه التحديات‪،‬‬
‫والمشكالت في حياته‪.‬‬

‫عالمات تظهر على الشخص ذي التقدير المنخفض‬‫ٌ‬ ‫وهناك‬


‫ُّ‬
‫التح��دث أمام الناس‪،‬‬ ‫َّ‬
‫لل��ذات‪ ،‬منها‪ :‬االنطوائي��ة‪ ،‬الخوف من‬
‫‪105‬‬ ‫‪ 7‬ـ هْزِّفحو كتاذ رْدَقفرعا‬

‫إرضاء اآلخري��ن لتجنُّب س��ماع النَّق��د منه��م‪ ،‬أو بالمقابل‪:‬‬


‫العدوانية‪ ،‬وعدم تقبل النَّقد‪ ،‬هي صور من ضعف تقدير الذات؛‬
‫ألنها عملية هروب من مواجهة مشكالت النفس‪..‬‬

‫هل تقدير الذات هو الثقة بالنفس؟‪:‬‬


‫إن ال ِّثقة بالنفس ه��ي نتيجة تقدير ال��ذات‪ ،‬وبال َّتالي‪ :‬من‬
‫تقديرا لذاته‪ ،‬فإنه يفقد ثقته بنفسه الحقًا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ال يملك‬
‫كما أن الهروب من مواجهة مشكالتنا وجروحنا َّ‬
‫الداخلية‪،‬‬
‫وتغطيتها وعدم الرغبة في إثارة الحديث عنها‪ ،‬يقلل من تقديرنا‬
‫لذواتنا‪ ..‬أما مواجهتها ومعالجتها بس��رعةٍ كما طرحنا ذلك في‬
‫فصل ٍ الحق ٍ هو حل المش��كالت‪ ،‬وقلنا‪( :‬اقت��ل الوحش وهو‬
‫صغير)؛ فإنه يزيد من السعر ويحسن من نظرتنا ألنفسنا‪ ،‬وهذا‬
‫يتطلب شجاعة في أن يعترف اإلنسان بأخطائهِ‪ ،‬وبعيوب نفسه‬
‫ومش��اكله‪ ،‬ليتمكن من العالج؛ ألن العالج هو الخطوة ال َّثانية‬
‫بعد تحليل نوع المرض‪..‬‬

‫إ ًذا‪ :‬المهمة األولى في معالجة نقص تقدير الذات‪ ،‬هي رفع‬


‫عيوب ُه ويعمل على حلها‪.‬‬
‫َ‬ ‫مستوى َّ‬
‫الشجاعة عند ك ٍّل منَّا‪ ،‬ليواجه‬

‫ورفع مستوى الش��جاعة يكون بالحديث اإليجابي للنَّفس‪،‬‬


‫بأنها غالية وعزيزة‪ ،‬وله��ا قدر عال ٍ عند صاحبها‪ ،‬وبالتالي‪ :‬فإن‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪106‬‬

‫حبها‪ ،‬وحب الخير لها‪ ،‬يدعوان بال َّتأكيد إلى تخليصها من أي‬
‫شوائب أو عيوب قد تنقص من ق َْدرها أو تضعفها‪.‬‬
‫وهناك م��ن خلط األمور‪ ،‬وفَه��م أن تقدير الذات ه��و التكبر‪،‬‬
‫والتعالي على البش��ر!‪ ..‬إن تقدي��رك لذاتك هو عك��س هذا الفهم‬
‫تماما‪..‬‬
‫ً‬
‫وما هو إلاَّ تكريم ال َّنف��س التي خلقه��ا اهلل وآتاها العقل‪،‬‬
‫لتتميز به عن سائر المخلوقات‪..‬‬
‫إ َّن التقدي��ر الذاتي‪ ،‬يؤدي الحقًا إل��ى تعلم وامتالك مهارة‬
‫التحفيز الداخل��ي التي سنش��رحها الحقًا‪ ،‬والت��ي تجعل من‬
‫ً‬
‫شخصية فريد ًة مميزةً‪.‬‬ ‫اإلنسان العادي‬

‫ •�أب��رز �سم��ات الأ�شخا���ص �أ�صح��اب الح���س المرتف��ع بتقدير‬


‫الذات‪ ،‬الم�ؤدي �إلى التحفيز الدائم لها‪:‬‬

‫‪1‬ـ ‪1‬ش��دة الحب هلل؛ ألنهم يستمدون من قربهم‪ ،‬وحبهم للملك‬


‫ً‬
‫وطاقة‬ ‫والسمو‪ ،‬الذي يمنحهم قو ًة‬
‫ُّ‬ ‫بالعلو‬
‫ِّ‬ ‫الخالق‪ ،‬المتصف‬
‫ً‬
‫داخلية‪ ،‬تمكنهم من الوصول إلى ما يحبون‪.‬‬
‫والس��كينة وال َّتصالح مع ال��ذات ليكونوا كما يقال‪:‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬الهدوء َّ‬
‫نفسك)‪.‬‬
‫َ‬ ‫(كن أنت‬
‫ُ‬
‫‪3‬ـ ‪3‬الحماس والعزيمة واإلصرار على تحقيق األهداف‪.‬‬
‫‪107‬‬ ‫‪ 7‬ـ هْزِّفحو كتاذ رْدَقفرعا‬

‫والمصر على هدفه وإن‬


‫ُّ‬ ‫«إن اإلصرار أروع هبة من َّ‬
‫الذكاء‪..‬‬
‫كانت قدراته ضئيل ًة يصل إلى الهدف‪ ..‬وال يصل إليه الموهوب‬
‫ذو القدرات العالية‪ .‬في مفهومي‪ :‬أن النجاح إصرار»‪.‬‬
‫(د‪ .‬صالح شفيع)‬
‫ٍ‬
‫واضحة لل َّطريق الذي يسيرون فيه‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫رؤية‬ ‫‪4‬ـ ‪4‬يحافظون على‬
‫دائما بإيجابيةٍ‪،‬‬
‫‪5‬ـ ‪5‬اإليجابية والتفاؤل‪ :‬فهم يتحدثون مع أنفسهم ً‬
‫ويملؤون قاموسهم بالكلمات التي تزيد من تقديرهم الذاتي‪،‬‬
‫ً‬
‫س��لبية مثل‪( :‬أنا فاشل ـ أنا‬ ‫ألقابا‬
‫ً‬ ‫فال يطلقون على أنفس��هم‬
‫كسول)‪ ..‬وإنما إذا كان وال بد يقولون‪( :‬مررت بموقفٍ تعثرت‬
‫فيه‪ ،‬وس��أحاول أن أكون أفضل في المرة القادمة‪ ..‬أو شعرت‬
‫بحالةٍ من الخمول والتعب سأتجاوزها وأنشط نفسي أكثر‪.)..‬‬
‫دائما عمليين‪ ،‬وواقعيين‪ ،‬ومتفائلين»‬
‫«ال بد أن نكون ً‬
‫(سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم)‬

‫‪6‬ـ ‪6‬العالقات االجتماعية المتوازن��ة‪ ،‬واإليمان بمبدأي‪ :‬التعاون‬


‫والتكامل بين األفراد‪.‬‬

‫بعضا‪.‬‬
‫ً‬ ‫كامل‪ ،‬وال أنت كامل‪ ،‬إنما ك ُّلنا ِّ‬
‫يكمل بعضنا‬ ‫ٌ‬ ‫فال أنا‬
‫واج��ب ف��ي العالقات م��ع النَّاس‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫‪7‬ـ ‪ 7‬يعلم��ون أن الح��ذر‬
‫ويختارون من يصعد معهم إلى األعلى‪ ،‬ال من يسحبهم إلى‬
‫األسفل‪.‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪108‬‬

‫‪8‬ـ ‪ 8‬االعتماد على النفس‪ ،‬واتخاذ القرارات َّ‬


‫الصائبة في الغالب‪،‬‬
‫دائما للحصول‬
‫الصحيح؛ ألنهم ال يسعون ً‬ ‫بالشكل َّ‬‫والحسم َّ‬
‫قرارا‪ ،‬أو‬
‫عل��ى موافقة اآلخرين‪ ،‬أو آرائهم قب��ل أن يتخذوا ً‬
‫الشخص المتزن في قراراته‪ ،‬يصل‬ ‫يتصرفوا في ٍ‬
‫أمر ما‪ ..‬إ َّن َّ‬
‫ٍ‬
‫تفكير‬ ‫لدرجة اإليمان بنفس��ه وتحفيزه��ا الدائم‪ ،‬فه��و ذو‬
‫منطقي عاقل‪.‬‬

‫وأبدا لتطوير الذات؛ ألنهم يطمحون ً‬


‫دائما إلى‬ ‫دائما ً‬
‫السعي ً‬ ‫‪9‬ـ ‪َّ 9‬‬
‫ال َّتعلم أكثر وتنمي��ة إمكاناتهم‪ ،‬وقدراتهم‪ ،‬وال يكتفون ٍّ‬
‫بحد‬
‫ما في مجال المعرفة‪.‬‬
‫بالروح‬
‫‪10 10‬أس��لوبهم في الحياة يقوم على أس��اس االعتن��اء ُّ‬
‫والجسد‪ ..‬روح متسامية‪ ،‬وجسد صحي‪ ،‬ليس بدي ًنا مفر ًطا‪،‬‬
‫محطما‪.‬‬
‫ً‬ ‫وال هزيلاً‬

‫ب الفِ ْط َن َة»‪.‬‬ ‫ِ‬


‫«البِط َنةُ تُ ْذه ُ‬
‫(عمرو بن العاص ‪)3‬‬
‫ٍ‬
‫روتينية ض��ارةٍ بهم؛ ألنهم‬ ‫ٍ‬
‫ع��ادات‬ ‫‪11 11‬ال يتورطون أبدً ا في‬
‫يعرفون قيمة نفوسهم‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بتلقائية عندما يرغبون ع َّما في‬ ‫‪12 12‬لديهم القدرة عل��ى ال َّتعبير‬
‫داخل أنفسهم‪.‬‬
‫‪109‬‬ ‫‪ 7‬ـ هْزِّفحو كتاذ رْدَقفرعا‬

‫وخصوصا في مراحل التغيير‪،‬‬


‫ً‬ ‫‪13 13‬ال يس��تهينون بقدراتهم أَبدً ا‪،‬‬
‫ونادرا ما يظهرون العجز بسبب القلق أو الخوف‪ ،‬وال يبدو‬
‫ً‬
‫أبدا‬
‫أنهم يطيلون التفكير في الندم‪ ..‬كما أنهم غير مستعدين ً‬
‫للتنازل عن رؤيتهم ورسالتهم في الحياة‪ ،‬وألي سبب ٍ كان‪..‬‬

‫ِ‬
‫«ال تس��تهن بقدرتك عل��ى تغيي��ر ذاتك لألفض��ل‪ ،‬كما‬
‫ال تسمح ألحد ٍ أن يبعدك عن رسالتك‪ ،‬ورؤيتك في الحياة»‪.‬‬
‫(د‪ .‬بدر صادق)‬

‫‪14 14‬يستمتعون بصحبة أنفسهم‪ ،‬وال يحتاجون بالضرورة للدعم‬


‫الكامل‪ ،‬والمس��اندة م��ن اآلخرين حتى يس��اعدهم على‬
‫االس��ترخاء أو العمل بكفاءةٍ‪ ...‬وإن أتت المس��اعدة فهذا‬
‫خير‪ ،‬ولكن األصل هو االعتماد على النفس‪..‬‬
‫ٌ‬
‫‪15 15‬يتولون المس��ؤولية الكاملة عن تأمين ومراقبة استقرارهم‬
‫المالي‪.‬‬
‫‪16 16‬يتوقعون األفضل م��ن الناس‪ ،‬ومن العال��م من حولهم‪..‬‬
‫ويظهرون الود والثقة تجاه اآلخرين على اختالف عقائدهم‬
‫وثقافاتهم‪.‬‬
‫‪17 17‬ال يحاولون لفت األنظار الدائ��م‪ ،‬وأخذ أكثر من نصيبهم‬
‫الع��ادل م��ن االهتم��ام ف��ي االجتماع��ات أو اللقاءات‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪110‬‬

‫تماما كما‬
‫ً‬ ‫‪ 18‬ـ يبدو عليهم االهتمام باالس��تماع إل��ى اآلخرين‬
‫يحرصون على أن يستمع إليهم اآلخرون‪.‬‬
‫‪ 19‬ـ مس��تعدون للتنازل والتفاوض‪ ،‬ولكن يحتفظون رغم ذلك‬
‫بالتقدير الذاتي المرتفع‪.‬‬
‫‪ 20‬ـ يحبون مس��اعدة الجميع‪ ،‬وال يترددون في تقديم ٍّ‬
‫أي دعم ٍ‬
‫لمن حولهم‪ ،‬فال يزعجهم نجاح أو س��عاد ُة اآلخرين‪ ،‬بل‬
‫بالعكس‪ ،‬يحبون الخير لكل الناس‪.‬‬
‫وأيضا هم‬
‫ً‬ ‫طبيعي‪،‬‬
‫ٍّ‬ ‫غالبا يب��رزون في دور القيادة بش��كل ٍ‬
‫‪ 21‬ـ ً‬
‫مستعدون أن يشاركهم اآلخرون في السلطة والنفوذ‪.‬‬
‫‪ 22‬ـ يمكنهم تفويض غيرهم للقيام بشكل ٍ صحيح ٍ لكي ينوبوا‬
‫عنهم في القيام ببعض األعمال‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بصالبة للمطالبة باحتياجاتهم وحقوقهم‪.‬‬ ‫‪ 23‬ـ يقفون‬
‫‪ 24‬ـ ق��ادرون على ضبط النف��س‪ ،‬أي‪ :‬ال يترك��ون انفعاالتهم‬
‫وعواطفهم تقود حياتهم وتوجهه��ا‪ ..‬كما أن لديهم القدرة‬
‫عل��ى اإلصالح الذات��ي والنهوض بعد أي فش��ل؛ ألنهم‬
‫يتجاوزون األخطاء بس��رعة وال يجترون الماضي نادمين‬
‫ومتأس��فين‪ ،‬فما مضى فات‪ ،‬وليس من��ه إلاَّ أن نتعلم ألاَّ‬
‫نعيد األخطاء مر ًة أخرى‪.‬‬
‫‪111‬‬ ‫‪ 7‬ـ هْزِّفحو كتاذ رْدَقفرعا‬

‫‪ 25‬ـ يعلنون عن مواطن القوة واإلنجاز التي حققوها‪.‬‬

‫‪ 26‬ـ يس��عدون باالعتراف بأي نقائص أو أخط��اء؛ ألنهم ً‬


‫دائما‬
‫يبحثون عن وس��ائل وطرق لتحسين س��لوكهم وأدائهم‪..‬‬
‫وال يبررون ألنفس��هم الخطأ‪ ،‬ويتباهون به‪ ،‬ويتمس��كون‬
‫بعدم تغيير ما هو س�� ِّيئ من عاداتهم‪ ..‬فل��و كان أحدهم‬
‫غضوبا مثلاً ويدمر عالقاته بالغضب‪ ،‬ال يبرر لنفس��ه بأن‬
‫ً‬
‫تلك طباع ال تتغير‪ ،‬فعندما قال الرس��ول ژ‪« :‬ال تغضب»‬
‫أي منَّا أن ال يغضب‪،‬‬
‫(رواه البخاري) قصد فيه‪ :‬أن بإم��كان ٍّ‬
‫أمر يقبل ال َّتغيير‪..‬‬
‫وهذا ٌ‬
‫حتما إلى جلب اإليجابية التي‬‫‪ 27‬ـ والمرونة في التغيير تؤدي ً‬
‫تحفز اإلنسان داخل ًّيا‪ ،‬وتزيد من تقديره الذاتي‪..‬‬
‫‪ 28‬ـ ال يه��درون الكثير م��ن الطاقة أو الوقت ف��ي معارك مع‬
‫أصحاب النقد العدوان��ي َّ‬
‫الهدام‪ ،‬وف��ي المقابل يرحبون‬
‫بالنقد البنَّاء‪ ،‬والنصائح المفيدة‪.‬‬
‫بالصراحة والقدرة على التعبير‪.‬‬
‫َّ‬ ‫‪ 29‬ـ يتميزون‬
‫‪ 30‬ـ يبدؤون بإصالح أنفسهم أول قبل الجميع‪ ،‬وعلى األغلب‬
‫ٍ‬
‫مش��روعات تعليمية‬ ‫هم منهمكون بش��كل ٍ مس��تمر ف��ي‬
‫وتطويرية أو أفكار تخص التنمية الشخصية‪.‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪112‬‬

‫•احتياجات الذات الب�شرية‪:‬‬ ‫ ‬


‫درس الناس عبر العصور أهم احتياجات الذات البش��رية‪،‬‬
‫وكان من أهم الدارسين عالم النفس األمريكي (أبراهام ماسلو‪:‬‬
‫‪ ،)Abraham Maslow‬ال��ذي تعمق في هذا العل��م‪ ،‬ووضع نظرية‬
‫ه��رم االحتياجات الذي تم��ت فيه فهرس��ة المعلومات األهم‬
‫فاألهم‪ ،‬وفقً��ا لالحتياجات البش��رية‪ ،‬وبالت��درج اآلتي الذي‬
‫وضعه عام (‪1950‬م)‪.‬‬
‫‪113‬‬ ‫‪ 7‬ـ هْزِّفحو كتاذ رْدَقفرعا‬

‫حيث قام أبراهام ماس��لو بصياغة نظريت��ه الفريدة بالتركيز‬


‫على الجوانب الدافعية للشخصية اإلنسانية (‪،)Human motivation‬‬
‫وقدم ماسلو نظريته هذه التي حاول فيها أن يصيغ نسقًا متراب ًطا‬
‫يفسر من خالله طبيعة الدوافع أو الحاجات التي تحرك السلوك‬
‫اإلنساني وتشكله‪.‬‬

‫في هذه النظرية يفترض ماس��لو‪ :‬أ َّن الحاجات أو الدوافع‬


‫من‬ ‫(‪ )Hierarchy‬‬ ‫اإلنس��انية تنتظم في تدرج أو نظام متصاع��د‬
‫حي��ث األولوية أو ش��دة التأثي��ر (‪ ،)Prepotency‬فعندما تش��بع‬
‫وإلحاحا فإن الحاجات‬
‫ً‬ ‫الحاجات األكثر أولوية أو األعظم قو ًة‬
‫التالية في التدرج الهرمي تبرز وتطلب اإلش��باع هي األخرى‪،‬‬
‫وعندما تشبع نكون قد صعدنا درجة أعلى على سلم الدوافع‪..‬‬
‫وهكذا حتى نصل إلى قمته‪.‬‬

‫ه��ذه الحاج��ات والدواف��ع وفقً��ا ألولوياتها ف��ي النظام‬


‫المتصاعد كما وصفه ماسلو هي كما يلي‪:‬‬

‫)‪:(Physiological Needs‬‬ ‫‪ 1‬ـ الحاجات الفسيولوجية‬

‫مثل‪ :‬الج��وع‪ ..‬والعط��ش‪ ..‬وتجنب األلم‪ ..‬إل��ى آخره من‬


‫ٍ‬
‫مباشر‪.‬‬ ‫الحاجات التي تخدم البقاء البيولوجي بشكل ٍ‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪114‬‬

‫)‪:(Safety Needs‬‬ ‫‪ 2‬ـ حاجات األمان‬

‫وتش��مل مجموعة من الحاجات الم َّتصل��ة بالحفاظ على‬


‫الحال��ة الراهنة‪ ..‬وضم��ان نوع ٍ م��ن النِّظام واألم��ان المادي‬
‫والمعنوي‪ ،‬مثل‪ :‬الحاجة إلى اإلحس��اس باألم��ن‪ ..‬والثبات‪..‬‬
‫والنظام‪ ..‬والحماية‪..‬‬
‫)‪:(Belonging Needs & Love‬‬ ‫‪ 3‬ـ حاجات الحب واالنتماء‬
‫وتش��مل مجموعة من الحاجات ذات التوجه االجتماعي؛‬
‫مثل‪ :‬الحاجة إلى عالقة حميمة مع ش��خص آخر‪ ..‬الحاجة إلى‬
‫عضوا في جماعةٍ منظمة‪ ..‬الحاجة إلى بيئةٍ أو‬
‫ً‬ ‫أن يكون اإلنسان‬
‫إطار ٍ اجتماعي يحس فيه اإلنسان باأللفة؛ مثل‪ :‬العائلة أو الحي‬
‫أو األشكال المختلفة من األنظمة والنشاطات االجتماعية‪.‬‬
‫)‪:(Esteem Needs‬‬ ‫‪ 4‬ـ حاجات التقدير‬
‫هذا النوع من الحاجات كما يراه ماسلو له جانبان‪:‬‬
‫أ ـ جانب متعلق باحترام النفس‪ ..‬أو اإلحس��اس الداخلي‬
‫بالقيمة الذاتية‪.‬‬
‫ب ـ واآلخر متعلق بالحاجة إلى اكتساب االحترام والتقدير‬
‫من الخارج‪ ..‬ويش��مل الحاجة إلى اكتس��اب احترام اآلخرين‪..‬‬
‫الس��معة الحس��نة‪ ..‬النجاح والوض��ع االجتماع��ي المرموق‪..‬‬
‫الشهرة‪ ..‬المجد… إلخ‪.‬‬
‫‪115‬‬ ‫‪ 7‬ـ هْزِّفحو كتاذ رْدَقفرعا‬

‫ويرى ماس��لو‪ :‬أنه بتطور الس��ن والنضج الشخصي يصبح‬


‫الجانب األول أكثر قيمة وأهمية لإلنسان من الجانب الثاني‪.‬‬
‫)‪ actualization‬ـ ‪(Self‬‬ ‫‪ 5‬ـ حاج��ات تحقي��ق ال��ذات‬
‫(‪:)Metaneeds‬‬ ‫والحاجات العليا‬
‫تحقيق الذات يصفه ماس��لو بأنه مجموعة من الحاجات أو‬
‫الدوافع العليا التي ال يصل إليها اإلنسان إلاَّ بعد تحقيق إشباع ٍ‬
‫كاف لما يسبقها من الحاجات األدنى‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫وتحقيق الذات هنا يش��ير إلى حاجة اإلنسان إلى استخدام‬


‫كل قدراته ومواهبه‪ ،‬وتحقيق كل إمكاناته الكامنة وتنميتها إلى‬
‫أقصى مدى يمكن أن تصل إليه‪.‬‬

‫وهذا التحقيق للذات ال يجب أن يفهم في حدود الحاجة إلى‬


‫تحقيق أقصى قدرةٍ أو مهارةٍ أو نجاح ٍ بالمعنى الشخصي المحدود‪..‬‬

‫وإنما هو يش��مل تحقيق حاجة الذات إلى السعي نحو قيم‬


‫ٍ‬
‫وغايات عليا؛ مثل‪ :‬الكش��ف عن الحقيقة‪ ..‬واإلبداع‪ ..‬وتحقيق‬
‫النِّظام‪ ..‬وتأكيد العدل‪ ...‬إلخ‪.‬‬

‫مثل هذه القيم والغايات تمثل في رأي ماسلو‪ :‬حاجات‪ ،‬أو‬


‫دوافع أصيلة وكامنة في اإلنسان بشكل ٍ طبيعي‪ ،‬مثلها في ذلك‬
‫مثل الحاجات األدنى إلى الطعام‪..‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪116‬‬

‫ج��زء ال يتجزأ من‬


‫ٌ‬ ‫واألم��ان‪ ..‬والح��ب‪ ..‬والتقدي��ر‪ ..‬هي‬
‫اإلمكانات الكامنة في الشخصية اإلنسانية‪ ،‬والتي تلح من أجل‬
‫أن تتحقق لكي يصل اإلنس��ان إلى مرتبة تحقيق ذاتهِ‪ ،‬والوفاء‬
‫بكل دوافعها أو حاجاتها‪.‬‬

‫بعد تحقيق الذات يتبق��ى نوعان من الحاجات أو الدوافع‪،‬‬


‫هما‪ :‬الحاج��ات المعرفية‪ ،‬والحاجات الجمالي��ة‪ ،‬ورغم تأكيد‬
‫ماسلو على وجود وأهمية هذين النوعين ضمن نسق الحاجات‬
‫واضحا في‬
‫ً‬ ‫موضعا‬
‫ً‬ ‫اإلنس��انية‪ ،‬إلاَّ أنه فيما يبدو لم يحدد لهما‬
‫الهرم الذي وضعه‪:‬‬

‫(‪:)Aesthetic Needs‬‬ ‫(‪ )1‬الحاجات الجمالية‬

‫وهذه تش��مل فيما تش��مل ع��دم احتم��ال االضط��راب‪..‬‬


‫والفوضى‪ ..‬والقبح‪ .‬والميل إلى النظام‪ ..‬والتناسق‪ ..‬والحاجة إلى‬
‫إزالة التوتر النَّاشئ عن عدم االكتمال في عمل ٍ ما‪ ..‬أو مهمةٍ ما‪..‬‬

‫(‪:)Cognitive Needs‬‬ ‫(‪ )2‬الحاجات المعرفية‬

‫وتش��مل الحاجة إلى االستكش��اف والمعرفة والفهم‪ ،‬وقد‬


‫أ َّكد ماس��لو على أهميتها في اإلنس��ان‪ ،‬وهي في تصوره تأخذ‬
‫ً‬
‫متدرجة‪ ..‬تبدأ في المس��تويات األدن��ى بالحاجة إلى‬ ‫أش��كالاً‬
‫معرفة العال��م واستكش��افه بما يتس��ق مع إش��باع الحاجات‬
‫‪117‬‬ ‫‪ 7‬ـ هْزِّفحو كتاذ رْدَقفرعا‬

‫األخرى‪ ،‬ثُم تتدرج حتى تصل إلى نوع ٍ من الحاجة إلى وضع‬
‫األحداث في نس��ق ٍ نظري مفهوم‪ ..‬أو خلق نظام ٍ معرفي يفسر‬
‫العال��م والوجود‪ ..‬وهي في المس��تويات األعل��ى تصبح ً‬
‫قيمة‬
‫يس��عى اإلنس��ان إليها لذاتها بصرف النظر عن عالقتها بإشباع‬
‫الحاجات األدنى‪.‬‬

‫أبدا االحتياج األهم في حياة اإلنسان والذي‬


‫لم يذكر ماسلو ً‬
‫هو‪:‬‬

‫ •االرتباط بالخالق الكامل المتف��رد بذاته‪ ،‬والذي لديه القوة‬


‫المطلقة التي يمكن استمداد القوة منها‪ ،‬ومعرفته‪ ،‬وإسكان‬
‫الروح لديه‪ ،‬لتقوم بعدها بأداء ما عليها من واجبات تعبدية‬
‫ليوهب التوكل عليه والتفكير في االحتياجات التي تليه‪.‬‬
‫«إن في القلب شعث‪ :‬ال يلمه إلاَّ اإلقبال على اهلل‪.‬‬
‫َّ‬
‫وعليه وحشة‪ :‬ال يزيلها إلاَّ األنس به في خلوته‪.‬‬
‫وفيه حزن‪ :‬ال يذهبه إلاَّ ُّ‬
‫السرور بمعرفته وصدق معاملته‪.‬‬
‫قلق‪ :‬ال يسكنه إلاَّ االجتماع عليه‪ ،‬والفرار منه إليه‪.‬‬
‫وفيه ٌ‬
‫الرضا بأم��رهِ‪ ،‬ونهيه‪،‬‬
‫وفيه نيران حس��رات‪ :‬ال يطفئه��ا إلاَّ ِّ‬
‫الصبر على ذلك إلى وقت لقائه‪.‬‬ ‫وقضائه‪ ،‬ومعانقة َّ‬
‫طل��ب ش��ديد‪ :‬ال يق��ف دون أن يكون ه��و وحده‬ ‫ٌ‬ ‫وفي��ه‬
‫المطلوب‪.‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪118‬‬

‫وفيه فاقة‪ :‬ال يس��دها إلاَّ محبته ودوام ذكره واإلخالص له‪،‬‬


‫ولو أعطي الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة أبدً ا»‪.‬‬
‫(ابن قيم الجوزية)‬

‫أما عن المرحل��ة التي تلي معرف��ة احتياجات ال��ذات‪ ،‬وكيفية‬


‫تقديرها‪ ،‬فتأتي مرحلة التحفيز‪ ،‬وهي مهار ٌة يمكن اكتسابها وتعلمها‪...‬‬

‫•التحفيز الذاتي‪:‬‬ ‫ ‬
‫‪ 1‬ـ ما هو التحفيز الذاتي (‪)Self motivation‬؟‪:‬‬

‫هو بالتحديد‪ :‬إمكانية شحن طاقتك‪ ،‬والتحكم في أحاسيسك‬


‫أي حال ٍ كنت عليها‪ ،‬وبالتالي‪:‬‬
‫الداخلية وإعادة تقوية مشاعرك في ِّ‬
‫ستتمكن من تحقيق أهدافك‪ ،‬وتنفيذ الخطة التي رسمتها لنفسك‬
‫دون أن تس��تمد هذه القوة والطاقة من أحد‪ ..‬أي‪ :‬إنك أنت الذي‬
‫ستقوم بهذا اإلجراء لنفسك ودون مساعدةِ أحد‪..‬‬

‫وهو أقوى عمليات التش��جيع‪ ،‬والرفعة للذات‪ ،‬وتقوم على‬


‫برمجة عقلك الباطن الذي يهيمن ويس��يطر على العقل الواعي‬
‫بأنك قادر على القيام بكل األش��ياء التي تس��تطيع أن تجعلك‬
‫ً‬
‫ومعرف��ة‪ ..‬وبالتالي‪:‬‬ ‫ً‬
‫إنتاجية‬ ‫تميزا‪ ،‬واألفضل‬
‫ً‬ ‫الش��خص األكثر‬
‫الذاتي عن��دك الذي س��ينعكس على‬ ‫س��يزيد معدل ال َّتقدي��ر َّ‬
‫صورتك الخارجية‪.‬‬
‫‪119‬‬ ‫‪ 7‬ـ هْزِّفحو كتاذ رْدَقفرعا‬

‫‪ 2‬ـ ما رأي��ك بالتحفيز الخارجي؛ أي‪ :‬المس��تمد من آراء‬


‫اآلخرين؟‪:‬‬

‫ً‬
‫دفع��ة من التحفيز بعبارات‬ ‫إذا قام النَّاس حولك بإعطائك‬
‫اإلطراء والمديح‪ ،‬ف�لا بأس‪ ،‬ولكن من الخط��أ أن تنتظر هذه‬
‫الدفعة لتكون هي المحفز الدائم لك؛ ألنك س��تعاني من خيبة‬
‫أمل ٍ في أغلب األحيانِ‪ ،‬فال يمك��ن ألحد ٍ أن يعرف إمكانياتك‬
‫الحقيقية‪ ،‬وقوتك‪ ،‬ومهارات��ك‪ ،‬أكثر منك أنت! لذلك ُكن أنت‬
‫الموقد الدائم لنار الهمة والنشاط واالعتزاز بقوتك‪ ،‬وأطْ ِر أنت‬
‫نفسك وادفعها من الداخل لتحقيق ما تريد‪.‬‬

‫• ال تبرمج عقلك الباطن على أن يس��تجيب ل��ردات الفعل‬


‫الخارجية؛ أي‪ :‬إن رأي اآلخرين بك ليس بالضرورة رأيك‬
‫بنفس��ك؛ لذلك حفزها‬
‫َ‬ ‫عن نفس��ك مئة بالمئة‪ ..‬أنت أعلم‬
‫تحفيزا ذات ًّيا‪.‬‬
‫ً‬ ‫بطريقتك المثلى‬
‫«إن آراء ال َّناس فيك ما ه��ي إلاَّ وجهة نظرهم في مواقفك‬
‫ٍ‬
‫النعكاس��ات أضافوها من عنده��م متعلقة‬ ‫ومعتقدات��ك وف ًق��ا‬
‫بتقييمهم لهذه المواقف بالنس��بة لبيئتهم‪ ،‬ومعتقداتهم‪ ،‬ولذلك‬
‫علي»‪.‬‬
‫في ال يدل َّ‬ ‫أصح األقوال هو‪ :‬رأيك َّ‬
‫(سهير)‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪120‬‬

‫‪ 3‬ـ كيف تتمكَّ ن من تحقيق التحفيز الذاتي لنفسك؟‪:‬‬


‫أ ـ الخطة‪:‬‬
‫ٍ‬
‫بأهداف قصيرة ومتوس��طة‬ ‫أن يكون لديك خطة محكومة‬
‫وبعيدة المدى‪ ،‬وقد قرأت بشكل ٍ متوسع عن التخطيط الذاتي‬
‫في الكتاب سابقًا‪ ..‬الخطة س��تقوم بتحفيزك خطو ًة خطوة عند‬
‫كالصاعد على س��لَّم ٍ‬ ‫ٍ‬
‫هدف لتصل إلى آخر‪ ..‬فأنت‬ ‫االنتهاء من‬
‫َّ‬
‫ً‬
‫درجة ستشعر بأنك اقتربت أكثر من القمة؛ ألنك‬ ‫ارتفعت‬
‫َ‬ ‫كلما‬
‫تماما إلى أين تصعد‪..‬‬
‫ً‬ ‫تعلم‬
‫وهناك أمر هام عند تنفيذ الخطة؛ وهو‪ :‬أن تتعلم مهارات وفنون‬
‫تنفيذ الخطة‪ ،‬كأن تضع برامج وقوائم (‪ )List to do‬حسب األولويات‪،‬‬
‫وتحذف كل بند ٍ ت َّم االنته��اء منه‪ ..‬وتبتكر تكتي��كات خاصة بك‬
‫الصعبة لتنجزها بأقل وقتٍ وجهدٍ‪..‬‬
‫وحدك للتعامل مع األمور َّ‬

‫ب ـ المرونة‪:‬‬
‫عليك أن تكون مر ًنا عند التعامل مع خطتك‪ ..‬لماذا؟‪.‬‬
‫ستقصر في‬ ‫ٍ‬
‫ظروف خارجية غير محتملة‬ ‫ألنك ربما بسبب‬
‫ِّ‬
‫تحقيق أحد أهدافك‪ ،‬وبالتالي س��تتغير بعض الخطوات‪ ..‬وهنا‬
‫ما عليك إلاَّ أن تركز على الهدف البعي��د الذي تصب فيه كل‬
‫رسائلك (رؤيتك)‪ ،‬وتقوم بالتعديل وفقًا لمقتضى الحال‪..‬‬
‫‪121‬‬ ‫‪ 7‬ـ هْزِّفحو كتاذ رْدَقفرعا‬

‫ال يكسر‪..‬‬
‫كن كالخيزران مرن ولكنه ُ‬
‫انفتـل‬
‫ْ‬ ‫صعب كس��ره وهو لدنٌ كيفما شئت‬
‫ٌ‬ ‫أنا كالخيزور‬
‫(ابن الوردي)‬
‫ولربم��ا حاولت تحقيق أح��د األهداف‪ ،‬ثم فش��لت في خطوةٍ‬

‫ما من الخطوات‪ ،‬ال تبتئ��س‪ ،‬وال تحزن‪ ،‬أو تفقد الحماس؛ ألن كل‬


‫نجاح مبني على محاوالت‪ ،‬ولربما كانت أحد هذه المحاوالت غير‬
‫ناجحة‪ ،‬وبالتالي هي تجارب تزيد المعرفة وتوصل إلى النجاح‪..‬‬

‫واضح��ا عندما تحدد أهدافك في الحي��اة ‪ ..‬لكن ك ُْن‬


‫ً‬ ‫«ك ُْن‬
‫مر ًنا عندما تطبق الخطوات الضرورية لتحقيق هذه األهداف»‪.‬‬
‫(براين تريسي‪)Brian Tracy :‬‬

‫«النجاح‪ :‬ه��و االنتقال من فش��ل ٍ إلى فش��ل ٍ دون أن نفقد‬


‫الحماس حتى نصل إلى ما نريد»‪.‬‬
‫(ونستون تشرشل)‬

‫ج ـ االعتناء بنفسك‪:‬‬

‫إن اعتناءك الجيد بنفس��ك يوصلك إلى التحفيز الداخلي‪،‬‬


‫وهذا يتم بأربع طرق‪:‬‬

‫•حديث النفس‪:‬‬ ‫ ‬
‫ال تحدث نفسك إلاَّ بكل ما هو إيجابي‪ ..‬عن طريق األلفاظ‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪122‬‬

‫والكلم��ات واألق��وال التش��جيعية والمحف��زة‪ ..‬وبالتالي‪ :‬فإن‬


‫األقوال س��تتحول إلى أفعال؛ حيث س��يتبرمج عقلك الباطن‬
‫ال�س احلقيقي‬
‫باالعتقاد بها وتكرارها‪ ،‬ث��م تنفيذها‪ ..‬وقد قيل‪ :‬رِّ‬
‫وراء ال َّنجاح هو احلماس‪.‬‬
‫والحماس يأتي من حديث النفس اإليجابي‪..‬‬

‫•مكافأة النفس‪:‬‬ ‫ ‬
‫ٍ‬
‫صغير أو‬ ‫ٍ‬
‫هدف‬ ‫أي نجاح ٍ أو تحقيق ِ أي‬‫كافئ نفس��ك عند ِّ‬
‫قمت به يستحق اإلطراء والمديح‪ ،‬واألهم‪:‬‬ ‫كبير‪ ..‬إ َّن أي مجهود ٍ‬
‫ٍ‬
‫َ‬
‫ً‬
‫هدية‬ ‫أن تكاف��ئ نفس��ك معنويًّا وماديًّا بأن تش��تري لنفس��ك‬
‫(كتاب‪ /‬دخول دورة تدريبية)‪ ،‬أو تقوم برحلةٍ مع من تحب‪ ،‬أو‬
‫ربما حفلة صغيرة تذكر فيها ما أنجزته‪..‬‬

‫•تعليم وتطوير النفس‪:‬‬ ‫ ‬


‫أن��ت تعتني بنفس��ك وتح ِّفزها وتدللها ع��ن طريق التعلم‬
‫المستمر والتثقيف الدائم‪ ،‬وتحقيق النتائج من هذه المعرفة‪ ..‬إ َّن‬
‫الدوافع التي تح ِّفز اإلنسان‪ ،‬حيث‬
‫العلم والثقافة هو من أقوى َّ‬
‫إن علمك وثقافتك ستؤدي إلى نتائج وإنجازات ستتكلم عنك‪،‬‬
‫وستثني عليك في غيابك وحضورك‪.‬‬

‫إياك أن تهمل قدراتك والمنح التي وهبها اهلل لك؛ ألن‪:‬‬


‫‪123‬‬ ‫‪ 7‬ـ هْزِّفحو كتاذ رْدَقفرعا‬

‫القدرات غير المستثمرة هي قدرات مهدورة‬

‫ال تس��تثمر في الخارج‪ ،‬اجع��ل اس��تثمارك الحقيقي في‬


‫نفسك‪..‬‬

‫•تقديم المتعة َّ‬


‫والراحة للنفس‪:‬‬ ‫ ‬
‫«إن القل��وب تمل كما تم��ل األبدان‪ ،‬فابتغ��وا لها طرائف‬
‫َّ‬
‫الحكمة»‪.‬‬
‫(علي بن أبي طالب ‪)3‬‬

‫سر من أس��رار التحفيز َّ‬


‫الذاتي‪ ،‬فلكي‬ ‫إن تمتيع النفس هو ٌّ‬
‫تح ِّفز نفس��ك للقيام بمجهود ٍ ما‪ ،‬أو البدء ف��ي خطوةٍ محددةٍ؛‬
‫ٍ‬
‫قدرا من‬
‫ل��ك‪ ،‬ويعطيك ً‬
‫َ‬ ‫عليك بأن تقوم بش��يء يجلب المتعة‬
‫َ‬
‫الطاقة واالنطالقة نحو تحقيق هدفك‪.‬‬

‫ش��يء اختياري‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫والمتعة تختلف من ش��خص ٍ آلخر؛ فهي‬
‫فك ٌّل منَّا له أشياء محببة إلى نفس��ه‪ ،‬يراها الركن الهادئ الذي‬
‫يستمد منه الطاقة والهدوء والسكينة‪..‬‬

‫القلوب ساع ًة بعد ساعة‪َّ ،‬‬


‫فإن القلب إذا أكره عمي»‪.‬‬ ‫َ‬ ‫«رو ُحوا‬
‫ِّ‬
‫(علي بن ابي طالب ‪)3‬‬

‫***‬
‫ٌ‬
‫مخلوق‬ ‫� َ‬
‫أنت فريدٌ لي�س مثلك‬
‫�آخر‬
‫� َ‬
‫أنت فريدٌ‬
‫ٌ‬
‫مخلوق �آخر‬ ‫لي�س مثلك‬ ‫‪8‬‬
‫•ال�شخ�صية الفريدة‪:‬‬ ‫ ‬
‫ٍ‬
‫ماطر ح َّب��ات المطر تض��رب نافذتي‪ ،‬وكنت‬ ‫تأملت ف��ي يوم‬
‫س��ابقًا أراها متماثلة‪ ،‬حاولت االقتراب أكثر‪ ،‬ودققت في كل حبةٍ‬

‫تماما‪ ،‬فس��بحان الخالق‪ ..‬ونحن البش��ر كذلك‬


‫فوجدته��ا مختلفة ً‬
‫بشرا كاآلخر من يوم بدأ‬
‫خلقنا اهلل‪ ،‬ومن إعجاز خلقه‪ :‬أنه لم يخلق ً‬
‫الخلق إلى هذه اللَّحظة التي نعيشها ولو تشابهت بعض الصفات‪..‬‬
‫التف��رد والتم ُّيز ُكن على يقين ٍ أنك‬
‫ُّ‬ ‫ •وأنت يا من تبحث عن‬
‫شخص آخر‬
‫ٌ‬ ‫شخصية فريدة متميزة‪ ،‬ليس على وجه األرض‬
‫مثلك‪ ،‬عندما تدرك ذلك تستشعر ما وهبك اهلل من مواهب‬
‫وملكات‪ ،‬وبالتالي‪ :‬تبحث في أعماق نفس��ك عن عمالق‬
‫نائم وتحاول إيقاظه‪..‬‬
‫وخصوصا في‬
‫ً‬ ‫ •إن أحد األوهام الت��ي ظهرت بين الن��اس‬
‫أش��خاصا‬
‫ً‬ ‫الفت��رة الراهن��ة‪ :‬أ َّن النَّاس يري��دون أن يكونوا‬
‫آخرين؛ لربما مش��اهير أو أغني��اء أو حتى علم��اء‪ ،‬فيبدأ‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪126‬‬

‫الواحد منهم بتبني أهواء ورغبات ومعتقدات الغير‪ ،‬وعندها‬


‫يصطدم بأنه أصبح ش��خصية مهزوزة ال قيمة لها‪ ،‬فيسخط‬
‫على الحياة؛ ألنه أراد أن يعيش في لباس إنس��ان ٍ آخر‪ ،‬فلم‬
‫يكن على مقاسه‪ ،‬ويش��عر بالعجز والنقص فهو يرى نفسه‬
‫مكانهم وإال فال نجاح وال حياة وال سعادة‪..‬‬
‫ •ارس��م صور ًة لنفس��ك في خيالك‪ ،‬وابدأ بتلوين تفاصيلها‬
‫عرقك وجهدكَ ‪ ،‬تخيل‪ ،‬واحلم‪ ،‬وأبدع‪ ،‬ثم اعمل‬
‫َ‬ ‫بألوان ٍ من‬
‫واجتهد‪ ،‬لترى الصورة حقيقة ملموس��ة‪ ،‬وهنا تصبح أروع‬
‫من الخيال‪..‬‬

‫«اإلبداع هو (‪ )%2‬إلهام و( ‪ )%98‬عمل وجهد»‪.‬‬


‫(توماس أديسون)‬
‫ •اقرأ أكثر عن س��ير المبدعين والقادة ال لتكون نسخة عنهم‪،‬‬
‫ولكن لتمش��ي على خطاهم‪ ..‬تف َّكر في أحوالهم‪ ،‬وس��ترى‬
‫كيف بنى كل واحد ٍ منهم اسمه وسطَّره في صفحات التاريخ‪..‬‬

‫أنت أيها اإلنسان بجهدك وتعبك تصنع التاريخ‪..‬‬

‫«ال َّتاريخ ال يصنع األبطال‪ ،‬وإنما األبطال هم الذين يصنعون‬


‫التاريخ»‪.‬‬
‫(سمو الشيخ خليفة بن زايد بن سلطان آل نهيان)‬
‫‪127‬‬ ‫ٌديرف َتن‬
‫أ‬ ‫‪8‬ـ‬

‫الرحال‪ ،‬وابدأ رحلتك الخالدة في البحث عن التفرد‬ ‫ُش َّ‬


‫��د ِّ‬
‫المزروع داخل نفسك‪.‬‬

‫كن كالطيور الفريدة الغالية التي تعد للسباق‪..‬‬

‫«األرواح في األش��باح كاألطيار في األبراج‪ ،‬وليس ما أُعِدَّ‬


‫لالستفراخ كمن ُه ِّيئ للسباق»‪.‬‬
‫(ابن قيم الجوزية)‬
‫ٍ‬
‫وسالالت‪ ،‬فبعضها لالستفراخ‬ ‫ٍ‬
‫أصناف‬ ‫فكما أن الطيور على‬
‫للس��باق‪ ،‬فكذل��ك أرواح الناس‪ ،‬فمنهم من‬
‫فقط‪ ،‬والقلة منها ِّ‬
‫القوة‬
‫يعيش ليتمتع ويأكل ويت��زوج فقط‪ ،‬وبعضهم من بلغ من َّ‬
‫أن يسابق على المراكز العليا في الدنيا واآلخرة‪.‬‬
‫ •تأمل في أحوال صحابة الرس��ول ژ‪ ،‬فهم خير مثال ٍ على‬
‫التميز‪ ..‬لم يكن حول رس��ولنا الحبيب ژ نسخ متطابقة‪،‬‬
‫بل كانوا كال��در والياقوت والمرجان‪ ،‬فأب��و بكر ‪ 3‬تفرد‬
‫بإيمان ٍ وقر في نفس��ه‪ ،‬وعمر بن الخطاب  ‪ 3‬كان يفر منه‬
‫حيي‪ ،‬أما علي‪:‬‬
‫ٌّ‬ ‫س��خي‪،‬‬
‫ٌّ‬ ‫كريم‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫الش��يطان لهيبته‪ ،‬وعثمانُ‬
‫حكيم‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫وشاعر‬
‫ٌ‬ ‫ففارس اإلسالم‪،‬‬
‫ُ‬
‫ •إننا مأمورون بالتفكر والبحث عن أنفس��نا‪ ،‬فلقد ميزنا اهلل‬
‫بالعقل‪ ،‬وأمرنا بالتفكر في حالنا ومغزى وجودنا‪..‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪128‬‬

‫قال تعال��ى‪ ﴿ :‬ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ‬


‫ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﴾‬
‫[الجاثية‪.]13 :‬‬

‫ •وهل معنى التفكر والتدبر‪ :‬أن نش��ل خاليا عقولنا لنعيش‬


‫كاألنعام‪ ،‬فهي كلها متشابهة‪ ..‬ال وألف ال‪ ،‬لم نخلق لهذا‪،‬‬
‫ولكن الش��خص الخامل الذي هو زائد عن الدنيا يرى أنه‬
‫من أصعب األمور لديه أن يفكر‪..‬‬
‫ٍ‬
‫شيء على اإلنسان أن تقول له‪ِّ :‬‬
‫فكر»‪.‬‬ ‫«أصعب‬
‫(توماس أديسون)‬

‫أيُّها اإلنسان‪ :‬أنت آلة التفكير الوحيدة على األرض!‪..‬‬

‫«إن اإلنسان هو ما يفكر به طوال النهار»‪.‬‬


‫(أمرسون)‬

‫ٌ‬
‫مجموعة من األف��كار‪ ،‬تدور من الصباح إلى المس��اء‪،‬‬ ‫أن��ت‬
‫فتكون آراؤك وقرارات��ك ومعتقداتك‪ ..‬ألن كل فعل ٍ إنما هو نتيجة‬
‫فكرة‪..‬‬
‫«األفكار هي ال َّنحات الذي يس��تطيع تش��كيل الشخص الذي‬
‫تريد أن تكونه»‪.‬‬
‫(هنري ديفيد ثورو)‬

‫ •ف ِّكر وأب��دع‪ ،‬وابحث‪ ،‬واصب��ر دون مللٍ‪ ،‬كيف س��تتفرد‬


‫‪129‬‬ ‫ٌديرف َتن‬
‫أ‬ ‫‪8‬ـ‬

‫ٍ‬
‫وتبدع؛ فاإلبداع والتميز ليس شربة ماء باردٍ‪ ،‬بل هو غصة‬
‫وأنين‪ ،‬وسهر لليالي‪ ،‬ال يناله إلاَّ القليل‪.‬‬
‫ولتكن أنت من القليل‪..‬‬
‫ف ِّكر باألمور العظيمة؛ ألن عظمتك من عظمة أفكارك‪..‬‬

‫«العقو ُل الكبير ُة تبحث األف��كار‪ ،‬والعقول المتفتحة تناقش‬


‫الصغيرة تتطفل على شؤون الناس»‪.‬‬
‫األحداث‪ ،‬والعقول َّ‬
‫(محمد حسنين هيكل)‬

‫قوة‪،‬‬
‫إن مهارات التفكير‪ ،‬واس��تنباط الحلول ه��ي مصدر َّ‬
‫السعادة والنجاح‪.‬‬
‫وباب من أبواب َّ‬
‫ٌ‬
‫الس��عادة واإلش��باع في حياتك‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫«لكي تحقق أكبر قدر من َّ‬
‫ٍ‬
‫بحاجة إلى ذخيرة من مهارات التفكير‪ ..‬أنت المس��ؤول‬ ‫فإنك‬
‫ش��خص ًّيا عن خياراتك الفكرية‪ ،‬وعن تنمية واستخدام مهارات‬
‫التفكير المالئمة عندما تواجهك مش��كالت شخصية ‪ ..‬ويمكن‬
‫أن يتطلب التفكير الفعال والمستقل الكثير من الشجاعة»‪.‬‬
‫(ريتشارد نيلسون جونز)‬

‫إ ًذا‪ :‬التفكير المستقل‪ ،‬أي‪ :‬الذي تبتكر فيه‪ ،‬وتكون شجا ًعا‬
‫لتب��رزه للعالم‪ ،‬وتث��ق بأنك تأتي بأف��كار ٍ ف َّعال��ة؛ يحتاج إلى‬
‫الشجاعة‪..‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪130‬‬

‫ٍ‬
‫مهارات عالية‪ ،‬كتعليم ٍ ممتازٍ‪،‬‬ ‫إن الكثير من الناس يمتلكون‬
‫ٍ‬
‫لغ��ات‪ ،‬ومراكز مرموق��ة‪ ،‬ولكنهم كغيرهم ل��م يتميزوا‬ ‫وعدة‬
‫ٍ‬
‫مش��تركا؛ أال وهو‪ :‬عدم‬
‫ً‬ ‫وجدت أن فيهم ش��ي ًئا‬
‫ُ‬ ‫بش��يء‪ ..‬وقد‬
‫ٍ‬
‫الش��جاعة في طرح األفكار الخلاَّ قة‪ ،‬أو المحاولة بإضفاء شيء‬
‫َّ‬
‫جديد إلى العالم‪..‬‬
‫ولكن هل تعتقد أنَّ��ك تمتلك المه��ارات والمواهب التي‬
‫أي عمل ٍ أو اختراع ٍ أو إنجازٍ‪ ،‬قام به أحدٌ من‬
‫تمكنك أن تفعل َّ‬
‫البشر قبلك؟‪..‬‬

‫إن اهلل ‪ 4‬قد أغ��دق على عباده بش�� َّتى أن��واع المواهب‬
‫والقُدرات‪ ،‬ح َّتى المعاقين منهم ملكوا بصي��ر ًة نفاذةً‪ ،‬وأدهش‬
‫ٍ‬
‫بقدرات خارقة‪..‬‬ ‫بعضهم العالم‬
‫ُ‬
‫أس��قام‬
‫ُ‬ ‫وال ا َّل��ذي َق��دَ ًرا هدَّ ْت ُه‬ ‫جوارحه‬
‫ُ‬ ‫ليس المعا ُق ا َّلذي ُش َّل ْ‬
‫ت‬

‫إيالم‬
‫ُ‬ ‫فلن يضير إ ًذا في الجسم‬ ‫ش��انت فعائلُه‬
‫ْ‬ ‫المعا ُق الذي‬
‫بل ُ‬
‫أقوام‬
‫ُ‬ ‫وس��اد بالفكر والتألي��ف‬ ‫جوارحهم‬
‫ُ‬ ‫قد ساد قو ٌم وقد ُش َّل ْ‬
‫ت‬

‫إظالم‬
‫ُ‬ ‫ومبص��ر جهل��ه يحلل��ه‬ ‫فكم كفيف ل��ه في الناس منزل ٌة‬

‫آالم‬
‫تعطي الضي��اء وال تقعدك ُ‬ ‫نورا ُيس��تضاء به‬
‫فكن لغي��رك ً‬

‫ولبيان هذه الفكرة‪ ،‬تأمل في المقطع التالي‪:‬‬


‫‪131‬‬ ‫ٌديرف َتن‬
‫أ‬ ‫‪8‬ـ‬

‫•معاقونَ ُع َظماء قدَّ موا للب�شرية َما َل ْم يقدِّ ْم ُه الأ�صحاء‪:‬‬ ‫ ‬


‫ُهم من البشر‪ ،‬وانضموا لألعالم والمشاهير؛ ألنهم تكيفوا مع‬
‫وقدموا أكثر من دليل ٍ واضح ٍ‬
‫اإلعاقة والمرض الذي ابتالهم اهلل به‪َّ ،‬‬
‫على التكيف مع المجتمع‪ ،‬ومع اآلخرين‪ ،‬والتغلب على العقبات‪.‬‬

‫عرفناهم بالعلوم التي اش��تهروا بها‪ ،‬كما عرفناهم بنبضهم‪،‬‬


‫وبحبهم للعطاء‪ ،‬متخطي��ن حاجز اإلعاقة بع��زم‪ ..‬فلم نعرفهم‬
‫أش��خاصا من ذوي االحتياج��ات الخاصة‪ ..‬صبروا‬
‫ً‬ ‫ضعفاء أو‬
‫فغيرت محنتهم مس��ارات تاريخية مهمة‪ ،‬ولم تمنعهم إعاقتهم‬
‫ٍ‬
‫إبداعات كانت أنينهم‪ ،‬وألمهم‪ ،‬ولحظة يأسهم التي‬ ‫من تقديم‬
‫أصبحت فسحة أمل ٍ س��جلت فيما بعد إنجازات عالمية غيرت‬
‫من مجريات األحداث ال َّتاريخية فخلدت أسماءهم بإنجازاتهم‪،‬‬
‫وغردوا خارج حدود إعاقتهم‪ ،‬وحفروا أسماءهم عميقًا في قلب‬
‫التاريخ‪ :‬معاقون‪ ..‬ولكن عظماء!‪..‬‬

‫ش��عراء ومخترعون‪ ،‬أدباء وسياس��يون‪ ،‬فكانت ش��كواهم‬


‫واعتراضهم على الواقع ما هي إلاَّ أدب وفن وعلم‪ ..‬ومنهم‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ أبو العالء المعري‪:‬‬

‫ه��و‪ :‬أحمد ب��ن عبد اهلل بن س��ليمان القضاع��ي التنوخي‬


‫وفيلس��وف‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫ش��اعر‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫المع��ري (‪ 363‬ـ ‪449‬هـ‪ 973/‬ـ ‪1057‬م)‪،‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪132‬‬

‫معرة النعمان‬
‫وأديب عربي من العصر العباسي‪ ،‬ولد وتوفي في َّ‬
‫ٌ‬
‫في الشمال السوري‪ ،‬وإليها ُينسب‪.‬‬

‫لقب بـ «رهين المحبس��ين»‪ ،‬فالمحب��س األول‪ :‬فقد البصر‪،‬‬


‫والثاني‪ :‬مالزمته داره‪ ،‬واعتزاله الناس‪ ..‬اعتزل الناس‪ ،‬ولكن ليس‬
‫من فراغ وإنما تمكن خالل هذه الفترة أن يكتب ويؤلف ويبدع‪..‬‬

‫ف بصره‪ ،‬وكان‬
‫فك َّ‬
‫أصيب في الرابعة من عمره بالجدري‪ُ ،‬‬
‫نحيف الجسم‪..‬‬

‫نبغ في الشعر والتفسير والفلسفة‪ ،‬درس علوم اللغة واألدب‬


‫والحديث والتفسير والفقه والشعر على مجموعة من أهله‪ ،‬وقرأ‬
‫عالم��ا باألديان‬
‫ً‬ ‫النحو‪ ،‬وي��دل ش��عره ونثره عل��ى أن��ه كان‬
‫ً‬
‫آي��ة في معرف��ة التاريخ‬ ‫والمذاه��ب‪ ،‬وعقائ��د الف��رق‪ ،‬وكان‬
‫واألخبار‪ ..‬وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة‪.‬‬
‫َّ‬
‫وحدة الذهن‪،‬‬ ‫كان عل��ى جانب ٍ عظيم ٍ من الذكاء والفه��م‪،‬‬
‫والحفظ‪ ،‬وتوقُّد الخاطر‪ ..‬ش��رع في التألي��ف والتصنيف‪..‬كل‬
‫ذلك وهو في بيته‪ ..‬وأجمل ما قال‪:‬‬
‫األوائل‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫آلت بما ل��م تس��تطعه‬ ‫وإني وإن كن��ت األخير زمانه‪...‬‬

‫(أبو العالء المعري)‬


‫‪133‬‬ ‫ٌديرف َتن‬
‫أ‬ ‫‪8‬ـ‬

‫‪ 2‬ـ أديسون‪:‬‬

‫مخت��رع ورجل أعمال‬


‫ٌ‬ ‫توم��اس ألفا أديس��ون (‪ 1847‬ـ ‪1931‬م)‪،‬‬
‫أمريكي‪ ،‬ولد في مدينة ميالن بوالية أوهايو األمريكية‪ ،‬ولم يتعلم في‬
‫ً‬
‫متخلفا عقل ًّيا‪..‬‬ ‫بليدا‬ ‫ٍ‬
‫أشهر فقط‪ ،‬كان طفلاً ً‬ ‫مدارس الدولة إلاَّ ثالثة‬
‫كما ظهرت لديه أعراض ومش��اكل واختالطات في حاسة‬
‫بالصمم نهائ ًّيا‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ً‬
‫بداية‪ ،‬وعندما كبر أصيب‬ ‫السمع‬
‫َّ‬
‫خاصا‬
‫ًّ‬ ‫وظهرت عبقريته في االختراع والبحوث فأقام َمشْ غلاً‬
‫به‪ ،‬حيث ظهر وب��رع‪ ،‬وبانت قصته المدهش��ة كمخترع‪ ،‬ومن‬
‫اختراعاته‪ :‬مسجالت االقتراع‪ ،‬والبارق الطابع‪ ،‬والهاتف الناقل‬
‫الفحمي‪ ،‬والميكرفون‪ ،‬والفونوغراف أو الفرامافون‪.‬‬
‫وأعظم اختراعات��ه‪ :‬المصباح الكهربائي‪ ،‬وأنتج في الس��نوات‬
‫الصور المتحركة الناطقة‪ ،‬وقد س��جل أديس��ون‬ ‫األخيرة من حياته ُّ‬
‫أبدا لعالم ٍ واحدٍ‪.‬‬
‫باسمه أكثر من ألف اختراع‪ ،‬وهو عدد غير متوقع ً‬
‫قام باخت��راع (‪ ،)kinetoscope‬وهو أول جه��از ٍ لعمل األفالم‪،‬‬
‫كما قام باختراع بطارية تخزين قاعدية‪ ،‬وفي عام (‪1913‬م) أنتج‬
‫أول فيلم ٍ سينمائي صوتي‪.‬‬
‫«أس��توعب بس��هولة األفكار من كل المص��ادر‪ ،‬وأبدأ ُ من‬
‫حيث تو َّقف اآلخرون»‪.‬‬
‫(توماس أديسون)‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪134‬‬

‫‪ 3‬ـ نيوتن‪:‬‬
‫عالم إنجليزي‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫الس��ير إس��حاق نيوتن (‪)Sir Isaac Newton‬‬
‫ّ‬
‫أش��هر عالم فيزيائي‪ ،‬ومن أعظم علماء القرن الثامن عش��ر في‬
‫ُ‬
‫الرياضيات والفيزياء‪ ،‬عاش ما بي��ن (‪ 1642‬ـ ‪1727‬م)‪ ،‬كما أنه‬
‫فيلس��وف بعلم الطبيع��ة‪ ،‬وكيمائ��ي‪ ،‬باإلضافة إل��ى أنه عالم‬
‫ٌ‬
‫تأثيرا في تاريخ البشرية‪.‬‬
‫ً‬ ‫باللاَّ هوت‪ ،‬وواحد من أعظم الرجال‬
‫مهتما‬
‫ًّ‬ ‫بدأ يدرس أعم��ال كل الرياضيين الكب��ار‪ ،‬وأصبح‬
‫بصورة خاصة بموضوع البصريات والرياض َّيات التطبيقية‪ ..‬وقد‬
‫كان في تلك الفترة‪ :‬أن حدثت حادثة (التفاحة) َّ‬
‫الش��هيرة التي‬
‫سقطت على رأسهِ أثناء جلوسهِ تحت الشجرة‪ ،‬وجعل ْت ُه يكتشف‬
‫قانون الجاذبية‪..‬‬
‫الضوء القادمة من الشمس‬
‫وكان أول من الحظ بأن حزمة َّ‬
‫مرت خالل موش��ور ٍ زجاج��ي‪ُ ،‬‬
‫فإنه يمك��ن أن ينتج عنها‬ ‫إذا َّ‬
‫مجموعة من ألوان الطيف الشمسي‪..‬‬

‫ويعد كتابه «األص��ول الرياضية للفلس��فة الطبيعية» والذي‬


‫تأثيرا ف��ي تاريخ العلم‪،‬‬
‫ً‬ ‫نش��ر عام (‪1687‬م) من أكث��ر الكتب‬
‫أساسا لمعظم نظريات الميكانيك الكالسيكية‪.‬‬
‫ً‬ ‫واضعا‬
‫ً‬
‫كان نيوتن يعاني من اضطرابات نفسية‪ ،‬يقول البعض‪ :‬إنها‬
‫ربما كانت السبب في نبوغه‪.‬‬
‫‪135‬‬ ‫ٌديرف َتن‬
‫أ‬ ‫‪8‬ـ‬

‫التوحد الذي كان يدفعه إلى اعتزال‬


‫ُّ‬ ‫عانى نيوتن من مرض‬
‫الناس وتمضية معظم وقته في حديقة منزله‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ ميكيالنجيلو‪:‬‬
‫ويعرفه البعض‬ ‫)‪(Michelangelo Buonarroti‬‬ ‫ميكيالنجيلو بوناروت��ي‬
‫رسام ون َّحات‪،‬‬
‫باسم مايكل أنجلو‪ ،‬ولكن هذا اس��مه الحقيقي‪ ،‬وهو َّ‬
‫وش��اعر إيطال��ي‪ ،‬كان إلنجازاته الفنية األث��ر األكبر على‬
‫ٌ‬ ‫ومهندس‪،‬‬
‫ٌ‬
‫محور الفنون ضمن عصره‪ ،‬وخالل المراحل الفنية األوروبية اللاَّ حقة‪.‬‬
‫دائما عن التحدي سواء كان تحد ًيا جسديًّا‬
‫كان أنجلو يبحث ً‬
‫أو عقل ًّيا‪ ،‬وأغل��ب المواضيع التي كان يعمل بها كانت تس��تلزم‬
‫ٍ‬
‫لوحات فنِّية‪.‬‬ ‫جصية أو‬
‫جهدا بالغًا‪ ،‬سواء كانت عبارة عن لوحات ِّ‬
‫ً‬
‫ً‬
‫إضافة لذلك‬ ‫للرسم‪،‬‬
‫كان مايكل يختار الوضعيات األصعب َّ‬
‫دائم��ا ما يخلق عدة معان��ي من لوحته م��ن خالل دمج‬ ‫كان ً‬
‫الطبقات المختلفة في صورةٍ واحدةٍ‪ ،‬وأغلب معانيه كان يستقيها‬
‫من األساطير‪ ،‬الدين‪ ،‬ومواضيع أخرى‪.‬‬
‫ومما ال شك فيه أن مايكل أنجلو قد أثر على من عاصروه‬
‫ً‬
‫مدرسة‬ ‫ٍ‬
‫بتأثيرات عميقة‪ ،‬فأصبح أس��لوبه بحد ذاته‬ ‫ومن لحقوه‬
‫وحركة فنِّية تعتمد على تضخيم أس��اليبه‪ ،‬ومبادئه بشكل ٍ مبالغ ٍ‬
‫ً‬
‫ب��هِ ح َّتى أواخر عصر النَّهضة‪ ،‬فكانت هذه المدرس��ة تس��تقي‬
‫مبادئها من رسوماته ذات الوضعيات المعقدة والمرونة األنيقة‪...‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪136‬‬

‫كان ماي��كل أنجلو يعاني م��ن اضطراب الوج��دان ثنائي‬


‫م��رض يتميز بارتفاع ٍ‬
‫ٌ‬ ‫القطب (‪ ،)Bipolar Affective Disorder‬وهو‬
‫ٍ‬
‫نوبات في الجس��م تُس�� َّمى نوبات‬ ‫حا ٍّد في الم��زاج؛ ُي ْحدِث‬
‫الهوس‪ ..‬حيث يصبح الش��خص نش��ي ًطا‪ ،‬كثي��ر الحركة‪ ،‬قليل‬
‫النَّوم‪ ..‬أما الوج��ه اآلخر لهذا المرض فق��د كان الكآبة‪ ،‬وهي‬
‫معروفة للكثيرين‪..‬‬
‫مرارا في قصائده وكتاباته‬
‫مايكل أنجلو تحدث عن مرضه ً‬
‫النثرية‪ ،‬والتي ربما يكون ق��د كتبها في نوبات هوس أو كآبة‪..‬‬
‫مصدرا لإلبداع‪.‬‬
‫ً‬ ‫ح ًّقا لقد جعل أنجلو من إعاقته‬
‫‪ 5‬ـ هيلين كيلر‪:‬‬
‫ٌ‬
‫وناشطة أمريكية‪ ،‬وهي تعتبر إحدى رموز‬ ‫ٌ‬
‫أديبة‪ ،‬ومحاضرةٌ ‪،‬‬
‫الس��مع والبصر‪،‬‬
‫اإلرادة اإلنس��انية‪ ،‬حي��ث إنها كان��ت فاقدة َّ‬
‫واس��تطاعت أن تتغل��ب على إعاقته��ا‪ ،‬وتم تلقيبه��ا بمعجزة‬
‫اإلنس��انية‪ ،‬لما قاومت��ه من إعاقته��ا‪ ،‬حي��ث إن مقاومة تلك‬
‫الظروف كانت بمثابة معجزة‪..‬‬
‫ولدت هيلين كيلر في مدينة توس��كومبيا في والية أالباما‬
‫بالواليات المتحدة األمريكية عام (‪1880‬م)‪ ..‬كانت هيلين طفلة‬
‫طبيعية‪ ،‬ولم تولد هيلين عمياء وصماء‪ ،‬لكن بعد بلوغها تسعة‬
‫السحايا‬
‫خصه األطباء‪ :‬أنه التهاب َّ‬‫عشر شهرا أُصيبت بمرض ش َّ‬
‫ً‬
‫والحمى القرمزية‪ ،‬أفقدها السمع والبصر‪..‬‬
‫‪137‬‬ ‫ٌديرف َتن‬
‫أ‬ ‫‪8‬ـ‬

‫وعندما كبرت قلي�ًل�اً كانت تتواصل مع اآلخرين من خالل‬


‫مارتا واشنطن ابنة طباخة العائلة التي بدأت معها لغة اإلشارة‪،‬‬
‫السابعة أصبح لديها (‪ )60‬إشارة تتواصل بها مع‬ ‫وعند بلوغها َّ‬
‫عائلتها‪ ،‬واس��تطاعت الحقً��ا الحصول على ش��هادة في اللغة‬
‫مختص‬ ‫اإلنجليزية‪ ..‬فذهبت إلى مدين��ة بالتمور لمقابلة طبيب ٍ‬
‫ٍّ‬
‫بحثًا عن نصيحة‪ ،‬فأرس��لها إلى ألكسندر غراهام ب ِ ْل الذي كان‬
‫الصم‪ ،‬فنصح والديه��ا بالتوجه إلى‬ ‫يعمل آنذاك مع األطف��ال ُّ‬
‫معهد بركينس لفاق��دي البصر‪ ..‬وهناك تم اختي��ار المعلمة آن‬
‫س��وليفان التي كانت في العش��رين من عمره��ا لتكون معلمة‬
‫هيلين وموجهتها‪ ،‬ولتبدأ معها عالقة استمرت (‪ )49‬سنة‪.‬‬
‫الحقًا تعلم��ت هيلين طريق��ة برايل للقراءة‪ ،‬فاس��تطاعت‬
‫أيضا‬
‫القراءة م��ن خاللها‪ ،‬ليس فقط باللغ��ة اإلنجليزية‪ ،‬ولكن ً‬
‫باأللمانية‪ ،‬والالتينية‪ ،‬والفرنسية‪ ،‬واليونانية‪.‬‬
‫من أقوالها‪:‬‬
‫ـ الحياة َّإما أن تكون مغامرة جريئة أو ال شيء‪.‬‬
‫الشمس ولن ترى الظالل‪.‬‬‫ـ أبق ِ وجهك في اتجاه َّ‬
‫(هيلين كيلر)‬

‫•النتيجة‪:‬‬ ‫ ‬
‫بشرا عن آخر هو فقط موقفه من هذه القدرات‬
‫إن الذي يميز ً‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪138‬‬

‫والمواهب وكيفي��ة التعامل معه��ا‪ ..‬هل توجد لديه َّ‬


‫الش��جاعة‬
‫مميزا بين البشر أم ال؟!‪..‬‬
‫ً‬ ‫الكافية على استخدامها ليكون‬
‫«يتوقف ارتقاء الرجل أو سقوطه‪ ،‬نجاحه أو فشله‪ ،‬سعادته‬
‫أو تعاس��ته‪ ،‬على موقفه من األمور‪ ،‬إن موقف الرجل هو الذي‬
‫يخلق الوضع الذي يتخيله»‪.‬‬
‫(محمد علي كالي)‬

‫وهناك نقطة في غاية األهمية إذا علمتها تمكنت من ارتقاء‬


‫سريعا‪ ،‬أال وهي‪:‬‬
‫ً‬ ‫سلم النجاح والتفرد‬
‫الصغير سوف يوصلك الح ًقا إلى نجاح ٍ كبيرٍ‪.‬‬
‫بأن ال َّنجاح َّ‬
‫إيمانك َّ‬

‫إن هذه القناعة سوف توصلك إلى السعي إلى أي ِإنجاز ٍ أو‬
‫نجاح ٍ ضمن الظروف المتاحة‪ ،‬والفرح به‪ ،‬واعتباره خطوة إلى‬
‫ما تبغي تحقيقه الحقًا‪...‬‬
‫ٍ‬
‫ألن أغلب النَّاس يس��عون إلى ش��يء مس��تحيل وساحق‪،‬‬
‫الصغير ال يعتبر شي ًئا يذكر‪ ،‬فيضيع الجهد‬
‫ويعتبرون أن اإلنجاز َّ‬
‫في انتظ��ار الحلم الكبير وس��تيئس النفس؛ ألنها لم تس��تطع‬
‫تحقيق ما تريد‪..‬‬

‫***‬
‫ونهارا‬
‫ً‬ ‫لمك ليلاً‬ ‫ِع ْ‬
‫�ش ُح َ‬ ‫‪9‬‬
‫•ال حدود وال منطق للأحالم‪:‬‬ ‫ ‬
‫«من أجمل األشياء‪ :‬أن تحلم بالمستقبل»‪.‬‬
‫(سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم)‬

‫عرفنا األحالم في الليل‪ ،‬ولكنَّا لم نع��رف األحالم في وضح‬


‫النهار‪ ..‬بل��ى هناك ما هو أمتع من أحالم الن��وم‪ ،‬إنه حلم اليقظة‪..‬‬
‫غدا‪ ..‬إذا‬
‫فما تعيشه اليوم هو حلم الماضي‪ ..‬وأحالم اليوم ستعيشها ً‬
‫صدقت‪ ..‬يجب أن تؤمن بأن كل إنسان ٍ ناجح وف َّعال ال بد أن يكون‬
‫ً‬
‫حقيقة في المستقبل‪..‬‬ ‫وأمنية يعيش على أمل ِ أن يراها‬
‫ٌ‬ ‫لم‬
‫له ُح ٌ‬
‫حدود؛ فلو قلنا س��ابقًا عندما تحدثنا‬
‫ٌ‬ ‫وهذا الحلم ليس له‬
‫عن األهداف والخط��ط‪ :‬إنها من المف��روض أن تكون منطقية‬
‫وقابلة للتحقيق‪ ،‬فاألحالم بعكس ذلك‪ ،‬ليس لها حدود‪..‬‬
‫«الخطط هي التي يجب أن تكون منطقية‪ ،‬أما األحالم فال»‪..‬‬
‫(ريتشارد تمبلر)‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪140‬‬

‫احلم وحلِّ��ق بجناحيك فوق َّ‬


‫الس��حاب‪ ..‬ال تخف‪ ،‬فما من‬
‫مخالف��ات مروريةٍ على مركب��ات األحالم‪ ،‬ولك��ن احلم بكل‬
‫أب��دا باالنتقام من‬
‫ً‬ ‫خير‪ ،‬ونج��اح‪ ،‬وتم ُّيز‪ ،‬وال تحلم‬
‫ما هو لك ٌ‬
‫أحد ٍ أو تحلم بأن ترى الس��وء في أحدٍ‪ ،‬فاهلل  ‪ 4‬لربما سيحقق‬
‫لك هذا الحلم ويستجيب لك في لحظة‪..‬‬

‫ِ‬
‫ِ«إ َذا َت َم ِّنى أَ َحدُ ك ُْم َف ْل َي ْن ُظ ْر َما َي َت َم َّنى‪َ ،‬فإ َّن ُه لاَ َيدْ رِي َما ُيكْ َت ُ‬
‫ب‬
‫لَ ُه م ِ ْن أ ُ ْمن ِ َّيت ِ ِه»‪.‬‬
‫(حديث نبوي شريف‪ ،‬رواه البخاري في «األدب المفرد»)‬
‫ٌ‬

‫بنفس��ك‪ ،‬فارفع س��قف‬


‫َ‬ ‫إن ُحلمك ينبع من مدى اعتزازكَ‬
‫أحالمك‪ ،‬وال تستصغر األحالم‪..‬‬

‫تمنَّ��ى معالي األمور في خي��ر الدنيا واآلخرة‪ ،‬وقد س��بق‬


‫وذكرنا فكرة‪ :‬أن كل ما هو ممكن لغيرك ممك ٌن لك‪..‬‬
‫ٍ‬
‫أعلن وبثقة‪ :‬أنك صاحب حلم ٍ وأمني��ة‪ِّ ..‬‬
‫دونْه‪ ،‬وضعه أمام‬
‫قريب��ا‪ ..‬ولتعلم‪ :‬أن‬ ‫ً‬
‫حقيقة ً‬ ‫عينيك‪ ،‬وعش عل��ى أمل أن ت��راه‬
‫صدقك في الطلب سيوصلك للنتيجة‪ ،‬وال شيء مستحيل؛ ألن‬
‫اهلل ال يضيع عمل عامل في الدنيا واآلخرة‪..‬‬
‫‪141‬‬ ‫‪ 9‬ـ رًاهنو اًليل كَ ِ‬
‫ملُح ْشع‬

‫•الإ�صرار واليقين في تحقيق الأحالم‪:‬‬ ‫ ‬


‫«إن المس��تحيل هو الذي ال يقدر اإلنس��ان على تحقيقه‪،‬‬ ‫َّ‬
‫وال يكسر المس��تحيل إلاَّ باهلل ‪ ، 8‬تظل بين اإلنسان ال َّناقص‬
‫ُ‬
‫والمستحيل مسافة ال يمكنه أن يحققها‪ ،‬ولهذا يظل المستحيل‬
‫مستحيلاً ‪ ...‬ولكن هذه المسافة يختصرها اهلل للم ِ‬
‫ص ِّر‪ ،‬الدؤوب‪،‬‬ ‫ُ‬
‫الحريص على الوصول‪ ..‬يحققها اهلل له مكافأ ًة له على إصراره»‪.‬‬
‫(د‪ .‬صالح شفيع)‬

‫ولتك��ن أول خط��وة من خطوات��ك بعد أن ت��رى حلمك‬


‫أمامك‪ ،‬أن تح��اول الوصول إليه في اليقظ��ة بالجد وااللتزام؛‬
‫الذي هو اإلصرار‪ ،‬والذي هو أروع من الذكاء‪..‬‬
‫ٍ‬
‫أدوات تعينك في الوصول إلى أمنيتك‪..‬‬ ‫ابدأ بالبحث عن‬
‫والضعف‪،‬‬
‫َّ‬ ‫إياك والتخلِّي عن هذا الحلم عندما تشعر بالوهن‬
‫وتغرك نفس��ك بأن الطري��ق طويل‪ ..‬عزز يقينك بنفس��ك؛ ألن‬
‫ضعف اليقين هو من جعل أكثر النَّاس من عامة البشر‪..‬‬
‫ش��يء واحد‬
‫ٌ‬ ‫والذي م َّيز العقالء والقادة وأصحاب النجاح‬
‫هو‪ :‬اإلصرار واليقين‪.‬‬
‫ال تتعجب م��ن قلة أصح��اب الهم��م؛ ألن أكث��ر النَّاس‬
‫ينسحبون بعد أول سقطةٍ‪ ،‬ويركنون إلى األرض‪ ،‬وهم ال يدرون‬
‫قريبا منهم‪..‬‬
‫أنهم لو نهضوا لرأوا القمة ً‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪142‬‬

‫«يتحقق ال َّنجاح من خالل المثابرة بعد استسالم اآلخرين»‪.‬‬


‫(ويليام فيزر)‬

‫ك‬‫شخصية مرموقة تعتبرها َم َث َل َ‬


‫ً‬ ‫أغمض عينيك معي وتخيل‬
‫ابق على ذلك لثوانٍ‪..‬‬ ‫ٍ‬
‫األعلى في أي مجال من مجاالت الحياة‪َ ،‬‬
‫أحسست اآلن؟‪ ..‬فخر‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ثم استبدل صورته بصورتك أنت‪ ..‬ماذا‬
‫قدرت ذاتك‪ ..‬أكثر م��ن ذلك بكثير‪..‬‬ ‫زُ ُهو‪ ،‬أحببت نفس��ك أم َّ‬
‫اطبع هذه الصورة في عقلك الباطن أو على الورق‪..‬‬

‫الصورة الرائعة بالكسل واالستسالم‪..‬‬


‫ال تمزِّق هذه ُّ‬
‫فإذا أحسست بالكسل والخمول وضعفٍ في النفس‪ ،‬ادعو‬
‫َّ‬
‫لتستمد المدد والعون من اهلل‪..‬‬ ‫بدعاء الرسول  !‬

‫ك م ِ َن الْ َه ِّم َوالْ َح َزنِ‪َ ،‬والْ َع ْجز ِ َوالْكَ َسلِ»‬


‫«ال َّل ُه َّم ِإ ِّني أَ ُعو ُذ ب ِ َ‬
‫(رواه البخاري)‬

‫•ما هو االلتزام الذي ِّ‬


‫يمكنك من تحقيق حلمك؟‪:‬‬ ‫ ‬
‫االلتزام‪ :‬ه��و القدرة عل��ى التح ُّكم في حيات��ك‪ ،‬وتحمل‬
‫المسؤولية الكاملة عن نفسك لتمكنها من تحقيق أحالمك دون‬
‫هي لك‬
‫أن تنصاع ألعذار الحياة‪ ،‬وأن تؤمن ب��أن هذه المهمة َ‬
‫أبدا‪ ..‬وهو الجس��ر الواصل‬
‫أحد ً‬
‫وحدك‪ ،‬ولن ينجزها بدل��ك ٌ‬
‫الذي بين األهداف واإلنجازات‪..‬‬
‫‪143‬‬ ‫‪ 9‬ـ رًاهنو اًليل كَ ِ‬
‫ملُح ْشع‬

‫«لقد أخطأت أكثر من (‪ )9000‬تصويبة خالل تاريخي في‬


‫إلي‬
‫اللعب‪ ،‬وخسرت حوالي (‪ )300‬مباراة ‪ ..‬ولـ (‪ )26‬مرة عهد َّ‬
‫بالتصويبة األخيرة التي يمكن أن تعود على فريقي بالمكسب‪،‬‬
‫وتكرارا في حياتي‪،‬‬
‫ً‬ ‫مرارا‬
‫لكني أخطأت ال َّتصويب‪ ..‬لقد فشلت ً‬
‫ولهذا السبب تحديدً ا تمكنت من النجاح»‪.‬‬
‫(مايكل جوردان)‬
‫ٍ‬
‫إنَّك لن تحصل على شيء إذا استسلمت ولم تحارب لترى‬
‫نفسك تعيش حلمك‪.‬‬

‫هل س��معت بأحد ٍ من المتميزين تم َّكن من الحصول على‬


‫ٍ‬
‫وصعوبات؟!‪..‬‬ ‫ٍ‬
‫بتحديات‬ ‫مبتغاه دون أن يمر‬

‫مالزم للنَّجاح‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫صديق‬
‫ٌ‬ ‫إ َّن المثابرة‬

‫بالمثَابرة»‪.‬‬
‫بالقوة‪ ،‬بل ُ‬
‫َّ‬ ‫«لاَ تُ ْن َج ُز األعمال العظيمة‬
‫(صمويل جونسون)‬

‫وعندما تعجز عن إيجاد طريق يوصلك لما تريد‪ ،‬ال تيئس‪،‬‬


‫ٍ‬
‫ف ِّكر كيف ستش��ق طريقك أنت‪ ..‬ولتعلم أن أي شيء أتى لك‬
‫مؤثرا‪ ،‬فالجزاء من‬
‫ً‬ ‫بالس��هل وباالعتماد على النَّاس لن يكون‬
‫َّ‬
‫جنس العمل‪ ،‬ال تؤمن إلاَّ بقدراتك أنت‪ ،‬وهنا منشأ القوة عند‬
‫البشر‪ ..‬فهذا حلمك أنت‪ ..‬ولن يجعله حقيقة إلاَّ أنت‪..‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪144‬‬

‫فلتشق طريقك بنفسك»‪.‬‬


‫َّ‬ ‫«عندما ال تجد طري ًقا أمامك؛‬
‫(سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم)‬

‫وعندما تشق طريقك بنفس��ك وتصل لما تريد ستندم على‬


‫ً‬
‫خائفا م��ن الصعوبات؛ ألن��ك اجتزتها‬ ‫األي��ام التي أمضي َته��ا‬
‫بالصعوبة‬
‫ُّ‬ ‫وستراها اآلن من منظور ٍ آخر‪ ..‬وستعرف أنها لم تكن‬
‫التي كنت تخافها‪ ،‬بل هي أسهل مما كنت تتخيل‪..‬‬

‫الرحلة وعقبات الطريق أسهل‬


‫«عندما يتحقق ال َّنجاح‪ ،‬تبدو ِّ‬
‫مما كانت في الواقع»‪.‬‬
‫(نسيم صمادي)‬

‫قمت بها لتحقق نجاحك‪ ،‬فلو‬ ‫إيَّاك أن تندم على أي خطوةٍ‬


‫َ‬
‫لغة ولم تس��تفد منها الحقًا‪ ،‬أو حاولت في مش��روع ٍ‬
‫تعلم��ت ً‬
‫تأت بنتيجةٍ‪ ،‬فهذا‬
‫ِ‬ ‫ما وفش��ل‪ ،‬أو بنيت عالقات مع عمالء ولم‬
‫ليس بمصدر قلق‪ ،‬ولست الفاش��ل المحبط‪ ،‬وإنما أنت كسبت‬
‫ٌ‬
‫درجة‬ ‫شرف المحاولة‪ ،‬وكل المحاوالت حتى الفاشلة منها هي‬
‫نحو االرتقاء للقمة‪..‬‬
‫«لم أقلق من الفعل والتنفيذ أب��دً ا‪ ،‬ما يمكن أن يقلقني هو‬
‫عدم الفعل»‪.‬‬
‫(وينستون تشرشل)‬
‫‪145‬‬ ‫‪ 9‬ـ رًاهنو اًليل كَ ِ‬
‫ملُح ْشع‬

‫والضجر من صعوبات الوصول‬ ‫َّ‬ ‫الش��كوى والتذمر‬ ‫كما أ َّن َّ‬


‫تعقيدا‪ ،‬فلم نس��مع في تاريخ البش��ر‪ :‬أن‬
‫ً‬ ‫ل��ن تزيد األم��ر إلاَّ‬
‫الس��لبيين ركبوا موجة النجاح‪ ،‬وإنما كانوا فقط من‬
‫المتذ ِّمرين َّ‬
‫المتفرجين‪..‬‬

‫والتذم��ر ال يجتمعان مع اإلنج��ازات وتحقيق‬


‫ُّ‬ ‫«الش��كوى‬
‫َّ‬
‫األهداف»‪.‬‬
‫(د‪ .‬بدر صادق)‬

‫***‬
‫هب َّ‬
‫ال�ضائع‬ ‫َّ‬
‫الذ ُ‬ ‫‪10‬‬
‫•قيمة الوقت في حياة الإن�سان‪:‬‬ ‫ ‬
‫من أن��ت أيها اإلنس��ان الضعي��ف القوي؟ أيه��ا الخائف‬
‫الش��جاع؟ من أنت الذي اجتمعت فيك األضداد؟ أنت مجرد‬ ‫ُّ‬
‫ٍ‬
‫وساعات ودقائق وثوانٍ‪.‬‬ ‫أيام ٍ‬

‫يوم‪ ،‬ذهب بعضك»‪.‬‬


‫«يا ابن آدم! إنما أنت أيام‪ ،‬إذا ذهب ٌ‬
‫(الحسن البصري)‬

‫ولعل أه��م ما يميز النَّاجحي��ن‪ :‬نظرتهم لمعنى الوق��ت‪ ،‬فالنَّاجح‬


‫أياما‪ ..‬وبالمقابل‬
‫يتمنَّى لو يش��تري أوقات اآلخرين‪ ،‬أو يزيد على يومه ً‬
‫هناك م��ن يرون أ َّن اليوم هو للن��وم واللَّهو‪ ،‬وكل يوم يش��ب ُه أخاه‪ ،‬فال‬
‫الشكوى من الفراغ القاتل‪..‬‬‫إنجاز وال تفكير في المستقبل‪ ..‬وما لهم إلاَّ َّ‬

‫«اإلنس��ان ال َّطموح يتم َّنى لو كان يومه (‪ )48‬ساعة‪ ،‬والكسول‬


‫ما يسمى بوقت‬
‫َّ‬ ‫يبرر تقاعسه بوقت الفراغ‪ ،‬والحقيقة‪ :‬أنه ال يوجد‬
‫الفراغ‪ ،‬إنما هو مجرد وهم ٍ يعيشه فقط من ال يريد أن يفعل شي ًئا»‪.‬‬
‫(د‪ .‬بدر صادق)‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪148‬‬

‫ٍ‬
‫أغلب النَّاس يعيش وهو يظن أنه يستطيع تأجيل أي شيء‪،‬‬
‫مهما إلى وقتٍ آجلٍ‪ ،‬ونس��ي أن الحياة س��نوات‬ ‫ومهم��ا كان ًّ‬
‫مع��دودة فيها أش��هر وأيام‪ ،‬وه��ذه األيام ما هي ِإلاَّ س��اعات‬
‫ودقائق‪ ،‬لهذا على المرء أن يتفكر جا ًّدا بقيمة الوقت‪..‬‬
‫ِ‬ ‫الس ِّت َ ِ‬ ‫«أعما ُر أ ُ َّمتي‬
‫ين‪ ،‬وأ َق ُّل ُهم َم ْن َي ُجو ُز‬ ‫ين إلَى َّ‬
‫السبع َ‬ ‫ما بين ِّ‬
‫َ‬
‫شريف‪ ،‬رواه الترمذي وابن ماجه)‬ ‫ٌ‬ ‫نبوي‬
‫ٌّ‬ ‫(حديث‬
‫ٌ‬ ‫َذل ِ َ‬
‫ك»‪.‬‬

‫وبناء على هذه الفرضية‪،‬‬


‫ً‬ ‫أن العمر سبعون سنة؛‬
‫فلنفترض‪َّ :‬‬
‫فوقت اإلنسان في المتوس��ط مع االختالف بين الناس يتوزع‬
‫يوم ًّيا على ما يلي‪:‬‬
‫‪ 1‬ساعة صالة‬
‫‪ 8‬ساعات عمل (للموظفين)‬
‫‪ 1‬ساعة مواصالت‬
‫‪ 1.5‬ساعة للطعام ما بين (فطور ـ غداء ـ عشاء)‬
‫‪ 0.5‬ساعة في الحمام‬
‫‪ 1‬ساعة نشاطات مختلفة (حفظ ـ قراءة ـ رياضة)‬
‫‪ 1‬ساعة بين األهل أو األصدقاء‬
‫‪ 1‬ساعة تواصل اجتماعي (هاتف ‪ +‬انترنت)‬
‫‪ 7‬ساعات نوم‬
‫المجموع في اليوم الواحد= ‪ 22‬ساعة‬
‫تماما من أصل ‪ 70‬سنة‬
‫ً‬ ‫في المجموع =‪ 66‬سنة مشغولة‬
‫‪149‬‬ ‫‪ 10‬ـ اَّضلا ُبهَّذلا‬

‫تقريبا لكل‬
‫ً‬ ‫الس��بعين س��نة هو (‪ 4‬س��نوات)‬
‫وما تبقى من َّ‬
‫مشاريعك وخططك؟!‪.‬‬

‫هذه اإلحصائية تبين لك كيف أننا نصارع لنستغل كل دقيقة‬


‫في صالحنا!‪.‬‬

‫واإلمام ابن القيم  ‪ 5‬يبين هذه الحقيقة بقوله‪:‬‬


‫ِ‬
‫حياته األبدية‬ ‫عمره في الحقيقة‪ ،‬وهو ماد ُة‬
‫«وقت اإلنس��ان هو ُ‬
‫في النعيم المقيم‪ ،‬ومادة معيش��ته الضنك في العذاب األليم‪ ،‬وهو‬
‫مر الس��حاب‪َ ،‬ف َمن كان وقته هلل‪ ،‬وباهلل‪ ،‬فه��و حياته و ُع ُمره‪،‬‬
‫يمر َّ‬
‫وغير ذلك ليس محس��و ًبا من حيات��ه‪ ..‬فإذا قطع وقت��ه في الغفلة‬
‫واللهو واألمان��ي الباطلة وكان خي��ر ما قطعه به الن��وم والبطالة‪،‬‬
‫فموت هذا خير من حياته»‪.‬‬
‫(ابن قيم الجوزية)‬
‫إن الوقت قمة ِ‬
‫الم َنح الربَّانية التي عجز العلم عن تفسيرها‬
‫أو التحكم فيها‪..‬‬

‫فأنا وأن��ت النملك ـ وكذل��ك ماليين البش��ر والعلماء ـ‬


‫أياما‬
‫الس��اعة للخلف ً‬‫إمكانية إيقاف الزمن أو الرجوع بعقارب َّ‬
‫أو ساعات أو حتى لحظات لتدرك شي ًئا كنت تتمنى حدوثه أو‬
‫إنجازه فى وقتٍ متالطم اللحظات‪ ،‬يدبِّ��ره القوي المتعال في‬
‫سره ألحد ٍ من خلقه‪..‬‬
‫عليائه‪ ،‬والذي لم يمنح َّ‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪150‬‬

‫إ َّن الوقت كالماء سيتفلَّت من بين أصابعك بسهولةٍ إن لم‬


‫تجمع كفيك وتحرص عليه‪..‬‬

‫ٌ‬
‫م�ضيعة للوقت؟‪:‬‬ ‫•هل عملية تنظيم الوقت‬ ‫ ‬
‫ُيحكى‪ :‬أن حطَّ ًابا ذهب ليقطع بعض األش��جار من الغابة‬
‫بفأس ٍ قديم ٍ غير حا ٍّد‪ ،‬وقد أجهد نفس��ه دون جدوى‪ ..‬وبينما‬
‫رجل وأخذ يراقبه وه��و في هذه الحالة‪..‬‬
‫ٌ‬ ‫مر عليه‬
‫هو كذل��ك َّ‬
‫فقال له‪ :‬يا صاحبي! ما لك ترهق نفسك؟!‪ ..‬أال تشحذ فأسك‬
‫جي��دا‪ ،‬ث��م تعود لقط��ع األش��جار‪ ،‬وبذل��ك توف��ر الوقت‬
‫ً‬
‫والجهد؟!‪ ..‬رد عليه الحط��اب‪ :‬أال ترى أنه ليس عندي وقت‬
‫لشحذ الفأس؟!‪..‬‬

‫لو س��مع هذا الح َّط��اب ال َّنصيح��ة لو َّفر ش��يئين‪( :‬الجهد‬


‫والوقت)‪.‬‬

‫إ َّن عملية تنظي��م الوقت والتخطيط المس��بق هي بالضبط‬


‫كشحذ الفأس؛ ألنها توفر الوقت والجهد‪..‬‬

‫كل ساعة تخطيط = ‪ 3‬ساعات عمل‬

‫كما أ َّن لها فوائد ال  ُت ُّ‬


‫ع��د وال  ُتحصى‪ ،‬وأذكر منها إلقناعك‬
‫بالفكرة ما يلي‪:‬‬
‫‪151‬‬ ‫‪ 10‬ـ اَّضلا ُبهَّذلا‬

‫ِّ‬
‫تخط��ط ليومك‪ ،‬وتنظم برنامجك‪ ،‬ستش��عر بقيمة‬ ‫‪ 1‬ـ  ‪1‬عندما‬
‫تبعا ألحدٍ‪،‬‬
‫نفسك‪ ،‬وأنك أنت محور حياتك‪ ،‬وأنك لست ً‬
‫وبالتالي‪ :‬س��تتغير نظرتك لنفس��ك‪ ،‬وسيتحسن مزاجك‬
‫بشكل ٍ عام‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ  ‪2‬س��تنجز مهامك اليومية التي س��توصلك لتحصيل أهدافك‬
‫الصعيد المهن��ي‪ ،‬أو األكاديمي‪ ،‬أو‬
‫س��واء على َّ‬
‫ً‬ ‫ومقاصدك‪،‬‬
‫مستوى لألداء‪.‬‬
‫ً‬ ‫االجتماعي‪ ،‬أو الديني‪ ،‬بشكل ٍ أسرع‪ ،‬وبأعلى‬
‫‪ 3‬ـ  ‪3‬س��تتغير نظرة اآلخرين َ‬
‫لك‪ ،‬فأنت أصبحت بالنس��بة لهم‬
‫ٍ‬
‫مشغولاً بشيء َس��امٍ‪ ،‬وليس لهم الحرية ليقتحموا فضاءك‬
‫في أي وق��ت؛ عندما َّ‬
‫ق��درت قيمة وقت��ك فرضت على‬
‫أيضا‪.‬‬
‫اآلخرين أن يدركوا قيمته ً‬
‫‪ 4‬ـ  ‪4‬عندم��ا تنظم وقت��ك‪ ،‬وتضبط قصة ال َّتس��ويف‪ ،‬س��تنهي‬
‫باكرا‪ ،‬وس��تتمتع بفائض ٍ من الوقت لتمارس فيه‬
‫أعمالك ً‬
‫هواياتك المحببة‪ ،‬أو أي تواصل مع أحبابك وأصحابك‪.‬‬
‫وقد قيل‪ :‬يك�ون لدينا متس�ع م�ن الوق�ت عندما نع�رف كيف‬
‫نستخدمه‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ  ‪5‬ستتخلص من الضغط والتوتر والقلق بشكل ٍ عا ٍّم‪ ،‬الناشئ‬
‫من تراكم األعم��ال وتأجيلها لحالة الطوارئ‪ ،‬والتي تعني‬
‫تنفيذها في آخر الوقت بعجلةٍ ودون إتقان‪.‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪152‬‬

‫‪ 6‬ـ  ‪6‬سيتحسن مستوى أدائك لألعمال‪ ..‬وبالتالي ستتنافس مع‬


‫نفسك؛ وهي من أمتع المنافسات‪ ..‬وذلك بأن تقيس أداءك‬
‫تفوقك على‬
‫حتما س��يؤدي إلى ُّ‬
‫الس��ابق والحالي‪ ..‬وهذا ً‬
‫َّ‬
‫اآلخرين الحقًا‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ  ‪7‬ستصبح أنت المسيطر على الظروف التي تحيط بك بدل‬
‫أن تفرض ه��ي س��يطرتها عليك‪ ،‬وذلك ألن��ك اتخذت‬
‫ٍ‬
‫إجراءات مسبقة‪ ..‬فتكون تصرفاتك ضمن نطاق (‪)proactive‬‬
‫وهو التهيؤ المس��بق لألحداث‪ ،‬وليس��ت (‪ )reactive‬وهو‬
‫تدارك المش��اكل بعد حدوثها‪ ..‬ولتعلم أن الفاش��ل يرمي‬
‫دائما تقصيره على الظ��روف المحيطة ب��ه ليبرر تقصيره‬
‫ً‬
‫ٍ‬
‫بضمير مرتاح‪..‬‬
‫‪ 8‬ـ  ‪8‬س��تفيض روحك بس��عادةٍ تنبع من إحساس��ك بقيمتك‬
‫الحقيقية‪ ..‬فال سعادة مع فوضى واستهتار‪ ،‬وكلَّما شددت‬
‫ت من عادة‬
‫ص َ‬ ‫َّ‬
‫الحزام على نفسك وطوعتها إلرادتك‪ ،‬تخل ْ‬
‫التسويف المقيتة‪.‬‬
‫إ َّن يومي ويومك هو نفسه يوم ابن تيمية‪ ،‬واخلوارزمي‪،‬‬
‫وابن سينا‪ ،‬وآينشتاين‪ ،‬ونيوتن‪...‬‬

‫الس��اعات والدقائق والثواني؛ (‪ )24‬س��اعة‪ ،‬أو‬


‫نفس عدد َّ‬
‫(‪ )1440‬دقيق��ة‪ ،‬أو (‪ )86400‬ثاني��ة‪ ،‬تم َّكن أغل��ب الناجحين‬
‫‪153‬‬ ‫‪ 10‬ـ اَّضلا ُبهَّذلا‬

‫والعباقرة بهذا الوقت نفس��ه من تغيير عالم ٍ ودولٍ‪ ،‬واكتش��اف‬


‫ٍ‬
‫ونظريات غ َّيرت وجه التاريخ‪..‬‬ ‫أعمالٍ‪،‬‬

‫فهل من المعقول أننا غير قادرين على إدارة أنفسنا‪ ،‬وتنظيم‬


‫أمور حياتنا؟!‪ ..‬لنرجع اللوم على أنفسنا‪ ،‬وليس على أحدٍ‪..‬‬

‫حتما الدَّ واء‪..‬‬


‫عرف الدَّ اء سيجد ً‬
‫َ‬ ‫ومن‬

‫ولتعلم‪ :‬أنك إذا اشتكيت من عدم توفر الوقت لديك‪ ،‬فهذا‬


‫يدل على أنك غير قادر على إدارت��ه‪ ،‬وأنك من المفروض أن‬
‫تراجع نفس��ك‪ ،‬وتتعلَّم مه��ارات إدارة الوقت التي س��نذكرها‬
‫الحقًا‪..‬‬

‫«إن من يفش��لون في االستفادة من وقتهم‪ ،‬هم من يشتكون‬


‫َّ‬
‫دائما من عدم توفره»‪.‬‬
‫ً‬
‫(جان البروير)‬

‫• ُمر َّبعات تنظيم الوقت‪:‬‬ ‫ ‬


‫السبع للنَّاس‬
‫تكلم الرائع ستيفن كوفي في كتابه‪« :‬العادات َّ‬
‫األكثر فعالية» عن أهمية إدارة الوقت واألولويات‪ ،‬وقد وضعها‬
‫العادة الثالثة في الكتاب‪ ،‬والتي تقول‪:‬‬
‫ضع األهم أولاً ‪ُ ...‬ثم ِ‬
‫المهم‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪154‬‬

‫ابتكر س��تيفن كوفي طريق��ة جديدة فريدة وس��هلة لتنظيم‬


‫والس��ر في نجاحها ليس تنظيمها للوقت فحسب‪ ،‬بل‬
‫ّ‬ ‫الوقت‪،‬‬
‫معا‪.‬‬
‫تنظيمها للوقت والنفس ً‬
‫جربت هذه الطريقة فوجدتُها مثالية ومفيدة ًّ‬
‫جدا‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫وقد‬
‫ـ ـقُم بتحديد يوم ٍ مع َّين في األس��بوع‪ ،‬وليك��ن يوم اإلجازة‬
‫مثلاً ‪ ..‬تقوم فيه بالتخطيط لباقي أيام األسبوع‪ ..‬كما يمكنك‬
‫االس��تفادة من ُم َربعات تنظيم الوقت ه��ذه‪ ،‬لتعرف ما هي‬
‫أولوياتك في التنفيذ‪..‬‬

‫مهم وغير عاجل‬ ‫مهم وعاجل‬


‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬
‫غير مهم‬ ‫غير مهم‬
‫وغير عاجل‬ ‫وعاجل‬
‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬

‫المربع األول‪ :‬مهم وعاجل‪..‬‬

‫توضع في��ه المهام التي ال تحتمل التأخي��ر‪ ..‬مثل‪ :‬مرض‪..‬‬


‫تسليم بحث‪ ..‬امتحان عاجل وغيرها‪.‬‬
‫‪155‬‬ ‫‪ 10‬ـ اَّضلا ُبهَّذلا‬

‫المربع الثاني‪ :‬مهم غير عاجل‪..‬‬

‫هذا مربع النَّاجحي��ن‪ ،‬ويعتبر من أخط��ر المربعات‪ ،‬وفيه‬


‫تجمع المهام التي تتعلق برسالتك في الحياة‪ ..‬والتي هي مهمة‬
‫ولكنها غير مطلوبة منك حالاً ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ه��دف كبير‪،‬‬ ‫غالبا ما تك��ون خطوات إلى‬
‫وهذه المه��ام ً‬
‫وإهماله��ا يجعلها تنتقل في وق��تٍ من األوقات إل��ى المربَّع‬
‫األول‪ ،‬وتضغط عليك‪ ،‬ويصاب تنفيذ المهام بالبطء وال َّتقصير‪،‬‬
‫وأحيا ًنا العجز‪.‬‬

‫المربع الثالث‪ :‬غير مهم‪ ،‬لكنه عاجل‪..‬‬

‫كثيرا‪ ،‬لكن مطلوب منَّا أداؤها‬


‫توضع فيه المهام التي ال تهم ً‬
‫بالحال‪ ..‬مثل‪ :‬دفع فاتورةٍ مستعجلةٍ‪ ،‬أو زيارةٍ مفاجئة‪ ،‬وغيرها‪.‬‬

‫المربع الرابع‪ :‬غير مهم‪ ،‬وغير عاجل‪..‬‬

‫في هذا المربع توضع األمور الترفيهي��ة أكثر‪ ..‬مثل‪ :‬زيارة‬


‫صديق‪ ..‬قراءة مجالت‪ ..‬مشاهدة فيلم‪..‬‬

‫وم َن الواضح‪ :‬أن المربَّعين األكثر أهمية هما‪ :‬األول والثاني؛‬

‫أل َّن األول‪ :‬إذا لم يتم تنفيذ مهامه بس��رعة‪ ،‬قد تخسر حياة‬
‫أو مقومات حياة‪.‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪156‬‬

‫والثاني‪ :‬إذا لم تهتم به‪ ،‬فلن تكون من النَّاجحين أصحاب‬


‫والرسالة‪.‬‬
‫الرؤية ِّ‬
‫نفس��ك‪،‬‬
‫َ‬ ‫إ َّن تم ُّيزك يس��تحق من��ك أن تفكر بأن تس��تفز‬
‫الماس المدفون‪ ،‬وال تبخل على نفسك بال َّتعب‬
‫وتستخرج منها َ‬
‫لتخطط لها‪ ،‬وتنظم أمورها‪ ،‬ولتعلم أنه‪:‬‬
‫عاليا‪ ،‬عليك أن تحفر عمي ًقا‬
‫لكي َتبني ً‬
‫أمثلة لفهم مربعات تنظيم الوقتِ‪:‬‬

‫***‬
‫�إنَّ كل ما ال يقتلني ُي َق ِّويني‬ ‫‪11‬‬

‫•دُ نيا ال تخلو من الهموم‪ ،‬والأحزان‪ ،‬والم�شاكل‪:‬‬ ‫ ‬


‫مسه الشر جزو ًعا‪..‬‬
‫من طبيعة اإلنس��ان أنه ُخلق هلو ًعا‪ ،‬إذا َّ‬
‫مرارا‬
‫تمني��ت ً‬
‫ُ‬ ‫إلى درجة أن ك َّل إنس��ان يتمنَّى كم��ا أتمنى‪...‬‬
‫وتك��رارا أن يكون هن��اك دواء عجيب ل��كل اآلالم واألحزان‬
‫ً‬
‫ِ‬
‫والعداوات والمشاكل وفَقْد األحبة سميته (باي بروبلم) نخرجه‬
‫من الدرج عند الحاجة‪ ،‬نش��ربه‪ ..‬وبلمح البصر‪ ..‬يتغ َّير الحال‪،‬‬
‫المحال‪ ..‬لي��س فقط ذلك‪ ،‬وإنما حبة مس��ك‪ ..‬نرى‬ ‫ويحصل ُ‬
‫أعداءنا مثلاً وقد قسمهم اهلل نصفين‪ ،‬أو جاءت سيارة كالطيارة‬
‫نس��فتهم من فوق األرض‪ ،‬ثم ننال الم��راد‪ ،‬وننعم بما نتمناه‪..‬‬
‫أليس هذا ما يخطر ببال ُك ٍّل منَّا وقت المصيبة؟!‪ ..‬هل وجدت‬
‫الحل؟!‪ ..‬ال أعتقد‪..‬‬

‫كثيرا وتس��بح‬
‫افتح عينيك‪ ..‬وانزل على األرض‪ ..‬ال تحلم ً‬
‫مع الس��حاب‪ ..‬عش بواقعي��ة‪ ،‬وتعرف على ال��دواء العجيب‪،‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪158‬‬

‫والحل السريع َّ‬


‫الشافي لكل المشاكل واآلالم‪ ..‬فالدواء‪:‬‬

‫ه�و‪ :‬أن تركِّ�ز على فعل�ك أن�ت خلال املش�كلة‪ ،‬وليس على‬
‫النتائج التي آلت إليها‪..‬‬

‫ط خطو ًة إيجابية‪ ،‬واضبط نفس��ك‪ ..‬غ ِّير ما بداخلك من‬‫اخ ُ‬


‫ْ‬
‫االعتراض والش��كوى‪ ،‬واعلم أن كل مش��كلةٍ أوجدها اهلل في‬
‫ٍ‬
‫بتقديرحكيمٍ؛ يعني‪:‬‬ ‫طريقك أنت بالذات ليس��ت عبثًا‪ ،‬وإنم��ا‬
‫ٍ‬
‫مفصلة على مقاسك أنت‪ ...‬ربما بشيء من الذنوب‪.‬‬ ‫َّ‬
‫﴿ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﴾‬
‫[الشورى‪]30 :‬‬

‫لتحد جديد ٍ أقوى صالبة‪..‬‬


‫ٍّ‬ ‫تطهير في الدنيا أو تهيئة‬

‫مجا ًنا‪ ..‬أو‬ ‫يعني‪ :‬دورة تدريبية خاصة ب��ك‬


‫(‪)special course‬‬

‫لترفعك إلى منزلةٍ عالية في الدنيا واآلخرة لم تستطع أن تبلغها‬


‫بأعمالك المتواضعة‪ ..‬يعني (‪ )up grade‬إلى الدرجة األولى‪..‬‬
‫ٍ‬
‫صغيرا ثم يكبر‪ ،‬إلاَّ المش��اكل‬
‫ً‬ ‫يبدأ‬ ‫ش��يء‬ ‫ولتعلم أن كل‬
‫واآلالم‪ ،‬تذبل وتذوي‪ ،‬وتصغر مع مرور الزمن‪..‬‬

‫وستضحك على نفس��ك وتتمنى أن تعيد الفيلم مر ًة أخرى‬


‫لتغير ردة فعلك‪ ..‬ال تندم على ما فات‪ ،‬وعش بأمل ٍ ٍ‬
‫كبير‪..‬‬
‫‪159‬‬ ‫‪ 11‬ـ ِّوَقُي ينلتقي ال ام لك َّنإ‬

‫الصعاب‬
‫ن ََع ْم وتهون األم��و ُر ِّ‬ ‫ب��اب إذا ُس��دَّ باب‬
‫ٌ‬ ‫س��يفتح‬
‫ُ‬
‫الهم يجدي وال االكتئاب‬
‫فال ُّ‬ ‫هون عليك‬ ‫الهم ُيس��ران ِّ‬
‫ِّ‬ ‫مع‬
‫وعندك منه رضا واحتس��اب‬ ‫ف�لا َت��أْس يوما عل��ى فائتٍ‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫(ديوان اإلمام الشافعي)‬

‫ليس عليك إلاَّ أن تس��تقبل اآلالم واألحزان كما يستقبلها‬


‫األطفال بعدم اهتمامٍ‪ ..‬وتَ َر َّو‪ ...‬ث�� َّم ف ِّكر عميقًا‪ُ ..‬مد نظرك أبعد‬
‫من أنف��ك‪ ،‬واعرف حدود المش��كلة‪ ،‬وال ترس��م له��ا يدين‬
‫فصبر اهلل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ش��ت هان ًئ��ا عابثًا‪َ ..‬‬
‫َ‬ ‫ورجلين‪ ،‬وتذ َّكر‪ :‬كم من األيام ِع‬
‫عليك‪ ..‬اصبر واعتبر‪ ،‬كل ما أتى من صغائر األمور‪.‬‬
‫الصبر كي نقبل باألش��ياء‬
‫«إن اهلل س��بحان ُه وهبنا البصيرة مع َّ‬
‫َّ‬
‫التي ال يمكننا تغييرها‪ ،‬ونس�� ِّلم به��ا‪ ..‬وأعطانا َّ‬
‫الش��جاعة والقوة‬
‫لنميز بين‬
‫لنتمكن من تغيير ما نس��تطيع تغييره‪ ..‬ووهبن��ا الحكمة ِّ‬
‫االثنين»‪.‬‬
‫(سهير)‬

‫«كرس نفس��ك ش��خص ًّيا لألش��ياء والجوانب التي يمكن‬


‫ِّ‬
‫تغييرها‪ ،‬حيث تستطيع أن تشكل فار ًقا»‪.‬‬
‫(ريتشارد تمبلر)‬

‫ـ ـإن المآزق ليس��ت مهالك‪ ،‬وإنما هي مط َّب��ات في طريقنا‬


‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪160‬‬

‫يبعثها اهلل في وق��تٍ ما من حياتن��ا‪ ،‬لحكمةٍ ه��و أرادها‪،‬‬


‫دروسا في مقاعد الحياة‪..‬‬
‫ً‬ ‫ولنتعلم منها‬

‫«في المدارس نتع َّلم الدروس ثم ُّ‬


‫نمر على االمتحانات‪ ..‬أما في‬
‫الحياة فنمر باالمتحانات ثم نتع َّلم الدروس»‪.‬‬
‫(د‪ .‬إابراهيم الفقي)‬

‫«قال عبادة بن الصام��ت ‪ ،3‬يع ِّلم ابنه حقيق��ة َف ْهم ِ مصائب‬


‫الدنيا ومشاكلها‪( :‬يا بني! إنك لن تجد حقيقة اإليمان حتى تعلم‪:‬‬
‫أن ما أصابك لم يكن ليخطئك‪ ،‬وما أخطأك لم يكُ ن ليصيبك»‪.‬‬
‫بابا‬
‫جانب إيجابي‪ ،‬وهو‪ :‬أنها تفتح لك ً‬ ‫ٌ‬ ‫أي مش��كلةٍ لها‬
‫ـ ـإ َّن َّ‬
‫ألفكار وحلول أكبر ممكن أن تواجهها الحقًا‪..‬‬

‫كما أنه��ا تزيد م��ن قدرات��ك‪ ،‬وتصقل ش��خصيتك‪،‬‬


‫وتكس��ب منها خبرة في التعامل مع الحياة‪ ..‬فكثرة مرورك‬
‫تماما أين الحفر حتى تتجنبها‪ ،‬وال تقع‬
‫ً‬ ‫في الطريق تعلمك‬
‫ً‬
‫ثانية‪..‬‬ ‫فيها‬
‫يقويني‪.‬‬
‫كل ما ال يقتلني ِّ‬
‫ولهذا سمينا هذا الفصل‪ :‬إن َّ‬
‫‪161‬‬ ‫‪ 11‬ـ ِّوَقُي ينلتقي ال ام لك َّنإ‬

‫م�شكلة ٌّ‬
‫حل‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫• ِّ‬
‫لكل‬ ‫ ‬
‫عند المشاكل ينقسم البشر إلى ثالثة أصناف‪:‬‬
‫األول‪ :‬يح��ل المش��كلة بس��رعةٍ‪ ،‬ويض��ع لمعالجتها عدة‬
‫احتماالت‪ ،‬ويواجهها بإرادةٍ ُصلبةٍ‪.‬‬
‫ٍ‬

‫الثاني‪ :‬يؤجل حلَّها إلى وق��تٍ الحقٍ‪ ،‬ويحاول ال َّتهرب من‬


‫المواجهة ويختار أن يتركه��ا حتى تتفاقم‪ ،‬وعندما تكبر يحاول‬
‫الدمار الذي خلَّفته‪.‬‬
‫أن يلملم َّ‬

‫ال َّثالث‪ :‬يترك المش��كلة والتفكير بحلول ٍ له��ا‪ ..‬ويجلس يبكي‬


‫وينوح شاكيا َّ‬
‫حظه ال َّتعيس في الحياة‪ ،‬ويستعطف قلوب العباد‪ ،‬ظنًّا‬ ‫ً‬
‫ٍ‬ ‫ُّ‬
‫للتخلص من أي مواجهة حقيقية‪.‬‬ ‫الشكوى هي أفضل ح ٍّل‬ ‫منه‪ :‬أن َّ‬

‫الصن��ف األول‪ ،‬أذِب ِ الجليد بيدي��ك الحارتين‪،‬‬‫«كُن من ِّ‬


‫الربيع»‪.‬‬
‫وال تنتظر قدوم َّ‬
‫(سهير)‬

‫ـ ـإ َّن الفاش��ل المتواكل عل��ى غيره‪ ،‬يظن أ َّن المش��كلة التي‬


‫تواجهه س��تدوم أبد اآلبدين‪ ،‬وأنها ضخمة ومع َّقدة‪ ،‬حتى‬
‫إنها تمنع عنه نور الشمس‪ ،‬فهو أشبه بمن أغلق على نفسه‬
‫عدوه المس��تحيل الذي يوهمه‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫في غرفة مظلمة وجلس مع ِّ‬
‫أ َّن كل مشكل ٍ غير ممكن الحل‪.‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪162‬‬

‫«إن طريق التغلب على المس��تحيل هو رفض القبول باليأس‪،‬‬ ‫َّ‬


‫ٍ‬
‫بطريق��ة ما» ِّ‬
‫ففكروا معي‬ ‫حل ما‪ ،‬في مكانٍ ما‪،‬‬
‫أن تقول‪« :‬يوج��د ٌّ‬
‫أين هو؟»‪.‬‬
‫(سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم)‬

‫ـ ـأما اإلنس��ان الفعال الذكي‪ ،‬فإنه يس��أل نفسه في بداية كل‬


‫مش��كلةٍ‪ :‬ماذا س��يحل بالمش��كلة؟ وما أبعادها؟ حتى لو‬
‫اس��تمرت لمدة (‪ )100‬عام مثلاً ؛ هذا إن عاش هو إلى الـ‬
‫(‪ )100‬عام‪ ..‬وسيكون الجواب‪ :‬أنها س ُتطوى في صفحات‬
‫الزمان وتذهب مع الريح‪..‬‬
‫درب عقلك على أ َّن الح َّل الصحيح والس��ريع للمش��كلة‪،‬‬
‫ـ ـ ِّ‬
‫والطريق الوحيد هو مواجهتها‪ ،‬وعدم االستس�لام للخوف‬
‫الذي هو أكبر المشاكل‪..‬‬
‫فليس َما تخاف منه بأسوأ من الخوف»‪.‬‬
‫ف‪َ ،‬‬‫«لاَ َت َخ ْ‬
‫(د‪ .‬صالح شفيع)‬
‫ـ ـضع وقتك وجهدك على اآلتي‪:‬‬
‫‪%80‬‬ ‫‪%20‬‬
‫في حل المشكلة‬ ‫في فهم المشكلة وأسبابها‬

‫ج��زءا من الح��ل‪ ،‬وال تكن‬


‫ً‬ ‫دائم��ا بأفكارك‬
‫ولتك��ن أنت ً‬
‫جزءا من المشكلة‪..‬‬
‫ً‬ ‫كالفاشل‬
‫‪163‬‬ ‫‪ 11‬ـ ِّوَقُي ينلتقي ال ام لك َّنإ‬

‫اطرح الحلول في مح��اور مختلفة‪ ،‬فإن ل��م ينجح األول‬


‫باب واحد فقط لحل المش��كلة‪ ،‬وإنَّما‬
‫نجح الثاني‪ ،‬فال يوجد ٌ‬
‫حاول بكل األبواب‪..‬‬

‫ُّ‬
‫كالذبابة!‪:‬‬ ‫•ال تكن‬ ‫ ‬
‫أي س��يارةٍ تحاول جاهد ًة أن تخرج من‬
‫إن ال ُّذبابة إذا دخلت في ِّ‬
‫الزجاج األمامي؛ ألنها تعتقد أنه األكبر‪ ،‬وتبقى تظن أنه المنفذ الوحيد‬
‫لها‪ ..‬حتى لو فتحت لها النوافذ األربعة‪ ،‬فإنها تبقى تحاول في المنفذ‬
‫دائما ِّ‬
‫فكر في‬ ‫األمامي وتضرب رأس��ها حتى تموت‪ ..‬فال تكن مثلها‪ً ..‬‬
‫أكثر من منفذ‪ ،‬وال تضرب رأس��ك باألكبر واألوسع‪ ،‬والذي تراه هو‬
‫وفكر في حلولٍ أخرى‪..‬‬
‫الحل الوحيد‪ ..‬افتح بصيرتك‪ِّ ،‬‬

‫•قاعدة هامة في حل الم�شاكل والأزمات‪:‬‬ ‫ ‬


‫«اق ُتل ِ َ‬
‫الوحش وهو صغير»‪.‬‬
‫(د‪ .‬سليمان العلي)‬

‫فالوحش هو المش��كلة‪ ..‬وعليك أنت أيه��ا البطل أن تقتله‬


‫بأقصر وقتٍ ح َّتى ال يكبر فيقضي عليك‪..‬‬
‫ولتعلم‪ :‬أنَّك يجب أن تس��تخدم لقتل الوحش استراتيجية‬
‫غير التي اس��تخدمتها عند حدوث المش��كلة لئ�َّل�اَّ يتجرأ هذا‬
‫الوحش عليك ويهاجمك‪..‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪164‬‬

‫إن العقل ال��ذي جاءت به المش��كلة‪ ،‬ليس ه��و العقل الذي‬


‫َّ‬
‫سيتمكن من حل المشكلة‪.‬‬

‫ف ِّك��ر من زواي��ا مختلفة‪ ،‬وأرجع المش��كلة إل��ى حجمها‬


‫الطبيعي‪ ،‬واس��توعب فك��رة أنك من الممكن أن تجني ش��ي ًئا‬
‫ما مفيدا من ورائها‪..‬‬
‫ً‬
‫من الممكن أن يعتبر بع��ض النَّاس هذا الكالم نظريًّا‪ ..‬فلو‬
‫ُطرد موظف ما مثلاً من عمله وجلس يقول‪ :‬عاطل عن العمل‪،‬‬
‫اجن ِ من وراء هذه المشكلة الثمر‪..‬‬‫ولي أسرة‪ ،‬وهي تقول‪ْ :‬‬
‫فلو افترضنا مثلاً ‪ :‬أ َّن اهلل يريدك في عمل ٍ آخر أفضل‪ ،‬ومكان ٍ‬
‫مجالك‪ ،‬فهل كنت ستذهب لتبحث‬
‫َ‬ ‫اختاره لك لتكسب خبرة في‬
‫عنه لو لم تكن قد ُطردت من عملك األول؟‪ً ..‬‬
‫حتما ال‪.‬‬
‫إن نور الفجر ال ينبثق إلاَّ عند لحظة الظالم األحلك‪.‬‬

‫افتح بصيرتك التي في الداخل‪ ،‬وانظر بروح المنتصر‪:‬‬


‫كش��فت حقائ َقه��ا بال َّن َظ��ر‬
‫ُ‬ ‫��ن لي‬
‫المش��كالت َت َصدَّ ْي َ‬
‫ُ‬ ‫إذا‬
‫(ديوان اإلمام الشافعي)‬
‫‪165‬‬ ‫‪ 11‬ـ ِّوَقُي ينلتقي ال ام لك َّنإ‬

‫•كيف تكت�شف حقائق الم�شكلة بال َّنظر؟‪:‬‬ ‫ ‬


‫استخدم جدول تحليل المشكلة‪:‬‬
‫اجم��ع الحقائق حول المش��كلة‪ ،‬لتتمكن من اتخاذ‬ ‫‪1‬‬
‫القرار بعد معرفةٍ تامةٍ‪.‬‬
‫اعتم��ادا على‬
‫ً‬ ‫مناس��با‪،‬‬
‫ً‬ ‫اتخ��ذ القرار ال��ذي ت��راه‬ ‫‪2‬‬
‫المعلومات التي جمعتها‪.‬‬
‫نفذ قرارك الذي اتخذته دون ت��رددٍ‪ ،‬وتجاهل ِ القلق‬ ‫‪3‬‬
‫من النتائج المتوقعة‪.‬‬
‫اكتب األسئلة التالية‪ ،‬وأجب عليها‪:‬‬ ‫‪4‬‬
‫ما هي المشكلة؟‪.‬‬
‫ما سبب حدوث المشكلة؟‪.‬‬
‫ما هي جميع الحلول المتاحة لحل المشكلة؟‪.‬‬
‫ما هو الحل األفضل بين الحلول المقترحة؟‪.‬‬

‫•�إ َّياك �أن ترمي نف�سك في ِ�ش َباك القلق!‪:‬‬ ‫ ‬


‫شلل يصيبنا وقتها‬
‫ٌ‬ ‫إ َّن القلق عند حدوث المشاكل ما هو إلاَّ‬
‫ليوقفنا عن إيجاد أي ح ٍّل لها‪..‬‬
‫دائما‪ ،‬ولكنه لن‬
‫«القلق مثل الكرس��ي الهزاز سيجعلك تتحرك ً‬
‫(لو آن سميث)‬ ‫يوصلك إلى أي مكا ٍن»‪ .‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪166‬‬

‫وقد طرح كت��اب (دع القلق وابدأ الحي��اة) لديل كارنيجي‬


‫حقائق هامة عن التخلص من القلق؛ أهمها‪:‬‬
‫ِ‬
‫بضوء‬ ‫ٍ‬
‫مليئة‬ ‫ٍ‬
‫غرفة‬ ‫ش في‬ ‫ِ‬
‫‪1‬ـ ‪1‬إنك إذا أردت أن تتجنب القلق (ع ْ‬
‫ش‬ ‫ِ‬
‫انس األمس‪ ..‬فقط ع ْ‬
‫ال َّنهار) وال تقلق على المس��تقبل‪َ ..‬‬
‫ميعاد النوم‪..‬‬
‫اليوم حتى َ‬
‫‪2‬ـ ‪2‬وصف ٌة سحرية لحل مشكالت القلق؛ هي‪:‬‬
‫ •اسأل نفسك‪ :‬ما أسوأ ما يمكن أن يحدث؟‪.‬‬

‫ •أقنع نفسك على القبول به‪ ،‬إذا لزم األمر‪.‬‬


‫ٍ‬ ‫ • َّ‬
‫تقدم بهدوء وحاول إصالح ما يمكن إصالحه من الموقف‪.‬‬

‫ •ذ ِّكر نفسك بال َّثمن الباهظ الذي تدفعه من صحتك في مقابل‬


‫القلق (أولئك ال يعرفون كيف يتخلصون من القلق‪ ،‬يموتون‬
‫صغار السن)‪.‬‬
‫(كتاب‪ :‬دع القلق وابدأ الحياة‪ ،‬ديل كارنيجيي‪)Dale Carnegie :‬‬

‫إ َّن دواء القلق األمثل والذي لم يتحدث به كارنيجي‪ ،‬هو‬


‫معرفت��ك أن أم��ورك بيد حكي��مٍ‪ ،‬فلو كانت ل��ك قضية ما‪،‬‬
‫مرتاحا‪ ،‬فكيف‬
‫ً‬ ‫ووكلت لها أكبر المحامين‪ ،‬لنمت قرير العين‬
‫تقل��ق وأنت أم��ورك كله��ا بي��د الحكي��م الخبي��ر‪ ،‬العالِم‬
‫بأحوالك؟!‪..‬‬
‫‪167‬‬ ‫‪ 11‬ـ ِّوَقُي ينلتقي ال ام لك َّنإ‬

‫في أمـور ٍ تكـون أو ال تكـو ُن‬ ‫أعين‪ ،‬ونامـ��ت عيـون‬


‫ٌ‬ ‫س��هرت‬
‫ْ‬
‫فحمالنـك الهـمـ��و َم جـنـو ُن‬ ‫الهم ما استطعت عن النفس‬
‫فادرأ َّ‬
‫سيكفيك فـي غـد ٍ مـا يكـو ُن‬ ‫إن ر ًّبا كفاك باألم��س مـا كـانَ‬

‫(ديوان اإلمام الشافعي)‬


‫ِ‬
‫اس��مع‪ :‬إن حمالن��ك الهموم جن��ونٌ ‪ ،‬وهذا أَق��ل ُ‬
‫ما يقال‬
‫ألصحاب العقول‪..‬‬

‫•ا�ستراتيجيات مختلفة للتخ ُّل�ص من القلق والهموم وال�شعور‬ ‫ ‬


‫باالكتئاب‪ ،‬اختر منها ما  ينا�سب �شخ�صيتك‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ العمل واالنشغال‪:‬‬


‫إن العمل واالنش��غال هو من أكسب أنواع االستثمار‪ ،‬فعندما‬
‫تحاول أن تكون مش��غولاً بعمل ٍ ما عند الشعور بالقلق ستحصل‬
‫على هذه األشياء‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪1‬سيتبدد القلق دون أن تشعر؛ ألنك غير متفرغ ٍ له‪..‬‬
‫سواء عملت أو تعلَّمت‪..‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إنتاجية أكثر‬ ‫‪2‬ـ ‪2‬ستكسب‬
‫‪3‬ـ ‪3‬س��توقف سلس��لة الخس��ائر التي تحس بها (خسرت‬
‫ً‬
‫فرصة ما) فال تخس��ر‬ ‫عزي��زا عليك _ أو‬
‫ً‬ ‫مالك _ أو‬
‫طاقتك اإليجابية‪..‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪168‬‬

‫وكن��ت كلَّما ش��عرت بهموم ٍ‬


‫ُ‬ ‫وق��د جربت ه��ذه الوصفة‪،‬‬
‫فورا للعمل‪ ،‬حتى ل��و كان تطوع ًّيا‪ ،‬أو‬
‫ومش��اكل تقلقني أبادر ً‬
‫التس��جيل في دورة تدريبية كتعلم لغةٍ أو برام��ج الكمبيوتر‪..‬‬
‫ٍ‬
‫وكان كل شيء يذهب تدريج ًّيا في دوامة األعمال اليومية التي‬
‫تطحن الجميع فيها‪..‬‬

‫إن ابتع��ادك بالعمل لوقتٍ خارج نطاق المش��كلة‪ ،‬والقلق‬


‫بش��أنها‪ ،‬من الممكن أن يوحي لك بحلول ٍ أخرى ملهمة؛ ألن‬
‫مستوى القلق ينخفض عندك وسترى بوضوح ٍ أكثر‪..‬‬
‫«عندم��ا يتكرر الحل نفس��ه في ذهنك واليب��دو أنه الحل‬
‫المناس��ب المثالي‪ ،‬يك��ون الوقت قد حان لالبتع��اد قليلاً عن‬
‫إن إبعاد نفسك جس��د ًّيا عن ساحة اتخاذ القرار من‬‫المشكلة‪َّ ..‬‬
‫الذهن ه��و النقطة‬‫ش��أنه أن يخفض مس��توى القلق‪ ..‬وصفاء ِّ‬
‫المركزية للهدوء الداخلي»‪.‬‬
‫(روجر داوسون‪)Roger Dawson :‬‬

‫‪ 2‬ـ اليوم فقط‪:‬‬

‫اس��تراتيجية غاية في الجنون والمرح‪ ،‬وس��تغير ش��عورك‬


‫بشكل ٍ عال ٍ تجاه ما يقلقك اسمها‪ :‬اليوم فقط‪...‬‬

‫ال تفكر بأنك مهموم‪ ،‬ولي��س عندك وقت لتقوم بما أقول‪،‬‬


‫ن ِّفذ دون اعتراض‪..‬‬
‫‪169‬‬ ‫‪ 11‬ـ ِّوَقُي ينلتقي ال ام لك َّنإ‬

‫قرر أن تكون أسعد إنسان ٍ على وجه األرض‪.‬‬‫ •اليوم فقط‪ِّ :‬‬
‫ٍ‬
‫بتمرينات رياضية‪..‬‬ ‫ •اليوم فقط‪ :‬اهتم بجسدك وصحتك‪ ..‬قم‬
‫طازجا‪ ..‬د ّلع نفسك‪.‬‬
‫ً‬ ‫عصيرا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وجبة صحية‪ ..‬اشرب‬ ‫ُكل‬
‫جديدا تحس ب��ه أنك تتطور‬
‫ً‬ ‫ •اليوم فق��ط‪ :‬اقرأ وتعلَّم ش��ي ًئا‬
‫أكاديم ًّيا ومهن ًّيا‪..‬‬
‫ً‬
‫نعمة ما‪،‬‬ ‫ •اليوم فقط‪ :‬ه ِّيئ نفسك‪ ،‬وتفاءل بأن اهلل سيرسل لك‬
‫وأنك عندما حزنت شعرت بالقرب منه‪..‬‬
‫ •اليوم فقط‪ :‬أنعش روحك التي تس��مو للخالق‪َ ..‬صلِّ‪ ،‬واقرأ‬
‫خير‪ ،‬صدقة‪ ،‬مساعدة محتاجٍ‪..‬‬‫القرآن واستغفر‪ ..‬ثم قم بعمل ٍ‬

‫ •اليوم فق��ط‪ :‬البس أجمل ما عندك‪ ،‬الذي يش��عرك بأنك في‬


‫جديدا‬
‫ً‬ ‫ِ‬
‫اشتر شي ًئا‬ ‫أفضل حالٍ‪ ،‬وإذا كانت أمورك المادية بخير‬
‫(كتاب‪ ،‬قلم‪ ،‬مالبس)‪..‬‬
‫ •اليوم فق��ط‪ :‬اكتب ما تود القيام به‪ ،‬حتى ل��و لم تن ِّفذه كلَّه‪،‬‬
‫وقت لتضييعه في‬ ‫ٌ‬ ‫جدا‪ ،‬وليس هناك‬‫ستش��عر أنك مش��غول ًّ‬
‫الحزن‪ ،‬وأنك تمسك دقائق يومك وحياتك بيدك‪..‬‬
‫ •اليوم فقط‪ :‬تأمل بكل األش��ياء الرائع��ة التي منحها اهلل لك‪،‬‬
‫اس��ترخ ِ لمدة نصف س��اعةٍ وح��اول أن تس��تمد النور من‬
‫الخالق‪..‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪170‬‬

‫«إن معظم ال َّناس يكونون سعداء بقدر ما يجعلون عقولهم‬


‫َّ‬
‫عليه»‪.‬‬
‫(أبراهام لينكولن)‬

‫• ّ‬
‫حول القلق �إلى تخطيط‪:‬‬ ‫ ‬
‫إ َّن لحظ��ة القلق والتخبط بين براثن المش��كلة التي تواجهها‪،‬‬
‫هي لحظ��ة غريبة‪ ،‬تفتح أمامك ُك َّل المش��اكل الماضية‪ ،‬وتقحمك‬
‫في عال��م ٍ من الخيال‪ ،‬لترى المش��كلة وكأنها أكبر المش��اكل في‬
‫العالم‪ ..‬ولكنها في الوقت نفسه تشعرك بضرورة التحرك للمواجهة‪،‬‬
‫ٍ‬
‫وكأنك مضطر لعمل أي شيء يخلصك من هذه المشكلة‪.‬‬

‫ومن المؤك��د‪ :‬أنه لوال أنك لم تقل��ق وتخف لما تحركت‬


‫ال نحول ه��ذا الجهد إلى‬
‫ِّ‬ ‫أبدا لحل هذه المش��كلة‪ ..‬فلم��اذا‬
‫ً‬
‫التفكير العمي��ق‪ ،‬ومراجعة الحس��ابات واألخط��اء‪ ،‬وإصالح‬
‫الشكوى التي ال تأتي بفائدة؟!‪ِّ ..‬‬
‫خطط‬ ‫ما يمكن إصالحه‪ ،‬بدل َّ‬
‫لك ف��ي كل األحوال‪ ،‬حت��ى لو انتهت‬
‫لما ت��رى أنه األفضل َ‬
‫ٍ‬
‫المشكلة أو بقيت‪ ،‬ف ِّكر بعمق‪ ،‬وستجد األفضل ً‬
‫دائما‪..‬‬
‫ال نحول قلقنا مم��ا يمكن أن يح��دث إلى تفكير ٍ‬
‫ِّ‬ ‫«لم��اذا‬
‫ٍ‬
‫وتخطيط دقيقٍ‪ ،‬لما نريده أن يحدث»‪.‬‬ ‫عميقٍ‪،‬‬
‫(ونستون تشرشل)‬
‫***‬
‫مار�س مهارات الإقناع على نف�سك‬ ‫‪12‬‬
‫مر الس��نين‪ :‬أنها ُتستخدم في‬
‫ُعرفت مهارات اإلقناع على ِّ‬
‫التواصل مع الناس واإلدارات والقي��ادات‪ ..‬ولكن من المؤكد‬
‫أنك لم تقرأ عن مهارات تطبقها لتقنع نفسك أنت‪..‬‬

‫فهل م��ن الممكن أن النف��س تحتاج لإلقن��اع حتى تقوم‬


‫بالفعل‪ ..‬لق��د بدأنا الكتاب باس��م‪ :‬أنت ونفس��ك‪ ..‬أي‪ :‬إنك‬
‫المس��ؤول عنها‪ ..‬الذي من الواجب علي��ه أن يتف َّهم طبيعتها‪،‬‬
‫وكيفي��ة التعامل معه��ا‪ ،‬ولربما نكون أول من ط��رح مهارات‬
‫اإلقناع بهذه الطريقة عل��ى النحو الش��خصي‪ ،‬أي‪ :‬لك أنت‪..‬‬
‫ألنك أن��ت جوهر الكون‪ ،‬وم��ن هذه النف��س تنطلق عجائب‬
‫الحياة‪..‬‬

‫وقد ُعرف اإلقناع سابقًا بما يلي‪:‬‬

‫اإلقناع‪ :‬هو محاولة التأثي��ر على اآلخرين لقبول أمر ٍ معينٍ‪،‬‬


‫مثل‪( :‬فكرة‪ ،‬منتج أو خدمة) واالطمئنان إليه‪ ،‬والرضا به‪.‬‬
‫أي‪ :‬إن��ه للتأثي��ر على اآلخ��ر‪ ،‬يعن��ي‪ :‬وس��يلة‪ ،‬فلماذا‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪172‬‬

‫ال تس��تخدم هذه الوس��يلة مع الش��خص األهم في حياتك‪،‬‬


‫والذي هو أنت؟!‪.‬‬
‫ُّ‬
‫بالتعلم‬ ‫اإلقناع‪ :‬مه��ارة كغيرها من المه��ارات‪ُ ،‬تكتس��ب‬
‫والممارسة‪ ،‬وهي من المهارات التي ترفع قيمة اإلنسان‪ ،‬وتزيد‬
‫من سعره في كل المجاالت‪ ،‬سواء في األسرة‪ ،‬أو المجتمع‪ ،‬أو‬
‫مقنعا بين الن��اس‪ ..‬فكيف إذا كان‬
‫ً‬ ‫نط��اق العمل‪ ..‬إذا م��ا كان‬
‫أريبا‪ ،‬ذك ًّي��ا‪ ،‬يطبق هذه المه��ارات على نفس��ه أولاً ؟!‪ ..‬ومما‬
‫ً‬
‫بأي فكرةٍ‪..‬‬
‫ال  شك فيه أنَّك ستكون غير قادر ٍ على إقناع غيرك ِّ‬
‫مقتنعا بها مئة بالمئة‪.‬‬
‫ً‬ ‫إذا لم تكن أنت‬
‫الكتب أو المحاضرات التي تطرح موضوع اإلقناع‬ ‫وأغلب ُ‬
‫تطرح فكرة‪ :‬أقنع نفسك َّأولاً ‪ ،‬لتقنع من حولك‪..‬‬
‫عندما نح��اول أن نقنع اآلخر بوجهة نظر‪ ..‬فإننا نس��تخدم‬
‫أس��لوب الوصول إلى العقل الباطن الموجود داخل هذا اآلخر‬
‫ومخاطبته بالفكرة‪..‬‬
‫هذا يعني‪ :‬أنك تحاوره‪ ،‬والحوار هو أهم مهارات اإلقناع‪..‬‬
‫تأثيرا على‬
‫ً‬ ‫لذا‪ :‬فإن الحوار مع الذات هو من أكثر أنواع الكالم‬
‫النفس؛ فالعقل الباطن له أس��رار وأسرار‪ ..‬إذ قيل‪ :‬إنه المسيطر‬
‫على وظائف وأحاسيس وأحوال الجسد‪..‬‬
‫كرس علماء التوجيه الش��خصي ف��ي العصر الحديث‬
‫لذلك‪َّ :‬‬
‫‪173‬‬ ‫‪ 12‬ـ سفن ىلع عانقإلا تاراهم سرام‬

‫جهودهم لجعل هذا الحوار إيجاب ًّي��ا؛ ألن حديث النفس من أهم‬
‫دعائم النجاح‪ ،‬فهو يولد اإلدراك‪ ،‬والذي يؤدي إلى القيام باألفعال‬
‫الصحيحة‪ ،‬والتي تُعطي نتائج ملموسة الحقًا في حياة المميزين‪..‬‬
‫َّ‬

‫ارفع من قدر نفسك‪ ،‬وحدِّ ثها بإيجابية‪.‬‬

‫•من هو ال�شخ�ص الأقوى في الإقناع؟‪:‬‬ ‫ ‬


‫الشخص القادر على إثبات وجهة نظره باألدلة القوية‪..‬‬ ‫هو َّ‬
‫فإذا ما رغبت بالتغيير لألفضل‪ ،‬فإ َّن نفسك لن تستسلم‪ ،‬وتؤمن‬
‫بالفك��رة‪ ..‬إلاَّ إذا أثب��تَّ لها أن ه��ذه الفكرة ه��ي الصحيحة‬
‫باألدلة‪..‬‬

‫ما كنت تعاني مثلاً ‪ :‬من مشكلةِ فقد العزيمة واإلصرار‪،‬‬


‫َ‬ ‫فإذا‬
‫وأردت إقناع نفس��ك بأن هذه العادة خاطئ��ة‪ ،‬وينبغي االلتزام‬
‫بتغييره��ا‪ ،‬فإ َّن أنج��ح طريقةٍ ه��ي‪ :‬اإلثبات بالدلي��ل القاطع‪،‬‬
‫السلبية‪ ،‬واستسلم لها‪ ،‬وعاش في‬
‫والتفكر بمن كانت عنده هذه َّ‬
‫كسله وخنوعه‪ ،‬والسير خلف النَّاس ليكون كعا َّمة النَّاس‪..‬‬

‫كيف تقنع نفسك وتأخذها لحيز ال َّتنفيذ بفكرةٍ ما ترى أنها‬


‫صحيحة‪ ،‬وأنها ستؤدي بك إلى المزيد من النَّجاح على الصعيد‬
‫الشخصي؟‪.‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪174‬‬

‫«إن اهلل خلق ال َّناس مختلفين في ال َّطبائع‪ ،‬والميول‪ ،‬ومناقشة‬


‫َّ‬
‫األفكار؛ لذلك‪ :‬فإن أفضل أس��لوب ِ إقناع ٍ لنفس��ك سيكون من‬
‫ابتكارك أنت»‪.‬‬
‫(سهير)‬

‫آمنت بها‬
‫َ‬ ‫‪ 1‬ـ  ‪1‬تأكد بأن هذه الفك��رة ال تتنافى مع مبادئ ثابتة‬
‫منذ صغرك‪ ..‬كأن تكون تخالف العقيدة والشرع؛ مثلاً ‪( :‬لو‬
‫قب َل أحدهم العمل في ش��ركةٍ أو بنك ٍ يعمل بنظام الفائدة‬
‫المحرمة‪ ،‬وأقنع نفس��ه بوجوب تقبل الفكرة‪ ..‬لن يتمكن‬ ‫َّ‬
‫الضياع بين نفسه الداخلية‬ ‫ٍ‬
‫من ذلك‪ ،‬وس��يعيش بحالة م َن َّ‬
‫الس��طحية‪ ..‬وذلك‬ ‫التي ترفض االقتناع بالفكرة‪ ،‬وموافقته َّ‬
‫بسبب تنافي الفكرة مع المبادئ التي تبناها سابقًا)‪.‬‬
‫بالشواهد‬‫‪ 2‬ـ  ‪2‬خاطب العقل الباطن َّأولاً الذي يعيش داخلك‪ ،‬وائتيه َّ‬
‫واألدلة‪ ،‬كأن تقول لنفسك مثلاً ‪( :‬لو تمكنت من االقتناع بفكرة‬
‫عدم التسويف وااللتزام بالوقت‪ ،‬لحققت نتائج خيالية في فترةٍ‬
‫أقصر‪ ،‬والرتحت ماديًّا ونفس�� ًّيا‪ ..‬وقد رأيت يا نفس كيف َّ‬
‫تقدم‬
‫عليك فالن من النَّاس عندما انتصر على هذه العادة الخاطئة)‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ  ‪3‬استخدم أكثر من طريقة وأسلوب إلقناع نفسك بالفكرة‪..‬‬
‫تماما‬
‫ً‬ ‫رأي��ت أن هذه النف��س مترددة في االستس�لام‬
‫َ‬ ‫فلو‬
‫ٍ‬
‫بإحصائيات وأرقام ٍ تدل على نس��بة من‬ ‫للفكرة ائتِ له��ا‬
‫طبقوا هذه الفكرة وكيف نجحوا‪..‬‬
‫‪175‬‬ ‫‪ 12‬ـ سفن ىلع عانقإلا تاراهم سرام‬

‫ٍ‬
‫‪ 4‬ـ  ‪ُ 4‬كن صادقًا مع نفسك‪ ،‬واعترف بتقصيرك في شيء ما‪ ،‬وقل‪:‬‬
‫أنا أخطأت‪ ..‬التختلق األعذار الواهية؛ ألنك لن تتمكن من‬
‫ٍ‬
‫تغيير شيء أو إقناع نفس��ك بفكرةٍ إذا راوغت‪ ،‬ولم تعترف‬
‫بأخطائك أم��ام نفس��ك أولاً ‪ ..‬ولتعل��م أنه كلم��ا ارتفعت‬
‫ونجحت وانتقلت إلى المراتب العليا اجتماع ًّيا أو في مجال‬
‫العمل أو الدراسة ق َّل قبو ُل الناس ألعذارك وأخطائك‪.‬‬

‫وبالتال��ي‪ :‬فعلي��ك التحري بدق��ة أين تض��ع قدمك كلما‬


‫صعدت أكثر نحو القمة‪..‬‬
‫بالتبصر‬
‫ُّ‬ ‫‪ 5‬ـ  ‪5‬م ِّيز بين اآلراء التي تطرحها أمام نفس��ك‪ ،‬وذلك‬
‫والتفكير بعقل شيخ ٍ حكيم؛ ألنك اآلن تقنع نفسك بفكرة‬
‫تكن س��طح ًّيا‪،‬‬
‫من الممك��ن أن تغير مجرى حياتك‪ ،‬فال ُ‬
‫وإنما تعمق في االختيار‪ ،‬واعرف الج ِّيد من الممتاز‪ُ ..‬كن‬
‫دقيقًا في االختيار‪..‬‬
‫«أما العقل‪ :‬فيجب أن يكون عقل ش��يخ‪ ،‬حتى لو كنت في‬
‫ٍ‬
‫الشباب‪ .‬وأما القلب‪ :‬فيجب أن يكون القلب في كل شيء فيك‪،‬‬
‫بالرحمة»‪.‬‬
‫يمتد حتى أناملك‪ ،‬لتنطق كل أفعالك َّ‬
‫(د‪ .‬صالح شفيع)‬

‫أي فكرةٍ ما بالرف��ض لمجرد الرفض‪ ،‬فإذا‬


‫‪ 6‬ـ  ‪6‬ال تحكم على ِّ‬
‫طرح بع��ض النَّاس لك فكر ًة أو ع��ادةً‪ ،‬ال ترفض لمجرد‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪176‬‬

‫أنها س��تقحمك في الش��عور باأللم لو تبنيتها (كمشروع ٍ‬


‫جديد ٍ مثلاً فيه صالحك‪ ،‬ولكنك تحس أنه متعب‪ ..‬ادرس‬
‫جيدا‪ ،‬واع��رف أن ك َّل صع��ب ٍ نتائجه طيبة‬
‫هذه الفك��رة ً‬
‫الحقًا وأقنع نفسك فيه)‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ  ‪7‬كن واس��ع االطالع والمعرفة‪ ..‬وال تحاول إقناع نفس��ك‬
‫بفك��رةٍ ليس عن��دك معلومات كافي��ة عنه��ا‪ ..‬إن القراءة‬
‫ومحاولة جم��ع األفكار تم ِّكنك من التأك��د من اختيارك‬
‫وتعرفك إذا كانت هذه الفكرة تناس��ب ش��خصيتك‬
‫ِّ‬ ‫أكثر‪،‬‬
‫وظروف��ك الحالي��ة أم ال‪ ..‬فالكتب هي آل��ةُ ال َّزمن التي‬
‫الس��ابق‪ ،‬أو تحدثك‬
‫تنقلك من عالمك الحالي إلى العهد َّ‬
‫ع َّما سيجري من أبحاثٍ في المستقبل‪ ..‬وأنت عندما تقرأ‬
‫وتبحث سترى مواقف أناس ٍ عاشوا هذه األفكار‪ ،‬وناقشوها‬
‫أبوابا جديدة‪..‬‬
‫ً‬ ‫من زوايا مختلفة‪ ،‬وهذا سيفتح لك‬
‫‪ 8‬ـ  ‪8‬تعلَّم أن تنظر إلى الفكرة وأضدادها لتتبنى وتقتنع باألفضل‬
‫الس��لبية‪ ..‬وقد جئت بفك��رة التفاؤل أو‬
‫بعد دحض الفكرة َّ‬
‫(الس��لبية) لمناقشتها‪ ،‬ومعرفة كيف‬
‫(اإليجابية) والتشاؤم أو َّ‬
‫تتعلم أن تكون إيجاب ًّي��ا حتى لو وقعت بأزمةٍ أو مصيبةٍ ما‪..‬‬
‫فإذا أحسس��ت أنك تتش��اءم أحيا ًنا وتخرب س��عادتك بهذا‬
‫اإلحساس‪ ،‬إ ًذا‪ :‬انظر إلى الفكرة وأضدادها في عدة مواقف‪..‬‬
‫‪177‬‬ ‫‪ 12‬ـ سفن ىلع عانقإلا تاراهم سرام‬

‫•قطبا المغناطي�س‪:‬‬ ‫ ‬
‫الفلاَ ح‬
‫الناس كقطبي المغناطيس‪ ،‬إم��ا إيجابي يجذب إليه َ‬
‫تلو النَّجاح‪ ،‬وإما سلبي يجذب إليه الفشل تلو خيبة األمل‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ في التفكير‪:‬‬

‫بعضا‪.‬‬
‫اإلنسان اإليجابي تتوالد عنده األفكار‪ ،‬ويجر بعضها ً‬
‫السلبي تتوالى لديه األعذار‪ ،‬ليبرر كسله وتقصيره‪.‬‬
‫واإلنسان َّ‬
‫‪ 2‬ـ بين الناس‪:‬‬

‫اإلنسان اإليجابي ال يتوانى عن مساعدة اآلخرين‪.‬‬

‫السلبي ينتظر ويتوقع المساعدة من اآلخرين‪.‬‬


‫واإلنسان َّ‬
‫‪ 3‬ـ عند المشاكل‪:‬‬

‫اإلنسان اإليجابي ُيفكر في أكثر من ح ٍّل للمشكلة‪.‬‬

‫الس��لبي يفكر في المش��كلة وعواقبها‪ ،‬ويضع‬


‫واإلنس��ان َّ‬
‫مشكلة في ك ِّل حلٍّ‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ في تنفيذ الحلول‪:‬‬

‫صعبا‪ ،‬لكنه ممكن‪.‬‬


‫ً‬ ‫اإلنسان اإليجابي يرى تنفيذ الحل‬

‫السلبي يرى تنفيذ الحل ليس ممك ًنا؛ ألنه صعب‪.‬‬


‫واإلنسان َّ‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪178‬‬

‫‪ 5‬ـ في األحالم‪:‬‬
‫اإلنسان اإليجابي لديه أحالم وآمال يحيا ليحققها‪.‬‬
‫السلبي لديه أوهام وأضغاث أحالم يبددها‪.‬‬
‫واإلنسان َّ‬
‫‪ 6‬ـ في العمل‪:‬‬
‫اإلنسان اإليجابي يرى في العمل أملاً ‪.‬‬
‫ألما‪.‬‬
‫السلبي يرى في العمل ً‬
‫واإلنسان َّ‬
‫‪ 7‬ـ في المستقبل‪:‬‬
‫اإلنسان اإليجابي ينظر إلى المستقبل ويتطلع إلى ما هو ممكن‪.‬‬
‫السلبي ينوح على الماضي‪ ،‬ويتمنَّى ما هو مستحيل‪.‬‬
‫واإلنسان َّ‬
‫‪ 8‬ـ في النقاش‪:‬‬
‫اإلنسان اإليجابي يناقش بصدقٍ‪ ،‬وقوةٍ‪ ،‬وبلغةٍ لطيفة‪.‬‬
‫فظةٍ‪.‬‬
‫وشك‪ ،‬وب ُلغةٍ َّ‬
‫ٍّ‬ ‫السلبي يناقش بضعفٍ‪،‬‬
‫واإلنسان َّ‬
‫‪ 9‬ـ في المبادئ والقيم‪:‬‬
‫يتمسك بالقيم والمبادئ الثابتة‪ ،‬ويتنازل‬
‫َّ‬ ‫اإلنسان اإليجابي‬
‫الصغائر‪.‬‬
‫عن َّ‬
‫بالصغائر والتفاهات‪ ،‬ويتنازل عن‬
‫َّ‬ ‫السلبي يتشبث‬
‫واإلنسان َّ‬
‫القيم والمبادئ‪.‬‬
‫‪179‬‬ ‫‪ 12‬ـ سفن ىلع عانقإلا تاراهم سرام‬

‫‪ 10‬ـ في التفاؤل‪:‬‬
‫اإلنسان اإليجابي ُمتفائل في نظرته إلى الحياة‪ ،‬وراض ٍ على‬
‫ك ِّل حالٍ‪.‬‬
‫الس��لبي متش��ائم‪ ،‬ونظرته إلى الحياة سوداوية‪،‬‬
‫واإلنسان َّ‬
‫أي حالٍ‪.‬‬
‫وال يرضيه ُّ‬
‫‪ 11‬ـ في اآلالم‪:‬‬
‫اإلنس��ان اإليجابي يرى في األلم أملاً ‪ ،‬ونعمة عظيمة؛ ألنه‬
‫بالتغلب عليه تولد الحكمة‪.‬‬
‫دمارا وأحزا ًنا‪ ،‬ويستسلم‬
‫ً‬ ‫الس��لبي يرى في األلم‬
‫واإلنسان َّ‬
‫والرثاء لنفسه‪.‬‬
‫للشكوى ِّ‬‫َّ‬

‫بعد مناقش��ة هذه الفكرة الَّتي هي التف��اؤل أو اإليجابية‪،‬‬


‫والت��ي تعتبر من أهم ع��ادات النَّاجحين م��ع ضدها الذي هو‬
‫الصحيحة؛ ألنك‬
‫الس��لبية‪ ،‬عقلك س��يتبنَّى الفكرة َّ‬
‫التشاؤم أو َّ‬
‫أقنعته بمقارنتها مع ضدها في أغلب المواقف‪..‬‬
‫***‬
‫تعرف على ال َّنجاح‬
‫َّ‬
‫واعتنق عادات وطبائع‬
‫‪13‬‬
‫ال�سعداء‬‫ال َّناجحين ُّ‬

‫•النجاح‪:‬‬ ‫ ‬
‫الس��ابقة من وجوب ركوب‬
‫بعد كل ما ذكرناه في الفصول َّ‬
‫موجة ال َّتغيير والعيش في مس��توى النُّجوم‪ ،‬آن األوان لتعرف‬
‫مكانك‪ ..‬اطبع صور ًة للقمر مع النُّجوم‪ ،‬واكتب اس��مك على‬
‫سطح القمر‪ ،‬فهذا المكان الذي يجب أن تكون فيه‪..‬‬
‫وقَد تس��اءلت لوقتٍ طويل‪ :‬ما هي الوصفة السحرية لحياةٍ‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وهناء‪ ،‬وراحة بالٍ؟‪ ..‬وم��ا الذي يفعله‬
‫ً‬ ‫أفضل‪ ،‬وأكثر س��عادةً‪،‬‬
‫الراضين‪ ،‬وال نفعله نح ُن؟‪..‬‬
‫السعداء النَّاجحين َّ‬
‫الناس ُّ‬
‫الس��ر والفرق هو‪ :‬أنَّه في كل يوم ٍ تطلع فيه الشمس نختار‬
‫ِّ‬
‫دائما‪ ..‬منها‪:‬‬ ‫ً‬
‫معينة‪ ،‬وعادات تعودنا أن نفعله��ا ً‬ ‫وأش��ياء‬
‫ً‬ ‫أفعالاً‬
‫السعادة والنَّجاح‪ ،‬ومنها‪ :‬عكس ذلك‪ ،‬يشعرنا بالبؤس‬
‫ما يسبب َّ‬
‫وال َّتعاس��ة والفش��ل‪ ،‬وعندما طلبنا‪ :‬أن تؤمن بسياس��ة التغيير‬
‫الس��عداء الناجحين‪ ،‬لم نبين ما هي هذه‬
‫لتتبنى أطباع وعادات ُّ‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪182‬‬

‫العادات‪ ،‬والذي اتفق أكثر المفكرين‪ :‬أن اعتناقها والتعود عليها‬


‫جمعت‬
‫ُ‬ ‫والس��عادة ألغلب أو لك ِّل البشر‪ ،‬وقد‬ ‫َّ‬ ‫يس��بب النجاح‬
‫منها ما أعتبره مؤث ِّ ًرا وف َّعالاً ‪..‬‬

‫وقبل ذكر عادات وأطباع النَّاجحي��ن‪ ،‬أو ُّد أن أذكر تعاريف‬


‫عامة للنَّجاح‪ ،‬وأناقش فكرته من عدة جوانب‪..‬‬

‫مش��تركا لكل النَّ��اس العرب‬


‫ً‬ ‫مفهوما‬
‫ً‬ ‫هل النج��اح يحمل‬
‫والغربيين القدماء‪ ،‬وفي العصر الحالي؟‪..‬‬

‫هل كلمة نجاح بحروفها األربعة جاءت من‪:‬‬

‫ •ن‪ :‬نافس ُك َّل من حولك لتكون األول‪.‬‬

‫جرب ـ وال تيئس ـ كل الطرق الَّتي توصلك لتحقيق أهدافك‪.‬‬


‫ •ج‪ِّ :‬‬
‫ •ا‪ :‬انطلق نحو القمة بهمةٍ عالية‪.‬‬

‫ •ح‪ :‬حاول مر ًة بعد مرة‪ ،‬فكل فشل ٍ ليس إلاَّ خطوة في طريق‬
‫النَّجاح‪.‬‬

‫هذا ما رأيته في الكلمة عندما تأملت حروفها‪..‬‬


‫والصحيح‪ :‬أن هذه الكلم��ة ُّ‬
‫اللغز حمل��ت مفاهيم كثيرة‪،‬‬ ‫َّ‬
‫فسرها البشر حسب عقائدهم‬
‫ومعاني تغ َّيرت عبر العصور‪ ،‬وقد َّ‬
‫ومبادئهم وفكر مجتمعاتهم‪..‬‬
‫‪183‬‬ ‫‪ 13‬ـ ُّسلا نيحجاَّنلا عئابطو تاداع قنتعاو حاجَّنلا ىلع فَّرعت‬

‫فكثير منهم نس��ب النَّجاح إلى ُّ‬


‫الش��هرة وجمع المال‪ ..‬أو‬ ‫ٌ‬
‫التعلم والوصول إلى أقصى درجات التط��ور‪ ..‬ولربما الجمال‬
‫والجاذبية وحب الناس‪..‬‬

‫ولكن حتى لو آمنَّا بأن كل ذلك مطلوب للنَّاجحين فال‬


‫بد من ذكر النقط��ة األهم‪ ،‬التي هي الفوز ف��ي لعبة الحياة‬
‫الدنيا‪ ،‬والوصول إل��ى نجاح ٍ ممتد من الدني��ا إلى اآلخرة؛‬
‫الس��عادة والنَّجاح أبدي وإلاَّ فهو‬
‫ألننا كمسلمين نؤم ُن بأ َّن َّ‬
‫مغلوط‪..‬‬

‫«ال َّنج��اح هو‪ :‬أن تعرف هدفك في الحي��اة‪ ..‬وأن تنمو ح َّتى‬
‫تصل إلى أقصى قُدُ راتك‪ ..‬وأن تزرع بذور الخير لل َّناس»‪.‬‬
‫(جون ماكسويل)‬

‫عميق قاله جون ماكس��ويل‪ ،‬خبير القيادة المعترف به‬


‫ٌ‬ ‫كالم‬
‫ٌ‬
‫عالم ًّي��ا‪ ،‬ولكن ما الذي يمن��ع أن نطبقه بنية إرض��اء الخالق‪،‬‬
‫للس��عادتين في الدنيا واآلخرة‪ ،‬ونطمح لنصل كما‬ ‫وبهذا نصل َّ‬
‫يق��ول إلى أقصى قدراتن��ا لنحقق أهدافًا س��امية‪ ،‬ونزرع بذور‬
‫ً‬
‫صالحة‪ ،‬نتمنى أن‬ ‫الخير لتبق��ى لما بعدنا ميراثًا‪ ،‬ولنا أعم��الاً‬
‫نراها في صحائف أعمالنا‪..‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪184‬‬

‫عبارات لتحقيق ال َّنجاح‪:‬‬


‫ٍ‬ ‫•ثالث‬ ‫ ‬
‫‪ 1‬ـ كُن أعلم من غيرك‪.‬‬
‫من اآلخرين‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ اعمل أكثر َ‬
‫‪ 3‬ـ توقع أقل مما يحصل عليه اآلخرون‪.‬‬
‫(شكسبير)‬

‫ومعرفة ف��ي مجال اختصاص��ك‪ ،‬وهذا‬ ‫ً‬ ‫علم��ا‬


‫كن األكثر ً‬
‫بكد وجهد ٍ أكثر من‬
‫ودائما اعمل ٍّ‬
‫ً‬ ‫ما يميزك بين ماليين البشر‪..‬‬
‫اآلخرين؛ ألن أبواب النَّجاح ل��ن تفتح إلاَّ بعد أن تطرق عليها‬
‫بش��دة‪ ،‬وبالنهاية‪ :‬توقع األفضل‪ ،‬واألحسن‪ ،‬ولكن ال تعش في‬
‫ً‬ ‫ٍ‬
‫دفعة واح��دةً‪ ،‬وأنك‬ ‫خياالت أنك س��تحصل على كل ش��يء‬
‫تستحق ذلك ولو لم تعمل‪ ..‬فالقمم على قدر الهمم‪..‬‬

‫•�أُ ُ�س ُ‬
‫�س ال َّنجاح‪:‬‬ ‫ ‬
‫ـ تح َّمل مسؤولية حياتك بنسبة (‪.)%100‬‬

‫ـ الحياة عبارة عن معادلة‪ :‬الحدث ‪ +‬االستجابة = النتيجة‪.‬‬

‫فإذا كانت النتائج ال تعجبك‪َ ،‬فقُم بتغيير استجابتك ‪..‬‬

‫ـ حدد هدفك الرئيس‪ ،‬ثُم قُم بترتيب جميع أنشطتك بحيث‬


‫تتفق مع هذا الهدف ‪ ..‬حدد ما تريده ‪ ..‬واصنع قائمة أريد‪:‬‬
‫‪185‬‬ ‫‪ 13‬ـ ُّسلا نيحجاَّنلا عئابطو تاداع قنتعاو حاجَّنلا ىلع فَّرعت‬

‫ِ‬
‫عمله‪.‬‬ ‫(‪ )30‬شي ًئا ترغب في‬
‫ِ‬
‫امتالكه‪.‬‬ ‫(‪ )30‬شي ًئا ترغب في‬
‫(‪ )30‬شي ًئا ترغب في أن تكونه‪.‬‬
‫السبعة ال َّتالية‪:‬‬
‫ـ يجب أن تشتمل رؤيتك على المجاالت َّ‬
‫الصحة‬ ‫العمل والحياة المهنية‪ ،‬الماليات‪ ،‬ال َّترفيه ووقت الفراغ‪ِّ ،‬‬
‫ُ‬
‫واللياقة‪ ،‬العالقات‪ ،‬األهداف الشخصية‪ ،‬خدمة المجتمع‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ـ اعتقد أنه ممك��ن‪ :‬يمكنك أن تكون أي ش��يء تريد أن‬
‫تكونه‪ ،‬لو أنك فقط آمنت بق َْدر ٍ كاف من اليقين‪ ،‬وتصرفت بما‬
‫ٍ‬
‫تصوره‬
‫ُّ‬ ‫يتفق مع ه��ذا اليقين؛ ألن أي ش��يء يس��تطيع العقل‬
‫أيضا تحقيقه‪.‬‬
‫وتصديقه يستطيع ً‬
‫ِ‬
‫تكف عن قول‪« :‬ال أس��تطيع»‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ـ آم��ن بذاتك‪ ..‬علي��ك أن‬
‫وال شأن لك بما يعتقده اآلخرون فيك‪.‬‬
‫ـ ق َِّسم األهداف الكبيرة إلى أجزاء صغيرة‪..‬‬

‫«الدَّ ائرة المركزية‪ :‬الهدف الرئيس‪.‬‬


‫الدَّ وائر الخارجية‪ :‬الفئات الرئيسة للمهام‪.‬‬
‫مهام يومية‪.‬‬
‫الخطوط الخارجية‪ :‬ال َّتفاصيل‪ ،‬واصنع قائمة ٍّ‬
‫ِّ‬
‫وخطط يومك في ال َّليلة َّ‬
‫السابقة‪..‬‬ ‫أنجز األولويات أولاً ‪،‬‬
‫(جاك كانفيلد)‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪186‬‬

‫وباختصار‪ :‬أوردت هذا الرأي لج��اك كانفيلد‪ ،‬الذي بحث‬


‫في أس��س النجاح‪ ،‬وهذه المفاهيم التي ذكرها جاك تم ش��رح‬
‫أغلبها في الكتاب‪..‬‬

‫ونحن نق��ول‪ :‬أخلص النية هلل‪ ،‬ثم انطلق نح��و عالم العقالء‪،‬‬
‫نحو من عرفوا نعمة العقل واس��تغلوها‪ ،‬وشكروا اهلل عليها‪ ،‬فلقد‬
‫ً‬
‫هائلة‪ ،‬الغرض منها‪ :‬إدراك النَّجاح والفوز‬ ‫وضع اهلل في أيدينا قو ًة‬
‫في لعبة الحياة‪ ،‬والحصول على الميدالية َّ‬
‫الذهبية في جنَّة الخلود‪..‬‬

‫•عادات الناجحين‪:‬‬ ‫ ‬
‫ِ‬
‫ولنأت تفصيلاً على أغلب العادات التي مارسها الناجحون‬
‫والسعداء ونتعلم منها المؤثر والفعال‪:‬‬
‫ُّ‬
‫رية‪:‬‬
‫الس ّ‬
‫‪ 1‬ـ ِّ‬
‫«اس��تعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان‪ ،‬فإن كل ذي ن ِ ٍ‬
‫عمة‬ ‫َّ‬
‫محسود»‪.‬‬
‫ٌ‬
‫شريف‪ ،‬صححه األلباني)‬
‫ٌ‬ ‫نبوي‬
‫ٌّ‬ ‫(حديث‬
‫ٌ‬

‫إ َّن تحري ِّ‬


‫السرية في أمورك‪ ،‬وعند التخطيط لحياتك‪ ،‬أو قيامك‬
‫بمش��روع ال َّتغيير‪ ،‬لهو من الذكاء والفطنة‪ ..‬ال تكش��ف كل ما تود‬
‫القيام به‪ ،‬اعمل بسريَّةٍ‪ ،‬ودع اآلخرين يكتشفوا ذلك بأنفسهم‪..‬‬
‫لربما كان المحيطون بك غير متقبلين لتغييرك ومشاريعك‬
‫‪187‬‬ ‫‪ 13‬ـ ُّسلا نيحجاَّنلا عئابطو تاداع قنتعاو حاجَّنلا ىلع فَّرعت‬

‫ويتسببون لك باإلزعاج أو الحس��د‪ ..‬إ ًذا خطط لحياتك ون ِّفذ‪،‬‬


‫وال تتشدق بك ِّل ما عندك على العلن‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ العيش َّ‬
‫الذكي‪:‬‬
‫الذكي‪ :‬هو أن تجري تغييرات إيجابية لكي تضمن‬ ‫«العيش َّ‬
‫إس��عاد نفس��ك بما وهبت له حيات��ك (أي‪ :‬رس��التك)‪ ،‬وهذا‬
‫ال يعني خطط مس��تقبلية طويلة المدى ب��كل تفاصيلها‪ ،‬وإنما‬
‫يعني أن تعرف بشكل ٍ عام الغاية التي تمضي إليها‪ ،‬وما تفعله‪،‬‬
‫نائما»‪.‬‬ ‫ً‬
‫متيقظا بدلاً من أن تبقى ً‬ ‫ابق‬
‫َ‬
‫(ريتشارد تمبلر)‬

‫هذا يعني‪ :‬أن تعرف أولويات��ك‪ ،‬وتم ِّيز بين األهم فاألهم في‬
‫حياتك أن��ت وليس وفقً��ا أله��واء اآلخرين‪ ،‬وتصنِّفها حس��ب‬
‫شخصيتك‪ ،‬ورؤيتك‪ ،‬ورسالتك‪ ،‬فتختار أن تقوم في كل وقتٍ بما‬
‫منتجا‪ ،‬وال تضيع في تفاهات األمور‪.‬‬‫ً‬ ‫يناسبك أنت لكي تكون‬
‫ٍ‬
‫كاف لتمضي في حياتك‪:‬‬ ‫‪ 3‬ـ عدم ال َّتفكير في الماضي غير‬
‫إذا توقفت عن محاسبة نفسك ولومها على أخطاء الماضي‪،‬‬
‫ٍ‬
‫كاف‪ ،‬حتى ولو نسيت إس��اءة النَّاس لك‪ ..‬فالمهم‪ :‬أن‬ ‫فهذا غير‬
‫تتس��امح مع نفس��ك ومع كل من حولك‪ ،‬وتعتبر هذا الماضي‬
‫وقودا احت��رق لينير لك المس��تقبل‬
‫ً‬ ‫بأخطائ��ه وآالمه لي��س إلاَّ‬
‫حتما ب��كل أوجاعه وصعوبته تس��بب في َصقْل‬
‫األفضل‪ ،‬وأن��ه ً‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪188‬‬

‫حاليا‪ ..‬ال تدخل في معارك‬


‫ً‬ ‫شخصية هذا الرجل القوي الموجود‬
‫بين ما كان وما حصل‪ ،‬ف ِّكر بخطتك المستقبلية وباألفضل‪...‬‬
‫«لو بدأنا معرك ًة بين الماضي والحاضر‪ ،‬فس��وف نجد أنَّنا‬
‫خسرنا المستقبل»‪.‬‬
‫(ونستون تشرشل)‬
‫ِ‬
‫ش يومك لتعمره باإلنجازات‪ ،‬وال تقلق‬ ‫ف ِّكر في اليوم والغد‪ ،‬ع ْ‬
‫ٍ‬
‫وال تخف من ش��يء ممكن ٍ ُحدوثه في المس��تقبل‪ ..‬فقد كنت قلق ًا‬
‫بخير وأمانٍ‪ ،‬وها أنت هنا فاحمد اهلل‪..‬‬
‫ٍ‬ ‫سابقًا من أن تصل إلى اليوم‬
‫كنت قل ًقا عليه باألمس»‪.‬‬
‫َ‬ ‫أن اليوم هو الغد الذي‬
‫«تذكر‪َّ :‬‬
‫(ديل كارنيجي)‬

‫صلبا ف ُتكسر‪:‬‬
‫‪ 4‬ـ ال تكُ ن ً‬
‫الحي��اة بمجملها كالعاصفة‪ ،‬فإذا تم َّتع��ت بالمرونة الكافية‬
‫عاليا في‬
‫لتنحني وتتمايل في بعض األوقات‪ ،‬أو ترفع رأس��ك ً‬
‫الوقت المناسب‪ ،‬س��تعيش بمغامرةٍ رائعةٍ لتراوغ هذه العاصفة‪،‬‬
‫وتتحايل عليها بمرونتك المطلقة‪..‬‬

‫المرونة‪ :‬هي مرون��ة ال َّتفكير التي تصل ب��ك إلى مواجهة‬


‫الصعبة التي تواجهها في الحياة‪ ،‬كما أنها‬
‫الظروف والمتغيرات َّ‬
‫تمثل مدى قدرتك على التك ُّيف م��ع التغيرات التي طالبنا بها‬
‫‪189‬‬ ‫‪ 13‬ـ ُّسلا نيحجاَّنلا عئابطو تاداع قنتعاو حاجَّنلا ىلع فَّرعت‬

‫س��ابقًا في فص��ل التغيير‪ ،‬والتأقل��م مع أي وض��ع ٍ جديد ٍ فيه‬


‫الشخصية‪.‬‬‫مصالح اإلنسان َّ‬

‫وهناك مفاهيم خاطئة عن المرونة‪ ،‬فمنهم من فهم المرونة‪ :‬أنها‬


‫التنازل عن مبادئ اإلنس��ان التي يؤمن بها‪ ،‬كأن يكذب أو يرتشي‬
‫ساميا‪ ،‬والصحيح‪ :‬أن‬
‫ً‬ ‫حتى يصل لهدفه‪ ،‬وحتى لو كان هذا الهدف‬
‫الصحيحة هي التي تدور ضمن حدود الثوابت)‪.‬‬
‫(المرونة َّ‬
‫ولتعلم أن‪:‬‬

‫ـ ـ َّ‬
‫الش��خصية المرن��ة‪ ،‬ه��ي الش��خصية األقوى‪ ،‬وليس��ت‬
‫وال الصارمة؛ ألن صاحب َّ‬
‫الش��خصية المرنة‬ ‫َّ‬ ‫المتحج��رة‪،‬‬
‫ِّ‬
‫يمتلك الحكمة ليميز بين األم��ور التي تحتاج إلى الحزم‪،‬‬
‫فالش��خصية المرنة‪ :‬كالماء‬ ‫ِ‬
‫التغاضي فيه��ا‪َّ ..‬‬ ‫والت��ي يمكن‬
‫أي مكان ٍ يوضع فيه‪ ،‬ال يمك��ن هزيمتها ً‬
‫أبدا؛‬ ‫يتكيف مع ِّ‬
‫ألنها ترفض مبدأ االستسالم‪..‬‬

‫ًّ‬
‫ج��دا عند تحقيق األه��داف التي وضعتها في‬ ‫ـ ـالمرونةُ ضرورية‬
‫خطتك كما قلنا سابقًا‪ ..‬وهي المعين الدائم في حل المشكالت‪.‬‬
‫يمكننا من تحقيق أهدافنا الشخصية‬‫«امتالك المرونة العقلية ِّ‬
‫أيضا من أن نكون‬ ‫ِّ‬
‫ويمكننا ً‬ ‫ومثمرٍ‪،‬‬ ‫والجماعية على نحو ٍ َّ‬
‫فع��ال ُ‬
‫ٍ‬
‫بفعالية أكبر‪ ،‬وكذلك‪:‬‬ ‫أشخاصا قادرين على حل المش��كالت‬ ‫ً‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪190‬‬

‫أش��خاصا قادرين على اكتشاف المشكالت‪ .‬وتساعد‬


‫ً‬ ‫أن نكون‬
‫أيضا‪ :‬على تعزيز اإلبداع‪ ،‬وتمنحنا القدرة على‬
‫المرونة العقلية ً‬
‫إدراك الفرص الواعدة»‪.‬‬
‫(كتاب‪ :‬العقل الرشيق‪ ،‬وايلما كوتستال‪)Wilma Koutstaal :‬‬

‫دائما على مواكبة العالم حولك‪:‬‬


‫‪ 5‬ـ اعمل ً‬
‫وخصوصا في مج��ال تنمية المهارات التي تس��تخدمها في‬
‫ً‬
‫أعمالك‪ ..‬ال تضع نفسك داخل قوقعةٍ‪ ،‬فتقول‪ :‬لم أعتد أن أفعل‬
‫ذلك أو ال أعلم ش��ي ًئا عن هذا‪ ..‬من الطبيع��ي أنَّك لن تقدر أن‬
‫علما بكل التط��ورات والتكنولوجيا واألخبار من حولك‪،‬‬
‫تحيط ً‬
‫ٍ‬
‫مواكبا لكل شيء‪ ،‬وأن تهتم بمعرفة‬
‫ً‬ ‫ولكن نحن نطلب أن تكون‬
‫ٍ‬
‫ما يدور حولك‪ ،‬وتتبنَّى سياس��ة المالحظة الدقيقة لكل ش��يء‪،‬‬
‫فهذا سيميزك عن غيرك وبين أقرانك‪ ،‬إ ًذا‪ :‬المطلوب هو المعرفة‪..‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫أَ ْن تعرف شي ًئا عن كل شيء‪ ،‬وأن تعرف َّ‬
‫كل شيء عن شيء‪.‬‬

‫واختصاصك وعلمك هو ذلك الشيء الَّذي عليك أن تعرف‬


‫ٍ‬
‫كل شيء عنه‪ ..‬وتتابع التطورات التي تطرأ عليه ّأولاً بأول‪..‬‬

‫‪ 6‬ـ كُن أنت مستشار نفسك‪:‬‬

‫إن ال ِّثق��ة بالنَّفس والَّتي تأتي من التقدي��ر الذاتي المرتفع‪،‬‬


‫‪191‬‬ ‫‪ 13‬ـ ُّسلا نيحجاَّنلا عئابطو تاداع قنتعاو حاجَّنلا ىلع فَّرعت‬

‫والتي تحدثنا عنها س��ابقًا ف��ي فقرة تقدير ال��ذات‪ ،‬هي التي‬
‫س��تبعث داخل نفس��ك‪ :‬أنك بالحكمة واالتِّزان الكافي لتكون‬
‫وأب��دا‪ ،‬حتى لو‬
‫ً‬ ‫أنت المستش��ار األول واألهم لنفس��ك ً‬
‫دائما‬
‫اس��تعنت بآراء النَّاس من حولك‪ ،‬رغم أ َّن ه��ذا مطلوب‪ ..‬أو‬
‫َ‬
‫حتى لو كان هذا الشخص هو القدوة التي تحدثنا عنها سابقًا‪،‬‬
‫أحد من الناس أن يتخذ القرارات الهامة والحاس��مة‬
‫فلن يقدر ٌ‬
‫لك‪ ،‬إنه��م مجرد مرش��دون خارجيون ال يملكون إحساس��ك‬
‫أنت‪ ..‬أن��ت الوحيد الذي تملك ذلك الح��دس الداخلي الذي‬
‫يدلك متى يجب أن توافق أو ترفض أو تعتذر‪..‬‬
‫دائما وليس الثاني‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ كُن األول ً‬
‫مدركا أ َّن‬‫ً‬ ‫مع إطالل��ة كل صباح ٍ في إفريقية يس��تيقظ الغزال‬
‫عليه أن يسابق أس��رع األس��ود َع ْد ًوا‪ ،‬وإلاَّ كان مصيره الهالك‪،‬‬
‫مدركا أن عليه أن يعدو أسرع من أبطأ غزال ٍ وإلاَّ‬
‫ً‬ ‫ويستيقظ األسد‬
‫هلك من الجوع‪..‬‬

‫أسدا أم غزالاً فمع إشراقة كل صباح ٍ يتع َّين عليك‬


‫كنت ً‬
‫َ‬ ‫سواء‬
‫ً‬
‫أن تعدو أس��رع من غيرك حتى تحقق النجاح بإذن اهلل‪ ،‬لسنا في‬
‫السباق لكي نعدو فقط‪ ،‬بل نريد الفوز‪ ،‬هل يعرف أحد اسم ثاني‬
‫إنسان هبط على القمر‪ ،‬أو تسلَّق قمة إيفرست؟!‪ ..‬الحصان الثاني‬
‫أحد‪ ،‬لذا ال بد أن نكون في المقدمة‪ ،‬ث َّم نريد أن نحقق‬
‫ال يعرفه ٌ‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪192‬‬

‫المهمة األصعب ونظل في المقدمة‪ ،‬مثل نبض الحياة‪ ..‬ال توقف‬


‫وال استراحة وال نهاية لألهداف‪.‬‬
‫(سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم)‬

‫دائما‬
‫الصعوبة‪ :‬أن تس��عى ألن تكون األول ً‬ ‫شيء غاية في ُّ‬
‫ٌ‬
‫الصعوبة‬
‫وأبدا؛ في عملك‪ ،‬في بيتك‪ ،‬في الحي��اة‪ ،‬ولكن هذه ُّ‬ ‫ً‬
‫ث روح الفشل داخلك‪ ،‬إن لم تحققها‪،‬‬ ‫ليس��ت لتعجيزك‪ ،‬أو ل ِ َب ِّ‬
‫وإنما لمقصد ٍ واحد ٍ وهو‪ :‬أن تنجز كل ما عندك في أعلى درجةٍ‬

‫وأتم صورةٍ تمكنت البشرية من تحقيقه‪..‬‬

‫دائما هو‪ :‬أنا األفضل على اإلطالق‪.‬‬


‫ليكون هدفك العام ً‬
‫ولكن من سيحكم على أدائك إن كان األفضل أم ال؟‪.‬‬

‫أنت الحاك��م والمحكوم‪ ..‬ألنك الوحيد الق��ادر على أن تقدر‬


‫الجهد الذي تقوم به إن كان أقصى ما لديك من قوة‪ ،‬أو أنك تخادع‬
‫نفسك وتراوغ‪ ،‬وتؤدي األعمال فقط لتقتنع بأنك قمت بها‪..‬‬

‫إن هذا اله��دف إن التزمت به‪ ،‬والذي هو‪ :‬أنا األفضل على‬
‫اإلطالق‪ ،‬لهو النَّعيم بحد ذاته؛ ألنك ستشعر بعظمة نفسك إذا‬
‫تأكدت أنك تسعى إليه‪ ،‬حتى لو فشلت في مهمةٍ ما‪ ،‬فلن تكبو‬
‫وتحزن؛ ألنك تعرف أنك أديت ما عليك‪ ،‬والباقي بتوفيق اهلل‪،‬‬
‫ولن يخ ِّيب أملك إذا رأى منك اله َّمة وااللتزام والصدق‪..‬‬
‫‪193‬‬ ‫‪ 13‬ـ ُّسلا نيحجاَّنلا عئابطو تاداع قنتعاو حاجَّنلا ىلع فَّرعت‬

‫‪ 8‬ـ العالم فريقان‪:‬‬

‫األول‪ :‬ينظر إلى اآلخرين بعين الحسد‪.‬‬


‫والثاني‪ :‬ينظر إلى اآلخرين على أنهم أدا ٌة لل َّتحفيز‪.‬‬

‫إن نظرة اإلنس��ان إلى اآلخري��ن تؤثِّر على أدائ��ه وأفعاله‪،‬‬


‫فالفاشل المتش��ائم ينظر إلى اآلخرين بعين الحسد‪ ،‬وال يؤمن‬
‫بقانون الوف��رة‪ ،‬أو أن المنفعة للجميع‪ ،‬وهذا ما ذكره س��تيفن‬
‫ليكون‬ ‫(‪)The 7 habits of highly effective people‬‬ ‫كوفي في كتاب��ه‪:‬‬
‫وفعالية‪ ،‬ومختصره‪ :‬أن في‬‫ً‬ ‫نجاح��ا‬
‫ً‬ ‫العادة الرابعة للنَّاس األكثر‬
‫والس��عادة وال َّثروة والموارد‪،‬‬
‫َّ‬ ‫عموما النَّجاحات والغنى‬
‫ً‬ ‫الحي��اة‬
‫وجمي��ع النِّعم َم ِع ْي ٌن ال ينض��ب‪ ،‬لذلك فأن��ت عندما ترى أن‬
‫شيء‬
‫ٌ‬ ‫بعض األش��خاص ح َّققوا الثروة أو النَّجاح والتم ُّيز فهذا‬
‫حكرا عليهم‪ ،‬لتتمنى زوال��ه عن اآلخر‪ ،‬وذهابه‬ ‫ً‬ ‫متواف��ر وليس‬
‫إليك الحقًا‪ ..‬ب��ل إ َّن النظرة التي تقول‪ :‬إن��ه ممكن للجميع؛‬
‫تحفيزا لك لتقوم ببعض‬
‫ً‬ ‫ستريك في تحقيق اآلخرين لهذا األمر‬
‫ما قاموا به وتحصل على ما تتمنَّى‪..‬‬

‫الراحة النفس��ية من خالل نظرة‬


‫وبالتالي ستحقق لنفس��ك َّ‬
‫تبادل الخبرات والمعلومات‪ ،‬وتبارك بينك وبين نفسك لآلخرين‬
‫ِّ‬
‫وتقدرهم‪ ،‬وتتمنَّى وتس��عى للحص��ول على ذلك لك‬ ‫تم ُّيزهم‪،‬‬
‫أيضا‪.‬‬
‫ً‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪194‬‬

‫تبن أفضل المبادئ والقيم؛ ألجلك أنت‪ ،‬وليس لآلخرين‪:‬‬


‫‪ 9‬ـ َّ‬
‫نحن كمسلمين‪ ،‬نؤمن بأن ديننا أتى بمكارم األخالق‪ ،‬كما‬
‫نؤمن ب��أن ه��ذه األخالقيات س��تكون لصالحن��ا َّأولاً وليس‬
‫لآلخرين‪ ،‬ولنأخ��ذ مثالاً ‪ :‬الوفاء بالوع��ود والعهود‪ ،‬والذي هو‬
‫والصادقين‪ ،‬وبالتالي النَّاجحين‪..‬‬
‫َّ‬ ‫خلق من أخالق األنبياء‬
‫ٌ‬
‫[البقرة‪.]177 :‬‬ ‫﴿ ﭵﭶﭷﭸ ﴾‬

‫إ َّن اكتس��اب ثقة اآلخرين بك يجعلك متم ِّي ً‬


‫��زا ومن القلة؛‬
‫ش��خصا ذا قيمة بين الناس‪ ..‬فأنت عندما تلزم‬
‫ً‬ ‫ألنك س��تكون‬
‫بالصدق والوفاء بكل ما تَ ِع ُد به الناس‪ ،‬وحتى احترام‬
‫ِّ‬ ‫نفس��ك‬
‫لك أنت؛ ألنك‬ ‫مواعيدك؛ ال تقدم هذا الش��يء الجيد لهم بل َ‬
‫بذلك تش��عر بقيمة نفس��ك‪ ،‬وبالتالي‪ :‬تحفزها لمزيد ٍ من الثقة‬
‫لتصنع المعج��زات‪ ..‬إ َّن امتالكك هذه القيمة ف��ي زمن ٍ َّ‬
‫تنص َل‬
‫أغلب النَّاس في��ه من وعوده��م‪ ،‬لتمنحك الفخ��ر واالعتزاز‬
‫السعر األغلى‪..‬‬
‫بذاتك‪ ،‬لتعيد تقييمك لها‪ ،‬ولتمنحها ِّ‬
‫محترما‪ُ ،‬كن مس��تود ًعا ألسرار أصحابك‪،‬‬
‫ً‬ ‫ُكن صادقًا‪ُ ،‬كن‬
‫وحس��ن‬ ‫متس��امحا م��ع الجميع‪ ،‬تح َّل ُّ‬
‫بالرقي ُ‬ ‫ً‬ ‫ُكن أمي ًنا‪ُ ،‬كن‬
‫ن فلسفتك الخاصة بشأن‬ ‫الضيافة‪ ،‬ال تتد َّخل فيما ال يعنيك‪ ،‬تب َّ‬
‫ِّ‬
‫تبنيك القيم التي تريد أن ُتشْ ِعرك بثقتك بنفسك‪..‬‬
‫‪195‬‬ ‫‪ 13‬ـ ُّسلا نيحجاَّنلا عئابطو تاداع قنتعاو حاجَّنلا ىلع فَّرعت‬

‫أي مبدأٍ أو قيمةٍ تبنيته��ا؛ ألنك تريد أن‬


‫إ َّن ش��عورك بأ َّن َّ‬
‫جديدا‬
‫ً‬ ‫عدا‬
‫تشعرك بقيمة ذاتك‪ ،‬ويعود نفعها عليك‪ ،‬سيمنحك ُب ً‬
‫لتتمسك بهذه القيمة‪..‬‬
‫َّ‬
‫ال تنس أبدً ا‪ :‬أن تتبنَّى هذه الع��ادات الطيبة حتى لو كنت‬
‫َ‬
‫الضغط؛ ألن ذلك س��يعود عليك بالكثير من المش��اعر‬ ‫تحت َّ‬
‫الطَّيبة‪ ،‬وس ُتضفي على من حولك من بهجتك وإيجابيتك‪..‬‬
‫بالسعادة من داخل نفسك‪،‬وال تبحث‬
‫الشعور َّ‬
‫‪ 10‬ـ ابعث دوافع ُّ‬
‫عنها في الخارج‪:‬‬

‫والس��عادة أو بالحزن‬
‫َّ‬ ‫نحن نحم��ل الش��عور باإليجابي��ة‬
‫والسلبية بين طيات أنفس��نا‪ ،‬وليس كما يعتقد األغلبية أن هذا‬
‫َّ‬
‫مرتبط بأحداثٍ خارجية كالحصول على مبتغًى مادي‬ ‫ٌ‬ ‫الش��عور‬
‫حتما ه��ذا ُّ‬
‫الش��عور ال يتب��ع ردود أفعالنا تجاه‬ ‫أو معن��وي‪ً ..‬‬
‫مجريات الحياة والمواقف التي نمر بها على مر َّ‬
‫الدوام‪..‬‬

‫ولو أ َّن هناك أوضا ًعا تفرض علين��ا الحزن‪ ،‬ليس لنا اليد‬
‫موت أو مرض ٍ أو‬‫ٍ‬ ‫َّ‬
‫المقدرة علينا من‬ ‫التصرف فيها كاألمور‬ ‫في‬
‫ُّ‬
‫خس��ارةِ ناس ٍ نح ُّبهم‪ ..‬ولكن في أغلب األحي��ان نحن الذين‬
‫الس��عادة من الخ��ارج وليس من‬ ‫دائما عن اس��تمداد َّ‬
‫نبحث ً‬
‫الداخ��ل‪ ،‬فت��رى أغلبن��ا يري��د أن يش��تري أغل��ى ال ِّثي��اب‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪196‬‬

‫بالس��عادة‪ ،‬أو‬
‫الس��يارات ليش��عر َّ‬
‫والمجوهرات‪ ،‬وأفخم أنواع َّ‬
‫يرتبط بأجمل وأغنى األش��خاص‪ ،‬ويربط ش��عوره باألحس��ن‬
‫ش��يء‬
‫ٌ‬ ‫واألفضل على الحصول على َّ‬
‫الدوافع الخارجية‪ ..‬وهذا‬
‫شعور داخلي‪ ،‬وأجمله‪ ،‬وأخلصه‬
‫ٌ‬ ‫السعادة أو الحزن‬
‫خاطئ‪ ،‬ألن َّ‬
‫ٌ‬
‫ب‬ ‫وح ِّ‬
‫بالرضا‪ُ ،‬‬ ‫الداخل ُّ‬
‫بالش��عور ِّ‬ ‫وأصفاه‪ :‬أن يكون منبعثًا من َّ‬
‫النفس على كل األحوال‪ ..‬فلو لم نس��تطع الحصول على أفخم‬
‫مدمرا‬
‫ً‬ ‫الثياب‪ ،‬ونرتبط بأغنى األشخاص‪ ،‬فلن يكون هذا الشيء‬
‫أبدا‬
‫طالما أننا فهمنا معنى الش��عور الداخلي ال��ذي ال يرتبط ً‬
‫بحوافز خارجية‪ ،‬من المحتمل الحصول عليها أم ال‪..‬‬
‫يستطيع أن يجعلك تشعر بال َّنقص دون موافقتك‪:‬‬
‫ُ‬ ‫‪ 11‬ـ ال أحد‬
‫«‪»No one can make you feel inferior without your consent‬‬

‫(اليانور روزفلت)‬

‫ً‬
‫ضعيفا‪ ،‬أن‬ ‫فقي��را أو‬
‫ً‬ ‫كان‪:‬‬ ‫يحق ألي ش��خص ٍ َ‬
‫كان‪ ،‬ومهما َ‬
‫يحظ��ى باالحترام والخصوصية وحس��ن المعامل��ة‪ ،‬واالعتبار‬
‫والحب‪ ..‬ولكن بشرط أن يكون لهذا الشخص حدود غير مرئية‬
‫س��يعرض‬
‫ِّ‬ ‫أحد‪ ،‬وإلاَّ‬
‫يضعها بينه وبين النَّاس لكي ال يتخطاها ٌ‬
‫نفس��ه للظلم واالحتقار‪ ..‬هذه الحدود تشْ ِ‬
‫��عر كلاًّ منَّا باألمان‪،‬‬ ‫ُ‬
‫عفوا أنا ال أس��مح ألحد ٍ بأن‬ ‫وبأ َّن لن��ا ك َّل الحق بأن نق��ول‪ً :‬‬
‫يمتهن كرامت��ي أو ينتقص م��ن قيمتي طالما أن��ا ملتزم بأداء‬
‫‪197‬‬ ‫‪ 13‬ـ ُّسلا نيحجاَّنلا عئابطو تاداع قنتعاو حاجَّنلا ىلع فَّرعت‬

‫أتع��د على حقوق أح��دٍ‪ ..‬اجعل ه��ذه الحدود‬


‫َّ‬ ‫ما عل��ي‪ ،‬ولم‬
‫َّ‬
‫أبدا‪..‬‬
‫واضحة للغير‪ ،‬وبهذا تشعر بأنه ال تأثير للنَّاس عليك ً‬
‫أنت تحت��رم ذاتك كش��خص ٍ ناجح‪ ،‬فلم��اذا ال يحترمك‬
‫اآلخرون‪ ..‬ال بد لك ِّل ناجح ٍ أن يع��رف قيمته‪ ،‬وال يم ِّكن ً‬
‫أحدا‬
‫من اس��تغالله عاطف ًّيا أو ماديًّا‪ ..‬ولتعلم‪ :‬أن وضع هذه الخطوط‬
‫سوف تقلص خوفك من اآلخرين‪.‬‬
‫يتحملون المسؤولية تجاه أنفسهم‪:‬‬
‫َّ‬ ‫‪ 12‬ـ ال َّناجحون‬

‫أغلب النَّاس عندما يتعرضون للمش��اكل يلقون اللوم على‬


‫لست‬
‫َ‬ ‫(أنت‬
‫َ‬ ‫اآلخرين‪ ،‬وقد ذكرنا هذه النقاط س��ابقًا في فصل‪:‬‬
‫س��واء‬
‫ً‬ ‫الضحية) وقلن��ا‪ :‬إن النَّاج��ح يتحمل نتيجة كل أعماله‬
‫َّ‬
‫نجحت أو فشلت‪ ،‬وح َّتى التقصير والكسل الذي يمر به أحيا ًنا‬
‫في مستوى تعليمه‪ ،‬وظيفته‪ ،‬اختياره لش��ريك الحياة‪ ،‬ال يلقي‬
‫ٍ‬ ‫َّ‬
‫وأبدا ُيتابع أعماله‬ ‫باللوم على أحد‪ ..‬واألهم من ذلك‪ :‬أنَّه ً‬
‫دائما ً‬
‫أبدا المساعدة والدعم الخارجي‪ ..‬وحتى في‬
‫بنفسه‪ ،‬وال ينتظر ً‬
‫األمور التي من المفروض أن تتم بمساعدة اآلخرين‪ ،‬يكون هو‬
‫المس��ؤول عن أن يحصل عل��ى ما يريد بإص��راره وإلحاحه‪..‬‬
‫فأغلب النَّاس سيس��اعدونك في حالة وجدوا أنك م ِ‬
‫ص ٌّر ومهتم‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أحد الخبراء الحقًا في‬
‫بأن تحصل على ما تريد‪ ..‬وقد نصحني ُ‬
‫هذه النقطة قائلاً ‪:‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪198‬‬

‫عندما أريد منك ِ أن تقدمي لي معلوم ًة أو بحثًا أو مساعد ًة‬


‫سوف أس��عى‪ ،‬وأتصل‪ ،‬وألح‪ ،‬حتى أحصل على ما أريد حتى‬
‫وأخيرا‬
‫ً‬ ‫أياما‪..‬؛ ألني أنا المسؤول ّأولاً‬
‫لو بقيت على هذه الحال ً‬
‫عن نفسي‪ ،‬وواجباتي‪ ،‬واختياراتي‪.‬‬
‫والش��خصية‬
‫ش��خصيتك بنفس��ك‪ ،‬فالموهبة هبة‪َّ ،‬‬
‫َّ‬ ‫‪ 13‬ـ اصنع‬
‫ِ‬
‫صناعة‪:‬‬

‫لم نختر شكلنا أو لوننا‪ ،‬ولم نختر األرض التي ولدنا فيها‪،‬‬
‫ولم نختر آباءنا‪ ،‬أمهاتنا‪ ،‬ملكاتن��ا‪ ،‬مواهبنا‪ ،‬التي فُطرنا عليها‪..‬‬
‫أي ش��خصيةٍ نحب أن نكون‪،‬‬ ‫حتما نحن الذين نختار َّ‬ ‫ولكنَّن��ا ً‬
‫والنَّاجح الفعال يبني شخصيته ويصنعها بيديه‪..‬‬

‫الشخصية اختيار»‪.‬‬
‫ولكن َّ‬
‫َّ‬ ‫«الموهبةُ نعم ٌة‪،‬‬
‫(جون ماكسويل)‬

‫فإذا ما استس��لمنا ُّ‬


‫للظروف‪ ،‬وركعنا أمام ال َّتحديات‪ ،‬فنحن‬
‫الس��لبية‪ ..‬وهذه الش��خصية‬ ‫الَّذين اخترنا َّ‬
‫الش��خصية المنهزمة َّ‬
‫مر الزمان‪ ..‬إذ‬
‫ليست مجرد كالم‪ ..‬بل هي مواقف وأفعال على ِّ‬
‫ال يمكننا بتا ًتا فصل شخصية اإلنس��ان عن أفعاله‪ ..‬وكلمة‪ :‬أنا‬
‫ومحب ًطا‪،‬‬
‫ن َّيتي س��ليمة‪ ..‬ال تنفع إذا كنت إنسا ًنا مؤذ ًيا‪ ،‬وفاشلاً ‪ُ ،‬‬
‫أو باعثًا للشر‪.‬‬
‫‪199‬‬ ‫‪ 13‬ـ ُّسلا نيحجاَّنلا عئابطو تاداع قنتعاو حاجَّنلا ىلع فَّرعت‬

‫ولكي تتعلم كيفية بناء َّ‬


‫الشخصية النَّاجحة التي تحلم بها‪،‬‬
‫والتي تناسبك أنت‪ ،‬فعليك أن‪:‬‬
‫الضعيفة في شخصيتك وتدونها‪ ،‬وتراجع‬
‫‪1‬ـ ‪1‬تبحث عن األماكن َّ‬
‫وتكرارا‪ ،‬ثم تعمل على معالجتها وتقويتها‪..‬‬
‫ً‬ ‫مرارا‬
‫تصرفاتك ً‬
‫ •اسأل نفسك‪ :‬هل لجأت إلى الحلول الوسط؟‪.‬‬
‫دائما تبحث عن الهروب من التحديات؟‪.‬‬
‫ •هل كنت ً‬
‫دائما‪..‬‬
‫خص حالتك واعرف األخطاء التي تكررها ً‬‫ •ش�� ِّ‬
‫فالتشخيص أول العالج‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬بعد التش��خيص تضع خطة ذكي��ة لتتمكن من إع��ادة بناء‬
‫الضعف‬
‫شخصيتك دون أن تكرر أخطاءها‪ ،‬ولتقوي مناطق َّ‬
‫دون الحل لكل مشكلة؛ مثلاً ‪ :‬عندما أغضب‬
‫التي فيها‪ ..‬أي‪ِّ :‬‬
‫أتخذ قرارات مدمرة‪ ..‬إ ًذا حان الوقت لكي ال تتخذ قرارات‬
‫وأنت غاضب‪ ..‬اصمت وابتعد عن الناس حتى تهدأ‪..‬‬
‫‪3‬ـ ‪3‬يجب أن تعلم‪ :‬أنك عندما اعترف��ت بعيوبك لم تقلل‬
‫ت المرض‬ ‫ص َ‬ ‫من قيمة ذات��ك أو تكرهها‪ ،‬وإنما ش�� َّ‬
‫خ ْ‬
‫لتجد الدواء‪ ..‬وعند االعتراف بالعيوب ُكن ش��فافًا مع‬
‫نفسك‪ ،‬واعترف بأنك تحتاج للمسامحة وأنك قصرت‬
‫في بع��ض األحيان ف��ي عمل��ك أو أهملت نفس��ك‬
‫وصحتك‪..‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪200‬‬

‫رض بأقل قدر ٍ من الكفاءة‪:‬‬


‫‪ 14‬ـ لاَ َت َ‬
‫ال��كل معجب بالنَّ��اس الَّذي��ن ال يرضون بأق��ل قدر ٍ من‬
‫ُ‬
‫سواء كنت‬
‫ً‬ ‫الس��مة هي التي تميز بين البش��ر‪،‬‬ ‫الكفاءة‪ ،‬وهذه ِّ‬
‫ِ‬
‫كاتبا‪ ،‬ح َرف ًّيا‪..‬‬
‫عالما‪ً ،‬‬
‫ً‬ ‫مديرا‪،‬‬
‫ً‬
‫الصفة في‬‫ومن الممكن أنك ترغب بأن ترفع من نسبة هذه ِّ‬
‫ش��خصيتك وأنت تس��عى للتم ُّيز والنجاح‪ ،‬ولكنك لم تتعلَّم‬
‫الكيفية‪ ،‬وإليك الخطوط العريضة لذلك‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪1‬ال تكتفِ ً‬
‫أبدا بأداء أعمالك بمستوى الجيد‪ ،‬أو المقبول‪،‬‬
‫ودائما أنجز أكثر مما يتوقعه‬
‫ً‬ ‫الرائع والمميز‪،‬‬
‫اس َع إلى َّ‬
‫بل ْ‬
‫الناس عنك أو حتى الذي تتوقع أنت أن تنجزه‪..‬‬
‫عدو العظيم»‪.‬‬
‫الجيد ُّ‬
‫«إن ِّ‬
‫َّ‬
‫(جيم كولينز)‬

‫كلمات بدأ فيها الكاتب جيم كولينز كتابه «جيد إلى عظيم‪:‬‬
‫ٌ‬
‫‪ »Good to great‬توضح‪ :‬أنك إذا قبلت بالمقبول والجيد‪ ،‬فهذا هو‬
‫عدو العظم��ة؛ ألنك لن تس��عى الحقًا لإلتق��ان والبحث عن‬
‫والتفرد‪..‬‬
‫ُّ‬ ‫العظمة‬
‫‪2‬ـ ‪2‬ال تتأ َّخر‪ ..‬أي‪ُ :‬كن س َّباقًا في الحضور إلنجاز أعمالك بروح‬
‫ٍ‬
‫أنك ترغب بالمشاركة وإضفاء شيء جديد ٍ على ما تقوم به‪،‬‬
‫‪201‬‬ ‫‪ 13‬ـ ُّسلا نيحجاَّنلا عئابطو تاداع قنتعاو حاجَّنلا ىلع فَّرعت‬

‫وليس بروح الَّذي يعيش على فتات الخبز الذي سقط من‬
‫دائما بقلبك قبل جسدك‪..‬‬
‫أيدي اآلخرين‪ ..‬احضر ً‬
‫محتاج‬
‫ٌ‬ ‫التحسن المس��تمر‪َ ..‬دقِّق بما ترى أنه‬
‫ُّ‬ ‫ن سياسة‬
‫‪3‬ـ ‪3‬تَ َب َّ‬
‫عالقات‪ ،‬واعمل على تخصيص‬ ‫ٍ‬ ‫منك لتحسين مهارةٍ‪ ،‬لغةٍ‪،‬‬
‫الوقت والجهد والمال لتس��عى لتحس��ين ه��ذه المناطق‬
‫المظلمة عندك‪..‬‬
‫«الي��وم ال��ذي تتو َّقف فيه ع��ن النمو ه��و بداي��ة النهاية‬
‫لنجاحك»‪.‬‬
‫(جون ماكسويل)‬

‫‪4‬ـ ‪4‬أ ِّد ك َّل مهمةٍ في حياتك بأعلى قدر ٍ من الجودة واالهتمام‪..‬‬

‫ٍ‬
‫عالية من االهتمام‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫درجة‬ ‫«الجودة ليست َحدَ ًثا‪ ،‬إنها نتيجة‬
‫والمجهود المخل��ص‪ ،‬والتوجه َّ‬
‫الذكي‪ ،‬والتنفي��ذ الماهر‪ ،‬إنها‬
‫تمثل االختيار الحكيم بين عدة بدائل»‪.‬‬
‫(ويال فورستر)‬

‫‪5‬ـ ‪ُ 5‬كن م��ن الذين يقومون بما يجب فعل��ه بطريقةٍ صحيحةٍ‪،‬‬
‫تماما‪ ..‬فالناس‪ :‬إما يعرفون ما يجب‬
‫ً‬ ‫وفي الوقت المناسب‬
‫فعله‪ ،‬ولكن يكس��لون عن القي��ام به‪ ..‬أو ربم��ا يفعلون‬
‫المطلوب من دون االنضب��اط بالوقت‪ ..‬والكفؤ هو األول‬
‫الذي تحدثنا عنه‪ ،‬فكن منهم‪..‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪202‬‬

‫‪6‬ـ ‪ُ 6‬كن مصدر ال َّتحفيز واإللهام‪ ،‬وش��علة النَّار المتوقدة لمن‬


‫أيضا لرفع مس��توى كفاءتك‪..‬‬ ‫حولك‪ ،‬فه��ذا يح ِّفزك أنت ً‬
‫أي‪ :‬اس��حب ُك َّل من معك للمزيد من الكف��اءة‪ :‬أصدقاء‪،‬‬
‫شركة‪ ،‬عائلة‪..‬‬
‫الصعب‪:‬‬
‫‪ 15‬ـ ال َّناجحون ال يترددون في قبول َّ‬
‫الصعبة أو‬
‫نعم‪ ،‬الناجحون ال يتهربون م��ن أداء المهمات َّ‬
‫َّ‬
‫يتحدوا أنفس��هم‬ ‫الممل��ة أو ربما التعلي��م المعقد‪ ،‬يحبون أن‬
‫دائما األسهل‪ ،‬اقبل‬
‫ن ً‬ ‫بالقيام بكل ما عجز عنه اآلخرون‪ ،‬ال تَ َت َم َّ‬
‫احتراما‬ ‫��ر اآلخري��ن لرف��ع قبعاته��م‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫بالصع��ب ال��ذي ُي ْجب ُ‬
‫َّ‬
‫لشجاعتك‪...‬‬

‫النَّجاح ال يأتي م��ن دون ثمن‪ ..‬قارن هل يس��تحق التميز‬


‫والنجاح أن تدفع هذا الثمن من راحتك‪ ،‬أم أنه ال يستحق؟‪..‬‬

‫أحد ذلك‪ ..‬ال تَ ْس َع‬


‫قدم أفضل ما عندك حتى لو لم يالحظ ٌ‬‫ِّ‬
‫بأن تعرض كل جه��ودك أمام مديرك‪ ،‬معلم��ك‪ ..‬اعمل بجهد ٍ‬

‫وبتفان ٍ لنفس��ك دون أن تنتظر اإلعجاب‪ ..‬فاهلل لن يضيع نتيجة‬


‫ًّ‬
‫مجدا‪..‬‬ ‫مخلصا‬
‫ً‬ ‫جهودك إذا كنت‬
‫ٍ‬
‫تراب��ط وثيق بين العم��ل (أو التعليم‪ ،‬أو أي‬ ‫كما أن خلق‬
‫ً‬
‫ش��غفا‪،‬‬ ‫مهمةٍ ترغب به��ا) والرغبة‪ ،‬ليكون ما ترغب التميز به‬
‫‪203‬‬ ‫‪ 13‬ـ ُّسلا نيحجاَّنلا عئابطو تاداع قنتعاو حاجَّنلا ىلع فَّرعت‬

‫جميلة‪ ،‬ال ليكون ثقيلاً على النفس‪ ،‬وهذا ما يم ِّيز بين‬


‫ً‬ ‫ومغامر ًة‬
‫الناجحين وغيرهم‪..‬‬
‫ٍ‬
‫ممارسات‬ ‫��ر ال َّنجاح في أن تجعلوا من أعمالكم‬ ‫ِ‬
‫«يكمن س ُّ‬
‫مسلية»‪.‬‬
‫(مارك توين)‬

‫وعلي��ه‪ :‬إذا كان لك��م أثناء أعمالك��م الرغب��ة واالندفاع‬


‫والحيوية ذاته��ا التي تبدونها عند الترفيه والتس��لية‪ ،‬تضاعفت‬
‫النتائج اإليجابية‪ ،‬والعطاء في حياتكم‪.‬‬
‫‪ 16‬ـ إذا أردت أن تكون قائدً ا فكُ ن قارئًا‪:‬‬
‫ِ‬
‫ن واألدب‬‫دأب العلم��اء‪ ،‬وجهابذة الف ِّ‬‫إ َّن القراءة واالطالع ُ‬
‫والعلم‪ ..‬فلم أسمع بإنسان مميزٍ‪ ،‬أو قائد ٍ في مجال ٍ ما‪ ،‬لم ينهل‬
‫من الكتب ويقضي س��اعاته بصحبة ذلك الصديق الذي يجول‬
‫بك عبر األزمان واألراضي‪ ،‬ويفتح ل��ك آالف العقول لتتعلم‬
‫مضطرا ألن تتحمل اختالف أطباعهم أو أن‬
‫ًّ‬ ‫منهم دون أن تكون‬
‫تنتظر حتى يمنُّوا عليك بوقتهم الثمين‪..‬‬
‫«هو معش��وق أهل الريادة‪ ،‬ومحبي التميز‪ ،‬وشداة اإلبداع‪،‬‬
‫ال صدَّ في محبته‪ ،‬وال هجر في القرب منه‪ ،‬بل‬
‫َ‬ ‫هذا المعش��وق‬
‫ألفة دائمة‪ ،‬وصل ٌة مس��تمرة‪ ،‬فصحبته توصلك إلى منبر المجد‪،‬‬
‫وتصعد بك في سلم الكمال‪ ،‬وتعرج بك في درجات التفوق‪...‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪204‬‬

‫مسكين من لم يعش��ق الكتاب‪ ،‬ويألف صحبته‪ ،‬ويأنس بقربه‪،‬‬


‫ٌ‬
‫إنه إنسان ما عرف أعظم معشوقٍ‪( :‬العلم)»‪.‬‬
‫(د‪ .‬عائض القرني)‬

‫إ َّن دوام الق��راءة واالطالع الدائم يصع��د بك إلى درجات‬


‫الكمال والتفوق والنجاح‪ ..‬وبالنس��بة ل��ي‪ :‬ال أرى الكمال في‬
‫إتمام ال َّتعليم الجامعي من غير أن يثقف اإلنس��ان نفس��ه ً‬
‫دائما‬
‫وأبدا بالتزام هذه العادة الرائعة‪ ..‬ولو لم تكن القراءة والعلم من‬
‫ً‬
‫أهم ع��ادات الناجحين‪ ،‬لما ب��دأ القرآن بكلم��ة‪ ﴿ :‬ﭻ ﴾ فهل‬
‫سنكون (أمة اقرأ التي ال تقرأ)‪.‬‬
‫بلس ُم المثابرة‪:‬‬
‫‪ 17‬ـ َ‬
‫سأجعل المثابرة آخر صفةٍ وعادة تالزم العظماء والناجحين‪،‬‬
‫وقد تكلمنا عنها س��ابقًا‪ ،‬ولكن نؤكد عليه��ا ألهميتها‪ ،‬وألنها‬
‫البلسم لكل الجروح والتصدعات‪ ..‬فما من نجاح أتى من دون‬
‫مثابرة‪ ..‬ولتك��رس هذه الفكرة في رأس��ك‪ :‬لي��س الناجحون‬
‫أفضل‪ ،‬وال أذك��ى‪ ،‬وال أقوى من اآلخرين‪ ،‬وإنَّم��ا أكثر مثابرة‬
‫وإصرارا على إتمام المهمات‪ ،‬وتحقيق األهداف‪ ،‬وعدم التراجع‬
‫ً‬
‫واالستسالم عندما يقف اآلخرون‪..‬‬
‫ٍ‬
‫«تابعوا الهدف دون َك َلل ٍ أو تو ُّقف‪ ،‬فهذا هو ُّ‬
‫سر ال َّنجاح»‪.‬‬
‫(آنا باولوفا)‬
‫‪205‬‬ ‫‪ 13‬ـ ُّسلا نيحجاَّنلا عئابطو تاداع قنتعاو حاجَّنلا ىلع فَّرعت‬

‫رؤية األه��داف وكأنها حقيقة على ال��دوام‪ ،‬والمبادرة إلى‬


‫المزيد من العمل حتى لو بعد الفشل‪ ،‬والتركيز الدائم‪ ،‬والدقة‪،‬‬
‫حتما س��تأتي بالنتائج‬
‫والوع��ي‪ ،‬واليقظة ألهمي��ة المعرف��ة؛ ً‬
‫المرجوة بعد مباركة اهلل وتوفيقه لك‪..‬‬
‫إ َّن اإلصرار على هذه التكتيكات إلى حين إحراز األهداف‬
‫المرسومة ُي َم ِّثل المعادلة الذهبية لنجاح ٍ حاسم‪.‬‬

‫ونقول كمحصلة‪:‬‬
‫إن ال َّناجحين يحاولون أن يبلغوا مطامحهم بأي ثمنٍ‪.‬‬

‫دوما‪:‬‬
‫السمة التي تميزهم عن سائر الناس‪ ..‬وتذكروا ً‬
‫وهذه ِّ‬
‫أن كل نجاح ٍ سوف يترك ً‬
‫آثارا‪..‬‬

‫وتبصروا فيما كان لهم من األفكار‬


‫َّ‬ ‫اقرؤوا س��ير النَّاجحين‬
‫واآلراء التي ضاعفت قدراتهم عل��ى الجد والعمل‪ ،‬وأ َّدت إلى‬
‫إحرازهم نتائج قيمة‪..‬‬
‫***‬
‫‪..‬للأ�سف و�صلنا �إلى النهاية‬

‫من المحتمل أنك ستقول‪ :‬هل يمكن تطبيق كل ما جاء في‬


‫هذا الكتاب حرف ًّيا وبسهولة؟‪.‬‬

‫بالطبع ال‪ ..‬ألن التغيي��ر والعيش طبقًا لضوابط ما‪ ،‬وتطبيع‬


‫بعادات جديدةٍ‪ ،‬ليس س��هلاً في البداي��ة‪ ..‬ولتعلم أنك‬
‫ٍ‬ ‫النفس‬
‫حتى لو تمكنت م��ن تغيير بعض األم��ور الخاطئة‪ ،‬والعادات‬
‫السلبية بسرعةٍ‪ ،‬فإنك ربما ستتعثر وتخطئ أو تفتر همتك بعد‬
‫َّ‬
‫حين‪ ..‬ولك��ن أصل الحكاية والذي س��عيت ألن أوصله إليك‪:‬‬
‫حتم��ا وإن طمحت أن تصل‬
‫أنك س��تتفهم أنك بش��ر‪ ،‬وأنك ً‬
‫للكمال اللاَّ نهائي فإنك س��تنهزم وتضعف‪ ،‬ثم تستسلم‪ ،‬ولكن‬
‫جميعا في نهاية الرحلة‬
‫ً‬ ‫الغاية من هذه األفكار والمطل��وب منا‬
‫التي سرتها معي أن‪:‬‬

‫نخطو خط��و ًة إيجابي ًة‪ ،‬ونح��اول العيش برؤية التحس��ن‬


‫المس��تمر‪ ،‬وأهم ما في األمر‪ :‬أنه إذا كان كل ال َّناس يس��قطون‬
‫حتما ستتعلم كيف‬
‫ويتع َّثرون ويفشلون‪ ،‬فإنك وإن كنت منهم ً‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪208‬‬

‫تنهض ثاني ًة‪ ،‬وتتقبل نفسك‪ ،‬وتستفيد من ما مررت به‪ ،‬ليكون‬


‫درج ًة نحو االرتقاء لألفضل‪ ،‬والوصول إلى أقصى نجاح ٍ ممكن‬
‫أن تمكنك قدراتك من تحصيله‪..‬‬
‫أن العقل إذا تمدد واتس��ع ِ‬
‫فم َن المستحيل أن‬ ‫وهذا يؤكد‪َّ :‬‬
‫َ‬
‫يعود للحجم الذي كان عليه‪.‬‬

‫الغاية من ذكر هذه األفكار‪ ،‬ع��ن عادات ومبادئ النَّاجحين‬


‫السعداء‪ ،‬والتي أنا متأكد ٌة أنك اكتسبتها خالل الرحلة معي‪ ،‬أن‬ ‫ُّ‬
‫نتعلم المراقبة‪ ...‬نعم مراقبة التصرفات واألفكار‪ ،‬وقد قلنا سابقًا‪:‬‬
‫األكثر مالحظ ًة‪ ،‬هو األقدر على التغيير‬

‫فعندما نراقب أفعالنا اليومية ونق ِّيمها في آخر اليوم سنتمكن‬


‫مرجعا‬
‫ً‬ ‫من تحليل األمور لنميز الخبيث من الطيب‪ ،‬ثم لتكون‬
‫الس��يطرة على أنفس��نا‪ .‬وبالتالي‬
‫لنا للع��ودة إليها عندما نفقد َّ‬
‫ثانية لنعيد شحن طاقتنا‪ ،‬ونعيش بتناسق ٍ مع‬
‫ً‬ ‫الدفة‬
‫نمسك زمام ّ‬
‫ُ‬
‫أنفسنا‪..‬‬
‫حاول أن تس��تفيد ألقصى ٍّ‬
‫حد من هذه األفكار؛ ألن الكثير‬
‫الحكَ ماء فقط يستفيدون منها‪.‬‬
‫من النَّاس يتلقون النصائح‪ ،‬ولكن ُ‬
‫وال موهبة عن أي حكيم ٍ أو‬
‫ً‬ ‫وأنا أؤمن بأنكم ال تقلون قدر ًة‬
‫عظيم ٍ ُذكر في التاريخ‪.‬‬
‫‪209‬‬ ‫ياهنلا ىلإ انلصو فسألل‪..‬‬

‫وأتمنى أن يكون كتابي هذا ش��رار َة األمل للبدء في رحلة‬


‫النجاح والتميز‪ ،‬وكما قيل‪ :‬إن ال َّنجاح رحلةُ ُع ُمرٍ‪ ،‬وليس مكا ًنا‬
‫محددا نصل إليه‪..‬‬
‫ً‬
‫عندما ت��رى النجاح من هذا المنظور‪ ،‬لن ينتابك الش��عور‬
‫ٍ‬
‫والس��خط‪ ،‬وتذهب لتبحث عن ش��يء آخر عند‬ ‫ُّ‬ ‫الرضا‬
‫بع��دم ِّ‬
‫ٍ‬
‫فكثير من‬
‫ٌ‬ ‫وأب��دا‪،‬‬
‫ً‬ ‫تحقيق هدف مع َّين ٍ كنت تس��عى إليه ً‬
‫دائما‬
‫النَّاس يشعر باإلحباط بعد تحقيقه ألحد أهدافه؛ ألنه يحس أنه‬
‫ً‬
‫محطة في‬ ‫ربما أخطأ في اختياره‪ ..‬بل سترى كل ما وصلت إليه‬
‫رحلة التغيير والنجاح‪ ..‬ستوصلك إلى النُّقطة الَّتي تليها إلى أن‬
‫تنتهي الحياة‪..‬‬

‫واهلل ولي التوفيق‪..‬‬

‫ومقترحاتِكُ م على اإليميل التالي‪:‬‬


‫َ‬ ‫شاركوني بآرائكم‬
‫‪suhairdallal@hotmail.com‬‬

‫وعلى صفحة الفيس بوك‪:‬‬


‫‪suhairdallal‬‬

‫‪2013/1/20‬م‬
‫***‬
‫الم�صادر والمراجع‬

‫ •‪How to stop worrying and start living - Dale Carnegie‬‬


‫ •‪Managing your mind - Gillian Butler, Tony Hope‬‬
‫ •‪The 7 habits of highly effective people - Stephen Covey‬‬
‫ •‪The mind map book - Tony & Barry Buzan‬‬
‫ •‪Success 101 - John C. Maxwell‬‬
‫ •‪The rules of life - Richard Templar‬‬
‫ •‪The success principles - Jack Canfield‬‬
‫ •‪Good to Great - Jim Collins‬‬

‫ •رؤيتي ـ سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم‪.‬‬


‫ •السبب قبل الذهب ـ نسيم صمادي‪ ،‬أمير غندور‪.‬‬
‫ •إدارة التغيير الشخصي ـ سنتيا دي سكوت‪.‬‬
‫ •كيف تخطط لحياتك ـ د‪ .‬صالح الراشد‪.‬‬
‫ •عاشق ـ د‪ .‬عائض القرني‪.‬‬
‫ •ديوان اإلمام الشافعي‪.‬‬
‫ •قوة العزيمة ـ د‪ .‬واين دبليو داير‪.‬‬
‫ •صناعة النجاح ـ د‪ .‬طارق سويدان‪ ،‬فيصل باشراحيل‪.‬‬
‫ •افعل شيئ ًا مختلف ًا ـ عبد اهلل علي العبد الغني ‪.‬‬
‫ •فكر تنجح أكثر ـ ايرني زيلنسكي ‪.‬‬
‫ •اكسب ذاتك ـ أ‪.‬د‪ .‬بشير صالح الرشيدي‪.‬‬
‫ •السعادة هاهنا ـ د‪ .‬صالح شفيع‪.‬‬
‫ •هكذا هزموا اليأس ـ سلوى العضيدان‪.‬‬
‫ •‪ 21‬صفة ال غنى عنها في القائد ـ جون سي‪ .‬ماكسويل ‪.‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ 212

: ‫ وأهمها‬،‫كما تم االستعانة ببحوث ومعلومات من عدة مواقع إلكترونية‬


.‫ مراحل اإلبداع‬:)Walla's ‫ •(بحث واالس‬
‫ بحث أبراهام ماسلو‬- )Abraham Maslow ‫ •(هرم االحتياجات اإلنسانية‬
.‫ التحليل االستراتيجي‬:‫ بحث‬- )SWOT ANALYSIS(•
‫ واختر أصدقاءك من بين هذه‬،‫جد ًا في عالقاتك وصداقاتك‬
ّ ‫ كن حذر ًا‬:‫ •بحث‬
.‫الشخصيات‬
.‫ معاقون عظماء قدموا للبشرية ما لم يقدمه األصحاء‬:‫ •بحث‬
http://ar.wikipedia.org
http://islamtoday.net
http://www.saaid.net
http://www.ebdaa.ws
http://www.sheikhmohammed.ae
http://www.uaepresident.ae
http://www.uaecabinet.ae
http://uaepm.ae
http://www.sharjahtourism.ae
http://ar.wikiquote.org
http://www.halaluae.com

:‫للمشاركة باقتراحاتكم وآرائكم‬


Email: Suhairdallal@hotmail.com

‫ أنت ونفسك رحلة التغيير‬: Facebook page


Facebook:Suhair Dallal
Twitter: @SuhairDallal

***
‫الفهر�س‬

‫ •لمن هذا الكتاب؟ ‪5.....................................................................................‬‬

‫ •اإلهداء ‪7..........................................................................................................‬‬

‫ •المقدمة ‪9.........................................................................................................‬‬

‫ •أما بعد‪11..........................................................................................................‬‬

‫ •محتوى الكتاب‪13..........................................................................................‬‬

‫ •فهرس الكتاب باستخدام تقنية خريطة العقل ‪15..................................‬‬

‫‪ 1‬ـ أنت ونفسك رحلة التغيير ‪19......................................................................‬‬

‫‪ 2‬ـ لست الضَّ حية ‪23.............................................................................................‬‬

‫بك ‪29..........................................................................................‬‬
‫أرحم َ‬
‫ُ‬ ‫‪ 3‬ـ يَ َداكَ‬

‫ •مفاتيح فعالة لترويض النفس ‪32......................................................‬‬

‫‪ 4‬ـ ُكن أنت ال َّتغيير الَّذي تو ُّد أن ُ‬


‫تراه في العالم‪37....................................‬‬

‫ •أركان التغيير‪42.......................................................................................‬‬

‫ •إرشادات أثناء رحلة ال َّتغيير ‪58...........................................................‬‬

‫ •أربعة شروط حتى يتم التغيير بفاعلية‪63........................................‬‬

‫حدد رؤيتك ورسالتك ُث َّم ضع خطَّتك وال تتخ َّل عن أهدافك ‪67.........‬‬


‫‪ 5‬ـ ِّ‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪214‬‬

‫ •غاية وجودنا ‪67........................................................................................‬‬

‫ •التخطيط الذاتي ووضع األهداف الشخصية‪68.............................‬‬

‫ •كيف تخطط ل ِ َذاتك؟‪72........................................................................‬‬

‫أوالً‪ :‬اإلدراك الذاتي ‪72..........................................................................‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬الرؤية والرسالة ‪75.........................................................................‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬تحديد األهداف‪77........................................................................‬‬

‫رابع ًا‪ :‬أوضح البشر رؤية ورسالة وأهدافًا‪85....................................‬‬

‫ •كيفية استخدام أسلوب ال َّتحليل االستراتيجي‬

‫الصعيد الشخصي ‪86.....................................................................‬‬


‫على َّ‬
‫‪ 6‬ـ ابحث عن اإلبداع داخل نفسك ‪93...........................................................‬‬

‫ •اإلبداع ‪94..................................................................................................‬‬

‫ •خطوات ومراحل اإلبداع ‪97................................................................‬‬

‫ •نصائح للوصول إلى اإلبداع‪100..........................................................‬‬

‫‪ 7‬ـ اعرف ق َْدر ذاتك وح ِّف ْزها ‪103........................................................................‬‬

‫ •ذات اإلنسان وتقديرها‪103...........................................................................‬‬

‫ •أبرز سمات األشخاص أصحاب الحس المرتفع بتقدير الذات‪106....‬‬

‫ •احتياجات الذات البشرية ‪112......................................................................‬‬


‫‪215‬‬ ‫سرهفلا‬

‫ •التحفيز الذاتي ‪118..........................................................................................‬‬

‫فريد ليس مثلك مخلو ٌق آخر ‪125......................................................‬‬


‫أنت ٌ‬
‫‪8‬ـ َ‬
‫ •الشخصية الفريدة‪125.....................................................................................‬‬

‫ •معاقونَ ُع َظماء َّ‬


‫قدموا للبشرية َما َل ْم ِّ‬
‫يقد ْم ُه األصحاء ‪131...................‬‬

‫ •النتيجة ‪137........................................................................................................‬‬

‫ونهارا‪139...........................................................................‬‬ ‫لمك ليلاً‬ ‫ِ‬


‫ً‬ ‫ش ُح َ‬
‫‪9‬ـع ْ‬
‫ •ال حدود وال منطق لألحالم ‪139................................................................‬‬

‫ •اإلصرار واليقين في تحقيق األحالم ‪141...........................................‬‬

‫ •ما هو االلتزام الذي يم ِّكنك من تحقيق حلمك؟ ‪142...................‬‬

‫هب الضَّ ائع‪147.........................................................................................‬‬ ‫َّ‬


‫‪ 10‬ـ الذ ُ‬
‫ •قيمة الوقت في حياة اإلنسان ‪147........................................................‬‬

‫ٌ‬
‫مضيعة للوقت؟‪150...................................‬‬ ‫ •هل عملية تنظيم الوقت‬

‫ •مربعات تنظيم الوقت ‪153......................................................................‬‬

‫‪ 11‬ـ إ َّن كل ما ال يقتلني ُيق َِّويني ‪157..................................................................‬‬

‫ • ُدنيا ال تخلو من الهموم‪ ،‬واألحزان‪ ،‬والمشاكل‪157.......................‬‬

‫ •لك ِّل مشكلةٍ ح ٌّل‪161................................................................................‬‬


‫ •ال تكن ُّ‬
‫كالذبابة! ‪163...............................................................................‬‬
‫أنت ونفسك رحلة التغيير‬ ‫‪216‬‬

‫ •قاعدة هامة في حل المشاكل واألزمات ‪163....................................‬‬

‫ •كيف تكتشف حقائق المشكلة بالنظر؟ ‪165......................................‬‬

‫ •إيَّاك أن ترمي نفسك في ِش َباك القلق!‪165........................................‬‬

‫ •استراتيجيات للتخلص من القلق ‪167.................................................‬‬

‫ •حول القلق إلى تخطيط ‪170..................................................................‬‬

‫‪ 12‬ـ مارس مهارات اإلقناع على نفسك ‪171...................................................‬‬

‫ •من هو الشخص األقوى في اإلقناع؟ ‪173.........................................‬‬

‫ •قطبا المغناطيس‪177.................................................................................‬‬

‫السعداء‪181.‬‬
‫تعرف على النَّجاح واعتنق عادات وطبائع النَّاجحين ُّ‬
‫‪ 13‬ـ َّ‬
‫ •النجاح ‪181..................................................................................................‬‬
‫ٍ‬
‫عبارات لتحقيق النَّجاح ‪184......................................................‬‬ ‫ •ثالث‬

‫ •أُ ُس ُس النَّجاح ‪184......................................................................................‬‬

‫ •عادات الناجحين ‪186...............................................................................‬‬

‫ •‪..‬لألسف وصلنا إلى النهاية ‪207....................................................................‬‬

‫ •المصادر المراجع ‪211.......................................................................................‬‬

‫ •الفهرس ‪213.........................................................................................................‬‬
‫***‬

You might also like