You are on page 1of 22

‫فوجادي‪ :‬النظر املألوف‬

‫بطريقة غري مألوفة‬

‫كيف ترى ما ال يراه اآلخرون؟‬

‫أسامة بدندي‬
‫فهرس احملتوايت‬

‫الصفحة‬ ‫املوضوع‬
‫اإلهداء‬

‫فهرس احملتوايت‬

‫إقرار‬

‫متهيد‬

‫ماذا ستستفيد من قراءة هذا الكتاب؟‬

‫الفصل األول‪ :‬اجلبيل الصناعية‬

‫الفصل الثاين‪ :‬كيف يفكر الدماغ؟‬

‫الفصل الثالث‪ :‬مفاهيم مغلوطة عن اإلبداع‬

‫الفصل الرابع ‪ :‬مهارات التفكري اإلبداعي‬

‫املهارة األوىل‪ :‬خلق التوجه اإلبداعي‬

‫املهارة الثانية‪ :‬تغيري املنظور‬


‫الصفحة‬ ‫املوضوع‬
‫املهارة الثالثة‪ :‬طرح األسئلة‬

‫املهارة الرابعة‪ :‬حتدي االفرتاضات املسبّقة‬

‫املهارة اخلامسة‪ :‬توليد االحتماالت‬

‫املهارة السادسة‪ :‬ربط ومزج املفاهيم‬


‫إقرار‬

‫أقر أان املوقع أدانه أبن األفكار املوجودة هبذه الكتاب مسروقة من كل الكتب اليت قرأهتا وطالعتها واطّلعت‬
‫عليها‪ ،‬ولكنين حىت أُخفي آاثر جرمييت قمت إبعادة صياغة األفكار بكلمايت وتعابريي اخلاصة‪ ،‬ولكن ال تسألوين من‬
‫أين هم سرقوا أفكارهم‪.‬‬
‫ال جديد حتت الشمس‬
‫وضحتها بقصص نقلتها لك بطريقيت‬
‫ما تراه بني يديك هي أفكار مجعتها من جمموعة كبرية من الكتب‪ ،‬ولكنين ّ‬
‫كل يسردها بطريقته‬
‫إرث تناقله الكتّاب من جيل آلخر‪ّ ،‬‬
‫اخلاصة‪ّ ،‬أما األفكار فهي ليست ملكي أان وحدي‪ ،‬إمنا هي ُ‬
‫وإبسلوبه حماواال أن جيمع فيها ما توافق مع وجهة نظره‪.‬‬

‫يقول الشاعر اإلجنليزي يت أس إليوت‪" :‬الشعراء غري الناضجني يقلدون‪ ،‬والشعراء الناضجون يسرقون‪ ،‬والشعراء‬
‫السيئون يشوهون ما سرقوه‪ ،‬أما الشعراء اجليدون فيصنعون منه شيئاا أفضل‪ ،‬أو على األقل شيئا خمتلفا‪ .‬الشاعر اجليد‬
‫عما أُنتزعت منه"‪ .‬يف حني يقول الروائي األمريكي جوانثن ليثيم‪:‬‬
‫حيول سرقته إىل كتلة من املشاعر الفريدة خمتلفة متاما ّ‬
‫أمرا ما أصيل فإن تسعة من أصل عشرة ال يعرفون املصدر أو املرجع األصلي ملا أتوا به‪ ".‬يف‬
‫"عندما يدعي البعض أن ا‬
‫حني يؤكد الكاتب األمريكي أوسنت كليون نفس الفكرة حيث يرى أن كل األعمال اإلبداعية بُنيت على ما جاء قبلها‪،‬‬
‫مصدرا‪ .‬يف حني يدعي الروائي الفرنسي (أندريه جيد) أن "كل ما يراد‬
‫ا‬ ‫متاما‪ ،‬وأن لكل شيء‬
‫وأنه ليس مثة عمل فريد ا‬
‫قوله قد قيل‪ ،‬ولكن‪ ،‬وأل ّن ال أحد ينصت‪ ،‬فال بد أن يقال كل شيء مرة أخرى‪".‬‬

‫فسر النقاد قول عنرتة بن شداد‪:‬‬


‫ويف تراثنا العريب ّ‬

‫أ ه ل ل للل عرف ل ل للت ال ل ل للدار بع ل ل للد توهم‬ ‫ه للل غ للادر الشل ل ل ل ل ل للعراءُ من ُمرتد‬

‫العريب!‬
‫شعرا‪ ،‬وهذا يف بواكري الشعر ّ‬
‫أب ّن الشعراء مل يرتكوا شيئاا إال وقد أتوا عليه وقالوه ا‬

‫يقو هذا الكتاب على فكرة أن نسبة اإلتيان ابلفريد الفريد يف هذا العامل قليلٌ قليل‪ ،‬فكم هو النتاج اإلبداعي‬
‫اخلارج عن املألوف يف عمر البشرية كم احتاجت البشرية لتنتقل من عصر آلخر وكم معدل االبتكارات اليت غريت‬
‫جمرى التاريخ وفق املؤرخني امتد العصر احلجري آالف السنني ومل ينته إال مبرور حوايل ستة آالف سنة قبل امليالد من‬
‫أجل أن يدخل اإلنسان العصر النحاسي‪ ،‬ما أريد قوله إن الطريقة اليت ُخلق هبا اإلنسان قائمة على البقاء واالستمراية‬
‫أكثر من أي شيء آخر‪ .‬مييل اإلنسان بطبعه إىل التماثل أو التقليد‪ .‬أستشهد هبذه فقط ألقول إن حجم اإلتيان جبديد‬
‫قليل لدرجة كبرية جتعلك تعلم أنه ينبغي أن تعي فكرة أن املبدعني هم فقط أانس شغوفون حياولون قول ما قيل بطريقة‬
‫أخرى‪.‬‬

‫إن هذه الفكرة من أكثر األفكار غرابة ابلنسبة يل؛ فبمجرد إداركي هلذا األمر وجدتين أغ ّري نظريت لكثري من‬
‫ماتعا‪.‬‬
‫أيضا إىل أن أخرج هبذا الكتاب لعله يكون هنباا ا‬
‫األشياء اليت حتدث حويل‪ ،‬وهذا ما دفعين ا‬
‫تمهيد‬
‫متاما ما تعنيه لك السطور األوىل وأدرك أنك من خالهلا ستقرر إما أن تكمل قراءة الكتاب وتقد الشكر‬
‫أعلم ا‬
‫ملن أعارك إايه برهة من الزمن‪ ،‬أو ‪ -‬أن كنت اشرتيته‪ -‬ستشكر نفسك املتلهفة ملا هو جديد وملعرفة املزيد على قرار‬
‫اقتناء هذا الكتاب أو قد تتوقف عن قرائته وينتابك شعور ابلند لشراء هذا الكتاب وتشعر أنه ال يساوي ذنب سرقته‬
‫أو استعارته أو الثمن اليت دفعته لشرائه‪ ،‬فينتهي به املسار يف مكتبة ميلىء مكان فارغ وحسب‪ ،‬حىت ال تُصاب خبيبة‬
‫شرائه فتكون قد حصلت على فائدة بشكل أو آبخر تعزي هبا نفسك‪.‬‬

‫لكنين أرجو منك أال تستعجل احلكم عليه من السطور األوىل؛ فهو خمتلف عن غريه من الكتب‪ ،‬والسبب‬
‫الرئيس هو أنه غري موجه لفئة معينة من القراء‪ ،‬وال ميكن تصنيفه ضمن نوع معني من الكتب‪ ،‬أو أن تنسبه حلقل حمدد‬
‫كتاب حيرض على اإلبداع‪ .‬هذا الكتاب ليس رواية وال قصة وال كتاب أكادميي‪،‬‬
‫متاما‪ ،‬ولكنه قد يكون أكثر ما يكون ٌ‬
‫ا‬
‫ولكنه أقرب إىل أن يكون كتاابا حتفيزايا أحاول فيه أن أثبت لك أنك مبدع‪ ،‬مث أزودك ببعض املهارات اليت حتتاجها‬
‫شاعرا أ‬
‫ا‬ ‫مهندسا أ‬
‫ا‬ ‫مصمما أ‬
‫ا‬ ‫لتكون أكثر إبداعا‪ ،‬وأقد لك األدوات املناسبة لتستخدمها يف حرفتك‪ .‬كاتباا كنت أ‬
‫معلما أ رايدي أعمال‪ ...‬هذا الكتاب لك‪.‬‬
‫اتجرا أ مرتمجاا أ مرش ادا أ ا‬
‫ا‬
‫عزيزي القارىء إن كنت تبحث يف هذا الكتاب عن مهارات اإلبداع وكيف تعززها يف ذاتك أو يف اآلخرين‬
‫فيمكنك أن جتدها يف الفصل الثالث‪ ،‬ولكنين ال أنصحك أبن تتخطى القسمني‪ :‬األول والثاين‪ ،‬فهما يهدفان أواال‪:‬‬
‫لتغيري توجهك حنو ذاتك؛ ألن التغيري ينبع من داخلك‪ ،‬اثنياا‪ :‬لتصحيح بعض املفاهيم عن اإلبداع‪ ،‬ألنه بتغيري التوجه‬
‫وتصحيح بعض املغالطات عن اإلبداع سيتسارع اكتسابك هلذه املهارات‪.‬‬
‫ماذا ستستفيد من قراءة هذا الكتاب؟‬
‫سيساعدك هذا الكتاب على النظر إىل احلياة بطريقة جديدة كلياا‪ ،‬ورؤية األشياء اليت اعتدان رؤيتها من زاوية‬
‫خمتلفة ‪ ،‬وسوف يزودك أبهم مهارات التفكري اإلبداعي وكيفية صقلها‪ ،‬واليت ستنعكس بكل أتكيد على سلوكك‬
‫بدال من النظرة‬
‫أفكارا ملشاريع؛ ا‬
‫فرصا أو ا‬
‫اإلبداعي‪ ،‬إ ْذ ستتغري طريقة تعاملك مع املشكالت‪ ،‬وتبدأ ابلنظر هلا بوصفها ا‬
‫السل بية اليت اعتدان عليها‪ .‬وستتعرف على كيفية االستثمار يف املالحظة إلجياد فكرة مشروعك التجاري‪.‬‬
‫عوان لك يف عملك أو‬
‫أيضا على حتسني مهارة توليد أفكار نوعية جديدة قد تكون ا‬
‫سيساعدك هذا الكتاب ا‬
‫مشروعك التجاري الذي تنوي أتسيسه‪ ،‬وعلى اخلروج من عباءة التفكري التقليدي واالفرتاضات واملسلمات اليت نتعامل‬
‫أخريا‬ ‫ٍ‬
‫هبا بشكل يومي‪ ،‬كما أن هذه املهارات ستسهل إجياد حلول للمشكالت اليت قد تواجهك يف حياتك اليومية‪ .‬و ا‬
‫سيجعل منك الكتاب أيقونة األفكار يف مكان عملك‪ ،‬وسيمدك بكثري من األدوات لتكون أكثر إبداعا‪.‬‬
‫هذا الكتاب نتاج أكثر من عشر سنوات من القراءة يف اإلبداع‪ ،‬ومع ذلك؛ فقد جاء بوصفه حماولة لتغيري‬
‫مفاهيم أسهمت يف كثري من األحيان يف سحق احلس اإلبداعي داخل العنصر البشري‪ ،‬سواء بشكل غري مباشر من‬
‫خالل طريقة تعاملنا مع أنفسنا‪ ،‬أو غري مباشرة بطريقة تعامل احمليط معنا‪.‬‬

‫يساعدك هذا الكتاب على اكتشاف قدراتك اإلبداعية من خالل إعادة تعريفها‪ ،‬فبتغيري هذه النظرة ستتغري‬
‫متاما نظرتك لنفسك‪ ،‬وابإلمكاانت والقدرات اإلبداعية اليت متلكها‪ .‬بقراءتك هلذا الكتاب ستعيد تعريف كل شيء‬
‫من حولك‪ ،‬وتغيري معىن أشياء كثرية مرتبطة بك وكيفية اإلب داع فيها‪ ،‬وستغري نظرتك خلرباتك‪ ،‬وكيف ميكن االستفادة‬
‫منها من أجل حتقيق النجاح على املستوى الشخصي واملهين‪.‬‬

‫أهدف يف الفصل األول لبناء نظرة إجيابية ذاتيه حنو قدراتك اإلبداعية يف حماولة لتغيريها‪ ،‬من خالل إثبااتت‬
‫عوان لك يف تعديل‬
‫كبريا يف تغيري توجهك وابلتايل تغيري سلوكاتك اإلبداعية‪ .‬واليت ستكون ا‬
‫دورا ا‬
‫علمية ستلعب بال شك ا‬
‫توجهاتك حنو القدرات اإلبداعية الكامنة يف ذاتك‪.‬‬

‫علما‪،‬‬
‫هديف من الفصل الثاين تغيري بعض املفاهيم عن ذاتك اإلبداعية‪ ،‬وال أنوي أن أغري يف اإلبداع بوصفه ا‬
‫جديدا على ما قاله علماء اإلبداع واملختصون والباحثون‪ ،‬ولكنين سأحاول إلقاء الضوء على كثري من‬
‫ا‬ ‫ولن أضيف‬
‫املفاهيم املغلوطة حنو اإلبداع‪ ،‬فعندما تتغري نظرتنا لشىء ما يتغري الشيء ذاته ابلتبعية‪.‬‬
‫أقد يف الفصل الثالث جمموعة من املهارات اليت ينبغي التسلح هبا من أجل زايدة اإلبداع وما يعزز هذه‬
‫املهارات‪ ،‬حيث يش مل مهارة بناء التوجه اإلبداعي‪ ،‬ومهارة تغيري املنظور اليت هتدف إىل توسيع املدارك‪ ،‬ومهارة حتدي‬
‫االفرتاضات وتوليد االحتماالت وربط ومزج األفكار‪ ،‬ومهارة التجريب واالحتفاء ابلفشل‪.‬‬

‫تعال معي يف رحلة ليست طويلة‪ ،‬حناول فيها تغيري تراكمات سنوات طويلة عن مفهو اإلبداع‪ ،‬فأان أضمن‬
‫لك أن تغيري املفاهيهم سيغري التوجهات لديك‪ ،‬وبتغيري التوجهات ستتغري السلوكات وإن استطعنا تغيري السلوكات‬
‫فدع عنك الصفحات وأقرأ الصناديق الصغرية اليت جتد فيها ما‬
‫ستتغري النتيجة ال حمالة‪ ،‬وإن شعرت بلحظة من امللل ْ‬
‫قاله العلماء عن إبداعك؛ فقد تطرب هلا إُذنيك‪ ،‬وتزيد ثقتك بنفسك‪.‬‬
‫عزيزي القارئ‪ ،‬أمتىن لك قراءة ماتعة‪.‬‬
‫أسامة بدندي‬
‫الفصل األول‬

‫فوجادي‬
‫فوجادي (‪ )Vuja de‬كلمة فرنسية األصل‪ ،‬وتعين القدرة على النظر لألشياء بعني املبتدىء والنظر لألشياء‬
‫املألوفة بطريقة غري مألوفة‪ .‬املبدعون يرون األشياء وكأهنم مل يروها من قبل‪ ،‬فالرتكيز وحماولة الكشف واالستكشاف من‬
‫بعض مساهتم‪ .‬يف هذا الكتاب‪ ،‬سأحاول تغيري الطريقة اليت تنظر هبا لألشياء اليت ألفتها من خالل تغيري املنظور وكشف‬
‫طرق جديدة للرؤية األشياء‪ .‬يقول آلربت انجريابولت الطبيب اجملري احلائز على جائزة نوبل للطب‪:‬‬

‫"االكتشاف هو رؤية ما يراه اآلخرون‪ ،‬والتفكري فيما مل يفكر به غريك"‬

‫قادرا على النظر للمألوف بطريقة غري مألوفة‪ ،‬وترى األشياء وكأنك تراها أول مرة‪ ،‬وتفكر مبا ال يفكر به‬
‫لكي تكون ا‬
‫أمر يتطلب القيا أبربعة أشياء هي‪:‬‬
‫غريك؛ فذلك ٌ‬
‫توجها إجيابياا حنو ذاتك‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تبين ا‬
‫ا‬

‫اثنياا‪ :‬تصحح مفاهيمك عن اإلبداع‪.‬‬

‫اثلثا‪ :‬تغري املنظور وهي العدسة اليت ترى هبا العامل‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬تتدرب على مهارات املبدعني‪.‬‬

‫عزيزي القارئ‪ ،‬هذا الكتاب يقدمها لك‪.‬‬

‫تذكر أن املبدع ال يتنازل عن حسه الفضويل‪ ،‬وشكه املستمر يف األشياء‪ ،‬ورغبته الطفولية يف اكتشاف العامل‬
‫من حوله‪ ،‬فهو يرى العامل مليئاا ابلفرص احلقيقية‪ ،‬ألنه ينظر إىل العامل وكأنه يراه أول مرة!‬

‫من أين أتيت األفكار اإلبداعية؟‬

‫إحلاحا عن اإلبداع واملبدعني‪ :‬كيف يصل املبدعون هلذه األفكار؟ وما هي االسرتاتيجيات‬
‫من أكثر األسئلة ا‬
‫اليت يتبعها هؤالء لتوليد مثل هذه األفكار؟ وما هي أهم املهارات اليت ميارسها هؤالء الناهبون من البشر؟ عقد من‬
‫الزمان وأان أحاول فيه أن أصل فيه إىل أجوبة مقنعة‪ ،‬أخذت ترتاشقين األسئلة‪ ،‬فتارة أسأل‪" :‬هل مثة عادات ملثل هؤالء‬
‫أحياان‬
‫املبدعني يصلون هبا إىل مثل هذه األفكار واترة أخرى أتساءل‪" :‬هل كل مبدع ذكي أ كل ذكي مبدع " و ا‬
‫أخرى أستفسر‪" :‬هل اإلبداع مهارة ميكن أن تتحسن ابلتدريب واملران أ أهنا حمض موهبة " جملرد حبثي عن أجوبة هلذه‬
‫األسئلة؛ أخذت أسئلة أخرى تتزاحم يف عقلي‪ ،‬وشرعت أحبث عن جواب لكل سؤال يدور يف خلدي‪ ،‬فتارة أجد كاتباا‬
‫عما يؤكد ما‬
‫يؤكد‪ ،‬واترةا أخرى كاتب آخر يشكك‪ ،‬ولكن الشك مل يبخل مبالزميت‪ ،‬األمر الذي دفعين إىل البحث ّ‬
‫يقوله كاتب بعينه‪.‬‬

‫مرت عدة سنوات يف البحث‪ ،‬وجدت أجوبة كثري ألسئلة عديدة‪ ،‬أجوبة غريت من أفكاري ومن توجهايت حنو‬
‫مباشرا ألن يرى هذا الكتاب‬
‫اإلبداع‪ ،‬ولعل هذه البحث املتواصل هو ما حفزين لكتابة هذه الكلمات‪ ،‬وكان سبباا ا‬
‫النور‪ .‬من جهة أخرى تغري توجهي حنو ذايت‪ ،‬وأعطاين دفعة من "الثقة اإلبداعية" حفزتين وغريت من توجهي اإلبداعي‪،‬‬
‫وقد كانت حمصلة حبثي املتواصل نقاط مهمة‪ ،‬سأوردها بني دفيت هذا الكتاب‪.‬‬

‫يف جزء آخر يف حبثي عن جواب للسؤال مماثل‪" :‬هل مثة مهارات أو عادات ميارسها هؤالء املبدعون تساعدهم‬
‫يف الوصول ملثل هذه األفكار وما هي هذه املهارات وهل ميكن تدريب الناس عليها طالعت أكثر من مئة كتاب‬
‫عن اإلبداع واملبدعني‪ .‬كان هؤالء الكتّاب من الصف األول ممّن كتبوا عن اإلبداع وطرق تنميته أمثال‪ :‬إدوارد ديبونو‪،‬‬
‫وروجر فان اوخ‪ ،‬ومايكل م يكالكو‪ ،‬واألخوين تو وديفيد كيلي وتينا سيلغ ترييزا أمابيل‪ ،‬وغريهم الكثري الكثري ممن‬
‫اهتموا ابإلبداع وطرق تنميته‪ .‬ابإلضافة لذلك قمت بدراسة أغلب طرق اإلبداع وحل املشكالت بطرق إبداعية‪ ،‬إبتداء‬
‫مرورا بقبعات التفكري الست والتفكري اجلانب وبرامج تنمية‬
‫بربانمج هنري التشلر حل املشكالت بطرق إبداعية‪ ،‬ا‬
‫التفكري مثل الكورت إلدوارد ديبونو‪ ،‬وبرانمج سكامرب لبوب أبريل‪ ،‬ومفاتيح املفكرين حل املشكالت بطرق إبداعية‬
‫مثل ترفنجر‪ ،‬انتهاء مبنهجية التفكري التصميمي‪.‬‬

‫يف أثناء ذلك الحظت أن هنالك سبعة مهارات لتنمية التفكري اإلبداعي تكررت يف كتب املؤلفني‪ ،‬يف حني‬
‫اعتمد عليها بعض آخر من املؤلفني لصياغة براجمهم اإلبداعية ابلرغم من اختالف املسميات‪ ،‬إال إهنا تصب يف إانء‬
‫واحد‪ .‬هذه املهارات هذه املهارات هي صلب هذا الكتاب‪.‬‬

‫اإلبداع وإال‪...‬‬
‫الصعد ما هو اال إبداع فئة معينة خرجت من منط التفكري العا‬
‫إن ما وصلت إليه البشرية من تقد على كل ُّ‬
‫لتصل إىل ذروة استخدامها لعقوهلا‪ ،‬ولكن هل سيظل اإلبداع أسري الوراثة واملوهبة أ علينا حتريره ليخرج من هذه الدائرة‬
‫نريب اإلبداع والتفكري اإلبداعي وننميه عند كل فرد مهما كان مستوى اإلبداع لديه إن كل‬
‫الضيقة أ أنه إبمكاننا أن ّ‬
‫األحباث اليت أُجريت على اإلنسان يف جمال علم النفس والرتبية والتفكري والدماغ تُظْهر أن كال منا لديه نسبة من اإلبداع‬
‫يف حقل معني‪ ،‬سواء أكان يف احلقل الرايضي أ احلسايب أ اجلسماين أ االجتماعي أ الشخصي أ الروحي‪.‬‬

‫إن هذا الزمن هو زمن اإلبداع‪ ،‬فمن ال يبدع ستكون فرصته يف املنافسة ضيئلة‪ ،‬بل إنه قد يعاين على كل‬
‫املستوايت االجتماعية واجلماعية بشىت أنواعها‪ :‬املؤسسات والشركات واملنظمات الرحبية وغري الرحبية‪ ،‬وعلى مستوى‬
‫متاحا بنقرة فأرة‪ ،‬أو ملسة شاشة‪ ،‬وأصبحت‬
‫أيضا‪ .‬لقد أصبح اإلبداع يف عصر املعلومات الذي فيه املعلومة ا‬
‫األفراد ا‬
‫املعلومات تتهافت علينا من كل حدب وصوب‪ ،‬وأصبحت التكنولوجيا أتكل وتعيش معنا‪ ،‬لذا صار اإلبداع وخلق‬
‫األفكار نقطة التميز‪ ،‬فاجرتار األفكار مل يعد صاحلاا يف هذا الزمن‪ ،‬وأصبح التغيري والتحسني والتطوير ضرورةا ملحةا‬
‫للتقد ‪ ،‬سواء أكان على املسلتوى ال شخصي أ على صعيد العمل أ على مستوى الشركات واملؤسسات اخلاصة منها‪،‬‬
‫واحلكومية‪.‬‬

‫متاحا لكثري من الدول مثل الصني واهلند وغريمها‪ ،‬فلم تعد تلك امليزة‬
‫لقد أصبح ُمعطى التكنولوجيا والتصنيع ا‬
‫(التكنولوجيا والتصنيع) يف عصر التجارة احلرة هي اليت تفرق بني الدول‪ ،‬إمنا أصبح مستوى اإلبداع هو الفارق‪ .‬لقد‬
‫مقبوال أن تبقى مكانك وجترت‬
‫ازدادت التنافسية يف القرن الواحد والعشرين‪ ،‬وصار التغيري أسرع من ذي قبل‪ ،‬فلم يعد ا‬
‫األفكار‪ ،‬وصار لز ااما على املنظمات واملؤسسات بكافة أنواعها اإلتيان مبا هو جديد‪ ،‬وأصبحت اللمسة الفريدة جزءاا‬
‫أساسياا من النجاح واالستمرار‪.‬‬

‫أظهرت دراسة حديثة أجريت يف شركة (آي يب أ ) على أكثر من ألف ومخس مئة مدير تنفيذي أن املديرين‬
‫احدا من أهم الكفاءات القيادية يف خضم تعقيدات التجارة العاملية يف الوقت‬
‫التنفيذيني يعتقدون أن اإلبداع يعد و ا‬
‫احلايل‪.‬‬

‫مكاان يف ظل بيئة عمل وأسواق متتاز‬


‫فرتى الشركات اآلن تتسابق إىل كل ما هو جديد لتجد لنفسها ا‬
‫ابالضطراب والتغري والتجدد املستمر‪ .‬فنحن حباجة إىل خلق بيئة عمل حتفز األفكار والتغذية الراجعة بني األعضاء‬
‫والزمالء يف العمل‪ .‬إذن‪ ،‬ال بد من خلق الوعي الكايف‪ ،‬وإبراز أمهية اإلبداع والدور الذي يلعبه يف جناح األفراد على‬
‫املستوى الشخصي وعلى مستوى األفراد‪ ،‬ويف الشركات الناشئة والقائمة‪.‬‬
‫الفصل الثاين‬

‫ملاذا ال نفكر بشكل إبداعي؟‬


‫قالت العرب‪" :‬بضدها تتمايز األشياء" لعل معرفة املعيقات اليت متنع العقل البشري من التفكري بطريقة إبداعية‬
‫تكون سببا ملعرفة كيف نستطيع أن نفكر بطريقة إبداعية‪ ،‬فمعرفة مكامن االعوجاج قد تكون منارة لتحديد نقاط‬
‫الضعف ومعاجلتها وابلتايل نستطيع أن جند طرقا جتعلنا أكثر إبداعا‪.‬‬

‫مثة عددا من األسباب متنعنا من التفكري بطريقة إبداعية هي‪:‬‬

‫‪ .1‬ألننا ال حنتاج إىل أن نكون مبدعني‬

‫صممت كي ال يكون التفكري اإلبداعي هو األساس‪،‬‬


‫يعتقد إدوراد ديبونو أن الطريقة اليت يعمل هبا الدماغ ُ‬
‫مبعىن أن العقل قد ُخلق ليفكر بطريقة بناء األمناط‪ ،‬ومن مث تكرار هذه األمناط‪ ،‬ومن خالل التكرار يكون إجناز العمل‬
‫أكثر سهولة وبساطة‪ ،‬وهذا ما أطلق عليه إدوارد ديب ونو "نظا التنظيم الذايت"‪ .‬ويقصد هبذا النظا أن املعلومات الالحقة‬
‫تتأثر ابلطريقة اليت تتشكل هبا املعلومات اليت سبقتها‪ .‬لتوضيح هذا األمر‪ ،‬ختيل طري اقا ترابياا يُشق للمرة األوىل ابلكاد‬
‫وضوحا وتنخفض املخاطرة‪،‬‬
‫ا‬ ‫ميكن مالحظته أو حىت عبوره‪ ،‬ولكن مبرور الوقت وبتكرار عبور هذا الطريق يصبح أكثر‬
‫معا ويصبح‬
‫وتزيد سهولة عبوره‪ .‬يقو مبدأ عمل الدماغ البشري على االتصال بني جمموعة من اخلالاي العصبية اليت ترتبط ا‬
‫أيضا‬
‫تواصلها أكثر سهولة بتكرار األمر مرة تلو األخرى؛ فتزداد سهولة القيا ابألشياء وتصبح جزء من الالوعي‪ ،‬وتزداد ا‬
‫سرعة التنفيذ ‪ ،‬ولكن هذا حبد ذاته معيق للتفكري اإلبداعي فيجعل من حياة الفرد تكرار لسلوكيات بعينها‪ ،‬إذ يقدر‬
‫العلماء األنشطة األخرى ‪ %2‬فقط‪.‬‬

‫‪ .2‬ألننا مل نتدرب على اإلبداع‬

‫إن الطريقة اليت ينظر هبا اجملتمع لإلبداع واإلرث التارخيي عن اإلبداع واملبدعني أسهمت يف خلق انطباع سليب‬
‫أيضا‬
‫عن اإلبداع واملبدعني؛ الرتباط اإلبداع ابحلالة املرضية يف كثري من األحيان‪ .‬كما أن طريقة نظرة اجملتمع أسهمت ا‬
‫أمرا ميكن القبول به على استحياء‪ ،‬بل إن كثريا من القناعات‬
‫يف ربط اإلبداع ابلوراثة‪ ،‬وصارت مسألة التدريب عليه ا‬
‫ترى أن حتسني هذه املهارة ال ميكن أن حيدث أصالا‪.‬‬

‫وميكن القول إن من أهم األسباب اليت أدت إىل عد التدريب على اإلبداع؛ القناعة الراسخة أبن اإلبداع ما‬
‫هو إال هبة‪ ،‬إما أن متتلكها وإما ال ‪ .‬وعلى الرغم من كل هذا تبقى مقدرة اإلنسان على التدرب والتطوير ألي مهارة ‪-‬‬
‫أيًّلا كانت‪ -‬مرتبطة ارتباطا وثيقا بوجود ما يكفي من الرغبة واإلرادة‪.‬‬
‫غريت يف طريقة التعامل معه‪.‬‬
‫لكن مع مرور الزمن تغريت النظرة لإلبداع والتمييز بني أنواعه فتحت أبو اااب كثريةا ّ‬
‫فبدأت ابلظهور بعض مقاييس اإلبداع اليت تزامنت مع ظهور بعض الربامج اليت هتدف إىل تنمية التفكري اإلبداعي‪،‬‬
‫إيذاان بظهور حقبة جديدة يف تنمية التفكري اإلبداعي‪.‬‬
‫ا‬
‫‪ .3‬القيود الذهنية‬
‫دورا كبريا يف تقييد التفكري‪ ،‬فكم من األفكار اليت كنت تعتقد أهنا ممكنة‪ ،‬و ٍ‬
‫لسبب أو آلخر ُكبح‬ ‫تلعب الرتبية ا ا‬
‫هذا االعتقاد‪ ،‬فكم من األفكار قوبلت ابلرفض وكم من مرة طُلب منك أن تكون منطقياا يف الطرح وكم مرة جتاهلوك‬
‫ألنك مل تسأل السؤال الصحيح وكم مرة نُبذت ألنك سألت أكثر من سؤال يف دقيقة واحدة اترة من أبيك‪ ،‬واترة‬
‫أخرى من أخيك‪ ،‬وأخرى من أمك‪ ،‬وأخرى من أختك‪ .‬تكرب الدائرة وتكرب وتتقلص الرغبة يف البحث عن املعرفة‪،‬‬
‫وتتشكل مع الوقت القيود اليت متنعك من التفكري خارج الصندوق الذي رمسوه لك من خالل جمموعة من القوانني اليت‬
‫ال يُسمح ابخلروج عنها‪ ،‬ومن خالل معتقدات جمتمعية تنكرها ابلبداية‪ ،‬مث تتبناها الحقا‪ ،‬وتصبح أنت من يدافع عنها‪.‬‬

‫مث أييت دور املدرسة‪ ،‬فاجلميع هناك يصب جا غضبه عليك إن سألت سؤاال خارج نطاق املنطق‪ ،‬أو طرحت‬
‫سؤاال قد يكون لغريك بديهياا أو منطقي ا‪ ،‬أو رمبا سخيف ا‪ .‬أما ابلنسبة لك فهو استفسار تبحث فيه مع معلومة حتاول‬
‫أن تكمل هبا دائرة غري مكتملة‪ ،‬أو مزيج ينقصه مكون آخر ليجعله أكثر مجاالا أو اختالفاا‪ .‬تبقى هذه القيود وتتحول‬
‫إىل قيود ذهنية يصعب إزال تها أو حتديها‪ ،‬فكم من معتقد كان من املسلمات يوما ما‪ ،‬وكان يعاقب أو يصبح عرضة‬
‫للسخرية كل من حياول أن يشكك يف مصداقيته‪.‬‬

‫يف عا ‪ 1633‬مثُل عامل الفلك اإليطايل جاليليو أما احملكمة الرومانية آنذاك‪ ،‬ووجهت له هتمة اإلحلاد‬
‫بسبب اإلقرار بصحة أفكار نيكوالس كوبرنيكوس عن أن األرض ليست هي مركز اجملموعة الشمسية إمنا هي جمرد‬
‫كوكب كغريه من الكواكب يدور حول الشمس اليت تُعد مركز اجملموعة الشمسية‪ ،‬واألرض هي اليت تدور يف رحاها‪.‬‬
‫وألن هذا األمر كان يعارض املعتقدات السائدة آنذاك‪ ،‬اهتم جاليليو ابخليانة‪ ،‬وأُجرب على االعرتاف علناا خبطأ أفكاره‬
‫وحظر كتابه الذي حيوي هذه األفكار‪ ،‬وانتهى به املطاف يف املنفى ومات فيه‪ .‬ولكن‬
‫وحكم عليه ابلسجن مدى احلياة‪ُ ،‬‬
‫أثبتت التج ارب الالحقة صحة فرضيات كوبرنيكوس وجاليلو‪ ،‬وأثبتت أن الشمس هي مركز اجملموعة الشمسية‪.‬‬
‫‪ .4‬اإلشكالية اللغوية‬
‫لقد تسبب عد وضوح مفهو اإلبداع‪ ،‬أو حتدجية مفهو واضح يف تعظيم مشكلة تعليم اإلبداع‪ ،‬وأن‬
‫اإلشكالية تكمن يف وضع تعريف لإلبداع‪ .‬من جانب آخر ينبغي التفريق بني نوعني رئيسني من اإلبداع‪ :‬اإلبداع الفين‪،‬‬
‫وهذا النوع من اإلبداع يُقصد به اإلبداع اخلارق‪ ،‬أي اإلتيان مبا هو نوعي مل أيت به شخص من قبل‪ ،‬أو اإلبداع الفين‬
‫املرتبط ابلرسم‪ ،‬مثل ليوانردو دافنشي ومايكل أجنلو‪ .‬أما النوع اآلخر من اإلبداع فهو ما يعرف ابإلبداع "اليومي"‬
‫(ديبونو) أو "إبداع األفكار"‪.‬‬

‫لكن هل سنظل أسرى لألفكار السائدة أبن اإلبداع هو فقط اإلتيان ابلفريد الذي مل يسبق له مثيل‪ .‬إن التغيري‬
‫يف النظرة لإلبداع أبنه ال ينطوي فقط على الفريد‪ ،‬وأنه ميكن أن يكون هنالك إبداع األفكار‪ ،‬أو ما أطلق عليه العلماء‬
‫إبداع احلياة اليومية‪ .‬أعتقد أن التمييز بني أنواع اإلبداع يُسهم بشكل كبري يف تغيري املنظور جتاه اإلبداع‪ ،‬وحيل إشكالية‬
‫مهمة يف وضع تعريف حمدد جيعل من السهل أن يدرك البعض أمهية اإلبداع يف الوقت اآلين‪.‬‬

‫مبدعا‪ .‬إن‬
‫ما حنن بصدده يف هذه الصفحات هو اإلبداع اليومي‪ ،‬فليس شرطاا أن أتيت بنظرية جديدة لتكون ا‬
‫ابتكارا ملنتج جديد أو خدمة نوعية تقدمها شركة ما هو ابتكار نشأ عن فكرة مبدعة أصبحت فكرة مبتكرة وجتد من‬
‫يتبناها‪.‬‬

‫ثورة يف دراسة اإلبداع‬


‫ئيسا جلمعية علماء‬
‫وج ه (جي يب جيلفورد) نداء يف ستينيات القرن املاضي يف خطابه الشهري عند انتخابه ر ا‬
‫ّ‬
‫النفس؛ حيث فيه على دراسة اإلبداع‪ ،‬نظرا للدور الذي يلعبه اإلبداع يف التقد والنمو‪ ،‬وعلى ذلك زاد االهتما‬
‫ووضعت الكثري من الربامج اليت هتدف لتنمية اإلبداع عند األفراد‪ .‬بعد ذلك بسنوات قليلة أعلن‬
‫ابإلبداع وكيفية تنميته‪ُ ،‬‬
‫بعض علماء النفس حقيقة مفادها أن اإلبداع والذكاء قدراتن منفصلتان‪ ،‬فليس كل ذكي مبدع‪ .‬خلق هذا األمر جدالا‬
‫كبريا وأسال كثري من احلرب إىل يومنا هذا‪.‬‬

‫فريى البعض أن اإلبداع والذكاء أمران متواراثن ليس لنا حنن البشر إية دور مؤثر يف ذلك‪ .‬يف املقابل يعتقد‬
‫متاما‪ .‬وبني مؤيد ومعارض ظهرت وجهة‬
‫البعض اآلخر أن البيئة هي اليت تشكل هذا الذكاء فأغفلوا الوراثة وحيّدوا دورها ا‬
‫نظر أخرى جتمع النقيضني وهي اليت أرها أكثر اعتداالا أن األمر هو مزيج بني وجهيت النظر‪ .‬وقد أسهم علم دراسات‬
‫الدماغ يف إثبات وجهة النظر القائلة أبن الوراثة تلعب دورا أساسيا يف اإلبداع ولكنها أثبتت أيضا دور البيئة يف تنميته‪.‬‬

‫مستوايت اإلبداع‬
‫أعتقد إن خلق مرونة يف تعريف اإلبداع سيساهم يف رفع الثقة اإلبداعية عند األفراد الذي يصيبهم الشك يف‬
‫قدراهتم بسبب أن أفكارهم ال ترقى إىل األفكار اإلبداعية االخرتاقية اليت قدمها من سبقوهم‪ .‬لقد قد رينكو منوذجا‬
‫مهما قسم فيه املنتجات اإلبداعية إىل مستويني رئيسيني‪ :‬اإلبداع الكبري واإلبداع الصغري‪ .‬كان هلذه التقسم األثر‬
‫الكبري ‪-‬ظاهرايا‪ -‬يف توسيع رقعة مفهو اإلبداع لتقع فيه مستوايت كثرية‪.‬‬

‫منوذجا رابعياا حيتوي أربعة مستوايت من اإلبداع سامهت أيضا يف توسيع‬


‫مؤخرا ا‬
‫مث قد كل من بيغيتو وكوفمان ا‬
‫دائرة اإلبداع بشكل أكرب وجعلت منه أكثر مرونة‪ .‬هذه املستوايت هي‪:‬‬

‫‪ .1‬اإلبداع البارز‬

‫يتصف اإلبداع الكبري ابإلتيان ابألعمال اإلبداعية الفريدة اليت أبدعها جمموعة من األفراد االستثنائيون؛ حيث‬
‫قا هؤالء بتغيري قواعد اللعبة‪ ،‬وغريوا املنظور بشكل كامل من خالل أفكارهم واخرتاعاهتم‪ ،‬أو من خالل ابتكار‬
‫منهجيات معينة‪ .‬تعترب "النظرية النسبية" اليت ابتكرها آينشتاين خري مثال على ذلك‪ .‬ويشمل هذا النوع من اإلبداع‬
‫جمموعة ضيقة من األشخاص‪.‬‬

‫‪ .2‬إبداع اخلرباء‬

‫ينطبق هذه اإلبداع على أشخاص أبدعوا يف حقل معني؛ إذ يتطلب هذه اإلبداع االخنراط يف احلقل يف مدة ال‬
‫تقل عن عشرة أعوا ‪ .‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬ميكن إطالق هذا النوع من اإلبداع على عامل نشر عشرات األحباث يف حقل‬
‫معني‪ ،‬أو ابتكر نظرية معينة يف االقتصاد‪ ،‬أو العلو االجتماعية‪ .‬وعلى الرغم من أمهية هؤالء إال أن إجنازاهتم ال تصل‬
‫احلد الذي وصل إليه املبدعون يف النوع األول؛ فهي مل تغري تفكريا سائدا أو تصنع تغيريا جذراي‪.‬‬
‫‪ .3‬اإلبداع اليومي‬

‫يُعرف هذا اإلبداع أبنه "التصرف مبرونة وبطرائق فريدة يف األنشطة اليومية" وتضمن هذا النوع من اإلبداع‬
‫مصورا حمرتفاا يصور بطريقة إبداعية‪.‬‬
‫القدرة على حل املشكالت املعقدة بطريقة إبداعية يف العمل‪ ،‬أو قد يشمل ا‬
‫‪ .4‬اإلبداع التفسريي الشخصي‬

‫يُعرف بيغيتو وكوفمان اإلبداع الشخصي أبنه حالة من التفسري الشخصي الفريد ذي معىن للخربات واألفعال‬
‫واألحداث‪ ،‬وهو ما أطلق عليه سترينربغ اسم اإلبداع الفردي‪ .‬أن إجياد مثل النماذح ستسهم بصورة كبرية رفع الثقة‬
‫اإلبداعية أبفكارهم لتكون ضمن دائرة كبرية من اإلبداع وابلتايل زايدة املنتجات اإلبداعية امللموسة منها وغري امللموسة‪.‬‬

‫هل قتلت املدرسة اإلبداع؟‬


‫نولد كلنا عفويني ومبدعني‪ ،‬ونتقبل كل األشياء كما هي دون تفريق‪ ،‬منتلك القدرة على توليد قدر كبري من‬
‫األفكار واالحتماالت‪ ،‬لذلك كان الصندوق الكرتوين ابلنسبة لنا أكثر من جمرد من وعاء يتحول خبيالنا إىل الصندوق‬
‫خبيالنا إىل طيارة‪ ،‬وأحياان لكهف‪ ،‬أو لبيت أو جدار لرسم أمجل الرسومات‪ ،‬وأحياان أخرى يتحول ليصبح سفينة فضائية‬
‫تدور حول األرض‪ .‬مل يكن خيالنا منمطا أو مقسما لصناديق‪ .‬كان لدينا ملكة التفكري اإلبداعي الذي مي ّكننا من إنتاج‬
‫أكرب قدر من األفكار ولدينا مرونة تساعدان يف توليد أكرب عدد من االحتماالت‪.‬‬

‫يوما ملنطق الكبار"‬


‫دوما ألولئك الذين َحافظوا على طفولتهم ومل يَرضخوا ا‬
‫"احلياة ا‬
‫مشس الدين التربيزي‬

‫فجأة يتقلص هذا اإلبداع ‪-‬لألسف‪ -‬مع دخولنا املدرسة‪ ،‬فنبدأ يف تعلم كيف فكر من قبلنا ونتوقف عن كيفية‬
‫التفكري‪ ،‬فبدالا من أن نتعلم كيف نولد االحتماالت‪ ،‬نبدأ بتعلم كيف نستثنيها ابستخدا املنطق‪.‬‬
‫تكون العقول عند الوالدة مثل هذه الكأس السائلة (أنظر الشكل أسفل الصفحة)‪ ،‬ال تفرق بني الكيمياء‬
‫والفيزايء وبني األدب والعلو وبني حقول املعرفة املتنوعة‪ .‬مع دخول املدرسة تبدأ التصنيفات‪ ،‬ويبدا تقسيم األشياء‪.‬‬
‫ومع مرور الوقت ي بدأ ظهور احلواجز بني هذه احلقول‪ ،‬ويصبح من غري املنطق أن يدخل علم ما يف علم آخر‪ .‬ابلرغم‬
‫أ ن كثريا من االبتكارت جاءت نتيجة مزيج بني فكرتني أو أكثر من حقول خمتلفة‪ .‬واعترب عصر النهضة يف أورواب نتاج‬
‫متازج هذه احلقول‪ ،‬وتواصل جمموعة متنوعة من العلماء من فنانني ومصممني ومهندسني وكتاب‪.‬‬

‫يعتقد عامل النفس الرتبوي السري كني روبنسون يف جممل حديثه عن اإلبداع يف إحدى مقاالته املنشورة بعنوان‬
‫"هل تقتل املدرسة اإلبداع؟" أن "اإلبداع مهم يف التعليم كأمهية حمو األمية‪ ،‬وعلينا أن نتعامل معه بذات األمهية‪".‬‬

‫موهبة أم مهارة‬

‫ماذا يتبادر إىل ذهنك عندما ترى هذه الكلمة "إبداع" إذا كنت مثل األغلبية وخطر على ابلك "ليوانردو‬
‫دافنشين" وعبقريته‪ ،‬وآينشتاين وجنونه‪ ،‬أو سلفادور دايل وهذاينه‪ ،‬فهذا أمر طبيعي‪ ،‬لكن إذا كنت تعتقد أن املبدعني‬
‫هم أانس غري طبيعيني فهذا هو األمر غري الطبيعي‪ .‬عندها ميكن أن جتز أبن اإلبداع ال ميكن أن يتم تعليمه أو حتسينة‬
‫وتدريبه فمن املمكن أن يسأل سائل‪ :‬هل ميكن أن جتعل أحدا ما بعبقرية دافنشي أو آينشتاين عندها سيكون اجلواب‬
‫حتما ال ونقع يف مأزق‪ .‬لألسف يعتقد البعض أن اإلبداع حمض موهبة إما أن متتلكها فتكون من احملظوظني أو ال‬
‫ا‬
‫متتلكها فتكون من غريهم‪ ،‬ولكن أكد كثري من الدراسات ومن عدد كبري من العلماء أن اإلبداع مهارة ميكن تطويرها‬
‫وحتسينها ابلتدريب واملران‪ ،‬فلم إذن جنلس مكتويف األيدي جتاه اإلبداع‪ ،‬وال نسعى لتطويره وتنميته ببعض التدريبات‬
‫دفرتا وتشرع‬
‫حتسن من هذا املهارة‪ .‬فإذا أردت أن تنمي الكتابة عندك فما عليك إال أن تشرتي قلما وحتضر ا‬
‫الىت ّ‬
‫ابلكتابة‪.‬‬
‫فإذا كان مساع املوسيقى واجللوس على ضفة هنر قد يزيد من أفكارك اإلبداعية وتدفقها؛ فلعل األحرى بنا‬
‫عوان لنا خللق أفكا ٍر جديدةٍ وفريدةٍ‪ .‬فحىت ختلق عندك عادة‬
‫أيضا أن نقد بعض هذه األدوات اليت ميكن أن تكون ا‬
‫ا‬
‫فما عليك إال أن تبدأ هبا ومتارسها وتلتز هبا وتضعها ابلفعل‪ ،‬فاملهارة خيلقها املران‪ .‬يقول األخوان ديفيد وتيم كيلي يف‬
‫كتاهبما "الثقة اإلبداعية"‪" :‬الثقة اإلبداعية مثل عضلة ميكن تقويتها أو تنميتها من خالل اجلهد واخلربة"‪.‬‬

‫اإلبداع مهارة ميكن تعلمها وتطويرها وتطبيقها‬

‫إدوارد ديبونو‬

‫إبداع أم ابتكار‬
‫لقد أسهم اخللط بني هذين املصطلحني‪ :‬اإلبداع االبتكار ‪ ،‬يف مقدار األمهية اليت توليها كل اجلهات األكادميية‬
‫هلما‪ ،‬ولألسف أالحظ خلطا كبريا بني هذه املصطلحني جند الكثري ممن ال مييزون بني اإلبداع وبني االخرتاع‪ .‬فلو قلنا‪،‬‬
‫شخصا ما مبدع‪ ،‬فهذا ال يعين أنه مبتكر‪ ،‬ولكن كل مبتكر هو شخص مبدع‪ ،‬فاإلبداع مرحلة‬
‫ا‬ ‫علي سبيل املثال إن‬
‫أوىل‪ ،‬أو لنقل اجلانب النظري من االبتكار‪ ،‬ولكي نصل لالبتكار جيب أن ننمي اإلبداع‪ ،‬وننمي فن توليد األفكار من‬
‫أجل حتويلها البتكارات‪ .‬ابختصار ميكن القول إنه ليس كل مبدع مبتكر‪ ،‬ولكن كل مبتكر مبدع‪ .‬فاالبتكار هو اجلانب‬
‫العملي والتطبيقي من اإلبداع الذي يضاف فيه قيمة للفرد املبتكر وملتلقي النتج أو اخلدمة االبتكارية وللمجتمع من‬
‫حوهلما‪.‬‬

‫هل ميكن التدريب على اإلبداع؟‬


‫رمبا لإلجابة عن هذا السؤال علينا أن نسأل أنفسنا‪ :‬أي نوع من اإلبداع نقصد بناء على ذلك ميكن التحديد‪،‬‬
‫فإذا كنا نقصد هنا اإلبداع العاملي (الفين)‪ ،‬فاإل جابة ابلطبع ال ميكن التدريب عليه‪ ،‬ولكن إن كنا نقصد هنا اإلبداع‬
‫اليومي (إبداع األفكار) فذلك ممكن‪ .‬يف الصفحات القادمة سنلقي الضوء على املهارات اليت حنتاجها من أجل ذلك‬
‫وكيف ميكن تنميتها‪.‬‬
‫ختيل لو أنك أقمت سباقا بني جمموعة من األشخاص ال بد أن حيصل أحدهم على املركز األول‪ ،‬وآخر على‬
‫املركز الثاين والثالث‪ ...‬لكن ماذا لو قمنا بتدريب نفس هؤالء األفراد‪ ،‬فالبد أيضا أن حيصل البعض على املركز األول‬
‫والثاين والثالث لكن ال ميكن اجلز أن هؤالء مل تتحسن مهارهتم يف توليد األفكار اإلبداعية فاجلهد املبذول ال بد أن‬
‫يعمل عمله ويؤثر بطريقة أو أبخرى على آدا ئهم اإلبداعي‪ .‬من هنا ينبغي التأكيد على أن اإلبداع هو مهارة ميكن أن‬
‫نمى وتتطور ابلتدريب املستمر‪.‬‬
‫تُ ّ‬

You might also like