Professional Documents
Culture Documents
.ﺑﻌد ﻣوﻧﺗﯾﺳﻛﯾو اﺳﺗﻣرت اﻷﻧﺎﺳﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﻣﻊ ﻛُﺗّﺎب ﻣﺛل:داﻟﻣﺑﯾر ،ﻛوﻧدروﺳﯾﮫ ،ﺗورﻏو ،وﺑﺻورة ﻋﺎﻣﺔ ﻣﻊ اﻟﻣوﺳوﻋﯾﯾن
واﻟﻔزﯾوﻗراطﯾﯾن ،وﺻوﻻ إﻟﻰ "ﺳﺎن ﺳﯾﻣون" ) (1825-1760اﻟذي ﻛﺎن أول ﻣن اﺳﺗﺣدث ﻣﻘوﻟﺔ "ﻋﻠم اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ" ،ﯾﻧﺣدر ﺳﺎن ﺳﯾﻣون ﻣن
أﺳرة ﻋرﯾﻘﺔ ،وﻛﺎن رﺟﻼ ﻓذا وﻧﺗﺎﺟﺎ أﺻﯾﻼ ﻟﻌﺻر اﻷﻧوار ،ﻛﺎن ﯾؤﻣن إﯾﻣﺎﻧﺎ واﺳﻌﺎ ﺑﺎﻟﻌﻠم واﻟﺗﻘدم وﯾﺳﻌﻰ ﻗﺑل ﻛل ﺷﯾء إﻟﻰ إﻧﺷﺎء ﻋﻠم
وﺻﻔﻲ ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾﺔ ،واﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺑرأﯾﮫ ﺷﺑﯾﮭﺔ ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﺿوﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺟﺳﻣﺎﻧﯾﺎت ،وﻛﺎن ﯾﺷدد ﻋﻠﻰ أن ﻣن واﺟب اﻟﻌﻠﻣﺎء أن
ﯾﺣﻠﻠوا اﻟوﻗﺎﺋﻊ ﻻ اﻟﻣﻔﺎھﯾم .
أﻣﺎ أﺑرز ﺗﻼﻣذة ﺳﺎن ﺳﯾﻣون واﻟذي اﻧﺗﮭﻰ اﻷﻣر إﻟﻰ اﻹﺧﺗﻼف ﻣﻌﮫ ھو "أوﺟﯾﺳت ﻛوﻧت" ) ،(1857-1798ﻛﺎن ﻛوﻧت ﻣﻔﻛرا ﻧﮭﺟﯾﺎ أﻛﺛر
ﻣن ﺳﺎن ﺳﯾﻣون ﻟﻛﻧﮫ ﻟم ﯾﻛن ﯾﻘل ﻋﻧﮫ ﺗﻔرُّدا وﻏراﺑﺔ ،وھو اﻟذي طو ّ
ب ﻋﻠم اﻹﺟﺗﻣﺎع اﻟﺟدﯾد ،ﺣﯾث أطﻠﻖ ﻋﻠﯾﮫ اﺳم "اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎت" ،أﻣﺎ
اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ اﻟﻌﻘﻼﻧﯾﯾن اﻟﻔرﻧﺳﯾﯾن اﻟذي ﺟﺎؤوا ﻣن ﺑﻌد ،ﻓﻘد ظﻠوا ﯾﺗﺑﻌون اﻟﺧط اﻟﻣﺳﺗﻘﯾم اﻟذي رﺳﻣﺗﮫ اﻟﺳﺎن-ﺳﯾﻣوﻧﯾﺔ ،وأﻣﺎ إﯾﻣﯾل
دورﻛﮭﺎﯾﻣوﺗﻼﻣﯾذﺗﮫ ﻓﺿﻼ ﻋن "ﻟﯾﻔﻲ ﺑروﯾل" ﻓﻘد ﻛﺎن ﻟﮭم أن ﯾﻧظﻣوا ﺟوﻗﺔ اﻷﻧﺎﺳﺔ اﻟﺑرﯾطﺎﻧﯾﺔ وﯾؤﺛروا ﻓﯾﮭﺎ ﺗﺄﺛﯾرا ﺑﻠﯾﻐﺎ.
في ﺑرﯾطﺎﻧﯾﺎ ﻛﺎن اﻷﺧﻼﻗﯾوﻧﺎﻷﺳﺗﻛﻧﻼﻧدﯾون اﻵﺑﺎء اﻷوﻟﯾن ﻟﻸﻧﺎﺳﺔ ،ﻛﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻛﺗﺎﺑﺎﺗﮭم ﻣطﺑوﻋﺔ ﺑطﺎﺑﻊ اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻣن ﻋﺷر ،وأﺷﮭرھم
"دﯾﻔﯾد ھﯾوم" ) (1776-1711و"آدم ﺳﻣﯾث" ) . (1790-1722ﻓﺄطروﺣﺔ ھﯾوم اﻟﺗﻲ ﻛﺗﺑﮭﺎ ﻋﺎم 1739ﻛﺎﻧت ﺗﺣﻣل اﻟﻌﻧوان اﻟﺗﺎﻟﻲ
":ﻣﺻﻧف ﻓﻲ اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﺑﺷرﯾﺔ :ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻹدﺧﺎل اﻟﻣﻧﮭﺞ اﻟﺗﺟرﯾﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ ﺻﻠب دراﺳﺔ اﻟﻣوﺿوﻋﺎت اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ .ﻛﻣﺎ أﻧﮭم ﻛﺎﻧوا ﻣن
ﻛﺑﺎر اﻟﻣﻧظرﯾن ،ﻓﺿﻼ ﻋن أﻧﮭم ﺻرﻓوا ﺟﮭدھم ﺑﺷﻛل ﺧﺎص ﺑﺎﺗﺟﺎه ﺗﺣدﯾد ﻣﺎ ﻛﺎﻧوا ﯾﺳﻣوﻧﮫ ﺑـﺎﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وھﻲ ﻣﺎ ﻧﺳﻣﯾﮫ اﻟﯾوم
ﺑـﺎﻟﻘواﻧﯾن اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ .
ﻛﺎن ھؤﻻء اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻋﻠﻰ إﻗﺗﻧﺎع ﺑﺄن اﻟﺗﻘدم ﻻ ﺣدود ﻟﮫ ،وﻛﺎﻧوا ﯾﺳﻣوﻧﮫ أﯾﺿﺎ اﻟﺗﺣﺳن واﻻﻛﺗﻣﺎل ،ﻛﻣﺎ ﻛﺎﻧوا ﯾﻌﺗﻘدون ﺑوﺟود ﻗواﻧﯾن ﻟﻠﺗﻘدم،
وﻟﺻﯾﺎﻏﺔ ھذه اﻟﻘواﻧﯾن ﻟﺟؤوا إﻟﻰ ﻣﺎ ﺳﻣﺎه أوﺟﯾﺳت ﻛوﻧت ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد ﺑـﺎﻟﻣﻧﮭﺞ اﻟﻣﻘﺎرن .وﻓﻲ اﻟﻘرﻧﯾن اﻟـ 17و اﻟـ 18ﻗﺎم اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﺑﺎﺗﺧﺎذ
اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﺑداﺋﯾﺔ ﻣﺛﻼ ﻟﮭم ﻣن أﺟل ﻋرض ﻧظرﯾﺎﺗﮭم ﺣول طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﺑرﺑرﯾﺔ ،ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﻣﺳﯾّﺳﺔ ،وﻗد ﻛﺎن
"ﻣﺎﻛﻠﯾﻧﺎن" و "ﺗﺎﯾﻠور" ﻓﻲ إﻧﺟﻠﺗرا و "ﻣورﻏﺎن" ﻓﻲ أﻣرﯾﻛﺎ أول ﻣن ﻋﻛف ﻋﻠﻰ دراﺳﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﺑداﺋﯾﺔ ،إﻗﺗﻧﺎﻋﺎ ﻣﻧﮭم ﺑﺄن اﻟﻣوﺿوع
ﻓﺎﻟﻣﻧﮭﺞ اﻟذي اﻋﺗﻣده ھؤﻻء اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن وﻣن واﻻھم ،أﻟّﻔوا ﻣﺟﻠدات ﺿﺧﻣﺔ ﻣن أﺟل ﺗوﺿﯾﺢ اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻛم ﻧﺷﺄة اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾﺔ
وﺗطورھﺎ ،ﻓﺎﻟزواج اﻷﺣﺎدي ﯾﻧﺷﺄ ﻣن اﻻﺧﺗﻼط اﻟﺟﻧﺳﻲ اﻟﻣﺷوش ،و اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ ﻋن اﻟﻣﺷﺎﻋﯾﺔ ،واﻟﻌﻘد ﻋن اﻟوﺿﻊ اﻟﻘﺎﺋم ،واﻟﺻﻧﺎﻋﺔ ﻋن
اﻟﺑداوة ،واﻟﻌﻠم اﻟوﺻﻔﻲ ﻋن اﻟﻼھوت ...
أﻣﺎ "ﻣﺎﻛﻠﯾﻧﺎن" ) (1881-1867وھو أﯾﺿﺎ ﻗﺎﻧوﻧﻲ أﺳﻛوﺗﻼﻧدي ﻓﻛﺎن ﯾؤﻣن إﯾﻣﺎﻧﺎً راﺳﺧﺎ ﺑﺎﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻛم اﻟﺗطور اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ،
ﻓﻛﺎن ﯾﻌﺗﻘد أن اﻟﺑﺷر اﻷواﺋل ﻛﺎﻧوا ﯾﻌﯾﺷون ﻓﻲ ﻓﻠﺗﺎن ﺟﻧﺳﻲ ،ﺛم ﻓﻲ ﺟﻣﺎﻋﺎت ﺗﻌﺗﻣد اﻟﻧﺳب اﻷﻣﻲ واﻟطوطﻣﻲ ،وھﻲ اﻷرھﺎط )اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت(
ﻛﺎﻧت ﺗﻌﯾش ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ،وﻟﮭذا ﺑﺳﺑب وأد اﻟﺑﻧﺎت ﻛـﺎن اﻟرﺟﺎل ﯾﺑﺣﺛون ﻋن زوﺟﺎت ﻟﮭم ﻓﻲ ﺟﻣﺎﻋﺎت ﺧﺎرﺟﯾﺔ )ﻗﺑﺎﺋل أﺧرى( ،ﺛم اﻧﺗﮭت ھذه
اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻷوﻟﻰ ﺑﺈﻋﺗﻣﺎدھﺎﻧظﺎم ﺗﻌدد اﻷزواج ،واﺳﺗﺑدال ﻧظﺎم اﻟﻧﺳب اﻷﻣﻲ إﻟﻰ ﻧظﺎم اﻟﻧﺳب اﻷﺑوي ،ﺛم إﺗﺧذت ﺷﯾﺋﺎ ﻓﺷﯾﺋﺎ اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ
ﻧﻌرﻓﮭﺎ اﻵن ،ﻓﻛﺎﻧت اﻟﻘﺑﯾﻠﺔ أوﻻ ﺛم اﻟرھط ﺛم اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ.
ﻋﻧدﻣﺎ ﻧدﻗﻖ اﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﺗﻲ اﻋﺗﻣدھﺎ اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾون ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر ﻟدراﺳﺔ اﻟدﯾن ،ﻧﺟد أﻧﮭم اﺳﺗﻌﻣﻠوا ﻧﻔس اﻟﻣﻧﮭﺞ ﻋﻠﻰ
اﻟرﻏم ﻣن أﻧﻧﺎ ﻧﺟد ھﻧﺎ ﻣزﯾﺟﺎ ﻣن اﻟﺗﺄﻣﻼت اﻟﻔﻛرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺗﻣﻲ ﻟﻠﺗﺎرﯾﺦ واﻟﻧﻔﺳﺎﻧﯾﺎت ،ﻓﺿﻼ ﻋن اﻻﻋﺗﺑﺎرات اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗوﺣﻲ اﻟطﺑﯾﻌﺔ
اﻟﺑﺷرﯾﺔ .ﻓـﺈدوارد ﺗﺎﯾﻠور ) ،(1917/1822اﻟذي ﻛﺎن ﯾﻣﺗﺎز ﻋﺎدة ﺑﻣوﻗف ﺣذر و ﻧﻘدي أﻛﺛر ﻣن ﺳﺎﺋر ﻣﻌﺎﺻرﯾﮫ ﻣﻣﺎ ﺟﻧﺑﮫ اﻟوﻗوع ﻓﻲ
اﻋﺗﺑﺎطﯾﺔ ﻧظﺎم اﻟﻣراﺣل ،ﻓﻘد ﺣﺎول أن ﯾﺑﯾن ان ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﻌﺗﻘدات اﻟدﯾﻧﯾﺔ وﺟﻣﯾﻊ اﻟﻌﺑﺎدات ﺗﻧﺷﺄ ﻋن ﺗﻔﺳﯾر ﺧﺎطﺊ ﻟﺑﻌض اﻟظﺎھرات
ﻛـﺎﻷﺣﻼم ،اﻟرؤى ،اﻷﻣراض ،ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺣﯾﺎة واﻟﻣوت ...أﻣﺎ ﺟﯾﻣس ﻓرﯾزر ) ،(1941-1854اﻟذي ﻛﺎن أول ﻣن ﻗدم اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ ﺑﺄﺳﻠوﺑﮫ
اﻟرﻓﯾﻊ إﻟﻰ اﻟﺟﻣﮭور اﻟواﺳﻊ ،ﻓﻛﺎن ﯾﻌﺗﻘد إﻋﺗﻘﺎدا راﺳﺧﺎ ھو اﻵﺧر ﺑﻘواﻧﯾن اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎت :ﻓﺗطور اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت ﯾﻣر ﻓﻲ رأﯾﮫ ﺑﺛﻼث ﻣراﺣل
ﻣﺗﻌﺎﻗﺑﺔ ھﻲ ":اﻟﺳﺣر ،واﻟدﯾن واﻟﻌﻠم" ،وھو ﯾرى أن اﻹﻧﺳﺎن اﻟﺑداﺋﻲ ﻛﺎن ﺧﺎﺿﻌﺎ ﻟﻠﺳﺣر ،وأن اﻟﺳﺣر ﺷﺄﻧﮫ ﺷﺄن اﻟﻌﻠم ﯾﻔﺳر اﻟطﺑﯾﻌﺔ
ﺑوﺻﻔﮭﺎ ﺳﻠﺳﻠﺔ ﻣن اﻷﺣداث اﻟﺗﻲ ﺗﺗم وﻓﻘﺎ ﻟﻧﺳﻖ ﺛﺎﺑت ،دوﻧﻣﺎ ﺗدﺧل ﻣن ﻋواﻣل ﻣﺷﺧﺻﺔ .
ﻟﻛن ﺑﻌض اﻷﻓراد اﻷذﻛﯾﺎء ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﯾﺗوﺻﻠون ﻣﻊ اﻟوﻗت إﻟﻰ إدراك وھﻣﯾﺔ ھذه اﻟﻘواﻧﯾن ،ﻓﯾﻌوﺿون ﻋن ﻋﻣﻠﯾﺔ ﻧزع اﻷوھﺎم ھذه
ﺑﺈﺧﺗراع ﻛﺎﺋﻧﺎت روﺣﯾﺔ ذات ﻗدرات ﺗﻔوق ﻗدرات اﻟﺑﺷر ،ﻓﮭﻲ ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ آﻟﮭﺔ ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﺗﻐﯾﯾر ﻣﺟرى اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﻟﺻﺎﻟﺢ اﻹﻧﺳﺎن ،ﺷرط أن ﯾدأب
ﻋﻠﻰ ﻋﺑﺎدﺗﮫ ﻋﺑﺎدة ﻣﻌﯾﻧﺔ ،وھﻛذا ﯾﺻل اﻟﺑﺷر إﻟﻰ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟدﯾن ،ﻟﻛن اﻹﻧﺳﺎن ﻻ ﯾﻠﺑث أن ﯾﻧﺗﺑﮫ ﻣن ﺟدﯾد ﻟﮭذا اﻟﺧطﺄ اﻟذي وﻗﻊ ﻓﯾﮫ ،ﻓﯾﻛون
ھذا اﻟﺗﻧﺑﯾﮫ إﯾذاﻧﺎ ﺑﻧﺷﺄة اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ واﻷﺧﯾرة وھﻲ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ .
أﻣﺎ ﺟون ﻟوﺑوك ) ،(1913-1834ﻓﻘد إدﻋﻰ أن اﻟزواج ﻛﻣﺎ ﻧﻌرﻓﮫ اﻟﯾوم ﻗد ﻧﺷﺄ ﻣن اﻹﺧﺗﻼط اﻟﺟﻧﺳﻲ اﻟﺑداﺋﻲ ،وﯾﺑدو أن ھذا اﻟرأي ﻛﺎن ﻗد
إﺗﺧذ ﻟدى ﻛُﺗّﺎب ذﻟك اﻟﻌﺻر أﺑﻌﺎداً ﺟﻌﻠﺗﮫ أﻗرب إﻟﻰ اﻟﮭوس ،ﻟﻛن أﻋﻘد اﻟﻧظرﯾﺎت اﻟﺗﻲ وﻟّدھﺎ اﻟﻣﻧﮭﺞ اﻟﻣﻘﺎرن ھﻲ ﻧظرﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻷﻣرﯾﻛﻲ
ﻣورﻏﺎن ) ،(1881-1818اﻟذي إدﻋﻰ أن ﺗطور اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ واﻟزواج ﻗد ﻣر ّ ﻓﯾﻣﺎ ﻻ ﯾﻘل ﻋن 15ﻣرﺣﻠﺔ ،ﺑدءﺎً ﺑﺣﺎﻟﺔ اﻹﺧﺗﻼط اﻟﺟﻧﺳﻲ
اﻟﻔوﺿوي وإﻧﺗﮭﺎءﺎً ﺑﺎﻟزواج اﻷﺣﺎدي واﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﻛﻣﺎ
ﻧﺟدھﺎ اﻟﯾوم .ﻛﺎن ﻣورﻏﺎن أول ﻣن أرﺳﻰ أﺳس اﻟدراﺳﺔ اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻘراﺑﻲ اﻟﺗﻲ ﺻﺎرت ﺟزء أﺳﺎﺳﯾﺎ ﻣن اﻟﺑﺣث اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﻲ .
وﻟﻘد ﺗرك ﻣﺎﻛﻠﯾﻧﺎن ﺗرﻛﺔ وﺛﺎﺋﻘﯾﺔ ﻣﮭﻣﺔ ﺟدا ﺗﺑﯾن ﻛﯾف أن زواج اﻷُﺳر ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﺷﺎﺋﻌﺔ ﺟدا ﻣن ﺧﻼل إﺣﺗﻔﺎﻻت اﻷﻋراس ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت
ﻏﯾر اﻟﻣﺗطورة ،ﻓﻘد ﻛﺎن أول ﻣن ﺑرھن أن اﻟزواج اﻟﺧﺎرﺟﻲ )وھﻲ ﻟﻔظﺔ ﻣن إﺑﺗداﻋﮫ( واﻟطوطﻣﯾﺔ ﻛﺎﻧﺎ ﻣﻣﺎرﺳﺗﯾن ﺷﺎﺋﻌﺗﯾن ﺟدا ﻓﻲ
اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﺑداﺋﯾﺔ ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻧﺣن ﻧدﯾن ﻟﮫ ﺑﺈﺛﻧﯾن ﻣن أھم اﻟﻣﻔﺎھﯾم اﻟﺷﺎﺋﻌﺔ ﻓﻲ اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ
.وﻣن اﻟﺧﺻﺎل اﻟﻛﺑرى اﻟﺗﻲ ﻛﺎن ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﮭﺎ ﻛُﺗّﺎب اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر أﻧﮭم درﺳوا اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾﺔ ﻣن ﻣﻧظﺎر إﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺻرف ،أي
ﺑﺈﻋﺗﻣﺎدھم ﻣﻘوﻻت اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾﺔ ﻻ ﻣﻘوﻻت اﻟﻧﻔﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟﻔردﯾﺔ ،ﻓﻘد ﺗﺣﺎﺷوا إﺳﺗﺧﻼص اﻟرأي ﻋن طرﯾﻖ اﻹﺳﺗﻧﺗﺎج ﻛﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﻔﻌل
اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﺣﯾﺎن ﻣﻧطﻠﻘﯾن ﻣن ﻣﺳﻠﻣﺎت ﺣول اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﺑﺷرﯾﺔ .ﺑل ﺣﺎوﻟوا ﻋوﺿﺎ ﻋن ذﻟك أن ﯾﻔﺳروا اﻟﻣؤﺳﺳﺎت ﺑﻣﻘﺎرﻧﺗﮭﺎ
ﺑﻣؤﺳﺳﺎت إﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ أﺧرى ﺳواءﺎ ﻛﺎﻧت ﻣﻌﺎﺻرة أو ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻓﻲ زﻣن ﺳﺎﺑﻖ .
} ﯾﺗﺿﺢ ﻣﻣﺎ ﺳﺑﻖ أن اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ ﻧﺷﺄﺗﮭﺎ ﻛﺎﻧت ﺗﻣﺛل اﻟﻌﻠم اﻟذي ﯾدرس اﻟﻧظم اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﺑداﺋﯾﺔ
ﺑﻐرض اﻟوﺻول إﻟﻰ أﺻل اﻟﻧظم وﻟﺗﺣﻘﯾﻖ ذﻟك اﻟﻐرض طﺑﻖ ﻋﻠﻣﺎء ذﻟك اﻟﻘرن اﻟﻣﻧﮭﺞ اﻟﻣﻘﺎرن اﻟذي ﯾﺣﻠل وﯾﻘﺎرن اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻋن
اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﺑداﺋﯾﺔ ،وﻛﺎن ﻣﺻدر ﺗﻠك اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت ھم اﻟﻣﺳﺗﻛﺷﻔون ورﺟﺎل اﻹدارة وﺑﻌض أﻋﺿﺎء اﻟﺣﻣﻼت اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ اﻹﺳﺗﻌﻣﺎرﯾﺔ اﻟﺗﻲ
ﻛﺎن ﯾﺷﻧّﮭﺎ اﻷورﺑﯾون ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﺑداﺋﯾﺔ اﻟﻣﺳﺎﻟﻣﺔ .إﺳﺗطﺎﻋﺎﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾون اﺳﺗﻛﻣﺎل ﻋﻧﺎﺻر اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻓﻲ ﻧﮭﺎﯾﺔ
اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر ﻋﻧدﻣﺎ ﻗﺎم ﺑﻌﺿﮭم ﺑﺗﺻﻧﯾف اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أﺑﻧﯾﺗﮭﺎ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺑدﻻ ﻣن ﺛﻘﺎﻓﺎﺗﮭﺎ ،وﻛﺎن ظﮭور ذﻟك اﻹﺗﺟﺎه اﻟذي
ﯾُﻔرق ﺑﯾن اﻟﺑﻧﺎء اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ واﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺧطوة اﻟﺣﺎﺳﻣﺔ ﻟﺗﻣﯾﯾز اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻋن ﻓروع اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻷﺧرى .وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ أﺻﺑﺢ
ﻣوﺿوع اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ھو اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﻟﯾس اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﺑﺟﻣﯾﻊ ﻋﻧﺎﺻرھﺎ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﻣﺎدﯾﺔ واﻟﻔﻛرﯾﺔ{
ﻟم ﺗﻘﺗﺻر ﻣرﺣﻠﺔ اﺳﺗﻛﻣﺎل ﻋﻧﺎﺻر اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺣدﯾد ﻣوﺿوع اﻟﻌﻠم ﺑﺻورة أدق ﻣﻣﺎ ﺳﺑﻖ .وإﻧﻣﺎ ﺷﻣﻠت أﯾﺿﺎً ﺗﺣدﯾد
اﻟﻣﻧﮭﺞ اﻟرﺋﯾﺳﻲ ﻟﻸﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔأﻻ وھو "اﻟدراﺳﺔ اﻟﺣﻘﻠﯾﺔ أو اﻟﻣﯾداﻧﯾﺔ" ،وﻛﺎن اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻹﻧﺟﻠﯾزي"ھﺎدون " أول ﻣن طﺑﻖ ﻣﻧﮭﺞ
اﻟدراﺳﺔ اﻟﻣﯾداﻧﯾﺔ ﺑدﻗﺔ وﺑﺻورة ﻣوﺿوﻋﯾﺔ ،و وذﻟك ﻋﻧدﻣﺎ ﺗرأس ﺑﻌﺛﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ "ﻛﺎﻣﺑرﯾدج" اﻟﻣؤﻟﻔﺔ ﻣن ﺑﻌض اﻟﻌﻠﻣﺎء ﻟدراﺳﺔ ﻣﻧطﻘﺔ
ﻣﺿﺎﺋﻖ ﺗورﯾس ﻓﻲ اﻟﻣﺣﯾط اﻟﮭﺎدي ،واﺳﺗﻐرﻗت ﺗﻠك اﻟدراﺳﺔ ﻋﺎﻣﯾن ،ﻣن 1898إﻟﻰ . 1900ﺛم ﺗواﻟت اﻟدراﺳﺎت اﻟﻣﯾداﻧﯾﺔ وأﺻﺑﺣت أﻛﺛر
ﻧﺿﺟﺎ ،وﻻ ﺷك أن أھﻣﮭﺎ ﺟﻣﯾﻌﺎً دراﺳﺔ اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﺷﮭﯾر "راد ﻛﻠﯾف ﺑراون "اﻟذي ﻛﺎن ﺗﻠﻣﯾذا ﻟﻛل ﻣن رﯾﻔرز وھﺎدون .ﻟﻘد ﻗﺎم راد ﻛﻠﯾف
ﺑراون ﺑدراﺳﺔ ﻣﯾداﻧﯾﺔ ﻟﺳﻛﺎن ﺟزر أﻧدﻣﺎن ﻓﻲ ﺧﻠﯾﺞ اﻟﺑﻧﻐﺎل ،واﺳﺗﻐرﻗت ﺗﻠك اﻟدراﺳﺔ ﻋﺎﻣﯾن ﻣن 1906إﻟﻰ ،1908وﯾﻌدھﺎ إﯾﻔﺎﻧز
ﺑرﯾﺗﺷﺎرد أول ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺑﺣﻖ ﯾﻘوم ﺑﮭﺎ أﺣد اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﯾن اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﯾن ﻟﻔﺣص اﻟﻧظرﯾﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ ﻣﺟﺗﻣﻊ ﺑداﺋﻲ ﻣﻌﯾن،
وﻟوﺻف اﻟﺣﯾﺎة اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻓﻲ ذﻟك اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﺑطرﯾﻘﺔ ﺗﺑرز ﺑوﺿوح اﻟﻧواﺣﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻔﻖ ﻣﻊ ﺗﻠك اﻟﻧظرﯾﺎت ،وﺗﻔوق ھذه اﻟدراﺳﺔ ﻣﺎﻗﺎﻣت ﺑﮫ
ﺑﻌﺛﺔ ھﺎدون ﻓﻲ ﻣﺿﺎﺋﻖ ﺗورﯾس اﻟﺗﻲ اھﺗﻣت ﺑﺎﻟﻧواﺣﻲ اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ أﻛﺛر ﻣن اھﺗﻣﺎﻣﮭﺎ ﺑﺎﻟﺟواﻧب اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،وﻗد وﺻل ﺗﻌﻣﯾﻖ اﻟدراﺳﺔ اﻟﻣﯾداﻧﯾﺔ
وﺗرﻛزھﺎ إﻟﻰ اﻟﻘﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﯾد اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﺑرﯾطﺎﻧﻲ اﻟﺟﻧﺳﯾﺔ واﻟﺑوﻟﻧدي اﻟﻣوﻟد "ﻣﺎﻟﯾﻧوﻓﺳﻛﻲ "اﻟذي أﻧﻔﻖ ﻓﻲ دراﺳﺗﮫ ﻟﺳﻛﺎن ﺟزر اﻟﺗروﺑرﯾﺎﻧد
ﺑﻣﻧطﻘﺔ ﻣﯾﻼﻧﯾزﯾﺎ ﻣدة أرﺑﻊ ﺳﻧوات) (1918-1914وھﻲ أطول ﻣدة ﻟﺑﺣث ﻣﯾداﻧﻲ .
وﻣﻊ ﺑداﯾﺔ 1924ﺑدأ ﻣﺎﻟﯾﻧوﻓﺳﻛﻲ ﺑﺗدرﯾب ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﯾن اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﯾن اﻷذﻛﯾﺎء ﻣن ﻛل أﺟزاء )اﻟﻛوﻣﻧوﻟث( ﻓﻲ ﻣﺟﺎل
اﻟدراﺳﺔ اﻟﻣﯾداﻧﯾﺔ واﻟﻧظرﯾﺔ اﻟوظﯾﻔﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗوﻟدت ﻋن دراﺳﺗﮫ اﻟﺷﮭﯾرة .وﻓﻲ ﻋﺎم 1937أﻋﺎد اﻟﻌﻼﻣﺔ راد ﻛﯾﻠف ﺑراون ﺗﻧظﯾم ﻣﻌﮭد
اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺑﺟﺎﻣﻌﺔ أﻛﺳﻔورد وﻋﻣل ﻋﻠﻰ ﺗطوﯾر ﻣﻧﺎھﺟﮫ ،وھﻛذا ازدھرت اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ ﺑﻔﺿل ﺟﮭود ﻛل ﻣن ﻣﺎﻟﯾﻧوﻓﺳﻛﻲ
وراد ﻛﯾﻠف ﺑراون ،وظﮭر ﺗﻼﻣﯾذ ﻟﮭﻣﺎ ذوي ﺧﺑرة وذﻛﺎء ﻓﻲ اﻟدراﺳﺔ اﻟﻣﯾداﻧﯾﺔ وﻧﺷروا اﻷﺑﺣﺎث اﻟﻌﻣﯾﻘﺔ وأﺻﺑﺣت ﻣﻧطﻘﺔ وﺳط أﻓرﯾﻘﯾﺎ
وﺟﻧوﺑﮭﺎ ﺣﻘﻼ ﻏﻧﯾﺎ ﻟﻠﺑﺣث
وﻋﻠﯾﮫ ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ اﻟﻘول ﺑﺄن اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة ﺗﻌﺗﻘد اﻟﯾوم أن اﻟدراﺳﺎت اﻟﺗﻔﺻﯾﻠﯾﺔ اﻟﻣﻛﺛﻔﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻧﺎول ﺳﻠﺳﻠﺗﮭﺎ ﺑﻌض
اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﻣﺧﺗﺎرة ﺑﻐرض ﺣل ﻣﺷﻛﻼت ﻣﺣددة ،ھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺎﻋدﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﮭم طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﺑﺷرﯾﺔ أﻛﺛر ﺑﻛﺛﯾر ﻣن ﻣﺣﺎوﻻت ﺗﺟﻣﯾﻊ
اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋدة اﻟوﺛﺎﺋﻖ و اﻟﺗﻘﺎرﯾر اﻟﻣﻛﺗوﺑﺔ ،ﯾﻧﺷﺄ ﻋن ذﻟك أﻧﻧﺎ ﺑدأﻧﺎ ﻟﺗوﻧﺎ ﺑﺈدراك ﺑﻌض اﻟﺷﯾء ﻋن اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ ﻟﺣﯾﺎة
اﻟﺷﻌوب اﻟﺑداﺋﯾﺔ ،إﻧﺎﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﻲ ﯾﺗﺟﮫ اﻵن إﻟﻰ إﻋﻣﺎل اﻟﻔﻛر ﺣول اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ أﻛﺛر ﻣن إﻋﻣﺎﻟﮫ ﺣول اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ وﺣول اﻟﻧظم اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾﺔ واﻟﻘﯾم
ووﻗﻌﮭﺎ ﺑﻌﺿﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻌض ،ﻓﮭو ﻻ ﯾﺳﻌﻰ إﻟﻰ ﻣﻌرﻓﺔ ﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟزواج اﻟﺧﺎرﺟﻲ ﻣرﻋﯾﺎ ﻟدى ﺷﻌب ﻣﺎ ﺑﻘدر ﻣﺎ ﯾﺳﻌﻰ إﻟﻰ إﻛﺗﺷﺎف دﻻﻟﺔ
ھذه اﻟﻘواﻋد ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﺑﯾن اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت ،وھو ﻻ ﯾﻛﺗﻔﻲ ﺑﻣﻌرﻓﺔ ﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﻟدى اﻟﺷﻌوب ﻣﻌﺗﻘدات طوطﻣﯾﺔ ،ﺑل ﯾﺳﻌﻰ إﻟﻰ
إﻛﺗﺷﺎف ﻛﯾف أن ھذه اﻟﻣﻌﺗﻘدات ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﻌﻛس أھﻣﯾﺔ اﻟﻧﺳب ،وﻋﺻﺑﯾﺔ اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺑﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺳب ،إﻧﮫ ﻻ ﯾﻌﺗﻘد أن ﻣﻌرﻓﺔ ﻣﺎ إذا
ﻛﺎن اﻟﻧﺳب ﻣرﻋﯾﺎ ﺑﺈﺗﺟﺎه اﻟﺧط اﻟﻧﺳﺎﺋﻲ ﻻ اﻟﺧط اﻟرﺟﺎل ،أﻣرا أﺳﺎﺳﯾﺎ ﺑﺣد ذاﺗﮫ ،ﺑل إﻧﮫ ﯾﺳﻌﻰ ﻣﺛﻼ إﻟﻰ ﻣﻌرﻓﺔ ﻛﯾف أن ﻧظﺎم اﻟﻧﺳب اﻷﻣﻲ
ﯾؤﺛر ﻋﻠﻰ ﻋﻼﻗﺔ اﻷخ ﺑﺎﻷﺧت ،أو ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺧﺎل ﺑﺄﺑﻧﺎء أﺧﺗﮫ.
اﻧطﻼﻗﺎ ﻣن اﻟﻌﻧﺻر اﻟﺳﺎﺑﻖ ﯾﻣﻛن اﻟﻘول أن ﻣﺟﺎﻻت دراﺳﺔ اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺗﮭﺗم ﺑـ:
ـ . 2اﻟﻌﻼﻗﺎﺗﺎﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ
ـ 1ـ اﻟﺑﻧﺎء اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ:ﺗﻌﺗﺑر دراﺳﺔ اﻟﺑﻧﺎء اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻣن اﻟﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ اﻟدراﺳﺔ اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺔ ﻷﯾﺔ ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣﺣﻠﯾﺔ ،وﻗد ﻋﻧﯾت
اﻟدراﺳﺎت اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺔ ﻣﻧذ وﻗت ﺑﻌﯾد ﺟدا ﯾرﺟﻊ إﻟﻰ ﺻدور ﻛﺗﺎب "ﻣﻼﺣظﺎت واﺳﺗﻘﺻﺎءﺎك ﻓﻲ اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ" اﻟذي ﺻدرت طﺑﻌﺗﮫ
اﻷوﻟﻰ ﺳﻧﺔ 1874ﺑﺗﺣدﯾد ﻣﺣﺗوى ﻣﻔﮭوم اﻟﺑﻧﺎء اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﺷﺑﻛﺔ ﻛﻠﯾﺔ ﻣن اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻧدﻣﺞ ﻓﯾﮭﺎ أﻋﺿﺎء اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ
اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ﻓﻲ وﻗت ﻣﻌﯾن ،وھو ﺗﻌرﯾف ﯾﺣدد ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﺻور اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺟﻣﻊ ﻓﯾﮭﺎ اﻟﻧﺎس ﻣن أﺟل أھداف ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،ﻛﻣﺎ ﯾﺑرز ﻣن
ﻧﺎﺣﯾﺔ أﺧرى اﻟرواﺑط اﻟﻣﻌﺗرف ﺑﮭﺎ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ واﻟﺗﻲ ﺗﻧﻌﻛس ﻓﻲ ﺳﻠوك اﻷﻓراد ﻛل ﻣﻧﮭم ﺗﺟﺎه اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﻧﺗﻣون إﻟﯾﮭﺎ .وﺗﺗﻣﺛل أھم
اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﺗﻲ ﯾﺟب ﻣﻼﺣظﺗﮭﺎ ﻓﻲ دراﺳﺔ أﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺔ ﻟﺑﻧﺎء ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣﺎ ﻓﻲ :
ج -أﺳﻠوب إﻛﺗﺳﺎب وﻓﻘدان اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻷﻋﺿﺎﺋﮭﺎ ﻋن طرﯾﻖ اﻟﻣﯾﻼد واﻟﺗﺑﻧﻲ واﻟزواج ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ و اﻟوﻓﺎة واﻟزواج واﻟﮭﺟرة ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ
أﺧرى .
د -اﻟﺗﻛوﯾن اﻟﺻوري ﻟﻠﺟﻣﺎﻋﺔ :وﻧﻌﻧﻲ ﺑﮫ ﺗﻛوﯾن ﺻور أﻧﻣﺎط اﻟﺳﻠوك اﻟﺗﻲ ﺗﻣﯾز اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻋن ﻏﯾرھﺎ ﻣن اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻷﺧرى ،وھو
ﯾﺗﺿﻣن اﻟﺣﻘوق واﻟواﺟﺑﺎت وأﻧﻣﺎط اﻟﺳﻠوك اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﯾز اﻷﺷﺧﺎص ﻣن اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،واﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺷﺄ ﺑﯾن اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت
اﻟﺗﻲ ﯾﻧﺗﻣﻲ إﻟﯾﮭﺎ ﻧﻔس اﻟﻧوع وﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﺑﯾن اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت ﻣن اﻷﻧواع اﻟﻣﺗﻣﺎﯾزة .
ھـ -اﻟوظﯾﻔﺔ :وﺗﻌﻧﻲ ﻋﻼﻗﺔ أﻧﺷطﺔ اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت ﺑﻧﺷﺎطﺎت اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻷﺧرﯨﻔﻲ ﻧﻔس اﻟوﺣدة اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾﺔ أو اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ.
2ـ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ :ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت ﺑﯾن اﻷﻓراد ﻓﻣن اﻟﺿروري أن ﯾﻘوم اﻟﺑﺎﺣث اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﻲ ﺑرﺻد ﻣﺎﯾﻠﻲ :
ﻣدى ﺛﺑﺎت أوﺗﻐﯾّر اﻟﻌﻼﻗﺎت ،أو ﺑﻘول آﺧر ھل ھﻲ ﻋﻼﻗﺎت داﺋﻣﺔ أم ﻣؤﻗﺗﺔ . -
ﻛﯾف اﺳﺗﻘرت ﺗﻠك اﻟﻌﻼﻗﺎت؟ وھل ﻧﺷﺄت طرﯾﻖ اﻟﻣﯾﻼد أو اﻟزواج أو اﻟﺗﺑﺎدل أو اﻟرﻓض أو اﻟﺗﻘﺎدم؟ -
ج -ﻣﺎذا ﺗﻧطوي ﻋﻠﯾﮫ ﺑوﺟﮫ ﻋﺎم أﻧﻣﺎط اﻟﺳﻠوك اﻟﺗﻲ ﺗﺻدر ﻋن ﺗﻠك اﻟﻌﻼﻗﺎت ﻣن ﺣﻘوق وواﺟﺑﺎت؟
ﻓـراد ﻛﻠﯾف ﺑراون ﺗؤﻛد ﻧظرﯾﺗﮫ ﻋﻠﻰ دراﺳﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ﺑﯾن اﻷﺷﺧﺎص ﻓﻲ ﺷﺑﻛﺔ اﻟﻣراﻛز اﻟﺗﻲ ﯾﺗوزع ﻋﻠﯾﮭﺎ أﻋﺿﺎء اﻟوﺣدة
اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾﺔ .
ھﻧﺎك أﺷﻛﺎل ﻋدﯾدة ﻣن اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻧظم ﻧﺷﺎطﺎت اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ اﻷﻧﻣﺎط اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ :اﻟﺑدوﯾﺔ ،اﻟرﯾﻔﯾﺔ ،اﻟﺣﺿرﯾﺔ ،اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ.
وھذه اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت ﺗﺷﺗرك ﻓﻲ أﻧﮭﺎ ﺗﺗﻛون ﻣن أﺷﺧﺎص ﯾﺣﺗﻠُّون ﻓﯾﮭﺎ ﻣراﻛز ﻣﺣددة ،وﯾﻘوﻣون ﺑﺄدوار ﻣرﺳوﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎﺷطﺎﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ
ﺗﻘوم ﺑﮭﺎ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ،ﻓﺎﻟﺷﺧص اﻟذي ﯾﺣﺗل ّ ﻣرﻛز اﻷب ﻓﻲ ﺟﻣﺎﻋﺔ اﻷﺳرة ﯾﻘوم ﺑﺄدوار ﻣﻌﯾﻧﺔ ﺗﺧﺗﻠف ﻣن ﺗﻠك اﻷدوار اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﺑﮭﺎ ﻧﻔﺳﮫ ﺣﯾث
ﯾﺣﺗل ّ ﻣرﻛز اﻟﻌﺎﻣل ﻓﻲ ﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﻣﺻﻧﻊ أو ﺣﺎرس اﻟﻣرﻣﻰ ﻓﻲ ﻓرﯾﻖ ﻛرة اﻟﻘدم .وﻋﻠﻰ ھذا اﻷﺳﺎس ﺗﺗﻧوع اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﻓﮭﻲ
ﻋﻼﻗﺎت ﺑﯾن اﻟﻣراﻛز .ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺎﺣث اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﻲ أن ﯾﻛرس اﻟﺟﺎﻧب اﻷﻋظم ﻣن إھﺗﻣﺎﻣﮫ ﻓﻲ اﻟﻣﻼﺣظﺔ واﻟﺗﻘﺻ ّ
ﻲ ﺣﺗﻰ ﯾﻛﺗﺷف ﻛﯾف
ﯾﺗﻔﺎﻋل اﻟﻧﺎس ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ؟ أو ﺑﻘول أﻓﺿل ﻛﯾف ﺗﻛوﻧت طرﯾﻘﺗﮭم ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة وﻧﻣت ﺗﺎرﯾﺧﯾﺎ؟ .ﻛﻣﺎ ﯾﺗﻘﺻ ّ
ﻰ أﺷﺟﺎر اﻟﻧﺳب اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ و اﻟﻣﻔﺗرﺿﺔ،
وﯾﻼﺣظ ﻣﺗﻰ ﯾﺗﻔﺎﻋل اﻟﻧﺎس ،وﻣدى ھذا اﻟﺗﻔﺎﻋل ،وﯾﺳﺟل وﺟﮭﺎت اﻟﻧظر اﻟﺿﻣﻧﯾﺔ واﻟﻣﻌﺎﻧﺎة ﺣول اﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺎس إﻟﺗزاﻣﮭﺎ ﻓﻲ
ﺗﺑﺎدﻟﮭم اﻟﻣوﺿوﻋﺎت
ﻲ طرق اﻟﺟزاء ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،ﻣﺛﻼ :ﻋﻼﻗﺎت اﻟزواج واﺧﺗﻼﻓﮭﺎ ﻣن ﻣﺟﺗﻣﻊ إﻟﻰ آﺧر
اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ وﻓﻲ ﺗﻌﺑﯾرھم ﻋن ﻣﺷﺎﻋرھم ،وﻛذﻟك ﺗﻘﺻ ّ
. 3-اﻟﻧظم اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ :ﻟﻘد اﻋﺗﻘد اﻟﻛﺛﯾر ﻣن ﻋﻠﻣﺎء اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ ﻗﻲ اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر اﻟذﯾن اھﺗﻣوا ﺑﺗﺗﺑﻊ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻣن .ﻧﺷﺄﺗﮫ ﻓﻲ
ﺣﺎﻟﺗﮫ اﻷﺻﻠﯾﺔ ﺑﺄن اﻹﻧﺳﺎن ﻛﺎن ﻓﻲ وﻗت ﻣﺎ ﻋﺎرﯾﺎ ﻣن أﯾﺔ ﻧظم إﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،وھو ﻟم ﯾُﻠﺑس ﻧﻔﺳﮫ ﺗﻠك اﻟﻧظم إﺑﺗداءﺎ ﻣن اﻹﻓﺗﻘﺎر إﻟﻰ أﯾﺔ ﻗواﻋد
ﻣﻧظﻣﺔ ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت اﻟﺟﻧﺳﯾﺔ إﻟﻰ اﻟزواج اﻟﻣﻧظم ،إﻻ ﻓﻲ ﻓﺗرة ﻣﺗﺄﺧرة ﻣن ﺣﯾﺎﺗﮫ ،ﻟﻛن ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟﺣﺎﺿر ﯾﺟب اﻟﻘول ﺑﺄﻧﮫ ﻛﺎﻧت ھﻧﺎك داﺋﻣﺎ
ﻧظم ﻣﻌﯾﻧﺔ ﺣﯾﺛﻣﺎ ﻛﺎﻧت ھﻧﺎك ﻣﺧﻠوﻗﺎت ذات ﺧﺻﺎﺋص ﯾﻣﻛن ﻣﻌﮭﺎ أن ﻧﺻﻧﻔﮭم ﺑﺄﻧﮭم ﻣن اﻟﻧوع اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ .
اﻹﺗﺟﺎه اﻟﺗطوري ﻓﻲ اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ :ﻣﻔﮭوم اﻟﺗطور ﻣﻔﮭوم ﻣﮭم ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،وﻟﻛﻧﮫ ﻣﺛر ﻓﻲ أﻏﻠب اﻷﺣﯾﺎن ،وﻗد -
اﺳﺗﺧدﻣﮫ ﻋدد ﻛﺑﯾر ﻣن ﻋﻠﻣﺎء اﻹﺟﺗﻣﺎع و اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ ﻓﻲ ﺗﻔﺳﯾر اﻟﺗﻘدم ﻋﺑر اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﻣن اﻷﻧﺳﺎﻗﺎﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ اﻟﺑﺳﯾطﺔ إﻟﻰ
أﺧرى أﻛﺛر ﺗﻌﻘﯾدا ،وﻗد ﻛﺎن "ﺳﺑﻧﺳر" ﻣن أواﺋل اﻟﻣﻔﻛرﯾن اﻟﻧظرﯾﯾن اﻟﺗطورﯾﯾن ،وھو اﻟذي ﻗدّم ﻋﺑﺎرة "اﻟﺑﻘﺎء اﻷﺻﻠﺢ ".
ﻛﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﺳﺑﻧﺳر ﻓﺿل اﺳﺗﺑﺎق ﻧظرﯾﺎت داروﯾن ﺛم اﺳﺗﻔﺎد ﻣﻧﮭﺎ ﺑﻌد ظﮭورھﺎ واﻋﺗﻣد ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻘول ﺑﺄن ھﻧﺎك ﺳﻠﺳﻠﺔ ﻣﺗﺻﻠﺔ ﺗﺟﻣﻊ ﺑﯾن
اﻟﺗطور اﻟﻌﺿوي إﻟﻰ ﻏﯾر اﻟﻌﺿوي ﺛم إﻟﻰ اﻟﺗطور ﻓوق اﻟﻌﺿوي ،وأن ﻧﻔس اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺗﻲ ﺗﻧطﺑﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟم اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﯾﻣﻛن أن ﺗﻧطﺑﻖ
ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ وﺗﻘدﻣﮫ ،وأﺻﺑﺢ ﯾُطﻠﻖ ﻋﻠﻰ ھذا اﻹﺗﺟﺎه ﺑـ"اﻟداورﯾﻧﯾﺔاﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ" .وھو ﯾرﺗﻛز ﻋﻠﻰ ﻓرﺿﯾن أﺳﺎﺳﯾﯾن ھﻣﺎ:
ـ 1ـ أن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت ﻣﺛﻠﮭﺎ ﻣﺛل اﻟﻛﺎﺋﻧﺎت اﻟﻌﺿوﯾﺔ ،ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻛﯾﺎﻧﺎت ﻣرﻛﺑﺔ ﯾﺗﻛون ﻛل ﻣﻧﮭﺎ ﻣن أﺟزاء ﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺔ وظﯾﻔﯾﺎ ،ﻛﻣﺎ أﻧﮭﺎ ﺗﻣر
ﺑﻣراﺣل ﻧﻣو ﺛم ﺿﻌف ﺛم ﺗﺑﺎﯾن ﺛم ﺗﻛﺎﻣل ،وﻗد ذھب ﺳﺑﻧﺳر إﻟﻰ أن اﻷﺷﻛﺎل اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻣﺛل اﻟﻛﺎﺋﻧﺎت اﻟﺣﯾﺔ اﻟﺑﯾوﻟوﺟﯾﺔ ،ﺗطورت ﺗدرﯾﺟﯾﺎً
ﻣن أﺑﻧﯾﺔ ﺑﺳﯾطﺔ ﻣﺗﺟﺎﻧﺳﺔ ﻣﺗﺷﺎﺑﮭﺔ إﻟﻰ أﺷﻛﺎل أﻛﺛر ﺗﻌﻘﯾدا وﻣﺗﺑﺎﯾﻧﺔ داﺧﻠﯾﺎً. 2-
ـ 2ـ ﯾرﺗﺑط اﻟﻔرض اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺑﻣذھب اﻟﻔردﯾﺔ اﻟذي ﯾدﻋو إﻟﻰ اﻟﺣرﯾﺔ اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ ﺑﺻورﺗﮫ اﻟﺗﻲ ﻛﺎن ﻣﻌروﻓﺎ ﺑﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر ،وﯾﻘوم ﻋﻠﻰ
ﺗطﺑﯾﻖ ﻣﺑدأ اﻹﻧﺗﺧﺎب اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺷر واﻟﻣﺟﺗﻣﻊ .
وﻣﻌروف ﺑﺎﻟطﺑﻊ أن ﻓﻛرة اﻟﺗﻘدم اﻟﺗطوري ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻊ ﻟﯾﺳت ﻣن إﺑﺗﻛﺎر ﺳﺑﻧﺳر ،وإﻧﻣﺎ ﯾرﺟﻊ إﻟﯾﮫ اﻟﻔﺿل ﻓﻲ إظﮭﺎر أھﻣﯾﺗﮭﺎ ،،وذﻟك ﺑﻣﺣﺎوﻟﺔ
ﺗوﺣﯾد اﻷﻓﻛﺎر اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺗطور اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻣﻊ ﻧظرﯾﺔ اﻟﺗطور اﻟﻌﺿوي اﻟﺑﯾوﻟوﺟﯾﺔ ،ﻣﻊ أن ﻓﻛرة وﺟود ﺗﻘدم ﻣﺗواﺻل اﻷﺷﻛﺎل اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ
ﻛﺎﻧت واﺳﻌﺔ اﻹﻧﺗﺷﺎر ﻣن ﻗﺑل ﻓﻲ ﺣرﻛﺔ اﻟﺗﻧوﯾر ،ﻛﻣﺎ أن اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﯾن واﻷﺳﻛﺗﻠﻧدﯾﯾن اﻟﻣﺗﺧﺻﺻﯾن ﻓﻲ ﻋﻠم اﻷﺧﻼق و اﻹﺟﺗﻣﺎع
ﻛﺎﻧوا ﯾﺗﺑﻧون رؤﯾﺔ ﺗطورﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻣن ﻋﺷر ،وﻗد طرح ﻣوﻧﺗﯾﺳﻛﯾو ﻧظرﯾﺔ ﺗطورﯾﺔ ﺗﺗﻛون ﻣن ﺛﻼث ﻣراﺣل ھﻲ :اﻟﺻﯾدأواﻟوﺣﺷﯾﺔ،
واﻟرﻋﻲ أو اﻟﮭﻣﺟﯾﺔ ،ﺛم اﻟﺣﺿﺎرة .وﻗد ﻟﻘﯾت ھذه اﻟﻧظرﯾﺔ رواﺟﺎ ﻛﺑﯾرا ﺑﯾن اﻟﻣﻔﻛرﯾن اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﯾن ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر ،وﻛﺎن ﻣورﻏﺎن
وﺗﺎﯾﻠور ﻣن ﺑﯾن اﻟﻛﺛﯾرﯾن اﻟذﯾن ﺗﺑﻧوا ھذه اﻟﻧظرﯾﺔ ،أﻣﺎ ﻛوﻧت ﻓﺗﺑﻧﻰ رؤﯾﺔ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ رﻛز ﻓﯾﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ ﻻ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر اﻟﺗﻘﻧﯾﺔ.
وﻛﺎﻧت اﻟﻣراﺣل اﻟﺛﻼث ﻋﻧده ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ :اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟدﯾﻧﯾﺔ ،ﺛم اﻟﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﯾﺔ وأﺧﯾرا اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ،وﻣﻘﺎﺑل ﻛل ﻣرﺣﻠﺔ ﻣن ھذه اﻟﻣراﺣل
اﻟﺛﻼث ﻧﻣط ﻣن اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ وﻧوع ﻣن اﻟﻣﻌرﻓﺔ وﺷﻛل ﺧﺎص ﻟﻠﺑﻧﺎء اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ .
وﻗد وُﺻﻔت ھذه اﻟﻧظرﯾﺎت اﻟﺗطورﯾﺔ اﻟﻣﺑﻛرة ﺑﺄﻧﮭﺎ "ﺗﻔﺳﯾر ﻓﻲ ﺧط واﺣد" أو ﺗﺻف ﺗطورا أﺣﺎدي اﻟﺧط ،وذﻟك ﻷﻧﮭﺎ ﺗﺗﺣدث ﻋن ﺳﻠﺳﻠﺔ
واﺣدة ﻣن اﻟﻣراﺣل اﻟﺗﻲ ﯾﺗوﻗﻊ أن ﺗﻣر ﺑﮭﺎ ﻛل اﻟﺟﻣﺎﻋﺎﺗﺎﻟﺑﺷرﯾﺔ وإن ﻛﺎﻧت ﺑﻣﻌدﻻت ﻣﺗﻔﺎوﺗﺔ .وھﻛذا ﯾﻣﻛن أن ﺗﺟد ﺟﻣﺎﻋﺔ ﺑداﺋﯾﺔ ﻣﻌﺎﺻرة
ﻣﻣﺛﻠﺔ ﻟﻣرﺣﻠﺔ ﻣﺑﻛرة ﻟﺗطور أﻧﻣﺎط أﺧرى أﻛﺛر ﺗﻘدﻣﺎ ،إﻻ أن ھذه اﻟﻧظرﯾﺎت اﻟﺗطورﯾﺔ أﺣﺎدﯾﺔ اﻟﺧط ،ﻓﻘد ﻓﻘدت ﻣﻛﺎﻧﺗﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن،
ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻠﺧﻼف اﻟﻣﺗواﺻل ﺑﯾن ﻧظرﯾﺎت اﻟﺗطور وﻧظرﯾﺎت اﻹﻧﺗﺷﺎر ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ ،وﻛذﻟك ﺑﺳﺑب ﺗراﻛم ﺷﺎوھد ﺣدﯾﺛﺔ ﺗدل ﻋﻠﻰ ﺗﻧوع ﺑﻌض اﻟﻧظم
اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ ﺟﻌل ﻣن اﻟﻣﺳﺗﺣﯾل اﻟدﻓﺎع ﻋن ھذه اﻵراء اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺻﺎﻏﮭﺎ أﺻﺣﺎﺑﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﻛﺎﺗﺑﮭم إﻟﻰ ﺣد ﻛﺑﯾر .وﺑﺗﺄﺛﯾر ﻛل ﻣن
"ﺑواز" "ﻣﺎﻟﯾﻧوﻓﺳﻛﻲ" "راد ﻛﻠﯾف ﺑراون" ﻓﻲ ﺑرﯾطﺎﻧﯾﺎ ﺗﺄﺳﺳت ﻣدارس اﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺔ ﻋدﯾدة ﺗﻧﺎﺳب اﻟﻧظرﯾﺎت اﻟﺗطورﯾﺔ ذات اﻟﺧط اﻟواﺣد
ﻋداء ظﺎھرا ،وأﺧذت ﺗﻠك اﻟﻣدارس اﻟﺟدﯾدة ﺗرﻛز ﺟﮭودھﺎ ﻋﻠﻰ ﺷرح وﺗوﺻﯾف ﻛل ﻧظﺎم ﺛﻘﺎﻓﻲ أو إﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺑوﺻﻔﮫ ﻛﯾﺎﻧﺎ ﻛﻠﯾﺎ وظﯾﻔﯾﺎ ﻟﮫ
ﻧﺳﻘﮫ وﻣﻧطﻘﮫ اﻟداﺧﻠﻲ اﻟﺧﺎص .ﻏﯾر أن اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ ﻟم ﺗﺗﺧﻠﻰ ﻛﻠﯾﺎ ﻋن اﻟﻣذھب اﻟﺗطوري ،ﻓﻣﺎزﻟت ھﻧﺎك أﺑﺣﺎث ﻣﺳﺗﻣرة وﺗﻘﺎﻟﯾد ﻧظرﯾﺔ
ﺗرﺗﻛز ﻋﻠﻰ اﻟﺗطور اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،وذﻟك ﻓﻲ إطﺎر اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ واﻟﻣذھب اﻟﺗطوري اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ﻓﻲ أﻣرﯾﻛﺎ وﻓﻲ اﻹﯾﻛوﻟوﺟﯾﺎ
اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ
ب -اﻹﺗﺟﺎھﺎﻹﻧﺗﺷﺎري ﻓﻲ اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ:واذا ﻛﺎن اﻟﺗطورﯾون ﯾﻌﺗﻘدون أن اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﺗﺗطور ذاﺗﯾﺎ وأن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﺑﺷري ﯾﻧﺗﻘل ﻣن
ﻣرﺣﻠﺔ ﺑﺳﯾطﺔ إﻟﻰ أﺧرى ﻣﻌﻘدة وأﻛﺛر ﺗﻘدﻣﺎ ﺑﻣﺟرد ﺗوﻓر اﻟﻌواﻣل واﻟﺷروط اﻟﻛﺎﻓﯾﺔ ﻟظﮭور اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻓﺈن اﻹﻧﺗﺷﺎرﯾﯾن ﯾذھﺑون إﻟﻰ
ﺗﺄﻛﯾد اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﺄن إﻧﺗﺷﺎر اﻟﺳﻣﺎت اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ اﻟﻣﺗﺑﺎﻋدة أو اﻟﻘرﯾﺑﺔ ﯾﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ ﺗﮭﯾﺋﺔ اﻟظروف اﻟﻛﻔﯾﻠﺔ ﺑﺈﺣداث اﻟﺗﻐﯾر اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ أو اﻹﻧﺗﻘﺎل
ﻣن ﻣرﺣﻠﺔ إﻟﻰ أﺧرى وﻣن ﺛﻣﺔ أﺑرزوا أھﻣﯾﺔ اﻹﺗﺻﺎل اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ cultural cantactأو اﻟﺗﻔﺎﻋل ﺑﯾن اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ إﻧﺗﻘﺎل اﻟﺳﻣﺎت
اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ cultural traitsﻣن ﻣﺟﺗﻣﻊ إﻟﻰ آﺧر ،وﯾﻣﻛن اﻟﻘول ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﺑﺄن ھﻧﺎك ﺛﻼث ﻣدارس أﺳﺎﺳﯾﺔ ،اﻟﺑرﯾطﺎﻧﯾﺔ وﯾﺗزﻋﻣﮭﺎ إﻟﯾوت
ﺳﻣﯾث ووﯾﻠﯾﺎم ﺑﯾري ،ورﯾﻔوز .وﺗرى أن ھﻧﺎك ﻣرﻛز ﻟﻠﺣﺿﺎرة ھو ﻣﺻر اﻟﺗﻲ ﻋرﻓت اﻟزراﻋﺔ ﻛﻣﺎ ﻋرﻓت ﺑﻧﺎء اﻷھراﻣﺎت وﻋﺑﺎدة
اﻟﺷﻣس ،وﻣﻧﮭﺎ اﻧﺗﻘﻠت اﻟﻰ اﻟﻛﺛﯾر ﻣن أﻧﺣﺎء اﻟﻌﺎﻟم ،ﻓﺄھراﻣﺎت اﻟﻣﻛﺳﯾك أو اﻟﯾﺎﺑﺎن أو اﻟﺳودان أو اﻟﻌراق إﻧﻣﺎ ھﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﺗﻘﻠﯾد اﻟﻧﻣوذج
اﻟﻣﺻري ،وذھب ھؤﻻء اﻹﻧﺗﺷﺎرﯾون إﻟﻰ أن ھذه اﻷﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﻌﻘدة ﻻ ﯾﻣﻛن إﺧﺗراﻋﮭﺎ ذاﺗﯾﺎ ﻣن طرف ھذه اﻟﺷﻌوب ،وأﻛدت ھذه اﻟﻣدرﺳﺔ
إن اﻟﺗطور اﻟﻣﺗوازي ﻟﻠﻣﺳﺗﻘﺑل ﻧﺎدر اﻟﺣدوث ﻷن اﻟﻧﺎس ﻟﯾﺳوا ﺟﻣﯾﻌﮭم ﻣﺑﺗﻛرﯾن ﺑﺎﻟﻔطرة وأﻧﮭم ﯾﻣﯾﻠون ﻟﻺﺳﺗﻌﺎرة ،ﻟﻘد اﻣﺗدت ﺑﺣوث ھؤﻻء
اﻹﻧﺗﺷﺎرﯾﯾن اﻟﺑرﯾطﺎﻧﯾﯾن إﻟﻰ ﺻﻧﺎﻋﺔ اﻟﻧﺳﯾﺞ واﻟﺧزف واﻟﻔﻧون وﻧظم اﻟﺣﻛم واﻹدارة و اﻟدﯾﺎﻧﺔ ..اﻟﺦ ،وﻗد أﺑدت اﻟﻣدرﺳﺔ اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ اﻟﻧﻣﺳﺎوﯾﺔ
ھذه اﻵراء إﻻ أﻧﮭﺎ اﻓﺗرﺿت وﺟود دواﺋر ﺛﻘﺎﻓﯾﺔ وأن ﺛﻣﺔ ﻣراﻛز ﺣﺿﺎرﯾﺔ ﻣﺗﻌددة وﻟﯾس ﻣرﻛزا ﺣﺿﺎرﯾﺎ واﺣدا ،وأن ﻋﻧﺎﺻر
اﻟﺛﻘﺎﻓﺔاﻟﻣﻧﺗﺷرة ﺗظل ﺑﻘوﺗﮭﺎ وﺗﺄﺛﯾرھﺎ وﺟوھرھﺎ اﻷﺻﻠﻲ ﺑﺎﻟﻘرب ﻣن اﻟﻣرﻛز وﺗﻔﻘد ﻗوﺗﮭﺎ ﻛﻠﻣﺎ اﺑﺗﻌدت ﻋﻧﮫ وذﻟك ﺑﺎﻹﻧدﻣﺎج أو اﻟﺗﻛﯾف ﻣﻊ
ﻋﻧﺎﺻر ﺟدﯾدة .
أﻣﺎ اﻟﻣدرﺳﺔ اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻓﺗؤﯾد أن ﻓﻛرة اﻟﻣﻼﻣﺢ اﻟﻣﻣﯾزة ﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ﻣﺎ ﻗد وﺟدت أوﻻ وﻗﺑل ﻛل ﺷﯾء ﻓﻲ ﻣرﻛز ﺛﻘﺎﻓﻲ ﺟﻐراﻓﻲ ﻣﺣدد ﺛم اﻧﺗﻘﻠت
اﻟﻰ ﻣﻧﺎطﻖ أﺧرى ،وﻣن أﻗطﺎب ھذه اﻟﻣدرﺳﺔ ﺟرﯾﺑﻧزGroebnesوﺷﻣﯾدتSchmidthو أﻟﻔرﯾد ﻛروﺑر A. Kroeberو ﻛﻼرك وﯾﺳﻠر K.
،Wisslerوإن ﻛﺎﻧت ھذه اﻟﻣدرﺳﺔ ﺗرﻓض ﻣﺎ ذھب إﻟﯾﮫ اﻟﺑرﯾطﺎﻧﯾﯾن وﻏﯾرھم ﻣن اﻹﻧﺗﺷﺎرﯾون ﻣن اﻟزﻋم ﺑﻌدم إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗطور اﻟﻣﺗوازي
اﻟﻣﺳﺗﻘل ،وأن اﻟﻧﺎس ﺑطﺑﯾﻌﺗﮭم ﻏﯾر ﻣﺑﺗﻛرﯾن ،وأﻧﮭم أﻛﺛر ﻣﯾﻼ ﻟﻺﺳﺗﻌﺎرة ،وﻣﻊ أن ھؤﻻء اﻹﻧﺗﺷﺎرﯾﯾن ﻋﻠﻰ إﺧﺗﻼف ﻣذاھﺑﮭم وﻣدارﺳﮭم
وﺟﻧﺳﯾﺎﺗﮭم ﯾﺳﻠﻛون ﺑﺈﻧﺗﺷﺎر اﻟﺳﻣﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ إﻻ أﻧﮭم ﻛﻣﺎ ﯾﻘولEmberrﻗد ﺗﻧﺎوﻟوا ﻣوﺿوع إﻧﺗﺷﺎر اﻟﺳﻣﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ﺑطرﯾﻘﺔ ﺿﺣﻠﺔ.
وﻗد اﻋﺗﻣد ھؤﻻء اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن ﻋﻠﻰ أﺳﻠوﺑﯾن ﻟﺟﻣﻊ اﻟﻣﺎدة ﺣﺗﻰ ﯾﻣﻛن ﺑﻧﺎء أو ﺗﺣدﯾد اﻟﺳﻣﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ أو ﻣظﺎھر اﻟﺗﻧوع اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ أو اﻟﻛﺷف ﻋن
اﻟﺳﻣﺎت اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ اﻟﻣﮭﺎﺟرة .اﻷول :ﻣﺎذﻛره ﺷﺎھدوا اﻟﻌﯾﺎن ﻓﻲ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻷوﻟﻰ أو ﻣﺎ ﻛﺗﺑﮫ اﻟرﺣﺎﻟﺔ واﻟﻣﺑﺷرون واﻟﺗﺟﺎر .اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻟدراﺳﺎت
اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ اﻟﻣﻌﺗﻣدة ﻋﻠﻰ اﻷﺑﺣﺎث اﻟﻣﯾداﻧﯾﺔ .وﻻ ﺷك أن ﺗﺣﻠﯾل اﻟﻣﺎدة اﻟﻣﺳﺗوﺣﺎة ﻣن ھذﯾن اﻟﻣﺻدرﯾن ﯾﻣﻛن أن ﯾﺳﺎﻋد ﻓﻲ
ﺗﻛوﯾن ﺻورة ﻋن ﻧﻣط اﻟﺣﯾﺎة ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﻘﺑﻠﯾﺔ اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ .وأﯾﺎ ﻛﺎن اﻷﻣر ﻓﺈن إﻧﺟﺎز اﻟﺗطورﯾﯾن و اﻹﻧﺗﺷﺎرﯾون اﻟﻘداﻣﻰ ﻣﻧﮭم
واﻟﻣﻌﺎﺻرﯾن ﻛﺎن راﺋﻌﺎ ،ﻓﻘد ﺗرﻛوا ﻟﻧﺎ ﺗراﺛﺎ ﻓﻛرﯾﺎ ﯾﻣﻛن ﺑﻠورﺗﮫ ﻓﻲ ﺛﻼﺛﺔ ﻓروض ﻣﺎزاﻟت ﻗﺎﺋﻣﺔ وﺗﺷﻛل ﺟزءﺎ ﻣن اﻟﺗﻔﻛﯾر اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﻲ
اﻟﻣﻌﺎﺻر .اﻷول :اﻟﻘول ﺑﺄن اﻟظواھر اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ﺗُدرس ﻛظواھر طﺑﯾﻌﯾﺔ .اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻟزﻋم ﺑﺄن اﻻﺧﺗﻼﻓﺎت اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ﻟﯾﺳت ﺑﺳﺑب اﻻﺧﺗﻼﻓﺎت ﻓﻲ
اﻟﺗﺟﮭﯾزات اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ و اﻟﺑﯾوﻟوﺟﯾﺔ وﻟﻛن ﻣرده إﻟﻰ اﻟﺧﺑرة اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ .اﻟﺛﺎﻟث :إﺳﺗﺧدام اﻟﻣﻧﮭﺞ اﻟﻣﻘﺎرن.
ـ ج :اﻹﺗﺟﺎه اﻟوظﯾﻔﻲ ﻓﻲ اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ :ﻟﻘد ﻛﺎن اﻟﺗﺳﺎؤل ﻋن ﻛﯾﻔﯾﺔ ﺣدوث اﻟﺗﻐﯾر وأﺳﺑﺎﺑﮫ ﯾﻣﺛل ﻧﻘطﺔ إھﺗﻣﺎم اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن أﯾﺎ ﻛﺎﻧت
اﺗﺟﺎھﺎﺗﮭم ،ﻟﻛن ھﻧﺎك ﻓرﯾﻖ ﻣن اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن رﻛز ﺟﮭده ﻋﻠﻰ اﻻرﺗﺑﺎط اﻟﻣﻧطﻘﻲ ﺑﯾن ﺳﻣﺎت اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ وأﺟزاؤھﺎ و اﻷدوار اﻟﺗﻲ ﺗﺿطﻠﻊ ﺑﮭﺎ ،ﺣﯾث
ﯾﻣﺛل ھذا اﻟﺗوﺟﮫ اﻟﻧظري ﻣﺎ ﯾطﻠﻖ ﻋﻠﯾﮫ اﻵن ﺑـ"اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟوظﯾﻔﯾﺔ" واﻟﺗﻲ ﻗدﻣت ﻟﻧﺎ ﺗﺣﻠﯾﻼ دﻗﯾﻘﺎ ﻟﻠﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺛل ﺷﻛﻼ أو وﺻﻔﺎ
ﻣﺗﻣﺎﯾزاﯾﺗﻛون ﻣن أﺟزاء ﻣرﺗﺑطﺔ ﻓرﯾدة ،ھذه اﻷﺟزاء ﻻ ﺗُﻔﮭم إﻻ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺗﮭﺎ ﺑﺑﻌﺿﮭﺎ ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ ،وﻓﻲ ﻣﺿﻣوﻧﮭﺎ اﻟﻛﻠﻲ ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ أﺧرى ".
ﻟﻘد رﻛز أﺻﺣﺎب ھذا اﻹﺗﺟﺎه ﻋﻠﻰ دراﺳﺔ اﻟﺑﻧﺎء و "اﻟوظﯾﻔﺔ" وﻣن أﻗطﺎﺑﮫ" ﻣﺎﻟﯾﻧوﻓﺳﻛﻲ" و "راد ﻛﻠﯾف ﺑراون" و "ﻛروﻣر ،"...وﺟﻣﯾﻌﮭم
أﻋطوا أھﻣﯾﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻟﺑﻧﺎء اﻟﻧظم واﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻣل ﻓﯾﮭﺎ ھذه اﻟﻧظم ﻛﺄﺟزاء ﻓﻲ ﻧﺳﻖ ﻣﺗﻛﺎﻣل ﻟﺗﻔﻲ ﺑﺈﺣﺗﯾﺎﺟﺎت اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻣن أﺟل ﺗﺣﻘﯾﻖ
اﻟﺗوازن اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،وﯾرى اﻟوظﯾﻔﯾون ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻘول "ھﺎﻣوﻧد" أن ﻓﻛرة اﻟﺗﻛﺎﻣل اﻟوظﯾﻔﻲ ﺗﻔﺗرض أن أي ﺟزء ﻓﻲ أي ﻧظﺎم ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻻ
ﯾﻣﻛن ﻓﮭﻣﮫ أو ﺗﻘدﯾره إﻻ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻧظر إﻟﻰ ﻋﻼﻗﺗﮫ اﻟوظﯾﻔﯾﺔ ﺑﺑﻘﯾﺔ ﻣﻛوﻧﺎت اﻟﻧظم ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ذاﺗﮫ ،ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻛﻣﺎ ﻻ ﻧﺳﺗطﯾﻊ أن ﻧﻔﮭم
دور .....إﻻ إذا أﺧذﻧﺎ ﻓﻲ اﻹﻋﺗﺑﺎر ﻋﻼﻗﺗﮫ اﻟﺑﻧﺎﺋﯾﺔ اﻟوظﯾﻔﯾﺔ ﺑﺎﻷﻋﺿﺎء اﻷﺧرى ﻟﻠﻛﺎﺋن اﻟﺣﻲ واﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗﮭدف ﺟﻣﯾﻌﺎ ﺑﻘﺎء ھذا اﻟﻛﺎﺋن " .
ـ د ـ اﻹﺗﺟﺎه اﻟﺑﻧﯾوي ﻋﻠﻰ اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ :ﻟﻘد ﻧﺷﺄت اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ وﺗطورت ﻋﻠﻰ ﯾد اﻟﺑﺎﺣث
اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﻲ "ﻛﻠود ﻟﯾﻔﻲ ﺷﺗراوس" ،اﻟذي ﯾُدﻋﻰ ﺑـﺷﯾﺦ اﻟﺑﻧﯾوﯾﯾن ،ﻓﻣﻔﮭوم اﻟﺑﻧﯾﺔ ﺑﻧظر اﻟﻌﺎﻟم اﻟﻣذﻛور ﯾﺗﻛون ﻣن ﻋﻧﺎﺻر ﯾﻛون ﻣن ﺷﺄن
أي ﺗﺣول ﯾطرأ ﻋﻠﯾﮭﺎ أن ﯾﺣدث ﺗﺣوﻻ ﻓﻲ ﺑﺎﻗﻲ اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻷﺧرى ،ﻷن اﻟﺑﻧﯾﺔ ﺑرأي ﺷﺗراوس ﻣﺎھﻲ إﻻ ﻧﺳﻖ أو ﻧظﺎم ﻣﺗﻛﺎﻣل .وﯾﺷرح ﻟﯾﻔﻲ
ﺷﺗراوس اﻟﻣﻘﺻود ﻣن ﻣﻔﮭوم اﻟﺑﻧﯾﺔ آﻧف اﻟذﻛر ﺑﻘوﻟﮫ ":إن اﻟﻌﺑرة ﻓﻲ دراﺳﺔ اﻟظواھر أو اﻟﻧظم اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ھﻲ اﻟوﺻول إﻟﻰ اﻟﻌﻼﻗﺎت
اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﺑﯾﻧﮭﺎ ،واﻟواﻗﻊ أن ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟظواھر ﻻ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ظﺎھرھﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺣو ﻣﺎ ﺗﺑدو ﻋﯾﺎﻧﺎ ﻟﻠﻣﻼﺣظﺔ ،ﺑل ﺗﻛﻣن ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى أﻋﻣﻖ ﻣن ذﻟك
ﺑﻛﺛﯾر أﻻ وھو ﻣﺳﺗوى دﻻﻟﺗﮭﺎ ،ﻓﺎﻟﺑﻧﯾﺔ ﺗﺣﻣل أوﻻ وﻗﺑل ﻛل ﺷﯾء طﺎﺑﻊ اﻟﻧﺳﻖ أو اﻟﻧظﺎم ،ﻓﺎﻟﺑﻧﯾﺔ ﺗﺗﺄﻟف ﻣن ﻋﻧﺎﺻر ﯾﻛون ﻣن ﺷﺄن أي ﺗﺣول
ﯾطرأ ﻋﻠﻰ اﻟواﺣد ﻣﻧﮭﺎ أن ﯾُﺣدث ﺗﺣوﻻ ﻓﻲ ﺑﺎﻗﻲ اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻷﺧرى.
1ـ ﻣﻔﮭوم اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ :ﯾﻌد ﻣﺻطﻠﺢ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻣن اﻟﻣﺻطﻠﺣﺎت اﻟﮭﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ،ﻓﻘد اﺧﺗﻠف ﻋﻠﻣﺎء اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ ﺣوﻟﮫ ﺑﺎﻟرﻏم
ﻣن ﺗﻧوع إﺳﺗﺧداﻣﮫ ،ﻓﻘد ﻗﺎم ﻛل ﻣن "ﻛروﺑر" و" ﻛﻠﻛﮭون" ﻓﻲ ﻋﺎم 1915ﺑﺣﺻر أﻛﺛر ﻣن 150ﺗﻌرﯾﻔﺎ ﻣﺧﺗﻠﻔﺎ ﻟﻠﺛﻘﺎﻓﺔ ﻣﻣﺎ ﯾؤﻛد أن ھذه
اﻟﺗﻌرﯾﻔﺎت ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺣﺎﻟﻲ زادت ﻛﺛﯾرا ،ﻧظرا ﻟرﻏﺑﺔ اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾون اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﯾن اﻟذﯾن ﯾﻘوﻣون ﺑدراﺳﺎت ﺣﻘﻠﯾﺔ ﻓﻲ وﺿﻊ ﺗﻌرﯾﻔﺎت
إﺟراﺋﯾﺔ ﯾﺳﺗﺧدﻣوﻧﮭﺎ ﻛﻣرﺟﻌﯾﺔ ﻓﻛرﯾﺔ ﺗﺗم اﻟدراﺳﺔ ﻣن ﺧﻼﻟﮭﺎ .
وﻟﻛن ﯾﺑﻘﻰ اﻟﺗﻌرﯾف اﻟذي ﻗدﻣﮫ إدوارد ﺗﺎﯾﻠور ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺑداﺋﯾﺔ" ) (1871ﻣن أﻗدم اﻟﺗﻌرﯾﻔﺎت وأﺷﻣﻠﮭﺎ ،وﯾرى ﺗﺎﯾﻠور اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﺑﺄﻧﮭﺎ
":ھﻲ اﻟﻛل اﻟﻣرﻛب اﻟذي ﯾﺷﻣل اﻟﻣﻌرﻓﺔ و اﻟﻣﻌﺗﻘدات واﻟﻔن واﻷﺧﻼق واﻟﻘﺎﻧون واﻟﻌرف ،وﻛل اﻟﻣﻘدرات واﻟﻌﺎدات اﻷﺧرى اﻻي ﯾﻛﺗﺑﮭﺎ
اﻹﻧﺳﺎن ﺣﯾث ھو ﻋﺿو ﻓﻲ ﻣﺟﺗﻣﻊ ،وﻛل ﻣﺎ أوﺟده اﻹﻧﺳﺎن ﻋﻠﻰ اﻷرض ﻣن ﻣﺧﺗرﻋﺎت وﻣﺑﺗﻛرات" .
أ ـ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ واﻟطﺑﯾﻌﺔ:ﯾﺷﯾﻊ اﺳﺗﺧدام ﻛﻠﻣﺔ "طﺑﯾﻌﺔ" ﻟﻠدﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺟوھر اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ واﻻﻧﺗظﺎم اﻟداﺧﻠﻲ واﻟطﺎﺑﻊ اﻟﻧوﻋﻲ ﻟﻸﺷﯾﺎء واﻟظواھر،
ﻛﺎﻟﻘول ﺑطﺑﯾﻌﺔ اﻹﻧﺳﺎن أو طﺑﯾﻌﺔ اﻟدوﻟﺔ ،ﻟﻛﻧﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﻧﺎھﺎ اﻷﺷﻣل ﺗﺷﯾر إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟم اﻟﻣﺣﯾط ﺑﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺗﻧوع ﻏﯾر اﻟﻣﺗﻧﺎھﻲ ﻟﻣظﺎھره ،ﻓﺎﻟطﺑﯾﻌﺔ
ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ اﻟﻣوﺿوﻋﻲ اﻟﻣوﺟود ﺧﺎرج اﻟوﻋﻲ وﻣﺳﺗﻘﻼ ﻋﻧﮫ ،وﻟﯾﺳت ﻟﮭﺎ ﺑداﯾﺔ وﻻ ﻧﮭﺎﯾﺔ ،وھﻲ ﻻ ﻣﺗﻧﺎھﯾﺔ ﻓﻲ اﻟزﻣﺎﻧواﻟﻣﻛﺎن وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ
ﺣرﻛﺔ وﺗﻐﯾر ﻣﺳﺗﻣر .وﻧﺷوء اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ھو اﻟذي ﻏﯾر ﺑﻘدر ﻛﺑﯾر ﻣن اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﻧﻔﺳﮭﺎ ،وﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ اﺑﺗﻛﺎر أدوات وﻣﻌدات ﻹﺳﺗﻐﻼل ﻣواردھﺎ
وطﺎﻗﺗﮭﺎ ،ﻓﻲ ﺧﻠﻖ اﻟﺛروة اﻟﻣﺎدﯾﺔ اﻟﺿرورﯾﺔ ﻟﻠﺟﻧس اﻟﺑﺷري .
وﯾﺻور ﻋﺎﻟم اﻹﺟﺗﻣﺎع اﻹﺳﺑﺎﻧﻲ ﻣﺎﻧوﯾل ﻛﺎﺳﺗﻲ M. Castiﻣﺳﯾرة اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﺑﯾن اﻟطﺑﯾﻌﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻋﺑر ﺛﻼث ﻣراﺣل ﻣن ﻋﻣر
اﻟﺑﺷرﯾﺔ:
1ـ اﻟﻌﺻور اﻟﻣﺑﻛرة :وﺗﺗﺳم ﺑﮭﯾﻣﻧﺔ اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ،ﻓﯾﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻟﺷروط اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ذات أھﻣﯾﺔ ﺟوھرﯾﺔ ﻹﺳﺗﻣرار اﻟوﺟود اﻟﺑﺷري
2ـ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻣﻊ ﻓﺟر اﻟﻌﺻر اﻟﺣدﯾث ،ﺧﺿﻌت اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﻟﻠﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ھدﻓت إﻟﻰ زﯾﺎدة رﻓﺎھﯾﺔ اﻟﺑﺷر
3ـ ﻋﺻر اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت :ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﯾﻣﺛل ﻋﺻرا ﺟدﯾدا ﺑﯾن اﻟطﺑﯾﻌﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ،ﺣﯾث ﺗﺷﯾر اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ،ﺑﻌد أن ﺗم إﻧﮭﺎك اﻟطﺑﯾﻌﺔ إﻟﻰ ﺣد
أﻧﮫ ﯾﺟري إﻧﻌﺎﺷﮭﺎ ﺻﻧﺎﻋﯾﺎ واﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻛﺷﻛل ﻣن أﺷﻛﺎل اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ.وﻣن ﺟﮭﺔ ﺛﺎﻧﯾﺔ ﺑﻣﺎ أن ﻣﻔﮭوم اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﯾﻌﻧﻲ اﻟﻣواﻗف واﻟﻣﻌﺗﻘدات
واﻟﻌﺎدات و اﻟﻘدرات ،أي اﻟﻘﯾم اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻧﺎﻗﻠﮭﺎ ﻣن ﺧﻼل ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﻧﺷﺋﺔ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﯾﺻﺢ اﻟﻘول أن اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ھﻲ ﻣﺎ ﯾُﺿﺎف ﻟﻠطﺑﯾﻌﺔ وھو ﻣﺎ ﻋﻧﺎه
ﻛﻠود ﻟﯾﻔﻲ ﺷﺗراوس ﺣﯾن ﻋرﻓﮭﺎ":اﻟطﺑﯾﻌﺔ ھﻲ ﻛل ﻣﺎ ﻧﺟده ﻓﯾﻧﺎ ﺑﺎﻟوراﺛﺔ ،واﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل ﻓﻲ ﻛل ﻣﺎ ﯾﻧﺣدر ﻣن اﻟﺗﻘﻠﯾد اﻟﺧﺎرﺟﻲ ...ھﻲ
ﻓﻲ ﻛﻠﻣﺔ ﺟﻣﻠﺔ اﻟﻌﺎدات واﻟﻣﮭﺎرات اﻟﺗﻲ ﯾُﻠﻘّﻧﮭﺎ اﻹﻧﺳﺎن ﺑوﺻﻔﮫ ﻓرداً ﻓﻲ ﺟﻣﺎﻋﺔ.
ب ـ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ واﻟﺣﺿﺎرة:ھﻧﺎك ﺗداﺧل ﻛﺑﯾر ﺑﯾن ﻣﺻطﻠﺣﻲ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ واﻟﺣﺿﺎرة ،وإذا اﺳﺗﻌرﺿﻧﺎ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻟﻣﺻطﻠﺢ اﻟﺣﺿﺎرة ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻣﻛﻧﺗرﺗﯾﺑﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﻔﮭوﻣﯾن :
اﻷول :اﻟﺣﺿﺎرة ھﻲ ﺷﻛل ﻣن أﺷﻛﺎل اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ،وھﻧﺎ ﯾﻣﻛن اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻛﺎل وﻣﻌﺎﻧﻲ ﻟﻣﺻطﻠﺢ اﻟﺣﺿﺎرة : 1-إﺳﺗﺧدام ﻛﻠﻣﺗﻲ ﺛﻘﺎﻓﺔ
وﺣﺿﺎرة ﺑﻣﻌﻧﻰ واﺣد أي ﻛﻣﺗرادﻓﯾن
. 3-اﻟﺣﺿﺎرة ھﻲ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ إذا ﻣﺎ وﺻﻠت ھذه إﻟﻰ درﺟﺔ واﺿﺣﺔ ﻣن اﻟرﻗﻲ ،وأﻣﻛن ﻗﯾﺎﺳﮭﺎ ﺑﻣﻘﺎﯾﯾس ﺧﺎﺻﺔ .اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ
اﻟﺣﺿﺎرة ﺑﺎﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ،ﻓﺎﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﺗﻧﻛﻣش ﺣﯾن ﺗﺻﯾر ﻣﻌﺑرة ﻋن ﻣﺟرد ﺗﻠك اﻷﻓﻛﺎر واﻟﻣﺑﺗدﻋﺎت اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻷﺳﺎطﯾر واﻟدﯾن واﻟﻔن
واﻷدب ،ﺑﯾﻧﻣﺎ اﻟﺣﺿﺎرة ﺗدل ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺑﺗدﻋﺂت اﻹﻧﺷﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﻣﺟﺎل اﻟﻌﻠوم اﻟﻣﺎدﯾﺔ واﻟﺗﻛﻧوﻟوﺟﯾﺎ.
ـ اﻷﯾﻛوﻟوﺟﯾﺎ اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ :ﺗرﻛز ﻧظرﯾﺎت اﻹﯾﻛوﻟوﺟﯾﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﻧﻣﺎط اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌد اﺳﺗﺟﺎﺑﺎت ﻣﻼﺋﻣﺔ ﻟﻠﻣﺷﻛﻼت اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻣن أﺟل اﻟﺑﻘﺎء و
اﻟﺗﻛﺎﺛر ،وﻗد ﻧﻣت اﻟﻧظرﯾﺔ اﻹﯾﻛوﻟوﺟﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل ﻧظرﯾﺎت ﻟﯾزﻟﻲ واﯾت Leslie Whiteوﺟوﻟﯾﺎن ﺳﺗﯾوارت Julian stewartواﻟﺗﻲ ﻟﮭﺎ
ارﺗﺑﺎط ﺑﻧظرﯾﺔ اﻟﺗطور ،ﻓﻧﻼﺣظ أن واﯾت ﻣﺛل ﻣورﻏﺎن اھﺗم ﺑﺗطور اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻓﻲ ﻋﻣوﻣﮭﺎ ،وأن اﻟﻧﻣو اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ﯾﺗم ﻋن طرﯾﻖ ﺗﺣوﯾل اﻟطﺎﻗﺔ و
زﯾﺎدﺗﮭﺎ ،وھذا أدى إﻟﻰ ﻧﻣو اﻟﺳﻛﺎن ،وزﯾﺎدة اﻟﺗﺧﺻص اﻹﻧﺗﺎﺟﻲ واﻹﻗﺗﺻﺎدي ،وأن ﻛل ﺟواﻧب اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻷﺧرى ﺛﺎﻧوﯾﺔ ﻟﮭذه اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻣﺎدﯾﺔ،
وﻗد ﻛﺎﻧت ﻧظرﯾﺔ واﯾت ﻧظرﯾﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﯾﻣﻛن ﺗطﺑﯾﻘﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ .وﻓﻲ ﻧظرﯾﺔ ﺳﺗﯾوارت اﻟﺗطورﯾﺔ ذات اﻟﺧطوط
اﻟﻣﺗﻌددة ﻓﺈن اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻧﺳﻘﺎ أوﻟﯾﺎ ﯾﺗﺿﻣن اﻹﺳﺗﺟﺎﺑﺎت اﻟﻣﻼﺋﻣﺔ ﻟﻠﺑﯾﺋﺎت اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﺑﻌﻛس واﯾت ﻧﺟد ﺳﺗﯾوارت ﯾﺷﯾر إﻟﻰ أن اﻟﺗطور اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ﯾﻣﻛن
أن ﯾﻧﺗﻘل ﻣن ﺧﻼل طرق ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن ﺗﺷﺎﺑﮫ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت ﻓﻲ اﻟﺑﯾﺋﺎت اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ وﺗﺷﺎﺑﮭﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟﺗﻛﻧوﻟوﺟﯾﺔ واﻟﻣﺗﺿﻣﻧﺔ
ﻓﻲ طرق ﻣﺗﺷﺎﺑﮭﺔ .وﻣﻣﺎ ﯾﺟدر اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﮫ أن اﻟﻧظرﯾﺎت اﻹﯾﻛوﻟوﺟﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻻ ﺗﺗﻔﻖ ﻣﻊ ﻧظرﯾﺔ ﺳﺗﯾوارت وراﯾت اﻟﺗﻲ ﺗرﻛز ﻋﻠﻰ ﻣراﺣل
اﻟﺗطور وﻟﻛﻧﮭﺎ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﺗواﻓﻖ ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن ذﻟك ﻛﯾف أن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺗطور أﻧﻣﺎطﺎ ﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ وھذه ﯾﻣﻛن أن ﺗﺗﺿﺢ ﻣن
ﺧﻼل رؤﯾﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻛﻧﺳﻖ ﻣن اﻟﺳﻠوك اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻟذي ﯾﻣﻛن ﺗﺣوﯾﻠﮫ وﺗﻐﯾﯾره واﻟذي ﯾﺧدم ﻣﻌرﻓﺔ اﻹﺗﺻﺎل اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﻟﻠﻣﻧﺎطﻖ اﻹﯾﻛوﻟوﺟﯾﺔ .
ﻓﺎﻟﺗرﻛﯾز ھﻧﺎ ﯾﻛون ﻋﻠﻰ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻛﻧﺳﻖ ﺳﻠوﻛﻲ ﯾﺗﺿﻣن :اﻟﺗﻛﻧوﻟوﺟﯾﺎ ،اﻟﺗﻧظﯾﻣﺎت اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،اﻷﻧﻣﺎط اﻟﻣﺳﺗﻘرة ،اﻟﺗﺟﻣﻊ اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ،
اﻟﻣﻌﺗﻘدات اﻟدﯾﻧﯾﺔ واﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت اﻟدﯾﻧﯾﺔ ،اﻟﻘﯾم،....وﻣن ھذا اﻟﻣﻧظور ﯾﺻﺑﺢ ﻣﺻطﻠﺢ اﻟﻧﺳﻖ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ أﻓﺿل ﻣن اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ﻷن اﻟﻧﺳﻖ
اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ـ اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ﯾﺗﺿﻣن اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻟﻠﺗﺻﻣﯾم وﻟﻠﻌﯾش ﻓﻲ ﺑﯾﺋﺎت ﻣﻌﯾﻧﺔ وﻟﯾس اﻟﺗﺻﻣﯾﻣﺎت ﻓﻘط.
ـ اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻟﻣﻌرﻓﯾﺔ اﻹدراﻛﯾﺔ :ﯾرﻛز اﻻﺗﺟﺎه اﻹدراﻛﻲ ﻓﻲ اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺟواﻧب اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ واﻟﻣﻌرﻓﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻛﻣﺎ ﯾﻔﮭﻣﮭﺎ
أﻋﺿﺎء اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻧﻔﺳﮫ ،وﺗﺗﻣﯾز اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻹدراﻛﯾﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ﺑﺄﻧﮭﺎ ﻗواﻋد وﻣﻌﺎﻧﻲ وﺗﺻﻧﯾﻔﺎت ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ وھذه ﻛﻠﮭﺎ ﺗﺳﺎﻋد ﻓﻲ ﻓﮭم اﻟطرق
واﻟوﺳﺎﺋل واﻷﺳﺎﻟﯾب اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗﺧدﻣﮭﺎ اﻟﺷﻌوب ﻟﻔﮭم ﺗﺟﺎرﺑﮭم ،ﻣن ﺛم ﻓﺈن اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻹدراﻛﯾﺔ ﺗﺻف اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﺑﺄﻧﮭﺎ اﻟﺗﺧطﯾط ﻟﻠﻔﻌل وﻟﯾس
ﺻﺎﻏﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﻲ اﻟﻣﺗﺧﺻص ﻓﻲ اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻟﻣﻌرﻓﯾﺔ أو
اﻟﻔﻌل ﻧﻔﺳﮫ ،أو ﻗواﻋد ﻣﻌﯾﻧﺔ ﺗﻧﺳﻖ اﻟﺳﻠوك أو ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣُدوﻧﺔ وﻣ ُ
اﻹدراﻛﯾﺔ أن ﯾﻔﺳرھﺎ .ﻣﺎذا ﯾﺗﻌﻠم اﻟﻧﺎس ﻣن اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ؟ ھل ﯾﺗم ھذا اﻟﺗﻌﻠﯾم وﺗوﺿﯾﺢ اﻟﺗﺟﺎرب؟ وﻣن ھذا اﻟﻣﻧظور ﻓﺈن اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﯾن ﻻ
ﯾﻼﺣظون اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ وإﻧﻣﺎ ﯾﺳﺗدﻟون ﻋﻠﯾﮭﺎ وﯾﺳﺗﻧﺗﺟوﻧﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﺟﺗﻣﻊ ﻣﺣدد ،وﻋﻠﻰ ذﻟك ﻓﻼ ﯾﻛون وﺻف اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻣﺟرد وﺻف ﻟﻣﺎ ﯾﻘوم ﺑﮫ ﺷﻌب
ﻣﻌﯾن ﻓﺣﺳب ،وإﻧﻣﺎ أﯾﺿﺎ ﻟﻠﻘواﻋد واﻷﻓﻛﺎر اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ ﻟﻣﺎ ﯾﻔﻌﻠﮫ اﻟﻧﺎس أﻧﻔﺳﮭم ،وﻗد ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﺑﻌض أﻋﺿﺎء اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻘواﻋد اﻟﺧﺎﺻﺔ
ﺑﺛﻘﺎﻓﺗﮭم ﺛم ﻗﯾﺎﻣﮭم ﺑﺈﺑﻼغ اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﻲ ﻋﻧﮭﺎ ،ﻛﻣﻌرﻓﺗﻧﺎ ﻟﻠﻘواﻋد اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﺗﻲ ﻧﺗﺣدﺛﮭﺎ وﺗﺣدﯾدھﺎ ،وﻟﻛن ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﺣﯾﺎن ﻻ
ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﺷﻌب ﻣن اﻟﺷﻌوب ﺷرح اﻟﻘواﻋد اﻟﺗﻲ ﺗﺣدد ﺳﻠوﻛﮭم ،وﻗد ﻻ ﯾظﻧون أن ﻣﺛل ھذه اﻟﻘواﻋد ﻟﮭﺎ وﺟودھﺎ اﻟﺧﺎص ،وﻣن ﺛم ﻓﺈن اﻟﻌﺑء
ﺳﯾﻘﻊ ﻋﻠﻰ اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﯾن ﻓﻲ اﻟﺑﺣث واﻟﻣﻌرﻓﺔ ﻟﮭذه اﻟﻘواﻋد ﺑﺄﻧﻔﺳﮭم ﻓﻲ ﺿوء ﻣﻼﺣظﺎﺗﮭم ﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟذي ﯾﻘوﻣون ﺑدراﺳﺗﮫ ،وﻓﻲ
ﺿوء ﻣﺎ ﯾﺳﺗﺧدﻣوﻧﮫ ﻣن ﻣﻧﺎھﺞ وأﺳﺎﻟﯾب ﻋﻠﻣﯾﺔ.
ـ اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻟرﻣزﯾﺔ :ﺗﻌد اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻟرﻣزﯾﺔ ﻣن اﻹﺗﺟﺎھﺎت اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻓﻲ ﻋﻠم اﻹﻧﺳﺎن ﻋﻧد دراﺳﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ،وﻣن أھم ﻋﻠﻣﺎء
اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻟذﯾن اھﺗﻣوا ﺑﮭذا اﻹﺗﺟﺎھﻛﻠﯾﻔوردﺟﯾرﺗز Clifford Geertzاﻟذي ﯾؤﻛد ﻋﻠﻰ أن اﻟﺳﻠوك اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﺳﻠوﻛﺎ رﻣزﯾﺎ وﻟﮫ ﻣﻌﻧﻰ
ﻟﮭؤﻻء اﻟذﯾن ﯾﺷﺗرﻛون ﻓﻲ ھذا اﻟﺳﻠوك .وﯾﻌﺗﻘد ﺟﯾرﺗز ھو اﻟﻣﺧﻠوق اﻟذي ﯾرﺗﺑط ﺑﻧﺳﯾﺞ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟذي ﯾﻘوم ﯾﻘوم ھو ﺷﺧﺻﯾﺎ ﺑﻧﺳﺟﮭﺎ ،وﻧﺳﯾﺞ
اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ھو ﻧﺳﻖ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟذي ﯾوﺟﮭﮫ اﻹﻧﺳﺎن ﻷﺧﯾﮫ اﻹﻧﺳﺎن ﺛم إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟم ﻣن ﺣوﻟﮫ ،وﻧﺳﻖ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ﯾﺳﻣﯾﮫ ﺟﯾرﯾﺗز ﺑـﺎﻟﺛﻘﺎﻓﺔ .ﻓﺎﻟﺗﻘﺎﻟﯾد ﻣن
وﺟﮭﺔ ﻧظر ﺟﯾرﯾﺗز ھﻲ ﻧﺳﻖ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ وأن ﻣﮭﻣﺔ اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﻲ ﻓﮭم اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ وآراء اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ أو اﻷﻧﻣﺎط اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ.
وﻣن ﺛم ﻓﺈن اﻟﺗرﻛﯾز ﻓﻲ اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻟرﻣزﯾﺔ ﯾﻛون ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻌﺎم و اﻟطﺑﯾﻌﻲ وﻣن ﺛم ﻋﻠﻰ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻛون ﻣن :إﻣﺎ ﺳﻠوك ﻣﺟرد
ﯾﻣﻛن ﻣﻼﺣظﺗﮫ أو أﺑﻧﯾﺔ ﻋﻘﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻟﯾس ﻣن اﻟﺿروري ﻣﻼﺣظﺗﮭﺎ ﻓﻲ أﻓﻌﺎل ،ﻛﻣﺎ وأن اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﺗﺗﻛون ﻣن أﺑﻧﯾﺔ إﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﯾﻣﻛن ﻓﮭﻣﮭﺎ
وأﻓﻌﺎل ﻋﺎﻣﺔ ﯾﻣﻛن ﻣﻼﺣظﺗﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺳﻠوك ،وﺗﺗﺿﻧت اﻷﺑﻧﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ ﻣﺻطﻠﺣﺎت ﯾرﺗﺑط ﺑﮭﺎ اﻟﻧﺎس ﻓﻲ اﻟﻔﻌل اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ .
ـ اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻟﺳﯾﻛوﻟوﺟﯾﺔ:ﺗﺣﺎول اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻟﺳﯾﻛوﻟوﺟﯾﺔ أن ﺗﺷرح اﻟﻌواﻣل اﻟﺳﯾﻛوﻟوﺟﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ ﺗدرس أﯾﺿﺎ
ﺗﺄﺛﯾر اﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ واﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﺳﯾﻛوﻟوﺟﯾﺔ ﻣﺛل :اﻹدراك،اﻻﻧﻔﻌﺎﻻﺗواﻹﺗﺟﺎھﺎت اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ .وﺑﯾن ﻋﺎم 1920و 1950اھﺗم ﺑﻌض
ﻋﻠﻣﺎء اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ ﺑﻣوﺿوع اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ واﻟﺷﺧﺻﯾﺔ واﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ،وﻗد ﻛﺎن ھذا اﻹھﺗﻣﺎم ﻧﺎﺑﻌﺎ ﻣن ﻧظرﯾﺔ اﻟﺗﺣﻠﯾل ﻟﻔروﯾد وأﯾﺿﺎ ﻧﺎﺑﻌﺎ ﻣن
دراﺳﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ وﺑﯾن ﻋﻠم اﻟﻧﻔس ،واﻟﺗﻲ أﺛﺎرﺗﮭﺎ روث ﺑﯾﻧدﻛت ،ﺑواز ،وﺳﺎﺑﯾر اﻟذي اھﺗم ﺑﺎﻻﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻟﻠﻐوﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ .
وﻗد أﺟرﯾت ﺑﻌض اﻟدراﺳﺎت اﻟﻣﺑﻛرة ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ واﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،وﻛﺎن اﻟﮭدف ﻣﻧﮭﺎ ھو دراﺳﺔ واﺧﺗﺑﺎر اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻔروﯾدﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻠﯾل
اﻟﻧﻔﺳﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت ذات اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻣﻐﺎﯾرة و اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻋن اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻐرﺑﯾﺔ ،ﻓﻣﺛﻼ ﻋﻘدة أودﯾب اﻟﺗﻲ ﯾﻌﺗﻘد ﻓروﯾد ﺑﺄﻧﮭﺎ ﻋﺎﻣﺔ أوﺿﺢ
ﻣﺎﻟﯾﻧوﻓﺳﻛﻲ أﻧﮭﺎ ﻻ ﺗوﺟد ﻓﻲ ﻣﺟﺗﻣﻊ ﺟزر اﻟﺗروﺑرﯾﺎﻧد .وﻣﻣﺎ ﯾﺟدر اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﮫ أن ﻣﻌظم ﻧظرﯾﺎت اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ واﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﻛﺎﻧت ﺗﮭﺗم ﺑﺗوﺿﯾﺢ
ﻣﺎ ﻟﻠﺛﻘﺎﻓﺔ ﻣن أﺛر ﻋﻠﻰ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻓﻘد ﻗﺎم اﻟﻌﺎﻟم أﺑراھﺎم ﻛﺎردﯾﻧز Abraham kardenerﺑدراﺳﺗﮫ وﻓﺣص اﻟطرق اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻛس أﻧﻣﺎط
اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ وﺗﺄﺛﯾرھﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﻧﻣﺎط اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ،وﻗد اﻋﺗﻘد ﻛﺎردﯾﻧر وﺗﻼﻣﯾذه ﺑﺄن اﻟدﯾن واﻟﻔوﻟﻛﻠور و اﻷﻧﺳﺎق اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﯾﻣﻛن رؤﯾﺗﮭﺎ ﻛﻌروض
ﯾوﺟﮭﮭﺎ وﯾﻌرﺿﮭﺎ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ،وﻗد اھﺗﻣوا ﺑدراﺳﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن ﻣﻣﺎرﺳﺎت ﺗرﺑﯾﺔ اﻟطﻔل وﻧﻣو اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ
وﺟواﻧب أﺧرى ﻓﻲ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ.
ﺗﺻﻧﯾﻔﮭﺎ :
-2اﻷرﻛﯾوﻟوﺟﯾﺎ:
ﺗﻌرﯾف اﻷرﻛﯾوﻟوﺟﯾﺎ Archeology:ﻟﻐوﯾﺎ ﺗﻧﻘﺳم إﻟﻰArcheoﺗﻌﻧﻲ ﻗدﯾم أو ﺑﺎﺋد أو ﻣﻧﻘرض ،و logyوﺗﻌﻧﻲ ﻋﻠم ،أي اﻟﻌﻠم اﻟﻣﺧﺗص
ﺑدراﺳﺔ اﻵﺛﺎر اﻟﻘدﯾﻣﺔ .
وھﻲ ﻋﻣوﻣﺎ دراﺳﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ اﻟﻣﺎﺿﻲ ،ﺑﺣﯾث ﺗﺷﺗﻣل ھذه اﻟدراﺳﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺗﻌرف ﻋﻠﻰ ﺣﯾﺎﺗﮫ اﻟﯾوﻣﯾﺔ وﻋﺎداﺗﮫ اﻟدﯾﻧﯾﺔ ،ﻓﻧوﻧﮫ ،
ﺻﻧﺎﻋﺗﮫ ،ﻣواطن اﻹﻗﺎﻣﺔ و اﻷﻧﺷطﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﺎرﺳﮭﺎ وﻋﻼﻗﺗﮫ ﺑﺎﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟﻣﺣﯾطﺔ ﺑﮫ .وﺗﮭدف إﻟﻰ إﻋﺎدة رﺳم ﺻورة ﻛﺎﻣﻠﺔ ﺑﻘدر اﻹﻣﻛﺎن ﻟﻣﺎ ﻓﻲ
اﻟﺣﯾﺎة اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل ﺟﻣﻊ اﻷدﻟﺔ اﻟﻣﺗﺎﺣﺔ ﻣﺗﺑﻌﺔ ﻓﻲ ذﻟك أﺳﻠوب اﻟﻣﺣﻘﻖ detectiveاﻟذي ﯾﮭﺗم ﺑﻛل ﺷﯾء ﺣﺗﻰ ﻟو ﻛﺎن ﺗﺎﻓﮭﺎ و ﺳطﺣﯾﺎ.
وﺗﻧﺳﻘم إﻟﻰ:
ـ 1اﻷرﻛﯾوﻟوﺟﯾﺎ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ :دراﺳﺔ اﻟﻣواﻗﻊ اﻟﺳﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﺟﻊ ﻟﻔﺗرة اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻣﻛﺗوب ،ﺗﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ اﻟوﺛﺎﺋﻖ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ اﻟﻣﺗﺎﺣﺔ - - - -ﺣﺗﻰ
ﯾﻣﻛن إﻋﺗﺑﺎر اﻟﻣﺎدة اﻷرﻛﯾوﻟوﺟﯾﺔ ذاﺗﮭﺎ وﺛﺎﺋﻖ ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ وﻟﯾﺳت ﻣﺟرد وﺛﺎﺋﻖ ) 5آﻻف ﺳﻧﺔ( ﻓﺎﻷرﻛﯾوﻟوﺟﯾﺎ ﻋﻠم ﺗﺎرﯾﺧﻲ
2ـ اﻷرﻛﯾوﻟوﺟﯾﺎ ﻣﺎ ﻗﺑل اﻟﺗﺎرﯾﺦ :دراﺳﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﺎت اﻟﻣﺑﻛرة ﻓﻲ اﻟﻔﺗرات اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﺗﺎﺑﺔ اﻟﺗﺎرﯾﺦ وﺗﺳﺟﯾل اﻷﺣداث و اﻟﺗطورات ﻓﻲ ﻣﺟﺗﻣﻊ
ﻣﻌﯾن - - - -ﯾدرس ﻋﻠﻰ ﺿوء ﺑﻘﺎﯾﺎ اﻟﺻﻧﺎﻋﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﻣﺳﻣﺎة ﺑﺎﻷدوات اﻟﻣﺻﻧوﻋﺔ ، artifactsوﺑﻘﺎﯾﺎ اﻷﺑﻧﯾﺔ واﻟﻔﺧﺎر وﺑﻘﺎﯾﺎ اﻟﻣﺗﺎع اﻟﺗﻲ
ﯾﻌﺛر ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻣﻊ اﻟﻣﺗوﻓﻲ ﺑﺎﻟﻘﺑر.
ﯾُﺷﺎر إﻟﯾﮭﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﮭﺎ ٪99ﻣن اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺑﺷري - - - - -ﺣواﻟﻲ 3ﻣﻠﯾون ﺳﻧﺔ ﻣﻧذ إﺳﺗطﺎع اﻹﻧﺳﺎن ﺻﻧﻊ اﻷدواتtools
وﯾﮭﺗم ﺑﺗﺣﻠﯾل اﻷﻧﺳﺎﻗﺎﻟﺳوﺳﯾو-ﺛﻘﺎﻓﯾﺔ اﻟﺑﺎﺋدة ،و ﺗﺗﻔﻖ ﻓﻲ أھداﻓﮭﺎ ﻣﻊ ﻓروع اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ وھﻲ ﺗﻠك اﻷھداف اﻟﺗﻲ ﺗرﻣﻲ إﻟﻰ ﺗﻔﺳﯾر ﻛل ﻣن
اﻟﺗطور اﻟﻔﯾزﯾﻘﻲ واﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ﻟﻺﻧﺳﺎن.
3ـ اﻷرﻛﯾوﻟوﺟﯾﺎاﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺔ :ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﺟزء ﻣن اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ ،ﻓﺈذا ﻛﺎﻧت اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ ﺗدرس اﻹﻧﺳﺎن ﻣن اﻟﻧواﺣﻲ اﻟﻔﯾزﯾﻘﯾﺔ
واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ و اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻣﺗﺑﺎدﻟﺔ ﺑﯾﻧﮭﺎ ،ﻓﺈن اﻷرﻛﯾوﻟوﺟﯾﺎ ﺗﺧﺗص ﺑدراﺳﺔ اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻘدﯾم وﺛﻘﺎﻓﺗﮫ ،وﺑﮭذا ﯾﻣﻛن أن ﻧطﻠﻖ ﻋﻠﯾﮭﺎ
أﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻘدﯾم .
اﻷﯾﻛوﻟوﺟﻲ ﻣﺎھو إﻻ أﻧﺛروﺑوﻟوﺟﻲ ﯾُﻧﻘب ﻋن اﻟﺑﻘﺎﯾﺎ اﻟﻣﺎدﯾﺔ ﻟﻠﺛﻘﺎﻓﺎت اﻟﻣﺎﺿﯾﺔ وﯾﺣﺎول ﻣن ﺧﻼﻟﮭﺎ إﻋﺎدة ﺗرﻛﯾب ﺗﺎرﯾﺦ اﻹﻧﺳﺎن ﻣﻧذ اﻟﻣﺎﺿﻲ
اﻟﺑﻌﯾد وﺗﺣدﯾد اﻷﻧﺳﺎق اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺻور واﻟﻣﻧﺎطﻖ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻣن اﻟﻌﺎﻟم .اﻷرﻛﯾوﻟوﺟﯾﺎ ھﻲ ﻋﻠم ﯾدرس ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ،واﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ)
اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدﯾﻧﺎﻣﯾﺔ اﻟﻔﻌّﺎﻟﺔ ﺑﯾن ﻣﻛوﻧﺎت اﻟﻧﺳﻖ وﺑﯾن اﻟﺑﯾﺋﺔ ...وھﻲ دراﺳﺔ ﺣدﯾﺛﺔ ﺗرﺟﻊ ﻟﻠﻌﻘد اﻟﻣﺎﺿﻲ( ،وأﺳﺎﻟﯾب اﻟﺣﯾﺎة ﻓﻲ اﻟﻣﺎﺿﻲ .
ـ وﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ھو أﺣد ﻓروع اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻌﺎم ،و ﯾﺗﻧﺎول اﻟﺗطور اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ ﻟﻠﺷﻌوب اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﻌرف اﻟﻘراءﺔ واﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﺳواء ﻓﻲ اﻟﻣﺎﺿﻲ أو
اﻟﺣﺎﺿر )إھﺗﻣﺎم ﻣزدوج(
-دارﺳﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺛﻘﺎﻓﺎت ﯾﺳﺗﺧدﻣون ﻏﺎﻟﺑﺎ ﻣﺻﺎدر ﺗﺧﻣﯾﻧﯾﺔ أو إﻓﺗراﺿﯾﺔـــــ ھذا رأي اﻟﻣؤرﺧﯾن اﻟذﯾن ﯾﻌﺗرﺿون ﻋﻠﻰ إﺗﺳﺎع ﻧطﺎق ﻣﺟﺎل
اﻟﺗﺎرﯾﺦ ) ﻓﮭم ﻻ ﯾﻌﺗرﻓون إﻻ ﺑﺎﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺧﺎﻟص واﻟدﻟﯾل اﻟﻣﻛﺗوب(
-اﻹﺛﻧوﻟوﺟﯾﺎ :اﻟدراﺳﺔ اﻟﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻓﻲ ﺿوء اﻟﻣﺎدة اﻹﺛﻧوﻏراﻓﯾﺔ اﻟوﺻﻔﯾﺔ ﺑﮭدف اﻟﺗوﺻل إﻟﻰ ﺗﻌﻣﯾﻣﺎت ﻧظرﯾﺔ ﺑﺻدداﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻓﻲ
ﻋﻣوﻣﮭﺎ وﻛﻠﯾﺗﮭﺎ.
ـ أھداف اﻟﺑﺣث اﻷرﻛﯾوﻟوﺟﻲ :ﺗظﮭر ﻓﻲ اﻷھداف اﻟﮭﺎﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺣﻘﻘﮭﺎ وھﻲ :
1ـ ﺗﺣﻘﯾﻖ اﻟﺿﺑط اﻟﻣطﻠوب ﻟﻧظرﯾﺎت اﻟﺗطور اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ﺑﺈﻋﺗﺑﺎرھﺎ وﺳﯾﻠﺔ ﻻﺧﺗﺑﺎر اﻟﺗﻌﻣﯾﻣﺂت ﻓﻲ اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ واﻟﻌﻠوم اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻷﺧرى،
اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻧﻰ ﺑﺎﻻﺧﺗراع و اﻹﻧﺗﺷﺎر واﻟﺗﻐﯾﯾر واﻟﺳﻠوك اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ.
2ـ إﻋطﺎء اﻟﻣﺎدة اﻟﻼزﻣﺔ ﻻﺧﺗﺑﺎر اﻟﻔروض اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺑﯾﺋﺔ واﻟﺗطور .
3ـ ﯾﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ اﻟﺗوﺻل إﻟﻰ اﻟﺣﻘﺎﺋﻖ اﻟﺑدﯾﻠﺔ" ،اﻟﺗﺻوّر" و "اﻟﺗﺧﻣﯾن" ﻓﻲ ﻣوﺿوﻋﺎت أﺻول ﺗرﺑﯾﺔ اﻟﺣﯾوان واﻟﻧﺑﺎت ،وﺑداﯾﺔ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ و
اﻟﺗﺣﺿر وﻏﯾرھﺎ ﻣن اﻟﻣراﺣل اﻟﺣﺎﺳﻣﺔ ﻓﻲ اﻹﺗﺟﺎه ﻧﺣو اﻟﺣﺿﺎرة.
4ـ وﺑﺧﻼف اﻟدراﺳﺔ اﻷﺛرﯾﺔ وﺟﻣﻊ اﻟﺗﺣف اﺳﺗطﺎع ﻓﻲ أﻗل ﻣن ﻗرن أن ﯾﻣدﻧﺎ ﺑﺻور ﺗﻔﺻﯾﻠﯾﺔ وﺷﺎﻣﻠﺔ ﻋن أﻧﺷطﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ ﻛل ﻣﻧﺎطﻖ
اﻟﻌﺎﻟم ﻣﻧذ ﺑداﯾﺎت اﻟﺟﻧس اﻟﺑﺷري .وھﻧﺎك ﺛﻼث أھداف رﺋﯾﺳﯾﺔ ﻟﻠﺑﺣث اﻷرﻛﯾوﻟوﺟﻲ:
ـ اﻷھﻣﯾﺔ :
1ـ اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺳﯾر اﻟﺣﺎﺿر و اﻟﺗﻧﺑؤ ﺑﺎﻟﻣﺳﺗﻘﺑل ﻓﻲ ﺿوء دراﺳﺔ اﻟﻣﺎﺿﻲ
2ـ إﻧﻘﺎذ اﻟﻣواﻗﻊ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻌرض ﻟﻠدﻣﺎر وإﺑﺎدة اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻷدﻟﺔ اﻟﮭﺎﻣﺔ .
3ـ ﺿﺑط ﻧظرﯾﺎت اﻟﺗطور اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ وﺗﮭﯾﺋﺔ اﻟﻣﺎدة ﻹﺧﺗﺑﺎر اﻟﻔروض اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺑﯾﺋﺔ واﻟﺗطور و اﻟﺗﻐﯾر اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ
6ـ ﺗﻛﻣﻠﺔ اﻟﺳﺟل اﻟﺣﻔري ورﺳم ﺻورة دﻗﯾﻘﺔ ﻟﺗطور اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ و ﺻﯾﺎﻏﺔ اﻟﻔروض اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻹﺗﺟﺎھﺎت اﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻠﯾﺔ ﻟﻠﺗطور اﻟﺳوﺳﯾو-ﺛﻘﺎﻓﻲ .
-7دراﺳﺔ ﻋﺻر ﻣﺎ ﻗﺑل اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟذي ﺣﻘﻖ ﻓﯾﮫ اﻹﻧﺳﺎن إﻧﺟﺎزات ﺟوھرﯾﺔ
8ـ دراﺳﺔ اﻟﻣراﺣل اﻟﺗطورﯾﺔ ﻟﻺﻧﺳﺎن ﻣﻧذ ظﮭور اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻌﺎﻗل ﺑﺻورة أﻓﺿل ﻣن دراﺳﺔ اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻟﻔﯾزﯾﻘﯾﺔ ﻟﮭﺎ
ﯾﺣﺗﺎج اﻹﻧﺳﺎن إﻟﻰ اﻟﺗﻌﺎون ﻣﻊ ﺑﻧﻲ ﺟﻧﺳﮫ ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ اﻟﺗﻔﺎھم ﻣﻌﮭم ...إﻧﮫ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ واﺳطﺔ ھﻲ اﻟﻠﻐﺔ .
ﻓﺎﻟﺑﺷر ﻓﻲ ﻛل اﻟﻌﺎﻟم ﯾﺗﻛﻠﻣون ،وﻟﻛن ﺗﺗﻌدد اﻟﻠﻐﺎت ﻻﺧﺗﻼف اﻷﺟﻧﺎس واﻟﺛﻘﺎﻓﺎت .
Ludwingfeuerbachﻟودﻓﺟﻔﯾورﺑﺎخ ":إن اﻟﻛﻠﻣﺎت ﺗﺟﻌل اﻟﺑﺷر أﺣرار ،ﻓﺎﻟﺷﺧص اﻟذي ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن ﻧﻔﺳﮫ ﯾﺻﺑﺢ ﻛﺎﻟﻌﺑد ،
اﻟﺣدﯾث ھو ﺗﻌﺑﯾر ﻋن اﻟﺣرﯾﺔ ،واﻟﻛﻠﻣﺔ ھﻲ اﻟﺣرﯾﺔ ﻧﻔﺳﮭﺎ"
ـ طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻠﻐﺔ وأھﻣﯾﺗﮭﺎ ﻓﻲ ﺣﯾﺎة اﻟﺑﺷر :
ﺑدون اﻟﻠﻐﺔ ﻻ ﯾﻣﻛن اﻟﺗﻔﺎھم ﺑﯾن اﻟﻧﺎس ،وﺑدون ﺗﻔﺎھم ﺑﯾﻧﮭم ﻻ ﯾﻣﻛن إﯾﺟﺎد ﻓرﺻﺔ ﻟﻠﻌﻣل واﻟﺗﻌﺎون ﻣﻌﺎ ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة.
ﻓﺎﻟﻠﻐﺔ ﻟﯾﺳت ظﺎھرة ﺑﺳﯾطﺔ ،ﺑل ﯾﺗطﻠب ﻓﮭﻣﮭﺎ ﺟﮭدا ﻛﺑﯾرا .ﻓﮭﻲ ظﺎھرة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻣﻛﺗﺳﺑﺔ .ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﻣﻘدر ﻟﮫ اﻟﺳﯾر اﻟﺳﯾرﺣﺗﻰ ﻟو ﻟم ﯾﻌﻠﻣﮫ
أﺣد اﻟﺣرﻛﺔ .ﻟﻛن اﻟﻠﻐﺔ إن ﻟم ﯾﻛﺗﺳﺑﮭﺎ ﻓﺈﻧﮫ ﻟن ﯾﺗﻛﻠم .
ـ وﯾﻌد De Saussureأول ﻣن وﺿﻊ ﻧظرﯾﺔ ﻋﻠﻣﯾﺔ دﻗﯾﻘﺔ ﻟﻠﺗﻔرﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﻠﻐﺔ واﻟﻛﻼم ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ course de l’inguistique générale
،ﻓﺄوﺿﺢ أن اﻟﻠﻐﺔ ﺟﮭﺎز ﻣﻛون ﻣن ﺣروف ،أﺻوات ،ﻛﻠﻣﺎت ،وﻋﺑﺎرات وﻋﻼﻗﺎت ﻧﺣوﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺗﻣﻊ ﻣﺎ .أﻣﺎ اﻟﻛﻼم ﻓﮭو ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻔرد ﻟﮭذا
اﻟﺟﮭﺎز واﺳﺗﺧداﻣﮫ ﻓﺎﻟﻠﻐﺔ ﺗوﺟد ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟذي ﯾﻧطﻖ ﺑﮭﺎ .أﻣﺎ اﻟﻛﻼم ﻓﮭو وظﯾﻔﺔ اﻟﻔرد اﻟﻣﺗﻛﻠم .
ـ ﺟون واﺗﺳون :John Watsonاﻟﻠﻐﺔ = اﻟﻛﻼم ،ﻓﺎﻋﺗﺑروا اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻧوﻋﺎ ﻣن اﻟﻛﻼم اﻟداﺧﻠﻲ اﻟﻣﻧطوق ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﺣﻧﺟرة ﻓﻘط .
وﻟﻛن اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ أﺛﺑﺗت ﻋﻛس ذﻟك .
ـ ﻣدرﺳﺔ ﺗﺷوﻣﺳﻛﻲ :اﻟﻠﻐﺔ ﻋﻣﻠﯾﺔ ﻣﻌﻘدة وأن اﻻﻧﺳﺎن ﯾوﻟد وﻟدﯾﮫ ﻗدرة ﻟﻐوﯾﺔ ﻣﺣددة ﺗﺳﺎﻋده ﻋﻠﻰ اﻛﺗﺳﺎب أﯾﺔ ﻟﻐﺔ ﯾﻌﯾش ﻓﻲ ﻣﺟﺗﻣﻌﮭﺎ ،
وﯾﺗﻔﻖ ﻣﻊ ھذا اﻟﻛﻼم ﻋﺎﻟم اﻟﻧﻔس اﻷﻣرﯾﻛﻲ skinner
ھو ﻋﻠم ﻋﻠم اﻻﺷﺎرات واﻟرﻣوز ،ﻋﻠم ﯾﺑﯾن ﻟﻧﺎ أوﺟﮫ اﻻﺧﺗﻼف ﺑﯾن اﻟﻠﻐﺔ ووﺳﺎﺋل اﻻﺗﺻﺎل اﻷﺧرى ،وﻛذﻟك اﻻﺧﺗﻼف ﺑﯾن ﻟﻐﺔ اﻹﻧﺳﺎن
وﻟﻐﺔ اﻟﺣﯾوان
ـ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﺗﺎﻟﻛوﺗﺑﺎرﺳوﻧز :اﻻﺗﺻﺎل اﻟطﺑﯾﻌﻲ ھو اﻻﺷﺎرات واﻻﯾﻣﺎءﺎت ،أﻣﺎ اﻻﺗﺻﺎل اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ھو اﻟﻠﻐﺔ
ـ أﻣﺎ دورﻛﺎﯾم ﻓﻘد ﺗﺣدث ﻋن ﻣوﺿوع اﻟرﻣزﯾﺔ ﻟﻛن ﺗﻧﺎوﻟﮭﺎ ﻣن ﺟﺎﻧب دﯾﻧﻲ ...ﻓﺎﻟرﻣوز اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﻘوى اﻟدﯾﻧﯾﺔ ھﻲ ﻓﻘط ﻣﺎ ﺗوﺣﻲ ﺑﮫ
اﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ .
ﯾﺣﺗﺎج اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﻲ إﻟﻰ اﺳﺗﺧدام اﻟﻠﻐﺔ وﻋﻠم اﻻﺷﺎرات ﻟﺟﻣﻊ وﻓﮭم اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﺳﺗﺧدﻣﮭﺎ ﻓﻲ دراﺳﺔ ﻣﺟﺗﻣﻊ ﺑﺣﺛﻲ ﻣﺎ .