You are on page 1of 14

‫بالد أشور في عصر فجر السالالت‬

‫يجد الدارس لحضارة وادي الرافدين صعوبة الفصل بين التاريخ األشوري‬
‫والتاريخ العام لهذه الحضارة‪،‬نظرا للتماثل الكبير بين مختلف المظاهر الحضارية لهذا‬
‫البلد‪.‬لكن دراسة الحقبة المبكرة في تاريخ أشور تشكل ضرورة ملحة من اجل‬
‫استيعاب األصول األولى للحضارة األشورية‪،‬والتي تتسم بالصعوبة البالغة في‬
‫متابعتها‪،‬إذ إن دراسة هذه الحقبة تصطدم بعقبات كبيرة‪،‬فعلى العكس من الجنوب الذي‬
‫وصلنا منه كتابات غزيرة سواء نصوص تاريخية(قوائم ملوك‪،‬كتابات ملكية‪،‬نصوص‬
‫نذرية)‪،‬أو نصوص أدبية(أساطير‪،‬مالحم‪،‬مراثي‪،‬أدب مدرسي)‪،‬أو نصوص قانونية‬
‫(عقود اقتصادية‪،‬عقود زواج‪،‬قوائم جرايات‪،‬نصوص إصالحات)‪،‬أو نصوص‬
‫دينية(تراتيل‪،‬أدعية‪،‬قوائم بأسماء اآللهة) التي تقدم مادة غنية ومهمة للباحث في‬
‫العصور المبكرة لبالد سومر‪،‬ولكن في بالد أشور فان األمر مختلف‪،‬ففي العصور‬
‫المبكرة‪،‬السيما في عصر فجر السالالت (‪،)Early Dynastic Period‬فإننا ال نمتلك أي‬
‫وثائق من اجل بناء تصور واضح حتى لو كان جزئيا عن بالد أشور‪،‬وقد أشير إلى‬
‫هذه الحالة من قبل المنقب األلماني فالتر اندريه (‪ )Walter Andréa‬انه في أشور‬
‫نعاني‪":‬من غياب كامل للنصوص الكتابية"(‪.)1‬لذا فان اعتمادنا الكلي في كتابة تاريخ‬
‫أشور في هذا العصر سيعتمد بالدرجة األساس على المادة االثارية المتوفرة والتي‬
‫كشفت عنها التنقيبات االثارية‪،‬ومن ثم اإلشارات القليلة التي وردتنا من وثائقنا في‬
‫الجنوب أي بالد سومر‪.‬‬
‫يسمى هذا العصر في بالد أشور بعصر الطبقة (‪،)2()G-H‬وان معرفتنا عن هذا‬
‫العصر ‪،‬من الناحيتين السياسية والحضارية ناقصة وغامضة السيما في الطورين‬
‫األول والثاني من عصر فجر السالالت(‪،)3‬إال انه في الطور الثالث من هذا العصر‬
‫أخذت تصلنا بعض المعلومات عن هذه المنطقة(‪.)4‬ويؤرخ المنقب اندريه عصر‬
‫الطبقتين (‪ )G-H‬بفترة زمنية ترقى إلى األلف الرابع‪-‬الثالث قبل الميالد(‪.)5‬هذا ويعد‬
‫اندريه إن شعب الطبقة (‪ )G‬معاصرين لساللة لكش(‪ )Lagaš‬األولى أي في عصر فجر‬

‫‪ )1‬فالتر اندريه‪،‬معابد عشتار القديمة في أشور‪،‬ترجمة‪:‬عبد الرزاق كامل الحسن‪(،‬بغداد‪:‬المؤسسة العامة‬


‫لآلثار والتراث‪،)1986،‬ص‪.27‬‬
‫‪ )2‬لقد أطلق عليها المنقب األلماني اندريه هذه التسمية‪.‬‬
‫‪ )3‬أول من أطلق على هذا العصر تسمية عصر فجر السالالت هو العالم الهولندي هنري فرانكف‪xx‬ورت بع‪xx‬د‬
‫التنقيبات التي أجراها في منطقة ديالى‪،‬ويقسم هذا العصر إلى ثالثة حقب زمنية هي‪:‬‬
‫‪.1‬عصر فجر السالالت األول (‪ 2700-2800‬قبل الميالد)‪.‬‬
‫‪ .2‬عصر فجر السالالت الثاني(‪ 2550-2700‬قبل الميالد)‪.‬‬
‫‪ .3‬عصر فجر السالالت الثالث(‪ 2371-2550‬قبل الميالد)‪.‬‬
‫للمزيد من التفاصيل عن هذا العصر وتطورات‪x‬ه السياس‪x‬ية والحض‪x‬ارية انظ‪x‬ر‪:‬ط‪x‬ه ب‪x‬اقر‪،‬مقدم‪x‬ة في ت‪x‬اريخ‬
‫الحضارات القديمة‪(،‬لندن‪:‬دار الوراق‪،)2009،‬ج‪،1‬ص‪.381-279‬‬
‫‪ )4‬باقر‪،‬مقدمة في تاريخ الحضارات‪،‬ج‪،1‬ص‪.312‬‬
‫‪ )5‬المصدر نفسه‪،‬ص‪.25‬‬
‫‪1‬‬
‫السالالت الثالث(‪.)6‬لذا البد من تخفيض تواريخ اندريه وربما كان عصر الطبقة (‪)H‬في‬
‫أوائل األلف الثالث قبل الميالد‪.‬‬
‫ال نعرف شيء عن التنظيم السياسي لبالد أشور خالل هذا العصر ويعتقد احد‬
‫الباحثين انه على الرغم من ورود إشارات عن شمال بالد الرافدين لكنها لم تذكر‬
‫األشوريين‪،‬مما يؤكد على أنهم لم يؤسسوا بعد كيان سياسي لهم(‪.)7‬ونمتلك إشارة في‬
‫كتابة لـ (اياناتوم) (‪ )Eanatum‬حاكم من ساللة لكش األولى انه واجه حلفا عسكريا أقيم‬
‫بين عيالم(‪ )Elam‬وبالد سوبار(‪ )Subar‬ومدينة أورو‪ -‬أ (‪)Uru-a‬وانه انتصر عليهم أو‬
‫كما يقول اياناتوم‪:‬‬
‫‪elam Subarki Uru-aki a-Šhur-ta tum-Šè bi-Šè‬‬
‫أي‪":‬عيالم (و) س‪xxx‬وبار (و) أورو‪ -‬أ‪،‬وذل‪xxx‬ك ابت‪xxx‬داًء من قن‪xxx‬اة اش‪xxx‬خور‪،‬بالس‪xxx‬الح ق‪xxx‬د‬
‫ضربها"(‪.)8‬‬
‫إن الذي يهمنا في النص هو اشتراك س‪xx‬وبار في الحل‪xx‬ف‪،‬وه‪xx‬و االس‪xx‬م الم‪xx‬رادف‬
‫لبالد أش‪xx‬ور‪،‬ومن الج‪xx‬دير بالمالحظ‪xx‬ة إن ايان‪xx‬اتوم ي‪xx‬ذكر س‪xx‬وبار وبع‪xx‬دها الالحق‪xx‬ة (‪)Ki‬‬
‫والمعروف إن هذه الالحقة تتبع أسماء المدن والمناطق(‪،)9‬األمر ال‪xx‬ذي يش‪xx‬ير إن االس‪xx‬م‬
‫سوبار ذا داللة جغرافية وليس قومية‪.‬وان هذا النص يشير إلى مس‪x‬ألتين مهم‪x‬تين وهم‪x‬ا‬
‫اشتراك سوبار(‪ )Subar‬في حلف عسكري مما يشير إلى امتالكه‪xx‬ا ق‪xx‬وة عس‪xx‬كرية مع‪xx‬دة‬
‫للح‪xx‬رب‪،‬والمس‪xx‬ألة الثاني‪xx‬ة هي إنه‪xx‬ا أق‪xx‬امت عالق‪xx‬ات سياس‪xx‬ية مبك‪xx‬رة م‪xx‬ع المن‪xx‬اطق‬
‫المجاورة‪.‬لكن ذلك يصطدم بشكل مؤكد مع نتائج التنقيبات االثارية‪،‬فقد أشار اندريه إن‬
‫سكان أشور خالل عص‪xx‬ر الطبق‪xx‬تين(‪ )G-H‬ك‪xx‬انوا على م‪xx‬ا يب‪xx‬دو مس‪xx‬المين‪،‬إذ لم تكش‪xx‬ف‬
‫التنقيبات عن أية تركة حربية لهم‪،‬فصحيح إن هيكل اآلله‪xx‬ة ليس المح‪xx‬ل المناس‪xx‬ب لكي‬
‫ي‪xxx‬زين باألس‪xxx‬لحة‪،‬لكن الب‪xxx‬د من وج‪xxx‬ود اث‪xxx‬ر م‪xxx‬ا في موض‪xxx‬ع م‪xxx‬ا من المدين‪xxx‬ة لتل‪xxx‬ك‬
‫األدوات‪،‬كذلك لم يبق شيء من التحصينات األشورية لتلك الفترة السحيقة‪،‬وي‪xx‬رى ه‪xx‬ذا‬
‫المنقب انه يجب أن ننسب القبور القديمة التي حرص الس‪xx‬كان على أن ي‪xx‬دفنوا فيه‪xx‬ا م‪xx‬ع‬
‫الرجال أسلحة برونزية‪،‬إلى ادوار أشورية الحقة‪،‬ربما منتصف أو نهاية األلف الث‪xx‬الث‬
‫قب‪xx‬ل الميالد(الب‪xx‬د من الت‪xx‬ذكير هن‪xx‬ا إن ت‪xx‬واريخ اندري‪xx‬ه مرتفع‪xx‬ة) بس‪xx‬بب م‪xx‬ا تحوي‪xx‬ه من‬
‫األواني الفخارية(‪.)10‬لذا يفترض اندريه إن بالد أشور خالل هذه الفترة البد إنها عاش‪x‬ت‬
‫تحت حماية قوية‪،‬ولم تكن هذه الحماية إال من الجنوب بل يذهب اندريه إلى ما هو أكثر‬
‫ويقول انه ربما كان شعب الطبق‪xx‬ة (‪)G‬أص‪xx‬ال من الس‪xx‬ومريين (يس‪xx‬ميهم اندري‪xx‬ه ب‪xx‬ابليين‬

‫‪ )6‬المصدر نفسه‪،‬ص‪.28‬‬
‫‪ )7‬زياد عويد سويدان المحمداوي‪،‬التطورات السياسية في بالد الرافدين‪:‬العهد األش‪xx‬وري الوس‪xx‬يط‪(،‬رس‪xx‬الة‬
‫ماجستير غير منشورة‪،‬جامعة بغداد‪،‬كلية اآلداب‪،)2003،‬ص‪.25‬‬
‫‪ )8‬فوزي رشيد‪،‬ترجمات لنصوص سومرية ملكية‪(،‬بغداد‪:‬بال‪.‬مط‪،)1985،‬نص رقم‪،5:‬العمود‪،6:‬األسطر‪:‬‬
‫‪.19-17‬‬
‫‪ )9‬انظر حول ذلك‪:‬‬
‫‪.MDA,P.22‬‬
‫كذلك‪:‬فوزي رشيد‪،‬قواعد اللغة السومرية‪(،‬بغداد‪:‬مديرية الثقافة العامة‪،)1972،‬ص‪.23‬‬
‫‪ )10‬اندريه‪،‬معابد عشتار القديمة‪،‬ص‪.28‬‬
‫‪2‬‬
‫نس‪xx‬بة لبالد باب‪xx‬ل)‪،‬أي إن بالد أش‪xx‬ور ك‪xx‬انت خاض‪xx‬عة سياس‪xx‬يا إلى إح‪xx‬دى ال‪xx‬دويالت‬
‫الجنوبية‪،‬ويستند اندريه في رأيه هذا إلى عدة أسباب وهي‪:‬‬
‫‪.1‬تشييد سكان أشور في هذا العصر معبدهم حسب الخطة الجنوبية‪.‬‬
‫‪.2‬االختالفات الملفتة لألنظ‪xx‬ار ال‪xx‬تي تظه‪xx‬ر في رؤوس التماثي‪xx‬ل‪،‬وال‪xx‬تي اف‪x‬ترض س‪x‬ابقا‬
‫ماير (‪ )Meyer‬وجود عرقين من البشر متعايشين جنب‪xx‬ا إلى جنب‪.‬وه‪xx‬ذه المس‪xx‬ألة تتعل‪xx‬ق‬
‫بالرجال فقط‪،‬حيث يبدو بعضهم حليقي الرؤوس فضال عن اللحية‪،‬وهذا نش‪xx‬اهده أيض‪xx‬ا‬
‫في الجنوب السيما في بسمايا وتلو‪،‬بينما يظهر رجال آخرون حليقي اللحي‪xx‬ة أيض‪xx‬ا لكن‬
‫لهم ش‪xxxx‬عر غزي‪xxxx‬ر منس‪xxxx‬دل إلى الخل‪xxxx‬ف‪،‬حيث يس‪xxxx‬تقر ف‪xxxx‬وق الرقب‪xxxx‬ة على ش‪xxxx‬كل‬
‫ضفيرة‪.‬ويصادفنا هذا الشكل في أعمال النحت في بسمايا ونفر وتلو‪.‬‬
‫‪.3‬وجود تناقض بين التماثيل األشورية والسومرية‪،‬إذ تغيب تماما النق‪xx‬وش الكتابي‪xx‬ة من‬
‫التماثيل األولى التي تظهر في معظم التماثيل الس‪xx‬ومرية‪،‬وهن‪xx‬ا يتس‪xx‬اءل اندري‪xx‬ه ه‪xx‬ل إن‬
‫ش‪x‬عب أش‪x‬ور يجه‪x‬ل الكتاب‪x‬ة ؟ إن ذل‪x‬ك غ‪x‬ير ممكن ب‪x‬رأي المنقب‪،‬فق‪x‬د ع‪x‬ثر في منطق‪x‬ة‬
‫القصر القديم في أشور على كسر لرقم مشوية تحمل عالمات كتابية‪،‬وق‪xx‬د وج‪xx‬دت ه‪xx‬ذه‬
‫الكسر في الطبقات العميقة جدا التي البد إنها تتطابق مع طبقة المعبد (‪)G‬أو (‪.)H‬ولهذا‬
‫يرى هذا المنقب بأنه ربما كانت الكتابة على التماثيل امتيازا لألمراء الكبار‪،‬بينما ك‪xx‬ان‬
‫يجب على األمراء األصغر شأنا االكتفاء بصنع تماثيل فقط دون نقش أية نصوص‪.‬‬
‫من خالل ذلك يخلص اندريه إلى نتيجة مفادها إن شعب الطبقة(‪ )G‬كان تابعا‬
‫ألحد الحكام من الجنوب‪،‬كما حصل لزريقوم الذي حكم الحقا في عصر ساللة أور‬
‫الثالثة(‪.)11‬غير إن هناك أسباب وجيهة تجعلنا نرفض رأي اندريه‪،‬وان أشور في هذا‬
‫العصر لم تكن خاضعة للجنوب‪،‬فبالنسبة للحجة األولى الخاصة ببناء السكان معابدهم‬
‫على غرار المعابد البابلية‪،‬فال يشكل دليال على سيطرة سياسية من الجنوب‪،‬طالما إن‬
‫المؤرخين يؤكدون إن بالد أشور كانت خاضعة طوال األلف الثالث قبل الميالد‬
‫لمؤثرات قادمة من الجنوب‪.‬وان القول بوجود عرقين من البشر في أشور على أساس‬
‫االختالف في النحت‪،‬فهو أمر ال يمكن الركون إليه الن المنحوتات تخضع لألذواق‬
‫الفنية أكثر مما تعكس اختالفات عرقية‪،‬فضال عن إن استخدام المنحوتات كأدلة‬
‫الختالفات قومية أصبح مرفوضا من قبل الباحثين المحدثين(‪.)12‬وان غياب النقوش من‬
‫التماثيل األشورية ربما يعود بالفعل إلى عدم معرفة السكان بالكتابة‪،‬ويبدو إن هذا‬
‫األمر هو الذي جعلنا ال نشهد وثائق كتابية من هذا العصر في أشور‪،‬ويشير العالم‬
‫األلماني اوتو ادزارد إلى حقيقة إن العالقات بين بالد بابل وبالد أشور كانت مغلقة إلى‬
‫درجة ما‪،‬بسبب وجود جبل حمرين‪،‬وهو فرع من سلسلة جبال زاكروس‪،‬والصحراء‬
‫الواقعة إلى الجنوب منه‪.‬ويعتقد ادزارد إن ذلك هو السبب في عزلة بالد أشور لذلك‬
‫فإنها لم تحصل على الكتابة إال في وقت متأخر كثيرا عن بالد بابل‪،‬فهناك بعض‬

‫‪ )11‬المصدر نفسه‪،‬ص‪.29-28‬‬
‫‪ )12‬باقر‪،‬مقدمة في تاريخ الحضارات‪،‬ج‪،1‬ص‪.80-79‬‬
‫‪3‬‬
‫النصوص تظهر فقط في أشور فقط خالل الفترة األكدية(‪.)13‬وان االفتراض الذي يقول‬
‫إن غياب النقوش الكتابية من التماثيل في أشور بسبب إن ذلك امتيازا خاصا باألمراء‬
‫الكبار وليس من حق األمراء األصغر شأنا يتناقض مع نتائج التنقيبات االثارية‪،‬فقد‬
‫عثر في ماري(‪()Mari‬تل الحريري قرب البو كمال الحالية) على تماثيل عليها كتابة‬
‫أعانت الباحثين على معرفة أسماء األشخاص الذين تصورهم التماثيل ومنها تمثال‬
‫(‪،)14()Ur-Nanše‬وليس‬ ‫الطحان أيدي‪-‬ناروم(‪ )Idi-Narum‬والمغنية أور‪-‬نانشة‬
‫هناك من دليل على إن هؤالء كانوا من الطبقة الحاكمة‪.‬‬
‫نخلص من هذا إن محاولة البرهنة على إن بالد أشور كانت خاضعة للجنوب‬
‫في هذا العصر‪،‬ال يمكن األخذ بها ما لم تتوفر أدلة كتابية تؤكد هذه المسألة‪.‬هذا ويمكن‬
‫االفتراض إن بالد أشور خالل هذه الحقبة على غرار الجنوب كانت تتألف من عدد‬
‫من الدويالت مثل أشور ونينوى‪،‬رغم وجود رأي يقول إن بالد أشور لم ينشأ فيها‬
‫نظام دول المدن في عصورها القديمة على غرار ما ظهر في الجنوب(‪.)15‬ونقرأ في‬
‫نص يعود ألحد حكام الجنوب وهو لوكال انيموندو حاكم دولة اداب (‪ )Adab‬والذي‬
‫حكم حسب ما يذكر اإلثبات السومري للملوك تسعون سنة(‪)16‬والذي ربما كان من‬
‫ملوك سومر العظام‪.‬وقد وصلتنا منه وثيقة متأخرة تدل على انه كان غازيا كبيرا بسط‬
‫نفوذه من األراضي الواقعة بين البحر المتوسط حتى جبال زاكروس‪،‬ووصفته الوثيقة‬
‫بملك الجهات األربعة‪،‬وتتحدث عن بنائه معبد اينامزو وتذكر حضور وفود من الدول‬
‫المجاورة ومنها بالد سوبارو (سوبير) مع أضاحيهم للمشاركة في هذه‬
‫المناسبة(‪.)17‬فإذا ما أخذنا ما ورد في هذه الوثيقة كحقيقة تاريخية فان ذلك يعني وجود‬
‫عالقات سياسية مبكرة بين بالد أشور والجنوب‪.‬ومن الجدير بالذكر إن الوثيقة تشير‬
‫إلى إن الوفود الذين حضروا كانوا بصفتهم سوكال ماخ(‪ )Sukkal-Mah‬وهي كلمة‬
‫سومرية تعني وزير الملك(‪.)18‬ويترجمها ادزارد الوزير األقدم وان سوكال في األصل‬

‫‪)13‬اوت‪xxxx‬و ادزارد‪"،‬عص‪xxxx‬ر فج‪xxxx‬ر الس‪xxxx‬الالت"‪،‬بحث ض‪xxxx‬من كت‪xxxx‬اب‪:‬الش‪xxxx‬رق األدنى‪-‬الحض‪xxxx‬ارات‬


‫المبكرة‪،‬ترجمة‪:‬عامر سليمان‪(،‬الموصل‪:‬دار الكتب للطباعة والنشر‪،)1986،‬ص‪.95‬‬
‫‪ )14‬انظر حول هذه التماثيل‪:‬أنطوان مورتكات‪،‬الفن في الع‪xx‬راق الق‪xx‬ديم‪،‬ترجم‪xx‬ة‪:‬عيس‪xx‬ى س‪xx‬لمان وس‪xx‬ليم ط‪xx‬ه‬
‫التكري‪xxx‬تي‪(،‬بغ‪xxx‬داد‪:‬مطبع‪xxx‬ة األديب البغدادي‪xxx‬ة‪،)1975،‬األل‪xxx‬واح‪69-68 ،64:‬؛ط‪xxx‬ارق عب‪xxx‬د الوه‪xxx‬اب‬
‫مظلوم‪"،‬النحت من عصر فجر السالالت حتى العصر الب‪xx‬ابلي الح‪xx‬ديث"‪،‬بحث ض‪xx‬من موس‪xx‬وعة‪:‬حض‪xx‬ارة‬
‫العراق‪(،‬بغداد‪:‬دار الحرية للطباعة‪،)1985،‬ج‪،3‬ص‪.31‬‬
‫‪ )15‬انظر هذا الرأي في‪ :‬باقر‪،‬مقدمة في تاريخ الحضارات‪،‬ج‪،1‬ص‪524‬؛احمد مالك الفتيان‪،‬نظام الحكم في‬
‫العصر األشوري الحديث‪(،‬أطروحة دكتوراه غير منشورة‪،‬جامعة بغداد‪،‬كلية اآلداب‪،)1991،‬ص‪.115‬‬
‫‪ )16‬انظر‪:‬‬
‫‪Samuel Noah Kramer, "The Sumerian King List", In ,Problems Ancient History ,Vol :I,‬‬
‫‪;The Ancient Near East and Greece, Edition By: Donald Kagan,(NewYork,1975),P.3‬‬
‫‪.Jean-Jacques Glassner ,Mesopotamian Chronicles ,(Atlanta,2004),No.1-2‬‬
‫‪)17‬صموئيل نوح كريمر‪،‬السومريون‪:‬تاريخهم‪،‬وحضارتهم‪،‬وخصائصهم‪،‬ترجمة فيصل الوائلي‪،‬‬
‫(الكويت‪:‬مطبعة غريب‪،)1972،‬ص‪69-68‬؛سامي سعيد األحمد‪،‬العراق القديم‪(،‬بغداد‪:‬مطبعة جامعة‬
‫بغداد‪،)1978،‬ج‪،1‬ص‪.256-255‬‬
‫‪ )18‬انظر حول هذه الكلمة في‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫تعني مبعوث أو رسول(‪.)19‬مما يشير إلى وجود تنظيم إداري جيد في أشور في هذه‬
‫الحقبة‪.‬‬
‫إن محاول‪xx‬ة االعتم‪xx‬اد على الم‪xx‬ادة النص‪xx‬ية القادم‪xx‬ة من الجن‪xx‬وب لمعرف‪xx‬ة ت‪xx‬اريخ‬
‫أشور مخيبة لآلمال فالوثائق السومرية ال تق‪x‬دم لن‪x‬ا معلوم‪x‬ات ذات ش‪x‬أن مهم‪،‬وال يمكن‬
‫من خاللها رسم حتى تصور أولي عن هذه المنطقة‪.‬‬
‫أما الجوانب األصعب واالهم في تاريخ أشور وهي مسألة أصل الس‪xx‬كان ال‪xx‬ذين‬
‫اس‪xx‬توطنوا ه‪xx‬ذه األرض‪،‬ففي ظ‪xx‬ل غي‪xx‬اب المص‪xx‬ادر الكتابي‪xx‬ة تبقى المس‪xx‬ألة غامض‪xx‬ة‬
‫ومربكة‪.‬فكما رأينا إن المنقب اندريه اعتقد انه من الممكن إن سكان أش‪xx‬ور ربم‪xx‬ا ك‪xx‬انوا‬
‫من الس‪xxxx‬ومريين‪،‬نظ‪xxxx‬را للتش‪xxxx‬ابه الكب‪xxxx‬ير بين المظ‪xxxx‬اهر الحض‪xxxx‬ارية في الش‪xxxx‬مال‬
‫والجنوب‪،‬ولكن هل يمكن للنصوص الكتابية المتوفرة في الجنوب تعطينا أض‪xx‬واء على‬
‫التركيب العرقي لبالد أشور؟هنا أيضا كانت مصادرنا من سومر مخيبة للظن باستثناء‬
‫التسمية التي ظهرت في نص اياناتوم وهي سوبار‪.‬فهل ه‪xx‬ذه نفس المنطق‪xx‬ة ال‪xx‬واردة في‬
‫نص لوك‪xx‬ال انيمون‪xx‬دو باس‪xx‬م س‪xx‬وبارو‪/‬س‪xx‬وبير والنص‪xx‬وص الخاص‪xx‬ة بإخب‪xx‬ار س‪xx‬رجون‬
‫االكدي وهي سوبارتو(‪ )Subartu‬؟ ليس من غير المعقول أن نف‪xx‬ترض إن س‪xx‬وبار هي‬
‫نفسها سوبارو وسوبارتو‪،‬وكما ذكرنا س‪x‬ابقا إن تس‪x‬مية س‪x‬وبار تحم‪x‬ل م‪x‬دلوال جغرافي‪x‬ا‬
‫وليس عرقيا‪،‬والحقيقة إن موقع سوبارتو يصعب تحديده بشكل قاطع ويفترض بوت‪xx‬يرو‬
‫إن منطق‪xx‬ة س‪xx‬وبارتو تق‪xx‬ع في أع‪xx‬الي وادي الراف‪xx‬دين في المنطق‪xx‬ة الممت‪xx‬دة من جب‪xx‬ال‬
‫زاكروس إلى الخابور والبليخ‪،‬وربما إلى أكثر من ذلك غربا(‪.)20‬وكان يقع ض‪xx‬من ه‪xx‬ذه‬
‫المنطقة بالد أشور األصلية(‪.)21‬بينما يعين األستاذ األمين هذه المنطقة بأنها الواقعة إلى‬
‫شمال كركوك وش‪xx‬رقيها(‪.)22‬فه‪xx‬ل يمكن أن تك‪xx‬ون تس‪xx‬مية س‪xx‬وبارتو ت‪xx‬دل في العص‪xx‬ور‬
‫المبك‪xxx‬رة على منطق‪xxx‬ة أش‪xxx‬ور ؟في النص‪xxx‬وص المت‪xxx‬أخرة فق‪xxx‬ط يمكن أن نج‪xxx‬د ه‪xxx‬ذه‬
‫المطابقة‪،‬فالمل‪x‬ك دادوش‪x‬ا ح‪x‬اكم اش‪x‬نونا في العص‪x‬ر الب‪x‬ابلي الق‪x‬ديم(‪ 1595-2006‬قب‪x‬ل‬
‫الميالد) يتح‪xx‬دث عن جيش ح‪xx‬اكم م‪xx‬اري األش‪xx‬وري يس‪xx‬مخ ادد (‪ )Ismuh-adad‬ويق‪xx‬ول‬
‫عنه‪":‬جموع سوبارتو وخانة"(‪.)23‬وان قائمة سنوات حكم حمورابي ملك باب‪x‬ل (‪-1792‬‬
‫‪ )1750‬ي‪xx‬رد فيه‪xx‬ا تس‪xx‬مية بالد أش‪xx‬ور بص‪xx‬يغة س‪xx‬وبارتو(‪.)24‬ونج‪xx‬د إن المل‪xx‬ك الب‪xx‬ابلي‬
‫مردوخ‪-‬ابال‪-‬ايددينا (‪ )710-721‬يطلق على الملك س‪xx‬رجون الث‪xx‬اني(‪ )705-722‬اس‪xx‬م‬
‫‪.MDA,No.321;CDA,P.327‬‬
‫‪ )19‬اوتو ادزارد‪"،‬ساللة أور الثالثة‪:‬إمبراطوريتها والدول التي خلفتها"‪،‬بحث ضمن كتاب‪:‬الشرق األدنى‪-‬‬
‫الحضارات المبكرة‪،‬ترجمة‪:‬عامر سليمان‪(،‬الموصل‪:‬دار الكتب للطباعة والنشر‪،)1986،‬ص‪.142‬‬
‫‪ )20‬جان بوتيرو‪"،‬اإلمبراطورية السامية األولى"‪،‬بحث ضمن كتاب‪:‬الشرق األدنى‪-‬الحضارات‬
‫المبكرة‪،‬ترجمة‪:‬عامر سليمان‪(،‬الموصل‪:‬دار الكتب للطباعة والنشر‪،)1986،‬ص‪.112‬‬
‫‪ )21‬باقر‪،‬مقدمة في تاريخ الحضارات‪،‬ج‪،1‬ص‪.518 ،98‬‬
‫‪ )22‬محمود األمين‪،‬قوانين حمورابي صفحة مشرقة في حضارة وادي الرافدين‪(،‬بغداد‪:‬دار الشؤون الثقافية‬
‫العامة‪،)1987،‬ص‪.12‬‬
‫‪ )23‬باقر‪،‬مقدمة في تاريخ الحضارات‪،‬ج‪،1‬ص‪.519‬‬
‫‪ )24‬انظر النص في‪:‬‬
‫‪A. Leo Oppenheim, List Of Date Formulae Of Reign Of Hammurabi, In, ANET,(Princeton,‬‬
‫‪.1966),P.270‬‬
‫‪5‬‬
‫ملك السوباريين وليس األشوريين ويسمي جيشه جم‪xx‬وع س‪xx‬وبارتو(‪.)25‬وفي نص يع‪xx‬ود‬
‫إلى نابونائيد يصف ملك أشور سنحاريب ويسميه ملك س‪xx‬وبارتو(‪.)26‬إن األدل‪xx‬ة الس‪xx‬ابقة‬
‫تشير بشكل جيد إلى إن أشور‪/‬سوبارتو اسم لمنطقة واحدة‪،‬أطلق عليه‪xx‬ا في النص‪xx‬وص‬
‫اس‪xx‬م س‪xx‬وبار‪-‬ش‪xx‬وبور‪-‬س‪xx‬وبير‪-‬س‪xx‬وبارتو‪-‬ش‪xx‬وبارتو‪.‬وهن‪xx‬ا ي‪xx‬برز التس‪xx‬اؤل من ه‪xx‬ؤالء‬
‫السوباريين الذين تركوا اسمهم على هذه المنطقة حتى أواخر حضارة وادي الرافدين؟‬
‫إن النظري‪xx‬ة الس‪xx‬ائدة تق‪xx‬ول إن الس‪xx‬وباريين ك‪xx‬انوا من أوائ‪xx‬ل من س‪xx‬كن بالد‬
‫أشور‪،‬وهم الذين سبقوا األش‪xx‬وريين في االس‪xx‬تيطان‪،‬وي‪xx‬رجح أن يك‪xx‬ون االس‪xx‬م األص‪xx‬لي‬
‫لبالد أش‪xxx‬ور كم‪xxx‬ا أس‪xxx‬لفنا‪(،‬س‪xxx‬وبارتو)أو (ش‪xxx‬وبارتو)أو (س‪xxx‬وبير)‪،‬نس‪xxx‬بة إلى أولئ‪xxx‬ك‬
‫السوباريين‪.‬وان أصل السوباريون ولغتهم غير معروف‪xx‬ة‪،‬وك‪xx‬ل م‪xx‬ا قي‪xx‬ل عن لغتهم إنه‪xx‬ا‬
‫ليست من عائلة اللغات الهندية‪-‬األوربي‪xx‬ة‪،‬وأنهم ك‪xx‬انوا من األق‪xx‬وام الجبلي‪xx‬ة في الجه‪xx‬ات‬
‫الشرقية مثل الكوتيين واللولوبيين‪،‬وكانوا يقطنون قي شمالي ما بين النهرين في منطقة‬
‫الجزيرة العليا وشرقي دجلة‪،‬وكان يق‪xx‬ع ض‪xx‬من م‪xx‬وطنهم المنطق‪xx‬ة الش‪x‬مالية من الع‪xx‬راق‬
‫التي عرفت باسم بالد أشور‪،‬وذلك قبل هجرة األش‪xx‬وريين إليه‪xx‬ا في األل‪xx‬ف الث‪xx‬الث قب‪xx‬ل‬
‫الميالد‪،‬إذ أزاحوا القسم األكبر من السوباريين إلى المن‪xx‬اطق الجبلي‪xx‬ة ش‪xx‬رقي دجل‪xx‬ة(‪.)27‬‬
‫ولكن األس‪xx‬تاذ كريم‪xx‬ر ي‪xx‬رى ب‪xx‬ان م‪xx‬ا يعرف‪xx‬ون باس‪xx‬م الفرات‪xx‬يين األوائ‪xx‬ل ال‪xx‬ذين س‪xx‬بقوا‬
‫الس‪xx‬ومريين في االس‪xx‬تيطان يمكن أن نط‪xx‬ابقهم باس‪xx‬م الس‪xx‬وباريين(‪)28‬ف‪xx‬إذا م‪xx‬ا ص‪xx‬ح ه‪xx‬ذا‬
‫االف‪xxx‬تراض ف‪xxx‬ان الحض‪xxx‬ارتين الجنوبي‪xxx‬ة والش‪xxx‬مالية ربم‪xxx‬ا تع‪xxx‬ود إلى نفس الج‪xxx‬ذور‬
‫األولى‪.‬فض‪xxx‬ال عن أال يمكن النظ‪xxx‬ر إلى إن حض‪xxx‬ارة ش‪xxx‬عب الطبق‪xxx‬ة (‪ )G-H‬ك‪xxx‬انت‬
‫سوبارية‪،‬أي بتعبير أدق هل يمكننا االف‪xx‬تراض إن حض‪xx‬ارة ه‪xx‬ذا العص‪xx‬ر هي حض‪xx‬ارة‬
‫سوبارية وليست أشورية؟ هل يمكن أن ننس‪xx‬ب اللقى االثاري‪xx‬ة ال‪xx‬تي ع‪xx‬ثر عليه‪xx‬ا وال‪xx‬تي‬
‫تعود لهذا العصر في أش‪xx‬ور إلى أولئ‪xx‬ك الس‪xx‬وباريين المجه‪xx‬ولين المت‪xx‬أثرين بالحض‪xx‬ارة‬
‫السومرية؟إن السبب الذي يدفع إلى هذا االعتق‪xx‬اد إن س‪xx‬كان أش‪xx‬ور في ه‪xx‬ذا العص‪xx‬ر ل‪xx‬و‬
‫كانوا أشوريين ل‪xx‬ذكروا باس‪xx‬مهم وليس باس‪xx‬م الس‪xx‬وباريين‪،‬ولكن النص‪xx‬وص المس‪xx‬مارية‬
‫ت‪xx‬ذكر ص‪xx‬راحة بالد س‪xx‬وبار‪/‬س‪xx‬وبارتو وليس بالد أش‪xx‬ور‪.‬وم‪xx‬ع ذل‪xx‬ك ه‪xx‬ل يمكن إن‬
‫األشوريين يكونوا قد دخلوا شمال العراق في هذا العصر؟ إن هناك اف‪xx‬تراض يق‪xx‬ول إن‬
‫األقوام الرئيسة التي استوطنت بالد أشور من‪xx‬ذ فج‪x‬ر الت‪xx‬اريخ هي تل‪xx‬ك ال‪xx‬تي ق‪x‬دمت من‬
‫ناحية الغرب عن طريق سوريا ومنطقة الجزيرة‪.‬ويظن إن أول هجرة كب‪xx‬يرة معروف‪xx‬ة‬
‫حدثت في أواخر األلف الرابع وبداي‪xx‬ة األل‪xx‬ف الث‪xx‬الث قب‪xx‬ل الميالد واتجهت نح‪xx‬و القس‪xx‬م‬
‫الوسطي والجن‪xx‬وبي من الع‪xx‬راق وع‪xx‬رفت ب‪xx‬الهجرة االكدي‪xx‬ة في حين اتجهت مجموع‪xx‬ة‬
‫‪ )25‬انصر النص في‪:‬‬
‫‪C.J Gadd," Inscription Barrel cylinder Of Marduk-Apla-Iddina II", In, Iraq, Vol: 15,Part:2,‬‬
‫‪.1953, PP.123,124,127‬‬
‫‪)26‬انظر النص في‪:‬‬
‫‪.A. Leo Oppenheim, Nabonidus Rise To Power, In, ANET,(Princeton,1966),P.309‬‬
‫‪ )27‬باقر‪،‬مقدمة في تاريخ الحضارات‪،‬ج‪،1‬ص‪518‬؛ المحمداوي‪،‬التطورات السياسية في بالد‬
‫الرافدين‪،‬ص‪.3‬‬
‫‪ )28‬كريمر‪،‬السومريون‪،‬ص‪.54‬‬
‫‪6‬‬
‫منها إلى المنطقة الشمالية من العراق مكونة طالئ‪xx‬ع األق‪xx‬وام األش‪xx‬ورية‪.‬ومم‪xx‬ا يؤك‪xx‬د إن‬
‫طالئع األشوريين يؤلفون هم واألقوام االكدية في األصل موجة بش‪xx‬رية واح‪xx‬دة ج‪xx‬اءت‬
‫عن طريق الغرب‪،‬إن اللهجة األشورية القديمة واللهجة االكدي‪xx‬ة القديم‪xx‬ة‪،‬تتش‪xx‬ابهان إلى‬
‫درجة ظن بعض الباحثين بأنه الب‪xx‬د إن ك‪xx‬ان األش‪xx‬وريون ق‪xx‬د اس‪xx‬تقروا في الجن‪xx‬وب إلى‬
‫جانب االك‪xx‬ديين قب‪xx‬ل ن‪xx‬زوحهم إلى الش‪xx‬مال‪.‬غ‪xx‬ير إن ه‪xx‬ذا تفس‪xx‬ير التش‪xx‬ابه بين اللهج‪xx‬تين‬
‫بانحدارهما من أصل واحد وارتباطهم‪xx‬ا الوثي‪xx‬ق من بع‪xx‬د اس‪xx‬تقرار ك‪xx‬ل من األش‪xx‬وريين‬
‫واالك‪xxx‬ديين في منطق‪xxx‬تين مختلف‪xxx‬تين(‪.)29‬ربم‪xxx‬ا إن التنقيب‪xxx‬ات المس‪xxx‬تقبلية في الع‪xxx‬راق‬
‫والدراسات القادمة ستستطيع أن تجيب على هذه األسئلة؟‬
‫ال نعرف الكثير عن حضارة الطبقة(‪،)G‬وان المعلومات المتوفرة هي تلك ال‪xx‬تي‬
‫حصلنا عليه نتيجة التنقيبات االثارية‪.‬وان الوصف التالي له‪xx‬ذه الحض‪xx‬ارة س‪xx‬يعتمد على‬
‫نتائج هذه التنقيبات‪.‬‬
‫ليس لدينا معلومات كافية تخص الحياة االجتماعية في أشور خالل هذه‬
‫الحقبة‪،‬سوى ما عثر عليه من لقى اثارية‪،‬منها بقايا البيوت الطينية‪،‬إذ كان الطين هو‬
‫المادة األساسية في البناء‪،‬في شمال العراق وجنوبه وهو المادة الرئيسة األوفر واألكثر‬
‫اقتصادا واألقل كلفة واألكثر قدرة على التطويع والتشكيل(‪.)30‬فقد كانت في أشور‬
‫البيوت طينية‪،‬وهذا ينطبق كذلك على كبار القوم وأمرائهم‪.‬ويمكن لهذه البيوت أن‬
‫تتشابه مع أبنية المعابد في مخططاتها وترتيب أجزائها‪:‬غرف نوم حول فناء واحد أو‬
‫فنائين‪،‬وغرفة كبيرة واحدة أو غرفتان‪،‬ومداخل تؤدي إليها من خالل الزقاق وان‬
‫أرضية البيوت عبارة عن تراب أو حصى مدقوق‪،‬أما الحجارة المنبسطة واألجر‬
‫المشوي فال يتوفران إال عند العتبات فقط‪،‬وربما وجدت فوق األرضية حصيرة‬
‫مصنوعة من القصب(الذي البد وان كان يجلب من الجنوب)‪،‬الن عموم السكان كانوا‬
‫يجلسون على األرض‪،‬أما الكراسي فكانت مخصصة في األصل لإلله فقط‪،‬أو‬
‫لألمراء‪.‬وكان الكرسي عبارة عن مقعد مكعب الشكل بال مسند يكون سطحه‬
‫المخصص للجلوس مقعرا‪.‬وقد عثر في أماكن متعددة من المعبد أجزاء مرتفعة تشبه‬
‫المقاعد تمتد على طول الجدران تصلح للجلوس‪،‬كما إنها مثل الجدران تصلح‬
‫للجلوس‪،‬كما إنها مثل الجدران مبنية باللبن ومطلية بمالط طيني‪.‬وال نعلم ما إذا كان‬
‫مثل هذه المقاعد قد توفرت في البيوت أم ال؟وقد عثر في تلو مقاعد شبيهة بهذه لكن‬
‫االستخدام الحقيقي للغرف التي وجدت فيها غير معروف تماما على الرغم العثور‬
‫على العديد من الرقم الطينية فيها‪.‬ولم يصلنا شيء ومن الحاجيات التي كانت تدخل في‬
‫مجال االستعمال اليومي‪،‬باستثناء تلك المصنوعة من الفخار‪،‬فالمواد مثل األخشاب أو‬
‫المنسوجات تتلف بسرعة في المناخ والرطوبة العالية(‪.)31‬‬
‫‪ )29‬عامر سليمان‪"،‬منطقة الموصل في األلف الثالث قبل الميالد"‪،‬بحث ضمن موسوعة الموصل‬
‫الحضارية‪(،‬الموصل‪:‬دار الكتب للطباعة والنشر‪،)1991،‬ص‪.61-60‬‬
‫‪ )30‬مؤيد سعيد‪"،‬العمارة من عصر فجر السالالت إلى نهاية العصر البابلي الحديث"بحث ضمن‬
‫موسوعة‪:‬حضارة العراق‪(،‬بغداد‪:‬دار الحرية للطباعة‪،)1985،‬ج‪،3‬ص‪.97‬‬
‫‪ )31‬اندريه‪،‬معابد عشتار القديمة‪،‬ص‪.34‬‬
‫‪7‬‬
‫زاول السكان عددًا من الحرف وبال شك كانت الزراعة أهمها‪،‬فالمعروف إن‬
‫في كل إقليم من بالد أشور توجد مساحات صغيرة من أراضي الحبوب‪،‬وكانت هناك‬
‫منطقتان واسعتان بالذات منتجتان بشكل واضح للحبوب‪،‬األولى هي سهل اربيل‪ -‬وال‬
‫نعرف إن كان هذا اإلقليم كان من ضمن حدود بالد أشور في ذلك الحين‪-‬الذي يوصف‬
‫بأنه أحسن إقليم منتج للقمح في العراق‪،‬والمنطقة الثانية هي سهل الموصل‪.‬والى‬
‫الغرب من دجلة هناك حزام من األراضي الصالحة للزراعة في منطقة الجزيرة إلى‬
‫الجنوب من وجبل سنجار‪،‬ويمكن أن نلحظ انه في السنوات الجيدة ينمو الشعير في هذا‬
‫السهل إلى الخط الذي يصل بين الحضر وقلعة الشرقاط (موقع العاصمة القديمة‬
‫أشور)(‪.)32‬ونعرف عن وجود عدد من الحرف من الشواهد االثارية فقط‪،‬إذ كانت‬
‫النجارة مزدهرة في ذلك العصر‪،‬ونمتلك عنها معلومات من خالل التماثيل الجالسة‬
‫التي وصلتنا‪.‬ونعرف أيضا وجود حرفة الحفر على العاج‪،‬أما صناعة النحاس فيشير‬
‫إليها منجل عثر عليه في معبد عشتار‪.‬وكانت صناعة الفخار مزدهرة‪،‬وقد وصلتنا‬
‫نماذج من األواني الفخارية المستخدمة في أشور والتي تعد من حيث شكلها وصناعتها‬
‫مساوية ألفضل ما قدمته صناعة الفخار خالل العصور األشورية‪.‬استخدم السكان‬
‫أنواع متعددة من الفخاريات‪،‬فهناك وعاء خزن الماء المستعمل في البيوت والذي كان‬
‫يركب فوق حامل خشبي‪،‬ويوضع تحته وعاء أخر لتجميع قطرات الماء المرشح‪،‬كذلك‬
‫هناك األقداح واألطباق والكاسة التي تستخدم لشرب الماء‪.‬فضال عن أوعية‬
‫الطعام‪،‬ومواقد الفحم لموسم البرد‪،‬ومجاري وأحواض الغسيل‪.‬وهناك أدوات واواٍن‬
‫مصنوعة من الفخار المشوي خاصة بالصالة والعبادة‪.‬ويبدو تلوين أو نقش األواني‬
‫بالمعنى الحقيقي لم يكن مألوفا في ذلك العصر‪،‬وكل ما نعرفه هو أعمال بسيطة فقط‬
‫مثل التنقيط بنقط سوداء أو رسوم دوائر أو ما شابه‪،‬وقد اقتصدوا كثيرا في هذه‬
‫األعمال التي تظهر في الغالب على رقاب وأكتاف اآلنية‪.‬وان اللونين األسود واألحمر‬
‫المستخدمان على اآلنية‪،‬كانا مستخدمان في عهود ترقى إلى ادوار ما قبل التاريخ‬
‫وصوال حتى عصر الطبقة (‪.)33()H‬وال نعرف كيف كانوا يقومون بصناعة‬
‫األلوان‪،‬وقد أشير بشكل عام إلى إن نقوش الفخاريات لونت بألوان من أصل عضوي‬
‫ومعدني‪،‬واستخلصت األلوان العضوية من عصير النباتات أو الكربون‪،‬والمعدنية من‬
‫اكاسيد الحديد والمنغنيز‪.‬وكانت اللون األسود ينتج من استعمال عصير النباتات الذي‬
‫يصبح اسود إذا كانت حرارة الكورة المستخدمة لشي الفخار قليلة ومدتها‬
‫قصيرة‪.‬وكذلك يتم الحصول على اللون األسود من اوكسيد الحديد أو اوكسيد المنغنيز‬
‫أو الكربون‪.‬أما اللون األحمر فيتم الحصول عليه من اوكسيد الحديد أيضا(‪.)34‬كانت‬
‫زخرفة أواني الطبقة (‪،)G‬أما بارزة أو غائرة‪،‬فاألوعية الكبيرة تزين عادة بحلقات‬
‫منتفخة مثل الحبل‪،‬وهذه تزيد من تماسك اإلناء وقوته‪،‬ويقل عددها في األواني‬
‫‪ )32‬هاري ساكز‪،‬قوة أشور‪،‬ترجمة‪:‬عامر سليمان‪(،‬بغداد‪:‬مطبعة المجمع العلمي العراقي‪،)1999،‬ص‪.17‬‬
‫‪ )33‬اندريه‪،‬معابد عشتار القديمة‪،‬ص‪.35‬‬
‫‪ )34‬تقي الدباغ‪"،‬الفخار في عصور ما قبل التاريخ"‪،‬بحث ضمن موسوعة‪:‬حضارة العراق‪(،،‬بغداد‪:‬دار‬
‫الحرية للطباعة‪،)1985،‬ج‪،3‬ص‪.12‬‬
‫‪8‬‬
‫الصغيرة‪،‬وكذلك تشمل الزخرفة خطوط متموجة ومستقيمة ونقاط تنتج بوساطة‬
‫الخدش والحز(‪.)35‬‬
‫كشفت التماثيل عن األزياء التي لبسها السكان في هذا العصر‪،‬ويشير مورتكات‬
‫إن األمير‪-‬الكاهن عادة ما يظهر وهو حليق الرأس في أكثر األحيان وفي لباس يسمى‬
‫التنورة ذات الخصل الصوفية (الكوناكس) المؤلفة من سبعة صفوف أفقية من‬
‫الخصالت الصوفية بعضها فوق بعض(‪.)36‬ويبدو إن هذا الزي هو الذي كان سائدا‬
‫خالل هذا العصر ويمكن أن نقارن الملبس في تمثال وصلنا من أشور(‪)37‬مع المالبس‬
‫التي تظهر على التماثيل من أنحاء مختلفة من وادي الرافدين‪،‬مثل التمثال من الرخام‬
‫لرجل من خفاجة(في ديالى)(‪،)38‬أو التمثالين من ماري المصنوعان من حجر الكلس‬
‫لـ(ايتور شامكان)‪،‬و(ناني)(‪.)39‬ونشاهد نفس الملبس يرتديه ابن اياناتوم حاكم لكش‬
‫باستثناء إن المالبس التي يرتديها تتألف من خمسة صفوف أفقية من الخصالت‬
‫الصوفية(‪.)40‬ونشاهد الحاكم انتمينا يرتديه في تمثال من حجر الدورايت(‪.)41‬وتظهر‬
‫النساء وهن يتركن الكتف األيمن والثدي عاريين ويعتقد اندريه إن هذا الزي يرتدى‬
‫فقط أثناء الصالة‪،‬وفي تمثال تظهر امرأة برداء كأنه حجاب كامل ويبدو الرداء في‬
‫شكل عباءة ترتدى فوق الملبس االعتيادي‪.‬وتصنع هذه العباءة من قطعة قماش بخصل‬
‫مستطيلة الشكل‪،‬وبحافة عليا مقلوبة بحيث إن الخصل المسحوبة إلى الداخل تظهر في‬
‫األعلى كياقة متجهة للخارج(‪.)42‬ربما فقط النساء األحرار يرتدين مثل هذه الثياب‪،‬أو‬
‫بتعبير أدق كانت النساء األحرار يظهرن بحجاب كامل‪،‬كما تشير إلى ذلك المادة‬
‫القانونية المتوفرة من العصر األشوري الوسيط(‪،)43‬وربما يمكننا االفتراض وجود مثل‬
‫هذه الحالة في العصور المبكرة‪.‬فضال عن ذلك تعطينا التماثيل تفاصيل أخرى عن‬
‫أدوات الزينة‪،‬فقد ارتدت النساء القالئد من الخرز‪،‬وكذلك الحلق‪،‬وتعرفنا األشكال‬
‫الفخارية عن مشبكات األذرع(‪.)44‬‬
‫إن معلوماتن‪xx‬ا عن المعتق‪xx‬دات الديني‪xx‬ة خالل ه‪xx‬ذا العص‪xx‬ر قليل‪xx‬ة‪،‬فال نمتل‪xx‬ك م‪xx‬ادة‬
‫كتابي‪xx‬ة ح‪xx‬ول العب‪xx‬ادة أو الطقس ال‪xx‬ديني‪،‬وال نع‪xx‬رف ش‪xx‬يئا عن مجم‪xx‬ع اآلله‪xx‬ة‪،‬باس‪xx‬تثناء‬

‫‪ )35‬اندريه‪،‬معابد عشتار القديمة‪،‬ص‪.35‬‬


‫‪ )36‬أنطوان مورتكات‪،‬تاريخ الشرق األدنى القديم‪،‬ترجمة‪:‬توقيف سليمان وآخرون‪(،‬دمشق‪،‬ب‪.‬مط‪،‬‬
‫‪،)1950‬ص‪.71‬‬
‫‪ )37‬مورتكات‪،‬الفن في العراق القديم‪،،‬اللوح‪.77:‬‬
‫‪ )38‬المصدر نفسه‪،‬اللوح‪.76:‬‬
‫‪ )39‬المصدر نفسه‪،‬األلواح‪.79-78:‬‬
‫‪ )40‬المصدر نفسه‪،‬اللوح‪85:‬؛فرج بصمه جي‪"،‬تمثال ابن أين اناتم األول في المتحف العراقي"‪،‬مجلة‬
‫سومر‪،‬م ‪،14‬لسنة‪،1958:‬ص‪126-125‬‬
‫‪ )41‬مورتكات‪ ،‬المصدر نفسه‪،‬األلواح‪.88-87:‬‬
‫‪ )42‬اندريه‪،‬معابد عشتار القديمة‪،‬ص‪.32‬‬
‫‪ )43‬انظر المادة‪ 41-40:‬من قوانين العصر األشوري الوسيط في‪:‬‬
‫‪.Theophile J. Meek ,"The Middle Assyrian Laws", In: ANET,(Princeton,1966),P.183‬‬
‫فوزي رشيد‪،‬الشرائع العراقية القديمة‪(،‬بغداد‪:‬دار الحرية للطباعة‪، )1979،‬ص‪.195-194‬‬
‫‪ )44‬اندريه‪،‬معابد عشتار القديمة‪،‬ص‪.34‬‬
‫‪9‬‬
‫االفتراض عن وجود عبادة للربة عشتار(اينانن‪xx‬ا الس‪xx‬ومرية) على أس‪xx‬اس المعب‪xx‬د ال‪xx‬ذي‬
‫كشفت عنه التنقيبات والذي يعود في عصور الحقة إلى هذه الرب‪xx‬ة‪.‬وال نع‪xx‬رف إن ك‪xx‬ان‬
‫األش‪xx‬وريون في ه‪xx‬ذا العص‪xx‬ر موج‪xx‬ودين في أش‪xx‬ور أم ال ؟و ال نع‪xx‬رف ك‪xx‬ذلك إن ك‪xx‬انت‬
‫عبادة اإلله أشور المعبود الرئيس لألشوريين كانت موجودة ؟‬
‫كشفت التنقيبات في أشور عن بقاي‪xx‬ا معب‪xx‬د مهم ش‪x‬يد لعب‪xx‬ادة اإلله‪xx‬ة عش‪x‬تار‪،‬وق‪x‬د‬
‫سجل لهذا المعبد دوران رئيسان‪،‬أقدمهما دور التأسيس وهو المعبد المس‪xx‬جل بح‪xx‬رف (‬
‫‪ )H‬في التنقيب‪xx‬ات‪،‬وال‪xx‬ذي ش‪xx‬يد على األرض البك‪xx‬ر‪،‬ثم ش‪xx‬يد فوق‪xx‬ه المعب‪xx‬د الث‪xx‬اني وف‪xx‬ق‬
‫المخطط نفسه وهو المعبد (‪.)G‬ويشير الفخار الذي وج‪x‬د في المعب‪xx‬د إلى ان‪xx‬ه اس‪x‬تمر في‬
‫االستعمال في الطور الثاني وأوائل الطور الثالث من عصر فج‪xx‬ر الس‪xx‬الالت(‪.)45‬وكم‪xx‬ا‬
‫نوهنا سابقا فانه ال توجد فروق كبيرة بين المعبد في هذا العصر والبيوت السكنية‪،‬فيم‪xx‬ا‬
‫عدا وجود غرفة اإلله التي تمتاز بجدران سميكة ومس‪xx‬احات واس‪xx‬عة‪.‬إن غرف‪xx‬ة العب‪xx‬ادة‬
‫تقع على الفناء حتى إذا كان الفناء ال يؤدي إليها مباشرة‪،‬وك‪xx‬ان الش‪xx‬خص ال‪xx‬داخل إليه‪xx‬ا‬
‫يجد نفسه في زاوية المكان وعليه أن يستدير شماال لكي يستطيع رؤية اإلله‪.‬وربما كان‬
‫هناك مك‪xx‬ان مرتف‪xx‬ع لنص‪xx‬ب تمث‪xx‬ال اإلل‪xx‬ه‪،‬ه‪xx‬ذا الموض‪xx‬ع يب‪xx‬دو مرتفع‪xx‬ا ج‪xx‬دا في المعاب‪xx‬د‬
‫األشورية المتأخرة‪،‬نسبة إلى الموضع الواطئ في المعابد البابلية الذي ال يزيد عن سلم‬
‫ذي درج‪xx‬ة واح‪xx‬دة‪،‬ل‪xx‬ذلك ك‪xx‬ان الب‪xx‬د من وج‪xx‬ود درج للوص‪xx‬ول إلى س‪xx‬طح القاع‪xx‬دة‬
‫المرتفع‪،‬بينما كان البابلي القديم يقف بنفس االرتفاع مع تمثال إله‪xx‬ه تقريب‪xx‬ا‪.‬ومن الملفت‬
‫للنظر انه لم يبق أي اثر للتمثال المعبود في المعبد‪.‬وربم‪xx‬ا ك‪xx‬ان الموض‪xx‬ع المرتف‪xx‬ع يق‪xx‬ع‬
‫عند الجدار الضيق وعلى يسار الشخص ال‪xx‬داخل‪.‬وفي عص‪xx‬ر الطبق‪xx‬ة(‪)H‬ك‪xx‬ان موض‪xx‬ع‬
‫اإلله يبرز عن بقية أجزاء الغرفة بواسطة أعمدة جدارية على كال الجانبين‪،‬بحيث نش‪xx‬أ‬
‫عن ذلك مكان صغير يمكن أن نسميه(‪( )bït rëši‬البيت الرئيس)(‪،)46‬ويف‪xx‬ترض اندري‪xx‬ه‬
‫إنهم عم‪xx‬دوا إلى عزل‪xx‬ه بس‪xx‬تارة أو حص‪xx‬يرة(‪،)47‬رغم ال يوج‪xx‬د م‪xx‬ا يؤي‪xx‬د ذل‪xx‬ك الفتقارن‪xx‬ا‬
‫للنصوص الكتابية(‪.)48‬‬
‫ال تعرف أمورا كثيرة عن الطقوس الدينية وربما كان األف‪xx‬راد ُيّص لون إلى ال‪xx‬ه‬
‫وهم عراة‪،‬ففي مشهد في نحت بارز نشاهد رجال وهو يقدم قربان‪x‬ا من المش‪x‬روب‪،‬م‪x‬رة‬
‫إلى اله ملتٍح وأخرى إلى إلهة أنثى‪،‬والرجل عاٍر تماما وحلي‪xx‬ق الش‪xx‬عر كلي‪xx‬ا‪.‬ومن خالل‬
‫المشهد السفلي نتعرف على رجلين حليقا ش‪xx‬عر ال‪xx‬رأس تمام‪xx‬ا يس‪xx‬وقان م‪xx‬اعز وخروف‪xx‬ا‬
‫‪ )45‬باقر‪،‬مقدمة في تاريخ الحضارات‪،‬ج‪،1‬ص‪.312‬‬
‫‪ )46‬يفضل العلماء الغربيون استخدام مصطلح قدس األقداس على الغرفة الخاصة باإلله وهي تسمية‬
‫مأخوذة بالدرجة األساس من المعارف التوراتية لذا فضلنا استخدام المصطلح البابلي األصلي‪.‬وبيت ريشي‬
‫(‪ ))bït rëši‬يعني البيت الرئيس أو قدس األقداس‪.‬انظر حول معنى الكلمة‪:‬‬
‫‪.MDA,No.324‬‬
‫‪ )47‬اندريه‪،‬معابد عشتار القديمة‪،‬ص‪.36‬‬
‫‪ )48‬يفترض اندريه هذا االفتراض قياسا على ما ك‪xx‬ان موج‪xx‬ودا في هيك‪xx‬ل س‪xx‬ليمان‪،‬انظ‪xx‬ر‪:‬اندري‪xx‬ه‪،‬المص‪xx‬در‬
‫نفسه‪،‬ص‪.36‬ويمكن أن نقرأ عن وجود مثل هذه الستارة في هيكل سليمان‪":‬وصنع الحج‪xx‬اب (الفاص‪xx‬ل بين‬
‫المحراب وبقية الهيكل) من قماش ازرق اللون وبنفسجي واحمر وكتان‪،‬طرز عيه رس‪x‬م الك‪x‬روبيم"‪.‬أخب‪x‬ار‬
‫األيام الثاني‪.14 :3،‬‬
‫‪10‬‬
‫جبليا‪،‬ويحمل الرجل الذي يسير في المقدمة شيئا م‪xx‬ا على رأس‪x‬ه‪،‬وهم‪xx‬ا يرت‪xx‬ديان تن‪xx‬ورة‬
‫ذات الخصل‪.‬ويمكن أن نشاهد من إن احد ال‪xx‬رجلين يمس‪x‬ك بي‪xx‬ده اليم‪xx‬نى ش‪x‬يئا ل‪xx‬ه ص‪xx‬لة‬
‫بالعب‪xx‬ادة موض‪xx‬وعا ف‪xx‬وق رأس‪xx‬ه‪،‬بينم‪xx‬ا يرف‪xx‬ع الث‪xx‬اني ي‪xx‬ده بأس‪xx‬لوب ي‪xx‬دل على إيم‪xx‬اءة‬
‫الصالة‪.‬وربما كان الرجالن في اإلفريز األسفل ال يمثالن مباشرة أمام اإلله مثل واهب‬
‫المش‪xx‬روب‪،‬ل‪xx‬ذا فهم‪xx‬ا ال ي‪xx‬زاالن يرت‪xx‬ديان مالبس دنيوي‪xx‬ة اعتيادي‪xx‬ة أي التن‪xx‬ورة ذات‬
‫الخصل(‪.)49‬وربما كان الش‪xx‬خص الع‪xx‬اري يمث‪xx‬ل كاهن‪xx‬ا في حين إن المتعب‪xx‬دين يرت‪xx‬دون‬
‫مالبسهم االعتيادي‪xx‬ة‪،‬ويش‪xx‬ير األس‪xx‬تاذ ف‪xx‬ون زودن ان‪xx‬ه في العص‪xx‬ر الس‪xx‬ومري يب‪xx‬دو ان‪xx‬ه‬
‫توجب خالل بعض تقديم القرابين أن يظهر احد الكهن‪xx‬ة عاري‪xx‬ا أم‪xx‬ام اإلل‪xx‬ه‪،‬وربم‪xx‬ا ك‪xx‬ان‬
‫ذلك ليدلل على طهارته التامة(‪.)50‬‬
‫يمكن أن نفهم من التماثي‪xx‬ل في المعب‪xx‬د إن عالق‪x‬ة المص‪xx‬لين باإلل‪xx‬ه ك‪xx‬انت عالق‪x‬ة‬
‫قريبة‪،‬حميمة وشخص‪x‬ية‪،‬فاإلل‪x‬ه ق‪x‬ريب وحاض‪x‬ر دائم‪x‬ا‪،‬وان‪x‬ه يقيم م‪x‬ع البش‪x‬ر في مك‪x‬ان‬
‫واحد‪،‬واإلنسان يخطو إليه كم‪xx‬ا يتق‪xx‬دم نح‪xx‬و أي مخل‪xx‬وق حي‪،‬يتكلم مع‪xx‬ه ويتلقى أجوبت‪xx‬ه‬
‫ويقدم إلي‪xx‬ه الق‪xx‬رابين‪.‬هك‪xx‬ذا هي ك‪xx‬انت الص‪xx‬ورة في المعاب‪xx‬د الس‪xx‬ومرية وليس هن‪xx‬اك أي‬
‫م‪xx‬برر‪ -‬نظ‪xx‬را للتش‪xx‬ابه الكب‪xx‬ير بين المظ‪xx‬اهر الحض‪xx‬ارية بين الجن‪xx‬وب والش‪xx‬مال‪ -‬لكي‬
‫نتصور حالة سكان الطبقة (‪ )G‬في أشور يختلف كث‪xx‬يرا‪،‬لكن العالق‪xx‬ة هن‪xx‬ا ربم‪xx‬ا ت‪xx‬أثرت‬
‫بمقدار ضئيل بسبب وجود تمثال اإلله فوق مكان مرتفع مقارنة باإلل‪xx‬ه الب‪xx‬ابلي‪.‬ولكن ال‬
‫نعرف ش‪x‬يء عن تمث‪x‬ال اإلل‪x‬ه وربم‪x‬ا ك‪x‬ان مص‪x‬نوعا من م‪x‬ادة س‪x‬ريعة التل‪x‬ف ومغطى‬
‫بمالبس حقيقية مليئة بالزخارف والحلي(‪.)51‬كان من النادر أن يدخل الم‪xx‬رء إلى المعب‪xx‬د‬
‫دون قربان‪،‬ونشاهد هذه الحالة في العديد من مشاهد الص‪xx‬الة‪.‬وفي معظم األحي‪xx‬ان تق‪xx‬وم‬
‫آلهة اقل شأنا ومنزلة بتقديم المصلي إلى اإلله الكبير المتربع على عرشه‪،‬ل‪xx‬ذلك لم يكن‬
‫يسمح للمصلي بالظهور أمام اإلل‪xx‬ه بمف‪xx‬رده ومن تلق‪xx‬اء نفس‪xx‬ه ب‪xx‬ل يحت‪xx‬اج إلى من يق‪xx‬وده‬
‫ويقدمه(‪.)52‬هذه الحالة نشاهدها بشكل جيد في الجنوب‪،‬ويعرف اإلله الث‪xx‬انوي ع‪xx‬ادة بين‬
‫الباحثين باسم اإلله الحامي أو الشخص‪xx‬ي‪،‬ففي األخت‪xx‬ام االس‪xx‬طوانية هن‪xx‬اك مش‪xx‬هد يمث‪xx‬ل‬
‫فردا عابدا يقدمه اله أو إلهة إلى بعض اآللهة من مقام ومرتبة أعلى(‪.)53‬وربما إن كهن‪xx‬ة‬
‫بزي آلهة هم الذين تولوا ه‪xx‬ذه المهم‪xx‬ة(‪.)54‬ولكن م‪xx‬اذا تمث‪xx‬ل ه‪xx‬ذه اآلله‪xx‬ة في أش‪xx‬ور؟ إن‬
‫غي‪xx‬اب الوث‪xx‬ائق يجعلن‪xx‬ا ال نفهم دوره‪xx‬ا‪،‬لكن في س‪xx‬ومر ك‪xx‬ان الب‪xx‬د لإلنس‪xx‬ان من ال‪xx‬ه‬
‫شخصي‪،‬وسيط للتدخل من اجله أمام اآللهة‪،‬وسيط تكون اآللهة الكبرى راغبة بالسماع‬
‫إليه‪،‬فاإلله الحامي أو الشخص‪xx‬ي أش‪xx‬به م‪xx‬ا يك‪xx‬ون ب‪xx‬المالك الطيب لك‪xx‬ل شخص‪xx‬ية مهم‪xx‬ة‬
‫ورب أسرة‪ ،‬الذي يعنى بعائلة ذل‪xx‬ك اإلنس‪xx‬ان عناي‪xx‬ة خاص‪xx‬ة‪،‬فه‪xx‬و بمثاب‪xx‬ة وال‪xx‬د اإلنس‪xx‬ان‬

‫‪ )49‬اندريه‪،‬معابد عشتار القديمة‪،‬ص‪.33-32‬‬


‫‪ )50‬ف‪.‬فون زودن‪ ،‬مدخل إلى حضارات الشرق القديم‪،‬ترجمة‪:‬فاروق إسماعيل‪(،‬دمشق‪:‬دار المدى للثقافة‬
‫والنشر‪،)2003،‬ص‪.208‬‬
‫‪ )51‬اندريه‪،‬معابد عشتار القديمة‪،‬ص‪.37-36‬‬
‫‪ )52‬المصدر نفسه‪،‬ص‪.37‬‬
‫‪ )53‬باقر‪،‬مقدمة في تاريخ الحضارات‪،‬ج‪،1‬ص‪.369‬‬
‫‪ )54‬اندريه‪،‬معابد عشتار القديمة‪،‬ص‪.37‬‬
‫‪11‬‬
‫اإللهي الذي أنجبه‪،‬أو ربما هو تشخيص لحظ الفرد ونجاحه في الحياة‪.‬ف‪xx‬الفرد في وادي‬
‫الرافدين ال ينظ‪xx‬ر إلى اآلله‪xx‬ة الكب‪xx‬ار إال كق‪xx‬وى نائي‪xx‬ة ليس ل‪xx‬ه أن يتض‪xx‬رع إليه‪xx‬ا إال في‬
‫األزمات الشديدة‪،‬و ال يفعل ذلك إال عن طريق هذا اإلله الوس‪xx‬يط (‪.)55‬ه‪xx‬ذه هي ص‪xx‬ورة‬
‫اإلل‪xx‬ه الح‪xx‬امي في بالد س‪xx‬ومر‪،‬وال نع‪xx‬رف إن ك‪xx‬انت ه‪xx‬ذه الص‪xx‬ورة هي نفس‪xx‬ها في بالد‬
‫أشور أم ال ؟ ومع ذلك ليس هناك من مبرر للقول إن األمر لم يكن هكذا في بالد أشور‪.‬‬
‫كان هناك شتى األن‪xx‬واع من الق‪xx‬رابين ال‪xx‬تي يحمله‪xx‬ا المص‪xx‬لي لإلل‪xx‬ه‪،‬س‪xx‬واء ك‪xx‬ان‬
‫قربانا حيوانيًا أو نباتيا‪،‬وقرابين سائلة مثل الماء‪.‬ونش‪x‬اهد في المنحوت‪x‬ات أس‪x‬لوبان عن‪x‬د‬
‫سكب الماء وهما‪،‬الس‪xx‬كب من وع‪xx‬اء الهب‪xx‬ات إلى إن‪xx‬اء ث‪xx‬اٍن ‪،‬أو الس‪xx‬كب على الفاكه‪xx‬ة أو‬
‫باقات الورود‪.‬وان الطريقة األولى تعد واقعية‪،‬أما الثاني‪xx‬ة فهي تمث‪xx‬ل إج‪xx‬راء ذي مع‪xx‬نى‬
‫مجازي‪،‬إنها ُتري اإلله وهو يقوم بسقي الفاكهة واألشجار في الحق‪xx‬ول والبس‪xx‬اتين بم‪xx‬اء‬
‫المطر‪.‬كان المصلي يحمل القربان بيده إلى اإلله‪،‬أو يحل محله أحيانا خادما يتولي ه‪xx‬ذا‬
‫األمر‪،‬ويسير خلف سيده صاحب القربان مرتديا زيه ومقلدا إيماءات صالته‪.‬وبعد ذل‪xx‬ك‬
‫يجري ذبح الحيوان قربانا لإلله‪.‬وربما يتم ذلك عند مدخل غرفة اإلله‪،‬والسبب في ه‪xx‬ذا‬
‫االعتقاد وجود حوض مربع ومجرى ماء بالقرب من هذه الغرفة‪،‬ومن المحتم‪xx‬ل إن دم‬
‫الذبيحة يجمع في وعاء من الفخار مربع الشكل‪،‬وهو الذي عثرت التنقيب‪xx‬ات على كس‪x‬ر‬
‫من‪xx‬ه في الغرف‪xx‬ة‪.‬وك‪xx‬انت قط‪xx‬ع اللحم الجي‪xx‬دة ك‪xx‬الرأس واألض‪xx‬الع واألفخ‪xx‬اذ تق‪xx‬دم ع‪xx‬ادة‬
‫لإلل‪xx‬ه‪،‬وتوض‪xx‬ع ف‪xx‬وق منض‪xx‬دة الق‪xx‬رابين الص‪xx‬غيرة ال‪xx‬تي ال يزي‪xx‬د ارتفاعه‪xx‬ا عن الم‪xx‬تر‬
‫الواح‪xx‬د‪،‬والمص‪xx‬نوعة من الفخ‪xx‬ار المش‪xx‬وي‪.‬وكش‪xx‬فت التنقيب‪xx‬ات في المعب‪xx‬د عن حوام‪xx‬ل‬
‫فخارية عالية تنصب على مقربة من اإلله‪،‬الغرض منها تهيئة مكان لباقات الزه‪xx‬ور أو‬
‫لحزم من الثمار‪،‬أو يوضع في أعلى الحامل الفخ‪xx‬اري طب‪xx‬ق ث‪xx‬ابت في فوهت‪xx‬ه العلي‪xx‬ا أو‬
‫متحرك يوض‪x‬ع عن‪x‬د االس‪x‬تعمال‪.‬للطب‪x‬ق فتح‪x‬ات تس‪x‬هل ح‪x‬رق األخش‪x‬اب ذات الرائح‪x‬ة‬
‫الطيبة أو البخور(‪.)56‬كانت المعاب‪xx‬د في أش‪xx‬ور مليئ‪xx‬ة بتماثي‪xx‬ل نذري‪xx‬ة ألم‪xx‬راء وأم‪xx‬يرات‬
‫وكهنة‪،‬وربما ألناس أدنى منزلة اجتماعي‪xx‬ة‪،‬وه‪xx‬ذه الظ‪xx‬اهرة نش‪xx‬اهدها في م‪xx‬اري أيض‪xx‬ا‬
‫وفي معبد اإلله سين في خفاجة‪،‬والتي تعود إلى بدايات األل‪xx‬ف الث‪xx‬الث قب‪xx‬ل الميالد‪.‬وان‬
‫أفضل صورة عن أهمية وغرض التماثيل النذرية يقدمها لن‪xx‬ا معب‪xx‬د عش‪xx‬تار الطبق‪xx‬ة(‪)G‬‬
‫من أشور‪.‬إذ وضعت أمام تمثال اإلله في البيت الرئيس (قدس األق‪x‬داس)‪،‬مب‪x‬اخر عالي‪x‬ة‬
‫وم‪xx‬ذابح مدرج‪xx‬ة على ش‪xx‬كل بي‪xx‬وت(‪،)57‬بينم‪xx‬ا انتص‪xx‬ب على ك‪xx‬ل مقع‪xx‬د من المقاع‪xx‬د‬
‫الموض‪xx‬وعة على كال الج‪xx‬دارين الط‪xx‬ويلين تماثي‪xx‬ل واقف‪xx‬ة وجالس‪xx‬ة لمص‪xx‬لين رج‪xx‬اال‬
‫ونس‪xx‬اء‪،‬ك‪xx‬ان غرض‪xx‬هم عب‪xx‬ادة اآلله‪xx‬ة واس‪xx‬تمرار لتوس‪xx‬التهم إليه‪xx‬ا س‪xx‬عيا وراء إطال‪xx‬ة‬
‫الحياة‪،‬وكانت هذه التماثيل اص‪x‬غر بكث‪x‬ير من الحجم الط‪x‬بيعي لإلنس‪x‬ان الع‪x‬ادي؛ودائم‪x‬ا‬
‫كانت منحوتة من الحجر الجيري الهش ونادرا ما استخدم حجر الديورايت‪،‬وقلما يوجد‬
‫‪ )55‬كريمر‪،‬السومريون‪،‬ص‪168-167‬؛ثوركيلد جاكوبسن‪"،‬ارض الرافدين"‪،‬بحث ضمن كت‪xx‬اب‪:‬م‪xx‬ا قب‪xx‬ل‬
‫الفلسفة‪،‬ترجمة‪:‬جبرا إبراهيم جبرا‪(،‬بيروت‪:‬المؤسسة العربية للدراسات والنشر‪،)1980،‬ص‪.241-240‬‬
‫‪ )56‬اندريه‪،‬معابد عشتار القديمة‪،‬ص‪.38-37‬‬
‫‪ )57‬حول المذابح الصغير ذات شكل البيوت التي عثر عليها في أشور انظ‪xx‬ر‪ :‬اندري‪xx‬ه‪،‬المص‪xx‬در نفس‪xx‬ه‪،‬ص‬
‫‪.56-51‬‬
‫‪12‬‬
‫بين هذه التماثيل من يحمل اسم ص‪xx‬احبه‪،‬وتع‪xx‬د ه‪xx‬ذه التماثي‪xx‬ل ال‪xx‬وريث المباش‪xx‬ر لط‪xx‬راز‬
‫تماثيل معبد ابو في مدينة اشنونا‪،‬غير إنها تختلف عنها كونها اقل تجريدية واش‪xx‬د تقي‪xx‬دا‬
‫في النواحي الجسمية(‪.)58‬إن افتقارنا للمادة الكتابية يجعلنا ال نعرف بش‪xx‬كل جي‪xx‬د أه‪xx‬داف‬
‫هذه التماثيل‪،‬ومرة أخ‪xx‬رى الب‪xx‬د من االس‪xx‬تعانة بم‪xx‬ادة نص‪xx‬ية من بالد س‪xx‬ومر ح‪xx‬تى نفهم‬
‫مغزاه‪xx‬ا بش‪xx‬كل أوث‪xx‬ق‪.‬إن التماثي‪xx‬ل النذري‪xx‬ة من بالد س‪xx‬ومر وفي دي‪xx‬الى مص‪xx‬نوعة بال‬
‫استثناء للمعابد السومرية‪،‬وعثر عليه‪xx‬ا في بقاي‪xx‬ا ه‪xx‬ذه المعاب‪xx‬د‪.‬وان ه‪xx‬دف ه‪xx‬ذه التماثي‪xx‬ل‬
‫واضح‪،‬إذ وجد الفرد في الحج‪xx‬ارة ب‪xx‬ديال منحوت‪xx‬ا ل‪xx‬ه‪،‬وه‪xx‬ذا م‪xx‬ا تؤك‪xx‬ده الكلم‪xx‬ات الفعلي‪xx‬ة‬
‫المستخدمة عند الكتابة على هذه التماثيل‪،‬مثل‪":‬إنها ُتمنح للصالة"‪،‬وهو نقش عثر عليه‬
‫في اح‪xxxx‬د التماثي‪xxxx‬ل من لكش‪،‬وهن‪xxxx‬اك تمث‪xxxx‬ال أخ‪xxxx‬ر ي‪xxxx‬ذكر‪":‬ق‪xxxx‬ل أيه‪xxxx‬ا التمث‪xxxx‬ال‬
‫لمليكي(الهي)‪،"...‬فالتمث‪xx‬ال يتح‪xx‬دث ح‪xx‬ديثا مباش‪xx‬را إلى اإلل‪xx‬ه(‪.)59‬ال نع‪xx‬رف إن ك‪xx‬ان‬
‫األشوريون هنا كانت لهم نفس األفكار فيما يخص التماثيل النذري‪xx‬ة‪،‬ولكن وجوده‪xx‬ا في‬
‫المعبد يعطينا انطباعا إن األم‪xx‬ر هن‪xx‬ا ال يختل‪xx‬ف كث‪xx‬يرا عم‪xx‬ا ك‪xx‬ان يفك‪xx‬ر في‪xx‬ه الن‪xx‬اس في‬
‫سومر‪.‬‬
‫لق‪xx‬د ق‪xx‬دمت لن‪xx‬ا المنحوت‪xx‬ات إش‪xx‬ارة إلى وج‪xx‬ود اآلله‪xx‬ة‪،‬وان النحت الب‪xx‬ارز ال‪xx‬ذي‬
‫ناقشناه سابقا الخاص بتقديم القرابين‪،‬يظهر فيه ص‪xx‬ورة ال‪xx‬ه واله‪xx‬ة‪،‬ولكن ال نع‪xx‬رف من‬
‫هم‪،‬وان الدليل ألعماري الذي يشير إلى وجود معبد للرب‪x‬ة عش‪x‬تار‪،‬ي‪x‬دل إلى عب‪x‬ادة ه‪x‬ذه‬
‫الربة التي نجهل المعلوم‪x‬ات عنه‪x‬ا هن‪x‬ا في بالد أش‪x‬ور‪.‬وتظه‪x‬ر في األش‪x‬كال الص‪x‬غيرة‬
‫المص‪xx‬نوعة من الفخ‪xx‬ار ص‪xx‬ورة ام‪xx‬رأة وهي تمس‪xx‬ك الث‪xx‬دي وه‪xx‬ذه إش‪xx‬ارة إلى رب‪xx‬ة‬
‫الخصوبة‪،‬في مرة واحدة فقط‪،‬وعثر على شكل المرأة ومعه‪xx‬ا الطف‪xx‬ل(‪.)60‬ونحن نع‪xx‬رف‬
‫في اقل تقدير إن النموذج األخير شمالي بشكل الفت لالنتباه‪،‬ويظهر في وقت مبكر في‬
‫دور العبيد الشمالي(األلف الخامس قبل الميالد)‪،‬فقد عثر في قرية تبة ك‪xx‬ورا (تق‪xx‬ع على‬
‫بعد ‪ 15‬ميال شما ش‪xx‬رقي الموص‪xx‬ل)‪،‬إلى ن‪xx‬وع من دمى الطين ممثل‪xx‬ة على هيئ‪xx‬ة ام‪xx‬رأة‬
‫تحمل على صدرها طفال‪،‬وفسر المش‪xx‬هد بأن‪xx‬ه يمث‪xx‬ل الرب‪xx‬ة األم(‪.)61‬ه‪xx‬ل يمكن أن نفس‪xx‬ر‬
‫التماثيل الصغيرة الفخارية من أش‪xx‬ور دالل‪xx‬ة إلى الرب‪xx‬ة األم(عش‪xx‬تار) ؟ ال يمكن الج‪xx‬زم‬
‫باألمر‪،‬ومع ذلك تبدو المسألة منطقية إلى حد ما‪.‬‬
‫على الرغم من غياب المشاهد الجنسية في عصر الطبقتين (‪ )G-H‬إال إن ذلك ال‬
‫يمنع من وجود عبادة ذات طقس جنسي(‪.)62‬وربما كان طقسا تعود جذوره إلى عص‪xx‬ور‬
‫ما قبل التاريخ فمنذ العصر الحجري الحديث كما يشير تشايلد كان هناك طقس سحري‬
‫يقوم على اتحاد الجنسين بصورة احتفالية والذي قد يرمز إلى التلقيح في الطبيعة(‪.)63‬‬

‫‪ )58‬مورتكات‪،‬تاريخ الشرق األدنى‪،‬ص‪.71-70‬‬


‫‪ )59‬سيتون لويد‪،‬فن الش‪xx‬رق األدنى الق‪xx‬ديم‪،‬ترجم‪xx‬ة‪:‬محم‪xx‬د درويش‪(،‬بغ‪xx‬داد‪:‬دار الم‪xx‬أمون للترجم‪xx‬ة والنش‪xx‬ر‪،‬‬
‫‪،)1988‬ص‪.110-109‬‬
‫‪ )60‬اندريه‪،‬معابد عشتار القديمة‪،‬ص‪.39‬‬
‫‪ )61‬باقر‪،‬مقدمة في تاريخ الحضارات‪،‬ج‪،1‬ص‪.257‬‬
‫‪ )62‬اندريه‪،‬معابد عشتار القديمة‪،‬ص‪.39‬‬
‫‪ )63‬ف‪.‬غوردن تشايلد‪،‬ماذا حدث في التاريخ‪،‬ترجمة‪:‬حسين مؤنس‪(،‬القاهرة‪:‬بال‪.‬مط‪،)1956،‬ص‪.62‬‬
‫‪13‬‬
‫ومثل أمور كثيرة ما زلنا نجهلها عن بالد أشور وديانته‪xx‬ا في ه‪xx‬ذه الحقب‪xx‬ة فإنن‪xx‬ا‬
‫أيضا ال نعرف الكثير عن معتقدات العالم األسفل‪،‬ويمكننا االفتراض بان السكان ك‪xx‬انوا‬
‫يدفنون في التراب‪،‬كما تم إثبات ذلك بالنسبة للطبقة (‪( )E‬ربما ك‪xx‬انت معاص‪xx‬رة لعص‪xx‬ر‬
‫ساللة أور الثالثة)‪،‬وهذا يتفق مع ما هو موجود في الجنوب‪،‬ففي فارا ع‪xx‬ثر على العدي‪xx‬د‬
‫من القبور األرضية‪،‬وفي مسلة العقبان للملك السومري اياناتوم (المعاص‪xx‬ر للطبق‪xx‬ة ‪)G‬‬
‫نشاهده وهو يدفن قتاله من الجند في قبر جماعي‪،‬وال يحكي لنا المشهد عن أية ت‪xx‬وابيت‬
‫أو حرف للجثث‪.‬وفي الطبقة (‪ )E‬نعرف عن حالة مماثلة‪،‬مع اختالف بسيط ه‪xx‬و وج‪xx‬ود‬
‫حرق الجثث قبل الدفن فوق موقد خاص اعد لهذا الغ‪xx‬رض‪،‬وال نعلم م‪xx‬ا إذا ك‪xx‬انت ه‪xx‬ذه‬
‫العادة سارية في هذا العصر أيضا أم ال؟‪،‬ويعتقد اندريه إنها حالة محتملة نظرا لوج‪xx‬ود‬
‫صالت تشابه بين الطبقتين(‪.)64‬‬
‫ال نعرف كيف انتهى عصر فجر السالالت في أش‪xx‬ور ولكن التنقيب‪xx‬ات االثاري‪xx‬ة‬
‫تشير إلى إن الطبقة العائدة لهذا العصر قد دمرت ت‪xx‬دميرا تام‪xx‬ا(‪،)65‬وال نع‪xx‬رف الغ‪xx‬ازي‬
‫الذي قام بهذا الفعل‪،‬هل من الممكن أن يكون التدمير ناتج عن الحركات العسكرية التي‬
‫نفذها س‪xx‬رجون االك‪xx‬دي(‪)2316-2371‬؟ ال يب‪xx‬دو األم‪xx‬ر غريب‪xx‬ا ونحن في اق‪xx‬ل تق‪xx‬دير‬
‫نمتلك أدلة عن قيام هذه الملك بمهاجمة بالد س‪xx‬وبارتو (أش‪xx‬ور)‪،‬فنص‪xx‬وص الف‪xx‬أل تض‪xx‬م‬
‫إشارات إلى فتح سرجون لهذه المنطقة(‪.)66‬وفي نص متأخر هو جزء من كتب األخب‪xx‬ار‬
‫البابلي‪xx‬ة يش‪xx‬ير إلى عملي‪xx‬ة عس‪xx‬كرية وجهه‪xx‬ا س‪xx‬رجون إلى بالد س‪xx‬وبارتو وان‪xx‬ه ق‪xx‬ام‬
‫بإخضاعها(‪.)67‬‬
‫إن ت‪xx‬اريخ أش‪xx‬ور خالل ه‪xx‬ذا العص‪xx‬ر يتس‪xx‬م ب‪xx‬الغموض لع‪xx‬دم ت‪xx‬وفر النص‪xx‬وص‬
‫الكتابية‪،‬وان المادة النصية المت‪xx‬وفرة في الجن‪xx‬وب ق‪xx‬د تس‪xx‬اعدنا من فهم بعض المظ‪xx‬اهر‬
‫الحضارية في بالد أشور‪،‬رغم الحذر الشديد من استخدام هذه المادة كما ي‪xx‬رى األس‪xx‬تاذ‬
‫ساكز(‪)68‬ومع ذلك فان المادة التي تق‪xx‬دمها النص‪xx‬وص من الجن‪xx‬وب مهم‪xx‬ة رغم ض‪xx‬عفها‬
‫فيما يخص الجانب السياسي لبالد أش‪xx‬ور خالل ه‪xx‬ذا العص‪xx‬ر‪.‬وتبقى الم‪xx‬ادة االثاري‪xx‬ة في‬
‫أش‪xx‬ور هي المهم‪xx‬ة من اج‪xx‬ل دراس‪xx‬ة أفض‪xx‬ل للحقب‪xx‬ة‪،‬م‪xx‬ع عي‪xx‬وب االعتم‪xx‬اد على اآلث‪xx‬ار‬
‫المج‪xx‬ردة‪،‬ألنن‪xx‬ا س‪xx‬نعتمد على التخمين من اج‪xx‬ل تص‪xx‬ور الحي‪xx‬اة االجتماعي‪xx‬ة أو الديني‪xx‬ة‬
‫للحقبة‪.‬‬

‫‪ )64‬اندريه‪،‬معابد عشتار القديمة‪،‬ص‪.35‬‬


‫‪ )65‬المصدر نفسه‪،‬ص‪.26‬‬
‫‪ )66‬بوتيرو‪،‬اإلمبراطورية السامية األولى‪،‬ص‪.112‬‬
‫‪ )67‬انظر أخبار الملوك المبكرين‪،‬اللوح‪،1:‬السطر‪ 14:‬في‪:‬‬
‫‪;A. Leo Oppenheim, "The Sargon chronicle", In: ANET, (Princeton, 1966),P.266‬‬
‫‪;A.K Grayson, Assyrian and Babylonian Chronicles,(New Yorkm1975),No.20‬‬
‫‪.Glassner ,Mesopotamian Chronicles,No.39‬‬
‫‪ )68‬ساكز‪،‬قوة أشور‪،‬ص‪.35‬‬
‫‪14‬‬

You might also like