You are on page 1of 31

‫حمزة قريرة‬ ‫الرواية التفاعلية (الرقمية) العربية آليات البناء وحدود التلقي قراءة في رواية شات ملحمد سناجلة‬

‫الرواية التفاعلية (الرقمية) العربية آليات البناء وحدود التلقي‬


‫قراءة في رواية شات ملحمد سناجلة‬
Structuring mechanisms and receiving limits in the
Interactive (digital) Arabic novel .
Reading the novel of “Chat” by Muhammad Sanajlah

‫ قريرة حمزة‬.‫د‬

‫مخبر اللسانيات النصية وتحليل الخطاب‬


‫جامعة قاصدي مرباح ورقلة‬
hamza.grira@gmail.com

2020/12/01 :‫تاريخ النشر‬ 2020/08/21 :‫تاريخ القبول‬ 2020/07/12 :‫تاريخ إلارسال‬

Abstract:
The study attempts to track the most important structural
components of the interactive (digital) novel. The sample of this research is
an Arabic novel “Chat” by the novelist Mohammed Sanjala. The present
study encompasses the novel from language to non-linguistic markers
through software and interactive aspects; it also monitors the most important
receiving paths and aesthetic limits of the new text. The study, as well,
questions the fate of this literary production in the light of technological
development, its diversity, its structural potential, and its aesthetic choices.
Keywords: Novel- Interactive- Digital- Varied - Links - Hyperbole -
Multimedia.

‫عينة‬ ّ ‫تتبع أهم‬


ّ ‫املقومات البنائية للرواية التفاعلية (الرقمية) من خالل‬ ّ ‫تحاول الدراسة‬
‫ انطالقا من اللغة وصوال إلى العالمات غير‬،‫عربية وهي رواية شات للروائي محمد سناجلة‬
‫ كما سترصد أهم مسارات التلقي والحدود‬،‫اللغوية مرورا بالبرمجيات والجوانب التفاعلية‬

79
ّ
ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 -1111/01/10 : ‫ التاريخ‬02 : ‫ العدد‬05:‫مجلة العالمة املجلد‬
‫حمزة قريرة‬ ‫الرواية التفاعلية (الرقمية) العربية آليات البناء وحدود التلقي قراءة في رواية شات ملحمد سناجلة‬

‫ّ‬
‫التطور‬ ‫الجمالية للنص الجديد‪ ،‬كما تطرح تساؤالت حول مصير هذا إلانتاج في ظل‬
‫التكنولوجي‪ ،‬ومدى ّ‬
‫تنوعه وإمكاناته البنائية وخياراته الجمالية‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬رواية‪ -‬تفاعلي‪ -‬رقمي‪ّ -‬‬
‫مفرع – روابط‪ -‬تشعبي – وسائط متعددة‪.‬‬

‫‪ -1‬مدخل‪:‬‬
‫مع اطاللة ألالفية الثالثة بدأت الرواية العربية أولى محاوالتها في الخروج من جلباب‬
‫متعدد‪ ،‬فدخلت عالم التكنولوجيا الحاسوبية والفضاء‬‫ومتلق ّ‬
‫ّ‬ ‫الورقية متجهة نحو فضاء أرحب‬
‫ّ‬
‫الحر الذي توفره الشبكة العنكبوتية‪ ،‬مستثمرة عددا من البرمجيات مكنتها من تقديم نصها في‬
‫ؤسسة لجماليات أخرى لم يعهدها املتلقي العربي‪ ،‬ورغم أنها‬‫بنية مختلفة متداخلة ألاجناس وم ّ‬
‫ّ‬
‫متأخرة عن نظيرتها الغربية التي ظهرت قبل هذه الفترة إال أنها شكلت مرحلة فارقة في السرد‬
‫وقدمت خطوة مهمة نحو مستوى مختلف في الرواية العربية بناء وجمالية‪ ،‬فكانت‬ ‫العربي ّ‬
‫املحاوالت ألاولى كما في أعمال محمد سناجلة "ظالل الواحد وشات وصقيع‪ "...‬وهي أعمال رغم‬
‫قدمت نماذج مهمة عن قدرة السرد العربي على اقتحام التكنولوجيا‬ ‫وجودها في البداية إال أنها ّ‬
‫وتقديم جماليات مختلفة وتحقيق مقروئية معتبرة رغم أزمة البدايات‪ ،‬فلم تعد املسارات‬
‫البعد في القراءة من ركائزها بل تجاوزت ذلك إلى مسارات أكثر ّ‬
‫تشعبا تقوم‬ ‫الخطية والثنائية ْ‬
‫املتشعب (رباعي ْ‬
‫البعد) على تداخل الفنون‪ ،‬فصار للعالمات غير اللغوية دورا مهما‬ ‫ّ‬ ‫بحكم البناء‬
‫في تقديم متن الرواية التفاعلية الرقمية‪ ،‬كما تمازجت اللغة بالحركة والصوت ولم يعد‬
‫باإلمكان فصل مكونات السرد والنظر إليها في حدود اللغة والبياض‪ ،‬وأصبحت الرواية بذلك‬
‫تحول إلى مشارك في البناء ومنتج آخر للنص‬ ‫عاملا مختلفا على ما عهده املتلقي العربي الذي ّ‬
‫الروائي التفاعلي‪ ،‬وعبر هذا التداخل ألاجناس ي والبناء الفني الحر الذي يعكس تحوال في فلسفة‬
‫ويقدم جمالية مختلفة‪ ،‬أصبحت الرواية التفاعلية العربية تستقبل في طبقات مختلفة‬ ‫الكتابة ّ‬
‫مؤسسة للمعنى في كل مستوى‪ ،‬فاملتلقي ال يحاور مستوى دون آخر‪ ،‬وال يؤسس للمعنى في‬
‫مستوى بشكل مستقل إال ويجد نفسه في محاورة مستوى آخر‪ ،‬فهو يغوص في النص عموديا‬
‫متلقيا العالمات غير اللغوية (ألالوان‪ ،‬الحركة‪ )...،‬واللغة وما تحمل‪ .‬ومن خالل هذه الدراسة‬
‫الكتاب وحدود عملية التفاعل النص ي من طرف‬ ‫تتبع أهم آليات البناء التي اعتمدها ّ‬ ‫نحاول ّ‬
‫ّ‬
‫سنقدم عينة للدراسة متمثلة في رواية شات ملحمد سناجلة‪.‬‬ ‫املتلقي كما‬

‫‪79‬‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 05:‬العدد ‪ 02 :‬التاريخ ‪ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 -1111/01/10 :‬‬
‫حمزة قريرة‬ ‫الرواية التفاعلية (الرقمية) العربية آليات البناء وحدود التلقي قراءة في رواية شات ملحمد سناجلة‬

‫ّ‬
‫مقومات الرواية التفاعلية‬ ‫‪-2‬‬
‫ّ‬
‫التطور التكنولوجي واستثمر‬ ‫تعد الرواية التفاعلية جنسا أدبيا تفاعليا معاصرا واكب‬
‫ّ‬
‫كل إلامكانات املتاحة من البرمجيات والوسائط املتعددة لتقديم متنه‪ ،‬وهي كما تقدم بناء‬
‫سردي مختلف يعتمد على التقنيات الحاسوبية والوسائط املتعدد لتقديم متنها إلى املتلقي‬
‫الذي يشارك في بنائها وتتيح له إمكانات مختلفة للقراءة فهي غير خطية‪ ،‬وتحمل أكثر من البعد‬
‫ْ‬
‫مفهومي الزمن واملكان‪ ،‬وقد اقترح محمد سناجلة وهو رائد‬ ‫غيرت في‬‫الثنائي في القراءة‪ ،‬كما أنها ّ‬
‫هذا الجنس ألادبي في الوطن العربي مفهوم رواية الواقعية الرقمية تصورا خاصا بهذا الجنس‬
‫مقوماته خصوصا الزمن واملكان‪ ،‬ويظهر ذلك في كتابه رواية الواقعية الرقمية‪،1‬‬ ‫عبر مختلف ّ‬
‫ومن حيث املفهوم تعد الرواية التفاعلية "نمطا من الفن الروائي‪ ،‬يقوم فيه املؤلف بتوظيف‬
‫املفرع) والتي تسمح بالربط بين النصوص سواء أكانت‬ ‫الخصائص التي تتيحها تقنية (النص ّ‬
‫متحركة‪ ،‬أم أصواتا حية‪....‬باستخدام وصالت تكون دائما باللون‬‫ّ‬ ‫نصا كتابيا‪ ،‬أم صورا ثابتة أو‬
‫‪2‬‬
‫ألازرق‪ ،‬وتقود إلى ما يمكن اعتباره هامشا على متن" ‪ ،‬والرواية التفاعلية بناء على ذلك ال تسير‬
‫تتبع بنائها سنكشف عن إمكانات هائلة‬ ‫وفق املسار الخطي ألاحادي الاتجاه كما في الورقية وعبر ّ‬
‫في توليد املعنى على متنها وفق مسارات مختلفة حسب طبيعة املكونات وحدود التلقي‪ ،‬وتوظف‬
‫الرواية التفاعلية في ذلك كل ما تتيحه التكنولوجيا من إمكانات برمجية‪ ،‬مما يتيح لها الانتشار‬
‫الواسع عبر الشبكات ويضمن التفاعل إلايجابي معها‪.‬‬
‫متعددة تتخطى ْ‬
‫البعد اللغوي كما في الرواية‬ ‫ّ‬ ‫أما ّ‬
‫مقومات الرواية التفاعلية فهي‬
‫الورقية‪ ،‬ففي لغة رواية الواقعية الرقمية الكلمة هي جزء من كل حيث تتشابك مع مختلف‬
‫العالمات غير اللغوية ألاخرى كالصور والصوت واملشهد السينيمائي‪ ،3 ..‬وذلك من أجل تحميل‬
‫مجرد تزيين للنص اللغوي بل‬ ‫نصها بأبعاد داللية إضافية وتعد الوسائط املتعددة ليست ّ‬
‫تدخل ضمن البناء فهي جزء من الرواية التفاعلية وبدونها يبتر جزء مهم من النص‪ ،‬لهذا‬
‫يصعب (إن لم نقل يستحيل) إعادة نشر الرواية التفاعلية ورقيا ألنها تفقد كل ش يء في بنائها‬
‫وجماليتها التي ال تظهر إال من خالل الشاشة والترابط الذي تقيمه بين أجزائها ومنحها فرصة‬
‫للمتلقي لإلضافة أو إلابحار الحر في متاهاتها‪ ،‬وإن تم نشرها فيكون ذلك ألحد وجوهها فقط أي‬
‫تثبيت نصها الحركي في لحظة ما‪ ،‬أما كيانها الحقيقي فتفقده مع النشر الورقي‪ ،‬وذلك لتعدد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مقوماتها من حيث الطبيعة والوظيفة ‪ ،‬لهذا يحتاج املتلقي إلى دراية وأدوات قرائية تمكنه من‬
‫التفاعل إلايجابي معها‪.‬‬
‫‪77‬‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 05:‬العدد ‪ 02 :‬التاريخ ‪ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 -1111/01/10 :‬‬
‫حمزة قريرة‬ ‫الرواية التفاعلية (الرقمية) العربية آليات البناء وحدود التلقي قراءة في رواية شات ملحمد سناجلة‬

‫وأمام التسارع في إلانتاج التفاعلي ظهرت عدة إشكاالت فيما يخص الرواية التفاعلية‪ ،‬بعضها‬
‫على مستوى البناء وبعضها على مستوى التلقي العربي الضعيف ورقيا‪ ،‬قبل أن يكون شبه‬
‫غائب تفاعليا‪/‬إلكترونيا‪ ،‬وإشكاالت أخرى على مستوى املؤسسة ألادبية العربية فقد ظلت"‬
‫بعيدة عما يجري من ّ‬
‫تطورات تقنية ومغامرات تكنولوجية إال في استثناءات قليلة"‪ ،4‬وغيرها من‬
‫العقبات أمام هذا النص الوسائطي الجديد‪.‬‬
‫ّ‬
‫يظهر أن بناء الرواية التفاعلية مرتبط بمتغيرات على الروائي إدراكها قبل الخوض في الكتابة‬
‫ّ‬
‫البرمجيات التي تتيح له تقديم نصه بكل حمولته اللغوية وغير اللغوية‪ ،‬وإمكانات‬ ‫أولها نوع‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫انفتاحه على املتلقي عبر إشراكه في العملية إلابداعية‪ ،‬كذلك متغير التحول من الورقي إلى‬
‫املفرع نص متعدد ألابعاد في حين أن هيكل النص العادي (الورقي) يكون‬ ‫إلالكتروني‪ ،‬فالنص ّ‬
‫وحيد البعد‪ ،5‬فطبيعة الكتابة املختلفة تجعل من نظام التصوير يختلف وألاخيلة ّ‬
‫تتبدل بل‬
‫ّ‬
‫املسطحة والثنائية ْ‬
‫البعد‪ ،‬كذلك‬ ‫جمالية النص ومعاييرها تتبدى بأشكال أخرى غير الورقية‬
‫دخول العالمات غير اللغوية كفاعل رئيس في الرواية التفاعلية يضيف للنص الكثير بل يعد‬
‫ّ‬
‫مقوما مهما كاللغة في بنائها‪ ،‬إضافة إلى هذه إلاشكاالت على مستوى البناء والتقديم تبرز مشكلة‬
‫رقمنة الروايات الورقية وإظهارها على أنها تفاعلية وغيرها من إلاشكاالت التي مازالت تبحث عن‬
‫املوظف من طرف الرواية ْ‬ ‫ّ‬
‫ببعدها الرقمي التفاعلي خصوصا‬ ‫حلول أمام التسارع التقني‬
‫بمفهومه إلايجابي‪.‬‬

‫على مستوى إلابداع نجد أن الرواية التفاعلية ظهرت عند الغرب في أعمال مختلفة‬
‫ّ‬
‫وظفت التقنيات الحاسوبية‪/‬البرمجية في تقديم بنائها املختلف ومن التجارب املبكرة نذكر‬
‫"قصة بعد الظهيرة " ملايكل جويس سنة ‪ 0891‬وقد استخدم في بنائها وعرضها برنامج‬
‫"‪"/ "storyspace‬املسرد"‪ ،‬كما نعثر على الكثير من ألاعمال الروائية من ذات الشكل‪ ،‬كرواية‬
‫"شروق شمس ‪ "18‬لروبرت أرالنو (بوبي رابيد)‪ ،‬وأحداثها تعود لقصة حقيقية حدثت سنة‬
‫‪ .0818‬ملا توفي أربعة أشخاص بشكل غامض في حفل موسيقي‪ ،‬وبعد مرور ثالثين سنة تظل‬
‫الحادثة تشير بشكل رمزي إلى نهاية مرحلة الستينيات‪ ،‬محاكمة مخازي العصر وواصلة بين‬
‫املاض ي والحاضر‪ ،6‬وقد وظف رواد الرواية التفاعلية تقنيات برمجية كثيرة مستثمرين أهم ما‬
‫وصلت إليه البرمجيات الحاسوبية لترجمة أفكارهم الروائية ومنحهم فرصة أكبر للمتلقي كي‬
‫يكون مشاركا في صناعة الرواية ليصبح متلقيا إيجابيا ومنتجا‪.‬‬

‫‪011‬‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 05:‬العدد ‪ 02 :‬التاريخ ‪ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 -1111/01/10 :‬‬
‫حمزة قريرة‬ ‫الرواية التفاعلية (الرقمية) العربية آليات البناء وحدود التلقي قراءة في رواية شات ملحمد سناجلة‬

‫أما عربيا فنعثر على تجربة محمد سناجلة الريادية في هذا املجال حيث ّ‬
‫قدم مع بداية‬
‫ألالفية الثالثة باكورة أعماله مستخدما جملة من البرامج ولغات البرمجة في صياغة رواياته‪،‬‬
‫فكانت روايته ألاولى‪ ،‬ظالل الواحد‪ ..‬التي نشرت عام ‪1110‬م‪ ،‬وقد نشرها الكاتب ورقيا أيضا‪،‬‬
‫ّ‬
‫التشعبية وبناها بطريقة بناء صفحات‬ ‫أما نسختها الرقمية فقد وظف فيها طريقة الروابط‬
‫قدم رواية شات (صدرت في ‪ )1112‬وهي رواية الفتة حيث وظف الصورة‪-‬الصوت‪،‬‬ ‫الويب‪ ،7‬ثم ّ‬
‫ألالوان‪ ،‬الكلمة‪ ..‬وعبر العالمات غير اللغوية جاءت الرواية بشكل مختلف في تأسيسها البنائي‬
‫وطرحها الجمالي‪ ،‬كذلك من رواياته نجد صقيع (عام‪1111‬م) وهي العمل الثالث الرقمي‪ ،‬وقد‬
‫قدمها الكاتب باعتبارها "قصة قصيرة"‪ .‬ومن أعماله أيضا ‪-‬ظالل العاشق‪(-‬التاريخ السري‬
‫طور تجربته في العمل على مستوى النص‬ ‫لكموش)‪ ،‬وغيرها من ألاعمال واملالحظ أن الروائي ي ّ‬
‫والبرمجة ودرجة التفاعل‪.‬‬

‫أما على مستوى إلابداع العربي بشكل عام في مجال الرواية التفاعلية (الرقمية)‬
‫ّ‬
‫فاملالحظ القلة في التجارب العربية وذلك لعدة أسباب أهمها ضعف تكوين الروائيين في املجال‬
‫تقبل هذا النوع من الروايات‪ ،‬لعدم ّ‬
‫تعوده على هذا‬ ‫الرقمي كذلك عزوف املتلقي العربي عن ّ‬
‫الشكل من النصوص الروائية‪ ،‬ورهان الروائي العربي في مجال التفاعل هو الانتقال الحقيقي‬
‫إلى فهم جديد للعملية التفاعلية في جميع مستوياتها‪ ،8‬وهو ما يطرح مسألة فلسفة البناء‬
‫التفاعلي للرواية والرهانات الجمالية إبداعا وتلقيا‪ ،‬فالروائي العربي يجب أن يفهم ألابعاد‬
‫ّ‬
‫تمكنه من تجاوز الورقية‪ ،‬وعلى املتلقي في املقابل الانصهار في العملية ّ‬
‫وتقبل‬ ‫التفاعلية التي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تتطور‬ ‫املنتج الجديد والتفاعل معه وتطوير أدوات قرائية جديدة مما يولد جمالية مختلفة‬
‫بتطور النص‪ ،‬فاملسألة بهذا متشابكة وكل ألاطراف له وظيفة في تطوير هذا النص وتمكينه في‬ ‫ّ‬
‫العصر الرقمي ألاكثر ّ‬
‫تشعبا‪.‬‬
‫ّ‬
‫نقدم فيما يأتي أهم ّ‬
‫مقومات الرواية التفاعلية (الرقمية)‪:‬‬

‫‪010‬‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 05:‬العدد ‪ 02 :‬التاريخ ‪ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 -1111/01/10 :‬‬
‫حمزة قريرة‬ ‫الرواية التفاعلية (الرقمية) العربية آليات البناء وحدود التلقي قراءة في رواية شات ملحمد سناجلة‬

‫‪ -3‬تلقي الرواية التفاعلية وإعادة إنتاجها‪:‬‬


‫من خالل مالحظة العملية التواصلية التي تحدث بين منتج نواة الرواية واملتلقي الذي‬
‫ّ‬
‫تتوسطهما وتعد رسالة ّ‬
‫موجهة‪ ،‬مما يضعنا أمام هذه‬ ‫يصبح منتجا آخر لذات الرواية التي‬
‫ألاطراف الثالثة في مواجهة الخطاطة الثالثية لدورة الخطاب حيث تتحقق أهم وظائف اللغة‬
‫وهي الوظيفة الشعرية والجمالية‪ ،‬ويمكن تحديد أهم عناصر هذه الدورة انطالقا من صورتها‬
‫رسمها لتمثيل دورة التخاطب‪،9‬‬ ‫العامة كما وضعها "رومان جاكوبسون‪ "R.JAKOBSON-‬التي ّ‬
‫فعاال في تحليل النصوص على اختالفها‪ ،10‬وعبر إسقاط الخطاطة بشكلها‬ ‫حيث اعتبر نموذجه ّ‬
‫تحول في العالقات حيث يتم تحويل املرسل إلى مرسل‬ ‫النص ي على الرواية التفاعلية نكون أمام ّ‬
‫إليه وبالعكس‪ ،‬بل يتم عكس حدود النص وقلب موازينه‪ ،‬بهذا فنحن أمام تحوير وتشذير‬
‫للخطاطة مما يمنحنا كل إلامكانات والاحتماالت لكل عنصر منها ويمكننا تقديم مخطط ّ‬
‫يوضح‬
‫تحول العالقات كاآلتي‪:‬‬

‫تقدم يظهر عدم وجود حدود فاصلة بين املنتج واملتلقي‪ ،‬فالعملية دائرية ثم‬ ‫من خالل ما ّ‬
‫تنتقل عموديا وشبكيا لبقية املتلقين‪ ،‬فيكفي إنتاج نواة رواية من طرف مبدع ما‪ ،‬وطرحها عبر‬
‫برمجيات خاصة على الشبكة حتى تنتقل إلى التلقي وإعادة إلانتاج إضافة وتحويرا‪ ،‬وتستمر‬
‫العملية في التوالد منتجة فضاءات نصية كثيرة عبر مشارب مختلفة‪ .‬وهذا يظهر أنه ال وجود‬
‫لصاحب النص النهائي كما في النصوص الورقية‪ ،‬فامللكية ملغاة في الرواية التفاعلية‪ ،‬الروائي‬
‫ّ‬
‫يقدم نواة نص ويطلقها في الفضاء ألازرق ويبدأ املتلقي في التفاعل وإعادة إلانتاج باإلضافة أو‬
‫تغيير وجهات النص‪ ،‬أو الدخول إليه من وصالت مختلفة –تفاعل سلبي‪ -‬ليصبح املتلقي منتجا‬
‫يتحول صاحب النواة ألاولى إلى متلق‪ ،‬إضافة إلى هذا يتأثر النص الروائي في‬ ‫آخرا للنص كما ّ‬
‫هذه الحالة ويفقد هويته أمام تعدد الكتاب‪- ،‬وهنا تركيزنا على الرواية التفاعلية بنمطها‬
‫إلايجابي وهي نادرة الوجود عمليا في الساحة العربية‪ -‬وهذا يؤثر في عملية البناء كما يؤثر في‬

‫‪011‬‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 05:‬العدد ‪ 02 :‬التاريخ ‪ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 -1111/01/10 :‬‬
‫حمزة قريرة‬ ‫الرواية التفاعلية (الرقمية) العربية آليات البناء وحدود التلقي قراءة في رواية شات ملحمد سناجلة‬

‫فالتعدد يؤسس لجمالية مختلفة تجعلنا أمام نص آخر ال على مثال‬ ‫ّ‬ ‫حدود التقي والجمالية‪،‬‬
‫سابق جاء من أنساق مختلفة ومرجعيات كثيرة‪ ،‬مما يجعله أكثر تشظيا في العالم الرقمي‪.‬‬

‫لكن تجدر إلاشارة إلى أنه على مستوى املمارسة الفعلية العربية ظلت الرواية أقل حضورا‬
‫بشكلها التفاعلي إلايجابي النقي‪ ،‬إنما نعثر على تشكيالت أقل تفاعلية‪ ،‬فأحيانا نجدها مرقمنة‬
‫وأحيانا نعثر على محاوالت تفاعلية بإضافة بعض العالمات غير اللغوية للنص الورقي وغيرها من‬
‫التشكيالت‪ ،‬ومن جهة أخرى نعثر على اختالف بين املنتجين ورؤاهم للرواية التفاعلية عموما‬
‫مما يؤثر على نصها‪ ،‬إضافة الختالف املتلقين ومستوياتهم مما يجعلهم يقرؤون النص الروائي‬
‫التفاعلي بناء على مرجعيات مختلفة –أغلبها ورقي تقليدي‪ -‬مما يؤثر في جمالية تلقيهم لهذا‬
‫النص‪ ،‬وعليه نحن أمام تفريعات كثير وإمكانات ّ‬
‫متعددة للمشهد الروائي التفاعلي إنتاجا ونصا‬
‫وتلقيا ويمكن حصر مختلف هذه إلامكانات في مسارات محددة كاآلتي‪:‬‬

‫عبر الخطاطة يمكننا استخراج عدد كبير من القراء حسب الحالة ويصل عددهم إلى‬
‫‪ 01‬قارئا وذلك بقياس كل الاحتماالت القرائية لنص الرواية فبعد الانطالق من آخر الخطاطة‬
‫جهة اليسار نحو اليمين نتقص ى الاحتماالت املختلفة لتجليات القارئ حسب مسارات متعددة‪،‬‬

‫‪011‬‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 05:‬العدد ‪ 02 :‬التاريخ ‪ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 -1111/01/10 :‬‬
‫حمزة قريرة‬ ‫الرواية التفاعلية (الرقمية) العربية آليات البناء وحدود التلقي قراءة في رواية شات ملحمد سناجلة‬

‫وعبر إحصائها نصل إلى ‪ 01‬مسارا‪ ،‬لكل نوع من القراء مسار مختلف‪ ،‬حيث يعد القارئ رقم ‪01‬‬
‫هو النموذجي وهو القارئ التفاعلي لنص تفاعلي ومنتجه تفاعلي‪.‬‬

‫‪ -4‬رواية شات آلية البناء ومستويات التلقي‪:‬‬


‫‪ -1-4‬ملخص حكاية الرواية‪:‬‬

‫جربها الروائي محمد سناجلة‪ ،‬وذكر ذلك في‬ ‫رواية شات في أصلها (املتن) هي حقيقة ّ‬
‫كتابه رواية الواقعية الرقمية‪ 11‬حيث انتحل اسم نزار وبدأ املغامرة التي ّ‬
‫حولها إلى رواية رقمية‬
‫بعد إضافات فنية للشخصيات وألاحداث وقد برع الروائي في تحويل املتن إلى مبنى غاية في‬
‫إلاحكام والانسجام في إطار التفاعلية‪ ،‬تدور أحداث الرواية بين عاملين أحدهما واقعي تعيشه‬
‫الشخصية في ظروف قاسية على املستوى الاجتماعي والنفس ي‪ ،‬فالشخصية (محمد‪/‬نزار)‬
‫الرئيسة أو الذات الفاعلة تعانى من الوحدة‪ ،‬بسبب الانفصال عن زوجته‪ ،‬التي أحبها في املاض ي‬
‫لكن ألسباب كثيرة جعلته يهجرها‪ ،‬وتعد هذه البؤرة سببا في دخوله في حالة فراغ أنقذه منها‬
‫تحررا بالنسبة للشخصية ولكن رغم أبعاده املنفتحة‬ ‫العالم الافتراض ي وهو العالم الثاني ألاكثر ّ‬
‫سبب لها املتاعب إلى أن رحلت عنه‪،‬‬ ‫إال أنه قاس بالنسبة للشخصية في مستوى آخر‪ ،‬فقد ّ‬
‫فتبدأ حكايتها في العالم الرقمي عبر ولوجها ملواقع التواصل‪.‬‬

‫ينطلق في قصته من عمله اململ والكئيب والفراغ الذي يعيشه ويومياته املتشابهة‬
‫سواء في العمل أو في غرفته الجاهزة مع بقية العمال (فالشركة التي يعمل بها متعددة‬
‫صرح بذلك‪ .‬يبدأ حكايته بامللل‪،‬‬‫الجنسيات) وتدور ألاحداث في مسقط (سلطنة عمان) كما ّ‬
‫ويحلم بحياة أفضل بعد أن يؤمن مستقبله وال يكون كبقية العمال (العامالن من بوخاريست)‪،‬‬
‫كما يطرح مسائل وجودية خاصة باملوت والحياة‪ ،‬ويظهر توجهه الوضعي فهو غير مهتم إال‬
‫ّ‬
‫بالحياة‪ .‬كما نشير إلى أن النص يوفر اتجاهات كثيرة للقراءة ومستويات متعددة‪ ،‬وفي مستواه‬
‫اللغوي ألاول يبدأ بتمهيد عن وضعه ثم عنوان جديد (العدم الرملي) بلون أحمر مختلف‪،‬‬
‫وتستمر القصة إلى أن نصل إلى عنوان آخر وكأننا دخلنا فصال جديدا (نغمات ‪ )sms‬وهو‬
‫موجود في ذات املستوى ألاول‪ ،‬وهذا قبل الانتقال إلى مستوى آخر في الرواية عبر الضغط على‬
‫مقدمة أجزاءها‪ ،‬لكن داخل كل جزء أو قسم نجد‬ ‫(‪ .)next‬وهكذا تستمر القصة في مسارها هذا ّ‬
‫تفريعات ونصوص تظهر بالتوازي معها وكأنها من عمق النص وفي طبقات تخرج عبر اختيارات‬
‫ّ‬
‫وتجسد طبقات مختلفة للمعنى في‬ ‫املتلقي لتزيد املعنى ّ‬
‫تشعبا وتضيف متعة مختلف في القراءة‪،‬‬

‫‪011‬‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 05:‬العدد ‪ 02 :‬التاريخ ‪ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 -1111/01/10 :‬‬
‫حمزة قريرة‬ ‫الرواية التفاعلية (الرقمية) العربية آليات البناء وحدود التلقي قراءة في رواية شات ملحمد سناجلة‬

‫كل مرة‪ .‬يتلقى البطل رسالة نصية عبر هاتفه من شخص ال يعرفه‪/‬منال وفي ألاصل الرسالة‬
‫موجه لشخص اسه نزار (ال يعرف أحدا بهذا الاسم) ويدخل هنا مع منال الافتراضية في قصة‬
‫تقمص دور رجل آخر‪ ،‬لكنها في ألاخير‬‫التهرب ألنه ال يحب ّ‬
‫تعارف على أنه هو نزار رغم أنه حاول ّ‬
‫تصر عليه أن يتواصل معها فيرضخ بعد أن تهدد باالنتحار‪ ...‬بالدخول إلى املستوى الثاني‬
‫ّ‬
‫خلفيتها مدينة قديمة‬ ‫تحوالت‪ )-0-‬الذي يرتسم على شاشة‬ ‫الحامل ألجزاء أخرى نبدأ بعنوان ( ّ‬
‫في الصحراء يبدأ رحلته في الافتراض يتجه إلى مقهى النت يساعده صاحب املقهى في صناعة‬
‫بريد إلكتروني ويدخل إلى الياهو واملاسنجر على أساس أنه سيخبر منال ‪/‬الغريبة أنه ليس نزار‬
‫وينتهي املوضوع‪ ،‬يضطر إلى محادثتها هاتفيا لتتأكد أنه ليس نزارا‪ ،‬ثم يعود معها إلى املاسنجر‬
‫يتورط فيها أكثر ويستمر في التواصل معها ويزداد ألامر تعقيدا بدخوله في‬ ‫لتعتذر منه‪ ،‬لكنه ّ‬
‫املحادثات الجماعية‪ ،‬بشخصياتها املختلفة (بن الدن‪ ،‬نيو‪ ،‬جيفارا‪ ،‬ليليان‪ )...‬فأصبح الافتراض‬
‫مالذا له عن واقعه املتعب‪ ،‬ثم تأتي الخطوة املهم حيث ينش ئ غرفة محادثة خاصة به لتكون‬
‫(مملكة العشاق‪ ،‬وطن الحب والحرية) كما أسماها‪ ،‬وذلك في فصل "والدة"‪ ،‬ويدخل في مستوى‬
‫آخر من املساءلة الوجودية والطرح الفلسفي والصوفي‪ ،‬ويبدأ الصراع بين ألاعضاء خصوصا‬
‫النساء وتطرح قضايا كثيرة بعضها يعد من التابوهات‪ ،‬وعبر الصراع يطلب اجراء انتخابات‬
‫حول بقاء اململكة أو تحولها إلى جمهورية‪ ،‬ثم ننتقل من صفحة إلى أخرى إلى أن يفصل في‬
‫واقعه من عمله وال يكترث باألمر‪ ،‬فيشتري مقهى ألانترنت‪ ،‬وتتم الانتخابات ويفوز هو فيها وتبقى‬
‫مملكة العشاق لكن ذلك لن يدوم فالفوض ى والشغب تعم اململكة فيضطر في ألاخير إلى إعالن‬
‫إغالق دولته إلى ألابد وإلغاء الوطن‪ ،‬والرواية بذلك تعبير رمزي عن غربة إلانسان في العصر‬
‫ّ‬
‫الرقمي وكيف تتنكر له الحياة الواقعية وينعكس ذلك حتى على عامله الافتراض ي الذي يؤثثه كما‬
‫يشاء فهو املالذ وفيه نكون غيرنا نكون كما نريد ال كما فرض علينا الواقع‪ ،‬وفي ألاخير يصبح‬
‫وهما ويتالش ى‪.‬‬
‫ّ‬
‫املقومات البنائية في رواية شات‪:‬‬ ‫‪-2-4‬‬

‫رواية شات تم إعدادها وتقديمها عبر برنامج ماكروميديا فالش ‪Macromedia Flash-‬‬
‫وهو ما يتيح للمبرمج‪/‬الروائي التحكم في مادة الرواية على اختالفها ويضعها حسب رغبته في‬
‫تنسيقات مختلفة‪ ،‬فيختار اللغة وموقعها‪ ،‬والصور والصوت والحركات ومختلف العالمات غير‬
‫اللغوية التي تدخل كبنيات مهمة في الرواية التفاعلية‪ ،‬وتتم عملية الاختيار وفق رؤية جمالية‬
‫خاصة باملبدع ومن أجل أهداف محددة لعمليات التلقي التفاعلي‪ ،‬فالخيارات الجمالية كثيرة‬
‫‪011‬‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 05:‬العدد ‪ 02 :‬التاريخ ‪ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 -1111/01/10 :‬‬
‫حمزة قريرة‬ ‫الرواية التفاعلية (الرقمية) العربية آليات البناء وحدود التلقي قراءة في رواية شات ملحمد سناجلة‬

‫مما يجعل النص قابل للقراءة في طبقات مختلفة حسب تلقيه‪ ،‬وبعد الانتهاء من عملية‬
‫البرمجة‪/‬الكتابة يتم التجميع ووضع الكل في ترابط مخصص واجهته برنامج الفالش (له عدة‬
‫اصدارات) ثم يوضع الكل في ملف مضغوط للحماية ويطرح في النت للتحميل‪ ،‬ورغم أن هذه‬
‫الطريقة في الرواية التفاعلية (باعتبارها نصا متفرعا) ليست من النسق إلايجابي الذي يتيح‬
‫للمتلقي التدخل والتعديل لكنها خطوة مهمة من أجل تقديم نص روائي مختلف يقوم على‬
‫طبقات وأبعاد كثيرة ويمنح املتلقي إمكانات هائلة للدخول الحر في عملية القراءة‪ .‬وفي رواية‬
‫شات نجدها محملة في مواقع كثيرة منها ما هو خاص بالروائي محمد سناجلة (املدونة) أو اتحاد‬
‫كتاب ألانترنت العرب‪ ،‬ويمكن الوصول إليها عبر الروابط التالية‪:‬‬

‫‪http://sanajleh-shades.com/other-accounts-of-the-author‬‬

‫‪http://arab-ewriters.over-blog.net/article-47084041.html‬‬

‫بعد تحميلها نجدها تضم رواية صقيع أيضا معها في ذات امللف (وهما من منشورات‬
‫اتحاد كتاب الانترنيت العرب لسنة ‪1112‬م) ولهذه إلاشارة دالالتها‪ ،‬فالروائي يريد تكريس فضاء‬
‫جديد مؤسس ومؤطر من هيئة تستوعب التعدد التفاعلي بعيدة عن سلطة الورق‪ .‬وتظهر‬
‫واجهة الروايتين بالشكل آلاتي‪:‬‬

‫املتلقي في هذه املرحلة ّ‬


‫مخير بين النصين وأيهما يريد القراءة‪ ،‬وعبر نقره بزر املاوس على‬
‫شات مثال يبدأ إلابحار في أولى العقد الروائية‪ ،‬حيث تبدأ رواية شات‪/‬رواية الواقعية الرقمية‬
‫بصورة تحمل العنوان واسم الروائي وعنوان الرواية لتظهر الصورة ألاولى موازية للغالف في‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫متحركة مشكلة من أرقام (‪ )101010‬وهي مشابهة ملا جاء في‬ ‫الرواية الورقية‪ ،‬وقد حملت خلفية‬
‫‪011‬‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 05:‬العدد ‪ 02 :‬التاريخ ‪ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 -1111/01/10 :‬‬
‫حمزة قريرة‬ ‫الرواية التفاعلية (الرقمية) العربية آليات البناء وحدود التلقي قراءة في رواية شات ملحمد سناجلة‬

‫فيلم ‪ The Matrix‬وهنا يبدأ أول تمازج وتداخل أجناس ي في الرواية التفاعلية كما يظهر تعدد‬
‫املعنى وحضوره في طبقات ومستويات تحيل كل منها على مستوى مختلف ويتبع هذه الصورة‬
‫املتحركة ألاولى صوت فيه ضجيج يشبه الريح أو الصخب‪ ،‬وتظهر الواجهة ألاولى بالشكل آلاتي‪:‬‬

‫ثم تظهر صورة الصحراء في الليل مع صوت الريح وحشرات الصحراء‪ ،‬بالشكل آلاتي‪:‬‬

‫ثم يطلع النهار وترتسم صورة النص اللغوي فوق الصحراء‪..‬‬

‫‪019‬‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 05:‬العدد ‪ 02 :‬التاريخ ‪ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 -1111/01/10 :‬‬
‫حمزة قريرة‬ ‫الرواية التفاعلية (الرقمية) العربية آليات البناء وحدود التلقي قراءة في رواية شات ملحمد سناجلة‬

‫نالحظ في هذذه املرحلذة ألاولذى مذن الروايذة التذي تذدوم لبضذع ثذواني أننذا ال نسذتطيع الذتحكم فذي‬
‫حركة النص فامللتقي هنا ينتظر فقط وال يتاح له الفرصة أن يعذود مذثال للعنذوان إال بإعذادة فذتح‬
‫البرنذذامج مذذن جديذذد‪ ،‬وعليذذه فالعمليذذة التفاعليذذة الفعليذذة تبذذدأ بعذذض ظهذذور الذذنص اللغذذوي الذذذي‬
‫يرتسذذم فذذي إطذذار علذذى الصذذحراء ويحمذذل مؤش ذرات كثيذذرة تجعل ذه يتجذذاوز بعذذده ألافقذذي ثنذذائي ْ‬
‫البعذذد‬
‫(‪ )d1‬ليصبح ثالثي البعد بل يضيف الزمن كبعد الرابع‪ ،‬كما تبرز من البداية وبوضوح العالمات‬
‫غيذذر اللغويذذة التذذي تعذذد مهمذذة وفاعلذذة فذذي بنذذاء الروايذذة التفاعليذذة وفذذي عمليذذة تلقيهذذا بمذذا تحمذذل مذذن‬
‫جمالي ذذة مختلف ذذة‪ ،‬والعالم ذذات غي ذذر اللغوي ذذة تن ذذتج نظام ذذا عالمي ذذا مختلف ذذا‪ ،‬فه ذذي عالم ذذات دواله ذذا غي ذذر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لغويذذة‪ ،‬وبعذذد تلقيهذذا تولذذد فذذي ذهذذن املتلقذذي مذذدلوالت محذ ّذددة‪ ،‬لتتشذذكل لديذذه عالمذذة لغويذذة‪ ،‬وعليذذه‬
‫فهذذذه العالمذذة ال تختلذذف ‪ -‬مذذن حيذذث أنهذذا جذذامع بذذين طذذرفين‪ -‬عذذن اللسذذانية إال فذذي طبيعذذة الذذدال‬
‫ومج ذذال تواج ذذد امل ذذدلول‪ .12‬به ذذذا هن ذذاك تع ذذالق ب ذذين العالم ذذات اللغوي ذذة وغي ذذر اللغوي ذذة "ف ذذال تفه ذذم‬
‫إحداهما إال بفهم طبيعة ألاخرى"‪ .13‬وتنتشر العالمات بنوعيها في حياتنا بشكل مذهل‪ ،‬بعيدا عن‬
‫ّ‬
‫الروايذذة التفاعليذذة التذذي تسذذتثمر هذذذا التذذأثير العالمذذي علذذى إلانسذذان‪" ،‬فاإلنسذذان يشذذكل مذذع محيطذذه‬
‫مكونذذة مذذن عالمذذات"‪ ،14‬وهنذذا‬ ‫نسذذيجا متشذذابكا مذذن العالقذذات‪ ،‬وهذذذه العالقذذات مبنيذذة علذذى أنظمذذة ّ‬
‫موج ذذه للتلق ذذي وحام ذذل أول للمعن ذذى ال ذذذي يدرك ذذه املتلق ذذي‬ ‫تب ذذرز أهميته ذذا ف ذذي الرواي ذذة التفاعلي ذذة فه ذذي ّ‬
‫بصريا قبل عملية القراءة‪ ،‬ومن العالمات التي نالحظها مع بدايات الرواية نجد الصوت والصذور‬
‫الثابت ذذة واملتحرك ذذة وألال ذذوان وتعم ذذل جميع ذذا عل ذذى ش ذذحن ال ذذنص وإض ذذافة طبق ذذة جدي ذذدة للمعن ذذى‪،‬‬
‫فالص ذ ذذحراء ت ذ ذذوتي بالض ذ ذذياع والتي ذ ذذه‪ ،‬وص ذ ذذوت الري ذ ذذاح يرم ذ ذذي ف ذ ذذي نف ذ ذذس املتلق ذ ذذي الش ذ ذذعور بالرهب ذ ذذة‬
‫ّ‬
‫والاضذذطراب وهذذي معذذاني يؤكذذدها الذذنص اللغذذوي وحذذال الشخصذذية املضذذطربة فذذي غربتهذذا الداخليذذة‬
‫والخارجية‪ ،‬فهروب الشخصية من ذاتها وواقعها ظاهر من البداية‪:‬‬

‫كما يظهر من خالل الواجهة ألاولى للنص عدة عالمات تحيلنا على أبعاد أخرى داخل‬
‫النص‪ ،‬بداية نالحظ أن النص تتم قراءته عموديا عبر النقر على السهم في ألاسفل وعبر‬
‫‪019‬‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 05:‬العدد ‪ 02 :‬التاريخ ‪ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 -1111/01/10 :‬‬
‫حمزة قريرة‬ ‫الرواية التفاعلية (الرقمية) العربية آليات البناء وحدود التلقي قراءة في رواية شات ملحمد سناجلة‬

‫هذه العملية يمكن للمتلقي الانتقال إلى أسفل النص أو العودة إلى ألاعلى عبر السهم آلاخر‪،‬‬
‫يقدم بعضا منه فقط‪ ،‬ويخفي آلاخر على‬ ‫فالنص اللغوي ال يظهر كامال على الصفحة إنما ّ‬
‫ّ‬
‫امللتقي الذي ال يصله إال عبر الاختيار‪ ،‬كما نشير أن الشريط العمودي الذي يمثل طول النص‬
‫يبين طول النص املقروء أو املتبقي‪ ،‬مما ّ‬
‫يصعب على املتلقي تحديد‬ ‫الظاهر ال يحمل أي مؤشر ّ‬
‫أفق توقعه لطول النص فيستمر في النزول إلى ألاسفل دون معرفة بالذي ما زال أمامه‪ ،‬وهذا‬
‫قد يسبب ارباكا لبعض املتلقين‪.‬‬
‫ثم نالحظ داخل النص ذاته ْ‬
‫بعدا آخرا فبعض الكلمات بلون مختلف وتصدر وميضا‬
‫وعبر النقر عليها تفتح نافذة‬ ‫فيه إشارة للمتلقي بأن ينقر عليها‬
‫جانبية تحمل نصا آخرا بالشكل آلاتي‪:‬‬

‫عبر هذه العملية يظهر التطبيق الفعلي للنص امل ّ‬


‫فرع‪ ، Hypertext/‬كما يظهر املعنى في‬
‫محملة فوقه أو تحته‪ ،‬وهي‬ ‫قدم معاني أخرى ّ‬ ‫طبقات مختلفة‪ ،‬فالنص ينشطر عن ذاته وي ّ‬
‫ّ‬
‫مخفية ال تظهر إال إن أردا املتلقي ذلك‪ ،‬وهنا يبدأ التفاعل فالحرية مكفولة للمتلقي (ولو أنها‬
‫نسبية في هذه الرواية) بأن ينتقل إلى أي مرحلة أو عقدة نصية‪ ،‬مما يجعل النص متفرعا في‬
‫العينة ّ‬
‫املقدمة التي تبرز من فوق النص‬ ‫املعاني وفي جميع الاتجاهات‪ ،‬مانحا ّ‬
‫تعددا قرائيا‪ ،‬وفي ّ‬
‫إلى ألاعلى جهة يسار املتلقي‪ ،‬تبدو نصا شعريا من لغته حيث ّ‬
‫يصور حياة البطل الحزينة واملليئة‬
‫نصين‬‫باالضطرابات فهو الهارب إلى الفراغ والوحدة‪ ،‬وعبر هذا النص الجانبي يصبح املتلقي أمام ّ‬
‫ّ‬ ‫في الوقت ذاته ألاول سردي يروي قصة بأسلوب ولغة خاصة والثاني شعري ّ‬
‫يصور ويبث بلغة‬
‫ّ‬
‫مختلفة ليزيد املشهد شحنا عاطفيا إضافية‪ ،‬فاملعنى يتشكل في طبقتين مختلفتين من الناحية‬
‫البنائية والجمالية التصوريرية‪ ،‬ثم بالضغط مرة أخرى على كلمة (هاربا) نعود للنص ألاول‬
‫وتختفي النافذة الجديدة‪ ،‬مع إمكانية بقائها إن أراد املتلقي والانتقال بحضورها إلى أسفل‬

‫‪017‬‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 05:‬العدد ‪ 02 :‬التاريخ ‪ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 -1111/01/10 :‬‬
‫حمزة قريرة‬ ‫الرواية التفاعلية (الرقمية) العربية آليات البناء وحدود التلقي قراءة في رواية شات ملحمد سناجلة‬

‫ّ‬
‫متعددة ونوافذ مختلفة تحمل‬ ‫النص‪ ،‬الذي يستمر في التوالد وتقديم ألاحداث وإدماج وسائط‬
‫متفرعا من الوسائط‪ ،‬وهو ما ّ‬
‫يحملها‬ ‫ّ‬
‫متشعبا‪ّ /‬‬ ‫نصوصا أو أصواتا تجعل من الرواية نسيجا‬
‫أبعادا داللية كثيرة يمكن استقباللها عموديا في طبقات‪ ،‬فمثال نجده ّ‬
‫يصور لنا الرسالة (‪)sms‬‬
‫عبر تقديمه أليقونة الهاتف التي تظهر هاتف يتحرك ّ‬
‫ويلح بالحركة والصوت على املتلقي‬
‫بالضغط عليه من أجل الاطالع على الرسالة‪ ،‬ويرافق ذلك صوت هاتف حقيقي نسمعه كلما‬
‫قربنا زر املاوس من أيقونة الهاتف‪ ،‬مما يوهم بالواقعية داخل العالم الافتراض ي‪ ،‬وتظهر‬ ‫ّ‬
‫الصورة بعد فتح الهاتف كالرسالة الحقيقية كاآلتي‪:‬‬

‫يدخل املتلقي من جديد في مغامرة قرائية مختلفة حيث يغوص في عمق النص ليجد‬
‫غيره وتصبح القراءة رباعية البعد ثم تنفصل عن الزمن واملكان بمفهومهما الاعتيادي‪ ،‬فيتم‬
‫تقديم خيارات قرائية تحمل معاني ودالالت مختلفة وتلقيها باالختيار‪ ،‬مما يمنح الرواية مرونة‬
‫وهو ما يزيد في التفاعلية‪.‬‬
‫كما ّ‬
‫نسجل في بداية الرواية اللغة الشعرية التي لم تفارق الشخصية‪/‬الذات فتعبيراته‬
‫ّ‬
‫السردية بشكل عام هي ممارسة لغوية بالدرجة‬ ‫مغرقة في العاطفة‪ ،‬فانطالقا من أن " املمارسة‬
‫ّ‬
‫ألاولى"‪ ،15‬فتحتل بذلك اللغة مكانة مهمة بنظامها وتشكلها بمستويات مختلفة‪ ،‬فالكلمة أو‬
‫ّ‬
‫وتجسد ما تفعله لقطات عديدة في العمل السينمائي‪ 16،‬بهذا‬ ‫التراكيب في العمل الروائي ترسم‬
‫تتجلى ألاهمية التصويرية للغة داخل الرواية‪ ،‬هذا إضافة إلى تأديتها لوظائف تواصلية أخرى في‬
‫نصها‪ ،‬كالوظيفة الوجدانية والتأثيرية والشعرية‪ ،17‬وهي ما يظهر في هذا املستوى بالتحديد‪،‬‬
‫فيأتي بوصف دقيق لحالته ووضعه النفس ي والعاطفي الوجداني‪ ،‬في العالم بأسلوب شعري مما‬

‫‪001‬‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 05:‬العدد ‪ 02 :‬التاريخ ‪ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 -1111/01/10 :‬‬
‫حمزة قريرة‬ ‫الرواية التفاعلية (الرقمية) العربية آليات البناء وحدود التلقي قراءة في رواية شات ملحمد سناجلة‬

‫يضعف البعد السردي والتتابعي لألحداث‪ ،‬فالزمن يتوقف عند وصفه مما يحدث تباطؤ‬
‫سردي‪ ،‬فالتباطؤ يالزم عمليات الوصف في الرواية مما يحدث الاستراحة وتوقفات على مستوى‬
‫ّ‬
‫املتفرعة بين طبقات كثيرة‪ ،‬ومن عباراته‬ ‫السرد‪ ،18‬وكأن الروائي يستريح لواصل مسيرته‬
‫الشعرية قوله‪:‬‬

‫من خالل هذه العبارات يظهر أن الروائي ّ‬


‫يعبر بالشعر في بعض املواقف التي تحتاج إلى‬
‫تأمل خصوصا في بداية رحلته في عالم الفراغ‪ ،‬وكأنه يعد ويبرمج املتلقي إلى ما ستؤول إليه‬
‫ألامور فيما بعد‪.‬‬

‫كما يطرح مسألة وجودية خاصة باملوت والحياة ويبين أنه غير مكترث بما بعد املوت‬
‫وهنا يظهر توجهه الرافض للمعتقدات فهو حسب رؤيته وضعي مادي‪:‬‬

‫من املالحظات حول البناء العمودي للنص اللغوي الذي نجده في هذه املرحلة من‬
‫الرواية في طبقتين أو فصلين لكل منهما عنوان كما هو ّ‬
‫مبين‪:‬‬

‫‪000‬‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 05:‬العدد ‪ 02 :‬التاريخ ‪ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 -1111/01/10 :‬‬
‫حمزة قريرة‬ ‫الرواية التفاعلية (الرقمية) العربية آليات البناء وحدود التلقي قراءة في رواية شات ملحمد سناجلة‬

‫ّ‬
‫املتحركة نالحظ وجود‬ ‫بعد الانتهاء من قراءة الجزء ألاول من الرواية عبر الشاشة‬
‫وملا ّ‬
‫نقرب منها املاوس تبدأ باإللحاح في إشارة للضغط‬ ‫إشارة جديدة في ألاسفل‬
‫وتظهر كاآتي‪:‬‬

‫تتبدل الشاشة وندخل إلى مستوى جديد من الرواية –كما نشير أنه‬ ‫عبر الضغط عليها ّ‬
‫يمكننا من البداية الانتقال إلى املستوى مباشرة دون الحاجة لقراءة هذا الجزء‪ -‬وهنا يظهر‬
‫التفاعل الحقيقي بين املتلقي والنص التفاعلي حيث يمنحه قدرة على رسم مسار قراءة يختاره‬
‫بنفسه‪ ،‬فيستبعد مثال قسما من النص‪ 19‬ويبدأ من آخر يراه مناسبا للبداية فال بدايات للنص‬
‫التفاعلي‪ ،‬ولو أن هذه الخاصة موجودة تقنيا فقط في هذه الرواية أما من حيث التماسك‬
‫ّ‬
‫الداللي فهي غير متوفرة فال يمكن بداية القراءة إلى عبر املسار ألاول للوصول إلى الداللة وفهم‬
‫مسار الحكاية‪ ،‬ولكن رغم ذلك تظل تقنية النص ّ‬
‫املفرع التي استخدمها الروائي مهمة في تقديم‬
‫حرية أكبر للمتلقي لالنتقال عموديا وأفقيا في النص مما يمنحه مساحة كبيرة للتأويل ومنه‬
‫تظهر جمالية مختلفة لهذا النص‪.‬‬

‫‪001‬‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 05:‬العدد ‪ 02 :‬التاريخ ‪ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 -1111/01/10 :‬‬
‫حمزة قريرة‬ ‫الرواية التفاعلية (الرقمية) العربية آليات البناء وحدود التلقي قراءة في رواية شات ملحمد سناجلة‬

‫تظهر صورة الشاشة في هذا املستوى كاآلتي‪:‬‬

‫من خالل الشاشة نالحظ تقنيا بقاء ذات املؤشرات املساعدة على القراءة والانتقال‬
‫الشاقولي في النص إضافة إلى بقاء عنوان الرواية في ألاعلى مع اسم الروائي وال تضاف إال‬
‫أي العودة وعبرها يتم الانتقال العكس ي والعودة إلى البداية‪،‬‬ ‫أيقونة جديدة‬
‫ويالحظ في عدد من املؤشرات توظيف اللغة إلانجليزية على اعتبار أنها عاملية في عملية قراءة‬
‫ألايقونات‪ .‬كما تبرز في الخلفية وهي مدينة قديمة وسط الصحراء وفي ذلك تعبير مباشر عن‬
‫البيئة التي يعمل بها البطل (محمد‪-‬نزار) فهي صحراوية وقاسية وتدفع للضجر وامللل خصوصا‬
‫مع الوحدة القاتلة‪ ،‬وهنا تبرز الخيارات الجمالية في وضع عالمات غير لغوية دون غيرها‬
‫قدم عالماته بشكل مباشر لتقريب صور ألاحداث من املتلقي‪ ،‬ولو أن العملية املباشر‬ ‫فالروائي ّ‬
‫تضعف من فنية الرواية‪ .‬ومن جهة أخرى نجده في مستوى آخر يوهم بالواقعية في طرحه‬
‫نتعرف عن مكان ألاحداث وهو واقعي‬ ‫ّ‬ ‫للفضاءات الواقعية‪ ،‬كبنك مسقط الوطني‪ ،‬وهنا‬
‫ومعروف‪ ،‬ويتجه إلى مقهى الانترنت وينش ئ له صاحب املقهى بريدا إلكترونيا ويتم تقديمه‬
‫للمتلقي بلون مختلف وكأنه حقيقي‪:‬‬

‫كما نالحظه في هذا املستوى يقوم باستخدام اللهجة العامية كما جرى على لسان‬
‫الشاب عامل املقهى‪:‬‬

‫‪001‬‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 05:‬العدد ‪ 02 :‬التاريخ ‪ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 -1111/01/10 :‬‬
‫حمزة قريرة‬ ‫الرواية التفاعلية (الرقمية) العربية آليات البناء وحدود التلقي قراءة في رواية شات ملحمد سناجلة‬

‫عبر هذه التوظيفات يوهمنا أكثر بواقعية ألاحداث رغم أنها جرت في العامل الافتراض ي‬
‫وعندما يدخل على النت تبدأ املغامرة‪:‬‬

‫ملا يفتح الرسالة‪/‬املاسج تظهر شاشة أخرى كما في املحادثة الحقيقية‪ ،‬وعليها اسمه‬
‫وذلك امعانا في واقعية الحدث‪ ،‬ويظهر في الرسالة حواره معها‪ ،‬ومن الحوار يبدو أنه‬
‫يريد توضيح الحقيقة لكنها تقاطها وتدفعه نحو قلبها بقوة فيوغل فيها‪:‬‬

‫كما تظهر ومضات حول جمل في املحادثة وكأنها تخبر املتلقي أنها تخفي نصا غائبا‪،‬‬
‫وبالفعل ملا ّ‬
‫نقرب منها املاوس تظهر رسائل داخلية محملة في هذه الجمل وكأنها كالما خفيا غير‬
‫معلن تقوله الشخصية بينها وبين ذاتها وذلك رفقة كالمها املعلن‪ .‬فلما يقول مساء الخير‬
‫(الجملة تحمل نوعا من الاحترام فيه صرامة وحزم) نجد العبارات املرفقة‪/‬الخفية تحمل جمال‬
‫شعرية تبدأ (مساء الورد والفل والياسمين‪ ،‬مساء الليالي الوحيدة في صحراء العتب‪ )...‬وهنا‬
‫يظهر الوجه الحقيقي للشخصية فهي تعاني الوحدة وامللل ووجدت مالذا في الشات رغم أنها ال‬
‫ّ‬
‫تريد الاستمرار‪ .‬وبالفعل وبعد أن يكلم منال هاتفيا ويفهمها أنه ليس نزارا يعودان للشات‬
‫لتعتذر منه ويبدآن التعارف من جديد حول شخصيهما‪ ،‬ونالحظ توظيفه داخل املحادثة‬
‫ّ‬
‫لروابط مختلفة بعضها ألفالم مشهورة نحال عليها وما تحمل من مدلوالت لتشكل طبقة أخرى‬

‫‪001‬‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 05:‬العدد ‪ 02 :‬التاريخ ‪ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 -1111/01/10 :‬‬
‫حمزة قريرة‬ ‫الرواية التفاعلية (الرقمية) العربية آليات البناء وحدود التلقي قراءة في رواية شات ملحمد سناجلة‬

‫للمعنى تضاف للمستوى اللغوي وما يحمل‪ ،‬مما ّ‬


‫يعمق داللة العبارة التي حملته ويظهر اسم‬
‫الفيلم بالشكل آلاتي‪:‬‬

‫ينتهي هذا املستوى من الرواية لننتقل إلى مستوى آخر عبر الضغط على (‪،)next‬‬
‫لتظهر لنا صحراء مع واحة نخيل لتحيلنا مرة أخرى على املكان النائي وعلى الصورة يرتسم‬
‫النص (التحوالت ‪ )-1-‬لتبدأ مرحلة أخرى من الرواية فيستمر في وصف حياته املهنية املتعبة‬
‫وفي املقابل كيف ينتظر العاشرة ليال ليتواصل مع منال الصديقة الافتراضية‪ ،‬ففي عامله‬
‫تغير وهو ما يجعل إلانسان ّ‬
‫يتغير‪ ،‬فاإلنسان ْ‬
‫ببعده الرقمي‬ ‫تغير كما املكان ّ‬ ‫الافتراض ي الزمن ّ‬
‫يختلف عن إلانسان الواقعي في كل ش يء ميوله مجتمعه وآماله‪ ،20 ...‬وفي هذا املستوى من‬
‫الرواية تروي له قصة صديقها نزار –الحقيقي في حكاية‪/‬متن الرواية‪ -‬الذي تركها ورجع إلى‬
‫عمان‪ ،‬ويستمر حوارهما إلى أن تدعوه للدردشة الجماعية في موقع مكتوب فيدخل بعد أن‬
‫ّ‬
‫يقدم لنا ألايقونة كما في الواقع‪:‬‬

‫‪001‬‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 05:‬العدد ‪ 02 :‬التاريخ ‪ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 -1111/01/10 :‬‬
‫حمزة قريرة‬ ‫الرواية التفاعلية (الرقمية) العربية آليات البناء وحدود التلقي قراءة في رواية شات ملحمد سناجلة‬

‫بالضغط عليها تفتح شاشة جديدة بهذا يظهر النص في طبقات متعددة تحمل كل‬
‫طبقة أدوات وتقنيات مختلفة كما تبرز شخصيات افتراضية أخرى في هذه املرحلة‪ ،‬وصفحة‬
‫املحادثة تبدو كاآلتي‪:‬‬

‫تحمل صفحة املحادثة مختلف الشرائح املجتمعية بأسماء رمزية في أغلبها تحمل‬
‫توجهات أيديولوجية مختلفة‪ ،‬كابن الدن ونيو وجيفارا وغيرهم‪ ،‬وهنا يظهر مستوى آخر وطبقة‬
‫جديدة في املعنى فاألسماء تحمل قيما مختلفة ومرجعيات متباعدة‪ ،‬مما يجعل الحوار بينهم‬
‫تتبع الحوار نجد بعض‬ ‫يأخذ منحى املواجهة العنيفة‪ ،‬وهو حال العرب في حواراتها‪ ،‬وعبر ّ‬
‫ألايقونات تخفي نصوصا أخرى وكأنها محادثات خاصة كما في محادثة ليليان‪/‬منال مع نزار‪:‬‬

‫يستمر الحوار والنوافذ الخاصة وكأننا في محادثة حقيقية بين شخصيات على الشات‬
‫وتظهر بالشكل آلاتي‪:‬‬

‫‪001‬‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 05:‬العدد ‪ 02 :‬التاريخ ‪ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 -1111/01/10 :‬‬
‫حمزة قريرة‬ ‫الرواية التفاعلية (الرقمية) العربية آليات البناء وحدود التلقي قراءة في رواية شات ملحمد سناجلة‬

‫ينتهي هذا املستوى وننتقل إلى غيره (بين‪ ..‬بين‪)...‬عبر ذات الطريقة‪ ،‬وهنا يبدأ في التأثر‬
‫باملحادثات الجماعية ويحلم بها ليال‪ ،‬وتبدأ تتالش ى الشخصية الواقعية شيئا فشيئا وتبقى في‬
‫ّ‬
‫املعقد‬ ‫ألاخير الشخصية الافتراضية حيث يبقى في ألاخير سوى نزار بمجتمعه الجديد‬
‫واملختلف‪ ،21‬فيوظف شخصيات كثيرة بعضها رمزي كابن الدن وجيفارة ونيو وبعضها أسماء‬
‫متداولة عادية كليليان (هي منال)‪...‬ليدخل في هذه املرحلة من الرواية في دوامة التأخرات عن‬
‫يصور لنا في هذا املستوى بش يء من كسر‬ ‫العمل فتهتز حياته الواقعية بسبب الشات‪ ،‬كما ّ‬
‫الطابوهات حياته املضطربة ومشاهدته لألفالم الجنسية وغيرها من املشاهد ‪ ...‬وينتقل إلى‬
‫مستوى جديد بخلفية مختلفة كما هو ّ‬
‫مبين‪:‬‬

‫عبر هذا املستوى نالحظ اقتصادا لغويا فالصفحة ال تحمل إال الظاهر اللغوي مع‬
‫روابط تحيلنا إلى املحادثات‪ ،‬وعبر هذا املستوى تختفي ليليان‪/‬منال ويصيبه الضجر والقرف من‬

‫‪009‬‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 05:‬العدد ‪ 02 :‬التاريخ ‪ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 -1111/01/10 :‬‬
‫حمزة قريرة‬ ‫الرواية التفاعلية (الرقمية) العربية آليات البناء وحدود التلقي قراءة في رواية شات ملحمد سناجلة‬

‫قرر إنشاء غرفة محادثة خاصة به تكون‬ ‫املحادثات عن السياسة وألايديولوجيا املقيتة‪ ،‬في ّ‬
‫مملكته "مملكة العشاق" فيقوم بذلك رقميا‪ ،‬ويظهر شكلها كاآلتي‪:‬‬

‫املالحظ في مسار الرواية أنه رغم ّ‬


‫تشعبه بالروابط إال أنه تعاقبي فاألحداث تسير في‬
‫اتجاه واحد مما يضعف من فنية السرد ويجعل من الرواية أقرب للحكاية‪ .‬وهو ما ْ‬
‫أضعفها فنيا‬
‫ّ‬
‫في عدد من املواضع‪ ،‬فقلة املفارقات السردية جعل من الرواية تسير في خط واحد وكأنها حكاية‬
‫ّ‬
‫ومتشعب وال يعترف بخطية الزمن‪.‬‬ ‫وهو ما يناقض التفاعلية في أصولها فنصها ّ‬
‫متفرع‬
‫بالدخول في املستوى آلاخر ّ‬
‫تتغير الخلفية من جديد وتظهر طبقات أخرى‪:‬‬

‫عبر هذا املستوى تعود اللغة الشعرية إلى الظهور مجددا ‪-‬رؤيا‪ -‬ويدخل البطل في حالة‬
‫تشبه الهذيان ويكسر الطابوهات مرة أخرى بتصويره باللغة لبعض املشاهد الجنسية‪:‬‬

‫‪009‬‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 05:‬العدد ‪ 02 :‬التاريخ ‪ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 -1111/01/10 :‬‬
‫حمزة قريرة‬ ‫الرواية التفاعلية (الرقمية) العربية آليات البناء وحدود التلقي قراءة في رواية شات ملحمد سناجلة‬

‫كما يطرح مسائل وجودية كثيرة وال نعثر على روابط في هذا املستوى لننتقل إلى‬
‫املستوى آلاخر الذي تبدأ فيه مملكة العشاق بالعمل ويدخل املمكلة الكثير وينطلق نزار‪/‬محمد‬
‫في مغامراته وإلقاء قصائده ويتجاهل ليليان ويتوج لورا التي يطلب منها تغيير اسمها إلى بلقيس‬
‫(ليشبه بذلك نزار قباني –حسب تصريح املؤلف ذاته‪ )-‬وتبدأ بينهما عالقة قوية وتظهر الشاشة‬
‫بالشكل آلاتي‪:‬‬

‫تدور أحاديث كثيرة في الغرف بداية بإغاضته ليليان وتنصيبه بلقيس ملكة إلى أن‬
‫ينحرف بعض ألاعضاء عن جادة الصواب ويخوضوا في موضوعات عبارة عن تابوهات كالجنس‬
‫وغيرها‪ ،‬وتستمر الصراعات خصوصا بين النساء حول نزار‪ ،‬وعبر الانتقال إلى الصفحة ألاخرى‬
‫تظهر بالشكل التالي‪:‬‬

‫‪007‬‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 05:‬العدد ‪ 02 :‬التاريخ ‪ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 -1111/01/10 :‬‬
‫حمزة قريرة‬ ‫الرواية التفاعلية (الرقمية) العربية آليات البناء وحدود التلقي قراءة في رواية شات ملحمد سناجلة‬

‫من خالل الصفحة يظهر بريدين إلكترونيين في الياهو أحدهما باسم منال(ليليان)‬
‫وآلاخر باسم نزار‪ ،‬وهما باللغة إلانجليزية من‪/‬إلى وفي ذلك إشارة لرسالتين تم ارسالهما من‬
‫طرف منال ونزار وعبر النقر عليهما نقرأ الحوار الذي دار بينهما ففي رسالة منال نقرأ‪:‬‬

‫وهي رسالة توضح شعورها اتجاهه وتطلب حبه املستحيل فيرد عليها‪:‬‬

‫‪011‬‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 05:‬العدد ‪ 02 :‬التاريخ ‪ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 -1111/01/10 :‬‬
‫حمزة قريرة‬ ‫الرواية التفاعلية (الرقمية) العربية آليات البناء وحدود التلقي قراءة في رواية شات ملحمد سناجلة‬

‫عبر الانتقال إلى الصفحة ألاخرى يتم تصوير مشهد لجلسة جنسية بتفاصيلها دارت‬
‫بينهما في "ليلة حب"‪:‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التشعبية‪ ،‬كما يقلل من العالمات غير لغوية فنجد‬ ‫في هذا املستوى ال يوظف الروابط‬
‫فقط الخلفية الوردية والحمراء وما يحمل اللون ألاحمر من دالالت إلاثارة والجنس‪ ،‬ويعد هذا‬
‫اللون من ألالوان الساخنة‪ ،22‬كما نالحظ أن هذا اللون فاتح نوعا ما‪ ،‬فهو ناتج عن خلط‬
‫ألاحمر بالكثير من البياض مما يجعله قريبا من الزهري أو الوردي وهو لون مرتبط بالجمال‪،23‬‬
‫تقدم معنى مختلفا يلتقيان لذات الهدف‪،‬‬ ‫ليتوافق ذلك مع املضمون اللغوي‪ ،‬فكل طبقة ّ‬
‫فالكلمات في هذا الشكل الروائي ترسم صورا مشهدية ‪ ،24‬وعبر تتبع الجانب اللغوي نجده‬
‫ّ‬
‫ويصوران مشاهد‬ ‫يكسر التابوهات بلغة رقيقة وناعمة بين عاشقين محترفين في مجال الكتابة‪،‬‬
‫قريبة إلى التصور الواقعي‪.‬‬

‫باالنتقال على الصفحة املوالية يبدأ الصراع من جديد عن جدوى اململكة خصوصا‬
‫بعد عزل نزار لبلقيس‪ ،‬فاحتج املهندس ويطلب الاستفتاء على بقاء املمكلة أو تحولها إلى‬
‫جمهورية وال يعترض نزار عن ذلك ويتم تحديد موعد لإلستفتاء‪:‬‬

‫‪010‬‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 05:‬العدد ‪ 02 :‬التاريخ ‪ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 -1111/01/10 :‬‬
‫حمزة قريرة‬ ‫الرواية التفاعلية (الرقمية) العربية آليات البناء وحدود التلقي قراءة في رواية شات ملحمد سناجلة‬

‫باالنتقال إلى الصفحة املوالية بعنوان (تالش ي) يفصل عن عمله في الواقع‪:‬‬

‫في الصفحة املوالية يظهر النص وقد تحول إلى ما يشبه القصيدة التفاعلية فالكلمات‬
‫مكتوبة على أوراق الشجر وآخر كلمة تلح بالضوء وعبر الضغط عليها تنزل ورقة أخرى تحمل‬
‫نصا آخر‪:‬‬

‫وتكتمل الصورة كاآلتي‪:‬‬

‫‪011‬‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 05:‬العدد ‪ 02 :‬التاريخ ‪ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 -1111/01/10 :‬‬
‫حمزة قريرة‬ ‫الرواية التفاعلية (الرقمية) العربية آليات البناء وحدود التلقي قراءة في رواية شات ملحمد سناجلة‬

‫في الصفحة ألاخرى نجده خرج من الشركة واشترى مقهى انترنيت وأصبح يديره بنفسه‬
‫ونالحظ أيقونة الدردشة ليدخل ممكلته مرة أخرى يوم الانتخابات‪:‬‬

‫بعد الانتخابات ينهزم املهندس وتنتصر مملكة العشاق ونزار‪ ،‬لكن ألامر لن يمر بسالم‬
‫فيكثر الشغب في اململكة وينزل مستوى الحوار رغم أن نزار حاول منع ذلك‪ ،‬لدرجة انسحابه من‬
‫الحوار‪ ،‬وننتقل إلى الصفحة ألاخيرة حيث ينهي املمكلة بطريقة دراماتيكية محزنة‪:‬‬

‫‪011‬‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 05:‬العدد ‪ 02 :‬التاريخ ‪ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 -1111/01/10 :‬‬
‫حمزة قريرة‬ ‫الرواية التفاعلية (الرقمية) العربية آليات البناء وحدود التلقي قراءة في رواية شات ملحمد سناجلة‬

‫بهذا ينتهي هذا الوطن الافتراض ي إلى ألابد لتبقى الشخصيات مبهمة املصير وفي ذلك‬
‫نوع من التشويق للملتقي وإشراكه في صناعة النهاية التي قد يختلف فيها املتلقون‪...‬‬

‫من خالل مسار الرواية يظهر أن املعنى يتجلى في طبقات مختلفة بعضه من اللغة‬
‫وبعضه آلاخر من العالمات غير اللغوية والوسائط املتعددة التي ساهمت في بناء نص رواية‬
‫شات‪ ،‬كما نالحظ من خالل الرواية تداخل ألاجناس فاللغة في كثير من مستوياتها تبتعد عن‬
‫السرد وتقترب من الشعر وخصائصه‪ ،‬خصوصا على مستوى املعجم والتركيب ونظام التصوير‬
‫الذي يبدو أكثر غرابة كما في قوله‪:‬‬

‫وصف الشفاه بالناعستين يربك التلقي الذي يربطهما بالعينين في العادة‪ ،‬وهذا تجاوز‬
‫خطير في اللغة الروائية يجعل منها تتمازج بالشعرية الحداثية من أوسع أبوابها‪ ،‬وألامر ليس‬
‫غريبا عن الروائي فقد أشار إلى أدونيس ووظف عبر التناص بعض نصوصه‪ ،‬واستمر في تقديم‬
‫لغة روايته في عدد من املواضع بذات املستوى اللغوي‪ ،‬مما جعلها تحمل مستوى مختلفا من‬
‫الدالالت إلايحائية‪ .‬كما نعثر على مواضع وظف فيها اللغة إلانجليزية في حواراته مع الشخصية‬
‫حمله النص كما في قوله‪:‬‬‫ألاجنبية وفي ذلك إيهام بالواقعية ومستوى آخر من الداللة ّ‬

‫‪011‬‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 05:‬العدد ‪ 02 :‬التاريخ ‪ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 -1111/01/10 :‬‬
‫حمزة قريرة‬ ‫الرواية التفاعلية (الرقمية) العربية آليات البناء وحدود التلقي قراءة في رواية شات ملحمد سناجلة‬

‫يظهر الحوار ليتوقف السرد في شكل مشهدي بين شخصيتين بلغتين مختلفتين‪،‬‬
‫ويحمل الحوار رموزا لغوية كثيرة وتوريات أكثر مما ّ‬
‫عمق ألابعاد الداللية املختلفة لهذه الرواية‪.‬‬
‫وظفت الكثير من ّ‬ ‫ّ‬ ‫من خالل ما ّ‬
‫املقومات البنائية عملت جميعها‬ ‫تقدم يظهر أن الرواية‬
‫على تقديم متن مختلف وفق معايير جمالية مغايرة مما يسمح بتلق آخر‪ ،‬فالحظنا اللغة في‬
‫مستويات متعددة من التداولي إلى الشعري‪ ،‬كما جاءت العالمات غير اللغوية كالصور‬
‫قدمت الكثير إلى مشهدية الرواية‪ ،‬فبعض ألالوان جاءت لتوهم‬ ‫واملوسيقى وألالوان التي ّ‬
‫بواقعية املشاهد املصورة كاملدن القديمة أو غابات النخيل‪ ،‬أو اللوحات الفنية العاملية‪ ،‬وبعض‬
‫ّ‬
‫تجليات اللون جاءت تمييزية خصوصا ما تعلق بالكتابة‪ ،‬حيث ّميز اللون بين خطابات لغوية‬
‫مختلفة في النص‪ ،‬أحيانا لجعل املتلقي أكثر انتباها لجملة أو كلمة ما‪ ،‬أو من أجل دفعه للنقر‬
‫عليها كما في الصورة‪:‬‬

‫كما نرصد في بعض ألاحيان أن اللون جاء لتمييز اللغة الحوارية من باب التفريق بين‬
‫املتحاورين‪ ،‬خصوصا في الشات حيث أخذت كل شخصية لونا مغايرا كما هو ّ‬
‫مبين في الصورة‪:‬‬

‫‪011‬‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 05:‬العدد ‪ 02 :‬التاريخ ‪ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 -1111/01/10 :‬‬
‫حمزة قريرة‬ ‫الرواية التفاعلية (الرقمية) العربية آليات البناء وحدود التلقي قراءة في رواية شات ملحمد سناجلة‬

‫كل شخصية أخذت لونا مغايرا وهو ما يسمح للمتلقي بالتمييز بينها ومعرفة أعمق‬
‫بدالالت الحوار وتوجه كل شخصية‪ ،‬بهذا عملت العالمات غير اللغوية وعلى رأسها اللون على‬
‫تعزيز البناء الفني باعتبارها أدوات بنائية داعمة للنص‪ ،‬واحتاللها مكانة محورية مع اللغة في‬
‫تعميق الداللة وتوسيع نطاق التأويل‪.‬‬
‫‪ -5‬خاتمة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫من خالل ما تقدم تظهر رواية شات بحلة مزينة ومتعددة الداللة عبر مستويات‬
‫وطبقات مختلفة‪ ،‬أسسها الجانب اللغوي وكذا العالمات غير اللغوية والوسائط املتعددة التي‬
‫تميز الرواية التفاعلية فال يمكن تقديمها‬‫مكمال وهنا يكمن ّ‬
‫حضرت باعتبارها عنصرا بنائيا ال ّ‬
‫عملية البناء تظهر جمالية مختلفة تنتمي‬‫عبر الورق ألنها تفقد جزءا مهما من بنائها‪ ،‬وعبر ّ‬
‫لتقدم فضاءات أخرى وجماليات مختلفة‬ ‫ألجناس كثيرة من الفنون‪ ،‬ثم تأتي عمليات التلقي ّ‬
‫ّ‬ ‫ت ّ‬
‫تنوع حسب مرجعة املتلقي وقدرته على تمثل جماليات الرواية التفاعلية‪.‬‬

‫إلاحاالت‬

‫‪ 1‬ينظر‪ ،‬محمد سناجلة‪ ،‬رواية الواقعية الرقمية‪ ،‬النسخة الرقمية‪ ،‬ص ‪ ،11‬ص‪.11‬‬
‫‪ 2‬ينظر‪ ،‬فاطمة البريكي‪ ،‬مدخل إلى ألادب التفاعلي‪ ،‬املركز الثقافي العربي‪ ،‬بيروت ‪/‬لبنان‪ ،‬الدار البيضاء‪/‬املغرب‪،‬‬
‫ط‪1111 ،0‬م‪ ،‬ص ‪.001‬‬
‫‪ 3‬ينظر‪ ،‬محمد سناجلة‪ ،‬رواية الواقعية الرقمية‪ ،‬النسخة الرقمية‪ ،‬ص ‪.82‬‬
‫املفرع‪ .hypertext ،‬ط‪ ،0‬املكتب العربي للتنسيق‬‫‪ 4‬ينظر‪ ،‬حسام الخطيب‪ ،‬ألادب والتكنولوجيا‪ ،‬وجسر النص ّ‬
‫والترجمة والنشر‪ ،‬دمشق‪-‬سوريا‪ ،0881 ،‬ط‪ ،1‬رام هللا‪ ،1109 ،‬ص‪.11 ،‬‬
‫‪ 5‬ينظر‪ ،‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.125 ،‬‬
‫‪ 6‬ينظر‪ ،‬فاطمة البريكي‪ ،‬مدخل إلى ألادب التفاعلي‪ ،‬ص ‪ ،002‬ص ‪.002‬‬
‫‪ 7‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪ ،011‬ص ‪.010‬‬
‫‪ 8‬ينظر‪ ،‬سعيد يقطين‪ ،‬من النص إلى النص املترابط‪ ،‬مدخل إلى جماليات إلابداع التفاعلي‪ ،‬املركز الثقافي‬
‫العربي‪ ،‬بيروت‪/‬لبنان‪ ،‬الدار البيضاء‪/‬املغرب‪ ،‬ط‪1112 ،0‬م‪ ،‬ص ‪.118‬‬
‫‪ 9‬ينظر‪ ،‬رومان ياكبسون‪ ،‬قضايا الشعرية‪ ،‬تر‪ ،‬محمد الولي‪ ،‬مبارك حنون‪ ،‬دار توبقال للنشر‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫املغرب‪ ،‬ط‪0899 ،0‬م‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ 10‬ينظر‪ ،‬أنظمة العالمات‪ ،‬في اللغة وألادب والثقافة‪ ،‬مدخل إلى السيميوطيقا‪ ،‬مقاالت مترجمة ودراسات‪،‬‬
‫ّ‬
‫العصرية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬د‪.‬ط‪ .‬من مقال‪ ،‬السيميوطيقا في‬ ‫إشراف‪ ،‬سيزا قاسم‪ ،‬نصر حامد أبو زيد‪ ،‬دار إلياس‬
‫الوعي املعرفي املعاصر‪ ،‬ألمينة رشيد‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫‪ 11‬ينظر‪ ،‬محمد سناجلة‪ ،‬رواية الواقعية الرقمية‪ ،‬النسخة الرقمية‪ ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪011‬‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 05:‬العدد ‪ 02 :‬التاريخ ‪ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 -1111/01/10 :‬‬
‫حمزة قريرة‬ ‫الرواية التفاعلية (الرقمية) العربية آليات البناء وحدود التلقي قراءة في رواية شات ملحمد سناجلة‬

‫‪ 12‬ينظر محمد السرغيني‪ ،‬محاضرات في السيميولوجا‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪،‬‬
‫ط‪0012 ،0‬هذ‪.0892 ،‬ص ‪ .11‬ص‪.11‬‬
‫‪ 13‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ 14‬أنظمة العالمات‪ ،‬في اللغة وألادب والثقافة‪ ،‬مدخل إلى السيميوطيقا‪ ،‬مقاالت مترجمة ودراسات‪ ،‬إشراف‪،‬‬
‫سيزا قاسم‪ ،‬نصر حامد أبو زيد‪ ،‬ص ‪.01‬‬
‫‪ّ ‬‬
‫نسجل في رواية شات عدد من ألاخطاء إلامالئية والنحوية بعضها يبدو أنه ناتج عن الكتابة السريعة وبعضها‬
‫يبدو مفتعال خصوصا ملا يكون على لسان الشخصيات في حواراتها على الشات وكأنها أخطاء مقصودة لتوهم‬
‫بواقعية الحوار‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ 15‬حسين خمري‪ ،‬فضاء املتخيل‪ ،‬مقاربات في الرواية‪ ،‬منشورات الاختالف‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط‪1111 ،0‬م‪ .‬ص ‪.010‬‬
‫‪ 16‬ينظر‪ ،‬مها حسن القصراوي‪ ،‬الزمن في الرواية العربية‪ ،‬املؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫ط‪ .1110 ،0‬ص ‪.02‬‬
‫ّ‬
‫املتخيل‪ ،‬ص ‪.99‬‬ ‫‪ 17‬ينظر‪ ،‬حسين خمري‪ ،‬فضاء‬
‫السيد‪ ،‬الرواية املصرية في ضوء املناهج النقدية الحديثة‪ ،‬مكتبة آلاداب‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪،0‬‬ ‫‪ 18‬ينظر‪ ،‬وجيه يعقوب ّ‬
‫‪ 0012‬هذ‪1112 /‬م‪ .‬ص ‪.118‬‬
‫‪ 19‬ينظر‪ ،‬محمد مرينيي‪ ،‬النص الرقمي وابدالات النقل املعرفي‪ ،‬دائرة القافة والاعالم ‪ -‬الشارقة‪ ،‬الناشر‪ ،‬مجلة‬
‫الرافد‪ ،‬العدد‪ ،98‬مارس ‪ ،1102‬ص ‪.22‬‬
‫‪ 20‬ينظر‪ ،‬محمد سناجلة‪ ،‬رواية الواقعية الرقمية‪ ،‬النسخة الرقمية‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ 21‬ينظر‪ ،‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ 22‬ينظر‪ ،‬شاكر عبد الحميد‪ ،‬التفضيل الجمالي‪ ،‬دراسة في سيكولوجية التذوق الفني‪ ،‬عالم املعرفة‪ ،‬سلسلة‬
‫كتب ثقافية شهرية يصدرها املجلس الوطني للثقافة والفنون وآلاداب‪ ،‬الكويت‪ ،‬صدرت السلسلة في يناير‬
‫‪ ،٨٧٩١‬بإشراف أحمد مشاري العدواني ‪ ،0881 /0811‬العدد ‪ ،112‬مارس‪1110 ،‬م‪ ،‬ص ‪.121‬‬
‫‪ 23‬ينظر‪ ،‬أحمد مختار عمر‪ ،‬اللغة واللون‪ ،‬عالم الكتب للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪0882 ،1‬م‪ .‬ص‬
‫‪.012‬‬
‫‪ 24‬ينظر‪ ،‬محمد سناجلة‪ ،‬رواية الواقعية الرقمية‪ ،‬النسخة الرقمية‪ ،‬ص ‪.82‬‬

‫‪019‬‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 05:‬العدد ‪ 02 :‬التاريخ ‪ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 -1111/01/10 :‬‬

You might also like